موسوعة حديث الثقلين المجلد 1

هوية الكتاب

المؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة

الناشر: مركز الأبحاث العقائدية

المطبعة: ستاره

الطبعة: 1

الموضوع : العقائد والكلام

تاريخ النشر : 1431 ه.ق

ISBN (ردمك): 978-600-5213-63-8

المكتبة الإسلامية

موسوعة حديث الثقلين

القسم الأول

حديث الثقلين في مصنفات الإمامية

من القرن الأول إلی القرن العاشر الهجري

الجزء الأول

تأليف : مركز الأبحاث العقائدية

ص: 1

اشارة

مركز الأبحاث العقائدية:

إيران - قم المقدسة - صفائية - ممتاز - رقم 43

ص . ب: 37185/3331

الهاتف: 7742088 (251) (0098)

الفاكس: 7742056 (251) (0098)

العراق - النجف الأشرف - شارع الرسول صلی اللّه عليه وآله وسلم

جنب مكتب آية اللّه العظمی السيد السيستاني دام ظله

ص . ب: 729

الهاتف: 332679 (33) (00964)

الموقع علی الانترنت: www.aqaed.com

البريد الاكتروني: info@aqaed.com

شابك (ردمك): 1-62-5213-600-978/دورة 10 أجزاء

شابك (ردمك): 8-63-5213-600-978/ج1

موسوعة حديث الثقلين/ج1

تأليف: مركز الأبحاث العقائدية

الطبعة الأولی - 2000 نسخة

سنة الطبع: 1431 ه

المطبعة: ستارة

* جميع الحقوق محفوظة للمركز *

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

ص: 4

دليل الكتاب

مقدّمة المركز... 7

حديث الثقلين عند الإمامية ، القرن الأول الهجري... 17

حديث الثقلين عند الإمامية ، القرن الثاني الهجري... 57

حديث الثقلين عند الإمامية ، القرن الثالث الهجري... 77

حديث الثقلين عند الإمامية ، القرن الرابع الهجري... 157

حديث الثقلين عند الإمامية ، القرن الخامس الهجري... 349

حديث الثقلين عند الإمامية ، القرن السادس الهجري... 457

ص: 5

ص: 6

بسم اللّه الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز

اشارة

بقلم : الشيخ محمّد الحسّون

الحمدُ للّه ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلق اللّه أجمعين ، أبي القاسم محمّد ، وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، واللعن الدائم على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين.

الحمد للّه على إكمال الدين وإتمام النعمة ، والحمد للّه الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ).

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن الوحدة الإسلامية ، والطُرق والوسائل التي تؤدّي إلى وحدة المسلمين وتماسكهم ، وعدم تباغضهم وتناحرهم الذي يؤدي إلى إضعافهم جميعاً.

وتعدّدت الأطروحات والنظريّات والآراء التي تُحقّق ذلك ، وكثرت المؤتمرات التي عُقدت من أجل تحقيق الوحدة الواقعية ، والتي شاركنا في بعضها بتقديم مجموعة من البحوث.

وكذلك أجرت بعض الفضائيات حلقات خاصّة وندوات علميّة ، استُضيف فيها عدد من الفضلاء والباحثين من مختلف المذاهب الإسلامية ، من أجل التوصّل لصيغة معيّنة تؤدّي إلى وحدة المسلمين ، وقد كان لنا حضور في بعضها.

إلاّ أنّنا - وعلى الرغم من كثرة المؤتمرات والندوات والنداءات المخلصة التي وجهها زعماء المسلمين - لم نشاهد تقدّماً ملحوظاً في هذا المجال ، ولازالت الفاصلة كبيرة بين المسلمين ، بل نشاهد أكثر من ذلك ،

ص: 7

فقد كادت الفتنة الطائفية أن تقع بين بعض المسلمين في البلاد الإسلامية.

ففي العراق الجريح : هُدّمت مساجد ، وخُرّبت حسينيات ، واعتدي على مراقد طاهرة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقُتل عدد ليس قليلاً من العلماء والفضلاء ، بل أصبح القتل على الهوية.

وكلّ هذا يحصل ، ولم تتحرّك ضمائر الكثير من أصحاب الرأي والقرار في البلدان الإسلامية ، بل - ومع الأسف الشديد - حصل خلاف ذلك ، إذ أخذ البعض يُثير الطائفية ، ويُحرّض على اقتتال المسلمين فيما بينهم ، بواسطة خطب ناريّة أو بيانات طائفية.

ونحن نعتقد أنّ أفضل سبيل لوحدة المسلمين الواقعيّة - لا الوحدة الصوريّة التي تُحتّمها المصالح السياسيّة - هو التمسّك بالقرآن الكريم وأهل البيت ( عليهم السلام ) ، استناداً إلى حديث الثقلين الذي أجمع عموم المسلمين - على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم - على صحّته وتواتره وصدوره من نبيّ الرحمة بقوله ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ».

وإن كان هذا الحديث له صورة أُخرى وهي « كتاب اللّه وسنّتي » ، إلاّ أنّ هذه الصورة انفرد بها بعض المحدّثين ، وتمّت المناقشة في سنده في كتب خُصّصت لهذا البحث.

ومن هذا المنطلق ، رأى مركز الأبحاث العقائدية ، ضرورة تسليط الضوء على هذا الحديث النبوي الشريف ، وبيان تواتره في مصادر المسلمين عموماً ، فجاءت هذه الموسوعة المباركة ، الحاوية لمصادر هذا الحديث عند أتباع مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) : الإمامية ، والزيدية ، والإسماعيلية. ثمّ مصادره عند أتباع مدرسة الخلفاء.

والهدف من هذه الموسوعة هو إثبات تواتر هذا الحديث - المحصّل والمنقول - وإثبات كونه مجمعاً عليه ومشهوراً وصحيحاً ، وبيان قيمته

ص: 8

ومركزيّته في مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) من خلال كثرة نقله والاعتماد عليه والاحتجاج به. وكذلك موقعه عند المخالفين.

وكان منهجنا فيه كما يلي :

أولاً : ذكرنا مصادر الحديث المعتمدة عند أتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) فكانت مائة وعشرين مصدراً عند الإمامية ، ابتداءً بكتاب سليم بن قيس الهلالي الكوفي ( ت حدود 76 - 80 ه- ) ، وانتهاءً بكتاب مجمع الفائدة والبرهان للمقدّس الأردبيلي ( ت 993 ه- ).

وكانت مصادر الزيدية مائة وثلاثة وعشرين مصدراً ، ومصادر الإسماعيلية عشرين مصدراً.

أمّا مصادر أتباع مدرسة الخلفاء فلم يتمّ العمل بها لحدّ الآن حتى نذكر عددها ، وإن شاء اللّه نستوفي البحث عنها في مقدّمة خاصّة بها عند إكمالها وطبعها.

ثانياً : نبدأ أولاً بذكر نصّ الحديث من المصدر.

ثمّ نذكر ترجمة مؤلّفه ، وتوثيقه ونزاهته ومكانته العالية عند أصحاب التراجم والسير.

ثمّ نثبت نسبة هذا الكتاب لمؤلّفه وقيمته العلمية ومقبوليته عند العلماء.

كلّ ذلك من أجل أن لا يردّ علينا أحدٌ ويقول بأنّ ذلك الكتاب لم تثبت نسبته لمؤلّفه ، أو أنّ مؤلّفه ضعيف وغير معتمد عليه.

وإذا كان للمؤلّف عدّة كتب ذكرَ فيها هذا الحديث ، نذكرها جميعاً مرتّبة حسب عدد الأحاديث الواردة فيها ، فنقدّم الكتاب الذي ينقل أربعة أحاديث على الذي ينقل ثلاثة مثلاً.

ثالثاً : ذكرنا مصادر الإماميّة ابتداءً من القرن الأوّل الهجري وحتى آخر

ص: 9

القرن العاشر فقط ، ولم ننقل من المصادر التي بعده ; وذلك لكثرة تلك المصادر وصعوبة حصرها ، وأنّ أغلبها ينقل من المصادر الرئيسية في القرون السابقة ، أي لا جديد فيها.

وإنّما نقلنا من المصادر في القرن السابع حتى العاشر ، مع أنّ بعضها أيضاً ينقل من المصادر المتقدّمة عليها ، وذلك لأهمية تلك المصادر العلمية ، ككتب السيد ابن طاووس والعلاّمة الحلّي ، وأنّ كثيراً منها نقلت هذا الحديث من مصادر متقدّمة لم تصل إلينا.

رابعاً : ذكرنا المصادر مرتبةً ترتيباً زمانياً حسب القرون ، الأقدم فالأقدم.

خامساً : المصادر المفقودة ، نقلنا عنها بواسطة مصادر معتمدة أُخرى متوفّرة لدينا.

ملاحظات ثلاث :

الأولى : إنّ للشيعة الإماميّة أدلّتهم الخاصّة في موضوع الإمامة ، ومَن هو القائم بالأمر بعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، منها الأدلّة العقليّة المذكورة في مضانّها من كتبهم الكلاميّة.

فهم يستدلّون عقلاً على أصل وجوب نصب الإمام وشروطه بأدلّة عديدة ، منها الأدلّة النقليّة التي تكون منزلتها بعد العقليّة كداعمة ومؤيّدة لها في إثبات أصل الإمامة ، ومعينة لمن له هذا المقام وهذا المنصب الإلهي ، وهي كثيرة مذكورة في كتبهم وفي كتب العامّة ، والتي منها حديث الثقلين موضوع البحث.

فموقع البحث فيه ; هو من حيث كونه صادراً من النبيّ الأكرم ( صلى اللّه عليه وآله ) كإرشاد لدليل العقل ، ومعيّن وحاصر به الأشخاص القائمين بالأمر بعده.

ص: 10

وأمّا نقله عن مصادر الشيعة ; فهو من جهة إظهار حجّتهم أمام مخالفيهم ، وأنّ ما ورد في مصادرهم وأسانيدهم حجّة لهم وعليهم وإن لم يقبل به غيرهم.

ثمّ إنّ تسالمهم على الأخذ بالأدلّة اليقينيّة في باب العقائد عامّة والإمامة خاصّة ، ومن ثمّ تمسّكهم بحديث الثقلين نابع من تواتره عندهم.

وإذا ثبت تواتره عندهم ، لا حاجة لهم للبحث في أسناد رواياته واحداً بعد واحد.

فما نلحقه بهذا القسم إن شاء اللّه من البحث في الأسانيد بإفرادها ، ما هو إلاّ من باب التنزّل مع الخصم ، وردّ مدّعاه في أسانيد الإماميّة بالضعف ، كما ناقشها بعضهم.

فمن باب البحث العلمي والتدرّج خطوة فخطوة ، رأينا أن نورد البحث عن أسانيد الروايات في ملاحق خاصة إن شاء اللّه.

الثانية : استدلّت الزيدية بحديث الثقلين على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكونه هو الخليفة الواقعي بعد النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) إذ رووا هذا الحديث وأخرجوه في أُمّهات مصادرهم المعتمدة عندهم بصيغته الصحيحة « كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » ، والتي نقلنا قسماً منها ، ابتداءً بكتاب المسند المنسوب لزيد بن علي ( ت 121 ه- ) ، وانتهاءً بكتاب الأزهار في ما جاء في إمام الأبرار ، لسليم بن أبي الهذّام ( ت القرن العاشر ).

وتتّفق الزيدية مع الإمامية في إمامة الأئمة الثلاثة الأوائل من الأئمّة الاثني عشر الذين يعتقد بهم الإمامية ، وهم : علي ، والحسن ، والحسين ( عليهم السلام ).

لكنّهم يختلفون معهم ابتداءً من الإمام الرابع ، فالإمامية تعتقد أنّه علي ابن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) ، والزيدية تعتقد أن الإمامة لمن قام بالسيف من ولد فاطمة. فبعد استشهاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) انقسم الشيعة إلى

ص: 11

قسمين :

الأوّل : قال بإمامة علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) ، ومن بعده أولاده المعصومين ( عليهم السلام ) أي أنّ الإمامة منحصرة في وُلد الحسين ( عليه السلام ) دون إخوانه أبناء علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).

الثاني : قال بأنّ الإمامة بعد الحسين ( عليه السلام ) هي في وُلد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، دون باقي إخوتهم من أبناء علي ( عليه السلام ) ، فمن قام منهم من وُلد الحسنين ( عليهما السلام ) ودعا إلى نفسه وجرّد سيفه فهو الإمام المفروض الطاعة بمنزلة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وإمامته موجبة من اللّه على أهل بيته وسائر الناس.

وهذا القسم سُمىّ بالسرحوبيّة - على قول - أو بالجاروديّة نسبة إلى أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الكوفي.

وسمّي قسم آخر منهم بالصباحيّة ، نسبةً إلى صباح بن يحيى المزني الكوفي.

وقسم آخر منهم سُمّي باليعقوبيّة ، نسبةً إلى يعقوب بن عدي.

فاجتمعت هذه الأقسام الثلاثة - السرحوبيّة أو الجاروديّة ، والصباحيّة ، واليعقوبيّة - وخرجت مع زيد بن علي بن الحسين في ثورته ضدّ الأمويين أيام حكم هشام بن عبد الملك سنة 122 ه- ، وسمّوا جميعاً بالزيديّة ; لأتباعهم زيد بن علي.

وهذا لا يعني بأنّ هذه الأقسام الثلاثة متّحدة في كافّة آرائها وأفكارها ، بل هي تختلف في السُنن والشرائع والفرائض والأحكام والسير ، فالكلّ يتّفقون على تقديم الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على غيره من الصحابة ، ويختلفون في مسألة التبرّي من مخالفيه.

ص: 12

وبعد استشهاد زيد بن علي انقسم الزيديّة إلى قسمين :

الأوّل : البتريّة ، نسبة إلى كثير بن إسماعيل النواء ، المعروف بكثير النوا.

الثاني : الجاروديّة نسبة إلى أبي الجارود الهمداني.

وكانت البتريّة فرقة كوفيّة قريبة في آرائها من جماعة أهل الحديث وفقهاء مذاهب السنّة في مابعد.

أمّا الجاروديّة فكانت أفكارها قريبة من الإماميّة ، من حيث إنكارها خلافة الخلفاء الأُول ، والقول بإمامة علي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) بالنصّ من النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

وقد تغلّبت آراء الجاروديّة في الزيديّة عموماً ، وأصبح مبدأ الثورة على الحاكم الظالم هو الميّزة الأساسية لهم ; لذلك ثار كثير من دعاة الزيديّة على الحكّام الظلمة في أيام الأمويين والعباسيين ، مثل :

يحيى بن زيد بن علي ، الذي ثار في خراسان سنة 125 ه-.

ومحمد بن عبد اللّه بن الحسن ، الذي ثار في المدينة المنورة وأخوه إبراهيم بن عبد اللّه الذي ثار في البصرة سنة 145 ه-.

والحسين بن علي ، الذي ثار في فخَّ بين مكّة والمدينة سنة 169 ه-.

ومحمد بن إبراهيم ومحمّد بن زيد ، ثارا في البصرة سنة 199 ه-.

واستمرّت معارضة الزيديّة للحكّام الظلمة وأخذت أشكالاً مختلفة ، إلى أن تأسّست أوّل إمامة زيديّة في اليمن سنة 284 ه- على يد الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).

ومن بعده تعاقب الأئمّة على دول تمتدّ فتسيطر على كلّ اليمن

ص: 13

أحياناً ، وتنكمش إلى دويلة صغيرة في الشمال أحياناً أُخرى ، بل وقد تختفي نهائياً لبعض الوقت بحسب الظروف السياسية في البلاد ، حتى أُعلن إلغاء الإمامة رسمياً عند قيام الثورة في 26 سبتمبر سنة 1962 م وأُعلن عن تشكيل الجمهورية العربيّة اليمنيّة.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الزيديّة وإن كانت تتّفق مع الإماميّة في بعض المعتقدات الأساسية ، كالقول بإمامة علي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، إلاّ أنّها تختلف معها في أُمور جوهريّة ، أوّلها عدم القول بإمامة الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) الذي يعتبره الشيعة الإمامية الركيزة الأساسية لمذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، إضافة إلى اختلافهم في بعض الأحكام والشرائع والسنن وغيرها.

الثالثة : بعد وفاة الإمام السادس من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) سنة 148 ه- ، انقسم الشيعة إلى قسمين :

الأول : قالوا بإمامة ولده الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ).

الثاني : قالوا بإمامة ولده إسماعيل ، وإليه تنسب الإسماعيلية.

والإمامية يعتقدون بأنّه مات في حياة أبيه سنة 133 ه- والإسماعيلية يعتقدون بأنّه لم يمت في حياة والده بل غاب ، وبقي بعد وفاة أبيه حتى توفّي سنة 158 ه-.

وعلى هذا فإنّ الإسماعيلية يتّفقون مع الإمامية في إمامة الأئمّة الستّة الأُول ، لكنّهم يختلفون معهم ابتداءً بالإمام السابع.

والإسماعيليون جعلوا الإمامة « إحدى دعائم الدين ، وسمّوها الولاية ».

وقالوا : « إنّها أفضل دعائم الدين وأهمّها بعد النبوّة ، وإنّه لا يستقيم الدين إلاّ بها ».

ص: 14

فالإمامة عندهم هي « المركز الذي تدور عليه دائرة الفرائض ، فلا يصحّ وجودها إلاّ بإقامتها ».

وقالوا بنظرية النصّ أيضاً ، أي أنّ الأئمة منصوص عليهم من قبل النبي محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

وقالوا : « إنّ الإمامة تستمرّ مدى الدهر ، وأنّها بدأت بالتسلسل من عهد آدم ، وأنّ الكون لا يستطيع البقاء لحظة واحدة دون إمام ، وأنّه لو فقد ساعة لمات الكون وتبدد.

فهي تعادل درجة الإيمان ، أو القلب في الجسم ، أو العقل بالنسبة للإنسان.

بالإضافة إلى ذلك ، فالإمام هو الذي يحرّم الحرام ويحلّ الحلال ، ويقيم حدود اللّه ، ويذبّ عن دين اللّه بموجب نصوص القرآن ، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة » (1).

فهم يعتقدون بأنّ الإمام والخليفة بعد النبي محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ويستدلّون على ذلك بأدلّة كثيرة ، منها حديث الثقلين بصيغته الصحيحة « كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ».

ونحن قد سعينا قدر الإمكان إلى تتبّع مصادرهم الرئيسية التي نقلت هذا الحديث ، أو التي حكت عنها.

لكنّ المشكلة التي واجهناها هي عدم توفّر الكثير من المصادر ، إذ لازال الكثير منها مخطوطاً ومحفوظاً في خزاناتهم الخاصّة.

ومع ذلك كلّه فقد استطعنا الوقوف على بعض هذه الكتب وأثبتنا ما ورد فيها من الأحاديث ، فكان ما عثرنا عليه هو عشرون مصدراً ، ابتداءً

ص: 15


1- انظر : تاريخ الإسماعيلية ، لعارف ثامر 1 : 75 - 76.

بكتاب شرح الأخبار ، للقاضي النعمان بن محمّد بن حيون المغربي ( ت 363 ه- ) ، وانتهاء بكتاب الأزهار ، لحسن بن نوح بن يوسف ( ت 939 ه- ).

شكر وتقدير

ختاماً نتقدّم بجزيل الشكر والتقدير لكافّة الإخوة الأعزاء في مركز الأبحاث العقائدية الذين ساهموا في إخراج هذه الموسوعة ، ونخصّ بالذكر الأخ العزيز سماحة الشيخ محمّد رضا السلامي ، الذي أخذ على عاتقه تأليف ما يتعلّق بقسم الإمامية من هذه الموسوعة ، وكذلك الأخ العزيز سماحة الشيخ رافد التميمي الذي قام بتأليف ما يتعلّق بالزيدية والإسماعيلية من هذه الموسوعة.

والحمد للّه ربّ العالمين

محمّد الحسّون

مركز الأبحاث العقائدية

الخامس من شوال سنة 1428 ه-

الصفحة على الانترنت : www.aqaed.com / Muhammad

البريد الالكتروني : muhammad@aqaed.com

ص: 16

المطلب الأول : نقل الحديث

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة ) القرن الأوّل الهجري

اشارة

ص: 17

ص: 18

(1) كتاب : سُليم بن قيس الهلالي الكوفي ( ت حدود 76 - 80 ه- )

الحديث :

الأوّل : وعن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس ، قال : سمعت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) - وسأله رجل عن الإيمان - ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن الإيمان ، لا أسأل عنه أحداً غيرك ولا بعدك؟

فقال علي ( عليه السلام ) : ...

فقال له : يا أمير المؤمنين ، ما أدنى ما يكون به الرجل مؤمناً ، وأدنى ما يكون به كافراً ، وأدنى ما يكون به ضالاّ؟

قال : « قد سألت فاسمع الجواب : أدنى ما يكون به مؤمناً ، أن يعرّفه اللّه نفسه ، فيقرّ له بالربوبيّة والوحدانيّة ، وأن يعرّفه نبيّه ، فيقرّ له بالنبوّة وبالبلاغة ، وأن يعرّفه حجّته في أرضه وشاهده على خلقه ، فيقرّ له بالطاعة ....

وأدنى ما يكون به ضالاّ ، أن لا يعرف حجّة اللّه في أرضه وشاهده على خلقه ، الذي أمر اللّه بطاعته وفرض ولايته ».

فقال : يا أمير المؤمنين ، سمّهم لي.

قال : « الذين قرنهم اللّه بنفسه ونبيّه فقال : ( أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ ) ».

ص: 19

قال : أوضحهم لي.

قال : « الذين قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في آخر خطبة خطبها ثمّ قبض من يومه : « إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وأهل بيتي ، فإنّ اللطيف الخبير قد عهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، كهاتين - وأشار بأصبعيه المسبحتين - ولا أقول كهاتين - وأشار بالمسبحة والوسطى - لأنّ إحديهما قدّام الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لا تضلّوا ، ولا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تخلّفوا عنهم فتفرّقوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ».

قال : يا أمير المؤمنين ، سمّه لي.

قال : « الذي نصّبه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بغدير خمّ ، فأخبرهم « أنّه أولى بهم من أنفسهم » ، ثمّ أمرهم أن يُعلم الشاهد الغائب منهم ».

فقلت : أنت هو يا أمير المؤمنين؟

قال : أنا أوّلهم وأفضلهم ، ثمّ ابني الحسن من بعدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثمّ ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثمّ أوصياء رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، حتى يردوا عليه حوضه ، واحداً بعد واحد (1) ) ».

الراوون عنه :

رواه الكليني ( ت 329 ه- ) عن سُليم بهذا السند : علي بن إبراهيم ،

ص: 20


1- كتاب سُليم 2 : 613 ح 8 ، وهو حديث طويل أخذنا منه مورد الحاجة وما بعده ، لما فيه من الفائدة ، ولبيان كيفيّة استدلال الإمام بالآية وبالحديثين الثقلين والغدير ، وترابط هذه الأحاديث الجليّ مع بعضها ، وما فيه من النصّ على الأوصياء بعده .. فإنّ قراءة هذا النصّ وحده تكفي في الدلالة على المراد من الحديثين ولا يُحتاج بعده إلى شرح وتوضيح. عنه البحار 69 : 16 ح 1. باب : أدنى ما يكون به العبد مؤمناً وأدنى ما يخرجه عنه ، وغاية المرام 2 : 341 ح 27 ، الباب : 29.

عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن ابن أُذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس ، قال : سمعت عليّاً ( صلوات اللّه عليه ) يقول - وأتاه رجل فقال له : ما أدنى ما يكون به العبد مؤمناً ... - إلى قوله : « فتمسّكوا بهما لا تزلّوا ، ولا تضلّوا ، ولا تقدموهم فتضلّوا » (1) ، مع بعض الاختلاف.

الثاني : أبان ، عن سُليم ، قال : رأيت عليّاً ( عليه السلام ) في مسجد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في خلافة عثمان وجماعة يتحدّثون ويتذاكرون الفقه والعلم.

فذكروا قريشاً وفضلها ... ، وذكروا الأنصار وفضلها ... ، وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل منهم مسانيد إلى القبلة ومنهم في الحلقة ، فكان ممّن حفظت من قريش : علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه ) ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وطلحة ، وعمّار ، والمقداد ، وأبو ذر ، وهاشم بن عتبة ، وعبد اللّه بن عمر ، والحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وابن عبّاس ، ومحمّد بن أبي بكر ، وعبد اللّه بن جعفر ، وعبيد اللّه بن العبّاس. ومن الأنصار : أُبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وأبو الهيثم بن التيهان ، ومحمّد بن مسلمة ، وقيس بن سعد بن عبادة ، وجابر بن عبد اللّه ، وأبو مريم ، وأنس بن مالك ، وزيد بن أرقم ، وعبد اللّه بن أبي أوفى ، وأبو ليلى ، ومعه ابنه عبد الرحمن ... ، وجاء أبو

ص: 21


1- أُصول الكافي 2 : 414 ح 1 ، باب : « أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاًّ » ، وفيه : « وعترتي أهل بيتي » ، وأورده عن الكافي الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 462 ح 91 ، النصوص العامّة على إمامة الأئمّة ( عليهم السلام ) ، ما رواه الكليني. ورواه أيضاً عن سُليم الصدوق ( ت 381 ه- ) في معاني الأخبار : 394 ح 2. مختصراً من دون ذكر حديث الثقلين ، وأورده عنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 82 ح 21 ، مختصراً كما في المعاني.

الحسن البصري ، ومعه ابنه الحسن ... ، فأكثر القوم ... ، وعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ساكت لا ينطق هو ولا أحد من أهل بيته.

فأقبل القوم عليه ، فقالوا : يا أبا الحسن ، ما يمنعك أن تتكلّم؟

قال ( عليه السلام ) : « ما من الحيين أحد إلاّ وقد ذكر فضلا وقال حقّاً ».

ثمّ قال : « يا معاشر قريش ، يا معاشر الأنصار ...

[ أ ] قال : أنشدكم باللّه ، أفتقرّون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال في آخر خطبة خطبكم : أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وأهل بيتي »؟

قالوا : اللّهم نعم ...

[ ب ] فقال : « أنشدكم اللّه ، أتعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قام خطيباً ثمّ لم يخطب بعد ذلك ، فقال : يا أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا ، فإنّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليّ أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض.

فقام عمر بن الخطّاب - وهو شبه المغضب - فقال : يا رسول اللّه أكلّ أهل بيتك؟

قال : لا ، ولكن أوصيائي منهم ، أوّلهم أخي علي ووزيري ووارثي وخليفتي في أُمّتي ووليّ كلّ مؤمن بعدي ، هو أوّلهم ، ثمّ ابني الحسن ، ثمّ ابني الحسين ، ثمّ تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض ، شهداء اللّه في أرضه ، وحججه على خلقه ، وخزّان علمه ، ومعادن حكمته ، من أطاعهم أطاع اللّه ، ومن عصاهم عصى اللّه »؟

فقالوا كلّهم : نشهد أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال ذلك.

ثمّ نقل سُليم كلاماً بين أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وطلحة ، فقام عند ذلك علي ( عليه السلام ) ...

ص: 22

[ ج- ] فقال : « يا طلحة ... ، وقوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وعترتي ، لا تتقدّموهم ، ولا تتخلّفوا عنهم ، ولا تعلّموهم ، فإنّهم أعلم منكم ، فينبغي أن لا يكون الخليفة على الأُمّة إلاّ أعلمهم بكتاب اللّه وسنّة نبيّه ... ».

[ د ] فقال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : « إنّ الذي قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يوم غدير خمّ ، ويوم عرفة في حجّة الوداع ، ويوم قُبض ، فانظر في آخر خطبة خطبها حين قال : إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وأهل بيتي ، فإنّ اللطيف الخبير قد عهد إليّ أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض كهاتين الإصبعين - وأشار بمسبحته والوسطى - فإنّ إحداهما قُدّام الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لا تضلّوا ولا تزلّوا ، ولا تقدّموهم ولا تخلّفوا عنهم ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ... » (1).

الراوون عنه :

روى الصدوق ( ت 381 ه- ) عن سُليم المورد الثاني [ ب [ من حديث الثقلين ، وقول عمر : يا رسول اللّه ، أكلّ أهل بيتك؟ وجواب النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) له ،

ص: 23


1- كتاب سُليم بن قيس الهلالي 2 : 636 ح 11. وهو حديث طويل أوردنا منه نصوص حديث الثقلين فقط ، وقد ذكره ( عليه السلام ) أربع مرّات ، يستدلّ به في كلّ مرّة غير ما استدلّ به في الأُخرى ، وقراءة الحديث وحدها تكفي لبيان المراد منه دون الكلام في الدلالة. وعنه في إثبات الهداة 1 : 657 ح 2. فصل ( 71 ) ، و 2 : 184 ح 899 ، فصل ( 66 ) ، والبحار 31 : 414 ح 1 ، قال بعد أن أورد الحديث من الاحتجاج للطبرسي ووجدت في أصل كتاب سليم مثله ، وغاية المرام 2 : 98 ح 41 ، باب (21) ، و 104 ح 42 ، باب (21) ، و 343 ح 29 ، 30 ، 31 ، الباب (29) ، وأورد ثلاثة موارد منه ، و 6 : 101 ح 1 باب ( 74 ). وهذه المناشدة تحوي علی نفائس من عقائد الشيعة، وما یؤمنون به في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وأحقيته وبنيه عليهم السلام بالخلافة.

بهذا السند : حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن ( رحمه اللّه ) ، قالا : حدّثنا سعد بن عبد اللّه ، قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن أُذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي ، قال : رأيت علياً ... ، الحديث (1).

ورواه عن كتاب سُليم ; الطبرسي ( من أعلام القرن السادس ) في الاحتجاج (2) ، والحسن بن أبي طاهر الجاوابي ( من أعلام القرن السادس ) في نور الهدى والمنجي من الردى ، أورده عنه ابن طاووس الحلّي ( ت 664 ه- ) في التحصين (3).

ص: 24


1- كمال الدين وتمام النعمة : 306 ح 25 ، باب : (24) ، ما روي عن النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) في النصّ على القائم عجّل اللّه فرجه ، وأنّه الثاني عشر من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، ورواه عن الصدوق ; الجويني ( ت 730 ه- ) في فرائد السمطين 1 : 312 ، السمط الأوّل ، ح 250 الباب الثامن والخمسون ، وسيأتي ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 2 : 387 ، ح 228 ، الفصل (6) ، ما رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 31 : 414 ح 1 ، وقال - بعد أن أورد الحديث من الاحتجاج - : روى الصدوق ( رحمه اللّه ) في إكمال الدين مختصراً من هذا الاحتجاج عن أبيه وابن الوليد معاً عن سعد. إلى آخره.
2- الاحتجاج 1 : 337 [ 56 ] ، احتجاجه ( عليه السلام ) على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار لمّا تذاكروا فضلهم بما قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من النصّ عليه وغيره من القول الجميل ، وأورده عن الاحتجاج مترجماً إلى الفارسيّة محمّد بن الحسين الرازي ( القرن السابع ) في نزهة الكرام 2 : 539 ، الباب (39) ، وباختصار الحرّ العاملي في إثبات الهداة 3 : 7 ح 596 ، فصل : (28) ، ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج ، والمجلسي في البحار 31 : 407 ، الباب : (28) ، احتجاج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على جماعة من المهاجرين والأنصار.
3- التحصين لأسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين ( مطبوع مع كتاب اليقين باختصاص مولانا علي ( عليه السلام ) بإمرة المؤمنين ) : 630 ، القسم الثاني ، باب : (25). قال السيّد رضيّ الدين علي بن طاووس ( ت 664 ه- ) في التحصين : 4. القسم الأوّل : الباب (1) : ... كتاب نور الهدى والمنجي من الردى ، تأليف الحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين الجاوابي ، وعليه خطّ الشيخ السعيد الحافظ محمّد بن محمّد المعروف بابن الكمال [ الكآل ] بن هارون ، وأنّهما قد اتّفقا على تحقيق ما فيه ، وتصديق معانيه. وفي الصفحة 595، القسم الثاني ، الباب (1) : ... ، وعليه كما ذكرنا خطّ المقري الصالح محمّد بن هارون بن الكمال [ الكآل [ بأنّه قد اتّفق مع مصنّفه على تحقيق ما تضمّنه كتابه من تحقيق الأخبار والأحوال. أقول : وابن الكآل هذا هو أحد رواة نسخة الشيخ الحرّ لكتاب سُليم عن الشيخ الطوسي ، فقد جاء في أوّل كتاب سُليم ( 2 : 555، مفتتح كتاب سُليم ) هكذا : وأخبرني الشيخ المقري أبو عبد اللّه محمّد بن الكآل ، عن الشريف الجليل نظام الشرف أبي الحسن العريضي ، عن ابن شهريار الخازن ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ... إلى آخر السند كما سيأتي ، فلا أقلّ إنّ حديث الثقلين هذا وصل إلينا في التحصين نقلا عن كتاب نور الهدى ، الذي بدوره نقله عن كتاب سُليم ، وكتاب نور الهدى قد صدّق وحقّق ما فيه ، ومن ضمنه - بالطبس. هذا النقل عن كتاب سُليم.

والجويني ( ت 730 ه- ) في فرائد السمطين ، قال : أنبأني السيّد النسّابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي ( رحمه اللّه ) ، إجازة بروايته عن شاذان بن جبرئيل القمّي ، عن جعفر بن محمّد الدوريستي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي ، قال : حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن ( رضي اللّه عنه ) ، قالا : حدّثنا سعد بن عبد اللّه ، قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن أُذينة ، عن أبان ابن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي ، قال : رأيت علياً ( عليه السلام ) ... الحديث (1).

ص: 25


1- فرائد السمطين 1 : 312 ، ح 250 ، السمط الأوّل ، الباب الثامن والخمسون ، وأورده عن الجويني ، الأميني ( ت 1390 ) في الغدير 1 : 63 ، في رواة حديث الغدير من الصحابة : [ 26 ] أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري ، وأورد الحديث في أبي ذر ; لأنّه في الرواية يشهد بحديث الغدير ، و 1 : 82 ، وفي رواة حديث الغدير من الصحابة : [ 42 ] زيد بن أرقم الأنصاري ، كذلك ; لأ نّه شهد بحديث الغدير في الرواية ( وقد جاء في متن الغدير ، الباب الثالث والخمسون ، وهو خطأ مطبعي كما في نسخة أخرى ، الباب الثامن والخمسون ) ، و 1 : 107 [ 52 ] ، أبو عبد اللّه سلمان الفارسي ، كذلك ; لأنّه شهد بالحديث ، و 1 : 133 [ 87 ] ، أبو اليقظان عمّار ابن ياسر العنسي كذلك ، و 1 : 266، القرن الثامن [ 257 ] ، شيخ الإسلام أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الدين الجويني الخراساني. وعنه أيضاً الشيخ سُليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي ( ت 1294 ه- ) في ينابيع المودّة 1 : 342، ح 3 ، الباب الثامن والثلاثون. وعنه أيضاً إسماعيل الطبرسي النوري ( ت 1321 ه- ) في كفاية الموحّدين ( فارسي ) 2 : 343، 359 و 3 : 202.

ورواه عن سُليم ; محمّد بن إسحاق الحموي الأبهري في منهج الفاضلين ( تمّ تأليفه في 937 ه- ) ، قال : روى الحسين بن أبي يعقوب ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن عبد الرزّاق بن همام ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي ... ، عن سلمان الفارسي ، وعمّار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وغيرهم ... ، ثمّ نقل المورد الثاني (1) ، وسيأتي.

الثالث : أبان عن سُليم ، وزعم أبو هارون العبدي أنَّه سمعه من عمر ابن أبي سلمة : أنّ معاوية دعا أبا الدرداء ، ونحن مع أمير المؤمنين ، ودعا أبا هريرة ، فقال لهما : ... ، فلمّا قرأ علي ( عليه السلام ) كتاب معاوية ... ، ثمّ صعد ( عليه السلام ) (2) المنبر في عسكره وجمع الناس ...

قال علي ( عليه السلام ) : « أنشدكم اللّه ، أتعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قام خطيباً ولم يخطب بعدها ، وقال : يا أيّها الناس ، إنّي تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد عهد إليّ اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض؟

ص: 26


1- منهج الفاضلين ( فارسي ) ، الورقة 228 من مصوّرة في المكتبة المرعشيّة بقم ، برقم ( 7711 ).
2- من هنا يوجد في بعض النسخ من كتاب سُليم ، راجع كتاب سُليم تحقيق الأنصاري 2 : 757 ح 25 ، هامش 92.

فقالوا : اللّهم نعم ، قد شهدنا ذلك كلّه من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ).

فقال ( عليه السلام ) : « حسبي اللّه ».

فقام الاثنا عشر من الجماعة البدريّين [ منهم : أبو الهيثم بن التيهان ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وعمّار بن ياسر ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (1) ، وأقرّهم على ذلك سبعون من البدريين جلّهم من الأنصار ، منهم : خالد بن زيد (2) ، ومثلهم من الآخرين (3) ، فقالوا : نشهد أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حين خطب في اليوم الذي قبض فيه ، قام عمر بن الخطاب - شبه المغضب - ، فقال : يا رسول اللّه ، أكلّ أهل بيتك؟

فقال : « لا ، ولكن أوصيائي ، أخي منهم ووزيري ووارثي وخليفتي في أمّتي ، ووليّ كلّ مؤمن بعدي ، وأحد عشر من ولده ، هذا أوّلهم وخيرهم ، ثمّ ابناي هذان - وأشار بيده إلى الحسن والحسين ( عليهما السلام ) - ثمّ وصي ابني يسمّى باسم أخي علي وهو ابن الحسين ، ثمّ وصي علي وهو وَلَده واسمه محمّد ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ محمّد بن الحسن مهدي الأمّة ، اسمه كاسمي وطينته كطينتي ، يأمر بأمري وينهى بنهيي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، يتلو بعضهم بعضاً واحداً بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض ، شهداء اللّه في أرضه ، وحججه على خلقه ، من أطاعهم أطاع اللّه ، ومن عصاهم عصى اللّه ».

فقام باقي السبعون البدريّون ومثلهم من الآخرين ، فقالوا : ذكّرتنا ما كنّا نسينا ، نشهد إنّا قد سمعنا ذلك من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (4).

ص: 27


1- كتاب سُليم 2 : 760 ح 25.
2- كتاب سُليم 2 : 757 ح 25.
3- كتاب سُليم 2 : 764 ح 25.
4- كتاب سُليم 2 : 763 ح 25 ، أوردنا موضع الحاجة وما بعده لما فيه من الفائدة. وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 661 ح 853 الباب (9) ، الفصل ( 71 ) ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 33 : 141 ح 421.
الراوون عنه :

روى عنه النعماني ( كان حياً سنة 342 ه- ) في كتاب الغيبة ، قال : ومن كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، ما رواه أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، ومحمّد بن همام بن سهيل ، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس الموصلي ، عن رجالهم ، عن عبد الرزّاق بن همام ، عن معمّر بن راشد ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس.

وأخبرنا به من غير هذه الطرق ، هارون بن محمّد ، قال : حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلى الهمداني ، قال : حدّثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي ، قال : حدّثنا عبد اللّه بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة ، قال : حدّثنا عبد الرزّاق بن همام شيخنا ، عن معمّر ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي ، وذكر أبان أنّه سمعه أيضاً عن عمر بن أبي سلمة ، قال معمّر : وذكر أبو هارون العبدي أنّه سمعه أيضاً عن عمر بن أبي سلمة ، عن سُليم أنّ معاوية دعا أبا الدرداء وأبا هريرة ، ونحن مع أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) بصفّين ...

فقال علي ( عليه السلام ) : « أُنشدكم باللّه أتعلمون أنَّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قام خطيباً ثمّ لم يخطب بعد ذلك ، فقال : أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم أمرين ... » إلى آخر الحديث (1).

الرابع : أبان عن سُليم وعمر بن أبي سلمة - حديثهما واحد هذا وذاك - قالا : قدم معاوية حاجّاً في خلافته المدينة بعدما قتل أمير المؤمنين

ص: 28


1- كتاب الغيبة للنعماني : 68 ، ح 8 الباب الرابع ( ما روي في أنّ الائمّة اثنا عشر إماماً وأنّهم من اللّه وباختياره ) ، من كتاب سُليم بن قيس الهلالي.

( صلوات اللّه عليه ) ... ، فلمّا كان قبل موت معاوية بسنة ، حجّ الحسين بن علي ( صلوات اللّه عليه ) ، وعبد اللّه بن عبّاس ، وعبد اللّه بن جعفر معه ... ، فقام فيهم الحسين ( عليه السلام ) خطيباً ... ، قال سُليم : فكان فيما ناشدهم الحسين ( عليه السلام ) وذكّرهم ... ، قال : « أتعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال في آخر خطبة خطبها : أيّها الناس ، إنّي تركت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا »؟.

قالوا : اللّهم نعم (1).

الخامس : سُليم بن قيس قال : سمعت سلمان يقول : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : ...

قال أبان : فحدّثت الحسن بن أبي الحسن - وهو في بيت أبي خليفة - بهذا الحديث عن سُليم عن سلمان : ...

قال أبان : فلمّا حدّثنا بهذين الحديثين خلوت به ... ، فقال : يا أحمق ، لا تقولن « إن كان » ، هو واللّه لعلي دونهم ، وكيف لا يكون له دونهم بعد الخصال الأربع؟ ولقد حدّثني عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الثقات ما لا أُحصي.

قلت : وما هذه الخصال الأربع؟

قال : قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ونصبه إيّاه يوم غدير خمّ ، وقوله في غزوة تبوك : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير النبوّة » ، ولو كان غير النبوّة لاستثناه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وقد علمنا يقيناً أنّ الخلافة غير النبوّة ،

ص: 29


1- كتاب سُليم 2 : 792 ح 26 ، والحديث طويل نقلنا منه موضع الحاجة ، وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 33 : 173 ح 456 ، والشيخ يوسف البحراني ( ت 1186 ه- ) في الدرر النجفيّة : 278 ، 281 ، وأيضاً عنه باختصار الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج 2 : 80 [ 162 ] ، ولم يورد فيه حديث الثقلين ، ونقله عن الاحتجاج مترجماً إلى الفارسية محمّد بن الحسين الرازي ( القرن السابع ) في نزهة الكرام 2 : 661 ، ولم يورد فيه حديث الثقلين أيضاً.

وخطب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) آخر خطبة خطبها للناس ، ثمّ دخل بيته فلم يخرج حتى قبضه اللّه إليه : « أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وأهل بيتي ، فإنّ اللطيف الخبير قد عهد إليّ أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كهاتين - وجمع بين سبابتيه - لا كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى - لأنّ إحديهما قدّام الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لا تضلّوا ولا تولّوا ، لا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم » ، ولقد أمر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أبا بكر وعمر - وهما سابعا سبعة - أن يسلّموا على علي ( عليه السلام ) بإمرة المؤمنين (1).

السادس : قال سُليم بن قيس (2) : بينما أنا وحنش بن

ص: 30


1- كتاب سُليم 2 : 891 ح 58 ، وهذا الحديث يوجد في بعض نسخ كتاب سُليم دون بعضها الآخر ، كما ذكر ذلك محقّق الكتاب الشيخ الأنصاري ( 2 : 875 ، ما وجد من كتاب سُليم في نسخة أُخرى ) ، وقد ذكرنا الأحاديث الأربعة التي ذكرها الحسن البصري للفائدة ، وإلاّ فالحديث طويل. وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 40 : 93 ح 115 وأوله أقول : وجدتُ في كتاب سُليم ... ، وقال الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 658 ح 2. فصل ( 71 ) : وعن سلمان عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) في حديث ، قال : « إنّي تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي » ، ولم نجده في كتاب سليم عن سلمان ، والظاهر أنّه عنى هذا المورد ، خاصّة وأنّ بداية الحديث عن سلمان فاشتبه عليه الحال ، فلاحظ.
2- هذا الحديث لا يوجد في نسخ كتاب سُليم الموجودة ، وإنّما نقله الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج عنه ، وأورده محقّق كتاب سُليم الشيخ محمّد باقر الأنصاري في القسم الثالث من الكتاب ، وهو ( المستدرك من أحاديث سُليم ) ، وقال في أوّله : نذكر في هذا الفصل (21) حديثاً رويت في الموسوعات الحديثيّة نقلاً عن سُليم بن قيس ، وهي لم توجد في النسخ الموجودة في كتابه ، وقد بيّنا في الفصل الخامس من مقدّمتنا ( 118 - 122 ) أنّ القرائن تعطي أنّها كانت جزءاً من كتابه وتفرّقت عنه ، وأنّ ما ينقله القدماء عن سُليم إنّما نقلوه عن كتابه ، وعلى هذا يكون ذكر هذه الأحاديث تكميلا لكتاب سُليم وعرض لنسخة كاملة تضمّ جميع ما وصل إلينا من روايات المؤلّف الجليل ( رضي اللّه عنه ) ، وقد ذكر البحث في ذلك مفصّلاً في مقدّمة الكتاب ( 1 :118 - 122 ) ، وكذا ( 1 : 537 ).

المعتمر (1) بمكّة ، إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب ، ثمّ نادى بأعلى صوته في الموسم : أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن جهلني فأنا جندب بن جنادة ، أنا أبو ذر (2). أيّها الناس ، إنّي سمعت نبيّكم يقول : « مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه ، من ركبها نجا ومن تركها غرق ، ومثل باب حطّة في بني إسرائيل ».

أيّها الناس ، إنّي سمعت نبيّكم يقول : « إنّي تركت فيكم أمرين ، لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما : كتاب اللّه وأهل بيتي ... » إلى آخر الحديث.

فلمّا قدم المدينة بعث إليه عثمان فقال : ما حملك على ما قمت به في الموسم؟

قال : عهد عهده إليَّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وأمرني به.

فقال : من يشهد بذلك؟

فقام علي ( عليه السلام ) والمقداد فشهدا ، ثمّ انصرفوا يمشون ثلاثتهم ، فقال عثمان : إنّ هذا وصاحبيه يحسبون أنّهم في شيء (3).

ص: 31


1- في الصفحة السابقة ذكر محقّق كتاب سُليم في تخريج هذا الحديث : يوجد هذا الحديث في مفتتح كتاب سُليم ، رواه أبان بن أبي عيّاش ، عن الحنش بن المعتمر ، عن أبي ذر ( 3 : 1017 ، تخريج الحديث الخامس والسبعين ).
2- أبو ذر الغفاري هو الذي قال فيه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « ما أقلّت الغبراء ولا أضلّت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر ».
3- كتاب سُليم 2 : 937 ح 75 ، القسم الثالث من الكتاب ، المستدركات. أورده المحقّق عن الاحتجاج للطبرسي ( القرن السادس ) ( 1 : 361 [ 58 ] خطبة أبي ذر ). وقد ذكره الطبرسي بعد الحديث الذي ذكرناه من كتاب سُليم في احتجاج علي ( عليه السلام ) على المهاجرين والأنصار في مسجد النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) [ رقم 2 ] بحديث واحد. ( انظر الاحتجاج 1 : 337 [ 56 ] ) ، والذي هو موجود في نسخ كتاب سُليم الموجودة الآن ( 1 : 63 ح 11 ). قال الطبرسي في أوّل حديث احتجاج علي ( عليه السلام ) : روي عن سُليم بن قيس الهلالي أنّه قال : ... ، وأورد الحديث إلى نهايته ، ثمّ قال : وفي رواية أبي ذر الغفاري ، وأورد روايته ، ثمّ قال : وقال سُليم بن قيس : بينما أنا وحنش ... ، الحديث ، فانظر إلى قوله روي عن سُليم في الأوّل ، وإلى حرف العطف ( الواو ) وكلمة ( قال ) في الثاني ، فهو يدلّ على أنّ الحديث المعنيّ ( رقم 75 في كتاب سُليم ) أي حديث حنش عن أبي ذر كان موجوداً في نسخة كتاب سُليم التي كانت عند الطبرسي ونقل منها ، وسقط من النسخ الموجودة الآن. وقد أوردنا الحديث كلّه لما فيه من فائدة. وعنه في البحار 23 : 119 ح 38. أقول : ألا تعجب من عثمان يعاتب ويحاسب على رواية أحاديث رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )! ويطلب الشهادة من أبي ذر عليها!! كأنّما فعل منكراً ، يا سبحان اللّه.

وقال أبان في مفتتح كتاب سُليم - بعد أن سأله الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) عن حديث السفينة - : سمعته من أكثر من مئة من الفقهاء ، منهم حنش بن المعتمر ، وذكر أنّه سمعه من أبي ذر ، وهو آخذ بحلقة باب الكعبة ينادي به نداءً ويرويه عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فقال ( عليه السلام ) : « وممّن »؟

فقلت : ومن الحسن بن الحسن البصري أنّه سمعه من أبي ذر ، ومن المقداد بن الأسود الكندي ، ومن علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه ) ، فقال ( عليه السلام ) : « وممّن »؟

فقلت : ومن سعيد بن المسيّب ، وعلقمة بن قيس ، ومن ابن ظبيان الجنبي ، ومن عبد الرحمن بن أبي ليلى - كل هؤلاء حاجّين - ، أخبروا أنّهم سمعوا من أبي ذر.

وقال أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة : ونحن واللّه سمعنا من أبي ذر ، وسمعناه من علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) والمقداد وسلمان ، ثمّ أقبل عمر بن أبي سلمة ، فقال : واللّه ، لقد سمعته ممّن هو خير من هؤلاء كلّهم ، سمعته من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، سمعته أُذناي ووعاه قلبي (1).

ص: 32


1- كتاب سُليم 2 : 560 مفتتح كتاب سُليم ، وعنه البحراني في غاية المرام 2 : 345 ح 6 ، الباب : 29 ، وأوّله : سُليم بن قيس الهلالي ، قال : بينا أنا وحبيش بن المعتمر ... ، مع بعض الاختلاف ، و 3 : 24 ح 7 باب : 33، وحديث أبي ذر حديث مشهور ستأتي بقيّة طرقه.

أقول : من الواضح أنّ حديث السفينة الذي رواه أبو ذر والذي كان الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) يسأل أبان عمّن سمعه عن أبي ذر هو نفس حديث الثقلين الذي نحن بصدده ، وحديث السفينة جزء منه.

فعلى ما قدّمنا يكون أبان روى هذا الحديث عن سُليم في كتابه ، وعن الحنش ، والحسن البصري ، وسعيد بن المسيّب ، وعلقمة بن قيس ، وأبي الضبيان ، وابن أبي ليلى كلّهم عن أبي ذر ، وأقرّه على ذلك الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وأبو الطفيل ، وعمر بن أبي سلمة ، وقال الأخيران : إنّهما سمعاه من أبي ذر (1).

الراوون عنه :

رواه عن سُليم ; الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج (2).

سُليم بن قيس الهلالي :

نقل الكشّي ( القرن الرابع ) حديثين في مدح سُليم موجودين في أصل كتاب سُليم ، الأوّل في مفتتح الكتاب ، وهو عن ابن أُذينة ، عن أبان في قوله أنّه قرأ كتاب سُليم على الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وقول الإمام ( عليه السلام ) : « صدق سُليم ( رحمه اللّه ) هذا حديث نعرفه ».

ص: 33


1- وروى هذا الحديث الشيخ الصدوق عن أبي إسحاق ، عن الحنش في كمال الدين وتمام النعمة : 270 ح 59 وسيأتي. وعلى هذا فقد تابع أبان عن حنش ، أبو إسحاق عن حنش.
2- الاحتجاج 1 : 361 ( 58 ) ، خطبة أبي ذر ، وعن الاحتجاج محمّد بن الحسن الرازي ( القرن السابع ) في نزهة الكرام ( فارسي ) 2 : 539 ، باب : سي ونهم ( أي : 39 ) وسيأتي.

والآخر في الحديث العاشر منه وعن أبان أيضاً ، عندما حدّث الإمام الباقر ( عليه السلام ) بعد موت علي بن الحسين ( عليه السلام ) بحديث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في سبب اختلاف حديث رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، والموجود في كتاب سُليم ، فقال الباقر ( عليه السلام ) : « صدق سُليم ... » ( الحديث ) (1).

وهذان السندان من أسانيد كتاب سُليم نفسه ، والظاهر من الكشّي بنقله الروايتين من دون التعليق عليهما ، وكذا فعل الشيخ الطوسي ، قبول المدح في سُليم ، والقطع بنسبة الكتاب إليه.

وروي في كتاب الاختصاص المنسوب للشيخ المفيد ( ت 413 ه- ) والصحيح هو لأحد قدماء أصحابنا (2) عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد ابن جعفر ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، قال : قال علي بن الحكم : أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذين قال لهم : « تشرّطوا فأنا أُشارطكم على الجنّة ، ولست أُشارطكم على ذهب ولا فضّة ، إنّ نبيّنا ( صلى اللّه عليه وآله ) فيما مضى ، قال لأصحابه : تشرّطوا فإنّي لست أُشارطكم إلاّ على الجنّة ، هم : سلمان الفارسي ... ، وكان من شرطة الخميس أبو الرضي عبد اللّه بن يحيى الحضرمي ، سُليم بن قيس الهلالي ، ... (3).

وذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) في الطبقة الأُولى من سلفنا الصالح ، وذكر سندَه إلى كتابه (4) ، والشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في من روى عن أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين والباقر ( عليهم السلام ) ، وقال - عند ذكره في الرواة عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) - : سُليم بن قيس الهلالي ، ثمّ

ص: 34


1- رجال الكشّي : 104 ( 167 ).
2- انظر المقالات والرسالات ( المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد ) ، (9) ، المقالة الرابعة.
3- الاختصاص : 2.
4- رجال النجاشي : 8 [ 4 ] ، الطبقة الأُولى.

العامري الكوفي صاحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (1).

وذكر في الفهرست سنده إلى كتابه (2).

وعدّه البرقي ( ت 274 أو 280 ه- ) من أولياء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (3).

وذكره العلاّمة الحلّي ( ت 726 ه- ) فيمن يعتمد عليه ، وقال - بعد أن ذكر ما قاله النجاشي ، والعقيقي ، والغضائري - : والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه ، والتوقّف في الفاسد من كتابه (4).

ونقل العلاّمة قول ابن الغضائري ( ت 411 ه- ) ، قال : سُليم بن قيس الهلالي العامري ، روى عن أبي عبد اللّه (5) والحسن والحسين وعلي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، وينسب إليه هذا الكتاب المشهور ، وكان أصحابنا يقولون : إنّ سُليماً لا يعرف ولا ذكر في خبر ، وقد وجدت ذكره في مواضع من غير جهة كتابه ، ولا من رواية أبان بن أبي عيّاش عنه ، وقد ذكر له ابن عقدة في رجال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أحاديث عنه ، والكتاب موضوع لامرية فيه ، وعلى ذلك علامات تدلّ على ما ذكرنا (6) : منها : ما ذكر أنّ محمّد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت (7) ، ومنها : إنّ الأئمّة ثلاثة عشر ، وغير ذلك ،

ص: 35


1- رجال الطوسي : 66 [ 590 ] ، و 94 [ 934 ] ، و 101 [ 984 ] ، و 114 [ 1136 ] ، و 136 [ 1428 ].
2- فهرست الطوسي : 230 [ 346 ].
3- رجال البرقي : 35 [ 53 ].
4- خلاصة الأقوال : 161 [ 473 ] ، القسم الأوّل. والظاهر أنّ قول العلاّمة ( الفاسد من كتابه ) مأخوذ ممّا قاله ابن الغضائري ، وقد عرفت أنّه قد ردّ عليه مدّعاه - وسنشير إليه في المتن - وانظر : تنقيح المقال للمامقاني ، ومعجم رجال الحديث للخوئي ، وكتاب سُليم تحقيق الأنصاري.
5- قال السيّد محمّد رضا الجلالي محقّق كتاب الرجال لابن الغضائري : الصواب ظاهراً ( عن أمير المؤمنين ) ، انظر الرجال لابن الغضائري : 63 [ 55 ] ، هامش (1).
6- في الأصل ( علامات فيه تدلّ على ما ذكرناه ).
7- في الأصل ( عند موته ).

وأسانيد هذا الكتاب تختلف تارة برواية عمر بن أُذينة ، عن إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم ، وتارة يروي (1) عن عمر ، عن أبان بلا واسطة (2).

وتبع ابن الغضائري ابن داود ( ت 707 ه- ) على رأيه (3).

وقد رُدّ كلام ابن الغضائري :

أوّلا : بأنّ كتابه لم يثبت انتسابه إليه ، وأنّ تضعيفاته لا عبرة بها.

وثانياً : إنّ ما أورده من وعظ محمّد بن أبي بكر أباه غير بعيد ، وأنّ هناك روايات من طريق آخر تدلّ على أنّ محمّداً كان يدرك عند وفاة أبيه ، وأنّ عام ولادته في حجّة الوداع لم يقطع به.

وثالثاً : إنّ ما ذكره من أنَّ الأئمّة ثلاثة عشر غير موجود في كتاب سُليم ، وإن وجد في عبارة موهمة ، فهناك نصوص عديدة فيه على أنّهم اثنا عشر ، مع أنّ ما وقع فيه موجود مثله في غيره.

ورابعاً : اختلاف أسانيد الكتاب ، فهو أيضاً غير موجود ولا وجه له (4).

فقبول الروايات التي تذكر صدقه ، وعدّه في كتب الرجال من أصحاب وأولياء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وشرطة الخميس ، وتعديله من قبل العلاّمة تدلّ على توثيقه ، فحتّى ابن الغضائري تكلّم في كتابه لا فيه.

كتاب سُليم :

يعتبر كتاب سُليم من أوائل الكتب التي وصلت إلينا من القرن الأوّل

ص: 36


1- في الأصل يُروى.
2- خلاصة الأقوال : 162.
3- رجال ابن داود : 249 [ 226 ] ، القسم الثاني ، و 106 [ 732 ] ، القسم الأوّل.
4- انظر : تنقيح المقال 2 : 52 ، باب سُليم ، ومعجم رجال الحديث 9 : 226 ، وكتاب سُليم تحقيق الأنصاري ، الجزء الأوّل ، الفصل السابع : دراسة في المناقشات التي وجّهت إلى الكتاب.

الهجري ، إذ إنّ وفاة مؤلّفه سُليم بن قيس الهلالي كانت بحدود سنة ( 76 - 80 ه- ) (1).

ص: 37


1- رجّحنا هذا التقريب لتاريخ وفاته على ما قاله محقّق كتاب سُليم الشيخ محمّد باقر الأنصاري من أنّها كانت سنة 76 ه- ، مستظهراً ذلك من كلام أبان : لمّا قدم الحجّاج العراق سأل عن سُليم بن قيس فهرب منه ، فوقع إلينا بالنو بندجان متوارياً ، فنزل معنا في الدار ... وأنا يومئذ ابن أربع عشرة سنة ، وقد قرأت القرآن ، وكنت أسأله فيحدّثني عن أهل بدر ، فسمعت منه أحاديث كثيرة عن عمر بن أبي سلمة ابن أمّ سلمة زوجة النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وعن معاذ بن جبل ، وعن سلمان الفارسي ، وعن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وأبي ذر ، والمقداد ، وعمّار ، والبراء بن عازب ، ثمّ استكتمنيها ولم يأخذ علي فيها يميناً ، فلم ألبث أن حضرته الوفاة فدعاني وخلا بي ، وقال : ... فإن جعلت لي عهد اللّه عزّ وجلّ وميثاقه أن لا تخبر بها أحداً مادمت حيّاً ولا تحدّث بشيء ... فضمنت ذلك له ، فدفعها إلي ، وقرأها كلّها عليّ ، فلم يلبث سُليم أن هلك ( رحمه اللّه ) ، كتاب سُليم 2 : 557 مفتتح الكتاب. وكان قدوم الحجّاج العراق سنة 75 ه- ، فهرب منه سُليم ، وفهم المحقّق الشيخ الأنصاري من كلمة ( فلم ألبث ) في كلام أبان بمعنى : فلم ألبث بعد قدوم سُليم ، ثمّ قدّر هذا اللبث بسنة ( كتاب سُليم 1 : 302 ). ولكن الأظهر غير ذلك ، فإنّ أبان قال بعد أن ذكر قدوم سُليم : وكنت أسأله فيحدّثني ... ، ثمّ استكتمنيها ولم يأخذ عليّ فيها يميناً ، فلم ألبث ... ، فإنّ معنى ( فلم ألبث ) : فلم ألبث بعدما سمعت منه أحاديث ... الخ ، أما مدّة السماع فغير مذكورة ، بل الأظهر : فلم ألبث بعدما استكتمنيها ، وجاء بكلمة ( فلم ألبث ) كمقدّمة ورابط لكلامه السابق بعدم أخذ اليمين عليه ، وبين حضور الوفاة سُليم وأخذه العهد من أبان .... وعلى هذا فإنّ المدّة بين قدوم سُليم ووفاته لم يشر إليها ، ولا يمكن تحديدها من كلمة ( فلم ألبث ) إذ ربّما تكون أكثر من سنة ، فأبان يقول : سمعت منه أحاديث كثيرة عن عدد من الصحابة ، ولم يقل : إنّها كانت بطريق الإملاء حتى تكون الفترة قصيرة ، وإنّما كانت بالسؤال من أبان فيجيبه على ما يسأل. وذكر المحقّق أيضاً أنّ أبان التقى بالحسن البصري في أوّل عمره بالبصرة ، وهو متوار عن الحجّاج في أوّل عمله كمؤيّد لما استظهره من تاريخ وفاة سُليم ( 1 : 302 ) ، ولكن إذا عرفنا أنّ الحجّاج حكم 20 سنة ، فيصدق على الخمس سنوات الأُولى من حكمه ( 75 - 80 ه- ) أنّه أوّل عمله ، وكذا الكلام في أوّل عمر الحسن البصري فإنّه غير محدد. ثمّ ذكر المحقّق أنّ أبان حجّ في السنة التي التقى فيها الحسن البصري ، والتقى هناك بالإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وعمر بن أبي سلمة ، وأنّ وفاة ابن أبي سلمة كانت في 83 ه- ( 1 : 303 ) ، ولكن هذا لا ينافي ما ذكرناه من تقريب سنة وفاة سُليم. وعلى ما قرّبنا سيكون عمر أبان عند تناوله لكتاب سُليم منه أكثر من أربع عشرة سنة.

ونقل سُليم كتابه قراءة ومناولة إلى أبان بن أبي عيّاش ، ومنه قراءة ومناولة إلى أحد كبار الشيعة في البصرة عمر بن أُذينة.

ثمّ تعدّدت طرقه عن أبان أو ابن أُذينة ، على الخلاف من أنّ أبان نقل كتاب سُليم بتمامه إلى غير ابن أُذينة أو روى للآخرين أحاديث منه فقط.

ثمّ وصل بعد هذين إلى عدّة أشخاص متعاصرين تقريباً ، هم : ابن أبي عمير ، وحمّاد بن عيسى ، وعثمان بن عيسى ، ومعمّر بن راشد البصري ، وإبراهيم بن عمر اليماني ، وهمام بن نافع الصنعاني ، وعبد الرزّاق بن همام الصنعاني ، أخذوه من ابن أُذينة ، أو منه ومن أبان على الخلاف السابق.

طرق الكتاب ونسخه :

وصل الكتاب أو رواياته إلينا بطرق كثيرة ، سواء ما موجود في أوّل نسخه الخطيّة (1) ، أو ما ذكره البعض من طرقه إلى كلّ الكتاب (2) ، أو طرقه إلى روايات سُليم بتوسّط أبان أو غيره التي توحي بأنّها مأخوذة من أصل

ص: 38


1- ستأتي الإشارة إليها.
2- راجع طرق الشيخ النعماني حديث رقم 3 ، وطريق الشيخ النجاشي - وستأتي الإشارة إليه عند الحديث عن إجازات الحرّ العاملي قريباً - وطريق الشيخ الطوسي في الفهرست ، وغيرها.

الكتاب (1) ، هذا إضافة إلى الإشارة إلى الكتاب أو الرواية عنه من قبل علماء الخاصّة وبعض العامّة وأنّه كان معروفاً مشهوراً لديهم (2).

وأمّا ما وصل إلينا من نسخه الخطيّة فتنتهي إلى ثلاثة أشخاص هم : ابن أبي عمير ، وحمّاد بن عيسى بطريق الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) ، ومعمّر بن راشد البصري بطريق محمّد بن صبيح ، أحدها صحيح على الأقلّ من الشيخ الطوسي إلى سُليم بهذا السند : وأخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه الغضائري ، قال : أخبرنا أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ( رحمه اللّه ) ، قال : أخبرنا أبو علي بن همام بن سهيل ، قال : أخبرنا عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن يعقوب بن يزيد ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي.

وطريق الشيخ الثاني إلى سُليم : حدّثنا ابن أبي جيّد ، عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمّد بن أبي القاسم الملقّب بماجلويه ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي (3).

وفيه محمّد بن علي الصيرفي اتّهم بالغلو والكذب ، ولكن لا يخلو من المناقشة ، خاصّة بالنسبة لتعريف الغلو ومصداقه (4).

ص: 39


1- راجع في ذلك الجزء الأوّل من كتاب سُليم ( دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلّف ) ، الفصل الثامن والخامس ، وكذا الجزء الثالث من الكتاب ، ( قسم التخريجات ).
2- راجع كتاب سُليم ، الجزء الأوّل ، الفصل الرابع والخامس والسادس.
3- كتاب سُليم 2 : 555 ، مفتتح كتاب سُليم ، إسناد الكتاب.
4- وقد ذكر الشيخ الطوسي طريقه الثاني في الفهرست أيضاً ( 230 [ 346 ] ، سُليم بن قيس ) مع طريق آخر من دون توسّط أبان. وضعّف السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث ( 9 : 5. رقم 5401 ) طريقي الشيخ في الفهرست مرّة بأبان ومرّة بالصيرفي. ويلاحظ : بأنّه يوجد خلاف على وجود طريق لكتاب سُليم ليس فيه أبان ، ثمّ إنّ الكلام على أبان سيأتي في المتن ، وأمّا الصيرفي ( أبا سمينة ) فقد ناقش في اتّهامه محقّق كتاب سُليم الشيخ محمّد باقر الأنصاري ( كتاب سُليم 1 : 240 الفصل الثامن ، رقم 6. محمّد بن علي الصيرفي ).

وأمّا الطريق الثالث ، فهو : حدّثني أبو طالب محمّد بن صبيح بن رجاء بدمشق سنة 334 ه- ، قال : أخبرني أبو عمرو عصمة بن أبي عصمة البخاري ، قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن المنذر بن أحمد الصنعاني بصنعاء - شيخ صالح مأمون جار إسحاق بن إبراهيم الدبري - قال : حدّثنا أبو بكر عبد الرزّاق بن همام بن نافع الصنعاني الحميري ، قال : حدَّثنا أبو عروة معمّر بن راشد البصري ، قال : دعاني أبان ... (1).

وهذا الطريق بعضه عامّي إلاّ أنّهم موثّقون عندهم ، وبعضه لم يترجم له في الرجال.

وقد وصلت النسخة المرويّة بطريق الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) ( وهي النسخة المعتمدة بتحقيق الكتاب ) ، وكذا المطبوعة عليها الطبعة الأُولى في النجف الأشرف ، وتوجد في مكتبة آية اللّه الحكيم العامّة بالنجف الأشرف ، المجموعة رقم ( 316 ) إلى الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) وتملّكها سنة 1087 ه- (2) ، ونقل منها في كتابه إثبات الهداة ، كما عرفت سابقاً في الحديث الثاني ، والثالث ، ومواضع أُخرى كثيرة في كتابه المذكور (3).

ص: 40


1- كتاب سُليم 1 : 318 ، الفئة الثانية من النسخ ، النوع ( ب ).
2- كتاب سُليم 1 : 316 الفئة الأُولى : النوع ( الف ) و 1 : 329 ، توصيف مخطوطات النوع ( الف ) ، رقم (1) ، والذريعة 2 : 156 ، و 20 : 201.
3- انظر إثبات الهداة 1 : 204 ، 408 ، 657 و 2 : 184 و 3 : 575.

وذكر في مقدّمة إثبات الهداة في الفائدة التاسعة ، ما نصّه : إعلم أنّ لنا طرقاً إلى رواية الكتب التي نقلنا عنها ، والأحاديث التي جمعناها ، قد ذكرنا بعضها في كتاب تفصيل وسائل الشيعة إلى تحقيق مسائل الشريعة وغيره ، ولا حاجة إلى ذكرها هنا ; لأنّ هذه الكتب (1) متواترة ، وقد ابتدأنا باسم من نقلنا من كتابه ، ومن أراد الطرق فقد دللناه عليها فليرجع إليها (2).

وقد رجعنا إلى خاتمة الوسائل في الفائدة الرابعة منه ، فقال هناك : في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحّتها مؤلّفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلّفيها ، أو علمت صحّة نسبتها إليهم ، بحيث لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء ، وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة ، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة وغير ذلك ، وهي : ... ، ثمّ عدّ منها في رقم (41) كتاب سُليم بن قيس الهلالي.

ثمّ قال في آخر نهاية القائمة : ويوجد الآن - أيضاً - كتب كثيرة من كتب الحديث غير ذلك ، لكن بعضها لم يصل إليّ منه نسخة صحيحة ، وبعضها ليس فيه أحكام شرعيّة يعتدّ بها ، وبعضها ثبت ضعفه ، وضعف مؤلّفه ، وبعضها لم يثبت عندي كونه معتمداً ، فلذلك اقتصرت على ما ذكرت ... (3).

ومنه يفهم أنّ هذه الكتب المعتمدة لديه والتي نقل عنها وصلت إليه منها نسخة صحيحة ، ولم يثبت ضعفها أو ضعف مؤلّفها ، بل ثبت عنده عكسه ، وأنّها معتمدة.

ص: 41


1- ومنها كتاب سُليم طبعاً.
2- إثبات الهداة 1 : 53 ، المقدّمة ، الفائدة التاسعة.
3- خاتمة الوسائل 30 : 154 ، وما بعدها.

ثمّ ذكر في الفائدة الخامسة طرقه إلى هذه الكتب ، وقال : في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة (1) عن مؤلّفيها ، وإنّما ذكرنا ذلك تيمّناً وتبرّكاً باتّصال السلسلة بأصحاب العصمة ( عليهم السلام ) ، لا لتوقّف العمل عليه ; لتواتر تلك الكتب ، وقيام القرائن على صحّتها وثبوتها ، كما يأتي إن شاء اللّه (2).

فنقول : إنّا نروي الكتب المذكورة وغيرها عن جماعة منهم : ...

ثمّ أورد بحدود 18 طريقاً إلى الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي ( ت 966 ه- ) (3) ، ومنه بطريقه إلى العلاّمة ( ت 726 ه- ) (4) بطريقه إلى النجاشي ( ت 450 ه- ) ، قال : أخبرنا علي بن أحمد القمّي ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي القاسم ما جيلويه ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن حمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى ، قال حمّاد بن عيسى : وحدّثناه إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سُليم بن قيس بالكتاب (5).

وأيضاً من الشهيد الثاني إلى العلاّمة (6) ، وأربع طرق أُخرى إلى الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي ( ت 786 ه- ) (7) بطريقيهما إلى الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) (8) : عن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد

ص: 42


1- ومنها كتاب سُليم.
2- خاتمة الوسائل 30 : 191 ، ذكر القرائن في الفائدة السادسة ، و 30 : 241 ، الفائدة الثامنة ، و 30 : 249 ، الفائدة التاسعة.
3- خاتمة الوسائل 30 : 170 ، وما بعدها.
4- خاتمة الوسائل 30 : 176 و 185.
5- خاتمة الوسائل 30 : 188.
6- خاتمة الوسائل : 30 : 176.
7- خاتمة الوسائل 30 : 174 ، وما بعدها.
8- خاتمة الوسائل 30 : 176 ، 177.

إلى آخر السند كما في مفتتح النسخة ، إلى سُليم (1).

وذكر الشيخ الحرّ ( ت 1104 ه- ) طريقاً آخراً في إجازته للفاضل المشهدي ، بطريقه إلى الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس (2).

ووصلت هذه النسخة أيضاً للعلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) ، وذكر مفتتحها في أوّل البحار ، وفرّق الباقي في كتابه (3).

فإن قيل : إنّ نسخة كتاب سُليم لم تصل إلينا بطريق القراءة والمناولة يداً بيد ، أو بنسخة ذات تواريخ متّصلة ، فإنّ نسخة محمّد بن صبيح كان تاريخها 334 ه- ، وآخر تاريخ في نسخة الشيخ الطوسي هو ما نقله راويها من تاريخ التحديث بطرقه الأربع عن شيوخه إلى الشيخ الطوسي ، هو 565 ه- ، 560 ه- ، 567 ه- (4) ، وإجازات الشيخ الحرّ إجازات عامّة.

ص: 43


1- خاتمة الوسائل 30 : 188.
2- البحار 110 : 120 ، إجازة الشيخ الحرّ العاملي للفاضل المشهدي.
3- البحار 1 : 77.
4- كتاب سُليم 2 : 555 ، مفتتح كتاب سُليم. وهي هكذا : أخبرني الرئيس العفيف أبو البقاء هبة اللّه بن نما بن علي بن حمدون ( رضي اللّه عنه ) ، قراءة عليه بداره بحلّة الجامعيين في جمادي الأُولى سنة خمس وستّين وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الأمين العالم أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد ابن طحال المقدادي المجاور ، قراءةً عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين - صلوات اللّه عليه - سنة عشرين وخمسمائة ، قال : حدّثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي ( رضي اللّه عنه ) ، في رجب سنة تسعين وأربعمائة. وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد اللّه الحسن بن هبة اللّه بن رطبة ، عن الشيخ المفيد أبي علي ، عن والده ، في ما سمعته يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد اللّه الحسين بن علي - صلوات اللّه عليه - في المحرّم من سنة ستّين وخمسمائة. وأخبرني الشيخ المقرىء أبو عبد اللّه محمّد بن الكال ، عن الشريف الجليل نظام الشرف أبي الحسن العريضي ، عن ابن شهريار الخازن ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شهرآشوب ، قراءة عليه بحلّة الجامعيين في شهور سنة سبع وستّين وخمسمائة ، عن جدّه شهرآشوب ، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدّثنا ابن أبي حيدر ، عن ....

قلنا : لا أقلّ من أنّ إجازات الشيخ الحرّ تفيد تداول الكتاب على مرّ القرون بأيدي العلماء ، وأنّ الروايات الموجودة في النسخة الحاليّة ( المطبوعة ) مبثوثة في كتب القدماء قبل هذه التواريخ - خاصّة تاريخ نسخة الشيخ الطوسي - كما عرف من تخريجات حديث الثقلين ، وما ذكره مفصّلا محقّق الكتاب الشيخ الأنصاري في قسم التخريجات (1).

فممّن أورد رواياته :

الفضل بن شاذان ( ت 260 ه- ) في إثبات الرجعة ، كما عن مختصر إثبات الرجعة ، والثقفي ( ت 283 ه- ) في الغارات ، وأبو جعفر محمّد بن الحسن الصفّار ( ت 290 ه- ) في بصائر الدرجات ، والعيّاشي ( ت حدود 320 ه- ) في تفسيره ، وفرات الكوفي ( أواخر القرن الثالث إلى أوائل القرن الرابع ) في تفسيره ، والكشّي ( القرن الرابع ) في اختيار معرفة الرجال ، والكليني ( ت 329 ه- ) في الكافي ، وابن جرير الطبري الإمامي ( القرن الرابع ) في المسترشد ، والنعماني ( كان حيّاً سنة 342 ه- ) في الغيبة ، والحرّاني ( النصف الثاني من القرن الرابع ) في تحف العقول ، وابن الجُحام ( القرن الرابع ) في ما نزل من القرآن ، والصدوق ( ت 381 ه- ) في معاني الأخبار وإكمال الدين والخصال والاعتقادات وعلل الشرايع وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ومن لا يحضره الفقيه ، والشيخ المفيد ( ت 413 ه- ) في تصحيح

ص: 44


1- انظر كتاب سُليم ، الجزء الثالث ، قسم التخريجات.

الاعتقاد والاختصاص المنسوب إليه (1) ، والمرتضى ( ت 436 ه- ) في الشافي ، والكراجكي ( ت 449 ه- ) في الاستنصار ، والطوسي ( ت 460 ه- ) في التهذيب والغيبة ، والحسكاني ( أواخر القرن الخامس ) في شواهد التنزيل ، وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المناقب ، وغيره في القرن السادس ، ثمّ اتّصل النقل للروايات في القرن السابع والثامن والتاسع والعاشر إلى عصر المجلسي ( ت 1111 ه- ) والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) والبحراني ( ت 1186 ه- ) ، ثمّ إلينا ، وهي روايات موجودة في النسخة المطبوعة الآن (2).

فمع ما انضمّ إلى هذا من كثرة من ذكر وجود الكتاب أو اطّلاعه عليه ، يصبح لدينا اطمئنان بأنّ الكتاب - أصل سُليم - إلى عمر بن أُذينة مقطوع به ، وينفرد الطريق منه عن أبان ، عن سُليم - لو سلّمنا ذلك وأنّ الكتاب لم يروه عن سُليم غير أبان ، مقابل من قال بوجود طرق أُخَر كما في بعض الأسانيد - فتأتي شهادتا الإمامين الباقر ( عليه السلام ) والصادق ( عليه السلام ) لترفع درجة الاطمئنان وتضيف وثاقة إلى وثاقة ، إذ هما - على الأقلّ - مقدّمتان على نقل ابن أُذينة عن أبان عن سُليم بالنسبة للحديثين الواردين بشأنهما ، ومؤيّدتان وكاشفتان عن صدق محتواه بالنسبة إلى كُلّ الكتاب.

فشهادة الإمام الباقر ( عليه السلام ) أوردها الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الغيبة : وأخبرنا أحمد بن عبدون ، عن أبي الزبير القرشي ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة ، عمّن رواه ، عن عمر ابن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة أمير

ص: 45


1- كتاب الاختصاص ليس للشيخ المفيد ، وإنّما هو لأحد قدماء الشيعة ، وستأتي الإشارة إليه.
2- راجع للاطّلاع أكثر على الناقلين الجزء الثالث من كتاب سُليم ، قسم التخريجات.

المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه ، قال أبان : وقرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال : « صدق سُليم ( رحمه اللّه ) ».

قال سُليم : فشهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين أوصى إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) ، وأشهد على وصيّته الحسين ( عليه السلام ) ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته ... (1).

وأورد في التهذيب : عنه ( أبي الحسين بن سعيد ) ، عن حمّاد بن عيسى - وهو أحد رواة كتاب سُليم - عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وإبراهيم بن عمر ، عن أبان ، رفعه إلى سُليم بن قيس الهلالي ( رضي اللّه عنه ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ... ، وزاد فيه إبراهيم بن عمر ، قال : قال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال علي بن الحسين : « صدق سُليم » (2).

وأوردها الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي ( ت 676 ه- ) في الدرّ النظيم : حدّث عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، وعمّن رواه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن عبد اللّه ( رضي اللّه عنه ) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، دفعه إلى أبان وقرأها عليه ، وقال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ... (3).

ص: 46


1- الغيبة : 194 ح 157 ، في إبطال قول السبئيّة : في أنَّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيّ باق ، وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 42 : 212 ح 12.
2- التهذيب 9 : 176 ح 714 ، وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 2 : 267 ح 26 ، ما رواه الكليني في التهذيب.
3- الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللّهاميم : 378 ، الباب الثاني ، في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فصل : في ذكر بعض حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخطبه ووصاياه ومواعظه ، وصيّة أُخرى ذكرها بعد ذكر وصيّته ( عليه السلام ) للإمام الحسن ( عليه السلام ).

وهذه الأسانيد يدعم بعضها بعضاً ، والوصيّة موجودة بعينها في بعض نسخ كتاب سُليم (1) التي قال عنها محقّق الكتاب الشيخ محمّد باقر الأنصاري : إنّها أكمل وأتمّ النسخ (2).

أمّا شهادة الإمام الصادق ( عليه السلام ) فقد أوردها الفضل بن شاذان ( ت 260 ه- ) في إثبات الرجعة ، قال : حدَّثنا محمّد بن إسماعيل بن بزيع ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا حمّاد بن عيسى ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن عمر اليماني ، قال : حدَّثنا أبان بن أبي عيّاش ، قال : حدَّثنا سُليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين : ... ، وأعرف قبائلهم (3).

قال أحمد بن إسماعيل : ثمّ قال حمّاد بن عيسى : قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فبكى ، وقال : « صدق سُليم ، فقد روى لي هذا الحديث أبي ، عن أبيه علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، حين سأله سُليم بن قيس » (4).

فالفضل بن شاذان من أجلاّء الطائفة (5) ، ومحمّد بن إسماعيل بن

ص: 47


1- كتاب سُليم 2 : 924 ح 69 ، القسم الثاني : ما وجد من كتاب سُليم في نسخة أُخرى.
2- كتاب سُليم 1 : 322 ، الفئة الثالثة ، النوع ( ج ) ، نقاط هامّة.
3- كتاب سُليم 2 : 62 ح 10.
4- مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان : 18 ح 1 ، ومجلّة تراثنا العدد (15) - مختصر إثبات الرجعة : 201 ح 1.
5- انظر : رجال النجاشي : 306 [ 838 ] ، وفهرست الطوسي : 361 [ 564 ] ، وخلاصة الأقوال : 229 [ 769 ].

بزيع من صالحي الطائفة وثقاتهم (1) ، وحمّاد بن عيسى غريق الجحفة ثقة من أصحاب الإجماع (2).

وقد ذكرنا الشهادة الأُخرى للإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل قليل عن الدرّ النظيم.

ولا يشكل بحمّاد هذا بأنّه كان واقعاً في سند كتاب سُليم ; لأنّا ذكرنا أنّه لم ينفرد برواية الكتاب ، وإنّما تابعه سبعة غيره رووه عن ابن أُذينة أو عن أبان أو عن سُليم على الخلاف السابق ، فلم ينحصر طريقه بحمّاد.

فحمّاد عرض هذه الرواية الموجودة في كتاب سُليم على الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليُحكم توثيقها وتوثيق كلّ كتاب سُليم أيضاً ، إذ قد ورد اسمه في سند عرض الرواية الأُخرى على الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، كما عرفتَ ، فإنّ مثله الذي يوثّق رواياته بعدّة طرق ، منها العرض على الإمام ، من البعيد جدّاً أن لا يعرض كلّ روايات الكتاب على الإمامين أو أحدهما ( عليهم السلام ) ليوثّقه.

هذا أولا.

وثانياً : لا يخفى ما في كلام الإمام ( عليه السلام ) لحمّاد من تقرير لأبان وسُليم الواردين في السند بصحّة رواية سُليم ، وتوثيق نقل أبان.

إضافة إلى أنّه لم تصل إلينا ولا رواية واحدة تنكر على أبان أو سُليم إحدى روايات الكتاب ، بل على العكس هناك متابعين رووا عن الأئمّة نصوص أو مضامين ما يحتويه الكتاب ، امتلأت بهم وبها كتب الشيعة.

وهناك شهادات أُخر من قبل الأئمّة ( عليه السلام ) بحقّ الكتاب وردت في

ص: 48


1- انظر : رجال النجاشي : 330 [ 893 ] ، وخلاصة الأقوال : 238 [ 814 ].
2- انظر : رجال النجاشي : 142 [ 370 ] ، والكشّي : 375 ح 705 ، تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، و 316 ح 572 ، ماروي في حمّاد بن عيسى البصري ، ودعوة أبي الحسن ( عليه السلام ) له ، وكم عاش.

مفتتح الكتاب ، وفي الحديث العاشر منه ، درجة اعتبارها درجة اعتبار الكتاب (1).

ثمّ أضف إلى ذلك من تابع سُليم على رواياته (2) ، فهي شهادات أُخرى بحقّ الكتاب وداعمة له ، ومنها حديث الثقلين موضوع البحث وما سنورده من طرقه الكثيرة.

أمّا ما أُثير حول الكتاب من نسبته إلى الوضع نقلا عن ابن الغضائري ( ت 411 ه- ) ، فقد أُجيب بإجابات شافية ليس هنا موضع إيرادها (3) وقد أشرنا إليها بإيجاز عند الكلام عن سُليم بن قيس.

ومن أنّه غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، نقلا عن الشيخ المفيد في أثناء ردّه على الصدوق في تصحيح الاعتقاد (4).

فإنّها دعوى من دون دليل ; فإنّه لم يبيّن مواضع التدليس والتخليط ، وهذا الكتاب أمامنا لا يوجد فيه ما ذكر ، فرواياته توافق أُصول الشيعة الإماميّة ، وبالتالي فلا يلتفت إلى هذه الدعوى ، خاصّة بعد اعتماد الصدوق عليه ، وقول مثل النعماني ( حيّاً 342 ه- ) تلميذ الكليني ( رحمه اللّه ) : ليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّة ( عليهم السلام ) خلاف في أنّ كتاب سُليم

ص: 49


1- لخصّنا هذا العنوان من مقدّمة المحقّق الشيخ محمّد باقر الأنصاري لكتاب سُليم مع بعض الإضافات المهمّة ، انظر كتاب سُليم ، الجزء الأوّل ، ( دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلّف ) ، وانظر كذلك كتاب سُليم بمجلّد واحد لنفس المحقّق ، ومجلّة تراثنا العدد 63 - 64.
2- راجع قسم التخريجات من كتاب سُليم ، الجزء الثالث.
3- انظر كتاب سُليم تحقيق الأنصاري ، الجزء الأوّل ، القسم السابع ; دراسة في المناقشات التي وجّهت إلى الكتاب ، ومعجم رجال الحديث 9 : 226 رقم 5401.
4- تصحيح الاعتقاد : 149 ( المجلّد الخامس من مصنّفات الشيخ المفيد ( ( رحمه اللّه ) ) ، نشر المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد 1413 ه- ).

ابن قيس الهلالي أصل من أكبر الأُصول التي رواها أهل العلم ... (1).

فمع تضافر الأعلام الذين ذكرناهم سابقاً على النقل عنه ، ونصّ بعضهم على أنّه أصل من أكبر أُصول الشيعة ; لا يبقى مجال للشكّ في الكتاب ووجوده وعدم وضعه ووثوقه.

أمّا ما موجود فيه من موارد باطلة يسيرة - لو سلّمنا بوجودها ، أو لم نقبل الردود عليها - فإنّها لا توجب كونه موضوعاً ; إذ أكثر ما في الأمر أنّها قد تسقط النسخة الموجودة فيها (2) ، مع أنَّ ذلك موجود في كتب أُخرى معتبرة.

وقد قال العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة : والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه - أي سُليم - والتوقّف في الفاسد من كتابه (3).

أبان بن أبي عيّاش ( ت 138 ه- ) :

ذكره البرقي ( ت 274 أو 280 ه- ) في أصحاب الإمامين السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام ) (4).

وذكره الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) من الذين رووا عن السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام ) ، قال : تابعي ضعيف ، وذكره في أصحاب الصادق ( عليه السلام ) وقال : البصري التابعي (5).

وعدّه العلاّمة ( ت 726 ه- ) في قسم الضعفاء ومن يُردّ قوله أو يتوقّف فيه ، وقال : أبان بن أبي عيّاش ، تابعي ضعيف جدّاً ، روى عن أنس بن

ص: 50


1- الغيبة للنعماني : 101.
2- تهذيب المقال 1 : 184.
3- خلاصة الأقوال : 161 ، الباب (8).
4- رجال البرقي : 47 [ 169 ] ، 49 [ 182 ].
5- رجال الطوسي : 109 [ 1068 ] ، 126 [ 1264 ] ، 164 [ 1885 ].

مالك ، وروى عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، لا يلتفت إليه ، وينسب أصحابنا وضع كتاب سُليم بن قيس إليه ، هكذا قاله ابن الغضائري.

ثمّ نقل كلام العقيقي ، وهو عين ما موجود في مفتتح كتاب سُليم.

ثمّ قال : والأقوى عندي التوقّف في ما يرويه لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف ، وكذا قال شيخنا الطوسي ( رحمه اللّه ) في كتاب الرجال ، قال : إنّه ضعيف (1).

وقال ابن داوُد ( ت 707 ه- ) : ضعيف ، قيل : إنّه وضع كتاب سُليم بن قيس ( قاله عن الشيخ وابن الغضائري ) (2) ، ثمّ عدّه في من يضع الحديث نقلا عن ابن الغضائري (3).

هذه كلمات المتقدّمين من رجاليي الشيعة ، وسيأتي كلام المتأخّرين في مناقشتها.

أمّا أهل السنّة - وإن كان كلامهم لا وجه له هنا ; لأنّ الكلام في رجال الشيعة ، والحجّة واقعة عليهم بكلام رجالييهم ، ولكن لا بأس بذكره لما فيه - فقد لخّص كلامهم الذهبي ( ت 748 ه- ) في ميزانه ، وأورد كلام عدد ممّن يضعّفه ، وأبرزهم شعبة ، الذي قال في أبان كلمات بعضها لا حياء فيها : من أنّه يشرب بول الحمار أو يزني أحبّ إليه من أن يروي عن أبان ، أو أنّ أبان يكذب ، أو أنّه يقدح فيه بالظنّ ، وكذا أورد الذهبي تضعيفه ببعض المنامات ، وأنّ ابن عدي نقل عنه عدّة روايات مناكير (4).

ولكنّه نقل أيضاً في نفس الموضع ما يردّ ذلك ، من أنّ أبان كان

ص: 51


1- خلاصة الأقول : 325 : القسم الثاني ، الباب (6) ، في الآحاد.
2- رجال ابن داود : 225 ، الجزء المختصّ بالمجروحين والمجهولين ، باب الهمزة ، رقم (2).
3- رجال ابن داوُد : 302 ، فصل 13 ، في من قيل : إنّه يضع الحديث ، رقم (1).
4- ميزان الاعتدال 1 : 124 ، حرف الألف ، رقم [ 15 ].

معروفاً بالخير ، وأنّ ابن عدي ، قال : أرجو أنّه لا يتعمّد الكذب ، وعامّة ما أُوتي به من جهة الرواة عنه ، فلاحظ.

أمّا ما ذكره ابن عدي من المناكير ، فهي مناكير حسب اعتقاده ، منها رواية أنّ الأُمّة ستقتل الحسين ( عليه السلام ) ، وأنّ جبرائيل أرى النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) التربة التي يقتل بها الحسين ( عليه السلام ).

ونقل أيضاً أنّ الآخرين - غير شعبة - كانوا يسعون في أن يكفّ عن أبان ، وهو يصرّ على ذلك ، ممّا يوحي بوجود غاية خاصّة شخصيّة لشعبة في قدحه لأبان ، ولكنّه مع زعمه أنّه يكذب ، روى عنه ، أو حسب تعبيره شرب بول الحمار أو زنى ، كما أنّ ظنّه لا يغني عن الحقّ شيئاً ، وحال المنامات كما ترى.

وسفيان لم يقدح في شخصه كما فعل شعبة ، وإنّما قال : كان نسيّاً للحديث ، وهذا يرد على ما قاله شعبة فيه (1).

ونقل ابن حجر ( ت 852 ه- ) في التهذيب عن الفلاس أنّه متروك الحديث ، وهو رجل صالح ، وأنّ شعبة سيّء الرأي فيه ، وأنّ أحمد ، قال : كان له هوى ، ومنكر الحديث ، وأنّ أبا حاتم ، قال : كان رجلاً صالحاً ، ولكن بلي بسوء الحفظ ، وأنّ أبا زرعة ، قال : لا يتعمّد الكذب.

وقال ابن حبّان : كان من العبّاد ، ونقل بعض ما مرّ من كلام الذهبي أيضاً (2).

وقد أجبنا على بعضها ، ولكن في قولهم رجل صالح ، ومن العبّاد ، وأنّه لا يتعمّد الكذب ، ما يردّ قول القادحين والمضعّفين له بالأخصّ شعبة.

ص: 52


1- انظر أعيان الشيعة 2 : 102 ، وتهذيب المقال 1 : 188 ، وكتاب سُليم تحقيق الأنصاري 1 : 222.
2- تهذيب التهذيب 1 : 85 ، أبان بن أبي عيّاش.

أمّا قول أحمد : كان له هوى ، فيدلّ على أنّهم ضعّفوه لتشيّعه - كما سيأتي في كلام رجاليي الشيعة المتأخّرين - وأنّهم اتّهموه بسوء الحفظ ليردّوا روايته (1).

وأمّا كلمات المتأخّرين من أعلامنا ، فقد قال الاسترابادي ( ت 1028 ه- ) : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين ، من حيث التشيّع (2).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) : الجزم بتضعيفه مشكل بعد تسليم مثل سُليم بن قيس كتابه إليه ، وخطابه بابن أخي ، ومن لاحظ حال سُليم بن قيس مال إلى كون الرجل متشيّعاً ممدوحاً ، وأنّ نسبة وضع الكتاب إليه لا أصل لها ، وإذا انضمّ إلى ذلك قول الشيخ أبي علي ( ت 1216 ه- ) في المنتهى : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيّع ، تقوّى ذلك ، والعلم عند اللّه تعالى ، بل بعد إثبات وثاقة سُليم - كما يأتي إن شاء اللّه - تثبت وثاقة أبان هذا بتسليمه الكتاب المذكور إليه (3).

وقال العلاّمة السيّد الأمين ( ت 1371 ه- ) : يدلّ على تشيّعه قول أحمد بن حنبل ، كما سمعت ، قيل : إنّه كان له هوى ، أيّ من أهل الأهواء ، والمراد به التشيّع ، والظاهر أنّ منشأ تضعيف الشيخ له قول ابن الغضائري ، وصرّح العلاّمة بأنّ ذلك منشأ توقّفه فيه كما سمعت ، وابن الغضائري حاله معلوم في أنّه يضعّف بكلّ شيء ، ولم يسلم منه أحد ، فلا يُعتمد على تضعيفه.

ص: 53


1- انظر منهج المقال : 15 ( الطبعة الحجريّة ) ، وأعيان الشيعة 2 : 102.
2- منهج المقال : 15 ( الطبعة الحجريّة ) ، ونقله عنه الشيخ أبو علي محمّد بن إسماعيل المازندراني في منتهى المقال 1 : 132.
3- تنقيح المقال : 1 : 3 ( الطبعة الحجريّة ).

وأمّا شعبة فتحامله عليه ظاهر وليس ذلك إلاّ لتشيّعه ، كما هي العادة ، مع أنّه صرّح بأنّ قدحه فيه بالظنّ ، وان الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ، ولا يسوغ كلّ هذا التحامل بمجرّد الظنّ.

وقد سمعت تصريح غير واحد بصلاحه وعبادته وكثرة روايته وأنّه لا يتعمّد الكذب ، مع قول شعبة : إنّه يكذب على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وكثير ممّا ذكروه لا يوجب قدحه ، كما لا يخفى ، وجعلهم له منكر الحديث لروايته ما ليس معروفاً عندهم ، أو مخالفاً لما يروونه ، مثل حديث القنوت في الوتر قبل الركوع كما مرّ ، ومثل ما رواه حمّاد بن سلمة ، عن أبان ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : كان جبرائيل عند النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) والحسين معي ، فبكي فتركته ، فدنا من النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فقال جبرائيل : أتحبّه يا محمّد ، قال : « نعم » ، إلى آخر ما جاء في الحديث ممّا قد يرون فيه شيئاً من الغلو. وأمّا الاعتماد على المنامات في تضعيف الرجال فغريب طريف ، مع أنّ بعض المنامات السابقة دلّ على حسن حاله (1).

وقال العلاّمة الشيخ موسى الزنجاني ( ت 1399 ه- ) : الأقرب عندي قبول رواياته ، تبعاً لجماعة من متأخّري أصحابنا ، اعتماداً بثقات المحدّثين ، كالصفّار ، وابن بابويه ، وابن الوليد ، وغيرهم ، والرواة الذين يروون عنه ، ولاستقامة أخبار الرجل ، وجودة المتن فيها (2).

وقال السيّد الأبطحي ( معاصر ) : لا يبعد كون قوله ( أي الشيخ الطوسي ) في أصحاب الباقر ( عليه السلام ) : تابعي ضعيف ، مصحّف تابعي صغير ، كما يظهر من العامّة ، مدّعياً انّه ليس من كبار التابعين ، ويظهر ممّن ضعّفه

ص: 54


1- أعيان الشيعة 2 : 102.
2- الجامع في الرجال : 11.

من العامّة أنّ أبان بن أبي عيّاش كان من العبّاد ، فلعلّ التضعيف كان من جهة المذهب ...

ثمّ قال : أمّا تضعيف العامّة لأبان ، فلا يوجب وهناً فيه ، بعد ما كان أبان عاميّاً ثمّ استبصر ، فقد يضعّف مثله بما لا يضعّف به سائر الشيعة ، وسيّما إنّ أبان هو الذي لجأ إليه سُليم ، وهو الراوي لكتابه والناشر لحديثه ، وكأنّ أكثر تضعيفات العامّة لأبان عولا على شعبة ، فقد أكثر الوقيعة في أبان وتبعه غيره ... ، ثمّ ذكر بعض ما قاله شعبة ، وقال : وملخّص ما قالوا عن شعبة وغيره في تضعيفه أُمور :

أحدها : منامات ذكروها ...

وثانيها : رواية أبان عن أنس بن مالك.

وثالثها : رواية المناكير ، وعُدّ منها روايات في فضل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وإن شئت فلاحظ ميزان الاعتدال وغيره ، والأمر في ذلك كلّه واضح ، وهل إلاّ العناد؟ (1).

ونقل السيّد الخوئي ( قدس سره ) ( ت 1413 ه- ) أقوال المتقدّمين بعينها ولم يزد عليها (2).

وهذا جلّ ما ذكر في أبان ، وقد عرفت أنّ المضعّف له ابن الغضائري ، وعرفت حاله في التضعيف وحال كتابه.

ويظهر من الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) والعلاّمة ( ت 726 ه- ) وابن داود ( ت 707 ه- ) أنّهم اعتمدوا في تضعيفه على ابن الغضائري ، أو - على بعد - أنّ الشيخ أخذه من العامّة.

ص: 55


1- تهذيب المقال 1 : 189 ، 190.
2- معجم رجال الحديث 1 : 129 [ 22 ].

وتضعيفات العامّة قد مرّ الجواب عليها ، مع أنّها لا مورد لها هنا كما أشرنا سابقاً.

ثمّ وإن قبلنا قول ابن الغضائري والشيخ في تضعيفه ، ولكن قبول أعلام الطائفة لكتاب سُليم المنقول بطريق أبان - كما أشرنا إلى ذلك سابقاً - يكشف عن أنّه مقبول وغير مضعّف في نقله للكتاب ، وإن سلّمنا ضعفه في الرواية ، وقد عرفت سابقاً أنّه لم يكن ضعيفاً في الاعتقاد أيضاً.

ثمّ أيضاً لا تغفل أنّ الكلام هنا حول الروايات التي في كتاب سُليم الذي رواه عنه أبان ، فإنّه لا كثير فائدة في توثيق أبان بعد أن حصّلنا القول في الكتاب نفسه ، كما عرفت سابقاً ، فما جاء من الروايات عن الأئمّة بتصديق سُليم الذي ناول كتابه إلى أبان وقرأه عليه فهو - مع أنّه يفيد توثيق أبان أيضاً - كاف في اعتماد وتوثيق الكتاب الذي نقلنا روايات حديث الثقلين منه.

ص: 56

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة ) القرن الثاني الهجري

اشارة

ص: 57

ص: 58

(2) ما وجد من كتاب درست بن أبي منصور ( النصف الثاني من القرن الثاني )

اشارة

(2) ما وجد من كتاب درست بن أبي منصور (1)

( النصف الثاني من القرن الثاني )

الحديث :

وعنه (2) ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر : « أتاني المقبّض الوجه عمر بن قيس الماصر ، هو وأصحاب له ، فقال : أصلحك اللّه إنّا نقول : إنّ الناس كلّهم مؤمنون.

قال : فقلت : أما واللّه لو ابتليتم في أنفسكم وأموالكم وأولادكم ، لعلمتم أنّ الحاكم بغير ما أنزل اللّه بمنزلة سوء ( شرّ محتمل ) ، ولكنّكم عوفيتم ، ولقد قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، إذا فعل شيئاً من ذلك خرج منه روح الإيمان.

أمّا أنا فأشهد أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهبوا الآن حيث شئتم ، ولقد قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب اللّه ، وأهل بيتي ، فإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا علي الحوض.

قال : وقرن أصبعيه السبّابتين.

ص: 59


1- طبع مع أُصول أُخرى في كتاب واحد بعنوان ( كتاب الأُصول الستّة عشر ).
2- أي درست ، كما ذكر صريحاً في الروايات التي سبقت هذه الرواية.

قال : ولا أقول كهاتين السبّاحة ( سبابة ) والوسطى ; لأنّ أحدهما أطول من الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا ولن تزلّوا ، أمّا أنا فأشهد أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهب أنت الآن وأصحابك حيث شئتم » (1).

درست بن أبي منصور :

قال الكشّي ( القرن الرابع ) في ما روي في أصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى ( عليهما السلام ) : ... ، ثمّ درست بن أبي منصور : حمدويه (2) ، قال : حدّثني بعض أشياخي ، قال : درست بن أبي منصور واسطي ، واقفي (3).

وقال النجاشي ( ت 450 ه- ) : درست بن أبي منصور ، محمّد الواسطي ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن ( عليهما السلام ) - ومعنى درست أي صحيح - له كتاب يرويه جماعة (4).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : درست الواسطي ، له كتاب ، وهو ابن أبي منصور (5).

وذكره في رجال الصادق ( عليه السلام ) (6) ، والكاظم ( عليه السلام ) ، وقال في الأخير : درست بن أبي منصور ، الواسطي ، واقفي ، روى عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) (7).

وذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) في القسم الثاني من الخلاصة ، وقال : قال الكشّي : ابن أبي منصور ، واسطي ، كان واقفيّاً (8).

ص: 60


1- الأُصول الستّة عشر : 166.
2- قال في أوّل من ذكره من أصحابهما : سمعت حمدويه ...
3- رجال الكشّي : 555 ح 1049 ، وانظر التحرير الطاووسي : 197 [ 154 ].
4- رجال النجاشي : 162 [ 430 ] ، وانظر : معالم العلماء : 49 [ 326 ].
5- فهرست الطوسي : 186 [ 288 ].
6- رجال الطوسي : 203 [ 2594 ].
7- رجال الطوسي : 336 [ 5005 ] ، وانظر : عدّة الرجال 1 : 268 ، الفائدة الأُولى.
8- 8 - خلاصة الأقوال : 345 [ 1368 ] ، القسم الثاني ، وانظر : إيضاح الاشتباه : 181 [ 274 ].

ومثله ابن داود ( ت 707 ه- ) (1) ، وعدّه في حاوي الأقوال في الضعاف (2).

وناقش البهبهاني ( ت 1205 ه- ) في التعليقة على وقفه ، وقال : الحكم بوقفه لا يخلو من شيء ; لما مرّ في الفوائد ، وأنّ الظاهر أنّ حكم الخلاصة به ممّا ذكر في رجال الكاظم ( عليه السلام ) والكشّي ، وفي الظنّ أنّ ما في رجال الكاظم ( عليه السلام ) ممّا في رجال الكشّي.

وبالجملة : لا يبقى وثوق في عدم كونه منه ، وبعض أشياخ حمدويه غير معلوم الحال ، فليتأمّل ، ورواية ابن أبي عمير عنه تشير إلى وثاقته ، وكذا رواية علي بن الحسين (3) ، ورواية الجماعة كتابه تشير إلى الاعتماد عليه ، وكذا كونه كثير الرواية ، وكون أكثرها سديدة مضمونها مفتى به ، معمول عليه ، إلى غير ذلك ممّا مرّ في الفوائد (4).

وأجاب الشيخ أبو علي ( ت 1216 ه- ) عليه : فالتوقّف في وقفه بعد شهادة عدلين مرضيين ، بل وعدول مرضيين ، لعلّه ليس بمكانه ، وقوله سلّمه اللّه : بعض أشياخ ... ، إلى آخره ، عجيب! إذ لا شكّ في كونه من فقهائنا ( رضي اللّه عنه ) ، مع أنّه سلّمه اللّه كثيراً ما يقول في أمثال المقام : إنّ المراد ليس مجرّد نقل القول ، بل الظاهر أنّه للاعتماد عليه والاستناد إليه ، فتأمّل جدّاً.

وما ذكره سلّمه اللّه من المؤيّدات لا ينافي الوقف أصلاً.

نعم ، لا يبعد إدخال حديثه في القوي ، وخروجه بذلك من قسم

ص: 61


1- رجال ابن داود : 245 [ 180 ] ، القسم الثاني ، وانظر : نقد الرجال 2 : 224 [ 1909 ].
2- حاوي الأقوال 3 : 460 [ 1553 ].
3- الظاهر أنّ ( الحسين ) تصحيف ( الحسن ).
4- منهج المقال : 138 ، الهامش.

الضعيف (1) ، ومثله المامقاني في تنقيحه (2).

وفي خاتمة المستدرك - بعد أن عدّ جماعة من الثقات رووا عنه - قال : وهؤلاء جماعة وجدنا روايتهم عن درست في الكتب الأربعة ، وفيهم : ابن أبي عمير ، والبزنطي ، اللذان لا يرويان إلاّ عن ثقة ، وفيهم من الذين أجمعت العصابة على تصحيح أخبارهم ، أربعة : هما ، والحسن بن محبوب ، وعبد اللّه بن بكير ، ويأتي في شرح أصل النرسي أنّ الإجماع المذكور من أمارات الوثاقة.

وفيهم من الثقات الأجلاّء غيرهم ، جماعة : كالوشّاء ، وابن سويد ، وابن نهيك ، وابن مهران ، وابن معبد الذي يروي عنه صفوان بن يحيى ، والحسين بن زيد ، وأبو شعيب المحاملي ، وابن أسباط ، وإبراهيم بن محمّد ابن إسماعيل ، وسعد بن محمّد ، الذين يروي عنهم علي الطاطري ، وقد قال الشيخ ( قدس سره ) : إنّ الطائفة عملت بما رواه الطاطريون.

وبعد رواية هؤلاء عنه لا يبقى ريب في أنّه في أعلى درجة الوثاقة ، ورواياته مقبولة وكتابه معتمد ، وقد تأمّل في التعليقة في وقفيّته ، ولعلّه في محلّه ، ولا حاجه لنا إلى شرحه (3).

ثمّ إنّه قد يستظهر من قول الكشّي ( القرن الرابع ) أنّه كان من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) ، ولكنّي لم أجد له رواية عن الرضا ( عليه السلام ) ، وظاهر الكشّي لا يلائم قوله بالوقف كما صرّح به الكلّ.

نعم ، روى الكليني ( ت 329 ه- ) رواية عن محمّد بن يحيى ، عن

ص: 62


1- منتهى المقال 3 : 216 [ 1125 ].
2- تنقيح المقال 1 : 417 [ 3880 ] ، وانظر : أعيان الشيعة 6 : 395 ، قاموس الرجال 4 : 274 [ 2762 ] ، معجم رجال الحديث 8 : 144 [ 4464 ].
3- خاتمة المستدرك 1 : 43 ، وانظر 4 : 288 [ 113 ] ، و 7 : 361 [ 885 ].

محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبيد اللّه الدهقان ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) (1) ، في باب ( ما لا يؤكل من الشاة وغيرها ).

ولكن هذه الرواية رواها البرقي ( ت 274 أو 280 ه- ) في المحاسن ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد (2).

والطوسي ( ت 460 ه- ) في التهذيب عن محمّد بن أحمد بنفس سند الكليني (3).

والراوندي ( ت 573 ه- ) في فقه القرآن (4) ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) مجرّداً بدون ( الرضا ) ، وهو ينصرف إلى موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السلام ) ، بل إنّ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) ذكرها في الوسائل عن الكليني بدون ( الرضا ) (5) ، فتأمّل.

كما لم أجد رواية أُخرى لإبراهيم بن عبد الحميد عن الرضا ( عليه السلام ) غير ما في الكافي ، وإذا كان هو المُصرّح بوقفه فالمطلوب أوضح.

وبالتالي فإنّ المتيقّن أنّ درست بن أبي منصور كان من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، ولا يعلم أنّه بقي إلى عصر الرضا ( عليه السلام ) أو لا ، أو بالأحرى لا يعلم هل بقي إلى القرن الثالث أو لا ، فلاحظ.

أصل ( كتاب ) درست :

ذكر النجاشي ( ت 450 ه- ) طريقيه إليه ، وقال : له كتاب يرويه

ص: 63


1- الكافي 6 : 253 ، ح 1 ، باب : ما لا يؤكل من الشاة وغيرها.
2- المحاسن 2 : 263 [ 1836 ].
3- التهذيب 9 : 84 [ 313 ].
4- فقه القرآن 2 : 258.
5- الوسائل 24 : 171 ح 1 ، باب ما يحرم من الذبيحة ، وما يكره منها.

جماعة ، منهم سعد بن محمّد الطاطري ، عمّ علي بن الحسن الطاطري ، ومنهم محمّد بن أبي عمير ، أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه ، قال : حدَّثنا أحمد ابن جعفر ، قال : حدَّثنا حُميد بن زياد ، قال : حدَّثنا محمّد بن غالب الصيرفي ، قال : حدَّثنا علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدَّثنا عمّي سعد بن محمّد أبو القاسم ، قال : حدَّثنا دُرست بكتابه ، وأخبرنا محمّد بن عثمان ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد ، قال : حدَّثنا عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي عمير عن درست بكتابه (1).

وطريق الشيخ ( ت 460 ه- ) في الفهرست : أخبرنا بكتابه أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّد بن الزبير القرشي ، عن أحمد بن عمر بن كيسبة ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن درست ، ورواه حميد عن ابن نهيك ، عن درست (2).

وقال الصدوق ( ت 381 ه- ) في مشيخته : وما كان فيه عن درست بن أبي منصور ، فقد رويته عن أبي ( رحمه اللّه ) ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّا ، عن درست بن أبي منصور الواسطي (3).

وطريق الصدوق إليه صحيح ، قاله في الخلاصة (4) ، وقال النوري ( ت 1320 ه- ) : رجال السند من الأجلاّء الثقات (5) ، وقال : وأمّا طريق الشيخ فهو مجهول في الفهرست بأحمد بن عمر بن كيسبة (6).

ص: 64


1- رجال النجاشي : 162 [ 430 ].
2- فهرست الطوسي : 186 [ 288 ].
3- من لا يحضره الفقيه 4 : 78 شرح مشيخة الفقيه.
4- خلاصة الأقوال : 441 ، الفائدة الثامنة ، وانظر : عدّة الرجال 2 : 129 ، الفائدة السادسة.
5- خاتمة المستدرك 4 : 288 [ 113 ].
6- خاتمة المستدرك 6 : 139 [ 274 ] ، وانظر : معجم رجال الحديث 8 : 146 [ 4464 ].

والنسخة التي اعتمد عليها صاحب البحار نسخة قديمة تحتوي على أُصول لرواة آخرين ، قال في أوّل البحار : مع أنّا أخذناهما ( يريد أصل النرسي والزرّاد ) من نسخة قديمة مصحّحة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي ( النصف الأوّل من القرن الخامس ) ، وهو نقله من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي ( النصف الثاني من القرن الرابع ) ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذها وسائر الأُصول المذكورة (1) بعد ذلك من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري ( رحمه اللّه ) ( ت 385 ه- ) (2).

ولكنّه لم يذكر أصل درست ضمن هذه الأُصول في النسخة ، وسببه أنّ أوّل أصل درست كان ساقطاً.

قال النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة مستدركه في الفائدة الثانية : وكتاب درست وأخواته (3) ، إلى جزء من نوادر علي بن أسباط ، وجدناها مجموعة منقولة كلّها من نسخة عتيقة صحيحة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي ، وهو نقلها من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذ الأُصول المذكورة من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري ، وهذه النسخة كانت عند العلاّمة المجلسي ( قدس سره ) ( ت 1111 ه- ) ، كما صرّح به في أوّل البحار ، ومنها انتشرت النسخ ، وفي أوّل جملة منها وآخرها يذكر صورة النقل.

ص: 65


1- يذكر ثلاثة عشر أصلا ، ولم يذكر أصل درست ، وسيأتي توضيحه في المتن.
2- البحار 1 : 43 ، توثيق المصادر.
3- الأُصول المذكورة في كتاب الأُصول الستّة عشر ، ما عدا كتاب ديّات ظريف : 134 ، ومختصر علاء : 149.

أمّا كتاب درست : فهو ساقط من أوّله (1) ، وفي آخره : تمّ كتاب درست ، وفرغت من نسخه من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن أيوّب القمّي ( النصف الثاني من القرن الرابع ) أيّده اللّه ، سماعاً له عن الشيخ أبي محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيّده اللّه ، بالموصل ، في يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي القعدة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، والحمد لله ربِّ العالمين وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم تسليماً (2).

ولكن في المطبوعة لم ترد صورة النقل في أوّلها ، ولم يذكر اسم الشيخ منصور بن الحسن الآبي وإن جاء اسمه في ضمن الكتاب ، وفي آخرها لا توجد جملة ( تمّ كتاب درست ) ، وإنّما يوجد ما بعدها ، والظاهر أنّه سقط من النساخ ; لأنّ الأحاديث الموجودة عن أصل درست مصدّرة باسمه (3).

وعلى هذه النسخة خطّ الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) ، هكذا : إعلم أنّي تتبّعت أحاديث هذه الكتب الأربعة عشر - أي عدا ديّات ظريف ومختصر علاء - فرأيت أكثر أحاديثها موجوداً في الكافي ، أو غيره من الكتب المعتمدة ، والباقي له مؤيّدات فيها ، ولم أجد فيها شيئاً منكراً سوى حديثين محتملين للتقيّة وغيرها ، حرّره محمّد العاملي (4).

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : وهذا الكتاب أيضاً من الكتب الموجودة الباقية على الهيئة الأوّليّة ، وترتيبها أوّله الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم تسليماً ، رأيت نسخة منه في

ص: 66


1- الأُصول الستّة عشر : 158.
2- خاتمة المستدرك 1 : 38 ، الفائدة الثانية.
3- انظر الأُصول الستّة عشر من أوّله ، وصفحة 158 ، وصفحة 169 ( الأخيرة ).
4- كتاب الأُصول الستّة عشر : 170.

كربلاء عند السيّد إبراهيم بن السيّد هاشم القزويني المتوفّى ( 7 - 2 - 1360 ) ، وهي بخطّ السيّد علي أكبر بن السيّد حسين الحسيني ، فرغ من الكتابة في النجف ( 1286 ) وذكر أنّه استنسخها عن نسخة قوبلت من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين القمّي (1).

ولكن الجملة المذكورة على أنّها في أوّله غير موجودة في المطبوع ، والظاهر أنّه كذلك في النسخة الخطيّة ، لما عرفت من نصّ النوري على أنّها ساقطة الأوّل ، فقد تكون من زيادات الناسخ ; لأنّ هذه النسخة في كربلاء مأخوذة من تلك النسخة - الأصل - على أنّ آخر أصل درست فيه هذه الجملة ( والحمد لله رب العالمين ... ) كما عرفت فيما نقلنا من المطبوع ، فلعلّه كان سبق قلم من العلاّمة الطهراني عندما قال أوّلها ويريد آخرها.

ص: 67


1- الذريعة 6 : 330 ( 1889 ) ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة 1 ( القرن الرابع ) : 261 ، 321 ، 329، 2 ( القرن الخامس ) : 196.

ص: 68

(3) كتاب : الوصيّة لعيسى بن المستفاد ( النصف الثاني من القرن الثاني )

الحديث :

قال السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في الطرف (1) :

عن عيسى بن المستفاد ، قال : حدَّثني موسى بن جعفر ، قال : سألت أبي جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ... (2).

وعنه ، عن أبيه ، قال : لمّا حضرت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الوفاة دعا الأنصار ، وقال : « يا معشر الأنصار ، قد حان الفراق ، وقد دُعيت وأنا مجيب الداعي ، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار ، ونصرتم فأحسنتم النصرة ، وواسيتم في الأموال ، ووسعتم في السكنى ، وبذلتم لله مهج النفوس ، واللّه مجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى.

وقد بقيت واحدة ، وهي تمام الأمر وخاتمة العمل ، العمل معها مقرون به جميعاً ، إنّي أرى أن لا يفرّق بينهما جميعاً ، لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست ، من أتى بواحدة وترك الأُخرى كان جاحداً للأُولى ، ولا يقبل اللّه منه صرفاً ولا عدلا ».

قالوا : يا رسول اللّه ، فأَبنِ لنا نعرفها ، ولا نمسك عنها فنضلّ ونرتدّ

ص: 69


1- كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد مفقود ، ولا نعرف منه إلاّ ما نقله ابن طاووس في طرفه ، وما أوردناه منه.
2- طرف من الأنباء والمناقب : 115 ، الطرفة الأُولى.

عن الإسلام ، والنعمة من اللّه ومن رسوله علينا ، فقد أنقذنا اللّه بك من الهلكة يا رسول اللّه ، [ وقد بلّغت ونصحت وأدّيت ، وكنت بنا رؤوفاً رحيماً ، شفيقاً مشفقاً ، فما هي يا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )؟ ] (1).

قال لهم : « كتاب اللّه وأهل بيتي ، فإنّ الكتاب هو القرآن ، وفيه الحجّة والنور والبرهان ، وكلام اللّه جديد غضّ طريّ ، شاهد ومحكم عادل ، دولة قائد بحلاله وحرامه وأحكامه ، بصير به ، قاض به ، مضموم فيه ، يقوم غداً فيحاجّ به أقواماً ، فتزلّ أقدامهم عن الصراط ، فاحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي ، فإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

ألا وأنّ الإسلام سقف تحته دعّامة ، ولا يقوم السقف إلاّ بها ، فلو أنّ أحدكم أتى بذلك السقف ممدوداً لا دعّامة تحته ، فأوشك أن يخرّ عليه سقفه فهوى في النار.

أيّها الناس ، الدعّامة دعّامة الإسلام ، وذلك قوله تبارك وتعالى ( إليه يصْعَدُ الكَلِمُ الطيّبُ والعَمَلُ الصّالِحُ يرفَعُه ) ، فالعمل الصالح طاعة الإمام وليّ الأمر والتمسّك بحبل اللّه.

أيّها الناس ، ألا فهمتم ، اللّه اللّه في أهل بيتي ، مصابيح الهدى ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكم ، ومستقرّ الملائكة ، منهم وصيّي وأميني ووارثي ، ومن هو منِّي بمنزلة هارون من موسى ، علي ( عليه السلام ) ، ألا هل بلّغت؟

واللّه يا معاشر الأنصار ، [ لتقرُّن لله ولرسوله بما عهد إليكم ، أو ليُضرَبن بعدي بالذلّ.

يا معشر الأنصار ] (2) ألا اسمعوا ومن حضر ، ألا إنّ باب فاطمة بابي ،

ص: 70


1- بين القوسين ساقط في بعض النسخ.
2- بين القوسين ساقط من بعض النسخ.

وبيتها بيتي ، فمن هتكه فقد هتك حجاب اللّه ».

قال عيسى بن المستفاد : فبكى أبو الحسن ( عليه السلام ) طويلا ، وقطع عنه بقيّة الحديث ، وأكثر البكاء ، وقال : « هُتك - واللّه - حجاب اللّه ، هُتك - واللّه - حجاب اللّه ، هُتك - واللّه - حجاب اللّه ، وحجاب اللّه حجاب فاطمة ، يا أُمّه يا أُمّه ، صلوات اللّه عليها » (1).

عيسى بن المستفاد :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : عيسى بن المستفاد أبو موسى البجلي الضرير ، روى عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، ولم يكن بذاك (2).

وذكره الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست ، وسكت عنه (3) ، ومثله ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم (4).

وقال ابن الغضائري ( ت 411 ه- ) : ذكر له رواياته عن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، وله كتاب الوصيّة لا يثبت سنده ، وهو في نفسه ضعيف (5).

ونقل في الخلاصة كلام النجاشي وابن الغضائري ، أورده في القسم الثاني المخصّص للضعاف أو من يردّ قوله أو يتوقّف فيه (6) ، ولكن ابن داود ( ت 707 ه- ) أورده في القسمين ، ورمز له في أصحاب الباقر ( عليه السلام ) ، ونقل في الأوّل عن رجال الشيخ والفهرست والنجاشي أنّه لم يكن بذاك ، مع أنّه غير مذكور في رجال الشيخ (7) ، وفي الثاني أعاد ما ذكره أوّلا ، ولكنّه

ص: 71


1- طرف من الأنباء والمناقب : 143 ، الطرفة العاشرة.
2- رجال النجاشي : 297 [ 809 ].
3- فهرست الطوسي : 332 [ 521 ].
4- معالم العلماء : 86 [ 594 ].
5- رجال ابن الغضائري : 81 [ 100 ] ، وانظر : مجمع الرجال 4 : 306.
6- خلاصة الأقوال : 378 [ 1520 ] ، القسم الثاني.
7- رجال ابن داود : 149 [ 1176 ].

نسبه إلى النجاشي فقط (1).

ثمَّ ترجم في جامع الرواة : ( عيسى الضرير ) و ( عيسى الضعيف ) يرويان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، واستظهر أنّهما واحد لاتّحاد الطريق (2) ، ووافقه التستري ( ت 1415 ه- ) في القاموس (3) ، والسيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) في المعجم (4) ، وأمّا المامقاني ( ت 1351 ه- ) فأستظهر اتّحادهما مع عيسى بن المستفاد أيضاً (5) ، مع أنّ صاحب القاموس استبعد ذلك (6).

أقول : إنّ ( عيسى الضرير ) أو ( عيسى الضعيف ) لم يرد ذكره في رجال الطوسي ولا البرقي في أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، بل لم يرد ذكره أصلا ، لا في هذين الكتابين ولا في بقيّة كتب الرجال ، وإنّما جاء في سند الروايات عن الإمام الصادق ( عليه السلام ).

نعم ، ذكر الطوسي ( ت 460 ه- ) في رجاله في أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) عيسى بن عبد الرحمن السلميّ البجليّ ، كوفي (7) ، ولم يذكر

ص: 72


1- رجال ابن داود : 265 [ 384 ]. وانظر : نقد الرجال 3 : 396 [ 4062 ] ، إيضاح الاشتباه : 234 [ 453 ] ، هداية المحدّثين : 2. منتهى المقال 5 : 169 [ 2256 ] ، حاوي الأقوال 4 : 150 ، عدّة الرجال 1 : 246 ، جامع الرواة 1 : 654 ، تنقيح المقال 2 : 363 ، مع بعض الاشتباه نبّه عليه التستري في قاموس الرجال 8 : 331 [ 5824 ] ، معجم رجال الحديث 14 : 224 [ 9241 ] ، الوجيزة : 276 [ 1387 ] ، مجمع الرجال 4 : 306 ، بهجة الآمال 5 : 645.
2- جامع الرواة 1 : 651.
3- قاموس الرجال 8 : 319 [ 5802 ] و [ 5803 ].
4- معجم رجال الحديث 14 : 229 [ 9253 ] و [ 9254 ].
5- تنقيح المقال 2 : 361.
6- قاموس الرجال 8 : 319 [ 5803 ].
7- رجال الطوسي : 258 [ 3665 ].

عيسى بن المستفاد في أصحاب أيّ إمام من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، مع أنّه ذكره في الفهرست (1).

فإذا أخذنا بعين الاعتبار اتّحاد الاسم واللقب ، وأنّ المستفاد يمكن أن يكون لقب لعبد الرحمن ، أمكن القول باتّحادهما ، بل باتّحاد الجميع الضرير أو الضعيف وابن المستفاد وابن عبد الرحمن السلميّ البجليّ ، فإنّ الضعيف - كما هو الأصحّ على ما أشار إليه التستري ( ت 1415 ه- ) (2) ويحتمل العكس - قد روى عن الصادق ( عليه السلام ) في الكافي والفقيه والتهذيب (3) ، مع أنّ الشيخ لم يذكره في رجاله.

وقد يكون من القرينة على ذلك ما رواه الرضي ( ت 406 ه- ) في الخصائص بسند ، هو : حدّثني هارون بن موسى ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار العجليّ الكوفي ، قال : حدَّثني عيسى الضرير ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) ، عن أبيه قال : ... ، وهي الطرفة الخامسة عشر من طرف السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) (4) ، كما وأورد رواية أُخرى بنفس السند ، ولكنّه ذكر الاسم هكذا : أبو موسى عيسى الضرير البجلي ، وهو في الطرفة السادسة عشر من الطرف (5).

فاكتفائه في الأوّل ب- ( عيسى الضرير ) ، وأضاف إليه في الثاني ( أبو موسى ) و ( البجلي ) يقرّبنا إلى المراد كما هو واضح ; لأنّ المراد بعيسى الضرير في السند هو ابن المستفاد ، بقرينة ذكر روايته في ضمن الطرف

ص: 73


1- فهرست الطوسي : 332 [ 521 ].
2- قاموس الرجال 8 : 319 [ 5803 ].
3- الكافي 7 : 295 ح 1 و 276 ح 4 ، من لا يحضره الفقيه 4 : 69 ح 12 ، التهذيب 10 : 187 ح 32 ، كتاب الديّات ، باب : القضايا في الديّات والقصاص.
4- طرف من الأنباء والمناقب : 157 ، الطرفة الخامسة عشر.
5- طرف من الأنباء والمناقب : 161 ، الطرفة السادسة عشر.

التي أكثرها عن ابن المستفاد عن الكاظم ( عليه السلام ).

