المؤلف: القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي
المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: 1
الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام)
تاريخ النشر : 1412 ه-.ق
الصفحات: 599
المكتبة الإسلامية
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الحادي عشر
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ص: 1
شابك (الدورة) 3-397-470-964-978
ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
ج 3
(11 - 16)
تأليف: القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي رحمه اللّه
تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي
الموضوع: التاريخ
چاپ ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
عدد الصفحات: 600
الطبعة: الثانية
المطبوع: 500 نسخة
التاريخ: 1431 ه .ق .
شابك (ج 1): 3-397-470-964-978
ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3
قم - شارع الأمين - ابتداء شارع الجمهورية الإسلامية ص . ب 749-37185
تلفون: 2933219 - 2932219 فاكس: 2933517
ص: 2
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[912] أبو سلمة ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري. وسعيد بن المسيب (1) عن أبي ذر رضي اللّه عنه. وأبو عبد اللّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، مثل باب حطة لبني إسرائيل.
[913] هشام بن الحكم ، قال : قال لي موسى بن جعفر بن محمد علیه السلام : عشر من كانت فيه واحدة منها فليس منا ولا من شيعتنا : الجنون ، والجذام ، والبرص ، وفساد الأهل ، ورداء الأصل ، والمفعول في دبره ، والمتصدق على الأبواب (2) ، والبخيل ، والجبان ، والمتشبه بالنساء.
[914] ابن إسحاق الهمداني ، عن حسان الطائي ، عن أبي موسى
ص: 3
الأشعري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين [ يوم القيامة ] (1) في قبة تحت العرش.
[915] أبو الحمراء (2) ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر كيوم واحد (3) ، فكنت أرى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذا طلع الفجر جاء الى باب علي وفاطمة علیهماالسلام ، فقال : الصلاة الصلاة ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (4).
[916] وعن علي علیه السلام ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من صنع الى أحد من أهل بيتي معروفا كافأته يوم القيامة.
[917] محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس ، باسناده عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أحبوا اللّه لما يعدكم به من نعمته (5) ، وأحبوني لحب اللّه ، واحبوا أهل بيتي لحبي.
[918] إسحاق بن عبد اللّه بن طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : نحن بنو عبد المطلب سادة الجنة ، أنا ، وعلي ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، والحسن ، والحسين ، والمهدي.
ص: 4
[919] عبد اللّه بن سليمان ، عن أبيه ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أهل بيتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره.
[920] الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) (1) قال : نزلت في رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وذوي أرحامه لأنه قال صلی اللّه علیه و آله : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.
[921] أبو صالح ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول اللّه تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (2) ، قال : يقول : لا يقتلوا أهل بيت نبيكم (3).
[922] سماعة بن مهران (4) قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ) (5).
ص: 5
قال : نحن اولئك.
[923] صفوان الجمال (1) ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام وهو يقرأ هذه الآية : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (2) ثم التفت إليّ.
فقال : يا صفوان إن اللّه تعالى ألهم آدم علیه السلام أن يرمي بطرفه نحو العرش ، فإذا هو بخمسة أشباح من نور يسبّحون اللّه ويقدسونه.
فقال آدم : يا ربّ من هؤلاء؟
قال : يا آدم صفوتي من خلقي لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم ، والنار لمن عاداهم. لو أن عبدا من عبادي أتى بذنوب كالحبال الرواسي ثم توسل إليّ بحق هؤلاء لعفوت له.
فلما أن وقع آدم في الخطيّة قال : يا رب بحق هؤلاء الأشباح اغفر لي فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : إنك توسلت إليّ بصفوتي وقد عفوت لك.
قال آدم : يا ربّ بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم.
فأوحى اللّه إليه : يا آدم هؤلاء خمسة من ولدك ، لعظيم حقهم عندي اشتقت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا العلي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا
ص: 6
الحسن ، وأنا الإحسان فهذا الحسين (1).
[924] سفيان بن عمرة (2) ، عن حسان ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) (3).
قال : نحن واللّه على ملّة إبراهيم ، وشريعته شريعتنا ، ولقد رغب أعداؤنا عن ملّة إبراهيم بتركهم ولايتنا ، واللّه يا حسان لقد أخذ اللّه ميثاقا بالولاية لنا في الدجى الأول على لسان كل نبي وأخذ ميثاقنا عليه وأخذه على امته ، فمن رغب عنا فقد رغب عن ملّة إبراهيم وشريعته.
[925] ابن أبي زياد الكوفي (4) ، عن أبيه ، عن علي علیه السلام ، قال : لما انزلت : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (5) ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ذلك من أحبّ اللّه [ ورسوله ] (6) وأحبّ أهل بيتي صادقا غير كاذب.
[926] المفضل (7) ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال :
ص: 7
من أحبنا أهل البيت تتابعت الحكمة على لسانه ، وجدّد له كل يوم عمل سبعين عابد عبد اللّه سبعين سنة.
[927] مدرك بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : الإسلام عريان ولباسه الحياء ، وزينته الوقار ، ومروته العمل الصالح ، وعماده الورع. لكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت.
[928] حسين بن زياد ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد ، عن آبائه علیهم السلام : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : من أحبنا أهل البيت فليحمد اللّه على أول النعم.
قيل : يا رسول اللّه وما أول النعم؟
قال : طيب الولادة ، ولا يحبنا إلا من طابت ولادته.
[929] يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : إن موسى وهارون علیهماالسلام لما دخلا على فرعون لم يكن في الذين حضروا واستشارهم يومئذ فيهم من هو لغير رشده (1) ، ولو كانوا كذلك أمروه بقتلهما ، ولما قالوا : ( أَرْجِهْ وَأَخاهُ ) (2) وأشاروه بالتأنّي والنظر.
قال : ثم وضع أبو عبد اللّه يده على صدره ، قال : وكذلك - واللّه -
ص: 8
نحن لا ينزع إلينا (1) - يعني بالمكروه - إلا كل خبيث الولادة.
[930] عبد اللّه بن مسكان (2) ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : نحن أصل (3) كل خير ، ومن فروعنا كل بر ، ومن البر : التوحيد ، والصلاة ، والصيام ، وكظم الغيظ ، والعفو عن المسيء ، ورحمة الفقير ، وتعاهد الجار ، والاقرار بالفضل لأهله. وعدونا أصل (4) الشر ، ومن فروعهم كل قبيح ، ومن القبيح : التشبيه ، والكذب ، والبخل ، والنميمة ، والقطيعة ، وأكل الربا ، [ وأكل ] مال اليتيم بغير حقه ، وتعدّي الحدود التي أمر اللّه تعالى بها ، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والزنا ، والسرقة ، وكل ما وافق ذلك من القبيح. وكذب من زعم أنه معنا وهو متعلق بفروع غيرنا.
[931] أبو حمزة الثمالي ، عن أبي الطفيل (5) ، قال : قام أمير المؤمنين علیه السلام على المنبر ، فقال :
إن اللّه بعث محمدا صلی اللّه علیه و آله بالنبوة واصطفاه بالرسالة ، وعندنا أهل البيت مفاتيح العلم وأبواب الحكمة وضياء الأمر ، وفصل الخطاب. ومن أحبنا ينفعه إيمانه ، ويتقبل منه عمله ، ومن لا يحبنا أهل البيت لا يتقبل منه إيمانه ولا ينفعه عمله ، وإن أدأب (6) نفسه
ص: 9
بالليل والنهار.
[932] أبو صادق (1) ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : إن في الاسلام ثلاثا ، لا يقوم إلا عليهن ، ولا ينفع واحدة دون صاحبتها : الصلاة ، والزكاة ، والولاية (2).
[933] عبد اللّه بن نمير الهمداني (3) ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض.
[934] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي وائل (4) ، قال : كنت بالمدينة لما بويع لعثمان ، فدخلت المسجد ، فرأيت رجلا يصفّق باحدى يديه على الأخرى ، ويقول : يا عجبا من قريش استأثروها على أهل البيت معدن الفضيلة ونجوم الأرض ، ونور البلاد ، واللّه إن فيهم رجلا ما رأينا بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو أولى بالحق ، ولا أقضى بالعدل ، ولا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر منه.
فقلت له : من أنت يرحمك اللّه ، ومن الرجل الذي وصفت؟
فقال : أنا المقداد بن الأسود (5) ، والذي وصفته : علي بن أبي طالب.
ص: 10
قال : فمكث ما شاء اللّه ، ثم لقيت أبا ذر ، فحدثته بقول المقداد.
فقال أبو ذر : صدق واللّه مقداد.
قلت له : فما منعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم؟
قال : أبى ذلك عليهم قومهم.
قلت : فما منعكم أن تعينوهم؟
قال : مه ، لا تسألني عن هذا.
قال : ثم كان من أمر أبي ذر مع عثمان ما كان - يعني عن نفيه إياه من المدينة الى الربذة -.
[935] الحسن بن عبد اللّه ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إني تارك فيكم اثنين : القرآن وأهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة.
[936] عبد اللّه بن عثمان العمري ، عن أبي لهيعة (1) ، عن عبد اللّه - أبي هبيرة - ، عن أبي ذر ، أنه قال : مثلكم ومثل أهل بيت نبيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.
[937] عبد اللّه بن صالح ، يرفعه الى علي علیه السلام ، أنه قال :
نزل القرآن ارباعا ، ربعا فينا ، وربعا في عدونا ، وربعا سيرة وأمثال (2) ، وربعا فرائض وأحكام. لنا عزائم القرآن.
[938] سفيان ، باسناده ، عن علي بن الحسين ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ستة لعنهم اللّه [ ولعنتهم ] (3) وكل نبيّ مجاب : الزائد في القرآن ، وكل مكذّب بقدر اللّه ، والتارك لسنّتي ، والمتسلّط
ص: 11
بالجبروت ليذلّ من أعزّ اللّه ويعزّ من أذلّ اللّه ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم اللّه ، والمستحلّ لحرم اللّه (1).
[939] على بن هاشم ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام : قال : قال اللّه عز وجلّ لمحمد صلی اللّه علیه و آله :
إني اصطفيتك ، وانتجبت لك عليا ، وجعلت منكما ذريّة طيبة جعلت لهم الخمس.
[939] وقال علیه السلام :
إن اللّه عزّ وجلّ اتخذ محمدا عبدا قبل أن يتخذه رسولا وكان علي أحبّ اللّه ، فأحبه اللّه ، ونصح لله فنصح اللّه له ، وإن حقنا في كتاب اللّه لنا صفو الأموال ، ولنا الأنفال.
[941] شريك بن عبد اللّه ، عن الدكين ، عن القاسم ، عن زيد بن ثابت (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي [ ألا وهما الخليفتان من بعدي ] (3) لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.
[942] المطلب بن عبد اللّه ، عن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
إني فرط لكم (4) ، فاوصيكم بعترتي خيرا ، فإن موعدكم
ص: 12
الحوض.
[943] سلمة بن الأكوع (1) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لامّتي.
[944] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام فقال :
أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم (2).
[945] محول (3) بن إبراهيم ، باسناده ، عن أمّ سلمة ، قالت :
نزلت هذه الآية في بيتي : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (4). وفي البيت سبعة : جبرائيل ، وميكائيل ، ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين.
قالت : وأنا على باب البيت جالسة ، فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟
قال : إنك على خير وإنك من أزواج النبي. وما قال أنا من أهل البيت.
فأفضل أهل البيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبه استحق الفضل من استحقه من أهل البيت.
ص: 13
والذي يليه منهم علي صلواته اللّه عليه ، وهو كما جاء فيما تقدم أخوه ووزيره ووصيه وخليفته والشاهد على امته من بعده ، فما جاء في فضل أهل البيت علیهم السلام فله بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضله (1) وفاطمة علیهاالسلام بعده ، هي ابنة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأمّ الأئمة من ذريته فهي في الفضل أولاهم به ، ثم الأئمة من ولدها واحد بعد واحد ، سادات أهل زمانهم أئمتهم ومواليهم ، ولهم من الفضل على جميعهم ما يوجب الإمامة لهم ، وهم أفضل ذرية علي وفاطمة علیهماالسلام ومن أهل البيت الفاضل أعلى وأشرف من غيرهم ، منهم يعلو الإمامة وشرفها ، ومن لم يتولّ الإمام في كل زمان منهم ، فمن ينسب إليهم ، ويعرف فضله ، ويدين بالطاعة له فهو منقطع النسب كما قطع اللّه عزّ وجلّ نسب ابن نوح لما تخلّف عن الركوب في السفينة معه عنه ، وقال : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) (2). ومن تولّى أئمة الحق من أهل بيت محمد صلی اللّه علیه و آله ، وعرف حقهم ، ودان بإمامتهم ، وتقلد عهد إمام زمانه منهم ، ووفى بما أخذ له ، فهو من أهل البيت بالتولّي لهم ، كما قال إبراهيم علیه السلام فيما حكاه اللّه تعالى من قوله : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (3) ، وكما قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (4) ، كما قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لسلمان الفارسي رحمة اللّه عليه : سلمان منا أهل البيت. فنسبه الى أهل بيته لتوليه إياهم صلوات اللّه عليهم.
ص: 14
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن القصي ، ولم يولد للنبي صلی اللّه علیه و آله ولد إلا منها ، ما خلا ابنه إبراهيم ، فإنه ولد له من مارية القبطية (1). وولد له من خديجة القاسم وبه كان يكنى والطاهر والطيب وفاطمة وزينب ورقية (2) وأمّ كلثوم.
فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين ، ومات الطاهر كذلك صغيرا.
وأما إبراهيم من مارية فولد بالمدينة بعد ثمان سنين من مقدمه ، وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام ، ومات بالمدينة.
وكانت خديجة قبل النبي عند عتيق بن عامر المخزومي ، وولدت له حارثة ، ومات عنها بمكة ، وتزوجها بعده أبو هالة زرارة بن ساس الأسدي ، ومات عنها بمكة وولدت له هند بن أبي هالة ، وكانت خديجة ذات مال كثير وعبيد ومضاربين لها يتجرون في مالها ، ويسافرون به لها إلى الشام. فلما اتصل بها عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما هو عليه من الأمانة والطهارة والصدق والعفاف أرسلت إليه ، وسألته أن يخرج ببضاعة الى الشام ، ففعل وأرسلت معه غلاما
ص: 15
يقال له : ميسرة فجاءها بفضل واسع لم يأتها غيره.
وأخبرها غلامها بما شاهده من فضله وآيات رآها فيه. وكان لها ابن عم يقال له ورقة بن نوفل على دين النصرانية قد قرأ الكتب ، وكان يذكر لها أن نبيا إن بعثه يبعث من قريش ، فلما أخبرها غلامها بما شاهد منه مع ما اتصل بها من آياته وعلامات النبوة فيه ذكرت ذلك لابن عمها ورقة.
فقال : واللّه ما أشك ، إنه هو النبي المنتظر.
وكان ورقة هذا قد خطب خديجة ، وهمّت بتزويجه لما تبيّن لها أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأراد اللّه كرامتها ألهمها أن أرسلت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تعرض بنفسها عليه ، فتزوجها وبنى بها صلی اللّه علیه و آله وهو ابن خمس وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها غيرها ، ولا تزوج امرأة إلاّ بعد أن ماتت.
وكانت من أفضل نسائه وأحبهن إليه ، وكانت تنتظر نبوته ، ويسألها ابن عمها عن ذلك ، وعن دلائل تعرفها فيه ، فتخبره بذلك ، فيقول : هو واللّه النبي المنتظر ، وله في ذلك أشعار كثير قالها (1) ، ومات قبل أن يبعث اللّه نبيه محمدا صلی اللّه علیه و آله .
وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعارض خديجة ويخبرها بما يأتيه من قبل أن ينبأ به ، وما يراه في منامه ، وتخبره هي بقول ورقة ، فلما أتاه الوحي من عند اللّه عزّ وجلّ بالرسالة أخبرها بذلك ودعاها إلى الإسلام ، فأسلمت ، فكانت أول من أسلم ، ثم دعا عليا علیه السلام من غد ، فأسلم. وقد مضى ذكر خبر إسلامه علیه السلام (2).
وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ابتداء أمره إذا دعا قومه فكذبوه ،
ص: 16
ونالوا منه وهموا به ، منعه منهم عمه أبو طالب. وكان سيدا مطاعا فيهم ، وكان يأتي خديجة مغموما لما يناله منهم ، فتهدئه ، وتصبره ، وتهون عليه. وبذلت ما لها له ، فكان ذلك مما يعزّبه.
فلما كثر الاسلام والمسلمون بمكة مات أبو طالب عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثم ماتت خديجة بعده بثلاثة أيام. وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ما اغتممت بغمّ أيام حياة أبي طالب وخديجة لما كان أبو طالب يدفعه عنه وخديجة تعزيه وتصبره وتهون عليه ما يلقاه في ذات اللّه عزّ وجلّ.
[946] الدغشي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لفاطمة علیهاالسلام :
إن جبرائيل علیه السلام عهد إليّ إن بيت امك خديجة في الجنة بين بيت مريم ابنة عمران وبين بيت آسية امرأة فرعون ، من لؤلؤ جوفاء ، لا صخب فيه ولا نصب.
[947] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : قال لي جبرائيل :
بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب فيه - يعني قصب الزمرد -.
[948] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه أهدى إليه لحم جمل - أو لحم جزور -. فأخذ بيده لحما ، فأعطاه رسول اللّه ، وقال : اذهب الى فلانة - أو قال [ الى ] فلان -.
ص: 17
فقالت عائشة : يا رسول اللّه لم غمرت يدك قد كان فينا من يكفيك؟
قال : ويحك إن خديجة أوصتني بها - أو قال : [ أوصتني ] به -.
يعني من أرسل ذلك اللحم إليه. فأدركت عائشة الغيرة لذكر خديجة. فقالت : كأن ليس في الأرض امرأة إلا خديجة.
فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو غضبان فلبث ما شاء اللّه أن يلبث. ثم دخل عليها وعندها امها - أم رومان - (1). فقالت : يا رسول اللّه ما لعائشة؟ إنها حدثة ، وهي غيراء.
فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بشدق عائشة ، ثم قال : ألست القائلة : كأن ليس في الأرض امرأة إلا خديجة؟ لقد آمنت بي إذ كفر بي قومك ، وقبلتني إذ رفضني قومك ، ورزقت مني الولد إذ حرمت مني.
قالت عائشة : فما ترك شدقي حتى ذهب من نفسي كل شيء كنت أجده على خديجة.
[949] وبآخر ، عن عروة بن الزبير (2) ، قال : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة (3).
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لقد رأيت لخديجة بيتا من
ص: 18
قصب لا صخب فيه ولا نصب. وهو قصب اللؤلؤ.
[950] وبآخر ، عن ابن شهاب ، قال : بلغني أن خديجة بنت خويلد كانت أول من آمن باللّه عزّ وجلّ ورسوله ، وماتت قبل أن تفرض الصلاة.
[951] وبآخر ، عن الليث بن سعد ، قال : أخبرني غير واحد أن ميسرة - غلام خديجة بنت خويلد - قدم من الشام في السفر الذي خرج فيه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، سبق الى خديجة فأخبرها بخبره مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وبما أصاب من الربح ببركته ، وبما رأى منه.
فقالت له : أرينه إذا دخلت العير.
ووقفت حتى دخل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على بعير.
فقال لها ميسرة : (1) هذا محمد وهذه السحابة التي ذكرت لك.
فنظرت خديجة الى سحابة من نور تظله ، وتسير معه ، لما أراد اللّه عزّ وجلّ من كرامتها به. ووقع في قلبها لما أراده اللّه بها من السعادة. فأرسلت الى عمها وصنعت له طعاما وشرابا ، فأكل وشرب حتى إذا أخذ الشراب منه أرسلت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أقبل أنت ونفر من أهل بيتك فليخطبوني في ذلك من عمي فإنه سيزوجك. ففعل ، وأتوه وهو ثمل ، فكلموه في ذلك ، فتزوجها. وأمرت بمكانها بحلة حبرة فألقتها عليه ، وبعير فنحر ليأكل منه الناس ، وبطيب عبير فطيبت به عمها. فلما أفاق من سكره قال : ما هذه الحبرة ، وما هذا البعير. وما هذا اللحم؟
قالوا : زوجت خديجة من محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب.
ص: 19
قال : ما فعلت.
قالت خديجة : لا تجمع على أمرين ، إن عقدت عليّ ولم تشاورني ثم تسفه نفسك في قومك ، وقد حضرك فلان وفلان وفلان ، فان الرجل وإن كان قليل المال حدث السن ، فله نسب وأصل في قومه ، فاسكت على ما صنعت ، فأنا كنت أولى بالغضب منك إذ زوجتني بغير أمري.
فقبل ذلك ، وسكت.
[952] عن عائشة ، قالت : سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صوت هالة بنت خويلد (1) ، فقال : ما رأيت كاليوم صوتا أشبه بصوت أم هند - يعني خديجة - من هذا الصوت.
قالت عائشة : فقلت : يا رسول اللّه ما يذكرك عجوزا من عجائز قريش!.
فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غضبا شديدا لم أره غضب مثله قبله ولا بعده.
ثم قال : لا تذكري أم هند ، فقد كانت لها مني اثنتان أول من آمنت بي ، ورزقت مني الولد وحرمتيه.
[953] وبآخر ، عن قتادة (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : كفى بك من نساء العالمين (3) أربع : مريم ابنة عمران ، وآسية
ص: 20
امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد.
[954] الليث بن سعد ، باسناده ، عن [ ابن ] (1) شهاب ، قال : بلغنا أن خديجة كانت أول من آمن باللّه ورسوله ، وماتت قبل أن تفرض الصلاة.
[955] وكيع ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لخديجة : يا خديجة ، هذا جبرائيل يخبرني أن اللّه عزّ وجلّ أرسله إليك بالسلام.
فقالت خديجة : اللّه السلام ولله السلام وعلى جبرائيل السلام.
[956] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ذكر يوما خديجة فأثنى عليها ، وعائشة تسمع.
فقالت عائشة : عجبا منك كان رجلا لم يتزوج قبلك ذات وجنتين.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أذكرتيها يا عائشة؟
وغضب فاشتدّ غضبه.
قال : واللّه لقد كانت أول من آمن بي ، وصدّقني وتبعني.
فقالت عائشة : أعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله.
فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا تعودي يا عائشة أن تذكري خديجة إلا بما هي أهله.
فقالت عائشة : واللّه لا أعود الى ذلك أبدا.
[957] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه ذكر يوما خديجة ، فترحم عليها ، وذكر محاسن أفعالها ، فغارت عائشة لذلك.
قالت : ليت شعري ، ما يذكرك من عجوز حمراء الشدقين قد
ص: 21
أبدلك اللّه عزّ وجلّ بها من هو خير منها! فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غضبا شديدا.
قال : لا واللّه ما بدلت خيرا منها لقد آمنت بي قبل أن تر مني ، وصدّقتني قبل أن تصدّقن ، ورزقت مني من الولد ما قد حرمتنّ.
فقالت عائشة : واللّه لا أذكرها بعد هذا بسوء يا رسول اللّه.
فخديجة رضوان اللّه عليها ولدت الأئمة ، وكانت أول من آمن من الامة واللّه عزّ وجلّ يقول وهو أصدق القائلين : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) وبشرها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة وآتاها جبرائيل علیه السلام عن اللّه عزّ وجلّ ، وأنفقت مالها في سبيل اللّه وعلى رسوله صلی اللّه علیه و آله . وكانت أول من عرفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من النساء وبنى بها منهن ، لم يعرف من النساء امرأة قبلها. وكانت أحبّ أزواجه إليه وأكرمهن عليه وأفضلهن عنده وأم بنيه وبناته ومسليته كما ذكر صلی اللّه علیه و آله ومفرجة غمومه. ولم يكن بينه وبينها اختلاف أيام حياتها حتى قبضت وهو عنها راض ولها شاكر رحمة اللّه ورضوانه عليها.
ص: 22
كانت أحبّ بناته إليه وأكرمهن عليه ، وخصّ اللّه عزّ وجلّ بها وصيه وخليفته من بعده على امته ، وهي أمّ الأئمة من ذريته. ولها من الفضل ما يطول ذكره. فمن ذلك ما رواه.
[958] الدغشي ، عن عائشة ، أنها قالت : أقبلت يوما فاطمة بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، تمشي - كأن مشيتها مشيته - فلما رآها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : مرحبا يا بنتي.
ثم أجلسها الى جانبه ، فأسرّ إليها سرا. فبكت [ بكاء شديدا ] (1).
فقلت لها : سبحان اللّه ، خصّك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بسره وتبكين.
ثم أقبل عليها رسول اللّه ، فأسرّ إليها سرا أيضا ، فضحكت.
فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن وضحكا أقرب من بكاء.
ثم سألتها بعد ذلك عما أسره إليها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقالت : ما كنت لأفشي سره في أيام حياته.
ص: 23
فلما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سألتها عن ذلك.
فقالت : إنه أسرّ إليّ : يا فاطمة ، إن جبرائيل علیه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة ، وإنه عارضني به في هذا العام مرتين لا أراني إلا وقد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ، فبكيت. ثم أسرّ لي ثانيا ، فقال لي : يا فاطمة ، إني لك نعم السلف أوما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الامة - أو قال : نساء المؤمنين - فسررت بذلك ، وضحكت.
[959] وبآخر ، عنه صلی اللّه علیه و آله ، أنه نظر يوما الى فاطمة علیهاالسلام ، فقال لها :
يا فاطمة إنك سدت نساء امتي كما سادت مريم ابنة عمران على نساء [ عالمها ] (1).
[960] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : زارنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاستسقى الحسن. فقام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى [ منحة ] (2) لنا بكية (3) ، فمصّ منها في قدح ، وأتى به الحسن ، فقام إليه الحسين ، فنال بيده إليه بكفه.
فقالت فاطمة : كأن الحسن أحبهما إليك يا رسول اللّه؟
قال : لا ، إلا أنه هو الذي استسقاه ، اني وإياك وهذان - يعني
ص: 24
الحسن والحسين - وهذا - وأومى إليّ - في الجنة في مكان واحد [ يوم القيامة ] (1).
قوله : منحة لنا بكية يعني : شاة للحلب ، قليلة اللبن في الضرع بغير درة فيه. ويقال منه : مصّ صلبه : الشيء إذا أعطاه إياه قليلا قليلا.
والمصّ أيضا : الحلب الذي باصبعين.
[961] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : سيد اشباب أهل الجنة الحسن والحسين إلا ابني الخالة يحيى وعيسى. وامهما سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم ابنة عمران (2).
[962] وبآخر ، عن عبد اللّه بن مسعود (3) ، قال : جاء علي علیه السلام الى أبي ثعلبة الجهني ، فقال له : يا أبا ثعلبة ، أقرضني دينارا.
قال : أمن حاجة ، يا أبا الحسن؟
قال [ أمير المؤمنين ] : نعم.
قال : فشطر مالي لك ، فخذه حلالا في الدنيا والآخرة.
فقال له علي علیه السلام : ما بي حاجة الي غير ما سألتك.
قال : فربع مالي أو ما أردت منه خذه حلالا في الدنيا والآخرة.
قال : ما اريد غير قرض دينار ، فإن فعلت ، وإلا انصرف.
ص: 25
فدفع إليه دينارا واحدا ، فأخذه ليشتري به لأهله ما يقوتهم وقد مضت لهم ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا. فمرّ بالمقداد قاعدا في ظل جدار قد غارتا عيناه من الجوع.
فقال له علي علیه السلام : يا مقداد ما أقعدك في هذه الظهيرة في ظل هذا الجدار.
قال : يا أبا الحسن ، أقول كما قال العبد الصالح لما تولى الى الظل ( رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) (1).
قال : مذ كم يا مقداد؟
قال : مذ أربع ، يا أبا الحسن.
قال علي علیه السلام : فنحن مذ ثلاث وأنت مذ أربع ، أنت أحق بالدينار.
فأعطاه الدينار ، ومضى علي علیه السلام الى المسجد فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ وكان ذلك اليوم صائما ، فأتاه جبرائيل علیه السلام فقال : يا محمد يكون إفطارك الليلة عند علي وفاطمة علیهماالسلام : فلما قضى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة المغرب أخذ بيد علي ومشى معه الى منزله ودخلا.
فقالت فاطمة : وا سوأتاه من رسول اللّه أما علم أبو الحسن أنه ليس في منزلنا شيء.
ودخلت الي البيت ، فصلّت ركعتين ، ثم قالت :
اللّهمّ إنك تعلم أن هذا محمد رسولك ، وأن هذا صهره علي وليك ، وأن هذين الحسن والحسين سبطا نبيك ، وأني فاطمة بنت نبيك ، وقد نزل بي من الأمر ما أنت أعلم به مني ، اللّهمّ فأنزل علينا
ص: 26
مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل ، اللّهمّ إن بني إسرائيل كفروا بها وإنا لا نكفر بها.
ثم التفت ، فإذا هي بصحفة (1) مملؤة ثريد عليها عراق كثير تفور من غير نار ، تفوح منها رائحة المسك. فحمدت اللّه وشكرته واحتملتها ، فوضعتها بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام ودعت الحسن والحسين علیهماالسلام ، وجلست معهم. فجعل علي يأكل وينظر إليها.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أبا الحسن كل ولا تسأل حبيبتي عن شيء. فالحمد لله الذي رأيت في منزلك مثل مريم بنت عمران : ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (2) هذا يا أبا الحسن بالدينار الذي أعطيته المقداد. قسمه اللّه عزّ وجلّ على خمسة وعشرين جزء. عجّل لك منها جزء في الدنيا ، وأخّر لك أربعة وعشرين منها الى الآخرة.
[963] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أن اللّه عزّ وجلّ لما أنزل على رسوله صلی اللّه علیه و آله : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (3) دعا فاطمة ، فأعطاها فدكا.
[964] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :
ص: 27
زوّجني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خير نساء هذه الامة ، وأنا خير الوصيين.
[965] عن النور ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه ذكر عليا ، فقال : صهر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نزل جبرائيل على النبي صلی اللّه علیه و آله فقال :
يا محمد ، إن اللّه يأمرك أن تزوج فاطمة من علي.
[966] الفضل بن دكين (1) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :
لما زفّت فاطمة الى علي علیه السلام كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قدامها (2) ، وجبرائيل عن يمينها ، وميكائيل عن شمالها ، وسبعون الف ملك من خلفها يسبحون اللّه ويقدّسونه حتى طلع الفجر.
[967] ابن الأعرابي ، باسناده ، عن أسماء بنت عميس (3) ، أنها قالت : كنت فيمن زفّت فاطمة الى علي علیه السلام ، فلما دخلت بيتها أقبل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى دخل عليها ، فدعا بماء ، فذكر اسم اللّه عليه ، ثم شرب منه ، ومجّ من الماء فيما بين درع فاطمة وبدنها ، ثم مجّ منه أيضا فيما بين سربال علي وبدنه.
ص: 28
ثم قال : اللّهمّ احفظ أهل البيت ، وبارك فيهم وبارك عليهم ، واجعلهم مباركين أين كانوا.
ثم جزى اللّه أسماء وصويحباتها خيرا.
[968] أحمد بن الطبري ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سألت أمي عن صفة فاطمة علیهاالسلام .
فقالت : بيضاء بيضة كأنها القمر في ليلة التمام ، والشمس إذا خرجت من السحاب (1).
[969] جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي علیهم السلام ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لفاطمة : يا فاطمة إن اللّه عزّ وجلّ ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك.
فقيل : إن بعض موالي (2) جعفر بن محمد علیه السلام بلغه هذا الحديث ، فأتاه.
فقال : ما هذا الحديث الذي يحدّث عنك بعض فتبان قريش؟
قال : وما هو؟
قال : يزعمون أنك حدّثتهم أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال لفاطمة علیهاالسلام : إن اللّه ليغضب لغضبك.
قال : نعم ، قد حدثتهم بذلك ، فما أردت بسؤالك عن ذلك؟
ص: 29
قال : سمعت قوما ينكرونه.
قال : أو ليس قد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال :
إن اللّه عزّ وجلّ ليغضب لعبده المؤمن [ ويرضى لرضاه ] ، فما أنكروا أن تكون فاطمة أحد المؤمنين [ يغضب اللّه لغضبها ويرضى لرضاها ] (1).
قال الموالي : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.
[970] حسن بن زيد ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
إنما فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ، ومن أحبها فقد أحبني ، ومن سرها فقد سرني (2).
[971] موسى بن أيوب ، باسناده ، عن أسماء ابنة عميس ، أنها قالت : لما اشتكت فاطمة علیهاالسلام شكواها التي توفيت فيها.
قالت لي : وا سوأتاه ، فما يصنع بالنساء إذا متن؟
قالت : وكنّ يحملن على سرير الموتى وعليهم ثوب.
فقلت لها : ألا اريك شيئا رأيته إذ كنت مع ابن عمك بأرض الحبشة يصنعونه بالنساء إذا حملن.
قالت : نعم.
ص: 30
فدعوت بجريد [ رطبة ] ، وعملت نعشا ثم أراءتها إياه ، فاستحسنته وقالت : نعم ، اجعلي هذا عليّ ولا يلي غسلي إلا علي وأنت.
وأمرت صلوات اللّه عليها بأن تدفن ليلا.
فدفنت ليلا ، ولم يصلّ أحد منهم عليها ، ولا عرفوا مكان قبرها ... وقالوا في ذلك لعلي علیه السلام ، فقال : بذلك أوصت.
وكان الذي بين وفاتها ووفات رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبعين يوما.
[972] سفيان ، باسناده ، أن عليا علیه السلام ذكرت له بنت أبي جهل ، فأراد أن ينكحها ، فبلغ ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال على المنبر - وعلي علیه السلام يسمعه - : ألا وإنه انتهى إليّ أن عليا أراد أن ينكح العوراء ابنة أبي جهل ، ولم يكن له أن يجمع بين بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبنت عدو اللّه ، وإنما فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني (1).
ص: 31
فماتت صلوات اللّه عليها وهي غضباء على جميعهم لما [ منعوها وأخذوا ] (1) من حقها ، واستنصرت بهم فلم تجد أحدا ينصرها. ومن أجل ذلك منعتهم الصلاة عليها ، وأوصت أن تدفن ليلا كما جاء ذلك ، ولم يشهدها غير علي علیه السلام وخاصته وذلك لما كان من أمرها.
[973] مما رواه محمد بن سلام بن سار الكوفي ، باسناده ، عنها علیهاالسلام ، أنه لما أمر أبو بكر بأخذ فدك (2) من يديها ، وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أقطعها إياها لما أنزل اللّه عزّ وجلّ ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (3) فكانت مما أفاء اللّه عزّ وجلّ عليه.
فقال أبو بكر : هي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فشهد علي علیه السلام وأم أيمن - وهي ممن شهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة - إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أقطعها ذلك فاطمة علیهاالسلام .
فردّ أبو بكر شهادتها ، وقال : علي جار الى نفسه وشهادة أم أيمن وحدها لا تجوز.
فقالت فاطمة علیهاالسلام : إن لا يكن ذلك ، فميراثي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ص: 32
فقال : إن الأنبياء لا يورثون.
وهذا خلاف كتاب اللّه عزّ وجلّ لأنه يقول جلّ من قائل : ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (1) وقال حكاية عن زكريا علیه السلام : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (2). وذكر فرض المواريث ذكرا عاما لم يستثن فيها أحدا.
خرجت صلوات اللّه عليها في ذلك الى مجلس أبي بكر ، واحتجت فيه عليه ، فلم ينصرف الى قولها واستنصرت الامة فلم تجد لها ناصرا ، فلذلك ولما هو أعظم وأجلّ منه في الاستيثار بحق بعلها ، وبينها لزمت فراشها أسفا وكمدا (3) حتى لحقت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد سبعين يوما من وفاته غما وحزنا عليه ، وهي ساخطة على الامة لما اضطهدته فيها وابتزته من حق بعلها وبنيها.
ص: 33
[974] [ وروى ] (1) محمد بن سلام ، باسناده ، عن فاطمة علیهاالسلام ، أنه لما اعتزم أبو بكر على منعها فدك والعوالي (2). لاءت خمارها على رأسها [ واشتملت بجلبابها ] ، ثم أقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مشيتها حتى انتهت إلى أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار. فنيطت دونها ودون الناس ملاءة. [ فجلست ] ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء [ فارتجّ المجلس ].
فأمسكت حتى سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم. ثم افتتحت الكلام بالحمد لله والثناء عليه بما هو أهله ، والصلاة على نبيه محمد صلی اللّه علیه و آله . فعلت أصوات الناس بالبكاء عند ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فأمسكت حتى سكنوا ثم قالت :
[ أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد ، أقول عودا وبدء ، ولا أقول ما أقول غلطا ، ولا أفعل ما أفعل شططا ] (3) بسم اللّه الرحمن
ص: 34
الرحيم ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (1). فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، قد بلغ النذارة صادعا بالرسالة ، سائلا عن مدرجة المشركين ، حائدا عن سنتهم ، ضاربا ثبجهم (2) ، وآخذا بأكظامهم ، يجذ الهام ويكبّ الاصنام ، حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، وأوضح الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وفهتم بكلمة الإخلاص ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأ الإقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القد ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم اللّه برسوله صلی اللّه علیه و آله بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، وبعد لفيف من ذوايب العرب ، كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغرة للمشركين [ فاها ] قذف أخاه عليا في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ سماكها بأخمصه ، ويخمد حرّ لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللّه [ مجتهدا في أمر اللّه ، قريبا من رسول اللّه ، سيدا في أولياء اللّه ] مشمرا ناصحا ، وأنتم في رفاهية ، وادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللّه لنبيه دار أوليائه ومحل أنبيائه ، ظهرت حسكة النفاق واستهتك جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الآفلين ، وهذر فنيق المبطلين ، يخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مجيبين ولعزمه متطاولين ، واستنهضكم فوجدكم خفافا ،
ص: 35
وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم ، هذا ، والعهد قريب والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل [ والرسول لما يقبر ].
حذرا زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا ، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات [ منكم ، وكيف ] بكم وأنى لكم أنى تؤفكون ، وكتاب اللّه بين أظهركم [ اموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ] وزواجره بينة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة. أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلا.
ألا ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
ثم أنتم هؤلاء تزعمون أن لا إرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون؟ ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون؟
إيها معاشر [ الناس ] أبتزّ إرثيه.
[ يا ابن أبي قحافة ] أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي! لقد جئت شيئا فريا.
[ جرأة منكم على قطيعة الرحم ونكث العهد.
أفعلي عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول :
( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (1) وفيما اقتصّ من خبر يحيى وزكريا إذ يقول ( قالَ رَبِ ) ( ... فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (2) وقال عزّ وجلّ : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (3) وقال تعالى : ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً
ص: 36
الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (1).
وزعمتم أن لا حظّ لي ولا إرث من أبي. أفخصكم اللّه بآية أخرج أبي منها؟ أم تقولون : إن أهل ملّتين لا يتوارثان؟
أو لست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم ممن جاء به ] (2).
فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم اللّه ، والزعيم محمد ، والموعد يوم القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولكلّ نبأ مستقر ، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم.
ثم عدلت صلوات اللّه عليها الى مجلس الأنصار ، فقالت :
معاشر [ النقيبة ] (3) وأعضاد الملّة وحصون الإسلام ما هذه الفترة في حقي والسنة عن ضلامتي؟ أما كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ أبي يقول : المرء ] (4) يحفظ في ولده.
سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. ثم تقولون مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه ، واستشمر فتقه لفقدان راتقه فاظلمت البلاد لغيبته واكتأب خيرة اللّه لموته (5) واكدت الآمال واطيع الحريم وزالت الحرمة عند مماته صلی اللّه علیه و آله .
فتلك نازلة أعلن بها كتاب اللّه في [ افنيتكم ] (6) ، وعند ممساكم
ص: 37
ومصبحكم هاتفا بكم ولقبل ما حلّ بأنبياء اللّه ورسله. ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) (1).
[ إيها بني قيلة! أأهضم ] (2) تراث أبي؟ وأنتم بمرأى ومسمع تشملكم الدعوة ، وفيكم [ العدة ] والعدد ولكم الدار ، وأنتم نخبة اللّه التي انتخب لدينه وأنصار رسوله والخيرة التي اختار لنا أهل البيت ، فنابذتم [ فينا ] العرب ، وكافحتم الامم ، حتى دارت بكم وبنا (3) رحى الإسلام ، وخضعت رقاب أهل الشرك ، وخبت نيران الباطل ، ووهنت دعوته ، واستوسق نظام الدين ، فنكصتم بعد الإقدام ، وأسررتم بعد البيان لقوم نكثوا أيمانهم ( أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (4).
[ ألا لا أرى واللّه إلا أن أخلدتم الى الخفض وركنتم الى الدعة فمججتم الذي استرعيتم ، ولفظتم الذي سوغتم ( إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ. أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ) (5) ( وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) ] (6).
ص: 38
ألا ، لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفزّ قلوبكم. ولكن قلت الذي قلت لبثة الصدر ونفثة (1) الغيظ ومعذرة إليكم وحجة عليكم وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإنّ اللّه لغنيّ حميد.
فدونكموها ، فاحتقبوها دبرة الظهر باقية العار موسومة [ بغضب اللّه ] وشنار الأبد موصولة بنار اللّه الموقدة التي تطّلع على الأفئدة. فبعين اللّه ما تفعلون ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فاعملوا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون.
ثم قالت : ربنا احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين.
ثم انحرفت الى قبر أبيها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقالت : (2).
قد كان بعدك أنباء وهنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فأشهدهم فقد شغبوا (3)
[ إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب
ابدى رجال لنا نجوى صدورهم *** لما مضيت وحالت دونك الترب ]
تجهّمتنا رجال واستخفّ بنا *** إذ غبت عنا فكل الخلق قد غضبوا (4)
ص: 39
[ وكنت بدرا ونورا يستضاء به *** عليك تنزل من ذي العزة الكتب
وكان جبريل بالآيات يؤنسنا *** فقد فقدت وكل الخير محتجب ]
فليت قبلك كان الموت حلّ بنا *** قوم تمنوا فعموا بالذي طلبوا (1)
[ إنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن *** من البرية لا عجم ولا عرب ] (2)
ثم انصرفت صلوات اللّه عليها الى منزلها ، فلم تزل ذات فراش حتى لحقت برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما أخبرها أنها أول لاحق به من أهل بيته.
شرح ما في خطبة فاطمة صلوات اللّه عليها جملة ذلك أن معنى كلامها هذا علیهاالسلام ليس فيما منعت من فدك والعوالي خاصة ، بل كان ذلك فيما تغلب فيه عليها من ذلك وعلي بعلها والأئمة من بعده بنيها من الإمامة التي جعلها عزّ وجلّ فيهم ونصّ بها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فما قدمنا في هذا الكتاب ذكر جمل منه.
وأرادت بذلك صلوات اللّه عليها ما قد ذكرته في كلامها من إقامة الحجة على الامة ، وإبلاغ المعذرة إليهم ، وإيضاح الحقّ والبيان فيما فيها اهتضموه ، وتغلب عليهم فيه واستأثر من حقهم به لئلاّ يقولوا ، كما قالوا : أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سلموا ذلك طائعين ، ولم يكن خروجها لما خرجت له وقالته من ذلك إلا عن إذن علي علیه السلام إذ لا يجوز أن تخرج من بيتها لمثل هذا المقام ، وأن تتكلم على رءوس الناس بمثل هذا [ من ] المهاجرين والأنصار.
ص: 40
الحشد : الجمع إذا دعوا فأتوا لما دعوا له.
كان أبو بكر قد علم بمجيء فاطمة علیهاالسلام إليه ، فجمع الناس لئلاّ يعتابوا عليه رأيا إذ لم يكونوا بحضرته.
وقوله : نيطت دونها ودون الناس ملاءة.
نيطت : علقت ، يقال منه : ناط الشيء ينوطه : إذا علقه. يقال منه : نطت القربة إذا علقتها.
والنوط علق الشيء ، وهو مصدر ناط ، يقول : ناط الشيء بنوطة نوطا إذا علقه (1).
والملاءة : الربطة ، وهي مثل الرداء في العرض والطول.
وقوله : أجهش القوم بالبكاء.
يقال منه : أجهش نفسي ، إذا نهضت إليه وهم بالبكاء (2). قال الطرماح :
أجهش نفسي وقلت ألا لا تبعدوا.
وقوله : حتى سكن نشيج القوم.
يقال منه : نشيج الباكي ، ينشج إذا غصها البكاء في حلقه ولما ينتحب. ومن ذلك نشيج الحمار ، لأنه صوت في حلقه. ويقال منه : نشجت القدر : إذا غلت (3) ، والطعنة إذا سمع خروج الدم منها ، صوت في داخلها.
وقولها : فإن تعزوه : من اعتزى ، والاعتزاء : الاتصال في الدعوة ، إذا كانت حرب. فكل من ادعى في شعاره أنا فلان بن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه.
ص: 41
قال نصر بن سيار :
فكيف وأصلي من تميم وفرعها الى أصل فرعي واعتزاي اعتزاؤها وقولها : صادعا بالرسالة.
من قول اللّه عزّ وجلّ ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) (1). يقال منه : صدع الرجل بالحق إذا تكلم به جهارا.
وقولها : مائلا عن مدرجة المشركين. أي عن طريق الباطل الذي هم عليه.
والمدرجة : ممرّ الإنسان على مسلك الطريق. وكذلك مدارج الريح. يقال :
ريح دروج : وهي التي تؤثر في الأرض خطوطا كالطريق.
قال العجاج :
أمثالها في الراسيات مدرجة
وقولها : ضاربا ثبجهم.
الثبج : أعلى الكاهل. والكاهل : أصل العنق تعني ضرب رقابهم.
وقولها : آخذا بأكظامهم.
الكظم مخرج النفس. يقال منه : قد غمّه الشيء فأخذ بكظمه. فما يقدر أن يتنفس فهو مكظوم.
وكظيم : أي مكروب (2).
وقولها : يجذ الهام.
تقول : بقطع الرءوس. والجذ : القطع المستأصل الوحي والكسر للشيء الصلب.
وقولها : يكبّ الأصنام.
تقول : يكفئها على وجوهها. وذلك كسره صلی اللّه علیه و آله إياها وقلبه
ص: 42
لها عن مواضعها التي كانت فيها على الكعبة وغيرها.
وقولها : ونطق زعيم الدين.
الزعيم هاهنا الذي يسود قومه. يقال منه : زعم يزعم زعامة : اي صار لهم زعيما (1) ، ولذلك قيل للكفيل زعيم ، كأنه ساد من كفل به. وعنت صلوات اللّه عليها بزعيم الدين : رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، تقول : إنه نطق بالرسالة وبما أوحاه اللّه عزّ وجلّ إليه من القرآن.
وقولها : خرست شقاشق الشياطين.
الخرس : ذهاب الكلام وذهاب الصوت من الشيء. يقال منه : كتيبة خرساء : إذا لم يسمع لها صوت ولا جلبة ، وعلم اخرس : إذا لم يسمع صوت صدى (2).
والشقاشق : جمع شقشقة ، وهي التي يغط بها البعير ، وتخرج من شدقه إذا هدر. وإذا نحر لم توجد كذلك ، وإنما هي لحمة في آخر فيه تنتفخ إذا هاج وتمتد حتى تخرج من حلقه ، فاذا سكن انفشت. والناقة تهدر ولا تغط (3) ، لانه لا شقشقة لها تمتد كذلك إذ لا تهيج ، فضربت ذلك مثلا لصولة الكفار وانقطاعها برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
والشياطين جمع الشيطان ، على قدر فيعال. يقال منه : تشيطن الرجل ، وتشطن : أي صار شيطانا ، وفعل فعله.
وقولها : فهتم بكلمة الاخلاص.
يقال منه فاه الرجل بالكلام : إذا لفظ به ، وهو يفوه به شعر ، وما فاهوا به ولهم مقيم. ورجل مفوه : قادر على الكلام.
ص: 43
وكلمة الإخلاص : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدا رسول اللّه.
وقولها : مذفة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأ الأقدام.
المذاق في الشراب : خلط الماء باللبن. تقول مذقته : إذا خلطته مذقا.
والنهزة : اسم الشيء الذي يتناول ويمكن تناوله كالغنيمة. يقال : انتهزها فقد امكنتك قبل الفوت.
والقبس : شعلة النار ، قال اللّه عزّ وجلّ حكاية عن موسى علیه السلام :
( إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) (1). يقال للآخذ من ذلك قبس واقتبس إذا أخذ من لهب النار في طعم يعلق به. ومن ذلك يقال : قبست العلم فاقتبسته ، واقتبست الرجل نارا. وأقبسته علما إذا أعطيته ذلك (2).
وموطأ الأقدام : الموضع الذي تطأه. ضربت ذلك صلوات اللّه عليها مثلا لما كانوا فيه من الذلة حتى أعزّهم اللّه عزّ وجلّ برسوله صلی اللّه علیه و آله ، وأن الناس كانوا يتخطفونهم من حولهم كما أخبر اللّه عزّ وجلّ بذلك في كتابه ويطعمون فيهم وينتهزونهم ويطئونهم بالذل والصغار.
وقولها : تشربون الطرق.
والطرق : الماء الذي بالت فيه الدواب قد اصفر (3) تقول : هذا ماء قد طرقته الإبل وهي تطرقه طرقا ، وهو ماء طرق.
قال الشاعر :
وقال الذي يرجو الغلالة وادعوا *** عن الماء لا يطرق ومن طوارق
فما زلن حتى صار طرقا وشسه *** بأصفر تذريه سجالا أيانق
ص: 44
وقولها : تقتاتون القد.
من القوت. والقد : ما يقد من الجلد الني (1) ومنه اشتق القديد الذي يقد من اللحم وكانوا يأكلون [ ذلك ] عند المسغبة.
وقولها : أذلة خاشعين.
الذل : الهوان. والخشوع : الخضوع.
وقولها : بعد اللتيا والتي.
واللتيا : تصغير التي ، والتي : معرفة لتي ولا تقول بها في المعرفة إلا على هذه اللغة ، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للاخرى ، وجمعها اللاتي ، وجمع الجمع اللواتي. وكأنهم كنوا بها في قولهم اللتيا والتي عن شدة أو داهية صغرى وكبرى.
وقولها : بعد لفيف ذوايب العرب.
فاللفيف : ما اجتمع من الناس من قبائل شتى (2) ، يقال منه : جاء القوم بلفهم ولفيفهم. ولف الناس ما يلف من هاهنا وهاهنا كما يلف الانسان القوم لما يريده من شهادة زور وغير ذلك مما يريد أن يجمعهم إليه من مثل هذا.
والذوايب جمع ذؤابة. وذؤابة القوم موضع عزهم وشرفهم ، يقال منه : فلان من ذؤابة بني فلان إذا كان من أهل بيت شرفهم وعزهم. والجمع ذوائب والقياس الذائب ، ولكنهم يستثقلون الجمع بين همزتين فلينوا الاولى منهما.
وقولها : كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغزة للمشركين فاها قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها.
أحشوا : أوقدوا. تقول : حششت النار بالحطب. وأنا أحشها ، وهو ضمك ما تفرق من الحطب الى النار لتستوقد. قال العجاج :
تاللّه لو لا أن تحش الطبخ *** بي الجحيم ، حيث لا مستصرخ
ص: 45
يعني بالطبخ : ملائكة النار الموكلين بالعذاب من فيها ، شبههم بالطباخين الذين يوقدون النار على اللحم ليطبخوه (1).
ونجم قرن للضلالة ، تقول : ارتفع للضال ونجم قام. يقال للخارج الذي يخرج على السلطان ناجم لقيامه على من يقوم عليه. وقرن الرجل نده في الشجاعة والقوة. ويقال منه : تبارزت الأقران وتواجهوا واقتتلوا.
وفغرت فاغرة فاها. والفغر : فتح الفم. يقال : فغر الرجل فاه : أي فتحه.
والفاغرة : التي قد فتحت فمها. ضربت ذلك مثلا للحرب إذ اشتدت ومثلث من يقتل فيها بابتلاعها إياهم كأنها فغرت فاها : أي فتحته لتأتيهم من يقتل فيها.
قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها. تعني : إنهاض النبي صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام لمبارزة الأقران من المشركين الشجعان.
واللّهوات ، جمع لهات. واللّهات : لحمة مشرفة في أقصى الفم فيما يلي الحلق. ويقال : إنها شقشقة البعير ولكل ذي حلق لهاه. والجمع : اللّها ، واللّهوات.
وقولها : فلا ينكفئ ، تقول : لا ينقلب منهزما إذا بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لحرب. يقال منه الكفئ القوم إذا انهزموا وانكفأوا.
وقولها : حتى يطأ سماكها بأخمصه.
فالسماك والسمك : المرتفع. قال اللّه عزّ وجلّ ( رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ) (2) ويقال : سنام سامك : أي مرتفع. والسماكان : نجمان مرتفعان. ومن ذلك سمي الرجل سماكا ، يريدون به العلو والرفعة. تقول : لا ينثني ولا يرجع في الحرب حتى يطأ أعلى من فيها ، فمن يقاتله ويبارزه بأخمصه.
ص: 46
والأخمص : ما ارتفع من أسف القدم عن الأرض وهو وسطه. ويقال : وهو خميص القدم (1).
قال الشاعر :
وكأن أخمصها بالشوك منتعل
وقولها : ويخمد حرّ لهبا بحده.
تعني الحرب شبهتها ، فاذا هو قتل المناحبين له فيها أو هزمهم اخمدوا (2) كحدّ السيف وحدّ السنان. واحتدّ الرجل إذا غضب وحده وغضبه.
وقولها : وأنتم في رفاهية.
يقال منه : رفهه عيش فلان رفاهية ، فهو رفيه العيش ، أي هو في خير وخفض.
وقولها : ظهرت حسكة النفاق.
من حسك الصدر : وهو حقد العداوة. وتقول إنه حسك الصدر على فلان.
وقولها : واستهتك جلباب الدين.
استهتك ، استفعل من الهتك (3) ، والهتك أن تجذب ثوبا أو سترا فتقطعه من موضعه ، أو تشق طائفة فيبدو لذلك ما وراءه ، فلذلك يقال : هتك اللّه ستره ، ورجل مهتوك الستر ، متهتك. ورجل مستهتك لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته. ويقال ذلك لكل شيء هتك وأهتك واستهتك.
والجلباب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، فإذا فعلت ذلك قيل تجلببت (4) ، فضربت فاطمة صلوات اللّه عليها
ص: 47
ذلك مثلا لهتكهم حرمان الدين واستخفافهم بها.
وقولها : ونطق كاظم الغاوين.
فالكظم : السكوت. والكاظم : الساكت. تقول : نطق من كان من الغد ، أن قد أسكته رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . والغاوون جمع غاو من الغي. والغي مصدر من قولك غوي الغاوي ، فهو يغوى غيا. والغي : الضلال ضد الهدى.
وقولها : نبغ خامل الآفلين.
يقال : نبغ فلان إذا قال الشعر ولم يكن قاله قبل ذلك. وقيل : إن زيادا قال الشعر بعد أن كبر ، فسمي النابغة لذلك ، وقيل : بل سمي بذلك لقوله :
( وقد نبغت لهم مناشئون ) (1).
فمعنى نبغ هاهنا : ظهر اليوم من كان خاملا من الآفلين.
وقولها : وهدر فنيق المبطلين.
البعير يهدر هديرا وهدرا. والحمامة أيضا تهدر.
والفنيق : الفحل من الإبل.
ضربته مثلا لمن استفحل من المبطلين من الامة فراءس عليها وتناول ما ليس له منها.
وقولها : يخطر في عرصاتكم.
تعني : الفحل من الإبل الذي ضربته مثلا. والفحل من الإبل يخطر بزينه إذا مشى مختالا. وكذلك الناقة ، وكذلك الإنسان إذا مشى يخطر بيديه كبرا.
والعرصات : جمع عرصة. وعرصة الدار : وسطها.
وقولها : واطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم.
ص: 48
مغرز الشيء : أصله مثل مغارز الريش ، ومغارز الاضلاع.
وقولها : ولعزمه متطاولين.
المتطاول : الشيء المستشرف إليه. قال الشاعر :
تطاولت فاستشرفته فرأيته
فقلت له أأنت عمرو الفوارس
وقولها : واحمشكم فألفاكم غضابا.
تقول : أغضبكم فوجدكم كذلك. يقال منه الرجل إذا اشتدّ غضبه : قد استحمش غضبا.
وقولها : فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم.
مثل ضربته لاغتصابهم الامامة من أهلها وأخذهم غير حقهم منها.
وقولها : هذا والعهد قريب.
تعني برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وإن ذلك كان منهم بقرب وفاته.
وقولها : والكلم رحيب.
أي واسع. تعني ما تكلم به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في امامة علي علیه السلام فما أوجبها وأكدها.
وقولها : والجرح لما يندمل.
تقول يبرأ. واندمال الجرح : برؤه. تعني : موت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وقولها : أنى تؤفكون.
تقول : أين تصدون عن الحق. والأفاك الذي يأفك الناس عن الحق بالكذب. والإفك ، تقول : أفك الرجل عن أمر كذا ، إذا صرف عنه بالكذب والباطل.
وقولها : ابتز ارثيه.
تقول : اسلب ارثي ، تعني ميراثها من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي استلبته ومنعته.
ص: 49
والبز هاهنا الاستلاب. والعرب تقول : من عزّ بزّ معناه من غلب سلب.
والهاء من ارثيه زائدة وهي تسمى هاء الاستراحة من قول اللّه عزّ وجلّ ( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) (1) وقوله تعالى : ( وَما أَدْراكَ ماهِيَهْ ) وهي لغة قريشية.
وقولها : لقد جئت شيئا فريا.
والفريّ - هاهنا - : الأمر العظيم. والفري أيضا : الكذب. والفري : القذف.
وقولها : فدونكها مخطومة مرحولة.
تعني ظلامتها مثلتها بناقة عليها رحلها وخطامها ، ضربتها مثلا لظلامتها التي ارتكبها منها.
وقولها : والزعيم محمد.
فالزعيم : الكفيل. لأن محمدا صلی اللّه علیه و آله قد تكفل لمن أطاعه بالجنة. وتكفل لمن بغي عليه بالنصر ، والانتصاف ممن بغى عليه وظلمه.
وقولها : ما هذه السنة عن ظلامتي.
السنة : الوسن. يقال منه : قد وسن الرجل ، إذا أخذته سنة النعاس ، وقد غلبه وسنه. قال اللّه عزّ وجلّ : ( اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) (2) فالسنة النعاس من غير استشغال نوم.
قال الشاعر :
وسنان أقصده النعاس فرنقت *** في عينه سنة وليس بنائم (3)
ومعنى قولها ما هذه السنة عن ظلامتي تعني التغافل عنها. والتهاون بها كما يكون الناعس عن الشيء غافلا عنه إذا لم ينصروها في ذلك ، ولا أعانوها عليه.
وقولها : سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. هي كلمات تقولها العرب
ص: 50
لسرعان ما صنعت كذا وكذا. تعني أسرع ما صنعته ولوشكان ما خرجت ولعجلان ما جئت. قال الشاعر :
أيخطب فيكم بعد قتل رجالكم *** لسرعان هذا والدماء تصبب (1)
قولها : فخطب جليل استوسع وهيه.
فالخطب : الأمر ، يقال ما خطبك : أي ما أمرك. ويقال : هذا خطب جليل. وخطب يسير. والجمع خطوب. قال اللّه تعالى : ( فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ) (2).
واستوسع وهيه : أي اتسع ما وهي من أجله ، تعني : مصاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وما وهي من أجله من الأمر واتسع وهيه لذلك.
وقولها : واستشمر فتقه لفقدان راتقه.
يقال منه : رتق الفتق إذا لحمه وأصلحه. تعني فقدان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي كان يرتق ما انفتق من الامور.
وقولها : واكتابت خيرة اللّه في خلقه.
تعني بموت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والكآبة من الهمة ، والانكسار من الحزن في الوجه خاصة. تقول : كئب الرجل ، والكئب كأبة ، يوقف الألف ، وكآبة بالمد.
وقولها : واكدت الآمال.
تقول : انقطعت. قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) (3) أي قطع ما كان يعطيه. وقد قيل : إن المعطي إذا أعطى عطاء نزرا قليلا قيل أكدى ، والأول أشبه بالمعنى. ويقال : فلان قد بلغ الناس كديته : أي أنه كان يعطي ثم أمسك. قالت الخنساء :
ص: 51
فتى الفتيان ما بلغوا كداها
وقولها : [ إيها ] بني قيلة.
فهو من الدعاء المنسوب ، تقول : يا بني قيلة ، تعني : الأنصار ، وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مادر بن حبد اللّه بن الأمرد بن عوف بن نبتة بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، وهما ابنا قيلة ، وهم الأنصار ، نسبوا الى امهم.
وقولها : اهتضم تراث أبي.
تقول : انقص ميراث أبي. ويقال منه : هضمت حقي : أي انتقصته.
وهضمت من حقي طائفة : أي تركتها. والهضام : الذي يترك من حقه ويعطي غيره. يقال : قد هضم له من حقه (1) قال لبيد :
ومقسم يعطي العشيرة حقها *** ومعدلم لحقوقها هضامها
والتراث تاؤه واو وهو تركه الميراث. ولا يجمع كما يجمع الميراث. فيقال : تواريث.
وقولها : وأنتم نخبة اللّه التي انتخب لدينه.
النخبة : الخيرة لما اختير ، واستخلص نخبة ونخابة ، وهو مصدر النخيب :
المختار المستخلص المصطفى اختيارا على غيره. وتنخب : اختار واستخلص.
وقولها : فنابذتم العرب وكافحتم الامم.
المنابذة : انتباذ الفريقين للحرب. تقول : نبذت إليهم الحرب على سواء :
أي نابذناهم الحرب. والنبذ طرحك الشيء ، والمنبوذ : ولد الزنا الذي تنبذه أمه : أي تطرحه ليخفي أمرها. فكأن المنابذة طرح ما بين الفريقين من الصلح والاتفاق بين بعضهم وبعض.
والمكافحة - في الحرب - : المضاربة تلقاء الوجوه. قال الشاعر :
ص: 52
تكافح لوحات الهواجر بالضحى *** مكافحة للمنخرين وللفم (1)
وقولها : وخبت نيران الباطل.
الخبو : سكون لهب النار. وخبت النار : اذا سكنت. وخبت الحرب كذلك. وخبت النار تخبو خبوا : إذا طفئت.
وقولها : واستوسق نظام الدين.
تقول : اجتمع وانضمّ بعضه الى بعض.
والوسق : ضمّك الشيء بعضه الى بعض. والاتساق : الانضمام والاستواء. ويقال : استوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت. واستوسق النظام كذلك. وهذا مثل ضربته لاجتماع المؤمنين والفتهم على إقامة دين اللّه عزّ وجلّ في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وقولها : فنكصتم بعد الإقدام.
النكوص : الإحجام عن الشيء. يقال لمن أراد أمرا ثم رجع عنه : نكص على عقبيه.
وقولها : نكثوا أيمانهم.
نكث اليمين ، ونكث العهد والعقد : حلّه من بعد أن عقد وأبرم. وكذلك النقض. قال اللّه عزّ وجلّ : ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) (2) وقال أيضا : ( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) (3) وقال : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) (4). قيل : إن ذلك ضرب مثلا لامرأة حمقاء كانت تغزل الغزل ، ثم تفتله على خلاف ما فتلته إذا غزلته ، فينحلّ ويفسد وذلك النكث. والنكيثة اسم.
ص: 53
وقولها : لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفزّ قلوبكم.
[ خامر صدوركم ] (1) : خالطها. يقال منه : خامره الداء : إذا خالط جوفه.
وكلما يخمر بالماء يقال : اختمر. إذا خالطه يختمر به من طعم أو ريح لم يكن قبل ذلك فيه.
واستفزّ - استفعل - : من الإفزاز. والإفزاز : الإفزاع والذعر. ويقال : استفزّ الرجل حتى القي في الجهل ، واستفزّ حتى اخرج من داره : بمعنى خوّف وافزع حتى فعل ذلك.
وقولها : لبثة الصدر وبعثة الغيظ.
فبثة الصدر : خروج ما في القلب ، والحديث به. وأصل البث : تفريق الأشياء ، كبث الخيل في الغارة وبث الكلاب للصيد. وخلق اللّه الخلق وبثهم في الأرض وتقول : أبثه الحديث ابثاثا ، فأنا مبثه. والحديث مبث. تقول علیهاالسلام : ولكنني بثثت ما في الصدر. والبث أيضا شدة الحزن. قيل : لأن صاحبه لا يصير حتى يبثّه : أي يشكوه. قال اللّه عزّ وجلّ حكاية عن يعقوب :
( إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ ) (2) وقد يكون قولها أيضا في هذا إنها تبث ما في قلبها من الغم بما ذكرته وان كانت تعلم أن ذلك لا يصرفهم عما هم عليه.
وبعثة الغيظ ، ما يبعثه : أي يرسله. ويبعث عنه من القول وغيره.
وقولها : فدونكموها ، فاحتقبوها.
تعني ظلامتها التي تظلمت إليهم ، تقول : احتقبوا إثمها. وأصل الاحتقاب : شدّ الحقبة من خلف ، وكل ما حمل من خلف ، تقول : احتقب واستحقب ، والاثم كذلك يحتقب. قال الشاعر :
ص: 54
فاليوم فاشرب (1) غير مستحقب *** إثما من اللّه ولا واغل
وقولها : دبرة الظهر.
تعني بثقلها كما يدبر ظهر الدابة الحمل الثقيل.
وقولها : موسومة بشنار الأبد.
العيب والعار يلزم الرجل من فعل يفعله. عار وشنار. وقلّ ما يقرءون الشنار في العار. وكذلك جاء في هذا الكلام بعد ذكر العار ويجيء مفردا في الشعر.
قال الشاعر :
ولو لا رعيهم سمع الشنار
فهذا شرح آخر هذه الخطبة التي خطبتها فاطمة علیهاالسلام .
[975] الربيع بن صبيح (2) ، باسناده عن عائشة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - ، أنها سئلت : أيّ النساء احبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟
قالت : فاطمة. ومن الرجال ، علي.
قيل لها : وكيف ، وقد بلغنا أنه سئل أيّ النساء أحبّ إليك؟
فقال : عائشة بنت أبي بكر. وقيل : أيّ الرجال أحبّ إليك؟ قال : أبوها.
فقالت عائشة : اللّهمّ غفرا لا تخدعوني إني واللّه ما أنا عصبته فأقول ما لا أملكه ، إنهم إنما سألوه عن أيّ الناس أحبّ إليه ، ولم يسألوه عن
ص: 55
نفسه. وكيف يكون ذلك ، وفاطمة التي يقول لها : [ فداك ] (1) نفسي أنت سيدة نساء العالمين. فقيل له : يا رسول اللّه فأين مريم؟
قال : تلك سيدة نساء قومها.
فقال لها : يا فاطمة ، زوّجتك سيد العرب. فقيل له : يا رسول اللّه ، فأنت؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، وأبناؤه الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.
قيل لها : فإن ما بلغنا أن أبا بكر وعمر سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين.
فقالت : إني واللّه ما أدري ما هذا ولأن يكون كذلك أحبّ إليّ من حرم النعم ، فإن كان قاله ، فأين إبراهيم خليل الرحمن؟ ولكني سمعته يقول :
أهل الجنة شباب جرد مرد ليس عليهم شعر إلا على رءوسهم والحواجب منهم وأشفار العيون. ولم أسمعه يقول إن فيها كهولا. ولقد علمت أنكم إنما تدرءون فضل علي فو اللّه ما يمنعه أن يكون له الفضل وهو أول المؤمنين إيمانا برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأسبقهم الى نصرته ، وأقولهم بالحق ، ولقد كان صواما وقواما وآخر الخلق عهدا برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى فاضت نفسه في يده ، ولقد أوصى إليه بما لم يطمع فيه غيره.
[976] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه لما زوّج فاطمة علیهاالسلام من علي صلوات اللّه عليه ودخل بها ، جعلت أم أيمن (2) معها تؤنسها ، وفارقها من الليل ثم غدا إليها بالغداة
ص: 56
يدق الباب.
فقالت أم أيمن : من هذا؟
قال : أنا رسول اللّه.
فأتته مسرعة وهي تقول : فداك أبي وأمي. وفتحت له الباب.
فقال لها : يا أم أيمن ، هاهنا أخي (1).
قالت : يا نبيّ اللّه ، ومن أخوك؟
قال : علي بن أبي طالب.
قالت : يا نبيّ اللّه ، إنما عرف الناس الحلال والحرام بك ، أتزوج ابنتك من أخيك؟
قال : يا أم أيمن ليس هو أخي من أبي وأمي الذي يحرم عليه نكاح ابنتي هو أخي في الدين ، ومعي في أعلى علّيين.
ثم دخل على فاطمة ، فوجد عندها أسماء بنت عميس (2).
ص: 57
فقال لها : ما خلفك عند فاطمة؟
قالت : يا رسول اللّه إن الفتاة إذا زفت الى زوجها لا بدّ أن يكون عندها امرأة تخبرها بحاجتها.
قال : اللّهمّ أسكن أسماء الجنان (1).
ثم أقبل على فاطمة [ فقال ] : أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى ، يا فاطمة.
فقال : يا فاطمة ، إني لم آلك نصحا ولا زوجتك عن أمري بل عن أمر ربي ، لقد زوجتك أقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما ، وأكثرهم علما
ص: 58
في الدنيا من الأولين ، وفي الآخرة من الصالحين. أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى.
يا فاطمة ، إن اللّه عزّ وجلّ اطلع الى الأرض اطلاعة ، فاختارني منها ، فجعلني نبيا ، ثم اطلع عليها الثانية ، فاختار منها عليا بعلك وجعله لي وصيا.
[977] حسن بن عبد اللّه ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : جاء سهل بن عبد الرحمن الى عمر بن عبد العزيز (1) فقال : إن قومك يقولون إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة.
فقال له عمر : سمعت الثقة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تخبر عنه حتى كأني سمعته منه أنه قال :
إنما فاطمة بضعة مني ، يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها ، فو اللّه إني لحقيق أن أطلب رضاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ورضاه ] ورضاءها في ولدها.
[ وقد علموا أن النبي يسره
مسرتها جدا ويشني اغتمامها ] (2)
[978] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده عن أمّ سلمة ، أنها قالت :
دعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة علیهاالسلام فأسرّ إليها سرا ، فبكت. ثم أسرّ إليها سرا ، ضحكت (3) فسئلت عن ذلك.
فقالت : ما كنت لأفشي سره أيام حياته.
قالت أمّ سلمة : فلما توفي سألتها ، فقالت : أسرّ إليّ أنه يموت ،
ص: 59
فبكيت. ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران ، فضحكت.
[979] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.
[980] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : أبطأ عنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما ، ثم جاء. فقلنا : يا رسول اللّه لقد شقّ علينا تخلفك اليوم.
فقال : إن ملكا من ملائكة السماء لم يكن زارني ، فاستأذن اللّه تعالى في زيارتي ، فأذن له. كان عندي ، ويبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين (1) وأن ابنيها - الحسن والحسين - سيد اشباب أهل الجنة.
[981] وبآخر ، عن المسور بن مخرمة (2) ، قال سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو على المنبر يقول :
إن بني هشام بن المغيرة (3) استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا اذن ، ثم لا اذن ، ثم لا اذن إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي ، وأن ينكح ابنتهم ، فإنما هي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ، وما كان لعلي أن يجمع بين بنت رسول اللّه
ص: 60
صلی اللّه علیه و آله وبين بنت عدو اللّه (1).
[982] وبآخر ، عنه ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني.
[983] عمرو بن مسهر ، باسناده ، عن عمار بن ياسر (2) ، قال : بعثني رسول اللّه الى علي علیه السلام لأدعوه إليه ، فأتيت باب حجرته ، فقرعته مليا ، فلم يجبني أحد. فسمعت صوت رحى ، ففتحت الباب ، فإذا فاطمة علیهاالسلام نائمة والحسن نائم على ثديها ، والرحى تدور ولا أرى أحدا يديرها. فانصرفت مرعوبا الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، فأخبرته بما رأيت.
فقال لي : وما يعجبك من هذا يا عمار ، إن كان اللّه عزّ وجلّ نظر الي ابنة نبيه ولا معين لها فأيدها بمن يعينها على أمرها.
[984] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول - في غزوة تبوك ، ونحن نسير معه - :
إن اللّه عزّ وجلّ لما أمرني أن ازوّج فاطمة من علي ، ففعلت. قال لي جبرائيل علیه السلام : إن اللّه قد بنى جنة من لؤلؤة بين كل قصبة الى قصبة من ياقوت (3) مشذرة بالذهب وجعل سقوفها زبرجد الأخضر. وجعل فيها طاقات من زمرد (4) مكللة باليواقيت. ثم جعل
ص: 61
عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، وجعل فيها عيونا تنبع في نواحيها وحفها بالأنهار. وجعل على الأنهار قبابا من درّ قد رصعت بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر ، وبني في كل غصن بيتا ، وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء ، غشاؤها السندس والاستبرق ، وفرشها بالزعفران ، وفتقها بالمسك والعنبر ، وجعل [ في كل قبة والقبة لها ] (1) مائة باب على كل [ باب ] جاريتان وشجرتان في كل قبة مفرش وكتاب مكتوب فيه آية الكرسي.
فقلت يا جبرائيل : لمن بنى اللّه عزّ وجلّ هذه الجنة؟
فقال : هذه الجنة بناها اللّه جلّ اسمه لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك سوى جنانها تحفة أتحفها اللّه بها ولتقرّ بذلك عينك ، يا محمد.
[985] علي بن جرير ، باسناده ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :
إذا كان يوم القيامة نصب للنبيين منابر من نور ونصب لي في أعلاها منبر ، ثم يقال لي : قم ، فاخطب ، فأرقى منبري ، فأخطب خطبة لم يخطب أحد (2) مثلها.
ثم تنصب منابر من نور للوصيين فيكون علي على أعلاها منبرا ، ثم يقال له : اخطب ، فيخطب بخطبة لم يخطب مثلها أحد من الوصيين.
ثم تنصب منابر من نور لأولاد الوصيين (3) فيكون الحسن
ص: 62
والحسين على أعلاها ، ثم يقال لها : قوما فاخطبا ، فيخطبان بما لم يخطب به أحد من أبناء الوصيين.
ثم ينادي مناد (1) : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم لتجوز فاطمة بنت محمد. فيفعلون ذلك ، وتجوز فاطمة وبين يديها مائة الف ملك وعن يمينها مثلهم ، وعن شمالها مثلهم ، ومن خلفها مثلهم ، ومائة الف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى إذا صارت الى باب الجنة ألقى اللّه عزّ وجلّ في قلبها أن تلتفت.
فيقال لها : ما التفاتك؟
فتقول : أي رب إني احبّ أن تريني قدري في هذا اليوم.
فيقول اللّه : ارجعي يا فاطمة ، فانظري من أحبك وأحبّ ذريتك ، فخذي بيده وأدخليه الجنة.
قال جعفر بن محمد علیه السلام : فانها لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيد من بين الحبّ الرديء ، حتى إذا صارت هي وشيعتها ومحبوها على باب الجنة ألقى اللّه عزّ وجلّ في قلوب شيعتها ومحبيها أن يلتفتوا.
فيقال لهم : ما التفاتكم وقد امرتم الى الجنة؟
فيقولون : إلهنا نحبّ أن نرى قدرنا في هذا اليوم.
فيقال لهم : ارجعوا ، فانظروا من أحبكم في حبّ فاطمة أو سلّم عليكم في حبها ، أو صافحكم ، أو ردّ عنكم [ غيبة ] (2) فيه ، أو سقى جرعة ماء ، فخذوا بيده ، فادخلوه الجنة.
قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه : فو اللّه ما يبقى يومئذ في
ص: 63
النار (1) إلا كافر أو منافق في ولايتنا ، فعندها يقولون : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (2).
ثم قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه : كذبوا ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه [ وإنّهم لكاذبون ] ) (3) كما قال تعالى.
ثم ينادي مناد : لمن الكرم اليوم.
فيقال : لله الواحد القهار ولمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
[986] علي بن هاشم ، باسناده ، عن زياد بن المنذر ، عن عبد اللّه بن عمر بن علي ، عن آبائه ، أنهم يقولون : أفضل نساء العالمين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلی اللّه علیه و آله .
[987] وبآخر ، عن الشعبي ، قال : خطب علي صلوات اللّه عليه ابنة أبي جهل الى عمها الحارث بن هشام (4) واستأمر النبي صلی اللّه علیه و آله ، وقال : أتأمرني بها؟
فقال له : لا ، فاطمة بضعة مني ولا احبّ أن تجزع ولا تحزن.
فقال علي علیه السلام : ما كنت لآتي شيئا تكرهه ، يا رسول اللّه (5).
ص: 64
[988] علي بن هاشم ، باسناده ، عن عائشة ، أنها ذكرت فاطمة علیهاالسلام فقالت :
ما رأيت أحدا أصدق منها إلا أباها (1).
[989] محمد بن سعيد ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
لما زفّت فاطمة الى علي علیه السلام كبّر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكان بلال بين يديه فكبّر.
فقال رسول اللّه : لم كبّرت ، يا بلال.
فقال : يا رسول اللّه كبّرت فكبّرت.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما كبّرت أنا حتى كبّر جبرائيل علیه السلام .
[990] أحمد بن صالح ، باسناده ، عن حذيفة اليماني ، قال : صلّيت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المغرب (2) ثم قام يصلّي حتى صلّى العشاء الآخرة ، ثم خرج ، فاتبعته ، فقال لي :
إن ملكا من ملائكة السماء استأذن اللّه عزّ وجلّ في زيارتي ، فأذن له ، فأخبرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
[991] محمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن علي علیه السلام : أنه قال :
نظر إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والى فاطمة.
ص: 65
فقال : يا علي ، من كنت عليه غضبان فإن اللّه ورسوله عليه غضبانان. ويا فاطمة ، من كنت عليه غضبى فإن اللّه ورسوله عليه غضبانان.
ويا علي ، من كنت عليه راضيا فإن اللّه ورسوله عليه راضيان ومن كنت يا فاطمة راضية عنه كان اللّه ورسوله عنه راضيين.
[992] عبد الرزاق ، باسناده ، عن أم أيمن ، قالت : رآني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأنا أبكي.
فقال : ما يبكيك يا أم أيمن؟
فقلت : يا رسول اللّه حضرت تزويج فتى من الأنصار فأتي بسكّر مصر ولوز فنثر على من حضر فذكرت تزويج فاطمة ، وإنه لا نثار كان فيه.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أم أيمن ، اخبرك عن تزويج فاطمة.
إن اللّه عزّ وجلّ بعث الروح الأمين جبرائيل علیه السلام ومعه ميكائيل ، فجلسا على كرسيين من نور تحت العرش ، وأقام الملائكة المقربين والحور العين صفوفا. فأوحى الى شجرة طوبى أن انثري عليهم ، فنثرت عليهم الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر واللؤلؤ الأبيض والمرجان والمسك الأذفر والعنبر الأشهب والكافور الأبيض والزعفران ، فمن التقطه من الملائكة افتخر به على [ سائر ] الملائكة ، ومن التقطه من الحور العين افتخرت على [ سائر ] حور العين.
وعقد جبرائيل وميكائيل في السماء نكاح فاطمة. فكان جبرائيل المتكلم عن علي ، وميكائيل الرادّ عني ، وما عقدت نكاحها في الأرض
ص: 66
حتى عقدت لها الملائكة في السماء. [ تسبيحة الزهراء ]
[993] حمران بن أبان الرازي ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : كانت فاطمة علیهاالسلام تخدم وتقوم بمهنة بيتها ، فأتعبتها الخدمة وأخلقتها وأثر الرحى في يدها ونالها من ذلك ضرر شديد (1).
وجاء الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رقيق من سبي المشركين.
فقلت لها : لو أنك مضيت إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاستخدمته خادما يكفيك الخدمة. فمضت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فوجدته على شغل ، فانصرفت. فلما كان من غد أتانا فوقف على الباب ، ونحن في لفاعنا.
فقال : السلام عليكم يا أهل البيت.
ص: 67
فسكتنا حياء منه صلی اللّه علیه و آله ، فوثبت فأخذت ثوبي ، وقلت : وعليك السلام يا رسول اللّه ادخل فداك أبي وأمي ، فدخل ، وبقيت فاطمة في اللفاع.
فقال لها : ما كانت حاجتك أمس يا بنية؟
فاستحيت منه وسكتت. فخشيت أن يقوم ولا تذكر له شيئا.
فقلت : أنا اخبرك بحاجتها يا رسول اللّه. أصابها من الخدمة ضرر شديد ، وبلغها أن رقيقا جاءتك ، فقلت لها : لو استخدمت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خادما ، فجاءتك ، لتذكر ذلك ، فوجدتك على شغل.
فقال لها النبي صلی اللّه علیه و آله : يا بنية ما جاءني من الرقيق ما يسع نساء جميع المسلمين ، وما كنت بالذي اوثرك عليهن ، ولكن اعطيك ما هو خير لك من خادم وخادمة ، إذا انصرفت من صلاتك ، أو آويت الى مضجعك فسبحي اللّه ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وكبّريه ثلاثا وثلاثين تكبيرة ، واحمديه ثلاثا وثلاثين تحميدة. واختمي ذلك بشهادة أن لا إله إلا اللّه - وذلك ذكر اللّه بما هو أهله - مائة مرة ، تكون لك بذلك مائة حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، فيكتب اللّه عزّ وجلّ لك في ذلك الف حسنة ، فذلك خير لك من خادم وخادمة ومن الدنيا وما فيها.
فأخرجت رأسها من اللفاع ، فقالت : رضيت عن اللّه وعن رسول اللّه - ثلاثا -.
قال علي علیه السلام : فما تركناها مذ سمعناها من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد كل صلاة مكتوبة (1).
ص: 68
اللفاع : ما يشتمل به وغطى الرأس. قال الشاعر :
أنا إذا أمرّ العدى تسرعا *** واجتمعت بالشران تلفعا
يقول : شمل الناس شرهم. ويقال : لفع الشيب يلفع لفعا : إذا شمل الرأس. وتلفع الرجل : اذا شمله الشيب. كأنه غطى سواد شعره. قال سريد :
كيف يرجون شفائي بعد ما *** ألفع الرأس مشيب وصلع
ويقال : قد تلفعت الامرأة ، فهي متلفعة : اذا غطت رأسها بشيء. واللفاع مثل القناع.
ففضل فاطمة علیهاالسلام هو فضل علي علیه السلام لاختصاص اللّه عزّ وجلّ بها إياه وتزويجه إياها وايثاره إياه بها. وفضل الأئمة من ولده منها لأنها امهم صلوات اللّه عليها وعليهم أجمعين.
ومن أغضبها وأسخطها فقد أغضب اللّه ورسوله صلی اللّه علیه و آله كما جاء ذلك عنه صلی اللّه علیه و آله . وقد ذكرنا ما تناوله منها من تناوله ، وما كان منها من انكار ذلك وسخطه. وقولها لهم فيه ، وعتبها عليهم. وما أوصت به من دفنها ليلا وأن لا يشهد أحد منهم جنازتها. وكفي بذلك خزيا لمن ارتكب منها ما ارتكب وفعل ، ويوم القيامة يخسر المبطلون وفيه يبلس المجرمون ، وما اللّه بغافل عما يعملون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون (1).
ص: 69
ص: 70
ص: 71
ص: 72
ص: 73
[994] عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رأى الحسن والحسين علیهماالسلام مقبلين إليه.
فقال : هذان سيد اشباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما.
[995] الحسن بن عطية ، باسناده ، عن حذيفة اليماني (1) ، قال : سألتني أمي متى عهدك برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولم أكن رأيته قبل ذلك بأيام ، فأخبرتها. ثم قالت : امض إليه واسأله أن يستغفر لك ولي.
فأتيته ، فصلّيت معه صلاة المغرب ، ثم انفتل ، فقام فصلّى حتى صلّى العشاء الآخرة. ثم خرج ، فتبعته لأسأله ذلك ، فعرض له رجل ، فوقف معه طويلا ووقفت حتى انصرف عنه.
ومضى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فاتبعته ، فأحسّ بوقع قدمي ، فانفتل.
فقال : من هذا؟
ص: 74
فقلت : حذيفة.
فقال : ما تريد؟
فأخبرته بخبري.
قال : أرأيت الرجل الذي وقف معي؟
قلت : نعم.
قال : إنه ملك من الملائكة استأذن في زيارتي ، فاذن له ، ولم يكن هبط الى الأرض قبل هذه الساعة. فسلّم عليّ وبشرني : أن الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
قال : وأخبرته بما كان بيني وبين أمي.
فقال : غفر اللّه لك ولامك ، يا حذيفة.
[996] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : بينا نحن نصلّي مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة العشاء إذ دخل الحسن والحسين علیهماالسلام فجعلا إذا سجد يثبان على ظهره ، فاذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده أخذا رفيقا حتى يضعهما على الأرض. فاذا عاد الى السجود عادا حتى قضى صلاته. فانصرف (1) ، فجاءا إليه ، فأخذهما فقبّلهما ، ووضعهما على فخذيه.
قال أبو هريرة : فقمت إليه ، فقلت : يا رسول اللّه ، ألا أذهب بهما.
قال : لا.
فبرقت برقة ، فقال لهما : الحقا بامكما. فلم يزالا في ضوئها حتى دخلا المنزل.
[997] وبآخر ، عن البراء بن عازب (2) ، قال : رأيت رسول اللّه صلّى اللّه
ص: 75
عليه وآله يحمل الحسن والحسين علیهماالسلام وهو يقول : اللّهمّ إني احبهما ، فاحبب من أحبهما (1).
[998] وبآخر ، عن جابر بن عبد اللّه الانصاري ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.
[999] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
[1000] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
[1001] وبآخر ، عن أبي ذر رضی اللّه عنه ، أنه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما يصلّي بالناس ، وأقبل الحسن والحسين علیهماالسلام - وهما غلامان - يثبان على ظهره إذا سجد ، وأقبل الناس ينحونهما عنه ، فلما انصرف قال : دعوهما بأبي وأمي هما ، من أحبني فليحبب هذين.
[1002] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سمع بكاء الحسن
ص: 76
علیه السلام (1) وهو صبي ، فقال لفاطمة صلوات اللّه عليها : ما للحسن ، ألم أقل لك أن بكاءه يؤذيني.
[1003] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه كان يفرج ما بين رجلي الحسين (2) ويقبّل ما بينهما (3).
[1004] وبآخر ، عن الحسن علیه السلام ، أن رجلا لقيه ، فسأله.
فقال له : إن المسألة لا تصلح إلا في ثلاث : فقر مدقع ، أو غرم مفظع ، أو حمالة مثقلة (4).
فقال : يا ابن رسول اللّه ، ففي بعض ذلك أسأل.
فأمر له بمائة دينار.
قوله : مدقع.
الدقاع : التراب المنثور على وجه الأرض. قال الشاعر :
وجرت بها الدقعاء هيف كأنها
تسحّ ترابا من حصاصات منخل (5)
ص: 77
ويقال من ذلك : ادقع فلان ، فهو مدقع ، إذا التزق بالأرض فقرا. والداقع من الرجال : الذي يطلب مداق الكسر. ويقال للجوع الشديد : الديقوع.
وقوله : غرم مفظع.
المفظع من الأمر : الشديد المبرح. يقال منه : فظع الأمر ، يفظع فظاعة ، وأفظع افظاعا فهو مفظع وفظيع.
وقوله : حمالة مثقلة.
الحمالة : هاهنا الدية يحملها قوم عن قوم. وقد يطرحون الهاء منها فيقولون : حمال. قال الأعشى :
فرع تبع يهو في غصن المج
د كثير الندى عظيم الحمال(1)
ويرمي غزير الندى ...
هذا ، قول الخليل في الحمال : إنها الحمالة.
وأما أبو عمرو ابن العلى ، فقال : الحمال - هاهنا - جمع حمالة.
وأما أبو عبيدة ، فقال : الحمال : العقوبة والمكروه والنكال.
* * *
ثم أتى هذا الرجل الحسين علیه السلام ، فقال له مثل ذلك ، وقد علم ما أعطاه الحسن علیه السلام ، فأعطاه تسعة وتسعين دينارا. نقص دينارا ، مما أعطاه الحسن علیه السلام ، بعد أن قال مثل ما قاله الحسن علیه السلام .
ثم أتى عبد اللّه بن عمر ، فسأله ، فأعطاه تسعة دنانير ، ولم يقل له شيئا.
فقال له الرجل : ما منعك أن تنصح لي كما نصح لي هذان الغلامان؟
ص: 78
فقال : وما قالا لك؟
فأخبره.
فقال له ابن عمر : وأين تعدلني بابني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ فو اللّه لغرا بالعلم.
غرا يقول : زقا. يقال من ذلك : يغر الطائر فرخه اذا زقه.
[1005] أبو غسان ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نظر الى الحسن والحسين علیهماالسلام ، وهما صبيان صغيران يصرعان ، فجعل يقول للحسن : إيها حسن!.
فقالت فاطمة علیهاالسلام : يا رسول اللّه ، كأنه أحبهما إليك هو أكبرهما (1) تقول له : إيها.
قال : كلا ، ولكن هذا جبرائيل علیه السلام يقول : إيها حسين.
فقوله : إيها : هى لفظة تقولها العرب تريد بها الاستزادة. قال حاتم :
إيها فدا لكم أمي وما ولدت
حاموا على مجدكم واكفو الذي اتكلا
[1006] وبآخر ، أن الحسين علیه السلام جاء الى عمر ، فاستأذن عليه.
وكان عمر على شغل فلم يؤذن له ، فجلس. ثم جاء ابن عمر ، فاستأذن ، فلم يؤذن له ، فجلس.
ص: 79
فلما رأى ذلك الحسين علیه السلام ، انصرف. ثم أمر عمر بإدخال الحسين علیه السلام فخرج الآذن ، فلم يجده ، فعاد إليه ، فقال له : إنه لما لم يؤذن له أنصرف.
فأرسل إليه عمر ، فجاء فقال له : انصرفت بعد أن استأذنت ، يا ابن رسول اللّه؟
قال : لم يؤذن لي ، وجاء عبد اللّه ، فلم يؤذن له ، فعلمت أنه إذا لم يؤذن له أنه لا يؤذن لي.
فقال له عمر : وما أنت وعبد اللّه ، هل [ أنبت ] (1) الشعر في الرأس إلا اللّه وأنتم (2). [ إذا جئت فلا تستأذن ] (3).
[1007] وبآخر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مرّ بمجلس من مجالس الأنصار ، وقد حمل الحسن والحسين علیهاالسلام على عاتقيه - وهما صغيران -.
فقالوا : نعم المطية أنت لهما يا رسول اللّه.
قال : ونعم الراكبان هما (4).
[1008] الامراثي ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سمع
ص: 80
بكاء الحسن والحسين علیهماالسلام فقام فزعا حتى علم حالهما ، ثم انصرف وهو يقول : إن الولد لفتنة لقد قمت وما أعقل (1).
[1009] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن أبي هريرة ، أنه قال للحسن بن علي علیه السلام : اكشف لي عن بطنك [ فداك أبي ] (2) حتى اقبّل المكان الذي رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقبّله ، فكشف له عن بطنه ، فقبّل سرّته.
