الهُجومُ عَلی بَیتِ فاطِمةَ سَلامُ اللّه عَلَیها

هوية الکتاب

دراسة وتحليل حول الهجوم على بيت فاطمة (سلام الله علیها)

تأليف: عبد الزهراء مهدي

الناشر : برگ رضوان

المطبعة : نگارش

الطبعة : الثانية

سنة النشر : 1426 ه .ق

عدد النسخ : 3000 نسخة

ردمك: 8-5-96089 - 964 ISBN

ص: 1

اشارة

دراسة وتحليل حول الهجوم على بيت فاطمة (سلام الله علیها)

تأليف: عبد الزهراء مهدي

الناشر : برگ رضوان

المطبعة : نگارش

الطبعة : الثانية

سنة النشر : 1426 ه .ق

عدد النسخ : 3000 نسخة

ردمك: 8-5-96089 - 964 ISBN

صندوق البريد: ایران ، قم ، 1153 - 37135

مركز التوزيع :

1) ایران، قم، شارع معلم، فرع ،29 ، رقم 448 هاتف وفكس : 7733413، 9825117744988

2) قم شارع صفائیه، مقابل زقاق رقم 38 منشورات دليل ما الهاتف 7737011 - 7737001

3) طهران، شارع إنقلاب شارع فخر رازی، رقم 32 ، الهاتف 66464141

4) مشهد، شارع الشهداء شمالي حديقة النادري زقاق خوراكیان بناية گنجینه کتاب التجارية، الطابق الأول، منشورات دليل ما الهاتف 5 - 2237113

مهدی عبدالزهراء

الهجوم على بيت فاطمه علیه السلام / عبد الزهراء مهدی - تهران برگ رضوان، 1383.

526 ص.

ISBN 964-96089-5-8

عربي.

فهرستنویسی بر اساس اطلاعات فیپا.

چاپ دوم 1384

1. فاطمه زهرا (س)، 13؟ قبل از هجرت -11 ق.-- احادیث. 2. فاطمه زهرا (س)، 13؟ قبل از هجرت - 11 ق. -- مصائب. الف. عنوان.

3 ه- 86 م / 27 BP

297/973

کتابخانه ملی ایران 34944 - 83م

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ص: 4

السلام على البتولة الشهيدة

السلام على البتولة الشهيدة ...

ابنة نبي الرحمة ...

وزوجة الوصى الحجّة ...

ووالدة السادة الأئمة ...

السلام عليك يا فاطمة الزهراء ! ابنة النبي المصطفى . السلام عليك وعلى أبيك ...

السلام عليك وعلى بعلك وبنيك ...

السلام عليك أيتها الممتحنة ...

السلام عليك أيتها المظلومة الصابرة ...

لعن الله من منعك حقك ، ودفعك عن إرثك ...

ولعن الله من ظلمك وأعنتك ، وغصصك بريقك ، وأدخل الذلّ بيتك ...

ولعن الله من رضي بذلك ، وشايع فيه ، واختاره وأعان عليه .. وألحقهم بدرك الجحيم .

إني أتقرب إلى الله سبحانه بولايتكم أهل البيت وبالبراءة من أعدائكم من الجن والإنس .. وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين .

المزار الكبير : 82 ؛ مصباح الزائر : 53 ؛ وعنه في بحار الأنوار: 198/100 مع اختلاف يسير .

ص: 5

قال الله تبارك و تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ )

الأحزاب (33) : 53

وقال رسول صلی الله علیه و اله

« ألا إنّ فاطمة ال بابها بابي وبيتها بيتي فمن هتكه فقد هتك حجاب الله »

الطرف : 19 ، وعنه في بحار الأنوار: 477/22

ص: 6

قال سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام :

« واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الذي نقضه ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ... »

نهج البلاغة : 63 خطبة : 147 ، الكافي : 390/8 ، وعنه في بحار الأنوار : 371/77

عن الإمام أبي جعفر علیه السلام :

«من لم يعرف سوء ما أُتي إلينا من ظلمنا وذهاب حقنا، وما ركبنا به، فهو شريك من أتى إلينا في ما ولينا به...»

عقاب الأعمال: 208 ، وعنه في بحار الأنوار: 55/27

ص: 7

ص: 8

إليك

يا من لم يُؤلَد مثله مولود بضغط .. ثم زجر .. ثم مسمار !...

يا من لم يستضئ من الدهر سوى البلاء.. ولم يُستقبل منه إلا الجفاء.. ولم يورّث إلا العناء !...

يا من أسقطوا بسقطه كل مثل الإنسانية .. ومبادئ الرحمة .. وأسس الشرف !...

يا من حرموه من أن يستهل ولو بصرخة .. أو يتظلّم ولو بآه.. أو يتكلم ولو ببنت شفة !...

يا من كمّموا صرخته.. وخنقوا عبرته .. وأطفئوا بصيص نظرته !...

يا من تمثلت بشهادته كل معاني القسوة .. والحقد .. والجناية !..

يا من أعدموا به كل مثل الرحمة .. والحنان .. والحب !...

يا من بدمه أمضي أحقية الصادقين.. ومنه بزغ نور المستشهدين.. وبه بدء سجل الخالدين !...

يا من ولد مظلوماً.. ومات محروماً !...

يا من حكم عليه بتعفير القبر وخفائه.. إلى يوم نشر لوائه !...

يا برهان الظلامة .. وعنوان القداسة .. وديوان الشرف !...

يا شريك أُمَّه في الشهادة.. وصنو أبيه في الظلامة... وسباق أخويه في الجهاد!...

يا قتيل الهدف.. والمبدء... والولاء !...

إليك ..

يا بن طه وحيدر والزهراء.. يا أخا شبّر وشبير .. يا مشبّر .. يا محسن بن علي.. وريقات ولائى وودي وإخلاصي..

عبد أُمك وأبيك

ص: 9

ص: 10

الفهرس الإجمالي

الفصل الأول : الوحي يحذّر .. ويخبر

19 - 44

الفصل الثاني : الانقلاب على الأعقاب

45 - 97

الفصل الثالث : تفصيل قضيّة الهجوم

150 - 99

الفصل الرابع: جملة من النصوص والآثار في مأساة الهجوم

151 - 364

الفصل الخامس: تظلّم أهل البيت

365 - 431

الفصل السادس: شبهات وردود

433 - 489

الخاتمة : الكتب الجامعة لروايات الهجوم واسنادها

491 - 494

الفهرس التفصيلي : 509 - 523

ص: 11

ص: 12

المقدمة

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، لاسيّما ابن عمه وصهره وسيد أوصيائه وخليفته -بلا فصل- من بعده أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وإمام المتقين، وأوّل المظلومين .. وكذا ابنته سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين. السيدة الجليلة ذات الأحزان الكثيرة في المدة القليلة المظلومة المغصوبة، المضطهدة المقهورة، الصدّيقة الشهيدة، الإنسية الحوراء فاطمة الزهراء علیهما السلام.

واللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومعانديهم وظالميهم، وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم ومدعي شؤونهم ومراتبهم.. من الأولين والآخرين أجمعين إلى يوم الدين.

وبعد؛ لاريب أن لبعض الحوادث التاريخية موقعية خاصة فى المعارف الدينية بحيث يستند إليها في المباحث الكلامية، فلا يكون الفحص فيها والتحقيق حولها من شؤون أهل السيرة خاصة ، بل المتكلمون والمحدثون وغيرهم يبحثون عن مدى صحتها وكيفية وقوعها .. لأهميتها عندهم ؛ ومن هذه الوقائع ما وقع بعد وفاة النبي الأعظم صلی الله و علیه و آله، وكيفية البيعة لأبي بكر وموقف أهل البيت مع تلك البيعة وكذا سائر المسلمين ..

ص: 13

يلزمنا أن نذكر - قبل الشروع - أنا لا نرضى بالتفرقة بين المسلمين. ونبرأ إلى ممن يوقع بينهم العدواة والشحناء.. ولكن هل يوجب هذا أن نسدّ باب التحقيق ؟! أو نكمم الحق أو نخني الواقع ..؟!

وهل يكون مثل هذا مبرراً للمنع عن البحث المنطقي بإيراد الآيات وما اتفق الفريقان على نقله وقبوله من الآثار والروايات ؟!

الحق أن السكوت أمام هذه الحوادث والحمل على الصحة في جميع ما صدر من الصحابة يمنعنا من الوصول إلى الحقائق، بل يوقعنا في الخطأ في فهم المعارف الدينية ، فيجب علينا طرح العصبية والأهواء وملاحظة الأدلة المقبولة عند الجميع .. ثم القضاء بالإنصاف .

ثم إني رأيت كثيراً عند مراجعتي للكتب الاعتقادية والكلامية - فضلاً عن التاريخية والحديثية - ذكر وقعة الهجوم على بيت فاطمة علیها السلام عند امتناع أمير المؤمنين علیه السلام عن البيعة لأبي بكر، كما وقد احتج بها، ووجدت جملة من أعلام الملا العامة يصرون على إنكارها وردّ الروايات الواردة فيها وتضعيفها .. وإن كانت في الكتب المعتبرة عندهم وجاءت عن ثقاتهم ، فانكشف لي أهمية هذا الموضوع وأنّه لم يكن مجرد قضيّة تاريخية فحسب، كيف ولها آثار مهمّة في عقائدنا وفي مبحث الأمامة الكبرى ؛ إذ بها يثبت عدم بيعة أمير المؤمنين علیه السلام لأبي بكر اختياراً، وإنما بايع إجباراً بعد أن وصل الحال إلى أن أحرقوا باب الدار وأرادوا إحراق البيت على أهله.. وجرّوه إلى المسجد.. وفُعل ما فعل بحليلته .. وبعد فقد ناصره وجنده و.. وهذا الذي يؤكّد عليه أمير المؤمنين علیه السلام في خطبه ، كما يأتي قوله علیه السلام : مازلت مظلوماً منذ قبض رسول الله صلی الله و علیه و آله ...

قال ابن أبي الحديد - بعد ذكر ما قاله أمير المؤمنين في التألم و التظلم عمن تقدم عليه مثل قوله : «ما زلت مظلوماً .. » و « صبرت وفي الحلق شجى وفي العين

قذى » ...) ، « اللهم إنى أستعديك على قريش... » ، «لقد ظُلِمْت عدد الحجر والمدر ..) :

ص: 14

وكان المرتضى - يريد السيد المرتضى صاحب الشافي - إذا ظفر بكلمة من هذه فكأنّما ظفر بملك الدنيا، ويودعها في كتبه وتصانيفه (1)

ومن تصفّح كتب العامة يجد أن طائفة منهم يحكون بيعة أمير المؤمنين لأبي بكر بنحو من التدليس والتحريف، ويوقعون القارئين الغافلين عن الحقائق في الاشتباه فيتوهمون:

أنّ أمير المؤمنين علیه السلام وإن كان لا يرى أبا بكر أهلاً للخلافة ولكنه رضي ببيعة، الناس له .

ولم ينافس خيراً ساقه الله إلى أبي بكر !!

والمبايعة له وقعت في حال الاختيار !!

بل نادى أبو بكر واستقال الناس بيعتهم له .. ولكن أمير المؤمنين علیه السلام وبقية المسلمين أبوا عن الإقالة !!

نعم، هذه وامثالها - وما أكثرها - أكاذيب اختلقها أقوام ونقلها آخرون من دون تدبر وتفهم، تشبثوا بها .. لكنهم غافلون : ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ). (2)

فإذا أثبتنا بالدليل القطعي مظلوميتهم علیهم السلام .. وأنه الله لم يبايع أبا بكر بالطوع والاختيار، فلا يبقى مجال لهذه الخزعبلات والتسويلات.

ومن هنا ترى القوم قد غضبوا على فاطمة علیها السلام (3)- التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها .. إذ هي التي كشفت للناس عن هذه الحقائق المخفية، وأظهرت بواطن الأمور:

بدفاعها عن الإمام أمير المؤمنين علیه السلام قبل إخراجه وعند إخراجه من البيت ..

ص: 15


1- شرح نهج البلاغة : 286/10.
2- الصف (61) : 8.
3- راجع : البداية والنهاية : 307/5 لتعرف جهالة ابن كثير وتحكمه وتجاهله لمقام السيدة فاطمة الزهراء علي هذه الواقعة .

وبحضورها في المسجد واعتراضها على أبي بكر ..

وببكائها ليلاً ونهاراً ..

وبإلقاءها الخطبة الفدكية الرائعة ليميز الناس الحق عن الباطل ..

وبإيصائها بدفنها ليلاً و..

ولعل من أهمّ ما صنعته بالهيئة الحاكمة وصيتها الخطيرة التي تُعدّ - بحق - من أهم ما أبقاه لنا التاريخ سنداً ومسنداً لبيان فداحة المصاب... بل كانت سبباً لكل ما أكنّه القوم من حقد وضغينة في صدورهم عليها وعلى شيعتها مما لا يعلمه إلّا الله ..

وإلّا فلماذا لم يصلّ عليها أبو بكر وعمر ؟! وكذا سائر الناس الذين خذلوها وخذلوا بعلها وقعدوا عن نصرة عترة نبيهم علیهم السلام ؟!

ولماذا أُخفى قبرها إلى يومك هذا ؟!

ولماذا .. ثم ماذا ..؟!

ثم إني رأيت أن أؤلف كتاباً يشتمل على مصادر وصمة الهجوم من كتب الفريقي بحيث يكون كافياً لمن أراد الوقوف على الحق والصواب، وهادياً لمن اجتنب الاعتساف، مع اعترافي بالعجز والقصور وعدم إحصائي لكل ما هو المقصود.

ثم رأيت إخبار النبي صلی الله علیه و آله بما يجري على أهل بيته علیهم السلام في روايات كثيرة فقدمته في الفصل الأول، وحيث كان بعض ما وقع قبل وفاته صلی الله علیه و آله مرتبطاً بما نحن فيه ؛ لذا أوردته في الفصل الثاني، ورأيت أن أسرد الوقائع بحسب وقوعها تاريخياً في الفصل الثالث ، ثم ذكرت مصادرها .. أي ما وقفت عليه من الروايات والأقوال والأشعار من مصادرها الأوليه مرتباً لها بحسب وفيات المؤلفين وذلك ما عقدنا له الفصل الرابع ، وبعد كلّ رواية نذكر من رواها عن المؤلّف السابق أو عن غيره.

وإن كانت للمؤلّف المذكور في العنوان رواية من الروايات التي سبق بيانها فنشير إلى رقمها.

وأتبعته بما وقفت عليه من شكوى أمير المؤمنين علیه السلام والسيدة فاطمة

ص: 16

الزهراء علیها السلام .. وإيصائها بالدفن ليلاً في الفصل الخامس. ثم ذكرت بعض ما أُورد من الشبهات في وقوع تلك القضايا وأجبت عنها مجملاً في الفصل السادس.

تنبيهات

الأول : كان مسعاي أن تكون أصول المطالب المنقولة مما اتفقت عليه كتب الفريقين، وإن كانت بعض الجزئيات مختصة بأحدهما ، إلا أن ما نستدل به موجود في كتب القوم غالباً ، نعم إنّهم فتحوا لأنفسهم باب التأويلات، ويجيبون عمّا يستدل الشيعة به بما يتفردون بنقله ، وهذا كما ترى لا يجدي شيئاً .

الثاني: إن المقصود الأولي من هذا الكتاب هو ذكر نصوص الروايات وكلمات القدماء والاحتجاج بها، وما نقلناه عن بعض المتأخرين إنما كان استطراداً ، لاسيما إذا روى رواية لم نجدها في كتب القدماء، أو أشار إلى إجماع أو شهرة وذكرنا بعض المتأخرين من أ رين من أهل السنّة ليُعلم مدى اعتبار الروايات وقيمتها عند متأخريهم.

الثالث : إذا راجعت البحار طبع بيروت - تجد أنه ينقص عمّا طُبع في إيران من مجلد 57 إلى آخره ثلاث مجلدات، فمجلد 54 طبع بيروت يوافق 57 طبع ايران .. وهكذا .

الرابع: لم نقتصر في رمز (خ) على بيان اختلاف النسخ - كما هو المتعارف - بل عتمناه لما إذا كان منشأه اختلاف ألفاظ الروايات باختلاف مصادره، أو لتعدد نسخ البدل بسبب تعدد الطبعات لكتاب واحد .

الخامس : نذكر عقيب الأسماء المقدسة ما يناسبها من التحيات والصلوات، سواء أكانت فى المصدر المنقول عنه أم لا.

والمرجوّ لمن راجع هذا الكتاب أن ينظر إليه بعين الإنصاف ويحذر عن الاعتساف ويأخذ بيدنا لما فيه من نقص و سهو و يرشدنا لما فيه مما يحتاج إلى الإصلاح إذ نحن لا نريد إلا بيان الواقع والحق والحق أحق أن يتبع.. والله من وراء القصد

ص: 17

ص: 18

الفصل الاول : الوحي يحذّر .. ويخبر

اشارة

الوحي يحذّر .. ويخبر

ص: 19

ص: 20

إيصاء النبي صلی الله علیه و آله بأهل بيته علیهم السلام

قال رسول الله صلی الله علیه و آله : « أُذكِّركم الله في أهل بيتي » . (1)

وقال صلی الله علیه و آله : « أيها الناس لا تأتوني غداً بالدنيا تزفّونها زفّاً ويأتي أهل بيتي شعثاً غبراً مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم ... أيها الناس ! الله .. الله في أهل بيتي » . (2)

وقال صلی الله علیه و آله : « استوصوا بأهل بيتي خيراً فإنّي أخاصمكم عنهم غداً.. ومن أكن له الله خصمه أخصمه.. ومن أخصمه دخل النار» . (3)

وقال صلی الله علیه و آله : « احفظوني في عترتي وذريتي ، فمن حفظني فيهم حفظه الله ، ألا لعنة الله على من آذاني فيهم ..» - ثلاثاً - (4)

وقال صلی الله علیه و آله - في حديث الثقلين بعد ذكر العترة : « .. فلا تقتلوهم ولا تغزوهم وفي رواية : لا تعمدوهم ولا تقصروا عنهم ولا تقهروهم.. فإني قد سألت لها اللطيف الخبير فأعطاني : ناصرهما لي ناصر وخاذلها لي خاذل ووليهما لي ولي وعدوّهما لي عدوّ » (5)

ص: 21


1- سنن الدارمي : 432/2.
2- خصائص الأئمة الملا : 74 - 75.
3- ذخائر العقبى : 18.
4- كشف الغمة : 416/1.
5- انظر : العمدة : 104، والطرائف : 1/ 117 ، وعنهما في بحار الأنوار : 23 /109 و 37 / 184.

شكوى النبي صلی الله علیه و آله

قال رسول الله صلی الله علیه و آله : « سيلق أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً» (1)

وقال صلی الله علیه و آله : « .. إلى الله أشكوا المنكرين لفضلهم والمضيّعين الحرمتهم بعدي كفى بالله ولياً وناصراً لعترتي وأئمة أُمتي ومنتقاً من الجاحدين لحقهم ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ..) » (2)

عقاب من آذى أهل البيت علیهم السلام

(3)

قال رسول الله صلى الله عليه و آله : الويل لظالمي أهل بيتي، عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار» . (4)

وقال صلى الله عليه و آله : «إنّ الله حرّم الجنّة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أغار عليهم أو سبهم » . (5)

وقال صلى الله عليه و آله : ((ستة لعنتهم لعنهم الله وكلّ نبي مجاب... والمستحلّ من عترتي ما حرم الله .. (6)

وقال صلى الله عليه و آله : « اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي» (7)

وقال له : « من آذاني في أهلى فقد آذى الله » (8)

ص: 22


1- المستدرك على الصحيحين للحاكم : صحيحين للحاكم : 487,466/4.
2- كمال الدين: 261 . والآية في سورة الشعراء (26): 227.
3- أقول : عقد السمهودي (المتوفى (911) في كتاب جواهر العقدين : 341 فصلاً في التحذير عن بعض أهل البيت الملا وعدواتهم ولعن من ظلمهم.
4- المناقب لابن المغازلي : 40366 ، ح 94.
5- ذخائر العقبي : 20.
6- المستدرك للحاكم : 36/1.
7- كنز العمال: 93/12.
8- المصدر : 103/12.

وقال صلى الله عليه و آله : « اشتد غضب الله على من أراق دمي وآذاني في عترتي». (1)

الضغائن الكامنة

روی یونس بن حباب ، عن أنس بن مالك ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله وعلي بن أبي طالب علیهم السلام معنا ، فمررنا بحديقة ، فقال علي علیه السلام : « يا رسول الله ! ألا ترى ما أحسن

الله هذه الحديقة ؟ فقال : ( إن حديقتك فى الجنّة أحسن منها .. حتى مررنا بسبع حدائق، يقول علي علیه السلام ما قال ويجيبه رسول الله صلى الله عليه و آله بما أجابه ، ثم إن رسول الله وقف فوقفنا ، فوضع رأسه على رأس علي وبكى.. فقال علی علیه السلام : ما يبكيك يا رسول الله ؟!» قال: «ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني».

وزاد سليم : (2) « أحقاد بدر وتراث أحد ... وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك ، فإنّك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه ، وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلّوا فوجد أعواناً أن يجاهدهم بهم، وإن لم يجد أعواناً أن يكفّ يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم» (3)

وروى الخوارزمي في مناقبه أنه صلى الله عليه و آله قال لأمير المؤمنين علیه السلام : «اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي ( أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللأعِنُونَ ) (4) » ثم بكى صلى الله عليه و آله ، فقيل : ممَّ بكاؤك يا رسول الله ؟! قال : « أخبرني جبرئيل أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده » . (5)

ص: 23


1- كنز العمال: 267/1 و 435/10.
2- کتاب سلیم : 73 - 72 ( الطبعة المحققة : 2/ 569 الحديث الثاني ).
3- انظر شرح نهج البلاغة : 107/4: الرياض النضرة : 651 : المناقب للخوارزمي : 65 مجمع الزوائد : 118/9 كنز العمال: 176/13 : ينابيع المودة : 134/1 ، ورواه عن جمع من العامة في إحقاق الحق: 181/6 - 186 كشف اليقين : 451 - 450 الغدير : 173/7.
4- البقرة (2) 159.
5- المناقب للخوارزمى : 62 : بحار الأنوار: 45/28 و 37/ 191 و 67/51: الأمالي للطو : 351 الصراط المستقيم : 87/2: الطرائف 521/2 : كشف الغمة : 1/ 39 : كشف اليقين : 466.

وقال أمير المؤمنين علیه السلام : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه و آله كما قال لي: «إنّ الله أمرني بولاية علي، فولايته ولايتي وولايتي ولاية ربي، عهد عهده إلى ربّي وأمرني أن أبلغكموه، فهل سمعتم ؟ » قالوا: نعم، قد سمعناه.

قال: « أما إنّ فيكم من يقول : قد سمعت وهو يحمل الناس على كتفيه ويعاديه ! » ، قالوا : يا رسول الله ! أخبرنا بهم قال: « أما إنّ ربّي قال: «أما إن ربي قد أخبرني بهم وأمرني بالإعراض عنهم لأمر قد سبق، وإنما يكتفي أحدكم بما يجد لعلي في قلبه ». (1)

السهر الطويل

وروى أبو جعفر الإسكافي: إنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة علیها السلام، فوجد علياً نائماً، فذهبت تنبهه، فقال : «دعيه ! قرب سهر له بعدي طويل وربّ جفوة لأهل بيتي ! من أجله شديدة .. فبكت فقال : «لا تبكي ! فإنكما معي وفي موقف الكرامة عندي (2)

علی علیه السلام يتمنى الموت

عن أبي سعيد الخدري ؛ قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و آله يوماً لعلي علیه السلام ما يلقى بعده من العنت فأطال ، فقال له علیه السلام : « أنشدك الله والرحم - يا رسول الله ! - لما دعوت الله أن يقبضني إليه قبلك ... قال : «كيف أسأله في أجل مؤجّل ؟! » . (3)

الظلم والتعب بعد النبي صلی الله علیه و آله

قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي علیه السلام : «أما إنك ستلق بعدي جهداً». قال علیه السلام : « في سلامة من دینی؟! »، قال: «في سلامة من دينك» (4)

ص: 24


1- الخصال: 2/ 560 ، وعنه في بحار الأنوار: 324/31.
2- شرح نهج البلاغة : 107/4.
3- شرح نهج البلاغة : 0108/4
4- المستدرك للحاكم : 140/3 ؛ کنز العمال : 617/11.

وعنه صلى الله عليه و آله : «يا على ابشر بالسعادة، فإنك مظلوم بعدي ، ومقتول » (1)

وقال صلى الله عليه و آله : « أنت وصيّي من بعدي، وأنت المظلوم المضطهد بعدي » (2)

وفي حديث مولانا علي بن الحسين السجاد علیه السلام عن رسول صلى الله عليه و آله : «قال لي جبرائيل : يا محمد ! إن أخاك مضطهد بعدك مغلوب على أُمّتك متعوب من أعدائك .. » . (3)

وقال: «يا عليّ إنّك من بعدي مغلوب مغصوب تصبر على الأذى في الله وفيّ محتسباً أجرك غير ضائع ، فجزاك الله عن الإسلام خيراً » . (4)

وعن الإمام الحسين بن علي، عن أبيه علیهما السلام قال: «لما نزلت : الم* أَحَسِبَ النَّاسُ .. (5) إلى آخر الآيات ، قلت : يارسول الله ! ما هذه الفتنة ؟

قال: «يا علي ! إنك مبتلى ومبتلى بك، وإنك مخاصم فأعد للخصومة » (6)

وعن مولانا الصادق علیه السلام، عن آبائه علیهم السلام، قال : قال النبي صلى الله عليه و آله لفاطمة علیها السلام : «إنّ زوجك يلاقي بعدي .. كذا ، ويلاقي بعدي .. كذا .. فخيّرها بما يلق بعده.

فقالت: «يا رسول الله ! ألا تدعو الله أن يصرف ذلك عنه ؟

فقال : قد سألت الله ذلك ،له ، فقال : إنّه مبتلى ومبتلى به». (7)

علی علیه السلام يملأ غيظاً

روى سدير الصيرفي عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام هما قال اشتكى علي علیه السلام الشكاة، فعاده أبو بكر وعمر وخرجا من عنده فأتيا النبي صلى الله عليه و آله، فسألهما : «من

ص: 25


1- الأمالي للشيخ الصدوق : 368، وعنه في بحار الأنوار: 103/38.
2- كنز الفوائد : 56/2 ، وعنه في بحار الأنوار: 230/27.
3- كامل الزيارات : 263 ، وعنه في بحار الأنوار : 58/28.
4- الفضائل : 145 ، وعنه في بحار الأنوار : 461/29.
5- العنكبوت (29): 1-2.
6- المناقب : 203/3 ؛ بحار الأنوار: 28 / 69.
7- تأويل الآيات: 645، وعنه في بحار الأنوار : 230/24 و 164/36.

أين جئتما ؟ « قال : (1) عدنا علياً ، قال : كيف رأيتماه ؟ قالا : رأيناه يُخاف عليه مما به فقال : كلّا إنه لن يموت حتى يوسع غدراً وبغياً ، وليكونن في هذه الأمة عبرة يعتبر به الناس من بعده» . (2)

وفي رواية : إنه عاد النبي صلى الله عليه و آله علياً علیه السلام، فقال عمر : يا رسول الله ! اما على إلّا لما ،به، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : لا والذي نفسي بيده - يا عمر ! - لا يموت حتى يُملأ غيظاً ويُوسَّع غدراً، ويوجد من بعدي صابراً» (3)

ورووا عن القاسم بن جندب، عن أنس بن مالك ، قال : مرض على علیه السلام فثقل ، فجلست عند رأسه فدخل رسول الله صلى الله عليه و آله - ومعه الناس فامتلأ البيت - فقمت من مجلسي فجلس فيه رسول الله صلى الله عليه و آله، فغمز أبو بكر عمر فقام فقال : يا رسول الله ! إنّك كنت عهدت إلينا في هذا عهداً وإنا لا نراه إلا لما به، فإن كان شيء فإلى مَنْ ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه و آله فلم يجبه فغمزه الثانية فكذلك ، ثم الثالثة . فرفع رسول الله صلى الله عليه و آله رأسه ، تم قال : «إنّ هذا لا يموت من وجعه هذا ولا يموت حتى تملياه غيظاً، وتوسعاه غدراً، وتجداه صابراً » . (4)

وفي رواية سليم : « ثم تجداه صابراً قواماً ، ولا يموت حتى يلق منكما هنات وهنات ولا يموت إلّا شهيداً مقتولاً » (5)

غدر الأُمّة بأمير المؤمنين علیه السلام

قيل لأمير المؤمنين علیه السلام في علّة جلوسه عنهم ، قال علیه السلام: «إنّي ذكرت قول النبي صلى الله عليه و آله: إن القوم نقضوا أمرك ، واستبدوا بها دونك ، وعصوني فيك، فعليك

ص: 26


1- كذا، والظاهر : قالا.
2- شرح نهج البلاغة : 106/4.
3- المناقب : 216/3.
4- تقريب المعارف: 255 وعنه في بحار الأنوار: 389/30؛ الصراط المستقيم : 11/3 (مختصراً) وراجع الخصائص للسيوطي 124/2 ؛ المستدرك للحاكم : 139/3 ومختصر تاریخ دمشق : 33/18.
5- كتاب سليم : 144 ( الطبعة المحققة : 692/2 الحديث الرابع عشر ) ؛ وعنه في بحار الأنوار: 315/30.

بالصبر حتى ينزل الأمر، فإنهم سيغدرون بك وأنت تعيش على ملّتي وتقتل على سنتي .. » (1)

وعنه صلى الله عليه و آله: « يابن اليمان ! إن قريشاً لاح (2) صدورها، ولا ترضى قلوبها ولا تجرى ألسنتها ببيعة علي وموالاته إلا على الكره والعي والطغيان». (3)

وعنه علیه السلام: « قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله: عليك بالصبر حتى ينزل الأمر، ألا وإنهم سيغدرون بك لا محالة فلا تجعل لهم سبيلاً إلى إذلالك وسفك دمك، فإنّ الأمة ستغدر بك بعدي .. كذلك أخبرني جبرئيل عن ربي ». (4)

وفي رواية قال : سمعت علياً يقول: «أما وربّ السماء والأرض... - ثلاثاً - إنه لعهد النبى الأُمّى إليّ : لتغدرنّ بك الأُمّة من بعدي» (5)

وعنه علیه السلام: «أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبيّ الأُمّي إليّ: إنّ الأُمّة ستغدر بك من بعدي » (6)

عن عبد الله بن الغنوي : إن علياً لخطب بالرحبة، فقال: «أيها الناس ! إنكم قد أبيتم إلا أن أقولها وربّ السماء والأرض إن من عهد النبي الأمي إلي: أن

ص: 27


1- المناقب : 272/1.
2- خ . ل : تنشرح.
3- الغيبة للنعماني : 94 ( طبعة أخرى: 143) وعنه في بحار الأنوار: 71/28.
4- الخصال : 262 ، وعنه في بحار الأنوار: 209/28 کامل بهائي : 315/1.
5- شرح نهج البلاغة : 45/6.
6- تجد الرواية - مع اختلاف يسير - في الإرشاد : 284/1 - 285؛ وعيون الأخبار: 67؛ والمناقب : 216/3؛ والجمل : 123 - 171؛ وإرشاد القلوب : 383؛ والاحتجاج : 75 ، 190؛ وإعلام الورى : 33؛ والطرائف : 427؛ ، ونهج الحق : 330؛ وكنز الفوائد : 175/2؛ والغارات : 335؛ واليقين : 337؛ وتقريب المعارف: 150؛ والشافي : 225/3 - 226؛ وتلخيص الشافي : 50/3 - 51؛ ورواه عن جمع منهم في بحار الأنوار: 41/28، 50،45، 65، 75، 191، 375 و 453/29 - 444. ومن العامة : ما ذكره الحاكم المستدرك : 140/3، 142: والبداية والنهاية : 244/6 و 360/7 کنز العمال: /297/11، 617؛ مجمع الزوائد : 137/9؛ مختصر تاریخ دمشق : 44/18 - 45. وراجع إحقاق الحق : 325/7 - 330؛ والغدير : 173/7 عن غير واحد من أعلام العامة وحكموا بصحتها.

الأُمّة ستغدر بك بعدي.

قال ابن أبي الحديد وقد روى أكثر أهل الحديث هذا الخبر بهذا اللفظ أو بقريب منه . (1)

وفي رواية: «.. وأما التي أخافها عليك فغدرة (2) قريش بك بعدي يا علي». (3)

فاصبر .. وكف يدك

وقال أمير المؤمنين علیه السلام: لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد صلى الله عليه و آله أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضّلته، ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم... وأما الثامنة والعشرون: فإنّ رسول الله صلى الله عليه و آله قال : «إنّ الله تبارك وتعالى وعدني فيك وعداً لن يخلفه : جعلني نبيا وجعلك وصيّاً، وستلقى من أُمتي من بعدي ما لقي موسى من فرعون، فاصبر واحتسب حتى تلقاني فأوالي من والاك وأعادي من عاداك .. » . (4)

وقال علیه السلام: « يا بن قيس !... أخبرني رسول الله صلى الله عليه و آله بما الأمة صانعة بعده، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم ولا أشدّ استيقاناً مني به قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله صلى الله عليه و آله أشدّ يقيناً مني بما عاينت و شهدت فقلت یا رسول الله ! فما تعهد إليّ إذا كان ذلك ؟ قال : «إن وجدت أعواناً فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك ، حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعواناً » ..

« وأخبرني أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري » ..

وأخبرني أني منه بمنزلة هارون من موسى ، وأن الأمة سيصيرون بعده بمنزلة

ص: 28


1- شرح نهج البلاغة : 107/4.
2- خ . ل : فغدر.
3- المناقب : 3 / 262 ، وعنه في بحار الأنوار: 76/39، الخصال : 415 ، وعنه في بحار الأنوار: 29/40، 35؛ أقول : راجع أيضاً : بحار الأنوار: 37/28 - 85 ، الباب الثاني.
4- الخصال : 575/2 ، وعنه في بحار الأنوار: 432/31 - 437.

هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه، إذ قال له موسى علیه السلام: ﴿ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * ألا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلحْيَنِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) (1) وإنما يعني : أن موسى : أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلّوا فوجد أعواناً أن يجاهدهم، وإن لم يجد أعواناً أن يكفّ يده ويحقن دمه ولا يفرّق بينهم وإني خشيت أن يقول ذلك أخي رسول الله صلى الله عليه و آله: لِمَ فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك أنك إن لم تجد، أعواناً أن تكفّ يدك وتحقن دمك ودم أهلك وشيعتك ؟ ! فلما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه، وأنا مشغول برسول الله بغسله ...» (2)

وقال رسول الله صلى الله عليه و آله: «يا أخي ! أنت ستبقى بعدي وستلقى من قريش عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم وقاتل من شدة من خالفك تظاهرهم بمن وافقك، وإن لم تجد أعواناً فاصبر وكفّ يدك ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك بمنزلة هارون من موسى.. ولك بهارون أُسوة حسنة إذا استضعفه قومه وكادوا مني يقتلونه ، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه» .

«يا علي ! إن الله تبارك وتعالى قد قضي الفرقة والاختلاف على هذه الأُمة، ولو شاء الله الجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ، ولا ينازع في شى من ،أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله، ولو شاء لعجّل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار، ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُوا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنى )، (3) فقال علي علیه السلام: « الحمد لله؛ شكراً على نعمائه وصبراً على بلائه » . (4)

ص: 29


1- طه (20) : 2 - 4.
2- كتاب سليم : 129 (الطبعة المحققة : 2 / 664- 665 الحديث الثاني عشر)؛ وعنه في بحار الأنوار: 467/29؛ مستدرك الوسائل : 11 / 75.
3- النجم (31) : 53.
4- كمال الدين : 264؛ ارشاد القلوب : 420؛ ولاحظ كتاب سلیم : 907،568/2؛ الحديث الأول والحديث الحادي والستون (الطبعة المحققة )؛ الغيبة للشيخ الطوسي : 193؛ الاحتجاج : 1 / 157؛ الفضائل : 145؛ إرشاد القلوب : 2 / 420؛ بحار الأنوار : 28 / 54، و 462،437/29، و 1/40، مستدرك الوسائل : 74/11.

وروى جابر ، عن أبي جعفر، عن أبيه علیها السلام: « قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي علیه السلام: «كيف بك -يا علي!- إذ ولوها من بعدي فلاناً ؟ »، قال : «هذا سيق أحول بينهم وبينها»، قال النبی صلى الله عليه و آله: «أو تكون صابراً محتسباً فهو خير لك منها»، قال على علیه السلام: «فإذا كان خيراً لي فأصبر وأحتسب» (1)

وقال أحمد بن همام: أتيت عبادة بن الصامت في ولاية أبي بكر فقلت يا أبا عمارة كان الناس على تفضيل أبي بكر قبل أن يستخلف ؟ فقال : يا أبا ثعلبة ! إذا سكتنا عنكم فاسكتوا ولا تبحثوا فو الله لعلي بن أبي طالب علیه السلام كان أحق بالخلافة من أبي بكر كما كان رسول الله صلى الله عليه و آله أحق بالنبوة من أبي جهل!! قال: وأزيدك إنا كنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه و آله فجاء على علیه السلام وأبو بكر وعمر إلى باب رسول الله صلى الله عليه و آله فدخل أبوبكر، ثم دخل عمر، ثم دخل علي على إثرهما، فكأنما على إثرهما ، فكأنما سفى على وجه رسول الله صلى الله عليه و آله الرماد ثم قال: «يا علي! أيتقدمانك هذان وقد أمرك الله عليهما؟!» قال أبوبكر : نسيت يا رسول الله ! وقال عمر: سهوت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: «ما نسيتها ولا سهوتما وكأنّي بكما قد استلبتها ملكه، وتحاربتها عليه وأعانكما على ذلك أعداء الله وأعداء رسوله .. وكأنّي بكما قد تركتا المهاجرين والأنصار بعضهم يضرب وجوه بعض بالسيف على الدنيا .. ولكأنّي بأهل بيتي وهم المقهورون المتشتتون في أقطارها .. وذلك لأمر قد قضي.. »، ثم بكى رسول الله صلى الله عليه و آله حتى سالت دموعه ثم قال : « يا علي الصبر.. الصبر.. حتى ينزل الأمر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنّ لك من الأجر في كلّ يوم ما لا يحصيه كاتباك، فإذا أمكنك الأمر فالسيف .. السيف.. فالقتل .. القتل .. حتى يفيئوا إلى أمر الله وأمر رسوله، فإنك على الحق ومن ناواك على الباطل، وكذلك ذريتك من بعدك إلى يوم القيامة ». (2)

ص: 30


1- المناقب : 3 / 203؛ بحار الأنوار: 24 / 228 و 69/28 تأويل الآيات : 419؛ شواهد التنزيل : 1/ 565.
2- الاحتجاج : 1 / 196؛ بحار الأنوار: 425/29.

الرسول صلی الله علیه و آله يهيّئ أهل بيته لتلقى الظلامة والاضطهاد

لقد كانت السيدة الزكية فاطمة الزهراء علیها السلام تعلم ما يجري عليها وعلى بعلها.. كيف لا ؟! وقد أخذ الله عهدهم على تلك المصائب في عالم الأظلة والأشباح (1) ولعلّ إليه أشار مولانا أبو جعفر علیه السلام بقوله: « السلام عليك يا ممتحنة؛ امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك به صابرة .. » . (2)

وأخبر الله تعالى نبيه صلی الله علیه و آله ليلة المعراج بما يجري عليه وعلى أهل بيته علیهم السلام، وأخبر النبي صلی الله علیه و آله أهل البيت علیهم السلام .. بل وسائر الناس مراراً في مجالس شتى، بل وأخذ العهد منهم - على الصبر - بمحضر من الملائكة المقربين علیهم السلام بأمر الله تعالى قبل وفاته، ولذا ترى السيّدة فاطمة علیها السلام خائفة عمّا يجري عليها بعد أبيها مترقبة ، فتبكي وتقول : «يا أبة! أخشى الضيعة بعدك .. » (3) وإليك ما أخبر النبي صلی الله علیه و آله بوقوعه :

دخول الذلّ بيت سيّدة نساء العالمين!!

قال رسول الله صلی الله علیه و آله: « وأما ابنتي فاطمة ؛ فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسيّة ..

وإنّي لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها. وانتهكت حرمتها، وغُصبت حقها، ومُنعت إرثها ، وكُسرت جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي يا محمداه ! فلا تجاب.. وتستغيث فلا تغاث .

ص: 31


1- انظر: ما رواه الخصيبي في ذلك و يأتي في صفحة 260.
2- التهذيب : 9/6؛ جمال الاسبوع : 32؛ مصباح المتهجد : 711؛ المزار: 178؛ المزار الكبير : 79.
3- کتاب سليم : 69 - 70 (الطبعة المحققة : 2/ 565 الحديث الأول)؛ كمال الدين : 263؛ كفاية الأثر : 63، 124؛ كشف الغمة : 153/1 و 4820468/2 (بأسانيد عديدة)؛ كشف اليقين : 269 - 270 (عن الدار قطني)؛ الصراط المستقيم : 119/2؛ مجمع الزوائد : 253/8 و 165/9؛ ذخائر العقبي : 135 - 136.

فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة وتتددر فراقي أخرى.. وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن .. ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة .. فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران، فتقول:

يا فاطمة! إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا فاطمة اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين.

..ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض فيبعث الله عزّ وجلّ إليها مريم بنت عمران عرضها وتؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: يا ربّ إنى سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي... فيلحقها الله عزّ وجل بي، فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة .. فأقول عند ذلك:

اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلها، وخلّد في تارك من جنبيها حتى ألقت ولدها .. فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.. » . (1)

أنا حرب لمن حاربك

وعنه صلی الله علیه و آله: « أشكو إلى الله جحود أُمتي لأخي وتظاهرهم عليه ، وظلمهم له، وأخذهم حقه».

قال : فقلنا له: يا رسول الله ! ويكون ذلك ؟! قال: «نعم، يقتل مظلوماً، من بعد أن يملأ غيظاً ويوجد عند ذلك صابراً».

قال : فلما سمعت ذلك فاطمة أقبلت حتى دخلت وراء الحجاب وهي باكية فقال لها رسول الله صلى الله عليه و آله: «ما يبكيك يا بنيّة ؟ » قالت: «سمعتك تقول في ابن عمي وولدي ما تقول .. » قال : « وأنت تُظلمين.. وعن حقك تدفعين.. وأنت أوّل أهل بيتي

ص: 32


1- أمالى الشيخ الصدوق : 114 - 113 (ط بیروت : 100)؛ المحتضر : 109؛ إرشاد القلوب : 296 - 295؛ بشارة . المصطفى ع الله : 198 - 199؛ الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي : 10 - 9؛ بحار الأنوار : 172/43 و 38/28؛ العوالم : 391/11؛ ورواه من أهل السنّة الجويني (المتوفى 730) في فرائد السمطين : 35/2(ط المحمودي).

لحوقاً بي بعد أربعين يا فاطمة ! أنا سلم لمن سالمك وحرب لمن حاربك .. أستودعك الله وجبرئيل وصالح المؤمنين».

قال - سلمان وهو راوي الحديث -: قلت: يا رسول الله ! من صالح المؤمنين ؟

قال: «علي بن أبي طالب» (1)

بكاء النبي صلی الله علیه و آله للطم خدّ فاطمة علیها السلام

عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال: « بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه و آله ، إذ التفت إلينا فبكى

فقلت : ما يبكيك يا رسول الله ؟!

فقال : أبكي مما يصنع بكم بعدي

فقلت : وما ذاك يا رسول الله ؟!

قال : أبكي من ضربتك على القرن ، ولطم فاطمة خدّها، وطعنة الحسن في الفخذ والسم الذي يسقى، وقتل الحسين ..

قال : فبكى أهل البيت جميعاً، فقلت: يا رسول الله ما خلقنا ربنا إلّا للبلاء ؟! قال ابشر يا على ! - فإن الله عزّ وجل قد عهد إلى : إنه لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق » (2)

قال ابن عباس : لما رجعنا من حجة الوداع جلسنا رسول الله صلى الله عليه و آله في مع مسجده ، قال : « .. أيها الناس! الله الله في عترتي وأهل بيتي، فإنّ فاطمة بضعة منّي ! وولديها عضداي، وأنا وبعلها كالضوء .. اللهم ارحم من رحمهم هم، ولا تغفر لمن ظلمهم .... ثم دمعت عيناه ، قال : « وكأني أنظر الحال» . (3)

ص: 33


1- اليقين : 488؛ وعنه في بحار الأنوار : 264/36؛ العوالم : 393/11.
2- أمالي الشيخ الصدوق : 134؛ المناقب : 209/2؛ بحار الأنوار: 209/27، و 51/28، و 149/44.
3- الأنوار: 143/23 عن الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي، ولم نجده في المطبوع منه، وهو موجود في مخطوطة المكتبة الرضوية المقدسة في ضمن الحديث الخامس عشر.

اوّل من يُحكم فيه يوم القيامة

عن أبي عبد الله علیه السلام، قال : « لما أُسري بالنبي صلى الله عليه و آله: قيل له: إن الله مختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك ..؟ قال: أسلّم لأمرك يا ربّ! ولا قوة لي على الصبر إلا بك .. إلى أن قال:

« وأما الثالثة ؛ فما يلق أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك ؛ فيلقى من أُمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجهد والظلم .. وآخر ذلك القتل.

فقال: يا ربّ سلّمت وقبلت ، ومنك التوفيق والصبر.

وأما ابنتك؛ فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصباً - الذي تجعله لها - وتُضرب وهي حامل، ويُدخل على حريمها ومنزلها بغير إذن .. ثم يمسها هوان وذل .. ثم لا تجد مانعاً، و تطرح ما في بطنها من الضرب، وتموت من ذلك الضرب.

قال : ( إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ (1) قبلت يا ربّ وسلمت، ومنك التوفيق والصبر ... » ثم قال:

« وأما ابنتك : فإني أوقفها عند عرشي فيقال لها : إنّ الله قد حكمك في خلقه ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت.. فإني أجيز حكومتك فيهم، فتشهد العرصة ؛ فإذا أوقف من ظلمها أمرت به إلى النار .. » إلى أن قال:

« وأوّل من يحكّم فيه محسن بن علي علیه السلام في قاتله، ثم في قنفذ، فيؤتيان هو وصاحبه، فيُضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رماداً، فيُضربان بها .. » (2)

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر علیه السلام، قال: سمعت جابر بن عبد الأنصاري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: « إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق

ص: 34


1- البقرة (2) : 156.
2- كامل الزيارات : 334 - 332؛ تأويل الأيات: 838؛ الجواهر السنية : 289 - 291؛ بحار الأنوار : 64/28 - 61؛ العوالم : 398/11.

الجنة ... فتسير حتى تحاذي عرش ربّها جلّ جلاله ، فتزج (1) بنفسها عن ناقتها وتقول: « إلهي وسيدي! احكم بيني وبين من ظلمني .. اللهم احكم بيني وبين من قتل ولدي .. » فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: يا حبيبتي وابنة حبيبي! سليني تعطي ، واشفعي تشفّعي، فوعزتي وجلالي لا جازني ظلم ظالم .. » (2)

شكوى النبي صلی الله علیه و آله من ظالمي فاطمة علیها السلام

روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت فاطمة علیها السلام على رسول الله صلى الله عليه و آله -وهو في سكرات الموت- فانكبّت عليه تبكي، ففتح عينه وأفاق ثم قال:

« يا بنيّة ! أنت المظلومة بعدي.. وأنت المستضعفة بعدي.. فمن آذاك فقد آذاني غاظك فقد غاظني، ومن سرّك فقد سرني ، ومن برّك فقد برني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلنى ، ومن قطعك فقد قطعنى، ومن أنصفك فقد انصفني، ومن ظلمك فقد ظلمنى؛ لأنك مني وأنا منك، وأنت بضعة مني، وروحي التي بين جنبي ».

ثم قال صلى الله عليه و آله: « إلى الله أشكو ظالميك من أُمتى».

ثم دخل الحسن والحسين علیهم السلام فانكبا على رسول الله صلى الله عليه و آله وهما يبكيان ويقولان : « أنفسنا لنفسك الفداء يا رسول الله !»، فذهب علي علیه السلام لينحيهما عنه، فرفع رأسه إليه ، ثم قال: « دعهما - يا أخي! - يشماني وأشتمها .. ويتزوّدان مني وأتزوّد منهما، فإنهما مقتولان بعدي ظلماً و ظلماً وعدواناً .. فلعنة الله على من يقتلهما»، ثم قال: «يا علي ! أنت المظلوم ،بعدي وأنا ، وأنا خصم لمن لمن أنت خصمه يوم القيامة » . (3)

وفي رواية أُخرى، عن أبي جعفر الباقر عن آبائه بعد قوله صلى الله عليه و آله وأتزوّد منهما :

ص: 35


1- خ ل : فتنزخ: خ . ل : فتنزل.
2- بشارة المصطفى عل الله : 18، روضة الواعظين : 148/1، الفضائل : 10، المناقب : 326/3 الأمالي للصدوق: 10، 17 (المجلس الخامس) عن الأخير فى بحار الأنوار 219/43.
3- كشف الغمة : 497/1، وعنه في بحار الأنوار: 77/28؛ العوالم : 397/11.

« .. فسيلقيان من بعدي زلزالاً، وأمراً عضالاً، فلعن الله من يخيفهما .. (1) اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين». (2)

صبر أهل البيت علیهم السلام لقضاء الله تعالى

روي عن عيسى بن داود النجار، عن موسى بن جعفر، عن أبيه علیهم السلام، قال:

« جمع رسول الله صلى الله عليه و آله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وأغلق عليهم الباب، وقال: يا أهلي ويا أهل الله ! إنّ الله عزّ وجلّ يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول : إن الله عزّ وجلّ يقول : إنّي قد جعلتُ عدوّكم لكم فتنة فما تقولون؟ قالوا: نصبر - يا رسول الله ! - لأمر الله وما نزل------ قضائه حتى نقدم على الله عزّ وجلّ ونستكمل جزيل ثوابه فقد سمعناه يَعِدُ الص-------- الخير كله .. فبكى رسول الله صلى الله عليه و آله له حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه-------- ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ) (3).. ».

تظلم فاطمة علیها السلام ولا يعينها أحد!!

روى الشيخ المفيد عن الشيخ الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن ادريس، عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن عبد الله بن العباس ، قال : لما حضرت رسول الله صلى الله عليه و آله الوفاة بكى حتى دموعه لحيته، فقيل : يا رسول الله ! ما يبكيك ؟!

فقال: «أبكي لذرّيتي وما تصنع بهم شرار أُمتي من بعدي.. كأني بفاطمة بنتي وقد ظلمت بعدي - وهي تنادي : يا أبتاه! يا أبتاه!.. فلا يعينها أحد من أمتي ».

فسمعت ذلك فاطمة علیها السلام فبكت ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و آله: « لا تبكين يا بنية ! »،

ص: 36


1- خ . ل : يحيفهما.
2- كشف الغمة : 410/1؛ أمالي الشيخ الطوسي : 300، وعنه في بحار الأنوار : 501/22 (مع اختلاف يسير).
3- تفسير الماهيار، عنه تأويل الآيات 368، وعنه في بحار الأنوار: 81/28؛ والآية في سورة الفرقان (25) : 20.

فقالت: «لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ، ولكني أبكي لفراقك يا رسول الله » ، فقال لها: « ابشري - يا بنت محمد! - بسرعة اللحاق بي، فإنك أوّل من يلحق بي من أهل بيتي ». (1)

عن موسى بن جعفر ، عن أبيه علیه السلام، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله: .. يا علي ! ما أنت صانع لو قد تأمّر القوم عليك بعدي ، وتقدّموا عليك، وبعث إليك طاغيتُهم يدعوك إلى البيعة ثم لبّبت بثوبك تقاد كما يقاد الشارد من الإبل .. مذموماً، مخذولاً، محزوناً، مهموماً.. وبعد ذلك ينزل بهذه - أي بفاطمة - الذل ؟! ».

قال: فلما سمعت فاطمة ما قال رسول الله صلى الله عليه و آله صرخت وبكت فبكى ، رسول الله صلى الله عليه و آله لبكائها، وقال : « يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك الملائكة، من هذا جبرئيل بكى لبكائك وميكائيل وصاحب سرّ الله إسرافيل يا بنية ! لا تبكين فقد بكت السماوات والأرض لبكائك » (2)

بكاء بيت الرسالة وجبرئيل علیه السلام لما سيحدث

عن موسى بن جعفر عن أبيه علیهما السلام قال: «لما كانت الليلة التي قبض النبي صلى الله عليه و آله في صبيحتها، دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام وأغلق عليه وعليهم الباب .. ».

قال علي علیه السلام: « فما لبثت أن نادتني فاطمة علیها السلام فدخلت على النبي صلى الله عليه و آله -وهو يجود بنفسه - فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه، فقال لي: « ما يبكيك يا على ! ؟ ليس هذا أوان البكاء... فقد حان الفراق بيني وبينك فأستودعك الله يا أخى ! فقد اختارني ربّي ما عنده .. وإنّما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي، فقد أجمع القوم على ظلمكم ، وقد استودعكم الله وقَبِلَكُم مني وديعة يا علي إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك،

ص: 37


1- أمالي الشيخ الطوسي : 191/1؛ بحار الأنوار: 41/28؛ العوالم : 392/11.
2- كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد، عنه مصباح الأنوار: 271، الطرف : 42 - 43 وعنه في بحار الأنوار: 492/22؛ وروى قطعة منه الصراط المستقيم : 94/2.

فأنفذها فهي الصادقة الصدوقة .. »

ثم ضمها إليه وقبل رأسها وقال : فداك أبوك يا فاطمة!...» فعلا صوتها بالبكاء، ثم ضمّها إليه وقال: «أما والله لينتقمنّ الله ربّي، وليغضبن لغضبك، فالويل ، ثم الويل، ثم الويل للظالمين .. ثم بكى رسول الله صلى الله عليه و آله.

قال علي علیه السلام: « فوالله لقد حسبت بضعة مني قد ذهبت لبكائه، حتى هملت عيناه مثل المطر حتى بلت دموعه لحيته وملاءة كانت عليه وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها ورأسه على صدري وأنا مسنده والحسن والحسين يقبلان قدميه ويبكيان بأعلى أصواتهما ...».

قال علي علیه السلام: «فلو قلت أن جبرئيل في البيت لصدقت.. لأني كنت أسمع بكاء ونغمة لا أعرفها، وكنت أعلم أنها أصوات الملائكة لا أشك فيها ، لأن جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي الله الله ، ولقد رأيت بكاءً منها أحسب أن السموات والأرضين قد بكت لها ».

ثم قال لها : « يا بنية! الله خليفتي عليكم وهو خير خليفة ، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة والسموات والأرضون وما فيهما ». (1)

وقال صلى الله عليه و آله: « يا فاطمة والذي بعثني بالحق لأقومَنّ بخصومة أعدائك، وليندمن قوم أخذوا حقك ، وقطعوا مودّتك، وكذبوا على ، وليختلجنَّ دوني فأقول أمتي أمتي، فيقال : إنهم بدلوا وصاروا إلى السعير » . (2)

ويل لمن أحرق بابها!

وبالإسناد عنه صلى الله عليه و آله، أنه قال لأمير المؤمنين علیه السلام: « أنفذ لما أمرتك به فاطمة... فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل علیه السلام.. واعلم - يا علي ! - إني راضٍ عمّن رضيت عنه

ص: 38


1- كتاب الوصية ، عنه مصباح الأنوار : 275 - 276؛ الطرف : 38 - 41، وعنه في بحار الأنوار : 490/22؛ وروى قطعة منه في الصراط المستقيم : 93/2.
2- الطرف : 40 - 41، وعنه في بحار الأنوار: 491/22 - 492.

ابنتى فاطمة، وكذلك ربي وملائكته.

يا علي! ويل لمن ظلمها!.. وويل لمن ابتزها حقه!... وويل لمن هتك حرمتها!.. وويل لمن أحرق بابها!.. وويل لمن آذى خليلها!.. وويل لمن شاقها وبارزها!..

اللهم إني منهم بريء وهم مني براء».

ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه و آله .. وضم فاطمة إليه والحسن والحسين علیهم السلام، وقال: « اللّهمّ إنّي لهم ولمن شايعهم ،سلم، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة، وعدوّ وحرب لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم، زعيم بأنهم يدخلون النار، ثم - والله - يا فاطمة لا أرضى حتى ترضي .. ثم لا والله لا أرضى حتى ترضي .. ثم لا والله لا أرضى حتى ترضى ...» (1)

عن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله : « يا سلمان ! من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي، ومن أبغضها فهو في النار...

يا سلمان! حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن .. (2) أيسر تلك المواطن الموت، والقبر والميزان والمحشر والصراط، والمحاسبة ، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه فاطمة غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه . يا سلمان ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين علياً علیهم السلام ويظلم ذريتها وشيعتها!.. » . (3)

وقال رسول الله صلى الله عليه و آله: « .. يا ابنتي ! لقد أخبرني جبرئيل عن الله عزّ وجلّ أنك أوّل من يلحقني (4) و من أهل بيتي فالويل كلّه لمن ظلمك .. والفوز العظيم

ص: 39


1- كتاب الوصية، عنه مصباح الأنوار: 268 - 269؛ الطرف : 30 وعنه في بحار الأنوار : 85/22: وروى قطعة منه الصراط المستقيم : 92/2 - 93.
2- خ ل : مائة موطن.
3- انظر فرائد السمطين : 67/2؛ مقتل الحسين ع للخوارزمي : 100؛ مأة منقبة لابن شاذان : 116 ( طبعة أُخرى : 126) ، وعنه في بحار الأنوار : 116/27؛ إرشاد القلوب : 294/2.
4- خ . ل : تلحقني.

لمن نصرك ..» (1)

صعق أمير المؤمنين علیه السلام لانتهاك حرمه

في رواية مولانا الإمام الكاظم، عن أبيه الإمام الصادق علیها السلام - عند ذكر الوصية المختومة التي نزل بها جبرئيل مع أمناء الله تعالى من الملائكة علیهم السلام والأمر بإخراج كل من عند النبي صلی الله و علیه و آله غير أمير المؤمنين علیه السلام، وفاطمة علیها السلام في ما بين الستر والباب ...

قال النبي صلی الله و علیه و آله: «إنّ جبرئيل وميكائيل في ما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك، فقال: نعم ليشهدوا وأنا - بأبي أنت وأمي - اشهدهم... فأشهدهم رسول الله صلی الله و علیه و آله .. وكان في ما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل علیه السلام في ما أمر الله عزّ وجلّ أن قال له:

يا علي! تفي بما فيها ... على الصبر منك ، وعلى كظم الغيظ ، وعلى ذهاب حقي (2) وغصب خمسك ، وانتهاك حرمتك ..»

فقال: «نعم، يا رسول الله !».

فقال أمير المؤمنين: « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لقد سمعت جبرئيل علیه السلام يقول للنبي صلی الله و علیه و آله: يا محمّد عرّفه أنَّه ينتهك (3) الحرمة - وهي حرمة الله وحرمة رسول الله -، وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط » .

قال أمير المؤمنين علیه السلام: « فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل، حتى سقطت على وجهي وقلت : نعم ، قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة، وعطلت السنن، ومزّق الكتاب، وهدمت الكعبة، وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط .. صابراً محتسباً أبداً حتى أقدم عليك» . (4)

ص: 40


1- تفسیر فرات الكوفي : 446؛ وعنه في بحار الأنوار : 227/43.
2- خ . ل : حقك ، وهو الظاهر.
3- كذا ، والظاهر : تنتهك ، أي : تستحل ، راجع : مجمع البحرين (نهك ).
4- من عرف سيرة أمير المؤمنين الله وحالاته يعلم أنه لا يخاف من الموت والقتل ، كيف وهو المقدام في كل كريهة وشدّة . أليس هو القائل : والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بندي أمه ؟ فتغير حاله الله إنما يكون لأجل هتك حرمته وهي حرمة الله ورسوله صلی الله و علیه و آله

ثم دعا رسول الله صلی الله و علیه و آله فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين فقالوا مثل قوله .. فختمت الوصية .

فقلت : أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين علیه السلام ؟!

فقال: «نعم - والله ! شيئاً.. شيئاً وحرفاً .. حرفاً، أما سمعت قول الله عزّ وجل: ( وإِن نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾. (1)

والله لقد قال رسول الله صلی الله و علیه و آله لأمير المؤمنين وفاطمة علیهما السلام: أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه ؟ فقالا : بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا » . (2)

لعن الله قاتلى فاطمة عليها السلام

عن عبد الله بن عباس - في حديث - أنه قال رسول الله صلی الله و علیه و آله لعلي علیه السلام: « يا أخي ! إن قريشا ستظاهر عليكم وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك ..»، ثم أقبل على ابنته، فقال: «إنك أوّل من يلحقني من أهل بيتي وأنت سيدة نساء أهل الجنّة ، وسترين بعدي ظلماً وغيظاً حتى تُضربي ويُكسر ضلع من أضلاعك .. لعن الله ،قاتلك ولعن الله الآمر والراضي والمعين والمظاهر عليك... وظالم بعلك وابنيك ..» . (3)

تلحق فاطمة علیها السلام بالنبي صلی الله علیه و آله مظلومة مغصوبة

وفي رواية أبي ذر؛ قال رسول الله صلی الله و علیه و آله:

« ...يا فاطمة لا تبكي فداك أبوك ... فأنت أوّل من تلحقين بي مظلومة

ص: 41


1- يس (36) : 12.
2- الكافي : 281/1، بحار الأنوار : 479/22؛ قريب منه كتاب الوصية، وعنه في مصباح الأنوار: 267 - 268؛ 479/22 الطرف : 22 - 24؛ والقسم الأخير منه ص 28 - 29، وروى قطعة منه في الصراط المستقيم : 91/2 - 92 والمسعودي في اثبات الوصية : 124 - 125.
3- کتاب سليم : 907/2 الحديث الحادي والستون ( الطبعة المحققة ).

مغصوبة ، وسوف تظهر بعدي حسيكة النفاق، ويسمل جلباب الدين، وأنت أوّل من يرد علي الحوض ..» . (1)

مظلومية أهل البيت علیهم السلام

وقال صلی الله و علیه و آله - قبل وفاته - مخاطباً أهل بيته علیهم السلام: «أما إنكم المقهورون والمستضعفون بعدي » . (2)

فاطمة علیها السلام تخشى من الضيعة

عن عمار قال : لما حضر رسول الله صلی الله و علیه و آله الوفاة دعا بعلي علیه السلام فساره طويلاً، ثم قال: « يا علي ! أنت وصبي ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وغُصبتَ على حقك .. فبكت فاطمة وبكى الحسن والحسين ، فقال لفاطمة : « يا سيدة النسوان ! مم بكاؤك ؟!».

قالت: «يا أبة ؛ أخشى الضيعة بعدك».

قال: « ابشري يا فاطمة فإنك أوّل من يلحقني من أهل بيتي لا تبكي ولا تحزني فإنك سيدة نساء أهل الجنة، وأباك سيد الأنبياء، وابن عمك خير الأوصياء، وابناك سيدا شباب أهل الجنة، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمة التسعة مطهرون معصومون ، ومنها مهدى هذه الأمة » . (3)

ص: 42


1- كفاية الأثر: 36، وعنه في بحار الأنوار : 288/36؛ العوالم : 446/11.
2- دعائم الإسلام : 225/1؛ معاني الأخبار : 79؛ عيون أخبار الرضاء : 61/2؛ كفاية الأثر : 118؛ الارشاد : 184/1؛ أمالي الشيخ المفيد : 212 و 351؛ إعلام الورى : 135؛ أمالي الشيخ الطوسي : 122/1؛ الفصول ) المختارة : 253؛ الصراط المستقيم : 153/2؛ الكشكول للسيد حيدر الأملي : 72؛ بحار الأنوار: 7040/28 ومن أعلام العامة : الطبقات لابن سعد : 278/8؛ مسند أحمد : 339/6، أنساب الأشراف : 224/2 (ط دار الفكر) : شواهد التنزيل : 559,555,551/1؛ مجمع الزوائد : 34/9؛ الخصائص الكبرى : 135/2 كنز العمال : 177/1... وغيرهم.
3- كفاية الأثر : 124 وعنه في بحار الأنوار : 536/22.

وفي رواية جابر بن عبد الله - بعد قولها : أخشى الضيعة من بعدك - .

قال: «يا حبيبتي لا تبكين... وقد سألت ربي عزّ وجلّ أن تكوني أوّل من إ يلحقني من أهل بيتي ألا إنك بضعة منّي ، فمن آذاك فقد آذاني .. »

ثم قال جابر - بعد ذكر عيادة الشيخين لها -: فرفعت يديها إلى السماء وقالت: «اللهم إنّي أُشهدك أنها قد أذياني وغصبا حقي ..» ثم أعرضت عنهما فلم تكلمها بعد ذلك (1)

إخبار جبرئيل علیه السلام عن كسر ضلع فاطمة علیها السلام

قال العلامة المجلسي: أقول: وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي، نقلاً من خط الشهيد - رفع الله درجته - نقلا من مصباح الشيخ أبي منصور - طاب ثراه - قال: روي انه دخل النبي صلی الله علیه و آله يوماً إلى فاطمة علیها السلام فهيأت له طعاماً فهيّأت له طعاماً من تمر وقرص وسمن ، فاجتمعوا على الأكل هو وعلى وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام، فلما أكلوا .. سجد رسول الله صلی الله علیه و آله وأطال سجوده، ثم بكى، ثم ضحك، ثم جلس وكان أجراهم في الكلام على علیه السلام، فقال :

« يا رسول الله ! رأينا منك اليوم ما لم نره قبل ذلك ؟! »

فقال صلی الله علیه و آله: « إني لما أكلت معكم فرحت وسررت بسلامتكم واجتماعكم فسجدت لله تعالى شكراً ، فهبط جبرئيل يقول: سجدت شكراً لفرحك بأهلك ؟ فقلت: نعم.

فقال: ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك؟ فقلت : بلى يا أخي! يا جبرئيل!.

فقال: أما ابنتك؛ فهي أوّل أهلك لحاقاً بك.. بعد أن تظلم، ويؤخذ حقها، وتمنع إرثها ، ويظلم بعلها، ويكسر ضلعها .

وأما ابن عمّك ؛ فيظلم، ويمنع حقه، ويقتل.

ص: 43


1- كفاية الأثر : 63 - 62 وعنه في بحار الأنوار: 307/36.

وأما الحسن؛ فإنه يظلم، ويمنع حقه، ويقتل بالسم .

وأما الحسين ؛ فإنه يظلم، ويمنع حقه، وتقتل عترته، وتطؤه الخيول، وين----- رحله و تسبی نساؤه و ذراريه ويدفن مرملاً بدمه ، ويدفنه الغرباء» (1)

وقريب منها ما رواه ابن أبي جمهور الاحسائي مختصراً . (2)

ص: 44


1- بحار الأنوار: 44/101؛ مستدرك الوسائل 275/10.
2- عوالى التالي : 199/1.

الفصل الثاني : الانقلاب على الأعقاب

اشارة

الانقلاب على الأعقاب

ص: 45

ص: 46

ارتدوا على أدبارهم!

قالت السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام: « الئِنْ مات رسول الله صلى الله عليه و آله أمتُّم دينه ؟!!... تلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته وأنبأكم بها قبل وفاته ، فقال: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ » (1)

وقال مولانا أمير المؤمنين علیه السلام: حتى إذا قبض الله رسوله رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل واتكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذى أمروا بمودّته ، ونقلوا البناء عن ربِّ أساسه، فبنوه في غير موضعه . معادن كل خطيئة، وأبواب كلّ ضارب في غمرة، قد ماروا في الحيرة، وذهلوا في السكرة ، على سنّة من آل فرعون.. من منقطع إلى الدنيا راكن، أو مفارق للدين مباين» . (2)

ودلّتنا النصوص المتواترة - بين الفريقين - إلى هذا الانقلاب الذي أشير إليه فى القرآن، وصرّحت به الأحاديث ، وقام عليه الوجدان .. وإليك بعضها:

خطب رسول الله صلى الله عليه و آله فقال : «يا أيها النّاس ! إنكم محشورون إلى الله عُراةً حفاة

ص: 47


1- شرح نهج البلاغة 212/16، والآية الشريفة في سورة آل عمران (3) : 144.
2- نهج البلاغة : 65، خطبة : 150؛ شرح نهج البلاغة : 132/9؛ بحار الأنوار: 616/29.

عزلاً (1) ثم تلا: ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) » (2)

ثم قال: «ألا وإنّ أوّل الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، وإنه يجاء برجال من امتى فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول : يا ربّ أصحابي !.. فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح: ﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (3) فيقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم » . (4)

وقال صلى الله عليه و آله: «أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنّ إلي رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأنا ولهم اختلجوا ،دوني، فأقول: أي ربّ أصحابي !... فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ». (5)

وقال صلى الله عليه و آله: «ليردنّ على الحوض رجال ممن صاحبني، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلى اختلجوا ،دوني ، فلأقولنّ : أي ربّ أصحابي أصحابي ! فليقالن لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ».

وفي بعض الروايات: «فأقول سحقاً لمن بدل بعدي » . (6)

وقال صلى الله عليه و آله: « أنا فرطكم على الحوض مَنْ مَرّ علي شرب ، ومَنْ شرب لم يظمأ أبداً، وليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم، فأقول : فإنّهم منّي، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي » . (7)

ص: 48


1- أي جرداً لا شعر لهم، وفي بعضها غرلاً وهو جمع الأغزل... أي الأغلف.
2- الأنبياء (21) : 104.
3- المائدة (5): 117.
4- راجع : سنن النسائي : 117/4؛ مسند أحمد : 235/1 ، 253؛ صحيح البخاري : 110/4، 142 - 143 و 191/5 - 192، 240 و 195/7؛ صحیح مسلم : 157/8؛ سنن الترمذي : 38/4 و 4/5؛ كنز العمال : 358/14؛ البداية والنهاية : 116/2؛ الدر المنثور : 349/2 وغيرها.
5- صحيح البخاري: 87/8.
6- صحيح مسلم : 70/70-71.
7- صحيح البخاري: 207/7 - 208 و 87/8؛ صحیح مسلم : 66/7.

وقال صلى الله عليه و آله: « يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي».

أو قال: «من أُمّتي» فَيُحلُّون (1) عن الحوض، فأقول: يا ربّ أصحابي ! فيقول: لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى » . (2)

قال صلى الله عليه و آله: «بينا أنا قائم [ على الحوض ] إذا زمرة .. حتى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال لهم: هلم قلت إلى أين ؟ قال : إلى النار والله فقلت : وما شأنهم ؟! قال : إنّهم قد ارتدوا على أدبارهم القهقرى ..

ثم إذا زمرة أخرى؛ حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال لهم: هلم، فقلت: إلى أين؟! قال: إلى النار ،والله قلت ما شأنهم ؟ قال: إنّهم قد ارتدوا على أدبارهم... فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم » . (3)

وقال صلى الله عليه و آله: « ترد على أُمتي الحوض وأنا أذود الناس كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله ... وليصدنّ عنّي طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا ربّ هؤلاء من أصحابي .. فيجيئني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟!» (4)

وقال صلى الله عليه و آله: «إنّي على الحوض أنتظر من يرد عليّ منكم ليقتطعنّ دوني رجالاً ، فلأقولَنَّ: أي ربّ منّي ومن أمتي، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم» . (5)

وقال صلى الله عليه و آله: « إنِّي على الحوض أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس دوني فأقول يا ربّ! منّي ومن أُمّتي.. ».

وفي رواية: فأقول: « أصحابي!.. فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم». (6)

ص: 49


1- أي: يُمنعون من وروده.
2- صحيح البخاري : 208/7.
3- صحيح البخاري : 208/7.
4- صحیح مسلم : 149/1 - 150.
5- صحيح مسلم : 66/7.
6- صحيح البخاري : 209/7؛ صحيح مسلم : 66/7؛ وراجع أيضاً : مسند أحمد: 257/1 و 18/3. 39، 384 و 121/6؛ صحيح مسلم : 68/7؛ صحيح البخاري : 206/7 - 210 و 86/8؛ سنن ابن ماجه: 1440/2؛ المستدرك : 447/2 و 4/4 - 75 مجمع الزوائد : 85/3 و 364/10 - 365؛ كنز العمال: 387/1 و 543/4 و 132/11 و 176 - 177 و 417/14 - 419 و 434.

وقال صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع: لا ألفينّكم ترجعون بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض » . (1)

قال أُبي بن كعب : كنا مع النبي صلى الله عليه و آله وإنما وجهنا ،واحد، فلما قبض نظرنا هكذا .. وهكذا . (2)

وقال أنس: ما نفضنا عن النبي صلى الله عليه و آله الأيدي - إنا لفي دفنه - حتى أنكرنا قلوبنا. (3) وعن أبي وائل ؛ عن حذيفة ، قال : قلت : يا أبا عبدالله ! النفاق اليوم أكثر أم على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله؟ قال : فضرب بيده على جبهته ، وقال : أوه وهو اليوم ظاهر إنهم كانوا يستخفونه على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله. (4)

ثم إن الله عزّ وجلّ قال: ﴿ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ

ص: 50


1- هذه الرواية متكرّرة في كتب الفريقين، بل عقد كل من صحيح البخاري والترمذي وابن ماجه في كتاب الفتن ومسلم في كتاب الايمان لها باباً وتجدها في الصحاح الستة وغيرها من الكتب المعتبرة عند القوم في موارد كثيرة جداً مع اختلاف يسير : « ويلكم [خ. ل : ويحكم] لا ترجعن [خ ل : لا ترجعوا] بعدي كفاراً [خ. ل. :ضلالاً ] يضرب بعضكم رقاب بعض». وفي رواية للنسائي : «لا أُلفينكم بعدما أرى ترجعون بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض .. ». لاحظ : سنن النسائي : 12677 - 128؛ مسند أحمد : 230/1، 402 و 85/2 104،87 و 351/4، 358، 366 و 4439/5 - 45 و 45 68 73؛ سنن الدارمي : 69/2؛ صحيح البخاري: 38/1 و 191/2 - 192 و 12/5 و 23/12 و 1112/27 و 16/8، 36 ، 91؛ صحیح مسلم : 58/1 و 108/5؛ سنن ابن ماجه : 2/ 1300، سنن أبي داود : 409/2؛ سنن الترمذي : 329/3؛ سنن البيهقي : 140/5 و 92/6 97 و 20/8؛ المستدرك: 191/1.
2- ابن ماجه ونعيم بن حماد في الفتن ، عنهما جامع الأحاديث: 524/17.
3- مسند أبي يعلى الموصلي : 51/6.
4- البحر الزخار المعروف ب: مسند البزاز: 303/7 - 304 (طبقة المدينة) وراجع : صحيح البخاري : 100/8؛ كنز العمال: 367/1. أقول: لاحظ أيضاً ما سنورده من الروايات في الجواب على إنكار نسبة الهجوم إلى الصحابة في أول الفصل السادس.

مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) (1).

وفى هذا ما يستدلّ به على أنّ الأصحاب قد اختلفوا من بعد النبي صلى الله عليه و آله؛ فمنهم من ،آمن ومنهم من كفر ؛ لاتفاق الفريقين على أنّ رسول الله صلى الله عليه و آله قال: «والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة». وقال صلى الله عليه و آله: «كلّ ما كان في الأمم السالفة فإنّه يكون في هذه الأمة مثله، حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة » (2)

والعجب مما رواه ابن عساكر، عن ابن عباس ، قال : كنت عند النبي صلى الله عليه و آله - وعنده أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية - إذ أقبل علي فقال النبي لمعاوية: «أتحبّ علياً ؟ قال : نعم . قال : ( إنها ستكون بينكم هنيهة». قال معاوية فما بعد ذلك ي-ا رسول الله .. ؟! قال : عفو الله ورضوانه !... قال : رضينا بقضاء الله ورضوانه ... فعند ذلك نزلت هذه الآية : ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ !!. (3)

ولا نشك في أنهم حرّفوا الرواية عن وجهها - إن كانت - إذ صرح في هذه الآية الشريفة بكفر ، بعضهم ، فكيف يشمل الجميع عفو الله ورضوانه ؟ ! مع أن الرواية تسند الذنب في القتال إلى القضاء الإلهي ! وهي إنما تتم على مبناهم الجبري ! وعقيدتهم في الصحابة وتنزيههم للمنافقين والكافرين !...

التنصيص على إمامة أمير المؤمنين علیه السلام

كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصرّح بخلافة أمير المؤمنين له وإمامته - بأمر من الله تعالى -

ص: 51


1- البقرة (2) : 253.
2- رواهما كثير من العامة راجع مسند أحمد : 527/2، و 125/4؛ صحيح البخاري: 144/4 ط دار الفكر المستدرك: 37/1، 129 ط دار المعرفة) : النهاية لابن الأثير : 357/10 كنز العمال: 211/1 و 253/11؛ شرح نهج البلاغة : 286/9. وتجد الروايتين في كثير من مصادرنا ، بل حكم بصحتهما في إعلام الورى : 476؛ وكشف الغمة : 545/22؛ ومختصر بصائر الدرجات: 205؛ وتأويل الآيات: 402؛ والصوارم المهرقة : 195.
3- الدر المنثور : 322/1.

طيلة حياته، (1) ومن اليوم الذي دعا أقاربه إلى الإسلام، (2) وفي السنة العاشرة من الهجرة أمر الله ورسوله الله صلى الله عليه و آله أن يحج بالناس، فحجّ معه جمع كثير من المسلمين في تلك السنة.

فلما دخل مكة وأقام بها يوماً واحداً هبط جبرئيل علیه السلام بأول سورة العنكبوت، فقال: «يا محمد اقرأ : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ ما يَحْكُمُونَ ) . (3)

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: يا جبرئيل ! وما هذه الفتنة ؟!» فقال : يا محمد ! إن الله يقرئك السلام، ويقول : إنّي ما أرسلت نبيّاً إلا أمرته عند انقضاء أجله أن يستخلف على أمته من بعده من يقوم مقامه، ويحيي لهم سنّته وأحكامه، وهو يأمرك أن تنصب لأمتك من بعدك علي بن أبي طالب علیه السلام وتعهد إليه ، فهو الخليفة القائم برعينك وأُمتك إن أطاعوا وإن عصوه... وسيفعلون ذلك، وهي الفتنة التي تلوت الآي فيها ، وإنّ الله عزّ وجلّ يأمرك أن تعلمه جميع ما علمك وتستحفظه جميع ما حفظك واستودعك

ص: 52


1- يعرف كل عاقل أن النبى الله يستحيل أن يترك أمته سدى، ويهمل أمرهم بعده ولم يدبر لهم تدبيراً صحيحاً. يمتعهم عن الاختلاف في الدين والدنيا ، فإنه لو لم يكن نبياً وكان سلطاناً عاقلاً لم يرض بذلك في رعيته ، فكيف وهو رئيس العقلاء ؟! أفترضى أن تقول : إنه أهمل أمر الأمة حتى ينجر الأمر إلى ما وقع في السقيفة وغيرها من الاختلافات، وتشعبت فرق كثيرة يكفّر بعضهم بعضاً، ويحارب بعضهم بعضاً، وتهراق دماء آلاف من المسلمين في طلب الخلافة .. إلى وقائع كثيرة تراها حتى اليوم ؟! أكان أبو بكر أعرف بأمر الأمة حيث عرف لزوم تعيين الخليفة، ولكن النبى الله صلى الله عليه و آله لم يعرف؟! نعم لا سبيل إلى هذا التوهم أبداً . وأما نصه على خلافة أمير المؤمنين، وأنه الوصي، وولي كل مؤمن ومؤمنة. بعد ... وغير ذلك، فوردت فيها روايات متواترة بين الفريقين، ودلالتها واضحة بيّنة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد راجع : الغدير، إحقاق الحق وملحقاته، عبقات الأنوار وغيرها.
2- كما ورد في ذيل الآية الشريفة (وَأَنذِرْ عَشِير تك الأقربين) [الشعراء (26) : 214] ورواه غير واحد من أهل السنة وحكموا بصحتها، راجع : الغدير : 278/2 - 284.
3- العنكبوت (29) 1-4.

فإنّه الأمين المؤتمن ، يا محمد ! إنّي اخترتك من عبادي نبياً واخترته لك وصيّاً».

وكان من عزم رسول الله صلى الله عليه و آله أن يقيم عليا علیه السلام وينصبه للناس بالمدينة، فنزل جبرئيل فقرأ عليه: ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلَّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) . (1)

فنزل بغدير خم وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة، ونعى إلى الأمة نفسه، وقال: «قد دعيت ويوشك أن أجيب، وقد حان منّى خفوق من بين أظهركم، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنّها لن يفترقا حتى يردا على الحوض » . (2)

ودعا عليا علیه السلام و رفع رسول الله صلى الله عليه و آله يد علي علیه السلام اليسرى بيده اليمنى ورفع صوته بالولاء لعلي على الناس أجمعين، وفرض طاعته عليهم ، وأمرهم أن لا يتخلّفوا عليه بعده، وخبّرهم أن ذلك عن أمر الله عزّ وجلّ . (3)

ثم نادى بأعلى صوته: «ألستُ أولى بكم منكم بأنفسكم .. ؟ قالوا : اللهم بلى، فقال لهم - على النسق من غير فصل وقد أخذ بضبعي أمير المؤمنين علیه السلام فرفعها حتى بان بياض إبطيها : فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره، واخذل من خذله»، ثم نزل صلى الله عليه و آله وكان وقت الظهيرة فصلى ركعتين، ثمّ زالت الشمس فأذن مؤذنه لصلاة الظهر فصلى بهم الظهر وجلس علیه السلام في خيمته ، وأمر عليّاً علیه السلام أن يجلس في خيمة له بإزائه، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً .. فيهنّئوه بالمقام ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين .. ففعل الناس ذلك كلّهم .. ثم أمر أزواجه وسائر نساء المؤمنين معه أن يدخلن عليه ويسلّمن عليه بإمرة المؤمنين .. ففعلن، وكان في من أطنب في تهنيته بالمقام عمر بن الخطاب وأظهر له

ص: 53


1- إرشاد القلوب : 328 - 331؛ وعنه في بحار الأنوار: 95/28 - 98. والآية في سورة المائدة (5) : 67.
2- اتفق الكل على نقل حديث الثقلين، راجع : عبقات الأنوار، الغدير، إحقاق الحق .. وغيرها.
3- إرشاد القلوب : 331؛ وعنه في بحار الأنوار: 98/28.

من المسرة به، وقال في ما قال : بخ بخ لك يا علي ! أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ! (1)

الصحيفة الملعونة

واجتمع قوم من المنافقين وتحالفوا وتعاقدوا على أن لا يطيعوا رسول الله صلی الله علیه و آله في ما عرض عليهم من ولاية علي علیه السلام، بعده ، فلما رجعوا من الحج ودخلوا المدينة كتبوا صحيفة بينهم، وكان أوّل ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب علیه السلام وأنّ الأمر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم ليس بخارج منهم ، (2) وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلاً أصحاب العقبة وعشرون رجلاً آخر، واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة ابن الجراح وجعلوه أمينهم عليها.

قال حذيفة: حدثتني أسماء بنت عميس الختعيمة - امرأة أبي بكر -: إن القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك - وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يدبرونه في ذلك - حتى اجتمع رأيهم على ذلك، فأمروا سعيد بن العاص الأموي فكتب هو الصحيفة باتفاق منهم .

وأهمّ ما فيها : هذا ما اتفق عليه الملأ من أصحاب محمد [صلی الله علیه و آله] من المهاجرين والأنصار بعد أن أجهدوا في رأيهم، وتشاوروا في أمرهم نظراً منهم إلى الإسلام وأهله، ليقتدي بهم من يأتي بعدهم.

إنّ الله لما أكمل دينه قبض النبي صلی الله علیه و آله إليه من غير أن يستخلف أحداً وجعل الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيه ونصحه لهم، والذي يجب

ص: 54


1- الإرشاد : 175/10 - 177؛ وعنه في بحار الأنوار : 388387/21.
2- أقول: وهذا هو السر في ما قاله عمر قبل وفاته : لو كان أبو عبيدة حيّاً استخلفته ... لو كان سالم حياً استخلفته وفي بعض المصادر ذكر معاذ بن جبل أيضاً، راجع: مسند أحمد: 18/1؛ الإمامة والسياسة : 28/1 تاريخ الطيري : 277/4؛ الكامل لابن الأثير : 65/3؛ المستدرك للحاكم : 268/3؛ تاريخ الإسلام للذهبي : 56/3 و 172؛ شرح نهج البلاغة : 190/1 و 265/16؛ كنز العمال: 738/5 و 1675/12 و 21/5/13 - 216؛ العقد الفريد : 274/4؛ جامع الأحاديث : 369/13، 373، 379، 382، 399.. وغيرها .

على المسلمين عند مضيّ خليفة من الخلفاء أن يجتمع ذوو الرأي والصلاح فيتشاوروا في أمورهم، فمن رأوه مستحقاً للخلافة ولوه أُمورهم.

فإن ادّعى مدّع أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله استخلف رجلاً بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه فقد أبطل في قوله وأتى بخلاف ما يعرفه أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله.

ولا يكون قربى النبي صلی الله علیه و آله سبب استحقاق الخلافة والإمامة؛ لأنّ الله يقول: ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (1)

فمن كره ما ذكر وفارق جماعة المسلمين فاقتلوه كائناً من كان !!..

ثم دفعت الصحيفة إلى أبي عبيدة بن الجراح ليوجّه بها إلى مكة . (2)

ثم انصرفوا.. وصلى رسول الله صلی الله علیه و آله بالناس صلاة الفجر، ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس ، فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجراح، فقال له : « بخ بخ من مثلك وقد أصبحت أمين هذه الأمة ! » ثم تلا: « ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) » . (3)

« لقد أشبه هؤلاء رجال في هذه الأمة ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) ». (4)

ثمّ قال: «لقد أصبح في هذه الأمة في يومي هذا قوم ضاهوهم في صحيفتهم التي كتبوها علينا في الجاهلية وعلّقوها في الكعبة، وإنّ الله تعالى يمتعهم ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم تفرقة بين الخبيث والطيب، ولولا أنه سبحانه أمرني بالإعراض عنهم للأمر الذي هو بالغه لقدّمتهم فضربت أعناقهم » .

ص: 55


1- الحجرات (49) : 13.
2- فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلى أوان عمر بن الخطاب، فاستخرجها من موضعها، وهي الصحيفة التي أشار إليها أمير المؤمنين الله لما توفي عمر ، فوقف به وهو مسجى بثوبه ، فقال : «ما أحب إلي أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى!.. ».
3- البقرة (2): 79.
4- النساء (4) : 108.

قال حذيفة: فوالله لقد رأينا هؤلاء النفر - عند قول رسول الله صلی الله علیه و آله هذه المقالة - وقد أخذتهم الرعدة فما يملك أحد منهم نفسه شيئاً، ولم يخف على أحد ممن حضر مجلس رسول الله صلی الله علیه و آله ذلك اليوم أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله إياهم عنى بقوله .. ولهم ضرب تلك الأمثال . (1)

أقول : وإلى هذا أشار أبي بن كعب في كلمته المشهورة : ألا هلك أهل العقدة والله ما أسى عليهم إنّما أسى على من يضلّون . (2)

ويظهر من سائر الروايات أنهم تعاقدوا قبل ذلك أيضاً في الكعبة في عدد يسير ؛ وهم عمر ، وأبو بكر ، وأبو عبيدة، وسالم ، ومعاذ بن جبل، وعبد الرحمن بن عوف،

ص: 56


1- إرشاد القلوب : 333 - 336 وعنه في بحار الأنوار: 101/28-106.
2- سنن النسائي : 88/2؛ مسند أحمد : 140/5؛ المستدرك للحاكم : 226/2 (وأشار إليها في 305/3)؛ الطبقات الكبرى لابن سعد : 3 ق :61/2 حلية الأولياء : 252/1؛ شرح نهج البلاغة : 24/20؛ النهاية لابن الأثير : 270/3 .. وغيرها. ورواها من الإمامية : الإيضاح: 378؛ المسترشد : 28 - 29؛ الفصول المختارة : 90 وعنه في بحار الأنوار 296/10؛ الصراط المستقيم : 154/3 و 257.. وعنه في بحار الأنوار: 122/28 ثم إنك تجد في غير واحد من المصادر التصريح أو الإشارة إلى تعاهد القوم على صرف الأمر من بني هاشم إلى أنفسهم، وفي كثير منها أشير إلى الصحيفة، راجع : كتاب سليم : 86 87، 11892 - 119، 164 - 165، 92، 118 ۔ 2016 - 226 (الطبعة المحققة : 154/22 - 155، 162 - 163، 203 - 206،204، 269، 272، 347 - 348 الأحاديث الرابع والحادي عشر والتاسع عشر والعشرين والسابع والثلاثين )؛ تفسير العياشي : 274/1 - 275 و 200/2، المسترشد : 413؛ الكافي : 391/1، 420 - 421 و 545/4 و 179/8 180، 33، 379؛ تفسير القمي: 142/1 ، 173 ، 175 ، 301 و 289/2، 308، 356 ، 358؛ الاستغاثة : 171 - 172؛ الخصال: 171؛ معاني الأخبار : 412؛ أمالي الشيخ المفيد : 112 - 113؛ المسائل العكبرية : 77 - 78؛ الفصول المختارة : 90 : تقريب المعارف : 227 ، 367، المناقب : 212/3 - 213؛ بشارة المصطفى صلی الله علیه و آله: 197؛ الاحتجاج: 62 ( في ضمن خطبة الغدير) 84 - 150086 - 151 شرح نهج البلاغة : 37/2، 60 ( عن الشيعة) و 29/20؛ الاقبال: 445 458 : اليقين : 355 إرشاد القلوب : 332، 336، 341، 391 - 392؛ الصراط ، المستقيم : 290/1 و 94/2 - 300،95، 118/3 ، 150، 153 - 154؛ مختصر البصائر : 30 المقنع للسد آبادي : 11558؛ التحصين : 537 - 538؛ مثالب النواصب : 92-96 (الخطية) : تأويل الآيات : 139، 0214 5390532، 554، 646؛ بحار الأنوار: 546/22 ، و 85/28، الباب الثالث، 280 ، و 125،122,12/30 ، 1 - 13، 162، 216,194، 264 - 265 ، 271 ، 405 و 416/31 - 4190417 و 75/5.

والمغيرة بن شعبة .. (1)

أقول : ويدلّك على تعاقد القوم وتدبيرهم في أمر الخلافة من قبل أمور:

الأول: إحالة كل واحد من أبي بكر وعمر وأبي عبيدة أمر الخلافة إلى الآخر وعرض البيعة عليه، من دون مشاورة سائر الناس، فهل يكون اتفاق هؤلاء الثلاثة وبعض من عاونهم إجماع المسلمين ؟!

وهل كانوا وكلاء المسلمين في انتخاب الخليفة ؟!

وهل يكون اعتبار الشورى مختصاً بتشاور هؤلاء ؟!

الثاني: إنكار عمر وفاة النبي الله قبل مجيء أبي بكر لإغفال الناس عن أمر

الخلافة، فما زال يتكلّم ويتوعد المنافقين - بزعمه - حتى از بد شدقاه !! (2) وسكوته بعد مجيء أبي بكر .

وفي رواية : وجلس عمر حين رأى أبا بكر مقبلاً إليه، (3) بل في غير واحد من المصادر أنه دعا إلى بيعة أبي بكر عقيب ذلك من دون فصل . (4)

الثالث : مسارعة أبي بكر إلى الكلام عقيب ذكر وفاة النبي صلی الله علیه و آله و ترشيحه نفسه لأمر الخلافة، وفي رواية أنه قال: ألا وإن محمداً عل الله قد مضى لسبيله ، ولابد لهذا الأمر من قائم يقوم به، فدبّروا وانظروا وهاتوا ما عندكم رحمكم الله . (5)

الرابع: مواضع من كلام عمر حين حكاية قضايا السقيفة، مثل قوله هيأت كلاماً .. أو وكنت قد زوّرت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها .. وفي بعض الروايات :

ص: 57


1- راجع : الكافي : 179/82 - 180 ، 334؛ وكذا : الصراط المستقيم : 153/3.
2- تاريخ الخميس : 167/2؛ جامع الأحاديث الكبير : 260/13.
3- كما رواه الهندي في كنز العمال: 245/7.
4- الطبقات لابن سعد : 2 / ق :54/2؛ مسند أحمد : 220/6؛ أنساب الأشراف: 238/2 : السيرة لابن كثير : - 480/4؛ تاريخ الإسلام للذهبي : 564/1؛ نهاية الارب : 387/18؛ مجمع الزوائد : 32/9؛ کنز العمال: 22/7؛ جامع الأحاديث : 16/13؛ وغيرها.
5- كتاب الردة للواقدي : 31 الفتوح لأحمد بن أعثم: 4/1؛ المواقف للإيجي ، مع شرح الجرجاني : 575/3.

ارید آن اقدمها بين يدي أبى بكر .. (1)

فإنّها تدلّ على توطئتهم مسبقاً في أمر الخلافة، وتدبيرهم لها ، نعم لتلبيس الأمر على الناس يقول عمر : والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته .

أو قولته المشهورة: كانت بيعة أبي بكر فلتة .

وقد صرّح عثمان - في أوّل مرّة صعد المنبر - بأنّ أبا بكر وعمر بأن أبا بكر وعمر كانا يهيّئان أنفسهما للخلافة ؛ قال الجاحظ وغيره : إنّ عثمان صعد المنبر فارتج عليه .. فقال : إنّ أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالاً.. سأتيكم الخطبة على وجهها !! (2)

الخامس: إنّ عمر هو الذي كان يحثّ أبا بكر أن يصعد المنبر ، فلم يزل به حتى صعد المنبر، (3) وفي رواية أنس : لقد رأيت عمر يزعج أبا بكر إلى المنبر إزعاجاً .. (4) ثم تراه يصعد المنبر ويتكلّم قبل أبي بكر ويدعو الناس إلى مبايعته، (5) بل صرّح أبو بكر بذلك حينما قال لعمر : أنت كلفتني هذا الأمر (6)

السادس: تولّى عمر جميع الأمور زمن خلافة أبي بكر ، قال ابن عبد ربه : وكان على أمره كلّه وعلى القضاء عمر بن الخطاب . (7)

بل خالفه في غير واحد من القضايا، فلم يجترئ أبو بكر أن يدافع عن نفسه ويردّ حكم عمر ، فلما قيل له: أنت الخليفة أم عمر ؟!

أجاب: بل عمر .. ولكنّه أبى!!

ص: 58


1- مسند أحمد : 56/10؛ صحيح البخاري: 194/4 و 27/8؛ الطبقات لابن سعد : 2 /ق 55/2؛ السنن الكبرى 194/4 55/2 للبيهقي : 142/8؛ العقد الفريد : 258/4 (ط مصر) : البداية والنهاية : 266/5؛ كنز العمال: 645/5.
2- أنساب الأشراف: 131/6 ( ط دار الفكر )؛ البيان والتبين للجاحظ : 345/1 ( ط دار الفكر )؛ شرح نهج البلاغة : 13/13؛ بحار الأنوار: 245/31.
3- صحيح البخاري : 126/8؛ سيرة ابن كثير : 492/4؛ البداية والنهاية : 268/5.
4- المغازي للواقدي : 135؛ الآحاد والمثاني : 77/1؛ المصنف لعبد الرزاق : 438/5.
5- البداية والنهاية : 268/5؛ كنز العمال: 600/5 - 601.
6- جامع الأحاديث : 100/13.
7- العقد الفريد : 255/4.

وفى رواية : بل هو إن شاء .

وفي اخرى : بل هو ولو شاء كان .

وفى غيرها : الأمير عمر غير أنّ الطاعة لى !!

أو : إنا لانجيز إلا ما أجازه عمر . (1)

السابع : ولعلّه أهمها ما قاله عمر قبل وفاته : لو كان أبو عبيدة حيّاً استخلفته !.. لو كان سالم حيّاً استخلفته !.. وفي بعض المصادر ذكر معاذ بن جبل ! (2)

جيش أسامة

ثم عقد النبي صلی الله علیه و آله الإمرة لأسامة بن زيد بن حارثة قبل وفاته، وأمره.. وندبه أن يخرج بجمهور الأمة إلى حيث أُصيب أبوه من بلاد الروم، واجتمع رأيه على إخراج جماعة من مقدّمى المهاجرين والأنصار في معسكره حتى لا يبقى في المدينة عند وفاته من يختلف في الرئاسة، ويطمع في التقدّم على الناس بالإمارة، ويستتب الأمر لمن استخلفه من بعده ولا ينازعه في حقه منازع . (3)

فجمع أولئك النفر - أي أصحاب الصحيفة - ومن مالأهم على علي علیه السلام وطابقهم على عدواته، ومن كان من الطلقاء والمنافقين - وكانوا زهاء أربعة آلاف رجل - فجعلهم تحت يدي أسامة بن زيد مولاه وأمره عليهم . (4) وقد نص على أن فيهم أبي بكر وعمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، و.. . (5)

ص: 59


1- راجع: کنز العمال: 315/1 و 914/3 و 5820546/12 - 583؛ جامع الأحاديث: 153،60/13 ، وقريب منه في : 175/13، 273.
2- تقدمت مصادره قريبا.
3- الإرشاد : 1/ 180 - 181؛ وعنه في بحار الأنوار: 466/22.
4- إرشاد القلوب : 337 وعنه في بحار الأنوار: 107/28. وراجع - أيضاً - كلام أمير المؤمنين في الخصال: 371، وعنه في بحار الأنوار : 206/28.
5- شرح نهج البلاغة : 159/1 - 160 و 196/19052/6 - 183/17.83/12017 ( عن كثير من المحدثين) : البداية والنهاية : 335/6؛ الطبقات لابن سعد : 2 ق 136/1 و 2 / 22 / 41 و 4 / ق 46/1 - 47؛ تهذيب الكمال : 340/2؛ الكامل لابن الأثير : 317/2؛ تاريخ الخميس : 154/2؛ وفيات الأعيان : 374/8؛ جامع الأحاديث: 211/1؛ فتح الباري : 115/8 (أواخر كتاب المغازي)؛ تاريخ اليعقوبي : 76/2 - 77 و 113؛ السيرة الحلبية : 207/3 (بيروت)؛ عيون الأثر : 352/2؛ نهاية الإرب: 370/17 و 46/19؛ تاريخ مدينة دمشق : 46/8؛ (ترجمة أسامة) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) 714؛ أنساب الأشراف: 115/2. من طرف الأخبار ما ذكره اليعقوبي في المقام من أن أبا بكر بعد أن استولى على الخلافة ، وأراد تنفيذ جيش أُسامة، سأل أسامة أن يترك له عمر يستعين به على أمره ، فقال : ما تقول في نفسك ؟! فقال : يابن أخي ! فعل الناس ما ترى ، فدع لي عمر وأنفذ لوجهك ! انظر؛ تاريخ اليعقوبي : 127/2.