ويبقى ما انفرد به النجاشي من أنّه من أصحاب أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، فالظاهر أن لا رواية له عن الجواد ( عليه السلام ) ، فهل يمكن حمل ( الثاني ) على الاشتباه وأنّه أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، كما عن ابن داود؟ اللّه أعلم!

كتاب الوصيّة :

لم يصلنا من كتاب عيسى بن المستفاد إلاّ ما نقله ابن طاووس في طرفه ، ولكنّه لم يصرّح بأنّه من كتاب الوصيّة لعيسى ، وإن استظهر الكلّ أنّه منه ; لأنّهم لم يذكروا لابن المستفاد كتاباً غيره ، ولأنّ ما نقله ابن طاووس ينطبق تماماً على اسم الكتاب ، ألا وهو ( الوصيّة ).

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : له كتاب الوصيّة ، رواه شيوخنا ، عن أبي القاسم جعفر ابن محمّد ، قال : حدَّثنا أبو عيسى عبيد اللّه بن الفضل بن هلال بن الفضل بن محمّد بن أحمد بن سليمان الصابوني ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن محمّد ، قال : حدَّثنا أبو يوسف الوُحاظي والأزهر بن بسطام بن رستم والحسن بن يعقوب ، قالوا : حدَّثنا عيسى بن المستفاد ، وهذا الطريق طريق مصريّ فيه اضطراب ، وقد أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران ، قال : حدَّثنا يحيى بن محمّد القصباني ، عن عبيد اللّه بن الفضل (1).

وقال الشيخ ( ت 460 ه- ) في الفهرست : له كتاب ، رواه عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان ، عنه (2) ، وهو ضعيف بعبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان (3).

ص: 74


1- رجال النجاشي : 297 [ 809 ].
2- فهرست الطوسي : 332 [ 521 ].
3- انظر : خاتمة المستدرك 9 : 246 [ 532 ] ، معجم رجال الحديث 14 : 224 [ 9241 ].

وقال ابن الغضائري ( ت 411 ه- ) : وله كتاب الوصيّة لا يثبت سنده (1).

ولكن المجلسي ( ت 1111 ه- ) قال - بعد أن أخرج عدّة روايات من الطرف - : انتهى ما أخرجناه من كتاب الطرف ممّا أخرجه من كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد ، وكتاب خصائص الأئمّة للسيّد الرضي ( رضي اللّه عنه ) ، وأكثرها مرويّ في كتاب الصراط المستقيم للشيخ زين الدين البياضي ( ت 877 ه- ) ، وعيسى وكتابه مذكوران في كتب الرجال ، ولي إليه أسانيد جمّة ، وبعد اعتبار الكليني ( رحمه اللّه ) الكتاب واعتماد السيّدين عليه لا عبرة بتضعيف بعضهم ، مع أنّ ألفاظ الروايات ومضامينها شاهدة على صحّتها (2).

ولا يخلو كلامه ( قدس سره ) من المناقشة.

وذكر الكتاب العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة أيضاً ، واستظهر وجود نسخة منه عند السيّد ابن طاووس من خلال كثرة نقله عنه في الطرف (3).

ص: 75


1- رجال ابن الغضائري : 81 [ 100 ] ، مجمع الرجال 4 : 306.
2- البحار 22 : 495.
3- الذريعة 25 : 103 [ 565 ] ، و 15 : 161 [ 1053 ].

ص: 76

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة ) القرن الثالث الهجري

اشارة

ص: 77

ص: 78

(4) صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) بسند الطبرسي

اشارة

للإمام علي بن موسى بن جعفر الرضا ( عليه السلام ) ( ت 203 ه- ) الحديث :

حدّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن علي ، قال : حدّثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدّثني أبي علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال : ...

وبإسناده ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « كأنّي دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما » (1).

الراوون عنها :

وعنها الصدوق ( ت 381 ه- ) في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) (2).

ص: 79


1- صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) : 59 ح 83. وعنها في إثبات الهداة 1 : 112 ح 1. فصل (31) ، والبحار 23 : 145 ح 101.
2- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 34 ح 40 ، الباب (31) : في ما جاء عن الرضا ( عليه السلام ) من أخبار مجموعة ، وفيه : « كأنّي قد دعيت » ، وفيه : « فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

والقاسم بن محمّد بن علي ( ت 1029 ه- ) في الاعتصام بحبل اللّه المتين (1).

صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) :

ذكرها الشيخ الحرّ ( ت 1104 ه- ) في الكتب المعتمدة لديه وقال : رواية أبي علي الطبرسي (2) ، وذكر طريقه إليها (3).

وذكرها المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادره وقال : المسندة إلى شيخنا أبي علي الطبرسي ( رحمه اللّه ) بإسناده إلى الرضا ( عليه السلام ) (4) ، وقال في توثيقها : وكتاب الرضا ( عليه السلام ) من الكتب المشهورة بين الخاصّة والعامّة ، وروى السيّد الجليل علي بن طاووس منها بسنده إلى الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه ) ، ووجدت أسانيد في النسخ القديمة منه إلى الشيخ المذكور ومنه إلى الإمام ( عليه السلام ) ، وقال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار : كان يقول يحيى بن الحسين الحسيني في إسناد صحيفة الرضا : لو قرئ هذا الإسناد على أُذن مجنون لأفاق ، وأشار النجاشي في ترجمة عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي ، وترجمة والده راوي هذه الرسالة إليها ، ومدحها ، وذكر سنده إليها ، وبالجملة هي من الأُصول المشهورة ويصحّ التعويل عليها (5).

ص: 80


1- الاعتصام 1 : 133 ، فصل : فيما ورد من احاديث عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) إنّه ترك في المسلمين كتاب اللّه تعالى وسنّته وعترته أهل بيته ... وفيه : وفي صحيفة علي بن موسى الرضى عن آبائه ، أباً فأباً ، إسناداً متّصلا عن علي عليه وعليهم السلام ، قال : « وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : كأنّي قد دعيت واُجبت » ، وفيه : « كتاب اللّه عزّ وجلّ حبل ... » ، وفيه : « فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».
2- خاتمة الوسائل 30 : 156 [ 35 ] الفائدة الرابعة.
3- خاتمة الوسائل 30 : 186 ، الطريق الثاني والأربعون.
4- البحار 1 : 11.
5- البحار 1 : 30.

وقال الميرزا عبد اللّه الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) - بعد أن نقل قول المجلسي - : وأقول : فعلى قول النجاشي ، فالطبرسي من رواة هذه الرسالة لا أنّه جامعها ، فتأمّل.

ثمّ ذكر ما في أوّل نسخة الطبرسي ، ثمّ قال : ثمّ ليعلم أنّ لكتاب صحيفة الرضا ( عليه السلام ) طرقاً عديدة سوى طريق الشيخ الطبرسي من طرق الخاصّة والعامّة ، ولنذكر في هذا المقام طائفة من طرقها التي وصلت إلينا ممّا يتمّ به في المرام ، ثمّ ذكر أربع طرق أُخرى للصحيفة ، وقال : والظاهر أنّ هؤلاء الرجال كلّهم من طرق العامّة اللّهم إلاّ نادراً فليلاحظ. بعدها ذكر طريقين آخرين (1).

وهذه الأسانيد تنتهي كلّها إلى أبي القاسم عبد اللّه بن أحمد الطائي ، عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام ) (2).

وقال الميرزا النوري ( ت 1320 ه- ) : ويعبّر عنه أيضاً بمسند الرضا ( عليه السلام ) كما في مجمع البيان ، وبالرضويّات كما في كشف الغمّة ، وهو من الكتب المعروفة المعتمدة الذي لا يدانيه في الاعتبار والاعتماد كتاب صنّف قبله أو بعده ، وهو داخل في فهرست كتاب الوسائل ، إلاّ أنّ له نسخاً متعدّدة وأسانيد مختلفة ، ويزيد متن بعضها على بعض ، واقتصر صاحب الوسائل على نسخة الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) وروايته ، وكأنّه لم يلتفت إلى اختلافها أو لم يعثر على باقيها ، وقد عثرنا على بعضها وأخرجنا منها ما ليس في نسخة الطبرسي ، فرأيت أن أُشير إلى الاختلاف وأذكر الطرق ، فلربّما وقف الناظر على خبر نقلته أو نقل منها ولا يوجد في النسخة المعروفة ، فلا يبادر إلى التخطئة ، وقد جمعها الفاضل الميرزا عبد اللّه في

ص: 81


1- رياض العلماء 4 : 346 ، 350.
2- الذريعة 15 : 17 [ 92 ].

رياض العلماء ، ونحن نسوقها بألفاظه ، ثمّ أورد ما ذكره صاحب الرياض.

ثمّ ذكر أنّه عثر على نسخة السند الأخير الذي ذكره صاحب الرياض ، وأنّ فيها ما ليس في مسند الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) ، ثمّ قال : ويأتي في الفائدة الثالثة في ذكر مشايخ عماد الدين الطبري سند آخر إليها ذكره في كتابه بشارة المصطفى (1).

ثمّ ذكر طريق الطبرسي ( قدس سره ) ، وقال بعده : ولا يخفى أنّ من راجع كتب الصدوق سيّما عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وأمالي المفيد ، وترجمة عبد اللّه وأبيه أحمد الطائي ، وغيرها ، علم أنّ هذه الصحيفة المباركة من الأُصول المشهورة المتداولة بين الأصحاب ، ثمّ أورد ما قاله النجاشي (2).

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : صحيفة الرضا ، المعبّر عنها بمسند الرضا ، وبالرضويّات أيضاً ، وصحيفة أهل البيت كما يظهر من بعض أسانيده ، وقد أحصى بعض الأصحاب أحاديثها فوجدها 240 حديثاً ، وهي منسوبة إلى الإمام على بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، مرويّة عنه بأسانيد متعدّدة (3).

وقال المير حامد حسين ( ت 1306 ه- ) صاحب عبقات الأنوار : ولا يخفى أنّ كتاب صحيفة الرضا ( عليه السلام ) من الكتب المعروفة المعتمدة ، والأُصول المشهورة المستندة ، وصحّة انتسابها إلى الإمام الرضا - عليه أزكى السلام والتحيّة والثناء - من خلال أقوال أكابر أعلام وأجلّة عظماء أهل السنّة ظاهر وواضح ، ثمّ أورد بعض أقوال أهل السنّة فيها (4).

ص: 82


1- بشارة المصطفى : 215 ، وذكره في خاتمة المستدرك 3 : 17.
2- خاتمة المستدرك 1 : 217.
3- الذريعة 15 : 17 [ 92 ].
4- عبقات الأنوار ( حديث مدينة العلم ، قسم السند ) 5 : 20 مترجم من الفارسية.

والنسخة المطبوعة المحقّقة من قبل الشيخ محمّد مهدي نجف ، هي النسخة المعروفة المشهورة في الأوساط العلميّة بنسخة الطبرسي ( رحمه اللّه ) ، وسندها : أخبرنا الشيخ الإمام الأجلّ العالم الزاهد الراشد ، أمين الدين ، ثقة الإسلام ، أمين الرؤساء ، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي أطال اللّه بقاءه ، في يوم الخميس غرّة شهر اللّه الأصمّ رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام السعيد الزاهد أبو الفتح عبيد اللّه بن عبد الكريم بن هوازن القشيري أدام اللّه عِزّه ، قراءة عليه داخل القبّة التي فيها قبر الرضا ( عليه السلام ) غرّة شهر اللّه المبارك رمضان سنة إحدى وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الجليل العالم أبو الحسن علي بن محمّد بن علي الحاتمي الزوزني ، قراءة عليه سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن هارون الزوزني بها ، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن محمّد ، حفدة العباس بن حمزة النيشابوري ، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي سنة ستّين ومائتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ... (1).

وهذه النسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة المسجد الأعظم العامرة بقم المشرّفة ضمن المجموعة المرقّمة [ 2745 ] (2).

وقال المحقّق : امتازت هذه النسخة ، إضافة إلى كونها أقدم نسخة وصلت إلينا من الصحيفة ، برواية الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) ، بسنده عن أبي القاسم عبد اللّه بن أحمد الطائي ، وبقراءة المولى عبد الخالق بن المولى عبد

ص: 83


1- صحيفة الرضا : 39.
2- صحيفة الرضا : 27 ، وصف الأُصول المعتمدة.

العلي البيهقي على العالم الفاضل المولى حسين بن علي البيهقي السبزواري المشتهر بالكاشفي ، في أواخر شعبان سنة ( 872 ه- ) ، وبيان طريقه لرواية هذه الصحيفة ، نصّه :

« بسم اللّه الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي نوّر شجرة النبوّة بأنوار الهداة ، وزيّن حدائق الولاية بأزهار أسرار الكُمَّل الثقات ، والصلاة على مظهر جوامع الكلم المسلسلات محمّد وآله وعترته عيون المعارف العينيّة المخصّصات.

أما بعد ، فقد قرأ الصحيفة الرضويّة بتمامها المولى المعظّم ، افتخار الصلحاء ، زين الأتقياء ، جامع الصفات الرضويّة ، ومجمع الخلال المرضيّة ، مولانا نظام الملّة والدين عبد الخالق بن المولى الرفيع ، والعارف المنيع ، أُسوة العرفاء ، قدوة الطرفاء ، مولانا تاج الملّة والدين عبد العلي البيهقي أدام اللّه ظلّهما ، على الفقير الكسير الكثير التقصير حسين بن علي الواعظ المشتهر بالكاشفي ، غفر اللّه ذنوبه ، وستر عيوبه ، وأنا أرويها عن والدي روّح اللّه روحه ، وهو يرويه عن الفاضل العلاّمة محمّد بن عبد اللّه ، وهو عن شيخه الكامل تاج الدين إبراهيم بن القصاع الطبسي ، وهو عن شيخه الكامل مولانا تاج الدين علي تركة الكرماني ، وهو عن شيخه شيخ الإسلام غياث الدين هبة اللّه بن يوسف ، عن جدّه صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الحموي ، عن ابن عساكر ، عن أبي روح الصوفي الهروي ، عن زاهر بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكّاكي ، قال : أخبرنا أبوالقاسم بن حبيب ، قال : أخبرنا محمّد بن عبد اللّه ابن محمّد النيسابوري ، قال : أخبرنا ، أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه إلى حضرة الرسالة ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وأنا أجزته أن يرويها

ص: 84

عنّي بالشرائط المعتبرة ، وكان ذلك في أواخر شعبان سنة اثني وسبعين وثمانمائة » (1).

وقد ذكر المحقّق في مقدّمته أحد عشر طريقاً آخر غير هذين الطريقين ، منها طريق الشيخ الصدوق ( رضي اللّه عنه ) في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وهو : حدَّثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابوري ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سُليمان الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثنا أبي في سنة ستّين ومائتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة (2).

ولكنّه لم يذكر الطريقين الآخرين للصدوق ، وهي : وحدَّثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمّد الخوري ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبد اللّه الهروي الشيباني ، عن الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ).

وحدَّثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سُليمان الفرّاء ، عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ... (3).

وقال النجاشي ( ت 450 ه- ) في ترجمة أحمد بن عامر بن سُليمان

ص: 85


1- صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : 27 ، وصف الأُصول المعتمدة.
2- عيون أخبار الرضا 2 : 28 ح 4 ، وصحيفة الرضا ( عليه السلام ) : 14 ، نحن وأسانيد الصحيفة.
3- عيون أخبار الرضا 2 : 28 ح 4.

الطائي : قال عبد اللّه ابنه - في ما أجازنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم - حدَّثنا أبي ، قال : حدَّثنا عبد اللّه ، قال : ولد أبي سنة سبع وخمسين ومائة ، ولقي الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ... ، رفع (1) إليّ هذه النسخة ( نسخة عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي ) أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى الجندي ، شيخنا ( رحمه اللّه ) ، قرأتها عليه ، حدّثكم أبو الفضل عبد اللّه بن أحمد بن عامر ، قال : حدَّثنا أبي ، قال : حدَّثنا الرضا علي بن موسى ( عليه السلام ) ، والنسخة حسنة (2).

وكذا قال في ترجمة عبد اللّه بن أحمد بن عامر : روى عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام ) نسخة ، قرأت هذه النسخة على أبي الحسن أحمد بن محمّد بن موسى ، أخبركم أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام ) (3).

وهذا أبو القاسم عبد اللّه بن عامر هو الذي تنتهي إليه طرق معظم النسخ.

وقد عرّف المحقّق في مقدّمته عدّة نسخ خطيّة للصحيفة :

منها : ما في خزانة مخطوطات مكتبة البحّاثة المحقّق الأُستاذ فخر الدين نصيري أميني ، وهي بتاريخ ( 761 ه- ).

ومنها : ما في مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي بقم وتاريخها ( 851 ه- ).

ومنها : في المكتبة الرضويّة وهي بتاريخ ( 881 ه- ).

ومنها : النسخة المار ذكرها سابقاً في مكتبة المسجد الأعظم بقم (4).

ص: 86


1- في طبعة أُخرى دفع.
2- رجال النجاشي : 100 [ 250 ].
3- رجال النجاشي : 229 [ 606 ].
4- صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : 26 ، وصف الأُصول المعتمدة.

وقد طبعت الصحيفة مرّة أُخرى بتحقيق مدرسة الإمام المهدي ( عليه السلام ) على نسخ خطيّة أُخرى إضافة إلى ما اعتمده الشيخ محمّد مهدي نجف ، وزادوا في أسانيد الصحيفة ، وأوصلوها إلى ( 80 ) سنداً (1).

ولصحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) أسانيد أُخرى تنتهي إلى داود بن سُليمان الغازي ، عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، أفردناها تحت عنوان مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، تمييزاً لها عمّا جاء برواية أحمد بن عامر الطائي.

ص: 87


1- صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( بتحقيق مدرسة الإمام المهدي ( عج ) ) ، مقدّمة التحقيق.

ص: 88

(5) مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( ت 203 ه- ) برواية داود بن سليمان الغازي

الحديث :

يقول الشيخ المجلسي ( ت 1111 ه- ) في سند هذا المسند (1) : وجدتُ بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ، نقلا من خطّ الشيخ الشهيد محمّد بن مكّي - قدس اللّه روحهما - ما هذه صورته : يروي السيّد الفقيه الأديب النسّابة شمس الدين أبو علي فخّار بن معد جزءاً فيه أحاديث مسندة عن علي بن موسى الرضا الإمام المعصوم - عليه الصلاة والسلام - قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمّد بن عبد السميع الهاشمي الواسطي ، وأنّهاه في ذي الحجّة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيتُ خطّه له بالإجازة ، وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمّد بن إبراهيم الخبّاز الأزجي ، بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبد اللّه الحسين ابن عبد الملك بن الحسين الخلاّل ، بقراءة غيره عليه ، وهو يسمع ، في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمّد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم

ص: 89


1- هذا الحديث منقول من جزء فيه أحاديث وصل إلى العلاّمة المجلسي بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ( الجباعي ).

ابن محمّد بن عبد اللّه بن يزداد بن علي بن عبد اللّه الرازي ثمّ البخاري ببخارى ، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدّثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه عن آبائه بأسمائهم في كلّ سند إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ...

وبهذا الإسناد ، قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أعظم من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (1).

داود بن سليمان الغازي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : داود بن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني ، ذكره ابن نوح في رجاله ، له كتاب عن الرضا ( عليه السلام ) ... (2).

وذكره الطوسي ( ت 460 ه- ) في أصحاب الرضا ( عليه السلام ) ، وقال : داود ابن سليمان بن يونس بن أحمد الغازي ، أسند عنه ( عليه السلام ) ، روى عنه ابن مهرويه (3).

وذكره ابن داود ( ت 707 ه- ) في قسم الثقات من كتابه ، ونقل قول النجاشي (4).

وقال الكاظمي ( القرن الحادي عشر ) : ابن جعفر القزويني

ص: 90


1- البحار 10 : 366 ح 18 ، كتاب الاحتجاج.
2- رجال النجاشي : 161 [ 426 ] ، وانظر : جامع الرواة 1 : 304 ، مجمع الرجال 2 : 284 ، معجم رجال الحديث ، 8 : 113 [ 4407 ] ، منهج المقال : 135.
3- رجال الطوسي : 357 [ 5292 ] ، في أصحاب الرضا ( عليه السلام ).
4- رجال ابن داود : 90 [ 588 ] ، القسم الأوّل.

الممدوح (1) ، وعدّه في الحاوي في الضعفاء (2).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن نقل عبارة النجاشي - : وظاهره كونه إماميّاً ، واستظهر الوحيد من عبارة الجنابذي (3) كونه عاميّاً ، واستشهد لذلك بكون عادته وصل سنده إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، يعني أنّه يروي عن الرضا ( عليه السلام ) ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (4) وأنت خبير بأنّ مجرّد نقل الجنابذي كونه ممّن يروي عن الرضا ( عليه السلام ) لا يدلّ على كونه عاميّاً ، مع أنّ الموجود في عبارة الجنابذي كما تسمعها في ترجمة عبد اللّه بن العبّاس القزويني (5) إنّما هو سليمان بن داود لا داود بن سليمان ، فسهى قلم الوحيد ( رحمه اللّه ) في النسبة (6) ، وأمّا وصله السند إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فلا يدلّ على كونه عاميّاً ، إذ لعلّه لإلقاء الحجّة على الخصم ، وإلاّ فالعامّي

ص: 91


1- هداية المحدّثين : 199.
2- حاوي الأقوال 3 : 455 [ 1548 ].
3- انظر عبارة الجنابذي في كشف الغمّة 3 : 58 ، قال بعد أن ترجم للرضا ( عليه السلام ) روى عنه عبد السلام بن صالح الهروي ، وداود بن سليمان ، وعبداللّه بن العبّاس القزويني وطبقتهم.
4- منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : 135 ، ولكنّه قال بعده : مع احتمال كون حاله مثل حال عبد السلام بن صالح. وقال في ترجمة عبد السلام بن صالح الهروي أبو الصلت ( ص 193 ) - بعد أن نقل قول الجنابذي أيضاً - : ربّما يتوهّم كونه عاميّاً من أمثال هذا ، وذكرنا مراراً أنّ أمثال هؤلاء ظهر من الخارج تشيّعهم ، نعم ، يشعر بأنّه مخالط للعامّة وراو لأحاديثهم كما ذكره ( رحمه اللّه ) ، أي الاسترابادي.
5- تنقيح المقال 2 : 195 ، منهج المقال ( التعليقة ) : 204.
6- الموجود في كشف الغمّة داود بن سليمان ، وكذا في ترجمة عبد السلام بن صالح أبو الصلت في تعليقة الوحيد ( ص 193 ) ، فالظاهر أنّه ( رحمه اللّه ) سهى قلمه في ترجمة عبداللّه بن العبّاس القزويني ( ص 204 ) وقلب الاسم ، ولم يكن السهو منه في أنّ من ترجم له هو ما ذكره الجنابذي ، فتأمّل.

الذي لا يقول بإمامتهم لا يعتمد غالباً على روايتهم ( عليهم السلام ) أيضاً. وبالجملة : فلا يرفع اليد عن ظاهر كلام النجاشي الذي أصّلنا في الفائدة التاسعة عشرة دلالة عنوانه للرجل من دون غمز في مذهبه على كونه إماميّاً ، بمثل هذه الأوهام نعم ، لم يرد في الرجل ما يلحقه بالحسان نعم ، في المشتركات أنّه ممدوح ، انتهى (1).

ولكن المفيد ( ت 413 ه- ) قال في الإرشاد : فصل : فممّن روى النصّ على الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) بالإمامة من أبيه ، والإشارة إليه منه بذلك ، من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته : ... وداود ابن سليمان (2).

ثمّ روى عنه وقال : بهذا الإسناد ، عن محمّد بن علي ، عن أبي علي الخزّاز ، عن داود بن سيلمان ، قال : قلت لأبي إبراهيم ( عليه السلام ) : إنّي أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك ، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال : « ابني فلان » ، يعني أبا الحسن ( عليه السلام ) (3).

والظاهر أنّه نقلها من الكافي (4).

فقال التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في ترجمة داود بن سليمان بن جعفر أبي أحمد القزويني : ويحتمل أن يكون هذا هو الذي ذكره المفيد ( رحمه اللّه ) في إرشاده ، حيث قال : ... ، ونقل ما في كلام المفيد (5).

ص: 92


1- تنقيح المقال 1 : 410 ، وانظر : أعيان الشيعة 6 : 372.
2- إرشاد المفيد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد المجلّد 11 ) 2 : 248.
3- إرشاد المفيد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد المجلّد 11 ) 2 : 251.
4- الكافي 1 : 313 ح 8 ، كتاب الحجّة ، باب : الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ). وعن الكليني ، الطوسي في الغيبة : 4. وأيضاً أعلام الهدى 2 : 46.
5- نقد الرجال 2 : 213 [ 1882 ].

وعلّق عليه البهبهاني ( ت 1205 ه- ) بقوله : واحتمل في نقد الرجال كونه هو الذي وثّقه المفيد ، ولعلّه لا يخلو عن بعد ، فتأمّل (1).

ونقل الشيخ أبو علي ( ت 1216 ه- ) عن تعليقة البهبهاني ، قوله : إلاّ أنّ اتّحاد الذي وثّقه المفيد مع المذكور عن النجاشي محلّ نظر ، وإن احتمله فى النقد أيضاً (2). وهذه العبارة غير موجودة في التعليقة ، فلعلّها من كلام أبي علي نفسه.

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) في ترجمة القزويني في نهاية كلامه الذي أوردناه آنفاً : وأمّا احتمال كون الرجل هو الآتي الذي وثّقه المفيد ( رحمه اللّه ) ، فهو كما ترى ، فتدبّر.

ثمّ ترجم مباشرة لداود بن سليمان الذي ذكره المفيد ، وساق كلام المفيد وما رواه عنه في النصّ على الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، والرواية التي بعدها عن نصر بن قابوس ، ثمّ قال : فإنّ خبر داود نصّ في كونه إماميّاً ، وقال أيضاً : وعلى كل حال فوثاقة داود بن سليمان ينبغي الإذعان بها بشهادة المفيد ( رحمه اللّه ) ، واتّحاده مع سابقه غير بعيد ، واللّه العالم (3).

وعلّق في القاموس ، أقول : الأصل في روايته ، الكافي في النصّ عليه ( عليه السلام ) ، وقد نقل الجامع (4) خبر الكافي في داود بن سليمان الحمّار الكوفي لا القزويني.

فإن قيل : إنّ الحمّار لم ينقل روايته عن غير الصادق ( عليه السلام ).

قلت : القزويني أيضاً لم ينقل روايته عن غير الرضا ( عليه السلام ) أيضاً ، وهذا

ص: 93


1- تعليقة البهبهاني : 135.
2- منتهى المقال 3 : 201 ، وانظر : خاتمة المستدرك 7 : 358 [ 872 ].
3- تنقيح المقال 1 : 410.
4- جامع الرواة 1 : 304.

روى عن الكاظم ( عليه السلام ) (1).

وقال أيضاً في ترجمة داود بن سليمان الحمّار : بل يتّحد معه أيضاً داود ابن سليمان الآتي عن الإرشاد (2).

أقول : هذه الرواية التي رواها الكليني والمفيد ، رواها الصدوق في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبي علي الخزاز ، عن داود الرقي ، لا داود بن سليمان ، قال : نصّ آخر : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا محمّد ابن الحسن الصفّار ، قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن محمّد الحجال وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي علي الخزّاز ، عن داود الرقي ، قال : قلت لأبي إبراهيم - يعني موسى الكاظم ( عليه السلام ) - : فداك أبي ، إنّي كبرت وخفت أن يحدث بي حدث ولا ألقاك فأخبرني من الإمام من بعدك؟ فقال : « ابني علي ( عليه السلام ) » (3).

ولا يخفى أتمّية عبارة هذه الرواية ممّا موجود في الكافي ، ولكن الكافي مقدّم عند الكلّ ، فتأمّل.

وعلى كلّ ، قد دار الاحتمال بين ثلاثة :

فإمّا على كونه داود الرقي ، فلا يكون له علاقة بالمترجم له.

وإمّا على كونه الحمّار ، فإنّ في الرواية : « إنّي أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك » ، ويوضّح ذلك في الرواية الثانية - على فرض أنّهما رواية واحدة - فإنّ فيها : « إنّي كبرت وخفت أن يحدث بي حدث ولا ألقاك »

ص: 94


1- قاموس الرجال 4 : 244 [ 2729 ].
2- قاموس الرجال 4 : 243 [ 2727 ].
3- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 33 ح 8 ، الباب : (4).

فيظهر منه أنّه كان كبير السن ، وخاف الحدث في وقت سؤاله للإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وكبر سنّه يرجّح كونه قد صحب الإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل ذلك ، ثمّ صحب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وسأله عن الإمام بعده.

ومن خلال هذا يتّضح الأمر في الاحتمال الثالث وبُعد كونه الغازي القزويني ، خاصّة وقد عدّه صاحب الجامع الحمّار ، وهو خرّيت الصناعة.

وقد ترجم للغازي الرافعي ( ت 623 ه- ) في التدوين ، قال : داود بن سليمان بن يوسف الغازي أبو أحمد القزويني ، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، ويقال : إنّ علياً كان مستخفياً في داره مدّة مكثه بقزوين ، وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود ، كإسحاق بن محمّد ، وعلي بن محمّد بن مهروية ، وغيرهما ... (1).

وقال أيضا في ترجمة الرضا ( عليه السلام ) : قد اشتهر اجتياز علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) بقزوين ، ويقال : إنّه كان مستخفياً في دار داود بن سليمان الغازي ، روى عنه النسخة المعروفة ، روى عنه إسحاق بن محمّد ، وعلي ابن محمّد بن مهرويه ، وغيرهما (2).

وقد ضعّفه العامّة وكذّبه الذهبي ، كما ذكر ذلك صاحب الأعيان ، وأجاب عليه : ويظهر ممّا مرّ أنّ تكذيب الذهبي له المعلوم حاله ، إنّما هو لروايته من الفضائل ما لا تقبله عقولهم ، مع أنّه ليس فيما نقلوه من الروايات عنه نكارة ، ولا ما يوجب الجزم بكذبه. وقول ابن حجر عن بعضها : إنّه ركيك اللفظ ، لعلّه من هذا القبيل ، والأحاديث لم تنقل لبيان الفصاحة والبلاغة ، ولو جاءت هذه الأحاديث لبيان ما يوافق الهوى لم

ص: 95


1- 1 - التدوين في أخبار قزوين 3 : 3
2- التدوين في أخبار قزوين 3 : 428.

يلتفت إلى أنّها ركيكة أو قويّة (1).

وعلى كلّ حال فالرجل مسكوت عنه في كتبنا لم يذكر بمدح أو قدح ، سوى أنّه من أصحاب الرضا ( عليه السلام ).

مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية داود بن سليمان الغازي :

ذكر النجاشي ( ت 450 ه- ) أنّ له كتاباً ، قال : له كتاب عن الرضا ( عليه السلام ) ، أخبرني محمّد بن جعفر النحوي ، قال : حدَّثنا الحسين بن محمّد الفرزدق القطعي ، قال : حدَّثنا أبو حمزة بن سليمان ، قال : نزل أخي داود بن سليمان ، وذكر النسخة (2).

وقد مرّ عن رجال الطوسي أنّه أسند عن الرضا ( عليه السلام ) ، وروى عنه ابن مهرويه (3).

وهناك نسخة مطبوعة برواية ابن مهرويه ، حققّها السيّد محمّد جواد الجلالي ، وقدّم لها السيّد محمّد حسين الجلاّلي مقدّمة ضافية ترجم فيها للغازي القزويني ، وذكر عدّة طرق للنسخة ، وطريقه إليها أيضاً ، ومواصفات وسند النسخة المعتمدة الموجودة في مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي بقم برقم ( 5358 ) (4).

ص: 96


1- أعيان الشيعة 6 : 373.
2- رجال النجاشي : 161 [ 426 ].
3- رجال الطوسي : 357 [ 5292 ].
4- انظر مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية داود بن سليمان الغازي ، تحقيق السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي ، المقدّمة التي كتبها السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي للكتاب.

أمّا النسخة التي أوردنا منها حديث الثقلين ، فهي جزء فيه أحاديث بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ( الجباعي ) وصلت إلى العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) ، وأوردها في البحار ، قال : وجدت بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي نقلاً عن خطّ الشيخ الشهيد محمّد بن مكي ( قدس سرهما ) ما هذه صورته :

يروي السيّد الفقيه الأديب النسّابة شمس الدين أبو علي فخار بن معد ، جزءاً فيه أحاديث مسندة ، عن علي بن موسى الرضا الإمام المعصوم عليه الصلاة والسلام ، قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمّد ابن عبد السميع الهاشمي الواسطي ، وأنهاه في ذي الحجّة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيت خطّه له بالإجازة ، وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمّد بن إبراهيم الخبّاز الأزجي ، بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبد اللّه الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلاّل ، بقراءة غيره عليه ، وهو يسمع ، في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمّد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن يزداد بن علي بن عبد اللّه الرازي ثمّ البخاري ببخارى ، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدَّثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) بأسمائهم في كلّ سند إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) « الإيمان إقرار باللسان ، ومعرفة بالقلب ، وعمل بالأركان ».

ص: 97

قال علي بن مهرويه : قال أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي : قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق ، قال الشيخ أبو إسحاق : سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، يقول : كنت مع أبي بالشام ، فرأيت رجلا مصروعاً ، فذكرت هذا الإسناد ، فقلت : أُجرب هذا ، فقرأت عليه هذا الإسناد ، فقام الرجل ينفض ثيابه ، ومرّ ... (1).

ص: 98


1- البحار 10 : 366.

(6) أصل ( كتاب ) محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ( القرن الثالث )

الحديث :

حدَّثنا الشيخ أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري - أيّده اللّه - قال : حدَّثنا محمّد بن همام ، قال : حدَّثنا حميد بن زياد الدهقان ، قال : حدَّثنا أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز (1) :

قال : حدَّثنا محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي ... ، ثمّ أورد عدّة روايات (2) ، ثمّ بعده :

جعفر بن محمّد ، عن ذريح ، قال : حدَّثني عمر بن حنظلة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « إنّ رسول اللّه مرّ على قبر قيس بن فهد الأنصاري ...

قال : وقال : « نحن ورثة الأنبياء ».

قال : « وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : تركت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي ، فنحن أهل بيته » (3).

ص: 99


1- إلى هنا سند رواية أصل الحضرمي ، بطريق هارون بن موسى التلعكبري.
2- الأُصول الستّة عشر : 83 ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.
3- الأُصول الستّة عشر : 87 - 88 ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.
محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن مثنى بن القاسم ، كوفي ، ثقة له كتاب (1).

وقال العلاّمة ( ت 726 ه- ) : محمّد بن مثنى بن القاسم ، كوفي ثقة (2). ومثله ابن داود ( ت 707 ه- ) ، ورمز له : لم ( جش ) (3) ، أيّ رجال الشيخ فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، والنجاشي.

ولكن الشيخ ( ت 460 ه- ) في الفهرست عنونه : محمّد بن القاسم بن المثنى ، له كتاب (4) ، ولم يذكره في رجاله بأيّ من العنوانين.

وعلّق على ذلك التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في النقد بقوله : ويحتمل أن يكون هذا والذي سيجيء بعنوان : محمّد بن المثنى بن القاسم واحد (5) ، ونقله البهبهاني في التعليقة ، وأضاف : وهو الظاهر بقرينة الرواة (6).

فإنّ طريق النجاشي للكتاب نفس طريق الطوسي ، كما سيأتي.

وأضاف أبو علي الحائري ( ت 1216 ه- ) : ويؤيّده عدم وجود ابن القاسم بن المثنى في غير الفهرست ، ويعضده وجود مثنى بن القاسم دون القاسم بن المثنى ، فتدبّر (7).

ص: 100


1- رجال النجاشي : 371 [ 1012 ].
2- خلاصة الأقوال : 264 [ 941 ] ، القسم الأوّل ، وانظر : حاوي الأقوال 2 : 276 [ 640 ] ، منتهى المقال 6 : 175 [ 2848 ].
3- رجال ابن داود : 182 [ 1491 ] ، القسم الأوّل ، وانظر : معالم العلماء : 109 [ 734 ] ، وعنونه : محمّد بن القاسم المثنى ، والبلغة : 414.
4- فهرست الطوسي : 431 [ 675 ].
5- نقد الرجال 4 : 301 [ 5013 ] ، وانظر : تنقيح المقال 3 : 175 [ 11269 ].
6- منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : 316.
7- منتهى المقال 6 : 163 [ 2829 ].

أقول : إنّ المثنى بن القاسم الحضرمي يوجد عند النجاشي والطوسي ، وعدّه الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) (1) ، بينما القاسم بن المثنى لم يرد ذكره في أيّ من كتب الرجال.

وقد تأمّل المامقاني ( ت 1351 ه- ) في اتّحادهما (2).

وعلّق عليه التستري ( ت 1415 ه- ) في القاموس : أقول : يقرّب اتّحادهما أنّ فهرست الشيخ والنجاشي موضوعهما واحد ، واقتصر الفهرست على هذا والنجاشي على ذاك ، وروى كتاب ذاك ككتاب هذا ( حميد ، عن أحمد ، عنه ) ، والتقديم والتأخير في أسماء النسب يقع كثيراً ، ويأتي أَصَحّيّة ذاك (3).

وقال أيضاً تحت عنوان محمّد بن المثنى بن القاسم : أقول : وبدّله الشيخ في الفهرست بما مرّ من ( محمّد بن القاسم بن المثنى ) ، فطريق كلّ منهما إلى كتابه ( حميد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه ) ، والصواب ما هنا ، فمن الأُصول الأربعمائة - ولقد وقفت على أربعة عشر منها في مكتبة المحدّث الجزائري - أصل ( محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ) ، وأكثر أخباره : عن جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي ، عن ذريح المحاربي ، عن الصادق ( عليه السلام ) (4) ، وكذلك أصل جعفر بن محمّد بن شريح ، فيه : محمّد بن المثنى بن القاسم ، قال : حدَّثنا جعفر (5) (6).

ص: 101


1- رجال النجاشي : 414 [ 1104 ] ، فهرست الطوسي : 468 [ 748 ] ، رجال الطوسي : 305 [ 4496 ].
2- تنقيح المقال 3 : 175.
3- قاموس الرجال 9 : 525 [ 7184 ].
4- انظر الأُصول الستّة عشر : 83 ، فما بعده.
5- انظر الأُصول الستّة عشر : 60.
6- قاموس الرجال 9 : 543 [ 7219 ].

أقول : وهذا هو الأقرب ، لما مرّ من انفراد الفهرست بذكره ، ولروايته عن أبيه ( المثنى بن القاسم ) كما في الكافي (1) ، مع عدم ذكر القاسم بن المثنى في كتب الرجال ، وإنّما الموجود مثنى بن القاسم ، كما مرّ ، ولوحدة الطريق في النجاشي والفهرست.

وبقي هناك شيء وهو : إنّ التفرشي بعد أن ذكر محمّد بن المثنى بن القاسم بأنّه كوفي ثقة ، عنون بعده : محمّد بن المثنى الأزدي الكوفي ، من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ، نقله عن رجال الشيخ (2) ، ثمّ قال : وكأنّهما واحد (3) ).

وأضاف التستري ( ت 1415 ه- ) : أنّه لا مانع من اتّحادهما إلاّ اختلاف اللقب بينهما ، فأحدهما حضرمي والآخر أزدي (4).

أقول : ويمنع من ذلك أيضاً أنّ الشيخ نصّ على أنّ الأزدي من رجال الصادق ( عليه السلام ) (5) ، بينما الحضرمي ينقل عن الصادق ( عليه السلام ) بواسطتين (6) ، وأنّ أباه كان من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) (7).

وقال الأردبيلي ( ت 1101 ه- ) في جامع الرواة تحت عنوان محمّد ابن مثنى الأزدي : الحسين بن سيف ، عن أخيه ، عن أبيه ، عن محمّد بن المثنى ، عن رجل من بني نوفل بن عبد المطّلب ، عن أبي جعفر محمّد بن

ص: 102


1- الكافي 2 : 72 ح 2 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب : الاعتراف بالتقصير ، وانظر : معجم رجال الحديث 18 : 193 [ 11691 ] ، و 194 [ 11694 ].
2- رجال الطوسي : 295 [ 433 ] ، أصحاب الصادق ( عليه السلام ).
3- نقد الرجال 4 : 311 [ 5039 ] ، ويظهر من المحقّق أنّه لم يفرد الأزدي برقم خاص.
4- قاموس الرجال 9 : 543 [ 7219 ].
5- رجال الطوسي : 295 [ 433 ].
6- الأُصول الستّة عشر : 83 ح 1 ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.
7- رجال الطوسي : 305 [ 4496 ].

علي ( عليهما السلام ) ، في كتاب الروضة أي من الكافي (1) (2).

ولكن قال المامقاني ( ت 1351 ه- ) في التنقيح : ولم أفهم من أين تعيّن عنده أنّ محمّد بن المثنى فيه هو الأزدي ، فلعلّه الآتي ( يقصد محمّد ابن المثنى الحضرمي ) ، لكنّه لمهارته في الفنّ وخبرته يعتمد على قوله (3).

أقول : تعيّن ذلك ; لأنّه يروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) بواسطة واحدة ، فيكون هو الأزدي الذي هو من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، بينما الحضرمي يروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) بثلاثة وسائط (4) ، وأنّ أباه كان من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).

ومن هذا يظهر خطأ العلاّمة النوري ( ت 1320 ه- ) عندما ذكر أنَّ سيف بن عميرة يروي عن محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ، كما في روضة الكافي (5).

أصل ( كتاب ) محمّد بن المثنى الحضرمي :

ذكر النجاشي ( ت 450 ه- ) طريقه إليه ، فقال : له كتاب ، أخبرنا الحسين ، قال : حدَّثنا أحمد بن جعفر ، قال : حدَّثنا حُميد ، قال : حدَّثنا أحمد ، عن محمّد بن المثنى بكتابه (6).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) عند ذكر طريقه إليه : ... له كتاب ،

ص: 103


1- الكافي 8 : 303 ، الروضة ، بعد حديث أبي ذر.
2- جامع الرواة 2 : 178.
3- تنقيح المقال 3 : 178 [ 11311 ].
4- الأُصول الستّة عشر : 87 ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي ، وهو الحديث الذي أوردناه في المتن.
5- خاتمة المستدرك 1 : 77 ، الفائدة الثانية.
6- رجال النجاشي : 371 [ 1012 ] ، وانظر : معالم العلماء : 109 [ 734 ].

رويناه بهذا الإسناد ، عن حُميد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه (1) ، ومراده بهذا الإسناد : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل ، عن حُميد ... (2).

والظاهر من طريقيهما أنّه واحد : عن حُميد ، عن أحمد ، عنه (3).

وقال النوري ( ت 1320 ه- ) : فيه أبو المفضّل ، عن حميد ، في الفهرست (4).

وقال السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) : فطريق الشيخ إليه ضعيف بأبي المفضّل (5).

ووصلت نسخة من هذا الأصل إلى العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) ، قال في أوّل البحار : مع أنّا أخذناهما ( أصل النرسي وزيد الزرّاد ) من نسخة قديمة مصحّحة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي ، وهو نقله من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذهما وسائر الأُصول المذكورة بعد ذلك ( الاثنا عشر أصل الباقية ، ومنها أصل محمّد بن المثنى الحضرمي ، كما سيصرّح به بعد ذلك ) من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري ( رحمه اللّه ) (6).

ثمّ قال : وكتاب محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي وثّق النجاشي مؤلّفه ، وذكر طريقه إليه.

ص: 104


1- فهرست الطوسي : 431 [ 675 ].
2- فهرست الطوسي : 427 [ 665 ].
3- انظر : قاموس الرجال 9 : 543 [ 7219 ] ، معجم رجال الحديث 18 : 169 [ 11628 ] ، منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : 316 ، الهامش.
4- خاتمة المستدرك 6 : 299 [ 659 ].
5- معجم رجال الحديث 18 : 169 [ 11628 ].
6- البحار 1 : 43 ، توثيق المصادر.

وفي النسخة القديمة المتقدّمة أُورد سنده ، هكذا : حدَّثنا الشيخ هارون بن موسى التلعكبري ، عن محمّد بن همام ، عن حُميد بن زياد ، عن أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز ، عن محمّد بن المثنى .. (1).

وصرّح الشيخ النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمته بأنّه وقف على نفس نسخة المجلسي ، وذكر ما ذكره المجلسي عنها (2).

ثمّ قال بخصوص أصل محمّد بن المثنى الحضرمي - بعد أن ذكر طريق النجاشي إليه - : وبملاحظة ما ذكرنا لا ريب في اعتبار الكتاب والاعتماد عليه ، وذكر في آخر الكتاب حديثين من غير توسّط محمّد ، ووصف فيه أحمد ، هكذا : بالإسناد إلى حُميد بن زياد ، عن أبي جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز ، ينزل في طاق [ زهير ] ، ولقيه بزيع ، قال : حدَّثني علي بن عبيد اللّه ... إلى آخره (3).

وفي المطبوع قبل هذين الحديثين ، هكذا : ( صورة ما كان في المستنسخة ) هذا آخر حديث محمّد بن المثنى الحضرمي ، ويتلوه حديث محمّد بن جعفر القرشي ، بلغ النسخة مقابلة مع النسخة المكتوب منها ، وفيها بلغ مقابلة مع نسخة الأصل ، ثمّ كان سطراً خالياً من السواد والكتاب بياضاً ، ثمّ بعده الحديثين السابقين ، ثمّ حديث جعفر بن محمّد القرشي (4).

وذكر الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة بأنّه من الأُصول الباقية على هيئتها الأوّليّة (5).

ص: 105


1- البحار 1 : 44 ، توثيق المصادر ، وقد مرّ هذا السند في المتن.
2- خاتمة المستدرك 1 : 38.
3- خاتمة المستدرك 1 : 77 ، وذكر هنا أنّ سيف بن عميرة يروي عنه ، وهو غير صحيح ، وقد نبّهنا على ذلك سابقاً في المتن ، فراجع.
4- الأُصول الستّة عشر : 93.
5- الذريعة 6 : 364 [ 2247 ].

ص: 106

مؤلّفات الفضل بن شاذان الأزدي ( ت 260 ه- )

(7) كتاب : الإيضاح
الحديث :

في ردّه على ادّعاء العامّة أنّ زيد بن ثابت ، قال في امرأة تركت زوجها وأمّها وأختها لأبيها وأمّها : للزوج النصف ثلاثة أسهم ... ، قلنا : ... فيامن لا يعرف ثلثاً من نصف ، ولا يعرف سدساً من سبع ، ولا ثمناً من تسع ، ثمّ صار يدّعي الفقه والحكومة فيه ، ألا يدع الفقه والعلم لأهله؟ ومن يقول في الحكم بقول اللّه وقول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )؟ وأنتم تروون عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أنّه قال : « قد خلّفتُ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تظلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّ اللطيف الخبير أنبأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

وقد أخبركم أنّ العترة مع الكتاب والكتاب معهم لا يفترقان إلى يوم القيامة ، فتركتم حكم العترة والكتاب واقتديتم بسواهما ، فلا يبعد اللّه إلاّ من ظلم (1).

الفضل بن شاذان النيسابوري ( ت 260 ه- ) :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : الفضل بن شاذان بن الخليل ، أبو محمّد

ص: 107


1- الإيضاح : 334.

الأزدي النيشابوري ، كان أبوه من أصحاب يونس ، وروى عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، وقيل عن الرضا ( عليه السلام ) ، وكان ثقة ، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين ، وله جلالة في هذه الطائفة ، وهو في قدره أشهر من أن نصفه (1).

وقال الشيخ ( ت 460 ه- ) : الفضل بن شاذان النيشابوري ، متكلّم فقيه جليل القدر (2).

وذكره في رجاله في أصحاب الإمام الهادي ( عليه السلام ) (3) ، والإمام العسكري ( عليه السلام ) (4).

وذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) في القسم الأوّل من الخلاصة ، وقال : كان أبوه من أصحاب يونس ، وروى عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، وقيل عن الرضا ( عليه السلام ) أيضاً ، وكان ثقة جليلا فقيهاً متكلّماً ، له عظم شأن في هذه الطائفة.

قيل : إنّه صنّف مائة وثمانين كتاباً ، وترحّم عليه أبو محمّد ( عليه السلام ) مرّتين ، وروي ثلاثاً ولاءً.

ونقل الكشّي عن الأئمّة ( عليهم السلام ) مدحه ، ثمّ ذكر ما ينافيه ، وقد أجبنا عنه في كتابنا الكبير ، وهذا الشيخ أجلّ من أن يغمز عليه ، فإنّه رئيس طائفتنا ( رضي اللّه عنه ) (5).

وقريب منه ما ذكره ابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله (6).

ص: 108


1- رجال النجاشي : 306 [ 840 ].
2- فهرست الطوسي : 361 [ 564 ].
3- رجال الطوسي : 390 [ 5740 ] ، أصحاب علي بن محمّد الهادي ( عليه السلام ).
4- رجال الطوسي : 401 [ 5881 ] ، أصحاب الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ).
5- خلاصة الأقوال : 229 [ 769 ] ، القسم الأوّل.
6- رجال ابن داود : 151 [ 1200 ] ، القسم الأوّل. وانظر : معالم العلماء : 90 [ 627 ] ، منتهى المقال 5 : 167 [ 2282 ] ، نقد الرجال 4 : 21 [ 4114 ] ، بلغة المحدّثين : 393.

وأشار العلاّمة بكلامه الأخير إلى ما رواه الكشّي في مدحه ، ومنها الرواية في ترحّم الإمام ( عليه السلام ) عليه ، وما أورده أيضاً من روايتين يفهم منها قدحه (1) ، ولكن أجاب عليهما كلّ من ترجم له كما رأيت ذلك من العلاّمة نفسه ، ولم نر حاجة إلى نقلهما والإجابة عليهما ، وإنّما نحيل ذلك إلى كتب الرجال (2).

كتاب الإيضاح :

لم يذكر النجاشي ( ت 450 ه- ) والطوسي ( ت 460 ه- ) وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) هذا الكتاب ضمن كتب ابن شاذان.

وقال المحدّث الأرموي في مقدّمته التحقيقيّة على الكتاب : ليس في الكتاب إيماء وإشارة إلى أنّ اسمه ( الإيضاح ) فضلا عن التصريح به (3).

ولكن ذكره ابن الفوطي ( 723 ه- ) في التلخيص ، قال : علم الدين الفضل بن شاذان بن الخليل النيشابوري الفقيه ، كان من الفقهاء العلماء ، وله كتاب الإيضاح في الإمامة (4) ، وعلّق عليه الأرموي أقول : يؤخذ من عبارة ابن الفوطي ... ، وأنّ الإيضاح قد كان من أشهر مؤلّفاته (5).

ص: 109


1- رجال الكشّي : 537 ح 1023 - 1029.
2- انظر : حاوي الأقوال 2 : 161 [ 514 ] ، تنقيح المقال 2 : 9 ، من أبواب الفاء ، قاموس الرجال 8 : 406 [ 5910 ] ، معجم رجال الحديث 14 : 309 [ 9374 ] ، مقدّمة المحدّث الأرموي على كتاب الإيضاح.
3- الإيضاح : پنجاه وچهار ( أي أربع وخمسون ) ، مقدّمة المصحّح ، مطالب مهمّة ، رقم (3).
4- مجمع الآداب في معجم الألقاب1 : 543 [ 888 ].
5- الإيضاح : الصفحة الأخيرة المستدركة / استدراك.

نعم ، ذكر الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست أنّ له كتاباً جمع فيه مسائل متفرّقة للشافعي وأبي ثور والإصفهاني وغيرهم ، سمّاه تلميذه علي ابن محمّد بن قتيبة كتاب الديباج (1) ، ونسبه إليه ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) أيضاً (2).

وقال الأرموي : ويحتمل أن يكون ( الديباج ) المذكور في فهرست الشيخ ضمن كتب الفضل مصحّف كلمة الإيضاح ، كما أشرنا إلى ذلك تفصيلا فيما سبق من المقدّمة ( انظر ص 11 - 13 ) (3).

وقد ذكر هناك ما تعريبه : أنّ عبارة الشيخ في الفهرست تنطبق على الإيضاح ، وأنّ كلمة ( الديباج ) قريبة من ( الإيضاح ) بعدد الحروف والشكل ، فمن المحتمل أن تكون مصحّفة عن كلمة ( الإيضاح ) في فهرست الشيخ ، حيث أنّ عنوان الإيضاح مناسب لمضمون الكتاب بعكس ( الديباج ) (4).

وقد قال الأرموي في تتمّة كلامه الأوّل : وما وجد من النسخ ، ففي كلّها عرف الكتاب بذلك الاسم ، ومن ثُمّ صرّح كلّ من نقل عن الكتاب شيئاً ، أو أشار إلى تعريفه وذكر اسمه عرّفه باسم ( الإيضاح ) ، فحينئذ لا يبقى شكّ في كونه موسوماً بذلك ومعروفاً به ، وإنّما يبقى الإبهام في أنّ هذا الاسم هل هو اسم تعييني بمعنى أنّ مصنّفه ( رحمه اللّه ) سمّاه به؟ أو اسم تعيّني بمعنى أنّ المصنّف ( رحمه اللّه ) لم يسمّه بهذا الاسم ، لكن المستفيدين منه لمّا رأوا أنّ مصنّفه أوضح فيه سبيل الحقّ فسمّوه بذلك وعرّفوه به؟ وعلى الاحتمال الأوّل يكون عدم ذكر علماء الرجال اسم الكتاب في كتبهم ضمن ذكرهم

ص: 110


1- فهرست الطوسي : 361 [ 564 ].
2- معالم العلماء : 90 [ 627 ].
3- الإيضاح : پنجاه وپنج ( أي : خمس وخمسون ) ، مقدّمة المصحّح.
4- الإيضاح : دوازده ( أي : اثنى عشر ) ، مقدّمة المصحّح ، هنا ملّخص ما ذكره بالفارسيّة.

أسامي كتب الفضل لعدم وصول الكتاب إليهم وعدم اطّلاعهم عليه ، كما صرّح الشيخ والنجاشي ( رحمهما اللّه ) بأنّ للفضل كتباً أُخر غير ما ذكراها (1).

أقول : إنّ ما ذكره الأرموي من انطباق محتوى كتاب ( الديباج ) على ( الإيضاح ) فيه كلام ، فإنّ المسائل التي ذكرها الطوسي والتي جمعها الفضل في الديباج لا تشكّل إلاّ جزءاً صغيراً من الإيضاح ، بل إنّها مطمورة في ثناياه ، مع أنّ ظاهر كلام الشيخ أنّ كلّ الكتاب هو في هذه المسائل ، ومن البعيد أن يصف الكلّ بالجزء ، فإنّه علاوة على كونه جزءاً غير مميّز في الكتاب ، هو غير متعارف في مثل هكذا موضع ، وموضوع الإيضاح الكلّي هو في الردّ على العامّة وذكر شناعاتهم ، فكان من المناسب للشيخ - لو كان يقصد الإيضاح - أن يذكر محتواه وموضوعه الرئيسي الكلّي.

ويُبعد هذا أكثر ذكر ابن الفوطي للكتاب باسمه المعروف الآن.

وأمّا ما ذكره من تصريح العلماء الناقلين منه ، فإنّ الذين نقلوا منه من المتأخّرين ، كما أشار الأرموي إليهم في هوامشه.

وقد ذكر المحقّق الأرموي أنّه حصل على سبع نسخ ، إحداها كانت خاصّة به ، ذكر أنّه جعلها نسخة الأصل ; لأنّه استظهر أنّ الأُخريات استنسخن منها ، مع ما بها من الاختلاف عن بقيّة النسخ ، ولم يذكر لها تاريخ فهي ناقصة الآخر ، ورمز لها ب- ( م ) (2) ، وثلاث منها استنسخن على نسخة كتبت بتاريخ ( صفر 990 ه- ) ، ويشتركن مع اثنتين أخرَيَين في العبارة والسقوطات ، إحداهما متأخّرة التاريخ ( 1118 ) ، فكأنّهن نسخن من نسخة واحدة (3).

ص: 111


1- الإيضاح : پنجاه وچهار ( أي : أربع وخمسون ) ، مقدّمة المصحّح.
2- الإيضاح : شصت وهشت ( أي : ثمان وستّون ) ، مقدّمة المصحّح.
3- الإيضاح : شصت وسه ( أي : ثلاث وستّون ) ، مقدّمة المصحّح ، و 503 ، خاتمة الكتاب ، وعبارات أواخر النسخ. وانظر : الذريعة 2 : 490 [ 1926 ] ، وما ذكره من وجود مخطوطات أُخرى للكتاب في مكتبات تركيا غير صحيح ، نبّه عليه الأرموي في مقدّمته صفحة : جهل وسه ( أي : ثلاث وأربعين ).

وأمّا النسخة الأخيرة الأقدم ، فقد كتبت في ( سنة 1072 ه- ) على نسخة كتبت بتاريخ ( 605 ه- ) كما هو مسطور في آخرها ، ولكن هذه النسخة الموجودة في المكتبة الرضويّة ساقطة الأوّل ، أي لا يعلم اسم الكتاب واسم مؤلّفه منها (1) ، هذا أوّلا.

وثانياً : الظاهر أنّه لم ينقل أحد عن كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان قبل تاريخ النسخة المؤرّخة ب- ( 990 ه- ) التي ذكرنا أنّ النسخ السّت الباقية تعود إليها (2).

ففي الحقيقة وصل إلينا نسختان. إحداها بتاريخ ( 990 ه- ) ، وقد ذُكر فيها اسم الكتاب واسم المؤلّف ، كما ذكره الأرموي ، وقال : إنّه مذكور في أوّل جميع النسخ السّت ، والأُخرى النسخة المؤرّخة سنة ( 605 ه- ) وهي ساقطة الأوّل ، فليس فيها العنوان ولا اسم المؤلّف.

وثالثاً : ذكر الأرموي التقارب في الطرح والمضمون بين كتاب الإيضاح وكتاب المسترشد للطبري الكبير ( القرن الرابع ) ، وأبرزه واضحاً في هوامشه التحقيقيّة على كتاب الإيضاح ، ولكنّه توقّف في تفسير هذا التشابه والتقارب (3) ، ولنا أنّ نذكر أن للطبري كتاباً يسمّى الإيضاح ذكره أصحاب التراجم (4).

فمن ملاحظة ما مضى ، واستبعاد غفلة النجاشي والطوسي وابن

ص: 112


1- الإيضاح : شصت ودو ( أي : اثنين وستّين ) ، مقدّمة المصحّح ، و 503 ، خاتمة الكتاب.
2- انظر ما نقله المحدّث الأرموي في مقدّمته عمّن نقل عن الكتاب.
3- الإيضاح : پنجاه وسه ( أي : ثلاث وخمسين ) ، مطالب مهمّة ، رقم (1).
4- انظر الذريعة 2 : 489 [ 1924 ] ، مجالس المؤمنين 1 : 98 ، 99.

شهرآشوب ومن بعدهم عن ذكر مثل هذا الكتاب المهمّ ( الإيضاح ) ضمن كتب الفضل بن شاذان ، يحقّ لنا أن لا نوافق على ما قطع به المحقّق الأرموي من اسم الكتاب واسم مؤلّفه ( الفضل بن شاذان ) (1).

أو الأقرب أنّا قد نوافقه على اسم الكتاب وهو ( الإيضاح ) ، ولكن تبقى نسبته إلى الفضل بن شاذان فيها بعد ، فهل يكفي ما ذكره ابن الفوطي وحده في نسبة الكتاب إليه؟ وهل الواصل إلينا هو نفس الكتاب المنسوب للفضل؟ خاصّة إذا عرفنا أنّ الفضل كان معاصراً لإمامين ( عليهما السلام ) على الأقلّ ، ولأربعة أئمّة ( عليهم السلام ) على قول ، مع أنّ ( الإيضاح ) خال ولو من إشارة إلى أنّ مؤلّفه كان معاصراً لأحد الأئمّة ( عليهم السلام ) ، ولو من خلال ثنايا التعبير ومفهوم الكلام.

فلعلّ الكتاب هو كتاب الإيضاح للطبري الكبير صاحب المسترشد ، نظراً إلى وجود التقارب في المحتوى بنسبة كبيرة بين الكتابين.

والموضوع برمّته يحتاج إلى تحقيق وتتبّع لمن نقل عن الطبري أو ابن شاذان ، فلعلّنا نعثر على مورد نقل من الكتاب منسوب لأحدهما قبل تاريخ ( 990 ه- ) ، ولم يكن لي متّسع من الوقت لكي أُطابق ما نقله التستري في مجالس المؤمنين عن إيضاح الطبري مع الإيضاح المنسوب للفضل بن شاذان.

ولكن بعد مدّة ، وأنا أحقّق حول كتاب المائة منقبة لمحمّد بن أحمد ابن علي القمّي المعروف بابن شاذان ، وهل أنّ كتابه المائة منقبة متّحد مع كتابه الآخر إيضاح دفائن النواصب؟ كما قاله الكراجكي أو لا؟ كما قاله المتأخّرون من المحقّقيين ، عثرت على حاشية الميرزا يحيى بن محمّد شفيع على خاتمة مستدرك الوسائل بخصوص هذا الموضوع ، وقال فيها :

ص: 113


1- الإيضاح : پنجاه وچهار ( أي أربع وخمسون ) ، مطالب مهمّة رقم (3).

إنّه طلب نسخة من كتاب إيضاح دفائن النواصب لابن شاذان القمّي من بعض العلماء ، ونقل أوّل الكتاب وآخره ، وهما ينطبقان تماماً على أوّل وآخر كتاب الإيضاح المنسوب لابن شاذان النيشابوري (1) ، فانقدح في ذهني هل أنّ الإيضاح هو للنيسابوري؟ كما حقّقه الأرموي ، أو للقمّي؟ كما ذكره الميرزا يحيى بن محمّد شفيع ، مع العلم أنّ أصحاب التراجم ذكروا أنّ للقمّي كتاب الإيضاح ولم يدرجوه في كتب النيشابوري ، فلعلّ الاشتباه جاء من اتّحادهما في الكنية ( ابن شاذان ) ، واللّه أعلم ، والأمر كلّه يحتاج إلى تحقيق أدقّ.

ص: 114


1- خاتمة المستدرك 3 : 140 ، هامش (2). وانظر : في ما ذكرناه حول كتاب المائة منقبة لابن شاذان القمّي ، وسيأتي.
(8) كتاب : إثبات الرجعة
اشارة

(8) كتاب : إثبات الرجعة (1)

الحديث :

الأوّل : قال المير لوحي في كفاية المهتدي : قال أبو محمّد بن شاذان - أسكنه اللّه في أعلى درجات الجنان - : حدّثنا محمّد بن أبي عمير ( رضي اللّه عنه ) ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهم السلام ) ، قال : سُئل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن معنى قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » ، من العترة؟

فقال : « أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم ، لا يفارقون كتاب اللّه عزّ وجلّ ، ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول اللّه حوضه » (2).

تنبيه : ورد هذا الحديث أيضاً في ( مختصر إثبات الرجعة ) (3) ،

ص: 115


1- كتاب إثبات الرجعة للفضل بن شاذان مفقود ، ولكن وقعت منه نسخة بيد مؤلّف كتاب ( كفاية المهتدي في أخبار المهدي ) للسيّد مير لوحي الإصفهاني المعاصر للمجلسي صاحب البحار ، وقد نقل في كتابه هذا الكثير من روايات الفضل بن شاذان في إثبات الرجعة ، وما ذكرناه هنا من موارد حديث الثقلين عنه إنّما هو منقول عن ( كفاية المهتدي ) هذا.
2- گزيده ( أي : خلاصة ) كفاية المهتدي : 91 ، الحديث السادس عشر.
3- 3 - مختصر إثبات الرجعة : 33 ح 6 ، وانظر : مجلّة تراثنا (15) : 448 ح 6 ، وهذا المختصر كتبه بعض العلماء لمّا وجده من روايات إثبات الرجعة ، وقد كانت نسخة منه عند الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) بثّ روايته في كتبه ، ولكن سيأتي عند الكلام عن كتاب ( إثبات الرجعة ) أنّ هذا المختصر أُخذ من روايات الفضل بن شاذان في إثبات الرجعة المبثوثة في كتاب كفاية المهتدي للمير لوحي ، وعن المختصر في إثبات الهداة 1 : 651 ح 812، فصل ( 60 ).

- وسيأتي الكلام عنه - ورواه الصدوق في كمال الدين ، وسيأتي (1).

الثاني : قال المير لوحي في كفاية المهتدي : قال الشيخ السعيد أبو محمّد بن شاذان - عليه الرحمة والغفران - : حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدّثنا عاصم بن حميد ، قال : حدّثنا أبو حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد اللّه بن العبّاس ، قال : حججنا مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حجّة الوداع ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وأقبل بوجهه علينا ، فقال : « معاشر الناس ، ألا أُخبركم بأشراط الساعة »؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه!

قال : « من أشراط الساعة : إضاعة الصلوات ، واتّباع الشهوات ... إلى أن قال : ثمّ تطلع الشمس من مغربها.

معاشر الناس ، إنّي راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب ، فأودّعكم وأوصيكم بوصيّة فاحفظوها : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً.

معاشر الناس ، إنّي منذر ، وعلي هاد ، والعاقبة للمتّقين ، والحمد لله ربّ العالمين » (2).

ص: 116


1- انظر : ما سنذكره عن كمال الدين للصدوق ، الحديث الرابع والعشرون.
2- گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 319. وعنه العلاّمة النوري ( ت 1320 ه- ) في مستدرك الوسائل 11 : 372 ح 11، ولكنّه قال : إنّه نقله من كتاب الغيبة للفضل ابن شاذان وقد ذكر أنّ كلّ ما يذكره من كتاب الغيبة مأخوذ من كتاب ( كفاية المهتدي ) للمير لوحي ، وسيأتي الكلام مفصّلاً عن ذلك.
كتاب إثبات الرجعة :

ذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) (1) والطوسي ( ت 460 ه- ) (2) ضمن كتب الفضل بن شاذان ، وذكرا طريقيهما إلى كلّ كتبه ، وذكره أيضاً ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) ضمن كتبه (3).

وهذا الكتاب لا توجد منه اليوم نسخة معروفة ، وإن ذكر له مختصراً سيأتي الكلام عنه ، ولكن وصلت نسخة منه إلى السيّد محمّد بن محمّد المير لوحي ، الذي كان في إصفهان ومعاصراً للعلاّمة المجلسي ، وأورد منه أحاديث في كتابه الأربعين المسمّى ( كفاية المهتدي في معرفة المهدي « عجل اللّه تعالی فرجه الشريف » ) ، فما أوردنا من روايات حديث الثقلين فقد أخذناها منه.

السيّد المير لوحى وكتابه كفاية المهتدي :

نسب نفسه في أوّل كتابه ، هكذا : محمّد بن محمّد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري ، الملقّب بالمطهّر ، والمتخلّص بالنقيبي (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : السيّد محمّد بن محمّد ابن أبي محمّد بن محمّد المصحفي الحسيني السبزواري ، الملقّب بالمطهّر ، والمتخلّص ب- ( النقيبي ) ( ذ9 : 1220 ) ولد بإصفهان قبل سنة 1000 ، وتوفّي بها بعد 1083 التي فرغ فيها من الأربعين له الموسوم ب- ( كفاية المهتدي )

ص: 117


1- رجال النجاشي : 306 [ 840 ].
2- فهرست الطوسي : 361 [ 564 ].
3- معالم العلماء : 90 [ 627 ] ، وانظر : تنقيح المقال 2 : 9 ، مجمع الرجال 5 : 21 ، معجم رجال الحديث 14 : 309 [ 9374 ].
4- گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 1.

( ذ18 : 101 ) في أحوال المهدي ( عليه السلام ) ، والموجود نسخة منه بقلم الملاّ محمّد مؤمن بن عبد الجواد ، فرغ من الكتابة تاسع صفر 1085 ، عنه الحسن المصطفوي العالم الكتبي بطهران ، ونسخة أُخرى في المجلس كما في فهرسها 3 : 61 (1).

ترجمه معاصره المير محمّد زمان بن محمّد جعفر بن محمّد سعيد الرضوي المشهدي ( ت 1041 ه- ) في أوّل كتابه ( صحيفة الرشاد ) ( ذ 15 قم 91 ، 19 قم 406 ) الذي ألّفه في قدح أبي مسلم الخراساني ، وهو صاحب الدعوة ، المقتول سنة 137 بيد العبّاسيّين الذين أوجدهم ، كتبه انتصاراً للمير لوحي هذا ، وذكر أنّ جدّه الأعلى محمّد المصحفي كان من أعاظم علماء سبزوار ، وقد قرأ عليه جدّي المير محمّد سعيد بن مسعود الرضوي ، وأنّ أجداده سادات ينهون نسبهم إلى إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ... ، إلى آخر ما ذكره من كلام المير محمّد زمان في صحيفة الإرشاد (2).

وقد عرفت من كلامه الآنف أنّه ذكر وجود نسخة بقلم الملاّ محمّد مؤمن بن عبد الجواد ، فرغ من الكتابة تاسع صفر 1085.

وقال في الذريعة : ورأيت نسخة منه بخطّ محمّد مؤمن ابن الشيخ عبد الجواد ، كتبها في عصر المصنّف ، وفرغ منها في سابع ربيع الثاني 1085 (3).

ولكن في آخر النسخة الموجودة في المكتبة المركزيّة بطهران ، ضمن

ص: 118


1- انظر : الذريعة 18 : 101 [ 867 ].
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الحادي عشر ) : 479 ، وانظر : الذريعة 9 : 1220 [ 6926 ] ، و 1 : 427 [ 2183 ].
3- الذريعة 18 : 102 [ 867 ].

المجموعة المهداة من قبل المرحوم الأُستاذ السيّد محمّد مشكوة ، تحت رقم ( 619 ) والتي طبع عليها الكتاب (1) ، والمحتمل أنّها هي التي رآها العلاّمة الطهراني عند الحسن المصطفوي العالم الكتبي بطهران ، هكذا : تمّ هذا المختصر الموسوم بكفاية المهتدي في معرفة المهدي ، والحمد لله على إتمامه ، وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً ، والسلام على من اتّبع الهدى.

ثمّ جاء بعده : تمّ الكتاب بعون الملك الوهّاب على يد الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة ربّه الغني ابن الشيخ عبد الجواد الكاظمي ، محمّد مؤمن في سنة ثلث وثمانين وألف من الهجرة النبويّة ، وصلّى اللّه على محمّد وآله أجمعين.

وبجانب التاريخ المذكور ، كتب التاريخ رقماً ، هكذا : ( 1083 ) (2).

وفي آخر النسخة الموجودة في مكتبة المجلس والمرقّمة في الفهرست ( 3 / 60 - 62 ) ، والتي ذكرها العلاّمة الطهراني أيضاً تحت رقم ( 3 : 61 ) ، هكذا : تمّ هذا المختصر الموسوم بكفاية المهتدي ، والحمد لله على إتمامه ، وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً ، والسلام على من اتّبع الهدى.

ثمّ جاء بعده : قد فرغ كتابته في يوم السبت من عشر الثالث من شهر الحادي عشر من سنة الإحدى من عشر الثاني من ماية الثالثة بعد الألف الأوّل من الهجرة النبويّة المصطفويّة ، صلوات اللّه عليه وعلى آله ، مطابق أودي مل التركي.

ص: 119


1- گزيدة ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : هجده ( أي ثمانية عشر ) ، مقدّمة التصحيح.
2- انظر صورة الصفحة الأخيرة من النسخة المعتمدة في الطبع ، الصفحة : ( بيست ودو ، ( أي : اثنين وعشرين ) من گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي.

أرجو أن أكون شريكاً في ثواب قاريها وسامعها ومن اعتقد بها (1).

فظهر من الجملة المشتركة في نهاية النسختين أنّ المؤلّف المير لوحي أنهى كتابه بهذه الجملة ، وقد نعته بالمختصر ، فهو في أربعين حديثاً - كما وصفه بأنّه رسالة قبل الحديث الأخير - (2) ولم يذكر تاريخ انتهائه من الكتاب.

وأمّا الكلام الذي بعد هذه الجملة فهو للناسخَين ، أحدهما محمّد مؤمن ابن الشيخ عبد الجواد الكاظمي ، والذي أرّخ نسخه في ( 1083 ) ، فلا أعرف من أين جاء العلاّمة الطهراني بتاريخ ( التاسع من صفر ) أو ( السابع من ربيع الثاني ) سنة 1085 ، وأنّ المؤلّف أنهى كتابه بتاريخ 1083.

وعلى كلٍّ فكتاب ( كفاية المهتدي في معرفة المهدي « عجل اللّه تعالی فرجه الشريف » ) باللغة الفارسيّة ، ذكر فيه مؤلّفه أحاديث عن الفضل بن شاذان وغيره ، ثمّ ترجمها للفارسيّة ، قال في آخر مقدّمته : وعملت بقدر الوسع والإمكان على نقل كلّ حديث انفرد بروايته الفضل بن شاذان - عليه الرحمة والغفران - ولا أنقل ما لا يوجد له مؤيّدات.

وسمّيت هذا الأربعين ب- ( كفاية المهتدي في معرفة المهدي « عجل اللّه تعالی فرجه الشريف » ) ، والتوكّل على اللّه الملك المجيد (3).

ص: 120


1- انظر صورة للصفحة الأخيرة من النسخة الموجودة في مكتبة المجلس ، الصفحة ( بيست وشش - بيست وهفت أي السادسة والعشرين والسابعة والعشرين ) من گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي.
2- گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 319 ، وكذا لم يذكر مصحّح الكتاب ، في أيّ نسخة توجد العبارة الأخيرة من الكتاب ( صفحة 322 ) ، وهي : تمّ هذا المختصر الموسوم ب- « كفاية المهتدي في معرفة المهدي » على يد أحقر العباد محمّد مؤمن ابن الشيخ عبد الجواد يوم السابع [ من [ شهر ربيع الثاني من شهور سنة خمس وثمانين وألف من الهجرة النبويّة. الحمد لله على إتمامه ، وصلّى اللّه على محمّد وآله أجمعين.
3- گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 11 ، مقدّمة المؤلّف ، ( معرّب من الفارسيّة ).

ثمّ قال في الحديث الأوّل :

قال الشيخ الكامل العادل العابد الزاهد المتكلّم الخبير الفقيه النحرير النبيل الجليل أبو محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل - برّد اللّه مضجعه ، وجعل في الفردوس إلى الأئمّة الطاهرين مرجعه - في كتابه الموسوم بإثبات الرجعة : .. (1).

ثمّ أرجع إلى الفضل بن شاذان إلى آخر كتابه ، وصرّح في بعض الموارد باسم كتاب إثبات الرجعة.

وقال في الحديث الثاني : وابن شاذان - عليه الرحمة والغفران - في كتاب إثبات الرجعة عنون باباً مشتملا على مثل هذه الأحاديث ، سمّاه ( شدّة النهي عن التوقيت ) (2) ، ثمّ ذكر حديثاً من هذا الباب.

أقول : ومن هذا يعلم أنّه قد رأى كتاب إثبات الرجعة وكان عنده ، فإنّ نفس هذا الحديث موجود في منتخب إثبات الرجعة (3) الذي كان عند الحرّ العاملي من دون ذكر عنوان للباب قبله ، بل إنّ كلّ المنتخب ليس فيه أبواب.

ثمّ قال : قال الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب الغيبة : أمّا وقت خروجه فليس بمعلوم لنا على التفصيل ، بل هو مغيّب عنّا إلى أن يأذن اللّه بالفرج ، ثمّ نقل عدّة أحاديث في هذا الباب ، ذكر ابن شاذان - رحمة اللّه عليه - في سندها ، وهذه الأحاديث مع أحاديث أُخرى في هذا المعنى رأيتها في كتاب إثبات الرجعة ، منها ما قاله الشيخ أبو جعفر : ... - وروى حديثين عن الغيبة للطوسي - ، ثمّ قال - بعد الحديث الثاني - : وهذا الحديث رواه ابن شاذان بعدّة أسانيد صحيحة (4).

ص: 121


1- گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 13 ، الحديث الأوّل.
2- كزيدة ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 27 ، الحديث الثاني.
3- الحديث رقم (2) في مختصر إثبات الرجعة.
4- گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي : 29 - 30 ، و 265.

ومن قوله هذا يظهر أنّ ما رواه الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الغيبة عن طريق ابن شاذان هو من كتابه إثبات الرجعة ، ولا أقلّ أغلبها ، وقد ذكر الطوسي في الفهرست طريقه إلى الفضل ، هكذا :

أخبرنا ( برواياته وكتبه ) أبو عبد اللّه ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن إدريس ، عن علي بن محمّد بن قتيبة ، عن الفضل.

ورواها محمّد بن علي بن الحسين ، عن حمزة بن محمّد العلوي ، عن أبي نصر قنبر بن علي بن شاذان ، عن أبيه ، عن الفضل (1).

وذكر طريقه في التهذيب ، هكذا : ومن جملة ما ذكرته عن الفضل بن شاذان ، ما رويته بهذه الأسانيد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان (2).

وقال العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة : إنّ طريق الشيخ إلى الفضل ابن شاذان صحيح (3).

وقال النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة المستدرك : وإلى الفضل بن شاذان ، صحيح في المشيخة ، وإليه طريقان : أحدهما حسن ، والآخر مجهول ، في الفهرست (4).

وقال السيّد الخوئي ( ت1413 ه- ) ( قدس سره ) : كما أنّ كلا طريقي الشيخ ضعيف ، الأوّل : بعلي بن محمّد ، والثاني : بحمزة بن محمّد ومن بعده.

نعم ، إنّ طريق الشيخ إليه في المشيخة صحيح (5).

ص: 122


1- فهرست الطوسي : 363 [ 564 ].
2- تهذيب الأحكام 10 : 385 ، المشيخة.
3- خلاصة الأقوال : 436 ، الفائدة الثامنة.
4- خاتمة المستدرك 6 : 250 [ 542 ].
5- معجم رجال الحديث 14 : 318.

وقد ذكر المير لوحي عبارات كثيرة في كتابه غير ما ذكرنا ، يعلم منها بأنّه قد رأى كتاب إثبات الرجعة للفضل بن شاذان (1).

ثمّ إنّ العلاّمة النوري قال في مقدّمة النجم الثاقب : إنّ الكتب المرتبطة ببيان أحواله ( صلوات اللّه عليه ) ، والتي تعرف بكتب الغيبة كثيرة ، والذي يحضرني حالياً من أسمائها : ... ، ثمّ عدّ منها : كتاب إثبات الرجعة المعروف بالغيبة لأبي محمّد الفضل بن شاذان النيسابوري (2).

ثمّ قال : كتاب كفاية المهتدي في أحوال المهدي للسيّد محمّد بن محمّد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري الملقّب بالمطهّر ، المتلخّص بالنقيبي تلميذ المحقّق الداماد ، وأكثر ما في هذا الكتاب نقله من كتاب الفضل بن شاذان ، فهو ينقل الخبر سنداً ومتناً أوّلا ، ومن ثمّ يترجمه.

وكان عنده ( غيبة ) الشيخ الطرابلسي ، و ( غيبة ) الحسن بن حمزة المرعشي أيضاً ، ما ننقله عن هذه الكتب الثلاثة ، فإنّما ننقله عن هذا الكتاب (3).

ثمّ روى عنه في سائر كتابه بعنوان الغيبة إلاّ في موضع واحد ، قال :

الخامس : روى الشيخ الثقة الجليل القدر العظيم الشأن أبو محمّد الفضل بن شاذان النيشابوري ، وقد ألّف مائة وثمانين كتاباً ، وروى عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) والإمام الجواد ( عليه السلام ) ، وقد توفّي في آخر حياة الإمام العسكري ، وقد ترحّم عليه ( عليه السلام ) ، في كتاب غيبته المسمّى ب- ( إثبات الرجعة ) (4).

ص: 123


1- منها : ما صرّح فيه باسم كتاب إثبات الرجعة في الصفحات 260 ، 265 ، 296 ، 297 ، 306 من گزيده ( أي خلاصة ) كفاية المهتدي.
2- النجم الثاقب ( المعرّب ) 1 : 118 ، المقدّمة.
3- النجم الثاقب ( المعرّب ) 1 : 120 ، المقدّمة.
4- النجم الثاقب ( المعرّب ) 1 : 496 ، الباب الخامس.

وسمّاه في كشف الأستار : ( الغيبة ) أيضاً (1) ، وروى عنه بهذا العنوان فيه (2) ، وفي مستدرك الوسائل (3).

وقال في ما استدركه على المجلسي من كتب لم يذكرها في بحاره :

كا : الأربعين لمير محمّد لوحي الملقّب بالمطهّر ، المعاصر للعلاّمة المجلسي ، يتضمّن أخباراً كثيرة من كتاب الغيبة للفضل بن شاذان النيسابوري صاحب الرضا ( عليه السلام ) ، وكان عنده (4).

ومن كلامه يظهر أنّ كتاب ابن شاذان اسمه ( إثبات الرجعة ) ويصنَّف في الكتب المعروفة بالغيبة ، وأنّ ما نقله في كتبه كثيراً عن غيبة ابن شاذان هو هذا الكتاب نفسه ، وأنّه نقل ما فيه عن كتاب كفاية المهتدي للمير لوحي ، وقد عرفت أنّ المير لوحي قد صرّح بأنّ اسم كتاب الفضل بن شاذان هو ( إثبات الرجعة ) ، ولم يذكر اسم الغيبة أصلا ، والنوري ( ت 1320 ه- ) يصرّح بأنّ اسمه هو هذا في موضعين ، وما ذكره من أنّه معروف بالغيبة ، لم أجد له ذكراً من أحد قبله ، بل لم ينقل أحد عن كتاب للفضل اسمه الغيبة ، إلاّ ما احتمله ضعيفاً جدّاً من وروده بهذا الاسم في كتاب الغيبة لبهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النيلي النجفي ، الذي ذكره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار (5) ، والنوري نفسه في مقدّمة النجم الثاقب (6) ، والخوانساري ( ت 1313 ه- ) في الروضات (7) ،

ص: 124


1- كشف الأستار : 212.
2- كشف الأستار : 221.
3- مستدرك الوسائل 11 : 372 ح 11 ، و 12 : 279 - 281 ح 1 ، 2 ، 3 ، 4.
4- البحار 105 : 68 ، الفيض القدسي في ترجمة العلاّمة المجلسي ، وانظر الذريعة 1 : 427 [ 2183 ].
5- البحار 2 : 385 - 391.
6- النجم الثاقب ( المعرّب ) 1 : 119.
7- روضات الجنّات 4 : 348 [ 410 ].

وهو يروي فيه عن الفضل بن شاذان ، ولكن لا أعرف للكتاب نسخة معروفة حتّى أُراجعها.

ويبعد ذلك ما ذكره العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة ، قال : ( مختصر الغيبة ) لفضل بن شاذان ، للسيّد بهاء الدين علي بن غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد النيلي النجفي ، قال في آخره : [ هذا آخر ما اخترناه من كتاب الفضل بن شاذان ] ، وقال كاتبه السيّد عبد المطّلب بن محمّد العلواني الحسيني الموسوي : إنّه نقل عن خطّ من نقل عن خطّ السيّد السعيد السيّد علي بن عبد الحميد ، والفراغ من كتابة السيّد عبد المطّلب 1222 (1).

فإنّ السيّد علي بن عبد الحميد لم يذكر اسم الكتاب ، وإنّما قال : من كتاب الفضل بن شاذان.

وتسميته ب- ( مختصر الغيبة ) - وسيأتي الكلام عن هذا المختصر قريباً - جاء من العلاّمة الطهراني نفسه ، لمّا اشتبه عليه الحال حسبما فهمه من عبارات العلاّمة النوري ، فقد عنون في الذريعة ل- ( كتاب الغيبة ) للفضل بن شاذان ، وقال : كتاب الغيبة للحجّة ، للشيخ المتقدّم أبي محمّد ، فضل بن شاذان الأزدي النيسابوري ، الراوي عن الجواد ( عليه السلام ) ، وقيل عن الرضا ( عليه السلام ) ، والمتوفّى 260 ، وهوغير كتاب ( إثبات الرجعة ) له ، كما صرّح بتعدّدهما النجاشي ( ت 450 ه- ) ، بل هذا الذي عبّر عنه النجاشي بعد ذكره ( إثبات الرجعة ) بكتاب ( الرجعة ) حديث (2) ، فهذا مقصور على أحاديث الرجعة وظهور الحجّة وأحواله ، ولذا اشتهر بكتاب الغيبة ، وكان موجوداً عند السيّد محمّد بن محمّد مير لوحي الحسيني الموسوي السبزواري ، المعاصر

ص: 125


1- الذريعة 2 : 201 [ 2574 ].
2- رجال النجاشي : 306 [ 840 ].

للمولى محمّد باقر المجلسي على ما يظهر من نقله عنه في كتابه الموسوم ( كفاية المهتدي في أحوال المهدي ) ، وينقل شيخنا النوري في ( النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب ) عن كتاب ( الغيبة ) هذا بتوسّط المير لوحي المذكور ، وقال الحاج ميرزا إبراهيم أمين الواعظين الإصفهاني : [ إنّ نسخة منه موجودة عندي بإصفهان ] ، ولعلّه مختصر غيبته الآتي في الميم فراجعه (1).

وقال أيضاً : الرجعة وأحاديثها ، للفضل بن شاذان بن الخليل ، أبي محمّد الأزدي النيشابوري المتوفّى ، وهو غير ( إثبات الرجعة ) له أيضاً ، وهذا هو الذي يعبّر عنه بكتاب الغيبة كما يأتي بتصريح النجاشي ، وكان عند المير لوحي الإصفهاني على ما ينقل عنه في كتابه الأربعين الموسوم ( كفاية المهتدي ) ، وقد ظنّ في إعطائه للعلاّمة المجلسي ، على ما ذكره شيخنا في ( خاتمة المستدرك ) و ( النجم الثاقب ) وغيرهما (2).

فقد عرفت أنّ ما كان موجوداً عند المير لوحى وصرّح به في كتابه ( كفاية المهتدي ) هو ( إثبات الرجعة ) لا غير ، وإن عبّر عنه الشيخ النوري ب- ( الغيبة ) في أغلب المواضع ، فكأنّ الطهراني لم يدقّق في تصفّحه لكفاية المهتدي ، ولا في كتب أُستاذه النوري ، واللّه أعلم.

كما أنّ النجاشي ( ت 450 ه- ) لم يذكر أنّ للفضل بن شاذان كتاب اسمه الغيبة ، وإن ذكرله كتاب باسم ( الرجعة ) حديث ، فأين التصريح منه بأنّه الغيبة ، كما هو قول الطهراني!

ثمّ إنّه نقل في موضع آخر من الذريعة عن الشيخ النوري ( ت 1320 ه- ) ، أنّه قال في أوّل ( جنّة المأوى ) : إنّي كلّما أنقل في هذا

ص: 126


1- الذريعة 16 : 78 [ 395 ].
2- الذريعة 10 : 162 [ 294 ] ، وانظر : 1 : 93 [ 450 ] ، و 1 : 427 [ 2183 ].

الكتاب عن غيبة فضل بن شاذان ، وعن غيبة الحسن بن حمزة المرعشي ، وعن كتاب ( الفرج الكبير ) لمحمّد بن هبة اللّه بن جعفر الطرابلسي ، فإنّما أنقلها عن كتاب المير لوحي هذا - يعني به كفاية المهتدي - ، لأنّها كانت موجودة عنده ، وينقل عنها في كتابه هذا (1).

ولكنّي لم أجد هذه العبارة في جنّة المأوى المطبوع مع البحار في الجزء 53 ، ومثل هذه العبارة نقلناها عن أوّل ( النجم الثاقب ) للشيخ النوري آنفاً ، عند ذكره لكتاب ( كفاية المهتدي ) للمير لوحي ، ولكن جاء فيها : ( كتاب الفضل بن شاذان ) إشارة إلى ما ذكره عند عدّه كتب الغيبة ، بقوله : كتاب إثبات الرجعة المعروف ( بالغيبة ) لأبي محمّد الفضل بن شاذان النيسابوري (2) ، وأيضاً ليس فيها ( الفرج الكبير ) ، بل ( غيبة الشيخ الطرابلسي ) ، فراجع.

مختصر إثبات الرجعة :

كانت نسخة من هذا المختصر عند الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) ذكر أغلب أحاديثها ( 14 حديثا ) في كتابه إثبات الهداة ، وإن كان قد ذكر في أوّل إثبات الهداة في الفائدة العاشرة ، - عند ذكره لكتب الشيعة التي نقل منها - كتاب إثبات الرجعة للفضل بن شاذان (3) ، والذي يوحي بأنّه نقل من أصل الكتاب لا مختصره ، وذلك ما قاله العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة تحت عنوان إثبات الرجعة : للشيخ أبي محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري ، المتوفّى سنة 260 ،

ص: 127


1- الذريعة 18 : 102.
2- النجم الثاقب ( المعرّب ) : 118 ، 120.
3- إثبات الهداة 1 : 28 ، الفائدة العاشرة.

صرّح به النجاشي ، وحكى عن الكنجي أنّه ذكر أنّ الفضل بن شاذان صنّف مئة وثمانين كتاباً ، أقول : الموجود منه مختصره الآتي بعنوان منتخب إثبات الرجعة (1).

وقال تحت عنوان منتخب إثبات الرجعة : للفضل بن شاذان ، انتخبه بعض فضلاء المحدّثين ، كما كتب عليه الشيخ الحرّ بخطّه ، صورة الخطّ في آخر النسخة الموجودة عند الشيخ محمّد السماوي : [ هذا ما وجدناه منقولاً من رسالة ( إثبات الرجعة ) للفضل بن شاذان بخطّ بعض فضلاء المحدّثين ] (2).

وهذه النسخة محفوظة في مكتبة آية اللّه الحكيم في النجف الأشرف ، ذكرت في فهرست المكتبة ( 1 / 56 ، رقم 316 ) (3) ، وقد نسخت عليها نسخة بخطّ ابن زين العابدين محمّد حسين الأرموي ، في 8 ذي القعدة سنة 1350 ه- ، موجودة في المكتبة الرضويّة بمشهد ، ضمن مجموعة برقم 7442 ، تحتوي أيضاً على كتابي الأمالي والإفصاح للشيخ المفيد ، وتحتوي على (20) حديثاً (4) ، وهي التي طبع عليها الكتاب بعنوان ( مختصر إثبات الرجعة ) ، تحقيق السيّد باسم الموسوي ، وقد تبع في مقدّمته العلاّمة الطهراني في توهّمه بأنّ ( إثبات الرجعة ) غير ما ذكره العلاّمة النوري ب- ( الغيبة ) للفضل.

وعلى كلّ فقد طابقنا أحاديث ( المختصر ) العشرين على ما منقول

ص: 128


1- الذريعة : 93 [ 450 ].
2- الذريعة 22 : 367 [ 7472 ] ، و 20 : 201 [ 2574 ].
3- انظر : مختصر إثبات الرجعة المطبوع : 11 ، فهرست التراث 1 : 281 ، بعنوان ( إثبات الرجعة ) ذكر الحديث الأوّل منها ، والعبارة في آخرها ، وهو عين ما موجود في المطبوع ، وما ذكره العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ).
4- مختصر إثبات الرجعة ( المطبوع ) : 9.

عن كتاب ( إثبات الرجعة ) للفضل في كتاب ( كفاية المهتدي ) للمير لوحي ، فوجدنا كلّ الأحاديث العشرين موجودة فيه وبنفس تعاقبها هناك ، فحصل لنا ظنّ ، وظنّ الألمعي يقين ، أنّ المختصر منقول من كفاية المهتدي ، وأنّ ما ذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) بقوله [ هذا ما وجدناه منقولا من رسالة ( إثبات الرجعة ) للفضل بن شاذان بخطّ بعض فضلاء المحدّثين ] ، هو ما نقله المير لوحي عن إثبات الرجعة في كفاية المهتدي ، قد تحاشى الحرّ العاملي التصريح باسمه لمّا كان معروفاً في ذلك الزمان من منافرة ومشاحنة بين المير لوحي والعلاّمة المجلسي المتعاصرين في إصفهان.

أمّا ما مذكور في كفاية المهتدي من أحاديث عن ( إثبات الرجعة ) فهي بحدود ( 60 ) حديثاً أو أكثر ، أيّ حوالي ضعفي ما مذكور في المختصر.

ولعلّ اللّه يوفّقنا أو أحداً غيرنا لإفرادها ، وضمّ ما موجود من روايات الفضل في غيبة الطوسي ، وما رواه الصدوق عنه ، وغيرهما ، وطبعها في كتاب واحد.

ثمّ إنّه يبقى ما ذكره العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) تحت عنوان ( مختصر الغيبة ) لفضل بن شاذان ، للسيّد بهاء الدين علي بن غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد النيلي النجفي ، قال في آخره [ هذا ما اخترناه من كتاب الفضل بن شاذان ] ، وقال كاتبه السيّد عبد المطّلب بن محمّد العلواني الحسيني الموسوي : إنّه نقل عن خطّ من نقل عن خطّ السيّد السعيد السيّد علي بن عبدالحميد ، والفراغ من كتابة السيّد عبد المطّلب 1222 ، ونسخة أُخرى كانت عند الشيخ محمّد السماوي كتابتها 1085 ، ملكها الشيخ الحرّ ، ثمّ ابنه الشيخ محمّد رضا ، ثمّ جمع آخر من العلماء ، أوّل رواياته عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس

ص: 129

الهلالي ، وكتب الشيخ الحرّ في آخره [ هذا ما وجدناه منقولا من رسالة ( إثبات الرجعة ) للفضل بن شاذان بخطّ بعض فضلاء المحدّثين ] ، وذكرت هذه النسخة بعنوان ( منتخب إثبات الرجعة ) لاحتمال تعدّدهما ، فراجع (1).

أقول : إنّ ما ذكره من مختصر الغيبة للسيّد بهاء الدين علي بن عبد الحميد النيلي ، قد يكون هو غير مختصر إثبات الرجعة الذي كان موجوداً عند الحرّ العاملي ، وملك نسخته الشيخ محمّد السماوي ، خاصّة وقد أشرنا إلى احتمال أخذ هذا المختصر من كتاب كفاية المهتدي للمير لوحي ، وهو معاصر للعلاّمة المجلسي والحرّ العاملي ، بينما النيلي من شيوخ ابن فهد الحلّي ، وكان حيّاً سنة 803 ه- ، وقد ذكرنا أنّه أورد روايات عن الفضل بن شاذان في كتابه الغيبة ، كما نقلها عنه المجلسي (2) ، وبعضها لم ينقلها المير لوحي في كفاية المهتدي ، فلعلّ ما اختصره علي بن عبد الحميد النيلي كان من أصل كتاب الفضل ، كما هو ظاهر العبارة في آخره والتي نقلها الطهراني.

وقد أشار الطهراني ( ت 1389 ه- ) إلى هذا الاحتمال في كلامه الأخير ، فلاحظ.

ص: 130


1- الذريعة 20 : 201 [ 2574 ].
2- البحار 53 : 385.
(9) كتاب : بصائر الدرجات الكبرى لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار ( ت 290 ه- )
الحديث :

الأوّل : حدَّثنا علي بن محمّد ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود ، عن يحيى بن أديم (1) ، عن شريك ، عن جابر ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « دعا رسول اللّه أصحابه بمنى ، فقال : يا أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثمّ قال : يا أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم حرمات اللّه : كتاب اللّه ، وعترتي ، والكعبة البيت الحرام » ، ثمّ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « أمّا كتاب اللّه فحرّفوا ، وأمّا الكعبة فهدّموا ، وأمّا العترة فقتلوا ، وكلّ ودايع اللّه قد تبرّوا » (2).

الثاني : حدَّثنا محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن ذريح بن

ص: 131


1- الظاهر أنّه يحيى بن آدم ، فهو الذي يروي ، عن شريك ، عن جابر ، كما في الكافي 2 : 93 ح 22 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب : الصبر ، وما في مختصر البصائر عن سعد بن عبد اللّه ، الحديث الأوّل ، وسيأتي.
2- بصائر الدرجات : 413 ح 3 ، باب (17) ، في قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي » وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 564 ح 430 ، ما رواه الصفّار في بصائر الدرجات ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 140 ح 91 ، وهو موجود في مختصر البصائر عن سعد القمّي ، كما سيأتي.

يزيد ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي قد تركت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي ، فنحن أهل بيته » (1).

الثالث : حدَّثنا محمّد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن خالد ابن ماد القلانسي ، عن رجل ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، الثقل الأكبر والثقل الأصغر ، إن تمسّكتم بهما لا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وإنّي سألت اللطيف الخبير أن لا يتفرّقا حتى يردا علي الحوض ، فأعطيت ذلك » ، قالوا : وما الثقل الأكبر وما الثقل الأصغر؟

قال : « الثقل الأكبر كتاب اللّه ، سبب طرفه بيد اللّه وسبب طرفه بأيدكم ، والثقل الأصغر عترتي وأهل بيتي » (2).

الرابع : حدَّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن هشام بن الحكم ، عن سعد الإسكاف ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، فتمسّكوا بهما فإنّهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض » ، قال : فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « لا يزال كتاب اللّه ، والدليل منّا يدلّ عليه ، حتى يردا على الحوض » (3).

ص: 132


1- بصائر الدرجات : 414 ح 4 ، باب (17) ، في قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي ... » وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 568 ح 1. ما رواه الصفّار في البصائر ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 140 ح 88.
2- بصائر الدرجات : 414 ح 5 ، باب (17). عنه الحرّ العاملي في إثبات الهداة 1 : 568 ح 2. وفيه : عن رجل عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، بدون ذكر أبي جعفر ( عليه السلام ) في السند ، والمجلسي في البحار 23 : 140 ح 90.
3- بصائر الدرجات : 414 ح 6 ، باب (17). وعنه الحرّ العاملي في إثبات الهداة 1 : 569 ح 3. وفيه : يحيى بن عمران ، والمجلسي في البحار 23 : 138 ح 83 ، و 140 ح 90.

تنبيه : قد روى هذه الروايات الأربع سعد بن عبد اللّه القمّي ( ت 299 أو 300 ه- ) في مختصر بصائره ، كما عن مختصر البصائر للشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلّي ( من أعلام القرن التاسع ) ، وسيأتي (1).

محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار ( ت 290 ه- ) :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : كان وجها في أصحابنا القمّيين ، ثقة ، عظيم القدر ، راجحاً ، قليل السقط في الرواية (2). وأورده عنه العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة (3) ، وابن داود في رجاله (4).

وعدّه الشيخ ( ت 460 ه- ) في رجاله في أصحاب الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) (5) ، وقال في الفهرست : له مسائل كتب بها إلى أبي محمّد الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ) (6).

وذكر النجاشي أنّه توفّي بقم سنة تسعين ومائتين (7).

ص: 133


1- انظر : مختصر بصائر سعد بن عبد اللّه القمّي ، الآتي.
2- رجال النجاشي : 354 [ 948 ].
3- خلاصة الأقوال : 260 [ 910 ].
4- رجال ابن داود : 170 [ 1359 ] ، القسم الأوّل.
5- رجال الطوسي : 402 [ 5898 ] ، من أصحاب الإمام العسكري ( عليه السلام ).
6- فهرست الطوسي : 408 [ 622 ]. وانظر : منهج المقال : 291، 293 ( الطبعة الحجريّة ) ، تنقيح المقال 3 : 103 ، باب الميم ( الطبعة الحجريّة ) ، جامع الرواة 2 : 93 ، نقد الرجال 4 : 181 [ 4603 ] ، قاموس الرجال 9 : 202 [ 6588 ] ، بلغة المحدّثين : 406 ( مطبوع مع معراج أهل الكمال ) ، مجمع الرجال 5 : 189 ، 194 ، منتهى المقال 6 : 17 ، 23 ، حاوي الأقوال 2 : 211 [ 562 ] ، عدّة الرجال 1 : 468 ، الكنى والألقاب 2 : 418 ، الذريعة 3 : 124 ، هديّة العارفين 6 : 24 ، معجم المؤلّفين3 : 229 ، معجم رجال الحديث 16 : 263 [ 10532 ] ، و 272 [ 10555 ].
7- رجال النجاشي : 354 [ 948 ].
كتاب بصائر الدرجات :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) - بعد أن ذكر كتبه - : أخبرنا بكتبه كلّها ما خلا بصائر الدرجات : أبو الحسين علي بن أحمد بن محمّد بن طاهر الأشعري القمّي ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، عنه بها.

وأخبرنا : أبو عبد اللّه بن شاذان ، قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عنه بجميع كتبه ، وببصائر الدرجات (1).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) : أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ابن أبي جيّد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، وأخبرنا جماعة ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن [ بن الوليد ] ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن رجاله ، إلاّ كتاب بصائر الدرجات ، فإنّه لم يروه عنه [ محمّد بن الحسن ] ابن الوليد.

وأخبرنا به الحسين بن عبيد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفّار (2).

وطريقَي النجاشي والشيخ صحيحين (3) ، وإن كان فيهما أحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، فهو ثقة ، إمّا لكونه من شيوخ الإجازة ، أو لرواية الثقات عنه كالتلعكبري ، أو لتصحيح العلاّمة لبعض طرق الشيخ التي يقع فيها ولا طريق سواه ، إضافة إلى توثيق الشهيد الثاني وغيره له ، فيخرج بذلك عن الجهالة ، مع ما قالوا : من أنّ الأصحاب لم يذكروا شيوخ الإجازة

ص: 134


1- رجال النجاشي : 354 [ 948 ].
2- فهرست الطوسي : 408 [ 622 ].
3- فمحمّد بن يحيى ، نصّ النجاشي على توثيقه ، والحسين بن عبيد اللّه الغضائري وأبو عبد اللّه بن شاذان من شيوخ النجاشي ، وشيوخ النجاشي كلّهم ثقات.

لعدم وجود مصنّفات وكتب لديهم ، إذ إنَّ أكثر التوثيقات جاءت بالنظر إلى ذلك (1) ، وهو قد وقع في إجازات كتب مشتهرة معروفة النسبة إلى أصحابها كما هاهنا (2) ، أمّا قول السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) ( قدس سره ) ، بأنّه مجهول ، فهو قائم على مبناه من أنّ شيخوخة الإجازة لا تفيد التوثيق ، وأنّ تصحيح العلاّمة لا يثبت العدالة (3) ، ولكنّه عاد ، وقال في طريق الطوسي إلى الصفّار : إنّه صحيح على الأظهر (4).

ثمّ إنّ المولى محمّد تقي المجلسي ( ت 1070 ه- ) ، قد استظهر أنّ عدم رواية ابن الوليد لكتاب بصائر الدرجات لتوهّمه أنّه يقرب من الغلو فيهم ( عليهم السلام ) ، وأجاب عنه : بأنّ ما ذكره فيه ، دون رتبتهم ( عليهم السلام ) ، ويمكن أن يكون لعدم الاتّفاق ، فالطريق صحيح (5).

وهذا الاستظهار ، وإن كان لا يستحقّ الجواب ، فهو احتمال ليس إلاّ منبعه عدم رواية ابن الوليد للكتاب لا غير ، لكن لابأس بالقول : إنّه لم ينسب توهّم الغلو إلى الصفّار نفسه ، فإنّ ابن الوليد روى كتبه الأُخرى ،

ص: 135


1- انظر : رجال النجاشي والفهرست للطوسي.
2- انظر : الوجيزة : 154 [ 133 ] ، بهجة المقال 25 : 156 ، خلاصة الأقوال : 436 و 439 ، الفائدة الثامنة ، رجال الطوسي : 610 [ 5955 ] ، معجم الثقات : 248 [ 72 ] ، حاوي الأقوال 3 : 15 [ 765 ] ، منهج المقال : 47 و 48 ، في الحاشية و 412 ، رجال ابن داود 45 [ 136 [ القسم الأوّل ، بلغة المحدّثين : 320 ، الجامع في الرجال 1 : 186 ، مجمع الرجال 1 : 167 ، قاموس الرجال 1 : 655 [ 596 ] و 584 [ 524 ] ، تنقيح المقال 1 : 95 ، نقد الرجال 1 : 172 ، منتهى المقال 1 : 348 ، رجال السيّد بحر العلوم ( الفوائد الرجاليّة ) 2 : 20 ، منتقى الجمان 1 : 41 ، خاتمة المستدرك 4 : 389 ، خاتمة الوسائل 30 : 313.
3- معجم رجال الحديث 3 : 120 [ 932 ].
4- معجم رجال الحديث 16 : 265.
5- روضة المتّقين 14 : 260.

وأمّا توهّم وجود غلو في كتابه ، فهذا البصائر أمامنا ، أغلب رواياته مبثوثة بمعانيها ومضامينها في كتبنا المعتمدة التي لم يقل أحد : بأنّ فيها غلوّاً ، كما أشار إلى ذلك المولى المجلسي ( قدس سره ) نفسه ، فلا يبقى إلاّ احتمال عدم الرواية لعدم الاتفاق ، ليس إلاّ ، كما ذكره آخراً.

ومع ذلك فقد أغنانا طريقا النجاشي والشيخ عن رواية ابن الوليد ، وهما صحيحان كما قد عرفت ، ولذا قد اعتمد على الكتاب المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الوسائل (1).

وقد ذكر الشيخ الحرّ العاملي والعلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) ، أنّ لكتاب بصائر الدرجات عدّة نسخ كبرى وصغرى (2) ، وقد ذكر الشيخ الحرّ طرقه إليه في خاتمة الوسائل (3) ، وفي إجازته إلى الفاضل المشهدي (4).

ثمّ إنّ المطبوع هو النسخة الكبرى منه ، وتوجد لها نسخة مخطوطة قديمة ، كتبها أبو النصر علي بن محمّد ، في غرّة صفر سنة 591 ه- ، فيها أحاديث غير موجودة في المطبوع ، وهذه النسخة محفوظة في المكتبة العامّة لآية اللّه المرعشي النجفي ( قدس سره ) في قم المقدّسة ، تحت رقم 1574 ، وذكرت في فهرست المكتبة برقم ( 4 / 382 ) ، قد حقّقها الشيخ فارس الحسّون وهي ماثلة للطبع.

وسيأتي تفصيل أكثر عند الكلام على مختصر البصائر لسعد بن عبد اللّه الأشعري ، فراجع.

ص: 136


1- البحار 1 : 7 ، 27 ، خاتمة الوسائل 30 : 155 [ 21 ].
2- خاتمة الوسائل 30 : 155 [ 21 ] ، الذريعة 3 : 124.
3- خاتمة الوسائل 30 : 179 ، الفائدة الخامسة ، الطريق العشرون.
4- البحار 110 : 119 ، إجازة الشيخ الحرّ العاملي للفاضل المشهدي.
(10) كتاب : تاريخ اليعقوبي لأحمد بن أبي يعقوب المعروف ( بابن واضح ) ( ت بعد 292 ه- )
الحديث :

الأوّل : ووقف (1) عند زمزم وامر ربيعة بن أمية بن خلف فوقف تحت صدر راحلته وكان صبياً فقال : يا ربيعة ، قل يا أيها الناس أن رسول اللّه يقول : ... ثمّ قال : « لا ترجعوا بعدي كفّاراً مضلّين يملك بعضكم رقاب بعض ، إنّي قد خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ألا هل بلّغت »؟

قالوا : نعم ، قال : « اللّهم اشهد » ، ثمّ قال : « إنّكم مسؤولون ، فليبلّغ الشاهد منكم الغائب » (2).

الثاني : فصار إلى موضع بالقرب من الجحُفة ، يقال له : غدير خمّ ، لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة ، وقام خطيباً ، وأخذ بيد علي بن أبي طالب ، فقال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم »؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : « فمن كنت مولاه ، فعليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي فرطكم وأنتم واردي عليّ الحوض ، وإنّي

ص: 137


1- أي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ).
2- تاريخ اليعقوبي 2 : 74 ، حجّة الوداع.

سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » ، وقالوا : وما الثقلان يا رسول اللّه »؟

قال : « الثقل الأكبر كتاب اللّه ، سبب طرفه بيد اللّه وطرف بأيديكم ، فاستمسكوا به ولا تظلّوا ، ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي » (1).

الثالث : وقضى - أي علي ( عليه السلام ) - على رجل بقضيّة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قضيت علي بقضيّة هلك فيها مالي ، وضاع فيها عيالي ، فغضب حتى استبان الغضب في وجهه ، ثمّ قال : « يا قنبر ، ناد في الناس الصلاة الجامعة » ، فاجتمع الناس ورقي المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : .. فأين يتاه بكم؟ بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيّكم؟ إنّا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة ، وكما نجا في هاتيك من نجا ، ينجو في هذه من ينجو ، ويل رهين لمن تخلّف عنهم ، إنّي فيكم كالكهف لأهل الكهف ، وإنّي فيكم باب حطّة من دخل منه نجا ، ومن تخلّف عنه هلك ، حجّة من ذي الحجّة في حجّة الوداع ، إنّي قد تركت بين أظهركم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » (2).

وسيأتي عن إرشاد المفيد ( ت 413 ه- ) أيضاً (3).

أحمد بن أبي يعقوب :

قال الشيخ عبّاس القمّي ( ت 1359 ه- ) في الكنى والألقاب : أحمد ابن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح ، الكاتب العباسي الشيعي ، كان جدّه من موالي المنصور ، وكان رحّالة يحب الأسفار ، ساح في بلاد

ص: 138


1- تاريخ اليعقوبي 2 : 76 ، حجّة الوداع.
2- تاريخ اليعقوبي 2 : 147 ، خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).
3- راجع ما سنذكره في إرشاد المفيد ، الحديث الثالث.

الإسلام شرقاً وغرباً ، ودخل أرمينية سنة 260 ، ثمّ رحل إلى الهند ، وعاد إلى مصر وبلاد المغرب (1).

قال السيّد محسن الأمين ( ت 1371 ه- ) في أعيان الشيعة : أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح ، الكاتب الإصفهاني الأخباري ، مولى بني العبّاس المعروف باليعقوبي ، وبابن اليعقوبي ، وبابن واضح.

كان حيّاً سنة 292 ، ثمّ قال السيّد الأمين : كان من المؤرّخين والجغرافيين المشهورين ، وكان شاعراً ، وهو معاصر لأبي حنيفة الدينوري.

ثمّ قال : ويظهر تشيّعه من كتابه في التاريخ ، وقد ذكر فيه حديث الغدير ، بل ومن كتاب البلدان أيضاً ، ثمّ قال : وفي تاريخ آداب اللغة العربيّة : ومن مزايا تاريخه فضلاً عن قدمه أنّ مؤلّفه شيعي ، فيأتي بأشياء عن العبّاسيين يتحاشا سواه ذكرها (2).

وقال الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة : المؤرّخ الرحّالة أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العبّاسي ، المكنّى بابن واضح ، والمعروف باليعقوبي (3).

وكذا نصّ على تشيّعه يوسف إليان سركيس في معجم المطبوعات العربيّة (4).

والشيخ السبحاني في كتابه أضواء على عقائد الشيعة الإماميّة (5).

ص: 139


1- الكنى والألقاب 3 : 296.
2- أعيان الشيعة 3 : 201.
3- الذريعة 3 : 296.
4- معجم المطبوعات العربيّة 2 : 1948.
5- أضواء على عقائد الشيعة الإماميّة : 310.

والسيّد حسن الصدر في كتابه الشيعة وفنون الإسلام (1).

وقد ذكر غير واحد من المستشرقين وغيرهم أنّ المؤلّف شيعي (2).

تاريخ اليعقوبي :

نسبه إليه كلّ من ترجم له ، قال الشيخ القمّي في الكنى والألقاب : وله التاريخ المعروف بالتاريخ اليعقوبي (3).

وقال إليان سركيس في معجم المطبوعات العربية : وله التاريخ المعروف بتاريخ اليعقوبي (4).

قال السيّد الأمين في الأعيان : قال ياقوت : له تصانيف كثيرة (1) كتاب التاريخ.

أقول : وهو كتاب في التاريخ العامّ ، مطبوع بليدن ، ثمّ قال : وهو جزءان : الأوّل : في التاريخ العامّ قبل الإسلام وفيه ستّة أبواب (1) التاريخ القديم حسب الكتب الموسويّة (2) تاريخ أهل الهند (3) تاريخ اليونان والرومان مع ذكر كتب بقراط وجالينوس وارسطاطاليس ونيقوماخس وبطليموس مع بعض المعلومات عن المؤلّفات الشهيرة (4) تاريخ الساسانيين من ملوك الفرس (5) تاريخ الصينيين والمصريين وقبائل النوبة والبجة ، (6) تاريخ قدماء العرب وأديانهم ولعب الميسر.

الجزء الثاني : في تاريخ الإسلام إلى خلافة المعتمد العبّاسي الذي تولّى الخلافة من 256 إلى 279 ، طبع في ليدن (5).

ص: 140


1- الشيعة وفنون الإسلام : 99.
2- انظر مقدّمة الترجمة الفارسيّة لتاريخ اليعقوبي ( ترجمة : محمّد إبراهيم آيتي ).
3- الكنى والألقاب 3 : 296.
4- معجم المطبوعات العربيّة 2 : 1948.
5- أعيان الشيعة 3 : 202.

قال الطهراني في الذريعة : وتاريخه كبير في جزءين : أوّلهما : تاريخ ما قبل الإسلام ، والثاني : فيما بعد الإسلام إلى خلافة المعتمد العبّاسي ، ثمّ قال : طبع الجزءان في ليدن سنة 1883 م (1).

ص: 141


1- الذريعة 3 : 296.

ص: 142

(11) كتاب : مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمّي ( ت 299 أو 301 ه- )
الحديث :

ذكر سعد بن عبد اللّه القمّي في كتابه مختصر البصائر (1) الروايات الأربع التي ذكرها الصفّار في بصائر درجاته وقد مرّت ، مع بعض الاختلاف ، وهي :

الأُولى : القاسم بن محمّد الإصفهاني (2) ، عن سليمان بن داود المنقري المعروف بالشاذكوني ، عن يحيى بن آدم (3) ، عن شريك بن عبد اللّه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ... ، وأورد الرواية كما في بصائرالصفّار (4) ، ولكن قال في نهايتها : « وكلّ ودائع اللّه قد

ص: 143


1- نقلنا هذه الروايات من كتاب ( مختصر البصائر ) للشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلّي ( من أعلام القرن التاسع الهجري ) ، الذي قال في أوّله : نقلت من كتاب مختصر البصائر ، تأليف سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمّي ( رحمه اللّه ) ، وكتاب سعد مفقود لا توجد له نسخة معروفة ، ولا يعرف عنه غير ما نقله الشيخ حسن من رواياته.
2- جاء في رواية الصفّار في أوّل السند ، هكذا : حدَّثنا علي بن محمّد ، عن القاسم ابن محمّد ، فراجع.
3- جاء في بصائر الصفّار ( يحيى بن أديم ) ، والظاهر أنّ فيه تصحيف ، كما نبّهنا هناك.
4- راجع ما ذكرناه في بصائر الصفّار ، الحديث الأوّل ، ولكن فيه : قال : دعا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الناس بمنى ... ، وفيه : « ما إن تمسّكتم » ، وفيه : « حرمات اللّه ».

نبذوا ، ومنها قد تبرّأوا » (1).

الثانية : محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير البجلي ، عن ذريح بن يزيد المحاربي ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : .. ، وأورد ما أورده الصفّار في بصائره (2).

الثالثة : وعنه (3) ، عن النضر بن سويد (4) ، عن خالد بن زياد القلانسي (5) ، عن رجل ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبد اللّه (6) ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « يا أيّها الناس ، إنّي تارك ... » ، إلى آخر ما ذكره الصفّار في بصائره (7).

الرابعة : إبراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن هشام بن الحكم ، عن سعد بن طريف الاسكاف ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) ... ، إلى آخر ما ذكره الصفّار في

ص: 144


1- مختصر البصائر : 259 ح 251 ، باب : في صفاتهم ( عليهم السلام ) وما فضّلهم اللّه عزّ وجلّ به. وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 9 ح 1. باب [ 3 ] : في الثقلين ، وغاية المرام 2 : 338 ح 17 ، باب [ 29 ].
2- مختصر البصائر : 261 ح 252 ، راجع ما ذكرناه في بصائر الصفّار ، الحديث الثاني ، وعنه البحراني في البرهان 1 : 10 ح 5 ، وغاية المرام 2 : 338 ح 18 ، باب [ 29 ].
3- أي عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، المذكور في السند السابق ، وقد ذكره الصفّار صريحاً ، فراجع.
4- في بصائر الصفّار : النضر بن شعيب.
5- في بصائر الصفّار : خالد بن ماد القلانسي.
6- في بصائر الصفار : جابر بن عبد اللّه الأنصاري.
7- مختصر البصائر : 262 ح 253 ، إلاّ أنّ فيه : « ... إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، ولن تزلّوا ولن تبدّلوا ، فإنّي سألت ... » ، وفيه : فقيل له : فما الثقل ... ، وفيه : « سبب طرفه بيد اللّه عزّ وجلّ ، وطرف بأيديكم ... » ، راجع ما ذكرناه في بصائر الصفّار ، الحديث الثالث ، وعنه البحراني في البرهان 1 : 10 ح 7. وغاية المرام 2 : 399 ح 19 ، باب [ 29 ].

بصائره (1).

سعد بن عبد اللّه القمّي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري القمّي أبو القاسم ، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ، كان سمع من حديث العامّة شيئاً كثيراً ، وسافر في طلب الحديث ... ، ورأيت بعض أصحابنا يضعّفون لقاءه لأبي محمّد ( عليه السلام ) ، ويقولون هذه حكاية موضوعة عليه ، واللّه أعلم.

ثمّ قال - بعد ذكر كتبه - : توفّي سعد ( رحمه اللّه ) سنة إحدى وثلاثمائة ، وقيل : سنة تسع وتسعين ومائتين (2).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) : سعد بن عبد اللّه القمّي ، يكنّى أبا القاسم ، جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ، ثقة (3).

وقال في أصحاب الإمام العسكري ( عليه السلام ) : سعد بن عبد اللّه القمّي ، عاصره ( عليه السلام ) ، ولم أعلم أنّه روى عنه (4) ، وقال في من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) : جليل القدر صاحب تصانيف (5).

وقال العلاّمة ( ت 726 ه- ) : سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري القمّي ، يكنّى أبا القاسم ، جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ،

ص: 145


1- مختصر البصائر : 262 ح 254 ، وفيه : « ... حتّى يردا عليَّ الحوض » ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « لا يزال كتاب اللّه والدليل منّا عليه حتّى نرد على الحوض » ، وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 10 ح 1. وغاية المرام 2 : 329 ح 20 ، باب [ 29 ] ، راجع بصائر الصفّار ، الحديث الرابع.
2- رجال النجاشي : 177 [ 467 ] ، باب السين.
3- فهرست الطوسي : 215 [ 316 ].
4- رجال الطوسي : 399 [ 5852 ].
5- رجال الطوسي : 427 [ 6141 ] ، في من لم يرو عن واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ).

ثقة ، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ، ولقي مولانا أبا محمّد العسكري ( عليه السلام ) (1).

ونقل ابن داود ( ت 707 ه- ) كلام النجاشي في القسم الأوّل من رجاله ، ثمّ قال : وبعض أصحابنا يضعّف لقاءه له ( الإمام العسكري ( عليه السلام ) ) ، ويقال : حكايته موضوعة ، ثمّ نقل كلام الطوسي في رجاله (2) ، ولكنّه ذكره في القسم الثاني من رجاله المخصّص للمجروحين والمجهولين ، وقال : سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري القمّي ، أبو القاسم ، كر [ جش [ رأيت بعضُ أصحابنا يضعّف لقاءه أبا محمّد ( عليه السلام ) ، ويقول : حكايته موضوعة عليه (3).

وقد استغرب كلّ من ذكر كلام ابن داود إيراده في القسم الثاني ، إذ إنّ قول البعض : بأنّ حكايته موضوعة لا يستدعي تضعيفه أو حتّى توهّم وجود قول بتضعيفه.

وقد قال التفرشي ( ت القرن الحادي عشر ) : وذكره في باب الضعفاء عجيباً ; لأنّه لا ارتياب في توثيقه (4).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) : يا سبحان اللّه ، ما دعاه إلى عدّ الرجل في الضعفاء؟ مع أنّه لا خلاف ولا ريب بين أثبات هذا الفنّ في وثاقة الرجل وعدالته وجلالته وغزارة علمه ، وإن كان الحامل له على ذلك تضعيف بعض الأصحاب لقاءه العسكري ( عليه السلام ) ، كما حكاه عن النجاشي ،

ص: 146


1- خلاصة الأقوال : 156 [ 452 ] ، وانظر : معالم العلماء : 54 [ 358 ] ، تنقيح المقال 2 : 16 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) 1 : 134.
2- رجال ابن داود : 102 [ 681 ] ، القسم الأوّل.
3- رجال ابن داود : 247 [ 208 ] ، القسم الثاني.
4- نقد الرجال 2 : 310 [ 2215 ].

فهو أعجب ، ضرورة ... ، ثمّ نقل تعليق الشهيد الثاني على كلام ابن داود بمثل ذلك (1).

ووقع كلام كثير في صحّة روايته عن الإمام العسكري ( عليه السلام ) ، ناتج عن الكلام في رواية رواها الصدوق ( رحمه اللّه ) عنه في كمال الدين ، بين مضعّف لها وآخر يقبلها ، صرفنا البحث عنها لعدم تعلّق غرض هذه الترجمة بها (2).

الشيخ حسن بن سليمان الحلّي ( القرن التاسع ) :

قال الشيخ الحرّ ( ت 1104 ه- ) : الحسن بن سليمان بن خالد الحلبي (3) ، فاضل عالم فقيه ، له مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد اللّه ، يروي عنه (4) الشهيد (5).

وقال الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في رياض العلماء : الشيخ عزّ الدين الحسن بن سليمان بن محمّد بن خالد الحلّي ، من أجلّة تلامذة شيخنا الشهيد ( رحمه اللّه ) ، ويروي عنه ، وعن السيّد بهاء الدين علي بن السيّد عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني وأمثالهما ، وهو محدّث جليل ، وفقيه نبيل.

وقد وجدت بخطّ الشيخ محمّد بن علي بن الحسن الجباعي تلميذ ابن فهد ، أنّه قال الحسن بن راشد في وصف هذا الشيخ ، هكذا : الشيخ الصالح العابد الزاهد عزّ الدين ... (6).

ص: 147


1- تنقيح المقال 2 : 17 ، وانظر : معجم الرجال 9 : 80.
2- انظر : حاوي الأقوال 1 : 409 [ 298 ] ، منتهى المقال 3 : 324 [ 1280 ] ، تنقيح المقال 2 : 18 ، معجم رجال الحديث 9 : 80 ، وغيرها.
3- تصحيف الحلّي.
4- الظاهر أنّها تصحيف ( عن ) ; لأنّ الشهيد أستاذه.
5- أمل الآمل 2 : 66 [ 180 ].
6- رياض العلماء 1 : 193 ، وانظر أيضاً 5 : 189.

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الضياء اللامع : هو الشيخ عزّ الدين أبو محمّد الحسن بن سليمان بن محمّد بن خالد ، الحلّي المولد ، العاملي المحتد ، من تلاميذ الشهيد ، المجاز منه مع جمع من العلماء في 12 شعبان 757 ( ذ 1 : 247 [ 1302 [ ) ، وصفه الشهيد في الإجازة ب- ( الشيخ الصالح الورع الديّن البدل ، عزّ الدين أبو ... ) ، لكن ليس فيها ذكر جدّه خالد ، وكذا هو نفسه أنهى نسبه إلى جدّه محمّد في إجازته التي كتبها للحسين بن محمّد بن الحسن الحموياني عام 802 ( ذ 1 : 172 [ 866 [ ) (1) ، وإنّما ذكر جدّه خالد صاحب الرياض ، ولكن الحرّ العاملي في القسم الثاني من ( أمل الآمل ) ترجمه بعنوان الحسن بن سليمان بن خالد ، فيظهر أنّ خالداً من أجداده ، وإنّما نسب إليه على ما هو المتعارف في النسبة (2).

كتاب مختصر بصائر الدرجات :

قال الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الكتب التي اعتمد عليها في الوسائل : كتاب الحلل مختصر البصائر ، للشيخ الثقة الجليل ، سعد بن عبد اللّه ، انتخبه الشيخ الفاضل ، الحسن بن سليمان بن خالد ، تلميذ الشهيد (3).

وقد مرّت عبارته في أمل الآمل.

وعدّه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر البحار ، وقال : وكتاب منتخب البصائر للشيخ الفاضل حسن بن سليمان ، تلميذ الشهيد ( رحمه اللّه ). انتخبه من كتاب البصائر لسعد بن عبد اللّه بن أبي خلف ، وذكر فيه من الكتب

ص: 148


1- روضات الجنّات 2 : 293 [ 202 ].
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن التاسع ) 4 : 33 ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن الثامن ) 3 : 40 ، الذريعة 20 : 182 [ 2496 ] ، أعيان الشيعة 5 : 106.
3- خاتمة الوسائل 30 : 155 ، الفائدة الرابعة ، وانظر : أمل الآمل 2 : 66 [ 180 ].

الأُخرى مع تصريحه بأساميها لئلاّ يشتبه ما يأخذه عن كتاب سعد بغيره ، وكتاب المحتضر وكتاب الرجعة له أيضاً (1).

وقال في توثيقه : وكتب البيّاضي وابن سليمان كلّها صالحة للاعتماد ، ومؤلّفاها من العلماء الأنجاد ، وتظهر منها غاية المتانة والسداد (2).