قال شريك : لو كانت السرّة من العورة ما كشفها الحسن علیه السلام .
وكذلك هو فيما جاء عن الأئمة صلوات اللّه عليهم أن عورة الرجل ما بين سرته وركبته.
ثمّ الجزء الحادي عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار علیهم السلام .
ص: 81
ص: 82
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الثاني عشر
ص: 83
ص: 84
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1010] الدغشي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال :
كان الحسن والحسين علیهماالسلام عند النبي صلی اللّه علیه و آله - وهما صغيران - فطلبا الماء ، فابطي عليهما ، فبكيا ، فأعطاهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لسانه ، فامتصاه ، فدرّ عليهما ماء ، فشربا حتى رويا.
[1011] أبو نعيم ، باسناده ، عن حذيفة اليماني ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :
أتاني جبرائيل علیه السلام ، فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
[1012] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ، قالت : دعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، فأخذ الحسن فوضعه على صدره ، واحتضن الحسين على ذراعه.
ص: 85
قالت أمّ سلمة (1) : وكنت أنا جالسة خلفه ، وفاطمة بين يديه ، فلبث هويا من الليل لا نرى إلا أنه قد رقد فزجل الحسين عن ذراعه ، فذهبت لأخذه ، فسبقني إليه لأخذه.
فقلت : يا رسول اللّه ما كنت اراك إلا نائما.
قال : ما نمت مذ أتوني.
ثم قال لفاطمة - بعد ما مضى من الليل صدر - : آتي أهلك لا أرى إلا وقد أعجبهم أن تأتيهم.
فحملت الحسين ومشى الحسن بين يديها ، وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ينظر إليهم.
ثم قال : اللّهمّ هؤلاء عترتي ، وأهل بيتي ، اللّهمّ إني احبهم ، فأحبهم - ثلاث مرات -.
[1013] الليث بن سعد (2) ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان يصلّي يوما في بيته (3) والحسين بن علي علیه السلام صغير بالقرب منه ، فكان إذا سجد جاء الحسين علیه السلام يركب ظهره ، ثم حرك رجليه ، وقال : حل ، حل. فإذا أراد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يرفع رأسه أخذه فوضعه الى جانبه ، فإذا سجد عاد على ظهره ، وقال : حل ، حل. فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من صلاته ، ورجل من اليهود بالقرب منه ينظر الى ذلك من فعله.
فقال : يا محمد إنكم لتفعلون بالصبيان شيئا ما نفعله نحن بهم.
ص: 86
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أما لو كنتم تؤمنون باللّه ورسوله لرحمتم الصبيان.
فقال : فاني أومن باللّه وبرسوله.
وأسلم لما رأى من رسوله اللّه صلی اللّه علیه و آله مع عظيم قدره.
قوله : حل ، حل.
يقال من ذلك للإبل إذا فلت ( حل ) بالتخفيف. وهو زجر للابل تساق به. تقوله العرب إذا زجرتها لتسوقها.
[1014] الليث بن سعد (1) ، باسناده ، أن رجلا نذر أن يدهن بقارورة عنده رجلي أفضل قريش ، فسأل عن ذلك.
فقيل له : إن مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش ، فاسأله عن ذلك.
فسأله - وقد خرف - وعنده ابنه المسور ، فمدّ الشيخ رجليه ، وقال : ادهنها.
فقال المسور - ابنه - للرجل : لا تفعل ، أيها الرجل ، إن الشيخ قد خرف ، إنما ذهب الى ما كان في الجاهلية.
وأرسله الى الحسن والحسين صلوات اللّه عليه ، فقال [ له ] : ادهن بهما أرجلهما فهما أكرم الناس ، وأفضلهم اليوم (2).
ص: 87
[1015] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن يعلي بن مرة ، أنه قال : خرجنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نمشي (1) ، فاذا الحسين علیه السلام وهو صبي صغير يلعب. فبسط رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يديه نحوه ، فجعل الحسين يمرّ مرة هاهنا ، ومرة هاهنا ، ويضاحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى أخذه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والاخرى عند رأسه ، وأهوى إليه ، فقبّله ، واعتنقه.
ثم قال : حسين مني وأنا منه ، أحبّ اللّه من أحبه.
ثم قال : الحسن والحسين سبطان من الأسباط.
[1016] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال :
لما ولد الحسن سمته أمه حربا ، فجاء النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال : أروني ابني ، ما سميتموه؟
قلت : حربا.
قال : لا ، بل هو حسن.
فلما ولد الحسين سمته حربا ، فجاء النبي صلی اللّه علیه و آله فقال : أروني ابني ، ما سميتموه؟
قلت : حربا.
قال : لا ، بل هو حسين.
فلما ولد محسن سمته حربا ، فجاء النبي صلی اللّه علیه و آله فقال :
ص: 88
أروني ابني ، ما سميتموه؟
قلت : حربا.
قال : بل هو محسن. ثم قال : إني سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر.
[1017] وبآخر ، عن عمران بن سلمان ، أنه قال :
إن الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة ، لم يكونا في الجاهلية (1).
[1018] أبو نعيم ، باسناده ، عن أبي رافع ، أنه قال :
رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أذّن في اذن الحسن بن علي علیه السلام لما ولد. وأذّن كذلك في اذن الحسين علیه السلام لما ولد.
[1019] ابن أبي كريمة ، باسناده ، عن ابن عباس (2) ، أنه قال :
كان رسول اللّه يعوذ حسنا وحسينا. فيقول : اعيذكما بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة. ثم يقول : هكذا كان أبي ابراهيم علیه السلام يعوذ إسماعيل وإسحاق.
قوله : هامة.
الهيم : دبيب الهوام الأرض. والهوام ما كان من حشاش الأرض نحو
ص: 89
العقارب وما أشبهها. الواحدة هامة لأنها تهم : أي تدب.
والعين اللامة : التي تلمّ بالانسان : أي تصيبه. ويقولون : أعوذ باللّه من السامة واللامة : يعنون باللامة ما يلمّ مما يخاف منه أن ينزل.
[1020] أبو غسان ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عقّ عن الحسن والحسين صلوات اللّه عليهما شاة شاة.
وقال : كلوا وأطعموا وابعثوا الى القابلة برجل.
يعني الربع المؤخر من الشاة ، ولا تكسروا عظمها. ولم يكن بينهما إلا الطهر طهرت في نفاس الحسن ، وحملت بالحسين علیه السلام .
قوله عقّ العقيقة : الشعر الذي يولد به المولود ، وكذلك الوبر الذي يولد به الفضل وغيره من الدواب ، فاذا سقط ذلك ذهب هذا الاسم عنه.
وسنّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يحلق رأس المولود في اليوم السابع من ولادته ويتصدق عنه بوزن الشعر ورقا ويذبح عنه شاة ، ويجعل دمها على موضع الحلق من رأسه ، وتفصّل الشاة أعضاء ، ويعطى القابلة الربع المؤخر ، ويطعم المساكين. وتسمى تلك الشاة عقيقة ، لأنها ذبحت بسبب حلق العقيقة.
وأصل العقيقة : هو الشعر الذي يولد به المولود قال امرؤ القيس :
أيا هند لا تنكحي بوهة *** عليه عقيقته أحسبا
ص: 90
والبوهة من الرجال : الضعيف.
قوله : عليه عقيقة : معناه أنه لم يحلق رأسه مذ ولد. يصفه باللؤم وسوء الهيئة.
والأحسب : الذي ابيضت جلدته من داء ، وفسد شعره فصار أحمر وأبيض كذلك هو من الابل. وهو من الناس الابرص.
وكذلك عقيقة الدابة : شعرها ، أو وبرها ، أو صوفها الذي تولد به.
قال زهير يصف حمارا وحشيا :
إذ لك أم أم في البطن جأب *** عليه من عقيقة عفاء
الجأب : الحمار
ص: 91
[1021] الشعبي (1) ، قال : كنت بواسط ، وكان يوم أضحى (2) فحضرت صلاة العيد مع الحجاج (3) ، فخطب خطبة بليغة ، فلما انصرف ، جاءني رسوله ، فأتيته ، فوجدته جالسا مستوفزا ( يعني جالسا متهيئا للقيام غير مطمئن بالجلوس ).
فقال : يا شعبي ، هذا يوم الاضحى ، وقد أردت أن اضحي فيه برجل من أهل العراق ، فأحببت أن تسمع قوله ، فتعلم أني قد أصبت [ الرأي ] فيما أفعل به.
فقلت : أيها الأمير ، أفترى أن تستنّ بسنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وتضحي بما أمر أن يضحى به ، وتفعل مثل ما فعله ، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم الى غيره.
قال : يا شعبي ، إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على اللّه وعلى رسوله صلی اللّه علیه و آله وإدخاله الشبهة في الإسلام.
ص: 92
قلت : أفيرى الأمير أن يعفيني عن ذلك؟
قال : لا بدّ من ذلك.
ثم أمر بنطع (1) ، فبسط ، وبسياف ، فاحضر. وقال : أحضروا الشيخ. فأتوا به ، فاذا هو يحيى بن يعمر (2) [ العدواني ] ، فاغتممت غما شديدا ، وقلت في نفسي : وأيّ شيء يقول يحيى مما يوجب قتله.
فقال له الحجاج : أنت تزعم أنك زعيم العراق؟
قال يحيى : [ الزعم كذب ] (3) ولكني أقول إني فقيه من فقهاء أهل العراق.
قال : فمن أيّ فقهك؟ زعمك (4) الحسن والحسين من ذرية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟
قال : ما أنا زاعم لذلك بل أنا قائله بحق.
قال : وبأيّ حق قلت ذلك؟
قال : بكتاب اللّه عزّ وجلّ.
فنظر إليّ الحجاج ، فقال : اسمع ما يقول فإن هذا مما لم يكن سمعته عنه أتعرف أنت في كتاب اللّه عزّ وجلّ دليلا بأن الحسن والحسين من ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله ؟ فجعلت افكر في ذلك
ص: 93
فلم أجد في القرآن شيئا يدلّ على ذلك ، وفكر الحجاج مليا ، ثم قال ليحيى : لعلك تريد قول اللّه عزّ وجلّ ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (1) وأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين.
قال الشعبي : فكأنما أهدى الى قلبي سرورا ، وقلت في نفسي : قد خلص يحيى ، وكان الحجاج حافظا للقرآن. فقال له يحيى : واللّه إنها الحجة في ذلك البالغة ، ولكني ليس منها أحتجّ لما قلت.
فاصفرّ وجه الحجاج ، فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه الى يحيى ، وقال له : إن جئت من كتاب اللّه عزّ وجلّ بغيرها فلك عشرة [ آلاف درهم ] (2) ، وان لم تأت بها فأنا في حلّ من دمك.
قال : نعم.
قال الشعبي : فغمني قوله وقلت في نفسي : لما كان في الذي نزع له الحجاج ما يحتجّ به يحيى ويرضى بأنه قد عرفه ، وسبقه إليه ، ويتخلص منه حتى ردّ عليه ، فأفحمه ، فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل فيه عليه من القول ما يبطل به حجته ، لأنه يريه أنه قد علم ما قد جهله هو.
فقال يحيى للحجاج : قول اللّه عزّ وجلّ ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ) (3) من عني بذلك؟
ص: 94
قال الحجاج : إبراهيم.
قال يحيى : فداود وسليمان من ذريته؟
قال [ الحجاج ] : نعم.
قال يحيى : ومن نصّ اللّه عزّ وجلّ عليه بعد هذا أنه من ذريته؟
فقرأ الحجاج. ( وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) .
قال يحيى : ومن؟
فقرأ الحجاج : ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) (1).
قال يحيى : ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ولا أب له من صلبه؟
قال : من قبل أمه.
قال يحيى : فمن أقرب رحما مريم (2) من إبراهيم أم فاطمة من محمد أم الحسن والحسين منه أم عيسى من إبراهيم.
قال الشعبي : فكأنما لقمه حجرا.
فقال : اطلقوه قبحه اللّه وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم لا بارك اللّه له فيها.
ثم أقبل عليّ ، فقال : قد كان رأيك صوابا لكنا أبيناه. ودعا بجزور فنحره ، وقام فدعا بالطعام ، فأكل وأكلنا معه ، وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ، وما زال واجما غما بما احتجّ به يحيى بن يعمر عليه.
قوله : واجما.
ص: 95
الوجوم : السكوت على غيظ أو همّ ، يقال منه : رأيته واجما واقما.
[1022] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن الحسن بن علي علیه السلام ، أنه مرّ - في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - بحلقة فيها قوم من بني أميّة ، فتغامزوا به وذلك عند ما تغلّب معاوية على ظاهر أمره. فرآهم وتغامزهم به. فصلّى ركعتين ثم جاءهم. فلما رأوه جعل كل واحد منهم يتنحى عنه مجلسه له.
فقال لهم : كونوا كما أنتم فاني لم أرد الجلوس معكم ولكن قد رأيت تغامزكم بي. أما واللّه لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين. ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ، ولا سنة إلا ملكنا سنتين. وأنا لنأكل في سلطانكم ونشرب ونلبس ونركب وننكح ، وأنتم لا تأكلون في سلطاننا ولا تشربون ولا تلبسون ولا تنكحون (1).
فقال له رجل : وكيف يكون ذلك يا أبا محمد ، وأنتم أجود الناس ، وأرأفهم ، وأرحمهم تأمنون في سلطان القوم ولا يأمنون في سلطانكم؟
فقال : لأنهم عادونا بكيد الشيطان ، وكيد الشيطان كان ضعيفا ، وإنا عاديناهم بكيد اللّه ، وكيد اللّه شديد.
الكيد : من المكيدة ، وهي الاحتيال. والفعل منه كاد يكيد كيدا ، وهو في الحق حلال ، وفي الباطل حرام. قال اللّه عزّ وجلّ ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ
ص: 96
كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) (1) فكيد الكافرين هو احتيالهم على أولياء اللّه عزّ وجلّ وذلك حرام عليهم ، وكيد اللّه هو احتيال أوليائه على أعدائهم ، وذلك من الحلال المباح لهم.
[1023] عبد اللّه بن موسى ، عن علي علیه السلام ، أنه خطب الناس ، فقال :
إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالا وهو يريد أن يقسمه بينكم.
فحضر الناس لذلك ، فقام الحسن علیه السلام فقال : إنما جمعته للفقراء. فقام كثير من الناس ، وجلس كثير ، وكان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس.
[1024] ابن أبي خيثمة (2) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :
كان الحسن أشبه الناس برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيما بين الصدر الى الرأس. والحسين أشبه الناس به فيما كان أسفل من ذلك.
[1025] ابن الأعرابي ، باسناده ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول :
من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني (3).
ص: 97
[1026] نضر بن الجهضمي (1) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :
أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد الحسن والحسين علیهماالسلام فقال :
من أحبني ، وأحبّ هذين ، وأباهما ، وامهما كان معي في درجتي في الجنة.
[1027] عبد اللّه بن لهيعة ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لعلي علیه السلام :
أنا وأنت يا علي من شجرة ، أنا أصلها وأنت فرعها ، والحسن والحسين من أغصانها ، وفاطمة ثمرتها (2) ، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الجنة.
[1028] محمد بن سلام ، باسناده ، أن رسول اللّه كان له وسادة لا يجلس
ص: 98
عليها أحد إلا جبرائيل علیه السلام إذ جاءه ، فإذا قام طويت ، فعلق بها من زغب (1) جناحه ، فتلتقطه فاطمة علیهاالسلام حتى إذا اجتمع عندها جعلته في تمائم الحسن والحسين علیهماالسلام .
التمائم : جمع تميمة. والتميمة : قلادة من يسور. ونحو ذلك يجعل فيها العوذة ، وتعلق في أعناق الصبيان.
قال الشاعر [ رقاع بن قيس الأسدي ] :
بلاد بها نيطت عليّ تمائمي *** وأول أرض مسّ جلدي ترابها
وقال آخر :
بها قطعت عنه يسور التمائم (2)
وفي الحديث : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نهى عن التمائم والتول. وقال - في تعلق تميمة - : فلا أتم اللّه له. ورخص فيما كان من ذلك من كتاب اللّه عزّ وجلّ وما يتقرب به إليه.
والنهي الذي جاء في ذلك عنه صلی اللّه علیه و آله إنما هو فيما يعلقونه فيه من الودع والخرز والأعواد والحديد والنحاس وأشباه ذلك مما يرون أنه ينفع من علق عليه. فنهى عن ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
والتول : ما تضعه النساء مما يزعمن أنه يحببهن الى أزواجهن ويسمينه : العطف ، وهو ضرب من السحر ، واحدته توله وجمعه تول.
[ آخر لحظات مع الرسول ]
[1029] وبآخر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما احتضر دعا بالحسن
ص: 99
والحسين علیهماالسلام فوضعهما على وجهه ، وجعل يقبّلهما حتى اغمي عليه ، فأخذهما علي علیه السلام عن وجهه ، ففتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عينيه ، وقال لعلي علیه السلام :
دعهما يستمتعان مني وأستمتع منهما فانه سيصيبهما بعدي أثرة.
أراد بالإثرة ما استأثر به أهل التغلّب من حقهما ، فأخذوه لأنفسهم فآثروه به عليهما أثرة بغير حق.
[1030] علي بن هاشم (1) ، باسناده ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : دخل رجل من الأنصار إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله (2) وهو مستلق على ظهره ، والحسن والحسين يلعبان على بطنه ، فقال : أتحبها يا رسول اللّه؟
قال : وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي (3) في الدنيا والآخرة.
[1031] علي بن هاشم ، باسناده ، عن أبي رافع ، أن فاطمة علیهاالسلام أتت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالحسن والحسين علیهماالسلام وهما صغيران.
فقالت : يا رسول اللّه هذان ابناك ، فانحلهما.
فقال : نعم ، أما الحسن فقد نحلته هيبتي وحلمي ، وأما الحسين فقد نحلته جودي ونجدتي (4). أرضيت يا فاطمة؟
ص: 100
فقالت : رضيت يا رسول اللّه.
قولها : انحلهما.
النحل : العطاء بلا عوض ، ونحل المرأة مهرها.
فكان الحسن مهيبا حليما. والحسين علیه السلام نجدا جوادا.
[1032] محمد بن رستم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :
من أحبّ الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبه اللّه ، ومن أحبه اللّه أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أدخله النار (1).
[1033] جعفر بن محمد ، أن رجلا سأله ، فقال : يا ابن رسول اللّه ، سمعت اليوم حديثا سنّ بي وأعجبني ، وأردت أن أسمعه منك.
فقال : وما هو؟
قال : سمعت عن بعض أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سمعه يقول :
أنا أفضل النبيين ، وعلي أفضل الوصيين ، والحسن والحسين أفضل الأسباط.
قال : نعم. قد سمعوا ذلك منه ، حتى أن بعضهم أتى الى الحسن
ص: 101
علیه السلام وهو غلام صغير ، ففرك اذنه حتى ألمه ، وصاح ، وقال :
مالك يا بن رسول اللّه ، أردت أن أجعل هذه علامة بيني وبينك.
قال : لما ذا ويحك؟
قال : ليوم الشفاعة ، يوم يشفع به جدك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبوك وصيه علیه السلام وأنت وأخوك ثمرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فتشفع لي.
وقد كان فاعل هذا بالحسن علیه السلام يجد علامة غير هذه ، فما ينبغي أن يفعل مثله بمثله ، ولكن ذلك من سوء الاختيار.
[1034] موسى بن مطير ، عن أبيه ، قال : كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ مرّ بنا الحسين علیه السلام ، فقام إليه أبو هريرة ، فسلّم عليه ، ورحّب به.
وقال : بأبي أنت وأمي يا بن رسول اللّه.
ثم عاد إلينا.
فقال : ألا احدثكم عن هذا وعن أخيه؟
قلنا : بلى. وذلك مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم يغيّر.
فقال : إني جالس في أصل هذا العمود أنتظر الصلاة ، إذ خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فوقف ، فصلّى ركعتين ، وأنه لفي السجدة الثانية إذ خرج أخو هذا - يعني الحسن علیه السلام - وهو غلام يشتدّ نحو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى انتهى إليه ، وهو ساجد ، فركب على ظهره. ثم خرج هذا يشتدّ خلفه حتى ركب خلفه. فرأيت رسول اللّه يريد أن يرفع صلبه فلم يمنعه إلا مكانهما.
فقمت وأخذتها أخذا رفيقا عن ظهر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله
ص: 102
ووضعتهما على الأرض. وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فتعلّقا بعنقه. فلما انصرف من الصلاة ، أخذهما فوضعهما في حجره ، وقبّل كل واحد منهما.
ثم قال لي : يا أبا هريرة من أحبني فليحبهما.
- يقولها : ثلاث مرات - [1035] سعيد بن عمر ، قال : سمعت يوسف بن عمرو بن غالب على المنبر - يوم النحر - (1) سبّ الحسن بن علي علیه السلام . فذكرت ذلك لأبي إسحاق الشعبي ، فقال : قاتله اللّه لقد أتى عظيمة ، سبّ سيد شباب أهل الجنة ما سمعت أحدا قط سبه قبله. سبه اللّه وسيفعل ، إن كان مودة الحسن والحسين علیه السلام قذفت في قلب البر والفاجر.
[1036] سعيد بن عمر ، باسناده ، عن بشر بن غالب ، قال : إني لجالس عند الحسين بن علي علیه السلام إذ أتاه رجل ، فقال : يا أبا عبد اللّه ، سمعت رجلا يبكي لموت معاوية بن أبي سفيان.
فقال الحسين علیه السلام : لا أرقأ اللّه دمعته ، ولا فرج همه ، ولا كشف غمه ، ولا سلى حزنه ، أترى أنه يكون بعده من هو شرّ منه تربت يداه وفمه ، أما واللّه لقد أصبح من النادمين.
قوله علیه السلام : لا أرقأ اللّه دمعته.
يقال : رقاء الدمع هو رقا رقوا إذا ارتفع وسكن. يقول :
( لا زال الشاعر بكي دوبل لا يرقي اللّه دمعه.
الا انما يبكي من الذل دوبل (2).
ص: 103
وقوله : تربت يداه وفمه.
يقال منه : ترب الرجل إذا الصق بالتراب من الفقر. ومنه قول اللّه عزّ وجلّ ( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) (1) يقال : اترب الرجل اذا استغنى.
[1037] مخول بن إبراهيم (2) باسناده ، أن رجلا جاء الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، فأصاب الحسين في حجرة وهو صغير. فقال الرجل : ابنك يا رسول اللّه؟
قال : ابني وما ولدته.
قال : أتحبه؟
قال : اللّه عزّ وجلّ أشدّ حبا مني له.
[1038] الربيع بن سليمان البصري ، باسناده ، عن أبي جعفر علیه السلام قال :
قدم الحسن بن علي علیه السلام على معاوية ، فقام خطيبا بين السماطين ، والحسين جالس. فتكلم الحسن علیه السلام بكلام عجيب فحدّ معاوية لما سمع من فصاحته وبلاغته ، ولما سمع أهل الشام منه. فقام إليه مروان (3) فأخذه بيده ، وقال له : اقعد فإنك صبي أحمق تعلمت الكلام بالعراق ثم جئتنا به.
فغضب الحسين علیه السلام وقال لمروان : كذبت ولا أم لك ،
ص: 104
هو فضل آتانا اللّه وأن بالمشرق مدينة يقال لها : بلسا ، وبالمغرب مدينة يقال لها : بلقاء ، وما بينهما ولد نبيّ غيره وغيري.
وكان رأس الجالوت حاضرا عند معاوية ، فقال : صدق واللّه ، إنهما لمدينتان وما عرفهما قط إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ، أو ولد نبيّ.
[1039] سفيان الثوري ، باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال :
لما كان الصلح بين الحسن بن علي علیه السلام وبين معاوية ، أراد الحسن علیه السلام الخروج الى المدينة.
فقال له معاوية : ما أنت بالذي تذهب حتى تخطب الناس وتخبرهم بأن الأمر قد صار لي.
قال الشعبي : فسمعت الحسن علیه السلام يقول - على المنبر - بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على محمد وآله :
أما بعد ، فإن أكيس الكيس التقي ، وان أعجز العجز الفجور. وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق كان لي ، فتركته له وإنما فعلت ذلك لحقن دمائكم ، وتحصين أموالكم (1) ( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ) (2).
قوله : أكيس الكيس.
قال الخليل : الكيّس : البصير بالامور النافذ فيها. والجمع : الأكياس والأكائس (3).
ص: 105
وقال غيره : الكيس العقل وأنشد :
ما يصنع الأحمق المرزوق بالكيس
[1040] سفيان الثوري ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : كنت مع النبي صلی اللّه علیه و آله في بعض أسواق المدينة ، فانصرف وانصرفت ، حتى أتى فناء (1) فاطمة علیهاالسلام ، فنادى ثلاث مرات : يا حسن. فلم يجبه أحد ، فانصرف حتى أتى فناء عائشة فقعد وقعدت معه.
فأقبل الحسن علیه السلام يشتدّ نحو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وفتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يديه حتى التزمه.
ثم قال : اللّهمّ إني احبه فأحبه ، وأحبّ من أحبه (2).
[1041] وبآخر ، عن بريدة (3) ، أنه قال : بينا رسول اللّه يخطب - على المنبر - إذ أقبل الحسن والحسين ، وهما صغيران ، عليهما قميصان أحمران يشتدان نحوه يعثران ، ويقومان ، فنزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأخذهما فوضعهما بين يديه - على المنبر - وقال : صدق اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (4) رأيت هذين ، فلم أصبر. ثم مضى في خطبته.
[1042] وبآخر ، عن اسامة بن زيد ، أنه قال : طرقت النبي صلی اللّه علیه و آله ذات ليلة لحاجة عرضت لي ، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء لم أدر ما هو. فلما فرغت من حاجتي قلت : ما الذي أنت مشتمل عليه ، يا رسول اللّه؟
ص: 106
فكشف ، وإذا الحسن والحسين علیهماالسلام على وركيه قد احتضنهما.
فقال : هذان أبنائي وابنا بنتي ، اللّهمّ (1) إني احبهما واحبّ من أحبهما.
قوله : طرقت النبي صلی اللّه علیه و آله .
الطارق : الآتي ليلا.
[1043] محمد بن عبد اللّه ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلى عاتقيه الحسن والحسين ، فوجدت عليهما نفاسة.
فقلت : نعم الفرس تحتكما.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ونعم الفارسان هما.
فوجدت عليهما نفاسة.
يقال من ذلك : نفست على فلان نفاسة ، ونفس الشيء نفاسة : أي صار نفيسا. والشيء النفيس المتنافس فيه : وهو الذي يطلب ويرغب فيه الناس بعضهم على بعض ، فكأنه حسدهما - مكانهما من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ورغب أن يكون له منزلتهما.
[1044] الحسن بن موسى (2) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال :
ص: 107
دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو في منزل عائشة (1) ، وهو محتب ، وحوله أزواجه. فبينما نحن كذلك ، إذ أقبل علي بن أبي طالب علیه السلام بالباب ، فأذن له ، فدخل.
فلما رآه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : مرحبا يا أبا الحسن ، مرحبا يا أخي وابن عمي ، وناوله يده ، فصافحه.
وقبّل علي علیه السلام بين عيني رسول اللّه ، وقبّله رسول اللّه ثم أجلسه عن يمينه ، وقال : ما فعل ابناي الحسن والحسين؟
قال : مضيا الى بيت أمّ سلمة يطلبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فبينما نحن كذلك ، إذ قالوا : [ ان ] عثمان وعمر وأبا بكر وجماعة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالباب. فأذن لهم ، وتفرّق أزواجه ، ودخلوا ، فسلّموا ، وجلسوا.
ثم أقبل أبو ذر وسلمان ، فأذن لهما ، فدخلا ، فسلّما على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فصافحهما ، فقبّلا بين عيني رسول اللّه ، وأوسع أبو بكر وعمر لهما ، فهويا الى علي علیه السلام .
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يجلسان الى من يحبهما ويحبانه.
ثم أقبل بلال ومعه الحسن والحسين علیهماالسلام فدخل.
فقال لهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مرحبا بحبيبيّ وابني حبيبي.
ص: 108
فقبّل بين أعينهما ، وجلسا بين يديه ، ثم قاما يدخلان الى عائشة.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أحبيهما يا عائشة وامحضيهما المحبة ، فانهما ثمرة فؤادي ، وسيد اشباب أهل الجنة ، ما أحبهما أحد إلا أحبه اللّه ، ولا أبغضهما أحد إلا أبغضه اللّه ، من أحبهما [ فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحبّ اللّه ، ومن أبغضهما ] فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ، وكأني أرى ما يرتكب منهما ، وذلك في سابق علم اللّه عزّ وجلّ ، وكأني أرى مقعدهما من الجنة ، ومقعد من أبغضهما من النار ، والذي نفسي بيده ليكبّ اللّه عدوهما ومبغضيهما في النار على وجوههم.
ثم قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا تولوا أهل الذمة رقاب المسلمين ، فتذلوهم. ولا يبدئهم من ولوا عليه بالسلام ، ويصافحهم. خذوهم بحلق رءوسهم ، واظهار ذنانيرهم (1). إن حرمة المؤمن عند اللّه أعظم من حرمة الملائكة.
قال عمر بن الخطاب : ومن جبرائيل؟
فالتفت الى علي علیه السلام فقال : ما تقول يا أبا الحسن؟
فقال : من جبرائيل وميكائيل واسرافيل وحملة العرش والملائكة المقربين.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : صدق أخي وابن عمي.
ثم التفت إلينا ، فقال : قد ملأ اللّه قلبه إيمانا وعلما وفقها. فمن أشكل عليه شيء من أمر دينه وشرائعه وفرائضه وسنّته فليأت عليا.
ثم أخذ بيده فقال : يا علي من أحبك أحبني ، من أحبني فقد أحبّ اللّه ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ،
ص: 109
ومن سبّك سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ اللّه.
أنت يا علي ، قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومن خالف سنّتي.
قوله : محتب.
الاحتباء : أن يحتبي الرجل ثوبه ويديره على ظهره ويشدّه على ساقيه.
والحبوة : الثوب الذي يحتبي به ، أي يلتفّ به.
قوله : مرحبا.
تقولها العرب للمقبل عليهم ، أي انزل في الرحب.
والرحب : السعة. ونصبوا مرحبا باضمار أنزل وأقم.
وقوله : امحضيهما المحبة.
يقول : اخلصيهما إياها وكل شيء خلص. حتى لا يشوبه غيره ، وهو محض.
[1045] يحيى بن الحسين ، باسناده ، عن جعفر بن محمد بن علي ، عن أبيه ، قال :
لما ولد الحسن بن علي علیه السلام أهدى جبرائيل علیه السلام للنبي صلی اللّه علیه و آله اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنة مكتوب فيها حسن ، واشتقّ منه اسم الحسين علیه السلام .
فلما ولدت فاطمة علیهاالسلام الحسن علیه السلام أتت به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسمّاه : حسنا.
فلما ولدت الحسين علیه السلام أتته به ، فقال : هذا أحسن من ذلك ، فسمّاه الحسين.
ص: 110
قوله : سرقة من حرير (1).
السرقة أجود الحرير ، يقال من ذلك حريرة سرقة ، قال الشاعر :
يرفلن في سرق الحرير وخزه *** يسحبن من هدّابه أذيالا (2)
[1046] وبآخر ، أن الحسن والحسين علیهماالسلام حجّا ، فخرجا الى الحج يمضيان - من المدينة - فلم يمرا براكب فرآهما يمشيان إلا نزل يمشي ، فاشتدّ ذلك على كثير من الناس.
فقالوا لسعد بن أبي وقاص : قد اشتدّ علينا المشي ولا يسعنا أن نركب وأبناء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يمشيان.
فجاء سعد الى الحسن علیه السلام فقال : يا أبا محمد ، إن المشي قد ثقل على جماعة ممن معك من الناس ، ولم يسعهم الركوب وأنتما تمشيان ، فلو ركبتم (3) لركب الناس.
قال : قد جعلت على نفسي أن أمشي ، ولكني أتنكب الطريق.
فأخذا جانبا حيث لا يراهما الناس.
[1047] وبآخر ، أن الحسن علیه السلام حجّ خمسا وعشرين حجة ماشيا.
ص: 111
وأن النجائب لتقاد معه (1).
[1048] وبآخر ، عن أمّ الفضل ابنة الحارث ، أنها رأت في المنام - وفاطمة علیهاالسلام حامل بالحسن - أن عضوا من أعضاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيتها (2).
قالت : فراعني ذلك وذكرته للنبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال : خيرا رأيت ، تلد فاطمة إن شاء اللّه غلاما يكون في بيتك تكفلينه (3) وتربينه. فكان كذلك.
[1049] وبآخر ، عن أبي هريرة ، قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقبّل الحسين ، وهو غلام صغير ، وأن لعابه يسيل على شفتي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فيتلمظه.
[1050] وبآخر ، عن تغلب بن مرة (4) ، قال :
سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط.
[1051] وبآخر ، أن الحسين علیه السلام كان يقعد في المكان المظلم ، فيهتدى إليه ببياض غرة جبينه.
[1052] بآخر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : إذا استقرّ أهل الجنة في الجنة ، قالت الجنة : يا ربّ أليس قد وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك؟
فيقول اللّه عزّ وجلّ : بلى قد زينتك بالحسن والحسين (5).
ص: 112
[1053] إسماعيل بن صالح ، باسناده ، أن فاطمة علیهاالسلام قالت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه إن أمّ سلمة قد غلبتني على الحسن والحسين ما يبرحان من عندها ولست أصبر عنهما.
فقال ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لام سلمة.
فقالت : يا رسول اللّه إني احبهما حبا شديدا.
فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أتحبينهما؟
فقالت : أي واللّه احبهما.
فأعاد ذلك عليها ثلاثا ، وهي تقول مثل ذلك.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : والذي بعثني بالحق نبيا [ أنهما ] لسيد الشباب أهل الجنة.
[1054] أبو سعيد الاشج ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سئل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أيّ أهلك أحبّ إليك؟
قال : الحسن والحسين.
وكان يقول لفاطمة صلوات اللّه عليها : دعي ابنيّ أشمهما.
ويضمهما إليه.
[1055] وبآخر ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله سمع بكاء الحسن والحسين علیهماالسلام ، فقام فزعا مسرعا نحوهما حتى علم حالهما.
ثم قال : إن الولد لفتنة لقد قمت وما أعقل (1).
[1056] حسن بن حسين ، باسناده ، أن الحسن (عليه السلام) قاسم ربه ماله مرتين (2).
ص: 113
وفي حديث آخر حتى الخف بالخف والنعل بالنعل.
يعني : أنه أخرج نصف ماله مرتين ، فتصدق به في سبيل اللّه عزّ وجلّ (1).
[1057] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
إن الولد ريحانة من اللّه قسّمها بين العباد ، وإن ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين سميتهما باسمي سبطي بني إسرائيل.
الريحان : كل نبت طيب ، وخصّوا به الآس لبقائه على الزمان لا يتناثر ورقه.
فشبه صلی اللّه علیه و آله الولد به لأنه من أطيب النبات ، وشبه بريحه ريح الولد.
[1058] حسن بن حسين ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه خرج بالحسن والحسين ، فقال : من أحب اللّه ورسوله فليحب هذين.
[1059] أحمد بن إسماعيل ، باسناده ، عن محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال :
بعث اللّه عزّ وجلّ أملاكا ، فأبطأ أحدهم ، فأوهى اللّه جناحه. فسقط على جزيرة من جزائر البحر. فلما دنا مولد الحسين علیه السلام بعث اللّه جبرائيل علیه السلام ببشارته الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فمرّ بذلك الملك ، فقال له : أيها الملك الطيب ريحه الحسن وجهه الكريم على ربه ، ألا تدعو الى ربك أن يطلق جناحي هذا الواهي.
ص: 114
فقال له : ليس ذلك لي ولكني قد أرسلت الى من هو أكرم على اللّه مني ، وسأسأله أن يدعو اللّه لك.
فلما بشّر جبرائيل النبي صلی اللّه علیه و آله بمولد الحسين علیه السلام فقال له : يا محمد إني مررت بملك على جزيرة من جزائر البحر قد وهي جناحه ، فسألني أن أدعو اللّه له. فقلت : إني ارسلت الى من هو أكرم على اللّه مني وسأسأله أن يدعو اللّه لك ، فادع له يا محمد.
قال : فدعا اللّه له النبي صلی اللّه علیه و آله . فأوحى اللّه عزّ وجلّ الى جبرائيل أن يأمر ذلك الملك أن يدفّ دفيفا الى المولود - يعني الحسين علیه السلام - فيمسح جناحه الواهي به فإنه يصح. ففعل ذلك ، فصحّ جناحه ، وعرج الى السماء.
قال محمد بن علي علیه السلام : أفترى أن قوما قتلوا الحسين يفلحوا أبدا!
قوله : يدفّ دفيفا.
دفيف الطائر ، أن يدفّ بجناحيه : أي يضربهما ويحركهما للطيران ورجلاه في الأرض. والدفيف : أيضا السير البطيء (1).
عرج ، العروج : الارتقاء الى فوق. والمعراج : ما يرقى عليه.
[1060] جعفر بن فروي ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان جالسا مع أصحابه إذ أقبل إليه الحسن والحسين علیهماالسلام وهما صغيران ، فجعلا ينزوان عليه ، فمرة يضع لهما رأسه ، ومرة يأخذهما إليه ، فقبّلهما ورجل (2) من جلسائه ينظر إليه كالمتعجب من ذلك.
ص: 115
ثم قال : يا رسول اللّه ما أعلم أني قبّلت ولدا إليّ قط.
فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى التمع لونه.
فقال للرجل : إن كان لله عزّ وجلّ قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك ، من لم يرحم صغيرنا ، ويعزز كبيرنا فليس منا.
قوله : ينزوان يقول : يثبان. والنزو : الوثبان. ومنه نزو البهائم : إنما هو وثبان ذكروها على اناثها ، وهو الذي وصف به ذلك. وكني عن السفاد.
وقوله : التمع لونه.
أي : تغيّر. يقال منه : التمع وجه الرجل : إذا تغيّر. واللمع والتلمع في الحجر والثوب ، والشيء يكون من ألوان شيء. ويقال : المعت الناقة ، فهي تلمع الماعا : إذا حملت ، وتلمّع ضرعها : أي تلون ألوانا ، من ذلك قول لبيد :
مهلا أبيت اللعن لا تأكل معه
إن استه من برص ملمّعه (1)
يعني : لمعة بياض أو لمعة سواد أو حمرة كذلك يتلون وجه الانسان ، إذا غضب واشتد غضبه بحمرة وبصفرة وربدة. فمن ذلك يقال : التمع وجهه. والتمع لونه : إذا تلون الوانا.
وقوله : يعزز كبيرنا.
أي : يجلّه ويعظّمه.
[1061] إسماعيل بن زيد (2) ، باسناده ، عن محمد بن علي علیه السلام ،
ص: 116
أنه قال :
أذنب رجل ذنبا في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فطلب ، فتغيب حتى وجد الحسن والحسين علیهماالسلام في طريق خال ، فأخذهما ، فاحتملهما على عاتقه وأتى بهما الى النبي صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه ، إني مستجير باللّه وبهما.
فضحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى ردّ يده الى فمه. ثم قال للرجل : اذهب ، فأنت طليق.
وقال للحسن وللحسين علیهماالسلام : قد شفعتكما فيه أي فتيان. فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) (1).
[1062] وبآخر ، عبد اللّه بن شداد بن الهاد ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان يصلّي بالناس ، فأتى الحسين علیه السلام وهو صغير ، فركب على ظهره ، وهو ساجد ، فأطال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله السجود ، حتى نزل ، فرفع ، وأتم الصلاة ، وانصرف ، ولم يكن علم الناس أمر الحسين علیه السلام .
فقالوا : يا رسول اللّه ، لقد أطلت السجود حتى ظننا أنه حدث أمر (2).
فقال : إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن اعجله حتى يقضي حاجته.
قوله : ارتحلني.
ص: 117
يقال : ارتحل الرجل إذا استوى على راحلته ليمضي. وارتحل البعير رحلة : أي سار ، فجرى ذلك في الكلام حتى قيل : ارتحل البعير في المسير.
[1063] وبآخر ، أن الحسن لم يسمع منه قط كلمة فيها مكروها [ إلا ] مرة واحدة ، فانه كان بين [ الحسن ] (1) علیه السلام وعمرو بن عثمان خصومة في أرض ، فذكر ذلك الحسين للحسن علیهماالسلام .
فقال الحسن علیه السلام : ليس لعمرو عندنا إلا ما يرغم أنفه. فقيل : إن هذه الكلمة هي التي حفظت عنه (2) وذلك لما نحله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ص: 118
[1064] الأعمش ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : بينا نحن عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ أتاه عن فاطمة علیهاالسلام أن الحسن والحسين علیهماالسلام خرجا عنها ، فلم تدر أين هما. وأنها طلبتهما فلم تجدهما.
فقال لها : أي بنية (1) إن اللّه عزّ وجلّ حافظهما.
ثم رفع يديه الى السماء ، فقال : اللّهمّ احفظ ولديّ حيث كانا ، وأين أخذا ، فهبط عليه جبرائيل علیه السلام .
فقال : يا محمد إن اللّه يقرئك السلام ، ويقول لا تحزن عليهما فهما في حفظي حيث كانا ، وأين توجها ، وهما الآن في حظيرة بني النجار ، وقد وكلت بهما ملكين يحفظانهما.
فقام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقمنا معه الى الحظيرة ، فوجدهما نائمين وقد اعتنقا. فأكبّ عليهما يقبّل ما بين أعينهما حتى استيقظا ، فحملهما على عاتقيه ، وجعل يسرع لبيت فاطمة علیهاالسلام بهما حتى وصل بهما المسجد ، فأصاب جماعة من الناس قد فزعوا لذلك.
ص: 119
فقال : أيها الناس ألا اخبركم بخير الناس أبا وأما؟
فقالوا : بلى يا رسول اللّه.
[ قال ] : هما هذان الحسن والحسين ، وأبوهما علي وصيي أفضل الوصيين ، وامهما فاطمة ابنتي أفضل نساء العالمين. ألا اخبركم بخير الناس جدا وجدة؟
فقالوا : بلى يا رسول اللّه.
قال : هذان الحسن والحسين جدهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجدتهما خديجة أول من آمن باللّه ورسوله. ألا اخبركم بخير الناس عما وعمة؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه.
قال : هذان الحسن والحسين عمهما جعفر الطيار في الجنة وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب ما أشركت باللّه طرفة عين. ألا اخبركم بخير الناس خالا وخالة؟
فقالوا : بلى يا رسول اللّه.
قال : هذان الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخالتهما زينب بنت رسول اللّه.
ثم قال : اللّهمّ إنك تعلم أنهما وأباهما وامهما وجدهما وجدتهما وخالهما وعمهما وعمتهما في الجنة وأن شيعتهما ومحبيهما في الجنة (1).
قوله : حظيرة بني النجار.
الحظيرة : ما حظر : أي ما منع بحائط أو ذرب أو غيره ذلك من البساتين
ص: 120
وغيرهما من الأرض. والحظر : المنع.
ففضل الحسن والحسين علیهماالسلام فضل لعلي وفاطمة علیهماالسلام لأنهما أبواهما ، وفضل للأئمة من ولد الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين. لأن الحسين أبوهم والحسن عمهم. وفضل لمن تولاهم ، أو دان بحبهما وإمامتهما وتبرأ من أعدائهما ومن نصب لهما واستأثر بحقهما بقدر ما لكل امرئ منهم من ذلك باستحقاقه من الفضل والمثوبة والأجر ، وبقدر ذلك وعلى حبه يكون لأعدائهم ومناصبيهم وغاصبيهم حقهم وقاتليهم وخاذليهم والمتوثبين عليهم ولأعوانهم وأوليائهم من النقيصة والإثم والوزر كما جاء عن الحسين بن علي علیه السلام أنه قال :
من تولانا بقلبه وذبّ عنا بلسانه ويده فهو معنا في الرفيق الأعلى ، ومن تولانا بقلبه وذبّ عنا بلسانه وضعف أن يذبّ عنا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك ، ومن تولانا بقلبه وضعف أن يذبّ عنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة دون ذلك.
ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسف من النار ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولا بيده فهو في النار فوق ذلك.
على هذه السبيل يكون درجات محبيهم في الجنة ومبغضيهم في النار.
ص: 121
فبعد الذي ذكرنا مما نصّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على امامة علي علیه السلام وفضله ، وما ذكرناه قبله ، وما ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب من نصه على فضل الحسن والحسين صلوات اللّه عليهما ، والاخبار عن مكانهما وموضعهما منه ، والأمر بولايتهما ومحبتهما والترغيب في ذلك ، والنهي عن بغضهما وعداوتهما ، والتحذير من ذلك ، نذكر ما ارتكب به الحسن بن علي علیه السلام وما استحلّ منه.
إنه لما أصيب علي علیه السلام وأفضت الامامة الى الحسن علیه السلام جمع له معاوية جموع طغام الشام ، ومن استمع له بالبذل والإطعام من السحت والحرام ، وقد قتل أنصار الدين واكثر المؤمنين ، واستفحل أمر المتغلبين ، ومال اكثر الناس ميلهم لما به من الدنيا استمالوهم.
وأقبل معاوية بجموعه الى الحسن علیه السلام ولم يجد علیه السلام من الناس من يلقاه بمثلهم. وقد تقدم من القول فيما كان من أمير المؤمنين علي علیه السلام من استنهاضهم الى قتال معاوية وأصحابه ، وتحريضهم على ذلك
ص: 122
وتخلفهم عنه غير قليل لا يقوم له ما يريده بهم ، وهم الذين خلصوا للحسن علیه السلام .
ووجه إليه معاوية يسأله تسليم الأمر إليه ، ويدعوه الى ذلك ، ويبذل له ولشيعته وأنصاره الأمان والبر والإكرام ، والرغائب الجسام.
فلما لم يجد الحسن غير ذلك أجابه الى ما لم يجد بدّا منه ، وما ليس يقطعه عن حقه ، ولا يدفعه عن الإمامة له ، لأن الامامة حق من حقوق اللّه عزّ وجلّ وأمر من أمره ليس يوجبها لغير أهلها ترك أهلها لا تسليم اياها لمن تغلب عليهم فيها.
كما لم يجب ذلك لمن تقدم [ المستأثرين ] بها لتسليم صاحبها إياها لمن توثب عليها واغتصبها وذلك مثلما لا خلاف بين الامة أن الإمام إذ استقضى قاضيا أو استعمل عاملا ، فسلّم ذلك القاضي القضاء ، أو ذلك العامل العمالة الى غيرهما ، أو خرجا فما جعل من ذلك لهما أن ذلك لا يوجب لمن خرجا من ذلك إليه أخذه بخروجهما وتسليمهما عن رضا ولا عن كره. والإمامة أعلى وأجل من ذلك وأوجب أن لا يكون إلا لمن جعلها اللّه له وأقامه لها ، وليس التغلب على ظاهر أمرها ، مما يزيل من جعلت له عنها سلّمها أو لم يسلّمها. وعلى الامة ألا يأتمّون إلا بمن جعل اللّه عزّ وجلّ الإمامة له بنصّ الرسول صلی اللّه علیه و آله كما تقدم بذلك القول. وبنصّ إمام على إمام الى أن تقوم الساعة.
فاهتبل معاوية الفرصة وتغلب على ظاهر أمر الإمامة والامة.
ثم جعل معاوية يبغي بالحسن الغوائل ، ويحتال عليه بالحيل ليفتك به كما فتك بأبيه علیه السلام من قبله صلوات اللّه عليهما. فلم يمكنه من ذلك ما أراد إلا بأن دسّ إليه من سمه ، فمات مسموما علیه السلام .
[1065] يحيى بن الحسين بن جعفر ، باسناده ، أن الحسن علیه السلام سقي السم ، وأن معاوية بعث الى امرأته جعدة بنت الاشعث بن
ص: 123
القيس (1) مائة الف درهم. وكان بينها وبين الحسن منازعة. وهمّ بطلاقها - فكان مطلاقا (2) - ، فأرسل إليها سما لتسقيه إياه ، ووعدها بأن يزوجها من ابنه يزيد ، وأن ينيلها من الدنيا شيئا كثيرا ، فحملها ما كان بينها وبين الحسن علیه السلام ، وما تخوفت من طلاقه إياها ، وما عجله لها معاوية وما وعدها به على أن سقته ذلك السم.
فأقام أربعين يوما في علة شديدة.
[1066] وكان مما حكي عن الحسن علیه السلام أنه قام الى المثحم (3) وعنده جماعة من شيعته ، [ وفيهم ] الحسين علیه السلام ثم جاءهم.
فقال : ما جئتكم حتى لفظت طائفة من كبدي ، ولقد سقيت السم مرارا ، فما كان بأشدّ عليّ من هذه المرة ، وأنا ميّت.
فقال الحسين علیه السلام : فمن [ فعل ] بك ذلك؟
قال : وما تريد من ذلك ، تريد أن تطلب بثاري؟ دعني ومن صنع بي ذلك الى يوم القيامة الوقوف معه بين يدي اللّه ، ولا تحدثن في ذلك بعدي حدثا (4).
ص: 124
وفوض الأمر إليه وأقامه المقام الذي أقامه اللّه عزّ وجلّ ورسوله صلی اللّه علیه و آله فيه ونصّ عليه في محضر من شيعته ، وعرّفهم أنه القائم في مقام الامامة بعده مع ما سبق إليهم ، واطلعوا عليه فيهما من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومن أمير المؤمنين علیه السلام ، وأوصاه أن يدفنه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن لم ينازع في ذلك ، [ فإن ] نازعه في ذلك منازع ترك ذلك ودفنه في الجبانة الى جانب أمه فاطمة صلوات اللّه عليهما.
وقيل : إن ذلك انتهى الى عائشة ، واختلف القول فيه عنها.
فقال قوم : إنها قالت : ألا ما في البيت إلا مكان قبر واحد كنت أردته لنفسي ، والحسن أحقّ به مني (1).
وقيل : بل منعت من ذلك أشدّ المنع ، وركبت بغلا ، وخرجت الى جماعة بني أمية ، تقول : هكذا اغتصب علي بيتي (2) ، ويدفن الحسن في مكان أعددته لنفسي.
وقيل : إن بعض الشعراء قال في ذلك شعرا يقول فيه :
( فيوما على بغل ويوما على جمل ) (3).
ص: 125
واللّه أعلم أيّ ذلك كان منهما.
وكان سعيد بن العاص عاملا لمعاوية على المدينة (1) ، وكان بها يومئذ مروان بن الحكم. فانتهى الذي قاله الحسن علیه السلام الى سعيد ، وقال له بنو أميّة : ما أنت صانع في ذلك؟ هؤلاء يريدون أن يدفنوا الحسن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهم قد منعوا عثمان من ذلك.
فقال سعيد : ما كنت بالذي أحول بينهم وبين ذلك.
فغضب مروان بن الحكم ، وقال : إن لا تصنع في هذا شيئا فخلّ بيني وبينهم.
فقال : أنت وذلك.
فجمع مروان بني أميّة وحشمهم ومواليهم وأخذوا السلاح.
فبلغ ذلك الحسن ، فقال للحسين علیه السلام : أناشدك اللّه أن تهيج في هذا الأمر ، وادفني مع أمي.
وتأكيد ذلك عليه ، واستحلفه فيه. ومات الحسن علیه السلام .
وبلع الحسين علیه السلام اجتماع من جمعه مروان ، وأنهم قد أخذوا السلاح ووقفوا ليمنعوا من دفن الحسن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فحمي لذلك واهتاج له.
وكان علیه السلام أبيّ النفس شهما شجاعا. وجاءه مواليه وشيعته ، فأمرهم فأخذوا سلاحهم.
واحتمل سرير الحسن علیه السلام ليصلّي عليه. وخرج سعيد بن العاص ، فدفع الحسين علیه السلام في قفاه ، وقال له : تقدم لو لا السنّة ما قدمتك (2).
ص: 126
يعني على ظاهر الأمر أن السلطان أو من أقامه للصلاة بالناس ، إذا حضر الجنازة كان أحق بالصلاة عليها من وليها.
فصلّى عليه سعيد بن العاص ، فلما انصرف قام عبد اللّه بن جعفر الى الحسين علیه السلام ، فقال له : عزمت عليك لما امتثلت وصية أخيك ولم تخالفه ، وتلقح شرا.
ووقف الى جمع بني أميّة ، فقال : قد علمتم الحسين بن علي علیه السلام ، وإنه لا يقرّ على الضيم ، وقد أوصاه أخوه أن يدفنه بالبقيع (1) ، فلا تلجئوه الى أن يلقح شرا بوقوفكم ، فانصرفوا.
وتقدم عبد اللّه بن جعفر (2) فأخذ بمقدم السرير ولم يزل بالحسين علیه السلام حتى أجابوا. ومضى نحو البقيع ، فدفنه الى جنب فاطمة علیهاالسلام ، كما اوصي بذلك ، وانصرفوا. وسبق الخبر الى معاوية بموت الحسن علیه السلام في الوقت الذي مات فيه قبل أن يدفن ، وإنه أوصى أن يدفن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأظهر لموته سرورا. وقال : إن صدق ظني بمروان فبمنعه من دفنه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وجعل يقول : إيها مروان.
فلما دفن أرسلوا رسولا إليه ثانيا بالخبر ، ففرح لذلك ، وأثنى على مروان خيرا.
[1067] يحيى ، باسناده ، عن مغيرة ، أنه ذكر وفاة الحسن علیه السلام فقال :
ص: 127
أرسل رجل (1) الى امرأته جعدة بنت أشعث بمائة ألف درهم.
وقال لها : إني ازوجك ابني. وبعث إليها شربة سم لتسقيه إياها.
ففعلت. فصوغها الدراهم ، ولم يزوجها ابنه.
كنى عن ذكر معاوية للتقية.
قال : فتزوجها بعد الحسن رجل من آل طلحة وأولدها أولادا ، وكانوا يعيرون بذلك. [ وقالوا : يا بني مسمة الازواج ] (2).
[1068] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : كان الحسن علیه السلام قد سقي السم ، سقته امرأته إياه - جعدة بنت الاشعث - فكانت نفسه فيه ، واعطيت على ذلك مالا كثيرا.
فو اللّه ما خار اللّه لها ، وكان الخيرة والغبطة لابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فيما أصان اللّه إليه من نعيم الآخرة ، وكان الذي أعطاها ذلك ، وأرسله إليها على ذلك غير مصيب ولا موفق ، وخرج من الدنيا ملوما مذموما ، قد سلب اللّه ما كان فيه ، وأخرجه منه الى ضيق ما استودع من حضرته ، وكان اللّه حسيبه.
[1069] وبآخر ، عن يحيى ، قال : توفي الحسن علیه السلام وسعد بن أبي وقاص (3) بعد ما مضت من إمارة معاوية عشر سنين ، أنهما سقيا السم.
وقيل : إن رجلا بعث الى زوجة الحسن علیه السلام - بنت الأشعث بن القيس - مائة ألف درهم وشربة من سم أن تسقيه الحسن علیه السلام ، ففعلت ، فمات منها ، وأوصى أن يدفن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، إلا أن يخاف أن يهراق في ذلك دم. وأرادوا
ص: 128
ذلك ، فجمع لهم مروان من كان هناك من بني أميّة وحشمهم ومواليهم وأخذوا السلاح. فبلغ ذلك الحسين علیه السلام فجاءهم ومن معه من مواليه وشيعته في السلاح ليدفنوا الحسن علیه السلام في بيت النبي صلی اللّه علیه و آله .
وأقبل مروان هو وأصحابه ، وهو يقول :
يا رب هيجا هي خير من دعة ، أيدفن عثمان في البقيع ، ويدفن الحسن بن علي في بيت النبي!؟ واللّه لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف (1) ، وكادت أن تقع الفتنة. وأبى الحسين علیه السلام إلا مع النبي صلی اللّه علیه و آله ، وكلّمه عبد اللّه بن جعفر والمسور بن مخرمة في أن يدفنه في البقيع كما عهد إليه. وقال له عبد اللّه بن جعفر :
عزمت عليك باللّه أن تكلمني كلمة (2).
وأخذ بمقدم السرير ومضى نحو البقيع ، فانصرف مروان. وبلغ معاوية ما كان أراده من دفن الحسن علیه السلام في بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله (3).
فقال : ما أنصفنا بنو هاشم حيث يريدون دفن الحسن في بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقد منعوا عثمان من ذلك (4) ، ولئن كان ظني بمروان صادقا ، فلن يصلوا الى ذلك.
ص: 129
وجعل يقول : إيها مروان ، أنت لها.
[1070] الزبير بن عباد ، باسناده ، عن [ يحيى بن ] عبد اللّه بن علي : أن الحسن علیه السلام أصابه بطن. فلما أيقن بالموت ، أرسل الى عائشة أن يدفن مع رسول اللّه.
فقالت : نعم (1) ، وما بقي إلا موضع قبر واحد كنت أردته لنفسي.
فلما سمع بذلك بنو أميّة استلأموا السلاح هم وبنو هاشم للقتال. فبلغ ذلك الحسن علیه السلام ، فقال لأهله :
أما إذا كان هذا فلا حاجة لي بذلك ، ادفنوني في جانب أمي فاطمة علیهاالسلام .
استلأموا السلاح.
اللامة : الدرع. فاذا لبسها الرجل ، قيل : استلأم مهموز.
[1071] وبآخر ، عن أبي اليقظان (2) ، قال :
قدم البصرة بوفاة الحسن علیه السلام عبد اللّه بن سنان الهزلي مسرعا في السير بذلك.
فقال الجارود بن أبي سيرة في ذلك :
اذا ما يريد السوء أقبل نحونا *** بإحدى الدواهي الربد سار فأسرعا
ص: 130
فان كان شرا سار يوما وليلة *** وان كان خيرا أقسط السير أربعا
قوله : الربد.
جمع ربداء. والربدة لون بين السواد والصفرة كلون الرماد. وهو لون قبيح ، فنسب الداهية إليه ووصفها به كأنه قال : داهية مظلمة.
وقوله : أقسط السير أربعا.
قسمه على أربع مراحل. يقال منه : قد قسط القدم الشيء بينهم إذا قسموه على العدل. والقسط : بالسوية.
ولما جاء خبره نعاه زياد لجلسائه. وخرج الحكم بن العاص الثقفي ، فنعاه الناس ، فعلت الأصوات بالبكاء عليه.
وأربعين سنة. وكانت وفاته في شهر ربيع الاول سنة تسع وأربعين.
وقيل : في صفر من سنة خمسين بعد سنة احدى وخمسين (1).
ص: 132
فهذه جملة من القول فيما اوتي الى الحسن بن علي علیه السلام وما ارتكب بنو أميّة منه لعداوتهم لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولأهل بيته علیهم السلام ولمطالبتهم إياهم بثأر من قتل منهم على أيديهم من المشركين من آبائهم وأوليائهم وحقد الجاهلية المتقدم فيهم عليهم.
ص: 133
[1074] محمد بن إبراهيم ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : أجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحسين على فخذه ، فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال له : [ تحبه؟
قال : ألا احبّ ابني ] (1).
[ قال : ] يا محمد ، إن امتك ستقتل ابنك هذا من بعدك.
فدمعت عينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال له جبرائيل علیه السلام : إن شئت أتيتك بتربة الأرض التي يقتل فيها.
قال : نعم.
فأتاه بتراب من تراب الطف.
[1075] أبو غسان ، باسناده ، عن زينب بنت جحش زوج النبي صلّى اللّه
ص: 134
عليه وآله : رأيت عمة [ النبي صلی اللّه علیه و آله ] أميمة بنت عبد المطلب ، أنها قالت :
كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نائما في بيتي ، والحسين علیه السلام صبي صغير يجول في البيت. فجاء حتى جلس على بطن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فبال. فبادرت لأخذه. فقال : دعي ابني.
فتركته حتى إذا فرغ. فصبّ عليه ماء ، ثم احتضنه (1). وقام يصلّي ، وكان إذا قام احتضنه [ إليه ، واذا ركع ] وسجد وجلس وضعه على الأرض ، حتى قضى صلاته صلی اللّه علیه و آله ثم يدعو ويرفع يديه (2).
فقلت : يا رسول اللّه لقد رأيتك تصنع في صلاتك شيئا ما رأيتك تصنعه قط! قال : إن جبرائيل علیه السلام أتاني فأخبرني أن ابني هذا يقتل بعدي. وقال : إن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها.
فقلت أرني.
فأراني تربة حمراء.
[1076] سعد بن طريف ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال :
دخل الحسين علیه السلام على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو غلام صغير ، فوضعه على بطنه. فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال :
يا محمد إن ابنك هذا تقتله امتك على رأس ستين سنة من هجرتك.
ص: 135
ثم أراه التربة التي يقتل عليها.
[1077] الأعمش (1) ، عن أبي عبيد ، أنه قال : [ دخلنا على أبي هرثم الضبي حين أقبل من صفين وهو مع علي وهو جالس على دكان ] (2) كنا جلوسا (3) ، فدخلت شاة فبعرت. فقال بعض أصحاب علي علیه السلام : لقد ذكرني هذا البعر حديثا سمعته من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام .
فقيل له : هات بعض هناتكم معاشر الشيعة.
قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين علیه السلام من صفين حتى نزل كربلاء ، فصلّى بنا الفجر بين شجرات حرمل ، فلما قضى الصلاة ، انفتل فإذا هو ببعر غزال ، فأخذه ، ففته ، وجعل يشمه.
ثم قال : يحشر من هذا المكان يوم القيامة قوم يدخلون الجنة بغير حساب (4).
قوله : بعض هناتكم.
يقال : ما رأيت من فلان هناة : أشياء مكروهة. ولا يقال في الخير هناة.
[1078] أبو نعيم ، باسناده ، عن كعب ، أن عليا علیه السلام مرّ به وهو جالس مع قوم.
ص: 136
فقال لهم : يقتل ولد لهذا في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلی اللّه علیه و آله (1).
فمرّ الحسن علیه السلام ، فقالوا له : هو هذا يا أبا إسحاق؟
قال : لا.
ثم مرّ الحسين علیه السلام ، فقالوا له : هو هذا؟
قال : نعم وهذا ما سمعه كعب من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1079] الدغشي ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال :
سرنا مع علي علیه السلام الى شاطئ الفرات ، فمرّ راهب ، فقال له : يا راهب ، أين العين التي هاهنا؟
قال : لا أعلم بها إلا بالخبر ، فانه يقال : إنه لا يعلم مكانها إلا نبي أو وصيّ نبي.
فأخذ علي علیه السلام مع الوادي ، وجعل ينظر يمينا وشمالا ، ثم قال : احفروا هاهنا.
فحفروا فوجدوا حجرا ، فقال : ارفعوه.
فرفعوه ، فإذا عين ماء تحته. فشربنا وسقينا دوابنا.
ثم قال علي علیه السلام لنا : يقتل هاهنا من آل محمد فتية تبكي عليهم السماء والأرض.
ص: 137
[1080] القاسم بن محمد المروزي ، باسناده ، عن شيب بن محزوم (1) ، أنه قال :
بينا نحن نسير مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام إذ بلغ كربلاء. فقال : ما اسم هذا المكان؟
قالوا : كربلاء.
قال : كرب وبلاء.
ثم نزل ، فقعد علي على رابية ، ثم قال : يقتل في هذا الموضع خير شهداء على ظهر الأرض بعد شهداء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . ثم قام ، فنظرت فإذا عظام حمار.
[ قال : قلت : بعض كذباته وربّ الكعبة ]
فقلت لغلامي : خذ عظما. فأخذه ، وجاءني به. فقلت له : احفر له هاهنا. حيث جلس أمير المؤمنين علي علیه السلام ، فحفر هنالك حفيرا ، فدفنت فيه العظم ، وأبقيت منه شيئا يسيرا على وجه الأرض ليرى موضعه (2).
فلما قتل الحسين علیه السلام ، قلت لأصحابي : انطلقوا بنا الى المكان الذي قتل فيه الحسين علیه السلام . فإذا جسد الحسين علیه السلام على العظم الذي دفنت ، وأصحابه [ ربضة ] حوله.
ص: 138
[1081] الليث بن سعد ، باسناده ، عن معاذ بن جبل (1) ، قال :
خرج علينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونحن ببابه - أنا وأبو عبيدة - فقال :
إني محمد النبي ، أوتيت مفاتيح الكلام ، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللّه فاحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.
ألا وإن أمامكم فتن كقطع الليل ، وقد نعي إليّ حبيبي الحسين ، واخبرت بقاتله وموضع مصرعه. والذي بعثني بالحق لا يقتل بين ظهراني قوم فلا يمنعوه إلا خالف (2) اللّه بين كلامهم ، وألبسهم شنعا.
ويح لأفراخ محمد من جبار عفريت مترف يقتل خلفي وخلف خلفي.
ثم قال : يزيد لا بارك اللّه في يزيد. ودمعت عيناه.
[1082] إبراهيم بن ميمون ، باسناده ، عن علي علیه السلام : أنه قال :
جاء جبرائيل علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه إن الرعد ملك السحاب قد استأذن اللّه في زيارتك ، وهو آتيك.
فبينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله معنا إذ أتاه ، فسلّم عليه ، فقال له : يا رعد هل لك المنزل؟
ص: 139
قال : نعم.
فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والرعد معه حتى انتهيا الى المنزل ، ثم دخلا الحجرة. فدخل رسول اللّه البيت ، ووقف الرعد في [ باب ] الحجرة.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ادخل.
فقال : أنا لا أدخل بيتا فيه تصاوير.
قال : وكان نمط (1) لبعض أزواج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه صور ، موضوع على فراش النبي صلی اللّه علیه و آله .
قال : فما نصنع به البيعة؟
قال : لا ، ولكن ابسطوا وطئوا عليه.
ففعل ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . ودخل الرعد البيت واستلقى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وجاء الحسين علیه السلام فقعد على بطنه.
فقال له الرعد : من هذا يا رسول اللّه؟
قال : هذا ابني وابن ابنتي.
قال : إن امتك ستقتله من بعدك. فإن شئت ارينك تربة البلاد التي يقتل بها.
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : نعم.
فبسط جناحه نحو المشرق ، وجاء بقبضة من تراب أحمر من كربلاء ، فأعطاها النبي صلی اللّه علیه و آله . فخرج صلی اللّه علیه و آله وهو يبكي ويقول :
هذا المنبئ [ بأن ] الحسين يقتل من بعدي.
ص: 140
[1083] هزيمة بن سلمة (1) ، قال : غزوت مع علي علیه السلام صفين ، فلما نزل كربلاء صلّى بنا الفجر ، فلما سلّم على الصفوف رفع إليه من ترابها ، فشمها.
ثم قال : آه لك من تربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.
فلما انصرفت قلت لأهلي - وكانت تحبّ عليا صلوات اللّه عليه وتتولاه - (2) : ألا اخبرك عن علي - وقصصت عليها القصة - ، وقلت لها :
وما يدريه بذلك ، وما أطلعه اللّه على الغيب؟
قالت : دعنا منك فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.
فلما نزل الحسين بن علي علیه السلام وأصحابه كربلاء كنت في البعث الذي بعثهم عبيد اللّه الى الحسين علیه السلام ، فلما انتهيت إليهم عرفت الموضع الذي صلّى بنا علي علیه السلام فيه وذكرت قوله. وكرهت مسيري ، وأقبلت على فرسي حتى أتيت الحسين علیه السلام ، فسلّمت عليه ، وحدثته بالذي سمعت من أبيه في ذلك الموضع.
فقال لي : أفمعنا أنت أم علينا؟
قلت : يا ابن رسول اللّه - لا عليك ولا معك تركت ولدا وعيالا أخاف عبيد اللّه.
ص: 141
فقال علیه السلام : أما لا فولّ هاربا حتى لا تسمع لنا صوتا ، ولا ترى لنا مقتلا - فو الذي نفسي بيده - لا يسمع صوتنا (1) ، ولا يرى مقتلنا اليوم أحد فلا يعيننا إلا أدخله اللّه النار.
فأدبرت هاربا حتى لا أسمع لهم صوتا ، ولا أرى لهم مقتلا.
[1084] علي بن موسى الجهني ، باسناده ، عن صالح بن أربد ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لام سلمة :
اجلسي بالباب ولا يلجن عليّ أحد.
فجاء الحسين علیه السلام - وهو [ صغير ] - (2) ، فذهبت أمّ سلمة لتتناوله ، فسبقها الباب.
قالت : فلما طال عليّ خفت أن يكون قد وجد علي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فتطلعت من الباب فرأيته يقلب بكفيه شيئا ، والصبي نائم على بطنه ودموعه تسيل ، فلما نظر إليّ قال : ادخلي.
قلت : يا رسول اللّه إن ابنك جاء فذهبت لتناوله ، فسبقني. فلما طال عليّ خفت أن يكون وجد عليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فتطلعت من الباب ، فرأيتك تقلب بكفيك شيئا ، ودموعك تسيل ، والصبي نائم على بطنك.
قال : إن جبرائيل علیه السلام أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أن امتي تقتله.
[1085] محمد بن ربيعة الحضرمي ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : أتاني جبرائيل علیه السلام فقال :
يا محمد إن امتك ستقتل ابنك حسينا من بعدك.
ص: 142
قلت : أولا اراجع اللّه فيه؟
قال : إنه أمر قد كتبه اللّه عزّ وجلّ.
ولما مات الحسن علیه السلام ، وأفضت الإمامة من بعده الى الحسين علیه السلام قام بها ودعا الى نفسه واعتقد المؤمنون ولايته وإمامته.
ومات معاوية ، وولى مكانه يزيد ابنه وبلغه أخبار الحسين علیه السلام ، فتواعده ، وهمّ به ، وانتهى ذلك الى الحسين علیه السلام ، وكان بالمدينة.
فتوجه الى مكة بأهله وولده ، فحجّ ، وأراد المسير الى العراق. وكان بالعراق جماعة من أوليائه وأهل دعوته.
وكان مسلم بن عقيل رحمة اللّه عليه قد بايع له جماعة من أهل الكوفة في استتارهم (1).
فلما همّ بالخروج من مكة لقيه ابن الزبير ، فقال : يا أبا عبد اللّه إنك مطلوب ، فلو مكثت بمكة ، فكنت كأحد حمام هذا البيت. واستجرت بحرم اللّه لكان ذلك أحسن لك.
فقال له الحسين علیه السلام : يمنعني من ذلك قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : سيستحلّ هذا الحرم من أجلي رجل من قريش ، واللّه لا أكون ذلك الرجل ، صنع اللّه بي ما هو صانع.
( فكان الذي استحلّ الحرم من أجله : ابن الزبير ) (2).
ص: 143
وخرج الحسين يريد العراق ، فلما مرّ بباب المسجد تمثل بهذين البيتين :
لا ذعرت السوام في فلق الصبح *** مغيرا ولا دعيت يزيدا
يوم أعطي مخافة الموت ضيما *** والمنايا يرصدنني أن احيدا
السوام : النعم السائمة. وأكثر ما يقولون هذا الاسم على الإبل خاصة.
والسائمة : الراعية التي تسوم الكلأ إذا داومت رعيه ، وهي سوام. والرعاة يسومونها ، أي يرعونها.
وفي رواية اخرى تمثل بهذين البيتين بالمدينة.
[1086] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن أبي سعيد المقبري (1) ، قال :
رأيت الحسين بن علي علیه السلام ، وأنه ليمشي بين رجلين يعمد على هذا مرة ، وعلى هذا مرة اخرى حتى دخل مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهو يقول :
لا ذعرت السوام في فلق الصبح *** مغيرا ولا دعيت يزيدا
يوم أعطي مخافة الموت ضيما *** والمنايا يرصدنني أن احيدا
( وهذان البيتان لابن المفرغ الحميري تمثل بهما الحسين علیه السلام ) (2).
قال : فعلمت بذلك أنه لا يلبث [ إلا قليلا ] حتى يخرج فما لبث إلا قليلا حتى لحق بمكة.
والخبر الأول عن الزبير ، باسناده ، عن مجاهد بن الضحاك ، قال :
لما أراد الحسين علیه السلام الخروج من مكة الى العراق مرّ بباب
ص: 144
المسجد ، فتمثل بهذين البيتين قال :
لا ذعرت السوام ...
وقد يكون قال ذلك في الموضعين جميعا.
[1087] عمرو بن ثابت ، عن أبي سعيد ، قال :
كنا جلوسا مع الحسين بن علي علیه السلام عند جمرة العقبة (1) ، فلقيه عبد اللّه بن الزبير ، فخلا به ، ثم مضى.
فقال لنا الحسين علیه السلام : أتدرون ما يقول هذا؟ يقول : كن حمامة من حمام هذا المسجد ، واللّه لئن اقتل خارجا منه بشبر أحبّ إليّ من أن اقتل فيه ، ولئن اقتل خارجا منه بشيرين أحبّ الي من أن اقتل خارجا منه بشبر.
واللّه لو كنت في جحر هامة لأخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم.
واللّه ليعتدوا فىّ كما اعتدت اليهود في السبت.
وفي مسير الحسين علیه السلام الى العراق ، وذكر مقتله علیه السلام خبر طويل.
ص: 145
يزيد بن معاوية لعنة اللّه عليه.
وكان مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضی اللّه عنه - كما ذكرنا - قد قدم الكوفة ، وبايع للحسين بن علي علیه السلام جماعة من أهلها.
وكان على الكوفة يومئذ النعمان بن بشير (1) ، وانتهى ذلك إليه. فقال : إن ابن بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أحبّ إلينا من ابن بنت بجدل - يعني يزيد بن معاوية لعنهما اللّه ، أمه منسوبة بنت بجدل الكلبية -.
وانتهى ذلك الى يزيد لعنة اللّه عليه. فعزله ، وولي على الكوفة عبيد اللّه بن زياد ، وأمره بقتل مسلم بن عقيل ، وبأن يقطع على الحسين علیه السلام قبل أن يصل الى الكوفة.
فقبض على مسلم بن عقيل فقتله ، وصلبه (2) ، ويطلب أصحابه ، ولزم الكوفة.
ص: 147
[ ملاقاة الحرّ بالحسين ]
وأرسل الحرّ بن يزيد الحنظلي [ اليربوعي ] في خيل ، فلقي الحسين علیه السلام بكربلاء (1) ، فتواقفا.
ص: 148
وأرسل عبيد اللّه بن زياد بعد ذلك عمر بن سعد بن أبي وقاص في عسكر جحفل ، وعدة عتيدة.
فوافى الحسين علیه السلام ، وقد واقفه الحرّ بالطف من كربلاء ، ولم يكن بينهما قتال.
فقال لهم الحسين علیه السلام : ما تريدون منا؟
قالوا : نريد قتلك.
قال : ولم؟
قالوا : لأنك جئت لتفسد أهل هذا المصر - يعنون الكوفة - على أمير المؤمنين - يعنون يزيد لعنه اللّه -.
قال : ما جئت لذلك.
قالوا : بلى قد صحّ عند أمير المؤمنين.
قال : فأنا أنصرف الى المدينة.
قالوا : لا ، واللّه لا ندعك لتنصرف.
قال : فأنا أمضي الى يزيد حتى أضع يدي في يده (1).
قالوا : لا ، إلا أن تسلّم نفسك إلينا ، فنمضي بك إلى الأمير - يعنون عبيد اللّه بن زياد - فيحكم فيك بحكمه.
ص: 149
فلما لم يجد عندهم غير ذلك.
[1088] قام خطيبا في أصحابه.
فحمد اللّه ، وأثنى عليه ، وصلّى على محمد صلی اللّه علیه و آله ، وذكر فضله وقرابته منه ومكانه.
ثم قال : إنه قد نزل ما ترون من الأمر ، وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكرت ، وأدبر معروفها ، واستمرّت وولّت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون أن الحق لا يعمل به ، وأن الباطل لا يتناهى عنه ، فليرغب المؤمنون في لقاء اللّه عزّ وجلّ. فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين الباغين إلا برما.
قوله علیه السلام : لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء.
فالصبابة : ما فضل في أسفل الإناء من الشراب ، وجمعها صبابات.
وقوله : كالمرعى الوبيل.
الوبيل : الوخيم الذي لا يتمر به ، يقال منه : استوبل القوم الارض : إذا أصابهم فيها وخم.
وقوله : الحياة مع الظالمين [ الباغين ] إلا برما.
يقال منه : برمت من كذا. وكذا اذا ضجرت منه : برما. ومنه التبرم من الشيء ، وهو الضجر منه.
البغي : الترفع والعلو ومجاوزة المقدار.
ص: 150
ولما عرض عليهم الحسين علیه السلام ما عرضه وبذل لهم ما بذله وأبوا عليه قال الحرّ لعمر بن سعد (1) : إنه واللّه لو سألنا مثل الذي سألنا الحسين الترك والديلم لما وسعنا قتالهم ، فاقبلوا ذلك منه.
قال عمر : وما كنت بالذي أقبله دون أمر الأمير - يعني عبيد اللّه بن زياد - (2).
قال : وكتب بذلك إليه.
فقال : الآن لما علقته أيدينا ندعه ، لا واللّه إلا أن يأتي على حكمي ، وأنفذ فيه ما رأيته.
فكتب بذلك إليهما.
فأما الحرّ بن يزيد ، فضرب وجه فرسه حتى دخل في أصحاب الحسين علیه السلام ، وصار في جملته (3).
وأما عمر بن سعد اللعين فعبأ أصحابه ، وتقدم الى الحسين علیه السلام ليقاتله.
ص: 151
فقال الحسين علیه السلام لأصحابه :
إن هؤلاء لا يطلبون منكم غيري ، وأنا فلست اسلّم إليهم نفسي أو يقتلوني ، فمن شاء منكم فلينصرف عني محللا من ذلك.
قالوا : وكيف ننصرف عن ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، نقتل بين يديه بعد أن نبذل مجهودنا في عدوه ، وفي دفعه عنه حتى نلقى اللّه عزّ وجلّ.
وجعل أصحاب عمر بن سعد ينادونهم في الجواز إليهم حتى أنهم نادوا علي بن الحسين علیه السلام الأصغر.
وكان أخوه علي الأكبر علیه السلام يومئذ عليلا لا يملك من نفسه شيئا.
قالوا له : إن لك قرابة من أمير المؤمنين - يعنون يزيد اللعين - يريدون : أن ميمونة بنت أبي سفيان جدته لأمه أم ليلى بنت مرة ، وامها ميمونة بنت أبي سفيان (1).
قالوا له : فإن شئت آمنّاك ، وصرت الى الدنيا.
قال لهم علي علیه السلام : قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله
ص: 152
أحق أن ترعى. ثم حمل فيهم ، وهو يقول شعرا :
أنا علي بن الحسين بن علي *** أنا وبيت اللّه أولى بالنبي
اضربكم بالسيف أحمي عن أبي *** تاللّه لا يحكم فينا ابن الدعي
[ ضرب غلام هاشمي قرشي ]
[ ابن الدعي ] يعني عبيد اللّه بن زياد اللعين.
والتحم القتال ، ولم يزل علي بن الحسين علیه السلام يحمل فيهم على فرسه ، ويقتل منهم ، ويرجع الي أبيه ويقول : يا أبة ، العطش.
وكانوا يومئذ قد منعوهم الفرات ، وأجهدهم العطش.
فيقول له الحسين علیه السلام : اصبر حبيبي فلعلك لا تمسي حتى يسقيك جدك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فلم يزل كذلك يحمل فيهم ، ويقتل منهم حتى أصاب حلقه سهم رمي به.
ويقال : بل حمل عليه مرة بن منقذ بن النعمان من عبد القيس ، فطعنه ، فأنفذه.
فأخذه الحسين علیه السلام ، فضمه إليه ، فجعل يقول له : يا أبة هذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لي : عجّل القدوم علينا (1).
ولم يزل كذلك على صدره حتى مات. فلما نظر إليه علیه السلام ميتا قال : [ ولدي ] على الدنيا بعدك العفا.
واختلف القول فيهما.
ص: 153
فقيل : إن المقتول - كما ذكرنا - هو علي الأصغر ، إنه قتل يومئذ وفي اذنه قرط.
وان علي الأكبر هو الباقي يومئذ. وكان علیه السلام عليلا دنفا ، وانه يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان معه ابنه محمد بن علي علیه السلام ابن سنتين. وانه كان وصيّ أبيه الحسين علیه السلام . وهذه الرواية هي الرواية الفاشية الغالبة.
وقال آخرون : المقتول هو علي الأكبر وصيّ أبيه. فلما قتل عهد الى علي الأصغر الذي هو لام ولد.
فأما المقتول يومئذ فامه [ ليلى ] بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وعلي الباقي لام ولد فيما أجمعوا عليه (1).
ولم يزل أصحاب الحسين رحمة اللّه عليهم أجمعين يقاتلون ويقتلون من أصحاب عمر بن سعد ويقتلون واحدا بعد واحد حتى قتلوا عن آخرهم (2) لكثرة عدوهم وقلتهم.
وبقي الحسين علیه السلام وحده بنفسه ، وامتنع أن يسلّم نفسه إليهم ليحكموا فيه.
وقيل : إنه لما عرض على من كان معه الانصراف وحلّ لهم من ذلك انصرف عامتهم (3) ، فلم يبق معه إلا أقل من سبعين رجلا رضوا بالموت معه.
ص: 154
فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم.
وقيل : إنهم كانوا اثنين وسبعين (1) رجلا. فقتلوا عن آخرهم بعد أن قتلوا في المعركة من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانين رجلا غير من أدركته الجراحة بعد ذلك ، فمات منها.
وجرح الحسين صلوات اللّه عليه جراحات كثيرة. وثبت لهم [ و ] قد أوهنته الجراح ، فأحجموا عنه مليا. ثم تعاوروه رميا بالنبل ، وحمل عليه سنان بن أنس النخعي فطعنه ، فأثبته ، وأجهز خولى بن يزيد الأصبحي من حمير ؛ واحتزّ رأسه ، وأتى عبيد اللّه بن زياد ، فقال :
املأ ركابي فضة وذهبا
إني قتلت السيّد المحجّبا
قتلت خير الناس امّا وأبا (2)
وقتل صلوات اللّه عليه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.
ص: 155
ولما قتل علیه السلام انتهبوا ما كان معه ومع أصحابه من الأمتعة والأسلحة والمال والكراع.
وساقوا من كان معهم من الحرم سبايا ومضوا بعلي بن الحسين الأكبر الباقي [ من ولده ] (1) وهو شديد العلة لا يعقل ما هو فيه (2).
وقيل : إن ابنه محمد بن علي علیه السلام يومئذ كان مع الحرم ابن سنتين.
[1089] وقال علي بن الحسين علیه السلام : فما فهمته وعقلته مع علتي وشدتها أنه أتي بي الى عمر بن سعد. فلما رأى ما بي أعرض عني ، فبقيت مطروحا لما بي.
فأتاني رجل من أهل الشام ، فاحتملني ، فمضى بي وهو يبكي ، وقال لي :
يا ابن رسول اللّه ، إني أخاف عليك فكن عندي.
ومضى بي الى رحله وأكرم نزلي ، وكان كلما نظر إليّ يبكي. فكنت أقول في نفسي إن يكن عند أحد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل.
ص: 156
فلما صرنا الى عبيد اللّه بن زياد سأل عني.
فقيل : قد ترك. وطلبت ، فلم اوجد. فنادى مناد : من وجد علي بن الحسين ، فليأت به ، وله ثلاثمائة درهم.
فدخل عليّ الرجل الذي كنت عنده - وهو يبكي - وجعل يربط يدي الى عنقي ، ويقول : أخاف على نفسي يا ابن رسول اللّه إن سترتك عنهم أن يقتلوني.
فدفعني إليهم مربوطا ، وأخذ الثلاثمائة درهم وأنا انظر [ إليه ].
ومضى بي الى عبيد اللّه بن زياد اللعين فلما صرت بين يديه قال :
من أنت؟
قلت : أنا علي بن الحسين.
قال : أو لم يقتل اللّه علي بن الحسين؟
قلت : كان أخي ، وقد قتله الناس.
قال عبيد اللّه بن زياد : بل قتله اللّه.
فقال علي علیه السلام : ( اللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ) (1).
فأمر عبيد اللّه بن زياد اللعين بقتل علي بن الحسين.
فصاحت زينب بنت علي : [ يا ابن ] زياد حسبك من دمائنا ، اناشدك اللّه إن قتلته إلا قتلتني معه.
فتركني.
ص: 157
ووجه بي الي يزيد لعنه اللّه مع سائر حرم الحسين علیه السلام وحرم من اصيب معه.
فلما صرنا بين يدي يزيد اللعين قام رجل من أهل الشام فقال : يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال.
فقال علي بن الحسين علیه السلام : كذبت ، إلا أن تخرج من ملة الإسلام ، فتستحلّ ذلك بغير دين.
فأطرق يزيد مليا ، وأمر بالنسوة ، فادخلن الى نسائه (1). ثم أمر برأس الحسين علیه السلام فرفع على سن قناة. فلما رأين ذلك نساؤه أعولن.
فدخل - اللعين - يزيد على نسائه ، فقال : ما لكن لا تبكين مع بنات عمكن.
وأمرهن أن يعولن معهن تمردا على اللّه عزّ وجلّ واستهزاء بأولياء اللّه علیهم السلام .
ثم قال :
نفلق هاما من رجال أعزّة *** علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
صبرنا وكان الصبر منا سجية *** بأسيافنا يفرين هاما ومعصما (2)
ص: 158
وجعل يستفره الطرب والسرور ، والنسوة يبكين ويندبن ، ونساؤه يعولن معهن ، وهو يقول :
شجي بكى شجوة فاجعا *** قتيلا وباك على من قتل
فلم أر كاليوم في مأثم *** كان الظبا به والنفل
الشجي : الهيم. والشجاء : الهم. قال الشاعر :
ولقد شجتك هموم شجوها شاجي *** فما ترى من تولى قصب أمواجي
والنفل : المغنم.
فشبه اللعين نساءه بالظبي ، وجعل نساء الحسين علیه السلام مغنما.
ثم أمر يزيد اللعين برأس الحسين علیه السلام فطيف به في مدائن الشام وغيرها.
وأمر باطلاق علي بن الحسين علیه السلام . وخيّره بين المقام عنده ، أو الانصراف. فاختار الانصراف الى المدينة ، فسرحه.
ولما أمر اللعين بأن يطاف برأس الحسين علیه السلام في البلدان اتي به الى المدينة ، وعامله عليها يومئذ عمرو بن سعيد [ الأشدق ] (1). فسمع صياح النساء ، فقال : ما هذا؟
قيل : نساء بني هاشم يبكين لما رأين رأس الحسين.
ص: 159
وكان عنده مروان بن الحكم.
فقال مروان اللعين متمثلا :
عجت نساء بني زياد عجة *** كعجيج نسوتنا غداة الاذيب (1)
عنى اللعين عجيج نساء بني عبد الشمس لمن قتل منهم يوم بدر.
فأما ما أقاموه ظاهرا من أمر عثمان ، فمروان اللعين فيمن ألب عليه وشمت بمصابه ، وهو القائل :
لما أتاه نعيه ذينه *** من كسر ضلعا كسر جنبه
ولكن دخول بني أميّة بدماء الجاهلية التي طلبوا بها رسول اللّه في عترته وأهل بيته.
ولما قال ذلك مروان اللعين ، قال عمرو بن سعيد - عامل المدينة يومئذ - :
لوددت واللّه أن أمير المؤمنين لم يكن يبعث إلينا برأس الحسين.
فقال له مروان : اسكت لا أم لك ، وقل كما قال الأول :
ضربوا رأس شريز ضربة *** اشتت أوتاد ملك فاستتر
ثم أتى برأس الحسين الى عمرو بن سعيد ، فأعرض بوجهه عنه واستعظم أمره (2).
ص: 160
فقال مروان اللعين لحامل الرأس : هاته.
فدفعه إليه ، فأخذه بيده ، وقال :
يا حبذا بردك في اليدين *** ولونك الأحمر في الخدّين
وهذه العداوة المحضة الأصيلة ، وطلب القديم من ثار الجاهلية ، لم يستطع مروان اللعين أن يخفيه ، وبعثه السرور بقتل الحسين صلوات اللّه عليه ، على أن أخذه بيده ، وقال ما قاله.
وقد كان علي علیه السلام أسره يوم الجمل ، فمنّ عليه وأطلقه ، فما راعى ذلك ولا حفظه بل قد شاور معاوية اللعين في نبش قبر علي صلوات اللّه عليه لما غلب على الأمر ، فتمثل بقول الأول :
أجنوا أخاهم في الحفير ووسدوا *** أخاهم وألقوا عامرا لم يوسد
يحرضه بذلك على نبش قبر علي علیه السلام ، ويذكره قتلى بدر من بني عبد الشمس ، ومن قتل منهم على الكفر غير موسد ولا مدفون.
فأما عثمان لو كان أراده ، فقد كان عثمان ، فهذا ما لا ستر عليه ولا خفاء به من تنكله ذحول الجاهلية.
ثم استشار معاوية في نبش قبر علي علیه السلام عبد اللّه بن عامر بن كريز (1).
فقال : ما احبّ أن تعلم مكان قبره ، ولا أن تسأل عنه ، ولا احبّ أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا.
فقبل معاوية من عبد اللّه ما أشار به عليه ، وأعرض عن رأي مروان اللعين فيما أشار به من نبش قبر علي علیه السلام الذي استحباه ومنّ عليه ، وأطلقه من
ص: 161
الأسر ، ولكن غلب على اللعين الحقد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما قتل من أهل بيته على الكفر باللّه والشرك به ولعنه إياه ، ولأن عليا علیه السلام أتى به الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما أراد نفيه يقوده باذنه. وقد ذكرنا فيما تقدم (1) خبره في ذلك وما كان منه.
ص: 162
من مصرع الحسين والوقائع بعد الشهادة
[1090] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن المدائني ، قال : لما قتل حول الحسين علیه السلام جمع من كان معه ، وبقي الحسين علیه السلام عامة النهار لا يتقدم عليه أحد إلا انصرف عنه ، وكره أن يتولى قتله حتى حمل رجل من كندة يقال له مالك بن بشير ، فضربه على رأسه ، وعلى رأسه برنس ، فقطع برنسه ووصل السيف الى رأسه ، فأدماه.
فقال له الحسين علیه السلام : لا أكلت بيمينك ولا شربت بها ، وحشرك اللّه مع الظالمين.
ورمى الحسين علیه السلام بالبرنس (1) ، ولبس قلنسوة ، واعتم عليها ، وتنحى فقصر. وأقبل الشمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه ، فترك الحسين علیه السلام ومضى الى رحله فيمن تبعه ، فمشى إليهم الحسين بن علي صلوات اللّه عليه. فحالوا بينه وبين رحله ، وأقدموا عليه وأحاطوا به فقاتل صلوات اللّه عليه الرجالة حتى انكشفوا عنه بعد أن قتل منهم جماعة. ثم تصايح آخرون ، فأحاطوا به.
[1091] قال عبد اللّه بن عمارة بن عبد يغوث : ما رأيت [ مكثورا ] قط
ص: 163
أربط جأشا من الحسين علیه السلام (1) قتل ولده وجميع أصحابه حوله ، وأحاطت الكتائب به ، فو اللّه لكان يشدّ عليهم ، فينكشفوا عنه انكشاف المعز شدّ عليها الأسد.