وجد صلی الله علیه و آله في إخراجهم [بل] وأمر أسامة بالبروز عن المدينة بمعسكره إلى الجرف، وحثّ الناس على الخروج إليه والمسير وحذرهم من التلوم والإبطاء عنه .. فبينا هو في ذلك إذ عرضت له الشكاة التي توفّي فيها ، فلا أحسّ بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب الله واتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع فقال:

« السلام عليكم أهل القبور .. ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس... أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع آخرها أولها !... » ثم استغفر لأهل البقيع طويلاً . (1)

أقول : لنا أن نتساءل من أعلام أهل الخلاف الذين دوّنوا هذه الرواية في كتبهم، ما هذه الفتن التي أقبلت .. يتبع آخرها أولها ؟! أليست إشارة إلى ما صنعه أصحاب السقيفة ؟ أليست هى مسألة الحلاقة الكبرى والإمامة العظمى.. التى لا تصيين الذين ظلموا خاصة ؟ ! بلى ، وكانوا هم السبب لوقوع جميع الفتن التي حدثت وتوالت بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله إلى يومنا هذا يومنا هذا وبعد هذا اليوم ..اليوم.. يتبع آخرها أوّلها.

أنه قد خلا أبو بكر وعمرو أبو عبيدة بأسامة وجماعة من أصحابه وكانوا في الطريق - فقالوا: إلى أين تنطلق ونخلي المدينة، ونحن أحوج ما كنا إليها وإلى المقام

ص: 60


1- انظر - مثلاً - الإرشاد: 181/1؛ وعنه في بحار الأنوار: 467/22 - 468. وراجع أيضاً : سنن الدارمي : 36/1 - 37؛ تاريخ الطبري: 188/3؛ مسند أحمد : 488/3 - 489؛ شرح نهج البلاغة : /13/10؛ البداية والنهاية : 243/5 - 244؛ الكامل لابن الأثير : 318/2؛ الطبقات لابن سعد : 2 / ق 10/2؛ البدء والتاريخ : 5675؛ أنساب الأشراف : 214/2؛ تاريخ الإسلام للذهبي : 545/1؛ نهاية الارب : 362/18) المنتظم : 14/4 - 15؛ تاريخ الخميس : 2 / 161؛ مجمع الزوائد : 24/9 کنز العمال: 262/12.. وغيرها

بها ؟! فقال لهم أسامة : وما ذلك ؟ قالوا : إنّ رسول الله قد نزل به الموت، والله لئن خلّينا المدينة لتحدثنّ بها أُمور لا يمكن إصلاحها، ننظر ما يكون من أمر رسول الله له ثم المسير بين أيدينا فرجع القوم إلى المعسكر الأوّل ، وأقاموا به وبعثوا رسولاً يتعرّف لهم أمر رسول الله صلی الله علیه و آله، فأتى الرسول إلى عائشة فسألها عن ذلك سراً، فقالت امض إلى أبي وعمر ومن معهما وقل لهما : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قد نقل فلا يبرحنّ أحد منكم ، وأنا أعلمكم بالخبر وقتاً بعد وقت.. واشتدّت علة اشتدّت علة رسول الله صلی الله علیه و آله فدعت عائشة صهيبا ، فقالت : امض إلى أبي بكر وأَعْلِمُه أنّ محمداً في حال لا يرجى.. فهلمّ إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن رأيتم أن يدخل معكم، وليكن دخولكم في الليل سرّاً .. فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلاً المدينة ورسول الله صلی الله علیه و آله قد ثقل، فأفاق بعض الإفاقة فقال صلی الله علیه و آله : « لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شرٌّ عظيم»، فقيل له : وما هو يا رسول الله ؟ فقال : «إنّ الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر يخالفون عن أمري، ألا إنّي إلى الله منهم بريء .. ويحكم ! نفّذوا جيش أسامة .. » فلم يزل يقول ذلك حتى قالها مرات كثيرة .

فلما أصبح رسول الله صلی الله علیه و آله من ليلته أذن بلال ثم أتاه يخبره كعادته فوجده قد ثقل، ومنع من الدخول إليه، فأمرت عائشة صهيباً أن يمضي إلى أبيها فيعلمه أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قد ثقل في مرضه وليس يطيق النهوض إلى المسجد وعلي بن أبي طالب علیه السلام قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس، فاخرج أنت إلى المسجد فصل بالناس، فإنّها حالة تهنئك وحجّة لك بعد اليوم.

فلم يشعر الناس - وهم في المسجد ينتظرون رسول الله صلی الله علیه و آله أو عليّاً علیه السلام يصلّي بهم: كعادته التي عرفوها في مرضه - إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله قد ثقل وقد أمرني أن أصلي بالناس !.. فقال له رجل من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله: وأنّى ذلك ! وأنت في جيش أسامة، ولا والله لا أعلم أحداً بعث إليك ولا أمرك بالصلاة !..

ثم نادى الناس بلال، فقال: على رسلكم - رحمكم الله - لأستأذن رسول الله صلی الله علیه و آله في ذلك ، ثم أسرع حتى أتى الباب فدقه دقاً شديداً، فسمعه رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: «ما

ص: 61

هذا الدقّ العنيف ؟! فانظروا ما هو ؟»، قال فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب .. فإذا بلال، قال ما وراءك يا بلال ؟ فقال : إن أبا بكر قد دخل المسجد وقد تقدّم حتى وقف في مقام رسول الله صلی الله علیه و آله، وزعم أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله أمره بذلك، فقال: أو ليس أبو بكر مع جيش أسامة ، هذا هو والله الشرّ العظيم الذي طرق البارحة المدينة ، لقد أخبرنا رسول الله صلی الله علیه و آله بذلك، ودخل الفضل وأدخل بلالاً معه ، فقال الله صلی الله علیه و آله: «ما وراءك يا بلال ؟ » .. فأخبر رسول الله الخبر، فقال: «أقيموني .. أقيموني .. اخرجوا بي إلى المسجد، والذي نفسي بيده قد نزلت بالإسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن».

ثم خرج معصوب الرأس يتهادى بين على والفضل بن العباس، ورجلاه تجرّان في الأرض حتى دخل المسجد - وأبو بكر قائم في مقام رسول الله صلی الله علیه و آله وقد أطاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا - وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي بلال ، فلما رأى الناس رسول الله صلی الله علیه و آله قد دخل المسجد - وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض - أعظموا ذلك، وتقدّم رسول الله صلی الله علیه و آله فجذب أبا بكر من ورائه فنحاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله صلی الله علیه و آله، وأقبل الناس فصلوا خلف رسول الله صلی الله علیه و آله وهو جالس، (1) فكبّر وابتدأ الصلاة التي كان ابتدأها أبو بكر، ولم يبن على ما مضى من فعاله، فلما سلّم انصرف إلى منزله ، واستدعى أبا بكر وعمر وجماعة من حضر المسجد من المسلمين

ص: 62


1- إلى هنا جاء في إرشاد القلوب : 338 - 340، وعنه في بحار الأنوار: 108/28 - 110؛ أقول : صرّح اللمعاني المعتزلي؛ أن أمير المؤمنين علیه السلام نسب إلى عائشة بأنها أرسلت إلى أبيها ليصلي بالناس والنبي الله صلی الله علیه و آله لم يعيّن للصلاة أحداً، بل قال : « ليصل بهم أحدهم». وقال اللمعاني أيضاً: إنها أرسلت إلى أبيها وأعلمته بأن رسول الله صلی الله علیه و آله يموت عن قريب ، فرجع أبو بكر عن جيش أسامة ، كما في شرح نهج البلاغة 196/9 - 199. نعم طائفة من العامة يريدون إخفاء الواقع فتارة يقولون : أقبل رسول أم أيمن فأخبر أسامة بموت النبي ، كما في عيون الأثر : 353/2، وأُخرى يقولون : أرسلت إليهم زوجة أسامة كما في تاريخ الإسلام للذهبي : 19/3 ، ويؤيد عدم تعيين الإمام للصلاة ما ذكره المقدسي (المتوفى 355) في البدء والتاريخ : 57/5 ، فإنّه قال : وإذا وجد ثقلاً قال الله : « مروا الناس فليصلوا». وكذا ذكر ذاك ابن كثير في السيرة النبوية : 459/4؛ والزهري في المغازي : 131.. وغيرهم.

ثمّ قال: «ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة ؟! فقالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «قلم تأخرتم عن أمري ؟! قال أبو بكر: إنّي كنت قد خرجت ثم رجعت لأجدّد بك عهداً، وقال عمر : يا رسول الله ! إني لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « نقذوا جيش أسامة... نفّذوا جيش أسامة ... يكرّرها ثلاث مرات ثم أُغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف، فمكث هنيئة مغمى عليه، وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده ونساء المسلمين وجميع من حضر من المسلمين . (1)

رزية يوم الخميس

وعندما أفاق رسول الله صلی الله علیه و آله ونظر إلى من كان حوله، ثم قال: « ائتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً »، ثم أُغمي عليه، فقال عمر: إنّه يهجر !! (2) لا تأتوه بشيء فإنّه قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله!.. فاختلف أهل البيت واختصموا ، فمنهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم رسول الله.. ومنهم من يقول ما قال عمر!.. فلمّا كثر اللغط والاختلاف قال رسول الله صلی الله علیه و آله: « قوموا عنّي » . (3)

ص: 63


1- الإرشاد : 183/1 - 184 وعنه في بحار الأنوار: 468/22. أقول : ذكر الطبري والمقدسي .. وغيرهما أنه صلی الله علیه و آله قال - عقيب تلك الصلاة -: « أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها.. » راجع : تاريخ الطبري : 198/3؛ البدء والتاريخ : 61/5؛ وأشار إليه النويري بقوله عقيب ذكر الصلاة : فحذر (أي النبي صلی الله علیه و آله) الناس من الفتن، نهاية الإرب: 368/18. وقال العصامي المكي : فكلّمهم رافعا صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول: « أيها الناس سعرت النار ... وأقبلت الفتن كالليل المظلم.. » . سمط النجوم العوالي : 241/2.
2- الإرشاد : 183/1 - 184 وعنه في بحار الأنوار: 468/22.
3- مسند أحمد: 293/1، 324 - 336؛ صحيح البخاري : 31/4 و 137/5 و 9/7 و 161/8؛ صحیح مسلم : 76/5؛ تاريخ الطبري : 192/3 - 193؛ المستدرك على الصحيحين : 477/3؛ شرح نهج البلاغة : 54/2 - 55 و 51/6 و 87/12؛ البداية والنهاية : 247/5 - 248؛ مجمع الزوائد : 33/9 - 34؛ كنز العمال: 644/5 و 243/7، الملل والنحل للشهرستاني: 22/1؛ الكامل لابن الأثير : 320/2؛ الطبقات لابن سعد : 2/ ق 36/2 - 38؛ البدء والتاريخ : 59/5؛ السيرة النبوية لابن كثير : 450/4 - 451؛ نهاية الأرب : 373/18 - 375؛ أنساب الأشراف: 236/2؛ تاريخ الإسلام للذهبي: 501/1 - 552، بحار الأنوار : 529/30 - 536 عن كثير من العامة.

قال بعضهم : ألا نأتيك بدواة وكتف يا رسول الله ؟ فقال: « أ بعد الذي قلتم .. ؟! لا ، ولكنّى أوصيكم بأهل بيتي خيراً »، وأعرض بوجهه عن القوم فنهضوا ، وبقي عنده العباس والفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب وأهل بيته خاصة، فقال له العبّاس : يا رسول الله إن يكن هذا الأمر فينا مستقراً من بعدك فبشرنا ، وإن كنت تعلم إنه تُغلب عليه فأوص بنا ، فقال صلی الله علیه و آله: «أنتم المستضعفون من بعدي » . (1)

فكان ابن عباس يقول : إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم .(2)

أقول: الكلام حول هذه الرزية طويل الذيل (3) ولكن لا يسعنا ترك أمور:

الأول : لا ريب في كون هذا العمل من عمر مصداقاً لمخالفة النبي صلی الله علیه و آله ومشاقة له، بل مخالفة لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى )؛ (4) وتقديماً على الله عزّ وجلّ ورسوله صلی الله علیه و آله بزعم أنه أعرف بمصالح الأمة الله ورسوله !! وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (5) وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ (6) وقال عزّ وجلّ : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) (7)

ص: 64


1- الإرشاد : 184/1 - 185، وعنه في بحار الأنوار: 468/22.
2- مسند أحمد بن حنبل : 325/1، 336؛ صحيح البخاري : 137/5 و 9/7؛ صحیح مسلم : 76/5.
3- راجع : بحار الأنوار: 529/30 وغالب الكتب الكلامية.
4- النجم (53): 3.
5- النساء (4): 115.
6- الأحزاب (33): 1.
7- الأحزاب (33): 36.

الثاني : إنّ ما اعتذر به المخالفون عن عمر (1) لا يجدي شيئاً بعد دراسة وملاحظة الرواية بأنحائها المختلفة ؛ فقد روى الطبراني بإسناده عن عمر بن الخطّاب، قال : لما مرض النبي صلی الله علیه و آله قال: «ادعوا لي بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبدا » فكرهنا ذلك أشدّ الكراهة ، ثم قال : «ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعد . أبداً . فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلی الله علیه و آله؟! فقلت : إنّكنّ صويحبات يوسف ، إذا مرض رسول الله صلی الله علیه و آله العصرتن أعينكن وإذا أصبح (2) ركبتن عنقه . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: «دعوهن فإنّهنّ خير منكم» . (3)

وروى في موضع آخر فقالت امرأة ممن حضر ويحكم ! عهد رسول الله صلی الله علیه و آله إليكم.. فقال بعض القوم: اسكتي فإنّه لا عقل لك. فقال النبي لله صلی الله علیه و آله: «أنستم لا أحلام لكم » (4)

الثالث : لنا أن نسائل عمر : لماذا لم يكن القرآن كافياً لحل معضلات الأمة حينا اختارك أبو بكر للخلافة ؟! ولماذا لم تقل إنّه يهجر، مع أنه غشي عليه أثناء كتابة عثمان الوصاية ؟! ولماذا لم تكتف بالقرآن حين جعلت الأمر شورى بين ستة من الصحابة ؟! ولماذا ..؟!

الرابع : روى الخطيب البغدادي وغيره ضمن رواية : أن عمر قال لابن عبّاس: يا عبد الله ! عليك دماء البدن إن كتمتنيها .. هل بق في نفسه [أي أمير المؤمنين علیه السلام] شيء من أمر الخلافة ؟ قلت : نعم . قال : أيزعم أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله نص عليه ؟ قلت : نعم، وأزيدك سألت أبي عما يدعيه، فقال: صدق. فقال عمر: لقد كان من رسول الله صلی الله علیه و آله في أمره ذرو (5) من قول لا يثبت حجّة ولا يقطع عذراً، ولقد كان

ص: 65


1- راجع شروح البخاري في أوائل كتاب المغازي نحو فتح الباري: 101/8 - 102.
2- كذا ، والظاهر : ( صحّ ) كما في كنز العمال.
3- المعجم الأوسط : 162/6 (ط الرياض) : وعنه في جامع الأحاديث : 263/13 (ولاحظ : 259) ونقلها في كنز العمّال : 644/5 مع حذف قول عمر : فكرهنا ذلك أشد الكراهة!
4- المعجم الكبير : 36/11 (ط دار إحياء التراث العربي).
5- الدرر من الكلام كأنه طرف من الخير كما في كتاب العين: 193/8، وفي لسان العرب : 286/14؛ وأتانا ذَرُؤ من خبر: وهو اليسير منه.

يَربَعُ (1) في أمره وقتاً ما ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطةً على الإسلام !! لا وربّ هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبداً، ولو وليه-ا لانتقضت عليه العرب من أقطارها .. فعلم رسول الله صلی الله علیه و آله أني علمت ما في نفسه فأمسك ، وأبى الله إلّا إمضاء ما حتم...

ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر في تاريخ بغداد مسنداً. (2)

أدعوا لی خلیلی

ثم حجب الناس عن النبي صلی الله علیه و آله وثقل في مرضه، وكان أمير المؤمنين علیه السلام لا يفارقه إلا لضرورة، فقام في بعض شؤونه.. فأفاق رسول الله صلی الله علیه و آله إفاقةً فافتقد عليّاً علیه السلام، فقال - وأزواجه حوله : «ادعوا لي أخي وصاحبي»، وفي بعض الروايات: «خليلي » - وعاوده الضعف، فأصمت، فقالت عائشة : ادعوا له أبا بكر .. فدعي ودخل عليه وقعد عند رأسه ، فلما فتح عينه نظر إليه فأعرض عنه بوجهه، فقام أبو بكر فقال : لو كان له إلى حاجة لأفضى بها إلي .. فلما خرج أعاد رسول ان رسول الله صلی الله علیه و آله القول ثانية، وقال: «ادعوا لي أخي وصاحبي وصاحبى»، فقالت حفصة : ادعوا له عمر! فدعى فلما حضر ورآه رسول الله صلی الله علیه و آله لا أعرض عنه ... فانصرف .

ثم قال: «ادعوا لي أخي وصاحبي»، فقالت أُمّ سلمة - رضي الله عنها -: ادعوا له عليّاً علیه السلام، إنه لا يريد غيره، فدعي أمير المؤمنين علیه السلام، فلما دنا منه أوماً إليه لها فأكبّ عليه فناجاه رسول الله صلی الله علیه و آله طويلاً ، ثم قام فجلس ناحية حتى أغفى رسول الله صلی الله علیه و آله فلما أغفى خرج فقال له النّاس ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن ؟ فقال: «علّمني ألف باب من العلم فتح لي من كلّ باب ألف باب.. وأوصاني بما

ص: 66


1- خ . ل : يزيغ.
2- انظر : شرح نهج البلاغة : 20/12 - 21 ، وعنه في بحار الأنوار: 555/30-0556 و 156/38.

أنا قائم به إن شاء الله تعالى» . (1)

ثم ثقل وحضره الموت - وأمير المؤمنين علیه السلام حاضر عنده - فلما قرب خروج نفسه قال له : «ضع - يا علي ! - رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله .. » . (2)

فقضى رسول الله صلی الله علیه و آله ويد أمير المؤمنين علیه السلام اليمنى تحت حنكه، وفاضت نفسه فيها ، فرفعها إلى وجهه فمسحه بها .. ثم وجهه.. وغمّضه.. ومدّ عليه إزاره، واشتغل بالنظر في أمره . (3)

قال أبو جعفر علیه السلام: « لما قبض رسول الله صلی الله علیه و آله بات آل محمّد صلی الله علیه و آله بأطول ليلة حتى ظنّوا أن لا سماء تظلّهم ، ولا أرض تقلّهم؛ لانّ رسول الله صلی الله علیه و آله وتر الأقربين والأبعدين في الله » . (4)

إنكار عمر وفاة النبي صلی الله علیه و آله

روى جميع أصحاب السيرة أن رسول الله صلی الله علیه و آله لما توفّي كان أبو بكر في منزله بالسُّنْح ، (5) فقال عمر بن الخطاب : ما مات رسول الله صلی الله علیه و آله ولا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله وليرجعنّ فليقطعن أيدي الرجال وأرجلهم ممن أرجف بموته.. لا أسمع رجلاً يقول مات رسول الله إلا ضربته بسيفي .. فلا يزال يتكلم ويتوعد المنافقين بزعمه - حتى از بد شدقاه (6) فجاء أبو بكر وكشف عن وجه رسول الله صلی الله علیه و آله وقال:

ص: 67


1- الإرشاد : 185/1 - 186؛ وعنه في بحار الأنوار: 470/22؛ راجع أيضاً : مسند أحمد بن حنبل : 356/1؛ المناقب للخوارزمي : 68؛ الرياض النضرة : 608؛ ذخائر العقبى : 068 72؛ مختصر تاریخ دمشق : 20/18 - 21؛ وروي عن جماعة من العامة في غير واحد من مصادرنا كما في المناقب : 236/1 - 237؛ متشابه القرآن : 43/2؛ الطرائف : 154؛ كشف الغمة : 102/1؛ إرشاد القلوب : 234؛ الصراط المستقيم : 165/3.
2- الارشاد : 185/1 - 186؛ وعنه في بحار الأنوار: 470/22.
3- الارشاد : 187/1؛ إعلام الورى : 136، وعنه في بحار الأنوار : 528/22، وراجع : الطبقات : 2 / ق 50/2 - 51.
4- الكافي : 451/1 وعنه في بحار الأنوار: 537/22.
5- موضع بعوالي المدينة كما في مجمع البحرين : 375/2.
6- جامع الأحاديث : 260/13.

بأبي وأمي طبت حياً وميتاً، والله لا يذيقك الله الموتستين أبداً، ثم خرج والناس حول عمر وهو يقول لهم : إنّه لم يمت.. ويحلف ! فقال له : أيها الحالف على رسلك ، ثم قال : من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حي لا يموت ، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ (1) وقال : ( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾ (2)

قال عمر: فوالله ما ملكت نفسي حيث سمعتها أن سقطت إلى الأرض، وعلمت أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قد مات . (3)

أقول : لقد اتفق أهل السير من العامة على نقل هذه الواقعة، ولا شك أن عمر لم يكن جاهلاً بوفاة النبي صلی الله علیه و آله واقعاً ، كيف وقد صرّح النبي صلی الله علیه و آله - لاسيما في حجّة الوداع وبعدها - بأنه يموت عن قريب فقال: «إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب» ؟! (4) كما وأن ظهور وصاياه صلی الله علیه و آله في دنو أجله مما لا يقبل الإنكار بوجه بل قد فهم عمر ذلك حين نادى : حسبنا كتاب الله ! أي نحن غير محتاجين إلى ، وصيّتك .. إذ يكفينا القرآن بعد وفاتك!..

فما هذا الإنكار واللف والدوران إلا حيلة سياسية صدرت منه أولاً وتبعه شرذمة من أصحابه ومن تواطى معه .. ولعلّها دبّرت بليل .

ويدلك على ما ذكرنا ادّعاؤهم أنهم سمعوا هذه الآية من أبي بكر لأوّل مرّة، إذ نقلوا عن عمر أنه قال : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها أي تلا قوله تعالى :

ص: 68


1- الزمر (39) : 30.
2- آل عمران (3) : 144.
3- مسند أحمد : 220/6: 196/3؛ سنن الدارمي : 39/1؛ صحيح البخاري : 194/4؛ سنن ابن ماجه : 520/1؛ تاريخ اليعقوبي : 114/2؛ شرح نهج البلاغة : 40/2 - 41؛ البداية والنهاية : 262/5 - 264؛ مجمع الزوائد : 22/9 - 38؛ الدر المنثور : 81/2 و 318/4؛ کنز العمال: 226/7 ، 232 - 235 و 243 - 247؛ الطبقات الكبرى : 2 / ق 53/2 - 57؛ البدء والتاريخ : 62/5 - 63؛ جامع الأحاديث : 260/13 - 261 وغيرها.
4- مسند أحمد 367/4؛ سنن الدارمي : 432/2؛ صحیح مسلم : 122/7؛ السنن الكبرى للبيهقي : 148/2 و 30/7 و 114/10 كنز العمال: 178/1؛ مجمع الزوائد : 164/9 وغيرها.

﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولُ ... ) ] فعقرت حتى ما تقلّني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض، وفي رواية : فعثرت وأنا قائم حتى خررت إلى الأرض، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلی الله علیه و آله قد مات !.. (1)

ونسبوا إلى ابن عباس أنه قال : والله لكأنّ الناس لم يسمعوا أن الله أنزل هذه الآية حتّى تلاها ،أبو بكر ، فتلقاها منه الناس كلهم . (2)

والحال أنّ هذه الآية نزلت يوم أحد حين فرّ عمر مع من فر - بعد أن قالوا : قتل محمد صلی الله علیه و آله (3) - فكان عمر ممن يقول بقتله هناك وينكره هنا !! بل عمر نفسه روی نزول هذه الآية الشريفة يوم أحد حينما رجع بعد فراره إلى النبي صلی الله علیه و آله . (4)

ولا يصغى بعد وضوح الحال إلى مقالة الذين يخدعون أنفسهم فيقولون: عرضت عليه هذه الحالة للدهشة التي غلبته من وفاة النبي صلی الله علیه و آله!!

ويزيدك وضوحاً أن المستفاد من روايات العامة أن هذه الحيلة تلقاها عمر من عايشة حين دخل هو والمغيرة عليها ، فقال عمر : يا عايشة ! ما لنبيّ صلی الله علیه و آله؟ قالت غشي عليه . (5)

ص: 69


1- صحيح البخاري : 143/5؛ كنز العمال : 226/7 و 234؛ جامع الأحاديث الكبير للسيوطي : 12/13-13. 17 ( عن عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والعدني والبخاري وابن حبان وأبي نعيم والبيهقي) .
2- جامع الأحاديث : 12/13 - 13.
3- شرح نهج البلاغة : 276/14؛ السيرة النبوية لابن كثير : 61/3، 68 (ط دار الفكر )؛ تفسير ابن كثير : 418/1 ( ط دار المعرفة )؛ الدر المنثور : 81/2 وتأتي بعض مصادر قراره عند البحث عن تحريف السيرة .
4- المغازي للواقدي: 295/1 شرح نهج البلاغة : 22/15 27؛ کنز العمال : 375/2 - 376؛ وراجع : جامع الأحاديث : 41/14.
5- انظر: أنساب الأشراف: 237/2 ط دار الفكر )؛ تاريخ الإسلام للذهبي : 563/1. أقول : قد صرّحت عايشة في غير هذه الرواية - أيضاً - بأنها ظنت أن النبي الله غشي عليه، وأن عمر والمغيرة لما دخلا البيت، نظر عمر إليه وقال : وأغشياه ! ما أشد غشي رسول الله صلی الله علیه و آله، فلما أراد الخروج قال المغيرة : يا عمر ! مات رسول الله صلی الله علیه و آله، فقال : كذبت بل أنت رجل تحوسك فتنة !! لاحظ : مسند أحمد: 219/6، كنز العمال : 232/7؛ مجمع الزوائد : 32/9. وفي رواية : فدخل أبوبكر ، فقال لعايشة : كيف ترين ؟ فأجابت: غشي عليه.. كما في مجمع الزوائد : 32/9. أقول : ولعلّها نسيت بأنها حدثتنا أنه لما قال الله صلی الله علیه و آله: « اللهم الرفيق الأعلى .. فهمت وفاته في حديث يطول الكلام بذكره !! راجع : من مسند أحمد : 89/1؛ صحيح البخاري : 138/5، 144 و 192/7؛ صحیح مسلم : 138/7.

نعم استعان عمر بمثل هذا كي يشغل الناس به ويذهلهم عن أمر الخلافة، فلمّا جاء أبو بكر وزال ما خاف منه أظهر عند الناس أنه كان جاهلاً بالوفاة .. ولذا صرّح في بعض الروايات أنه دعا الناس إلى بيعة أبي بكر عقيب ذلك . (1)

ومن هنا قال ابن أبي الحديد : إنّ عمر كان أجلّ قدراً من أن يعتقد ما ظهر عنه في هذه الواقعة ولكنّه لما علم أنّ رسول الله له قد مات خاف من وقوع فتنة في الإمامة وتقلب (2) أقوام عليها ، إما من الأنصار أو غيرهم... فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس بأن أظهر ما أظهره ... ومثل هذا الكلام يقع في الوهم فيصد عن كثير من العزم ! .. (3)

ترك جنازة النبي صلی الله علیه و آله

ثمّ قال أبو بكر عقيب ذلك - مخاطباً أهل البيت علیهم السلام: عندكم صاحبكم، وفي بعض النصوص : دونكم صاحبكم.. فأمرهم يغسلونه ، ثم خرج !! فاجتمع إليه المهاجرون أو من اجتمع منهم ، فقال : انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار فإنّ لهم في هذا الحق نصيباً . (4)

والعجب من القوم ؛ إذ كان اللازم عليهم رعاية حرمة النبي له بالاشتغال بتجهيزه وتدفينه وإقامة الماتم على فقده.. لا أن يشتغلوا بمؤامرات ويحوكوا الحيل - وبكل وسيلة - لغصب الخلافة .. واليك بعض الآثار في ذلك ؛ وهي كثيرة جدّاً:

ص: 70


1- مسند أحمد : 22/6؛ كنز العمال: 232/7، جامع الأحاديث : 16/13.
2- كذا في المصدر، والظاهر : ( تغلّب).
3- شرح نهج البلاغة : 42/2 - 43.
4- انظر: السنن الكبرى للبيهقي : 145/8؛ أسد الغابة : 222/3؛ مجمع الزوائد : 182/5؛ كنز العمال : 635/5؛ جامع الأحاديث : 102/13 .. وغيرها.

منها ما قال أمير المؤمنين علیه السلام: «عقدوا لأنفسهم عقداً ضجّت به أصواتهم : واختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب أو مشاركة في رأي أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي، فعلوا ذلك .. وأنا برسول الله صلی الله علیه و آله مشغول، وبتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود، فإنّه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها فكان هذا أقرح ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية وفاجع المصيبة وفقد م-ن لا خلف منه إلا الله تبارك وتعالى فصبرت عليها ». (1)

ومنها : ما قال علیه السلام في جواب القوم : « أفكنت أدع رسول الله صلی الله علیه و آله مسجى لا اواريه وأخرج أنازع سلطانه ؟! » (2)

ومنها : ما قالت السيدة فاطمة علیها السلام: « ما رأيت كاليوم قطّ .. حضروا أسوأ محضر، وتركوا نبيهم صلی الله علیه و آله جنازة بين أظهرنا ، واستبدوا بالأمر دوننا » . (3)

ومنها: ما قاله مولانا الإمام أبو جعفر علیه السلام: « فصلّوا عليه يوم الاثنين وليلة الثلاثاء حتى الصباح ويوم الثلاثاء، حتى صلّى عليه الأقرباء والخواص، ولم يحضر أهل السقيفة ، وكان علي علیه السلام أنفذ إليهم بريدة ، وإنما تمت بيعتهم بعد دفنه » . (4)

ومنها: ما قاله أبو ذؤيب الهذلي : وقدمت المدينة - ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلوا بالإحرام - فقلت : مه ؟! فقيل : قبض رسول الله صلی الله علیه و آله فجئت إلى المسجد فوجدته خالياً ، فأتيت بيت رسول الله صلی الله علیه و آله فأصبته مرتجا (5) وقد خلا به أهله، فقلت: أين النّاس ؟! فقيل لي : هم في سقيفة بني ساعدة.. . (6)

ومنها : قول عبد الله بن الحسن والله ما صليا [أي أبو بكر وعمر ] على

ص: 71


1- الخصال: 372؛ وعنه في بحار الأنوار: 207/28؛ الاختصاص: 171؛ إرشاد القلوب : 349.
2- الاحتجاج : 74؛ وراجع : الإمامة والسياسة : 19/1.
3- أمالي الشيخ المفيد : 95؛ وعنه في بحار الأنوار: 232/28؛ وراجع : الاحتجاج : 80.
4- المناقب: 239/1؛ وعنه في بحار الأنوار: 524/22 - 525.
5- يعني : مغلقاً ، قال الفيومي : أرتجت الباب إرتاجاً : أغلقته إغلاقاً وثيقاً. لاحظ المصباح المنير : 218.
6- مختصر تاريخ دمشق : 93/8. وذكرها بعضهم في ترجمة أبي ذؤيب.

رسول الله صلی الله علیه و آله، ولقد مكث ثلاثاً ما دفنوه !! إنّه شغلهم ما كانا يبرمان !.. (1)

ومنها : ما رواه ابن شيبة (المتوفى 235) عن عروة أنّه قال : إنّ أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن النبي صلی الله علیه و آله، وكانا في الأنصار [يعني سقيفة بنی ساعدة الذين هم من الأنصار] فدفن قبل أن يرجعا . (2)

وقال الأعمش : قبض نبيهم الله صلی الله علیه و آله فلم يكن لهم هم إلا أن يقولوا منا أمير ومنكم أمير!.. وما أظنّهم يفلحون . (3)

قال ابن شهاب الزهري : توفي رسول الله صلی الله علیه و آله حين زاغت الشمس يوم الاثنين، فشغل الناس عن دفنه بشبّان الأنصار فلم يدفن حتّى كانت العتمة ولم يله إلّا أقاربه، ولقد سمعت بنو غَنْم (4) صريف المساحي حين حُفر لرسول الله صلی الله علیه و آله وإنهم لفي بيوتهم !.. (5)

بل وروى الجميع عن عائشة أنها قالت والله ما علمنا بدفن النبي صلی الله علیه و آله حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الأربعاء !! (6)

وهذا هو السرّ في إرجاع عمر كعب الأحبار إلى أمير المؤمنين علیه السلام لما سأله غسل النبي صلی الله علیه و آله ودفنه، (7) إذ لم يكن حاضراً .. ولم يكن عالماً بكيفية تجهيزه صلی الله علیه و آله .

قال البلاذري : وانحاز المهاجرون إلى أبي بكر ... ورسول الله صلی الله علیه و آله في بيته لم يفرغ من أمره، فأتى آت إلى أبي بكر فقال : أدرك الناس قبل أن يتفاقم الأمر . (8)

ص: 72


1- تقريب المعارف : 251؛ وعنه في بحار الأنوار: 381/30.
2- المصنف : 568/14، کنز العمال : 652/5؛ جامع الأحاديث : 267/13.
3- تقريب المعارف : 256؛ وعنه في بحار الأنوار: 290/30.
4- حيّ من تغلب، كما في الصحاح للجوهري : 5/ 1999.
5- الطبقات لابن سعد : 22 ق 78/2-79.
6- مسند أحمد: 0242062/6 274؛ أنساب الأشراف : 244/2؛ تاريخ الطبري : 213/3 217؛ سنن البيهقي : 409/3؛ الطبقات : 2 / ق 79/2؛ تاريخ الإسلام للذهبي : 582/1؛ السيرة النبوية لابن كثير : 538/4.
7- الطبقات : 22 / 51/2؛ كنز العمال: 252/7 - 253؛ جامع الأحاديث : 15/16.
8- أنساب الأشراف: 264/2 (ط دار الفكر).

وقال: بينا المهاجرون في حجرة رسول الله صلی الله علیه و آله - وقد قبضه الله إليه، وعلي بن أبي طالب علیه السلام والعبّاس متشاغلان به - إذ جاء معن بن عدي وعويم بن ساعدة، فقالا لأبي بكر : باب فتنة إن لم يغلقه الله بك فلن يغلق أبداً .... فمضى أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح حتى جاؤوا السقيفة .. (1)

وقال : فبايع الناس أبا بكر وأتوا به المسجد يبايعونه، فسمع العباس وعلي علیه السلام التكبير في المسجد ولم يفرغوا من غسل النبي صلی الله علیه و آله!! فقال علي علیه السلام: «ما هذا؟» قال العباس : ما رئى مثل هذا قط، ما قلت لك .. (2)

وقال المقدسي : ووقع الاختلاف في الناس فانحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة سيد الخزرج واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وانحاز علي علیه السلام وطلحة والزبير في بيت فاطمة علیها السلام، وانحاز سائر المهاجرين إلى أبي بكر .. كلّ يدعي الإمارة لنفسه، فجاء المغيرة بن شعبة فقال : إن كان لكم بالناس حاجة فأدركوهم فتركوا رسول الله صلی الله علیه و آله كما هو وأغلقوا الباب ،دونه، وأسرع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح إلى سقيفة بني ساعدة . (3)

قال الشيخ المفيد رحمة الله : ولم يحضر دفن رسول الله صلی الله علیه و آله أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك.

وأصبحت فاطمة علیها السلام تنادي: «واسوء صباحاه !! » ، فسمعها أبو بكر ، فقال لها : إن صباحك لصباح سوء !

واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب علیه السلام برسول الله صلی الله علیه و آله وانقطاع بني هانتم عنهم بمصابهم برسول الله صلی الله علیه و آله فتبادروا إلى ولاية الأمر، واتفق لأبي بكر ما اتفق لاختلاف الأنصار في ما بينهم وكراهية الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تأخر الأمر

ص: 73


1- أنساب الأشراف : 262/2.
2- المصدر السالف : 263/2 ، ولاحظ : العقد الفريد : 246/4.
3- البدء والتاريخ : 65/5.

حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الأمر مقره . (1)

وقال الشهرستاني عند ذكر البيعة: .. وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام كان مشغولاً بما أمره النبي صلى الله عليه و آله من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره . (2)

وقال الهيثمي : ثم خلوا بينه وبين أهل بيته فغسله علي بن أبي طالب علیه السلام . (3)

قال ابن كثير : فصل؛ في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاته وقبل دفنه، ومن أعظمها وأجلّها وأيمنها بركة على الإسلام وأهله بيعة أبي بكر !!! (4)

وقال في موضع آخر: توفي علیه السلام يوم الاثنين، ودفن يوم الأربعاء.. عليه غير واحد من الأئمة خلفاً وسلفاً، ثمّ قال : وهو المشهور عن الجمهور . (5)

قال أحمد أمين: ولم يكن علي علیه السلام حاضراً هذا الاجتماع [أي السقيفة] لاشتغاله هو وأهل بيته فى جهاز رسول الله صلى الله عليه و آله وأخذ العدّة لدفنه، فلما بلغه خبر البيعة لأبي بكر لم يرض عنها . (6)

.. والآثار في ذلك أكثر من أن تحصى . (7)

ومن الطرائف ما رواه ابن سعد ،وغيره قال: جاء علي بن أبي طالب علیه السلام يوماً متقنعاً متحازناً ، فقال أبو بكر : أراك متحازناً ؟!! فقال علي علیه السلام: «إنّه عناني ما لم يعنك !!» قال أبو بكر : اسمعوا ما يقول أنشدكم الله أترون أحداً كان أحزن على رسول الله صلى الله عليه و آله منّي !! (8)

ص: 74


1- الإرشاد: 189/1 - 190؛ وعنه في بحار الأنوار: 519/22.
2- الملل والنحل : 24/1.
3- مجمع الزوائد : 33/9.
4- البداية والنهاية : 264/5 وراجع أيضاً : 268؛ السيرة النبوية : 484/4.
5- البداية والنهاية : 291/5 - 292.
6- فجر الإسلام : 253.
7- راجع الإفصاح : 234؛ الاحتجاج : 80 - 81؛ الطرائف : 399 - 400؛ شرح نهج البلاغة : 86/12 و 36/13 - 37 الاكتفاء... مغازي رسول الله صلى الله عليه و آله والخلفاء : 438/2؛ سمط النجوم العوالي : 244/2؛ وأورد ابن ، شهر آشوب في ذلك أشعاراً و أخباراً في كتابه مثالب النواصب : 118 - 119 (الخطية).
8- الطبقات : 22 / 84/2؛ نهاية الإرب: 396/18 - 397 کنز العمال: 230/7؛ جامع الأحاديث : 15/13.

حديث السقيفة وتدبير البيعة..

قالوا: ثم اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : نولّي هذا الأمر من بعد محمد صلی الله علیه و آله سعد بن عبادة، وأخرجوا سعداً إليهم وهو مريض ، قال : فلما اجتمعوا ، قال بنه أو لبعض بني عمّه إلى لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلّهم كلامي ، ولكنّ تلقَّ مني قولي فأسمعهم ، فكان يتكلّم ويحفظ الرجل قوله فيرتفع به صوته ويُسمع به أصحابه، فقال بعد أن حمد الله وأنثى عليه : يا معشر الأنصار ! إن محمداً صلی الله علیه و آله لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان فما آمن به قومه إلّا رجال قليل .. والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله، ولا أن يعزّوا دينه ، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضياً عمّوا به ، حتى إذا أراد بكم ربكم الفضيلة، وساق إليكم الكرامة، وخصّكم بالنعمة ، ورزقكم الإيمان به وبرسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه، وكنتم أشدّ الناس على عدوّه منهم، وأثقله على عدوّه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرها ، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً، وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض، وبكم قرير عين استبدوا بهذا الأمر دون الناس، فإنّه لكم دون الناس..

فأجابوه بأجمعهم بأن : قد وُفّقت في الرأي وأصبت في القول ولن تعدوا ما رأيت... نوليك هذا الأمر فإنّك فينا متبع، ولصالح المؤمنين رضا .

ثم إنهم ترادوا الكلام، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون، ونحن عشيرته وأولياؤه.. فعلام تنازعوننا الأمر من بعده ؟!

فقالت طائفة منهم : فإنا نقول إذاً منّا أمير ومنكم أمير ، ولن نرضى بدون هذا أبداً ، فقال سعد بن عبادة حين سمعها : هذا أوّل الوهن .

ص: 75

وأتى عمر : الخبر فأرسل إلى أبي بكر (1) فمضيا مسرعين نحوهم (2) مع أبي عبيدة بن الجراح - وهم مجتمعون ، فقال عمر بن الخطاب: أتيناهم وقد كنت زوّرت كلاماً أردت أن أقوم به فيهم ، فلما اندفعت إليهم ذهبت لأبتدئ المنطق، فقال لى أبو بكر: رويداً حتى أتكلّم.. ثم انطق بعد ما أحببت فنطق، فقال عمر فما شيء كنت أريد أن أقول به إلا وقد آتی به أو زاد عليه .

قال عبد الله بن عبد الرحمن : فبدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنّ الله بعث محمداً صلی الله علیه و آله رسولاً إلى خلقه، وشهيداً على أُمته ليعبدوا الله ويوحدوه ، وهم يعبدون من دونه آلهة شتّى يزعمون أنها لمن عبدها شافعة ولهم نافعة، وإنما هي من حجر منحوت، وخشب منجور ، ثم قرأ: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ ) (3) وقالوا : ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ) (4) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة ،له والصبر معه على شدّة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إيَّاه، وكلّ الناس لهم مخالف، وعليهم زار، فلم يستوحشوا لقلة وتشدّب الناس عنهم ، وإجماع قومهم عليهم .. فهم أوّل من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول، وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم، وأنتم يا معشر الأنصار - من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم عددهم

ص: 76


1- وهنا خلاف بين القوم فمن قائل كالطبري - يقول : إن أبا بكر كان في الدار ، وعلي بن أبي طالب الدائب في جهاز النبي ، فأرسل عمر إليه : أن أخرج. ومن قاتل - كابن هشام : لما أتى الخبر إلى أبي بكر وعمر كان رسول الله صلی الله علیه و آله في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله راجع : تاريخ الطبري 219/3؛ سيرة ابن هشام: 1071/4.
2- وفي رواية ابن كثير : فانطلق أبو بكر وعمر يتعاديان ... وفي رواية الطبري : يتقاودان حتى أتوهم .. انظر: السيرة النبوية لابن كثير : 491/4 : و تاريخ الطبري : 203/3.
3- يونس (10) : 18.
4- الزمر (39): 3.

جلة أزواجه وأصحابه، وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم .. فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تفتاتون (1) بمشورة، ولا يقضى دونكم الأمور !..

وفي رواية : قال أبو بكر : إنّ الله جلّ ثناؤه بعث محمّداً صلی الله علیه و آله بالهدى ودين الحق فدعا إلى الإسلام، فأخذ الله تعالى بنواصينا وقلوبنا إلى ما دعا إليه ، فكنا معشر المهاجرين أوّل الناس إسلاماً ، والناس لنا فيه تبع، ونحن عشيرة رسول الله ، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنساباً، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة. وأنتم أيضاً - والله - الذين آووا ونصروا وأنتم وزراؤنا في الدين، ووزراء رسول الله صلی الله علیه و آله، وأنتم إخواننا في كتاب الله تعالى وشركاؤنا في دين الله عزّ وجلّ، وفي ما كنا فيه من سرّاء وضراء، والله ما كنا في خير قط إلّا وكنتم معنا فيه ، فأنتم أحبّ الناس إلينا ، وأكرمهم علينا ، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمر الله عزّ وجلّ ولما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين، وهم أحق الناس فلا تحسدوهم، وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة، والله مازلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين، وأنتم أحق الناس ألا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم، وأبعد أن لا تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم !..

فقال الأنصار: والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم، وإنا لكما وصفت ولكنّا نشفق مما بعد اليوم، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم فلو جعلتم اليوم رجلاً منا ورجلاً منكم بايعنا ورضينا على أنه إذا هلك اخترنا آخر من الأنصار ، فإذا هلك اخترنا آخر من المهاجرين أبداً ما بقيت هذه الأمة ، كان ذلك أجدر أن يعدل فى أُمّة محمد صلی الله علیه و آله، وأن يكون بعضنا يتبع أن يكون بعضنا يتبع بعضاً، فيشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري، ويشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي .

فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار ! املكوا عليكم أمركم فإنّ الناس في ظلّكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولا يصدر أحد إلّا عن

ص: 77


1- يقال : افتات عليه ، إذا انفرد برأيه دونه في التصرف فيه، هو افتعل من الفوت، يقال لكلّ من أحدث شيئاً أمرك دونك : قد افتات عليه فيه راجع النهاية لابن الأثير (فوت) وغيره.

رأيكم أنتم أهل العزّة والمنعة وأولو العدد والكثرة، وذوو البأس والنجدة ، وإنّما ينصر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم أُموركم ، فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنّا أمير ومنهم أمير .

فقال عمر: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ولا تمنع العرب أن تولّي أمرها من كانت النبوة منهم لنا بذلك الحجّة الظاهرة على من خالفنا والسلطان المبين على من نازعنا من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلّا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورّط في الهلكة !..

فقام الحباب بن المنذر - ثانية - فقال : يا معشر الأنصار امسكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا الجاهل وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، وإن أبوا أن يكون منا أمير ومنهم أمير فاجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم ، فأنتم والله أحق به منهم، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها، وإنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، والله لئن ردّ أحد قولي لأحطمن أنفه بالسيف ..

فقال عمر : إذن يقتلك الله ، فقال : بل إيّاك يقتل . (1)

فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار ! إنّكم أوّل من نصر فلا تكونوا أوّل من بدل أو غيّر ! .. (2)

قال : فلما رأى بشير بن سعد الخزرجى ما اجتمعت عليه الأنصار من أمر سعد بن عبادة - وكان حاسداً له، وكان من سادة الخزرج - قام فقال : أيها الأنصار ! إنا وإن كنا ذوي سابقة فإنا لم نرد بجهادنا وإسلامنا إلّا رضى ربنا، وطاعة نبيناً،

ص: 78


1- وفي رواية : قال حباب بن المنذر : فإنّا والله ما تنفّس هذا الأمر عليكم - أيها الرهط ! - ولكنا نخاف أن يليه أقوام قتلنا آباءهم وإخوتهم، فقال عمر : إذا كان ذلك فمت إن استطعت !! كما رواه الهندي في كنز العمّال : 606/5.
2- وفي رواية : قال عبد الرحمن بن عوف يا معشر الأنصار ! إنكم وإن كنتم على فضل، فليس منكم مثل أبي بكر وعمر وعلي ، وقام المنذر بن أرقم فقال : ما ندفع فضل من ذكرت ، وإن فيهم رجلاً لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد. يعني علي بن أبي طالب . انظر : تاريخ اليعقوبي : 123/2.

ولا ينبغي لنا أن نستظهر بذلك على الناس ولا نبتغي به عوضاً من الدنيا ، إنّ محمّداً رجل من قريش وقومه أحق بميراث أمره، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر.. فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم.

فقام أبوبكر وقال : هذا عمر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم .

فقالا : والله لا نتولّى هذا الأمر عليك، وأنت أفضل المهاجرين، وثاني اثنين وخليفة رسول الله صلی الله علیه و آله على الصلاة - والصلاة أفضل الدين - ابسط يدك نبايعك .. (1)

فلمّا بسط يده وذهبا يبايعانه، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه، فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير! عقتك عقاق، والله ما اضطرك إلى هذا إلا الحسد لابن عمّك .

فلما رأت الأوس أن رئيساً من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن حضير وهو رئيس الأوس - فبايع حسداً لسعد أيضاً ومنافسة له أن يلى الأمر فبايعت الأوس كلّها لما بايع أسيد، فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبابكر .

وفي رواية : وبايعه عمر وبايعه الناس.. فقالت الأنصار - أو بعض الأنصار -: لا نبايع إلا عليّاً علیه السلام . (2)

وفي رواية أخرى فكثر القول حتى كادت الحرب تقع بينهم، وأوعد بعضهم بعضاً . (3)

وكادوا يطأون سعد بن عبادة، فقال ناس من أصحاب سعد اتقوا سعداً لا تطأوه، فقال عمر : اقتلوه قتله الله .. ثمّ قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطاك حتى تندر عضدك . فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر ، ثم قال : والله لئن حصحصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة.

ص: 79


1- وفي رواية الطبري : فقال أبو بكر : بل أنت يا عمر ! فأنت أقوى لها منّي ، قال : وكان عمر أشد الرجلين، وكان كلّ واحد منهما يريد صاحبه يفتح يده يضرب عليها ، ففتح عمر يد أبي بكر وقال : إن لك قوتي مع قوتك . كما في تاريخ الطبري : 203/3.
2- الطبري : 202/3.
3- الاكتفاء ... مغازي رسول الله صلی الله علیه و آله والخلفاء : 443/2.

فقال أبو بكر: مهلاً يا عمر الرفق هاهنا أبلغ .. فأعرض عنه .

وقال سعد أما والله لو أرى من قوّة ما أقوى على النهوض لسمعتم منّي بأقطارها وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك ، أما والله إذاً لألحقنك بقوم كنت فيهم ملكته تابعاً غير متبوع، احملوني من هذا المكان.. فحملوه فأدخلوه داره... وترك أياماً بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك ، فقال : أما والله [لا والله ] حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل وأخضب منكم سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ، يدي، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي ولا أفعل، وأيم الله لو أنّ ! الجنّ اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربّي ، وأعلم ما حسابي. فلما أتي أبو بكر بذلك قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع، فقال له بشير بن سعد : إنه قد لج وأبى ، فليس يبايعكم حتى يقتل، وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته ، فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد، فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد واستنصحوه لما بدا لهم منه .

وكان سعد لا يصلّي بصلاتهم، ولا يجمع معهم ، ولا يحج معهم، ويفيض فلا يفيض معهم بإفاضتهم ، فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر (1)

السقيفة برواية عمر بن الخطاب

اشارة

قال عمر - ضمن خطبة له -: قد بلغني أن قائلاً منكم يقول : لو قد مات عمر بايعت فلاناً ، فلا يغترنّ امرؤٌ أن يقول : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة .. ألا وإنها كانت

ص: 80


1- راجع : تاريخ الطبري: 218/30 - 223؛ وعنه في شرح نهج البلاغة : 37/2 - 40 كتاب السقيفة للجوهري، وعنه في شرح نهج البلاغة : 5/6 - 10 و 39 - 40؛ تاريخ اليعقوبي : 123/2 - 126؛ الإمامة والسياسة : 12/1 - 1؛ الكامل لابن الأثير 328/2 - 331؛ الطبقات : 2 / 2 / 55 - 56؛ نهاية الأرب: 29/19 - 38؛ السيرة الحلبية : 357/3 - 358؛ البدء والتاريخ : 65/50 - 66 كنز العمال : 640/5 و 648 و 627 - 628؛ صحيح البخاري : 194/4؛ جامع الأحاديث: 13 / 167 و 420/15 - 422؛ العقد الفريد: 257/4 - 258؛ تاریخ الخميس : 167/2 - 169؛ سمط النجوم العوالي : 244/2؛ الرياض النضرة : 235/1 - 237؛ الاحتجاج : 71 - 237 73؛ الشافي : 184/3 - 191؛ عن كثير منهم في بحار الأنوار: 179/28 - 183 و 324-355.

كذلك.. ألا وإن الله عزّ وجلّ وقى شرّها ، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر. ألا وإنّه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلی الله علیه و آله أن علياً والزبير ومن كان معهما تخلّفوا في بيت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وتخلف عنّا الأنصار بأجمعها اله في سقيفة بني ساعدة ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر ، فقلت له : يا أبا بكر ! انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ، فانطلقنا نؤمهم حتى لَقِينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم، فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟ فقلت : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فقالا : لا عليكم أن لا تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين، فقلت: والله لنأتينهم.. فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا ؟ فقالوا : سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ ، :قالوا : وجع .. فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله عزّ وجلّ بما هو أهله ، وقال : أمّا ،بعد ، فنحن أنصار الله عزّ وجلّ، وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دقت داقة منكم يريدون أن يخزلونا (1) من أصلنا، ويحضنونا من الأمر.. فلما سكت أردت أن أتكلم ، وقد كنت زوّرت (2) مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر ، وقد كنت أداري منه بعض الحد ، وهو كان أحلم مني وأوقر ، فقال أبو بكر : على رسلك.. فكرهت أن أغضبه، وكان أعلم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت.

فقال: أما بعد؛ فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحيّ من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم.. وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، فلم أكره مما قال غيرها، وكان - والله - أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن

ص: 81


1- خَزَله أي : قطعه.
2- قال أبو هلال العسكري : إن الزور هو الكذب قد سوّي وحسّن في الظاهر ليحسب أنه صدق ، وهو من قولك : زوّرت الشيء ، إذا سويته وحسّنته ، وفي كلام عمر : زوّرت يوم السقيفة كلاما أنظر : الفروق اللغوية : 268.

أتأمر على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تغيّر نفسي عند الموت (1) فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكّك ، وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش !... وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر... فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم : قتلتم سعداً ! فقلت: قتل الله سعداً.

قال عمر : والله ما وجدنا في ما حضرنا أمراً هو أقوى من مبايعة أبي بكر ، خشينا إن فارقنا القوم - ولم تكن بيعة - أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى ، وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد، فمن بايع أميراً عن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا بيعة للذي بايعه تغرة أن يقتلا !! (2)

ملاحظة

قيل : إن الدعوة إلى سعد بن عبادة إنما كانت بعد أن علموا بدفع الخلافة عن أهل البيت ، ففى الرواية : أنّ الأنصار قالوا : إذا لم تسلّموها لعلي فصاحبنا أحق بها، وقال سعد: ما دعوت إلى نفسي إلّا بعد ما رأيتكم قد دفعتموها عن أهل بيت نبيّكم . (3) وورد في كتاب عمر إلى معاوية - بعد أن شهد عمر وجماعة أنّ النبي صلی الله علیه و آله قال : الإمامة بالاختيار - قالت الأنصار : نحن أحق من قريش... وقال قوم: منا أمير ومنكم أمير . (4)

ص: 82


1- وفي رواية البيهقي في سننه 142/8: .. إلا أن تسوّل لي نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الآن.
2- مسند أحمد : 55/10 - 56؛ وقد ذكر السقيفة برواية عمر بن الخطاب كما مر أو باختصار وتغيير - في غير واحد من كتب العامة مثل : العقد القريد : 257/4؛ سنن البيهقى : 142/8؛ تاريخ الطبري : 445/2 ( ط دار التراث : 203/3 - 206 )؛ سيرة ابن هشام : 1071/4؛ صحيح البخاري : 25/8 - 28؛ البداية والنهاية : 265/5 - 267؛ كنز العمال: 645/5 - 648؛ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 280/30 - 285؛ صفوة الصفوة : 254/1، الكامل لابن الأثير : 327/2؛ جامع الأحاديث : 263/13.
3- كشف المحجة ، وعنه في بحار الأنوار: 10/30 - 11؛ المسترشد : 410 - 412؛ مثالب النواصب : 143 ( الخطية ) : وراجع لوامع الأنوار : 221/1.
4- بحار الأنوار: 210/30 - 291.

إجبار الناس على البيعة

قال البراء بن عازب لما قبض رسول الله صلی الله علیه و آله تخوفت أن يتظاهر قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله التكول مع مابي من الحزن لوفاة رسول الله صلی الله علیه و آله، فجعلت أتردّد وأرمق وجوه الناس ، وقد خلا الهاشميون برسول الله صلی الله علیه و آله الغسله وتحنيطه ، وقد بلغني الذي كان من قول سعد بن عبادة ومن أتبعه من جملة أصحابه، فلم أحفل بهم وعلمت أنه لا يؤول إلى شيء، فجعلت أتردّد بينهم وبين المسجد وأتفقد وجوه قريش، وكأني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر ثم لم ألبث حتى إذا أنا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة قد أقبلوا في أهل السقيفة وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمر بهم أحد إلّا خبطوه ، فإذا عرفوه مدوا يده على يد أبي بكر شاء ذلك أم أبى ... فأنكرت عند ذلك عقلي جزعاً منه مع المصيبة برسول الله صلی الله علیه و آله، فخرجت مسرعاً حتّى أتيت المسجد ، ثم أتيت بني هاشم والباب مغلق دونهم فضربت الباب ضرباً عنيفاً، وقلت: يا أهل البيت ... فخرج إلى الفضل بن العباس، فقلت : قد بايع الناس أبا بكر ! فقال العباس : قد تربت أيديكم منها آخر الدهر . (1)

وفي رواية : ثمّ إنّ عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي: إنّ أبابكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة .. فينثال الناس فيبايعون ، فعرف أن جماعة في بيوت مستترون، فكان يقصدهم في جمع فيكبسهم ويحضرهم في المسجد فيبايعون . (2)

قال الشيخ المفيد : روى أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، عن محمد بن سائب الكلبي وأبي صالح، ورواه أيضاً عن رجاله عن زائدة بن قدامة ، قال : كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليمتاروا منها ، فشغل الناس عنهم بموت رسول الله صلی الله علیه و آله فشهدوا البيعة وحضروا الأمر فأنفذ إليهم عمر واستدعاهم، وقال لهم: خذوا بالحظ

ص: 83


1- كتاب سليم : 4 - 75 ( الطبعة المحققة : 572/2 الحديث الثالث ) : شرح نهج البلاغة : 219/1؛ بحار الأنوار: 286285/28؛ وراجع تاريخ اليعقوبي : 124/2.
2- الاحتجاج : 80؛ وعنه في بحار الأنوار : 204/28.

والمعونة على بيعة خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله، واخرجوا إلى الناس واحشر وهم ليبايعوا فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه..

قال: فوالله لقد رأيت الأعراب قد تحرّموا واتشحوا بالأزر الصنعانية وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتى خبطوا النّاس خبطاً، وجاؤوا بهم مكرهين إلى البيعة ..

ثم قال الشيخ المفيد : وأمثال ما ذكرناه من الأخبار في قهر الناس على بيعة أبي بكر وحملهم عليها بالاضطرار كثيرة، ولو رمنا إيرادها لم يتسع لهذا الكتاب . (1)

وقال الجوهري عند ذكر السقيفة : فوتب رجل من الأنصار فقال : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب.. فأخذ ووُطى في بطنه ودسوا في فيه التراب !! (2)

وقال يحيى بن الحسين الهاشمي ( الهادي الزيدي ) (المتوفّي : 298) : ثم نهض أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح ومن نهض معهم من أهل السقيفة محتزمين المخاصر ، لا يمرون بأحد ولا يلقونه إلّا خبطوه وقالوا بايع ... من غير بالأزر معهم أن يشاور أو يعلم خبراً..

فأين الإجماع من هذا الفعل ؟! (3)

وقال ابن شهر آشوب المازندراني : ورُوي أنه أي أبا سفيان دخل المسجد فإذا القوم قد أقبلوا بأجمعهم وهم يعترضون كلّ من رأوه فيقدمونه يبايع، شاء ذلك أم أبي !!.. (4)

بل ترى إشارة عابرة إلى ذلك في كلام عايشة، فقد روى البخاري عنها حديث السقيفة .. وفيها : قالت : لقد خوّف عمر الناس وإن فيهم لنفاقاً .. فردّهم الله بذلك . (5)

ص: 84


1- الجمل: 118 - 119.
2- شرح نهج البلاغة : 40/6.
3- تثيبت الإمامة : 13 (ط بيروت).
4- مثالب النواصب : 130 (الخطية).
5- صحيح البخاري : 193/4 - 195.

التخلف عن بيعة أبي بكر والإنكار عليه

لقد حاول جمع كثير من العامة كتمان تخلّف من تخلف عن بيعة أبي بكر وإثبات إجماع المسلمين عليها ورضاهم بها، إذ بنوا مشروعية خلافته واغتصابه على هذا الإجماع المدعى عندهم، لادعائهم أن النبي صلی الله علیه و آله قال : لا تجتمع أُمتي على الضلال !... ولذلك اضطروا إلى القول بأنه : ما خالف على أبي بكر أحد إلا مرتد أو من كان قد ارتد !! (1)

والمتتبع في كتب أهل السنة يجدها مشحونة بذكر تخلف وجوه الأصحاب وعدم رضاهم بالبيعة.

روى البخاري ومسلم والطبري.. وغيرهم أن أمير المؤمنين علیه السلام وبني هاشم جميعاً لم يبايعوا أبا بكر في حياة فاطمة علیها السلام (2) أي ستة أشهر على رواياتهم.

قال المقدسي : ولم يبايع علي أبا بكر مالم يدفن فاطمة علیها السلام، وذكر ابن دأب (3)

ص: 85


1- انظر: تاريخ الطبري : 207/3؛ بل هذا هو السر في نسبة الارتداد إلى مالك بن نويرة وأشباهه و إن سموهم ب_: أهل الردة.. أو تاركى الزكاة .. وأشباه ذلك، والمقام لا يسع التفصيل ، راجع : بحار الأنوار : 471/30 - 495.
2- راجع : صحيح البخاري : 82/5 - 83؛ صحیح مسلم : 153/5 - 154 السنن للبيهقي : 300/6؛ تاريخ الطبري : 208/3؛ الكامل لابن الأثير : 331/2؛ كفاية الطالب 370؛ السيرة الحلبية : 360/3؛ شرح مسلم للنووي: 77/1؛ تاريخ الخميس: 174/2، المصنف، لعبد الرزاق : 472/5؛ الرياض النضرة: 243/1؛ الصواعق المحرقة : 15؛ شرح نهج البلاغة : 46/6. وذكر تخلفه علیه السلام في غير هذه الرواية أيضاً راجع : المختصر في تاريخ البشر : 156/2؛ النهاية لابن الأثير: 68/2؛ تاريخ الطبري : 205/3؛ نور الأبصار : 60؛ الكامل لأبن الأثير : 325/2؛ تتمة المختصر : 215/1، 249؛ البداية والنهاية : 307/5؛ صفوة الصفوة : 254/10؛ كتاب الردّة للواقدي : 47؛ الثقات لابن حبان: 2 / 161؛ السيرة النبوية وأخبار الخلفاء ، له : 426؛ تاريخ اليعقوبي : 126/2؛ العقد الفريد : 260/4؛ نهاية الإرب 40/19؛ السيرة النبوية لابن هشام : 308/1 - 310؛ سمط النجوم العوالي : 251،247/2.. وغيرها . وقال أحمد بن سعيد الشماخي ( القرن التاسع ): فبايعه علي علیه السلام بعد ستة أشهر وبعد موت فاطمة علیها السلام. وقيل: بعد مخاطبات ومراجعات الاحظ كتاب السير : 1 / 15(الأوفست من طبع عمان).
3- ابن دأب عيسى بن يزيد بن دأب ، راوية وخطيب وشاعر ، توفي سنة 171؛ انظر عنه : الأعلام : 111/5.

أنها ماتت عاتبة على أبي بكر وعمر . (1)

قال المسعودي: لما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة ، خرج علي علیه السلام فقال : « أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقاً ؟!» فقال أبو بكر : بلى، ولكنّي خشيت الفتنة (2) وكان للمهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل ومجاذبة في الإمامة، وخرج سعد بن عبادة ولم يبايع، ولم يبايعه أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة علیها السلام . (3)

وقال اليعقوبي : جاء البراء بن عازب، فضرب الباب على بني هاشم، وقال: يا معشر بني هاشم !... بويع أبو بكر ؟ ! فقال بعضهم : ما كان المسلمون يحدثون حدثاً نغيب عنه ، ونحن أولى بمحمّد الله صلی الله علیه و آله، فقال العباس : فعلوها .. ورب الكعبة .

وكان المهاجرون والأنصار لا يشكون في على علیه السلام، فلما خرجوا من الدار قام الفضل بن العباس، وكان لسان قریش - فقال : يا معشر قريش ! إنّه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه ، ونحن أهلها دونكم، وصاحبنا أولى بها منكم.

وقام عتبة بن أبي لهب فقال :

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف * عن هاشم ثم منها عن أبي الحسن

عن أوّل الناس إيماناً وسابقة * وأعلم الناس بالقرآن والسنن

وآخر الناس عهداً بالنبي، ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن

من فيه ما فيهم لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن (4)

ص: 86


1- البدء والتاريخ : 20/5.
2- وأشارت إلى ذلك السيدة فاطمة الله في خطبتها فقالت : « وإنما زعمتم ذلك خوف الفتنة ، وأَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لمَحِيطَة بالكافِرِينَ ) .. » [ التوبة (9): 49] . راجع : شرح نهج البلاغة : 251/16.
3- مروج الذهب : 301/2.
4- تاريخ اليعقوبي: 124/2، وفي رواية: خرج العباس إلى المسجد وقد اجتمعوا فيه، فأخذ بعضادتي الباب وأنشد هذه الأشعار كما في مثالب النواصب: 131 (الخطية). ونقل الأبيات عن عتبة أيضاً في المختصر في تاريخ البشر: 156/1 وتتمة المختصر: 215/2، ونسبها فى غير واحد من المصادر إلى غيره راجع: شرح نهج البلاغة: 21/6 و 232/13؛ فرائد السمطين: 82/2 کتاب سليم: 78 (الطبعة المحققة : 576/2 الحديث الثالث) كنز الفوائد: 266/12 - 267؛ الارشاد: 32/1؛ الجمل: 118؛ الفصول المختارة: 268؛ إعلام الورى: 184؛ روضة الواعظين: 87؛ كشف الغمة: 67/1؛ الصراط المستقيم: 2360205/1 - 237؛ تشیید المطاعن: 457/1 - 458، عن حاشية تفسير البيضاوي للإسفرايني في قوله تعالى: ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا - لِلآدَم ..): و عن العراقي في التقييد والإيضاح ... نقلاً عن المرزباني: وعن ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة المؤمنين: قصص الأنبياء للجزائري: 194؛ المقنع للسد آبادي : 129. وذكر فيه: 120 - 131، أشعاراً لعدة من المخالفين للبيعة ، فراجع.

وروى الزبير بن بكار عن محمد بن إسحاق أنه قال : إن أبا بكر لما بويع افتخرت تیم بن مرة !!

قال : وكان عامة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكون أن علياً هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلی الله علیه و آله، فقال الفضل بن العباس : يا معشر قريش وخصوصاً يا بني تيم !! إنّكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ، ولو طالبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسداً منهم لنا وحقداً علينا، وإنا لنعلم إنّ عند صاحبنا عهداً هو ينتهي إليه . (1)

وروى - أيضاً - الزبير بن بكار ضمن رواية : قال زيد بن أرقم : إنا لنعلم إن من قريش من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد .. علي بن أبي طالب علیه السلام . (2)

وذكر الواقدي أن زيد بن أرقم قال - عقيب بيعة السقيفة لعبد الرحمن بن عوف يا ابن عوف ! لولا أن علي بن أبي طالب وغيره من بني هاشم اشتغلوا بدفن النبي صلی الله علیه و آله وبحزنهم عليه فجلسوا في منازلهم ما طمع فيها من طمع !! (3)

قال اليعقوبي : وتخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار ومالوا مع علي بن أبي طالب علیه السلام، ومنهم العباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري

ص: 87


1- شرح نهج البلاغة : 21/6.
2- شرح نهج البلاغة : 20/6، ونسب هذا الكلام إلى المنذر بن أرقم، أنظر : تاريخ اليعقوبي: 123/2.
3- كتاب الردة للواقدي : 45؛ الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي : 12/1.

وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي ابن كعب .. (1) وغيرهم . (2)

بل يظهر من عبارة بعض العامة تخلّف جمع كثير ، قال ابن عبد البر : وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وفرقة من قريش.. ثم ذكر عليا علیه السلام والزبير وطلحة وخالد بن سعيد.. . (3)

وقال محب الدين الطبري : وتخلّف ... سعد بن عبادة في طائفة من الخزرج وعلي بن أبي طالب وابناه علیهم السلام وبنو هاشم والزبير وطلحة وسلمان وعمار وأبوذر .والمقداد وغيرهم من المهاجرين، وخالد بن سعيد بن العاص . (4)

وقال محمد أبو الفضل محمد - من أعلام العامة في القرن الثامن والتاسع: إنّ علياً علیه السلام كان في غاية الشجاعة ومعه فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام وكثير من أكابر لا الصحابة ، حتى روي عنهم أنه اجتمع عنده سبعمائة من الأكابر مريدين إمامته .. إلى أن قال: أجاب :الشيعة بأنه وإن كان معه سبعمائة لكن جميع عوام الصحابة مع أبي بكر ، وكانوا أكثر من ثلاثين ألفاً فأين القدرة .. ؟! (5)

ثم إنّ اثني عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على علي بن أبي طالب علیه السلام . (6)

ص: 88


1- تاريخ اليعقوبي : 2 / 124؛ المختصر في تاريخ البشر : 1/ 156؛ تتمة المختصر: 1/ 215 وراجع أيضاً أنساب الأشراف: 1/ 588 ( ط دار الفكر : 270 - (271)؛ البدء والتاريخ : 5/ 95؛ تاريخ الطبري : 387/3 - 388؛ السيرة النبوية : 4 / 656 ( ط دار المعرفة ) : العقد الفريد : 259/4؛ أسد الغابة : 1/ 37 و 222/3؛ تاریخ الخميس : 169/2؛ نهاية الأرب : 19/ 39 - 40.. وغيرها وقد ذكر في أخبار الموفقيات : 590 تخلف غير وأحد منهم.
2- تجد تخلّف سعد بن عبادة، وأبي سفيان، وأبان بن سعيد.. وغيرهم في غير واحد من كتب الفريقين، بل في كتب الشيعة ذكر وا جمعاً كثيراً منهم، راجع : عيون اخبار الرضا علیه السلام: 126/2؛ وعنه في بحار الأنوار: 358/10، مثالب النواصب : 127 - 128 ( الخطية ) : تحفة الأبرار: 261 - 262؛ الكشكول للآملي : 138 - 140.
3- الاستيعاب : 937/2، ( ط دار الجيل ).
4- الرياض النضرة : 241/1.
5- قاموس البحرين : 337 نشر ميراث مكتوب.
6- ذكر غير واحد من مؤلفينا إنكار عدة من الأصحاب على أبي بكر، وقد نقله السيد ابن طاووس له عن بعض علماء العامة، وقال : روته الشيعة متواترين. والظاهر وقوع هذا الإنكار والاحتجاج بعد الهجوم على بيت فاطمة علیها السلام، إذ ورد في بعض رواياته إشارة أمير المؤمنين علیه السلام إلى إخراجه ملتباً. ونحن نذكر تلفيقاً من الروايات. في ذلك عن مولانا الصادق علیه السلام وعن زيد بن وهب ونعتذر عن عدم إيراد كلمات المنكرين واحتجاجاتهم، إذ لا نريد أن يملّ القارئ العزيز بطولها ، فمن أراد الوقوف عليها يراجع المصادر الآتية.

من المهاجرين؛ خالد بن سعيد بن العاص (1) والمقداد بن الأسود، وأبي بن ، كعب، وعمار بن ياسر ، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود ، (2) وبريدة الأسلمي .

ومن الأنصار : خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان . (3)

فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم في أمره، فقال بعضهم : هلا نأتيه فنزله عن منبر رسول الله صلی الله علیه و آله، وقال آخرون : إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم، وقد قال الله عزّ وجلّ : ﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (4) ولكن أمضوا بنا إلى علي بن أبي طالب علیه السلام نستشيره ونستطلع ،أمره، فأتوا عليّاً علیه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين ضيّعت نفسك .. وتركت حقاً أنت أولى به... وقد أردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول الله صلی الله علیه و آله، فإن الحق حقك وأنت أولى بالأمر منه ، لأنا سمعنا رسول الله صلی الله علیه و آله يقول: «علي مع الحق والحق مع عليّ يميل مع الحق كيف ،مال »، فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك .

فقال لهم علي علیه السلام: لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حرباً لهم، ولا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وقد اتفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيّها، والكاذبة على رتها، ولقد شاورت في ذلك أهل بيتى فأبوا إلا السكوت لما يعلمون من وغر صدور

ص: 89


1- وذكر في كتاب اليقين بدل خالد أخاه عمرو.
2- وفي الاحتجاج : عثمان بن حنيف بدل : ابن مسعود ؛ وفي رجال البرقي : قيس بن سعد.
3- وروي أنهم كانوا غيباً عند وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله، فقدموا وقد تولّى أبو بكر ، وهم يومئذ أعلام مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله.
4- البقرة (2) : 195.

القوم وبغضهم الله عزّ وجلّ ولأهل بيت نبيّه .. وإنّهم يطالبون بثارات الجاهلية، والله لو فعلتم ذلك لشهر وا سيوفهم مستعدين للحرب والقتال كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على نفسي ولتبوني وقالوا لي : بايع وإلا قتلناك !! فلم أجد حيلة إلا أن أدفع القوم عن نفسي ، وذاك أتي ذكرت قول رسول الله صلی الله علیه و آله : « يا علي ! إنّ القوم نقضوا أمرك، واستبدوا بها دونك وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتى ينزل الله الأمر، وإنهم سيغدرون بك لا محالة فلا تجعل هم سبيلاً إلى إذلالك وسفك دمك، فإنّ الأمة ستغدر بك بعدي .. كذلك أخبرني جبرئيل علیه السلام من ربي تبارك وتعالى » .

وفي رواية: « وإنّك منّى بمنزلة هارون من موسى، وإنّ الأُمّة من بعدي بمنزلة هارون ومن اتبعه والسامري ومن اتبعه فقلت يا رسول الله ! فما تعهد إلي إذا كان ذلك ؟ فقال : إن وجدتَ أعواناً فبادر إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعواناً كف يدك وأحقن حتى تلحق بي مظلوماً.. »

« ولما تُوفي رسول الله صلی الله علیه و آله اشتغلت بغسله وتكفينه والفراغ من شأنه، ثم آليت يميناً أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمع القرآن.. ففعلت ، ثم أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسين قدرت على أهل بدر وأهل السابقة فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي فما أجابني منهم إلا أربعة رهط منهم : سلمان، وعمار، والمقداد وأبو ذر .. فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرّفوه ما سمعتم من قول رسولكم صلی الله علیه و آله ولا تدعوه في الشبهة من أمره ليكون ذلك أوكد للحجّة، وأبلغ للعذر ، وأبعد لهم من رسول الله صلی الله علیه و آله إذا وردوا عليه ».

فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلی الله علیه و آله - وكان يوم الجمعة ، فلما صعد أبو بكر قاموا وتكلّموا ببيانات شافية وافية، فأوّل من تكلّم كان خالد بن سعيد بن العاص ، وقال : اتق الله يا أبا بكر ! فقد علمت أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال ونحن محتوشوه يوم قريظة، حين فتح الله له وقد قتل علي علیه السلام يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم -: «يا معاشر المهاجرين والأنصار ! إنّي موصيكم بوصية فاحفظوها ، ومودّعكم أمراً فاحفظوه ألا إن علي بن أبي طالب علیه السلام الأميركم بعدي

ص: 90

وخليفتي فيكم ، بذلك أوصاني ربّي، ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيّتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم، واضطرب عليكم أمر دينكم، ووليكم ،شراركم ألا إنّ أهل بيتي هم الوارثون لأمري، والعالمون بأمر أمّتي من بعدي ، اللهم من أطاعهم من أُمَّتِي وحفظ فيهم وصيّتي فاحشرهم في زمرتي، واجعل لهم نصيباً من مرافقتي يدركون به نور الآخرة، اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنّة التي عرضها كعرض السماء والأرض » .

فقال له عمر بن الخطاب : اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا ممن يقتدى برأيه، فقال خالد: اسكت - يا ابن الخطاب - فإنّك تنطق عن لسان غيرك، وأيم الله لقد عَلَمَتْ قريش إنّك من ألأمها حسباً، وأدناها منصباً، وأختها قدراً، وأخملها ذكراً، وأقلهم غناءً عن الله ورسوله، وإنّك لجبان في الحروب، بخيل بالمال لتيم العنصر، ما لك في قريش من فخر ولا في الحروب من ذكر، وإنك في هذا الأمر بمنزلة الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ) (1)

فأبلس ،عمر، وجلس خالد بن سعيد .

ثم احتج عليه بقية المهاجرين والأنصار ..

قال الصادق علیه السلام: « فأفحم أبو بكر على المنبر حتى لم يُحر جواباً، ثم قال : وليتكم ولست بخيركم أقيلوني أقيلوني. فقال عمر بن الخطاب : انزل عنها - يا لكع !- إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام ؟ والله لقد هممت أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة».

« فنزل ثم أخذ بيده وانطلق إلى منزله وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله ، فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل وقال:لهم ما جلوسكم ؟ فقد طمع فيها - والله - بنو هاشم .. وجاءهم سالم مولى أبي حذيفة

ص: 91


1- الحشر (59) : 16-17.

ومعه ألف رجل .. وجاءهم معاذ بن جبل ومعه ألف رجل .. فما زال يجتمع رجل رجل حتى اجتمع أربعة آلاف رجل، فخرجوا شاهرين أسيافهم يقدمهم عمر بن الخطاب، حتى وقفوا بمسجد النبي صلی الله علیه و آله، فقال عمر : والله يا صحابة علي ! لكن ذهب الرجل منكم يتكلّم بالذي تكلّم به بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه. فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص ... [ وجرى بينهما كلام ] ، فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : « اجلس - يا خالد ! - فقد عرف الله مقامك وشكر لك سعيك »، فجلس ، وقام إليه سلمان الفارسي ... [ فتكلّم ] فهم به عمر بن الخطاب فوتب إليه أمير المؤمنين علیه السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض ، ثمّ قال: « يا ابن صهاك الحبشية ! لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله صلی الله علیه و آله تقدّم لأريتك أينا أضعف ناصراً وأقلّ عددا »، ثم التفت إلى أصحابه فقال: «انصرفوا رحمكم الله، فوالله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى وهارون إذ قال له أصحابه : [ف_] ﴿ إِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاً إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) (1)

والله لا أدخل إلا لزيارة رسول الله صلی الله علیه و آله أو لقضية أقضيها فإنّه لا يجوز لحجة أقامه رسول الله صلی الله علیه و آله أن يترك الناس في حيرة » (2)

تدبير لم يتمّ

روى الجوهري عن جرير بن المغيرة : إنّ سلمان والزبير والأنصار كان هواهم

ص: 92


1- المائدة (5) : 24.
2- راجع رجال البرقي : 63 - 66؛ الخصال : 461 - 465، وعنه في بحار الأنوار: 208/28 - 214؛ الاحتجاج 75 - 80 ، وعنه في بحار الأنوار: 189/28 - 203؛ اليقين : 235 - 242 ، وعنه في بحار الأنوار : 214/28 - 219؛ إبطال الاختيار للحسين بن جبر ، وعنه في الصراط المستقيم : 79/2 - 84؛ وحفيده علي بن جبر (القرن السابع) في نهج الإيمان : 578 - 589 ، وقال : ذلك بينهم معروف مشهور لاخفاء به ولا تناكر فيه : حقائق المعرفة ، لأحمد بن سليمان اليمني الزيدي (المتوفّى 566) ، وعنه في أنوار اليقين : 386-388 ، وشفاء صدور الناس : 481 - 484؛ وبهجة المباهج : 264 - 271 ، عن الصفواني (القرن الرابع) ، والدر النظيم : 441 - 447 ، وأشار إلى احتجاجهم الشيخ المفيد الله في الإفصاح : 48، والهادي الزيدي في تثبيت الإمامة : 14 - 15 . ورواه مختصراً في مثالب النواصب : 127 ( الخطية)، ونقل عن ابن أبي جمهور الأحسائي شهرته، راجع : مجالس المؤمنين : 858/1.

أن يبايعوا عليّاً علیه السلام . (1)

وروى ابن أبي الحديد عن الزبير بن بكار : لما بويع أبو بكر واستقر أمره ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضاً، وذكروا علي بن أبي طالب علیه السلام ، وهتفوا باسمه وأنّه في داره لم يخرج إليهم، وجزع لذلك المهاجرون .. وكثر في ذلك الكلام . (2)

وفي رواية أخرى عنه بعد ذكر البيعة لأبي بكر يوم الوفاة فلا كان آخر النهار افترقوا إلى منازلهم فاجتمع قوم من الأنصار وقوم من المهاجرين فتعاتبوا في ما بينهم ... (3)

ويظهر من رواية البراء بن عازب - أيضاً - أن جماعة من الأصحاب اجتمعوا في تلك الليلة - أي الليلة الأولى من وفاة النبي صلی الله علیه و آله - وتكلّموا حول مسألة الخلافة وأرادوا الوقوف أمام دسيسة القوم وإبطال مخططهم في البيعة لأبي بكر، إلّا أنّهم لم يقدروا على ذلك .

روى سليم بن قيس والجوهري في كتابه السقيفة عن البَراء بن عازب ضمن رواية ... فلما كان الليل خرجت إلى المسجد فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله صلی الله علیه و آله بالقرآن فانبعثت من مكاني، فخرجت نحو الفضاء، فوجدت نفراً يتناجون، فلما دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم فعرفوني وما عرفتهم فدعوني فأتيتهم وإذا المقداد وأبوذر وسلمان وعمار بن ياسر وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان والزبير بن العوام، وحذيفة يقول : والله ليفعلنّ ما أخبرتكم به.. فوالله ما كذبت ولا كذبت ، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار ، فقال حذيفة: انطلقوا بنا إلى أبي بن كعب فقد علم مثل ما علمت..

ص: 93


1- كما قاله ابن ابى الحديد في شرح نهج البلاغة : 49/2 و 43/6 ، وراجع أيضاً ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة النعمان بن عجلان الزرقي واشعاره في السقيفة، وأشار إلى بعضها في شرح نهج البلاغة : 174/16.
2- شرح نهج البلاغة : 23/6.
3- شرح نهج البلاغة : 19/6 - 20.

فانطلقوا إلى أبي بن كعب وضربنا عليه بابه، فأتى حتى صار خلف الباب، ثم قال: أنتم ؟؟ فكلّمه المقداد، فقال: ما جاء بك ؟ فقال : افتح فإنّ الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب فقال: ما أنا بفاتح ،بابي، وقد علمت ما جئتم له، وما أنا بفاتح ،بابي، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد ؟ فقلنا : نعم ، فقال : أفيكم حذيفة ؟؟ فقلنا : نعم ، فقال : القول ما قال حذيفة، فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري علي ما هو جار عليه، وما يكون بعدها شرّ منها، وإلى الله -جل ثناؤه المشتكى . قال : فرجعوا ، ثم دخل أبي بن كعب بيته . (1)

وجاء جماعة من المهاجرين والأنصار - وفي رواية: أربعون رجلاً - إلى أمير المؤمنين علیه السلام يدعونه إلى البيعة ، فقالوا له : أنت - والله - أمير المؤمنين.. وأنت - والله - أحق الناس وأولاهم بالنبي صلی الله علیه و آله .. هلم يدك نبايعك ؛ فوالله لنموتن قدامك ، لا والله لا نعطي أحداً طاعة بعدك . قال علیه السلام : « ولم ؟ » قالوا : إنا سمعنا من رسول الله صلی الله علیه و آله فيك يوم غدير غدير . قال علیه السلام: «وتفعلون؟» قالوا : نعم . قال علیه السلام: «إن كنتم صادقين فاغدوا عليّ غداً محلّقين...». فما أتاه إلا سلمان وأبوذر والمقداد، وفي بعض الروايات الزبير، وفي بعضها: جاء عمار بعد الظهر فضرب يده على صدره، ثم قال له : «ما آن لك أن تستيقظ من نومة الغفلة ؟ ارجعوا فلا حاجة لي فيكم أنتم لم تطيعوني في ، حلق الرأس ، فكيف تطيعونى فى قتال جبال الحديد !؟ » (2)

محاولة الهيئة الحاكمة خدعة العباس وتطميعه

كان موقف الخليفة والحزب الظافر في قبال هؤلاء المتخلّفين وغيرهم، ولاسيما الذين يرون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام الوحده هو الذي يستحق الخلافة دون

ص: 94


1- كتاب سليم : 75 - 76 ( الطبعة المحققة : 574/2 - 571 الحديث الثالث ) : وعنه في بحار الأنوار: 287/28 - 291؛ شرح نهج البلاغة : 219/1 - 220 ، و 51/2-52.
2- راجع : تاريخ اليعقوبي : 126/2 كتاب سليم : 130 - 131 (الطبعة المحققة : 2/ 669 الحديث الثاني عشر ) ؛ الاختصاص : 6؛ المناقب لابن شهر آشوب : 194/3، 256 ، روضة الواعظين : 282؛ إرشاد القلوب : 397؛ رجال الكشي : 38/1؛ بحار الأنوار: 341/22 - 342 و 236/28، 259 و 471/29.

غيره - أن يفرّقوا بينهم، فالعبّاس مثلاً يُخدع بتطميعه، ثم الآخرون يُكرهون على البيعة بالتهديد والإرهاب أو القتل ولو بواسطة الجن ...

قال اليعقوبي : وتخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب، فأرسل أبو بكر إلى عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة ابن الجراح والمغيرة بن شعبة ، فقال : ما الرأي ؟ قالوا الرأي أن تلق العباس بن عبد المطلب فتجعل له فى هذا الأمر نصيباً يكون له ولعقبه من بعده، فتقطعون به ناحية علي بن أبي طالب حجّة لكم على عليّ، إذا مال معكم. فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة حتى دخلوا على العباس ليلاً، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنّ الله بعث محمداً نبياً وللمؤمنين وليّاً ، فمنّ عليهم بكونه بين أظهرهم حتى اختار له ما عنده ه، فخلّى على النّاس أُموراً ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين ، فاختاروني عليهم والياً ولأمورهم راعياً، قوليت ذلك، وما أخاف بعون الله وتشديده وهناً ، ولا حيرة، ولا جبناً ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ (1) وما يبلغني عن طاعن يقول الخلاف على عامة المسلين، يتخذكم لجأ ، فتكون أنفكّ (2) يبلغنى حصنه المنيع، وخطبه البديع . فإمّا دخلتم مع الناس في ما اجتمعوا عليه، وإما صرفتموهم عما مالوا إليه ، ولقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك فى هذا الأمر نصيباً يكون لك ، ويكون لمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله - وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا الأمر عنكم - وعلى رسلكم بني هاشم، فإنّ رسول الله منا ومنكم .

فقال عمر بن الخطاب إي والله وأخرى ، إنا لم نأتكم لحاجة إليكم ولكن كرهاً أن يكون الطعن في ما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم .

ص: 95


1- هود (11) : 88.
2- خ . ل : ما أزال.

فحمد العباس الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله بعث محمّداً كما وصفت - نبياً وللمؤمنين وليّاً ، فمنَّ على أمنه ، به ، حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده ، فخلّى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحق ، لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم، فما تقدّمنا في أمرك فرضاً ، (1) ولا حللنا وسطاً، ولا برحنا سخطاً . (2)

وإن كان هذا الأمر إنّما وجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا كارهين. ما أبعد قولك من : أنّهم طعنوا عليك من قولك : إنهم اختاروك ومالوا إليك ؛ وما أبعد تسميتك ب_ : خليفة رسول الله من قولك : خلّى على الناس أُمورهم ليختاروا فاختاروك !

فأما ما قلت: إنك تجعله لي ، (3) فإن كان حقاً للمؤمنين، فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض، وعلى رسلك، فإنّ رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها... (4) فخرجوا من عنده (5)

أقول : الظاهر أنّ لسياسة التطميع كانت مدخلية في تمامية الأمر بالنسبة إلى سائر الناس أيضاً، فقد روى السيوطي عن مجاهد : أن أبا بكر قال في خطبته : إنّي لأرجو أن تشبعوا من الجبن والزيت !.. (6)

وخاطب الأنصار - بعد خطبة الزهراء علیها السلام - فقال: .. فاغدوا على أعطياتكم!... (7)

وقد نقل غير واحد من العامة عن القاسم بن محمّد ، قال :... فلما اجتمع الناس

ص: 96


1- خ ل : فرطاً.
2- خ . ل : ولا نزحنا شحطاً.
3- خ . ل : فإن كان هذا الأمر لك خاصة فأمسك عليك ، فلسنا محتاجين إليك.
4- خ . ل : وأما قولك : إنا نخاف تفاقم الخطب بكم، فهذا الذي فعلتموه أوائل ذلك ، والله المستعان.
5- انظر : تاريخ اليعقوبي : 124/2؛ كتاب سليم : 77 (الطبعة المحققة : 2 / 575 الحديث الثالث ) ، وعنه في : بحار الأنوار: 291/28 - 293؛ شرح نهج البلاغة : 220/1 - 221؛ الإمامة والسياسة : 21/1 مثالب النواصب : 258 - 260 ( الخطية ).
6- جامع الأحاديث : 106/13.
7- دلائل الإمامة : 39.

على أبي بكر قسم بين الناس قسماً، فبعث إلى عجوز من بني عدي بن النجار [قسمها ] مع زيد بن ثابت فقالت ما هذا؟ قال: قسم قسمه أبو بكر للنساء ؟

فقالت : أتراشونني عن ديني ؟ فقالوا : لا ، فقالت : أتخافون أن أدع ما أنا عليه ؟ فقالوا: لا فقالت: والله لا آخذ منه شيئاً أبداً. (1)

ص: 97


1- جامع الأحاديث : 88/13، وراجع شرح نهج البلاغة : 53/2.

ص: 98

الفصل الثالث : تفصيل قضية الهجوم

اشارة

تفصيل قضيّة الهجوم

ص: 99

ص: 100

ملحوظة

سبق وأن أشرنا إلى أنا في غالب هذه النصوص المنقولة هنا - أي في الفصل الثالث - قمنا بعملية تجميع مقاطع من مصادر متعددة ثم ضم بعضها إلى الآخر، مشيرين إلى ذلك في الهامش فكل مقطوعة يراجع بها مصدرها، فتدبر.

الهجوم الأول

لما فرغ أمير المؤمنين علیه السلام من دفن رسول الله صلی الله علیه و آله أقام في منزله بما عهد إليه رسول الله صلی الله علیه و آله (1) واجتمع إليه جماعة من بني هاشم والأصحاب من المهاجرين والأنصار (2) - كالعبّاس (3) والزبير (4) والمقداد (5) وطلحة (6) وسعد بن أبي وقّاص .. (7) - فإنّهم غضبوا من بيعة أبي بكر ، (8) وأرادوا التحيّز عنه وإظهار

ص: 101


1- اثبات الوصية : 145 - 146.
2- راجع تاريخ الطبري : 202/3؛ تاريخ اليعقوبي : 126/2؛ نهج الحق : 271.
3- العقد الفريد : 259/4.
4- الطبري : 202/3 ، وذكره كثير من أرباب السيرة.
5- شرح نهج البلاغة : 56/2.
6- تاريخ الطبري: 202/3؛ الكامل لابن الأثير : 325/20؛ وذكر هؤلاء الأربعة في السيرة الحلبية : 360/3.
7- شرح نهج البلاغة : 56/2.
8- الرياض النضرة : 241/1؛ تاريخ الخميس : 169/2.

الخلاف عليه ، (1) وأن يبايعوا أمير المؤمنين علیه السلام . (2) وقد أشار إلى ذلك معاوية في كتابه إلى أمير المؤمنين علیه السلام بقوله : وما يوم المسلمين منك بواحد، لقد حسدت أبا بكر !... والتويت عليه ، ورمت إفساد أمره ، وقعدت في بيتك عنه، واستغويت عصابة من الناس حتى تأخروا عن بيعته .. (3)

فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع، فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة .. فألفوهم مجتمعين، فقالوا لهم : بايعوا أبا بكر ! فقد بايعه الناس! فوتب الزبير إلى سيفه، فقال عمر عليكم بالكلب فاكفونا شره.. فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره ، (4) وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر ، فلما حضروا قالوا: بايعوا أبا بكر ! فقد بايعه الناس، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنّكم بالسيف.. فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع (5) حتى لم يبق ممن حضر إلا علي بن أبي طالب علیه السلام فقال له : بايع أبا بكر ، فقال علي علیه السلام : «أنا أحق بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلی الله علیه و آله وتأخذونه منا أهل البيت غصباً ؟! ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم

ص: 102


1- الجمل : 117.
2- شرح نهج البلاغة : 56/2.
3- شرح نهج البلاغة : 186/15.
4- أقول : الظاهر ان إخراج الزبير وكسر سيفه إنما كان في الهجوم الثاني الذي وقع قبل الهجوم الثالث بلحظات يسيرة ، راجع : تاريخ الطبري : 203/3؛ الكامل لابن الأثير : 325/2؛ شرح نهج البلاغة : 45/2، 56050 ا و 47/6 - 48؛ المسترشد : 378 ، وأما في الهجوم الأول فقد صرحوا بعدم مبايعة أمير المؤمنين علیه السلام ، بل قال علیه السلام : في جواب عمر : «إذن والله لا أقبل قولك ولا أبايعه»، وورد في غير هذه الرواية أيضاً سكوتهم عنه علیه السلام حينذاك، كما يظهر لمن راجع مصادر الروايات التي أوردناها في الهجوم الأول، وكذا ما في الإيضاح للنيشابوري : 367 والمسترشد للطبري : 381. فالظاهر والله أعلم - أن ذكر إخراج الزبير وكسر سيفه هنا وهم صدر من الرواة بسبب الخلط بين الهجوم الأول والثانى .
5- لم يذكر ابن أبي الحديد مبايعة بني هاشم لأبي بكر هنا ويعضده ما ذكروه من عدم مبايعة أمير المؤمنين علیه السلام وبني هاشم بأجمعهم في حياة فاطمة علیها السلام .. وقد مر قريباً.

لمكانكم من رسول الله صلی الله علیه و آله فأعطوكم المقادة ، وسلّموا لكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار ، أنا أولى برسول الله صلی الله علیه و آله حياً وميتاً. (وأنا وصيّه ووزيره ومستودع سرّه وعلمه، وأنا الصدّيق الأكبر، أوّل من آمن به وصدقه، وأحسنكم بلاءاً في جهاد المشركين وأعرفكم بالكتاب والسنة، وأفقهكم في الدين، وأعلمكم بعواقب الأمور، وأذربكم لساناً، وأثبتكم جناناً، فعلام تنازعونا هذا الأمر .. ؟!) (1) أنصفونا - إن كنتم تخافون الله - من أنفسكم واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم ، وإلا فبووا بالظلم وأنتم تعلمون .. » .

( فقال :عمر أما لك بأهل بيتك أسوة ..؟! فقال علي علیه السلام : « سلوهم عن ذلك ..» ، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم، فقالوا : ما بيعتنا بحجة على علي علیه السلام .. ومعاذ الله أن نقول أنا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد والمحل من رسول الله صلی الله علیه و آله ) (2) فقال عمر : إنّك لست متروكاً حتى تبايع طوعاً أو كرهاً . فقال علي علیه السلام : «احلب حلباً لك شطره، اشدد له اليوم ليردّ عليك غداً، إذا والله لا أقبل قولك ، ولا أحفل بمقامك .. ولا أبايع ، فقال أبو بكر : مهلاً يا أبا الحسن ما تشدّد عليك ولا نكرهك . فقام أبو عبيدة إلى علي علیه السلام فقال : يا ابن عم ا لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك ولكنك حدث السنّ - وكان لعليِّ علیه السلام يومئذ ثلاث وثلاثون سنة - وأبو بكر شيخ من مشايخ قومك ، (3) وهو أحمل لنقل هذا الأمر، وقد مضى الأمر بما فيه، فسلّم له، فإن عمرك الله لسلّموا هذا الأمر إليك ، ولا يختلف عليك اثنان بعد هذا إلا وأنت به خليق وله حقيق... (ولا تبعث الفتنة قبل أوان الفتنة، قد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك) . (4)

فقال أمير المؤمنين علیه السلام : « يا معاشر المهاجرين والأنصار ! الله الله (لا تنسوا عهد

ص: 103


1- ما بين القوسين لا يوجد فى شرح نهج البلاغة والإمامة والسياسة.
2- ما بين القوسين لا يوجد فى شرح نهج البلاغة والإمامة والسياسة.
3- ذكره ابن قتيبة وابن أبي الحديد هكذا : هؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأُمور ... وفي هذا الكلام إشارة إلى حكومة " الحزب " دون شخص أبي بكر ، فتدبرٍ.
4- ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة والإمامة والسياسة.

نبيّكم إليكم في أمري و ) » . (1) لا تخرجوا سلطان محمّد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم وتدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس يا معاشر الجمع ! ( إن الله قضى وحكم ونبيه أعلم وأنتم تعلمون) (2) إنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان منا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله، المضطلع بأمر الرعية ؟ والله إنه لفينا لا فيكم، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعداً، وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم . فقال بشير بن سعد الأنصاري ( - الذي وطّأ الأمر لأبي بكر - وقالت جماعة الأنصار ) : (3) يا أبا الحسن ! لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك قبل الانضمام لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان .

( .. فقال علي علیه السلام : « يا هؤلاء ! أكنتُ أدع رسول الله صلی الله علیه و آله مسجى لا أُواريه وأخرج أنازع في سلطانه ؟!!) . (4)

وفي رواية: «لبيعتي كانت قبل بيعة أبي بكر ، شهدها رسول الله صلی الله علیه و آله وأمر الله بها، أو ليس قد بايعني ؟!... فما بالها يدعيان ما ليس لها وليسا بأهله» . (5)

« والله ما خفت أحداً يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه ويستحلّ ما استحللتموه، ولا علمت أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله له ترك يوم غدير خم لأحد حجّة ، ولا لقائل مقالاً ، فأنشد الله رجلاً سمع النبي صلی الله علیه و آله يوم غدير خم يقول: « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله ».. أن يشهد بما سمع » .

قال زيد بن أرقم : فشهد اثنا عشر رجلاً بدرياً بذلك، وكنت ممن سمع القول من رسول الله صلی الله علیه و آله فكتمت الشهادة يومئذ فذهب بصري .

قال : وكثر الكلام في هذا المعنى وارتفع الصوت وخشي عمر أن يصغى إلى قول

ص: 104


1- ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة والإمامة والسياسة.
2- ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة والإمامة والسياسة.
3- ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة والإمامة والسياسة.
4- ما بين القوسين لا يوجد في شرح نهج البلاغة.
5- مثالب النواصب : 139 ( الخطية).

علي علیه السلام ، ففسخ المجلس وقال : إنّ الله تعالى يقلب القلوب والأبصار، ولا يزال - يا أبا الحسن ! - ترغب عن قول الجماعة. فانصرفوا يومهم ذلك) . (1)

اشتغال أمير المؤمنين علیه السلام يجمع القرآن

فجلس أمير المؤمنين في بيته واشتغل بجمع القرآن كما أوصاه النبي صلی الله علیه و آله - من يومه ذلك - وهو اليوم الثالث من وفاة النبي صلی الله علیه و آله ، أي يوم الأربعاء - (2) فأكثر الناس في تخلفه عن بيعة أبي بكر، واشتدّ أبو بكر وعمر عليه في ذلك، فخرجت أُمّ مسطح بن أثاثة فوقفت فوقفت عند القبر وقالت :

كانت أمور وأنباء وهنبئة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

ص: 105


1- الاحتجاج : 73 - 75 ، وعنه في بحار الأنوار: 183/28 - 188؛ الإمامة والسياسة : 18/1 - 19؛ مثالب النواصب : 138 - 1390 ( الخطية ) : شرح نهج البلاغة : 11/6 - 12 . وجعلنا القوسين () علامة للمواضع المحذوفة في الإمامة والسياسة وشرح نهج البلاغة : وبعد التأمل تجد ما حذف نصاً على إمامة أمير المؤمنين ووصايته، ولا يجديهم ما دلسوه مع قولهم عنه : ( وتأخذونه منا أهل البيت غصباً». وقوله : « فبووا بالظلم وأنتم تعلمون ؟».. وغيرها. ثم : ذكر بعض ما وقع في هذا المجلس في غير واحد من كتب الفريقين نحو : كتاب الردة للواقدي : 46 - 147 الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي : 13/1 - 14 روضة الصفا : 595/2 - 597؛ حبيب السير : 447/1؛ المستر شد للطبري : 374 - 376 ( عن مولانا أبي جعفر الباقر ) : أنوار اليقين للحسيني الزيدي : 380، شفاء صدور الناس : 478 - 479؛ التاريخ السياسي والحضاري للسيد عبد العزيز سالم : 177؛ تاريخ الدولة العربية : 161؛ دائرة المعارف، محمد فريد وجدى : 758/3 - 759.
2- أقول : بناءً على أن الدفن كان في ليلة الأربعاء كما ورد في غير واحد من روايات الفريقين - فلا شك في كون يوم الأربعاء الأول من أيام جمع القرآن، هذا من حيث المبدأ . أما تاريخ الفراغ : فالذي يظهر من رواية القرآت الكوفي في تفسيره بسنده عن مولانا أبي جعفر علیه السلام ومما ذكره ابن النديم في الفهرست أنه فرغ بعد ثلاثة أيام. راجع : تفسير الفرات : 398 - 399؛ وعنه في بحار الأنوار : 249/23 : الفهرست : 30؛ ولكن ورد في الروايات عن أبي جعفر الباقر علیه السلام عن آبائه علیهم السلام أن أمير المؤمنين غلیه السلام لة خطب خطبة (الوسيلة) بعد موت النبي صلی الله و علیه و آله بسبعة أيام، وفي بعض النسخ بتسعة أيام، وذلك حين فرغ من جمع القرآن. راجع : الكافي : 172؛ التوحيد : 73؛ الأمالي للشيخ الصدوق : 320؛ الأمالي للشيخ الطوسي : 263/1 ، وعنه في بحار الأنوار : 221/4 و 382/77

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (1)

قالوا : وكان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي علیه السلام فيتشاورون ويتراجعون أمورهم ، فجاء عمر وكلّم فاطمة الزهراء علیها السلام وحلف لها وقال : إن اجتمع هؤلاء النفر عندكم آمر بإحراق البيت عليهم .. (2)

وفي رواية : أن يهدم البيت عليهم .. . (3)

فوقفت فاطمة علیها السلام على بابها فقالت : « لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول الله صلی الله و علیه و آله جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقاً » . (4)

وفي رواية : « .. وقطعتم أمركم في ما بينكم فلم تؤمرونا ولم تروا لنا حقنا ، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها ،الرجاء، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة » . (5)

المراجعات مع أمير المؤمنين

ثم إن عمر أتى أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ (6) فإنّ الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر ! .. (7) أرسل إلى

ص: 106


1- شرح نهج البلاغة : 50/2 و 46/6.
2- المصنف لابن أبي شيبة : 267/14؛ المذكر والتذكير والذكر : 41؛ السقيفة وفدك ، وعنه في شرح نهج البلاغة : 145/2؛ مسند فاطمة الزهراء : 20 - 21؛ جامع الأحاديث : 267/13؛ ( جمع الجوامع : 1 ق 1163/2) قرة علم العينين : 78؛ إزالة الخفا : 29/2 ، 179.. وغيرها.
3- الجواب الحاسم، طبع مع المغني للقاضي الأسد آبادي : 20 ق 269/2.
4- خ . ل : لم تشاورونا ولم تروا لنا حقاً ، كما في الإمامة والسياسة : 19/1.
5- الاحتجاج : 80 وعنه في بحار الأنوار : 204/28.
6- الامامة والسياسة : 19/1.
7- کتاب سليم : 249 (الطبعة المحققة : 2 / 863 - 862 الحديث الثامن والأربعون ).

علي فليبايع، فإنا لسنا في شيء حتّى يبايع .. ولو قد بايع أمنّاه (1)

وفي رواية يا هذا ليس في يديك شيء منه مالم يبايعك علي ، فابعث إليه حتى : يأتيك فيبايعك، فإنّما هؤلاء رعاع... فبعث إليه قنفذاً، فقال له : اذهب فقل لعلي أجب خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله، فذهب قنفذ فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر : قال لك : «ما خلف رسول الله صلی الله علیه و آله أحداً غيري ، (2) السريع ما كذبتم على رسول الله صلی الله علیه و آله » . (3)

وفي رواية ابن عباس : قال علي علیه السلام : «ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلی الله علیه و آله وارتددتم والله ما استخلف رسول الله صلی الله علیه و آله غيري فارجع يا قنفذ ! - فإنّما أنت ، رسول ، فقل له : قال لك علي علیه السلام : والله ما استخلفك رسول الله صلی الله علیه و آله ، وإنك لتعلم مَنْ خليفة رسول الله » ، فأقبل قنفذ إلى أبي بكر فبلغه الرسالة فقال أبو بكر: صدق علي !.. ما استخلفنى رسول الله صلى الله عليه و آله . (4)

وفي رواية أُخرى لما جاء قنفذ قال الفاطمة علیها السلام : أنا قنفذ رسول أبي بكر ابن أبي قحافة خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله ، قولي لعلي : يدعوك خليفة رسول الله !.. قال علي علیه السلام: «قولي: ما أسرع ما ادعيت ما لم تكن بالأمس، حين خاطبت الأنصار في ظلة بنی ساعدة ودعوت صاحبيك عمر وأبا عبيدة » . فقالت فاطمة ذلك، فرجع قنفذ ، فقال عمر : ارجع إليه فقل : خليفة المسلمين يدعوك .

فردّ قنفذ إلى عليّ فأدى الرسالة ، فقال علي علیه السلام : « من استخلف متسخلَفاً فهو دون من استخلفه، وليس للمستخلِف أن يتأمر على المستخلف .. » فلم يسمع له ولم يطع . (5)

فبكي أبو بكر طويلاً .. (6) فغضب عمر ووثب وقام وقال ألا تضمّ هذا .

ص: 107


1- کتاب سليم : 82 (الطبعة المحققة 583/2 الحديث الرابع ).
2- تفسير العياشي : 66/2- 67؛ والاختصاص : 185 - 186.
3- الإمامة والسياسة : 19/1.
4- كتاب سليم : 249 (الطبعة المحققة : 2 / 863 الحديث الثامن والأربعون ) : وعنه في بحار الأنوار: 297/28.
5- الكشكول للسيد حيدر الأملى : 83-84.
6- الامامة والسياسة : 19/1.

المتخلّف عنك بالبيعة ؟!.. فقال أبو بكر: اجلس ثم قال لقنفذ : اذهب إليه فقل له : أجب أمير المؤمنين أبا بكر .. فأقبل قنفذ حتى دخل على علي علیه السلام فأبلغه الرسالة، فقال: كذب والله انطلق إليه فقل له : لقد تسمّيت باسم ليس لك، فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك ... فرجع قفنذ فأخبرهما . (1)

وفي رواية سلمان عنه علیه السلام : سبحان الله ! ما - والله - طال العهد فينسى والله إنّه ليعلم إنّ هذا الاسم لا يصلح إلا لي، ولقد أمره رسول الله صلی الله علیه و آله - وهو سابع سبعة - فسلّموا عليّ بإمره المؤمنين ، فاستفهم هو وصاحبه من بين السبعة، فقالا : أمر ورسوله ، فقال لهم رسول الله صلی الله علیه و آله : « نعم حقاً من الله ورسوله إنّه أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين، وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار» . (2)

فوثب عمر غضبان فقال : والله إنّي لعارف بسخفه!.. وضعف رأيه .. وإنّه لا يستقيم لنا أمر حتى نقتله.. فخلني آتيك برأسه ، فقال أبو بكر: اجلس فأبى فأقسم عليه فجلس ثم قال : يا قنفذ انطلق فقل له : أجب أبا بكر .. فأقبل قنفذ فقال : يا علي أجب أبا بكر ، فقال علي علیه السلام : «إنّي لفي شغل عنه، وما كنت بالذي أترك وصيّة خليلي وأخي وأنطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور» . (3)

وفي رواية قال أبو بكر : ارجع إليه فقل : أجب ! فإنّ الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وقريش، وإنما أنت رجل من المسلمين لك ما لهم وعليك ما عليهم ، وذهب إليه قنفذ فما لبث أن رجع ، فقال : قال لك: «إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال لي وأوصاني إذا واريته في حفرته : أن لا أخرج من بيتي حتَّى أُؤلف كتاب الله فإنّه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل.. » . (4)

ص: 108


1- كتاب سليم : 249 ( الطبعة المحققة : 863/2 الحديث الثامن والأربعون ) : وعنه في بحار الأنوار: 297/28.
2- کتاب سليم : 82 ( الطبعة المحققة : 2 / 583 الحديث الرابع ).
3- کتاب سليم : 249، ( الطبعة المحققة : 863/2 الحديث الثامن والأربعون ) : وعنه في بحار الأنوار: 297/28.
4- تفسير العياشي : 66/2- 67 : الاختصاص : 186.

أقول : يستفاد من ظاهر بعض الروايات وقوع الهجوم الأخير في هذا اليوم لذكره عقيب هذه المراسلات، كما يظهر من كلام المسعودي، ولكن روى سليم عن سلمان أنّ إرسالهم كان بعد عرض القرآن عليهم ، قال سلمان :

لّما بعث إليه علي علیه السلام : « إني مشغول وقد آليت على نفسي يميناً أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه ..» سكتوا عنه أياماً، فجمعه في ثوب واحد وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله فنادى علي علیه السلام بأعلى صوته : «أيّها الناس ! إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلی الله علیه و آله مشغولاً بغسله، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد، فلم ينزل الله على رسوله آية منه إلا وقد جمعتها وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلی الله علیه و آله وعلمني تأويلها .. » .

ثم قال علي علیه السلام : « لئلا تقولوا غداً إنا كنا عن هذا غافلين، لا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعُكم إلى نصرتي .. ولم أُذكركم حقي .. ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته » فقال له عمر : ما أغنانا بما معنا من القرآن عمّا تدعونا إليه !

ثم دخل علي علیه السلام بيته . (1)

ثم ذكر مراودات القوم معه كما مر .. وقال : فسكتوا عنه يومهم ذلك.

الاستنصار

قال سلمان : فلما كان الليل حمل على علیه السلام فاطمة علیها السلام على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين علیهم السلام، فلم يدع أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله إلا أتاه في منزله،

فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا أربعة، فإنّا حلقنا رؤوسنا، وبذلنا له نصرتنا، فلما أن رأى علي علیه السلام خذلان الناس إيّاه وتركهم

ص: 109


1- کتاب سليم: 81-82 (الطبعة المحققة : 582/2 - 582 الحديث الرابع) : وراجع أيضاً ما نقله في بحار الأنوار: 307/28 عن المسعودي في إثبات الوصية. وفي 52/92 عن المناقب.

نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه لزم بيته . (1)

وفي رواية ابن قتيبة : خرج علي علیه السلام يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله على دابة ليلاً يدور [بها ] في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون يا بنت رسول الله ؛ قد مضت بيعتنا هذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به !..

فيقول علي علیه السلام : أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه و آله في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه .. ؟! » .

فقالت فاطمة علیها السلام : « ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ، وقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم » . (2)

الهجوم الثانى

ثم أخبر أبو بكر باجتماع بعض المتخلفين عند أمير المؤمنين علیه السلام فبعث إليهم عمر بن الخطاب في جمع كثير ، (3) فجاء فناداهم فأبوا أن يخرجوا، فدعاء بالحطب، فقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنها على من فيها .. فقيل له :

ص: 110


1- کتاب سلیم: 81 83 (الطبعة المحققة : 581/2 - 580 الحديث الرابع ) : وعنه بحار الأنوار: 264/28-268.
2- الإمامة والسياسة : 19/1؛ وراجع الاحتجاج 75، 81 - 82، 190 وعنه في بحار الأنوار: 419/29؛ الهداية الكبرى : 178 ، 408؛ كامل بهائي : 4/2؛ الاختصاص : 184؛ كتاب سليم : 81 - 82، 128، 191 ( الطبعة المحققة : 2 / 76506650580 ، الأحاديث الرابع والثاني عشر والخامس والعشرون ) ، وعنه في بحار الأنوار: 28 / 267 - 268 و 29 / 468؛ الصراط المستقيم : 2/ 80 - 79؛ مثالب النواصب : 233 ( الخطية )؛ دلائل الإمامة : ج 2 ، وعنه في بحار الأنوار: 292/30 - 293؛ العوالم : 425/11؛ شرح نهج البلاغة : 2 / 47 و 13/6 و 11 / 14 و 39/18 وعنه في بحار الأنوار : 352/28؛ دائرة المعارف، فريد وجدي 759/3؛ موسوعة آل النبي صلی الله علیه و آله الدكتورة عائشة بنت الشاطي : 614؛ تراجم سيدات بيت النبوة ، لها أيضاً: 613-614؛ فاطمة بنت محمد صلی الله علیه و آله، عمر أبو النصر : 117 - 118؛ السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام للدكتور بيومى مهران : 137؛ الصديق أبو بكر ، محمد حسين هيكل : 65 أعلام النساء كحالة : 114/4؛ أهل البيت ، توفيق أبو علم : 167؛ وفي حاشية شفاء صدور الناس : 484 عن الكامل المنير.
3- الاحتجاج: 80.

يا أبا حفص ! إنّ فيها فاطمة! فقال : وإن ؟!! (1)

ثم استأذن عمر أن يدخل عليهم فلم يُؤذن له، فشغب وأجلب . (2)

خروج الزبير

فخرج إليه الزبير مصلتاً سيفه ، (3) وقال : لا أغمده حتى يُبايع علي علیه السلام .. (4) وشدّ على عمر ليضربه بالسيف، فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده . (5)

وفي رواية : ففرّ عمر من بين يديه - حسب عادته - وتبعه الزبير فعثر بصخرة في طريقه فسقط لوجهه . (6)

وفي رواية أُخرى : زلّت قدمه وسقط إلى الأرض،

فقال أبو بكر : عليكم بالكلب . (7) وفي رواية : فنادى عمر : دونكم الكلب .. (8) فوثبوا عليه (9) وأحاطوا به وكانوا أربعين رجلاً ، (10) فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، (11) فندر السيف من يده ، (12) فقال عمر: خذوا سيفه واضربوا به الحجر .. (13)

ص: 111


1- الإمامة والسياسة : 19/1.
2- مثالب النواصب : 136 - 137 ( الخطية )؛ الرسائل الاعتقادية : 447/1.
3- تاريخ الطبري : 202/3.
4- تاريخ الطبري : 202/3؛ الكامل لابن الأثير : 325/2.
5- الاختصاص : 186.
6- مثالب النواصب : 136 - 137 (الخطية)؛ الرسائل الاعتقادية : 447/1 - 448.
7- أمالي الشيخ المفيد : 49 - 50.
8- مثالب النواصب : 136 - 137 (الخطية)؛ الرسائل الاعتقادية : 447/1-448.
9- تاريخ الطبري: 202/3.
10- بحار الأنوار: 291/30.
11- ولعله عبد الله بن أبي ربيعة ، راجع : تثبيت الإمامة : 17.
12- شرح نهج البلاغة : 56/2.
13- تاريخ الطبري : 203/3؛ الكامل : 325/2.

وفي رواية : صاح به أبو بكر - وهو على المنبر : اضربوا به الحجر . (1)

فأخذ سلمة بن أسلم سيفه فضربه على صخرة أو جدار (2) فكسره .

وفي رواية أخرى: إنّ محمّد بن سلمة هو الذي كسره .. (3)

وفي رواية ثالثة : إنّ عمر ضرب بسيفه صخرة فكسره . (4)

فخرج من كان في الدار فبايعوا (5) إلا على علیه السلام .

المؤامرة للهجوم الأخير

فقال عمر لأبي بكر : ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع .. ؟! (6) وإن لم تفعل لأفعلن ! ثم خرج مغضباً وجعل ينادي القبائل والعشائر : أجيبوا خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله ! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان ... فاجتمعوا عند مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله فدخل على أبي بكر ، وقال : قد جمعت لك الخيل والرجال .. (7) فقال له أبو بكر : من نرسل إليه ؟ قال :عمر نرسل إليه قنفذاً فهو رجل فطّ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب فارسله وأرسل معه أعواناً (8) وقال له: أخرجهم من البيت .. فإن خرجوا وإلا فاجمع الأحطاب على بابه ، وأعلمهم : إنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم ناراً (9)

ص: 112


1- شرح نهج البلاغة : 56/2 و 48/6.
2- المسترشد : 378.
3- شرح نهج البلاغة : 48/6.
4- شرح نهج البلاغة : 48/6.
5- في الهجوم الثاني على البيت خرج من كان في الدار غير أهل البيت علیهم السلام ولكنهم لم يبايعوا حتى بايع أمير المؤمنين علیه السلام مكرهاً. راجع : الكافي : 245/8: رجال الكشي : 26/1 : تفسير العياشي : 199/1، عنهما بحار الأنوار : 351،333/22.
6- كتاب سليم : 83 ( الطبعة المحققة : 2/ 584 الحديث الرابع ).
7- الكوكب الدرى: 194/1 - 195.
8- کتاب سليم : 82 (الطبعة المحققة : 584/2 الحديث الرابع ).
9- الجمل: 117.

فانطلق قنفذ واستأذن على علي علیه السلام فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر - وهما جالسان في المسجد والناس حولهما - فقالوا: لم يؤذن لنا ، فقال عمر : اذهبوا فإن أذن لكم وإلّا فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا فاستأذنوا ، فقالت فاطمة علیها السلام : « أحرّج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن...» فرجعوا وثبت قنفذ فقالوا : إنّ فاطمة قالت ... كذا وكذا .. فتحرّجنا أن ندخل بيتها بغير إذن.

الهجوم الأخير

فغضب عمر وقال : ما لنا وللنساء ..؟! ثم أمر أُناساً حوله بتحصيل الحطب . (1)

وفي رواية : فوتب عمر غضبان.. فنادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً ، (2) فقال أبو بكر لعمر: إنتنى به بأعنف العنف !.. (3) وأخرجهم وإن أبوا فقاتلهم ، (4) فخرج في جماعة (5) كثيرة (6) من الصحابة (7) من المهاجرين والأنصار ، (8) والطلقاء ، (9) والمنافقين ، (10) وسفلة الأعراب وبقايا الأحزاب (11)

وفي رواية : إنّهم كانوا ثلاثمائة . (12) وقيل غير ذلك ، منهم :

ص: 113


1- كتاب سليم : 83 ( الطبعة المحققة : 2/ 585 الحديث الرابع ).
2- كتاب سليم : 250 (الطبعة المحققة : 2 / 864 الحديث الثامن والأربعون).
3- أنساب الأشراف: 587/1-588.
4- العقد الفريد : 259/4. (ط المصر).
5- تاريخ اليعقوبي : 126/2؛ المستر شد : 377 - 378.
6- شرح نهج البلاغة : 49/6؛ الاحتجاج : 80.
7- الكشكول : 83 - 84.
8- تاريخ الخميس : 169/2.
9- علم اليقين : 686/2.
10- المصدر السابق : مؤتمر علماء بغداد : 63؛ كامل بهائي : 305/1؛ حديقة الشيعة : 30.
11- مصباح الزائر : 463 - 464.
12- جنات الخلود : 19.

1 - عمر بن الخطاب (1)

2 - خالد بن الوليد (2)

3- قنفذ (3)

4 - عبد الرحمن بن عوف (4)

5 - أُسيد بن حضير (5) الأشهلي (6)

6 - سلمة بن سلامة بن وقش الأشهلى (7)

7 - سلمة بن أسلم (8) وفي الروايات سلمة بن أسلم بن جريش الأشهلي (9)

8 - المغيرة بن شعبة (10)

9 - أبو عبيدة بن الجراح (11)

10 - ثابت بن قيس بن شماس (12)

ص: 114


1- اتفق الجميع على كون عمر بن الخطاب منهم.
2- تفسير العياشي : 66/2؛ شرح نهج البلاغة : 57/2 و 48/6؛ مؤتمر علماء بغداد : 63؛ الاختصاص : 186؛ كتاب سليم : 251 (الطبعة المحققة : 2 / 864 الحديث الثامن والأربعون)؛ كامل بهائي : 305/1؛ الكشكول : 83 - 84؛ الهداية الكبرى: 178 - 179؛ بحار الأنوار: 348،290/30 و 13/53.
3- تفسير العياشي: 307/2 - 308؛ مؤتمر علماء بغداد : 63؛ الجمل : 117؛ کتاب سليم : 84 ( الطبعة المحققة : 2 / 584 الحديث الرابع )؛ الهداية الكبرى : 178 - 179 و 400؛ حديقة الشيعة : 30؛ بحار الأنوار: 290/30 - 248 و 18/53.
4- السنن البيهقي : 152/8؛ المستدرك: 66/3؛ حياة الصحابة للكاندهلوي : 13/2؛ شرح نهج البلاغة : 48/6؛ الكشكول : 83 - 84؛ حديقة الشيعة : 30.
5- خ . ل : حصين.
6- شرح نهج البلاغة : 50/2 و 1/6، 47؛ الإمامة والسياسة : 18/1؛ الاحتجاج : 73؛ تاريخ الخميس : 169/2.
7- شرح نهج البلاغة : 50/2 و 47/6؛ الاحتجاج : 73؛ تاریخ الخميس : 169/2.
8- شرح نهج البلاغة : 11/6؛ الإمامة والسياسة 18/1.
9- المسترشد : 378.
10- الاختصاص : 186 ، تفسير العياشي : 66/2؛ الكوكب الدري : 194/1.
11- الكوكب الدري: 194/1.
12- تاريخ الخميس : 169/2؛ شرح نهج البلاغة : 48/6.

11 - محمد بن مسلمة (1)

12 - سالم مولى أبي حذيفة (2)

13 - أسلم العدوي (3)

14 - عياش بن ربيعة (4)

15 - هرمز الفارسي (جد عمرو بن أبي المقدام) (5)

16 - عثمان بن عفان (6)

17 - زياد بن لبيد (7)

18 - عبد الله بن أبي ربيعة (8)

19 - عبد الله بن زمعة (9)

20 - سعد بن مالك (10)

21 - حماد (11)

22 - عبدالرحمن بن أبي بكر (12)

وذكروا بعضهم أبا بكر أيضاً ،(13) وكذا زيد بن ثابت (14)

فقال لهم عمر : هلموا في جمع الحطب .. (15)

ص: 115


1- شرح نهج البلاغة : 48/6 ، السنن للبيهقي : 152/8؛ المستدرك : 66/3؛ حياة الصحابة : 13/2.
2- الجمل : 117؛ الاختصاص : 186؛ تفسير العياشي : 67/2.
3- الشافي لابن حمزة: 173/4.
4- الشافي لابن حمزة: 173/4.
5- الاختصاص : 186؛ تفسير العياشي : 66/2-67.
6- الاختصاص : 186؛ تفسير العياشي : 66/2-67.
7- شرح نهج البلاغة : 56/2 و 48/6.
8- تثبيت الإمامة : 17.
9- مثالب النواصب : 136 (الخطية).
10- مثالب النواصب : 136 (الخطية).
11- مثالب النواصب : 136 (الخطية).
12- بحار الأنوار: 53 / 19.
13- الاختصاص : 186؛ تفسير العياشي : 66/2؛ الكوكب الدري: 194/1 - 195، ولعله المستفاد مما رواه الشيخ 194/1؛ المفيد في الأمالي : 49 - 50 فراجع.
14- في رواية موضوعة رووها عن أبي سعيد الخدري راجع كنز العمال : 613/5.
15- دلائل الأمامة : ج 2 ، وعنه في بحار الأنوار: 293/30.

فأتوا بالحطب ، (1) والنار ، (2) وجاء عمر ومعه فتيلة . (3)

وفي رواية : أقبل بقبس من نار (4) وهو يقول : إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت .. فقيل له : إنّ في البيت فاطمة، أفتحرقها ؟ قال : سنلتق أنا وفاطمة !! (5)

فساروا إلى منزل علي علیه السلام وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه . (6)

قال أُبي بن كعب فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي علیه السلام .. (7) وكانت فاطمة علیه السلام قاعدة خلف الباب قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله (8) فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم، وهي لا تشكّ أن لا يدخل عليها إلا بإذنها (9) فقر عوا الباب قرعاً شديداً (10) ورفعوا أصواتهم وخاطبوا من في البيت بخطابات شتّى ، (11) ودعوهم إلى بيعة أبي بكر . (12)

وصاح عمر : يابن أبي طالب ! افتح الباب !.. (13)

ص: 116


1- الطرائف : 239؛ نهج الحق: 271؛ مؤتمر علماء بغداد : 63؛ دلائل الإمامة : 242 (ط مؤسسة البعثة : 455) كتاب سليم : 83 (الطبعة المحققة : 2 / 585 الحديث الرابع ) ، وغيرها .
2- تفسير العياشي : 308/2 کتاب سليم : 250 (الطبعة المحققة : 864/2 الحديث الثامن والأربعون )؛ الهداية الكبرى : 178 - 179.
3- أنساب الأشراف: 586/1.
4- العقد الفريد : 242/4 (ط مكتبة النهضة المصرية)؛ تاريخ أبي الفداء : 156/1.
5- الشافي ، لابن حمزة : 173/4.
6- العقد الفريد : 242/4؛ تاريخ أبي الفداء : 156/1؛ أمالي الشيخ المفيد : 50 .. ومصادر أخرى.
7- الكوكب الدرى : 194 - 195.
8- كتاب سليم : 250 (الطبعة المحققة : 2 / 864 الحديث الثامن والأربعون ).
9- تفسير العياشي : 67/2؛ الاختصاص : 186.
10- دلائل الإمامة : ج 2 ، وعنه في بحار الأنوار: 290/30؛ الكشكول ، للآملي : 83 - 84.
11- حديقة الشيعة : 30.
12- الشافي لابن حمزة : 171/4.
13- كتاب سليم : 250 (الطبعة المحققة : 2 / 864 الحديث الثامن والأربعون ).

والله لئن لم تفتحوا لنحرقنه بالنار !.. (1)

والذي نفسي بيده لتخرجنّ إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم !.. (2)

اخرج - يا علي ! - إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلّا قتلناك ! .. (3)

إن لم تخرج يابن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقن البيت بمن فيه !.. (4)

يابن أبي طالب افتح الباب وإلّا أحرقت عليك دارك !.. (5)

والله لتخرجن إلى البيعة ولتبايعن خليفة رسول الله وإلّا أضرمت عليك النار . (6)

يا علي اخرج وإلا أحرقنا البيت بالنار !.. (7)

فخرجت فاطمة علیها السلام فوقفت من وراء الباب فقالت: «أيها الضالون المكذِّبون ! ماذا تقولون ؟ وأي شيء تريدون ؟ »

فقال عمر : يا فاطمة !

فقالت: «ما تشاء يا عمر ؟».

قال : ما بال ابن عمّك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب ؟

فقالت: «طغيانك - يا شي ! - أخرجني وألزمك الحجة .. وكلّ ضال غوي».

فقال : دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء !! وقولي لعلي يخرج ..

فقالت : « لاحب ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوّفنى يا عمر ؟! وكان حزب الشيطان ضعيفاً».

فقال : إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت

ص: 117


1- علم اليقين : 687/2 : التتمة في تواريخ الأئمة علیهم السلام : 52.
2- السقيفة للجوهري عنه شرح نهج البلاغة : 56/2؛ قريب منها : الطبري : 202/3؛ المسترشد : 378 وغيرها.
3- الهداية الكبرى : 406؛ بحار الأنوار : 18/53.
4- الكشكول : 83-84.
5- کامل بهائی : 305/1.
6- كتاب سليم : 83 (الطبعة المحققة : 2 / 585 الحديث الرابع ).
7- الكوكب الدري : 194 - 195.

وأحرق من فيه أو يقاد على إلى البيعة ! .. (1)

فقالت فاطمة علیها السلام : « يا عمر ! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ »

فقال : افتحي الباب وإلّا أحرقنا عليكم بيتكم .. (2)

فقالت فاطمة علیها السلام : « أفتحرق عليّ ولدي ؟! » (3)

فقال : إي والله أو ليخرجن وليبايعن . (4)

وفي رواية : « يا بن الخطاب ! أتراك محرقاً علي بابي ؟! » قال : نعم . (5)

قالت: « ويحك يا عمر ! ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟! تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتطفئ نور الله والله متم نوره ؟! ».

فقال : كنّي يا فاطمة فليس محمّد حاضراً ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله ! وما عليّ إلّا كأحد من المسلمين، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً !..

فقالت - وهى باكية -: « اللهم إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيك ، وارتداد أمّته علينا ، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيّك المرسل » .

فقال لها عمر : دعي عنك - يا فاطمة ! - حمقات (6) النساء ! فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة !! .. (7)

فقالت: «يا عمر أما تتقي الله عزّ وجلّ .. تدخل على بيتي، وتهجم على داري ؟! » فأبى أن ينصرف . (8)

ص: 118


1- دلائل الإمامة : ج 2 . وعنه في بحار الأنوار: 293/30.
2- کتاب سلیم : 8483 250 (الطبعة المحققة : 0583/2 864، الحديث الرابع والحديث الثامن والأربعون ).
3- خ . ل : عليا وولدي .
4- الطرائف : 239؛ نهج الحق : 271.
5- أنساب الأشراف: 58671 : وانظر: روضة المناظر : 113/11 ( حاشية الكامل لابن الأثير )؛ الجمل: 117؛ كامل بهائي : 24/2.
6- كذا ، والظاهر : حماقات .
7- الهداية الكبرى : 407 ، بحار الأنوار : 19/53.
8- کتاب سليم : 84 250 (الطبعة المحققة : 583/2، 864 الحديث الرابع والحديث الثامن والأربعون ).

إحراق الباب وإسقاط جنين فاطمة علیها السلام وضربها

ثم أمر عمر بجعل الحطب حوالي البيت .. وانطلق هو بنار (1) وأخذ يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها . (2)

فنادت فاطمة علیها السلام بأعلى صوتها : « يا أبت يا رسول الله ! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة » .

فلما سمع القوم صوتها وبكاءَها انصرفوا باكين، وبقي عمر ومعه قوم ، (3) ودعا بالنار وأضرمها في الباب ، (4) فأخذت النار في خشب الباب ، (5) ودخل الدخان البيت ، (6) فدخل قنفذ يده يروم فتح الباب .. (7)

فأخذت فاطمة علیها السلام بعضادتي الباب تمنعهم من فتحه وقالت: « ناشدتكم الله وبأبي رسول الله صلى الله عليه و آله أن تكفّوا عنا وتنصرفوا » .

فأخذ عمر السوط من قنفذ وضرب به عضدها فالتوى السوط على يديها حتى صار كالدملج (8) الأسود . (9)

فضرب عمر الباب برجله فكسره ، (10) وفاطمة علیها السلام قد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه فركل الباب برجله (11) وعصرها بين الباب والحائط عصرة شديدة

ص: 119


1- تفسير العياشي : 308/2.
2- الملل والنحل : 57/1.
3- الإمامة والسياسة : 20/1؛ المسترشد : 377 - 378.
4- كتاب سليم : 250 ( الطبعة المحققة : 2 / 164 - 865 الحديث الثامن والأربعون ).
5- الهداية الكبرى : 407؛ بحار الأنوار : 19/53.
6- الشافي للسيد المرتضى : 241/3.
7- الهداية الكبرى : 407؛ بحار الأنوار: 19/53.
8- الهداية الكبرى : 178 - 179.
9- المصدر السالف : 407 ، بحار الأنوار: 19/53.
10- تفسير العياشي : 67/2؛ الاختصاص : 186.
11- دلائل الإمامة : ج 2 ، وعنه في بحار الأنوار: 294/30.

قاسية حتى كادت روحها أن تخرج من شدّة العصرة ، ونبت المسمار في صدرها (1) ونبع الدم من صدرها ، وثدييها ، (2) فسقطت لوجهها - والنار تسعر (3) -، فصرخت صرخة جعلت أعلى المدينة أسفلها، وصاحت : « يا أبتاه ! يا رسول الله ! هكذا يصنع بحبيبتك وابنتك .. آه ! يا فضة ! إليك فخذيني فقد والله قتل ما في أحشائي »، ثم استندت إلى الجدار وهي تمخض ، (4) وكانت حاملة بالمحسن لستة أشهر فأسقطته (5) فدخل عمر وصفق على خدّها صفقة من ظاهر الخمار ، فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض . (6)

فخرج أمير المؤمنين علیه السلام من داخل الدار محمر العين حاسراً، حتى ألقى ملاءته عليها وضمها إلى صدره وصاح بفضّة : « يا فضة مولاتك ! فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة وردّ الباب، فأسقطت محسناً » .

وقال علیه السلام : «إنّه لاحق بجده رسول الله صلى الله عليه و آله فيشكو اليه » .

وقال الفضة : «واريه بقعر البيت » . (7)

ثم وثب على علیه السلام فأخذ بتلابيب ،عمر ، ثم هزّه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهمّ بقتله، فذكر قول رسول الله صلى الله عليه و آله وما أوصاه به من الصبر والطاعة، فقال: « والذى أكرم محمّداً صلى الله عليه و آله بالنبوة - يا ابن صهاك ! - لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلى رسول الله صلى الله عليه و آله لعلمت أنك لا تدخل بيتي » .

ص: 120


1- مؤتمر علماء بغداد : 63.
2- الكوكب الدرى : 194 - 195.
3- الهداية الكبرى : 178 - 179.
4- دلائل الإمامة : ج 2 ، وعنه في بحار الأنوار: 294/30.
5- الهداية الكبرى : 407؛ بحار الأنوار: 19/53.
6- دلائل الإمامة : ج 2 ، وعنه في بحار الأنوار: 294/30، وراجع : إرشاد القلوب : ج 2، وعنه في بحار الأنوار: 349/30؛ الهداية الكبرى : 4070179؛ المحتضر : 44 - 45 ، ويظهر من بعض الروايات أن لطم الخد كان حين إخراج أمير المؤمنين علیه السلام من البيت، راجع؛ الكوكب الدري : 195.
7- الهداية الكبرى : 408.

فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوّف أن يخرج علي بسيفه لما قد عرف من بأسه وشدّته، فقال أبو بكر لقنفذ : أرجع ، فإن خرج وإلّا فاقتحم عليه بيته، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم النار !

فانطلق قنفذ فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار علي علیه السلام إلى سيفه فسبقوه إليه وكاثروه - وهم كثيرون ، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه (1)

فقال عمر لعلي علیه السلام : قم فبايع لأبي بكر .. فتلكأ واحتبس، فأخذ بيده ، وقال : قم ! فأبى أن يقوم (2) فألقوا في عنقه حبلاً . (3)

وفي رواية : جعلوا حمائل سيفه في عنقه . (4)

وفي غير واحد من النصوص : أخرجوه مليّباً (5) بثيابه يجرونه إلى المسجد .

فصاحت فاطمة علیها السلام وناشدتهم الله (6) وحالت بينهم وبين بعلها، وقالت: « والله لا أدعكم تجرون ابن عمّي ظلماً، ويلكم ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت .. » وبزعمها أنها تخلّصه من أيديهم (7) فتركه أكثر القوم لأجلها.

فأمر عمر قنفذاً أن يضربها ،بسوطه، فضربها بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثر فى جسمها الشريف . (8)

ص: 121


1- كتاب سليم : 84 ( الطبعة المحققة : 586/2 الحديث الرابع ).
2- شرح نهج البلاغة : 57/2 و 49/6.
3- کتاب سليم : 84 ( الطبعة المحققة : 586/2 الحديث الرابع )؛ رجال الكشي : 37/1؛ الاحتجاج : 83؛ الصراط المستقيم : 25/3.
4- الكوكب الدري: 194/1 - 195.
5- الإيضاح : 367؛ بصائر الدرجات : 275؛ تفسير العياشي : 67/2؛ الشافي : 244/3؛ الاختصاص : 11، 186 ، 275؛ المسترشد : 381؛ المناقب: 248/2؛ شرح نهج البلاغة : 45/6. لبب فلاناً : أخذه بتلبيته وجرّه . قال الزمخشري : يقال : لتبت الرجل ولبيته - مثقلاً ومخففاً إذا جعلت في عنقه ثوباً أو حبلاً وأخذت بتلبيته فجررته . والتلبيب مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل . انظر الفائق : 183/3.
6- شرح نهج البلاغة : 50/2.
7- الكوكب الدرى : 194 - 195.
8- علم اليقين : 686/2 - 688.

وفي رواية : ضربها قنفذ على وجهها وأصاب عينها . (1)

وفى رواية أخرى ألجأها قنفذ إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعاً من جنبها .. فألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة . (2)

وفي روايات أخرى ضربها على رأسها أو ذراعها أو كتفها، أو عضدها وبق أثر السوط في عضدها مثل الدملج ، (3) أو لكزها بنعل السيف، وأن الضرب الصادر منه كان السبب في إسقاط جنينها ، (4) أو كان أقوى سبب في ذلك . (5)

وفي رواية : ضربها خالد بن الوليد - أيضاً - بغلاف السيف.

وفي رواية : ضغطها خالد بن الوليد خلف الباب فصاحت .. ولذا أسند بعض الثقاة إسقاط الحمل إلى خالد أيضاً . (6)

وفي رواية : ضربها المغيرة بن شعبة حتى أدماها ، أو دفع الباب على بطنها .. ولذا أسند الإسقاط إليه أيضاً . (7)

وفي رواية : التفت عمر إلى من حوله وقال : اضربوا فاطمة !!.. فانهالت السياط على حبيبة رسول الله صلی الله علیه و آله وبضعته حتى أدموا جسمها ، وبقيت آثار العصرة القاسية

ص: 122


1- سيرة الأئمة الاثنى علیهم السلام : 145/1.
2- الاحتجاج : 83 ، وانظر كتاب سليم : 185 ( الطبعة المحققة : 586/2 الحديث الرابع ) . وفي كسر ضلعها أو جنبها روايات أخرى، راجع كتاب سليم : 907/2؛ الحديث الحادي والستون (الطبعة المحققة ) : أمالي الشيخ الصدوق : 114 (ط بیروت 100) : الفضائل : 9؛ المحتضر : 109,61؛ مكتوب بخط الشيخ الجمعي، وعنه في بحار الأنوار : 44/101؛ فرائد السمطين: 35/2؛ إرشاد القلوب : 295؛ مصباح الكفعمي : 553.
3- كتاب سليم : 134 (الطبعة المحققة : 586/22، 674 - 675، الأحاديث الرابع والثالث عشر والرابع عشر ) : الكشكول للأملى : 83 - 84؛ حديقة الشيعة : 30؛ الكوكب الدري : 194/12 - 195؛ الكبريت الأحمر : 277.
4- دلائل الإمامة : 45 (الطبعة المحققة : 134 - 135).
5- علم اليقين : 686/2 - 688.
6- الكشكول ، للآملي : 83 - 84؛ حديقة الشيعة : 30.
7- الاحتجاج : 278؛ جلاء العيون للسيد شبر : 193/1.

والصدمة المريرة تنخر في جسم ،فاطمة، فأصبحت مريضة عليلة حزينة . (1)

وفي عدّة من الروايات : ضرب عمر بالغلاف على جنبها، وبالسوط على ذراعها ، (2) واسود متنها من أثر الضرب (3) وبق إلى أن قبضت . (4)

قال سلمان : فلقد رأيت أبا بكر ومن حوله يبكون !! ما فيهم إلا باك غير عمر وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة، وعمر يقول: إنا لسنا من النساء ومن رأيهنّ في شيء . (5)

إخراج أمير المؤمنين علیه السلام

فاستخرج أمير المؤمنين علیه السلام من منزله (6) مكرهاً مسحوباً (7) وانطلقوا به ، (8) يسوقه عمر (9) سوقاً عنيفاً ، (10) ويقوده آخرون كما قال علیه السلام : « .. كما يقاد الجمل المخشوش .. » (11) إلى بيعتهم، مصلتةً سيوفها ، مقذعةً أسنتها.. وهو ساخط القلب

ص: 123


1- مؤتمر علماء بغداد : 63.
2- کتاب سليم : 84 ، 250 (الطبعة المحققة : 0585/2 864، الحديث الرابع والحديث الثامن والأربعون). وراجع كامل بهائي : 305/1؛ جنات الخلود : 19.
3- جنة العاصمة : 252؛ الشمس الضحى : 154.
4- راجع : مصائب المعصومين : 27؛ بيت الأحزان : 33 (لليزدي)؛ جامع النورين : 244؛ شعشعة الحسينية : 144 - 145؛ حزن المؤمنين : 61؛ بشارة الباكين : 26؛ مرقاة الإيقان : 112/1، 125؛ أنوار الشهادة : 207 - 208 (مصوّرة) ، ماتمكده : المجلس الثالث عشر.
5- كتاب سليم 85 ( الطبعة المحققة : 588/2 - 587 الحديث الرابع ) ، وذكر بكاؤهم أيضاً في الإمامة والسياسة: 20/1؛ المسترشد: 377 - 378.
6- المسترشد : 381؛ الاحتجاج : 86.
7- الهداية الكبرى : 138 - 139.
8- شرح نهج البلاغة : 11/6.
9- المستر شد : 378؛ شرح نهج البلاغة : 50/2 و 47/6.
10- شرح نهج البلاغة : 49/6.
11- هذه العبارة موجودة في كتاب معاوية وجواب أمير المؤمنين الله راجع : وقعة صفين : 87، الفتوح، للأعثم الكوفي : 578/2؛ العقد الفريد : 308/4 - 309 (دار الكتاب العربي )؛ نهج البلاغة : 122 - 123؛ الفصول المختارة : 287؛ تقريب المعارف : 237؛ المناقب للخوارزمي : 175؛ الاحتجاج : 171؛ شرح نهج البلاغة : 74/15 ، 183؛ صبح الأعشى : 228/1 - 230؛ جواهر المطالب : 357/1، 374؛ الصراط المستقيم : 11/3.

هائج الغضب شديد الصبر، كاظم الغيظ .. (1) فجي به تعباً . (2)

وفي رواية : .. يمضي به ركضاً .. (3)

واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة من الرجال ، (4) فما مرّ بمجلس من المجالس إلّا يقال له : انطلق فبايع !.. (5)

واتبعه سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة، وهم يقولون : ما أسرع ما خنتم رسول الله صلی الله و علیه و آله وأخرجتم الضغائن التي في صدوركم.

وقال بريدة بن الخصيب الأسلمي : يا عمر ؟ أتيت على أخي رسول الله ووصيّه وعلى ابنته فتضربها .. ؟! وأنت الذي تعرفك قريش بما تعرفك به ! (6)

وكان أمير المؤمنين علیه السلام يتألم ويتظلّم ويستنجد ويستصرخ ، (7) وهو يقول: « أما والله لو وقع سيفي في يدي لعلمتم أنكم لم [لن] تصلوا إلى هذا أبداً، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم ولو كنت استمسك من أربعين رجلاً لفرّقت جماعتكم، ولكن لعن الله أقواماً بايعوني ثم خذلوني .. ». (8) ويقول أيضاً: « واجعفراه ... ولا جعفر لي اليوم، واحمزتاه.. ولا حمزة

لي اليوم .. » (9)

ص: 124


1- مصباح الزائر : 463 - 464.
2- تاريخ الطبري : 203/2.
3- شرح نهج البلاغة : 45/6.
4- شرح نهج البلاغة : 49/6.
5- شرح نهج البلاغة : 45/6.
6- كتاب سليم : 251 (الطبعة المحققة : 2 / 865 الحديث الثامن والأربعون) .
7- شرح نهج البلاغة : 111/11 ، عن كثير من المحدثين.
8- كتاب سليم : 85 (الطبعة المحققة : 2 / 588 الحديث الرابع) : بحار الأنوار: 270/28.
9- شرح نهج البلاغة : 111/11.

فمروا به على قبر النبي صلى الله عليه و آله ، فوقف عند القبر، وقال: «ي_ ﴿ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (1) » .

فخرجت يد من قبر رسول الله صلى الله عليه و آله يعرفون أنها يده ، وصوت يعرفون أنه صوته نحو أبي بكر : « يا هذا ! ( أكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) ؟!.. » . (2)

قال عدي بن حاتم ما رحمت أحداً رحمتى علياً حين أتي به ملبّبا .. (3)

وقال سلمان حينما رأى ذلك : أيصنع ذا بهذا ؟ والله لو أقسم على الله لا نطبقت ذه على ذه [ أي السماء على الأرض ] !! (4)

وقال أبوذر : ليت السيوف عادت بأيدينا ثانية . (5)

فخرجت فاطمة علیها السلام واضعة قميص رسول الله صلى الله عليه و آله على رأسها آخذة بيدي ابنيها - وهي تبكي وتصيح فنهنهت من الناس - فما بقيت هاشمية إلّا خرجت معها فصرخت وولولت ونادت: « يا أبابكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و آله .. والله لا أكلّم عمر حتى ألقى الله .. (6) خلّوا عن ابن عمي .. ما لي ولك يا أبابكر ؟! أتريد أن تؤتم ابني وترملني من زوجي ؟! والله لئن لم تكفّ عنه لأنشرنّ شعري، ولأشقنّ جيبي ولآتين قبر أبي، ولأصيحن إلى ربي.. فما صالح بأكرم على الله من ابن عمّي، ولا ناقة صالح بأكرم على الله مني، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي .. » .

ص: 125


1- الأعراف (7): 150.
2- بصائر الدرجات : 275؛ الاختصاص : 275؛ المناقب : 248/2؛ الكشكول للأملي : 83 - 84 والآية الشريفة في سورة الكهف (18) 37.
3- الشافي : 244/3؛ تلخيص الشافي : 79/3.
4- الاختصاص : 11.
5- رجال الكشي : 37/1.
6- شرح نهج البلاغة : 56/2-57 و 49/6.

فقال علي علیه السلام لسلمان : « أدرك ابنة محمد صلى الله عليه و آله ، فإني أرى فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان والله إن نشرت شعرها ، وشقّت جيبها، وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربّها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها .. » .

فأدركها سلمان رضی الله عنه فقال : يا بنت محمد ! إن الله بعث أباك رحمةً .. فارجعي.

فقالت: « يا سلمان يريدون قتل على ما عَلَى صبر » .

فقال سلمان : إنّي أخاف أن يخسف بالمدينة، وعلي علیه السلام بعثني إليك يأمرك أن ترجعنى إلى بيتك .

فقالت : « إذاً أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع » . (1)

قال أبو جعفر علیه السلام : « والله لو نشرت شعرها لما توا طرّاً » . (2)

وفى رواية عدلت بعد ذلك إلى قبر أبيها، فأشارت إليه بحزنة ونحيب و هي تقول :

« نفسي على زفراتها محبوسة * یالیتها خرجت مع الزفرات

لا خير بعدك في الحياة وإنما * أبكي مخافة أن تطول حياتي »

ثم قالت : « وا أسفاه عليك يا أبتاه، وأثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبوسبطيك الحسن والحسين ، ومن ربّيته صغيراً وواخيته كبيراً، وأجل أحبائك لديك، وأحبّ أصحابك عليك، أولهم سبقاً إلى الإسلام ومهاجرةً إليك يا خير الأنام... فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير».

ثم إنها أنت أنّةً وقالت : « وامحمداه !.. وأحبيباه !.. ، وا أباه !.. وا أبا القاسماه !.. وا أحمداه !.. وا قلّة ناصراه !.. وا غوثاه !.. وا طول كربتاه !.. وا حزناه !.. وا مصيبتاه !.. واسوء صباحاه !.. » وخرّت مغشيةً عليها، فضجّ الناس بالبكاء

ص: 126


1- راجع : تفسير العياشي : 67/2؛ الاختصاص : 186؛ الكافي : 237/8؛ المسترشد : 381؛ المناقب : 339/3 - 340؛ الاحتجاج : 86-87.
2- الكافى : 237/8.

والنحيب ، وصار المسجد مأتماً . (1)

وفي رواية : وأصبحت فاطمة علیها السلام تنادي : « وا سوء صباحاه !.. » (2) فسمعها أبوبكر فقال لها : إنّ صباحك لصباح سوء !! .. (2)

الإجبار على البيعة

ثم انتهى بعلي علیها السلام إلى أبي بكر فأجلسوه بين يديه (3) - وعمر قائم بالسيف على رأسه - وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأسيد بن حضير وبشير بن سعد.. وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح ، فقال علي علیه السلام : « ما أسرع ما توتبتم على أهل بيت نبيّكم ! يا أبابكر ! بأي حق .. وبأيّ ميراث .. وبأي سابقة تحت الناس إلى بيعتك ؟! ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول الله صلى الله عليه و آله ؟ » . (4)

فجلس عمر على ركبتيه وحسر عن ذراعيه ، (5) وانتهر عليا علیه السلام وقال له : بايع ودع عنك هذه الأباطيل !!..

فقال له علیه السلام : « فإن لم أفعل فما أنتم صانعون ؟ » .

قالوا : نقتلك ذلّاً وصغاراً !!..

وفي بعض الروايات: قال أبو بكر - وفي بعضها قال عمر - : إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك.

ص: 127


1- علم اليقين : 686/2 - 688.
2- مصباح الأنوار : 290؛ الارشاد : 189/1.
3- المسترشد : 377 - 378.
4- كتاب سليم: 84 - 85، 251 ( الطبعة المحققة : 2 / 588، 866 - 865، الحديث الرابع والحديث الثامن والأربعون ).
5- الكوكب الدرى: 194/1 - 195.

فقال: « إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله » .

قال أبوبكر - أو عمر على اختلاف النصوص - : أمّا عبد الله فنعم، أما أخا رسول الله فلا ! .. (1)

فقال علي علیه السلام : « أما والله لولا قضاء من الله سبق وعهد عهده إلي خليلي لست أجوزه لعلمت أينا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً » .

ثم أقبل علي علیه السلام عليهم ، فقال : « يا معشر المسلمين والمهاجرين والأنصار ! أنشدكم الله أسمعتم رسول الله صلى الله عليه و آله يقول يوم غدير خم .. كذا وكذا، وفي غزوة تبوك .. كذا وكذا .. » فلم يدع علي علیه السلام شيئاً قاله فيه رسول الله صلى الله عليه و آله علانية للعامة إلا ذكرهم إيَّاه ، فقالوا : اللهم نعم ، فلا تخوّف أبو بكر أن ينصره الناس وأن يمنعوه.. بادرهم فقال : كلّما قلت حق، قد سمعناه بآذاننا ووعته قلوبنا، ولكن قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة.

فقال علي علیه السلام : هل أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله شهد هذا معك ؟ » .

فقال عمر : صدق خليفة رسول الله صلى الله عليه و آله قد سمعنا هذا منه كما قال .

وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه و آله .

فقال علي علیه السلام : «لقد وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي قد تعاقدتم عليها في الكعبة إن قتل الله محمداً أو مات لتزون هذا الأمر عنّا أهل البيت » .

فقال أبو بكر : فما علمك بذلك ؟! ما اطلعناك عليها ؟!

فقال علي علیه السلام : «أنت يا زبير .. وأنت يا سلمان .. وأنت يا أباذر .. وأنت يا مقداد .. أسألكم بالله وبالإسلام أما سمعتم رسول الله صلى الله عليه و آله يقول ذلك وأنتم تسمعون :

ص: 128


1- راجع : كتاب سليم : 86 ( الطبعة المحققة : 588/2 الحديث الرابع )؛ الايضاح : 367؛ الإمامة والسياسة : 19/1 - 20؛ تفسير العياشي : 67/2؛ الاختصاص: 187؛ الشافي : 244/3؛ المستر شد : 377 - 381 - الاحتجاج : 83.

« إن فلاناً وفلاناً.. - حتى عد هؤلاء الخمسة - قد كتبوا بينهم كتاباً وتعاهدوا فيه وتعاقدوا على ما صنعوا ؟ » فقالوا : اللهم نعم، قد سمعنا رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : « إنّهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا وكتبوا بينهم كتاباً إن قتلتُ أو متُّ أن يزووا عنك هذا يا على »، فقلت: « بأبي أنت يا رسول الله ! فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل ؟ » فقال لك: « إن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم ونابذهم، وإن لم تجد أعواناً فبايعهم واحقن دمك » .

فقال علي علیه السلام : « أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلاً الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله ، ولكن - أما والله - لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة. وفي ما يكذب قولكم على رسول الله صلى الله عليه و آله قول الله : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (1) فالكتاب : النبوّة ، والحكمة : السنّة، والملك : الخلافة، ونحن آل إبراهيم.. » .

فقام بريدة فقال : يا عمر ؟ ألسما اللذين قال لكما رسول الله صلى الله عليه و آله : « انطلقا إلى علي علیه السلام فسلّم عليه بإمرة المؤمنين »، فقلتها : أعن أمر الله وأمر رسوله ؟ فقال: « نعم » .

فقال أبوبكر : قد كان ذلك يا بريدة ولكنّك غبت وشهدنا والأمر يحدث بعده الأمر.

وفي رواية قال أبو بكر : قد كان ذلك ؛ ولكن رسول الله صلى الله عليه و آله قال - بعد ذلك -: لا يجتمع لأهل بيتي الخلافة والنبوة .

فقال : والله ما قال هذا رسول الله صلى الله عليه و آله .

فقال عمر: ما أنت وهذا يا بريده وما يدخلك في هذا ؟

قال بريدة: والله لاسكنت في بلدة أنتم فيها أمراء.. فأمر به عمر فضُرب وأُخرج .

ثم قام سلمان فقال : يا أبابكر ! اتق الله وقم عن هذا المجلس ودعه لأهله ، يأكلوا به رغداً إلى يوم القيامة ، لا يختلف على هذه الأمة سيفان .. فلم يجبه أبو بكر ، فأعاد

ص: 129


1- النساء (4) : 54 .

سلمان فقال مثلها ، فانتهره عمر وقال : ما لك ولهذا الأمر وما يدخلك في ما هاهنا ؟ فقال : مهلاً يا عمر قم يا أبا بكر عن هذا المجلس ودعه لأهله يأكلوا به - والله - خضراً إلى يوم القيامة ، وإن أبيتم لتحلينّ به دماً ، وليطمعن فيه الطلقاء والطرداء والمنافقون، والله لو أعلم أني أدفع ضيماً أو أعز الله ديناً لوضعت سيفي على عاتقي ثم ضربت به قدماً قدماً، أكتبون على وصيّ رسول الله صلى الله عليه و آله ؟!! فابشروا بالبلاء واقنطوا من الرخاء.

ثم قام أبوذر فقال : أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها صلى الله عليه و آله ، المخذولة بعصيانها !.. إنّ الله يقول : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ (1) وآل محمد صلى الله عليه و آله الأخلاف من نوح ، و إبراهيم من إبراهيم والصفوة والسلالة من إسماعيل وعترة النبي محمد صلى الله عليه و آله أهل بيت النبوة ، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة، وهم كالسماء المرفوعة، والجبال المنصوبة والكعبة المستورة والعين الصافية، والنجوم الهادية ، والشجرة المباركة، أضاء نورها وبورك زيتها .. محمد صلى الله عليه و آله خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم، وعلي وصيّ الأوصياء وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وهو الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، و وصي محمد صلى الله عليه و آله و وارث علمه، وأولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم، كما قال الله تعالى: ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ) (2) فقدموا من قدم الله ، وأخروا من أخر الله، واجعلوا الولاية والوزارة لمن جعل الله ..

ثم قام أبوذر والمقداد وعمار فقالوا لعلي علیه السلام : ما تأمر ؟ والله إن أمرتنا لنضر بن بالسيف حتى تُقتل . فقال علي علیه السلام : « كفّوا رحمكم الله ! واذكروا عهد رسول الله صلى الله عليه و آله وما أوصاكم به .. » فكفّوا .

ص: 130


1- آل عمران (3) : 33.
2- الأحزاب (33) : 6.

وأقبلت أُمّ أيمن النوبية - حاضنة رسول الله صلى الله عليه و آله - وأُم سلمة فقالتا : يا عتيق ! ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد .. فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد ، وقال : ما لنا وللنساء ؟! (1)

ثم قام عمر فقال لأبي بكر - وهو جالس فوق المنبر - ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فيبايعك أو تأمر به فتضرب عنقه ..؟ والحسن والحسين علیهم السلام قائمان ، فلما سمعا مقالة عمر بكيا ، فضمّها إلى صدره، فقال: « لا تبكيا فوالله ما يقدران على قتل أبيكما » .

ثم قال عمر : قم يابن أبي طالب فبايع .

فقال علیه السلام : « فإن لم أفعل ؟ » .

قال : اذا والله نضرب عنقك .. (2) فاحتج عليهم ثلاث مرّات (3) فالتفت علي علیه السلام إلى القبر، وقال : « ي_ ﴿ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (4) » .

وورد في بعض الروايات أنه قرأ هذه الآية قبل ذلك ، (5) وفي بعضها بعده ، (6) ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : « اللهم اشهد » . (7)

فمدوا يده كرهاً فقبض على أنامله وعسر عليهم فتحها فراموا بأجمعهم فتحها فلم يقدروا ، فمسح أبو بكر عليها وهي مضمومة . (8)

ص: 131


1- كتاب سليم : 26 - 87، 250 - 252 (الطبعة المحققة : 593/2 ، 867، الحديث الرابع والحديث الثامن والأربعون ).
2- وفي رواية : قال عمر لعلي الله والزبير التبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما کارهان . انظر : تاريخ الطبري: 203/3.
3- راجع كتاب سليم : 88 - 89 ( الطبعة المحققة : 2 / 593 الحديث الرابع ).
4- كتاب سليم : 89 ( الطبعة المحققة : 593/2 الحديث الرابع )؛ الاحتجاج : 84؛ المسترشد : 377 - 378، والآية في سورة الأعراف (7) : 150.
5- بصائر الدرجات: 275؛ تفسير العياشي : 67/2؛ الاختصاص : 186، 275؛ المناقب : 248/2.
6- الإمامة والسياسة : 19/1 - 20؛ علم اليقين : 686/2 - 688.
7- الشافي : 244/3.
8- إثبات الوصية : 145 - 146؛ الشافي : 244/3؛ علم اليقين : 686/2 - 688.

وفي رواية : لما بلغ ذلك العباس بن عبد المطلب أقبل مسرعاً يهرول ويقول : ارفقوا بابن أخي ولكم عليّ أن يبايعكم.. فأخذ هو بيد علي علیه السلام فمسحها على يد أبي بكر ثم خلوه مغضباً . (1)

ثم قال علي علیه السلام : « سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : ليجئن قوم من أصحابي من أهل العلية والمكانة منّي ليمروا على الصراط فإذا رأيتهم ورأوني .. وعرفتهم وعرفوني .. اختلجوا دوني فأقول : أي ربّ أصحابي .. أصحابي ! فيقال : ما تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أدبارهم حيث فارقتهم، فأقول : بُعداً وسُحقاً » . (2)

وأما فاطمة علیها السلام

وأما فاطمة علیها السلام ؛ فبقيت آثار العصرة القاسية في جسمها، وأصبحت مريضة عليلة حزينة، (3) ولزمت الفراش، ونحل جسمها ، وذاب لحمها ، وصارت كالخيال، (4) ومرضت مرضاً شديداً، ولم تدع أحداً ممن آذاها يدخل عليها (5) بل جاءها العباس بن عبد المطلب عائداً فقيل له : إنّها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد ! (6)

وكان أمير المؤمنين علیه السلام يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ويمرّضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس سراً . (7)

ص: 132


1- تفسير العياشي : 68/2؛ الاختصاص : 187.
2- كتاب سليم : 93 (الطبعة المحققة : 599/2 الحديث الرابع ). أقول : هذه القطعة من الرواية جاءت في كثير من كتب العامة ، وقد مرّ بعضها فى أوائل الفصل الثاني ، فراجع.
3- مؤتمر علماء بغداد : 63.
4- دعائم الإسلام: 232/1.
5- دلائل الإمامة : 45 ، وعنه في بحار الأنوار: 170/43.
6- أمالي الشيخ الطوسي : 156/1 - 155 (ط النجف)؛ بحار الأنوار : 209/43 - 210.
7- أمالي الشيخ المفيد : 281؛ الكافي: 458/1؛ بحار الأنوار : 193/43، 211 ، وله مصادر أخرى انظر الرواية المرقمة [130] في الفصل الآتي. أقول : هذا في الظاهر، وأما في الواقع فإن الله عزّ وجلّ بعث إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها كما مرت روايتها في الفصل الأول.

فما رئيت ضاحكة إلى أن قبضت ، (1) وما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم منهدة ،الركن باكية ،العين محترقة القلب يغشى عليها ساعة بعد ساعة ، وتقول - لولديها -: « أين أبوكما الذي كان يُكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة ؟ أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما ؟ فلا يدعكما تمشيان على الأرض ولا أراه يفتح هذا الباب أبداً، ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما » . (2)

و رأت في منامها النبي صلی الله علیه و آله ، قالت : « فشكوت إليه ما نالنا من بعده، فقال لي : « لكم الآخرة التي أُعدت للمتقين، وإنك قادمة عليّ عن قريب » . (3)

وكان من دعائها في شكواها :

« يا ربّ ! إني سئمت الحياة وتبرّمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي .. » . (4)

« يا حيّ ! يا قيّوم ! برحمتك أستغيث فأغثني ، اللهم زحزحني عن النار، وأدخلني الجنة، وألحقني بأبي محمد صلی الله علیه و آله » ، فكان أمير المؤمنين علیه السلام يقول لها: « يعافيك الله ويُبقيك .. » فتقول : « يا أبا الحسن ! ما أسرع اللحاق بالله ! » . (5)

عيادة الشيخين

فلما ثقلت واشتد مرضها (6) قال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها .. فاستأذنا عليها فلم تأذن لهما ، (7) فطالت عليها المدافعة ، (8)

ص: 133


1- حلية الأولياء : 43/2؛ المعجم الكبير للطبراني : 399/22؛ الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/ 84/2؛ المستدرك للحاكم : 162/3؛ تهذيب الكمال للمزي : 251/35؛ مجمع الزوائد للهيثمي : 211/9 - 212؛ البداية والنهاية لابن كثير : 367/6.
2- المناقب : 362/3؛ روضة الواعظين : 1 / 150؛ بحار الأنوار: 181/43.
3- بحار الأنوار : 218/43.
4- كما مرّ روايتها في الفصل الأول.
5- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار 217/43 و 233/78.
6- كتاب سليم : 253 ( الطبعة المحققة : 2/ 869 الحديث الثامن والأربعون ) ، وعنه في بحار الأنوار: 303/28.
7- الإمامة والسياسة : 19/1.
8- الشافي : 214/4 ، وعنه في شرح نهج البلاغة : 218/16.

فأتيا علياً علیه السلام وقالا : قد كان بيننا وبينها ما قد علمت فإن رأيت أن تأذن لنا فنعتذر إليها من ذنبنا . (1)

وفي رواية : فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهداً لا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة علیها السلام ويترضاها ، فبات ليلة في الصقيع (2) ما أظلّه شيء.

ثم إن عمر أتى علياً علیه السلام فقال له : إنّ أبا بكر شيخ رقيق القلب ! وقد كان مع رسول الله صلی الله علیه و آله فى الغار فله صحبة ، وقد أتيناها غير هذه المرة مراراً نريد الإذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل، قال: «نعم».

فدخل علي علیه السلام علی فاطمة علیها السلام فقال : يا بنت رسول الله ! قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت .. وقد تردّدا مراراً كثيرة ... ورددتهما ولم تأذني لهما، وقد سألاني أن أستأذن لهما عليك » . فقالت : « والله لا آذن لهما ولا أكلمها كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني .. » فألح عليها علي علیه السلام (3) وقال : « فإنّي ضمنت لهما ذلك »، قالت: «إن كنت قد ضمنت لهما شيئاً .. فالبيت بيتك، والنساء تتبع الرجال لا أُخالف عليك بشيء، فائذن لمن أحببت » .

فخرج علي علیه السلام فأذن لهما، فلما وقع بصرهما على فاطمة علیها السلام سلّم عليها .. فلم تردّ عليهما وحوّلت وجهها الكريم عنهما !! فتحوّلا واستقبلا وجهها حتى فعلت مراراً وقالت « يا علي جاف الثوب (4) .. » وقالت لنسوة حولها : «حوّلن ! وجهي .. » فلمّا حوّلن وجهها حَوَّلا إليها ، فقال أبو بكر : يا بنت رسول الله إنّما أتيناكِ

ص: 134


1- کتاب سلیم : 253 ( الطبعة المحققة : 2/ 869 الحديث الثامن والأربعون ) ، وعنه في بحار الأنوار: 303/28.
2- خ . ل : البقيع.
3- الشافي : 214/4.
4- قال الطريحي قدّس سرّه: « إنه علیه السلام كان يجافي عضديه عن جنبيه للسجود »، أي يباعدهما عن جنبيه ولا يلصقهما به ، راجع مجمع البحرين 88/1.

ابتغاء مرضاتكِ ، واجتناب سخطك، نسألكِ أن تغفري لنا وتصفحي عمّا كان منا إليكِ .

قالت: « لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألق أبي .. وأشكوكما إليه .. وأشكو صنعكما وفعالكما وما ارتكبتما منّى » .

قالا : إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنا ولا تؤاخذينا بما كان منا .

وفي رواية : اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعني عنا وتخرجي سخيمتك .

فالتفتت إلى علي علیه السلام وقالت : « إنّي لا أكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شيء سمعاه من رسول الله صلی الله علیه و آله .. فإن صدقاني رأيت رأيي .. » .

قالا : اللهم ذلك لها ، وإنا لا نقول إلّا حقاً ولا نشهد إلّا صدقاً .

فقالت : « أنشدكما بالله ! هل سمعتها النبي صلی الله علیه و آله يقول : «فاطمة بضعة مني وأنا منها، آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي ؟! » .

قالا : اللهم نعم .

فقالت: « الحمد لله »، ثم قالت: « اللهم إني أشهدك، فاشهدوا يا من حضرني، أنهما قد أذياني في حياتي وعند موتي والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقی ربي فأشكوكما إليه بما صنعتها به وبي ارتكبتما مني .. » .

فدعا أبو بكر بالويل والثبور ، وقال : ليت أُمّي لم تلدني، فقال عمر : عجباً للناس كيف ولوك أمورهم وأنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها !!.. (1)

وفي رواية : قالت : « نشد تكما الله ! ألم تسمعاً رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : « رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومَنْ أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومَنْ أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ » قالا : نعم .

ص: 135


1- علل الشرايع : 186 - 187 ، وعنه في بحار الأنوار: 202/43-203.

قالت : « فإني أُنشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني .. ولئن لقيت النبي صلى الله عليه و آله لأشكونكما إليه » .

فانتحب أبو بكر يبكي، وهي تقول : « والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصلّيها » . (1)

فلاً خرجا قالت لأمير المؤمنين علیه السلام : « هل صنعت ما أردت ؟ » قال : « نعم » قالت : « فهل أنت صانع ما آمرك به ؟ » قال : « نعم »، قالت : « فإنّي أُنشدك الله ألا يصلّيا على جنازتي .. ولا يقوما على قبري » . (2)

ص: 136


1- الإمامة والسياسة : 1 / 19 - 20 . أقول : قولها علیه السلام : « والله لأدعون عليك .. » رواه أيضاً البلاذري في أنساب الأشراف: 79/10 ( ط دار الفكر ) في ترجمة أبي بكر ، والجاحظ في الرسائل (السياسية): 467 (ط مكتبة دار الهلال ) وعنه في شرح نهج البلاغة : 264/16؛ والجوهري في السقيفة وفدك، كما نقله عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 214/16. ثم ذكر العيادة أيضاً كحالة في أعلام النساء : 123/4؛ الدكتور محمد بيومي مهران في السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام : 145؛ الاستاذ عبد الفتاح في الإمام علي علیه السلام : 193/1؛ وفي فاطمة الزهراء علیها السلام : 253/2؛ توفيق أبو علم في أهل البيت علیهم السلام : 168؛ كتاب سليم : 253 (الطبعة المحققة : 869/2 الحديث الثامن والأربعون )؛ كفاية الأثر : 65؛ دلائل الإمامة : 45؛ الشافي: 214/4 ، عنه شرح نهج البلاغة: 281/16؛ علل الشرائع : 186 - 187 ، الصراط المستقيم : 293/2 ، وعن بعضهم في بحار الأنوار: 303/28 و 307/36 و 170/43، 202 - 203 ، الدر النظيم : 483 - 484 .
2- الشافي : 214/4 ، عنه شرح نهج البلاغة : 281/16 . أقول : ثمت هناك بضع أسئلة نورد بعضها : لماذا أخر أبو بكر وعمر عيادتها وطلب مرضاتها إلى أن ثقلت وأيقنا بوفاتها ؟! لماذا أصرت فاطمة علیها السلام على المنع وألح على علیه السلام على الإذن لهما ؟! لماذا لم ترد فاطمة علیها السلام عليهما جواب السلام ... ؟! ألم يكونا مسلمين ؟! لماذا لم تعف عنهما .. ؟! أليس العفو من الصفات الحسنة التي أمرنا بها في الكتاب والسنة ؟؟ ولماذا .. ولماذا ... الجواب واضح إنّهما أرادا بهذه العيادة السياسية تلبيس الأمور على الناس، ولذا أخراها إلى قبل وفاتها ... وقد أظهرت فاطمة علیها السلام غضبها بمنعها عن العيادة أولاً ، وزاد وضوحاً حين أجاز أمير المؤمنين علیه السلام أن يدخلا عليها ، إذ صرحت بأنها تدعو على أبي بكر ، ولذا خرج باكياً . نعم ، العفو عن المقرّ لا عن المصر ، فلو كانا صادقين لماذا لم يرداً الخلافة المغتصبة إلى أمير المؤمنين علیه السلام ؟! ولماذا لم يردا فدكاً إلى فاطمة علیها السلام ؟! ولماذا ؟!...

وصاياها علیها السلام

فلمّا نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن وأسماء بنت عميس، ووجهت خلف علي علیه السلام وأحضرته ، فقالت : « يا ابن عمّ ! إنه قد نعيت إلي نفسي، وإني لا أرى ما بي إلا أنني لاحق بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أُوصيك بأشياء في قلبي .. » .

فقال لها علي علیه السلام : « أُوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله ! »، فجلس عند رأسها، وأخرج من كان في البيت.

ثم قالت : « يا ابن عمّ ! ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني » ، فقال علیه السلام : « معاذ الله ! أنت أعلم بالله وأبرّ وأتق وأكرم وأشدّ خوفاً من الله من أن أُوتخك بمخالفتي .. قد عزّ علي مفارقتك وتفقدك إلا أنه أمر لابد منه .. والله جددت علي مصيبة رسول الله صلی الله و علیه و آله ، وقد عظمت وفاتك وفقدك ف_ ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ﴾ (1) من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها ! هذه والله مصيبة لا عزاء لها ، ورزية لا خلف لها .. » .

ثم بكيا جميعاً ساعة ، وأخذ علي علیه السلام رأسها وضمها إلى صدره ثم قال : « أوصيني بما شئت فإنك تجدني فيها أمضي كما أمرتني به وأختار أمرك على أمري » . فقالت: «جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله ! أُوصيك أولاً أن تتزوّج بعدي بابنة أختي أمامة فإنها تكون لولدي مثلي، فإن الرجال لابد لهم من النساء » .

« أُوصيك - يا ابن عمّ ! - أن تتخذ لي نعشاً (2) فقد رأيت الملائكة صوّروا

ص: 137


1- البقرة (2) : 156.
2- وفي بعض الروايات أنها قالت لأسماء بنت عميس: ألا ترين إلى ما بلغت - إذ ذاب لحمها من شدة المرض - فلا تحمليني على سرير ظاهر إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء : أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى فقالت أسماء : أنا أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة .. فدعت بجريدة رطبة فحسنتها ثم طرحت عليها ثوباً . فقالت فاطمة علیها السلام : «ما أحسن هذا وأجملها لا تعرف به المرأة من الرجل»، وهو أول ما كان النعش ، فتبسمت ، وما رئيت متبسمة إلا يومئذ. لاحظ : كشف الغمة : 503/1؛ وسائل الشيعة : 220/3؛ بحار الأنوار: 43 / 189 و 81 / 250 . وفي رواية : فقالت فاطمة علیها السلام لعلاج لأسماء : « سترتيني سترک الله من النار »، كما في مصباح الأنوار، وعنه في بحار الأنوار: 55/78.

صورته » . فقال لها : « صفيه لى » .. فوصفته، فاتخذه لها .

« فإذا أنا متّ فتولّ أنت غسلي .. » . (1)

« أُوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقي فإنهم عدوّي وعدوّ رسول الله صلی الله و علیه و آله ، ولا تترك أن يصلي علي أحد منهم ولا من أتباعهم، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار » (2) ، ووصته بأن يعني قبرها (3) وقالت : « جهّزني، وصلّ عليّ، وأنزلني قبري ،وألحدني وسوّ التراب عليّ ، واجلس عند رأسي قبالة وجهي فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أُنس الأحياء » .

« وأنا أستودعك الله تعالى وأُوصيك في ولدي خيراً»، ثم ضمّت إليها أم كلثوم فقالت: «إذا بلغت فلها ما في المنزل، ثم الله لها » . (4)

قالوا : فلمّا كان اليوم الذي ماتت فيه قالت لسلمى امرأة أبي رافع: «هيني لي

ص: 138


1- وقالت علیها السلام الأسماء : «فإذا متَّ فاغسليني أنت ولا يدخلن على أحد»، كما في بحار الأنوار : 189/43. وقالت لعلي علیه السلام : فكن مع النسوة فيمن يغسلني»، كما في دلائل الإمامة : 44، وعنه في بحار الأنوار: 207/43. وروي عن أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال : « أوصت إلي فاطمة أن لا يغسلها غيري وسكيت [ على الماء خ ] أسماء بنت عميس » ، كما في بحار الأنوار : 307/81 ودعائم الإسلام : 228/1.
2- روضة الواعظين : 1 / 150؛ بحار الأنوار: 191/43 وانظر : علل الشرائع : 185؛ المناقب: 363/3، مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار: 390/81، 254 - 255.
3- الكافي : 458/12: أمالي الشيخ المفيد : 281.
4- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار : 27/82.

ماءً » ، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ثم قالت : « إيتيني بثيابي الجدد »، فلبستها، ثم أتت البيت الذي كانت فيه، فقالت : « أفرشي لي في وسطه »، ثم اضطجعت واستقبلت القبلة ووضعت يدها تحت خدّها، وقالت : « إني مقبوضة الآن فلا أكشفنّ » .. (1)

وفي بعض الروايات أنها قالت : « لا يكشفن أحد لي كتفاً » . (2)

ولعلّها تريد بذلك أن تغسل الدم عن ثيابها وجسدها، وتمنع عن كشف كتفها لتخفي على أمير المؤمنين المظلوم علیه السلام ما أصابها من الضربات الصادرة عن المهاجمين على بيتها، لاسيما الأثر الباقي في كتفها من غمد السيف أو السياط، ولبست ثيابها الجدد لئلا يرى ثيابها المخرجة بالدم !

حين الوفاة

ولما حضرتها الوفاة قالت لأسماء : « إن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه و آله لما حضرته الوفاة - بكافور من الجنة فقسمه أثلاثاً : ثلثاً لنفسه، وثلثاً لعلي، وثلثاً لي.. يا أسماء! إيتيني ببقية حنوط والدي من موضع .. كذا وكذا فضعيه عند رأسي »، فوضعته، ثم تسجّت بثوبها ، وقالت: « انتظريني هنيهة وادعيني فإن أجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي صلى الله عليه و آله » ، فانتظرتها هنيهة ثم نادتها فلم تجبها .

فنادت : يا بنت محمد المصطفى !.. يا بنت أكرم من حملته النساء !.. يا بنت خير من وطئ الحصا !.. يا بنت من كان من ربِّه قاب قوسين أو أدنى !.. فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا ! فوقعت عليها تقبّلها وهي

ص: 139


1- انظر: الأمالي للشيخ الطوسي : 400: حلية الأولياء : 43/2 : المعجم الكبير للطبراني : 399/22؛ مسند أحمد : 461/6 - 462؛ الاصابة : 379/4؛ أسد الغابة : 590/5؛ مجمع الزوائد: 210/9 - 211؛ مقتل الخوارزمي : 81/1؛ البداية والنهاية : 350/5؛ وفاء الوفاء : 903/3 وغيرها منّا ومنهم.
2- الطبقات لابن سعد : 18/8؛ الإصابة : 379/4، ( ط دار الجيل : 58/8 ) سير أعلام النبلاء : 95/2؛ شرح المواهب للزرقاني : 206/3.

تقول : فاطمة! إذا قدمت على أبيك رسول الله فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام...

فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن والحسين علیهم السلام فقالا : « يا أسماء ! ما ينيم أُمّنا في هذه الساعة ؟! » قالت : يا ابني رسول الله ! ليست أمكما نائمة، قد فارقت الدنيا . فوقع عليها الحسن علیه السلام يقبلها مرة ويقول : « يا أُماه ! كلميني قبل أن تفارق روحي بدني » ... وأقبل الحسين علیه السلام يقبل رجلها ويقول : « يا أُماه ! أنا ابنك الحسين .. كلميني قبل أن يتصدّع قلبي فأموت » .

فقالت لهما أسماء : يا ابني رسول الله ! انطلقا إلى أبيكما علي علیه السلام فأخبراه بموت أُمكما .. فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهما جميع الصحابة فقالوا : ما يبكيكما يا ابنى رسول الله ! لا أبكى الله أعينكما .. لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما فيكيتا شوقاً إليه ؟! فقالا : « لا .. أو ليس قد ماتت أمّنا فاطمة صلوا الله عليها ؟! » فوقع على علیه السلام علی وجهه يقول : « بمن العزاء يا بنت محمد ! كنت بكِ أتعزّى.. ففيم العزاء من بعدك ؟! » ثم قال :

« لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل » (1)

وفي رواية :

ثم إن أمير المؤمنين علیه السلام صلّى صلاة الظهر وأقبل يريد المنزل إذا استقبلته الجواري باكيات حزينات، فقال لهن : « ما الخبر ؟ وما لي أراكن متغيّرات الوجوه والصور ؟! » فقلن : يا أمير المؤمنين ! أدرك ابنة عمك الزهراء علیها السلام .. وما نظنّك تدركها ، فأقبل أمير المؤمنين علیه السلام مسرعاً حتى دخل عليها ، وإذا بها ملقاة على فراشها وهي تقبض يميناً وتمدّ شمالاً .. فألق الرداء عن عاتقه والعمامة عن رأسه وحلّ أزراره وأقبل حتى أخذ رأسها وتركه في حجره وناداها : « يا زهراء ! » فلم تكلّمه، فناداها : « يا بنت محمد المصطفى ! » فلم تكلّمه، فناداها : « يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه وبذلها على

ص: 140


1- كشف الغمة : 1 / 500؛ بحار الأنوار : 186/43.

الفقراء ! » فلم تكلّمه، فناداها : « يا ابنة من صلّى بالملائكة في السماء مثنى مثنى ! » فلم تكلّمه، فناداها : « يا فاطمة ! كلميني فأنا ابن عمّك علي بن أبي طالب »، ففتحت عينيها في وجهه ونظرت إليه وبكت وبكى .. وقال : « ما الذي تجدينه ؟ ! فأنا ابن عمّك علي بن أبي طالب »، فقالت : « يا ابن العمّ ! إني أجد الموت الذي لابد منه ولا محيص عنه .. وأنا أعلم أنك بعدي لا تصبر على قلّة التزويج ، فإن أنت تزوّجت امرأة اجعل لها يوماً وليلة واجعل لأولادي يوماً وليلة .. يا أبا الحسن ! ولا تصح في وجوههما .. فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين، فإنهما بالأمس فقدا جدّهما واليوم يفقدان أمهما .. فالويل لأمة تقتلها وتبغضها »، ثم أنشأت تقول :

« ابكني إن بكيت يا خير هادي * وأسبل الدمع فهو يوم الفراق

يا قرين البتول أوصيك بالنسل * فقد أصبحا حليف اشتياق

ابکني وابك لليتامى ولا * تنس قتيل العدى بطف العراق

فارقوا فأصبحوا يتامى حيارى * يحلف الله فهو يوم الفراق » (1)

ولما حضرتها الوفاة بكت ، فقال لها أمير المؤمنين علیه السلام : « يا سيدتي ! ما يبكيك؟ »

قالت: «أبكي لما تلقى بعدي » .

فقال لها : « لا تبكي ! فوالله إن ذلك لصغير في ذات الله » . (2)

ص: 141


1- بحار الأنوار: 177/43 عن بعض الكتب . وهنا رواية أخرى لا بأس بذكر قطعة منها ، وفيها ... أخذت بيد الحسن والحسين علیهم السلام فذهب بهما إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و آله ، فصلت بين القبر والمتبر ركعتين ، ثم ضمتهما إلى صدرها وألزمتهما .. وقالت: يا أولادي ! أجلسا عند أبيكما ساعة، وأمير المؤمنين علیه السلام يصلي في المسجد ، ثم رجعت من عندهما نحو المنزل ، فحملت ملاط النبی صلى الله عليه و آله فاغتسلت ولبست فضل ثوبه ، ثم نادت : يا أسماء ! فقالت : لبيك يا بنت رسول الله ! فقالت فاطمة علیها السلام : لا تفاقديني فإني في هذا البيت واضعة جنبي ساعة، فإذا مضت ساعة ولم أخرج فناديني ثلاثاً فإن أجبتك فادخلي وإلا فاعلمي اني ألحقت برسول الله صلى الله عليه و آله، ثم قامت مقام رسول الله صلى الله عليه و آله، وصلت ركعتين ، ثم طالت وبارت وجهها بطرف ردائها وقيل: بل ماتت في سجودها - فلما مضت ساعة أقبلت أسماء بفاطمة الزهراء علیها السلام ونادت - ثلاثاً - : يا أُمّ الحسن والحسين !.. يا بنت رسول الله !.. فلم تجب ، فدخلت البيت فإذا هي انظر هامش العوالم : 11 / 2 / 1093 عن إحقاق الحق 453/10 عن مودة القربي : 131.
2- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار : 217/43.

فسمعوا حسّ الملائكة ووجدوا رائحة طيّبة كأطيب ما يكون من الطيب .. (1) فنظرت نظراً حاداً .. ثم قالت: «أترون ما أرى؟» فقيل لها ماترى؟ قالت : «هذه مواكب أهل السماوات.. وهذا جبرئيل .. وهذا رسول الله .. ويقول: «يا بنية ! أقدمي فما أمامك خير لك ، ثم أقبلت تقول : وعليكم السلام .. يا ابن عم قد أتاني جبرئيل مسلّما وقال لي: «السلام يقرأ عليك السلام يا حبيبة حبيب الله وثمرة فؤاده اليوم تلحقين بالرفيع الأعلى وجنة المأوى»، ثم انصرف عني » .

ثم قالت: « وعليكم السلام... يا ابن عم هذا - والله - ميكائيل وقال لي كقول صاحبه » .

ثم قالت : « وعليكم السلام... - وفتحت عينيها فتحا شديدا - يا ابن عم هذا والله الحق ، وهذا عزرائيل قد نشر جناحه بالمشرق والمغرب... عليك السلام يا قابض الأرواح ! عجل بي ولا تعذبني » .

ثم قالت: « إليك ربي لا إلى النار .. اللهم مع رسولك .. اللهم في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام .. » ثم غمضت عينيها ومدت يديها ورجليها كأنها لم تكن حيّة قطّ . (2)

وفي رواية: أنها لما توفيت شقت أسماء جيبها وخرجت، فتلقاها الحسن والحسين علیه السلام فقال: « أين أُمّنا ؟ » فسكتت، فدخلا البيت فإذا هي ممتدّة .. فحرّكها الحسين علیه السلام فإذا هي لها ميّتة ! فقال: « يا أخاه ! آجرك الله فى الوالدة » ، وخرجا يناديان : « يا محمداه ... يا أحمداه !.. اليوم جدّد لنا موتك ؛ إذ ماتت أُمّنا » ثم أخبرا علياً علیه السلام وهو في المسجد، فغشي عليه حتى رشّ عليه الماء، ثم أفاق فحملها حتى ، أدخلها بيت فاطمة، وعند رأسها أسماء تبكي وتقول : وايتامى محمد ! كنا نتعزّى بفاطمة بعد موت جدكما فيمن نتعزّى بعدها ؟!

فكشف علي علیه السلام عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها فنظر فيها فإذا فيها :

ص: 142


1- مصباح الأنوار، وعنه في بحار الأنوار 200/43.
2- راجع مصباح الأنوار: دلائل الإمامة: 44؛ وعنهما في بحار الأنوار: 207،200/3.

« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله أوصت وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن الجنة حق والنار حق، ﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ . (1)

يا علي ! أنا فاطمة بنت محمد ، زوّجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة، أنت أولى بي من غيري، حنّطني وغسلني وكفّني بالليل وصلّ علي وادفني بالليل ولا تُعلم أحداً وأستودعك الله واقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة » . (2)

تجهيز فاطمة عليها السلام ودفنها

فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة، واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن وهنّ يقلن : يا سيدتاه يا بنت رسول الله ! وأقبل الناس إلى علي علیه السلام، وهو جالس والحسن والحسين علیهم السلام بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما، وخرجت أم كلثوم - وعليها بُرقعة، وتجرّ ذيلها .. متجلّلة برداء عليها تسحبها (3) - وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً !

واجتمع الناس، فجلسوا وهم يضجون وينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلّون عليها ، فخرج أبوذر وقال : انصرفوا.. فإن ابنة رسول الله صلى الله عليه و آله قد أُخر إخراجها في هذه العشية ، فقام الناس وانصرفوا . (4)

وجاءت عائشة تريد أن تدخل عليها، فقالت أسماء لا تدخلي .. فكلّمت عائشة أبا بكر، فقالت : إن هذه الختعمية تحول بيننا وبين ابنة رسول الله علیها السلام ! فقالت أسماء إنها أمرتني أن لا يدخل عليها أحد . (5)

ص: 143


1- الحج (22) : 7.
2- بحار الأنوار: 214/40 - 215 عن بعض كتب المناقب القديمة.
3- خ . ل : تسبّحها . قال الجوهري : السبحة كساء أسود. يقال : تسبح الرجل إذا لبسه . انظر: الصحاح : / .
4- روضة الواعظين : 151/1 - 152 ، وعنه في بحار الأنوار : 192/43.
5- كشف الغمة : 504/1 ، وعنه في بحار الأنوار: 43 / 189 - 190.

ثم أتى العباس فقال لأمير المؤمنين علیه السلام : ما تريد أن تصنع ؟ قال : « أُخرجها ليلاً » ، فذكر العباس كلمةً خوفه بها من أبي بكر وعمر (1) [ ولكنه علیه السلام لم يعبأ بذلك، ] فلما أن هدأت العيون ومضى شطر من الليل غسلها على وسكبت الماء أسماء بنت عميس ..، (2) وحينما كان مشغولاً بتغسيلها بكى بكاءً عالياً، ثم خرج ودموعه تسيل على خدّيه ، فلمّا سُئل عن ذلك أجاب بأنه وجد آثار السياط والرفسة والضربات بجسمها . (3)

قال علي : « والله لقد أخذت في أمرها وغسلتها في قميصها ولم أكشفه عنها، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة ، ثم حنّطتها من فضلة حنوط رسول الله صلى الله عليه و آله ، وكفنتها وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت : «يا أُم كلثوم ! يا زينب يا سكينة !! يا فضة ! يا حسن ! يا حسين !.. هلمّوا تزوّدوا من أُمّكم.. فهذا الفراق واللقاء في الجنة .. » فأقبل الحسن والحسين علیهم السلام وهما يناديان : « واحسرتي لا تنطق أبداً من فقد جدّنا محمد المصطفى وأُمنا فاطمة الزهراء .. يا أم الحسن يا أُم الحسين ! إذا لقيت جدنا محمد المصطفى فأقرئيه منا السلام وقولي له : « إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا .. » .

فقال أمير المؤمنين علیه السلام : « إني أشهد الله أنها قد حنّت وأنت ومدت يديها وضمّتهما إلى صدرها مليّاً .. وإذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعها عنها : فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات ! فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب .. » .

قال : « فرفعتهما عن صدرها ، وجعلت أعقد الرداء وأنا أنشد بهذه الأبيات :

فراقك أعظم الأشياء عندي * وفقدك فاطم أدهى الثكول

ص: 144


1- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار: 255/81.
2- دعائم الإسلام : 1/ 228 ، بحار الأنوار : 307/81.
3- راجع مصائب المعصومين : 27؛ بيت الأحزان: 33 (الليزدي)؛ جامع النورين : 244؛ شعشعة الحسينية : 144 - 145؛ حزن المؤمنين : 61؛ بشارة الباكين : 26؛ مرقاة الإيقان: 112/1 ، 125؛ أنوار الشهادة : 207 - 208 (مصوّرة)، ماتمكده : المجلس الثالث عشر.

سأبكي حسرة وأنوح شجوا * على خل مضى أسنى سبيل

ألا يا عين جودي وأسعديني * فحزني دائم أبكي خليلي » (1)

ثم وضعها علي علیه السلام على السرير وقال - للحسن علیه السلام - : « ادع لي أباذر »، فدعاه ليحملاه إلى المصلى ، - وفي رواية : أنه علیه السلام صلى عليها في دارها (2) - فلما فرغ من جهازها أخرج الجنازة وأشعل النار في جريد النخل ومشى مع الجنازة بالنار ، (3) فأخرجها علي والحسن والحسين علیهم السلام ولم يشهدها إلاّ خواصّه ، (4) فصلّى عليها أمير المؤمنين علیه السلام فكان يكبّر تكبيرة فيكبّر جبرئيل تكبيرة والملائكة المقربون .. إلى أن كبر أمير المؤمنين علیه السلام خمساً . (5)

ثم صلى ركعتين ورفع يديه إلى السماء فنادى : « هذه بنت نبيك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور »، فأضاءت الأرض ميلا في ميل .. فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع : « إلي .. إلي .. فقد رفع تربتها مني »، فنظروا فإذا بقبر هي محفور ، فحملوا السرير إليها ليدفنوها ، فخرجت يد فتناولتها، (6) فوضعها علي علیه السلام في القبر، وقال : « بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله محمد بن عبد الله .. سلّمتك - أيتها الصديقة ! - إلى من هو أولى بك مني، ورضيت لك بما رضي

ص: 145


1- بحار الأنوار : 179/432 عن بعض الكتب.
2- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار: 390/78.
3- علل الشرايع : 188/1 ، وعنه في بحار الأنوار : 252/81.
4- المشهور حضور سبعة من الأصحاب للصلاة على فاطمة الله ، وهم : سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وحذيفة وعبد الله بن مسعود، وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين 7 كما في الخصال : 361 ، ورجال الكشي : 34/1 الحديث الثالث عشر ، ولكن ورد في غير واحد من المصادر حضور جماعة أُخرى معهم، والمتحصل من الجميع حضور من ذكر وعقيل وعبد الله بن جعفر وبريدة والعباس وأبنيه - فضل وعبد الله - وأسامة والزبير ونفر من بني هاشم وبنات أمير المؤمنين ونسوة من قريش وأسماء بنت عميس وخادمتها ،فضة ، راجع : إعلام الورى : 152؛ المناقب : 363/3؛ بحار الأنوار: 180/13 ، 183 ، 189 ، 193 ، 199 - 200 و 310/81؛ كامل بهائي : 312/1.
5- مصباح الأنوار وعنه في بحار الأنوار: 390/78.
6- المناقب : 3 / 365 ، وعنه في بحار الأنوار : 43 / 184.

الله تعالى لك ، ثم قرأ : ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرى ) . (1)

وقال: « اللهم إني راض عن ابنة نبيك .. اللهم إنها قد أُوحشت فآنسها ، اللهم إنها قد هجرت فصلها ، اللهم إنها قد ظلمت فاحكم لها وأنت خير الحاكمين » . (2)

ثم جلس على شفير القبر فقال : يا أرض استودعتك وديعتي هذه بنت رسول الله .. فنودي منها : يا علي ! أنا أرفق بها منك .. فارجع ولا تهتم . (3)

فدفنها أمير المؤمنين علیه السلام سرّاً وعلى موضع قبرها .. وسوّى قبرها مع الأرض مستويا .. وسوّى حواليها قبوراً مزوّرة حتى لا يعرف قبرها .. فغيّبوا قبرها (4) فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن فأرسل دموعه على خديه وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلی الله و علیه و آله فقال: « السلام عليك يا رسول الله مني والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك ، وقرّة عينك ، وزائرتك، والبائتة فى الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك .. قل يا رسول الله ! عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنّتك والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزّي ولقد وشدتك فى ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي، وتوليت أمرك بنفسي نعم وفي كتاب الله أنعم القبول ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (5) .. قد استُرجِعَت الوديعة، وأخذت الرهينة، وأخلست الزهراء فما أقبح

الخضراء والغبراء».

« يا رسول الله ! أما حزني فسر مد وأمّا ليلي فمسهد لا يبرح الحزن من قلبي أو

ص: 146


1- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار: 27/82، والآية الشريفة في سورة طه (20) : 55.
2- الخصال 588/2 ، وعنه في بحار الأنوار: 78 / 345 و 256/100.
3- بحار الأنوار : 214/43 عن بعض كتب المناقب القديمة.
4- تكرّر هذه التعابير في النصوص انظر مثلاً: روضة الواعظين : 152؛ إعلام الورى : 158-159؛ تاريخ أهل البيت : 143؛ دلائل الإمامة : 47 - 46؛ الكافي : 458/1؛ أمالي الشيخ المفيد : 281؛ أمالي الشيخ الطوسي : 1/ 107 (ط النجف)؛ بشارة المصطفى : 258؛ كشف الغمة : 1 / 500 ، المناقب : 3 / 363؛ بحار الأنوار: 193/43 ، 211 - 214 و 255/81: العوالم : 519/1.
5- البقرة (2) : 156.

يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم ، كمد مقيح، وهم مهيّج، سرعان ما فرّق بيننا وإلى الله أشكو .. » .

« وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك على وعلى هضمها حقها .. فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بله سبيلاً، وستقول و يَحْكُم اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) » . (1)

« سلام عليك - يا رسول الله ! - سلام مودّع لاستم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإنْ أقم قلا عن سوء ظنّى بما وعد الله الصابرين الصبر أيمن وأجمل - ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّت عنده معكوفاً ، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة .. فبعين الله تدفن بنتك سراً.. ويهتضم حقها قهراً.. ويمنع إرثها جهراً .. ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله - يا رسول الله -

المشتكى ، وفيك أجمل العزاء.. فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته » . (2)

وأنشأ يقول :

« أرى علل الدنيا علي كثيرة * وصاحبها حتى الممات عليل

لكل اجتماع من خليلين فرقة * وإن بقائي عندكم لقليل

وإن افتقادي فاطماً بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل » (3)

وقال :

« نفسي على زفراتها محبوسة * یالیتها خرجت مع الزفرات

لا خير بعدك في الحياة وإنما * أبكي مخافة أن تطول حياتى » (4)

ص: 147


1- يونس (10) : 109.
2- أمالي الشيخ المفيد : 281؛ بشارة المصطفى صلی الله و علیه و آله : 258؛ الكافي : 458/1؛ أمالي الشيخ الطوسي : 107/1؛ ( ط النجف )؛ دلائل الإمامة : 47؛ بحار الأنوار: 193/43، 211.. وله مصادر أخرى يأتي مع الإشارة إلى موارد اختلاف النسخ ، راجع : الرواية المرقمة [ 130 ] في الفصل الآتي.
3- بحار الأنوار: 43/ 180 عن بعض الكتب.
4- بحار الأنوار : 213/43 عن بعض كتب المناقب القديمة.