وذكره كلّ من ترجم له ، وذكروا له أيضاً كتاب الرجعة أو إثبات الرجعة أو رسالة في الرجعة (3) ، ولكن محقّق كتاب مختصر البصائر ذكر - مفصّلا - في مقدّمة التحقيق ، أنّ كتاب الرجعة هو كتاب مختصر البصائر ، ونقل عن المحقّق العلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي ( رحمه اللّه ) ذلك أيضاً (4) ، فما فعله الطهراني من التفريق بينهما في الذريعة (5) ، وما قاله الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض من أنّه قد يتوهّم اتّحاد رسالة الرجعة له مع كتاب مختصر البصائر (6) ، غير صحيح ، خاصّة أنّ ما ذكراه من العبارة في أوّل رسالة الرجعة : « إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث من غير طريق سعد بن عبد اللّه ، فأنا مثبتها في هذه الأوراق ، ثمّ أرجع إلى ما رواه سعد بن عبد اللّه في كتاب مختصر البصائر » (7) ، موجود في النسخ المخطوطة ، والمطبوعتين : المحقّقة وغير المحقّقة لكتاب مختصر البصائر (8).

ص: 149


1- البحار 1 : 16 ، مصادر الكتاب.
2- البحار 1 : 33 ، توثيق المصادر.
3- انظر : الذريعة 20 : 182 [ 2496 ] ، رياض العلماء 1 : 193 ، أعيان الشيعة 5 : 106 ، روضات الجنّات 2 : 293 [ 202 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن التاسع ) 4 : 33.
4- مختصر البصائر : 24 و 32 ، مقدّمة التحقيق.
5- الذريعة 1 : 91 [ 439 ] و 10 : 162 [ 293 ].
6- رياض العلماء 1 : 195.
7- مختصر البصائر : 125.
8- انظر : مختصر البصائر : 32 ، 33 ، مقدّمة المحقّق.

إضافة إلى أنّ محقّق كتاب المختصر ، حصل على نسخة للمختصر تحمل عنوان ( الرجعة والردّ على أهل البدعة ) تاريخ نسخها في سنة 1085 ه- ، بيد بهاء الدين محمّد بن علي نقي الطغائي محفوظة في المكتبة الرضويّة (1) ، وهي ظاهراً نفس النسخة التي ذكرها الطهراني تحت عنوان ( إثبات الرجعة ) ، وقال : إنّها بخطّ الشيخ بهاء الدين محمّد ابن المولى علي نقي الكمرئي الطغائي ، تاريخ كتابتها سنة 1085 في كتب مدرسة فاضل خان بالمشهد الرضوي (2) ، كما أنّه ذكر تحت عنوان ( الرجعة ) وجود نسخة في موقوفة الطهراني بكربلاء ، نقل الكاتب في أوّلها عدّة أوراق من كتاب مختصر البصائر إلى آخر حديث تكلّم البعير مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ثمّ بعدها باب الكرّات إلى تمام أحاديثه ، ثمّ العبارة الآنفة الذكر وما بعدها (3) ، وهذا هو ما موجود في كتاب مختصر البصائر المخطوط والمطبوع عيناً.

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) أيضاً تحت عنوان ( مختصر بصائر الدرجات ) : ونسخة من المختصر بخطّ العلاّمة المولى محمّد قاسم بن شجاع الدين النجفي ، كتبه 1079 ، عند الميرزا محمّد علي الأُردبادي النجفي ، رأيته عنده (4) ، وهي نفس النسخة التي طبعت عليها الطبعة غير المحقّقة ، كما ذكر الناشر في أوّلها ، وفيها أيضاً باب الكرّات ، ثمّ هذه العبارة التي مرّت والأحاديث بعدها ، بنفس الترتيب في النسخ المخطوطة ، والمطبوع المحقّق.

فبعض ما رآه الطهراني من المخطوطات بعنوان ( الرجعة ) أو ( إثبات الرجعة ) متّحد مع ( مختصر البصائر ) وبالعكس ، أمّا ما قاله صاحب الرياض

ص: 150


1- مختصر البصائر : 24 ، مقدّمة التحقيق ، و 34 ، النسخ المعتمدة / 1.
2- الذريعة 1 : 91 [ 439 ] ، وانظر : 20 : 182 [ 2496 ].
3- الذريعة 10 : 162 [ 293 ].
4- الذريعة 20 : 182 [ 2496 ].

من وجود نسخة من ( رسالة في الرجعة ) عنده (1) ، فلعلّها مستلّة من ( كتاب المختصر ) ، أو أنّ المؤلّف ألّف هذه الرسالة بعد المختصر مستقّلا ، ثمّ ألحقها بالمختصر ، أو الأرجح أنّه رأى العنوان في أوّلها ب- ( رسالة في الرجعة ) كما وقع للطهراني ، وعلى كلّ حال فمن المؤكّد ، أنّ هذه الرسالة المسمّاة ب- ( الرجعة ) أو ( إثبات الرجعة ) ، موجودة في نسخ ( مختصر البصائر ).

ثمّ إنّ الشيخ حسن بن سليمان الحلّي قال في أوّل كتابه - كما في المخطوطات والمطبوع - : نقلت من كتاب مختصر البصائر تأليف سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمّي ( رحمه اللّه ) (2).

وكذا قال بعد باب الكرّات : يقول العبد الضعيف الفقير إلى ربّه الغني حسن بن سليمان : إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث من غير طريق سعد بن عبد اللّه فأنا مثبتها في هذه الأوراق ، ثمّ أرجع إلى ما رواه سعد بن عبد اللّه في كتاب مختصر البصائر (3).

فهو قد صرّح بأنّه ينقل من مختصر بصائر سعد لا من نفس بصائر سعد ، المذكور في ضمن كتبه عند النجاشي والطوسي (4) ، وغيرهما.

فما حاول تأويله صاحب الذريعة ، في معرض ردّه على صاحب الرياض ، الذي قرأ ( أرجع ) في العبارة - بعد باب الكرّات - بصيغة المتكلّم ، ومقتضاه الوعد بأن يذكر روايات سعد بعد روايات غيره في هذا الكتاب ، مع أنّه لم يذكر فيه شيئاً من روايات سعد أبداً ، فيظهر منه أنّ قوله ( إرجع )

ص: 151


1- رياض العلماء 1 : 194.
2- مختصر البصائر : 46 ، وانظر : تصوير الصفحات الأُولى من المخطوطات في أوّل الكتاب.
3- مختصر البصائر : 125.
4- رجال النجاشي : 177 [ 467 ] ، فهرست الطوسي : 215 [ 316 ].

أمر لمن أراد الاطّلاع على أحاديث سعد أيضاً برجوعه إلى كتابه الآخر الذي ألّفه وأورد فيه أحاديث سعد ، وهو مختصر كتاب البصائر (1) ، غير صحيح ، فإنّ العبارة في أوّل الكتاب صريحة في أنّه نقل من مختصر بصائر سعد ، كما أنّ هذه العبارة الثانية بعد باب الكرّات من ضمن المختصر ، وتأتي بعد ذكر عدّة روايات عن مختصر سعد ، فلا وجه للاعتقاد بالأمر بالرجوع إلى الكتاب الثاني ، فلا كتاب ثاني هناك ، كما أنّ كلمة ( ثمّ ) قبلها لا تناسب الأمر ، بل يفهم منها أنّه سوف يرجع بعد حين إلى روايات سعد ، فتأمّل!

فما استفاده صاحب الرياض ، ومحقّق كتاب مختصر البصائر ( مشتاق المظفّر ) صحيح في بعضه ، وهو أنّ الشيخ حسن انتخب من مختصر البصائر لسعد لا من نفس البصائر.

قال الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض : لكن قال نفسه في أثناء كتاب منتخب البصائر : إنّ كتاب منتخب البصائر لسعد بن عبد اللّه ، فلعلّ أصل كتاب البصائر لمحمّد بن حسن الصفّار ، والاختصار لسعد بن عبد اللّه ، والانتخاب لهذا الشيخ - فلاحظ - ، ويؤيّده ما سيجيء من عبارته (2) ، ويقصد العبارة الثانية بعد باب الكرّات التي مرّت.

وقال بعد نقلها : لكن الحقّ ما حقّقناه ، نعم ، في هذه العبارة دلالة على ما قلناه من أنّ أصل البصائر لغير سعد بن عبد اللّه ، ولكن المختصر له ، والانتخاب منه لهذا الشيخ ، فتدبّر (3).

ص: 152


1- الذريعة 3 : 124 [ 415 ] ، وانظر : الذريعة 1 : 91 [ 439 ].
2- رياض العلماء 1 : 194 ، ويقصد بما سيجيء من عبارته العبارة التي في أوّل رسالة إثبات الرجعة التي نقلناها.
3- نفس المصدر 1 : 195.

وأيّده محقّق كتاب مختصر البصائر ( مشتاق المظفّر ) ، وأورد أدلّته عليه من قول الشيخ حسن الذي نقلناه من أوّل الكتاب ، وقول الحرّ العاملي الذي أوردناه من خاتمة الوسائل ، وهو قوله : كتاب الحلل مختصر البصائر ... ، وما قاله في الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة مكرّراً ، ما نصّه : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في رسالته نقلا من كتاب مختصر البصائر لسعد بن عبد اللّه ، ونقل المحقّق موارد عديدة منها (1).

فهي تدلّ على أنّ النقل كان من مختصر البصائر لا البصائر.

ولكن البعض الآخر من كلام الأفندي ، وهو أنّ كتاب سعد مختصر من كتاب الصفّار ، وموافقة محقّق الكتاب عليه ، غير صحيح ، وذلك :

إنّ النجاشي والطوسي ، وغيرهما ، نصّوا على أنّ لسعد بن عبد اللّه كتاب البصائر ، وأضاف الطوسي ( ت 450 ه- ) أنّه أربعة أجزاء (2) ، كما أشار إلى ذلك العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) (3) والسيّد الأمين ( ت 1371 ه- ) (4) ، ولم يذكر أحد أنّ له مختصر البصائر ، فهذا المختصر الذي انتخب منه الشيخ حسن قد يكون لسعد نفسه اختصره من كتابه البصائر ، أو لغيره اختصره من كتاب سعد ( بصائر الدرجات ).

وأمّا أنّ مختصر بصائر سعد ليس مختصر لبصائر الصفّار ، فقد طابقت روايات المختصر على روايات بصائر الصفّار المطبوع ( والمسمّى بالكبرى ) (5) ، ووجدت من مجموع ( 264 ) رواية نقلها الشيخ حسن

ص: 153


1- مختصر البصائر : 29 ، مقدّمة التحقيق.
2- رجال النجاشي : 177 [ 467 ] ، وفهرست الطوسي : 215 [ 316 ].
3- الذريعة 3 : 124 [ 415 ].
4- أعيان الشيعة 5 : 107.
5- 5 - هناك نسخ عديدة لبصائر الصفّار على قسمين : كبرى وصغرى ، وقد أشار إلى ذلك الحرّ العاملي في خاتمة الوسائل 30 : 155 ، الفائدة الرابعة.

من المختصر ( 110 ) رواية لا توجد في بصائر الصفّار ، منها : ( 45 ) رواية في الرجعة لا يوجد منها أثر في بصائر الصفّار ، إضافة إلى أكثر من (15) رواية تختلف عمّا موجود في بصائر الصفّار من إضافة في السند أو المتن ، أي حوالي نصف الروايات المنقولة عن مختصر بصائر سعد غير موجودة ، أو مختلفة عمّا موجود في بصائر الصفّار ، فكيف يصحّ أنّ مختصر سعد هو مختصر من بصائر الصفّار!

وهناك شيء آخر ، فإنّ الشيخ حسن بن سليمان الحلّي ، نقل في القسم الثاني من مختصر البصائر عدّة روايات عن غير مختصر بصائر سعد ، منها : عدّة روايات صرّح أنّها من بصائر الصفّار ، وقد طابقت هذه الروايات للصفّار على مصوّرة نسخة صغرى من بصائر الدرجات للصفّار بخطّ الحرّ العاملي ، نسخها بتاريخ ( 1046 ه- ) على نسخة الشيخ زين الدين ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين العاملي ( الشهيد الثاني ) ، حفيد ابن الشهيد الثاني مؤرّخة سنة ( 1033 ه- ) ، كتبت في أربعة أجزاء ، موجودة في مكتبة جامعة طهران تحت رقم ( 1061 ) ، فوجدت ما نقله مطابقاً بالحرف والترتيب لما مذكور في هذه البصائر الصغرى ، والتي ظاهرها أنّها مختصرة من البصائر الكبرى ، حيث إنّ رواياتها مطابقة لما يقابلها في الكبرى بالترتيب والأبواب ، إلى منتصف الجزء التاسع من الكبرى ، وبالتالي فإنّ الشيخ حسن لم ينقل ولا رواية من النصف الثاني للجزء التاسع إلى تمام الجزء العاشر من بصائر الصفّار الكبرى ، وما أورده من روايات موجودة في هذا الجزء والنصف الباقي نقله من مختصر بصائر سعد لا بصائر الصفّار ، فالظاهر أنّه لم يطّلع على الجزء والنصف الأخيرين من بصائر الصفّار ، وذلك لوجود النسخة الصغرى عنده لا الكبرى ، ( مع

ص: 154

ملاحظة جديرة بالتأمّل ، أنّ الشيخ حسن من تلامذة الشهيد الأوّل ، ووقوع الشهيد الأوّل في طرق إجازات الشهيد الثاني ، ثمّ ولده وحفيد ولده والحرّ العاملي واضح ) (1).

ولا مجال للاحتمال بأنّ ما كان موجوداً عند الشيخ حسن من مختصر بصائر سعد ، هو في الحقيقة نصف الجزء التاسع والجزء العاشر من بصائر الصفّار الكبرى ، وأنّ هناك خطأً ، إمّا من الشيخ حسن أو من الناسخ بنسبتها إلى سعد بن عبد اللّه القمّي ; لأنّا ذكرنا وجود حوالي 125 رواية فيه لا توجد في بصائر الصفّار.

وأمّا روايات النصف الآخر ( حوالي 139 ) التي ذكرها الشيخ حسن من مختصر سعد وتوجد في بصائر الصفّار ، فقد وجدناها مطابقة بترتيبها لما موجود في بصائر الصفّار ، ومنها روايات حديث الثقلين التي أوردناها ، إلاّ في عدّة حالات شاذّة ، وتختلف في ترتيب الأبواب ، فهو ما لم أجد له تفسيراً مقنعاً ، سوى ما ذكر من الجميع من أنّ سعد بن عبد اللّه القمّي ومحمّد بن الحسن الصفّار متعاصران وشيوخهما متّحدان ، ولكن هذا لا يفسّر سبب توافقهما في ترتيب الروايات ، وعلى كلّ ، فقد ظهر أنّ بصائر سعد هي غير بصائر الصفّار ، وهما غير مختصر بصائر سعد الذي نقل منه الشيخ حسن ، والمجهول المختصِر ، وهي غير مختصر بصائر الشيخ حسن ابن سليمان الحلّي ، والذي يسمى أيضاً ( إثبات الرجعة ) أو ( الرجعة ).

ص: 155


1- راجع خاتمة الوسائل ، الفائدة الخامسة.

ص: 156

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة ) القرن الرابع الهجري

اشارة

ص: 157

ص: 158

(12) كتاب : تفسير فرات لأبي القاسم فرات بن إبراهيم الكوفي ( أواخر القرن الثالث - أوائل القرن الرابع )

الحديث :

فرات ، قال : حدَّثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعناً ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، في قول اللّه تعالى ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُم ) ، قال : « نزلت في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ».

قلت : إنّ الناس يقولون فما منعه أن يسمّي عليّاً وأهل بيته في كتابه؟

قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « فتقولون لهم إنّ اللّه أنزل على رسوله الصلاة ، ولم يسمّ ثلاثاً وأربعاً ، حتّى كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) هو الذي فسّر ذلك لهم ، وأنزل الحجّ ، فلم ينزل طوفوا أُسبوعاً ، ففسّر لهم ذلك رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وأنزل اللّه ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُم ) ، نزلت في علي ابن أبي طالب والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، فقال فيه : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : أوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي ، إنّي سألت اللّه أن لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني ذلك ، فلا تعلّموهم فهم أعلم منكم ، إنّهم لم يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم من باب ضلالة ، ولو سكت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ولم يبيّن أهلها ، لادّعاها آل عبّاس وآل عقيل وآل فلان وآل فلان ، ولكنّ اللّه أنزل في كتابه :

ص: 159

( إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة ( عليهم السلام ) تأويل هذه الآية ، فأخذ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، فأدخلهم تحت الكساء في بيتِ أمّ سلمة ، فقال : اللّهم إنّ لكلّ نبيّ ثقلا وأهلا فهؤلاء ثقلي وأهلي ، فقالت أمّ سلمة : ألست من أهلك؟

فقال : إنّك إلى خير ، ولكن هؤلاء ثقلي وأهلي ، فلمّا قُبض رسواللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، كان علي أولى الناس بها لكبره (1) ، ولِما بلّغ فيه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وأقامه وأخذه بيده » (2).

وستأتي هذه الرواية في تفسير العيّاشي مرسلة ، ولكن رواها الحاكم الحسكاني ( توفي أواخر القرن الخامس ) في شواهد التنزيل عنه مسندة (3).

فرات بن إبراهيم الكوفي :

لم تنقل لنا ترجمة له في الكتب الرجاليّة المعروفة ، إلاّ في بعض الكتب المتأخّرة ، ولكنّه ورد في أسانيد الصدوق ( ت 381 ه- ) في كتبه (4) ، وفي تفسير القمّي ( ت بعد 307 ه- ) (5) ، وفضل زيارة الحسين ( عليه السلام ) لابن الشجري ( ت 445 ه- ) (6) ، ونقل عنه الحاكم الحسكاني في شواهد

ص: 160


1- المقصود من ( كبره ) ، أي أكبر وأفضل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، الذين عيّنهم رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ).
2- تفسير فرات : 110 ح 112 ، سورة النساء : 59 ( يا أيّها الّذيْنَ آمنوا أطيِعُوا اللّه وأَطيِعُوا الرّسول وأُولي الأمرِ مِنْكم ).
3- انظر ما ذكرناه في تفسير العيّاشي ، الحديث الرابع.
4- انظر الأمالي للصدوق ، وغيره من كتبه الأُخرى.
5- تفسير القمّي 2 : 331 ، آية (24) ، سورة ( ق ) : ( أَلقيا فِي جَهنّم كُلّ كَفّار عَنيِد ) و 437 ، سورة المطفّفين (7) : ( كُلاّ إنّ كِتَابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّين ).
6- 6 - انظر فضل زيارة الحسين ( عليه السلام ) لابن الشجري : 46 [ 22 ] ، 49 [ 26 ] ، 50 [ 27 ]، 64 [ 46 ] ، 68 [ 52 ] ، 75 [ 61 ] ، 77 [ 65 ] ، 78 [ 67 ] ، 83 [ 73 ] ، 91 [ 84 ] ، 93 [ 87 ].

التنزيل (1).

والظاهر من كتابه ومن الروايات التي نقلت عنه ، أنّه كان كثير الحديث ، ومن طبيعة ومضمون هذه الروايات وأنّ أغلبها مسندة إلى الإماميين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، يظهر أنّه كان إماميّ المذهب.

فقد قال عنه العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) : وتفسير فرات وإن لم يتعرّض الأصحاب لمؤلّفه بمدح ولا قدح ، لكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الأحاديث المعتبرة ، وحسن الضبط في نقلها ، ممّا يعطي الوثوق بمؤلّفه وحسن الظنّ به ، وقد روى الصدوق ( رحمه اللّه ) عنه أخباراً بتوسّط الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي ، وروى عنه الحاكم أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل ، وغيره (2).

وقال الميرزا محمّد باقر الخوانساري الإصبهاني ( ت 1313 ه- ) : صاحب كتاب التفسير الكبير الذي هو بلسان الأخبار ، وأكثر أخباره في شأن الأئمّة الأطهار عليهم سلام الملك الغفّار ، وهو مذكور في عداد تفسيري العيّاشي وعلي بن إبراهيم القمّي ، ويروي عنه في الوسائل والبحار على سبيل الاعتماد والاعتبار ، ذكره المحدّث النيسابوري في رجاله بعد ما تركه سائر أصحاب الكتب في الرجال ، فقال : له كتاب تفسيره المعروف عن محمّد بن أحمد بن علي الهمداني ... ، ثمّ نقل كلام العلاّمة المجلسي السابق.

ص: 161


1- انظر : شواهد التنزيل 1 : 56 [ 57 ] ، 78 [ 92 ] ، 151 [ 164 ] ، 183 [ 195 ] ، 208 [ 215 ] و 267 [ 262 ] و 336 [ 345 ] ، وغيرها ، راجع فهرست شواهد التنزيل.
2- البحار : 1 : 37 ، ونقل كلامه الميرزا عبد اللّه الأفندي ( ت 1130 ه- ) في رياض العلماء4 : 337.

ثمّ قال : وقال بعض أفاضل محقّقينا في حواشيه على كتاب ( منهج المقال ) - بعد الترجمة له في الحاشية بما قدّمناه لك في العنوان - : له كتاب تفسير القرآن ، وهو يروي عن الحسين بن سعيد من مشايخ الشيخ أبي الحسن علي بن بابويه ، وقد روى عنه الصدوق بواسطة ، ونقل من تفسيره أحاديث كثيرة في كتبه ، وهذا التفسير يتضمّن ما يدلّ على حسن اعتقاده ، وجودة انتقاده ، ووفور علمه ، وحسن حاله ، ومضمونه موافق للكتب المعتمدة ... (1).

وذكره المامقاني ( ت 1351 ه- ) بمضمون ما سبق ، ثمّ قال : أقول : إنّ أقلّ ما يفيده كونه من مشايخ علي بن بابويه ، وإكثار الصدوق ( رحمه اللّه ) الرواية عنه ، وكذا رواية الشيخ الحرّ ( رحمه اللّه ) والفاضل المجلسي ( رحمه اللّه ) عنه ، هو كون الرجل في أعلى درجات الحسن ، بعد استفادة كونه إماميّاً من الأخبار التي رواها ، والعلم عند اللّه تعالى (2).

وقال التستري ( ت 1415 ه- ) - بعد ما ذكر ملخّصاً ممّا سبق - : أقول : وقد طبع تفسيره في هذه الأعصار ، إلاّ أنّ الغريب عدم ذكر الكشّي والشيخ في الرجال والفهرست والنجاشي له أصلا (3).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) - بعد أن ذكر أنّه أكثر الرواية عن الحسين بن سعيد الكوفي - : وكذلك أكثر فيه من الرواية عن جعفر بن محمّد بن مالك البزّاز الفزّاري الكوفي ( المتوفّى حدود 300 ) ، وكان هو المربّي والمعلّم لأبي غالب الزرّاري ( المولود 285 ) ، بعد إخراجه عن الكتب وجعله في البزّازين ... ، وكذلك أكثر من الرواية عن عبيد بن كثير

ص: 162


1- روضات الجنّات 5 : 353 [ 542 ].
2- تنقيح المقال 2 : 3.
3- قاموس الرجال 8 : 376 [ 5875 ].

العامري الكوفي ( المتوفّى 294 ) مؤلّف كتاب ( التخريج ) ... ، وكذلك يروي فيه عن سائر مشايخه البالغين إلى نيّف وماية ، كلّهم من رواة أحاديثنا بطرقهم المسندة إلى الأئمّة الأطهار ( عليهم السلام ) ، وليس لأكثرهم ذكر ولا ترجمة في أُصولنا الرجاليّة ، ولكن مع الأسف ، أنّه عمد بعض إلى إسقاط أكثر تلك الأسانيد ، واكتفى بقوله مثلا ( فرات عن حسين بن سعيد معنعناً عن فلان ) ، وهكذا في غالب الأسانيد ، فأشار بقوله معنعناً إلى أنّ الرواية التي ذكرها كانت مسندة معنعنة ، وإنّما تركها للاختصار.

ويروي التفسير عن فرات والد الشيخ الصدوق ، وهو أبو الحسن علي ابن الحسين بن بابويه ( ت 329 ه- ) ، كما أنّه يروي والد الصدوق أيضاً عن علي بن إبراهيم المفسّر القمّي ( الذي توفّي بعد 307 ه- ) ، ولعلّ فرات أيضاً بقي إلى حدود تلك السنة ... ، ثمّ قال : ونسخه كثيرة في تبريز والكاظميّة والنجف الأشرف.

ثمّ ذكر قريباً ممّا ذكرناه آنفاً من اعتماد الصدوقين والحسكاني وعلي ابن إبراهيم ، ونقل كلام العلاّمة المجلسي (1).

كما ذكره السيّد حسن الصدر ( ت 1354 ه- ) في تأسيس الشيعة ، وقال : وهو من علماء عصر الجواد ( عليه السلام ) (2).

ويظهر من كلّ ما نقلناه من كلمات الأعلام ، ترجيح كونه إماميّ العقيدة ، وأمّا ما ذكره محقّق الكتاب الأخ محمّد كاظم في مقدّمته ، وتبعه آخرون ، من أنّه ربّما كان من الناحية الفكريّة والعقائديّة زيديّاً (3) ، فإنّه

ص: 163


1- الذريعة 4 : 298 [ 1309 ] ، كما ذكره أيضاً في طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 216.
2- تأسيس الشيعة : 332.
3- تفسير فرات الكوفي : 11 ، مقدّمة المحقّق.

مجرّد فرض واحتمال لا أكثر ، فإنّ مجرّد نقل أكثر من رواية في كتابه عن زيد بن علي ( رضي اللّه عنه ) تنفي العصمة عن غير الخمسةِ - أصحاب الكساء - (1) ، لا يدلّ على زيديّته ، بعد ما عرفت أنّه ينقل في كتابه الروايات الواصلة إليه عن طريق شيوخه بخصوص الآيات النازلة في أهل البيت ( عليهم السلام ) من مختلف الرواة ، سواء كانوا إماميّة أو زيديّة أو واقفيّة ، وحتّى من العامّة ، مع كثرة رواياته المسندة إلى الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، والتي في كثير منها دلالة على إمامتهما.

وأمّا القول في أسانيده ومشايخه ، وأنّ فيهم كثيراً من الزيديّة ، فقد عرفت أنّ كثيراً منهم لم يترجم لهم ، والآخرين صرّح أعلامنا بأنّهم من رواة أحاديثنا ، كما مرّ.

وأمّا رواياته في كتابه ، فهي أدلّ على ما نقول من إماميّته لا زيديّته ، كما عرفت ذلك سابقاً ، خاصّة بعد ضمّ ما رواه عنه الصدوق ( رحمه اللّه ) ووالده.

وعلى كلّ حال ، فرواية حديث الثقلين هنا معنعنة ، ولكنّها ذكرت في كتب أُخرى مسندة ، كما سيأتي.

تفسير فرات :

هو واحد من التفاسير الروائيّة القديمة ، إذ إنَّ مؤلّفه كان من أعلام أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع ، جمع فيه الروايات الخاصّة بالآيات النازلة بحقّ أهل البيت ( عليهم السلام ) غالباً ، مع بعض الروايات الخارجة عن هذا الموضوع ، ومعظم الروايات مسندة إلى الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، وهناك روايات أُخرى عن الصحابة والتابعين أو غيرهم من رواة أهل السنّة أو الزيديّة ، بعضها عن زيد بن علي ( رضي اللّه عنه ).

ص: 164


1- تفسير فرات الكوفي : 339 ح 464 ، و 402 ح 536.

وقد أورد عنه الحاكم أبو القاسم الحسكاني ( توفّي أواخر القرن الخامس ) في كتابه شواهد التنزيل (1) ، ومن الشيعة العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار (2) ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة (3).

وقال الحرّ في مقدّمة كتابه المذكور ، الفائدة التاسعة : إعلم أنّ لنا طرقاً إلى رواية الكتب التي نقلنا منها والأحاديث التي جمعناها ... ، إلى آخر ما نقلناه سابقاً عند الكلام عن كتاب سُليم (4) ممّا قاله في الفائدة الرابعة من خاتمة الوسائل عند ذكره للكتب المعتمدة عنده ، وقد عدّ منها في رقم [ 80 ] تفسير فرات بن إبراهيم ، وكذا ما ذكره من طرقه هناك (5).

وتوجد منه الآن عدّة نسخ ، إحداها نسخة يقع تاريخها بين أوائل القرن التاسع إلى أوائل القرن الحادي عشر ، ولكنّها نسخة ملخّصة غير كاملة ، قد تكون هي نسخة العلاّمة المجلسي ( رحمه اللّه ) ، وهناك نسخة هي نسخة المحدّث الشيخ حسين النوري ( رحمه اللّه ) ، استنسخت على نسخة تاريخها 1083 ه-.

أمّا هذه النسخة المطبوعة ، فأصلها نسخة في مكتبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في النجف الأشرف ، كتبت بداية القرن الرابع عشر ، وقد سقط عامّة أسانيدها - كما لاحظت ذلك في رواية حديث الثقلين - إلاّ بعضها ، ولا يعرف من أسقطها ، إلاّ أنّ نسخة الحاكم الحسكاني كانت

ص: 165


1- انظر شواهد التنزيل 1 : 56 [ 57 ] ، و 78 [ 92 ] ، و 151 [ 164 ] ، و 183 [ 195 ] ، وغيرها ، راجع فهرست شواهد التنزيل.
2- انظر : البحار 1 : 19 ، 37 ، ورمز له ب- ( فر ).
3- انظر : إثبات الهداة 3 : 89 ، فصل ( 55 ).
4- راجع ما كتبناه عن كتاب سُليم بن قيس.
5- خاتمة الوسائل 30 : 159 ، الفائدة الرابعة.

مسندة ، كما يلاحظ من الروايات التي نقلها عن تفسير فرات في شواهد التنزيل.

وراوي هذه النسخة المطبوعة ، هو أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني ، عن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الرحمن العلوي الحسني أو الحسيني ، عن فرات ، كما موجود في بداية الكتاب (1).

وأمّا حديث الثقلين الوارد فيه ، فقد حذف إسناده كما رأيت ، فأصبح معنعناً ، ولكنّا حاولنا تخريج نفس الحديث بأسانيد أُخرى من كتب أُخرى ، فقد أخرجه العيّاشي في تفسيره كما مرّ آنفاً ، وسيأتي.

ص: 166


1- لخّصنا هذا العنوان من مقدّمة تفسير فرات ، تحقيق : محمّد كاظم.

(13) كتاب : تفسير القمّي لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمّي ( رحمه اللّه ) ( كان حيّاً سنة 307 ه- )

الحديث :

الأوّل : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في حجّة الوداع في مسجد الخيف : « إنّي فرطكم وإنّكم واردون عليّ الحوض ، حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه قدحان من فضّة عدد النجوم ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين » ، قالوا : يا رسول اللّه ، وما الثقلان؟

قال : « كتاب اللّه الثقل الأكبر ، طرف بيد اللّه وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به لن تضلّوا ولن تزلّوا ، والثقل الأصغر عترتي وأهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، كإصبعيّ هاتين - وجمع بين سبّابتيه - ، ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبّابته والوسطى - فتفضل هذه على هذه » (1).

تنبيه : قد يكون هذا الحديث الموجود في المقدّمة ، ليس من رواية علي بن إبراهيم ، وإنّما هو والمقدّمة كلّها من كلام راوي التفسير عن علي ابن إبراهيم ، وهو أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن القاسم ، أو الراوي عنه ، الذي يقول حدّثني أبو الفضل في أوّل تفسير ( بسم اللّه الرحمن الرحيم ) ، وسيأتي مفصّلا.

ص: 167


1- تفسير القمّي 1 : 16 ، المقدّمة ، وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 129 ح 61 ، باب فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ).

الثاني : وقوله : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) ، قال (1) : نزلت هذه الآية في علي ، ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، قال : نزلت هذه الآية في منصرف رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من حجّة الوداع ، وحجّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حجّة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة ، فكان من قوله بمنى ، أن حمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، اسمعوا قولي واعقلوه عنّي ، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا » ، ثمّ قال : ...

ثمّ قال : « أيّها الناس ، إحفظوا قولي تنتفعوا به بعدي ، وافهموه تنعشوا ، ألا لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا ، فإن فعلتم ذلك ولتفعلن لتجدوني في كتيبة بين جبرائيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف » ، ثمّ التفت عن يمينه ، فسكت ساعة ، ثمّ قال : « إن شاء اللّه أو علي بن أبي طالب ».

ثمّ قال : « ألا وإنّي قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ، ومن خالفهما فقد هلك ، ألا هل بلّغت »؟ قالوا : نعم ، قال : « اللّهم اشهد ».

ثمّ قال : « ألا وإنّه سيرد علي الحوض منكم رجال فيدفعون عنّي ، فأقول ربّ أصحابي ، فقال (2) : يا محمّد ، إنّهم أحدثوا بعدك ، وغيّروا سنّتك ، فأقول : سحقاً سحقاً ».

ص: 168


1- القول : لعلي بن إبراهيم القمّي ، وهذا القول إمّا موقوف عليه وهو من تفسيره ، أو أخذه من شيوخه رواية عن الأئمّة ( عليهم السلام ) فهو مرسل ، أو مسند بأحد الطرق التي ذكرها علي بن إبراهيم عن شيوخه في هذا التفسير ، وهي كثيرة.
2- الظاهر أنّها ( فيقال ).

فلمّا كان آخر يوم من أيّام التشريق ، أنزل اللّه : ( اِذَا جَاء نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) ، فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « نُعيت إليّ نفسي ».

ثمّ نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف ، فاجتمع الناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : « نصر اللّه امرءاً ، سمع مقالتي فوعاها وبلّغها من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن : قلب امرء مسلم أخلص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، ولزم جماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم ، المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذّمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.

أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين » ، قالوا : يا رسول اللّه ، وما الثقلان؟

قال : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، كأصبعيّ هاتين - وجمع بين سبّابتيه - ، ولا أقول كهاتين - وجمع سبّابته والوسطى - ، فتفضل هذه علي هذه ».

فاجتمع قوم من أصحابه ، وقالوا : يريد محمّد أن يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج أربعة نفر منهم إلى مكّة ، ودخلوا الكعبة ، وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا في ما بينهم كتاباً ، إن مات محمّد أو قتل ، أن لا يردّوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً ... (1).

ص: 169


1- تفسير القمّي 1 : 179 - 181 ، تفسير سورة المائدة ، الآية ( يا أَيّها الرّسولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إليْكَ ... ) ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في تفسير الصافي 2 : 67 سورة المائدة ( 67 ) إثبات الهداة 1 : 631 ح 727 ، فصل (40) ، و 1 : 634 ح 739 ، الفصل (40) ، المورد الثاني ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 37 : 113 ح 6 ، والحويزي ( ت 1112 ) في نور الثقلين 1 : 655 ح 299. وقد جاءت بعض مقاطع هذا الحديث مسندة ، كما في الخصال : 149 ح 182، باب الثلاثة ، هكذا : حدَّثنا أبي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : خطب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الناس بمنى في حجّة الوداع في مسجد الخيف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : « نضر اللّه عبداً سمع مقالتي فوعاها ... » إلى قوله : « وهم يد على من سواهم ».

الثالث : جاء في تفسير سورة الرحمن ، في قوله تعالى :

( عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ، قال (1) : حدَّثني أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، في قوله : ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) ، قال ( عليه السلام ) : « اللّه علّم محمّداً القرآن ... ، » قوله : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال (2) : « نحن وكتاب اللّه ، والدليل على ذلك قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي » (3).

الرابع : جاء في تفسير سورة النصر ، في قوله تعالى :

( اِذَا جَاء نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) ، قال (4) : نزلت بمنى في حجّة الوداع (5) ( اِذَا جَاء نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) ، فلمّا نزلت ، قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (6) : « نُعيت إليّ نفسي ، فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس (7) ، ثمّ قال : نصر اللّه امرءاً

ص: 170


1- القائل علي بن إبراهيم القمّي.
2- الظاهر أنّ القائل هو الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، بدليل ما تقدّم من السؤال له في أوّل الرواية ، وقوله هنا : نحن وكتاب اللّه.
3- تفسير القمّي 2 : 323 ، تفسير سورة الرحمن ، آية : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّها الَثّقَلانِ ) ، وعنه الكاشاني في الصافي 5 : 110 ، الرحمن : 31 ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 4 : 267 ح 4 ، والحويزي في نور الثقلين 5 : 193 ح 32.
4- القائل : علي بن إبراهيم القمّي.
5- في الرواية السابقة ( الحديث الثاني ) ، فلمّا كان آخر يوم من أيّام التشريق ، أنزل اللّه : ( إذا ... ).
6- في الرواية السابقة : فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : ...
7- في الرواية السابقة : ثمّ نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف ، فاجتمع الناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : « نصر اللّه ... ».

سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

ثلاث لا يغل عليه (1) : قلب امرىء مسلم أخلص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم (2) ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم (3).

أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم ثقلين (4) ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ولن تزلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يتفرّقا (5) حتّى يردا عليّ الحوض ، كإصبعيّ هاتين - وجمع بين سبّابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبّابته والوسطى - ، فيفضل (6) هذه على هذه » (7).

علي بن إبراهيم القمّي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح

ص: 171


1- في الرواية السابقة : عليهن.
2- في الرواية السابقة : ولزم جماعتهم.
3- في الرواية السابقة ، زيادة بعدها : المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذّمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم.
4- في الرواية السابقة : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، قالوا : يا رسول اللّه ، وما الثقلان؟ قال : « كتاب اللّه ... ».
5- في الرواية السابقة : يفترقا.
6- في الرواية السابقة : فتفضل.
7- تفسير القمّي 2 : 449 ، تفسير سورة النصر ، وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 624 ح 729 ، فصل (40) ، البرهان 4 : 517 ح 4 ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 27 : 68 ح 5 ، والحويزي ( ت 1112 ه- ) في نور الثقلين 5 : 690 ح 10.

المذهب ، سمع فأكثر ، وصنّف كتباً ، وأضرّ في وسط عمره (1).

وبنفس العبارة ذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة (2) ، وببعضها ابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله (3).

وقال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) في الوجيزة : ثقة (4).

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) : كان في عصر أبي محمّد الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، وبقي إلى ( 307 ) ، فإنّه روى الصدوق ( ت 381 ه- ) في ( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ) عن حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ( سنة 307 ) ... ، وفي بعض أسانيد ( الأمالي ) و ( الإكمال ) ، هكذا : حدَّثنا حمزة بن محمّد ... ، بقم ( في رجب 339 ) ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، في ما كتبه إليّ في سنة سبع وثلاثمائة (5).

تفسير القمّي :

ذكر النجاشي ( ت 450 ه- ) في ضمن كتبه كتاب التفسير ، وقال : وله كتاب التفسير.

ثمّ قال : أخبرنا : محمّد بن محمّد ، وغيره ، عن الحسن بن حمزة بن علي بن عبيد اللّه ، قال : كتب إليّ علي بن إبراهيم بإجازة سائر حديثه وكتبه (6).

ص: 172


1- رجال النجاشي : 260 [ 680 ].
2- خلاصة الأقوال : 187 [ 556 ].
3- رجال ابن داود 135 [ 1018 ].
4- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 255 [ 1193 ] ، انظر : منهج المقال : 223 ، تنقيح المقال 2 : 260 ، قاموس الرجال 7 : 264 [ 4977 ] ، مجمع الرجال 4 : 152 ، بلغة المحدّثين : 379 [ 32 ] ، جامع الرواة 1 : 545 ، بهجة الآمال 5 : 354.
5- الذريعة 4 : 302 [ 1316 ] ، وانظر : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 226 ح 13 ، والأمالي : 116 ح 101 ، و 327 ح 384 ، و 708 ح 976 ، ولم أجده في الإكمال.
6- رجال النجاشي : 260 [ 680 ].

وقال الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : له كتب منها : كتاب التفسير ... ، أخبرنا بجميعها جماعة ، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري ، عن علي بن إبراهيم.

وأخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، ومحمّد بن الحسن وحمزة بن محمّد العلوي ومحمّد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، إلاّ حديثاً واحداً ، استثناه من كتاب الشرايع في تحريم لحم البعير ، وقال : لا أرويه ... (1).

وكذا نسبه إليه كلّ من تعرّض له.

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الكتب التي اعتمد عليها في الوسائل (2) ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) ضمن مصادر البحار (3) ، وذكر الحرّ طرقه إليه (4).

والتفسير المتداول الآن والمطبوع باسم تفسير القمّي ، يتكوّن من قسمين :

أحدهما : ما رواه علي بن إبراهيم القمّي ، والذي يمثّل تفسير القمّي في الواقع.

ثانيهما : روايات في التفسير عن أبي الجارود ، أدخلها في ضمن تفسير القمّي ، راوي التفسير أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، أو الراوي عنه ، حيث قال في أوّل التفسير ، في تفسير ( بِْسمِ اللّه الرّحْمنِ اَلْرَحيمِ ) : حدَّثني أبو الفضل العبّاس ابن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، قال : حدَّثنا أبو

ص: 173


1- فهرست الطوسي : 266 [ 380 ].
2- خاتمة الوسائل 30 : 157 [ 46 ].
3- البحار 1 : 8 و 27.
4- خاتمة الوسائل 30 : 179.

الحسن علي بن إبراهيم ... (1) ، فقوله : ( حدَّثني ) يدلّ على شخص آخر غير أبي الفضل العبّاس ، ولكن الروايات المسندة إلى أبي الجارود ، رويت عن شيوخ معاصرين لعلي بن إبراهيم أو بعده بقليل ، كما ذكر ذلك الطهراني في الذريعة ( ت 1389 ه- ) (2) ، ورجّح بسببه هو وغيره (3) ، أنّ الجامع للتفسيرين هو أبو الفضل العبّاس بن القاسم.

وقد جاء في مقدّمة التفسير : ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض اللّه طاعتهم ، وأوجب ولايتهم ، ولا يقبل عمل إلاّ بهم ، وهم الذين وصفهم اللّه تبارك وتعالى ، وفرض سؤالهم والأخذ منهم ، فقال ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) (4) ، حيث اعتمد هذه العبارة بعض أكابر الأعلام في توثيق كلّ رجال تفسير القمّي (5) ، ولكن بعد أن حقّق آخرون أنّه يتضمّن تفسيرين لعلي بن إبراهيم وأبي الجارود ، قسّموا الرجال الواردين فيه ، إلى قسمين : الأوّل : رجال علي بن إبراهيم ، وهم المشمولون بالتوثيق ، والثاني : رجال أبي الجارود ، غير المشمولين بالتوثيق (6).

ولكن من أين يمكن إثبات أنّ المقدّمة هي لعلي بن إبراهيم ، بل بعد أن ثبت أنّ التفسير مجموع من تفسيرين بتوسّط شخص ثالث ; يترجّح أنّها ليست لعلي بن إبراهيم.

ص: 174


1- تفسير القمّي 1 : 39.
2- الذريعة 4 : 304 ، في المتن والهامش.
3- أُصول علم الرجال : 164 ، كليّات في علم الرجال : 313.
4- تفسير القمّي 1 : 16 ، المقدّمة.
5- الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) ، في خاتمة الوسائل 30 : 202 ، الفائدة السادسة ، ووافقه على ذلك السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) ، في معجم رجال الحديث 1 : 49.
6- أُصول علم الرجال : 165 ، كليّات في علم الرجال : 313.

فالمقدّمة تتكوّن من قسمين : القسم الأوّل صيغ بالأسلوب المعهود للمقدّمات ، من الحمد وذكر صفات الخالق جلّ وعلا ، والصلاة على النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وذكر معجزته القرآن الكريم ، ووصف أمير المؤمنين له ، وأنّ الأئمّة ( عليهم السلام ) هم العدل الثاني للقرآن ، ومن ضمنها العبارة التي نقلناها سابقاً في توثيق رواة التفسير ، وجاء في نهايته في بعض النسخ المطبوعة ( قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمّي ) ، كبداية للقسم الثاني.

والقسم الثاني : هو بعض الروايات في علوم القرآن ، مختصرة من روايات مبسوطة عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أوردها النعماني بطولها في أوّل تفسيره ، وأخرجها منه المرتضى ، وجعل لها خطبة ، وتسمّى برسالة المحكم والمتشابه ، وأُدرجت بعينها في البحار (1) ، وذكر في بدايتها سندها ، وليس فيه علي بن إبراهيم ، وذكر في آخرها أنّه وجد رسالة قديمة مفتتحها ، هكذا : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثني سعد الأشعري القمّي أبو القاسم ( رحمه اللّه ) ، وهو مصنّفه : الحمد لله ... ، روى مشايخنا ، عن أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : قال أمير المؤمنين ( صلوات اللّه عليه ) : أنزل القرآن على سبعة أحرف ... ، وساق الحديث إلى آخره ، لكنّه غيّر الترتيب ، وفرّقه على الأبواب ، وزاد في ما بين ذلك بعض الأخبار (2).

أقول : وقد راجعت ما نقله من هذه الرسالة (3) فوجدت فيه بعض روايات مقدّمة تفسير القمّي.

وقد أدخل كاتب هذه المقدّمة المختصرة بعض الروايات عن علي بن

ص: 175


1- الذريعة 4 : 302 ، والبحار 93 : 1 ، باب [ 128 ].
2- البحار 93 : 97.
3- البحار 92 : 60.

إبراهيم فيها بصيغة : قال أبو الحسن علي بن إبراهيم ، وهي لا توجد في ما أورده المجلسي في البحار.

ثمّ جاء بعد المقدّمة سند التفسير ، بعد أن قال : أقول : تفسير ( بِسْمِ اللّه الرّحْمنِ اَلْرَحيمِ ) حدّثني أبو الفضل العبّاس بن محمّد ....

فبملاحظة تأخّر السند عن المقدّمة ، وقوله فيه : حدّثني أبو الفضل العبّاس ، ووجود بعض روايات علي بن إبراهيم الواردة في المقدّمة بصيغة ( قال ) ، في ضمن الروايات المختصرة من روايات الإمام الصادق ( عليه السلام ) التي أوردها النعماني ، يصبح هناك شبه اطمئنان ، أنّ المقدّمة ليست لعلي بن إبراهيم ، أو على الأقلّ أنّ القسم الأوّل منها ليس لعلي بن إبراهيم ، إذا أخذنا بالحسبان ما ذكره بعض المحقّقين (1) ، رواها الشيخ حسن بن سليمان ( القرن التاسع ) في مختصر البصائر من مقدّمة التفسير ، وقال : حدَّثني أبو عبد اللّه محمّد بن مكّي بإسناده عن علي بن إبراهيم بن هاشم من تفسير القرآن العزيز ، قال : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقوله عزّ وجلّ ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) ، قال علي بن إبراهيم : .. ، ثمّ روى ثلاث روايات من المقدّمة (2) كلّها مرويّة عن علي بن إبراهيم.

مع ما موجود في بعض النسخ المطبوعة في بداية القسم الثاني من المقدّمة ، قال : أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمّي.

ص: 176


1- أشار إلى ذلك الشيخ الداوري في أُصول علم الرجال : 163 هامش (1) ، بقوله : والصحيح أنّها - أيّ المقدّمة - له ، وذلك لوجود أجزاء من المقدّمة في كلمات القدماء منسوبة إلى علي بن إبراهيم ، فلا وجه للإشكال ، أقول : لم يصرّح هنا بأنّ مراده من القدماء هو الشيخ حسين بن سليمان ، ولكنّي سألته شخصيّاً عنه ، فأجاب : هو الشيخ حسن بن سليمان في مختصر البصائر. ثمّ أنّ جواب الإشكال يأتي في المتن.
2- مختصر البصائر : 149.

ولكن الشيخ حسن بن سليمان من رجال القرن التاسع ، وكذا أستاذه الشهيد الأوّل ، مع أنّ سند الشهيد إلى كتاب التفسير هو من الإجازات العامّة ، وقد روى التفسير كاملا ، ووصله بشكله الذي وصلنا ، ونحن ندّعي أنّ كاتب المقدّمة متقدّم عليه ، بحدود ثلاثة قرون على الأقلّ ، إذا لم يكن أكثر ، فكيف يثبُت ما قاله هذا المحقّق؟ ومن الواضح أنّ الشيخ حسن قد فهم أنّ المقدّمة لعلي بن إبراهيم ، مثل ما فهم الحرّ العاملي والسيّد الخوئي ، وغيرهم ، وليس هناك دلالة على أنّ الشهيد الأوّل فهم مثل فهمهم ، وإنّما ذكر سنده إلى التفسير الذي وصله مع المقدّمة.

هذا كلّه إضافة إلى أنّ قوله في القسم الثاني من المقدّمة : ( قال : علي ابن إبراهيم ) ، يدلّ على شخص آخر ، وإلاّ لو كان الراوي هو علي بن إبراهيم لقال : حدَّثني أبي ، كما هو سائد في سائر التفسير.

والشخص الكاتب للمقدّمة ، إمّا أن يكون راوي التفسير أبو الفضل العبّاس ، أو شخص ثالث ، فأمّا أبو الفضل العبّاس ، فلم يذكر في كتب الرجال ، وإن ذكر في كتب الأنساب ، كما نقل صاحب الذريعة (1) ، وأمّا إذا كان الكاتب غيره فهو غير معروف ، وبالتالي فلا يمكن الاعتماد على ما في المقدّمة ، على كلا الاحتمالين ، إلاّ إذا استطعنا اعتبار شهادة كاتب المقدّمة بتوثيق شيوخه أيضاً ، ويكون توثيقاً لكلّ الشيوخ الواردين في أسانيد روايات التفسير ، سواء كانوا شيوخ القمّي أو أبي الجارود ، ولكن هذا يحتاج إلى تحقيق في وثاقة أبي الفضل العبّاس ، أو معرفة الراوي عنه ووثاقته.

ثمّ نجد في هذا التفسير بعض الروايات مسندة ، كما في الرواية الثالثة

ص: 177


1- الذريعة 4 : 307.

من حديث الثقلين ، وبعضها مصدّر ب- ( قال : علي بن إبراهيم ) ، الظاهر منه أنّه نظر وقول لعلي بن إبراهيم نفسه ، كما في الرواية الثانية ، إلاّ أن نقول : إنّ كلّ ما قاله في هذا التفسير مأخوذ من الأئمّة ( عليهم السلام ).

وروايات حديث الثقلين في التفسير كلّها عن علي بن إبراهيم ، فتكون بسند موثّق ، على مبنى من يقول بتوثيق رجال علي بن إبراهيم.

وعلى كلّ ، فروايات حديث الثقلين هنا متوافقة مع الروايات المرويّة في المصادر الأُخرى ، ولم تخرج في مضمونها عمّا هو مشتهر من حديث الثقلين.

ص: 178

(14) كتاب : تفسير العيّاشي للمحدث الجليل أبي النضر محمد بن مسعود بن عيّاش السلمي السمرقندي ( ت حدود 320 ه- )

الحديث :

الأوّل : عن أبي جميلة المفضّل بن صالح ، عن بعض أصحابه ، قال : [ لمّا [ خطب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يوم الجُحفة بعد صلاة الظهر ، انصرف على الناس ، فقال : « يا أيّها الناس ، إنّي قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّه لن يعمّر من نبيّ إلاّ نصف عمر الذي يليه من قبله ، وإنّي لأظنّني أُوشك أن أُدعى فأُجيب ، وإنّي مسؤول ، وإنّكم مسؤولون ، فهل بلّغتكم ، فماذا أنتم قائلون؟ »

قالوا : نشهد بأنّك قد بلّغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك اللّه عنّا خيراً ، قال : « اللّهم اشهد ».

ثمّ قال : « يا أيّها الناس ، ألم تشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث حقّ من بعد الموت؟ »

قالوا : نعم ، قال : « اللّهم اشهد ».

ثمّ قال : « يا أيّها الناس ، إنّ اللّه مولاي ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

ص: 179

ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي فرطكم ، وأنتم واردون عليّ الحوض ، وحوضي أعرض ما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضّة ، ألا وإنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما حتّى تلقوني »

قالوا : وما الثقلان ، يا رسول اللّه؟

قال : « الثقل الأكبر كتاب اللّه ، سبب طرفه بيدي اللّه وطرف في أيديكم ، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تذلّوا ، ألا وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أن لا يفترقا حتّى يلقياني ، وسألت اللّه لهما ذلك ، فأعطانيه ، فلا تسبقوهم فتضلّوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم » (1).

الثاني : عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « خطب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بالمدينة ، فكان فيها : قال لهم : ... » الحديث (2). أي الحديث السابق.

الثالث : عن مسعدة بن صدقة ، قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إنّ اللّه جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن ، وقطب جميع الكتب ، عليها يستدير محكم القرآن ، وبها نوّهت الكتب ، ويستبين الإيمان ، وقد أمر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، أن يقتدى بالقرآن وآل محمّد ، وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها : إنّي تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر والثقل الأصغر ، فأمّا الأكبر فكتاب ربّي ، وأمّا الأصغر فعترتي أهل بيتي ، فاحفظوني فيهما ، فلن تضلّوا

ص: 180


1- تفسير العيّاشي 1 : 76 ح 3 ، في فضل القرآن ، وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 625 ح 683 ، فصل [ 38 ] ، والسيّد هاشم البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 10 ح 9 ، وغاية المرام 2 : 341 ح 25 ، باب [ 29 ] ، والعلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 141 ح 92.
2- تفسير العيّاشي 1 : 77 ح 5 ، في فضل القرآن ، وعنه المجلسي في البحار 23 : 142 ح 93.

ما تمسّكتم بهما » (1).

الرابع : وفي رواية أبي بصير عنه - أي أبي جعفر ( عليه السلام ) (2) - قال : « نزلت في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) » ، قلت له : إنّ الناس ، يقولون لنا فما منعه ... ، إلى آخر ما في تفسير فرات (3) ، ثمّ قال بعده : « فلمّا حُضر علي لم يستطع ، ولم يكن ليفعل ، أن يدخل محمّد بن علي ولا العبّاس بن علي ولا أحداً من ولده ، إذاً لقال الحسن والحسين ( عليهما السلام ) : أنزل اللّه فينا كما أنزل فيك ، وأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك ، وبلّغ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فينا كما بلّغ فيك ، وأذهب عنّا الرجس كما أذهبه عنك ، فلمّا مضى عليّ ، كان الحسن أولى بها لكبره ، فلمّا حُضر الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) لم يستطع ، ولم يكن ليفعل ، أن يقول : ( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض ) ، فيجعلها لولده ، إذاً لقال الحسين ( عليه السلام ) : أنزل اللّه فيّ كما أنزل فيك وفي أبيك ، وأمر بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك ، وأذهب الرجس عنّي كما أذهب عنك وعن أبيك ، فلمّا أن صارت إلى الحسين ( عليه السلام ) ، لم يبق أحد يستطيع

ص: 181


1- تفسير العيّاشي 1 : 78 ح 8 ، في فضل القرآن ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في تفسير الصافي 1 : 21 ، المقدّمة الثانية ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 625 ح 684 ، فصل (38) ، ما رواه العيّاشي في تفسيره ، والسيّد هاشم البحراني ( ت 1107 ه- ) في تفسير البرهان 1 : 10 ح 8 ، الباب الثالث : في معنى الثقلين ، وغاية المرام 2 : 341 ح 26 ، باب 29 ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 92 : 27 ح 29 ، كتاب القرآن ، باب (1) : فضل القرآن وإعجازه.
2- ذكر قبل هذه الرواية رواية عن جابر الجعفي ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن هذه الآية ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، قال : « الأوصياء » ، ثمّ قال : وفي رواية أبي بصير عنه ، قال : « نزلت في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ... » ، الحديث ( تفسير العيّاشي 1 : 407 ح 1011 ).
3- تفسير فرات : 110 ح 112 ، مع اختلاف يسير في الألفاظ ، انظر الحديث الذي أوردناه عن تفسير فرات.

أن يدّعي كما يدّعي هو على أبيه وعلى أخيه ، جرى ، [ تأويل قوله تعالى ] : ( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ ) ، ثمّ صارت من بعد الحسين إلى علي بن الحسين ، ثمّ من بعد علي بن الحسين إلى محمّد ابن علي ( عليهم الصلاة والسلام ) » ، ثمّ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « الرجس هو الشكّ ، واللّه لا نشكّ في ديننا أبداً » (1). الراوون عنه :

روى عنه الحافظ الحاكم الحسكاني ( توفّي أواخر القرن الخامس ) في شواهد التنزيل ، وذكر سند العيّاشي إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) ، هكذا : أبو النضر العيّاشي ، قال : حدَّثنا حمدان بن أحمد القلانسي ، قال : حدَّثنا محمّد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : إنه سأله عن قول اللّه تعالى ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، قال : « نزلت في علي بن أبي طالب » ، قلت : ... ، إلى قوله : فأعطاني ذلك (2).

الخامس : عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، عن قول اللّه تعالى أي ( أَطِيعُواْ اللّهَ ... ) الآية (3) ، فذكر نحو هذا الحديث - أي السابق - ، وقال فيه زيادة :

ص: 182


1- تفسير العيّاشي 1 : 408 ح 1012 ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في الصافي 1 : 492 ، تحت آية ( 59 ) من سورة النساء ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 627 ح 700 ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 385 ح 20 ، تحت آية [ 59 ] من سورة النساء ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 35 : 210 ح 12 ، الباب الخامس : آية التطهير.
2- شواهد التنزيل 1 : 191 ح 203. أقول : من الواضح ، أنّ تفسير العيّاشي كان مسنداً عند الحسكاني ، كما تلاحظ في ذكره لسند العيّاشي إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) ، ثمّ حدث حذف أسانيده بعد عصره.
3- سورة النساء : 59.

« فنزلت عليه الزكاة ، فلم يسمّ اللّه من كلّ أربعين درهما درهما ، حتّى كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) هو الذي فسّر ذلك لهم » ، وذكر في آخره ، « فلمّا أن صارت إلى الحسين ، لم يكن أحد من أهله يستطيع أن يدّعي عليه ، كما كان هو يدّعي على أخيه وعلى أبيه ( عليهما السلام ) ، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ، ولم يكونا ليفعلا ، ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسين بن عليّ ، فجرى تأويل هذه الآية ( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ ) ، ثمّ صارت من بعد الحسين لعليّ بن الحسين ، ثمّ صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمّد بن علي ( عليه السلام ) » (1).

وسيأتي هذا الحديث عن الكليني ( ت 329 ه- ) في الكافي ، بسندين آخرين (2) ، فراجع.

السادس : عن عمران الحلبي ، قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) ، يقول : « إنّكم أخذتم هذا الأمر من جذوه - يعني من أصله - ، عن قول اللّه تعالى : ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، ومن قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا » ، لا من قول فلان ، ولا من قول فلان » (3).

ص: 183


1- تفسير العيّاشي 1 : 410 ح 1013 ، سورة النساء ( 59 ) ، وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 385 ح 21 ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 35 : 212 ح 13. 1. الكافي 1 : 286 ح [ 1 ] ، باب : ما نصّ اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة ( عليهم السلام ) واحداً فواحداً ، وانظر : ما سنورده عن الكافي ، الحديث الأوّل والثاني.
2- الكافي 286 : 1 ح 1 ، باب : ما نص اللّه عزوجل ورسوله على الائمة عليهم السلام واحدا فواحدا ، وانظر : ما سنورده عن الكافي ، الحديث الأول والثاني.
3- تفسير العيّاشي 1 : 410 ح 1015 ، وعنه البحراني في البرهان 1 : 385 ح 23 ، والمجلسي في البحار 23 : 293 ح 27 ، كتاب الإمامة ، باب : وجوب طاعتهم ( عليهم السلام ) ، والحويزي ( ت 1112 ه- ) في تفسير نور الثقلين 1 : 500 ، سورة النساء : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ .... ) الآية ، والميرزا محمّد المشهدي ( ت 1125 ه- ) في كنز الدقائق 2 : 494.

تنبيه : ومن الواضح ، أنّ الشطر الثاني من الرواية ، هو إشارة إلى حديث الثقلين.

محمّد بن مسعود العيّاشي ( ت حدود 320 ه- ) :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي السمرقندي أبو النضر ، المعروف ب- ( العيّاشي ) ، ثقة ، صدوق ، عين من عيون هذه الطائفة ، وكان يروي عن الضعفاء كثيراً ، وكان في أوّل عمره عامّي المذهب ، وسمع حديث العامّة فأكثر منه ، ثمّ تبصّر وعاد إلينا ، وكان حديث السن (1).

وذكره الطوسي ( ت 460 ه- ) في من لم يرو عن واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، في رجاله ، وقال : أكثر أهل المشرق علماً وفضلا وأدباً وفهماً ونبلا في زمانه ، صنّف أكثر من مائتي مصنّف ، ذكرناها في الفهرست ، وكان له مجلس للخاصّ ومجلس للعامّ ( رحمه اللّه ) (2).

وذكر في الفهرست كتبه وطريقه إليه (3).

ومثلهما العلاّمة ( ت 726 ه- ) في خلاصة الأقوال (4) ، وابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله (5) ، كما ونقل المامقاني ( ت 1351 ه- ) في التنقيح أقوال السابقين (6).

ص: 184


1- رجال النجاشي : 350 [ 944 ].
2- رجال الطوسي : 440 [ 6282 ].
3- فهرست الطوسي : 396 [ 605 ] ، وانظر : فهرست ابن النديم : 244 ، المقالة الخامسة ، الفنّ الخامس ، وهديّة العارفين ( المطبوع مع كشف الظنون ) 6 : 32 ، ومجمع الرجال 6 : 42.
4- خلاصة الأقوال : 246 [ 836 ].
5- رجال ابن داود : 184 [ 1502 ] ، القسم الأوّل.
6- تنقيح المقال 3 : 183 ، محمّد بن مسعود العيّاشي. وانظر ترجمة العيّاشي في : طبقات أعلام الشيعة 1 : 305، الذريعة 4 : 295 [ 1299 ] ، روضات الجنّات 6 : 129 [ 573 ] ، جامع الرواة 2 : 192 ، الكنى والألقاب 2 : 490 ، حاوي الأقوال 2 : 272 [ 634 ] ، منتهى المقال 6 : 195 [ 2872 ] ، خاتمة المستدرك 5 : 201 [ 297 ] ، قاموس الرجال 9 : 569 [ 7272 ] ، معجم رجال الحديث 18 : 237 [ 11795 ] ، معجم المؤلّفين 3 : 714 [ 16005 ] ، معالم العلماء : 99 [ 668 ] ، مجالس المؤمنين 1 : 437 ، الفوائد الرضويّة : 642 ، تحفة الأحباب : 487 [ 645 ] ، ريحانة الأدب 4 : 220 ، منهج المقال : 319 ، محمّد ابن مسعود ، فرج المهموم : 124.
تفسير العيّاشي :

ذكره ضمن كتب العيّاشي ، النجاشي ( ت 450 ه- ) (1) والطوسي ( ت 460 ه- ) (2) ، وذكرا طريقيهما إلى كتبه ، وكذا ذكره ابن النديم ( ت 385 ه- ) (3).

وقال المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار : وكتاب العيّاشي ، روى عنه الطبرسي وغيره ، ورأينا منه نسختين قديمتين ، وعدّ في كتب الرجال من كتبه ، لكن بعض الناسخين حذف أسانيده للاختصار ، وذكر في أوّله عذراً هو أشنع من جرمه (4).

وذكره الشيخ الحرّ ( ت 1104 ه- ) في الكتب المعتمدة عنده ، وقال : كتاب تفسير القرآن ، لمحمّد بن مسعود العيّاشي ، وقد وصل إلينا نصفه الأوّل منه ، غير أنّ بعض النسّاخ حذف الأسانيد واقتصر على راو واحد (5).

ص: 185


1- رجال النجاشي : 351 [ 944 ].
2- فهرست الطوسي : 396 [ 605 ].
3- فهرست ابن النديم : 244.
4- البحار 1 : 28 ، الفصل الثاني : في بيان الوثوق على الكتب المذكورة واختلافها في ذلك.
5- خاتمة الوسائل 30 : 157 ، الفائدة الرابعة.

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : ويروي كتبه عنه ، ولده جعفر ابن محمّد بن مسعود (1) ، ومنها هذا التفسير الموجود نصفه الأوّل إلى آخر سورة الكهف في الخزانة الرضويّة ، وفي تبريز عند الخياباني ، وفي زنجان بمكتبة شيخ الإسلام ، وفي الكاظميّة بمكتبة سيّدنا الحسن صدر الدين ، واستنسخ عن نسخته الشيخ شير محمّد الهمداني ، وغيره ، في النجف ، لكنّه - مع الأسف - محذوف الأسانيد ... ، ثمّ ذكر الطهراني قول العلاّمة المجلسي السابق (2).

وقال العلاّمة السيّد محمّد حسين الطباطبائي ( ت 1402 ه- ) ، - صاحب الميزان - : فهو لعمري أحسن كتاب أُلّف قديماً في بابه ، وأوثق ما ورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور.

أمّا الكتاب ، فقد تلقّاه علماء هذا الشأن منذ أُلّف إلى يومنا هذا - ويقرب من أحد عشر قرناً - بالقبول ، من غير أن يذكر بقدح أو يغمض فيه بطرف (3).

أمّا المطبوع منه ، فقد طبع أوّلا على نسخة مخطوطة عتيقة في مكتبة جامعة طهران ، مهداة من قبل الأُستاذ العلاّمة الحاج السيّد محمّد المشتهر ب- ( مشكوة ) ، وعلى نسخة أُخرى مصحّحة ، استنسخت من نسخة العلاّمة المحدّث النوري ( رحمه اللّه ) ( ت 1320 ه- ) ، ومقابلة على نسخة المكتبة الرضويّة ، وهي الجزء الأوّل من التفسير من سورة الفاتحة إلى سورة الكهف (4).

ص: 186


1- انظر : مشيخة الفقيه 4 : 92 ، رجال الطوسي : 418 [ 6043 ] ، و 442 [ 6308 ] ، فهرست الطوسي : 396 [ 605 ] ، أمالي الطوسي : 94 [ 144 ] ، رجال النجاشي : 219 [ 572 ] وأمالي المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ) : 29 ، 72 ، 327.
2- الذريعة 4 : 295 [ 1299 ].
3- مقدّمة تفسير العيّاشي ( الطبعة الأُولى 1380 ، تحقيق السيّد هاشم المحلاّتي ) ، بقلم العلاّمة السيّد محمّد حسين الطباطبائي.
4- تفسير العيّاشي ( الطبعة الأُولى 1380 ) : الجزء الأوّل ، مصادر التصحيح.

وطبع ثانياً على أربع نسخ مخطوطة ، أقدمها في مكتبة دستغيب بشيراز ، مكتوبة سنة 1091 ه- ، إضافة إلى الطبعة الأُولى ، بتحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة لمؤسّسة البعثة في قم (1) ، وأضافوا إليه مستدرك بروايات تفسير العيّاشي الموجودة في المصادر الأُخرى (2) ، وملحق بأسانيد العيّاشي (3).

وقال الناسخ للكتاب ، في أوّله : الحمد لله على أفضاله والصلاة على محمّد وآله ، قال العبد الفقير إلى رحمة اللّه : إنّي أمعنت النظر في التفسير الذي صنّفه أبو النضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي بإسناده ، ورغبت بانتساخه ، وطلبت من عنده سماع من المصنّف أو غيره ، فلم أجد في ديارنا من كان عنده سماع أو إجازة منه ، فحينئذ حذفت منه الإسناد ، وكتبت الباقي على وجهه ، ليكون أسهل على الكاتب والناظر فيه ، فإن وجدت بعد ذلك من عنده سماع أو إجازة من المصنّف ، اتبعت الأسانيد ، وكتبتها على ما ذكره المصنّف (4).

ويظهر من قول الناسخ : وطلبت من عنده سماع من المصنف ... ، أنّه كان قريباً من عهد المصنّف ، أو بعده بقليل.

ولكن هذا التفسير ، كان مسنداً عند الحافظ الحسكاني (5) ( توفّي أواخر القرن الخامس ) ، كما عرفت من سند العيّاشي ، الذي ذكره الحسكاني ، وأوردناه آنفاً في الرواية الرابعة لحديث الثقلين عند العيّاشي ،

ص: 187


1- تفسير العيّاشي 1 : 50 ، النسخة المعتمدة.
2- تفسير العيّاشي 3 : 129.
3- تفسير العيّاشي 3 : 177.
4- تفسير العيّاشي 1 : 73.
5- انظر : شواهد التنزيل 1 : 30 [ 13 ] ، و 38 [ 27 ] ، و 47 [ 41 ] ، و 79 [ 93 ] ، و 134 [ 144 ] ، وغيرها ، راجع فهرست شواهد التنزيل.

والتي رواها فرات الكوفي ( أوائل القرن الرابع ) أيضاً (1) ، وكذا وردت أحاديثه مسندة في ( مجمع البيان ) للطبرسي ( ت 548 ه- ) (2) ، أمّا بقيّة الروايات ، فأصبحت مقطوعة بعد حذف الأسانيد من قِبل الناسخ ، إلاّ في بعض الموارد (3). ولكن للعيّاشي أسانيد كثيرة مبثوثة في كتبنا الحديثيّة ، لا يبعد أن تكون نفسها أسانيد التفسير فلاحظ (4).

كما أنّه كان كاملا عند ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) والسيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) حيث ينقلان من الجزء المفقود منه. وربّما كانت عندهما نسخة كاملة ; لأنّهما ينقلان من الجزء المفقود في كتابيهما ( مناقب آل أبي طالب ) و ( سعد السعود ) (5).

ص: 188


1- راجع ما أوردناه عن تفسير فرات الكوفي.
2- انظر : مجمع البيان ، فهو يذكر كثيراً : ذكره العيّاشي بإسناده ... ( عن فلان وإلى فلان أو ... ) وذكر في بعض الموارد بعض السند ، أو كلّه ; كما في2. 6 ، 212 ، سورة هود.
3- تفسير العيّاشي 1 : 218 ح 415 ، 416 ، و 263 ح 572 ، و 3 : 64 ح 2561.
4- انظر : تفسير العيّاشي 3 : 177 ، الملحق الخاصّ بأسانيد العيّاشي ، وكذا تخريج الروايات من المصادر ، في الهوامش.
5- مناقب آل أبي طالب 2 : 299 ، و 3 : 314 ، سعد السعود : 160 ، فصل [ 11 ].

(15) كتاب : العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم القمّي ( القرن الرابع )

الحديث :

العلّة في قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، أنّ القرآن معهم في قلوبهم في الدنيا ، فإذا صاروا إلى عند اللّه عزّ وجلّ ، كان معهم ، ويوم القيامة يردون الحوض وهو معهم (1). كتاب العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم :

وصلت نسخة من الكتاب إلى العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) ، وفرّقه على أبواب البحار ، أو ذكر أجزاءً كبيرة منه فيه ، يبدأ أوّلها ب- :

كتاب العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم.
اشارة

وقد نسبه أوّلا لمحمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، قال - عند ذكره لمصادر بحاره - : وكتاب التفسير للشيخ الجليل الثقة علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، وكتاب العلل لولده الجليل محمّد (2).

ص: 189


1- البحار 92 : 106 ح 84. ملاحظة : كتاب العلل لمحمّد بن علي القمّي ، لا توجد له الآن نسخة معروفة ، ولكن وصلت منه نسخة إلى العلاّمة المجلسي « ( رحمه اللّه ) » أورد منها روايات في البحار.
2- البحار 1 : 8 ، مصادر الكتاب.

ثمّ تردّد في ذلك ، وقال في فصل توثيق مصادره : وكتاب العلل وإن لم يكن مؤلّفه مذكوراً في كتب الرجال ، لكن أخباره مضبوطة موافقة لما رواه والده والصدوق وغيرهما ، ومؤلّفه مذكور في أسانيد بعض الروايات ، وروى الكليني في باب من رأى القائم ( عجّل اللّه فرجه ) ، عن محمّد والحسن ابني علي بن إبراهيم بتوسّط علي بن محمّد (1) ، وكذا في موضع آخر من الباب المذكور ، عنه فقط ، بتوسّطه (2).

وهذا ممّا يؤيّد الاعتماد ، وإن كان لا يخلو من غرابة ، لروايته عن علي بن إبراهيم كثيراً بلا واسطة ، بل الأظهر ، - كما سنح لي أخيراً - أنّه محمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني ، وكان وكيل الناحية ، كما أوضحته في تعليقاتي على الكافي (3) (4).

وقد رجّح صاحب الذريعة - على ما فهمه من كلام المجلسي - هذا الاستظهار الأخير ، وقال - بعد أن نقل كلامي المجلسي - : أقول : إنّ الهمداني هو المتعيّن ، وكان والده علي وجدّه إبراهيم بن محمّد أيضاً وكلاء ، ويروي إبراهيم بن هاشم القمّي عن إبراهيم بن محمّد الهمداني وكيل الناحية ، جدّ محمّد صاحب كتاب ( العلل ) هذا ، ولم يذكر ولد لعلي ابن إبراهيم القمّي ، إلاّ إبراهيم بن علي بن إبراهيم ، الذي يروي عنه كثيراً في ( مقصد الراغب ) الآتي ذكره (5) ، وأحمد بن علي بن إبراهيم ، نعم ، روى الصدوق في المجلس [ 70 ] من ( الأمالي ) عن محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه علي ، عن جدّه إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير (6) ،

ص: 190


1- الكافي 1 : 332 ح 14 ، باب : في تسمية من رآه ( عليه السلام ).
2- الكافي 1 : 331 ح 7 ، باب : في تسمية من رآه ( عليه السلام ).
3- لم نجد هذه التعليقات حتّى نرى ما قال فيها.
4- البحار 1 : 28 ، توثيق المصادر.
5- الذريعة 22 : 111 [ 6307 ].
6- أمالي الصدوق : 541 ح 725 ، المجلس السبعون.

لكنّه يمكن أن يخدش ذلك باحتمال كون محمّد تصحيف أحمد ، فلم يثبت لعلي بن إبراهيم القمّي ، ولد موسوم بمحمّد (1).

وما فهمه الطهراني من أنّ المجلسي استظهره الهمداني لا القمّي ، جاء من ظنّه أنّ المجلسي اعتبر اتّحاد مؤلّف الكتاب ، مع ما ورد في أسانيد الكليني الآنفة الذكر ، ومحمّد بن علي بن إبراهيم مؤلّف الكتاب هو محمّد ابن علي بن إبراهيم الذي روى عنه الكليني بتوسّط علي بن محمّد ، لاتّحاد الاسم واسم الأب واسم الجدّ ، وأنّ ما في أسانيد الكافي هو الهمداني لا القمّي ، لأنّ الكليني يروي عن أبيه علي بن إبراهيم القمّي من دون واسطة كثيراً ، وهنا روى عن محمّد بن علي بن إبراهيم بواسطة علي بن محمّد ، أي أنّه يروي عن علي بن إبراهيم لو كان هو القمّي بواسطتين : ابنه محمّد ، وعلي بن محمّد ، وهذا غريب بعيد ، مع ما هو معروف عن الكليني بتقديمه ذكر السند العالي في كتابه.

ولكن أقول : في الأوّل : أنّ الاختلاف ، هو في اسم الجدّ الأعلى ، هل هو هاشم القمّي؟ فيكون المؤلّف هو محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، أو هو محمّد الهمداني؟ فيكون المؤلّف هو محمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني ، واسم الجدّ الأعلى ، غير مذكور في أسانيد الكافي ، ولا في اسم مؤلّف الكتاب ، على ظاهر كلام المجلسي ( ت 1111 ه- ) الآنف ، وسيأتي خلاف ذلك من المجلسي.

وأمّا الثاني : لو قلنا : إنّ الوارد في أسانيد الكافي هو محمّد بن علي ابن إبراهيم بن محمّد الهمداني ، لا محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، وهو الأقرب ; لِما ذكره المجلسي وفصّلناه نحن ، ولِما جاء في الرواية عن محمّد والحسن ابني علي بن إبراهيم التي أشار إليها المجلسي ،

ص: 191


1- الذريعة 15 : 312 [ 1997 ].

من أنَّهما حدّثا علي بن محمّد سنة تسع وسبعين ومائتين ، فيكون تاريخ تحديثهما قبل وفاة والدهما - لو كان هو علي بن إبراهيم القمّي - بحوالي ثلاثين سنة ; لأنّه كان حيّاً سنة 307 ه- ، حيث أخبر حمزة بن محمّد في هذه السنة ، كما في بعض أسانيد ( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ) و ( الأمالي ) للصدوق ( ت 381 ه- ) (1) ، وهذا غريب.

وإنّما الأقرب كونهما ابني علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني ; لأنّ إبراهيم بن محمّد الهمداني الذي كان وكيل الناحية (2) ، عدّه الشيخ ( ت 460 ه- ) في أصحاب الرضا ( عليه السلام ) والجواد ( عليه السلام ) والهادي ( عليه السلام ) (3) ، فهو أنسب من ناحية الفترة الزمانيّة بين الجدّ وحفيديه.

ولكن لا دلالة لذلك على أنّ مؤلّف الكتاب هو الهمداني لا القمّي ، إلاّ ما جاء في الدليل الأوّل ، وهو كما ترى.

وعليه فقد تتبّعنا ما أورده المجلسي في كتابه عن كتاب العلل ، للتعرّف على شيوخ المؤلّف ، وبالتالي تعيين طبقته وتحديد شخصه ، بالاحتمال الأكبر.

فوجدناه في كلّ الموارد التي وردت في البحار ، يروي عن أبيه ، عن جدّه ، وبما أنّ الكلام في الأب والجدّ هو الكلام في المؤلّف ، فلذا انتقلنا لتحديد طبقة الجدّ ( إبراهيم ) ومحاولة تحديد شخصه بالاحتمال الأرجح ، هل هو إبراهيم بن محمّد الهمداني وكيل الناحية؟ أو هو إبراهيم بن هاشم القمّي والد صاحب التفسير المعروف؟.

ص: 192


1- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 226 ح 13 ، الأمالي : 116 ح 101 ، و 327 ح 384 ، و 708 ح 976. وانظر : الذريعة 4 : 302 [ 1316 ].
2- رجال النجاشي : 344 [ 928 ].
3- فهرست الطوسي : 352 [ 5210 ] ، 374 [ 5515 ] ، 383 [ 5637 ].

فوجدنا الجدّ يروي عن خمسة أشخاص ، هم :

1 - محمّد بن عيسى بن عبيد (1).

2 - عبد اللّه بن المغيرة (2).

3 - علي بن معبد (3).

4 - حمّاد ( في موردين ) ، وحمّاد بن عيسى ( في مورد ) ، والظاهر الاتّحاد (4).

5 - عمر بن إبراهيم (5).

وهؤلاء كلّهم من شيوخ إبراهيم بن هاشم القمّي ، وبعضهم من شيوخ ابنه علي بن إبراهيم أيضاً ، وإليك التفصيل :

1- محمّد بن عيسى بن عبيد :

يروي عنه إبراهيم بن هاشم في التهذيب ( ج 7 ، باب : تفصيل أحكام النكاح ، ح 64 ) ، هكذا : محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ... (6).

ولكن رواها الكليني ( ت 329 ه- ) في الكافي ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى (7).

ص: 193


1- البحار 65 : 165.
2- البحار 80 : 320.
3- البحار 81 : 129.
4- البحار 83 : 163 ، و 84 : 186 ، و 85 : 51.
5- البحار 85 : 51.
6- التهذيب 7 : 263 ح 64.
7- الكافي 5 : 457 ح 5 ، باب : في أنّه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد عقدة النكاح.

وأيضاً في ( ج 3 ، باب : أحكام الجماعة ، ص 54 ، ح 99 ) ، هكذا : روى محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى (1).

ولكن في الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، من دون توسّط أبيه (2).

وأيضاً في ( ج 6 ، باب البيّنات ) ، مرّتين (3) ، ولكن في الكافي من دون توسّط أبيه (4).

وأيضاً في ( ج 4 ، باب : مستحقّ الفطرة ) (5) ، ولكن في الكافي (6) والاستبصار (7) من دون أبيه.

وأيضاً في الكافي ( ج 7 ، كتاب الديّات ، باب : من لا ديّة له ) (8) ، ولكن في التهذيب (9) والاستبصار (10) من دون أبيه.

وغيرها كثير (11).

والمراد منه علي بن إبراهيم القمّي ، عن أبيه ، كما هو واضح ، ولكن

ص: 194


1- التهذيب 3 : 54 ح 99 ، أحكام الجماعة.
2- الكافي 3 : 358 ح 5 ، باب : من شكّ في صلاته كلّها.
3- التهذيب 6 : 242 ح 6 ، 7 ، باب : البيّنات.
4- الكافي 7 : 395 ح 1 ، 2 ، باب : ما يردّ من الشهود.
5- التهذيب 4 : 88 ح 7 ، باب : مستحقّ الفطرة.
6- الكافي 4 : 174 ح 19 ، باب : الفطرة.
7- الاستبصار 2 : 65 ح 171 ، باب : مستحقّ الفطرة.
8- الكافي 7 : 291 ح 3 ، 4 ، 5 ، باب : من لا ديّة له.
9- التهذيب 10 : 207 ح 20 ، 22 ، 23 ، باب : القضاء في قتيل الزحام.
10- الاستبصار 4 : 347 ح 2 ، باب : من قتله الحدّ.
11- انظر : جامع الرواة 2 : 169 ، والموارد الأُخرى في معجم رجال الحديث 18 : 103 وما بعدها ، و 117 ، و 118.

السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) ( قدس سره ) رجّح في كلّها ( علي بن إبراهيم عن محمّد ابن عيسى ) من دون توسّط ( أبيه ) ، وقال : والظاهر هو الصحيح بقرينة سائر الروايات (1) ، فالأمر دائر بين احتمالين : أمّا أن يروي عن محمّد بن عيسى بتوسّط أبيه أو لا.

فإذا أخذنا باستظهار السيّد الخوئي ( قدس سره ) بأنّه لا يروي عن محمّد بن عيسى بتوسّط أبيه ، فما جاء في كتاب العلل على ما نقله في البحار ، من رواية ابنه محمّد ( أي محمّد بن علي بن إبراهيم ) ، عنه ، عن أبيه إبراهيم عن محمّد بن عيسى ، ليس هو علي بن إبراهيم القمّي ، ولا أنّ أباه هو إبراهيم بن هاشم القمّي ; لأنّه هنا يروي عن محمّد بن عيسى بتوسّط أبيه إبراهيم ، وقد قلنا : بأنّه لا يروي بتوسّط أبيه عن محمّد بن عيسى حسب الفرض ، فهو إذن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني ، لدوران الأمر بينهما لا غير هنا ، فيكون محمّد بن عيسى شيخ إبراهيم بن محمّد الهمداني.

ولكن نجد أنّ محمّد بن عيسى يروي عن إبراهيم بن محمّد الهمداني مرّة بواسطة ، كما في التهذيب ( ج 7 ، باب المزارعة ، ح 56 ) بتوسّط الحسين (2) ، ومرّة من دون واسطة ، كما في التهذيب أيضاً ( ج 7 ، باب المزارعة ، ح 58 ) (3) والاستبصار ( ج 2 ، باب : ذكر جمل من الأخبار يتعلّق بها أصحاب العدد ، ح 1 ) ، وفيه : إبراهيم بن محمّد المدني ، واستُظهر أنّه الهمداني (4) ، ومثله في التهذيب ( ج 4 ، باب : علامة أوّل شهر رمضان ، ح 68 ) ، إلاّ أنّ فيه المزني (5).

ص: 195


1- معجم رجال الحديث 18 : 98 ، وكذا في : 112 ، 113 ، 118.
2- التهذيب 7 : 207 ح 56.
3- التهذيب 7 : 207 ح 58.
4- الاستبصار 2 : 98 ح 1 باب : ذكر جمل من الأخبار يتعلّق بها أصحاب العدد.
5- التهذيب 4 : 179 ح 68 ، باب : علامة أوّل شهر رمضان.

وأيضاً التهذيب ( ج 9 ، باب : ميراث الأعمام ، ح 17 ) (1) ، و ( ج 9 ، باب : الزيادات ، ح 8 ) (2).

وأيضاً الكافي ( ج 5 ، باب : من يؤجّر أرضاً ثمّ يبيعها ، ح 2 ) (3).

فيكون إبراهيم بن محمّد الهمداني شيخ محمّد بن عيسى ، ولم يذكر أحد ممّن ترجم لهما أنّ أحدهما شيخ الآخر ، ومن هنا يترجّح الاحتمال الثاني ، وهو : إن كان ما استظهره السيّد الخوئي ( قدس سره ) ، غير صحيح ، وأنّ علي ابن إبراهيم القمّي يروي عن محمّد بن عيسى بتوسّط أبيه إبراهيم ، فيثبت أنّ محمّد بن عيسى من مشايخ إبراهيم بن هاشم القمّي.

2 - عبد اللّه بن المغيرة :

روى عنه إبراهيم بن هاشم القمّي ، كما في مشيخة الفقيه ، في طريقه إلى عبد اللّه بن المغيرة ، قال :

ورويته عن أبي ( رضي اللّه عنه ) ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، ورويته ، عن محمّد بن الحسن ( رضي اللّه عنه ) ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم وأيّوب بن نوح ، عن عبد اللّه بن المغيرة (4).

وأيضاً في الكافي ( ج 2 ، باب : الرفق ، ح 7 ) : علي ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة (5) ، و ( ج 3 ، باب : وضع الجبهة على الأرض ، ح 2 ) (6) ،

ص: 196


1- التهذيب 9 : 327 ح 17 باب : ميراث الأعمام.
2- التهذيب 9 : 392 ح 8 باب : الزيادات.
3- الكافي 5 : 270 ح 2 ، باب : من يؤجّر أرضاً ثمّ يبيعها ، وانظر : جامع الرواة 1 : 33.
4- من لا يحضره الفقيه ( شرح مشيخة الفقيه ) 4 : 56.
5- الكافي 2 : 119 ، باب : الرفق.
6- الكافي 3 : 333 ، باب : وضع الجبهة على الأرض.

و ( ج 3 ، باب : صدقه أهل الجزية ، ح 3 ) (1) ، و ( ج 4 ، باب : فضل شهر رمضان ، ح 1 ) (2) ، وغيرها.

فعبد اللّه بن المغيرة شيخ إبراهيم بن هاشم القمّي.

3 - علي بن معبد :

وقع إبراهيم بن هاشم في طريق الطوسي ( ت 460 ه- ) إلى علي بن معبد ، كما في الفهرست ، قال : أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسين بن الوليد ، عن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد (3).

وروى عنه في الكافي ( ج 6 ، باب : العقيق ، ح 6 ) : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد (4) ، و ( ج 6 ، باب : نقش الخواتيم ، ح 6 ) (5) ، والتهذيب ( ج 6 باب : الديون ، ح 43 ) وفيه : أبي إسحاق ، وهو إبراهيم بن هاشم (6) ، وغيرها (7).

فعلي بن معبد من شيوخ إبراهيم بن هاشم القمّي.

4 - حمّاد بن عيسى :

روى عنه إبراهيم بن هاشم (8) ، كما في التهذيب ( ج 3 ، باب : صلاة

ص: 197


1- الكافي 3 : 567 ، باب : صدقة أهل الجزية.
2- الكافي 4 : 65 ، باب : فضل شهر رمضان ، وانظر : جامع الرواة 1 : 511 ، معجم رجال الحديث 1 : 293 ، 439 ، 459.
3- فهرست الطوسي : 265 [ 378 ].
4- الكافي 6 : 471 ، باب : العقيق.
5- الكافي 6 : 473 ح 6 ، باب : نقش الخواتيم.
6- التهذيب 6 : 192 ح 43 ، باب : الديون ، وانظر : جامع الرواة 1 : 602.
7- معجم رجال الحديث 1 : 293 ، 463.
8- نقد الرجال 2 : 156 [ 1668 ].

السفينة ، ح 1 ) (1) ، والكافي ( ج 3 ، باب : من شكّ في صلاته كلّها ، ح 2 ) (2) و ( ج 3 ، باب : ما يقبل من صلاة الساهي ، ح 4 ) (3) ، و ( ج 3 ، باب : الرجل يخطو إلى الصف ، ح 4 ) (4) ، والتهذيب أيضاً ( ج 5 ، باب : الخروج إلى الصفا ، ح 71 ) (5) ، والاستبصار ( ج 1 ، باب : مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء ، ح 3 ) (6) ، وغيرها (7).

فحمّاد بن عيسى من شيوخ إبراهيم بن هاشم القمّي.

5 - عمر بن إبراهيم ( أو عمرو بن إبراهيم ) الراشدي :

روى عنه إبراهيم بن هاشم القمّي ، كما في تفسير القمّي في تفسير سورة الفاتحة ، قوله تعالى ( بِْسمِ اللّهِ الرّحْمنِ اَلْرَحيمِ ) (8).

فعمر ( أو عمرو ) بن إبراهيم من شيوخ إبراهيم بن هاشم.

فظهر من هذا أنّ الأرجح ، بل المطمأنّ به أنّ صاحب الكتاب هو محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، لا ابن إبراهيم بن محمّد الهمداني.

وعند الرجوع إلى الموارد التي نقلها المجلسي ( ت 1111 ه- ) في

ص: 198


1- التهذيب 3 : 170 ح 1 ، باب : صلاة السفينة.
2- الكافي 3 : 358 ح 2 ، باب : من شكّ في صلاته كلّها.
3- الكافي 3 : 362 ح 4 ، باب : ما يقبل من صلاة الساهي.
4- الكافي 3 : 385 ح 4 ، باب : الرجل يخطو إلى الصف.
5- التهذيب 5 : 163 ح 71 ، باب : الخروج إلى الصفا.
6- الاستبصار 1 : 5 ح 3 ، باب : ( مقدار الماء الذي لا ينجّسه شيء ) ، وانظر : جامع الرجال 1 : 274.
7- انظر : معجم رجال الحديث 1 : 293 ، 248 - 454.
8- تفسير القمّي 1 : 39 ، وفيه : عمرو بن إبراهيم الراشدي ، انظر : معجم رجال الحديث 1 : 14 [ 8698 ] ، و 79 [ 8857 ].

البحار ، نجد فيها خمسة موارد نقلها بعنوان العلل أو كتاب العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم.

وموردين فيه : لمحمّد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جدّه إبراهيم بن هاشم.

فهو في ضمن كتابه ينسبه إلى القمّي لا الهمداني ، ممّا دعانا ذلك إلى الرجوع إلى عبارته في أوّل الكتاب ، للتأمّل فيها ، وفي ما فهمه العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) منها.

فظهر لنا أنّ الضمير في ( أنّه ) في العبارة ( بل الأظهر كما سنح لي أخيراً ، أنّه محمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني ) ، راجع إلى من وقع في أسانيد الكليني ، في باب من رأى القائم ( عجل اللّه فرجه ) ، لا إلى مؤلّف الكتاب ، فهو - بعد أن قال : إنّ مؤلّف الكتاب مذكور في أسانيد بعض الروايات ، كما في الكافي للكليني ، واستغرب رواية الكليني عن ابن علي بن إبراهيم القمّي بواسطة علي بن محمّد ، مع أنّه يروي عن نفس الأب - أي علي بن إبراهيم القمّي - بدون واسطة ، - استظهر أنّ من في أسانيد الكليني هو محمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني ، لا محمّد ابن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي مؤلّف الكتاب ، الذي لم يرد ذكره في كتب الرجال ، فإنّ محمّد بن علي بن إبراهيم الهمداني ، ورد في رجال النجاشي ( ت 450 ه- ) ، وقال : إنّه وأباه وجدّه ، كانوا وكلاء الناحية المقدّسة (1).

فإن اعترض : بأنّ المجلسي كثيراً ما يختصر الأسانيد ، ويبدّل حدَّثنا وأنبأنا ب- ( عن ) ، ويضيف أو يحذف اسم الأب أو الجدّ أو اللقب أو الكنية ، عمّا هي عليه في المصدر الأصلي ، وهو واضح لمن تصفّح البحار ، وقد

ص: 199


1- رجال النجاشي : 344 [ 928 ].

يكون هذا من ذاك ، فإنّه أضاف ( ابن هاشم القمّي ) لاعتقاده أنّ كتاب ( العلل ) له أوّلا ، ثمّ غيّر رأيه بعد ذلك.

أقول : نعم ، هذا هو دأب المجلسي في البحار ، ولكن لانستطيع الجزم بذلك هنا ، خاصّة مع تكراره كما عرفت ، ثمّ إنّ عدوله عنه ، واستظهاره أنّه الهمداني من دون قرينة واضحة ، سوى ما استظهرناه من كلامه ، بدواً ، وما أجبنا عليه من اتّحاد شيوخ الجدّ مع شيوخ إبراهيم بن هاشم القمّي ، وما فسّرناه من عبارة المجلسي أخيراً ، كاف في ردّ هذا الاعتراض ، ومرجّح قويّ لما اخترناه في تعيين مؤلّف الكتاب.

وبالتالي من خلال كلّ هذا ، ظهر ما في كلام صاحب الذريعة من عدم ثبوت ولد لعلي بن إبراهيم موسوم بمحمّد ، وتعلّقه بتصحيف محمّد عن أحمد ، لردّ ما ورد في أسانيد أمالي الصدوق ( ت 381 ه- ) عن محمّد بن علي بن إبراهيم ، وأضعف من ذلك ظنّه انحصار ذكر محمّد بن علي بن إبراهيم في الأمالي فقط ، حتّى يُحتمل التصحيف لردّه ، مع أنّه أورده في الذريعة في كلامه حول كتاب ( قضايا أمير المؤمنين ) لأبي إسحاق إبراهيم بن هاشم القمّي الكوفي والد علي بن إبراهيم ، بأنّه برواية محمّد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه علي ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم (1).

ولكنّه نسب الكتاب في موضع آخر إلى علي بن إبراهيم القمّي ، برواية ولده محمّد بن علي بن إبراهيم القمّي (2) ، ولعلّه من سبق القلم.

وقد نسب الكتاب إلى إبراهيم بن هاشم ، الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست (3) ، وذكر السيّد محسن الأمين ( ت 1371 ه- ) في معادن الجواهر ، أنّه وجد مخطوطاً قديماً في مدينة بعلبك ، كُتب في

ص: 200


1- الذريعة 17 : 152 [ 794 ].
2- الذريعة 5 : 78 [ 308 ].
3- فهرست الطوسي : 12 [ 6 ].

أوّله ما صورته ( عجائب أحكام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ) ، رواية محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن إبراهيم ، عن أبيه (1) ، عن محمّد بن الوليد ، عن محمّد بن الفرات ، عن الأصبغ بن نباتة.

وكُتب عليه - أيضاً - ما صورته : نسخه أبو النجيب عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الكريم الكرخي ، في شهور سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، بلغ مناه في آخرته ودنياه ... ، (2) وذكر ذلك أيضاً في الأعيان (3) ، وفصّله في أوّل كتابه ( عجائب أحكام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ) ، الذي ضمّنه هذا المخطوط المذكور ، وأضاف إليه قضايا لأمير المؤمنين من كتب أُخرى (4) ، وورد محمّد بن علي بن إبراهيم القمّي في أسانيد ( كتاب الغايات ) لأبي محمّد جعفر بن أحمد القمّي ( القرن الرابع ) (5) ، وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار (6) ، والنوري ( ت 1320 ه- ) في المستدرك (7).

وورد - أيضاً - في أسانيد الغيبة للنعماني ( حيّاً 342 ه- ) (8) ، وعنه المجلسي في البحار (9).

ثمّ إنّه قد نسب كتاب العلل إلى محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، كلّ من الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة ، وسمّاه ( كتاب

ص: 201


1- لا يخفى عليك التصحيف هنا.
2- معادن الجواهر 2 : 43.
3- أعيان الشيعة 2 : 234.
4- عجائب أحكام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : 29.
5- الغايات ( ضمن كتاب جامع الأحاديث ) : 224.
6- البحار 104 : 356 ح 12.
7- مستدرك الوسائل 17 : 217 ح 2.
8- الغيبة : 43 ح 2 ، باب : 2.
9- البحار 92 : 102 ح 80.

علل الأشياء ) (1) والفاضل الهندي ( 1137 ه- ) في كشف اللثام (2) ، والشيخ يوسف البحراني ( 1186 ه- ) في الحدائق (3) ، والسيّد علي بن محمّد علي الطباطبائي ( 1231 ه- ) في رياض المسائل (4) ، والنراقي ( 1245 ه- ) في مستند الشيعة (5) ، والشيخ محمّد حسن النجفي ( 1266 ه- ) في جواهر الكلام (6).

هذا ، ولكن السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) ، قال في فرج المهموم : ( فصل ) : وقد وقفت بعد جميع ما ذكرته من مسألة سلاّر للسيّد المرتضى ( قدّس اللّه روحيهما ) ، وما أجبت واعتذرت له على تعليقة بخطّ الصفيّ محمّد بن معد الموسوي ( رضي اللّه عنه ) ، في مجلّد عندنا الآن ، فيه عدّة مصنّفات ، أكثرها بخطّه ، وأوّل المجلّد ( كتاب العلل ) ، تأليف أبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي ( رحمه اللّه ) (7).

أقول : فلعلّ ما وجده ابن طاووس ، هو هذا الكتاب المنسوب لمحمّد بن علي بن إبراهيم القمّي ، ولكن نسبه إلى أبيه ( علي ) ; لأنّه مرويّ بأجمعه عن أبيه ، عن جدّه ، على الظاهر ، فلاحظ.

ص: 202


1- إثبات الهداة 3 : 576 ، الباب الثاني والثلاثون ، فصل ( 51 ).
2- كشف اللثام 3 : 298.
3- الحدائق 4 : 127 ، و 7 : 204 ، 439 ، و 8 : 252.
4- رياض المسائل 1 : 111.
5- مستند الشيعة 3 : 310.
6- جواهر الكلام 2 : 66 ، و 4 : 320 ، و 8 : 347 ، و 10 : 94.
7- فرج المهموم : 55 ، وعنه كتابخانه ابن طاووس : 304.

(16) كتاب : الكافي لأبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ( ت 329 ه- )

الحديث :

الأوّل والثاني : علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، وعلي بن محمّد ، عن سهل بن زياد أبي سعيد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن قول اللّه عزّ وجلّ ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، فقال : « نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين ( عليهم السلام ) » ، فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ عليّاً وأهل بيته ( عليهم السلام ) في كتاب اللّه عزّ وجلّ؟

قال : « قولوا لهم : إنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) نزلت عليه الصلاة ، ولم يسمّ اللّه لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتّى كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم ، حتّى كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزل الحجّ فلم يقل لهم : طوفوا أسبوعاً ، حتّى كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، ونزلت في علي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في علي : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، وقال ( صلى اللّه عليه وآله ) : أُوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي ، فإنّي سألت اللّه

ص: 203

عزّ وجلّ ، أن لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني ذلك ، وقال : لا تعلّموهم فهم أعلم منكم ، وقال : إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فلم يبيّن من أهل بيته ، لادّعاها آل فلان وآل فلان ، لكن اللّه عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة ( عليهم السلام ) ، فأدخلهم رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) تحت الكساء في بيت أمّ سلمة ، ثمّ قال : اللّهم ، إنّ لكلّ نبيّ أهلا وثقلا ، وهؤلاء أهل بيتي وثقلي ، فلمّا قبض رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، كان عليّ أولى الناس بالناس ، لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وإقامته للناس وأخذ بيده ، فلمّا مضى علي لم يكن يستطيع علي ، ولم يكن ليفعل ، أن يدخل محمّد بن علي ولا العبّاس بن علي ولا واحداً من ولده ، إذن لقال الحسن والحسين : إنّ اللّه تبارك وتعالى ، أنزل فينا كما أنزل فيك ، فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك ، وبلّغ فينا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) كما بلّغ فيك ، وأذهب عنّا الرجس كما أذهبه عنك ، فلمّا مضى علي ( عليه السلام ) كان الحسن ( عليه السلام ) أولى بها لكبره ، فلمّا توفّي لم يستطع أن يدخل ولده ، ولم يكن ليفعل ذلك ، واللّه عزّ وجلّ يقول ( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ ) فيجعلها في ولده ، إذن لقال الحسين : أمر اللّه بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك ، وبلّغ فيّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) كما بلّغ فيك وفي أبيك ، وأذهب اللّه عنّي الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك ، فلمّا صارت إلى الحسين ( عليه السلام ) ، لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه ، كما كان هو يدّعي على أخيه وعلى أبيه ، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ، ولم يكونا ليفعلا ، ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسين ( عليه السلام ) ، فجرى تأويل هذه الآية ( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ ) ، ثمّ صارت من بعد الحسين لعلي بن

ص: 204

الحسين ، ثمّ صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمّد بن علي ( عليهم السلام ) » ، وقال : « الرجس هو الشكّ ، واللّه لا نشكّ في ربّنا أبداً » (1).

وقد مضى هذا الحديث في تفسير فرات وتفسير العيّاشي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) فراجع (2).

الثالث : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد ابن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أيّوب بن الحرّ وعمران بن علي الحلبي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، مثل ذلك (3).

الرابع والخامس : محمّد بن الحسين وغيره ، عن سهل ، عن محمّد ابن عيسى ومحمّد بن يحيى ومحمّد بن الحسين (4) جميعاً ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : ... ، في حديث طويل ، فيه ذكر أوصياء الأنبياء ، وبعض ما قاله رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في فضائل علي ( عليه السلام ) ، وفيه : وقال : « إنّي تارك فيكم أمرين ، إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه

ص: 205


1- الكافي 1 : 286 ح 1 ، باب : ما نصّ اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة ( عليه السلام ) واحداً فواحداً.
2- انظر : ما أوردناه في تفسير فرات ، وتفسير العيّاشي ، الحديث الرابع.
3- الكافي 1 : 286 ح 1 ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في الوافي 2 : 269 ح 745 ، باب (30) : ما نصّ اللّه ورسوله ( صلى اللّه عليه وآله ) عليهم ( عليهم السلام ) ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 442 ح 20 ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في غاية المرام 2 : 351 ح 42 ، 43 ، الباب التاسع والعشرون ، و 3 : 109 ح 3 ، الباب التاسع والخمسون ، و 3 : 193 ح 1 ، 2 ، الباب الثاني ، والبرهان 1 : 381 ح 6.
4- قال السيّد البروجردي : كأنّ صوابه هكذا : ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين جميعاً عن محمّد بن سنان ( ترتيب أسانيد كتاب الكافي : الرابع والثلاثون : في محمّد بن الحسين ، والتاسع والثلاثون : في محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، والموردان في الهامش ).

عزّ وجلّ ، وأهل بيتي عترتي ، أيّها الناس إسمعوا وقد بلّغت ، إنّكم ستردون عليّ الحوض فأسألكم عمّا فعلتم في الثقلين ، والثقلان : كتاب اللّه جلّ ذكره ، وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ... » ، إلى آخر الحديث (1).

السادس : وروى حديث الثقلين من كتاب سُليم ، بسنده إلى سُليم ، وقد أوردناه هناك ، فراجع (2).

السابع : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بريد بن معاوية ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في خطبة يوم الجمعة ، الخطبة الأُولى - وهو حديث طويل - قال في وسطه : « وقد بلّغ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الذي أُرسل به ، فالزموا وصيّته ، وما ترك فيكم من بعده من الثقلين ، كتاب اللّه وأهل بيته ، اللذين لا يضلّ من تمسّك بهما ولا يهتدي من تركهما ... » ، إلى آخر الحديث (3).

ص: 206


1- الكافي 1 : 293 ح 3 ، باب : الإشارة والنصّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في الوافي 2 : 314 ح 777 ، (32) باب : الإشارة والنصّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 444 ح 25 ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في غاية المرام 2 : 333 ح 12 ، الباب (29) ، و 4 : 268 ح 1 ، باب ( 168 ) ، والحويزي ( ت 1112 ه- ) في نور الثقلين 5 : 605 ح 16.
2- الكافي 2 : 414 ح 1 ، باب : أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاًّ ، وفيه : ( وعترتي أهل بيتي ) ، وعنه الحرّ العاملي في إثبات الهداة 1 : 462 ح 91 ، النصوص العامّة على إمامة الأئمّة ( عليه السلام ) ، ما رواه الكليني ، والبحراني في غاية المرام 2 : 354 ح 50 ، الباب (29) ، و 3 : 111 ح 4 ، باب : 59 ، والبرهان 1 : 382 ح 7 ، وانظر ما ذكرناه عن كتاب سُليم ، الحديث الأوّل.
3- 3 - الكافي 3 : 422 ح 6 ، كتاب الصلاة ، باب : تهيئة الإمام للجمعة وخطبته والإنصات ، وعنه الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ( 1011 ه- ) في منتقى الجمان 2 : 97، وفيه : « ولقد بلّغ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ... » ، وفيه : « الذي لا يضلّ من تمسّك بهما » ، والفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في الوافي 8 : 1148 ح 1. أبواب صفة الصلاة وأذكارها ، باب ( 160 ) ، خطبة صلاة الجمعة وآدابها ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في غاية المرام 2 : 366 ح 81 ، الباب التاسع والعشرون ، والفاضل الهندي ( 1137 ه- ) في كشف اللثام 4 : 253 ، والشيخ محمّد حسن النجفي ( 1266 ه- ) في جواهر الكلام 11 : 219.
محمّد بن يعقوب الكُليني :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن يعقوب بن إسحاق ، أبو جعفر الكُليني - وكان خاله عَلاّن الكلينيّ الرازي - ، شيخ أصحابنا في وقته بالريّ ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث ، وأثبتهم.

... ، ومات أبو جعفر الكليني ( رحمه اللّه ) ببغداد ، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، سنة تناثر النجوم ، وصلّى عليه ... (1).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) : محمّد بن يعقوب الكليني ، يكنّى أبا جعفر الأعور ، جليل القدر ، عالم بالأخبار ، ... ، مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، في شعبان ببغداد ، ودفن بباب الكوفة ... (2).

وقال في الفهرست : محمّد بن يعقوب الكليني ، يكنّى أبا جعفر ، ثقة ، عارف بالأخبار ، له كتب منها : ... ، وتوفّي محمّد بن يعقوب ، سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد ... ، قال ابن عبدون : رأيت قبره في صراة الطائي ، وعليه لوح مكتوب عليه اسمه واسم أبيه (3).

وقد أجمع علماء ورجاليّو الإماميّة على وثاقة وعلوّ شأن ومكانة

ص: 207


1- رجال النجاشي : 377 [ 1026 ].
2- رجال الطوسي : 439 [ 6277 ].
3- فهرست الطوسي : 393 [ 603 ].

الشيخ الكليني ( قدس سره ) (1).

كتاب الكافي :

وهو أوّل الكتب الأربعة الحديثيّة المعروفة لدى الإماميّة ، يذكر مقروناً مع مؤلّفه في أغلب الأحيان ، بحيث أصبح أحدهما علماً على الآخر.

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن يعقوب بن اسحاق أبو جعفر الكليني ... ، صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكُليني يسمّى الكافي ، في عشرين سنة ، شرح كتبه : كتاب العقل ، كتاب فضل العلم ... ، كتاب ما قيل في الأئمّة ( عليهم السلام ) من الشعر ، كنت أتردّد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي ، وهو مسجد نفطويه النحوي ، أقرأ القرآن على صاحب المسجد ، وجماعة من أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب ، حدّثكم محمّد بن يعقوب الكليني.

ورأيت أبا الحسن ( الحسين ) العَقراني ، يرويه عنه ، وروينا كتبه كلّها عن جماعة شيوخنا. محمّد بن محمّد والحسين بن عبيد اللّه وأحمد بن علي بن نوح ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، عنه.

... ، وقال أبو جعفر الكليني : كلّ ما كان في كتابي عدّة من

ص: 208


1- انظر : معالم العلماء : 99 [ 666 ] ، خلاصة الأقوال : 245 [ 825 ] ، فصل (33) ، رجال ابن داوود : 187 [ 1538 ] ، القسم الأوّل ، نقد الرجال 4 : 352 [ 5190 ] ، مجمع الرجال 6 : 73 ، حاوي الأقوال 2 : 289 [ 660 ] ، رياض العلماء 5 : 199 ، جامع الرواة 2 : 218 ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 318 [ 1828 ] ، منتهى المقال 6 : 235 [ 2947 [ بهجة الآمال 6 : 690 ، معجم رجال الحديث 19 : 54 [ 12067 ] ، قاموس الرجال 9 : 659 [ 7413 ] ، رسالة أبي غالب الزراري : 176 [ 90 ] ، لؤلؤة البحرين : 386 [ 123 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) 1 : 314 ، الكنى والألقاب 3 : 120 ، تنقيح المقال 3 : 201 ، من أبواب الميم ، المقدّمة الضافية التي كتبها الأُستاذ حسين علي محفوظ ، والمطبوعة في أوّل الكافي.

أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، فهم محمّد بن يحيى وعلي بن موسى الكُميذانّي وداوود بن كُورة وأحمد بن إدريس وعلي بن إبراهيم بن هاشم (1).

وقال الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الرجال : وله مصنّفات ، يشتمل عليها الكتاب المعروف بالكافي (2).

وقال في الفهرست : محمّد بن يعقوب الكليني ... ، له كتب منها : كتاب الكافي ، يشتمل على ثلاثين كتاباً ، أوّله : كتاب العقل وفضل العلم ... ، وله كتاب الرسائل ، وكتاب الردّ على القرامطة ، وكتاب تعبير الرؤيا.

أخبرنا بجميع رواياته الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي ، عن محمّد بن يعقوب ، بجميع كتبه.

وأخبرنا الحسين بن عبيد اللّه قراءة عليه ، أكثر الكتاب ( كذا ) (3) الكافي ، عن جماعة منهم : أبو غالب أحمد بن محمّد الزرّاري ، وأبو القاسم جعفر ابن محمّد بن قولويه ، وأبو عبد اللّه أحمد بن إبراهيم الضميري المعروف بابن أبي رافع ، وأبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، وأبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطّلب الشيباني ، كلّهم عن محمّد بن يعقوب.

وأخبرنا الأجلّ المرتضى ( رضي اللّه عنه ) ، عن أبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي ، عن محمّد بن يعقوب ، وأخبرنا أبو عبد اللّه أحمد بن

ص: 209


1- رجال النجاشي : 377 [ 1026 ].
2- رجال الطوسي : 429 [ 6277 ].
3- في نسخة ( كتاب ).

عبدون ، عن أحمد بن إبراهيم الضيمري وأبي الحسين عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزّار ، بنبس وبغداد ، عن أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، بجميع مصنّفاته ورواياته ... (1).

وذكر هذه الطرق أيضاً في آخر التهذيب والاستبصار (2) ، وقال العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة : فطريق الشيخ الطوسي ( رحمه اللّه ) في التهذيب إلى محمّد بن يعقوب الكليني صحيح (3) ، وقال : وطريق الشيخ أبي جعفر الطوسي ( رحمه اللّه ) في كتاب الاستبصار إلى محمّد بن يعقوب ، صحيح (4) ، وقال النوري : صحيح في المشيخة والفهرست (5).

وعلى كلّ فالكتاب من كتب الشيعة المشهورة المعتمدة ، ومدار اهتمام فقهائهم العظام ، له شروح عديدة ، وعليه تعليقات وحواشي للعلماء كثيرة ، وله نسخ لا تعدّ ، بعضها قديمة ، وطبع عدّة طبعات ، ذكر بعض نسخه وطبعاته العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة (6) ، والأُستاذ الدكتور حسين علي محفوظ في مقدّمة الكافي (7).

ص: 210


1- فهرست الطوسي : 393 [ 603 ].
2- التهذيب ( المشيخة ) 10 : 382 ، الاستبصار 4 : 377.
3- خلاصة الأقوال : 435 ، الفائدة الثامنة.
4- خلاصة الأقوال : 436 ، الفائدة الثامنة.
5- خاتمة المستدرك 6 : 308 [ 676 ].
6- الذريعة 17 : 245 [ 96 ] ، وانظر : فهرست التراث 1 : 271.
7- انظر مقدّمة الأُستاذ الدكتور حسين علي محفوظ ، المطبوعة في أوّل الكافي.

(17) كتاب : المسترشد لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي ( أوائل القرن الرابع ، ومعاصر للكليني )

الحديث :

الأوّل : حدَّثنا أحمد بن مهدي ، قال : حدَّثنا شهاب بن عباد البصري ، قال : حدَّثنا عبد اللّه بن بكر النخعي ، عن حكيم بن جبير ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم ، قال : لمّا كان يوم غدير خمّ ، أمر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بشجر يدعى الدوح ، فقمّ ما تحتهن ، ثمّ قال : « إنّي لم أجد لنبيّ إلاّ نصف عمر النبيّ الذي كان قبله ، وإنّي أُوشك أن أُدعى فأُجيب ، فما أنتم قائلون؟ »

فقال كلّ رجل منّا كما شاء اللّه أن يقول : نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت ، فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « أليس تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه؟ وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث حقّ؟ »

قالوا : يا رسول اللّه ، بلى ، فأومأ رسول اللّه إلى صدره ، وقال : « وأنا معكم » ، ثمّ قال رسول اللّه : « أنا لكم فرط ، وأنتم واردون علي الحوض ، وسعته ما بين صنعاء إلى بصرى ، فيه عدد الكواكب قدحان ، ماؤه أشدّ بياضاً من الفضّة ، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟ ».

فقام رجل ، فقال : يا رسول اللّه ، ما الثقلان؟

ص: 211

قال : « الأكبر كتاب اللّه ، طرفه بيد اللّه ، ] والثاني [ سبب طرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به ، ولا تزلّوا ولا تضلّوا ، والأصغر عترتي أهل بيتي ، أُذكّركم اللّه في أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، سألت ربّي ذلك لهما ، فلا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تتخلّفوا عنهم فتضلّوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم » ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب ، فقال : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » (1).

الثاني : قال ابن جرير : ثمّ نرجع الآن إلى ماكنّا ابتدأنا فيه ، من تثبيت الإمامة والوصاية ، ونحتجّ بما لا يدفع من قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، [ ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا ] ، ولن يفترقا حتّى يردا علي الحوض » (2).

محمّد بن جرير بن رُستم الطبري الكبير :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن جرير بن رُستم الطبري الآملي ، أبو جعفر ، جليل ، من أصحابنا ، كثير العلم ، حسن الكلام ، ثقة في الحديث (3).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : محمّد بن جرير بن رستم الطبري الكبير ، يكنّى أبا جعفر ، ديّن فاضل ، وليس هو صاحب التاريخ ، فإنّه عامّي المذهب (4) ، وذكره في رجاله في من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) (5).

ص: 212


1- المسترشد : 466 ح 157 ، 158.
2- المسترشد : 559 ح 237.
3- رجال النجاشي : 376 [ 1024 ].
4- فهرست الطوسي : 424 [ 655 ].
5- رجال الطوسي : 449 [ 6376 ]. وانظر : خلاصة الأقوال : 265 [ 946 ] ، رجال ابن داود : 167 [ 1330 ] ، القسم الأوّل ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 295 [ 1591 ] ، معجم الثقات : 103 [ 695 ] ، إيضاح الاشتباه : 286 [ 661 ] ، بهجة الآمال 6 : 329، بلغة المحدّثين : 405 ، منهج المقال : 288 ، نقد الرجال 4 : 157 [ 4537 ] ، جامع الرواة 2 : 82 ، تنقيح المقال 2 : 91 ، من أبواب الميم ، حاوي الأقوال 2 : 209 [ 560 ] ، منتهى المقال 5 : 390 [ 2526 ] ، وغيرها.

وقد وقع خلط بينه وبين صاحب كتاب ( دلائل الإمامة ) ، المتأخّر عن المترجم له ، بمائة سنة تقريباً.

وسبب الخلط أنّ ابن طاووس ( ت 664 ه- ) ذكر في عدة مواضع من كتابه فرج المهموم أنّ صاحب كتاب دلائل الإمامة اسمه محمّد بن جرير الطبري (1) ، وتبعه على ذلك المجلسي والبحراني ، وجاء المامقاني صاحب التنقيح ، وسمّاه بالصغير ، تمييزاً له عن المترجم له ، بعد أنّ وجد أنّ الشيخ الطوسي كنّاه بالكبير ، وتبع المامقاني من جاء بعده في التمييز بين الكبير والصغير ، على أنّ الصغير هو صاحب دلائل الإمامة ، مع أنّ نسخ كتاب الدلائل وصلت إلينا ناقصة الأوّل ، فلم يعرف اسم الكتاب ولا اسم مؤلّفه ، إلاّ عمّا نقله ابن طاووس (2).

وقد أشار المحقّق التستري ( ت 1415 ه- ) إلى سبب توهّم ابن طاووس في نسبة الكتاب إلى محمّد بن جرير الطبري ; وذلك لوجود عدّة روايات في الكتاب يبدأ سندها ب- : ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ) ، فظنّه مؤلّف الكتاب (3).

ص: 213


1- فرج المهموم : 227 ، 231 ، 232 ، 233.
2- انظر : مقدّمة دلائل الإمامة ، تحقيق مؤسّسة البعثة ، الأخبار الدخيلة 1 : 43 ، قاموس الرجال 9 : 155 [ 6518 ] ، و 156 [ 6519 ] ، تنقيح المقال 2 : 91 ، من أبواب الميم ، وأيضاً ما كتبناه حول كتاب دلائل الإمامة ومؤلّفه ، وسيأتي.
3- الأخبار الدخيلة 1 : 43.

وعلى كلّ ، فمحمّد بن جرير بن رستم الطبري ( الكبير ) ، معاصر للكليني ( ت 329 ه- ) ، حيث يروي النجاشي ( ت 450 ه- ) المسترشد عنه بواسطتين ، ثانيهما الشريف أبي محمّد الحسن بن حمزة الطبري المتوفّى سنة 358 ه- ، وهو يروي عن مؤلّفه ، فيكون المؤلّف معاصراً للكليني المتوفّى ( 329 ه- ) ، كما يروي النجاشي عن الكليني - أيضاً - بواسطتين ، وأمّا صاحب دلائل الإمامة ، فهو معاصر للنجاشي ، ويروي عن جماعة من مشايخه ، منها ما نقله عن خطّ الحسين بن عبيد اللّه الغضائري المتوفّى ( 411 ه- ) فيكون تأليفه بعد هذا التاريخ (1).

كتاب المسترشد :

نسب الكتاب إليه النجاشي ، وقال : له كتاب المسترشد في الإمامة ، أخبرناه : أحمد بن علي بن نوح ، عن الحسن بن حمزة الطبري ، قال : حدَّثنا محمّد بن جرير بن رستم ، بهذا الكتاب ، وبسائر كتبه (2).

ونسبه إليه الطوسي ( ت 460 ه- ) أيضاً (3).

ولكن الشيخ المجلسي ( ت 1111 ه- ) ، حيث تبع ابن طاووس في الظنّ ، أنّ كتاب دلائل الإمامة لمحمّد بن جرير الطبري ، اعتقد أنّ ( المسترشد ) عنوان آخر لكتاب دلائل الإمامة ، وقال - بعد أن ذكر أنّ من مداركه دلائل الإمامة للشيخ محمّد بن جرير الطبري الإمامي - : ويسمّى بالمسترشد (4) ، ولم يفرّق بين الكتابين ولا المؤلِّفَين.

ص: 214


1- الذريعة 21 : 9 ( 3690 ) ، وانظر - أيضاً - 8 : 241 ( 1018 ).
2- رجال النجاشي : 376 [ 1024 ].
3- فهرست الطوسي : 424 [ 655 ].
4- البحار 1 : 20 ، مصادر الكتاب ، وانظر : الأخبار الدخيلة 1 : 46.

وللكتاب عدّة نسخ ، منها : نسخة الشيخ المجلسي ، الموقوفة ، والوقفيّة بخطّه في 1095 ه- من نماء الحمّام في أراضي الشاه جهان بإصفهان ، وأُخرى في المكتبة الشوشتريّة في النجف (1).

ص: 215


1- الذريعة 21 : 9 [ 3690 ].

ص: 216

(18) كتاب : رجال الكشّي لمحمّد بن عمر الكشّي ( النصف الأوّل من القرن الرابع ) أو ( اختيار معرفة الرجال ) للشيخ الطوسي ( ت 460 ه- )

اشارة

(18) كتاب : رجال الكشّي لمحمّد بن عمر الكشّي ( النصف الأوّل من القرن الرابع ) أو ( اختيار معرفة الرجال ) للشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) (1)

الحديث :

حدَّثني محمّد بن قولويه القمّي ، قال : حدَّثني محمّد بن بندار القمّي ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن أحمد ابن النضر الجعفي ، عن عبّاد بن بشير ، عن ثوير بن أبي فاختة ، قال : خرجت حاجّاً ، فصحبني عمر بن ذر القاضي ، وابن قيس الماصر ، والصلت بن بهرام ، وكانوا إذا نزلوا منزلا ، قالوا : أُنظر الآن ، فقد حرّرنا أربعة آلاف مسألة ، نسأل أبا جعفر ( عليه السلام ) منها عن ثلاثين كلّ يوم ، وقد قلدناك ذلك ...

فلمّا كان من غد ، دخل مولى لأبي جعفر ( عليه السلام ) ، فقال : جعلت فداك ، بالباب ابن ذر ومعه قوم ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « يا ثوير ، قم فأذن لهم » ، فقمت فأدخلتهم ، فلمّا دخلوا ، سلّموا وقعدوا ولم يتكلّموا ، ...

فلمّا رأى ذلك أبو جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « يا ابن ذر ، ألا تحدّثنا ببعض ما سقط إليكم من حديثنا؟ »

ص: 217


1- يعرف كتاب الكشّي في الرجال ب- ( معرفة الناقلين ) ، وقد اختصره شيخ الطائفة الطوسي ، وهذّبه ، وسمّاه ( إختيار معرفة الرجال ) ، وهو الموجود اليوم ، والمعروف ب- ( رجال الكشّي ).

قال : بلى يا ابن رسول اللّه ، قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وأهل بيتي ، إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « يا ابن ذر ، إذا لقيت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فقال : ما خلّفتني في الثقلين ، فماذا تقول له؟ »

قال : فبكى ابن ذر حتّى رأيت دموعه تسيل على لحيته ، ثمّ قال : أمّا الأكبر فمزّقناه ، وأمّا الأصغر فقتلناه ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « إذن تصدقه يا ابن ذر ، لا واللّه لا تزول قدم يوم القيامة حتّى يسأله عن ثلاث ، عن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت ... » (1).

محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي ، أبو عمرو ، كان ثقةً ، عيناً ، وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العيّاشي ، وأخذ عنه ، وتخرّج عليه وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم (2).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في رجاله : محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي ، يكنّى أبا عمرو ، صاحب كتاب الرجال ، من غلمان العيّاشي ، ثقة بصير بالرجال والأخبار ، مستقيم المذهب (3).

وقال في الفهرست : محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي ، يكنّى أبا عمرو ، ثقة ، بصير بالأخبار وبالرجال ، حسن الاعتقاد (4).

ص: 218


1- إختيار معرفة الرجال : 219 ح 394 ، في ثوير بن أبي فاختة ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 64 ح 766 ، فصل ( 46 ) ، مختصراً ، والبحار 10 : 159 ح 12.
2- رجال النجاشي : 372 [ 1018 ].
3- رجال الطوسي : 440 [ 6288 ].
4- فهرست الطوسي 403 [ 615 ] ، وانظر : معالم العلماء : 101 [ 679 ] ، خلاصة الأقوال : 247 [ 838 ] ، رجال ابن داود : 180 [ 1471 ] ، الكنى والألقاب 3 : 115 ، لؤلؤة البحرين : 401 [ 126 ] ، تنقيح المقال 3 : 165 ، قاموس الرجال 9 : 486 [ 7120 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) 1 : 295 ، معجم رجال الحديث 18 : 67 [ 11459 ] ، نقد الرجال 4 : 287 [ 4964 ] ، منتهى المقال 6 : 144 [ 2805 ] ، بهجة الآمال 6 : 534 ، مجمع الرجال 6 : 10 ، حاوي الأقوال 2 : 250 [ 610 ] ، جامع الرواة 2 : 164 ، الوجيزة : 310 [ 1742 ].

ومن خلال رواية هارون بن موسى ( ت 385 ه- ) وجعفر بن محمّد ( ت 369 ه- ) عنه ، يعلم أنّه من أعلام النصف الأوّل من القرن الرابع (1).

كتاب الرجال أو معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين ( عليهم السلام ) :

وهو أوّل الأُصول الأربعة الرجاليّة عند الشيعة الإماميّة.

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : وله كتاب الرجال ، كثير العلم ، وفيه أغلاط كثيرة ، أخبرنا أحمد بن علي بن نوح وغيره ، عن جعفر بن محمّد ، عنه بكتابه (2).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في رجاله : ... ، صاحب كتاب الرجال (3).

وفي الفهرست : له كتاب الرجال ، أخبرنا جماعة ، عن أبي محمّد هارون بن موسى ، عن محمّد بن عمر بن عبد العزيز أبي عمرو الكشّي (4).

وقال ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم : له كتاب معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين ( عليهم السلام ) (5).

ص: 219


1- الذريعة 10 : 141 [ 262 ] ، معجم رجال الحديث 18 : 68 [ 11459 ] ، اختيار معرفة الرجال : 13 ، مقدّمة المصحّح حسن المصطفوي.
2- رجال النجاشي : 372 [ 1018 ].
3- رجال الطوسي : 440 [ 6288 ].
4- فهرست الطوسي : 403 [ 615 ].
5- معالم العلماء : 101 [ 679 ].

والموجود الآن من رجال الكشّي هو ما اختاره الشيخ الطوسي منه ، وسمّاه ب- ( اختيار معرفة الرجال ).

وقد استدلّ العلاّمة التستري ( ت 1415 ه- ) على ذلك بالمقارنة بين ما نقله النجاشي والشيخ ، عن الكشّي ، وبين ما موجود الآن ، ثمّ قال : فكل هذا دليل واضح على أنّ الواصل ليس أصل الكشّي ، بل اختيار الشيخ منه ، ولكن ناقش أدلّة القهبائي على ذلك (1).