فمكث مليا من النهار والناس يدافعون ، ويكرهون الاقدام عليه.
فصاح بهم (2) شمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه (3) : ثكلتكم امكم ، ما تنظرون بالرجل؟ فاقدموا عليه.
وكان أول من انتهى إليه زرعة بن شريك التميمي ، فضرب كفه اليسرى ، فضرب الحسين صلوات اللّه عليه ، فطعنه ، فسقط ، وقد أثبته الجراح.
فقال الخولى بن يزيد : احتز رأسه ، فأكبّ عليه ، فارعد.
فقال له سنان بن مالك : أبان اللّه يدك.
فنزل فاحتزّ رأسه.
[1092] ابن أبي أيسر ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال :
وجد في الحسين علیه السلام بعد أن قتل ثلاث وثلاثين طعنة ، وأربعا وأربعين ضربة ورمية.
[1093] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال : وجد في الحسين علیه السلام بعد أن قتل مائة خرق وبضعة عشر خرقا من السهام ، وآثار الطعن والضرب بالسيوف.
ص: 164
[1094] وبآخر ، عن أبي مخنف ، أنه قال : أخذ بحر بن كعب سراويل الحسين علیه السلام فكانت يداه تقطران في الشتاء دما فاذا أصاف يبستا ، فكانتا كالعود اليابس.
وأخذ قطيفته كانت معه قيس بن الأشعث ، وكان يقال له : قيس قطيفة.
وأخذ برنسه مالك بن بشير الكندي - وكان من خز - فأتى به الى أهله.
وقالت امرأته - أمّ عبد اللّه بنت الحارث - : أسلب الحسين تدخله بيتي ، أخرجه واللّه لا دخل بيتنا أبدا.
فلم يزل فقيرا محتاجا حتى هلك (1).
[1095] عبد اللّه بن الجبار بن العلى ، عن سفيان بن عيينة ، أنه قال : سمعت جدتي تقول :
كنت أيام قتل الحسين علیه السلام جويرية ، فذهبت أنظر إلى إبل الحسين علیه السلام لما أخذوها ، فنحروها ، فكنا ننظر الى لحمها كانت الجمر.
[1096] يزيد بن هارون الواسطي ، عن أمه ، عن جدتها ، قالت :
إننا اوتينا بلحم جزور من إبل الحسين بن علي علیه السلام ، فوضعته تحت سريري ، وذهبت أنظر فإذا هو يتوقد نارا.
[1097] محمد بن الزبير ، باسناده ، عن [ زيد ] (2) بن أبي الزناد ، أنه قال :
كنت ابن أربع عشر سنة حين قتل الحسين صلوات اللّه عليه ،
ص: 165
فرأينا السماء تقطر دما ، وصار الورس (1) رمادا.
[1098] محمد بن [ الحكم ] (2) ، باسناده ، عن بشار بن الحكم ، عن أمه ، أنها قالت :
انتهب الناس ورسا من عسكر الحسين علیه السلام ، فما استعملته امرأة إلا برصت.
[1099] اسامة بن سمير ، باسناده عن أم سالم (3) ، أنها قالت :
لما قتل الحسين بن علي علیه السلام مطرت السماء مطرا كالدم احمرّت منه البيوت والحيطان ، فبلغ ذلك البصرة والكوفة والشام وخراسان حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.
[1100] محمد بن يوسف ، باسناده ، عن حماد بن سلمة ، أنه قال : مطر الناس ليالي قتل الحسين علیه السلام دما.
[1101] محمد بن مخلد ، باسناده ، عن عمرو بن زياد ، أنه قال :
أصبحت جبابنا (4) يوم قتل الحسين علیه السلام ملآنة دما.
[1102] محمد بن يوسف ، باسناده ، عن نصرة (5) الأزدية ، أنها قالت :
لما قتل الحسين بن علي علیه السلام مطرت السماء دما ، وأصبح كل شيء لنا ملآنا دما.
[1103] سليمان بن شبيب ، باسناده ، عن محمد بن بشير (6) ، أنه قال : لم
ص: 166
تر هذه الحمرة [ التي ] في افق السماء حتى قتل الحسين علیه السلام .
[1104] محمد بن مخلد ، باسناده ، عن الأسود بن قيس ، أنه قال : كنت ليالي مقتل الحسين علیه السلام ابن عشرين سنة ، فارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ستة أشهر.
[1105] عن مقاتل ، قال : سمعت أبا بكر بن عباس يقول :
رأيت في منامي النبي صلی اللّه علیه و آله وابراهيم الخليل علیه السلام يصلّيان على قبر الحسين علیه السلام .
[1106] الحسن بن داود ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها قالت :
رأيت النبي صلی اللّه علیه و آله - في منامي - يبكي ، فقلت : يا رسول اللّه ما يبكيك؟
قال : قتل ابني الحسين.
فلما أصبحت جاءنا نعيه.
[1107] الحسن بن محمد ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها أصبحت ذات يوم ، فقالت لخادمها : لا أرى ابني الحسين إلا وقتل. ما سمعت نوح الجن مذ قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا البارحة ، فإني سمعتهم يقولون :
ألا يا عين جودي لي بجهد (1)
ومن يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا
الى متجبر في ملك [ عبد ]
[1108] عبد اللّه بن مسلم المتلالي ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال :
سمعت نوح الجن على قتل الحسين علیه السلام يقولون :
ص: 167
ابك ابن فاطمة الذي *** من موته شاب الشعر
ولقتله زلزلتم *** ولقتله كسف القمر (1)
[1109] داود بن قاسم ، عن هشام ، أنه قال : سمعت أبا جرثومة الكلبي قال :
لما قتل الحسين علیه السلام سمعت مناديا ينادي من جبانة - يعني المقبرة -
أيها القوم القاتلون جهلا حسينا *** ابشروا بالعذاب والتنكيل
كل من في السماء يدعو عليكم *** من نبيّ وحافظ ورسول
قد لعنتم على لسان ابن داود *** وموسى وصاحب الانجيل
[1110] محمد بن ميمون ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :
رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - في النوم - أشعث أغبر ، ومعه قارورة فيها دم. فقال لي : لم أزل منذ الليل ألتقط دم الحسين وأصحابه. وكان ذلك يوم قتل الحسين علیه السلام .
[1111] إبراهيم بن محمد ، باسناده ، عن محمد بن الحنفية ، أنه قال :
قتل منا مع الحسين بن علي علیه السلام تسعة عشر شابا (2) كلهم ارتكض في جوف فاطمة علیهاالسلام .
[1112] محمد بن إبراهيم التميمي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :
أوحى اللّه الى نبيه محمد صلی اللّه علیه و آله : إني قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين الفا ، واني اقتل بدم الحسين بن علي (3) سبعين الفا وسبعين الفا.
[1113] عبد اللّه بن زواق ، قال : سمعت رجلا من الانصار يحدّث معمرا ،
ص: 168
قال : لما كان اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي علیه السلام ( من رجل في بعض الليل في منى ، فسمع ) (1) صوتا على كبكب ، كأنه صوت امرأة تنوح :
ابك ابكي حسينا أيما.
فأجابتها اخرى من ثبير تقول :
( ابك ابكي ابن الرسول أيما ) قال الرجل : فكتبت تلك الليلة فاذا هي الليلة التي تتلو اليوم الذي قتل الحسين علیه السلام .
فيه : كبكب : جبل مما يلي المسجد من منى.
وثبير : جبل أيضا هناك يقابله.
وقولهما : أيما.
كلمة تستعملها نوائح العرب إذا ذكرت من تنوح عليه ، قلت : أيما يردن ، أيما رجل كان. وهي كلمة تستعمل في المدح ، يقولون : فلان أيما فلان. وقد يسقطون الياء فيقولون فلان ما فلان. وفي الحديث عن أم زرع ، أنها قالت :
زوجي ما أبو زرع. تمدحه.
[1114] عبد الرزاق ، قال : قلت لمعمر : أخبرني أبي ، أنه قال :
ما نجى أحد ممن قتل الحسين علیه السلام من القتل فمات حتى رمي بداء في جسده.
فقال : صدقت قد سمعت هذا الحديث من غير واحد.
[1115] محمد بن معين الأصباغي ، عن أبي معمر ، قال : أخبرني من
ص: 169
أدرك مقتل الحسين علیه السلام : مكثت السماء بعد مقتله شهرا حمراء.
[1116] محمد بن حميد الأصباغي ، باسناده ، عن يوسف بن شهيب ، عن حبيب بن بشار ، قال :
لما اصيب الحسين علیه السلام قام زيد بن أرقم (1) على باب المسجد فقال :
أفعلتموها ، قتلتموه ، أما إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول للحسن والحسين علیهماالسلام : اللّهمّ أستودعكهما وصالح المؤمنين.
[1117] خالد بن يزيد ، عن حزام بن عثمان قال : جيء برأس الحسين علیه السلام الى عبيد اللّه بن زياد وعنده زيد بن أرقم ، فجعل ينكث ثناياه بقضيب بيده ، ويقول : ما أحسن ثغر أبي عبد اللّه.
وكان قد أجلس زيد بن أرقم معه على السرير.
فقال : نحّ قضيبك ، أتضعه موضعا طالما رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يلثمه.
فقال له عبيد اللّه : إنك قد خرفت.
فوثب زيد بن أرقم عن السرير ولصق بالارض ، وقال : أشهد لقد رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والحسن علیه السلام على فخذه اليمنى ويده اليمنى على رأسه ، والحسين علیه السلام على فخذه اليسري ، ويده اليسرى على رأسه. وهو يقول : اللّهمّ إني أستودعكهما ، وصالح المؤمنين. وكيف كان حفظك لوديعة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن كنت مؤمنا.
[1118] أبو نعيم ، باسناده ، عن الربيع بن خثيم ، أنه لما انتهى إليه مقتل
ص: 170
الحسين علیه السلام وأصحابه قال :
لقد قتلوا فتية لو أدركهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأقعدهم في حجره ، ووضع فمه على أفواههم (1).
[1119] أبو نعيم ، باسناده ، عن أمّ سلمة ، أنها لما بلغها مقتل الحسين علیه السلام ضربت قبة في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله جلست فيها ولبست سوادا.
[1120] سلمان بن محمد بن أبي فاطمة ، باسناده ، عن جوير بن سعيد ، قال :
أمسى رجل من الحي صحيحا وأصبح أعمى ، فمررت ببابه بكرة ، والناس يسألون : ما الذي أصابك؟
فقال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في منامي وبين يديه طشت وبيده سكين ، وهو يقول : ائتوني بقتلة الحسين. ولا يؤتى بأحد إلا ذبحه في ذلك الطشت ، وذهب بي إليه.
فقال لي : ما أنت ممن قتل الحسين؟
فقلت : يا رسول اللّه شهدته واللّه ، ما رميت بسهم ، ولا طعنت برمح ، ولا ضربت بسيف.
فقال لي : لا واللّه ، ولكنك سودت وكثرت (2).
ثم أخذ من ذلك الدم بإصبعيه ، فأهوى به الى عيني ، فأصبحت كما ترون.
[1121] سليمان بن أبي فاطمة ، باسناده ، عن الصلت بن الوليد ، قال : تذاكرنا يوما ونحن في مجلس ، أنه لم يفلت ممن شرك في قتل الحسين
ص: 171
علیه السلام أحد إلا قتل أو أصابته عقوبة.
فقال رجل - ممن كان في المجلس - : قد شهدت قتل الحسين ، وما أصابني شيء أكرهه الى اليوم.
فما قام من المجلس حتى مرّ غلام بيده مجمرة فيها [ النار ] فطارت منها شرارة ، فتعلقت بثياب الرجل ، وهبّت ريح ، فأضرمتها نار ، فاحترقت ومات مكانه.
[1122] سفيان ، باسناده ، عن الربيع بن خثيم ، أنه لما انتهى إليه قتل الحسين علیه السلام فتح بابه ، وقد اجتمع الناس إليه ، فقالوا : قتلوا الحسين ابن رسول اللّه.
ثم رفع طرفه الى السماء. فقال : اللّهمّ عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما يختلفون (1). ثم دخل فأغلق بابه فما خرج بعد ذلك.
ص: 172
[1123] علي بن صلت ، قال : جاء رجل الى السدي ، فقال له : إني كنت
ص: 173
من شهد قتل الحسين علیه السلام وما طعنت برمح ولا ضربت بسيف ، فرأيت في المنام ، كأن القيامة قد قامت وكان الناس قد حشروا ، فمررت برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال لي : أشهدت حسينا؟
قلت : نعم ، واللّه ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح.
فبخص بإصبعه في عيني ، فأصبحت أعمى.
فقال له السدي : فترد من الماء البارد.
[1124] امرأة كعب ، قالت : قيل له : قتل الحسين بن علي علیه السلام .
قال : لا واللّه ما قتل ولو قتل نهارا لما أمسيتم حتى تروا لذلك علامة ولو قتل ليلا أصبحتم حتى تروا لذلك علامة.
قالت : فلما أمسوا احمرّ افق المساء. فقال : ألا إنه قتل الحسين بن علي علیه السلام بكت السماء عليه كما بكت على يحيى بن زكريا.
تمّ الجزء الثاني عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار ، ما أضاء الليل وأضاء النهار.
ص: 174
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الثالث عشر
ص: 175
ص: 176
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قتل مع الحسين بن علي صلوات اللّه عليه يوم قتل ، ابنه علي بن الحسين (1). وقد ذكرنا خبره فيما مضى.
قتله : مرة بن منقذ بن النعمان [ العبدي ].
وعبد اللّه بن الحسين (2).
وامهما الرباب بنت امرئ القيس بن جابر بن كعب بن عليم من كلب. وكانت أم سكينة بنت الحسين أيضا. وكان يحبها ، وهو يقول فيها هذا البيت :
لعمرك انني لاحبّ دارا
تحلّ بها سكينة والرباب (3)
ص: 177
وكان عبد اللّه يومئذ صغيرا ، وكان في حجر أبيه الحسين علیه السلام ، فجاءه سهم فذبحه (1).
رماه به هاني (2) بن ثبيت (3) الحضرمي (4)
وقتل معه يومئذ :
أبو بكر بن الحسين علیه السلام . رمي أيضا بسهم ، فأصابه ، فمات منه.
والذي رماه حرملة الكاهلي.
وهو لأمّ ولد (5).
ص: 178
[ القاسم بن الحسن ]
قال حميد بن مسلم : وقتل معه يومئذ القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قتله عمرو بن سعيد بن عمرو بن نفيل الازدي (1) ، وهو لأمّ ولد.
قال حميد بن مسلم : رأيت القاسم بن [ ال ] حسن بن علي يوم الطف ، وقد خرج إلينا ، وهو غلام كأن وجهه شقة قمر (2) ، عليه قميص ونعلان (3) ، قد انقطع شسع نعله اليسرى.
فقال لي عمر [ و ] بن سعيد بن عمر [ و ] بن نفيل [ الأزدي ] - وهو الى
ص: 179
جانبي - : واللّه لأقتلنه.
قلت : وما تريد من قتل هذا؟
فلم يلتفت إليّ ، وحمل عليه ، فضربه ، فصرعه ، فنادى : يا عماه. فصار (1) الحسين إليه ، فضربه بالسيف. فاتقاه [ عمرو ] بيده ، فأبانها من المرفق ، وأدبر. وحملت عليه خيل الكوفة ليحملوه. فحمل عليهم الحسين علیه السلام ، فنكصوا عليه ، ووطئوه ، فقتلوه.
ووقف الحسين علیه السلام على الغلام ، وقد مات فعلا (2) ، فقال : عزّ على عمك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا [ ينفعك ] ، وويل لقوم قتلوك ، ومن خصمهم (3) فيك يوم القيامة (4) [ جدك وأبوك ].
ثم أمر به فاحتمل (5) فكأني أنظر إليه ورجلاه تخطان في الأرض ، حتى وضع مع علي بن الحسين علیه السلام . وسمعتهم يقولون : هذا القاسم بن الحسن بن علي علیه السلام .
وقتل معه يومئذ عبد اللّه بن [ الحسن ] (6) علیه السلام ، لأمّ ولد ، وكان الحسين
ص: 180
وقتل معه يومئذ اخوة العباس بن علي بن أبي طالب (1).
[1125] إسماعيل بن أوس ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : عبّأ الحسين بن علي أصحابه يوم الطف وأعطى الراية أخاه العباس بن علي (2).
وسمّي العباس : السقّاء ، لان الحسين علیه السلام عطش ، وقد منعوه الماء ، وأخذ العباس قربة ومضى نحو الماء (3) ، واتبعه إخوته من
ص: 182
ولد علي علیه السلام : عثمان وجعفر وعبد اللّه. فكشفوا أصحاب عبيد اللّه عن الماء. وملأ العباس القربة ، وجاء بها فحملها على ظهره الى الحسين وحده. وقد قتل إخوته (1) : [ عثمان ] وجعفر وعبد اللّه في
ص: 183
المعركة على الماء (1) ، ولم يكن لأحد منهم عقب. وورثهم العباس (2) وقتل بعدهم (3) يومئذ ، وخلف ولده عبيد اللّه بن العباس (4) ، وبقى محمد (5) وعمرو (6) ابنا علي علیه السلام .
ص: 184
وأما محمد ، فسلّم لعبد اللّه بن العباس حصته من تراث عثمان وجعفر وعبد اللّه أبناء علي علیه السلام .
وأما عمرو بن علي ، فكان أصغر ولد علي ، وقام بعد ذلك في حظه من ميراث اخوته : عثمان وجعفر وعبد اللّه حتى صولح وارضي من ذلك وكان العباس وعثمان وعبد اللّه وجعفر ، بنو علي علیه السلام . امهم أمّ البنين بنت [ حزام ] (1) بن خالد بن ربيعة بن الوليد (2).
وعمرو بن علي لا شقيق له ، وإنما شقيقته رقية الكبرى ، امهما الصهباء - بذلك تعرف - واسمها : أم حبيب بنت ربيعة.
فما أدري من أين طلب عمرو بن علي ميراث اخوته غير أشقائه مع شقيقهم العباس ، وهو أحق بذلك منه باجماع على أن الاخوة والأخوات من الأب لا يرثون مع الاخوة والأخوات من والأب والام شيئا لقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي آثر به وصيّه علي بن أبي طالب علیه السلام ، ورواه الخاص والعام (3) ، إنه قال : أعيان
ص: 185
بني [ الام ] (1) يتوارثون دون بني العلات.
وهذا ما أجمع عليه أهل الفتيا. إلا أن يكون ادعى أن العباس قتل قبلهم ، ولم تقم على ذلك بينة (2) مع أنه قد ادعى وطلب ما ليس
ص: 186
له ، وذلك أنه أراد أن يكون يلي أمر [ صدقات ] علي علیه السلام ، وقد كان وصية علي علیه السلام أن لا يلي أمر ما [ أوقفه ] (1) من أموال الصدقات إلا ولده من فاطمة علیهاالسلام وأعقابهم ما تناسلوا.
[1126] وقد روى الزبير عن عمه مصعب بن عبد اللّه ، أنه قال : كان عمرو آخر ولد علي بن أبي طالب علیه السلام وقدم مع أبان بن عثمان على الوليد بن عبد الملك (2) يسأله أن يوليه صدقة أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام ، وكان يليها يومئذ ابن أخيه الحسن بن [ الحسن ] بن علي (3) فعرض عليه الوليد الصلة ، و [ قضاء ] الدين.
قال [ عمرو ] : لا حاجة لي في ذلك ، إني سألت صدقة أبي أن أتولاها ، فأنا أولى بها من ابن أخي ، فاكتب لي في ولايتها.
فوضع الوليد في رقعة - أبيات ربيع بن أبي الحقيق - شعرا :
أنا اذا مالت دواعي الهوى *** وأنصت السامع للقائل
واصطرع القوم بألبابهم *** نقضي لحكم عادل فاصل (4)
ص: 187
لا نجعل الباطل حقا ولا *** نلظ (1) دون الحق بالباطل
نخاف أن تسفه أحلامنا *** فنخمل (2) الدهر مع الخامل
ثم رفع الرقعة الى أبان ، وقال : ادفعها إليه ، وعرفه أني لا أدخله على ولد فاطمة بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غيرهم ، وانصرف عنه عمرو غضبانا ، ولم يقبل له صلة.
ولو أفاد الوليد هذا القول فيما تغلّب عليه (3) لكان أولى به.
قوله : واصطرع القوم بألبابهم.
الصرع : طرح الانسان بالأرض. فتقول : صرعته صرعا ، إذا طرحته بالأرض.
والمصارعة : تعالج الاثنين أيهما يصرع صاحبه.
الألباب - هاهنا - جمع تلبيب ، يقال منه : تلبيب وتلابيب. والتلبيب : مجمع ما في موضع اللبة من ثياب الرجل. واللبة : موضع واسطة العقد إذا عدل في العنق.
قال ذو الرمة (4) :
براقة الخد (5) واللبات واضحة *** كأنها ظبية أقصى بها لبب
ص: 188
فجمع ، وإنما هى لبة واحدة ، والعرب تجمع الواحد والاثنين مما يكون في الإنسان ، فيقولون : لباب المرأة ، وترائبها ومعاصمها ، ويقال لواسطة العقد : لبة ، لانها تكون في اللبة. والعرب تسمي الشيء باسم ما صاحبه ولاءمه.
ويقال : أخذ فلان تلبيب فلان ؛ ولبيب فلان : إذا أخذ مجامع ثيابه عند نحره ، أو جعل في عنقه ثوبا ، أو حبلا ، أو قبض في ذلك على موضع تلبيبه.
وقد يفعل ذلك الإنسان من يريد أن يصرعه.
وقوله : ( ولا نلظ دون الحق [ بالباطل ] ).
الألظاظ : الالحاح على الشيء ، يقال منه : ألظ على الشيء ، وألظ منه.
سميت الملاظة في الحرب ، يقال منه : رجل ملظاظ ، وملظاء : أي ملح.
قال [ الزاجر ] :
( عجبت والدهر له لظيظ ) (1)
ويقال رجل لظ [ فظ ] : أي عسير متشدد.
وقيل للحية اذا تلظظ : إذا هي حركت رأسها من شدة اغتياظها. وقيل : انما سميت النار لظى من أجل لزوقها بالجلد ، واشتقاقه من الالظاظ. والنار تلظى وتتلظى : إذا اشتد توقدها. والاصل تلظظ ، فقلبوا أحد الظاءين الى الياء. وفي الحديث : ( ألظوا [ في الدعاء ] ب : يا ذا الجلال والاكرام ) : أي سلوا اللّه في الدعاء بهذه الكلمة ، وأديموا السؤال.
وقوله : الدهر. يقول إذا فعلنا ذلك خملنا طول الدهر. والمخمول : الاخفاء. والخامل : الخفي. يقال منه : رجل خامل الذكر : أي لا يكاد أن يعرف ولا يذكر. والخامل : القول الخفيض. وفي الحديث : ( اذكروا اللّه ذكرا خاملا ) (2) أي خفيا ، يعني سرا.
ص: 189
بن الحسين علیه السلام صدقات النبي صلی اللّه علیه و آله وصدقات علي علیه السلام وكانتا مضمونتين ، فجاء عمرو بن علي الى عبد الملك بن مروان يتظلم منه في ذلك ، ويقول : أنا أحق منه بها.
فقال له عبد الملك : أقول كما قال ابن أبي الحقيق (1) : اني اذا مالت دواعي الهوى ... وأنشده الأربعة الأبيات المتقدم ذكرها.
ثم جاء بعد ذلك الى ابنه الوليد طمعا فيه أن يوليه ذلك ، فأجابه بما أجابه أبوه به.
وكان الذي ولي قتل العباس بن علي يومئذ يزيد بن زياد الحنفي (2) وأخذ سلبه حكيم بن طفيل الطائي وقيل إنه شرك في قتله يزيد. وكان بعد أن قتل اخوته عبد اللّه وعثمان وجعفر معه قاصدين الماء (3). ويرجع وحده بالقربة فيحمل على أصحاب عبيد اللّه بن زياد الحائلين دون الماء. فيقتل منهم ، ويضرب فيهم حتى يتفرجوا عن الماء فيأتي الفرات فيملأ القربة ، ويحملها ، ويأتي بها الحسين علیه السلام وأصحابه ، فيسقيهم حتى تكاثروا عليه ، وأوهنته الجراح من النبل ، فقتلوه كذلك (4) بين الفرات والسرادق ، وهو يحمل الماء ،
ص: 191
ص: 192
وثم قبره (1) رحمه اللّه .
وقطعوا يديه ورجليه حنقا عليه ، ولما أبلى فيهم وقتل منهم فلذلك سمي السقّاء.
وفيه يقول الفضل بن محمد بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس بن علي علیه السلام (2) :
أحق الناس أن يبكى عليه *** إذ (3) أبكى الحسين بكربلاء
أخوه وابن والده علي *** أبو الفضل المضرّج بالدماء
ومن واساه لا يثنيه شيء *** وجاء له على عطش بماء
ص: 193
قوله : المضرج بالدماء ، يقال لكل شيء تلطخ بالدماء أو نحوه قد تضرج تضرجا وهو مضرج ، قال الشاعر يصف الشراب :
( في قرقر بلعاب الشمس مضروج ) (1)
وقتل العباس بن علي يومئذ وهو ابن أربع وثلاثين سنة (2) وقتل عبد اللّه بن علي يومئذ وهو ابن خمس وعشرين سنة. وقتل عثمان بن علي وهو ابن احدى وعشرين سنة. وقتل جعفر بن علي وهو ابن سبع عشر سنة (3).
ص: 194
وقتل يومئذ مع الحسين علیه السلام من ولد عقيل بن أبي طالب (1) :
عبد الرحمن بن عقيل (2) ، أمه : أمّ ولد. قتله : عثمان بن خالد الجهني.
وعبد اللّه بن عقيل (3) ، وأمه : أمّ ولد. قتله : عمرو بن الصبيح ، [ أضعفه بسهم ] رماه به [ بشير بن حوط ] الهمداني.
وعبد اللّه بن مسلم بن عقيل (4) ، أمه : رقية بنت علي بن أبي طالب ، قتله : عمرو بن الصبيح [ الصداني ] ، ويقال : أسد بن مالك.
ص: 195
وعبد اللّه بن الحسن (1).
والقاسم بن عبد اللّه بن جعفر.
وعمرو بن الحسين (2).
ومحمد بن الحسين (3).
ومحمد بن عقيل (4).
والقاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب (5).
ص: 197
وعبد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب (1).
ومن النساء (2) أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب (3).
وأمّ الحسن بنت علي بن أبي طالب (4).
وفاطمة (5).
ص: 198
وسكينة (1) ابنتا الحسين بن علي.
[1128] قيل : إن زينب بنت عقيل بن أبي طالب (2) خرجت على الناس بالبقيع تبكي قتلاها ، وهي تقول :
ما ذا تقولون اذ قال النبيّ لكم *** ما ذا فعلتم وأنتم آخر الامم
بأهل بيتي وقد أضحوا بحضرتكم *** منهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم
هل كان هذا جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوى رحمي (3)
فقال أبو الأسود الدؤلي (4) : وقد سمعتها تقول : ( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (5).
وهذا قول من لم يعتقد عداوة أهل بيت محمد. فأما الذين اعتقدوا عداوتهم وقصدوا لما قصدوا إليه منهم فهم مصرّون على كفرهم وعلى ما ارتكبوه منهم ، وقد قتلوا من أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد هذا خلقا كثيرا قلّ
ص: 199
من يحصي عددهم ظلما لهم ، واستخفافا لحقهم غير من تعاطى ما ليس له منهم ، فصرعه تعاطيه ما ليس له ، وتعديه الى غير حظه ، وتسمية اسمه. ومن أراد استلاب ما سلب من غيره ، والطلب بغير حقه ، ومن أجل ذلك أعرضنا عن ذكر من كانت هذه سبيله وطوينا كشحا عن مصابه ، واللّه يحكم في ذلك بحكمه ويقضى بما شاء بين عباده.
ص: 200
وقد ذكرنا من فضل علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام فيما تقدم. وذكرنا من فضل جعفر بن أبي طالب ، أخي علي علیه السلام كثيرا. ونذكر في هذا الباب شيئا مما انتهى إلينا من ذلك ، ومن فضائل غيرهم من أهل بيته إن شاء اللّه تعالى.
[1129] محمد بن عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن جعفر بن محمد ، أنه قال : كانت أم علي علیه السلام احدى أحد عشر امرأة بدرية. فلما أن ماتت نزع رسول اللّه قميصه فأعطاهم إياه. وقال : كفنوها فيه ، ليدفع عنها ضغطة القبر. ونزل في قبرها ، فاضطجع في لحدها. وقال : أردت أن يوسع عليها ، فانه لم ينفعني أحد بعد أبي طالب كنفعها.
[1130] محمد بن علي بن أعرابي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : قدم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عام الحديبية فصالحهم على أن يقدم من قابل ، ولا يدخل مكة بفرس ولا سلاح ، ولا يخرج منها أحد ، فنزل بطن مرو. وتخلف علي علیه السلام بمكة ، فأخرج بنت حمزة (1) على بعير. فلقيه رجل من المشركين ، فلما علم أنه
ص: 201
علي لم يجسر على مقاومته ، فكان اكثر ما قدر عليه أن شتم الجارية ، وشتم أباها.
وقدم بها علي بطن مرو على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فنازعه فيها جعفر وزيد بن حارثة. فقال له جعفر : هي ابنة عمي وخالتها عندي ، والنساء عورة.
وقال زيد : هي مولاتي ، وقد آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيني وبين أبيها ، وأنا أحقكم بها.
قال علي علیه السلام : هي ابنة عمي ، وقد تركتموها بمكة تضرب ويشتم أبوها واخوتها ، وأنا أحقكم بها.
فسمع النبي صلی اللّه علیه و آله كلامهم. فقال صلی اللّه علیه و آله : أنا أقضي بينكم فيها وفي غيرها. أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأما أنت يا علي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي : وأما أنت يا زيد فمولى اللّه ومولى رسوله ، فادفعوها الى خالتها فان النساء عورة.
[ جعفر بن أبي طالب ] (1)
[1131] سعد بن طريف ، باسناده ، عن جعفر بن أبي طالب علیه السلام
ص: 202
لما أن بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى النجاشي (1) ركب البحر ، فبيناهم يجرون في الليل إذ سمعوا قائلا يقول : اسمعوا ما أقول لكم يا أهل السفينة وأخبركم به من ربكم ، فتقدم جعفر علیه السلام الى مقدم السفينة.
فقال : أين مخبرنا عن ربنا؟ فاذا قائل يقول : إن الصدقات بالنهار تطفئ غضب الرب ، والصدقة بالليل تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار.
ص: 203
[1132] عبد الملك بن هشام ، باسناده ، [ أن ] جعفر بن أبي طالب علیه السلام ، أخذ اللواء يوم مؤتة بيمينه. فلم يزل يقاتل حتى قطعت يمينه. فأخذه بشماله ، فلم يزل يقاتل حتى قطعت شماله. فاحتضن اللواء بعضديه ، وجعل يقاتل حتى قتل علیه السلام .
[1133] محمد بن حميد ، باسناده ، أن جعفر بن أبي طالب علیه السلام لم يزل يقاتل يوم مؤتة بيمينه حتى جرح سبعين جراحة بين ضربة وطعنة ، فأدركه الجرح ، فقتل رحمه اللّه .
[1134] خالد بن يزيد ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
رأيت جعفر بن أبي طالب علیه السلام في الجنة ملكا يطير فيها بجناحين مضرّجين قوادمهما بالدماء ، يتبوأ منها حيث يشاء يطير فيها مع الملائكة.
[1135] الأجلح ، باسناده ، أن جعفر بن أبي طالب ، قدم على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من الحبشة يوم فتح خيبر ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أدري بأيهما أنا اسرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ وضمه إليه ، وقبّل ما بين عينيه.
ص: 204
[1136] سلمة ( بن شيش ) (1) ، باسناده ، عن جعفر بن محمد علیه السلام [ أنه ] قال : سمعت أبي يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : خلق الناس بأشجار شتى وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة. وأنا وآل عبد المطلب من شجرة واحدة. وأنا [ و ] جعفر من غصن من أغصانها فأشبه خلقي خلقه وخلقه خلقي (2).
[1137] محمد بن الحسن (3) ، باسناده ، أن أبا طالب مرّ برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومعه علي علیه السلام وهما يصلّيان ، وجعفر مع أبي طالب. فقال أبو طالب له : ارجع فصل جناح ابن عمك. فأتى جعفر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأسلم ، وصلّى معهما ، وكانت أول صلاة صلاّها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في جماعة.
[1138] وبآخر ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : ضرب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لجعفر بن أبي طالب بسهمه يوم بدر ، وهو بأرض الحبشة ، وهاجر الهجرتين - هاجر الى أرض الحبشة ، وهاجر الى المدينة -.
ص: 205
[1139] أحمد بن يحيى ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : خطبنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعيناه تذرفان ، فقال : أخذ الراية جعفر ، فقتل ، ثم أخذها زيد بن حارث (1) فقتل ، ثم أخذها عبد اللّه بن رواحة (2). فقتل ، ثم أخذها خالد بن الوليد (3).
ثم علي علیه السلام التفت الى مؤتة (4) وقال لهم : بايعهم ، إن
ص: 206
اصيب جعفر فأميركم زيد بن حارثة. فإن اصيب زيد فأميركم عبد اللّه بن رواحة ، ولم يذكر الامرة بعده غيره (1).
فلما اصيبوا ثلاثتهم رضي اللّه عنهم أخذ الراية خالد بن الوليد عن غير إمرة ، ففتح اللّه للمسلمين.
[1140] إبراهيم بن علي ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : لما [ أتى ] نعي جعفر وعرفنا في وجه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحزن. وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد جاءهم ما يشغلهم أن يصنعوا لأنفسهم.
فجرت بذلك السنّة من بعد بأن يصنع لأهل بيت خواصهم طعاما.
وقالت أسماء بنت عميس ترثي جعفر بن أبي طالب علیه السلام بهذه الابيات :
يا جعفر الطيار خير مضرب *** للخيل يوم تطاعن وتشاح
قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه *** فتركتني أمشي بأجرد ضاحي
قد كنت ذات حمية ما عشت لي *** أمشي البراز وأنت كنت جناحي
فاليوم أخشع للذليل وأتقي *** منه وأدفع ظالمي بالراح
قولها : تشاح ، يقال منه شجى فلان فاه : إذا فتحه. وشحا اللجام فم الفرس. قال الشاعر :
ص: 207
كأن فاها ، واللجام شاحية
جنبا غبيط ملس نواحيه (1)
ويقال من ذلك : اقبلت الخيل شواحي وشواحيات : إذا أقبلت فاتحة أفواهها.
وقولها : فتركتني أمشي بأجرد ضاحي.
الأجرد : الذي لا نبات فيه من الجبال والارضين.
والضاحي : ما ليس له ظل. يقال منه : ضحا الرجل ضحيا إذا أصابه حرّ الشمس. وفي القرآن : ( وَلا تَضْحى ) (2) أي : لا يصيبك حرّ الشمس يعني في الجنة.
وقولها : ألوذ. اللوذ : مصدر لاذ ، يلوذ ، لواذا ، ولواذا ، واللياذ مصدر اللواذة. الملاوذة أن تستتر بشيء مخافة من تراه وتخافه.
وقولها : وأدفع ظالمي بالراح.
الراح : جمع الراحة. والراحة باطن الكف ، وذلك مما يدفع به الضعيف الذليل من نفسه أن يتقي براحة كفه.
رأيت خيار المسلمين تتابعوا (1) *** شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر (2)
فلا يبعدون اللّه قتلى تتابعوا *** جميعا وأسباب المنية تخطر (3)
وزيد وعبد اللّه حين تتابعوا *** بمؤتة فيهم ذو الجناحين جعفر
غداة (4) غدا بالمؤمنين يقودهم *** الى الموت ميمون النقية أزهر
أعزّ كضوء البدر من آل هاشم *** أبي إذا سم (5) الضلامة مجسر
فطاعن حتى مال غير موسد *** بمعترك فيه القنا ينكسر
وصار مع المستشهدين (6) ثوابه *** جنان ومتلف الحدائق أخضر
وكنا نرى في جعفر من محمد *** وقارا (7) وأمرا حازما حين يأمر
وما زال (8) في الاسلام من آل هاشم *** دعائم عزّ لا ترام (9) ومفخر
هم جبل الاسلام والناس حولهم *** قيام الى طود يروق ويبهر (10)
بها ليل منهم جعفر وابن أمه *** علي ومنهم أحمد المتخير
وحمزة والعباس منهم وفيهم (11) *** عقيل وماء العود من حيث يعصر
ص: 209
[ ويرثيه أيضا كعب ]
وقال كعب بن مالك (1) يرثي جعفر وأصحابه شعرا :
نام (2) العيون ودمع عينك يهمل
سحا كما وكفّ الضباب المخضل
وكأنما بين الجوانح والحشا
مما تأويني شهاب مدخل
وجدا على النفر الذين تتابعوا
سرعى بمؤتة غود روا لم ينقل (3)
صلّى الاله عليهم من فتية
وسقى عظامهم الغمام المسبل
صبروا هنا لك (4) للاله نفوسهم
حذرا له وحفيظة أن ينكلوا (5)
فمضوا أمام المؤمنين (6) كأنهم
فنق عليهن الحديد المرفل
إذ يهتدون بجعفر ولوائه
قدام أولهم ونعم (7) الاول
حتى تفرقت الصفوف وجعفر
بين الصفوف لدى الحتوف مجدل (8)
ص: 210
فتغيّر القمر المنير لقدره (1) *** والشمس قد كسفت وكادت تأفل
قرم علا بنيانه من هاشم *** فرع اشمّ وسؤدد ما ينقل (2)
قوم بهم عصم الاله عباده (3) *** وعليهم نزل الكتاب المنزل
بيض الوجوه ترى بطون اكفهم *** تندى إذا اعتذر الزمان الممحل
ويهديهم رضي الاله لخلقه *** وبحدهم (4) نصر النبي المرسل
فأما قول حسان بن ثابت : رأيت خيار المسلمين تتابعوا شعوبا.
تتابعوا : أي اتبع بعضهم بعضا شعوب.
تفرقوا : فارقوا الدنيا وأهلها.
والشعب : يكون تفرقا ، ويكون اجتماعا. فمن الاجتماع ، قول الطرماح شعرا :
شتت شعب الحي بعد الالتيام *** وسخال اليوم ربيع المقام (5)
ويقول : شتت شملهم بعد الالتيام. ويقول : شعب بين القوم : إذا فرق بينهم. واشعب الطريق : إذا تفرق. واشعب أغصان الشجر : إذا تفرقت. وعصا في رأسها شعبتان. وشعب الجبال : ما تفرق من رءوسها.
وقوله : وخلفا بعدهم يتأخر.
الخلف ( بجزم اللام ) هم القرون من الناس. قال الشاعر :
ص: 211
فبئس الخلق كان أبوك فينا *** وبئس الخلق خلف أبيك خلفا
والخلف من الصالحين. قال تبارك وتعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ) (1).
وقوله : ميمون النقيبة أزهر. النقيبة من العمل ، يقول : إنه لميمون النقيبة كرم الفعال. الازهر : بمعنى المنير.
وقوله : أبي إذا سيم الظلامة مجسر.
الأبي : الذي يأبى من أن يظلم أو يظلم.
والمجسر ، الجسور والجسارة ، يقال منه رجل جسور وجسر ومجسر.
وقوله : بمعترك. فالمعترك الموضع الذي يعترك القوم فيه للقتال. اعتراكهم : اعتلاجهم. أخذ ذلك من عرك الاديم إذا عرك : لترطيبه.
والطود : الجبل العظيم.
وقوله : يروق. الروق : الاعجاب ، يقول : راقني هذا الامر فهو يروقني إذا أعجبه.
وقوله : يبهر : يقول يعجز من رؤيته ، ويقال للشيء إذا اعجزه الشيء قد أبهره ، وهو شيء يبهر : يعجز.
وأما قول كعب : وبها ليل : جمع بهلول. والبهلول : الرجل الحي : أي الكريم.
ودمع عينك يهمل ، يقال منه : همل الدمع ، وكل شيء ترك لا يستعمل فهو مهمل.
وقوله : سحا. تقول من ذلك سيح المطر ، والدمع. وهو سح سحا : اذا اشتدّ انصبابه.
قال امرؤ القيس :
فأضحى يسيح الماء من كل قبعة
يكبّ على الاذقان دوح الكنهبل (2)
ص: 212
وقوله : كما وكفّ الضباب.
وكفّ : قطر. يقول : وكفّ الدار ، إذا قطر. وو كف الدمع يكفّ وكفا ووكيفا. ودمع واكف. والضباب جمع ضبة : شقة مستطيلة من المزادة والقربة.
وقوله : مخضل ، الخضل : البدن المبلول. اخضلتنا السماء : أي بلتنا بلا شديدا.
وقوله : تأويني ، يقول : راجعني وعاودني.
والشهاب : شعلة النار. الغمام : السحاب. المسبل : التام الطويل العام. والحفيظة : من المحافظة على المحارم والمكارم وضعها عن الحروب. يقال من ذلك رجل ذو حفيظة ، ورجال من أهل الحفاظ.
وقوله : أن ينكلوا : أي ينكلوا ويرجعوا. يقال منه : نكل الرجل عن الشيء ، إذا أحجم ورجع عنه. ويقال : نكل ينكل في لغة بني تميم. ونكل ينكل في لغة أهل الحجاز.
وقوله : فنق : شبههم بفحول الإبل. والفنيق : الفحل من الإبل الذي لا يؤدي ولا يركب بكرامته على أهله.
وقوله : عليهن الحديد المرفل.
يعني السابقة التامة التي يجرّ على من مشى فيها الترفل : جرّ الذيل.
وقوله في الشمس : وكادت تأفل. أي تغيب. وكل شيء غاب فهو آفل. والقرم : الفحل من الإبل.
[ وقوله : ] الزمان الممحل.
الماحل : القليل المطر. الممحل : انقطاع المطر ويبس الارض.
ص: 213
وكان ولد أبي طالب الذكور أربعة :
طالب : وبه كان يكنى.
وعقيل : وبين مولدهما عشر سنين.
وجعفر : بينه وبين عقيل عشر سنين.
وعلي : أصغرهم ، بينه وبين جعفر عشر سنين.
وأعقبوا كلهم ما خلا طالب ، فانه لم يعقب.
وأم هاني : واسمها فاختة.
وجمانة.
وامهم فاطمة بنت أسد بن هاشم. أسلمت ، فكانت ربت النبي صلی اللّه علیه و آله . وقد ذكرنا قوله عليه الصلاة والسلام فيها عند موتها. وهي أول هاشمية ولدت من هاشمي.
[1141] [ السري ] بن سهيل (1) ، باسناده عن الزبير بن العوام ، قال :
سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدعو النساء الى البيعة لما أنزل اللّه تعالى : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ» ...
ص: 214
الآية (1). قال : فكانت فاطمة بنت أسد بن هاشم أول امرأة بايعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1142] بكر بن عبد الوهاب ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم ، أم علي علیه السلام بالروحاء وكفنها في قميصه ، ونزل في قبرها ، وتمعّك في لحدها. فقيل له في ذلك ، فقال : إن أبي هلك وأنا صغير ، وهلكت أمي ، وأخذتني هي وأبو طالب ، وكانا يوسعان عليّ ، ويؤثران لي على أولادهما ، فأحببت أن يوسع اللّه عليها في قبرها. وكانت مبايعة مهاجرة من أفضل المؤمنات ، ودعا لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجزاها خيرا (2).
[1143] ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : أوصت فاطمة بنت أسد بن هاشم ، أم علي بن أبي طالب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقبل وصيتها ، فقالت له : يا رسول اللّه اني أردت أن أعتق [ جاريتي ] (3) هذه.
فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما قدّمت من خير تجديه (4).
فلما توفيت نزع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قميصه ، وقال : كفنوها [ فيه ]. واضطجع في لحدها ، وقال : أما قميصي فأمان لها يوم
ص: 215
القيامة ، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع اللّه عليها.
وأم هاني وجمانة ابنتا أبي طالب اختا علي علیه السلام المبايعتان ، ولما فتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مكة ، وندر دماء قوم سماهم ، وقال : اقتلوهم حيث وجدتموهم ، وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خطب أم هاني بنت أبي طالب ، فاعتذرت إليه بأنها غيّرة لا تملك نفسها ، فعذرها.
[1144] فتزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي (1) وكان فيمن ندر رسول اللّه دمه رجلان من أحمائها بني مخزوم (2) ، فاستجارا بها. فدخل علي علیه السلام ، فرآهما ، فأخذ سيفه ، وقام ليقتلهما ، فحالت فيما بينه وبينهما ، وكانت ايدة (3) فلوت [ يده ] ، وانتزعت السيف منه ، فغلبته. وأغلقت عليهما باب بيتها ، فألحّ علي علیه السلام ، فقالت له : بيني وبينك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وانتهى الخبر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قبل أن يصلا إليه ، فلما رآهما ضحك صلی اللّه علیه و آله ، وقال لعلي علیه السلام : هيه يا أبا الحسن غلبتك أم هاني؟
قال علیه السلام : يا رسول اللّه ، واللّه ما ملكت من يدي شيئا
ص: 216
حتى انتزعت السيف من يدي.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لو أن أبا طالب ولد الناس كلهم لكانوا أشداء.
ثم قال لام هاني - وهو مبتسم - : إنا قد ندرنا دمهما يا أم هاني.
قالت : يا رسول اللّه اني قد أجرتهما ، فهبهما لي.
قال صلی اللّه علیه و آله : قد أجرنا من أجرت يا أم هاني. وقال لعلي علیه السلام : أعرض عنهما ، ودعهما لها.
وكانت جمانة عند ابن عمها أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب (1). وكان أبو سفيان هذا أخا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص: 217
وآله من الرضاعة أرضعتهما حليمة (1) وكان يألف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأسلم عام الفتح ، وشهد حنين ، وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أرجو أن يكون أبو سفيان خلفا من عمه حمزة.
وقال فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أبو سفيان من فتيان أهل الجنة. ومات بالمدينة ، وكان سبب موته`ثؤلول في رأسه ، فحلقه الحلاق بمنى ، فقطعه ، ولما احتضر قال لأهله : لا تبكوا عليّ ، فاني لم اصطف بخطيئة مذ أسلمت (2) ، وكانت وفاته سنة عشرين ، ودفن بالبقيع ، ولم يبق له عقب (3) وهو ابن عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وأبوه الحارث ، وهو اكبر ولد عبد المطلب وبه يكنى وشهد معه حفر زمزم وهو عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ص: 218
وكان لعبد المطّلب بن هاشم (1) جدّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من الولد : عشرة ذكور ، ومن البنات : ست بنات.
فولده الاصغر عبد اللّه أبو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وتوفي في حياة عبد المطّلب. والحارث وهو اكبر ولده. والزبير. وأبو طالب واسمه عبد المناف. والعباس. وضرار. وحمزة. والمقرم. وأبو لهب واسمه عبد العزى. والعبدان ، واسمه حجل ، ويقال : نوفل. فهؤلاء أعمام النبي صلی اللّه علیه و آله .
وعبد اللّه وأبو طالب والزبير وعاتكة (2) واميمة (3) والبيضاء (4) وبرة (5)
ص: 219
سبعة منهم أشقاء ، وامهم فاطمة بنت عمرو بن عمران بن مخزوم (1).
والعباس وضرار شقيقان ، امهما نبيلة ، من ولد النمر بن قاسط.
وحمزة والمقرم وصفية (2) أشقاء ، امهم هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة.
والحارث وأروي (3) شقيقان ، وامهما صفية (4) ، امرأة من بني عامر بن صعصعة.
والعبد وحيد لامه ، وهي ممتنعة بنت عمر من خزاعة.
ولما ولد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كفله جده عبد المطّلب ، فلما مات
ص: 220
عبد المطّلب كفله عمه أبو طالب شقيق أبيه ، فلما اختصه اللّه عزّ وجلّ بالنبوة ، وابتعثه بالرسالة حماه أبو طالب ونصره ومنع منه من أراد أذاه ، وصدق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيما جاء به من الرسالة والنبوة ، وعنف من دفع ذلك وكذبه ، إلا أنه لم يظهر الإسلام (1) وكان ذلك أنفع لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأنه كان سيدا مطاعا في قومه ، فلو أسلم لكان كرجل من المسلمين ، ولم يبلغ من الذبّ عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما بلغ وهو على حالته ، ولم يكن يتحاماه المشركون فيه كما تحاموه ، وكان ذلك من صنع اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلی اللّه علیه و آله ، وله في نصرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، والذبّ عنه ، والمحاماة عنه من دونه ما يخرج ذكره بطوله عن حدّ هذا الكتاب ، وله في ذلك أشعار كثيرة معروفة يستدعي فيها قبائل العرب لنصرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويؤكد فيها فضله وصدقه وأمر ابنيه عليا وجعفر باتباعه ، ورغبهما في ذلك ، وأقرّ بنبوة محمد صلی اللّه علیه و آله ، وذكر ذلك في غير موضع من شعره. فمنه
ص: 221
قوله في شعر له هذه الابيات (1) :
ألا أبلغا عني على ذات بيننا (2) *** لؤيا وخصّا من لؤي بني كعب
ألم تعلموا إنا وجدنا محمدا *** نبيا (3) كموسى خط في أول الكتب
وأن عليه في العباد محبة *** ولا خير (4) ممن خصّه اللّه في الحب
وقوله في آخر :
فأمسى ابن عبد اللّه فينا مصدّقا *** على ساخط من قومنا غير معتب
وقوله [ في ] قصيدة له طويلة (5) شعرا :
وما ترك قوم - لا أبا لك - سيدا *** يحوط الذمار غير ذرب مؤاكل
ص: 222
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال [ ال ] يتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم *** فهم عنده في نعمة وفواضل
وقوله فيها :
كذبتم وبيت اللّه نترك أحمدا (1) *** ولما نطاعن (2) حوله ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد *** واخوته داب المحبّ المواصل (3)
فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها *** وزينا لمن والاه ربّ المشاكل (4)
فما مثله (5) في الناس أيّ مؤمل *** إذا قامت (6) الحكام عند التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائش *** يوالي إلها ليس عنه بغافل
فأيده ربّ العباد بنصره *** وأظهر دينا حقه غير باطل (7)
فو اللّه لو لا أن أجيء بسبة *** تعد على أشياخنا في المحافل (8)
لكنا اتبعناه على كل حالة *** من الدهر جدا غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب *** لدينا ولا يعني بقول (9) الأباطل
قوله : يحوط الذمار. ذمار الرجل : كلما يلزمه حماة والدافع عنه وان ضيّعه
ص: 223
لزمه القوم لذلك. والذمر : اللوم والتحريض.
الذرب : الجاد من كل شيء (1) قال الشاعر :
( اني لقيت ذربة من الذرب )
يعنى امرأة سليطة.
الموكل من الرجل : الذي يتكل أمره على غيره ( فيعينه ، ومثله رجل مكليه : وهو الذي يكل أمره على غيره ) (2).
وقوله : يستسقى الغمام بوجهه.
الغمام : السحاب. والثمال : اللبن.
[1145] ولما أن دعا رسول اللّه على [ مضر ]. وقال : اللّهمّ اجعلها عليهم كسنيّ يوسف.
فاحبس الغيث عنهم ، واجدبوا حتى هلك اكثرهم واسترحم لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فاستسقى ، فما انصرف حتى همت الناس أنفسهم من شدة المطر. فقال صلی اللّه علیه و آله : لو أن أبا طالب شهد هذا المشهد لسرّه لما سبق ، ومنه قوله : ( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ).
وانصرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وصار الى بعض الطريق ، سال مخ ساق عبيدة (1) وكان ضرب على ساقه ، واشتدّ عليه واحتضر ، وجاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدعا له ، وأثنى عليه وبشره بالجنة.
وكان شيخنا مسنا. ويقال إنه بارز من بارزه ، وهو يتوكأ على عصا (2). فقال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : نحن كما قال أبو طالب. وأنشده شعرا :
ونسلمه حتى نصرع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وكان اظهار أبي طالب ما اظهر من التمسك بدين العرب ، والرغبة فيه مع تصديقه لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واقراره بنبوته ، مما أيد اللّه به أمر محمد صلی اللّه علیه و آله ، لانه [ لو ] أظهر الاسلام لرفضته العرب ولم يعضده من عضده منهم على نصرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
والاخبار يطول ذكرها في تربيته رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وايثاره إياه على ولده وقيامه به وبذله نفسه دونه.
ص: 225
فأما حمزة بن عبد المطلب عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وعمّ علي علیه السلام ، فكان على ما كان عليه أبو طالب من الحمية في رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والذبّ عنه ولم يسلم الى أن خرج يوما لصيد ، ومرّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في المسجد الحرام ينادي قريشا ، فنالوا منه ، وكان أكثرهم قولا فيه أبو جهل (1).
وجاء حمزة من الصيد ، فاخبر بذلك (2) ، فجاء مغضبا وهو مقلد قوسه حسب ما كان في صيده ، فكان من شأنه اذا دخل المسجد أن يبدأ ، فيطوف بالبيت ثم يأتي نادي بني عبد المطلب ، فيجلس فلم يلو على شيء حتى وقف على أبي جهل ، فشجه شجة منكرة ، وقال : أتشتم ابن أخي ، فأنا على دينه أقول ما يقول. فاردد عليّ ان استطعت.
فقام إليه [ رجال ] (3) من بني مخزوم لينتصروا منه ، فقام إليهم أبو جهل ، وقال : دعوا أبا عمارة ، فاني واللّه سببت ابن أخيه سبا قبيحا. ( وانما فعل ذلك ليستميله لأن لا يسلم )
فتمادى حمزة على الاسلام ، وأتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأظهر
ص: 226
اسلامه فعلم بنو عبد شمس أنه سيمنع من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما أن أسلم.
وكان حمزة منيع الجانب من قريش ، شديد العارضة ، أبيّ النفس. فكفّ بنو عبد شمس من أذى النبي صلی اللّه علیه و آله ، وعن شتمه ، وأظهر حمزة الاسلام ، ودخل في جملة أهله.
وكان يكنى أبا عمارة ، ولا عقب له ، وكان قد ولد له ولد سماه عمارة من امرأة بني النجار ، ومات. وكانت له ابنة يقال لها : أم أبيها ، وهي التي تقدم الخبر باخراج علي علیه السلام لها من مكة في عمرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد الحديبية ، وأنه تنافس في كفالتها معه من ذكر في الخبر. وعرضها علي علیه السلام على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليتزوجها (1). فقال صلی اللّه علیه و آله : إنها ابنة أخي في الرضاعة. وكان حمزة علیه السلام قد رضع مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أرضعتهما امرأة من مكة ( يقال لها : ثويبة ) (2).
ص: 227
فهاجر حمزة مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المدينة وشهد بدرا ، ولما أن توافقوا للقتال يومئذ برز من المشركين عتبة (1) وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ودعوا للمبارزة ، فبرز إليهم علي علیه السلام وحمزة عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وقد كان يومئذ شيخا مسنا ، خرج الى المبارزة يتوكأ على عصاه ، ولما أن تبارزا يومئذ أنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) الآية (2).
فبارز علي علیه السلام الوليد بن عتبة ، فقتله ، وبارز حمزة شيبة ، فقتله. وبارز عبيدة بن الحارث عتبة ، فاختلف بينهما ضربتان أثبت كل واحد منهما صاحبه ، فعطف حمزة علیه السلام وعلي علیه السلام على عتبة ، فقتلاه ، واستنقذا عبيدة بن الحارث ، وقد قطع عتبة رجله (3) ، فمات من ذلك بعد منصرفهم الى المدينة بالصفراء (4). وقتل حمزة يومئذ طعيمة بن عدي ، وسبأ الخزاعي ، وجماعة من المشركين.
وكان حمزة يدعى : أسد اللّه وأسد رسوله ، لنجدته وشجاعته واقدامه ، وشهد
ص: 228
يوم احد (1) ، فأبلى من المشركين بلاء شديدا ، وقتل منهم عددا كثيرا ، وقتل يومئذ عثمان بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (2).
وكان إذا هجم يومئذ انفرجوا ، ولم يقم أحد منهم له ، فهجم في جماعة منهم ، فافترقوا ، وكان فيهم وحشي بن الحارث ، وكان من سودان مكة عبدا لجبير بن مطعم (3) ، فاستتر منه [ خلف ] شجرة ، ولم يرد حمزة علیه السلام وسار مقدما أمامه في طلب المشركين.
فرماه وحشي بحربة كانت معه ، فأصاب مقتله فسقط ، وأحاط به المشركون فمثلوا به لشدة ما أبلى [ في ] هم وكثرة من قتل منهم. وكانت هند أمّ معاوية مع المشركين يومئذ تحرضهم على القتل ، فلما أن قتل حمزة أتت إليه ، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده ، فرمتها في فمها ولاكتها ، وأرادت أن تبلعها ، فلم تستطع وألقتها (4).
ص: 229
فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : أما إنها لو ابتلعتها حتى يخالط دم حمزة دمها لما طعمتها النار ، ولكن أبى اللّه ذلك. ووقف عليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واشتدّ حزنه عليه ، فقال صلی اللّه علیه و آله : لئن أمكنني اللّه عزّ وجلّ منهم لامثلن منهم سبعين. فأنزل اللّه عزّ وجلّ ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ
ص: 230
بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ) (1).
وصبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدفنه مع الشهداء في مصارعهم.
ولما أن صار الى المدينة سمع بكاء نساء الانصار على من قتل منهم ، فقال صلی اللّه علیه و آله : لكن حمزة لا بواكي له.
فسمع ذلك الأنصار ، واجتمع نساؤهم وآتين منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فجعلن يبكين حمزة ، فخرج صلی اللّه علیه و آله ، فجزاهن خيرا ، وامرهن أن ينصرفن.
وأما العباس بن عبد المطّلب (1) عمّ الرسول ، فإنه كان أسن بثلاث سنين من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم يسلم الى أن شهد بدرا مع مشركي أهل مكة. وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ قد ] قال للمسلمين يوم بدر : فمن قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه ، فانهم اخرجوا كرها.
فاسر العباس فيمن اسر (2) ، وشدّ في الوثاق ، فكان يئن لشدة الرباط ، فإذا سمعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يئن ، قال : احفظوني في العباس ، فانه عمي (3) وعم الرجل صنو أبيه. ولما أن منّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على من اسر من المشركين يوم بدر على أن يفدوا أنفسهم منّ عليه فيهم.
وقال صلی اللّه علیه و آله له : أفد نفسك وابن أخيك عقيلا ، فانه ليس له مال ، وكان قد اسر معه يومئذ. فقال : أنا ما عندي مال.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : فأين المال الذي دفعته يوم خروجك من مكة الى أمّ الفضل ، وقلت لها : إن اصبت فلعبد اللّه كذا ، وللفضل كذا ، ولك كذا ، ولفلان كذا. وذكر له ما قال.
فقال العباس : واللّه ما سمع مني ذلك غيرها ، وما أطلعك على ذلك إلا اللّه. وأسلم ، وفدى نفسه وعقيل بن أبي طالب ، وكان مع النبي صلی اللّه علیه و آله ليلة العقبة. فعقد له على الانصار ، وأعطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله السقاية يوم فتح مكة. وعاش بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى أن أدرك
ص: 232
أيام عثمان بن عفان ، فمات فيها في المدينة ، وقد كفّ بصره ، وكان طول أيامه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرف لعلي علیه السلام حقه ويحثه على القيام ، ويبذل له نفسه في ذلك ، ولما أن قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سلّم أمره لعلي عليه والسلام ، ولم يعارضه في شيء من أمر القيام بأمره ، وقال له : أين تدفنه يا أبا الحسن؟
فقال علیه السلام : في الموضع الذي قبض فيه ، وفعل ذلك ، ولم يجر بينهما اختلاف خلا ما جاء في الظاهر بأنه طلب منه تراث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخاصمه في ذلك الى أبي بكر ، فقضى أبو بكر لعلي.
وقد قيل إن ذلك كان بينهما توقيفا لأبي بكر على ما استأثر به من حق علي علیه السلام .
وقد قال بعض المتكلمين لبعض الشيعة (1) عند بني العباس : أليس قد خاصم علي علیه السلام العباس عند أبي بكر ، قال : فأيهما كان على الحق؟
أراد إن قال العباس ظلم عليا ، وإن قال علي أوحش بني العباس. فقال : كانا على الحق كما كان الملكان اللذان تسوّرا المحراب على داود علیه السلام واختصما إليه. وانما أرادا تقريره على الخطيئة التي وقع فيها ، فكذلك أراد علي والعباس ، ألم تر أن العباس لما قال أبو بكر ما قال عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص: 233
وآله مما أوجب حق علي علیه السلام ثم يدفع ذلك ولا ناظر فيه ، ولم يكن اكثر من أن تبسم وأخذ بيد علي علیه السلام ثم قاما.
وكان العباس يرغب في العطاء وأتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقد أتى بمال ، وأمر به فصبّ بناحية المسجد ، وخرج الى الصلاة ، فمرّ عليه ، فما التفت إليه. [ ولما ] انفتل من الصلاة قام إليه العباس ، فقال : يا رسول اللّه قد جاء هذا وأنا في عيال وعليّ دين ، فمر لي منه بما تراه.
فقال له صلی اللّه علیه و آله : خذ منه ما يكفيك. فجاء الى المال وبسط رداءه ، وأخذ شيئا كثيرا ، فذهب لينهض به ، فلم يستطع ، فنقص منه مرارا حتى نهض بما أخذ ، ومضى ، فأتبعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ببصره ، ولم يقل له شيئا.
وفرض عمر العطاء الى ناس ، ففرض لكل رجل من أهل بدر أربعة آلاف ، وفرض للعباس اثنا عشر ألفا.
ولما كان عام الرماد [ ة ] (1) واشتدّ القحط ، فخرج بالناس واستسقى لهم ، فلما أن قام ليستسقي أخذ بيد العباس ، فقال : اللّهمّ هذا كبيرنا وسيدنا وعمّ نبينا ، نتوجه إليك ، فاسقنا ، فسقوا (2).
وتوفي العباس وهو ابن تسع وثمانين سنة (3) وصلّى عليه عثمان بن عفان ، وأنزله في قبره ابنه عبد اللّه (4).
ص: 234
وأما طالب بن أبي طالب (1) فهو الذي يقول في رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هذه الأبيات :
وقد حلّ مجد بني هاشم
فكان النعامة (2) والزهرة
ومحض بني هاشم أحمد *** رسول المليك على فترة
عظيم المكارم نور البلاد *** حريّ الفؤاد صدى الزبرة
كريم المشاهد سمح البنان *** اذا ضنّ ذو الجود والقدرة
عفيف تقيّ نقيّ الردا *** طهر السراويل والازرة
جواد رفيع على المعتقين *** وزين الاقارب والاسرة
واشوس كالليث لم ينهه *** لدى الحرب زجرة ذى الزجرة
وكم من صريع له قد ثوى *** طويل التأوّه والزفرة
[ قوله ] مجد بني هاشم. المجد : نبل الشرف ، يقال منه : مجد الرجال ، ومجد
ص: 235
العباس. وأمجده : كرم فعاله. واللّه عزّ وجلّ هو المجيد ، بمجيد فعاله. ومجده خلقه لعظمته.
والمحض : الخالص من كل شيء الذي لا يشوبه غيره. ويقال منه : رجل ممحوض الضريبة (1) : أي مخلّص. وفضته [ محضة ] : إذا لم يخالطها شيء.
والفترة : أصلها السكون. يقال لكل ما بين رسولين من الزمان فترة. و [ الضن ] (2) : الشح. قال اللّه تعالى : ( وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) (3).
وقوله : نقيّ الردى : أي ما ارتدي به وهو الثوب الواسع غير المخيط. والسروال : ما ليس من الثياب.
الازرة : ما اتّزر به. وأراد بطهارة ذلك ونقائه البراءة من العيوب والدنس (4) ، والعرب تضرب ذلك مثلا للسلامة من العيوب ، قال اللّه عزّ وجلّ :
( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (5). والمعتقون : الطالبون. والاشوس : الذي يعرف الغضب في نظره يقال عنه : رجل أشوس وامرأة شوساء. والزجر : يقال زجرت البعير حتى مضى وزجرت عامل سوء عن عمله فازدجر أي نهيته فانتهى ، وهي في الابل وأشباهها الحث على السير ، وفي الناس النهي والمنع. والتأوّه والتوجع : إذا قال المتوجع آه فقد تأوه.
والزفرة : من الزفر ، والزفر والزفير الواحدة من فعل ذلك وهو أن يملأ الرجل
ص: 236
صدره غما ثم يتأوه به فهو في الزفير (1) والواحدة منه زفرة ، قال اللّه عزّ وجلّ حكاية عن أهل النار : « ولَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) (2) ، والزفير ما ذكرناه.
والشهيق : مذ النفس بالزفير. وذلك أن يرمي بنفسه حتى يخرجه من صدره.
ولمّا نفر أهل مكة الى بدر تخلف عنهم بنو هاشم ، فأكرهوهم على الخروج ، وبذلك قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله للمسلمين يوم بدر : من قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه ، فانهم انما خرجوا كرها. ففي ذلك طالب بن أبي طالب (3) يقول هذه الابيات :
يا ربّ إمّا خرجوا بطالب *** في مقنب عن هذه المقانب
فاجعلهم المغلوب غير الغالب *** وارددهم المسلوب غير سالب (4)
قوله : المقنب : زهاء ثلاثمائة فارس (5).
وأسلم عليا الى رسول اللّه ، وجعفرا الى العباس ليربياهما كما كانت أشراف العرب تفعل ذلك بأبنائها ، وتمسك بعقيل ، وقال : إذا بقى لي عقيل
ص: 238
فلا ابالي ، وكان ذلك من صنع اللّه عزّ وجلّ لعلي علیه السلام ، فان كان عند رسول اللّه فمن اللّه عليه بالسبق الى الاسلام.
[1146] وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعقيل : اني لاحبك يا عقيل حبّين ، حبّ لك وحبّ لحبّ أبي طالب إياك.
[1147] عن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه قال : لما أن كانت ليلة بدر ، أصابنا وعك من حمى ، وشيء من مطر ، وافترق الناس يستترون تحت الشجر فنظرت إليهم من الليل ، ( فلم أر أحدا غير رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ) (1) ، فلم يزل قائما يصلّي والناس نيام حتى انفجر الصبح ، فصاح : الصلاة عباد اللّه ، فأقبل الناس إليه من تحت الشجر (2). فصلّى بهم. فلما انتقل أقبل عليهم فذكر فضل الجهاد ورغبهم فيه ، ثم قال لهم : إن بني المطلب قوم اخرجوا كرها ولم يريدوا قتالكم ، فمن لقي منكم أحدا فلا يقتله إن قدر عليه وليأسره ، وليأت به أسيرا.
قال : فلما انهزم القوم ، وقتل من قتل ، واسر من اسر منهم ، نظرت فاذا عقيل في الاسارى ، مشدودة يده الى عنقه بنسعة (3) ، فصددت (4) عنه ، فصاح بي : يا علي يا بن أم [ أما واللّه ] لقد رأيت مكاني ، ولكنك عمدا تصدّعني.
ص: 239
قال علي علیه السلام : فلم اجبه بشيء ، وأتيت النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه ، هل لك في أبي يزيد مشدودة يده بنسعة الى عنقه.
فقال صلی اللّه علیه و آله : انطلق بنا إليه. فمضينا نمشي نحوه ، فلما رآنا قال : يا رسول اللّه إن كنتم قتلتم أبا جهل فقد ظفرتم ، والا فادركوه ما دام القوم يحدثان قرحتهم.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : بل قتله اللّه يا عقيل.
[1148] ودخل عقيل على امرأته فاطمة بنت [ الوليد بن ] عتبة بن ربيعة ، لما انصرف من قتال المشركين يوم هوازن وسيفه متلطخ بالدم. فقالت له : قد عرفت إنك قد قاتلت ولكن ما الذي جئتنا به من الغنائم.
فأخرج إليها ابرة ، وقال : هذه ما أصبت فدونكها ، فخيطي بها ثيابك. فأخذتها.
ثم سمع منادي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من أصاب من الغنائم شيئا فليأت به ولو كانت ابرة ، ارددوا الخياط والمخيط فان الغلول في النار. فرجع إليها ، وقال لها : ما ارى إبرتك إلا فاتتك. فأخذها ، ومضى بها مع ما جاء به فوضعه في المغنم ، وجاء فيما جاء به بفصّ من جواهر أحمر ، وجارية. فنظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى الفص ، فأعجبه فقال : لو لا التملك يعني لنحميه ، ونقله والجارية عقيلا (1).
الخياط : ما خيط به ، والمخيط وما قد خيط به من الثياب وغيرها.
ص: 240
ومال عقيل بعد ذلك الى حبّ المال والكسب لما رأى الناس قد مالوا الى ذلك.
وأتى عليا علیه السلام وهو في الكوفة. فقال له : اعطني من المال ما اتسع فيه كما اتسع الناس (1).
فعرض عليه ما عنده ، فلم يقبضه.
وقال : اعطني ما في يديك من مال المسلمين.
فقال له : أما هذا فما إليه من سبيل ، ولكني أكتب لك الى مالي [ بينبع ] فنأخذ منه.
قال : ما يرضيني من ذلك شيئا وسأذهب الى رجل يعطيني (2).
[1149] فأتى معاوية ، فسرّ معاوية بقدومه عليه ، وجمع وجوه أهل الشام ، وأحضره. وقال لهم : هذا أبو يزيد عقيل بن أبي طالب قد اختارنا على أخيه علي ورآنا خيرا له منه.
فقال له عقيل : هو كذلك يا معاوية إن فينا اللين في غير ضعف ، وعزة في غير صلف ، وأنتم بني أميّة فلينكم غدر ، وعزكم كبر.
ص: 241
ثم نظر الى معاوية وتصفح وجوه من حوله ، وضحك.
فقال معاوية : ما أضحكك يا أبا يزيد ، أمنا ضحكت أم من علي؟
فقال : ضحكت واللّه بما قسم اللّه لعلي. اني كنت في مجلسه ، فنظرت الى من فيه ، فلم أر غير المهاجرين والانصار ونظرت الى من في مجلسك ، فلم أر غير الطلقاء وبقايا الاحزاب.
فقال معاوية لأهل الشام : ألا تعجبون من رجل يقول هذا القول وأنتم تقرءون قول اللّه عزّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ ) (1) وهو عمّ علي (2).
وأقبل على عقيل ، فقال له : يا أبا يزيد أين ترى عمك أبا لهب الآن من النار ، وما هو الآن صانع فيها؟
فأقبل [ عقيل ] على أهل الشام ، فقال : ألا تعجبون من معاوية يقول مثل هذا القول ، وأنتم تقرءون : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) (3) وهي عمة معاوية.
ثم أقبل على معاوية ، فقال : إذا شئت أن تعلم أين أبو لهب من النار ، فأنت تراه فيها إذا دخلتها مفترشا عمتك حمالة الحطب ، فتعلم
ص: 242
حينئذ أن الراكب أفضل من المركوب.
فندم معاوية على اعتراضه ، قال : ما كل هذا أردنا يا أبا يزيد ، وإنما أردنا أن نمازحك ونبسطك.
قال عقيل : وكذلك أيضا أردت أن نبسطك ونمازحك.
قال معاوية : ونحن يا أبا يزيد بعد هذه نفعل بك ما لم يفعله علي بك. فقد انتهى إليّ أنك سألته فمنعك ، ونحن نعطيك دون أن تسألنا. - أراد بذلك أن يرضيه ليلين في القول معه -
فقال : نعم ، فقد سألت عليا فبذل لي ماله ، فلم يرضني ، وسألته دينه ، فمنعني. وأنت تسمح بما يمنعه عليّ وتبخل بما بذله.
فسكت معاوية. فلما انصرف أهل الشام عنه ، فدعا بمال كثير فأعطاه عقيلا. وقال : يا أبا يزيد قد كنا نحبّ مقامك عندنا ، فأما بعد ما لقيناه منك ، فانصرف الى مكانك.
فقال عقيل : واللّه اني لأرغب في ذلك منك ، وما كثرة عطائك إياي وقلّته عندي سواء ، وان فضل ما بيننا عندي ليسير ، وما كنت من يسمح لك بعرضه ونقصه طمعا فيما يناله منك.
وانصرف.
[1150] وروى عطاء بن أبي رياح ، أنه قال : رأيت عقيل بن أبي طالب ينزع بغرب (1) على بئر زمزم ، وعليها غروب كثيرة يسقي الحجيج ومعه رجال من قومه وما معهم أحد من مواليهم ، وأن أسافل قميصهم لمبتلة بالماء ينزعون من قبل الحج في أيام منى ، وبعد الحج يبتغون بذلك
ص: 243
الأجر لا يكلونه الى عبد لهم ولا مولى.
وفي علي وعقيل يقول [ جعدة ] بن هبيرة المخزومي (1) هذا البيت :
أنا من بني مخزوم (2) ان كنت سائلا *** ومن هاشم أمي لخير قبيل
فمن ذا الذي ينوء عليّ بخاله *** وخالي علي ذو الندا وعقيل
ينوء : يقوم. أي يقوم بفخر خاله. يقال ناء : إذا نهض فتثاقل ، وناء اذا مال للسقوط.
قال أبو إسحاق : كان عقيل بن أبي طالب من أنسب الناس ، وكان يقول معد : يكنى : ابا فضاعة.
وأما عبد اللّه بن عباس ، فكان من خاصة أولياء أمير المؤمنين علي علیه السلام وأهل محبته ، وكان خصيصا به ، مائلا إليه يتولاه ، ويبرأ من أعدائه ، ويشهد [ معه ] حروبه ، وكان على ولايته الى أن مات بالطائف ، وقد كفّ بصره سنة ثمان وستين ، وهو ابن اثنين وسبعين سنة.
وقد تقدم من ذكر ولايته لعلي علیه السلام ، وقوله فيه كثير من ذكر فضائل علي علیه السلام ، وعلى ذلك كان العباس وولده كلهم من الولاية لعلي عليه
ص: 244
السلام ولولده من بعده ويعتقدون امامتهم بذلك يعرفون.
واذ قام من قام منهم ، وأظهروا السواد أو لباسه حزنا بزعمهم على الحسين علیه السلام ، وأظهروا القيام بثاره والدعوة الى الائمة من ولده ، فلما تمكنوا عادوا عليهم من العداوة والطلب والتوثب باضعاف ما كان من بني [ أميّة ] مثل ذلك إليهم ، فعادت ولايتهم اياه عداوة ، ومودتهم بغضا ، مما استأثروا بحقهم وتباعدوا مما توسلوا إليه بهم بعد الولاية والمودة وقرب القرابة (1).
ص: 245
ص: 246
ص: 247
ص: 248
ص: 249
وكان علي بن الحسين علیه السلام أعبد أهل زمانه وأفضلهم ، يشهد له بذلك الخاص والعام وكان يدعى سيد العابدين.
وكان مع أبيه الحسين علیه السلام يوم الطف ، وهو وصيه. وقد ولد له : محمد بن علي وهو يومئذ في جملة العيال ، وكان علي بن الحسين علیه السلام يومئذ عليلا دنفا ( ثقيل العلة ، شديدها ) (1) ، فلم يستطع القتال ، وكان مع النساء يمرضنه.
وقتل علي الاصغر أخوه ، فلما أن قتلوا عن آخرهم حملوه مع جملة النساء والصبيان فرآه رجل من أهل الشام على ما هو عليه من العلة ، فرقّ له ، فأخذه إليه ، وقال علي بن الحسين علیه السلام : فكان يمرضني ويرفق بي ويبكي إذا رأى ما بي من الضعف والعلة ، وأسلمني النساء خوفا عليّ وظنوا به خيرا ، وأنه يسترني ، فلما أن صرنا الى الكوفة ذكر خبري لعبيد اللّه (2) بن زياد ، فطلبني ،
ص: 250
فلم يجدني ، فسمعت النداء على أنه من وجد علي بن الحسين وجاء به فله ثلاثمائة درهم ، فدخل الرجل إليّ وأنا في منزله ، فقال : يا ابن بنت رسول اللّه قد تسمع النداء ، وأنا أخاف على نفسي إن كتمت أمرك ، وأخذ بيدي فشدها الى عنقي ، وأخرجني الى عبيد اللّه بن زياد ، وأخذ منه ثلاثمائة درهم [ وأنا انظر إليها ] (1).
ولما أن رآه اللعين عبيد اللّه بن زياد (2) ، قال : أنت علي بن الحسين.
قال له علیه السلام : نعم.
قال : أولم يقتل اللّه علي بن الحسين؟
قال علي بن الحسين علیه السلام : كان لي [ أخ ] يسمى عليا ، فقتله الناس (3).
قال عبيد اللّه : إن اللّه قتله.
قال علي علیه السلام : ( اللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) (4).
فأمر عبيد اللّه اللعين ليقتل. فصاحت زينب بنت علي : حسبك من دمائنا ، أناشدك اللّه إن عزمت على قتله إلا قتلتني قبله.
ص: 251
وقال له بعض من حضره : هو على ما ترى من العلة ، وما أراه إلا ميتا عن قريب.
فتركه ، وصار مع جملة الحرم الى يزيد اللعين (1) فلما أن صاروا بين يديه قام رجل من الشام ، فقال : يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال.
فقال علي علیه السلام : كذبت إلا أن تخرج من ملة الاسلام ، فتستحل ذلك بغيرها.
فأطرق يزيد ، ولم يقل في ذلك شيئا.
ولما بلغ من النداء على رأس الحسين علیه السلام (2) والاستهانة [ بحرمه ]
ص: 252
ونساء من قتل معه من أهل بيته ما أراده ، وعلي علیه السلام على حاله من العلة. وما أراده اللّه تعالى من سلامته ، وأن لا تنقطع الامامة بانقطاعه. فسرحهم يزيد اللعين ، وانصرف الى المدينة. [ عبادته ]
وهو امام الائمة ، وأبو الائمة ومنه تناسل ولد الحسين علیه السلام كلهم.
ص: 253
وليس للحسين علیه السلام عقب إلا منه. ولزم الخمول (1) للتقية والعبادة.
[1151] وكان يقال له : ذو الثفنات لأنه كان بموضع السجود منه ( ثفنات كثفنات البعير ) ، وهي مباركه التي يبرك عليها من يديه ورجليه - لانه كان من علي بن الحسين في مواضع السجود مثل ذلك لادمانه اياه. ولانه كان يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة (2) ، وكان ربما سقط من ذلك شيء فجمع ، فلما أن مات وغسّل جعل معه في اكفانه.
[1152] ولمّا أن جرد ليغسّل وجدوا على عاتقه حبلا قد أثر مثل ذلك فسألوا عنه ابنه محمد علیه السلام ، فقال : واللّه ما علم بهذا غيري ، وما كان أطلعني عليه ، ولكني علمته من حيث لم يكن يعلم أني علمت به ، كان إذا جنّ الليل وهدأت العيون قام الى منزله ، فجمع كلما يبقى فيه من قوت أهله ، وجعله في جراب ، ورمى به على عاتقه ، وخرج ، فكنت أخرج في أثره مخافة عليه ، فأراه يقصد قوما في دورهم من أهل الفقر يفرق ذلك ، وهو متلثم لا يعرفونه ، وكنت كثيرا ما أجدهم قياما لا يعرفونه ، وكنت كثيرا ما أجدهم قياما على أبوابهم ينتظرون ، فاذا أقبل وأنا وراءه مستتر منه تباشروا. وقالوا : قد جاء صاحب الجراب ، فلا يزال كذلك يختلف حتى لا يكون في منزله
ص: 254
شيء ما يفضل من قوت أهله ، فهذا هو أثر ذلك الجراب.
[1153] وقيل : إنه كان في المدينة عدة بيوت يأتيهم قوتهم من علي بن الحسين علیه السلام ، ولا يدرون من حيث يأتيهم ذلك ، فما عرفوا ذلك حتى مات. فانقطع ذلك عنهم وعلموا أن ذلك كان من عنده.
وانما فعل ذلك لما جاء في الصدقة بالسرّ من الفضل (1). وقيل : إن تلك البيوت [ حصيت ] فوجدت مائة بيت ، في كل بيت جماعة من الناس.
[1154] وكان علي بن الحسين علیه السلام يصوم النهار ويقوم الليل ، فاذا أرقدت كل عين دعا بدعاء (2) وكان يدعو به كل ليلة يقول فيه :
إلهي غارت نجوم سماواتك ، ونامت عيون خلقك ، وهدأت أصوات عبادك ، وغلقت ملوك بني اميّة عليها أبوابها ، وطاف عليها حرّاسها ، واحتجبوا عمّن يسألهم حاجة أو يبتغي منهم فائدة ، وأنت إلهي حيّ قيّوم لا تأخذك سنة ولا نوم ، ولا يشغلك شيء عن شيء.
أبواب سماواتك لمن دعاك مفتّحات ، وخزائنك غير مغلّقات ورحمتك غير محجوبة ، وفوائدك لمن سلكها غير محظورات. أنت إلهي الكريم الّذي لا تردّ سائلا من المؤمنين سألك ، ولا تحتجب عن طالب منهم أرادك ، لا وعزّتك ما تختزل حوائجهم
ص: 255
دونك ، ولا يقضيها أحد غيرك.
اللّهمّ وقد ترى وقوفي ، وذلّ مقامي [ و ] موقفي بين يديك ، وتعلم سريرتي ، وتطلع على ما في قلبي ، وما يصلحني لآخرتي ودنياي.
إلهي وترقب الموت ، وهول المطّلع ، والوقوف بين يديك نقصني مطعمي ومشربي ، وغصني بريقي ، وأقلقني عن وسادي ، وهجعني ومنعني من رقادي.
إلهي كيف ينام من يخاف وثبات ملك الموت في طوارق الليل وطوارق النهار.
ثم يبكي حتى ربما أيقظ أهله بكاؤه ، فيفزعون إليه ، فيجدونه قد ألصق خدّيه بالتراب وهو يقول : ربّ أسألك الراحة والروح والأمن والأمان.
[1155] وروي عن طاوس اليماني (1) ، أنه قال : حججت فدخلت الحجر ليلا ، فرأيت علي بن الحسين علیه السلام فيه قائما يصلّي ، فدنوت منه ، وقلت : رجل من الصالحين ، لعلّي أسمع منه نداء (2) ، فأنتفع به ، فسمعته يقول في دعائه وهو ساجد : عبدك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، فقيرك بفنائك ، سائلك بفنائك.
ثم يدعو بما يريد.
ص: 256
قال طاوس : فأخذتهنّ عنه ، فما دعوت بعد ذلك بهنّ في كرب إلا فرّج اللّه عليّ.
[1156] وقيل : إن سائلا يسأل في بعض سكك المدينة في جوف الليل.
فقال : أين الزاهدون في الدنيا ، الراغبون في الآخرة؟
فنودي من ناحية البقيع لا يعرف من ناداه ، ذلك علي بن الحسين.
[1157] وقيل : إن [ الحسن بن الحسن ] بن علي وقف على [ علي ] بن الحسين ، فأسمعه ، [ وشتمه ] وعنده جماعة ، فسكت علیه السلام فلم يجبه ، فلما مضى قال لمن معه : قد سمعتم ما قال هذا الرجل؟
قالوا : سمعنا وساءنا ما سمعناه ولقد كنا نحبّ أن تقول.
فتلا علیه السلام : ( وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (1).
ثم قال : احبّ أن تقوموا معي الى [ منزله ] حتى تسمعوا ردّي عليه ، فانه لم ينبغ لي أن أردّ عليه في مجلسي.
فقام القوم معه ، [ وهم ] يرون أنه يستنصف منه. فلما أتى الى منزله استأذن عليه ، فخرج إليه ، وظنّ أنه إنما جاء ليتنصف منه ، فبدأه ، فواثبه بالكلام.
فقال : على رسلك يا أخي ، قد سمعت ما قلت في مجلسي ونحن في مجلسك ، فاسمع ما أقول لك : إن كان الذي قلت لي كما قلت فإنّي أسأل اللّه أن يغفر لي ، وإن لم يكن ذلك كما قلت فإنّي أسأل اللّه أن يغفر لك.
ص: 257
فاستحى الحسن ، وقام إليه وقبّل رأسه وما بين عينيه ، وقال : بل قلت لك واللّه ما ليس فيك ، واستغفره واعتذر إليه.
[1158] وروي عنه علیه السلام ، أنه كان إذا قام الى الصلاة تغير لونه ، وأصابته رعدة ، وحال أمره. وربما يسأله عن حاله من لا يعرف أمره في ذلك فيقول : إني اريد الوقوف بين يدي ملك عظيم.
[1159] وقيل : إن الزهري (1) غارف ذنبا فخاف منه على نفسه ، فاستوحش من الناس ، وهام على وجهه ، فلقيه علي بن الحسين علیه السلام فقال له : يا زهري ، لقنوطك من رحمة اللّه التي وسعت كل شيء أعظم من الذنب الذي خشيت منه على نفسك.
فسكن الزهري الى قوله ، وقال : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. ثم وعظه علي بن الحسين علیه السلام بمواعظ ، وتلا عليه آيات [ من القرآن ] فيما قار به في التوبة (2) والاستغفار. فتاب واستغفر ورجع الى أهله ، ولزم علي بن الحسين علیه السلام ، وكان يعدّ من أصحابه ، وكان يروي عنه ويحدث بفضله. وكذلك قال له بعض بني مروان : يا زهري ما فعل نبيك؟ - يعني علي بن الحسين علیه السلام - لما كان يرفع
ص: 258
به الزهري ويذكر من فضله.
[1160] وكان علي بن الحسين علیه السلام يقول : الحلم هو الذل (1).
[1161] وقيل : إن جارية له كانت قائمة عليه توضئه ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه ؛ فشجه ؛ فنظر إليها ، فقالت : يا مولاي إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ ) .
قال علیه السلام : كظمت غيظي.
قالت : ويقول : ( وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ) .
قال علیه السلام : قد عفوت عنك.
ص: 259
قالت : يقول : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (1).
قال علیه السلام : فأنت حرة لوجه اللّه.
[1162] وولّي هشام بن اسماعيل المخزومي (2) المدينة ، فنال علي بن الحسين علیه السلام من الاذى والمكروه عظيما ، ثم عزله الوليد (3) بعد ذلك وأمر أن يوقف للناس ، فلم يكن أخوف من أحد [ كخوفه ] من علي بن الحسين علیه السلام لما ناله منه أن يرفع ذلك عليه ويقول فيه ويشكره ، فلم يقل فيه شيئا ونهى خاصته وأهل بيته ، وكل من سمع له من القول فيه بسوء.
ثم أرسل إليه وهو واقف عند دار مروان : انظر ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك ، وطب نفسا منا ، ومن كل من يطيعنا.
فنادى هشام - وهو قائم - بأعلى صوته : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.
[1163] ونادى علي بن الحسين علیه السلام يوما مملوكا له ، فلم يجبه وهو يسمعه ، فقال : يا بني اناديك فلا تجيبني أما تخاف أن اعاقبك؟
قال : لا واللّه ما أخافك وذلك الذي حملني على أن لم اجبك.
فقال علي بن الحسين علیه السلام : الحمد اللّه الذي جعل مملوكي آمنا مني (4).
ص: 260
[1164] وروي عنه علیه السلام ، أنه قال : خرجت يوما من منزلي أيام فتنة ابن الزبير ، وقد ضاق صدري بما ينتهي إليّ منها ، فانتهيت الى حائط [ لي ] (1) فاتكيت عليه ، ووقفت كذلك مقاربا ، فاني لعلى ذلك إذ وقف عليّ رجل عليه ثياب بيض ما أعرفه فنظر الى وجهي ، فقال لي : يا علي بن الحسين ، مالي أراك كئيبا محزونا ؛ أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق [ اللّه ] حاضر يأكل منه البرّ والفاجر. أم على الآخرة [ فهو ] وعد صادق ويحكم به ملك قادر.
قلت : اللّهمّ ما آسي على الدنيا ، ولا من أجل الآخرة كان مني ما ترى.
قال : ففيم حزنك؟
قلت : تخوفت فتنة ابن الزبير.
فضحك ، وقال : يا علي بن الحسين ، هل رأيت أحدا قط توكل على اللّه فلم يكفه؟
قلت : لا. وبقيت مفكرا في قوله ، ثم رفعت رأسي ، فلم أجد أحدا (2).
[1165] واعتل زيد بن اسامة بن زيد علته التي مات فيها ، فلما احتضر ،
ص: 261
حضره علي بن الحسين علیه السلام ، فجعل يبكي ، فقال له علي بن الحسين علیه السلام : ما يبكيك؟
قال : [ يبكيني ] خلفت عليّ خمسة عشر ألف دينار دينا ، وليس فيما أخلفه وفاء ذلك.
فقال له علي بن الحسين علیه السلام : فطب نفسا فعليّ وفاء ذلك عنك.
فوفّاه عنه.
[1146] وقيل : إن مولى لعلي بن الحسين علیه السلام [ كان ] يتولى له عمارة ضيعة ، فجاء ليطلعها ، فأصاب منها فسادا وتضيّعا كثيرا أغاضه من ذلك ما رآه ، فغمه ، فقرع المولى بسوط كان في يده وكان ذلك ما لم يكن منه الى أحد قبله مثله.
وندم على ما كان منه ندامة شديدة ، فلما انصرف الى منزله أرسل يطلب المولى ، فأتاه فوجده مقاربا والسوط بين يديه ، فظنّ يريد عقوبته ، فاشتدّ خوفه. فأخذ علي بن الحسين علیه السلام السوط ، ومدّ يده إليه ، وقال : يا هذا قد كان مني إليك ما لم يتقدم لي مثله ، وكانت هفوة وزلة. فدونك السوط اقتصّ مني.
فقال المولى : يا مولاي واللّه إن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي ، وأنا مستحق العقوبة فكيف أقتصّ منك.
قال علیه السلام : ويحك اقتص.
قال : معاذ اللّه أنت في حلّ وسعة.
فكرر عليه مرارا والمولى في ذلك يتعاظم قوله ويجلله ، فلما لم يره يقتصّ قال له علیه السلام : أما إذا أبيت ، فالضيعة صدقة عليك.
ص: 262
فأعطاه إياه.
[1167] وكان إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته في الشتاء ، وإذا انقضى الصيف تصدق بكسوته في الصيف. وكان يلبس من خير الثياب.
فقيل له : تعطيها من لا يعرف بقيمتها ولا يليق به لباسها ، فلو بعتها وتصدقت بثمنها.
فقال علیه السلام : اني لأكره أن أبيع ثوبا صلّيت فيه.
[1168] وكان إذا وقف في الصلاة لم يشتغل بغيرها ولم يسمع شيئا لشغله بالصلاة. وسقط بعض ولده في بعض الليالي ، فانكسرت يده ، فصاح أهل الدار ، وأتاهم الجيران ، وجيء بالمجبّر [ فجبّر الصبي ] وهو يصيح من الألم ، وكل ذلك لا يسمعه.
فلما أصبح رأى يد الصبي مربوطة الى عنقه ، فقال : ما هذا؟ فأخبروه.