وأمر بقبرها فرش عليه الماء، ثم جلس عند قبرها باكيا حزينا ، فأخذ العباس بیده فانصرف به . (1)

فرجع وانسد القبر واستوى بالأرض .. فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة . (2)

يوم بعد الوفاة

ثم إن المسلمين لما علموا بوفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبراً جدداً ! فأُشكل عليهم قبرها من سائر القبور، فضجّ الناس.. ولام بعضهم بعضاً ، وقالوا : لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتاً واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها .. ولا نعرف قبرها لنزورها !

وأقبل أُناس - منهم أبوبكر وعمر - إلى بيت فاطمة علیها السلام ليحضروا الصلاة عليها ، فالتقى المقداد بأبي بكر فقال له : نحن قد دفناها ليلاً .

فالتفت عمر إلى أبي بكر وقال : ألم أقل لك: إنهم سيدفنونها ليلاً ..؟!

قال المقداد : إنّ فاطمة علیها السلام أوصت بذلك لكي لا تصلّيا عليها .

فرفع عمر يده يضرب المقداد على رأسه ووجهه حتى تعب عمر وخلّصه الحاضرون من يده... فقام المقداد أمامهم وقال : خرجت بنت رسول الله صلی الله و علیه و آله من الدنيا والدم يسيل من ظهرها وجنبها لما ضربتموها بالسيف والسياط.. أنا عندكم أحقر من علي وفاطمة علیهما السلام ..

ثم قال ولاة الأمر منهم : هاتوا (3) من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلّي عليها ونزور قبرها، فبلغ ذلك أمير المؤمنين فخرج مغضباً ق-د احمرت عيناه ودرّت أوداجه ، وعليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريمة وهو متوكئ على سيفه ذي الفقار - حتى ورد ،البقيع ، فسار إلى الناس النذير، وقالوا :

ص: 148


1- مصباح الأنوار ، وعنه في بحار الأنوار 27/82.
2- بحار الأنوار: 214/43 عن بعض كتب المناقب القديمة.
3- خ ل : هاتم.

هذا علي بن أبي طالب قد أقبل - كما ترونه - يقسم بالله : لئن حوّل من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر ! فأقبل أبو بكر وعمر إليه، فقالا له : والله ما تركت شيئا من غوائلنا ومساء تنا.. وما هذا إلا من شيء في صدرك علينا ! هل هذا إلا كما غسلت رسول الله صلی الله و علیه و آله دوننا ولم تدخلنا معك ! وكما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن : « انزل عن منبر أبي » ؟!

فقال لهما علي علیه السلام : « كان الليل وكرهت أن أشخصكم »، فقال له عمر : ما هذا ولكن شحناء فى صدرك !

فقال أمير المؤمنين علیه السلام : « أما إذا أبيتما فإنها استحلفتني بحق الله وحرمة رسوله وبحقها عليّ أن لا تشهدا جنازتها، فهي التي استأذنت لكما عليها فقد رأيتها ما كان من كلامها لكما ، والله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها ولا الصلاة عليها ، وما كنت الذي أُخالف أمرها ووصيتها إلي فيكما » .

فقال عمر : ما لك يا أبا الحسن ؟ ! والله لننبش قبرها ولنصلين عليها .

فقال على علیه السلام : « أما والله ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي فإنّك لا تصل إلى نبشها، فأنت أعلم » .

قال : دع عنك هذه الهمهمة .. أنا أمضي إلى المقابر فأنبتها حتى أُصلّي عليها .

فضرب علي علیه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزّه ثم ضرب به الأرض، وقال له : « يا ابن السوداء أمّا حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، وأم-ا ق-بر فاطمة، فوالذي نفس علي بيده لئن رمت وأصحابك شيئاً من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم، فإن شئت فاعرض يا عمر ... والله لو ذهبت تروم من ذلك شيئاً وعلمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك - فإني كنت لا أعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شيء من ذلك » .

فقال أبو بكر : يا أبا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش إلا خليت عنه، فإنا غير فاعلين شيئاً تكرهه . فخلّى عنه ، وتفرّق الناس ولم يعودوا إلى ذلك . (1)

ص: 149


1- راجع : الهداية الكبرى : 179 - 178؛ کتاب سليم : 255 - 256؛ ( الطبعة المحققة : 2 / 871 الحديث - الثامن والأربعون ) ، وعنه في بحار الأنوار : 43 / 199؛ علل الشرايع : 189 ، وعنه في بحار الأنوار : 205/43 - 206؛ الاختصاص : 185 ، وعنه في بحار الأنوار: 192/29 ، دلائل الإمامة : 46 ، وعنه في بحار الأنوار: 171/43؛ عيون المعجزات : 53 - 54 ، وعنه في بحار الأنوار: 212/43؛ مصباح الأنوار، وعنه في بحار الأنوار: 254/81 - 255 ، الدر النظيم : 484 كامل بهائي: 312/1. (فارسي).

حزن أمير المؤمنين علیه السلام على شهادتها

قال عمار مضيت الى دار سيدي ومولاي أمير المؤمنين علیه السلام فاستأذنت الدخول عليه ؟ فأذن لي .. فدخلت عليه فوجدته جالسا جلسة الحزين الكتيب و الحسن علیه السلام عن يمينه والحسين علیه السلام عن شماله وهو تارة يلتفت الى الحسين علیه السلام ويبكي .. فلما نظرت إلى حاله وحال ولده، لم أملك نفسي دون أن أخذتني العبرة وبكيت بكاءً شديداً، فلما سكن نشيجي قلت : سيدي أتأذن لي بالكلام ؟ قال : « تكلّم يا أبا اليقظان »، قلت : سيدي ! إنكم تأمرون بالصبر على المصيبة، فما هذا الحزن الطويل ؟ وإن شيعتك لا يقرّ لهم قرار باحتجابك عنهم ، وقد شق ذلك عليهم .

قال : فالتفت إليّ، وقال : « يا عمار ! إن العزاء عن مثل من فقدته لعزيز، إني فقدت رسول الله صلی الله و علیه و آله بفقد فاطمة علیها السلام، إنها كانت لي عزاء وسلوة، وكانت إذا نطقت ملأت سمعي بصوت رسول الله صلی الله و علیه و آله، وإذا مشت لم تخرم مشيته، وإني ما أحسستُ تألم (1) الفراق إلا بفراقها، وإن أعظم ما لقيت من مصيبتها ... إني لما وضعتها على المغتسل وجدت ضلعاً من أضلاعها مكسوراً، وجنبها قد اسود من ضرب السياط .. وكانت تخفي ذلك علي مخافة أن يشتد حزني، وما نظرت عيناي إلى الحسن والحسين وخنقتني العبرة، وما نظرت إلى زينب باكية الاّ وأخذتني الرقة عليها » . ثم خرج علیه السلام مع عمار فاستبشر الشيعة بذلك . (2)

ص: 150


1- كذا ، والظاهر : ألم.
2- الأنوار العلوية : 214 (الطبعة الحجرية ، 306 - 307 الطبعة الحروفية ).

الفصل الرابع : جملة من النصوص والآثار في مأساة الهجوم على بيت فاطمة عليها السلام

اشارة

جملة من النصوص والآثار في مأساة الهجوم على بيت فاطمة الزهراء علیها السلام

ص: 151

ص: 152

ندرج في هذا الفصل ما رواه العامة في هذه الفاجعة، أو ما ورد في الكتب المعتمدة عندهم وإن لم يكن مؤلفها منهم، مثل مروج الذهب للمسعودي، وتاريخ اليعقوبي.. ونحوهما ، وعند التصفّح لمصادرهم تجدهم قائلين بما نقلنا عنهم: أو تلقوا ما رووه بالقبول، بل صرّح بعضهم بصحة ما رواه أو حسّنه..

ثم نذكر كلام من حكم بضعف بعض الروايات أو نسبها إلى الشيعة.. وهو إقرار ضمني بوجودها، ونلحق ذلك ببعض الروايات عن الشيعة، سواء أكان المؤلّف من الفرقة الحقة الاثني عشرية أو الزيدية أو الإسماعيلية..

وليعلم قبل سرد النصوص أنه لا يتوقع ثمن مُلى قلبه حبّ الخلفاء والصحابة أن يروي لنا القضية كاملة تامة، إذ حبّ الشيء يُعمي ويصم. خصوصاً وإنهم يقولون بعدالة جميع الصحابة ! وأنّ الله تعالى غفر جميع ذنوبهم وإن تعمدوها! فيجب السكوت عما صدر عنهم، بل يجب محوه وإعدامه. وإن أمكنهم إنكاره لأنكروه، وإلا فيحرّفونه أو يأوّلونه ويذكرون له توجيهات بعيدة.. وإن عجزوا عن هذا وذاك نهوا عن نقله واستماعه وكتابته.. وإلا فهم يضعفون غالب رواته أو كلهم... وهذا هو السرّ في قلة ما وصل إلينا منها، فيترك البعض منهم نقله للتحفظ على شؤونهم أو مجاملة لخلفاء الجور، أو طمعاً بالتقرب إلى مواليهم ، ويُعرض البعض الآخر خوفاً أو تقية.. ومع كل هذا ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين..

ص: 153

فأدنى إشارة للموضوع في رواياتهم كاف للطالب المنصف.. وبالدقة في القرائن والشواهد - مع ضمّ المنقولات المختلفة - نصل إلى المطلوب.

ولنا بحث وعودة في تفصيل هذا الإجمال يأتي في الفصل السادس.

روايات أهل السنّة وأقوالهم

1- موسى بن عقبة

1 - موسى بن عقبة ( المتوفى 141ه_ .)

[1] روى في كتابه المغازي عن ابن شهاب الزهري ] بإسناد جيد عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (1) قال : إنّ رجالاً من المهاجرين غضبوا في بيعة أبي بكر ، منهم علي والزبير، فدخلا بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله علیه و آله ومعهما السلاح، فجاء هما عمر بن الخطاب في عصابة من المهاجرين والأنصار ، فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش الأشهليان، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي ... فكلّموهما حتى أخذ أحدهم سيف الزبير فضرب به الحجر حتى كسره،

ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم و ..]

رواه عنه أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي (2) (المتوفى 634) .

وأحمد بن عبد الله المحبّ الطبري (3) (المتوفى 694)

والإمام محمّد بن يوسف الصالحي الشامى (4) (المتوفى (942)

والشيخ حسين بن محمد الديار بكرى (5) (المتوفى (982)

ص: 154


1- أبو إسحاق الزهري، توفّي سنة 95 أو 96 ه_. عده ابن حبان في الثقات : 4/4، وأخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة : 63/1.
2- الاكتفاء .. مغازي رسول الله الا الله والثلاثة الخلفاء : 446/2.
3- الرياض النضرة : 241/1.
4- سبيل الهدى والرشاد : 317/12.
5- تاريخ الخميس : 169/2.

وعبد الملك بن حسين العصامي المكي (1) (المتوفى 1111) ويأتي مع زيادات عن الجوهري في الرواية المرقمة [25].

[ 2 ] وروى موسى بن عقبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : أنّ عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر [ذلك اليوم ] وأن محمّد بن مسلمة كان معهم، وأنه هو الذي كسر سيف الزبير، [ ثم قام أبوبكر واعتذر إليهم .. ] .

رواه الحاكم (المتوفى 405) وقال : صحيح على شرط الشيخين . (2)

والحافظ البيهقي (3) (المتوفى 458)

والمحبّ الطبري (4) (المتوفى 694)

والحافظ الذهبي (5) (المتوفى (748)

وأبو الفداء ابن كثير الدمشقي (المتوفى (774) وقال : إسناد جيد . (6)

والحافظ السيوطي (7) (المتوفى 911)

والمتقي الهندي (8) (المتوفى (975)

وا لكاندهلوي . (9)

ورواه أبو بكر الجوهري (المتوفى 323) رواه عنه ابن أبي الحديد (10)

ص: 155


1- سمط النجوم العوالي : 245/2.
2- المستدرك : 66/3.
3- السنن : 152/8.
4- الرياض النضرة : 241/1.
5- سير اعلام النبلاء - سير الخلفاء الراشدون - : 26.
6- البداية والنهاية : 270/5.
7- جامع الأحاديث الكبير : 83/13.
8- كنز العمال : 597/5.
9- حياة الصحابة : 13/2.
10- شرح نهج البلاغة : 48/6.

2- أبو الحسن علي بن محمد بن سليمان النوفلي

2 - أبو الحسن علي بن محمد بن سليمان النوفلي (المتوفى 204 أو 206 ه_.)

[3] [روى في كتاب الأخبار] عن ابن عايشة، عن أبيه، عن حماد بن سلمة ، (1) قال : كان عروة بن الزبير (2) يعذر أخاه - إذا جرى ذكر بني هاشم وحصره : إياهم في الشعب وجمعه لهم الحطب لتحريقهم - ويقول : إنما أراد بذلك إرهابهم ليدخلوا في طاعته كما أُرهب بنوهاشم وجمع لهم الحطب لإحراقهم إذ هم أبوا البيعة في ما سلف .

رواه عنه المسعودي (المتوفى (346) وقال :

وهذا خبر لا يحتمل ذكره هنا وقد أتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت وأخبارهم المترجم بكتاب حدائق الأذهان . (3)

ورواه ابن أبي الحديد بنحو أوضح ، فقال : قال المسعودي وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول : إنما أراد بذلك ألا تنتشر الكلمة ولا يختلف المسلمون وأن يدخلوا في الطاعة فتكون الكلمة واحدة ! كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم ، لما تأخروا عن بيعة أبي بكر، فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار !! .. (4)

ص: 156


1- توفي ابن سلمة سنة 167 ، ذكره ابن حبّان في الثقات : 216/6 وقال : لم يكن من أقرانه مثله بالبصرة في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنّة . أقول : وهو من رجال الصحاح الستة ، كما في موسوعة رجال الكتب التسعة : 385/1.
2- عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو عبد الله ذكره ابن حبان في الثقات : 194/5 ، وقال : كان من أفاضل أهل المدينة وعلمائهم . أقول : وهو من رجال الصحاح الستة ، وفي وفاته بين 93 و 101 أقوال راجع موسوعة رجال الكتب التسعة : 29/3.
3- كتاب الأخبار للنوفلي ، عنه مروج الذهب : 77/3 (ط مؤسسة دار الهجرة قم). وجملة (كما أُرهب بنو هاشم وجمع لهم الحطب لإحراقهم ) أسقطت من بعض الطبعات ! فلا تغفل.
4- شرح نهج البلاغة : 147/20.

3- محمد بن عمر الواقدى

3 - محمد بن عمر الواقدي ( المتوفى 207 ه_.)

[4] روی بسنده (1) عن داود بن الحصين : (2) .. وغضب على علیه السلام والزبير ودخلا بيت فاطمة علیها السلام وتخلفا عن البيعة ، فجاءهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن خضير (3) وسلمة بن أسلم بن جريش الأشهلي، فصاح عمر : اخرجوا أو لنحرقتها عليكم ، فأبوا أن يخرجوا، فصاحت بهم فاطمة وناشدتهم الله .. فأمر عمر سلمة بن أسلم فدخل عليهما وأخذ سيف أحدهما فضرب به الجدار حتى كسره، ثم أخرجهما يسوقهما حتى بايعا.

رواه عنه الطبري الإمامي (4) (المتوفى أوائل القرن الرابع)

و محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (المتوفى 588) . (5)

والسيد ابن طاووس (المتوفى 664) . (6)

[5] وروى الواقدي عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، (7) قال : .. وكان جماعة يجتمعون في بيت فاطمة علیها السلام وقت السقيفة ، فقال عمر : وأيم الله لئن اجتمع هؤلاء عندك لنفتحل (8) البيت عليهم وليهدمن البيت أو لنحرقن .. فلا سمعوا ذلك انصرفوا .

ص: 157


1- لعله في كتاب السقيفة وبيعة أبي بكر.
2- أبو سليمان الأموي . توفي سنة 135 . ذكره ابن حبان في الثقات : 284/6 ، وهو من رجال الصحاح الستة ، انظر : موسوعة رجال الكتب التسعة : 462/1.
3- كذا ، وقد مرّ ويأتي ضبطه با حضير.
4- المسترشد : 378.
5- مثالب النواصب : 419 ( الخطية ) باختصار.
6- الطرائف : 238 - 239.
7- أسلم العدوي العمري أبو خالد أبو زيد (المتوفي (80) ، ذكره ابن حبان في الثقات : 4 / 45 وهو من رجال الصحاح الستة . راجع : موسوعة رجال الكتب التسعة : 1 / 111.
8- كذا في المصدر ، ولعل الصحيح : لتفتحن .

رواه عنه ابن شهر آشوب المازندارني (1) (المتوفى 588)

وروى الواقدي قطعة من الرواية الآتية تحت رقم [12] .

4- نصر بن مزاحم المنقري

4 - نصر بن مزاحم المنقري (المتوفى 212 ه_. )

[6] في كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين علیه السلام .. وعلى كلّهم بغيت عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وقولك الهجر، و [ فى ] تنفسّك الصعداء، و [ فى ] إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش (2) حتى تبايع وأنت كاره !.. (3)

رواه من العامة ؛ أحمد بن أعثم الكوفي (4) (المتوفى 314)

وابن عبد ربه الأندلسي (5) (المتوفى 328)

والخطيب الخوارزمی (6) (المتوفى 568)

وابن أبي الحديد (7) (المتوفى 656)

والقلقشندي (8) (المتوفى 821)

والباعوني الشافعي (9) (المتوفى 871)

ومن الشيعة :

الشيخ المفيد (10) (المتوفى 413)

ص: 158


1- مثالب النواصب : 364 ( الخطية ).
2- الجمل المخشوش : هو الذي جعل في أنفه الخشاش : وهو ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب لينقاد.
3- وقعة صفين : 87.
4- الفتوح : 578/2.
5- العقد الفريد : 30/4 - 309 ( طبعة بيروت ، وفي طبعة مصر : 334/4 - 335).
6- المناقب : 175.
7- شرح نهج البلاغة : 74/15 ، 186.
8- صبح الأعشى : 273/1.
9- جواهر المطالب : 357/1.
10- الفصول المختارة : 287.

والحسيني الزيدي (1) (المتوفى 670)

والعلامة البياضي (2) (المتوفى 877)

[7] وأجاب أمير المؤمنين له عنه : «أما بعد ، فقد أتاني كتابك .. وقلت: إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع .. ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكاً في دينه ولا مرتاباً بيقينه .. وهذه حجّتى إلى غيرك » . (3)

رواه من العامة ؛ ابن حمدون (4) (المتوفى 562)

وابن أبي الحديد (5) (المتوفى 656)

والنويري (6) (المتوفى 737)

والقلقشندي (7) (المتوفى 821)

والباعوني الشافعي (8) (المتوفى 871)

ومن الشيعة :

السيد الرضي (9) (المتوفى 406)

وأبو الصلاح الحلبي (10) (المتوفى 447)

والشيخ الطبرسي (11) (القرن السادس)

ص: 159


1- أنوار اليقين : 28، 385.
2- الصراط المستقيم : 11/3.
3- خ . ل : عليك وعلى غيرك.
4- التذكرة الحمدونية : 166/7.
5- شرح نهج البلاغة : 183/15.
6- نهاية الارب : 236/7.
7- صبح الأعشى : 276/1.
8- جواهر المطالب : 374/1.
9- نهج البلاغة : 122 - 123 کتاب 28.
10- تقريب المعارف : 237.
11- الاحتجاج: 178.

وابن حمزة الزيدي (1) (المتوفى 614)

وحسام الدين المحلّى (2) (المتوفى 652)

والحسينى الزيدي (3) (المتوفى 670)

[8] وروى المنقري في كتاب معاوية إلى محمّد بن أبي بكر: فلمّا اختار الله لنبيه صلی الله و علیه و آله ما عنده وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته، وأبلج (4) حجّته ، [ و ] قبضه (5) إليه - صلوات الله عليه - فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزه حقه وخالفه على أمره على ذلك اتقفا واتسقا . ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما، فأبطأ عنهما، وتلكأ عليهما ، فهما به الهموم، وأرادا به العظيم ! .. (6)

ورواه علي بن الحسين المسعودي (7) (المتوفى 346)

وابن أبي الحديد (8) (المتوفى 656)

وأبو بكر الدواداري (9) (المتوفى 732)

ومن الشيعة :

الشيخ المفيد (10) (المتوفى 413)

[9] وروى المنقري، عن محمّد بن عبيد الله ، عن الجرجاني [قال عمرو بن العاص لمعاوية ] : وقد سمعته أنا وأنت وهو [يعني أمير المؤمنين علیه السلام] يقول :

ص: 160


1- الشافي : 245/3.
2- الحقائق الوردية : 67.
3- أنوار اليقين : 29.
4- خ . ل : أفلج.
5- خ . ل : قبضه الله.
6- وقعة صفين : 120.
7- مروج الذهب : 12/3-13.
8- شرح نهج البلاغة : 190/3.
9- کنز الدرر : 351/3.
10- الاختصاص : 126 - 127 ، وعنه في بحار الأنوار: 579/33.

« لو استمكنت من أربعين رجلاً !.. »، فذكر أمراً، يعني لو أنّ معي أربعين رجلاً يوم فتش البيت - يعنى بيت فاطمة علیها السلام - . (1)

وأشار إليه ابن أبي الحديد وقال : ذكره كثير من أرباب السنّة . (2)

5- الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله

5 - الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله (المتوفى 224 ه_. )

6- الحافظ سعيد بن منصور

اشارة

6 - الحافظ سعيد بن منصور ( المتوفى 227 ه_. )

الاعتراف بالجناية

قد جرت سيرة العقلاء على الأخذ بما يقوله الإنسان إقراراً على نفسه واعترافاً بجنايته، ولم يختلف في هذا اثنان ودلّتنا الآثار الواردة في غير واحد من كتب العامة والشيعة أن أبا بكر اعترف عند موته بالهجوم على بيت فاطمة علیها السلام وأظهر الندامة .

[ 10 ] عن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي بكر حال احتضاره: إنّي لا آسى على شيء من الدنيا إلّا على ثلاث فعلتها ... فوددت أني لم أكشف (3) بيت فاطمة عن شيء (4) وإن كانوا (5) أغلقوه على الحرب . (6)

وفي رواية : وذكر [أي أبو بكر] في ذلك كلاماً كثيراً .

.. ووددت أنّي يوم يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر، فكان أميراً وكنت وزيراً... ووددت أني كنت سألت رسول الله له من هذا الأمر ! فلا ينازعه أحد، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب

ص: 161


1- وقعة صفين، نصر بن مزاحم : 163 ، وعنه في بحار الأنوار: 440/32.
2- شرح نهج البلاغة : 22/2.
3- خ. ل : لم أفتش.
4- خ . ل : وأدخله الرجال.
5- خ . ل : مع أنهم.
6- خ . ل : وإن كان أعلن علي الحرب.

رواه مع اختلاف يسير مفصلاً أو مختصراً كثير من علماء الفريقين.

من العامة :

الحافظ أبو عبيد (1) (المتوفى 224)

الحافظ سعيد بن منصور (المتوفى 227) وقال: حديث حسن. (2)

حميد بن زنجويه (3) (المتوفى 251)

ابن قتيبة الدينوري (4) (المتوفى 276)

اليعقوبي (5) (المتوفى 292)

الطبري (6) (المتوفى 310)

الجوهرى (7) (المتوفى 323)

ابن عبد ربه الأندلسي (8) (المتوفى 328)

خيثمة بن سليمان الإطرابلسي (9) (المتوفى 343)

المسعودي (10) (المتوفى 346)

الطبراني (11) (المتوفى 360)

ص: 162


1- الاموال : 194 ينحو من الابهام.
2- كتاب السنن، عنه وعن غيره جامع الأحاديث الكبير : 100/13 - 101 (لم يطبع من كتاب السنن إلا المجلد الثالث والرواية غير موجودة فيه).
3- الأموال : 348/1 مبهماً و 304/1 من دون إيهام.
4- الإمامة والسياسة : 24/1.
5- تاريخ اليعقوبي : 137/2.
6- تاريخ الطبري: 430/3 وبسند آخر : 431/3.
7- السقيفة وقدك ، نقله عن أبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 51/6 و 46/2 - 48.
8- العقد الفريد : 250/4 (ط بيروت مكتبة النهضة المصرية : 268/4).
9- فضائل الصحابة ، وعنه في كنز العمال : 631/5 ولم نجده في المصدر المطبوع في دار الكتاب العربي ، بيروت!
10- مروج الذهب : 301/22-302 (ط بیروت : 317/2).
11- المعجم الكبير : 62/1.

الحافظ ابن عساكر (1) (المتوفى 571) وقال : أخبرنا جماعة في كتبهم..

ضياء الدين المقدسي الحنبلي (2) (المتوفى 643) وقال : هذا حديث حسن .

وابن أبي الحديد (3) (المتوفى 656)

الحافظ الذهبي (4) (المتوفى 748)

ابن كثير الدمشق (5) (المتوفى 774)

السيوطى (6) (المتوفى 911)

المتقي الهندي (7) (المتوفى 975)

العصامي المكي (8) (المتوفى 1111)

خير الله طلفاح (9)

محمد حسين هيكل (10)

ومن الشيعة :

فضل بن شاذان (11) (المتوفى 260)

الشيخ الصدوق (12) (المتوفى 381)

ص: 163


1- تاريخ مدينة دمشق : 417/30 - 422 ، بأسانيد جمة، وعنه فى مختصر تاریخ دمشق : 122/13.
2- الأحاديث المختارة: 88/10-90.
3- شرح نهج البلاغة : 51/6 و 46/2-48.
4- تاريخ الإسلام : 117/3 - 118، سیر اعلام النبلاء - سير الخلفاء الراشدون : 17.
5- جامع المسائيد والسنن : 65/17.
6- مسند فاطمة الزهراء : 17 (ط حیدر آباد)؛ جامع الأحاديث: 100/13 - 101.
7- كنز العمال : 631/5؛ منتخب الكنز : 143/2.
8- سمط النجوم العوالي : 356/2.
9- كيف السبيل إلى الله ، أبو بكر : 154/12.
10- الصديق أبو بكر : 326.
11- الايضاح : 159 - 161.
12- الخصال : 172.

أبو الصلاح الحلبي (1) (المتوفى 447)

الشيخ الطوسي (2) (المتوفى 460)

ابن شهر آشوب المازندراني (3) (المتوفى 588) وقال : عليه إجماع الأُمّة . (4)

بعض علماء الزيدية عنه أبو جعفر النقيب (5) (القرن السابع)

الحسيني الزيدي (6) (المتوفى 670) وقال : الحديث معروف.

عماد الدين الطبري (7) (القرن السابع)

العلامة الحلّي (8) (المتوفى 726)

الحسن بن محمد الديلمي (9) (المتوفى 771)

عزّ الدين المهلبي الحلّي (10) (المتوفى بعد 840)

العلامة البياضي (11) (المتوفى 877)

الشيخ مفلح .. ابن صلاح البحراني (12) (القرن التاسع)

أحمد بن تاج الدين الأسترآبادي (13) (القرن العاشر)

ص: 164


1- تقريب المعارف : 397، 366 ( تحقیق تبریزیان).
2- تلخيص الشافي : 170/3.
3- مثالب النواصب : 155( الخطية ).
4- مثالب النواصب : 202 - 203 (الخطية).
5- شرح نهج البلاغة : 24/20.
6- أنوار اليقين : 12.
7- تحفة الأبرار : 247 . (فارسي)
8- نهج الحق : 265؛ منهاج الكرامة : 86 (ط الحجر)؛ شرح التجريد : 377.
9- إرشاد القلوب، المجلد الثاني ، وعنه في بحار الأنوار: 352/30.
10- الأنوار البدرية ، وعنه في إثبات الهداة : 377/2.
11- الصراط المستقيم : 296/2 - 301.
12- إلزام النواصب : 217.
13- آثار احمدي : 402. (فارسي)

المحقق الكركي (1) (المتوفى 940)

العلامة المجلسي (2) (المتوفى 1111)

.. وغيرهم منا ومنهم...

فالرواية كما ترى مشهورة بين الفريقين، وقد حكموا باعتبارها أو تلقوها بالقبول، فلا قيمة لمناقشة بعضهم فيها لوجود علوان بن داود في سندها كما صدر من العقيلي ، (3) وتبعه الذهبي ، (4) والهيثمي ، (5) وابن حجر العسقلاني ؛ (6) إذ يرد عليهم :

أولاً : وثقه ابن حبان في الثقات .

وثانياً : لم يذكره ابن عدي في كتابه الكامل في الضعفاء مع أنه قال في المقدمة : أنا ذاكر في كتابي هذا كل من ذكر بضرب من الضعف .. ولا يبقى من الرواة الذين لم أذكرهم إلا من هو ثقة أو صدوق.

وثالثاً : يروي عن علوان أعلام أهل السنّة ورجال البخاري ومسلم .. كما يظهر من مراجعة ترجمته في ميزان الاعتدال ولسان الميزان . (7)

أقول: وعقد أبو الصلاح الحلبي (8) والعلامة المجلسي (9) باباً في ما أظهره أبو بكر وعمر من الندامة عند الموت والمتتبع فى كتب أهل السنّة يجد كثيراً منها مروية من طرقهم، وإن حملها بعضهم على محامل لا يناسبها، وعليك بالتأمل فى ما رواه

ص: 165


1- نفحات اللاهوت : 79.
2- بحار الأنوار: 123/30.
3- الضعفاء الكبير : 419/3.
4- میزان الاعتدال : 109/3.
5- مجمع الزوائد : 203/5.
6- لسان الميزان : 189/4.
7- أخذنا هذه الردود الثلاثة من كتاب إحراق بيت فاطمة علیها السلام : 184 - 186.
8- تقريب المعارف : 366 - 368.
9- بحار الأنوار: 121/30.

السيوطى (1) لتعرف حقيقة الحال فيها.

7- أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة

7 - أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة (المتوفى 235 ه_.)

8- عثمان بن أبي شيبة

8 - عثمان بن أبي شيبة (المتوفى 239 ه_. )

[11] عن أسلم : إنّه حين بويع لأبي بكر - بعد رسول الله صلى الله عليه و آله - كان على والزبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ويشاورونها ويرجعون في أمرهم. وفي رواية : كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي علیه السلام - وهو في بيت فاطمة علیها السلام - فيتشاورون ويتراجعون أمورهم ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال :

يا بنت رسول الله ! ما من أحد أحب إلي من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك !.. وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت . (2)

فلما خرج عمر جاؤوها ؛ قالت: «تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت ؟ (3) وأيم الله ليمضينّ ما حلف عليه، فانصرفوا راشدين فتروا رأيكم ولا ترجعوا إلي .. فانصرفوا عنها ولم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر . (4)

رواه من العامة : عثمان بن أبي شيبة (المتوفى 239) في السنن، عنه إبراهيم بن عبد الله اليمني الشافعي (5) (القرن العاشر)

وأحمد بن عمرو بن الضحاك ابن أبي عاصم الشيباني (6) (المتوفى 287)

ص: 166


1- جامع الأحاديث الكبير : 50/13 رقم (170 - 175) 317 - 318، 379 - 380، 385 - 386، 393,391،388.
2- خ . ل : الباب.
3- خ . ل : الباب.
4- المصنف : 267/14.
5- الاكتفاء ، عنه تشييد المطاعن : 440/1.
6- المذكر والتذكير والذكر : 41 (ط دار الصحابة للتراث بطنطا).

وأبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1) (المتوفى 323)

والسيوطي (2) (المتوفى 911)

والمتقى الهندي (3) (المتوفى 975)

والمحدث الشاه ولي الله الدهلوي (4) (المتوفى 1176)

ورواه غير واحد من العامة محرفاً، كما صنع أحمد بن حنبل (المتوفى 241) فإنّه ذكر الرواية بعينها وقال بدل (تهديد عمر بإحراق الدار) : وكلّمها . (5)

وكذا ابن عبد البر (6) (المتوفى 463)

والنويري (7) (المتوفى 733)

والصفدي (8) (المتوفى 764)

فإنهم ذكروا أيضاً بدل التهديد بالإحراق : ولئن بلغني لأفعلنّ وأفعلنّ.

ورواه من الشيعة :

ابن حمزة الزيدي (9) (المتوفى 614)

ومحمد بن أحمد بن علي بن الوليد الزيدي (10) (المتوفى 623)

والمنصور بالله الحسن بن بدر الدين الحسيني (11) (المتوفى 670) ، وفي روايتهما زيادة التهديد بهدم البيت .

ص: 167


1- السقيفة وفدك عنه شرح نهج البلاغة : 45/2 ، وعنه في بحار الأنوار: 313/28.
2- مسند فاطمة الزهراء علیها السلام : 20 - 21؛ جامع الأحاديث : 267/13 (جمع الجوامع : 1 ق (1163/2).
3- كنز العمال: 651/5؛ منتخب كنز العمال : 146/2.
4- قرة العينين : 78 ؛ إزالة الخفا : 29/2 ، 179.
5- فضائل الصحابة : 364/1.
6- الاستيعاب : 254/2 (بهامش الإصابة ، ط دار الجيل : 975/3).
7- نهاية الارب : 40/19.
8- الوافي بالوفيات : 311/17.
9- الشافي : 174/4.
10- الجواب الحاسم لشبه المغني : 20/ق 269/2.
11- أنوار اليقين 9.

والسيد أحمد بن طاووس (1) (المتوفى 673) مختصراً .

9- حمید بن زنجويه

9 - حمید بن زنجويه ( المتوفى 251 ه_. )

تقدمت له الرواية المرقمة ب_ : [10] .

10- أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري

10 - أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (2) (المتوفى 276 ه_.)

[12] بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري (3) - في رواية طويلة يذكر فيها السقيفة وما جري فيها وبعدها -: وأما علي علیه السلام والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام ، فذهب إليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم.. فقالوا: انطلقوا فبايعوا أبابكر.. فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام بالسيف، فقال عمر: عليكم بالرجل فخذوه.. فوتب عليه سلمة بن أسلم، فأخذ السيف من يده؛ فضرب به الجدار، وانطلقوا به فبایع وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا.

إنّ عليا علیه السلام آتي به إلى أبي بكر، وهو يقول: « أنا عبد الله وأخو رسوله »، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: « أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلی الله و علیه و آله، وتأخذونه منا أهل البيت غصباً؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد صلی الله و علیه و آله منكم، فأعطوكم المقادة، وسلّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أولى برسول الله حياً وميتاً فأنصفونا إن كنتم

ص: 168


1- بناء المقالة الفاطمية : 402.
2- هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، قال ابن حجر العسقلاني: صدوق، قليل الرواية ، ونقل عن الخطيب أنه قال: كان ثقة ديناً فاضلاً، ونقل عن بعضهم أنه كان منحرفاً عن أهل البيت، انظر:لسان الميزان: 357/6 - 359 وقال محمد فريد وجدي عند ذكر كتابه الإمامة والسياسة: هو من أقدم الكتب وأوثقها في مسائل الخلافة الإسلامية. راجع: دائرة المعارف: 750/3.
3- مشترك بين غير واحد من التابعين وحكموا بوثاقتهم ، راجع : تهذيب التهذيب : 291/5 - 292، 300،294.

تؤمنون، وإلّا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون ».

فقال له عمر: إنك لست متروكاً حتى تبايع .

فقال له علي علیه السلام: « احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردّده عليك غداً ». ثم قال: « والله - يا عمر ! - لا أقبل قولك ولا أبايعه ».

فقال له أبو بكر: فإن لم تبايع فلا أكرهك ، فقال أبو عبيدة ابن الجراح لعلي علیه السلام: يابن عمّ ! إنك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأُمور، ولا أرى أبا بكر إلّا أقوى على هذا الأمر منك، وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به، فسلم لأبي بكر هذا الأمر، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق.. في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك!!.. فقال على علیه السلام: « الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمّد صلی الله و علیه و آله العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس، وحقه فوالله - يا معشر المهاجرين! - لنحن أحق الناس به، لأنا أهل البيت ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله صلی الله و علیه و آله، المضطلع بأمر الرعية، المدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية وإنّه، والله لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله، فتزدادوا من الحق بُعداً.. ».

فقال بشير بن سعد الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك - يا علي ! - قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان .

.. إلى أن قال: .. وإن أبا بكر تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي علیه السلام، فبعث إليهم ،عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار علي علیه السلام، فأبوا أن يخرجوا.

فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقتها على من فيها، فقيل له : يا أبا حفص ! إنّ فيها فاطمة! قال : وإن !!..

فخرجوا فبايعوا إلا علياً علیه السلام فإنه زعم أنه قال : « حلفت أن لا أخرج ولا أضع لها ثوبي على عاتقي حتّى أجمع القرآن» ، فوقفت فاطمة علیها السلام على بابها، فقالت: « لا عهد

ص: 169

لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم.. تركتم رسول الله صلی الله و علیه و آله جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردّوا لنا حقاً ».

فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ - وهو مولى له -: اذهب فادع لي علياً، قال : فذهب إلى علي، فقال له: « ما حاجتك؟ » فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي علیه السلام: « لَسَريع ما كَذَبتم على رسول الله! » فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلاً، فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه، فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفذ، فأدى ما أمر به، فرفع علي علیه السلام صوته فقال: « سبحان الله! لقد ادعى ما ليس له »، فرجع قنفذ، فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلاً.

ثم قام عمر، فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة علیها السلام، فدقوا الباب، فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: « يا أبت يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟! » فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا علياً علیه السلام، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: « إن أنا لم أفعله فمه؟ » قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك، فقال: « إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله »، قال عمر: أما عبد الله، فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلّم فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه. فلحق علي بقبر رسول الله صلی الله و علیه و آله يصيح ويبكي وينادي: « ي_ ﴿ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) ». (1)

فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها.. فانطلقا جميعاً، فاستأذنا على فاطمة علیها السلام، فلم تأذن لهما، فأتيا علياً فكلماه، فأدخلهما عليها، فلما

ص: 170


1- الأعراف (7): 150.

قعدا عندها، حوّلت وجهها إلى الحائط، فسلّما عليها، فلم تردّ عليهما السلام!!

فتكلّم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله والله إن قرابة رسول الله أحبّ إليَّ من قرابتي، وإنك لأحبّ إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ولا أبق ،بعده أفتراني أعرفكِ وأعرف فضلكِ وشرفكِ وأمنعكِ حقكِ وميراثكِ من رسول الله إلا أني سمعت أباك رسول الله صلی الله و علیه و آله يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقة!..

فقالت: « أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلی الله و علیه و آله تعرفانه و تفعلان به؟ » قالا: نعم. فقالت: « نشد تكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضائي، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ »

سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: « فإني أُنشهد الله وملائكته أنكما أسخطماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه.. ».

فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة.. ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: « والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أصليها »، (1) ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته، مسروراً بأهله، وتركتموني وما أنا فيه لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي.

قالوا: يا خليفة رسول الله!! إنّ هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك !! إنه إن كان هذا لم يقم الله دين!! (2)

ص: 171


1- تجد دعاءها علیها السلام عليه في الرسائل الكلامية للجاحظ: 467، أنساب الأشراف: 79/10، ثم ذكر العيادة أيضاً كحالة في أعلام النساء: 123/4؛ الدكتور محمد بيومي مهران في السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام: 145؛ الاستاذ عبد الفتاح في الإمام علي علیه السلام: 193/1؛ وفي فاطمة الزهراء علیها السلام: 253/2؛ توفيق أبو علم في أهل البيت علیهم السلام: 168؛ كتاب سليم: 253 (الطبعة المحققة: 2/ 869 الحديث الثامن والأربعون)؛ كفاية الأثر: 65؛ دلائل الإمامة: 45؛ الشافي: 214/4، وعنه في شرح نهج البلاغة: 281/16؛ علل الشرائع: 186 - 187، الصراط المستقيم: 293/2، وعنهم في بحار الأنوار: 303/28 و 207/36 و 2020170/43 - 203، الدر النظيم: 483 - 484.
2- لقد أبطلت السيدة فاطمة الزهراء الله هذه الدعاوي الجوفاء في خطبتها. فإن الأمر ليس بيد الناس حتى يختاروا لأنفسهم إماماً، بل لابد من تعيينه من قبل الله تعالى، وقد ذكرهم النبي صلی الله و علیه و آله وهم أمير المؤمنين علي وأحد عشر من أولاده علیهم السلام، وأشار إليهم أيضاً في خطبة الغدير..

فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة بعدما سمعت ورأيت من فاطمة.

قال: فلم يبايع على علیه السلام حتى ماتت فاطمة علیها السلام، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمساً وسبعين ليلة. (1)

وروى غير واحد من علماء الفريقين قسماً وافراً منها، منهم:

الواقدي (2) (المتوفى 207)

وأحمد بن أعثم الكوفي (3) (المتوفى 314)

وابو بكر الجوهري (4) (المتوفى 323)

والمير خواند (5) (القرن التاسع)

وغياث الدين البلخي المعروف ب_: خواند مير (6) (المتوفى 942)

ومن المعاصرين؛ كحالة، (7) وعبد الكريم الخطيب، (8) والسيد عبدالعزيز سالم، (9) ومحمد فريد وجدي، (10) ومحمّد حسين هيكل.. (11)

ومن الشيعة :

ص: 172


1- الإمامة والسياسة 17/1 - 20.
2- كتاب الردة : 46 - 47.
3- الفتوح : 13/1 - 14.
4- في كتابه السقيفة وفدك ، وعنه في شرح نهج البلاغة : 11/6-12.
5- روضة الصفا : 595/2-597.
6- حبيب السير : 447/1.
7- أعلام النساء : 113/4.
8- الخلافة والإمامة : 248 - 249.
9- التاريخ السياسي والحضاري : 177؛ تاريخ الدولة العربية : 161.
10- دائرة المعارف : 758/3 - 759.
11- الصديق أبو بكر : 64 - 65.

الطبري الإمامي (1) (المتوفى أوائل القرن الرابع)

و ابن شهر آشوب المازندراني (2) (المتوفى 588)

والشيخ الطبرسي (3) (القرن السادس)

والحسينى الزيدي (4) (المتوفى 670)

وعزّ الدين المهلبي الحلّي (5) (المتوفى بعد 840)

والشرفي الأهنومي (6) (المتوفى 1055)

[13 ] وقال ابن قتيبة : إنّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي.

نقله عنه ابن شهر آشوب المازندرانى (المتوفى 588) عن كتاب المعارف، (7) ولكنّه أُسقط من الكتاب وليس في المعارف المطبوع الآن. ويشهد لوجوده في الكتاب ما ذكره الكنجي الشافعي (المتوفى 658)، فإنّه قال: وزاد (أي المفيد - ظاهراً -) على الجمهور، وقال: إنّ فاطمة أسقطت بعد النبي صلی الله و علیه و آله ذكراً كان سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: محسناً. وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة. (8)

وتقدمت لابن قتيبة الرواية المرقمة ب_: [10]

11- أحمد بن عمرو بن الضحاك المشهور ب_: ابن أبي عاصم الشيباني

11 - أحمد بن عمرو بن الضحاك المشهور ب_: ابن أبي عاصم الشيباني (المتوفى 287 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [11].

ص: 173


1- المسترشد : 374 - 376 ، عن زائدة بن قدامة ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیهما السلام
2- مثالب النواصب : 138 - 139 (الخطية).
3- الاحتجاج : 73 - 75.
4- أنوار اليقين : 380.
5- الأنوار البدرية ، عنه إثبات الهداة : 377/2.
6- شفاء صدور الناس : 478 - 479.
7- المناقب : 358/3 ، وعنه في بحار الأنوار : 233/43؛ مثالب النواصب: 419 (الخطية).
8- كفاية الطالب : 413.

12- أحمد بن يحيى البلاذري

12 - أحمد بن يحيى البلاذري (المتوفى 289 ه_.)

[14] عن بكر بن الهيثم حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي علیه السلام حين قعد، عن بيعته، وقال: ائتني به بأعنف العنف!.. فلما أتاه جرى بينها كلام فقال له: « أحلب حلباً لك شطره، والله ما حرّصك على إمارته اليوم إلا ليؤمرك غداً.. ». (1)

ورواه من الشيعة؛ الشريف المرتضى (2) (المتوفى 436)

والشيخ الطوسي (3) (المتوفى 460)

والحسيني الزيدي (4) (المتوفى 670)

[15] وروى البلاذري، عن سليمان التيمي، (5) وعن ابن عون: (6) إن أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة.. فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة، (7) فتلقته فاطمة علیها السلام على الباب، فقالت فاطمة علیها السلام: « يا بن الخطاب! أتراك محرّقاً عليّ بابي؟! » قال: نعم، وذلك أقوى فى ما جاء به أبوك. (8)

ورواه من الشيعة؛ الشريف المرتضى (9) (المتوفى 436)

ص: 174


1- أنساب الأشراف: 587/12 . (ط دار الفكر : 269/2).
2- الشافي : 240/3.
3- تلخيص الشافي: 76/3، وعنه في بحار الأنوار: 388/28.
4- أنوار اليقين: 379.
5- سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر، توفي سنة 143 ذكره ابن حبان في الثقات: 300/4 وقال: كان من عباد أهل، البصرة وصالحيهم ثقة وإتقاناً وحفظاً وسنة، وهو من رجال الصحاح الستة، لاحظ موسوعة رجال الكتب التسعة: 95/2.
6- عبد الله بن عون بن أرطبان المزني، توفي سنة 150 أو 151، ذكره ابن حبان في الثقات: 3/7 وقال: كان من سادات أهل زمانه عبادة وفضلاً وورعاً ونسكاً وصلابة في السنة وشدّة على أهل بدعة، وهو من رجال الصحاح الستة كما فى موسوعة رجال الكتب التسعة: 325/2.
7- خ . ل : قبس.
8- أنساب الأشراف: 586/1. (ط دار الفكر: 268/2).
9- الشافي : 241/3.

والشيخ الطوسي (1) (المتوفى 460)

وابن شهر آشوب المازندراني (2) (المتوفى 588)

وابن حمزة الزيدي (3) (المتوفى 614)

[16] وروى البلاذري قال:لما قتل الحسين علیه السلام كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية: أما بعد، فقد عظمت الرزية، وجلّت المصيبة، وحدث في الإسلام حدث عظيم، ولا يوم كيوم الحسين علیه السلام..

فكتب إليه يزيد: أما بعد؛ يا أحمق! فإنّنا جئنا إلى بيوت منجّدة (4) وفرش ممهّده، ووسائد (5) منضّدة، فقاتلنا عنها، فإن يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا، وإن كان الحق لغيرنا فأبوك أوّل من سنّ هذا وابتزّ (6) واستأثر بالحق على أهله!!

رواه عنه السيد ابن طاووس (7) (المتوفى 664)

والعلامة الحلى (8) (المتوفى 726)

13- اليعقوبي

13 - اليعقوبي (المتوفى 292 ه_.)

[17] قال: وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب علیه السلام في منزل فاطمة بنت رسول الله صلی الله و علیه وآله، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار وخرج علي علیه السلام ومعه السيف، فلقيه عمر فصرعه وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة علیها السلام فقالت: « والله لتخرجن أو لأكشفن

ص: 175


1- تلخيص الشافي: 76/3، وعنه في بحار الأنوار: 388/28.
2- مثالب النواصب: 419 (الخطية).
3- الشافي : 174/4.
4- خ . ل: متخذة، مجدّدة.
5- خ . ل: وسادة.
6- خ . ل : آثر.
7- الطرائف : 247.
8- نهج الحق : 356 ، وعنه في بحار الأنوار : 328/45.

شعري ولأعجنّ إلى الله ». (1)

وتقدّمت له الرواية المرقّمة ب_: [10].

14- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

14 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (المتوفى 310 ه_.)

[18] عن حميد بن عبد الرحمن الحميري: (2).. وتخلف علي علیه السلام والزبير واخترط الزبير سيفه وقال: لا أغمده حتى يُبايع علي علیه السلام.. فبلغ ذلك أبا بكر وعمر فقال عمر: خذوا سيف الزبير فاضربوا به الحجر. قال: فانطلق إليهم عمر فجاء بهما تعباً، وقال: لتبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان .. فبايعا (3)

ورواه عن الطبري كثير من المتأخرين نحو محمد رضا (4) وخير الله طلفاح (5)

ومن الشيعة؛ محمد بن علي بن شهر آشوب (6) (المتوفى 588)

[19] وروى الطبري بسنده عن زياد بن كليب (7) قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي علیه السلام وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة.. فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه. (8)

ص: 176


1- تاريخ اليعقوبي : 126/2.
2- قالوا: إنه أفقه أهل البصرة، توفي سنة 100 ذكره ابن حبان في الثقات: 147/4 وقال: كان فقيهاً عالماً. أقول: وهو من رجال الصحاح الستة، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 400/1.
3- تاريخ الطبري : 203/3 (دار المعارف مصر).
4- الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام: 33.
5- كيف السبيل إلى الله، علي بن أبي طالب : 31/15.
6- مثالب النواصب : 419 (الخطية).
7- أبو معشر، (أبو معبد) التميمي الكوفي، توفّي سنة 119 أو 120، ذكره ابن حبان في الثقات: 327/6 وقال: كان من الحفاظ المتقنين، وهو من رجال مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة: 539/1.
8- تاريخ الطبري : 202/3، وعنه في تشييد المطاعن 435/1.

ورواه عنه كثير من المتأخرين نحو محمد رضا، (1) وخير الله طلفاح. (2)

ومن الشيعة؛ محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (3) (المتوفى 588)

والسيّد ابن طاووس (4) (المتوفى 664)

وتقدّمت للطبري الرواية المرقمة ب_: [10]

15- أحمد بن أعثم الكوفي

15 - أحمد بن أعثم الكوفي (المتوفى 314 ه_.) تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_ [6] و [12].

16- أبو بكر الجوهري

16 - أبو بكر الجوهري (المتوفى 323 ه_.) (5)

[20] [روى في كتاب السقيفة وفدك] قال: حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، (6) قال: أخبرنا أبو بكر الباهلي، قال: حدثنا اسماعيل بن مجالد، عن الشعبي (7)

ص: 177


1- الإمام علي بن أبي طالب : 35.
2- كيف السبيل إلى الله علي بن أبي طالب ال : 32/15.
3- مثالب النواصب : 419 (الخطية).
4- الطرائف : 238.
5- هو أحمد بن عبد العزيز المعروف ب_: أبي بكر الجوهرى البصري البغدادي صاحب كتاب السقيفة وفدك، لم يصل إلينا كتابه، نقل عنه أبن أبي الحديد كثيراً، ووثقه مكرّراً، قال: عالم محدّث كثير الأدب، ثقة ورع أثنى عليه المحدثون ورووا عنه.. وقال في موضع آخر: هو من الثقات الأمناء عند أصحاب الحديث.. وفي موضع ثالث: هو من رجال الحديث، ومن الثقات المأمونين.. راجع: شرح نهج البلاغة: 60/2 و 210/16، 234. من مشايخه: عمر بن شبة (المتوفى 262)، ومحمد بن زكريا الغلابي (المتوفى 298)، ويعقوب بن شيبة السدوسي (المتوقى 262)، وأحمد بن منصور الرمادي (المتوفى 265)؛ ومن تلاميذه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني (المتوفى 356)، وأبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني (المتوفى 385) وأبو أحمد الحسن عبد الله العسكري (المتوفى 382)، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (المتوفى 360). راجع: مقدمة كتاب السقيفة وفدك، للدكتور محمد هادى الاميني.
6- وهو: عمر بن شبة بن عبيدة بن زيد بن رائطة بن أبي معاذ النميري البصري النحوي الأخباري (المتوفى 262).
7- عامر بن شراحيل الفقيه الناصبي، كان من التابعين، وفي وفاته بين سنة 103 إلى 110 أقوال، وهو من رجال الصحاح الستة، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 2 / 222.

قال: سأل أبو بكر فقال: أين الزبير؟ فقيل: عند على وقد الزبير؟ فقيل: عند علي وقد تقلد سيفه، فقال: قم عمر! قم يا خالد بن الوليد! انطلقا حتى تأتياني بهما.. فانطلقا، فدخل عمر، وقام خالد على باب البيت من خارج فقال عمر للزبير ما هذا السيف؟ فقال: نبايع علياً، فاخترطه عمر فضرب به حجراً فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه وقال: يا خالد دونكه فأمسكه، ثم قال لعلي: قم فبايع لأبي بكر، فلتكاً واحتبس فأخذ بيده وقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير فأخرجه ورأت فاطمة ما صنع بهما، فقامت على باب الحجرة وقالت: « يا أبا بكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا اكلّم عمر حتى ألقى الله.. ». (1)

[21] قال أبو بكر: وأخبرني أبو بكر الباهلي، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبي، قال: قال أبو بكر: يا عمر! أين خالد بن الوليد؟ قال: هو هذا، فقال: انطلقا إليهما - يعني علياً والزبير - فأتياني بهما.. فانطلقا، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج.. فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ قال: أعددته لأبايع علياً، قال: وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه، ثم دفعه فأخرجه وقال: يا خالد! دونك هذا.. فأمسكه خالد - وكان خارج البيت خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر ردءاً لهما -. ثم دخل عمر فقال لعلي: قم فبايع.. فتلكاً واحتبس فأخذ بيده، وقال: قم.. فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثم أمسكها خالد وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، ورأت فاطمة ما صنع ،عمر، فصرخت وولولت واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهنّ فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: « يا أبا بكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله.. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله .. ». (2)

[22] أخبرني أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن سيّار، قال: حدثنا

ص: 178


1- كتاب السقيفة وفدك، وعنه في شرح نهج البلاغة : 57/2.
2- شرح نهج البلاغة : 48/6 - 49.

سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري : (1).. وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة - منهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم - فقال لهم: انطلقوا فبايعوا.. فأبوا عليه وخرج إليهم الزبير بسيفه، فقال عمر: عليكم الكلب.. فوتب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، ثم انطلقوا به وبعلى ومعهما بنو هاشم، وعليّ يقول: « أنا عبد الله وأخو رسول الله صلی الله و علیه وآله » حتى انتهوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايع .. (2)

[23] حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن الحكم قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن ليث بن سعد، (3) قال: تخلّف عليّ عن بيعة أبي بكر فأُخرج ملتباً يمضى به ركضاً وهو يقول: معاشر المسلمين! علام تضرب عنق رجل من المسلمين لم يتخلّف لخلاف، وإنما تخلّف لحاجة.. فما مر بمجلس من المجالس، إلّا يقال له: انطلق فبايع.

وحدثنا علي بن جرير الطائي، قال: حدثنا ابن فضل عن الأجلح، عن حبيب بن ثعلبة بن يزيد، قال: سمعت علياً يقول: « أما ورب السماء والأرض - ثلاثاً - إنه لعهد النبي الأُمّي إليّ: لتغدرن بك الأُمّة من بعدي ». (4)

[24] وروى عمر بن شبّة، قال: حدثني محمد بن يحيى، قال حدثنا غسان بن عبد الحميد، (5) قال: لما أكثر الناس في تخلّف علي علیه السلام عن بيعة أبي بكر واشتد أبو بكر وعمر عليه في ذلك خرجت أم مسطح بن أثاثة فوقفت عند القبر، وقالت:

ص: 179


1- سعيد الأنصاري أبو عثمان توفي سنة 226، ذكره ابن حبان في الثقات: 266/8، وهو من رجال البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي، لاحظ موسوعة رجال الكتب التسعة: 51/2.
2- شرح نهج البلاغة : 11/6.
3- ليث بن سعد أبو الحارث الفقيه، توفّي سنة 175 ذكره ابن حبان في الثقات: 360/7، وقال: كان من سادات أهل زمانه فقهاً وعلماً، وهو من رجال الصحاح الستة. انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة: 312/3.
4- شرح نهج البلاغة: 45/6. هذه رواية أخرى ولكن ذكرها الجوهري وابن أبي الحديد متصلة بالرواية السابقة للدلالة على أن مورد الرواية هو إجباره علیه السلام على البيعة.
5- غسان بن عبد الحميد بن عبيد بن يسار الكناني ، يروي عن ابن إسحاق، ذكره ابن حبان في الثقات: 2/9.

كانت أُمور وأنباء وهنبئة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (1)

[25] أخبرنا أبو زيد عمر بن شبّة، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر ، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، (2) قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، وغضب علي علیه السلام والزبير فدخلا بيت فاطمة علیها السلام معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة منهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش - وهما من بني عبد الأشهل - فصاحت فاطمة علیها السلام وناشدتهم الله، فأخذوا سيقي علي والزبير لا فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما، ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم، وقال: إن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرّها.. . (3)

[26] وقد روى بإسناد آخر ذكره أن ثابت بن قيس بن شماس كان مع الجماعة الذين حضروا مع عمر في بيت فاطمة علیها السلام.. (4)

[27] وحدثني أبو زيد عمر بن شبة عن رجاله قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة علیها السلام في رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال: والذي نفسي بيده لتخرج إلى البيعة أو لأحرقنّ البيت عليكم!.. فخرج إليه الزبير مصلتاً بالسيف فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصارى ورجل آخر فندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً حتى بايعوا أبا بكر. (5)

[28] وقد روي في رواية أخرى: إن سعد بن أبي وقاص كان معهم في

ص: 180


1- شرح نهج البلاغة: 50/2 و 43/6. أقول: وأنشدتها أيضاً السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام خطاباً للنبي صلی الله و علیه وآله في الخطبة الفدكية، وذكرنا في تعليقتها انتساب هذه الأشعار إلى غير واحد من الصحابيات، فراجع.
2- محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي المشتهر ب-ا يتيم عروة ، وفي وفاته بين 117 إلى 137 أقوال ، ذكره ابن حبان في الثقات: 364/7، وهو من رجال الصحاح الستة، كما في موسوعة رجال الكتب التسعة: 412/3.
3- شرح نهج البلاغة : 50/2 و 47/6.
4- شرح نهج البلاغة : 50/2.
5- شرح نهج البلاغة : 48/6.

بيت فاطمة علیها السلام والمقداد بن الأسود أيضاً، وإنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا علیه السلام فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت فخرج إليه الزبير بالسيف وخرجت فاطمة علیها السلام تبكي وتصيح فنهنهت من الناس.. (1)

[29] وحدثني أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا أحمد بن معاوية، قال: حدثني النضر بن شميل قال: حدثنا محمّد بن عمرو عن سلمة بن عبد الرحمن، (2) قال: لما جلس أبو بكر على المنبر، كان علي والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة، فجاء عمر إليهم فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم.

فخرج الزبير مصلتاً سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد، فبدر السيف، فصاح به أبو بكر وهو على المنبر: اضرب به الحجر، فدق به.

قال أبو عمرو بن حماس: فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة، ويقال هذه ضربة سيف الزبير.. (3)

وروى عن الجوهري الرواية الأخيرة السيد أحمد بن طاووس (4) (المتوفى 673)، والسيد علي خان المدني (5) (المتوفى 1120)

وتقدمت للجوهري الروايات المرقّمة ب_: [2]، [10]، [11]، [12].

17- ابن عبد ربه الأندلسي

17 - ابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى 328 ه_.)

[30] قال: الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر: علي والعباس والزبير فقعدوا

ص: 181


1- شرح نهج البلاغة : 56/2.
2- الظاهر أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المتوفى 94 أو 104 بقرينة رواية محمد بن عمرو بن علقمة عنه راجع تهذيب التهذيب: 127/12، ذكره ابن حبان في الثقات: 1/5 - 2، وقال: كان من سادات قريش، وهو من رجال الصحاح الستة، لاحظ: موسوعة رجال الكتب التسعة: 404/4.
3- شرح نهج البلاغة : 56/2.
4- بناء المقالة الفاطمية : 401 مع اختلاف يسير.
5- الدرجات الرفيعة : 196.

في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخر الخطاب ليخرجهم (1) من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم!

فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار.. فلقيته فاطمة فقالت: « يا بن الخطاب! أجئت لتحرق دارنا؟! » قال: نعم، أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة. (2)

ورواه من العامة: أبو الفداء (3) (المتوفى 732)

ومن المعاصرين؛ كحالة، (4) والبكري (5)

ومن الشيعة؛ السيد ابن طاووس (المتوفى 664)

وقال : وروى مثل ذلك صاحب كتاب أنفاس المحامل ونفائس الجواهر عن ابن سهلوه (6)

وتقدّمت لابن عبد ربّه الروايتان المرقّمتان ب_: [6] و [10].

18- خيثمة بن سليمان الإطرابلسي

18 - خيثمة بن سليمان الإطرابلسى (المتوفى 343ه_.)

تقدمت له الرواية المرقّمة ب_: [10].

19- علي بن الحسين المسعودي

19 - علي بن الحسين المسعودي (المتوفى 346 ه_.)

تقدّمت له الروايات المرقّمة ب_: [3]، [8]، [10].

ويأتي له الروايتان المرقّمتان ب_: [136]، [137].

ص: 182


1- خ . ل: ليخرجوا.
2- العقد الفريد: 242/4 (ط دار الكتاب العربي، مكتبة النهضة المصرية : 259/4).
3- تاريخ أبي الفداء : 156/1.
4- أعلام النساء : 115/4 - 116.
5- من حياة الخليفة عمر بن الخطاب : 181.
6- الطرائف : 239.

20- مطهر بن طاهر المقدسي

20 - مطهّر بن طاهر المقدسي (المتوفى 355 ه_.)

[31] قال: ..لما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله انتقض نظام الجماعة، وتشتت الكلمة، واضطرب حبل الألفة، وانحاز هذا الحي من الأنصار إلى سقيفة بني ساعدة، :وقالوا منا أمير ومنكم أمير. واعتزل علي بن أبي طالب علیه السلام وطلحة والزبير بن العوام في بيت فاطمة علیها السلام، فأتاهم أبو بكر قبل أن يفرغ من جهاز النبي صلى الله عليه وسلم!!.. وقد ذكرت قصة البيعة في ذكر وفاة النبي. (1)

أقول: لم يذكر هناك كيفية أخذ البيعة من هؤلاء المتخلفين، ولعله قد ذكرها إلا أنه قد حذفتها الأيدي المحرّفة، نعم قوله: فأتاهم أبو بكر... هنا كاف لمن له أدنى بصيرة، إذ الخليفة يؤتى ولا يأتي هو بنفسه لأخذ البيعة، فتأمل.

وللمقدسي كلام يأتي تحت رقم: [81].

21- الحافظ الطبراني

21 - الحافظ الطبراني (المتوفى 360 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [10].

22- القاضي ابن قريعة

22 - القاضي ابن قريعة (المتوفى 367 ه_.)

[32] قال:

إن كان عندي درهم *** أو كان في بيتي دقيق

فبرئت من أهل الكسا *** وكفرت بالبيت العتيق

وظلمت فاطمة البتو *** ل كما تحيّفها عتيق

رواه الصفدي (2) (المتوفى 764)

ص: 183


1- البدء والتاريخ : 151/5 (ط بغداد).
2- الوافي بالوفيات : 228/3.

وله أبيات أُخرى تأتي عند ذكر الدفن ليلاً.

23- ابن حنزابة

23 - ابن حنزابة (1)

[33 ] [قال في كتاب الغرر:] قال زيد بن أسلم: (2) كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة، (3) فقال عمر لفاطمة: أخْرجي مَنْ في البيت وإلّا أحرقته ومن فيه، قال: وفي البيت علي والحسن والحسين علیهم السلام وجماعة من أصحاب النبّي.

فقالت فاطمة: « أفتحرق عليّ ولدي ؟!.. » (4) فقال: إي والله أو ليخرجن وليبا يعن.

رواه عنه ابن شهر آشوب المازندرانى (5) (المتوفى 588)

والسيّد ابن طاووس (6) (المتوفى 664)

والعلامة الحلي (7) (المتوفى (726)

[34] وروى ابن حنزابة؛ عن الحسين الفضال، قال: روى عدي بن حاتم

ص: 184


1- ابن حنزابة، هو أبو الفضل جعفر بن الفضل البغدادي (المتوفى 391) أو أبوه الفضل بن جعفر (المتوفى 327)، إذ كلاهما مشتركان في التكنية ب_: ابن حنزابة، قال الذهبي في ترجمة الأول: الإمام الحافظ الثقة، الوزير الأكمل... ثم ذكر عن غير واحد من الأعلام وثاقته وجلالة شأنه، وقال في ترجمة أبيه: كان كاتباً بارعاً ديناً خيراً راجع: أعلام النبلاء: 484/16 - 488 و 479/14. وفي مؤلّف كتاب الغرز احتمالات أخرى، راجع: تعليقة إحقاق الحق: 371/2.
2- أبو عبد الله العدوي، توفي سنة 136 ذكره ابن حبان في الثقات: 246/4 وهو من رجال الصحاح الستة، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 545/1. والظاهر وقوع سقط في العبارة؛ لأنّه لم يكن ممن حضر الواقعة وإنّما يرويها عن أبيه وغيره.
3- خ . ل : أن يبايعوا.
4- خ . ل : عليا وولدي.
5- مثالب النواصب : 419 (الخطية).
6- الطرائف : 239.
7- نهج الحق: 271، وعنه في بحار الأنوار: 339/28.

وعمرو بن حريث قال واحد منها ما رحمت أحداً كرحمي علي بن أبي طالب علیه السلام!.. رأيته حين أتي به إلى بيعة الأول، فلما نظر إلى القبر، قال: « ي_ ﴿ أَبْنَ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) » (1) فقال: بايع، فقال: « إن لم أفعل؟ » قال: إذا نقتلك، قال: « إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ».. فبايع وأصابعه مضمومة! (2)

24- الحاكم النيسابوري

اشارة

24 - الحاكم النيسابوري (المتوفى 405 ه_.)

[35] عن أبي سعيد الخدري قال: لما توفي رسول الله صلی الله و علیه و آله قام خطباء الأنصار.. فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليّاً علیه السلام، فسأل لا عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به. فقال أبو بكر: ابن عم رسول الله صلی الله و علیه و آله وختنه أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلی الله و علیه و آله! فبايعه، ثم لم ير الزبير، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول الله صلی الله و علیه و آله وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين؟! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلی الله و علیه و آله! فبايعه. (3)

ورواه البيهقى (4) (المتوفى 458)

والذهبي (5) (المتوفى 748)

وابن كثير (6) (المتوفى 774)

وكذا رواه السيوطي (7) (المتوفى 911)، والمتقي الهندي (8) (المتوفى 975) عن،

ص: 185


1- الأعراف (7): 150.
2- كتاب الغرر، وكتاب أصفياء أمير المؤمنين، وعنهما في مثالب النواصب: 141 (الخطية).
3- المستدرك : 76/3.
4- الستن : 143/8.
5- تاريخ الإسلام : 10/3، سیر اعلام النبلاء - سیر الخلفاء الراشدون : 25.
6- السيرة النبوية : 495/4.
7- جامع الأحاديث الكبير: 11/13 و 420/15.
8- كنز العمال: 613/5.

أبي داود الطيالسي (المتوفى 204)، وابن سعد (المتوفى 230)، وابن أبي شيبة (المتوفى ،235)، وابن جرير الطبري (المتوفى 310)، والبيهقي، والحاكم، وابن عساكر (المتوفى 571).

وتقدّمت للحاكم الرواية المرقمة ب_: [2].

لفتة نظر

لقد راجعنا مسند الطيالسي فرأينا الحديث قطع ذيله والصق به حديث آخر، (1) أما في الطبقات لابن سعد، (2) والمصنف لابن أبي شيبة، (3) فلا ندري هل حذف الذيل بسبب المصنف أو أسقطته أيدي التحريف، كما بدل بعضهم قوله: (جاؤوا به) و (أتوا به) ب_ (جاء) ليخف إخراج أمير المؤمنين علیه السلام والزبير إكراها وإجبارهم على البيعة.

وحذراً من الاتهام بالكذب، قالوا بعد ذكر الرواية: هذا أو ما في معناه!! (4)

ثم غرضنا من ذكر هذه الرواية الاستدلال بها على إخراج أمير المؤمنين علیه السلام مكرهاً وإجباره على البيعة، وإن كان بعض ما فيها من الأكاذيب قطعاً نحو قوله: لا تثريب يا خليفة رسول الله.. (5) وبيعته في نفس اليوم - المخالف للنصوص المتواترة بين الفريقين - إذ ورد في صحاح أهل السنّة أنه ما بايع علیه السلام إلا بعد وفاة فاطمة علیها السلام وعندنا لم يبايع بالاختيار أبداً، وإنما بايع مكرهاً بعد أن رأى الدخان دخل بيته!!

ص: 186


1- مسند أبي داود الطيالسي : 84.
2- الطبقات : 3 ق 151/1.
3- المصنف : 562/14.
4- البداية والنهاية: 269/5 و 333/6؛ السيرة النبوية: 494/4؛ السيرة الحلبية: 360/3؛ تاريخ الخلفاء للسيوطى: 68 - 69؛ الصواعق المحرقة: 11.
5- أقول: قريب من هذه الرواية الموضوعة ما ذكرها الكشي في ضمن روايات موضوعة رويت عند مولانا الإمام الصادق علیه السلام، وأشار علیه السلام إلى كذبها، فراجع: اختيار معرفة الرجال: 394 - ترجمة سفيان الثوري..

25- القاضي أبو الحسن عبد الجبار الأسد آبادي

25 - القاضي أبو الحسن عبد الجبار الأسد آبادي (المتوفى 415 ه_.)

[36] قال في ما قال: وجوابنا: أن هذا إنما يصح لو ثبت أن الصحابة كانوا بين مبايع ومتابع وساكت سكوتاً يدلّ على الرضا، وهذه صورة الإجماع.. ونحن لا نسلّم ذلك، فمعلوم أن علياً علیه السلام لما امتنع عن البيعة هجموا على دار فاطمة علیها السلام، وكذلك فإنّ عماراً ،ضرب، وإنّ زبيراً كسر سيفه، وسلمان استخفّ به.. فكيف يدعى الإجماع مع هذا كلّه؟! وكيف يجعل سكوت من سكت دليلاً على الرضى؟! (1)

وللقاضي كلام يأتي في الرقم: [83].

26- الإمام عبد القاهر بن طاهر البغدادي

26 - الإمام عبد القاهر بن طاهر البغدادي (المتوفى 429 ه_.)

[37] قال: ثم إن النظام... (2) طعن في الفاروق عمر، وزعم... أنه شك يوم الحديبية في دينه، وشك يوم وفاة النبي صلی الله و علیه و آله، وأنه كان في من نفر بالنبي صلی الله و علیه و آله ليلة العقبة، وأنه ضرب فاطمة علیها السلام ومنع ميراث العترة.. .(3)

ونقلها عن النظام غير واحد من العامة والخاصّة.

قال الشهرستاني (المتوفى 548) وقال (أي النظام): إن عمر ضرب بطن فاطمة علیها السلام يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها!!.. وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. (4)

ص: 187


1- شرح الأصول الخمسة : 756 (ط مكتبة وهبة مصر).
2- أبو إسحاق إبراهيم بن سيار أستاذ الجاحظ، قال الجاحظ: كان النظام أشد الناس إنكاراً على الرافضة لطعتهم في الصحابة ، كما في شرح نهج البلاغة: 31/20 - 32.
3- الفرق بين الفرق: 141 - 140 (ط دار المعرفة بيروت)، ثم أخذ المؤلف في الرد على النظام، ولكنه لم يذكر شيئاً من تلك الأمور، غير أنه دافع عنهم بأنهم من خيار الصحابة، ومن أهل بيعة الرضوان!!
4- الملل والنحل : 57/1 (ط بیروت).

وقال الصفدي (المتوفى 764): قال النظام: إنّ عمر ضرب بطن فاطمة علیها السلام يوم البیعة حتى ألقت الجنين من بطنها. (1)

وقال المقريزي (المتوفى 845): وزعم - أي النظام - أنه - أي عمر - ضرب فاطمة علیها السلام ابنة رسول الله صلی الله و علیه و آله ومنع ميراث العترة. (2)

ونقله عن النظام أيضاً الدكتور عبد الرحمن بدوي (3) والبكري. (4)

ومن الشيعة: السيد مرتضى بن الداعي الحسني الرازي (5) (القرن السادس)

27- الحافظ البيهقى

27 - الحافظ البيهقى (المتوفى 458 ه_.)

تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [2] و [35].

28- ابن عبد البرّ

28 - ابن عبد البر (المتوفى 463 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [11].

29- مقاتل بن عطية

29 - مقاتل بن عطية (المتوفى 505 ه_.)

[38] قال: قال الملك - وهو السلطان ملكشاه السلجوقي -: إنك - أيها العلوي! - قلت في أوّل الكلام: إنّ أبا بكر أساء إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلی الله و علیه وآله، فما هي إساءته إلى فاطمة؟

قال العلوي - وهو بعض السادة الأجلاء من علماء الشيعة في ذلك الزمان : إنّ أبا بكر بعدما أخذ البيعة لنفسه من الناس بالإرهاب والسيف والتهديد والقوّة أرسل

ص: 188


1- الوافي بالوفيات : 17/6.
2- الخطط (المواعظ والاعتبار) : 346/2.
3- مذاهب الإسلاميين : 266 - 267.
4- من حياة الخليفة عمر بن الخطاب: 182 - 181.
5- تبصرة العوام : 49.

عمر وقنفذاً وخالد بن الوليد وأبا عبيدة بن الجراح .. وجماعة أخرى من المنافقين إلى دار علي وفاطمة علیها السلام، وجمع عمر الحطب على باب بيت فاطمة علیها السلام وأحرق الباب بالنار، ولمّا جاءت فاطمة خلف الباب لتردّ عمر وحزبه عصر عمر فاطمة بین الحائط والباب عصرة شديدة قاسية حتى أسقطت جنينها، ونبت مسمار الباب في صدرها، وصاحت فاطمة: « يا أبتاه! يا رسول الله! انظر ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة! » فالتفت عمر إلى من حوله وقال: اضربوا فاطمة!.. فانهالت السياط على حبيبة رسول الله وبضعته حتى أدموا جسمها وبقيت آثار العصرة القاسية والصدمة المريرة تنخر في جسم فاطمة، فأصبحت مريضة عليلة حزينة حتى فارقت الحياة بعد أبيها بأيّام، ففاطمة شهيدة بيت النبوة.. فاطمة قتلت بسبب عمر بن عمر بن الخطاب..

قال الملك للوزير: هل ما يذكره العلوي صحيح؟

قال الوزير - وهو الخواجه نظام الملك -: نعم انّي رأيت في التواريخ ما يذكره العلوي. (1)

30- محمد الغزالي الطوسي

30 - محمد الغزالي الطوسي (المتوفى 505 ه_.)

وقال: وأمّا الذي نقموا به على عمر بن الخطاب همّه (2) بإحراق بيت فاطمة علیها السلام، فإنه قد كان ذلك منه على غير ما وهموا (3) به.. وإنّه لما تأخر علي عليه السلام والزبير والمقداد عن بيعة أبي بكر يوم بويع، كانوا مجتمعين (4) في منزلها، فسمع بذلك عمر فأتى إليهم إلى منزلها [كذا] ليعزلهم (5) عما كان منهم ، فلم يجدهم

ص: 189


1- مؤتمر علماء بغداد: 63 (ط الرابعة)؛ الخلافة والإمامة: 160 - 161.
2- خ . ل : من همه.
3- خ . ل : هموار.
4- خ . ل : يجتمعون.
5- خ . ل : ليعذلهم.

هناك، فقال لفاطمة: يا بنت رسول الله! ما أحد (1) أحبّ إلينا من أبيك، ولا أحد بعده أحبّ إلينا منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي من أنه إذا اجتمع عندك هؤلاء النفر أن أحرق عليهم هذا البيت ؛ لأنهم أرادوا شقّ عصا المسلمين بتأخّرهم (2) عن البيعة!.. ثم خرج عنها ، فلم يلبث أن عادوا إليها ، فقالت لهم: (3) « إن عمر جاءني وحلف بالله لئن أنتم عدتم إلى هذا البيت ليحرقنه عليكم ، وأيم الله إنه ليصدقن في ما (4) حلف عليه.. فانصرفوا عنّي فلا ترجعوا إلي». ففعلوا ذلك ولم يرجعوا إليها إلا بعدما بايعوا. فهذا هو المعنى، فأي المعنى، فأي شيء على عمر من منقود في هذا؛ لأنه همّ ولم يفعل!! ما أراد بذلك إلّا الإصلاح! (5)

31- الشهرستانی

31 - الشهرستاني (المتوفى 548 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [37].

32- ابن حمدون

32 - ابن حمدون (المتوفى 562 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [7].

33- الخطيب الخوارزمي

33 - الخطيب الخوارزمي (المتوفى 568 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [6].

ص: 190


1- خ . ل: ما أحد من الخلق.
2- خ . ل: بتأخرهم هذه النفر.
3- خ . ل : فقالت لهم تعلمون.
4- خ ل : بما.
5- الفرق والتواريخ: 33 (مخطوط مكتبة الآستانة الرضوية المقدّسة). وطبع هذا الكتاب أخيراً باسم: عقائد الثلاث والسبعين فرقة لأبي محمد اليمني في المدينة المنوّرة، وما نقلناه عنه موجود في: 141/1 منه مع اختلاف يسير أشرنا إليه.

34- الحافظ ابن عساكر

34 - الحافظ ابن عساكر (المتوفى 571 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [10].

35- ابن الأثير

35 - ابن الأثير (المتوفى 630 ه_.)

[40] قال: وتخلف علي علیه السلام وبنو هاشم والزبير وطلحة عن البيعة، وقال الزبير: لا أغمد سيفاً حتى يُبايع علي، فقال عمر: خذوا سيفه واضربوا به الحجر.. ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة. (1)

ورواه النويري (2) (المتوفى 737)

ومن المعاصرين ؛ محمد رضا (3) وغيره.

36- سيف الدين أبو الحسن على الآمدي

36 - سيف الدين أبو الحسن علي الآمدي (المتوفى 631 ه_.)

يأتي له الروايتان المرقمتان ب_: [118]، [222] (4)

37- الكلاعي الأندلسي

37 - الكلاعي الأندلسي (المتوفى 634 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [1].

38- ضياء الدين المقدسي

38 - ضياء الدين المقدسي (المتوفى 643 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [10].

ص: 191


1- الكامل : 325/2.
2- نهاية الارب : 39/19.
3- أبو بكر الصديق : 35.
4- ذكرناه في علماء الشيعة سهواً، ثم أهملنا ذكر روايته هنا حذراً من تبدل الأرقام.

39- ابن أبى الحديد المدائني المعتزلي

39 - ابن أبي الحديد المدائني المعتزلي (المتوفى 656 ه_.) (1)

[41] نقل ابن أبي الحديد عن أستاذه أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل اللمعاني المعتزلي (القرن السابع) أنه قال:... وجرى له في تخلفه عن البيعة ما هو مشهور، حتى بايع.

وكان يبلغه وفاطمة علیها السلام عنها - أي عن عائشة - كل ما يكرهانه منذ مات رسول الله صلی الله و علیه وآله إلى أن توفّيت فاطمة علیها السلام وهما صابران على مضض ورمض.. وانخذل

ص: 192


1- من راجع كلمات ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة يعلم مدى تعصبه وتصلبه في الموالاة للشيخين وبعده. عن الشيعة الإمامية، فذكره الفضائل أميرالمؤمنين علیه السلام وتفضيله على غيره لا يوجب أن يكون الرجل من الشيعة، كيف وكان هذا مطّرداً في قدماء العامة - لا سيما المعتزلة منهم - بل لا يسعهم غير هذا ويدلك على هذا تأويله كلام أميرالمؤمنين علیه السلام في الخلفاء ويفسره حسبما يشتهيه حذراً من تنقيص مواليه كما صرح بذلك نفسه فقال في شرح نهج البلاغة: 35/20؛ وحاش لله أن يكون [أي علي علیه السلام] ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين والأنصار إلا بالجميل والذكر الحسن، بموجب ما تقتضيه رئاسته فى الدين وإخلاصه في طاعة رب العالمين ومن أحب تتبع ما روي عنه مما يوهم في الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب - أعني شرح نهج البلاغة - فإنا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلّا أوضحناه وفسرناه على وجه يوافق الحق!! ومما يدل على كونه من المعتزلة قوله ضمن القصائد السبع العلويات - كما في مقدمة شرح نهج البلاغة: 14/1 -: ورأيت دين الاعتزال وإنني *** أهوى لأجلك كل من يتشيع وقد صرّح بكونه من المعتزلة الشيخ صلاح الدين الصفدي في قوات الوفيات: 260/2، والأتابكي في المنهل الصافي: 149/7، ومحمد أبو الفضل إبراهيم في مقدمة شرح نهج البلاغة: 13/1.. وغيرهم. وفي الفقه كان على المذاهب الشافعى كما نقله ابن الشعار. انظر: تعليقه فوات الوفيات: 259/2. نعم بناءً على ما سلكه بعضهم من أن المناط في التشيع هو حب أهل البيت علیهم السلام وذكر فضائلهم أو الانحراف عن بعض خصوم أمير المؤمنين علیه السلام مثل معاوية وآله كما يستفاد من كلام الذهبي وابن حجر العسقلاني فتتسع دائرة التشيع ويدخل فيها كثير ممن يتولّى أبا بكر وعمر، وهذا كما ترى، ومن هنا رمي بعض علماء السنة بالرفض أو التشيع. راجع ترجمة الحاكم النيسابوري في طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي: 166/4؛ تذكرة الحفاظ، للذهبي: 227/3 - 233 و 232/4؛ سير أعلام النبلاء: 338/23؛ تهذيب التهذيب: 94/1 (ترجمة أبان بن تغلب)، قال الذهبي - عند تفسيره التشيع بما ذكرناه -: فهذا كثير في التابعين وتابعيهم.. فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيّنة. انظر: میزان الاعتدال: 5/1.

علي وفاطمة علیهما السلام وقهرا وأخذت فدك، وخرجت فاطمة تجادل في ذلك مراراً فلم تظفر بشيء.. (1)

[42] أستاذه أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي النقيب (المتوفى قبل 644) (2) أنه قال: إذا كان رسول الله صلی الله و علیه وآله أباح دم هبار بن الأسود؛ لأنه روّع زينب فألقت ذا بطنها، فظهر الحال أنه لو كان حيّاً لأباح دم من روّع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها فقلت أروي عنك ما يقوله قوم: إنّ فاطمة رُوّعت فألقت المحسن؟ فقال: لا تروه عني ولا ترو عنّي بطلانه، فإنّي متوقف في هذا الموضع لتعارض الأخبار عندي فيه! (3)

[43] وعنه ضمن نقل رسالة لبعض الزيدية: وكيف أدخلت العامة أنفسها أمر عائشة... ومَنَعَتْنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة علیه السلام وما جرى لها بعد وفاة أبيها؟!

فإن قلتم: إنّ بيت فاطمة علیها السلام إنّما دخل وسترها إنما كشف حفظاً لنظام الإسلام!! وكيلا ينتشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة ولزوم الجماعة!..

قيل لكم: وكذلك ستر عائشة إنما كشف وهو دجها إنما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة وشقت عصا المسلمين وأراقت دماء المسلمين من قبل وصول علي بن أبي طالب علیه السلام إلى البصرة... فإذا جاز دخول بيت فاطمة علیها السلام لأمر لم يقع بعد؛ جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقق.. فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر... وصار کشف بیت فاطمة علیها، والدخول عليها منزلها، وجمع خطب ببابها وتهدّدها بالتحريق... من أوكد عرى الدين وأثبت دعائم الإسلام، ومما أعزّ الله به

ص: 193


1- شرح نهج البلاغة : 198/9.
2- قال ابن أبي الحديد: كان النقيب أبو جعفر غزير العلم، صحيح العقل، منصفاً في الجدال، غير متعصب للمذهب وإن كان علويّاً، وكان يعترف بفضائل الصحابة ويثني على الشيخين، راجع: شرح نهج البلاغة: 222/10.
3- شرح نهج البلاغة : 193/14.

المسلمين وأطفاً به نار الفتنة!!.. (1)

[44] وقال أبو جعفر النقيب - في جواب ابن أبي الحديد لما سأله: هل أمر أبو بكر خالداً بقتل العلي علیه السلام -:... ولكني أستبعده من أبي بكر؛ فإنه كان ذا ورع ولم يكن ليجمع بين أخذ الخلافة ومنع فدك وإغضاب فاطمة علیها السلام وقتل علي علیه السلام!! حاش الله من ذلك !!.. (2)

أقول: وفيه تشنيع لطيف يدلّنا على أن الظلم الصادر منه كان مسلماً عندهم.

ثم ترى نفسه في شرح نهج البلاغة حيران، فإنّه وقع في حيص وبيص وابتلي بالتناقض، فمن ناحية يريد التحفّظ على موالاته للخلفاء والذبّ والدفاع عنهم، ومن ناحية أُخرى يرى نفسه محكوماً بالروايات المتواترة، مع تصريحه بأنه اشترط على نفسه أن لا يروي عن رجال الشيعة وكتبهم شيئاً، (3) فتراه تارة ينسب بعض وقائع السقيفة إلى تفرد الشيعة بنقله، وأُخرى يعترف بأنّ أهل الحديث ذكروها ونحن نذكر هنا بعض كلماته المتهافتة ولينظر إليها طالب الحق بعين الإنصاف.

[45] قال:.. وعمر هو الذي شدّ بيعة أبي بكر ووقم المخالفين فيها، فكسر سيف الزبير لما جرّده، ودفع في صدر المقداد... وتوعد من لجأ إلى دار فاطمة علیها السلام من الهاشميين وأخرجهم منها.. ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر.. . (4)

[46] وقال: اختلفت الروايات في قصة السقيفة؛ فالذي تقوله الشيعة - وقد قال قوم من المحدثين بعضه ورووا كثيراً منه -: إنّ علياً علیه السلام امتنع من البيعة حتى أُخرج كرهاً، فلما جاء عمر ومعه جماعة من الأنصار وغيرهم قال - في جملة ما قال: خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر .. ويقال : إنه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجراً فكسره ، وساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر فحملهم على بيعته، ولم يتخلّف إلا

ص: 194


1- شرح نهج البلاغة : 16/20 - 17.
2- شرح نهج البلاغة : 302/13.
3- شرح نهج البلاغة : 210/16.
4- شرح نهج البلاغة : 174/1.

علي علیه السلام وحده، فإنه اعتصم ببيت فاطمة علیها السلام فتحاموا إخراجه منه قسراً، وقامت فاطمة علیها السلام إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه فتفرقوا.. وعلموا أنه بمفرده لا يضر شيئاً فتركوه، وقيل: إنهم أخرجوه في من أُخرج وحمل إلى أبي بكر فبايعه.

وقد روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كثيراً من هذا.

فأما حديث التحريق وما جرى مجراه من الأمور الفظيعة وقول من قال: إنهم أخذوا علياً علیه السلام يقاد بعمامته والناس حوله.. فأمر بعيد والشيعة تنفرد به على أنّ جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه.. (1)

[47 ] وقال: فأما امتناع علي علیه السلام من البيعة حتى أخرج على الوجه الذي أخرج عليه فقد ذكره المحدثون ورواه أهل السير، وقد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب - وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين -، وقد ذكر غيره من هذا النحو ما لا يحصى كثرة.

فأمّا الأُمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة علیها السلام، وأنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار فصاحت: « یا أبتاه يا رسول الله! ».. وألقت جنيناً ميتاً، وجعل في عنق علي علیه السلام حبل يقاد به وهو يعتل (2) وفاطمة علیها السلام خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور، وابناه حسن وحسين علیهما السلام معهما يبكيان وأن عليّاً لمّا أُحضر سألوه البيعة فامتنع فتهدّد بالقتل، فقال: « إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله » فقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله صلی الله و علیه وآله فلا.. وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله صلی الله و علیه وآله ليلة العقبة.. فكله لا أصل له [كذا] عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا رواه أهل الحديث

ص: 195


1- شرح نهج البلاغة : 21/2.
2- العمل: الجذب العنيف، قال الجوهري عتلت الرجل وأعْتِلهُ وأعتله، إذا جذبته جذباً عنيفاً. انظر الصحاح: 1758/5.

ولا يعرفونه، وإنما هو شيء تنفرد الشيعة بنقله. (1)

[48] وقال - بعد ذكر إبائه عن البيعة واحتجاجه على القوم -: هذا الخبر وغيره من الأخبار المستفيضة يدلّ على أنه علیه السلام قد كان كاشفهم وهتك القناع بينه وبينهم، ألا تراه كيف نسبهم إلى التعدي عليه وظلمه، وتمنع من طاعتهم، وأسمعهم من الكلام أشدّه وأغلظه.. (2)

[49] وقال: قال أبو بكر [أي الجوهري]: وحدثني المؤمل بن جعفر، قال : حدثني محمد بن ميمون قال: حدثني داود بن المبارك، قال: أتينا عبد الله ابن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب علیهما السلام - ونحن راجعون من الحج في جماعة - فسألناه عن مسائل - وكنت أحد من سأله - فسألته عن أبي بكر وعمر، فقال: أجيبك بما أجاب به جدّي عبد الله بن الحسن، فإنه سُئل عنها فقال: كانت أُمنا صديقة ابنة نبي مرسل.. وماتت وهي غضبى على قوم.. فنحن غضاب لغضبها.

قال ابن أبي الحديد: قلت: قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوي، قال: أنشدني هذا الشاعر لنفسه - وذهب عنى أنا اسمه - قال:

يا أبا حفص الهويني وما كن_ *** ست ملياً بذاك لولا الحمام

أتموت البتول غضبى وترضى *** ما كذا يصنع البنون الكرام

يخاطب عمر ويقول له: مهلاً ورويداً يا عمر أي ارفق واتند ولا تعنف بنا، وما كنت ملياً.. أي وما كنت أهلاً لأن تخاطب بهذا وتستعطف، ولا كنت قادراً على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه - الذي ولجتها عليه لولا أنّ أباها الذي كان بيتها يحترم ويصان لأجله - مات فطمع فيها من لم يكن يطمع، ثم قال: أتموت أمنا

ص: 196


1- شرح نهج البلاغة : 60/2 - 59.
2- شرح نهج البلاغة : 12/6-13.

غضبي ونرضى نحن؟ إذاً لسنا بكرام، فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه وأمه ويغضب لغضبهما.

ثم قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنها أوصت ألا يصلّيا عليها، وذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لها!!.. وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها.. لكنهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة.. ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنّهما!!..

فإن هذا - لو ثبت أنه خطأ [!!!] - لم يكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر التي لا تقتضي التبرؤ ولا توجب زوال التولي!! (1)

[50] وقال: وقد نقل الناس خبر الزبير لما هجم عليه ببيت فاطمة علیها السلام وكُسر سيفه في صخرة ضربت به... (2)

[51 ] وقال: وقد روى كثير من المحدثين أنه عقيب يوم السقيفة تألم وتظلّم واستنجد واستصرخ حيث ساموه الحضور والبيعة، وإنه قال - وهو يشير إلى القبر -: « ی_ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) (3) ». وأنه قال: « واجعفراه! ولا جعفر لي اليوم، واحمزتاه! ولا حمزة لي اليوم ».

وقد ذكرنا من هذا المعنى جملة صالحة [كذا] في ما تقدّم.. إلى أن قال - بعد ادعاء عدم وجود النصّ على الخلافة -: فإن قالت الإمامية: كان يخاف القتل لو ذكر ذلك. فقيل لهم: فهلا يخاف القتل وهو يعتل ويدفع ليبايع.. وهو يمتنع ويستصرخ تارة يقبر رسول الله صلی الله و علیه وآله، وتارة بعمّه حمزة وأخيه جعفر وهما ميتان وتارة بالأنصار وتارة بيني عبد مناف..

ويجمع الجموع في داره ويبت الرسل والدعاة ليلاً ونهاراً إلى الناس يذكرهم فضله وقرابته.

ص: 197


1- شرح نهج البلاغة : 49/6.
2- شرح نهج البلاغة : 14/11.
3- الأعراف (7): 150.

ويقول للمهاجرين: خصمتم الأنصار بكونكم أقرب إلى رسول الله صلی الله و علیه وآله وأنا أخصمكم بما خصمتم به الأنصار؛ لأن القرابة إن كانت هي المعتبرة فأنا أقرب منكم..

وهلا خاف من هذا الامتناع ومن هذا الاحتجاج ومن الخلوة في داره بأصحابه ومن تنفير الناس عن البيعة التي عقدت حينئذ لمن عُقدت له.

وكل هذا إذا تأمّله المنصف علم أن الشيعة أصابت في أمر وأخطأت في أمر، وأما الأمر الذي أصابت فيه فقولها: إنه امتنع وتلكاً وأراد الأمر لنفسه.. وأما الأمر الذي أخطأت فيه فقولها: إنه كان منصوصاً عليه نصاً جليّاً بالخلافة تعلمه الصحابة كلّها (1) أو أكثرها، وإن ذلك النصّ خولف طلباً للرئاسة الدنيوية وإيثاراً للعاجلة، وإن حال المخالفين للنص لا تعدو أحد أمرين؛ إما الكفر أو الفسق.. . (2)

[52] وقال - عقيب رواية تدلّ على التأخير في تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم -: أنا أعجب من هذا؛ هب أنّ أبا بكر ومن معه اشتغلوا بأمر البيعة، فعلي بن أبي طالب والعباس وأهل البيت بماذا اشتغلوا حتى يبقى النبي صلى الله عليه وآله مسجى بينهم ثلاثة أيام بلياليهن لا يغسلونه ولا يمسونه..؟!

فكيف يبقى رسول الله صلى الله عليه وآله ميتاً يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء لا يعلم به أبو بكر.. وبينهما غلوة ثلاثة أسهم؟!

وكيف يبقى طريحاً بين أهله ثلاثة أيام لا يجترئ أحد منهم أن يكشف عن وجهه ، وفيهم علي بن أبي طالب وهو روحه بين جنبيه، والعباس عمّه القائم مقام ،أبيه ، وابنا فاطمة وهما كولديه ، وفيهم فاطمة بضعة منه.. أفما كان في هؤلاء من

ص: 198


1- أقول: الأمر فى النص على الإمامة والخلافة واضح ظاهر كالشمس في رائعة النهار، والرسول الأعظم صلی الله وعلیه وآله صرّح بذلك في اليوم الذي أعلن رسالته ودعوته في المجلس الذي جمع عشيرته ويعرف بيوم الإنذار، لقوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين) [الشعراء (26): 214] وكانت دعوته إلى إمامة أمير المؤمنين علیه السلام مستمرة إلى قبل وفاته في حجة الوداع في غدير خم. ولا غرض لنا في البحث حول ذلك إذ هو خارج عن موضوع الكتاب، راجع: المراجعات للسيد شرف الدين والغدير للشيخ الأميني.. لاسيما المجلد الأول منه..، وغيرهما.
2- شرح نهج البلاغة : 111/11.

يشكف عن وجهه.. ولا من يفكّر في جهازه ؟!

أنا لا أصدق ذلك ولا يسكن قلبي إليه!.. والصحيح أن دخول أبي بكر إليه وكشفه عن وجهه وقوله ما قال إنما كان بعد الفراغ من البيعة، وإنهم كانوا مشتغلين بها ، كما ذكر فى الرواية الأخرى.

وبقي الإشكال في قعود علي علیه السلام عن تجهيزه، إذا كان أولئك مشتغلين بالبيعة.. فما الذي شغله هو؟!

فأقول: يغلب على ظني - إن صح ذلك - أن يكون قد فعله شناعةً على أبي بكر وأصحابه، حيث فاته الأمر واستؤثر عليه به، فأراد أن يتركه صلی الله و علیه وآله بحاله لا يحدث في جهازه أمراً، ليثبت عند الناس أن الدنيا شغلتهم عن نبيهم ثلاثة أيام.. حتى آل أمره إلى ما ترون!..

وقد كان علیه السلام يتطلب الحيلة في تهجين أمر أبي بكر - حيث وقع في السقيفة ما وقع - بكل طريق، ويتعلق بأدنى سبب من أمور كان يعتمدها، وأقوال كان يقولها، فلعله هذا من جملة ذلك.

أو لعله - إن صح ذلك - فإنما تركه صلی الله و علیه وآله بوصية منه إليه وسرّ كانا يعلمانه فى ذلك.. . (1)

[53] وقال أيضاً: واعلم أنا إنما نذكر في هذا الفصل ما رواه رجال الحديث وثقاتهم، وما أودعه أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه - وهو من الثقات الأُمناء عند أصحاب الحديث -.

وأما ما يرويه رجال الشيعة والأخباريون منهم في كتبهم من قولهم:

إنهما أهاناها وأسمعاها كلاماً غليظاً .. وإن أبا بكر رَقّ لها حيث لم يكن عمر حاضراً فكتب لها بفدك كتاباً : فلما خرجت به وجدها عمر فمدّ يده إليه ليأخذه مغالبة .. فمنعته، فدفع بيده في صدرها، وأخذ الصحيفة فخرقها، بعد أن تقل فيها

ص: 199


1- شرح نهج البلاغة : 36/13 - 37.

فمحاها، وأنها دعت عليه فقالت: « بقر الله بطنك كما بقرت صحيفتي ».. فشيء لا يرويه أصحاب الحديث ولا ينقلونه، وقدر الصحابة يجلّ عنه، وكان عمر أتق الله وأعرف لحقوق الله من ذلك!!.. (1)

[54] وقال: وأما حديث الهجوم على بيت فاطمة علیها السلام؛ فقد تقدّم الكلام فیه.

والظاهر عندي صحة ما يرويه المرتضى والشيعة ولكن لاكلّ ما يزعمونه.. بل كان بعض ذلك.

وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسف على ذلك، وهذا يدلّ على قوّة دينه وخوفه من الله تعالى.. فهو بأن يكون منقبة له أولى من كونه طعناً عليه!! (2)

[55] وقال: وأما إخفاء القبر وكتمان الموت وعدم الصلاة.. وكل ما ذكره المرتضى فيه، فهو الذي يظهر ويقوى عندي؛ لأن الروايات به أكثر وأصح من غيرها، وكذلك القول في موجدتها وغضبها.. . (3)

وتقدمت لابن أبي الحديد الروايات المرقمة ب_: [2]، [3]، [6]، [7]، [8]، [10]، [20] إلى [29]. وتأتي له الروايات المرقمة ب_: [83]، [130]، [161].

40- ابن خلكان

40 - ابن خلكان (المتوفى 681 ه_.)

ياتى له الرواية المرقمة ب_: [60].

41- أحمد بن عبد الله المحب الطبرى

41 - أحمد بن عبد الله المحب الطبري (المتوفى 694 ه_.)

تقدمت له الروايتان المرقمتان ب_: [1] و [2].

ص: 200


1- شرح نهج البلاغة : 234/16.
2- شرح نهج البلاغة : 168/17.
3- شرح نهج البلاغة : 286/16.

42- الجويني الشافعي

42 - الجويني الشافعي (المتوفى 722 ه_.)

[56] روى ضمن رواية تقدّم ذكرها (1) عن النبي صلی الله و علیه وآله: « ..وإنّي لمّا رأيتها، ذكرت ما يصنع بها بعدي.. كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها وغُصبت حقها ومُنعت إرثها، وكسرت جنبها، وأسقطت جنينها.. وهي تنادي: يا محمداه!.. فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث... ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت فى أيام أبيها عزيزة... فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك:

اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلها، وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها.. فتقول الملائكة عند ذلك: آمين » . (2)

ورواه من الشيعة؛ الشيخ الصدوق (3) (المتوفى 381)

والشيخ أبو جعفر محمد بن القاسم الطبري (4) (القرن السادس)

وشاذان بن جبرئيل القمي (5) (المتوفى 660)

والشيخ حسن بن سليمان الحلي (6) (القرن الثامن)

والشيخ الديلمي (7) (المتوفى 771).

43- ابن تيمية

43 - ابن تيمية (المتوفى 728 ه_.)

[57] قال - بعد ذكر اعتراف أبي بكر بالهجوم، نقلاً عن العلامة الحلي

ص: 201


1- راجع الفصل الأول.
2- فرائد السمطين : 35/2 (ط المحمودي).
3- أمالي الشيخ الصدوق: 11 - 113 (ط بيروت 100)، وعنه في بحار الأنوار: 172/43 و 38/28؛ العوالم: 391/11.
4- بشارة المصطفى صلی الله و علیه وآله: 198 - 199.
5- الفضائل : 9 - 10.
6- المحتضر : 109.
7- إرشاد القلوب : 295 - 296.

وقوله رحمة اله: وهذا يدلّ على إقدامه على بيت فاطمة علیها السلام عند اجتماع أمير المؤمنين علیه السلام والزبير وغيرهما فيه -:

..غاية ما يقال: إنّه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسّمه!! (1)

وله كلام يأتي في الرقم: [84].

44- أبو الفداء

44 - أبو الفداء (المتوفى 732 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [30].

45- أبو بكر الدواداري

45 - أبو بكر الدواداري (المتوفى 732 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [8].

46- النويري

46 - النويري (المتوفى 737 ه_.)

تقدّمت له الرويات المرقمة ب_: [7]، [11]، [4].

47- الحافظ الذهبي

47 - الحافظ الذهبي ( المتوفى 748 ه_.)

[58] قال - عند ذكر أحمد بن محمد بن السري بن يحيى المعروف ب_: ابن أبي دارم -: قال محمد بن أحمد بن حماد الكوفي - في ما قال -: ..ثم كان في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب حضرته ورجل يقرأ عليه: إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن. (2)

ورواه ابن حجر العسقلانی (3) (المتوفى 852)

ص: 202


1- منهاج السنة : 220/4.
2- میزان الاعتدال: 139/1، سير أعلام النبلاء : 578/15.
3- لسان المیزان : 268/1.

وتقدمت للذهبي الروايتان المرقمتان ب_: [10] و [35]، ويأتي له الروايتان المرقتان ب_: [60]، [84].

48- الصفدي

48 - الصفدي (المتوفى 764 ه_.)

تقدمت له الروايتان المرقمتان ب_: [11] و [37]، ويأتي له الروايتان المرقمتان ب_: [ 60 ] و [ 85].

49- ابن كثير الدمشقي

49 - ابن كثير الدمشقي (المتوفى 774 ه_.)

تقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [2]، [10]، [35].

50- أبو الوليد محمد بن شحنة

50 - أبو الوليد محمّد بن شحنة (المتوفى 817 ه_.)

[59] قال - بعد ذكر تخلف بني هاشم وجماعة من هاشم وجماعة من الصحابة عن البيعة -:

ثمّ إنّ عمر جاء إلى بيت عليّ ليحرقه على من فيه فلقيته فاطمة علیها السلام، فقال: ادخلوا في ما دخلت فيه الأمة.. (1)

[60] وقال - في حوادث سنة 592 -: وكتب الأفضل إلى الخليفة الإمام الناصر - يشكو من عمه أبي بكر العادل ومن أخيه عثمان -:

مولاي إنّ أبا بكر وصاحبه عثمان *** قد أخذا بالظلم حق عليّ

فانظر إلى حظ هذا الإسم كيف لقى *** من الأواخر ما لاقى من الأُول

(فأجابه الناصر العباسي):

غصبوا عليّاً حقه إذ لم يكن *** بعد النبي له بيثرب ناصر

فاصبر فإن غداً عليه حسابهم *** وابشر فناصرك الإمام الناصر (2)

ص: 203


1- روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر (هامش الكامل لابن الأثير): 113/11 (ط الحلبي، الأفندي سنة 1301).
2- المصدر : 106 - 107.

ورواه ابن خلكان (1) (المتوفى 681)

والذهبي (2) (المتوفى (748)

والصفدي (3) (المتوفى 764).

51- القلقشندي

51 - القلقشندي ( المتوفى 821 ه_.)

تقدمت له الروايتان المرقمتان ب_: [6] و [7].

52- المقريزي

52 - المقريزي (المتوفى 845 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [37].

53- ابن حجر العسقلاني

53 - ابن حجر العسقلاني (المتوفى 852 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [58]. وله كلام يأتي في الرقم [85].

54- الباعوني الشافعي

54 - الباعوني الشافعي (المتوفى 871 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمتان ب_: [6] و[7].

55- في حاشية شرح التجريد للقوشجي

55 - في حاشية شرح التجريد للقوشجي ( المتوفى 879 ه_.)

[61] بيان الكشف: إنه روي أن الفاطمة علیها السلام كان بيتاً ولها باب إلى المسجد، وقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلی الله و علیه وآله أنه قال: « لا يجوز الباب على المسجد »، فأمر بقلع باب بيتها حتى يتركوا البيت أو سدوا تلك الباب. م ن. (4)

ص: 204


1- وفيات الأعيان : 420/3.
2- سير أعلام النبلاء : 295/21.
3- الوافي بالوفيات : 346/22.
4- شرح تجريد العقائد للقوشجي : 407.

ورواه المحقق الخواجوئي (1) (المتوفى 1173)

أقول: كأنّه غفل أو تغافل عن الحديث المتفق عليه بين الفريقين الدال على أنه صلی الله و علیه وآله أمر بسدّ الأبواب إلا باب أمير المؤمنين علیه السلام بأمر الله تعالى لا من قِبَل نفسه. (2)

56- المير خواند

56 - الميرخواند (القرن التاسع ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [12].

57- السيوطي

57 - السيوطى (المتوفى 911 ه_.)

تقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [2]، [10]، [11]، [35].

58- الصالحي الشامي

58 - الصالحي الشامي (المتوفى 942 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [1].

59- خواندمیر

59 - خواندمير (المتوفى 942 ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [12].

60- المتقى الهندي

60 - المتقي الهندي (المتوفى 975 ه_.)

تقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [2]، [10]، [11]، [35].

61- الديار بكرى

61 - الديار بكري (المتوفى 982 ه_.)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [1].

ص: 205


1- طريق الرشاد المطبوع في ضمن الرسائل الاعتقادية: 470/1.
2- رواه كثير من العامة وحكموا بصحتها. راجع: الغدير: 202/3 - 212.

62- إبراهيم بن عبد الله اليمني

62 - إبراهيم بن عبد الله اليمني (القرن العاشر ه_.)

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [11].

63- العصامي المكي

63 - العصامي المكي (المتوفّي 1111 ه_.)

تقدمت له الروايتان المرقتان ب_: [1] و [10]، ويأتي كلامه في رقم: [86].

64- الشاه ولى الله الدهلوي

64 - الشاه ولى الله الدهلوي (المتوفى 1176 ه_.)

[62] قال - ما ترجمته - ومن أهم ما وقع في تلك الأيام اجتماع الزبير وجمع من بني هاشم في بيت فاطمة الزهراء للتشاور في كيفية نقض خلافة أبي بكر.. وواجه الشيخان هذه المحاولة بشكل فني صحيح.. وسعوا لتدارك ما حصل العلي علیه السلام من الانقباض. والذين دوّنوا هذه القضايا ذكروا أموراً وتغافلوا عن غيرها، وأنا أذكر عدة روايات كي يتضح بها المقام.. ثم ذكر ما رواه ابن أبي شيبة عن أسلم وقد تقدّم في الرقم: [11].

وأورد هذه الرواية أيضاً في مآثر عمر، وقال: بإسناد صحيح على شرط الشيخين. (1)

65- الشاه عبد العزيز الدهلوى

65 - الشاه عبد العزيز الدهلوي (المتوفى 1239ه_.)

[63] قال في الردّ على الطعن الثاني من مطاعن عمر: إنما هدّد عمر من التجأ إلى بيت فاطمة ال بزعم أنه ملجأ وملاذ للخائنين، فجعلوه مثل حرم مكة المكرمة، وإنما اجتمعوا للفتنة والفساد وللتشاور في نقض خلافة أبي بكر.. والحق أن فاطمة كانت تكره اجتماعهم في بيتها، ولكنّها لحسن خُلقها

ص: 206


1- إزالة الخفا: 29/2، 179، وعنه في تشييد المطاعن: 337/1.

لم تمنعهم من اجتماعهم في دارها صريحاً.. فلما تبيّن ذلك لعمر هدّد المراعة بإحراق البيت عليهم!!.. (1)

66- الدكتور محمّد بيّومي مهران

66 - الدكتور محمد بيومي مهران

[ 64] قال :... عندما علمت الزهراء علیها السلام بما حدث في اجتماع سقيفة علام بني ساعدة - وأبوها سيّد المرسلين لم يدفن بعد - بكت بكاءً حارّاً - حتى أنه لما جاءها بعض الصحابة وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة - معزّين [!!!] (2) قالت: « ترکتم رسول الله صلی الله علیه وآله جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم ولم تستأمرونا.. ».

وقد كانت الزهراء علیها السلام ترى أنّ زوجها الإمام علي - كرم الله وجهه في الجنة - أحق الناس بالخلافة... كما كان بنو هاشم جميعاً وجمهرة من أهل المدينة يرون أن الإمام على أحق الناس بخلافة رسول الله صلی الله و علیه وآله، ومن ثم فقد خرج الإمام يحمل فاطمة بنت رسول الله صلی الله و علیه وآله على دابة ليلاً في مجالس الأنصار، تسألهم النصرة.. . (3)

67- الدكتور طه حسين

67 - الدكتور طه حسين

[65] قال: فأنت تعلم كيف بويع أبو بكر .. وكيف رأى أبو بكر.. وكيف رأى عمر أن بيعته كانت فلتة وقى الله المسلمين شرّها... على أنه (أمير المؤمنين علي علیه السلام) لم يسرع إلى بيعة أبي بكر وإنما تلبث وقتاً غير قصير، ولعلّه وجد على أبي بكر كما وجدت عليه فاطمة علیها السلام (4)

ص: 207


1- تحفة اثنى عشرية: 464 - 465 (طبعة پیشاور: 292)، الباب العاشر الطعن الثاني من مطاعن عمر، وعنه في تشييد المطاعن، 139/1.
2- قد عرفت في ما سبق أنهم ما جاؤوها معزين، بل مهددين بإحراق بيتها على من فيها، وآذوها ايذاء لم يسمع بمثله، فليته سكت عن وجه مجينهم، نعم: حب الشيء يعمي ويصم.
3- السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام للدكتور بيومي: 136 - 137 (ط بيروت).
4- الفتنة الكبرى: 6/2، 18.

68- الدكتور عبد العزيز سالم

68 - الدكتور عبد العزيز سالم

[66] قال: وحاول الصحابة إكراه علي علیه السلام على مبايعة أبي بكر، فبكت فاطمة علیها السلام وزجرت أبا بكر وأعلنت سخطها عليه وعلى عمر، ولم بيايع علي علیه السلام أبا بكر بالخلافة إلا بعد أن توفّيت. (1)

[67] وقال: إنّ علي بن أبي طالب وقومه والزبير بن العوام وطلحة بن عبید الله قد اعتزلوا في بيت فاطمة وامتنعوا عن مبايعة أبي بكر، فخرج إليهم عمر بن الخطاب في جماعة من الصحابة وأرغموا بني هاشم والزبير على مبايعة أبي بكر.. . (2)

وتقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [12].

69- الأُستاذ توفيق أبو علم

69 - الاستاذ توفيق أبو علم

[68] قال: وفي رواية أخرى: إن عمر قال لعلي علیه السلام: إن لم تبايع أبا بكر لأحرقن دارك!!

قال على علیه السلام: « أو تحرقها.. وفيها ابنة رسول الله صلی الله و علیه وآله؟ »

قال: أحرقها وفيها ابنة رسول الله صلی الله و علیه وآله... ثم ذكر اشعار محمد حافظ إبراهيم. (3)

70- الأُستاذ عبد الفتاح عبد المقصود

70 - الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود

[69] قال: واجتمعت جموعهم - آونةٌ في الخفاء وأُخرى على ملأ - يدعون إلى ابن أبي طالب لأنهم رأوه أولى الناس بأن يلى أمور الناس، ثم تألّبوا حول داره يهتفون باسمه ويدعونه أن يخرج إليهم ليردّوا عليه تراثه المسلوب.. فإذا المسلمون أمام هذا الحدث مخالف أو نصير. وإذا بالمدينة حزبان، وإذا بالوحدة

ص: 208


1- التاريخ السياسي والحضاري: 177، (و راجع: تاريخ الدولة العربية له: 161).
2- تاريخ الدولة العربية: 151 - 163، عنه كتاب استخلاف أبو بكر: 29.
3- أهل البيت علیهم السلام: 238.

المرجوّة شفّان أوشكا على انفصال، ثم لا يعرف غير الله ما سوف تؤول إليه بعد هذا الحال.. فهلا كان عليّ - كابن عبادة - حرياً في نظر ابن الخطاب بالقتل حتى لا تكون فتنة ولا يكون انقسام؟!

كان هذا أولى بعنف عمر إلى جانب غيرته على وحدة الإسلام وبه تحدّث الناس ولهجت الألسن كاشفةً عن خلجات خواطر جرت فيها الظنون مجرى اليقين، فما كان لرجل أن يجزم أو يعلم سريرة ابن الخطاب، ولكنّهم جميعاً ساروا وراء الخيال، ولهم سند مما عرف عن الرجل دائماً من من عنف ومن دفعات ولعلّ فيهم من سبق بذهنه الحوادث على متن الاستقراء فرأى بعين الخيال - قبل رأي العيون - ثبات عليّ أمام وعيد عمر لو تقدَّم هذا منه يطلب رضاءه وإقراره لأبي بكر بحقه في الخلافة، ولعلّه تمادى قليلاً في تصوّر نتائج هذا الموقف وتخيل عقباه، فعاد بنتيجة لازمة لا معدى عنها، هي خروج عمر عن الجادة، وأخذه هذا المخالف العنيد بالعنف والشدّة!

وكذلك سبقت الشائعات خطوات ابن الخطاب ذلك النهار ، وهو يسير في جمع من صحبه ومعاونيه إلى دار فاطمة وفي باله أن يحمل ابن عم رسول الله صلی الله و علیه وآله إن طوعاً وإن كرهاً على إقرار ما أباه حتى الآن، وتحدّث أناس بأن السيف سيكون وحده متن الطاعة!.. وتحدّث آخرون بأنّ السيف سوف يلق السيف!.. ثم تحدث غير هؤلاء وهؤلاء بأنّ النّار هي الوسيلة المثلى إلى حفظ الوحدة وإلى الرضا والإقرار!.. وهل على ألسنة الناس عقال يمنعها أن تروي قصة حطب أمر به ابن الخطاب فأحاط بدار فاطمة، وفيها عليّ وصحبه، ليكون عدة الإقناع أو عدة الإيقاع؟..

على أنّ هذه الأحاديث جميعها ومعها الخطط المدبَّرة أو المرتجلة كانت كمثل الزبد، أسرع إلى ذهاب ومعها دفعة ابن الخطاب!.. أقبل الرجل محنقاً مندلع الثورة على دار علي وقد ظاهره معاونوه ومن جاء بهم فاقتحموها أو أوشكوا على اقتحام فإذا وجه كوجه رسول الله يبدو بالباب حائلاً من حزن على قسماته خطوط آلام، وفى عينيه لمعات دمع، وفوق جبينه عبسة غضب فائر.. وحنق ثائر..

ص: 209

وتوقف عمر من خشية.. وراحت دفعته شعاعاً. وتوقف خلفه - أمام الباب - صحبه الذين جاء بهم، إذ رأوا حيالهم صورة الرسول تطالعهم من خلال وجه حبيبته الزهراء، وغضوا الأبصار من خزي أو من استحياء، ثم ولّت عنهم عزمات القلوب وهم يشهدون فاطمة تتحرّك كالخيال وئيداً وئيداً بخطوات المحزونة الثكلى فتقترب من ناحية قبر أبيها ... وشخصت منهم الأنظار وأرهفت الأسماع إليها، وهي ترفع صوتها الرقيق الحزين النبرات تهتف بمحمّد الثاوي بقربها تناديه باكية مريرة البكاء:

«يا أبت رسول الله!.. يا أبت رسول الله!..»

فكأنّما زلزلت الأرض تحت هذا الجمع الباغي، من رهبة النداء...

وراحت الزهراء، وهي تستقبل المثوى الطاهر، تستنجد بهذا الغائب الحاضر:

«يا أبت رسول الله!.. ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة!؟».

فما تركت كلماتها إلا قلوباً صدعها الحزن، وعيوناً جرت دمعاً ، ورجالاً ودّوا لو استطاعوا أن يشقوا مواطئ أقدامهم ليذهبوا في طوايا الثرى مغيبين.. (1)

[70] وقال في موضع آخر: ..ثم مَنْ بني هاشم الذين سلبوا حقهم في تراث الرسول، وودّ حقد قومهم لو تخطفتهم المصارع، ووطئتهم الأقدام وهم نثائر وأشلاء!.. من خلال كل هذه السنين السوالف تشق أحداثه اطباق الزمن إلى الخواطر، كالقبس في الظلمة، كألسنة النار التي أوشكت أن تندلع حول البيت تهمّ بحصده وتدميره، كالصرخة المدويّة التي أطلقتها حينذاك فاطمة تجار فيها بشكواها إلى رسول الله صلی الله وعلیه واله!..

ولم يكن محمّد، وهم يعدون هذه العدوة على دار زهرائه، قد عزب ذكره من الأذهان، قبره ندى بدمعهم.. جسمه رطيب كأنما لم تفارقه كل الحياة.. شبحه حاضر يملأ عليهم الفضاء، كالشذا العاطر، يغب الطيب وهو مائل لا يغيب!.. ومع

ص: 210


1- الإمام علي علیه السلام: 1/ 192 (ط مصر)؛ عنه الغدير: 103/3 - 104.

ذلك فلم يكادوا يشيّعونه إلى الجدث، حتى استرقهم مس، وملكهم هوس، فانطلقوا إلى دار ابنته كمردة الشياطين!.. معهم الشعل في أيديهم الحطب والحراب، ظلالهم

دمار ونار...

الموجدة على علي والحسد لقدره، والخشية أن يفسد اعتزاله هذه البيعة التي أدلوا بها إلى أبي بكر بغرّة من آل بيت الرسول، قد حركتهم جميعاً على حرد نهاية المطاف فيه احتلاب صفى محمد تراث ابن عمه، وإخراج الأمر من يمينه، فلا تجتمع الرسالة والخلافة في هذه الدار من هاشم، التي نبت قريش كلها بشرفها وسؤددها وعزّها إبان حقبة الجاهلية وبعد مولد الإسلام.. كرهوا لها أن تطولهم بالأمرة بعد سموّها بالنبوة، وأن يقوم منها سيد بعد موت سيد، وأن يستأثر رجالها بالحكم، ويستأسروا بأقدارهم ومزاياهم هذه الجزيرة الفسيحة التي تعج بالقبائل كأنما عقمت عن إنجاب أمثالهم سائر البطون!..

وعلى ضياء شعلة مما طوق الدار، ولون الأفق، وأشاع في الجوهرة، لاح عمر وقد تغير وجهه بحنقه، وتبلّل بعرقه، وتخلّل الدخان لحيته، ولمع حسامه في يمينه كجذوة النار.. إنه أحمس شديد فى دينه! أحمس شديد فى عدله! ولكنه اللحظة أحمس شديد في عنفه!! اندفاعه وهو يمّم الباب.. إنّه ليثير الجمهور، ويهيج الفتنة، ويهيّئ الحطب ليؤرث الحريق..

واستأسد وتنمّر، وتصايح وزار، ثم اندفع من خلال الجموع كالشرر، يدق البيت على ساكنيه.. ليس هذا بعمر!.. ما هو بابن الخطاب!.. الذي جرى بقدميه أعصار.. الذي انفجر بصدره بركان.. الذي استوى على لبه مارد!.. إنّه الآن مخمور الأمس، عاد سيرته الأولى كحاله من بضع سنين، حين أعماه شركه، وأضله هواه، وختله عن الهدى غروره، فسل حسامه وانطلق على دروب مكة ينشد النبي، ولسانه إذا ذاك يجري بكفره وخمره: لأقتلنّ محمّداً بسيفي هذا! (1) هذا الصابئ الذي فرّق أمر

ص: 211


1- سيرة ابن هشام: 344/1؛ تاريخ عمر بن الخطاب، لابن الجوزي: 10؛ الكامل، لأبن الأثير 602/1؛ الرحيق المختوم 100؛ مختصر سيرة الرسول، للنجدي: 103، عنهم: إحراق بيت فاطمة علیها السلام: 170.

قريش، وعاب دينها وسفّه أحلامها، وشتّت مجالسها، وضيّع بهارجها!..

واليوم أيضاً ختله اندفاعه، وبقية بنفسه لا تزال راسبة من حسد الجدود، وبغضاء الأجيال... هوى كهوى يمضي به ويحيد بخطو الثابت، فيغدو ويروح على لهيب المشاعل، يوسوس لنفسه، ويهتف بالعصبة التي تؤازره على هجم الدار:

والذي نفس عمر بيده، ليخرجنّ أو لأحرقنها على من فيها!..

قالت له طائفة خافت الله، ورعت الرسول فى عقبه:

يا أبا حفص! إنّ فيها فاطمة!..

فصاح لا يبالي: وإن!..

واقترب وقرع الباب، ثم ضربه واقتحمه.. وبدا له علي.. ورنّ حينذاك صوت الزهراء عليها السلام عند مدخل الدار..

فإن هى إلّا رنّة استغاثة أطلقتها: «يا أبت رسول الله!..» تستعدي بها الراقد بقربها في رضوان ربّه على عسف صاحبه، حتى تبدّل العاتي المدلّ غير إهابه، فتبدّد على الأثر جبروته، وذات عنفه وعنفواته، وودّ من خزي لو يخرّ صعقاً تبتلعه مواطئ قدميه ارتداد هديه إليه..

وعندما نكص الجمع، وراح يفرّ كنوافر الضباء المفزوعة أمام صيحة الزهراء علیها السلام، كان على علیه السلام يقلب عينيه من حسرة وقد غاض حلمه، وثقل همّه، وتقبضت أصابع يمينه على مقبض سيفه تهم من غيظه أن تغوض فيه.. . (1)

[71] وقال في كتابه الآخر: ثم تطالعنا صحائف ما أورده المؤرخون بالكثير من أشباه هذه الأخبار المضطربة التي لا نعدم أن نجد من بينها من عنف عمر ما يصل به إلى الشروع في قتل علي أو إحراق بيته على من فيه..

فلقد ذكر أنّ أبا بكر أرسل عمر بن الخطاب ومعه جماعة بالنار والحطب إلى دار علي وفاطمة والحسن والحسين ليحرقوه بسبب الامتناع عن بيعته.

ص: 212


1- الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام: 170/4 - 172.

فلمّا راجع عمر بعض الناس قائلين: إن في البيت فاطمة! قال: وإن!!! (1)

71- الدكتورة عائشة بنت الشاطئ

71 - الدكتورة عائشة بنت الشاطئ

[72] قالت - بعد ذكر الاستنصار ليلاً واعتذار الناس، وجواب فاطمة الزهراء عليها السلام: -.. ورجعت إلى بيتها فلزمته، فما راعها حين أصبحت إلّا ضجّة قد علت قريباً من الباب وتناهى إليها صوت عمر، يحاول أن يدخل وهو يقسم منذراً؛ أن سوف يحمل علياً على البيعة اتقاء الفتنة! وخوفاً من تفرّق كلمة المسلمين! وانتشار قواهم!

فصاحت الزهراء بملء لوعتها: «با بت! يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟..»

فضجّ الناس بالبكاء. (2)

[73] وقالت - عند ذكر السيدة زينب الكبرى علیها السلام -: ..وما أحسبها نسيت مع الأيام، مشهداً أليماً طالعته في صباها حينذاك، يوم حاول عمر بن الخطاب أن يقتحم بيت الزهراء كي يحمل علياً على البيعة لأبي بكر خشية تفرّق الكلمة! وتمزق الشمل!!

فلما سمعت فاطمة أصوات القوم تقترب نادت بأعلى صوتها:

«يا أبت رسول الله!..» ..وذكرت نحو ما مرّ. (3)

72- عباس محمود العقاد

72 - عباس محمود العقّاد

[74] قال: ولم يكن بالزهراء من سقم كا من يُعرف من وصفه، فإن العرب لوصافون - وإن كان حولها من آل بيتها لمن أقدر العرب على وصف الصحّة

ص: 213


1- السقيفة والخلافة: 14.
2- موسوعة آل النبى صلی الله وعلیه واله (ط الاولى): 614.
3- المصدر: 642، وراجع: تراجم سيدات بيت النبوة: 614.

والسقم -، فما وقفنا من كلامهم - وهم يصفونها في أحوال شكواها - على شيء يشبه أغراض الأمراض التي تذهب بالناس في مقتبل الشباب، وكل ما يتبين من كلامهم: انه الجهد، والضعف، والحزن، وربما اجتمع إليها أعياء الولادة في غير موعدها، إن صح أنّها أسقطت محسناً بعد وفاة النبي صلی الله وعلیه واله كما جاء في بعض الأخبار! (1)

73- محمّد حافظ إبراهيم شاعر النيل

73 - محمد حافظ إبراهيم شاعر النيل

[75] قال:

وقولة لعلي قالها عمر *** أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرقت دارك لا أبقى عليك بها *** إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص يفوه بها *** أمام فارس عدنان و حاميها (2)

[76] قال الدمياطي عند شرح البيت الثاني:

المراد: إن علياً علیه السلام لا يعصمه من عمر سكنى بنت المصطفى صلیالله وعلیه واله في هذه الدار!! (3)

74- عبد الوهاب النجار

74 - عبد الوهاب النجار

[77] قال: لم يكن المانع لعلي علیه السلام عدم حضور السقيفة فحسب، أو اشتغاله بتجهيز رسول الله صلی الله وعلیه واله، ولكنه يرى أنه أحق بهذا الأمر من سواه لما له من صهر رسول الله صلی الله وعلیه واله وقرابته وسابقته وحسن بلائه في الإسلام، وأن القوم قد غصبوه حقه، وغلبوه على تراث رسول الله صلی الله وعلیه واله. ويريد أن يبقى على إبائه حتى لا يكون للناس عليه حجّة بأنه نزل عن حقه لغيره، ثم يترقب فرصة يعيد فيها الحق إلى نصابه. (4)

ص: 214


1- فاطمة الزهراء والفاطميون (الطبعة الثانية): 68.
2- نقل عن ديوانه: 75/1، في كتاب من حياة الخليفة عمر بن الخطاب: 183؛ سيرة عمر بن الخطاب: 311، وغيرهما.
3- الغدير: 86/7.
4- الخلفاء الراشدون: 33، (ط دار التراث، القاهرة).

75- محمّد حسين هيكل

75 - محمد حسين هيكل

[78] قال: أفكانت بيعة العامة هذه [إشارة إلى بيعة يوم الثلاثاء] بيعة إجماع من المسلمين لم يتخلّف عنها أحد ما تخلّف سعد بن عبادة عن بيعة الخاصة بالسقيفة؟

المشهور أن طائفة من كبار المهاجرين تخلّفوا عنها، وأن علي ابن أبي طالب علیه السلام والعباس بن عبد المطلب من بني هاشم كانا من المتخلفين...

وفي رواية ذكرها اليعقوبي وذكرها غيره من المؤرخين، ولا يزال لها الشهرة: إنّ جماعة من المهاجرين والأنصار اجتمعوا مع علي بن أبي طالب علیه السلام في دار فاطمة بنت رسول الله صلی الله وعلیه واله يدعون إلى مبايعته، وبينهم خالد بن سعيد يقول: فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد صلی الله وعلیه واله منك. وبلغ أبابكر وعمر اجتماعهم بدار فاطمة علیها السلام فأتيا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج علي علیه السلام ومعه السيف فلقيه عمر فصارعه فصرعه!.. وكسر سيفه! ودخلوا الدار. فخرجت فاطمة علیها السلام وقالت: «والله لتخرجن أو لأكشفنّ شعري، ولأعجّنّ إلى الله» فخرجوا وخرج من كان في الدار، وأقام القوم أياماً، ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع ولم يبايع علي علیه السلام إلا بعد وفاة فاطمة علیها السلام أي بعد ستة أشهر.

ويروى: أن عمر بن الخطاب جمع الحطب حول دار فاطمة علیها السلام وأراد أن يحرقها أو يبايع علي علیه السلام أبابكر.

ثم ذكر رواية ابن قتيبة الماضية تحت الرقم [12] ثم قال: هذا هو المشهور عن موقف علي بن أبي طالب علیه السلام وأصحابه من بيعة أبي بكر. (1)

وتقدمت له الروايتان المرقمتان ب_: [10] و [12].

ص: 215


1- الصديق أبو بكر: 63- 65.

76- جلال السّيد

76 - جلال السيّد

[79] قال: وروى المؤرخون أن نزوة ظهرت على لسان عمر فطلب حرق الدار التي يقيم علي علیه السلام بمن فيها. (1)

77- عمر أبو النصر

77 - عمر أبو النصر

[80] قال: ولقد حدث بعد ذلك أن خشي الفاروق الفتنة!!. فكان لذلك من أشدّ الناس رغبة في توحيد كلمة المسلمين! واكتساب بني هاشم إلى مبايعة الخليفة الأول، وقد حاول فعلاً اقتحام بيت فاطمة علیها السلام، يحاول بذلك أن يحمل علياً على البيعة، فلما سمعت فاطمة علیها السلام الأصوات الناس، نادت بأعلى صوتها: «يا أبت! رسول الله! ماذا لقينا بعدك من أبن الخطاب وابن أبي قحافة».. (2)

ثم ذكر أن عمر أحزنه ذلك فطلب من أبي بكر أن يذهبا لعيادتها.

78- عبد الرحمن أحمد البكرى

78 - عبد الرحمن أحمد البكري

تقدمت له الروايتان المرقمتان ب_: [30] و [37].

79- محمّد رضا

79 - محمّد رضا

تقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [18]، [19]، [40].

80- محمد فريد وجدي

80 - محمّد فريد وجدي

تقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [12].

ص: 216


1- علي بن أبي طالب علیه السلام: 138.
2- فاطمة بنت محمد صلی الله وعلیه واله: 118.

81- عبد الكريم الخطيب

81 - عبدالكريم الخطيب

تقدّمت له الرواية المرقّمة ب_: [12].

82- عمر رضا كحالة

82 - عمر رضا كحّالة

تقدّمت له الروايتان المرقّمتان ب_: [12] و [30].

83- خير الله طلفاح

83 - خير الله طلفاح

تقدّمت له الروايات المرقّمة ب_: [10]، [18]، [19].

84- محمد يوسف الكاندهلوى

84 - محمد يوسف الكاندهلوي

تقدّمت له الرواية المرقّمة ب_: [2].

ماروته العامة عن الشيعة في هذا المقام

اشارة

وترى طائفة من أهل السنّة ينسبون القول بوقوع هذه الرزيّة الكبرى إلى الشيعة، ولا بأس بذكر كلماتهم، إذ يعرف بها شهرة هذا القول عند الشيعة.

85- المقدسي

85 - المقدسي (المتوفى 355 ه_.)

[81] قال عند ذكر أولاد فاطمة علیها السلام: وولدت ،محسناً، وهو الذي تزعم الشيعة أنها أسقطته من ضربة عمر. (1)

ص: 217


1- البدء والتاريخ: 20/5.

86- أبو الحسين الملطى الشافعى

86 - أبو الحسين الملطي الشافعي (المتوفى 377 ه_.) (1)

[82] قال: .. فزعم هشام... (2) أن أبا بكر مرّ بفاطمة علیها السلام فرفس في بطنها فأسقطت، وكان سبب علّتها ووفاتها.. وأنّه غصبها فدكاً. (3)

والظاهر أن الخطأ في ذكر أبي بكر بدل عمر صدر عن الملطي دون هشام، أو وقع التصحيف وكان في الأصل: أمر بفاطمة علیها السلام.

87- القاضي أبو الحسن عبد الجبار الأسدآبادي

87 - القاضي أبو الحسن عبد الجبار الأسدآبادي (المتوفى 415 ه_.)

[83] قال: ومن جملة ما ذكروه من الطعن ادعاؤهم أن فاطمة علیها السلام لغضبها على أبي بكر وعمر أوصت أن لا يصلّيا عليها، وأن تدفن سرّاً منها فدفنت ليلاً وادعوا برواية رووها عن جعفر بن محمد علیه السلام وغيره: أن عمر ضرب فاطمة بسوط وضرب الزبير بالسوط.. وذكروا أن عمر قصد منزلها وعلي والزبير والمقداد وجماعة ممن تخلف عن أبي بكر يجتمعون هناك، فقال لها: ما أحد بعد أبيك أحب إلي منك، وأيم الله لئن اجتمع هؤلاء النفر عندك ليحرقن عليهم.. فمنعت القوم من الاجتماع، ولم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر.

.. إلى غير ذلك من الروايات البعيدة. (4)

إلى أن قال: ... وإنما يتعلّق بذلك من غرضه الإلحاد كالوراق وابن الرواندي.. فلا يتأوّلون مهما يوردون، ليقع التنفير به؛ لأن غرضهم القدح في الإسلام. (5)

ص: 218


1- هو محمّد بن أحمد بن عبد الرحمن، المقرئ الفقيه، مشهور بالثقة والإتقان كثير العلم، كثير التصنيف في الفقه، جيّد الشعر. قاله الذهبي في معرفة القرّاء الكبار: 343/1.
2- أبو محمد هشام بن الحكم المتوفّى 199، من أجلاء أصحاب الإمام الصادق و الإمام الكاظم علیهما السلام.
3- التنبيه والرد: 25 - 26.
4- المغني: 20 / ق 335/1.
5- المصدر: 336.

وقال: وربّما قالوا: قد روي أنه قال: ليتني كنت تركت بيت فاطمة ولم أكشفه. (1)

وعنه الشريف المرتضى (2) (المتوفى 436)

وابن أبى الحديد (3) (المتوفى 656)

ومع إصراره على الأنكار هنا، تراه في أشهر كتبه - أي شرح الأصول الخمسة - اعترف بالهجوم على بيت فاطمة علیها السلام، كما مرّ في رقم: [36].

88- ابن تيمية

88 - ابن تيمية ( المتوفى 728 ه_.)

[84] قال: إنما ينقل مثل هذا جهال الكذّابين، ويصدّقه حمق العالمين الذين يقولون: إن الصحابة هدموا بيت فاطمة علیها السلام وضربوا بطنها حتى أسقطت. (4)

وذكر قريباً منه الذهبي (المتوفى 748). (5)

والشيخ عبد الله الغُنيمان. (6)

89- ابن حجر العسقلاني

89 - ابن حجر العسقلاني (المتوفى 852 ه_.)

[85] قال في ترجمة محمد بن عبد الله الواعظ البلخي: قال علي بن محمود: كان البلخي الواعظ كثيراً ما يدمن في مجالسه سبّ الصحابة، فحضرت مرّةً مجلسه فقال: بكت فاطمة علیها السلام يوماً من الأيام، فقال لها علي علیه السلام: «يا فاطمة! لم تبكين عليّ؟! أأخذت فيئك؟ أغصبتك حقك؟ أفعلتُ..؟ أفعلتُ..؟ وعد أشياء مما يزعم الروافض أن الشيخين فعلاها في حق فاطمة علیها السلام.

ص: 219


1- المغني: 20 / ق 340/1.
2- الشافي: 100/4.
3- شرح نهج البلاغة: 271/16 - 272.
4- منهاج السنة: 220/4.
5- المنتقى من منهاج الاعتدال: 538.
6- مختصر منهاج السنة: 855/2 - 856.

قال: فضجّ المجلس بالبكاء من الرافضة الحاضرين. (1)

ورواه الصفدي (المتوفى 764) هكذا: قال علي علیه السلام يوماً لفاطمة علیها السلام وهي تبكي: لم تبكين؟ أأخذت منك فدك؟ أغصبت حقّك؟ أفعلت كذا؟ أفعلت كذا؟ (2)

أقول: ولعلّ رواية البلخي لهذه الأمور وأمثالها كانت سبب تضعيفه ورميه بالعظائم!

90- ابن حجر الهيثمي

90 - ابن حجر الهيثمي (المتوفى 974 ه_.)

[86] قال - عند ذكر شبهات الشيعة -: ... ألا ترى إلى قولهم [أي الشيعة]: إن عمر قاد عليّاً علیه السلام بحمائل سيفه، وحصر فاطمة علیها السلام فهابت فأسقطت ولداً اسمه: المحسن. (3)

وذكره العصامي المكي (4) (المتوفى 1111)

وأحمد زيني دحلان (5) (المتوفى 1304)

وقريب منه ما ذكره الشيخ عبد الله بن فارس التازي المغربي (6) (القرن العاشر)

91- رسول بن محمد

91 - رسول بن محمد (من قدماء العامة)

[87] قال: قول الإمامية: إن علياً علیه السلام كان في بيته فجاءه عمر ليأخذ منه البيعة لأبي بكر، فناداه من الباب، فخرجت إليه فاطمة علیها السلام فقالت - من داخل الباب -: يا عمر! أي شيء تريد من علي علیه السلام؟! وهو ساكن في بيته، لا تعلق به بأحد، وهو

ص: 220


1- لسان الميزان: 217/5 - 218.
2- الوافي بالوفيات: 344/3.
3- الصواعق المحرقة: 51.
4- سمط النجوم العوالي: 295/2.
5- الفتح المبين بهامش السيرة النبوية: 87/1.
6- المناظرة والمعارضة في رد الرافضة: 182.

ليس صاحب الحل والعقد [!!!] قاعد في داره، فلا تتعرّض له. فغضب عمر لذلك فضرب الباب برجله وكسره، ووقع من كسره رضٌ في بطن فاطمة علیها السلام، ووقع سقط فاطمة علیها السلام اسمه: محسن، ودخل الدار وأوقع حبلاً في عنق علي علیه السلام فجرّه إلى أبي بكر فأخذ منه البيعة لأبي بكر كرهاً وجبراً. (1)

92- محمد بن رسول الشريف الحسيني الموسوي البرزنجي

92 - محمد بن رسول الشريف الحسيني الموسوي البرزنجي

(القرن الحادي عشر)

[88] قال: الخامس: .. إنهم قالوا: إنّ عمر بن الخطاب ذهب إلى دار علي - وهو مندس فيها من خوف عمر!! - فدخل عليه وأخرجه من الدار وقاده بحمايل سيفه، وخافت فاطمة علیها السلام منه.. وأسقطت ولداً اسمه: المحسن. (2)

روايات الشيعة وأقوالهم

93 - سليم بن قيس الهلالي

93 - سليم بن قيس الهلالي (المتوفى 76 أو 90ه_.)

[89] روی ضمن - رواية تقدّم ذكرها (3) - عن النبي صلی الله وعلیه واله: «إنك أوّل من يلحقني من أهل بيتي، وأنت سيدة نساء أهل الجنة، وسترين بعدي ظلماً وغيظاً حتى تضربي ويكسر ضلع من أضلاعك.. لعن الله قاتلك ولعن الله الآمر والراضي والمعين والمظاهر عليك وظالم بعلك وابنيك (4)».

[90] وعن أمير المؤمنين علیه السلام: «.. فلما قبض رسول الله صلی الله وعلیه واله مال الناس إلى

ص: 221


1- نصيحة الشيعة الإمامية: 45.
2- النواقض للروافض والنواقض: 41.
3- راجع الفصل الأول.
4- کتاب سليم: 907/2 الحديث الحادي والستون (الطبعة المحققة).

أبى بكر فبايعوه - وأنا مشغول برسول الله صلی الله وعلیه واله بغسله ودفنه - ثم شغلت بالقرآن فاليتُ يميناً أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب ففعلت، ثم حملت فاطمة علیها السلام وأخذت بيدي الحسن والحسين علیهما السلام فلم أدع أحداً من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله وحقي، ودعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب لي من جميع الناس إلا اربعة رهط: الزبير، وسلمان، وأبوذر، والمقداد ولم يكن معي أحد من أهل بيتى أصول به ولا أقوى به، أما حمزة؛ فقتل يوم أحد، وأما جعفر، فقتل يوم مؤتة، وبقيت بين جلفين جافين ذليلين حقيرين العباس وعقيل، وكانا قريبي العهد بكفر، فأكرهوني وقهروني، فقلت - كما قال هارون لأخيه -: ي_ (أبْنَ ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) (1) فلي بهارون أسوة حسنة، ولي بعهد رسول الله صلی الله وعلیه واله إلى حجّة قوية... إن القوم حين قهروني واستضعفوني وكادوا يقتلونني لو قالوا لي: نقتلك البتة.. لامتنعت [كذا] من قتلهم إياي، ولو لم أجد غير نفسي وحدي، ولكن قالوا: إن بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك وفضلناك وإن لم تفعل قتلناك، فلما لم أجد أحداً بايعتهم، وبيعتي إياهم لا تحق لهم باطلاً ولا توجب لهم حقّاً». (2)

ورواه عنه الشيخ الديلمي (3) (المتوفى 771)

[91] وقال سليم: .. فأغرم عمر بن الخطاب تلك السنة جميع عماله أنصاف أموالهم لشعر أبي المختار ولم يغرم قنفذ العدوي شيئاً. (4) فلقيت علياً -صلوات الله عليه - فسألته عمّا صنع عمر، فقال: «هل تدري لم كفّ عن قنفذ ولم يغرمه شيئاً؟» قلت: لا، قال: «لأنه هو الذي ضرب فاطمة علیها السلام بالسوط حين جاءت

ص: 222


1- الأعراف (7): 150.
2- كتاب سليم: 128 (الطبيعة المحققة: 666/2 الحديث الثاني عشر)؛ وعنه في بحار الأنوار: 468/29 - 469.
3- إرشاد القلوب: 395 - 396.
4- خ.ل: وقد كان من عماله، وردّ عليه ما أخذ منه وهو عشرون ألف درهم، ولم يأخذ منه عشره ولا نصف عشره.

لتحول بيني وبينهم، فماتت - صلوات الله عليها - وإن أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج». (1)

[92] وروى أبان عن سليم قال: انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله صلی الله وعلیه واله ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان وأبي ذر والمقداد ومحمد بن أبي بكر وعمر بن أبي سلمة وقيس بن سعد بن عبادة.

فقال العباس لعلي علیه السلام: ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذاً كما أغرم جميع عماله؟!

فنظر علي علیه السلام إلى من حوله، ثم اغرورقت عيناه بالدموع، ثم قال: «شكر له ضربة ضربها فاطمة علیها السلام بالسوط فماتت وفي عضدها أثره كأنه الدملج». (2)

[93] وروى ابن أبي عياش عنه قال: كنت عند عبد الله بن عباس في بيته ومعنا جماعة من شيعة علي علیه السلام فحدّثنا، فكان فى ما حدثنا أن قال:

يا إخوتي! توفّي رسول الله صلی الله وعلیه واله يوم توفي، فلم يوضع في حفرته حتى نکت الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف.

واشتغل علي بن أبي طالب علیه السلام برسول الله صلی الله وعلیه واله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته، ثم أقبل على تأليف القرآن، وشغل عنهم بوصيّة رسول الله صلی الله وعلیه واله ولم يكن همّته الملك، لما كان رسول الله صلی الله وعلیه واله أخبره عن القوم، فافتتن الناس بالذي افتتنوا به من الرجلين، فلم يبق إلا علي علیه السلام وبنوهاشم وأبو ذر والمقداد وسلمان، في اناس معهم يسير.

فقال عمر لأبي بكر: يا هذا! إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته، فأقسم عليه فجلس، ثم قال: يا قنفذ! انطلق فقل له: أجب أبا بكر، فأقبل قنفذ فقال: يا علي! أجب أبا بكر، فقال علي علیه السلام: «إني لفي شغل عنه،

ص: 223


1- كتاب سليم: 134 (الطبعة المحققة: 673/2 - 674 الحديث الثالث عشر)، وعنه في بحار الأنوار: 302/30.
2- كتاب سليم: 134 (الطبعة المحققة: 675/2 الحديث الرابع عشر)، وعنه في بحار الأنوار: 303/30.

وما كنت بالّذي أترك وصيّة خليلي وأخي وانطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور..»

فانطلق قنفذ فأخبر أبا بكر ، فوتب عمر غضبان، فنادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً، ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي - وفاطمة علیها السلام قاعدة خلف الباب قد عصبت رأسها، ونحل جسمها في وفاة رسول الله صلی الله وعلیه واله - فأقبل عمر حتى ضرب الباب ثم نادى؛ يابن أبي طالب! افتح الباب.

فقالت فاطمة علیها السلام: «يا عمر! ما لنا ولك.. لا تدعنا وما نحن فيه؟»

قال: افتحي الباب وإلّا أحرقنا عليكم.

فقالت: «يا عمر! أما تتقي الله عزّ وجلّ تدخل على بيتي وتهجم على داري؟»

فأبي أن ينصرف، ثم عاد عمر بالنار فأضرمها في الباب، فأحرق الباب، ثم دفعه عمر، فاستقبلته فاطمة علیها السلام وصاحت: «یا أبتاه! يا رسول الله!..» فرفع السيف وهو في غمده فَوَجاً به جنبها، فصرخت، فرفع السوط فضرب به ذراعها، فصاحت: «یا أبتاه!»

فوثب علي بن أبي طالب علیه السلام فأخذ بتلابيب عمر، ثمّ هزّه فصرعه ووجاً أنفه ورقبته، وهم بقتله، فذكر قول رسول الله صلی الله وعلیه واله وما أوصى به من الصبر والطاعة، فقال: «والذي أكرم محمّداً صلی الله وعلیه واله بالنبوة - يابن صهاك! - لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتى».

فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار، وسلّ خالد بن الوليد السيف ليضرب به علياً علیه السلام، فحمل علي علیه السلام بسيفه، فأقسم على عليّ، فكفّ. وأقبل المقداد وسلمان وأبوذر وعمار وبريدة الأسلمي حتى دخلوا الدار أعواناً لعلي علیه السلام، حتى كادت تقع فتنة، فأخرج علي علیه السلام وتبعه الناس واتبعه سلمان وأبوذر والمقداد وعمار وبريدة، وهم يقولون: ما أسرع ما خنتم رسول الله صلی الله وعلیه واله! وأخرجتم الضغائن التي في صدوركم.

وقال بريدة بن الحصيب الأسلمي: يا عمر! أتيت على أخي رسول الله صلی الله وعلیه واله ووصيه وعلى ابنته فتضربها وأنت الذي تعرفك قريش بما تعرفك به! فرفع خالد بن

ص: 224

الوليد السيف ليضرب بريدة - وهو في غمده - فتعلّق به عمر ومنعه من ذلك، فانتهوا بعلي علیه السلام إلى أبي بكر ملبّباً.. (1)

ثم ذكر ابن عباس تهديدهم أمير المؤمنين علیه السلام بالقتل وإكراهه على البيعة، كما يأتي عن سلمان تحت رقم [95].

[94] وعن عبد الله بن عباس - بعد ذكر قصدهم قتل أمير المؤمنين علیه السلام وندامة أبي بكر في الصلاة، وقوله له: يا خالد! لا تفعل ما أمرتك -:

وجاء الزبير والعباس وأبو ذر والمقداد وبنو هاشم واخترطوا السيوف وقالوا: والله لا ينتهون حتى يتكلم ويفعل، واختلف الناس وماجوا واضطربوا، وخرجت نسوة بني هاشم فصرخن وقلن: يا أعداء الله!.. ما أسرع ما أبديتم العدواة الرسول الله صلی الله وعلیه واله وأهل بيته! ولطال ما أردتم هذا من رسول الله صلی الله وعلیه واله فلم تقدروا عليه، فقتلتم ابنته بالأمس، ثم تريدون اليوم أن تقتلوا أخاه وابن عمّه ووصيّه وأبا ولده، كذبتم وربّ الكعبة، وما كنتم تصلون إلى قتله.. حتى تخوّف الناس أن تقع فتنة عظيمة. (2)

[95] وروى سليم، عن سلمان رضوان الله عليه: ..قال عمر لأبي بكر: أرسل إلى علي فليبايع، فإنا لسنا في شيء حتى يبايع، ولو قد بايع أمنّاه، فأرسل إليه أبوبكر: أجب خليفة رسول الله صلی الله وعلیه واله، فأتاه الرسول فقال له ذلك، فقال له علي علیه السلام: «سبحان الله! ما أسرع ما كذبتم على رسول الله! إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أنّ الله ورسوله لم يستخلفا غيري».

وذهب الرسول فأخبره بما قال له، فقال: اذهب فقل له: أجب أمير المؤمنين أبابكر!.. فأتاه فأخبره بما قال.

ص: 225


1- كتاب سليم: 249 (الطبعة المحققة: 862/2 - 876 الحديث الثامن والأربعون)، وعنه في بحار الأنوار: 297/28 - 300.
2- کتاب سلیم: 257 (الطبعة المحققة: 872/2 - 873 الحديث الثامن والأربعون)، وعنه في بحار الأنوار: 306/28.

فقال علي علیه السلام: «سبحان الله! ما - والله - طال العهد فينسى، والله إنه ليعلم أنّ هذا الاسم لا يصلح إلا لي، ولقد أمره رسول الله صلی الله وعلیه واله - وهو سابع سبعة -، فسلّموا علي بإمرة المؤمنين، فاستفهم هو وصاحبه من بين السبعة، فقالا: أمر من الله ورسوله؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم حقاً من الله ورسوله، إنّه أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار..» فانطلق الرسول فأخبره بما قال، فسكتوا عنه يومهم ذلك.

قال: فلما كان الليل حمل علي علیه السلام فاطمة علیها السلام على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين علیهما السلام، فلم يدع أحداً من أصحاب رسول الله صلی الله وعلیه واله إلا أتاه في منزله، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا أربعة، فإنّا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا، وكان الزبير أشدّنا بصيرة فى نصرته.

فلما أن رأى على علیه السلام خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه، لزم بيته.

فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع؟ فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع، غيره وغير هؤلاء الأربعة، وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقها وأدهاهما وأبعدهما غوراً، والآخر أفظها وأغلظهما وأجفاهما، فقال له أبو بكر: من ترسل إليه؟ فقال عمر: نرسل إليه قنفذاً، فهو رجل فظّ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعواناً وانطلق فاستأذن على علي علیه السلام فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر - وهما جالسان في المسجد والناس حولهما -، فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا فإن أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن!.. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة علیها السلام: «أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن..» فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إنّ فاطمة قالت.. كذا وكذا، فتحرّجنا أن ندخل بيتها بغير إذن.

فغضب عمر، وقال: ما لنا وللنساء؟ ثم أمر أناساً حوله بتحصيل الحطب، وحملوا

ص: 226

الحطب وحمل معهم عمر، فجعلوه حول منزل علي علیه السلام -وفيه علي وفاطمة وابناهما علیهم السلام- ثم نادى عمر -حتى أسمع علياً وفاطمة-: والله لتخرجن -يا علي!-

ولتبايعن خليفة رسول الله وإلا أضرمت عليك النار.

فقامت فاطمة علیها السلام فقالت: «يا عمر! ما لنا ولك؟» فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم، فقالت: «يا عمر! أما تتقي الله تدخل على بيتي؟»

فأبي أن ينصرف، ودعا عمر بالنار فأضرمها في الباب، ثم دفعه فدخل، فاستقبلته فاطمة علیها السلام وصاحت: «يا أبتاه! يا رسول الله!» فرفع عمر السيف وهو في غمده فوجاً به جنبها، فصرخت: «یا أبتاه!» فرفع السوط فضرب به ذراعها، فنادت: «یا رسول الله! لبئس ما خلّفك أبو بكر وعمر».

فوتب علي علیه السلام فأخذ بتلابيبه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله، فذكر قول رسول الله صلی الله وعلیه واله وما أوصاه به، فقال: «والذي كرم محمداً صلی الله وعلیه واله بالنبوة - يابن صهاك! - لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلى رسول الله صلی الله وعلیه واله لعلمت أنك لا تدخل بيتى..»

فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار، وثار علي علیه السلام إلى سيفه، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوّف أن يخرج على علیه السلام بسيفه - لما قد عرف من بأسه وشدّته -، فقال أبو بكر لقنفذ: ارجع، فإن خرج وإلّا فاقتحم عليه بيته، فإن امتنع فاضرم عليهم بيتهم النار.. فانطلق قنفذ فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار علي علیه السلام إلى سيفه فسبقوه إليه وكاثروه، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه [كذا].

فألقوا فى عنقه حبلاً، وحالت بينهم وبينه فاطمة علیها السلام عند باب البيت، فضربها قنفذ... بالسوط، فماتت حين ماتت وإنّ في عضدها مثل الدملج من ضربته...، ثم انطلقوا بعلي علیه السلام يتل، (1) حتى انتهي به إلى أبي بكر، وعمر قائم بالسيف على رأسه.

وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، والمغيرة بن شعبة، وأسيد بن خضير وبشير بن سعد.. وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح.

ص: 227


1- الثل: الدفع، ومنه حديث: القاتل يُتل برمته إلى أولياء المقتول. (مجمع البحرين 328/5).

قال: قلت لسلمان: أدَخَلُوا على فاطمة بغير إذن؟

قال: إي والله وما عليها خمار، فنادت: «يا أبتاه! يا رسول الله! فلبئس ما خلفك أبو بكر وعمر وعيناك لم تتَفَقَّاً في قبرك..» - تنادي بأعلى صوتها - فلقد رأيت أبا بكر ومن حوله يبكون!!! ما فيهم إلا باك، غير عمر وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة، وعمر يقول: إنا لسنا من النساء ورأيهنّ في شيء.

قال: فانتهوا بعلي علیه السلام إلى أبي بكر، وهو يقول: «أما والله لو وقع سيفي في يدي، لعلمتم أنكم لم (1) تصلوا إلى هذا أبداً، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم، ولو كنت أستمسك من أربعين رجلاً لفرّقت جماعتكم، ولكن لعن الله أقواماً بايعونى ثم خذلوني..»

ولما أن بصر به أبو بكر صاح: خلّو سبيله، فقال علي علیه السلام: «يا أبا بكر! ما أسرع ما توتبتم على رسول الله صلی الله وعلیه واله، بأي حق.. وبأي منزلة.. دعوت الناس إلى بيعتك؟! ألم تبايعني بالأمس بأمر الله وأمر رسول الله؟»

وقد كان قنفذ... ضرب فاطمة علیها السلام بالسوط، حين حالت بينه وبين زوجها، وأرسل إليه عمر: إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها، فألجأها قنفذ إلى عضادة بيتها، ودفعها فكسر ضلعها من جنبها، فألقت جنيناً من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت - صلى الله عليها - من ذلك شهيدة.

قال: ولما انتهي بعلي علیه السلام إلى أبي بكر انتهره عمر، وقال له: بايع ودع عنك هذه الأباطيل!.. فقال له علي علیه السلام: «فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟» قالوا: نقتلك

ذلاً وصغاراً!..

فقام عمر فقال لأبي بكر - وهو جالس فوق المنبر -: ما يجلسك فوق المنبر؟ هذا جالس محارب، لا يقوم فيبايعك، أو تأمر به فنضرب عنقه؟

والحسن والحسين علیهما السلام قائمان، فلما سمعا مقالة عمر بكيا، فضمهما إلى صدره،

ص: 228


1- خ.ل: لن.

فقال: «لا تبكيا.. فوالله ما يقدران على قتل أبيكما..»

ثم قال: قم يابن أبي طالب فبايع، فقال علیه السلام: «فإن لم أفعل؟» قال: إذا والله نضرب عنقك.. فاحتج عليهم ثلاث مرّات، ثم مد يده من غير أن يفتح كفّه فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك منه، فنادى علي علیه السلام - قبل أن يبايع والحبل في عنقه -: «ي_ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي)..». (1)

ورواه الشيخ الطبرسي (القرن السادس) مع اختلاف في بعض المواضع. (2)

وعماد الدين الطبري (القرن السابع) مع زيادات من سائر الروايات. (3)

وأبو سعيد حسن بن حسين الشيعي السبزواري (القرن الثامن) قريباً منه مرسلاً. (4)

وعلي بن داود الخادم الأسترآبادي (5) (القرن الحادي عشر)

والعلامة الملا مهدي النراقي (المتوفى 1209) مع زيادات. (6)

[96] وروى سليم عن طلحة بن عبيد الله، ضمن كلام له خطاباً لأمير المؤمنين علیه السلام:.. يوم أتوه بك وفي عنقك حبل. (7)

ورواه الشيخ الطبرسي (القرن السادس) هكذا: يوم أتوه بك يعتل (8) [تقاد] وفي عنقك حبل، فقالوا لك: بايع. (9)

ص: 229


1- كتاب سليم: 82 (الطبعة المحققة: 577/2 - 599 الحديث الرابع)، وعنه في بحار الأنوار: 266/28 - 267، والآية في سورة الأعراف (7): 150.
2- الاحتجاج: 82 - 89، وعنه في بحار الأنوار: 266/28 - 267.
3- كامل بهائي: 304/1 - 308.
4- راحة الأرواح: 59 - 60.
5- أنساب النواصب: 42.
6- محرق القلوب: 31 - 33.
7- كتاب سليم: 117 (الطبعة المحققة: 2/ 649 الحديث الحادي عشر).
8- العتل: الجذب العنيف، قال الجوهري: عقلت الرجل اعْتِلُه وأَعْتُلُه، إذا جذبته جذباً عنيفاً. لاحظ الصحاح: 1758/5.
9- الاحتجاج: 150، وعنه في بحار الأنوار: 416/31.

94 - أبو مخنف لوط بن يحيى

94 - أبو مخنف لوط بن يحيى ( المتوفى 158ه_.)

[97] قال - ما ترجمته -: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اعلم يا علي! اني إذ أرتحل عن هذه الدنيا الدنية، فتنسى الأمة ما يجب عليهم من حقوقي، وأوّل من يخاصمك أبو بكر بن أبي قحافة.. ثم عمر، فإنه يخرق كتاب فدك، ويركل برجله بطن ابنتي فاطمة علیها السلام فيسقط المحسن علیه السلام.. ثم يجعلون الحبل في عنقك ويأتون بك إلى المسجد فيقال لك: بايع وإلّا نقتلك..». (1)

95 - أبو هاشم إسماعيل بن محمد الحميري

95 - أبو هاشم إسماعيل بن محمد الحميري (2) (المتوفى 173 ه_.)

[98] قال:

ضربت واهتضمت من حقها *** وأُذيقت بعده طعم السلع

قطع الله يدي ضاربها *** ويد الراضي بذاك المتبع

لا عفا الله له عنها ولا *** كف عنه هول يوم المطلع (3)

ونسب ابن شهر آشوب المازندراني (المتوفى 588) الأبيات إلى العوني. (4)

[99] وقال الحميري:

توفّي النبي عليه السلام *** فلما تغيب في الملحد

أزالوا الوصية عن أقربيه *** إلى الأبعد الأبعد الأبعد

وكادوا مواليه من بعده *** فيا عين جودي ولا تجمدي (5)

ص: 230


1- ترجمة بحر الأنساب: 1 - 2 فارسی، (مخطوط).
2- سيّد الشعراء من أصحاب الإمام الصادق علیه السلام ولقي الإمام الكاظم علیه السلام.
3- الصراط المستقيم: 13/3.
4- مثالب النواصب: 420 ( الخطية).
5- المناقب: 211/2.

وقال:

إنها أسرع أهل بيته *** ولحاقاً بي فلا تفشي الجزع

مضى واتبعته والها *** بعد غيض (1) جرّعته ووجع (2)

96 - علي بن جعفر العريضي ابن الإمام الصادق الله

96 - علي بن جعفر العريضي (3) ابن الإمام الصادق علیه السلام (القرن الثالث)

[100] عن أخيه موسى بن جعفر الكاظم علیه السلام:

«إنّ فاطمة صديقة شهيدة..». (4)

ورواه ثقة الإسلام الكليني (5) (المتوفى 329)

97 - عیسی بن المستفاد الضرير

97 - عيسى بن المستفاد الضرير (القرن الثالث)

[101] [روى في كتاب الوصيّة] ضمن رواية تقدّم ذكرها (6) عن النبي صلی الله وعلیه واله: «يا على! ما أنت صانع لو قد تأمّر القوم عليك بعدي، وتقدّموا عليك، وبعث إليك طاغيتُهم يدعوك إلى البيعة ثم لتبت بثوبك تقاد كما يقاد الشارد من الإبل.. مذموماً مخذولاً محزوناً مهموماً، وبعد ذلك ينزل بهذه [أي بفاطمة علیها السلام] الذل؟!»

رواه عنه الشيخ هاشم بن محمد (7) (القرن السادس)

والسيد علي بن طاووس (8) (المتوفى 664)

ص: 231


1- كذا، والظاهر: غيظ.
2- المناقب: 362/3.
3- قيل: توفي سنة 210، وقيل: بل أدرك الإمام أبا الحسن الهادي علیه السلام المستشهد 254.
4- مسائل علي بن جعفر: 335.
5- الكافي: 458/1.
6- راجع الفصل الأول.
7- كتاب الوصية، عنه مصباح الأنوار: 271.
8- الطرف: 42 - 43 وعنه في بحار الأنوار: 492/22.

وروى العلامة البياضي (المتوفى 877) قطعة منها. (1)

[102] وفي رواية - تقدّم ذكرها (2) - عن النبي صلی الله وعلیه واله: «.. إنّما بكائي وغمّي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي، فقد أجمع القوم على ظلمكم... أما والله

لينتقمنّ الله ربّي وليغضب لغضبك، فالويل.. ثم الويل.. ثم الويل.. للظالمين» ثم بكى رسول الله صلی الله وعلیه واله.

رواه عنه الشيخ هاشم بن محمد (3) (القرن السادس)

والسيد علي بن طاووس (4) (المتوفى 664)

وروى العلامة البياضي (5) (المتوفى 877) قطعة منها.

[103] وروی وروى في ضمن رواية تقدّم ذكرها (6) عن النبي صلی الله وعلیه واله: «يا علي! ويل لمن ظلمها.. وويل لمن ابتزها حقها.. وويل لمن هتك حرمتها.. وويل لمن أحرق بابها.. وويل لمن آذى خليلها.. وويل لمن شاقها وبارزها..»

رواه عنه الشيخ هاشم بن محمد (7) (القرن السادس)

والسيد على بن طاووس (8) (المتوفى 664)

وروي العلامة البياضي (المتوفى 877) قطعة منها. (9)

[104] وفي رواية تقدم ذكرها، (10) عن النبي صلی الله وعلیه واله: «يا علي! تفي بما فيها..

ص: 232


1- الصراط المستقيم: 94/2.
2- راجع الفصل الأول.
3- كتاب الوصية، عنه مصباح الأنوار: 275 - 276.
4- الطرف: 38 - 41 وعنه في بحار الأنوار: 490/22.
5- الصراط المستقيم: 93/2.
6- راجع الفصل الأول.
7- كتاب الوصية، عنه مصباح الأنوار: 268 - 269.
8- الطرف: 30؛ وعنه في بحار الأنوار: 485/22.
9- الصراط المستقيم: 92/2 - 93.
10- راجع الفصل الأول.

على الصبر منك، وعلى كظم الغيظ، وعلى ذهاب حقى (1) وغصب خمسك، وانتهاك حرمتك.» فقال: «نعم يا رسول الله !..».

فقال أمير المؤمنين علیه السلام: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل علیه السلام یقول للنبي صلی الله وعلیه واله: يا محمد! عرفه أنه ينتهك (2) [كذا] الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله صلی الله وعلیه واله، وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط..»

قال أمير المؤمنين علیه السلام: «فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل، حتى سقطت على وجهي، (3) وقلت: نعم، قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة، وعطّلت السنن، ومزّق الكتاب، وهدمت الكعبة، وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط.. صابراً محتسباً أبداً حتى أقدم عليك».

«ثم دعا رسول الله صلی الله وعلیه واله فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين ، فقالوا مثل قوله.. فختمت الوصية».

فقلت: أكان في الوصية تولّبهم وخلافهم على أمير المؤمنين علیه السلام؟

فقال: «نعم - والله - شيئاً شيئاً.. وحرفاً حرفاً.. أما سمعت قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾؟ (4) والله لقد قال رسول الله صلی الله وعلیه واله الأمير المؤمنين وفاطمة علیهما السلام: «أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟» فقالا: «بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا».

رواه عنه ثقة الإسلام الكليني (5) (المتوفى 329)

ص: 233


1- خ.ل: حقك.
2- أي: تستحل، راجع: مجمع البحرين - نهك -.
3- من عرف سيرة أمير المؤمنين علیه السلام وحالاته وشؤونه يعلم أنه لا يخاف من الموت والقتل، كيف وهو المقدام في كل كربهة وشدة. أليس هو القائل: والله لابن أبي طالب أنس بالموت من الطفل بثدي أمه؟ فتغير حاله علیه السلام إنَّما يكون لأجل هتك حرمته وهي حرمة الله ورسوله صلی الله وعلیه واله.
4- يس (36): 12.
5- الكافي: 21/12؛ بحار الأنوار: 479/22.

والشيخ هاشم بن محمّد (1) (القرن السادس)

والسيد علي بن طاووس (2) (المتوفى 664)

وروى العلامة البياضي (المتوفى 877) قطعة منها. (3)

[105] وروي عيسى بن وروي عيسى بن المستفاد، عن أبي الحسن الكاظم، عن أبيه علیهما السلام عن رسول الله صلی الله وعلیه واله: «.. ألا إنّ فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله»، قال عيسى: فبكى أبو الحسن علیه السلام طويلاً، وقطع بقية كلامه وقال: «هتك والله حجاب الله.. هتك والله حجاب الله.. هتك والله حجاب الله.. يا أُمّه! - صلوات الله عليها -».

رواه عنه السيد علي بن طاووس (4) (المتوفى 664)

98 - الشيخ ابن أبي زينب النعماني

98 - الشيخ ابن أبي زينب النعماني (القرن الثالث)

[ 106] قال: وقد فعل بفاطمة بنت رسول الله صلی الله وعلیه واله ما دعاها إلى الوصية بأن تدفن ليلاً ولا يصلّي عليها أحد من أُمّة أبيها إلا من سمته.. فلو لم يكن في الإسلام مصيبة، ولا على أهله عار ولا شنار، ولا حجة فيه لمخالف لدين الإسلام الا ما لحق فاطمة علیها السلام حتى مضت غضبى على أُمة أبيها ودعاها ما فعل بها إلى الوصية بأن لا يصلّي عليها أحد عليها أحد منهم - فضلاً عما سوى ذلك - لكان عظياً فظيعاً منبّهاً لأهل الغفلة إلا من طبع الله على قلبه وأعماه، لا ينكر ذلك ولا يستعظمه ولا يراه شيئاً، بل يزكى المضطر لها إلى هذه الحالة ويفضّله عليها وعلى بعلها وولدها ويعظم شأنه عليهم، ويرى أن الذي فعل بها الحق، ويعده من محاسنه!! (5)

ص: 234


1- كتاب الوصية، وعنه في مصباح الأنوار: 267 - 268.
2- الطرف: 22 - 24، والقسم الأخير منه: 28 - 29.
3- الصراط المستقيم: 91/1 - 92.
4- الطرف: 19، وعنه في بحار الأنوار: 477/22.
5- الغيبة: 48 - 47 (طبعة أخرى 31).

99 - الشيخ فرات بن إبراهيم الكوفي

99 - الشيخ فرات بن إبراهيم الكوفي (القرن الثالث)

[107]

روى عن أبي عبد الله علیه السلام في حديث طويل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة!... فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك وقاتل بعلك إذا أفلجت حجّته على

الخلائق..؟!» (1)

100 - عبد السلام بن رغبان بن حبيب المعروف ب_: ديك الجن

100 - عبد السلام بن رغبان بن حبيب المعروف ب_: ديك الجن (المتوفى 236 ه_.)

[108] قال في قصيدة العاملة:

إنّ عتيقاً وأبا حفص معا *** لأي أمر صنعا ما صنعا

أكثر قولي لم يصب فعلهما *** ولا أرى والله عذراً لهما (2)

101 - البرقي

101 - البرقي (3) (المتوفى 245 ه_.)

[109] قال:

وكلّلا النار من بيت ومن حطب *** والمضرمان لمن فيه يسبّان

وليس في البيت إلا كل طاهرة *** من النساء وصديق وسبطان

فلم أقل غدرا، بل قلت قد كفرا *** والكفر أيسر من تحريق ولدان

وكل ماكان من جور ومن فتن *** ففي رقابهما في النار طوقان (4)

ص: 235


1- تفسير الفرات: 172، وعنه في بحار الأنوار: 265/44.
2- مثالب النواصب: 137 (الخطية).
3- علی بن محمد بن عمار، عده ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت علیهم السلام المجاهرين وقال: خرقوا ديوانه، وقطعوا لسانه، انظر معالم العلماء ص 148، وقيل: هو أبو محمد عبد الله بن عمار البرقي، وشى به إلى المتوكل وقرئت له قصيدته النونية، فأمر بقطع لسانه وإحراق ديوانه، فمات بعد أيام. راجع: أعيان الشيعة: 63/8.
4- الصراط المستقيم: 13/3؛ مثالب النواصب: 423 (الخطية)، ويختلفان في نقل بعض الكلمات، فراجع.

وقال:

لأنّه ضارب الزهراء فاطمة *** وكسر (1) بابها ظلماً وعدوانا (2)

102 - فضل بن شاذان

102 - فضل بن شاذان (المتوفى 260 ه_.)

[110] قال: رويتم [أي أنتم معشر العامة] عن إسحاق بن إبراهيم... عن أبي حرب بن أبي الأسود، قال: بعثني أبي إلى جريد (3) بن عبد الله البجلي (4) أسأله عن أمر ما حضر (5) عن أبي بكر وعمر وعلي علیه السلام حين دعواه إلى البيعة. فقال: غلباه وأخذا منه حقه.. فكتب إليه أبي: لست أسألك ست أسألك عن رأيك، اكتب إلي بما حضرت وشهدت. قال: بُعث (6) إلى علي فجيء به متلبياً (7) فلما حضر قالا له: بايع، فقال: «إن لم أفعل، فماذا تصنعون؟» قالوا: نقتلك ولؤماً لك. (8) قال: «إذاً أكون عبد الله وأخا رسوله صلی الله وعلیه واله!» قالوا له: أما الله نعم وأما أخو رسوله فلا.. فرجع يومئذ ولم يبايع. (9)

ورواه الطبري الإمامي (10) (المتوفى أوائل القرن الرابع)

وتقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [10].

ص: 236


1- كذا، والظاهر: كاسر.
2- مثالب النواصب: 423 (الخطية).
3- خ.ل: جندب.
4- جرير بن عبد الله وجندب بن عبد الله البجليان كلاهما من الصحابة، ومن رجال الصحاح الستة، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1 / 237، 255.
5- خ.ل: عما حضر.
6- خ.ل: بعثا.
7- خ.ل: مليباً.
8- خ.ل: صغراً لك وفي نسخة: ولو ما لك.
9- الايضاح: 367.
10- المسترشد: 380.

103 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي

103 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي ( المتوفى 283 ه_.)

[111] روى عن أحمد بن عمر و البجلي، عن أحمد بن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم قال: «والله ما بايع علي علیه السلام حتى رأى الدخان قد دخل بيته». (1)

رواه عنه الشريف المرتضى (2) (المتوفى 436)

والشيخ الطوسي (3) (المتوفى 460)

وابن شهر آشوب المازندراني (4) (المتوفى 588)

[112] وروى أبو إسحاق إبراهيم الثقفي في كتاب المعرفة عن زائدة بن قدامة: (5) أنه خرج عمر في نحو من ستين رجلاً، فاستأذن الدخول عليهم، فلم يؤذن له.. فشغب وأجلب، فخرج إليه الزبير مصلتاً سيفه، ففرّ الثاني من بين يديه - حسب عادته! - وتبعه الزبير، فعثر بصخرة في طريقه فسقط لوجهه، فنادى عمر: دونكم الكلب..، فأحاطوا به، وأخذ سلمة بن أسلم سيفه فضربه على صخرة فكسره، فسيق إليه الزبير سوقاً عنيفاً إلى أبي بكر حتى بايع كرهاً.

وعاد إلى الباب واستأذن: فقالت فاطمة علیها السلام: «عليك بالله - إن كنت تؤمن بالله - أن تدخل بيتي فإني حاسرة!..» فلم يلتفت إلى مقالها وهجم.

فصاحت: «يا أبه! ما لقينا بعدك من أبي بكر وعمر..» وتبعه أعوانه، فطالب أمير المؤمنين علیه السلام بالخروج فلم يمتنع عليه لما تقدم من وصية رسول الله صلی الله وعلیه واله، وظنّ (6)

ص: 237


1- نحتمل قويّاً أنّهم نقلوها عن كتاب المعرفة، راجع: تعليقة: الشافي 223/3.
2- الشافي: 21/3.
3- تلخيص الشافي: 76/3، وعنه في بحار الأنوار: 390/28.
4- مثالب النواصب: 420 (الخطبة).
5- زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي المتوفى 163 وقيل غير ذلك. ذكره ابن حبان في الثقات: 339/6، وقال: كان من الحفاظ المتقنين، أقول: وهو من رجال الصحاح السنّة، لاحظ موسوعة رجال الكتب التسعة: 513/1.
6- خ.ل: ضنّ.

بالمسلمين عن الفتنة، وكان غرضه المحاماة على الدين وحياطته و... خرج معهم وخرجت الطاهرة في إثره، وهي تقول لزفر: «يابن السوداء! لأسرع ما أدخلت الذلّ على بيت رسول الله صلی الله وعلیه واله!

قال: ولم تبق من بني هاشم أمرأة إلا خرجت معها، فلما رآها أبو بكر مقبلة هاب ذلك فقام قائماً وقال: ما أخرجك يا بنت رسول الله؟ فقالت: «أخرجتني أنت وهذا ابن السوداء معك». فقال الأول: يا بنت رسول الله! لا تقولي هذا فإنه كان لأبيك حبيباً. قالت: «لو كان حبيباً ما أدخل الذلّ بيته..»

رواها الكلبي عن ابن عباس؛

و محمد بن شهاب الزهري (1)

وعبد الله بن العلاء؛ (2)

عنهم ابن شهر آشوب المازندارني (3) (المتوفى 588)

ورواه العلامة المحقق المازندرانى الخواجوئى (4) (المتوفى 1173)

104 - الشيخ محمد بن الحسن الصفار

104 - الشيخ محمد بن الحسن الصفار (المتوفى 291 ه_.)

[113] روى عن روى عن أبي عبد الله علیه السلام أنه قال:«لما أخرج بعلي علیه السلام ملبباً، وقف الا عند قبر النبي صلی الله وعلیه واله قال: ي_ ﴿ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي). (5) قال: فخرجت يد من قبر رسول الله صلی الله وعلیه واله يعرفون أنها يده، وصوت يعرفون أنه صوته نحو أبي بكر: «يا هذا! (أكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (6)».

ص: 238


1- محمد بن مسلم المتوفى 125 من أعلام التابعين والمنحرفين عن أمير المؤمنين علي علیه السلام، له عند العامة شأن..
2- أبو محمد المداري من وجوه أصحابنا في القرن الثالث.
3- مثالب النواصب: 136 - 137 (الخطية).
4- طريق الرشاد مطبوع في ضمن الرسائل الاعتقادية: 447/1 - 448.
5- الأعراف (7): 150.
6- بصائر الدرجات: 275؛ وعنه في بحار الأنوار: 220/28. والآية في سورة الكهف (18): 37.

ورواه الشيخ المفيد (1) (المتوفى 413)

و ابن شهر آشوب المازندرانى (2) (المتوفى 588)

105 - يحيى بن الحسين الهادي الزيدي اليمني

105 - يحيى بن الحسين الهادي الزيدي اليمني (المتوفى 298 ه_.)

[114] قال: ...وأين الإجماع.. وبنو هاشم إليهم يرجع الشرف والذكر والقول في الجاهلية والإسلام، ولم يبايع منهم أحد، ولم شهدوا، (3) ولم يشاوروا، ، وأمير المؤمنين علي علیه السلام لازم بيته قد أبى أن يخرج معهم وأبى أن يحضر، وقد أرسلوا إليه ثلاثة رسل، رسولاً بعد رسول، أن اخرج فبايع خليفة رسول الله صلی الله وعلیه واله، فردّ عليهم: «ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلی الله وعلیه واله!» ثم عاد الرسول ثانية فقال: أجب أمير المؤمنين. فقال: «يا سبحان الله! ما أجراً من تسمّى بما ليس له!» ثم رجع إليه ثالثة فقال: أجب أبا بكر فقد أجمع المسلمون عليه وبايعوه.. فبايعه أنت وادخل في ما دخل فيه الناس.

فقال أبو بكر لعمر: أنهض في جماعة واكسر باب هذا الرجل وجئنا به [كي] يدخل في ما دخل فيه الناس، فنهض عمر ومن معه إلى باب علي علیه السلام فدقوا الباب، فدافعته فاطمة - صلوات الله عليها - فدفعها وطرحها، فصاحت: «يا عمر! أُحرجك (4) بحرج الله أن لا تدخل علي بيتي، فإني مكشوفة الشعر، مبتذلة»، فقال لها: خذي ثوبك.

فقالت: «مالي ولك؟» ثم قال: خذي ثوبك فإني داخل.. فأعادت عليه القول، (5) فدفعها ودخل هو وأصحابه، فحالت بينهم وبين البيت الذي فيه علي علیه السلام،

ص: 239


1- الاختصاص: 275.
2- المناقب: 248/2.
3- كذا، والظاهر: لم يشهدوا.
4- خ.ل: ومن معك.
5- خ.ل: البتول.

وهي ترى أنها أوجب عليهم حقاً من علي علیه السلام لضعفها وقرابتها من رسول الله صلی الله وعلیه واله، قوتب إليها خالد بن الوليد فضربها بالسوط على عضدها حتى كان أثره في عضدها مثل الدملج، فصاحت عند ذلك، فخرج عليهم الزبير بالسيف، فصاح عمر: دونكم الليث، فدخل في صدره عبد الله بن أبي ربيعة فعانقه وأخذ السيف من يده، وضرب به الحجر حتى كسره، فدخلوا البيت فأخرجوا عليّاً علیه السلام ملبوباً، فتعلق به جماعة منهم حتى انتهوا به إلى أبي بكر. فقال أبوبكر: بايع، قال له: «ما أفعل»، قال له عمر: ما تفارقنا أو تفعل، فقال له علي علیه السلام: «احلب حلباً لك شطره، شدّها له اليوم يردّها عليك غداً». (1)

ونقله عنه الحسينى الزيدي (2) (المتوفى 670)

[115] وقال الهادي: فكان رسول الله صلی الله وعلیه واله أول من قصد بالأذى فى نفسه وأقاربه، وأوّل من شهد عليه بالزور، وأوّل من أخذ ماله، وأوّل من رُوّع أهله، واستخفٌ بحقهم، فرُوّعوا، وأوذوا، وهم يروون أن رسول الله صلی الله وعلیه واله يقول: «من روّع مسلماً فقد برئتُ منه، وخرج من ربقة الإسلام» وقال الله عزّ وجلّ فيهم: ﴿قُلْ لا أَسْتَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). (3)

وقد فعل بفاطمة علیها السلام ما ذكرنا في كتابنا هذا ورسول الله صلی الله وعلیه واله يقول: «فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها». فآذوها أشدّ الإيذاء، ولم يلتفت فيها ولا في أقاربها إلى شيء مما ذكرنا، فكانت حرمة رسول الله صلی الله وعلیه واله أول حرمة انتهكت بعده في الإسلام، وكان أوّل مشهود شُهد عليه بالزور، وكان ماله أوّل مال أُخذ غصباً من ورثته.. (4)

ونقله عنه الحسيني الزيدي (5) (المتوفى 670)

ص: 240


1- تثبيت الأمامة: 15 - 17.
2- أنوار اليقين: 329.
3- الشورى (42): 23.
4- تثبيت الإمامة: 27 - 28.
5- أنوار اليقين: 332.

والشرفي الأهنومي (1) (المتوفى 1055)

106 - عبيد الله بن عبد الله بن طاهر الخزاعي

106 - عبيد الله بن عبد الله بن طاهر الخزاعي (المتوفى 300 ه_.)

[116] كان كثيراً ما يقول:

تعز، فكم لك من أُسوة *** تسكن عنك غليل الحزن

بموت النبي وخذل الوصيّ *** وذبح الحسين وسم الحسن

وجرّ الوصي وغصب التراث *** وأخذ الحقوق وكشف الإحن

وهدم المنار وبيت الإله *** وحرق الكتاب وترك السنن

وله:

إذا ما المرء لم يعط مناه *** وأضناه التفكر والنحول

ففي آل الرسول له عزاء *** وما لاقته فاطمة البتول (2)

107 - محمد بن جرير الطبرى الإمامى الكبير

107 - محمد بن جرير الطبري الإمامي الكبير (المتوفى أوائل القرن الرابع)

[117] روى عن الإمام الصادق علیه السلام أنه قال: «لما استخرج أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - من منزله، خرجت فاطمة والهة، فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها، حتى انتهت قريباً من القبر، فقالت: «خلّوا عن ابن عمّي.. فوالذي بعث محمّداً بالحق، لئن لم تخلوا عنه لأنشرنّ شعري، ولأضعن قميص رسول الله صلی الله وعلیه واله - الذي كان عليه حين خرجت نفسه - على رأسي، ولأصرخنّ إلى الله تبارك وتعالى، فما صالح بأكرم على الله من ابن عمّي، ولا ناقة صالح بأكرم على الله منّي، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي». (3)

ص: 241


1- شفاء صدور الناس: 498.
2- المناقب: 210/2 - 209.
3- المسترشد: 381.

وقريب منها ما رواه الشيخ الطبرسي (1) (القرن السادس)

وابن شهر آشوب المازندرانى (2) (المتوفى 588)

[118] وروى الطبري، عن أبي حمزة الثمالي، عن الإمام علي بن الحسين علیهما السلام، قال: «لما قبض النبي صلی الله وعلیه واله وبويع أبو بكر، تخلف علي علیه السلام، فقال عمر لأبي بكر: ألا ترسل إلى هذا الرجل المتخلّف فيجيء فيبايع؟ قال أبو بكر: يا قنفذ! اذهب إلى علي وقل له: يقول لك خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال بايع.

فرفع علي علیه السلام صوته وقال: «سبحان الله! ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلی الله وعلیه واله».

قال: فرجع فأخبره، ثم قال عمر: ألا تبعث إلى هذا الرجل المتخلف فيجيء يبايع؟ فقال لقنفذ: اذهب إلى علي فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: تعال بايع.. فذهب قنفذ يضرب الباب، فقال على علیه السلام: «من هذا؟» قال: أنا قنفذ. فقال: «ما جاء بك؟» قال: يقول لك أمير المؤمنين: تعال فبايع.. فرفع علي علیه السلام صوته وقال: «سبحان الله! لقد ادعى ما ليس له». فجاء فأخبروه، فقام عمر فقال: انطلقوا إلى هذا الرجل حتى نجيء إليه.. فمضى إليه جماعة، فضربوا الباب، فلما سمع علي علیه السلام أصواتهم لم يتكلّم، وتكلّمت امرأته، فقالت: «من هؤلاء؟» فقالوا: قولي لعلي يخرج ويبايع..

فرفعت فاطمة علیها السلام صوتها فقالت: «يا رسول الله! ما لقينا من أبي بكر وعمر بعدك».

فلما سمعوا صوتها.. بكى كثير ممن كان معه! ثم انصرفوا.. وثبت عمر في ناس معه فأخرجوه وانطلقوا به إلى أبي بكر حتى أجلسوه بين يديه، فقال أبو بكر: بايع، قال: «فإن لم أفعل؟» قال: إذا والله الذي لا إله إلا هو تضرب عنقك. قال علي:

ص: 242


1- الاحتجاج: 86، وعنه في بحار الأنوار: 206/28 و 47/43 (مع تغيير يسير).
2- المناقب: 339/3 - 340.

«فأنا عبد الله وأخو رسوله»، قال أبو بكر: بايع. قال: «فإن لم أفعل؟» قال: إذا والله الذي لا إله إلا هو تضرب عنقك. فالتفت علي علیه السلام إلى القبر، وقال: «ي_ ﴿ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) (1) ..» ثم بايع وقام. (2)

وروى سيف الدين ابو الحسن على الآمدي (المتوفى 631) قطعة منها. (3)

[119] وقال الطبري: إنّ أمير المؤمنين علیه السلام منعه من طلب الخلافة - بعد فراغه من دفن رسول الله صلی الله وعلیه واله وبعد أن توثب الظالمون فبايعوا أبابكر - أنّ المدينة كانت محتشية بالمنافقين، وكانوا يعضون الأنامل من الغيظ، وكانوا ينتهزون الفرصة، وقد تهيّأ وا لها ووافق ذلك فى شكاة رسول الله صلی الله وعلیه واله وقبل وفاته، وعلى علیه السلام مشغول بغسل رسول الله وبإصلاح أمره ودفنه، فلما انجلت الغمّة وبايع الناس أبا بكر من غير مناظرة أهل البيت قعد في منزله وطلب الخلافة بلسان (4) دون سيفه، وتكلّم وأعلم الناس حاله وأمره، معذّراً.. يعلم الناس أنّ الحق له دون غيره، وذكرهم ما كان رسول الله صلی الله وعلیه واله عقد له، ثم رجع وقعد عن القوم، فصاروا إلى داره.. وأرادوا أن يضرموها عليه وعلى فاطمة ناراً.. فخرج الزبير بسيفه فكسره. (5)

[120] وقال أيضاً: ... وعمر، الذي هم بإحراق بيت فاطمة علیها السلام وشتم عليا علیه السلام والزبير. (6)

وتقدّمت له الرويات المرقمة ب_: [4]، [12]، [110].

108 - الشيخ سدید الدین محمود الحمصي الرازي

108 - الشيخ سديد الدين محمود الحمصي الرازي (المتوفى أوائل القرن الرابع)

[121] قال - ضمن كلام له في بيعة أمير المؤمنين علیه السلام لأبي بكر -: لأنها

ص: 243


1- الأعراف (7): 150.
2- المستر شد: 378-377.
3- أبكار الأفكار: 466؛ من قوله علیه السلام: فمضى إليه جماعة فضربوا الباب.. إلى آخره.
4- كذا، والظاهر: بلسانه.
5- المسترشد: 373.
6- المسترشد: 224.

وقعت بعد مطل وتأخر منه، وبعد أن عوتب وهدّد وأخرج على الوجه الذي جاءت به الروايات من جهة العامة والخاصة.

وقيل له: حسدت ابن عمّك ونفست عليه.. وخوّف من وقوع الفتنة بين المسلمين.. وكثير من هذه المعانى رواها المخالفون، وهي موجودة في كتبهم الموثوق بها، كتاريخ البلاذري، وكتب الواقدي.. وغير ذلك.

ووجدانها في كتب الشيعة وروايتها من طرقهم أكثر من أن تحصى.

ومن تأمّل الأخبار المروية في هذا.

الباب علم صحة ما قلناه إذا أنصف من نفسه.. (1)

109 - ناصر الدين حسن بن علي الأطروش

109 - ناصر الدين حسن بن علي الأطروش (المتوفى 304 ه_.)

[122] قال: وأظهروا الحسد والخلاف والعداوة لأهل بيت رسول الله صلی الله وعلیه واله: وهموا بإحراق البيت عليهم، حتى يقول زيد بن أرقم: أنا الذي كنت حملت الحطب إلى باب فاطمة بنت رسول الله صلی الله وعلیه واله.. ومع هذا قد أمر بقتل علي علیه السلام أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته فاطمة علیها السلام وأمي سبطيه!.. ونسوا ما قد أوصاه بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستنوا بسنّة الماضين من الأمم الهالكين. (2)

110 - محمد بن مسعود العياشي

110 - محمد بن مسعود العياشي (المتوفى 320 ه_.)

[123] روى عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده (3) قال: ما أتى على علي علیه السلام يوم قط أعظم من يومين أتياه، فأما أول يوم؛ فيوم قبض رسول الله صلی الله وعلیه واله، وأما اليوم الثاني؛ فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر - والناس يبايعونه - إذ قال له عمر: يا هذا! ليس في يديك شيء منه ما لم

ص: 244


1- المنقذ من التقليد: 359/2.
2- مقدمة كتابه في الفقه: 159، ولعله كتاب الإبانة.
3- وهو هرمز الفارسي.

يبايعك علي، فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك، فإنّما هؤلاء رعاع فبعث إليه قنفذاً، فقال له: اذهب فقل لعلي: أجب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم!.. فذهب قنفذ، فما لبث أن رجع، فقال لابي بكر: قال لك: ما خلف رسول الله صلی الله وعلیه واله لهم أحداً غيري، قال: ارجع إليه فقل: أجب، فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وقريش، وإنّما أنت رجل من المسلمين لك ما لهم وعليك ما عليهم.. وذهب إليه قنفذ، فما لبث أن رجع فقال: قال لك: إنّ رسول الله صلی الله وعلیه واله قال لي وأوصاني إذا واريته في حفرته أن لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله؛ فإنه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل..

قال: قال عمر: قوموا بنا إليه.. فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقنفذ وقمت معهم، فلمّا انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة - صلوات الله عليها - أغلقت الباب في وجوههم - وهي لا تشكّ أن لا يُدْخَل عليها إلا بإذنها - فضرب عمر الباب برجله فكسره - وكان من سعف - ثم دخلوا فأخرجوا علياً علیه السلام ملبباً.

فخرجت فاطمة علیها السلام فقالت: «يا أبا بكر! أتريد أن ترملني من زوجي، والله لئن لم تكفّ عنه لأنشرنّ شعري، ولأشقّنّ جيبي، ولآتين قبر أبي، ولأصيحن إلى ربي..»، فأخذت بيد الحسن والحسين علیهما السلام وخرجت تريد قبر النبي صلی الله وعلیه واله، فقال على علیه السلام لسلمان: «أدرك ابنة محمد صلی الله وعلیه واله.. فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان، والله إن نشرت شعرها، وشقت جيبها، وأتت قبر أبيها، وصاحت إلى ربّها.. لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها».

فأدركها سلمان - رضى الله عنه - فقال: يا بنت محمّد! إنّ الله بعث أباك رحمة.. فارجعي، فقالت: «يا سلمان! يريدون قتل عَلي، ما عَلَيَّ صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي، فأنشر شعري، وأشق جيبي، و وأصيح إلى ربّي». فقال سلمان: إني أخاف أن يخسف بالمدينة، وعلي علیه السلام بعثني إليك يأمرك أن ترجعي له إلى بيتك وتنصرفي، فقالت: «إذاً أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع».

ص: 245

قال: فأخرجوه من منزله ملبّباً (1) مرّ على (2) قبر النبي صلی الله وعلیه واله، قال: فسمعته يقول: «ي_ (أبْن أُمَّ إِنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) (3)».

وجلس أبو بكر في سقيفة بني ساعدة - وقدم علي علیه السلام - فقال له عمر: بايع، فقال له علي علیه السلام: «فإن أنا لم أفعل فمه؟» فقال له عمر: إذا أضرب - والله - عنقك، فقال له على: «إذاً - والله - أكون عبد الله المقتول وأخا رسول الله صلی الله وعلیه واله»، فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله صلی الله وعلیه واله فلا.. حتى قالها ثلاثاً.

فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب.. فأقبل مسرعاً يهرول، فسمعته يقول: ارفقوا بابن أخي ولكم عليّ أن يبايعكم!.. فأقبل العباس وأخذ بيد علي علیه السلام فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلوه مغضباً، فسمعته يقول - ورفع رأسه إلى السماء -: «اللهم إنك تعلم أن النبي صلی الله وعلیه واله قد قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم وهو قولك في كتابك: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (4)» قال: وسمعته يقول: «اللهم وإنهم لم يتموا عشرين..» حتى قالها ثلاثاً.. ثم انصرف. (5)

ورواه الشيخ المفيد (6) (المتوفى 413)

[124] وروى العياشي، وروى العياشي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر علیه السلام قال: «كان الناس أهل ردّة بعد النبي صلی الله وعلیه واله إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبوذر وسلمان الفارسي.. ثم عرف أناس بعد يسير، فقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا، وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين علیه السلام مكرهاً فبايع، وذلك قول الله:

ص: 246


1- خ.ل: وأقبل الزبير مخترطاً سيفه، وهو يقول: يا معشر بني عبد المطلب! أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء؟! وشدّ على عمر ليضر ليضربه بالسيف، فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده، فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر.
2- خ.ل: مروا به.
3- الأعراف (7): 150.
4- الأنفال (8): 65.
5- تفسير العياشي: 66/2 - 68، وعنه في بحار الأنوار: 227/28، العوالم: 405/11-407.
6- الاختصاص: 185 - 187.

(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾. (1)

ورواه الشيخ الكليني (2) (المتوفى 329)

وأبو عمرو الكشي ، وعنه الشيخ الطوسي (3) (المتوفى 460)

والسيد شرف الدين الأسترآبادي (4) (القرن العاشر)

[125] وروى العياشي وروى العياشي عن أحدهما علیهما السلام [أي الإمام الباقر أو الإمام الصادق علیهما السلام]: «.. فأرسل أبو بكر إليه: أن تعال فبايع، فقال علي: «لا أخرج حتى أجمع القرآن..»، فأرسل إليه مرة أخرى، فقال: «لا أخرج حتى أفرغ..»، فأرسل إليه الثالثة ابن عم له (5) يقال له: قنفذ ، فقامت فاطمة بنت رسول الله - صلوات الله عليها - تحول بينه وبين على علیه السلام فضربها، فانطلق قنفذ وليس معه علي علیه السلام، فخشي أن يجمع علي الناس، فأمر بحطب فجعل حوالي بيته، ثم انطلق عمر بنار، فأراد أن يحرق على عليّ بيته وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام، فلما رأى علي ذلك، خرج فبايع كارهاً غير طائع». (6)

111 - أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي

111 - أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي (المعاصر للعياشي)

[126] [روى في كتاب الرجال] عن أبي جعفر الباقر علیه السلام: «لما مروا بأمير المؤمنين علیه السلام وفي رقبته حبل إلى زريق (7) ضرب أبوذر بيده على الأخرى، ثم قال: ليت السيوف عادت بأيدينا ثانية، وقال المقداد: لو شاء لدعا عليه ربِّه عزّوجل،

ص: 247


1- تفسير العياشي: 199/1، وعنه في بحار الأنوار: 333/22 - 351، والآية الشريفة في سورة آل عمران (3): 144.
2- الكافي: 245/8.
3- رجال الكشي: 26/1.
4- تأويل الآيات: 128.
5- خ.ل: رجلاً.
6- تفسير العياشي: 307/2 - 308، وعنه في بحار الأنوار: 231/28.
7- وفي رجال الكشي حبل آل زريق، وفي التعليقة - عن المغرب -: هو من أخشن الحبل وأغلظها.

وقال سلمان: مولاي أعلم بما هو فيه».

رواه عنه الشيخ الطوسي (1) (المتوفى 460)

و ابن شهر آشوب المازندرانى (2) (المتوفى 588)

وتقدّمت للشيخ الكشي الرواية المرقمة ب_: [124].

112 - ثقة الإسلام الكليني

112 - ثقة الإسلام الكليني (المتوفى 329 ه_.)

[127] عن الحسين بن محمد، عن المعلى عن الوشاء، عن أبان، عن أبي هاشم قال: لما أخرج بعلي علیه السلام خرجت فاطمة علیها السلام واضعة قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسها آخذة بيدي ابنيها، فقالت: «مالي ولك يا أبا بكر؟! تريد أن تؤتم ابني وترملني من زوجي؟ والله لولا أن يكون سيئة لنشرت شعري والصرخت إلى ربي..»