وقال صاحب منتهى المقال : ذكر جملة من مشايخنا أنّ كتاب رجاله المذكور ، كان جامعاً لرواة العامّة والخاصّة ، خالطاً بعضهم ببعض ، فعمد إليه شيخ الطائفة ( طاب مضجعه ) فلخّصه وأسقط منه الفضلات ، سمّاه باختيار الرجال ، والموجود في هذه الأزمان ، بل وزمان العلاّمة وما قاربه ، إنّما هو اختيار الشيخ ، لا الكشّي الأصل (2).

والظاهر أنّ أصل هذا الكلام من القهبائي ، فقد نقل العلاّمة التستري كلام القبهائي الذي رتّب اختيار معرفة الرجال على حروف التهجّي من أنّ أصل الكتاب للكشّي كان يحتوي على رجال الخاصّة والعامّة ، وأنّ الشيخ اختار منه الخاصّة ، وذكر أدلّته على ذلك ، وناقشها (3).

كما رجّح أنّ الأغلاط الموجودة فيه ، والتي نبّه عليها النجاشي ، بقوله : ( وفيه أغلاط كثيرة ) (4) هي تحريفات من النسّاخ لا غلطاً من المصنّف.

ثمّ قال : إنّ الشيخ ( ت 460 ه- ) اختار مقداراً منه ، مع ما فيه من الخلط والتصحيف ، وأسقط منه أبواباً ، وإن أبقى ترتيبه ، لأنّ غرضه كان

ص: 220


1- قاموس الرجال 1 : 26 ، الفصل : التاسع عشر.
2- منتهى المقال 6 : 144 [ 2805 ].
3- قاموس الرجال 1 : 25 ، الفصل : التاسع عشر.
4- رجال النجاشي : 372 [ 1018 ].

مجرّد معرفة حالهم المذكورة فيه ، دون من كانوا من أصحابهم ( عليهم السلام ) (1).

وقريب منه ما ذكره مصحّح الكتاب المصطفوي (2) ، كما ذكر أنّه صحّح الكتاب على عدّة نسخ ، منها : نسخة قديمة تاريخ كتابتها 577 ه- ، كتبها منصور بن علي بن منصور الخازن ، وجاء في خمسة مواضع من حواشي الكتاب ، هكذا : ( بلغ مقابلة ، بقراءة السيّد نجم الدين محمّد بن أبي هاشم العلوي ، كتبه يحيى بن الحسن بن البطريق ) ، وابن البطريق توفّي سنة 600 ه- ، وأُخرى قديمة - أيضاً - ، قوبلت بنسخة مقروءة على السيّد أحمد بن طاووس الحسني ( قدس سره ) ( ت 673 ه- ) ، وتاريخها 602 ه- (3).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) - بعد أن ذكر تاريخ بدأ إملاء الشيخ الطوسي للاختيار على طلاّبه ، في يوم الثلاثاء السادس والعشرين من صفر سنة 456 ه- ، في المشهد الغروي المقدّس ، وذكر بعض من رتّبه - : وأصحّ ما رأيت ، النسخة التي اشتراها سيّدنا العلاّمة الحسن صدر الدين من ورثة العلاّمة ميرزا يحيى بن ميرزا شفيع الإصفهاني ، وهي بخطّ الشيخ نجيب الدين تلميذ صاحب المعالم ، وشاركه أستاذه في كتابة بعض صفحاته ، وقد كتبها على نسخة بخطّ الشهيد الأوّل المنقولة عن نسخة كان عليها تملّك السيّد أبي الفضائل أحمد بن طاووس ، وهي كانت بخطّ علي ابن حمزة بن شهريار الخازن ، وفرغ من كتابتها بالحلّة سنة 562 (4).

ص: 221


1- قاموس الرجال 1 : 59 ، الفصل : الواحد والعشرون.
2- اختيار معرفة الرجال : 18 ، مقدّمة المصحّح.
3- انظر مقدّمة المصحّح لاختيار معرفة الرجال : 20.
4- الذريعة 1 : 365 [ 1912 ].

ص: 222

(19) كتاب : تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ وآله صلّى اللّه عليهم لمحمّد بن العبّاس بن الماهيار ( المعروف بابن الجُحام ) ( من أعلام القرن الرابع )

اشارة

الحديث :

قال السيّد شرف الدين علي الحسيني ( القرن العاشر ) في كتابه تأويل الآيات الظاهرة ، تحت آية : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) :

الأوّل : وأمّا تأويله ، قال محمّد بن العبّاس ( رحمه اللّه ) (1) : حدَّثنا الحسين بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن هارون بن خارجة ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، في قوله عزّ وجلّ : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال : « الثقلان نحن والقرآن » (2).

ص: 223


1- كتاب محمّد بن العبّاس ( ابن الجُحام ) مفقود في العصر الحاضر ، وقد نقلنا هذه الموارد عن كتاب تأويل الآيات الظاهرة للسيّد شرف الدين الاسترابادي ، والذي ذكر تحت الآية ( 73 ) من سورة الإسراء ، في الجزء الأوّل من كتابه أنّه اطلع على الجزء الثاني من كتاب ابن الجُحام ، والذي يبدأ من هذه الآية ، ولم ير الجزء الأوّل.
2- 2 - تأويل الآيات الظاهرة 2 : 637 ح 17 ، وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 4 : 268 ح 1 ، ويظهر منه أنّه نقل عن الكتاب مباشرة ، ولكنّه صرّح في مقدّمة كتابه أنّه ينقل عنه بالواسطة ، وقال في مقدّمة البرهان ( 1 : 4 ) : وقد كنت أوّلا قد جمعت في كتاب الهادي كثيراً من تفسير أهل البيت ( عليهم السلام ) ، قبل عثوري على ... ، وتفسير الشيخ الثقة محمّد بن العبّاس بن ماهيار المعروف بابن الجُحام ، ما ذكره عنه الشيخ الفاضل شرف الدين النجفي ، وقال في مقدّمة البرهان ( باب 16 ) في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب ( 1 : 30 ) - بعد أن ذكر اسم الشيخ ابن الجُحام واسم كتابه - : وهذا الكتاب لم أقف عليه ، لكن أنقل عنه ما نقله الشيخ شرف الدين النجفي ... ، وغاية المرام 2 : 344 ح 32، الباب 29 ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 24 : 324 ح 37 ، وقد رمز المجلسي لكتاب ( تأويل الآيات الظاهرة ) ولمختصره ( كنز جامع الفوائد ) برمز واحد ، وهو ( كنز ) ، لأنّ أحدهما مأخوذ من الآخر.

الثاني : ويؤيّده ما رواه - أيضاً - عن محمّد بن همام ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن السندي بن محمّد ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) ، عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال : « كتاب اللّه ، ونحن » (1).

الثالث : ويؤيّده ما رواه - أيضاً - عن عبد اللّه بن محمّد بن ناجية ، عن مجاهد بن موسى ، عن ابن مالك ، عن حجام ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه ، حبل [ اللّه ] ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » (2).

ص: 224


1- تأويل الآيات الظاهرة 2 : 637 ح 18 ، وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 4 : 267 ح 2 ، وغاية المرام 2 : 344 ح 32 ، الباب 29 ، والمجلسي في البحار 24 : 324 ح 38.
2- تأويل الآيات الظاهرة 2 : 638 ح 19 ، وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 4 : 267 ح 3 ، وغاية المرام 2 : 344 ح 33 ، الباب 29 ، وأضاف العبارة التي ذكرها شرف الدين في ذيل الحديث ، وهي : إنّما سمّاهما الثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما ، انظر : ما سنذكره في تأويل الآيات الظاهرة ، الحديث الخامس ، وانظر هذه الموارد الثلاثة في ( تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ وآله صلّى اللّه عليهم ) المجموع من المصادر المختلفة ، من قبل الشيخ فارس تبريزيان الحسّون : 353 ح 390 ، و 391 ، و 392 ، سورة الرحمن : 31.
محمّد بن العبّاس بن الماهيار ( المعروف بابن الجُحام ) :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن العبّاس بن علي بن مروان بن الماهيار ، أبو عبد اللّه ، البزّاز ، المعروف بابن الجُحام ، ثقة ثقة ، من أصحابنا ، عين ، سديد ، كثير الحديث (1).

وقال الشيخ ( ت 460 ه- ) : سمع منه التلعكبري سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وله منه إجازة (2).

ونقل العلاّمة ( ت 726 ه- ) عين كلام النجاشي (3).

وقال ابن داود ( ت 702 ه- ) : ثقة ثقة ، من أصحابنا ، عين من أعيانهم ، كثير الحديث ، سديده (4).

كتاب تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ وآله صلّى اللّه عليهم :

ذكره ضمن كتبه النجاشي ، وقال : له كتاب المقنع في الفقه ، ... ، كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقال جماعة من أصحابنا : إنّه كتاب لم يصنّف في معناه مثله ، وقيل : إنّه أَلْف ورقة (5) ، وذكره الطوسي ،

ص: 225


1- رجال النجاشي : 379 [ 1030 ].
2- رجال الطوسي : 443 [ 6321 ] ، وانظر : فهرست الطوسي : 423 [ 653 ] ، إيضاح الاشتباه : 288 [ 665 ] ، تنقيح المقال 3 : 135 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 275 ، أعيان الشيعة 9 : 379.
3- خلاصة الأقوال : 266 [ 949 ].
4- رجال ابن داود : 175 [ 1415 ] ، القسم الأوّل.
5- رجال النجاشي : 379 [ 1030 ] ، وانظر : خلاصة الأقوال : 266 [ 949 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 275.

وقال : له كتب منها : كتاب تأويل ما نزل في النبي وآله ( عليهم السلام ) (1) ، وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) ، وقال : له كتاب تأويل ما نزل في النبيّ وآله ( عليهم السلام ) (2) ، وهو نفس العنوان الذي ذكره الطوسي.

وكانت توجد نسخة من الكتاب عند السيّد ابن طاووس ، ( ت 664 ه- ) نقل عنها موارد كثيرة في كتبه ، منها اليقين (3) ، وقال في الباب ( 98 ) منه : في ما نذكره من كتاب ( تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ وآله ( صلى اللّه عليه وآله ) ) ، من المجلّد الأوّل منه ، تأليف الشيخ العالم محمّد بن العبّاس ابن علي بن مروان ، في تسمية النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) مولانا علياً ( عليه السلام ) أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجّلين.

إعلم أنّ هذا محمّد بن العبّاس قد تقدّم (4) ممّا ذكرناه عن أبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي أنّه ذكر عنه ( رضي اللّه عنه ) أنّه ثقة ثقة عين ، وذكر - أيضاً - أنّ جماعة من أصحابه ذكروا أنّ هذا الكتاب الذي ننقل ونروي عنه لم يصنّف في معناه مثله ، وقيل : إنّه أَلْف ورقة.

وقد روى أحاديثه عن رجال العامّة ، لتكون أبلغ في الحجّة ، وأوضح في المحجّة ، وهو عشرة أجزاء ، والنسخة التي عندنا الآن قالب ونصف الورقة ، مجلّدان ضخمان ، قد نسخت من أصل عليه خطّ أحمد بن الحاجب الخرساني ، فيه إجازة تاريخها في صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وإجازة بخطّ الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ،

ص: 226


1- فهرست الطوسي : 423 [ 653 ].
2- معالم العلماء : 143 [ 1004 ] ، وانظر : الذريعة 3 : 306 [ 1132 ].
3- انظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 275.
4- جاء في الهامش : لم يتقدّم في هذا الكتاب شيء في ذلك.

وتاريخها في جمادي الآخرة ، سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

وهذا الكتاب أرويه بعدّة طرق ، منها : عن الشيخ الفاضل أسعد بن عبد القاهر المعروف جدّه بسفرويه الإصفهاني ، حدَّثني بذلك لمّا ورد إلى بغداد في صفر سنة خمس وثلاثين وستّمائة ، بداري بالجانب الشرقي من بغداد التي أنعم بها علينا الخليفة المستنصر - جزاه اللّه خير الجزاء - ، عند المأمونيّة ، في الدرب المعروف بدرب الحوبة ، عن الشيخ العالم أبي الفرج علي ابن العبد أبي الحسين الراوندي ، [ عن أبيه ] ، عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن المحسن الحلبي ، عن السعيد أبي جعفر الطوسي ( رضي اللّه عنه ).

وأخبرني بذلك الشيخ الصالح حسين بن أحمد السوراوي إجازة في جمادي الآخرة سنة سبع وستّمائة ، عن الشيخ السعيد محمّد بن القاسم الطبري ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمّد الطوسي ، عن والده السعيد محمّد بن الحسن الطوسي.

وأخبرني بذلك - أيضاً - : الشيخ علي بن يحيى الحافظ إجازة تاريخها شهر ربيع الأوّل سنة تسع وستّمائة ، عن الشيخ السعيد عربي بن مسافر العبادي ، عن الشيخ محمّد بن القاسم الطبري ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمّد الطوسي ، وغير هؤلاء - يطول ذكرهم - ، عن السعيد الفاضل في علوم كثيرة من علوم الإسلام والده أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، قال : أخبرنا بكتب هذا الشيخ العالم أبي عبد اللّه بن محمّد بن العبّاس بن مروان ورواياته جماعة من أصحابنا ، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، عن أبي عبد اللّه محمّد بن العبّاس بن مروان ، المذكور (1).

ص: 227


1- اليقين : 279 ، الباب ( 98 ).

وقد ذكر الشيخ ( ت 460 ه- ) هذا الطريق في الفهرست (1).

وقال النوري ( ت 1320 ه- ) - عند ذكره لطرق الشيخ - : وإلى محمّد ابن العبّاس بن علي بن مروان ، صحيح في الفهرست (2).

وكان عند ابن طاووس ( ت 664 ه- ) نسخة أُخرى ، ذكرها في سعد السعود (3).

والظاهر أنّ إحدى نسختي ابن طاووس أو قسماً منها ، وقع للشيخ حسن بن سليمان الحلّي ( القرن التاسع ) صاحب مختصر البصائر المارّ الذكر (4) ، قال في مختصر البصائر : يقول عبد اللّه حسن بن سليمان : وقفت على كتاب فيه تفسير الآيات التي نزلت في محمّد وآله صلوات اللّه عليه وعليهم ، تأليف محمّد بن العبّاس بن مروان يعرف بابن الجُحام ، وعليه خطّ السيّد رضيّ الدين علي بن طاووس : أنّ النجاشي ذكر عنه أنّه ثقة ثقة ، روى السيّد رضيّ الدين علي هذا الكتاب عن فخار بن معد بطريقه إليه (5).

وقال أيضاً : ومن كتاب تأويل ما نزل من القرآن في النبي وآله صلوات اللّه عليه وعليهم ، تأليف أبي عبد اللّه محمّد بن العبّاس بن مروان ، وعلى هذا الكتاب خطّ السيّد رضيّ الدين علي بن موسى بن طاووس ، ما صورته : - ونقل كلام النجاشي عن خطّ ابن طاووس - ، ثمّ قال : رواية علي ابن موسى بن طاووس ، عن فخار بن معد العلوي وغيره ، عن شاذان بن جبرائيل ، عن رجاله (6).

ص: 228


1- فهرست الطوسي : 423 [ 653 ].
2- خاتمة المستدرك 6 : 287 [ 624 ].
3- سعد السعود : 180 ، فصل [ 18 ].
4- راجع ما ذكرناه عن مختصر بصائر سعد بن عبد اللّه الأشعري القمّي.
5- مختصر البصائر : 421.
6- مختصر البصائر : 481.

ورأى السيّد شرف الدين ( القرن العاشر ) صاحب تأويل الآيات الطاهرة الذي نقلنا منه روايات حديث الثقلين ، قسماً من الكتاب ، وهو نصفه الثاني ، قال - بعد أن نقل كلام النجاشي ، وكلام ابن داود - : وهذا كتابه المذكور ، لم أقف عليه كلّه ، بل نصفه من هذه الآية ( أي الآية « 73 » من سورة الإسراء ) إلى آخر القرآن (1).

وقد روى عنه الأربلي ( 693 ه- ) في كشف الغمّة ، رواية واحدة (2).

ص: 229


1- تأويل الآيات الظاهرة 1 : 284 ح 20 ، سورة الإسراء : 73.
2- كشف الغمّة 1 : 92 ، وراجع للتفصيل في ترجمة ابن الجُحام وكتابه ، المقدّمة التي ذكرها جامع روايات كتاب ( تأويل ما نزل من القرآن ... ) من المصادر ، الشيخ فارس الحسّون.

ص: 230

(20) كتاب : مقدّمات علم القرآن لمحمّد بن بحر الرهني ( القرن الرابع )

الحديث :

الأوّل : قال ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في سعد السعود :

فصل : في ما نذكره من الجزء الأوّل من مقدّمات علم القرآن (1) ، تصنيف محمّد بن بحر الرهني ، ذكر في أوّل كرّاس منه ما وجده من اختلاف القراءات ، وما معناه : ...

قال محمّد بن بحر الرهني : حدَّثني القرباني ، قال : حدَّثنا إسحاق بن راهويه ، عن عيسى بن يونس ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن عطيّة بن أبي سعيد (2) الكوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه عزّ وجلّ ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

الثاني : قال محمّد بن بحر الرهني : وما حدّثنا به المطهّر ، قال : حدَّثنا

ص: 231


1- هذا الكتاب مفقود في الوقت الحاضر ، وينقل عنه ابن طاووس في سعد السعود ، ونحن أوردنا ما ذكره ابن طاووس.
2- عطيّة بن سعد العوفي ، وما في المتن تصحيف.
3- سعد السعود : 443 ، فصل [ 138 ].

ابن عبد اللّه بن نمير ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن الركين بن الربيع ، عن القاسم بن حسّان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ».

قال الرهني في الوجهة الأوّلة من القائمة الخامسة - ما معناه - : كيف يقبل العقل والنقل أنّ النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) يجعل القرآن وأهل بيته عوضه ، وخليفتين من بعده في أُمّته ، ولا يكون فيهما كفاية وعوض من غيرها ، ممّا حدث في الأُمّة ، وفي القرآن من الاختلاف؟! (1)

محمّد بن بحر الرهني :

قال النجاشي : ( ت 450 ه- ) محمّد بن بحر الرُهني أبو الحسين الشيباني ، ساكن نرماشير من أرض كرمان ، قال بعض أصحابنا : إنّه كان في مذهبه ارتفاع ، وحديثه قريب من السلامة ، ولا أدري من أين قيل ذلك (2).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : محمّد بن بحر الرهني ، من أهل سجستان ، وكان من المتكلّمين ، وكان عالماً بالأخبار وفقيهاً ، إلاّ أنّه متّهم بالغلوّ ، وله نحو من خمسمائة مصنّف ورسالة ... (3).

وقال في الرجال : محمّد بن بحر الرهني ، يرمى بالتفويض (4).

وقال في رجال الكشّي ( القرن الرابع ) : حدَّثني أبو الحسن (5) محمّد ابن بحر الكرماني الدهني (6) النرما شيري ، قال : وكان من الغلاة الحنقين ،

ص: 232


1- سعد السعود : 444 ، فصل [ 138 ].
2- رجال النجاشي : 384 [ 1044 ].
3- فهرست الطوسي : 390 [ 599 ].
4- رجال الطوسي : 447 [ 6356 ] ، من لم يرو عن واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ).
5- في غيره أبو الحسين.
6- في نسخة أُخرى الرهني.

قال : حدَّثني أبو العبّاس المحاربي الجزري ... ، - ثمّ بعد أن أورد بقيّة الرواية - قال : قال الكشّي : محمّد بن بحر هذا ، غال ... (1).

وقال العلاّمة ( ت 726 ه- ) - بعد أن نقل كلام الطوسي والنجاشي - : وقال ابن الغضائري ( ت 411 ه- ) : إنّه ضعيف ، في مذهبه ارتفاع ، والذي أراه التوقّف في حديثه (2).

وقال أيضاً : محمّد بن يحيى الرهني - بالراء - يرمى بالتفويض (3). وقال في إيضاح الاشتباه : له كتب ، منها كتاب ( القلائد ) ، فيه كلام على مسائل الخلاف بيننا وبين المخالفين ، وجدت بخطّ السيّد السعيد صفيّ الدين محمّد بن معد ، هذا الكتاب عندي وقع إليّ من خراسان ، وهو كتاب جيّد مفيد ، وفيه غرائب ، ورأيت مجلّداً فيه كتاب النكاح ، حسن بالغ في معناه ، ورأيت أجزاء مقطعة ، وعليها خطّه إجازة لبعض من قرأ الكتاب عليه ، يتضمّن الفقه والخلاف والوفاق ، وظاهر الحال أنّ المجلّد الذي يتضمّن النكاح يكون أحد كتب هذا الكتاب الذي الأجزاء المذكورة منه ، ورأيت خطّ المذكور ، وهو خطّ جيّد مليح ، وكتب محمّد بن معد الموسوي (4).

وأورد ابن داود نفس كلام من تقدّم عنه ، في موضعين (5).

وقال أبو علي الحائري - بعد أن نقل الأقوال السابقة - : وفي التعليقة :

ص: 233


1- اختيار معرفة الرجال : 147 ح 235.
2- خلاصة الأقوال : 396 [ 1600 ] ، القسم الثاني ، وانظر : الرجال لابن الغضائري : 98 [ 147 ].
3- خلاصة الأقوال : 400 [ 1609 ] ، القسم الثاني ، وهي نفس عبارة الشيخ في رجاله ، ولعلّه كان هناك تصحيف في اسمه عند العلاّمة.
4- إيضاح الاشتباه : 290 [ 671 ].
5- رجال ابن داود : 270 [ 432 ] ، القسم الثاني ، و 277 [ 491 ] ، القسم الثاني ، ولم أر وجهاً للتعدّد.

في عبارة بعض الفضلاء أنّ محمّد بن بحر الرهني من أعاظم علماء العامّة ، ولعلّه سهو ، أو هو غيره ، ومرّ عن النجاشي في فارس بن سليمان أنّه أخذ عن محمّد بن بحر مع مدحه فارساً (1) ، والظاهر منه هنا أنّ نسبة الارتفاع لا أصل لها ، وظاهر الفهرست - أيضاً - التأمّل ، ولعلّ من نسبه إليه ابن الغضائري ، وفيه ما فيه ، أقول : وكذا نسبة الكشّي أيضاً الغلوّ إليه ، ممّا لا يوثق به لما عرفته مراراً.

ثمّ نقل قول العلاّمة في إيضاح الاشتباه ، وقال : وليت شعري ، إذا كان الرجل بنفسه متكلّماً عالماً فقيهاً ، وحديثه قريباً من السلامة ، وكتبه جيّدة مفيدة حسنة ، فما معنى الغلوّ الذي يرمى به! وليس العجب من ابن الغضائري والكشّي ; لأنّ كافّة علمائنا ( رضي اللّه عنهم ) عدا الصدوق وأضرابه عند أضرابهما غلاة ، لكن العجب ممّن يتبعهما في الطعن والرمي بالغلوّ ، فما في الوجيزة من أنّه ضعيف (2) ، ضعيف (3).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن ذكر الأقوال فيه - : وضعّفه في الوجيزة أيضاً ، وعدّه في الحاوي في قسم الضعفاء (4) ، وأقول : لا شبهة في كون الرجل إماميّاً ... ، وإذ قد كان إماميّاً ، نقول : إنّ صريح الشيخ ( رحمه اللّه ) ، أنّ القول بالتفويض والغلوّ بالنسبة إليه ليس محقّقاً ، بل هي تهمة ، والظاهر أنّ منشأ التهمة قول ابن الغضائري ، وقد نبّهنا غير مرّة أنّه لا وثوق بتضعيفات ابن الغضائري ، سيّما إذا كان منشؤها الرمي بالغلوّ ، سيّما والنجاشي أنكر ذلك عليه هنا ، بقوله : وحديثه قريب من السلامة ، ولا أدري من أين قيل ، وإذا لم يثبت غلوّه ، بل كان المظنون حدوثه من روايته

ص: 234


1- انظر : رجال النجاشي : 310 [ 849 ].
2- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 294 [ 1580 ].
3- منتهى المقال 5 : 377 [ 2504 ].
4- حاوي الأقوال 4 : 230 [ 2033 ].

في الأئمّة ( عليهم السلام ) بعض ما هو اليوم من ضروريات مذهب الشيعة ، كان ما سمعته من الشيخ ، من كونه عالماً بالأخبار فقيهاً ، وما سمعته من النجاشي من كون حديثه قريباً من السلامة ، مدحاً مدرجاً له في الحسان ، فالأظهر كون الرجل من الحسان ، دون الضعفاء ، واللّه العالم.

ولقد أجاد الحائري ، حيث قال : - ثمّ أورد كلام الحائري المتقدّم - ، ثمّ قال : وأقول : ممّا يكذّب نسبة الغلوّ إليه أنّ الصدوق ( رحمه اللّه ) نقل في إكمال الدين عن كتاب للرجل في تفضيل الأنبياء والأئمّة ( صلوات اللّه عليهم ) على الملائكة ، فصلا طويلا ختامه أنّ محمّداً ( صلى اللّه عليه وآله ) أفضل المخلوقات من الجنّ والإنس والملائكة ، وفيه تصريح بأنّ محمّداً ( صلى اللّه عليه وآله ) مخلوق من المخلوقات ، كغيره بنحو لا يشتبه على من طالعه وتصفّحه ، وفيه شهادة على عدم غلوّه نحو ما يقوله الغلاة من القدم والحلول ، فلم يبق إلاّ بمعنى المبالغة في تفضيل الحجج ( عليهم السلام ) على غيرهم ، وعلوّ رتبتهم ، وذلك اليوم من ضروريات المذهب ، فنسبة الغلوّ القادح في الراوي إلى الرجل غلط بحسب الظاهر ، والعلم عند اللّه تعالى (1).

وعلى كلّ حال فهو متّهم بالغلوّ ، وتحقيق الحال في تحقيق مرادهم من الغلوّ.

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) : وهو من مشايخ أبي العبّاس ابن نوح السيرافي ، المتوفّى بعد 408 ، وهو أحمد بن علي بن العبّاس بن نوح ، من مشايخ النجاشي ، ويروي عنه أبو المفضل الشيباني ( حديث بشر النخّاس ) ، على ما فى ( الغيبة ) للطوسي (2) ، وفي ( كمال الدين ) أنّه ورد

ص: 235


1- تنقيح المقال 2 : 85 ، من أبواب الميم ، وانظر : معجم رجال الحديث 16 : 131 [ 10324 ].
2- الغيبة للطوسي : 208 ح 187.

كربلاء لزيارة غريب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) سنة 286 ، ثمّ زار الكاظمين ... ، يرويه عنه أحمد بن طاهر القمّي (1).

وكان معمّراً ، كما ذكره ياقوت ( ت 626 ه- ) في ( معجم الأُدباء ، ج 6 ص 417 ) وذكر كتابه ( نحل العرب ) ، وقال : إنّه يروي فيه عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الأشعري ، المتوفّى 301 ، وقد قرأ كتاب سيبويه على محمّد بن أحمد بن كيسان المتوفّى 299 أو 322 (2).

وقال في الذريعة : وذكر ( أي ياقوت في معجم الأُدباء ) أنّه كان معمّراً ، وغالياً في التشيّع ، ويروي في كتابه عن سعد بن عبد اللّه الذي توفّي ( 301 ) ، أقول : إنّه أدرك بشر النخّاس ، الذي أوصل أمّ الحجّة ( عليه السلام ) إلى سامرّاء ، فحدّث عنه القصّة لأبي المفضّل الشيباني الذي توفّي ( 385 ) ، كما رواه الشيباني عنه في غيبة الشيخ الطوسي ، وذكر الصدوق في ( إكمال الدين ) ، أنّه ورد لزيارة الحائر والكاظميّة في ( 286 ) ، أقول : وقد بقى إلى أن أدركه الكشّي ، وروى عنه ، كما في ترجمة زرارة ، وبقي - أيضاً - إلى أن أدركه ابن نوح من مشايخ النجاشي ، كما صرّح به النجاشي في ترجمة الرهني ، وتوفّي ابن نوح بعد ورود الشيخ الطوسي في ( 408 ) إلى العراق بسنين ، وكان يروي عن بعض مشايخه في ( 342 ) ، ولعلّ روايته عن الرهني كان في حدود هذا التاريخ ، فيكون وفاة الرهني بعد وفاة سميّه المفسّر الإصفهاني المذكور في ( 5 : 44 ) (3).

وقال أيضاً : المتوفّى حدود 340 ... ، وقال في ( معجم الأُدباء 6 : 417 ) : إنّه كان معمّراً غالياً في التشيّع ، وفي كتابه هذا ذكر العرب في بلاد

ص: 236


1- كمال الدين وتمام النعمة : 445 ح 1 ، باب : 9.
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 248.
3- الذريعة 8 : 238 ( 1008 ).

الإسلام ، وأنّه كان شيعيّاً أو خارجيّاً أو سنيّاً ، فيحسن القول في الشيعة منهم ، ويقع في من عداهم ، ثمّ ذكر بعده قريباً من الكلام السابق (1).

مقدّمات علم القرآن :

ولم يذكر من ترجمه كتابه هذا ، وإن ذكر الشيخ ( ت 460 ه- ) أنّ له نحو من خمسمائة مصنّف ورسالة ، أكثرها ببلاد خراسان (2) ، ولكن ذكره ابن طاووس ( ت 664 ه- ) كما عرفت ، وفي كلامه حجّة ، وهو صاحب المكتبة المعروفة الحاوية على المخطوطات ، بعضها بخطّ مصنّفيها ، حيث إنّ دأبه ، أن يذكر أوصاف النسخ التي نقل منها في كتبه.

وقد قال في سعد السعود : فصل : في ما نذكره من الجزء الأوّل من مقدّمات علم القرآن ، تصنيف محمّد بن بحر الرهني ، في معنى اختلاف القراءات (3).

وقال أيضاً : في ما نذكره عن محمّد بن بحر الرهني ، من الجزء الثاني من مقدّمات علم القرآن ، من التفاوت في المصاحف التي بعث بها عثمان إلى الأمصار (4).

وفي كلام ابن طاووس كفاية.

ص: 237


1- الذريعة 24 : 83 ( 425 ).
2- فهرست الطوسي : 390 [ 599 ].
3- سعد السعود : 37 [ 138 ] ، فصول الكتاب ، و 443 [ 138 ].
4- سعد السعود : 47 [ 206 ] ، فصول الكتاب ، و 544 [ 206 ].

ص: 238

(21) كتاب : الغيبة لمحمّد بن إبراهيم النعماني ( القرن الرابع ، كان حيّاً سنة 342 ه- )

الحديث :

الأوّل : ... ، بعد وجوب الحجّة عليهم من اللّه بقوله عزّ وجلّ ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ) (1) ، ومن الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) ، بقوله في عترته إنّهم الهداة وسفينة النجاة ، وأنّهم أحد الثقلين ، اللذين أعلمنا تخليفه إيّاهما علينا ، والتمسّك بهما ، بقوله « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود بينكم وبين اللّه ، طرف بيد اللّه وطرف بأيديكم ، ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا » (2).

الثاني والثالث والرابع : ولو لم يدلّنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) على حبل اللّه ، الذي أمرنا اللّه عزّ وجلّ في كتابه بالاعتصام به وألاّ نتفرّق عنه ، لاتسع للأعداء المعاندين ، التأوّل فيه ، والعدول بتأويله ، وصرفه إلى غير من عنى اللّه به ، ودلّ عليه رسول اللّه ( عليه السلام ) ، عناداً وحسداً ، لكنّه قال ( صلى اللّه عليه وآله ) ، في خطبته المشهورة التي خطبها في مسجد الخيف في حجّة الوداع : « إنّي فرطكم ، وأنّكم واردون عليّ الحوض ، حوضاً عرضه ما بين بصرى إلى

ص: 239


1- آل عمران : 103.
2- الغيبة للنعماني : 29 ، مقدّمة المؤلّف.

صنعاء ، فيه قدحان عدد نجوم السماء ، ألا وإنّي مخلّف فيكم الثقلين ، الثقل الأكبر القرآن ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، هما حبل اللّه ممدود بينكم وبين اللّه عزّ وجلّ ، ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ، سبب منه بيد اللّه ، وسبب بأيديكم (1) ، أنّ اللطيف الخبير قد نبّأني ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، كأصبعيَّ هاتين - وجمع بين سبّابتيه - ، ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبّابته والوسطى - ، فتفضل هذه على هذه ».

أخبرنا بذلك عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس الموصلي ، قال : أخبرنا محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه (2) ، عن جدّه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) ، قال : « خطب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » ، وذكر الخطبة بطولها ، وفيها هذا الكلام.

وأخبرنا عبد الواحد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الحسن بن محبوب والحسن بن علي بن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، بمثله.

وأخبرنا عبد الواحد ، عن محمّد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ( عليه السلام ) ، بمثله (3).

ص: 240


1- قال المحقّق في الهامش : وزاد في نسخة ( وفي رواية أُخرى : طرف بيد اللّه وطرف بأيديكم ).
2- هو علي بن إبراهيم القمّي ، صاحب التفسير ، وقد أوردنا الحديث عن مقدّمة تفسيره ، راجع الحديث الأوّل.
3- الغيبة للنعماني : 42 ، باب (2) ، في ما جاء في تفسير قوله تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ) ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 618 ح 655 ، فصل 37 ، وغاية المرام 2 : 340 ح 22 و 23 و 24 ، باب (29) ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 92 : 102 ح 80.

الخامس : فندب الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) الخلق إلى الأئمّة من ذرّيّته ، الذين أمرهم اللّه تعالى بطاعتهم ودلّهم عليهم ، وأرشدهم إليهم ، بقوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود بينكم وبين اللّه ، ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا » (1).

السادس : ومن كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، ما رواه أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ... ، إلى آخر ما أوردناه بسنده عن سُليم ، في حديث خطبة أمير المؤمنين في صفّين ، فراجع (2).

محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن إبراهيم بن جعفر « أبو عبد اللّه الكاتب النعماني » ، المعروف ب- ( ابن زينب ) ، شيخ من أصحابنا ، عظيم القدر ، شريف المنزلة ، صحيح العقيدة ، كثير الحديث ، قدم بغداد ، وخرج إلى الشام ومات بها (3).

وأورد كلامه العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة (4) ، وابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله (5).

ص: 241


1- الغيبة للنعماني : 55 ، بعد الحديث (7) ، باب (3) ، ما جاء في الإمامة والوصيّة ، وأنّهما من اللّه عزّ وجلّ وباختياره ، وأمانة يؤدّيها الإمام إلى الإمام بعده. وعنه في إثبات الهداة 1 : 619 ح 658 وقد ذكره مسنداً ، ولكن السند للحديث الذي سبق هذا الكلام من النعماني ، لا لحديث الثقلين ، فلاحظ.
2- الغيبة للنعماني : 68 ، الباب (4) ، راجع ما أوردناه في كتاب سُليم الحديث الثالث ، وعن الغيبة ، البحراني ( ت 1107 ه- ) في غاية المرام 2 : 244 ح 110 ، باب (23) و 2 : 323 ح 4 ، باب (29) و 2 : 357 ح 53 ، الباب (29) ، مع بعض الاختلاف عما أوردناه عن كتاب سُليم.
3- رجال النجاشي : 383 [ 1043 ].
4- خلاصة الأقوال : 267 [ 958 ] ، القسم الأوّل.
5- رجال ابن داود : 160 [ 1278 ] ، القسم الأوّل. انظر ترجمته في : معجم الثقات : 99 [ 663 ] ، الموثقون بالخصوص ، بهجة الآمال 6 : 216 الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 287 [ 1528 ] ، إيضاح الاشتباه : 289 [ 670 ] ، منهج المقال : 273 ، منتهى المقال 5 : 286 [ 2397 ] ، مجمع الرجال 5 : 97 ، نقد الرجال 4 : 93 [ 4364 ] ، معجم رجال الحديث 15 : 231 [ 9963 ] ، حاوي الأقوال 3 : 133 [ 1096 ] ، في الحسان ، تنقيح المقال 2 : 55 ، من أبواب الميم ، قاموس الرجال 9 : 10 [ 6277 ] ، بلغة المحدّثين : 400 ، باب الميم.

وفي بداية بعض نسخ الغيبة : حدَّثني محمّد بن علي أبو الحسن الشجاعي الكتاب - حفظه اللّه - ، قال : حدَّثني محمّد بن إبراهيم أبو عبد اللّه النعماني ( رحمه اللّه ) ، في ذي الحجّة سنة اثنين وأربعين وثلاثمائة (1).

كتاب الغيبة :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : له كتب ، منها : كتاب الغيبة ، كتاب الفرائض ، كتاب الردّ على الإسماعيليّة ، رأيت أبا الحسين محمّد بن علي الشجاعي الكاتب ، يُقرأ عليه كتابُ الغيبة ، تصنيف محمّد بن إبراهيم النعماني بمشهد العتيقة ، لأنّه كان قرأه عليه ، ووصّى لي ابنه أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الشجاعي ، بهذا الكتاب ، وبسائر كتبه ، والنسخة المقروءة عندي (2).

وقال المفيد ( رحمه اللّه ) ( ت 413 ه- ) - بعد أن ذكر الرويات في النصّ على إمامة صاحب الزمان ( عجل اللّه فرجه ) - : والروايات في ذلك كثيرة ، قد دوّنها أصحاب الحديث من هذه العصابة ، وأثبتوها في كتبهم المصنّفة ، فممّن أثبتها على الشرح والتفصيل محمّد بن إبراهيم المكنّى أبا عبد اللّه النعماني ، في كتابه الذي صنّفه في الغيبة (3).

====

3 -

ص: 242


1- الغيبة للنعماني : 18 ، مقدّمة المؤلّف ، هامش (2) ، وما موجود على النسخة المخطوطة في المكتبة الرضويّة.
2- النجاشي : 383 [ 1043 ].
3- الإرشاد ( المطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) 2 : 350 ، باب : ما جاء من النصّ على إمامة صاحب الزمان الثاني عشر من الأئمّة صلوات اللّه عليهم.

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الكتب المعتمدة لديه في الوسائل (1) ، وذكر طريقه إليه في الفائدة الخامسة من خاتمة الوسائل (2) ، وفي إجازته للفاضل المشهدي (3).

وذكره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر كتابه البحار (4) ، وقال في توثيقه : وكتاب النعماني من أجلّ الكتب ، ثمّ أورد قول المفيد في الإرشاد (5).

وذكره الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة ، وذكر نسخة له في المكتبة الرضويّة (6).

ويوجد منه عدّة نسخ : اثنان منها في ( كتابخانه ملك ) في طهران ، تحت رقم ( 3617 ، 2671 ) ، وأُخرى في المكتبة الرضويّة ، برقم ( 187 ) ، عليها خطوط ، بعضها بتاريخ 13 ذي القعده 720 ه- (7) ، وفيها بخطّ عتيق جدّاً والظاهر أنّه من خطّ ناسخ الكتاب ، كما نقله ، وقاله السيّد موسى الزنجاني : كتاب الغيبة تصنيف أبي عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني ( رحمه اللّه ) ، صنّفه في ذي الحجّة سنة اثنين وأربعين وثلاثمائة (8).

وفي نهايتها في الهامش ، كما نقله الزنجاني أيضاً : تمّ الكتاب ، والحمد لله وصلواته على سيّدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين وسلّم

ص: 243


1- خاتمة الوسائل 30 : 157 [ 43 ].
2- خاتمة الوسائل 30 : 185 ، الطريق : الثامن والثلاثون.
3- البحار 110 : 116.
4- البحار 1 : 14.
5- البحار 1 : 31.
6- الذريعة 16 : 79 [ 398 ].
7- الغيبة للنعماني : 2 ، ما ذكره المحقّق من النسخ.
8- الغيبة للنعماني : 2.

تسليماً ... ، سنة سبع وسبعين وخمسمائة ، وفي هامشه بخطّ آخر سنة 577 تاريخ كتابته (1).

ص: 244


1- الغيبة للنعماني : 332.
مؤلّفات علي بن الحسين بن علي الهذلي المسعودي ( ت 346 ه- )
(22) كتاب : إثبات الوصيّة للإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام )
الحديث :

في حديثه عن الحوادث التي أعقبت وفاة النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال :

فروي أنّ العبّاس ( رضي اللّه عنه ) صار إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقد قبض رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فقال له : أمدد يدك أُبايعك ، فقال : « ومن يطلب هذا الأمر ، ومن يصلح له غيرنا؟ » وصار إليه ناس من المسلمين فيهم ...

ثمّ اعتزلهم ودخل بيته ، فأقام فيه ...

ثمّ ألّف ( عليه السلام ) القرآن ، وخرج إلى الناس ، وقد حمله في إزار معه ، وهو ينطّ من تحته ، فقال لهم : « هذا كتاب اللّه ، قد ألّفته كما أمرني وأوصاني رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) كما أُنزل » ، فقال له بعضهم : اتركه وامض.

فقال لهم : « إنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال لكم : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فإن قبلتموه فاقبلوني معه ، أحكم بينكم بما فيه من أحكام اللّه ».

فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، ولا فيك ، فانصرف به معك ، لا تفارقه ولا يفارقك.

ص: 245

فانصرف عنهم ... (1).

وسيأتي مثله عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) (2).

أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : علي بن الحسين بن علي المسعودي أبو الحسن - ثمّ ذكر كتبه - إلى أن قال : هذا الرجل زعم أبو المفضّل الشيباني ( رحمه اللّه ) أنّه لقيه واستجازه ، وقال : لقيته ، وبقي هذا الرجل إلى سنة ثلاثة وثلاثين وثلاثمائة (3)

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : المسعودي له كتاب رواه موسى بن حسّان (4).

وذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) في من اعتمد على روايته في الخلاصة ، وقال : علي بن الحسين بن علي المسعودي أبو الحسن الهذلي ، له كتب في الإمامة وغيرها ، منها : كتاب إثبات الوصيّة لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وهو صاحب كتاب مروج الذهب (5) ، ومثله قاله ابن داود (6).

وقال السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في فرج المهموم : فصل : ومن الموصوفين بعلم النجوم ، الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي ، مصنّف كتاب مروج الذهب ... (7).

ص: 246


1- إثبات الوصية : 146 ، وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 28 : 307 ح 50.
2- انظر : ما سنذكره عن مناقب آل أبي طالب ، الحديث الخامس.
3- رجال النجاشي : 254 [ 665 ] ، وانظر : نقد الرجال 3 : 252 [ 2550 ].
4- فهرست الطوسي : 546 [ 904 ].
5- خلاصة الأقوال : 186 [ 551 ] ، وانظر : أمل الآمل : 180 [ 547 ] ، الكنى والألقاب 3 : 184 مجمع الرجال 4 : 185.
6- رجال ابن داود : [ 1038 [ القسم الأوّل.
7- فرج المهموم : 126.

وعدّه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في الوجيزة (1) ، والماحوزي ( ت 1121 ه- ) في البلغة ، من الممدوحين ، وأضاف الماحوزي في الهامش : كذا مدحه جماعة ، ولم يتعرّضوا لفساد عقيدته ، بل ظاهرهم أنّه من الإماميّة ، ومن ثمّ أورده العلاّمة في القسم الأوّل من ( الخلاصة ) ، على أنّه لا يسلم من نظر - أيضاً - منّا على مذهبه المقرّر في أُصوله ، وصرّح أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس ( رحمه اللّه ) في سرائره بأنّه من العامّيّة (2) ، والمفهوم من ملاحظة تاريخه ، خلاف ذلك (3).

ولكن ابن إدريس ( ت 598 ه- ) ، قال في السرائر : قال أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في كتابه المترجم بمروج الذهب ومعادن الجواهر في التاريخ وغيره ، وهو كتاب حسن كثير الفوائد ، وهذا الرجل من مصنّفي أصحابنا ، معتقد للحقّ ، له كتاب المقالات ... (4)

وقال الشيخ أبو علي الحائري ( ت 1216 ه- ) - بعد أن نقل من رجال الإسترابادي ما في الخلاصة ، وتعليقة الشهيد الثاني عليها ، ورجال النجاشي ، وقول الإسترابادي نفسه - : المسعودي هذا من أجلّة العلماء الإماميّة ، ومن قدماء الفضلاء الاثنى عشريّة ، ويدلّ عليه ملاحظة أسامي كتبه ومصنّفاته ، وهو ظاهر النجاشي والعلاّمة ( رحمه اللّه ) وابن داود أيضاً ، لذكرهما إيّاه في القسم الأوّل ، وكذا الشهيد الثاني ، لعدم تعرّضه في الحاشية (5) لردّهما ومؤاخذتهما بسبب ذكره فيه ، كما في غيره من المواضع.

ص: 247


1- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 260 [ 1233 ].
2- الظاهر أنّها تصحيف ( الإماميّة ) ، كما يظهر لك من الجملة التي بعدها ، ومن كلام ابن إدريس نفسه الآتي في المتن.
3- بلغة المحدّثين : 382.
4- السرائر 1 : 615.
5- حاشية الشهيد الثاني على الخلاصة ( مخطوط ) : الورقة (16).

ثمّ نقل كلام السيّد ابن طاووس ، ثمّ قال : وصرّح بذلك أيضاً الشيخ الحرّ في أمل الآمل (1) ، والميرزا كما يأتي في الكنى (2) ، ورأيت ترحّمه عليه هنا (3).

وقد عدّه العلاّمة المجلسي - طاب ثراه - في الوجيزة من الممدوحين (4) ، وذكر في جملة الكتب التي أخذ عنها في البحار كتاب الوصيّة ، وكتاب مروج الذهب ، وقال : كلاهما للشيخ علي بن الحسين بن علي المسعودي (5).

وقال في الفصل الذي بعده في بيان الوثوق على الكتب التي أخذ منها : والمسعودي عدّه النجاشي في فهرسته من رواة الشيعة ، وقال : له كتب ، منها : كتاب إثبات الوصيّة لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكتاب مروج الذهب ، مات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (6).

وذكره في موضع آخر من البحار ، وقال : هو من علمائنا الإماميّة (7) ، إنتهى.

ولم أقف إلى الآن على من توقّف في تشيّع هذا الشيخ ، سوى ولد الأُستاذ العلاّمة - أعلا اللّه في الدارين مقامه ومقامه - فإنّه أصرّ على الخلاف ، وادعى كونه من أهل الخلاف ، ولعلّ الداعي له من ذلك ما رأى في كتابه مروج الذهب من ذكره أيّام خلافة الأوّل والثاني والثالث ، ثمّ

ص: 248


1- أمل الآمل 2 : 180 [ 547 ].
2- منهج المقال : 399 ، ولم يذكره في الكنى من المنتهى 7 : 440 [ 4418 ] ، كما قال.
3- منتهى المقال 4 : 390 [ 2000 ].
4- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 260 [ 1233 ].
5- البحار 1 : 18.
6- البحار 1 : 36.
7- البحار 57 : 312.

خلافة علي ( عليه السلام ) ، ثمّ خلفاء بني أميّة ، ثمّ بني العبّاس ، وذكر سيرهم وآثارهم وقصصهم وأخبارهم على طريق العامّة ونحو تواريخهم ، من دون تعرّض لذكر مساوئهم وقبائحهم من غصبهم الخلافة ، وظلمهم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وغير ذلك ، وهذا ليس بشيء ، كما هو غير خفيّ على الفطن الخبير.

أو يكون اشتبه عليه الأمر ; لاشتراكه في اللقب مع عتبة بن عبيد اللّه المسعودي قاضي القضاة ، أو مع عبد الرحمن المسعودي المشهور ، أو غيرهما من العامّة ، فإنّ غير واحد من فضلائهم كان يعرف بهذا اللقب ، فتتبّع.

وربّما يتأوّل ( سلّمه اللّه ) تصريحهم بتشيّعه إلى سائر فرق الشيعة ، ويقول : الشيعي ليس حقيقة في الاثني عشري ، بل يطلق على جميع فرق الشيعة.

وفيه - بعد فرض تسليم ذلك - : أنّه ( رحمه اللّه ) صرّح في مروج الذهب بما هو نصّ في كونه إماميّاً اثنى عشريّاً ، حيث قال - على ما نقله بعض السادة الأجلاّء - ما لفظه : نعت الإمام ، أن يكون معصوماً من الذنوب ; لأنّه إن لم يكن معصوماً لم يؤمن من أن يدخل في ما يدخل فيه غيره من الذنوب ، فيحتاج أن يقام عليه الحدّ ، كما يقيمه على غيره ، فيحتاج الإمام إلى إمام ، إلى غير نهاية ، وأن يكون أعلم الخليقة ; لأنّه إن لم يكن عالماً لم يؤمن عليه أن يقلب شرائع اللّه تعالى وأحكامه ، فيقطع من يجب عليه الحدّ ، ويحدّ من يجب عليه القطع ، ويضع الأحكام في غير المواضع التي وضعها اللّه تعالى ، وأن يكون أشجع الخلق ; لأنّهم يرجعون إليه في الحرب ، فإن جبن وهرب ، يكون قد باء بغضب من اللّه تعالى ، وأن يكون أسخى الخلق ; لأنّه خازن المسلمين وأمينهم ، وإن لم يكن سخيّاً ، تاقت نفسه إلى

ص: 249

أموالهم ، وشرهت إلى ما في أيديهم ، وفي ذلك الوعيد بالنار ، انتهى (1).

وفي حاشية السيّد الداماد على الكشّي : الشيخ الجليل ، الثقة ، الثبت المأمون الحديث عند العامّة والخاصّة ، علي بن الحسين المسعودي أبو الحسن الهذلي (2) ( رحمه اللّه ) ، فتدبّر ، انتهى (3).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن نقل قول النجاشي والعلاّمة وابن داود - : وتنقيح المقال في هذا المجال أنّ المتحصّل منهم في الرجل أقوال :

إحداها : أنّه إمامي ثقة ، وهو الحقّ الحقيق بالاتباع ، وذلك ينحلّ إلى دعويين ، الأُولى : كونه إماميّاً واستدلّ على ذلك بظاهر النجاشي ، والطوسي ، والعلاّمة ، وابن داود ، والشهيد الثاني ، والمجلسي ، والماحوزي ، وابن طاووس ، والحرّ العاملي ، التي نقلناها سابقاً.

والثانية : كونه ثقة ، ضابطاً ، واستدلّ عليه من قول المحقّق الداماد ، كما نقلناه من منتهى المقال ، وعدّ النجاشي إيّاه من شيوخ الإجازة.

ثانيها : أنّه إمامي ممدوح ، وهو الذي سمعت الحكم به من الوجيزة والبلغة ، أمّا كونه إماميّاً ، فلما مرّ ، وأمّا كونه ممدوحاً ، فلكونه صاحب الكتب المزبورة ، وشيخ إجازة ، ولكن قد سمعت التوثيق من المحقّق الداماد ( رحمه اللّه ) ، وكونه شيخ إجازة يغني عن التوثيق ، وليس مدحاً فقط.

ص: 250


1- قال محقّقوا كتاب منتهى المقال : لم نعثر على نصّ هذا الكلام ، وإنّما ورد بعض ما يتعلّق بعصمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأنّهم حجج اللّه على الأرض ، راجع المروج 1 : 35 ، و 3 : 16 ، ولكنّه موجود في الطبعة الفرنسيّة ، وفي طبعة الجامعة اللبنانيّة على الطبعة الفرنسيّة في 1973 ، وبتصحيح شارل پلاّ ، الجزء 4 ، الصفحة 61 - 62 ، الباب الثاني بعد المائة.
2- وقريب منه ما في رياض العلماء 3 : 428.
3- منتهى المقال 4 : 390 [ 2000 ].

ثالثها : أنّه ضعيف ، وهو الذي اختاره الفاضل الجزائري ، حيث عدّه في الحاوي في قسم الضعفاء (1) ، ولعلّه مبنيّ على مسلكه في تضعيف كلّ من لم ينصّ السابقون على توثيقه ، كما هو الغالب ، وعدم اكتفائه في المدح الملحق للإمامي بالحسان إلاّ بمدح قريب من التوثيق ، وليس تضعيفه للتأمّل في تشيّعه ، وإلاّ لنبّه عليه ، مع أنّه لم يعهد من أحد التوقّف في تشيّعه ، سوى ما نقله الفاضل الحائري في منتهى المقال عن ولد المولى الوحيد ( قدّس اللّه سرّهما ) من الإصرار على الخلاف ، وادعى كونه عامّيّاً ، وهو من غرائب الكلام وسخايف الأوهام ، ولم نقف له على شاهد ولا مساعد ، ثمّ احتمل أنّه اشتبه عليه الأمر من لقبه المسعودي ، ونقل كلام الشيخ أبي علي الحائري السابق مع بعض الإضافة (2).

وعلّق التستري ( ت 1415 ه- ) على بعض ما قاله المامقاني ، وقال : ومن الغريب أنّ المصنّف ، قال : ( ظاهر النجاشي والفهرست إماميّته ) ، وليس منه في الفهرست أثر.

وأمّا ردّه على صاحب الرياض ، في قوله « التعجّب من عدم عنوان الشيخ له في كتابيه! مع أنّه جدّه من طرف أمّه ، كما يقال » ، بأنّ الفهرست قال في ألقابه : « المسعودي ، له كتاب رواه موسى بن حسان » فغلط ، فإنّ المراد بالمسعودي فيه « القاسم بن معن المسعودي » الآتي ، الذي عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ، يشهد لذلك رواية موسى بن حسّان الذي قال في الفهرست : إنّه راوي كتابه ، في باب ( من يجب مصاحبته ) من عِشرة الكافي ، عنه.

ثمّ قال : لكنّ المستفاد من ظاهر مروجه : أنّه كان عامّياً ، كقوله : « باب

ص: 251


1- حاوي الأقوال 4 : 41 [ 1695 ].
2- تنقيح المقال 2 : 282.

ذكر خلافة أبي بكر الصديق » ، وقوله : « ولقبه عتيق ، بشارة النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، أنّه عتيق من النار ، فسمّي يومئذ عتيقاً ، وقيل : إنّما سمّي عتيقاً ، لعتق أُمّهاته » ، وقوله : « وكان أبو بكر أزهد الناس ، وأكثرهم تواضعاً » ، إلى غير ذلك من كلماته.

وأمّا قوله فيه : « نعت الإمام أن يكون معصوماً من الذنوب ... ، الخ » فلم يقل ذلك من قبل نفسه ، بل قال : إنّ الإماميّة ، قالوا هكذا ، وإنّما كتاب يستفاد منه إماميّته ، كتابه « إثبات الوصيّة » ، ومنه عنوان النجاشي ، أو لنعت أبي المفضّل الذي لقيه (1).

وأجاب السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) على ما قاله في القاموس : أقول : توهّم بعضهم أنّ المسعودي الذي ترجمه الشيخ هو القاسم بن معن الذي عدّه في رجال الصادق ( عليه السلام ) ، ولكنّه لا يتمّ ; فإنّ القاسم بن معن ، غير معروف ، وإنّما المعروف هو علي بن الحسين ، ومن الغريب أنّ المتوهّم قد استشهد على ما ذكره برواية الكافي : الجزء 1 ، في باب : من يجب مصادقته ومصاحبته ، من كتاب العشرة ، بإسناده عن موسى بن حسّان عن المسعودي ، وقد ذكر الشيخ أنّ راوي كتاب المسعودي موسى بن حسّان.

وجه الغرابة أنّ المذكور في الكافي : الجزء 2 ، الحديث 2 ، من الباب المذكور ، هو موسى بن يسار القطّان ، لا موسى بن حسّان (2).

وقال صاحب الروضات : الشيخ المتقدّم ، الإمام الكامل باعتراف العدوّ والوليّ ، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي ، صاحب كتاب ( مروج الذهب ) ، والمشتهر بين العامّة بشيعيّ المذهب ، ذكره

ص: 252


1- قاموس الرجال 7 : 432 [ 5109 ].
2- معجم رجال الحديث 12 : 396 [ 8071 ] ، وانظر : الكافي 4 : 638 ، كتاب العشرة ، باب : من يجب مصادقته ومصاحبته ، ح 3.

صاحب كتاب ( الوافي بالوفيّات ) بعنوان أبي الحسن المسعودي المؤرّخ من ذريّة عبد اللّه بن مسعود الصحابي ، ثمّ قال : قال الشيخ شمس الدين عداده في البغداديين ، وأقام بمصر مدّة ، وكان إخباريّاً ، علاّمة ، صاحب غرايب وملح ونوادر ، مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة (1).

ثمّ ذكر أكثر ما مرّ سابقاً.

وقال الميرزا النوري ( ت 1320 ه- ) : العالم الجليل ، شيخ المؤرّخين وعمادهم ، علي بن الحسين بن علي المسعودي أبو الحسن الهذلي.

ثمّ نقل كلام النجاشي والعلاّمة والشهيد الثاني وابن طاووس ، وما في الرياض والسرائر ، وقال : إلى غير ذلك من العبارات الصريحة في كونه من علماء الإماميّة ، ولم يتأمّل أحد فيه ...

ثمّ أورد كلام آغا محمّد علي صاحب المقامع ، والذي أشار إليه أبو علي الحائري بولد الأُستاذ بطوله ، ثمّ أجاب عنه بالتفصيل ، وممّا قال : وكتاب مروج الذهب من الكتب المعروفة المشهورة ، وهو بمرأى منهم ومسمع ، وهو كما ذكره على منوال العامّة وطريقتهم ، إلاّ أنّ المتأمّل في خبايا كلماته - خصوصاً في ما ذكره من خلافة عثمان وسيرته ، وخلافة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - لعلّه يستخرج ما كان مكتوماً في سريرته.

ثمّ أورد عدداً من النصوص من مروج الذهب لإثبات مدّعاه ، ثمّ دعم ذلك بإيراد ما في « إثبات الوصيّة » من النصوص الدالّة على إماميّته ، وما رواه عنه النعماني في الغيبة كذلك (2).

ومن كلّ هذا يظهر أنّه لا خلاف في إماميّته ، ويكفيك في ذلك كتابه إثبات الوصيّة ، ولكنّهم لم يصرّحوا بتوثيقه ، إلاّ السيّد الداماد ، وهو من

ص: 253


1- روضات الجنّات 4 : 281 [ 398 ].
2- خاتمة المستدرك 1 : 115 [ 24 ].

المتأخّرين ، ولكن ورد فيه المدح من قبل السيّد ابن طاووس وابن إدريس ، ونصّ الماحوزي على مدحه من جماعة ، ولا يأبى كلام النجاشي والعلاّمة والشهيد الثاني عن ذلك ، وهو المترجّح كما اختار ذلك المجلسي والماحوزي ، ولا مساعدة لما اختاره المامقاني من توثيقه.

أمّا تضعيف صاحب الحاوي له ، فهو بعيد ، مع أنّه مبنيّ على مبناه.

كتاب إثبات الوصيّة :

ذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) (1) ، والعلاّمة ( ت 726 ه- ) (2) في ضمن كتبه.

وجعله المجلسي ( ت 1111 ه- ) من مصادر بحاره (3) ، وذكره الميرزا النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة المستدرك (4).

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : إثبات الوصيّة لعلي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) للشيخ أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي.

ثمّ قال : فيه إثبات أنّ الأرض لا تخلوا من حجّة ... ، وكذا الأوصياء إلى قائمهم ( عليه السلام ) ، وفي آخره يقول : إنّ للحجّة ( عليه السلام ) إلى هذا الوقت خمسة وسبعين سنة وثمانية أشهر ، وهو شهر ربيع الأوّل سنة 332 ، أوّله : ( الحمد لله ربّ العالمين ... الخ ) ، وأوّل رواياته في تعداد جنود العقل والجهل.

ثمّ قال : طبع سنة 1320 ، بمباشرة أمير الشعراء ميرزا محمّد صادق ابن محمّد حسين بن محمّد صادق ابن ميرزا معصوم ابن ميرزا عيسى

ص: 254


1- رجال النجاشي : 254 [ 665 ].
2- خلاصة الأقوال : 186 [ 551 ].
3- البحار 1 : 18 ، 36 ، وانظر : رياض العلماء 3 : 431.
4- خاتمة المستدرك 1 : 115 [ 24 ].

المدعوّ بميرزا بزرك ( الذي كان وزير السلطان فتح علي شاه القاجاري ) الحسيني الفراهاني الطهراني ، واستنسخه وصحّحه على نسخة شيخ العراقين الشيخ عبد الحسين الطهراني بكربلاء (1).

وذكره من ضمن كتب السعودي بروكلمان ( ت 1376 ه- ) في تاريخ الأدب العربي (2) ، والسيّد الصفائي ( ت 1360 ه- ) في كشف الأستار (3).

ص: 255


1- الذريعة 1 : 110 [ 536 ].
2- تاريخ الأدب العربي / القسم الثاني ( 3 - 4 ) : 61 ، الباب الخامس : التاريخ.
3- كشف الأستار 2 : 443 [ 1113 ].

ص: 256

(23) كتاب : مروج الذهب ومعادن الجواهر
الحديث :

قال : ومن خطب الحسن ( رضي اللّه عنه ) في أيّامه في بعض مقاماته ، أنّه قال : « نحن حزب اللّه المفلحون ، وعترة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) الأقربون ، وأهل بيته الطاهرون الطيّبون ، وأحد الثقلين اللذين خلّفهما رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، والثاني كتاب اللّه ، فيه تفصيل كلّ شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ... » (1).

كتاب مروج الذهب :

نسبه إلى المسعودي كلّ من ترجم له ، واشتهر ذلك ، حتّى أصبح أحدهما علماً على الآخر ، فسمّي ب- ( تاريخ المسعودي ) (2).

ص: 257


1- مروج الذهب 2 : 431 ، ذكر خلافة الحسن بن علي بن أبي طالب ( رضي اللّه عنه ) ، وذكر لمع من أخباره.
2- 2 - انظر : رجال النجاشي : 254 [ 665 ] ، خلاصة الأقوال : 186 [ 551 ] ، رجال ابن داود : 137 [ 1038 ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 260 [ 1233 ] ، نقد الرجال 3 : 252 [ 3550 ] ، أمل الآمل 2 : 180 [ 547 ] ، بلغة المحدّثين : 382 ، الكنى والألقاب 3 : 185 ، البحار 1 : 18 ، 36 ، منتهى المقال 4 : 390 [ 200 ] ، رياض العلماء 3 : 428 ، حاوي الأقوال 4 : 41 [ 1695 ] ، تنقيح المقال 2 : 282 ، قاموس الرجال 7 : 432 ، روضات الجنّات 4 : 281 [ 398 ] ، فهرست ابن النديم : 171 ، الذريعة 1 : 110، 330 ، تاريخ الأدب العربي / القسم الثاني ( 3 - 4 ) : 60 ، طبقات الشافعيّة الكبرى 2 : 323 [ 226 ] ، وفيات الأعيان 2 : 20 ، 325 ، و 3 : 18 ، 322. سير أعلام النبلاء 15 : 569 [ 343 ] ، تاريخ الإسلام في سنة 345 ه- ، وغيرها.

وقال المسعودي في أوّل كتابه مروج الذهب : أمّا بعد ، فإنّا صنّفنا كتاباً في أخبار الزمان ، وقدّمنا القول فيه في هيئة الأرض ... ، ثمّ أتبعناه بكتابنا الأوسط في الأخبار على التاريخ ، وما اندرج في السنين الماضية من لدن البدء إلى الوقت الذي عنده انتهى كتابنا الأعظم ، وما تلاه من الكتاب الأوسط.

ورأينا إيجاز ما بسطناه ، واختصار ما وسطناه في كتاب لطيف ، نودعه لُمع ما في ذينك الكتابين ممّا ضمّنّاهما ... ، إلى أن قال : وقد وسمت كتابي هذا بكتاب ( مروج الذهب ومعادن الجواهر ) (1).

وقال في أوّل كتابه التنبيه والإشراف : قال أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي : أمّا بعد ، فإنّا لمّا صنّفنا كتابنا الأكبر في ( أخبار الزمان ومن أباده الحدثان ) من الأُمم الماضية والأجيال الخالية والممالك الداثرة ، وشفعناه بالكتاب الأوسط في معناه ، ثمّ قفوناه بكتاب ( مروج الذهب ومعادن الجواهر ) في تحف الأشراف من الملوك وأهل الدرايات ... (2).

ولهذا الكتاب ، نسخ عديدة كثيرة في مكتبات الشرق والغرب ، ذكر عدداً منها بروكلمان ( ت 1376 ه- ) في تاريخ الأدب العربي (3) ، والمستشرق باربيه دي مينار في مقدّمته على مروج الذهب ، والتي تمّ نشر الكتاب على

ص: 258


1- مروج الذهب 1 : 17 - 26 ، مقدّمة المؤلّف.
2- التنبيه والإشراف : 1 ، مقدّمة المؤلّف.
3- تاريخ الأدب العربي القسم الثاني ( 3 - 4 ) : 60.

أساسها لحساب الجمعيّة الآسويّة الفرنسيّة ، في باريس من سنة 1861م إلى سنة 1871م (1) ، ثمّ توالت الطبعات الأُخَر له.

ص: 259


1- مروج الذهب 1 : 4 ، مقدّمة الطبعة الفرنسيّة.

ص: 260

(24) كتاب : الاستغاثة : لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي ( ت 352 ه- )
الحديث :

قال : وقد أجمعوا جميعاً (1) ، على الرواية في تزكية أهل البيت ( عليهم السلام ) ،

ص: 261


1- 1 - قال المصنّف - بعد أن روى مجموعة من روايات العامّة في فضائل أبي بكر وعمر - : فأوّل ما نبدأ به من القول في ذلك : أنّه قد علم ذو الفهم أنّ الآثار المنقولة عن الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) في أيّامه وأيّام من كان بعده من وجهين في الإمامة لا ثالث لهما ، أحدهما : طرق أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم ، الثاني : طرق الحشوية من أصحاب الحديث ، فمن ادعى من جميع الأمّة ممّن تقدّم في الأعصار السالفة غير هذين الوجهين ، فهو متخرّص كذّاب ضالّ مضلّ فاسد المعرفة داحض الحجّة ، وإذا كان ذلك كذلك ، فليعلم ذو الفهم أنّ ما كان يرويه الحشوية من طريق أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم ، ولم يرو ذلك أهل البيت وشيعتهم ، فلا حجّة للحشوية ومن تابعهم في ذلك على مخالفيهم ، وكذلك إذا رووا ( كذا ) أهل البيت ( عليه السلام ) وشيعتهم آثاراً من طرقهم ، وعن رجالهم المتّصلين عن رجل من الحشوية ، ولم يروا ( كذا ) ذلك الحشويّة ، فلا حجّة لشيعة أهل البيت في ذلك على الحشويّة ، وإن كانت الرواية في نفسها كثيرة صحيحة محقّة ، وهذا هو وجه النصفة والنصيحة ، فإذا أجمعوا على رواية من طريقيهم المتضادّين المختلفين ، فتكون تلك الرواية ممّا لا يشكّ في صحّتها ، وعليها الفقهاء من الفريقين ، المعوّل في الاحتجاج والنظر عليهم ، وإذا اختلفوا في رواية ، فروى كلّ فريق منهم من طريقه ضدّ ما رواه الفريق الآخر ، كان المعوّل في ذلك عند أهل النظر على الفحص عن الأسباب المتضادّة بشواهد الكتاب ودلالات الأخبار المجمع عليها ، فأيّهما ثبت وجوبه من المتضادّين ، لزمت حجّته ، وأيّهما وجدت شواهده باطلة بطلت حجّته ، ومهما ( كذا ) لم توجد شواهد تحقّقه ولا علامات تبطله ، كان سبيله الوقوف فيها ، فلا يلزم الخصم فيها حجّة يطالب فيها بواجب ، ثمّ يجب النظر بعد ذلك في معرفة الفريقين من نقلة الأخبار من أهل البيت ( عليه السلام ) والحشويّة ، أيّهما أولى بالاتباع عند وقوع التنازع والاختلافات ، فأيّهما ثبت صدقه وصحّة تزكيته من الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) والأمر منه باتباعه منهما ، وجب قبول آثاره ، واطراح ما خالفها أو ضادّها ، وقد أجمعوا جميعاً ... ، إلى آخر ما في المتن.

وإشارة الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) إليهم بالهدى ، والبعد من الضلالة ، والأمر منه باتباعهم والكينونة معهم ، فقال ( عليه السلام ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب اللّه وعترتي ، أهل بيتي لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : علي بن أحمد أبو القاسم ، رجل من أهل الكوفة ، كان يقول : إنّه من آل أبي طالب ، وغلا في آخر عمره ، وفسد مذهبه ، وصنّف كتباً كثيرة ، أكثرها على الفساد.

ثمّ قال - بعد أن ذكر كتبه - : توفّي أبو القاسم بموضع يقال له كرمي من ناحية فسا ، وبين هذه الناحية وبين فسا خمسة فراسخ ، وبينها وبين شيراز نيّف وعشرون فرسخاً ، توفّي في جمادى الأُولى سنة اثنين وخمسين وثلاث مائة ، وقبره بكرمي بقرب الخان والحمّام ، أوّل ما يدخل كرمي من ناحية شيراز ... ، وهذا الرجل تدّعي له الغلاة منازل عظيمة (2).

وقال الشيخ ( ت 460 ه- ) في الفهرست : علي بن أحمد الكوفي ، يكنّى أبا القاسم ، كان إماميّاً مستقيم الطريقة ، وصنّف كتباً كثيرة سديدة ،

ص: 262


1- الاستغاثة : 144 ، وقد أوردنا الرواية هنا عنه بكونه راوياً ، أمّا قوله بالإجماع عليها ، فسيأتي.
2- رجال النجاشي : 265 [ 691 ].

منها كتاب الأوصياء ، وكتاب في الفقه على ترتيب كتاب المزني ، ثمّ خلط وأظهر مذهب المخمّسة (1) ، وصنّف كتباً في الغلوّ والتخليط ، وله مقالة تنسب إليه (2).

وقال في رجاله : علي بن أحمد الكوفي أبو القاسم ، مخمّس (3).

وذكر العلاّمة ( ت 726 ه- ) ما قاله النجاشي والشيخ ، ثمّ ذكر كلام ابن الغضائري : هو مدّع العلويّة ، كذّاب غال ، صاحب بدعة ، رأيت له كتباً كثيرة ، لا يلتفت إليه (4).

ومثله فعل ابن داود الحلّي ( ت 707 ه- ) (5).

وقال ابن النديم ( ت 385 ه- ) : من الإماميّة من أفاضلهم ، وله من الكتب كتاب الأوصياء (6).

وقد اختلف في نسب هذا الرجل وادّعائه العلويّة ، فقد نسبه صاحب الرياض إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، اعتماداً على ما ذكره الشيخ حسين بن عبد الوهّاب ( القرن الخامس ) في عيون المعجزات ، وقال : هو علي بن أحمد بن موسى بن محمّد الجواد ( عليه السلام ) (7) ، ولم نجده في العيون

ص: 263


1- المخمّسة : هم الذين يقولون : إنّ سلمان والمقداد وأباذر وعمّار وعمر بن أُميّة الضمري ، موكّلون بمصالح العالم من قبل اللّه.
2- فهرست الطوسي : 271 [ 390 ].
3- رجال الطوسي : 434 [ 6211 ].
4- خلاصة الأقوال : 365 [ 1435 ] ، وانظر : رجال ابن الغضائري : 82 [ 104 ].
5- رجال ابن داود : 259 [ 330 ] ، القسم الثاني. وانظر : نقد الرجال 3 : 226 [ 3496 ] ، بهجة الآمال 5 : 365، مجمع الرجال 4 : 162 ، منتهى المقال 4 : 336 [ 1943 [ معجم رجال الحديث 12 : 269 [ 7890 ] ، رياض العلماء 3 : 355.
6- فهرست ابن النديم : 243 ، الفنّ الخامس من المقالة الخامسة.
7- رياض العلماء 3 : 357 و 2 : 125.

المطبوع (1) ، ونسبه العلاّمة ( ت 726 ه- ) إلى الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) ، وقال : علي بن أحمد بن هارون بن موسى الكاظم ( عليه السلام ) (2) وذكر الآخرون ادّعاء العلويّة ، كما عرفت من النجاشي (3) ، وأنكر ابن الغضائري علويّته (4).

ونقل التستري ( ت 1415 ه- ) في القاموس عن عمدة الطالب : قال أبو الحسن العمري : فكتبت من الموصل إلى أبي عبد اللّه الحسين بن محمّد ابن قاسم بن طباطبا النسّابة المقيم ببغداد ، أسأله عن أشياء في النسب ، من جملتها نسب ( علي بن أحمد الكوفي ) ، فجاء الجواب بخطّه الذي لا أشكّ فيه : أنّ هذا الرجل كذّاب مبطل ، وأنّه ادّعى إلى بيوت عدّة ، لم يثبت له نسب في جميعها ، وأنّ قبره بالريّ يزار على غير أصل (5).

ومن هذا يظهر أنّ هذا الرجل كان إماميّاً مستقيم الطريقة ، ثمّ غلا في آخر عمره ، حيث يمكن حمل كلام ابن الغضائري المتقدّم على آخر عمره ، جمعاً بينه وبين كلام النجاشي والطوسي ، ولكن ادّعاؤه العلويّة ، يشكّك في حال الرجل حتّى في بداية عمره ، وإن أوصل نسبه العلاّمة والشيخ حسين بن عبد الوهّاب ، فهو لا يخلو من نظر ، مع اختلافهما في النسبة وتأخّرهما عن عصره ، فقد أوصله العلاّمة إلى الإمام الكاظم ( عليه السلام ) بأبوين ، وأوصله الحسين بن عبد الوهّاب إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) بأبوين وبالتالي إلى الإمام الكاظم ( عليه السلام ) بإربعة آباء ، والمفروض الأقرب للإحتمال أنّه لو كان هناك خطأ في اسم أحد الآباء ، أن يوصله العلاّمة إلى

ص: 264


1- انظر عيون المعجزات ( نشر مؤسّسة الأعلمي ، الطبعة الثالثة ، سنة 1403 ه- ) ، وقد ذكر البعض أنّه موجود في المخطوط.
2- خلاصة الأقوال : 365 [ 1435 ].
3- رجال النجاشي : 265 [ 691 ].
4- خلاصة الأقوال : 365 [ 1435 ] ، ورجال ابن الغضائري : 82 [ 104 ].
5- قاموس الرجال 7 : 352 [ 5008 ].

الكاظم ( عليه السلام ) بأربعة آباء حتّى يوصله ابن عبد الوهّاب إلى الجواد ( عليه السلام ) بأبوين.

وما ذكره العلاّمة غير صحيح ، حيث ذكر مؤلّف كتاب الاستغاثة ; أنّ أكثر ما بينه وبين علي الأكبر أو الأصغر ابن الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ستّة أو سبعة آباء (1) وهو ينسجم مع ما ذكره ابن عبد الوهّاب ، من أنّه يصل إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) بأبوين ، إذ إنّ الآباء من السجاد ( عليه السلام ) إلى الجواد ( عليه السلام ) خمسة.

وهذا الاختلاف يفسّره ما قاله ابن طباطبا من أنّه ادّعى إلى بيوت عدّة ، لم يثبت له نسب في جميعها ، ويتّفق بذلك مع النجاشي وابن الغضائري ، أمّا ما ذكره ابن طباطبا من أنّ قبره بالريّ ، فهو مخالف لما نقله النجاشي من أنّه قرب شيراز ، ويحتاج الأمر إلى تحقيق.

ثمّ إنّ ما ذكره صاحب الرياض من اعتماد الشيخ حسين بن عبد الوهّاب ، الذي هو أبصر بحاله عليه وعلى كتابه ، وتأليف كتاب تتميماً له (2) لا يخلو من شيء.

فإنّ كلام الشيخ ابن عبد الوهّاب في عيون المعجزات ، والذي نقله صاحب الرياض ، ولم نجده نحن في المطبوع : ليس فيه إلاّ أنّه اكتفى بكتاب علي بن محمّد الكوفي ، المسمّى ( تثبيت المعجزات ) ، والذي ذكر به الدلائل على معجزات الأنبياء والمشهور من معجزات الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) ، عن أن يورد معجزات سيّد المرسلين ( صلى اللّه عليه وآله ) في كتابه ( عيون المعجزات ) ، وأنّه اكتفى بذكر معجزات الأئمّة ( عليهم السلام ) ; لأنّه لم يجد لها ذكراً في كتاب أبي القاسم الكوفي (3).

ص: 265


1- الاستغاثة : 117.
2- رياض العلماء 3 : 357.
3- رياض العلماء 3 : 357.

فأين هذا من الاعتماد على كتابه ، بل أين هو من توثيق الرجل الذي رامه صاحب الرياض.

وأمّا ما ذكره من اعتماد علمائنا المتقدّمين على كتبه ، فسيأتي في الكلام على كتابه الاستغاثة.

وقد ذكر الشيخ مسلم الداوري أنّه يمكن استظهار وثاقة المصنّف بناء على كون الترضّي الذي نقله النوري (1) ، عن صاحب الرياض (2) ، عن الشيخ حسين بن عبد الوهّاب ( القرن الخامس ) في كتابه عيون المعجزات (3) دالّ على الحسن أو الوثاقة.

ولكنّا لم نجد كلام صاحب الرياض في المطبوع ، ولا كلام ابن عبد الوهّاب في عيون المعجزات المطبوع ، مع أنّ صاحب الرياض نفسه ذكر كثرة وقوع الخرم والسقط في نسخ كتاب عيون المعجزات ، إضافة إلى أنّ الأمر كلّه مبنيّ على أنّ الترضّي يفيد الحسن أو الوثاقة ، مع أنّ هذا الترضّي ، وإيصال نسبه إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، وادّعاء الاعتماد على كتابه ، صدر من الشيخ حسين بن عبد الوهّاب ، وهو معارض بكلام النجاشي والطوسي وابن الغضائري.

كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة :

ذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) في ضمن كتبه ، وسمّاه كتاب البدع المحدثة (4) ، وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم ، وقال : من كتبه :

ص: 266


1- أُصول علم الرجال : 354 ، وانظر : خاتمة المستدرك 10 : 168.
2- لم نجده في الرياض المطبوع.
3- لم نجده في عيون المعجزات المطبوع.
4- رجال النجاشي : 265 [ 691 ].

أصل الأوصياء ، كتاب في الفقه على ترتيب كتاب المزني ، ثمّ خلّط وأظهر مذهب المخمّسة ، وصنّف في الغلوّ والتخليط ، وله مقالة تنسب إليه ، ومن كتبه : كتاب البدع المحدثة في الإسلام بعد النبيّ ( عليه السلام ) ... (1) ، والشيخ علي ابن يونس البيّاضي ( ت 877 ه- ) في فهرست كتابه الصراط المستقيم ، وسمّاه البدع (2).

ولكن العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) (3) ، والشيخ سليمان البحراني ( ت 1121 ه- ) ، والشيخ عبد النبي الكاظمي ( ت 1256 ه- ) (4) ، نسبوا ( الاستغاثة (5) في بدع الثلاثة ) إلى المحقّق الشيخ ميثم البحراني ، وهو خطأ واضح ، بعد ملاحظة شيوخ صاحب الكتاب ، وما ذكره في تحقيق أنّ المقتول في يوم الطفّ علي بن الحسين الأكبر ، والأصغر من أنّ أكثر ما بين عصره وبينهم من آلاباء ستّة أو سبعة (6) ، وما صرّح به العلماء من نسبة الكتاب إليه (7).

وقد ادّعى الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) أنّ هذا الكتاب قد صنّفه مؤلّفه حال استقامته (8) ، واستوحينا من مجمل كلامه أنّ دليله : اعتماد

ص: 267


1- معالم العلماء : 64 [ 436 ].
2- الصراط المستقيم : 9 ، المقدّمة ، في ذكر الكتب التي لم يتصفّحها ولا عثر عليها ...
3- البحار 1 : 19 ، و 1 : 37.
4- لؤلؤة البحرين : 259 ، في ترجمة الشيخ ميثم البحراني ، عن ( السلافة البهيّة ) للشيخ سليمان البحراني ، وفي : 260 ، قال صاحب اللؤلؤة : إنّ الشيخ سليمان رجع عن هذا القول.
5- خاتمة المستدرك 1 : 170 ، حيث نقل كلام الكاظمي عن كتابه التكملة ، وسمّاه الكاظمي ( الاستغاثة لبدع الثلاثة ).
6- الاستغاثة : 117.
7- انظر : خاتمة المستدرك 1 : 169 ، والذريعة 2 : 28 [ 112 ].
8- رياض العلماء 3 : 355.

العلماء على هذا الكتاب ، وقوله في سبب إيراد ترجمته في القسم الأوّل من كتابه : ولكن دعاني إلى ذلك أمران : الأوّل. اعتماد مثل الشيخ حسين بن عبد الوهّاب ، الذي هو أبصر بحاله عليه ، وعلى كتابه ، وتأليف كتاب تتميماً لكتابه ، الثاني : إنّ كتبه جلّها بل كلّها معتبرة عند أصحابنا ، حيث كان في أوّل أمره مستقيماً محمود الطريقة ، وقد صنّف كتبه في تلك الأوقات ، ولذلك اعتمد علماؤنا المتقدّمون على كتبه ، إذ كان معدوداً من جملة قدماء علماء الشيعة برهة من الزمان (1).

وتبعه على هذا الادّعاء العلاّمة الخوانساري ( ت 1313 ه- ) في روضات الجنّات (2).

ولكنّه ادّعاء لم يثبت ، فقد ذكر الطوسي ( ت 460 ه- ) كتابين من كتبه التي ألّفها حال الاستقامة ، وهذا الكتاب ليس أحدهما ، وقال :

كان إماميّاً مستقيم الطريقة ، وصنّف كتباً كثيرة سديدة ، منها كتاب الأوصياء ، وكتاب في الفقه على ترتيب كتاب المزني (3) ، ومثله ما قاله ابن شهرآشوب (4).

واعتماد العلماء عليه إن كان صحيحاً ، لم يصل إلى تلك الدرجة التي يمكن توثيق الكتاب بها ، وإنّما أوردوا منه بعض الروايات ، واكتفاء الشيخ حسين بن عبد الوهّاب بكتاب الكوفي ( تثبيت المعجزات ) عن أن يورد معجزات النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) في كتابه ( عيون المعجزات ) ، لا يدلّ على اعتماده ، كما أشرنا سابقاً ، ولو سلّمنا الاعتماد ، فهو على كتاب ( تثبيت المعجزات ) ، لا

ص: 268


1- رياض العلماء 3 : 357 ، والقسم الأوّل من الرياض خاصّ برجال الخاصّة.
2- روضات الجنّات 4 : 191 [ 399 ].
3- فهرست الطوسي : 271 [ 390 ].
4- معالم العلماء : 64 [ 436 ].

على كتاب الاستغاثة ، وأمّا أنّ كتبه جلّها ، بل كلّها معتبرة عند أصحابنا ، فهي دعوى بلا دليل ، يتّضح بطلانها من كلمات العلماء الذين ترجموا له.

وأمّا ما ادّعاه أخيراً : من أنّه صنّف كتبه أبان استقامته ، فيردّه تصريح النجاشي بأنّه صنّف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد (1) ، وقول الشيخ : إنّه صنّف كتباً في الغلوّ والتخليط (2) ، نعم ، ذكر الشيخ - أيضاً - أنّه صنّف كتباً كثيرة سديدة ، ولكنّه لم يذكر منها سوى كتابين (3) ، فلا يعلم أنّ كتاب الاستغاثة منها أولا؟ فيجب التوقّف فيه ، وفي غيره ممّا لم ينصّ على تأليفه وقت الاستقامة ، كما ذكر ذلك التستري ( رحمه اللّه ) ( ت 1415 ه- ) (4).

وقد حاول المحدّث النوري ( ت 1320 ه- ) الاستدلال على ذلك أيضاً ، بذكره لأسماء عدد من العلماء الذين اعتمدوا عليه ، وإيراد ابن شهرآشوب له ، واستظهار شهرت الكتاب من كلام العلاّمة ، إضافة لقوله : فلو كان الكتاب المذكور في حال الاستقامة ما كان في تخليطه بعده وهن في الكتاب ، وهذا ظاهر لمن نظر فيه ، وليس فيه ممّا يتعلّق بالغلوّ والتخليط شيء ، بل وممّا يخالف الإماميّة ، إلاّ في مسألة تحديد حدّ شارب الخمر بالثمانين ، وكم له نظائر من أصحابنا ، بل هو في أُسلوبه ووضعه ومطالبه من الكتب المتقنة البديعة الكاشفة عن علوّ مقام فضل مؤلّفه (5).

ولكنّك عرفت أنّ نقل العلماء من الكتاب ، لا يدلّ على الاعتماد عليه بدرجة توثيقه ، وذكر ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) له ، وشهرة الكتاب لو

ص: 269


1- رجال النجاشي : 265 [ 691 ].
2- فهرست الطوسي : 271 [ 390 ].
3- فهرست الطوسي : 271 [ 390 ].
4- قاموس الرجال 7 : 353 [ 5008 ].
5- خاتمة المستدرك 1 : 165.

صحّ استظهارها من كلام العلاّمة ، لا تدلّ على وثاقة الكتاب أيضاً ، وخلوّه من الغلوّ والتخليط لا يدلّ على تأليفه في حال الاستقامة ، فهو فرض ليس إلاّ ، والكتاب وإن كان خالياً من الغلوّ ، ولكن المحقّق التستري ( ت 1415 ه- ) ذكر فيه تخليطاً كثيراً ، غير حدّ شارب الخمر (1) ، وأُسلوبه ووضعه ومطالبه لا تصل به إلى درجة الاعتماد ، نعم ، يمكن بملاحظتها ، وبالأخصّ مطالب الكتاب من تخمين مذهب المصنّف ، ومن خلوّه من الغلوّ أنّه يمكن أن يكون تأليفه في حال الاستقامة ، ولكن مع وجود التخليط فيه ، لا يمكن الاعتماد عليه أو توثيقه ، بل ليس أكثر من نقل مطالبه كشواهد ، كما فعله العلماء الذين نقلوا منه ، وهذا ما فعلناه نحن بخصوص حديث الثقلين.

ثمّ إنّ الطريق إليه غير ثابت ، بل شكّك البعض حتّى في شهرته (2).

ص: 270


1- قاموس الرجال 7 : 352 [ 8005 ].
2- أُصول علم الرجال : 354.
(25) كتاب : الآل للحسين بن أحمد بن خالويه ( ت 370 ه- )
اشارة

(25) كتاب : الآل (1) للحسين بن أحمد بن خالويه ( ت 370 ه- )

الحديث :

الأوّل : قال الأربلي ( ت 693 ه- ) في كشف الغمّة : قال أبو عبد اللّه الحسين بن خالويه : الآل ينقسم في اللغة خمسة وعشرين قسماً ، ...

وقد بيّن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حيث سئل ، فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيها ».

قلنا : فمن أهل بيتك؟

قال : « آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العبّاس » (2).

تنبيه : هذا مختصر ملفّق من حديث الثقلين بمتنه المشهور ، ونهاية حديث الثقلين ، الذي رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم ، وفيه سؤال الحصين لزيد بن أرقم : أنساؤه من أهل بيته؟ فقال زيد في ضمن جوابه : آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العبّاس ، فالجواب هو لزيد بن أرقم لا لرسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) - وسيأتي الكلام عليه في محلّه (3) - ، بل في بعض

ص: 271


1- نقل عن هذا الكتاب أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة ، وما نقلناه منه.
2- كشف الغمّة 1 : 52 - 55 في معنى الآل.
3- راجع ما سنذكره في طرق أهل السنّة لحديث الثقلين عن صحيح مسلم ، والبحث الخاصّ بحديث الثقلين بصيغة ( أُذكّركم اللّه في أهل بيتي ).

الروايات ردّ لذلك ، كما في ما أوردناه عن تفسير فرات ، وتفسير العيّاشي ، والكافي (1).

وأمّا جواب النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) عند سؤاله عن من هم أهل بيته؟ فقد مرّ في عدّة روايات سابقة ، منها جوابه لسلمان عندما سأله عنهم : بأنّهم علي ( عليه السلام ) والأحد عشر من ولده (2) ، وكذا ما أجاب به عمر بن الخطّاب عند سؤاله بمثله (3) ، وما أجاب به جابر بن عبد اللّه الأنصاري أيضاً (4) ، وإلاّ فلا توجد رواية من طريق أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولا من طريق أهل السنّة بالمضمون الذي أورده المصنّف ، والناقل من كتاب الآل هو الأربلي في كشف الغمّة ، كما سيأتي (5).

الثاني : وأيضاً في كشف الغمّة عن ابن خالويه : وسئل ثعلب لِم سمّيا الثقلين؟

قال : لأنّ الأخذ بهما ثقيل ، قيل : ولم سمّيت العترة؟

قال : العترة القطعة من المسك ، والعترة أصل الشجرة (6) ، ونقله عنه - أيضاً - في كشف الغمّة ، كما سيأتي. (7)

ص: 272


1- راجع ما أوردناه عن تفسير فرات ، وتفسير العيّاشي ، الحديث الرابع ، والكافي ، الحديث الأوّل والثاني ، أمّا الروايات التي تحدّد من هم آل الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فكثيرة جدّاً ، ليس هنا موضع إيرادها ، ولكن نكتفي بذكر بعضها في المتن.
2- راجع ما ذكرناه عن كفاية الأثر ، الحديث الثالث.
3- راجع ما ذكرناه في الحديث الثاني والثالث من كتاب سُليم بن قيس ، والحديث الثاني من كفاية الأثر.
4- راجع ما ذكرناه عن إكمال الدين للصدوق ، الحديث الخامس والعشرون.
5- راجع الحديث الثالث في ما نورده عن كشف الغمّة.
6- كشف الغمّة 1 : 55 ، في معنى الآل.
7- راجع الحديث الرابع في ما نورده عن كشف الغمّة.
الحسين بن أحمد بن خالويه :

ذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) ، وقال : الحسين بن خالويه أبو عبد اللّه النحوي ، سكن حلب ، ومات بها ، وكان عارفاً بمذهبنا ، مع علمه بعلوم العربيّة واللغة والشعر (1).

ولم يذكره الطوسي ( ت 460 ه- ) في الرجال والفهرست ، ولكن استدركه عليه ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه (2).

وفي فهرست ابن النديم ( ت 385 ه- ) : ابن خالويه أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن خالويه ، أخذ عن جماعة مثل : أبي بكر بن الأنباري وأبي عمر الزاهد ، وقرأ على أبي سعيد السيرافي وخلط المذهبين ، وتوفّي بحلب في خدمة بني حمدان في سنة سبعين وثلثمائة (3).

وأورده في الخلاصة في القسم الأوّل (4) ، وفي الوجيزة (5) ، والبلغة (6) من الممدوح ، وعدّه في الحاوي في الضعاف (7).

وقال أبو علي الحائري ( ت 1216 ه- ) : وفي تعليقة البهبهاني : وكان عالماً بالروايات أيضاً ، ومن رواتها ، بل ومن مشايخها ومن مشايخ

ص: 273


1- رجال النجاشي : 67 [ 161 ]. وانظر : جامع الرواة 1 : 239، مجمع الرجال 2 : 174 ، نقد الرجال 2 : 88 [ 1439 ] ، معجم رجال الحديث 6 : 252 [ 3391 ] ، خاتمة المستدرك 7 : 271 [ 583 ].
2- معالم العلماء : 41 [ 266 ].
3- فهرست ابن النديم : 92.
4- خلاصة الأقوال : 120 [ 301 ] ، وانظر : إيضاح الاشتباه : 161 [ 219 ].
5- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 194 [ 550 ].
6- بلغة المحدّثين : 351.
7- حاوي الأقوال 3 : 395 [ 2045 ].

النجاشي ، ويقال له : أبو عبد اللّه النحوي الأديب كما في عبّاس بن هشام.

وبالجملة : الظاهر أنّه من المشائخ الفضلاء ، أقول : ولذا ذكره في الخلاصة في القسم الأوّل ، وفي الوجيزة ممدوح ، إلاّ أنّ في الحاوي ذكره في القسم الرابع ، فتأمّل (1).

أقول : ذكر غير واحد ان الحسين بن خالويه ابا عبد اللّه النحوي من مشايخ النجاشي ، ولكن هذا لا يمكن قبوله لأن كتب التراجم اتفقت على ان وفاته كانت سنة 370 ه- (2) ، إلاّ في لسان الميزان قال انه توفي سنة 371 أو 370 ، مع ان النجاشي ولد سنة 373 ، فيكون مولده بعد وفات الحسين ابن خالويه ولا يمكن ان يكون الحسين بن خالويه شيخاً للنجاشي.

وفي بهجة الآمال للعلياري ( ت 1327 ه- ) : وقال شيخنا البهائي ( رحمه اللّه ) في حاشية النجاشي : عندي له كتاب في القراءآت ، اسمه بديع ، بخطّ قديم كوفي ، ويظهر من ذلك الكتاب وغيره أيضاً ، أنّ الرجل إماميّ المذهب ، إنتهى (3).

وفي الرياض : الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي ، الإماميّ الشيعيّ الهمدانيّ ، ثمّ الحلبيّ (4) ).

وعدّه الشيخ عبّاس القمّي ( ت 1359 ه- ) في الكنى من فضلاء الإماميّة (5).

ص: 274


1- منتهى المقال 3 : 37 [ 867 ].
2- انظر : ما تقدم عن ابن النديم ، ووفات الأعيان 2 : 179 ، ولسان الميزان 2 : 267 ، معجم المؤلفين 3 : 310 ، الذريعة 2 : 235 ، كشف الظنون 2 : 1343 ، الكنى والألقاب 3 : 197 ، وغيرها.
3- بهجة الآمال 3 : 266.
4- رياض العلماء 2 : 23.
5- الكنى والألقاب 1 : 274.

وفي روضات الجنّات : وقال صاحب ( مجالس المؤمنين ) - بعدما ذكر أنّ النجاشي عدّه من جملة فضلاء الإماميّة العارفين بالعربيّة - : ولذا كان صدراً في أبواب ملوك آل حمدان (1).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن نقل كلام النجاشي والعلاّمة - : ويستفاد منهما كونه إماميّاً ، ولازم عدّ العلاّمة ( رحمه اللّه ) إيّاه في القسم الأوّل كونه معتمداً عليه عنده ، وعدّه في الوجيزة والبلغة ممدوحاً ، فهو في أعلى مراتب الحسن ، وعدّه في الحاوي على أصله في الضعفاء.

ثمّ قال : وعن الجزء الثالث من التحصيل أنّ الحسين بن خالويه كان إماماً ، أحد أفراد الدهر في كلّ قسم من أقسام العلوم والأدب ، وكان إليه الرحلة من الآفاق ، وسكن حلب (2) ، فكان آل حمدان يكرّمونه ، ومات بها ، انتهى (3).

وعلّق عليه التستري ( ت 1415 ه- ) في القاموس : وأمّا ما قاله المصنّف من التحصيل فخلط ، وإنّما قال في الإقبال - بعد أنّ قال : إن مناجاة شعبان مروي عن ابن خالويه ، ثمّ نقل ترجمة ابن خالويه عن النجاشي - : وذكر محمّد بن النجار في التذييل ، وقد ذكرناه في الجزء الثالث من التحصيل ، فقال عن الحسين بن خالويه : كان إماماً أوحد أفراد الدهر ، إلى قوله : ومات بها ، قال : إنّها مناجاة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (4).

وحينئذ فالمعنى : أنّ ابن طاووس ذكر في كتاب تحصيله ترجمة ابن النجّار ، الذي روى في تذييله عن ابن خالويه ، لكن الظاهر وهم الإقبال

ص: 275


1- روضات الجنّات 3 : 150 [ 262 ].
2- في التنقيح المطبوع على الحجر ( جبل ) وهو تصحيف.
3- تنقيح المقال 1 : 327.
4- الإقبال لابن طاووس 3 : 295 ، فصل (10).

وابن النجّار في نسبة مناجاة شعبان إلى ابن خالويه - هذا - ، فيأتي عن النجاشي أيضاً : علي بن أحمد بن يوسف بن مهجور أبو الحسن الفارسي ، المعروف بابن خالويه ، له كتاب عمل رجب وكتاب عمل شعبان (1).

وأورده الطهراني ( ت 1389 ه- ) في طبقاته (2) ، وقال في الذريعة : الجمل في النحو ، لابن خالويه النحوي الشيعي (3) ، وقال السيّد الأمين ( ت 1371 ه- ) في أعيانه - بعد أن نقل ما ذكره ياقوت عن أبي عمرو الداني من طبقات القراء - : وزاد السيوطي في البغية وكان شافعيّاً ، والصواب أنّه كان شيعيّاً ، ولعلّ شافعيّاً تصحيف شيعيّاً.

ثمّ قال : وفي لسان الميزان : الحسن بن أحمد بن خالويه النحوي الهمذاني الأصل ، نزيل حلب ، قال ابن أبي طي : كان إماميّاً عالماً بالمذهب ، قال : وقد ذكر في كتاب ليس ما يدلّ على ذلك ، وقال الذهبي في تاريخه : كان صاحب سنّة ، قال ابن حجر : قلت يظهر ذلك تقرّباً لسيف الدولة ، صاحب حلب ، فإنّه كان يعتقد ذلك ، وقد قرأ عليه أبو الحسين النصيبي - وهو من الإماميّة - كتابه في الإمامة ، وله تصنيف في اللغة والفراسة ، وغيرها (4).

ولكنّ آخرين عدّوه من العامّة ، فقد أورد الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة الروايات التي رواها الأربلي في كشف الغمّة عن كتاب الآل في قسم الأخبار الواردة من طرق العامّة (5) ، وعدّ السيّد عبد العزيز الطباطبائي كتابه الآل ضمن كتب العامّة المؤلّفة في أهل البيت ( عليهم السلام ) (6).

ص: 276


1- قاموس الرجال 3 : 447 [ 2147 ].
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 105.
3- الذريعة 5 : 142 [ 604 ] ، و 13 : 264 [ 978 ].
4- أعيان الشيعة 5 : 420.
5- إثباة الهداة 1 : 686 ح 42.
6- مجلّة تراثنا ، العدد (1) : 10.

وقال الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض : أقول : ومن مؤلّفات ابن خالويه هذا كتاب الطارقية في إعراب سورة والطارق إلى آخر القرآن ... ، ولكن النسخة التي منه عندنا فيها إعراب الاستعاذة والبسملة وسورة الحمد ، وبعدها من سورة الطارق إلى آخر القرآن ، ويظهر منه أنّه كان من علماء الشافعيّة ، فتأمّل ولاحظ.

ويروى فيه عن أبي سعيد الحافظ ، عن أبي بكر النيسابوري ، عن الشافعي ، وهذا دليل على أنّ ابن خالويه صاحب الطارقية غير ابن خالويه الذي نحن فيه ، لأنّه يبعد رواية ابن خالويه هذا ، عن الشافعي بواسطتين ; إذ لابدّ أن يروي بوسائط عديدة عنه ، فلاحظ ، وأظهر الأدلّة على المغايرة أنّ في هذا الطارقية ، صرّح بوجوب قول ( آمين ) آخر الحمد (1).

ولنفس ما ذكر نسب الطهراني ( ت 1389 ه- ) هذا الكتاب إلى أبي عبد اللّه الحسن الشافعي ، وقال : وليس هو من تصانيف الشيخ ابن خالويه الشيعي ، كما نسبه إليه السيوطي في ( البغية ) ، لأنّ فيه القول بوجوب ( آمين ) في آخر الحمد ، ولم يقل بذلك أحد من الشيعة (2).

ولكن يظهر من كلام الأفندي والطهراني - بعد أن رجّحا نسبة الطارقيّة إلى غير ابن خالويه - أنّهم يقطعون بإماميّته.

وقال التستري ( ت 1415 ه- ) : هذا ، وقال النجاشي : ( كان عارفاً بمذهبنا ) ، وفي طبقات نحاة السيوطي ( قال الداني في طبقاته : عالم بالعربيّة ، حافظ للغة ، بصير بالقراءة ، ثقة مشهور ، روى عنه غير واحد من شيوخنا - عبد المنعم بن عبيد اللّه والحسن بن سليمان وغيرهما - وكان شافعيّاً ) ، وسكت عن مذهبه الحموي ، وهو ظاهر أيضاً في عاميّته ، وهو

ص: 277


1- رياض العلماء 2 : 25.
2- الذريعة 15 : 131.

لازم عدم ذكر الشيخ في الرجال والفهرست له ، إن لم يحمل على غفلته فيهما (1).

وذكره السُّبكي ( ت 771 ه- ) في طبقات الشافعيّة الكبرى ، وقال : ومن الفوائد عنه ، قال ابن الصلاح : حكى في كتابه ( إعراب ثلاثين سورة ) مذهب الشافعي في البسملة ، وكونها آية من أوّل كلّ سورة ، قال : والذي صحّ عندي وإليه أذهب ، مذهب الشافعي (2).

ومنه يظهر ما في كلام الأفندي والطهراني السابقين من نفي نسبة الكتاب له.

وقال ابن خلكان ( ت 681 ه- ) : وله كتاب لطيف سمّاه ( الآل ) ، وذكر فيه الأئمّة الاثنى عشر ، وتواريخ مواليدهم ووفياتهم وأُمّهاتهم ، والذي دعاه إلى ذكرهم ، أنّه قال في جملة أقسام الآل : ( وآل محمّد بنو هاشم ) (3).

ومن كلامه الأخير يفهم أنّه يعتقد بعامّيته أيضاً.

كتاب الآل :

سمّاه النجاشي ( ت 450 ه- ) ( كتاب الأوّل ) ، وقال : ومقتضاه ذكر إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، حدّثنا بذلك القاضي أبو الحسن النصيبي ، قال : قرأته عليه بحلب (4).

وفي معالم ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) : له كتاب الآل (5). والظاهر أنّه مراد العلاّمة ( ت 726 ه- ) من قوله : وله كتب ، منها كتاب إمامة أمير

ص: 278


1- قاموس الرجال 3 : 447.
2- طبقات الشافعيّة الكبرى 2 : 199 [ 174 ].
3- 3 - وفيات الأعيان 2 : 153 [ 194 [
4- رجال النجاشي : 67 [ 161 ].
5- معالم العلماء : 41 [ 266 ].

المؤمنين (1). وكأنّه مأخوذ من قول النجاشي.

وقد نقل منه الأربلي ( ت 693 ه- ) في كشف الغمّة ، كما أوردنا عنه ما نقله بخصوص حديث الثقلين.

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : وينقل عن كتاب الآل هذا ، مير محمّد أشرف في فضائل السادات ، الذي ألّفه سنة 1103 ، فيظهر وجوده عنده (2).

وقد نسبه إليه - أيضاً - الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض ، والخوانساري ( ت 1313 ه- ) في الروضات ، والسيوطي ( ت 911 ه- ) في البغية ، وغيرهم ، وقد مرّ كلام ابن خلكان آنفاً ، فلا خلاف في نسبة الكتاب إليه عند الكلّ.

ص: 279


1- خلاصة الأقوال : 120 [ 301 ] ، وانظر : كشف الأستار 1 : 356 [ 462 ] ، مجلّة تراثنا العدد (1) : 10.
2- الذريعة 1 : 38 [ 108 ].

ص: 280

(26) كتاب : تحف العقول عن آل الرسول للشيخ أبي محمّد الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني ( من أعلام النصف الثاني من القرن الرابع )
الحديث :

الأوّل : خطبته ( صلى اللّه عليه وآله ) في حجّة الوادع : « ... ، أيّها الناس ، إنّما المؤمنون أُخوة ، ولا يحلّ لمؤمن مال أخيه إلاّ عن طيب نفس منه ، ألا هل بلّغت؟ اللّهم اشهد! فلا ترجعن كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإنّي قد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ألا هل بلّغت؟ اللّهم اشهد .. » (1).

الثاني : لمّا حضر علي بن موسى ( عليهما السلام ) مجلس المأمون ، وقد اجتمع فيه جماعة علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (2) ....

ثمّ قال الرضا ( عليه السلام ) : « هم الذين وصفهم اللّه في كتابه ، فقال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (3) ، وهم

ص: 281


1- تحف العقول : 30 ، مواعظ النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) وحكمه ، ( خطبته ( صلى اللّه عليه وآله ) في حجّة الوادع ) ، وعنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 79 : 348 ح 13 ، كتاب الآداب والسنن.
2- فاطر : 29.
3- الأحزاب : 33.

الذين قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، أُنظروا كيف تخلفوني فيهما ، يا أيّها الناس ، لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ... (1).

وسيأتي هذا الحديث مسنداً عن الصدوق ( ت 381 ه- ) في الأمالي ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) (2).

الثالث : في رسالة الإمام الهادي ( عليه السلام ) ، في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين :

من علي بن محمّد ، سلام عليكم ، وعلى من اتّبع الهدى ، ورحمة اللّه وبركاته ، فإنّه ورد عليّ كتابكم ...

وقد اجتمعت الأمّة قاطبة لا اختلاف بينهم ، أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق ، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه ، مصيبون مهتدون ، وذلك بقول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لا تجتمع أُمّتي على ضلالة » ، فأخبر أنّ جميع ما اجتمعت عليه الأمّة كلّها حقّ ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضاً ، والقرآن حقّ لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه ، فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه ، وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ، ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملّة.

فأوّل خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه ، خبر ورد عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ووجد بموافقة الكتاب وتصديقه

ص: 282


1- تحف العقول : 313 ، ما روي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، ( من كلامه ( عليه السلام ) في الاصطفاء ) ، وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 562 ح 418 ، باختصار.
2- انظر ما سنذكره عن الصدوق في الأمالي الحديث الخامس ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) الحديث الثالث.

بحيث لا تخالفه أقاويلهم ، حيث قال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب اللّه نصّاً ، مثل قوله جلّ وعزّ : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ، وروت العامّة في ذلك أخباراً لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه تصدّق بخاتمه ، وهو راكع فشكر اللّه ذلك له ، وأنزل الآية فيه ، فوجدنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قد أتى بقوله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ، وبقوله : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » ، ووجدناه يقول : « علي يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم من بعدي ».

فالخبر الأوّل الذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح ، مجمع عليه ، لا اختلاف فيه عندهم ، وهو أيضاً موافق للكتاب ، فلمّا شهد الكتاب بتصديق الخبر ، وهذه الشواهد الأُخر ، لزم على الأمّة الإقرار بها ضرورة ، إذ كانت هذهِ الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ، ووافقت القرآن والقرآن وافقها ... (1).

سيأتي عن الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج باختلاف في الكلمات (2).

ص: 283


1- تحف العقول : 338 ، ما روي عن الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي ( عليه السلام ) ، رسالته ( عليه السلام ) في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 562 ح 419 ، بالاقتصار على حديث الثقلين فقط ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 5 : 68 ح 1 ، باب 2.
2- الاحتجاج 2 : 487 [ 328 ] ، وانظر ما سنذكره عن الاحتجاج ، الحديث التاسع.
الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني :

قال الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : الشيخ أبو محمّد الحسن بن علي بن شعبة ، فاضل محدّث جليل ، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول ، حسن ، كثير الفوائد ، مشهور ، وكتاب التمحيص ، ذكره صاحب كتاب مجالس المؤمنين (1).

كان معاصراً للشيخ الصدوق ( ت 381 ه- ) ، ومن مشايخ المفيد ، ( ت 413 ه- ) حيث ينقل عنه ، وقد روى عن الشيخ أبي علي محمّد بن همام ( ت 336 ه- ) ، كما في أوّل كتابه التمحيص (2).

كتاب تحف العقول عن آل الرسول :

نسبه إليه كلّ من ترجمه ، وقال المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر البحار : وكتاب تحف العقول عن آل الرسول تأليف الشيخ أبي محمّد الحسن بن علي بن شعبة (3) ، وقال في توثيقه : وكتاب تحف العقول عثرنا منه على كتاب عتيق ، ونظمه يدلّ على رفعة شأن مؤلّفه ، وأكثره في المواعظ والأُصول المعلومة ، التي لا نحتاج فيها إلى سند (4).

وعدّه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) من الكتب التي اعتمدها في

ص: 284


1- أمل الآمل 2 : 74 [ 198 ] ، وأورده المامقاني ( ت 1351 ه- ) في تنقيح المقال 1 : 296 عن تكملة أمل الآمل ، ولا يوجد فيها ، والظاهر أنّ كلمة تكملة زائدة.
2- التمحيص ( المطبوع في نهاية تحف العقول ) : 397 ح 1 ، الباب الأوّل ، وانظر : الذريعة 3 : 400 [ 1435 ] ، مقدّمة تحف العقول ، روضات الجنّات 2 : 289 [ 200 ] ، رياض العلماء 1 : 244 ، طبقات أعلام الشيعة 1 : 93 ، تأسيس الشيعة : 413 ، أعيان الشيعة 5 : 185.
3- البحار 1 : 10.
4- البحار 1 : 29.

الوسائل ، ووصف مؤلّفه بالشيخ الصدوق (1).

وقال الشيخ علي بن الحسين البحراني ( القرن الثاني عشر ) في رسالته في الأخلاق : وكتابه ممّا لم يسمح الدهر بمثله (2).

وقال الخوانساري ( ت 1313 ه- ) في روضات الجنّات : له كتاب « تحف العقول عن آل الرسول » ، مبسوط ، كثير الفوائد ، معتمد عليه عند الأصحاب ، أورد فيه جملة وافية من النبويّات وأخبار الأئمّة ( عليهم السلام ) ومواعظهم الشافية على الترتيب ، وفي آخره أيضاً القدسيّان المبسوطان المعروفان الموحى بهما إلى موسى ( عليه السلام ) وعيسى بن مريم ( عليه السلام ) في الحكم والنصايح البالغة الإلهيّة ، وباب في بعض مواعظ المسيح الواقعة في الإنجيل ، وآخر وصيّة المفضّل بن عمر للشيعة.

كما قال في خطبة كتابه الموصوف : وأتيت على ترتيب مقامات الحجج ( عليهم السلام ) ، واتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه ، وأسقطت الأسانيد تخفيفاً وإيجازاً ، وإن كان أكثره لي سماعاً ، ولأنّ أكثره آداب وحكم تشهد لأنفسها ، ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف ، بل ألّفته للمسلّم للأئمّة ، العارف بحقّهم ، الراضي بقولهم ، الرادّ إليهم ، وهذهِ المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر ، وأوسع من أن يقع عليها حظر ، وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب ، وكاف لمن كان له لبّ (3).

وفي هذه الجملة - أيضاً - من الدلالة على غاية اعتبار الكتاب ، ما لا يخفى ، مضافاً إلى أنّ غالب مرسلاته بطريق إسقاط السند ، والإسناد إلى قول الحجّة ، دون إبهام الراوي ، وهو ظاهر في الإخبار الجازم ، ويجعل الخبر مظنون الصدق ، فيلحقه بأقسام الصحيح (4).

ص: 285


1- خاتمة الوسائل 30 : 156 [ 37 ] ، الفائدة الرابعة.
2- الذريعة 3 : 400 [ 1435 ] ، وتأسيس الشيعة : 414.
3- تحف العقول : 11 ، مقدّمة المؤلّف.
4- روضات الجنّات 2 : 289 [ 200 ].

وقد قال المصنّف في مقدّمته أيضاً : « ووقفت ممّا انتهى إليّ من علوم السادة ( عليهم السلام ) ، على حكم بالغة ومواعظ شافية » ، وقال : « ووجدت بعضهم ( عليهم السلام ) ، قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم ، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ ... » ، ثمّ قال : « فجمعت ما كانت هذه سبيله ... ».

وقال : « فتأمّلوا معاشر الشيعة المؤمنين ما قالته أئمّتكم ( عليهم السلام ) ... » ، وقال : « بل خذوا ما ورد إليكم عمّن فرض اللّه طاعته عليكم ، وتلّقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة ... » (1).

وقد أسقط المؤلّف الأسانيد ، كما ذكر ذلك في أوّل الكتاب ، وأوردناه عنه نحن آنفاً.

وللكتاب عدّة نسخ مخطوطة ، منها. في مكتبة الشيخ محمّد الحسين الأعلمي الخاصّة في كربلاء ، وفي مكتبة العلاّمة السيّد جلال الدين الأرموي في إيران ، وفي المكتبة العامّة في طهران (2).

ص: 286


1- تحف العقول : 10 ، 11 ، مقدّمة المؤلّف ، وانظر : أُصول علم الرجال : 274 ، كتاب تحف العقول.
2- انظر تحف العقول : 7 ، الكتاب : مخطوطاته ومطبوعاته.
(27) كتاب : البرهان في النصّ الجليّ على علي ( عليه السلام ) للشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي ( كان حيّاً في 377 ه- )
اشارة

(27) كتاب : البرهان في النصّ الجليّ على علي ( عليه السلام ) (1) للشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي ( كان حيّاً في 377 ه- )

الحديث :

قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة : وروى الشيخ الصدوق علي بن محمّد العدوي الشمشاطي في كتاب البرهان في النصّ على علي ( عليه السلام ) ، بإسناده إلى أبي ذرّ ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حديث الشورى ، أنّه قال لهم : « هل تعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »؟ قالوا : نعم (2).

وسيأتي هذا الحديث مسنداً عن أمالي الطوسي ( ت 460 ه- ) فراجع (3).

الشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : علي بن محمّد العدوي الشمشاطي أبو

ص: 287


1- هذا الكتاب مفقود في الوقت الحاضر ، ولكن وصلت منه نسخة إلى الحرّ العاملي ، وأورد بعض الروايات منه في إثبات الهداة ، وما نقلناه منه.
2- إثبات الهداة 1 : 649 ح 802 ، فصل ( 56 ).
3- انظر ما سنذكره عن أمالي الطوسي ، الحديث الخامس.

الحسن ، من عدِي بني تغلب ، عدي بن عمرو بن عثمان بن تغلب ، كان شيخاً بالجزيرة ، وفاضل أهل زمانه وأديبهم ، ثمّ قال نقلا عن سلامة بن ذكا أبو الخير الموصلي - بعد أن عدّد كتبه ورسائله - : وكان يذكره بالفضل والعلم والدين والتحقّق بهذا الأمر ( رحمه اللّه ) (1).

وذكر العلاّمة ( ت 726 ه- ) وابن داود ( ت 707 ه- ) في القسم الأوّل من كتابيهما مثله (2) ، ورمز له ابن داود ب- ( لم ) ، أشار إلى رجال الشيخ في من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، وهو غير مذكور في رجال الشيخ ( رحمه اللّه ).

ووثّقه الماحوزي ( ت 1121 ه- ) في البلغة (3) ، وعدّه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في الوجيزة (4) ، والكاظمي ( القرن الحادي عشر ) في هداية المحدّثين من الممدوح (5).

وعدّه في الحاوي من الضعاف ، ونقل ما قاله العلاّمة فيه ، عن القسم الثاني للخلاصة (6) ، وهو اشتباه ، فهو في القسم الأوّل ، المخصّص لمن يعتمد عليه العلاّمة فيها ، ولعلّ هذا هو الذي جعله يعدّه في الضعاف.

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن ذكر ما في الخلاصة ورجال ابن داود - : ولم أجد في رجال الشيخ ( رحمه اللّه ) ما نسبه إليه ، وكيفما كان ، فعدّهما له في القسم والباب الأوّل يكشف عن اعتمادهما عليه ، ونقل

ص: 288


1- رجال النجاشي : 263 [ 689 ] ، وانظر : جامع الرواة 1 : 2600 ، مجمع الرجال 4 : 219.
2- خلاصة الأقوال : 187 [ 560 ] ، رجال ابن داود : 141 [ 1081 ] ، وانظر : نقد الرجال 3 : 297 [ 3688 ].
3- بلغة المحدّثين : 385.
4- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 365 [ 1287 ].
5- هداية المحدّثين : 218 ، وانظر : بهجة الآمال 5 : 524 ، منتهى المقال 5 : 62 [ 2100 ].
6- حاوي الأقوال 4 : 59 [ 1725 ].

النجاشي عن سلامة ذكره بالفضل والعلم والدين والتحقّق بهذا الأمر ، ورضاه بذلك ، وترحّمه عليه لا يقصر عن التوثيق ، ولذا وثّقه في البلغة ، وجمد المجلسي على عدم ورود لفظ ثقة فيه ، فعدّه ممدوحاً ، وأفرط الجزائري فعدّه في الضعفاء ، والأظهر وثاقته ; لما عرفت (1).

وقال التستري ( ت 1415 ه- ) : أقول : وعنونه الحموي في أدبائه ، وقال : شاعر مجيد ، ومصنّف مفيد ، استدرك على ثعلب في الفصيح عدّة مواضع ، كان رافضيّاً دجّالا ، يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم.

وفي توقيعات الإكمال : عن أبيه ، عن سعد ، عن علي بن محمّد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني ، قال : كنت مقيماً ببغداد ، وتهيّأت في قافلة اليمانيّين للخروج ، فكتبت أستأذن ، فخرج : « لا تخرج معها ، فمالك في الخروج خيرة » ، فخرجت القافلة ، وخرجت عليها بنو حنظلة فاجتاحوها ، وكتبت أستأذن في ركوب الماء ، فخرج : « لا تفعل » فما خرجت سفينة في تلك السنة إلاّ خرجت عليها البوارج ، وخرجت زائراً إلى العسكر ، فأنا في المسجد مع المغرب ، إذ دخل عليّ غلام ، فقال لي : قم ، فقلت : من أنا؟

قال : « عليّ بن محمّد ، رسول جعفر بن إبراهيم اليماني » ، وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي ، فقمت إلى منزله ، واستأذنت في أن أزور من داخل ، فأذن لي (2).

والظاهر أنّه الذي عدّه الإكمال في ( من وقف على معجزة الحجّة ( عليه السلام ) ، ورآه ) بلفظ ( الشمشاطي ) (3) ) وشمشاط : من ثغور الجزيرة ، كما

ص: 289


1- تنقيح المقال 2 : 306.
2- إكمال الدين : 518 ح 14 باب : 13.
3- إكمال الدين : 471 ح 16 ، الباب : 11 ، وانظر : مجمع الرجال 7 : 192 ، الفائدة الثالثة.

أنّ الظاهر أنّ مراد الحموي ، بقوله : « يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم » ، ما مرّ في تلك التوقيعات (1).

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) : وقال ابن النديم : إنّه من سمساط من بلاد أرمينية ، إلى قوله : شاعر ، مصنّف ، مؤلّف ، مليح الحفظ ، كثير الرواية ، ويحيا في عصرنا هذا (2) ، يعني وقت تأليف ( الفهرست ) في 377 (3) ، وعدّه ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في ( فرج المهموم ) من علماء النجوم من أصحابنا (4) (5).

كتاب البرهان

ذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) ضمن كتبه ، بعنوان : رسالة البرهان في النصّ الجليّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

ثمّ قال : أخبرنا سلامة بن ذكار أبو الخير الموصلي ( رحمه اللّه ) ، بجميع كتبه (6).

وذكره الحرّ ( ت 1104 ه- ) في الكتب التي نقل منها في كتاب إثبات الهداة ، بعنوان : كتاب البرهان في النصّ على عليّ ( عليه السلام ) ، لعلي بن محمّد العدوي الشمشاطي (7).

ص: 290


1- قاموس الرجال 7 : 564 [ 5309 ].
2- فهرست ابن النديم : 171 ، المقالة الثالثة ، وانظر أيضاً : 291 ، الفن السابع : من المقالة السادسة.
3- فهرست ابن النديم : 41 ، المقالة الأُولى.
4- فرج المهموم : 123 ، الباب الخامس.
5- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 203 ، وانظر أيضاً : أعلام الزركلي 4 : 325.
6- رجال النجاشي : 264 [ 689 ].
7- إثبات الهداة 1 : 28 ، الفائدة العاشرة.

وعدّه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر بحاره (1) ، وقال في توثيق المصادر : وكتاب البرهان كتاب متين ، فيه أخبار غريبة ، ومؤلّفه من مشاهير الفضلاء ، ثمّ أورد قول النجاشي (2).

ص: 291


1- البحار 1 : 20.
2- البحار 1 : 39 ، وانظر : رياض العلماء 4 : 212 ، الذريعة 3 : 90 [ 285 ].

ص: 292

مؤلّفات الشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ( ت 381 ه- )

(28) كتاب : كمال الدين وتمام النعمة :
الحديث :

الأوّل : قال : وأشهد أنّ محمّداً ( صلى اللّه عليه وآله ) عبده ورسوله وأمينه ، وأنّه بلّغ عن ربّه ، ودعا إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وعمل بالكتاب وأمر باتّباعه ، وأوصى بالتمسّك به وبعترته الأئمّة بعده ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه حوضه ، وأنّ اعتصام المسلمين بهما على المحجّة الواضحة ... (1).

تنبيه : من الواضح أنّه يشير إلى حديث الثقلين.

الثاني : وقال غيره (2) من متكلّمي مشايخ الإماميّة : ...

ونقول : إنّ جميع طبقات الزيديّة والإماميّة ، قد اتفقوا على أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وهما الخليفتان من بعدي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

وتلقّوا هذا الحديث بالقبول (3).

ص: 293


1- كمال الدين وتمام النعمة : 32 ، المقدّمة.
2- أي غير أبي جعفر بن قبة ( رحمه اللّه ) ، الذي نقل الصدوق كلامه قبل كلام هذا الشيخ.
3- كمال الدين وتمام النعمة : 93 ، كلام لأحد المشايخ في الردّ على الزيديّة.

الثالث : وقال أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي ( القرن الرابع ) في نقض كتاب الإشهاد لأبي زيد العلوي : قال صاحب الكتاب - بعد أشياء كثيرة ذكرها لا منازعة فيها - : وقالت الزيديّة والمؤتمّة (1) : الحجّة من ولد فاطمة ، بقول الرسول المجمع عليه في حجّة الوداع ، ويوم خرج إلى الصلاة في مرضه الذي توفّي فيه : « أيّها الناس ، قد خلّفت فيكم كتاب اللّه وعترتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وإنّكم لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ».

ثمّ أكّد صاحب الكتاب هذا الخبر ، وقال فيه قولاً لا مخالفة فيه ... (2).

فأقول (3) - وباللّه الثقة - : إنّ في قول النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) على ما يقول الإماميّة دلالة واضحة ، وذلك أنّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي .. » (4).

الرابع : حدَّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدَّثنا العبّاس بن الفضل المقري ، قال : حدَّثنا محمّد بن علي بن منصور ، قال : حدَّثنا عمرو ابن عون ، قال : حدَّثنا خالد ، عن الحسن بن عبيد اللّه ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (5).

====

5 -

ص: 294


1- يعني الإماميّة.
2- ذكر هنا قولاً في دلالة الحديث ، سيأتي الكلام عليه في بحث الدلالة.
3- هذا الكلام من أبي جعفر بن قبة ( رحمه اللّه ).
4- كمال الدين وتمام النعمة : 124 ، أجوبة ابن قبة على أبي زيد العلوي. ثمّ ذكر كلاماً في الدلالة ردّاً على ما قاله أبو زيد العلوي ، سيأتي نقله في بحث الدلالة إن شاء اللّه.
5- كمال الدين وتمام النعمة : 265 ح 44 ، باب (22) : اتصال الوصيّة ، وعنه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 496 ح 195، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 11 ح 12 ، باب [ 3 ] : في الثقلين ، ولكنّه سمّى كمال الدين بكتاب الغيبة ، وغاية المرام 2 : 360 ح 59 ، باب : 29 ، ونسبه هنا إلى كتاب من لا يحضره الفقيه ، ولا يوجد فيه ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 133 ح 69.

ورواه الجويني ( ت 730 ه- ) بطريقه عن الصدوق في فرائد السمطين (1).

الخامس : حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس ، قال : حدَّثنا العبّاس بن الفضل ، عن أبي زرعة ، عن كثير بن يحيى أبي مالك ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عامر بن واثلة ، عن زيد بن أرقم ، قال : لما رجع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من حجّة الوداع ، نزل بغدير خمّ ، ثمّ أمر بدوحات فقمّ ما تحتهن ، ثمّ قال : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، ثمّ قال : « إنّ اللّه مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن » ، ثمّ أخذ بيد عليّ ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال : « من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » ، قال : فقلت لزيد بن أرقم : أنت سمعت من رسول

ص: 295


1- فرائد السمطين 2 : 142 ح 436 ، الباب الثالث والثلاثون من السمط الثاني. وطريقه إلى الصدوق ، هكذا : أنبأني الإمام مفيد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن أبي الغنائم ، والإمام سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحليان ، في ما كتبا إليّ رحمة اللّه عليهما ، قالا : أنبأنا الشيخ مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج بن ردّة النيلي ( رحمه اللّه ) ، بروايته عن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن عبد الصمد ، عن والده ، عن جدّه محمّد ، عن أبيه ، عن جماعة ، منهم : السيّد أبو البركات علي بن الحسين الجوري العلوي ، وأبو بكر محمّد بن أحمد بن علي المعمّري ، والفقيه أبو جعفر محمّد بن إبراهيم القائني ، قالوا : أخبرنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه اللّه ) ، قال : ... ( الحديث ) ، وفيه : ( وعترتي ) فقط ، و ( لن يتفرّقا ) بدل ( لن يفترقا ) ، وسيأتي في ما سنذكره عن فرائد السمطين للجويني في مصادر أهل السنّة لحديث الثقلين.

اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )؟

فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ وقد رآه بعينه وسمعه بأُذنيه (1).

السادس : حدَّثنا محمّد بن جعفر بن الحسين البغدادي ، قال : حدَّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز إملاءً ، قال : حدَّثنا بشر بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطيّة بن سعيد (2) ، عن أبي سعيد الخدري ، أنّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) قال : « إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه عزّ وجلّ وعترتي ، كتاب اللّه حبل ممدود بين السماء والأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا بماذا تخلفوني فيهما » (3).