[1169] وكان علیه السلام ورعا حليما وقورا جميلا ، وحجّ في بعض السنين فجعل الناس ينظرون الى جماله وكماله. ويقول من لم يعرفه لمن عسى أن يعرفه ؛ من هذا؟! ليخبروه. قال قائل من الناس لفرزدق (1) من هذا؟
ص: 263
فأنشأ يقول :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحلّ والحرم
هذا ابن خير عباد لله كلّهم *** هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا [ ما جاء ] يستلم
يغضي حياء ويغضي من مهابته *** فلا يكلم إلاّ حين يبتسم
إذا رأته قريش قال قائلها *** الى مكارم هذا ينتهي الكرم
ص: 264
أيّ القبائل (1) ليست في رقابهم *** لأولية هذا أوله نعم
وكان للحسين علیه السلام ابنان ، يدعى كل واحد منهما عليا.
فالعامة تزعم أن المقتول منهما معه هو الاكبر (2).
وأهل العلم من [ أوليائهم ] وشيعتهم وغيرهم من علماء العامة [ العارفين ] بالأنساب والتواريخ يقولون : إن المقتول مع الحسين علیه السلام هو الاصغر وان الباقي منهما هو الأكبر ، وانه كان يوم قتل الحسين علیه السلام دنفا شديد العلة فذلك كان سبب بقائه. وقد تقدم ذكر ذلك.
ذكر محمد بن عمر الواقدي : أن علي بن الحسين ولد سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة ، وقتل الحسين علیه السلام يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ، وكان على هذا يوم قتل أبوه علیه السلام ابن ثمان وعشرون سنة.
وذكر غير الواقدي : أنه ولد في أيام عثمان ، فيما ذكر الواقدي وغيره ، قتل في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين ، وهذا قريب المعنى فيما تقدم ذكره.
وزعم عوام الناس : أنه كان يوم قتل أبوه طفلا ، وأن أباه أوصى به الى غيره ليعدلوا بالامامة عنه (3).
أما أهل العلم بالأخبار والأنساب والتواريخ منهم فقد قالوا مثل ما ذكرنا أنه كان رجلا ، وان زعموا أنه الأصغر.
ص: 265
[1170] وروى الزبير البكاري (1) عن مصعب بن عبد اللّه ، أنه شهد علي بن الحسين الأصغر مع أبيه [ في ] كربلاء ، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة (2) ، وكان مريضا ، وكان ابن أمّ ولد.
واختلفوا في أمه ، فقال بعضهم : كانت سندية.
وقال آخرون : تسمى جيدة.
وقال بعضهم : كانت تسمى سلامة (3).
وقال ابن الكلبي : ولّى علي بن أبي طالب علیه السلام الحريث بن جابر الحنفي جانبا من المشرق ، فبعث إليه ببنت يزدجرد شهرياران بن كسرى ، فأعطاها علي علیه السلام ابنه الحسين علیه السلام (4) فولدت منه عليا (5).
ص: 266
وقال غيره : إن حريث بن جابر بعث الى أمير المؤمنين ببنتي يزدجرد بن شهرياران بن كسرى ، وأعطى واحدة منهما ابنه الحسين علیه السلام فأولدها علي بن الحسين ، وأعطى الاخرى محمد بن أبي بكر فأولدها قاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خاله.
فهذا نقض الخبر الأول الذي فيه أن علي بن الحسين علیه السلام ولد في سنه ثلاث وثلاثين من الهجرة (1) في أيام عثمان ، وذلك قبل أن يصير ظاهر الامر الى علي علیه السلام .
والأول أثبت ، ويؤيد ذلك أن علي بن الحسين علیه السلام قد روى عن علي بن أبي طالب أخبارا حملت عنه منها :
[1171] ما رواه عن سعيد بن طريف ، أنه قال : حدثني علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : سمعت علي بن أبي طالب علیه السلام يقول :
أيها الناس أتدرون ما يتبع الرجل بعد موته؟
فسكتوا.
فقال علیه السلام : يتبعه الولد ، يتركه فيدعو له بعد موته ويستغفره. ويتبعه الصدقة أوقفها في حياته ، فيتبعه أجرها بعد موته.
ويتبعه السنّة الصالحة يعمل بها ، فيعمل بها بعد موته فيتبعه أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقض من أجرهم شيئا.
[1172] وروي عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنه
ص: 267
قال : قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه اللّه بعد ما قتل الحسين علیه السلام ونحن اثنا عشر غلاما ليس منا أحد إلا مجموعة يداه الى عنقه وفينا علي بن الحسين. فقال لنا يزيد : صيرتم أنفسكم عبيدا لأهل العراق ، ما علمت بمخرج أبي عبد اللّه حتى بلغني قتله.
( كذب عدوّ اللّه بل هو الذي جهز إليه الجيوش وقد ذكرت خبره فيما مضى ).
فتلا علي بن الحسين : ( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (1).
فأطرق مليا وجعل يعبث بلحيته وهو مغضب ثم قرأ ( ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (2). ثم قال : يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟
فقال قائلهم : قد قتل (3) ولا تتخذ جروا من كلب سوء.
فقال النعمان بن بشير : انظر ما كنت ترى أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يفعله فيهم لو كان حيا ، فافعله.
فبكى يزيد ، فقالت فاطمة بنت الحسين علیه السلام : يا يزيد ما تقول في بنات رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبايا عندك.
فاشتدّ بكاؤه حتى سمع ذلك نساؤه ، فبكين حتى سمع بكاؤهن من كان في مجلسه.
ص: 268
وقيل : إن ذلك بعد أن أجلسهنّ في منزل لا يكنهنّ من برد ولا حر. فأقاموا فيه شهرا ونصف حتى اقشرت وجوههنّ من حرّ الشمس ، ثم أطلقهم.
[1173] وروي عن جعفر بن محمد ، أنه قال : اصيب الحسين علیه السلام وعليه دين بضع وسبعون ألف دينار. قال : وكفّ يزيد عن أموال الحسين علیه السلام ، غير أن سعيد بن العاص هدم دار علي بن أبي طالب ودار عقيل ودار الرباب بنت امرئ القيس ، وكانت تحت الحسين ، وهي أم سكينة.
قال : واهتمّ أبي - علي بن الحسين علیه السلام - بدين أبيه هما شديدا حتى امتنع من الطعام والشراب والنوم في اكثر أيامه ولياليه.
فأتاه آت في المنام ، فقال له : لا تهتمّ بدين أبيك فقد قضاه اللّه بمال بجيش.
( فقال علي له : واللّه ما أعرف في أموال أبي مالا يقال له : بجيش ) (1).
فلما كان في الليلة الثانية رأى مثل ذلك ، فسأل عنه أهله.
فقالت له امرأة من أهله : كان لأبيك عبد رومي يقال له بجيش ، استنبط له عينا بذى خشب ، فسأل عن ذلك ، فأخبر به. وأن الحسين كان [ قد ] أعطى الرباب بنت امرئ القيس منها سقي يوم السبت وليلة السبت نحلة فورثت ذلك سكينه بنتها.
فما مضت بعد ذلك قلائل حتى أرسل الوليد بن عتبه بن أبي
ص: 269
سفيان الى علي بن الحسين علیه السلام يقول له : انه ذكرت لي عين أبيك بذي خشب تعرف بجيش ، فان أحببت بيعها ابتعتها منك.
قال له علي بن الحسين علیه السلام : خذها بدين الحسين علیه السلام ، وذكر له. قال : أخذتها.
واستثنى منها ما كان لسكينة. وأوفى دين الحسين علیه السلام .
وكان علي بن الحسين علیه السلام يدعو في كل يوم وليلة أن يريه اللّه قاتل أبيه مقتولا. فلما قتل المختار (1) قتلة الحسين علیه السلام بعث برأس عبيد اللّه بن زياد ورأس عمر بن سعد (2) مع رسول من قبله الى علي بن الحسين علیه السلام . وقال لرسوله : إنه يصلّي من الليل فإذا أصبح وصلّى الغداة هجع (3) ثم يقوم [ فيستاك ] ، يؤتى بغذائه ، فاذا أتيت بابه ، فاسأل عنه ، فاذا قيل لك إن المائدة وضعت بين يديه فاستأذن عليه وضع الرأسين على [ مائدته ] ، وقل له :
ص: 270
المختار يقرئ عليك السلام ويقول لك : يا ابن رسول اللّه قد بلغك اللّه ثارك.
ففعل الرسول ذلك. فلما رأى علي بن الحسين رأسين على [ مائدته ] خرّ لله ساجدا ، وقال : الحمد لله الذي أجاب دعائي (1) وبلغني ثاري من قتلة أبي.
ودعا للمختار وجزاه خيرا (2).
[1174] وروي عن عبد اللّه بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال : كانت أمي فاطمة بنت الحسين علیه السلام تأمرني أن أجلس الى خالي علي بن الحسين علیه السلام ، فما جلست إليه مجلسا قط إلا أفدت منه علما (3).
[1175] سعيد بن كلثوم ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام فذكر علي بن أبي طالب علیه السلام فقال : واللّه ما أكل من الدنيا حراما قط حتى مضى لسبيله ، وما عرض عليه أمران هما رضاء اللّه إلا أخذ بأشدها عليه في دينه ، [ وما نزلت ] برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نازلة [ قط ] إلا ودعاه يقدمه أمامه لها ثقة به ، وما أطاق عمل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من هذه الامة غيره ، وأنه كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه.
ص: 271
ولقد أعتق من ماله ألف مملوك ابتغاء وجه اللّه ، والنجاة من النار مما كدّ فيه بيده ورشح فيه جبينه ، وأنه كان ليقوت بالخل والزبيب والعجوة ، وما كان لباسه إلا الكرابيس ، إذا فصل شيء من يده من كمه قطعه بالجلم ، وما أشبهه من أهل بيته أحد ، وان كان أقرب القوم شبها في أحواله وأفعاله علي بن الحسين علیه السلام .
[1176] وجاء عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه دخل على أبيه علي بن الحسين علیه السلام فرآه في حال رق له بها ، لما بلغت به العبادة ، وقد اصفرّ لونه من السهر والصيام ورمضت عيناه من البكاء ودثرت [ جبهته ] وانخرم [ أنفه ] من السجود ، وورم كفاه وقدماه من القيام فلم يملك أن بكى رحمة له.
قال : فعلم أني بكيت لما رأيت منه. فقال : يا بني أعطني بعض الصحف التي فيها ذكر عبادة علي علیه السلام . فأعطيته منها صحيفة ، فنظر في شيء منها ، ثم وضعها بين يديه ، وقال : ومن يقوى على عبادة علي. ثم لم يمت حتى عمل بعمل علي علیه السلام .
[1177] وعن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة وان كانت الريح لتميله اذا هو قائم في الصلاة كما تميل السنبلة.
[1178] وعن سفيان بن عيينة ، أنه قال : ما رؤي علي بن الحسين علیه السلام جائرا بيده فحدثه فهو يمشى زاره (1).
[1179] وروي عن زرارة بن أعين ، أنه قال : كانت لعلي بن الحسين
ص: 272
علیه السلام ناقة ، حج عليها أربعا وعشرين حجة ما أقرعها قرعة قط.
[1180] إبراهيم بن علي الواقفي (1) ، عن أبيه ، قال : حججت مع علي بن الحسين علیه السلام يوما وهو على ناقة له ، فالتاثت عليه ، فرفع القضيب ، فأشار عليها به ، وقال : لو لا خوف القصاص لفعلت.
[1181] ومرّ علي بن الحسين علیه السلام يوما على سعيد بن المسيب وعنده رجل [ قرشي ] فقال له : من هذا؟
فقال ابن المسيب. هذا سيد العابدين علي بن الحسين.
[1182] أبو حمزة اليماني ، قال : سمعت علي بن الحسين يقول : ما احب أن لي بنصيبي من الدنيا حمر النعم. وما تجرعت جرعة هي أحب إليّ من جرعة غيظ لا اكاف عليها صاحبها.
[1183] وروي عن جعفر بن محمد ، أنه قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يعجبه العنب ، فدخل منه الى المدينة شيء حسن ، فاشترت منه أمّ ولده شيئا ، وأتت به عند افطاره ، فأعجبه ، فمن قبل أن يمدّ يده إليه وقف بالباب سائل ، فقال لها : احمليه إليه ، فقالت : يا مولاي بعضه يكفيه ، قال : لا. وأرسله إليه كله. واشترت له من غد ، وأتت به إليه فوقف السائل ، ففعل مثل ذلك [ فأرسله إليه ]. واشترت له في الليلة الثالثة ، ولم يأت السائل ، فأكل ، وقال : ما فاتنا عنه شيء والحمد اللّه.
[1184] وانتهى الى علي بن الحسين علیه السلام : أن مسرفا استعمل على
ص: 273
المدينة وأنه يتواعده بسوء وكان يقول علیه السلام : لم أر مثل التقدم في الدعاء له لأن العبد [ ليس يحضره ] الاجابة في كل [ وقت ] فجعل يكثر من الدعاء لما اتصل به عن مسرف.
وكان من دعائه : ربّ كم من نعمة أنعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري ، وكم من بلية ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري ، فكم من معصية أتيتها فسترتها عليّ ولم تفضحني. يا من قلّ له عند نعمته شكري ، فلم يحرمني ، [ و ] يا من قلّ له عند بليته صبري فلم يخذلني ، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ، [ و ] يا ذا النعم التي لا تحصى عددا ، صلّ على محمد وعلى آل محمد وبك أدفع نحره وبك أستعيذ من شره.
فلما قدم مسرف الى المدينة أرسل الى علي بن الحسين وعنده مروان بن الحكم ، وقد علم ما ذكره من وعيده ، فجعل يغريه به ، فلما دخل عليه ، قام إليه ، فاعتنقه وقبّل رأسه ، وأجلسه الى جانبه ، وأقبل عليه بوجهه ليسأله عن حاله وأحوال أهله ، فلما رأى ذلك مروان جعل يثني على علي بن الحسين علیه السلام ويذكر فضله.
فقال مسرف : دعني عن كلامك ، فاني إنما فعلت ما فعلت من بره واكرامه وقضاء حوائجه ما قد أمرني به أمير المؤمنين.
ثم قال لعلي بن الحسين علیه السلام : إنما جعلت الاجتماع معك لما سبق إليك عني لأن لا تستوحش مني ، وأنا احب الاجتماع معك والانس بك ، والتبرك بقربك ، والنظر فيما تحب من صلتك وبرك وأنا على ذلك ، لكني أخاف أن يستوحش أهلك إن طال عندي مقامك ، فانصرف إليهم ليسكنوا ويعلموا ويعلم الناس مالك عند أمير المؤمنين وعندي من الجميل.
ثم قال : قدّموا دابته.
ص: 274
قالوا : ماله دابة.
قال مسرف : قدّموا له دابتي.
فقدّموها له بين يديه ، وعزم عليه أن يركبها ، فركب ، وانصرف الى أهله ، وهم والناس ينظرون ما يكون منه فيه.
توفي علي بن الحسين علیه السلام بالمدينة أول سنة أربع وتسعين (1) ، وكان يكنى : أبا الحسين (2).
[1185] وغسله أبو جعفر ابنه محمد بن علي ، فلما أراد أن يغسل فرجه ، قال : لقد كنت أجلّك عن أمسّ فرجك حيا ، وأنت ميتا كما كنت حيا فما كنت لأمس عورتك. ودعا بام ولد له فتولت غسل عورته.
ودفن في البقيع.
وضربت امرأته على قبره فسطاط ( فلما كان العشي جاءت ناقة له فوضعت جرانها على الفسطاط ) وجعلت تحن.
فقال أبو جعفر علیه السلام لبعض مواليه : نحّها لأن لا يرى الناس. فأخذ بمشفرها ونحاها عن الفسطاط.
وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
الجران : مقدم العنق من مذبح البعير الى منحره ، فاذا برك البعير ومدّ عنقه على الارض قيل ألقى بجرانه على الارض.
مشفر البعير : شفته السفلى المتدلية.
ص: 275
وأما أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام كانت أمه أمّ عبد اللّه [ فاطمة ] بنت [ الحسن ] بن علي بن أبي طالب. وقيل إنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين.
[1186] وروى يحيى بن الحسن ، عن أبي برة قال : حدثنا عبد اللّه بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي علیه السلام قال : دخلت على جابر بن عبد اللّه الانصاري ، وقد كفّ بصره ، فسلّمت عليه ، فردّ عليّ السلام ، وقال : من أنت؟ قلت : محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، فقال لي : بأبي وامّي ادن مني. فقبّل يدي ثم أهوى الى رجلي ليقبّلهما ، فاجتذبتهما. ثم قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقرئك السلام. فقلت : على رسول اللّه السلام ورحمة اللّه وبركاته ، وقلت له : وكيف ذلك يا جابر؟ قال : كنت ذات يوم ، فقال لي : يا جابر ستلقى بعدي محمد بن علي بن الحسين من ولدي ، وهو رجل يهب اللّه له النور والحكمة ، فأقرته مني السلام.
وحديث جابر هذا مع محمد بن علي علیه السلام حديث مشهور معروف يرويه عند الخاص والعام ، رواه فقهاء أهل المدينة وأهل العراق من العامة ،
ص: 276
ويؤثر عن كبرائهم ، يرويه أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم.
ومنه أخذوا ذكر حجة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لان أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام سأل عنها جابر بن عبد اللّه الانصاري في هذا المجلس لانه شهدها مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأخبره بها شيئا فشيئا مذ خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من المدينة الى قضاء الحج ، وهو أتم حديث جاء في ذلك يروي عن أبي جعفر [ محمد ] بن علي علیه السلام .
وكان أفقه أهل زمانه ، وأخذ عنه ظاهر علم الحلال والحرام أهل الفقه من الخواص والعوام (1). وسمي باقر العلوم لانه أول من يقرأ عنه من الائمة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله ، فأظهره ، وذلك لانه وجد من الزمان لينا من بني أميّة لقرب انقطاع أيامهم ولشغل من بقي منهم بلهوهم وآثامهم (2).
[1187] وروي عن عبد الرحمن بن صالح الازدي ، عن ابي مالك الحسني ، عن عبد اللّه بن العطاء المكي ، قال : ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين لتواضعهم
ص: 277
له ولمعرفتهم لحقّه ولعلمه واقتباسهم منه. ولقد رأيت الحكم بن عيينة على حالته في الناس وسنّه وهو بين يديه يتعلم منه ، ويأخذ منه كالصبي بين يدي المعلم.
[1188] وروي عن جعفر بن محمد بن علي ، أنه قال : حججت مع أبي محمد بن علي ، فبينا هو يصلّي من الليل في الحجر في ليالي العشر ، وأنا خلفه إذ جاء رجل أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان أبيضان في هيئة المحرم ، فجلس الى جانبه فكأنه ظن أنه يريد حاجة ، فخفف الصلاة ، فلما سلّم أقبل إليه بوجهه ، فقال له الرجل : يا أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان؟
فقال أبو جعفر علیه السلام : ممن أنت؟
فقال له الرجل : من أهل الشام.
فقال له علیه السلام : إن أحاديثنا إذا اسقطت الى الشام جاءتنا صحاحا ، واذا اسقطت الى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص. ( يعني أن شيعتهم بالعراق كثيرا بأخذ ذلك بعضهم من بعض ، فيقع من ذلك الزيادة والنقصان بين النقلة ، وهم بالشام قليل ، فاذا سقط الحديث الى من يسقط إليه بقي على حاله ).
قال : ثم أقبل عليه فقال : بدء خلق هذا البيت ، إن اللّه تعالى لما قال للملائكة ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (1).
فردّوا عليه بقولهم : ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ
ص: 278
الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) .
وقالوا بأنفسهم : نحن الحافّون بعرشه والمسبّحون بحمده ، فيستخلف غيرنا ، ونحن أقرب إليه.
قال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) . ( وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ». ) فعلموا أنهم قد وقعوا في الخطيئة ، فعاذوا بالعرش ، فطافوا سبعة أشواط ليسترضوا ربهم عزّ وجلّ ، فرضي عنهم.
وقال لهم : اهبطوا الى الارض فابنوا لي بيتا يلوذ به من أذنب من عبادي ، ويطوف حوله كما طفتم أنتم حول عرشي ، فأرضى عنهم كما رضيت عنكم.
فبنوا هذا البيت ، فهذا يا عبد اللّه بدء هذا البيت.
قال له الرجل : صدقت يا أبا جعفر ، فما بدء هذا الحجر؟
قال علیه السلام : إن اللّه عزّ وجلّ لما أخذ ميثاق بني آدم أجرى نهرا أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ثم أمر القلم [ فاستمدّ ] من ذلك النهر وكتب اقرارهم ، وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ألقم الكتاب هذا الحجر. فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم.
قال جعفر بن محمد علیه السلام : وكان أبي إذا استلم الركن قال : « اللّهمّ أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالوفاء ».
فقال له الرجل : صدقت يا أبا جعفر. ثم قام ، فلما ولى [ قال لي ] أبي : اردده عليّ. فخرجت وراءه وأنا وراءه الى أن حال الزحام بيني وبينه حتى الى الصفا ، فعدت الى الصفا ، فلم أره.
( فذهبت الى المروة فلم أره ، فجئت الى أبي ، فأخبرته. قال [ أبي ] : إني أراه الخضر علیه السلام ).
ص: 279
فهذا يؤثر عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام على ظاهر القول فيه وتحته من سرّ الحكمة في الباطن ما هو جوهره ولبابه وسرّ الحكمة فيه.
[1189] ويروى عن الزهري ، أنه قال : حج هشام بن عبد الملك ، فدخل المسجد الحرام معتمدا على يد سالم مولاه ، ورأى محمد بن علي جالسا في المسجد والناس حوله يسألونه.
فقال له سالم : يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين علیه السلام .
قال له هشام : المفتون به أهل العراق؟
قال : نعم.
قال [ هشام ] : اذهب إليه ، وقل له يقول لك أمير المؤمنين : ما الذي يأكل الناس يوم القيامة ويشربون الى أن يفصل بينهم.
فجاء إليه فذكر له ذلك.
فقال له أبو جعفر : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ) (1). فيحشر الناس يوم القيامة على الارض. وتكون لهم الخبزة النقية يأكلون منها [ وأنهار متفجرة يشربون منها ] الى أن يفرغ من حسابهم.
فانصرف سالم الى هشام ، فأخبره بجوابه ، فرأى هشام أنه ظفر به.
فقال : اللّه اكبر ، ارجع إليه ، فقل له : ما شغلهم عن الأكل والشراب يومئذ ما هم فيه من هول يوم القيامة.
فرجع إليه فقال له ذلك.
ص: 280
فقال له أبو جعفر علیه السلام : هم في النار أهول من ذلك وما شغلهم ما هم فيه أبدا عن أن قالوا لأهل الجنة : ( أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) (1). وأكلوا الضريع (2) والزقوم (3) وشربوا الصديد (4) والحميم (5).
فرجع الى هشام ، فأخبره ، فأفحم ، فلم يحر جوابا.
[1190] قيس بن ربيع ، قال : سألت أبا اسحاق [ السبيعي ] عن المسح ( يعني : على الخفين ) ، فقال : أدركت الناس يسحبون حتى لقيت محمد بن على بن الحسين وما رأيت مثله. فسألته عن المسح ، فنهاني عنه ، وقال : لم يكن علي علیه السلام يمسح [ عليها ] ، [ وكان يقول ] (6) :
وسبق [ الكتاب ] الكعبان الخفين ( يعني قول اللّه عزّ وجلّ ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (7) ) قال أبو اسحاق : فما مسحت مذ نهاني.
قال قيس : فما مسحت مذ سمعت هذا من أبي اسحاق.
[1191] الزبير [ بن ] أبي بكر ، قال : كان محمد بن علي بن الحسين يدعى باقر العلم لأهل التقى ، وله يقول القرضي (8) شعرا :
ص: 281
يا باقر العلم لأهل التقى *** وخير من أبى على الأجبل
قال الزبير : وقال مالك بن أعين [ الجهني ] في محمد بن علي بن الحسين شعرا :
إذا طلب الناس علم القرآن *** كانت قريش عليه عيالا
وان قيل هذا (1) ابن بنت النبي *** رأيت (2) لذلك فرغا طوالا
نجوم تهلل للمد لجي *** ن جبال تورث علما جبالا (3)
[1192] وكان محمد بن المنكدر ، يقول : ما كنت أظن أني أرى مثل علي بن الحسين علیه السلام حتى رأيت ابنه محمد بن علي علیه السلام ، ولقد أردت مرة أن أعظه فوعظني.
فقيل له : وكيف ذلك؟
قال : خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر علیه السلام ، وكان رجلا بدينا ثقيل الجسم وهو معتمد على غلامين له أسودين. فقلت في نفسي : شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا ، لأعظه. فدنوت منه ، فسلّمت عليه ، ورأيته قد [ تصبب ] عرقا.
فقلت : أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا ، أرأيت لو جاءك الموت وأنت على هذه
ص: 282
الحال في طلب الدنيا.
قال : فخلا الغلامين من يده ، ثم تساند الى الحائط ، فقال :
لو جاءني [ واللّه ] الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا على طاعة من طاعة اللّه عزّ وجلّ ، اكفّ بها نفسي وأهلي عن الناس ، وانما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي اللّه.
قلت : رحمك اللّه أردت أن أعظك فوعظتني.
[1193] وقيل : إن أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام كان يحبو قوما يغشون مجلسه الخمسمائة الى الالف [ درهم ] كل رجل منهم ، وكان يحب مجالستهم ولا يملّهم ، منهم : عمرو بن دينار ، وعبد اللّه بن عبيدة بن عميرة.
قال سفيان : وكان يحمل الصلة والكسوة ويقول : هنيئا لكم من أول السنة.
[1194] الحسن بن كثير ، قال : جلست الى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين علیهم السلام ، فسألني عن حالي ، فشكوت إليه تخلل المال وجفاء الاخوان.
فقال : ليس الأخ أخا يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا. ثم أمر الى غلام كان بين يديه كلام. فأخرج كيسا ، فدفعه إليّ ، وقال : استعن بهذا ، وإذا نفذ فأعلمني. فوجدت فيه سبعمائة درهم.
[1195] الحسن بن صالح ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم (1).
ص: 283
[1196] عبد اللّه بن الحسين ، قال : وقف أبو هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية (1) على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، وهو في المسجد وحوله جماعة من الناس قد اختلفوا يأثرون عنه ويستفتونه ، فحسده أبو هاشم ، فشتمه وشتم أباه ، وقال : تدعون وصية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالأباطيل وهي لنا دونكم.
فأقبل عليه أبو جعفر غير مكترث ، فقال : قل ما بدا لك ، أنا ابن فاطمة وأنت ابن الحنفية ، فوثب الناس على أبي هاشم يرمونه بالحصاة ويضربونه بالنعال حتى أخرجوه من المسجد.
ولمّا نظر زيد بن علي بن الحسين الى اقبال الناس على أخيه محمد
ص: 284
بن علي ( وعلو ذكره فيهم حسده ) وقال له : مالك لا تقوم وتدعو الناس الى القيام معك؟ فأعرض عنه وقال علیه السلام له : لهذا وقت لا نتعداه. فدعا الى نفسه ، وقال له : انما الامام منا من أظهر سيفه ، وقام يطلب حق آل محمد لا من أرخى عليه سترا وجلس في بيته. وأوهم الشيعة أنه انما قام بأمر أخيه ، فأجابه جماعة منهم ، وأظهر نفسه.
فقال أبو جعفر : يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم مثل فرخ نهض من عشه من قبل أن يستوي جناحاه ، فاذا فعل ذلك سقط فأخذه الصبيان يتلاعبون به (1) ، فاتق اللّه في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يلتفت الى قوله ، فأظهر البراءة منه ، فلما أحسّ الشيعة ، توقف كثير من كان انتدب للقيام معه.
[1197] وجاء بعضهم (2) ، فقال له : هذا الذي تدعونا إليه عندك فيه
ص: 285
عهد من أبيك أو من وصية أوصى بها إليك؟
قال [ زيد ] : لا.
فقال : فإن أخاك أبا جعفر يذكر إن أباه عهد إليه عهده ، وأوصى إليه وعرفنا من أشهده علينا من ثقات أوليائه.
قال [ زيد ] : معاذ اللّه فلو كان ذلك لأطلعني عليه ، واللّه لقد كان ربما ينفض المخ من العظام ليطعمني اياه ، فما يضعه في فمي حتى يبرده ، فهو يتوقى عليّ من حرارة المخ ولا يتوقى عليّ من حرارة النار! ويطلع غيري على ذلك ويستره عني!
قال الرجل : نعم قد يكون ذلك ، وهذا كتاب اللّه يشهد به.
قال : وأين هذا من كتاب اللّه؟
قال : فيما حكاه اللّه تعالى عن يعقوب عن قوله ليوسف لما أخبره بما رآه وأعلمه أن الامر يصير إليه. فقال له : ( يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (1) وأمره بكتمانه عنهم ، وأخبره بما يصير إليه من الامر ( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ) (2) ولم يطلع اخوته على ذلك.
فافحم ولم يحر جوابا (3).
ص: 286
وسمع ذلك من بقي معه ممن كان أجابه ، فافترقوا عنه ، فظفر به هشام بن عبد الملك ، فقتله ، وصلبه على كناسة الكوفة ، وأحرقه بالنار. فكان كما حذره أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، وكما وصف له بالفرخ نهض عن عشه من قبل أن يستوي جناحاه ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به.
ص: 287
واختلف في سنة وفاته ، فقال الواقدي : توفي أبو جعفر محمد بن علي بالمدينة سنة تسع عشر ومائة ، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
وقال سفيان بن عيينة : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : سمعت أبي علیه السلام يقول لعمتي فاطمة بنت الحسين علیه السلام وقد كلّمته في شيء : لي ثمان وخمسون سنة ، وتوفي [ تلك ] السنة.
وقال مصعب بن عبد اللّه : توفي أبو جعفر محمد بن علي في المدينة سنة أربع عشر ومائة.
قال الزبير : قال لي محمد بن الحسين بن زوالة : توفي محمد بن علي بن الحسين علیه السلام في آخر أيام هشام في سنة أربع وعشرين ومائة. وتوفي هشام سنة خمسة وعشرين ومائة ، وكانت ولايته سنة غير شهر واحد ، واللّه أعلم.
تمّ الجزء الثالث عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار سلام اللّه عليهم ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ، من تأليف سيّدنا الأجل القاضي النعمان بن محمد بن منصور قدّس اللّه روحه بحقّ سيدنا محمّد وآله أجمعين.
ص: 288
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الرابع عشر
ص: 289
ص: 290
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أما جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام فهو وصيّ أبيه محمد بن علي علیه السلام ، وإليه صار الأمر من بعده ، وبه كان يكنى : أبو جعفر.
وكان جعفر يكنى : أبو عبد اللّه.
وكان أعلم أهل زمانه ، وعنه تفرع العلم بالحلال والحرام في الخاص والعام. ومن رواه (1) عنه من الكبراء المذكورين بالفقه من العامة : أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (2) ، ومالك بن أنس المدني (3) ، وسفيان الثوري ، وشيبة بن عيينة (4) ، والحسن بن صالح (5) ، وأيوب السختياني (6) ، وعمرو بن
ص: 291
دينار (1) ، وكثير من علماء العامة.
وكان موصوفا بالعلم والفضل والورع ، لا ينكر فضله ولا يجهل مقامه عند الخاص والعام.
[1198] عن حمزة بن حمران (2) ، والحسين بن زياد (3) ، قالا : صلّينا في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثم توجهنا الى أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، فدخلنا عليه في داره (4) ، فأذّن وأقام [ الصلاة ] (5) وتقدم فصلّى ، فتنحينا ناحية ، فلما ركع قلنا : نحسب تسبيحه ، فعدّ أحدنا ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وعدّ الآخر أربعا وثلاثين تسبيحة.
[1199] وحجّ جعفر بن محمد ، فأتى جمرة العقبة ، فوجد الناس وقوفا عندها فقال : إنا لله ، تستبدعون بدعة ، ودعا غلاما يقال له : سعيد ، فأتاه.
فقال له : نادعني الناس أن ليس هذا موضع وقوف.
فنادى سعيد : أيها الناس يقول لكم مولاي جعفر بن محمد ، انفضّوا ، فليس هذا موضع وقوف.
فانفضّ الناس.
السلام يقول : سلوني قبل أن تفقدوني فانه لا يحدّثكم أحد بعدي مثلي حتى يقوم صاحبكم.
وكذلك استترت الائمة من بعد للتقية ، فلم يقم أحد منهم بظاهر علم ، ولا أظهره حتى قام المهدي (1).
والى أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام نسبت الجعفرية ، وهي قرية من قرى الشيعة (2) كانوا قبل ذلك يقولون بإمامة محمد بن الحنفية ثم اختلفوا ، فتفرقوا فرقا كثيرة بعد ذلك ، وحسبت هذه القرية على أن الإمام في زمانه محمد بن الحنفية ، ثم جعفر بن محمد من بعده ، وفي ذلك يقول السيد الحميري - وكان منهم - شعرا :
تجعفرت باسم اللّه واللّه اكبر *** وأيقنت أن اللّه يعفو ويغفر
في شعر طويل (3).
وقال يعتذر الى جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه :
ص: 293
أيا راكبا نحو المدينة جسرة *** همرجانة نطوي بها كل سبسب (1)
اذا ما هداك اللّه عاينت جعفرا **** فقل لوليّ اللّه وابن المهذب
ألا يا وليّ اللّه وابن نبيّه (2) *** أتوب الى الرحمن ثم تأوبي
إليك من الذنب الذي كنت مطنبا *** اجاهد فيه دائبا كل معتب(3)
وما كان قولي في ابن خولة مبطنا *** معاندة مني لنسل المطيّب
ولكن روينا عن وصيّ محمد (4) *** ولم يك فيما قال بالمكذب
بأن وليّ الأمر يفقد لا يرى *** سنينا كفقد الخائف المترقب
ويقسم أموال الفقيد كأنما *** تغيّبه بين الصفيح المنصب(5)
فان قلت لا فالحقّ قولك والذي *** تقف فحتم غير ما متعصب
فانّ وليّ الأمر والقائم الذي *** تطلع نفسي نحوه يتطرّب
ص: 294
له غيبة لا بدّ أن يستغيبها *** فصلّى عليه اللّه من متغيب
الجسرة : الناقة الطويلة ، ويقال العظيمة.
والهمرجانة : السريعة. والسبسب : المفازة.
والمهذب : الذي هذب نفسه عن عيوبه ، أي خلص منها. قال الشاعر :
ولست بمستبق أخا لا تلمّه *** على شعث ، أيّ الرجال المهذّب؟
والتأوب من أوب : أي ترجّع (1). والتأوب من السير.
والمطنب : البليغ. والمنطق في المدح والذم إذا بالغ في ذلك. قيل : أطنب فيه ، وهو المطنب.
والمعتب : العاتب. والمعاتبة المفاعلة من العتاب يكون بين الاثنين يعاتب كل منهما صاحبه يذكران الموجدة. والاسم من ذلك العتبى. يقول : كان يجاهد في ذلك لعاتبه عليه.
والجهاد : القتال ، اخذ من اجتهدت نفسه في الشيء إذا بلغت فيه المجهود.
وعنى بابن خولة : محمد بن علي - ابن الحنفية - وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبد اللّه (2) بن بلغة بن الدول بن حنيفة بن لجيم (3).
وقال قوم : هي خولة بنت أبا بسر بن جعفر.
وقال قوم : كانت أمة من سبي اليمامة صارت الى علي علیه السلام .
قالوا : ولم تكن من أنفس بني حنيفة ، فكان خالد بن الوليد صالحهم على
ص: 295
الرقيق (1).
والصفح من الصفاح : وهي الحجارة العراض واحدتهما صفاحة ، فكانوا ينصبونها في قبورهم ليتقي الموتى من التراب.
والمنصب والمنصوب في معنى مفعل.
وكان الذين يقولون محمد بن الحنفية من الشيعة يزعمون أنه المهدي الذي جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه يقوم فيملأ الأرض عدلا. فلما مات ولم يكن ذلك كرهوا أن ينقضوا قولهم ويرجعوا عنه.
فقالوا : لم يمت وهو في غار في جبل رضوى (2) حماقة منهم وجهالة. وفي ذلك يقول السيد الحميري إذ كان يتولاه :
ألا قل للوصيّ فدتك نفسي *** أطلت بذلك الغار المقاما (3)
أضرّ بمعشر وألوك منا (4) *** وسمّوك الخليفة والاماما
ص: 296
وعادوا أهل هذا الارض طرا *** مقامك عندهم ستين عاما(1)
وما ذاق ابن خولة طعم موت *** ولا وارت له أرض عظاما
ولكن حلّ في شعب برضوى (2) *** تراجعه الملائكة السلاما
وأن به له لمحلّ صدق *** وأندية تحدّثه كلاما
هدانا اللّه اوحزداك أمر (3) *** به وعليه نلتمس التماما
قام مردة المرسدي حتى (4) *** نرى راياتنا تترى نظاما
وقال الكثير (5) فيه - وكان ممن يقول بامامة ابن الحنفية - :
ألا إن الائمة في قريش *** ولاة الأمر أربعة سواء
عليّ والثلاثة من بنيه *** هم الاسباط ليس بهم خفاء(6)
فسبط سبط إيمان وبرّ *** وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى *** يقود الخيل يقدمها اللواء
يغيب لا يرى فيهم زمانا (7) *** برضوى عنده عسل وماء
وانما أخذت هذه المقالة ممن قال بها بعد موته بمدة طويله. وأما موته فلم يكن خفيا ولا مستورا ولا مات في غيبة غابها وانما مات في المدينة.
[1201] روي عن الواقدي ، أنه قال : حدثني زيد بن سائب ، قال :
سمعت أبا هاشم عبد اللّه بن محمد بن علي يقول : توفي أبي في المحرم
ص: 297
أول سنة إحدى وثمانين ، فلما وضعناه في البقيع لنصلّي عليه أتانا أبان بن عثمان وهو الوالي يومئذ ليصلّي عليه.
قال : فقلت له : إنك لا تصلّي عليه أبدا إلا أن تطلب إلينا ذلك.
فقال له أبان : أنتم أولى بجنازتكم ، فيصلّي عليها من شئتم.
قلنا له : فتقدم فصلّي عليها.
فزعم من تعلق بالمقالة التي قالها فيه من أنه لم يمت ، وكانوا على ذلك الى أن كلّم بعض رؤسائهم أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام في مثل ذلك ، فقال له : ويحك ما هذه الحماقة ، أنتم أعلم به منا أم نحن ، قد حدثني أبي علي بن الحسين علیه السلام أنه قد شهد موته وغسله وتكفينه والصلاة عليه وأنزله في قبره.
فقال له : شبه على أبيك كما شبه عيسى بن مريم على اليهود.
فقال محمد بن علي علیه السلام : أفتجعل هذه الحجة قضاء بينك وبيننا.
قال : نعم.
قال : أرأيت اليهود الذين شبه عيس عليهم كانوا أولياءه أو أعداءه؟
قال : بل كانوا أعداءه.
قال : أفكان أبي عدو محمد بن علي فشبه عليه؟
قال : لا.
وانقطع وترك ما كان عليه ورجع الى قول محمد بن علي ، وتتابعوا على ذلك من الرجوع في أيام جعفر بن محمد علیه السلام ، فسمّوا بالجعفرية.
ص: 298
[1202] وجاء أبو حنيفة من أهل العراق يوما إلى أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ليستمع منه ، وخرج أبو عبد اللّه علیه السلام يتوكأ على عصا.
فقال له أبو حنيفة (1) : يا ابن رسول اللّه ما بلغت من السن ما تحتاج منه الى العصا.
قال : هو كذلك ، ولكنها عصا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أردت التبرك بها.
فوثب أبو حنيفة إليه ، وقال : اقبّلها يا ابن رسول اللّه. فحسر أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام عن ذراعه ، وقال له : واللّه لقد علمت أن هذا من بشرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأن هذا من شعره فما قبّلته وتقبّل عصا.
[1203] وكان مالك بن أنس يستمع من جعفر بن محمد علیه السلام ، وكثيرا ما يذكر من سماعه عنه. وربما قال : حدثني الثقة ، يعنيه.
[1204] دخل سفيان الثوري يوما ، فسمع منه كلاما أعجبه ، فقال : واللّه يا ابن رسول اللّه الجوهر.
فقال له جعفر بن محمد علیه السلام : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر إلا حجر.
[1205] [ وجاء ] إليه يوما الحسن بن صالح بن حي وأصحابه ، فقال له :
يا ابن رسول اللّه ما تقول في قول اللّه عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ص: 299
أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) من اولي الأمر الذين أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعتهم؟
قال : العلماء.
فلما خرجوا قال الحسن بن صالح لأصحابه : ما صنعنا شيئا ، ألا سألناه من هؤلاء العلماء؟ فرجعوا إليه فسألوه.
فقال [ علیه السلام ] : الائمة منّا أهل البيت.
[1206] [ إن الصادق علیه السلام قال لأبي حنيفة لما دخل عليه : من أنت؟
قال : أبو حنيفة.
قال علیه السلام : مفتي أهل العراق؟
قال : نعم ] (2).
قال علیه السلام لأبي حنيفة : الّذي تعتمد عليه في الفتيا؟
قال : كتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
قال : فلما لم تجد له نصا في ذلك؟
قال : أقيسه على ما وجدته.
قال : ويحك يا نعمان ، إن أول من قاس إبليس ، فأخطأ ، قال : ( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) (3) فرأى أن النار أشرف من الطين ، وأن من خلق من الفاضل أن لا يسجد للمفضول.
ثم قال : يا نعمان ، أيهما أطهر عندك البول أو المني؟
قال : المني.
ص: 300
قال : فكيف جعل اللّه عزّ وجلّ في البول الوضوء ، وفي المني الغسل وهو الأطهر ، هل يقاس هذه؟
قال : لا.
قال : أيهما أعظم الزنا أم القتل؟
قال : القتل.
قال : فقد جعل اللّه عزّ وجلّ في قتل النفس شاهدين إذا شهدا بالقتل على إنسان قتل إذا طلب قتله وليّ الدم ، ولا يحلّ من شهد عليه بالزنا إلا أن يشهد عليه أربعة ، ولو كان الدين جاريا على القياس لكان القتل [ بالشاهدين ] (1) الذي هو أعظم يكون الشهود فيه اكثر.
وأيهما أعظم الصلاة أم الصوم؟
قال : الصلاة [ أفضل ].
قال : فقد أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحائض أن تقضي الصوم ، ولا تقضي الصلاة. ولو كان على القياس لكان الذي هو أعظم أحقّ أن يقضى.
فسكت أبو حنيفة ولم يحر جوابا.
ص: 301
[1207] لما قتل داود (1) المعلّى بن خنيس (2) ، فدخل عليه أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، وقد قال لابنه إسماعيل علیه السلام : اتبعني بالسيف.
فقال لداود : قتلت مولاي ، وأخذت ما لي؟
قال داود : ما أنا قتلته.
قال : من قتله؟
قال : هذا - وأومى بيده الى شرطي بين يديه -.
قال جعفر بن محمد علیه السلام لإسماعيل ابنه : خذ هذا - يعني الشرطي - فقبض عليه إسماعيل.
فجعل الشرطي يقول لداود : تأمرني بقتل الرجل ، فلما قتلته بأمرك ، قلت : هذا قتله.
قال له أبو عبد اللّه علیه السلام : قد صدقت فيما قلت ، وما قتله إلا هو. ولأدعون اللّه عليه.
ثم خرج ، فقال داود : يهددنا بدعائه.
ص: 302
وبات جعفر بن محمد بن علي علیه السلام في ليلته قائما يصلّي ويدعو على داود ، وكان مما سمع من دعائه علیه السلام عند وجه السحر ، وهو ساجد :
يا ذا القوة والقدرة ، ويا ذا المحال الشديد ، ويا ذا العزة ، التي خضع لك كل خلقك قائما ذليلا ، عجّل أخذك لداود ، وانتقامك منه.
وبات داود هائما قد اغمي عليه.
قالت لبابة بنت عبد اللّه بن عباس (1) : فقمت ، أفتقده في الليل ، فوجدته مستلقيا على قفاه ، وثعبان قد انطوى على صدره ، وجعل فاه على فيه. فأدخلت يدي في كمي ، فناولته ، فعطف فاه عليّ. فرميت به فانساب في ناحية البيت ، وانبهت [ الى ] داود ، فوجدته حائرا قد احمرتا عيناه ، فكرهت أن اخبره بما كان منه ، وخرجت عنه (2) فانصرفت إليه ثانية ، فوجدت ذلك الثعبان كذلك ، ففعلت مثل الذي فعلت المرة الاولى ، وحركت داود فأصبته ميتا. فما رفع جعفر بن محمد رأسه من السجود حتى سمع الهاتفة (3) والناس يقولون : مات داود.
[1208] وسعي بجعفر بن محمد علیه السلام الى أبي الداوانيق ، فقال للربيع (4) - حاجبه - : يا ربيع ، ائتني بجعفر ، قتلني اللّه إن لم أقتله.
فجاء به الربيع.
ص: 303
قال الربيع : فلما قرب منه حرك شفتيه. فلما دخل عليه قال له : يا جعفر تحاول الفتنة وتريد سفك دماء المسلمين وتلحد في سلطاني وتبتغي (1) الغوائل.
فقال له جعفر بن محمد : يا أمير المؤمنين ما فعلت ذلك ولا أردته فقد علمت قديما ما أنا عليه ، فلا تقبل عليّ من كاذب إن كذب ، وساع إن سعى بي عندك.
فسكت.
ثم قال : يا أبا عبد اللّه واللّه اني لأعلم أنت عليه قديما كما ذكرت ، ولو كنت قد فعلت ما قيل لك فقد ابتلي أيوب (2) ، فصبر.
وظلم يوسف (3) ، فغفر. وأعطى سليمان (4) ، فشكر.
[ فقال : ] وهؤلاء أنبياء اللّه إليهم يرجع أنسابنا ، ارتفع الى هاهنا.
فرفعه إليه ، وأجلسه على فراشه الى جانبه ، ثم دعا برجل فقال : ألست القائل عن هذا كذا وكذا؟
قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال : فسمعت ذلك منه ، أو بلغك عنه؟
قال : بل سمعت باذني.
قال : أفتحلف على ذلك؟
قال : نعم.
قال : فقل : واللّه الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب.
فقال جعفر بن محمد علیه السلام : يا أمير المؤمنين إن رأيت أن
ص: 304
تجعل استحلافه إليّ ، فأستحلفه بما شئت.
[ ثم ] قال : يا أمير المؤمنين ، إن العبد إذا وحّد اللّه ومجّده وحلف بعد ذلك لم ينتقم اللّه منه ، وان كذب في الدنيا.
ثم أقبل على الرجل فقال له : تحلف بما أستحلفك به؟
قال : نعم.
قال علیه السلام : فاتق اللّه في نفسك ولا تحلف كاذبا ، واستقبل أمير المؤمنين ، وقل الحق.
قال : ما قلت إلا ما سمعته منك ولا أرجع.
قال جعفر بن محمد علیه السلام : اللّهمّ أنت الشاهد عليه والعالم بقوله.
ثم أقبل عليه ، وقال له : قل إن كنت حالفا : ( برئت من [ حول ] اللّه وقوّته ، وأسلمت إلى حولي وقوّتي إن لم يكن جعفر بن محمد قال كذا وكذا ) (1).
فقال الرجل ذلك ، فما برح مكانه حتى صرع ، فمات.
قال أبو الدوانيق : خذوا برجليه لعنه اللّه (2).
فجروه حتى أخرجوه. وعطف أبو الدوانيق على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يسترضيه ، ثم قال : انصرف يا أبا عبد اللّه فاني أخشى أن يسوء ظن أهلك بنا فيك.
فلما انصرف لحقه الربيع فقال : يا ابن رسول اللّه لقد دخلت عليه ، وما ظننت إلا أنه سيقتلك لما رأيت من حنقه عليك ، ويمينه أنه ليقتلك ، فلما دخلت إليه رأيتك حركت شفتيك ، فنظرت إليه قد
ص: 305
حال عما كان لك عليه ، وما أراك إلا دعوت اللّه تعالى ، فعلّمني ما دعوت.
قال : دعوت بدعاء جدي الحسين بن علي علیه السلام .
قال : وما هو ، جعلت فداك؟
قال : قلت : يا عدتي عند شدتي ، ويا غوثي عند كربتي ، احرسني بعينك الّتي لا تنام ، واكفني برحمتك (1) الّتي لا ترام (2).
وقول جعفر بن محمد لأبي الدوانيق (3) : قد علمت قديما ما أنا عليه. وقول أبي الدوانيق : إنه يعلم ذلك.
وانما ذكّره شيئا قد كان شاهده منه ، وذلك أنه يوما في أيام بني أميّة وجعلوا يستحثونه على القيام ، ويذكرون كثرة أوليائه ، وكان أكثرهم قولا أبو الدوانيق ، فضرب أبو عبد اللّه علیه السلام [ على ] فخذ أبي الودانيق.
ثم قال له : أما بلغك قول أبي لاخيه زيد لما همّ بالقيام : ويحك يا زيد احذر أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ، إنّا أهل بيت لا يقوم منا قائم قبل أوان قيام مهدينا إلا كان كمثل فرخ طائر نهض عن عشه قبل أن يستوي جناحاه فما هو أن يستقل مرة أو مرتين بالطيران حتى سقط ، فيأخذه الصبيان يتلاعبون به (4).
ص: 306
فقال له : متى يكون قيام مهديكم يا ابن رسول اللّه فقال : واللّه لا يكون ذلك حتى يتلاعب أنت وذريتك من بعدك بهذا الأمر دهرا طويلا.
فقال له أبو الدوانيق : أنا يا ابن رسول اللّه؟
قال : نعم ، أنت.
فكان ذلك مما صرف اللّه عنه به شره.
فاذا سعى به إليه ، وقيل له فيه ذكر هذا الحديث ، فعلم أنه لا يقوم عليه.
[1209] وأرسل إليه يوما ، وقد سعى به إليه ، وأكد عليه أمره ، وعلم كثرة أتباعه ، فلما دخل أبو عبد اللّه علیه السلام حرّك شفتيه ، فرأى منه أبو الدوانيق فقال : ما تقول يا جعفر ، تسبني ، وتلعنني.
فقال : لا واللّه يا أمير المؤمنين ما سببتك ، ولا لعنتك.
قال : فما حركت به شفتيك؟
قال : دعوت اللّه عزّ وجلّ.
قال : بما دعوت؟
قال : قلت : اللّهمّ إنك تكفي من كل شيء ، ولا يكفي منك شيء ، فاكفنيه يا كافي كل شيء.
فقال له أبو الدوانيق : لا واللّه ما مثلك يترك.
فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا أمير المؤمنين إني بلغت من السنين ما لم يبلغه أحد من آبائي في الإسلام ، وما أراني أن أصحبك إلا قليلا ، وما أرى هذه السنة تتم لي ، فلا تعجل عليّ فتبوأ بإثمي (1).
فرقّ له وخلّى سبيله. وتوفي تلك السنة سلام اللّه عليه ، وكانت وفاته في المدينة في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة. وهو ابن ثمان
ص: 307
وستين (1).
ويقال : تسع وستين وقال مالك بن أعين الجهني يرثيه شعرا :
فيا ليتني ثم يا ليتني (2) *** شهدت الذي كنت لم أشهد
فآسيت في بثه جعفرا *** وشاهدت في لطف العود
فان قيل نفسك قلت الفداء *** وكفّ المنية بالموصد
عشية يدفن فيك الهدى *** وغرة زهرة بني أحمد (3)
وقال الآخر :
يا عين ابك جعفر بن محمد *** زين المشاعر كلها والمسجد(4)
ص: 308
وكان لجعفر من الأولاد الذكور خمسة : عبد اللّه ، وإسماعيل. امهما فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام .
وامها : أم حبيب بنت عمرو بن علي بن أبي طالب علیه السلام .
وامها : أسماء بنت عقيل بن أبي طالب.
ولم يكن جعفر بن محمد علیه السلام تزوج عليها ولا اتخذ سرية حتى ماتت.
وكان إسماعيل أحبهما إليه وأبرّهما به. وولد لإسماعيل [ محمد ] بن إسماعيل ، وبلغ مبلغ الرجال في حياة أبيه ، وتوفي أبوه في حياة أبيه جعفر بن محمد علیه السلام بالعريض ، فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالبقيع. وكان أبوه جعفر بن محمد علیه السلام يأمر به ، فينزل ، ثم يكشف عن وجهه ، وينظر إليه ، ففعل ذلك ، وهو يسار به الى البقيع مرارا. وكان ذلك سببا (1). وكان قوم من الشيعة يقولون : توفي إسماعيل في حياة أبيه.
ويقولون : انه عهد إليه ، وانه هو عهد الى ابنه محمد (2) وهم على ذلك الى
ص: 309
اليوم يقولون بامامة ولده واحد بعد واحد.
وقال فريق من الشيعة بإمامة عبد اللّه بن جعفر [ الافطح ] (1) بعد أبيه جعفر بن محمد. ومات عبد اللّه بعد أبيه جعفر علیه السلام سبعين يوما ، ولم يدع ولدا ولا عقب له. وانقرض الذين كانوا يقولون بامامته ، فليس يقول أحد بذلك.
وولد لجعفر بن محمد علیه السلام بعد وفاة فاطمة أمّ عبد اللّه وإسماعيل ، موسى ومحمد وعلي لام ولد.
فقال قوم : بامامة موسى بعد أبيه جعفر بن محمد علیه السلام (2).
ثم اختلفوا بعد موته ، فزعم قوم أنه حي لم يمت ولا يموت حتى يقوم ويملأ الارض عدلا.
الارض ، وهذه الفرقة سميت القطيعية ، لقطعهم بالموت على موسى. [ في حبس هارون الرشيد مسموما ].
ثم اختلفوا بعد الموت على ابن موسى.
[1] فقال قوم منهم : مات علي ، ولم يخلف ولدا بالغا ، وانما خلف ابنه محمدا صغيرا طفلا لا يؤتم به ولا علم عنده.
[2] وقال قوم منهم بامامته ، وسموه محمد التقي النقي (1). ثم قالوا : بإمامة ابنه علي وسموه علي الناصح (2). ثم قالوا : بامامة ابنه من بعده الحسن ، وسموه
ص: 311
الحسن الفاضل (1).
ثم مات الحسن ولم يدع ولدا ذكرا ، واختلف هؤلاء الذين كانوا على ولايته.
فقال قوم منهم بولاية جعفر بن علي ، وأنكروا امامة الحسن في حياته. وقالوا : قد امتحناه فلم نجد عنده علما. ولما أن مات ولم يدع ولدا احتجوا بعد ذلك ، وقالوا : لا يكون الإمام إماما إلا وله خلف وعقب. وحاز جعفر بن علي (2) على ميراث أخيه بعد دعاو ادعاها من قال بامامته ، من حمل زعم انه ترك في بعض جواريه ، ومنعوا من تسوية ميراثه حتى بطلت دعاواهم وانكشف أمرهم عند الخاصّ والعام والسلطان.
ثم تفرقوا فرقا كثيرة.
وقال قوم منهم كما ذكرنا بامامة جعفر بن علي ، وقالوا : بعده بامامة ابنه علي واخته فاطمة بنت علي.
ص: 312
وقال قوم بامامة علي دون فاطمة.
ثم اختلفوا بعد موت علي وفاطمة ، وغلوا في الائمة. وزعم بعضهم : أنهم إلهه ، تعالى عن قولهم علوا كبيرا. وقال بعضهم : هم أنبياء ، هم يعلمون الغيب واكثروا في التخليط ، والدعاوى الباطلة.
وافترق الذين قالوا بامامة الحسن فرقا كثيرة.
[1] فقال قائل منهم : إن الحسن لم يمت ، ولا يجوز أن يموت ، ولم يكن له ولد ، لان الارض لا تخلو من امام. وقد روينا أن القائم له غيبتان ، فهذا احدى الغيبتين ، وسيظهر ويعرف ، ثم يغيب غيبة اخرى.
[2] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن مات ولكنه يحيى وهو القائم. قالوا : ومعنى القائم أن يقوم بعد الموت. قالوا : والحسن قد مات ، ولا شك فيه ولا ولد له وسوف يحيى بعد الموت.
[3] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن قد كان لما أن احتضره الموت ولا ولد له أوصى إلى أخيه جعفر. وقالوا بامامة جعفر بعد الحسن.
[4] وقالت فرقة اخرى : كان مبطلا في دعواه للإمامة ، وكانوا مخطئين في انتحال إمامته. وجعفر هو الإمام في حياة الحسن وبعد وفاته.
[5] وقالت فرقة اخرى : الامام محمد أخو الحسن وجعفر ، وهو المتوفى في حياة أبيه (1) ، وقد كنا أخطأنا في القول بامامة الحسن لانه مات ، ولا عقب له. وقالوا : وجعفر لا يستحق الامامة لما وجدنا فيه من الفسق الظاهر والاعلان. وكان الحسن على مثل هذا.
فلما بطلت إمامتهما جميعا علمنا أن الامام محمد إذ له عقب. وكانت من أبيه إليه اشارة ، وهو القائم المهدي.
[6] وقالت طائفة اخرى منهم : إن الامام الحسن بن علي ، وليس الامر
ص: 313
على ما ذكر انه مات وانه لا عقب له ، ولكن للحسن ابن يقال له : محمد ، ولد للحسن من قبل وفاته سنتين وهو مستور خائف من جعفر وغيره من أعدائه. وقالوا : هو القائم الامام (1).
[7] وقالت فرقة اخرى : بل له ولد ، ولد بعد وفاته بثمانية أشهر ، وان الولد الذي يدعيه من زعم أنه ولد له قبل وفاته بسنتين باطل لانه لم يكن يخفى لو كان.
[8] وقالت فرقة اخرى : ليس للحسن ولد أصلا لأنا قد امتحنا ذلك ، فطلبناه غاية الطلب فلم نجده (2) ، ولا يجوز ذلك بدعوى لا برهان لها. ولكنه قد ترك حملا قد صح وعرف في سيرته له وستلد ولدا ذكرا ، وهو الامام القائم.
[9] وقالت فرقة اخرى : قد صحّ موت الحسن ، وصحّ أن لا ولد له ، ويبطل ما ادعي من أمر الحمل. وثبت أنه لا إمام بعد الحسن. وهذا جائز في العقول أن يرفع اللّه الحجة من أهل الأرض بمعاصيهم ، وهي فترة وزمان لا امام فيه ، والارض اليوم بغير حجة ، كما كانت الفترة قبل ظهور النبي صلی اللّه علیه و آله (3).
[10] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن علیه السلام مات ، وصح موته ، وقد اختلف الناس هذا الاختلاف ، فلا ندري كيف هو؟ لكنا لا نشك له ولدا ، ولا ندري ولد قبل موته أو بعده إلا أن نعلم أن الأرض لا تخلو من حجة ، وان اسمه محمد ، وهو الخلف الغائب المستور ، ونحن متمسكون بهذا حتى يظهر.
ص: 314
[11] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن مات (1) ، ولا بدّ من إمام للناس ، ولا تخلو الأرض من حجة ، ولا ندري من ولده ، أو من ولد غيره.
فهذه جملة فرق القطيعية من الشيعة. وقيل لهم القطيعية ، لانهم قطعوا على وفاة موسى بن جعفر بن محمد. وتولوا بعده عليا ابنه. ولم يقولوا بقول من زعم أن موسى حيّ لم يمت ، وهو القائم الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما (2).
وسموا الكيسانية بكيسان (3) رئيسهم ، وكان فيما قيل مولى لعلي علیه السلام ، وكان مع المختار يتتبع قتلة الحسين علیه السلام فيقتلهم ويخرب منازلهم ، وزعموا أن ابن الحنفية أمر المختار بذلك. وكان ابن الزبير لما قام بمكة قبض على محمد بن الحنفية في خمسة عشر رجلا من بني هاشم. فبعث المختار قوما يكمنون النهار ويمشون الليل حتى كسروا الحبس ، واستخرجوهم منه ، وأوصلوهم إلى أمانهم ، وكان المختار عاملا لابن الزبير. فلما اتصل به ذلك عزله (4) عنه ، واشخصه إليه ، فامتنع. وكتب إليه : من المختار بن عبيد اللّه (5) [ الثقفي ] خليفة الوصي (6) محمد بن علي الى عبد اللّه اسما ، ثم ختم الكتاب بسبه ، وذكر مساويه ، وبعث به إليه ، وأظهر القول بامامة محمد بن الحنفية ، ولهم اختلاف كثير ، وأخبار طويلة. تخرج عن حدّ هذا الكتاب.
ص: 315
وجملة ذلك أن بعضهم زعم أن الإمامة في الحسن والحسين علیهماالسلام . ثم في محمد بن علي - ابن الحنفية - وفي ذلك يقول بعضهم شعرا :
ألا إن الائمة من قريش *** ولاة الحق أربعة سواء
عليّ والثلاثة من بنيه *** هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط ايمان وبرّ *** وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى *** يقود الخيل يقدمها اللواء
يغيب فلا يرى فيهم زمانا *** برضوى عنده عسل وماء
وقال آخرون منهم بابطال إمامة الحسن والحسين علیهماالسلام ، وزعموا أن محمد بن الحنفية هو وصيّ أبيه علي علیه السلام .
ثم اختلفوا فيه وفيمن بعده.
[1] فزعمت فرقة اخرى ، كما ذكرنا أنه حيّ لم يمت.
[2] وقالت فرقة اخرى ، بل مات ، وأوصى الى ابنه أبي هاشم ، اسمه عبد اللّه قد مات ، وانه يرجع ، وانه هو المهدي الذي يخرج فيملأ الأرض عدلا.
[3] وقال آخرون : بل مات أبو هاشم ، وأوصى الى أخيه علي ، وأوصى علي الى ابنه الحسن ، وأوصى الحسن الى ابنه علي. وزعموا أن الإمامة في ولد محمد بن الحنفية لا يخرج الى غيرهم ، وأن القائم المهدي منهم يكون.
[4] وزعمت فرقة اخرى منهم أن أبا هاشم مات ، وأوصى الى عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (1) ، وهو غلام صغير. وأنه دفع الى صالح بن مدرك ، وأمره أن يحفظه إلى أن يبلغ عبد اللّه بن معاوية ، فدفعها إليه ، ففعل. وعبد اللّه هذا هو صاحب أصبهان (2) الذي قتله أبو مسلم في حبسه (3).
ص: 316
[5] وقالت فرقه اخرى منهم : عبد اللّه بن معاوية حيّ لم يمت ، وانه مقيم في جبال أصبهان ، ولا يموت حتى يقوم ، وأنه هو القائم المهدي الذي يبشر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا يموت حتى يلي أمر الناس ، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
[6] وقالت فرقة اخرى منهم : قد مات عبد اللّه بن معاوية ، ولم يوص الى أحد. وقالوا : بامامة رؤسائهم.
[7] وقالت فرقة اخرى (1) : إن أبا هشام أوصى الى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس (2). ودفع الوصية الى أبيه علي بن عبد اللّه بن العباس ، لانه مات عنده بأرض السراة من الشام ، وكان محمد الوصي. قالوا : إليه يومئذ [ دفع الوصية وكان ] صبيا صغيرا.
[8] وقالت فرقه اخرى منهم : إن محمد بن علي ، أوصى الى ابنه ابراهيم صاحب أبي مسلم الذي كان دعا إليه ، وادعوا أن الامامة صارت الى أبيه محمد بن علي ، من جهة أبي هاشم ، وأنها إنما صارت الى محمد في ولد العباس من جهة محمد بن الحنفية. وزعموا أن محمد بن الحنفية كان الامام بعد أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام . وبهذا القول تعلق بنو العباس.
الزيدية من الشيعة ، فزعموا أن من دعا الى طاعة اللّه عزّ وجلّ من آل محمد فهو إمام مفترض الطاعة. قالوا : وكان علي إماما حين دعا الناس الى نفسه ، ثم الحسن والحسين ، ثم زين العابدين ، ثم زيد بن علي ، ثم يحيى بن زيد ، ثم عيسى بن زيد ، ثم محمد بن عبد اللّه بن الحسن [ بن الحسن بن علي ] بن أبي
ص: 317
طالب (1).
فهؤلاء عندهم أئمة قاموا ، ودعوا الناس الى أنفسهم. قالوا : وكل من قام من ولد الحسن أو ولد الحسين دون سائر الناس فهو إمام حق وجائز له أن يخرج ويقوم ويدعو الى نفسه ، ويدعي الإمامة. وهم كلهم عندهم شرعا سواء من قام منهم ، فهو امام مفترض الطاعة ، ومن تخلف عنه - قالوا : وهو يستطيع القيام معه - فهو كافر.
فأول من قام بهذا القول زيد بن علي بن الحسين بن علي ، وبه سميت هذه الفرقة الزيدية. ولكل من ذكرنا من هذه الفرقة احتجاج فيما ذهبوا إليه وذكروه ، والحجة عليهم تخرج عن حدّ هذا الكتاب ، ونحتاج الى كتاب مثله. وقد ذكرنا ما يكتفى به من ذلك في كتاب « اختلاف اصول المذاهب ». وكتاب « الامامة » وغيرهما مما جمعته. واللّه الموفق للصواب بفضل رحمته. فتاهت هذه الفرق في مهاوي الضلالة ، وتعكست في العمى والجهالة ، وأولياء اللّه ائمة دينه كاد لا يعرفهم إلا خواصّ أوليائهم ، ومن منّ اللّه عليهم بمعرفتهم إلى أن يتم اللّه جلّ ذكره ، وبلغ الكتاب أجله ، فأنجز تبارك وتعالى وعده ، وأظهر
ص: 318
حجة وليه المهدي الذي يبشر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من العنصر الزكي ، والركن الرضي ، من ولد الصادق جعفر بن محمد بن علي [ بن الحسين ] بن علي علیهم السلام . والذي ادعى من ذكرناه من الفرق أنه لمن ذكره ، وأكذب اللّه عزّ وجلّ دعاواهم ، بذهاب من ادعوا ذلك له ، ولم يظهر لأحد منهم شيء مما رووه حتى ادعوا لهم الحياة بعد الممات إغراقا في الجهالة ، ونهوكا في الضلالة ، ولئلاّ يكذبوا أنفسهم فيما ادعوه لهم من ذلك ، وكثير ممن ادعوه ذلك له لم يدعه لنفسه ، وكثير منهم من ادعاه فاهلك بنفسه ، إذ قام بما ليس له. وقد ذكرنا قصة زيد بن علي بن الحسين علیهم السلام ، وهو أول من قام بذلك وادعى الإمامة ، فكان من قتله وصلبه ما تقدم ذكره (1).
ثم قام من بعده ابنه يحيى بن زيد بن علي بن الحسين.
وأمه : ريطة بنت أبي هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية.
وخرج يريد خراسان في أيام الوليد بن عبد الملك ، فلحقه نصر بن بشار قبل أن يعبر النهر بالجوزجان (2). فقاتل حتى قتل وصلب ، وأرسل نصر بن بشار (3) برأسه الى يوسف بن عمرو مع قيس بن زيد الحنظلي.
وأنفذ يوسف بن عمرو الرأس [ أي رأس زيد علیه السلام ] (4) الى الوليد
ص: 319
بن عبد الملك ، فأخبره أنه صلبه. فكتب إليه بأن يحرق جثته بالنار. فكان في كتابه : احرق العجل ، ثم انسفه في اليمّ نسفا. وكان الذي تولى ذلك منه خراش بن حوشب بن زيد بن وريم (1).
وقال يحيى في أبيه زيد هذا البيت شعرا :
لكن قتيل معشر يطلبونه *** وليس لزيد في العراقين طالب(2)
وقام أبو هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية (3) ، فادعى الامامة ، فسمه سليمان بن عبد الملك ، فمات. وكان ذلك أنه انتهى الى سليمان خبره ، فأرسل إليه ، فوقف عليه وأظهر بره وإكرامه ، فلما أراد الانصراف دخل الى سليمان ليودعه في يوم شديد الحر ، وقد تقدم ثقله ، فحبسه يتغدى عنه. ثم خرج ليلحق ثقله ، فمرّ [ بالحميمة ] (4) وقد عطش ، فاستسقى ، وقد أعدّ له سم ، فسقي. وأرسل
ص: 320
رسولا الى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ، وكان هنالك ، فأتاه ، وحضر وفاته ، ودفنه ، ومن هناك قيل إنه أوصى إليه.
وقام عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن [ أبي ] طالب (1) وادعى الإمامة ، وهو الذي قيل إن أبا هاشم أوصى إليه ، ودعا لنفسه بالكوفة ، فاجابه جماعة بها ، وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة. وقال له رجال من أهل الكوفة : قد فني رجالنا بسببكم وقتل أكثرنا معكم ، فاخرج الى فارس فانهم أهل مودة.
[ فخرج إليها ] فنزل أصبهان ودعا الى نفسه ، فأجابه ناس كثير من العرب والعجم ، فاستخرج الأموال ، واستولى [ على ] أرض فارس كلها وأصبهان وما والاها من البلاد ، واستعمل أخاه الحسن بن معاوية على اصطخر (2) ، ويزيد بن معاوية على شيراز ، وعلي بن معاوية على كرمان ، وصالح بن معاوية على قم. وجاءه بنو هاشم ، فمن أراد منهم عملا فاستعمله ، ومن أراد صلة وصله. وقدم إليه معهم أبو العباس وأبو جعفر ابنا محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ، فوالاهما بعض الكور. ولم يزل عبد اللّه بن معاوية باصطخر حتى أتاه عامر بن صالح مع داود بن زندة ، فقاتلهم ، فانهزم عبد اللّه بن معاوية فيمن معه من أصحاب عبد اللّه بن معاوية ، فهزمهم ابن ضبارة ، وأسر منهم أربعين رجلا ، وكان فيمن أسر منهم عبد اللّه بن العباس.
فقال له ابن ضبارة : ما جاءك به الى ابن معاوية ، فقد عرفت خلافه على
ص: 321
أمير المؤمنين - يعني مروان بن محمد -؟
فقال : كان عليّ دين فأتيته لاصيب منه فضلا.
فقام إليه ابن وطن ، فقال : ابن أخينا.
فوهبه له ، وخلى سبيله ، وكان اسر منهم ، وبعث به وبهم الى ابن هبيرة (1) ، وحمل ابن هبيرة الى مروان بن محمد ، وابن ضبارة يومئذ في مفازة كرمان (2) يطلب عبد اللّه بن معاوية.
ومرّ عبد اللّه بن معاوية وأخوه هاربين الى أن صاروا الى هزلة ، فقبض [ عليهم ] مالك بن الهيثم ، وكتب بأخبارهم الى أبي مسلم. وقد قام بخراسان وقوّى أمره ، فأمره بقتل عبد اللّه ، فقتله. وأمره بأن يرفع إليه يزيد والحسن بن معاوية أخوي عبد اللّه ، فرفعهما إليه ، فحبسهما أبو مسلم مدة ، ثم خلى سبيلهما وأما علي بن معاوية ، فقتله ابن ضبارة.
ثم قام محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام (3) يدعو سرا الى نفسه ، ويخلو بالواحد بعد الواحد في ذلك ، ويدعي الامامة ، وزعم أنه المهدي الذي بشّر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكان أبوه قد ادعى ذلك له لما ولد. وقال : قد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : المهدي من ولدي ويواطي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. وهو ابني هذا. وبشّر به ، وهنئ به. وكان محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن قد أظهر أمره في أيام بني أميّة.
ص: 322
وقيل : إنه اجتمع رجال من بني هاشم في منزل ، منهم أبو العباس ، وأبو جعفر بن علي بن عبد اللّه بن عباس ، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، وإبراهيم بن محمد بن علي ، وغيرهم ، وحضرهم محمد بن عبد اللّه بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب علیه السلام . فتذاكروا من بني أميّة ، فقام (1) محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي وآله ، وذكر فضله ، وما اكرمه اللّه عزّ وجلّ به.
ثم قال : إنكم أهل بيت قد فضلكم اللّه عزّ وجلّ بالرسالة واختاركم لها واكثركم ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله (2) وسائركم بنو عمه ، وعترته ، وأولى الناس بالمخافة من اللّه عزّ وجلّ ، إن ضيعتم أمره أن ينزع منكم ما أعطاكم كما انتزع مثل ذلك عن بني إسرائيل بعد أن كانوا أحبّ خلقه إليه ضيعوا أمره ، وقد ترون كتاب اللّه معطلا وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله متروكة ، والباطل حيا ، والحق ميتا. فأيكم يري لنفسه للقيام بحق اللّه أهل ونحن نراه لذلك ، وهذه أيد مبسوطة لبيعته ، ومن أحس لنفسه عجزا أو خاف ، وهنا فلا يحلّ له التوالي على الامة ، فليس بأفقهها في الدين ولا بأعلمها بالتأويل مع ما يعرف مما نحن به جاهلون ، وأقول قولي واستغفر اللّه لي ولكم.
فلم يجبه أحد بشيء ، وسكتوا غير أبي جعفر ، فانه قال له : أمنع اللّه بك قومك فلن تزال فينا تسمو الى خير وترجى لدفع الضر (3) ما كنت حيا.
ثم حضرت صلاة العصر ، فخرجوا الى الصلاة ، وفشى ذلك عن محمد بن عبد اللّه من الدعاء الى نفسه ، ودعا له أخوه إبراهيم فلم يتمكن له أمر حتى غلب
ص: 323
أبو مسلم على مروان بن محمد ، وولي أبو العباس ، فسأل من محمد وابراهيم ابنا عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (1). فاختفيا ، ووفد عليه من وفد من بني هاشم أبوهما عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، فقرّ به واكرمه وخصه وسأل عن ابنيه فذكر أنه لا يدري أين توجها. وجعل يكرر السؤال عنهما وقتا بعد وقت ، كل ذلك ينكر أن يكون يعلم حيث هما. وذكر ذلك لاخيه الحسن بن الحسن ، فقال له : إن أعاد عليك المسألة فقل له : علمهما عند عمهما. فأعاد عليه المسألة ، فقال ذلك له. فأرسل أبو العباس الى عمهما الحسن ، فسأله عنهما ، فقال : يا أمير المؤمنين اكلمك على هيئة الخلافة أو كما يكلم الرجل ابن عمه؟
فقال له أبو العباس : بل كما يكلم الرجل ابن عمه.
فقال له الحسن : اناشدك اللّه يا أمير المؤمنين إن كان اللّه عزّ وجلّ قدّر لمحمد وابراهيم أن يليا من هذا الامر شيئا ، فجهدت وجهد أهل الارض معك أن تردّ ما قدّر اللّه لهما ، أتردونه؟
قال : لا.
قال : فاناشدك اللّه إن كان اللّه لم يقدّر لهما شيئا منه فجهدت ، وجهد أهل الأرض معهما على أن ينالا ما لم يقدّر لهما أن ينالا [ أينالا ]؟
قال : لا.
قال : فما تنغيصك على هذا الشيخ النعمة التي أنعمت بها عليه؟
قال أبو العباس : لا أذكرهما بعد هذا اليوم.
فما ذكرهما حتى مات. فلما مات وولي أخوه أبو جعفر يوم وفاته ، وأمر يومئذ زياد بن عبد اللّه بن الحارث أن يطلب محمد وإبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهم السلام ، وضمنه القبض عليهما. فأرسل الى المدينة ، فقبض على أبيهما عبد اللّه بن الحسن واخوته : الحسن وداود وإبراهيم
ص: 324
فحملوا الى أبي جعفر مصفدين في الحديد على الجمال بلا أوطية. فوافوا أبا جعفر في طريق مكة بالربذة ، فسأله عبد اللّه أن يأذن له عليه. فأبى أبو جعفر وصيّرهم الى السجن ، فمات عبد اللّه في السجن (1) بعد ثلاث سنين ، ومات إخوته ، وتغيب محمد وابراهيم في البادية. ثم ظهر محمد بن عبد اللّه بن الحسن في المدينة أول يوم من رجب من سنة خمس وأربعين ومائة ودخل مسجد المدينة قبل الفجر. فخطب حتى حضرت الصلاة ، فنزل وصلّى بالناس ، وذلك بعد أن اجتمع إليه من كان يبايعه ، وبايعه سائر الناس طوعا ، واستعمل العمال ، وغلب على المدينة ومكة والبصرة وجبى الأموال ، وانتهى أمره الى أبي جعفر ، وكان ابراهيم أخوه قد صار الى البصرة يدعو إليه ، وأنفذ أبو جعفر إليهما عيسى بن موسى في أربعة آلاف من الجند (2) ، فلما أحسّ محمد بن عبد اللّه به قد أتى حفر خندق النبي صلی اللّه علیه و آله الذي كان احتفره للاحزاب ، فاجتمع زهاء ألف رجل. فلما قرب منه عيسى ، قام خطيبا فيهم ، فقال :
أيها الناس إن هذا الرجل قد قرب منكم في عدد وعدة ، وأحللتكم من بيعتي ، فمن أحبّ القيام ، فليقم ، ومن أحبّ الانصراف ، فلينصرف.
فلما سمعوا ذلك تسلل اكثرهم عنه ، وبقي في شرذمة (3) ونزل عيسى بن موسى بالخندق على أربعة أميال من المدينة يوم السبت لا ثني عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة. فأقام يوم السبت ويوم الاحد. وبرز إليه محمد غداة يوم الاثنين في أهل المدينة. فلما ترأت الفئتان نادى عيسى بن موسى بنفسه : يا محمد إن أمير المؤمنين أمرني أن لا اقاتلك حتى أعرض الأمان على نفسك وأهلك ومالك وولدك وأصحابك ، وتعطي من المال كذا وكذا ،
ص: 325
ويقضي عنك دينك ويفعل بك.
فصاح إليه محمد : دع عنك هذا ، فو اللّه ما يثنيني عنكم جزع ، ولا يقربني منكم طمع.
واستحرّ القتال ، وانهزم أصحاب محمد بن عبد اللّه بن الحسن ، ونزل وقاتل ، وقتل بيده جماعة وحمل عليه ابن قحطبة ، فطعنه في صدره ، فصرعه ، ثم نزل فاحتز رأسه وأتى به عيسى بن موسى.
وكان أخوه ابراهيم قد صار الى البصرة في أول سنة ثلاث وأربعين ومائة يدعو إليه ، وأجاب دعوته بشر كثير. فأرسل إليه أبو جعفر عيسى بن موسى (1) ، والتقيا ، فتناجزا ، فقتل إبراهيم بن عبد اللّه يوم الاثنين لخمس بقيت من ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة ، واتي أبو جعفر برأسه وهو بالكوفة ، فلما وضع بين يديه سجد ، وكان عيسى بن يزيد فيمن خرج مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن ، ومع أخيه ابراهيم ، وطلبه أبو جعفر واختفى ، ومات بالكوفة عند الحسن بن صالح بن حي مختفيا هاربا من أبي جعفر.
وهرب عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن المعروف بالأشتر ، فلم يزل مختفيا لا يعرف له خبر حتى ظهر بطبرستان ، ودعا الى نفسه ، فقتل هناك (2).
وخرج موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في حياة إخوته محمد وإبراهيم الى الشام يدعو الى محمد أخيه ، فلما قتل محمد وابراهيم قدم موسى من الشام ، فصار الى منزل بني العنب بالبصرة ، وعليها يومئذ عامل - محمد بن سليمان - لأبي جعفر. فاخبر بخبره. فأرسل إليه ، وأخذ وأتى إليه وهو خاله. فقال له محمد بن سليمان : قطع اللّه رحمك ، ما أردت إذ قصدت بلدا أنا فيه إن أنا وجهتك الى المنصور قال الناس : قطع رحمه وأساء الى أخواله ، وإن
ص: 326
أطلقتك أغضب أمير المؤمنين.
ثم وجه به ومن كان معه الى المنصور. فلما وصلوا إليه قدم موسى بن عبد اللّه ، فضربه خمسمائة سوط ، وموسى لا ينطق ولا يتحرك. فعجب المنصور ، لصبره ، وقال : يصبني عذر (1) أهل الجرائم على صبرهم ، فكيف بهذا الفتى الذي لم يصبه الشمس.
فقال : يا أمير المؤمنين ، إذا صبر أهل الباطل على باطلهم كنا على الحق أولى بالصبر.
فلما دفع عنه ، قال له الربيع : لقد كنت عندي من رجال أهلك حتى رأيتك ، وكأنه يحزّ في جلد غيرك.
فقال موسى هذا البيت :
أني من القوم الذين تزيدهم *** قسوا وصبرا شدة الحدثان
وبلغ أبا جعفر عن حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر (2) أنه يريد القيام عليه ، فبعث به الى المدينة فاوقف بها ، وشتم وحبس حتى مات.
وكان أبو جعفر قد ولى الحسن بن يزيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة ، فكان أحد من أعان على أبي عبد اللّه. ثم بلغ أبا جعفر عنه أنه يريد القيام عليه. فعزله ، وأمر به فاوقف ، وشتم ، وقبضت أمواله وحبس معه ابنه علي. وأما علي فتوفي في السجن في حياة أبيه ، ولم يزل الحسن أيضا محبوسا حتى مات أبو جعفر ، فأطلقه ابنه المهدي فيمن أطلق من بني هاشم.
ببغداد لا يؤمر بالخروج حتى توفي المسمى بالمهدى بن أبي جعفر وبويع ابنه الملقب بالهادي. وقدم وفد من جرجان ، فأذن الحسين بن علي له بالخروج ، فلم يلبث أن خرج عليه بالمدينة ، وذلك سنة تسع وستين ومائة ، وبايعه فيها كثير من الشيعة. ثم خرج الى مكة ، فدخلها ، فسار إليه سليمان بن أبي جعفر - وكان على الموسم - ومعه موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد اللّه ، فصيّره على ميسرته ، ومحمد بن سليمان على ميمنته ، والعباس بن محمد وسليمان [ بن أبي جعفر ] في القلب.
فلما لقيهم الحسين بفخ تطارد له سليمان ، فحمل عليه الحسين مع أصحابه حتى انحدروا في الوادي ، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطعنهم طعنة واحدة ، ورمى الحسين بن علي بن الحسن رجل من الأتراك - يقال له : حماد - بسهم ، فقتله. فأعطاه محمد بن سليمان مائة الف درهم ومائة ثوب وقتل خلق من الشيعة والطالبيين ، وذلك في يوم التروية سنة تسع وستين ومائة ، وحمل رأسه الى موسى - المعروف بالهادي - ، فادخل الى بغداد في أول سنة سبعين ومائة (1).
ص: 328
وقتل مع الحسين يومئذ سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، وعبد اللّه بن إسحاق بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن قتلا في المعركة. وكان فيهم الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فطلب الأمان ، فأمنه العباس بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ، فصار إليه ، فاستسقاه ماء ، فأمر له بماء فهو يشرب إذ أتاه محمد بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن العباس من خلفه ، وهو واقف يشرب ، فضربه بسيفه ، فرمى برأسه ، فلما قتله شدّ عليه موسى بن عيسى بالسيف ، فقال له : بابن الخنا ، أقتلت خالي بعد الأمان ، فقد أحلّ اللّه دمك. فزجرهما العباس بن محمد حتى يكفّا.
واستأمن منهم علي بن إبراهيم ، فاومن ، وحمل الى الهادي ، فحبسه ، وأمر في عبد اللّه بن الحسن بن علي بن الحسن ، فحمل أيضا ، ثم حبس حتى خليا بعد ذلك ، وتفرق كل من كان مع الحسين بعد أن قتل من قتل بفخ من الطالبيين.
ص: 329
فلحق يحيى بن عبد اللّه (1) بالديلم فظهر فيهم ، ودعا الى نفسه ، - وجمع الجموع هناك واستعدّ للحرب واستجأش بالديلم ، وغيرهم.
وعلم هارون الرشيد ، فأرسل إليه الفضل بن يحيى بن برمك ، وعقد له على الخيل وثغور الديلم وطبرستان وما يليهما ، وضمّ إليه خلقا كثيرا من الجنود من قواد خراسان وغيرهم ، فسار إليه الفضل بن يحيى ، ونزل بازائه وكاتبه وآتاه الأمان والعهود المؤكدة ، ووعده بالإحسان والهبات والصلاة والجوائز والقطائع ، وأرغبه ، ومشت السفراء بينهما بذلك حتى أجابه الى قبول ما عرض عليه من الأمان ، والدخول فيه بغير حرب ، ولا قتال ، فتقدم به الفضل به يحيى على الرشيد ، وقد كان يتخوف سوء كتمه وشدة أمره وهاله وكبر في صدره موقع ما كان من الفضل بن يحيى في ذلك عنده وسرّ به. وكان الفضل يلاطف يحيى بن عبد اللّه ويبره ، فبلغ ذلك الرشيد فجفا الفضل وغضب عليه ، حتى كلمته فيه أمّ محمد بنت الرشيد ، فرضي عنه. ثم بعث الرشيد بعد ذلك بيحيى بن عبد اللّه الى المدينة فحبسه بها ، فلم يزل محبوسا حتى مات (2). وقيل : إنه حبسه في بئر ، فوجد فيها ميتا قد غص على حملها (3).
ص: 330
وكان إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قد شهد مع الحسين بن علي فخ ، فلما كان من الأمر ما كان اخرجه مولى له يقال له : راشد ، مختفيا حتى سار به الى مصر. ثم أخرجه منهما حتى سار الى المغرب ، فأظهره وعرفه أهل البلاد من البربر ، فأجابوه ، وتولوه. فلم يزل فيهم أمره يقوى ويزيد إلى أن بلغ ذلك الرشيد ، فوجه إليه مولى كان يسمى المهدي ، يقال له : شماخ ، وكان شيخا مجربا محكما وأمره بأن يحتال عليه ويقتله ، فخرج شماخ حتى صار الى المغرب ، وتوصل الى إدريس بعلم الطب ، وليس في موضع طبيب (1) ، فقرّبه ، وأنس به انسا شديدا. ثم شكا إليه علته ، فصنع له دواء ، وجعل فيه سما ، فسقاه إياه ، ومات ، وهرب شماخ فلم يقدر عليه ، وصار الى الرشيد ، فأخبره ، وأجازه ، وأحسن إليه ، وخلف إدريس حملا بام ولد ، فولدت ولدا سمي إدريس. وبلغ وضبط الأمر ، وولد له فسماه محمد ، فتناسلوا وكثروا وهم في المغرب.
وصار أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الى عبادان ناحية البصرة. فبلغ هارون أنه تحرك بها للقيام ، فار تحل هارون لما بلغ إليه الخبر من الكوفة الى مدينة السلام ، وذلك في سنة خمس وثمانين ومائة
ص: 331
وأرسل الى العمال بالقبض عليه. وكان أحمد بن عيسى بن زيد وابن ادريس يترددان من البصرة وكور الاهواز ونواحيها وأطرافها. فكتب الرشيد الى أبي [ الساج ] (1) مع اخيه الرشيد الخادم وكان على البحرين ، والى خالد بن الأزهر وكان بالأهواز ، بالسمع والطاعة لعيسى الدوراني (2). وأمر عيسى بطلب أحمد بن عيسى بن زيد ، فقدم الأهواز ، وأظهر أنه قدم لأخذ الزنادقة ، وانصب إليه الهدايا والالطاف ، وجاء العمال ، وهابه الناس. وجعل يسأل سرا عن أحمد بن عيسى. فجاءه رجل من البربر ، وكان يختلف الى أحمد بن عيسى ، ويخدمه ويمشي في حوائجه واموره فذكر له أنه وابن ادريس يختلفان الى عبادان والى ربط اخرى والى البصرة اخرى. فقدم عيسى البصرة ، وأخبر أن هناك رجلا من شيعتهم لا يدين اللّه إلا بمحبتهم وموالاتهم ، وأنه رجل مؤثر ومكثر ، وله جمع وعدة ، ومنعة. فدسّ رجلا عنه إليهما برسالاته وكتابه ، وضرب فيه على خطه حتى داخلهما الرسول ، وعلم مكانهما ووثقا به واطمأنا إليه ، فأخبرهما بأخبار عيسى ، وأخافهما عنه ، فسألاه عن حيلة إن كانت عنده لهما ، فقال : أنا اخرجكما إن شئتما الى مصر ، وإن شئتما الى المغرب.
قالا : فأيّ طريق تأخذ بنا؟.
قال : على واسط ، ثم اخرجكما على الدواب وآخذكما على طريق الكوفة.
فوثق القوم به واطمأنوا إليه ، وكان معهم الخضر كاتب إبراهيم بن عبد اللّه. فحملهم من البصرة في سفينة الى واسط ، وقال : اسبقكم إليها لأكري لكم الدواب حتى تقدموا ، وقد فرغت من حوائجكم.
فقالوا : امض على اسم اللّه.
فمضى ، وجاء الى أبي [ الساج ] ، فأخبره. فأرسل أبو الساج معه قوما من
ص: 332
ثقاته ، وأمرهم ولا يعلمونهم أنهم من أسباب السلطان في شيء حتى يوافوا بهم. ومضى الى مدينة السلام (1) ، فدخل على الرشيد ، وأخبره انه ظفر بهم وحملتهم السفينة ، وأرسل الرشيد من ينزلهم ويأتيه بهم.
وجاءهم الرجل مع أعوان أبي الساج ، فذكر لهم أنهم قوم سيارة ، وأنه قد اكترى لهم. فلما صاروا الى [ بعض الطريق ] (2) أتاهم أهل الصدقة ليأخذوا ما يجب عليهم. فخلى أصحاب أبي الساج بهم ، وأخبروهم الخبر أنهم أعوان أبي الساج ، وعرفوهم أمرهم ، فتركوهم ، وسمع ذلك أحمد بن عيسى ، ومن معه ، فعلموا ما صاروا إليه ، فلما حضرت صلاة الظهر نزلوا ليصلّوا ، فتسلّلوا من بين النخيل وتركوا السفينة ، وما فيها لهم من قليل وكثير (3).
فلما انتهوا الى واسط وجدوا رسل الرشيد الذين بعث بهم ليستلموهم منهم. فأخبروهم بخبرهم. فمضى بهم أعوان الرشيد ، فأوصلوهم إليه ، فضربهم ضربا مبرحا ، وصيّرهم الى المنطبق (4) ، وأمر بقتل أبي الساج وصلبه ، وقال : صانعت وداهنت عليّ. فسأله فيه أخوه ، واستعان عليه ، فتركه.
وامر بطلبهم ، فثبت عنده أن الخضر - كاتب ابراهيم - مات فامر به فنبش ، واحرق بالنار ، وأفلت الباقون ، وصار أحمد بن عيسى وابن ادريس الى البصرة واستتر بها. ثم خرجا الى الكوفة.
ثم عاد أحمد الى البصرة وكان بها مختفيا الى أن مات على ذلك. وخلف ابنيه محمدا وعليا مستترين. وتوفي محمد بالشام ، وإليه انتمى الناجم بالبصرة
ص: 333
سنة خمس وخمسين ومائتين سنة المعروف العلوي (1).