قال أبو جعفر علیه السلام: «والله لو نشرت شعرها ماتوا طرّاً» (3)

[ 128] وروى الشيخ الكليني، عن أبي جعفر وأبي عبد الله علیهما السلام: «إن فاطمة علیها السلام لما كان من أمرهم ما كان.. أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها، ثم قالت: «أما والله - يابن الخطاب - لولا أني أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له، لعلمت أني سأقسم على الله، ثم أجده سريع الإجابة». (4)

[129] وروى عن علي بن سويد، قال: كتبت إلى أبي الحسن موسى علیه السلام - وهو في الحبس - كتابا أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة، فاحتبس الجواب علي، أجابني بجواب هذه نسخته: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم.. كتبت تسألني عن أمور كنتَ منها في تقية... رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على

ص: 248


1- معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين المعروف ب_: كتاب الرجال عنه اختيار معرفة الرجال: 37/1، وعنه في بحار الأنوار: 352/22 و 237/28.
2- مثالب النواصب: 137 (الخطية).
3- الكافي: 237/8، وعنه في بحار الأنوار: 252/28.
4- الكافي: 460/1، بحار الأنوار: 250/28.

ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم... وسألت عن رجلين اغتصبا رجلاً مالاً كان ينفقه على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وفي سبيل الله، فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كرها فوق رقبته إلى منزلهما، فلما أحرزاه تولّيا إنفاقه، أيبلغان بذلك كفراً؟

فلعمري لقد نافقا قبل ذلك وردّا على الله جلّ وعز كلامه، وهزءا برسوله صلی الله وعلیه واله وهما الكافران، عليهما (لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ ) (1)».

«والله ما دخل قلب أحد منها شيء من الإيمان منذ خروجهما من حالتيهما.. وما ازدادا إلّا شكّاً، كانا خدّاعين، مرتابين، منافقين، حتى توفّتها ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام».

«وسألت عمّن حضر ذلك الرجل، وهو يغصب ماله ويوضع على رقبته، منهم عارف ومنكر، فأولئك أهل الردّة الأولى من هذه الأمة، فعليهم (لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)». (2)

[129/1]

وروى عن أبان، عن الفضيل، عن زرارة، عن أبي جعفر علیه السلام قال: «إن الناس لما صنعوا ما صنعوا؛ إذ بايعوا أبا بكر، لم يمنع أمير المؤمنين علیه السلام من أن يدعو إلى نفسه إلا نظراً للناس وتخوّفاً عليهم أن يرتدوا عن الإسلام فيعبدوا الأوثان ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكان الأحبّ إليه أن يقرّهم على ما صنعوا من أن يرتدوا عن الإسلام، وإنما هلك الذين ركبوا ما ركبوا، فأما من لم يصنع ذلك ودخل فيما دخل فيه الناس على غير علم ولا عداوة لأمير المؤمنين علیه السلام فإن ذلك لا يكفّره ولا يخرجه من الإسلام، فلذلك كتم على علیه السلام أمره وبايع مكرها حيث لم يجد أعواناً». (3)

ص: 249


1- آل عمران (3): 87.
2- الكافي: 124/8، وعنه في بحار الأنوار: 243/48، والآية الشريفة في سورة آل عمران (3): 87.
3- بحار الأنوار: 255/28.

وفي كلام مولانا أمير المؤمنين علیه السلام عند دفن السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام، إشارات إلى ماجرى عليها، لاسيما قوله علیه السلام: وأخلست (1) الزهراء.. والرواية تناسب المقام فلنذكرها بتمامها.

[130] عن علي بن محمد الهرمرازي [عن علي بن الحسين علیهما السلام، عن أبيه] الحسين علیه السلام، (2) قال: «لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وصت إلى علي بن أبي طالب علیه السلام أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحداً بمرضها.. ففعل ذلك، وكان يمرّضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس - رحمها الله - علی استسرار (3) بذلك - كما وصت به - فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين علیه السلام أن يتولى أمرها، ويدفنها ليلاً، ويعفى قبرها.. فتولّى ذلك أمير المؤمنين علیه السلام ودفنها وعنّى موضع قبرها.. (4) فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل (5) دموعه على خدّيه، وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه واله فقال:

«السلام عليك يا رسول الله مني.. (6) والسلام عليك من (7) ابنتك وحبيبتك، وقرّة عينك، وزائر تك، والبائتة (8) في الثرى ببقعتك، (9) المختار الله لها (10) سرعة اللحاق بك.. قل يا رسول الله! عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء (11)

ص: 250


1- خ.ل: واختلست.
2- وفي دلائل الإمامة بسند آخر.. عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين علیهم السلام.
3- خ.ل: استمرار.
4- خ.ل: بيده.
5- خ.ل: وأرسل.
6- خ.ل: عنّي.
7- خ.ل: عن.
8- خ.ل: الثابتة؛ الليلة.
9- خ.ل: ببقيعك.
10- خ.ل: المختار لها الله.
11- خ.ل: نساء العالمين.

تجلدي، إلا أن في التأسي لي (1) بسنّتك، والحزن الذي حلّ بي بفراقك (2) موضع (3) التعزّي، (4) فلقد (5) وسّدتك في ملحود (6) قبرك، بعد أن فاضت (7) نفسك على صدري (8) وغمضتك بيدي، وتولّيت أمرك بنفسي، نعم (9) وفي كتاب الله أنعم القبول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (10) ..».

«لقد (11) استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، وأختلست (12) الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء».

«يا رسول الله! أما حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد.. لا يبرح الحزن (13) من قلبي أو يختار الله لي دارك التى أنت فيها مقيم، کمد مقيح، (14) وهم مهيج، سرعان ما فَرّق بيننا! وإلى الله أشكو».

«وستنبك ابنتك بتضافر (15) أُمتك علي وعلى هضمها حقها (16) فاستخبرها

ص: 251


1- خ. ل: لي في التأسي.
2- خ.ل: لفراقك.
3- خ.ل: وفي فرقتك موضع؛ الموضع.
4- خ.ل: تعز.
5- خ.ل: ولقد.
6- خ.ل: ملحودة.
7- خ.ل: وفاضت.
8- خ.ل: بين صدري وتحري.
9- خ.ل: بلى.
10- البقرة (2): 156.
11- خ.ل: قد.
12- خ.ل: وأُخلست.
13- خ.ل: لا يبرح ذلك؛ وهم لا يبرح.
14- خ.ل: مبرح.
15- خ.ل: بتظاهر؛ بتظافر.
16- خ.ل: أُمتك على هضمها، فأحقها السؤال واستخبرها.

الحال، فكم (1) من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بله سبيلاً، وستقول و (يَحْكُم الله وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ (2) ».

«سلام عليك يا رسول الله! (3) سلام مودّع، لا سئم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن (4) بما وعد الله الصابرين، (5) والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المسئولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، وللبثت (6) عنده معكوفاً (7) ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة.. فبعين الله تدفن ابنتك (8) سراً.. وتهتضم (9) حقها قهراً.. ويمنع إرثها جهراً.. ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله - يا رسول الله! - المشتكى، وفيك أجمل العزاء.. وصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته». (10)

رواه مع الاختلاف وزيادة ونقصان غير واحد من الأعلام نذكر منهم:

ثقة الإسلام الكليني (11) (المتوفى 329)

ص: 252


1- خ.ل: فهم.
2- يونس (10): 109.
3- خ.ل: والسلام عليكما.
4- خ.ل: ظني.
5- خ.ل: واها واها؛ واه واها.
6- خ.ل: والتلبث.
7- خ.ل: جعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً.
8- خ.ل: بنتك.
9- خ.ل: يهتضم.
10- خ.ل: ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر، وإلى الله - يا رسول الله! - المشتكى، وفيك - يا رسول الله! - أحسن العزاء، صلى الله عليك وعليها السلام والرضوان. وفي دلائل الإمامة: آه! آه!.. لولا غلبة المسئولين لجعلت هناك المقام، التزمت الحزن، أشد لزام عكوفاً، أعول إعوال الثكلى على الرزية، فبعين الله أن تدفن ابنتك سراً، وأن يهتضم حقها، ويمنع إرثها جهراً، وما بعد منك العهد، ولا اخلولق منك الذكر، فإلى الله - يا رسول الله! - المشتكى، وبك أجمل العزاء، صلوات الله عليك وعليها معك والسلام.
11- الكافي: 458/1، وعنه في بحار الأنوار: 193/43.

والشريف الرضي (1) (المتوفى 406)

والشيخ المفيد (2) (المتوفى 413)

والشيخ الطوسي (3) (المتوفى 460)

والطبري الإمامي (4) (القرن الخامس)

والقتال النيسابوري (5) (المتوفى 508)

وأبا جعفر عماد الدين الطبري (6) (القرن السادس)

وابن شهر آشوب المازندراني (7) (المتوفى 588)

وابن أبى الحديد (8) (المتوفى 656)

والشيخ الإربلي (9) (المتوفى 693)

.. وغيرهم، وكثير من المعاصرين من العامة والخاصة، نحو: كحالة، (10) والدكتور بسام حمامي، (11) والدكتور بيومي، (12) وعبد الفتاح عبد المقصود (13) وتوفيق أبو علم.. (14)

ص: 253


1- نهج البلاغة: 101 خطبة: 202.
2- أمالي الشيخ المفيد: 281، وعنه في بحار الأنوار: 211/43.
3- أمالي الشيخ الطوسي: 107/1 (ط النجف)، وعنه في بحار الأنوار: 211/43.
4- دلائل الإمامة: 47.
5- روضة الواعظين: 152.
6- بشارة المصطفى صلی الله وعلیه واله: 258.
7- المناقب: 364/3.
8- شرح نهج البلاغة: 265/10.
9- كشف الغمة: 504/1.
10- أعلام النساء: 131/4.
11- نساء حول الرسول صلی الله وعلیه واله: 294 - 293.
12- السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام: 177.
13- فاطمة الزهراء علیها السلام: 390/2.
14- أهل البيت علیهم السلام: 185 - 184.

وتقدّمت للشيخ الكليني الروايات المرقمة ب_: [100]، [104]، [124]

113 - الشيخ ابن بابويه القمي

113 - الشيخ ابن بابويه القمي

أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي (المتوفى 329)

ويحتمل أن يكون المراد ولده الشيخ الصدوق (المتوفى 381)

[131] قال: إن جميع الأئمة علیهم السلام خرجوا من الدنيا على الشهادة... وكان أوّل ما استفتح به من الظلم من أخّر علياً علیه السلام عن الخلافة، وغصب فاطمة علیها السلام الميراث أبيها، وقتل المحسن علیه السلام في بطن أمه، ووجأ عنق سلمان الفارسي، وقتل سعد بن عبادة الخزرجي ومالك بن نويرة في قومه وسموه: أهل الردّة...

نقله عنه ابن شهر آشوب المازندراني (1) (المتوفى 588)

114 - حسين بن حمدان الخصيبي

114 - حسين بن حمدان الخصيبي (المتوفى 334 ه_.)

[132] روى في محاجة أمير المؤمنين علیه السلام مع الخوارج: قال علیه السلام: «ما الذي أردتم للقتال بغير سؤال ولا جواب؟» فقالوا: أنكرنا أشياء يحلّ لنا قتلك بواحدة منها... أولها... فاجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة وعقدوا الأمر باختيارهم لأبي بكر ودعوك إلى بيعته، فخرجت مكرهاً مسحوباً بعد أن هيأت يقيم لك فيها عذراً، وتقول للناس: «إنك مشغول بجمع رسول الله وأهل بيته وذريته وتعزيتهنّ وتأليف القرآن..». (2)

[133] وروى عن هارون بن سعيد، قال: سمعت أمير المؤمنين يقول لعمر: «من علمك الجهالة يا مغرور!؟ أما والله لو كنت بصيراً... لركبت العقر، ولفرشت القصب، ولما أحببت أن تستمثل لك الرجال قياماً، ولما ظلمت عترة النبي صلی الله وعلیه واله بقبيح

ص: 254


1- مثالب النواصب: 26 (الخطية)؛ تسلية المجالس للسيد محمد الموسوي الحائري: 295 (بالهامش)؛ تظلم الزهراء علیها السلام للقزويني: 543 (عن المنتخب).
2- الهداية الكبرى: 138 - 139.

الفعل... وإن لك بعد القتل لهتك ستر وصلباً، ولصاحبك الذي اختارك وقمت مقامه بعده... ولكأنّي أنظر إليكما وقد أخرجهما من قبريكما غضين طريبين حتى تصلبا على الدوحات، فيكون ذلك فتنة لمن أحبّكما؛ ثم يؤتى بالنار - وهي النار التي أضر متموها على باب داري لتحرقوني وفاطمة بنت رسول الله صلی الله وعلیه واله، وابني الحسن والحسين وابنتي زينب وأُم كلثوم - حتى تحرقا بها، ويرسل عليكما ريحاً مُرّة فتنسفكما في اليم نسفاً بعد أن يأخذ السيف منكما ما أخذ، ويصير مصيركما جميعاً إلى النار..».

قال: فلما حضرت عمر الوفاة أرسل إلى أمير المؤمنين علیه السلام فقال له: يا أبا الحسن! اعلم أن اصحابي هؤلاء قد حلّلوني مما وليت من أُمورهم، فإن رأيت أن تحلّلنى!.. فقال أمير المؤمنين علیه السلام: «أرأيتك إن حلّلتك أنا فهل لك في تحليل من قد مضى من رسول الله صلی الله وعلیه واله وابنته؟!..» (1) ثم ولّى وهو يقول: «﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ)». (2)

ورواه الديلمي (3) (المتوفى 771)

والمحدث الخبير السيد هاشم البحراني (4) (المتوفى 1107)

[134] وقال الخصيبي: وروي أنها تكفّنت من بعد غسلها وحنوطها وطهارتها لا دنس فيها، وأنها لم يكن يحضرها إلّا أمير المؤمنين والحسن والحسين وزينب وأُم كلثوم علیهم السلام وفضة جاريتها وأسماء ابنة عميس.. وإن أمير المؤمنين علیه السلام جهزها ومعه الحسن والحسين في الليل، وصلّوا عليها ولم يعلم بها أحد، ولا حضر وفاتها أحد، ولا صلّى عليها من سائر الناس غيرهم؛ لأنها وصت وقالت: «لا يصلّي عليّ أُمّة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله صلی الله وعلیه واله و (5) أمير المؤمنين علیه السلام بعلي

ص: 255


1- خ.ل: «فمن حالل بتحليل ديان يوم الدين؟»
2- الهداية الكبرى: 163 - 164؛ والآية في سورة يونس (10): 54، وسبأ (34): 33.
3- إرشاد القلوب: 285 - 286.
4- حلية الأبرار: 601/2 - 603، (ط العلمية)؛ مدينة المعاجز: 244/2 - 247.
5- خ.ل: في.

وظلموني وأخذوا وراثتي وحرقوا (1) صحيفتي التي كتبها أبي بملك فدك والعوالي، وتذَّبوا شهودي، - وهم والله جبريل وميكائيل وأمير المؤمنين وأُمّ أيمن - وطفت عليهم في بيوتهم وأمير المؤمنين علیه السلام يحملني ومعي الحسن والحسين علیهما السلام ليلاً ونهاراً إلى منازلهم يذكرهم بالله ورسوله لئلا يظلمونا ويعطونا حقنا الذي جعله الله لنا، فيجيبون ليلاً ويقعدون عن نصرتنا نهاراً».

«ثم ينفذون إلى دارنا قنفذاً - ومعه خالد بن الوليد - ليخرجا ابن عمي إلى سقيفة ساعدة لبيعتهم الخاسرة، ولا يخرج إليهم متشاغلاً بوصاة رسول الله صلی الله وعلیه واله وأزواجه، وتأليف القرآن وقضاء ثمانين ألف درهم وصاه بقضائها عنه عدات وديناً».

«فجمعوا الحطب (2) ببابنا، وأتوا بالنار ليحرقوا البيت.. (3) فأخذت بعضادتي الباب، وقلت: «ناشدتكم الله وبأبي رسول الله صلی الله وعلیه واله أن تكفّوا عنّا وتنصرفوا»، فأخذ عمر السوط من قنفذ مولى أبي بكر، فضرب به عضدي، فالتوى السوط على يدي حتى صار كالدملج، وركل الباب برجله فردّه علي - وأنا حامل - فسقطت لوجهي، والنار تَسْعَرُ (4) .. وصفق وجهي بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجاءني المخاض، فأسقطت محسناً - قتيلاً بغير جرم -.. فهذه أُمة تصلي علي؟!! وقد تبرأ الله ورسوله منها وتبرأت منها!..».

فعمل أمير المؤمنين بوصيّتها، ولم يعلم بها أحداً، وأصبح الناس [و] في البقيع ليلة دفن فاطمة علیها السلام أربعون قبراً جدداً.

وإنّ المسلمين لما علموا بوفاة فاطمة ودفنها أتوا أمير المؤمنين علیه السلام يعزّونه بها، فقالوا: يا أخا رسول الله! أمرت (5) بتجهيزها وحفر تربتها؟!

ص: 256


1- كذا، والظاهر: خرقوا.
2- خ.ل: الحطب الجزل.
3- خ.ل: ويحرقونا.
4- خ.ل: وتسفع وجهي، أي: تضرب وتلطم.
5- خ.ل: لو أمرت.

فقال أمير المؤمنين علیه السلام: «قد ووريت ولحقت بأبيها صلی الله وعلیه واله»، فقالوا: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ) (1) تموت بنت محمد صلی الله وعلیه واله - ولم يخلف ولداً غيرها - ولا يصلّى عليها..؟! إن هذا لشيء عظيم..

فقال: حسبكم ما جئتم به على الله ورسوله من أهل بيته، (2) ولم أكن والله - أعصيها في وصيّتها التي وصت بها: أن لا يصلّي عليها أحد منكم.. وما بعد العهد غدر».

فنفض القوم أثوابهم وقالوا: لابد من الصلاة على بنت نبينا!.. ومضوا من فورهم إلى البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبراً جدداً، فاستشكل عليهم قبرها بين تلك القبور، فضجّ الناس، ولام بعضهم بعضاً، وقالوا: لم تحضروا وفاة بنت نبيكم، ولا الصلاة عليها، ولا تعرفون قبرها فتزورونها.

فقال أبو بكر: أتوا (3) نساء المسلمين من ينشر هذه القبور (4) حتى تجدوا فاطمة علیها السلام فتصلوا عليها، ويزار قبرها، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علیه السلام فخرج من داره مغضباً - وقد احمرت عيناه ودارت أوداجه، وعلى يده قباه الأصفر الذي لم يكن يلبسه إلّا في كريهة، يتوكَّاً على سيفه ذي الفقار - حتى ورد على البقيع فسبق الى الناس النذير، فقال لهم: هذا عليّ قد أقبل - كما ترون - يقسم بالله لئن بحث من القبور حجر واحد لأضعن سيفي على غابر الأمة.. فولى القوم ولم يحدثوا احداثاً. (5)

ص: 257


1- البقرة (2): 156.
2- خ.ل: ما جنيتم على الله وعلى رسوله صلی الله وعلیه واله وعلى أهل بيته علیهم السلام.
3- كذا في المصدر، وفي رواية: هاتوا، وفي أخرى؛ هاتم.
4- وحقيق على أبي بكر أن يتحفظ على رعاية الآداب الشرعية، ويأمر النساء بحفر القبور، وكأنه نسي ذلك عند إرسال الرجال للهجوم على بيتها!!
5- الهداية الكبرى: 179 - 178. أقول: هناك روايات أخر فى أنهم أرادوا نبش قبرها فمنعهم أمير المؤمنين علیه السلام، راجع: کتاب سليم: 255 - 256 (الطبعة المحققة: 2/ 871 الحديث الثامن والأربعون)، وعنه في بحار الأنوار: 199/43 و علل الشرايع : 189. وعنه في بحار الأنوار: 205/43-206؛ الاختصاص: 185، وعنه في بحار الأنوار: 192/29، دلائل الإمامة: 46، وعنه في بحار الأنوار: 171/43؛ عيون المعجزات: 53-54، وعنه في بحار الأنوار: 212/43؛ مصباح الأنوار. وعنه في بحار الأنوار: 254/81 - 255، الدر النظيم: 484.

ورواه عنه الديلمي (1) (المتوفى 771 ه_.)

[135] وروى الخصيب وروى الخصيبي أيضاً في حديث المفضّل - الطويل جداً - عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام - في ما يفعله مولانا صاحب الزمان علیه السلام بعد ظهوره -: «.. ثم يأمر بإنزالهما فينزلان إليه، فيحييهما بإذن الله تعالى ويأمر الخلائق بالاجتماع، ثم يقص علهيم... ضرب سلمان الفارسي، وإشعال النار على باب أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام لإحراقهم بها، وضرب يد الصدّيقة الكبرى فاطمة بالسوط، ورفس بطنها، وإسقاطها محسناً، وسم الحسن علیه السلام، وقتل الحسين علیه السلام وذبح اطفاله وبني عمه وأنصاره، وسبى ذراري رسول الله صلی الله وعلیه واله وإراقة دماء آل محمد صلی الله وعلیه واله وكل دم سفك... كل ذلك يعدّده عليهما ويلزمهما إياه فيعترفان به، ثم يأمر بهما فيقص منها (2) في ذلك الوقت بمظالم

ص: 258


1- إرشاد القلوب ج 2، بحار الأنوار: 348/30.
2- الوجه في إستاد أفعال غيرهما إليهما: أنهما السبب في وقوع ذلك، وأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، مضافاً إلى رضاهما بذلك. ثم من المؤسف طبع كتاب حلية الأبرار للعلامة السيد هاشم البحراني رحمة الله أخيراً مع حذفهم الباب الثامن والعشرين من المنهج الثالث عشر منه: لأن الكتاب تضمن حديث المفضّل المذكور في المتن؛ بل لم يشيروا إلى ذلك. مع أن هذا أظهر مصاديق الخيانة في الأمانة بحذفهم هذا الباب من الكتاب ... فعلى الأمانة والديانة السلام! هذا، وإن النصوص الدالة على إخراجهما وإحراقهما بيد مولانا صاحب الزمان علیه السلام الكثيرة، فراجع الاحتجاج: 449؛ إعلام الورى: 436؛ دلائل الإمامة: 242، 257، 297؛ عيون أخبار الرضا علیه السلام: 58/1؛ كمال الدين 253 ، 378؛ الهداية الكبرى: 163؛ مثالب النواصب: 113 (الخطية)؛ إرشاد القلوب: 285 - 287؛ مشارق أنوار اليقين: 79؛ مختصر بصائر الدرجات: 176؛ مسند فاطمة الزهراء علیها السلام للطبري، عنه حلية الأبرار: 599/2؛ كشف البيان، للشيباني، وعنه في حلية الابرار: 597/2 - 598 ( ط دار الكتب العلمية) باب 28؛ منتخب الأنوار المضيئة: 177، 192 193؛ اللوامع النورانية: 279؛ الايقاظ من الهجعة: 287 - 288؛ كتاب الغيبة، للسيد علي بن عبد الحميد، وعنه في بحار الأنوار: 386/52، وعن بعضها بحار الأنوار: 276/30 - 277 و 245/36 و 379/52، 283.

من حضر، ثم يصلبهما على الشجرة... إلى أن ذكر علیه السلام الرجعة (1) رسول الله صلی الله وعلیه واله وما تقص عليه فاطمة الزهراء عليها السلام فقال علیه السلام:

«.. تقص عليه قصة أبي بكر وإنفاذه خالد بن الوليد وقنفذاً و عمر بن الخطّاب، وجمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين علیه السلام من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة».

«قول عمر: اخرج - يا علي! - إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك».

«وقول فضّة جارية فاطمة علیها السلام: إن أمير المؤمنين علیه السلام مشغول.. والحق له إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه.. وجمعهم الحطب الجزل على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأُمّ كلثوم علیهم السلام وفضة وإضرامهم النار على الباب.. وخروج فاطمة علیها السلام إليهم وخطابها لهم من وراء الباب، وقولها: «ويحك - يا عمر! - ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟!! تريد أن تقطع نسله من الدنیا وتفنيه وتطفئ نور الله؟ .. والله متم نوره».

«وانتهاره لها وقوله: كنّي يا فاطمة! فليس محمد حاضراً ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله وما عليّ إلّا كأحد المسلمين، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً!..».

«فقالت وهي باكية: «اللهم إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيك، وارتداد أمّته علينا، ومنعهم إيانا حقنا الّذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل».

«فقال لها عمر: دعي عنك - يا فاطمة! - حمقات (2) النساء!.. فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة..».

«وأخذت النار في خشب الباب وإدخال قنفذ يده... يروم فتح الباب، وضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى صار كالدملج الأسود، وركل الباب برجله حتى أصاب

ص: 259


1- القول بالرجعة الذي نذهب إليه دلتنا عليه آيات القرآن والروايات الصحيحة. قال الله تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا) [النمل (27) : 83]، وليس المراد منه القيامة قطعاً، إذ قال تبارك وتعالى فيها: (وحَشَرْناهُمْ فَلَمْ تُغَادِرُ مِنْهُم أحداً) [الكهف (18): 47]، راجع: كتاب الايقاظ من الهجعة للشيخ الحر العاملي.. وغيرها.
2- كذا، والظاهر: حماقات.

بطنها - وهي حاملة بالمحسن لستة أشهر - وإسقاطها إيّاه، وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد وصفقة خدّها حتى بدا قرطاها تحت خمارها وهى تجهر بالبكاء، وتقول: «وا أبتاه! وا رسول الله! ابنتك فاطمة تكذب وتضرب ويقتل جنين في بطنها؟!» (1)

«وخروج أمير المؤمنين علیه السلام من داخل الدار محمّر العين حاسراً حتى ألقى ملاءته عليها وضمها إلى صدره، وصاح أمير المؤمنين بفضة: «يا فضة! مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء، فقد جاءها المخاض من الرفسة وردّ الباب فأسقطت محسناً».

فقال أمير المؤمنين علیه السلام: فإنّه لاحق بجده رسول الله صلی الله وعلیه واله فيشكو إليه».

[«يا فضّة لقد عرّفه رسول الله صلی الله وعلیه واله وعرفني وعرف فاطمة وعرف الحسن وعرّف الحسين اليوم بهذا الفعل ونحن في نور الأظلّة، أنوار عن يمين العرش، فواريه بقعر البيت»]. (2)

«وحمل أمير المؤمنين لها - في سواد الليل - والحسن والحسين وزينب وأُم كلثوم علیهم السلام إلى دور المهاجرين والأنصار يذكرهم بالله ورسوله وعهده الذي بايعوا ورسوله وبايعوه عليه في أربعة مواطن في حياة رسول الله صلی الله وعلیه واله، وتسليمهم عليه بإمرة المؤمنين في جميعها ؛ فكلّ يعده بالنصر في يومه المقبل ، فإذا أصبح قعد جميعهم عنه..».

.. إلى أن قال علیه السلام - في ذكر ما يقع في الرجعة -: «ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علیه السلام وهنّ صارخات وأُمّه فاطمة تقول: (هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، (3) ال_ ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً﴾ (4)».

ص: 260


1- خ.ل: وتصفق يا أبتاه ويسقف خد لما لها كذا كنت تصونه من ضيم الهوان، يصل إليه من فوق الخمار وضربها بيدها على الخمار لتكشفه، ورفعها ناصيتها إلى السماء تدعوا إلى الله
2- ما بين المعكوفتين مما تفرد به الخصيبي في الهداية الكبرى: 408.
3- الأنبياء (21): 103.
4- آل عمران (3): 30.

قال: فبكى الصادق علیه السلام حتى اخضلت لحيته بالدموع، ثم قال: «لا قرّت عين لا تبكى عند هذا الذكر».

قال: وبكى المفضّل بكاءً طويلاً، ثم قال: يا مولاي! ما في الدموع... فقال: «ما لا يحصى إذا كان من محق». (1)

ثم قال المفضّل: يا مولاي! ما تقول في قوله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ). (2)

قال: «يا مفضّل! والمؤودة - والله - محسن؛ لأنه منّا لا غير فمن قال غير هذا فكذبوه».

قال المفضّل: يا مولاي! ثم ماذا؟

قال الصادق: تقوم فاطمة بنت رسول الله صلی الله وعلیه واله فتقول:

«اللهم أنجز وعدك وموعدك في من ظلمني وغصبني وضربني وجزعني (3) بكل أولادي». (4)

ورواه محمّد بن هارون التلعكبري (5) (المعاصر للنجاشي المتوفى 450)

وبعض المؤلفين (6) (من القرن السابع)

وروى قطعة منه الشيخ حسن بن سليمان الحلي (7) (القرن الثامن)

ص: 261


1- خ.ل: فبكى المفضل طويلاً ويقول: يابن رسول الله؟ إن يومكم في القصاص لأعظم من يوم محنتكم فقال له الصادق علیه السلام:«ولا كيوم محنتنا بكربلاء. وإن كان يوم السقيفة وإحراق النار على باب أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم علیهم السلام وفضة وقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى وأمر؛ لأنه أصل يوم العذاب».
2- التكوير (81): 8-9.
3- خ.ل: جرعني لكل أولادي.
4- الهداية الكبرى: 401 - 418.
5- كتاب العتيق عنه السيد الميرجهاني في نوائب الدهور: 96/3 - 295، وما اخترناه من الرواية في صفحة 129، 148، 192.
6- نوائب الدهور: 96/3 - 295 عن كتاب في أحوال الأئمة ودلائلهم من نسخة خطية لسنة 708 ه_.
7- مختصر البصائر: 179 - 192.

والميرزا محمّد مؤمن الأسترآبادي (1) (المتوفى 1088)

والمحدّث البحرانى (2) (المتوفى 1107)

والعلامة المجلسي (3) (المتوفى 1111)

115 - علي بن الحسين المسعودي

115 - على بن الحسين المسعودي (المتوفى 346 ه_.)

[136] قال:.. فأقام أمير المؤمنين علیه السلام ومن معه من شيعته - في منزله بما عهد إليه رسول الله صلی الله وعلیه واله، فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرهاً، وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً، وأخذوه بالبيعة فامتنع وقال: «لا أفعل». فقالوا: نقتلك، فقال: «إن تقتلوني فإنّي عبد الله وأخو رسوله» وبسطوا يده فقبضها وعسر عليهم فتحها فمسحوا عليه وهي مضمومة. (4)

[137] وروى عن زكريا بن آدم، قال إنّي لعند الرضا علیه السلام إذ جيء بأبي جعفر علیه السلام - وسنّه أقل من أربع سنين أربع سنين، فضرب بيده إلى الأرض ورفع رأسه إلى السماء، فأطال الفكر، فقال له الرضاء علیه السلام: «بنفسي أنت فيم تفكّر طويلاً منذ قعدت؟» (5) فقال: «في ما صنع بأمي فاطمة علیها السلام؛ أما والله لأُخرجتها، ثم لأحرقتها، ثمّ لأذرينها، ثم لأنسفنّها في اليم نسفاً..» فاستدناه وقبل بين عينه، ثم قال: «بأبي أنت وأمي أنت لها». يعني: الإمامة. (6)

ورواها الطبري الإمامي الصغير (القرن الخامس). (7)

وتقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [3]، [8]، [10].

ص: 262


1- كتاب الرجعة: 100 - 134.
2- حلية الأبرار: 652/2 - 676.
3- بحار الأنوار: 13/53 - 24 (عن بعض مؤلّفات الأصحاب).
4- إثبات الوصية: 145 - 146، وعنه في بحار الأنوار: 308/28.
5- خ.ل: فلم طال فكرك.
6- اثبات الوصية: 218.
7- دلائل الإمامة: 212، الطبعة الحديثة: 400، وعنه في بحار الأنوار: 58/50؛ نوادر المعجزات: 183.

116 - السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني الزيدي

116 - السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني الزيدي (المتوفى 352 ه_.)

[138] [روى في كتاب المصابيح (1)] بسنده عن محمد بن يزيد بن ركانة، (2) قال: بويع أبو بكر وقعد عنه علي بن أبي طالب علیه السلام فلم يبايعه، وفرّ إليه طلحة والزبير وصارا معه في بيت فاطمة علیها السلام وأبيا البيعة لأبي بكر، وقال كثير من المهاجرين والأنصار: إنّ هذا الأمر لا يصلح إلا لبني هاشم وأولاهم به بعد رسول الله صلی الله وعلیه واله علي بن أبي طالب علیه السلام السابقته وعلمه وقرابته إلا الطلقاء وأشباههم، فإنّهم كرهوه لما في صدورهم، فجاء عمر بن عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة إلى باب فاطمة علیها السلام، فقالوا: والله لتخرجن إلى البيعة.. وقال عمر: والله لأحرقن عليكم البيت..

فصاحت فاطمة علیها السلام: «يا رسول الله! ما لقينا بعدك»، فخرج عليهم الزبير مصلتاً بالسيف فحمل عليهم، فلما بصر به عياش (3) قال لعمر: اتق الكلب، وألق عليه عياش كساءً له حتى احتضنه وانتزع السيف من يده فقصد به حجراً فكسره..

رواه عنه ابن حمزة الزيدي (4) (المتوفى 614)

والحسيني الزيدي (5) (المتوفى 670)

[139] وروى أيضاً بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه قال كنت في من: جمع الحطب إلى باب علي علیه السلام، قال عمر: والله، لئن لم يخرج علي بن أبي طالب لأحرقن البيت بمن فيه.

ص: 263


1- لم يطبع بعد، له نسخة من القرن السادس في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء اليمن برقم 2185، كما ذكره السيد الاشكوري في مؤلفات الزيدية.
2- وثقه ابن معين كما في ميزان الاعتدال، وأخرج له أبو داود، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 486/3.
3- هو عياش بن أبي ربيعة، واسمه عمر و ذو الرمحين بن المغيرة بن عبد الله القرشي أبو عبد الله، أو أبو عبد الرحمن كان أحد المستضعفين بمكة، ومات بالشام في خلافة عمر سنة 15. انظر: تهذيب التهذيب: 176/8.
4- المصابيح، وعنه في الشافي: 171/4.
5- أنوار اليقين: 9 375، عن مولانا الصادق.

رواه عنه ابن حمزة الزيدي (1) (المتوفى 614)

والحسيني الزيدي (2) (المتوفى (670)

والشر فى الأهنومى الأهنومي (3) (المتوفى 1055)

[140] وروى أيضاً بسنده إلى محمّد بن عبد الرحمن بن السائب بن زيد عن أبيه، قال: شهدت عمر بن الخطاب يوم أراد أن يحرق على فاطمة بيتها، فقال: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت. فقلت لعمر: إن في البيت فاطمة.. أفتحرقها؟!

قال: سنلتقي أنا وفاطمة!..

رواه عنه ابن حمزة الزيدي (4) (المتوفى 614)

والحسيني الزيدي (5) (المتوفى 670)

والشر في الأهنومي الأهنومي (6) (المتوفى 1055)

[141] وروى عن عدي بن حاتم قال: قالوا لأبي بكر: قد بايعك الناس كلهم إلا هذين الرجلين: علي بن أبي طالب علیه السلام والزبير بن العوام... فأرسل إليهما فأُتي بهما وعليهما سيفاهما، فأمر بسيفيهما فأخذا، ثم قيل للزبير: بايع. قال: لا أبايع حتى يبايع علي علیه اسلام، فقيل لعلي علیه السلام: بايع، قال : «إن لم أفعل فمه؟ قال: يضرب الذي فيه عيناك.. ومدّوا يده فقبض أصابعه، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم اشهد...»، فمسحوا يده على يد أبي بكر، فأما الزبير فإنهم كسروا سيفه بين حجرين، وأما سيف على علیه السلام فردوه إليه.

ص: 264


1- المصابيح، وعنه في الشافي: 173/4.
2- أنوار اليقين: 9.
3- شفاء صدور الناس: 480.
4- المصابيح، وعنه في الشافي: 173/4.
5- أنوار اليقين: 9.
6- شفاء صدور الناس: 480.

رواه عنه ابن حمزة الزيدي (1) (المتوفى 614)

والحسيني الزيدي (2) (المتوفى 670)

والشرفي الأهنومي (3) (المتوفى 1055)

117 - أبو القاسم الكوفى

117 - أبو القاسم الكوفي (4) (المتوفى 352 ه_.)

[142] قال - ضمن جوابه عن بعض الروايات الموضوعة في الخلفاء -: ..أم في كبسه لبيت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلی الله وعلیه واله، وهتك الستر عنها بخروجها خلف ،بعلها، وقد جرّوه إلى مسجد رسول الله صلی الله وعلیه واله يطالبونه بالبيعة لهما وهو يمتنع عليهما، مع تسليطه لقنفذ - ابن عمه - على ضربها، وضغط لها عمر بين الباب والحائط حتى أسقطت ابنها محسناً.. أم في منعها ميراث أبيها وتركاته. (5)

118 - القاضي النعمان المغربي

118 - القاضي النعمان المغربي (المتوفى 363 ه_.)

[143] روى عن روى عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه ( أن رسول الله صلی الله وعلیه واله أسرّ إلى فاطمة علیها السلام أنها أولى (6) من يلحق به من أهل بيته فلما قبض ونالها من القوم ما نالها لزمت الفراش، ونحل جسمها ، وذاب لحمها.. وصارت كالخيال». (7)

[144] وله:

فجاءهم عمر في جماعه *** اذ لم يروا لمن أقام طاعه

ص: 265


1- المصابيح، وعنه في الشافي: 171/4 - 172.
2- أنوار اليقين: 9.
3- شفاء صدور الناس: 479 - 480.
4- هو علي بن أحمد بن موسى بن أبي جعفر الجواد.
5- الاستغاثة : 185.
6- خ.ل: أول.
7- دعائم الإسلام: 232/1؛ بحار الأنوار: 282/81.

حتى أتوا باب البتول فاطمه *** وهي لهم قالية مصارمه

فوقفت عن دونه تعذلهم *** فكسر الباب لهم أوّلهم

اقتحموا حجابها فعوّلت *** فضربوها بينهم فأسقطت

إلى أن قال:

يا حسرة من ذاك في فؤادي *** كالنار يذكي حرّها اعتقادي

تلهم فاطمة الزهراء *** أضرم حرّ النار في أحشائي

لأن في المشهور عند الناس *** باتت من النفاس

وأمرت أن يدفنوها ليلا *** وأن يعتى قبرها، لكي لا

يحضرها منهم سوى ابن عمها *** ورهطه، ثمّ مضت بغتها

صلّى عليها ربها من ماضيه *** وهي عن الأُمّة غير راضيه (1)

119 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولویه

119 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (المتوفى 367 ه_.)

[145] روی ضمن رواية - تقدّم ذكرها (2) - عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام: «قال جبرئيل - خطاباً للنبي صلی الله وعلیه واله -: أما أخوك؛ فيلقى من أما أخوك فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجهد والظلم... وأما ابنتك؛ فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصباً الذي تجعله لها، وتُضرب وهي حامل، ويدخل على حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان وذلّ، ثم لا تجد مانعاً وتطرح ما فى بطنها من الضرب، وتموت من ذلك الضرب ... وأوّل من يحكم فيه محسن بن علي علیه السلام في قاتله، ثم في قنفذ..». (3)

ورواه السيد شرف الدين الأسترآبادي (4) (القرن العاشر)

[146] وروى عن مولانا الصادق علیه السلام - في ذكر من يعذب فى جبل كمد،

ص: 266


1- الارجوزة المختارة: 89 - 90.
2- راجع الفصل الأول.
3- كامل الزيارات: 332 - 334، وعنه في الجواهر السنية: 289 - 291؛ بحار الأنوار: 61/28 - 64.
4- تأويل الآيات: 838.

وهو واقع على واد من أودية جهنّم -: «.. وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة، وقاتل المحسن وقاتل الحسن والحسين علیهم السلام... ومعهم كل من نصب لنا العداوة وعاون علينا بلسانه ويده». (1)

ورواه الشيخ المفيد (2) (المتوفى 413)

والسيد شرف الدين الأسترآبادي (3) (القرن العاشر)

120 - الشيخ الصدوق

120 - الشيخ الصدوق ( المتوفى 381 ه_.)

[147] روى ضمن رواية - تقدم ذكرها (4) - عن النبي صلی الله وعلیه واله: قال: «أبكي من ضربتك على القرن ولطم فاطمة خدّها، وطعنة الحسن في الفخذ والسم الذي يسقى، وقتل الحسين». (5)

ورواه ابن شهر آشوب المازندراني (6) (المتوفى 588)

[148] وروى عن أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال - مخاطباً لمن شاوره في إنزال أبي بكر عن المنبر: «.. والله لو فعلتم ذلك لشهر وا سيوفهم مستعدين للحرب والقتال، كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على نفسي ولبوني وقالوا لي؛ بايع وإلا قتلناك». (7)

[149] وروى عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام: «.. وحبّ أولياء الله والولاية لهم واجبه، والبراءة من أعدائهم واجبة.. ومن الذين ظلموا آل محمّد علیهم السلام وهتكوا حجابه، فأخذوا من فاطمة علیها السلام الفدك ومنعوها ميراثها ، وغصبوها وزوجها حقوقها،

ص: 267


1- كامل الزيارات: 327 - 326، وعنه في بحار الأنوار: 372/25 - 376 و 190/30.
2- الاختصاص: 344.
3- تأويل الآيات: 841-842.
4- راجع الفصل الأول.
5- أمالي الشيخ الصدوق: 134؛ بحار الأنوار: 209/27 و 51/28 و 149/44.
6- المناقب: 209/2.
7- الخصال: 462، وعنه في بحار الأنوار: 210/28.

وهموا بإحراق بيتها، وأسسوا الظلم، وغيّروا سنّة رسول الله صلی الله وعلیه واله، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة والبراءة من الأنصاب والأزلام أئمة الضلال وقادة الجور، كلّهم أوّلهم وآخرهم واجبة والبراءة من أشق الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أمير المؤمنين علیه السلام واجبة، والبراءة من جميع قتلة أهل البيت علیهم السلام الواجبة ». (1)

[150] وروى عن رسول الله صلی الله وعلیه واله قال: «يا علي! إنّ لك كنزاً في الجنة وأنت ذوقرنيها». (2)

ثم قال الشيخ الصدوق: قد سمعت بعض المشايخ يذكر إن هذا الكنز هو ولده المحسن علیه السلام، وهو السقط الذي ألقته فاطمة علیها السلام لما ضغطت بين البابين.. (3)

[151] وروى في زيارتها: السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة. (4) ورواها الشيخ الطوسي (5) (المتوفى 460)

والظاهر من كلامه شهرة هذه الزيارة بين الشيعة، إذ قال: أما ما وجدت أصحابنا يذكرونه من القول عند زيارتها... ثم ذكر هذه الزيارة.

ورواه محمّد بن المشهدي (6) (القرن السادس)

والسيد علي بن طاووس (7) (المتوفى 664)

والشيخ الكفعمي (8) (المتوفى 905)

وتقدمت للشيخ الصدوق الروايتان المرقفتان ب_: [10] و [56].

ص: 268


1- الخصال: 607، وعنه في بحار الأنوار: 226/10 و 52/27.
2- راجع الرياض النضرة: 651.
3- معاني الأخبار: 206، وعنه في بحار الأنوار: 42/39.
4- الفقيه: 573/2.
5- مصباح المتهجد: 711؛ التهذيب: 9/6، وعنه في بحار الأنوار: 195/100.
6- المزار الكبير: 82.
7- الإقبال: 624، وعنه في بحار الأنوار: 199/100.
8- البلد الأمين: 278.

121 - الشيخ علي بن محمد بن الخزاز القمي

121 - الشيخ علي بن محمد بن الخزاز القمي (المتوفى 400 ه_.)

[152] روى في رواية تقدّم ذكرها (1) عن النبي صلی الله وعلیه واله: «.. يا فاطمة! لا تبكى فداك أبوك - فأنت أوّل من تلحقين بي مظلومة مغصوبة». (2)

122 - علي بن حماد

122 - علي بن حماد (3) (القرن الرابع)

[153] قال:

ستأتي فاطمة من ذاك تبكي *** وتأتي وهي شاكية الطغاة

وفي يدها لأثر السوط كلم *** بها أعضاؤها متفصلات (4)

وله:

واستباحا حرمة الله معاً *** وعلى ظلم البتول اشتملا (5)

وفي موضع آخر:

........................... *** وأتى ليحرق بيتها بالنار (6)

وقال:

ووالله ما ولّوا عتيقاً لفضله *** ولا لهدى ألفوه فيه ولا فهم

ولكن أرادوا دفع آل محمد *** عن الحق فاعتدوا بذاك من الغنم

ص: 269


1- راجع الفصل الأول.
2- كفاية الأثر: 36، وعنه في بحار الأنوار: 288/36؛ العوالم: 446/11.
3- هو أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي، من مشايخ إجازة ابن الغضائري - المستوفي 461 - ومن المعاصرين للشيخ الصدوق، له أشعار كثيرة، راجع: الغدير: 141/4 - 171.
4- مجالس المؤمنين: 565/3؛ تاريخ الأئمة الواعظ التبريزي: 114/1 - 115.
5- مثالب النواصب: 86 (الخطية).
6- المصدر: 185.

وساموا علياً أن يبايع جبتهم *** وكلّهم للظهر بايع في خمّ (1)

وقال:

أليس الثقات رووا في الحديث *** وما راسلوه ولا خاطبوه؟!

أليس توارى وأصحابه *** فجاؤوا إلى البيت واستخرجوه؟!

أمات أبي أمس واليوم قد *** ذهبتم ببعلي لكي تقتلوه؟!

ألم يكسر القوم سيف الزبير *** أما قال قائلهم اكتفوه؟!

أما ذهبوا بعلي الرضا *** على الكره منه وقد لببوه؟!

أما رفعوا السيف من فوقه *** وبالقتل إن لم يجب هدّدوه؟!

أما جذبوا يده قائلين *** بايعنا طايعاً فاتركوه؟!

ووالله ما مثله من أطاع *** أمثالهم قط بل أكرهوه؟! (2)

123 - أبو محمد طلحة بن عبد الله المعروف ب_: العونى

123 - أبو محمّد طلحة بن عبد الله المعروف ب_: العوني (القرن الرابع)

قال ابن شهر آشوب المازندراني (المتوفى 588): وأكثر الشعراء في ذلك العوني. وله أبيات كثيرة تزيد على مائة بيت.. تذكر بعضها ونشير إلى جملات من بقية الأشعار لعدم إمكان قراءة جميعها لرداءة النسخة.

[154] قال:

ضرباها فأثر السوط منها *** أثراً بيتاً مكان السوار

وقال:

أنتم قتلتم جنين فاطمة *** البرّة في بطنها بلا جرم

ص: 270


1- مثالب النواصب: 140 (الخطية).
2- المصدر: 137.

وقال:

دخلتم ولم تستأذنوا... *** فأخرجتم منه علياً مليبا

وأزعتموها (1) وانطلقتم ببعلها *** تسوقونه سوقاً عنيفاً فأتعبا

وقال:

أما لطما بنت النبي محمد *** وما أبقيا بالكفّ منها من الأثر

وقال:

وقنّعها بالسوط مولاه قنفذ *** وكان يرمي في عضدها... الكلم

وقال:

سلّط مولاه علي فلم يزل *** بالسوط ضرباً ويوجع

وقال:

أنساه إذ هم ببيت البتول *** والنار في كفه یستعر

ليحرق بيتاً بسناه الاله *** ومن كل رجس وعيب طهر

وفيه الوصي وفيه البتول *** وفيه شبير وفيه شبر

فديت انزعاجك لما أتى *** ودمعك من مقلتاك انهمر

فديت مكان السوار الذي *** سوط الصهاك فيه أثر

وقال:

وأزعجها حستی رمت بجنينها *** ولم ير إثماً ضربها...

فماتت و آثار الكلام بعضدها *** من الضرب ما تنفك تشكو كلامها

فلم يك في تلك العصابة منكر *** عليه ضربها واصطلامها

ص: 271


1- كذا ولعله: أزعجتموها.

وقال:

أما جمعا الأحطاب حول خبايها *** وظلالها النيران يقتدحان

وتحريق بنت المصطفى وابن عمه *** وسبطيه حتى... بدخان

وقد طوّق السوط المقتع زندها *** بمثل سوار أو بمثل جمان

وقال:

يلطم حرّ الوجه منها قنفذ *** ويقتل الجنين وهو توقد

نم يساق بالوصي ويؤخذ *** وظلّ عهد فيهم ينبذ

فانظر بماذا خلفوا...

فجاء من عاونه بدارا *** وسبق القوم بهم إقرارا

بالأمس لما فقدوا المختارا *** ليضرم البيت عليهم تارا

فهل رأيت مثل ذا وفيا

وقال:

وهموا بإحراق بيت به *** وصيّك يكفيك فيه...

وكسر بابك واستقدموا *** هجوماً على الأهل نارا...

وقال:

وأتوا بالنار كيما يحرقوا *** بعد قذف لهم بالجندل

فاطماً وابني علي وعلى *** ........................

لما خرجت من بيتها *** ضربت ضرباً كضرب الإبل

قتلوا... فی بطنها *** خیر مأمول...

وقال:

وما عذرهم في فاطم لم يضرموا *** عليها الخبا ناراً...

وما عذرهم إذ قنعوها بسوطهم *** وأجفانها عرق من العبرات

ص: 272

وما أمكن قراءته من شعره - طاب رمسه - هناك مما يرتبط بما نحن فيه:

ثم أهوى قرطها صفقته، قام... يضربها بسوط بسوطها... في كف قنفذ.. أيا أبتا ضربت بغیر جرم.. بتحريقهم بيته.. أيضرب فاطم.. لإحراق الوصي وأهله ونسلهم بالنار... وقد لطمتم خدا.. أن تحرقوا آل أحمد.. إن من هم أن يحرق بيتاً.. (1)

124 - الشريف الرضي

124 - الشريف الرضي (المتوفى 406 ه_.)

تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [7] و [130].

125 - الشيخ المفيد

125 - الشيخ المفيد ( المتوفى 413 ه_.)

[155] روى عن أبي عبد الله علیه السلام: «لما بابع الناس أبا بكر أُتي بأمير المؤمنين علیه السلام ملتباً ليبايع، قال سلمان أيصنع ذا بهذا..؟! والله لو أقسم على الله: لانطبقت ذه على ذه» (2) [أي السماء على الأرض].

[156] وروى أيضاً وروى أيضاً عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام: «.. فقال علي علیه السلام لها: انت أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر، وقولي له: ادّعيت مجلس أبي.. وأنك خليفته

وجلست مجلسه، ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردّها عليّ».

«فلما أتته وقالت له ذلك، قال: صدقت، قال: فدعا بكتاب فكتبه لها بردّ فدك، فقال: فخرجت والكتاب معها فلقيها، عمر، فقال: يا بنت محمد! ما هذا الكتاب الذي معك؟ فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر بردّ فدك».

«فقال: هلميه إليّ... فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله، وكانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أُذنها حين نُقِفَتْ، (3) ثم أخذ الكتاب فخرقه، فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوماً

ص: 273


1- مثالب النواصب: 420 - 422 ( الخطية).
2- الاختصاص: 11، وعنه في بحار الأنوار: 261/28.
3- أي كُبِيرَت. لاحظ الصحاح: 1435/4.

مريضة مما ضربها عمر، ثم قبضت». (1)

[157] وروى عن مروان بن عثمان (2) قال: لما بايع الناس أبا بكر، دخل علي علیه السلام والزبير والمقداد بيت فاطمة علیها السلام وأبوا أن يخرجوا، فقال عمر بن الخطاب: أضرموا عليهم البيت ناراً... فخرج الزبير - ومعه سيفه - فقال أبو بكر: عليكم. بالكلب فقصدوا نحوه.. فزلت قدمه وسقط إلى الأرض، ووقع السيف من يده، فقال أبو بكر: اضربوا به الحجر.. فضرب بسيفه الحجر حتى انكسر.

وخرج علي بن أبي طالب علیه السلام نحو العالية، فلقيه ثابت بن قيس بن شماس فقال: ما شأنك يا أبا الحسن؟ فقال: «أرادوا أن يحرقوا على بيتي وأبو بكر على المنبر يُبايع له، ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره»، فقال له ثابت: ولا تفارق كفّي يدك حتى اقتل.. فانطلقا جميعاً حتى عادا إلى المدينة، وإذا فاطمة علیها السلام نا واقفة على بابها، وقد خلت دارها من أحد من القوم وهي تقول: «لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم، ترکتم رسول الله صلی الله وعلیه واله جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا وصنعتم بنا ما صنعتم، ولم تروا لنا حقاً». (3)

[158] وروى في زيارتها علیها السلام: السلام عليك أيتها البتول الشهيدة الطاهرة. (4)

ورواها القاضي ابن البراج (5) (المتوفى 481)

وابن المشهدي (6) (القرن السادس)

والسيد ابن طاووس (7) (المتوفى 664)

ص: 274


1- الاختصاص: 185؛ وعنه في بحار الأنوار: 192/29؛ العوالم: 426/11.
2- أبو عثمان الأنصاري، أخرج له البخاري والنسائي، كما في موسوعة رجال الكتب التسعة: 532/3.
3- الأمالي للشيخ المفيد: 49 - 50؛ بحار الأنوار: 231/28.
4- المزار: 179؛ المقنعة: 459.
5- المهذب: 277/1 - 278.
6- المزار الكبير: 80-81.
7- مصباح الزائر: 53.

والشيخ الكفعمي (1) (المتوفى 905)

[159] وقال الشيخ المفيد: ولما اجتمع من اجتمع إلى دار فاطمة علیها السلام من بني هاشم وغيرهم للتحيّز عن أبي بكر وإظهار الخلاف عليه، أنفذ عمر بن الخطاب قنفذاً وقال له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلّا فاجمع الأحطاب على بابه وأعلمهم أنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم ناراً.. ثم قام بنفسه في جماعة منهم المغيرة بن شعبة الثقفي وسالم مولى أبي حذيفة، حتى صاروا إلى باب علي علیه السلام فنادى: يا فاطمة بنت رسول الله! أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع ويدخل في ما دخل فيه المسلمون وإلّا - والله - أضرمت عليهم ناراً.. في حديث مشهور. (2)

[160] وقال: ولم يحضر دفن رسول الله صلی الله وعلیه واله أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار، من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك!!..

وأصبحت فاطمة علیها السلام تنادي: «وأسوء صباحاه!» (3) فسمعها أبو بكر فقال لها: إنّ صباحك الصباح سوء!!

واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب علیه السلام برسول الله صلی الله وعلیه واله، وانقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله صلی الله وعلیه واله، فتبادروا إلى ولاية الأمر واتفق لأبي بكر ما اتفق لاختلاف الأنصار في ما بينهم، وكراهية الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تأخّر الأمر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الأمر مقرّه، فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان.. وكانت أسباب معروفة تيسر للقوم منها ما راموه.. ليس هذا الكتاب موضع ذكرها فيشرح القول فيها على التفصيل، وقد جاءت الرواية : أنه لما تم لأبي بكر ما تم وبايعه من

ص: 275


1- البلد الأمين: 278، وعنه في بحار الأنوار: 197/100-198.
2- الجمل: 117.
3- قال الجوهري: يوم الصباح؛ يوم الغارة. انظر، الصحاح: 380/1. وقال الطريحي يا صباحاها هذه كلمة يقولها المستغيت عند وقوع أمر عظيم، وأصلها إذا صاحوا للغارة، لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون وقت الصباح، فكان القائل، وأصباحاه يقول : قد غشينا العدوّ راجع: مجمع البحرين: 283/2.

بايع جاء رجل إلى أمير المؤمنين علیه السلام - وهو يسوّي قبر رسول الله صلی الله وعلیه واله بمسحاة في يده - فقال له: إن القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة للأنصار لاختلافهم، وبدر الطلقاء بالعقد للرجل خوفاً من إدراكهم الأمر، فوضع طرف المسحاة على الأرض ويده عليها، ثم قال:

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾

(الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا شَاءَ ما يَحْكُمُونَ﴾. (1)

وتقدّمت للشيخ المفيد الروايات المرقمة ب_: [6]، [8]، [113]، [123]، [130]، [146].

126 - مهيار الديلمي

126 - مهيار الديلمي (المتوفى 428 ه_.)

[161] قال:

يابنة الطاهر كم تق_ *** رع بالظلم عصاكِ

ضب الله لخطب *** ليلة الطف عراك

ورعی الله غدا قط (2) *** رعی أمس حماكِ

مر لم يعطفه شكوى (3) *** ولا استحيا بكاك

واقتدى الناس به بع_ *** د فأردي ولداک

يا ابنة الراقي إلى السد *** رة في لوح السكاكِ

لهف نفسي وعلى مث_ *** _لك فلتبك البواك (4)

ص: 276


1- الإرشاد: 189/1، وعنه في بحار الأنوار: 519/22. والآية الشريفة مطلع سورة العنكبوت (29): 1-4.
2- خ.ل: فظ.
3- خ.ل: شكواك.
4- كذا، والظاهر: البواكي.

کيف لم تقطع يد م_ *** _دّ إليك ابن صهاك (1)

فرحوا یوم أهانو *** ك بما ساء أباك

لقد أخبرهم أ *** نّ رضاه في رضاك

دفعا النصّ على إر *** ثك لمّا دفعاكِ

و تعرّضت لقدر *** تافه وانتهراكِ

وادعيت النحلة المش_ *** _هود فيها بالصكاكِ

فاستشاطا ثم ما إن *** كذبا إن كذباكِ

فزوى الله عن الرحم_ *** _مة زنديقا زواكِ

ونفى عن بابه الوا *** سع شيطاناً نفاكِ

رواها عنه ابن أبي الحديد (2) (المتوفى 656)

127 - الشريف المرتضى

127 - الشريف المرتضى (المتوفى 436 ه_.)

[162] عن عدي بن حاتم (3) قال: ما رحمت أحداً رحمتي عليّاً حين أتي به مليّباً، فقيل له: بايع، قال: «فإن لم أفعل؟» قالوا: إذا نقتلك، قال: «إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله»، ثم بايع كذا - وضمّ يده اليمنى -. (4)

ورواه الشيخ الطوسي (5) (المتوفى 460)

وابن حمزة الزيدى (6) (المتوفى 614)

ص: 277


1- خ.ل:صحاك.
2- شرح نهج البلاغة: 235/16، وعنه في إثبات الهداة: 388/2.
3- ابن حاتم الطائي، وكلاهما مشهورات بالجود والسخاء، وعدي من الصحابة ومن السابقين الأولين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين علیه السلام، له مواقف شكرها أمير المؤمنين علیه السلام، وفي وفاته بين سنة 67 إلى 69 أقوال، وهو من رجال الصحاح الستة كما في موسوعة رجال الكتب التسعة: 25/3.
4- الشافي: 244/3.
5- تلخيص الشافي: 79/3، وعنه في بحار الأنوار: 393/28.
6- الشافي: 174/4.

والحسيني الزيدي (1) (المتوفى 670)

[163] وروى عن عدي بن حاتم - أيضاً - أنه قال: إنّي الجالس عند أبي بكر إذ جيء بعلي علیه السلام فقال له أبو بكر: بايع، فقال له علي علیه السلام: «فإن أنا لم أبايع؟» قال: أضرب الذي فيه عيناك.. فرفع رأسه إلى السماء، ثم قال: «اللهم اشهد...» ثم مدّ يده فبایعه. (2)

ورواه الشيخ الطوسي (3) (المتوفى 460)

والحسينى الزيدي (4) (المتوفى 670)

[164] وقال المرتضى رحمة الله - بعد رواية عدي بن حاتم -: وقد روي المعنى من طرق مختلفة وبألفاظ متقاربة المعنى وإن اختلف لفظها وأنه علیه السلام كان يقول ذلك اليوم - لما أكره على البيعة وحذر من التقاعد عنها -: «ي_ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (5) ».

ويردّد ذلك ويكرّره، وذكرُ أكثر ما روي في هذا المعنى يطول فضلاً عن ذكر جميعه، وفي ما أشرنا إليه كفاية ودلالة على أنّ البيعة لم تكن عن رضا واختيار. (6)

[165] وقال - بعد ذكر رواية أنساب الأشراف الماضية المشتملة على إتيان عمر بالنار لإحراق بيتها علیها السلام - وهذ الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة وإنما الطريف أن نرويه برواية لشيوخ محدّثي العامة ولكنّهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة، وربما تنتهوا على ما في بعض ما يروونه فكفّوا عنه!! وأيّ اختيار

ص: 278


1- أنوار اليقين: 379.
2- الشافي: 244/3.
3- تلخيص الشافي: 79/3، وعنه في بحار الأنوار: 393/28.
4- أنوار اليقين: 379.
5- الأعراف (7): 150.
6- الشافي: 245/3؛ تلخيص الشافي: 79/3.

لمن يحرق عليه بابه حتّى يبايع!!.. (1)

[166] وله:

برئت إلى الرحمن ممن لفاطم *** على فدك بالسوط قنّعها قسرا

فماتت و آثار السياط بجنبها *** ونحلتها غصباً ومقلتها عبرا (2)

وتقدّمت للشريف المرتضى الروايات المرقمة ب_: [14]، [15]، [3]، [11].

128 - أبو الصلاح الحلبي

128 - أبو الصلاح الحلبي (المتوفى 447 ه_.)

[167] روى عن ابن عبد الرحمن قال: سمعت شريكاً (3) يقول: ما لهم ولفاطمة علیها السلام..؟! والله ما جهزت جيشاً.. ولا جمعت جمعاً، والله لقد آذيا رسول الله صلی الله وعلیه واله في قبره. (4)

[ 168] وقال الحلبي: .. وقصدهم علياً علیه السلام بالأذى لتخلّفه عنهم والإغلاظ له في الجواب والمبالغة في الوعيد، وإحضار الحطب لتحريق منزله، والهجوم عليه بالرجال من غير إذنه، والإتيان به ملتباً، واضطرارهم بذلك زوجته وبناته ونساءه وحامته من بنات هائم وغيرهم إلى الخروج عن بيوتهم، وتجريد السيوف من حوله، وتوعده بالقتل إن امتنع من بيعتهم.. (5)

[169] وقال: أما البيعة؛.. إن أريد الصفقة باليد، فغير نافعة، لاسيما مع كونها واقعة عن امتناع شدید، و تخلف ظاهر وتواصل إنكار عليه، وتقبيح وتقبيح لفعله، وموالاة مراجعة بتهديد تارة، وتخويف أخرى، وتحشيم وتقبيح،.. إلى غير ذلك ممّا

ص: 279


1- الشافي: 241/3؛ تلخيص الشافي: 76/3.
2- أسرار الشهادة: 541.
3- هو شريك القاضي في أيام المهدي العباسي، ونقل أنه كان فقيهاً فهماً ذكيا فطناً، إلا أنه من قضاة خلفاء الجور، توفى سنة 177.
4- تقريب المعارف: 256 (تحقيق تبريزيان)، وعنه في بحار الأنوار: 390/30.
5- تقريب المعارف: 233، وعنه في بحار الأنوار: 379/30.

هو معلوم، ودلالة ما وقع على هذا الوجه على كراهية المبايع واضحة. (1)

[170] وقال: ... ما حفظ عن أمير المؤمنين علیه السلام من التظلم منهم والتصريح والتلويح بتقدّمهم عليه بغير حق في مقام بعد مقام، كقوله - حين أرادوه بالبيعة لأبي كر -: «والله أنا لا أبا يعكم وأنتم أحق بالبيعة لي». وقوله علیه السلام: «ي_ ﴿ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) ..». (2)

[171] وقال: ورووا عن يعقوب بن عديّ، قال: سئل يحيى بن زيد عنهما - ونحن بخراسان وقد التقى الصفّان - فقال: هما أقامانا هذا المقام.. والله لقد كانا لنيما جدّهما، ولقد همّا بأمير المؤمنين علیه السلام أن يقتلاه.

[172] ورووا أنه أتي بزيد بن علي الثقفي إلى عبد الله بن الحسن - وهو بمكة - فقال: أنشدك الله أتعلم أنهم منعوا فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثها؟!

قال: نعم.

قال: فأنشدك الله أتعلم أن فاطمة ماتت وهى لا تكلّمها، وأوصت أن لا يصليا عليها؟!

قال: نعم.

قال: فأنشدك الله أتعلم أنهم بايعوا قبل أن يدفن رسول الله صلی الله وعلیه واله واغتنموا شغلهم؟!

قال: نعم.

قال: وأسألك بالله أتعلم أنّ عليّاً علیه السلام لما لم يبايع لهما حتى أكره؟!

قال: نعم.

قال: فأشهدك أني منها بريء وأنا على رأي علي وفاطمة علیهما السلام...

قال موسى: فأقبلت عليه فقال أبي: أي بني! والله لقد أتيا أمرا عظيما.. (3)

تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [7] و [10].

ص: 280


1- تقريب المعارف: 223 - 222.
2- تقريب المعارف: 237، بحار الأنوار: 378/30، والآية في سورة الأعراف (7): 150.
3- تقريب المعارف: 250 - 251، وعنه في بحار الأنوار: 387/30 - 387.

129 - أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي

[173] روى عن مولانا الصادق علیه السلام أنه قال: قال جدّي رسول الله صلی الله علیه واله وسلم:«ملعون ملعون من يظلم بعدي فاطمة ابنتي ويغصبها حقها ويقتلها». (1)

ورواه رضي الدين علي بن يوسف الحلّي (2) (أخو العلامة) (القرن السابع).

والشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي (3) (القرن السابع).

130 - الشيخ الطوسي محمد بن الحسن

[174] روی ضمن رواية تقدّم ذكرها (4) عن النبي صلی الله علیه واله وسلم: «.. أبكي لذرّيتي وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي... كأني بفاطمة بعدي.. كأني بفاطمة بنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي: يا أبتاه! يا أبتاه! فلا يعينها أحد من أُمتي....». (5)

[175] وقال: ومما أنكر عليه وضربهم الفاطمة علیها السلام، وقد روي أنهم ضربوها؛ بالسياط والمشهور- الذي لا خلاف فيه بين الشيعة- أنّ عمر ضرب على بطنها حتى: أسقطت فسمي السقط محسناً، والرواية بذلك مشهورة عندهم.

وما أرادوا من إحراق البيت عليها حين التجأ إليها قوم وامتنعوا من بيعته، وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك، لأنا قد بيّنا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره ورواية الشيعة مستفيضة به في ذلك. (6)

ص: 281


1- كنز الفوائد: 63 - 64 (طبعة أخرى: 150/1)، وعنه في بحارالأنوار: 346/29 و 355/76. أقول: ألا يستحق اليوم هذه اللعنة من يبخسها سلام الله عليها حقها، أو يتجاهل ما جرى عليها، أو يوجه فعل من ظلمها، أو يجامل ويداهن من تسامح في هذا أو ذاك؟!..
2- العدد القوية: 225.
3- الدر النظيم: 458.
4- راجع الفصل الأول.
5- أمالي الشيخ الطوسي: 191/1، وعنه في بحارالأنوار: 11/28: العوالم: 392/11.
6- تلخيص الشافي: 156/3.

[176] وقال:... وإن أريد بالبيعة الصفقة وإظهار الرضا؛ فذلك مما وقع منه علیه السلام، لكن بعد مطل شديد، وتقاعد طويل علمهما الخاص والعام ممن روى السير وإنما دعاه إلى الصفقة وإظهار التسليم التقية والخوف على النفس والأهل والإسلام. (1)

[177] وروى عن مولانا أبي محمّد الحسن بن علي العسكري علیه السلام: «... اللهم صلّ على الصديقة فاطمة الزكية، حبيبة حبيبك ونبيك ، وأُمّ أحبائك وأصفيائك، التي انتجبتها وفضّلتها واخترتها على نساء العالمين، اللهم كن الطالب لها ممن ظلمها واستخف بحقها، وكن الثائر اللهم بدم أولادها، اللهم وكما جعلتها أُمّ أئمة الهدى، وحليلة صاحب اللواء، والكريمة عند الملأ الأعلى.. فصلّ عليها وعلى أمها خديجة الكبرى صلاة تكرم بها وجه أبيها محمد صلی الله علیه واله وسلم، وتقرّ بها أعين ذرّيتها، وأبلغهم عنّي في هذه الساعة أفضل التحية والسلام...». (2)

ورواها السيد ابن طاووس (3) (المتوفى 664).

والشيخ الكفعمي (4) (المتوفى 905).

[177/1] وروى عن جابربن عبدالله الأنصاري قال: قال رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «يا أيها الناس! اتَّقُوا الله وَاسْمَعُوا» قالوا: لمن السمع والطاعة بعدك يا رسول الله؟ قال: « لأخي وابن عمّي ووصيّي علي بن أبي طالب».

قال جابربن عبدالله: فعصوه- والله- وخالفوا، أمره وحملوا عليه السيوف. (5)

وتقدّمت له الروايات المرقمة ب-: [10]، [14]، [15] [111]، [124]، [126]، [130]،[151]،[162]،[163]، [164]،[165].

ص: 282


1- تلخيص الشافي: 157/2.
2- مصباح المتهجد: 401.
3- جمال الاسبوع: 486.
4- البلد الأمين: 303 - 304: بحارالأنوار: 74/94.
5- الأمالي للشيخ الطوسي: 58 (المجلس الثاني): وعنه في بحارالأنوار: 111/38.

131 - منصور الفقيه

131- منصور الفقیه. (1)

[178] قال:

تذكّر فديتك عند الخطوب *** منال قريش إلى المصطفى.

وما نال في مؤتة جعفرا *** وفي احد، حمزة المرتضی.

ونال البتول بموت الرسول *** ونال علياً إمام الهدى. (2)

132 - القاضى ابن البراج

تقدمت له الرواية المرقمة ب-: [158].

133 - على بن محمد العمري النسابة

[179] وقال: ولم يحتسبوا بمحسن لأنه ولد ميتاً، وقد روت الشيعة خبر المحسن والرفسة. (3)

134 - محمد بن جرير الطبري الإمامي الصغير

[180] عن أبي جعفر علیه السلام... يقوم قائمنا... ثم يحرقهما بالحطب الذي جمعاه ليحرقا به علياً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام، وذلك الحطب عندنا نتوارثه (4)

[181] وروى عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين علیه السلام، عن محمدبن عماربن ياسر، قال: «سمعت أبي يقول... وحملت بمحسن، فلما قبض رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها وإخراج ابن عمها -

ص: 283


1- الظاهر أنه أبو سعيد منصوربن الحسين الآبي من تلامذة الشيخ الطوسي. (راجع: تنقيح المقال: 129/3).
2- المناقب: 214/2.
3- المجدي في أنساب الطالبيين: 19. وفي نسخة: الرقية بدل الرفسة.
4- دلائل الإمامة: 242 (ط الحديثة: 455): مسند فاطمة علیها السلام الطبري، وعنه في حلية الأبرار: 599/2.

أميرالمؤمنين علیه السلام وما لحقها من الرجل أسقطت به ولداً تماماً، وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها». (1)

[182 ] وروى عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبيه، عن محمدبن همام، عن أحمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله علیه السلام قال: «قبضت فاطمة علیها السلام في جمادى الآخرة، يوم الثلاثاء، لثلاث الله خلون منه سنة إحدى عشر من الهجرة، وكان سبب وفاتها: أن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً ومرضت من ذلك مرضاً شديداً، ولم تدع أحداً تمن آذاها يدخل عليها. وكان الرجلان من أصحاب النبي صلی الله علیه واله وسلم سألا أميرالمؤمنين علیه السلام أن يشفع لهما إليها، فسألها أميرالمؤمنين علیه السلام، فلما دخلا عليها قالا لها كيف أنت يا بنت رسول الله؟ قالت: «بخير بحمدالله»، ثم قالت لهما: «ما سمعتما النبي يقول: فاطمة بضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله؟!».

قالا: بلى قالت: «فوالله لقد آذيتماني»، قال: فخرجا من، قال فخرجا من عندها علیها السلام وهى ساخطة عليهما. (2)

[183 ] وروى عن محمدبن هارون بن موسى التعلكبري بسنده عن سعيد بن المسيب- ضمن كتاب طويل جداً لعمر بن الخطاب إلى معاوية بن أبي سفيان- يقول فيه عمر... ولقد وثبت وثبة على شهاب بني هاشم وقرنها الزاهر، وعلمها الناصر، وعدتها وعددها المسمّى ب- حيدرة المصاهر لمحمد على المرأة التي جعلوها سيّدة نساء العالمين، يسمّونها: فاطمة.

حتى أتيت دار علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين وابنيتها زينب وأُمّ كلثوم والأمة المدعوّة ب-: فضّة، و معی خالد بن وليد وقنفذ مولى أبي بكر ومن صحب من -

ص: 284


1- دلائل الإمامة: 26 - 27 (ط الحديثة: 104): نوادرالمعجزات: 98 - 97 کتاب مناقب فاطمة الله وعنه في مدينة المعاجز: 369/1 : العوالم: 504/11.
2- دلائل الإمامة: 45 (ط الحديثة: 135 - 134)، وعنه في بحارالأنوار: 170/43: العوالم: 504/11.

خواصنا.. فقرعت الباب عليهم قرعاً شديداً، فأجابتني الأمة، فقلت لها: قولي لعلي عنك الأباطيل! ولا تلج نفسك إلى طمع الخلافة، فليس الأمر لك، الأمر لمن اختاره المسلمون واجتمعوا له.. .

فقالت الأمة فضّة... إن أميرالمؤمنين علیه السلام مشغول، فقلت: خلّي عنك هذا وقولي له يخرج وإلّا دخلنا عليه وأخرجناه كرهاً.

فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب فقالت: «أيّها الضالون المكذبون! ماذا، تقولون..؟ وأي شيء تريدون..؟».

فقلت: يا فاطمة! فقالت فاطمه: «ما تشاء يا عمر؟!» فقلت ما بال ابن عمّك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟

فقلت: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء، وقولي لعلي يخرج.

فقالت لي: «طغيانك- يا شق!- أخرجني وألزمك الحجّة، وكلّ ضالّ غويّ».

فقالت: «لا حبّ ولا كرامة.. أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر؟! وكان حزب الشيطان ضعيفاً».

فقلت: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت وأُحرق من فيه أو يقاد على إلى البيعة، وأخذت سوط قنفذ فضربت.

وقلت لخالد بن الوليد: أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب، فقلت: إنّي مضرمها.

فقالت: «يا عدوّ الله وعدوّ رسوله وعدوّ أمير المؤمنين...» فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه فرمته فتصعب عليّ فضربت كفّيها بالسوط فألمها، فسمعت لها زفيراً وبكاءً، فكدت أن ألين وأنقلب عن الباب فذكرت أحقاد عليّ وولوعه في دماء صناديد العرب، وكيد محمّد وسحره، فركلت الباب وقد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه، وسمعتها وقد صرخت صرخةً حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها، وقالت: «يا أبتاه، يا رسول الله! هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك... آه يا فضة! إليك فخذيني فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل.. »، وسمعتها تُمخض وهي مستندة إلى الجدار، -

ص: 285

فدفعت الباب ودخلت.. فأقبلت إلي بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقةً على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض، وخرج عليّ، فلما أحسست به أسرعت إلى خارج الدار وقلت لخالد وقنفذ ومن معهما: نجوت من أمر عظيم.

وفي رواية أخرى قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي وهذا عليّ قد برز من البيت وما لي ولكم جميعاً به طاقة.. فخرج علي وقد ضربت يديها إلى ناصيتها لتَكْشِفَ عنها وتستغيث بالله العظيم ما نزل بها، فأسبل عليّ عليها مُلاءتها وقال لها: «يا بنت رسول الله! إنّ الله بعث أباكِ رحمة للعالمين، وأيم الله لئن كشفت عن ناصيتك سائلة إلى ربّك ليهلك هذا الخلق لأجابك حتى لا يُبقي على الأرض منهم بشراً... فكوني يا سيّدة النساء!- رحمةً على هذا الخلق المنكوس ولا تكوني عذاباً...».

واشتدّ بها المخاض، ودخلت البيت فأسقطت سقطاً سمّاه عليّ: محسناً.

وجمعت جمعاً كثيراً، لا مكاثرة لعليّ ولكن ليشدّ بهم قلبي وجئت- وهو محاصر- فاستخرجته من داره مكرهاً مغصوباً وسقته إلى البيعة سوقاً.. .

وجئنا نسعى وأبوبكر يقول: ويلك يا عمر! ما الذي صنعت بفاطمة؟! هذا والله الخسران المبين!! (1)

وروى الكتاب ابن شهر آشوب المازندراني (المتوفى 588) بسندين مع في بعض المواضع، (2) وفيه وطرحت حبلاً أسود في عنقه وسقته إلى البيعة.. .

ورواه العلامة البياضي (المتوفى 877) في غاية الاختصار بسندين، وفيه.. .

وادّعاؤه أنّ عليّاً سلّم خلافته بعد أن جرّه إلى سقيفته بحبل في عنقه القول ببيعته، وحلف أبو ذر أنّ علياً ما أجاب إلى بيعته ولا واحد من عشيرته.

ثم فمن- يا معاوية!- فعل فعلي، واستشاد أحقاد أسالفه غيري؟!

ص: 286


1- دلائل الإمامة ج 2، وعنه في بحارالأنوار: 290/30 - 295.
2- مثالب النواصب: 371 - 374، 418 - 419 (الخطية).

.. وذكر له أنه إنما قلّده الشام ليتم له هذا المرام، وذكر ذلك في شعره... (1) وأشار إليه الشيخ صفي الدين بن فخر الدين الطريحي (المتوفى بعد 1100). (2)

وتقدّمت للطبري (القرن الخامس) الرواية المرقمة ب- : [ 130]، [136].

135 - محمّد بن على الطرازى

[184] روى في كتاب الدعاء والذكر عند ذكر الصلاة على فاطمة الزهراء علیها السلام: «.. اللهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته، وصلّ على البتول الطاهرة الصدّيقة المعصومة التقيّة النقية الرضيّة المرضيّة الزكيّة الرشيدة المظلومة المقهورة المغصوبة تقها الممنوعة إرثها المكسور ،ضلعها المظلوم بعلها، والمقتول ولدها فاطمة بنت رسول الله، وبضعة لحمه، وصمیم قلبه وفلذة كبده، والنخبة منك له، والتحفة خصصت بها، وصيّه وحبيبة المصطف، وقرينة المرتضى، وسيّدة النساء، ومبشّرة الأولياء، حليفة الورع والزهد وتفاحة الفردوس والخلد، التي شرفت مولدها بنساء الجنّة، وسللت منها أنوار الأمة، وأرخيت دونها حجاب (النبوة).

«اللّهمّ صلّ عليها صلاة تزيد في محلّها عندك، وشرفها لديك، ومنزلتها من رضاك، وبلّغها منا تحية وسلاماً، وآتنا من لدنك في حبّها فضلاً وإحساناً ورحمة وغفراناً، إنك ذو العفو الكريم».

رواه عنه السيد ابن طاووس (3) (المتوفى 664).

136 - محمد بن هارون بن موسى التلعكبري

136- محمد بن هارون بن موسی التلعکبری (4) (القرن الخامس).

[185] [روى عند ذكر الصلاة عليها]: اللهم صلّ على السيّدة المفقودة،

ص: 287


1- الصراط المستقيم: 25/3.
2- مطارح النظر في شرح الباب الحادي عشر: 109.
3- كتاب الدعاء والذكر، وعنه في الإقبال: 625، وعنه في بحارالأنوار: 200/000.
4- أبو الحسين أو أبو جعفر يروي عنه النجاشي، توفي أبوه هارون سنة 365.

الكريمة المحمودة ، الشهيدة العالية. (1)

وتقدّمت له الرواية المرقمة ب-: [135].

137 - القتال النيسابوري

تقدّمت له الرواية المرقمة ب-: [130].

138 - محمد بن المشهدي

[186] روى في زيارة جامعة أئمة المؤمنين علیهم السلام المروية عن المعصومين علیهم السلام:

«... فلما مضى المصطفى - صلوات الله عليه وآله- اختطفوا الغرّة، وانتهزوا الفرصة وانتهكوا الحرمة وغادروه على فراش الوفاة، وأسرعوا لنقض البيعة، ومخالفة المواثيق المؤكدة، وخيانة الأمانة المعروضة على الجبال الراسية وأبت أن تحملها وحملها الإنسان الظلوم الجهول، ذو الشقاق والعزّة بالآثام المؤلمة والأنفة عن الانقياد لحميد العاقبة، فحشر سفلة الأعراب وبقايا الأحزاب إلى دار النبوّة والرسالة، ومهبط الوحي والملائكة، ومستقر سلطان الولاية، ومعدن الوصيّة والخلافة والإمامة حتى نقضوا عهد المصطفى في أخيه علم الهدى، والمبيّن طريق النجاة من طرق الردى وجرحوا كبد خير الورى، في ظلم ابنته واضطهاد حبيبته واهتضام عزيزته، بضعة لحمه، وفلذة كبده، وخذلوا بعلها، وصغر وا قدره، واستحلوا محارمه، وقطعوا رحمه وأنكروا أخوّته، وهجروا مودته ونقضوا طاعته وجحدوا ولايته، وأطمعوا العبيد في خلافته، وقادوه إلى بيعتهم، مصلتةً سيوفها، مقذعةً أسنّتها... وهو ساخط القلب، هائج الغضب شديد الصبر، كاظم الغيظ، يدعونه إلى بيعتهم التي عمّ شومها الإسلام، وزرعت في قلوب أهلها الآثام..». (2)

ص: 288


1- كتاب الدعاء يعبر عنه في بحارالأنوار ب-: العتيق كما رواه عنه في بحارالأنوار: 220/102 ، وقد صرّح بكونه للتلعكبري في مواضع عديدة من الذريعة، راجع: 185/8 و 28/20، 54.
2- المزار الكبير: 296 - 297، وعنه في بحارالأنوار: 165/102.

ورواه السيد ابن طاووس (1) (المتوفى 664).

وتقدمت لابن المشهدى الرواية المرقمة ب-: [151] ، [158].

139 - الشيخ أحمد الطبرسي

[187] روى عن عبدالله بن عبدالرحمن، أنّه قال.. ثم إن عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي ألا إنّ أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة.. فينثال الناس يبايعون، فعرف أن جماعة في بيوت مستترون، فكان يقصدهم في جمع كثير ويكبسهم ويحضرهم المسجد فيبايعون.. حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي علیه السلام فطالبه بالخروج، فأبى، فدعا عمر بحطب ونار وقال: والذی نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقته على ما فيه.

فقيل له: إنّ فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله و آثار رسول الله صلی الله علیه واله وسلم فيه، وأنكر الناس ذلك من قوله، فلما عرف إنكارهم قال: ما بالكم؟!.. أتروني فعلت ذلك ؟! إنما أردت التهويل!.. (2)

فراسلهم عليّ علیه السلام أن ليس إلى خروجي حيلة.. لأنّي في جمع كتاب الله الذي قد نبذتموه وألهتكم الدنيا عنه، وقد حلفت أن لا أخرج من بيتي، ولا أدع ردائي على عاتقي، حتى أجمع القرآن.

قال: وخرجت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه واله إليهم، فوقفت خلف الباب، ثم قالت: «لا عهد لي بقوم أسواً محضراً منكم تركتم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جنازة بين أيدينا، -

ص: 289


1- مصباح الزائر: 464 - 463، وعنه في بحارالأنوار: 165/102.
2- أقول: روى ابن قتيبة عن عبدالله بن عبدالرحمن- الذي يروي عنه الشيخ الطبرسي- أنه قال: قيل له: يا أبا حفص! إنّ فيها فاطمة؟ فقال: وإن!! انظر الإمامة والسياسة: 19/1. وقد مرّ في ضمن رواية عن السيد أبي العباس الحسيني الزيدي (المتوفى 352) أن عمر قال في الجواب: سنلتقي أنا وفاطمة!

وقطعتم أمركم في ما بينكم ولم تؤمرونا، ولم تروا لنا حقاً، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير غدير خم، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة». (1)

ورواه ابن شهر آشوب المازندرانى (2) (المتوفى 588).

وأبو سعيد حسن بن حسين الشيعى السبزواري (القرن الثامن) مرسلاً. (3)

[188] وروى عن المغيرة بن [أبي] شعبة... ثم كره [أميرالمؤمنين علیه السلام] أن يبايع أبا بكر حتي أُتي به قوداً.. (4)

وعن مولانا الإمام أبي محمد الحسن بن علي علیه السلام: «وأما أنت يا مغيرة بن شعبة!... وأنت الذي ضربت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم حتى أدميتها، وألقت ما في بطنها.. استدلالاً منك لرسول الله صلی الله علیه واله وسلم، ومخالفة منك لأمره، وانتهاكاً لحرمته، وقد قال لها رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «أنتِ سيّدة نساء أهل الجنّة، والله مصيرك إلى النار». (5)

[189] روى عن الإمام أبي جعفر الباقر علیه السلام... فلما رأى [أسامة] اجتماع الناس على أبي بكر، انطلق إلى علي بن أبي طالب علیه السلام فقال: ما هذا..؟! فقال له علي: «هذا ما ترى..» قال له أسامة: فهل بايعته؟! فقال: «نعم». فقال له أسامة : طائعا أو كارها؟! قال: «لا، بل كارها». (6)

وتقدمت للشيخ الطبرسي الروايات المرقمة ب-: [7]، [12]، [95]، [96]، [117].

ص: 290


1- الاحتجاج: 80، وعنه في بحارالأنوار: 204/28، العوالم: 404/11.
2- مثالب النواصب: 419 - 420 (الخطية).
3- راحة الأرواح 5958.
4- الاحتجاج: 271، وعنه في بحارالأنوار: 73/44.
5- الاحتجاج: 278، وعنه في بحارالأنوار: 197/43 و 83/44.
6- مصادر قضيّة الهجوم / 291.

140 - مؤلف كتاب ألقاب الرسول وعترته

140- مؤلف كتاب ألقاب الرسول وعترته علیهم السلام (1) (القرن السادس).

[190] قال: وكونها مظلومة مضطهدة بعد أبيها لا يخفى، فقد سلبت فدك منها قهراً، ومنع حق ولديها وبعلها، وماتت بالغصة شهيدة إذ ضربوا باب دارها على بطنها حتى هلك ابنها الجنين الذي سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: المحسن. (2)

141 - الشيخ أبو جعفر الطبري

تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [56]، [130].

142 - الشيخ هاشم بن محمّد

[191] روى عن ابن عباس قال: رأت فاطمة في منامها النبي صلى الله عليه واله وسلم قالت: فشكوت إليه ما نالنا من بعده قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «لكم الآخرة التي عدّت للمتقين، وإنك قادمة على عن قريب». (3)

وتقدّمت له الروايات المرقمة ب- : [101] [102]، [103]، [104].

143 - السيد مرتضى الرازي

تقدمت له الرواية المرقمة ب-: [37].

144 - طلائع بن رزيك ، الملك الصالح

[192] قال: -

ص: 291


1- المؤلف يروي عن أبي المظفر عبد الواحدبن حمد بن شيدة السكوني (راجع الكتاب: 28 -29) وأبوالمظفر هذا يروى عنه غير واحد من أعلام القرن السادس مثل السيد فضل الله الراوندي.. وغيره، واستظهر بعضهم أنه للقطب الدين الراوندي المتوفى 573. راجع: ميراث حديث الشيعة: 16/1.
2- ألقاب الرسول وعترته علیهم السلام: 43 في ضمن مجموعة نفيسة: (199): ميراث حديث الشيعة: 50/1.
3- مصباح الأنوار (مخطوط) وعنه في بحارالأنوار: 218/43.

ورويتم أن الوصي أجابهم *** كرهاً ولم يقدر على العصيان.

والطهر فاطمة يُشال لبيتها *** من أجلها قبس برأس سنان.

أفمنقذ لهم من النيران من *** حملوا إلى ابنته لظى النيران؟! (1)

145 - الشيخ عبد الجليل القزويني الرازي

[193] قال- ما ترجمته-: وأما ما نقله عنهم [أي الشيعة] من أنهم يقولون: إنّ عمر دفع الباب على بطن فاطمة علیها السلام فأسقطت جنينها، الذي سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: المحسن.

فالجواب عنه: ان هذا خبر صحيح، وقد اتفقت على نقله كتب الشيعة وأهل السنة. (2)

[194] وقال- مترجماً -: وأما ما ذكره من أن المفيد الرازي قال في كتابه: إن عمر أرسل خالدبن الوليد إلى علي علیه السلام، فجعل عمامته في عنقه وأجبره على الله الذهاب إلى السقيفة [للبيعة]، وقد قال عمر لخالد... وإن أبى فاضرب عنقه فالجواب عنه...

فالجواب عنه:.. إن خير ذهاب خالد بإذن من عمر للإتيان بأميرالمؤمنين علیه السلام معروف.. (3)

146 - قطب الدين الرواندي

[195) روى عن أبي إبراهيم علیه السلام- في ضمن معجزة للإمامين الهمامين الحسن والحسين علیهما السلام- يذكر فيها أن رجلاً فظّاً غليظاً أراد إيذاء هما علیهما السلام فإذا بهاتف يقول: «يا شيطان.... أتريد أن تناوي ابني محمد صلی الله علیه واله وسلم وقد علمت بالأمس ما فعلت -

ص: 292


1- ديوان طلائع بن رزيك، عنه موسوعة أدب المحنة للسيد محمد علي الحلو: 97.
2- كتاب النقض: 317 فارسي (طبيعة أُخرى 298).
3- المصدر السالف: 307-308 (طبعة أخرى: 288).

وناويت أمهما... كان هذا بعد يوم السقيفة بقليل..». (1)

147 - محمد بن على بن شهر آشوب المازندراني

[196] قال: والأول قد ظهرت منه الغلظة على فاطمة علیها السلام في كبس بيتها ومنع حقها حتى خرجت من الدنيا وهي غضبى عليه.

ثم قال- عند ذكر عمر... وهو الهاجم على بيت فاطمة علیها السلام. (2)

[197] وقال:.. وإنه علیه السلام لما امتنع من البيعة جرت من الأسباب ما هو معروف.. فاحتمل وصبر. (3)

[198] وقال: ومن كثرة الظلم دفن الإمام علیه السلام فاطمة علیها السلام ليلاً. (4)

[199] وقال: هذا إذا تركنا ما رواه الشيعة وكثير من السنة من أنه لم يبايع حتى صار عمر إلى بيته بقبس من النار ليحرق عليه، وعلي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام في البيت، فخرج مكرهاً وبايع. (5)

[200] وقال علیه السلام في قوله تعالى: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ (6) :فی النار لعناده أميرالمؤمنين علیه السلام وإحراقه عليهم منزلهم. (7)

[201] وروى في حديث الحارث بن الأسود الدوئلي عن جندب بن عبدالله البجلي، وفي حديث الثمالي، عن زين العابدين علیه السلام: إنه لما سألوه البيعة قال لهم: «إن لم أفعل؟» قالوا: إذا تقتل لؤماً وصغراً لك. قال: «إذن أكون عبدالله وأخو (8)

ص: 293


1- الخرائج: 846، وعنه في بحارالأنوار: 273/3.
2- متشابه القرآن: 68/2- 67.
3- المناقب: 115/2.
4- المناقب: 211/2.
5- مثالب النواصب: 141(الخطية).
6- الليل (92): 11.
7- مثالب النواصب: 418 (الخطّية).
8- كذا والظاهر: أخا.

رسوله». وقالوا: بايع، فالتفت علي علیه السلام إلى قبر النبي صلی الله علیه واله وسلم فقال: «ي- (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) (1)»، فرجع يومئذ ولم يبايع، ثم انصرف إلى منزله وآلى ألا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه.. فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه ثم خرج إليهم.. (2)

[202] عن أبي جعفر الباقر علیه السلام في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا..) (3) إلى آخر الآية قال: «لما دعوا علياً علیه السلام إلى البيعة للأول وخرج الزبير بالسيف وامتنع عمار وسلمان وأبوذر والمقداد..». (4)

[203] وروى أبو بصير وغيره عن الصادق علیه السلام أنه لما رأى عبدالله بن الحسن بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب مقيدين بكى، وقال- بعد كلام -: «هذا والله مما طرقه الأولان بما فعلا بعلي بن أبي طالب علیه السلام حيث جاءا بالنار إلى داره ليحرقوها»، ثم دخل إلى البيت فاستخرج سفطاً ففتحه فإذا فيه حطب على قدر عظم الذراع، فقال: «أتدري ما هذا الحطب..؟ مما تحرقهما (5) به!». (6)

[204] عن سعيد بن المسيب- في خبر: إنّه رأى العباس وعقيل وعتبة ابن أبي لهب والفضل بن عباس جماعةً وضعوا ناراً على باب علي علیه السلام، فقال العباس: يا لها عظيمة بما أتى إلينا فلان وفلان! فقال الفضل:

ما لقومي لا يسمعون نداي *** أصمّوا أم هم رهون رماس. (7)

[205] وروي من غير وجه إنّ عمر قام إلى بيعة أبي بكر بعد ثلاث من -

ص: 294


1- الأعراف (7): 150.
2- مثالب النواصب: 139 (الخطية).
3- العنكبوت (29): 12.
4- مثالب النواصب: 127 (الخطية).
5- كذا، والظاهر: نحرقهما.
6- المصدر المتقدم: 113.
7- المصدر السالف: 132.

مبايعته فقال: يا خليفة رسول الله! أرسل إلى هذا الرجل فليبايع فقد بايع الناس. فقال أبوبكر: ابعث إليه. فقال عمر لقنفذ بن عمير العدوى: امض إلى على فقل له: خليفة رسول الله يقول لك: احضر فبايع. فمضى قنفذ فطرق الباب عليه وعنده العباس وبنوه والزبير وسلمان والمقداد.. وغيرهم- فقال: «من هذا؟» فقال: قنفذ فقال: «ما تريد؟» قال: خليفة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، يقول لك: اخرج فبايع.

فقال: «سبحان الله! ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم! ما أعرف لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم خليفة غيري».

فعاد قنفذ فأخبرهم، فكبا أبوبكر كبوة، ثم جلس، فقام عمر إليه ثانية فقال مثل الأول، فأتاه قنفذ فقال: أجب أميرالمؤمنين، فقال علي علیه السلام: «سبحان الله! لقد تسمّى بغير اسمه، وادّعى ما ليس له، ما أعرف أميرالمؤمنين غيري».

فرجع إليهم فأخبرهم فكبا أبوبكر كبوة أشدّ من الأولى، ثم قال له اجلس فقام إليه [عمر] فقال: ألا ترسل إلى هذا الرجل فليبايع، فأنفذ قنفذاً يدعوه فصاحت فاطمة علیها السلام: «يا أبتاه، ما لقينا من أبي بكر وعمر».

فرجع قنفذ فأخبرهم، فقام عمر وخالد وأسيدبن الحصين وقنفذ وحماد وسلمة بن أسلم من بني الأشهل وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن مالك وعبدالله بن زمعة ومضوا إليه. (1)

[206] وقال زيدبن علي: كان أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب يأتي باب فاطمة علیها السلام بعد وفاة الرسول صلی الله علیه واله وسلم فيضربه كل صباح فيقول: كيف صباحكم بعد نبيكم ومساكم؟ فتخرج له أُمّ أيمن فتقول: يا أبا سفيان شر صباح وشر ممسى فقدنا رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، وفقدنا الوحي، وما أتي إلى هذين من الظلم- يعني علیأ وفاطمة علیهما السلام- فقال أبو سفيان:

من مبلغ عنا أبا قاسم *** صلى عليه الله أنباءنا.

ص: 295


1- مثالب النواصب: 135 - 136 (الخطية).

وفاطمة تعول إعوالها *** قد قطعت بالحزن أحشاءنا.

والأصلع المضطهد المبتلى *** يغ عنه الطرف أعضاءنا. (1)

[207] وفي رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس- في خبر طويل له: إنّه أمر فلان أن يجمع الحطب.. فجمع ثم أمر به فوضع على الباب ليحرقه، فخرجت فاطمة علیها السلام تناشده وتقول: «يا خالد أعلى الحسن والحسين يحرق البيت؟! ».

فقال خالد: إني مأمور.. وفتحت [الباب] فزحمها (2) قنفذ.

ويقال: إنّ الثاني كسر ضلعاً من أضلاعها، وعلا يده بالسوط على رأسها فصاحت فاطمة علیها السلام: «وامحمداه!» قال: إنّه لما ضربها بالسوط كان في عضدها مثل السوار، وإنّها لسقطت بغلام لستة أشهر كان رسول الله صلی الله علیه واله وسلم بشرها به، وسماه: محسناً.

قال ابن عباس: قال رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «الحسن والحسين ومحسن وما أظنّه يتم..»، وهو الذي أسقطت فاطمة علیها السلام بين الباب والحائط حين دخلوا عليها.. (3)

[208] وفي رواية عمربن المقدام: إنّه اختبز جيران آل محمد صلی الله علیه واله وسلم واحتطبوا ثلاثين يوماً من الحطب الذي وضعه الأول والثاني ليحرقوا بيت علي وفاطمة علیهما السلام.. فأراد أبوحفص أن يحرقهم حتى يستريح منهم دفعة واحدة!... (4)

[209] وفي رواية الكلبي والزهري: أنه خرج بعلي بن أبي طالب علیه السلام وهو يقول: «أنا عبدالله وأخو رسول الله، أنا الصديق الأكبر لا يقولها غيري إلّا مفترٍ كذَّاب...» حتى انتهوا إلى الأول فقیل له: بایع، فقال: «أنا أحق بها منکم و بهذا الأمر، ولا أبایعکم أبدأ... وأنتم أولی وأحق بایعتمونی فی حیاة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم -

ص: 296


1- مثالب النواصب: 132.
2- أي دفعها.
3- المصدر المتقدم: 419.
4- المصدر السالف: 420.

بيعة جاء بها جبرئيل من عندالله عزّوجلّ، وإنّكم إنّما أخذتم هذا الأمر واحتججتم عليهم بقرابتكم من رسول الله صلی الله علیه واله وسلم.. أنا أو أنتم؟!». (1)

[210] ودخل مولى لأبي ذر عليه [أي على معاوية] فقال له: هل تعلم قامت القيامة على الناس؟ قال: نعم، حين هدموا بيت النبوة والبرهان وسلبوا أهل العزّة والسلطان، وأطفأوا مصابيح النور والفرقان، وعصوا في صفوة الملك الديان، ونصبوا ابن آكلة الذبّان كهول الورى والشبّان، فأحيوا به بدع الشيطان، وأماتوا به سنّة ،الرحمن، فعندها قامت القيامة العظمى، وجاءت الطامة الكبرى. (2)

ورواه الشيخ زين الدين العاملي البياضي (المتوفى 877). (3)

[211] ونقل ابن شهر آشوب عن كشواذ بن إيلاس السروجي:

أهلك بنت المصطفى وابن الولي *** محسناً سبط الرسول بن علي.