السابع : حدّثنا محمّد بن عمر البغدادي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبيد ، قال : حدّثنا صالح بن موسى ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي قد خلّفت فيكم شيئين ، لن تضلّوا بعدي أبداً ما أخذتم بهما ، وعملتم بما فيهما : كتاب اللّه وسنّتي » (4) ، وإنّهما

ص: 296


1- كمال الدين وتمام النعمة : 266 ح 45 ، باب (22) : اتصال الوصيّة ، وعنه الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في نوادر الأخبار : 141 ح 14 ، وقال : وزاد في رواية أُخرى : ... ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 496 ح 1. والبحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 11 ح 13 باب 3 ، وسمّى كمال الدين بكتاب الغيبة ، وغاية المرام 2 : 360 ح 60 ، الباب : 29 ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 27 : 137 ح 25.
2- الظاهر أنّه عطيّة بن سعد ، كما سيأتي في أسانيد أُخر.
3- كمال الدين وتمام النعمة : 266 ح 46 ، باب (22) : اتصال الوصيّة ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 497 ح 197 ، والبرهان 1 : 11 ح 14 ، وغاية المرام 2 : 361 ح 61 ، الباب : 29 ، والبحار 23 : 147 ح 109.
4- تصحيف من ( ونسبي ) ، كما سيأتي توضيحه في المتن.

لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » (1).

تنبيه : لقد توقّفت كثيراً في هذا الحديث ، وإدراجه في ضمن حديث الثقلين ، إلى أن نبّهني يوماً العلاّمة المحقّق السيّد محمّد رضا الجلالي إلى ما كتبه توضيحاً عن هذا الحديث في كتابه ( تدوين السنّة الشريفة ) ، أثناء تعليقه على حديث ( كتاب اللّه وسنّتي ) ، قال :

ورواه الحاكم في المستدرك ( 1 / 93 ) عن أبي هريرة (2) ، شاهداً على الحديث الأوّل ، وكذا الذهبي ولم يصرّحا بصحّته ، ولفظه : « إنّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب اللّه وسنّتي » ، وعزاه السيوطي في الجامع الكبير رقم ( 8246 ) ج 1 ص (24) إلى البيهقي في السنن الكبرى (3) ، بلفظ « إنّي قد خلّفتُ ... » ، ونقله في ( حجّيّة السنّة ) ( ص 314 ) عن البيهقي في المدخل ، باللفظ الأوّل.

أقول : لكنّ الذي رواه البزّار عن أبي هريرة ، وبنفس السند الذي أورده الحاكم ، كما جاء في ( كشف الأستار عن زوائد البزّار ) ، كتاب علامات النبوّة ، باب مناقب أهل البيت ، ما نصّه : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي قد خلّفتُ فيكم اثنين لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب اللّه ونَسبي ، ولن

ص: 297


1- كمال الدين وتمام النعمة : 267 ح 47 ، باب (22) : اتصال الوصيّة ، وعنه البحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 12 ح 15 ، وفيه : وعترتي بدل وسنّتي ، وغاية المرام 2 : 361 ح 62 ، الباب (29) ، وفيه : وسنّتي ، والبحار 23 : 132 ، وفيه : وسنّتي.
2- رواه الحاكم في مستدركه ( 1 ح 1 : 194 ح 322 ) ، بهذا السند : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنبأ محمّد بن عيسى بن مسكن الواسطي ، ثنا داوود بن عمرو الضبّي ، ثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : ... ، ( الحديث ).
3- السنن الكبرى 10 : 195 ح 20337 ، بهذا السند : أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ، أنبأ أبو أحمد حمزة بن محمّد بن العبّاس ، ثنا عبد الكريم بن الهيثم ، أنبأ ابن العبّاس بن الهيثم ، ثنا صالح بن موسى الطلحي ... ، الخ.

يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قال البزّار : لا نعلمه يُروى عن أبي هريرة إلاّ بهذا الإسناد ، وصالح ليّن الحديث ، كشف الأستار ( ج 3 ص 223 ) رقم ( 2617 ) (1).

وبما أنّ البزّار أورد الحديث في باب مناقب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فلا بدّ أنْ يكون لفظ الحديث مناسباً لذلك الباب ، فلا بدّ أن يكون الصحيح لفظ « ونسبي » ، وبما أنّ الحديث الذي أورده الحاكم عن أبي هريرة متّحد مع ما أورده البزّار سنداً ، فلابدّ أن يكون مثله لفظاً أيضاً ، وهذا يقتضي أن يكون « وسنّتي » مصحّفاً عن « ونسبي ».

وقد وقع مثل هذا التصحيف ، في ما أورده السيوطي في كتاب ( إحياء الميت بفضائل أهل البيت ) ، الحديث رقم (22) ، نقلا عن البزّار ، فجاء بلفظ : « كتاب اللّه ونسبتي » ، في الطبعة المصريّة بهامش إتحاف الأشراف ( ص 247 ) ، وطبعة مؤسّسة الوفاء ( ص 24 ) ، وطبعة محمّد سعيد الطريحي ( ص 44 ) ، لكن في طبعة دار الجيل التي حقّقها مصطفى عبد الرحمان عطا ( ص 29 ) ، بلفظ : « وسُنّتي » ، من دون تعليق ، ولا إشارة إلى اختلافه مع سائر الطبعات ومع المصدر ، ولا إلى أنّ الحديث بهذا اللفظ « وسُنّتي » لا يرتبط بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فكيف يورده السيوطي ، ومصدره البزّار ، في باب فضائل أهل البيت ( عليهم السلام )!؟ (2)

أقول : وكذلك ، كيف يورده الصدوق تحت باب ( اتّصال الوصيّة من لدن آدم ( عليه السلام ) ، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ وجلّ على خلقه إلى يوم القيامة ) ، وفي ضمن إيراده لأحاديث الثقلين (3).

ص: 298


1- وانظر أيضاً : مختصر زوائد البزار 2 : 332 ح 1963.
2- تدوين السنّة الشريفة : 122 ، القسم الأوّل ، الفصل الثالث ، الهامش (1).
3- 3 - قال محقّق كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، الشيخ علي أكبر الغفاري في هامش هذا الحديث : ذكر هذه الرواية عن أبي هريرة بهذا اللفظ هنا لا يناسب المقام ، اللّهم إلاّ أن يكون المراد ذكره لبيان تحريف أبي هريرة لفظ الحديث ، أو إيراد جميع ما سمعه.

الثامن : حدَّثنا محمّد بن عمر الحافظ ، قال : حدَّثنا القاسم بن عبّاد ، قال : حدَّثنا سويد ، قال : حدَّثنا عمرو بن صالح ، عن زكريا ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه جلّ وعزّ حبل ممدود ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

التاسع : حدَّثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد ، قال : أخبرنا محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري ، قال : حدَّثنا الحسين بن حميد ، قال : حدَّثني أخي الحسن بن حميد ، قال : حدَّثني علي بن ثابت الدهّان ، قال : حدَّثني سعاد وهو ابن سليمان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ( عليه السلام ) ، قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي امرؤ مقبوض ، وأُوشك أن أُدعى فأُجيب ، وقد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أفضل من الآخر : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (2).

العاشر : حدَّثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد ، قال : أخبرنا القشيري ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، عن عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال :

ص: 299


1- كمال الدين وتمام النعمة : 267 ح 48 ، باب (22) : اتصال الوصيّة ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 497 ح 198 ، والبرهان 1 : 12 ح 16 ، وغاية المرام 2 : 361 ح 63 ، باب (29) ، والبحار 23 : 132 ح 67.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 267 ح 49 ، وفي بعض الطبعات كرّره بعد صفحة ، وعنه في نوادر الأخبار : 140 ح 13 ، وإثبات الهداة 1 : 497 ح 199 ، والبرهان 1 : 12 ح 17 ، غاية المرام 2 : 361 ح 64 ، باب 29 ، والبحار 23 : 132 ح 68.

قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء (1) طرف بيد اللّه ، وعترتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقلت : لأبي سعيد : من عترته؟

قال : أهل بيته ( عليهم السلام ) (2).

ورواه الجويني ( 730 ه- ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين (3).

الحادي عشر : حدّثنا علي بن الفضل البغدادي ، قال : سمعت أبا عمر صاحب أبي العبّاس ثعلب ، يقول : سمعت أبا العبّاس ثعلب سئل عن معنى قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، لم سمّيا الثقلين؟

قال : لأنّ التمسّك بهما ثقيل (4).

ورواه الجويني بطريقه عن الصدوق في فرائد السمطين (5).

الثاني عشر : حدَّثنا الحسن بن علي بن شعيب أبو محمّد الجوهري ،

ص: 300


1- لعلّه يوجد هنا سقط : ( إلى الأرض ) ، كما في معاني الأخبار ، وفرائد السمطين ، والبحار ، والبرهان ، وغاية المرام.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 267 ح 50 ، وأورده في معاني الأخبار ، وسيأتي ، وفي بعض الطبعات كرّره بعد صفحة ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 497 ح 200 ، والبرهان 1 : 12 ح 18 ، وغاية المرام 2 : 362 ح 65 ، الباب 29 ، والبحار 23 : 131 ح 64.
3- فرائد السمطين 2 : 144 ح 438 ، الباب (33) من السمط الثاني ، وفيه : أنبأنا القشيري ، قال : حدَّثنا المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني عبد اللّه بن داود ، وقد ذكرنا طريقه إلى الصدوق في الحديث الرابع ، المارّ الذكر ، وفيه : « حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف بيد اللّه ».
4- كمال الدين وتمام النعمة : 268 ح 51 ، وعنه في البرهان 1 : 12 ح 19 ، وفيه ( أبا عمرو ) و ( تغلب ) ، وغاية المرام 2 : 362 ح 66 ، الباب 29 ، والبحار 23 : 131 ح 65 ، وفيه ( تغلب ).
5- 5 - فرائد السمطين 2 : 145 ح 429 ، الباب (33) من السمط الثاني ، وفيه : سمعت أبا عمرو صاحب أبي العبّاس غلام ثعلب - والظاهر أنّ غلام زائدة - ، وفيه : ( يُسْئل ) بدل ( سئل ) ، وفيه : لم سمّيا بثقلين؟

قال : حدَّثنا عيسى بن محمّد العلوي ، قال : حدَّثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري ، قال : حدَّثنا عبيد اللّه بن موسى ، عن شريك ، عن ركين بن الربيع ، عن القاسم بن حسّان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه جلّ وعزّ وعترتي أهل بيتي ، ألا وهما الخليفتان من بعدي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

ورواه الجويني ( 730 ه- ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين (2).

الثالث عشر : حدَّثنا الحسن بن علي بن شعيب أبو محمّد الجوهري ، قال : حدَّثنا عيسى بن محمّد العلوي ، قال : حدَّثنا الحسين بن الحسن الحيري بالكوفة ، قال : حدَّثنا الحسن بن الحسين العرني ، عن عمرو بن جميع ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) ، قال : أتيت جابر بن عبد اللّه ، فقلت : أخبرنا عن حجّة الوداع ، فذكر حديثاً طويلاً ، ثمّ قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » ، ثمّ قال : « اللّهم اشهد » ثلاثاً (3).

الرابع عشر : حدَّثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد ، قال : أخبرنا محمّد ابن أحمد بن حمدان القشيري ، قال : حدَّثنا أبو الحاتم المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثنا عبد الغفّار بن محمّد بن كثير الكلابي الكوفي ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن الحسن بن عبيد اللّه ، عن أبي الضحى ، عن زيد

ص: 301


1- كمال الدين وتمام النعمة : 268 ح 52 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 497 ح 201 ، والبرهان 1 : 12 ح 20 ، والبحار 23 : 126 ح 54.
2- فرائد السمطين 2 : 144 ح 437 ، الباب (33) من السمط الثاني ، وفيه : الحسن ابن علي بن سعيد الجوهري أبو محمّد ، وفيه : عزّ وجلّ.
3- كمال الدين وتمام النعمة : 268 ح 53 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 498 ح 202 ، والبرهان 1 : 12 ح 21 ، وغاية المرام 2 : 362 ح 67 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 133 ح 70.

ابن أرقم ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الخامس عشر : حدَّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي ، قال : حدَّثني عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث ، قال : حدَّثنا أحمد بن معلى الآدمي ، قال : حدَّثنا يحيى بن حمّاد ، قال : حدَّثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب ابن أبي ثابت ، عن عامر بن واثلة ، عن زيد بن أرقم ، قال : لمّا رجع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من حجّة الوداع ، نزل غدير خمّ ، فأمر بدوحات فقممن ، ثمّ قال (2) : فقال : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قال : ثمّ قال : « إنّ اللّه جلّ وعزّ مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » ، ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال : « من كنت وليّه فعليّ وليّه » ، ، فقلت لزيد بن أرقم : أنت سمعته من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )؟.

قال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ وقد رآه بعينه وسمعه بأذنه (3).

السادس عشر والسابع عشر : حدَّثنا محمّد بن عمر ، قال : حدَّثني عبد اللّه بن يزيد أبو محمّد البجلّي ، قال : حدَّثنا محمّد بن طريف ، قال :

ص: 302


1- كمال الدين وتمام النعمة : 268 ح 54 ، وعنه في نوادر الأخبار : 140 ح 14 ، والبرهان 1 : 12 ح 22 ، وغاية المرام 2 : 362 ح 68 ، باب 29 ، والبحار 23 : 133 ح 71.
2- في طبعة سابقة ( ثمّ قام ).
3- كمال الدين وتمام النعمة : 229 ح 55 ، وقد مرّ هذا الحديث بسند آخر ، تحت رقم [ 5 ] ، وعنه في نوارد الأخبار : 141 ح 14 ، والبحار 37 : 137 ح 25 ، تاريخ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، الباب ( 52 ) : في أخبار الغدير ..

حدَّثنا محمّد بن فضيل ، عن الأعمش ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، عن حبيب بن أبي ثابت (1) ، عن زيد بن أرقم : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أعظم من الآخر : كتاب اللّه عزّ وجلّ حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يزالا جميعاً حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (2).

الثامن عشر : حدَّثنا محمّد بن عمر ، قال : حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن الحسين بن حفص ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن أبي مالك عمرو بن هاشم الجنبيّ ، عن عبد الملك ، عن عطيّة ، أنّه سمع أبا سعيد يرفع ذلك إلى النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : « أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا من بعدي الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه عزّ وجلّ حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » (3).

التاسع عشر : حدَّثنا محمّد بن عمر ، قال : حدَّثني الحسن بن عبد اللّه ابن علي التميمي ، قال : حدَّثني أبي (4) ، قال : حدَّثني سيّدي علي بن موسى ابن جعفر بن محمّد ، قال : حدَّثني أبي ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي ( صلوات

ص: 303


1- الظاهر أنّ فيه تصحيف والصحيح : وحبيب بن أبي ثابت.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 270 ح 56 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 498 ح 203 ، والبرهان 1 : 12 ح 23 ، وغاية المرام 2 : 363 ح 69 ، باب (29) ، والبحار 23 : 134 ح 72.
3- كمال الدين وتمام النعمة : 270 ح 57 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 498 ح 204 ، والبرهان 1 : 13 ح 24 ، وغاية المرام 2 : 363 ح 70 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 134 ح 73.
4- الظاهر أنّ ( حدَّثني أبي ) زائدة في هذه النسخة ، كما هو ظاهر من عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) والبرهان والبحار ، فراجع.

اللّه عليهم ) ، قال : « قال النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

ورواه الجويني ( ت 730 ه- ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين (2).

العشرون : حدَّثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري ، قال : حدَّثني عمّي أبو عبد اللّه محمّد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، قال : حدَّثنا عبيد اللّه بن موسى ، قال : حدَّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حنش بن المعتمر ، قال : رأيت أبا ذر الغفاري ( رحمه اللّه ) ، آخذاً بحلقة باب الكعبة ، وهو يقول : ألا من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر جندب بن السكن ، سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، يقول : « إنّي خلّفت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وإنّ مثلهما فيكم كسفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق » (3).

الحادي والعشرون : حدّثنا شريف الدين الصدوق أبو علي محمّد بن أحمد بن محمّد بن زئارة بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسين بن علي بن

ص: 304


1- كمال الدين وتمام النعمة : 270 ح 58 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 498 ح 205 ، والبرهان 1 : 13 ح 25 ، وغاية المرام 2 : 363 ح 71 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 145 ح 105.
2- فرائد السمطين 2 : 147 ح 441 ، الباب (33) من السمط الثاني ، وفيه : الحسن ابن عبد اللّه بن محمّد بن علي التميمي ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني سيّدي علي ابن موسى بن جعفر ، قال : حدَّثني أبي ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد ، عن أبيه علي ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : ... ، وفيه : ( وعترتي ) فقط.
3- كمال الدين وتمام النعمة : 270 ح 59 ، اتصال الوصيّة ، وعنه في نوادر الأخبار : 141 ح 14 ، وإثبات الهداة 1 : 498 ح 206 ، والبرهان 1 : 13 ح 26 ، وغاية المرام 2 : 363 ، ح 72 الباب 29 ، والبحار 23 : 135 ح 74.

الحسين بن علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليهم ) ، قال : حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان النيسابوري ، عن عبيد اللّه بن موسى ، قال : حدّثنا شريك ، عن ركين بن الربيع ، عن القاسم بن حسان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » (1).

الثاني والعشرون : حدَّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار النيسابوري ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، قال : حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا عيسى بن يونس ، قال : حدَّثنا زكريّا بن أبي زائدة ، عن عطيّة العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (2).

ورواه الجويني ( ت 730 ه- ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين (3).

الثالث والعشرون : حدَّثنا أبي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن قتيبة ، قال : حدَّثنا الفضل بن شاذان ، قال : حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن جرير ، عن الحسن بن عبيد اللّه ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، عن

ص: 305


1- كمال الدين وتمام النعمة : 271 ح 60 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 499 ح 207 ، والبرهان 1 : 13 ح 27 ، وغاية المرام 2 : 364 ح 73 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 135 ح 75.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 271 ح 61 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 497 ح 200 ، وجعله متّحداً مع الحديث العاشر السابق ، والبرهان 1 : 13 ح 28 ، وغاية المرام 2 : 364 ح 74 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 136 ح 76.
3- فرائد السمطين 2 : 146 ح 440 ، الباب (33) من السمط الثاني ، وفيه : « وأنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليَّ الحوض » ، وقد ذكرنا طريقه إلى الصدوق سابقاً.

النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : « إنّي تارك فيكم كتاب اللّه وأهل بيتي ، فإنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الرابع والعشرون : حدَّثنا محمّد بن زياد بن جعفر الهمداني ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهم السلام ) ، قال : « سئل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه عن معنى قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، من العترة؟

فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب اللّه ولا يفارقهم ، حتّى يردوا على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حوضه » (2).

وقد مرّ هذا الحديث عن الفضل بن شاذان في إثبات الرجعة (3).

ورواه عن ابن بابويه ، الطبرسي ( ت 548 ه- ) في إعلام الورى (4).

الخامس والعشرون : حدَّثنا به أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدَّثنا

====

ص: 306


1- كمال الدين وتمام النعمة : 271 ح 62 ، وعنه في البرهان 1 : 13 ح 29 ، وغاية المرام 2 : 364 ح 75 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 136 ح 77.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 272 ح 64 ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في الأُصول الأصليّة : 45 ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في إثبات الهداة 1 : 499 ح 208 ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في البرهان 1 : 13 ح 30 ، وغاية المرام 2 : 323 ح 5 ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 23 : 147 ح 110.
3- راجع ما أوردناه عن إثبات الرجعة ، الحديث الأوّل.
4- إعلام الورى 2 : 180 ، الفصل الثاني ، في ذكر بعض الأخبار التي جاءت من طرق الشيعة الإماميّة في النصّ على إمامة الاثني عشر من آل محمّد ( عليهم السلام ). وفيه : أحمد بن زياد عن الصادق ( عليه السلام ) ، عن ابيه محمّد بن علي ، عن ابيه علي ، عن ابيه الحسين ( عليهم السلام ) قال : سئل أمير المؤمنين ... الخ ، وسيأتي في إعلام الورى الحديث الثاني.

الحسن بن علي السكّري ، عن محمّد بن زكريّا الجوهري ، عن محمّد بن عمّارة ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليهم ) ، قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين » ، وضمّ بين سبّابتيه ، فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، وقال : يا رسول اللّه ، من عترتك؟

قال : « علي والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة » (1).

السادس والعشرون : حدَّثنا أبي ومحمّد بن الحسن ( رضي اللّه عنهما ) ، قالا : حدَّثنا سعد بن عبد اللّه ، قال : حدَّثنا يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن أُذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سيلم بن قيس الهلالي ، قال : رأيت عليّاً ( عليه السلام ) في مسجد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في خلافة عثمان ... ، إلى آخر ما ذكرناه من رواية سُليم مختصراً ومقتصراً على المورد الثاني لحديث الثقلين ، مع بعض الاختلاف في الألفاظ (2).

السابع والعشرون : ... ، ما اجتمعت الأمّة على نقله من قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا كتاب اللّه عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

ص: 307


1- كمال الدين وتمام النعمة : 276 ، معنى العترة والآل والأهل والذريّة والسلالة ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 499 ح 210 ، والبحار 23 : 147 ح 111.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 306 ح 25 ، باب (24) : نصّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) على القائم ( عليه السلام ) ، وراجع ما ذكرناه من رواية سُليم ، الحديث الثاني ، وعن كمال الدين في إثبات الهداة 1 : 508 ح 228.
3- كمال الدين وتمام النعمة : 689 ، باب ( 58 ) : في نوادر الكتاب.
محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمّي أبو جعفر ، نزيل الريّ ، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ، وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السنّ ، ثمّ قال : ومات رضي اللّه عنه بالريّ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة (1).

وقال الشيخ ( ت 460 ه- ) في رجاله : محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، يكنّى أبا جعفر ، جليل القدر ، حفظة ، بصير بالفقه والأخبار والرجال ، له مصنّفات كثيرة ذكرناها في الفهرست (2).

وقال في الفهرست : محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، يكنّى أبا جعفر ، كان جليلاً ، حافظاً للأحاديث ، بصيراً بالرجال ، ناقداً للأخبار ، لم ير في القمّيين مثله ، في حفظه وكثرة علمه (3).

وممّا تقدّم ، ومن الخلاصة ورجال ابن داود والمعالم (4) وغيرها يعلم :

ص: 308


1- رجال النجاشي : 389 [ 1049 ].
2- رجال الطوسي : 439 [ 6275 ].
3- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].
4- معالم العلماء : 111 [ 764 ] ، رجال ابن داود : 179 [ 1455 ] ، خلاصة الأقوال : 248 [ 843 ] ، القسم الأوّل. وانظر : حاوي الأقوال 2 : 231 [ 592 ] ، نقد الرجال 4 : 273 [ 4925 ] ، مجمع الرجال 5 : 5. أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 309 [ 1727 ] ، جامع الرواة 2 : 154 ، رياض العلماء 5 : 119 ، روضات الجنّات 6 : 132 [ 574 ] ، بهجة الآمال 6 : 495 ، تنقيح المقال 3 : 154 ، معجم رجال الحديث 17 : 340 [ 11319 ] ، قاموس الرجال 9 : 434 [ 7039 ] ، بلغة المحدّثين : 362 ، 410 ، فلاح السائل : 49 ، المختلف 2 : 135 ، فرج المهموم : 101 ، كشف المحجّة : 83 ، منتهى المقال 6 : 118 [ 2761 ] ، لؤلؤة البحرين : 372 [ 121 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : 287.

أنّ الشيخ محمّد بن علي بن بابويه أشهر من أن تثبت له العدالة أو الوثاقة ، فهو من أعمدة المذهب ، ووجه الطائفة ، وهو من شيوخ الإجازة الذين لا يحتاجون إلى توثيق ، ومن الذين أجمعت الطائفة على قبول أخباره إذا صحّت ، وهو المعروف بالصدوق ، وكتابه ( من لا يحضره الفقيه ) أحد الكتب الأصول عندنا ، كيف وهو المولود بدعاء الحجّة ، إلى آخر ما ذكر في حقّه.

أمّا ما نقل من التوقّف في وثاقته أو عدالته فهو ممّا تضحك منه الثكلى ، وقد أجيب عليها بتفصيل لا يحتمله الحال ولا المقال (1).

ص: 309


1- انظر : منتهى المقال 6 : 118 [ 2761 ] ، روضات الجنّات 6 : 132 [ 574 ] ، بهجة الآمال 6 : 495 ، معجم رجال الحديث 17 : 340 [ 11319 ].
كتاب كمال الدين وتمام النعمة أو إكمال الدين وإتمام النعمة :

لم يذكر هذا الكتاب النجاشي ( ت 450 ه- ) في ضمن كتب الصدوق ، ونسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم باسم ( كمال الدين ) (1) ، وعدّه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في آمل الآمل بعنوان ( إكمال الدين وإتمام النعمة ) من جملة كتب الصدوق التي وصلت إليه (2) ، وجعله من مصادر كتابه الوسائل ، وذكر طريقه إلى الصدوق في الفائدة الخامسة من خاتمته (3).

وأدخله المجلسي ( ت 1111 ه- ) في ضمن مصادره (4) ، وقال في توثيقه : إعلم أنّ أكثر الكتب التي اعتمدنا عليها في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلّفيها ككتب الصدوق ( رحمه اللّه ) ... ، لا تقصر في الاشتهار عن الكتب الأربعة ... ، وهي داخلة في إجازتنا ، ونقل منها من تأخّر عن الصدوق من الأفاضل الأخيار ، ثمّ قال : وكذا كتاب إكمال الدين ، استنسخناه من كتاب عتيق ، كان تاريخ كتابتها قريباً من زمان التأليف (5).

وقال صاحب الذريعة : طبع بطهران سنة 1301 ه- (6).

ص: 310


1- معالم العلماء : 111 [ 764 ].
2- أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ].
3- خاتمة الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة ، في ذكر مصادر الكتاب.
4- البحار 1 : 6 ، الفصل الأوّل 1 : 29.
5- البحار 1 : 26 ، الفصل الثاني ، توثيق المصادر.
6- الذريعة 2 : 283 [ 1147 ].

وقال السيّد حسن الموسوي الخرسان في تمهيد كتاب من لا يحضره الفقيه ، عند ذكر مؤلّفات الشيخ : الغيبة ، وصفه الشيخ في الفهرست بأنّه كبير (1) ، ولعلّ مراده إكمال الدين - الآتي - فإنّه في الغيبة (2).

وهذا الاحتمال له وجه ; لأنّ الطوسي عندما ذكر ( الغيبة ) لم يذكر ( إكمال الدين ) ، كما أنّ موضوع كتاب ( إكمال الدين ) هو الغيبة وما يتعلّق بها ، وكلّ من نسب إليه إكمال الدين من المتأخّرين لم ينسب له كتاب ( الغيبة ).

ولكن ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم نسب إليه كلا الكتابين (3) ، وهو ما يضعّف القول باتحادهما ، ولكن يمكن أن لا يعتمد على تفريق ابن شهرآشوب ; لأنّه ذكر كتاب العوض عن المجالس ( العرض على المجالس ) ثمّ ذكر كتاب الأمالي (4) ، مع أنّهما بالاتفاق كتاب واحد.

وقد طبع الكتاب طبعة مصحّحة ، ومقابلة على سبع نسخ ، منها نسخة تاريخ كتابة الجزء الأوّل منها سنة 1079 ، والثاني 1081 ، كاتبها أبو طالب محمّد بن هاشم بن عبد اللّه الحسيني الفتّال ، وقد قوبلت بستّ نسخ ، وتاريخ المقابلة 1081 ه- (5).

ص: 311


1- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].
2- من لا يحضره الفقيه 1 : أص ، التمهيد ، وانظر ترجمة المؤلّف في كتاب الأمالي : 33 ، تحقيق قسم الدرسات الإسلاميّة.
3- معالم العلماء : 111 [ 764 ].
4- نفس المصدر.
5- كمال الدين وتمام النعمة : 17 ، مقدّمة المصحّح.

ص: 312

(29) كتاب : معاني الأخبار الحديث :
اشارة

الأوّل : حدَّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة ، قال : حدَّثني المغيرة بن محمّد ، قال : حدَّثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه ) بالكوفة بعد منصرفه من النهروان ، وبلغه أنّ معاوية يسبّه ويلعنه ويقتل أصحابه ، فقام خطيباً ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وذكر ما أنعم اللّه على نبيّه وعليه ، ثمّ قال : « لولا آية في كتاب اللّه ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا ، يقول اللّه عزّ وجلّ ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) ، اللّهم لك الحمد على نعمك التي لا تحصى ، وفضلك الذي لا ينسى.

يا أيّها الناس ، إنّه بلغني ما بلغني ، وإنّي أراني قد اقترب أجلي ، وكأنّي بكم وقد جهلتم أمري ، وإنّي تارك فيكم ما تركه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : كتاب اللّه وعترتي ، وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء ، وسيّد النجباء ، والنبيّ المصطفى ... » (1).

ص: 313


1- معاني الأخبار : 58 ح 9 ، باب : معاني أسماء محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة ( عليهم السلام ) ، وعنه في البحار 35 : 45 ح 1 ، ونور الثقلين 5 : 598 ح 34.

ورواه عماد الدين الطبري ( القرن السادس ) في بشارة المصطفى ، وسيأتي (1).

الثاني : حدَّثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري ، قال : أخبرنا محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري ، قال : حدَّثنا المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ... ، إلى آخر ما ذكرناه في كمال الدين وتمام النعمة ، بنفس السند والمتن (2).

ورواه كما ذكرنا سابقاً الجويني ( 730 ه- ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين (3).

الثالث : حدَّثنا محمّد بن جعفر بن الحسن (4) البغدادي ، قال : حدَّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز إملاءً ... ، إلى آخر ما ذكرناه في كمال الدين بنفس السند والمتن (5).

الرابع : حدَّثنا علي بن الفضل البغدادي ، قال : سمعت أبا عمر ] و [ صاحب أبي العبّاس تغلب ... ، إلى آخر ما ذكرناه في كمال الدين بنفس

ص: 314


1- انظر : ما سنذكره عن بشارة المصطفى ، الحديث الأوّل.
2- معاني الأخبار : 90 ح 1 ، باب : معنى الثقلين والعترة ، وفيه : « حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف بيد اللّه » ، وانظر ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث العاشر ، وعن معاني الأخبار في إثبات الهداة 1 : 488 ح 164 ، والبحار 23 : 131 ح 64.
3- فرائد السمطين 2 : 144 ح 438 ، الباب (33) من السمط الثاني.
4- في كمال الدين ( الحسين ).
5- معاني الأخبار : 90 ح 2 ، باب : معنى الثقلين والعترة. وفيه : « فإنّي تارك فيكم الثقلين » ، وفيه أيضاً : « فانظروا بماذا تخلفوني » ، من دون ( فيهما ) كما في كمال الدين ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 489 ح 165، والبحار 23 : 147 ح 109 ، باب : فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) والنصّ عليهم ، وانظر ما أوردناه عن كمال الدين ، الحديث السادس.

السند والمتن (1).

ورواه كما ذكرنا سابقاً الجويني ( ت 730 ه- ) في فرائد السمطين بطريقه إلى الصدوق ( رحمه اللّه ) (2).

الخامس : حدَّثنا أحمد (3) بن زياد بن جعفر الهمداني ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ... ، إلى آخر ما ذكرناه في كمال الدين ، بنفس السند والمتن (4).

ورواه كما ذكرنا سابقاً عن ابن بابويه ، الطبرسي ( ت 548 ه- ) في إعلام الورى ، وسيأتي (5).

السادس : حدَّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدَّثنا الحسن بن علي بن الحسين السكّري ، عن محمّد بن زكريا الجوهري ، عن جعفر بن محمّد بن عمارة (6) ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمّد ... ، إلى آخر

ص: 315


1- معاني الأخبار : 90 ح 3 ، باب : معنى الثقلين والعترة ، إلاّ أنّ فيه : ( تغلب ) بدل ( ثعلب ) وهو تصحيف ، وفيه : سمعت أبا العبّاس يُسأل ، وفيه : لِمَ سمّيا بثقلين ، وعنه في البحار 23 : 131 ح 95 ، وانظر ما ذكرناه في كمال الدين وتمام النعمة ، الحديث الحادي عشر.
2- فرائد السمطين 2 : 145 ح 439 ، مع بعض الاختلاف ، راجع ما ذكرناه في هامش كمال الدين في الحديث الحادي عشر.
3- في كمال الدين وتمام النعمة ( محمّد ).
4- معاني الأخبار : 90 ح 4 ، باب : معنى الثقلين والعترة ، وعنه في نوادر الأخبار : 141 ح 16 ، وإثبات الهداة 1 : 489 ح 166 ، والبحار 23 : 147 ح 110 و 25 : 215 ح 10 ، وراجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث الرابع والعشرون.
5- إعلام الورى 2 : 180 ، الفصل الثاني ، راجع ما ذكرناه في كمال الدين وتمام النعمة ، الحديث الرابع والعشرون.
6- في كمال الدين : عن محمّد بن عمارة عن أبيه.

ما أوردنا عن كمال الدين (1).

السابع : وحدَّثنا أبي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا سعد بن عبد اللّه ، قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : من آل محمّد ( صلى اللّه عليه وآله )؟

قال : « ذريّته » ، فقلت : أهل بيته؟

قال : « الأئمّة الأوصياء » ، فقلت : من عترته؟

قال : « أصحاب العباء » ، فقلت : من أُمّته؟

قال : « المؤمنون الذين صدّقوا بما جاء به من عند اللّه عزّ وجلّ ، المتمسّكون بالثقلين اللذين أُمروا بالتمسّك بهما : كتاب اللّه عزّ وجلّ ، وعترته أهل بيته ، الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وهما الخليفتان على الأمّة بعده ( صلى اللّه عليه وآله ) » (2).

ورواه ابن الفتّال النيسابوري ( ت 508 ه- ) في روضة الواعظين ، وسيأتي (3).

كتاب معاني الأخبار :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله ، وقال : أخبرني بجميع

ص: 316


1- معاني الأخبار : 91 ح 5 ، باب : معنى الثقلين والعترة. وفيه : « وإنّهما لن يفترقا » ، وفيه أيضاً : فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، فقال : يا رسول اللّه ، ومن عترتك؟ ... ، راجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث الخامس والعشرون ، وعن معاني الأخبار في إثبات الهداة 1 : 489 ح 167، وغاية المرام 2 : 333 ح 11 ، باب (29) ، والبحار 23 : 147 ح 11.
2- معاني الأخبار : 94 ح 3 ، باب : معنى الآل والأهل والعترة والأمّة ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في تفسير الصافي 1 : 329 ( آل عمران : 33 ) ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار 25 : 216 ح 13.
3- انظر ما سنذكره عن ابن الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ، الحديث الثاني.

كتبه ، وقرأت بعضها على والدي علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي ( رحمه اللّه ) ، وقال لي : أجازني جميع كتبه لمّا سمعنا منه ببغداد (1).

والشيخ ( ت 460 ه- ) في الفهرست ، وقال : أخبرني بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا ، منهم : الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد النعمان ، وأبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه ، وأبو الحسين جعفر بن الحسن ابن حسكه القمّي ، وأبو زكريّا محمّد بن سليمان الحمراني كلّهم ، عنه (2).

وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في معالم العلماء (3).

وعدّه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في جملة الكتب الواصلة إليه (4) وأحد مصادر كتابه الوسائل (5) ، وكذا فعل المجلسي ( ت 1111 ه- ) (6) ، حيث جعل كتب الصدوق مشهورة شهرة الكتب الأربعة ، وأنّها داخلة تحت إجازته (7).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) - بعد أن نسبه إلى مؤلّفه ، وذكر أوّله - : وطبع معاني الأخبار مع علل الشرائع على الحجر بإيران 1301 وقبلها 1289 ، ونسخة خطّ الشيخ الحرّ في ( الرضويّة ) ، وحكى الشيخ عبد اللّه السماهيجي في حاشية نسخة من « معاني الأخبار » ، أنّ السيّد ابن طاووس ذكر في « الطرائف » أنّ فراغ مصنّفه عن نسخه كان في 331 ( إحدى وثلاثين وثلاثمائة ) ، وتلك النسخة كتبت لخزانة العالم الشيخ لطف اللّه ابن

ص: 317


1- رجال النجاشي : 389 [ 1049 ].
2- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].
3- معالم العلماء : 111 [ 764 ].
4- أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ].
5- الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة ، في ذكر مصادر الكتاب.
6- البحار 1 : 6 ، الفصل الأوّل.
7- البحار 1 : 26 ، الفصل الثاني ، توثيق المصادر.

الحاج علي ابن الحاج إسماعيل السماهيجي الأوالي ، وعليها حواشي للشيخ عبد اللّه السماهيجي ، رأيتها عند الشيخ أسد اللّه بن محمّد بن عيسى المعروف بالشيخ أسد حيدر ، أهداها أخيراً إلى مكتبة أمير المؤمنين ، وهي نسخة نفيسة كلّها بخطّ واحد (1).

وطبع الكتاب بتصحيح علي أكبر الغفاري على نسختين (2).

ص: 318


1- الذريعة 21 : 204 [ 4622 ].
2- معاني الأخبار : 6.
(30) كتاب : الأمالي الحديث :
اشارة

الأوّل : حدَّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي ، قال : حدَّثني أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن ثابت بن كنانة ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن ابن العبّاس أبو جعفر الخزاعي ، قال : حدَّثنا حسن بن الحسين العرني ،

قال : حدَّثنا عمرو بن ثابت ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى ، عن ابن عبّاس ، قال : صعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) المنبر فخطب ، واجتمع الناس إليه ، فقال ( صلى اللّه عليه وآله ) : « يا معشر المؤمنين ، إنّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إليّ أنّي مقبوض ، وأنّ ابن عمّي علي مقتول ، وأنّي - أيّها الناس - أُخبركم خبراً ، إن عملتم به سلمتم ، وإن تركتموه هلكتم ، إنّ ابن عمّي عليّاً هو أخي ووزيري ، وهو خليفتي ، وهو المبلّغ عنّي ، وهو إمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، إن استرشدتموه أرشدكم ، وإن تبعتموه نجوتم ، وإن خالفتموه ضللتم ، وإن أطعتموه فاللّه أطعتم ، وإن عصيتموه فاللّه عصيتم ، وإن بايعتموه فاللّه بايعتم ، وإن نكثتم بيعته فبيعة اللّه نكثتم ، إنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل عليّ القرآن ، وهو الذي من خالفه ضلّ ، ومن ابتغى علمه عند غير علي هلك.

أيّها الناس ، إسمعوا قولي ، واعرفوا حقّ نصيحتي ، ولا تخلفوني في أهل بيتي إلاّ بالذي أُمرتم به من حفظهم ، فإنّهم حامّتي وقرابتي وإخوتي وأولادي ، وإنّكم مجموعون ومساءلون عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني

ص: 319

فيهما ، إنّهم أهل بيتي ، فمن آذاهم آذاني ، ومن ظلمهم ظلمني ، ومن أذلّهم أذلّني ، ومن أعزّهم أعزّني ، ومن أكرمهم أكرمني ، ومن نصرهم نصرني ، ومن خذلهم خذلني ، ومن طلب الهدى في غيرهم فقد كذّبني.

أيّها الناس ، اتقوا اللّه ، وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه ، فإنّي خصم لمن آذاهم ، ومن كنت خصمه خصمته ، أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم » (1).

ورواه عماد الدين أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري ( القرن السادس ) في بشارة المصطفى بإسناده عن الصدوق (2) ، وقال : وبالإسناد - أي بالإسناد عن الصدوق - ، وذكر سنده إلى الصدوق في الحديث الأوّل من كتابه ، هكذا : حدَّثنا الشيخ الفقيه المفيد أبو علي الحسن ابن أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي بقراءتي عليه في جمادي الأُولى سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه وعلى ذرّيته ) ، قال : حدَّثنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : أخبرنا الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بابن المعلّم ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد ابن علي بن الحسين بن بابويه.

وسنده في الحديث العاشر والثالث عشر والثامن عشر من الجزء الأوّل ، هكذا : أخبرنا الرئيس الزاهد العابد العالم أبو محمّد الحسن بن الحسين بن الحسن في الريّ سنة عشر وخمسمائة ، عن عمّه محمّد بن الحسن ، عن أبيه الحسن بن الحسين ، عن عمّه الشيخ السعيد أبي جعفر

ص: 320


1- الأمالي : 121 ح 112 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 525 ح 282 مختصراً ، وغاية المرام 1 : 168 ح 9 ، باب (13) و 2 : 325 ح 8 ، باب (29) ، و 5 : 119 ح 11 ، باب (16) ، و 6 : 160 ح 7 ، باب 84 ، والبحار 38 : 94 ح 10.
2- بشارة المصطفى : 39 ح 26 ، الجزء الأوّل.

محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ( رضي اللّه عنه ) ، وكذا أعاده في الحديث الثالث عشر ، وقال في الحديث الرابع عشر : بالإسناد عن أبي جعفر محمّد بن علي ( رحمه اللّه ) ، وسيأتي (1) ،

وكذا رواه عن الصدوق الحسن بن أبي طاهر الجاوابي ( أواخر القرن السادس ) في نور الهدى (2).

وزين الدين علي بن يوسف بن جبر ( القرن السابع ) في نهج الإيمان (3) ، وسيأتيان.

وروى القندوزي ( ت 1294 ه- ) في ينابيع المودّة جزءً منه ، وسيأتي أيضاً (4).

الثاني : حدَّثنا أبي ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : قلت للصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) : من آل محمّد؟ ... ، إلى آخر ما ذكرناه في معاني الأخبار (5).

الثالث : حدَّثنا محمّد بن علي ما جيلويه ، قال : حدَّثنا عمّي محمّد ابن أبي القاسم ، قال : حدَّثنا محمّد بن علي القرشي ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن

ص: 321


1- انظر ما سنذكره في بشارة المصطفى ، الحديث الثاني.
2- انظر ما سنذكره في نور الهدى ، الحديث الثاني.
3- راجع ما سنذكره في نهج الإيمان الحديث الثاني.
4- ينابيع المودّة 1 : 112 ح 34 ، وسيأتي في حديث الثقلين عن مصادر أهل السنّة.
5- الأمالي : 312 ح 362 ، المجلس الثاني والأربعون ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 528 ح 293 ، وغاية المرام 2 : 359 ح 56 ، الباب (29) ، و 3 : 211 ح 32 ، الباب (2) ، آية التطهير ، و 4 : 301 ح 12 ، الباب ( 186 ) ، و 6 : 79 ح 24 ، الباب ( 72 ) ، والبحار 25 : 216 ، ح 13 ، ونور الثقلين 4 : 275 ح 103 ، وراجع ما أوردناه في معاني الأخبار ، الحديث السابع.

آبائه ( عليهم السلام ) ، قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّ اللّه جلّ جلاله أوحى إلى الدنيا أن أتعبي من خدمك ، واخدمي من رفضك ....

ثمّ قال ( عليه السلام ) : عليكم بالورع والاجتهاد والعبادة ... ، ثمّ اذكروا وقوفكم بين يدي اللّه جلّ جلاله ، فإنّه الحكم العدل ، واستعدّوا لجوابه إذا سألكم ، فإنّه لابدّ سائلكم عمّا عملتم بالثقلين من بعدي : كتاب اللّه وعترتي ، فانظروا أن لا تقولوا : أمّا كتاب اللّه فغيّرنا وحرّفنا ، وأمّا العترة ففارقنا وقتلنا ... » (1).

الرابع : حدَّثنا الحسن بن علي بن شعيب الجوهري ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا عيسى بن محمّد العلوي ، قال : حدَّثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري ، قال : حدَّثنا عبيد اللّه بن موسى ، عن شريك ، عن ركين بن الربيع ... ، إلى آخر ما ذكرناه في كمال الدين (2).

ورواه كما ذكرنا سابقاً الجويني ( ت 730 ه- ) في فرائد السمطين عن الصدوق (3).

الخامس : حدَّثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمّي ( رحمه اللّه ) (4) ، قال : حدَّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب وجعفر بن محمّد بن مسرور ( رضي اللّه عنهما ) ، قالا : حدَّثنا محمّد

ص: 322


1- الأمالي : 353 ح 432 ، المجلس السابع والأربعون ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 529 ح 295 ، والبحار 38 : 99 ح 18 ..
2- الأمالي : 500 ح 686 ، المجلس الرابع والستّون ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 529 ح 297 ، وغاية المرام 2 : 333 ح 10 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 126 ح 54 ، وراجع ما ذكرناه في كمال الدين وتمام النعمة ، الحديث الثاني عشر.
3- فرائد السمطين 2 : 144 ح 437 ، الباب (33) من السمط الثاني ، راجع ما ذكرناه في المتن والهامش من كمال الدين وتمام النعمة ، الحديث الثاني عشر.
4- هكذا يبدأ كلّ مجلس من مجالس الأمالي ب- : حدَّثنا الشيخ الجليل أبو جعفر ... ، وهذا الحديث هو بداية المجلس التاسع والسبعين.

ابن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريّان بن الصلت ، قال : حضر الرضا ( عليه السلام ) مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية ( مَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (1).

فقالت العلماء : أراد اللّه عزّ وجلّ بذلك الأمّة كلّها.

فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال الرضا ( عليه السلام ) : « لا أقول كما قالوا ، ولكنّي أقول : أراد اللّه العترة الطاهرة ... » إلى آخر ما ذكرناه عن تحف العقول للحرّاني ( النصف الثاني من القرن الرابع ) (2).

ص: 323


1- فاطر : 32.
2- الأمالي : 615 ح 843 ، المجلس التاسع والسبعون ، وعنه في الوسائل 27 : 190 ح 34 ، وإثبات الهداة 1 : 530 ح 300 مختصراً ، وغاية المرام 2 : 326 ح 9 ، باب (29) ، و 3 : 195 ح 8 ، باب (2) ، في قوله ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ ... ) مع بعض الاختلاف ، و 4 : 39 ح 2. باب ( 52 ) ، والبحار 25 : 220 ح 20. وراجع ما ذكرناه في تحف العقول مرسلا ، الحديث الثاني ، مع بعض الاختلاف.
كتاب الأمالي أو المجالس أو عرض المجالس :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله ، وسمّاه العرض على المجالس (1) ، والشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست ، وسمّاه ( كتاب الأمالي ) (2) ، وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم مرّة باسم ( العوض عن المجالس ) وأُخرى باسم ( الأمالي ) (3).

وذكره الحرّ ( ت 1104 ه- ) في الكتب التي وصلت إليه ، وقال : كتاب الأمالي ويسمّى المجالس (4) ، وعدّه من جملة مصادر الوسائل (5) ، وكذا فعل المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار ، وقال : ولقد يسّر اللّه لنا منها (6) كتباً عتيقة مصحّحه : ككتاب الأمالي ، فإنّا وجدنا منه نسخة مصحّحة معرّبة مكتوبة في قريب من عصر المؤلّف ، وكان مقرؤاً على كثير من المشائخ وكان عليه إجازتهم (7).

وقال صاحب الذريعة ( ت 1389 ه- ) : طبع بطهران سنة 1300 وهو في سبعة وتسعين مجلساً ، ثمّ قال : والسند العالي إلى هذا الكتاب كما رأيته في صدر نسخة السيّد محمّد الطباطبائي اليزدي ، هكذا : حدّثني الشيخ أبو محمّد عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد ابن العبّاس بن الفاخر الدوريستي ، عن جدّه محمّد بن موسى ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن أحمد ، عن مؤلّفه الشيخ الصدوق ،

ص: 324


1- رجال النجاشي : 389 [ 1049 ].
2- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].
3- معالم العلماء : 111 [ 764 ].
4- أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ].
5- الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة.
6- أي : كتب الصدوق.
7- البحار 1 : 26 ، الفصل الثاني ، توثيق المصادر.

والشيخ عبد اللّه - هذا - ممّن أدرك أوائل المائة السابعة ، كما في عنوان دوريست في معجم البلدان ، قال : « إنّه توفّي بعد الستمائة بيسير » فروايته عن الصدوق المتوفّى سنة 381 بثلاث وسائط ، سند عالي ، كما لا يخفى ، والنسخة العتيقة منه بخطّ الشيخ الجليل المعروف بابن السكون ، وهو علي ابن محمّد بن محمّد بن علي بن السكون ، رأيتها في المشهد الرضويّ عند المحدّث الشيخ عبّاس القمّي ، تاريخ كتابتها يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجّة سنة 563 ، ثمّ ذكر نسخة أُخرى له بخطّ الحرّ العاملي (1).

وقال في موضع آخر : وأُخرى في النجف ( البروجردي ) وهي إلى المجلس الثالث والتسعين ، وهي مستنسخة عن نسخة خطّ الشيخ أبي مسعود عبد الجبّار بن علي بن منصور النقّاش الرازي ، الذي فرغ من كتابتها في يوم الاثنين 5 ذي القعدة 507 ، ثمّ ذكر لفظ الإجازة على ظهرها وتأريخها (2).

ولكتاب الآمالي هذا خمسة أسانيد وعدّة نسخ مخطوطة ، وقد طبع أخيراً طبعة محقّقة من قبل مؤسّسة البعثة - قم المقدّسة (3).

ص: 325


1- الذريعة 2 : 315 [ 1251 ].
2- الذريعة 19 : 354.
3- راجع ترجمة المؤلّف في أوّل كتاب الأمالي المطبوع : 41 ، تحقيق : قسم الدراسات الإسلاميّة ، مؤسّسة البعثة - قم المقدّسة.

ص: 326

(31) كتاب : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام )
الحديث :

الأوّل : حدَّثنا أحمد (1) بن زياد بن جعفر الهمداني ، قال : حدَّثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ... ، إلى أخر ما ذكرناه في كمال الدين ومعاني الأخبار بنفس السند والمتن (2).

ورواه عن ابن بابويه الطبرسي ( ت 548 ه- ) في إعلام الورى ، كما ذكرنا ذلك سابقاً (3).

الثاني : حدّثنا علي بن الفضل البغدادي ، قال : سمعت أبا عمر صاحب أبي العبّاس تغلب يسأل عن معنى قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، لم سمّيا بالثقلين؟

قال : لأنّ التمسّك بهما ثقيل (4).

ص: 327


1- في كمال الدين ( محمّد ).
2- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 60 ح 25 ، باب (6) : النصوص على الرضا ( عليه السلام ) بالإمامة في جملة الأئمّة الاثنى عشر ( عليهم السلام ) ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 475 ح 125 ، والبرهان 1 : 10 ح 3 ، وغاية المرام 2 : 360 ح 58 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 147 ح 110 ، و 25 : 215 ح 10 ، و 36 : 373 ح 1 ، وراجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث الرابع والعشرين ، ومعاني الأخبار ، الحديث الخامس.
3- إعلام الورى 2 : 180 ، الفصل الثاني ، وراجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث الرابع والعشرين ، الهامش [ 2 ].
4- 4 - عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 60 ح 26 ، باب (6) : النصوص على الرضا ( عليه السلام ) ،وعنه في البحار 23 : 131 ح 65.

ولقد أوردنا هذا الحديث في كمال الدين ومعاني الأخبار بنفس السند ، مع زيادة في المتن (1).

ورواه كما ذكرنا سابقاً الجويني ( ت 730 ه- ) في فرائد السمطين عن الصدوق (2).

الثالث : حدَّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب وجعفر بن محمّد بن مسرور ( رضي اللّه عنهما ) ، قالا : حدَّثنا محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريّان بن الصلت ، قال : حضر الرضا ( عليه السلام ) مجلس المأمون بمرو ... ، إلى آخر ما ذكرناه عن تحف العقول مرسلا ، وأمالي الصدوق مسنداً (3).

الرابع : وبهذا الإسناد (4) ، قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : كأنّي قد دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (5).

ص: 328


1- راجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث الحادي عشر ، ومعاني الأخبار ، الحديث الرابع.
2- فرائد السمطين 2 : 145 ح 439 ، الباب (33) من السمط الثاني ، راجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث الحادي عشر ، الهامش [ 4 ].
3- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 207 ح 1 ، باب (23) : ذكر مجلس الرضا ( عليه السلام ) مع المأمون في الفرق بين العترة والأُمّة ، وعنه في الوسائل 27 : 190 ح 34 ، وعمدة النظر : 55 ، وغاية المرام 6 : 260 ح 7 ، باب [ 100 ] ، والبحار 25 : 220 ح 20 ، ونور الثقلين 4 : 271 ح 85 ، وراجع ما ذكرنا في تحف العقول : الحديث الثاني ، وأمالي الصدوق : الحديث الخامس.
4- أي سند الرضا ( عليه السلام ) إلى آبائه ( عليهم السلام ).
5- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 34 ح 40 ، الباب (31) : في ما جاء عن الرضا ( عليه السلام ) من الأخبار المجموعة.

وذكر سنده إلى الرضا ( عليه السلام ) ، ثمّ إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، هكذا : حدَّثنا أبو الحسن محمّد بن علي ابن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد اللّه النيسابوري ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي في سنة ستّين ومأتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة.

وحدَّثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمّد الخوري ، قال : حدَّثنا جعفر ابن محمّد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبد اللّه الهروي الشيباني ، عن الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ).

وحدَّثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفرّاء ، عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ).

قال : حدَّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدَّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدَّثني أبي محمّد بن علي ، قال : حدَّثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدَّثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدَّثني أبي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قال : « قال : رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (1) ... ».

ومرّ مثله في صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) (2) ، ومسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) (3).

ص: 329


1- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 28 ح 4 ، الباب (31) ، وعنه بسنده عن داود بن سليمان الفرّاء في غاية المرام 2 : 366 ح 79 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 144 ح 101 و 92 : 13 ح 2.
2- صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) : 59 ح 83 ، وفيه : « كأنّي دعيت فأجبت » ، وراجع ما ذكرناه في صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ).
3- راجع ما أوردناه عن مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) بسند داود بن سليمان الفرّاء.

الخامس : وبإسناده (1) عن علي ( عليه السلام ) ، قال : « قال النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (2).

وذكر سنده هنا ، هكذا : حدَّثنا محمّد بن عمر بن محمّد بن سليم بن البراء الجعابي ، قال : حدَّثني أبو محمّد الحسن بن عبد اللّه بن العبّاس الرازي التميمي ، قال : حدَّثني سيّدي علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ... ، إلى آخر السند عن آبائه ( عليهم السلام ) (3).

وقد مرّ الحديث عن كمال الدين للصدوق (4).

ورواه كما ذكرنا سابقاً الجويني ( ت 730 ه- ) في فرائد السمطين عن الصدوق (5).

كتاب عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) :

نسبه إليه الشيخ ( ت 460 ه- ) في الفهرست (6) ، وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم (7).

ص: 330


1- أي بإسناد الرضا ( عليه السلام ) عن آبائه.
2- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 68 ح 259 ، الباب (31) : في ما جاء عن الرضا ( عليه السلام ) من الأخبار المجموعة.
3- عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 63 ح 214 ، الباب (31) ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 485 ح 154 ، وغاية المرام 2 : 363 ح 80 ، الباب (29) ، والبحار 23 : 145 ح 105.
4- راجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث التاسع عشر ، وفيه : حدَّثني محمّد بن عمر ، قال : حدَّثني الحسن بن عبد اللّه بن علي التميمي ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني سيّدي علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ... الخ ، وفيه أيضاً : « وعترتي أهل بيتي ».
5- راجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث التاسع عشر ، والهامش رقم [ 4 ].
6- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].
7- معالم العلماء : 111 [ 714 ] ، وانظر : لؤلؤة البحرين : 376.

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في ضمن مؤلّفات الصدوق التي وصلت إليه (1) ، وجعله من جملة مصادر الوسائل (2).

وذكره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في أوّل مصادر البحار (3) ، وقال في توثيقه : إعلم أنَّ أكثر الكتب التي اعتمدنا عليها في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلّفيها ، ككتب الصدوق ... ، وكذا كتاب عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) فإنّا صحّحنا الجزء الأوّل منه من كتاب مصحّح كان يقال : إنّه بخطّ مصنّفه ( رحمه اللّه ) ، وظنّي أنّه لم يكن بخطّه ، ولكن كان عليه خطّه وتصحيحه (4).

وقال صاحب الذريعة ( ت 1389 ه- ) : ( عيون أخبار الرضا ) في أحوال الإمام الرضا ( عليه السلام ) في 139 باباً ، وقد طبع بإيران مكرّراً ، منه في 1275 و 1317 (5).

ص: 331


1- أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ].
2- الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة ، في ذكر مصادر الكتاب.
3- البحار 1 : 6 ، الفصل الأوّل.
4- البحار 1 : 26 ، الفصل الثاني : توثيق المصادر.
5- الذريعة 15 : 375 [ 2367 ].

ص: 332

(32) كتاب : الخصال الحديث :
اشارة

الأوّل : حدَّثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري ، قال : أخبرنا محمّد بن حمدان القشيري ، قال : أخبرنا المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ... ، إلى آخر ما ذكرناه في كمال الدين ومعاني الأخبار بنفس السند والمتن (1).

الثاني والثالث : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، ويعقوب بن يزيد جميعاً ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه ابن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : لمّا رجع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من حجّة الوداع ونحن معه ، أقبل حتّى انتهى إلى الجحفة ، فأمر أصحابه بالنزول ، فنزل القوم منازلهم ، ثمّ نودي بالصلاة ، فصلّى بأصحابه ركعتين ، ثمّ أقبل بوجهه إليهم ، فقال لهم : « إنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّي ميّت وأنّكم ميّتون ، وكأنّي قد دعيت فأجبت ، وأنّي مسؤول عمّا أُرسلت به إليكم ، وعمّا

ص: 333


1- الخصال : 65 ح 97 ، وفيه : « حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي ، ألا وإنّهما ... » ، وعنه في البحار 23 : 131 ح 1. وراجع ما ذكرناه في كمال الدين ، الحديث العاشر ، ومعاني الأخبار ، الحديث الثاني.

خلّفت فيكم من كتاب اللّه وحجّته ، وأنّكم مسؤولون ، فما أنتم قائلون لربّكم؟

قالوا : نقول : قد بلّغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك اللّه عنّا أفضل الجزاء.

ثمّ قال لهم : « ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّي رسول اللّه إليكم ، وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث بعد الموت حقّ؟ ».

فقالوا : نشهد بذلك ،

قال : « أللهمّ اشهد على ما يقولون ، ألا وإنّي أُشهدكم أنّي أشهد أنّ اللّه مولاي ، وأنا مولى كلّ مسلم ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهل تقرّون لي بذلك وتشهدون لي به؟ ».

فقالوا : نعم ، نشهد لك بذلك.

فقال : « ألا من كنت مولاه ، فإنّ عليّاً مولاه ، وهو هذا » ، ثمّ أخذ بيد علي ( عليه السلام ) فرفعها مع يده حتّى بدت آباطهما ، ثمّ قال : « اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، ألا وإنّي فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض ، حوضي غداً ، وهو حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه أقداح من فضّة عدد نجوم السماء ، ألا وإنّي سائلكم غداً ماذا صنعتم في ما أشهدت اللّه به عليكم في يومكم هذا إذا وردتم عليّ حوضي ، وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي ، فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما حين تلقوني؟ ».

قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول اللّه؟

قال : « أمّا الثقل الأكبر فكتاب اللّه عزّ وجلّ ، سبب ممدود من اللّه ومنّي في أيديكم ، طرفه بيد اللّه والطرف الآخر بأيديكم ، فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة ، وأمّا الثقل الأصغر فهو حليف القرآن ، وهو

ص: 334

علي بن أبي طالب وعترته ( عليهم السلام ) ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

قال معروف بن خربوذ : فعرضت هذا الكلام على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فقال : « صدق أبو الطفيل ( رحمه اللّه ) ، هذا الكلام وجدناه في كتاب علي ( عليه السلام ) وعرفناه ».

وحدَّثنا أبي ( رضي اللّه عنه ) ، قال ، حدَّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد ابن أبي عمير.

وحدَّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبد اللّه بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير.

وحدَّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري بمثل هذا الحديث سواء.

قال مصنّف هذا الكتاب (1) - أدام اللّه عزّه - : الأخبار في هذا المعنى كثيرة ، وقد أخرجتها في كتاب المعرفة في الفضائل (2).

كتاب الخصال :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (3) ، وكذا الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست (4) ، وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) عند ذكره

ص: 335


1- يعني نفسه. أبا جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي ( الصدوق ).
2- الخصال : 65 ح 98 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 532 ح 310 باختصار ، والبحار 37 : 121 ح 15 ، باب ( 52 ) : في أخبار الغدير.
3- رجال النجاشي : 389 [ 1049 ].
4- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].

لكتب الصدوق التي وصلت إليه (1) ، وجعله أحد مصادر كتابه الوسائل (2) ، وذكره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادره (3) ، وقد ذكرنا كلامه بخصوص كتب الصدوق في ما تقدّم.

وقال أيضاً : وكذا كتاب الخصال عرضناه على نسختين قديمتين ، كان على إحداهما إجازة الشيخ مقداد (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : ( الخصال ) في الأخلاق للشيخ الصدوق ، أوّله ( الحمد لله الذي توحّد بالوحدانيّة ) ، ثمّ قال : وابتدأ بباب الواحد ، ثمّ الاثنين ، ثمّ الثلاثة ، وهكذا إلى باب الخصال الأربعمائة ، وطبع بطهران في ( 1302 ) (5).

ص: 336


1- أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ].
2- الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة ، في ذكر مصادر الكتاب.
3- البحار 1 : 6 ، الفصل الأوّل.
4- البحار 1 : 26 ، الفصل الثاني ، توثيق المصادر.
5- الذريعة 7 : 162 [ 876 ].
(33) كتاب : التوحيد الحديث :
اشارة

قال مصنّف هذا الكتاب ( رضي اللّه عنه ) : معنى قوله : نحن المثاني ، أي : نحن الذين قرننا النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) إلى القرآن ، وأوصى بالتمسّك بالقرآن وبنا ، فأخبر أُمّته بأن لا نفترق حتّى نرد عليه حوضه (1).

أقول : من الواضح أنّه يشير إلى حديث الثقلين.

كتاب التوحيد :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (2) ، والشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست (3).

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في ضمن الكتب التي وصلت إليه (4) ، وعدّه أحد مصادر كتاب الوسائل (5).

ص: 337


1- التوحيد : 145 ح 6 ، باب (12) : تفسير قول اللّه عزّ وجلّ ( كُلُّ شَيء هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ ) ، وعنه المازندراني ( 1081 ه- ) في شرح أُصول الكافي 4 : 220.
2- رجال النجاشي : 389 [ 1049 ].
3- فهرست الطوسي : 442 [ 710 ].
4- أمل الآمل 2 : 283 [ 845 ].
5- الوسائل 30 : 154 الفائدة الرابعة ، مصادر الكتاب.

وكذا المجلسي ( ت 1111 ه- ) عدّه من مصادر كتابه (1) ، وقد نقلنا عبارته بخصوص كتب الصدوق سابقاً.

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : طبع بإيران في ( 1285 ) ، وطبع ثانياً في بمبئي ( 1321 ) ، وله شروح كثيرة ... (2).

ص: 338


1- البحار 1 : 6 ، الفصل الأوّل.
2- الذريعة 4 : 482 [ 2154 ].
(34) كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) لأبي القاسم علي بن محمّد بن علي الخزّاز القمّي ( أواخر القرن الرابع )
الحديث :

الأوّل : حدَّثنا أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه الجوهري ، قال : حدَّثنا عبد الصمد بن علي بن محمّد بن مكرم ، قال : حدَّثنا الطيالسي أبو الند ، عن أبي الزياد عبد اللّه بن ذكوان ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : ...

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه عزّ وجلّ ، من اتّبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، ثمّ أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي » - ثلاث مرات - ، فقلت لأبي هريرة : فمن أهل بيته نساؤه؟

قال : لا ، أهل بيته صلبه وعصبته ، وهم الأئمّة الاثنا عشر الذين ذكرهم اللّه في قوله : ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) (1).

ص: 339


1- كفاية الأثر : 86 ، ما روي عن أبي هريرة. وهذا الحديث مشهور عن زيد بن أرقم ، ما عدى شطره الأخير من ذكر الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، وسيأتي البحث حوله مفصّلا. وعنه في إثبات الهداة 1 : 581 ح 507 والبرهان 4 : 140 ح 10 ، ولكنّه رواه عن ابن بابويه ، والظاهر أنّه اشتباه ، وستأتي الإشارة إليه في الحديث الثاني ، والبحار 36 : 315 ح 161.

الثاني : حدَّثنا علي بن الحسن بن محمّد بن مندة ، قال : حدَّثنا هارون بن موسى ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا أبو الحسين محمّد بن منصور الهاشمي ، قال : حدَّثني أبو موسى عيسى بن أحمد ، قال : حدَّثنا أبو ثابت المدني ، قال : حدَّثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن هشام بن سعيد ، عن عيسى بن عبد اللّه بن مالك ، عن عمر بن الخطّاب ، قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، يقول : « أيّها الناس ، إنّي فرط لكم ، وإنّكم واردون عليّ الحوض ، حوضاً عرضه ما بين صنعا إلى بصرى ، فيه قدحان عدد النجوم من فضّة ، وإنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، السبب الأكبر كتاب اللّه ، طرفه بيد اللّه وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنَّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقلت : يا رسول اللّه ، من عترتك؟

قال : « أهل بيتي من ولد علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ، وتسعة من صلب الحسين أئمّة أبرار ، هم عترتي من لحمي ودمي » (1).

الثالث : حدَّثنا محمّد بن وهنا بن محمّد بن البصري ، قال : حدَّثنا محمّد بن عمر الجعالي (2) ، قال : حدَّثني إسماعيل بن محمّد بن شيبة القاضي البصري ، قال : حدَّثني محمّد بن أحمد بن الحسين ، قال : حدَّثني يحيى بن خلف الراسي ، عن عبد الرحمن ، قال : حدَّثنا يريد (3) بن الحسن ، عن معاوية الخربوذ (4) ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد ،

ص: 340


1- كفاية الأثر : 91 ، ما روي عن عمر بن الخطّاب ، وعنه في إثبات الهداة 2 : 525 ح 511 ، وأورد الشطر الأخير منه فقط ، والبرهان 1 : 9 ح 2 ، وغاية المرام 2 : 322 ح 3 ، الباب (29) ، ونسبه في الاثنين إلى ابن بابويه ، وكأنّه ظنّ أنّ كتاب كفاية الأثر له ، لا للخزّاز ، والبحار 36 : 317 ح 165.
2- الظاهر أنّه الجعابي.
3- الظاهر أنّه خطأ مطبعي ، والصحيح ( يزيد ).
4- الصحيح معاوية بن خربوذ.

قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول على منبره : « معاشر الناس ، إنّي فرطكم ، وإنّكم واردون عليّ الحوض ، أعرض ما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد النجوم قدحاناً من فضّة ، وأنا سائلكم حين ترودن عليّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لن تضلّوا ، ولا تبدّلوا في عترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، أنتظر من يرد عليّ منكم ، وسوف تأخّر أُناس دوني ، فأقول : يا ربّ ، منّي ومن أُمّتي ، فيقال : يا محمّد ، هل شعرت بما عملوا؟ إنّهم ما برحوا بعدك على أعقابهم ».

ثمّ قال : « أُوصيكم في عترتي خيراً » ثلاثاً ، أو قال : « في أهل بيتي » ، فقام إليه سلمان ، فقال : يا رسول اللّه ، ألا تخبرني عن الأئمّة بعدك؟ أما هم من عترتك؟

فقال : « نعم ، الأئمّة بعدي من عترتي عدد نقباء بني إسرائيل ، تسعة من صلب الحسين ( عليه السلام ) ، أعطاهم اللّه علمي وفهمي ، فلا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، واتّبعوهم فإنّهم مع الحقّ والحقّ معهم » (1).

الرابع : أخبرنا محمّد بن عبد اللّه ، قال : حدَّثنا أبو الحسن عيسى بن العراد الكبير ، قال : حدَّثني أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن عمر بن مسلم

ص: 341


1- كفاية الأثر : 127 ، ما جاء عن حذيفة بن أسيد. وسؤال سلمان لرسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) عن الأئمّة له طريقان آخران عن حذيفة بن أسيد وآخر عن عمران بن حصين ، وفيه : أُوصيكم في عترتي خيراً ، ذكرها في كفاية الأثر بعد هذا الحديث مباشرة ، ومن الواضح أنّ سؤال سلمان في هذه الأحاديث هو جزء من هذا الحديث الطويل بخصوص الثقلين ، وعنه في إثبات الهداة 2 : 533 ح 529، وأورد الشطر الأخير منه ، والبرهان 1 : 10 ح 4 ، وغاية المرام 2 : 321 ح 1 ، الباب (29) ، ونسبه إلى ابن بابويه أيضاً كما نبّهنا سابقاً ، والبحار 26 : 328 ح 185.

ابن لاحق اللاحفي (1) بالبصرة في سنة عشر وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا محمّد ابن عمارة السكري ، عن إبراهيم بن عاصم ، عن عبد اللّه بن هارون الكرسحي (2) ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يزيد بن سلامة ، عن حذيفة اليمان ، قال : صلّى بنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ثمّ أقبل بوجهه الكريم علينا ، فقال : « معاشر أصحابي ، أُوصيكم بتقوى اللّه والعمل بطاعته ، فمن عمل بها فاز وغنم ، ومن أنجح (3) وتركها حلّت به الندامة ، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة ، فكأنّي أُدعى فأُجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، ومن تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين ».

فقلت : يا رسول اللّه ، على ما تخلفنا؟

قال : « على من خلف موسى بن عمران قومه؟ ».

قلت : على وصيّه يوشع بن نون ، قال : « فإنّ وصيّ وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قائد البررة وقاتل الكفرة ، منصور من نصره مخذول من خذله ».

قلت : يا رسول اللّه ، فكم يكون الأئمّة من بعدك؟

قال : « عدد نقباء بني إسرائيل ، تسعة من صلب الحسين ( عليه السلام ) ، أعطاهم اللّه علمي وفهمي ، خزّان علم اللّه ومعادن وحيه » ، قلت : يا رسول اللّه ، فما لأولاد الحسن؟

ص: 342


1- قد يكون ( اللاحقي ) كما في إثبات الهداة.
2- الظاهر أنّه ( الكرخي ) كما في غاية المرام.
3- الظاهر أنّ هنا تصحيف أو تأخير وتقديم ، وفي غاية المرام هكذا : فمن عمل بها فاز ونجح وغنم.

قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين ، وذلك قوله تعالى : ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) .

قلت : أفلا تسمّيهم لي يا رسول اللّه؟

قال : بلى ، إنّه لما عُرج بي إلى السماء ، ونظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوباً بالنور : لا إله إلاّ اللّه ، محمّد رسول اللّه ، أيّدته بعليّ ونصرته به ، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة ، ورأيت في ثلاثة مواضع عليّاً عليّاً عليّاً ومحمّداً محمّداً وموسى وجعفراً والحسن والحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّيّ ، فقلت : يا ربّ ، من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟ قال : يا محمّد ، إنّهم هم الأوصياء والأئمّة بعدك ، خلقتُهم من طينتك ، فطوبى لمن أحبّهم والويل لمن أبغضهم ، فبهم أُنزل الغيث وبهم أُثيب وأُعاقب .. ».

ثمّ رفع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يده إلى السماء ودعا بدعوات ، فسمعته في ما يقول : « اللّهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي ، وفي زرعي وزرع زرعي » (1).

الخامس : حدَّثني علي بن الحسين بن محمّد ، قال : حدَّثنا عتبة بن عبد اللّه الحمّصي بمكّة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا موسى القطقطاني ، قال : حدَّثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدَّثنا حسين بن زيد بن علي ، قال : حدَّثنا عبد اللّه بن حسين بن حسن ، عن أبيه ، عن الحسن ( عليه السلام ) ، قال : « خطب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يوماً ، فقال بعدما حمد اللّه وأثنى عليه : معاشر الناس ، كأنّي أُدعى فأُجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، فتعلّموا منهم

ص: 343


1- كفاية الأثر : 136 ، ما جاء عن حذيفة بن اليمان ، وعنه في إثبات الهداة 2 : 535 ح 534 ، وغاية المرام 2 : 236 ح 99 ، باب (29) ، و 2 : 321 ح 2 ، الباب (29) ، ولكنّه نسبه إلى ابن بابويه كعادته ، والبحار 36 : 331 ح 191.

ولا تعلّموهم ، فإنّهم أعلم منكم ، لا يخلو الأرض منهم ، ولو خلت إذاً لساخت بأهلها ... » الحديث (1).

السادس : قال : وكقوله : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » (2).

السابع : حدَّثنا أحمد بن إسماعيل ، قال : حدَّثنا محمّد بن همام ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن موسى بن مسلم ، عن مسعدة ، قال : كنت عند الصادق ( عليه السلام ) إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئاً على عصاه ، فسلّم فردّ أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) الجواب ، ثمّ قال : يا ابن رسول اللّه ، ناولني يدك أُقبّلها ، فأعطاه يده فقبّلها ثمّ بكى ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « ما يبكيك يا شيخ؟ ».

قال : جُعِلت فداك ، أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول : هذا الشهر وهذه السنة ، وقد كبرت سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ولا أرى ما أُحبّ ، أراكم معتلّين مشرّدين ، وأرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة ، فكيف لا أبكي ، فدمعت عينا أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : « يا شيخ ، إن أبقاك اللّه حتّى تر قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى ، وإن حلّت بك المنيّة جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ونحن ثقله ، فقال ( عليه السلام ) : إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ».

فقال الشيخ : لا أُبالي بعدما سمعت هذا الخبر.

قال : « يا شيخ ، إنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن ، والحسن يخرج

ص: 344


1- كفاية الأثر : 162 ، ماروي عن الحسن بن علي ( عليهما السلام ). والحديث طويل فيه تعداد الأئمّة ( عليهم السلام ) من ولد الحسين بأسمائهم وصفاتهم ، اخترنا موضع الحاجة منه ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 591 ح 544 باختصار ، وغاية المرام 1 : 115 ح 16، باب (11) ، و 2 : 324 ح 7 ، باب (29) ، و 3 : 9 ح 11 ، باب (31) ، والبحار 36 : 338 ح 201.
2- كفاية الأثر : 210.

من صلب علي ، وعلي يخرج من صلب محمّد ، ومحمّد يخرج من صلب علي ، وعلي يخرج من صلب ابني هذا - وأشار إلى موسى ( عليه السلام ) - ، وهذا خرج من صلبي ، نحن اثنا عشر كلّنا معصومون مطهّرون ... » الحديث (1).

أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الخزّاز القمّي :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : علي بن محمّد بن علي الخزّاز ، ثقة من أصحابنا ( أبو القاسم ) ، وكان فقيهاً وجهاً ، له كتاب الإيضاح من أُصول الدين على مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) (2).

ولكن الطوسي ( ت 460 ه- ) ذكر في رجاله أنّ أباه أحمد ، وقال : علي بن أحمد بن علي الخزّاز ، نزيل الريّ ، يكنّى ( أبا الحسن ) ، متكلّم جليل (3) ، وفي الفهرست ، قال : علي الخزّاز الرازي متكلّم جليل له كتب في الكلام ، وله أُنس بالفقه ، وكان مقيماً بالريّ وبها مات ( رحمه اللّه ) (4).

وذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) مرّة بعنوان : علي بن الخزّاز ، متكلّم جليل ، له كتب في الكلام ، وله أُنس بالفقه ، كان مقيماً بالريّ وبها مات (5) ، ومرّة بعنوان : علي بن محمّد بن علي الخزّاز ... ، يكنّى أبا القاسم ، كان ثقة من أصحابنا فقيهاً وجيهاً (6) ، وكذا في إيضاح الاشتباه : علي بن محمّد بن علي الخزّاز (7) ، وكأنّه جعله اثنان.

ص: 345


1- كفاية الأثر : 264 ، ما جاء عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 603 ح 586 ، وأورده من حديث الثقلين إلى آخره ، وغاية المرام 2 : 323 ح 6 ، ونسبه إلى ابن بابويه كعادته ، والبحار 36 : 408 ح 17.
2- رجال النجاشي : 268 [ 700 ].
3- رجال الطوسي : 430 [ 6172 ] ، من لم يرو عن واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ).
4- فهرست الطوسي : 290 [ 433 ].
5- خلاصة الأقوال : 180 [ 535 ].
6- خلاصة الأقوال : 188 [ 564 ].
7- إيضاح الاشتباه : 222 [ 407 ].

وقال ابن داود ( ت 707 ه- ) : علي بن محمّد بن علي الخزّاز ... ، أبو القاسم [ جش [ ثقة ، كان من أصحابنا وجيهاً (1).

كفاية الأثر :

قال ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) - بعد أن عنونه ب- ( علي بن محمّد ابن علي الخزّاز القمّي ) - من كتبه : كتاب الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة ، الإيضاح في الاعتقاد ، الكفاية في النصوص (2).

وقال البهبهاني ( ت 1205 ه- ) في التعليقه - بعد أن ذكر ما قاله ابن شهرآشوب - : قد رأيت هذا الكتاب - أعني الكفاية - كتاباً مبسوطاً جيّداً في غاية الجودة ، جميعه نصوص عن الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) وعن غيره أيضاً على أنّ الأئمّة اثنا عشر ، وفيه بعض تحقيقاته ، يظهر منه كونه في غاية الفضل ، ويظهر من ذلك الكتاب كونه من تلامذة الصدوق وأبي المفضّل الشيباني ومن في طبقتهما ( رضي اللّه عنهم ).

ونقل عن خالي العلاّمة (3) نسبة هذا الكتاب إلى المفيد ، وعن غيره (4) إلى الصدوق ، ونسبا إلى الوهم ; لما ذكره ابن شهرآشوب ، والسيّد الجليل عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري ، والعلاّمة في إجازته لأولاد

ص: 346


1- رجال ابن داود : 141 [ 1078 ] ، القسم الأوّل. وانظر : الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 256 [ 1205 ] و 265 [ 1282 ] ، معجم الثقات : 86 [ 579 ] ، منهج المقال : 225 و 238، في المتن والحاشية ، نقد الرجال 3 : 228 [ 3501 ] و 298 [ 3690 ] ، تنقيح المقال 2 : 265 و 267 و 307 ، قاموس الرجال 7 : 360 [ 5021 ] و 566 [ 5313 ].
2- معالم العلماء : 71 [ 478 ].
3- العلاّمة المجلسي ، ولكن الظاهر أنّ النقل غير صحيح ، كما سيأتي من قول المجلسي في البحار.
4- الظاهر أنّه البحراني ، كما نبّهنا سابقاً عند ذكر الروايات.

زهرة ، والشيخ الحرّ في وسائل الشيعة ، فإنّهم أيضاً صرّحوا بكونه لهذا الجليل ... (1).

وعدّه الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الكتب المعتمدة عنده ، وقال : كتاب الكفاية في النصوص على عدد الأئمّة ( عليهم السلام ) للشيخ الثقة الصدوق علي بن محمّد الخزّاز القمّي (2) ، وذكر طريقه إليه (3).

وذكره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادره ، وقال : كتاب كفاية الأثر في النصوص على الأئمّة الاثني عشر للشيخ السعيد علي بن محمّد بن علي الخزّاز القمّي (4).

وقال في توثيقه : وكتاب الكفاية كتاب شريف ، لم يؤلّف مثله في الإمامة ، وهذا الكتاب ومؤلّفه مذكوران في إجازة العلاّمة ، وغيرها ، وتأليفه أوّل دليل على فضله وثقته وديانته ... ، ثمّ ذكر توثيق العلاّمة في الخلاصة ، وابن شهرآشوب في المعالم (5).

وهناك نسخ عديدة للكتاب منها في مكتبة العلاّمة المحدّث الأرموي ، فرغ من نسخها سنة 931 ه- ونسخت على نسخة تاريخها 404 ه- ، ونسخة أُخرى ذكر السيّد العلاّمة محسن الأمين في كتابه ( معادن الجواهر ) أنّه وجدها في جبل عامل ، قد فرغ من نسخها سنه 584 ه- ، وعليها إجازة بخطّ شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمّي ، وهو يروي الكتاب عن السيّد العالم فخر الدين محمّد بن سرايا الحسني الجرجاني ،

ص: 347


1- منهج المقال : 238 ، الحاشية.
2- خاتمة الوسائل 30 : 156 [ 29 ].
3- خاتمة الوسائل 30 : 179 ، الطريق الواحد والعشرون.
4- البحار 1 : 10 ، مصادر الكتاب.
5- البحار 1 : 29 ، توثيق المصادر.

عن الشيخ الفقيه علي بن علي بن عبد الصمد التميمي ، عن أبيه ، عن السيّد العالم أبي البركات الحوري عن المصنّف ( رحمه اللّه ).

وعلى النسخة خطوط بالإجازة والقراءة متتابعة التواريخ (1).

ص: 348


1- معادن الجواهر 2 : 207 الباب السادس : في أُمور متفرّقة. وانظر أيضاً : مقدّمة كتاب كفاية الأثر ، ورياض العلماء 4 : 226.

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة ) القرن الخامس الهجري

اشارة

ص: 349

ص: 350

(35) مقتضب الأثر لأحمد بن عيّاش الجوهري ( ت 401 ه- )

الحديث :

الحمد لله المبتدي خلقه بالنعم ، وإيجادهم بعد العدم ، والمصطفي منهم من شاء في الأُمم ، حججاً على سائر الأُمم ، وبمحمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) ختم ، وبالأئمّة من بعده النعمة أتمّ ... ، وقال : ( بَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ) ثمّ قرنهم رسول اللّه بكتاب ربّه ، جعلهم قرناءه ، وعليه أُمناءه ، فقال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » فجعل حكمهما في الطاعة وفي الاقتداء بهما واحد (1).

أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن عيّاش الجوهري ( ت 401 ه- ) :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن الحسن ابن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري ، أبو عبد اللّه ، وأُمّه سكينة بنت الحسين بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن إسحاق بنت أخي القاضي أبي عمر محمّد بن يوسف.

ص: 351


1- مقتضب الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر : 287 ، مقدّمة الكتاب ضمن مجلّة علوم الحديث ( العدد التاسع ).

كان سمع الحديث وأكثر ، واضطرب في آخر عمره ، وكان جدّه وأبوه من وجوه أهل بغداد أيّام آل حمّاد والقاضي أبي عمر.

ثمّ قال - بعد أن ذكر كتبه - : رأيت هذا الشيخ ، وكان صديقاً لي ولوالدي ، وسمعت منه شيئاً كثيراً ، ورأيت شيوخنا يضعّفونه ، فلم أرو عنه شيئاً وتجنّبته ، وكان من أهل العلم والأدب القويّ ، وطيّب الشعر ، وحسن الخطّ ، رحمه اللّه وسامحه ، ومات سنة إحدى وأربعمائة (1).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : كان سمع الحديث وأكثر ، واختلّ في آخر عمره ، وكان جدّه وأبوه وجيهين ببغداد ، وأُمّه سكينة بنت الحسين بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن إسحاق بنت أخي القاضي أبي عمر محمّد بن يوسف (2).

وذكره في رجاله في من لم يرو عن واحد من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وقال : أحمد بن محمّد بن عيّاش ، يكنّى أبا عبد اللّه ، كثير الرواية إلاّ أنّه اختلّ في آخر عمره ، أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا ، مات سنة إحدى وأربعمائة (3).

ووصفه ابن شاذان ( القرن الخامس ) بالحافظ في عدّة مواضع من كتابه المائة منقبة (4).

وسكت عنه ابن شهرآشوب ( ت 88 ه- ) في معالمه ، واكتفى بعدّ كتبه ، وذكر اسمه ، هكذا : أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن سليمان ، أبو عبد اللّه الجوهري (5).

وذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة في القسم الثاني المخصّص

ص: 352


1- رجال النجاشي : 85 [ 207 ].
2- فهرست الطوسي : 78 [ 99 ].
3- رجال الطوسي : 413 [ 5983 ].
4- مائة منقبة : 64 ، المنقبة 17 و 30 و 82.
5- معالم العلماء : 20 [ 90 ].

للضعاف بمثل ما ذكره النجاشي والطوسي ، ونقل كلام النجاشي الأخير (1) ، ومثله فعل ابن داود ( ت 707 ه- ) (2).

وعدّه في الحاوي من الضعاف (3) ).

وفي الوجيزة للمجلسي ( ت 1111 ه- ) : ضعيف ، وفيه مدح (4) ، وقال في البحار عند ذكره لكتابه المقتضب : ذكره الشيخ والنجاشي في فهرستيهما ، وعدّا هذا الكتاب من كتبه ، ومدحاه بكثرة الرواية ، لكن نسبا إليه أنّه خلط في آخر عمره ، وذكره ابن شهرآشوب وعدّ مؤلّفاته ، ولم يقدح فيه بشيء (5).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن نقل ما أوردناه آنفاً - : قلت : بعد إحراز كونه إماميّاً كما تكشف عنه كتبه وورود المدح فيه ، كان مقتضى القاعدة عدّ حديثه من الحسن لا الضعيف سيّما إن أُريد بالاختلال في آخر عمره خلل في عقله دون مذهبه ، وترحّم النجاشي عليه مؤيّد لحسنه ، كما لا زال يستشهد بنحو ذلك الوحيد لحسن الرجل ، وإن أُريد بالاختلال اختلال مذهبه كما يومي إليه قول النجاشي بعد الترحّم وسامحه ، وقوله قبل ذلك اضطرب في آخر عمره ، فإنّ ذلك لا يراد به على الظاهر اختلال العقل ، نقول : لا مانع من الأخذ برواياته التي رواها في حال استقامته واعتداله ولكن تجنّب النجاشي من الرواية عنه احتياطاً أوجب تضعيفهم

ص: 353


1- خلاصة الأقوال : 322 [ 1265 ] ، القسم الثاني ، وانظر : إيضاح الاشتباه : 102 [ 65 ].
2- رجال ابن داود : 229 [ 41 ] ، القسم الثاني ، وانظر : مجمع الرجال 1 : 152 ، نقد الرجال 1 : 163 [ 326 ] ، منتهى المقال 1 : 330 [ 237 ] ، جامع الرواة 1 : 68 ، الكنى والألقاب 1 : 369 ، معجم رجال الحديث 3 : 77.
3- حاوي الأقوال 3 : 393 [ 1273 ].
4- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 154 [ 129 ].
5- البحار 1 : 37 ، توثيق المصادر.

للرجل واتّباعهم إيّاه ، وهو كما ترى (1).

وعلّق التستري ( ت 1415 ه- ) في القاموس : هذا ، وأحسن النجاشي في تجنّبه عن الرواية عنه ، وقد روى الشيخ في مصباحه عنه في أدعية شهر رجب دعاء ( اللّهمّ إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك ) وهو دعاء مختلّ الألفاظ والمعاني ، وفيه فقرة منكرة ( لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك ) (2).

أقول : اختلال الألفاظ والمعاني لا نسلّم به ، وهذه الفقرة ظاهرة التصحيف وهم أعلم بمعناها ، وقد يكون ما قاله النجاشي من الاضطراب والطوسي من الاختلال يشير إلى مثل هذا ، فالناظر في كلام النجاشي والطوسي يرى كلامهما واحداً ، إلاّ في كلمتي ( اضطرب ) و ( اختلّ ) فكأنّ مرادهما واحد ، وعليه فلا يراد منهما الطعن في مذهبه ، بل الأقرب تضعيفه من جهة الضبط وهو في آخر عمره.

أمّا تجنّب النجاشي الرواية عنه ، فإنّه لم يلتزم به في عدّة موارد كما سيأتي عن العلاّمة الطهراني ، فالظاهر أنَّه كان منه مراعاة للشيوخ الذين ضعّفوه كما نقل ، وإن لم يرتضه هو كلّ الرضا ، وإلاّ لما روى عنه في هذه الموارد العديدة.

قال صاحب الرياض ( ت حدود 1130 ه- ) : من فضلاء الشيعة الإماميّة ورئيسهم (3).

وقال الخوانساري ( ت 1313 ه- ) - بعد أن عنون له بالحافظ الفقيه المشهور - : يروي عنه في البحار كثيراً ، وهو من جملة المعتمدين من الأصحاب ( رضوان اللّه عليهم أجمعين ) (4).

ص: 354


1- تنقيح المقال 1 : 88 [ 517 ].
2- قاموس الرجال 1 : 622 [ 561 ].
3- رياض العلماء 6 : 31.
4- روضات الجنّات 1 : 60 [ 12 ].

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الطبقات : ذكره النجاشي ، وقال : كان صديقاً لي ولوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً ، وذكر أنَّه لا يروي عنه ، لكن ينقل عنه كثيراً ، منها في ترجمة رومي بن زرارة ، قال : له كتاب رواه ابن عيّاش ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن زياد التستري (1) ، ومنها في ترجمة عبيد بن كثير ، قال : رواه أبو عبد اللّه بن عيّاش ، عن أبي الحسين عبد الصمد بن مكرم (2) ، وفي ترجمة القاسم بن الوليد : قال أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه : حدَّثنا عبيد اللّه بن أبي زيد (3) يعني أبا طالب الأنباري عبيد اللّه بن أحمد بن أبي زيد ، وقال في ترجمة محمّد بن جعفر ابن عنبسة : قال أبو عبد اللّه بن عيّاش : حدَّثنا علي بن محمّد بن جعفر بن عنبسة (4) ، وفي ترجمة علي بن محمّد بن جعفر بن عنبسة : قال أبو عبد اللّه ابن عيّاش : يقال له ابن ريدويه (5) ، وفي ترجمة محمّد بن سنان : كان أبو عبد اللّه بن عيّاش يقول : حدَّثنا أبو عيسى محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان (6) (7).

وقال أيضاً : مؤلّف كتاب ( مقتضب الأثر ) والمتوفّى 401 ، وعمّر طويلا ; لأنّه يروي عن أحمد بن محمّد بن عقدة الذي توفّي 333 ه- ، يعدّ من أعلام هذا القرن ; لأنّ تمام حياته ونشاطه العلمي في هذا القرن ، لكن حيث أدرك القرن الخامس ذكرته هناك (8).

ص: 355


1- رجال النجاشي : 166 [ 440 ].
2- رجال النجاشي : 234 [ 620 ].
3- رجال النجاشي : 313 [ 855 ].
4- رجال النجاشي : 376 [ 1025 ].
5- رجال النجاشي : 262 [ 686 ].
6- رجال النجاشي : 328 [ 888 ].
7- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) 2 : 23.
8- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) 1 : 51.

أقول : لعلّ تضعيف شيوخ النجاشي له جاء من روايته لكتب الضعفاء ، وذلك ظاهر لمن تتبّع الموارد التي ذكرناها آنفاً عن الطهراني في رجال النجاشي.

وقد أضاف السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) ( قدس سره ) مورداً آخر ، وهو ما رواه في ترجمة الحسين بن بسطام ، قال : وقال أبو عبد اللّه بن عيّاش : هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيّات ... ، ثمّ قال : قال ابن عبّاس : أخبرناه الشريف أبو الحسين صالح بن الحسين النوفلي ... (1) (2).

ثمّ أنّه قد لا يلتفت إلى مثل هذه التضعيفات بعد أن روى عنه الأجلاّء مثل الدوريستي (3) ، كما سيأتي في إجازات الكتاب.

كتاب مقتضب الأثر :

نسبه إلى ابن عيّاش كلّ من ترجم له.

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : له كتب ، منها : كتاب مقتضب الأثر في عدد الأئمّة الاثني عشر ، كتاب الأغسال ... (4).

وقال الطوسي ( ت 460 ه- ) : وصنّف كتباً منها : كتاب مقتضب الأثر في عدد الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، ثمّ قال - بعد أن ذكر بقيّة كتبه - : أخبرنا بسائر كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا عنه ، ومات سنه إحدى وأربعمائة (5).

وطريقه صحيح ، قاله السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) ( قدس سره ) (6).

ص: 356


1- رجال النجاشي : 39 [ 79 ].
2- معجم رجال الحديث 3 : 78 ، وانظر : الجامع في الرجال 1 : 174.
3- أعيان الشيعة 3 : 125 ، وانظر : تهذيب المقال 3 : 364.
4- رجال النجاشي : 86 [ 207 ].
5- فهرست الطوسي : 78 [ 99 ].
6- معجم رجال الحديث 3 : 78 [ 884 ].

وأورده المجلسي ( ت 1111 ه- ) ضمن مصادره (1) ، وقال في توثيقه : وبالجملة كتابه من الأُصول المعتبرة عند الشيعة ، كما يظهر من التتبّع (2).

وقال النوري ( ت 1320 ه- ) : وكتاب مقتضب الأثر في عدد الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، وهو مع صغر حجمه من نفائس الكتب (3).

وقد ذكر السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في الطرائف أنّه رآه ، قال : وقد رأيت تصنيفاً لأبي عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن عيّاش اسمه ( كتاب مقتضب الأثر في إمامة الاثني عشر ) وهو نحو من أربعين ورقة ، في النسخة التي رأيتها ، يذكر فيها أحاديث عن نبيّهم محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) بإمامة الاثني عشر من قريش بأسمائهم (4).

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) : إجازة الشيخ الجليل أبي محمّد عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد العيّاشي الدوريستي للشيخ صفيّ الدين أبي الفتوح الهمداني محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الجبّار بن الحسين بن محمّد بن أحمد بن المشرون الوزيري ، ولولده أبي نصر أحمد بن محمّد مختصرة ، كتبها بخطّه لهما على ظهر مقتضب الأثر في شعبان سنة 575 ه- ، يرويه عن جدّه محمّد بن موسى ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن الحسن بن محمّد ابن إسماعيل بن أشناس البزّاز ، عن مصنّفه الشيخ الإمام أبي عبد اللّه أحمد ابن محمّد بن عبد اللّه بن الحسين بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري المتوفّى سنه 401 (5).

ص: 357


1- البحار 1 : 19.
2- البحار 1 : 37 ، توثيق المصادر.
3- خاتمة المستدرك 3 : 38.
4- الطرائف 1 : 254 ، وانظر : البحار 36 : 364.
5- الذريعة 1 : 203 [ 1062 ].

وقال عند ذكره لمقتضب الأثر ، وبعد أن أورد ما في أوّل الكتاب وعدد أجزائه ومحتواها : والنسخة في خزانة كتب الميرزا محمّد الطهراني ، وحسب أمره طبع في سنة ( 1346 ه- ) ، ورأيت نسخة منتسخة من أصل كَتَبه محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الكريم بن ... ، أبو الفتوح الهمداني ، فرغ منه ليلة ( 22 شعبان - عظّم اللّه قدره - سنة 575 ) وكتب على النسخة المذكورة في التاريخ المذكور - أعني شعبان 575 - عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد العبّاس (1) الدوريستي المذكور في ( ج 1 - ص 203 ) بخطّه مالفظه ( مات مصنّف الكتاب سنة 401 ) ، ثمّ ذكر إجازة الدوريستي لأبي الفتوح وولده بمثل ما مرّ ، وقال : إنّها موجودة في مستدرك الإجازات على إجازات البحار (2).

وهناك إجازة أُخرى لهذا الكتاب من بعض أفاضل تلامذة الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلّي ونظرائه ، والظاهر أنّها من السيّد محمّد ابن الحسين بن محمّد بن أبي الرضا العلوي - كما استظهره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في بحاره - للسيّد شمس الدين محمّد ابن السيّد جمال الدين أحمد بن أبي المعالي أُستاذ الشهيد ( قدس سره ) (3) :

بسم اللّه الرحمن الرحيم ... ، وأجزت له رواية كتاب مقتضب الأثر في الأئمّة الاثني عشر تأليف الشيخ أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبد اللّه ابن الحسن بن عيّاش ، عن إبراهيم بن أيّوب ، عن الشيخ نجيب الدين المذكور ، عن السيّد ابن زهرة ، عن الشيخ الفقيه أبي سالم علي بن الحسن ابن المظفّر ، عن الفقيه رشيد الدين أبي الطيّب طاهر بن محمّد بن علي

ص: 358


1- هكذا في الذريعة ، وقد مرّ منه ( العيّاشي ).
2- الذريعة 22 : 21 [ 5823 ].
3- البحار 107 : 152 ، وانظر : أعيان الشيعة 3 : 125.

الخواري ، عن الفقيه عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر الدوريستي ، عن جدّه أبي جعفر محمّد بن موسى ، عن جدّه أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي ، عن المصنّف (1).

ومن الواضح أنّ هذه الإجازة بنفس طريق عبد اللّه بن جعفر الدوريستي صاحب الإجازة السابقة.

وقد طبع هذا الكتاب طبعة جديدة محقّقة في مجلّة علوم الحديث ( العدد التاسع ) ، وذكر العلاّمة البارع السيّد محمّد رضا الجلالي في أوّلها تحت عنوان ( تتميم النظر في التقديم لمقتضب الأثر ) أنّه اطَّلعَ على ثلاث نسخ من الكتاب اثنان منها في المكتبة الرضويّة وأُخرى عند السيّد محمّد علي الطبسي الحائري دام ظلّه ، ثمّ أورد وصفاً مفصّلاً لهذه النسخ ، تنطبق مواصفات اثنتين منها على مواصفات النسخة التي مرّ ذكرها عن العلاّمة الطهراني ، فلعلّه رأى إحداهما (2).

ص: 359


1- البحار 107 : 168.
2- انظر مجلّة علوم الحديث ، العدد التاسع ، ( تتميم النظر في التقديم لمقتضب الأثر ).

ص: 360

مؤلّفات الشريف الرضي ( ت 406 ه- )

(36) نهج البلاغة
الحديث :

ومن خطبة له ( عليه السلام ) : « عباد اللّه ، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبداً أعانه اللّه على نفسه ... ، فأين تذهبون وأنّى تؤفكون ... ، أيّها الناس ، خذوها عن خاتم النبيّين ( صلى اللّه عليه وآله ) : إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت ، ويبلى من بلي منّا وليس ببال ، فلا تقولوا بما لا تعرفون ، فإنّ أكثر الحقّ في ما تنكرون ، واعذروا من لا حجّة لكم عليه - وهو أنا - ، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر ، وأترك فيكم الثقل الأصغر ، قد ركزت فيكم راية الإيمان ... (1).

محمّد بن الحسين بن موسى ( الرضي ) :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن الحسين بن موسى بن محمّد ابن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) أبو الحسن ، الرضي ، نقيب العلويّين ببغداد أخو المرتضى ، كان شاعراً مبرزاً ، ثمّ قال : توفّي في السادس من المحرّم سنة ستّ وأربع مائة (2).

ص: 361


1- نهج البلاغة : 138 ، خطبة ( 87 ).
2- رجال النجاشي : 398 [ 1065 ].

قال العلاّمة ( ت 726 ه- ) : كان شاعراً ، مبرزاً ، فاضلاً ، عالماً ورعاً ، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة ، له حكايات في شرف النفس ، وتوفّي في السادس من المحرّم سنة ستّ وأربعمائة (1).

وقال ابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله : حاله أشهر من أن يخفى ، وتوفّي في السادس من المحرّم سنة ستّ وأربعمائة [ جش ] (2).

ومن هذا يظهر وجه ما قاله السيّد التفرشي ( القرن الحادي عشر ) : وأمره في الثقة والجلالة أشهر من أن يذكر (3).

فعلى هذا يكون زمان وفاته ( رحمه اللّه ) معلوماً وهو 406 ه-.

أمّا ما قيل من أنّ وفاته كانت في سنة 404 (4) ، فقد عبّر عنه العلاّمة التستري ( ت 1415 ه- ) بأنّه وهم (5).

كتاب نهج البلاغة :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (6) ، وابن شهر آشوب

ص: 362


1- خلاصة الأقوال : 270 [ 974 ].
2- رجال ابن داود : 170 [ 1360 ].
3- نقد الرجال 4 : 188 [ 4620 ] وانظر : معالم العلماء : 51 [ 336 ] ، حاوي الأقوال 2 : 219 [ 574 ] ، مجمع الرجال 5 : 199 ، أمل الآمل 2 : 261 [ 779 ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 299 [ 1629 ] ، جامع الرواة 2 : 99 ، رياض العلماء 5 : 79 ، منتهى المقال 6 : 28 ، روضات الجنّات 6 : 190 [ 578 ] ، بهجة الآمال 6 : 405 ، تنقيح المقال 3 : 107 ، معجم رجال الحديث 17 : 23 [ 10616 ] ، قاموس الرجال 9 : 227 [ 6644 ]. طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : 3. الدرجات الرفيعة : 466 ، بلغة المحدّثين : 407 ، الكنى والألقاب 2 : 272 ، شرح نهج البلاغة 1 : 31.
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 40.
5- قاموس الرجال 9 : 227 [ 6644 ].
6- رجال النجاشي : 398 [ 1065 ].

( ت 588 ه- ) في معالم العلماء (1) ، وغيرهما ممّن ترجم له (2) ، وذكره الحرّ ( ت 1104 ه- ) في ضمن مصادره (3) ، وذكر طريقه إليه ، وهو من مصادر البحار أيضاً (4).

قال ابن أبي الحديد ( ت 655 ه- ) : وأنت إذا تأمّلت « نهج البلاغة » وجدته كلّه ماءً واحداً ، ونفساً واحداً ، وأسلوباً واحداً ، كالجسم البسيط ... ، ولو كان بعض « نهج البلاغة » منحولاً وبعضه صحيحاً ، لم يكن ذلك كذلك ، فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال من زعم أنّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، واعلم أنّ قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل به ; لأنّا متى فتحنا هذا الباب ، وسلّطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو ، لم نثق بصحّة كلام منقول عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أبداً (5).

وأوّل من نقل عنه أنّه يطعن بنسبة نهج البلاغة إلى الشريف الرضيّ هو ابن خلّكان المتوفّى سنة 681 ه- في كتابه وفيات الأعيان (6) ، ولكن لم تصب طعنته مقتلا ولا نال مناه مع كلّ من تابعه على هواه ، وأجابه السيّد عبد الزهراء الخطيب على ما افتراه ، قائلاً : إنّ ممّا لا يختلف فيه اثنان أنّ ( المجازات النبويّة ) أو ( مجازات الآثار النبويّة ) كما يسمّى أحياناً و ( حقائق التأويل ) و ( خصائص الأئمّة ) من مؤلّفات الشريف الرضي ، وإليك إشارات الرضي في هذه الكتب أنّ ( نهج البلاغة ) من جمعه.

ص: 363


1- معالم العلماء : 51 [ 336 ].
2- راجع ما قدّمنا ذكره من المصادر في الهامش رقم (4) من الصفحة السابقة.
3- خاتمة الوسائل 30 : 156 ، الفائدة الرابعة.
4- البحار 1 : 11.
5- شرح نهج البلاغة 10 : 128.
6- وفيات الأعيان 3 : 273 [ 443 ].

ثمّ يذكر الإشارات واحدة تِلوَ الأُخرى (1).

ولله درّهما من كاتب وكتاب ، فقد أخرسا الألسن وردّا الشبهات على نهج البلاغة واحدة بعد واحدة (2).

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : وقد طبع النهج بتبريز 1247 ، ومصر 1292 ، وبيروت 1302 ، ثمّ كرّر طبعها في كثير من البلدان ، رأيت نسخة منها بخطّ الحسن بن محمّد بن عبد اللّه بن علي الجعفري الحسيني سبط أبي الرضا الراوندي عام 631 في مكتبة ( الحفيد اليزدي ) وبعض عناوينها والبسملة مكتوب بالخطّ الكوفي ، ونسخة كتابتها 512 عند ( المحيط ) بطهران ، ونسخة كتابتها 525 عند السيّد محسن الكشميري الكتبي ببغداد ، ونسخة خطّ السيّد نجم الدين الحسين بن أردشير بن محمّد الطبري أبداراودي فرغ من كتابتها السبت أواخر صفر سنة سبع وستّين وستمائة ، وكتابتها قابلة لأن تقرأ 677 كما قرأها صاحب الرياض ، وذكر خصوصيّاتها في ترجمة الكاتب في « رياض العلماء » (3) ، وقد رأيت هذه النسخة عند السماوي ، وانتقلت بعد وفاته إلى مكتبة السيّد الحكيم العامّة في المسجد الهندي بالنجف (4).

ص: 364


1- مصادر نهج البلاغة وأسانيده 1 : 103.
2- مصادر نهج البلاغة وأسانيده تأليف : السيّد عبد الزهراء الحسيني الخطيب ، وانظر أيضاً : رياض العلماء 4 : 27 ، 55.
3- رياض العلماء 2 : 36.
4- الذريعة 24 : 413 [ 2173 ].
(37) كتاب : المجازات النبويّة
الحديث :

في حديثه عن المجازات التي استعملها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال :

ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الكلام الذي تكلّم به يوم الغدير : « وأسألكم عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما » ، فقيل له : وما الثقلان يا رسول اللّه؟

فقال : « الأكبر منهما كتاب اللّه ، سبب طرف منه بيد اللّه ، وطرف بأيدكم » ، هذه رواية زيد بن أرقم ، وفي رواية أبي سعيد الخدري : « حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، والأصغر منهما عترتي أهل بيتي ، إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، وفي رواية أُخرى : « حبلان ممدودان من السماء إلى الأرض » ، فإنّ الكلام يعود على الثقلين ، وهذه استعارة ... (1).

المجازات النبويّة أو مجازات الآثار النبويّة :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (2) ، وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه (3) ، وغيرهما (4).

ص: 365


1- المجازات النبويّة : 205 [ 178 ].
2- رجال النجاشي : 398 [ 1065 ].
3- معالم العلماء : 51 [ 336 ].
4- انظر ما قدمنا ذكره من مصادر في ترجمة الشريف الرضي.

وجعله المجلسي ( ت 1111 ه- ) من مصادر البحار (1) ، وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في ضمن مصادر الوسائل ، وذكر طريقه إليه (2).

قال الميرزا عبد اللّه الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) : ورأيت المجازات النبويّة في ناحية عبد العظيم عند المدرس (3).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : مجازات الآثار النبويّة للسيّد الشريف الرضي ، وطبع « المجازات » طبعاً ، غير خال عن الغلط في 1328 ، وأُعيد طبعه في مصر صحيحاً ، ويخفّف فيقال « المجازات النبويّة » (4).

ص: 366


1- البحار 1 : 11 ، 30.
2- خاتمة الوسائل 30 : 156 ، 182.
3- رياض العلماء 5 : 184.
4- الذريعة 19 : 351 [ 1568 ].
(38) مائة منقبة ( من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) لأبي الحسن محمّد بن أحمد بن علي القمّي المعروف ب- ( ابن شاذان ) ( كان حيّاً سنة 412 ه- )
الحديث :

حدَّثنا أبو محمّد عبد اللّه بن يوسف بن بابويه الأصبهاني بنيشابور ، قال : حدَّثني حامد بن محمّد الهروي ، قال : حدَّثني علي بن محمّد بن عيسى ، قال : حدَّثني محمّد بن عكاشة ، قال : حدَّثني محمّد بن الحسن ، قال : حدَّثني محمّد بن سلمة ( عن ) خصيف ، عن مجاهد ، قال : قيل لابن عبّاس : ما تقول في عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام )؟.

فقال : ذكرت - واللّه - أحد الثقلين ، سبق بالشهادتين ، وصلّى القبلتين ... (1).

ورواه عن ابن شاذان ، الخوارزمي ( ت 568 ه- ) في مقتل الحسين (2) ،

ص: 367


1- مائة منقبة : 130 ، المنقبة الخامسة والسبعون. وإيراد قول ابن عبّاس هنا لوضوح أنّ قوله : أحد الثقلين إشارة إلى قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وكذلك تحديده لمحلّ النزاع في الثقل الثاني بعد أن اتّفقوا على أنّ الثقل الأوّل هو القرآن الكريم ، وعنه في البرهان 1 : 27 ح 14.
2- مقتل الحسين 1 : 80 ح 34 ، في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ). وفيه : وذكر ابن شاذان هذا ، أخبرنا عبد اللّه بن يوسف ، عن حامد بن محمّد الهروي ، عن علي بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عكاشة ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن سلمة ، عن خصيف عن مجاهد ...

والمناقب (1).

أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي القمّي ( ابن شاذان ) :

ترحّم عليه النجاشي ( ت 450 ه- ) عندما ذكر كتابي أبيه : زاد المسافر وكتاب الأمالي ، وقال : أخبرنا بهما ابنه أبو الحسن رحمهما اللّه (2).

فهو ثقة باعتباره من شيوخ النجاشي الذين استفاد العلماء من كلماته توثيقهم.

وقال البهبهاني ( ت 1205 ه- ) في التعليقة : محمّد بن أحمد بن علي ابن الحسن بن شاذان الفامي أبو الحسن ، مضى في أبيه ما يظهر منه حسن حاله حيث جعل معرّفاً لأبيه الجليل ، وترحّم عليه النجاشي (3).

وقد أُعترض عليه بأنّ النجاشي لم يجعله معرّفاً لأبيه (4).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد أن ذكر ما في تعليقة الوحيد البهبهاني - : وحكى في التكملة عن خطّ المجلسي ( رحمه اللّه ) أنّ محمّد بن أحمد ابن علي بن الحسن بن شاذان القمّي يروي عنه أبو الفتح الكراجكي ويثني عليه ، له مائة حديث في المناقب وغيره ، وقال في مواضع : حدَّثني الشيخ

ص: 368


1- المناقب للخوارزمي : 329 ح 349 ، في فضائل له شتّى. وذكر هنا سنده إلى ابن شاذان ، هكذا : وأنبأني الإمام الحافظ صدر الحفّاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطّار الهمداني ، والإمام الأجلّ نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي ، قالا : أنبأنا الشريف الإمام الأجلّ نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزينبي ، عن الإمام محمّد بن أحمد بن علي ابن الحسن بن شاذان ، حدَّثنا أبو محمّد عبد اللّه بن يوسف بن بابويه الإصبهاني ، وعن الخوارزمي البحراني في غاية المرام 2 : 312 ح 24، الباب [ 28 ] ، و 6 : 202 ح 7 ، الباب [ 91 ] ، وينابيع المودّة 1 : 419 ح 7 ، الباب [ 47 ].
2- رجال النجاشي : 84 [ 204 ] ، أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان.
3- منهج المقال : 280 ، تعليقة البهبهاني.
4- انظر : معجم رجال الحديث 16 : 17 ، قاموس الرجال 9 : 72.

الفقيه ، انتهى ، قلت : لا شبهة في كونه إماميّاً ، فكونه فقيهاً مدح يدرجه في الحسان (1).

وذكره ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في معالم العلماء (2).

كتاب المائة منقبة :

ذكر الكتاب المجلسي ( ت 1111 ه- ) في ضمن مصادر البحار ، وقال : وكتاب المناقب للشيخ الجليل أبي الحسن محمّد بن أحمد بن علي ابن الحسن بن شاذان القمّي أستاد أبي الفتح الكراجكي ، ويثني عليه كثيراً في كنزه ، وذكره ابن شهرآشوب في المعالم (3).

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل ، قال : فاضل جليل ، له كتاب مناقب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مائة منقبة من طرق العامّة ، روى عنه الكراجكي ، ويروي هو عن ابن بابويه ، وكتابه المذكور عندنا (4).

وقد ذكره في الفائدة العاشرة من مقدّمة إثبات الهداة في الكتب التي رآها : كتاب المناقب لمحمّد بن أحمد بن شاذان (5) ، وذكر كتابه ( إيضاح دفائن النواصب ) في الكتب التي نقل منها ولم يرها ، في نفس الفائدة ، وقال : كتاب إيضاح دفائن النواصب لمحمّد بن أحمد بن علي بن شاذان القمّي (6) ، ممّا يدلّ على أنّهما كتابان عنده.

ص: 369


1- تنقيح المقال 2 : 73 ، من أبواب الميم.
2- معالم العلماء : 117 ، وانظر : منتهى المقال 5 : 329 ، الكنى والألقاب 1 : 323 ، سفينة البحار 2 : 818 ، أعيان الشيعة 9 : 101 ، روضات الجنّات 6 : 179 [ 577 ] ، رياض العلماء 5 : 26.
3- البحار 1 : 18.
4- أمل الآمل 2 : 241 [ 712 ].
5- إثبات الهداة 1 : 58 ، الفائدة العاشرة.
6- إثبات الهداة 1 : 62 ، الفائدة العاشرة ، وانظر : رياض العلماء 5 : 26.

ولكن الشيخ النوري ( ت 1320 ه- ) ذكر في خاتمة مستدركه أنّهما كتاب واحد ، وجاء على ذلك بعدّة قرائن من كلام الكراجكي في كتبه ، واعترض على صاحب الروضات ; لأنّه عدّهما كتابين (1).

وكذا فعل كلّ من محمّد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم في حاشيتهما على رجال السيّد بحر العلوم (2).

ولكن تلميذ صاحب المستدرك العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) عدّهما كتابين ، وذكر أنّ كتاب المائة منقبة يحتوي على مناقب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهو غير ( إيضاح الدفائن ) الذي هو في أعمال الرؤساء المتقدّمين ولا سيّما الأوّلين ومخالفة عهدهم وبيان نفاقهم وبدعهم وتكذيب مارووه من الموضوعات في حقّهم ، وليست فيه رواية في المناقب ولو واحدة ، ثمّ ذكر عدّة نسخ له (3).

ومنشأ الاشتباه هو قول الكراجكي ( ت 449 ه- ) : إنّ إيضاح دفائن النواصب هو المائة منقبة ، قال الطهراني في الذريعة : قال الكراجكي في تصانيفه : الاستبصار وكنز الفوائد وإيضاح المماثلة : « إنّ إيضاح دفائن النواصب هو في ماية منقبة من مناقب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) » ، فهو ما يأتي في حرف الميم بعنوان المائة منقبة ، وأنّه لأُستاذه المذكور ، وهو الذي قرأه على شيخه المؤلّف له بمكّة في المسجد الحرام سنة 412 ه-.

وقوّى شيخنا في خاتمة المستدرك قول الكراجكي ، واعترض على صاحب الروضات بما يعود إلى تصحيف في طبعه ، ولكن رأيت بخطّ الشيخ العلاّمة الماهر الحاجّ ميرزا يحيى ابن ميرزا محمّد شفيع المستوفي الإصفهاني صاحب التصانيف البالغة إلى الثلاثين والمتوفّى بعد سنة 1325

ص: 370


1- خاتمة المستدرك 3 : 138 ، الفائدة الثالثة ، وانظر : روضات الجنّات 6 : 179 [ 577 ].
2- الفوائد الرجالية 3 : 305 ، الهامش (1).
3- الذريعة 19 : 2.

ما كتبه على أواخر كتاب ( إيضاح المماثلة ) بين طريقي إثبات النبوّة والإمامة تأليف العلاّمة الكراجكي عند قول الكراجكي : إنّ إيضاح الدفائن هو الماية منقبة ، بما ملخّصه أنّ إيضاح الدفائن غير الماية منقبة ، وهما موجودان عندي ، فالثاني ممحّض في المناقب ولذا يقال له الفضائل ، وأمّا الأوّل فلم يوجد فيه ولا حديث واحد في الفضائل ، بل هو ممحّض في المثالب على ما دلّت عليه الأدلّة العقليّة والآيات الشريفة والأحاديث الصحيحة ، كما يدلّ عليه ظاهر العنوان.

وأمّا قول الكراجكي في تصانيفه : إنّ إيضاح الدفائن هو الماية منقبة ، فوجهه أنّ الكراجكي عند قراءته الماية منقبة على شيخه بمكّة سأله عمّا بلغه من كتاب شيخه الموسوم ب- ( إيضاح الدفائن ) ولم ير الشيخ ذلك الوقت والمجلس مقتضياً لبيان موضوعه ، فأجابه بأنّ إيضاح الدفائن هو هذا الكتاب ، قاصداً به بيان اتّحاد الغرض منه ومن هذا الكتاب ، وهو كشف الحقائق والواقعيّات وإثبات الحقّ وتعيين أهله ، ولم يرد اتّحاد شخص الكتابين ، والكراجكي لخلوّ ذهنه عن مقتضى المقام حمل جواب شيخه على ظاهره ، ولم يتّفق له بعد ذلك رؤية إيضاح الدفائن ، فأخبر في كتبه باتّحادهما ، لكنّ الكتابين متعدّدان موجودان عندي ، انتهى ملخّص ما رأيته بخطّ الحاجّ ميرزا يحيى (1).

ونبّه العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) على ذلك أيضاً في كتابه طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) (2).

وقال الميرزا يحيى بن محمّد شفيع ( ت 1325 ه- ) في حاشيته على مستدرك الوسائل : وأقول : بعد ما رأيت ما نقله المصنّف ( رحمه اللّه ) (3) عن

ص: 371


1- الذريعة 2 : 494 [ 1942 ].
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) 2 : 150.
3- هو صاحب المستدرك الميرزا حسين النوري.

الكراجكي - تلميذ الشيخ الجليل ابن شاذان - تصريحه في كتابه في الإمامة باتّحاد كتاب الإيضاح مع كتاب المائة منقبة لمولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وتحقّقت ذلك بالرجوع إلى نفس تلك الرسالة فوجدته كما نقله وتحيّرت من ذلك ، وقلت : لا يلزم من رواية الكراجكي عن ابن شاذان كونه تلميذاً له ، عرّيفاً بجميع مصنّفاته ، بل سافر إلى حجّ بيت اللّه ، فاتّفق أن لاقى في مكّة ابن شاذان وروى عنه كتاب المائة منقبة ، وأجازه روايتها ، ولم يعثر بكتابه الإيضاح ، لمّا فات إظهاره في مسجد الحرام ، لما فيه من مطاعن الخلفاء ومثالبهم ، فظنّ الكراجكي اتّحاد الكتابين ، وليس كذلك قطعاً كما بذلك عليه تسميته بإيضاح دقائق النواصب ، فإنّ هذا الاسم لدينا يسمّى المناقب المرويّة لأمير المؤمنين ، خصوصاً من طرقهم ، ومع ذلك كلّه غريب جدّاً ، ورسالة الكراجكي في الإمامة التي فيها هذه العبارة.

ثمّ قال : طلبت نسخة كتاب الإيضاح - وكان أمانة عند بعض العلماء - فوجدته كتاباً قريباً من خمسين ورقة ، إلاّ أنّ في بعض المواضع منه بياضاً بقدر صفحة أو ورق ، وذكر ناسخه أنّ هذه البياضات كانت في النسخة التي استنسخ منها ونقلها كما كانت.

ثمّ ذكر أوّل خطبة الكتاب.

أقول : وهي تختلف عن خطبة كتاب المائة منقبة ، بل تنطبق على خطبة الإيضاح المنسوب إلى الفضل بن شاذان النيشابوري ( ت 260 ه- ) الذي مرّ سابقاً ، وبعض ما جاء فيه ، وأنّه ليس فيه أي منقبة لأمير المؤمنين وخاتمة الكتاب.

ثمّ قال : ولا شكّ أنّ هذا هو كتاب إيضاح دفائن النواصب ، كما لا شكّ أنّه غير كتاب المائة منقبة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بأسانيد المخالفين ، فإنّه ليس في هذا الكتاب منقبة مسندة له ( عليه السلام ) ، إلاّ بعض المناقب التي انجرّ

ص: 372

الكلام إليها وذكرها ضمناً.

ثمّ ذكر أنّه قارن بين كتاب الكراجكي في الإمامة وكتاب إيضاح الدفائن ، وأنّه لم يجد أيّاً من الروايات التي رواها الكراجكي عن ابن شاذان في كتاب الإيضاح ، وقال : فزاد تعجّبي من ذلك ، ولعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمراً (1).

وعدّهما في أعيان الشيعة كتابين (2).

ص: 373


1- خاتمة المستدرك 3 : 138 ، الهامش (3) ، وفي أوّله ، هكذا : جاء في الهامش المخطوط ، وأقول ... ، إلى آخره ، و 140، الهامش (2) ، وفي آخر الهامش ، هكذا : لمحرّره يحيى بن محمّد شفيع عفي عنهما في الدارين. وقد ذكر المحقّقون في مقدّمة التحقيق أنّ في أحد نسخ خاتمة مستدرك الوسائل توجد حاشية ليحيى بن محمّد شفيع.
2- أعيان الشيعة 9 : 101.

ص: 374

مؤلّفات الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد ( ت 413 ه- )

(39) كتاب : الأمالي
الحديث :

الأوّل : قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد بن علي الصيرفي ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد الحسني ، قال : حدَّثنا عيسى بن مهران ، قال : أخبرنا يونس بن محمّد ، قال : حدَّثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن خلاّد الأنصاري ، عن عكرمة ، عن عبد اللّه بن عبّاس ، قال : إنّ عليّ بن أبي طالب والعبّاس بن عبد المطّلب والفضل بن العبّاس دخلوا على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في مرضه الذي قبض فيه ، فقالوا : يا رسول اللّه ، هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك ، فقال : « وما يبكيهم؟ »

قالوا : يخافون أن تموت ، فقال : « أعطوني أيديكم » فخرج في ملحفة وعصابة حتّى جلس على المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :

« أمّا بعد ، أيّها الناس فما تنكرون من موت نبيّكم؟ ألم أنع إليكم وتنع إليكم أنفسكم؟ لو خلّد أحد قبلي ثمّ بعث إليه لخلّدت فيكم ، إلاّ أنّي لاحق بربّي ، وقد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه تعالى

ص: 375

بين أظهركم ، تقرؤونه صباحاً ومساءً ، فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ، وكونوا إخواناً كما أمركم اللّه ، وقد خلّفت فيكم عترتي أهل بيتي ، وأنا أُوصيكم بهم ، ثمّ أُوصيكم بهذا الحيّ من الأنصار ، فقد عرفتم بلاهم عند اللّه عزّ وجلّ وعند رسوله وعند المؤمنين ، ألم يوسّعوا في الديار ويشاطروا الثمار ، ويؤثروا وبهم الخصاصة؟ فمن ولي منكم أمراً يضرّ فيه أحد أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار وليتجاوز عن مسيئهم » ، وكان آخر مجلس جلسه حتّى لقي اللّه عزّ وجلّ (1).

الثاني : قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب ، قال : حدَّثنا الحسن بن علي الزعفراني ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : حدَّثني أبو عمر وحفص بن عمر الفرّاء ، قال : حدَّثنا زيد بن الحسن الأنماطي ، عن معروف بن خربوذ ، قال : سمعت أبا عبيد اللّه مولى العبّاس يحدّث أبا جعفر محمّد بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : إنّ آخر خطبة خطبنا بها رسول اللّه ( عليه السلام ) ، لخطبة خطبنا في مرضه الذي توفّي فيه ، خرج متوكّئاً على علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وميمونة مولاته ، فجلس على المنبر ، ثمّ قال : « يا أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين » ، وسكت ، فقام رجل فقال : يا رسول اللّه ، ما هذان الثقلان؟ فغضب حتّى احمرّ وجهه ثمّ سكن ، وقال : « ما ذكرتهما إلاّ وأنا أُريد أن أُخبركم بهما ، ولكن ربوت فلم أستطع ، سبب طرفه بيد اللّه وطرف بأيديكم ، تعملون فيه كذا وكذا ، ألا وهو القرآن ، والثقل الأصغر أهل بيتي » ، ثمّ قال : « وأيم اللّه إنّي لأقول لكم هذا ورجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم » ، ثمّ قال : « واللّه لا يحبّهم عبد إلاّ أعطاه اللّه نوراً يوم القيامة ، حتّى

ص: 376


1- الأمالي : 45 ح 6 المجلس السادس ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 634 ح 740 ، فصل (41) ، وغاية المرام 2 : 365 ح 78 ، الباب [ 29 ] ، والبحار 22 : 474 ح 23.

يرد على الحوض ، ولا يبغضهم عبد إلاّ احتجب اللّه عنه يوم القيامة » ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « إنّ أبا عبيد اللّه يأتينا بما يعرف » (1).

الثالث : قال : حدَّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري الكاتب ، قال : حدَّثنا أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمّد الأزدي ، قال : حدَّثنا شعيب بن أيّوب ، قال : حدَّثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن هشام بن حسّان ، قال : سمعت أبا محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر ، فقال : « نحن حزب اللّه الغالبون ، وعترة رسوله الأقربون ، وأهل بيته الطيّبون الطاهرون ، وأحد الثقلين اللذين خلّفهما رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في أُمّته ، والتالي كتاب اللّه فيه تفصيل كلّ شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالمعوّل علينا في تفسيره ، لا نتظنّي تأويله ، بل نتيقّن حقائقه ، فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة ; إذ كانت بطاعة اللّه عزّ وجلّ ورسوله مقرونة ، قال اللّه عزّ وجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيء فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ) ، ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ... ، الحديث (2).

ورواه عن المفيد الطوسي ( ت 460 ه- ) في أماليه (3) ، وسيأتي في

ص: 377


1- الأمالي : 134 ح 3 ، المجلس السادس عشر ، وعنه في البرهان 1 : 11 ح 10 ، وغاية المرام 2 : 359 ح 57 ، الباب (29) ، والبحار 22 : 475 ح 25.
2- الأمالي : 348 ح 4 ، المجلس الحادي والأربعون ، وعنه في غاية المرام 2 : 365 ح 77 ، الباب [ 29 ] و 3 : 115 ح 13 ، الباب [ 59 ] ، والبحار 34 : 359 ، الباب [ 17 ].
3- أمالي الطوسي : 121 ح 188 ، المجلس الخامس ، وفيه : والثاني كتاب اللّه ، وسيأتي في ما سنذكره عن أمالي الطوسي ، الحديث الأوّل. وفيه : المفيد عن إسماعيل بن محمّد الأنباري ، عن إبراهيم بن محمّد الأزدي ، عن شعيب بن أيّوب ، عن معاوية بن هشام بن سفيان ، عن هشام بن حسّان ، قال : سمعت ... الخ.