ثم قام أبو السرايا - وهو السري بن المنصور من بني ربيعة [ بن ذهل بن شيبان ] (2) سنة تسع وتسعين ومائة يدعو الى محمد بن إبراهيم طباطبا ولم يسمه ، وأظهر الدعاء الى الوصي من آل محمد والى كتاب اللّه وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله ، وكان ذلك سبّب أن أبا السرايا من الجند مع هرثمة (3) بن أعين ، فمنعوه إذرافه ، فغضب ، وخرج حتى أتى الابصار ، فقتل العامل بها. وأتى بن طباطبا محمد بن إبراهيم ، وكان في حبس الرشيد ، كانت فتنة محمد بن رشيدة وفتحت السجون ، خرج فيمن خرج الى ناحية الرقة مع محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر ، وكان معه في حبس الرشيد ، وكان محمد قد سار إليها يدعو الى نفسه ، فمات قبل أن يصل إليها ، ووصل محمد بن ابراهيم طباطبا فحاول الدعوة الى نفسه بها ، فلم يمكنه ذلك ، فصار الى الكوفة واستتر بها الى أن دخل أبو السرايا ، فبايعه ، وقام يدعو إليه ، واستجاب له بشر كثير ، وأقبل بهم وأخذوا واسط الكوفة ، وأظهر أمر محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي ، وسار بهم حتى دخل الى نهر صرصر. فأرسل حسن بن سهل [ عبدوس بن عبد الصمد وهارون بن محمد ] (4) بن أبي خالد في عسكر إليهم ، فالتقوا بهم ، فلم يصنعوا شيئا ، فبعث الحسن بن سهل الى هرثمة (5) ، وهو يخلو أنه يريد الى خراسان نحو المأمون فردّه ، وبعثه إليهم - الى [ نهر ] صرصر - والتقى بهم ، فهزمهم ، واتبعهم الى قصر ابن هبيرة(6) ،
ص: 334
وقتل منهم خلقا كثيرا ، وانهزموا. وادخلوا الكوفة. ومات محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي. وقام أبو السرايا مكانه فتى من العلويين ، يقال له : محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ، ولم يزل هرثمة يحاربهم حتى ضعفوا وهرب أبو السرايا ، ودخل هرثمة الكوفة وأقام بها أياما ، ثم توجه الى المأمون وهو بخراسان ، فظفر بعد ذلك بأبي السرايا والعلوي الذي كان معه قد أقامه. فقتل أبا السرايا (1) ، وحمل العلوي الى المأمون الى خراسان. فكان الذي ... منهما الحسن بن سهل. وقطع أبا السرايا نصفين وصلبه على باب الجسر (2) ، وبعث بمحمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين الى المأمون الى خراسان (3).
وقتل في أيام المأمون عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن الحسن
ص: 335
المعروف بابن الأفطس (1). وكان ممن حضر وقعة فخ ، وأخذ الأمان ، ثم حبس بعد ذلك ، ثم أقدم عليه جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك ، فضرب عنقه.
والحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قتل مع أبي السرايا بالتنوين.
وزيد بن عبد اللّه بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قتل أيضا بالتنوين.
وعلي بن عبد اللّه بن الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ، قتل باليمن مع ابراهيم بن موسى (2).
وقام جماعة من العلويين في سنة المائتين على المأمون ، وكان من قام منهم عليه محمد بن جعفر بن محمد ، قام بمكة ، فبايعه أهل الحجاز وتهامة على الخلافة ولم يبايعوا أحدا من ولد علي قبله ، وادعى الإمامة.
وكانت قد أصاب إحدى عينيه شيء ، فاستبشر به. وقال : إني لأرجو أن
ص: 336
أكون [ المهدي ] القائم ، فقد بلغني أنه يكون في إحدى عينيه شيء. فانفذ إليه الحسن بن سهل وهارون بن موسى المسيب ، وعيسى بن يزيد الجلودي وورقاء بن محمد الشيباني وهم من جملة قواد المأمون وأوقعوا على أصحابه بالمدينة ومكة وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وتفرق عامتهم واستأمن ، واكذب نفسه فبما ادعاه من الإمامة ، فاومن وحمل الى المأمون الى خراسان ، فمات بها (1).
وقام بالبصرة ابنه علي بن محمد بن جعفر وأقامه معه العباس بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
ثم قام معهما بها زيد بن موسى بن جعفر ، فظفر بهم أجمعين ، وحملوا الى المأمون فعفا عنهم ولطف بهم ، وأقاموا عنده بخراسان.
ص: 337
وقيل : إنه وقع الى المأمون رجل من الشيعة فكاسره (1) ، فقامت الحجة عليه ، وانقطع المأمون وأراه القبول لما أجابه ، وجعل يستحثه عن إمام الزمان عندهم ، فأومى له علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، فرأى أنه قد ظفر ببغيته ، ودبر امرا وأدار الحيلة فيه أن يظهره ويدعو إليه ، ثم يعمل في قتله ، ولم يطلع أحدا من الناس على باطن مراده في ذلك [ كي ] لا يفشوا ذلك عنه غير أنه دعا الفضل بن سهل فقال له : هل أنت مانعي من أمر أردته.
قال : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟
قال : ابايع الرجل من ولد علي بن أبي طالب علیه السلام وأختاره وأسرّ هذا الأمر إليه.
فقال له الفضل : ما أردته يا أمير المؤمنين ، فأنا معك عليه.
وبلغ ذلك الحسن بن سهل ، فأنكره على الفضل ، واجتمعا عند المأمون ، فقال للفضل : أما علمت أبا محمد؟
قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال : فما قال فيه؟
قال : نفر منه ، فأنكره عليّ.
ص: 338
فقال الحسن : أياذن لي أمير المؤمنين بالكلام؟
قال : تكلم.
فتكلم وعظّم دولة بني العباس وقدر المأمون ، وذكر ما يتخوفه من الانحراف إن فعل ما ذكر.
فقال المأمون : قد رأيت أما يكون على هذا الأمر ثلاثة ما رآني واحد منا.
قد ذهب ، ثم أغلظ في القول ووكد قوله. وذكر أنه لم ير في أهله من يصلح لذلك ، وان كان عاهد اللّه أن يظفر بالمخلوع أن يصير هذا الأمر إليه في ولد علي علیه السلام .
فلما سمع الحسن منه ذلك ورأى عزمه عليه قال : رأيي مع رأيك يا أمير المؤمنين.
فأمر أن يخرج الى بغداد وأن يتلطف بإشخاص علي بن موسى إليه برفق واكرام (1) ، وكان علي بن موسى بالشام (2). فلما صار الحسن الى بغداد ، وكان المأمون كتب معه الى علي بن موسى ، وأرسل به الحسن رسولا إليه ، وكتب معه كتابا ، وكان ذلك الكتاب قبل أن يشخص إليه من كان قام عليه من الطالبيين ، وأمره بإشخاصهم معه وكتب الى الجلودي في حمل محمد بن جعفر ، وعلي بن موسى ، وعلي بن الحسن بن زيد ، وإسماعيل بن موسى ، وابن الارقط ، ومن كان قد خرج ، فحملهم الجلودي وأخذ بهم على طريق البصرة وإبراهيم بن المهدي بها ، وقد انتهى الخبر إليه ، وما اريد به علي بن موسى بن جعفر ، وذكر ذلك لمن يخصه من العباسيين وغيرهم ، فأشار عليه إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بقتل علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، فلم يقدر إبراهيم على ذلك. وحملوا على طريق الأهواز ، وصاروا الى فارس فلقيهم رجاء
ص: 339
بن الضحاك وتسلمهم من الجلودي ، وقدم بهم على مرو وعلى المأمون لعشر خلون من جمادى الآخر سنة إحدى ومائتين ، فصيروا في دار ميدان الفضل ، ويقال لها : داراسي ، أنزل علي بن موسى منها في بيت وحده ، والباقون في بيت آخر بجماعتهم وفرش لهم. وجاء الفضل فدخل الى علي بن موسى بن جعفر متعظما له ، [ فأخبره ] (1) أنه يوجب حقه ، ثم ذكر ما أراد له ، فرأى عنه انقباض. ثم ادخل على المأمون فاكرمه وشكره كما كان من تركه التعرض لما دخل فيه أهلا. وأن محله عنده محل العم لسنه وقدره ، وأمر له بوسادة ، فصيرت له بقربه ، وأجلسه عليها ، وأذن الناس حتى رأوا ذلك ، وانصرف ، ثم نقلهم من تلك الدار الى غيرها. وادخل علي بن موسى عليه في حجره من داره ليس بينه وبينه إلا ستر ، وجعل الفضل يراسله ويكاتبه في أن يبايع له وهو في كل ذلك يأبى.
ثم لقيه الفضل بنفسه في ذلك ، فقال له : إن أمير المؤمنين أعطى اللّه عهدا أن يصير هذا الأمر في خير من يعلم ، وليس ذلك إلا أنت.
قال [ علیه السلام ] : فلست كذلك.
وامتنع ، وأدخله المأمون الى نفسه ، فقال : يا أبا الحسن إني أعطيت اللّه عهدا ، ولست تاركه حتى اصير هذا الامر إليك من بعدي ، وقد علمت أن عمر بن الخطاب أدخل عليا في الشورى ، وأمر بضرب عنقه إن لم يصر الى أمره (2).
ولم يزل به حتى أجابه وذلك بعد قدومه شهر رمضان سنة احدى ومائتين ، وكان المأمون قبل ذلك بأيام لبس الخضرة ، وكساها رجاله ، وأمر الناس بلباسها ، ولبسها الناس جميعا ، ولبسها القاضي ، وجلس المأمون للبيعة لعلي بن موسى ، وسماه الرضا ، وأمر بوسادتين ، فاكثر حشوهما حتى لحقا بفراشه ، ثم
ص: 340
أجلس عليا عليهما وعليه عمامة وسيف ، ثم أمر العباس ابنه بالبيعة له والناس ، فرفع علي بن موسى يده فتلقها بظهرها وجه نفسه ، ينظر وجوههم. فقال له المأمون : ابسط يديك ليبايعك القوم.
قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان إذا بايع فعل هكذا.
فبايعه القوم من الهاشميين وغيرهم من الصحابة والقواد.
وخرج الفضل بن سهل على الناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وعلى أهل بيته ، وبشرهم بما منّ اللّه به عليهم من رأي أمير المؤمنين في البيعة للرضا إذا كان ابن علي بن أبي طالب علیه السلام وابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وأمر للناس برزق سنة. ثم جلس المأمون في يوم الخميس بعد أربعة أيام ، فأذن للناس فدخلوا ، والرضا في المجلس الذي كان فيه بويع ، والفضل بينهما على كرسي ، والعباس بن المأمون على يسار أبيه على وسادة واحدة ومحمد بن جعفر في أول الصف يسرة وعبد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب علیه السلام على اليمين دون إسحاق بن موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن إسماعيل بن عبد اللّه بن العباس ، والى جنب عبد اللّه بن الحسن بن الفضل ، ثم عبد الصمد. ثم دخل باقي الطالبيين والعباسيين ، واجلسوا دون هؤلاء في الايوان متصلين بهم.
واقيم للناس سماطين على رسومهم ، وأتى بالمال ، فصبوا بدرا (1) في وسط الدار. وقالت (2) الخطباء والشعراء ، فذكروا فضل أمير المؤمنين ، وما كان منه في الشعر وذكر فضل علي بن أبي طالب علیه السلام .
ثم قام أبو العباد في آخر الايوان ، فبدأ بالعباس بن المأمون ، فقام العباس ،
ص: 341
فدنا من أبيه ، فقبّل يده ، وأمره بالجلوس. ثم نادى محمد بن جعفر بن محمد ، فلم يقم ، فأشار إليه الفضل أن قم ، فقام ، فدنا من أمير المؤمنين ، ثم مضى نحو حارسه ، وهكذا كانت السنّة عندهم ، فلما كان في وسط الايوان ناداه المأمون (1) : يا أبا جعفر ارجع الى مجلسك.
ثم نودي بعلوي وعباسي حتى انفضّ المجلس (2).
وأعطى محمد بن جعفر ستين ألف دينار ، وأعطى كذلك عبد اللّه بن الحسن ، وعيسى بن يعقوب ، وعبد الصمد بن علي ، وإسحاق بن موسى ، وعيس لكل واحد منهم ستين ألف دينار. وأعطى علي بن الحسن وزيد العلوي أربعين ألف دينار. وأعطى إسماعيل بن موسى وغيره من الطالبيين لكل واحد منهم ثلاثين ألف دينار.
وجلس علي بن موسى في مجلس المأمون يوم الجمعة بعد الصلاة. ودخل الناس إليه كما كانوا يدخلون الى المأمون ، وطرز الطراز ، وضرب السكة باسمه ، وزوّج المأمون ابنته أمّ الفضل من محمد بن علي بن موسى.
وأقام علي بن موسى على ذلك مع المأمون باقي سنة إحدى ومائتين وشهرا وإحدى عشرة ليلة من سنة ثلاث ومائتين ، ثم سقي السم.
[1210] قال أبو الصلت (3) للعراقي : دخلت على علي بن موسى حين بويع له ، فقال لي : ما ترى ما وقعت فيه؟
قلت : خير إن شاء اللّه تعالى.
ص: 342
قال : أيّ خير في هذا؟
ثم عدت إليه بعد ، فقال : يا أبا الصلت قد واللّه فعلوها - يعني أنهم سقوه (1) -.
واعتلّ يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاث ومائتين. وأظهر المأمون [ الحزن ] عليه.
وان ذلك انما نالهما من طعام أكلاه جميعا ، فلما كان ليلة السبت لثلاث بقين من صفر سنة ثلاث ومائتين صرخ على علي بن موسى ، وأرسل الى اسماعيل وزيد ومحمد بن جعفر فجيء بهم في جوف الليل ، وأصبح علي ميتا.
وخرج المأمون الى الناس ، فقال : أصبح الرضا صالحا فالحمد لله. وانصرف الناس وأمر باحضار الناس دار المأمون في نصف النهار ، وأجمعوا ، وأظهروا موته ، فلما خرجت جنازته قام المأمون باكيا.
ثم قال : لقد كنت اريد أن يجعلني اللّه المقدم قبلك للموت ، فأبى اللّه إلا ما أراد ، لو لا أني خفت أن يقول قوم إنك لم تمت ما اظهرتك للناس طبابك (2).
ثم حمل لبنة لقبره ، فقال له بعضهم : يا أمير المؤمنين ، أنا أحملها.
فقال : استكثر هذا لأخي.
ثم مشى الى القبر ، وأظهر من الجزع عليه شيئا عجيبا.
[1211] وروي عن منصور بن بشير ، قال : سمعت عبد اللّه بن بشير ، يقول : أستغفر اللّه ، وما أظنه يغفر لي.
فقلت : سبحان اللّه ، وكيف ذلك؟
ص: 343
قال : دخلت يوما على المأمون - ونحن بخراسان - فقال لي : متى أخذت أظفارك ، يا أبا عبد اللّه؟
قلت : مذ جمعة.
فقال : طوّلها الى جمعتين.
ففعلت ، ثم جئته ، فقلت له : يا أمير المؤمنين قد فعلت ما أمرتني به من تطويل أظفاري. فأمر بخادم ، فجاء بجام مختوم ، ففكّ ختامه ، وكشف عنه ، وإذا فيه شيء شبيه بالتمر الهندي ، فقال لي : امرس هذا بيدك. ففعلت.
ثم قال لي : دع يديك حتى تجفا. وأمر بالاسراج ، وقد كان الرضا عليلا. فركب إليه ، وأمرني أن أركب ، فركبت معه ، فلما دخل عليه سأله عن حاله ، فأقبل يخبره. فقال له : ألم يأتك أحد من هؤلاء المترفقين؟
فقال : لا.
فجرد (1) ، وصاح على غلمانه ، فقال : أفلم تأخذ شيئا؟
قال : لا.
قال : فماء الرمان مما ينبغي ألاّ تفارقة ، يا غلام عشر رمان.
فجيء بها ، فرماها إليّ ، وقال : قشرها يا أبا عبد اللّه ، وامرسها ففعلت ( ويداي على حالهما. ثم أخذ قدحا من ماء الرمان بيده وسقاه ) (2) إياه. فما أقام إلا يوما حتى مات (3).
ص: 344
وقام على المعتصم :
محمد بن القاسم بن علي بن عثمان (1) بن علي بن الحسين بالطالقان ، ودعا الى نفسه ، واستجاب له جماعة ، ثم أخذه عبد اللّه بن طاهر ، وأرسله الى المعتصم في سنة تسع عشر ومائتين مقيدا في محمل بلا وطاء ، وعليه جبة من صوف ، فحبسه المعتصم ، فاحتال في الخلاص ، وخلص من الحبس ، وهرب.
وقام عبد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن اسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ودعا الى نفسه ، فاخذ ، وحبس [ في سامراء ] ، ومات في الحبس.
وقام منهم في أيام المتوكل :
الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقام بالري ، أحمد بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقام هارون بن الحسين - ويعرف بالكركي - بن أحمد بن محمد بن اسماعيل بن محمد - المعروف بالارقط - بن عبد اللّه بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وقام بالحجاز اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن [ الحسن بن ] الحسن بن علي بن أبي طالب ، وهو ابن عشرين سنة.
وقام بعده محمد بن يوسف وهو أخوه الاكبر منه عشرين سنة ، ويعرف بالاخصير.
ص: 345
وقام أيضا عبد اللّه بن موسى [ بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ].
وممن قام منهم في أيام المستعين :
قام بالكوفة ، يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (1).
وقام أيضا معه عبد اللّه بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن علي بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
وصالح ، وابراهيم ابنا عثمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وأحمد بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وممن قام منهم في أيام المهتدي :
يحيى بن عبد الرحمن بن القاسم بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن عبد اللّه [ بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام بن محمد بن علي ] (2) بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
ومحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن زيد بن محمد بن ابراهيم بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب.
ص: 346
ومحمد بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وجعفر بن محمد بن اسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وممن قام منهم في أيام المهتدي أيضا :
موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وابنه ادريس بن موسى.
وابن أخيه محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن موسى.
وأحمد بن زيد بن الحسن بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن [ علي بن ] أبي طالب.
وابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن ابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (1).
وعيسى بن اسماعيل بن جعفر بن ابراهيم [ بن محمد بن علي ] بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
وممن قام منهم في أيام المعتمد :
محمد بن أحمد بن موسى بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب (2).
وأحمد بن محمد بن عبد اللّه بن ابراهيم طباطبا [ بن الحسن ] بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكان لقيه : نعثل.
ص: 347
وحمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
ومحمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وعبد اللّه بن علي بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن أحمد [ بن محمد ] بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
والحسن بن ابراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن [ علي بن الحسين بن ] علي بن أبي طالب.
ومحمد بن عبد اللّه بن عبد اللّه [ بن ] الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ويعرف بالعصفي.
والحسين بن محمد بن حمزة بن عبد اللّه بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن ابراهيم بن موسى بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن القاسم بن اسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
وعبد اللّه بن الحسن بن ابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وعلي وعبد اللّه ابنا موسى بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وعلي بن جعفر بن هارون بن اسحاق بن الحسن بن زيد [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.
ص: 348
وممن قام منهم في أيام المعتضد :
محمد بن عبد اللّه بن محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وابنه زيد بن محمد.
وممن نسب الى القيام أيام المكتفي :
محمد بن علي بن ابراهيم بن محمد بن [ الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي ] بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن حمزة بن عبيد اللّه بن العباس بن [ الحسن بن عبيد اللّه بن العباس ] بن علي بن أبي طالب.
فهذه أسماء الذين قاموا يدعون الامامة من الطالبيين الى أن قام المهدي باللّه أمير المؤمنين (1) ، وكانوا كما وصفهم الإمام محمد بن علي عليه وعلى الائمة من آبائه وذريته أفضل السلام : مثل أفراخ نهضت من أعشاشها قبل أن تستوي أجنحتها كما كان إلا أن نهض كل فرخ نهضة أو نهضتين حتى أخذه الصبيان يتلاعبون به. فمن هؤلاء من قتل ، ومنهم من حبس فمات في الحبس ، ومنه من غلب عليه ، فهرب ، فمات مطلوبا مختفيا. وهذا عاجل الجزاء في الدنيا (2).
ص: 349
فمن سمي بغير اسمه وطلب ما ليس له ، وتعجيل ما أجل اللّه تعالى ، ووضع الأمر في غير موضعه الذي وضعه سبحانه. وقد كان من هؤلاء ما كان ومن غيرهم ممن قام منهم بغير أسباب السلطان بل بالبغي من بعضهم على بعض وعلى الناس ما يطول ذكره وذكر أخبارهم. وكيف تفرقت الأحوال بهم ، وقتل من قتل منهم (1) ، وذلك ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب لطوله ، ولأن ذلك لو ذكر في هذا الكتاب لقطع المراد به.
وانما ذكرنا هذه الجملة من أخبارهم عن تشبههم من أفرد اللّه جلّ اسمه بالقيام بحقه ، وتقدم الخبر أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بصفته وحاله ووقته ، وعن آبائه بذلك بالدلالة عليه والتحذير من ادعى مقامه والتقدم بين يديه ، والأخبار بأن ذلك يوجب هلاك من فعله ، وادعاه ، وقام بما ليس له به منه ، وكان ما حلّ بهؤلاء مصداق ما قاله الائمة من آبائه صلوات اللّه عليهم ، فلم يزالوا واحدا بعد واحد منهم مستترين لتغلّب أعداء اللّه عليهم حافظين لامانة اللّه عندهم التي .... من الإمامة التي أوجبها على العباد لهم وما استودعهم من مكنون علمه بنقله واحد الى واحد منهم صار ذلك عنهم إليه ، صلوات اللّه عليه (2) .
ص: 350
ص: 351
ص: 352
فلما آن وقته وحان حين قيامه الذي قدره اللّه عزّ وجلّ فيه وحدّه له ، ودعت الدعاة إليه ، وسلّم من كان الأمر بيده إليه ما كان بيده منه علیه السلام ، فقام وحده وأولياءه والدعاة إليه بائعون عنه وحيدا فريدا ، كما جاء الخبر عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بذلك عنه ، وقد طلبه أعداء اللّه ، وأمروا بالقبض عليه ، فخرج من محل داره ومكان قراره بنفسه لم يصحبه من أوليائه ، ولا حضره أحد ، ولا كان معه غير وديعة اللّه في يديه حجته ووصيه وليّ الامر بعده ، وهو حينئذ طفل صغير يقطع به وبنفسه المفاوز ، ويجوز المخاوف ويقتحم المتالف ، والعيون والرصد عليه ، والرسل قد انفذت الى كل سلطان بين يديه بأخذه بالقبض عليه بقطع من لدن المشرق الى أقصى المغرب ، سبق أعداء اللّه المتغلبين في أرضه سبقا ، وقد وكلوا بأخذه ويترصدوا الرصد سرا عيونهم عليه ، وتفجروا أعينهم إليه ، وهو مع ذلك في الهيئة الحسنة ، والزيّ الأنيق ، والنعمة الظاهرة ، واللباس الحسن ، والمركب السني ، غير مشهور بزيّ الفقراء ، ولا يظهر حالا من أحوال الوضعاء ، ومعه الحدة والأموال والاثقال والجمال والاحمال ، يظهر أنه من التجار ، وبهاء منظره وظاهره وسره ومخبوبه يدل على ما هو عليه في باطن أمره وانكشف ذلك عنه لكثرة من رآه وصحبه ممن فيه أقل تمييز.
وذكر بعضهم ذلك له وتفاوضوا مما بينهم فيه ، والشمس لا يخفي عن ذوي الأبصار ، والقمر لا يستتر عن النظار ، فلم يزل على ذلك ، واللّه يحميه ويستره
ص: 353
ويقيه ، ويدفع عنه حتى أظهر منه وأعزّ نصره وأنجز وعده. وقام طالعا من المغرب في أوانه كما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن الشمس تطلع من مغربها على رأس ثلاثمائة - وسنذكر ذلك في موضعه بيانه إن شاء اللّه تعالى - ، ذلك بالقهر والعز الظاهر - المغرب من أقصى الى أدنى - وانتشرت دعوته دعاؤه وأولياؤه بالمشرق ، وعمّ ذلك كل من فيه ظاهرا ومستورا الى أن ينجز اللّه وعده لمن أوجب له من ولد ظهره على جميع الأرض ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، كما وعد اللّه عزّ وجلّ بذلك في كتابه (1) فيملأ الارض عدلا ، كما أخبر بذلك عنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان ما كان في حياته ، وما يكون بعد ذلك من ولده فهو منسوب إليه صلوات اللّه عليه ، كما أن جميع ذلك ينسب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ كان أول ما جاء به ، وعنه تأصل وتفرع ، ولم يزل صلی اللّه علیه و آله في عزّ ومنعة وسلطان وقوة الى أن مضى لسبيله (2) بعد أن قام بما افترض اللّه عليه من القيام بدينه وكتابه وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله عزيزا في نفسه قويا في اموره مذلا لأعدائه ، معزا لأوليائه ، وكل من سميناه وذكرناه ممن ادعى من أهل بيته مقامه ، وأقام طمعا في نيل ما أفرده اللّه عزّ وجلّ به ، فلم يقم أحد منهم إلا بعد أن أعدّ العدة والرجال ، وجمع الأموال ، ورأى أنه يغلب ويبلغ ما دام وطلب ولم يكن أحد منهم في ذلك إلا معذرا بنفسه ، وملقيا الى التهلكة بيده ، فمحقوا عن آخرهم ، وبددت جموعهم ، وأعزّ اللّه وليه وأظهر كذلك وأعزّ محمدا صلی اللّه علیه و آله وحده ، فلو لم يكن من آياته ودلائله ، والشواهد له ومعجزاته غير هذا لكفى من تأملها بحقيقة الإنصاف ، وانقاد الى الحق بعد الاعتراف ، وان كنا إنما ذكرنا من أمره في هذا الباب جملا ونكتا إذ كان ذكره ذلك يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرنا ذلك واثبتناه في كتاب الدولة.
ص: 354
ونحن نذكر الآن أيضا جملا ، مما جاء به صفاته والبشارة فيه بمقدار ما اتسع له هذا الكتاب ، وان كنت أفردت كتابا قبل هذا لذلك ، وهو كتاب معالم الهدى ، ولكنا نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه جملا إن شاء اللّه تعالى.
قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدنا في جملة هذا الكتاب مما اثبته في أوله من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الأسانيد ، واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب ، ويختصر الباب.
مما جاء من البشرى بالمهدي علیه السلام ومما يكون من الخبر المشهور المأثور.
[1212] عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي يرويه الخاصّ والعام ، أنه قال :
لو لم يبق من القيامة (1) إلا يوم واحد لطوّل اللّه حقا بذلك (2)
ص: 355
اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي يملأ بها عدلا كما ملئت جورا.
[1213] وعن علي علیه السلام مثله.
[1214] وعن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم وليلة لخرج فيه المهدي.
[1215] وعن أبي جعفر - محمد بن علي بن الحسين علیه السلام - أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) (1) يعني بموتها : كفر أهلها. والكافر (2) ميت ، فيحييها اللّه عزّ وجلّ بالقائم منا أهل البيت ، ويحيى الأرض ويحيى أهلها بعد موتها. [ المتشبّه بالمهدي ]
وما جاء في هلاك من تشبه بالمهدي عجل اللّه فرجه :
[1216] مما جاء عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه سئل عن الفرج ، متى يكون؟
فقال : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (3).
ثم قال : يرفع لآل جعفر بن أبي طالب راية ضلال ، ثم يرفع آل عباس راية أضلّ منها وأشر ، ثم يرفع لآل الحسن بن علي علیه السلام رايات وليست بشيء ، ثم يرفع لولد الحسين علیه السلام راية فيها الأمر.
[1217] وعن أبي جعفر محمد بن علي ، أنه قال : كل خارج منا مقتول
ص: 356
فلا تتبعوه إن كان ابنى هذا - ووضع يده على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام - فلا تتبعوه حتى تروا ما تعرفون (1).
[1218] وعن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : لا يخرج منا أحد قبل خروج القائم إلا كان مثله مثل فرخ [ طار ] من وكره قبل أن يستوي جناحاه ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به.
ومما جاء في انتظار المهدي [ عجّل اللّه فرجه ] [1219] ما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : من حبس نفسه لداعينا ، وكان منتظرا لقائمنا كان كالمتشحط [ بدمه ] بين سيفه وترسه في سبيل اللّه.
ومما جاء في فضل المهدي [ عجل اللّه فرجه : ] [1220] روي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : اذا قام قائمنا أهل البيت نزع البخل والجبن عن قلوب شيعتنا ، فيقتل الرجل منهم المائة فلا يبالي بهم ويشرف أهل هذا الامر ، ويحفظ نسلهم حتى تنقضي الدنيا. ويتقرب الناس الى الامام بزيارة قبور المؤمنين ، ويزار قبر كل مؤمن من عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مشارق الارض ومغاربها ، ويقف المؤمن فيقول : يا أخي قد وددت أنك باق حتى تشهد هذه الدولة فقد كنت توليت أهلها وتناصبت عدوها ، فبارك اللّه لك فيما أنت فيه ، وثبتنا على ما كنت عليه.
ص: 357
[1221] وعن أبي بشرين (1) ، أنه قال :
المهدى يعدل نبينا.
[1222] وعن المشا (2) ، أنه قال : داود النبي تمنّى أن يلحق المهدي ويكون من أصحابه.
[1223] ابراهيم بن مسيرة ، قال : قلت لطاوس : إن قوما يقولون : إن عمر بن عبد العزيز هو المهدي.
قال طاوس : وليس كما يقولون ، إن المهدي إذا كان زاد المحسن في احسانه وخفف المسيء في اساءته ، والمهدي جواد بالمال شديد على العمال رحيم بالمساكين.
ص: 358
ومما جاء من الامر في اتباع المهدي علیه السلام والقيام معه ، وغير ذلك من الأخبار عنه :
[1224] أنه روي عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه ذكر المهدي ، فقال : من رآه فليتابعه ولو حبوا على الثلج - النار - فانه خليفة اللّه في أرضه.
[1225] وعنه علیه السلام ، أنه قال : يقوم رجل من ولدي على مقدمته رجل يقال له : المنصور+ يوطئ له - أو قال : يمكّن له (1) - واجب على كل مؤمن نصرته - أو قال : إجابته -.
هذا حديث عبد الرزاق ، باسناده عن النبي صلی اللّه علیه و آله .
وكان بين يدي المهدي صلوات اللّه عليه أبو القاسم صاحب دعوة اليمن ، وكان يسمي المنصور ، وهو وطّأ ومكّن للمهدي صلوات اللّه عليه عن المنصور أخذوا به ما سار إليه ، ارسل لما أطلق الدعوة ليتمثل سيرته وينتفي أفعاله ، وكان قد أظهر أمره باليمن وعزت دعوته وكثر أتباعه. فأقام أبو عبد اللّه عنده مدة ، ثم توجه نحو المغرب ، ففتح اللّه على يديه ، ووطأ لوليه البلاد تلك ، وهاجر الى الجهة التي كان بها.
ص: 359
[1226] ومن رواية محمد بن عيسى بن مسكين القاضي ، عن سحر يرفعه الى [ ابن ] مسعود ، أنه قال : كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما إذ جاء إليه فئة (1) من بني هاشم ، فلما رآهم تغير وجهه ، وأطرق ، فقلنا : يا رسول اللّه إنا نرى وجهك الذي تنكره.
فقال : إنا أهل بيت اختار اللّه لهم الآخرة على الدنيا ، و [ إن أهل بيتي ] سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا حتى يقوم رجل من أهل بيتي يملأها عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فمن أدركه فليأته ولو حبوا على الثلج.
[1227] وعن مجاهد ، يرفعه ، وذكر أخبارا مما يكون ، أنه قال : ثم بعث قائم آل محمد في عقابه لهم أدق في أعين الناس من الكحل ، يفتح اللّه عليه مشارق الأرض ومغاربها ، ألا وهم المؤمنون حقا ، ألا وانه خير الجهاد في آخر الزمان.
وكذلك كان أنصار المهدي صلوات اللّه عليه عند عامة الناس في حال جهال ينظرون إليهم بعين القلة والجهل.
[1228] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : لا يلبث العدل بعدي إلا قليل حتى ينقطع ، فكلما انقطع من العدل شيء جاء من الجور مثله حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره ثم يأت اللّه عزّ وجلّ بالعدل. وكلما جاء من العدل شيء ذهب من الجور مثله حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره.
فقيل : يا رسول اللّه ، من أهل الجور؟
قال : بنو عمنا إذا أسلمت لهم الدنيا.
قيل : فمن أهل العدل؟
ص: 360
قال : نحن أهل البيت.
فعلى هذا يجيء الأمر شيئا بعد شيء على يد واحد بعد واحد من الائمة من أهل بيت محمد صلوات اللّه عليهم ولا يكون ذلك دفعة واحدة. وكان سبب ذلك ومفتاحه وأول من جرى على يديه المهدي صلوات اللّه عليه.
[1229] وعن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه قال : لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال اللّه إلا خفية ، فاذا كان ذلك بعث اللّه من يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
[1230] وعنه علیه السلام ، أنه قال : كان ذلك ينقص الناس حتى لا يقول أحد اللّه إلا خفية ، فاذا كان ذلك بعث اللّه يعسوب الدين ، فضرب بذنبه (1) ، فيجتمعون [ إليه يجتمع ] قزع الخريف (2) ، إني لا أعلم اسم أميرهم ، ومتاخر رجالهم (3).
اليعسوب : أمير النحل الذي يلاذ به ويجتمع إليه ، والقزع واحده قرعة ، وهي قطعة من السحاب دقيقة كذلك يجتمع سحاب الخريف شيئا الى شيء من مثل ذلك حتى يعظم.
فشبه أمير المؤمنين علي علیه السلام اجتماع أنصار المهدي بذلك وكذلك كان أمرهم إنما اجتمعت الدعوة التي هاجر إليها ، وأظهر اللّه عزّ وجلّ أمره بها ، ونصره بأهلها ، الى القائم بدعوتهم ، الواحد بعد الواحد والثلاثة الى أن كثّر اللّه عددهم ونصرهم وأظهرهم على أهل السلطان والقوة والعدد والعدة
ص: 361
الذين كانوا قبل ذلك يملكونهم ويظهرون عليهم ، وكانوا قبل ذلك أذلة فيهم فملكهم اللّه عزّ وجلّ أمرهم ، وقتل الجبابرة بينهم بأيديهم وورثهم ملكهم وديارهم وأموالهم وكذلك يورث اللّه الأرض ومن فيها أولياءه كما وعدهم عزّ وجلّ ذكره وهو لا يخلف وعده.
[1231] وعن علي علیه السلام ، أنه قال : بنا يبتر اللّه الكذب ، وبنا يدرك ثاره المؤمن ، وبنا يتخلع ربق الذلّ من أعناقكم لا بكم ، وبنا يختم لا بكم.
قوله : يبتر : أي يقطع. والبتر : قطع الذنب ونحوه إذا استوصل ، يقال منه : بتره ، فانبتر.
وكذلك قطع أولياءه اللّه الكذب الذي كذبه الظالمون على اللّه عزّ وجلّ وعلى رسوله وأوليائه بما أتوا به من الحق عن اللّه وعن رسوله فقطعوا بذلك كذب الظالمين ، وانتحال المبطلين. البترة : الظلامة في الدم وغيره ، فباولياء اللّه يدرك المؤمنون ما ظلموا به من ذلك ، ويدرك أولياء اللّه ثاراتهم ممن نال ذلك من أسلافهم.
وقوله : بنا يتخلع ربق الذل من أعناقكم.
الربق جمع ربقة ، وهو الخيط الواحد أيضا منه ربقة ، وهو ما يجعل في العنق يربط به الشاة وغيرها. وفي الحديث : من فعل كذا وكذا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، أي في عنقه من عقد الاسلام. وقتل منه شاة مربقة ومربوقة كل ذلك صفات التي يربط في عنقها خيط ، فبأولياء اللّه يزول ربق الذل من أعناق المؤمنين التي كان أعداء اللّه أوثقوهم بها في غلبهم عليهم.
[1232] وعن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص: 362
وآله يقول : أبشروا (1) بالمهدي فانه يبعث [ في امتي ] على اختلاف من الناس شديد وزلازل (2) يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويرضى به ساكن السماء ، وساكن الارض ، ويملأ اللّه به قلوب عباده سرورا وسعهم (3) عدله.
[1233] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : المهدي من نسل فاطمة سيدة نساء هذه الامة - طالت الايام أو قصرت - يخرج فيملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
قيل : ومتى يخرج يا رسول اللّه؟
قال : إذا كان زلازل في أطراف الارض وارتشت القضاة ، وفجرت الامة ، يخرج من المغرب في ساقه شامة وبين كتفيه شامة فردا غريبا.
قيل : وكيف يكون فردا غريبا يا رسول اللّه؟
قال : لانه ينفرد من أهله ويتغرب عن وطنه.
وكذلك قام فردا غريبا من المغرب.
وكانت قبل قيامه زلازل ، وكانت به العلامة التي وصفها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم يقم حتى ارتشت القضاة ، وصار القضاء كذلك يتقبل بالمال ، وفجرت الامة.
[1233] وعنه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : لا بدّ من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب بين الخمسة الى السبعة يكسر شوكة المبتدعين ، ويقتل الضالّين.
ص: 363
وكذلك قام المهدي علیه السلام من المغرب ، وظهر فيه أمره بعد أن كان مستترا بوصول صاحب دعوته المغرّب بجموع عساكر أوليائه المستجيبين لدعوته إليه في سنة ست وتسعين ومائتين ، وصار الى دار مملكته بالمغرب - بإفريقية - في سنة سبع تسعين تتلوها.
[1234] وعن جعفر بن محمد بن على صلوات اللّه عليهم ، أنه ذكر المهدي علیه السلام . فقال : تطلع الرايات السود. وأومى بيده الى المشرق ، وتطلع رايات المهديّ من هاهنا ، وأومى بيده الى المغرب.
وذلك في أيام بني أميّة قبل قيام بني العباس.
وطلعت راياتهم السود من قبل المشرق من جهة خراسان ، فطلعت رايات المهدي بعد ذلك من المغرب كما قال صلوات اللّه عليه.
[1235] عبد الرحمن بن بكار الأقرع القيرواني ، قال : حججت ، فدخلت المدينة ، فأتيت مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس يسألونه ويفتيهم. فقصدت نحوه ، فاذا أنا برجل وسيم حاضر في المسجد وحوله حفدة يدفعون الناس عنه ، فقلت لبعض من حوله : من هذا؟
قالوا : موسى بن جعفر.
فتركت مالكا ، وتبعته ، ولم أزل أتلطف حتى لصقت به ، فقلت :
يا ابن رسول اللّه إني رجل من أهل المغرب من شيعتكم وممن يدين اللّه بولايتكم.
قال لي : إليك عني يا رجل ، فانه قد وكّل بنا حفظة أخافهم عليك.
قلت : باسم اللّه ، وانما أردت أن أسألك.
فقال : سل عما تريد؟
ص: 364
قلت : إنا قد روينا أن المهدي منكم ، فمتى يكون قيامه ، وأين يقوم؟
فقال : إن مثل من سألت عنه مثل عمود سقط من السماء رأسه من المغرب وأصله في المشرق ، فمن أين ترى العمود يقوم إذا اقيم؟
قلت : من قبل رأسه.
قال : فحسبك ، من المغرب يقوم وأصله من المشرق وهناك يستوي قيامه ويتم أمره.
وكذلك كان المهدي علیه السلام ونشأته بالمشرق ثم هاجر الى المغرب ، فقام من جهته. وبالمشرق يتم أمره ، ويقوم من ذريته من يتم اللّه به ذلك فيما هناك ، ويورثه الأرض كما قال عزّ وجلّ في كتابه المبين : ( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) (1) وكله ينسب الى المهدي علیه السلام لانه مفتاحه وبدعوته امتدّ أمره ، وكل قائم من ولده من بعده مهدي قد هداهم اللّه عزّ وجلّ ذكره ، وهدى بهم عباده إليه سبحانه ، فهم الائمة المهديّون والعباد الصالحون الذين ذكرهم اللّه في كتابه أنه يورثهم الارض وهو لا يخلف الميعاد.
[1236] أبو وهاب ، باسناده يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : يخرج ناس من المشرق ، فيعطون المهدي سلطانه (2) يدعونه.
ودعوة المهدي علیه السلام والائمة من ولده علیهم السلام قد انتشرت بحمد اللّه في جميع الأرض ، وغرت في غير موضع من أقطارها بالمشرق والمغرب فيوشك أن يكون بعض أوليائهم يقومون من قبل المشرق يدعوهم في تمام أمرهم فيقومون لوليّ الزمان هناك سلطانه واللّه يقرب ذلك وينجز وعده لاوليائه
ص: 365
بفضله ورحمته لعباده وحوله وقوته.
وقد يكون المراد بالذين يخرجون من المشرق من خرج منه من الدعاة إليه كما كان أبو عبد اللّه صاحب دعوة المغرب ومن كان معه ممن أرسله داعي اليمن ، وقد ذكرت خبرهم في كتاب الدولة.
[1237] الحبري ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، وسلمان ، وحذيفة بن اليمان يرفعونه الى [ النبي صلی اللّه علیه و آله ] : تمام أمر آل محمد علیهم السلام عند ظهور رايات تخرج من السند (1).
ودعوة وليّ الزمان قد ظهرت بالسند ، وعن أوليائه بها من غلب داعية هناك على صاحب مملكة السند ، فقتله ، وكان على المجوسية ، وقتل رجاله ، وهدم الصنم الذي كانوا يعبدونه ، وجعل الهيكل كل الذي كان فيه مسجدا جامعا ، وعزّ سلطانه ، وذلك بحول اللّه وقوته ، يشهد انجاز وعده لأوليائه على ما جاء في هذا الخبر من ظهور رايات السند ، إذ قد ظهرت رايات السند في دعوة أولياء اللّه هناك ، وعن أهلها وظهر سلطان وليّ الزمان بها.
[1238] عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال لقوم من أهل الكوفة : أنصارنا غيركم ما يقوم مع قائمنا من أهل الكوفة إلا خمسون رجلا ، وما من بلدة إلا ومعه منهم طائفة إلا أهل البصرة فانه لا يخرج معه منهم إنسان.
فأهل الكوفة في قدم الزمان هم كانوا اكثر أنصار من قام من أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدعي الامامة ممن قدمنا ذكره. وكان في هذا
ص: 366
الحديث ما يوجب إبطال ما ادعوه فيما قدمنا ذكره. ودعوة وليّ الزمان اليوم بحمد اللّه قد ظهرت ، وقامت دعاته في أكثر البلدان ، وأجاب إليها في كل بلدان عالم منه ، وأقل ذلك اليوم بالكوفة كما جاء في الخبر.
وأما البصرة : فالغالب على أهلها اليوم القول بالاعتزال ، ويوشك أنه متى ظهر القائم بالمشرق لا تقوم معه منهم لبعد المعتزلة من قول أهل الحق حتى يغلب عليهم قهرا ، وعلى أمثالهم بحول اللّه وقوته إن شاء اللّه تعالى.
[1239] ومن رواية محمد بن حميد القيرواني ، وكان شيعيا يرفعه ، الى سالم بن أبي الجعد ، أنه قال : كنت أطوف بالبيت أنا وسعيد بن حمير ، فطفنا ما شاء اللّه ، ثم أتينا حلقة في هذا المسجد فيها عبد اللّه بن عمر ، وابن العاص ، وابن صفوان ، وناس من قريش ، فقال عبد اللّه بن عمر : ولنا من أين أنتم؟
قلنا : من أهل العراق.
قال : ومن أيّ أهل العراق؟
قال له عبد اللّه بن صفوان الجمعي : سواء أهل الكوفة وأهل البصرة.
فقال عبد اللّه بن عمر : ولأهل الكوفة خير من أهل البصرة لانهم اكثر تتبعا للمهدي.
وهذا مما لم يقله عبد اللّه بن عمر برأيه ، ولا من قبل نفسه ، وإنما هو شيء سمعه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أو بلغه عنه ، لأن هذا ومثله من علم ما يكون لا يؤخذ إلا عن أنبياء اللّه. وهذا مما ذكرنا قبله مما يعلو أهل البصرة بالقول بالاعتزال الى اليوم ، وذلك مما يخلفهم من القيام مع وليّ الزمان إذا انتهى إليهم حتى يظهر عليهم وعلى غيرهم من أمثالهم كما ذكرنا بحول اللّه وقوته.
[1240] وروى سليمان بن جعفر حديثا يرفعه الى علي بن أبي طالب عليه
ص: 367
السلام ، أنه ذكر أمر القائم من آل محمد المهدي ، وما يكون منه على يديه من الأمر ، ثم قال : صاحب هذا الأمر الطريد الشريد الفريد الوحيد.
وكذلك كان المهدي علیه السلام لما فشت دعوته بالمشرق وكثرت دعاته وبنو أخيه والمستجيبون لهم ، نقم الاعداء [ عليه ] ، فطلبوه ، واتصل الخبر به ، فخرج من بني أهله وأسلم أمواله ، طريدا لخوفهم شريدا لما اتقاه منهم ، فريدا لا صاحب له في هجرته ، ولا أنيس له من وحدته غير وليّ الامر من بعده وهو حينئذ طفل صغير لم ينتصر من أهله إلا عليه (1) ليؤدي أمانة اللّه عزّ وجلّ إليه ، وكان همّه واشتغاله به اكثر من همّه واشتغاله بنفسه ، وكان سبيله في ذلك سبيل جده رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ خرج من مكة خوفا من المشركين لما اجتمعوا على قتله ، وأبى اللّه إلا نجاتهما وظهورهما على من ناواهما ، واظهار دينه بهما وعلى أيديهما ، ولو كره الكافرون.
تمّ الجزء الرابع عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الطاهرين الابرار ، والحمد لله وحده ، وصلاته على رسوله سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وسلامه عليهم أجمعين ، من تأليف سيدنا الأجل القاضي النعمان بن محمد بن منصور ، قدّس اللّه روحه وانسه.
ص: 368
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الخامس عشر
ص: 369
ص: 370
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1241] عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء.
( وهذا حديث معروف يروى عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، رواه كثير من الخاصّ والعام ، وإنما حكاه جعفر بن محمد الصادق عنه صلوات اللّه عليه ، وتركت إسناده إليه ) (1).
قال أبو بصير : فقلت له : اشرح لي هذا ، جعلت فداك يا ابن رسول اللّه.
قال علیه السلام : يستأنف الداعي منا دعاء جديدا كما دعا رسول اللّه.
وكذلك المهدي استأنف دعاء جديدا الى اللّه لما غيّرت السنن وكثرت البدع ، وتغلّب أئمة الضلال ، واندرس ذكر ائمة الهدى الذين افترض اللّه طاعتهم على العباد وأقامهم للدعاء إليه ، والدلالة بآياته عليه ، ونسي ذكرهم ، وانقطع خبرهم لغلبة ائمة الجور عليهم.
فلما أنجز اللّه بالدعاء للائمة ما وعدهم به من ظهور مهديهم احتاج
ص: 371
أن يدعوهم دعاء جديدا كما ابتدأهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالدعاء أولا.
[1242] وعن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه خطب الناس في الكوفة ، وندبهم الى الجهاد ، وحذرهم الفشل ، وما يخشى من سوء عواقبه. فلما فرغ من خطبته قام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، من ذا يرومنا (1) وأنت فينا أخو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وابن عمه ، وصهره ، ومعنا لواء رسول اللّه ورايته ، ومعنا ابنا رسول اللّه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، فلو اجتمعت الجن والإنس علينا ما أطاقونا.
فقال له علي علیه السلام : وكيف يكون ذلك ، ولم يشتدّ البلاء وتظهر الحمية وتستبى الذرية ، ويطحنكم طحن الرحى ببقالها حتى لا يبقى إلا نافع لهم ، أو غير ضارّ لهم. فإذا كان ذلك ابتعث اللّه خير هذه الامة ( أو قال : البرية ) فيقتلهم هرجا هرجا حتى يرضى اللّه ، وحتى يقول قريش والعرب : واللّه لو كان هذا من آل محمد لرحمنا. ويتمنون أنهم رأوني ساعة من نهار لأشفع لهم اللّه.
فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ومتى يبلغ رضا اللّه؟
قال : يقذف اللّه في قلبه الرحمة ، فيرفع السيف عنهم.
فقال له : متى يكون ذلك؟
قال : إن شاء اللّه.
ص: 372
قوله : طحن الرحى ببقالها. البقال : خرقة أو جلدة تلقى تحت الرحى إذا كانت تطحن.
قوله : هرجا هرجا : القتال ، والاختلاط فيه.
وكذلك لم يقم المهدي حتى اشتد البلاء وظهرت الحمية من بني العباس ومن بني أميّة ، وسبيت الذرية - ذرية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - عند مقتل الحسين علیه السلام ، وطحنت الفتنة طحن الرحى ببقالها ، وحتى لم يبق من المؤمنين إلا نافع لأعداء اللّه لما ينالون منهم ، أو غير ضارّ لهم. فعند ذلك قام ابن خير هذه الامة وهو المهدي ابن علي الوصي (1) وابن خير البرية لانه ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقتل من أعداء اللّه أيام مدته من وصلت إليه يده.
ويقتل كذلك من ولده منهم من بقي حتى يجعل اللّه في قلبه الرحمة ، فيرفع السيف عنهم كما قال علي علیه السلام ، ولم يقل علیه السلام من ذلك إلا ما أخبره به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأطلعه على ما يكون من مثل ذلك وغيره ، وذلك من شواهده وبراهينه علیه السلام .
[1243] وعن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : لو قام قائمنا ما أقام الناس على الطلاق إلا بالسيف ، ولو قد كان ذلك لم يكن إلا بسيرة علي بن أبي طالب علیه السلام .
وكذلك كان الأمر لما قام المهدي ، أقام الناس على طلاق العدة (2)
ص: 373
والسنّة (1) على ما نصّه اللّه في كتابه وسنّة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وقطع طلاق البدعة (2) ، وكل ما ابتدعه المبتدعون في الدين والاحكام ، والقول في الحلال والحرام ، وأقام الناس بالسيف على سيرة علي علیه السلام التي سار بها في الامة على ما عهد إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ومما آثره على ذلك الأئمة من ولده ، فأحيوا ما أماته المبطلون من أحكام الدين ، وقطعوا بدع المبتدعين ، ولا يزال ذلك حتى يعود الدين جديدا غضّا كما ابتدأ في الإسلام صفوا محضا كما نشأ. ويكون الدين لله كما وعد تعالى في كتابه ، ويظهر على كل دين كما أوجب في ايجابه ، ويكون ذلك على أيدي ائمة دينه وأوليائه ، وينسب الى المهدي أو لهم إذا كان سبب ابتدائه ، وعنه تفرع ما تفرع فيه الى غاية انتهائه كما ينسب ذلك وما قبله الى محمد النبي صلی اللّه علیه و آله إذ هو في شريعته وملّته ولأهل دعوته وامته وعلى يد الائمة من ذريته.
[1244] ومما جاء مما يؤكد ذلك مما هو في معناه ما روي عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه ذكر المهدي علیه السلام وقال : إنه لقاتل الظالمين ويقتل الزنادقة ، ولا يقبل منهم توبة ، ولا يأخذ منهم جزية ، ولا يدع في الأرض أحدا على غير دين الاسلام إلا قتله ، ويهلك الترك والخزر والديلم والحبش ، ويؤتي بملوك الروم مصفدين في الحديد ، ولا يدع يهوديا ولا نصرانيا ، ولا يوجب لهم ذمة ، ويردّ الناس جميعا على ملّة إبراهيم ومحمد علیهماالسلام .
فهذا مما ذكرنا أنه يجري شيئا بعد شيء على يد المهدي والائمة من ولده ، وينسب إليه إذ هو أول من فتحه وقام به ، والى رسول اللّه إذ هو صاحب
ص: 374
الشريعة والملّة ووليّ الائمة والامامة وصاحب الرسالة والدعوة كما قيل أنه يكون لبعض الائمة فلم يكن فيه حتى قبض وهو يكون في وليه من بعده وينسب إليه.
[1245] وقد جاء هذا أيضا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام فيما رواه حمزة بن حمران عنه ، أنه قال : عددت عليه الائمة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واحدا بعد واحد حتى بلغت إليه ، وشهدت أن اللّه تعالى فرض طاعتهم ، فلما سميته أومى بيده إليّ أن أسكت ، فسكتّ.
فقال : ما كانت الائمة على حال مذ قبض اللّه نبيّه ، ألا ومن سميت أولى الناس بالناس.
ثم قال : إذا حدثتكم في رجل منا بشيء بأنه يكون فيه فلم يكن فيه فهو كائن في ولده من بعده.
فهذا بيان ما ذكرته ومصداقه ، ويؤيد ذلك ويشده ويؤكده قول اللّه تعالى في محمد صلی اللّه علیه و آله : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (1) هذا وعد من اللّه لرسوله صلی اللّه علیه و آله أنجز له بعضه في حياته ، ثم أظهر عليه من الأديان ، وأنجز ذلك وينجز باقيه على أيدي الائمة من ذريته.
[1246] ومن مثل ذلك ما رواه الحسن بن محبوب ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : إذا قام القائم منا عرض الإيمان على كل ناصب ، فان دخل فيه بحقيقة والاّ ضرب عنقه ، أو يؤديه (2) الجزية كما يؤديها أهل الذمة اليوم ، ويشدّ (3) على وسطه
ص: 375
الهميان ، ويطردهم من الأمصار الى السواد.
وهذا مما لم يكن بعد ممن مضى من الائمة ، وهو كائن لمن يقول منهم اذا دان العالم ، وقوى أمره ، وكان الدين واحدا كما وعد اللّه تعالى.
[1247] ومما رواه زادان ، عن سلمان الفارسي ( رحمة اللّه عليه ) ، ومن ذلك مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : لا بدّ من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب يقتل الزنادقة ، ويملك الترك ، والخزر ، والديلم ، والحبش ، ويؤتى بملوك الروم مصفدين في الحديد ، ولا تقوم راية إلا راية الايمان.
وهذا من معنى ما تقدم ذكره وشرحناه.
[1248] ومن رواية الشعبي ، عن حذيفة بن اليمان ، مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
لا يفتح بلنجر ، ولا جبل الديلم ، ولا القسطنطينية إلا رجل من بني هاشم (1).
يعنى امام ذلك الزمان من ولد المهدي ، ولم يكن ولا يكون إمام من بني هاشم ، إلا علي علیه السلام والائمة من ذريته ، نسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وذريته من فاطمة الزهراء سيدة نساء العالم ، كما جاء ذلك فيما تقدم ذكره من هذا الكتاب ، ولا يفتح هذا الموضع إلا هم علیهم السلام (2).
[1249] ومن ذلك أيضا ما رواه الشعبي ، أنه قال : أخبرني مالك بن
ص: 376
صحار الهمداني ، قال : غزونا بلنجر في خلافة عثمان ، فنكثنا ، وجرح أخي فحملته بين يدي جريحا ، وقد انصرفنا ، فاني لأسير يوما إذ أدركني رجل من خلفي ، فضرب ظهري بسوط في يده ، فالتفت فاذا هو حذيفة ( بن اليمان ) فسلّمت عليه.
فقال : من هذا بين يديك؟
فقلت : أخي مجروحا ، ولقد رأيت ما لقينا في غزوتنا ، ولكنا نرجو أن نفتحها من قابل إن شاء اللّه تعالى.
فقال حذيفة : الذي يفتح الديلم ، وبلنجر ، والقسطنطينية رجل من بني هشام ، بهم فتح اللّه الأمر وبهم يختم.
فما أنه فتح ، ويفتح من هذه المواضع وغيرها ، فلا بدّ أن يفتحه الفتح الكامل الذي لا يكون بعده دين غير دين الاسلام قائم ذلك الزمان من آل محمد صلی اللّه علیه و آله الذي يجمع اللّه له أمر العباد ويظهر دينه على الدين كله كما وعد سبحانه ذلك في الكتاب.
[1250] ومن حديث وكيع بن الجرّاح ، يرفعه الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : ليفتحن القسطنطينية ، ولنعم الأمير أميرهم ، ولنعم الجيش ذلك الجيش.
والقسطنطينية بعد لم تفتح ، والذي يفتحها كما جاء في الخبر قبل هذا ، قائم من الامة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله .
ص: 377
[1251] ومن حديث سفيان الثوري ، يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : المهدي رجل من ولدي ، أرى وجهه كالكوكب الدري ، اللون لون عربي ، والجسم جسم إسرائيلي.
فكذلك كان المهدي صلی اللّه علیه و آله ، وسيما من أجمل الرجال وجها كأن وجهه كوكب دري كما قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في صفته.
والكوكب الدري : هو المضيء من الكواكب ، وجمعها دراري.
وكذلك كان وجه المهدي مشرقا مضيئا كأنما هو نور يلوح منه لمن نظر إليه.
قوله : اللون لون عربي. وكذلك كان لونه كلون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سيد العرب ، أبلج الوجه ، يشوبه حمرة ، وهو الذي يقول له أهل المعرفة بالحلي من العرب : الرفق والسمرة ، ولا يقولون : أبيض في ألوان الناس ، وهذا أفضل ألوان الناس عند العرب ، وهو اكثر ألوان أشرافهم.
وقوله : الجسم جسم إسرائيلي : وأجسام بني اسرائيل أجسام جسيمة ، وهم في الاكثر والأغلب أجسم من العرب.
وكذلك كان المهدي وسيما جسيما بساطا لا يكاد أحد يماشيه إلا
ص: 378
قصر عنه ، وصغر الى جانبه ، وكذلك كان من صارت إليه الامامة من بعده الى اليوم ، قد أتاهم اللّه تعالى بالفضل والجمال والكمال.
ولقد حاول المهدي باللّه في حين استتاره أن يخفي نفسه ويخملها فما قدر على ذلك ، وكان حيثما مرّ ورآه من يحصّل أمره ، يقول : واللّه ما هذا إلا ملك من الملوك ، وما هذا سوقة ولا تاجر كما يقول.
وكذلك حاول المنصور مرارا أن يخفي نفسه لبعض من أراد أن يسمع كلامه فتزيا بغير زيّه ، ولبس خلاف لباسه ، ودخل بين جماعة تقدم إليهم في اطراح اجلاله وتبجيله ، وأن يحلوه محل أحدهم. ففعلوا ، فما خفي على من رآه.
وفعل ذلك في بعض أسفاره ودخل الى بعض حصون المرابطين في بعض الأطراف ، وبها من لم يره قط ، فما خفي عنهم. وفعل مثل ذلك لما ظفر باللعين مخلد ، وصار في أسره. وبمعتد بن محمد بن جرز لما صار في الأسر إليه أيضا ، فما خفي عن واحد منهما بل عرفاه ، وما كانا قبل ذلك رأياه. والعرب تقول في مثل هذا في بعض امثالها : هيهات لا يخفى القمر.
[1252] وروى عبد اللّه بن عمر ، وذلك مما آثره أو نقله عن رسوله اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال :
يعطى المهدي قوة عشرة.
وكذلك كان المهدي قويا معروفا بذلك من حداثة سنّه.
[1253] ومن حديث قتادة ، يرفعه الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
المهدي أجلى الجبهة أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
وكذلك كانت صفة المهدي أقنى وأجلى ، وهاتان الصفتان من أحسن صفات الجباه والانوف ، وملأ عدله ما وصل إليه سلطانه من الأرض ، ويملأ باقيها من يأتي بعده.
وقيل لبعض الائمة الماضين : أنت المهدي؟
ص: 379
قال : كيف أكون المهدي ، وقد بلغت من السن ما ترون. وأخذ ساعده فمدّ جلده ، وقال : المهدي لا يؤخذ له بالركاب.
[1254] وعن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : يقوم المهدي علیه السلام وليس في رأسه ولا لحيته طاقة بيضاء.
وكذلك كان المهدي لما قام بالامامة ، وسلمها إليه إمام الزمان الذي كان في عصره ونصّ عليه بأنه مهديّ الائمة ، ودعت بذلك إليه دعاته. وهو يومئذ حدث السن مقتبل الشباب من الفتيان وأحسن الشبان.
[1255] وروي عن عبد اللّه بن مسعود مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إنكم معشر هذه الامة تصيرون أربع امم.
امة قائمة على الحق لا ينقص الباطل منها شيئا.
قيل : ولا يقاتلون؟
فقال : بلى ، ويزلزلون زلزالا شديدا.
وامة على الباطل ليسوا من الحق على شيء.
قيل : وهم يصلّون؟
قال : نعم ، وتكون صلاتهم عليهم شاهدا.
وامة يذهبون يريدون الحق ، فيخطئونه ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ولا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه.
وامة برأيهم يقولون هؤلاء أهدى بل هؤلاء أهدى فيلبثون في ذلك ما شاء اللّه أن يلبثوا. ثم يوشك الإسلام أن يعود الى الباب الذي خرج منه.
قيل : إلى أين يا عبد الرحمن؟
قال : الى بني عبد المطلب.
ص: 380
قوله : يمرقون. المروق : الخروج من الشق من غير مدخله. والمروق من الدين :
الخروج عنه بالنفاق ، وذلك خلاف الدخول فيه بالايمان. ومروق السهم خروجه منها من غير موضع الذي دخل منه ، وهو أن يرمي الرامي الصيد ، أو ما رمى بسهمه فينفذه ويخرج السهم كله منه من الموضع الذي انفذ منه لشدة الضربة ولا يعلق بالسهم شيء من الدم لسرعة خروجه لشدتها.
وقد وصف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الخوارج بهذه الصفة ، فقال : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
والرميّة : هي المرمية فعيلة في مكان مفعولة.
وقوله : ثم لا يعودون حتى يعود السهم على فوقه.
والفوق من السهم الشق الذي في طرفه الذي يجعل في الوتر في حين الرمي به ، وللسهم اذا رمى به ، فانما يقع على نصله ، وليس يعود الى فوقه. فأراد أنهم لا يرجعون الى الإسلام بعد خروجهم منه.
وقوله : يصيرون أربع امم. امة قائمة على الحق فانهم يقاتلون ويزلزلون زلزالا شديدا. فهم علي علیه السلام وأصحابه ومن تولاّهم ، وكذلك قوتلوا معه علیه السلام ومن بعده ، وزلزلوا زلزالا شديدا.
والامة الذي ذكر أنهم على الباطل ليسوا هم من الحق على شيء ، وأنهم يصلّون وتكون صلاتهم عليهم شاهدا ، فهم أهل التغلب والتوثب ، ائمة الضلال من بني أميّة وبني العباس ، ومن والاهم واتبعهم.
والامة الذي ذكر أنهم يريدون الحق فيخطئونه ، وأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فهم الخوارج ، وبذلك وصفهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
والامة الذين يقولون هؤلاء أهدى بل هؤلاء أهدى ، هم العوام المنسوبين
ص: 381
الى العلم من العامة الذين ترأسوا على الامة بما انتحلوه من العلم بآرائهم وأهوائهم ، واختلفوا في تفضيل الرؤساء والأتباع في الحلال والحرام والقضايا والاحكام ، فقوم يقولون هؤلاء أهدى.
ولبثوا كما قال على ذلك ما شاء اللّه حتى قام مهديّ الامة ، فعاد الاسلام الى الباب الذي خرج منه كما قال بما أقامه فيه مدة أيامه ، وحيث انتهت طاعته ، وأقامه ويقيمه كذلك الائمة من ذريته على ما قدمنا ذكره بدعوته وسيرته حتى يجمع اللّه تعالى على طاعتهم ويورثهم الأرض كما وعدهم ، ويكون الدين - كما قال تعالى - كله لله ويظهره ( عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (1).
[1256] وروي عن أبي صادق أنه سمع رجلا يقول : فتح الملهب طبرستان (2).
فقال أبو صادق : حكاه عن حذيفة ، فيما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن الذي يفتتح طبرستان والديلم ومدينة بلنجر والقسطنطينية رجل من بني هاشم.
فما أفتحه المسلمون من هذه البلدان وغيرها من سلطان من كانت في يديه من المشركين وغيرهم قائم وأمرهم ثابت يحاربون من افتتحها ويغلب هؤلاء مرة وهؤلاء مرة عليها وينال كل فريق منهم من الفريق الآخر ، فليس ذلك مما يعدّ فتحا.
وإنما الفتح ما كان مع هلاك العدو ، والظهور عليه وحسم أثره ، وانقطاع مدته وخبره ، وزوال سلطانه ، وذلك ما يكون على يدي أولياء اللّه الذين وعدهم اللّه في كتابه أنهم يرثون الأرض ، وأنه يظهر بهم دينه على الدين كله واللّه
ص: 382
تعالى هو ينجز لهم وعده ، ولا يخلف الميعاد.
فما جاء أنهم يفتحونه ، وقد فتحه غيرهم من قبل ظهور أمرهم ، وتمام الوعد لهم ، فليس ذلك الفتح مما يعدّ فتحا حتى يكون الفتح لهم بهلاك أعداء اللّه أجمعين على أيديهم وايراثهم جميع الأرض. وظهور دين اللّه تعالى على الدين كله كما وعد في كتابه ، وهلاك أعدائه ، وانقطاع أمرهم ، وانحسام ذكرهم ، وما كانوا به يدينون وآلهتهم وما كانوا يعبدون ، فذلك هو الفتح المبين كما قال اللّه تعالى لنبيه محمد صلی اللّه علیه و آله ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) (1) وكان ذلك فتح مكة عليه وظهوره على أهلها وانقطاع دينهم الذي كانوا به يدينون ، وعبادتهم وما كانوا يعبدون ، وكذلك وعد اللّه تعالى عباده الصالحين وهم أولياء الائمة الطاهرين أن يورثهم ويظهر دينه بهم ( عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (2) فهذا هو الفتح المبين ، واللّه ينجز وعده ، ولا يخلف الميعاد.
[1257] ومما رواه عنان بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : لو كان لي من الأمر شيء لهدمت كل بناء يحول بين الصفا والمروة ، ولا يكون ذلك إلا على يدي رجل من بني هاشم.
فما بين الصفا والمروة ولا يكون ذلك إلا سعي الحجيج.
وأول من سعى فيه آدم علیه السلام ، فلما صار ببطن الوادي تراءى له ابليس اللعين الذي أخرجه من الجنة ، وقد انحدر من الصفا يريد المروة ، فلما رآه سعى علیه السلام ، فصار السعي هناك سنّة ، وأحدث الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هناك أبنية حالت بين الصفا والمروة ، فأخبر الصادق صلوات اللّه عليه ما أحدثوه ، وابتدعوه ، فانّ هدمه من الواجب ، وأخبر أن ذلك لا يكون إلا على يدي رجل من بني هاشم فلم يكن ذلك الى اليوم ، وسيكون لمن يظهره اللّه من ائمة الحق وشيكا إن شاء اللّه.
ص: 383
[1258] وعن علي علیه السلام ، أنه قال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أمنّا المهدي أم غيرنا (1)؟
قال : بل منّا. بنا يختم الدين كما افتتح بنا ، وبنا يؤلف اللّه بين قلوبهم بعد عداوة [ الفتنة ] كما ألف بنا بين قلوبهم بعد عداوة الشرك.
فهذا مما قدمنا ذكره ، مما تواترت الأخبار به من أن المهدي من ذرية محمد النبي صلی اللّه علیه و آله ومن ولد علي بن أبي طالب علیه السلام . وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : بنا يختم الدين كما افتتح بنا. فافتتاح الدين كان برسول اللّه. وبما أقام وصيه عليا من القيام بما أسند إليه منه. وكذلك يختم بالمهدي وبالائمة من ولده حتى يكون انقطاع الدنيا ، وقيام القيامة في عصر إمام منهم ، ويجمع اللّه الامم كلها على دين محمد صلی اللّه علیه و آله الذي ابتعثه كما أخبر تعالى في كتابه أنه يظهره على الدين كله ، ويكون الدين كله لله ، وأنه يورث الأرض عباده الصالحين ، وهم أولياؤه ائمة دينه من ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله وولد علي ، وأنه كما أخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أن اللّه تعالى يؤلف بهم بين قلوب عباده بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك. وذلك قول اللّه تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ) (2).
[1259] وعن علي علیه السلام ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : المهدي منا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة واحدة.
قوله : يصلحه اللّه في ليلة واحدة ليس ذلك أنه كان فاسدا فيصلحه ، ولكنه
ص: 384
من قول القائل : فلان يصلح لأمر كذا ، إذا كان أهلا لذلك الأمر ، كذلك رآه اللّه تعالى أهلا لما صار إليه ورآه كذلك بتوفيقه من كان أمر الامامة إليه في وقته قبل مصيره إليه. فسلم أمرها إليه في ليلة واحدة أراه اللّه ذلك فيها.
وقد كان قبل ذلك أهل غيره لها فما أهل لذلك أحد إلا مات لما أراد اللّه تعالى من مصيرها الى مستحقها ، ولذلك قيل إن الامام الذي سلّمها إليه يمثل في وقت تسليمها إليه ، فقال عند ذلك : اللّه أعطاك التي لا فوقها ، وكم أرادوا صرفها وعوفها عنك ، ويأبى اللّه إلا سوقها إليك حتى طوقوك طوقها.
[1260] وعن عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : لا تنقضي الدنيا حتى يليها (1) رجل من عترتي ، ويحكم بما أنزل اللّه.
[1261] ومن رواية عبد الرزاق ، يرفعه الى أبي سعيد الخدري ، أنه قال : ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بلاء يصيب هذه الامة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم.
ثم قال : ثم يبعث اللّه رجلا من أهل بيتي فيملأ الارض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا يبقى السماء (2) من قطرها [ شيئا إلا صبته ] مدرارا ، ولا [ تدع ] الأرض من نباتها شيئا إلا أخرجته حتى يتمنّى الاحياء الاموات.
قوله : عترتي أهل بيتي. العترة في لغة العرب القرابة من ولد الولد ، وبني
ص: 385
العم دينا. فالمهدي وولده قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من ولد فاطمة علیهاالسلام ومن ولد علي علیه السلام ، وهو ابن عمه دينا ووصيه ومن تقدم ذكر فضله واثبات إمامته ، وإمامة الائمة من ذريته. وما ذكر رسول اللّه في هذا الخبر من أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فقد ذكرنا فيما تقدم ما كان ويكون من ذلك ، وبيّنا الوجه فيه ، فأغنى ذلك عن اعادته.
[1262] وروى الشعبي ، عن تميم الداري (1) ، أنه قال : ما دخلت مدينة من مدائن الشام أحبّ إليّ من مدينة أنطاكية (2) ، قال رسول اللّه : بها كسر ألواح موسى ، ومائدة سليمان ومنبره ، وعصا موسى في غار من غاراتها ، فما من غمامة شرقية ولا غربية ولا جنوبية ولا قبلية إلا إذا جاءت تلك الغار أرخت عليه من بركاتها لما فيه. أما أنه لا تذهب الأيام والليالي حتى يتولاها رجل من ولدي من عترتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (3) ، أشبه الناس بخلقي خلقا وبخلقي خلقا.
[1263] وروى محمد بن سلام ، باسناده عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : إذا قام القائم منّا سار الى انطاكية ، فيستخرج منها
ص: 386
التوراة من غار هي فيه مع عصا والحجر.
وقوله : يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فكذلك جاء في غير موضع أن القائم بالامامة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله من ولد المهدي الذي يجمع اللّه تعالى له الامم ويكون له الدين واحدا ويظهر اللّه تعالى دينه على الدين كله ، كذلك اسمه محمد بن عبد اللّه وهذا لا يكون كما ذكرنا دفعة واحدة بل تعالى اللّه بالائمة من ولد المهدي أمره ودينه والايمان والمؤمنين شيئا شيئا ، ويفتح على يدي كل واحد منهم ما يفتحه حتى يكون الذي يدين له جميع أهل الارض يفتح ما بقي منها ، ويقتل باقي من فيها من أعداء اللّه ، ويكون الدين كله لله كما أخبر تعالى بذلك في كتابه ووعده عباده الصالحين ائمة دينه يوم القيامة ، ويكون النقلة من الدنيا الى الآخرة.
[1264] ومن رواية ابن غسان ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أن
ص: 387
رجلا سأله عن السماء مما هي؟ وعن البرق مما هو؟ وعن أول شيء عاذ بالبيت؟ وعن المهدى ممن هو؟
قال له ابن عباس : لقد سألت عن عظيم ، وهو في علم اللّه يسير.
أما السماء فهي ماء مكفوف.
وأما البرق فهو من الماء.
وأما أول شيء عاذ بالبيت فان الحيتان الكبار كنّ يأكلن الصغار منهم في زمن الطوفان ، فاستعذن بالبيت فأعاذهنّ اللّه.
فأما المهدي ، فانه من أهل البيت أكرمكم اللّه بأولهم وسينقذكم بآخرهم.
قوله : أكرمكم بأولهم ، يعني محمد صلی اللّه علیه و آله ، أكرم اللّه المؤمنين بأن أوجب لهم بطاعته الجنة في الآخرة ، وهي أعظم ما يكرم اللّه به المطيعين من عباده ، واكرامه وانعامه اكثر من أن يحصيه عباده كما قال تعالى ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها ) (1) وبالائمة من ذريته يستنقذ آخرهم من فتنة المنافقين الضالّين ، وغلبة المشركين حتى يكون له الدين كما أخبر في كتابه المبين.
[1265] من رواية ابن سلام ، باسناده ، عن أمير المؤمنين علي علیه السلام ، أنه قال : الفتن ثلاث : فتنة السرّاء ، وفتنة الضرّاء ، وفتنة يمحّص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن ، ولا يزالون كذلك حتى يخرج رجل منّا عترة النبي صلی اللّه علیه و آله فيصلح اللّه أمرهم.
قوله : فتنة السرّاء ، ما قد فتن به من مضى من هذه الامة بما اعطوه من
ص: 388
الدنيا بغير حلّة ، واستمالهم به أعداء اللّه المتغلبين على أمر أولياء اللّه.
وفتنة الضرّاء : ما فتن به العباد وابتلوا به من جور ائمة الجور عليهم وتغلبهم وانتهاكهم اياهم.
وأما قوله : فتنة يمحّص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن. فالمحص - في لغة العرب - : إخلاص الشيء ، تقول محصته محصا : أي أخلصته من كل عيب ، قال اللّه تعالى : ( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) (1) فيما امتحن الناس به من افتتان أعداء اللّه بائمة الجور واتباعهم الناس ببذل الدنيا لمن أسعدهم ، وتتابع المكروه على من تمسك بدينه صابرا على مكروههم. محّص اللّه تعالى المؤمنين وأخلصهم ، وأبانهم ممن مال الى أعدائه للرغبة والرهبة ، فلم يزالوا على ذلك حتى قام مهديّهم ، فاستنقذ من بلغت إليه دعوته ومدّته وأيامه ، ونالته يده من المؤمنين ، واستنقذ بعده وتستنقذ كذلك الائمة من ذريته من بقي منهم حتى ينجز اللّه وعده لأوليائه وعباده المؤمنين ، ويحق وعيده على أعدائه الكافرين ويكون الدين كله كما قال. فالسعيد كل السعيد من صبر لذلك وأخلص وانتظر ، كما قال وهو أصدق القائلين : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (2).
[1266] وروى أحمد بن عمر ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه قال لبعض شيعته وقد ذكر تغلّب أهل الباطل : يا معشر شيعتنا صلّوا معهم الجمعات ، وأدوا إليهم الأمانات ، فإذا جاء التمييز قامت الحرب على ساق ، فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة من اتبعه كان محسنا ، ومن تخلّف عنه كان ممحقا ، ومن لحق به لحق بالحق.
ألا إن الدين [ بنا ] فتح وبنا يختم ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم
ص: 389
واحد لولاّه اللّه تعالى رجلا منا يملأها عدلا كما ملئت جورا.
وقوله : فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة : يعني امام الزمان في كل عصر فهو باب الجنة ، من قصده ودخل في جملته وعمل بأمره صار الى الجنة ، ومن تخلّف عنه محق. وقد ذكرنا فيما تقدم معنى قوله : يملأها عدلا كما ملئت جورا. وأن أصل ذلك وأول ما فعله المهدي ، ويتم اللّه ذلك من بعده بالائمة من ولده ، وينسب ذلك إليه إذ كان ابتداؤه ومفتاحه وسببه وأول قائم به.
[1267] وروى عبد اللّه بن حبلة ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : ليخرجن الاسلام نادّا من أيدي الناس كأنه البعير الشارد من الإبل ، لا يردّه اللّه إلا برجل منا.
سمعت الامام المعز لدين اللّه عزّ وجلّ يحدّث عما كان من أمر المهدي ، وقول بعض شيوخ الأولياء : يا مولانا ، أأنت المهدي المنتظر الذي يجمع اللّه لك العباد ويملك الارض ، ويكون لك الدين واحدا؟
فقال له المهدي : فضل اللّه تعالى كثير واسع ، ولنا منه قسم جزيل ، ولمن يأتي من بعدنا فضله ، ولو كان الفضل لواحد لما وصل إلينا منه شيء.
ثم قال المعز : كان المهدي مفتاح قفل الفضل والرحمة والبركات والنعمة فيه فتح اللّه تعالى ذلك للعباد ، وذلك يتصل عنه من ذريته حتى يتمّ لهم وعد اللّه الذي وعدهم اياه بفضله وقوته وحوله. وقول علي علیه السلام : ليخرجن الاسلام نادّا من أيدى الناس.
فالندود : الشرود. يقال منه : ندا البعير ، إذا شرد واستقصى ، وهو نادّ اذا فعل ذلك.
ص: 390
[1268] ومن رواية ابن غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :
احذروا على دينكم ثلاثا : رجلا آتاه اللّه القرآن وكان يدين الاسلام غير ذلك ما لله ، ثم انسلخ ونبذه وراء ظهره وسلّ سيفه على جاره ، ورماه بالإشراك.
قالوا : يا أمير المؤمنين ، فأيهما أولى بها؟
قال : الرامي.
ورجلا استخفته الأحاديث ، فكلّما وضع احدوثة كذب ، وانقطعت أمطها بأطول منها أن يدارك الرجال سعته.
ورجلا هو كأحدكم ، آتاه اللّه سلطانا ، فقال : من أطاعني فقد أطاع اللّه ، ومن عصاني فقد عصى اللّه وكذب ، ليس لمخلوق طاعة في معصية الخالق.
ألا وانه لا بدّ من رحى سلطان يقوم على ضلالة ، فإذا قامت طحنت ، وان لطحنها رءوفا ، وان رؤفها حدتها ، وعلى اللّه فكها.
ألا وان أطائب ارومتى ، وأبرار عترتي ، أحكم الناس صغارا ، وأعلم الناس كبارا ، بنا يبتر اللّه الزمان الكدي ، وبنا يبتر الكذب ، وانا أهل بيت من حكم اللّه حكمنا ، ومن قول صدق سمعنا ، فان تتبعوا آثارنا تهدوا ببصائرنا ، وان تحيدوا عنا تهلكوا بأيدينا ، أو ما شاء اللّه.
ويح للفروخ فروخ آل محمد من خليفة غير مستخلف يقتل خلفي ، وخلف الخلف ، واللّه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّله اللّه حتى يخرج منا رجل يقال له : المهدي ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
ص: 391
قوله : أمطها ، يقول : أمدها ، أي : اتبعها باخرى. يقال من ذلك : تكلم فمطّ حاجته ، أي مده.
قوله : وهو رجل كأحدكم آتاه اللّه سلطانا ، فقال : من أطاعني فقد أطاع اللّه ... الخ. يعني من وصف المتغلبين سلطان الدنيا يبين بذلك. قوله : رجل هو كأحدكم ، يعني من سائر الناس يدعي أن من أطاعه أطاع اللّه ، ومن عصاه عصى اللّه وكذب. ولم يقل أنه نبي ولا امام ، أما أنبياء اللّه وائمة دينه فمن أطاعهم فقد أطاع اللّه ، ومن عصاهم فقد عصى اللّه لقوله تعالى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ ) (1) وقوله : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (2) وشرحنا هذا لئلاّ يحمله من لم يتسع في العلم على العموم إذا سمعه.
وقوله : لا بدّ من رحى سلطان يقوم. يعني ما يدور عليه أمره ، والرحى يضرب مثلا لذلك ، وللحرب يقال : دار رحى الحرب الى حومته ، ورحى الموت الى موقعه. قال الشاعر :
والناس في غفلاتهم *** ورحى المنية تطحن
وقال : إن لطحنها رءوفا.
الرءوف : القرن ، شبّه حدثها بحدة القرن. وعلى اللّه فكها. يقول : إن اللّه سيفكّ ذلك الحد.
وقوله : ألا وإن أطائب ارومتى.
الارومة : أصل الشجرة. وأصل الخشب يعني بارومته اياه وبعترته ، ولده وولد ولده. وقد شرحنا ذلك فيما تقدم.
ص: 392
وعني بالخليفة الذي استخلفه الناس. فسنّ ذلك لمن بعده. فقتلوا فروخ آل محمد يعني من قتل من ذريته ، والخلف : الذرية الصالحة - بفتح اللام -. والخلف - بجزم اللام - الذرية السوء. وقال اللّه تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ) (1).
[1269] ومن رواية ابن غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : يخرج منا رجلان ، أحدهما من الآخر ، يقال لأحدهما المهدي ، وللآخر المرضي.
فالمهدي قد كان. والرضي يكون من ذريته كما قال علي علیه السلام : إنه منه.
[1270] وفي رواية اخرى عن علي علیه السلام ، أنه قال : كأني أنظر الى دينكم موليا يحصحص بذنبه ليس بأيديكم منه شيء حتى يرده اللّه عليكم برجل منا.
قوله : يحصحص بذنبه ، شبّه الدين إذا ذهب من أيدي الناس ببعير قد ندّ واشتدّ عدوا وهو يحرك ذنبه. والحصحصة في اللغة : الحركة في الشيء حتى يستقر. والحصص - الحصحصة أيضا - : السرعة في العدو.
[1271] وعنه علیه السلام ، أنه قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا غير يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يملك فيه رجل مني ، فاذا رأيتم ذلك اليوم لم يرم رام بسهم ولا بحجر ولا يطعن برمح فاحمدوا اللّه ، فان ابتليتم فاصبروا فان العاقبة للمتقين.
فهذا مما تقدم القول فيه أنه يكون من ذرية المهدي في الائمة من يجمع اللّه العباد على طاعته وتقطع الحرب ويكون الدين كله لله كما أخبر تعالى وليظهر دينه على الدين كله.
ص: 393
[1272] ومن رواية مخنف بن عبد اللّه ، باسناده عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، [ أنه ] قال : المهدي من نسل فاطمة سيدة نساء العالمين. طالت الأيام أم قصرت يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويطيب العيش في زمانه ، ويصيح صائح بلعنة بني أميّة وشيعتهم ، والصلاة على محمد والبركة على علي وشيعته ، فيومئذ يؤمن الناس كلهم أجمعون.
فهذا ما ذكرنا أنه يكون لبعض الائمة من نسل المهدي ، وينسب إليه ؛ لأنه سببه ومفتاحه ، وأول من قام من آل محمد كما يكون ذلك أيضا ، ينسب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لانه بني الامة وصاحب الشريعة والملّة ، وقد قال اللّه تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) (1) وينسب ذلك إليه ، إذ كان أول من قام بذلك وسنّه وأصّله.
[1273] ومن حديث عبد الرزاق ، عن معمر بن سعيد بن أبي عروفة ، عن قتادة ، قال : قلت لسعيد (2) : المهديّ حقّ؟
ص: 394
قال : حق.
قلت : ممن؟
قال : من قريش.
قلت : من أيّ قريش؟
قال : من بني هاشم.
قلت : من أيّ [ بني ] هاشم؟
قال : من بني عبد المطلب.
قلت : من أيّ بني عبد المطلب؟
قال : من ولد فاطمة.
ولو سأل من أيّ ولد فاطمة هو ، لأخبره من ولد الحسين ، لأنّه قد روى ذلك ، وسنذكره. ولم يقل سعيد هذا برأيه ولكنه سماع سمعه.
[1274] وروى أبو المليح ، عن زياد بن بشار ، عن ابن نفيل ، عن سعيد بن المسيب ، عن أمّ سلمة ، أنها قالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة ابنتي.
فما جاء فيما تقدم ذكره من أن المهدي من قريش ومن بني هاشم فانما روي ذلك على مثل ما جاء الخبر فيه عن سعيد بن المسيّب ولم يسأل السائل من روى ذلك له عمّا بعد ، ولو سأل عن ذلك لأوقف عليه ، وسنذكر بعد هذا من أوقف عليه النصّ إن شاء اللّه.
[1275] وروى زاذان ، عن سلمان الفارسي ، أنه قال : لا بدّ من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب فيكسر شوكة المبتدعين ، ويقتل الظالمين. وكذلك قام المهدي من المغرب ، وهو من فاطمة ، ولما جاءت به الروايات من هذا خاف بنو العباس من ادريس بن الحسين لمّا صار الى المغرب ، واحتالوا في أن سمّوه - وقد ذكرت فيما مضى - وكانوا في ذلك كما قال اللّه تعالى : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
ص: 395
الْكافِرُونَ ) (1).
[1276] حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن إدريس ، قال : كنت قاعدا في حلقة المسجد فيها المسيب ، فسمعته يقول : سمعت عليا علیه السلام يقول :
ألا اخبركم عن أهل بيتي ، أما عبد اللّه بن جعفر فصاحب لهم. وأما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان ، ولو قد التفت بحلف البطان لم يغن عنكم في الحرب حبالة عصفور. وأما ابن عباس فلا يقرؤكم. وأما أنا والحسين فنحن منكم وأنتم منّا.
وإن هؤلاء القوم سيدولون عليكم بمعصيتكم إمامكم في الحق ، وبطاعتهم إمامهم في الباطل ، وبفسادكم في أرضكم ، وصلاحهم في أرضهم ، ويطول دولتهم عليكم حتى لا يبقى منكم إلا نافع أو غير ضار حتى يكون نصرتكم منهم نصرة العبد من سيده ، إذا رآه أطاعه ، واذا غاب منه شتمه ، وحتى يكون الناس باكين. باك يبكي على دينه ، وباك يبكي على دنياه ، وحتى لا يدعو اللّه حرمة إلا استحلوها ، وحتى يدخل ظلمهم كل بيت شعر ومدر. فإن أتاكم اللّه بالعافية بالعلل فاحمدوه. وان ابتليتم فاصبروا ، فان العاقبة للمتقين. وفو الذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث اللّه لهم من يسقيهم كأسا مصبرة (2) ؛ حتى يتمنوا أن اكون فيهم فأشفع لهم عنده ، وحتى يقول الناس من قريش : لو كان هذا من قريش لرحمنا.
قوله : حبالة عصفور : الحبالة الشرك الذي يصاد به الطائر وغيره من
ص: 396
الصيد.
وقوله : إن هؤلاء القوم سيدلون عليكم. يعني بنو أمية وبنو العباس يدالون لتكون لهم الدولة.
والباكي على دينه لما يراه قد انتقص فيهم. والباكي على دنياه هو لما يظلمونه فيه ويأخذون منها من يديه.
[1277] وروي عن جعفر بن محمد علیه السلام ، عن جده علي بن الحسين علیه السلام ، أنه سئل عن المهدي ، فقال : هو من ولدي.
[1278] وروى شريك بن عبد اللّه ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين علیهم السلام ، أنه قال : إذا قام قائمنا أهل البيت قسم بالسوية ، وعدل في خلق الرحمن ، البرّ منهم ، والفاجر منهم ، من أطاعه أطاع اللّه ، ومن عصاه عصى اللّه (1) ، ويستخرج التوراة والإنجيل وسائر كتب اللّه [ من غار ] بأنطاكية ، فيحكم بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، [ وبين أهل الزبور بزبورهم ] ، وبين أهل القرآن بقرآنهم. وتخرج الأرض كنوزها من الذهب والفضة ، فيقول : أيها الناس هلموا ، فخذوا ما سفكتم فيه الدماء ، وقطعتم فيه الأرحام ، ويعطي ما لم يعطه أحد قبله ، ولا يعطه أحد بعده. اسمه اسم نبي ، يملأ الأرض [ قسطا و ] عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
فهذا ما ذكرنا أنه يكون لبعض الائمة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله من ولد المهدي وينسب ذلك إليه لأنه أول قائم منهم ومفتاح أمرهم.
[1279] ومما رواه ونسخه يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه
ص: 397
قال : إني رأيت بني أميّة على منابر الأرض وسيملكونكم ، فتجدونهم أرباب سوء ، فانتظروا وأخلاف سفهائهم ، فإذا اختلف سفهاؤهم ارتدوا على أعقابهم لا يرتقون فتقا إلا فتق اللّه عليهم أعظم منه حتى يخرج مهديّنا.
واهتمّ رسول اللّه بالرؤيا التي رآها فأنزل اللّه عليه : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (1).
فقوله : إن بني أميّة لا يزالون يملكون حتى يختلف سفهاؤهم فاذا اختلفوا ارتدوا على أعقابهم حتى يخرج المهدي هو فيما قدمنا ذكره يعني يخرج المهدي خروج من يملك الارض من ذريته وبني أميّة ، وان انقطع ملكهم من المشرق وبقيت لهم بقية المغرب بجزيرة الأندلس ، وسيكون أمرهم على ما وصفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وينجز اللّه ما وعده في كتابه المبين من ايراث الأرض عباده الصالحين.
وقوله : لا يرتقون فتقا إلا فتق اللّه عليهم أعظم منه. الرتق الحلم. الفتق واصلاحه حتى يعود بحال ما كان قبل أن يتفتق ، وكذلك قال أصحاب التفسير في قول اللّه تعالى : ( السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) (2). قالوا :
كانتا السماء لا تمطر ، والارض لا تنبت ، ففتق اللّه السماء ، فامطرت السماء وفتق الأرض فأنبتت.
[1280] ومن رواية يحيى بن محمد بن سلام ، يرفعه الى عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما : انطلق معي بابن مسعود. فمضيت معه حتى أتينا بيتا قد غصّ ببني هاشم. فقال لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كان معكم من غيركم ،
ص: 398
فليقم. فقام من كان معهم من غيرهم حتى لم يبق إلا بنو هاشم خاصة - بنو عبد المطلب وبنو العباس - فقال [ لهم ] النبي : يا علي أخبرني جبرائيل أنك مقتول بعدي ، فأردت اراجع ربي. فأبى عليّ. قال : كأنه ولينكم ولاة بني أميّة يقصدون بكم الضرورة يلتمسون بكم المشقة ، ثم تكون دولة لبني العباس يعملون فيها عمل الجبارين ، فالويل لعترتي ولأهل بيتي ولبني أميّة مما يلقون من بني العباس ، ويهرب من بني أميّة رجال ، فيلحقون بأقصى المغرب ، فيستحلّون فيه المحارم زمانا. ثم يخرج رجل من عترتي غضبا لما لقى أهل بيتي وعترتي ، فيملأ الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما يسقيه اللّه من صوب الغمام.
فقال ناس من بني العباس : يا رسول اللّه ، أيكون هذا ونحن أحياء.
فنظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم كالماقت لهم ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن في أصلاب فارس والروم [ لمن هو ] أرجى عندي لأهل بيتي من بني العباس.
وقوله : صوب الغمام ، الصوب : المطر. والغمام : السحاب الرقيق.
ص: 399
[1281] وعن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : يقوم القائم منا ( يعني المهدي ) ثم يكون بعده اثنا عشر مهديا ( يعني من الائمة من ذريته ) (1).
[1282] وعن أبي الحارث بلال بن فروة ، يرفعه ( الى النبي صلی اللّه علیه و آله ) ، أنه قال : لن تهلك هذه الامة حتى يليها اثنا عشر خليفة كلهم من أهل النبي ، كلهم يعمل بالحق ، ودين الهدى ، منهم رجلان ، يملك أحدهما أربعين سنة ، والآخر ثلاثين سنة.