برئت ممن بالضرام أنفذا *** بحرق بيت النبوي قنفذا. (4)

[212] لشاعر آخر:

قوم... فاطم عن إرثها *** من النبي المصطفى الطهر.

ماحضروه في تجهيزه كلا *** ولا واروه في القبر.

بل حملوا النار إلى بيته *** ليحرقوا العترة بالجمر.

فكلما أُحدث من بعدهم *** في الناس من ذنب ومن وزر.

فهم به يصلون إذ خالفوا *** وصية المبعوث في الذكر. (5)

ص: 297


1- مثالب النواصب: 138.
2- المصدر: 557.
3- الصراط المستقيم: 49/3.
4- مثالب النواصب: 423 ( الخطية ).
5- المصدر السالف: 423.

[213] وقال سلامة الموصلي:

يا نفس إن تلتقي ظلماً فقد ظلمت *** بنت النبي رسول الله وابناها.

تلك التي أحمد المختار والدها *** وجبرئيل أمين الله ربّاها.

الله طهرها من كل فاحشة *** وكلّ ريب وصفاها وزكاها. (1)

[214] وقال شاعر آخر:

كأنّي ببنت المصطفى قد تعلّقت *** يداها بساق العرش والدمع أذرت.

فيقضي على قوم إليها تألبّوا *** بشر، عذاب النار من غير فترة. (2)

[215] وعن بعضهم:

ومن قبل موت المصطفى كان صحبه *** إذا قال قولاً صدقوه وحققوا.

فلمّا قضى خانوه في أهل بيته *** وشمل بنيه بالأسنة فرّقوا. (3)

[216] وجاء في ضمن الأبيات التي نقلها رحمه الله أمثال هذه الكلمات- ولم ندرجها لكثرتها- فراجعها:

حقوق مولاه غصب.. وابنة الطهر، ضرب فاطمة خير النساء، مظلومة.. مغصوبة مهضومة.. مضروبة ملطومة.. وعمر منعني بسوطه ومانعي.. جاء لبيتي يحرقاً.. وساق بعلي موثقاً.. (4)

وتقدّمت لابن شهر آشوب الروايات المرقمة ب-: [4]، [5]، [10] [12] ،[13] ،[15] ،[18] ،[19] ،[33] ،[98] [99] ،[108] [109] ،[111] [112] [113] [116] [117] [126] [130] [147] [153] ،[154] ،[178] [183] ،[187].

ص: 298


1- المناقب: 358/3.
2- المناقب: 328/3.
3- المناقب: 214/2.
4- مثالب النواصب: 423 (الخطية).

148 - يحيى بن الحسن بن البطريق الأسدي الحلى

[217] روى عن ابن عمر قال: لما نقل أبي أرسلني إلى علي علیه السلام، فدعوته فأتاه فقال: يا أبا الحسن! إني كنت ممن شعب عليك، (1) وأنا كنت أولهم وأنا صاحبك فأُحبّ أن تجعلني في حلّ.

فقال: «نعم على أن تدخل عليك رجلين فتشهدهما على ذلك».

قال: فحوّل وجهه إلى الحائط، فمكث طويلاً ثم قال: يا أبا الحسن ما تقول؟

قال: «هو ما أقول لك».

قال: فحوّل وجهه... فمكث طويلاً، ثم قام فخرج.

قال: قلت يا أبه قد أنصفك، ما عليك لو أشهدت له رجلين؟

قال: يا بني! إنّما أراد أن لا يستغفر لي رجلان من بعدي!... (2)

149 - على بن محمد الوليد الداعي الإسماعيلي اليمني

[218] قال: إن هذه الأمة فعلت فعل الأمم من قبلها، فتفرقت وتشتتت ووقع فيها الفساد... وردوا أمر النبي صلی الله علیه واله وسلم الذي ألزمهم بالوصية وأكدها على الكافّة- وقد فعلوا ما أرادوه من تقدمة من قدّموه، كفعل قوم موسى علیه السلام في حال السامري والعجل ،وتقديمه، والإعراض عن هارون ونقض وصية موسى علیه السلام إليهم فيه، ثمّ

وضعهم الحطب على باب بيت علي علیه السلام- وفيه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم- ليحرقوه، لما امتنع عن الخروج إلى البيعة عندما اختاروه ومثلهم ذلك مثلما فعل قوم إبراهيم لما باينهم في حالهم وبيّن عجزهم (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ). (3)

ص: 299


1- أي هيچ الشر عليك.
2- الاستدراك (ويعرف بالمستدرك أيضاً) مخطوط، وعنه في بحارالأنوار: 142/30.
3- تاج العقائد ومعدن الفوائد : 80 (ط دار المشرق بيروت)؛ وعنه في كتاب الإمام والإمامة عند الشيعة، يوسف ایبش: 150، (ط بيروت)، والآية في سورة الأنبياء (21): 68.

150 - ابن حمزة الزيدي

تقدمت له الروايات المرقمة ب-: [7] [11] [1]، [138]، [139]، [140]، [141]، [162].

151 - قتادة بن إدريس الزيدي العلوي

151- قتادة بن إدريس الزيدي العلوي (1) (المتوفى 618 ه-.).

[219] في قصيدة طويلة:

ما لعيني قد غاب عنها كراها *** وعراها من عبرة ما عراها.

إلى أن قال:

ولفكري في الصاحبين الذين *** استحسنا ظلمها وما راعياها.

منعا بعلها من العهد والعق *** _د وكان المنيب والأواها.

واستبدا بإمرة دبّراها *** قبل دفن النسبي وانتهزاها.

وأتت فاطم تطالب بالإر *** ث من المصطفى فما ورثاها.

جرعاها من بعد والدها ال- *** _غيظ مراراً فبئس ما جرّعاها.

بنت من؟ أُمّ من؟ حليلة من؟ *** ويل لمن سنّ ظلمها وأذاها.

أهما ما تعمّداها كما قلت *** بظلم؟ كلا ولا اهتضماها.

فلماذا إذ جهزت للقاء *** الله عند الممات لم يحضراها.

کان زهداً في أجرها أم *** عناداً لأبيها النبي لم يتبعاها.

أم لأنّ البتول أوصت بأن لا *** يشهدا دفنها فما شهداها.

أم أبوها أسر ذاك إليها *** فأطاعت بنت النبي أباها.

أغضباها وأغضبا عند ذاك *** الله ربّ السماء إذ أغضباها.

وكذا أخبر نبي بأنّ الله *** یرضي سبحانه لرضاها.

ص: 300


1- هو أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسني الزيدي العلوي، جد الأشراف والأمراء بمكة المكرمة.

لا نبی الهدی اطیع ولا *** فاطمة أكرمت ولا حسناها. (1)

152 - بدر الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي الزيدي

[22] قال:

يا ليت شعري فمن أنوح منهم *** ومن له ينهل فيض أدمعي.

أم للبتول فاطم إذ منعت *** عن إرثها الحق بأمر مجمع.

ولم تزل مهضومة مظلومة *** برد دعواها ورض الأضلع. (2)

153 - الأمير علي بن مقرب الأحسائي

[22] قال:

يا ليت شعري فمن أنوح منهم *** ومن له ينهل فيض أدمعي.

أم للبتول فاطم إذ منعت *** عن إرثها الحق بأمر مجمع.

ولم تزل مهضومة مظلومة *** برد دعواها ورض الأضلع. (3)

154 - سيف الدين أبو الحسن على الآمدى

154- سيف الدين أبو الحسن علي الآمدي (المتوفى 631 ه-.). (4)

[222]قال: وروي أنه لما بويع أبوبكر غضب جماعة من المهاجرين -

ص: 301


1- أدب المحنة: 105 - 110، ونسبها بعضهم إلى السيد المرتضى، راجع: اثبات الهداة : 391/2 - 392.
2- أدب الطف: 31/4 - 32.
3- أدب الطف: 31/4 - 32.
4- أشرنا سابقاً إلى أن الأمدي من العامة.

والأنصار وقالوا إنه بويع من غير مشورة ولا رضى منا.. وغضب علي علیه السلام والزبير، ودخلا بيت فاطمة علیها السلام وتخلفا عن البيعة، فجاءهم عمر في جماعة وفيهم سلمة بن أسلم- وصاح عمر اخرجوا ولنحرقنّها عليكم... فأبوا أن يخرجوا، فأمر عمر سلمة بن أسلم فدخل عليهم... وأخذ أسيافهما- أو سيف أحدهما- فضرب به الجدار حتى كسره، ثم أخرجها... فبايعا كرهاً وإلجاء. (1)

وتقدمت له الرواية المرقمة ب-: [118].

155 - حسام الدين المحلى

تقدمت له رواية في رقم [7].

156 - شاذان بن جبرئيل القمى

[223] عن سليم بن قيس أنه قال: لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام بكى ابن عباس بكاء شديداً، ثم قال: ما لقيت هذه الأمة بعد نبيها اللهم إنّي أشهدك أني لعلي بن أبي طالب ولولده ولي، ولعدوّه عدو، ومن عدوّ ولده بريء، وإني سلم لأمرهم. ولقد دخلت على ابن عم رسول الله صلی الله علیه واله وسلم بذي قار فأخرج لي صحيفة وقال لي: يابن عباس! هذه صحيفة أملاها رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وخطي! بيدي.. قال: فأخرج لي الصحيفة، فقلت: يا أميرالمؤمنين! اقرأها عليّ.. فقرأها وإذا فيها كل شيء منذ قبض رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وكيف يقتل الحسين ومن يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه.. وبكى بكاء شديداً وأبكاني.. وكان في ما قرأه كيف يصنع به.. وكيف تستشهد فاطمة علیها السلام.. وكيف تغدر به الأُمّة.. فلما قرأ مقتل الحسين علیه السلام ومن يقتله أكثر البكاء... ثم أدرج الصحيفة، وفيها ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وكان في ما قرأ أمر أبي بكر وعمر وعثمان وكم يملك كل إنسان منهم... (2)

ص: 302


1- أبكار الأفكار: 467.
2- الفضائل: 141، وعنه في بحارالأنوار: 73/28.

وتقدّمت له الرواية المرقمة ب-: [56].

157 - السيد رضى الدين علي بن طاووس

[224] روى عن أميرالمؤمنين علیه السلام: «... ولو كان لي بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عمى حمزة وأخي جعفر لم أبايع كرهاً، ولكنني منيت برجلين حديثي عهد بالإسلام العباس وعقيل فضننت بأهل بيتي الهلاك، فأغضيت عيني على القذى، وتجرعت ريقي على الشجى، وصبرت على أمرٌ من العلقم وآلم للقلب من حرّ الشفار..». (1)

[225] وروى في رواية- تقدّم ذكرها (2) - عن النبي صلی الله علیه واله وسلم: «وأنتِ تظلمين.. حقك تدفعين، وأنتِ أوّل أهل بيتى لحوقاً بي بعد أربعين.. يا فاطمة! أنا سلم لمن سالمك وحرب لمن حاربك..». (3)

[226] وروى ضمن دعاء عن مولانا الرضا علیه السلام: «.. واستهزءا برسولك، وقتلا ابن نبيّك..». (4)

ورواه الشيخ الكفعمي (5) (المتوفى 905).

[227] وقال:... فأمّا علي علیه السلام: فقد عرفت ما جرى عليه من الدفع عن خلافته ومنزلته، وما بلغوا إليه من القصد لإحراقه بالنار وكسر حرمته.

وأما فاطمة علیها السلام: فقد اشتهر ما ظهر من أذيتهم لها حتى هجرتهم إلى أن ماتت. (6)

[228] وقال: وعلماء أهل البيت علیهم السلام، لايحصى عددهم وعدد شيعتهم الا الله تعالى.. وما رأيت ولا سمعت منهم أنهم يختلفون في: أنّ أبا بكر وعمر ظلما أم-

ص: 303


1- كشف المحجة: 180، وعنه في بحارالأنوار: 15/30 نوادر الأخبار للكاشاني: 198 - 199.
2- راجع الفصل الأول.
3- اليقين: 488: بحارالأنوار: 264/36: العوالم: 393/11.
4- مهج الدعوات: 257.
5- المصباح للشيخ الكفعمي: 554 وعنه وعن مهج الدعوات جاء في بحارالأنوار: 393/30 و 223/86.
6- الطرائف: 195. وراجع أيضاً: 245 - 274،246.

فاطمة الا ظلماً عظيماً... (1)

و تقدمت له الروايات المرقمة ب-: [4]، [16]، [19] [30] [33]. [101] ،[102]، [103] ،[104] ،[105] ،[151] ،[158] ،[177] ،[184] [186].

158 - المنصور بالله الحسن بن بدر الدين الحسيني الزيدي

[229] قال: وقد روى سادات أئمة الهدى وغيرهم- من مؤالف ومخالف- الوعيد بإحراق بيت فاطمة علیها السلام أو هدمه... وقال بعضهم: أتي به ملتباً، وقيل: بل في عنقه حبل.. وتوعدوه بالقتل وقيل له: إن لم تبايع ضربنا عنقك... إنّ العترة مجمعة على أنه علیه السلام ما بايع أبابكر، عهد و رضا. (2)

[230] وروی عن الحسن بن علي علیه السلام- في خطبة بعد مهادنته لمعاوية: إن الذي ألجأه إلى المهادنة هو الذي ألجأ النبي صلی الله علیه واله وسلم إلى دخول الغار، وألجأ أميرالمؤمنين إلى مبايعة أبي بكر حين جمعت حزم الحطب على داره لتحرق بمن فيها من ذرية رسول الله صلی الله علیه واله وسلم إن لم يخرج، فبايع. (3)

ورواه الديلمي الزيدي (المتوفى 711) وقال: وكذلك رُوي عن علي بن الحسين، زين العابدين، وأبيه الحسين بن علي علیهم السلام. (4)

[231] وروی وروى عن الناصر الحسن بن علي (المتوفى 304)أنه قال: لا إيمان إلّا بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله الله صلی الله علیه واله وسلم، وهم الذين ظلموا آل محمد صلی الله علیه واله وسلم، وأخذوا ميراثهم، وهموا بإحراق منازلهم. (5)

ورواه الديلمي الزيدي (المتوفى 711) عن صاحب المسفر. (6)

ص: 304


1- الطرائف: 252.
2- أنوار اليقين: 378 - 379.
3- خ.ل: يبايع. انظر: أنوار اليقين: 288.
4- قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام: 299.
5- أنوار اليقين: 339.
6- قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام: 299 - 300.

وتقدّمت له الروايات المرقمة ب-: [6]، [7] [10]، [11]، [12]، [14]، [114]، [115]، [138]، [139]، [140]، [141]، [162]، [163].

159 - المحقق نصير الدين الطوسي

[232] قال... وبعث إلى بيت أميرالمؤمنين علیه السلام،- لما امتنع من البيعة - فأضرم فيه النار وفيه فاطمة علیها السلام وجماعة من بني هاشم، وردّ عليه الحسنان لما بويع، وندم على كشف بيت فاطمة علیها السلام. (1)

160 - السيد أحمد بن طاووس

تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [11] و [29].

161 - المحقق الحلّى صاحب كتاب شرايع الإسلام

[233] قال... كيف وقد أُخرج من منزله يقاد قهراً بعد أن قالوا: إن لم تخرج أحرقنا عليك بيتك.. (2)

162 - كمال الدين ميثم بن على بن ميثم البحراني

[234] قال: فإنّ أمر السقيفة وما جرى بين الصحابة من الاختلاف.. وتخلف علي علیه السلام عن البيعة.. أمر ظاهر لا يدفع ، ومكشوف لا يتقنّع، حتى قال أكثر الشيعة: إنه لم يبايع أصلاً، ومنهم من قال: إنه بايع بعد ستة أشهر كرهاً. وقال مخالفوهم: إنه بايع بعد أن تخلف في بيته مدة ودافع طويلاً.. وكلّ ذلك مما تقتضي الضرورة معه وقوع الخلاف والمنافسة بينهم والحق أنّ المنافثة (3) ثابتة بين علي علیه السلام -

ص: 305


1- شرح تجريد العقائد: 376 - 377 (الإمامة - المسالة السادسة).
2- المسلك في أصول الدين: 260.
3- كذا. والظاهر: المنافسة.

وبين من تولّى أمر الخلافة في زمانه والشكاية والتظلّم الصادر عنه في ذلك أمر معلوم بالتواتر المعنوي. (1)

[235] وقال: منها- وهو الذي عليه جمهور الشيعة- أن علياً علیه السلام امتنع من البيعة لأبي بكر بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم.. وامتنع معه جماعة من بني هاشم كالزبير وأبي سفيان بن الحرث [الحارث] والعباس وبنيه.. وغيرهم، وقالوا لا نبايع إلا عليّاً علیه السلام. وأن الزبير شهر سيفه فجاء عمر فى جماعة من الأنصار فأخذ سيفه فضرب به الحجر فكسره وحملت جماعتهم إلى أبي بكر فبايعوه وبايع معهم على علیه السلام إكراها.. .

وعلى الجملة؛ فحال الصحابه- في اختلافهم بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وما جرى في سقيفة بنى ساعدة- وحال علي علیه السلام- في طلب هذا الأمر- ظاهر، والعاقل إذا طرح العصبية والهوى عن نفسه، ونظر في ما نقله الناس في هذا المعنى علم ما جرى بين الصحابة من الاختلاف والاتفاق، وهل بايع علي علیه السلام طوعاً أو كرهاً؟!. (2)

163 - أبو الحسن على بن عيسى الإربلي

[236] روی ضمن رواية تقدّم ذكرها (3) عن النبي صلی الله علیه واله وسلم: «يا بنية ! أنت المظلومة ،بعدي وأنت المستضعفة بعدي، فمن آذاك فقد آذاني، ومن غاظك فقد غاظني، ومن سرّك فقد سرني، ومن برّك فقد برّني، ومن جفاك فقد جفاني، ومن وصلك فقد وصلني، ومن قطعك فقد قطعني، ومن أنصفك فقد أنصفني، ومن فقد ظلمنى، لأنك مني وأنا منك، وأنت بضعة مني، وروحي التي بين جنبي..».

ثم قال علیه السلام: «إلى الله أشكو ظالميك من أُمتي..». (4)

وتقدمت له الرواية المرقمة ب_: [130].

ص: 306


1- شرح نهج البلاغة لابن ميثم: 252/1.
2- المصدر السالف: 27/2 - 26.
3- راجع الفصل الأول.
4- كشف الغمة: 497/1، وعنه في بحارالأنوار: 79/28: العوالم: 397/11.

164 - السيد رضي الدين علي بن رضي الدين علي بن طاووس

[ 237] روى عن روى عن الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي علیه السلام: «عن حذيفة في رواية طويلة يذكر فيها إخبار النبي صلی الله علیه واله وسلم بما يجري على العترة الطاهرة علیهم السلام وبكاءه لذلك... ورجعتُ عنه وأنا غير شالاً في أمر الثاني، حتى رأيت بعد وفاة سول الله صلى الله عليه واله وسلم وأتيح الشر و... وأحرق بيت الوحي... ودبر على قتل أميرالمؤمنين علیه السلام... ولطم وجه الزكية...». (1)

ورواه الشيخ حسن بن سليمان الحلي (2) (القرن الثامن).

165 - الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر الإصفهاني

[238] قال في شرح دعاء: قوله علیه السلام: «فقد أخربا بيت النبوة » إشارة إلى: ما فعله الأول والثاني مع علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام من الإيذاء وأرادوا إحراق بيت علي علیه السلام بالنار، وقاداه قهراً كالجمل المخشوش وضغطا فاطمة علیها السلام في بابها حتى سقطت بمحسن، وأمرت أن تدفن ليلاً لثلاً يحضر الأول والثاني جنازتها..

ثم قال: «الضلع المدقوق والصك الممزوق..» إشارة إلى ما فعلاه مع فاطمة علیها السلاممن مزق صكّها ودق ضلعها. (3)

166 - عماد الدين حسن بن على الطبري الأملي

[239] قال- ما ترجمته -: ... فلما أصبح الصباح.. أقبل الناس إلى بيت فاطمة علیها السلام ليحضروا الصلاة عليها.. فالتقى المقداد بأبي بكر فقال له: نحن دفنّاها ليلاً.

ص: 307


1- زوائد الفوائد، وعنه في بحارالأنوار: 353/98؛ وروى قطعة منها السيد الجزائري في الأنوار النعمانية: 108/1 - 111، عن أبي جعفر محمدبن جرير الطبري.
2- المحتضر: 44 - 45، وعنه في بحارالأنوار: 120/21 - 129.
3- رشح الولاء في شرح الدعاء، وعنه في بحارالأنوار: 266/85 - 264.

فالتفت عمر إلى أبي بكر وقال: ألم أقل لك: إنهم سيدفنونها ليلاً؟!..

قال المقداد: إنّ فاطمة علیها السلام أوصت بذلك عمداً كي لا تصليا عليها.

فرفع عمر يده يضرب المقداد على رأسه ووجهه حتى تعب عمر و وخلّصه الحاضرون من يده.. فقام المقداد أمامهم وقال: خرجت بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم من الدنيا والدم يسيل من ظهرها وجنبها لما ضربتموها بالسيف والسياط، أنا عندكم أحقر من علي وفاطمة علیهما السلام.

إلى أن ذكر الطبري مجيئهم إلى أميرالمؤمنين علي علیه السلام وما قالوا له، ثم قال: فصمت علي علیه السلام، فقال عقيل مجيباً وأنتم والله لأشدّ الناس حسداً وأقدم عداوة الرسول الله صلی الله علیه واله وسلم وأهل بيته علیهم السلام، ضربتموها (1) بالأمس، وخرجت من الدنيا وظهرها يدمي، وهي غير راضية عنكما.. .

فاجتمعت نساء بني هاشم في المسجد وصرخن وقلن: أردتم قتل رسول الله صلی الله علیه واله وسلم فلم تقدروا عليه، فقتلتم ابنته بالأمس، وتريدون قتل أخيه؟ واغوثاه بالله وبرسوله! ما من منكر فينكر؟! ما من مسلم يقوم فيتكلّم بالحق بما صنع بوصي رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وخليفته من بعده؟!.. فلم ينبس أحد ببنت شفة إلا نفر يسير جداً... (2)

[ 240] وقال: قال عمر لفاطمة علیها السلام: يا فاطمة ما هذا المجموع الذي يجتمع بين يديك؟! لئن انتهيت عن هذا وإلا لأحرقن البيت ومن فيه!.. (3)

[241] وقال- أيضاً- ما ترجمته- الثامن: وأخذ علياً ملتباً وأجبره على بيعة الخليفة.. .

التاسع: ولما مانعته فاطمة علیها السلام لدفع الباب على بطنها وقتل ولدها بإسقاطه وأحرق باب دارها، وأمر خالدبن الوليد بضربها علیها السلام، فضربها بغمد السيف على عضدها.. فاسودٌ وبقى أثره إلى حين وفاتها.

ص: 308


1- خ.ل: ضربتم ابنته.
2- کامل بهائی: 312/1.
3- المصدر: 24/2.

العاشر: إنه مزّق كتاب فاطمة علیها السلام فى أمر فدك. (1)

[242] وقال- ما ترجمته- أولادها خمسة: الحسن والحسين علیهما السلام وزينب الصغرى وزينب الكبرى التي يقال لها أُم كلثوم- والمحسن الذي أُسقط لما دفع عمر الباب على بطنها، وسبب ذلك ذهاب عمر مع جماعة ليأخذوا من أميرالمؤمنين علیه السلام البيعة لأبي بكر، وكانت فاطمة علیها السلام تمانعهم، وأغلقت باب دارها ووقفت خلف الباب

الله لعلهم يراعون حرمتها.. عفى عن اليهود إذ اختصموا في بنت إمامهم عمران لحضانتها وتربيتها، وأمة محمد صلی الله علیه واله وسلم اختصموا لقتلها!!.. فهناك قالوا: ﴿يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ..﴾ (2) ولكنهم هنا: يلقون (3) أيهم يقتل فاطمة وعلياً والحسن والحسين علیهم السلام!!.. (4)

وتقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [10] و [95].

167 - رضي الدين علي بن يوسف الحلّى (أخو العلامة)

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [173].

168 - الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي

تقدمت له الرواية المرقمة ب_: [173].

169 - عز الدين محمّد بن أحمد بن الحسن الديلمي

[243] نقل عن الزبيري- من أعلام القرن الثالث- في ما احتج به على البشر المريسي أنه قال:... فكيف يكون إجماع لا يحضره أحد من أهل بيت -

ص: 309


1- تحفة الأبرار: 249، (فارسي).
2- آل عمران (3): 44.
3- أي قارعوا بالسهام، واستعمل هنا- كناية- في تشاحهم واختصامهم في الهجوم على البيت.
4- تحفة الأبرار: 166، (فارسي).

رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وكذلك الزبير... أم هل اتفق الناس على أن علياً بايعه؟ فإنهم قالوا بايعه بعد ستة أشهر، بعد ما خاف على نفسه وعلى الخمسة الذي حلّقوا رؤوسهم، وقال بعضهم: بايعه بعد موت فاطمة علیها السلام، وقال بعضهم: أُتي به والحبل في عنقه فقالوا: بايع وإلّا ضرب عنقك!... وكشطوا (1) في ذلك بيت فاطمة علیها السلام وتناولها عمر بسوطه.. (2) ومنه طرحت الجنين من بطنها، وفي ذلك أوصت علياً وابنيها الحسن والحسين علیهم السلام أن يدفنوها بالليل ولا يعلمها أحد منهم، ولا يصلّ عليها أبوبكر ولا عمر.

وكل هذا أنت تعرفه وترويه، إنها.. (3) حتى أحرق أبوبكر بابها، وظلمها فدكاً. (4)

[244] وروى: أنه علیه السلام ما خرج من بيته حتى أحرق بابه، وجرّ إلى البيعة كرهاً. وروي أن عمر قال لعلي علیه السلام: بايع، قال: «فإن لم» (5) قال: ضربنا عنقك. (6)

[245] وقال: وذكر صاحب كتاب الدولتين: إن عمر أخذ ناراً وراح إلى بيت فاطمة علیها السلام فخرجت فاطمة علیها السلام، فقال: قولي لعلي علیه السلام والعباس أن يخرجا وإلا أحرق البيت!.. (7)

وتقدّمت له الروايتان المرقمتان ب-: [230] و [231].

170 - العلامة الحلي

[246] قال: وبعث إلى بيت أميرالمؤمنين علیه السلام- لما امتنع من البيعة - فأضرم فيه النار، وفيه فاطمة علیها السلام وجماعة من بنى هاشم، وأخرجوا عليا علیه السلام كرهاً، وكان معه الزبير فى البيت فكسروا سيفه وأخرجوا من الدار من أخرجوا، وضُربت فاطمة علیها السلام فألقت -

ص: 310


1- قال الجوهري: كَشَطْتُ الجلَّ عن ظهر الفرس، والغطاء عن الشيء، إذا كشفته عنه. انظر الصحاح: 1155/3.
2- بياض في الأصل.
3- هنا كلمة لم أقدر على قراءتها لرداءة النسخة ويحتمل أن يكون: ظلمت.
4- قواعد عقائد آل محمّد علیهم السلام : 239.
5- كذا، والظاهر: فإن لم أفعل.
6- قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام: 270.
7- قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام: 270، هامش شفاء صدور الناس للشرقي الأهنومي 479.

جنيناً اسمه: محسن... ولما حضرته الوفاة [يعني أبابكر] قال: ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه!.. (1)

[247] وقال- بعد نقل بعض فضائل السيدة فاطمة علیها السلام ومناقبها عن كتب العامة- فانظر أيها العاقل! كيف يروي الجمهور هذه الروايات ويظلمونها ويأخذون حقها، ويكسرون، ضلعها، ويجهضون ولدها من بطنها. (2)

وتقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [10] ، [16]، [33].

171 - الشيخ على الخليعي

171- الشیخ علی الخلیعی (3) (المتوفی 750 ه_).

[248] قال:

وهل لبنت نبي أُضرمت شعل *** كما أُطيف به بيتي ليحرقني. (4)

172 - الحسن بن محمد الديملي

[249] روى عن الجابر... قال الأشجع لمولانا الحسين علیه السلام: لأن والدك لم يدخل في بيعة أبي بكر إلا كرها.. وبايعناه طائعين. (5)

وتقدمت له الروايات المرقمة ب_: [10]، [56]، [90]، [133]، [134].

173 - أبو سعيد الحسن بن الحسين الشيعى السبزواري

[250] قال - ما ترجمته - روى الشيخ أبو عبدالله الصفواني (6) عن -

ص: 311


1- شرح التجريد: 376 - 377.
2- نهج الحق: 254.
3- هو أبو الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيزين أبي محمد الخلعي (الخليعي) الموصلي الحلّي من شعراء أهل البيت علیهم السلام ومن غرائب شأنه أنه ولد من أبوين ناصبيين، راجع: الغدير: 9/6 - 19.
4- المنتخب للطريحي: 160/1.
5- إرشاد القلوب: 384/2، بحارالأنوار: 48/29.
6- هو محمدبن أحمد بن عبدالله بن قضاعة (من أعلام القرن الرابع) له كتب عديدة، راجع: ترجمته في الفهرست للشيخ طوسي وغيره.

القاسم بن العلاء عن محمّدبن عبدالله الطايفي، عن محمدبن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: لما قبض رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وبايع الناس أبابكر.. جاء عمربن الخطاب وخالدبن الوليد وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة إلى بيت فاطمة علیها السلام، فقال عمر: اخرج يا أبا الحسن وبايع [أبا بكر]. فقال أميرالمؤمنين علیه السلام: أنا مشغول بمصيبة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وبتمريض فاطمة علیها السلام وبجمع القرآن.. .

..ثم ذكر أن عمر أعاد كلامه ثانياً، وكرّر أميرالمؤمنين علیه السلام الجواب.. فاقتحم هو وأعوانه البيت ولم يلتفتوا إلى منع فاطمة علیها السلام وقولها: إن الله تعالى حرّم عليك دخول داري وإنّي حاسرة.

فصاحت فاطمة علیها السلام وأسرعت إلى تغطية رأسها، فأخرجوا علياً علیه السلام ملتباً فهرولت فاطمة علیها السلام خلفه حافية وهي تصيح.. فأراد خالد أن يردّها إلى البيت فلم يقدر، وقالت.. لا أرجع إلا أن يرجع معي ابن أبي طالب علیه السلام. (1)

ورواه علي بن داود الخادم الأسترآبادي (2) (القرن الحادي عشر).

تقدمت للسبزواري الروايتان المرقتان ب- [95] و [187].

174 - الشيخ حسن بن سليمان الحلي

[251] عن أميرالمؤمنين علیه السلام (في الدعاء على الظالمين): «... فقد أخربا بيت النبوة وردما بابه، ونقضا سقفه، وألحقا سماءه بأرضه، وعاليه بسافله وظاهره بباطنه واستأصلا أهله وأبادا، أنصاره وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيّه..».

ودم أراقوه.. وضلع كسروه.. وصك مزقوة، وشمل بدّدوه وذليل أعزّوه وعزيز اذلوه، وحق منعوه، وإمام خالفوه...». (3)

ص: 312


1- بهجة المباهج: 271 - 272 و ما جاء ذيلا ذكرناه مترجماً مختصراً.
2- أنساب النواصب: 44.
3- المحتضر: 61.

ورواه مع بعض الزيادات الشيخ الكفعمي (1) (المتوفى 905) في المصباح، وفيها «... وجنين أسقطوه... وضلع دقوه...».

وتقدّمت للشيخ الحلّي الروايتان المرقمتان ب-: [56] و [135].

175 - محمد بن جمال الدين مكي العاملي، الشهيد الأول

[252] روى ضمن رواية تقدّم ذكرها (2) عن النبي صلی الله علیه واله وسلم: فقال: «ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك؟» فقلت: «بلى يا أخي يا جبرئيل.!».

فقال: «أما ابنتك فهي أوّل أهلك لحاقاً بك، بعد أن تظلم ويؤخذ حقها، وتمنع إرثها، ويظلم بعلها، ويكسر ضلعها..».

رواه عنه الشيخ محمّد بن علي الجبعي، وعنه العلامة المجلسي. (3)

176 - السيد حيدر العلوي الحسيني الآملي

[253] قال: فلما كان اليوم الثاني من خلافة أبي بكر بن أبي قحافة، وتخلّف علي بن أبي طالب علیه السلام عن بيعة أبي بكر والصلاة خلفه، كثر القال والقيل وجاءت الردّة، وفشا في الناس: إنّ علياً جلس في بيته.. وهو منار الهدى.

فقال أبوبكر لعمربن الخطاب قم بنا نبعث إليه وتتلطف به حتى نخرجه.

فبعث قنفذ إلى باب على علیه السلام، فقالت فاطمة والحسن والحسين : «من هذا؟» فقال: أنا قنفذ رسول أبي بكر بن أبي قحافة خليفة رسول الله، قولي لعلي يدعوك خليفة رسول الله!.. .

قال علي علیه السلام: قولي: ما أسرع ما ادعيت ما لم تكن بالأمس! حين خاطبت الأنصار في ظلّة بني ساعدة، ودعوت صاحبيك عمر وأبا عبيدة».

ص: 313


1- مصباح الكفعمي: 553 - 552: بحارالأنوار: 260/85.
2- راجع الفصل الأوّل.
3- بحارالأنوار: 44/101.

فقالت فاطمة علیها السلام ذلك.

فرجع قنفذ، فقال عمر: ارجع إليه فقل: خليفة المسلمين يدعوك.

فرد قنفذ إلى علي فأدّى الرسالة، فقال علي علیه السلام: «من استخلف مستخلفاً فهو دون من استخلفه، وليس للمستخلف أن يتأمّر على المستخلف..» فلم يسمع له ولم يطع.

فانصرف قنفذ وقام عمر ومعه خالدبن الوليد وعبدالرحمن بن عوف في جماعة من الصحابة، ثم قال لقنفذ ألحقني بالنار والحطب... ففعل، وصاروا بأجمعهم إلى باب علي بن أبي طالب علیه السلام، فقرع الباب قرعاً شديداً، وصاح عمر: إن لم تخرج يابن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقن البيت بمن فيه.

فقامت فاطمة خلف الباب، فضغطها خالدبن الوليد، فصاحت، فضربها قنفذ على ذراعها، وهجموا البيت على علي بن أبي طالب وأخرجوه ، وقالوا: بايع.. فلما انتهوا إلى قبر رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، سمعوا صوتاً لا يشكّون أنه صوت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم يقول: «يا هذا! (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ) (1)».

فلما أتى علي علیه السلام إلى القبر، قال: « ي-(ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) (2)».

وقال... لقد انفتح ذلك الخلاف وانتشرت تلك الأحقاد حتى أرادوا حرق بيت علي علیه السلام ومن فيه، وجرّوه إلى المسجد جراً. (3)

177 - أبو الحسن علاء الدين الحلي

[254] قال:

وأجمعوا الأمر في ما بينهم وغوث *** لهم أمانيهم والجهل والأمل.

ص: 314


1- الكهف (18) 37.
2- الكشكول: 8384، والآية في سورة الأعراف (7): 150 150.
3- المصدر: 120.

أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة *** فيا له حادث مستصعب جلل.

بیت به خمسة جبريل سادسهم *** من غير ما سبب بالنار يشتعل.

وأخرج المرتضى عن عقر منزله *** بين الأراذل محتف بهم وكل.

يا للرجال الدين قل ناصره *** ودولة ملكت أملاكها السفل. (1)

178 - السيد هادي بن إبراهيم الوزير

[255] قال: إن فاطمة علیها السلام لم تتنّ لها الوسادة بعد وفاة أبيها صلی الله علیه واله وسلم، بل كانت ها أيام حياتها بعده سبعين يوماً وليلة ورواه السيد أبو العباس الحسيني في كتاب المصابيح، وهي، وهي هذه الأيام اليسيرة متجرّعة مرهقة بالنوائب، اجتمع عليها في هذه الأيام حزن أبيها- صلوات الله عليه وآله وسلّم- ونزع فدك من يدها، وإنكارهم لها حق الوراثة والنحلة، وهجومهم دارها والتوعيد بتحريقه، وإخراجهم لعلي علیه السلام مجروراً من دار رسول الله صلی الله علیه واله وسلم و وردّهم لشهادته وشهودها.. إلى غير ذلك. (2)

179 - الفاضل المقداد السيوري

[256] قال في شرح قول العلامة الحلي والأدلة في ذلك [أي إمامة أميرالمؤمنين علیه السلام] تحصى كثرةً؛ قال- بعد ذكر جملة منها-:

الخامس: إنه ادعى الإمامة وظهر المعجزة على يده وكل من كان كذلك فهو صادق في دعواه .

أما إنه ادعى الإمامة، فظاهر في كتب السير والتواريخ حكاية أقواله وشكايته ومخاصمته، حتى أنه لما رأى تخاذلهم عنه قعد في بيته واشتغل بجمع كتاب ربّه، وطلبوه للبيعة فامتنع.. فأضرموا في بيته النار وأخرجوه قهراً. (3)

ص: 315


1- الغدير: 391/6 - 392.
2- نهاية التنويه في إزهاق التمويه: 122.
3- النافع يوم الحشر (المطبوع باسم الباب الحادي عشر مع شرحيه): 49.

[257] وقال: إن علياً علیه السلام وجماعة لما امتنعوا عن البيعة، والتجأوا إلى بيت فاطمه علیها السلام منكرين بيعته، بعث إليها عمر حتى ضربها على بطنها، وأسقطت سقطاً اسمه: محسن، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت - وفيه فاطمة علیها السلام وجماعة من بني هاشم- فأخرجوا علياً علیه السلام لا قهراً بحمائل سيفه يقاد. (1)

180 - الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس

[258] قال في كشف اللثالي لما أوقف [علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين] علیه السلام تكلّم فقال: «أيتها الغدرة الفجرة... أو تضرب الزهراء نهراً، (2) ويؤخذ منا حقنا قهراً وجبراً، فلا نصير، ولا مجير ولا مسعد، ولا منجد.

فليت ابن أبي طالب مات قبل يومه فلا يرى الكفرة الفجرة قد ازدحموا على ظلم الطاهرة البرّة.. فتباً تباً.. وسحقاً سحقاً! ذلك أمر إلى الله مرجعه، وإلى رسول الله صلی الله علیه واله وسلم مدفعه، فقد عزّ على ابن أبي طالب أن يسود متن فاطمة ضرباً، وقد عُرف مقامه وشوهدت أيامه.. فلا يثور إلى عقيلته، ولا يصرّ دون حليلته.. فالصبر أيمن وأجمل والرضا بما رضي الله به أفضل، لكيلا يزول الحق عن وقره، ويظهر الباطل من وكره... حتى ألق ربي فأشكو إليه ما ارتكبتم من غصبكم حقي، وتماطلكم صدري وهو خير الحاكمين..». (3)

181 - عز الدين المهلبي الحلّي

تقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [10] و [12].

ص: 316


1- اللوامع الالهية: 301 - 302.
2- ويحتمل أن يكون في الأصل نهزاً بالزاي المعجمة.
3- الصوارم الحاسمة للمحدث الآغا فتح الله الكمالي الأسترآبادي، حكاه عنه السيد المير جهاني في كتاب الجنة العاصمة: 252؛ وكذا في مصباح البلاغة: 285/1؛ وانظر: الشمس الضحى للسيد مرتضى المرعشي: 154 (عن نسخة خطية).

182 - عماد الدين القرشي

[259] قال [بعد ذكر رواية تدل على ولادة المحسن علیه السلام فى زمن الرسول الأعظم صلی الله علیه واله وسلم وأنه سماه بذلك]: وفي هذه الرواية دليل على أن محسناً ولد على عهد النبي صلی الله علیه واله وسلم، والأشهر الذي عليه الإجماع أن النبي صلی الله علیه واله وسلم سماه وهو في بطن أمه، وأنها حين راعها عمر بن الخطاب ودفع على بطنها الباب. (1)

183 - العلامة الشيخ زين الدين العاملي البياضي

[260] قال: منها أنه طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين علیه السلام لما امتنع هو وجماعة من البيعة... (2)

[261] وقال: ... و این زهد عمر مع كشفه بیت فاطمة وضربها ؟ مع ما في الفظاظة والغلظة. (3)

[262] وقال: وهذا عمر.. هم بإحراق بيت فاطمة علیها السلام... (4)

[263] وقال: واشتهر فى الشيعة أنّه حَصَرَ فاطمة في الباب حتى أسقطت محسناً .. ورواه البلاذري. (5)

وتقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [6]، [10]، [98]، [101]، [102]، [103]، [104]، [109]، [183]، [210].

184 - ضياء الدين بن سدید الدين الجرجاني

[264] قال- ما ترجمته -: إن أبا بكر وعمر وعثمان - الذين عدّهم -

ص: 317


1- عيون الأخبار: 6 والقرشيّ هذا من علماء الإسماعيلية.
2- الصراط المستقيم: 301/2.
3- المصدر: 94/3.
4- المصدر: 239/3.
5- المصدر: 12/3.

المخالفون أئمة لهم- هم الذين آذوا فاطمة علیها السلام وجاؤوا بالحطب إلى باب دارها ليحرقوا بيتها، وغصبوها فدكاً ظلماً وقد أعطاها النبي صلی الله علیه واله وسلم بأمر من الله

سبحانه وتعالى. (1)

وقال- في عداد من قتل من أولاد المعصومين علیهم السلام في الطفولية - الأول محسن استشهد في بطن أمه فاطمة علیها السلام بسبب ضربة عمر. (2)

185 - الشيخ خضر بن شمس محمد بن على الرازي

[265] قال: ما رواه الشيعة وكثير من أهل السنة: إنه علیه السلام لم يبايع حتى صار عمر بیته (3) بقبس من نار ليحرق عليه وعلى فاطمة وعلى ولديها الحسن والحسين علیهم السلام البيت، فخرج مكرهاً وبايع. (4)

186 - الشيخ مفلح ... ابن صلاح البحراني

[266 ] روى عن أحمد بن حنبل ، عن رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «النظر إلى وجهك يا بيبي علي! عبادة، أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة، فمن أحبّك فقد أحبّني

الله وعدوّك عدوّي وعدوّي عدو الله.. الويل لمن أبغضك..». (5)

ثم قال:... فما ظنّكم في من أزاله عن مقامه، وتولّى على ملك ابن عمه وضرب زوجته بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم سيدة نساء العالمين، وهم بإحراق بيتها، ومنعها إرثها من أبيها.. (6)

ص: 318


1- رسالة عقائد مذهب شيعه، في ضمن رسائل الجرجاني: 210 - 211 (فارسي).
2- ضميمة رسالة عقائد الدينية: 1.
3- كذا، والظاهر: إلى بيته.
4- التوضيح الأنور: 15.
5- فضائل الصحابة لأحمد: 642/3، المناقب للخوارزمي: 327.
6- إلزام النواصب: 153- 154.

187 - الشيخ مغامس الحلي

[267] قال:

والطهر فاطمة زوى ميراثها *** شر الأنام ودمعها مسكوب.

من بعد ما رمت الجنين بضربة *** فقضت [بذاك] وحقها مغصوب. (1)

188 - الشيخ مفلح الصيمري

[268] قال:

وقادوا علياً في حمائل سيفه *** وعمار دقوا ضلعه وتهجموا.

على بيت بنت المصطفى، وإمامهم *** ينادي: ألا في بيتها النار أضرموا.

وتغصب ميراث النبي محمد *** وتوجع ضرباً بالسياط وتلطم. (2)

189 - الشيخ الكفعمي

تقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [151]، [158]، [177]، [226]، [251].

190 - ابن أبي جمهور الأحسائي

[ 269] قال: ... أما الخليفة الثاني... قام وقعد في توطئة الأمر لأبي بكر حتى توعد الناس ممن تأخر عن بيعته بالضرب والقتل وأراد حرق بيت فاطمة علیها السلام امتنع علي علیه السلام و بعض بني هاشم من البيعة، وضغطها بالباب حتى أجهضت جنينها، وضربها قنفذ بالسوط عن أمره حتى أنّها ماتت وألم السياط في جسمها... (3)

ص: 319


1- المنتخب: 69/2.
2- المنتخب: 137/1.
3- مناظرات في الإمامة: 378. وفي مأساة الزهراء علیها السلام: 90/2 عن مناظرة الغروي الهروي ص: 47-48.

[270] وقال: فخر (1) علي علیه السلام ملتباً للمبايعة، وتوعد جماعة بني هاشم بالشرّ، وأحرق بيت فاطمة علیها السلام ودخل بغير إذنها، بل هجموا عليه كما يهجم على بيوت أهل الكفر، ولم يراع حرمة آل الرسول الله صلی الله علیه واله وسلم، وضربت ابنة الرسول الله صلی الله علیه واله وسلم، العزيزة عليه، المكرّمة لديه- بالسوط حتى أثر السوط فى جسمها الشريف، وضغطت بالباب حتى أجهظت جنيناً في بطنها كان سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: محسناً، وكل ذلك وقع لأجل تلك البيعة... (2)

[271] وقال: ومزّق كتاب فاطمة علیها السلام- وقد كتب لها أبو بكر بردّ فدك والعوالي- وضربها قنفذ بالسوط بأمره، وضغطها هو بالباب حتى أجهضت جنينها.. كل ذلك رواه الثقاة في سيرهم، حتى أنّ أهل السنة حاولوا الأعذار عنها بالجوابات اعترافاً بصحة وقوعها. (3)

[272] وقال: روي أن النبي صلی الله علیه واله وسلم، زار فاطمة علیها السلام يوماً، فصنعت له عصيدة من تمر، فقدّمتها بين يديه فأكل هو وعلى وفاطمة والحسنان، فلما فرغوا من الأكل مسجد النبي صلی الله علیه واله وسلم، فأطال السجود، ثم بكى في سجوده، ثم ضحك، ثم جلس.. فقال أميرالمؤمنين علیه السلام: «يا رسول الله، لم سجدت، وبكيت، وضحكت؟» فقال صلی الله علیه واله وسلم «لما رأيتكم مجتمعين سررت بذلك، فسجدت لله شكراً، فهبط جبرئيل وأنا ساجد فقال: إنّك سررت باجتماع أهلك؟ فقلت: نعم، فقال: إنّي مخبرك بما يجري عليهم: إنّ فاطمة تغصب وتظلم حقها، وهي أول من يلحقك، وأميرالمؤمنين يظلم حقه ويضطهد ويقتل ولدك الحسن بالستم بعد أن يؤخذ حقه، وولدك الحسين يظلم ويقتل ولا يدفنه إلا الغرباء.. فبكيت». (4)

ص: 320


1- كذا، ويحتمل أن يكون في الأصل: فخرج.
2- المجلى: 417.
3- المصدر: 434.
4- عواني اللتالي: 199/1.

191 - المحقق الثاني الكركي العاملي

[273] قال: إنه قد روى نقلة الأخبار ومدوّنو التواريخ- ومن تصفّح كتب السير علم صحة ذلك- : إن عمر لما بايع صاحبه وتخلف علي علیه السلام عن البيعة، جاء إلى بيت فاطمة علیها السلام لطلب علي علیه السلام إلى البيعة، وتكلّم بكلمات غليظة، وأمر بالحطب ليحرق البيت على من فيه، وقد كان فيه أميرالمؤمنين علیه السلام وزوجته وأبناؤه ومن انحاز إليهم: الزبير وجماعته من بني هاشم... (1)

[274] وقال: .. فإنه من حين ولّى أبو بكر احتف به جماعة من قريش وذوبان العرب، أصحاب الحقد والحسد على أميرالمؤمنين علیه السلام، تبين أنهم يدالون عن أهل البيت علیهم السلام بمنع الإرث والنحلة والخمس والطلب إلى البيعة بالإهانة والتهديد بتحريق البيت وجمع الحطب عند الباب وإسقاط فاطمة محسناً.. (2)

وتقدمت له الرواية المرقمة ب_: [10].

192 - أبو الفتح بن مخدوم العربشاهي الجرجاني

[275] قال: وأيضاً بعث إلى بيت أميرالمؤمنين علیه السلام لما امتنع عن البيعة فأضرم فيه النار وفيه سيدة نساء العالمين. (3)

193 - المحقق الأردبيلي

[276] قال في تعليقته على شرح القوشجي القوشجي للتجريد- بعد الإشارة إلى كلام المحقق الطوسي- وقد زيد في بعض الكتب أنه أخرجوا أميرالمؤمنين علیه السلام وضربوا فاطمة علیها السلام حتى أسقطت جنيناً اسمه محسن، وكان الإضرام متحققاً، وهذا ما -

ص: 321


1- نفحات اللاهوت: 78.
2- نفحات اللاهوت: 130.
3- مفتاح الباب: 199 (المطبوع مع الباب الحادي عشر)، تحقيق الدكتور مهدي محقق.

صرّح [القوشجي] في الجواب عنه بالمنع.. إلى أن قال: وأنت إذا أنصفت تعلم أنه كان واقعاً على ما نقل في كتب العامة والخاصة. (1)

[277] وقال- ما ترجمته- أرسل أبوبكر إلى أميرالمؤمنين علیه السلام أن يخرج من بيته ويبايعه.. و ذلك بعد أن بايعه الناس، إلا جمع من بني هاشم مع أميرالمؤمنين علیه السلام وأصحابه، فإنه أبى أن يبايعه فأضرموا النار بباب داره- وكان فيها أميرالمؤمنين وفاطمة علیهما السلام وجماعة من بني هاشم- وكانت فاطمة علیها السلام خلف الباب فدفعوا الباب على بطنها فأسقطت الولد المسمى ب-: المحسن علیه السلام من بطنها.

وأكثر هذه القضايا ظاهرة بحيث لا تقبل الإنكار لوجودها في كتب العامة، ولهذا نقلها الملا علي [أي القوشجي] ولم يردّ عليها شيئاً. (2)

[278] وقال- أيضاً ما ترجمته -: مما ذكر في كتب الفريقين- الشيعة والعامة - واشتهر على الألسنة والأفواه أنّ أميرالمؤمنين علیه السلام لما رأى من الناس [العدول عن الحق] مثل ما صنعه قوم موسى- على نبينا وآله وعليه السلام.... صمت واعتزل الناس... ولزم عقر داره... إلى أن اشتعلت نار نفاق أصحاب الشيطنة بعد أن مهدوا لها وتشاوروا فيها، وقطعوا أمرهم بينهم وعزموا على الذهاب إلى بيته لمطالبته بالبيعة الخليفتهم.. .

فذهب عمربن الخطاب وعبدالرحمن بن عوف وقنفذ- الذي كان من أقرباء الخليفة الأوّل [كذا]- وجمع آخر من المنافقين شاهرين سيوفهم، ومعهم عبد لهم حمل الحطب على عاتقه والنار بيده وقالوا في ما بينهم: لو تلكأ وامتنع من المجيء نحرق البيت ومن فيه.. فلما وصلوا إلى البيت.. رفعوا أصواتهم.. وناداه كل واحد منهم بلسان وخاطبه بخطاب، منها قولة عمر: افتحوا الباب وإلا أحرقناه عليكم... .

وكانت السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام محزونة مغمومة باكية في فراق أبيها.. فلمّا رأت سوء فعالهم وقلة حيائهم نادت: يا أبتاه! يا رسول الله! واغوثاه! وامصيبتاه!...».

ص: 322


1- الحاشية على إلهيات شرح الجديد للتجريد: 258 - 259.
2- رسالة أُصول الدين ضمن هفده رساله: 306 (فارسي).

ومع أن صوتها الحزين أثر في ملائكة السماء ولكنّه لم يؤثر في تلك القلوب القاسية. ولم يؤثر جزعها- سلام الله عليها-.

وحيث عرف عمر أنها تمنعهم من فتح الباب ودخول الدار، فلذا عصرها بين البابين عصراً شديداً فأنت أنيناً جزعت لها حملة العرش، ثم غشي عليها وأسقطت جنينها.

ولا ينافي ما ذكرناه رواية إحراق الباب، إذ ورد في بعض الروايات: أن الباب قد أحترق بعضها، وبقي منه شيئاً ركله عمر برجله وفتح الباب المحروق فكسره بعد أن ضربت الباب بطن السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام، فسقطت على الأرض مغشية عليها وقد أسقطت جنينها.

فلما دخل عمر تزايد حقده الدخين وعداوته على أهل البيت علیهم السلام مما سهل عليه جنايته، ولذا أشار إلى قنفذ اللعين المؤتمر بأمره، فضرب بالسياط على كتفها.. فتورّم وبقى أثره، وكان مجروحاً إلى حين وفاتها.

ورأى خالدبن الوليد ما صنعه مولاه وسيّده عمر وجسارته وسوء أدبه، فضرب السيّدة المعصومة الطاهرة بغلاف السيف طلباً لمرضات صاحبه.

بل أسند بعض الثقاة إسقاط الحمل إلى ما صنعه خالد!..

وكيف كان ما جناه خالد وقنفذ إنّما كان بسبب عمر وما جناه وصنعه. (1)

وقال- أيضاً ما ترجمته-: ومن مطاعنه [أي عمر] الذي يساوق جميع مطاعنه: أنه لمّا أمر بإتيان النار لإحراق بيت فاطمة علیها السلام علم أن فاطمة- سلام الله عليها- خلف الباب أمر بضربها، ودفع الباب على بطنها، وضرب غلامه بالسياط على كتفها فأسقطت ولدها وبقي عليها أثر الضرب، ومرضت من ذلك ثم مات بسببه.. وهذا كله كان بأمر من عمر.(2)

ص: 323


1- حديقة الشيعة: 30 (فارسي).
2- حديقة الشيعة: 265 - 266.

194 - السيد شرف الدين الأسترآبادي

تقدّمت له الروايات المرقمة ب_: [124]، [145]، [146].

195 - أحمد بن تاج الدين الأسترآبادي

[29] قال- ما ترجمته: فأرسل أبوبكر عمربن الخطاب والمغيرة وخالدبن الوليد مع جماعة إلى بيت علي علیه السلام، وقال:... خذو لي البيعة من علي وإلّا فاحضروه عندي.

فذهبوا إلى باب الوحي وأدوا مهمتهم، فقال علي علیه السلام: «أنا مشغول عنكم بمصيبة النبي صلی الله علیه واله وسلم، واعتزلت في ناحية ولا شغل لي بأحد... لا أُبايع أبابكر ولا أخرج من بيتي».

فاقتحم عمر وجماعة منهم الدار ولم يستأذنوا فاطمة وعلياً علیه السلام وأخرجوا علياً علیه السلام كرهاً وبشدّة، فخرجت فاطمة علیها السلام... والحسن والحسين علیهما السلام يعدوان خلفها، وكلما جهد خالدبن الوليد أن يردّها لم يقدر على ذلك، فلم ترجع فاطمة علیها السلام ودَعَتْ على خالد وشكت إلى الله من عمر. (1)

وتقدّمت له الرواية المرقمة ب_: [10].

196 - محمد بن إسحاق الحموي

[280] قال- ما ترجمته ... ولم يستح أولئك القوم ولم يكتفوا بذلك، بل طلبوا البيعة من أميرالمؤمنين علیه السلام، فاحتج عليهم في أمر الخلافة ونازعهم وشاجرهم ثم خرج من المجلس، فلما رأوا امتناعه علیه السلام من البيعة أحرقوا باب داره، وضرب عمر بن الخطاب بغلاف السيف على جنب سيدة نساء العالمين علیها السلام، وكانت علیها السلام حاملة -

ص: 324


1- آثار احمدي: 393 (فارسي).

بولد كان قد سماه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: محسناً، فاستشهد المحسن مسقطاً. (1)

197 - مؤلّف كتاب التهاب نيران الأحزان

197- مؤلف کتاب التهاب نیران الأحزان. (2)

[281] قال: إنّ عمر جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين وأتى بهم إلى منزل أميرالمؤمنين علیه السلام، فوافوا بابه مغلق (3) فصاحوا به اخرج يا علي... فإن خليفة رسول الله يدعوك.. فلم يفتح لهم الباب.

فأتوا بحطب فوضعوه على الباب، وجاؤوا بالنار ليضر موه فصاح عمر وقال: والله لئن لم تفتحوا لنضر منه بالنار.

فلمّا عرفت فاطمة علیها السلام لأنّهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب.

فدفعها القوم قبل أن تتوارى عنهم، فاختبت (4) فاطمة علیها السلام وراء الباب (5) والحائط.

ثمّ إنّهم تواثبوا على أميرالمؤمنين علیه السلام وهو جالس على فراشه واجتمعوا عليه حتّى أخرجوه سحباً من داره ملبياً (6) بثوبه يجرونه إلى المسجد، فحالت فاطمة بينهم وبين بعلها وقالت:

«والله لا أدعكم تجرّون ابن عمّي ظلماً.. ويلكم! ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت! وقد أوصاكم رسول الله صلی الله علیه واله وسلم باتباعنا ومودتنا والتمسك بنا». (7)

قال: فتركه أكثر القوم لأجلها.

ص: 325


1- أنس المؤمنين: 52 (فارسي).
2- لم تعرف المؤلّف، ولكنه كان من أعلام القرن 7 إلى 10، راجع: الذريعة: 288/2.
3- كذا، والظاهر: مغلقاً.
4- خ.ل: فاختفت.
5- خ.ل: غضها بالباب والحائط، فدفعها عمر ضغطها بين الباب.
6- كذا. والظاهر: مليباً.
7- خ.ل: فقال الله تعالى: (قل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). [الشورى (42): 23].

فأمر عمر قنفذ بن عمران (1) يضربها بسوطه، فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثر في جسمها الشريف، وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها - وقد كان رسول الله صلی الله علیه واله وسلم سماه، محسناً-... وجعلوا يقودون أميرالمؤمنين علیه السلام، (2) حتّى أوقفوه بين يدي أبي بكر.

فلحقته فاطمة علیها السلام إلى المسجد لتخلّصه، فلم تتمكن من ذلك، فعدلت إلى قبر أبيها فأشارت إليه بحزنة ونحيب وهي تقول:

«نفسي على زفراتها محبوسة *** يا ليتها خرجت خرجت مع الزفرات.

لا خير بعدك في الحياة وإنّما *** أبكي مخافة أن تطول حياتي».

ثمّ قالت: «وا أسفاه عليك يا أبتاه وأنكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبو سبطيك الحسن والحسين، ومن ربّيته صغيراً، وواخيته كبيراً، وأجل أحبائك لديك، وأحبّ أصحابك عليك، أوّلهم سبقاً إلى الإسلام ومهاجرة إليك.. يا خير الأنام! فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير...».

تم إنها أنّتْ أنّة وقالت: «وا محمداه واحبيباه وا أباه وا أبا القاسماه وا أحمداه! وا قلة ناصراه واغوثاه واطول كر بتاه واحزناه وامصیبتاه! واسوء صباحاه! ».

.. وخرّت مغشية عليها، فضجّ الناس بالبكاء والنحيب، وصار المسجد مأتماً.. ثم إنهم أوقفوا أميرالمؤمنين علیه السلام بين يدي أبي بكر وقالوا له: مد يدك فبايع! فقال: «والله لا أُبايع.. والبيعة لي في رقابكم».

فروي عن عدي بن حاتم أنه قال: والله ما رحمتُ أحداً قط رحمتي عليّ بن أبی طالب علیه السلام الحین أتی به ملبياً (3) بثوبه يقودونه إلى أبي بكر، وقالوا: بايع، قال: «فإن لم أفعل؟» قالوا: نضرب الذي فيه عيناك.

ص: 326


1- كذا، ولعله ابن عمه أن يضربها.
2- خ.ل: إلى المسجد.
3- كذا، والظاهر: ملبياً.

قال: فرفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم إني أشهدك أنهم أتوا أن يقتلوني.. فإنّي عبدالله وأخو رسول الله» فقالوا له: مدّ يدك فبايع.

فأبى عليهم، فمدوا يده كرهاً، فقبض على أنامله فراموا بأجمعها (1) فتحها فلم، يقدروا، فمسح عليها أبوبكر - وهو (2) مضمومة- وهو يقول وينظر إلى قبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «ي ﴿ابْنَ أُمّ إِنَّ القومَ اسْتَضْعَفوني وَكَادُوا يَقْتُلُونَنى﴾». (3)

قال الراوي: إنّ عليّاً علیه السلام خاطب أبابكر بهذين البيتين:

«فإن كنت بالشورى ملكت أُمورهم *** فكيف بهذا والمشيرون غيب.

وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم *** فغيرك أولى بالنبي وأقرب».

وكان علیه السلام كثيراً ما يقول :

«وا عجباه! تكون الخلافة بالصحابة.. ولاتكون بالقرابة والصحابة؟». (4)

وفي رواية أخرى: فلما رأى أميرالمؤمنين علیه السلام من الصحابة الخذلان والوهن دخل بيته بالكآبة والحزن بكبد حرّاء، ومقلة عبراء.. يبكي بكاء الثكلى.. (5)

ورواه المحدث الفيض الكاشاني (6) (المتوفى 1091).

وروى قطعة منها السيد تاج الدين العاملي (7) (القرن الحادي عشر) ورواه الميرزا محمدبن محمد رضا القمي (القرن الثاني عشر) مختصراً. (8)

ص: 327


1- كذا، والظاهر: بأجمعهم.
2- كذا والظاهر وهى.
3- الأعراف (7): 150.
4- التهاب نيران الأحزان: 84-87: وصححنا المتن من كتاب علم اليقين، وبينهما اختلافات كثيرة رأينا الإعراض عنها أولى. وروى البيتين وكذا قوله: واعجباه.. إلى آخره في نهج البلاغة: 167، وشرح نهج البلاغة: 416/18.
5- علم اليقين: 682/2.
6- علم اليقين: 686/2 - 688: نوادرالأخبار: 183 - 182.
7- التتمة في تواريخ الأئمة علیهم السلام: 52، وراجع صفحة: 43.
8- كاشف الغمة: 48.

198 - الحسين العقيلي الرستمداري

[282] قال- ما قال- ما ترجمته: إن فاطمة علیها السلام كانت دائماً مهمومة محزونة باكية إلى أن فارقتها الحياة وذلك بسبب ما أوردوه عليها [أي غصب فدك]... وكذا لأجل ذهاب عمر إلى دارها وضربه برجله على الباب فأصاب بطنها وأسقط ولدها المحسن علیه السلام الذي سبق أن أخبر به رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، بل وأراد إحراق دارهم ومطالبتهم علياً علیه السلام أن يبايع أبابكر.. وغير ذلك مما وقع عليها من الظلم.. حتى أنها كانت تشكو من جفاء المنافقين إلى آخر أيام حياتها، سلام الله وصلاته عليها. (1)

199 - الفقيه المحقق السيد محمد العاملي

[ 283] قال: إن سبب قال: إن سبب خفاء قبرها علیها السلام ما رواه المخالف والمؤالف من أنها علیها السلام أوصت إلى أميرالمؤمنين علیه السلام أن يدفنها ليلاً لئلا يصلّي عليها من آذاها ومنعها ميراثها من أبيها صلی الله علیه واله وسلم. (2)

200 - القاضى نور الله التستري

[284] قال: امتنع علي علیه السلام من البيعة ولزم بيته... إلى أن وقع ما نقله أهل الأحاديث والأخبار واشتهر كالشمس في رابعة النهار. (3)

وقال - ما ترجمته -: ... إن هؤلاء أحرقوا بيت فاطمة علیها السلام، وغصبوا حقها، فهل استطاع علي علیه السلام وأصحابه أن يمنعوهم من ذلك، ويدافعوا عن أهل البيت علیهم السلام؟ (4)

وتقدمت له الرواية المرقمة ب_: [153].

ص: 328


1- رياض الأبرار: 33.
2- مدارك الأحكام: 279/8.
3- إحقاق الحق: 366/1.
4- مصائب النواصب، ترجمة ميرزا محمد علي المدرسي: 129.

201 - المحقق عبد الرزاق اللاهيجى

[ 285] قال- ما ترجمته-: وقد ثبت عندنا وعند العامة: أن السيدة فاطمة علیها السلام تأذت بسبب أبي بكر ولم ترض عنه إلى أن ماتت وأوصت أن لا يصلّي عليها.. وهذا موجود في أكثر كتبهم.

الرابع: إنه قصد إحراق بيت أميرالمؤمنين علي علیه السلام، وأحرق عمر باب داره بأمر أبی بكر. وفي البيت علي والحسن والحسين علیهم السلام وجماعة من بني هاشم أراد بذلك تخويفهم حتى يخرجهم البيعة أبي بكر. (1)

202 - الشرقي الأهنومي

[286] روى عن عبدالله بن يعقوب، عن أبي الهيثم [و] ابن لهيعة أن عليا علیه السلام لزم بيته وكره الخروج إليهم- ومعه المقداد وسلمان والزبير- فجاء عمر بن الخطاب بالحطب والنار لتحرق عليهم أو يخرجوا يبايعوا لأبي بكر.. فلما خافوا ذلك خرج علي علیه السلام ومن معه، فذهبوا به إلى أبي بكر فبايعوا. (2)

و تقدمت له الروايات المرقمه ب-: [12]، [11]، [139] ، [140]، [141].

203 - امير شعراء اليمن : الهَبَل

[287] قال:

ولاه أحمد في الغدير ولاية *** أضحت مطوّقةً بها الأعناق.

حتّى إذا أجرى إليها طرفه *** حادوه عن سنن الطريق وعاقوا.

ما كان أسرع ما تناسوا عهده *** ظلماً ، وحُلّت تلكم الأطواق.

ص: 329


1- گوهر مراد: 564 - 565 (فارسی).
2- شفاء صدور الناس: 479.

إلى أن قال:

فهناك يدعو: كيف كانت فيكم *** تلك العهود وذلك الميثاق.

الآن حسين نكثتم عهدي وذا *** ق أقاربي من ظلمكم ما ذاقوا.

وأخي غدت تسعى له من نكتكم *** حيّات غدر سُمّهنٌ زُعَاق.

وسنتتم من ظلم أهلي سنةً *** بکم اقتدى في فعلها الفسّاق.

وبسعيكم رمي الحسين وأهله *** بكتائب غصت بها الآفاق.

وكذاك زيد أحرقته معاشر *** ما إن لهم يوم الحساب خلاق.

من ذلك الحطب الذي جمعتُم *** یوم السقيفة ذلك الإحراق. (1)

وقال في موضع آخر:

تجاروا على ظلم الوصي وربّما *** تجارى على الرحمن من لا يراقبه.

ولم يُرجعوا ميراث بنت محمد *** وقد يُرجع المغصوب من هو غاصبه.

إلى أن قال:

أما لو دَرى يوم السقيفة ما جنى *** لشابت من الأمر الفظيع ذوائبه.

إلى أن قال:

وكل مصاب نال آل محمد *** فليس سوى يوم السقيفة جاليه. (2)

204 - الملا محمد باقر اللاهيجى

[288] قال - عند ذكر أولادها، ما ترجمته - والمحسن الذي أسقط لستة أشهر... قاتلها [أي قاتل فاطمة علیها السلام] الخليفة الثاني؛ إذ ضرب الباب على بطنها... وضربها غلامه قنفذ بالسياط وكسر يدها... حتى أنهم أرادوا يحرقوها مع من في بيتها. (3)

ص: 330


1- ديوان الهبل 9 - 10 (ط الدار اليمنية).
2- المصدر: 11-13.
3- تذكرة الأئمة علیهم السلام: 63 - 64 (فارسی).

205 - علي بن داود الخادم الأسترآبادي

[289] وفي رواية: إنهم أحرقوا الباب ودخلوا الدار.. وكان عمر يقول: والله لأحرقنّ البيت عليكم أو تخرجون لبيعة أبي بكر.. ثم لما دخلوا الدار دفع الباب بيده على فاطمة علیها السلام فأسقطت المحسن علیه السلام، وضرب غلامه بالسياط على كتفها وبقي أثره إلى حين. (1)

وتقدّمت له الروايتان المرقمتان ب_: [95]، [250].

206 - أسد الله بن ظهير الدين على الدواني

[290] قال- عند ذكر سبب شهادتها علیها السلام- فاطمة الزهراء علیها السلام.. القتل بضرب الباب. (2)

207 - العلامة الشيخ محمّد تقي المجلسي

[291] قال: وشهادتها- صلوات الله عليها- كانت من ضربة عمر الباب على بطنها منذ إرادة [كذا] أميرالمؤمنين لبيعة أبي بكر، وضرب قنفذ- غلام عمر- السوط عليها بإذنه.

.. والحكاية مشهورة عند العامة والخاصة، ومفصله في كتاب سليم. (3)

208 - المولى محمد صالح المازندراني

[292] قال... الشهيد من قتل من المسلمين في معركة القتال المأمور به شرعاً، ثم اتسع فأطلق على كل من قتل منهم ظلماً كفاطمة علیها السلام؛ إذ قتلوها بضرب الباب على بطنها- وهى حامل- فسقط حملها فماتت لذلك. (4)

ص: 331


1- أنساب النواصب: 45، وراجع أيضاً: 95.
2- تحقيق أنساب أئمة الطاهرين علیهم السلام- فى ضمن مجموعة خطية-: 749.
3- روضة المتقين: 342/5.
4- شرح الكافي: 207/7 (ط الأسلامية).

209 - الفيض الكاشاني

[293] قال- عند ذكر عمر..... وإضرامه النار في بيت علي ليحرقه وفيه فاطمة وجماعة من بني هاشم. (1)

وتقدمت له الرواية المرقمة ب-: [281].

210 - العلامة المجلسي

[294] قال- ما ترجمته- قد تبيّن من الروايات المستفيضة المحفوفة بالقرائن الجليّة أنّهم روّعوا السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام، بل ضربوها بالسياط على وجهها ورأسها، وبغمد السيف.. إلى أن صارت مجروحة ، وأسقطت جنينها، وماتت وهي غضبى عليهم. (2)

[ 295] عليها وقال: إن شهادة فاطمة الزهراء علیها السلام من المتواترات. (3)

[296] وفي رواية: إن عمر بن الخطاب والمغيرة بن شعبة دفعا الباب معاً على بطنها وقتلوا ولدها... (4)

ورواها محمد تقي سپهر الكاشاني (المتوفى 1321)، وزاد في آخرها: وبعد ذاك ضعفت فاطمة علیها السلام وتركت علياً علیه السلام. (5)

وقد روى العلامة المجلسي كثيراً من الروايات الماضية في بحار الأنوار كما أشرنا إليها في الهوامش.

ص: 332


1- علم اليقين: 700/2.
2- حق اليقين: 19 (فارسي ط الإسلامية).
3- مرآة العقول: 318/5.
4- جلاء العيون: 144.
5- ناسخ التواريخ- ترجمة فاطمة الزهراء: 97.

211 - الشيخ صفى الدين بن فخر الدين الطريحي

[297] قال: فأما ادّعاؤه الإمامة فتواتر النقل عنه في كتب السير والتواريخ، ومعلوم بالضرورة مخاصمته إياهم حتى أنه لما تخاذلوا عن نصرته احتجب عنهم واشتغل بجمع كتاب ربّه، ولما طلبوه ليبايع امتنع إلى أن أضرموا في بيته النار وأخرجوه قهراً، وقال له عمر: لنقتلك.. (1)

212 - الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني

[298] قال: لا ريب أنه لم يبلغ أحد في بغض أهل البيت علیهم السلام مبلغ عمر.. كيف وقد ردّ فدك، ومزّق الكتاب الذي كتبه أبوبكر لها، وضربها بالسوط قنفذ بأمره ، ومنع أهل البيت علیهم السلام من خمسهم، وعزم على إحراق بيت فاطمة علیها السلام وحمل الحطب لذلك، ودفعها بالباب وأسقطها.. إلى غير ذلك. (2)

213 - ضياء الدين يوسف بن يحيى الحسني اليمني الصنعاني

[299] قال وولدت لعلى الحسن والحسين علیهم السلام، وأسقطت المحسن علیه السلام: بتشديد المهملة المكسورة- قيل: الفزع السقيفة. (3)

214 - الشيخ محمد بن عبد الفتاح المشهور ب_: سراب التنكابني

[300] قال: ومنها: كشف بيت فاطمة علیها السلام، وعدم رعاية حرمتها، وعدم -

ص: 333


1- مطارح النظر في شرح الباب الحادي عشر: 107.
2- ذخيرة يوم المحشر (في ضمن مجموعة رسائل له: 98 - 99.
3- نسمة السحر: 472/2.

الاحتراز عن غضبها الذي هو غضب رسول الله صلی الله علیه واله وسلم... مع شهرة هذا الفعل الشنيع. (1)

215 - الإمامى الخاتون آبادي

[301] قال- ما ترجمته-:.... وعلى رواية: إن عمر مع ثلاثمائة من أعوانه هجم على بيتها لأخذ البيعة من أميرالمؤمنين علیه السلام، وكانت فاطمة الزهراء علیها السلام خلف الباب آخذة بعضادة الباب -بقوّة- لتمنعهم عن الدخول.

فلكز عمر برجله الباب فانقلعت، وأصاب بطنها فأسقطت جنينها المحسن ومرضت من ذلك الضرب إلى أن استشهدت.

وأيضاً؛ لما أرادوا أن يُخرجوا أميرالمؤمنين علیه السلام من منزله، أخذوا يجرون الحلس الذي كان عليه، فأخذت فاطمة علیها السلام بطرف الحلس- مع ما كانت عليه من وجع البطن- فمنعتهم من ذلك، فأخذ عمر سيف خالد بن الوليد وضرب بالغلاف على كتفها -ثلاثاً - حتى جرحه، وبقيت تلك الجراحة على كتفها إلى أن ماتت علیها السلام.

وفي بعض الروايات أن الضارب كان قنفذاً. (2)

وقريب منها ما رواه الجرمقي البسطامي الخراساني (3) (القرن الثالث عشر).. إلى أن قال: وكان أحد طرفي الحبل بيد خالد وطرفه الآخر بيد عمر بن الخطاب. (4)

[302] وقال الخاتون آبادي عند ذكر أولادها علیها السلام- ما ترجمته-:

المحسن؛ وهو الذي لما قرب ولادته علیه السلام، ضرب عمر الباب على بطن فاطمة علیها السلام فأسقطته. (5)

ص: 334


1- سفينة النجاة: 191.
2- جنات الخلود: 19 (فارسي).
3- خزائن المصائب: الباب الثاني: 11.
4- المصدر: 14.
5- جنات الخلود: 19.

216 - الشريف أبو الحسن بن محمّد طاهر النباطى العاملي

[303] قال : وفي روايات أهل البيت علیهم السلام: إنّ عمر دفع باب البيت ليدخل، الا وكانت فاطمة علیها السلام وراء الباب، فأصابت بطنها فأسقطت من ذلك جنينها المسمّى ب-: المحسن، وماتت بذلك الوجع. (1)

[304] وقال:... فثبوت أذية الرجلين لفاطمة علیها السلام غاية الأذى غاية الأذى يوم مطالبة علي علیه السلام بالبيعة، حتى الهجوم على بيتها ودخوله بغير إذن، بل ضربها وجمع الحطب لإحراقه، وكذا أذيتها في أخذ فدك منها ومنع إرثها ، وقطع الخمس.. ونحو ذلك، ووقوع المنازعة بينها وبين من آذاها وتحقق غضبها وسخطها على من عاندها إلى أن ماتت على ذلك، فمما لا شك فيه عندنا معشر الإمامية، بحسب ما ثبت وتواتر من أخبار ذريتها الأئمة الأطهار علیهم السلام والصحابة الأخيار كما هو مذكور في كتبهم، بل باعتراف جماعة من غيرهم أيضاً. (2)

217 - العلامة المحقق الخواجوئي المازندراني

[305] قال: أما إيذاؤهم فاطمة علیها السلام فمشهور، وفي كتب الجمهور مسطور. بعث أبوبكر إلى أميرالمؤمنين علیه السلام لما امتنع من البيعة، فأضرم فيه النار وفيه فاطمة علیها السلام وجماعة من بني هاشم، وأخرجوا عليا علیه السلام، وضربوا فاطمة علیها السلام فألقت فيه جنينها. (3)

218 - المحدّث الجليل الشيخ يوسف البحراني

[306] قال: ... وأخرجه قهراً مقاداً يساق بين جملة العالمين، وأدار الحطب على بيته ليحرقه عليه وعلى من فيه، وضرب الزهراء علیها السلام حتى أسقطها جنينها، ولطمها -

ص: 335


1- ضياء العالمين: 0546/1.
2- ضياء العالمين: 557/1.
3- الرسائل الاعتقادية: 444/1. وراجع أيضاً : 465،446،301.

حتى خرّت لوجهها وجبينها وخرجت لوعتها وحنينها.

مضافاً إلى غصب الخلافة - الذي هو أصل هذه المصائب - وبيت هذه الفجائع والنوائب... (1)

219 - حيدر علي بن ميرزا محمد الشرواني

[307] قال - في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ الدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (2) -: كغصب فدك والخلافة، والتمهيد لقتل الذرية الطاهرة، وتأسيس أساس ذلك، وضرب جنب سيدة نساء العالمين وإسقاط ما في بطنها، ودق ضلعها. (3)

220 - محمد باقر الشريف الحسيني الأصفهاني

[308] قال- ما ترجمته-: ورد في الأخبار... إن فاطمة علیها السلام ترد المحشر في حالة لا يقدر أحد على أن ينظر إلى وجهها ... وهى تحمل ولدها المحسن الذي أسقط وله ستة أشهر - وهي باكية متوجهة إلى عرش ربّ العالمين... (4)

[309] وقال- ما ترجمته-:... وألقوا الحبل في عنق بعلها ليخرجوه، فمنعتهم ونادت: «يا أبتاه!»! فضربها عمر بالسياط وكسر، عضدها، وضربها بغلاف السيف في جنبها وهي مع ذلك لا تفارق بعلها علیه السلام إلى أن وصلوا إلى عتبة الباب؛ وكان القوم خارج الدار مجتمعين- معهم خالد بن الوليد - وسيوفهم مصلتة وقد سحبوا أميرالمؤمنين علیه السلام معهم، وحينذاك دفعوا الباب على بطنها، وكسروا أضلاعها، -

ص: 336


1- الحدائق الناضرة: 180/5، وله في ذلك كلام آخر في الشهاب الثاقب: 230 - 231، فراجع.
2- البقرة (2): 204 - 205.
3- رسالة في ما ورد في صدر هذه الأمة: 121.
4- نور العيون، ج 2: المجلس الثالث (فارسي).

واستشهد ولدها- وكان له ستة أشهر، وقد سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: محسناً- فأسقط في تلك الساعة، فخرجوا بأميرالمؤمنين علیه السلام إلى المسجد.. وخرجت فاطمة علیها السلام خلفه وهي مجروحة باكية، ومعها نساء بني هاشم متوجهين إلى قبر النبي صلی الله علیه واله وسلم... (1)

221 - العلامة المولى مهدي النراقي

[310] قال- ما ترجمته-: .. إنهم أضرموا النار على باب دار [تعد دار] رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، وفعلوا بأميرالمؤمنين وفاطمة علیهما السلام.. ما فعوا!! (2)

222 - السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي

[311] قال:

بهم سيئت الزهرا وأُوذي أحمد *** وصنو النبي المصطفى خاتم الرسل.

وما ضرّ مجد المرتضى ظلمهم له *** ولا فلتة منهم وشورى ذوي خذل.

.. إلى أن قال:

هما أسسا ظلم الهداة وقد بنى *** غواتهم بغياً على ذلك الأصل.

ولولاهم ما كان شورى ونعثل *** ولا جمل والقاسطون ذوو الدخل.

.. إلى أن قال:

ولا سيئت الزهرا ولا ابتر حقها *** ولا دفنت سرّاً بمحلولك الطفل. (3)

223 - المخزون السلماسي

[312 ] قال- ما ترجمته -: روي أنه لما ضربوا فاطمه بالسياط وقعت -

ص: 337


1- نور العيون، ج 2: المجلس الثالث (فارسي).
2- أنيس الموحدين: 180.
3- مستدركات أعيان الشيعة: 332/2 - 333.

مغشية عليها.. ولما أفاقت وفتحت عينيها رأت أولادها باكين مستوحشين.. وقد ملأ الأعداء، فقامت وذهبت إلى سيد الوصيين ومنعتهم من إخراج أميرالمؤمنين علیه السلام... فضربها قنفذ- أو عمر على رواية- بالسياط على عضدها فانكسر وتورّم ولكنها مع ذلك لم تترك عليا علیه السلام، إلى أن ضربوها [بالباب] على بطنها، فانكسر أضلاع جنبيها .

وفي رواية: ركل عمر برجله الباب فأصابت الباب بطنها وأسقطت المحسن علیه السلام. (1)

224 - الشيخ جعفر كاشف الغطاء

[313] قال: .. ومنه: إحراق بيت فاطمة الزهراء علیها السلام لما جلس فيه على علیه السلام ومعه الحسنان علیهما السلام وامتنع عن المبايعة... (2)

225 - السيد محمد باقر الموسوي

[314] قال- ما ترجمته-: روي بأسانيد معتبرة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق علیهما السلام: انه لما أخرجوا أميرالمؤمنين علیه السلام إلى المسجد، لحقته فاطمة علیها السلام وهي مجروحة غضبانة محزونة صارخة.. وتصحبها جميع الهاشميات إلى قبر النبي صلی الله علیه واله وسلم. (3)

ورواه الجرمقي البسطامي الخراساني. (4)

وقال الموسوي- عند ذكر إحراق الباب وقصد إحراق البيت-: وشهرة هذه القضية عند الشيعة لا تقصر عن قتل عثمان وقضية كربلاء. (5)

ص: 338


1- مصائب الأبرار: 27 - 28.
2- كشف الغطاء: 18.
3- بحر الجواهر: 219.
4- خزائن المصائب: الباب الثاني.
5- بحر الجواهر: 231.

226 - الحاج محمد حسن القزويني

[315] قال- ما ترجمته-:... فاستدعى [عمر] ناراً وأحرق الباب، وحيث شبّت النار في عتبة الباب سعوا في فتحها بشدّة وعنف، وكانت السيدة المعصومة عليها السلام وراء الباب ملتصقة بها، وحيث دفعوها بقوة وقعت الباب عليها.. ثم ضربوها بغمد السيف والسياط وبقى أثرها واسود جسمها... فاجتمع حول البيت أكثر من خمس مائة رجل فهجموا على الدار، وألقوا الحبل في عنق أميرالمؤمنين علیه السلام، فحالت بينهم وبينه فاطمة علیها السلام ضعفها مما جرى عليها- فضربها قنفذ بالسياط على يدها، وعصروها بين عضادتي الباب فكسروا جنبها، وأسقط ولدها الذي كان له ستة أشهر.. (1)

227 - محمد هادي النائيني

[316] قال- ما ترجمته... روي أنه لما أرادوا إخراج أميرالمؤمنين علیه السلام، من الدار منعتهم فاطمة الزهراء فاطمة الزهراء علیها السلام، فضرب عمر بالسياط على عضدها فتورّم وانكسر ولكنها وقفت خلف الباب وتعلقت بأميرالمؤمنين علیه السلام، بيدها الأخرى وأبت أن تفارقه... فأخبر أبو بكر بذلك، فأمر بضربها وإيذائها كي ترفع اليد عن ابن عمها.. وقال: عجّلوا في إتيانه للبيعة وإلا تحدث فتنة.. فلما بلغ الخبر إلى المهاجمين دفعوا الباب بقوة- مع علمهم بكونها خلف الباب- فكسروا أضلاعاً من جنبها، وأسقط ولدها- الذي كان قد سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: محسناً- وصار شهيداً، فوقعت فاطمة علیها السلام، على الأرض وغشي عليها، ومن هذه الآلام ماتت فاطمة علیها السلام. (2)

228 - العلامة السيد عبد الله شبّر

[317]: قال ومنها: أنه هم بإحراق بيت فاطمة وقد كان فيه أميرالمؤمنين -

ص: 339


1- رياض الشهادة في مصائب السادة: 122/1.
2- لسان الذاكرين: 14/1 - 95.

وفاطمة والحسنان علیهما السلام، وهددهم وآذاهم مع ما عرفت من تظاهر الروايات من أنّ «من آذاهم فقد آذى رسول الله صلی الله علیه واله وسلم». (1)

[318] وقال في موضع آخر: وفي رواية أُخرى: إن المغيرة بن شعبة- بأمر عمر- دفع الباب على بطنها حتى ألقت محسناً. (2)

229 - محمد (مهدي) بن علي أكبر الخراساني المشهور ب_: فرشته

روايات فى بكاء أمير المؤمنين علیه السلام حين تغسيل فاطمة علیها السلام

روایات فی بکاء امیرالمؤمنین علیه السلام حین تغسیل فاطمة علیها السلام. (3)

[319] قال الخراساني- ما ترجمته: قالت فضّة: لما فرغ أميرالمؤمنين علیه السلام من تغسيل مولاتي فاطمة الزهراء علیها السلام خرج باكياً. (4)

[320] وقال- أيضاً ما ترجمته -: قال ورقة بن عبدالله: كنت قائماً على باب دار سيد الأوصياء أميرالمؤمنين علیه السلام- حين اشتغاله بتغسيل فاطمة علیها السلام- فإذا سمعته يبكي بكاءً عالياً مما لم أعهد نظيره منه علیه السلام، فتعجبت من ذلك كيف لم يتصبّر علیه السلام هنا وقلت: سبحان الله! أهكذا يصنع علي علیه السلام- مع اللا شدة صبره وحمله وسكونه؟! - وصممت على ملامته عند خروجه.. فلما فرغ من التغسيل خرج ودموعه تسيل من عينيه .

فقلت: ما يبكيك يا أبا الحسن أمن فقد [فراق] الزهراء علیها السلام؟!

فقال: لا، ياورقة، ما يبكيني إلّا أثر السياط بجسمها، اسود كأنه النيل.. [كذا] -

ص: 340


1- حق اليقين: 188/1 (ط صيدا).
2- جلاء العيون: 193/12 (ط النجف).
3- أقول: نقلت هذه الروايات من كتب المتأخرين؛ لأن قضيّة بكانه علیه السلام حين التغسيل مشهور عند الشيعة غير إنی- لقصوري - ما وفقت للعثور عليها في كتب القدماء.
4- ماتمكده: المجلس الثالث عشر (فارسي).

فهكذا تحشر يوم القيامة وتلقى الله. (1)

وقريب منها ما ورواه الشيخ عبدالخالق بن عبدالرحيم اليزدي (2) (المتوفى 1268)، والشيخ حسين بن عبدالرزاق التبريزي (القرن الثالث عشر)، (3) والشيخ محمد جواد اليزدي المشهدي الشيباني، (4) والجرمقي البسطامي الخراساني. (5)

وأشار إليه الخطيب الحاج ملا إسماعيل السبزواري (المتوفى 1312) إجمالاً، فقال- مترجماً -: وبكى أميرالمؤمنين علیه السلام حين تغسيل فاطمة علیها السلام إذ رأى جنبها المكسور. (6)

وأشار إليه الشيخ محمّدباقر الفشاركي (المتوفى 1314) بما ترجمته... ولا أدري ماذا جرى على أميرالمؤمنين علیه السلام حين تغسيله الفاطمة علیها السلام حينما رأى جنبها المكسور واسوداد عرض وجهها من لطمة عمر.. فبكى علیه السلام بكاءً عالياً بحيث سمع أنينه في أزقة المدينة.. كما يظهر ذلك من رواية ورقة بن عبدالله. (7)

[321] ونقلها السيد محمد باقرالمجتهد الكنجوي عن ورقة بن عبدالله هكذا - مترجماً - كنت جاراً لعلي علیه السلام فسمعت أنينه وبكاءه في جوف الليل، فخرجت وقرعت الباب، فلما فتح الباب، قلت: إن العرب يعيبون أن يبكي الرجل ويندب في فقد زوجته.

فقال: «يا ورقة! لم أبك لفقدها، بل رأيت آثار الرفسة والسياط في يدها وجنبها عند غسلي لها، ولا زال متنها مسوداً من أثر السياط، وركلها بالباب». (8)

ص: 341


1- ما تمكده المجلس الثالث عشر (فارسي).
2- مصائب المعصومين (مصائب الأئمة علیهم السلام): 127؛ بيت الأحزان لليزدي: 33.
3- بشارة الباكين: 26.
4- شعشعة الحسينية الملا: 144 - 145.
5- خزائن المصائب: الباب الثانى.
6- جامع النورين: 244.
7- عنوان الكلام: 142، المجلس الخامس والعشرون.
8- مرقاة الإيقان: 125/1.

وقال في موضع آخر- ما ترجمته - فكأنه قال: ماذا أصنع يا ورقة؟ لقيت حين الغسل آثار الرفسة والسياط في جنب بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم بعد مضي شهرين. (1)

[322] وقد تقدم (2) - عن الشيخ النقدي (المتوفى 137)- ضمن رواية عن أميرالمؤمنين علیه السلام أنه قال: «.. وإني لما وضعتها على المغتسل وجدت أضلاعها مكسوراً وجنبها قد اسود من ضرب السياط، وكانت تخفي ذلك علي، مخافة أن يشتد حزني..». (3)

وورد في بكائه علیه السلام روايات أُخرى يناسب ذكرها هنا:

[323] قال حسن بن علي اليزدي (المتوفى 1297 ) - ما ترجمته.. فاشتغل أميرالمؤمنين علیه السلام بتغسيل فاطمة علیها السلام، وكانت أسماء بنت عميس تصبّ الماء على يده وهو يغسلها من تحت ثيابها..

قالت أسماء: فرأيت في أثناء ذلك أن علياً علیه السلام قد رفع صوته بالبكاء مع ما كان عليه من التجلّد- فقلت: يا علي يحق لك البكاء في مثل هذه المصيبة العظمى والبلية الكبرى.. ولكن لم ارتفع صوتك بالبكاء من دون اختيار؟

فقال علیه السلام: «يا أسماء رأيت السواد على طرف وجه فاطمة علیها السلام، وبقاء أثر اللطم عليه واحمرار عينها كالدم، وتورّم عضدها كالدملج». (4)

[324] وفي رواية أخرى: قال علي علیه السلام: «يا رسول الله! هذه أمانة ليلة الزفاف رددتها إليك»، فخرج من القبر صوت : «يا علي!.. في تلك الليلة لم يكن ضلعها مكسوراً، ولا وجهها مسوداً، ولا عينها محمرة». فبكى أميرالمؤمنين علیه السلام وقال: «يا رسول الله! أنت تعلم ممن صدرت هذه الأفعال...». (5)

ص: 342


1- مرقاة الإيقان: 112/1.
2- راجع آخر الفصل الثالث.
3- الأنوار العلوية، للشيخ جعفر النقدي: 214 (الطبعة الحجرية. 306 - 307 الطبعة الحروفية)
4- أنوار الشهادة فى مصائب العترة الطاهرة علیها السلام: 207-208.
5- المصدر السالف: 209.

وقال الشيخ محمد علي الكاظمي (المتوفى 1281).

[325] قالت زينب علیها السلام: رأيت - حين تغسيل أُمي علیها السلام- سواد جنبها،- فسألت أبي علیه السلام فقال: «هذا أثر السياط..». (1)

وقال صدر الواعظين القزويني - ما ترجمته -:

[326] وأوصته علیها السلام أن لا يجردها حين الغسل، بل يغسلها، وعليها قميصها، والسر في ذلك، كأنها تقول بلسان الحال يا علي! إني لشدة محبّتي وشفقتي عليك أردت أن لا ينكسر خاطرك بشيء، ولذا فقد كتمت عنك آثار ضرب الغلاف والرفسة التي كانت بجسمي .

واويلاه! حينما كان أميرالمؤمنين علیه السلام مشغولاً بغسل السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام إذ رأى سواد عضدها وجنبها، فصاح صيحة سمعها الناس من خارج الدار. (2)

أقول: يحتمل أن يكون بكاء أميرالمؤمنين علیه السلام وصيحته لأجل ملامسة يده الجسد المتورّم، أو الضلع المكسور- كما يقال - وأطلقت الرؤية على ذلك مجازاً، كما يقول الأعمى أيضاً لشيء مسّه سابقاً أنا رأيت ذلك.

وإنما نستبعد الرؤية بالعين لأجل ما ورد من نهيها علیها السلام عن كشف لباسها، وهو ما رواه جمع من العامة من أن فاطمة علیها السلام لبست ثيابها الجدد- قبل وفاتها بلحظات- بعد أن اغتسلت وأمرت أن لا تكشف إذا قبضت. (3)

وفي بعض النصوص أنها قالت: «ولا يكشفن أحد لى كتفاً». (4)

فإنّها علیها السلام- لشدّة محبّتها لأميرالمؤمنين علیه السلام كما يظهر لمن راجع سيرتها علیها السلام - ليلا أرادت أن لا تقع عينا أميرالمؤمنين علیه السلام على آثار الضربات الصادرة من المهاجمين -

ص: 343


1- حزن المؤمنين: 61.
2- المجلد الثاني من رياض القدس المسمّى ب-: حدائق الأنس: 255 (فارسي).
3- المعجم الكبير للطبراني: 399/22، حلية الأولياء: 43/2؛ مسند أحمد: 461/6 - 462: الاصابة: 1379/4 البداية والنهاية: 350/5: وفاء الوفاء: 903/3: ذخائر العقبى: 53 - 54: أُسد الغابة: 590/5؛ مجمع الزوائد: 210/9- 211: مقتل الخوارزمي: 81/1 (ط النجف): العمدة لابن بطريق: 451.
4- الطبقات لابن سعد: 27/8؛ الإصابة: 379/4؛ سير أعلام النبلاء: 95/2.

على بيتها لاسيّما الأثر الباقي في كتفها من غمد السيف أو السياط، وإنها لبست ثيابها الجدد لئلا يرى ثيابها المضرّجة بالدم.

نعم، هذا هو السرّ في قول أميرالمؤمنين علیه السلام- مخاطباً لرسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «..فأحفها السؤال، واستخبرها الحال..» إذ معنى الإحفاء هو المبالغة والإلحاح. (1)

كأنّ أميرالمؤمنين علیه السلام يقول: إنها كاتمة لما جرى عليها ولا يسع استكشاف الحال إلا بعد الإصرار والمبالغة.

230 - العلامة السيد محمد قلى الموسوى الهندي (والد صاحب العبقات)

[327] قال- ما ترجمته ملخّصاً-: إن تهديدهم وتخويفهم للسيدة فاطمة الزهراء علیها السلام بإحراق بيتها، والإتيان بالحطب والنار.. وإيذاء عمر وجسارته بكل ذلك... مما ثبت بنصوص وروايات من ثقاة أهل السنة وأعاظم محدّثيهم وتمن يعتمدون عليه عندهم. (2)

ثم أخذ في بيان كلماتهم ورواياتهم في ذلك.

231 - السيد محمد النقوي الهندي

[328] قال... وأيضاً فإرادتها [أي الأول والثاني] لإحراق بيت فاطمة الزهراء علیها السلام على من فيه أظهر من الشمس وأبين من الأمس، ولغاية وضوحه له وشهرته لا يقدر أحد على إنكاره، حتى أن الفاضل المعاصر الدهلوي اعترف به في التحفة الاثنى عشرية.. (3)

ص: 344


1- قال الطريحي: وفي حديث على علیه السلام مع رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «وستنبتك ابنتك النازلة بك فأحفها السؤال»، أي استقصها فيه تحكي لك ما صدر من المنافقين وأعداء الدين. راجع: مجمع البحرين: 104/1.
2- تشييد المطاعن: 434/1.
3- طعن الرماح المسمّى ب-: الفوائد الحيدرية: 93.

ثم أخذ في بيان بعض ما رواه أهل السنّة في ذلك.

232 - المؤرخ الشهير صاحب ناسخ التواريخ ، سپهر

[329] قال - بعد الإشارة إلى ما نقل عن العامة -ما ترجمته.. ومن الواضح عند كل عاقل لبيب: أن لا يتأتى إخراج مثل أميرالمؤمنين علیه السلام علي من بيته بدون ضرب السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام وشتمها وإيذائها.. (1)

233 - الحاج ملا إسماعيل السبزواري

[330] قال- ما ترجمته ملخّصاً.... فكتب لها بردّ فدك، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر وقال: يا بنت محمّد؟ من أين لك هذا الكتاب؟ قالت «هذا كتاب كتبه أبوبكر لي بردّ فدك»، قال: هلميه وأرنيه.. فأبت أن تدفعه إليه فلطمها على وجهها فانكسر قرطها، فارتفع صوتها بالأنين والبكاء قائلة:

«يا أبتاه! انظر إلى ابنتك المظلومة... كنا في حياتك معظمين وأصبحنا بعدا مذلّلين».

«قد كان بعدك أنباء وهنبئة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب».

فسمع الناس صوتها، فاجتمعوا إليها لينظروا ما جرى عليها، فتغيّر عمر، وقال: تريد فاطمة أن تخوفني؟! فتقدّم إليها ورفسها برجله.. وكانت حاملة، فأوجع جنبها وبطنها، ثم أخذ الكتاب وتفل فيه ومزّقه.

فلما أفاقت فاطمة علیها السلام نظرت إلى قطعات الكتاب في المسجد تلعب بها الريح فقالت: «مزّق الله بطنك كما مزّقتَ كتابي» ثم استندت بإحدى يديها إلى الجدار وجعلت الأخرى على جنبها وكرّت راجعة إلى بيتها، وبعدها سقطت على الأرض ونادت «قتلني عمر».

ص: 345


1- تناسخ التواريخ: - الخلفاء -: 58/1 (فارسي، ط الثانية).

فجاء أميرالمؤمنين علیه السلام وجلس عندها، وقال: «يا فضة! عليك بها فقد جاءها المخاض»، ثم جاءت فضّة بعد ساعة وهو تحمل لقافة فقال علیه السلام: «ما معك يا فضّة؟» قالت: يا سيدي ولدك المحسن الذي أسقط!. قال: «واريه في فناء البيت».. فلم تزل فاطمة علیها السلام بعد ذلك ملازمة للفراش حتى أخرج علي علیه السلام جنازتها. (1)

234 - العلامة السيد اسماعيل الطبرسي النوري

[331] قال - بعد ذكر ما رواه لنا العامة- ما ترجمته- هذه ملخص ما ذكره علماؤهم في كتبهم، ولم أذكر ما نقله أصحابنا عنهم خوفاً للإطالة والإطناب ولا يخفى- على المنصف - صراحتها في ظلمهم وإيذائهم لأهل البيت علیهم السلام.