بشارة المصطفى للطبري ( القرن السادس ) (1).

محمّد بن محمّد بن النعمان « المفيد » :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبد السلام بن ياسر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهيب بن هلال بن أوس ابن سعيد بن سنان بن عبد الدار بن الريّان بن قطر بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن عُلة بن خلد بن مالك بن أُدَد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، شيخنا وأُستاذنا ( رضي اللّه عنه ) ، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم.

ثمّ قال :

مات ( رحمه اللّه ) ليلة الجمعة لثلاث [ ليال [ خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وأربع مائة ، وكان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة ، وصلّى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بميدان الأُشنان ، وحاق على الناس مع كبره ، ودفن في داره سنين ، ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من السيّد أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وقيل : مولده سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة (2).

وقال الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في رجاله : محمّد بن محمّد بن النعمان ، جليل ، ثقة (3).

ص: 378


1- بشارة المصطفى : 170 ح 139 ، الجزء الثاني ، وسيأتي في ما سنذكره عن بشارة المصطفى للطبري ، الحديث الرابع.
2- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ].
3- رجال الطوسي : 449 [ 6375 ].

وقال في الفهرست : محمّد بن محمّد بن النعمان ، يكنّى أبا عبد اللّه ، المعروف بابن المعلّم ، من جلّة متكلّمي الإماميّة ، انتهت رئاسة الإماميّة في وقته إليه في العلم ، وكان مقدّماً في صناعة الكلام ، وكان فقيهاً متقدّماً فيه ، حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب.

وله قريب من مائتي مصنّف ، كبار وصغار ، وفهرست كتبه معروف ، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفّي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، وكان يوم وفاته لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه ، وكثرة البكاء من المخالف له والمؤالف (1).

وقد نقل في ترجمته أنّ له ثلاث توقيعات من صاحب الأمر ( عج ) (2) ، وكذا سبب تسميته بالمفيد (3) ، اكتفينا عن ذكرها بإيراد مصادر ترجمته فهو أشهر من نار على علم.

ص: 379


1- فهرست الطوسي : 444 [ 711 ]. وانظر : معالم العلماء : 112 [ 765 ] ، خلاصة الأقوال : 248 [ 844 ] ، رجال ابن داود : 183 [ 1495 ] ، إيضاح الاشتباه : 294 [ 683 ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 313 [ 1772 ] ، لؤلؤة البحرين : 356 [ 120 ] ، بلغة المحدّثين : 414، أمل الآمل 2 : 304 [ 921 ] ، جامع الرواة 2 : 189 ، الكنى والألقاب 3 : 197 ، هداية المحدّثين : 252 ، نقد الرجال 4 : 315 [ 5051 ] ، منتهى المقال 6 : 185 [ 2860 ] ، حاوي الأقوال 2 : 266 ، مجمع الرجال 6 : 33 ، رياض العلماء 5 : 176 ، روضات الجنّات 6 : 153 [ 576 ] ، بهجة الآمال 6 : 586 ، تنقيح المقال 3 : 180 ، قاموس رجال 9 : 552 [ 7244 ] ، فهرست ابن النديم : 226 و 247 ، معجم رجال الحديث 18 : 213 [ 11744 ] ، الكامل في التاريخ 9 : 178 ، 208 ، 307 ، 329 ، سير أعلام النبلاء 17 : 344 [ 213 ] ، المنتظم 9 : 4408 ، البداية والنهاية 12 : 15 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : 186 مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، (1) حياة الشيخ المفيد ومصنّفاته.
2- الاحتجاج 2 : 596 [ 359 ].
3- السرائر 3 : 648.
كتاب الأمالي :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (1) باسم ( كتاب الأمالي المتفرّقات ) ، وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه ، مسمّياً له بكتاب المجالس ، قال : وكتاب المجالس ، وجدنا منه نسخاً عتيقة والقرائن تدلّ على صحّته (2).

ومثله الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الوسائل ، وذكر طرقه إلى المفيد أيضاً (3).

وقال السيّد الموسوي الخوانساري ( ت 1313 ه- ) : ويظهر من مقدّمات بحار مولانا المجلسي ( رحمه اللّه ) أنّ جملة ما كان يوجد عنده من مصنّفات الرجل حين تأليفه « البحار » ثمانية عشر كتاباً منها : كتاب « الإرشاد » ، كتاب « المجالس » ، كتاب « الاختصاص » ... ، أقول : وغالب هذه الكتب موجودة في هذه الأزمنة - أيضاً - كثيراً ، وخصوصاً الثلاثة الأُول منها (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : وعبّر عنه النجاشي بالأمالي المتفرّقات ، ولعلّ وجهه أنّه أملاه في مجالس في سنين متفرّقة أوّلها سنة 404 وآخرها سنة 411 ، إلى أن قال : ورأيت منه نسخة في خزانة كتب الشيخ ميرزا محمّد الطهراني ، وهي بخطّ محمّد هادي بن علي رضا التنكابني سنة 1101 (5).

وذكره مرّة أُخرى بعنوان المجالس (6).

ص: 380


1- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ].
2- البحار 1 : 7 ، 27 ، توثيق المصادر ، وانظر : رياض العلماء 5 : 176.
3- خاتمة الوسائل 30 : 157 ، 179.
4- روضات الجنّات 6 : 155.
5- الذريعة 2 : 315 [ 1252 ].
6- 6 - الذريعة 19 : 367 [ 1640 ] ، وانظر : فهرست التراث 1 : 471 ، وما ذكره العلاّمة عبد العزيز الطباطبائي في مقالته حول مصنّفات الشيخ المفيد المنشورة ضمن مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (1) ، صفحة 215.
(40) كتاب : الإرشاد
الحديث :

الأوّل : ولمّا قضى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) نسكه أشرك عليّاً ( عليه السلام ) في هديه ، وقفل إلى المدينة وهو معه والمسلمون ، حتّى انتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، وليس بموضع إذ ذاك للنزول ; لعدم الماء فيه والمرعى ، فنزل ( صلى اللّه عليه وآله ) في الموضع ونزل المسلمون معه.

وكان سبب نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خليفة في الأُمّة من بعده ، وقد كان تقدّم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له ، فأخّره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه ، وعلم اللّه سبحانه أنّه إن تجاوز غدير خمّ انفصل عنه كثير من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم ، فأراد اللّه تعالى أن يجمعهم لسماع النصّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تأكيداً للحجّة عليهم فيه ، فأنزل جلّت عظمته عليه : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) يعني في استخلاف علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والنصّ بالإمامة عليه ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، فأكّد به الفرض عليه بذلك ، وخوفه من تأخير الأمر فيه ، وضمن له العصمة ومنع الناس منه.

فنزل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) المكان الذي ذكرناه ; لما وصفناه من الأمر له

ص: 381

بذلك وشرحناه ، ونزل المسلمون حوله ، وكان يوماً قائظاً شديد الحر ، فأمر ( عليه السلام ) بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرجال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه فنادى في الناس بالصلاة ، فاجتمعوا من رحالهم إليه ، وإنّ أكثرهم ليلفّ رداءه على قدميه من شدّة الرمضاء ، فلمّا اجتمعوا صعد ( عليه وآله السلام ) على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فرقى معه حتّى قام عن يمينه ، ثمّ خطب للناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ووعظ فأبلغ في الموعظة ، ونعى إلى الأُمّة نفسه ، فقال ( عليه وآله السلام ) : « إنّي قد دعيت ويوشك أن أُجيب ، وقد حان منّي خفوف من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض ».

ثمّ نادى بأعلى صوته : « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ » فقالوا : اللّهم بلى ، فقال لهم على النسق ، وقد أخذ بضبعي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فرفعهما حتّى رئي بياض أُبطيهما ، وقال : « فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ... » (1).

ورواه الطبرسي ( ت 548 ه- ) في إعلام الورى (2) ، والأربلي ( ت 693 ه- ) في كشف الغمّة (3) ، والعلاّمة ( ت 726 ه- ) في كشف اليقين (4).

ص: 382


1- إرشاد المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد ، مجلّد 11 ) 1 : 174 ، وعنه في غاية المرام 2 : 353 ح 47 ، الباب (29) ، والبحار 21 : 382 ح 10.
2- راجع ما سنذكره عن إعلام الورى للطبرسي ، الحديث الأوّل.
3- راجع ما سنذكر عن كشف الغمّة للأربلي الحديث الثامن.
4- راجع ما سنذكره عن كشف اليقين للعلاّمة الحلّي ، الحديث الثالث.

الثاني : وذلك أنّه عليه وآله السلام تحقّق من دنوّ أجله ، ما كان ( قدّم الذكر ) به لأُمّته ، فجعل ( عليه السلام ) يقوم مقاماً بعد مقام في المسلمين يحذّرهم من الفتنة بعده والخلاف عليه ، ويؤكّد وصاتهم بالتمسّك بسنّته والاجتماع عليها والوفاق ، ويحثّهم على الاقتداء بعترته والطاعة لهم والنصرة والحراسة ، والاعتصام بهم في الدين ، ويزجرهم عن الخلاف والارتداد ، فكان في ما ذكره من ذلك عليه وآله السلام ما جاءت به الرواة على اتّفاق واجتماع من قوله ( عليه السلام ) : « أيّها الناس ، إنّي فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنَّهما لن يفترقا حتّى يلقياني ، وسألت ربّي ذلك فأعطانيه ، ألا وإنّي قد تركتهما فيكم : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتفرّقوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، أيّها الناس ، لا ألفيتكم بعدي ترجعون كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرّار ، ( ألا وإنّ علي بن أبي طالب أخي ) (1) ووصيّي ، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».

فكان عليه وآله السلام يقوم مجلساً بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه (2).

الثالث : من كلام لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) :

« ... أما بلغكم ما قال فيهم نبيّكم ( صلى اللّه عليه وآله ) حيث يقول في حجّة الوداع : إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي

ص: 383


1- في بعض النسخ في الهامش : ( أو علي بن أبي طالب فإنّه أخي ) ، وما موجود في المتن هو ما في نسخة العلاّمة المجلسي.
2- إرشاد المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد المجلّد 11 ) 1 : 179 ، وعنه في غاية المرام 2 : 353 ح 46 ، الباب (29) ، والبحار 22 : 465 ح 19.

أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، ألا هذا عذب فرات فاشربوا ، وهذا ملح أُجاج فاجتنبوا (1).

وقد مرّ مثل هذا الحديث عن تاريخ اليعقوبي ( ت 284 ه- ) ، فراجع (2) ، ورواه الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج ، وسيأتي (3).

كتاب الإرشاد :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (4) ، والشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست (5) ، وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه (6).

وقال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) - بعد أن جعله أحد مصادره الموثّقة - : وكتاب الإرشاد أشهر من مؤلّفه ( رحمه اللّه ) (7) ، وهو من مصادر الوسائل أيضاً (8).

وعدّه الخوانساري ( ت 1313 ه- ) من جملة الكتب المتداولة في زمانه كثيراً (9).

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : فيه تواريخ الأئمّة الطاهرين

ص: 384


1- إرشاد المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد المجلّد 11 ) 1 : 233 ، وعنه في البحار 2 : 99 ح 59.
2- راجع ما ذكرناه عن تاريخ اليعقوبي ، الحديث الثالث.
3- راجع ما سنذكره عن الاحتجاج للطبرسي ، الحديث الخامس.
4- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ].
5- فهرست الطوسي : 444 [ 711 ].
6- معالم العلماء : 112 [ 765 ].
7- البحار 1 : 7 ، 27 ، توثيق المصادر ، وانظر : رياض العلماء 5 : 176.
8- خاتمة الوسائل 30 : 157 ، 179.
9- روضات الجنّات 6 : 155 [ 2506 ].

الاثني عشر ( عليه السلام ) ، والنصوص عليهم ، ومعجزاتهم وطرف من أخبارهم من ولادتهم ووفياتهم ومدّة أعمارهم ، وعدّة من خواصّ أصحابهم وغير ذلك ، أوّله ( الحمد لله على ما ألهم من معرفته ... ) ، طبع بإيران مكرّراً سنة 1308 ، وقبلها وبعدها (1).

وقال في الإجازات : إجازة الشيخ الحسن بن الحسين بن علي الدرويستي نزيل كاشان للمولى الأجلّ مجد الدين أبي العلاء ، مختصرة كتبها له بخطّه على ظهر إرشاد الشيخ المفيد ، تاريخها سنة 576 يروي الإرشاد عن المرتضى ابن الداعي ، عن جعفر بن محمّد الدرويستي ، عن المصنّف المفيد (2).

وذكر له رواية أُخرى أيضاً : أخبرنا السيّد الأجلّ عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن محمّد بن نصر بن علي بن حبا أدام اللّه علوّه قراءة عليه في سنة أربعين وخمسمائة ، قال : حدّثنا القاضي الأجلّ أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، قال : حدّثني الشيخ السعيد المفيد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان ( رضي اللّه عنه ) في سنة إحدى عشر وأربعمائة ، قال : الحمد لله على ما ألهم من معرفته ... ، إلى آخر الكتاب (3).

وللكتاب عدّة مخطوطات منها : في مكتبة البرلمان الإيراني سنة 575 ، وفي مكتبة المرعشي العامّة سنة 565 ، وأُخرى في القرن السابع ، وفي مكتبة السيّد الگلبايگاني في القرن 7 و 8 (4).

ص: 385


1- الذريعة 1 : 509.
2- الذريعة 1 : 170 [ 857 ].
3- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 341 ، و ( القرن الخامس ) : 21.
4- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، المقالة رقم (1) : 201 ، تأليف السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، وانظر أيضاً فهرست التراث : 471.

ص: 386

(41) كتاب : الفصول المختارة من العيون والمحاسن ( جمعها الشريف المرتضى ت 436 ه- )
الحديث :

الأوّل : ومن كلام الشيخ أدام اللّه عزّه في حوز البنت المال دون العمّ والأخ ، سئل الشيخ ... ، فقال الشيخ : الميراث للبنت دون العمّ ، فسئل الشيخ ... ، فقال : الدليل على ذلك من كتاب اللّه عزّ وجلّ ومن سنّة نبيّه ومن إجماع آل محمّد ... ، وأمّا إجماع آل محمّد ( عليهم السلام ) فإنّ الأخبار متواترة عنهم بما حكيناه ، وقد قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الثاني : في ردّه على ما حكاه عمرو بن بحر الجاحظ عن إبراهيم بن يسار النظام في كتاب الفتيا من إيراداته على أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في أحكامه وفتياه وتناقضاته ومخالفته لإجماع الأُمّة ، قال :

أمّا ما ذكره من خلافه ( عليه السلام ) على جملة القوم ، فالعار في ذلك على من خالفه دونه ، والعيب يختصّ به سواه ; لأنّه ( عليه السلام ) هو الإمام المتبوع والقدوة المتأسّى به والمدلول على صوابه والمدعوّ إلى اتّباعه ، حيث يقول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت

ص: 387


1- الفصول المختارة ( مصنّفات الشيخ المفيد ، مجلد 2 ) : 173.

الباب » ، وحيث يقول ( صلى اللّه عليه وآله ) وقد قدّمناه في ما سبق (1) : « عليّ أقضاكم » و « هو مع الحقّ والحقّ معه » ، وفي قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فلمّا عدل القوم عن اتّباعه كانوا ضلاّلا بذلك ، وكان هو ( عليه السلام ) المصيب وأهل بيته ( عليهم السلام ) وأنصاره وشيعته (2).

كتاب الفصول المختارة من العيون والمحاسن :

ذكره النجاشي ( ت 450 ه- ) مرّة بعنوان ( كتاب العيون والمحاسن ) ، ومرّة هو (3) والطوسي ( ت 460 ه- ) (4) وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) (5) بعنوان : ( الفصول من العيون والمحاسن ).

وقال المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر كتابه البحار : وكتاب العيون والمحاسن المشتهر بالفصول (6) ، وعند توثيق كتب المفيد ، قال : وسائر كتبه للاشتهار غنية عن البيان (7).

وعدّه الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) من الكتب الواصلة إليه (8).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) تحت عنوان ( العيون والمحاسن ) : ذكره النجاشي ، ثمّ قال بعد ذلك : كتاب ( الفصول من العيون

ص: 388


1- ذكره في بداية ردّه على ما نقله الجاحظ من كلام النظام.
2- الفصول المختارة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلد 2 ) : 221.
3- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ] ، وانظر : روضات الجنّات 6 : 154 ، 155.
4- فهرست الطوسي : 444 [ 711 ].
5- معالم العلماء : 112 [ 765 ].
6- البحار 1 : 7.
7- البحار 1 : 27.
8- رياض العلماء 5 : 178.

والمحاسن ) ويظهر منه أنّ ( العيون ) و ( الفصول منه ) متعدّدان وكلاهما للشيخ المفيد ، وأمّا كتاب ( الفصول المختارة من العيون والمحاسن ) فهو للسيّد الشريف المرتضى علم الهدى وهو موجود الآن كما يأتي ، وكان عند محمّد باقر المجلسي أيضاً ، وينقل عنه في البحار ، وإن عبّر عنه في مفتتحه ب- ( كتاب العيون والمحاسن المعروف بالفصول ) وعدّه من كتب المفيد ، وأمّا نفس ( العيون والمحاسن ) للشيخ المفيد فهو موجود أيضاً ، ثمّ ذكر وجود نسخ له ومواصفاتها (1).

ولكن أقول : إنّ ما ذكره من مواصفات النسخ وأوّلها ينطبق على المطبوع من كتاب الاختصاص المنسوب للشيخ المفيد وهو ليس له ، بل لأحد قدماء الشيعة (2) ، فلاحظ.

وقال الطهراني تحت عنوان ( الفصول من العيون والمحاسن ) : عدّه النجاشي في فهرست كتبه بعد ذكره ( العيون والمحاسن ) ، فيظهر منه أنّ الشيخ المفيد لمّا كتب ( العيون والمحاسن ) الموجود اليوم كتب ( الفصول المختارة ) منه ، ولا أعلم وجوده اليوم ، لكن مرّ أنّ ( الفصول المختارة ) من العيون للسيّد المرتضى موجود فعلاً. (3)

ولكن قد نبّهنا قبل قليل أنّ ما ذكر من أنّه العيون والمحاسن هو الاختصاص ، ومنه يظهر أن لا وجود لنسخة معروفة ل- ( العيون والمحاسن ) اليوم. ومن ثمّ قال تحت عنوان ( الفصول المختارة ) من ( العيون والمحاسن ) تأليف الشيخ المفيد : اختاره السيّد المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين ( ت 436 ) صرّح به في ( المفتتحة ) (4).

ص: 389


1- الذريعة 15 : 386 [ 2394 ].
2- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (9) ، المقالة الرابعة.
3- الذريعة 16 : 345 [ 973 ].
4- الذريعة 16 : 244 [ 970 ].

وفي المفتتح بعد الحمد والصلاة على محمّد وآله ، هكذا : سألت - أيّدك اللّه - أن أجمع لك فصولاً من كلام شيخنا ومولانا المفيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان في المجالس ، ونكتاً من كتابه المعروف ب- ( العيون والمحاسن ) لتستريح إلى قراءته في سفرك ... (1) ، ثمّ ينقل في كلّ الكتاب عن شيخه المفيد.

ومن ذلك قال العلاّمة عبد العزيز الطباطبائي : وكلّ هذا ، بل الكتاب بأسره يدلّ بوضوح على أمرين :

الأمر الأوّل : إنّ مادّة الكتاب كلّها من الشيخ المفيد.

الأمر الثاني : إنّ الانتقاء والجمع والتأليف للشريف المرتضى دون المفيد (2).

وكذلك عدّه صاحب الرياض ( ت حدود 1130 ه- ) من كتب الشريف المرتضى ، قال الأفندي : كتاب الفصول الذي استخرجه من كتاب العيون والمحاسن تأليف أُستاذه الشيخ المفيد ، وهو الآن معروف ، وإن قال الأُستاذ الاستناد دام ظلّه في البحار بأنّه عين المحاسن والعيون ، حيث قال في طيّ كتب المفيد : وكتاب العيون والمحاسن المشتهر بالفصول ، أقول : ويدلّ على ما قلناه ، أمّا أوّلا : فشهادة أوّل كتاب الفصول ، بل إلى آخره أيضاً بما ذكرناه ، بل أكثر صدر مطالبه يشهد بما قلناه ، وأمّا ثانياً : فلأنّ سبط الشيخ علي الكركي العاملي في رسالة رفع البدعة في حلّ المتعة ينقل عن هذين الكتابين ، قال هكذا : قال شيخنا المفيد في العيون وسيّدنا المرتضى في الفصول المختارة ، وقال فيها في موضع آخر : ومن الفصول التي اختارها سيّدنا الإمام الرحلة مربّي العلماء ذو الحسبين الشريف المرتضى علم

ص: 390


1- الفصول المختارة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد 2 ) : مفتتح الكتاب.
2- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (1) : 269.

الهدى من كتاب المجالس وكتاب العيون والمحاسن لشيخنا المفيد ، إلى غير ذلك من أقواله الدالّة على المغايرة ، وأمّا ثالثاً فلأنّ ... ، ولم يكمل الدليل الثالث.

ثمّ قال : وقد رأيت نسخة عتيقة منه في بلدة أردبيل قوبلت بنسخة الأصل ، وقد قرأها بعض العلماء على بعض الفضلاء وعليها خطّه ، نعم عبارة ابن شهر آشوب في معالم العلماء في ترجمة المفيد يعطي ذلك ، حيث قال في تعداد كتب المفيد ( رحمه اللّه ) ، هكذا : ( الفصول من العيون والمحاسن ) ، وكذا عبارة النجاشي في رجاله ، لكن الذي ظهر من ديباجة بعض نسخ الفصول صريحاً أنّ الفصول من مؤلّفات السيّد المرتضى ، والعجب أنّ أصحاب الرجال لم ينسبوا إلى المرتضى كتاب الفصول أصلا ، ولا هو مذكور في إجازته ( رضي اللّه عنه ) للبصروي.

وقد صرّح بالمغايرة بين الفصول وبين العيون والمحاسن ، وأنّ الفصول للسيّد والعيون للمفيد جماعة ، منهم : السيّد حسين المجتهد في كتاب دفع المناواة عن التفضيل والمساواة (1).

وأيضاً ، قال العلاّمة الطباطبائي : على أنَّهم لم يعدّوا كتاب الفصول المختارة في مصنّفات الشريف المرتضى في ترجمته لا الطوسي ولا النجاشي ولا ابن شهر آشوب!

فهل إنّهم رأوا أنّ نسبة الفصول المختارة إلى الشيخ المفيد أولى من نسبته إلى الشريف المرتضى؟ أو أنّ الشيخ المفيد أيضاً كان له كتاب الفصول من العيون والمحاسن وهو مفقود وهو غير الفصول المختارة للشريف المرتضى؟ فأمّا شيخنا صاحب الذريعة ( رحمه اللّه ) فإنّه يراهما كتابين متغايرين ، ذكر كلاًّ منهما على حده منسوباً إلى مؤلّفه في ج 16 ص 244 و ص 245 (2).

ص: 391


1- رياض العلماء 4 : 39 ، وإجازة البصروي موجودة في رياض العلماء 4 : 35.
2- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (1) : 270.

ونحن أيضاً نرى أنّ نسبته للمفيد أولى ، فكلّ ما فيه اختيارات اختارها الشريف المرتضى من كتابي المفيد المجالس والعيون والمحاسن ، كما صرّح به نفسه في أوّله.

ثمّ إنّ السيّد إعجاز حسين الكنتوري ( ت 1286 ه- ) ، قال : الفصول المنتخبة من كتاب المجالس وكتاب العيون والمحاسن للسيّد المرتضى علم الهدى ، انتخبها من الكتابين المذكورين وهما لأُستاذه الشيخ المفيد ، وتعرف هذه الفصول الآن بمجالس الشيخ المفيد (1).

وفي كلامه نظر من جهة عنوان الكتاب فهو كما عرفت ( الفصول المختارة من العيون والمحاسن ) ، ومن جهة كونه معروفاً الآن بمجالس الشيخ المفيد ; فإنّه لا يعرف الآن إلاّ باسمه الآنف ، وهو غير المجالس للمفيد أيضاً ، فهما كتابان لا كتاب واحد.

وأمّا نسخه فكثيرة ، ذكر بعضها العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة (2) ، وأضاف إليها العلاّمة الطباطبائي عدداً آخر مع ذكره لطبعاته في مقالته حول مصنّفات الشيخ المفيد (3).

ص: 392


1- كشف الحجب والأستار : 402 [ 2221 ].
2- الذريعة 16 : 244 [ 970 ].
3- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ( رحمه اللّه ) ، رقم (1) : 270.
(42) كتاب : المسائل الصاغانيّة
اشارة

(42) كتاب : المسائل الصاغانيّة (1)

الحديث :

في معرض ردّه على أحد شيوخ الحنفيّة تعرّض لمذهب الإماميّة بالتشنيع في عدّة مسائل ، منها ما ذكره من قولهم : إنّ زواج المتعة لا يحلّل الزوجة البائن ، فيقول هذا الشيخ : وقد قرأتُ بذلك خبر أسندوه إلى بعض الطالبيين - وهو جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) - وعليه يعتمدون في ما يذهبون إليه في الأحكام المخالفة لجميع الفقهاء ... ، فأجابه المفيد ، ثمّ قال : بأنّا نعتمد على الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) في الأحكام ، فإنّه ديننا الذي نتقرّب به إلى اللّه عزّ وجلّ ; إذ كان الإمام المعصوم المنصوص عليه من قبل اللّه عزّ وجلّ المأمور بطاعته جميع الأنام ، مع كونه من سادة العترة الذين خلّفهم نبيّنا ( عليه السلام ) فينا ، وأخبرنا بأنّهم لا يفارقون كتاب اللّه جلّ اسمه حكماً ووجوداً ، حتّى يردا عليه الحوض يوم المعاد (2).

أقول : من الواضح أنّ كلامه الأخير إشارة صريحة لحديث الثقلين.

كتاب المسائل الصاغانيّة :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (3) ، والشيخ

ص: 393


1- سمّيت بذلك ; لأنّ المسائل وردت للشيخ من ناحية بلدة تسمّى صاغان.
2- المسائل الصاغانيّة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد 3 ) : 50 - 53.
3- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ].

الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست (1) ، وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم (2).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : ( جوابات المسائل الصاغانيّات ) وقد تخفّف فيقال له الصاغانيّات ، وهي عشر مسائل وردت من صاغان (3) ، شنّع فيها بعض متفقّهة أهل العراق على الشيعة ، ثمّ قال : نسخة منه كانت في مكتبة شيخنا شيخ الشريعة الإصفهاني في النجف ، وعنها استنسخ بخطّه الميرزا محمّد الطهراني لمكتبته بسامرّاء (4).

ص: 394


1- فهرست الطوسي : 444 [ 711 ].
2- معالم العلماء : 112 [ 765 ].
3- تطلق على مكانين : قرية من قرى مرو ، ومنطقة بما وراء النهر ، وقد ذكر السيّد المحقّق محمّد القاضي في مقدّمة الكتاب عدّة قرائن على أنّ المراد هو الأوّل.
4- الذريعة 5 : 225 [ 1083 ] ، وانظر أيضاً : مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (1) : 277.
(43) كتاب : المسائل الجاروديّة
اشارة

(43) كتاب : المسائل الجاروديّة (1) الحديث :

الأوّل : ما نقله المفيد عن الجاروديّة بأنّ حجّتهم على اختصاص الحسن والحسين وأولادهما بالإمامة (2) هي :

قول النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قالت الإماميّة : هذا الخبر بأن يكون حجّة لمن جعل الإمامة في جميع بني هاشم أولى ... (3).

الثاني : في ردّ المفيد على شبهتهم القائلة : لماذا لا يكون حديث الثقلين شاملا لجميع بني هاشم من دون اختصاصه بولد الحسين بعده؟ فقال : نحن وإن احتججنا بقول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » في إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن بعده من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، فإنّا نرجع فيه إلى معناه المعلوم بالاعتبار ، وهو أنّ عترة الرجل كبار أهله وأجلّهم وخاصّتهم في الفضل لبابهم ... (4).

ص: 395


1- فرقة من الزيديّة نسبوا إلى زياد بن منذر أبي الجارود.
2- وهذه أحد شبهاتهم ، وسيأتي الكلام عليها لاحقاً.
3- المسائل الجاروديّة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد 7 ) : 39.
4- المسائل الجاروديّة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد 7 ) : 4.
كتاب المسائل الجاروديّة :

ذكر النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله كتابين بعنوان ( المسائل على الزيديّة ) و ( مسائل الزيديّة ) (1).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : المسائل الزيديّة كذا عبّر النجاشي ، والحقيق بها التعبير « بالمسائل الجاروديّة » لا مطلق الزيديّة ، حيث إنّ السؤالات مقتصر عليهم والبحث معهم خاصّة .. ، ثمّ قال : وهو موجود في خزانة كتب مولانا الميرزا محمّد الطهراني بسامرّاء والشيخ عبد الحسن الحلّي النجفي (2).

وقال السيّد العلاّمة المحقّق عبد العزيز الطباطبائي : وقد جزم شيخنا ( رحمه اللّه ) في الذريعة بأنّ المسائل الجاروديّة هو مسائل الزيديّة ... ، ثمّ قال : أقول : ولعلّ ذلك لأنّ الزيديّة أكثرهم جارودية ، ولعلّهم في عصر الشيخ المفيد كانوا كلّهم جارودية ، كما حكي عن نشوان الحميري : ليس باليمن من فرق الزيديّة غير الجاروديّة (3).

وقال السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي : والظاهر أنّ فرق الزيديّة الأُخَر - غير الجاروديّة - لا وجود لها ، قال الحميري : وليس باليمن من فرق الزيديّة غير الجاروديّة ... ، وذكر لي السيّد أحمد حجر من كبار علماء الزيديّة بصنعاء اليمن أنّ من لم يكن جاروديّاً فليس بزيديّ ، ولعلّ هذه الحقيقة كانت سائدة منذ زمن الشيخ المفيد حيث وجّه الكلام في هذه

ص: 396


1- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ].
2- الذريعة 20 : 351 [ 3368 ].
3- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، المقالة الأُولى : 274 ، تأليف السيّد عبد العزيز الطباطبائي.

الرسالة إلى خصوص الجاروديّة دون غيرهم من فرق الزيديّة (1).

وقد ذكر السيّد عبد العزيز الطباطبائي عدّة نسخ لهذه المسائل وعدد طبعاتها.

ص: 397


1- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، المقالة الرابعة : 262 ، تأليف السيّد الجلالي.

ص: 398

(44) كتاب : العمدة
اشارة

(44) كتاب : العمدة (1) الحديث :

قال ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في الطرائف :

قال عبد المحمود (2) : وقد وقفت على كتاب اسمه كتاب العمدة في الأُصول اسم مصنّفه محمّد بن محمّد بن النعمان ويلقّب بالمفيد ، قد أورد فيه الاحتجاج على صحّة الإمامة بحديث نبيّهم محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، وهذا لفظه : لا يكون شيء أبلغ من قول القائل : قد تركت فيكم فلاناً ، كما يقول الأمير إذا خرج من بلده واستخلف من يقوم مقامه ... ، وإنّهم لا يفارقون الكتاب ولا يتعدّون الحكم بالصواب ، هذا لفظه في المعنى (3).

وسيأتي في كتاب الطرائف لابن طاووس.

كتاب العمدة في الأُصول :

لم تصل إلينا نسخة من هذا الكتاب ، ولكن ذكر السيّد ابن طاووس أنّه وقف عليه ، وقال : وقد وقفت على كتاب اسمه العمدة في الأُصول اسم مصنّفه محمّد بن محمّد بن النعمان ويلقّب بالمفيد (4).

ص: 399


1- كتاب العمدة مفقود وما أوردناه عنه نقله ابن طاووس في الطرائف.
2- سمّى السيّد ابن طاووس نفسه في الطرائف ( عبد المحمود ) تقيّة.
3- الطرائف 1 : 171.
4- الطرائف 1 : 171.

ولم يذكر مثل هكذا كتاب في مصنّفات الشيخ المفيد ، ولكن النجاشي ( ت 450 ه- ) ذكر عند عدّه لكتب المفيد كتاب العمد في الإمامة (1).

وحكم العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) باتّحادهما ، وقال : كتاب العمد في الإمامة للشيخ السعيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي المفيد المتوفّى 413 ذكره النجاشي ، ولكن قال السيّد ابن طاووس في ( الطرائف ) عند حكايته الكتاب : إنّ اسمه ( العمدة ) (2).

وعلّق عليه العلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي بقوله : إلاّ أنّ احتمال تغايرهما باق لم يدفعه دليل ، فيكون العمدة في الأُصول الاعتقاديّة الخمسة ومنها الإمامة ، والعمدة خاصّاً بالإمامة (3).

أقول : الاحتمال باق ، والظاهر من عبارة السيّد أنّه رجّح التغاير ، ولكن لو تأمّلنا ما نقله السيّد ابن طاووس من مورد متعلّق بالإمامة - وهو ما نقلناه هنا - وما عنونه النجاشي للكتاب ، يقرب احتمال الاتّحاد ، فلعلّ اسم الكتاب ( العمد ) أو ( العمدة ) وأمّا ما بعده من قول النجاشي ( في الإمامة ) وقول ابن طاووس ( في الأُصول ) من كلامهما لتعريف محتوى الكتاب كلاًّ حسب وجهة نظره.

ص: 400


1- رجال النجاشي : 402 [ 1067 ].
2- الذريعة 15 : 333 [ 2153 ].
3- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد / المقالات والرسالات (1) : 341 [ 138 ] ، القسم الثاني.
(45) كتاب : الإفصاح في الإمامة الحديث :
اشارة

في ردّه على من استدلّ على إمامة أبي بكر وعمر بحديث : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر ، أجاب الشيخ المفيد : قيل لهم : هذا حديث موضوع ... ، فصل آخر : على أنّ أصحاب الحديث قد رووه بلفظين مختلفين ، على وجهين من الإعراب متباينين : أحدهما الخفض ، وقد سلف قولنا بما بيّناه ، والآخر النصب ، وله معنى غيرما ذهب إليه أهل الخلاف.

وذلك إنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) لمّا دعا الأُمّة إلى التمسّك بكتاب اللّه تعالى ، وبعترته ( عليهم السلام ) ، حيث يقول : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ... ، وكانا - أيّ أبي بكر وعمر - هما المناديين بالاتّباع دون أن يكون النداء إليهما على ما شرحناه (1).

الإفصاح في الإمامة :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (2) ، والشيخ الطوسي

ص: 401


1- الإفصاح في الإمامة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد 8 ) : 219 - 223.
2- رجال النجاشي : 399 [ 1067 ] ، وانظر : روضات الجنّات 6 : 153 [ 576 ].

( ت 460 ه- ) في فهرسته (1) ، وابن شهر آشوب ( 588 ه- ) في المعالم (2).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : وقال في كشف الحجب ( إنّه كان هذا الكتاب في دهلي عند بعض الثقات ، وقد نقل عنه والدي العلاّمة بعض عباراته في كتابه برهان السعادة في الإمامة ) ، « أقول » هو متداول في العراق ورأيت منه نسخاً منها نسخة من بقايا موقوفات مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني ، ونسخة الشيخ الحجّة ميرزا محمّد الطهراني ، ونسخة السيّد الجليل أبي القاسم الموسوي الإصفهاني النجفي ، ونسخة بخطّ العالم السيّد محمّد علي بن محمّد الموسوي اللاريجاني كتابتها سنة 1262 في مكتبة آية اللّه السيّد أبي الحسن الإصفهاني ونسخة في مكتبة الشيخ علي بن الشيخ محمّد رضا آل كاشف الغطاء ، ونسخة في مكتبة الشيخ محمّد السماوي وغيرها (3).

وذكر السيّد الطباطبائي عدّة نسخ له وعدّة طبعات (4) ، وحقّقته مؤسّسة البعثة في قم على ثلاث نسخ خطّية وأُخرى مطبوعة (5).

ص: 402


1- فهرست الطوسي : 444 [ 711 ].
2- معالم العلماء : 112 [ 765 ].
3- الذريعة 2 : 258 [ 1051 ].
4- مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ( رحمه اللّه ) ، رقم (1) : 212.
5- الإفصاح في الإمامة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد 8 ) : 12 ، مقدّمة التحقيق.

مؤلفات شريف المرتضي علي بن الحسين الموسوي البغدادي ( ت 436 ه- )

(46) كتاب : الشافي في الإمامة
الحديث :

الأوّل : قال الشريف المرتضى في ردّه على القاضي عبد الجبّار (1) عند استدلاله بحديث « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » (2) ، على إمامة أبي بكر في كتاب الإمامة من المغني - بعد أن ذكر عدّة ردود على هذا الخبر وغيره - : وفيهم من حكى رواية الخبر بالنصب وجعل أبا بكر وعمر على هذه الرواية مناديين مأمورين بالاقتداء بالكتاب والعترة ، وجعل قوله ( اللذين من بعدي ) كناية عن الكتاب والعترة ، واستشهد على صحّة تأويله بأمره ( صلى اللّه عليه وآله ) في غير هذا الخبر بالتمسّك بهما والرجوع إليهما في قوله : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

وأورده الطوسي ( ت 460 ه- ) في تلخيص الشافي (4).

ص: 403


1- في كتابه المغني.
2- الشافي في الإمامة 2 : 306.
3- الشافي في الإمامة 2 : 308.
4- تلخيص الشافي 3 : 36.

الثاني : ما يذكره من مناقشة القاضي عبد الجبّار ( ت 415 ه- ) في دلالة حديث الثقلين ، قال الشريف المرتضى :

قال صاحب الكتاب (1) : دليل لهم آخر ، وربّما تعلّقوا بما روي عنه ( صلى اللّه عليه وآله ) من قوله : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، وأنّ ذلك يدلّ على أنّ الإمامة فيهم ... ، ثمّ قال : وهذا يدلّ على أنّ إجماع العترة لا يكون إلاّ حقّاً ...

يقال له (2) : أمّا قوله « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فإنّه دالّ على أنّ إجماع أهل البيت حجّة على ما أقررت به ... (3).

وأورده الطوسي في تلخيص الشافي (4).

علم الهدى علي بن الحسين الموسوي البغدادي « الشريف المرتضى » :

قال النجاشي ( ت 450 ه- ) : علي بن الحسين بن موسى بن محمّد ابن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، أبو القاسم المرتضى ، حاز من العلوم ما لم يدانيه فيه أحد في زمانه ، وسمع من الحديث فأكثر ، وكان متكلّماً شاعراً

ص: 404


1- القاضي عبد الجبّار صاحب المغني.
2- جواب الشريف المرتضى.
3- الشافي في الإمامة 3 : 120 - 122 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 701 ح 111 ، والبحار 23 : 155 ، تتميم ، وسيأتي الكلام في الدلالة مفصّلا.
4- تلخيص الشافي 2 : 239.

أديباً ، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا ، إلى أن قال : مات رضي اللّه عنه لخمس بقين من شهر ربيع الأوّل سنة ست وثلاثين وأربع مائة ، وصلّى عليه ابنه في داره ودفن فيها ، وتولّيت غسله ومعي الشريف أبو يعلى محمّد ابن الحسن الجعفري وسلاّر بن عبد العزيز (1).

وقال الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في رجاله : علي بن الحسين الموسوي ، يكنّى أبا القاسم ، الملقّب بالمرتضى ، ذي المجدين علم الهدى أدام اللّه تعالى أيّامه ، أكثر أهل زمانه أدباً وفضلا ، متكلّم فقيه جامع للعلوم كلّها مدّ اللّه في عمره ، يروي عن التلعكبري والحسين بن علي بن بابويه وغيرهم من شيوخنا ، له تصانيف كثيرة ذكرنا بعضها في الفهرست وسمعنا منه أكثر كتبه وقرأناها عليه (2).

وقال في الفهرست : على بن الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين ، كنيته أبو القاسم المرتضى الأجلّ علم الهدى طوّل اللّه عمره وعضد الإسلام وأهله ببقائه وامتداد أيّامه ، متوحّد في علوم كثيرة ، مجمع على فضله ، مقدّم في علوم ، مثل : علم الكلام والفقه وأُصول الفقه والأدب والنحو والشعر ومعاني الشعر واللغة وغير ذلك ، وله ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت ، وله من التصانيف ومسائل البلدان شيء كثير يشتمل على ذلك فهرسته المعروف ، غير أنّي أذكر أعيان كتبه وكبارها ، إلى أن قال :

توفّي ( رحمه اللّه ) في شهر ربيع الأوّل سنة ست وثلاثين وأربع مائة ، وكان

ص: 405


1- رجال النجاشي : 270 [ 708 ].
2- رجال الطوسي : 434 [ 6209 ].

مولده في رجب سنة خمس وخمسين وثلاث مائة ، وسنّه يوم توفّي ثمانون سنة وثمانية أشهر وأيّام ، نضّر اللّه وجهه (1).

وقصّة الرؤيا التي رآها المفيد بحقّه وحقّ أخيه ، وقصّة تلقّبه بعلم الهدى مذكورتان في كتب التراجم لم نذكرهما اختصاراً.

الشافي في الإمامة :

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (2) ، وقال الشيخ ( ت 460 ه- ) : كتاب الشافي في الإمامة ، نقض كتاب الإمامة من كتاب المغني لعبد الجبّار بن أحمد ، وهو كتاب لم يصنّف مثله في الإمامة (3) ، ووصفه ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم بأنّه حسن (4).

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (5) ، وقال : كتب السيّدين الجليلين (6) كمؤلّفيها لا تحتاج إلى البيان (7).

ص: 406


1- فهرست الطوسي : 288 [ 432 ] ، وانظر : معالم العلماء : 69 [ 477 ] ، رجال ابن داوود : 136 [ 1036 ] ، خلاصة الأقوال : 179 [ 533 ] ، حاوي الأقوال 2 : 22 [ 357 ] ، نقد الرجال 3 : 254 [ 2552 ] ، مجمع الرجال 4 : 189 ، أمل الآمل 2 : 182 [ 549 ] ، رياض العلماء 4 : 14 ، منتهى المقال 4 : 397 [ 2004 ] ، روضات الجنّات 4 : 294 [ 400 ] ، بهجة الآمال 5 : 421 ، تنقيح المقال 2 : 284 ، معجم رجال الحديث 12 : 40 [ 8077 ] ، قاموس الرجال 7 : 441 [ 5113 ] ، بلغة المحدّثين : 383 ، جامع الرواة 1 : 575 ، لؤلؤة البحرين : 313 [ 104 ] ، الدرجات الرفيعة : 458 ، الكنى والألقاب 2 : 480.
2- رجال النجاشي : 270 [ 708 ].
3- فهرست الطوسي : 288 [ 432 ].
4- معالم العلماء : 69 [ 477 ].
5- البحار 1 : 10 ، مصادر الكتاب.
6- أي الشريف الرضي والمرتضى.
7- البحار 1 : 30 ، توثيق المصادر.

وهو مذكور في إجازة المرتضى للبصروي ، والتي رآها الميرزا عبد اللّه الأفندي في بعض المواضع المعتبرة (1) ولهذا الكتاب قيمة علميّة كبيرة ومكانة مرموقة عند الطائفة.

قال الشيخ محمّد جواد مغنية ( ت 1400 ه- ) : ولا أُغالي إذا قلت : إنّ كتاب الشريف هو أوّل كتاب شاف كاف في الدراسات الإسلاميّة الإماميّة بحيث لا يستغني عنه من يريد الكلام في هذا الموضوع (2).

وللشافي عدّة مخطوطات ذكرها السيّد الخطيب في مقدّمة تحقيق الكتاب منها :

1 - نسخة مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي 2 - نسخة المكتبة الرضويّة 3 - نسخة أُخرى في الرضويّة وغيرها ، ذكرها السيّد الخطيب (3).

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامّة للشريف المرتضى علم الهدى ، طبع في إيران سنة 1301 ه- ، وقد لخّصه تلميذه شيخ الطائفة الطوسي وسمّاه تلخيص الشافي وطبع أيضاً منضمّاً إلى الشافي (4). وطبع أيضاً بتحقيق السيّد حسين بحر العلوم في مجلّدين.

ص: 407


1- رياض العلماء 4 : 34.
2- الشيعة في الميزان : 120.
3- الشافي في الإمامة 1 : 16 ، مقدّمة التحقيق.
4- الذريعة 13 : 8 [ 17 ] و 4 : 423 [ 1866 ].

ص: 408

(47) كتاب : الانتصار الحديث :
اشارة

في ما يذكره في المقدّمة من أنّ الذين يشنّعون على فقه الشيعة ، الأفضل لهم أن يتركوا هذا البحث ; لأّن فقههم مقرون بالقرآن ، قال : مذاهبهم حجّة يرجع إليها ويعوّل عليها ، كالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

كتاب الانتصار

نسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) بعنوان كتاب مسائل انفرادات الإماميّة وما يظنّ انفرادها به (2) ، وقال الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) في الفهرست : مسائل الانفرادات في الفقه تامّة (3) ، وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) بعنوان : ما تفرّدت به الإماميّة من المسائل الفقهيّة (4).

ص: 409


1- الانتصار : 80.
2- رجال النجاشي : 270 [ 708 ].
3- فهرست الطوسي : 288 [ 432 ].
4- معالم العلماء : 69 [ 477 ].

وجعله المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (1) ، وقال : كتب السيّدين الجليلين كمؤلّفيها لا تحتاج إلى البيان (2).

وهذا الكتاب ذكر ضمن كتب المرتضى في إجازة البصروي التي رآها الميرزا عبد اللّه الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) ، تحت عنوان : الانتصار لما اجتمعت عليه الإماميّة (3).

وقال الميرزا الأفندي : قال المولى نظام القرشي في نظام الأقوال : علي بن الحسين بن موسى ... ، المشهور بالمرتضى علم الهدى ، متوحّد في علوم كثيرة ، وله كتب كثيرة ، منها : الانتصار في الحديث ...

وأقول : في كلامه نظر من وجوه : منها ما قاله في شرح نسب هذا السيّد فلاحظ ، ومنها قوله « الانتصار في الحديث » ، فإنّه ليس في الحديث ، بل في الفقه في المسائل الفقهيّة التي انفردت بها الإماميّة ، وهو كتاب معروف متداول وعندنا منه أيضاً نسخة (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : الانتصار في انفرادات الإماميّة للسيّد الشريف المرتضى ، إلى أن قال : صنّفه للأمير الوزير عميد الدين في بيان الفروع التي شنّع على الشيعة بأنّهم خالفوا فيها الإجماع ، فأثبت أنّ لهم فيها موافقة من فقهاء سائر المذاهب ، وأنّ لهم عليها حجّة قاطعة من الكتاب والسنّة ، ثمّ قال : طبع بطهران ضمن الجوامع الفقهيّة سنة 1276 ، ومنفرداً أيضاً سنة 1315 ، وتوجد في الخزانة الرضويّة نسخة منها ، تاريخ كتابتها سنة 596 (5).

ص: 410


1- البحار 1 : 11 ، مصادر الكتاب.
2- البحار 1 : 30 ، توثيق المصادر.
3- رياض العلماء 4 : 34.
4- رياض العلماء 4 : 61.
5- الذريعة 2 : 360 [ 1455 ] و 20 : 336 [ 3286 ].

وتوجد عدّة نسخ خطيّة أُخرى ، منها : في مكتبة السيّد المرعشي النجفي تاريخها سنة 591 ه- ، نسخة مكتبة گوهرشاد نسخها سنة 1068 وغيرها (1).

ومن محتوى الكتاب ظهر سبب اختلاف تسميته عند علماء الرجال.

ص: 411


1- الانتصار : 63 ، منهج التحقيق.

ص: 412

(48) كتاب : الآيات الناسخة والمنسوخة أو ( رسالة المحكم والمتشابه )
الحديث :

قال في المقدّمة :

الحمد لله العدل ذي العظمة ... ، وعلى الأئمّة المصطفين ... ، الذين قرنهم اللّه بنفسه ونبيّه ، حيث يقول جلّ ثناؤه ( طِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) فدلّ سبحانه وأرشد إليهم ، فقال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ، الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، فإنّ ربّي اللطيف الخبير أنبأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

كتاب الآيات الناسخة والمنسوخة أو ( رسالة المحكم والمتشابه ) :

هذه الرسالة لم تذكر في الكتب القديمة للرجال في ضمن مؤلّفات السيّد المرتضى (2) ، وكذا لم ترد في فهرست مؤلّفاته التي وردت في إجازته للشيخ البصروي (3).

ص: 413


1- الآيات الناسخة والمنسوخة : 41 ، المقدّمة ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 571 ح 467.
2- انظر رجال النجاشي : 270 [ 708 ] ، فهرست الطوسي : 288 [ 432 ] ، معالم العلماء : 69 ، وغيرها.
3- رياض العلماء 4 : 34.

وإنّما ذكرها الحرّ ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل ، وقال : ومن مؤلّفاته رسالة المحكم والمتشابه ، وكلّها منقولة من تفسير النعماني (1) ، ومثله في خاتمة الوسائل (2) ، وأورد صاحب اللؤلؤة نفس عبارة الحرّ العاملي (3).

وعدّها المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر البحار من ضمن مؤلّفات المرتضى (4) ، وأوردها كاملة في كتاب القرآن ، ولكنّه قال في أوّلها : رسالة مفردة مدوّنة كثيرة الفوائد برواية النعماني (5) ، وقال في فصل مصادره : وكتاب التفسير الذي رواه الصادق ( عليه السلام ) ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المشتمل على أنواع آيات القرآن وشرح ألفاظه برواية محمّد بن إبراهيم النعماني ، وسيأتي بتمامه في كتاب القرآن (6) ، ونقل عنه مكرّراً بعنوان ( تفسير النعماني ، وأنّه سيأتي في كتاب القرآن كاملا ) في الجزء الخامس (7) والسادس (8) والسابع (9) ، وهكذا في الأجزاء الأُخرى من البحار.

أقول : لا أعلم هل يعتبرهما اثنان ، أو اشتبه عليه الحال ، مع أنّه لم يرو عن هذه الرسالة بعنوان المحكم والمتشابه في البحار كلّه ، وإنّما يروي عنها بعنوان تفسير النعماني ، كما أشرنا إليه ، رغم أنّه عدّها من مصادر البحار عند ذكره لمؤلّفات المرتضى ، فلاحظ.

ص: 414


1- أمل الآمل 2 : 184 ، وانظر : رياض العلماء 4 : 47.
2- خاتمة الوسائل 30 : 155 [ 23 ].
3- لؤلؤة البحرين : 322 ، وانظر : روضات الجنّات 4 : 303.
4- البحار 1 : 11 ، وانظر : رياض العلماء 4 : 46.
5- البحار 93 : 1.
6- البحار 1 : 15 ، وانظر : الذريعة 20 : 154 [ 2361 ].
7- البحار 5 : 29 ، 110 ، 174 ، 208.
8- البحار 6 : 245.
9- البحار 7 : 42 ، 62 ، 318.

هذا وقد ذكر الحرّ ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل أنّه رأى قطعة من تفسير النعماني (1) ، وقال صاحب الذريعة : ولعلّ مراده من القطعة هي الروايات المبسوطة التي رواها النعماني بإسناده إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وجعلها مقدّمة تفسيره ، وهي التي دوّنت مفردة مع خطبة مختصرة وتسمّى ب- ( المحكم والمتشابه ) ، كما يأتي ، وتنسب إلى السيّد المرتضى ، وطبع في الأواخر بإيران ، وقد أوردها بتمامها العلاّمة المجلسي في مجلّد القرآن من البحار (2).

ثمّ إنّ الحرّ العاملي ذكر طريقه إليها في خاتمة الوسائل ، وقال : ونروي رسالة ( المحكم والمتشابه ) للسيّد المرتضى : بالإسناد السابق عن الشيخ أبي جعفر الطوسي (3) ، عن السيّد المرتضى علي بن الحسين الموسوي (4).

وقد قال السيّد المرتضى في أوّل الرسالة كما في المطبوع والبحار : قال أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني في كتابه تفسير القرآن ، عن أحمد بن محمّد بن سعد بن عقدة ، قال : حدَّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) ، يقول : ... (5).

ولكن المجلسي ( ت 1111 ه- ) قال في نهاية الرسالة : أقول : وجدت رسالة قديمة مفتتحها ، هكذا : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي ( رحمه اللّه ) ،

ص: 415


1- أمل الآمل : 233 [ 691 ].
2- الذريعة 4 : 318 [ 1342 ].
3- ذكر إسناده عن الشيخ الطوسي في خاتمة الوسائل 30 : 176 ، الطريق 19.
4- خاتمة الوسائل 30 : 180 ، الطريق (24).
5- الآيات الناسخة والمنسوخة : 46 ، والبحار 93 : 3.

قال : حدَّثني سعد الأشعري القمّي أبو القاسم ( رحمه اللّه ) ، وهو مصنّفه : الحمد لله ذي النعماء والآلاء والمجد والعزّ والكبرياء ، وصلّى اللّه على محمّد سيّد الأنبياء وعلى آله البررة الأتقياء ، روى مشايخنا عن أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : « أُنزل القرآن ... ، » وساق الحديث إلى آخره ، لكنّه غيّر الترتيب ، وفرّقه على الأبواب ، وزاد في ما بين ذلك بعض الأخبار (1).

وقد نقل المجلسي من هذه الرسالة القديمة بعض الأحاديث ، كما في كتاب القرآن ، الباب السابع (2).

ويظهر من كلامه ( قدس سره ) وبقرينة إيراده في نهاية الرسالة الأُولى ، أنّ الثانية هي نفس الأُولى ولكن بسند آخر ، وأنّ الرسالة عبارة عن حديث واحد من أوّلها إلى آخرها ، حيث قال : وساق الحديث إلى آخره ، لكنّه غيّر الترتيب وفرّقه على الأبواب ، وزاد في ما بين ذلك بعض الأخبار.

ولكن بالتأمّل في ما نقله من أوّل الرسالة القديمة ( الثانية ) ، حيث قال : حدّثني سعد الأشعري القمّي أبو القاسم ( رحمه اللّه ) وهو مصنّفه ، وما نقله منها في الباب السابع من كتاب القرآن ، حيث ورد في ضمنها روايات عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، لا عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في أوّل الرسالة ، يتبادر إلى الذهن أنَّ هناك تصنيفاً وتأليفاً وجمعاً ، وعدّة روايات لا روايةً واحدةً طويلة ، ولكن يبقى الاحتمال من أنّ الأشعري لم يفعل إلاّ أن فرّق الرواية على الأبواب ، وأضاف روايات عن الصادق ( عليه السلام ) ، وهي التي أشار إليها المجلسي بقوله : وزاد في ما بين ذلك بعض الأخبار.

ومن هنا يتطرّق الاحتمال أيضاً إلى أنّ ما ذكره المرتضى ( رحمه اللّه ) عن

ص: 416


1- البحار 93 : 97.
2- البحار 92 : 60.

تفسير النعماني هل هو رواية واحدة طويلة وما ذكره سنداً لها؟ ، أو أنّها روايات متفرّقة رواها النعماني بسند واحد في تفسيره ، وانتخبها المرتضى منه وضمنها هذه الرسالة؟.

ولا بأس بالإشارة إلى أنّ بعض مقاطع هذه الرسالة ( المحكم والمتشابه ) وردت أيضاً في بداية تفسير القمّي ، ولكن لا دليل على أنّها من رواية القمّي نفسه ، ولا أنّها رواية واحدة أيضاً.

وعلى كلّ فمن المستبعد أن تكون الرسالة رواية واحدة عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، خاصّة وإنّ فيها ردود على فرق لم تكن ظهرت في زمن الإمام علي ( عليه السلام ) ، فربّما تكون من كلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، بل إنّ بعضه ربّما يكون من شخص متأخر عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، قد يكون هو النعماني نفسه لو قلنا بأنّ الرسالة مأخوذة كلّها من تفسيره ، كما هو الأرجح والظاهر من قول المرتضى في أوّل الرسالة.

على الرغم من وجود احتمال أنّ هذا البعض ( الكلام ) كلام المرتضى ، ضمّنه ما انتخبه من روايات من تفسير النعماني ، فهو قريب من أُسلوبه في المناظرة والجدل في بقيّة كتبه الأُخرى.

ثمّ إنّ الرسالة سمّيت في النسخ المخطوطة التي اعتمدت في طبع الرسالة ب- ( الآيات الناسخة والمنسوخة ) ونسبت إلى السيّد المرتضى علم الهدى ، كما ذكر ذلك محقّق الرسالة المطبوعة ، حيث ذكر أنَّه عثر على ثلاث نسخ : الأُولى في مكتبة أمير المؤمنين في النجف ، استقرب تاريخها بسنة 1050 ه- ، والثانية في مكتبة الإمام السيّد محسن الحكيم ( رحمه اللّه ) في النجف أيضاً ، واستقرب تاريخها بسنة 1080 ه- ، والثالثة في خزانة مكتبة دار الكتب في القاهرة كتبت بتاريخ 1331 ه- ، وأنّ اثنتين منها - هما نسخة مكتبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ونسخة دار الكتب في القاهرة - قد عنونت بهذا

ص: 417

العنوان ، لهذا اعتمده كعنوان للرسالة (1).

وعلى كلّ فهذه الرسالة نسبت إلى السيّد المرتضى ولم تنسب إلى غيره ، وعليه فتكون المقدّمة القصيرة في بدايتها والتي ورد فيها حديث الثقلين من كلامه هو ( قدس سره ) ، ثمّ أورد بعدها ما انتخبه من تفسير النعماني.

ص: 418


1- الآيات الناسخة والمنسوخة : 16 ، عملنا في التحقيق.
(49) المسائل المبادريات
الحديث :

جاء في إجازة السيّد المرتضى للشيخ أبي الحسن محمّد بن محمّد البصروي ذكر تصانيف السيّد ( رحمه اللّه ) ، ومنها :

المسائل المبادرات وهي أربع وعشرون مسألة :

العشرون : قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي » (1).

المسائل المبادريات أو البادرانيّات :

ذكرها العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة ، وقال : جوابات المسائل البادرائيّات للسيّد الشريف المرتضى علم الهدى المتوفّى ( 436 ) ، أربع وعشرون مسألة ، ذكره النجاشي (2) ، وبادراياطسوج بنهروان كما في معجم البلدان (3).

وجاء تفصيل ما موجود في هذه المسائل في إجازة المرتضى

ص: 419


1- رياض العلماء 4 : 34 ، إجازة البصروي.
2- رجال النجاشي : 270 [ 708 ].
3- الذريعة 5 : 214 [ 1007 ] ، 20 : 337.

للبصروي التي وجدها صاحب الرياض في بعض المواضع المعتبرة ، ونقلها في الرياض (1) ، وقد ذكر الإجازة أيضاً صاحب الذريعة (2).

ص: 420


1- رياض العلماء 4 : 34.
2- الذريعة 1 : 216 [ 1132 ].

مؤلّفات أبي الصلاح تقيّ بن نجم الحلبي ( ت 447 ه- )

(50) كتاب : تقريب المعارف
الحديث :

ومن ذلك ما اتفقت الأُمّة عليه ، من قوله ( عليه السلام ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » (1).

أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي :

قال الشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) : تقي بن نجم الحلبي ، ثقة ، له كتب ، قرأ علينا وعلى المرتضى (2).

وقال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : الشيخ التقي بن النجم الحلبي ، فقيه عين ثقة ، قرأ على الأجلّ المرتضى علم الهدى نضّر اللّه وجهه ، وعلى الشيخ الموفّق أبي جعفر ، وله تصانيف (3).

وقال العلاّمة الحلّي ( ت 726 ه- ) : تقي بن نجم الحلبي ، أبو

ص: 421


1- تقريب المعارف : 181 ، [ النصّ على إمامة الأئمّة ] ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 733 ح 266 ، فصل (41).
2- رجال الطوسي : 417 [ 6034 ] ، من لم يرو عن الأئمّة ( عليهم السلام ).
3- فهرست منتجب الدين : 30 [ 60 ].

الصلاح ( رحمه اللّه ) ، ثقة عين له تصانيف حسنة ذكرناها في الكتاب الكبير (1).

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) : أقول : وفي بعض الإجازات أنّه خليفة المرتضى في علومه (2) ، وقال بعض الأفاضل : إنّ له تصانيفاً كثيرة مشهورة ، مات بعد عودته من الحجّ بالرملة في محرّم سنة ست وأربعين وأربعمائة ، انتهى (3).

وقد نصّ ابن حجر ( ت 852 ه- ) في لسان الميزان والسيّد الأمين ( ت 1371 ه- ) في أعيان الشيعة ، والطبّاخ في أعلام النبلاء ، والمدرّس ( ت 1373 ه- ) في ريحانة الأدب على أنّ وفاته في سنة 447 (4). كتاب تقريب المعارف :

قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : الشيخ تقي الدين بن النجم الحلبي أبو الصلاح ، له كتب رأيت منها : كتاب تقريب المعارف حسن جيّد (5).

ص: 422


1- خلاصة الأقوال : 84 [ 174 ]. وانظر : رجال ابن داود : 58 [ 270 ] ، معالم العلماء : 29 [ 155 ] ، حاوي الأقوال 1 : 227 [ 113 ] ، نقد الرجال 1 : 305 [ 816 ] ، مجمع الرجال 1 : 287، أمل الآمل 2 : 46 [ 120 ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 171 [ 308 ] ، جامع الرواة 1 : 132 ، رياض العلماء 1 : 99 ، و 5 : 464 ، منتهى المقال 2 : 185 [ 494 ] ، روضات الجنّات 2 : 111 [ 146 ] ، بهجة الآمال 2 : 449 ، تنقيح المقال 1 : 185 ، معجم رجال الحديث 4 : 283 [ 1920 ] ، قاموس الرجال 2 : 415 [ 1222 ]. بلغة المحدّثين : 2. طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : 39 ، لؤلؤة البحرين : 333 ، الكنى والألقاب 1 : 99 ، أعيان الشيعة 3 : 634 ، تكملة أمل الآمل : 114.
2- البحار 108 : 158 ، إجازة الشهيد الثاني.
3- رياض العلماء 1 : 100.
4- تقريب المعارف : 43 ، ترجمة المؤلّف ، تحقيق الشيخ فارس الحسّون.
5- أمل الآمل 2 : 47 [ 120 ].

قال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار : وكتاب تقريب المعارف في الكلام للشيخ الأجلّ أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الحلبي (1) ، وقال في موضع آخر : وكتاب تقريب المعارف كتاب جيّد في الكلام ، وفيه أخبار طريفة ، أوردنا بعضها في كتاب الفتن ، وشأن مؤلّفه أعظم من أن يفتقر إلى البيان (2).

وفي الذريعة : ينقل عنه المير محمّد أشرف في فضائل السادات (3).

وقال الشيخ فارس الحسّون - محقّق الكتاب - : ذكره أبو الصلاح في كتابه الكافي في خمسة موارد ، حيث أحال فيه على كتاب تقريب المعارف.

ونسبه إلى أبي الصلاح جلّ من وضع له ترجمة وذكر كتبه ، مثل : العلاّمة المجلسي في البحار ، والحرّ العاملي في أمل الآمل وإثبات الهداة ، والتستري في قاموس الرجال ، والطهراني في الذريعة والطبقات ، والتستري في كشف القناع والمقابس ، والسيّد الأمين في الأعيان ، والمحدّث النوري في خاتمة المستدرك ، والشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب وسفينة البحار والفوائد الرضويّة ، والكنتوري في كشف الحجب ، والتنكابني في قصص العلماء ، والمدرّس في ريحانة الأدب (4).

وقال أيضاً : قال العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 37 / 252 : قال أبو الصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف ، وقد لخّصه من الشافي : ...

وفي الواقع إنّ التعبير ب- : لخّصه من الشافي ، فيه نوع من المسامحة ، ويتّضح هذا المطلب بأدنى مقارنة بين الكتابين ... الخ (5).

ص: 423


1- البحار 1 : 20 ، مصادر الكتاب.
2- البحار 1 : 38 ، توثيق المصادر.
3- الذريعة 4 : 466 [ 1596 ].
4- تقريب المعارف : 47 ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.
5- تقريب المعارف : 53 ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.

ص: 424

(51) كتاب : الكافي في الفقه
الحديث :

في حديثه عن الإمامة والأدلّة عليها من السنّة النبويّة ، قال : ويدلّ على ذلك من جهة السنّة ما اتّفق عليه نقلةُ الشيعة ، وفي نقلهم الحجّة ، ورواه أصحاب الحديث من غيرهم ، أنّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) قال في غير موطن : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

كتاب الكافي في الفقه :

نسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته ، قال : وله تصانيف منها الكافي ، أخبرنا به غير واحد من الثقات ، عن الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي ، عنه (2).

ونسبه إليه أيضاً ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم (3) ، وابن إدريس ( ت 598 ه- ) في السرائر (4).

ص: 425


1- الكافي في الفقه : 96.
2- فهرست منتجب الدين : 30 [ 60 ].
3- معالم العلماء : 29 [ 155 ].
4- السرائر 2 : 449 ، باب المزارعة ، وموارد أُخرى في السرائر.

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (1).

وقال السيّد الخوانساري ( ت 1313 ه- ) : وقد رأيت كتابه الكافي في الفقه على ترتيب أبوابه ، وهو كتاب حسن معروف بين أصحابنا معوّل عليه عندهم (2).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : الكافي في الفقه للشيخ الفقيه أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الدين ، تلميذ الشريف المرتضى وخليفته في البلاد الحلبية ، موجود في مخزن كتب المولى محمّد على الخوانساري بالنجف ، ومخزن السيّد الحاج آغا سبط السيّد حجّة الإسلام الإصفهاني ، وخزانة المولى محمّد حسين القمشئي بالنجف الموقوفة في 1281 ، وفي الرضويّة ، وعند الشيخ مشكور ، وغيرها (3).

وأضاف الشيخ رضا أُستادي نسخ أُخَر في مقدّمته على الكتاب (4).

ص: 426


1- البحار 1 : 20 ، مصادر الكتاب.
2- روضات الجنّات 2 : 113.
3- الذريعة 17 : 247 [ 103 ].
4- الكافي في الفقه : 25 ، ترجمة المؤلّف.

مؤلفات أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي ( ت 449 ه- )

(52) كتاب : كنز الفوائد
الحديث :

الأوّل : قال في رسالته في وجوب الإمامة ، وضمن استدلاله على وجوب الإمام : هذا ، مع ما نعلم من عدمهم أكثر النصوص في الأحكام ، والتجائهم بعدمها إلى الاجتهاد والقياس ، والأخذ في الدين بالظنّ والرأي ... ، فعلمنا أنّ اللّه سبحانه قد أزاح علل المكلّفين بعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بالأئمّة الراشدين الهداة المعصومين ، الذين أمر اللّه تعالى بالردّ إليهم والتعويل عليهم ، فقال عزّ من قائل : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ، وقال النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » (1).

الثاني : ضمن كلامه في الردّ على من قال : إنّ المراد بالإمام في حديث ( من مات ولم يعرف إمام زمانه ... ) هو الكتاب ، قال : وظاهر قول النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : « من مات وهو لا يعرف إمام زمانه » يدلّ على أنّ لكلّ زمان إماماً في الحقيقة ، يصحّ أن يتوجّه منه الأمر ، ويلزم له الاتّباع ، وهذا واضح لمن طلب الصواب.

ص: 427


1- كنز الفوائد 1 : 324 ، ووجه آخر.

ومن ذلك ما أجمع عليه أهل الإسلام من قول النبيّ عليه الصلاة والسلام : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فأخبر أنّه قد ترك في الناس من عترته من لا يفارق الكتاب وجوده وحكمه وأنّه لا يزال وجودهم مقروناً بوجوده ، وفي هذا دليل على أنّ الزمان لا يخلو من إمام (1).

محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست : الشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي ، فقيه الأصحاب ، قرأ على السيّد المرتضى علم الهدى والشيخ الموفّق أبي جعفر رحمهم اللّه وله تصانيف (2) ، وعبّر عنه ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم بالقاضي أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي (3).

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : الشيخ أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكرجكي ، عالم فاضل متكلّم فقيه محدّث ثقة جليل القدر (4).

وقال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) : وأمّا الكراجكي ، فهو من أجلّة العلماء والفقهاء والمتكلّمين ، وأسند إليه جميع أرباب الإجازات ، ثمّ قال : ويظهر من الإجازات أنّه كان أُستاد ابن البرّاج (5).

ص: 428


1- كنز الفوائد 1 : 329 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 625 ح 814 ، فصل ( 62 ) ، و 1 : 704 ح 123 ، فصل (14) ، والبحار 23 : 95.
2- فهرست منتجب الدين : 154 [ 355 ].
3- معالم العلماء : 118 [ 788 ].
4- أمل الآمل 2 : 287 [ 857 ].
5- البحار 1 : 35 ، توثيق المصادر.

وقال العلاّمة النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة المستدرك : فهذا الشيخ الجليل أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي ، الفقيه الجليل الذي يعبّر عنه الشهيد كثيراً ما في كتبه بالعلاّمة ، مع تعبيره عن العلاّمة الحلّي : بالفاضل.

ولم أر من المترجمين من استوفى مؤلّفاته ، فاللازم علينا ذكرها (1) ، ثمّ يذكرها بالتفصيل.

وأمّا وفاته فقد نصّت بعض المصادر على أنّها كانت في سنة 499 ه- ، مثل : لسان الميزان وشذرات الذهب ومرآة الزمان (2).

كتاب كنز الفوائد :

نسبه إليه الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل (3) ، وجعله العلاّمة المجلسي أحد مصادر كتاب البحار (4) ، وقال : وكتابه كنز الفوائد من الكتب المشهورة التي أخذ عنه جلّ من أتى بعده (5).

وقال المامقاني ( ت 1351 ه- ) - بعد ذكره كلام

منتجب الدين - : وأقول : أراه لم يذكر كنز الفوائد وهو أعرف كتبه (6).

وقال العلاّمة التستري ( ت 1415 ه- ) في قاموسه - بعد أن ذكر كلام

ص: 429


1- خاتمة المستدرك 3 : 126 ، الفائدة الثالثة.
2- كنز الفوائد 1 : 12 - 13 ، مقدّمة التحقيق للشيخ عبد اللّه نعمة ، وانظر في ترجمته أيضاً : الكنى والألقاب 3 : 108. طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : 2. رياض العلماء 5 : 139 ، تنقيح المقال 3 : 159 ، قاموس الرجال 9 : 458 ، معجم رجال الحديث 17 : 357 [ 11342 ] ، روضات الجنّات 6 : 209 [ 579 ] ، جامع الرواة 2 : 156 ، لؤلؤة البحرين : 337 [ 112 ] ، أعيان الشيعة 9 : 400.
3- أمل الآمل 2 : 287 [ 857 ].
4- البحار 1 : 18 ، مصادر الكتاب.
5- البحار 1 : 35 ، توثيق المصادر.
6- تنقيح المقال 3 : 159.

منتجب الدين - : ولم يذكر في كتبه كنزه (1).

وقد جاء ذكره في فهرست كتبه الذي عمله بعض معاصريه والمنقول في خاتمة المستدرك (2).

ووصفه الخوانساري ( ت 1313 ه- ) في الروضات قائلا : وهو من أحسن مصنّفاته الباقية إلى هذا الزمان والحاوية لنفايس من العلوم والأفنان ، ولا سيّما الأصولين والفضائل والأخلاق ، وقد اشتمل على سبع رسائل منفردة برؤوسها ... ، الخ (3).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : كنز الفوائد ، كبير في خمسة أجزاء في فنون مختلفة وتفاسير آيات كثيرة ، للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفّى 449 ، عمله لابن عمّه ، وهو مشتمل على أخبار مرويّة ونكات مستحسنة وعدّة مختصرات عملها مستقلّة ، نسخة منه في ( الرضويّة ) كتابتها 677 في آخر جزئه الأوّل ، إلى أن قال : وقد صنّف الفاضل الهندي لهذا الكتاب فهرساً رأيته بخطّه ، وقد طبع « كنز الفوائد » بإيران في 1322 (4).

ص: 430


1- قاموس الرجال 9 : 458 [ 7073 ].
2- خاتمة المستدرك 3 : 132 ، وانظر : الذريعة 16 : 379 [ 1764 ].
3- روضات الجنّات 6 : 210.
4- الذريعة 18 : 161 [ 1195 ] ، وانظر : فهرست التراث 1 : 519.
(53) كتاب : التعجّب
الحديث :

في تعجّبه من عدّ أبناء العامّة من أفتى بفتوى سواء قام إليها أم رجع إلى غيرها فهو من فقهاء الأُمّة ، إلاّ الأئمّة من أهل بيت النبوة ( عليهم السلام ) فإنّهم ليسوا عندهم من الفقهاء ، قال : ومن العجب : إنّهم يسمعون قول الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ... ، فيهجرونهم ولا يرجعون في مسألة من الفقه إليهم ... (1).

كتاب التعجّب :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : وله تصانيف منها : كتاب « التعجّب » ، كتاب « النوادر » ، أخبرنا الوالد ، عن والده ، عنه رحمهم اللّه (2).

ونسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم ، وقال : إنّه حسن (3).

ص: 431


1- التعجب : 150 ، الفصل السابع عشر.
2- فهرست منتجب الدين : 154 [ 355 ].
3- 3 - معالم العلماء : 118 [ 788 ] ، وانظر : جامع الرواة 2 : 156 ، رياض العلماء 5 : 139، روضات الجنّات 6 : 209 [ 579 ] ، تنقيح المقال 3 : 159 ، معجم رجال الحديث 17 : 357 [ 11342 ] ، خاتمة المستدرك 3 : 226.

وجعله المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (1) ، وقال : وسائر كتبه في غاية المتانة (2).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : ( التعجّب من أغلاط العامّة في مسألة الإمامة ) تأليف العلاّمة الكراجكي ، طبع مع كنز الفوائد له ( سنة 1322 ) ذكر فيه مناقضات أقوالهم ومنافرات أفعالهم (3).

وطبع بتحقيق فارس حسّون كريم على عدّة نسخ (4).

ص: 432


1- البحار 1 : 18 ، مصادرالكتاب.
2- البحار 1 : 35 ، توثيق المصادر.
3- الذريعة 4 : 210 [ 1044 ].
4- التعجّب : 21 ، حول الكتاب.
(54) كتاب : دلائل الإمامة الطبري الصغير لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الصغير ( القرن الخامس )
الحديث :

الأوّل : بعد أن أورد خطبة الزهراء عندما غصبوا فدك ، قال : ...

قال أبو جعفر (1) : نظرت في جميع الروايات فلم أجد فيها أتمّ شرح وأبلغ في الإلزام وأوكد بالحجّة من هذه الرواية ، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع : أنسيتم قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وبدأ بالولاية : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ، وقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين ... » (2).

وذكر سنده في رواية عبد الرحمن في أوّل خطبة الزهراء ( عليها السلام ) ، هكذا : وأخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدَّثنا أبي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : حدَّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال : حدَّثني محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن المفضّل بن قيس الأشعري ، قال : حدَّثنا علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ،

ص: 433


1- هذه اللفظة لا توجد في المخطوطتين من الكتاب وإنّما من المطبوع.
2- دلائل الإمامة : 124 ح 36 ، حديث فدك.

عن عمّته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ... (1).

الثاني : روى أبو بكر أحمد بن محمّد الخشاب الكرخي ، قال : حدَّثنا زكريّا بن يحيى الكوفي ، قال : حدَّثنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : « لمّا قبض رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ما ترك إلاّ الثقلين : كتاب اللّه وعترته أهل بيته ، وكان قد ... » (2).

كتاب دلائل الإمامة ومؤلّفه :

النسخ الموجودة من هذا الكتاب ناقصة الأوّل ، وتبدأ هذه النسخ بستّة عشر حديثاً مسندة إلى الزهراء ( عليها السلام ) ، وأوّلها في النسخ الموجودة ، هكذا : أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي (3).

ولكن كانت هناك نسخة كاملة عند السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) ، نقل عنها في كتبه روايات تدلّ على أنّ كتاب الدلائل كان يحتوي على دلائل النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) ودلائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، إضافة إلى ما نقله ممّا هو موجود الآن في الكتاب (4).

وقد سمّى السيّد الكتاب بدلائل الإمامة ونسبه إلى محمّد بن جرير الطبري في عدّة مواضع من كتبه (5).

ص: 434


1- دلائل الإمامة : 109 ح 36 ، حديث فدك.
2- دلائل الإمامة : 131 ح 42 ، خبر منامها قبل وفاتها ( عليها السلام ) ، وعنه في البحار 43 : 207 ح 36.
3- دلائل الإمامة : 44 ، منهج التحقيق ، والذريعة 8 : 246 [ 1018 ].
4- انظر : دلائل الإمامة 41 ، مقدّمة المحقّق ، ( هذا الكتاب ) ، والذريعة 8 : 244 [ 1018 ].
5- انظر : دلائل الإمامة : 38 ، مقدّمة المحقّق ، ( عنوان الكتاب ).

ومنه أخذ اسم الكتاب ونسبته إلى محمّد بن جرير الطبري الإمامي من جاء بعده كالمجلسي ( ت 1111 ه- ) والبحراني ( ت 1107 ه- ) ; لأنّ نسخهم كانت ناقصة أيضاً (1).

ولكن بمراجعة أسانيد الكتاب يظهر منه أنّ المؤلّف كان معاصراً للنجاشي ( ت 450 ه- ) والشيخ الطوسي ( ت 460 ه- ) أو قبلهما بقليل.

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : وأمّا محمّد بن جرير صاحب كتاب ( الإمامة ) الذي عقدت له هذه الترجمة ، فيظهر من مشايخه وأسانيده أنّه كان من المعاصرين للطوسي والنجاشي ومتأخّراً عن صاحب ( المسترشد ) (2) ، وقد ألّف ( الإمامة ) بعد 411 التي توفّي فيها ابن الغضائري ، كما حكاه عنه في ( مدينة المعاجز ) (3) في التاسع والستّين من معجزات صاحب الزمان ، بما لفظه : أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، قال : نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد اللّه الحسين بن الغضائري ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثني أبو الحسن علي بن عبد اللّه القاساني (4) ، إلى آخر كلامه الصريح في أنّ ابن الغضائري من مشايخه ، وأنّه كتبه عن خطّه بعد وفاته ، وابن الغضائري من أجلّة مشايخ النجاشي والطوسي ، ويروي في الكتاب غالباً عن جماعة هم يروون عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري الذي توفّي 385 ه- ، وهم : ولده أبو الحسين محمّد بن هارون ، وأبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه بن الحسن ، وأبو طالب محمّد بن عيسى القطّان ، وأبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه الحرمي ، كما أنّ الطوسي يروي

ص: 435


1- راجع مقدّمة محقّق دلائل الإمامة : 40 ، تحت عنوان ( هذا الكتاب ).
2- محمّد بن جرير الطبري الكبير.
3- للسيّد هاشم البحراني.
4- دلائل الإمامة : 545 ح 128.

عن جماعة عن التلعكبري ، منهم : ولده الحسين بن هارون بن موسى ، وكذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمّد بن هارون ، وإن ذكر النجاشي أنّه أدرك التلعكبري وكان يحضر مجلسه مع ولده محمّد بن هارون ، لكن ما روى عنه لصغر سنّه يومئذ ; لأنّه ولد النجاشي 372 ، فكان في وقت وفاة التلعكبري ابن ثلاثة عشر أو أقل ، ويروي أيضاً في كتاب ( الإمامة ) عن الصدوق المتوفّى 381 بواسطة تلاميذه ، منهم : أبو الحسن علي بن هبة اللّه بن عثمان بن الرائقة الموصلي ، صاحب كتاب ( المتمسّك بحبل آل الرسول ) المذكور في ( ص 132 ) ، كما أنّ الطوسي والنجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي عبد اللّه الحسين بن إبراهيم بن عيسى المعروف بابن الخيّاط القمّي الذي هو من مشايخ الطوسي ، وله الرواية عن أحمد بن محمّد بن عيّاش صاحب ( مقتضب الأثر ) المتوفّى 401 ، ويروي أيضاً عن أخيه المتوفّى قبل تأليف ( الإمامة ) ; لأنّه دعا له برضي اللّه عنه ، وقال : إنّه قرأ أخوه في 395 على ابن البغدادي المولود بسوراء من نواحي بابل (1) ، وهو أبو الحسن أحمد بن علي ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي المفضّل الشيباني الذي أدركه النجاشي أيضاً (2) ، ويروي فيه أيضاً عن القاضي أبي الفرج بن المعافي ، المروّج لمذهب ابن جرير العامّي ، انتهى (3).

ومن هذا يظهر أنّ مؤلّف كتاب ( دلائل الإمامة ) ليس هو محمّد بن جرير الطبري الإمامي الكبير صاحب ( المسترشد ) الذي ترجم له النجاشي

ص: 436


1- دلائل الإمامة : 210 ح 24.
2- دلائل الإمامة : 289 ح 92.
3- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ، 2 : 153 ، وانظر : الذريعة 8 : 241 [ 1018 ] ، ومقدّمة التحقيق لكتاب دلائل الإمامة ، والأخبار الدخيلة : 43.

( ت 450 ه- ) (1) والطوسي ( ت 460 ه- ) (2) ، والذي كان معاصراً للطبري العامّي صاحب التاريخ والتفسير في أوائل القرن الرابع (3) ، بل إنّه يروي عن الكبير بواسطتين ، هما : أبو الحسين محمّد بن هارون ، عن أبيه هارون بن موسى ، عن محمّد بن جرير الطبري (4).

وبالانتباه إلى ما ذكرناه سابقاً من أنّ تسمية الكتاب واسم مؤلّفه جاءت فقط من جهة السيّد ابن طاووس ، ومن استبعاد اتّحاد اسم المؤلّف مع اسم مؤلّف ( المسترشد ) بالأب والجدّ واللقب ، وأنّ التمييز بينها فقط بالكبير والصغير ، يحقّ لنا أن نشكّك بهذه النسبة الواردة إلينا من السيّد ابن طاووس.

قال العلاّمة التستري ( ت 1415 ه- ) : وأمّا تحقيق الكتاب المعروف بدلائل الطبري ، فالذي يغلب على الظنّ أنّ الكتاب كان في تاريخ المعصومين ( عليهم السلام ) ; لأنّه في بيان أحوالهم من مولدهم ومدفنهم وأولادهم وباقي أحوالهم ومعجزاتهم واسمه غير معلوم ، وإنّما يصحّ أن يسمّى بالدلائل إذا كان في خصوص المعجزات ، فعبّر العيون عن باب معجزات الرضا ( عليه السلام ) بباب دلائل الرضا ( عليه السلام ).

والذي وصل إلينا وطبع نسخة ناقصة من أحوال الصديقة ( عليها السلام ) ، وقد كان بتمامه عند ابن طاووس ونقل عنه في نجومه معجزة من أمير

ص: 437


1- رجال النجاشي : 376 [ 1024 ].
2- فهرست الطوسي : 446 [ 712 ].
3- طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) 2 : 153 ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) 1 : 250 ، الذريعة 8 : 241 [ 1018 ] ، و 21 : 9 [ 3690 ] ، وما ذكرناه سابقاً في ترجمة صاحب المسترشد ، تنقيح المقال 2 : 91 ، من أبواب الميم ، الأخبار الدخيلة 1 : 43.
4- دلائل الإمامة : 478 ح 71 ، دلائل الإمام صاحب الزمان ( عج ).

المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما في ص 102 ، ومؤلّفه من معاصري الشيخ والنجاشي ...

ثمّ قال : وأوّل من وهم - في ما أعلم - أنّ هذا الكتاب لمحمّد بن جرير بن رستم علي بن طاووس ، فنقل في آخر نجومه معجزات عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، ونقل عن هذا الكتاب معجزات من الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) إلى المهدي ( عليه السلام ) ، إلاّ الباقر ( عليه السلام ) ، وفي كلّ من العشرة ، يقول : يروى عن دلائل الإمامة للشيخ محمّد بن رستم الطبري.

ووجه توهّمه أنّه رأى في بعض مواضع الكتاب في أوّل السند ، قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، وأوّلها في النسخة الموجودة في ذكر معجزات الحسن ( عليه السلام ) ، ثمّ بعده إلى خمسة عشر خبراً ، قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات الحسين ( عليه السلام ) ، تسعة أحاديث أيضاً بلفظ قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات السجّاد ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الباقر ( عليه السلام ) في سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الصادق ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الكاظم ( عليه السلام ) في ثمانية أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الرضا ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ بعده إلى سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الجواد ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ) ، ثمّ بعده إلى عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الهادي ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ إلى ثلاثة أحاديث ، وفي معجزات العسكري ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ،

ص: 438

عنه ( عليه السلام ) ) ، ثمّ بعده إلى أربعة أحاديث ( قال أبو جعفر ، عنه ( عليه السلام ) ) ، كما تقدّم ، فظنّ أنّ المراد به مصنّف الكتاب كما قد يعبّر القدماء في تصانيفهم عن أنفسهم ، إلاّ أنّ ذلك أعمّ ، فكما يحتمل ذلك ، يحتمل أن يكون كما قد يقال ( قال فلان في كتابه ) نقلا عن آخر ، فهو نظير قوله في الكتاب كثيراً ( روى فلان ) مثلا ، ممّن تقدّم عصره بكثير ...

ثمّ قال : وتبع ابن طاووس في الوهم من تأخّر عنه كالمجلسي ، فينقل ما في هذا الواصل إلينا ناسباً له إلى محمّد ( محمّد بن جرير بن رستم الطبري ) في دلائله ، إلاّ أنّه حيث رأى أنّ الشيخ والنجاشي لم يعدّا لابن رستم غير ( المسترشد ) ولم يكن ( المسترشد ) وصل إليه ، قال في أوّل بحاره بعد أن ذكر أنّ من مداركه ( دلائل الإمامة للطبري ) ذاك ، قال : ( ويسمّى بالمسترشد ) (1) ، وتبعه السيّد البحراني ، فقال في مدينة معاجزه في ذكر مداركه ( وكتاب الإمامة لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري ).

ثمّ قال : وكيف كان فالكتاب مشتمل على الغثّ والسمين ، فأكثر فيه من الرواية عن الشيباني ، وقال الشيخ والنجاشي : ضعّف الشيباني جماعة من أصحابنا ، وجلّ أصحابنا ، وقال ابن الغضائري : إنّه كذّاب وضّاع للحديث.

وعن البلوي عن عمارة بن زيد ، وقال الغضائريان : ( سئل البلوي عن عمارة الذي يروي عنه ، فقال : رجل نزل من السماء حدَّثني ثمّ عرج ) ، وزاد الثاني : ( قال الأصحاب : إنّ عمارة بن زيد اسم ما تحته أحد ، وكلّ ما يرويه كذب ، والكذب بيّن في وجه حديثه ) (2).

ص: 439


1- البحار 1 : 20 ، مصادر الكتاب.
2- الأخبار الدخيلة 1 : 43 ، وانظر : قاموس الرجال 9 : 156 [ 6519 ].

ولكن بعد مدّة وجدتُ في كتاب العدد القويّة لرضيّ الدين علي بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( النصف الأوّل من القرن الثامن ) أخ العلاّمة الحلّي أنّه ينقل في الجزء الثاني منه عن كتاب دلائل الإمامة ، تاريخ ولادة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وهذا نصّ عبارته : في كتاب دلائل الإمامة : ولد أبو محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يوم النصف من شهر رمضان ، سنة ثلاث من الهجرة (1).

فالشيخ رضيّ الدين علي متأخّر عن ابن طاووس ، فلعلّه رأى النسخة الموجودة في مكتبة ابن طاووس ، ولكنّه كما قرأت في العبارة لم يذكر اسم مؤلّف الكتاب.

وبهذا يظهر ما في كلام العلاّمة التستري الذي نقلناه آنفاً بخصوص اسم الكتاب ، وإن بقى ما في اسم المؤلّف من كلام على قوّته ، فمن المحتمل جدّاً أنّه لم يذكر اسم المؤلّف على النسخة وإلاّ لذكره رضيّ الدين.

وهناك احتمال لم أتحقّق منه ، وهو أنّه قد يكون الشيخ رضيّ الدين علي بن يوسف قد نقل من كتب السيّد ابن طاووس ما نقله عن كتاب الدلائل وسمّاه بما سمّاه به ابن طاووس ، فلا يفيدنا شيء ما ذكره في العدد القويّة من اسم الكتاب ، واللّه العالم.

ص: 440


1- العدد القويّة : 28 [ 10 ].

مؤلّفات أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( ت 460 ه- )

(55) كتاب : الأمالي
الحديث :

الأوّل : أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري الكاتب ، قال : حدَّثنا أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمّد الأزدي ، قال : حدَّثنا شعيب بن أيّوب ، قال : حدَّثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن هشام بن حسّان ، قال : سمعت أبا محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) ... ، إلى آخر ما في أمالي المفيد ( رضي اللّه عنه ) (1).

ورواه عماد الدين الطبري ( القرن السادس ) في بشارة المصطفى (2).

الثاني : حدَّثنا محمّد بن محمّد ، قال : حدَّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني سعد بن عبد اللّه ،

ص: 441


1- أمالي الطوسي : 121 ح 188 ، المجلس الخامس ، و 691 ح 1469 ، المجلس التاسع والثلاثون ولكن فيهما : « والثاني كتاب اللّه ... » ، وانظر أمالي المفيد : 348 ح 1. المجلس الحادي والأربعون ، وما أوردناه من أمالي المفيد ، الحديث الثالث ، وعنه غاية المرام 2 : 337 ح 15 ، باب 29 و 3 : 114 ح 13 ، باب 59 ، والبرهان 1 : 384 ح 14 ، والبحار 43 : 359 ح 2.
2- بشارة المصطفى : 170 ح 139 ، الجزء الثاني ، وانظر ما سنذكره عن الطبري في بشارة المصطفى ، الحديث الثالث.

عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب الزرّاد ، عن أبي محمّد الأنصاري ، عن معاوية بن وهب ، قال : كنت جالساً عند جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر ، فقال : السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته ، فقال له أبو عبد اللّه : « وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته ، يا شيخ ، إدن منّي » ، فدنا منه فقبّل يده فبكى ، فقال له أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « وما يبكيك يا شيخ؟ »

قال له : يا بن رسول اللّه ، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة ، أقول : هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ، ولا أراه فيكم ، فتلومني أن أبكي! قال : فبكى أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : « يا شيخ ، إن أُخّرت منيّتك كنت معنا ، وإن عُجّلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » ، فقال الشيخ : ما أُبالي ما فاتني بعد هذا يا ابن رسول اللّه.

فقال له أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « يا شيخ ، إنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه المنزل ، وعترتي أهل بيتي » ، تجيء وأنت معنا يوم القيامة ».

قال : « يا شيخ ، ما أحسبك من أهل الكوفة ».

قال : لا.

قال : « فمن أين أنت؟ »

قال : من سوادها جعلت فداك.

قال : « أين أنت من قبر جدّي المظلوم الحسين ( عليه السلام )؟ »

قال : إنّي لقريب منه ،

قال : « كيف إتيانك له؟ »

قال : إنّي لآتيه وأُكثر.

ص: 442

قال : « يا شيخ ، ذاك دم يطلب اللّه ( تعالى ) به ، ما أُصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين ( عليه السلام ) ، ولقد قتل ( عليه السلام ) في سبعة عشر من أهل بيته ، نصحوا اللّه وصبروا في جنب اللّه ، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين ، إنّه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ومعه الحسين ( عليه السلام ) ويده على رأسه يقطر دماً ، فيقول : ياربّ ، سل أُمّتي فيم قتلوا ولدي ».

وقال ( عليه السلام ) : « كلّ الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين ( عليه السلام ) » (1).

وقد مضى هذا الحديث عن الخزّاز ( أواخر القرن الرابع ) في كفاية الأثر بسند آخر واختلاف في المتن (2).

الثالث : أخبرنا أبو عمر ، قال : أخبرنا أحمد ، قال : حدَّثنا عبد اللّه بن أحمد بن المستورد ، قال حدَّثنا إسماعيل بن صبيح ، قال : حدَّثنا سفيان - وهو ابن إبراهيم - ، عن عبد المؤمن - وهو ابن القاسم - ، عن الحسن بن عطيّة العوفي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري أنّه سمع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، إلاّ أنّ أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، وقال : « ألا إنّ أهل بيتي عيبتي التي آوي إليها ، وإنّ الأنصار كرشي ، فاعفوا عن مسيئهم ، وأعينوا محسنهم » (3).

ص: 443


1- أمالي الطوسي : 161 ح 268 ، المجلس السادس ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 557 ح 399 ، بالاقتصار على حديث الثقلين ، وغاية المرام 2 : 337 ح 14 ، باب 29 ، والبحار 45 : 313 ح 14 و 68 : 22 ح 37.
2- كفاية الأثر : 260 ، ما جاء عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، وانظر ما ذكرناه عن الخزّاز في كفاية الأثر ، الحديث السابع.
3- أمالي الطوسي : 255 ح 460 ، المجلس التاسع ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 557 ح 402 ، والبرهان 1 : 11 ح 11 ، وغاية المرام 2 : 336 ح 13 ، باب 29 ، والبحار 22 : 311 ح 14.

الرابع : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال : حدَّثنا محمّد بن جعفر الرزّاز القرشي ، قال : حدَّثنا جدّي لأمّي محمّد بن عيسى القيسي ، قال : حدَّثنا إسحاق بن يزيد الطائي ، قال : حدَّثنا هاشم بن البريد ، عن أبي سعيد التيمي ، قال : سمعت أبا ثابت مولى أبي ذر ( رحمه اللّه ) ، يقول : سمعت أُمّ سلمة رضي اللّه عنها ، تقول : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في مرضه الذي قبض فيه ، يقول - وقد امتلأت الحجرة من أصحابه - : « أيّها الناس ، يوشك أن أُقبض قبضاً سريعاً فيُنطلق بي ، وقد قدّمت إليكم القول معذرة إليكم ، ألا إنّي مخلّف فيكم كتاب اللّه ( عزّ وجلّ ) وعترتي أهل بيتي » ، ثمّ أخذ بيد علي ( عليه السلام ) فرفعها ، فقال : « هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي ، خليفتان بصيران لا يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فأسألهما ماذا خُلّفت فيهما » (1).

ورواه الأربلي ( ت 693 ه- ) مرسلا في كشف الغمّة (2) ، وسيأتي.

الخامس : وعنه (3) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال : حدَّثنا الحسن بن علي بن زكريّا العاصمي ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبيد اللّه العدلي ، قال : حدَّثنا الربيع بن يسار ، قال : حدَّثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، يرفعه إلى أبي ذر ( رضي اللّه عنه ) : أنّ عليّاً ( عليه السلام ) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبي وقّاص ، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتاً ويغلقوا عليهم بابه ، ويتشاوروا في أمرهم ، وأجلهم ثلاثة أيّام ، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم ، قتل ذلك الرجل ، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الإثنان ، فلمّا توافقوا جميعاً على رأي واحد ،

ص: 444


1- أمالي الطوسي : 478 ح 1045 ، المجلس السابع عشر ، وعنه في غاية المرام 1 : 252 ح 21 ، باب 15 و 2 : 358 ح 54 ، الباب 29 و 5 : 218 ح 4 ، الباب 46 ، والبحار 38 : 118 ح 61 و 92 : 80 ح 5.
2- كشف الغمّة 2 : 35 ، فصل : في ذكر مناقب شتّى وأحاديث متفرّقة ، وسيأتي في كشف الغمّة ، الحديث التاسع ، وفيه : « خليفتان نصيران ».
3- أي الطوسي ، فقد افتتح أوّل المجلس العشرون باسمه.

قال لهم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : « إنّي أُحبّ أن تسمعوا منّي ما أقول ، فإن يكن حقّاً فاقبلوه ، وإن يكن باطلا فانكروه » ، قالوا : قل ...

قال - بعد أن ذكر مناقب كثيرة انفرد بها دونهم - : « فهل تعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وإنّكم لن تضلّوا ما اتّبعتموهما واستمسكتم بهما؟ » قالوا : نعم ... (1).

ورواه الديلمي ( القرن الثامن ) مرسلاً في إرشاد القلوب (2).

وحديث المناشدة يوم الشورى مشهور ، ستأتي له أسانيد أُخرى.

محمّد بن الحسن الطوسي :

ترجم نفسه في فهرسته (3).

وقال عنه النجاشي ( ت 450 ه- ) : أبو جعفر جليل في أصحابنا ، ثقة ، عين من تلامذة شيخنا أبي عبد اللّه (4).

وفي معالم العلماء : أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي ( رضي اللّه عنه ) ، قرأ على الشيخ المفيد وعلى جماعة ، وتوفّي بمشهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في آخر محرّم سنة ثمان وخمسين وأربعمائة (5).

ص: 445


1- أمالي الطوسي : 545 ح 1168 ، المجلس العشرون ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 551 ح 380 ، وغاية المرام 2 : 338 ح 16 ، الباب 29 ، والبحار 31 : 384 ح 25 ، ورواه القندوزي ( ت 1294 ه- ) في ينابيع المودة 1 : 113 ح 35 ، مرسلاً عن أبي ذر.
2- إرشاد القلوب 2 : 85 ، في فضائله ( عليه السلام ) ، وفيه : وروي عن أبي المفضّل بإسناده عن أبي ذر ( رضي اللّه عنه ) ، وفيه : « وعترتي أهل بيتي ، إنّهما لن يفترقا ... » ، وعنه البحار 21 : 372 ح 24.
3- فهرست الطوسي : 447 [ 714 ].
4- رجال النجاشي : 403 [ 1068 ].
5- معالم العلماء : 114 [ 761 ].

وقال الحسن بن علي بن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله : محمّد بن الحسن بن علي الطوسي ، أبو جعفر ، شيخنا ، شيخ الطائفة وعمدتها ، قدّس اللّه روحه [ لم ]. أوضح من أن يوضّح حاله ، ولد في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، وقدم العراق سنة ثمان وأربعمائة ، وتوفّي ليلة الاثنين ثاني عشري المحرّم من سنة ستّين وأربعمائة بالمشهد الشريف الغروي ، ودفن بداره (1).

وقال العلاّمة ( ت 726 ه- ) في الخلاصة : أبو جعفر ، شيخ الإماميّة قدّس اللّه روحه ، رئيس الطائفة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، ثقة ، عين ، صدوق ، عارف بالأخبار والرجال والفقه والأُصول والكلام والأدب ، وجميع الفضائل تنسب إليه ، صنّف في كلّ فنون الإسلام ، وهو المهذّب للعقائد في الأُصول والفروع ، والجامع لكمالات النفس في العلم والعمل ، وكان تلميذ الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

ولد قدّس اللّه روحه في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، وقدم العراق في شهور سنة ثمان وأربعمائة ، وتوفّي - رضي اللّه عنه - ليلة الاثنين الثاني والعشرين من المحرّم سنة ستّين وأربعمائة بالمشهد المقدّس الغروي على ساكنه السلام ، ودفن بداره.

قال الحسن بن مهدي السليقي : تولّيت أنا والشيخ أبو محمّد الحسن ابن عبد الواحد العين زربي والشيخ أبو الحسن اللؤلؤي غسله في تلك الليلة ودفنه ، وكان يقول أوّلا بالوعيد ، ثمّ رجع ، وهاجر إلى مشهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خوفاً من الفتن التي تجدّدت ببغداد واحترقت كتبه وكرسي كان يجلس عليه للكلام (2).

ص: 446


1- رجال ابن داود : 169 [ 1355 ].
2- خلاصة الأقوال : 249 [ 845 ]. وانظر : الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 298 [ 1622 ] ، لؤلؤة البحرين : 293 [ 102 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : 1. بلغة المحدّثين : 406 ، الكنى والألقاب 2 : 394 ، جامع الرواة 2 : 95 ، مجمع الرجال 5 : 191 ، نقد الرجال 4 : 179 [ 4600 ] ، منتهى المقال 6 : 20 [ 2573 ] ، حاوي الأقوال 2 : 209 [ 561 ] ، روضات الجنّات 6 : 216 [ 580 ] ، بهجة الآمال 6 : 360 ، تنقيح المقال 3 : 104 ، قاموس الرجال 9 : 207 [ 6602 ] ، أعيان الشيعة 9 : 159 ، معجم رجال الحديث 16 : 257 [ 10526 ].

ومن لُقّب بشيخ الطائفة فهو غنيّ عن التعريف والتمجيد.

كتاب الأمالي :

نسبه الشيخ إلى نفسه في الفهرست بعنوان : كتاب المجالس في الأخبار (1) ، وبنفس العنوان ذكره ابن شهر آشوب (2).

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) ضمن مصادر كتابيه الوسائل (3) وإثبات الهداة (4) ، والسيّد هاشم البحراني ( ت 1107 ه- ) في مصادر تفسير البرهان (5) ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) في مصادر البحار ، قائلا : كتاب المجالس الشهير بالأمالي (6) ، وقال في توثيقه : وكتب الشيخ أيضاً من الكتب المشهورة إلاّ كتاب الأمالي فإنّه ليس في الاشتهار كسائر كتبه ، لكن وجدنا منه نسخاً قديمة عليها إجازات الأفاضل ، ووجدنا ما نقل عنه المحدّثون والعلماء بعده موافقاً لما فيه (7).

ولكنّهم نسبوا - أيضاً - لابن الشيخ الطوسي الشيخ أبي علي والملقّب

ص: 447


1- فهرست الطوسي : 447 [ 714 ].
2- معالم العلماء : 114 [ 766 ].
3- خاتمة الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة.
4- إثبات الهداة 1 : 26 ، الفائدة العاشرة.
5- تفسير البرهان 1 : 30 ، باب : في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب.
6- البحار 1 : 7 ، مصادر الكتاب.
7- البحار 1 : 27 ، توثيق المصادر.

بالمفيد الثاني كتاب باسم الأمالي ، في أمل الآمل (1) ، والوسائل (2) ، وإثبات الهداة (3) ، والبحار بقوله : كتاب المجالس الشهير بالأمالي للشيخ الجليل أبي علي الحسن بن شيخ الطائفة ( قدّس اللّه روحهما ) (4) ، وقال في توثيقه : وأمالي ولده العلاّمة في زماننا أشهر من أماليه ، وأكثر الناس يزعمون أنّه أمالي الشيخ وليس كذلك كما ظهر من القرائن الجليّة ، ولكن أمالي ولده لا يقصر عن أماليه في الاعتبار والاشتهار ، وإن كان أمالي الشيخ عندي أصحّ وأوثق (5).

إلاّ أنّ السيّد هاشم البحراني ( ت 1107 ه- ) عدّهما كتابين باسم ( المجالس ) و ( الأمالي ) ونسبهما معاً للشيخ الطوسي (6).

فظهر ممّا قدّمنا أنَّ هناك من ينسب إلى ابن الشيخ كتاب باسم ( الأمالي ) كالحرّ والمجلسي وتبعهما الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض (7) ، والقمّي ( ت 1359 ه- ) في الكنى والألقاب (8) ، والتستري ( ت 1495 ه- ) في قاموس الرجال (9) ، والخوانساري ( ت 1313 ه- ) في الروضات (10) ، ولكن آخرين عدّوا الأمالي المنسوب إلى الشيخ أبي علي جزءاً من كتاب شيخ الطائفة وليس كتاباً مستقلاًّ ، وأنّه عبارة عن أمالي

ص: 448


1- أمل الآمل 2 : 76 [ 208 ].
2- خاتمة الوسائل 30 : 154 ، الفائدة الرابعة.
3- إثبات الهداة 1 : 26 ، الفائدة العاشرة.
4- البحار 1 : 8 ، مصادر الكتاب.
5- البحار 1 : 27 ، توثيق المصادر.
6- البرهان 1 : 30.
7- رياض العلماء 1 : 334.
8- الكنى والألقاب 3 : 199.
9- قاموس الرجال 3 : 358 ، [ 2024 ].
10- روضات الجنّات 6 : 228.

أملاها الشيخ على ولده ، ورويت عنه بعد ذلك ، فنسبت إليه ، وهذا هو الصحيح.

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : ( الأمالي ) المطبوع في طهران سنة 1313 المشهور نسبته إلى الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي المتوفّى بعد سنة 515 ه- ، كما يظهر حياته في التأريخ من أسانيد بشارة المصطفى ، ويقال له أمالي ابن الشيخ في مقابل أمالي والده الشيخ الطوسي الآتي ذكره المرتّب على المجالس ، ولذا يقال له : المجالس أيضاً ، لكنّه ليس الأمر كما اشتهر ، بل هذا جزء من أمالي والده أيضاً ، إلاّ أنّه ليس مثل جزئه الآخر مرتّباً على المجالس ، بل هو في ثمانية عشر جزءاً ، وفي كثير من نسخه قد بدأ في تلك الأجزاء باسم الشيخ أبي علي ، وهو يرويه عن والده الشيخ الطوسي في سنين بعضها سنة 455 ، وبعضها سنة 456 وبعضها سنة 457 ، ووجه البدأة باسمه أنّه أملاها الشيخ أبو علي على تلاميذه في مشهد مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في سنة 509 كما ذكر التأريخ في أوّل الجزء التاسع من النسخة المطبوعة ، فكتب السامعون عنه اسمه في أوّل النسخة على ما هو ديدن الرواة والقدماء من ذكر اسم الشيخ في أوّل كلّ ما يسمعونه عنه ، وتوجد جملة من النسخ من تلك الأجزاء الثمانية عشر ليس في أوائل الأجزاء منها اسم الشيخ أبي علي أبداً ، بل يبتدأ في أكثر الأجزاء ، بقوله : حدّثنا الشيخ السعيد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان ، وفي بعضها : أخبرنا جماعة منهم الحسين بن عبيد اللّه ، وفي أوّل الجزء الرابع عشر ، هكذا : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ابن محمّد بن مخلد في ذي الحجّة سنة 417 في داره درب السلولي ، وهكذا سائر الأجزاء المبدوءة بذكر واحد من مشائخ الشيخ الطوسي ، فلا

ص: 449

شكّ أنّ القائل حدّثنا في جميعها هو الشيخ الطوسي ، ومن تلك النسخ نسخة عتيقة في مكتبة الشيخ الحجّة ميرزا محمّد الطهراني ، وسيأتي عند ذكر أمالي شيخ الطائفة تصريح السيّد ابن طاووس الذي هو من أسباط الشيخ الطوسي ويعبّر عنه دائماً بالجدّ وعن ولده الشيخ أبي علي بالخال ، ولا يخفى عليه تصانيف جدّه وخاله ، فإنّه قال ما ملخّصه ( إنّ أمالي الشيخ في مجلّدين : أحدهما الثمانية عشر جزءاً التي ظهرت للناس أوّلا ، وثانيهما بقيّة الأجزاء إلى تمام سبعة وعشرين جزءاً وتمامها عندي بخطّ الشيخ حسين بن رطبة وخطّ غيره ، أرويه عن والدي ، عن الحسين بن رطبة ، عن الشيخ أبي علي ، عن والده ).

وبالجملة هذا الأمالي المرتّب على ثمانية عشر جزءاً للشيخ الطوسي يرويه عنه ولده الشيخ أبو علي ويرويه ساير الناس عن الشيخ أبي علي ، ولذا اشتهر نسبته إليه ونسبة الأمالي المرتّب على المجالس إلى والده ، ويظهر من العلاّمة المجلسي تعدّد مؤلّفهما كما هو المشهور في الفصل الذي ذكر فيه مآخذ البحار ، مع أنّه اعترف في فصل بيان الرموز (1) بأنّ جميع أخبار كلا الكتابين من رواية الشيخ الطوسي ، ولذا جعل لهما رمزاً واحداً (2).

وقال محقّقو الأمالي في مؤسّسة البعثة تحت عنوان التعريف بكتاب الأمالي : وقد أثبتنا أسانيد هذا الكتاب وفقاً للنسخة المخطوطة سنة 580 ه- ، وجميعها تبدأ بمشايخ المصنّف ، ولم يرد ذكر لولد المصنّف الشيخ أبي علي فيها ، وتبدأ النسخة من أوّل الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر ، وجاء في آخر النسخة « تمّ كتاب الأمالي نسخاً ، وهو ثمانية عشر جزءاً ،

ص: 450


1- البحار 1 : 47.
2- الذريعة 2 : 309 [ 1236 ] ، و 2 : 313 [ 1248 ] ، وأعيان الشيعة 5 : 245.

أوّل يوم الجمعة لثلاث عشرة مضين من شهر شوّال من سنة ثمانين وخمس مائة » (1).

وعلى كلّ ، فالأمالي للشيخ يتكوّن من قسمين : الأوّل : يحتوي على ثمانية عشر جزءاً ، وهي المنسوبة إلى الشيخ أبي علي بعنوان الأمالي ، وهي لوالده الشيخ الطوسي أصلا ، كما قد عرفت.

والثاني : (28) مجلساً آخرها باسم ( مجلس يوم التروية ) أملاها الشيخ الطوسي في أيّام الجمع ، كما يظهر من التاريخ في أوّلها ، وهي التي تسمّى ب- ( المجالس ) (2).

ص: 451


1- أمالي الطوسي : 23 ، المقدّمة.
2- انظر الأمالي المطبوع ، تحقيق مؤسّسة البعثة في قم ، وكذا المقدّمة التي قدّمها محقّقوه.

ص: 452

(56) كتاب : التبيان في تفسير القرآن
الحديث :

الأوّل : فصل : في ذكر جمل لا بدّ من معرفتها قبل الشروع في تفسير القرآن :

إعلم أنّ القرآن معجزة ... ، وروايتنا متناصرة بالحثّ على قراءته ، والتمسّك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه ، وقد روي عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) رواية لا يدفعها أحد ، أنّه قال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، وهذا يدلّ ... (1).

الثاني : وقال النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » فبيّن أنّ ... (2).

الثالث : في تفسيره لآية : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) (3) ، قال :

وقوله : ( أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) : خطاب للجنّ والإنس ، وإنّما سمّيا ثقلين لعظم شأنهما ... ، ومنه قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » ، يريد عظيمي المقدار ، فلذلك وصفهما بأنّهما ثقلان (4).

ص: 453


1- التبيان 1 : 3 ، وعنه في تفسير الصافي 1 : 55.
2- التبيان 1 : 5.
3- الرحمن : 31.
4- التبيان 9 : 474.

وعنه محمّد بن أحمد بن إدريس الحلّي ( القرن السادس ) في ( المنتخب من تفسير القرآن والنكت المستخرجة من كتاب التبيان ) (1). كتاب التبيان في تفسير القرآن :

نسبه الشيخ إلى نفسه في الفهرست ، وقال : لم يعمل مثله (2).

ونسبه إليه النجاشي ( ت 450 ه- ) في رجاله (3) ، وابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم ، وعدّه بعشرة أجزاء (4) ، وجعله العلاّمة المجلسي أحد مصادر كتابه البحار (5) ، وقال : وكتب الشيخ أيضاً من الكتب المشهورة (6).

وقال السيّد بحر العلوم ( ت 1212 ه- ) في الفوائد الرجالية : أمّا التفسير فله فيه كتاب « التبيان » الجامع لعلوم القرآن ، وهو كتاب جليل كبير ، عديم النظير في التفاسير ، وشيخنا الطبرسي - إمام التفسير - في كتبه إليه يزدلف ، ومن بحره يغترف ... (7).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة بقول مطلق ... ، أقول : هذا التفسير النفيس عزيز الوجود في الغاية ، وقد كان عند العلاّمة المجلسي وذكره من مأخذ كتاب البحار في أوّله (8) ، ولكنّي لم أطّلع على وجود تمام مجلّداته جمعاء في مكتبة واحدة في عصرنا هذا.

ص: 454


1- المنتخب من تفسير القرآن 2 : 298 ، سورة الرحمن.
2- فهرست الطوسي : 447 [ 714 ].
3- رجال النجاشي : 403 [ 1068 ].
4- معالم العلماء : 114 [ 766 ].
5- البحار 1 : 7 ، مصادر الكتاب.
6- البحار 2 : 27 ، توثيق المصادر.
7- الفوائد الرجاليّة 3 : 228 ، وانظر : روضات الجنّات 6 : 216 [ 580 ].
8- البحار 1 : 7 ، مصادر الكتاب.

ثمّ يفصّل الكلام عن الأجزاء الموجودة في المكتبات وما نقل إليه من وجود نسخ كاملة في بعض المكتبات ...

ثمّ يقول : ثمّ أقول : بما أنّ الجزء السادس من التبيان انتهى إلى هذه الآية وهي قريبة إلى ربع القرآن فيظنّ من هذا الميزان أنّ مجموع أجزائه يزيد على عشرين جزءاً لكن في الروضات حكى عن صاحب تاريخ مصر أنّه ذكر الشيخ الطوسي وقال [ هو صاحب التفسير الكبير الذي هو في عشرين مجلّداً (1) ، فما وقع في الشيعة وفنون الإسلام من أنّه في عَشَرَة مجلّدات غير مبنيّ على الحصر الحقيقي ، ولعلّه أراد المجلّد الضخم الحاوي لثلاثة مجلّدات مثل المجلّد الموجود الذي وصفناه ، وبما أنّ عدّة أبيات هذا المجلّد الموجود المشتمل على ثلاثة أجزاء تزيد على أربعة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت ، فيظنّ منه أنّ مجموع أبيات الكتاب يزيد على مأتين ألف بيت ; لأنّ هذا الموجود من الكلّ تقريباً (2).

أقول : إنّ ما في الشيعة وفنون الإسلام من أنّه عشرة مجلّدات قد يكون مأخوذاً من قول ابن شهرآشوب المارّ الذكر في المعالم بأنّه عشرة أجزاء ، فلاحظ.

وقد طبع هذا التفسير في عشرة أجزاء.

وقد علّق عليه الشيخ ابن إدريس الحلّي تعليقات باسم ( المنتخب من تفسير القرآن والنكت المستخرجة من كتاب التبيان ).

ص: 455


1- روضات الجنّات 6 : 220 [ 580 ].
2- الذريعة 3 : 328 [ 1197 ].

ص: 456

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة ) القرن السادس الهجري

اشارة

ص: 457

ص: 458

(57) كتاب : روضة الواعظين لمحمّد بن الفتّال النيسابوري ( الشهيد في سنة 508 ه- )

الحديث :

الأوّل : روي عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، قال : « حجّ رسول اللّه من المدينة ، وقد بلّغ جميع الشرايع قومه ما خلا الحجّ والولاية ، فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) ، فقال له : يا محمّد ، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقرؤك السلام ، ويقول لك : إنّي لم أقبض نبيّاً من أنبيائي ورسلي إلاّ بعد إكمال ديني وتكثير حجّتي ، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا يحتاج إليه أن تبلّغهما قومك ، فريضة الحجّ ، وفريضة الولاية والخليفة من بعدك ...

فنادى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في الناس ، ألا إنّ رسول اللّه يريد الحجّ وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم ... ، وخرج رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وخرج معه الناس ... ، فبلغ من حجّ مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من أهل المدينة والأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى ( عليه السلام ) السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون ( عليه السلام ) ...

فلمّا وقف الموقف أتاه جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا محمّد ، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقرؤك السلام ويقول لك : إنّه قد دنا أجلك ومدّتك ، وإنّي أستقدمك على ما لابدّ منه ولا محيص عنه ، فاعهد عهدك ، وتقدّم وصيّتك ، واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت ،

ص: 459

وجميع ما عندك من آيات الأنبياء فسلّمها إلى وصيّك وخليفتك من بعدك ، حجّتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب ، فأقمه للناس ، وخذ عهده وميثاقه وبيعته ...

فخشي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرّقوا ، ويرجعوا جاهلية ، لما عرف من عداوتهم وما يبطنون عليه أنفسهم لعلي ( عليه السلام ) من البغضاء ، وسأل جبرئيل ( عليه السلام ) أن يسأل ربّه العصمة من الناس ، وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من اللّه عزّ وجلّ ، فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف ، فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) في مسجد الخيف فأمره أن يعهد عهده ويقيم عليّاً للناس ، ولم يأته العصمة من اللّه تعالى بالذي أراد ، حتّى أتى كراع العميم (1) بين مكّة والمدينة ، فأتاه جبرئيل وأمره بالذي أُمر به من قبل ، ولم يأته بالعصمة ، فقال : يا جبرئيل ، إنّي لأخشى قومي أن يكذّبوني ولا يقبلوا قولي في عليّ ، فرحل ، فلمّا بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال ، أتاه جبرئيل ( عليه السلام ) على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس ، فقال : يا محمّد ، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقرؤك السلام ويقول لك : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ - في علي - وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ...

فأمر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) عندما جاءته العصمة منادياً ، فنادى في الناس بالصلاة جامعة ... ، وفي الموضع سلمات ، فأمر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أن يقيم ما تحتهن ...

وقال ( صلى اللّه عليه وآله ) : الحمد لله الذي علا بتوحيده ، ودنا في تفريده ...

ص: 460


1- والصحيح كراع الغميم.

معاشر الناس ، تدبّروا القرآن ، وافهموا آياته ، ومحكماته ، ولا تتّبعوا متشابهه ، فواللّه لهو مبيّن لكم نوراً واحداً ، ولا يوضّح لكم تفسيره إلاّ الذي أنا آخذ بيده ومصعده إليّ وشائل بعضده ، ومعلمكم أنّ من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيّي وموالاته من اللّه تعالى أنزلها علي.

معاشر الناس ، إنّ عليّاً والطيّبين من ولدي هم الثقل الأصغر ، والقرآن الثقل الأكبر ، وكلّ واحد منهم مبيّن عن صاحبه موافق له ، لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ...

معاشر الناس ، القرآن يعرفّكم أنّ الأئمّة من بعده ولده (1) ، وعرّفتكم أنّهم منّي ومنه ، حيث يقول اللّه جلّ وعزّ ( جَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) ، ولن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ... » ( الحديث ) (2).

تنبيه : قد ذكر ابن الفتّال النيسابوري هذا الحديث مرسلاً عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، ولكنّه قال في مقدّمة كتابه : وأنا إن شاء اللّه أفتتح لكلّ مجلس منها بكلام اللّه تعالى ، ثمّ بآثار النبيّ والأئمّة ( عليهم السلام ) محذوفة الأسانيد ، فإنّ الأسانيد لا طايل فيها إذا كان الخبر شايعاً ذايعاً (3).

أقول : فيكون هذا الخبر من الشائع الذائع حسب قوله ، ومع ذلك فالطبرسي ( ت 548 ه- ) صاحب الاحتجاج يرويه مسنداً في كتابه ، وسيأتي (4).

ص: 461


1- أي من بعد علي ( عليه السلام ) ولده.
2- روضة الواعظين 1 : 89 ، مجلس في ذكر الإمامة وإمامة علي بن أبي طالب وأولاده صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 637 ح 753 ، فصل ( 44 ) ، والبرهان 1 : 14 ح 33 و 1 : 436 ح 9.
3- روضة الواعظين 1 : 1 ، مقدّمة المؤلّف.
4- 4 - الاحتجاج 1 : 133 [ 32 ] ، وانظر : ما سنذكره عن الطبرسي في الاحتجاج ، الحديث الأوّل.

الراوون عنه : إضافةً للطبرسي ، الجاوابي ( القرن السادس ) في نور الهدى ، كما عن التحصين لابن طاووس ، ولكن أسنده إلى زيد بن أرقم (1) ، وابن طاووس ( ت 664 ه- ) في يقينه مسنداً ، وسيأتي (2).

الثاني : قال أبو بصير : قلت للصادق ( عليه السلام ) : من آل محمّد؟

قال : « ذرّيّته » ، فقلت : ومن أهل بيته؟

قال : « الأئمّة الأوصياء » ، فقلت : ومن عترته؟

قال : « أصحاب العبا » ، فقلت : من أُمّته؟

قال : « المؤمنون الذين صدّقوا بما جاء من عند اللّه ، المستمسكون بالثقلين ، الذين أُمروا بالتمسّك بهما : كتاب اللّه وعترته أهل بيته ، الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وهما الخليفتان على الأُمّة بعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » (3).

وقد مرّ هذا الخبر عن الصدوق ( ت 381 ه- ) ( رحمه اللّه ) مسنداً في معاني الأخبار والأمالي (4) ، مع بعض الاختلاف.

الثالث : وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ألا وهما الخليفتان من بعدي ، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض » (5).

ص: 462


1- انظر : ما سنذكره عن الجاوابي في نور الهدى ، الحديث الأوّل.
2- اليقين : 343 ، الباب 27 ، وانظر ما سنذكره في اليقين لابن طاووس ، الحديث الأوّل.
3- روضة الواعظين 2 : 268 ، مجلس في مناقب آل محمّد ( عليهم السلام ).
4- راجع ما أوردناه في معاني الأخبار ، الحديث السابع ، والأمالي ، الحديث الثاني.
5- روضة الواعظين 2 : 273 ، مجلس في مناقب آل محمّد ( عليهم السلام ) ، وهو خبر مرسل أيضاً كما نبّهنا على ما قاله المصنّف في مقدّمته سابقاً.
محمّد بن الحسن الفتّال النيسابوري :

ذكره ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم ، وقال : محمّد بن الحسن الفتّال النيسابوري ، له كتاب التنوير في معاني التفسير ، وروضة الواعظين وبصيرة المتّعظين (1).

وكذا في ضمن شيوخه الذين أخذ عنهم الرواية والإجازة في أوّل كتابه المناقب (2).

وذكره الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته ، ونسبه إلى جدّه ، وقال : الشيخ محمّد بن علي الفتّال النيسابوري صاحب التفسير ، ثقة وأيّ ثقة ، أخبرنا جماعة من الثقات عنه بتفسيره (3) ، وفي موضع آخر نسبه إلى جدّ أبيه ، وقال : الشيخ الشهيد محمّد بن أحمد الفارسي ، مصنّف كتاب « روضة الواعظين » (4).

ومن التأمّل في كلام ابن شهرآشوب في معالمه ومناقبه ، مع ما ذكره الشيخ منتجب الدين ، يظهر أنّ ما ترجمه الشيخ منتجب الدين في موضعين من فهرسته لشخص واحد (5) ، ويظهر أنّ ( الفارسي ) من ألقابه أيضاً ، حيث نصّ عليه ابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله ، وقال : محمّد بن أحمد بن علي الفتّال النيسابوري المعروف بابن الفارسي أبو علي ، لم ( جخ ) (6) ،

ص: 463


1- معالم العلماء : 116 [ 769 ].
2- مناقب آل أبي طالب 1 : 12 ، ونسبه تارة إلى أبيه الحسن ومرّة إلى جدّه علي.
3- فهرست منتجب الدين : 166 [ 395 ].
4- فهرست منتجب الدين : 191 [ 511 ].
5- روضات الجنّات 6 : 253 [ 582 ].
6- ( لم ) علامة لمن لم يرو عن الأئمّة ( عليهم السلام ) في رجال الشيخ الطوسي.

متكلّم جليل القدر ، فقيه عالم زاهد ورع ، قتله أبو المحاسن عبد الرزّاق رئيس نيشابور الملقّب بشهاب الإسلام (1).

وقد نبّه كلّ من تعرّض لكلام ابن داود على عدم وجود ذكر للفتّال في رجال الشيخ وأنّ هذا من سهو قلم ابن داود (2).

وذكره العلاّمة ( ت 726 ه- ) في إجازته لبني زهرة (3).

وعدّه الشيخ عبد الجليل القزويني ( القرن السادس ) في كتابه النقض ( أُلّف بحدود 560 ه- ) ضمن علماء الشيعة من أمثال أبي يعلى سالار وابن البراج والمقاربين لعصره كالدوريستي والقاضي أبي علي الطوسي وعبد الجبّار الرازي وغيرهم ، وقال : وكان كلّ منهم مدرّساً ومتكلّماً وفقيهاً وعالماً ومقرءاً ومفسّراً ومتديّناً (4) ، وذكره في موضع آخر ضمن مفسّري الشيعة (5) وأنّ تفسيره معتبرٌ (6).

وحسّنه المجلسي ( ت 1111 ه- ) في الوجيزة (7) ، وكذا ذكره في أوّل البحار ونقل كلام من ذكرناهم آنفاً (8).

ص: 464


1- رجال ابن داود : 163 [ 1298 ] ، القسم الأوّل. وانظر : منهج المقال : 280، الكنى والألقاب 3 : 12 ، هدية الأحباب : 208 ، منتهى المقال 5 : 331 [ 2457 ] ، تأسيس الشيعة : 395 ، رياض العلماء 5 : 27 و 75 ، مستدرك الوسائل 3 : 98.
2- انظر : تعليقة البهبهاني على منهج المقال : 280 ، تنقيح المقال 2 : 73 ، من أبواب الميم ، نقد الرجال 4 : 122 [ 4443 ] ، منتهى المقال 5 : 331 [ 2457 ] ، البحار 1 : 8 ، رياض العلماء 5 : 27.
3- البحار 107 : 83 ، إجازة العلاّمة لبني زهرة.
4- النقض ( فارسي ) : 40 ، ( منقول عن الفارسيّة ).
5- النقض : 212.
6- النقض : 263 و 526.
7- الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 291.
8- البحار 1 : 8.

وقد ترجمه البعض في مكانين على أنَّهما رجلان ، كما في جامع الرواة ، فقد نقل مرّة عبارة ابن داود (1) ، وأُخرى عبارة منتجب الدين (2) ، وكذا فعل المامقاني ( ت 1351 ه- ) في التنقيح (3) ، والشيخ الحرّ ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل (4) ، ويظهر منه في خاتمة الوسائل أنّه عدّه رجلا واحداً (5) ، ويظهر التعدّد أيضاً من كلام العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة (6) ، ولكنّه مال إلى أنّهما واحد في أعلام الشيعة في القرن السادس (7).

وقال العلاّمة التستري ( ت 1415 ه- ) في قاموسه : محلّ تحقيقه الألقاب (8).