وهذا مثل الحديث الذي قبله.
[1283] ومن رواية يحيى بن السلام (2) ، يرفعه الى عبد اللّه بن عمر ، أنه قال : ابشروا فيوشك أيام الجبارين أن تنقطع ، ثم يكون بعدهم الجابر الذي يجبر اللّه به امة محمد صلی اللّه علیه و آله ، المهدي ، ثم المنصور ، ثم عدّد ائمة مهديين.
فهذا مما لم يقله عبد اللّه إلا مما سمعه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أو بلغه عنه لأن ذلك من أخبار ما يكون ، ولا يقول ذلك إلا من جاء فيه علم من
ص: 400
عند اللّه تعالى. وقد كان المهدي والمنصور و [ من ] كان بعد هما ويكون كذلك ائمة مهديون وينجز اللّه لهم ما وعدهم في كتابه ، وعلى لسان رسوله بحوله وقوته.
[1284] ومن رواية الدغشي ، يرفعه الى أبي الحارث ، أنه قال : يكون المهدي وسبعة من بعده من ولده كلهم صالح لم ير مثلهم.
وهذا أيضا مما انتهى إليه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ويحقق ] ما قدمناه.
[1285] وعن الدغشي ، يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : يخرج بعدي من بني هاشم رجل يبايع بين الركن والمقام ، فيغلب صاحب الشام أربعة آلاف يخسف لهم بالبيداء (1) ، ثم يسير إليهم. والمحروم من حرم غنيمتهم ، ثم يملك بعد ذلك سبع سنين.
فهذا مما ينتظر ويكون يبايع الناس الإمام يومئذ بين الركن والمقام ، ويهلك اللّه تعالى عدوه كما وعد بذلك على لسان نبيه بحوله وقوته.
[1286] وعنه ، يرفعه الى عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : بينا النبي صلی اللّه علیه و آله جالس في جماعة من أصحابه ، إذ مرّ به فتية من قريش (2) ، فتغير وجهه ، فقال له بعض من حضره : يا رسول اللّه قد ساءنا ما رأينا في وجهك.
فقال : إن أهل بيتي اختار اللّه لهم الآخرة على الدنيا ، وسيصيبهم بعدي تطريد وبلاء وتشريد. حتى يخرج قوم من هاهنا - وأومى الى جهة المشرق - ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه ، ثم يدفعونها الى رجل من أهل بيتي ، فيملأها عدلا.
[1287] ( ومن ) صفوان الجمّال ، قال : قلت يوما لأبي عبد اللّه جعفر بن
ص: 401
محمد علیه السلام ، وأنا عنده : يا ابن رسول اللّه ، أمنكم السفاح؟
فأطرق الى الارض مليا.
ثم قال : يا ثابت منا السفاح ، ومن النفاخ ، ومنا الصدّيق ، ومنا الفاروق ، ومنا الهادي ، ومنا المهدي ، ومنا المهتدي ، ومنا من يهتدي به ، ومنا من تغرب الشمس على رأسه ، وتطلع من مغربها ، نحن ثلة اللّه ، منا أسد اللّه ، ونحن خزّان اللّه.
يا ثابت ، ما نحن خزانة على ذهب ولا فضة ، ولكن على المكنون من علمه. نحن دعائم اللّه ، نحن ذخيرة اللّه ، ورسوله أبونا الأكبر ، وعلي أبونا الأصغر ، وفاطمة امنا ، وخديجة بنت خويلد والدتنا ، وجعفر الطيار في الجنة عمنا ، وحمزة سيد الشهداء عم أبينا. فمن له (1) حسب كحسبنا ، ونسب كنسبنا؟ استودعنا اللّه سره ، وائتمننا على وحيه وعلمه ، وأنطقنا بحكمته ، فهذه حالنا عنده.
فالذين سماهم ائمة منهم قد مضى ، ومنهم من يأتي ، كنى عنهم لصفاتهم وأفعالهم.
وقوله : نحن ثلة اللّه. الثلة في لغة العرب الجماعة. ويقال لخاصة الرجل جماعته يعني أنهم أهل الخاصة عند اللّه تعالى الذين اختصهم بفضله.
[1288] وعن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : إذا قام قائم آل محمد اوتي عصى موسى ، وأخرج التوراة من أنطاكية ، ونزع اللّه الرعب من قلوب شيعته ، وألقى في قلوب عدوهم حتى يكون قلوبهم كزبر الحديد ، وحتى يدعو الرجل ، فيضرب عنقه ، فيقال : فيما قتلته فلا يكون قتله بعلمه (2).
ص: 402
المهدي والدلائل عليه
ما أخبره الثقات من أصحاب أبي القاسم - صاحب دعوة اليمن - وهو الحسن بن فرج بن حوشب بن دادان الكوفي ، وكان من أجلة الدعاة ، وخيارهم ، وثقاتهم ، ومن أهل الصدق والورع والفضل والدين ، وإخلاص الولاية لأولياء اللّه تعالى ، وكذلك كان ، وعليه مات رضوان اللّه عليه.
وكان بسبب اتصاله بأولياء اللّه شواهد للحق يطول ذكره ، وقد ذكرنا في كتاب الدولة الطاهرة المرضية. وكان اتصاله واطلاقه داعيا باليمن من قبل أن يظهر المهدي في أيام الإمام الذي سلّم الأمر إليه في حياته إذ كان أمانة في يديه ، فصار أبو القاسم الى اليمن في جملة من حجّ منهم في ذلك العام ، وصار الى اليمن في أول سنة تسعين ومائتين بعد اذن له في ذلك وفي الجهاد ، فنصر ، ولم يقم أحد فسمي المنصور. وقد ذكرت جاء في الخبر قيل : إنه يقوم باليمن رجل يقال له [ أبو القاسم ] قبل قيام المهدي يوطئ له. وكان اذا سمع من يسميه المنصور يقول : المنصور إمام آل محمد ، أما سمعتم قول الشاعر :
إذا ظهر المنصور من آل أحمد *** فقل لبني العباس قوموا على رجل
وهذا مما ذكر أنه من خبر ما يكون ، فان ذلك لم يكن إلا عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مما أتاه عن اللّه.
ص: 403
فقال قائل : هذا البيت لما بلغه عنه ، وكذلك كان الأمر لما قام المنصور وهو أمر بني العباس ، وان كان واهيا من قبل ذلك الوقت والى اليوم كالقائم على رجل كما قال صاحب البيت : من ترفع سقط وما هي إلا رجل واهية ، واللّه يغرب [ ويظهر وليه ] عليهم وعلى جميع أعدائه بحوله وقوته.
فذكر أن الثقات من أصحاب أبي القاسم هذا الذي قدمنا ذكره صاحب دعوة اليمن ، أنه قال : بشرت مرارا بدعوة المهدي ، وبأني أقوم بها قبل أن أقوم بذلك ، وأن أعرفه ، فمن ذلك أني لما توجهت الى اليمن قصدت صنعاء (1) واني لسائر يوما بقرب قرية من قراها إذا انقطع شسع نعلي ، فملت الى الصخرة كانت بقربي ، فجلست عليها لا صلحه ، فنظرت الى الشيخ قصد إليّ مسرعا حتى وقف عليّ ، وقد أدركه النفس ، فقال لي : ممن الرجل؟
فقلت له : رجل غريب.
فقال : هل معك خبر من المهدي؟
قلت : ومن المهدي ، ما أعرفه؟
قال : إذا كنت لا تعرفه ، فأظنّ هذا شيء جرى باتفاق.
قلت : وما هو؟
قال : كان بهذه القرية شيخ لحقناه من الشيعة ، وكان يقول لنا : سيدخل داعي المهدي هذا البلد ، ويمرّ بهذه القرية ، فينقطع شسع نعله ، فيجلس هذه يصلحه.
قلت : كلام الشيعة كثير.
قال : اي واللّه كثير.
وولّى عني ولم أر فيه قبولا افاتحه.
قال : دخلت صنعاء ، فقصدت المسجد الجامع بها ، فصلّيت ركعتين ، وقد
ص: 404
أدركني كلل (1) ، فلففت ردائي ، واستلقيت ، وجعلته تحت رأسي ، ورفعت إحدى رجليّ على الاخرى ، فلما اطمأن بي المكان حتى وقف عليّ شيخ ، فرفسني برجله ، وقال : قم. وانتهرني.
قلت : مالي أيها الشيخ ، قصدت دون هؤلاء الجماعة في المسجد قد تضجعوا.
فقال : قم ، لا تشبه بمن له هذا المضجع.
قلت : ومن هو؟
قال : نأثر (2) من شيوخ لنا أن داعي المهدي يدخل هذا المسجد ، فيضطجع على هذه الاسطوانة مثل هذا الاضطجاع ، فنحن لا ندع أحدا يتشبه به.
فقمت وجلست ، وأقبل عليه رجل. قال : ما أعجب أمرك ، أفترى هذا هو داعي المهدي. وأخذ في الكلام في مثل ذلك.
ولم أر فيهما قبولا فافاتحهما ، وقمت وتنحيت عن المكان.
قوله : رفسني. الرفسة : الصدمة بالرجل في الصدر.
وسمع أبو القاسم صاحب دعوة اليمن حديثا يرويه الشيعة باليمن ، وقد تمكن أمره ، وذلك أن الشيعة قديما كانوا كثيرا باليمن لمقام علي أمير المؤمنين علیه السلام فيهم لما بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم.
[1289] وقيل : إن رجالا منهم وفدوا على جعفر بن محمد علیه السلام ليأخذوا عنه ، ويسمعوا منه. فسألهم عن مواضعهم ، فذكر بعضهم أنه من المذيخرة (3) ، وذكر أنها من قرى اليمن.
فقال جعفر بن محمد علیه السلام : هي مدينة صفتها كذا
ص: 405
وكذا (1). وصفها بصفتها حتى كأنه يراها بين يديه.
قالوا : نعم.
ثم قال علیه السلام : أما أنه لا يزال لنا فيها عدو.
وقال آخرون : إنهم من مدينة ، يقال لها : الجند (2) من صفتها كيت وكيت.
فوصفها حتى كأنه من أهلها.
قالوا : نعم.
قال : ما أبعد بينها وبين المذيخرة ، إن الجند لا يزال لنا فيها مواليا بقيت.
وقام قوم : نحن من جيشان (3).
قال : مدينة من صفتها كذا وكذا.
قالوا : نعم.
قال : هي مدينة ، وبأعلاها سدرة وأسفلها سدرة.
قالوا : نعم.
قال : إن بين السدرتين لكنز لآل محمد.
فلما حدّثوا أبا القاسم صاحب دعوتهم ، قال : مولاي جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : ولقد انكشف لي من أمر هذه المدائن كلما ذكر فيها. أما الكنز الذي ذكر أنه من جيشان بين السدرتين ، فأنا واللّه استخرجته. لقد استخرجت منها سبعين رجلا أعدتهم دعاة كلهم ، ولقد أقام اللّه تعالى بهم لآل محمد أمرا عظيما.
ص: 406
وكان الغالب على أهل جيشان التشيع ، وابن جيران الشاعر منهم.
قال أبو القاسم : وأما المذيخرة فما زلت أعرف فيها عدوا لآل محمد صلی اللّه علیه و آله كما قال الصادق علیه السلام : ولقد مخضتها مخض السقاء ، وأكفيتها إكفاء الإناء ، وهم على مثل ذلك الى اليوم كما علمهم.
وأما الجند ، فاني كان لي بها خير عظيم ، دخلتها وأنا مستتر ، فقصدت المسجد الجامع بها ، فصلّيت به الظهر والعصر والمغرب ، ونظرت الى قوم معهم هيئة المبيت ، فقلت لهم : [ هل ] يبيت في هذا المسجد ، فاني رجل غريب أردت المبيت فيه؟
قالوا : نعم ، وكلنا غرباء ، ونحن نبيت فيه.
وجلست ، فلما صلّينا العشاء الآخرة ، تحلق فيه جماعة يتناظرون في العلم ، فأقاموا على ذلك من الليل ، وكانوا على حلقتين ، حلقة من الشيعة وحلقة من الجماعة ، فجلست فيما بين الحلقتين أسمع كلام هؤلاء وهؤلاء ، حتى انصرف الشيعة ، وقام الآخرون لينصرفوا ، فقال لهم رجل منهم : اجلسوا.
فجلسوا ، وجعل ينظر الى اولئك الشيعة وهم ينصرفون ، حتى انصرف آخرهم ، فعطف وأصحابه ، وقال : أتعرفون لهذه الليلة خبرا تقدم؟
قالوا : لا.
فاستخرج كتابا من كمه ، قال : ما تعرفون هذا الكتاب الذي يروي ما فيه عن فلان أو سماه هؤلاء الشيعة؟ وسمى الكتاب.
قالوا : نعم.
فقرأ عليهم منه أخبارا كثيرة من روايات الشيعة وأخبار المهدي ، وما يكون من أمره ، وذكر أن داعيه يدخل أرض اليمن ، وأنه يبيت
ص: 407
ليلة كذا وكذا في جامع الجند. ثم عطف على القوم ، فقال : ألم تسمعوا هذا الخبر؟
قالوا : بلى واللّه قد سمعناه.
قال : فانظروا الى غفلة هؤلاء - يعني الشيعة - عن هذه الليلة أن يذكروها.
قال أبو القاسم : فاقشعر جلدي ، وتداخلني خوف شديد. ثم قال : ما ترون؟
قالوا : نرى ما تريد.
قال : الذي أرى أن نخرج جميع من في المسجد ، ولا يبيت فيه الليلة أحد ، فإذا كان غدا عرفناهم فساد روايتهم وكذب من روى ذلك لهم.
قالوا : هذا هو الرأي.
فقام قائما ، وقال : ليخرج كل من كان في المسجد ، [ لا يبيت ] الليلة فيه أحد. وجعل أصحابه يخرجون الناس ، فآويت الى ركن من أركان المسجد حتى خرج عامتهم ولم يبق إلا رجل يطفئ القناديل وانتهى إليّ ، فرآني ، فقال : من هذا؟ فقلت : رجل غريب.
قال : قم ، فاخرج ، أما سمعت ما قال الشيوخ.
قلت : إني رجل واللّه ما اعرف أين أتوجه ، فأحتسب ثوابي ، وآوني هذه الليلة في بيتك.
قال : واللّه ما عندي لك مكان.
قال : قلت : يا هذا تخرجني من بيت اللّه ولا تؤويني في بيتك وتعرض بي الهلاك.
فكأنه استحيا ، فقال : قم إن شئت. وخرج وأغلق الباب ، فناولني لذلك خوف شديد ، وبتّ على حذر ولم آمن أن يختبروا
ص: 408
المسجد من غد ، وهل بات فيه أحد؟ فما اختبروا لذلك ، وسلّم اللّه وأحسن.
وذكر ذلك أبو القاسم بعد أن ظهر أمره لمن حضر تلك الليلة منهم المسجد ، وكان ذلك عندهم من البراهين (1).
قال أبو القاسم : وخرجت من الجند اريد ناحية من نواحي اليمن ، فاني لسائر على الطريق الذي أخذته اني رأيت عسكرا عظيما قد أقبل ، وكان معي نفر ، قالوا : هذا واللّه جيش أبي يعفر ، وقد جاء لحرب جعفر بن إبراهيم صاحب المذيخرة ، وتفرقوا في وعر جبل كنا فيه يستترون الى أن يجوز العسكر خوفا من معرفتهم. وقصدت وحدي ناحية من الوعر ، فوافقت كهفا ، فدخلت فيه ، فاني جالس ، فدخل عليّ رجل ، فسلّم عليّ ، وجلس ، وقال : ممن الرجل؟
قلت : من هذه السيارة أتانا الجيش ، فتخوفنا ، وافترقنا نستتر الى أن يمضي [ الجيش ].
فدعا بالخير ؛ وأقبل يحدثني ، ثم قال لي : أعندك علم من الفتيا؟
قلت : عندي من ذلك مثل ما يكون عند مثلي.
فسألني عن مسائل ، فأجبته فيها. فلما أتيت على آخرها ملأ عينيه مني ، وأهملتا دموعا ، ثم قبّل رأسي ويدي ورجلي ، وقال : يا سيدي ، رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أرسلني إليك لتستنقذني ، وتأخذ بيدي.
قلت : وكيف ذلك أيها الرجل؟
قال : كنت رجل أرى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في منامي في كل عام في ليلة معروفة من السنة ، وكنت أتأهب لتلك
ص: 409
الليلة فلا يحرم رؤياي. فلما كانت تلك الليلة من هذا العام ، فلم أر فيها ولا بعدها. اغتممت غما شديدا ، فلما بتّ البارحة رأيته ، فجعلت أبكي إليه ، فأقول : يا رسول اللّه ، لقد طال شوقي إليك ؛ وحرمت منك ما كنت تعودته ، وساء ظني بنفسي لذلك. فقال : لا يسوء ظنك فهذا داعي المهدي قد حلّ بالبلد الذي أنت فيه بين ظهراني أهله ، فاذهب إليه.
قلت : وأين أجده يا رسول اللّه ومن هو؟
قال : اذهب غدا الى الكهف الفلاني - وسماه لي هذا الكهف - فانك تجده مستترا.
قلت له : يا رسول اللّه صفه لي. فوصفك بصفتك ، وقال : سله كذا وكذا - وذكر لي المسائل التي سألتك عنها ، فان أجابك بكذا وكذا - وذكر لي ما أجبتني - فهو صاحبك.
قال أبو القاسم : فأدركتني خشية ، وقلت في نفس : ما عسى أصنع فيمن أرسله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فكشفت له أمري ، ودعوته ، فأجاب ، فأخذت عليه العهود في مقامه.
وكان هذا الرجل معروفا من أجلة أصحابه.
قال أبو القاسم : وكان الامام لما بعثني الى اليمن ، أمرني أن أقصد عدن لاعة (1). فلما سرت الى اليمن سالت عدن لاعة ، فكل من سألته عن ذلك ، قال : انما نعرف بعدن أبين (2) ، فقلت في نفسي : لعل هذا الاسم قد غيّر وبدّل عما يعرفه الامام.
فقصدت عدن أبين لما أجد ، وسألت عما يحمل إليه من التجارة ،
ص: 410
ولأستتر بذلك ، فقيل : العطب - يعنون القطن - ، وقيل لي : إن بها ناس من الشيعة فانها فرضة الهند وأم البلد.
فاشتريت قطنا ، وقصدت إليها ، فلما وصلت إليها سألت عن [ سوق ] بيع القطن ، فدللت إليها ، فاكتريت فيه حانوتا فيها بما معي منه ، ورأيت في [ ذلك ] (1) السوق قوما يتذاكرون فضائل علي علیه السلام ، فأصابنا مطر دائم ، فاني يوما لجالس في داخل الحانوت ، والمطر يسكب إذ دخل عليّ جماعة منهم ، فجلسوا وتحدثوا عندي ، ثم أخذ أحدهم بيدي فخلا بي ، فقال : ما هذا وجه بياع قطن ، ولكن معك شيء من علم آل محمد.
قلت : أنا رجل تاجر.
قال : دعني من هذا ، لعلك سمعت ببني موسى؟
قلت : نعم.
قال : فنحن هم ، ونحن شيعته ، وهذا أوان ننتظر فيه دخول داعي المهدي إلينا على ما تقدمت به الروايات عندنا ، وانّا لنجد صفته فيك ، ولهذا جئناك ، فهات ما عندك ، فنحن إخوانك.
قال أبو القاسم : ولم يزل بي حتى كشفت له الأمر وما برح حتى أخذت عليه العهد. وقام فأتاني بأصحابه ، فأخذت عليهم ، فعزموا عليّ ، فنقلوني الى محلهم ، وكنت عندهم ، وآتوني برجال ممن كان بالموضع من أصحابهم ، فأخذت عليهم. ثم قالوا : إن اخواننا من الشيعة بعدن لاعة فترى نرسل إليهم؟
قلت : وثمّ عدن لاعة؟
قالوا : نعم.
ص: 411
قلت : وإليها أرسلت ولم أجد أحدا يخبرني عنها.
فارسلوا إليها ، فأتاني رجال منهم ، وأخذت عليهم وسرت معهم ، فأصبت دار شيعة وأخبروني عن رجل منهم يقال [ له ] (1) : أحمد بن عبد اللّه بن خليع ، كان فيهم ذا علم وأنه كان ينتظر قدومي ويقول لهم : بهذا العام يدخل عليكم داعي المهدي. واشترى سلاحا ، وأعدّه لقدومي ، وأتوني بذلك.
قالوا : خبره اتصل بابن يعفر صاحب اليمن ، فرفعه إليه فحبسه ، فمات في محبسه.
قال : وأنزلوني بدار من دوره.
وتزوج أبو القاسم بنت أحمد هذا المتوفى. وبعث بابن أخيه - الهيثم - داعيا [ له ] ، فكان أول [ داع ] له ، واستجاب له خلق عظيم من أهله. والدعوة الى اليوم بها قد قويت ، وظهرت ، وقهرت من خالفها ، وغلب أمرها بحمد اللّه تعالى.
قال أبو القاسم : ولما تمكنت لي الامور ببعض ما احبّ كتبت الى الامام بذلك ، فورد على جواب كتابي (2) وبأنه الامام المهدي ، وبأنه سلّم الامر إليه ، فمن قبل أن يصل إليّ جوابه تمكنت لي الامور وقويت ، ورأيت من النصر والفتح ما لم أكن أعرفه. فلما صار إليّ الكتاب بما كان من أمر المهدي علمت أن ذلك إنما كان ببركته ، وبمنّ دعوته ودولته ، وتهيأت لي امور من أعمال المؤمنين فبعثت بها إليه ، وطرائز وظرائف من طرائز اليمن وظرائفها ، فكان ذلك أول شيء وصل إليه.
ص: 412
واستأذنه أبو القاسم بعد ذلك بالحرب ، فأذن له ، فأظهر أمره ، وقام بالحرب ، وافتتح مدائن باليمن ، وغلب على ملوكها ، وافتتح صنعاء ، وأخرج بني يعفر منها ، وفرق الدعاة في سائر اليمن وما يليه من البلدان ، ولم يزل أمره يعلو ويزيد الى أن كانت فتنة محّص اللّه تعالى المؤمنين منها ومحق الكافرين والمنافقين من بناحيه منها ما نال غيرهم في أخبار يطول شرحها. وتوفي أبو القاسم رحمة اللّه عليه باليمن في غربة ومنعة وفي وفد من المؤمنين وسعد من الدين ، وكانت بعده أحداث وأخبار يطول شرحها.
وآيات المهدي في الدعوة التي أيده اللّه تعالى بها وأعز نصره بأيدي أهلها وهي الدعوة التي قام بها أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن زاكي (1) الكوفي ببلد كتامة ، وقد ذكرنا سيرته فيها من أولها الى آخرها في كتاب الدولة. ولكنا نذكر في هذا الكتاب طرفا من ذلك لما جرى للمهدي. ونبتدئ أنه قدم الى المغرب من قبله مدة طويلة رجلان من أهل المشرق ويعرفان [ الأول ] بالحلواني ، والثاني بأبي سفيان. فنزل كل واحد منهما بناحية. فلما صارا الى مرماجنة نزل أحدهما - وكان يعرف بأبي سفيان - بها بموضع يقال له : تالا في موضع بأرض مرماجنة. بنى فيه مسجد الروم ، وتزوج امرأة. وكان له عبد وأمة. وكان عابدا
ص: 413
عالما يصوم النهار ويقوم الليل ملازما لمسجده ، وكان أهل تلك الناحية قد عرفوا فضله ، وكان يروي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، وكان ورعا زاهدا فاضلا ، ويروي عنه في ذلك اخبار كثيرة ، وتشيع على يديه بشر كثير ، ومن أجل ذلك استقرت الشيعة قديما بمدينتي الأندلس ومجانة.
ونزل الحلواني بسوجمار بالقرب من بلد كتامة ، وكان أحواله كأحوال أبي سفيان وتشيع على يديه كذلك عالم كثير من أهل تلك الناحية.
ومما كان يؤثر ، أنه قال : بعثت أنا وأبو سفيان الى هذه الجهة ، ووصف لنا. وقيل لنا : إنكما تأتيا أرضا بورا واحرثاها وذللاها الى أن يأتي صاحب البذر ، فيبذر. وكان يقول : سيأتي داعي المهدي. ووصف أبا عبد اللّه بصفته ، ويقول : إن في فيه اصبعا في اخبار له ذكرها.
وكان الإمام الذي أخرج أبا القاسم ، فلما تمكنت الدعوة واظهر أمرها أرسل الى أبي القاسم داعي اليمن أبا عبد اللّه الحسين بن أحمد داعي المغرب بالمقام عنده ليقتدي بسيرته ، وأفعاله ، ويشاهد ذلك ، ثم يسير الى المغرب ، ويقصد بلد كتامة ، فصار الى اليمن ، وأقام عند أبي القاسم شهورا. وكان أبو القاسم به معجبا يذكر فضله ويثني بالجميل عليه.
وقيل : إنه لما ودعه لينصرف عنه وهو بقلعة لاعة - بالموضع الذي بنى فيه - نظر إليه منصبا منحدرا منها ، ومعه جماعة من أصحابه. فنظر أبو القاسم إليه ، ثم قال لهم - وأشار الى أبي عبد اللّه - : إن بين كتفيه لنجاة خلق عظيم.
ص: 414
وكان أبو عبد اللّه من خيار المؤمنين وأفضلهم من الدين في نهايته ، ومن الورع في غايته ، لطيفا عاقلا عالما بالتأويل ، يحسن منه ما يقول.
وانصرف من عند أبي القاسم من اليمن في وقت خروج الحجيج من اليمن للحج ، فصار الى مكة. فلما استقرّ الحجيج بمنى في أيام التشريق ، جعل أبو عبد اللّه يسأل عن موضع نزول أهل المغرب ليخرج في جملتهم إذا نفروا. فمرّ برجال من كتامة قد كانوا حجوا في ذلك العام ممن كان تشيع بأسباب الحلواني ممن لم يلحقه ، فسمعهم يتذاكرون فضل أمير المؤمنين علي علیه السلام ، وجلس إليهم وفاتحهم في ذلك ، فمالوا إليه ، ووجدوا عنده من ذلك ما لم يكونوا سمعوا به ، واعجبوا به ، وسألوه عن بلده ، فذكر لهم أنه من أهل المشرق ولكنه يريد المغرب ، فسرّوا بذلك ، واغتبطوا بصحبته ، وكان منهم إليه اكرام واجلال ، وجرى من حضره معهم ما يطول ذكره مما قد ذكرناه في غير هذا الكتاب مما ذكرنا إنا ألّفناه.
وخرج معهم من مكة حتى صاروا الى سوجمار حيث كان الحلواني ، فهو من بلد كتامة ، مسيرة يوم ، نزلوا عند شيوخ لهم من الشيعة قد أدرك بعضهم الحلواني ، واجتمع اولئك الشيوخ عند أبي عبد اللّه فوجد عندهم المعرفة والتهيؤ للقبول ما لم يجده عند الذين قدم معهم ، ففتح لهم بعض ما عنده ، فخلوا به في ليلتهم تلك ، وذعنوا إليه في تعريفهم أمره.
وقال - من أدرك الحلواني منهم - : واللّه لقد وصفك لنا شيخنا بصفتك ما غادر غير أنه ذكر أن في فيك اصبع.
فتبسم أبو عبد اللّه ولم يزالوا حتى أظهر لهم أمره ، وأخذ عليهم في ليلتهم تلك ، ولما أخذ عليهم بالكتمان وضع اصبعه في فيه كما يفعل من يأمر بالصمت ، وقال لهم : هذا الاصبع الذي ذكر الحلواني في فيّ.
ص: 415
ولما أصبحوا أجلسوا أصحابهم ، وأظهروا من تعظيم أبي عبد اللّه ما لم يكن قبل منهم ، وقالوا لأصحابهم : نحن نخرج معكم ، فأقيموا عندنا اليوم. ثم اطلعوه على خبره ، فأخذ عليهم.
ودخل بلد كتامة في سنة ثمان ومائتين ، ومضى معه الرجال الذين أخذ عليهم بسوجمار. فلما صار الى جبل بلد كتامة تنازع الذين قدموا معه من الكتاميين فيه ، وأراد كل فريق منهم أن يكون قصده إليه ، ونزوله عليه. ثم اتفقوا على أن يخبروه في ذلك ، فقال لهم : أين فج الاخيار؟
فنظر بعضهم الى بعض بما قال ، قالوا له : ومن أين تعلم أنت هذا الفج؟
قال : ما أعلمه ، ولكن امرت أن يكون دخولي الى بلد كتامة منه ، فأيكم كان طريقه عليه ، وقصد موضعه من جهته كنت معه.
فكان ذلك طريق جميلة ، فسار معهم. وقال للآخرين : أنا أزوركم ، وآتي كل قوم منكم في مواضعهم. ونزل ايكجان من بلد كتامة في حدّ بني سكتان.
أبو عمر ، قال : اشتريت ثوبا من الزهافي ومتاع كنت اشتريته سرت به الى بغداد. وطلب الثوب مني لخليفة كان يقرب ما استخلف وأدخلت الى القصر لأقبض ثمنه ، فدفعت الى شيخ له هيئة حسنة ، وهو جالس ، وعن يمينه فتى جميل الوجه حسن الهيئة ، فاشترى الشيخ الثوب مني ، وأمر لي بثمنه ، ثم سألني عن بلدي ، فقلت : من أهل المغرب.
قال : من أيّ المغرب أنت؟
قلت : من مدينة يقال لها : مجانة.
قال : وأين أنت من مكان يقال له جيحل؟
ص: 416
قلت : وثم موضع يقال له : جيجل؟
قال : ما سمعت بهذا الموضع؟
ثم أنكرت ، فقلت له : تريد جيحن (1).
قال : وثم موضع يقال له : جيجن.
قلت : هو من موضع كتامة بيننا وبينه مسافة خمسة أيام.
قال : قد يكون صحّف.
ثم ضرب بيده على كتف الفتى ، فقال : اذا خرج الخارج من جيجن هذه ، فان خروجه سبب انقطاع دولتكم يا بني العباس.
وكان كثير ما يرد كتب بني العباس الى عمالهم بافريقية وفي أواخرها.
وأحسن الرباط خيلا ، ورجلا ، وعدة ، فان السجل إنما يطوى من آخره.
وذلك كما صحّ عندهم من الروايات في اخبار ما يكون انقطاع دولتهم هناك. وهذا ما يجري مجراه من الاخبار عما يكون انما يأتي من أنبياء اللّه الذين أطلعهم عليه من عليم غيبه الذي لا يطلع عليه إلا من ارتضى من رسوله ، كما قال تعالى (2). فصار من ذلك ما صار ، الى من صار إليه عنهم علیهم السلام ، ورفع الى من حدث به وذكره على ما قدمنا القول فيه من ذلك من مثل هذا ، ومن غيره مما هو في معناه.
[1290] ومن هذا المعنى ما رواه محمد بن سلام الكوفي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن الحسن ، أنه كان في أيام بني أميّة ، إذا خلا بمن يثق به
ص: 417
ذكر له سرّ أحوال بني أميّة ، وأومى الى القيام عليهم. فلما ظهر أبو مسلم بخراسان ، سكت عن ذلك.
فقيل له : هذا أبو مسلم قد قام يدعو الى الرضا من آل محمد ، ولبس السواد ، وسود راياته على الحسين علیه السلام ، وقد كنت تذكر مثل هذا ، وأنت اليوم لا تذكره ، فما الذي فيه؟
فقال : واللّه لهذه الرايات أضرّ عليكم وأغلظ عليكم من رايات بني أميّة. ولكن انظروا هل طلعت رايات من المغرب؟
قالوا : لا.
قال : فهي التي يكون الفرج معها ، فاذا طلعت فبادروا إليها.
[1291] وروى يحيى بن سلام - صاحب التفسير - رفعه باسناده الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : تطلع الشمس من مغربها على رأس الثلاثمائة من هجرتي.
وهذا حديث مشهور ، ولم تطلع الشمس من مغربها في هذا الوقت ولا قبله ولا بعده ، وإنما عنى عليه الصلاة والسلام بذلك قيام المهدي بالظهور من المغرب.
والعرب تقول : طلع علينا فلان ، وطلع من مكان كذا وكذا إذا أقبل منه.
ويسمّون الرجل الفاضل شمسا ، قال الشاعر :
فانك شمس والملوك كواكب *** اذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب
وقد سمّى اللّه تعالى نبيه سراجا ، فقال : ( إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِي اًإِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (1). وسمّى اللّه تعالى الشمس سراجا ، فقال : ( وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً ) (2) وقال : ( سِراجاً وَهَّاجاً ) (3) يعني الشمس.
ص: 418
والمهدي هو المراد بالشمس التي ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنها تطلع من المغرب على رأس الثلاثمائة من هجرته ، وكذلك طلع هو علیه السلام في سنة سبع وتسعين ومائتين ، ورأس الثلاثمائة ما دخل في عقد آخر عدها أعني العشرة الآخرة من عدد الثلاثمائة ، ولم يطلع في ذلك الوقت ، ولا فيما قرب منه من قبله ولا من بعده شمس من المغرب ، ولا انسان يشبه بالشمس ويضاف اسمها إليه غيره.
ومن ذلك ما قاله الفهري في المهدي علیه السلام في قصيدة له طويلة :
فعند الست والتسعين قطع القول والعذر *** لأمر ما يقول الناس بيع الدر بالبعر
وصار الجوهر المكنون علفا غير ذي قدر *** يتيم كان خلف الباب فانقضّ على الوكر
ففي سنة ست وتسعين ظهر أبو عبد اللّه على مملكة إفريقيا ، وأقام دعوة المهدي ، ورأى الناس أن الاشراف فيهم ، وهم الارذلون ، وقد سلب ملكهم قوم لا خلاق لهم وهم أصحاب أبي عبد اللّه وأنصار دولة الحق.
وقوله : يتيم كان خلف الباب ، يعني المهدي ، وكذلك كان. مات أبوه وهو صغير وكذلك كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وهذا مما قدمنا ذكره أن قائله قالوا منه ما انتهى إليهم عن أنبياء اللّه تعالى ، ومن أخبار ما يكون.
ومن ذلك قول الحربي ، وكان شيخا من قرية من قرى تونس ، يقال لها : أعرابي ، قد خرف ، وكان عنده أخبار ما يكون ، فانتهى خبره الى إبراهيم بن أحمد الأغلبي (1) ، وكان قد بحث عن هذه الاخبار ، فطلبها ، ولحق أيام أبي
ص: 419
عبد اللّه ، وأرسل إليه وهو ببلد كتامة يدعوه الى الرجوع عما هو عليه ، ويحذره نفسه. وقد ذكرت ما جرى بينهما في كتاب الدولة. ولما تبين أنه صاحب الامر أعرض عنه ، وكان إذا خلا مع من يثق به فجرى ذكره يقول : واللّه لو دخل من آخر أبواب مدينتي هذه لأخرجن من باب آخر. ثم ظهر يومه ، فخرج من إفريقيا الى بلد الروم (1) غازيا ، وأسلم ملكه (2) لما علم أن أمر أبي عبد اللّه وظهوره على إفريقيا قد قرب.
وكان لما بلغه أمر الحربي هذا بعث في طلبه ، فحمل إليه وهو ابن أربع وتسعين سنة ، فسأله أن يخبره بما عنده في أمر مدتهم ودولتهم ، فأنكر أن يكون عنده علم من ذلك ويلوك منه ، فجزم عليه ، وآمنه ، وحلف له أن اخبره ليحسن إليه ، وأن لا يناله إلا كل ما يحبه ، وتواعده بالمكروه إن تمادى على كتمان ذلك عنه ، وكان الحربي شاعرا ، وكان له قصيدة في ذلك تعرف بقصيدة الحربي طويلة ، عرض فيها لخبر ما يكون تعريضا دون التصريح لما خاف أن يهيجه ذلك ، فيناله مكروه منه ، أولها :
أقول وأسلمت القريض لأهله *** وعشت زمانا وهو خير مكاعب
أمن بعد تسعين سنينا أعدها *** وأربعة من بعد ذاك رواتب
ازاحم أهل الشعر بالشعر راجزا *** أبى اللّه هذا بعد أن جبّ غاربي
ولكنني أرجو من اللّه عفوه *** بأوبة مأمون السريرة تائب
وآمل غفرانا بفضل تلاوة *** ارددها ليلي بفكرة آئب
صرفت اموري للّذي أنا عبده *** على ربّ العرش معطي الرغائب
فلست حياتي سائلا غير ذي العلى *** وإلا فجبّت من يميني رواجبي
ألا يا أمين اللّه وابن أمينه *** وعاشر سادات الملوك الأغالب
ص: 420
وجدت كتابا قد تقادم عهده *** رواية أشياخ كرام المناسب
رواية وهب عن سطيح ودينل *** مشايخ علم صادق غير كاذب
تتابع رايات من الشرق سبعة *** الى الغرب سود خافقات الذوائب
يسين بأخزر العيون تراهم *** مباسمهم سمط طوال الشوارب
ويقول فيها هذه الأبيات :
ولاة بني العباس عشرون واليا *** تدين لهم بالرغم أرض المغارب
وفي الست والتسعين تهبط راية *** من الغرب في جمع كثيف المواكب
يمزق أرض البربرية جمعهم *** بخيل كأمثال القطا المتسارب
وتطلع شمس اللّه من غرب أرضه *** فلا توبة ترجى هناك لتائب
سمي نبيّ اللّه وابن وصيه *** واكرم مولود وأشرف طالب
فيملأ أرض اللّه عدلا ورحمة *** بأيام صدق طيبات المكاسب
وبالأعور الدجال ينهدّ جمعه *** سوى عصبة في باذخ الطود راتب
ويقتله من بعد عيسى بن مريم *** بقدرة ربّ ماله من مغالب
ومن بعدها موت ابن مريم مفضيا *** الى اللّه في حكم من اللّه واجب
فرمز له فيها ، وأغمض معانيها ، وجعل كلامها شعرا ليحمل الحذف والاغماض.
وأما قوله : وأسلمت القريض. يقول : تركت قول الشعر ، يعني من قبل ذلك. والقريض ، في اللغة : قول الشعر ، والنطق به. يقال منه : فلان يقرض الشعر أي يصنفه. والقريض الاسم من ذلك القصيدة.
والرواتب : القوائم. يقال منه : رتب يرتب الرجل : إذا نفض قائما.
وقوله : إن جبّ غار بي.
الجب : استئصال ما يقطع من السنام وغيره اذا قطعه بأجمعه. قيل : جبّه ،
ص: 421
وهو مجبوب ، وقد جبّه ، أي قطعه كلاّ (1).
الغارب : أعلى الظهر ، وأعلى السنام ، ولهو الغارب أيضا ، ومنه قيل : حبلك على غاربك (2) ، شبهتها بالبعير الذي يلقى رسنه على ظهره ، ويثبت ، وإذا قطع سنام البعير ضعف ، فشبه نفسه بضعف الكبر بالبعير المجبوب الغارب.
الاوبة : الرجوع يعني الرجوع الى اللّه بالتوبة ، والآئب : الراجع.
وقوله : وإلا فجبّت من يميني رواجبي ، جبّ كما ذكرنا قطعت واستأصلت.
والرواجب ، جمع راجبة. والراجبة : يجمع ما بين الرجبين من كل اصبع ومن السلامي ما بين المفصلين. والراجبة الطائرة التي [ في ] الدائرة من الحامين الوجنتين من رجليه يقول : وإلا قطعت أصابعه من ذلك الحدّين يمينه تقسم بذلك على ما ذكره (3).
خزر العيون : الخزر في العين انقلاب الحدقة نحو اللحاظ وهو حول قبيح. وفعل ذلك ناظر الشيء من غير حول. قيل : خزر فلان عورا ذلك إذا نظر إليه بلحظ عينيه كالمغضب. ومنه قول الراجز :
لقد تخازرت وما بين من خزر
ثم كسرت العين من غير عور يصفهم بالغضب ، ويقال للرجل الطويل الاصابع : انه أبسط الاصابع (4).
والكثيف من الكثافة : وهي الكثرة والتفاف. والفعل منه كثف يكثف كثافة ، والكثيف اسم كثرية يوصف به العسكر والسحاب والماء (5).
ص: 422
والمواكب جمع موكب ، وهو ما اجتمع من الخيل وانفرد من الكثير منها. والجم : الكثير. والطود : الحبل الباذخ المشرف. والراتب : القائم.
فهذا شرح ما في هذه الأبيات من الغرائب.
وأما شرح معانيها وما كان مما ذكر فيها.
فأما قوله : تتابع رايات من الشرق سبعة ، فهي الرايات التي دخلت إفريقيا من أرض المغرب. وقيل : إنه لا بدّ من راية ثامنة تدخل وهي التي تفتح المغرب. وهذا إنما يكون لأولياء اللّه إذا ملكوا المشرق وأنفذوها مما هناك إن شاء اللّه تعالى.
وقوله : وفي الست والتسعين ، يعني ما قدمنا ذكره أن ذلك في سته وتسعين ومائتين ، أعني فتح أبي عبد اللّه إفريقيا ، وازالة دولة بني العباس منها.
وقوله : وتطلع شمس اللّه من غرب أرضه وقد ذكرنا معناه قبل هذا.
وقوله : بالأعور الدجال ينهدّ جمعه. الأعور الدجال هو ذو العوار المبين مخلد (1) اللعين هدّ بباطله جموع اللّه فلم يبق منهم إلا من لحق بالجبل الابيض بالمهدية.
فمن كان ساكنا بها فزع إليهم ممن كان ساكنا في نواحي إفريقيا.
وقوله : ويقتله من بعد ذلك ابن مريم. يعنى المنصور وفي بعض الروايات : ويقتله المنصور وهو ابن مريم ، ومن هذا المعنى قول ابن أعقب شعرا :
قد قلت لما طار عني الكرى *** حتى متى ذا الليل لا يصبح
عذبني الحزن وفقد الكرى *** كلاهما أقسم لا يبرح
وكيف لا يحزن من لا يرى *** بانه ببلع يا مسطح
ص: 423
دهرا يرى فيه امام الهدى *** بأسه بالمعروف يستفتح
ويبتني البيضاء في لجة *** خضراء فيها نونها يسبح
ينجو من الاهوال سكانها *** والأرض منها كلها تفتح
لو مدّ من عمري الى عمره *** لكنت في القرن الذي يفلح
هيهات ما ذا العمر مما أرى *** فيما أرى الموت به يسمح
الكرى : النوم. وعنى بالبيضاء : مدينة المهدية (1).
وقوله : ينجو من الاهوال سكانها. وكذلك نجوا من أهوال فتنة مخلد الدجال.
ومن ذلك قول ابن أعقب ، شعرا :
اسمع الحق ودع عنك اللعب *** وهاك قولا صادقا غير كذب
في الست والتسعين يأتيك العجب *** بعد كمال المائتين في رجب
ينفض من جيحل جيش ذو لجب *** امضى من الجمر إذ الجمر التهب
من بربر يسعون من كل حدب *** ركبا ورجلا ما يملّون التعب
قد ملأوا المشرق خوفا ورهب *** وأنزلوا المغرب ذلاّ ونصب
إذا رأى الكوكب الطويل الذنب *** فذاك حدث ظاهر قد اقترب
تسعين ألفا بين رأس وذنب *** سيماهم الحقد واظهار الغضب
يعززها الراكب في عذر الركب *** يقودهم كهل عظيم بالكتب
يأوى الى الحزم إذا الجبل اضطرب *** ويأخذ الامر البعيد من كتب
تنقلب الدولة فيما تنقلب *** مهدية في نصّ انتظار الكتب
عن دانيال وسطيح للعرب
ص: 424
قوله : جيش ذو لجب. اللجب صوت العسكر يقال من ذلك (1).
والحدب : ما ارتفع من الارض. والكتب : القرب.
وقوله : في الست والتسعين بعد المائتين. كذلك كان دخول أبي عبد اللّه إفريقيا ، وازالته ملك بني الاغلب منها في سنة ستة وتسعين ومائتين في رجب. وكذلك دخول الخوف من أجله على أهل المشرق ، فأزال أعداء اللّه تعالى من المغرب وكذلك كان جيشه عامته بربر وفيهم أخلاط من قريش ومن العرب ، ممن كان في المدائن التي افتتحها قبل ذلك ، وكذلك كان أبو عبد اللّه في حين ذلك أهلا عليما بالكتب ذا سياسة بالامور ، وكذلك انقلبت الدولة به الى المهدي. وما سمعنا من أخبارها يكون بأصحّ من هذا الشعر في المعنى.
وأنشد أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني (2) أبا عبد اللّه هذا الشعر لما صار. الى إفريقيا ، وعنده وجوه أهل القيروان. فقال أبو عبدون القاضي ما سمعنا من الحدثان شيئا أصدق من هذا الشعر.
وكان ابراهيم بن أحمد قد نقم على أهل بلزمة أمرا فعلوه ولم يكن يقدر عليهم ، فلطف بهم وأظهر برّ من يأتيه منهم واكرامه وأقطعهم القطائع ووفّر لهم الصلات وأتاه جماعة منهم ، أنزلهم برفادة في موضع بنى عليه سورا ونصب عليهم أبوابا ، فلما اجتمع إليه منهم من رأى أنه لا يأتيه غيرهم فتك بهم في ليلة من الليالي ، فقتلهم عن آخرهم.
وكان ببلزمة يومئذ رجل من الشيعة يقال [ له ] : محمد بن رمضان من أهل
ص: 425
نفطة من مدائن قسطنطينة وكان شاعرا. وصار إليه علم من علم ما يكون ويذكر انقطاع دولة بني الأغلب ، ويصف المهدي ويذكر قرب ظهوره ، فانتهى ذلك عنه الى إبراهيم بن أحمد ، فأمر بطلبه ، وأحسن بذلك فلجأ الى بلزمة ومدح رؤساءها ، فأووه وحموه ، فلما وقع إبراهيم بن أحمد بن أوقع به ، وانتهى إليه ، قال في ذلك هذه الأبيات :
جلّ المصاب لئن كان الذي ذكروا *** مما أتتنا به الأنباء والخبر
عن ألف أروع كالاساد قد قتلوا *** في ساعة من سواد الليل إذ غدروا
لو كان من بيت الآساد أيقظهم *** حلّت به منهم الاحداث والغير
قل لابن أحمد ابراهيم مالكه *** عن الخبير بما يأتي ولا يذر
عن المشرّد في حبّ الائمة من *** آل النبي وخير الناس إن ذكروا
اعلم بأن شرار الناس أطولهم *** يدا يمكروهم يوما اذا قدروا
لا سيما الضيف والجار القريب ومن *** أعطوه ذمتهم من قبل ما خفروا
فما اعتذارك من عار ومنقصة *** أتيتها عامدا إن قام معتذر
جرّعت ضيفك كأسا أنت شاربها *** عما قليل وأمر اللّه ينتظر
فدولة القائم المهدي قد أزفت *** أيامها في الذي أنبا به الاثر
عن النبيّ وفيها قطع مدتكم *** يا آل أغلب أهل الغدر فاقتصروا
وقطع أمر بني العباس بعدكم *** قطع أمر بني مروان إذ بطروا
المالكة : الرسالة. أزفت : قربت وأخبر بقرب قيام المهدي وكان كما قال ، وأدرك قيامه وأيامه ، واستقضاه على الناحية التي كان بها ، ومات في أيامه ، وقد قارب المائة سنة.
ومما قاله قبل ذلك في ظهور المهدي ، قوله في قصيدة :
كأني بشمس الأرض قد طلعت لنا *** من الغرب مقرونا إليها هلالها
فيملأ أرض اللّه قسطا بعدله *** بما ضمّ منها سهلها وجبالها
إذ آمن منها ما أخاف وأتقي *** فأظفر بالزلفى به وأنا لها
ص: 426
فقال : شمس الأرض : يعني المهدي على ما قدمنا شرحه وما جاءت به الروايات في ذلك.
وقوله : مقرونا إليها هلالها. فالهلال الذي ذكرناه وليّ عهده القائم من بعده ، وما علمنا أحدا قبله. ذكر مثل ذلك ولحق مما قال بإمامته وظفر بالزلفى لديه به كما ذكرنا عنه. وبما أخبرنا به بعض من أدركنا من شيوخ إفريقيا ممن كان يصحب ولاتها الأغالبة وأقاربهم. وكان الغالب عليهم التشيع. وكان من جملتهم أعني الغالبة رجل يقال له : يعقوب بن المصا ، فأخبرنا من أدركه وصحبه ممن كان يجامعه على التشيع أنه كانت له ضيعة بالساحل ، وبالقرب من الجزيرة التي ابتنيت مدائن من بعد ، فكان إذا خرج الى ضيعته يأتي هذه الجزيرة ، فيصلّي فيها ، ويمشي بها ، وينظر إليها ، ويقول : هذه واللّه صفة الجزيرة التي يقال إن المهدي يبتني فيها مهدية ، وما أعلم ساحل إفريقيا الذي يقال إن المهدي يبني فيها مدينة موضعا هو أشبه بما وصف من هذه الجزيرة. وكان ابن أحمد المعروف بالحلواني قديم الاختلاف الى حصون الرباط الساحل من وقت حداثته للرباط والحرس. ثم بعد ذلك حصن المفسر منها واشتهر ذكره ، وترأس به فكان يحدث أنه أتى مرة قصر جمة الذي هو بقرب الجزيرة التي بنيت بها المهدية.
قال : وكان لهذا القصر رجل فاضل متعبد يقال له : سليمان الغلفاني ، وكان يغشاه ليتبارك به ، فأتيناه مرة ، فأقمنا بقصر جمة مختلف إليه وكانت الجزيرة بنيت بها المهدية بقرب هذا القصر ينزل بها الروم في فوارن بحلوها ويستترون ، فيختطفون ما قدروا عليه من الناس والأموال.
قال : وكان المرابطون إذا نزلوا قصر جمة في وقت اجتماعهم للمشي بالعدة على ساحل البحر يدخلون هذه الجزيرة ويختبرون أن لا يكون فيها أحد من العدو.
قال : فدخلناها مرة مع الغلفاني ، فاختبرناها فلم نجد فيها أحدا. ثم سرنا مع الغلفاني الى غار كان فيها بالموضع الذي ابتنى فيه المهدي قصره ، فاختبرناه فلم
ص: 427
نجد به أحدا ، وخرجنا منه وصلّى الغلفاني ركعات عند الغار ، وصلّينا كذلك معه. ثم جلس يحدثنا فكان مما قال : إن اللّه تعالى سيعرّف (1) هذا الموضع بأحبّ خلق اللّه إليه.
وهذا مما بلغه على ما قدمنا ذكره وانما جاء مما ذكرناه مما انتهى إلينا من بشرى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالمهدي وبالائمة من ولده ، وما يكون منه ومنهم في ذلك ، كما بشرت الأنبياء به صلی اللّه علیه و آله من قبل مبعثه. وكذلك جاءت عنه الأخبار عمن كان آثر العلوم وقبل ذلك في الشعر كما جاء عن أميّة بن أبي الصلت ، وورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو ، وأسعد بن أبي كرب ، وسيف بن ذى يزن ، والقس (2) بن ساعدة ، وخالد بن سنان ، وغيرهم.
ومما كان في أمر المهدي والائمة من ولده صلوات اللّه عليهم أجمعين من البراهين والآيات المشاهدة لإمامتهم بعد الذي ذكرناه من خروج المهدي من وطنه الى المغرب في هجرته وما حرسه اللّه تعالى به وصرفه عنه كيد الظالمين بعد بذلهم المجهود في تطلبه ، وتعمّ الرسل من بين يديه ، بصفته وخبره الى جميع عمالهم ليقبضوا عليه ، وأعمى اللّه تعالى عيونهم عنه ، ووقاه ، وسلّمه الى أن حلّ مدينة سجلماسة ، وكلما حلّ ببلد أفضل على العامل عليه ، ووصله ، فأهدى إليه ، فمنهم من لم يعرفه واكرمه لذلك ، ومنهم من عرفه وترك التعرض له لما كان منه ومنهم من عرفه ذلك حذره. واخبارهم بذلك مما يطول ذكره ، وذلك كله لما ألقاه اللّه تعالى في قلوبهم له حتى إذا حلّ سجلماسة عامل ابن مدرار سلطانها بذلك ، فكان يخصه ويكرمه ويوجب حقه الى أن وصلت رسل صاحب بغداد وافريقيا إليه واتصلت الاخبار من جهات كثيرة به ، وبأنه هو الذي يدعو إليه أبو عبد اللّه ، وأمر بالقبض عليه ، وحذر من أن يفوته أو أن
ص: 428
يداهن في أمره. فسأله عن نفسه ، فعرفه أنه من ولد الحسين علیه السلام لصلبه.
فقال : لم لم تعرّفنا بذلك قبل هذا؟
فقال : ما كان لي من حاجة الى ذكر ذلك ، فأذكره [ عند ما ] تسألني عنه ، فاذا سألتني عنه لم يسعني أن أنتفي من [ نسبي ولا ] أن اكتمه ، فأطلعتك على ما سألتني.
فقال له : فهذا الرجل [ يذكر ] ببلد كتامة ، وغلب على نواحي إفريقيا إليك يدعو.
قال : ما رأيت الرجل ولا أعرفه.
وكذلك كأن لم يكن [ يتذكر ] ، كما قدمنا الخبر بذلك. قال : ولكنه بلغني أنه يدعو [ للمهدي ] من آل محمد.
قال : فإنه أخذ إفريقيا وأقبل بعساكره ، وما يدعو إلا إليك.
قال : أهل النسب بالمغرب كثير ، فان كان [ لي يدعو ] نفعتك عنده ، ولم أضرك ، وإن كان الى غيري لم [ يكن لي ] في ذلك مقال.
فحرم الشقي حظه منه وغلبت الشقوة [ عليه ] واختطفه ، وجعل الحرس عليه وأقصاه ، وأظهر جفوته وهرب أبو عبد اللّه منه ، وكتب إليه بخبر ، فانه إليه جاء ويسأله [ أن لا ] يتعرض ، ويعده بالجميل. فقتل رسل أبي عبد اللّه ومزق الكتاب وأظهر الغضب والانفة مما كتب به إليه ، وغلّ اللّه يده عنه ، وقصرها أن يناله بمكروه حتى نزل أبو عبد اللّه سجلماسة ، وخرج بمجموعة إليه وحاربه. فتغلّب أبو عبد اللّه عليه وولّى هاربا ، فأدرك فاتي به إليه بعد أن خرج المهدي وتلقاه أولياؤه. وأمر بقتل الفاسق ابن مدرار ، وكان [ قد ] كفّ يده عنه ، وهو في حوزته ، وقد أصرّ عليه لشقوته ، آية عبرة وبرهان للمهدي.
وقد كان أبو عبد اللّه يقول لاصحابه الذين استجابوا لدعوته : إن اللّه يحفظ المهدي ويقيه ويدفع عنه حتى يظهر ويعز نصره. فلما رأوا ذلك قويت بصائرهم وخلصت نياتهم ، وكان أبو العباس أخو أبي عبد اللّه وهو اكبر منه ،
ص: 429
وأخصّ بالولاية قديما قد قدم مع المهدي حتى وصل معه الى طرابلس. ثم أرسله المهدي الى أخيه مقدما بين يديه ، وهو يومئذ ببلد كتامة ، وكان عزم المهدي أن يقصد قصد أبي عبد اللّه ، وأراد أن يعرفه ذلك فظهر على أبي العباس بالقيروان. وعلم أنه أخو أبي عبد اللّه ، وبأنه قدم مع المهدي فعاقبه [ على ] ذلك وأخرجه الى جهة قسطنطينة. فلم ير المهدى أن يقصد الى أبي عبد اللّه خوفا على أبي العباس أن يعلم بحقيقة أمره فيقتل. فحمل نفسه على المكروه ، وسار الى سجلماسة ، وكتب الى أبي عبد اللّه بذلك ، وكان أبو العباس رديء السيرة. ولما ثار مدلج على زيادة اللّه خرج أهل السجن وخرج أبو العباس فيمن خرج وتوجه راجعا الى المشرق ، فلحقه زيادة اللّه في وقت هروبه بطرابلس ، وقبض عليه ثم خلاه. ولما اجتمع مع أبي عبد اللّه أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي الى إفريقيا ، ووسوس الى أخيه أبي عبد اللّه واستفسده ، وأراد أن يكون الأمر والنهي والإصدار والإيراد لهما دون المهدي ، وأن يكون المهدي كالمولى عليه معهما. وكان أبو عبد اللّه قد عوّد شيوخ المياميين قبل ذلك امور عشائرهم بأيديهم والأموال التي أفاء اللّه بها على وليه في أيديهم. فلما وصل المهدي قبض ذلك ، وصار إليه ، وانفرد بالأمر كما أفرده اللّه به ، وأخلّ أبو العباس الشيوخ من هذا الوجه ، ويشبه عليهم دلّ اكثرهم عليه ، وعاقده على الوثوب على المهدي كما تعاقد المنافقون على الوثوب على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من قبله ، فكلما عقدوا عقدا انحلّ في أيديهم ، وكلما أبرموا أمرا أحلّه اللّه عليهم ، واذا دخلوا إليه ليخاطبوه بما أبرموه وتوثبوا عليه أفحموا عما أرادوا أن يقولوه ، وغلّت أيديهم عنه ، وهو في ذلك قد علم أمرهم فلم يرعه ذلك ولا غير شيئا من حاله ، وكانوا يدخلون إليه بسلاحهم فلا يحجبهم ، ولا يتعدّاهم ، ولم يبق له على الوفاء بما أخذ له عليهم إلا قليل منهم حتى شتت اللّه أمرهم ، ومحقهم ، وقتل من قتل منهم ، ثم هرب من هرب منهم عن بابه ، ولحقوا ببلد كتامة ، وأقاموا وغدا من أوغادهم يدعون إليه ، وأحدقوا دعوة ، واستحلّوا فيها المحارم ، وأتوا فيها بالعظائم ، فأخرج
ص: 430
إليهم المهدي وليّ عهده (1) فهدم جمعهم وقتل رجالهم ، وأسر المناجم فيهم ، وتاب أكثرهم ، فعفا عنهم ، وأصلح امورهم ، وكانت في ذلك آيات وبراهين ومعجزات وأخبار يطول شرحها ويخرج عن حدّ هذا الكتاب استقصاؤها وشرحها.
فأما من ثار عليه وعلى الائمة من ولده من الوثاب ، وخرج عليهم من الخوارج ، وما كان في ذلك أيضا لهم من البراهين فهو ما إن ذكرناه قطع ما أردناه من بسط هذا الكتاب الذي عليه بسطنا وخرج عن حده. وأعظم ذلك ما كان في فتنة الدجال اللعين مخلد في أيام القائم والمنصور والمعز ( صلعم ) لما قام من بعد [ هم ] ، وقد بسطنا من أخبار فتنة الدجال اللعين مخلد ، وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور ( صلعم ) كتابا ضخما كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك ، وبسطنا أيضا كتابا عددا في سير المعز الى حين انتهى إليه. ومما أفرده اللّه به وخصه بالفضل فيه ، وما له في ذلك من البراهين الواضحة والشواهد البينة في أقل القليل من ذلك ما يكتفي به أولو الألباب ، ومن هدى اللّه الى الحق ، ووفق للصواب. وانما رسمنا كتابنا هذا برسم الاختصار والاقتصار على عيون الأخبار ، وإن كان قد طال ، وان كنا قد اختصرنا وتركنا كثيرا مما ينبغي أن نذكره ، فحذفنا ذلك لكثرة فضائل أولياء اللّه التي قصدنا الى ذكرها ، وما وهبه اللّه تعالى ، واختصهم به منها ، واللّه يصل ذلك بالمزيد لهم من فضله كما وعدهم وهو لا يخلف الميعاد.
تمّ الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار من تأليف سيدنا القاضي النعمان بن محمد قدّس اللّه روحه وأنعم.
ص: 431
ص: 432
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء السادس عشر
ص: 433
ص: 434
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1292] [ بشير ] بن أبي بشير (1) قال : تخلفت عن زيارة أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام سنينا لتعذر الاشياء عليّ. ثم لطفت في شيء حتى اجتمع لي ، فخرجت الى الحج ، فلما قضيت حجي قصدت المدينة الى أبي جعفر علیه السلام ، فدخلت عليه ، فقال لي : يا أبا بشير لم أرك سنين؟
فقلت له : جعلت فداك ، كبر سنّي ، ودقّ عظمي ، وقلّت ذات يدي ، فلما كان هذا العام وقع في يدي شيء ، فاشتريت نضوا (2) وزادا ، وتركت لأهلي نفقة بما شئت عنه اكثر مما ركبته ، فلما قضيت حجي ، قلت : أمرّ بأبي جعفر ، فأقضي من حقه ما يجب.
فقال لي : يا أبا بشير إذا كان يوم القيامة فزعتم إلينا ، وفزعنا الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وفزع الى اللّه ، فأين تذهب يا أبا بشير؟
قلت : الى الجنة.
ص: 435
قال : الى الجنة ، واللّه الى الجنة ، واللّه الى الجنة - يقولها ثلاث -.
[1293] [ سماعة ] بن مهران ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : يا سماعة ، كيف حبك لا خوانك؟
قلت : جعلت فداك ، واللّه اني احبهم وأودهم.
قال : يا سماعة إذا رأيت الرجل شديد الحبّ لاخوانه فهكذا هو في دينه.
يا سماعة إن اللّه يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من عيوب ، ولهم من ذنوب ، مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم قد سهلت مواردهم وذهبت عنهم الشدائد ، يحزن الناس ولا يحزنون ، يفزع الناس ولا يفزعون ، وذلك قوله تعالى ( مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (1).
[1294] عمران بن مقدم ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، يقول : خرجت مع أبي الى مسجد النبي صلی اللّه علیه و آله حتى إذا كنا بين القبر والمنبر نظر الى ناس من أصحابه ، فدنا منهم وسلّم عليهم.
ثم قال لهم : إني واللّه احبّ ريحكم وأرواحكم ، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد. [ واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالعمل والاجتهاد ] (2) أنتم واللّه شيعتنا ، فأنتم شرطة اللّه ، وأنتم أنصار اللّه ،
ص: 436
وأنتم السابقون الأولون [ والسابقون ] الآخرون ، السابقون في الدنيا الى الخير ، والسابقون في الآخرة الى الجنة. ضمنّا لكم (1) الجنة بضمان اللّه ، وضمان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
واللّه ما على درج الجنة اكثر أرواحا منكم ، وانكم لفي الجنة. فتنافسوا في الدرجات أنتم الطيبون ، ونساؤكم الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عينا ، وكل مؤمن صديقكم.
ولقد قال أمير المؤمنين علیه السلام : أبشروا فو اللّه لقد مات رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو راض عنكم أيها الشيعة ، ألا إن لكل شيء ذروة (2) ، وذروة الإسلام الشيعة ، ألا لكل شيء دعامة ، ودعامة الإسلام الشيعة ، ألا إن لكل شيء شرف ، وشرف الاسلام الشيعة ، ألا إن لكل شيء سيد ، وسيد المجالس الشيعة ، ألا إن لكل شيء أمانا ، وأمان الأرض الشيعة.
واللّه لو لا من في الارض منكم ما استكمل أهل خلاقكم [ ولا أصابوا ] الطيبات ما لهم في الدنيا ، وما في الآخرة نصيب ، كل ناصب وان تعبّد واجتهد منسوب الى هذه الآية ( عامِلَةٌ ناصِبَةٌ. تَصْلى ناراً حامِيَةً ) (3).
قوله : ذروة الإسلام الشيعة. ذروة كل شيء أعلاه ، ودعامة الشيء : أصله الذي يثبت عليه. والناصب هو الذي نصب العداوة لآل محمد ، وقد
ص: 437
أمر اللّه تعالى في كتابه بمودتهم ، فمن عاداهم فقد خالف اللّه ورسوله وكتابه ولم ينفعه عمل يعمله ما كان مصرا على ذلك غير تائب.
وقوله : وأنتم شرطة اللّه ، القيام بأمره من ذلك. شرطة الجيش : هم شراطة السلطان الذين يقومون بالامور.
[1295] موسى بن عباس ، باسناده ، أنه قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : من مات منكم على أمرنا كمن ضرب فسطاطه الى روات القائم ، بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1296] [ حماد ] بن أعين ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : أما ترضون - يعني الشيعة - أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم ، فتدخلوا الجنة.
أما ترضون بأن يأتي قوم يلعن بعضهم بعضا. ألا أنتم ومن قال مثل قولكم من مات منكم على أمرنا هذا كان بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله (1).
[1297] أبو بصير ، عن أبي حمزة ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام وعنده أبان ، فقال له أبان : حدثني جعلت فداك عن فضل المؤمن.
قال : نعم يا أبان. المؤمن منكم إذا توفي أتاه رجل في أحسن ما يكون من الصور إليه في حين خروج نفسه ، وعند دخوله قبره ، وعند
ص: 438
نشوره ، وعند وقوفه بين يدي ربه ، فيقول : ابشر يا وليّ اللّه بكرامته ورضوانه.
فيقول له المؤمن : يا عبد اللّه ، ما أحسن صورتك وأطيب رائحتك ، وتبشرني عند خروج نفسي ، وعند دخول قبري ، وعند نشوري ، وعند موقفي بين يدي ربي ، فمن أنت جزيت خيرا؟
فيقول له : أنا السرور الذي أدخلته على فلان يوم كذا وكذا ، بعثني اللّه إليك لأقيك الأهوال حتى تلقاه.
يا أبان ، المؤمن منكم إذا مات عرج الملكان ، فيقولان : إنا كنا مع وليّ لك ، فنعم المولى كنت له ، وقد أمرت بقبض روحه ، وجئنا أن نعبدك في سماواتك. فيقول تعالى : لا حاجة لي أن تعبداني في سماواتي يعبدني غيركما ، ولكن اهبطا الى قبر وليي ، وآنساه ، وصلّيا عليه في قبره الى يوم أبعثه. فيصلّي ملك عند رأسه ، وملك عند رجليه ، الركعة من صلاتهما أفضل من سبعين ركعة من صلاة الآدميين.
[1298] زيد بن أرقم ، قال : قال الحسين علیه السلام : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد.
[ قلت ] : جعلت فداك أنّى يكون ذلك ، وهم يموتون على فراشهم؟
فقال : أما تتلو كتاب اللّه تعالى في الذين آمنوا باللّه ورسوله : ( أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ) (1).
قلت : جعلت فداك ، كأني واللّه ما قرأت هذه الآية [ من كتاب
ص: 439
اللّه ] قط.
قال : إنه لو لم يكن الشهداء إلا من قتل بالسيف لقال اللّه الشهداء (1).
وهذا خبر يحتاج الى الشرح. ومجمل [ القول ] : الشهداء والصدّيقون هم الائمة من آل محمد في كل قرن منهم شهيد كما قال اللّه تعالى ( جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (2) يعني الذين هم في عصره لان قوله هؤلاء لا يكون إلا لقوم أشار إليهم قد حضروا ولا يكون لمن لم يأت بعد ، والشهيد على كل امة امام زمانهم والائمة هم الشهداء لقول اللّه تعالى : ( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ) (3) والنبيّون هم الرسل الى العباد ، والشهداء هم الائمة بين كل نبيين وبعد محمد صلی اللّه علیه و آله من ذريته الى أن تقوم الساعة لقول اللّه تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (4) عنى به الائمة ، فهم رءوس المؤمنين. واسم الايمان يجمع الرسل والائمة وسائر المؤمنين لانهم كلهم آمنوا باللّه والائمة أيضا هم الصدّيقون بالحقيقة لانهم صدّقوا الرسول بما بلغوا عنهم وقاموا بما قاموا له من دين اللّه الذي شرعه لعباده بهم ، وهم الشهداء عليهم ، كل امام شاهد على أهل عصره يشهد لهم وعليهم عند اللّه تعالى بما شاهد من أعمالهم واللّه تعالى أعلم بذلك من الخلق أجمعين ولا يسأل عما يفعل كما قال اللّه تعالى ( وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) ، ولا يكون الشاهد إلا على من شاهده ورآه ووقف عليه.
ص: 440
والشهداء والصدّيقون بالحقيقة كما ذكرناهم ائمة العباد ، ومن تولاّهم ينسب إليهم ، وكان منهم بالتولي كما قال اللّه تعالى حكاية عن خليله إبراهيم ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (1). فمن هذا المعنى قول الحسين علیه السلام في هذا الحديث الذي شرحناه : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد نسبهم الى الصدّيقين والشهداء الذين هم الائمة علیهم السلام بتوليهم إياهم على نحو ما قدمنا ذكره.
[1299] ابن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إذا اجتمع الخلائق يوم القيامة لفصل القضاء وضع للائمة منابر من نور ، فصيّر اللّه تعالى حساب شيعتنا إلينا ، فما كان بينهم وبين اللّه استوهبناه ، وما كان بينهم وبين العباد قضيناه ، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحقّ بالعفو عنهم ، ومن ذلك قول اللّه تعالى ( إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ) (2).
[1300] ابن الهيثم ، عن بشير الدهان ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : يا بشير أقررتم وأنكر الناس ، وتوليتم وعادى الناس ، وعرفتم وجهل الناس ، وأحببتم وأبغض الناس ، فهنيئا لكم.
[1301] عن أبي بصير ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : يجيء من يجيئنا (3) يوم القيامة حتى يرد على نبينا محمد صلی اللّه علیه و آله الحوض كهاتين - وجمع بين اصبعيه -.
[1302] [ وبآخر ] يرفعه الى علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لي :
ص: 441
يا علي ، اذا كان يوم القيامة وضعت عن يمين العرش موائد من يواقيت ولؤلؤ يجلس حولها رجال يأكلون ويشربون والناس في الحساب.
قال علي علیه السلام ، فقلت : من هؤلاء يا رسول اللّه؟
قال : شيعتك يا علي ، وأنت امامهم يوم القيامة.
[1303] أبو عبد اللّه الجدلي ، قد قال : قال علي بن أبي طالب علیه السلام : يا أبا عبد اللّه ألا احدثك بالحسنة (1) التي من جاء بها أمن فزع يوم القيامة ، وبالسيئة (2) التي من جاء بها أكبه اللّه في النار لوجهه؟
قلت : بلى يا أمير المؤمنين.
قال : الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا.
[1304] حماد بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقول : واللّه لنشفعن ، واللّه لنشفعن ، واللّه لنشفعن.
قلت : لمن يا ابن رسول اللّه؟
قال : لشيعتنا حتى يقول عدونا ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (3).
[1305] أبو عبد اللّه ، عن [ أبي ] جعفر علیه السلام ، أنه قال : إن اللّه تعالى تعالى بعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من نواقيب يدورون خلال الجنة ، يوضع لهم الموائد ، فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب ، وهو قول
ص: 442
اللّه تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ. لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (1).
[1306] ابن مصعب ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : من أحبنا لا لدنيا يصيبها منه ولا لقرابة بيننا وبينه ، وعادى عدونا لا [ لا حنة كانت ] (2) بينه وبينه ثم أتى الى اللّه يوم القيامة وعليه ذنوب مثل زبد البحر ورمل عالج وقطر السماء وعدد أيام الدنيا بدّلها اللّه له حسنات.
[1307] أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لعلي علیه السلام : بشّر شيعتك إن اللّه قد رضي عنهم إذ رضيك لهم إماما ، ورضوا بك وليا.
يا علي ، أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.
يا علي ، شيعتك المنتجبون ، لو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم ما أنزلت السماء قطرها.
يا علي ، شيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة اللّه من خلقه.
يا علي ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون (3) يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش ، يفزع
ص: 443
الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزون ، أنت وشيعتك بالموقف تطلبون ، وأنتم في الجنان تتنعمون.
يا علي ، إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.
يا علي ، شيعتك يخافون اللّه في السرّ والاعلان.
يا علي ، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانهم يلقون اللّه تعالى وما عليهم ذنوب.
يا علي ، إن أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة ، فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم ، وأستغفر لسيئاتهم.
يا علي ، ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير ، وكذلك في الانجيل. فاسأل أهل التوراة والإنجيل فانهم إن صدقوك أخبروك ، فانهم ليعظمون عليا وشيعته.
يا علي ، اخبر شيعتك إن ذكرهم في السماء (1) في رقادهم وعند وفاتهم ، فينظر الملائكة إليها كما ينظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ، ولما يرون من منزلتهم عند اللّه.
يا علي ، قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن أعمال السوء التي لا يفارقها عدوهم ، فما من يوم وليلة إلا ورحمة اللّه تغشاهم ، فليجتنبوا الدنس.
يا علي ، اشتدّ غضب اللّه على من قلاهم وبرئ منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من
ص: 444
تولانا. وعظمت محبة اللّه لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.
يا علي ، أقرئهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني ، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم ، وكذلك من جاء من بعدهم منهم ، فليتمسكوا (1) بحبل اللّه ، وليعتصموا به ، وليجتهدوا في العمل ، فاني لا اخرجهم من هدى الى ضلال أبدا. وأخبرهم أن اللّه تعالى راض عنهم وأنه يباهي بهم ملائكته ، وينظر إليهم في جمعه برحمة ، ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.
يا علي ، لا ترغب عن نصرة قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، ودانوا اللّه بمودتك وأعطوك [ صفوة ] (2) المودة من قلوبهم ، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد ، وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا مع الأذى وسوء القول ، وما يستقبلون به من مضاضة ، وكن بهم رحيما ، واقنع بهم ، فان اللّه اختارهم بعلمه لنا من الخلق. خلقهم من طينتنا ، واستودعهم سرّنا ، وألزم قلوبهم معرفته حبنا وشرح صدورهم ، وجعلهم مستمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يرون من الدنيا عندهم. ليس الرياء منهم وليسوا [ منه ] (3) اولئك مصابيح الدنيا.
[1308] محمد بن سلام ، باسناده ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أحبّ عليا بقلبه أتاه اللّه يوم القيامة مثل ثلث ثواب هذه الامة.
ص: 445
ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه [ أعطاه اللّه تعالى يوم القيامة مثل ثواب ثلثا هذه الامة.
ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه ] وأعانه بيده أعطاه اللّه تعالى يوم القيامة مثل ثواب هذه الامة كاملا.
فمن فعل ذلك بالائمة من ولده فقد فعله به لان حبهم حبه ، ونصرتهم نصرته.
ص: 446
[1309] وكيع الجراح (1) ، عن الأعمش (2) ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
[1310] عطاء (3) ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : ما أبغض عليا إلا من هو لغير رشده ، أو من حملته أمه وهو حائض.
[1311] حوثرية بن سهر ، قال : مررت بعلي علیه السلام وسلّمت عليه ، فأدناني ثم قال لي : يا حوثرية إني إذا رأيتك أحببتك فاحبب حبيب آل محمد ما أحبهم ، فاذا [ أبغضت ] (4) فابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم ، واذا أحبهم فاحببه.
[1312] بشر بن غالب ، [ الاسدي الكوفي ] (5) قال : سمعت الحسين بن علي علیه السلام يقول :
ص: 447
من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ونصرنا بيده فهو معنا في الرفيق الأعلى يوم القيامة ، ومن احبنا بقلبه ولم ينصرنا بلسانه ولا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك بمنزلة ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان (1) علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك بدرجة.
[1313] [ سفيان ] بن ليلي الهمداني ، قال : دخلت على علي بن الحسين علیه السلام ، قال لي : يا سفيان من أحبنا ولا يحبنا إلا لله وقرابتنا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وحق اللّه الذي افترضه فأحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ؛ وقاتل عنا بسيفه كان معنا في الدرجات العلى. ومن أحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ، وضعف أن يعيننا بسيفه كان في الجنة دون ذلك.
يا سفيان ، ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وقاتلنا بسيفه كان في أسفل درك من النار. ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وجبن أن يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك. ومن أبغضنا ولم يلعننا بلسانه ولم يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك.
قال : يا سفيان ، إن لم اكن سمعت هذا من الحسين علیه السلام فاكلت مع الرجال يوم يخرج (2).
[1314] ابن اكتم الخزاعي ، قال : كنا مع علي علیه السلام يوم الجمل بالبصرة ، فسمعته يقول :
اشهدوا قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ترد عليّ أنت وشيعتك رواء ، ويرد عليّ عدوكم عطاشا مقمحين ، وجمع كتفيه الى ذقنه.
ص: 448
قوله : يرد عليّ عدوكم مقمحين.
القامح من الابل : الذي قد اشتدّ عطشه حتى فتر لذلك فتورا شديدا. ويقال للذليل : مقمح لا يكاد يرفع بصره من الذل ، وفي القرآن : ( فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) أي خاشعون لا يرفعون أبصارهم من الذل. ويقال : القامح من الابل : الذي يرد الحوض ولا يشرب.
فهذا كله يكون على أعداء آل محمد يوم القيامة يكونون أذلة خاشعين لا يرفعون رءوسهم من الذل.
[1315] عمران بن [ ميثم ] ، قال : دخلت على حبابة [ الوالبية ] (1) ، فسمعتها تقول (2) : واللّه ما أحد على الفطرة إلا نحن وشيعتنا ، والناس براء.
وهذا صحيح لأن من لم يكن من شيعة محمد وآل محمد فهو من عدوهم ، وقال اللّه تعالى ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (3) ومن كان عدوا لمحمد وآله لم يكن على فطرة الإسلام حتى يتولاه.
[1316] أبو رافع ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا
ص: 449
علي ثلاث لامتي وعلّمت الأسماء كلها كما علمتها. ورأيت أصحاب الراية فلما مررت عليك وعلى شيعتك استغفرت لكم.
[1317] عبد الرحمن بن قيس (1) ، عن رجل من قومه ، قال : رأيت عليا علیه السلام جالسا في الرحبة يتحدث ، فأطال الحديث حتى اضطره الشمس الى حائط القصر. فقام فتعلق بثوبه رجل من همدان ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني اللّه به.
فقال علیه السلام : أخبرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أرد أنا وشيعتي [ الحوض ] رواء مرويين ، ويرد عداتنا ظماء مظمئين [ مسودة وجوههم ]. خذها إليك قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت. [ أرسلني يا أخا همدان ، ثم دخل القصر ] (2).
[1318] ابن المنذر عن محمد بن علي علیه السلام أنه قال : لا تنتصروا لنا بألسنتكم من الناس فانكم لا تزيدوهم إلا غراء بنا ، إنا لنسمع الحسنة فنقبلها ، ونسمع السيئة فنتركها. يحبوننا إلا حبّونا (3) ، ألا إن اللّه قد أخذنا وشيعتنا ، فما من أحد هو يستطيع أن يدعنا ، ولا أحد لم يأخذه معنا فيستطيع أن يكون فينا ، إنا يوم القيامة أخذنا بحجز أبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزنا.
[1319] أبو رافع ، قال : شكا علي علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغض قريش وحسدهم إياه.
ص: 450
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أما ترضى يا علي إنك أخي ، وأنا أول أربعة يدخلون الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا ، انك وشيعتك تردون عليّ الحوض رواء مرويين ، وان عدوك يردون عليّ ظماء مقمحين.
[1320] [ عن ] أبي الحجاف (1) ، قال : بلغني أن الحارث أتى علي بن أبي طالب علیه السلام ليلا ، فقال له : يا حارث ما جاء بك هذه الساعة؟
فقال : حبك يا أمير المؤمنين.
قال : واللّه ما جاء بك إلا حبي؟
قال : واللّه ما جاء بي إلا حبك.
قال علیه السلام : فأبشر يا حارث لن تموت نفس تحبني إلا رأتني حيث تحب ، واللّه لا تموت نفس تبغضني إلا رأتني حيث تبغضني(2).
يعني : إن أولياءه يرونه حيث يقتصون ، يبشرهم برحمة اللّه إياهم ، وأعداؤه يرونه حينئذ وقد نزل بهم الموت يبشرهم بعذاب لهم. وقد مضى مثل هذا فيما تقدم (3).
[1321] عبد الرحمن بن قيس الاربحي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه
ص: 451
السلام ، أنه قال : إن الرجل من شيعتنا ليخرج من بلية ، فيغشاه أن لا يتكلم بكلمة ولا يعمل عملا حتى يرجع الى بيته ، وما يرجع حتى يملأ اللّه صحيفته برا.
يمرّ على من يحبنا فإذا رأوه ذكرونا به ، ويمرّ على عدونا فيؤذونه فينا ويشتمونه ، فيأجره اللّه كما آذوه فينا ، ما ننتظر نحن وشيعتنا إلا إحدى الحسنيين ، إما فتح يقرّ اللّه به أعيننا ، وإما قبض الى رحمة اللّه ، فما عند اللّه خير للأبرار.
[1322] جابر ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام قال : شيعتنا من يأمن إذا آمنا ، ويخاف إذا خفنا.
[1323] أبو وقاص العامري ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - [ قالت ] : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : ألا ابشرك يا علي؟
قال : نعم ، قبلت البشرى من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
قال : هذا مقام جبرائيل علیه السلام من عندي الآن ، وقد أمرني أن ابشرك لانك ومحبك في الجنة ، وعدوك في النار.
[1324] ابن سماك ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب.
قال علي علیه السلام : من هم يا رسول اللّه؟
قال : شيعتك يا علي أنت امامهم.
[1325] وعن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (1) وذلك أن اللّه تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون ، فلما رأى
ص: 452
ذلك من ليس منهم ، قالوا : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .
[1326] ابن فاختة ، عن أبيه ، قال : كنت عند أمير المؤمنين علي علیه السلام فجاءه رجل عليه أثر سفرة (1). فسلّم عليه ، ثم قال : قدمت يا أمير المؤمنين من بلد لم أجد لك فيها محبا ، فلم أر المقام به.
قال : وأيّ بلد هو؟
قال : البصرة.
قال : أما واللّه لو استطاعوا أن يحبوني لأحبوني ، إني وشيعتي لفي ميثاق اللّه لا يزداد فينا رجل ولا ينقص منا رجل. واللّه لو ضربت المؤمن على أنفه بالسيف ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.
وكان هذا بعقب ما أوقعه علي علیه السلام بأهل البصرة لما قاموا مع عائشة لم يكن حينئذ من يحبه ، فأما اليوم ففيهم كثير يتوالونه ، وأن اكثرهم يذهب مذهب الاعتزال.
[1327] حسن بن حسين (2) ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : إن لله ملائكة يسيرون في الارض ، فإذا مرّوا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد احتفوا به ، وفتحت أبواب السماء لهم ، ثم تقول الملائكة لهم : إن سبّحتم سبّحنا ، وان مجّدتم مجّدنا ، وان قدّمتم قدّمنا ، فلا يزالون يؤمنون عليهم حتى يتفرقوا.
[1328] ربيع [ ابن ] المنذر ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسين بن علي عليه
ص: 453
السلام يقول : من (1) دمعت عيناه فينا دمعة ، أو قطرت قطرة فينا بوّأه اللّه بها في الجنة أضعافا (2).
[1329] يحيى بن علاء ، عن أبان ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إن العبد ليكون على طريقه حسنة فهو لا يعرف شيئا من أمرنا ، فلا يقبل اللّه منه ذلك ، فاذا أراد اللّه به خيرا عرّفه أمرنا ، وكتب له بكل حسنة عشر أمثالها.
[1330] جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، قال : قالت أمّ سلمة : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.
[1331] أبو ولاّد الحناط (3) ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، فدخل عليه من أصحابنا ، فقال له : يا ابن رسول اللّه ما ذا نلقى فيكم من الناس إذا علموا [ إنا ] نحبكم أبغضونا وكرهونا واستثقلوا مجالسنا ونلقي منهم.
وكان أبو عبد اللّه علیه السلام متكئا ، فاستوى جالسا ، فقال :
وما عليكم واللّه ما في النار واحد منكم ، محسنكم واللّه سيد مسود في الجنة ، ومسيئكم مغفور له اي واللّه. إذا كان يوم القيامة فزع نبينا الى اللّه ، وفزعنا الى نبينا ، وفزع محبونا إلينا.
ثم نظر فقال : يا أبا ولاّد ، فالى أين ترى أنه يراد بنا وبكم؟
قلت : الى الجنة إن شاء اللّه.
قال : الى الجنة واللّه ، الى الجنة واللّه.
ص: 454
[1332] حصين الازدي ، قال : قال لي أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام : الناس يوم القيامة خمسة أصناف :
صنف أخذوا الملك بالجبر به كما أخذ كسرى ملكه.
وصنف لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، اولئك المبتدعة. - يعني المرجئة -.
وصنف وضعوا السيوف على عواتقهم وقادوا المقدر الى أهوائهم - يعني الخوارج -.
وصنف ساقوا الناس في حبنا الى النار ، اولئك الغالية.
وصنف أحبونا في اللّه تعالى وجاهدوا عدونا لله فاولئك منا ونحن منهم.
[1333] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقرأ : ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ ) (1) ثم قال : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين.
[1334] [ الحارث ] ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مثلي [ ومثل علي بن أبي طالب ] شجرة أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمرها ، والشيعة ورقها ، فهل يخرج من الطيب [ إلا ] الطيب.
[1335] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقول : وشيعتنا في الناس كالنحل في الطير ، لو يعلم الطير ما في أفواهها اكلتها (2) ،
ص: 455
فمثل العلم الذي في صدور شيعة أولياء اللّه كالعسل الذي في بطون النحل ، وكان الناس لو علموا في صدورهم من ذلك لأخذوه منهم.
[1336] وعن جابر ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : ليس من شيعتنا من ظلم الناس ، ولن ينال ولايتنا إلا بالورع.
[1337] وعنه ، أنه قال : كنت عند أبي جعفر علیه السلام جالسا إذ جاء شاب فجلس عنده وجعل ينظر إليه ، ويبكي.
فقال له أبو جعفر علیه السلام : يا فتى [ مالك ]؟
قال : من حبكم أهل البيت.
فقال له أبو جعفر علیه السلام : نظرت حيث نظر اللّه ، واخترت من اختار اللّه.
[1338] سالم بن [ أبي ] جعدة ، قال : قال علي علیه السلام شيعتنا ذيل شفاههم ، خمص بطونهم ، تعرف الرهبانية في وجوههم.
[1339] وعن جعفر بن محمد علیه السلام ، عن أبيه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال [ لعلي ] : إن في السماء حرسا ، وهم الملائكة ، وفي الأرض حرسا ، وهم شيعتك يا علي.
[1340] الأعمش ، [ عن ] (1) قيس بن غالب الاسدي ، قال : ولما وفد الناس على يزيد بن معاوية لما استخلف ، قلت لأهل بيتي : هل أن نجعل نحن وفادتنا على ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحسين بن
ص: 456
علي علیه السلام ، فأجابوني ، فخرجت أنا وأخي عبد اللّه بن غالب ، وزر بن حبيش (1) ، وهاني بن عروة ، وعبادة بن ربعي في جماعة من قومنا حتى انتهينا الى المدينة ، فأتينا منزل الحسين بن علي علیه السلام ، فاستأذنا عليه ، فخرجت إلينا جارية ، فقلت لها : استأذني لنا على ابن رسول اللّه ، وأعلميه أن مواليه بالباب.
فأذنت لنا ، فدخلنا عليه ، فقال : ما أقدمكم هذا البلد في غير حجّ ولا عمرة؟
قلنا : يا بن رسول اللّه ، وفد الناس على يزيد بن معاوية ، فأحببنا أن وفادتنا عليك.
قال : واللّه؟
قلنا : واللّه.
قال : ابشروا يقولها ثلاثا ، ثم قال : أتأذنون لي أن أقوم؟
قلنا : نعم.
فقام فتوضا ثم صلّى ركعتين ، وعاد إلينا.
فقال ابن ربعي : يا ابن رسول اللّه ، إن الحواريين كانت لهم علامات يعرفون بها ، فهل لكم علامات تعرفون بها؟
فقال له : يا عبادة نحن علامات الايمان في بيت الايمان ، من أحبنا أحبه اللّه ونفعه ايمانه يوم القيامة ويقبل منه عمله ، ومن أبغضنا أبغضه اللّه ولم ينفعه ايمانه ولم يتقبل عمله.
قال : فقلت : وان دأب ونصب؟
قال : نعم ، وصام وصلّى. ثم قال : يا عبادة نحن ينابيع الحكمة وبنا جرت النبوة وبنا يفتح وبنا يختم لا بغيرنا.
ص: 457
[1341] [ عاصم بن ] (1) حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : إذا مات العبد المؤمن دخل معه قبره ستة صور منهن صورة حسنة أحسنهن وجها [ وأبها هن هيئة ] وأطيبهن ريحا ، وأنظفهن صورة ، فيكون منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى خلفه ، والاخرى قدامه ، والاخرى عند رجليه. [ وتقف ] التي هي أحسنهن عند رأسه. فان أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه ، ثم كذلك تمنعه من جميع الجهات الست ، فيقول لأحسنهن صورة ، وهي التي عند رأسه : من أنت جزاكنّ اللّه خيرا؟
فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة. وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة. وتقول التي بين يديه : أنا الصيام. وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة. وتقول التي عند رجليه : أنا [ برّ من ] وصلت إخوانك.
ثم [ يقول ] (2) للتي عند رأسه : من أنت؟ فأنت [ أحسنهن وجها ] وأطيبهن ريحا وأبها هن هيئة.
فتقول : أنا الولاية لآل محمد صلوات اللّه عليهم أجمعين.
[1342] ابن الكيسان الصنعاني ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إن لله ملائكة سياحين في الارض ليس لهم عمل إلا السياحة ، فاذا مرّوا بملإ يذكرون آل محمد صلوات اللّه عليهم أجمعين ينادون : هاهنا ، الى ذكر أولياء اللّه ، ويشهدونهم في مجلسهم ، ويسمعون حديثهم ، ثم يعرجون الى السماء ، فيكتبون ذلك فيها ،
ص: 458
ويقولون : ذكر محمد وآل محمد في مجلس كذا وكذا.
[1343] وهب عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما من مجلس فيه أبرار ولا فجار يتفرقون عنه من غير أن يذكروا اللّه فيه أو يذكروننا إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة.
[1344] علي بن حمزة ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام :
ما اجتمع من أصحابنا جماعة في ذكر اللّه أو في شيء من ذكرنا إلا بعث إبليس شيطانا في عنقه شريط ليفرق جماعتهم.
ثم قال علي بن حمزة : جاءني قوم من أصحابنا ليستمعوا مني شيئا ، فتجللت بهم موضعا حتى جئنا الى مسجد بني كاهل (1) ، فدخلنا المسجد ، فلما أخذنا في الحديث ، فلم نلبث أن جاء صبيان يرموننا بالآجر ، فذكرت الحديث.
قوله : في عنقه شريط : ستة خيوط تفتل من خوص.
[1345] [ عبد اللّه ] بن الوليد السمان ، قال : دخلنا على أبي عبد اللّه علیه السلام [ في زمن بني مروان ] ، وأربعون شابا من أهل الكوفة.
[ فقال علیه السلام : ممن أنتم؟
قلنا : من أهل الكوفة ] (2).
فقال : ما من بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة ، إن اللّه تعالى هداكم لأمر جهله الناس ، فأحببتمونا وأبغضنا الناس ، وتابعتمونا وخالفنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فأحياكم اللّه محيانا ، وأماتكم مماتنا. وأشهد على أبي [ علیه السلام ] أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينيه
ص: 459
أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هاهنا - وأومى بيده الى حلقه - وان اللّه تعالى قال لجدنا محمد صلی اللّه علیه و آله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً ) (1).