كتاب روضة الواعظين :

نسبه إليه كلّ من ابن شهرآشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه (9) ومناقبه (10) ، والشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته (11) ، والعلاّمة ( ت 726 ه- ) في إجازته لبني زهرة ، وذكر طريقه إليه (12).

ص: 465


1- جامع الرواة 2 : 62.
2- جامع الرواة 2 : 155.
3- تنقيح المقال 2 : 73 ، و 3 : 158.
4- أمل الآمل 2 : 242 [ 713 ] و 260 [ 765 ] و 288 [ 860 ].
5- خاتمة الوسائل 30 : 459 ، الفائدة الثانية عشرة.
6- الذريعة 4 : 296 [ 1306 ] ، و 269 [ 2087 ] ، و 11 : 305 [ 1815 ].
7- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) 2 : 246 و 275.
8- قاموس الرجال 9 : 74.
9- معالم العلماء : 116 [ 769 ].
10- المناقب 1 : 12.
11- فهرست منتجب الدين : 171 [ 511 ].
12- البحار 107 : 83 ، إجازة العلاّمة لبني زهرة.

وذكره المجلسي ( ت 1111 ه- ) في مدارك بحاره ، ونبّه على خطأ من نسب الكتاب إلى المفيد (1) ، وقال في توثيقه : ذكرنا أنّه داخل في إجازات العلماء الأعلام ، ونقل عنه الأفاضل الكرام (2).

والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في ضمن الكتب المعتمدة في الوسائل (3) ، وذكر طريقه إليه (4).

وأخبار الكتاب كلّها مراسيل ، إذ لم يذكر المؤلّف سند الروايات ، ولكنّه قال في مقدّمة الكتاب : وأنا إن شاء اللّه أفتتح لكلّ مجلس منها بكلام اللّه تعالى ، ثمّ بآثار النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) والأئمّة ( عليهم السلام ) ، محذوفة الأسانيد فإنّ الأسانيد لا طائل فيها إذا كان الخبر شايعاً ذايعاً (5).

فهو يعتبر الأخبار الموجودة في كتابه شائعة وذائعة ، ومنها حديث الثقلين الذي نحن بصدده.

وقد أشرنا عند إيرادنا لحديث الثقلين من هذا الكتاب إلى موارد ذكر هذه الأحاديث مسندة في الكتب الأُخرى ، فراجع.

ص: 466


1- البحار 1 : 8.
2- البحار 1 : 28 ، توثيق المصادر.
3- خاتمة الوسائل 30 : 158 ، الفائدة الرابعة.
4- خاتمة الوسائل 30 : 182 ، الفائدة الخامسة.
5- روضة الواعظين 1 : 1 ، مقدّمة المؤلّف.

(58) كتاب : الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي ( النصف الأوّل من القرن السادس )

الحديث :

الأوّل : حدَّثني السيّد العالم أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن ابن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر ( قدس سره ) ، قال : أخبرني جماعة ، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، قال : أخبرنا أبو علي محمّد بن همام ، قال : أخبرنا علي السوري ، قال : أخبرنا أبو محمّد العلوي من ولد الأفطس - وكان من عباد اللّه الصالحين - ، قال : حدَّثنا محمّد بن موسى الهمداني ، قال : حدَّثنا محمّد ابن خالد الطيالسي ، قال : حدَّثنا سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً ، عن قيس بن سمعان ، عن علقمة بن محمّد الحضرمي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليهما السلام ) ، أنه قال : « حجّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من المدينة ، وقد بلّغ جميع الشرايع قومه غير الحجّ والولاية ... » ، إلى آخر ما أوردناه في روضة الواعظين عن ابن الفتّال مع بعض الاختلاف (1).

ص: 467


1- الاحتجاج 1 : 133 [ 32 ] ، احتجاج النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) يوم الغدير على الخلق كلّهم. وراجع ما ذكرناه في روضة الواعظين الحديث الأوّل ، مع بعض الاختلاف. وفي الاحتجاج بعد قوله : وبلغ من حجّ مع رسول اللّه - من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب - سبعين ألف إنسان أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألفاً الذين أخذ عليهم بيعة هارون ( عليه السلام ) ، زيادة هكذا : فنكثوا واتبعوا العجل والسامري ، وكذا أخذ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) البيعة لعلي ( عليه السلام ) بالخلافة على عدد أصحاب موسى ، فنكثوا البيعة واتّبعوا العجل والسامريّ ، سنّة بسنّة ، ومثل بمثل. وعنه في تفسير الصافي 2 : 53، سورة المائدة : 67 ، وغاية المرام 1 : 325 ح 40 ، الباب 17 ، والبحار 37 : 201 ح 86 ، وإثبات الهداة 1 : 605 ح 593.

وأورد هذا الحديث أيضاً الجاوابي ( القرن السادس ) في نور الهدى ، عن زيد بن أرقم ، وسيأتي (1).

وابن طاووس ( ت 664 ه- ) في اليقين عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، وسيأتي (2).

الثاني : عن أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه الشيباني بإسناده الصحيح عن رجاله ثقة عن ثقة : أنّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) خرج في مرضه الذي توفّي فيه إلى الصلاة متوكّئاً على الفضل بن عبّاس ، وغلام له يقال له « ثوبان » ، وهي الصلاة التي أراد التخلّف عنها لثقله ، ثمّ حمل على نفسه ( صلى اللّه عليه وآله ) وخرج ، فلمّا صلّى عاد إلى منزله ، فقال لغلامه : « اجلس على الباب ، ولا تحجب أحداً من الأنصار » ، وتجلاّه الغشى ، وجاءت الأنصار فأحدقوا بالباب ، وقالوا : استأذن لنا على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فقال : هو مغشيّ عليه ، وعنده نساؤه ، فجعلوا يبكون ، فسمع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) البكاء ، فقال : « من هؤلاء؟ »

قالوا : الأنصار ، فقال : « من هاهنا من أهل بيتي؟ »

قالوا : علي والعبّاس ، فدعاهما وخرج متوكّئاً عليهما ، فاستند إلى جذع من أساطين مسجده - وكان الجذع جريد نخل - فاجتمع الناس ، وخطب ، وقال في كلامه :

ص: 468


1- انظر ما ذكرناه عن كتاب ( نور الهدى ) للجاوابي ، الذي أورد رواياته ابن طاووس في التحصين ، الحديث الأوّل.
2- انظر ما سنذكره عن اليقين لابن طاووس ، الحديث الأوّل.

« معاشر الناس ، إنّه لم يمت نبيّ قط إلاّ خلّف تركة ، وقد خلّفت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي ، ألا فمن ضيّعهم ضيّعه اللّه ، ألا وإنّ الأنصار كرشي وعيبتي التي آوي إليها ، وإنّي أوصيكم بتقوى اللّه والإحسان إليهم ، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم » (1).

الثالث : أورد ما ذكرناه عن سُليم بن قيس الهلالي في احتجاج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على جماعة من المهاجرين والأنصار في مسجد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في خلافة عثمان ، وأورد فيه ثلاثة موارد ولم يذكر المورد الأوّل (2).

الرابع : قال سُليم بن قيس : بينما أنا وحنش بن المعتمر بمكّة ، إذ قام أبوذر وأخذ بحلقة الباب ... ، إلى آخر ما ذكرناه عن القسم الثالث ( المستدركات ) من كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، وقلنا هناك : إنّه لا يوجد في النسخ المخطوطة الآن ، وإنّما أورده المحقّق من كتاب الاحتجاج للطبرسي (3) ، فراجع.

الخامس : وروي أنّه (4) ( صلوات اللّه عليه ) قال - بعد ذلك - : « أيّها الناس ، عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعتذرون بجهالته ، فإنّ العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيّون إلى خاتم النبيّين في عترة نبيّكم محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فأنّى يتاه بكم؟ بل أين تذهبون؟ يا من نسخ من أصلاب

ص: 469


1- الاحتجاج 1 : 171 [ 36 ] ، ذكر طرف ممّا جرى بعد وفاة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وعنه في غاية المرام 2 : 345 ح 35 ، الباب 29 ، والبحار 28 : 175 ح 1.
2- الاحتجاج 1 : 337 [ 56 ] ، احتجاجه ( عليه السلام ) على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار ... ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 607 ح 2. والبحار 31 : 407 ح 1 ، راجع ما أوردناه عن سُليم بن قيس ، الحديث الثاني.
3- الاحتجاج 1 : 361 [ 58 ] ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 608 ح 597 ، والبحار 23 : 119 ح 38 ، وراجع ما ذكرناه عن سُليم بن قيس ، الحديث السادس.
4- أي أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ).

أصحاب السفينة ، هذه مثلها فيكم فاركبوها ، فكما نجا في هاتيك من نجا فكذلك ينجو في هذه من دخلها ، أنا رهين بذلك قسماً حقّاً وما أنا من المتكلّفين ، والويل لمن تخلّف ، ثمّ الويل لمن تخلّف.

أما بلغكم ما قال فيكم نبيّكم ( صلى اللّه عليه وآله ) ، حيث يقول في حجّة الوداع : ... » إلى آخر ما ذكرناه عن المفيد في إرشاده (1) ، وقد مرّ هذا الحديث أيضاً عن تاريخ اليعقوبي ، فراجع (2).

السادس : روي عن الشعبي وأبي مخنف ويزيد بن أبي حبيب المصري ، أنّهم قالوا : لم يكن في الإسلام يوم في مشاجرة قوم اجتمعوا في محفل أكثر ضجيجاً ولا أعلى كلاماً ولا أشدّ مبالغة في قول ، من يوم اجتمع فيه عند معاوية بن أبي سفيان ، عمرو بن عثمان بن عفّان ، وعمرو ابن العاص ، وعتبة بن أبي سفيان ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، والمغيرة ابن شعبة ، وقد تواطؤوا على أمر واحد.

فقال عمرو بن العاص لمعاوية : ألا تبعث إلى الحسن بن علي فتحضره ... ، فلو بعثت إليه فقصرنا به وبأبيه وسببناه وسببنا أباه ... ، فتكلّم أبو محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) فقال : « الحمد لله الذي هدى أوّلكم بأوّلنا وآخركم بآخرنا ، وصلّى اللّه على جدّي محمّد وآله وسلّم ...

ثمّ قال : أُنشدكم باللّه أتعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال في حجّة الوداع : أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم ما لم تضلّوا بعده : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فأحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه ، واعملوا بمحكه وآمنوا بمتشابهه ، وقولوا : آمنّا بما أنزل اللّه من الكتاب ، وأحبّوا أهل بيتي

ص: 470


1- الاحتجاج 1 : 624 [ 144 ] ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 608 ح 599 ، والبحار 2 : 284 ح 2 ، وراجع ما ذكرناه عن إرشاد المفيد ، الحديث الثالث.
2- راجع ما ذكرناه عن تاريخ اليعقوبي ، الحديث الثالث.

وعترتي ، ووالوا من والاهم وانصروهم على من عاداهم ، وإنّهما لا يزالا فيكم حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة.

ثمّ دعا - وهو على المنبر - عليّاً فاجتذبه بيده ، فقال : اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، اللّهم من عادى عليّاً فلا تجعل له في الأرض مقعداً ، ولا في السماء مصعداً ، واجعله في أسفل درك من النار ... » (1).

السابع : عن موسى بن عقبة ، أنّه قال : لقد قيل لمعاوية : إنّ الناس قد رموا بأبصارهم إلى الحسين ( عليه السلام ) ، فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب ، فإنّ فيه حصراً وفي لسانه كلالة.

فقال لهم معاوية : قد ظنّنا ذلك بالحسن ، فلم يزل حتّى عظم في أعين الناس وفضحنا ، فلم يزالوا به حتّى قال للحسين : يا أبا عبد اللّه ، لو صعدت المنبر فخطبت.

فصعد الحسين ( عليه السلام ) المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فسمع رجلاً يقول : من هذا الذي يخطب؟

فقال الحسين ( عليه السلام ) : « نحن حزب اللّه الغالبون ، وعترة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الأقربون ، وأهل بيته الطيّبون ، وأحد الثقلين ... » (2) ، إلى آخر ما أوردناه عن الشيخ المفيد في أماليه ، ولكنّه رواه مسنداً عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) في خطبة له بعد البيعة له بالأمر.

ص: 471


1- الاحتجاج 2 : 17 [ 150 ] ، احتجاج الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على جماعة من المنكرين لفضله وفضل أبيه ... ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 608 ح 1. والبحار 44 : 70 ح 1.
2- الاحتجاج 2 : 94 [ 165 ] ، احتجاجه ( صلوات اللّه عليه ) - الحسين ( عليه السلام ) - بإمامته على معاوية ... وفيه : « وأحد الثقلين الذين جعلنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ثاني كتاب اللّه تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل ... » ، وفيه : « والمعوّل علينا في تفسيره ، لا يبطئنا تأويله ، بل نتّبع حقايقه » ، وعنه في الوسائل 27 : 195 ح 45، والبحار 44 : 205 ح 1 ، وراجع ما أوردناه عن الأمالي للمفيد ، الحديث الثالث.

ورواه عن المفيد ، الطوسي ( رحمه اللّه ) ( ت 460 ه- ) في أماليه عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) أيضاً (1) ، وعن الطوسي ( رحمه اللّه ) ، عن المفيد ( رحمه اللّه ) ، عماد الدين الطبري ( القرن السادس ) في بشارة المصطفى عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) أيضاً (2) ، وسيأتي.

والظاهر أنّ الخطبة للإمام الحسن ( عليه السلام ) ; لأنّ ما في المفيد مسنداً ، وهو متقدّم على الطبرسي صاحب الاحتجاج الذي رواه مرسلا عن موسى ابن عقبة ، فلاحظ.

الثامن : وعن أحمد بن عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن شريك بن عبد اللّه ، عن الأعمش ، قال : اجتمعت الشيعة والمحكّمة (3) عند أبي نعيم النخعي بالكوفة ، وأبو جعفر محمّد بن النعمان مؤمن الطاق حاضر ، فقال ابن أبي حذرة : أنا أُقرّر معكم أيّتها الشيعة أنّ أبا بكر أفضل من علي ( عليه السلام ) ومن جميع أصحاب النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) بأربع خصال ...

قال أبو جعفر مؤمن الطاق ( رحمه اللّه ) : يا بن أبي حذرة ، وأنا أُقرّر معك أنّ عليّاً ( عليه السلام ) أفضل من أبي بكر وجميع أصحاب النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) بهذه الخصال التي وصفتها ، وأنّها مثلبة لصاحبك ، وألزمك طاعة علي ( عليه السلام ) من ثلاث جهات : من القرآن وصفاً ، ومن خبر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) نصاً ، ومن حجّة العقل اعتباراً ...

فقال الناس لأبي جعفر : هات حجّتك في ما ادّعيت من طاعة علي ( عليه السلام ) ، فقال أبو جعفر مؤمن الطاق :

أمّا من القرآن وصفاً فقوله عزّ وجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ...

ص: 472


1- راجع ما أوردناه عن أمالي الطوسي ، الحديث الثالث.
2- راجع ما سنذكره عن بشارة المصطفى ، الحديث الرابع.
3- المحكّمة هم الخوارج.

قال : وأمّا الخبر عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) نصّاً ، فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، ومن تقدّمها مرق ، ومن لزمها لحق » فالمتمسّك بأهل بيت الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) هاد مهتد بشهادة من الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) ، والمتمسّك بغيرها ضالّ مضلّ.

قال الناس : صدقت يا أبا جعفر ، وأمّا حجّة العقل ... (1).

التاسع : وممّا أجاب به أبو الحسن علي بن محمّد العسكري ( عليهما السلام ) في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض ، أن قال : « اجتمعت الأمّة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك : أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع فرقها ، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل اللّه مهتدون ، لقول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لا تجتمع أُمّتي على ضلالة » ، فأخبر ( صلى اللّه عليه وآله ) أنّ ما اجتمع عليه الأُمّة ولم يخالف بعضها بعضاً هو الحقّ ، فهذا معنى الحديث لا ما تأوّله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتّباع حكم الأحاديث المزوّرة والروايات المزخرفة ، واتّباع الأهواء المردية المهلكة ، التي تخالف نصّ الكتاب ، وتحقيق الآيات الواضحات النيّرات ، ونحن نسأل اللّه أن يوفّقنا للصّواب ويهدينا إلى الرشاد ».

ثمّ قال ( عليه السلام ) : « فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الأُمّة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزوّرة ، فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفّاراً ضلاّلا ، وأصحّ خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل

ص: 473


1- الاحتجاج 2 : 308 [ 258 ] ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 609 ح 605 ، مختصراً ، والبحار 47 : 396 ح 1.

الخبر المجمع عليه من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، حيث قال : « إنّي مستخلف فيكم خليفتين : كتاب اللّه وعترتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، واللفظة الأُخرى عنه في هذا المعنى بعينه ، قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » ، فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث نصّاً في كتاب اللّه تعالى ، مثل قوله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ، اتّفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أنّه تصدّق وهو راكع ، فشكر اللّه ذلك له وأنزل الآية فيه ، ثمّ وجدنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة : « من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » ، وقوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « عليّ يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم بعدي » ، وقوله ( صلى اللّه عليه وآله ) حيث استخلفه على المدينة ، فقال : يا رسول اللّه ، أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » ، فعلمنا أنّ الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار ، وتحقيق هذه الشواهد ، فلزم الأُمّة الإقرار بها ; إذ كانت هذه الأخبار وافقت القرآن ، ووافق القرآن هذه الأخبار ، فلمّا وجدنا ذلك موافقاً لكتاب اللّه ، ووجدنا كتاب اللّه لهذه الأخبار موافقاً وعليها دليلا ، كان الاقتداء بهذهِ الأخبار فرضاً لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد والفساد ... » ( الحديث ) (1).

ص: 474


1- الاحتجاج 2 : 487 [ 328 ] ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 609 ح 607 مختصراً ، وغاية المرام 2 : 21 ح 18 ، الباب 19 ، و 2 : 142 ح 70 ، الباب 21 ، و 2 : 366 ح 84 ، الباب 29 ، مع بعض الاختلاف اليسير في كلّها ، والبحار 2 : 225 ح 3 ، و 5 : 20 ح 30 ، و 35 : 184 ح 2 ، ومستدرك الوسائل 7 : 254 ح 1 ، باب 47.

وقد مرّ هذا الحديث عن تحف العقول للحرّاني ( القرن الرابع ) ، ولكن نقلناه هنا بطوله لوجود الاختلاف الكثير بينهما (1).

أحمد بن أبي طالب الطبرسي :

ذكره تلميذه ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه ، وقال : شيخي أحمد بن أبي طالب الطبرسي ، له : كتاب الكافي في الفقه حسن ، الاحتجاج ... (2).

وذكره الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : الشيخ أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ، عالم فاضل فقيه محدّث ثقة ، له كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج ، حسن كثير الفوائد (3).

كتاب الاحتجاج :

إنّ كتابه الاحتجاج معروف النسبة إليه ، ذكره كلّ من ترجمه ، كما مرّ عليك كلام ابن شهر آشوب والحرّ العاملي آنفاً.

وجعله المجلسي ( ت 1111 ه- ) من مصادر كتابه البحار ، ونبّه على الخطأ في نسبة الكتاب إلى أبي علي الطبرسي صاحب التفسير (4) ، وقال في توثيق الكتاب : وكتاب الاحتجاج وإن كانت أكثر أخباره مراسيل لكنّها من

ص: 475


1- راجع ما ذكرناه عن تحف العقول للحرّاني ، الحديث الثالث.
2- معالم العلماء : 25 [ 125 ].
3- أمل الآمل 2 : 17 [ 36 ]. وانظر : روضات الجنّات 1 : 64، رياض العلماء 1 : 48 ، الذريعة 1 : 281 [ 1472 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) 2 : 11 ، معجم رجال الحديث 2 : 164 [ 681 ] ، خاتمة المستدرك 3 : 60.
4- البحار 1 : 9.

الكتب المعروفة المتداولة ، وقد أثنى السيّد ابن طاووس على الكتاب وعلى مؤلّفه ، وقد أخذ عنه أكثر المتأخّرين (1).

واعتمد عليه الحرّ العاملي في وسائله (2) ، وذكر طريقه إليه (3).

وهذا الكتاب وإن كانت أخباره مراسيل ، إلاّ ما رواه عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، إلاّ أنّها ذات قيمة واعتبار ; إذ أنّ مؤلّفه قال في مقدّمة الكتاب : ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده ، إمّا لوجود الإجماع عليه ، أو موافقته لما دلّت العقول إليه ، ولاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف ، إلاّ ما أوردته عن أبي محمّد الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، فإنّه ليس في الاشتهار على حدّ ما سواه وإن كان مشتملا على مثل الذي قدّمناه ، فلأجل ذلك ذكرت إسناده في أوّل خبر من ذلك دون غيره ; لأنّ جميع ما رويت عنه ( عليه السلام ) إنّما رويته بإسناد واحد من جملة الأخبار التي ذكرها ( عليه السلام ) في تفسيره (4).

ومن كلامه يظهر لك قيمة ما رواه في كتابه ، وقد مرّ عليك كلام المجلسي في توثيق الكتاب.

ومع ذلك فقد ذكر حديث الثقلين مسنداً عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، وصرّح بأنّ الإسناد صحيح رجاله ثقات في حديث آخر ، وبقيّة الأحاديث أدرجنا مواضعها في الكتب التي سبقت الاحتجاج ، حيث إنّ بعضها مسندة هناك.

وأمّا ما رواه من رسالة الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) إلى أهل الأهواز ،

ص: 476


1- البحار 1 : 28.
2- خاتمة الوسائل 30 : 156 ، الفائدة الرابعة.
3- خاتمة الوسائل 30 : 183 ، الفائدة الخامسة.
4- الاحتجاج 1 : 4 ، مقدّمة المؤلّف.

فقد يقال : إنّها مسندة بالنظر إلى ما ذكره في عبارته المارّة الذكر من أنّه ذكر إسناداً واحداً في أوّل كتابه لما رواه عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، ولكن بالتأمّل في الجملة الأخيرة في عبارته ، وهي : ( لأنّ جميع ما رويت عنه ( عليه السلام ) إنّما رويته بإسناد واحد من جملة الأخبار التي ذكرها ( عليه السلام ) في تفسيره ) ، فهي ظاهرة في أنّ هذا السند يختصّ بالأخبار التي رواها عن تفسير الإمام فقط ، وهذه الرسالة غير موجودة في التفسير المتداول الآن.

ص: 477

ص: 478

مؤلّفات أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت 548 ه- )

(59) كتاب : تفسير مجمع البيان
الحديث :

الأوّل : قال : وصحّ عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) من رواية العامّ والخاصّ ، أنّه قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

وإنّما أحذف أسانيد أمثال هذه الأحاديث إيثاراً للتخفيف ، ولاشتهارها عند أصحاب الحديث ... (1).

الثاني : قال في تفسير قوله تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ ) :

والذي يؤيّده ما رواه أبو سعيد الخدري عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) أنّه قال : « أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم حبلين ، إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (2).

ص: 479


1- مجمع البيان 1 - 2 : 75 ، المقدّمة ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت 1091 ه- ) في الأُصول الأصليّة : 42 ، والحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في الوسائل 27 : 204 ، ح 77 ، وإثبات الهداة 1 : 610 ، ح 610 ، فصل (29).
2- 2 - مجمع البيان 1 - 2 : 802 ، آل عمران : 103 ، وعنه في إثبات الهداة 3 : 15 ح 614، وغاية المرام 2 : 346 ح 37 ، الباب 29 ، والبحار 24 : 83 ، الباب 31 ، و 36 : 20 الباب 27 ، وكنز الدقائق 2 : 185 ، وتأويل الآيات الباهرات ( فارسي ) : 62.

وعنه الاستر ابادي ( كان حيّاً سنة 965 ه- ) في تأويل الآيات الظاهرة (1).

الثالث : قال : وقد ثبت إجماع أهل البيت ( عليهم السلام ) على إيمان أبي طالب ، وإجماعهم حجّة ; لأنّهم أحد الثقلين اللذين أمر النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) بالتمسّك بهما بقوله : « إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » (2).

الرابع : قال : وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة ، وإجماعهم حجّة ; لقول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

الخامس : قال : الثقل متاع البيت وجمعه أثقال ، وهو من الثقل ، يقال : ارتحل القوم بثقلهم وثقلتهم أي : بأمتعتهم ، ومنه الحديث : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

قال ثعلب : سمّيا به ; لأنّ الأخذ بموجبهما ثقيل ، وقال غيره : إنّ العرب تقول لكلّ شيء خطير نفيس : ثقل ، فسمّاهما ثقلين تفخيماً لشأنهما (4).

ص: 480


1- تأويل الآيات الظاهرة 1 : 117 ح 31 ، وقال : ويدلّ على ذلك : ما ذكره أبو علي الطبرسي في تفسيره ، قال : روى أبو سعيد عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ...
2- مجمع البيان 3 - 4 : 444 ، سورة الأنعام : 26 ، وعنه في البحار 35 : 139 ، إيمان أبي طالب.
3- مجمع البيان 7 - 8 : 240 ، سورة النور : 55 ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 611 ح 618.
4- مجمع البيان 7 - 8 : 431 ، العنكبوت : 13.

السادس : قال : وإنّما سمّيت الجنّ والإنس ثقلين ; لعظم خطرهما ، وجلالة شأنهما ، بالإضافة إلى ما في الأرض من الحيوانات ، ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز ، ومنه قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » ، سمّاهما ثقلين ; لعظم خطرهما وجلالة قدرهما (1).

أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي :

عدّه الشيخ ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) من شيوخه (2).

وقال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست : الشيخ الإمام أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، ثقة فاضل ديّن عين ، له تصانيف ... ، شاهدته وقرأت بعضها عليه (3).

وقال السيّد مصطفى الحسيني التفرشي ( القرن الحادي عشر ) : الفضل ابن الحسن بن الفضل ، أمين الدين أبو علي الطبرسي ، ثقة فاضل ديّن عين ، من أجلاّء هذه الطائفة ، له تصانيف حسنة ... ، إلى أن قال : انتقل ( رحمه اللّه ) من المشهد المقدّس الرضوي على ساكنه من الصلوات أفضلها ومن التحيات أكملها إلى سبزوار في شهور سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ، وانتقل بها إلى دار الخلود ليلة النحر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ، رضي اللّه عنه وأرضاه (4).

ص: 481


1- مجمع البيان 9 - 10 : 340 ، الرحمن : 31.
2- معالم العلماء : 135 [ 920 ].
3- فهرست منتجب الدين : 144 [ 336 ] ، وانظر : حاوي الأقوال 3 : 65 [ 953 ].
4- 4 - نقد الرجال 4 : 19 [ 4107 ] ، وانظر : رياض العلماء 4 : 340 ، روضات الجنّات 5 : 357 ، خاتمة المستدرك 3 : 69 ، أمل الآمل 2 : 216 [ 650 ] ، منتهى المقال 5 : 194 [ 2279 ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : 278 [ 1415 ] ، لؤلؤة البحرين : 346 [ 116 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 216 ، جامع الرواة 2 : 4 ، الكنى والألقاب 2 : 444، بهجة الآمال 6 : 31 ، تنقيح المقال 2 : 7 ، و 2 : 8 ، أعيان الشيعة 8 : 398.

وقال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) : الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، المجمع على جلالته وفضله وثقته (1).

ومع ذلك فهو ( رضي اللّه عنه ) غني عن البيان والتعريف. مجمع البيان في تفسير القرآن :

وهو من أشهر تفاسير الشيعة ، وإنّما عرف المؤلّف ( رضي اللّه عنه ) واشتهر به ، ونسبته إليه مقطوعة ، ذكره في ضمن كتبه كلّ من ترجم له كابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) وسمّاه ( مجمع البيان في معاني القرآن ) (2) ، وقال : حسن ، وقال أيضاً في أوّل المناقب : وأنبأني الطبرسي بمجمع البيان لعلوم القرآن (3).

والشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست ، وقال : مجمع البيان في تفسير القرآن عشر مجلّدات (4) ، ومثله الحرّ ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل (5) ، والبحراني ( ت 1186 ه- ) في اللؤلؤة (6) ) ، وغيرهم.

وعدّه الحرّ العاملي والمجلسي والسيّد هاشم البحراني في مصادر كتبهم (7) ، وقال المجلسي في توثيقه : وأمّا تفسيراه الكبير والصغير فلا يحتاجان إلى التشهير (8).

ص: 482


1- البحار 1 : 9 ، مصادر الكتاب.
2- معالم العلماء : 135 [ 920 ].
3- مناقب آل أبي طالب 1 : 14.
4- فهرست منتجب الدين : 144 [ 336 ].
5- أمل الآمل 2 : 216.
6- لؤلؤة البحرين : 347.
7- خاتمة الوسائل 30 : 156 [ 33 ] ، إثبات الهداة 1 : 27 ، البحار 1 : 9 ، البرهان 1 : 30.
8- البحار 1 : 28 ، توثيق المصادر.

وقال الشهيد الأوّل ( ت 786 ه- ) في إجازته لابن الخازن : ورويت كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن للإمام أمين الدين أبي علي الفضل الطبرسي ، وهو كتاب لم يعمل مثله في التفسير عن عدّة من المشايخ منهم مشايخي المذكورون عن الشيخ جمال الدين ابن المطهّر بسنده إليه (1).

وقال الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض : قد رأيت نسخة من مجمع البيان بخطّ الشيخ قطب الدين الكيدري ، وقد قرأها نفسه على الخواجة نصير الدين الطوسي ، ثمّ إنّ على ظهرها بخطّه أيضاً ، هكذا : تأليف الشيخ الإمام الأجلّ السعيد الشهيد (2).

وفي الذريعة : وهو تفسير لم يعمل مثله ، ثمّ قال : وهذا تفسيره الكبير ، وقد فرغ من جزئه العاشر من سورة الجمعة إلى آخر القرآن يوم الخميس منتصف ذي القعدة 536 (3) ، كما أنّ فراغه من الجزء الأوّل المنتهي إلى قوله تعالى : ( فَمَنْ خَافَ مِن مُّوص جَنَفاً ... ) ، الآية 182 من سورة البقرة في ( 27 شعبان 530 ) (4) (5).

ص: 483


1- البحار 107 : 191 ، إجازة الشهيد الأوّل لابن الخازن ، وانظر أيضاً ; رياض العلماء 4 : 342.
2- رياض العلماء 4 : 344.
3- مجمع البيان 9 - 10 : 871.
4- مجمع البيان 1 - 2 : 487.
5- الذريعة 20 : 24 [ 1773 ].

ص: 484

(60) كتاب : تفسير جوامع الجامع
الحديث :

في تفسيره لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ ) ، قال : ( وأُولي الأمر ) هم أُمراء الحقّ وأئمّة الهدى ، الذين يهدون الخلق ويقضون بالحقّ ; لأنّه لا يعطف على اللّه ورسوله في وجوب الطاعة ولا يقرن بهما في ذلك إلاّ من هو معصوم مأمون منه القبيح ، أفضل ممّن أمر بطاعته وأعلم ، ولا يأمرنا اللّه عزّ اسمه بالطاعة لمن يعصيه ، ولا بالانقياد لوال علّة حاجتنا إليه موجودة فيه.

( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيء ) أي : فإن اختلفتم في شيء من أُمور دينكم ( فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ) أي : ارجعوا فيه إلى الرسول في حياته ، وإلى من أمر بالرجوع إليه بعد وفاته في قوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقد صرّح ( عليه السلام ) أنّ في التمسّك بهما الأمان من الضلال ، فالردّ إلى أهل بيته العترة الملازمة كتاب اللّه غير المخالفة له بعد وفاته مثل الردّ إليه ( صلى اللّه عليه وآله ) في حياته ; لأنّهم الحافظون لشريعته القائمون مقامه في أُمّته ، فثبت أنّ ( أُولى الأمر ) هم الأئمّة ... (1)

ص: 485


1- جوامع الجامع 1 : 411.
تفسير جوامع الجامع :

سمّى المصنّف تفسيره هذا في مقدّمته ب- ( جوامع الجامع ) (1) ، وكذا الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل (2) ، والأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض (3) ، ولكن الشهيد الأوّل ( ت 786 ه- ) في إجازته لابن الخازن (4) ، والمجلسي ( ت 1111 ه- ) حين عدّه من مصادر البحار (5) ، والبحراني ( ت 1107 ه- ) في مصادر تفسير البرهان (6) ، سمّوه ب- ( جامع الجوامع ).

ولم يذكره ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه (7) ، وذكر الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) تفسيراً له بعنوان ( الوسيط في التفسير ) ، وقال : أربع مجلّدات (8) ، ومثله التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في نقد الرجال (9) ، نقل كلامهما الحرّ في أمل الآمل ، وكأنّه عدّه تفسيراً آخر غير جوامع الجامع (10) ، وهو الظاهر من صاحب نظام الأقوال أيضاً (11).

ولكن الشيخ يوسف البحراني ( ت 1186 ه- ) في اللؤلؤة عدّهما واحداً ، قال : وله كتاب الوسيط المسمّى بجوامع الجامع أربع مجلّدات (12) ، وهذا هو الصحيح.

ص: 486


1- جوامع الجامع 1 : 50 ، مقدّمة المؤلّف.
2- أمل الآمل 2 : 216 [ 650 ].
3- رياض العلماء 4 : 340.
4- البحار 107 : 191.
5- البحار 1 : 9 ، مصادر الكتاب.
6- تفسير البرهان 1 : 30.
7- معالم العلماء : 135 [ 920 ].
8- فهرست منتجب الدين : 144 [ 336 ].
9- نقد الرجال 4 : 19 [ 4107 ].
10- أمل الآمل 2 : 216 [ 650 ].
11- انظر : رياض العلماء 4 : 340.
12- لؤلؤة البحرين : 347.

فقد قال المصنّف في مقدّمة جوامع الجامع : أمّا بعد ، فإنّي لمّا فرغت من كتابي الكبير في التفسير الموسوم ب- « مجمع البيان لعلوم القرآن » ثمّ عثرت من بعد بالكتاب الكشّاف لحقائق التنزيل لجار اللّه العلاّمة ، واستخلصت من بدائع معانيه وروائع ألفاظه ومبانيه ما لا يلغى مثله في كتاب مجتمع الأطراف ، ورأيت أن أسمَه وأُسمّيه ب- ( الكاف الشاف ) ، فخرج الكتابان إلى الوجود.

إلى أن قال - بعد أن ذكر اقتراح ولده أبو نصر الحسن عليه أن يجرّد من هذين الكتابين كتاباً ثالثاً ، واعتذاره عدّة مرّات بالضعف وكبر السن - : فأبى إلاّ المراجعة فيه ، والعود والاستشفاع بمن لم استجز له الردّ ، فلم أجد بدّاً من صرف وجه الهمّة إليه والإقبال بكلّ العزيمة عليه ، وهممت أن أضع يدي فيه ، ثمّ استخرت اللّه تعالى وتقدّس في الابتداء منه بمجموع مجمع جامع للكلم الجوامع ، أسمّيه كتاب « جوامع الجامع » ولا شكّ أنّه اسم وفق للمسمّى ولفظ طبق للمعنى ... (1)

فيظهر من كلامه ( رحمه اللّه ) جليّاً أنّه ألّف أوّلا ( مجمع البيان ) ، ثمّ وجد تفسير الكشّاف فاختار منه ( الكاف الشاف ) ، ثمّ ألّف منهما كتاباً ثالثاً بعدهما وغيرهما ، هو ( جوامع الجامع ).

ويظهر من قوله أيضاً في المقدّمة أنّه نفسه ( الوسيط ) ، قال - بعد ما مضى من كلامه - : وأرجو أن يكون بتوفيق اللّه وعونه وفيض فضله ومنّه كتاباً وسيطاً خفيف الحجم ، كثير الغنم ... ، إلى آخره (2).

ومن هذا عرف أنّ تردّد صاحب الرياض الميرزا الأفندي ليس في

ص: 487


1- جوامع الجامع 1 : 49 ، مقدّمة المؤلّف.
2- جوامع الجامع 1 : 50 ، مقدّمة المؤلّف ، وانظر أيضاً : ما ذكره محقّقو الكتاب في مقدّمة التحقيق 1 : 27.

محلّه ، فقد قال - بعد أن نقل كلام منتجب الدين في الفهرست - : ولعلّ مراده بالوسيط في التفسير هو تفسير جوامع الجامع المشهور ، وبالوجيز الكاف الشاف عن الكشّاف ويحتمل المغايرة ، فلاحظ.

وقد يتوهّم أنّ ( الكاف الشاف ) عن الكشّاف هو بعينه كتاب جوامع الجامع ، قال في أوّله : إنّه ملخّص من الكشّاف ، لكن الحقّ أنّه غيره.

ثمّ قال - بعد أن نقل عبارة إجازة الشهيد الأوّل لابن الخازن وكلام ابن شهر آشوب في المعالم - وأقول : الظاهر أنّ ( الكاف الشاف ) غير جوامع الجامع ، وإن أورد فيه أيضاً مطالب الكشّاف على ما صرّح به فى أوّله ، لكنّه لا يبعد اتّحاده مع الوسيط في التفسير ، وهو بعينه جوامع الجامع (1).

أقول : بل هو مراده جزماً ولا يحتمل المغايرة أصلا ، كما ظهر لك من قول المصنّف في مقدّمته ، وإنّه أيضاً لم يلخّص جوامع الجامع من الكشّاف ، وإن ضمّنه ما فيه (2) ، بل إنّ الملخّص من الكشّاف هو ( الكاف الشاف ) الذي يسمّى بالوجيز عند بعضهم (3) ، وإنّ الوسيط هو جوامع الجامع ، فلا اتّحاد له مع ( الكاف الشاف ) أو ( الوجيز ).

وهذا يظهر جليّاً من إجازة الشهيد الأوّل لابن الخازن ، فبعد أن أجازه رواية ( مجمع البيان ) وذكر طريقه إلى مصنّفه ، قال : وكذلك تفسيره الملقّب بجامع الجوامع ، وكتاب ( الكاف الشاف ) من كتاب الكشّاف من مصنّفاته (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : والجوامع هو التفسير الوسيط في المقدار والحجم ، فإنّه أصغر من الكبير المسمّى

ص: 488


1- رياض العلماء 4 : 342 ، وانظر : كشف الظنون 1 : 370.
2- جوامع الجامع 1 : 50 ، مقدّمة المؤلّف.
3- فهرست منتجب الدين : 144 [ 336 ] ، نقد الرجال 4 : 19 [ 4107 ].
4- البحار 107 : 191 ، إجازة الشهيد الأوّل لابن الخازن.

ب- ( مجمع البيان ) وأكبر من الصغير المسمّى ب- « الكافي الشافي » ، وقد ألّفه بعدهما وانتخبه منهما بالتماس ولده الحسن بن فضل كما صرّح به في أوّله ، وتمّمه في اثني عشر شهراً بعدد خلفاء النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) ونقباء موسى ( عليه السلام ) ، شرع فيه في ( 18 - صفر - 542 ) وفرغ منه ( 24 - المحرم - 543 ) (1) (2).

وقد طبع الكتاب في ثلاثة مجلّدات بتحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرَّفة على ثلاث نسخ مخطوطة ومطبوعتين حجريّتين (3).

ص: 489


1- جوامع الجامع 3 : 884 ، آخر الكتاب.
2- الذريعة 5 : 248 [ 1195 ] ، وانظر : أعيان الشيعة 8 : 399.
3- راجع مقدّمة التحقيق لكتاب جوامع الجامع ، طبع جماعة المدرّسين بقم.

ص: 490

(61) كتاب : إعلام الورى بأعلام الهدى
الحديث :

الأوّل : قال : ولمّا قضى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) نسكه وقفل إلى المدينة ، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ وليس بموضع يصلح للنزول ; لعدم الماء فيه والمرعى ، نزل عليه جبرئيل ( عليه السلام ) وأمره أن يقيم عليّاً وينصبه إماماً للناس ، فقال : « ربّي ، إنّ أُمّتي حديثو عهد بالجاهليّة » ، فنزل عليه : إنّها عزيمة لا رخصة فيها ، فنزلت الآية : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، فنزل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بالمكان الذي ذكرناه ... ، إلى آخر ما ذكرناه عن المفيد في إرشاده مع بعض الاختلاف (1).

وسيأتي أيضاً عن كشف الغمّة للأربلي ( ت 693 ه- ) (2). وكشف

ص: 491


1- إعلام الورى 1 : 261. وفيه : فنزل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بالمكان الذي ذكرناه ونزل المسلمون حوله وكان يوماً شديد الحرّ ، فأمر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ... ، وفيه : فنادى بالناس الصلاة جامعة فاجتمعوا إليه ، وفيه : من شدّة الرمضاء ، فصعد ( صلى اللّه عليه وآله ) على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ودعا عليّاً ( عليه السلام ) ... ، وفيه : ووعظ ونعى إلى الأُمّة نفسه ، وفيه : « وقد حان منّي خفوق من بين أظهركم » ، وفيه : « ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه » ، وفيه : وقد أخذ بضبعي علي ( عليه السلام ) ... ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 612 ح 620، والبحار 21 : 389 ، ح 12.
2- كشف الغمّة 1 : 238 ، وراجع ما سنذكره عن الأربلي في كشف الغمّة ، الحديث السابع.

اليقين للعلاّمة الحلّي ( ت 726 ه- ) (1).

الثاني : قال - أي الشيخ أبو جعفر بن بابويه ( رحمه اللّه ) (2) - : وحدَّثنا أحمد ابن زياد بن جعفر الهمداني ... ، وأورد حديث الثقلين الذي رواه الصدوق عن طريق أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، بإسناده إلى الصادق ( عليه السلام ) ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، في كمال الدين ومعاني الأخبار وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، فراجع (3).

كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى :

نسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست (4) ، وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم (5) ، وغيرهما (6).

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (7) ، وقال في توثيقه : وكذا كتاب إعلام الورى ، ومؤلّفه أشهر من أن يحتاج إلى البيان ، وهو عندي بخطّ مؤلّفه ( رحمه اللّه ) (8) ، وأدرجه الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- )

ص: 492


1- راجع ما سنذكره عن كشف اليقين ، الحديث الثالث.
2- إعلام الورى 2 : 174 ، قال : وأمّا الضرب الثاني وهو ما روي من النصوص على أعيان الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) ، فمن ذلك : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه ( رحمه اللّه ) ، ثمّ روى عدّة أحاديث يبدؤها بقال : ... ، إلى أن روى هذا الحديث في المتن.
3- إعلام الورى 2 : 180 ، وراجع ما أوردناه عن كمال الدين ، الحديث الرابع والعشرون ، ومعاني الأخبار ، الحديث الخامس ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الحديث الأوّل.
4- فهرست منتجب الدين : 144 [ 326 ].
5- معالم العلماء : 135 [ 920 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 216 [ 650 ].
6- لؤلؤة البحرين : 347 [ 116 ] ، كشف الظنون 1 : 155.
7- البحار 1 : 9 ، مصادر الكتاب.
8- البحار 1 : 28 ، توثيق المصادر.

في مصادر كتابيه : الوسائل وإثبات الهداة (1) ، وذكر طريقه إليه (2) ، ومن هذا - خاصّة ما ذكره العلاّمة المجلسي - تصبح نسبة الكتاب إلى الطبرسي مقطوع بها ، ولكن بقي هناك شيء ، وهو أنّه نُسب إلى السيّد ابن طاووس كتاب باسم ( ربيع الشيعة ) يطابق كتاب ( إعلام الورى ) في كلّ شيء من المضمون والأبواب والترتيب إلاّ في أوّله من الخطبة ، وهذا ما أثار استغراب وتعجّب العلماء.

قال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) : وكتب السادة الأعلام أبناء طاووس كلّها معروفة ، وتركنا منها كتاب ربيع الشيعة ; لموافقته لكتاب إعلام الورى في جميع الأبواب والترتيب ، وهذا ممّا يقضي منه العجب! (3)

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) : أقول : ومن الغرائب أنّ السيّد رضيّ الدين بن طاووس ألّف كتاب ربيع الشيعة ، وقد اتّفق موافقته لكتاب إعلام الورى المذكور في جميع المطالب والأبواب والترتيب من غير زيادة ولا نقصان ولا تفاوت ، إلاّ في الديباجة (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : إعلام الورى بأعلام الهدى في فضائل الأئمّة الهداة وأحوالهم ( عليهم السلام ) ، لإمام المفسّرين الشيخ أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، المتوفّى سنة 548 ، صاحب مجمع البيان وغيره ، نسخة خطّ المؤلّف عند العلاّمة المجلسي ، إلى أن قال : طبع سنة 1312 ، ومن غريب الاتفاق مطابقة ( كتاب ربيع الشيعة ) المنسوب إلى السيّد ابن طاووس المتوفّى سنة 664 مع

ص: 493


1- خاتمة الوسائل 30 : 156 [ 34 ] ، إثبات الهداة 1 : 27.
2- خاتمة الوسائل 30 : 183 ، الطريق الثاني والثلاثون.
3- البحار 1 : 31 ، توثيق المصادر.
4- رياض العلماء 4 : 343 ، 345.

هذا الكتاب ، وتوافقهما حرفاً بحرف إلاّ اختصارات قليلة في بعض الفصول وزيادات في الخطبة ، فإنّ ربيع الشيعة باسم السيّد ابن طاووس ، ومصرّح فيه باسم الكتاب ، وأنّه ربيع الشيعة ، قال العلاّمة المجلسي في أوّل البحار : ( وهذا ممّا يقضي منه العجب ) (1).

وهذا ما دفع المحقّقين إلى محاولة حلّ هذا الإشكال ومعرفة سبب هذا التوافق والاتّحاد بين الكتابين.

فقال العلاّمة النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة المستدرك - بعد أن نقل كلام المجلسي في البحار ، والمولى عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال ، وتعجّبهما من اتّحاد الكتابين - : قلت : هذا الكتاب غير مذكور في فهرست كتبه (2) في كتاب إجازاته ، ولا في كشف المحجّة ، وما عثرت على محلّ أشار إليه وأحال عليه ، كما هو دأبه غالباً في مؤلّفاته بالنسبة إليها ، وهذان الجليلان مع عثورهما على الاتّحاد واستغرابهما ، لم يذكرا له وجهاً ، وقد ذاكرت في ذلك مع شيخنا الأُستاذ طاب ثراه (3) ، فقال - وأصاب في حدسه - : إنّ الظاهر أنّ السيّد عثر على نسخة من الإعلام لم يكن لها خطبة فأعجبه فكتبه بخطّه ، ولم يعرفه ، وبعد موته وجدوه في كتبه بخطّه ، ولم يكن له علم بإعلام الورى ، فحسبوا أنّه من مؤلّفاته ، فجعلوا له خطبة على طريقة السيّد في مؤلّفاته ، ونسبوه إليه ، ولقد أجاد في ما أفاد (4).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) : أقول : الممارس لبيانات السيّد ابن طاووس لا يرتاب في أنّ ربيع الشيعة ليس له ، والمراجع له لا

ص: 494


1- الذريعة 2 : 240 [ 957 ] و 10 : 75 [ 131 ].
2- أي : كتب السيّد ابن طاووس.
3- في هامش المخطوط ( الشيخ عبد الحسين ).
4- خاتمة المستدرك 2 : 448.

يشكّ فى اتّحاده مع إعلام الورى للطبرسي ، وقد احتمل بعض المشايخ كون منشأ هذه الشبهة أنّ السيّد ابن طاووس حين شرع في أن يقرأ على السامعين كتاب إعلام الورى ، هذا ، حمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وآله صلوات اللّه عليهم على ما هو ديدنه ، ثمّ مدح الكتاب وأثنى عليه بقوله : ( إنّ هذا الكتاب ربيع الشيعة ) والسامع كتب على ما هو ديدنه ، هكذا : يقول السيّد الإمام ، وذكر ألقابه واسمه إلى قوله : إنّ هذا الكتاب ربيع الشيعة ، ثمّ كتب كلّما سمعه عنه من الكتاب إلى آخره ، فظنّ من رأى النسخة بعد ذلك أنّ ربيع الشيعة اسمه ، وأنّ مؤلّفه هو السيّد ابن طاووس (1).

أقول : ولا يبعد في البين احتمالات أُخرى ذكرها بعضهم (2) ، أو حتّى أنّه من خطأ النساخ لا غير.

ص: 495


1- الذريعة 2 : 240 [ 957 ] ، وانظر : مقدّمة تحقيق كتاب إعلام الورى ، الصفحة 22.
2- خاتمة المستدرك 2 : 446 و 448 ، هامش يحيى شفيع على المخطوطة.

ص: 496

(62) كتاب : روض الجنان وروح الجَنان في تفسير القرآن للشيخ حسين بن علي بن محمّد الخزاعي النيشابوري ( أبو الفتوح الرازي ) ( ت حدود 554 ه- )
الحديث :

الأوّل : في تفسيره لقوله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ) :

قال : روى عطيّة العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « يا أيّها الناس ، إنّي تركت فيكم خليفتين ، إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللّه اللطيف أخبرني أنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الثاني : في تفسير قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) بعد أن نقل أقوال مفسّري العامّة ، قال [ ما ترجمته بالعربيّة ] : أمّا ما في تفسير أهل البيت ( عليهم السلام ) وأئمّتنا ورواية جماعة من الصحابة ، حيث فيهم البراء بن عازب وجابر بن عبد اللّه الأنصاري وسلمان وأبو ذر وعمّار وحذيفة ، أنّ الآية نزلت في حقّ أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في حجّة الوداع ، إلى أن قال : ورجع وفي الطريق وصل إلى مكان يقال له غدير خمّ وهو

ص: 497


1- روض الجنان ( فارسي ) 4 : 461.

مفترق الطرق ، إلى أن قال : وخطب خطبة بليغة ، وهي معروفة ومشهورة ... ، قال : « يا قوم ، نعيت إليّ نفسي ، وقد حان منّي خفوق من بين أظهركم ، وقد دُعيت وأُوشك أن أُجيب ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الثالث : في تفسير قوله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) ، قال [ ما ترجمته بالعربيّة ] : قال أصحابنا : إنّ الآية خاصّة بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، واستدلّوا بها في باب الإمامة من عدّة أوجه : ... ، إلى أن قال : ومن هنا قرن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بينهما ، الميراث والوارث ، في قوله : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض » (2).

الرابع : في تفسير قوله تعالى : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال : ومنه قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » سمّاهم ثقل لأجل عظمة قدرهم (3).

الخامس : في تفسير قوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) في تقريره لسبق علي ( عليه السلام ) ، قال : في يوم سُئل ابن عبّاس عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال : ذكرت واللّه أحد الثقلين ، سبق بالشهادتين وصلّى القبلتين ... ، فمثله في الأُمّة كمثل ذي القرنين ، ذلك مولاي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).

أي قال : واللّه جئت باسم رجل هو أحد القسمين أي : القرآن

ص: 498


1- روض الجنان ( فارسي ) 7 : 62 - 65 ، نقلنا ما قاله بالفارسيّة إلى العربيّة.
2- روض الجنان ( فارسي ) 16 : 113 ، نقلنا ما قاله بالفارسيّة إلى العربيّة.
3- روض الجنان ( فارسي ) 18 : 264.

والعترة ، قوله ( عليه السلام ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » (1).

الشيخ أبو الفتوح الحسين بن علي بن محمّد النيشابوري :

قال ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) فى معالم العلماء : شيخي أبو الفتوح بن علي الرازي ، عالم (2) ، وعدّه من مشايخه في المناقب أيضاً (3) ، وهو من شيوخ منتجب الدين ، ذكر الرواية عنه في عدّة مواضع من فهرسته (4). وترجمه بقوله : الشيخ الإمام جمال الدين أبو الفتوح الحسين ابن علي بن محمّد الخزاعي الرازي ، عالم واعظ مفسّر ديّن (5).

وذكره الشيخ عبد الجليل القزويني ( القرن السادس ) في النقض في عداد مفسّري الشيعة (6).

وقال في حقّه التفرشي ( القرن الحادي عشر ) : الحسين بن علي بن محمّد الخزاعي الرازي ، جمال الدين أبو الفتوح ، عالم ، فاضل ، أمين ، ثقة ، عين ، واعظ ، مفسّر (7).

وهو من أُسرة علميّة كبيرة ، ذكر العلماء بعض أفرادها في ترجمته ، ولا يسع المجال للتعرّض لهم ، قال فيهم صاحب الرياض : وكان هو

ص: 499


1- روض الجنان ( فارسي ) 18 : 300.
2- معالم العلماء : 141 [ 987 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 356 ، بهجة الآمال 3 : 302.
3- مناقب آل أبي طالب 1 : 13.
4- انظر : فهرست منتجب الدين : 8 [ 1 ] ، 11 [ 5 ] ، 37 [ 67 ] ، 69 [ 148 ] ، 108 [ 219 ] ، 109 [ 220 ].
5- فهرست منتجب الدين : 45 [ 78 ] : وانظر : جامع الرواة 1 : 249 ، أمل الآمل 2 : 99 [ 271 ].
6- النقض : 41 ، 212.
7- نقد الرجال 2 : 108 [ 1493 ] ، وانظر : الكنى والألقاب 1 : 135 ، تنقيح المقال 1 : 339 ، خاتمة المستدرك 3 : 72.

( رحمه اللّه ) وولده الشيخ الإمام تاج الدين محمّد ووالده وجدّه القريب ، وجدّه الأعلى الشيخ أبو بكر أحمد وعمّه الأعلى ، وهو الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ أبي بكر أحمد ، المذكور ، كلّهم من مشاهير العلماء ، وبالجملة هؤلاء سلسلة معروفة من علماء الإماميّة ، ولكلّ واحد منهم تأليفات جياد وتصنيفات عديدة حسان (1).

وهذه الأُسرة ترجع إلى قبيلة بني خزاعة ، ويصل نسبهم إلى نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، ذكر ذلك المترجم له في كتابه روض الجنان ، عند تفسير قوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) من سورة آل عمران (2) ، وعند تفسير قوله تعالى : ( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) من سورة الفتح (3).

وأمّا عصره فقد نقل صاحب الرياض إجازة من المترجم إلى بعض تلامذته ، كانت على ظهر نسخة قديمة للربع الأوّل من تفسيره.

قال : وكان تاريخ إجازته سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ، وعبّر عن نسبه ، هكذا : الحسين بن علي بن محمّد بن أحمد الخزاعي ، وقد قرأها جماعة أُخرى من العلماء أيضاً عليه ، ومنهم ولد الشيخ أبي الفتوح هذا أيضاً ، وخطّه الشريف لا يخلو من رداءة (4).

وقد نقل المحدّث الأرموي في تعليقات النقض إجازة منه إلى ولده تاج الدين ، موجودة على ظهر نسخة من رجال النجاشي تاريخها

ص: 500


1- رياض العلماء 2 : 158 ، وانظر : روضات الجنّات 2 : 314 [ 212 ] ، أعيان الشيعة 6 : 124 ، مقدّمة روض الجنان بقلم محمّد القزويني.
2- روض الجنان ( فارسي ) 5 : 148.
3- روض الجنان ( فارسي ) 17 : 354.
4- رياض العلماء 2 : 157.

551 ه- (1) ، ممّا يدفع احتمال التوهّم والاشتباه في الإجازة الأُولى.

ثمّ إنّ الشيخ عبد الجليل القزويني صاحب ( النقض ) الذي ألّفه بين 556 و 566 ، ذكر أبو الفتوح الرازي مترحّماً عليه (2) في عدّة أماكن من كتابه ، وهو ما يدلّ على أنّه لم يكن على قيد الحياة في ذلك الوقت ، فانحصرت سنة وفاته بين 552 ه- إلى 556 ه-.

بل إنّ مؤلّف ( بعض فضائح الروافض ) (3) والذي أتمّ تأليفه سنة 555 ه- ذكر أبو الفتوح ناقلا بعض أقواله ، من دون أن يشير إلى حياته ، ممّا قد يستظهر منه أنّه لم يكن على قيد الحياة في تلك السنة ، خاصّة وأنّ صاحب ( النقض ) عندما كذّب صحّة ما نقله عن أبي الفتوح لم يُشر إلى أنّه كان حيّاً ويمكن الرجوع إليه مثلا (4).

ولنعم ما قرّبه المحدّث الأرموي من سنة وفاته ب- 554 ه- (5).

تفسير روض الجنان وروح الجَنان :

ذكر المؤلّف في أوّل كتابه - بعد الحمد والصلاة - ألطاف اللّه تعالى بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، ومنها القرآن النازل بأشرف اللغات ، وهي لغة العرب ، والذي يحوي كلّ العلوم ، ولا يوجد علم إلاّ وهو فيه ، فلابدّ

ص: 501


1- رياض العلماء 2 : 175.
2- النقض : 263 ، 280.
3- كتاب ( بعض فضائح الروافض ) لبعض العامّة ، وهو الذي ردّ عليه الشيخ عبد الجليل القزويني بكتاب ( بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ) المشهور ( بالنقض ).
4- النقض : 280.
5- تعليقات النقض 1 : 161 ، وانظر : ما كتبه محمّد بن عبد الوهّاب القزويني بعنوان ( خاتمة الطبع ) في نهاية الجزء الخامس من الطبعة الأُولى ، ومقدّمة ميرزا أبي الحسن الشعراني على تفسير أبي الفتوح ، ومقدّمة طبعة آستان قدس رضوي ، بقلم د. محمّد جعفر ياحقي و د. محمّد مهدي ناصح.

من الذي يتعاطى هذا العلم ، ويريد أن يصنّف تفسيراً يحتوي على ما في القرآن من العلوم أن يعرف هذه العلوم ، خصوصاً علم الأدب وما ينسب إليه من اللغة والنحو والتصريف والعروض والبلاغة ، وكذا يتقن علم الأُصول ، وأن يكون فقيهاً وعالماً بأُصول الفقه ، وعارفاً بالأخبار المتعلّقة بالآيات وسبب نزولها والقصص المتعلّقة بها ، إلى أن قال ما ترجمته بالعربية :

لذلك اقترح جماعة من الأصحاب والأكابر الفضلاء وأهل العلم والتديّن أن يجمع في هذا الباب شيء ; لعدم وجود تفسير عند أصحابنا يحوي هذه العلوم ، فرأيت من الواجب إجابتهم ، وواعدتهم بتصنيف تفسيرين : أحدهما بالفارسيّة والآخر بالعربيّة ، ثمّ إنّ ما بالفارسيّة مقدّم على ما بالعربيّة ; لأنّ طلاّبه أكثر وفائدة الكلّ به أعم. وهذا الكتاب إن شاء اللّه وسط بين الإطناب والاختصار ، إطناب لا يكون ممّلا واختصار لا يكون مخلاًّ ... إلى آخر كلامه (1).

وقد عرفت سابقاً أنّ الشيخ عبد الجليل القزويني المعاصر للمؤلّف قد نسب إليه تفسير بعشرين جزءً في كتابه المعروف ب- ( النقض ) (2).

ومن ثمّ نسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه ، وقال : له كتاب رَوح الجِنان ورُوح الجَنان في تفسير القرآن ، إلاّ أنّه عجيب (3) ، وأخذ منه إجازة لروايته ذكرها في المناقب (4).

ونسبه إليه أيضاً تلميذه الآخر الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس )

ص: 502


1- روض الجنان 1 : 1 ، مقدّمة المصنّف.
2- النقض : 41 ، 212.
3- معالم العلماء : 141 [ 987 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 356.
4- المناقب 1 : 14.

في فهرسته ، وقال : له تصانيف ، منها التفسير المسمّى روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن ، عشرين مجلّدة (1).

وهو داخل في مصادر البحار (2) ، وقال المجلسي في فصل توثيق مصادره : والشيخ أبو الفتوح في الفضل مشهور ، وكتبه معروفة مألوفة (3).

ونقل صاحب الرياض قول القاضي نور اللّه في مجالس المؤمنين : وله تفسير آخر عربي ، وقد أشار إليه في أوّل تفسيره الفارسي (4) ، ولكن لم أره إلى الغاية ، وقد ذكره الشيخ عبد الجليل الرازي في بعض مصنّفاته ، فقال : الإمام أبو الفتوح الرازي مصنّف عشرين مجلّداً في تفسير القرآن ، وقال في موضع آخر : للشيخ الإمام أبي الفتوح الرازي عشرون مجلّداً في تفسير القرآن من مصنّفاته ، والأئمّة والعلماء من جميع الطوائف طالبون راغبون فيه ، والظاهر أنَّ أكثر تلك المجلّدات من تفسيره العربي ; لأنّ تفسيره الفارسي أربع مجلّدات ، كلّ مجلّد بقدر ثلاثون ألف بيت ، ولعلّه يُجعل ثمان مجلّدات فالباقي منه إلى العشرين يكون تفسيره العربي ، ثمّ أجاب عليه صاحب الرياض نفسه ، وأقول : الأستاد الاستناد - يريد العلاّمة المجلسي - أيّده اللّه تعالى لا يرتضي أن يكون المراد من تفسيره الذي كان عشرين مجلّداً هو تفسيره ، بل يقول : إنّ تفسيره الفارسي أيضاً بهذا المقدار فتأمّل (5).

ص: 503


1- فهرست منتجب الدين : 45 [ 78 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 99 [ 271 ] ، نقد الرجال 2 : 108 [ 1493 ] ، الكنى والألقاب 1 : 135 ، أعيان الشيعة 6 : 124.
2- البحار 1 : 22.
3- البحار 1 : 42.
4- روض الجنان ( فارسي ) 1 : 1 ، مقدّمة المؤلّف.
5- 5 - رياض العلماء 2 : 162 ، وانظر : الذريعة 11 : 274 [ 1694 ] ، وقد كرّر نفس التوهّم.

وعلّق الخوانساري ( ت 1313 ه- ) أيضاً في الروضات على كلام القاضي نور اللّه ، بقوله : وكأنّه لعدم عثوره على الكتاب كما يظهر من فحوى كلامه ، ابتلى بهذا التوجيه الخارج عن الصواب ، مع أنّ كون مجلّدات التفسير الفارسي بهذه العدّة ممّا صرّح به تلميذاه البصيران المتقدّمان ، ولا يلزم الموافقة بين المجلّد الكتابي العرفي وأجزاء التصنيف ، إلى أن قال : بل في نسبة أصل تفسير عربي إليه احتمال اشتباه بغيره ، كما نقله صاحب الرياض عن احتمال المجلسي المرحوم (1).

أقول : وكونه عشرين مجلّدة واضح من النسخ الموجودة منه ، والذي طبع عليها مؤخّراً في عشرين جزءاً ، كما ستأتي الإشارة إليه.

وقال عنه الميرزا النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة المستدرك : وهذا التفسير العجيب في عشرين مجلّداً ، وفيه أخبار كثيرة تناسب أبواب كتابنا هذا ، إلاّ أنّه لكونه بالفارسيّة ، ويحتاج نقله إلى الترجمة ثانياً بالعربيّة ، ويخاف منها فوات بعض مزايا الأخبار ، لم نرجع إليه إلاّ قليلا ، وقد ينقل الخبر بمتنه ثمّ يترجمه ، فأخرجناه سالماً ، والحمد لله (2).

وأمّا الكلام في تاريخ تأليف هذا التفسير ، فقد جاء في آخر المجلّد الحادي عشر من نسخة قديمة مؤرّخة ب- 529 ه- كانت موجودة في المكتبة الخاصّة بالمحقّق الأرموي ، هكذا : تمّت المجلّدة الحادي عشر ، ويتلوه في الثانية عشر سورة النحل ، ووقع الفراغ منه في العاشر من صفر سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة ، واللّه المستعان على إتمامه ، وهو المتفضّل بإحسانه ، وفرغ منه في يوم الخامس الثاني من صفر سنة تسع وسبعين

ص: 504


1- روضات الجنّات 2 : 316.
2- خاتمة المستدرك 1 : 178 [30].

وخمس مائة ، وهذا خطّ أحقر عباد اللّه الحسين بن محمّد بن الحسن بن إبراهيم بن مكا ( كذا ) العمار ، حامداً لله وشاكراً لنعمه ومصلّياً على نبيّه محمّد وآله (1).

ومع ملاحظة إجازة المؤلّف لأحد تلامذته والموجودة على ظهر الصفحة الأُولى من تفسير أبي الفتوح من نسخة مؤرّخة ب- 980 بخطّ أحمد ابن شكر اللّه ، والتي جاء فيها : صورة إجازة الشيخ المفسّر ( قدس ) : أجزت للأجلّ العالم الأخصّ الأشرف ... ، آدام اللّه توفيقه وتسديده ، أن يروي عنّي هذا الكتاب من أوّله إلى آخره على الشرائط المعتبرة في هذا الباب من اجتناب الغلط والتصحيف ، كتبه الحسين بن علي بن محمّد أبو الفتوح الرازي ، ثمّ النيسابوري ، ثمّ الخزاعي ، مصنّف هذا الكتاب ، في أواخر ذي القعدة سنة سبع وأربعين وخمسمائة ، حامداً لله تعالى ومصلّياً على النبي وآله (2) ، والتي يظهر منها أنّ الكتاب قد كان كاملا في سنة 547 ه- يعلم أنّ تأليف الكتاب قد بدأ قبل سنة 533 ، وربّما بعدّة سنوات ، وتمّ بعدها وقبل سنة 547 ه-.

وتوجد نسخة من الجزء 16 ، 17 تاريخها 556 ه- ، وأُخرى للجزء 20 تاريخها 557 ه- في المكتبة الرضويّة رقم ( 1336 ) ( 1338 ) ، ويظهر من تاريخها أنّها كتبت طيّ زمان حياة المؤلّف ، أو بعد وفاته بقليل (3).

ص: 505


1- روض الجنان ( فارسي ) 1 : شصت ( أيّ : ستّون ) ، مقدّمة التحقيق و 11 : جهارده ( أيّ : أربعة عشر ) ، صورة لآخر النسخة المعتمدة و 11 : 354.
2- روض الجنان ( فارسي ) 1 : پنجاه وهفت ( أي : سبعة وخمسين ) ، مقدّمة التحقيق ، وتعليقات النقض : 1 ، من النسخة المؤرّخة ب- 556 ه-.
3- روض الجنان 1 : هشتاد وشيش ( أي : ستة وثمانين ) ، جدول رقم (3) ، و 16 : هفده وهجده ( أي : سبعة عشر ، وثمانية عشر ) ، صورتان للورقة الأُولى والأخيرة من النسخة المؤرّخة سنة 556 ه-.

وقد طبع الكتاب عدّة طبعات ، آخرها بتوسّط انتشارات استان قدس رضوي بعشرين جزءً محقّقة ومقابلة على 53 نسخة ، أربعة منها كاملة ، والبقيّة ناقصة ، وكان الاعتماد على الأقدم فالأقدم من القرن السادس إلى ما بعده (1).

ص: 506


1- روض الجنان ( فارسي ) 1 : هفتاد وسه ( أي : ثلاث وسبعين ) ، مقدّمة التحقيق والجداول المنظّمة لمواصفات النسخ ، وانظر : صور للصفحات الأُولى والأخيرة لكلّ نسخة معتمدة في أوّل كلّ جزء.
(63) كتاب : بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لعماد الدين أبي جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري ( كان حيّاً سنة 553 ه- )
الحديث :

الأوّل : قال : أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن الحسن ابن الحسين بن علي بن بابويه ( رحمه اللّه ) بالري سنة عشرة وخمسمائة ، عن عمّه محمّد بن الحسن ، عن أبيه الحسن بن الحسين ، عن عمّه الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن علي ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة ، قال : حدَّثني المغيرة بن محمّد ، قال : حدَّثنا رجاء بن أبي سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : « خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بالكوفة عند منصرفه من النهروان ، وبلغه أنّ معاوية يسبّه ويعيبه ويقتل أصحابه ... » إلى آخر ما أوردناه من معاني الأخبار للصدوق فراجع (1).

الثاني : قال : وبالإسناد - أي عن الصدوق - قال : حدَّثنا محمّد بن عمر الجعابي (2) الحافظ البغدادي ، قال : حدَّثنا (3) أبو عبد اللّه محمّد بن

ص: 507


1- بشارة المصطفى : 32 ح 18 ، وفيه : « وفضلك الذي لا ينسى ، أيّها الناس ، إنّه قد بلغني ... » ، وعنه في البحار 33 : 282 ح 1. وراجع ما ذكرناه عن معاني الأخبار للصدوق الحديث الأوّل.
2- في أمالي الصدوق لا يوجد ( الجعابي ).
3- في الأمالي : حدَّثني.

أحمد بن ثابت بن كنانة ، قال : حدَّثنا محمّد [ بن الحسن (1) بن العبّاس أبو جعفر الخزاعي ، قال حدَّثنا : الحسن بن الحسين العرني ، قال : حدَّثنا عمر (2) بن ثابت ، عن عطاء بن السايب ، عن ابن يحيى (3) ، عن ابن عبّاس ، قال : صعد رسول اللّه المنبر فخطب ، واجتمع الناس إليه ، فقال : « يا معشر المؤمنين ، إنّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إليّ أنّي مقبوض ، وأنّ ابن عمّي عليّاً مقتول ... » إلى آخر ما نقلناه عن الصدوق في أماليه (4).

وقد ذكر سنده إلى الصدوق بطريقيين :

الأوّل : في الحديث الأوّل من الجزء الأوّل ، هكذا : حدَّثنا الشيخ الفقيه المفيد أبو علي الحسن بن أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي بقراءتي عليه في جمادي الأُولى سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه وعلى ذرّيّته ) ، قال : حدَّثنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي اللّه عنه ) ، قال : أخبرنا الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بابن المعلّم ( رحمه اللّه ) ، قال : حدَّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن بابويه (5).

والثاني : في الحديث العاشر والثالث عشر والثامن عشر من الجزء الأوّل ، هكذا : أخبرنا الرئيس الزاهد العابد أبو محمّد الحسن بن الحسين بن

ص: 508


1- من الأمالي.
2- في الأمالي ( عمرو ).
3- في الأمالي ( أبي يحيى ).
4- بشارة المصطفى : 39 ح 26 ، الجزء الأوّل ، وفيه : « ومن حفظهم فقد حفظني » ، وفيه : « فإنّكم مجمعون ومسائلون عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهم أهل بيتي ومن آذاهم فقد آذاني ومن ظلمهم فقد ظلمني ، ومن أذلّهم فقد أذلّني ، ومن أعزّهم فقد أعزني ... » ، وراجع ما ذكرناه في أمالي الصدوق ، الحديث الأوّل.
5- بشارة المصطفى : 18 ح 1 ، الجزء الأوّل.

الحسن في الري سنة عشرة وخمسمائة ، عن عمّه محمّد بن الحسن ، عن أبيه الحسن بن الحسين ، عن عمّه الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن علي ابن الحسين بن بابويه ( رضي اللّه عنه ) (1).

والظاهر أنّه يريد هذا الطريق.

الثالث : أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم البصري بقراءتي عليه في محرّم سنة ست عشرة وخمسمائة ، بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال : حدَّثنا أبو طالب محمّد بن الحسين ابن عتبة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد ، قال : أخبرنا محمّد بن وهبان الدبيلي ، قال : حدَّثني علي بن أحمد بن بشر العسكري ، قال : حدَّثني أحمد بن المفضّل أبو سلمة الاصفهاني ، قال : أخبرني راشد بن علي بن وائل القرشي ، قال : حدَّثني عبد اللّه بن حفص المدني ، قال : أخبرني محمّد بن إسحاق ، عن سعيد بن زيد بن أرطأة ، قال : لقيت كميل ابن زياد وسألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقال : ألا أُخبرك بوصيّة أوصاني بها يوماً ( هي خير لك من الدنيا بما فيها ) ، فقلت : بلى ، قال : قال لي علي ( عليه السلام ) : « يا كميل بن زياد ، سمّ كلّ يوم باسم اللّه ...

يا كميل ، لست واللّه متعلّقاً حتّى أُطاع وممتنّاً حتّى أُعصى ، ولا مهاناً لطغام الأعراب حتّى أنتحل إمرة المؤمنين أو أدّعي بها.

يا كميل ، نحن الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأكبر ، وقد أسمعهم رسول اللّه ، وقد جمعهم فنادى ( فيهم ) الصلاة جامعة يوم كذا وكذا ، وأيّاماً سبعة وقت كذا وكذا ، فلم يتخلّف أحد.

ص: 509


1- بشارة المصطفى : 26 ح 10 ، و 28 ح 13 ، و 32 ح 18 الجزء الأوّل ، مع بعض الاختلاف بينها.

فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : معاشر الناس ، إنّي مود عن ربّي عزّ وجلّ ولا مخبر عن نفسي ، فمن صدّقني فللّه صدّق ، ومن صدّق اللّه أثابه الجنان ، ومن كذّبني كذّب اللّه عزّ وجلّ ، ومن كذّب اللّه أعقبه النيران.

ثمّ ناداني فصعدت فأقامني دونه ، ورأسي إلى صدره ، والحسن والحسين عن يمينه وشماله ، ثمّ قال : معاشر الناس ، أمرني جبرئيل عن اللّه تعالى ، أنّه ربّي وربّكم ، أن أُعلمكم أنّ القرآن ( هو ) الثقل الأكبر وأنّ وصيّي هذا وابناي ومن خلفهم من أصلابهم هم الثقل الأصغر ( يشهد الثقل الأكبر للثقل الأصغر ويشهد الثقل الأصغر ) للثقل الأكبر ، كلّ واحد منهما ملازمة لصاحبه غير مفارق له ، حتّى يردا إلى اللّه فيحكم بينهما وبين العباد.

يا كميل ، فإذا كنّا كذلك ، فعلام تقدّمنا من تقدّم وتأخّر عنّا من تأخّر؟

يا كميل ، قد أبلغهم رسول اللّه رسالة ربّه ونصح لهم ولكن لا يحبّون الناصحين ... » (1).

الرابع : قال : أخبرنا الشيخ الفقيه أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويه ، قال : حدَّثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد (2) محمّد بن محمّد بن النعمان ، قال : أخبرنا (3) أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري الكاتب ، قال : حدَّثنا أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمّد الأزدي ، قال حدَّثنا شعيب بن أيّوب ، قال : حدَّثنا معاوية ابن هشام ، عن سفيان ، عن هشام بن حسّان ، قال : سمعت أبا محمّد الحسن بن علي ( عليه السلام ) يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر ... ، إلى آخر ما

ص: 510


1- بشارة المصطفى : 50 ح 43 ، الجزء الأوّل ، وعنه في البحار 77 : 268 ح 1.
2- في أمالي الطوسي : أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان ( رحمه اللّه ).
3- في أمالي المفيد والطوسي : حدَّثنا.

أوردناه عن أمالي المفيد وأمالي الطوسي (1).

الخامس : قال : أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويه ( رحمه اللّه ) في ما أجاز لي ، وكتب لي بخطّه بالري في خانقانه سنة عشرة وخمسمائة ، قال : حدَّثنا السيّد الزاهد أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني الجرجاني القاضي ، قال : حدَّثنا والدي ( رحمه اللّه ) ، عن جدّي زيد ابن محمّد ، قال : حدَّثنا أبو الطيّب الحسن بن أحمد السبيعي ، قال : حدَّثنا محمّد بن عبد العزيز ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن ميمون ، قال : حدَّثنا موسى ابن عثمان الحضرمي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، قال : سمعت البراد بن عازب وزيد بن أرقم ، قالا : كنّا مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يوم غدير خمّ ، ونحن نرفع أغصان الشجر عن رأسه ، فقال : « لعن اللّه من ادّعى إلى غير أبيه ، ولعن اللّه من توالى إلى غير مواليه ، والولد للفراش ، وليس للوارث وصيّة ، ألا وقد سمعتم منّي ورأيتموني ، ألا من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، أنا فرطكم على الحوض فمكاثر بكم الأُمم يوم القيامة ، فلا تسوّدوا وجهي.

ألا لأستنقذنّ رجالا من النار وليستفقدنّ من يدي آخرون ، ولأقولن : يا ربّ ، أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا وإنّ اللّه وليّي وأنا وليّ كلّ مؤمن ، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد

ص: 511


1- بشارة المصطفى : 170 ح 139 ، الجزء الثاني ، وفيه : « والثاني كتاب اللّه » ، وفيه : « لا يتعبنا تأويله » ، و 398 ح 13 ، الجزء التاسع ، وقد حذف سنده ، وقال : قال : حدَّثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن هشام بن حسّان ، قال ... ، وفيه : « وعشيرة رسول اللّه الأقربون » ، وفيه : « والثاني كتاب اللّه ... » ، وفيه : « لا نظنّ حقائقه » ، وعنه في الوسائل 27 : 195 ح 45، وراجع ما ذكرناه عن أمالي المفيد ، الحديث الثالث ، وأمالي الطوسي ، الحديث الأوّل.

من عاداه » ، ثمّ قال ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، طرفه بيدي وطرفه بأيديكم ، فاسألوهم ولا تسألوا غيرهم فتضلّوا » (1).

السادس : قال : حدَّثنا محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريّان بن الصلت ، قال : حضر الرضا ( عليه السلام ) مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء العراق وخراسان ... ، إلى آخر ما أوردناه عن تحف العقول للحرّاني ، والأمالي وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) للصدوق ( رضي اللّه عنه ) (2).

تنبيه :

من الواضح أنّ قوله « حدّثنا » يريد به التحديث بواسطة ; لاختلاف الطبقة بينه وبين الحميري.

وهذه الرواية رواها الصدوق ( ت 381 ه- ) في الأمالي وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وقد ذكرنا له سندين إلى الصدوق ( رحمه اللّه ) في الحديث الثاني ، وذكر سنداً ثالثاً ، هكذا : حدّثنا الشيخ العالم محمّد بن علي بن عبد الصمد التميمي بنيشابور في شوّال سنة أربع عشر وخمسمائة ، عن أبيه علي بن عبد الصمد ، عن أبيه عبد الصمد بن محمّد التميمي (3) ، وبه (4) ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن موسى (5) ، فلعلّه رواها عن أحد هذه الأسانيد الثلاث.

ص: 512


1- بشارة المصطفى : 216 ح 43 ، الجزء الثالث ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 613 ح 626 ، فصل (32) ، والبحار 37 : 167 ح 43.
2- بشارة المصطفى : 349 ح 43 ، الجزء السابع. وفيه : فقال الرضا ( عليه السلام ) : « الذين وصفهم اللّه تعالى في كتابه ، فقال جلّ وعزّ ( إنّما يُريْدُ اللّه ... ) ، وفيه : « إنّهما لن يفترقا » ، وفيه : « أيّها الناس. لا تعلّموهم فإنّه أعلم منكم ... » ، راجع ما ذكرناه في تحف العقول ، الحديث الثاني ، وأمالي الصدوق ، الحديث الخامس. وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الحديث الثالث.
3- بشارة المصطفى : 231 ح 1 ، الجزء الرابع.
4- أي : وبالسند المتقدّم.
5- بشارة المصطفى : 233 ح 6 ، الجزء الرابع.

وذكر الصدوق في الأمالي وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) سنده إلى الحميري ، هكذا : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب ، وجعفر بن محمّد بن مسرور ( رضي اللّه عنهما ) ، قالا : حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري ... ( الحديث ) (1).

السابع : اعتماداً على بعضهم (2) ، قال : حدَّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب الزرّاد ، عن أبي محمّد الأنصاري ، عن معاوية بن وهب ، قال : كنت جالساً عند جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر ، فقال : السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته ... ، إلى آخر ما ذكرناه عن أمالي الطوسي ( رحمه اللّه ) (3).

تنبيه : من خلال النظر في كلّ كتاب بشارة المصطفى يترجّح في الذهن أنّ المراد ب- ( اعتماداً على بعضهم ) هو الشيخ الطوسي عن الشيخ المفيد ( رضي اللّه عنهما ) ، فقد روى هذه الرواية الشيخ في أماليه ، بهذا السند : حدّثنا محمّد بن محمّد ، قال : حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه ( رحمه اللّه ) ، قال : حدّثني أبي ، قال : ... ( الحديث ) (4).

ص: 513


1- راجع ما أوردناه عن أمالي الصدوق ، الحديث الخامس ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، الحديث الثالث.
2- أي : على بعض شيوخه الذين روى عنهم.
3- بشارة المصطفى : 425 ح 2 ، الجزء الحادي عشر ، وفيه : وقبّل يده وبكى ، وفيه : فقال له : يا بن رسول اللّه أنا مقيم ... ، وفيه : « وإن عجلت كنت مع ثقل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » ، وفيه : فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « يا شيخ ، إنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : إنّي تارك ... » ، وفيه : ثمّ قال : « ما أحسبك من أهل الكوفة » ، وفيه : « فمن اين؟ » ، وفيه : « يا شيخ ، دم يطلب اللّه تعالى به وما أُصيب ولد فاطمة ... » ، وفيه : « فجزاهم اللّه أحسن جزاء الصابرين » ، وآخره : « سل أمّتي فيم قتلوا ولدي » ، وراجع ما أوردنا عن أمالي الطوسي ، الحديث الثاني.
4- 4 - أمالي الطوسي : 161 ح 268 ، المجلس السادس ، وراجع ما أوردناه عن أمالي الطوسي ، الحديث الثاني.

وقد ذكرنا سندي عماد الدين الطبري إلى الشيخ الطوسي عن المفيد في الحديث الثاني والرابع المتقدّمان ، فراجع.

وقد أورد هذا الخبر أيضاً الخزّاز في كفاية الأثر بسند آخر ، فراجع (1).

عماد الدين أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري :

جاء في فهرست منتجب الدين ( القرن السادس ) : الشيخ الإمام عماد الدين محمّد بن أبي القاسم بن محمّد بن علي الطبري الآملي الكجي ، فقيه ثقة ، قرأ على الشيخ أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمهم اللّه ، وله تصانيف منها ( الفرج في الأوقات والمخرج بالبيّنات ) ، ( شرح مسائل الذريعة ) ، قرأ عليه الشيخ الإمام قطب الدين أبو الحسين الراوندي ، وروى لنا عنه (2).

وفي معالم العلماء لابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) : محمّد بن القاسم الكجي الطبري ، له كتاب البشارات (3) ، والظاهر أنّ ( أبي ) سقط من المطبوع ، حيث نقل في أمل الآمل عبارة ابن شهر آشوب مع وجود ( أبي ) قبل القاسم ، وذكر الحرّ ( ت 1104 ه- ) أيضاً أنّ اسم أبي القاسم علي (4).

ص: 514


1- انظر : كفاية الأثر : 260 ، وراجع ما ذكرناه عن الخزّاز في كفاية الأثر ، الحديث السابع.
2- فهرست منتجب الدين : 163 [ 388 ] ، وانظر : الكنى والألقاب 2 : 443 ، جامع الرواة 2 : 57 ، تنقيح المقال 2 : 65 ، من أبواب الميم ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 242 و 278 ، خاتمة المستدرك 3 : 13 ، لؤلؤة البحرين : 303 ، روضات الجنّات 5 : 249 [ 581 ] ، معجم رجال الحديث 15 : 307 [ 10049 ].
3- معالم العلماء : 119 [ 789 ].
4- أمل الآمل 2 : 234 [ 698 ] ، وانظر : بشارة المصطفى : 192 ح 8 ، الجزء الثالث.

وفي المزار لابن المشهدي ( القرن السادس ) في زيارة أبي عبد اللّه الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء : أخبرنا الشيخ الفقيه العالم عماد الدين محمّد ابن أبي القاسم الطبري قراءة عليه ، وأنا أسمع في شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين ( صلوات اللّه عليه ) (1) ، ومنه يظهر أنّه كان حيّاً سنة 553 ه-.

وفي رياض العلماء : هو الشهير بالعمي المعروف بالطبري ، وفي بعض المواضع الشيخ السعيد محمّد بن القاسم الطبري (2).

كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى :

ذكر ابن شهر آشوب من مؤلّفاته : كتاب البشارات (3).

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : وله أيضاً كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى سبعة عشر جزءاً (4) ، وجعله من ضمن مصادر الوسائل (5) ، وإثبات الهداة (6) ، وذكر طريقه إلى المصنّف في خاتمة الوسائل (7).

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (8) ، وقال : وكتاب بشارة المصطفى من الكتب المشهورة ، وقد روى عنه كثير

ص: 515


1- المزار الكبير : 473.
2- رياض العلماء 5 : 17.
3- معالم العلماء : 119 [ 789 ].
4- أمل الآمل 2 : 234 [ 698 ].
5- خاتمة الوسائل 30 : 156 [ 38 ].
6- إثبات الهداة 1 : 27.
7- خاتمة الوسائل 30 : 179 ، الطريق العشرون.
8- البحار 1 : 16.

من علمائنا ، ومؤلّفه من أفاخم المحدّثين ، وهو داخل في أكثر أسانيدنا إلى شيخ الطائفة ، وهو يروي عن أبي علي ابن شيخ الطائفة جميع كتبه ورواياته (1).

قال المحدّث النوري ( ت 1320 ه- ) في الخاتمة : كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى - صلوات اللّه عليهما - في أربعة أجزاء على ما عثرنا على نسخ عديدة منه ، بعضها عتيقة ، وفي الأمل : أنّه سبعة عشر جزءاً وهو غريب ، والظاهر أنّ نسخة العلاّمة المجلسي هي مثل التي عندنا ، فما عثرنا على خبر أخرجه منها فقدناه ممّا عندنا ، فالمظنون أنّه من طغيان قلمه ، أو من أخذه عنه (2).

ولكن العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) قال في الذريعة : وهو كتاب كبير في سبعة عشر جزءاً ، كما صرّح به في أمل الآمل ، لكن الموجود منه لا يبلغ المقدار ، ثمّ قال :

كانت عند شيخنا العلاّمة النوري نسخة توجد اليوم عند الشيخ محمّد السماوي ، وليست فيها الخطبة التي خطبها النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) في آخر شعبان ، مع أنّ السيّد علي بن طاووس في أوّل أعمال شهر رمضان من كتابه « الإقبال » نقل تلك الخطبة عن كتاب « بشارة المصطفى » فيظهر أنّ الموجود ليس تمام الكتاب (3).

وقال محقّق الكتاب جواد القيّومي الإصفهاني : وأيضاً ذكر ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة إسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد أبو إسحاق

ص: 516


1- البحار 1 : 33.
2- خاتمة المستدرك 3 : 13.
3- الذريعة 3 : 117 [ 398 ].

الآملي الديلمي : أنّه من مشايخ الطبري ، وروى عنه في كتاب بشارة المصطفى ، ولم ينقل عنه في هذه الأجزاء (1).

ص: 517


1- بشارة المصطفى : 11 ، مقدّمة التحقيق.

ص: 518

(64) كتاب : الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي ( كان حيّاً 560 ه- )
اشارة

الحديث :

قال : ثمّ إنّه ( أي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ) لمّا دنا أجله ، وانقضى نحبه ، وآثر جوار ربّه ، نظر لأُمّته نظر الوالد لولده ، وركز فيهم راية الحقّ ، ونصب لهم لواء الصدق ، وخلّف فيهم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترته أهل بيته ، دليلين في الظلمة ، قائدين إلى الرحمة.

وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضاً ... ، ولا يظهر ما في مطاويه إلاّ بدليل ناطق ومقرّ صادق ، والدليل على أحكامه من جعله النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) له قريناً ونصبه عليه أميناً ، بقوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فهما قرينان متّفقان ، وصاحبان لا يفترقان (1).

عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي المعروف بابن حمزة :

ذكره منتجب الدين ( القرن السادس ) بعنوان : الشيخ الإمام عماد

ص: 519


1- الثاقب في المناقب : 33 ، مقدّمة المؤلّف.

الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي ، فقيه عالم واعظ ، له تصانيف ، ثمّ عدّ منها ( المعجزات ) (1).

وذكره عماد الدين الحسن بن علي الطبرسي ( القرن السابع ) في أسرار الإمامة ، بعنوان ( عماد الدين الطوسي ) وعدّه في ضمن علماء الإماميّة الذين صنّفوا في معجزات الأئمّة ( عليهم السلام ) (2) ، وفي كتابيه ( مناقب الطاهرين ) و ( الكامل البهائي ) ذكره بعنوان : الشيخ الإمام العلاّمة الفقيه ناصر الشريعة حجّة الإسلام عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن محمّد الطوسي المشهدي ، ونسب إليه كتاب ( الثاقب في المناقب ) ، كما أورده عنه صاحب الروضات (3).

وعنونه صاحب الرياض بنفس عنوان منتجب الدين ، ثمّ قال : أقول هو الشهير بأبي جعفر المتأخّر ، إلى أن قال : وقال صاحب كتاب أسرار الأئمّة فيه : إنّ لعماد الدين الطوسي كتاباً في معجزات الأئمّة ، ولعلّ مراده هو هذا الشيخ (4).

وقال في فعل الكنى المصدّرة بالابن : ابن حمزة ، يطلق على جماعة وفي الأغلب الأشهر يراد منه الشيخ أبو جعفر الثاني الطوسي المتأخّر صاحب الوسيلة في الفقه ، أعني الشيخ الإمام عماد الدين أبو جعفر محمّد ابن علي بن حمزة الطوسي المشهدي الفقيه المعروف ، ويقال فيه : محمّد

ص: 520


1- فهرست منتجب الدين : 164 [ 390 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 285 [ 848 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 272 ، جامع الرواة 2 : 154 ، منتهى المقال 7 : 312 [ 3997 ] ، أعيان الشيعة 2 : 263 ، تنقيح المقال 3 : 155 و 42 ، من فصل الكنى.
2- أسرار الإمامة : 69.
3- روضات الجنّات 6 : 263.
4- رياض العلماء 5 : 122.

ابن حمزة أيضاً من باب الاختصار (1).

وقال في فصل الألقاب : الطوسي ، قد يطلق على الأكثر على أبي جعفر محمّد بن الحسن صاحب « التهذيب » و « الاستبصار » ، وقد يطلق على ابن حمزة الطوسي صاحب « الوسيلة » ، ولكن في الأغلب يقيّد بالطوسي المتأخّر (2).

ولكنّه في فصل الكنى المصدّرة بلفظ الأب ، فرّق بين صاحب « الوسيلة » وصاحب « الثاقب في المناقب » ، قال : أبو جعفر الطوسي المتأخّر ، وقد يعبّر عنه بأبي جعفر الطوسي المشهدي الثاني ، والمراد منهما هو الشيخ عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن حمزة بن محمّد بن علي الطوسي المشهدي صاحب كتاب الوسيلة في الفقه المعروف بابن حمزة ، الفقيه الآتي في باب الابن من الكنى ، وقد يطلق على الشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي بن محمّد الطوسي المشهدي مؤلّف كتاب الثاقب في المناقب ، وقد يقال باتّحادهما كما سبق في ترجمتهما ، فلا تغفل (3).

أقول : لقد بحثنا في رياض العلماء عن ترجمة تخصّ عماد الدين أبا جعفر محمّد بن علي بن محمّد الطوسي المشهدي ، مؤلّف كتاب « الثاقب في المناقب » غير ترجمة عماد الدين ابن حمزة التي ذكرناها عن ثلاثة مواضع في الرياض فلم نجد لها أثراً فضلا عن قوله باتّحادهما! ، إلاّ إذا كان يعني ما نقلناه سابقاً عندما نقل قول صاحب كتاب أسرار الأئمّة ، من قوله : إنّ لعماد الدين الطوسي كتاباً في معجزات الأئمّة ، ولعلّ مراده هذا الشيخ.

ص: 521


1- رياض العلماء 6 : 16.
2- رياض العلماء 7 : 188 ، 208 ، 209.
3- رياض العلماء 5 : 430 ، وانظر أيضاً 7 : 208.

والظاهر أنّ اتّحادهما متعيّن وليس احتمال ، فهو الظاهر من كلام عماد الدين الطبرسي صاحب أسرار الأئمّة في كتابه الذي نقلناه أوّلا ، من أنّ كتاب ( الثاقب في المناقب ) الذي نسبه إلى عماد الدين محمّد بن علي ابن محمّد الطوسي المشهدي ، وهو نفسه الذي عناه بأنّه كتاب في المعجزات لعماد الدين الطوسي في أسرار الإمامة ، وهو الذي ذكره منتجب الدين في ضمن كتب محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي صاحب ( الوسيلة ) كما مرّ عليك.

وهذا ما فهمه الخوانساري ( ت 1313 ه- ) صاحب الروضات ، حيث قال تعليقاً على ما في منتجب الدين : وأمّا لفظة حمزة الموجودة في هذا الكتاب دون غيره من مواضع ترجمة هذا الجناب فالظاهر أنّ المسمّى بها قد كان من جملة أجداده العالية التي قد يسند إليها تمام سلسلة الرجل (1).

ومن حكم بالاتّحاد أيضاً القمّي ( ت 1359 ه- ) في الكنى والألقاب (2) ، والعلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة (3) والثقات العيون (4).

ثمّ إنّ ابن حمزة الطوسي قال في كتابه ( الثاقب في المناقب ) عند إيراده معجزة للإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) : وأعجب من جميع ما ذكرناه ما شاهدناه في زماننا ، وهو إنّ أنوشروان المجوسي الإصفهاني ، كان بمنزلة عند خوارزمشاه ، فأرسله رسولا إلى حضرة السلطان سنجر بن ملكشاه ، وكان به برص فاحش ... (5).

ص: 522


1- روضات الجنّات 6 : 262 [ 583 ].
2- الكنى والألقاب 1 : 267.
3- الذريعة 5 : 5 [ 8 ].
4- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 272.
5- الثاقب في المناقب : 205.

ومن المعلوم أنّ وفاة خوارزمشاه كانت سنة 551 ه- ، ووفاة سنجر كانت سنة 552 ه-.

وقال أيضاً في نهاية حديث في معاجز أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن جعفر ابن محمّد الدوريستي : وقد نقلت ذلك من النسخة التي انتسخها جعفر الدوريستي بخطّه ، ونقلها إلى الفارسيّة في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، ونحن نقلناها إلى العربيّة من الفارسيّة ثانياً ببلدة كاشان ، واللّه الموفّق ، في مثل هذه السنة : سنة ستّين وخمسمائة (1).

حيث يظهر من ذلك أنّه كان حيّاً في هذه السنة ، وقبره ما يزال موجوداً في كربلاء (2).

كتاب الثاقب في المناقب :

نسب إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) كتاباً أسماه ب- « المعجزات » (3) ، وكما نقلنا سابقاً عن صاحب أسرار الإمامة أنّه عدّ له كتاباً في المعجزات ، وصرّح في كتابيه الآخرين بأنّ له « الثاقب في المناقب » ، كذا مضى كلام صاحب الرياض في نسبة الكتاب إليه ، ولكنّه عاد في فصل الكتب غير المعروفة المؤلّف ، فقال : ومنها كتاب الثاقب في المناقب ، وعندنا منه نسخة ، وهو من أحسن كتب المناقب وأخصرها ، ولم أعلم مؤلّفه ، ولكن كان عصره قريباً من عصر الشيخ ( قدس سره ) ; فإنّه في هذا الكتاب قد يروي عن شيخه أبي جعفر محمّد بن الحسين بن جعفر الشوهاني بمشهد الرضا ( عليه السلام ) ، وعلى هذا لا يبعد أن يكون هذا الكتاب لابن شهر آشوب ; لأنّه

ص: 523


1- الثاقب في المناقب : 239.
2- الذريعة 5 : 5 [ 8 ] ، وانظر : فهرست التراث 1 : 576.
3- فهرست منتجب الدين : 164 [ 390 ].

ممّن يروي عنه ، أو هو لواحد من علماء معاصري ابن شهر آشوب كالشيخ منتجب الدين ونحوه ، وبالبال هو لبعض تلامذة محمّد بن الحسن الشوهاني المعروف (1).

وهو منه عجيب بعد تصريحه بأنّه لعماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي بن محمّد الطوسي المشهدي ، كما نقلناه سابقاً.

وقال الخوانساري ( ت 1313 ه- ) في الروضات - بعد أن عدّه ضمن كتبه - : ومن جملة ما يحقّ لك أيضاً أن تعرفه هنا هو : أنّ كتابه المسمّى ب- « الثاقب في المناقب » كتاب طريف في بابه ، ممتاز بين نظائره وأترابه ، جامع لفضائل جمّة ، ومعجزات كثيرة غريبة للنبيّ وفاطمة والأئمّة عليهم سلام اللّه وسلام جميع الأُمّة ، ولمّا لم يكن موجوداً عند المحمّدين الثلاثة المتأخّرين حتّى ينقلوا عنه في كتبهم الثلاثة المشهورة بين أهل الدين ، كان لنا بالحريّ إذن أن لا نخلّي كتابنا هذا من الإشارة إلى شيء من طرائف تلك الأخبار (2) ، ثمّ نقل بعض أخباره.

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : ثاقب المناقب في المعجزات الباهرات للنبيّ والأئمّة المعصومين الهداة صلوات اللّه عليهم أجمعين ، للشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي بن حمزة المشهدي الطوسي المعروف بابن حمزة صاحب « الواسطة » و « الوسيلة » والمعبّر عنه بأبي جعفر الثاني وأبي جعفر المتأخّر (3).

وممّا عرفت من موضوع الكتاب ظهر لك أنّه يمكن أن يسمّى بالمعجزات.

ص: 524


1- رياض العلماء 6 : 48.
2- روضات الجنّات 6 : 267 [ 583 ].
3- الذريعة 5 : 5 [ 8 ].

وقد طبع الكتاب بتحقيق الشيخ نبيل رضا علوان ، على ستّ نسخ خطّيّة ذكرها في مقدّمته (1).

ص: 525


1- الثاقب في المناقب : 18.

ص: 526

(65) كتاب : النقض المعروف ب- ( بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ) لعبد الجليل القزويني الرازي ( ألّفه حدود 560 ه- )
الحديث :

الأوّل : في ردّه على قول صاحب ( بعض فضائح الروافض ) بأن لا يوجد في الدين أثر عن أولاد علي ( عليه السلام ) ، قال : ليخجل هذا المصنّف يوم القيامة من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ومن آية ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ، ومن خبر : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي » ; إذ حسب قوله إنّ اللّه ورسوله أرجعونا إلى من ليس لديه قدم ثابتة ... (1).

الثاني : في جوابه على قول صاحب ( بعض فضائح الرافض ) من أنّ الحسن ( عليه السلام ) كان يذهب إلى معاوية ، قال : نعم ، فالآية ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ، أنزلها اللّه بحقّ معاوية ، ورسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قال أيضاً بحقّ معاوية : « إنّي تارك فيكم الثقلين ... » الخبر ، وإذا كان اللّه تعالى قد نصّ في القرآن بأنّ طاعة أبي سفيان الجاهل ، ومعاوية الباغي ، ويزيد الخمّير ، وعمرو بن العاص العاصي ، ومروان المطرود ،

ص: 527


1- النقض : 155.

وعبد الملك الخمّار ، ووليد البليد ، على الخلق واجبة ، فلابدّ للحسن ( عليه السلام ) من أن يذهب في خدمة معاوية ، وإلاّ إذا كانت الآيات في حقّ الحسن وأبيه وأُمّه وأخيه ( عليهم السلام ) نازلة ، وإطاعتهم واجبة على الأمّة ، فمعاوية وغير معاوية لا بدّ أن يذهبوا بخدمتهم ... (1).

الشيخ الواعظ عبد الجليل القزويني الرازي ( القرن السادس ) :

ذكره الشيخ منتجب الدين ب- : الشيخ الواعظ نصير الدين عبد الجليل ابن أبي الحسين بن أبي الفضل القزويني ، عالم فصيح ديّن (2).

وذكره البيهقي فريد خراسان شارح نهج البلاغة في من لقيهم وعاشرهم ، ووصفه بأنّه متكلّم ، بيانه سحر حلال ، وطبعه ماء زلال ، أبو الكلام وابن بَجْدَته ... ، في أوّل شرحه على نهج البلاغة المسمّى ( معارج نهج البلاغة ) (3).

وقال الرافعي : عبد الجليل بن أبي الحسين بن أبي الفضل أبو الرشيد القزويني ، يعرف بالنصير ، واعظ ، أُصولي ، له كلام عذب في الوعظ ، ومصنّفات في الأُصول ، توطّن الري ، وكان من الشيعة (4).

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض - بعد أن نقل كلام منتجب الدين المتقدّم - : وأقول : قد يظهر من بعض المواضع نسبه على نحو آخر ، فإنّي قد رأيت على ظهر كتاب المثالب المشار إليه في

ص: 528


1- النقض : 337.
2- فهرست منتجب الدين : 129 [ 277 ] ، وانظر : معجم رجال الحديث 10 : 288 ، جامع الرواة 1 : 438 ، أمل الآمل 2 : 143 [ 418 ] ، تنقيح المقال 2 : 134 ، أعيان الشيعة 7 : 434 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 154 ، ذيول كشف الظنون 5 : 407.
3- معارج نهج البلاغة : 36.
4- التدوين 3 : 131 ، الاسم السادس.

وصفه ، هكذا : ألّفه الصدر الإمام نصير الدين ركن الإسلام سلطان العلماء ملك الوّعاظ عبد الجليل بن الحسين أبو الفضل القزويني.

وقد كان هذا الشيخ واعظاً ، كما يظهر من مطاوي كتاب نقض الفضائح له ... ، ثمّ أورد كلام القاضي نور اللّه التستري في مجالس المؤمنين بحقّه (1) ، نقله إلى العربيّة ، قال : الشيخ الأجلّ عبد الجليل القزويني الرازي صاحب كتاب نقض الفضائح ، وقد كان بالفارسيّة ، وكان من أذكياء (2) العلماء الأعلام ومن أتقياء المشائخ الكرام ، وكان في عصره مشهوراً بعلوّ الفطرة وجودة الطبع ، وممتازاً من بين أقرانه ...

ثمّ قال : ويظهر من طيّ بعض حكاياته في مجلس وعظه ، أنّ في شهور سنة خمسين وخمسمائة قد كان موجوداً أيضاً ، وكان في مدرسه الكبير ، كان يعظ الناس يوم الجمعة (3).

كتاب النقض أو ( بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ) :

نسب الكتاب إلى الواعظ عبد الجليل القزويني ، الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته ، قال : له كتاب بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ، كتاب البراهين في إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكتاب السؤالات والجوابات سبعة مجلّدات ، كتاب مفتاح التذكير ، كتاب تنزيه عائشة (4).

ص: 529


1- مجالس المؤمنين 1 : 482.
2- الموجود في المجالس بالفارسيّة ( أزكياء ).
3- رياض العلماء 3 : 71 ، انظر : روضات الجنّات 4 : 189 [ 373 ].
4- فهرست منتجب الدين : 129 [ 277 ].

وتبعه كلّ من نقل كلامه (1).

وهذا الكتاب باللغة الفارسيّة ، ألّفه مصنّفه ردّاً على كتاب لبعض النواصب ، اسمه بعض فضائح الروافض بالفارسيّة أيضاً.

قال المؤلّف في أوّل كتابه ما معناه : في شهر ربيع الأوّل من سنة 556 هجريّة ، نقل لنا أنّ كتاباً اسمه ( بعض فضائح الروافض ) يقرأ في محافل الكبار وبحضور الصغار من باب التشنيع ، وأنّ العوام الغافلين يبقون حيارى من الاستماع لهذه الادعاءات التي ليس لها بيّنة.

ثمّ إنّ صديقاً مخلصاً جاء بنسخة منه إلى رئيس الشيعة الأمير السيّد الرئيس الكبير جمال الدين علي بن شمس الدين الحسيني - أدام اللّه علوّه - فطالعها باستقصاء تامّ ، وأرسلها إلى الأخ المحترم أوحد الدين الحسين مفتي الطائفة وشيخها - مدّ اللّه عمره وأنفاسه - الذي طالعها كاملا ، وطلب منّي أن أُعجّل في جوابه خوفاً من الحدثان ... ، ثمّ ذكر أنّه كان يطلب نسخة من الكتاب لمدّة طويلة ، وأنّ مجموعة من علماء كلّ طائفة كانوا يستقصون ويتفحّصون أوراق الكتاب ويقفون على كلماته الحسنة أو الرديئة ، وقد أورد فيه الافتراءات على الإماميّة ، وعمل ثلاث نسخ ، أرسل واحدة إلى خزانة ( أميرك معروف ) وأُخرى يقرأها المصنّف خفية على العوام ، والثالثة أرسلها إلى قزوين ...

ثمّ قال ما معناه مختصراً : نسخة الأصل وصلت اتّفاقاً إلى يد السيّد الإمام شهاب الدين محمّد بن تاج الدين الكيسكي الذي أرسلها إليّ ...

ولأنّه لم يرد اسم المصنّف على جلد المجموعة - مع أنّ الأصل هو أنّ من اسمه ولقبه وفعله ونسبه يعلن عن شخصه وما هو غرضه من جمع هذا الكتاب - علم أنّ هذه البداية جاءت من بغض وعداوة أمير المؤمنين

ص: 530


1- انظر المصادر السابقة في ترجمته ، وأيضاً كشف الأستار 4 : 279 [ 2420 ].

علي ( عليه السلام ) ، ومبغضه منافق وشقيّ حيث « لا يبغضه إلاّ منافق شقي ».

وقبل وصول الكتاب لي قرأه مجموعة من علماء الشيعة عند حضرة المقدّس المرتضى الكبير السيّد شرف الدين ملك النقباء سلطان العترة الطاهرة أبو الفضل محمّد بن علي المرتضى - ضاعف اللّه جلاله - ، فظهر أنّ من جواهر لفظه ، أنّه قال : عبد الجليل القزويني لا بدّ أن يشرع في جواب هذا الكتاب على وجه الحقّ بحيث لا يستطيع أحد أن ينكره (1).

وقال صاحب الرياض نقلاً عن التستري في مجالس المؤمنين (2) : وقد ألّف بعض معاصريه من غلاة أهل السنّة من بلدة الري ونواصب تلك الناحية مجموعة في ردّ مذهب الشيعة ، وقد أذعن علماء الشيعة الذين كانوا بالري وتلك النواحي بالاتّفاق على أنّ الأولى والأحقّ بالتصدّي لدفع ذلك ونقضه هو الشيخ عبد الجليل هذا ، وقد وفّقه اللّه تعالى لتأليف كتاب شريف في نقض تلك المجموعة ، وجعل عنوانه باسم صاحب الزمان ( عليه السلام ).

ثمّ ذكر ( قدس سره ) عبارة أوّل الكتاب وخطبته ، فلاحظ.

ثمّ أورد بعض الفوائد واللطائف من كتابه هذا في ترجمته ، وشطراً آخر منها أورده متفرّقاً في مطاوي كتاب مجالس المؤمنين المذكور ، وقال : إنّ نسخة ذلك الكتاب درّة عزيزة جدّاً ، وقال : النسخة التي وصلت إليّ كانت أيضاً سقيمة في الغاية ، لكنّي قد صحّحتها بقدر الطاقة بعد التفكّر والسعي والتأمّل التامّ ، حتّى وردت فيها بعضها بلفظه وبعضها بالمعنى ...

ثمّ قال الأفندي : ثمّ كتابه المذكور كتاب لطيف في الإمامة كثير الفوائد ، والآن عندنا منه نسخة عتيقة ، ورأيت عدّة نسخ ، منها نسخة أُخرى عتيقة عند المولى ذي الفقار.

ص: 531


1- النقض : 2 ، مقدّمة المؤلّف.
2- مجالس المؤمنين 1 : 483.

ثمّ إنّه يظهر من أوائل هذا الكتاب أنّه ألّفه بعد سنة ست وخمسين وخمسمائة بأمر النقيب شرف الدين ملك النقباء سلطان العترة الطاهرة أبي الفضل محمّد بن علي المرتضى بقزوين (1).

وأشار العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) إلى ما ذكره القاضي نور اللّه التستري ، ثمّ قال : ورأيت قطعة من أوائله في مكتبة الشيخ الحجّة ميرزا محمّد الطهراني ، ذكر فيها مجلس موعظته سنة 550 ، ثمّ أورد كلام الأفندي الأخير.

ثمّ قال : وأمّا بعض الفضائح فهو لشهاب الدين الشافعي الرازي من بني مشاط ، وهو وان لم يصرّح في الكتاب باسمه لكنّه يعرف بإشاراته كما ذكره القزويني المذكور في نقضه هذا (2).

وقال في موضع آخر - بعد ذكر طبع الكتاب على يد المحدّث الأرموي - : فتبيّن أنّ المؤلّف عبد الجليل القزويني الأصل الرازي المسكن الواعظ ، ألّف الكتاب بين سنوات 559 - 566 (3) ، ردّاً على مؤلّف سنّي معاصر لمحمّد بن محمود السلجوقي ( 547 - 554 ) كان قد ألّف كتابين ضدّ الشيعة هما ( بعض فضائح الروافض ) فرغ منه محرّم 555 (4) ، و ( تاريخ أيّام وأنام ) كانا موجودين عند القزويني حين تأليفه للنقض ، لكنّه لم يسمّ المردود عليه مع معرفته التامّة به صوناً لخصمه ; لأنّه قال : إنّ خصمه هذا كان يقرأ كتابه على العوام سرّاً ( ص 2 ) ، ونقل صاحب الرياض عن بعض العلماء أنّ المردود عليه هو شهاب الدين التواريخي الشافعي من بني

ص: 532


1- رياض العلماء 3 : 71.
2- الذريعة 3 : 130 [ 440 ].
3- انظر النقض : بيست ودو ( أي : اثنين وعشرين ) ، مقدّمة المصحّح.
4- انظر النقض : بيست ويك ( أي : واحد وعشرين ) ، مقدّمة المصحّح.

المشاط (1).

وقد طبع الكتاب المحقّق الأُستاذ جلال الدين المحدّث الأرموي على عدّة نسخ ، ثلاث منها سقيمة وغير دقيقة ومحرّفة ، إحداها ما ذكر الطهراني أنّه رآها في مكتبة الميرزا محمّد الطهراني ، وقد مرّ أنّ نسخة القاضي الشهيد نور اللّه التستري كانت سقيمة ، ونسختان متّحدتان إحداهما الأقدم والأصحّ والأضبط ، وهي الأساس في تصحيح كتاب النقض ، موجودة في مكتبة مجلس الشورى في طهران ، تحت رقم ( 10606 ) في فهرست المكتبة ، مكتوبة بحدود القرن ( 9 - 10 ه- ) ، ولكن أحد الخبراء خمّن تاريخها بحدود النصف الأوّل من القرن الثامن ، بالإضافة إلى أربع نسخ أُخر (2).

ص: 533


1- الذريعة 24 : 283 ، ولم نجد ما ذكره الأفندي في الرياض المطبوع. وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 154.
2- النقض : بيست وهفت ( أي : سبعة وعشرين ) ، مقدّمة المصحّح.

ص: 534

(66) كتاب : معارج نهج البلاغة لأبي الحسن علي بن زيد البيهقي ( ت 565 ه- )
الحديث :

قال : قوله الثقل الأكبر والثقل الأصغر ، قيل : الأكبر كتاب اللّه ، والأصغر عترة النبي ( عليهم السلام ) ، قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم [ الثقلين [ ».

وقال ثعلب : سمّاها (1) رسول اللّه الثقلين ; لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ، والعرب تقول : كلّ نفيس ثقل ، فجعلها ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما (2).

أبو الحسن علي بن أبي القاسم زيد البيهقي ( فريد خراسان ) :

نسب نفسه في أوّل معارج نهج البلاغة ، هكذا : الشيخ الإمام السيّد حجّة الدين فريد خراسان أبو الحسن ابن الإمام أبي القاسم ابن الإمام محمّد ابن الإمام أبي علي ... ، إلى أن أوصله إلى خزيمة ذي الشهادتين الصحابي (3).

ص: 535


1- الظاهر أنّه تصحيف من ( سمّاهما ).
2- معارج نهج البلاغة : 168 [ 798 ].
3- معارج نهج البلاغة : 2 [ 6 ] ، وانظر : معجم الأُدباء 4 : 1759 [ 761 ] ، نقله عن كتابه ( مشارب التجارب ).

وذكره ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم في ترجمة أبيه أبي القاسم زيد بن الحسين البيهقي ، قال : ولابنه أبي الحسن فريد خراسان كتب منها ... ، ثمّ عدّ ثلاثة من كتبه (1).

وذكره في المناقب عند إيراده لطرقه إلى كتب أصحابنا ، قال : وناولني أبو الحسن البيهقي حلية الأشراف (2) ، والإشكال عليه بأنّ كتاب حلية الأشراف من تصنيف أبيه لا من تصنيفه (3) يمكن أن يحلّ بمناولة الابن لابن شهر آشوب كتاب والده حلية الأشراف (4) ، ولكن يبقى أنّها مخالفة للمناولة المصطلحة فهي تكون من المؤلّف.

وعدّه معاصره الشيخ عبد الجليل القزويني ( القرن السادس ) في كتابه النقض من متبحّري علماء الشيعة المتأخّرين (5).

وقال الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض : كان من أجلّة مشائخ ابن شهر آشوب ، ومن كبار أصحابنا - رضي اللّه عنهم - كما يظهر من بعض المواضع (6).

وتوفّي سنة 565 ه- ، ذكره الذهبي (7) ، والحموي (8) ، والصفدي (9).

ص: 536


1- معالم العلماء : 51 [ 343 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 352 ، رياض العلماء 1 : 188 و 7 : 38 ، الكنى والألقاب 3 : 28 ، أعيان الشيعة 8 : 241 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 189 ، الأعلام 4 : 290.
2- مناقب آل أبي طالب 1 : 14.
3- معالم العلماء : 51 [ 343 ] ، خاتمة المستدرك 3 : 102 ، رياض العلماء 2 : 358 و 5 : 448.
4- انظر : تعليقات النقض 1 : 556 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 114.
5- كتاب النقض : 212.
6- رياض العلماء 5 : 488.
7- سير أعلام النبلاء 20 : 585.
8- معجم الأُدباء 4 : 1759 [ 761 ].
9- الوافي بالوفيات 21 : 122 [ 67 ].

بقي الكلام في مذهبه ، فقد سكت من ترجمه من العامّة عن مذهبه ، واختلف من قدّم لمؤلّفاته من المحقّقين ، وإن عدّه الأكثر من الشيعة أخذاً بقرائن وردت في كتبه.

قال العلاّمة عبد العزيز الطباطبائي : لم يظهر بوضوح من كتبه المعدودة الواصلة إلينا انتماؤه المذهبي إلاّ بصيص من نور يؤيّد ما هو المشهور عنه من تشيّعه ، فاهتمامه هو وأبوه بنهج البلاغة قراءة ورواية ، وإطراؤه الكثير عليه وشرحه له ، ممّا يؤيّد هذه الشهرة.

ثمّ تعبيره عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تعبير شيعي ، فلا تراه يذكره إلاّ بقوله « أمير المؤمنين عليه السلام » ولم يقل مرّة واحدة « علي رضي اللّه عنه ».

وأوضح من ذلك كلّه قوله في مقدّمة معارج نهج البلاغة ص 3 : ولا شكّ أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كان باب مدينة العلوم ... ، إلى آخر ما قاله المحقّق الطباطبائي (1).

ولكن يمكن معارضة هذه المؤيّدات بأُخرى على النقيض ، كما في قوله في أوّل شرحه على نهج البلاغة - بعد الصلاة على النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) - : وعلى أصحابه الصديق ، والفاروق ، وذي النورين ، والمرتضى ، تحيّات لا تزجى على شُرفها سجوف ... (2) ، فإنّ هذا التعبير وهذا الترتيب لا يقوله شيعي إمامي.

ومع هذا فإنّ هذه المؤيّدات يمكن أن تؤوّل ويعطي لها عدّة تفسيرات واحتمالات ولا يمكن اعتبارها دليلا قويّاً على مذهبه ، خاصّة وهي باتّجاهين متضادّين مع الأخذ بنظر الاعتبار الانفتاح المذهبي في ذلك

ص: 537


1- مجلّة تراثنا (37) : 182 ، نهج البلاغة عبر القرون.
2- معارج نهج البلاغة : 2 [ 5 ].

العصر ، وهي - مؤيّدات تسنّنه - بالتالي لا يمكن لها أن تقف أمام تصريح الشيخ عبد الجليل الرازي صاحب النقض ولا ابن شهر آشوب عند عدّه من علماء الشيعة ، فإنّ معاصره وتلميذه أعرف به من غيره ، وعليه فقد ترجمه أصحابنا في عداد رجالهم ، كالحرّ العاملي في أمل الآمل ، والأفندي في الرياض ، والسيّد الأمين في الأعيان ، والعلاّمة الطهراني في طبقات أعلام الشيعة ، والقمّي في الكنى والألقاب ، والنوري في خاتمة المستدرك.

كتاب معارج نهج البلاغة :

قال المصنّف في أوّل الكتاب - بعد الحمد والصلاة - : قال الشيخ الإمام السيّد حجّة الدين فريد خراسان أبو الحسن ابن الإمام أبي القاسم ابن الإمام محمّد بن ... ، ويُعرف بأبي الحسن بن أبي القاسم البيهقي المقيم بنيشابور ، حماها اللّه ، قرأت كتاب نهج البلاغة على الإمام الزاهد الحسن ابن يعقوب بن أحمد القاري ، وهو وأبوه في ملك الأدب قمران ، وفي حدايق الورع في ثمران ، في شهور سنة ست عشرة وخمسمائة ، وخطّه شاهد لي بذلك ، والكتاب سماع له عن الشيخ جعفر الدوريستي المحدّث الفقيه ، والكتاب بأسره سماع لي عن والدي الإمام أبي القاسم زيد بن محمّد البيهقي ، وله إجازة عن الشيخ جعفر الدوريستي ، وخطّ الشيخ جعفر شاهد عدل بذلك ، وبعض الكتاب أيضاً سماع لي عن رجال لي - رحمة اللّه عليهم - ، والرواية الصحيحة في هذا الكتاب رواية إلى الأغر محمّد بن همام البغدادي تلميذ الرضي ، وكان عالماً بأخبار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (1).

ثمّ قال : فصل : ولم يشرح قبلي من الفضلاء السابقين هذا الكتاب ، بسبب موانع ، منها : ... ، إلى أن قال : وأنا المتقدّم في شرح هذا الكتاب ، فمن أراد الزيادة على ذلك فليزد ، إن استطاع ، مثل مخرنبق لينباع.

ص: 538


1- معارج نهج البلاغة : 2 ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 144.

إلى أن قال : وقد دعاني بعض الأفاضل من أصدقائي إلى شرح ألفاظ نهج البلاغة ، فقلت : لي خاطر كليل ... ، ومن قبل التمس منّي الإمام السعيد جمال المحقّقين أبو القسم علي بن الحسن الحونقي النيسابوري ( رحمه اللّه ) أن أشرح كتاب نهج البلاغة شرحاً ... ، وانتقل ذلك الإمام الزاهد الورع من لجّة بحر الحياة إلى الساحل ... ، وبعده فاضل من أفاضل الزمان ... ، في أثناء المحاورة حرك بسبب إتمام هذا الكتاب خاطري ليحنّ ... (1).

ثمّ قال : وأنا الضامن شرح كلّ مشكل في هذا الكتاب من طريق المنقول والمعقول على المذهبين ... ، وخدمت بهذا الكتاب خزانة كُتب الصدر الأجلّ السيّد العالم عماد الدولة والدين جلال الإسلام والمسلمين ملك النقباء في العالمين أبي الحسن علي بن محمّد بن يحيى بن هبة الحسيني ... (2).

وانتهى من المجلّد الأوّل في التاسع من ربيع الأوّل سنة 552 ه- في بيهق (3) ، وبدأ بالثاني في يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الآخر لنفس العام (4) ، وفرغ منه في الثالث عشر من جمادي الأُولى سنة 552 ه- (5) ، وقال في آخره : فصل في تتمّة الكتاب : قال الشارح الإمام السيّد حجّة الدين فريد خراسان أبو الحسن ابن الإمام أبي القاسم البيهقي : شرحت هذا الكتاب على مبلغ وسعي وإمكاني ، وأوردت في هذا الشرح من العلوم : علم الفقه ، وعلم أُصول الفقه ... ، إلى آخره (6).

ص: 539


1- معارج نهج البلاغة : 4.
2- معارج نهج البلاغة : 6 ، وانظر : خاتمة المستدرك 3 : 99 ، الذريعة 14 : 137.
3- معارج نهج البلاغة : 334.
4- معارج نهج البلاغة : 336.
5- معارج نهج البلاغة : 468.
6- معارج نهج البلاغة : 467.

ونسبه إلى نفسه في كتاب مشارب التجارب ، كما عن الحموي ( ت 626 ه- ) في معجم الأُدباء ، قال : كتاب معارج نهج البلاغة ، وهو شرح الكتاب ، مجلّدة (1).

وأورده الصفدي ( ت 764 ه- ) أيضاً ضمن كتبه (2).

ونسبه إليه الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض (3) ، وإسماعيل باشا ( ت 1339 ه- ) في إيضاح المكنون (4).

وقال الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : معارج النهج في شرح ( نهج البلاغة ) للشيخ أبي الحسن علي بن أبي القاسم ... ، أورد مقدار من أوّله شيخنا في ( المستدرك : 492 ) وذكر أنّه أوّل شروح ( النهج ) ، يعني هو أوّل من شرحه تامّاً ; لأنّه حكى فيه أنّ الإمام أحمد بن محمّد الوبري ، شرح مشكلاته قبل هذا الشرح ، وهو ينقله وينسبه إليه في نفس شرحه ( المعارج ) ، يوجد منه نسخة في مكتبة مدرسة فاضلخان ، فرغ منه في ج 1 / 552 ، وحدّثني الشيخ محمّد صالح آل طعان سنة 1332 أنّ شرح البيهقي على النهج موجود في مكتبتهم في البحرين القطيف (5).

وطبع ( المعارج ) بتحقيق محمّد تقي دانش على نسخة فرغ منها كاتبها تاج الكرماني في يوم الأحد الرابع عشر من صفر سنة خمس وسبعمائة (6).

ص: 540


1- معجم الأُدباء 4 : 1759 [ 761 ].
2- الوافي بالوفيات 21 : 122 [ 67 ].
3- رياض العلماء 7 : 38 ، وانظر : الكنى والألقاب 3 : 28.
4- إيضاح المكنون ( المطبوع مع كشف الظنون ) 4 : 336.
5- الذريعة 21 : 184 [ 4523 ] ، و 14 : 115 [ 1939 ] ، و 14 : 137.
6- معارج نهج البلاغة : 335.
مؤلّفات القطب الراوندي ( ت 573 ه- ) (67) كتاب : فقه القرآن
الحديث :

في كلامه عن حكم فاقد الماء والتراب ، قال :

ومن لا يجد ماءً وتراباً نظيفاً ... ، وعندنا أنّه يصلي ... ، فإن قيل : كيف لكم وجه الاحتجاج بالأخبار التي تروونها أنتم عن جعفر بن محمّد وآبائه وابنائه ( عليهم السلام ) على من خالفكم؟

قلنا : إنّ اللّه تعالى ، قال : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (1) ، وهذا على العموم ، وقد ثبت بالأدلّة إمامة الصادق ( عليه السلام ) وعصمته ، وأنّ قوله وفعله حجّة ....

ومن وجه آخر ، وهو أنّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي » الخبر ، فجعل عترته في باب الحجّة مثل كتاب اللّه (2).

قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي :

ذكره الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست ، قال : الشيخ الإمام قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن

ص: 541


1- النساء : 59.
2- فقه القرآن 1 : 63.

الراوندي ، فقيه ، عين ، صالح ، ثقة ، له تصانيف ، ثمّ عدّ مجموعة من تصانيفه (1).

وابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في معالمه ، قال : شيخي أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه الراوندي ، له كتب ، ثمّ ذكر بعض كتبه (2).

وقال ابن طاووس في كشف المحجّة : إنّني وجدت الشيخ العالم في علوم كثيرة ، قطب الدين الراوندي ، واسمه : سعيد بن هبة اللّه ( رحمه اللّه ) (3).

وذكره الكاظمي ( القرن الثاني عشر ) في هداية المحدّثين مرّتين ، مرّة باسم : سعد بن عبد اللّه ، مؤلّف قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) وكتاب الخرائج والجرائح وكتاب فضائح المعتزلة (4) ، ومرة باسم : سعيد بن هبة اللّه بن الحسن ، مؤلّف كتاب الخرائج والجرائح (5).

وقد رجّح المامقاني ( ت 1351 ه- ) أنّ اسمه سعد لا سعيد ، وأنّ سعيد من وهم النسّاخ (6) ، وهو غير صحيح.

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الثقات العيون : سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الشيخ الإمام قطب الدين أبو الحسين الرواندي ، فقيه عين صالح ثقة ، له تصانيف ، كذا ذكره منتجب بن بابويه ، وهكذا رأيته

ص: 542


1- فهرست منتجب الدين : 87 [ 186 ] ، وانظر : جامع الرواة 1 : 364.
2- معالم العلماء : 55 [ 368 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 125 [ 356 ] ، لؤلؤة البحرين : 304 [ 103 ] ، منتهى المقال 3 : 348 [ 1310 ] ، أعلام الزركلي 3 : 104 ، الكنى والألقاب 3 : 72 ، بهجة الآمال 4 : 370 ، أعيان الشيعة 7 : 260 ، معجم رجال الحديث 9 : 97 ، خاتمة المستدرك 3 : 79.
3- كشف المحجّة لثمرة المهجة : 64 ، الفصل الثلاثون.
4- هداية المحدّثين : 304 ، القسم الثالث ، الباب الأوّل : في الكنى.
5- المصدر السابق : 314 ، القسم الثالث ، الباب الثاني : في النسب.
6- تنقيح المقال 2 : 21 و 34 ، أقول : اعتمد في أنّ اسمه سعد على ما في فرج المهموم لابن طاووس والوسائل للحرّ العاملي ، وفي المطبوع منهما سعيد لا سعد.

بخطّه وإمضائه في آخر إجازته لولده ، وهو نسبة إلى الجدّ ، فهو سعيد بن عبد اللّه بن الحسين ، كما ذكر في الرياض (1).

وما ذكره غير موجود في الرياض المطبوع ، وأعتقده من أخطاء الطبع ، فقد ذكر الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) بعد العنوان بأسطر : وقد ينسب إلى جدّه كثيراً اختصاراً ، فيقال : سعيد بن هبة اللّه الراوندي ، فلا تظنن المغايرة بينهما (2) ، وهو يدلّ على أنّه ذكر اسم أبيه في العنوان.

وفي هامش فهرست منتجب الدين المطبوع في آخر البحار بخطّ العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) ( قدس سره ) : أقول : وجدت بخطّ الشيخ الزاهد العالم شمس الدين محمّد جدّ شيخنا البهائي - قدّس اللّه روحهما - نقلاً من خطّ الشهيد - روّح اللّه روحه - : توفّي الشيخ الإمام السعيد أبو الحسين قطب الملّة والدين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي ( رحمه اللّه ) ضحوة يوم الأربعاء الرابع عشر من شوّال سنة ثلث وسبعين وخمسمائة م ق ر عفى عنه (3) ، وأورده أيضاً في الفائدة الثالثة من كتاب الإجازات (4).

كتاب فقه القرآن :

قال المصنّف في أوّله : فرأيت أن أُؤلّف كتاباً في فقه القرآن ... (5).

ونسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست (6) ، ونقل منه ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في سعد السعود (7) ، ورآه الشيخ الحرّ

ص: 543


1- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 124.
2- رياض العلماء 2 : 419.
3- البحار 105 : 235.
4- البحار 107 : 19 ، الفائدة الثالثة.
5- فقه القرآن 1 : 4 ، مقدّمة المؤلّف.
6- فهرست منتجب الدين : 87 [ 186 ].
7- سعد السعود : 24.

العاملي ( ت 1104 ه- ) كما صرّح بهذا في أمل الآمل ، وقال : وشرح آيات الأحكام وهو فقه القرآن (1).

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (2) ، وقال في توثيقه : وكتابا الخرائج وفقه القرآن معلوما الانتساب إلى مؤلّفهما الذي هو من أفاضل الأصحاب وثقاتهم ، والكتابان مذكوران في فهارس العلماء ، ونقل الأصحاب عنهما (3).

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) : أقول : كتاب فقه القرآن المزبور كتاب معروف داخل في فهرس البحار للأُستاد المذكور أيضاً ، وقد رأيت نسخة عتيقة منه في أردبيل ، ولكن لم يصرّح في تلك النسخة باسم المؤلّف ، وإنّما كتب على ظهره واشتهر به (4).

وقال في موضع آخر : وأمّا آيات الأحكام فقد رأيت نسخة عتيقة جدّاً منه في بحرين ، وأُخرى بنيمجان من بلاد جيلان ، وكان تاريخ الكتابة سنة سبع وثمانمائة ، وتاريخ التأليف في محرّم سنة اثنين وستّين وخمسمائة ، وقد قوبل بنسخة الأصل ، ولكن يظهر من الديباجة أنّه بعينه كتاب فقه القرآن ، ولم يظهر منه المغايرة ، فلاحظ ، وتلك النسخة كانت أوّلا من كتب خالي « قدّس سرّه » (5).

وقال أيضاً : وقد رأيت بخطّ بعض أفاضل المعاصرين على ظهر كتاب شرح آيات الأحكام المعروف بفقه القرآن للقطب الرواندي هذا ، فهرس مؤلّفات القطب ، هكذا : شرح آيات الأحكام ... (6).

ص: 544


1- آمل الآمل 2 : 125 [ 256 ] ، وانظر : لؤلؤة البحرين : 306.
2- البحار 1 : 12 ، مصادر الكتاب.
3- البحار 1 : 30 ، توثيق المصادر.
4- رياض العلماء 2 : 423.
5- رياض العلماء 2 : 424 ، وأيضاً : 419.
6- رياض العلماء 2 : 431 ، 255 ، 257.

وحكم العلاّمة النوري ( ت 1320 ه- ) باتّحاد ( فقه القرآن ) مع ( شرح آيات الأحكام ) أيضاً ، وقال : كتاب فقه القرآن ، وهو بعينه كتاب آيات الأحكام له أيضاً ، وهو من نفائس الكتب النافعة الجامعة ، الكاشفة عن جلالة قدر مؤلّفها ، وعلوّ مقامه في العلوم الدينيّة ، وقد عثرنا - بحمد اللّه تعالى - على نسخة عتيقة منه ، كتب في آخرها : كتبه سعيد بن هبة اللّه بن الحسن ، في محرّم سنة اثنتين وستّين وخمسمائة ، حامداً لربّه ، ومصلّياً على محمّد وآله - إلى هنا كلام المصنّف ( رحمه اللّه ) - ، وتمّ الكتاب على يد العبد الفقير إلى اللّه تعالى الحسن بن الحسين بن الحسن ( السدّ السوي ) ناقلا عن خطّ المصنّف إلاّ قليلا ، أواسط صفر ، ختم بالخير والظفر ، شهور سنة أربعين وسبعمائة هجريّة ، بمدينة قاشان .. ، إلى آخره (1).

ولكن العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) ، قال في الذريعة : فقه القرآن المعروف بالفقه الراوندي ، في بيان آيات أحكام القرآن والأحكام الفقهيّة المستنبطة منها ، وهو غير « شرح آيات الأحكام » له أيضاً كما في ( الأمل ) لا كما صرّح في « الرياض » ، قال : له كتاب « شرح آيات الأحكام » المعروف بفقه القرآن ، ولعلّهما واحد ، بل إنّما كما احتمله صاحب « الرياض » بل محقّقاً (2).

أقول : إنّ عبارته ( رحمه اللّه ) الأخيرة غير واضحة ، ولعلّ فيها تصحيف ، أو هي من إضافات ابنه ( المنزوي ) ، أو من تصحيحاته هو ( رحمه اللّه ) المتأخّرة ، وإلاّ فهي مناقضة لما في صدر العبارة ، ولما قاله تحت عنوان ( آيات الأحكام ) (3) ، و ( شرح آيات الأحكام ) (4) للراوندي.

ص: 545


1- خاتمة المستدرك 1 : 184 [ 35 ] ، وانظر : مجلّة تراثنا ( 38 - 39 ) : 265.
2- الذريعة 16 : 295 ، و 1 : 41 [ 202 ] ، 13 : 55 [ 177 ].
3- الذريعة 1 : 41 [ 202 ].
4- الذريعة 13 : 55 [ 177 ].

ومع ذلك فإنّ عبارة الشيخ الحرّ لا يظهر منها الاختلاف بين الكتابين ، بل يظهر الاتّحاد ، فإنّه قال : أقول : وقد رأيت له كتاب قصص الأنبياء أيضاً ، كتاب فقه القرآن ... ، وشرح آيات الأحكام وهو فقه القرآن (1).

وقد طبع الكتاب بتوسّط المكتبة المرعشيّة في قم ، بتحقيق السيّد أحمد الحسيني على نسختين إحداهما في المكتبة المرعشيّة نفسها ، تاريخ كتابتها يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شهر شوّال سنة 759 ه- ، والأُخرى في مكتبة جامعة طهران (2).

ص: 546


1- أمل الآمل 2 : 125 [ 356 ].
2- فقه القرآن 1 : 27 ، في طريق التحقيق.
(68) كتاب : قصص الأنبياء
الحديث :

ما يذكره في أحوال محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) : في الفصل (12) ، قال :

وخرج رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من المدينة متوجّهاً إلى الحجّ في السنة العاشرة ... ، ولمّا قضى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) نسكه وقفل إلى المدينة ، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، نزل عليه جبرائيل بقوله ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) وكان يوماً شديد الحرّ ، فنزل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وأمر بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه فنادى في الناس بالصلاة فاجتمعوا إليه ، وإنّ أكثرهم ليلفّ رداءه على قدميه من شدّة الرمضاء ، فصعد على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا علياً ( عليه السلام ) فرقى معه حتّى قام عن يمينه ، ثمّ خطب ، فحمد اللّه وأثنى عليه ووعظ ونعى إلى الأُمّة نفسه ، فقال : « إنّي دعيت ويوشك أن أُجيب ، فقد حان منّي خفوق من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، ثمّ نادى بأعلى صوته : « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ ... » (1)

ص: 547


1- 1 - قصص الأنبياء : 354 ح 461 ، الفصل (12) ، وعنه في إثبات الهداة 1 : 615 ح 636، فصل (34).
كتاب قصص الأنبياء :

نسبه إليه السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في فلاح السائل (1) ، وسعد السعود (2) ، ومهج الدعوات (3) ، وفرج المهموم (4).

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : وقد رأيت له كتاب قصص الأنبياء أيضاً (5) ، وجعله من مصادر كتابيه إثبات الهداة (6) والوسائل (7) ، وذكر طريقه إليه في الوسائل (8).

وعدّه العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار ، وقال : وكتاب قصص الأنبياء له أيضاً ، على ما يظهر من أسانيد الكتاب واشتهر أيضاً ، ولا يبعد أن يكون تأليف فضل اللّه بن علي بن عبيد اللّه الحسني الراوندي ، كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاووس ، وقد صرّح بكونه منه في رسالة النجوم وكتاب فلاح السائل ، والأمر فيه هيّن ; لأنّه مقصور على القصص ، وأخباره جلّها مأخوذة من كتب الصدوق ( رحمه اللّه ) (9) ، وقال في فصل توثيق الكتب : وكتاب القصص قد عرفت حاله ، وعرضناه على نسخة كان عليها خطّ الشهيد الثاني ( رحمه اللّه ) وتصحيحه (10).

ص: 548


1- فلاح السائل : 344 [ 230 ].
2- سعد السعود : 24 و 249 ، والظاهر أنّ فيها تصحيف ( سعيد ) إلى ( السعيد ).
3- مهج الدعوات : 367 ، 374.
4- فرج المهموم : 27 و 118.
5- أمل الآمل 2 : 125 [ 356 ].
6- إثبات الهداة 1 : 27.
7- خاتمة الوسائل 30 : 157.
8- خاتمة الوسائل 30 : 184 ، الطريق السادس والثلاثون.
9- البحار 1 : 12 ، مصادر الكتاب.
10- البحار 1 : 31 ، توثيق المصادر.

أقول : قد عرفت أنّ السيّد ابن طاووس قد نسبه إلى سعيد بن هبة اللّه الراوندي في رسالة النجوم ( فرج المهموم ) وفلاح السائل ، فالظاهر أنّ الضمير في ( منه ) يعود إلى قطب الدين الراوندي لا فضل اللّه الراوندي.

قال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) - بعد أن ذكر كلام المجلسي هذا - : وأقول : لكن قد صرّح ابن طاووس نفسه أيضاً في كتاب مهج الدعوات بأنّ كتاب قصص الأنبياء تأليف سعيد بن هبة اللّه الراوندي ، والقول بأنّ لكلّ منهما كتاباً في هذا المعنى ممكن ، لكن بعيد ، فتأمّل (1).

وقال أيضاً : ثمّ إنّ قصص الأنبياء في المشهور ينسب إلى القطب الراوندي هذا ، وهو الذي نصّ عليه جماعة ، منهم بعض تلامذة الشيخ الكركي في رسالته المعمولة لذكر أسامي المشايخ بعدما جعل سعيد بن هبة اللّه الراوندي هذا من جملة مشايخ أصحابنا ، ولكن قد قال بعضهم بأنّه للسيّد فضل اللّه الراوندي ، فلاحظ (2).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : ( قصص الأنبياء الراونديّة ) للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين بن سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي المتوفّى 573 ه- ... ، إلى أن قال : ونقل صاحب « الرياض » وكذا « البحار » عن كتاب السيّد ابن طاووس « النجوم » و « فلاح السائل » نسبته إلى السيّد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل اللّه بن علي الراوندي ، تلميذ أبي علي ابن شيخ الطائفة ، ولكن تعدّدهما ممكن ، بتأليف كلّ منهما فيه ، واللّه العالم (3).

وقال أيضاً تحت عنوان ( قصص الانبياء ) للسيّد أبي الرضا فضل اللّه الراوندي : وهو غير ( القصص ) لقطب الدين أبي الحسين الراوندي ،

ص: 549


1- رياض العلماء 2 : 429.
2- رياض العلماء 2 : 431 ، و 419 و 426 و 435.
3- الذريعة 17 : 105 [ 574 ].

وذكرهما ابن طاووس ، وكذا قال في البحار : إنّ ابن طاووس صرّح في رسالته في ( النجوم ) وكتاب ( فلاح السائل ) بكون القصص لأبي الرضا الراوندي ، وذكر أنّ جلّ أخباره موجودة في كتب الشيخ الصدوق ، وصرّح في ( الرياض ) بإمكان تعدّد الكتابين باسم واحد.

يوجد نسخة في ( سپهسالار ) بخطّ عزيز بن مطلب بن علاء الدين ابن أحمد الموسوي الحسيني الجزائري ، كتبت بتستر في 22 ذي الحجّة 1089 فيه فتاوى من القاضي ابن قريعة وحديث معلّى بن خنيس في النيروز ، وفوائد من الشيخ جواد ، وعليها تملّك خانلر في 1262 ه- (1).

أقول : ولكنّك عرفت أنّ السيّد ابن طاووس نسبه إلى القطب الراوندي في كتابيه المذكورين ، ومرّ بك سابقاً ما حملنا عليه عبارة المجلسي ( قدس سره ) ، وصاحب الرياض نقل كلام المجلسي فقط.

أمّا النسخة التي ذكرها فلقد رآها محقّق الكتاب الميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخراساني ، وقال عنها - بعد أن ذكر ما مكتوب على ظهرها من نسبة الكتاب إلى فضل اللّه الراوندي - : لا اعتبار لتلك النسبة بالكتابة المجهول كاتبها ، والنسخة الموصوفة رأيتها واخذت صورة منها ، على هامش صفحتها الرابعة : كتاب قصص الأنبياء تأليف السيّد فضل اللّه الراوندي ، جزء كتابخانه شاهزاده خان لرميرزا احتشام الدولة ، وعلى هامش آخر النسخة هكذا : هو الباقي ، قد انتقل بالبيع الشرعي إلى العبد المذنب خانلر بمبلغ خمسة عشر ريال في سنة 1262 ، وفي ذيل الكتاب ختمه (2).

وقد ذكر المحقّق عند كلامه على كتاب قصص الأنبياء ، الشيوخ الواردين فيه المختصّين بالقطب الراوندي دون السيّد فضل اللّه الراوندي ،

ص: 550


1- الذريعة 17 : 104 [ 569 ].
2- قصص الأنبياء : 10 ، مقدّمة المحقّق.

وهم عشرة ، وهو دلالة أُخرى على نسبة الكتاب إلى القطب الراوندي لا إلى قرينه (1).

والكتاب طبع محقّقاً على يد الفاضل المذكور على خمس نسخ إحداها النسخة التي مضى الكلام عليها سابقاً (2).

ص: 551


1- قصص الأنبياء : 33 ، مقدّمة المحقّق.
2- قصص الأنبياء : 18 ، مقدّمة المحقّق.

ص: 552

(69) كتاب : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة
الحديث :

الأوّل : في شرحه لخطبة خطبها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لمّا بويع بالمدينة ، قال : ثمّ أمر بالتزام جادّة الحقّ ، فإنّ يمينها وشمالها مضلّة يضلّ فيها ، وعلى هذه الجادّة إمام معصوم ، هو ما في الكتاب (1) ، وهما « الثقلان : كتاب اللّه وعترتي » ، الخبر (2).

الثاني : وقوله « ألم أعمل فيكم بالثقل الأعظم » يعنى القرآن « وأترك » تقديره : وألم أترك فيكم الثقل الأصغر يعني العترة ، وكلا الاستفهامين على سبيل التقرير ، أي عملت فيما بينكم وفي حقّكم بالقرآن وتركت عترتي وسطكم ، وقال النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة :

ذكره في ضمن كتب القطب ، تلميذه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست ، قال : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، مجلّدتان (4).

ص: 553


1- في نسخة : هو باقي الكتاب.
2- منهاج البراعة 1 : 170.
3- منهاج البراعة 1 : 364.
4- فهرست منتجب الدين : 87 [ 186 ] ، وانظر : أمل الآمل 2 : 126.

واستمدّ منه ومن شرح البيهقي المسمّى المعارج ، قطب الدين الكيدري في شرحه على النهج المسمّى ( حدائق الحقائق ) ، قال في المقدّمة : هذا ، وقد اقترح عليّ بعض الأشراف ومن يجب في الدين أن يوصل اقتراح مثله بالإسعاف ، أن أشرع في شرح هذا الكتاب مستمدّاً - بعد توفيق اللّه تعالى - من كتابي المعارج والمنهاج ، غايصاً على جواهر دررهما (1).

وعدّه ابن أبي الحديد ( ت 656 ه- ) أوّل الشروح على النهج ، قال : ولم يشرح هذا الكتاب قبلي - فيما أعلمه - إلاّ واحد ، وهو سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي ، وكان من فقهاء الإماميّة ، ولم يكن من رجال هذا الكتاب (2) ...

وقد عرفت ممّا نقلنا عن الشروح أنّه ليس أوّل شرح على النهج ، وأن يقبل الاعتذار عن ابن أبي الحديد من قوله ( فيما أعلم ).

وقال البحراني ( ت 1186 ه- ) في اللؤلؤة : وكتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة مجلّدين ، وكثيراً ما ينقل عنه ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ويعترض عليه (3) ، وقد أجبنا عنه في مواضع عديدة من كتابنا ( سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد ) (4).

وفي الرياض : وله من المؤلّفات كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، معروف ، وقد رأيته في استراباد ، والنسخة عتيقة جدّاً ، ولعلّها كتبت في عصر المؤلّف ، وهو الذي شرح أوّلاً هذا الكتاب ، وكثيراً ما يناقش معه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه عليه ، ويروي هذا الشيخ

ص: 554


1- حدائق الحقائق 1 : 69 ، مقدّمة المؤلّف.
2- شرح نهج البلاغة 1 : 5 ، مقدّمة المؤلّف.
3- انظر مثلاً شرح نهج البلاغة 1 : 200.
4- لؤلؤة البحرين : 305 ، وانظر : الذريعة 23 : 157.

نهج البلاغة عن مؤلّفه بواسطتين (1) (2). فما قاله النوري ( ت 1320 ه- ) من أنّ اسمه المعراج ، خطأ (3).

وهو داخل في مصادر البحار ، وإن كانت ظاهر عبارته تنسبه إلى فضل اللّه بن علي الراوندي (4) ، ولكنّه قال في فصل توثيق مصادره : وشرح النهج مشهور معروف رجع إليه أكثر الشرّاح (5) ، فإنّ الشرح المشهور والمعروف والذي رجع إليه أكثر الشرّاح هو : شرح القطب الراوندي أيّ منهاج البراعة ، فتأمّل في ظاهر عبارته ، أوّلا.

وذكره أحد تلامذة المجلسي في قائمته للكتب التي يجب أن تلحق بالبحار ، قال : وكتاب اللباب ، وشرح النهج كلاهما لقطب الدين الراوندي (6). وقال أيضاً : وشرحا النهج للراونديين ، قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن وغيره من كتب البحار (7).

وقد نسب صاحب الروضات ( ت 1313 ه- ) شرحاً آخر للقطب الراوندي ، قال في ترجمة الكيدري : كتب هذا الشرح ... ، بعد كتاب « المعارج » و « المنهاج » الذي كتبه قطب الدين الراوندي في شرح النهج إلى أن قال : وقد اشتبه من زعم أنّه صاحب شروح ثلاثة على هذا الكتاب ، وكأنّه توهّم أنّ كتابي القطب الراوندي المسمّيين لك - أيضاً - من تصنيفات هذا الجناب (8).

ص: 555


1- انظر : منهاج البراعة 1 : 4.
2- رياض العلماء 2 : 421.
3- خاتمة المستدرك 3 : 80.
4- البحار 1 : 12.
5- البحار 1 : 31.
6- البحار 110 : 166.
7- البحار 110 : 168.
8- روضات الجنّات 6 : 295 [ 587 ].

وتبعه في هذا الوهم العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة (1). وقد عرفت ممّا تقدّم أنّ ( المعارج ) من تصنيف البيهقي فريد خراسان.

وأتمّ المصنّف كتابه في سنة 556 ه- ، قال في الذريعة : ( منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ) للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين سعيد ابن هبة اللّه بن الحسن الراوندي ... ، إلى أن قال : وفي آخره أنّه فرغ منه المصنّف في أواخر شعبان سنة ست وخمسين وخمسمائة 556 ه- ، والنسخة بخطّ محمّد بن ملك محمّد السرابي ، فرغ من كتابتها في شهر رمضان سنة 1090 (2).

وذكر العلاّمة الطباطبائي ست نسخ لهذا الشرح في المكتبات ، إحداها ما ذكره في الذريعة ، ومنها ثلاث أُخر في مكتبة ملك بطهران كتبت بتاريخ 681 ه- ، ومكتبة المجلس كتبت في 652 ه- ، وفي مكتبة جستر بيتي كتبت بتاريخ 603 ه- (3) ، طبع عليها الكتاب محقّقاً بتوسّط مكتبة السيّد المرعشي العامّة مع نسخة رابعة (4).

ص: 556


1- الذريعة 21 : 178 [ 4501 ] ، و 23 : 158 ، مع أنّه ذكر ( معارج نهج البلاغة ) لفريد خراسان بعنوان مستقل في 21 : 184 [ 4523 ] ، فلاحظ.
2- الذريعة 23 : 157 [ 8483 ] ، و 14 : 126.
3- مجلّة تراثنا العدد ( 38 - 39 ) : 264 ، نهج البلاغة عبر القرون.
4- منهاج البراعة 1 : 67.
(70) كتاب : لبّ اللباب منقول عن مستدرك وسائل الشيعة للشيخ النوري
اشارة

(70) كتاب : لبّ اللباب منقول عن مستدرك وسائل الشيعة للشيخ النوري (1)

الحديث :

عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ...

وقال : « من أحبّ اللّه فليحبّني ، ومن أحبّني فليحبّ عترتي ، إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، ومن أحبّ عترتي فليحبّ القرآن ، ومن أحبّ القرآن فليحبّ المساجد ، فإنّها أفنية اللّه وأبنيته ، أذن في رفعها ، وبارك فيها ، ميمونة ، ميمون أهلها ، مزينة ، مزين أهلها ، محفوظة ، محفوظ أهلها هم في صلاتهم واللّه في حوائجهم ، هم في مساجدهم واللّه من ورائهم » (2).

كتاب لبّ اللباب ( أو كتاب اللباب المستخرج من فصول عبد الوهّاب ) :

كانت نسخة من هذا الكتاب عند المحدّث النوري (3) ، ونقل عنه أكثر من ( 600 ) حديث في مستدرك الوسائل في مختلف الأبواب ، أغلبها عن

ص: 557


1- لا توجد نسخة معروفة لكتاب لبّ اللباب ، إلاّ بعض الاحتمالات ، وقد كانت نسخة عند الشيخ النوري ، نقل عنها كثيراً في المستدرك ، منها هذا المورد.
2- مستدرك الوسائل 3 : 355 ح 2 ، أبواب أحكام المساجد ، الباب الأوّل.
3- انظر مجلّة تراثنا ( 38 - 39 ) : 284.

النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وقليلا منها عن الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، وقال في خاتمة المستدرك عند تعريفه للكتاب :

كتاب لبّ اللباب ، أو اللباب للشيخ الفقيه ، المحدّث النبيه ، سعيد بن هبة اللّه ، المدعوّ بالقطب الراوندي صاحب الخرائج ، وشارح النهج ، اختصره من كتاب فصول نور الدين عبد الوهّاب الشعراني العامّي (1) ، لخّصه وألقى ما فيه من الزخارف والأباطيل ، وقد رأيت المجلّد الثاني من الفصول في المشهد الرضوي ( عليه السلام ) يقرب من تمام كتاب اللباب ، وهذا كتاب حسن كثير الفوائد مشتمل على مائة وخمسة وخمسين مجلساً في تفسير مثلها من الآيات على ترتيب القرآن (2).

وذكره الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في الرياض ، قال : وله كتاب تلخيص فصول عبد الوهّاب في تفسير الآيات والروايات مع ضمّ الفوائد والأخبار من طرق الإماميّة (3) ، وقد رأيته في بلدة أردبيل ، وهو كتاب حسن ، لكن لم يصرّح في أصل الكتاب بأنّه من مؤلّفاته ، وقد كتب على ظهره واشتهر به أيضاً ، فلاحظ (4).

ثمّ قال : قال بعض متأخّري أصحابنا في كتاب المزار : وقال هبة اللّه الراوندي الذي صنّف الخرائج والجرائح في كتاب اللباب في فضل آية الكرسي : وروى جابر ، فقال : من قرأها حين يخرج من بيته وكّل اللّه به سبعين ألف ملك يحفظونه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله من الشرور ، فإن مات قبل أن يعود إلى منزله أُعطي ثواب سبعين شهيداً ،

ص: 558


1- ليس هو الشعراني كما سيأتي.
2- خاتمة المستدرك 1 : 181.
3- ذكرنا آنفاً أنّ في ما نقله النوري منه بعض الروايات عن الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، فالظاهر أنّها من إضافات الراوندي على فصول عبد الوهّاب.
4- رياض العلماء 2 : 421.

انتهى ، وأقول : ويظهر من هذا الكلام أنّه تأليف جدّه ، وأنّ الخرائج والجرائح أيضاً من تأليفات جدّه ، وهو لا سيّما الأخير غريب ، فلعلّه اشتبه عليه الاسم واختصر في ذكر اسمه أو الغلط من الناسخ ، فلاحظ ، والحقّ أنّه من قلب النسّاخ حيث قلبوا سعيد بن هبة اللّه بهبة اللّه بن سعيد ، وكذا ابن طاووس (1).

و ( كتاب اللباب في فضل آية الكرسي ) ليس كتاباً مستقلاًّ كما ظنّ عدّة من المحقّقين (2) ، وإنّما فضل آية الكرسي فصل أو مجلس في الكتاب ، فإنّ اللباب - كما عرفت - تلخيص لكتاب عبدالوهّاب الذي يحتوي على 155 مجلساً في تفسير 155 آية على ترتيب القرآن ، وآية الكرسي أحد الآيات فيه ، وقد روى النوري في المستدرك عدّة روايات تخصّ آية الكرسي من كتاب اللباب ، فقد تكون العبارة : في ( كتاب اللباب ) في فصل آية الكرسي ، أو أنّ صاحب العبارة يقصد ذلك ، أي : كتاب اللباب في فصل أو مجلس أو باب فضل آية الكرسي ، فلاحظ.

ولذا قال الأفندي بعدها : ثمّ الحقّ عندي اتّحاد اللباب مع تلخيص كتاب فصول عبد الوهّاب ، فإنّي رأيت في بعض المواضع المعتبرة ، هكذا : كتاب اللباب المستخرج من فصول عبد الوهّاب ، تصنيف الشيخ سعيد بن هبة اللّه الراوندي ، نقلا عن الثقات ويروي منها بعض الأخبار (3).

ولكنّه في موضع آخر ذكر أنّ الشيخ حسن الطبرسي نسب كتاباً بعنوان نكت الفصول إلى الشيخ منتجب الدين أبي الفتوح ، وقال : لعلّ هذا الكتاب بعينه نكت فصول عبد الوهّاب الذي قد رأيته في أردبيل ، وكان

ص: 559


1- رياض العلماء 2 : 422.
2- انظر هديّة العارفين 1 : 392 ، الذريعة 18 : 280 ، 292 ، مجلّة تراثنا ( 38 - 39 ) : 285 ، روضات الجنّات 4 : 7 ، وإن احتمل اتّحادهما تبعاً لصاحب الرياض.
3- رياض العلماء 2 : 422.

ينسب إلى القطب الراوندي (1).

وذكر المجلسي ( ت 1111 ه- ) هذا الكتاب في مصادره وفي فصل توثيقها ، ولكنّه نسبه على ظاهر عبارته إلى السيّد فضل اللّه الراوندي (2) ، وإن كان يمكن تصحيح مراده ، فتأمّل ، وروى عنه مورداً واحداً في البحار على ما وجدته (3) ، فلا صحّة لما قاله النوري من أنّه غفل عنه فلم ينقل عنه في البحار (4).

وذكره بعض تلامذة المجلسي في فهرست الكتب التي ينبغي أن تلحق بالبحار ، قال : وكتاب اللباب وشرح النهج كلاهما لقطب الدين الراوندي (5).

ثمّ قال : وشرحا النهج للراونديين قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن وغيره من كتب البحار ، وكتاب اللباب للأوّل عند الأمير زين العابدين ابن سيّد المبتدعين عبدالحسيب حشره اللّه مع جدّه القمقام يوم الدين (6).

وذكره العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في عدّة مواضع من الذريعة بعناوين مختلفة (7).

وهذا الكتاب غير كتاب لباب الأخبار له أيضاً ، فهو مختصر ذكره الأفندي ، قال : وله كتاب لباب الأخبار ، قد رأيته في استراباد وهو كتاب مختصر في الأخبار (8).

ص: 560


1- رياض العلماء 5 : 488 ، وانظر : الذريعة 24 : 305.
2- البحار 1 : 12 و 31 ، وانظر : خاتمة المستدرك 1 : 183 ورياض العلماء 2 : 429.
3- البحار 53 : 326.
4- خاتمة المستدرك 1 : 181.
5- البحار 110 : 166.
6- البحار 110 : 168.
7- الذريعة 18 : 281 و 292 ، و 4 : 425.
8- رياض العلماء 2 : 422 ، وانظر : الذريعة 18 : 275.

وقال العلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي : ورأيت منه نسخة في النجف في مكتبة العلاّمة الشيخ محمّد رضا فرج اللّه ، وهو - كما قال صاحب الرياض - ليس بكبير (1).

وقد عرفت - سابقاً - أنّ العلاّمة النوري نقل من لبّ اللباب أكثر من ستّ مائة رواية ، وهذا العدد لا يدلّ على أنّه مختصر وليس بكبير ، وقد قال أيضاً كما مرّ : إن المجلّد الثاني من الفصول المتكوّن من مجلّدين يقرب من تمام كتاب اللباب.

نعم ، قد يكون كتاب لباب الأخبار هو في فضل آية الكرسي ، كما عنونه كذلك الأميني في الغدير حين عدّ كتب الراوندي ، قال : لباب الأخبار في فضل آية الكرسي (2) ، وإن احتمل بعد ذلك أنّه متّحد مع التلخيص وهو بعيد ، كما عرفت.

كتاب فصول عبد الوهّاب :

قال العلاّمة الطباطبائي : فهو لعبد الوهّاب بن محمّد بن أيّوب أبي زرعة الأردبيلي الحنفي الصوفي ، نزيل شيراز ، المتوفّى بها رجب سنة 415 ه- ، من أصحاب أبي عبد اللّه الخفيف الشيرازي.

ترجم له السمعاني في الأنساب : ( الأردبيلي ) ( 1 / 177 ) (3) والجنيد الشيرازي في كتاب شدّ الأزار ( ص 223 رقم 159 ) ، قال : كان يتكلّم على الناس يوم الجمعة في جامع شيراز ، وكذا غيرها من الأيّام في زاويته ... ، وقيل : إنّه خرج في آخر عمره على الصوفيّة ، ووقع فيهم ....

ص: 561


1- مجلّة تراثنا ( 38 - 39 ) : 279.
2- الغدير 5 : 604.
3- الأنساب 1 : 109 [ 216 ].

ويبدو أنّ كتابه ( الفصول ) هو مجموعة مجالسه التي كان يلقيها في جامع شيراز ، يحتوي على خمسة وخمسين ومائة مجلس ، في كلّ منها سبعة فصول ، يبدأ في كلّ مجلس بآية وتفسيرها ، ثمّ الأخبار والحكايات ، ثمّ الوجوه والنظائر ، ثمّ النكت والإشارات ، وهو التفسير الصوفي لتلك الآية.

ومن كتاب ( الفصول ) هذا مخطوطة في إيران كتبت في القرن التاسع في مجلّدين ، ساقت الأقدار أوّلها إلى مكتبة المجلس في طهران ( البرلمان السابق ) برقم 67 ، وُصف في فهرستها 2 / 31 ، وثانيها في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران ، رقم 1888 ، وُصف في فهرستها 8 / 491 (1).

وعمد القطب الراوندي إلى هذا الكتاب فهذّبه وزاد عليه (2) ، هذّبه ممّا كان فيه من تصوّف وأباطيل وأحاديث واهية ، واستخلص منه اللباب من تفسير وأدب وفوائد وحكم ، وطعّمه بفوائد من حديث العترة الطاهرة وحكمهم وآدابهم ( عليهم السلام ).

وهذا الكتاب ( اللباب ) لم نعثر عليه ، على أنّه كان موجوداً إلى قبل مائة سنة ، فقد عثر عليه المحدّث النوري ونقل عنه في كتابه ( دار السلام ) وعدّه من مصادر كتابه مستدرك الوسائل ( خاتمة المستدرك ص 325 ) باسم : اللبّ واللباب (3) ، وحسب أنّ عبد الوهّاب هذا هو الشعراني! والشعراني توفّي سنة 973 ه- بعد الراوندي بأربعمائة عام ، فسبحان من لا يسهو (4).

ص: 562


1- مرّ سابقاً أنّ النوري رأى المجلّد الثاني منه في المشهد الرضوي.
2- ذكرنا سابقاً أنّ في الروايات التي نقلها النوري في المستدرك عن اللباب روايات عن أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) لعلّها من إضافات القطب الراوندي.
3- في المطبوع من خاتمة المستدرك ( لبّ اللباب أو اللباب ).
4- 4 - انظر خاتمة المستدرك 1 : 181 ، الغدير 5 : 599 ، وهامش العلاّمة الطباطبائي على فهرست منتجب الدين : 89.

ويجوز أن يكون الراوندي لخّص ( اللباب ) وسمّاه ( لبّ اللباب ) أو ( اللبّ واللباب ) وأنّ الذي حصل عليه المحدّث النوري إنّما كان هذا المختصر ، وأمّا ( اللباب ) فهو ما فقد قديماً (1).

وقد جاء ذكر فصول الشيخ عبدالوهّاب الحنفي في كتاب النقض لعبد الجليل القزويني ( ألّفه بحدود 560 ه- ) (2).

أقول : إنّ ما قاله العلاّمة الطباطبائي أخيراً بعيد ، فقد نقلنا سابقاً عبارة النوري من أنّ المجلّد الثاني من الفصول يقرب من تمام اللباب فهو تقريباً نصف الفصول ، فإذا كان ما عثر عليه النوري هو تلخيص لللباب ، أيّ إنّه تلخيص التلخيص ، فإنّ اللباب أيّ التلخيص الأوّل سيكون قريباً من كلّ كتاب الفصول ، وهذا لا يسمّى تلخيصاً ، بل قد يسمّى تهذيباً ، فتأمّل!

وقد عرفت من كلام العلاّمة الطباطبائي أنّ الفصول تحتوي على خمسة وخمسين ومائة مجلس في تفسير الآيات ، وهو ما قاله النوري أيضاً ، حيث قال - بعد أن ذكر المجلّد الثاني من الفصول - : وهذا كتاب حسن كثير الفوائد مشتمل على مائة وخمسة وخمسين مجلساً في تفسير مثلها من الآيات على ترتيب القرآن (3).

ولكنّ العلاّمة الطهراني ظنّ أنّ هذه العبارة وصفاً أو اسماً آخر لكتاب اللباب ، فعنون في الذريعة ( لبّ اللباب مائة وخمسون مجلساً في أخبار المواعظ والأخلاق ) (4).

ص: 563


1- مجلّة تراثنا ( 38 - 39 ) : 283.
2- النقض ( فارسي ) : 265.
3- خاتمة المستدرك 1 : 181.
4- الذريعة 18 : 289.

وعلى كلّ فمؤلّف كتاب الفصول من أهل السنّة ، وهذا المورد لحديث الثقلين الذي نقله الراوندي في اللباب وعنه النوري في المستدرك أصله مرويّ في كتاب المؤلّف من أهل السنّة ، فلعلّنا نذكره أيضاً في القسم الخاصّ بروايات حديث الثقلين عن كتب أهل السنّة.

ص: 564

(71) كتاب : غنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع للسيّد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي ( ت 585 ه- )
الحديث :

قال في معرض ذكره للأدلّة الدالّة على إمامة الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) : ويدلّ - أيضاً - على ذلك ما اتّفق على صحّته من قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » (1).

السيّد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي :

قال ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) : حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي (2).

وذكره العلاّمة الحلّي ( ت 726 ه- ) في إيضاح الاشتباه ، وقال : حمزة ابن علي بن زهرة الحسيني - بضمّ الزاي - الحلبي ، قال السيّد السعيد صفيّ الدين بن معد الموسوي ( رحمه اللّه ) : له كتاب « قبس الأنوار في نصرة العترة الأخيار » ، وكتاب « غنية النزوع » (3).

ص: 565


1- غنية النزوع 2 : 213 ، الفصل الرابع.
2- معالم العلماء : 46 [ 303 ].
3- إيضاح الاشتباه : 168.

وذكره ابن إدريس الحلّي في باب المزارعة من كتاب المتاجر في كتابه السرائر في سياق معارضته له في بعض فتاويه (1).

وأورده الشهيد الأوّل في ضمن إجازته للسيّد شمس الدين (2) ، والشهيد الثاني في ضمن إجازته لوالد الشيخ البهائي (3).

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : السيّد عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي ، فاضل عالم ثقة جليل القدر ، له مصنّفات كثيرة منها : ... ، ثمّ بعد أن عدّ مصنّفاته ، قال : رواها عنه ابن أخيه السيّد محيي الدين محمّد وغيره ، ويروي عنه أيضاً شاذان بن جبرئيل ومحمّد بن إدريس وغيرهما (4).

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) : السيّد عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن أبي المحاسن زهرة بن أبي علي الحسن بن أبي المحاسن زهرة بن أبي المواهب علي بن أبي سالم محمّد بن أبي إبراهيم محمّد النقيب ابن علي بن أبي علي أحمد بن أبي جعفر محمّد بن أبي عبد اللّه الحسين بن أبي إبراهيم إسحاق المؤتمن ابن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق ( عليهما السلام ) ، الحسيني الحلبي ، وهذا الذي ذكرناه من نسبه هو الموجود في المواضع المعتبرة.

إلى أن قال : وبالجملة السيّد أبو المكارم المذكور من أكابر الفقهاء ، وقوله مذكور في كتب الفقه والأُصول ومعمول عليه عند الأصحاب ، ولم

ص: 566


1- السرائر 2 : 443 ، كتاب المتاجر ، باب المزارعة.
2- البحار 107 : 198.
3- البحار 108 : 158 ، وانظر : منتهى المقال 3 : 136 [ 1015 ].
4- أمل الآمل 2 : 105 [ 293 ] ، وانظر : لؤلؤة البحرين : 350 [ 119 ] ، تنقيح المقال 1 : 376.

يقدح فيه أحد من العلماء (1) ، ونقل من نظام الأقوال أنّه ولد سنة 511 ه- ، وتوفّي سنة 585 ه- (2).

وفي خاتمة المستدرك للنوري : السيّد عزّ الدين أبو المكارم حمزة ابن علي بن زهرة الحسيني الحلبي ، الفقيه الجليل المعروف صاحب الغنية وغيرها ، المتولّد في الشهر المبارك سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، المتوفّى سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، هو وأبوه وجدّه وابن أخيه من أكابر فقهائنا ، وبيتهم بيت جليل بحلب (3).

ونقل السيّد الأمين عن أعلام النبلاء ما مكتوب على قبره بسفح جبل جوش في حلب من نسبه وتأريخ وفاته ب- 585 ه- (4).

ثمّ إنّ الأفندي في الرياض ، قال : ثمّ من العجب أنّ السيّد ابن زهرة هذا مع شهرته وقرب عصره بالشيخ الطوسي وتأخّره عنه لم يذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسه أصلا ، مع أنّه ذكر الجماعة الذين يروون عن ابن زهرة كابن إدريس وأمثاله ، فتأمّل (5).

أقول : لعلّه المذكور في الفهرست بعنوان السيّد حمزة بن علي بن محمّد بن المحسن العلوي الحسيني ، صالح محدّث ، مع التصحيف في ( الحسن ) عن أبي المحاسن الذي هو كنية ( زهرة ) خاصّة وأنّ كلمة ( محمّد ) غير موجودة في بعض النسخ ، فلاحظ (6).

ص: 567


1- رياض العلماء 2 : 202 ، وانظر : روضات الجنّات 2 : 374 [ 225 ].
2- رياض العلماء 2 : 206.
3- خاتمة المستدرك 3 : 8 ، الفائدة الثالثة ، وانظر : الكنى والألقاب 1 : 299 ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 87.
4- أعيان الشيعة 6 : 249.
5- رياض العلماء 2 : 205.
6- فهرست منتجب الدين : 47 [ 82 ].
كتاب غنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع :

نسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في المعالم ، وقال : وغنية النزوع حسن (1) ، والعلاّمة الحلّي ( ت 726 ه- ) في إيضاح الاشتباه (2) ، وهو وارد في إجازات علمائنا الأبرار كإجازات الشهيدين الأوّل والثاني ، كما أشرنا إليها سابقاً.

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) أحد مصادر كتابه البحار (3) ، وقال في توثيقه : وكتاب الغنية مؤلّفه غنيّ عن الإطراء ، وهو من الفقهاء الأجلاّء ، وكتبه معتبرة مشهورة لا سيّما هذا الكتاب (4).

وذكر الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) أنّ عنده نسخة من أُصول الغنية ، وفي موضع آخر ، قال : وقد رأيت نسخة عتيقة من كتاب الغنية في خطّه آثار مقروة بعض المشائخ (5).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : غنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع ، للسيّد عزّ الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة ، إلى أن قال : نسخة منه في ( سپهسالار ) ، وعند ميرزا فضل اللّه شيخ الإسلام الزنجاني ، عليها إجازة تلميذ المصنّف ، وهو الشيخ معين الدين سالم بن بدران بن علي المازني المصري ، كتب الإجازة في 629 للمحقّق الخواجة نصير الدين الطوسي ، وصرّح في الإجازة بأنّه يروي الكتاب عن مصنّفه ، وعلى النسخة خطّ المحقّق الطوسي أيضاً (6).

ص: 568


1- معالم العلماء : 46 [ 303 ].
2- إيضاح الاشتباه : 168 [ 243 ].
3- البحار 1 : 21.
4- البحار 1 : 40.
5- رياض العلماء 2 : 204 ، 208.
6- الذريعة 16 : 69 [ 346 ] ، وانظر : فهرس التراث 1 : 597.
(72) كتاب : الأربعين في فضائل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لمحمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس ( كان حيّاً سنة 586 ه- )
الحديث :

وقال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فهما خليفتاي بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر ، سبب موصول من السماء إلى الأرض ، فإن استمسكتم بهما لن تضلّوا ، فإنّها لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة ، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتذهبوا ، فإنّ مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ، ومثلهم فيكم كمثل باب حطّة ... » (1).

محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس

وكتابه الأربعين :

ذكره السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في اليقين عندما أورد عدّة روايات من أربعينه ، وقال : فيما نذكره من رواياتهم (2) في كتاب الأربعين ،

ص: 569


1- عبقات الأنوار 1 : 418 ، القسم الخاصّ بحديث الثقلين ، وانظر : نفحات الأزهار 1 : 374. ونقلنا هذا المورد عن كتاب عبقات الأنوار للمير حامد حسين الموسوي ، فقد كان عنده نسخة مخطوطة من كتاب الأربعين نقل منها حديث الثقلين.
2- أيّ أهل السنّة.

وأصله في الخزانة النظاميّة العتيقة (1) ، وعليه ما هذا لفظه : « جمعها الشيخ العالم الصالح أبو عبد اللّه محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي » ورواها عن الرجال الثقات ... (2).

وأورد عنه (13) رواية (3) ، لقّبه في بعضها ب- : منتجب الدين محمّد ابن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي (4).

وجاء في بداية بعضها : حدّثنا الإمام الزاهد العالم الملقّب منتجب الدين كمال العلماء أبو جعفر محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ... (5).

وجاء في آخريات أنّه حدّث في سنة 581 ه- في داره بدرب البصريين (6) ، وسنة 586 ه- بماردين في جامعها (7) ، ويظهر من هذه الروايات أنّها كلّها في فضائل وكرامات أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

وروى عنه الشيخ شاذان بن جبريل القمّي ( ت 660 ه- ) أوّل فضائله رواية تحوي كرامة من كرامات أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأظنّ أنّها من ضمن أربعينه ، للقرينة السابقة ، قال : حدّثني الشيخ محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الدارمي (8).

وهو أيضاً من شيوخ الإجازة لشاذان بن جبريل القمّي ، فقد جاء في إجازة لبعض تلامذة الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلّي ونظرائه

ص: 570


1- بخصوص الخزانة النظاميّة العتيقة ، انظر كتابخانه ابن طاووس لأتان گلبرك : 192.
2- اليقين : 252 ، الباب : 87 ، ومثله في : 258 ، الباب : 89 ، 260 الباب : 90.
3- اليقين : 252 - 270 و 394 - 404.
4- اليقين : 268 ، الباب : 93 ، 270 ، الباب : 94.
5- اليقين : 394 ، الباب : 143.
6- اليقين : 268 ، الباب 93 ، و 394 ، الباب : 143 ، و 398 ، الباب : 144.
7- اليقين : 404 ، الباب : 147.
8- الفضائل : 2.

نقلها في البحار ، وقال : والظاهر أنّها من السيّد محمّد بن الحسين بن محمّد بن أبي الرضا العلوي للسيّد شمس الدين محمّد ابن السيّد جمال الدين أحمد بن أبي المعالي أُستاد الشهيد ( قدس سره ) ، جاء فيها : وأجزت له رواية الأربعين في ذكر المهدي من آل محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) تأليف أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد العطّار الهمداني ، عن نجيب الدين ... ، وأخبرني به إجازة الفقيه سديد الدين أبو الفضل شاذان بن جبريل القمّي ، عن الشيخ محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ، عن المصنّف أبي العلاء الهمداني (1).

ولكنّ العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) ذكر اسمه في الروايات التي نقلها من اليقين لابن طاووس ، هكذا : محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس (2) ، بل ظنّه يروي عن محمّد بن أبي مسلم الرازي ، وجعلها اثنين ، قال : ( شف ) : من كتاب الأربعين لمحمّد بن أبي الفوارس ، عن محمّد بن أبي مسلم الرازي يرفعه ... (3).

وجاء في استدراك بعض تلامذة العلاّمة المجلسي لبعض المصادر غير المذكورة في البحار : كه : الأربعين لمحمّد بن أبي الفوارس ، وينقل عنه في كشف الغمّة ، والسيّد علي بن طاوس في كتاب اليقين (4) ، وعاد إلى ذكره مرّة أُخرى ب- : لط : الأربعين في المناقب لمحمّد بن مسلم بن أبي الفوارس (5).

ص: 571


1- البحار 107 : 152 ، 169.
2- البحار 39 : 168 ح 9 ، و 41 : 232 ح 5 ، و 41 : 257 ح 18 ، قال : شف : من كتاب الأربعين لمحمّد بن مسلم بن أبي الفوارس ، والرمز ( شف ) يشير إلى كتاب اليقين لابن طاووس.
3- البحار 37 : 308 ح 38.
4- البحار 107 : 69.
5- البحار 107 : 73.

وكذا فعل العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة ، قال : الأربعون حديثاً في المناقب لأبي الفوارس محمّد بن مسلم ، كما ينقل عنه علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة ، والسيّد رضيّ الدين علي بن طاووس في كتاب اليقين ، ثمّ أورد كلام ابن طاووس المتقدّم بخصوص وجود النسخة في المكتبة النظاميّة ببغداد (1).

وعدّه اثنين في الثقات العيون في سادس القرون ، حيث ترجم له مرّة ب- : محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ، الشيخ منتجب الدين أبو جعفر من مشايخ الشيخ أبي عبد اللّه محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس الآتي صاحب كتاب ( الأربعين ) ، ثمّ أورد ما ذكره ابن طاووس بشأن النسخة ، وما جاء في أوائل بعض الروايات ب- : حدّثني الشيخ الأجلّ الإمام العالم منتجب الدين ، مرشد الإسلام كمال العلماء ، أبو جعفر محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ... ، أورد ذلك من عدّة روايات أشرنا إليها سابقاً (2).

ومرّة ب- : محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي ، صاحب كتاب الأربعين الذي وجدّه ابن طاووس في الخزانة النظاميّة العتيقة ببغداد ، مكتوب عليه أنّه من جمع الشيخ الصالح أبي عبد اللّه محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي ، ونقل عنه في كتاب اليقين عدّة أحاديث ، ويظهر من أسانيده أنّه يروي عن جمع من العلماء الثقات الأعلام : ... ، ومنهم الشيخ الإمام منتجب الدين أبو جعفر محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ( رحمه اللّه ) (3).

وقد عرفت ممّا نقلناه عن كتاب اليقين لابن طاووس والذي طبع محقّقاً على عدّة نسخ ، ومن الفضائل لشاذان بن جبريل ، ومن الإجازة

ص: 572


1- الذريعة 1 : 427 [ 2184 ].
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 242.
3- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 288.

المذكورة في البحار ، أنّ اسم مؤلّف كتاب الأربعين هو محمّد بن أبي مسلم ابن أبي الفوارس الرازي - على الأصحّ - أو الدارمي.

ولقبه منتجب الدين ، وكنيته على ظهر الكتاب أبو عبد اللّه ، وفي أوائل أسانيد الروايات أبو جعفر ، وأنّه متّحد مع ما جاء في أوائل بعض الروايات من تحديثه أو إملائه أو قوله ، قال ابن طاووس في أوّل بعض روايات الأربعين : فيما نذكره من كتاب ( الأربعين ) رواية الملقّب بمنتجب الدين محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ، الذي ذكرناه برجالهم من كلام الجمل لمولانا علي بأمير المؤمنين وخير الوصيّين ، فقال ما هذا لفظه :

حدّثني الشيخ الأجلّ الإمام العالم منتجب الدين ، مرشد الإسلام كمال العلماء ، أبو جعفر محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي ( رحمه اللّه ) بمدينة السلام ... (1).

وما وقع به العلاّمة المجلسي والعلاّمة الطهراني جاء من تصحيف اسمه في نسخ اليقين ; إذ لم يريا أصل كتاب الأربعين فاعتبراه شخصين ، وتأثّراً من الطهراني بكلام المجلسي حتّى أنّه قال : ويظهر من بعض أسانيده المنقول في كتاب ( اليقين - الباب 88 ) أنّ صاحب ( الأربعين ) يروي عن الخجندي بلا واسطة صاحب الترجمة أيضاً (2) ، لكنّ المظنون من اتّحاد خصوصيّات السند والمتن أنّ سقوط الواسطة من سهو الناسخ ، وأنّ الصحيح ما في الباب 143 من ( اليقين ) وهو الحديث الأربعين كما ذكرته (3) (4).

ص: 573


1- اليقين : 268 ، الباب 93.
2- يريد الذي ترجمه أوّلا باسم : محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس ، والذي أوردناه آنفاً.
3- أيّ كما ذكره قبل عدّة أسطر مع الواسطة الذي اعتبره : محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس.
4- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 243.

واعاد مثله في الترجمة الثانية أيضاً (1).

ولكن ما قاله لو يؤخذ دليلا على الاتحاد لكان أنسب ، وأنّ سهو النساخ طال اسم مؤلّف الكتاب لا الواسطة بينه وبين الخجندي.

قد علّق على كلام العلاّمة الطهراني ولده ( علي منزوي ) ، بقوله : هذا نظر الوالد المؤلّف ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ الظاهر من بعض الأسانيد أنّ ( الأربعين ) هو من إملاء محمّد بن مسلم ، وليس من تأليفه ، وقد جمعها أحد تلاميذه فذكر في صدر بعض أسانيده اسم الشيخ المملي وتاريخ الإملاء ومحلّه ، وترك ذلك في البعض الآخر ، أو حذفها النسّاخ ، وأنّ الاختلاف في الكنية جاء أيضاً منهم ، فالمترجم له هو محمّد بن مسلم الرازي صاحب الأربعين نفسه (2). وقال مثله في الترجمة الأُخرى (3).

ولكنّك قد عرفت من كتاب اليقين أنّ اسم المؤلّف محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس.

ومن هذا ظهر لك ما في الذريعة من جعله ( أبي الفوارس ) لقباً أو كنية لمؤلّف الكتاب وليس جدّاً له أو جدّه الأعلى ، وكذا ما في البحار من تعدّد الأسماء والتغيير بينها.

وأمّا أنّ صاحب كشف الغمّة قد نقل عن كتاب الأربعين فلم أجد له أيّ أثر ، والظاهر أنّ العلاّمة الطهراني تبع في ذلك ما أورده بعض تلامذة المجلسي في آخر البحار ، كما نقلنا لك نصوص أقوالهما.

ص: 574


1- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 289.
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 243.
3- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 289.

ووصلت نسخة من الكتاب إلى المير حامد حسين صاحب العبقات ، قال : حصلت عليه بعد جهد بذله بعض العلماء الأعلام أدامهم اللّه المنعام (1).

وقال محقّقا كتاب اليقين محمّد باقر الأنصاري ومحمّد صادق الأنصاري في الهامش تعليقاً على ذكر ابن طاووس لكتاب الأربعين : وتوجد منه مخطوطة في مكتبة استان قدس بمشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بخراسان ، الرقم 8443 ، سقط من وسطه ورقات من الحديث 18 وإلى 29 ، تاريخ كتابتها 26 جمادي الأُولى سنة 1349 ه-. ق ، ناسخه : محمّد حسين بن زين العابدين الأرموي ، كتبه بالنجف الأشرف ، وقد استنسخه عن نسخة تاريخ كتابتها أوّل المحرّم سنة 947 ه-. ق ، وأشار في الهامش إلى أنّ تلك النسخة - أيضاً - كانت ناقصة (2).

وذكر السيّد محمّد حسين الجلالي في فهرست التراث أنّ الشيخ محمّد الهمداني استنسخه في شوّال سنة 1373 ه- ، وقال في آخره : هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه النسخة منها ، وكانت نسخة عتيقة إلاّ أنّها لا تخلو من سقط وتصحيف (3).

ويبقى الكلام في مذهب المؤلّف :

فقد عدّه صاحب العبقات من أهل السنّة ، إذ نقل روايته لحديث الثقلين والسفينة في كتابه الذي التزم فيه بالنقل عن كتب أهل السنّة ، قال في أوّل الجزء الخاصّ بحديث الثقلين - ما معناه - : وأمّا منهجنا في إثبات

ص: 575


1- عبقات الأنوار 1 : 418 ، القسم الخاصّ بحديث الثقلين ، وانظر نفحات الأزهار 1 : 107.
2- اليقين : 252 ، الباب 87 ، الهامش (1).
3- فهرست التراث 1 : 594.

الحديث فيكون أوّلا بذكر أسماء جماعة من أساطين العلماء والمعتمدين عند أهل السنّة ، الذين ذكروا هذا الحديث في كتبهم ، ثمّ نذكر ألفاظ روايتهم بنصوصها (1).

وقال الميرزا النوري في مستدرك الوسائل - بعد أن نقل رواية من أربعينه (2) - : هو من العامّة إلاّ أنّه السند كلّه من الخاصّة (3).

وربّما اعتمد في ذلك على مبنى ابن طاووس في كتابه اليقين ، حيث قال في مقدّمته : وسوف نذكر ما رويته ورأيته في كتب الرواة والمصنّفين والعلماء الماضين برجال المخالفين الذين لا يتّهمون فيما يروونه وينقلونه ... (4).

وقال : واعلم أنّا نذكر في كتابنا هذا تسمية اللّه جلّ جلاله مولانا علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) أمير المؤمنين ، فيما رويناه عن رجالهم وشيوخهم وعلمائهم ومن كتبهم وتصانيفهم ، وإن اتّفق أنّ بعض من نروي عنه أو كتاب ننقل منه يكون منسوباً إلى الشيعة الإماميّة ، فيكون بعض رجال الحديث الذي نرويه من رجال العامّة (5).

فلمّا وجد الميرزا النوري أنّ رجال السند كلّهم من الخاصّة لم يبق له إلاّ نسبة المؤلّف إلى العامّة حتّى لا تختلّ القاعدة التي التزمها ابن طاووس على نفسه في كتابه.

ص: 576


1- عبقات الأنوار 1 : 8 ، القسم الخاصّ بحديث الثقلين ، وانظر : نفحات الأزهار 1 : 196.
2- الظاهر أنّه نقلها من البحار عن اليقين لابن طاووس عن الأربعين ، لا من الأربعين مباشرة ، وذلك لتشابه أوّل سند مع ما في البحار.
3- مستدرك الوسائل 10 : 254 ح 49 ، الهامش (1) ، وجاء بعد العبارة المذكورة ( منه قده ).
4- اليقين : 90 ، مقدّمة المؤلّف.
5- اليقين : 126.

ولكن ابن طاووس يقول في نفس هذا الحديث الذي نقله النوري - بعد أن ذكر وجدانه للأربعين في النظاميّة العتيقة ببغداد - : وهو الحديث الثاني عشر من الأصل ، وفيه رجال المخالفين ، نكتبه بألفاظه ، ثمّ أورد الحديث بنفس السند الذي في مستدرك الوسائل (1).

فهو يعتقد أنّ في السند رجال المخالفين ، فلا يختلّ ما التزمه على نفسه في أوّل الكتاب لو كان صاحب الأربعين محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس من الشيعة ، إذ قال في عبارته الآنفة : ( وإن اتّفق بعض من نروي عنه أو كتاب ننقل منه يكون منسوباً إلى الشيعة الإماميّة ، فيكون بعض رجال الحديث الذي نرويه من رجال العامّة ) ، كما فعل ذلك عندما نقل من كتاب ( مولد مولانا علي ( عليه السلام ) بالبيت ) للصدوق و ( الدلائل ) للطبري الإمامي ، و ( المائة حديث ) لابن شاذان ، وغيرها.

وبالتالي لانستطيع أن نحدّد مذهب المؤلّف من خلال ما نقله ابن طاووس عنه ، ومنه يظهر ما في قول أتان گلبرگ في كتابه كتابخانه ابن طاووس : إذا جعلنا أقوال ابن طاووس مبناً ( قاعدة ) فلا بدّ من القول : إنّ المؤلّف كان من الشيعة (2) ، فإنّ ما ذكره ابن طاووس في أوّل كتابه ينطبق على الاحتمالين ، إلاّ إذا كان نظر أتان گلبرگ إلى ما أشرنا إليه قبل قليل.

ونحن نميل إلى أنّه كان من الشيعة ; لما نقلناه سابقاً من كونه أحد شيوخ الإجازة لشاذان بن جبريل لكتاب في ذكر المهدي من آل محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) كما جاء في أواخر البحار (3).

ص: 577


1- اليقين : 258 ، الباب : 89 ، وقال - أيضاً - في الباب ( 92 ) الصفحة 296 : واعلم أنّ هذا لو كان برجال الشيعة ما نقلته ، وأيضاً في الباب ( 93 ) الصفحة 268 : فيما نذكره من كتاب الأربعين رواية الملقّب بمنتجب الدين محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي الذي ذكرناه برجالهم.
2- كتابخانه ابن طاووس : 192 [ 41 ].
3- البحار 107 : 169.

وأيضاً من شيوخ الرواية له كما روى عنه في أوّل الفضائل (1) ، ولما ذكره العلاّمة الطهراني في الثقات العيون في سادس القرون ، قال : ويظهر من أسانيده أنّه يروي عن جمع من العلماء الثقات الأعلام ، وعدّ منهم : السيّد زين الدين بن علي ابن الإمام ضياء الدين ابن فضل اللّه الراوندي ، وأبو الفتوح علي بن أحمد البغدادي ، والشيخ جمال الدين علي بن الحسين الطوسي ، والإمام صدر الدين أبو بكر محمّد بن عبد اللطيف الخجندي ، والإمام زكي الدين بن أحمد بن محمّد بن محمود ، والسعيد نجيب الدين أبو المكارم سعد بن أبي طالب الرازي ابن أخي عبد الجليل ابن عيسى بن عبد الوهّاب الرازي (2).

وقال في الذريعة : ويظهر ممّا نقل عنه أنّ المؤلّف يروي عنه جملة من مشايخ أصحابنا منهم : الإمام عزّ الدين علي ابن الإمام ضياء الدين فضل اللّه الراوندي ، فراجعه (3).

ومن راجع الروايات المنقولة في اليقين عن أربعينه لا يرتاب في أنّ مثل هذه الروايات لا يقدم على جمعها في أربعين أحد من رجال المخالفين ، وعليه فقد ترجمه الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة وفي طبقات أعلام الشيعة.

ص: 578


1- الفضائل : 2.
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 288.
3- الذريعة 1 : 427 [ 2184 ].
(73) كتاب : مناقب آل أبي طالب لأبي جعفر رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر آشوب ( ت 588 ه- )
الحديث :

الأوّل : قال : ووجدت جماعة يأوّلون الأخبار المجمع عليها ، نحو : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ) ، و « أنت منّي بمنزلة هرون من موسى » ، و « إنّي تارك فيكم الثقلين » (1).

الثاني : ولمّا مرض النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) مرضه الذي توفّي فيه وذلك يوم السبت أو يوم الأحد من صفر ، أخذ بيد علي ( عليه السلام ) وتبعه جماعة من أصحابه وتوجّه إلى البقيع ، ثمّ قال : ... ، ثمّ خرج يوم الأربعاء معصوب الرأس متّكئاً على عليّ ( عليه السلام ) بيده اليمنى وعلى الفضل باليد الأُخرى ، فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : ...

فلمّا كان يوم الجمعة صعد المنبر فخطب ، ثمّ قال : ... ، وقال ( عليه السلام ) : « لم يمت نبيّ قطّ إلاّ خلّف تركة ، وقد خلّفت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » ، ثمّ دخل بيت أُمّ سلمة قائلا : « ربِّ سَلِّم أُمّةَ محمّد من النار ويسّر عليهم الحساب » (2).

ص: 579


1- مناقب آل أبي طالب 1 : 3 ، مقدّمة الكتاب.
2- 2 - مناقب آل أبي طالب 1 : 234 ، فصل في وفاته ( عليه السلام ) ، وعنه غاية المرام 2 : 354 ح 49، الباب 29.

وهذا الحديث لم يذكر سنده كما هو دأبه في كلّ الأخبار ، وقد قال قبله : قال السدي وابن عبّاس ، وذكر في مقدّمة الكتاب - أيضاً - أنّ أسانيده إلى التفاسير ذكرها في كتاب الأسباب والنزول.

الثالث : في استدلاله على العصمة ، قال : قوله ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ... » الخبر ، يقتضي عصمة المذكورين ... (1).

الرابع : أبو القاسم الكوفي ، قال : روي في قوله ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) ، إنّ ( الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) من قرنهم الرسول ( صلى اللّه عليه وآله ) بالكتاب ، وأخبر أنّهما لن يفترقا حتّى يردا الحوض (2).

وقال ابن شهر آشوب في مقدّمة الكتاب : فأمّا أسانيد أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، حدَّثنا بذلك أبو الفضل الداعي ابن علي الحسيني السروي ، وأبو الرضا فضل اللّه بن علي الحسيني القاشاني ، وعبد الجليل بن عيسى بن عبد الوهّاب الرازي ، وأبو الفتوح الحسين بن علي بن محمّد الرازي ، ومحمّد وعلي ابنا علي بن عبد الصمد النيسابوري ، ومحمّد بن الحسن الشوهاني ، وأبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، وأبو جعفر محمّد بن علي بن الحسن الحلبي ، ومسعود بن علي الصوابي ، والحسين بن أحمد بن طحال المقدادي ، وعلي بن شهر آشوب السروي والدي ، كلّهم عن الشيخين المفيدين أبي علي الحسن بن محمّد ابن الحسن الطوسي وأبي الوفا عبد الجبّار بن علي المقري الرازي ، عنه ، وحدَّثنا - أيضاً - المنتهى بن أبي زيد بن كبايكي الحسيني الجرجاني ، ومحمّد بن الحسن الفتّال النيسابوري ، وجدّي شهر آشوب ، عنه أيضاً ،

ص: 580


1- مناقب آل أبي طالب 1 : 249 ، باب الإمامة ، العصمة.
2- مناقب آل أبي طالب 1 : 285 ، في الآيات المنزلة فيهم ، وعنه في البحار 23 : 204 ح 53.

سماعاً وقراءة ومناولة وإجازة بأكثر كتبه ورواياته.

الخامس : وفي أخبار أهل البيت ( عليهم السلام ) : أنّه (1) آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلاّ للصلاة حتّى يؤلّف القرآن ويجمعه ، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه ، ثمّ خرج إليهم به في إزار يحمله ، وهم مجتمعون في المسجد ، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع أُلبته ، فقالوا : الأمر ما جاء به أبو الحسن ، فلمّا توسّطهم وضع الكتاب بينهم ، ثمّ قال : إنّ رسول اللّه قال : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » ، وهذا الكتاب وأنا العترة ، فقام إليه الثاني ، فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله ، فلا حاجة لنا فيكما ، فحمل ( عليه السلام ) الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجّة (2).

وقد مضى مثله عن إثبات الوصيّة للمسعودي ، فراجع (3).

السادس : وفي القرآن ( سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) ، وله - أي لعلي ( عليه السلام ) - « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، الخبر (4).

السابع : سلّم يعقوب إليهم يوسف بالأمانة ( إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ ) ، والمصطفى ( صلى اللّه عليه وآله ) ، قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين » (5).

الثامن : ما رواه موسى بن عقبة ، أنّه أمر معاوية الحسين أن يخطب ، فصعد المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبيّ ، فسمع رجل

ص: 581


1- أي علي ( عليه السلام ).
2- مناقب آل أبي طالب 2 : 41 ، فصل : في المسابقة بالعلم ، وعنه في البحار 40 : 155 ، و 92 : 52 ح 18.
3- انظر ما ذكرناه عن إثبات الوصيّة.
4- مناقب آل أبي طالب 3 : 240 ، فصل في إضافة اللّه تعالى علياً إلى نفسه ، وعنه في البحار 39 : 44 ح 15.
5- مناقب آل أبي طالب 3 : 246 ، فصل مساواته ( عليه السلام ) يعقوب ويوسف ( عليهما السلام ) ، وعنه في البحار 39 : 56.

يقول : من هذا الذي يخطب؟

فقال ( عليه السلام ) : « نحن حزب اللّه الغالبون ، وعترة رسول اللّه الأقربون ، وأهل بيته الطيّبون ، وأحد الثقلين الذين جعلنا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ثاني كتاب اللّه تعالى فيه تفصيل كلّ شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمعوّل علينا في تفسيره ، لا يبطينا تأويله ، بل نتّبع حقايقه ، فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة اللّه مقرونة ، قال اللّه تعالى ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، وقال ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ ) ... » (1).

وقد مرّ ذكره عن الطبرسي في احتجاجه (2) ، ولكن نبّهنا هناك على أنّ المفيد ( رحمه اللّه ) وتبعه الطوسي وعماد الدين الطبري ، قد رووه مسنداً عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) وهو الأقرب ، فراجع (3).

وقد ذكر ابن شهر آشوب في مقدّمته عند ذكر أسانيده إلى الكتب أنّه وجد كتاب الاحتجاج بخطّ أبي طالب الطبرسي (4).

رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني :

ترجم نفسه في معالمه ، قائلا : محمّد بن علي بن شهر آشوب ، مصنّف هذا الكتاب ، ثمّ ذكر عدّة من مصنّفاته (5).

وقال السيّد مصطفى التفرشي ( القرن الحادي عشر ) : محمّد بن علي

ص: 582


1- مناقب آل أبي طالب 4 : 67 ، وعنه في البحار 44 : 205 ح 1.
2- الاحتجاج 2 : 94 [ 195 ] ، وانظر ما أوردناه عن الاحتجاج ، الحديث السابع.
3- راجع ما ذكرناه في أمالي المفيد ، الحديث الثالث ، وأمالي الطوسي ، الحديث الأوّل ، وبشارة المصطفى ، الحديث الرابع.
4- مناقب آل أبي طالب 1 : 12 ، المقدّمة.
5- معالم العلماء : 119 [ 791 ].

ابن شهر آشوب المازندراني رشيد الدين ، شيخ في هذه الطائفة وفقيهها ، وكان شاعراً بليغاً منشئاً (1).

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : كان عالماً فاضلا ثقة محدّثاً محقّقاً عارفاً بالرجال والأخبار أديباً شاعراً جامعاً للمحاسن (2).

وفي الوجيزة للمجلسي ( ت 1111 ه- ) : عظيم الشأن معروف (3) ، وفي الرياض : أقول : كان معاصراً للشيخ منتجب الدين صاحب الفهرس ، والسيّد ابن زهرة أبي المكارم صاحب الغنية ، وأحمد الغزالي والزمخشري (4).

ونقل العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة أنّه كُتب في آخر الجزء السادس من كتاب ( المناقب ) لابن شهر آشوب من نسخة بخطّ أبي القاسم بن إسماعيل بن عنان الكتبي الورّاق الحلّي التي فرغ من كتابتها أواخر رجب 658 ه- ، أنّ المصنّف توفّي ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان سنة 588 ه- ، ودفن بمدينة حلب بسفح جبل جوشن بالقرب من مشهد الحسين ( عليه السلام ) (5).

ونقل الشيخ النوري ( ت 1320 ه- ) في خاتمة المستدرك عن عبقات

ص: 583


1- نقد الرجال 4 : 276 [ 4931 ] ، وانظر : جامع الرواة 2 : 155 ، منتهى المقال 6 : 124 [ 2768 ].
2- أمل الآمل 2 : 285 [ 851 ] ، وانظر : لؤلؤة البحرين : 340 [ 113 ].
3- الوجيزة : 309 [ 1730 ].
4- رياض العلماء 5 : 124.
5- الذريعة 22 : 318 [ 7264 ] ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 273 ، و ( القرن السابع ) : 134 ، روضات الجنّات 6 : 290 [ 585 ] ، خاتمة المستدرك 3 : 56.

الأنوار للمير حامد حسين ، عن الفيروزآبادي في محكي بلغته أنّه عاش مائة سنة إلاّ عشرة أشهر (1).

كتاب مناقب آل أبي طالب :

قال المصنّف في أوّل الكتاب : قال محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني : لمّا رأيت كفر العداة والشراة بأمير المؤمنين ، ووجدت الشيعة والسنّة فيه مختلفين ، إلى أن قال : وأُظهر ما كتموا ، وأجمع ما فرّقوا ، وأذكر ما أجمعوا عليه واختلفوا فيه على ما أدّته الرواية ، وأُشير إلى ما رواه الخاصّة ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُف هَار فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) ، فاستصوبت من عيون كتب العامّة والخاصّة معاً ... ، ثمّ قال : فوفّقت في جمع هذا الكتاب ، ثمّ ذكر طرقه - كما سيأتي - وقال بعدها : وسمّيته ب- ( مناقب آل أبي طالب ) (2).

وعدّه في ضمن كتبه عندما ترجم لنفسه في المعالم (3) ، وأجاز روايته مع كتبه الأُخرى للشيخ جمال الدين أبي الحسن علي بن شعرة الحلّي الجامعاني ، جاء في آخرها : كتب ذلك محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني ، بخطّه في منتصف جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة (4).

ونسبه إليه أغلب من ترجمه ، فهذا الكتاب وكتابه الآخر معالم العلماء من أشهر كتبه.

ص: 584


1- خاتمة المستدرك 3 : 59 ، وانظر : الكنى والألقاب 1 : 333.
2- مناقب آل أبي طالب : مقدّمة المؤلّف.
3- معالم العلماء : 119 [ 791 ].
4- روضات الجنّات 6 : 292.

ثمّ إنّ الحرّ العاملي جعله من مصادر كتابه إثبات الهداة (1) ، وأورد اسم المصنّف في ضمن طرق إجازاته إلى مصنّفات الأصحاب في خاتمة الوسائل (2) ، وأدخله المجلسي في مصادر البحار (3) ، وقال في توثيقه : وكتابا المناقب والمعالم من الكتب المعتبرة ، قد ذكرهما أصحاب الإجازات ومؤلّفهما أشهر في الفضل والثقة والجلالة من أن يخفى حاله على أحد (4) ، وهو أيضاً من مصادر تفسير البرهان للبحراني (5).

وذكر العلاّمة النوري ( رحمه اللّه ) أنّ المناقب الموجود ناقص ، قال : وليعلم أنّ الموجود من المناقب في أحوال الأئمّة ( عليهم السلام ) إلى العسكري ( عليه السلام ) ، ولم نعثر على أحوال الحجّة ( عج ) منه ، ولا نقله من تقدّمنا من سدنة الأخبار كالمجلسي والشيخ الحرّ وأمثالهما ، وربّما يتوهّم أنّه لم يوفّق لذكر أحواله ( عليه السلام ) ، إلاّ أنّه قال في معالم العلماء في ترجمة المفيد ( رحمه اللّه ) : إنّه لقّبه به صاحب الزمان ( عليه السلام ) ، قال : وقد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب (6) ، والظاهر أنّه كتبه في جملة أحواله ( عليه السلام ) ، فهذا الباب سقط من هذا الكتاب ، واللّه العالم (7).

مع أنّ النسخة التي رآها صاحب الذريعة مكتوبة سنة 777 ه- كتبت على نسخة تاريخها 658 ه- بخطّ أبي القاسم بن إسماعيل بن عنان الكتبي الورّاق الحلّي (8).

ص: 585


1- إثبات الهداة 1 : 29.
2- خاتمة الوسائل 30 : 177 ، الطريق المتمّم للعشرين.
3- البحار 1 : 9.
4- البحار 1 : 29.
5- البرهان 1 : 31.
6- معالم العلماء : 113.
7- خاتمة المستدرك 3 : 58.
8- الذريعة 22 : 319 [ 7264 ].

وقد يحتمل أنّ المناقب الموجود هو مختصر من مناقب ابن شهر آشوب ، اختصره أبو عبد اللّه الحسين بن جبير تلميذ نجيب الدين علي ابن فرج الذي كان تلميذ ابن شهر آشوب ، احتمله العلاّمة النوري في خاتمة المستدرك (1).

وقد ذكر هذا المختصر زين الدين علي بن يوسف بن جبير ( القرن السابع ) في كتابه ( نهج الإيمان ) ، ونسبه إلى جدّه أبي عبد اللّه الحسين بن جبير باسم ( نخب المناقب لآل أبي طالب ) ونقل منه في عدّة مواضع من كتابه ( نهج الإيمان ) ، وبعض الفقرات من خطبته.

قال - بعد أن نقل عدّة روايات من نخب جدّه - : إلى هنا روى جدّي ( رحمه اللّه ) في نخبه على طريق الاختصار ، وأومأ إلى ما ذكره الرجال إيماء ، والموجب لذلك أنّه اختصر كتاب الشيخ السعيد الفقيه عزّ الدين أبي جعفر محمّد بن شهر آشوب المازندراني السروي ( رحمه اللّه ) ، وهو كتاب كبير بسيط سمعت بعض الأصحاب ، يقول : وزنت منه جزءاً واحداً كان وزنه تسعة أرطال ، وقال جدّي ( رحمه اللّه ) في خطبة ( نخب المناقب ) : وفكّرت ... (2).

وذكره العلاّمة البيّاضي ( ت 877 ه- ) في أوّل الصراط المستقيم ، وذكر بعض فقرات خطبة كتاب ( النخب ) ، وكأنّه أخذه من ( نهج الإيمان ) ، حيث نسب الفقرة التي ذكرناها آنفاً الظاهرة في أنّها من كلام صاحب ( النهج ) إلى جدّه صاحب ( النخب ) (3) ، ونقلها عنه العلاّمة النوري في خاتمة مستدركه (4) متوهّماً ذلك أيضاً ، مع أنّ خطبة كتاب ( نخب المناقب )

ص: 586


1- خاتمة المستدرك 3 : 57.
2- نهج الإيمان : 467 ، الفصل : 26.
3- الصراط المستقيم 1 : 11.
4- خاتمة المستدرك 3 : 57.

موجودة في الذريعة وليس فيها هذا النقل لمقدار وزن جزء من كتاب المناقب ، ومن البعيد أن ينقل ما سمعه عن غيره ، ولا ينقل ما علمه من حجم الكتاب ، مع أنّه قرأه على شيخه نجيب الدين أبي الحسين علي بن فرج ، عن ابن شهر آشوب (1) ، فهو لا يحتاج إلى نقل ما سمع بعد أن رأى.

واحتمال الاتحاد غير صحيح ; فإنّ خطبة الكتابين مختلفة ، وقد صرّح مؤلّف النخب باسم الكتاب في أوّله ، ويوجد - أيضاً - في آخر النسخة منه تصريح باسمه وتاريخ نسخها ، ولا يوجد منها أثر في نسخة المناقب التي رآها صاحب الذريعة والمشار إليها آنفاً ، ولذا قطع العلاّمة الطهراني بإثنينيّتهما ، قال في الذريعة - بعد أن أشار إلى كلام البياضي - : لكن يأتي أنّ ( النخب ) غير هذا الموجود المطبوع ، وهو أيضاً موجود ، ولا بُعد في أن يكتب بقلم جلي على ورق غليظ جدّاً في جلد ثقيل يكون بالوزن المذكور (2).

وقال أيضاً بعد أن عنون ( للنخب ) : ومرّ في ( المناقب ) توهّم أنّ الموجود منه هو ( النخب ) دون أصله ، وقد ظهر أنّهما موجودان (3).

كتاب المناقب وأسانيد رواياته :

اكتفى المؤلّف أبو جعفر رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر آشوب في كتابه هذا بذكر صاحب الكتاب الذي روى عنه الرواية في أوّلها ، مقتصراً في ذلك عن إيراد سندها بالكامل ، حيث قال في مقدّمته :

ص: 587


1- الذريعة 24 : 88 [ 462 ].
2- الذريعة 22 : 318 [ 7264 ].
3- الذريعة 24 : 88 [ 462 ].

وقد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار على متون الأخبار ، وعدلت عن الإطالة والإكثار والاحتجاج من الظواهر والاستدلال على فحواها ومعناها ، وحذفت أسانيدها لشهرتها ولإشارتي إلى رواتها وطرقها والكتب المنتزعة منها ، لتخرج بذلك عن حدّ المراسيل ، وتلحق بباب المسندات ، وربّما تتداخل الأخبار بعضها في بعض ، أو نختصر منها موضع الحاجة ، أو نختار ما هو أقلّ لفظاً ، أو جاءت غريبة من مظانّ بعيدة ، أو وردت مفردة محتاجة إلى التأويل :

فمنها : ما وافقه القرآن ، ومنها : ما رواه خلق كثير حتّى صار علماً ضروريّاً يلزمهم العمل به ، ومنها : ما بقيت آثارها رواية أو سمعاً ، ومنها : ما نطقت به الشعراء والشعرورة لتبذلها ، فظهرت مناقب أهل البيت ( عليهم السلام ) بإجماع موافقيهم ، وإجماعهم حجّة على ما ذكر في غير موضع ، واشتهرت على ألسنة مخالفيهم على وجه الاضطرار ، ولا يقدرون على الإنكار على ما أنطق اللّه به رواتهم ، وأجراها على أفواه ثقاتهم ، مع تواتر الشيعة بها ، وذلك خرق العادة وعظة لمن تذكّر ، فصارت الشيعة موفّقة لما نقلته ميسّرة ، والناصبة مخيّبة فيما حملته مسخرة ، لنقل هذه الفرقة ما هو دليل لها في دينها ، وحمل تلك ما هو حجّة لخصمها دونها ، وهذا كاف لمن ألقى السمع وهو شهيد ، وإنّ هذا لهو البلاء المبين ، وتذكرة للمتذكّر ، ولطف من اللّه تعالى للعالمين (1) ).

وقد قال قبل ذلك في سبب نقله من كتب أهل السنّة : وأنصر الحقّ وأتّبعه ، وأُقهر الباطل وأَقمعه ، وأُظهر ما كتموا ، وأَجمع ما فرّقوا ، وأذكر ما أجمعوا عليه واختلفوا فيه على ما أدّته الرواية ، وأُشير إلى ما روته الخاصّة

ص: 588


1- مناقب آل أبي طالب 1 : 12 ، المقدّمة.

( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُف هَار فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) ، فاستصوبت من عيون كتب العامّة والخاصّة معاً ; لأنّه إذا اتّفق المتضادّان في النقل على خبر فالخبر حاكم عليهما ، وشاهد للمحقّ في اعتقاده منهما ، وإذا اعتقدت فرقة خلاف ما روت ودانت بضدّ ما نقلت وأخبرت ، فقد أخطأت وإلاّ فَلِمَ يروي الإنسان ما هو كذب عنده ويشهد بما يعتقد فيه ضده؟ ، وكيف يعترف بما يحتجّ به خصمه ، ويسطر ما يخالفه علمه؟ ، ولا عجب في رواياتهم ما هو حجّة عليهم ، فقد أنطقهم اللّه الذي أنطق كلّ شيء ، وإن كان الشيطان يثبت غروره حيث يأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره.

ثمّ قال : وذلك بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم والديانة ، بالسماع والقراءة والمناولة والمكاتبة والإجازة ، فصحّ لي الرواية عنهم ، بأن أقول : حدّثني وأخبرني وأنبأني وسمعت واعترف لي بأنّه سمعه ورواه كما قرأته ، وناولني من طرق الخاصّة.

فأمّا طرق العامّة : ... ، ثمّ ذكر أسانيده إلى كتاب البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والدار قطني ، وإلى إسناد معرفة الحديث ، والموطّأ ، ومسند أبي حنيفة ، ومسند الشافعي ، ومسند أحمد وفضائله ، ومسند أبي يعلى ، وتاريخ الخطيب ، والنسوي ، والطبري ، وعلي بن مجاهد ، وتاريخيّ أبي علي البيهقي وأبي علي مسكويه ، وكتابي المبتدأ لهما وكتاب الأغاني ، وسنن السجستاني ، واللالكائي ، وابن ماجة ، وحلية الأولياء ، وإحياء علوم الدين ، والعقد ، وفضائل السمعاني ، وابن شاهين ، والزعفراني ، والعكبري ، ومناقب ابن شاهين ، وابن مردويه ، وأمالي الحكم ، ومجموع ابن عقدة ، والوسيط ، وأسباب النزول للواحدي ، ومعرفة الصحابة ، ودلائل

ص: 589

النبوّة ، والجامع ، وأحاديث الجوهري ، وشعبة بن الحجّاج ، ومغازي الواقدي ، والبيان ، والتبيين ، والعزّة ، والفتيا ، وغريب القرآن ، وشوق العروس ، وعيون المجالس ، والمعارف ، وعيون الأخبار ، وغريب الحديث ، وغريب القرآن لابن قتيبة ، وغريب القرآن ، ونزهة القلوب ، وأعلام النبوّة ، والإبانة ، وكتاب اللوامع ، ودلائل النبوّة ، وجوامع الكلم ، ونزهة الأبصار ، والمحاضرات ، والإبانة ، وقوت القلوب ، والترغيب والترهيب ، وكتاب أبي الحسن المدايني ، وسنن الدارمي ، واعتقاد أهل السنّة ، وكتاب الكشف والفايق ، وربيع الأبرار ، والفردوس ، وزاد المسافر ، والأربعين ، للخوارزمي ، وفضائل القاضي أبي السعادات ، والخصائص العلويّة ، ومانزل من القرآن في علي ، وغيرها.

ثمّ ذكر أنّه أورد أسانيده إلى التفاسير والمعاني في كتابه أسباب النزول ، ثمّ عدّ منها أكثر من خمسين كتاباً.

وأمّا أسانيده إلى كتب الشيعة ، فقال : إنّ أكثرها عن الشيخ الطوسي ، وأورد سنده إليه ، وكذا أسانيده إلى المرتضى والرضيّ والشيخ المفيد والصدوق وابن شاذان وابن فضّال وابن الوليد وابن الحاشر وعلي بن إبراهيم والحسن بن حمزة والكليني والعبدكي والفلكي وغيرهم ، وكذا كتب الفتّال التنوير ، وروضة الواعظين ، ومجمع البيان ، وإعلام الورى للطبرسي ، وروض الجنان لأبي الفتوح ، وحلية الأشراف للبيهقي ، وغرر الحكم للآمدي ، وذكر أنّه وجد كتاب الاحتجاج بخطّ أبي طالب الطبرسي (1).

ص: 590


1- مناقب آل أبي طالب 1 : 6 - 12 ، المقدّمة.
(74) كتاب : السرائر لابن إدريس الحلّي ( ت 598 ه- )
الحديث :

في ما يذكره في باب الطلاق في القول : إنّ الطلاق ثلاث ، قال : ... ، ودليل الشيعة على ما ذهبت إليه بعد إجماع أهل البيت ( عليهم السلام ) فإنّ فيه الحجّة من وجوه يطول شرحها ... ، ولقول الرسول ( عليه السلام ) المتّفق عليه : « خلّفتُ فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » (1).

أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي العجلي :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : الشيخ محمّد بن إدريس العجلي بحلّة ، له تصانيف ، منها : كتاب ( السرائر ) شاهدته بحلّة ، وقال شيخنا سديد الدين محمود الحمّصي - رفع اللّه درجته - : وهو مخلّط لا يعتمد على تصنيفه (2).

وذكره ابن داود ( ت 707 ه- ) في رجاله في قسم الضعفاء ، قال : محمّد بن إدريس العجلي الحلّي ، كان شيخ الفقهاء بالحلّة متقناً في العلوم ، كثير التصانيف ، لكنّه أعرض عن أخبار أهل البيت [ بالكلّيّة ] (3).

ص: 591


1- السرائر 2 : 679.
2- فهرست منتجب الدين : 173 [ 421 ].
3- رجال ابن داود : 269 [ 426 ].

ولكن التفرشي ( القرن الحادي عشر ) علّق عليه ، قائلا : ولعلّ ذكره في باب الموثّقين أولى ; لأنّ المشهور منه أنّه لم يعمل بخبر الواحد ، وهذا لا يستلزم الإعراض بالكلّيّة ، وإلاّ انتقض بغيره مثل السيّد ( قدس سره ) (1) وغيره (2).

وأجاب عليه - أيضاً - الشيخ أبو علي ( ت 1216 ه- ) في منتهى المقال ، قال : ولا يخفى ما فيه من الجزاف وعدم سلوك سبيل الإنصاف ، فإنّ الطعن في هذا الفاضل الجليل سيّما والاعتذار بهذا التعليل العليل فيه ما فيه ، أمّا أوّلا : فلأنّ عمله بأكثر كثير من الأخبار ممّا لا يقبل الاستتار سيّما ما استطرفه في أواخر السرائر من أُصول القدماء ( رضي اللّه عنهم ) ، وأمّا ثانياً : فلأنّ عدم العمل بأخبار الآحاد ليس من متفرّداته ، بل ذهب إليه جملة من جلّة الأصحاب كعلم الهدى وابن زهرة وابن قبة وغيرهم ، فلو كان ذلك موجباً للتضعيف لوجب تضعيفهم أجمع ، وفيه ما فيه (3).

ثمّ إنّ الشهيد الأوّل ( ت 786 ه- ) في إجازته للشيخ شمس الدين ، وصفه ب- : الإمام العلاّمة ، شيخ العلماء ، حبر المذهب ، فخر الدين أبي عبد اللّه محمّد بن إدريس ( رضي اللّه عنه ) (4) ، والشهيد الثاني في إجازته لوالد البهائي ب- : الشيخ الإمام العلاّمة المحقّق (5) ، والمحقّق الكركي في إجازته للقاضي صفيّ الدين ، ب- : الشيخ الإمام السعيد المحقّق حبر العلماء والفقهاء ، فخر الملّة والحقّ والدين (6).

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : وقد أثنى عليه علماؤنا المتأخّرون ، واعتمدوا على كتابه وعلى ما رواه في آخره من

ص: 592


1- الشريف المرتضى ( ( قدس سره ) ).
2- نقد الرجال 4 : 132 [ 4462 ].
3- منتهى المقال 5 : 346 [ 2479 ] ، قاموس الرجال 9 : 93 [ 6424 ].
4- البحار 107 : 197.
5- البحار 18 : 158.
6- البحار 108 : 73 ، وانظر : خاتمة المستدرك 3 : 40.

كتب المتقدّمين وأُصولهم ، ثمّ قال - بعد أن ذكر أنّه لم يجد قول ابن داود في نسخته - : وقد ذكر أقواله العلاّمة وغيره من علمائنا في كتب الاستدلال وقبلوا أكثرها (1).

بقي الكلام على نسبة التخليط إليه :

قال العلاّمة التستري ( ت 1415 ه- ) في قاموسه : وكان مخلّطاً في الفقه وفي الحديث في أسانيدها ومتونها ، وفي الأدب وفي التاريخ وفي اللغة ، ثمّ قال : ومن غريب خبطاته في مسألة استخارة الرقاع كما عرفت في عنوان ( رفاعة ) ، ومن مستطرفات خلطه نسبته في مستطرفاته إلى أبان بن تغلب عدّة أخبار لا ربط لها به كما مرّ في ( أبان ) ، ومع أنّه كثيراً ما ينتقد على اتّباع الشيخ بكونهم مقلّديه ، هو أيضاً أحد مقلّديه ، وذلك : أنّ ديدنه إذا رأى الشيخ اختلفت فتواه في كتبه يعترض على فتواه الخبريّة بكونه تمسّكاً بالآحاد ولو كان مستنداً إلى أخبار ملحقة بالتواتر ، وإذا رآه اتّفقت فتواه يتبعه ولو كان مستنداً إلى آحاد (2).

وقال السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) في معجمه - بعد أن ذكر كلام الشيخ منتجب الدين المتقدّم - : أقول : أمّا ما ذكره الشيخ محمود الحمّصي من أنّ ابن إدريس مخلّط لا يعتمد على تصنيفه ، فهو صحيح من جهة وباطل من جهة ، أمّا إنّه مخلّط في الجملة فممّا لا شكّ فيه ، ويظهر ذلك بوضوح من الروايات التي ذكرها فيما استظرفه من كتاب أبان بن تغلب ، ثمّ ذكر أمثلة أُخرى لتخليطه ، وقال بعدها : وأمّا قوله لا يعتمد على تصنيفه ،

ص: 593


1- أمل الآمل 2 : 243 [ 717 ] ، وانظر : لؤلؤة البحرين : 276 [ 97 ] ، الوجيزة : 292 [ 1566 ] ، رياض العلماء 5 : 31 ، روضات الجنّات 6 : 274 [ 584 ] ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 290 ، بهجة الآمال 6 : 270 ، جامع الرواة 2 : 65 ، تنقيح المقال 2 : 77 ، من أبواب الميم ، حاوي الأقوال 3 : 68 [ 967 ].
2- قاموس الرجال 9 : 93 [ 6424 ].

فهو غير صحيح ; وذلك فإنّ الرجل من أكابر العلماء ومحقّقيهم ، فلا مانع من الاعتماد على تصنيفه في غير ما ثبت فيه خلافه (1).

وبقي هناك شيء لا بأس بالإشارة إليه وهو ما ينسب إلى ابن إدريس من التجاسر على شيخ الطائفة ، فقد أجاب عليه بعض المحقّقين بما ينفيه بالكلّيّة وأنّ بعض العبائر المنسوبة إليه بحقّ شيخ الطائفة لا أثر لها بالكلّيّة (2).

وأمّا وفاته ، فقد نقل المجلسي من خطّ الشهيد الأوّل ( رحمه اللّه ) : وقال الشيخ الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الإمامي العجلي ( رحمه اللّه ) : بلغت الحلم سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وتوفّي إلى رحمة اللّه ورضوانه سنة ثمان وسبعين وخمسمائة (3).

وكأنّ ( سبعين ) تصحيف من تسعين ; لأنّ ابن إدريس انتهى من كتابه السرائر في صفر سنة 589 ه- (4).

بل نقل الشيخ أبو علي عن رسالة الكفعمي في وفيات العلماء ، أنّه قال : وجد بخطّ ولده صالح : توفّي والدي محمّد بن إدريس ( رحمه اللّه ) يوم الجمعة وقت الظهر ثامن عشر شوّال سنة ثمان وتسعين وخمسمائة (5).

كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي :

قال المصنّف في أوّل الكتاب - بعد الحمد والصلاة على محمّد ( صلى اللّه عليه وآله ) - : قال محمّد بن إدريس ( رحمه اللّه ) : إنّي لمّا رأيت زهد أهل هذا

ص: 594


1- معجم رجال الحديث 16 : 66 [ 10214 ].
2- قاموس الرجال 5 : 346 ، معجم رجال الحديث 16 : 68.
3- البحار 107 : 19.
4- السرائر 3 : 653 ، انظر : خاتمة المستدرك 3 : 42.
5- منتهى المقال 5 : 348 ، [ 2479 ].

العصر في علم الشريعة المحمّدية ... ، ثمّ كرّر اسمه عدّة مرّات إلى أن قال في آخر الخطبة : وقد رسمته بكتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، واللّه المستعان وعليه التكلان (1).

ونسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست (2) ، والشيخ الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل ، وأضاف : وقد أثنى عليه علماؤنا المتأخّرون ، واعتمدوا على كتابه (3) ، وجعله من مصادر الوسائل (4) ، وذكر طريقه إليه (5).

وقال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) : وكتاب السرائر للشيخ الفاضل الثقة العلاّمة محمّد بن إدريس الحلّي ، وقد أورد في آخر ذلك الكتاب باباً مشتملا على الأخبار وذكر : أنّي استطرفته من كتب المشيخة المصنّفين والرواة المخلصين ، ويذكر اسم صاحب الكتاب ويورد بعده الأخبار المنتزعة من كتابه ، وفيه أخبار غريبة وفوائد جليلة (6).

وقال أيضاً : وكتاب السرائر لا يخفى الوثوق عليه وعلى مؤلّفه على أصحاب البصائر (7).

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) : وقد رأيت من كتاب السرائر نسخاً كثيرة ، من أحسن ما رأيته ما وجدته في كتب المرحوم آميرزا فخر المشهدي ، وهو نسخة عتيقة صحيحة جدّاً قريبة العهد بزمان المصنّف ، بل كتبت في زمانه ، ورأيت في خزانة الشيخ صفيّ في أردبيل

ص: 595


1- السرائر 1 : 41 ، مقدّمة المؤلّف.
2- فهرست منتجب الدين : 173 [ 421 ].
3- أمل الآمل 2 : 243 [ 717 ].
4- خاتمة الوسائل 30 : 159 [ 76 ].
5- خاتمة الوسائل 30 : 184 ، الطريق الخامس والثلاثون.
6- البحار 1 : 16 ، مصادر الكتاب.
7- البحار 1 : 33 ، توثيق المصادر.

قطعة أُخرى من هذا الكتاب كتب أيضاً في زمن المصنّف وقريء على السيّد فخار بن معد الموسوي تلميذ المصنّف ، وعليه أيضاً بلغات وإجازة بخطّ يوسف بن علوان في جمادي الآخرة سنة ثمان وعشرين وستمائة للشيخ محمّد بن الزنجي يرويه عن علي بن يحيى الخيّاط ، عن مصنّفه.

وتاريخ تأليف السرائر على ما يظهر من كتاب الصلح منه سنة سبع وثمانين وخمسمائة ، وقد رأيت أيضاً نسخة عتيقة منه في بلدة أشرف من بلاد مازندران (1).

وقال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الذريعة : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ، للشيخ الفقيه أبي جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس بن الحسين بن القاسم بن عيسى العجلي الحلّي ، وجد تاريخ ولادته مع هذه الترجمة والنسبة بخطّه المؤرّخ سنة 558 ، وتوفّي 598 ، فرغ منه كما يظهر من كتابيه الصلح والميراث 588 (2).

وفي آخر المطبوع على عدّة نسخ اثنين منها كتبت في أوائل القرن السابع ومقابلة على نسخة المصنّف : أنّه فرغ منه في صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة (3).

وحقّق ونشر عن طريق مؤسّسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين بقم المقدّسة.

ص: 596


1- رياض العلماء 5 : 33.
2- الذريعة 12 : 155 [ 1041 ].
3- السرائر 3 : 653.
(75) كتاب : نور الهدى والمنجي من الردى للحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين
اشارة

الجاوابي ( القرن السادس ) ( نقلاً عن التحصين لابن طاووس )

الحديث :

الأوّل : قال ابن طاووس في التحصين : في ما نذكره من خطبة ( يوم الغدير ) وفيها من رجال المخالفين ... ، نذكرها من كتاب ( نور الهدى والمنجي من الردى ) الذي قدّمنا ذكره (1) ، فقال ما هذا لفظه : أبو الفضل محمّد بن عبد اللّه الشيباني ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري وهارون بن عيسى بن السكين البلدي ، قالا : حدَّثنا حميد بن الربيع الخزّاز ، قال : حدَّثنا يزيد بن هارون ، قال : حدَّثنا نوح بن مبشّر ، قال : حدَّثنا الوليد بن صالح ، عن ابن امرأة زيد بن أرقم ، وعن زيد بن أرقم ، قال :

لمّا أقبل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من حجّة الوداع جاء حتّى نزل بغدير خمّ

ص: 597


1- ذكر كتاب ( نور الهدى ) في أوّل باب من أبواب كتاب التحصين ، قال : رأينا ذلك في كتاب ( نور الهدى والمنجي من الردى ) تأليف الحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين الجاوابي ، وعليه خطّ الشيخ السعيد الحافظ محمّد بن محمّد المعروف بابن الكمال [ الكآل [ بن هارون ، وأنّهما قد اتّفقا على تحقيق ما فيه وتصديق معانيه.

بالجحفة بين مكّة والمدينة ، ثمّ أمر بالدوحات بضمّ (1) ما تحتهن من شوك ، ثمّ نودي بالصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في يوم شديد الحرّ ، وإن منّا [ من [ يضع رداءه تحت قدميه من شدّة الحرّ والرمضاء ، ومنّا من يضعه فوق رأسه ، فصلّى بنا ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ثمّ التفت إلينا ، فقال :

« الحمد لله الذي علا في توحيده ودنا في تفرّده ...

معاشر الناس ، تدبّروا القرآن وافهموا آياته ومحكماته ولا تبغوا متشابهه ، فواللّه لن يبيّن لكم زواجره ، ولن يوضّح لكم تفسيره إلاّ الذي أنا آخذ بيده ومصعده إليّ ، وشائل عضده ورافعها بيدي ومعلمكم من كنت مولاه فهو مولاه ، وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيّي ، أمر من اللّه نزّله عليّ.

معاشر الناس ، إنّ علياً والطيّبين من ولدي من صلبه هم الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأكبر ، وكلّ واحد منهما مبني (2) على صاحبه لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، أمر من اللّه في خلقه وحكمه في أرضه ... » (3).

ومضى هذا الحديث عن روضة الواعظين للفتّال النيسابوري ( ت 508 ه- ) مرسلا عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، وعن الاحتجاج للطبرسي مسنداً عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) أيضاً ، فراجع.

وسيأتي في كتاب اليقين لابن طاووس ، عن بعض علماء أهل السنّة ، عن الباقر ( عليه السلام ) مسنداً أيضاً. وعن كتاب نهج الإيمان لعلي بن يوسف بن

ص: 598


1- الظاهر أنّه خطأ مطبعي ، والصحيح ( بقَمِّ ).
2- الظاهر أنّه تصحيف ( منبي ) ، كما يظهر من الروايات الأُخَر في ( روضة الواعظين ) و ( الاحتجاج ) التي مرّت سابقاً.
3- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 578 ( القسم الأوّل ) ، الباب (29) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

جبر ، عن زيد بن أرقم (1).

الثاني : قال في التحصين : ... ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) أيضاً ، فقال ما هذا لفظه : محمّد بن عمر الحافظ البغدادي (2) ، قال : حدَّثني أبو عبد اللّه محمّد بن ثابت من كتابه (3) ، قال : حدَّثنا محمّد بن العبّاس وأبو جعفر الخزاعي (4) ، قالا : حدَّثنا الحسن بن الحسين العرني (5) ، قال : حدَّثنا عمر بن ثابت ، عن عطاء بن السايب ، عن أبي يحيى ، عن ابن عبّاس ، قال : صعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) المنبر ، واجتمع الناس إليه فخطب ، فقال : « يا معاشر المؤمنين ... » إلى آخر ما أوردناه عن أمالي الصدوق ( ت 381 ه- ) ، فراجع (6).

الثالث : قال في التحصين : فيما نذكره من اجتماع قريش والمهاجرين والأنصار بعد ولاية عثمان وذكرهم فضائلهم ... ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) ، فقال ما هذا لفظه : بحذف الإسناد عن ابن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس الهلالي ، قال : رأيت عليّاً ... ( الحديث ) ، وقد نبّهنا على هذه الرواية في ما نقلنا من كتاب سُليم ، فراجع (7).

ص: 599


1- انظر ما أوردناه في كتاب روضة الواعظين ، الحديث الأوّل ، والاحتجاج الحديث الأوّل ، وما سنذكره في اليقين ، الحديث الأوّل ، ونهج الإيمان ، الحديث الأوّل.
2- هذه الرواية مقطوعة ; لأنّ محمّد بن عمر الحافظ من شيوخ الصدوق الذي هو من أعلام القرن الرابع ، والحسن بن أبي طاهر الجاوابي من أعلام القرن السادس ، فكيف يروي عن محمّد بن عمر الحافظ؟ ، وهذه الرواية رواها الصدوق في أماليه ( الحديث الأوّل ) فلعلّ الجاوابي رواها عن الأمالي ، وهو الظاهر.
3- في أمالي الصدوق ( بن كنانة ).
4- في أمالي الصدوق ، حدَّثنا محمّد بن الحسن بن العبّاس أبو جعفر الخزاعي.
5- في أمالي الصدوق ، قال : حدَّثنا حسن بن الحسين العرني.
6- التحصين : 598 ، القسم الثاني ، الباب (4) ، وفيه : « وإن تابعتموه نجوتم » ، وفيه : « ومن اتّبع علمه من عند غير علي هلك » ، وفيه : « فإنّهم خاصّتي وقرابتي » ، وفيه : « فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، إنّهم أهل يقين ، فمن آذاهم ... » وفيه : « ومن طلب غيرهم فقد كذّبني » ، وفيه : « ما أنتم قائلون [ إذا [ لقيتموني ».
7- 7 - التحصين : 630 ، القسم الثاني ، الباب (25) ، راجع ما ذكرناه في كتاب سُليم ،الحديث الثاني.
كتاب التحصين لابن طاووس :

ذكر المجلسي ( ت 1111 ه- ) عدّة كتب لابن طاووس جعلها من مصادره في البحار ، ومنها هذا الكتاب ، قال : وكتاب التحصين في أسرار مازاد على كتاب اليقين ... ، كلّها للسيّد النقيب الثقة الزاهد جمال العارفين ، أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحسني (1).

وقال في توثيق المصادر : وكتب السادة الأعلام أبناء طاووس كلّها معروفة (2).

وقال المصنّف في مقدّمة كتاب التحصين : وكان من أواخر ما صنّفته - وقد تجاوز عمري عن السبعين ومفارقتي للدنيا الداثرة ومجاوزتي لسعادتي في الآخرة - كتاب ( الأنوار الباهرة في انتصار العترة الطاهرة بالحجج القاهرة ) ، وكتاب ( اليقين في اختصاص مولانا علي ( عليه السلام ) بأُمرة المؤمنين ) ... ، وكان قد ضمّنته - أي اليقين - ثلاثمائة حديث وتسعة أحاديث في تسمية مولانا علي صلوات اللّه عليه ( أمير المؤمنين ) ... ، وكنت قد وجدت نحو خمسين حديثاً في معاني أبواب كتاب اليقين مصنّفها غير من ذكرناه (3) ; إذ طرقها غير ما تضمّنه ما رويناه فيه عن المخالفين أو الموافقين ، وأشفقت أن تضيع بإهمالها ، وأنّه لا يظفر غيرنا بحالها ، وأن أكون يوم القيامة مطالباً بجمع شتاتها ونفع مهمّاتها.

فصل : واقتضت الاستخارة : أنّني أفردها ، وما عساه فات في كتاب

ص: 600


1- البحار 1 : 12 ، مصادر الكتاب.
2- البحار 1 : 31 ، توثيق المصادر.
3- يقصد كتاب نور الهدى للجاوابي.

واصف لما أُستِر من أسرارها ، وكاشف لأنوارها ...

فصل : وأن يكون زيادة في الحجج البالغة والآيات القاطعة الدامغة ، وقد سمّيته : ( كتاب التحصين لأسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين ) (1).

وقال صاحب الذريعة ( ت 1389 ه- ) : التحصين في أسرار ما زاد على كتاب اليقين ، للسيّد جمال السالكين رضيّ الدين علي بن موسى بن طاووس الحسني الحلّي ، المولود سنة 589 والمتوفى سنة 664 ، عدّه العلاّمة المجلسي في أوّل البحار من مصادره (2) ، وينقل عنه الأمير أشرف في فضائل السادات (3) ، وحكى عنه شيخنا في خاتمة المستدرك ما نقله فيه عن كتاب نور الهدى والمنجي من الردى (4) ، فيظهر وجود النسخة عندهم ، وصرّح صاحب الرياض بأنّ جميع أخباره مقصورة على ما في كتاب ( نور الهدى ) إلا قليلا ممّا أورده في أواخر الكتاب (5) ، ثمّ ذكر بعده أنّه ألّفه بعد كتاب اليقين في أواخر عمره (6).

أقول : ولكن ما موجود في المطبوع من كتاب التحصين كلّه مأخوذ من كتاب نور الهدى.

وذكر محقّق الكتاب وجود نسخة وحيدة له في مكتبة آية اللّه السيّد شهاب الدين المرعشي ( قدس سره ) بقم ، تحت رقم [ 4636 ] ، وهي مجموعة تضمّ مع التحصين كتاب المائة منقبة لابن شاذان وكلمات حكميّة ، وتاريخ نسخها سنه 1108 ه- (7).

ص: 601


1- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 531 ، مقدّمة الكتاب.
2- مضى ما ذكرناه عن البحار.
3- فضائل السادات : 323.
4- خاتمة المستدرك 3 : 27.
5- رياض العلماء 1 : 156.
6- الذريعة 3 : 398 [ 1431 ].
7- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 30 ، مقدّمة المحقّق.
كتاب نور الهدى للجاوابي :

قال السيّد ابن طاووس ( ت 664 ه- ) في مقدّمة كتابه التحصين : وكنت قد وجدت نحو خمسين حديثاً في معاني أبواب كتاب اليقين ، مصنّفها غير من ذكرناه ... ، واقتضت الاستخارة : أنّني أفردها وما عساه فات ، في كتاب واصف لما أُستر من أسرارها ... (1).

وقال في الباب الأوّل منه : رأينا ذلك في كتاب ( نور الهدى والمنجي من الردى ) ، تأليف الحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين الجاوابي ، وعليه خطّ الشيخ السعيد الحافظ محمّد بن محمّد المعروف بابن الكمال (2) بن هارون ، وأنّهما قد اتّفقا على تحقيق ما فيه وتصديق معانيه (3).

وكرّر مثل هذا الكلام في الباب الأوّل من القسم الثاني من الكتاب (4).

وقال صاحب الرياض ( ت حدود 1130 ه- ) : الشيخ الحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين الجاوابي ، له كتاب نور الهدى والمنجي من الردى ، في فضائل علي ( عليه السلام ) ، وكان من قدماء الأصحاب ; إذ يروي بقوله « حدَّثنا » عن جماعة من القدماء ، منهم علي بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه ، ويروي عن مشايخ الصدوق والمفيد والشيخ وأضرابهم أيضاً من دون التصدير ب- ( حدَّثنا ).

ثمّ قال : وفي المقام شيء ، وهو أنّه كيف يصحّ حينئذ أن يروي عن أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن شهريار ، الخازن ، مع أنّ ابن شهريار

ص: 602


1- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 532 ، مقدّمة المؤلّف.
2- المعروف ( بابن الكال ).
3- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 535 ، القسم الأوّل ، الباب الأوّل.
4- المصدر السابق : 595 ، القسم الثاني ، الباب الأوّل.

الخازن يروي عن الشيخ الطوسي ، فتأمّل (1).

أقول : لم نجد في المطبوع أنّه قال : ( حدَّثنا ) إلاّ في الباب السابع عشر ، حيث قال ابن طاووس : فيما نذكره من تسمية النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) لعليّ ( عليه السلام ) أنّه إمام أُمّتي وخليفتي عليها بعدي ، نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) ، فقال ما هذا لفظة : حدَّثنا علي بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ... إلى آخره.

ومن تصفّح كتاب التحصين يجد أنّ السيّد ابن طاووس لم ينقل الكلام الذي قاله صاحب نور الهدى قبل هذه الأحاديث ، وإنّما يصدّرها في أغلب الأحيان ب- ( نذكر ذلك من كتاب نور الهدى ، فقال ما هذا لفظه : ) ثمّ يورد الأحاديث التي كثير منها عن شيوخ الصدوق والمفيد والطوسي من دون ( حدَّثنا ) كما قال صاحب الرياض ، وكما يظهر لك ممّا نقلناه من روايات حديث الثقلين الثانية والثالثة ، وهذا الحديث المتصدّر بقوله ( حدَّثنا ) رواه الصدوق بعين السند وبقوله ( حدَّثنا ) أيضاً في كمال الدين (2) والأمالي (3).

ولا توجد لدينا نسخة لكتاب نور الهدى حتّى نعلم هل ذكر مصنّفه سنداً لهذه الأحاديث ، أو اسم الكتاب الذي نقل منه ، وأنّ السيّد ابن طاووس اقتصر على إيراد ما ذكره ، وحذف السند أو اسم الكتاب ، أو أنّ مصنّف نور الهدى نفسه لم يذكرهما أو أحدهما ، وهو الأقرب ، بعد الأخذ بعين الاعتبار ظاهر قول السيّد ابن طاووس في أغلب الأحاديث : ( فقال ما هذا لفظه ) ، وقوله في الباب (27) من القسم الثاني عند نقله لمناظرة أحبار اليهود لعمر : نذكر ذلك من كتاب ( نور الهدى ) كما ذكره من غير

ص: 603


1- رياض العلماء 1 : 156.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 272 ح 65.
3- الأمالي : 341 ، ح 8 ، المجلس 45.

إسناد ... (1) ، وقول الجاوابي على ما نقله السيّد في الباب (25) من القسم الثاني في اجتماع المهاجرين والأنصار ومناشدة علي ( عليه السلام ) لهم في ولاية عثمان : بحذف الإسناد عن ابن عيّاش ، عن سُليم بن قيس ... إلى آخره ، والذي نقلناه نحن عن كتاب سُليم أيضاً (2) ، وقوله على ما نقله السيّد في الباب (21) من القسم الأوّل : بحذف الإسناد عن سليمان الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عبّاس ... (3) ، فإنّ الظاهر من هذا أنّ الحذف للسند كان من قبل الجاوابي ، فلا يدلّ ورود شيوخ الصدوق والمفيد والطوسي في أوّل السند على أنّه روى عنهم حتّى ولو ورد في مورد واحد ( حدَّثنا ) ، فإنّه قال على ما نقله السيّد في الباب (11) من القسم الثاني : روى الأصبغ بن نباته ( رحمه اللّه ) ، قال : حضرت عند أمير المؤمنين ( صلوات اللّه عليه ) ... (4) ، فهلاّ دلّ ذلك على أنّه روى عن الأصبغ!!

وعلى هذا فلا دلالة قطعيّة من روايته عن ابن شهريار الخازن - الذي أدرك سنة 516 ه- - تلميذ الطوسي ( رضي اللّه عنه ) كما في أوّل القسم الثاني بأنّه يروي عنه مباشرة بعد أن عرفنا طريقة الجاوابي في كتابه ، وإنّما نستفيد منها بأنّه كان معاصراً له أو بعده ، ولم يكن متقدّماً عليه ومعاصراً لشيوخ الصدوق ( رحمه اللّه )! مع بقاء احتمال روايته عنه مباشرة.

وممّا ذكرنا سابقاً من كلام السيّد ابن طاووس يظهر أنّ مصنّف نور الهدى كان معاصراً لابن الكآل المتوفّى في ذي الحجّة من سنة 597 ه- ، فلا مجال لتعجّب صاحب الرياض من رواية الجاوابي عن ابن شهريار.

ص: 604


1- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 642 ، القسم الثاني ، الباب (27).
2- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 630 ، القسم الثاني ، الباب (25) ، وراجع ما أوردناه عن كتاب سُليم ، الحديث الثاني.
3- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 564 ، القسم الأوّل ، الباب (1).
4- التحصين ( المطبوع مع اليقين ) : 610 ، القسم الثاني ، الباب (11).

قال العلاّمة الطهراني ( ت 1389 ه- ) في الطبقات : الحسن بن أحمد ابن محمّد بن الحسين الجاوابي صاحب كتاب ( نور الهدى والمنجي من الردى ) الذي ينقل عنه ابن طاووس في كتابه ( التحصين لأسرار ما زاد عن كتاب اليقين ) ، قال في موضعين من التحصين : إنّ على نسخة ( نور الهدى ) خطّ الشيخ محمّد بن هارون المعروف بابن الكال : بأنّه اتّفق مع مصنّفه على تحقيق ما تضمّنه كتابه من تحقيق الأخبار والأحوال ، أقول : يظهر منه أنّ المصنّف كان معاصراً لابن الكال الذي كتب ما يشبه التقريظ والتصديق لكتابه ، وابن الكآل من مشايخ محمّد بن المشهدي ، ويروي مصنّف ( نور الهدى ) أعني صاحب الترجمة في كتابه المذكور عن محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن ، تلميذ شيخ الطائفة الذي كان حيّاً إلى 514 (1) (2).

وكما عرفت آنفاً بأنّ رواية الجاوابي عن ابن شهريار احتمال ، بعد مراجعة طريقته في كتابه ، فهو لم يصرّح بالرواية عنه مباشرة ، ولم يعثر على نسخة من كتاب نور الهدى حتّى نرى ما قال فيها (3) ، خاصّة وأنّ ابن الكآل المعاصر للجاوابي - كما عرفت - يروي كتاب سُليم عن ابن شهريار الخازن بواسطة واحدة (4) ، فلعلّ الجاوابي يروي أيضاً عن ابن شهريار بواسطة واحدة.

ص: 605


1- الصحيح ( 516 ه- ) ، انظر : رياض العلماء 5 : 25.
2- طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : 54 ، وانظر : الذريعة 24 : 387 [ 2079 ].
3- لاحظ مقدّمة كتاب التحصين ( المطبوع مع اليقين ).
4- رياض العلماء 5 : 25 ، وراجع ما قلناه في كتاب سليم ، الحديث الثاني ، عند ذكر رواية الجاوابي عن سُليم بن قيس.

ص: 606

فهرس المواضيع

دليل الكتاب... 5

مقدّمة المركز... 7

المطلب الأول : نقل الحديث

القرن الأوّل الهجري

كتاب سُليم بن قيس الهلالي الكوفي

نقل الحديث... 19

الحديث الأوّل... 19

الراوون عنه... 20

الحديث الثاني... 21

الراوون عنه... 23

الحديث الثالث... 26

الراوون عنه... 28

الحديث الرابع... 28

الحديث الخامس... 29

الحديث السادس... 30

الراوون عنه... 33

ترجمة سُليم بن قيس الهلالي... 33

توثيق كتاب سُليم... 36

ص: 607

طرق الكتاب ونسخه... 38

من أورد رواياته... 44

أبان بن أبي عيّاش... 50

القرن الثاني الهجري

كتاب درست بن أبي منصور

نقل الحديث... 59

ترجمة المؤلف... 60

توثيق الكتاب... 63

كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد

نقل الحديث... 69

ترجمة المؤلّف... 71

توثيق الكتاب... 74

القرن الثالث الهجري

صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية الطبرسي

نقل الحديث... 79

الراوون عن الصحيفة... 79

توثيق الكتاب... 80

مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية الغازي

نقل الحديث... 89

داود بن سليمان الغازي... 90

توثيق المسند... 96

أصل ( كتاب ) محمّد بن المثنى الحضرمي

نقل الحديث... 99

ص: 608

ترجمة المؤلّف... 100

توثيق الكتاب... 103

مؤلّفات الفضل بن شاذان

كتاب الإيضاح

نقل الحديث... 107

ترجمة المؤلف... 107

توثيق الكتاب... 109

كتاب إثبات الرجعة

نقل الحديث... 115

توثيق الكتاب... 117

السيّد مير لوحى وكتابه كفاية المهتدي... 117

مختصر إثبات الرجعة... 127

بصائر الدرجات الكبرى لمحمّد بن الحسن الصفّار

نقل الحديث... 131

ترجمة المؤلّف... 133

توثيق الكتاب... 134

تاريخ أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي

نقل الحديث... 137

ترجمة المؤلّف... 138

توثيق الكتاب... 140

مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد اللّه القمّي

نقل الحديث... 143

ترجمة المؤلّف... 145

ص: 609

الشيخ حسن بن سليمان الحلي... 147

توثيق الكتاب... 148

القرن الرابع الهجري

تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي

نقل الحديث... 159

ترجمة المؤلّف... 160

توثيق الكتاب... 164

تفسير علي بن إبراهيم القمّي

نقل الحديث... 167

ترجمة المؤلّف... 171

توثيق الكتاب... 172

تفسير العيّاشي

نقل الحديث... 179

الراوون عنه... 182

ترجمة المؤلّف... 184

توثيق الكتاب... 185

العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم القمّي

نقل الحديث... 189

المؤلف والكتاب... 189

الكافي لمحمّد بن يعقوب الكليني

نقل الحديث... 203

ترجمة المؤلّف... 207

كتاب الكافي... 208

ص: 610

المسترشد لمحمّد بن جرير الطبري الإمامي

نقل الحديث... 211

ترجمة المؤلّف... 212

توثيق الكتاب... 214

رجال الكشّي

نقل الحديث... 217

ترجمة المؤلّف... 218

توثيق الكتاب... 219

تأويل ما نزل من القرآن لمحمّد بن الماهيار

نقل الحديث... 223

ترجمة المؤلّف... 225

توثيق الكتاب... 225

مقدّمات علم القرآن لمحمّد بن بحر الرهني

نقل الحديث... 231

ترجمة المؤلّف... 232

توثيق الكتاب... 237

الغيبة لمحمّد بن إبراهيم النعماني

نقل الحديث... 239

ترجمة المؤلّف... 241

توثيق الكتاب... 242

مؤلّفات علي بن الحسين المسعودي

إثبات الوصية للامام علي عليه السلام

نقل الحديث... 245

ص: 611

ترجمة المؤلّف... 246

توثيق الكتاب... 254

مروج الذهب ومعادن الجواهر

نقل الحديث... 257

توثيق الكتاب... 257

الاستغاثة لعلي بن أحمد الكوفي

نقل الحديث... 261

ترجمة المؤلّف... 262

توثيق الكتاب... 266

كتاب الآل للحسين بن أحمد بن خالويه

نقل الحديث... 271

ترجمة المؤلّف... 273

توثيق الكتاب... 278

تحف العقول للحسين بن علي الحرّاني

نقل الحديث... 281

ترجمة المؤلّف... 284

توثيق الكتاب... 284

البرهان في النصّ الجليّ على علي ( عليه السلام ) الشمشاطي

نقل الحديث... 287

ترجمة المؤلّف... 287

توثيق الكتاب... 290

مؤلّفات الشيخ الصدوق

كتاب كمال الدين وتمام النعمة

نقل الحديث... 293

ص: 612

ترجمة المؤلّف... 308

توثيق الكتاب... 310

كتاب معاني الأخبار

نقل الحديث... 313

توثيق الكتاب... 316

كتاب الأمالي

نقل الحديث... 319

توثيق الكتاب... 324

كتاب عيون أخبار الرضا

نقل الحديث... 327

توثيق الكتاب... 330

كتاب الخصال

نقل الحديث... 333

توثيق الكتاب... 335

كتاب التوحيد

نقل الحديث... 337

توثيق الكتاب... 337

كفاية الأثر للخزّاز

نقل الحديث... 339

ترجمة المؤلّف... 345

توثيق الكتاب... 346

القرن الخامس الهجري

مقتضب الأثر لأحمد بن عيّاش الجوهري

نقل الحديث... 351

ص: 613

ترجمة المؤلّف... 351

توثيق الكتاب... 356

مؤلّفات الشريف الرضي

نهج البلاغة

نقل الحديث... 361

ترجمة المؤلف... 361

توثيق الكتاب... 362

كتاب المجازات النبويّة

نقل الحديث... 365

توثيق الكتاب... 365

مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )

لمحمّد بن أحمد بن شاذان

نقل الحديث... 367

ترجمة المؤلّف... 368

توثيق الكتاب... 369

مؤلّفات الشيخ المفيد

كتاب الأمالي

نقل الحديث... 375

ترجمة المؤلّف... 378

توثيق الكتاب... 380

كتاب الإرشاد

نقل الحديث... 381

توثيق الكتاب... 384

كتاب الفصول المختارة

نقل الحديث... 387

ص: 614

توثيق الكتاب... 388

كتاب المسائل الصاغانيّة

نقل الحديث... 393

توثيق الكتاب... 393

كتاب المسائل الجاروديّة

نقل الحديث... 395

توثيق كتاب المسائل الجاروديّة... 396

كتاب العمدة

نقل الحديث... 399

توثيق الكتاب... 399

كتاب الإفصاح في الإمامة

نقل الحديث... 401

توثيق الكتاب... 401

مؤلفات شريف المرتضي

كتاب الشافي في الإمامة

نقل الحديث... 403

ترجمة المؤلّف... 404

توثيق الكتاب... 406

كتاب الانتصار

نقل الحديث... 409

توثيق الكتاب... 409

كتاب الآيات الناسخة والمنسوخة

نقل الحديث... 413

توثيق الكتاب... 413

ص: 615

كتاب المسائل المبادريات

نقل الحديث... 419

توثيق الكتاب... 419

مؤلّفات أبي الصلاح الحلبي

كتاب تقريب المعارف

نقل الحديث... 421

ترجمة المؤلّف... 421

توثيق الكتاب... 422

كتاب الكافي في الفقه

نقل الحديث... 425

توثيق الكتاب... 425

مؤلفات أبي الفتح الكراجكي

كتاب كنز الفوائد

نقل الحديث... 427

ترجمة المؤلّف... 428

توثيق الكتاب... 429

كتاب التعجّب

نقل الحديث... 431

توثيق الكتاب... 431

ص: 616

دلائل الإمامة للطبري الصغير

نقل الحديث... 433

ترجمة المؤلّف وتوثيق الكتاب... 434

مؤلّفات الشيخ الطوسي

كتاب الأمالي

نقل الحديث... 441

ترجمة المؤلّف... 445

توثيق الكتاب... 447

كتاب التبيان في تفسير القرآن

نقل الحديث... 453

توثيق الكتاب... 454

القرن السادس الهجري

روضة الواعظين لابن الفتّال النيسابوري

نقل الحديث... 459

ترجمة المؤلّف... 463

توثيق الكتاب... 465

الاحتجاج لأحمد بن أبي طالب الطبرسي

نقل الحديث... 467

ترجمة المؤلّف... 475

توثيق الكتاب... 475

مؤلّفات الفضل بن الحسن الطبرسي

كتاب تفسير مجمع البيان

نقل الحديث... 479

ص: 617

ترجمة المؤلّف... 481

توثيق الكتاب... 482

كتاب تفسير جوامع الجامع

نقل الحديث... 485

توثيق الكتاب... 486

كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى

نقل الحديث... 491

توثيق الكتاب... 492

روض الجنان للحسين بن علي النيشابوري

نقل الحديث... 497

ترجمة المؤلّف... 499

توثيق الكتاب... 501

بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لعماد الدين الطبري

نقل الحديث... 507

ترجمة المؤلّف... 514

توثيق الكتاب... 515

الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي

نقل الحديث... 519

ترجمة المؤلّف... 519

توثيق الكتاب... 523

النقض لعبد الجليل القزويني الرازي

نقل الحديث... 527

ترجمة المؤلّف... 528

ص: 618

توثيق الكتاب... 529

معارج نهج البلاغة لأبي الحسن علي بن زيد البيهقي

نقل الحديث... 535

ترجمة المؤلّف... 535

توثيق الكتاب... 538

مؤلّفات القطب الراوندي

كتاب فقه القرآن

نقل الحديث... 541

ترجمة المؤلّف... 541

توثيق الكتاب... 543

كتاب قصص الأنبياء

نقل الحديث... 547

توثيق الكتاب... 548

كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة

نقل الحديث... 553

توثيق الكتاب... 553

لبّ اللباب المستخرج عن فصول عبدالوهاب

نقلاً عن مستدرك النوري

نقل الحديث... 557

توثيق الكتاب... 557

كتاب فصول عبد الوهّاب... 561

غنية النزوع لحمزة بن علي بن زهرة الحلبي

نقل الحديث... 565

ص: 619

ترجمة المؤلّف... 565

توثيق الكتاب... 568

الأربعين لمحمّد بن أبي الفوارس

نقل الحديث... 569

ترجمة المؤلّف وتوثيق الكتاب... 569

كتاب المناقب وأسانيد رواياته... 569

مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب

نقل الحديث... 579

ترجمة المؤلّف... 582

توثيق الكتاب... 584

كتاب المناقب وأسانيد رواياته... 587

السرائر لابن إدريس الحلّي

نقل الحديث... 591

ترجمة المؤلّف... 591

توثيق الكتاب... 594

نور الهدى والمنجي من الردى الجاوابي

نقلاً عن كتاب التحصين لابن طاووس

نقل الحديث... 597

كتاب التحصين لابن طاووس... 600

ترجمة كتاب نور الهدى للجاوابي... 602

ص: 620

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.