[1346] ابن زياد عن أبي جعفر علیه السلام أنه قال : من أحبنا لله تعالى وصلّى الصلاة لوقتها فله أن يدخل الجنة من حيث شاء.
[1347] وقال : سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن قول اللّه تعالى : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (2).
قال : هو واللّه ما أنتم عليه من المعرفة.
[1348] جعفر بن محمد علیه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي علیه السلام : إن اللّه قد غفر لك ولولدك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك.
وهذا خبر يشهده القرآن ويؤيده غيره من الحديث المشهور ، وذلك أن ولد علي علیه السلام ذرية الرسول لان اللّه تعالى قد أخبر في كتابه بأن عيسى علیه السلام من ذرية ابراهيم علیه السلام ، وذلك من قبل أمه بقوله : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ ) (3) وقد قال تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) (4) فرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أول المؤمنين ، فمن آمن من ذريته فهو مغفور له لان اللّه تعالى يلحقهم به ، ومن أحبهم وكان من شيعتهم فهو منهم.
وقوله حكاية عن ابراهيم علیه السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (5) وقول رسول
ص: 460
اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أحبّ قوما حشر معهم. وقوله عليه الصلاة والسلام : أنت مع من أحببت.
[1349] أبو الجارود ، قال : قلت لجعفر بن محمد علیه السلام بأن الناس يعيبونا بحبكم.
قال : أعد عليّ. فأعدت عليه.
فقال : لكني اخبرك أنه اذا كان يوم القيامة جمع اللّه تعالى الخلائق في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ويفقدهم البعيد. ثم يأمر اللّه النار فتزفر زفرة يركب الناس لها بعضهم على بعض ، فاذا كان ذلك قام محمد نبينا صلی اللّه علیه و آله فيشفع ، وقمنا فشفعنا ، وقام شيعتنا فشفعوا ، فعند ذلك سواهم : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (1).
واللّه يا أبا الجارود ، ما طلبوا الكرّة إلا ليكونن من شيعتنا.
[1350] ابن زيد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقول : كان عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نفر من أصحابه وفيهم علي علیه السلام ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه تعالى إذا بعث الخلق يوم القيامة خرج قوم من قبورهم ، بياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن [ و ] نعال من ذهب شركها [ من لؤلؤ ] (2) يتلألأ ، يؤتون بنوق من نوق الجنة بيض عليها رحائل الذهب ، فيركبونها حتى ينتهون الى الجبّار ، والناس يحاسبون ويفزعون ويعتبون وهم يأكلون ويشربون.
فقال علي علیه السلام : يا رسول اللّه من هؤلاء؟
ص: 461
قال : هم شيعتك يا أبا الحسن. وذلك قوله تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً ) (1).
[1351] وقال أبو بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : ما يضرّ من اكرمه اللّه بأن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يكن يقدر على شيء يأكله إلا الحشيش.
[1352] قال : وسمعته يقول : قال أبو جعفر - يعني أباه - : ما من مؤمن من يحضره الموت إلا رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعليا وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام حيث يسره ، ولا كافرا إلا رآهم.
[1353] مثنى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : إن حول العرش رجال لهم وجوه من نور على منابر من نور [ بمنزلة الأنبياء ] وليسوا بأنبياء [ وبمنزلة الشهداء ] ولا شهداء ليعظمهم النبيون والمرسلون.
قال : جعلت فداك ، ما أعظم منزلة هؤلاء القوم.
[ قال : ] فانهم واللّه شيعة علي ؛ وهو امامهم.
[1354] خالد الكناسي ، قال : قال رجل لأبي عبد اللّه علیه السلام : ألا أصف لك ديني ، يا ابن رسول اللّه؟
قال : بلى.
قال : فاني أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا بعد رسول اللّه الامام الذي افترض اللّه طاعته ، ثم الحسن ، ثم الحسين ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت تلك المنزلة.
فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : يرحمك اللّه ، واللّه لا يلقى اللّه عبد
ص: 462
هذا دينه إلا بعثه اللّه تعالى مع محمد وعلي وإبراهيم علیهم السلام .
[1355] الحضرمي ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : واللّه لا يموت عبد يحب اللّه ؛ ورسوله ؛ وولايتنا أهل البيت فتمسه [ النار ] أبدا.
قال ذلك ثلاثا.
ص: 463
[1356] أبو بصير ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، وقد كبر سني وذهب بصري وقرب أجلي ، مع أني لست أدري ما أرد عليه.
فقال : وإنك لتقول هذا يا أبا محمد ، أما علمت أن اللّه يكرم الشباب منكم ويجلّ الشيخ.
قلت : هذا لنا يا ابن رسول اللّه؟
فقال : نعم ، وأكثر منه.
قلت : زدني يا ابن رسول اللّه.
قال : أما سمعت قول اللّه تعالى : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (1) أما أنه إياكم عنى [ إذ ] وفيتم بما أخذ عليكم من عهدنا ولم تستبدلوا بنا غيرنا ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.
قال : رفض الناس الخير ورفضتم الشر ، وافترقوا على فرق وتشعبوا على شعب ، وتشعبتم مع أهل بيت نبيكم ، فابشروا ثم ابشروا ، فأنتم
ص: 464
واللّه المرحومون المتقبل من محسنكم المتجاوز عن مسيئكم ، من لم يكن على ما أنتم عليه لم يتقبل منه حسنة ، ولا يتجاوز له سيئة ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : بلى زدني ، جعلت فداك.
قال : فان اللّه تعالى وكل ملائكة من ملائكته يسقطون الذنوب عن شيعتنا كما يسقط الورق عن الشجر أو ان سقوطه ، وذلك قوله :
( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) (1) فاستغفار الملائكة واللّه لكم دون هذا الخلق كلهم ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.
فقال : ذكركم اللّه تعالى في قوله : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (2) فأنتم واللّه في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلت فداك ، [ فزدني ].
قال : ذكركم اللّه تعالى في كتابه ، فقال : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ ) (3) واللّه ما استثنى أحدا غير علي وأهل بيته وشيعته.
ولقد ذكركم اللّه في موضع آخر من كتابه ، فقال : « اولئك مَعَ
ص: 465
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » (1) فرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في هذا الموضع من النبيّين ونحن الصدّيقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.
قال : قد ذكركم اللّه تعالى في كتابه ، فقال : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (2) واللّه ما عنى غيركم ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلك فداك ، فزدني.
قال : ذكركم اللّه تعالى في كتابه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (3) ، فأنتم واللّه اولو الألباب ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.
قال : قال اللّه تعالى : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (4) أنتم عباده الذين عنى بذلك ، هل سررتك يا أبا محمد؟
[ قلت ] (5) : نعم ، فزدني جعلت فداك.
قال : كل آية في كتاب اللّه تسوق الى الجنة وتذكر الخير فهي فينا ، وكل آية تحذر الناس وتذكر أهلها فهي في عدونا ومن خالفنا.
ص: 466
ثم سمع الناس يعجون يومئذ بالأبطح ، فقال علیه السلام : ما أكثر العجيج وأقل الحجيج ، واللّه ما يقبل إلا منك ومن أصحابك يا أبا محمد ... الحديث.
[1357] أبو سعيد الخدري ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : سيأتي على أهل الجنة ساعة يرون فيها نور الشمس والقمر (1). يقولون : أليس قد وعدنا ربنا أن لا نرى فيها شمسا ولا زمهريرا؟ (2).
فيقال لهم : صدقتم ، ولكن هذا رجل من شيعة علي علیه السلام يتحول من غرفة الى غرفة [ فهذا الذي أشرق عليكم من نور وجهه ] (3).
[1358] جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة أوحى اللّه تعالى الى جهنم أن اخمدي ، فانه يريد أن يمرّ عليك شيعة علي علیه السلام .
قال : فيمرون عليها ولا يحسون بها ، فتناديهم من تحت أقدامهم : عجلوا ؛ عجلوا ؛ فقد أطفأ نوركم لهيبي.
[1359] فضل بن الزبير ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إنا أهل بيت خلقنا من علّيين وخلقت قلوبنا من الذي خلقنا ، وخلقت شيعتنا من أسفل ذلك ، وخلقت قلوب شيعتنا [ من ] الذي خلقوا منه. وان عدونا خلقوا من سجّين ، وخلقت قلوبهم من الذي خلقوا منه. فهل يستطيع أهل علّيين أن يكونوا أهل سجّين؟
ص: 467
[1360] جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لعلي علیه السلام : يا علي ، إن شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب ، ولهم من الذنوب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقد فرجت عنهم الشدائد ؛ وسهلت لهم الموارد ؛ وأعطوا الأمن والأمان ؛ وارتفعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ؛ ويحزن الناس ولا يحزنون ، شرك نعالهم يتلألأ نورا ، على نوق لها أجنحة قد ذللت من غير مهانة ، وتحببت من رياضة أعناقها ذهب أحمر ألين من الحرير لكرامتهم على اللّه تعالى.
[1361] ابن أبي الجعد ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجت أمّ سلمة على قوم وهم يذكرون عليا وعثمان ، فقالت : أيّ شيء يقولون؟ شيعة علي هم الفائزون ، وهذا مما سمعته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقوله.
وقد ذكرناه عنه وهو خبر مشهور.
[1362] الثوري (1) ، يرفعه الى علي علیه السلام ، أنه قال : نحن ومن يحبنا كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى - حتى نرد على نبينا الحوض.
[1363] عن عمار بن ياسر ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : نوديت ليلة اسري بي الى السماء - الى ربي - : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك.
قال : إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي ، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الاكبر علي وصيّك ، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك ، وابناك الحسن والحسين. أنتم من شجرة ،
ص: 468
أنت يا محمد أصلها وعلي غصنها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتكم من طينة علّيين ، وجعلت شيعتكم منكم ، فقلوبهم تهوي إليكم.
قلت : يا رب هو الصدّيق الاكبر؟
قال : نعم ، هو الصدّيق الاكبر.
[1364] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن عمرو بن علي بن أبي طالب ، قال : نزلت في علي علیه السلام وشيعته آية من كتاب اللّه وهو قوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (1).
[1365] أبو بصير ، قال : قال لنا أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام : ليهنكم الاسم الذي نحلكم اللّه تعالى إيّاه.
قلنا : وما هو يا ابن رسول اللّه؟
قال : الشيعة ، إن اللّه يقول : ( إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (2) وقال : ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (3).
وشيعة الرجل - في اللغة - : أنصاره وأصحابه والموافقون له ، ولذلك قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : شيعة علي هم الفائزون.
وذكر علیه السلام شيعة علي علیه السلام في غير حديث ، وقد ذكر بعض ذلك ، ولم يأت عنه صلی اللّه علیه و آله مثل ذلك لأحد من أصحابه - فيما علمناه - لم يقل شيعة أبي بكر ولا عمر ولا غيرهما ، ولا ذكر إلا شيعة علي الذين هم أنصاره ، ودعا لهم بذلك ، ودعا على مخالفيهم ، فقال صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من
ص: 469
نصره ، واخذل من خذله. ولم يقل ذلك لأحد غيره ، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وامامته دون من سواه. ومن هذا الوجه أيضا أن شيعة الرجل أنصاره وأصحابه وموافقوه قول اللّه تعالى في قصة نوح علیه السلام : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (1).
وكان ابراهيم ثالث النطقاء المرسلين ، أرسله اللّه تعالى بعد نوح علیه السلام مصدّقا له ، ولما جاء به من الرسالة من عند اللّه ناصرا بذلك له موافقا لما جاء به من الرسالة ، فكان بذلك من شيعته كما أخبر اللّه تعالى بذلك.
وكذلك قوله : ( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (2). كان الذي استغاث موسى علیه السلام رجل مؤمن من أنصار موسى علیه السلام وأتباعه ، والشيعة في اللغة - أيضا - : كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أصنافهم (3) ، ومن ذلك قول اللّه تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ) (4) ، وقوله : ( كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) (5) أي : بأمثالهم من الشيع الماضية. والمشايعة - في اللغة - : المتابعة في الأمر ، ويقال منه : شايعت فلانا على كذا : اذا تابعه عليه. وقد كان لعلي علیه السلام في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قوم اتبعوه على أمر وتولّوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من أمره يعرفون بذلك ، ولم يكن مثل ذلك لأحد من الصحابة غيره ، إذ لم [ يكن ] أحد منهم في مقام من يتّبع ويتولى من له أمر يتّبع ، وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرّفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم : « شيعة علي » ويذكر فضله مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار.
ص: 470
وقال لعمار : تقتلك الفئة الباغية. وقد علم أنه من فئة علي علیه السلام ومن شيعته ، فتبيّن [ من ] ذلك أن فئته فئة العدل ، فقتله أصحاب معاوية بصفين ، وقد تقدم ذكر خبره بتمامه وشرحه (1).
[1366] عبد العلي بن أعين ، قال : سمعت أبا عبد اللّه - يعني : جعفر بن محمد - علیه السلام يقول : إنا وأتباعنا ، ليكون منا الرجل في البيت يتلو القرآن ، فيزهر لأهل السماء كما يزهر الكوكب الدرّي لأهل الأرض.
[1367] وعنه علیه السلام ، أنه قال : واللّه لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة ، فاستظلّ بظلّنا ، ورافقنا في منازلنا. واللّه لا يحبنا عبد حتى يطهّر اللّه قلبه ، ولا يطهّر قلبه حتى يسلّم لنا ، واذا سلّم لنا سلّمه اللّه من سوء الحساب ، وآمنه من الفزع الاكبر.
[1368] وعنه علیه السلام ، أنه قال لقوم من أصحابه : عرفتمونا وأنكرنا الناس ، وأحببتمونا وأبغضنا الناس ، فرزقكم اللّه موافقة محمد وسقاكم من حوضه.
[1369] ميمون الايادي ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه ذكر أبا هريرة الشاعر [ العجلي ] رحمة اللّه عليه قال : فقلت : إنه كان يشرب الخمر!.
فقال : ويحك! يا ميمون أعزيز على اللّه أن يغفر لرجل من شيعة علي مثل هذا (2)؟
ص: 471
[1370] رفاعة ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام قال : ما ضرّ من كان على هذا الرأي ألاّ يكون له ما يستظلّ به إلا الشجر ، ولا يأكل إلا من ورقها؟
[1371] الرازي ، قال : قال أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام : ما يقول من قبلكم (1) في هذه الآية : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ) (2).
قال : قلت : يقولون : نزلت في أهل القبلة.
قال : كلّهم؟
قلت : كلّهم.
قال : فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلّهم.
قلت : يا ابن رسول اللّه فيمن نزلت؟
قال : فينا.
قلت : فما لشيعتكم؟
قال : لمن اتقى وأصلح - منهم - الجنة ، بنا يغفر اللّه ذنوبهم وبنا يقضي ديونهم ، ونحن باب حطتهم كحطة بني اسرائيل (3). اسرائيل [1372] وقال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم بني (4) نبيكم فأبشروا.
ص: 472
قال : قلت : جعلت فداك إني لأرجو أن لا يجعلنا اللّه واياهم سواء.
فقال : لا واللّه ولا كرامة.
[1373] عقبة بن خالد قال : دخلت أنا والمعلّى [ بن خنيس ] على أبي عبد اللّه علیه السلام في مجلسه وليس هو فيه ، ثم خرج علينا من جانب البيت من عند سارية ، فجلس ، ثم قال : أنتم اولو الالباب في كتاب اللّه ، قال تعالى : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (1) فأبشروا ، فأنتم على إحدى الحسنيين من اللّه ، إن أبقيتم حتى ترون ما تمدون إليه رقابكم ، شفى اللّه صدوركم ، وأذهب غيض قلوبكم ، وأحاد لكم (2) على عدوكم وهو قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ) (3) وان مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين اللّه تعالى الذي رضيه لنبيه صلی اللّه علیه و آله وبعثتم على ذلك.
ثم أقبل عليّ ، فقال : يا عقبة ، إن اللّه تعالى لا يقبل من العباد - يوم القيامة - إلا ما أنتم عليه ، وما بين أحدكم وبين أن يقرّ به عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذه - وأهوى بيده الى حلقه -.
[1374] وعنه علیه السلام ، أنه قال لجماعة من شيعته اجتمعوا عنده : أخبروني أيّ هذه الفرق أسوأ حالا عند علمة (4) الناس؟ فقال له بعضهم : جعلت فداك ما أعلم أحدا أسوأ حالا عندهم منا. قال :
ص: 473
فاستوى جالسا ، ثم قال : أما واللّه ما في النار منكم اثنان ، واللّه ولا واحد ، وما نزلت هذه الآية إلا فيكم : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (1).
ثم قال : أتدرون لم ساءت حالكم عندهم؟
قالوا : لا.
قال : لأنهم أطاعوا ابليس وعصيتموه فأغراهم بكم.
[1375] سليمان بن خالد ، قال : كنت في طريق الحج أسير ليلا في محملي وأنا أقرأ في آخر ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ) إذ خامرني النوم فاذا أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام في محمله الى جانبي يقول : اقرأ يا سليمان ، فقرأت ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ) (2).
فقال لي : هذه فينا ، أما واللّه لقد وعظنا وهو يعلم إنّا لا نزني ، اقرأ يا سليمان.
فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) (3).
فقال لي : قف. فوقفت.
فقال : هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب منكم يوم القيامة فيكون هو الذي يلي [ حسابه ] (4) فيوقفه على سيئاته شيئا فشيئا
ص: 474
فيقول : عملت كذا في يوم كذا؟ فيقول : نعم يا رب.
[ قال : حتى يوقفه على سيئاته كلها ].
فيقول : سترتها عليك في دار الدنيا ، وأغفرها لك اليوم ، ابدّلها لعبدي حسنات.
ثم ترفع صحيفته للناس فيقولون : سبحان اللّه أما كان لهذا العبد ولا سيئة واحدة؟
فذلك قوله : فاولئك يبدّل اللّه سيئاتهم حسنات.
ثم قال : اقرأ.
فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) (1).
قال : هذه فينا ، اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) (2).
قال : هذه فيكم ، اذا ذكرتم فضلنا لم تشكّوا فيه.
ثم قال : اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) (3) الى آخر هذه السورة.
قال : هذه فينا.
علیه السلام ، فخرج علينا ، فقال : مرحبا وأهلا ، واللّه اني لاحبّ ريحكم وأرواحكم ، وانكم على دين اللّه.
فقال علقمة : فمن كان على هذا الدين تشهد له بالجنة يا ابن رسول اللّه؟
فمكث هنيئة ، ثم قال : انظروا ، فان تكونوا فارقتم الكبائر ، فأنا أشهد.
قالوا له : وما الكبائر؟
قال : هذا في كتاب اللّه سبع : الشرك باللّه العظيم ، واكل مال اليتيم ، واكل الربا بعد البينة ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وقتل المؤمن ، وقذف المحصنة.
قال : قلنا : ما منا أحد أصاب من هذه شيئا.
قال : أنتم اذا.
[1377] وعنه ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد اللّه - يعني : جعفر بن محمد - علیه السلام يقول : اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوا للناس ، فانه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى اللّه ، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة عرضة القلب (1) ، إن اللّه قال لنبيه محمد : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (2) وقال : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (3).
ص: 476
ذروا الناس ، فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واني سمعت أبي يقول : إن اللّه عزّ وجلّ اذا كتب لعبد أن يدخل هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير الى وكره.
[1378] [ محمد الحلبي ] قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : من اتقى اللّه [ منكم ] وأصلح ، فهو منا أهل البيت (1).
يعني علیه السلام : أن يكون منهم بالتولي لهم لقول اللّه حكاية عن خليله ابراهيم علیه السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (2) وقوله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (3).
[1379] وقال : دخلت المسجد أنا وأبان بن تغلب (4) ، فرأينا أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام جالسا والناس حوله يستفتونه ، فقصدنا إليه ، فقال له أبان : يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هذه الكعبة؟
قال : نعم اذا رأيتها فقل : الحمد لله الذي شرّفك وكرّمك وجعلك مثابة للناس وأمنا.
ثم قال : إن اللّه تعالى أول ما خلق من الارض الكعبة ، ثم بث الارض من تحتها وجعلها جوفاء ، وهي بازاء البيت المعمور ، وما بينهما حرم ، ولو أن رجلا كان يطوف بها فأتاه أخوه المسلم في كل حين يسأله أن يمضي معه في حاجة ، لكان قطع طوافه وذهابه معه أفضل. ولو أن رجلا من أهل ولايتنا لقي اللّه تعالى بعدد رمل عالج ذنوبا لكان حقا على اللّه أن يغفر له.
ص: 477
[1380] عبد اللّه بن مالك ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : بينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما بالمدينة جالسا وحوله نفر من أصحابه إذ نظر الى سواد عظيم نازل من السماء ، فقام فزعا وقام معه أصحابه ، فتخلل طرق المدينة ، وهو ينظر الى السواد حتى أتاه ، فاذا بنعش يحمله أربعة من العبيد ، وليس وراءه تبع ، فقال : من هذا الميت؟
قالوا : يا رسول اللّه عبد كان لبني رباح مسرفا على نفسه أوثقه مواليه ، فمات في الوثاق ، فأمرونا بدفنه.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ لعلي ] (1) : انظر إليه لعلك أن تعرفه.
فكشف عنه علي علیه السلام فاذا بأسود في عنقه غلّ وفي رجليه قيد.
فقال علي علیه السلام : بلى واللّه يا رسول اللّه إني لأعرفه ، وما لقيته - قط - إلا وقال لي : يا مولاي أنا واللّه احبك ، وأشهد أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر.
ص: 478
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا جرم أنه قد نفعه ذلك ، هذا - واللّه - سبعون قبيلا (1) من الملائكة ، ففي كل قبيل (2) سبعون ألف ملك هبطوا من السماء يشهدون جنازته ويصلّون عليه.
وأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقطع الغلّ من عنقه والقيد من رجليه وصلّى عليه ودفنه وترحّم عليه.
[1381] ثروة الرماح (3) قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام :
قول اللّه : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) (4) ثم قال لي : ما يقول هؤلاء في هذه الآية؟
قلت : جعلت فداك لا أدري.
قال : لكني أدري ، يزعمون أنها لهم على العموم ، ولا واللّه ما هي إلا لكم خاصة ، أنتم الحجيج والناس سواد.
[1382] أبو حمزة الثمالي ، قال : قال علي بن الحسين علیه السلام : أيّ البقاع أفضل؟
قلت : اللّه ورسوله [ وابن رسوله ] أعلم.
قال : أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلا عمّر ما عمّر نوح علیه السلام في قومه [ الف سنة إلا خمسين ] (5) ، يصوم النهار
ص: 479
ويقوم الليل في ذلك الموضع ، ثم لقي اللّه تعالى بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك [ شيئا ].
[1383] أبو حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر - محمد بن علي علیه السلام - [ يقول : ] لو أن عبدا عبد بين الركن والمقام حتى ينقطع أوصاله ثم لم يلق اللّه بحبنا وولايتنا - أهل البيت - ما قبل اللّه منه.
[1384] وعنه ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول : إن الجنة تشتاق ، وليشتدّ ضوؤها لمجيء شيعة علي ، وهم في الدنيا قبل أن يدخلوها.
[1385] ابراهيم بن أبي السبيل ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام - ونحن جماعة من أوليائه جلوسا بين يديه ، ابتدأ من قبل نفسه - : احببتمونا وأبغضنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فجعل اللّه محياكم [ ومماتكم ] (1) محيانا ومماتنا ، واللّه ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّبه عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذا المكان - وأومى بيده الى حلقه ، ومدّ جلده -.
ثم أعاد ذلك ، واللّه ما رضي بذلك حتى حلف لنا ، فقال : واللّه الذي لا اللّه إلا هو يحدّثني ابن عمي - ابن علي - بذلك ، أما ترضون أن تصلّوا ويصلّو [ ن ] (2) فيقبل منكم ولا يقبل منهم ، واللّه لا تقبل (3) الصلاة إلا منكم ، ولا الزكاة إلا منكم ، ولا الحج إلا منكم ، فاتقوا اللّه فانكم في هدنة ، وأدوا الامانة ، فاذا تميّز الناس فعند ذلك يذهب كل قوم الى جهة أهوائهم ، وتذهبون حيث ذهب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام .
ص: 480
إن الناس أخذوا من هاهنا وهاهنا وأنتم أخذتم أخذ اللّه ، إن اللّه اختار لكم من عباده محمدا صلی اللّه علیه و آله واخترتم خيرة اللّه ، فمحمد خيرة اللّه ، ونحن خيرة اللّه ، فاتقوا اللّه وأدوا الامانات الى الاسود والابيض ، وان كان حروريا (1) ، وان كان شاميا (2).
[1386] يزيد بن حلقة الحلواني ، عن عبد الرحمن ، قال : قال أبو جعفر علیه السلام : انما يغبط أحد حتى يبلغ نفسه الى هاهنا ، فينزل عليه ملك [ الموت ] فيقول : أما ما كنت ترجو فقد اعطيت ، وأما ما كنت تخاف فقد أمنت منه ، ويفتح له باب الى منزله من الجنة ، فيقال له : انظر الى مسكنك من الجنة ، وهذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي والحسن والحسين هم رفقاؤك ، وذلك قول اللّه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) (3).
[1387] الحلبي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : [ ... ] (4) إن أدرك الدجال آمن به ، وان لم يدركه كتب من أصحابه. وان ربي مثل لي امتي في الطين ، وعلّمني الاسماء كلها كما علّمها آدم ، فمرّ بي أصحاب الرايات ، فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي علیه السلام خصلة ، قيل : وما هي يا رسول اللّه؟
قال : المنفرة لمن آمن منهم واتقى ، [ وان اللّه ] لا يغادر صغيرة ولا
ص: 481
كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات.
[1388] الفضل بن بشار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : ترى اننا ننزل بذنوبنا منزلة المستضعفين؟
قال : فقال : لا واللّه لا يفعل اللّه ذلك بكم أبدا.
[1389] أبو بكر الحضرمي (1) ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : قول أبيك : لو أدركت عكرمة قبل أن يموت لعلّمته كلمات لا تطعمه النار.
قال : نعم.
قلت : جعلت فداك وما هنّ (2).
قال : ما أنتم عليه.
ثم قال : من تولى محمدا لم تطعمه النار.
[1390] وعنه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : اذا مات المؤمن منكم جعل روحه مع النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
[1391] وعن أبي عبد اللّه ابن يحيى ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : إن ابني فاطمة اشترك في حبها البر والفاجر ، وانه كتب لي : لا يحبني كافر ولا يبغضني مؤمن ، وقد خاب من افترى.
[1392] صفوان عن عبد اللّه بن مسكان ، عن سليمان [ بن ] (3) هارون العجلي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال لقوم كانوا عنده من الشيعة : أما واللّه انكم على دين اللّه ، قال اللّه تعالى : (4) ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً
ص: 482
كَرِيماً ) (1).
[1393] عبد اللّه بن مسكان ، عن زيد بن الوليد ، عن يحيى بن سابق ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال يحيى : دخلت عليه لاودعه مع قوم من أصحابه ، فلما ودعناه ، قال لنا : أما واللّه إنكم لعلى دين اللّه وان من خالفكم لعلى غير الحق ، واللّه - ما أشدّه (2) - انكم في الجنة ، واني لأرجو أن يقرّ اللّه أعينكم من قريب.
[1394] حبيبة (3) الاعشى ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : عاديتم فينا الامة ، والآباء والابناء والازواج والاخوة فثوابكم على اللّه والرسول ، وان أحوج ما يكون فيه الى حبنا الى أن بلغت النفس الى هذه - وأهوى بيده الى حلقه -.
[1395] أبو جارود بن المنذر ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : إذا بلغت أحدكم هذه - وأومى بيده الى حلقه - قرّت عينه.
[1396] ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا أبا محمد لا تعجبك كثرة صلاتهم وصيامهم فان الامر - واللّه - هاهنا ، نحن السبيل والوجه الذي يؤتى اللّه تعالى منه.
[1397] كليب الصنداني ، قال : قال لنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : أما واللّه إنكم على دين اللّه ، وعلى دين ملائكته ، فأعينونا على ذلك بالورع والاجتهاد ، أما واللّه ما يتقبل إلا منكم ، فاتقوا اللّه ، وكفوا ألسنتكم ، وصلّوا في مساجدكم ، وعودوا مرضاكم ، فاذا تميّز الناس ، فتميزوا.
ص: 483
[1398] وعن أبي كهمس ، قال : دخلنا على أبي عبد اللّه نعزيه بابنه اسماعيل ، فقال : رحمكم اللّه تفزعون لفزعنا ، وتفرحون لفرحنا ، أما يحسبكم اذا نادى منادي عدل من ربكم أن يكون كل قوم مع من تولّوا في دنياهم ، فنفزع الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وتفزعون إلينا؟
[1399] عبد اللّه بن مسكان عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن قول اللّه تعالى : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (1) أخاصة هي أم عامة؟
قال : بل هي لك ولأصحابك.
[1400] عباد بن زياد ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا عباد ما على ملة ابراهيم أحد غيركم ، ولا يقبل الحجّ إلا منكم ، ولا يغفر الذنوب إلا لكم ، وان أرواحنا لتحبّ أرواحكم ، وانا لنحبّ رؤياكم وزيارتكم.
[1401] علي بن النعمان ، عن يزيد بن خليفة الحلواني ، قال : قال لنا أبو عبد اللّه علیه السلام : واللّه ما على (2) أحدكم لو قد كان على قلّة جبل حتى ينتهي إليه أجله. انه من عمل لله كان ثوابه على اللّه ، وان كل رياء فهو شرك.
[1402] أبو هارون الجرجاني ، عن مبشر ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن
ص: 484
علي ، يقول : من لقي اللّه لا يشرك به شيئا ، ويجتنب المحارم التي أوجب اللّه عليها النار (1).
[1403] ابن مسكان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : إن اللّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا وكّل به ملكا حتى يأخذ بعنقه - وأشار باصبعه - فيدخله في هذا الامر شاء أو أبى.
[1404] عمرو بن زيد ، عن اسحاق بن حبيش ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : يخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما فيهم من عيوب ولهم من ذنوب على نوق لها (2) أجنحة ، شرك نعالهم من نور يتلألأ ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد آمنة روعاتهم ، مستورة عوارتهم ، قد اعطوا الأمن والامان ، وانقطعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، فتنطلق بهم الى ظلّ العرش ، فتوضع بين أيديهم موائد ، يأكلون منها ويشربون ، والناس في الحساب.
[1405] أبو إسحاق النحوي ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : إن اللّه أثنى على نبيه محمد صلی اللّه علیه و آله [ بقوله : ] (3) ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (4) ثم فوّض إليه فقال : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (5) ، وان نبيّ اللّه فوّض الى علي علیه السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وائتمنه.
وانكم سلّمتم وجحد [ الناس ] واللّه لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا ،
ص: 485
وتصمتوا اذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين اللّه تعالى واقية ، ما جعل اللّه لأحد [ خيرا ] خلاف أمرنا (1).
[1406] ابن العلي ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه وزرارة ومحمد بن مسلم ، فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : لا تطعم النار من كان على هذا الامر. فقال له زرارة : يا ابن رسول اللّه إن في من ينتحل هذا الامر من يريى ويشرب الخمر.
قال : اذا كان ، ضيّق اللّه عليه في معيشته وابتلاه في الدنيا وعاقبه فيها حتى يخرج منها وليس له ذنب.
[1407] حماد بن عيسى ، عن ابراهيم ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : إن اللّه تعالى خصّكم بأربع ، الولاية : وهى خير ما طلعت عليه الشمس ، وعفا عنكم عن ثلاث : الخطأ ، والنسيان ، وما اكرهتم عليه.
[1408] حماد بن عيسى ، عن ابراهيم ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال لقوم من شيعته : ما من يوم إلا يذكركم اللّه فيه بخير ، وما من ليلة إلا يكفيكم اللّه تعالى فيها بعافية ، ولقد نزلتم من اللّه بمنزلة ما ينظر معها الى غيركم إلا أن يتوب تائب فيتوب عليه ، فأنتم سيف اللّه ، وأنتم سوط اللّه ، وأنتم أنصار اللّه ، وأنتم السابقون الأولون والآخرون ، السابقون في الدنيا الى الايمان ، والسابقون في الآخرة الى الجنة ، وما من شيء في أيدي مخالفيكم من أهل ولا مال إلا وهو لنا.
وقد تجاوز اللّه عن سيئاتكم ، وقد ضمنا لكم الجنة بضمان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وضمان اللّه تعالى لكم.
ص: 486
فأنتم أهل الرشاد والتقوى ، وأهل الخير والايمان ، وأهل الفتح والظفر.
[1409] أبو عبيدة [ زياد الحذّاء ] قال : دخلت على أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام فقلت : بأبي وأمي أنت ، خلا بي الشيطان فخشيت نفسي ، ثم أذكر حبي إياكم ، وانقطاعي لكم ، وموالاتي لكم ، فتطيب نفسي.
فقال لي : يا زياد ، وهل الدين إلا الحب ، ألم تسمع قول اللّه تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (1) وقال : ( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ ... ) (2).
فالدين هو الحب.
[1410] ابن شعيب ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : يسأل الرجل في قبره عن امام زمانه ، فاذا أثبته وسّع له في قبره سبعة أذرع ، وفتح منه باب الى الجنة وقيل له : نم نومة العروس قرير العين.
[1411] ابن جعفر ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : كان الناس بعد نبيهم أهل جاهلية إلا من عصم اللّه تعالى من أهل البيت.
[1412] ابن عبد اللّه ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : أمرني ربي بحبّ أربعة ، قيل : ومن هم يا رسول اللّه؟
قال : علي وسلمان والمقداد وعمار (3).
[1413] عن أبي ليلى ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه : الزموا مودّتنا أهل البيت ، فانه من لقي اللّه يوم القيامة
ص: 487
وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا. [ والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفته بحقنا ] (1).
[1414] معمر بن حثيم ، عن أخيه ، قال : قال لي أبو جعفر علیه السلام : يا معمر ليس منا من قطعك (2) ولكن من وصلكم وتركهم ، وليس منا ولا منكم من ظلم الناس.
يا معمر زينونا بالورع.
يا معمر أخذ الناس يمينا وشمالا وأخذتم القصد ، اخترتم من اختار اللّه ، ونظرتم بنور اللّه ، واتبعتم اللّه وتقربتم من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فطوبى لمن كان في زمرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الطيبين الطاهرين غدا وأهل بيته.
فالويل والخزي لمن حشره اللّه ضدا لرسوله ولأهل بيته صلی اللّه علیه و آله .
يا معمر ما نحن وأنتم إلا كهاتين يوم القيامة - وجمع بين اصبعيه - المسبحة والوسطى -.
يا معمر شيعتنا من أحبّ اللّه ، وعدونا من أبغضنا لقرابتنا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
يا معمر أيستأثرون من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟
يا معمر من أهل بيت أضيع منا بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ وما يستطيع أحدنا أن يكلّم خادمه بحاجته ، فاللّه المستعان.
[1415] بشر بن غالب ، قال : سألني الحسين بن علي علیه السلام عن أهل
ص: 488
الكوفة فقال : ما فعل أبناء العرب بها؟
قلت : يا ابن رسول اللّه ، أسبلوا الستور ، وشربوا الخمور ، ويزينون بالخلاهنات (1).
قال : فما فعل أبناء الموالي؟
قلت : يغدون ويروحون الى الاسواق ، فيقعدون على الكرسي ، ويحلفون بالأيمان الفاجرة.
فقال : أما أنه لا تذهب الايام حتى يكونوا دفّتين كدفّتي المصحف ، لا يحبنا أحد منهم إلا كان معنا يوم القيامة ، له نور يعرف به حتى يؤتى بهم أبانا عليا علیه السلام ، فيسقيهم من الحوض ، ثم ندخل نحن وهم الجنة ، يقدمنا أبونا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1416] سليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين علي علیه السلام :
إن أهل بيتي يقطعوني واوصلهم ، ويحرموني فاعطيهم ، ويكلموني وأعفو عنهم ، ويشتموني ولا أشتمهم.
فقال أمير المؤمنين علي علیه السلام : عهدت الناس ورقا لا شوك فيه ، وهم اليوم شوك لا ورق فيه.
فقلت : فكيف أصنع يا أمير المؤمنين؟
قال : ولّهم غرضك ليوم فقرك.
شيعتنا ثلاثة أصناف : صنف يصلونا ، وصنف يصلون الناس ، وصنف والوا وليّنا وعادوا عدوّنا. اولئك الاولياء الاخيار الحكماء العلماء وطوبى لهم وحسن مآب.
[1417] محمد بن الهارون الهمداني ، قال : خرج أبو جعفر علیه السلام يوما على أصحابه وهم جلوس على بابه ينتظرون خروجه فقال لهم :
ص: 489
تنجّز - والبشرى من اللّه - ، واللّه ما أحد من الناس يتنجّز لي البشرى من اللّه غيركم ، ثم قرأ : ( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) (1).
ثم قال : نحن أهل البيت قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1418] الحسين بن محمد الطيالسي ، قال : حدثنا اسحاق - مولى جعفر بن محمد - قال : سمعت مولاي جعفر علیه السلام يقول : إن اللّه تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة لم يعتذر الى أحد من خلقه إلا الى فقراء شيعتنا ، فيقول لهم : وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا لهوانكم عليّ ولكني ذخرت لكم ما عندي ، فتصفّحوا وجوه الخلق ، فمن كان صنع الى أحد منكم معروفا في الدنيا فليأخد بيده ، فليدخله الجنة فانهم يومئذ ليتعلّقون بفقراء شيعتنا فيقول كل واحد منهم : ألم أفعل بك في الدنيا كذا؟ فمن عرّفوه ممّن كان فعل ذلك لهم أدخلوه الجنة.
[1419] الفضل بن يسار ، قال : حدثني الثقة من أصحابنا ، عن عبد اللّه بن الحسين بن علي علیه السلام ، أنه قال : واللّه الذي لا إله غيره لا يحب محبنا - على غير يد كانت منه إليه - ، ولا يبغض عبد مبغضنا - على غير شحناء كانت بينه وبينه - ، ثم لقي اللّه تعالى وعليه من الذنوب مثل زبد البحر إلا غفر اللّه [ له ].
[1420] أبو الجارود ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول : أليس عدل من ربكم أن يقوم منادي يوم القيامة فينادي ليقم كل قوم الى من تولوه في الدنيا ، فتفزعون إلينا فتجدونا عند النبي صلی اللّه علیه و آله ؟
ص: 490
[1421] يحيى بن مشاور ، قال : أخبرني بشير النبال - وكان يرمي بالنبل - قال : أردت زيارة أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام فاشتريت بعيرا نضوا لم أجد بما تهيأ لي من الثمن غيره ، فقال لي قوم :
[ لا ] يحملك. فركبت ومشيت حتى قدمت المدينة وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي ، فأتيت باب أبي جعفر علیه السلام فأصبت غلاما بالباب فقلت له : استأذن لي على ابن رسول اللّه وقل له : بشير النبال ماثل بالباب. فسمع صوتي فقال : ادخل يا بشير. فلما رآني قال : مرحبا يا بشير ، ما هذا الذي أرى بك.
قلت : جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا فركبت ومشيت.
فقال : وما الذي دعاك الى ذلك؟
قلت : حبكم واللّه.
قال : أفلا افيدك؟
قلت : بلى.
قال : اذا كان يوم القيامة ، فزع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اللّه تعالى ، وفزعنا الى رسول اللّه ، وفزع محبّونا إلينا فالى أين ترون نذهب بكم؟
ص: 491
قال : الى الجنة.
قال : الى الجنة وربّ الكعبة ، الى الجنة - قالها مرتين -.
[1422] عبد الحميد بن سعيد ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : ما أحسبك تأنس بأحد في المدينة.
قلت : لا يا ابن رسول اللّه.
قال : فاني لك ذلك.
فقال علیه السلام : يا عبد الحميد لكم واللّه يغفر الذنوب ، ومنكم يقبل الحسنات ، أبشروا ، [ فاني ] (1) كثيرا ما [ كنت ] (2) أسمع أبي رضی اللّه عنه يقول لاصحابه : أبشروا ، فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويلقى السرور إلا أن تبلغ نفسه الى هاهنا - وأشار بيده الى حلقه -.
ثم قال : إنه اذا كان ذلك واحتضر ، أتاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجبرئيل ، وملك الموت ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام . فيدنو منه علي علیه السلام ، فينظر إليه ، ثم يلتفت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيقول : يا رسول اللّه هذا كان يحبنا فأحبه ، فيقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا جبرئيل إن هذا كان يحبّ اللّه ورسوله وأهل بيته فأحبه. فيقول جبرئيل : يا ملك الموت إن هذا كان يحبّ اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه. فيدنو [ منه ] (3) ملك الموت ، فيقول : يا عبد اللّه أخذت فكاك رهانك ، أخذت براءة أمانك.
ثم يقول (4) : تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟
ص: 492
فيوفّقه اللّه فيقول : نعم.
فيسأل ملك الموت عمّا تمسك به؟
فيقول : ولاية علي بن أبي طالب.
فيقول : أبشر ، فقد أدركت ما كنت ترجوه ، وأمنت مما كنت تخافه ، أبشر بالسلف الصالح بمرافقة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي بن أبي طالب علیه السلام وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام .
ثم يسلّ روحه سلاّ رفيقا ، ثم ينزل إليه بكفن من الجنة وحنوط وحلّة خضراء يكفن بها ويحنط.
فاذا وضع في قبره قيل له : نم نومة عروس على فراش ، أبشر بروح وريحان وربّ غير غضبان وجنة نعيم.
ثم يفتح له في قبره مسيرة شهر أمامه وعن يمينه وعن شماله ومن خلفه ، ويفتح له باب الى الجنة ، فيدخل عليه روحها وريحانها الى أن يبعث.
قال : واذا احتضر الكافر حضره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي وجبرئيل وملك الموت علیهم السلام ، فيدنو منه علي علیه السلام ، ثم يلتفت ، فيقول : يا رسول اللّه إن هذا كان يبغضنا أهل البيت.
فيقول النبي صلی اللّه علیه و آله لجبرئيل : يا جبرئيل إن هذا كان يبغض اللّه ورسوله وأهل بيت رسول اللّه ، فابغضه.
فيقول جبرئيل لملك الموت : إن هذا كان يبغض اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله ، فاعنف عليه وابغضه.
فيدنو منه ملك الموت فيقول : يا عبد اللّه أخذ [ ت ] (1) فكاك
ص: 493
رهانك؟ أخذت براءة أمانك؟ تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟
فيقول : لا ، وما أعرف شيئا مما تقول.
فيقول له ملك الموت : أبشر يا عدوّ اللّه بخزي اللّه وعذابه في نار جهنم ، أما ما كنت ترجو فقد فاتك ، وأما ما كنت تحذر فقد نزل بك.
ثم يسلّ روحه سلاّ ، ويوكّل به ثلاثمائة شيطان فيبصقون بوجهه حتى يوضع في قبره ، ويفتح له فيه باب الى جهنم ، فيدخل عليه زفيرها وحرّها الى أن يبعث ، ثم ينطلق بروحه الى برهوت (1).
[1423] ( وعنه ) قال : سمعني أبو عبد اللّه علیه السلام وأنا اقول : أسأل [ اللّه ] الجنة.
فقال لي : يا أبا محمد أنت واللّه في الجنة ، فاسأل اللّه أن لا يخرجك منها.
قلت : وكيف ذلك - جعلت فداك -.
فقال : من كان في ولايتنا فهو في الجنة.
[ أقول : ] يعني علیه السلام أنه من أهل الجنة. فاسألوا اللّه أن لا يخرجكم منها الى ولاية عدونا.
[1424] الفضل ، قال : تحدثنا عند أبي عبد اللّه علیه السلام ، فذكرنا عين الحياة فقال علیه السلام : أتدرون ما عين الحياة؟
قلنا : اللّه وابن رسوله أعلم.
قال : نحن عين الحياة ، فمن عرفنا وتولاّنا فقد شرب عين الحياة ، وأحياه اللّه الحياة الدائمة في الجنة وأنجاه من النار.
ص: 494
[1425] الاصبغ ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي إن لله تعالى قضبا (1) من ياقوت لا يناله إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس براء.
[1426] جابر بن عبد اللّه الانصاري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي : ألا أمنحك ، ألا ابشرك؟
قال : بلى يا رسول اللّه.
قال : خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا [ فاذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسماء امهاتهم إلا شيعتك ] (2) فانهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لطيب مولدهم.
[1427] أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علي علیه السلام أنه قال : لما نزلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) (3) قال المقداد بن الاسود الكندي : يا رسول اللّه وما طوبى؟
قال : يا مقداد ، شجرة في الجنة ، لو يسير الراكب الجواد في ظلها مائة عام ما قطعها ، وورقها وقشرها [ زبرجد ] (4) أخضر ، وزهرها رياض صفر ، وضيعتها زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر ، وترابها مسك وعنبر ، وحشيشها زعفران ، خلالها لجوج
ص: 495
[ كذا ] يتأجّج من غير وقود ، يتفجّر من أصلها السلسبيل ، (1) ظلها مجلس من مجالس شيعة علي علیه السلام ، يألفونه ويتحدثون فيه.
فبيناهم يوما في ظلها إذ جاءتهم الملائكة تقود لهم (2) خيلا بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا ، وبرها [ كذا ] خزّ أحمر ومرعر [ كذا ] أبيض محيطا لم ينظر (3) الناظرون الى مثلها حسنا وبهاء ، قد ذللت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة ، عليها رحال ألواحها من الدرّ والياقوت مضيئة بألوان المرجان ، وصفاتها [ كذا ] من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والارجوان فأناخوها لهم.
ثم قالوا : ربكم يقرئكم السلام فقوموا فزوروه ليزيدكم من فضله ، فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. فيستوي كل رجل منهم على راحلته وينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت أحد منهم أحدا ، ولا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا اتحفتهم بثمارها ، ورحلت لهم عن طريقهم كرامة لهم ، من غير أن تفرق بينهم ، حتى اذا انتهوا الى الجبار تعالى ، قالوا : ربنا أنت السلام ومنك السلام وأنت ذو الجلال والاكرام.
فيقول تعالى : كذلك أنا ومرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل [ بيت ] (4) نبيي ، ورعوا حقي ، وخافوني بالغيب وكأني مني على حال مشفقين.
فيقولون : وعزتك وجلالك ما قدرناك حقّ قدرك ولا أدّينا حقك فائذن لنا بالسجود.
ص: 496
فيقول لهم ربهم : اني قد وضعت عنكم العبادة وأرحت أبدانكم فطال ما أنصبتم لي الابدان ، فالآن أفضتم الى روحي ورحمتي فاسألوني بما شئتم ، فلا يزال يا مقداد ممنونا عليهم في العطايا والمواهب حتى أن المقصّر من شيعة علي ليتمنى يومئذ في امنيته مثل جميع الدنيا مذ خلقها اللّه تعالى الى يوم القيامة.
فيقول لهم ربهم : لقد قصّرتم في أمانيكم ، ورضيتم بدون ما لحق لكم ، فانظروا الى مواهب ربكم.
فينظرون ، فاذا هم بقباب وقصور في أعلى علوّ ، من الياقوت الاحمر والجوهر الاخضر والابيض والاصفر يزهر نورها ، فلولا أنها مسخرة لم تكد الابصار أن تراها لشدة نورها ، فما كان منها من الياقوت الاحمر فهو مفروش بالسندس الاخضر ، وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالرياض مشوب بالفضة البيضاء والذهب الاحمر ، قواعدها وأركانها من الجوهر ، يخرج من أبوابها وعرصتها (1) نور مثل شعاع الشمس ، وعلى كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان ، فاذا أرادوا الانصراف الى منازلهم حولوا الى فرس من نور بأيدي ولدان مخلدين ، بيد كل واحد منهم حكمة (2) فرس من تلك الافراس ، لجمها وأعينها من الفضة البيضاء والذهب الاحمر والجوهر ، فلما دخلوا منازلهم أتتهم الملائكة يهنئونهم بكرامة اللّه لهم ، حتى اذا استقروا قيل لهم : هل ( وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ) (3).
ص: 497
قالوا : نعم ربنا رضينا فارض عنا.
قال : برضاي عنكم ، وبحبكم أهل بيت نبيكم أحللتكم داري وصافحتكم الملائكة فهنيئا لكم عطاء غير مجذوذ ليس ينغّص.
فعندها قالوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ ) (1).
[1428] هاشم الصداني ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : يا هاشم حدثني أبي ، وأبي وهو خير مني ، عن جدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : ما من رجل من شيعتنا يموت إلا خرج من قبره يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر ، فيقال له : سل.
فيقول : أسأل في النظر الى محمد علیه السلام .
قال : فيأذن اللّه تعالى لشيعتنا في زيارة محمد صلی اللّه علیه و آله في الجنة ، وينصب لمحمد منبر فيصعد عليه هو وعلي علیه السلام ويحف بذلك المنبر شيعة آل محمد ويلقى عليهم النور ، حتى أن أحدهم اذا رجع الى منزله لم تقدر الحور أن تملأ أبصارها منه.
ثم قال أبو عبد اللّه علیه السلام : فلمثل هذا فليعمل العاملون.
[1429] الاصبغ ، عن علي علیه السلام ، أنه قال في قوله اللّه تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (2) قال : ليفرح شيعتنا بما اعطوا ، فذلك خير مما اعطي عدونا من الذهب والفضة.
[1430] أبو الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه
ص: 498
تعالى : ( ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (1) قال : قال علي علیه السلام : ليس من عبد امتحن اللّه قلبه [ بالايمان إلا وجد مودتنا في قلبه ] (2) فهو يودنا ، وليس من عبد ممّن سخط اللّه عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه ، فهو يبغضنا ، فأصبحنا نفرح بحبّ للمحبّ.
وأصبح محبنا ينتظر رحمة اللّه ، وكأن أبواب الجنة قد تفتحت له وأصبح مبغضنا على شفا حفرة من النار ينهار به في نار جهنم.
فهنيئا لاهل الرحمة برحمة ربهم ، وتعسا لاهل النار بمثواهم ، ولا يستوي من أحبنا ومن أبغضنا ، ولا يجتمع حبنا وبغضنا في قلب واحد ، إن اللّه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه ، يحبّ بهذا ويبغض بهذا ، أما المحبّ فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه.
ومبغضنا على تلك المنزلة ، ونحن النجباء ، وأفراطنا أفراط الأنبياء وأنا وصيّ الاوصياء وشيعتي من حزب اللّه ، والفئة الباغية من حزب الشيطان. فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه ، فان شارك حبنا عدوّنا ، فليس منا ولسنا منه ، واللّه عدوهم وجبرئيل وميكائيل ، واللّه عدو للكافرين.
[1431] علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : ما ابتلى اللّه به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع ، بأن يكونوا لغير رشدهم ، أو يمنوا في أكفهم ، أو يبتلوا في أدبارهم ، أو يكونوا منهم خصي.
[1432] أبو حمزة ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : أربع خصال
ص: 499
لا تكون في شيعتنا المؤمنين : لا يكون من شيعتنا مجبوبا ، ولا يسأل على الابواب ، ولا يولد له من الزنا ، ولا ينكح في دبره.
[1433] عبد الحميد الواسطي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : (1) إن الشفاعة لمقبولة ، ولا تقبل عن ناصب ، وان المؤمن [ من ] شيعتنا ليشفع في جاره ، وما له من حسنة ، فيقول : يا ربّ جاري كان يكفّ عني الاذى. [ فيشفع فيه ] (2) فيقول اللّه تعالى : أنا أحق لمكافأته عنك ، فيشفعه فيه وما له من حسنة. فان أدنى المؤمنين شفاعة لمن يشفع لثلاثين انسانا ، فعند ذلك يقول عدونا ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (3).
[1434] أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه تعالى : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (4) قال : هم شيعة علي علیه السلام .
[1435] وعنه قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام عن قول اللّه تعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (5).
قال : نحن نعلم وعدونا الذين لا يعلمون ] (6). وشيعتنا اولو الالباب.
[1436] مالك ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا مالك ، أما ترضون [ أنكم ] تقيمون الصلاة وتؤتون الزكاة [ ل ] امام آل محمد وتدخلون
ص: 500
الجنة بسلام؟ إنه ما من قوم يأتمون برجل إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه ، وذلك قول اللّه يعنيهم : ( يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) (1) وانكم تدعون بامامكم من آل محمد فتأتون وجوهكم تزهر ، وكتبكم بأيمانكم مسجلة من عند العليّ الاعلى الى النبيّ الرءوف الرحيم : ( اني امتحنت قلب فلان بن فلان بالهدى وولاية أهل بيتك الاصفياء ) مختوم عليها بخاتم من مسك أذفر.
يا مالك من مات على ما أنتم عليه فهو كالمتشحط بدمه في سبيل اللّه.
[1437] علي بن زيد ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه علیه السلام إذ دخل عليه عيسى بن عبد اللّه القمي ، فرحّب به ، وقرّب مجلسه ثم قال له : يا عيسى بن عبد اللّه ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه ألف أو يزيدون فكان [ في ] ذلك المصر أورع منه.
[1438] محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : لا تذهب بكم المذاهب ، فو اللّه ما شيعتنا إلا من أطاع اللّه.
[1439] جابر الجعفي ، قال : قال لي أبو جعفر علیه السلام : أيكفي من انتحل التشيع (2) أن يقول : هو يحبنا أهل البيت؟ فو اللّه ما شيعتنا إلا من اتقى اللّه وأطاعه ، وما كانوا يعرفون [ إلا ] بالتواضع والخشوع ، وكثرة ذكر اللّه تعالى ، والصوم ، والصلاة ، والبرّ بالوالدين ، والتلطف
ص: 501
والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة وللغارمين واليتامى ، وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن ، وكفّ الألسن إلا من خير.
قال : فقلت : يا ابن رسول اللّه ، ما يعلم أحد بهذه الصفة.
قال : يا جابر ، لا تذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : أحبّ عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك يعمل صالحا. فلو قال : إني احبّ رسول اللّه ثم [ لا يعمل بعمله ولا ] يتبع سيرته ما كان ينفعه حبه إياه ، ورسول اللّه خير من علي. فاتقوا اللّه واعملوا لما عند اللّه ، ليس بين اللّه وبين أحد قرابة.
أحبّ العباد الى اللّه وأكرمهم عليه أتقاهم له ، فاعملوا - يا جابر - بطاعة اللّه وما يقرّبكم منه ، فما يتقرب الى اللّه إلا بطاعة ، وما معي براءة من النار ، ولا على اللّه لأحد من حجة.
من كان مطيعا لله فهو لنا ولي ، ومن كان له عاصيا فهو لنا عدو واللّه ما ينال ولايتنا إلا بالعمل الصالح والورع.
[1440] عمرو بن سعيد ، قال : دخلنا على أبي جعفر علیه السلام ونحن جماعة من الشيعة فقال : كونوا لنا النمرقة الوسطى ، يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ، واعملوا صالحا يا شيعة آل محمد فانه ليس بيننا وبين اللّه قرابة ، ولا لنا على اللّه حجة ، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة ، فمن كان مطيعا نفعته ولايتنا ، ومن كان عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا.
[1441] السدي بن محمد ، يرفعه الى أمير المؤمنين علي علیه السلام ، أن قوما اتبعوه - يوما - ، فالتفت إليهم فقال : من أنتم؟
فقالوا : شيعتك يا أمير المؤمنين.
فقال : ما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟
فقالوا : وما سيماء الشيعة؟
فقال : سيماهم أنهم صفر الوجوه من السهر والقيام ، خمص
ص: 502
البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من التلاوة والدعاء ، عليهم عبرة الخاشعين.
[1442] جابر ، قال : كان أبو جعفر علیه السلام يقول : شيعتنا ذبل شفاههم خمص بطونهم تعرف الرهبانية في وجوههم.
[1443] أبو يعقوب ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام يوما لبعض شيعته :
إن شيعة علي علیه السلام كانوا (1) خمص البطون ذبل الشفاه أهل رأفة ورحمة وعلم وحلم فأعينونا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد.
[1444] محمد بن النضر ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام أنه قال : قال علي علیه السلام : إن لله عبادا من أوليائنا ، رسخ عظيم جلال اللّه في قلوبهم ، وأمكن الخوف من ضمائرهم ، وجلّ الحياء بين أعينهم ، وأوطنت الفكرة أفئدتهم ، فنفوا عن اللّه تحريف الضالّين وكذب الملحدين وشكوك المرتابين وحيرة المتحيرين وغلوّ المعتدين الذين فارقوا (2) دينهم وكانوا شيعا ، لا ترهقهم قترة ، ولا ينظرون الى الدنيا بغير مقت. فهم سنام الاسلام ، ومصابيح العلم ، كلامهم نور ومجانبتهم حسرة. وهم الحجة من ذي الحجة ، المنصورون بحجج من احتجّ اللّه تعالى به على خلقه ، فاتبعوهم واقتدوا بهم ترشدوا.
[1445] الكلبي ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : اذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر من اشتدّ ورعه ، وخاف خالقه ، ورجا ثوابه ، فاذا رأيت هؤلاء فهم أصحابي.
[1446] الفضل ، قال : قال رجل لأبي عبد اللّه علیه السلام : إن أصحابك يقولون كذا وكذا - كلاما قبيحا -.
ص: 503
فغضب أبو عبد اللّه علیه السلام ، وقال : ما هؤلاء أصحابي إنما أصحابي - واللّه - الاتقياء الابرار.
[1447] المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : من عفّ فرجه وبطنه ، واشتدّ اجتهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فاذا رأيت اولئك فهم شيعة جعفر.
[1448] ابراهيم بن عمر اليماني ، عن رجل حدثه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : شيعتنا أهل الهدى والتقوى ، وأهل الخير والايمان وأهل الفلاح والظفر.
[1449] أبو المقدام ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، الذين إن غضبوا لم يظلموا ، وان رضوا لم يسرفوا [ وهم ] بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا.
[1450] محمد بن عجلان ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه علیه السلام ، فدخل عليه رجل ، فسلّم عليه ، وجلس ، فجعل أبو عبد اللّه علیه السلام يسأله ، فقال له : كيف من خلفت من اخوانك؟
فأحسن عليهم الثناء.
فقال : كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم؟
فقال : قليلة.
فقال : كيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟
قال : قليلة.
فقال : كيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟
قال : ذلك أقل ، وانك تذكر أخلاقا ما هي عندنا.
قال : فكيف تزعم أن هؤلاء شيعة؟
ص: 504
[1451] أبو اسماعيل ، قال : قلت لأبي جعفر علیه السلام : الشيعة عندنا كثير.
قال : هل يتعطف الغني على الفقير ، ويتجاوز المحسن منهم عن المسيء ويتواسون؟
قلت : لا.
قال : ليس هؤلاء شيعة ، إنما الشيعة من يفعل هذا.
* * *
ص: 505
[1452] وعن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه أوصى بعض شيعته فقال لهم : كونوا لنا دعاة صامتين.
قالوا : وكيف ذلك يا ابن رسول اللّه؟
قال : تعملون بما أمرناكم به من طاعة اللّه وتنتهون عما نهيناكم عنه ومعاصيه ، فاذا رأى الناس ما أنتم عليه علموا فضل ما عندنا فسارعوا إليه.
أشهد لقد سمعت أبي علیه السلام يقول : شيعتنا فيما مضى خير من كان ، إن كان امام مسجد في الحي كان منهم ، وان كان مؤذن في القبيلة كان منهم ، وان كان موضع وديعة وأمانة كان منهم ، وان كان عالم يقصد إليه الناس لدينهم ومصالح امورهم كان منهم ، فكونوا أنتم كذلك ، حبّبونا الى الناس ، ولا تبغّضونا إليهم.
[1453] وعنه علیه السلام ، أنه قال للمفضل : أي مفضل قل لشيعتنا كونوا دعاة إلينا بالكفّ عن محارم اللّه ، واجتناب معاصيه واتباع رضوانه ، فانهم اذا كانوا كذلك كان الناس إلينا مسارعين.
[1454] وعن الفضل ، أنه قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : انما شيعة جعفر من كفّ لسانه ، وعمل لخالقه حتى يكون كالحنيّة من كثرة
ص: 506
الصلاة ، وكالصافي من الصيام ، وكالاخرس من طول السكوت. هل في من يدعي أنه من شيعتنا من قد أدأب ليله طول القيام وأدأب نهاره من الصيام أو منع نفسه لذّات الدنيا ونعيمها خوفا من اللّه ، وشوقا إلينا أهل البيت؟
أنّى يكونون لنا شيعة وهم يخاصمون عدونا فينا حتى يزيدوه عداوة ويهرّون هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب.
[1455] وعن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : رحم اللّه عبدا من شيعتنا حببنا الى الناس ولم يبغضنا إليهم.
أما واللّه لو يروون ما نقول ، ولا يحرفونه ، ولا يبدلونه علينا برأيهم ما استطاع أن يتعلق عليهم بشيء ، ولكن أحدهم يسمع منا الكلمة فينيط عشرا ويتناولها برأيه.
رحم اللّه من سمع ما يسمع من مكنون سرنا فدفنه في قلبه.
ثم قال : واللّه لا يجعل اللّه من عادانا ومن تولاّنا في دار واحدة.
[1456] وقال أبو عبد اللّه علیه السلام لرجل قدم عليه من الكوفة فسأله عن شيعته ، فأخبره بحالهم.
فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : ليس اجتماع أمرنا بالتصديق والقبول فقط ، ان احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله ، فأقرئهم السلام وقل لهم : رحم اللّه عبدا اجتر مودة الناس إلينا والى نفسه ، فحدثهم بما يعرفون وستر عنهم ما ينكرون ويجهلون.
واللّه ، ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما ذكر ، ولو كانوا يقولون عني ما أقول ما عبأت بقولهم ولكانوا أصحابي حقا.
[1457] وعنه علیه السلام ، أنه قال لبعض شيعته - يوصيهم - : اتقوا اللّه وأحسنوا صحبة من تصاحبونه ، وجوار من تجاورونه ، وأدوا الامانات
ص: 507
الى أهلها ، ولا تسموا الناس خنازير - ان كنتم من شيعتنا -. فقولوا ما نقول ، واعملوا من أمرناكم ، فكونوا لنا شيعة ولا تقولوا فينا ما لا نقول في أنفسنا فلا تكونوا لنا شيعة.
إن أبي حدثني ، أن الرجل من شيعتنا كان في الحي فيكون ودائعهم عنده ووصاياهم إليه ، فكذلك أنتم فكونوا.
[1458] وعن أبي جعفر علیه السلام ، أنه أوصى رجلا من أصحابه الى قوم من شيعته فقال له (1) : بلّغهم عني السلام ، وأوصهم (2) بتقوى اللّه العظيم وبأن يعود غنيّهم على فقيرهم ، ويعود صحيحهم عليلهم ، ويحضر حيّهم ميتهم [ وأن ] يتلاقوا في بيوتهم ، فان لقاء بعضهم بعضا حياة لأمرنا ، رحم اللّه امرأ أحيى أمرنا (3) وعمل بأحسنه.
قل لهم : إنا لا نقني من اللّه شيئا إلا بعمل صالح تعملونه ، ولن تنالوا ولايتنا إلا بالورع ، وان أشدّ الناس حسرة - يوم القيامة - من وصف عملا ثم خالفه الى غيره.
والذي جاء في هذا الباب من وصايا الائمة علیهم السلام أولياءهم بطاعة اللّه وتنزيههم من أهل المعاصي منهم ، فليس بخلاف لما جاء في الباب الذي قبله من رحمة اللّه تعالى لمن أذنب منهم ، وعفوه عن جميعهم ، لان الذي أمروهم به وندبوهم إليه من طاعة اللّه واجتناب معاصيه هو الذي يوجب لهم نيل الفضل عنده وكريم المنزلة لديه ، ومن كان ممن يقترف الذنوب منهم فهو دون هؤلاء في المنزلة ، ومن المغفور لهم في الآخرة يبيّن ذلك ما رواه أبو بصير.
[1459] ابن الحكم الخثعمي (4) ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه
ص: 508
السلام ، أنه قال : المؤمنون رجلان فمن (1) صدق ما عاهد اللّه عليه ووفى بشرطه له فهو ممن قال اللّه تعالى : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ ) (2) وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة وممن يشفع ولا يشفع له.
ومؤمن كخامة الزرع يعوج أحيانا ويقوم أحيانا ، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة وهو ممن يشفع له.
[1460] وما جاء عنه علیه السلام ، أنه قال لقوم من شيعته : واللّه انكم كلكم في الجنة ، ولكن ما أقبح بالرجل منكم يكون قد دخل الجنة مع قوم قد اجتهدوا وعملوا الاعمال الصالحة ، ويكون هو بينهم قد هتك ستره وبدت عورته.
قيل : وان ذلك لكائن؟! قال : نعم اذا لم يحفظ بطنه ولسانه وفرجه.
فهذا بيان ما قلناه ، فرحم اللّه امرأ نافس في أعلى الدرجات ولم يرض نفسه بالدون في دار البقاء والخلود التي كما قال تعالى : ( أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) (3).
[ ضبط الغريب ]
قوله : كخامة الزرع ، فخامة الزرع أول ما ينبت على ساق واحدة. والخامة :
القصبة ، قال الشاعر :
انما نحن مثل خامة زرع *** فمتى بان بان محصده
ص: 509
تمّ الجزء السادس عشر من كتاب شرح الأخبار ، وتمّ بتمامه الكتاب بحمد اللّه العزيز الوهّاب ، من تأليف سيّدنا القاضى النعمان بن محمد أعلى اللّه قدسه ورزقنا شفاعته وأنسه.
* * *
ص: 510
ص: 511
ص: 512
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[912] ذكر المؤلف ثلاث طرق للحديث :
1 - عن أبي سعيد الخدري ، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 167.
2 - عن أبي ذر الغفاري ، ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 343 والمتقي في كنز العمال 6 / 216. والهيثمي في مجمعه 9 / 168. والمجلسي في بحار الانوار 36 / 293 الحديث 122. والطبري في بشارة المصطفى ص 88.
3 - عن علي علیه السلام ، ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 20.
[913] روى الصدوق في الخصال ص 336 الحديث 37 : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن الصادق علیه السلام قال : إن اللّه أعفى شيعتنا من ست خصال : عن الجنون ، والجذام ، والبرص ، والابنة ، وأن يولد له من زنا ، وأن يسأل الناس بكفه.
[914] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 311 : عن ابن المقير ، عن مبارك بن قيس ، عن أحمد ، عن عبيد اللّه بن محمد ، عن محمد بن جعفر ،
ص: 513
عن أحمد بن يحيى ، عن زهير بن عباد ، عن حسان بن ابراهيم ، عن سفيان ، عن أبي اسحاق ، عن جبار الطائي ، عن عبد اللّه بن قيس ... الحديث.
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 184 ، قال : ورواه الطبراني.
[915] رواه ابن جرير الطبري بسندين عن أبي حمراء في تفسيره 22 / 6.
وأحمد بن حنبل في مسنده 2 / 252. والمجلسي في بحار الانوار 35 / 214 الحديث 18 ، وفي ص 223 أيضا ، وفي 43 / 53.
[916] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 19.
[917] رواه أبو نعيم في حليته 3 / 211. والترمذي في صحيحه 2 / 308. والحاكم في المستدرك 3 / 149. والخطيب في تاريخ بغداد 4 / 159.
[918] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 209. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 96. والحاكم في المستدرك 3 / 211 وابن ماجة في صحيحه ص 309.
[920] رواه الحبري في كتاب ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 52 : عن حسن بن حسين ، عن حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.
[921] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 318 الحديث 362 : عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن جعفر بن محمد ، عن قاسم بن محمد ، عن جندل بن والق ، عن محمد بن عثمان ، عن الكلبي ، عن كامل بن العلاء ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.
[922] رواه البحراني في البرهان 1 / 394 الحديث 3 : عن سماعة ، قال : سألت أبا عبد اللّه ... الخبر.
[923] روى الجويني هذا الحديث عن رسول اللّه في فرائد السمطين 1 / 36 الحديث 1 : عن عبد القادر بن أبي صالح ، عن هبة اللّه بن
ص: 514
موسى ، عن هناد بن إبراهيم ، عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن فرحان ، عن محمد بن يزيد ، عن الليث بن سعد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله : أنه لما خلق اللّه تعالى آدم أبو البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح ... الحديث.
[925] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 1 / 251.
[927] روى المتقي في كنز العمال 6 / 218 ، و 7 / 103 : يا علي إن الإسلام عريان ، لباسه التقوى ، ورياشه الهدي ، وزينته الحياء ، وعماره الورع ، وملاكه العمل الصالح ، وأساس الإسلام حبي ، وحبّ أهل بيتي.
[928] روى الجويني في فرائد السمطين 2 / 40 الحديث 373 بسنده عن أبي بكر بن أبي قحافة ، يقول : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خيم خيمة - وهو متكئ على قوس عربية - وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، فقال : يا معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة. وحرب لمن حاربهم ، ووليّ لمن والاهم ، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد ، ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديّ الولادة.
أما الحديث الذي ذكره المؤلف رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 176 : عن محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن الكوفي ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الصادق علیه السلام ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[929] رواه البحراني في البرهان 2 / 27 ، الحديث 1 : عن العياشي ، عن يونس بن ظبيان قال : ... الخبر.
[930] رواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 303 الحديث 15 : عن أبي جعفر
ص: 515
الطوسي ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه ، أنه قال : ... الخبر.
[932] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 79 الحديث 49 : عن جعفر بن محمد العلوي ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن عاصم بن يوسف ، عن سفيان بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أبي صادق ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[933] رواه المجلسي بتقديم وتأخير في الجملتين في بحار الانوار 36 / 291 الحديث 104 : عن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن الحسين ، عن شقيق بن أحمد ، عن سماك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : أهل بيتي أمان لأهل الارض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.
قيل : يا رسول اللّه فالائمة بعدك من أهل بيتك؟
قال : نعم الائمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين امناء معصومون ، ومنا مهدي هذه الامة ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودعي ، ما بال أقوام يؤذونني فيهم لا أنا لهم اللّه شفاعتي.
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 17 : عن إياس بن سلمة ، عن أبيه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[934] روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 224 رواية مشابهة فراجع.
[935] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 148 بسنده عن مسلم بن صبيح ، عن زيد بن أرقم ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[936] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 246 الحديث 519 : عن المفضل بن صالح ، عن أبي اسحاق السبيعي ، عن حنش بن المعتمر ، عن
ص: 516
أبي ذر ... الحديث.
[937] رواه الحبري في كتابه ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 44 : عن حسن بن حسين ، عن حسين بن سليمان ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[938] رواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 107 : عن عمرو بن شعراء اليافعي ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
ورواه المتقي في كنز العمال 8 / 191. والذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 119. والحاكم في المستدرك 1 / 36. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 143.
[940] روى الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 6 / 371 الحديث 21 : عن محمد بن محمد بن النعمان ، باسناده ، عن الصادق علیه السلام قال :
نحن قوم فرض اللّه طاعتنا في القرآن لنا الأنفال ولنا صفو المال .... الحديث.
[941] رواه المجلسي في بحار الانوار 23 / 126 الحديث 54 : عن الحسن بن على بن شعيب ، عن عيسى بن محمد العلوي ، عن أحمد بن أبي حازم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن شريك ، عن الركين بن الربيع ، عن القاسم بن حسان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
[942] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 368 الحديث 867 : عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن طلحة بن جبر ، عن المطلب بن عبد اللّه ، عن مصعب بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عوف ... الحديث.
[943] راجع الحديث 933.
ص: 517
[944] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 331 : عن يوسف بن خليل ، عن يحيى بن أسعد ، عن محمد بن الحسين ، عن حسن بن علي بن محمد ، عن أحمد بن جعفر ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلی اللّه علیه و آله الى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 79 الحديث 48.
[945] رواه الصدوق في الخصال ص 403 الحديث 113 : عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الحسن ، عن أحمد بن علي ، عن ابراهيم بن محمد ، عن مخول بن ابراهيم ، عن عبد الجبار بن العباس ، عن عمار بن معاوية ، عن عمرة بنت أفعى ، قالت : سمعت أمّ سلمة ، تقول : ... الحديث.
[946] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 27 الحديث 31 : عن أبي عبد اللّه رواية مشابهة.
[947] رواه ابن المغازلي ص 337 الحديث 387 : عن أحمد بن أبي خيثمة ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... الحديث.
ورواه ابن ابن البطريق في العمدة ص 392 الحديث 782.
[948] روى ابن بطريق في العمدة ص 393 الحديث 785 رواية مشابهة : عن سهل بن عثمان ، عن حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ... الحديث.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 16 / 12.
[949] رواه المجلسي في بحار الانوار 16 / 11 مرسلا ، عن عروة بن الزبير ... الخبر.
ورواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 64 الحديث 32 : عن
ص: 518
يونس بن عبد الاعلى ، عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير قال : ... الحديث.
[950] روى الدولابي في الذرية الطاهرة ص 64 الحديث 30 : عن أبي الاشعث ، عن زهير بن العلاء ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال : توفيت خديجة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن بالنبي صلی اللّه علیه و آله .
[951] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 332 الحديث 378 : عن أحمد بن أبي خيثمة ، عن أبي سلمة ، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس ... الحديث بتفاوت.
[952] رواه ابن حجر في الاصابة 4 / 421 : عن ابن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ... الحديث.
[953] رواه ابن البطريق في العمدة ص 387 الحديث 766 : من تفسير الثعلبي ، عن الحسين بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الملك بن محمود ، عن محمد بن يعقوب الفرجي ، عن زكريا بن يحيى ، عن داود بن الزبرقان ، عن محمد بن حجادة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : حسبك من نساء العالمين ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 36.
[954] راجع الحديث 950.
[955] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 61 الحديث 25 : عن ابن هشام قال : إن جبرائيل أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : اقرئ خديجة السلام من ربها ... الحديث.
[956] روى الدولابي في الذرية الطاهرة ص 53 الحديث 17 : عن محمد بن عبد اللّه ، عن مروان بن معاوية ، عن وائل بن داود ، عن عبد اللّه
ص: 519
البهي ، قال : قالت عائشة : ... الحديث بتفاوت.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 16 / 12.
[957] روى ابن البطريق في العمدة ص 394 الحديث 789 : عن محمد بن اسحاق ، عن أمّ سلمة ، وعن أبي اسحاق باسناده ، عن أم رومان ، قالت : ... الحديث بتفاوت.
[958] رواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 67 عن صحيح مسلم ، عن فضيل بن حسين ، عن أبي عوانة ، عن فراس ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة ، قال : كن أزواج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عنده لم يغادر منهن واحدة ، فأقبلت فاطمة ... الحديث.
ورواه في 35 / 230 ، وفي 43 / 51. ورواه الطحاوي في مشكل الآثار 1 / 48. وأبو نعيم في حليته 2 / 29.
[959] روى الصدوق في معاني الاخبار ص 107 : عن أحمد بن زياد ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : أخبرني عن قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في فاطمة : إنها سيدة نساء العالمين. أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال : ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
[960] رواه ابن البطريق في العمدة ص 395 الحديث 793 : عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن عفان ، عن معاذ بن جبل ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي المقدام ، عن عبد الرحمن الازرق ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 72 الحديث 39.
[961] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 316 : عن أبي سعيد ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ص: 520
ورواه النسائي في خصائصه ص 124 : عن يعقوب بن ابراهيم ، عن مروان ، عن الحكم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
[962] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 367 : عن محمد بن هبة اللّه ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن عبد الرحمن بن محمد ، عن محمد بن علي بن محمد ، عن عمر بن أحمد ، عن أحمد بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن خلف ، عن حسين بن حسين ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 31 الحديث 38. ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 45 : عن أبي سعيد.
[963] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 49. والذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 228. والمتقي في كنز العمال 2 / 158. والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : وآت ذا القربى حقه.
[965] روى الطبري في دلائل الإمامة ص 50 : عن ابراهيم بن أحمد ، عن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أحمد بن عبيد بن ناصح ، عن عبد النور المسمعي ، عن شعبة بن الحجاج ، عن عمر بن عميرة ، عن ابراهيم بن مسروق ، عن عبد اللّه بن مسعود قال : لما قدم على الكوفة - يعني عبد اللّه بن مسعود - فقلنا له : حدثنا عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال ... سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول في تبوك ونحن نسير معه : إن اللّه عزّ وجلّ أمرني أن ازوج فاطمة من علي ، ففعلت ، وقال لي جبرائيل : ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 43 / 41. ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 31.
[966] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 32 : عن ابن عباس
ص: 521
... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 92 الحديث 1.
[967] رواه الشبراوي في الاتحاف بحبّ الاشراف ص 21. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 116.
وسوف يذكر المؤلف رواية مفصلة عن زفاف فاطمة علیهاالسلام راجع الحديث 976.
[968] رواه الخوارزمي في مقتله ص 70 : عن أبي الفضل الحفربندي ، عن الحسن بن أحمد ، عن اسماعيل بن أبي نصر ، عن أبي عبد اللّه ، عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن زكريا ، عن عبد اللّه بن المثنى ، عن ثمامة بن عبد اللّه بن أنس ، عن أنس بن مالك ... الخبر.
ورواه الطبرى في دلائل الامامة ص 55.
[969] رواه الصدوق في أماليه ص 313 المجلس 61 : عن محمد بن علي بن الحسين ، عن يحيى بن زيد بن العباس ، عن علي بن العباس ، عن علي بن المنذر ، عن عبد اللّه بن سالم ، عن حسين بن زيد ، عن علي بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : يا فاطمة إن اللّه تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك. قال : فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد : ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 54. ورواه المغازلي في مناقبه ص 352 الحديث 401.
[970] رواه ابن شهرآشوب - في عدة روايات - في المناقب 3 / 332.
[971] روى الخوارزمي في مقتله ص 82 : عن أبي منصور الديلمي ، عن الحسن بن أحمد ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن ابراهيم بن عبد اللّه ، عن
ص: 522
أبي العباس السراج ، عن قتيبة بن سعيد ، عن محمد بن موسى ، عن عون بن محمد بن علي ، عن أمه أم جعفر ، وعن عبادة بن المهاجر ، عن أم جعفر. قالت أسماء ... الخبر بتفاوت مع حفظ المضمون.
[972] رواه الخوارزمي في مقتله ص 53 : عن علي بن الحسين ، عن المسور بن مخرمة ، عن علي أنه خطب بنت أبي جهل ... الحديث مفصلا.
[973] رواه البحراني في البرهان 2 / 414 الحديث 1 : عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد بن عبد اللّه ، عن السياري ، عن علي بن أسباط ... الحديث بتفاوت.
[974] ذكر الطبري في دلائل الامامة 30 وما بعدها سبع طرق للخطبة فراجع.
[976] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 307 : عن أبي الحسن البغدادي ، عن المبارك بن الحسن ، عن أبي القاسم بن اليسري ، عن ابن بطة ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن حميد ، عن هارون بن المغيرة ، عن عمرو بن قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن عثمان بن حنظلة ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث مفصلا.
[977] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 39 : عن سهل بن عبد اللّه ... الخبر.
[978] رواه النسائي : في الخصائص ص 117 : عن هلال بن بشير ، عن محمد بن خلف ، عن موسى بن يعقوب ، عن هاشم بن هاشم ، عن عبد اللّه بن وهب ، عن أمّ سلمة ... الخبر.
[979] رواه النسائي في خصائصه ص 117 : عن اسحاق بن ابراهيم ، عن جرير ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
ص: 523
[981] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 365 : عن أحمد بن عبد الدائم ، عن عبد اللّه بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي المقنعي ، عن أحمد بن مالك ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن هاشم بن أبي القاسم ، عن الليث ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه النسائي في الخصائص ص 120. وابن البطريق في العمدة ص 385.
[980] رواه النسائي في خصائصه ص 118 : عن محمد بن منصور الطوسي ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن مروان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ... الحديث.
[982] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 220. والمناوي في فيض القدير 4 / 421. وابن البطريق في العمدة ص 384 الحديث 757 : عن أبي الوليد ، عن ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ... الحديث.
[983] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 45 الحديث 44 عن أبي ذر الغفاري ، قال : بعثني النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
وفي دلائل الامامة ص 48 رواه عن سلمان.
[984] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 204. والطبري في دلائل الإمامة ص 50 : عن ابراهيم بن أحمد ، عن محمد بن جعفر ، عن أحمد بن عبيد ، عن عبد النور المسمعي ، عن شعبة بن الحجاج ، عن عمر بن عميرة ، عن ابراهيم بن مسروق ، عن عبد اللّه بن مسعود ... الحديث.
ورواه الخوارزمي في مقتله ص 76.
[985] رواه المجلسي في بحار الأنوار 43 / 64 الحديث 57 : عن سهل بن أحمد الدينوري معنعنا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام
ص: 524
قال : قال جابر لأبي جعفر علیه السلام : جعلت فداك يا ابن رسول اللّه حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك. قال أبو جعفر علیه السلام : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ... الحديث.
[986] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 36 : عن كتاب أبي بكر الشيرازي ، وروى أبو الهذيل عن مقاتل ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قرأ ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ ... ) الآية ، فقال لي : يا علي ، خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم.
ورواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب 2 / 720 وص 750 عن أبي هريرة ... الحديث.
[987] راجع الحديث 972.
[988] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده : عن عمرو بن دينار ، قال : قالت عائشة : ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 84 الحديث 7.
[989] روى الطبري في دلائل الإمامة ص 23 عدة روايات تتضمن المعنى بتفاوت في الألفاظ.
[990] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 306 باب مناقب الحسن والحسين ، بسنده عن حذيفة ... الحديث.
ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 151. وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 391. وأبو نعيم في حلية الاولياء 4 / 190. والمتقي في كنز العمال 6 / 218.
[992] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 341 : عن أحمد بن المظفر ، عن
ص: 525
عبد اللّه بن محمد ، عن علي بن العباس البجلي ، عن علي بن المثنى ، عن زيد بن الحباب ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : دخلت أم أيمن على النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه الصدوق في أماليه - مضمونا - ص 336 الحديث 3. وأيضا المجلسي في بحار الانوار 43 / 98 الحديث 10.
[993] رواه أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 69 بسنده عن شبث بن ربعي ، عن علي بن أبي طالب ... الحديث.
ورواه مضمونا ابن البطريق في العمدة ص 383 الحديث 755 وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 153.
[994] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 99 الحديث 410 : عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد اللطيف بن القبيطي ، عن طاهر بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن القاسم بن أبي المنذر ، عن علي بن أبي تميم ، عن محمد بن يزيد ، عن محمد بن موسى ، عن المعلّى بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 306. وأحمد بن حنبل في مسنده 3 / 3 وص 62 ص 82. والمتقي في كنز العمال 6 / 217. والحاكم في المستدرك 3 / 167. وأبو نعيم في الحلية 4 / 139. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 183. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 129.
[995] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ص 788 الحديث 1406 : عن العباس بن إبراهيم ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عمرو العنقري ، عن إسرائيل ، عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة ... الحديث. ورواه أيضا في مسنده 5 / 391.
ص: 526
ورواه الطبري في بشارة المصطفى ص 271. والمتقي في كنز العمال 6 / 217.
[996] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 355 : عن أبي علي ابن شاذان ، عن ابن درستويه ، عن الفسوي ، عن حماد بن حماد ، عن أبي العلاء ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ... الحديث.
ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 167. وأحمد بن حنبل في مسنده 2 / 513. والمتقي في كنز العمال 7 / 109. والهيثمي في مجمعه 9 / 181.
[997] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ص 775 الحديث 1371 : عن وكيع ، عن سفيان ، عن أبي الحجاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ اني احبهما ، فأحبهما.
ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 240. ورواه النسائي في خصائصه ص 36. وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 319.
[998] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 220.
[999] رواه النسائي في خصائصه ص 34 ضمن حديث مفصل.
ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - عن عفان بن مسلم ، عن خالد بن عبد اللّه ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
[1000] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 288 : عن أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبي الحجاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 264 الحديث 17.
[1001] روى ابن شهرآشوب في المناقب : 3 / 384 : عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : ... الحديث.
ص: 527
[1002] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 295 عن يزيد بن أبي زياد : خرج النبي صلی اللّه علیه و آله من بيت عائشة فمرّ على بيت فاطمة ، فسمع ... الحديث.
[1003] رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 3 / 209 : عن الازهري ، عن المعافي بن زكريا ، عن محمد بن مزيد ، عن علي بن مسلم ، عن سعيد بن عامر ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن جده ، عن جابر بن عبد اللّه ... الحديث.
[1004] روى الصدوق في الخصال ص 135 رواية مشابهة : عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم. وسهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مرار ، وعبد الجبار بن المبارك ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الصادق علیه السلام ... الخبر.
وروى عبد اللّه البحراني في العوالم ص 99 أيضا رواية مشابهة.
[1005] رواه الخوارزمي في مقتله ص 105 : عن السيد أبي طالب باسناده الى علي علیه السلام ... الحديث.
ورواه المتقي في كنز العمال 7 / 107. وعبد اللّه البحراني في العوالم ص 37.
[1006] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 105. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 107 ولكنة قال : إن الحسن ... الخ.
ورواه ابن سعد في الطبقات : عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبيد بن حنين ، عن حسين بن علي ... في حديث طويل.
[1007] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 286 رواية تتضمن المعنى : عن عبيد اللّه بن موسى ، عن سفيان ، نحن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ... الحديث.
ص: 528
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 130. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181.
[1008] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 385 : عن سفيان بن عيينة ، باسناده ، أنه سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 19 الحديث 24.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 284 الحديث 50. وعبد اللّه البحراني في العوالم ص 55.
[1009] رواه بتفاوت أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 255 : عن محمد بن أبي عدي ، عن ابن عون عن عمير بن إسحاق ، قال : كنت مع الحسن بن علي ، فلقينا أبو هريرة ... الخبر.
ورواه أيضا في ص 488 و 427.
ورواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 18 الحديث 21.
والمحبّ الطبرى نصا في ذخائر العقبى ص 126.
[1010] روى ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 385 : ومن ايثارهما على نفسه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : عطش المسلمون عطشا شديدا ، فجاءت فاطمة بالحسن والحسين الى النبي ، فقالت : يا رسول اللّه انهما صغيران لا يحتملان العطش. فدعا الحسن فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى ، ثم دعا الحسين فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى.
وروى ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 298 قريبا منه.
[1013] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 71 : عن الليث بن سعد ... الحديث.
[1014] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 400 : عن الليث بن سعد باسناده ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 319.
ص: 529
[1015] رواه الخوارزمي في مقتل الحسين ص 146 : عن علي بن أحمد ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن عثمان بن مسلم ، عن وهيب ، عن عبد اللّه بن عثمان ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى [ بن مرة ] العامري : أنه خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث [1016] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 106 الحديث 413 : عن محمد بن أبي بكر ، عن محمد بن محمود ، عن عبد الغني بن الحسن ، عن هبة اللّه بن الحصين ، عن أبي علي بن المذهب ، عن أبي بكر القطيعي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن الحجاج ، عن إسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هاني بن هاني ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 165. والمتقي في كنز العمال 6 / 221 ، وأحمد بن حنبل 1 / 98. والبيهقي في سننه 6 / 165 و 7 / 63.
والمجلسي في بحار الانوار 43 / 251 الحديث 28.
[1017] رواه عبد اللّه البحراني في العوالم ص 25 عن المناقب : عن عمران بن سلمان وعمرو بن ثابت ... الخبر.
[1018] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 179 : عن عبد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ... الخبر.
والمجلسي في بحار الانوار 43 / 282. والبحراني في العوالم - الامام الحسن علیه السلام - ص 16 الحديث 2.
[1019] رواه ابن البطريق في العمدة ص 396 الحديث 795 : عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير ، عن منصور ، عن منهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الحديث.
والمجلسي في بحار الانوار 43 / 282 : عن ابن عمر. والترمذي في صحيحه 1 / 6. والمتقي في كنز العمال 5 / 195. وأبو نعيم في حلية
ص: 530
الاولياء 5 / 44. والهيثمي في مجمعه 10 / 188. والجويني في فرائد السمطين 2 / 112 الحديث 416.
[1020] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 282 باختصار : عن أبي غسان. وأبي رافع ... الحديث.
[1021] رواه المجلسي في بحار الانوار 25 / 143 الحديث 26 ... الخبر.
ورواه مختصرا في 43 / 228. والخوارزمي في مقتل الحسين علیه السلام ص 89. والجويني في فرائد السمطين 2 / 75 الحديث 397.
ورواه نصا الامين العاملي في أعيان الشيعة 10 / 304.
[1024] رواه الترمذي في سننه 5 / 659 الحديث 3779 : عن عبد اللّه بن عبد الرحمن ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هاني بن هاني ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 99.
[1025] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 288 : عن أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبي الحجاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني - يعني حسنا وحسينا -.
والخطيب البغدادي في تاريخه 1 / 141.
[1026] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 25 الحديث 366 : عن عبد الرحمن بن عبد اللطيف ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن أحمد ، عن عمر بن أحمد وعبد اللّه بن المبارك ، عن نصر بن علي ، عن الحسن بن علي بن اسحاق ، عن أبي عبد الرحمن ابن أبي بكر ، عن أبي علي الهروي ، عن محمد بن يحيى ، عن زكريا بن يحيى الساجي ، عن نصر بن علي ، عن علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي
ص: 531
طالب ، قال : ... الحديث.
ورواه ابن البطريق في العمدة ص 395 الحديث 792 : عن نصر بن علي الجهضمي ، عن علي بن جعفر ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ... الحديث.
ورواه أيضا أحمد بن حنبل في الفضائل ص 693 الحديث 1185.
[1027] رواه الخوارزمي في مقتله ص 108 : عن الحسين بن أحمد ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن أحمد ، عن يحيى بن محمد الجناني ، عن عثمان بن عبد اللّه ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي : يا علي ادن مني وضع خمسك في خمسي ، يا علي خلقت ... الحديث.
[1028] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 119 الحديث 142 : عن أحمد بن يحيى ، عن عباد بن يعقوب ، عن يحيى بن سالم ، عن صباح ، عن الحسن بن الحكم ، عن الشمال بنت موسى ، عن أم عثمان ، قالت : ... الخبر.
ورواه المحبّ الطبرى في ذخائر العقبى ص 134.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 266 الحديث 23.
[1030] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 110 : عن سعد بن مالك ، قال : دخلت على النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181.
[1031] رواه الصدوق في الخصال 1 / 77 الحديث 122 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن الزبير بن أبي بكر ، عن ابراهيم بن حمزة ، عن ابراهيم بن علي ، عن أبيه ، عن جدته [ زينب ] بنت أبي رافع قالت : أتت فاطمة ... الحديث.
ص: 532
والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 129.
والبحراني في العوالم ص 42.
[1032] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 96 الحديث 408 : عن محمد بن محمد بن علي ، عن علي بن بندار ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم بن أبي الفضل ، عن محمد بن المطهر ، عن حمزة بن محمد ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن منصور بن اسماعيل ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن نجدة ، عن يحيى الحماني ، عن قيس ، عن محمد بن رستم ، عن زياد عن سلمان ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
[1034] رواه عبد اللّه البحراني في العوالم ص 50 الحديث 12 : عن أبي بكر اللفتواني ، عن أبي هريرة ... الحديث.
وروى الحديث فقط أبو داود الطيالسي في مسنده : 10 / 327.
[1039] رواه الخوارزمي في مقتله ص 134 : عن أبي علي الحداد ، عن الطبراني ، عن أبي خليفة ، عن علي ابن المديني ، عن سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ... الخبر بتفاوت.
والمجلسي في بحار الانوار 44 / 63 الحديث 11. والتلمساني في الجوهرة ص 30.
[1040] رواه الخوارزمي في مقتله ص 100 : عن أحمد بن الحسين ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي حامد الشرقي ، عن أبي الازهر ، عن أبي النصر ، عن ورقاء ، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد ، عن نافع بن جبير ، عن أبي هريرة قال : كنت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 35 ، والحاكم في المستدرك 3 / 178.
[1041] رواه الخوارزمي في مقتله 1 / 94 : عن عبد الملك بن أبي القاسم ،
ص: 533
عن محمود بن القاسم ، عن أبي محمد الجراحي ، عن العباس المحبوبي ، عن أبي عيسى الترمذي ، عن الحسين بن حريث ، عن علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن بريدة ، عن أبيه ... الحديث.
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 131. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 284 الحديث 50. والنسائي في صحيحه ، والحاكم في المستدرك 1 / 287 ، وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 354.
[1042] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 374 الحديث 421 : عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن ابراهيم ، عن ابن منيع ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن خالد بن مخلد ، عن موسى بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن أبي بكر ، عن مسلم بن أبي جهل ، عن حسن بن اسامة ، عن اسامة بن زيد ... الحديث.
ورواه الترمذي في صحيحة 2 / 240. والجويني في فرائد السمطين 2 / 70 الحديث 394. والنسائي في خصائصه ص 123.
[1043] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181 باسناده عن عمر بن الخطاب ... الحديث.
والمتقي الهندي في كنز العمال 7 / 106.
[1045] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 251 الحديث 28.
ورواه الصدوق في معاني الأخبار ص 58 الحديث 8 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أحمد بن صالح ، عن عبد اللّه بن عيسى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ... الحديث.
ورواه عبد اللّه البحراني في العوالم ص 27.
[1046] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 276 الحديث 46 : عن إبراهيم الرافعي ، عن أبيه ، عن جده ... الحديث.
ص: 534
[1047] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 122 الحديث : 423. : عن عبد الصمد بن أحمد ، عن عبد الرحمن بن علي ، عن محمد بن عبد الباقي ، عن أبي محمد الجوهري ، عن ابن حيويه ، عن ابن معروف ، عن الحسين بن الفهم ، عن محمد بن سعد ، عن علي بن محمد ، عن خلاد بن عبيدة ، عن علي بن زيد ، قال : ... الخبر.
ورواه البيهقي في سننه 4 / 331. والحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 169.
[1048] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 101 الحديث 109 : عن الحسن بن علي بن عفان ، عن معاوية بن هشام ، عن علي بن صالح ، عن سماك ، عن حرب ، عن قابوس بن المخارق ، عن أمّ الفضل ... الحديث.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده : 6 / 339 و 340. والمجلسي في بحار الانوار : 43 / 342 الحديث 14.
[1050] رواه محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه 13 / 159 : عن الحسن بن عرفة ، عن اسماعيل بن عياشي ، عن عبد اللّه بن عثمان ، عن خثيم ، عن سعيد بن راشد ، عن يعلى بن مرة ... الحديث.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 174. وابن ماجة في سننه 1 / 64. والجويني في فرائد السمطين 2 / 129 الحديث 428 و 429.
ورواه ابن قولويه القمي المتوفى 367 ه في كامل الزيارات ص 52.
[1052] رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 / 238. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 184. والمتقي في كنز العمال 6 / 221.
[1054] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 306 : عن أنس بن مالك ... الحديث.
ص: 535
ورواه المناوي في فيض القدير 1 / 148. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 122. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 299.
[1055] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 385 : عن يحيى بن أبي كثير وسفيان بن عيينة باسنادهما أنه سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه البحراني في العوالم ص 55 الحديث 1.
[1056] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 14 عن عبد اللّه بن عمر ، عن ابن عباس ، قال : لما اصيب معاوية وقال : ما آسى على شيء إلا على أن أحجّ ماشيا ، ولقد حجّ الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وأن النجائب لتقاد معه وقد قاسم اللّه ماله ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 339.
[1058] راجع الحديث 1025.
[1059] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 258 الحديث 47 ... الحديث بتفاوت.
[1060] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 384. وبتفاوت البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 6 الحديث 2 : عن الأعين ، عن روح بن عبادة ، عن محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ... الحديث.
ورواه البحراني في العوالم ص 53.
[1061] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 400 : عن اسماعيل بن بريد ، باسناده ، عن محمد بن علي ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 318 الحديث 2.
[1062] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 6 / 467 : عن يزيد بن هارون ، عن جرير بن حازم ، عن محمد بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن شداد ، عن
ص: 536
أبيه ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 294 الحديث 55 : عن عبد اللّه بن شيبة ، عن أبيه : أنه دعي النبي صلی اللّه علیه و آله الى صلاة والحسن متعلق به فوضعه النبي صلی اللّه علیه و آله مقابل جنبه ، وصلّى ، فلما سجد أطال السجود فرفعت رأسي من بين القوم ، فاذا الحسن على كتف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلما سلّم ، قال له القوم : ... الحديث.
[1063] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 83 ، قال : وأخرج ابن سعد عن عمير بن اسحاق أنه لم يسمع منه ... الخبر.
[1064] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 90 الحديث 406. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 301 ، الحديث 65. والمتقي في كنز العمال 6 / 221. والهيثمي في مجمعه 9 / 184. وقد مرّ الحديث مفصلا ، راجع الحديث 730.
[1065] رواه بتفاوت ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 83. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 149 الحديث 18.
[1066] رواه بتفاوت الخوارزمي في مقتله ص 136 : عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن طاهر بن محمد ، عن ابراهيم بن حماد ، عن عباس بن محمد الدوري ، عن عثمان بن عمر ، عن ابن عون ، عن عمير بن اسحاق ... الخبر.
ورواه نصّا أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 38. والبلاذري في أنساب الاشراف 3 / 59. والاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48.
والمجلسي في بحار الانوار 44 / 148 الحديث 15. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 141.
[1067] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48 : عن أحمد بن
ص: 537
عبيد اللّه بن عمار ، عن عيسى بن مهران ، عن عبيد بن الصباح ، عن جرير ، عن مغيرة ... الخبر.
ورواه الخوارزمي في مقتله ص 136. والبحراني في العوالم ص 278. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 155 الحديث 25.
[1069] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48 : عن أحمد بن عبيد اللّه ، عن عيسى بن مهران ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن شعبة ، عن أبي بكر بن حفص قال : ... الخبر.
[1070] رواه نصا الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 49 : عن أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن ، عن محمد بن اسماعيل ، عن فائد مولى عباد. وعن جرمي ، عن زبير ، عن عادل ، عن يحيى بن عبيد اللّه بن علي ... الخبر.
ورواه مرسلا المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 143.
[1072] رواه الصدوق في الخصال ص 181 الحديث 248 : عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن داود ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن أبي مالك الجنبي ، عن عمر بن بشر الهمداني ، قال :
قلت لأبي اسحاق : ... الخبر.
ورواه أيضا الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 50.
[1073] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 50 : عن أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن ، عن علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وجميل بن دراج ، عن جعفر بن محمد : توفي وهو ابن ثماني وأربعين سنة.
[1074] رواه الخوارزمي 1 / 159 : عن أبي عبد اللّه ، عن أحمد بن علي المقري ، عن محمد بن عبد الوهاب ، عن أبي عبد الوهاب بن حبيب ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عن عمارة بن يزيد ، عن محمد بن
ص: 538
إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ... الحديث.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 55. والاربلي في كشف الغمة 2 / 12.
[1075] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 181 الحديث 230 : عن أم المجتبى العلوية ، عن أبي بكر ابن المقرئ ، عن أبي يعلى ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن عبد الرحيم بن سليمان ، عن ليث بن أبي سليم ، عن جرير بن الحسن العبسي ، عن مولى زينب ، عن زينب ، قالت : ... الحديث.
[1077] رواه الخوارزمي في مقتله ص 165 : عن علي بن أحمد ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن خلف بن محمد البخاري ، عن صالح بن محمد ، عن أحمد بن حيان ، عن عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن نشيط أبي فاطمة : ... الخبر.
ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 347. والكنجي في كفاية الطالب ص 427.
[1078] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 445 : عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي نعيم ، عن عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني ، قال : فمرّ علي علیه السلام على كعب ، فقال : ... الخبر.
ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 347. وفي مجمع الزوائد 9 / 193. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى 145. والصدوق في أماليه ص 121 الحديث 4.
[1079] روى الاربلي في كشف الغمة 2 / 12 قول أمير المؤمنين الموجود في ذيل الخبر عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام قال : أتينا معه موضع قبر الحسين فقال علي علیه السلام : هاهنا مناخ ركابهم وموضع رحالهم وهاهنا مهراق دمائهم ، فتية من آل محمد صلی اللّه علیه و آله
ص: 539
يقتلون بهذه العرصة ، تبكي عليهم السماء والارض.
[1080] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 427 : عن يوسف بن خليل ، عن ابن أبي زيد ، عن محمود ، عن ابن فاذشاه ، عن أبي القاسم الطبراني ، عن محمد بن يحيى ، عن ابن حماد ، عن أبي عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، عن شيبان بن مخرم ... الخبر.
ورواه أيضا الخوارزمي في مقتله 1 / 161. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 254.
[1083] رواه الصدوق في أماليه ص 117 الحديث 6 : عن أحمد بن الحسن ، عن الحسن بن علي السكري ، عن محمد بن زكريا ، عن قيس بن حفص ، عن حسين الأشقر ، عن منصور بن الأسود ، عن أبي حسان التيمي ، عن نشيط بن عبيد ، عن رجل منهم ، عن جرداء بنت سمين ، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم ... الخبر.
[1086] رواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 156 : عن أبي مخنف ، عن عبد الملك بن نوفل ، عن أبي سعيد المقبري ... الخبر.
[1089] رواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط -.
[1091] رواه بتفاوت الطبري في تاريخ الامم والملوك 4 / 345 : عن أبي مخنف ، عن الحجاج بن عبد اللّه بن عمار بن يغوث البارقي ، قال عبد اللّه بن عمار : ... الخبر.
[1092] روى الصدوق في أماليه ص 139 الحديث 1 : عن محمد بن علي بن الحسين بن موسى ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن داود بن أبي يزيد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر الباقر ، قال : اصيب الحسين بن علي علیه السلام ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة
ص: 540
بالسيف أو رمية بسهم ، فروي أنها كانت كلها في مقدمه لانه علیه السلام كان لا يولي.
ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 45 / 94 الحديث 36.
والسيد البحراني في حلية الابرار 1 / 604.
ورواه مرسلا البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 203.
[1094] روى البلاذري قسما منه في أنساب الاشراف 3 / 204 الحديث 44. والحرّ العاملي في إثبات الوصية 2 / 578 الحديث 24.
[1095] روى المجلسي في بحار الانوار 45 / 310 : عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن العباس بن محمد الدوري ، عن يحيى بن معين ، عن جرير ، عن زيد بن أبي الزناد ، قال : قتل الحسين ولي أربعة عشر سنة وصار الورس الذي في عسكره رمادا واحمرت آفاق السماء ، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 196 : ... وكانت معه ابل فزجروها فصارت جمرة في منازلهم.
[1096] رواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 354 : عن الحميدي ، عن ابن عيينة ، عن جدته - أم أبيه - قالت : لقد رأيت الورس عادت رمادا ، ولقد رأيت اللحم كان فيه النار حين قتل الحسين علیه السلام .
[1097] رواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 90 : عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن العباس بن محمد الدوري ، عن يحيى بن معين ، عن جرير ، عن زيد بن أبي الزناد ... الخبر.
وقد مرّ ذكر هذا الخبر في الحديث 1095.
ص: 541
ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 354.
[1098] رواه المجلسي في بحار الانوار 45 / 300 : عن محمد بن الحكم عن أمه ... الخبر.
[1099] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 166 الحديث 453 : عن ابن سليمان ، عن أم سالم - خالة لجعفر بن سليمان - قالت : ... الخبر.
ورواه الطبري في ذخائر العقبى ص 145. ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 4 / 339. والذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 349.
[1100] روى الشبراوي في الاتحاف بحبّ الأشرف ص 42 مرسلا : ومما ظهر يوم قتله من الآيات أن السماء أمطرت دما ، وأن أوانيهم ملئت دما.
[1102] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 116. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 145.
[1103] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 2 / 276 بسنده عن هشام ، عن محمد ... الخبر. والمتقي الهندي في كنز العمال 7 / 111. والهيثمى في مجمعه 9 / 197.
[1104] روى الذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 348 : عن علي بن مدرك ، عن جده الاسود بن قيس ، قال : احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يرى فيها كالدم ، فحدّثت بذلك شريكا. فقال لي : ما أنت من الأسود؟ فقلت : هو جدّي أبو أمي فقال : أما واللّه انّه لصدوق.
ورواه المجلسي نصا في بحار الانوار 45 / 216.
[1107] رواه الصدوق في أماليه ص 120 الحديث 2 : عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن
ص: 542
عمرو بن الليث ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أمّ سلمة ... الحديث بتفاوت.
ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 94. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 199. والمحبّ الطبري في ذخائره ص 150.
[1108] رواه المجلسي مرسلا في بحار الانوار 45 / 236.
[1109] رواه ابن كثير الدمشقي بتفاوت يسير عن أمّ سلمة في البداية والنهاية 8 / 200 : عن أحمد ، عن الحسين بن إدريس ، عن هاشم بن هاشم ، عن أمه ، عن أمّ سلمة ، قالت : سمعت الجن ينحن على الحسين وهنّ يقلن : ... الخبر.
[1110] رواه الخوارزمي في مقتله 2 / 94 : عن أبي العلاء ، عن هبة اللّه بن محمد الشيباني ، عن الحسن بن على التميمي ، عن أحمد بن جعفر القطيعي ، عن ابراهيم بن عبد اللّه ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد ، عن عمار : أن ابن عباس رأى النبي صلی اللّه علیه و آله في منامه يوما ... الخبر.
ورواه الحاكم في المستدرك 4 / 397. وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 242. وابن الاثير في اسد الغابة 2 / 22. وابن عبد البر في الاستيعاب 1 / 144. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 148.
[1111] رواه الاربلي في كشف الغمة 2 / 56 : عن منذر قال : كنا اذا ذكرنا عند محمد بن علي قتل الحسين علیه السلام قال : لقد قتلوا ... الخبر.
ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - عن الفضل بن دكين ، عن فطر ، عن منذر ، قال : كنا إذا ذكرنا ... الخبر.
[1112] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 436 : عن محمد بن محمود ، عن زيد بن الحسن الكندي ، عن أبي منصور الفزاز ، عن أحمد بن علي
ص: 543
بن ثابت ، عن أحمد بن عثمان بن مياح ، عن محمد بن عبد اللّه بن ابراهيم الشافعي ، عن محمد بن شداد المسمعي ، عن الفضل بن دكين ، عن عبد اللّه بن حبيب ، عن ابن ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الخبر.
ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 2 / 290 ، وأيضا في 3 / 178. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 150. والخوارزمي في مقتله 2 / 96.
[1114] روى الخوارزمي في مقتله 2 / 97 : عن أبي الفتح الهمداني ، عن أبي الحسين بن يعقوب ، عن عيسى بن علي بن الجراح ، عن محمد بن الحسن المقري ، عن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن شبة ، عن عبيد بن حماد ، عن عطاء بن مسلم ، قال : قال السدي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من طي طعاما فتعشينا عنده فذكر قتل الحسين علیه السلام . فقلت : ما شرك أحد في قتله إلا مات بأسوإ ميتة ، فقال : ما اكذبكم يا أهل العراق فانا ممن شرك في قتله ، فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد بنفط ، فذهبت النار بلحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته واللّه كأنه حممة.
وروى مثله الجويني في فرائد السمطين 2 / 167 الحديث 456.
[1115] روى ابن كثير الدمشقي في تفسير القرآن المطبوع بهامش فتح البيان 9 / 162 : عن ابن أبي حاتم ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن عمرو زنيج ، عن جرير ، عن زيد بن أبي زياد ، قال : لما قتل الحسين بن علي ( رض ) احمرت آفاق السماء أربعة اشهر. قال زيد : واحمرارها بكاؤها ... الخبر.
[1116] روى الخوارزمي في مقتله 2 / 46 : عن أحمد بن الحسين ، عن علي بن أحمد بن عبدان ، عن أحمد بن عبيد الصفار ، عن ابراهيم بن
ص: 544
عبد اللّه ، عن حجاج بن منهال ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، قال : سمعت أمّ سلمة لعنت أهل العراق لما نعي الحسين علیه السلام ، وقالت : قتلوه قتلهم اللّه ، غروه وأذلوه لعنهم اللّه.
[1117] رواه الخوارزمي في مقتله 2 / 45 : عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن إسماعيل بن أميّة ، عن حبيب ، عن أبي اسحاق ، عن زيد بن أرقم ... الخبر.
ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 118.
[1118] رواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - : عن الفضل بن دكين ، عن سفيان ، عن شيخ ، قال : لما اصيب الحسين بن علي قال الربيع ... الخبر.
[1120] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 405 بتفاوت في الكلمات مع حفظ المضمون ، الحديث 459 : عن الحسن بن أحمد بن موسى ، عن عبيد اللّه بن أبي مسلم الفرضي ، عن محمد بن القاسم الأنباري النحوي ، عن موسى بن اسحاق الانصاري ، عن هارون بن حاتم ، عن عبد الرحمن بن أبي حماد ، عن ثابت بن اسماعيل ، عن أبي النضر الحرمي ، قال : رأيت رجلا سمج العمى ... الخبر.
ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 104. وابن الجوزي في التذكرة ص 291. وابن حجر في الصواعق ص 194.
[1121] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 437 بتفاوت : عن أبي نصر بن الشيرازي ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبي علي ابن شاذان ، عن محمد بن الحسن بن مقسم ، عن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن شبة ، عن عبيد
ص: 545
بن حناد ، قال السدي : ... الخبر.
ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 97. وابن الجوزي في التذكرة ص 392.
[1122] رواه القندوزي في ينابيع المودة ص 323. ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - : عن الفاضل بن دكين ، عن سفيان ، عن نسير بن ذعلوق ، عن هبيرة بن خزيمة ، قال : قال الربيع بن خثيم : ... الخبر.
[1123] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 436 : عن محمد بن هبة اللّه بن محمد الشافعي ، عن أبي القاسم الحافظ ، عن أبو عبد اللّه الخلال ، عن سعيد بن أحمد العيار ، عن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن زكريا الشيباني ، عن عمر بن الحسن بن علي بن مالك ، عن أحمد بن الحسن الخزاز ، عن أبيه ، عن حسين بن مخارق ، عن داود بن أبي هند ، عن ابن سيرين ، قال : لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي علیه السلام .
وروى السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) الدخان : 29 ، قال : وأخرج ابن أبي الدنيا : إلا على اثنين ( الى أن قال ) وتدري ما بكاء السماء؟ قال : تحمر وتصير وردة كالدهان ، إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وإن حسين بن علي علیه السلام يوم قتل احمرت السماء.
[1126] رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين علیه السلام - مخطوط - : عن الحسين ، عن عبد اللّه ، عن الزبير ، عن عمه ، أنه قال : كان عمرو بن علي آخر ولد علي بن أبي طالب علیه السلام ، ووفد على الوليد ... الخبر.
[1127] رواه ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد 4 / 401 ط 1363 : قال أبو الحسن المدائني ، قد جاء عمرو بن علي ... الخبر.
ص: 546
ورواه المجلسي في بحار الانوار 42 / 91 : عن المفيد في الارشاد : عن هارون بن موسى ، عن عبد الملك بن عبد العزيز ... الخبر.
[1128] رواه ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب علیه السلام ص 387 : عن محمد بن القاسم ، عن أحمد بن سعيد بن عبد اللّه ، عن الزبير بن بكار ، قال : لما [ أتى أهل المدينة مقتل الحسين ] خرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب وهي زينب الصغرى ترثي أهلها ... الخبر. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 441.
وروى هذه الابيات المفيد في أماليه ص 196 منسوبة الى أسماء بنت عقيل.
[1129] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 4 : عن العباس بن علي بن العباس النسائي ، عن عبد اللّه بن محمد بن أيوب ، عن الحسن بن بشر ، عن سعدان بن الوليد ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : لما ماتت فاطمة أم علي بن أبي طالب ... الحديث.
[1130] رواه النسائي في خصائصه ص 139 : عن أحمد بن حرب ، عن قاسم بن يزيد الحرمي ، عن اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هبيرة بن مريم ، وهاني بن هاني ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
ورواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس في مسنده 1 / 230 وص 115. وأحمد بن إسماعيل في الاربعين ، الباب 20.
[1131] روى الصدوق في أماليه ص 300 الحديث 15 : عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة ، عن عمرو بن خالد ، عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : إن صدقة النهار تميث الخطيئة كما تميث الماء الملح ، وان صدقة الليل تطفئ غضب الربّ جلّ جلاله.
ص: 547
[1132] رواه مرسلا ابن هشام في السيرة النبوية 4 / 12.
[1133] روى ابن البطريق في العمدة ص 408 الحديث 842 : باسناده ، عن نافع ، عن عبد اللّه بن عمر ، قال : وكنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرا فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية.
ورواه البخاري في صحيحه ج 5 باب غزوة مؤتة ص 143.
[1134] روى الترمذي في صحيحة ج 5 باب مناقب جعفر بن أبي طالب ص 154 : عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : رأيت جعفرا يطير مع الملائكة في الجنة.
والطبراني من طريق سالم بن أبي الجعدة. وابن حجر في الاصابة 1 / 238. والطبري في ذخائر العقبى ص 216.
[1135] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 6 : عن محمد بن ابراهيم بن أبان السراج ، عن بشار بن موسى الخفاف ، عن أبي عوانة ، عن الاجلح ، عن الشعبي ... الحديث.
ورواه الصدوق في الخصال 1 / 76 الحديث 121 ، و 2 / 484 ، الحديث 58. وابن أبي الحديد في الشرح 3 / 407. وابن الاثير في اسد الغابة 1 / 287.
[1136] رواه أيضا أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 10 في روايتين منفصلتين :
1 - محمد بن الحسين الأشناني ، عن محمد بن عبيد المحاربي ، عن علي بن غراب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لجعفر : أنت أشبهت خلقي وخلقي.
2 - محمد بن الحسين الأشناني ، عن جعفر بن محمد الرماني ، عن محمد بن جبلة ، عن محمد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن عبد اللّه بن
ص: 548
معاوية بن عبد اللّه بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو يقول : خلق الناس من أشجار شتى وأنا وجعفر من شجرة واحدة.
[1137] رواه شمس الدين الموسوي المتوفى 630 ه في الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب : عن أبي الفتح الكراجكي ، عن محمد بن علي بن صخر الاودي ، عن عمر بن محمد بن سيف ، عن محمد بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن ضوء بن صلصال بن الدلهمس ، عن أبي ضوء ابن صلصال بن الدلهمس.
قال : كنت أنصر النبي صلی اللّه علیه و آله مع أبي طالب في شدة الغيظ ، إذ خرج أبو طالب إليّ - شبيها بالملهوف - فقال لي : يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين - يعني النبي وعليا - فقلت : ما رأيتهما مذ جلست. فقال : قم بنا في الطلب لهما ، فلست آمن قريشا أن تكون اغتالتهما.
قال : فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة ، ثم صرنا الى جبل من جبالها ، فاسترقيناه الى قلّته ، فاذا بالنبي صلی اللّه علیه و آله وعلي على يمينه ، وهما قائمان بازاء عين الشمس يركعان ويسجدان ، فقال أبو طالب لجعفر ابنه - وكان معنا - : صل جناح ابن عمك ... الخبر.
[1138] رواه اليافعي المتوفى 768 ه 1 / 14. والطبري في ذخائر العقبى 208. وفي كتاب رياحين الشريعة 2 / 302.
[1139] قال اليعقوبي في تاريخه 1 / 66 ط لندن 1883 م : إن الامراء الذين عيّنهم الرسول ثلاثة : جعفر وزيد وعبد اللّه.
[1140] رواه ابن هشام في السيرة 4 / 15 في حديث طويل : عن ابن اسحاق ، عن عبد اللّه بن أبي بكر ، عن أمّ عيسى الخزاعية ، عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب ، عن جدتها أسماء بنت
ص: 549
عميس ... الخبر.
ورواه ابن الاثير في الكامل 2 / 238.
وروى ابن اسحاق في المغازي : عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ... الحديث ( الاصابة 1 / 238 ).
[1141] رواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 1 / 75 : عن السري بن سهل الجند نيسابوري ، عن محمد بن عمرو ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن ابراهيم ، عن الحسن البصري ، عن الزبير بن العوام ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[1142] رواه الصدوق في علل الشرائع ص 160 : عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن بكر بن عبد الوهاب ، عن عيسى بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دفن فاطمة ... الحديث.
[1143] رواه المجلسي في بحار الانوار 35 / 77 الحديث 13 : عن الحسن بن محمد العلوي ، عن جده ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ... الحديث.
[1144] رواه باختلاف الواقدي في المغازي 2 / 828 : عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي مرة مولى عقيل ، عن أم هاني ... الخبر.
[1145] روى ابن شهرآشوب : عن ابن عباس ومجاهد في قوله تعالى « ضرب اللّه مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة » النحل : 112 : جاء خباب بن الارت ، فقال : يا رسول اللّه ادع ربك أن يستنصر لنا على مضر. فقال صلی اللّه علیه و آله : إنكم لتعجلون. ثم قال بعد كلام له : اللّهمّ اشدد وطأتك على مضر ، واجعل عليها سنين كسنيّ يوسف. فقطع اللّه عنهم المطر حتى مات الشجر ، وذهب الثمر واجدبت الارض وماتت المواشي وأكلوا الملهز فعطفوه وعطف ورغب الى اللّه ، فمطروا ،
ص: 550
ومطر أهل المدينة مطرا خافوا الغرق وانهدام البنيان ، فشكوا إليه ذلك ، فقال صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ حوالينا ولا علينا.
وفي ص 137 : فانجاب السحاب عن السماء وظهرت الشمس وقال صلی اللّه علیه و آله : لله درّ أبي طالب لو كان حيا لقرّت به عيناه.
وذكر رواية مشابهة بنفس المضمون البغدادي في خزانة الادب 2 / 68.
[1146] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 272. والصدوق في أماليه ص 111. وفي الخصال ص 76. وتاريخ الخميس 1 / 163.
[1147] مناقب ابن شهرآشوب 2 / 146.
[1148] رواه الواقدي في المغازي 2 / 918.
[1149] رواه المجلسي في بحار الانوار 42 / 114.
[1150] رواه الطبري في ذخائر العقبى ص 223.
[1151] روى المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 63 : عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر علیه السلام ، قال :
كان علي بن الحسين يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة.
[1152] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 254. والسيد هاشم في حلية الابرار 2 / 19 نقلا عن ابن بابويه : عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن اسماعيل بن منصور ، عن بعض أصحابنا ... الخبر. ونقل في ص 14 رواية اخرى فراجع.
[1153] رواه المفيد في الارشاد ص 274. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 56 الحديث 7 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن يونس بن بكير ، عن ابن
ص: 551
اسحاق ، قال : كان في المدينة ... الخبر.
ورواه المحبّ الطبري في تذكرة الخواص ص 328.
[1154] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 80 باختلاف في العبارات.
[1155] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 75 الحديث 66 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن سلمة بن شبيب ، عن عبيد اللّه بن محمد التيمي ، قال : سمعت شيخا عن عبد القيس يقول : قال طاوس : دخلت الحجر ... الخبر.
[1156] رواه المفيد في الارشاد 2 / 145 الحديث 11 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن عماد بن أبان ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن زرارة بن أعين ، قال : سمع سائلا. ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 148.
[1157] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 54 الحديث 1 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن محمد بن جعفر وغيره ... الخبر.
[1158] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 81.
[1159] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 159.
[1161] رواه الصدوق في أماليه ص 201 : عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن يحيى بن الحسين بن جعفر ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن عبد الرزاق ... الخبر.
[1162] رواه المفيد في الارشاد ص 274 : عن الواقدي ، عن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي ، قال : كان هشام بن إسماعيل ... الخبر.
[1163] رواه المجلسي مرسلا في بحار الانوار 46 / 56 الحديث 6.
والطبرسى في اعلام الورى ص 154. والمفيد في الارشاد ص 258.
[1164] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 450 : عن عبد اللطيف بن القبيطي ، عن محمد بن عبد الباقي ، عن حمد بن أحمد ، عن محمد بن
ص: 552
أحمد ، عن عبيد اللّه بن جعفر الرازي ، عن علي بن رجاء الفارسي ، عن عمرو بن خالد ، عن أبي حمزة الثمالي ... الخبر.
ورواه المفيد في أماليه ص 127. وابن الصباغ في الفصول ص 203.
[1165] رواه المفيد في الارشاد ص 258 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن محمد بن علي بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن هارون ، عن عمرو بن دينار ، قال : حضرت زيد بن اسامة ... الخبر.
[1166] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 96. وابن شهرآشوب في المناقب 4 / 158.
[1167] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 154. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 90.
[1168] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 150.
[1169] رواه الكشي في رجاله ص 118 : عن محمد بن مسعود ، عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن أحمد بن مجاهد ، عن العلاء بن محمد بن زكريا ، عن عبيد اللّه بن محمد بن عائشة ، عن أبيه : أن هشام بن عبد الملك ... الخ.
[1171] روى الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 6 / 292 المجلد 12 باب 1 الحديث 2 - 3 عن الامام الصادق علیه السلام بنفس المضمون.
[1173] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 52 الحديث 2.
[1174] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 73 الحديث 59 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن ، وأحمد بن عبد اللّه بن موسى ، واسماعيل بن يعقوب جميعا ، عن عبد اللّه بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كانت أمي فاطمة بنت الحسين ... الخبر.
ص: 553
ورواه المفيد في الارشاد ص 255.
[1175] رواه المفيد في الارشاد ص 255 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن أبي محمد الانصاري ، عن محمد بن ميمون البزاز ، عن الحسن بن علوان ، عن أبي علي زياد بن رستم ، عن سعيد بن كلثوم ، قال : كنت عند الصادق علیه السلام ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 65.
[1176] رواه المفيد في الارشاد ص 256 ذيل حديث سعيد بن كلثوم الآنف الذكر.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 149.
[1177] رواه المفيد أيضا في الارشاد ص 256 : عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : كان علي بن الحسين علیه السلام ... الخبر.
ورواه ابن الصباغ في الفصول ص 201. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 79.
[1179] روى المجلسي في بحار الانوار 46 / 70 الحديث 46 : نقلا عن كتاب ثواب الاعمال ص 46 : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن يونس بن يعقوب ، عن الصادق علیه السلام قال : قال علي بن الحسين علیه السلام لابنه محمد علیه السلام حين حضرته الوفاة : إنني حججت على ناقتي هذه عشرين حجة فلم اقرعها بسوط قرعة ، فإذا نفقت فادفنها لا تأكل لحمها السباع فان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله اللّه من نعم الجنة ، وبارك في نسله. فلما نفقت حفر لها أبو جعفر علیه السلام ودفنها.
[1180] رواه المفيد في الارشاد ص 256 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ،
ص: 554
عن أحمد بن محمد الرافعي ، عن إبراهيم بن علي ، عن أبيه ، قال : حججت مع علي بن الحسين علیه السلام ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 76 الحديث 69.
[1181] رواه المفيد أيضا في الارشاد ص 257 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن محمد بن أحمد ، عن أبيه : أن فتى من قريش جلس الى سعيد بن المسيب ... الخبر.
[1182] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 64 : عن ابن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن فضال ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن زرق ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يقول : ما تجرعت ... الحديث.
[1183] رواه البرقي في المحاسن 547 : عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يعجبه العنب.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 72 الحديث 55.
[1184] رواه المفيد في الارشاد ص 259 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن داود بن القاسم ، عن الحسين بن زيد ، عن عمه - عمر بن علي - ، عن أبيه علي بن الحسين علیه السلام ... الخبر.
[1185] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 149 الحديث 6.
[1186] رواه الصدوق في أماليه ص 353 : عن ابن الوليد ، عن الحميري ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 223 الحديث 1.
ورواه المفيد نصا في الارشاد ص 262.
[1187] رواه المفيد في الارشاد ص 263 : عن الحسن بن محمد ، عن جده عن محمد بن القاسم الشيباني ، عن عبد الرحمن بن صالح الازدي ... الحديث.
ص: 555
ورواه أيضا ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 204. والسبط الجوزي في التذكرة ص 337. والسيد هاشم البحراني 2 / 106.
[1189] رواه المفيد في الارشاد ص 264 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن الزبير بن أبي بكر ، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه الزهري ، قال : حجّ هشام بن عبد الملك ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 332 الحديث 14. والسيد هاشم البحراني في حلية الابرار 2 / 107.
[1190] رواه المفيد في الارشاد ص 263 : عن مخول بن ابراهيم ، عن قيس بن الربيع : قال : سألت أبا اسحاق ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 287 الحديث 4.
[1191] رواه المفيد في الارشاد ص 262 مرسلا.
[1192] رواه الشيخ الطوسي في التهذيب 6 / 325 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : إن محمد بن المنكدر ... الخبر.
ورواه المفيد في الارشاد ص 264. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 350 الحديث 3.
[1193] رواه المفيد في الارشاد ص 266 : عن أبي نعيم النخعي ، عن معاوية بن هشام ، عن سليمان بن فزم ، قال : كان أبو جعفر ... الخبر.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 207.
[1194] رواه أيضا المفيد في الارشاد ص 266 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن محمد بن الحسين ، عن أسود بن عامر ، عن حيان بن علي ، عن الحسن بن كثير ، قال : شكوت الى أبي جعفر ... الخبر.
ص: 556
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 288 الحديث 6.
[1195] رواه المفيد في الارشاد ص 266 : عن اسحاق بن منصور السلولي ، قال : سمعت الحسن بن صالح يقول : سمعت أبا جعفر محمد بن على علیه السلام يقول : ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم.
ورواه الصدوق في الخصال ص 4 ، وفي أماليه ص 243 بسنده عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ورواه أيضا عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحرّ العاملي في وسائل الشيعة ج 6 الحديث 12 الباب 26 ص 212.
[1197] رواه الكليني في اصول الكافي ( باب الاضطرار ) : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، قال : أخبرني الأحول.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 359 : عن أبي مالك الاحمسي ... الخبر.
[1198] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 50 الحديث 81 : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران والحسن بن زياد ، قالا : ... الخبر.
[1199] رواه الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 60 / 77 الحديث 3 عن عبد اللّه بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر قال : قال أخي موسى علیه السلام : اني كنت مع أبي بمنى ، فأتى جمرة العقبة فرأى الناس عندها وقوفا ... الخبر.
ورواه عبد اللّه بن جعفر الحميري في قرب الاسناد ص 107.
[1200] رواه الاربلي في كشف الغمة 2 / 380 : عن صالح بن الأسود ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 33.
ص: 557
[1202] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 28. وابن شهرآشوب في المناقب 4 / 248.
[1203] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 28 : وسأل سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك ، فوصفه وقال : كان جره بنده جعفر الصادق أي الربيب. وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما قال : حدثني الثقة يعنيه علیه السلام .
[1204] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 248 : عن أبي جعفر الطوسى ، قال : كان ابراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل إليه سفيان الثوري.
[1205] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 29 الحديث 29.
[1206] رواه الطبرسي في الاحتجاج في حديث طويل بتقديم وتأخير في الجمل ص 360.
[1207] وجدت القسم الاول من الخبر - أي الى نهاية الدعاء - في أعلام الورى ص 270 مرسلا مع تفاوت.
أما القسم الأخير ، قول لبابة بنت عبد اللّه الى آخر الخبر في بحار الانوار 47 / 177 ، والمناقب 3 / 357.
[1208] رواه الطبرسي في اعلام الورى ص 271.
[1209] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 206 الحديث 47 : عن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال : كتب إليّ عباد بن يعقوب يخبرني عن محمد بن إسحاق عن أبيه ، قال ... الخبر بتفاوت يسير.
[1211] رواه شيخنا المفيد في الارشاد ص 315 : عن محمد بن علي بن حمزة ، عن منصور بن بشير ، عن أخيه عبد اللّه بن بشير ، قال : أمرني المأمون أن أطول اظفاري.
ص: 558
ورواه الطبرسي في إعلام الورى ص 324.
[1212] رواه أبو داود السجستاني في سننه 4 / 106 الحديث 4282 : عن مسدد ، عن يحيى ، عن سفيان. وعن أحمد بن ابراهيم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن فطر. وعن محمد بن العلاء ، عن أبي بكر - يعني ابن عياش -.
كلهم ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد اللّه ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله لو لم يبق ... الحديث.
وفي سنن الترمذي 4 / 34 الحديث 2231 : عن أبي هريرة ... الحديث.
ورواه محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول في مناقب آل الرسول الجزء الثاني ، الباب الثاني عشر : رواه عن عبد اللّه بن مسعود ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه أيضا الحافظ القرطبي في التذكرة ص 635. والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح 3 / 28 الحديث 5452. والسيوطي في الحاوي في الجزء الثاني ( أخبار المهدي ).
[1213] رواه مبارك بن محمد في جامع الاصول 11 / 49 الحديث 7811 : عن علي علیه السلام ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال ... الحديث. ومحمد بن طلحة في مطالب السئول الجزء الثاني ، الباب الثاني عشر. والسبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 364. وفي مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري 6 / 159 الحديث 4114. وابن كثير في النهاية 1 / 25.
[1215] رواه البحراني في المحجة فيما نزل في القائم الحجة ص 221 : عن محمد بن العباس ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جعفر الاحول ، عن سلام بن
ص: 559
المستنير ، عن أبي جعفر علیه السلام في قوله تعالى ... الخبر.
ورواه الصدوق أيضا في كمال الدين وتمام النعمة 2 / 668.
[1216] روى البحراني في البرهان 2 / 23 الحديث 1 : عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سمعته يقول : ما أحسن الصبر انتظار الفرج ، أما سمعت قول العبد الصالح : وانتظروا إني معكم من المنتظرين.
[1217] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 141 : عن الكليني ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : اعرف إمامك فانك إذا عرفته لم يضرك تقدم هذا الامر أو تأخر.
[1218] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 139 الحديث 48 : عن محمد بن همام ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن علي الجعفي ، عن محمد بن المثنى الحضرمي ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر علیه السلام ، قال : مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان.
[1219] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 123 الحديث 7 : عن أمير المؤمنين علیه السلام : الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس ، والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل اللّه.
[1221] رواه يوسف بن يحيى السلمي في عقد الدرر في اخبار المنتظر ص 148 : عن محمد بن سيرين. قيل له : المهدي خير ، أو أبو بكر وعمر؟ قال : هو خير منهما ، ويعدل نبيا.
[1222] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 319 الحديث 21 : عن عبد اللّه بن جعفر ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن حريز ، قال : سمعت أبا
ص: 560
عبد اللّه علیه السلام يقول : لن تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منا أهل البيت يحكم بحكم داود وآل داود لا يسأل بيّنة.
[1223] قال أحمد بن سهل البلخي في كتابه البدء والتاريخ ، الجزء الثاني ، الفصل السابع ص 182 :
وقيل لطاوس : هو المهدي الذي سمع به؟ - يعني عمر بن عبد العزيز - قال : لا ، إن هذا لا يستكمل العدل وان ذاك يستكمله.
وقال عبد الرحمن السيوطي في الحاوي للفتاوي الجزء الثاني ص 154 ، عن طاوس : إذا كان المهدي يبذل المال ، ويشتد على العمال ، ويرحم المساكين.
ورواه أيضا في ص 150 حيث قال : وعن طاوس ، قال : علامة المهدي أن يكون شديدا على العمال ، جوادا بالمال ، رحيما بالمساكين.
[1225] رواه - بتفاوت يسير ذكرناه كما أشرنا إليه في الحديث - أبو داود في سننه 6 / 108 الحديث 419 : عن هارون ، عن هلال بن عمرو ، أبي قبيس ، عن مطرف بن طريف ، عن أبي الحسن ، عن هلال بن عمرو ، عن علي علیه السلام ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه أيضا في الحديث 4122. ورواه أيضا محمد بن عبد اللّه التبريزي في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5458. وعبد الرحمن السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 125.
[1229] رواه بتفاوت السيد مصطفى الكاظمي في بشارة الاسلام في ظهور صاحب الزمان علیه السلام ص 204 : عن محمد بن علي ، عن وهب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، يقول : كان أمير المؤمنين علیه السلام ، يقول : لا يزال ينقصون حتى لا يقال اللّه ... الحديث.
[1230] روى علي بن موسى في الملاحم والفتن ص 80 الباب 181 : عن
ص: 561
نعيم ، عن ابن معاوية وأبو اسامة ويحيى بن اليمان ، عن الأعمش ، عن ابراهيم التميمي ، عن أبيه ، عن علي علیه السلام ، قال : تنقض الفتن حتى لا يقول أحد لا إله إلا اللّه - وقال بعضهم : لا يقال اللّه اللّه - ثم يضرب يعسوب الدين بذنبه ، ثم يبعث اللّه قوما قزعا كقزع الحريف وإني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم.
[1231] قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ط قديم 1 / 92 : قال شيخنا أبو عثمان ، وقال أبو عبيدة. وزاد فيها في رواية : جعفر بن محمد ، عن آبائه علیه السلام :
ألا إن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلم الناس كبارا ، ألا وانا أهل بيت من علم اللّه علمنا ، وبحكم اللّه حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا ، فان تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وان لم تفعلوا يهلككم اللّه بأيدينا ، معنا راية الحق من تبعها لحق ، ومن تأخر عنها عرق ، ألا وبنا يدرك ترة كل مؤمن ، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم ، وبنا فتح لا بكم ، ومنا يختم لا بكم.
وروى قريبا منه المجلسي في بحار الانوار 51 / 75 الحديث 29 عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1232] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 310 الحديث 561 : عن محمد بن أبي القاسم الزورني ، وغيره ، عن عبد اللّه بن عمر الصفار. وعن عثمان بن الموفق ، عن عبد الحميد بن محمد بن ابراهيم الخوارزمي ، عن الحسن بن أحمد ، عن أبي علي الحسن ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن جعفر بن مالك ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن المعلّى بن زياد ، عن العلاء بن بشر ، عن بكر بن عمرو ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ابشركم بالمهدي ببعث في امتى على اختلاف
ص: 562
من الناس ... الحديث.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال ج 14 الحديث 38653.
ورواه محمد صدّيق حسن الفتوحي في الاذاعة ص 143. والمجلسي في بحار الانوار 51 / 74 الحديث 23. ويوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 156 و 164.
[1236] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 34 الحديث 4088 : عن حرملة بن يحيى البصري وابراهيم بن سعيد الجوهري ، قالا : حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني ، عن ابن لهيعة ، عن أبي زرعة ، عن عبد اللّه بن الحرث ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي » يعني سلطانه.
ورواه الجويني في فرائد السمطين الجزء الثاني الحديث 584. وابن كثير في النهاية الجزء الاول. والسيوطي في الفتاوى 2 / 137. والمتقي الهندي في كنز العمال ج 14 الحديث 38657.
[1241] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 366 الحديث 147 رواه : عن الكناسي ، عن أبي بصير ، عن كامل ، عن أبي جعفر ... الحديث.
والحديث 148 : عن عبد الواحد ، عن محمد بن جعفر القرشي ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ... الحديث نصا.
[1242] نقل المجلسي نبذا من الرواية في بحار الانوار 51 / 121.
[1243] روى يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 227 : عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر ، فقلت : إذا خرج المهدي بأيّ سيرة يسير؟ قال : يهدم ما قبله ، كما صنع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ويستأنف الاسلام جديدا.
وروى المجلسي في بحار الانوار 52 / 340 الحديث 88 : قال أبو
ص: 563
عبد اللّه علیه السلام للمفضل بن عمر : لو كان هذا الأمر إلينا لما كان إلا عيش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وسيرة أمير المؤمنين علیه السلام .
[1244] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 340 الحديث 90 : عن ابن بكير ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن قوله « وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها ». قال : انزلت في القائم علیه السلام إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الارض وغربها ، فعرض عليهم الاسلام فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة ، وما يؤمر به المسلم ، ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحّد اللّه ... الحديث.
[1246] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 375 الحديث 175 الكليني : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الاحول ، عن سلام بن المستنير ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام يحدّث : إذا قام القائم علیه السلام عرض الايمان ... الحديث.
[1248] رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 223 : عن حذيفة بن اليمان (رحمه اللّه) أنه قال : لا يفتح ... الحديث.
[1251] رواه ابن حجر في الفتاوى الحديثة ص 39 : أخرج الرواياني في مسنده وأبو نعيم ، أنه صلی اللّه علیه و آله قال : المهدي رجل من ولدي ... الحديث.
ورواه السيوطي في الحاوي للفتاوي ، الجزء الثاني - أخبار المهدي -. والسفاريني في لوائح الانوار البهية ، الجزء الثاني - أخبار المهدي - الفائدة الاولى.
[1253] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 330 الحديث 582 : عن أبي
ص: 564
نعيم ، عن الوليد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي نصرة ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
ورواه محمد بن عبد اللّه في مشكاة المصابيح 3 / 28 الحديث 5454. وابن الاثير في النهاية 1 / 27. والسيوطي في الفتاوى الحديثة 2 / 123.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال الجزء الرابع عشر الحديث 38665. والقاري في مرقاة المفاتيح ص 180.
[1254] روى يوسف بن يحيى في عقد الدرر ص 41 : عن الباقر ، قال : سئل أمير المؤمنين علیه السلام ، عن صفة المهدي.
فقال : هو شابّ مربوع حسن الوجه يسيل شعره على منكبيه يعلو نور وجهه سواد شعره ولحيته ورأسه.
[1258] رواه محمد صدّيق في الاذاعة ص 25 : عن علي بن أبي طالب علیه السلام أنه قال للنبي صلی اللّه علیه و آله : أمنّا المهدي أم من غيرنا؟ ... الحديث.
ورواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر ص 25. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 161.
[1259] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 331 الحديث 583 : عن علي بن أبي عبد اللّه ، عن محمد بن ناصر ، عن أبي الحسن بن المبارك ، عن الحسن بن أحمد ، عن عثمان بن أحمد ، عن عبد الملك بن محمد ، عن أبي نعيم ، عن أبي عمرو بن حمدان ، عن الحسن بن سفيان ، عن ابن نمير ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : المهدي منا ... الحديث.
ورواه القرطبي في التذكرة ص 616 : عن أبي نعيم ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص: 565
وآله ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 51 / 86.
[1260] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 328 الحديث 578 : عن علي بن أنجب ، عن عبد اللّه بن عمر الصفار ، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري ، عن عبد الكريم بن هوازن ، عن أبي سعيد الإسماعيلي ، عن أبي محمد بن أحمد ، عن عبد اللّه بن غنام ، عن محمد بن العلاء ، عن إسحاق بن منصور ، عن سليمان بن قرم ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد اللّه ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : لا تنقضي الدنيا حتى يلي امتى رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي.
[1261] رواه المتقي في كنز العمال الجزء الرابع عشر الحديث 38708. والخطيب العمري في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5457.
ورواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 17 و 48 و 60. وابن البطريق في العمدة ص 436. والحاكم في المستدرك 4 / 465. والسيد مصطفى في بشارة الاسلام ص 21. والكنجي في كفاية الطالب ص 493.
[1262] رواه بتفاوت يسير يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 219 : عن التميم الداري ... الحديث.
وأخرجه أبو إسحاق الثعلبي في عرائس المجالس ص 186.
[1263] روى المقدسي الشافعي في عقد الدرر ص 40 : عن كعب ، قال :
إنما سمى المهدي لأنه يهدي الى أمر خفي ويستخرج التوراة والانجيل من أرض يقال لها انطاكية.
[1265] روى السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 138 : عن نعيم بن حماد في كتاب الفتن بسند صحيح على شرط مسلم ، عن علي ، قال : الفتن أربع : فتنة السراء وفتنة الضراء وفتنة كذا ، فذكر معدن الذهب ، ثم
ص: 566
يخرج رجل من عترة الرسول صلی اللّه علیه و آله يصلح على يديه أمرهم.
رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 57.
[1268] روى ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ط قديم 1 / 92 ، القسم الثاني من الرواية ( أعني : ألا إن أبرار عترتي ... الخ ) : عن أبي عثمان ... الحديث.
وقد مرّ الحديث في الجزء الرابع عشر فراجع.
[1273] رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 23 : عن قتادة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : أحق المهدي؟ ... الحديث.
[1274] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 24 الحديث 4086 : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أحمد بن عبد الملك ، عن أبي المليح الرقي ، عن زياد بن بيان ، عن علي بن نفيل ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كنا عند أمّ سلمة فتذاكرنا المهدي ، فقالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : المهدي من ولد فاطمة.
ورواه حمد بن محمد في معالم السنن ص 344. والبغوي في مصابيح السنّة 1 / 193. والخطابي في مختصر سنن أبي داود 6 / 159 الحديث 4115. ومحمد بن أبي بكر الدمشقي في المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص 146 الحديث 334.
[1275] روى المجلسي في بحار الانوار ، باسناده عن محمد بن أحمد الإيادي يرفعه الى أمير المؤمنين ، قال : المستضعفون في الارض المذكورون في الكتاب الذين يجعلهم أئمة نحن أهل البيت يبعث اللّه مهديهم ، فيعزّهم ، ويذلّ عدوهم.
[1278] رواه المجلسي في بحار الانوار 51 / 29 الحديث 3 : عن سعد ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن سفيان بن
ص: 567
عبد المؤمن الانصاري ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : أقبل رجل إلى أبي جعفر وأنا حاضر ، فقال : رحمك اللّه اقبض هذه الخمسمائة درهم ، فضعها في مواضعها ، فانها زكاة مالي.
فقال أبو جعفر علیه السلام : بل خذها أنت فضعها في جيرانك والأيتام والمساكين وفي إخوانك من المسلمين ، إنما يكون هذا إذا قام قائمنا فانه يقسم بالسوية ... الخبر.
[1281] روى المجلسي في بحار الانوار 51 / 133 الحديث 3 : عن الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبد السلام الهروي ، عن وكيع بن الجراح ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين بن علي علیه السلام : منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي وهو الإمام بالحق يحيي اللّه به الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحق على الدين كله ، ولو كره المشركون .... الحديث.
[1283] رواه السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 61 : عن نعيم ، عن عبد اللّه بن عمرو ، قال : يكون بعد الجبارين الجابر يجبر اللّه به امة محمد صلی اللّه علیه و آله ، ثم المهدي ، ثم المنصور ، ثم السلام ، ثم أمير العصب ، فمن قدر على الموت بعد ذلك فليمت.
[1285] رواه علي بن أبي بكر الهيثمي في موارد الضمان - ما يقرب منه - ص 464 الحديث 1881 : عن أبي علي ، عن محمد بن يزيد ، عن وهب بن جرير ، عن هشام بن أبي عبد اللّه ، عن قتادة ، عن صالح ، عن مجاهد ، عن أمّ سلمة ، قالت : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه الخطيب العمري في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5456. والمنذري في مختصر سنن أبي داود 6 / 160 الحديث 4117.
ص: 568
[1286] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 25 الحديث 4082 : عن عثمان بن أبي شيبة ، عن معاوية بن هشام ، عن علي بن صالح ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن ابراهيم ، عن علقمة ، عن عبد اللّه ، قال : بينما نحن عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ أقبل فتية من بني هاشم ... الحديث.
ورواه القرطبي في التذكرة ص 616 و 614. وابن قيم الجوزية في المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص 149. وابن الصباغ في الفصول المهمة الفصل الثاني عشر. والسيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 127. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 162. ويوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 124.
[1287] روى القندوزي في ينابيع المودة ص 424 : عن كتاب المحجة ، عن أبي بصير قال : قال جعفر الصادق علیه السلام : ما كان قول لوط علیه السلام لقومه : « لو أن لي بكم قوة أو آوي الى ركن شديد » إلا تمنيا لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه ، وهم الركن الشديد ، فان الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلا ، وان قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد ، لو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت ، لا يكفون سيوفهم حتى يرضى اللّه عزّ وجلّ.
[1292] روى محمد بن أبي القاسم الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 87 : عن عمر بن محمد. وحميد بن محمد بن أحمد الثقفي ، عن محمد بن عبد الرحمن العلوي ، عن جعفر بن محمد الجعفري ، وزيد بن جعفر ، عن محمد بن القاسم المحاربي ، عن الحسن بن محمد بن عبد الواحد ، عن حرب بن الحسن الطحان ، عن يحيى بن مساور ، عن بشير النبال - وكان يبري النبل وقد اشتريت بعيرا نضوا ، فقال لي قوم : يحملك وقال قوم : لا يحملك. فركبت ومشيت حتى وصلت المدينة ، وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي ، فأتيت باب أبي جعفر
ص: 569
علیه السلام ، فقلت : يا غلام استأذن لي عليه.
قال : فسمع صوتي ، فقال : ادخل يا بشير مرحبا ، ما هذا الذي أرى بك؟
فقلت : جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا ، فركبت ومشيت ، فشقق وجهي ويداي ورجلاي.
فقال : فما دعاك الى ذلك.
قلت : حبكم واللّه جعلت فداك.
قال : إذا كان يوم القيامة فزع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اللّه وفزعنا الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفزعتم إلينا. فإلى أين ترون نذهب بكم؟ الى الجنة وربّ الكعبة ، الى الجنة وربّ الكعبة.
[1293] رواه مضمونا الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 47 : عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد البرسي ، عن عبيد اللّه بن محمد الشيباني ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن العباس البجلي ، عن جعفر بن محمد الرماني ، عن الحسن بن الحسين العابد ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الباقر علیه السلام ، قال : إن اللّه تبارك وتعالى يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما كان منهم من الذنوب والعيوب ووجوههم ... الخبر.
[1294] رواه الصدوق في أماليه ص 500 الحديث 4 : عن محمد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ... الحديث.
ورواه النيسابوري في روضة الواعظين 2 / 295 ورواه المجلسي في بحار الانوار 7 / 303.
[1295] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 126 الحديث 18 : عن علي بن
ص: 570
النعمان ، عن إسحاق بن عمار وغيره ، عن الفيض بن المختار ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه.
قال : ثم مكث هنيئة ، ثم قال : لا بل كمن قارع معه بسيفه. ثم قال : لا واللّه إلا كمن استشهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[1296] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 292 الحديث 11 : عن محمد بن يعقوب ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن مالك الجهني ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا مالك أما ترضون ... الخبر.
[1298] رواه البحراني في البرهان في تفسير القرآن 4 / 292 الحديث 2 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد اللّه الجعفري ، عن جميل بن درّاج ، عن عمرو بن مروان ، عن الحارث بن حصيرة ، عن زيد بن أرقم ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، قال : ما من شيعتنا ... الخبر.
[1299] رواه البحراني في البرهان 4 / 455 الحديث 3 - بتفاوت - : عن ابن بابويه ، عن أحمد بن أبي جعفر البيهقي ، عن علي بن محمد بن مهرويه ، عن داود بن سليمان ، عن علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اذا كان يوم القيامة ولّينا حساب شيعتنا ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 7 / 274 الحديث 48.
[1300] ذكره السيد العاملي في أعيان الشيعة 3 / 582 ، عن تفسير العياشي : عن بشير الدهان ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : عرفتم في منكرين كثير واحببتم في مبغضين كثير وقد يكون حبّ في اللّه ورسوله فثوابه على اللّه ... الحديث.
[1301] روى ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 162 : عن طارق ، قال
ص: 571
أمير المؤمنين علیه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لأقمعنّ بيدي هاتين من الحوض أعداءنا إذ أوردته أحباؤنا.
[1302] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 193 : عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الباقر علیه السلام ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي :
يا علي ، إن عن يمين العرش لمنابر من نور ومواسيد من نور فاذا كان يوم القيامة جئت أنت وشيعتك تجلسون على تلك المنابر تأكلون وتشربون ، والناس في الموقف يحاسبون.
[1303] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 68 : عن اسماعيل بن أبان ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي عبد اللّه الجدلي ، قال : دخلت على علي علیه السلام فقال : يا أبا عبد اللّه ألا احدثك ... الخبر.
[1304] روى البحراني في البرهان 3 / 187 الحديث 10 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبد اللّه وأبي جعفر علیهماالسلام ، أنهما قالا : واللّه لنشفعنّ من المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك « فما لنا من شافعين ... الآية ».
وقال أيضا : عن أبي علي الطبرسي ، باسناده عن حمران بن أعين ، عن الصادق علیه السلام ، قال : واللّه لنشفعنّ لشيعتنا - ثلاث مرات - حتى يقول الناس « فما لنا من شافعين ... الآية ».
[1305] روى البحراني في البرهان 3 / 73 ، الحديث 3 : عن محمد بن العباس ، عن حميد بن زياد ، باسناده يرفعه الى أبي جميلة ، عن عمرو بن رشيد ، عن أبي جعفر علیه السلام أنه قال في حديث : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن عليا وشيعته يوم القيامة على كثبان
ص: 572
المسك الاذفر ، يفزع الناس ولا يفزعون ويحزن الناس ولا يحزنون وهو قول اللّه عزّ وجلّ ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ... ) الآية ».
ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 7 / 185 الحديث 35.
[1306] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 89 : عن محمد بن محمد - المفيد - ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، عن محمد بن القاسم الحارثي ، عن أحمد بن صبيح ، عن محمد بن اسماعيل الهمداني ، عن الحسين بن مصعب ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : من أحبنا وأحبّ محبنا لا لغرض من الدنيا يصيبها منه ... الخبر.
[1307] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 180 : عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق علیه السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث مفصلا.
[1309] راجع الحديث 81 ، الجزء الاول.
[1310] راجع الحديث 91.
[1311] راجع الحديث 861 ، الجزء الثاني.
[1312] رواه المفيد في الارشاد ص 28 : عن الحسن بن حمزة ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن داود بن النعمان ، عن عمرو بن المقدام ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ... الخبر.
[1314] روى ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 162 : عن أبي رافع من خمسة طرق ، قال النبي صلی اللّه علیه و آله : يا علي ترد عليّ الحوض وشيعتك رواء مرويين ، ويرد عليك عدوك ظماء مقمحين.
[1315] روى المفيد في الاختصاص ص 102 : أن أبي بصير ، عن أبي
ص: 573
عبد اللّه الصادق علیه السلام ، قال في حديث طويل ذكر في آخره ، قال : قال علي بن الحسين علیه السلام : ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا ، وسائر الناس من ذلك براء.
[1316] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 184 : عن أبي محمد الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه موسى بن عيسى بن أحمد ، عن عمر بن موسى بن عيسى بن أحمد ، عن علي بن محمد ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر علیه السلام قال : قال الصادق علیه السلام : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي إن اللّه عزّ وجلّ قد غفر لك ولشيعتك ولمحبي شيعتك.
[1317] رواه المفيد في أماليه ص 208 : عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أبي عوانة ، عن موسى بن يوسف بن يوسف القطان ، عن أحمد بن يحيى الأزدي ، عن اسماعيل بن أبان ، عن علي بن هاشم بن بريد ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي. قال : كنت جالسا مع علي بن أبي طالب على باب القصر ... الخبر.
ورواه الطبري في بشارة المصطفى ص 50.
[1318] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 43 : القسم الاخير من الحديث : عن عمر بن ابراهيم ، عن سعيد بن محمد ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحجاج الجعفي ، عن زيد بن محمد ، عن علي بن الحسين بن عبيد ، عن اسماعيل بن أبان الأزدي ، عن عمرو بن ثابت ، عن ميسرة بن حبيب ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، قال : إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزتنا.
[1319] رواه الصدوق في الخصال 1 / 254 الحديث 128 : عن علي بن محمد بن الحسن ، عن عبد اللّه بن زيدان ، عن الحسن بن محمد ، عن حسن بن حسين ، عن يحيى بن مساور ، عن أبي خالد ، عن زيد بن
ص: 574
علي ، عن آبائه ، عن علي علیه السلام ، قال : شكوت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[1320] رواه الطبري - بتفاوت - في بشارة المصطفى ص 154 : عن أبي الحسين بن أبي الطيب ، عن أحمد بن أبي القاسم الفارسي ، عن عيسى بن مهران ، عن مخول بن ابراهيم ، عن جابر الجعفي ، عن عبيد اللّه بن شريك عن الحارث ، قال : أتيت أمير المؤمنين ... الخبر.
[1323] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 153 : عن أبي عبد اللّه بن أحمد ، عن عبد اللّه بن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن الحسين بن حفص ، عن أحمد بن عثمان ، عن قصبة ، عن سوار الاعمى ، عن داود بن أبي عوف ، عن محمد بن عمير ، عن فاطمة ، عن أمّ سلمة ... الحديث بتفاوت.
[1324] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 293 الحديث : 335 : عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن أحمد بن علي الرازي ، عن علي بن الحسين ، عن إسماعيل بن أبان الأزدي ، عن عمرو بن حريث ، عن داود بن سليك ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[1325] راجع الحديث 1304.
[1326] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 107 القسم الاخير من الرواية ... سمعت عليا يقول : واللّه لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني ، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبني ... الحديث.
[1328] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 62 : عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن الحسن الطوسي ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن عثمان الدقاق ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن يحيى الأزدي ، عن مخول بن ابراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن
ص: 575
الحسين بن علي علیه السلام ... الحديث.
ورواه بطريق آخر في ص 104.
[1329] روى البحراني في البرهان 1 / 565 الحديث 4 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : سئل أبو عبد اللّه علیه السلام وأنا جالس عن قول اللّه : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الامر؟ فقال : انما هي للمؤمنين خاصة ... الخبر.
[1330] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 161 : عن ابراهيم بن أحمد ، عن محمد بن العيص ، عن هشام بن عمار ، عن خالد بن عبد اللّه الطحان ، عن أيوب السجستاني ، عن أبي قلابة الحوبي ، قال : سألت أمّ سلمة ... الحديث.
[1331] راجع الحديث 1292.
[1333] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 162 : عن أبي الحسين ابن أبي الطيب ، عن أحمد بن أبي القاسم القرشي ، عن عيسى بن مهران ، عن اسماعيل بن أميّة ، عن عنبسة العابد ، عن جابر بن عبد اللّه ، عن الباقر علیه السلام : كنا جلوسا معه فتلا رجل هذه الآية ( كُلُّ نَفْسٍ ... ) ، فقال رجل : ومن أصحاب اليمين؟ قال علیه السلام : شيعة علي بن أبي طالب علیه السلام .
[1334] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 63 : عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن محمد بن عبد اللّه التميمي ، عن علي بن الحسين بن سفيان ، عن عباد بن يعقوب ، عن يحيى بن بستان ، عن أبي اسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، والحارث عن علي علیه السلام : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ص: 576
[1335] رواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 112 الحديث 4 : عن الكليني ، باسناده عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية ، فانه لا إيمان لمن لا تقية له ، انما أنتم في الناس كالنحل في الطير ، لو أن الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا أكلته ، ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ولنحلوكم في السرّ والعلانية ، رحم اللّه عبدا منكم كان على ولايتنا.
[1336] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 : عن الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن محمد بن بابويه ، عن محمد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن اسماعيل بن مراد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن كليب بن معاوية الاسدي ، قال : سمعت أبا عبد اللّه يقول : أما أنكم واللّه لعلى دين اللّه ودين ملائكته ، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد ، عليكم بالصلاة عليكم بالورع.
[1337] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 : عن محمد بن الحسن بن الحسين ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي المعزي ، عن يزيد بن خليفة ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام - ونحن عنده - : نظر اللّه واخترتم ما اختار اللّه ... الحديث.
[1338] روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 294 : قال أبو جعفر :
إنما شيعة علي علیه السلام : الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، خمصة بطونهم ، متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم ، إذا جنّهم الليل اتخذوا الارض فراشا ، واستقبلوا الارض بجباههم ، كثيرة سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم يخزنون.
ص: 577
[1339] روى الخوارزمي في المناقب ص 235 : عن جعفر بن محمد ، آبائه ، عن علي علیه السلام ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال له : إن في السماء حرسا وهم الملائكة ... الحديث.
[1341] رواه المجلسي في بحار الانوار 6 / 235 الحديث 50 : عن ابن أبي نجران والبزنطي عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أحدهما علیهماالسلام ... الحديث.
[1342] روى الصدوق في أماليه ص 257 الحديث 11 : عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن أبي بكر الواسطي ، عن عبد اللّه بن يوسف ، عن أبي اسحاق ، عن سفيان الثوري. والاعمش ، عن عبد اللّه بن السائب ، عن زادان ، عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن لله ملائكة سيّاحين في الارض يبلغوني عن امتي السلام.
[1345] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 81 : عن محمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن حمزة ، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الوليد ، قال : دخلنا على أبي عبد اللّه في زمن بني مروان ، فقال : ممن أنتم ... الخبر.
[1347] روى البحراني في البرهان 1 / 255 الحديث الاول : محمد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه في قول اللّه تعالى ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ... ) . فقال طاعة اللّه ومعرفة الامام.
[1348] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 184 : عن أبي محمد الفحام ، عن المنصوري ، عن موسى بن عيسى بن أحمد ، عن عمر بن موسى ، عن علي بن محمد ، عن أبيه علیه السلام ، عن موسى بن جعفر عليه
ص: 578
السلام ، عن الصادق علیه السلام قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، إن اللّه عزّ وجلّ قد غفر لك ولشيعتك ، ولمحبي شيعتك ، فأبشر.
[1350] رواه البحراني في البرهان 3 / 24 الحديث 2 مفصلا : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن شريك العامري ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام قال : سأل علي علیه السلام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن تفسير قوله ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ ... ) الحديث.
[1353] روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 296 : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه تعالى يبعث اناسا وجوههم من نور على كراسي من نور عليهم ثياب من نور في ظلّ العرش بمنزلة الأنبياء وليسوا بالأنبياء وبمنزلة الشهداء وليسوا بالشهداء.
فقال رجل : أنا منهم يا رسول اللّه؟
قال صلی اللّه علیه و آله : لا.
قال الآخر : أنا منهم ، يا رسول اللّه؟
قال : لا.
قيل : من هم يا رسول اللّه؟
قال : - فوضع يده على رأس علي - وقال : هذا وشيعته.
[1356] رواه المفيد في الاختصاص ص 101 مفصلا : محمد بن الحسن بن أحمد ، عن الحسن بن متيل ، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبي سليم الديلمي ، عن أبي بصير ، قال : أتيت أبا عبد اللّه علیه السلام ، بعد أن كبر سني ، وقد أجهدني النفس ... الخبر.
[1357] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 159 : عن أحمد بن أبي جعفر
ص: 579
البيهقي ، عن علي بن جعفر المدني ، عن عبد اللّه بن محمد المروزي ، عن لويز المصيصي ، عن سفيان بن عيينة ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 8 / 149 الحديث 81.
[1359] روى محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات ص 20 ، الحديث 2 : عن عمران بن موسى ، عن ابراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن محمد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، وكرام ، عن محمد بن مضارب ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : إن اللّه جعلنا من علّيّين ... الحديث بتفاوت.
وروى في ص 171 : عن علي بن الحسين في حديث طويل بهذا المضمون.
[1360] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 46 : عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد البرسي ، عن عبيد اللّه بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن العباس البجلي ، عن جعفر بن محمد الرماني ، عن الحسن بن الحسين العابد ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر علیه السلام ، قال : إن اللّه تبارك وتعالى يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم ... الحديث.
ورواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 168 الحديث 227 : عن أحمد بن يحيى ، عن يحيى بن محمد ، عن محمد بن علي الكندي ، عن محمد بن سالم ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب علیهم السلام قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ... الحديث.
[1362] روى المجلسي في بحار الانوار 44 / 59 : عن أبي الفرج الاصفهاني ، عن محمد بن أحمد ، عن الفضل بن الحسن البصري ، عن أبي عمرويه ، عن مكي بن ابراهيم ، عن السري بن اسماعيل ، عن
ص: 580
الشعبي ، عن سفيان ، قال : أتيت الحسن بن علي ... ، فقال : فأبشر يا سفيان فاني سمعت عليا علیه السلام يقول : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من امتي كهاتين - يعني السبابتين - أو كهاتين - يعني السبابة والوسطى - إحداهما تفضل على الاخرى.
[1363] رواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 76 الحديث 42 : يرفعه الى عمار بن ياسر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لما اسري بي الى السماء أوحى اللّه إليّ ... الحديث.
[1364] روى الحبري في ما نزل من القرآن في علي ص 90 : عن حسن بن حسين ، عن حيان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ... ) الآية » في علي علیه السلام وشيعته.
[1365] رواه البحراني في البرهان 4 / 20 الحديث 1 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبي العباس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ، أنه قال : ليهنكم الاسم ... الحديث.
[1368] راجع الحديث 1300.
[1369] روى الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد الثاني ص 441 مرسلا : عن أبي بصير ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : من ينشدنا شعر أبي هريرة؟
قلت : جعلت فداك إنه كان يشرب.
فقال : رحمه اللّه ، وما ذنب يغفره اللّه لو لا بغض.
[1371] رواه البحراني في البرهان 3 / 364 الحديث 12 : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن أبي حمزة ، عن زكريا المؤمن ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، قال : قلت لأبي جعفر
ص: 581
علیه السلام : ما معنى قوله عزّ وجلّ ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ... ) . الحديث بتفاوت.
[1372] رواه بتفاوت الطبري في بشارة المصطفى ص 91 : عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، عن الحسن بن عتبة ، عن أحمد بن النصر ، عن محمد بن الصامت الجعفي ، قال : كنا عند أبي عبد اللّه علیه السلام جماعة من البصريين فحدثهم بحديث أبيه ، عن جابر بن عبد اللّه في الحج املاه عليهم ، فلما قاموا ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وانكم لزمتم صاحبكم ... الحديث.
[1373] رواه البحراني في البرهان 2 / 108 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي فضال ، عن علي بن عقبة بن خالد ، قال : دخلت أنا ومعلّى بن خنيس على أبي عبد اللّه علیه السلام فأذن لنا وليس هو في مجلسه ... الحديث.
[1374] رواه مفصلا الطبري في بشارة المصطفى ص 187 : عن أبي محمد الفحام قال : دخل سماعة بن مهران على الصادق علیه السلام ، فقال :
يا سماعة من شر الناس؟
قال : نحن يا ابن رسول اللّه.
قال : فغضب علیه السلام ... الحديث.
[1375] رواه البحراني في البرهان 3 / 174 الحديث 2 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن سليمان بن خالد ، قال : كنت في محمل أقرأ ، إذنا داني أبو عبد اللّه علیه السلام :
اقرأ يا سليمان - وأنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ ... ) الحديث.
ص: 582
[1376] رواه البحراني في البرهان 1 / 364 الحديث 6 : عن العياشي ، عن ميسر ، قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد اللّه بن عجلان ننتظر أبا جعفر علیه السلام ... الحديث.
[1377] رواه البحراني في البرهان 3 / 233 الحديث 22 : عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : اجعلوا اموركم لله ولا تجعلوه للناس ... الحديث.
[1378] رواه البحراني في البرهان 2 / 318 الحديث 6 : عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ، قال : من اتقى اللّه منكم وأصلح فهو منّا أهل البيت.
قلت : منكم أهل البيت؟
قال : منّا أهل البيت.
[1380] راجع الحديث 1371.
[1381] رواه البحراني في البرهان 1 / 204 الحديث 4 : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن التميمي ، عن معاوية بن وهب ، عن اسماعيل بن نجيح الرماح ، قال : كنا عند أبي عبد اللّه علیه السلام بمنى ليلة من الليالي ، فقال : ما يقول هؤلاء ( فَمَنْ تَعَجَّلَ ... ) الحديث.
[1382] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 70 : عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن مستور ، عن عبد اللّه بن يحيى ، عن علي بن عاصم ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال لنا علي بن الحسين علیه السلام : أيّ البقاء أفضل؟ ... الحديث.
[1383] روى الصدوق في الخصال ص 41 الحديث 29 : عن أبيه ، ومحمد
ص: 583
بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : ... ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة ، وأنّى له بالتوبة ، واللّه لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلا بولايتنا أهل البيت.
[1385] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 69 : بسنده عن أبي الجارود ، عن الباقر علیه السلام قال : يا أبا الجارود أما ترضون تصلّوا فيقبل منكم وتصوموا فيقبل منكم وتحجوا فيقبل منكم ، واللّه إنه ليصلّي غيركم فما يقبل منه ويصوم فما يقبل منه ويحج غيركم فما يقبل منه.
[1386] رواه البحراني في البرهان 2 / 190 الحديث 8 : عن عبد الرحيم ، قال : قال أبو جعفر : إنما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا ... الحديث.
[1387] روى الصدوق في أماليه ص 468 الحديث 2 : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن الفضل بن صالح الأسدي ، عن محمد بن مروان ، عن الصادق عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أبغضنا أهل البيت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا.
قيل : يا رسول اللّه ، وإن شهد الشهادتين؟
قال : فإنما احتجز بهاتين الكلمتين عن سفك دمه أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر.
ثم قال : من أبغضنا أهل البيت بعثه اللّه يهوديا.
قيل : فكيف يا رسول اللّه؟
قال : إن أدرك الدجال آمن به.
أقول : ولعلّ السقط من الحديث ما نقلناه من أمالي الصدوق آنف الذكر. والقسم الاخير من الحديث رواه البحراني في البرهان 3 / 174 الحديث 6 : عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن
ص: 584
أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن اللّه مثل لي امتي في الطين ... الحديث.
[1388] روى البحراني في البرهان 1 / 407 الحديث 10 : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن درّاج ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين ، فأقول : نحن وهم في منازل الجنة.
فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : لا يفعل اللّه تعالى ذلك بكم أبدا.
[1392] راجع الحديث 1376.
[1397] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17 : عن الحسين بن ابراهيم ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبد اللّه بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن جعفر بن عثمان الاحول ، عن سليمان بن مهران ، قال : دخلت على الصادق علیه السلام وعنده نفر من الشيعة ، فسمعته ، وهو يقول : معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شيئا ، قولوا للناس حسنا ، احفظوا ألسنتكم ، وكفوها عن الفضول ، وقبيح القول.
وروى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 قريبا لما رواه المؤلف راجع تخريج الاحاديث 1336.
[1398] راجع الحديث 1318.
[1399] روى البحراني في البرهان 4 / 78 الحديث 1 : عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام في حديث أبي بصير ، قال :
قد ذكركم في كتابه ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ ... الآية ) واللّه ما أراد بهذا غيركم.
[1400] راجع الحديث 1294.
ص: 585
[1401] روى محمد بن محمد الشعيري في جامع الاخبار ص 34 : عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب علیهم السلام ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : لو أن المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب ... من شيعتك ومواليك ... الحديث.
[1404] راجع الحديث 1294.
[1405] رواه البحراني في البرهان 4 / 304 الحديث 1 : عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن علي بن اسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي اسحاق النحوي ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه علیه السلام ، فسمعته يقول :
إن اللّه عزّ وجلّ أدّب نبيه على محبته ، فقال : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ثم فوض إليه ، فقال عزّ وجلّ : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقال عزّ وجلّ : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ ) ثم قال : وان نبيّ اللّه فوض الى علي علیه السلام ، وائتمنه. فسلّمتم وجحد الناس فو اللّه لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا ، وأن تصمتوا إذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين اللّه عزّ وجلّ ، ما جعل اللّه لأحد خيرا في خلاف أمرنا.
[1406] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 38 : عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن الحسين ، عن محمد بن حمزة ، عن الحسين بن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين النحوي ، عن سعد بن عبد اللّه الاشعري ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن جعفر بن خالد ، عن صفوان بن يحيى ، عن حذيفة بن منصور ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه إذ دخل عليه رجل فقال : جعلت فداك إن لي أخا لا يؤلي من محبتكم واجلالكم وتعظيمكم غير أنه يشرب الخمر.
فقال الصادق : إنه لعظيم أن يكون محبنا بهذه الحالة ... إلا أن هذا
ص: 586
لا يخرج من الدنيا حتى يتوب أو يبتليه اللّه ببلاء في جسده فيكون تحبيطا لخطاياه حتى يلقى اللّه عزّ وجلّ ولا ذنب عليه ... الحديث.
[1408] راجع الحديث 1294.
[1409] روى البحراني في البرهان 1 / 276 الحديث 4 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبيدة زياد الحذّاء ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : يا زياد ويحك ، وهل الدين إلا الحب؟ ألا ترى الى قول اللّه ( إِنْ كُنْتُمْ ... ) الآية.
[1411] روى البحراني في البرهان 1 / 320 الحديث 7 - بتفاوت في الألفاظ مع حفظ المضمون -.
[1412] رواه المجلسي باختلاف يسير في بحار الانوار 22 / 321 الحديث 10 : عن السندي بن محمد ، عن صفوان الجمال ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه تبارك وتعالى أمرني بحبّ أربعة ... الحديث.
[1413] رواه المفيد في أماليه ص 35 : عن قيس ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهماالسلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الزموا مودتنا.
[1417] روى البحراني في البرهان 4 / 164 الحديث 10 : عن محمد بن ابراهيم ، عن عبد العزيز بن يحيى البصري ، عن محمد بن زكريا ، عن أحمد بن محمد بن يزيد ، عن أبي نعيم ، عن حاجب عبيد اللّه بن زياد ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، قال لرجل : أما قرأت كتاب اللّه عزّ وجلّ؟ قال : نعم. قال : قرأت هذه الآية ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟ قال : بلى. قال : نحن اولئك.
[1418] روى ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 120 :
ص: 587
ولما نعى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا بحال جعفر في أرض مؤتة ، قال : إنا لله وانا إليه راجعون ، فأنزل عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ ... ) الآية.
وقال له رجل : إني واللّه لاحبك في اللّه تعالى.
فقال علیه السلام : إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا أو جلبابا.
[1419] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 89 : عن المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن القاسم الحارثي ، عن أحمد بن صبيح ، عن محمد بن اسماعيل الهمداني ، عن الحسين بن مصعب ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : من أحبنا وأحبّ محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه وعادى عدونا لا لإحنة كانت بينه وبينه ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر غفرها له.
[1421] راجع تخريج الحديث المرقم 1292.
[1426] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 14 : عن الحسن بن محمد الطوسى ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن جعفر بن محمد ، عن أحمد بن عبد المنعم ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي بن أبي طالب علیه السلام : ألا ابشرك ألا أمتحنك ... الحديث.
[1429] رواه البحراني في البرهان 2 / 188 الحديث 3 : عن الاصبغ بن نباتة.
[1430] رواه البحراني في البرهان 3 / 290 الحديث 2 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ... الخبر. وفي الحديث الاول عن الصادق بطريق آخر : محمد بن العباس ، عن محمد بن الحسين ،
ص: 588
عن جعفر بن عبد اللّه المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن الصادق علیه السلام ... الخبر.
[1433] رواه البحراني في البرهان 3 / 185 الحديث 2 : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عمر بن أبان ، عن عبد الحميد الوابشي [ كذا ] عن أبي جعفر علیه السلام قال : قلت له : إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها.
فقال : سبحان اللّه وأعظم ذلك ، ألا اخبرك بمن هو شرّ منه؟
فقلت : بلى.
فقال : الناصب لنا شرّ منه. أما أنه ليس عبد يذكر عنده أهل البيت فيرق لذكرنا إلا مسحت الملائكة ظهره ؛ وغفر له ذنوبه كلها إلا أن يجيء بذنب يخرجه عن الايمان ، وان الشفاعة لمقبولة ... الخبر.
[1435] رواه البحراني في البرهان 4 / 71 الحديث 10 : عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي داود المسرق ، عن محمد بن مروان ، قال : قلت لابي عبد اللّه علیه السلام : هل يستوي الذين يعلمون ... الخ.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 120 في عدة طرق. وفي ج 8 / 56 الحديث 7.
[1439] رواه النيسابوري في روضة الواعظين ص 394 عن أبي جعفر الباقر علیه السلام ، مرسلا.
[1441] رواه محمد بن محمد الشعيري في جامع الاخبار ص 35 : عن أحمد بن عبدون البزاز ، عن محمد بن عبد اللّه الشيباني ، عن أحمد بن عبد اللّه العبراني ، عن عبد اللّه بن موسى ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن المفضل ، عن موسى بن جعفر ، قال : خرج أمير المؤمنين علیه السلام
ص: 589
... الخبر.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 120.
[1442] رواه مرسلا النيسابوري في روضة الواعظين ص 394.
[1445] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17 : عن الحسين بن ابراهيم ، عن أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبد اللّه ، عن تميم بن بهلول ، عن جعفر بن عثمان الاحول ، عن سليمان بن مهران ، قال : دخلت على الصادق علیه السلام وعنده نفر من الشيعة ، فسمعته وهو يقول : معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا ، قولوا للناس حسنا احفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول.
[1456] روى الطبرى في بشارة المصطفى ص 97 : عن المفيد ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن محمد بن همام الاسكافي ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد الاهوازي ، عن علي بن حديد ، عن سيف بن عميرة ، عن مدرك بن زهير ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا مدرك إن أمرنا ليس بقبوله فقط ولكنه بصيانته وكتمانه من غير أهله ، أقرئ أصحابنا السلام ورحمة اللّه وبركاته ، وقل لهم : رحم اللّه امرأ اجتر مودة الناس إلينا وحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون.
[1458] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 132 : عن الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن عمه محمد بن الحسن ، عن أبيه الحسن بن الحسين ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن صفوان ، عن خيثمة الجعفي ، قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ، وأنا اريد الشخوص ، فقال : أبلغ موالينا السلام وأوصهم بتقوى اللّه وأن يعود غنيهم فقيرهم وقويهم ضعيفهم ... الحديث.
ص: 590
محتويات الجزء الحادي عشر
بقية فضائل أهل البيت ... 3
أبو الحمراء وآية التطهير ... 4
حبّ أهل البيت ... 4
كل نسب منقطع إلا نسبي ... 5
توبة آدم ... 6
ملّة ابراهيم ... 7
أساس الاسلام ... 8
طيب الولادة وحبّ أهل البيت ... 8
أصل الخير ... 9
قوام الاسلام ... 10
الذرّية الطيّبة ... 12
أهل البيت أمان للامّة ... 13
خديجة الكبرى وفضائلها... 15
بيت من لؤلؤ ... 17
ذكرى خديجة ... 20
ص: 591
فاطمة الزهراء عليها السلام وفضائلها 23
حديث الدينار ... 25
فدك لفاطمة ... 27
اللّه يأمر بتزويج فاطمة ... 28
ليلة زفاف فاطمة ... 28
يغضب اللّه لغضب فاطمة ... 29
فاطمة بضعة مني ... 30
فاطمة وأسماء ... 30
مطالبتها بالميراث ... 32
خطبة الزهراء ... 34
شرح الخطبة الزهراء 40
نعود الى فضائل الزهراء ... 55
تسبيحة الزهراء ... 67
الحسنان عليهما السلام 74
سيدا شباب أهل الجنة ... 79
من أحبني فليحب هذين ... 76
كرم السبطين ... 77
الحسنان يتصارعان ... 79
نعم الراكبان... 80
أبو هريرة مع الامام الحسن ... 81
محتويات الجزء الثاني عشر
بقية فضائل الحسنين عليهما السلام ... 85
يدهن رجلي أكرم الناس ... 87
التسميتها ... 88
ص: 592
مولدهما ... 89
العقيقة ... 90
يحيى بن يعمر والحجاج ... 92
ويل للظالم من يوم المظلوم ... 96
من أحبّنا فهو معنا ... 98
ريحانتا الرسول ... 100
أفضل الأسباط ... 101
الحسن ومعاوية ... 104
الحجّ مشيا على الأقدام ... 111
الحسن (عليه السلام) يقسّم ما له لوجه اللّه ... 113
في حظيرة بني النجار ... 119
مصاب الحسن عليه السلام 122
معاويه يتآمر ... 123
الحسن يوصي ... 124
موقف عائشة من دفن الحسن ... 125
بنت الأشعث قاتلة وخائنة ... 127
نعي الحسن ... 130
مقتل الحسين عليه السلام ... 134
فتية تبكي عليهم السماء والأرض ... 137
أمير المؤمنين يحدّد موضع الشهادة ... 138
لا بارك اللّه في يزيد ... 139
هرثمة وحديث الشهادة ... 141
المسير الى كربلاء ... 143
مأساة الطف ... 146
مسلم بن عقيل ... 147
ص: 593
ملاقاة الحرّ بالحسين ... 148
خطبة الحسين في أصحابه ... 150
لحوق الحرّ بالحسين ... 151
مصرع علي الأصغر (عليه السلام) ... 152
تحقيق في علي الأكبر (عليه السلام) ... 153
مصرع أبي عبد اللّه عليه السلام ... 155
وقائع بعد الشهادة ... 156
مجلس (عليه السلام) في مجلس ابن زياد ... 157
أهل البيت في الشام ... 158
لؤم مروان ... 160
نعود الى ذكر شيء من المصرع والوقائع ... 163
محتويات الجزء الثالث عشر
ذكر من قتل مع الحسين صلوات اللّه عليه من أهل بيته ... 177
أولاد الحسين عليه السلام ... 177
القاسم بن الحسن (عليه السلام) ... 179
عبد اللّه بن الحسن (عليه السلام) ... 180
العباس (عليه السلام) وإخوته ... 182
أولاد عقيل ... 195
الأسرى ... 196
اسرة أمير المؤمنين ... 201
جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) ... 202
قتال جعفر ومقامه ... 204
جعفر هاجر الهجرتين ... 205
نعي جعفر ... 206
ص: 594
السنّة الحسنة ... 207
حسّان يرثيه جعفراً... 208
كعب يرثي جعفراً ... 210
اسرة أبي طالب ... 214
وداعا يا أمّ أمير المؤمنين ... 215
أمّ هاني وجمانة ... 216
أولاد عبد المطّلب ... 219
أبو طالب ... 220
حمزة بن عبد المطّلب ... 226
العباس بن عبد المطّلب ... 232
نعود الى ذكر أولاد أبي طالب ... 235
طالب بن أبي طالب ... 235
عقيل بن أبي طالب ... 237
عبد اللّه بن عباس ... 244
ذكر أسماء الشهداء من أصحاب الحسين (عليه السلام)... 250
ذكر فضل علي زين العابدين عليه السلام ... 250
السجاد وواقعة الطف ... 250
عبادته ... 253
من دعائه عليه السلام ... 255
السجاد والزهري ... 258
أيام فتنة ابن الزبير ... 261
السجاد لعبده : اقتصّ منّي... 262
فرزدق وقصيدته ... 263
أمه ... 266
موقفه الصمودي ... 267
ص: 595
دين الحسين عليه السلام ... 269
دعاؤه على قاتل أبيه... 270
زهده عليه السلام ... 271
[ الإنفاق في سبيل اللّه ... 273
وفاته ... 275
الامام محمد الباقر عليه السلام وفضائله 276
[ الخضر مع الامام الباقر ... 278
[ مع هشام بن عبد الملك ... 280
ابن المنطدر والباقر (عليه السلام) ... 282
مع أخيه زيد ... 284
وفاته ... 288
محتويات الجزء الرابع عشر
الامام الصادق عليه السلام وفضائله 291
سلوني قبل أن تفقدوني ... 292
مع أبي حنيفة ... 299
من دعائه عليه السلام ... 302
بعض فرق الشيعة 309
الاسماعيلية ... 309
الفطحية ... 310
القطيعية ... 310
الكيسانية ... 315
الزيدية ... 317
يحيى بن زيد ... 319
أبو هاشم ... 320
عبد اللّه بن معاوية ... 321
ص: 596
محمد بن عبد اللّه ... 322
صاحب فخ ... 327
يحيى بن عبد اللّه ... 330
إدريس بن عبد اللّه وأحمد بن عيسى ... 331
أبو السرايا ... 334
ابن الأفطس ... 335
الحسن بن الحسين بن زيد وزيد بن عبداللّه وعلي بن عبداللّه... 336
ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام ... 338
شهادة الامام الرضا عليه السلام ... 342
ذكر من قام أيام المعتصم والمتوكل... 345
ذكر من قام أيام المستعين والمهتدي ... 346
ذكر من قام أيام المعتمد العباسي ... 347
ذكر من قام أيام المعتضد والمكتفي ... 349
ظهور المهدي الفاطمي... 353
معالم المهدي ... 355
ذكر معالم المهدي ... 355
المتشبّه بالمهدي ... 356
فضل المهدي عليه السلام ... 357
اتباع المهدي والقيام معه ... 359
الصادق عليه السلام مع قوم من أهل الكوفة ... 366
محتويات الجزء الخامس عشر
حول ظهور المهدي عليه السلام ... 371
خطبة أمير المؤمنين في الكوفة ... 372
سيرة المهدي ... 373
المهدي هو الفاتح للقسطنطينية ... 376
ص: 597
صفة المهدي ... 378
المهدي من أهل البيت ... 384
ممن هو المهدي؟ ... 387
الفتن ثلاث ... 388
احذروا ثلاثا ... 391
المهدي من نسل فاطمة ... 394
بدء الدعوة الفاطمية ... 403
في اليمن ... 403
في شمال إفريقيا ... 413
محتويات الجزء السادس عشر
صفات شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ... 435
محبة الاخوة ... 436
من مات على الولاية ... 438
مقام الموالي ... 439
الرسول وشيعة علي ... 443
من أبغض عليا أمير المؤمنين عليه السلام ومن أحبه... 447
الرسول يستغفر لشيعة علي ... 449
أول أربعة يدخلون الجنة ... 450
من دمعت عيناه في أهل البيت (عليهم السلام)... 453
الناس يوم القيامة خمسة أصناف ... 455
الشيعة حراس في الارض ... 456
الملائكة تشهد مجالس المؤمنين ... 458
المؤمن لا تمسّه النار ... 463
ما قاله الامام الصادق (عليه السلام) لأبي بصير حول الشيعة... 464
ص: 598
منزلة المحبّ اذا تلا القرآن ... 471
ما قاله الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) في عبد مات على حبّ علي ... 478
العبادة بدون الولاية ... 479
المؤمن يفرح لفرحهم (عليهم السلام) ويفزع لفزعهم (عليهم السلام) ... 484
ما قاله الامام الباقر (عليه السلام) لبشير النبّال حول الشيعة ... 491
صفات الشيعة ... 501
وصايا الامام الباقر والصادق (عليهماالسلام) للشيعة ... 506
تخريج الأحاديث... 511
ص: 599