وأما الشيعة؛ فقد ثبت عندهم بالأخبار المتواترة القطعية تفصيل هذه الواقعة.. لاسيما ما جرى على السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام. (2)

235 - الشيخ محمد تقي المعروف ب_: آغا نجفي

[332] قال- ما ترجمته- وأما الشهيدة فتواتر عند الشيعة عن الأئمة؛ المعصومين علیهم السلام أن عمر وقنفذاً دفعا الباب على بطنها، فأسقطت ولدها الذي سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: محسناً فمرضت من ذلك، ثم عرجت روحها الطاهرة إلى أعلى عليين. (3)

236 - الشيخ محمد باقر القايني البيرجندي

[333] قال- بعد ذكر إرسال قنفذ ورجوعه- كما مر- ما ترجمته:.. ثم جمع عمر جمع عمر عدة وجاء معهم إلى بيت فاطمة علیها السلام، وصرخ يا علي اخرج -

ص: 346


1- جامع النورين: 206 - 207، (ط العلمية الإسلامية).
2- كفاية الموحدین: 128/2 (فارسی).
3- أسرار الزيارة بهامش حقائق الأسرار: زيارة فاطمة علیها السلام.

وبايع وإلّا أحرقت بيتك بما فيه.. فلاذت فاطمة علیها السلام خلف الباب، وقالت: «يا فلان! ما لنا ولك؟».

قال: افتحي الباب وإلّا أحرقنا عليكم بيتكم.

قالت: «يا فلان أما تتقي الله؟! لا تدخل عليّ بيتي».

فعلم عمر أنهم لا يفتحون الباب، فطلب النار والحطب وحوّط بهما الدار، ولكن برجله الباب بعد ما احترق بعضه- فقلعه ودخل البيت فصاحت فاطمة قائلة: «يا أبتاه! يا رسول الله صلی الله علیه واله وسلم!...» فرفع عمر سيفه وضرب بغلافه على كتف فاطمة علیها السلام، فاستغاثت بأبيها رسول الله صلی الله علیه واله وسلم.. فضربها عمر بالسياط على ذراعها، فصاحت فاطمة ونادت: «يا رسول الله! لبئس ما خلفك فلان وفلان».

ثم أرسلوا إلى أبي بكر يطلبون منه النصرة.. وذلك بإرسال جمع آخرين. فلمّا كثر عددهم جعلوا الحبل في عنق حبل الله المتين أميرالمؤمنين علیه السلام.

وفي رواية: فجروه بحمائل سيفه وذهبوا به إلى المسجد، فمنعتهم فاطمة علیها السلام فضربها قنفذ بالسياط بشدّة على عضدها بحيث بقي أثره إلى آخر عمرها، ولكنها مع ذلك لم تتخلّ عن بعلها بل بقيت تمانعهم- أشدّ المنع- عن إخراج أميرالمؤمنين علیه السلام. وحيث رأى عمر تلك الحالة أشار على قنفذ فضرب الباب على بطنها وعصرها حتّى كسر ضلعاً من أضلاعها، وأسقطت جنينها الذي كان قد سماه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: محسناً.

وصارت السيدة المظلومة- بسبب ما جرى عليها- طريحة الفراش إلى أن فارقتها الحياة.. وهى مظلومة شهيدة - صلوات الله عليها-. (1)

237 - المحدّث الخبير الشيخ عباس القمي

[334] قال.. ومما ذكرنا ظهر شدّة مصيبة أميرالمؤمنين علیه السلام وعظم صبره بل يمكن أن يقال: إن بعض مصائبه أعظم مما يقابله من مصيبة ولده الحسين علیه السلام الذي

تصغر عند مصيبته كل المصائب.

ص: 347


1- الكبريت الأحمر: 277 (فارسي).

فقد ذكرت في كتاب المترجم ب: نفس المهموم- في وقائع عاشوراء عن الطبري أنه حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين علیه السلام برمحه، ونادى: عليّ بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصاح (1) النساء وخرجن من الفسطاط، فصاح به الحسين علیه السلام: «يابن ذي الجوشن! أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي؟! أحرقك الله بالنار».

قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم، قال: قلت الشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله! إنّ هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين؟ تعذَّب بعذاب الله، وتقتل الولدان والنساء، إن في قتلك الرجال لما ترضى به أميرك، قال: فقال: من أنت؟ قلت: لا أخبرك من أنا.. وخشيت- والله - لو عرفني أن يضرني عند السلطان، قال: فجاء رجل كان أطوع له مني: شبث بن ربعی فقال: ما رأيت مقالاً أسوأ من قولك، ولا موقفاً أقبح من موقفك أمُرْعِباً للنساء صرتَ؟ قال: فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف!...

أقول: هذا شمر مع أنه كان جلفاً جافاً قليل الحياء- استحيا من قول شبث، ثم انصرف !! وأمّا الذي جاء إلى باب أميرالمؤمنين وأهل بيته علیهم السلام وهددهم بتحريقهم، وقال: والذي نفس عمر بيده ليخرجنّ أو لأحرقته على ما فيه.. فقيل له: إن فيه فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله و آثار رسول الله صلی الله علیه واله وسلم.. أنه لم يستحي ولم ينصرف.. بل فعل ما فعل.. .

ولم يكن لأميرالمؤمنين علیه السلام من ينصره ويذبّ عنه إلا ما روي عن الزبير أنه لما رأى القوم أخرجوا عليا له من منزله ملتباً أقبل مخترطاً سيفه، وهو يقول: يا معشر بني عبد المطلب أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء.. وشدّ على عمر ليضربه بالسيف، فرماه خالدبن الوليد بصخرة، فأصابت قفاه وسقط السيف من يده بده، فأخذه عمر وضربه على الصخرة فانكسر.

وروى الشيخ الكليني، عن سدير، قال: كنا عند أبي جعفر علیه السلام فذكرنا ما أحدث -

ص: 348


1- كذا، والظاهر: فصاحت.

الناس بعد نبيهم واستذلالهم أميرالمؤمنين علیه السلام، فقال رجل من القوم: أصلحك الله! فأين كان عزّ بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟! فقال أبو جعفر علیه السلام: «ومن كان بقي من بني هاشم؟ إنما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقى معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام عباس وعقيل، وكانا من الطلقاء، أما والله لو أنّ حمزة وجعفراً كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما». (1)

238 - السيد ناصر حسين الهندي

[335] قال: ومن الفجائع التي تبكي لها عيون الإسلام والدين، والوقائع التي أحرقت قلوب المؤمنين والموقنين.. ما ارتكبه عمربن الخطاب من الظلم العظيم الذي أوجب سقوط المحسن من بطن سيدتنا فاطمة الزهراء علیها السلام.

وهذه الواقعة الهائلة قد بلغ خبرها حد التواتر واليقين عند أهل الحق المبين. (2)

239 - الشيخ علي أكبر النهاوندي

[336] قال علیه السلام- ما ترجمته- الإيماض الأول: إن واقعة حمل عمر الحطب وإتيانه بالنار إلى دار فاطمة علیها السلام لإحراقها بمن فيه كان بأمر من أبي بكر.. وهذا واضح ومشهور عند الفريقين من علمائهم وعوامهم، أما عند الخاصة؛ فكأنّها من الضروريات، وأما عند العامة، فذكرها أكثر مؤلفيهم ومصنفيهم في كتبهم بما هناك في خصوصيات هي مشهورة عند الخاصة. (3)

240 - الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء

[337] قال: طفحت و استفاضت كتب الشيعة من صدر الإسلام القرن -

ص: 349


1- بيت الأحزان: 102-103.
2- إفحام الأعداء والخصوم: 93/1.
3- أنوار المواهب: 97 - 98.

الأول مثل كتاب سليم بن قيس- ومن بعده إلى القرن الحادي عشر وما بعده.. بل وإلى يومنا، كل كتب الشيعة التي عنيت بأحوال الأئمة وأبيهم الآية الكبرى وأُمّهم الصدّيقة الزهراء- صلوات الله عليهم أجمعين- وكل من ترجم لهم وألف كتاباً فيهم.

أطبقت كلمتهم تقريباً- أو تحقيقاً- في ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة: أنها بعد رحلة أبيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها، ولطموا خدّها حتى احمرت عينها، وتناثر قرطها وعصرت بالباب حتى كسر ضلعها، وأسقطت جنينها، وماتت وفي عضدها كالدملج.

ثم أخذ شعراء أهل البيت- سلام الله عليهم- هذه القضايا والرزايا ونظموها في أشعارهم ومراثيهم وأرسلوها إرسال المسلّمات من الكميت [المتوفى 126]، والسيد الحميري [المتوفى،179، أو 173]، ودعبل الخزاعي [المتوفى 245] والنميري [المتوفى،210]، والسلامي [المتوفى 393]، وديك الجنّ [المتوفى 236]. ومن بعدهم ومن قبلهم إلى هذا العصر... (1)

ثم استبعد أن تصل يد الأجبني إلى بدن الصدّيقة علیها السلام ووجهها (أي من دون الثياب والستر).

وقال تلميده السيد الطباطبائي في التعليقة- بعد تصديق أُستاذه كاشف الغطاء في هذا الاستبعاد، وأن مراده نفي ذلك لا الضرب من وراء الرداء : كيف وقد طفحت واستفاضت كتب الشيعة من صدر الإسلام إلى اليوم وأطبقت كلمتهم أنها ضربت بعد أبيها حتى كسر ضلعها، وأسقطت جنينها، وماتت وفي عضدها كالدملج. (2)

241 - العلامة الشيخ محمد حسين المظفر

[338] قال- بعد ذكر بعض المصادر عن العامة -: ومن عرف سيرة عمر -

ص: 350


1- جنة المأوى: 133 (ط دار الأضواء بيروت). ونقلنا وفيات الشعراء من تعليقته ومن بعض كتب التراجم.
2- هامش جنة المأوى: 133.

وغلظته مع رسول الله صلی الله علیه واله وسلم قولاً وفعلاً، لا يستبعد منه وقوع الإحراق فضلاً عن مقدماته. (1)

وقال: بالجملة؛ يكفي في ثبوت قصد الإحراق رواية جملة من علمائهم له، بل رواية الواحد منهم له لاسيما مع تواتره عند الشيعة.. (2)

242 - العلامة شرف الدين

[339] قال- بعد بیان اختلافهم في السقيفة- فدعاه النظر للدين إلى الكفّ: عن طلب الخلافة والتجافي عن الأمور، علماً منه أن طلبها- والحال هذه- يستوجب الخطر بالأُمّة والتغرير في الدين، فاختار الكفّ إيثاراً للإسلام، وتقديماً للصالح العام تفضيلاً للآجلة على العاجلة.. غير أنه قعد في بيته ولم يبايع حتى أخرجوه كرهاً، احتفاظاً بحقه واحتجاجاً على من عدل عنه.. (3)

وقال: فهل يكون العمل بمقتضيات الخوف من السيف أو التحريق بالنار إيماناً بعقد البيعة؟!

ثم قال في التعليقة: تهديدهم علياً علیه السلام بالتحريق ثابت بالتواتر القطعي. (4)

243 - الشيخ محمد مهدي الحائري المازندراني

[340] روى عن بعض كتب التواريخ: (5) لما بايع الناس الأوّل، دخل عليه الثاني وقال له: ما أغفلك عن بيعة على والعبّاس؟ قال: ولم؟ قال: لاحتجابهما عنك، فقال له الأول ذرهما وما يريدان يفعلان، فقال له الثاني: إن لم تفعل لأفعلن.. ثم -

ص: 351


1- دلائل الصدق: 52/3 (ط بیروت).
2- المصدر: 53/3.
3- المراجعات: 270.
4- المراجعات: 266. تعليقة رقم 71.
5- أقول: وفي مجموعة من المخطوطات- للقرن العاشر- تشتمل على كتاب إلزام النواصب وغيره، وجد الرواية مع زيادات كثيرة ونقصان، أشرنا إلى بعض موارد الخلاف في التعليقة.

خرج مغضباً، وجعل ينادي القبائل والعشائر: أجيبوا خليفة رسول الله.. فأجابه الناس من كل ناحية ومكان، فاجتمعوا عند مسجد رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، فدخل الثاني على الأول وقال له قم، فقد جمعت لك الخيل والرجال.. فخرجا وخرج معها المغيرة بن شعبة ، وجمع حزمة من حطب العوسج ، وأمر بغيلان (1) فحملها على عاتقه، ثم ساروا يريدون منزل على.

قال أُبي بن كعب: فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة الل-جم، واصطفاق الأسنّة.. فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتّى وافوا منزل علي فوافوا الباب مغلق (2) فتقدّم الثاني ورفس الباب برجله ونادى:

يا علي اخرج ولقد احتجبت في منزلك عن بيعة أبي رصع، اخرج وإلّا أحرقنا البيت بالنار.

فقال أبي بن كعب: قسمعت رنّة من وراء البيت فالتفت وإذا أنا بالطاهرة المصونة فاطمة الزهراء، فبكت وقالت: «ويحك يابن الزرقاء! (3) يابن حنتمة! بالأمس واريتم أبي في لحده والآن قدمتم على حرق بيتي ؟!».

فقال الثاني: والله يا فاطمة ما على وجه الأرض أعزّ عَلَيَّ منك ومن علي... وإنما أحرق بيتك لمرادي.

فلما رأت إصرار القوم على حرق باب دارها دخلت إلى عليّ وقالت: «يابن العمّ قم، فما لي أن أخاطب القوم بمثل هذا الخطاب..» (4) فصبّرها عليّ، ثم جعل -

ص: 352


1- مشترك بين غير واحد من الصحابة. وفي الخطية: أم غيلان، أقول: وهو شجر معروف، منه كثير في طريق مكة، كما في مجمع البحرين: 439/5
2- كذا، والظاهر: مغلقاً، وبقية العبارة في الخطية هكذا: فكلّلوا الباب بالحطب، وتقدم عمر بن الخطاب فرفس الباب برجله ففتحه ونادى يا على اخرج وإلا أحرقنا البيت. أقول: قال الزبيدي: كللته بالحجارة أي علوته بها، انظر: تاريخ العروس: 103/8.
3- فی الخطية: ويحك يابن السوداء! يابن حنتمة! تحرق بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ويحك يا عمر! منذ ثلاثة أيام واريتم أبي تحت التراب.
4- في الخطية: ودعا [أبو بكر] بخالدبن الوليد والمغيرة وقال لهما: قفا على الباب وسلا سيفكما فإن خرج علياً [علي] عليه السلام شاهراً سيفه فاقتلوه.

الثاني يعالج الباب ليحرقه، فلما رأت إصرار القوم على ذلك أتت وفتحت لهم الباب ولادت خلفه، فعصرها الثاني ما بين الحائط والباب حتى كادت روحها أن تخرج من شدّة العصرة، ونبع الدم من صدرها ومن ثدييها، فدخلت إلى دارها ونادت: «يا أسماء! ويا فضة ويا فلانة تعالين وتعاهدن منّي ما تتعاهد النساء من النساء».

قالت أسماء: فما دخلنا البيت إلا وقد أسقطت جنيناً سماه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: محسناً.

ثم دخلوا على عليّ وجعلوا حمائل سيفه في عنقه وقادوه كما يقاد البعير المغشوش (1) وهو كان متلبّباً بثيابه، فلما رأت فاطمة ما فعلوه بابن عمها قامت ولبست إزارها وخرجت خلف القوم.. وبزعمها أنها تخلصه من بين أيديهم.. فتركه أكثر القوم رحمة لها .

فقال الثاني لعبده قنفذ ويلك! أضربها.. - وكان بيده سوط- فجعل يضربها على رأسها والسوط يتلوى بين كتفيها كالدملج وهي تنادي: «المستعان المستغاث بالله وبرسوله..».

ثم لطمها الثاني على خدّها لطمة حتى أثرت في خدّها- من وراء الخمار- وسقط القرط من أذنها.. فرجعت إلى منزلها فقادوا عليّاً إلى المسجد، فجلس الثاني على ركبتيه، وحسر عن ذراعيه وقال يا علي! بايع. (2)

244 - العلامة الأمينى

[341] قال: ونحن لا نريد أن نحوم حول موضوع الخلافة وأنها كيف تمت ؟ كيف صارت؟ كيف قامت؟ كيف دامت؟ وأن الآراء فيها هل كانت حرّة؟ ووصايا المشرع الأعظم هل كانت متبعة؟ .. لا يهمنا البحث عن هذه كلها بعد ما سمعت أذن الدنيا حديث السقيفة مجتمع الثويلة، وقرّطت بنبأ تلك الصاحة الكبرى، والتحارش العظيم بين المهاجرين والأنصار.. بعد ما تشازرت الأُمّة وتلاكمت وتكالمت، وقام -

ص: 353


1- كذا، والظاهر: المخشوش.
2- الكوكب الدري: 194/1 - 195: ضميمة إلزام النواصب: 30 - 31 (من نسخة مخطوطة لسنة 954).

الشيخان يعرض كلّ منهما البيعة لصاحبه قبل أخذ الرأي عن أي أحد كأن الأمر دبّر بلیل، فيقول هذا لصاحبه ابسط يدك فلأبايعك... ويقول آخر: بل أنت... وكل منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه ومعهما أبو عبيدة بن الجراح حفار القبور بالمدينة يدعو الناس إليهما، والوصي الأقدس والعترة الهادية وبنو هاشم ألهاهم النبي الأعظم صلی الله علیه واله وسلم، وهو مسجّى بين أيديهم، وقد أغلق دونه الباب أهله، وخلّى أصحابه صلی الله علیه واله وسلم بينه وبين أهله فولوا إجنانه.. ومكث ثلاثة أيام لا يدفن أو من يوم الإثنين إلى يوم الأربعاء أو ليلته- فدفنه أهله ولم يله إلّا أقاربه. دفنوه في الليل أو في آخره، ولم يعلم به القوم إلا بعد سماع صريف المساحي وهم في بيوتهم من جوف الليل ولم يشهد الشيخان دفنه.

بعد ما بصر مقداداً- ذلك الرجل العظيم- وهو يدافع في صدره، أو نظر إلى الحباب بن المنذر وهو يحطّم أنفه وتضرب يده، أو إلى اللائذين بدار النبوة، مأمن الأُمّة وبيت شرفها، بيت فاطمة وعلى علیهما السلام وقد لحقهم الإرهاب والترعيد وبعث اليهم أبو بكر عمربن الخطاب وقال لهم: إن أبوا فقاتلهم.

.. ثم أخذ يذكر ما رواه العامة فى كيفية الهجوم. (1)

245 - العلامة السيد المرعشي النجفي

[342] قال- بعد ذكر مصادر عديدة من العامة... إلى غير ذلك من كلماتهم الصريحة في ذلك، مضافاً إلى ما تواتر عن الأئمة من عترته والعلماء من ذريّته، فقد اتفقت كلمتهم على ذلك -وأهل البيت أدرى بما فيه - وما حلّ من المصائب عليهم.

فترى الروايات تنادي بعلياء صوتها: إنه علیه السلام كان يبكي ويستغيث برسول الله صلی الله علیه واله وسلم -

ص: 354


1- الغدير: 74/7-77.

ويقول: «يابن العم! إن القوم استضعفوني..» وذلك بعد ما تجرّد (1) الطغاة بجعل الحبل أو نجاد السيف في عنقه الشريف، وكانوا يجرونه إلى المسجد ليبايع المتقمص الأوّل.. (2)

246 - هاشم معروف الحسني

[343] قال: وفي رواية: أنهم لما أرادوا الدخول إلى بيتها وإخراج علي منه، أرادت أن تحول بينهم وبين ذلك، ضربها قنفذ على وجهها وأصاب عينها. (3)

247 - مجد الدين الحسيني المؤيدي الزيدي

[344] قال: سُئل زیدبن علي عن فاطمه علیها السلام: كيف كان حالها مع القوم بعد أبيها صلی الله علیه واله وسلم؟ فأجاب: أما سمعت قول الذي عبر عما في نفسها بقوله:

غداة تنادي يا بتا ما تمزقت *** ثيابك حتى أزمع القوم بالغدر.

وحتى ارتكبنا بالمذلة والأذى *** وليس لأحرار على الذلّ من صبر. (4)

248 - أحمد بن على بن حسن بن محمد بن إسماعيل الكفعمي الجباعي

[345] قال: وبعثه عمر إلى بيت فاطمة علیها السلام فضربها على بطنها وأسقطت، محسن، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت وفيه فاطمة وعلي علیهما السلام وجماعة من بني هاشم، وأخرج علياً علیه السلام بحمايل سيفه يقاد.. روته الشيعة، ورواه البلاذري وغيره، ويؤيده قوله عند موته: لیتنی ترکت بیت فاطمة علیها السلام لم أكشفه!.. (5)

ص: 355


1- كذا، والظاهر: تجرء.
2- تعليقة إحقاق الحق: 368/2.
3- سيرة الأئمة الاثني عشر علیهم السلام: 145/1.
4- لوامع الأنوار: 79/2.
5- معارج الأفهام في علم الكلام: 82.

249 - بعض علمائنا

[346] ومن أولادها المحسن علیه السلام، كان له ستة أشهر فأسقط بسبب ضرب عمر. (1)

[347] وقال في موضع آخر: قاتلها عمربن الخطاب، إذ دفع الباب على بطنها فأسقط المحسن علیه السلام، وضربها مولاه قنفذ بالسياط، وكسر يدها، فأثرت في جسمها الشريف وتوفّيت لذلك. (2)

[348] وقال في موضع آخر في كتاب أنفاس الجواهر كان علي علیه السلام: والعباس في بيت فاطمة علیها السلام، فقال أبوبكر لعمر: إن أبيا عن المجيء للبيعة قاتلوهما، فجاؤوا بالنار فأضرموها على الباب، فقالت فاطمة علیها السلام: «يا بن الخطاب! أجئت لتحرق ابناي؟!» قال: بلى. (3)

تنبیهان

التنبيه الأول: مصادر مفقودة

لا ريب في وجود روايات تنقل ما جرى على أهل البيت علیهم السلام حين الهجوم على دارهم.. في كتب لم نجدها، ولعلّها ضاعت أو أعدمت أو أحرقت ولم تصل إلينا ولا بأس بالإشارة إلى بعضها:

1- كتاب الإمامة؛ لأبي الحسين أحمدبن يحيى البغدادي المعروف ب-: ابن الرواندي (المتوفى 298).

ص: 356


1- نسخة خطية سميت ب_ تاريخ المعصومين علیهم السلام، مجهولة المؤلف، وكذا تاريخ التأليف، راجع مكتبة الأستانة للسيدة فاطمة المعصومة علیها السلام المخطوطات رقم 2 عند ذكر السيدة فاطمة علیها السلام.
2- المصدر السالف.
3- المصدر السالف، عند ذكر مطاعن الخلفاء، الطعن السادس.

يظهر من الخياط (المتوفى 300) - وهو رئيس الخياطية من المعتزلة - في كتاب الانتصار، والقاضي عبدالجبار المعتزلي في المغني، أنه ذكر فيه ما جرى على أميرالمؤمنين وفاطمة الزهراء علیها السلام.

قال الخياط... ومنها كتاب يعرف بكتاب الإمامة يطعن فيه على المهاجرين والأنصار.. (1)

وقال صاحب المغنى فيه... إنما يتعلق بذلك من غرضه الإلحاد، كالوراق وابن الراوندي فلا يتأوّلون مهما يوردون ليقع التنفير به؛ لأنّ غرضهم القدح في الإسلام!! (2)

2- كتاب السقيفة لمحمد بن هارون أبي عيسى الوراق. (3)

فإن النجاشي عدّد في كتبه كتاب السقيفة، (4) وظهر من كلام القاضي المتقدم آنفاً وجود تلك الأخبار فيه.

3- الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار للمسعودي.

فإنه يقول في كتاب التنبيه والإشراف وتتوزع في كيفية بيعته إياه، وقد أتينا على ما قيل في ذلك في كتاب: الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار. (5)

4- حدائق الأذهان (6) للسمعودي.

قال المسعودي- بعد الإشارة إلى جمع الحطب: وهذا خبر لا يحتمل ذكره هنا وقد أتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت وأخبارهم المترجم ب:كتاب حدائق الأذهان. (7)

ص: 357


1- الانتصار: 33 (ط مصر).
2- المغني الجزء المتمم للعشرين: 20 / ق 336/1.
3- قال أبو علي الجبائي: طلب السلطان أبا عيسى الوراق وابن الراوندي.. فأما الوراق، فسجن حتى مات واسمه محمدبن هارون من رؤوس المتكلمين... انظر مقدمة الانتصار للخياط: 22.
4- راجع رجال النجاشي: 372.
5- التنبيه والإشراف: 250.
6- أو حدائق الأزهار، كما في رياحين الشريعة: 281/1.
7- مروج الذهب: 77/3.

5- السقيفة؛ لعمر بن شبة.

قال السيد ابن طاووس: وقد ذكر عمربن شبة- وهو من أعيان علمائهم- في كتابه الذي سماه: كتاب السقيفة طرفاً من القبائح العظام التي جرت على بني هاشم وعلي وفاطمة والحسنين علیهم السلام في ذلك المقام. (1)

6- كتاب السقيفة؛ لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي (المتوفى 158).

قال العلامة السيد شرف الدين الله: وأفرد أبو مخنف لأخبار السقيفة كتاباً فيه تفصيل ما أجملناه. (2)

7- كتاب المبتدأ، والمبعث، والمغازي والوفاة، والسقيفة، والردّة؛ لأبي عبدالله أبان بن عثمان الأحمر البصري الكوفي (من أصحاب مولانا الصادق علیه السلام والمتوفى بعد سنة 140). (3)

8- كتاب السقيفة وبيعة أبي بكر؛ لأبي عبدالله محمدبن عمر الواقدي (المتوفى 207). (4)

9- كتاب السقيفة؛ لأبي إسحاق إبراهيم بن محمدبن سعيد الثقفي (المتوفى 283). (5)

10- كتاب السقيفة؛ لأبي الصالح السليل بن أحمد بن عيسى (أوائل القرن الرابع)، ينقل عنه أبو محمد حسن بن محمد الديلمي (القرن السابع) في كتاب غررالأخبار. (6)

11- لوامع السقيفة والدار والجمل وصفّين والنهروان للشيخ الرئيس -

ص: 358


1- الطرائف: 239.
2- المراجعات: 266، تعليقه 71 وانظر: رجال النجاشي: 320.
3- الفهرست للشيخ الطوسي: 18: الذريعة: 47/19.
4- الذريعة: 206/12.
5- المصدر: رجال النجاشي: 17؛ الفهرست: 5.
6- الذريعة: 206/12.

عبيدالله بن عبدالله السعد آبادي (أو السد آبادي). (1)

12- لوامع السقيفة والدار والجمل وصفين؛ للشيخ الرئيس أبي عبدالله الحسين بن محمد الحلواني. (2)

13- غررالأخبار، لأبي محمد حسن بن محمد الديلمي (القرن السابع). (3)

التنبيه الثاني: جملة من الذين نقلوا الإجماع والشهرة واستفاضة الروايات أو تواترها

ما جرى على أمير المؤمنين علیه السلام

أما مانقل عما جرى على أميرالمؤمنين علیه السلام

قال الشيخ الحمصي الرازي (المتوفى أوائل القرن الرابع)- بعد ذكر التهديد والإشارة إلى بعض القضايا... رواياتها أكثر من أن تحصی. (4)

وقريب منه كلام الشريف المرتضى (المتوفى 436)، (5) والشيخ الطوسي (المتوفى 460). (6)

وقال ابن شهر آشوب (المتوفى 588).. إن ما جرى عليه معروف. (7)

وقريب منه كلام ابن ميثم البحراني (المتوفى 679)، (8) واللمعاني المعتزلي، (القرن السابع). (9)

ص: 359


1- الذريعة: 367/18.
2- معالم العلماء: 41؛ الذريعة: 367/18.
3- الذريعة: 206/12.
4- المنقذ من التقليد: 359/2.
5- الشافي: 245/3.
6- تلخيص الشافي: 79/3.
7- المناقب: 115/2.
8- شرح نهج البلاغة لابن ميثم: 252/1.
9- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 198/9.

ونقل ابن ميثم إجماع الشيعة على إكراهه علیه السلام على البيعة. (1)

وقال ابن أبي الحديد (المتوفى 656)- عند ذكر إجباره على البيعة وتظلمه في ذلك الوقت... رواها كثير من المحدثين. (2)

وأشار إلى كيفية إخراجه في موضع آخر، وقال: وقد ذكر غيره [أي غيرالجوهري] من هذا النحو ما لا يُحصى كثرة. (3)

ما جرى على السيدة فاطمة علیها السلام

وأما ما ورود فیها ما جرى على السيدة فاطمة علیها السلام

فقد ذكر الشيخ المفيد (المتوفى 413) شهرة حديث الهجوم، وإرسال قنفذ والأمر يجمع الحطب والتهديد بإحراق البيت عليهم. (4)

وقال الشريف المرتضى (المتوفى 436)، والشيخ الطوسي (المتوفى 460)- بعد ذكر إتيان عمر بالنار لإحراق الباب- روته الشيعة من طرق كثيرة. (5)

ونقل الشيخ الطوسي: استفاضة روايات الشيعة في إرادة إحراق البيت عليها. (6)

وأسند ابن شهر آشوب المازندراني (المتوفّى 588) إلى الشيعة [أي بأجمعهم] وكثير من أهل السنّة:أنّ عمرصار بقبس من النار إلى بيت فاطمة علیها السلام قاصداً إحراق الدار عليهم، وأنّهم أكرهوا أميرالمؤمنين علیه السلام على البيعة. (7)

وقال الحسيني الزيدي (المتوفى 670)- عند ذكر اعتراف أبي بكر بالهجوم: والحديث معروف (8) وقال: روى المخالف والمؤالف الوعيد بإحراق البيت أو هدمه. (9)

ص: 360


1- شرح نهج البلاغة لابن ميثم: 26/2 - 27.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 111/11.
3- المصدر السالف: 59/2 - 60.
4- الجمل: 117 - 118.
5- الشافي: 241/3: تلخيص الشافي: 76/3.
6- تلخيص الشافي: 156/3.
7- مثالب النواصب: 141(الخطية).
8- أنواراليقين: 9.
9- المصدر: 378 - 379.

وقال المحقق الأردبيلي (المتوفى 993)- بعد ذكر الإحراق ودفع الباب على بطنها، وإسقاط المحسن علیه السلام: أكثر هذه القضايا ظاهرة بحيث لا تقبل الإنكار لوجودها كتب العامة. (1)

وقال ابن أبي جمهور الاحسائي (القرن العاشر)- عند ذكر ضربها وضغطها بالباب وإسقاط المحسن علیه السلام- رواها الثقاة في سيرهم. (2)

ونص الشرفي الأهنومي الزيدي (المتوفى 1055) بقوله: حديث الإحراق مشهور مستفيض رواه المخالف والمؤالف. (3)

وصرّح الشيخ محمد تقي المجلسي (المتوفى 1070) في روضته قضايا شهادتها بسبب ضرب عمر الباب على بطنها وضرب قنفذ بالسوط عليها، مشهورة عند العامة والخاصة. (4)

وقال العلامة المجلسي: وردت روايات مستفيضة في ضربها بالسياط وبغمد السيف بحيث صارت مجروحة. (5)

وقال في المرآة: شهادتها من المتواترات. (6)

وذكر سراب التنكابني (المتوفى 1124) شهرة قضيّة الهجوم. (7)

وصرّح السيّد محمد باقرالموسوي (المتوفى 1240) عند ذكر الهجوم وإحراق الباب بأن اشتهر عند الشيعة.. بل لم يقصر في الشهرة عن قتل عثمان وواقعة كربلاء. (8)

ص: 361


1- رسالة أُصول الدين، هفده رساله: 306 (فارسي).
2- المجلى: 434.
3- شفاء صدور الناس: 479 (بالهامش).
4- روضة المتقين: 342/5.
5- حق اليقين: 189 (فارسي).
6- مرآة العقول: 318/5.
7- سفينة النجاة: 191.
8- بحر الجواهر: 231 (فارسي).

وقال الشريف أبوالحسن النباطي العاملي (المتوفى 1138)- عند الإشارة إلى الهجوم والضرب وجمع الحطب لإحراق البيت: .. لاشك فيها عندنا، بحسب الأخبار المتواترة. (1)

وقال القاضي نورالله التستري المستشهد (1019): .. اشتهر كالشمس في رائعة النهار. (2)

وقال العلامة الموسوي الهندي (المتوفى 1268): التهديد بإحراق البيت والإتيان بالنار والحطب... رواها أعاظم محدثي العامة وثقاتهم. (3)

وقال الشيخ محمد تقي المعروف ب: آغا نجني (المتوفى 1332) تواتر شهادتها وإسقاط المحسن علیه السلام. (4)

وذكر العلامة الشيخ المظفّر: تواتر روايات قصد الإحراق عندالشيعة. (5)

وقال العلامة الطبرسي النوري: تفصيل ما جرى على السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام ثابت عندالشيعة بالأخبار المتواترة القطعية. (6)

وقال العلامة شرف الدين: التهديد بالإحراق ثابت بالتواتر القطعي. (7)

وذكر الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء: اتفاق كتب الشيعة على مصائبها؛ من ضربها، ولطم خدّها، وكسر ضلعها، وعصرها بالباب و... (8)

وقال تلميذه السيد الطباطبائي: أطبقت كلمة الشيعة على أنّها ضربت بعد أبيها حتّى كسر ضلعها، وأسقطت جنينها، وماتت وفي عضدها كالدملج. (9)

ص: 362


1- ضياء العالمين: 557/1.
2- إحقاق الحق: 366/1.
3- تشييد المطاعن: 434/1 (فارسي).
4- أسرار الزيارة بهامش حقائق الأسرار زيارة فاطمة الزهراء (فارسي).
5- دلائل الصدق: 53/3.
6- كفاية الموحدین: 128/2 (فارسی).
7- المراجعات: 266.
8- جنة المأوى: 133.
9- المصدر: 133 (بالهامش).

وقال في موضع آخر: هذه الفاجعة تعدّ عند الشيعة من المسلّمات التاريخية ومن الضروريات ذكرها الجميع من الصدر الأوّل وكان ورداً على ألسنتهم وهكذا يكون أبداً. (1)

واعترف محمد حسين هيكل بشهرة الهجوم على البيت وإيذاء فاطمة علیها السلام بذلك. (2)

وذكر السيدالنجفي المرعشي (المتوفى 1411) تواتر الروايات واتفاق العلماء السادة على تلك المصائب. (3)

ويظهر من ابن أبي الحديد (المتوفى 656) اتفاق الشيعة على تحقق الإحراق وما جرى مجراه (4) وضربها وبقاء أثره في عضدها كالدملج، وجعل الحبل في عنق اميرالمؤمنين علیه السلام وتهديده علیه السلام بالقتل.. (5) ونقل أن رجال الشيعة ومحدّثيهم رووا: إهانتها والغلظة في الكلام معها، ودفع عمر بيده في صدرها. (6)

إسقاط المحسن علیه السلام

اما حدیث إسقاط المحسن علیه السلام

فهو أمر مسلّم متفق عليه، كما يظهر من القاضي النعمان المغربي (المتوفى 363) حيث قال: إن المشهوربين الناس كون شهادتها بسبب الإسقاط. (7)

وقال العلامة المجلسي (المتوفى 1111)- عند ذكر الإسقاط استفاض في رواياتنا... بل في رواياتهم. (8)

وقال السيد ناصر حسين (المتوفى 1361): بلغ حد التواتر واليقين. (9)

ص: 363


1- أنيس الموحدين: 229 - 232 (بالهامش فارسي).
2- الصديق أبوبكر: 63.
3- إحقاق الحق: 368/2 (بالهامش).
4- شرح نهج البلاغة: 21/2.
5- شرح نهج البلاغة: 60/2.
6- شرح نهج البلاغة: 234/16.
7- الارجوزة المختارة: 89-90.
8- بحارالأنوار: 409/28: حق اليقين: 189.
9- إفحام الأعداء والخصوم: 93/1.

ونصّ العلامة البياضي (المتوفى 877) بقوله: اشتهر بين الشيعة. (1)

ويظهر من المقدسي (المتوفى 355)، (2) والعمري النسّابة (المتوفى 490)، (3) وابن أبي الحديد (المتوفى 656)، (4) وابن الصباغ المالكي (المتوفى 855)، (5) .. وغيرهم إجماع الشيعة على إسقاطه علیه السلام. (6)

بل صرّح بالإجماع في ذلك الشيخ الطوسي (المتوفى 460)، (7) وعماد الدين القرشي (المتوفى 872)، (8) والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء.. (9) وغيرهم.

وذكر الشيخ عبد الجليل القزويني (المتوفى 560): اتفاق كتب الفريقين على نقله. (10)

وقال الشيخ عبدالواحد المظفّر: المشهور أنّه مات سقطاً وهو المعتمد... وقد أكثر الشعراء من ذكر هذا السقط. (11)

ص: 364


1- الصراط المستقيم: 12/3.
2- البدء والتاريخ: 20/5.
3- المجدي في أنساب الطالبيين: 19.
4- شرح نهج البلاغة: 60/2.
5- الفصول المهمة: 126.
6- لإسنادهم هذا القول إلى الشيعة.
7- تلخيص الشافي: 156/3.
8- عيون الأخبار: 6.
9- جنة المأوى: 133.
10- كتاب النقض: 317 (فارسي).
11- بطل العلقمي: 476/3.

الفصل الخامس: تظلّم أهل البيت علیهم السلام

اشارة

تظلّم أهل البيت عليهم السلام.

ص: 365

ص: 366

لانرى ثمت ضرورة لإثبات ما لأهل البيت علیهم السلام من المظلومية وما جرى عليهم...

مع ما تواتر عن أمير المؤمنين (1) وفاطمة الزهراء علیهما السلام من الشكوى، والتظلّم، والغضب على القوم، وما أوصت به فاطمة علیها السلام من دفنها سراً.. وعدم مشايعة جنازتها من القوم و.. فبذلك نقضوا ما نسجه هؤلاء وادعوه من موافقة أهل البيت علیهم السلام للخلفاء وإصرارهم على إنكار وقوع قضايا الهجوم والإحراق.. ونحو ذلك.

بل هم يزعمو أن أمير المؤمنين علیهم السلام لو كان منصوصاً عليه من قبل الله عزّوجلّ والنبي صلی الله علیه واله وسلم فلماذا لم ينكر على من تقدّم عليه؟! ولماذا لم يحتج عليهم بالنص؟! (2)

ثم إنهم ادعوا أن أبا بكر لما ذهب العيادة فاطمة علیها السلام جعل يترضاها.. فرضيت عنه!!.. كما جاء في رواية مجعولة عن الشعبي - المنحرف عن أهل البيت علیهم السلام الوضاع - مع أن الترضّي لا يكون إلا عن ظلم تقدّم عليه.. كما هو واضح.

ص: 367


1- وقد عقد لذكر تظلماته فصلاً مستقلاً في تقريب المعارف: 237 : الصراط المستقيم: 41/2: بحار الأنوار: 497/29.
2- أقول: وقع الاحتجاج بالنص في كلامه علیه السلام وفي كلمات الأصحاب كثيراً، فإنه وإن لم يحضر السقيفة ليحتج عليهم حينذاك، ولكن لما أحضروه المسجد وطلبوا منه البيعة احتج عليهم بالنص كما ذكرناه في الفصا وأيدي التحريف والختل والخيانة وإن حذفت كثيراً من ذلك وحرفته، ولكنه بقي لنا من النصوص ما يكفي للاستناد بل قد يصل إلى مرتبة الضرورة فضلاً عن التواتر والاستفاضة.

فإذا رضيت عنهم..- والعياذ بالله - فلماذا دفنها أميرالمؤمنين علیه السلام سراً وبالليل؟! (1)

لماذا لم يصلّوا عليها ؟ لماذا خفي قبرها إلى الآن؟

هذه الروية الفاطمية أبقت فضائح القوم على مد التاريخ، وبذلك أظهرت غضبها على القوم، وكذلك صنع أمير المؤمنين علیه السلام في كثير من خطبه وكلماته الخالدة.

ولا ريب أن غضبهما لا يقاس بغضب ساير الناس.. إذ هي ليست كهم، وإن الغضب قد يكون شخصياً ولدوافع فردية محقة أو مبطلة - وقديكون إلهي.. فهو من الله وإلى الله، بل ربّما يكون فوق مستوى أفكارنا، ولذا يستتبع غضب الله تعالى، كما قال النبي صلی الله علیه واله وسلم لابنته فاطمة علیها السلام: «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك». (2)

وفي رواية البخاري: «فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني».. (3) إلى غير ذلك، من عشرات الروايات في مئات المصادر..

فبعد ذلك هل ترى من الإنصاف ما صدر عن ابن كثير في قوله: إن فاطمة علیها السلام حصل لها - وهي إمرأة من البشر ليست براجية العصمة - عتب وتغضب.. ولم تكلّم الصديق حتى ماتت! (4)

کیف یسمح ابن كثير لنفسه أن يتفوّه بمثل هذا الكلام ويقابل قول أبيها فيها: «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها..»؟! (5)

ص: 368


1- قال المقدسي: ولم يبايع علي علیه السلام أبابكر مالم يدفن فاطمة علیها السلام، وذكر ابن دأب: أنها ماتت عاتبة على أبي بكر وعمر. انظر: البدء والتاريخ: 20/5. وابن دأب هذا: عيسى بن يزيدبن دأب، راوية وخطيب وشاعر، توفي سنة 171. انظر: الأعلام: 111/5.
2- كما روه الحاكم في المستدرك: 154/3، وحكم بصحته، والهيثمي في مجمع الزوائد: 203/9 عن الطبراني بإسناد حسن، والهندي فى كنز العمال: 111/12 و 674/13 عن غير واحد من المصادر. راجع أيضاً: الغدير: 181/3 وإحقاق الحق: 228،187،122,116/10.
3- صحيح البخاري: 210/4، 219.
4- البداية والنهاية: 270/5، السيرة النبوية: 495/4، وراجع أيضاً ما قاله ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة: 49/6.
5- مستند أحمد: 5/4: صحيح مسلم: 141/7، السنن الكبرى للبيهقي: 201/10 - 202: کنز العمال: 111/2 - 112.

نعم لا تقاس فاطمة علیها السلام بالناس.. وغضبها بغضبهم.. وإيذاؤها بإيذائهم.. كيف؛ وإيذاؤها إيذاء النبي صلی الله علیه واله وسلم؟! -كما مرّ- وقد قال الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً مُهِيْناً). (1)

كما قال النبي صلی الله علیه واله وسلم: «من آذى علياً فقد آذاني..». (2)

بل قال لفاطمة ولأميرالمؤمنين و الحسن والحسين علیهم السلام: «أنا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم». (3)

فويل للذين حاربوهم وجاؤوا إلى بيتهم بشعل النار ليأخذوهم للبيعة... أفكان هذا البيت الذي استخفّ به الخليفة وأعوانه لأحد من الترك والديلم؟!

وقد روى في شأنه ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة: قرأ رسول الله صلی الله علیه واله وسلم هذه الآية: ﴿في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرُ فِيْهَا أَسْمُهُ﴾ (4) فقام إليه رجل فقال: أيّ بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء»، فقام إليه أبوبكر فقال: يا رسول الله! هذا البيت منها.. البيت (5) على وفاطمة؟

قال: «نعم، من أفاضلها». (6)

بعض ما قاله أمير المؤمنين علیه السلام بعد وفاة النبي صلی الله و علیه وآله

قال أبوبكر الجوهري: أخبرنا أبوزيد عمربن شبة، قال: حدثنا أبوقبيصة -

ص: 369


1- الاحزاب (33): 57.
2- المستدرك: 123/3: مجمع الزوائد: 129/9 عن غير واحد من المصادر كنز العمال: 601/11 و 142/13 عن غير واحد من المصادر: البداية والنهاية: 121/5 و 383/7.
3- وفي بعض الروايات: «سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم». راجع مسند أحمد: 442/2: المستدرك: 149/3؛ سنن ابن ماجه: 52/1: سنن الترمذي: 360/5؛ البداية والنهاية: 223،40/8، کنز العمال: 96/12 - 97 640/13 و مجمع الزوائد: 169/9، وراجع أيضاً إحقاق الحق: 161/9-164 166-173 و 411/18-415.
4- النور (24): 36.
5- كذا، ولعل الصحيح وأشار إلى بيت.
6- الدر المنثور للسيوطي: 203/6.

محمدبن حرب، قال: لما توفي النبي صلی الله علیه واله وسلم وجرى في السقيفة ما جرى تمثل علي علیه السلام:

«وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا *** ويطغون لمّا غال زيداً غوائله». (1)

قال المسعودي: واتصل الخبر بأميرالمؤمنين علیه السلام - بعد فراغه من تجهيز رسول الله صلی الله علیه واله وسلم ودفنه - فقام خطيباً فحمدالله وأثنى عليه، ثم قال: «إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق قريش بها، وإن لا تكن في قريش فالأنصار على دعواهم..» ثم اعتزلهم ودخل بيته. (2)

وقال ابن أبي الحديد: لما قبض رسول الله صلی الله علیه واله وسلم واشتغل علي بغسله ودفنه وبويع أبوبكر، خلا الزبير وأبو سفيان وجماعة من المهاجرين بعباس وعلي علیه السلام لإجالة الرأي، وتكلّموا بكلام يقتضي الاستنهاض والتهييج، فقال العباس... أمهلونا نراجع الفكر... فحل علي علیه السلام حبوته، وقال: «الصبر حلم، والتقوى دين، والحجة محمد صلی الله علیه واله وسلم، والطريق الصراط، أيها الناس! شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرّجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح، ماء ،آجن، ولقمة يغص بها ،آكلها ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه، فإن أقل.. يقولوا: حرص على الملك... وإن أسكت.. يقولوا: جزع من الموت!... هيهات بعد اللتيا، والتي والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمّه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة». (3)

وأوردها الشيخ الطبرسي بزيادات كثيرة في قضية فدك، فإنه قال: رسالة أمير المؤمنين علیه السلام إلى أبي بكر - لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء علیها السلام فدك: «شقوا -

ص: 370


1- شرح نهج البلاغة: 14/6.
2- اثبات الوصية: 145، وعنه في بحارالأنوار: 308/28، وراجع: نهج البلاغة: 24، خطبة: 67.
3- شرح نهج البلاغة: 213/1، 218 - 219 . وراجع: نهج البلاغة: 6. خطبة: 5.

متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة، وحطّوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر واستضاؤوا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، واحتقبوا ثقل الأوزار يغصبهم نحلة النبي المختار، فكأني بكم تتردّدون في العمى كما يتردّد البعير الطاحونة، أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رؤوسكم عن أجسادكم كحبّ الحصيد بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجم شجعانكم ما أقرح به آماقكم وأوحش به محالكم، فإنّي مذ عرفت مردي العساكر، ومفني الجحافل، ومبيد خضرائكم، ومحمد ضوضائكم وجرار الدوارين، إذ أنتم في بيوتكم معتكفون، وإني لصاحبكم بالأمس لعمر أبي وأمي لن تحبّوا أن يكون فينا الخلافة والنبوة، وأنتم تذكرون أحقاد بدر وثارات أحد، أما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحى، فإن نطقت يقولون: حسداً... وإن سكت فيقال: ابن أبي طالب جزع من الموت... هيهات.. هيهات الساعة يقال لي هذا وأنا المميت المائت، وخوّاض المنايا في جوف ليل حالك، حامل السيفين الثقيلين، والرمحين الطويلين، ومنكس الرايات في غطامط الغمرات، ومفرج الكربات عن وجه خير البريات..؟!

ايهنوا فوالله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب، أُمّه، هبلتكم الهوابل، لو بحت بما أنزل الله سبحانه في كتابه فيكم لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة، ولخرجتم من بيوتكم هاربين وعلى وجوهكم هائمين.. ولكنّي أهوّن وجدي حتّى ألقى ربي بيد جدّاء صفراء من لذاتكم، خلو من طحناتكم فما مثل دنياكم عندي إلا كمثل غيم علا فاستعلى، ثم استغلظ فاستوى، ثم تمزق فانجلى.. رويداً فعن قليل ينجلي لكم القسطل، وتجنون ثمر فعلكم مرّاً، وتحصدون غرس أيديكم ذعافاً مقراً، وسماً قاتلاً، وكفى بالله حكياً، وبرسول الله صلی الله علیه واله وسلم خصياً، وبالقيامة موقفاً، فلا أبعد الله فيها سواكم، ولا أقعس فيها غيركم والسلام على من أتبع الهدى». (1)

ص: 371


1- الاحتجاج: 95.

وعن أبي الحسن الرضا عن آبائه، قال: « لما أتى أبو بكر وعمر إلى منزل أميرالمؤمنين علیه السلام وخاطباه في أمر البيعة خرج أمير المؤمنين علیه السلام إلى المسجد فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت إذ بعث فيهم رسولاً منهم... وأذهب الرجس وطهرهم تطهيراً.. ثم قال: «إنّ فلاناً وفلاناً أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني أنا ابن عم النبي ، وأبو بنيه، والصديق الأكبر، وأخو رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، لا يقولها أحد غيري إلّا كاذب، وأسلمت وصليت قبل كل أحد، وأنا وصيه وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد الله وأبو حسن وحسين سبطي رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، ونحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، وبنا استنقذكم من وأنا صاحب يوم الدوح، (1) وفي نزلت سورة من القرآن، وأنا الوصي على الأموات من أهل بيته صلی الله علیه واله وسلم، و أنا بقيته على الأحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم ويتم نعمته عليكم». ثم رجع إلى بيته. (2)

عن أبي جعفر علیه السلام قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام - بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم في المسجد والناس مجتمعون بصوت عال -: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلُّ أَعْمَالَهُمْ ﴾. (3)

فقال له ابن عباس يا أبا الحسن! لم قلت ما قلت؟! قال: «قرأت شيئاً من القرآن»، قال: لقد قلته لأمر، قال: «نعم، إن الله يقول في كتابه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (4) أفتشهد على رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أنه استخلف فلاناً؟!» قال: ما سمعت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أوصى إلا إليك، قال: «فهلاً بايعتني»؟! قال: اجتمع الناس عليه فكنت منهم، فقال أمير المؤمنين علیه السلام: «كما اجتمع أهل العجل على -

ص: 372


1- أي: يوم غدير خم.
2- أمالي الشيخ الطوسي، وعنه في بحارالأنوار: 248/28.
3- سورة محمد صلی الله علیه واله وسلم (47): 1.
4- 4 الحشر (59): 7.

العجل .. هاهنا فتنتم، ومثلكم ك- مَثَل ﴿الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمات لا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ ». (1)

وقال علیه السلام في ضمن الخطبة الطالوتية: «أيها الأمّة التي خدعت فانخدعت!.. وعرفت خديعة من خدعها، فأصرّت على ما عرفت واتبعت أهواءها، وضربت في عشواء غوايتها، وقد استبان لها الحق فصدّت عنه، والطريق الواضح فتنكبته.

أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! لو اقتبستم العلم من معدنه، وشربتم بعذوبته، وادّخرتم من موضعه وأخذتم الطريق من واضحه، وسلكتم من الحق نهجه.. لنهجت بكم السبل وبدت لكم الأعلام، وأضاء لكم الإسلام، فأكلتم رغداً، وما عال فيكم عائل، ولا ظلم منكم مسلم ولا معاهد، ولكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدّت عليكم أبواب العلم فقلتم بأهوائكم واختلفتم في دينكم فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم، إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر، فإذا أفتوكم قلتم: هو العلم بعينه، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟!.. رويداً عمّا قليل تحصدون جميع ما زرعتم وتجدون وخيم ما اجترمتم وما اجتلبتم. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! لقد علمتم أني صاحبكم والذي به أُمرتم، وأنّي عالمكم والذي بعلمه نجاتكم، ووصي نبيكم الله صلی الله علیه واله وسلم، وخيرة ربّكم، ولسان، نوركم والعالم بما يصلحكم، فعن قليل رويداً ينزل بكم ما وعدتم وما نزل بالأمم قبلكم وسيسألكم الله عزّوجلّ عن أمتكم معهم تحشرون وإلى الله عزّ وجلّ غداً تصيرون.

أما والله! لو كان لي عدّة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر - وهم أعداؤكم - الضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق وتنيبوا للصدق، فكان أرتق للفتق، وآخذ بالرفق، اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين».

ثم خرج من المسجد فمرّ بصيرة (2) فيها نحو من ثلاثين شاة، فقال: «والله لو -

ص: 373


1- تفسير القمي: 301/2، بحارالأنوار: 19/29، والآية الشريفة في سورة البقرة (2) 17-18.
2- الصيرة: حظيرة تتحذ من الحجارة وتتخذ من أغصان الشجر، انظر: مجمع البحرين: 370/3.

أنّ لي رجالاً ينصحون الله عزّوجلّ ولرسول الله صلی الله علیه واله وسلم بعدد هذه الشياه، لأزلتُ ابن آكلة الذبان [الذباب] عن ملكه.

قال: فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلاً على الموت، فقال أميرالمؤمنين علیه السلام: «اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلّقين».

و حلق أميرالمؤمنين علیه السلام فما وافى من القوم محلّقاً إلّا أبوذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعماربن ياسر، وجاء سلمان في آخر القوم.

فرفع يديه إلى السماء فقال: «اللهم إنّ القوم استضعفوني كما استضعف بنو اسرائيل، هارون، اللهم فإنّك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، أما والبيت والمفضي إلى البيت لولا عهد عهده إلي النبي الأمي صلی الله علیه واله وسلم الأوردت المخالفين خليج المنية، ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت.. وعن قليل سيعلمون». (1)

وعن أبي جعفر الباقر علیه السلام، عن أمير المؤمنين علیه السلام في ضمن خطبة خطبها بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه -: .. فإن الله - تبارك اسمه - امتحن بي عباده، وقتل بيدى أضداده، وأفنى بسيفي جحاده، وجعلني زلفة للمؤمنين، وحياض موت على الجبارين، وسيفه على المجرمين، وشدّ بي أزر، رسوله، وأكرمني بنصره، وشرفني بعلمه وحباني بأحكامه واختصني بوصيته، واصطفاني بخلافته في أمته، فقال صلی الله علیه واله وسلم- وقد حشده المهاجرون والأنصار، وانغصت بهم المحافل - أيها الناس! إن علياً مني كهارون من موسى إلا أنه نبي بعدي ... استخلافاً لي كما استخلف موسى هارون ... وقوله ... من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فكانت على ولايتي ولاية الله، وعلى عدواتي عداوة الله، وأنزل الله عزّوجلّ في ذلك اليوم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾ (2) فكانت ولايتي كمال الدين -

ص: 374


1- الكافي: 32/8. وعنه في بحارالأنوار: 240/28-241.
2- المائدة (5):3.

ورضا الرب جل ذكره، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصاً لي وتكرماً نحلنيه وإعظاماً وتفضيلاً من رسول الله صلی الله علیه واله وسلم منحنيه، وهو قوله تعالى: ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِيْنَ﴾ (1) في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع.. فطال لها الاستماع ولئن تقمصها دوني الأشقيان، ونازعاني في ما ليس لهما بحق وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ، ولبئس ما لأنفسهما مهدا... إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان فأخرجنا الله إليهم رحمة ... وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان، وأولجناهم باب الهدى، وأدخلناهم دار السلام، وأشملناهم ثوب الإيمان، وفلجوا بنا في العالمين، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حامٍ مجاهد ومصلَّ، قانت ومعتكف زاهد.. يظهرون الأمانة، ويأتون المثابة، حتى إذا دعاالله عزّوجلّ نبيه صلی الله علیه واله ورفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة، أو وميض من برقة.. إلى أن رجعوا على الأعقاب، وانتكصوا على الأدبار، وطلبوا بالأوتار، وأظهروا الكتائب، وردموا الباب وفلّوا الديار، وغيّروا آثار رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، ورغبوا أحكامه، وبعدوا من أنواره واستبدلوا بمستخلفه بديلاً اتخذوه وكانوا ظالمين وزعموا أنّ من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله صلی الله علیه واله وسلم ممن اختار رسول الله صلی الله علیه واله وسلم لمقامه، وأنّ مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف... وعن قليل يجدون غبّ ما أسسه الأولون..

ألا وإنّي فيكم - أيها الناس! - كهارون في آل فرعون وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح، إنّي النبأ العظيم، والصديق الأكبر.. وعن قليل ستعلمون ما توعدون.. وهل هي إلا كلعقة الأكل، ومذقة الشارب، وخفقة الوسنان ثم تلزمهم المعرات خزياً في الدنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وماالله بغافل عما يعملون... (2)

ص: 375


1- الأنعام (6): 62.
2- الكافي: 22/8- 30.

التظلم من قريش

قال ابن أبي الحديد واعلم أنه قد تواترت الأخبار عنه علیه السلام بنحو من بنحو من هذا القول.

نحو قوله: «مازلت مظلوماً منذ قبض الله رسوله حتى يوم الناس هذا».

وقوله: «اللهم اخز قريشاً فإنها منعتني حقي، وغصبتني أمري».

وقوله: «فجزى قريشاً عني الجوازي؛ فإنهم ظلموني حقي، واغتصبوني سلطان ابن أُمي».

وقوله: - وقد سمع صارخاً ينادي: أنا مظلوم- فقال: «هلم فلنصرخ معاً، فإنّي مازلت مظلوماً».

وقوله: «... وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى..».

وقوله: «أرى تراثي نهباً».

وقوله: «أصغيا بإنائنا وحملا الناس على رقابنا».

وقوله: «إنّ لنا حقاً إنْ نُعْطَهُ نأخذه وإن تُمنعه نركب أعجاز الإبل (1) وإن طال السرى».

وقوله: «مازلت مستأثراً عليّ؛ مدفوعاً عما أستحقه وأستوجبه». (2)

وقال: «اللّهم إنّي أستعديك (3) على قريش ومن أعانهم، فإنهم قد قطعوا، رحمي، وأكفؤوا إنائي، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري.. وقالوا: ألا إنّ في الحق أن تأخذه (4) وفي الحق أن تمنعه، فاصبر مغموماً أو مت متأسفاً.

ص: 376


1- أي ركبنا مركب الضيم والذلّ: لأن راكب عجز البعير يجد مشقة. أو المعنى: نصبر أن نكون أتباعاً لغيرنا؛ لأنّ راكب عجزالبعير ردف لغيره. سفينة بحارالأنوار: 6/1- ابل -.
2- شرح نهج البلاغة: 306/9. وقد ذكر بعض هذه الموارد - مختصراً - الشيخ المفيد في كتاب الجمل: 170.والحلبي في تقريب المعارف: 243 - 237 و 330 - 329.
3- أي: أستعينك لتنقم لي.
4- قال ابن أبي الحديد: قد اختلفت الرواية في قوله: «ألا إن في الحق أن تأخذه» فرواها قوم بالنون وقوم بالتاء. وقال الراوندي: إنها في خط الرضي بالتاء، ومعنى ذلك: إنك إن وليت أنت.. كانت ولا يتك حقاً، وإن ولي غيرك كانت ولايته حقاً - على مذهب أهل الاجتهاد .. ومن رواها بالنون فالمعنى ظاهر. انظر شرح نهج البلاغة: 110/11.

فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلّا أهل بيتي .. فضننت المنية، فأغضيت (1) على القذى، وجرعت ريقي على الشجي، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم وآلم للقلب من وخز الشفار». (2)

وروى الشعبي، عن شريح بن هانى، قال: قال علي علیه السلام: «اللهم إني أستعديك على قريش فإنّهم قطعوا، رحمي، وأصغوا إنائي، وصفّروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي». (3)

وروى جابر، عن أبي الطفيل، قال: سمعت علياً علیه السلام يقول: «اللهم إني أستعديك على قريش؛ فإنّهم قطعوا رحمي وغصبوني حقّي، وأجمعوا على منازعتي أمراً كنت أولى به، ثم قالوا: إنّ من الحق أن نأخذه ومن الحق أن تتركه». (4)

وقال: «اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم أضمروا لرسولك صلی الله علیه واله وسلم ضروباً من الشر والغدر، فعجزوا عنها وحلت بينهم وبينها، فكانت الوجبة بي والدائرة على، اللهم احفظ حسناً وحسيناً ولا تمكّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً، فإذا توفّيتني فأنت الرقيب عليهم، وأنت على كلّ شي. شهید». (5)

ص: 377


1- .خ. ل: فأغضيت عيني.
2- شرح نهج البلاغة: 109/11 راجع أيضاً: المصدر 96/6 و 305/9: كشف المحجة: 180؛ بحار الأنوار: 15/30: نوادرالأخبار للفيض: 198 - 199: نهج البلاغة: 106 خطبة: 217؛ وبعضه في صفحة 12 خطبة: 26: وبعضه في صفحة 77 خطبة: 172؛ وذكر في تعاليقها المصادر التالية: الإمامة والسياسة: 154/1 - 130: المسترشد: 95 و 80: العقدالفريد: 135/2 ، 227: التاريخ للطبري: 48/6: النهاية لابن الأثير (باب الباء): المحاسن للبيقهي: 41 غرر الحكم: 329؛ معدن الجواهر للكراجكي: 226: الرسائل للكليني: الغارات: للثقفى: جمهرة رسائل العرب الأمالي للصدوق.
3- شرح نهج البلاغة: 103/4.
4- شرح نهج البلاغة: 104/4.
5- شرح نهج البلاغة : 298/20. قال ابن أبي الحديد عند ذكر بعض ما جرى في السقيفة : قال أبو جعفر النقيب: ومن هذا خاف أيضاً رسول الله صلی الله علیه واله وسلم على ذريته وأهله، فإنه كان صلی الله علیه واله وسلم قد وتر الناس، وعلم أنه إن مات وترك ابنته وولدها سوقة ورعية تحت أيدي الولاة كانوا بعرض خطر عظيم، فمازال يقرر لابن عمه قاعدة الأمر بعده حفظاً لدمه ودماء أهل بيته، فإنهم إذا كانوا ولاة الأمر كانت دماؤهم أقرب إلى الصيانة والعصمة، مما إذا كانوا سوقة تحت يد وال من غيرهم، فلم يساعده القضاء والقدر وكان من الأمر ما كان، ثم أفضى أمر ذرّيته في ما بعد إلى ما قد علمت. لاحظ شرح نهج البلاغة: 53/2. وله كلام آخر يناسب المقام، راجع المصدر: 250/9 - 248.

وفي كتابه علیه السلام إلى أخيه عقيل: «... اللهم فاجز قريشاً عني بفعالها؛ فقد قطعت الا رحمي، وظاهرت علي، وسلبتني سلطان ابن عمّي، وسلّمت ذلك لمن ليس في قرابتي وحقِّي في الإسلام وسابقتي». (1)

وعنه : «اللّهمّ فإنّي أستعديك على قريش فخذ لي بحقي منها ولا تدع مظلمتي لها، وطالبهم - يا ربّ! - بحقِّي فإنّك الحكم العدل، فإن قريشاً صغرت قدري واستحلت المحارم منّي، واستخفّت بعرضي وعشيرتي وقهرتني على ميراثي من ابن عمي..». (2)

وقد روى الكافة عنه: «اللهم إني أستعديك على قريش، فإنّهم ظلموني في الحجر والمدر». (3)

وقال علیه السلام: «ما لنا ولقريش يخضمون الدنيا باسمنا، ويطؤون على رقابنا فياالله وللعجب من اسم جليل المسمّى ذليل!». (4)

عن شقيق بن مسلمة: إن علي بن أبي طالب علیه السلام لما انصرف إلى رحله [بعد بيعة عثمان] قال لبني أبيه: «يا بني عبد المطلب! إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي صلی الله علیه واله وسلم كعداوتهم النبي صلی الله علیه واله وسلم في حياته، وإن يطع قومكم لا تؤمّروا أبداً، ووالله لا ينيب هؤلاء -

ص: 378


1- الإمامة والسياسة: 54/1، وعنه في بحارالأنوار: 628/29، وقريب منه في نهج البلاغة: 130 كتاب 136 وعنه في بحارالأنوار: 621/29.
2- المناقب: 201/2.
3- المناقب: 115/2: وعنه في بحارالأنوار: 51/41 : راجع المصادر التالية (مع تغيير في العبارة المناقب: 204/2 الصراط المستقيم: 42/3 - 43، 150: العدد القوية: 189 - 190: الغارات: 204، 392؛ كامل بهائي : 65/2 .. وغيرها.
4- شرح نهج البلاغة: 308/20.

إلى الحق إلّا بالسيف».

قال: وعبدالله بن عمر بن الخطاب داخل إليهم، قد سمع الكلام كله فدخل وقال يا أبا الحسن أتريد أن تضرب بعضهم ببعض؟

فقال علیه السلام: «اسكت، ويحك! فوالله لولا أبوك وما ركب مني قديماً وحديثاً، ما نازعني ابن عفان ولا ابن عوف..» فقام عبدالله فخرج. (1)

وقال علیه السلام- بعد أن جعل عمرالأمر شورى بين السنّة -: «أما والله لئن عمر لم يمت لأذكرته ما أتى إلينا قديماً، ولأعلمته سوءَ رأيه فينا وما أتى إلينا حديثاً». (2)

وفي كتاب أميرالمؤمنين علیه السلام إلى معاوية:

ولعمري يا معاوية... وما أنت وطلحة والزبير بأحقر جرماً، ولا أصغر ولا أهون بدعة وضلالة ممن استنا لك!.. (3) ولصاحبك الذي تطلب بدمه ووطئا لكما ظلمنا أهل البيت وحملاكم على رقابنا...». (4)

غَضُ الدهر منّي

وقال علیه السلام: «كنت في أيام رسول الله صلی الله علیه واله وسلم كجزء من رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، ينظر إلي الناس كما ينظر إلى الكواكب في أفق السماء...، ثم غض الدهر منّي فقرن بي فلان وفلان.. ثم قرنت بخمسة أمثلهم عثمان، فقلت: واذفراه! ثم لم يرض الدهر لي بذلك حتّى أرذلني فجعلني نظيراً لابن هند وابن النابغة، لقد استنت الفصال حتى القرعى». (5)

ص: 379


1- شرح نهج البلاغة: 54/9، وراجع بحارالأنوار: 357/31.
2- شرح نهج البلاغة: 51/9.
3- .ح.ل: بأعظم جرما، ولا أصغر ذنبا، ولا أهون بدعة وضلالة من الذين أتسالك..
4- كتاب سليم: 194 (الطبعة المحققة: 769/2 الحديث الرابع عشر)، بحارالأنوار: 153/33.
5- شرح نهج البلاغة: 326/20 . قوله علیه السلام: «لقد استنت الفصال حتى القرعى»، قال ابن منظور: يضرب مثلاً للرجل يدخل نفسه في قوم ليس منهم لاحظ لسان العرب: 228/13.

الجهر بغصب المنافقين للخلافة

قال علیه السلام: «أما بعد فإنّ الله تعالى لما قبض نبيّه صلی الله علیه واله وسلم قلنا نحن أهل بيته، وعصبته، وورثته، وأولياؤه، وأحق الخلائق به لا تُنازَع حقه وسلطانه، فبينا نحن على ذلك إذ نفر المنافقون فانتزعوا سلطان نبيّنا منّا وولوه غيرنا، فبكت - والله - لذلك العيون والقلوب منا جميعاً معاً، وخشنت له الصدور، وجزعت النفوس..». (1)

وفي رواية الكلبي عنه علیه السلام: «إنّ الله لما قبض نبيّه استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافّة، فرأيت أنّ الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالإسلام والدين يمخض مخض الوطب، يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف». (2)

و في كتابه علیه السلام إلى أهل مصر: «.. فلما مضى صلی الله علیه واله وسلم تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلی الله علیه واله وسلم عن أهل بيته، ولا أنّهم مُنحوه عنّي من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه..». (3)

وروى جابر الجعفي، عن محمدبن علي علیه السلام، قال: قال علي علیه السلام: «ما رأيت منذ بعث الله محمّداً صلی الله علیه واله وسلم رخاء.. لقد أخافتني قريش صغيراً، وأنصبتني كبيراً، حتى قبض الله رسوله فكانت الطامة الكبرى، (وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ). (4)

وقال علیه السلام لعبد الرحمن بن عوف - بعد استخلاف عثمان -: «ليس هذا أوّل تظاهر تم فيه علينا (فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ)». (5)

ص: 380


1- الإرشاد: 245/1، وقريب منه في أمالي الشيخ المفيد: 99 (ط الحديثة: 154 - 155)، وعنه في بحارالأنوار: 579/29، ولاحظ: 634/29.
2- شرح نهج البلاغة: 308/1؛ بحارالأنوار: 633/29 و 62/32.
3- نهج البلاغة: 145 كتاب 62.
4- شرح نهج البلاغة: 10/4، قريب منه الإرشاد: 284/1، والآية الشريفة في سورة يوسف (12): 18.
5- الطبري: 233/4 الكامل لابن الأثير: 71/3؛ شرح نهج البلاغة: 194/1 العقدالفريد: 279/4 -: (ط مكتبة النهضة المصرية)، والآية في سورة يوسف (12) 18.

وروى عبدالملك بن عمير، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، قال: سمعت علیأ علیه السلام وهو يقول: «ما لقي أحد من الناس ما لقيت ..» ثم بكى علیه السلام. (1)

وزاد البلاذري- بعد قوله علیه السلام«ما لقيت» -: «توفي رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وأنا أحق بهذا الأمر...». (2)

وفي رواية عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: سمعت عليّاً علیه السلام يقول: «ولي أبوبكر وكنت أحق الناس بالخلافة». (3)

وقال علیه السلام: «ما لي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبينا صلی الله علیه واله وسلم والله المستعان على من ظلمنا، ولاحول ولا قوة إلابالله العلي العظيم». (4)

عن إبراهيم الثقفي- بعد ذكر رواية عن الزهري: ما بايع علي علیه السلام إلا بعد ستة أشهر، وما اجْتُرِئَ عليه إلّا بعد موت فاطمة علیها السلام- قال علیه السلام: «إنّ هؤلاء خيروني أن يظلموني حقي وأبايعهم... فاخترت أن أظلم حقّي وإن فعلوا ما فعلوا». (5)

وفي رواية أخرى : «... فإنّ هؤلاء خيّروني أن يأخذوا ما ليس لهم أو أقاتلهم وأُفرّق أمر المسلمين..». (6)

وحكى المأمون العباسي - في احتجاجه على علماء العامة- : إن أميرالمؤمنين علیه السلام قال: «قبض النبي صلی الله علیه واله وسلم وأنا أولى بمجلسه مني لقميصي، ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفّاراً». (7)

وقال علیه السلام: «إنّ الله عزّوجلّ لما قبض رسوله صلی الله علیه واله وسلم قلنا نحن أهله وأولياؤه -

ص: 381


1- شرح نهج البلاغة: 103/4.
2- أنساب الأشراف: 177/2 (تحقيق المحمودي) 402/2 (دار الفكر).
3- لسان الميزان: 485/4.
4- الكافي: 63/8.
5- الشافي: 243/3 - 244: تلخيص الشافي: 78/3-79.
6- الشافي: 243/3 - 244: تلخيص الشافي: 78/3 - 79.
7- عيون أخبار الرضا علیه السلام: 187/2، وعنه في بحارالأنوار: 192/49.

لا ينازعنا سلطانه أحد، فأبى علينا قومنا .. فولَّوْا غيرنا، وأيم الله لولا مخالفة الفرقة، وأن يعود الكفر ويبوء (1) الدين لغيرنا .. (2) فصبرنا على بعض الألم..». (3)

أرى تراثى نهباً

قال علیه السلام فى الخطبة الشقشقية: «أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلى الطير فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتي بين أن أصول بيد جداء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلق ربّه، فرأيت أنّ الصبر على هاتا ،أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهباً ..». (4)

الاستنجاد

عن أسحاق بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر عن آبائه علیهم السلام، عن أميرالمؤمنين علیه السلام- في خطبة يعتذر فيها عن القعود عن قتال من تقدم عليه - قال: «.. وذهب من كنت أعتضد كنت أعتضد بهم على دين الله من أهل بيتي وبقيت بين خفيرتين قريبي عهد بجاهلية : عقيل وعبّاس ». (5)

وعنه علیه السلام: «ولو كان لي بعد رسول الله صلی الله علیه واله وسلم عمي حمزة وأخي جعفر لم أُبايع كرهاً، ولكنني بليت (6) برجلين حديثي عهد بالإسلام العباس وعقيل، فضننت -

ص: 382


1- .خ. ل: يبور.
2- كذا.
3- الاستيعاب: 490/1 (ترجمة رفاعة بن رافع).
4- شرح نهج البلاغة: 151/1. والخطبة طويلة رواها الخاصة والعامة، راجع الغدير: 85/7 - 82، وتعليقة نهج البلاغة: 5 (نسخة المعجم، جماعة المدرسين، قم).
5- الاحتجاج: 190، وعنه في بحارالأنوار: 284/22.
6- خ ل: منيت.

بأهل بیتی الهلاك، فأغضيت عيني عيني على القذى، وتجرّعت ريقي على الشجى وصبرت على أمرٌ من العلقم وآلم للقلب من حرّ الشفار..». (1)

وعن أبي جعفر الباقر علیه السلام، عن أميرالمؤمنين علیه السلام: والله لو كان حمزة وجعفرحيين ما طمع فيها أبو بكر وعمر ولكن ابتليت بحالفين حافين عقيل والعباس». (2)

ظُلمت عدد المدر والوبر!

عن المسيب بن نجبة قال: بينا علي علیه السلام يخطب، إذ قام أعرابي فصاح: وامظلمتاه! فاستدناه علي علیه السلام، فلما دنا قال له: «إنما لك مظلمة واحدة، وأنا قد ظلمت عدد المدر والوبر». (3)

وفي رواية عباد بن يعقوب: إنه دعاه فقال له : «ويحك! وأنا - والله - مظلوم أيضاً.. هات فلندع على من ظلمنا» (4)

وروي أنّ أعرابياً أتى أميرالمؤمنين علیه السلام وهو في المسجد، فقال: مظلوم، قال: «ادن منّي..» فدنا حتى وضع يديه على ركبتيه، قال: «ما ظلامتك؟» فشكا ظلامته، فقال: «يا أعرابي! أنا أعظم ظلامة منك! ظلمني المدر والوبر، ولم يبق -

ص: 383


1- كشف المحجة، وعنه في بحارالأنوار: 15/30: نوادرالأخبار - للفيض الكاشاني: 199 - 198.
2- كامل بهائي: 131/2؛ وقريب من هذه الروايات الثلاثة ما رواه سليم في كتابه: 128 (الطبعة المحققة: 666/2 الحديث الثاني عشر)، وعنه في بحارالأنوار: 468/29. وقد روى الشيخ الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان عن سدير، قال: كنا عند أبي جعفر علیه السلام- فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيهم صلی الله علیه واله وسلم، واستدلالهم أميرالمؤمنين علیه السلام- فقال رجل من القوم: أصلحك الله! فأين كان عزّ بنى هاشم وما كانوا فيه من العدد؟! فقال أبو جعفر علیه السلام: «ومن كان بقي من بني هاشم؟! إنما كان جعفر وحمزة فمضيا، وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام عباس وعقيل، وكانا من الطلقاء. أما والله لو أن حمزة وجعفراً كانا بحضرتهما ما وصلا إليه، ولوكان شاهديهما لأتلفا نفسيهما». لاحظ: الكافي: 189/8. وعنه في بحارالأنوار: 251/28.
3- خ.ل: الحجر، المطر.
4- شرح نهج البلاغة: 106/4: المناقب: 115/2: الشافي: 223/3؛ تلخيص الشافي: 48/3: بحارالأنوار: 373/28.

بيت من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم، وما زلت مظلوماً حتى مقعدى هذا». (1)

وروي- متواتراً- أنه علیه السلام قال: «ما زلت مظلوماً (2) منذ قبض الله نبيه حتى يوم الناس هذا...» أو نحوه. (3)

أو: «ألا ما زلت مظلوماً.. ألا ما زلت مقهوراً منذ قبض الله نبيّه». (4)

أو: «فوالله ما زلت مدفوعاً عن أمري (5) مستأثراً علي، منذ قبض الله نبيه حتى يومنا هذا». (6)

أو: «ولقد كنت أظلم قبل ظهور الإسلام». (7)

أو: «ما زلت مظلوماً منذ ولدتني أُمّي». (8)

او: «مذكنت». (9)

بل قالوا: إنّه علیه السلام لم يقم مرّة على المنبر إلا قال في آخر كلامه قبل أن ينزل: «ما زلت مظلوماً منذ قبض الله نبيه صلی الله علیه واله وسلم». (10)

ص: 384


1- الخرائج والجرائح: 180، وعنه في بحارالأنوار: 187/42.
2- خ.ل: مغضوباً.
3- کامل بهائی: 303/1 و 131/2؛ إرشاد القلوب: 395؛ الإمامة والسياسة: 49/1: تقريب المعارف: 237 (تحقيق تبريزيان): الصراط المستقيم: 41/3 - 42 114: المناقب: 115/2: الشافي: 223/3؛ تلخيص الشافي: 48/2: شرح نهج البلاغة: 286/10 و 283/20: خصائص الأئمة علیهم السلام: 99؛ بحارالأنوار: 372/28 و 417/29 ، 578 و 51،5/410 و 187/42.
4- كامل بهائى: 328/1.
5- خ.ل: حقي.
6- انظر: نهج البلاغة، خطبة: 6: شرح نهج البلاغة: 223/1: کامل بهائی: 210/1؛ بحار الأنوار: 135/32.
7- شرح نهج البلاغة: 283/20.
8- الفضائل لشاذان القمي: 130؛ علل الشرائع: 45: بحارالأنوار: 208.62/27 و 228/67.
9- المناقب: 122/2؛ بحارالأنوار: 207/27 و 5/41.
10- المناقب: 115/2: الاحتجاج: 190: الصراط المستقيم: 150/3: الشافي: 223/3؛ تلخيص الشافي.: 49/3 کتاب سليم: 127، 181 (الطبعة المحققة: 663/2 0 748 الحديث الثاني عشر والحديث الخامس والعشرون): بحارالأنوار: 373/28 و 419/29، 467 و 143/33- 142 و 51/41.

علي علیه السلام و مخاصموه عند الله تعالى

روي من طرق كثيرة أنه علیه السلام لما كان يقول: أنا أوّل مَنْ يحشر (1) للخصومة بين يدي الله القيامة. (2)

ما لي ولقريش

قال علیه السلام: «كل حقد حقدته قريش على رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أظهرته في، وستظهره في ولدي من بعدي مالي ولقريش..؟!». (3)

وقال علیه السلام: «ما لنا ولقريش.... وما تنكر منا قريش..؟! غير أنا أهل بيت شيّد الله فوق بنيانهم بنياننا، وأعلى فوق رؤوسهم رؤوسنا واختارنا الله عليهم، فنقموا على الله أن اختارنا عليهم وسخطوا ما رضي الله (4) وأحبوا ما كره الله، فلما اختارنا الله عليهم شركناهم في حريمنا، وعرفناهم الكتاب والنبوة، وعلّمناهم الفرض -

ص: 385


1- خ.ل: يجثو .
2- صحيح البخاري: 24206/5: جواهر المطالب: 49/1: الرياض النضرة: 581 كنز العمال: 472/2: كامل بهائي: 87/2: المناقب: 204/3؛ شرح نهج البلاغة: 170/6 المناقب للكلابي: 432: المناقب لابن المغازلي: 265 تعليقة رقم 1 الصراط المستقيم: 289/1 و 42/3: تأويل الآيات: 330؛ العمدة - لابن البطريق - 311. (عن البخاري والثعلبي): شواهد التنزيل: 503/1: بشارة المصطفى: 263: سعد السعود: 102 بحارالأنوار: 312/19 - 313 و 374/28 و 578/29 و 128,22/36 و 234/39. وقال الحاكم في المستدرك: 386/2 - بعد ذكر هذه الرواية وما شابهها: لقد صح الحديث بهذه الروايات عن علي علیه السلام. أقول: ويتضح غرضه علیه السلام من هذا الكلام مما رواه ابن أبي الحديد عن النبي صلی الله علیه واله وسلم عند ذكر ما يبتلى به أمير المؤمنين علیه السلام بعد النبي صلی الله علیه واله وسلم: «فأعد للخصومة فإنك مخاصم». انظر: شرح نهج البلاغة: 206/9.
3- شرح نهج البلاغة: 328/20.
4- خ.ل: رضا الله.

والدين، وحفظناهم الصحف والزبر، وديناهم الدين والإسلام فوثبوا وجحدوا فضلنا ومنعونا، حقنا، والتونا أسباب أعمالنا وأعلامنا».

«اللهم فإني أستعديك على قريش.. فخذ لي بحق منها، ولا تدع مظلمتي لديها وطالبهم- يا رب! - بحقي، فإنك الحكم العدل.. فإن قريشاً صغرت عظيم أمري! واستحلت المحارم مني، واستخفّت بعرضي وعشيرتي، وقهرتني على ميراثي من ابن عمي، وأعزّوا (1) بي، أعدائي ووتروا بيني وبين العرب والعجم وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي وكدّي ومنعوني ما خلّفه أخي وجسمي وشقيقي وقالوا: إنك لحريص متهم... أليس بنا اهتدوا من متاه الكفر، و من عمی الضلالة وعلى الظلماء..؟! أليس أنقذتهم من الفتنة الصماء، والمحنة العمياء؟ ويلهم! ألم أخلّصهم من نيران الطغاة، وكرّة العتاة، وسيوف البغاة؟!.. بي كان يفري جماجم البهم، وهام الأبطال إذا فزعت تيم إلى الفرار وعدي إلى الانتكاص».

«أما وإني لو أسلمت قريشاً للمنايا، والحتوف، وتركتها فحصدتها سيوف الغوانم، ووطئتهم الأعاجم، وكرّات الأعادي، وحملات الأعالي، وطحنتهم سنابك الصافنات، وحوافر الصاهلات في مواقف الأزل والهزل.. في ظلال الأعنة وبريق الأسنة، ما بقوا لهضمي، ولا عاشوا لظلمي ولما قالوا: إنك لحريص متهم!...».

«اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق... فإني مهدت مهاد نبوة محمد صلی الله علیه واله وسلم، ورفعت أعلام دينك، وأعلنت منار رسولك، فوثبوا عليّ وغالبوني ونالوني وتروني...».

فقام إليه أبو حازم الأنصاري فقال: يا أميرالمؤمنين! أبوبكر وعمر ظلماك..؟! أحقك أخذا.. وعلى الباطل مضيا..؟ أعلى حق كانا..؟ أعلى صواب أقاما..؟ أم ميراثك غصبا..؟ أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك، أو نعلم حقهما من حقك.. أبزاك أمرك؟ أم غصباك إمامتك؟ أم غالباك فيها عزّاً؟ أم سبقاك إليها عجلاً، فجرت الفتنة ولم تستطع منها استقلالا؟ فإن المهاجرين والأنصار يظنان أنهما كانا على

ص: 386


1- خ.ل: أغروا.

حق، وعلى الحجة الواضحة مضيا..

فقال - صلوات الله عليه - «يا أخا اليمن! لا بحق أخذا ولا على إصابة أقاما، ولا على دين مضيا، ولا على فتنة خشيا - يرحمك الله - اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل...».

إلى أن قال - صلوات الله عليه -: «وكذلك فعلا بي ما فعلا حسدا... التيمي والعدوي كسباق الفرس احتيالاً واغتيالاً، وخدعة وغلبة... ولما أنزل الله جل وعز: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّهُ) (1) دعا رسول الله صلی الله علیه واله وسلم فاطمة فنحلها فدك، وأقامني للناس علما وإماما، وعقد لي وعهد إليّ، فأنزل الله عزوجل: (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكم) (2)».

«فقاتلت حق القتال، وصبرت حق، الصبر على أنه أُعزّ تيماً وعدياً (3) على دين أتت به تيم وعدي.. تيم وعدي.. أم على دين أتى به ابن عمي وصنوي وجسمي على أن أنصر تيما وعديا.. أم أنصر ابن عمي وحق وديني وإمامتي.. وإنما قمت تلك المقامات واحتملت تلك الشدائد وتعرّضت للحتوف على أن تصيبي من الآخرة موفّراً، وإني صاحب محمّد وخليفته، وإمام أمته بعده، وصاحب رايته في الدنيا والآخرة».

«اليوم أكشف السريرة عن حقّ، وأجلّي القذى عن ظلامتي حتى يظهر لأهل اللبّ والمعرفة أني مذلّل مضطهد مظلوم مغصوب مقهور، محقور، وأنهم ابتزوا حقي واستأثروا بميراثي».

«.. يا معشر المجاهدين المهاجرين والأنصار أين كانت سبقة تيم وعدي إلى ساعدة خوف الفتنة؟! ألا كانت يوم الإيواء؛ (4) إذا تكاتفت (5) الصفوف، -

ص: 387


1- الإسراء(17): 26.
2- النساء (4): 59.
3- خ.ل: أعربتما وعربا.
4- خ.ل: الأبواء.
5- خ.ل: تكاتفت.

وتكاثرت الحتوف، وتقارعت السيوف؟».

«وهلا كانت مبادرتهما يوم بدر.. إذ الأرواح في الصعداء ترتقي، والجياد بالصناديد ترتدي، والأرض من دماء الأبطال ترتوي؟!».

«ولم لَمْ يشفقا على الدين يوم بدر الثانية... والرعابيب ترعب والأوداج تشخب، والصدور تخصب؟!».

.. ثم عدّد وقائع النبي صلی الله علیه واله وسلم كلها على هذا النسق، وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلّها كانا مع النظارة والخوالف والقاعدين، فكيف بادرا الفتنة بزعمها- يوم السقيفة.. وقد توطأ الإسلام بسيفه، واستقر قراره، وزال حذاره.

ثم قال بعد ذلك: «.. قد توافقنا على حدود الحق والباطل، وأخرجتكم من الشبهة إلى الحق، ومن الشك إلى اليقين».

«فتبرؤوا - رحمكم الله - تمن نكثوا البيعتين، وغلب الهوى به فضل».

«وأبعدوا - رحمكم الله - تمن أخفى الغدر (1) وطلب الحق من غير أهله فتاه...».

«والعنوا - رحمكم الله - من انهزم الهزيمتين إذ يقول الله: (إذَا لَقِيتُمُ الذَّينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزا إلى فِئَة فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ الله) (2) وقال: (وَيَوْم حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَليْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِين) (3)

«اغضبوا - رحمكم الله - على من غضب الله عليهم...».

«و تبرؤوا - رحمكم الله - ممّن يقول فيه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: ترتفع يوم القيامة ريح سوداء تخطف من دوني قوما من أصحابي من عظماء المهاجرين فأقول: أصحابي.. فيقال: يا محمد! إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك».

«وتبرؤوا - رحمكم الله من النفس الضالّ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه -

ص: 388


1- خ.ل: العذر.
2- الأنفال (8): 15.
3- التوبة (9): 25.

ولا خلال، فيقولوا: ﴿رَبَّنَا أَرِنَا الَّذِيْنِ أَصَلأَنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُوْنَا مِنَ الأَسْفَلِيْنَ﴾، (1) ومن قبل أن يقولوا: (يا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْب اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرين) (2) أو يقولوا: (وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا المَجْرِمُونَ)، (3) أو يقولوا: ﴿رَبَّنَا [إِنَّا] أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ (4)

«إن قريشا طلبت السعادة فشقيت، وطلبت النجاة فهلكت، وطلبت الهداية فضلت».

«إن قريشا قد أضلت أهل دهرها ومن يأتي من بعدها من القرون، إن الله تبارك اسمه - وضع إمامتي في قرآنه فقال: (وَالَّذِينَ يَبيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَّا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّة أعْيُنِ واجْعَلْنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَاماً)، (5) وقال: (الَّذين إِنْ مَكَنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَلِلهِ عاقبة الأمور)». (6)

لكنّي ملجم إلى أن ألقى الله

قال أبو عبيدة: لما استقامت الخلافة لأبي بكر، بلغ أبا بكر عن علي علیه السلام تلكؤ وشماس.. وتهمهم ونفاس فكره أن يتمادى الحال وتبدو له العورة، وتنفرج ذات -

ص: 389


1- فصلت (41): 29.
2- الزمر (39): 56.
3- الشعراء (26): 99.
4- الاحزاب (33): 67.
5- الفرقان (25): 73-74.
6- كتاب الإرشاد لكيفية الطلب في أئمة العباد، تصنيف محمد بن الحسين الصفار (المتوفى 291)، وعنه في العدد القوية: 190 - 199، وعنه في بحارالأنوار: 558/29 - 56: ورواه ابن شهر آشوب مختصراً في مثالب النواصب: 144 - 148(الخطية)، والمناقب: 203/2 - 201، والآية الشريفة في سورة الحج (22) 41. قال الصفار: وقد كفانا أمير المؤمنين لها المؤونة في خطبة خطبها، أودعها من البيان والبرهان ما يجلي الغشاوة عن أبصار متأمليه، والعمى عن عيون متدبريه، وحلّينا هذا الكتاب بها ليزداد المسترشدون في هذا الأمر بصيرة. وهي منة الله جلّ ثناؤه علينا وعليهم يجب شكرها.

البين، ويصير ذلك دريئة لجاهل مغرور، أو عاقل ذي دهاء، أو صاحب سلامة ضعيف القلب خوار العنان، دعاني في خلوة فحضرته.. وعنده عمر وحده وكان عمر قبساً له وظهيراً معه، يستضيء بناره ويستملي يستضيء بناره ويستملي من لسانه - فقال لي: يا أبا عبيدة!.. أمض إلى عليّ و... قل له... ما هذا الذي تسوّل لك نفسك، ويدوّي به قلبك، ويلتوي عليه رأيك، ويتخاوص دونه طرفك ، ويستشري به ضعنك، ويتراد معه نفسك، وتكثر لأجله صعداؤك، ولا يفيض به لسانك؟ أعُجمة بعد إفصاح ألبساً بعد إيضاح؟... ما هذه القعقة بالشنآن والوعوعة باللسان؟..

قال أبو عبيدة: فلا تهيّأت للنهوض قال لي: عمر كن على الباب هنيئة فلى معك ذرو من الكلام... فوقفت وما أدري ما كان بعدي إلا أنه لحقني بوجه يندى تهللاً وقال لي: قل لعلي... ما هذه الخنزوانة التي في فراش رأسك؟! وما هذا الشجا المعترض في مدارج أنفاسك؟ وما هذه الوحرة التي أكلت شراسيفك، والقذاة التي أعشت ناظرك؟! وما هذا الدحس والدسّ اللذان يدلان على ضيق الباع وخور الطباع؟! وما هذا الذي لبست بسببه جلد النمر واشتملت عليه بالشحناء والنكر؟! لشدّ ما استسعيت لها وسريت سرى ابن انقد إليها.

لسنا في كسروية كسرى ولا قيصرية قيصر.

أتظن ظنّاً أنّ أبا بكر وثب على هذا الأمر مفتاتاً على الأمة خادعاً لها ومتسلّطاً عليها؟ أتراه امتلخ أحلامها، وأزاغ أبصارها، وحلّ عقودها، وأحال عقولها واستل من صدورها حميتها، وانتكت رشاءها، وانتضب ماءها؟

وإنك بحيث لا يجهل موضعك من بيت النبوة، ومعدن الرسالة، وكهف الحكمة ولا يجحد حقك في ما آتاك ربّك من العلم ومنحك من الفقه في الدين.. هذا إلى مزايا خصصت بها وفضائل اشتملت عليها، ولكن لك من يزاحمك بمنكب أضخم من منكبك، وقربى أمسّ من قرباك، وسنّ أعلى من سنّك، وشيبة أروع من شيبتك. فادخل في ما هو خير لك اليوم وانفع غداً، والفظ من فيك ما هو متعلّق بلهاتك، وانفت سخيمة صدرك... -

ص: 390

ثم نقل عن أمير المؤمنين علیه السلام أنه قال لأبي عبيدة - بعد أن أبلغه الرسالة: «.. أني أعلم أن التظاهر على واقع، ولي عن الحق الذي سيق إليَّ دافع، وإذ قد أفعم الوادي لي وحشد النادي علي فلا مرحباً بما ساء أحداً من المسلمين، وفي النفس كلام لولا سابق قول، وسالف عهد لشفيت غيظي بخنصري وبنصري، وخضت لجته بأخمصي ومفرقي، ولكني ملجم إلى أن ألقى الله...».

ثم بعدما التقى الفريقان؛ قال له عمر: يا أباالحسن!... وزعمت أن التظاهر عليك واقع.. أيّ تظاهر وقع عليك؟؟ وأي حق استؤثر به دونك؟!

لقد علمت ما قالت الأنصار أمس سراً وجهراً، وما تقلبت عليه ظهراً وبطناً، فهل ذكرتك أو أشارتْ بك؟! أو طلبت رضاها من عندك؟!

وهؤلاء المهاجرون من الذي قال منهم أنك صاحب هذا الأمر؟! أو أوماً إليك، أو همهم بك في نفسه؟!

أتظن أن الناس ضنّوا من أجلك؟! أو عادوا كفاراً زهداً فيك؟! أو باعوا الله تعالى بهواهم بغضاً لك؟!

ولقد جاءني قوم من الأنصار فقالوا: إنّ علياً ينتظر الإمامة ويزعم أنه أولى بها من أبي بكر، فأنكرت عليهم ورددت القول في نحورهم.. (1)

ص: 391


1- شرح نهج البلاغة: 271/10 - 285: عن أبي حيان التوحيدي في رواية طويلة جداً. أقول: نحن راجعنا كتاب البصائر والذخائر مراراً ولم نجد الرواية فيه مع أن الظاهر من ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 286/10 أنه نقلها عنه، ولعلّها حذفت كسائر ما حذفته الأيدي الأثيمة - من التراث العلمي. ورواه محيي الدين العربي في محاضرة الأبرار: 175/2 - 197 (مع تحريف يسير)، والنويري في نهاية الإرب: 213/7 ، والقلقشندي المتوفى (821) في صبح الأعشى 237/1 - 247، والعصامي المكي في سمط النجوم العوالي: 256/2 - 271 (مع تحريف يسير)، وأحمد زكي صفوت في جمهرة رسائل العرب: 89/1 - 109 مع شرحه للغات المشكلة، والشيخ إبراهيم العبيدي المالكي في: عمدة التحقيق: 236 - 255 (المطبوع في هامش روض الرياحين - ط قبرص) مع تحريف في بعض المواضع، فإنّه غير ما نقله عن أميرالمؤمنين علي علیه السلام: «فإني أعلم أن التظاهر علي واقع ، ولي عن الحق الذي سيق إلي دافع، وإذ قد أفعم الوادي لي وحشد النادي علي». وأورده هكذا: فإنّي لم أعلم أن التظاهر عليّ واقع ولا عن الحق الذي... قد أنعم بي الوادي أو حشر من أجلى النادي. ويحتمل أن يكون التحريف وقع من قبل غيره فنقله محرّفاً. وكيف كان فسياق الكلام وجواب عمر بعد ذلك يدلان على ما نقله ابن أبي الحديد دون ما ذكره العبيدي. ثم، الغرض من ذكر هذه الرسالة اعترافهم بمظلومية أمير المؤمنين علیه السلام الا الالتزام بصحة جميع ما فيها، ولشيخنا العلامة الأميني تعليقة عليها، راجع الغدير: 273/5.

ثم قال ابن أبي الحديد- بعد كلام له: إنما ذكرناه نحن في هذا الكتاب وإن كان عندنا موضوعاً منحولاً، فإنه صورة ما جرت عليه حال القوم... فهم وإن لم ينطقوا به بلسان المقال فقد نطقوا به بلسان الحال.. (1)

أقول إن التفتازاني حكم بصحة هذه الرواية، فقال: وفي إرسال أبي بكر وعمر: أبا عبيدة الجراح إلى عليه علیع السلام رسالة لطيفة رواها الثقاة بإسناد صحيح تشتمل على كلام كثير من الجانبين وقليل غلظة من عمر!!.. (2)

وفي رواية أنه علیه السلام قال لأبي عبيدة: يا أبا عبيدة طال عليك العهد فنسيت أم نافست فأُنسيت؟

لقد سمعتها ووعيتها فهلاً رعيتها؟ (3)

تجرّع الغصص

عن أبي جعفر الباقر علیه السلام: «قال ابن عباس.. فقلت: ما لك- يا أميرالمؤمنين- الليلة؟ فقال: ويحك يا ابن عباس! وكيف تنام عينا قلب مشغول؟ يا ابن عباس ملك جوارحك قلبك فإذا أرهبه أمر طار النوم عنه، ها أنا ذا كما ترى من أوّل الليل اعتراني الفكر والسهر لما تقدّم من نقض عهد أوّل هذه الأمة المقدّر عليها نقض عهدها، إنّ رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أمر من أمر من أصحابه بالسلام عليّ في حياته بإمرة المؤمنين، فكنت أوكد أن أكون كذلك بعد وفاته، يا ابن عباس! أنا أولى الناس بالناس بعده ولكن أمور اجتمعت على رغبة الناس فى الدنيا وأمرها ونهيها وصرف قلوب -

ص: 392


1- شرح نهج البلاغة: 286/10.
2- شرح المقاصد: 286/2 (ط افندي).
3- شرح نهج البلاغة: 307/20.

أهلها عنّي، وأصل ذلك ما قال الله تعالى في كتابه: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)، (1) فلولم یكن ثواب ولا عقاب لكان بتبليغ الرسول صلی الله علیه واله وسلم فرض على الناس اتباعه والله عزّوجلّ يقول: (ما آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، (2) أتراهم نُهُوا عنّي فأطاعوه؟! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وغدا بروح أبي القاسم صلی الله علیه واله وسلم إلى الجنّة لقد قرنت برسول الله صلی الله علیه واله وسلم حيث يقول عزّوجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (3) ولقد طال - يا ابن عباس - فكري وهمي وتجرّعي غصة بعد غصّة..». (4)

أشعاره علیه السلام فى التظلم

اشارة

ذكر الإمام علي بن أحمدالواحدي عن أبي هريرة قال: اجتمع عدّة من أصحاب رسول الله صلی الله علیه واله وسلم- منهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير والفضل بن عبّاس وعمار وعبدالرحمن بن عوف وأبوذر والمقداد وسلمان وعبدالله بن مسعود - فجلسوا وأخذوا في مناقبهم، فدخل عليهم علي علیه السلام فسألهم: «فيم أنتم؟» قالوا: تتذاكر مناقبنا مما سمعنا من رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، فقال علي علیه السلام: «اسمعوا منّى»، ثم أنشأ يقول هذه الأبيات:

«لقد علم الأناس بأن سهمي *** من الإسلام يفضل كل سهم.

وأحمد النبي أخي وصهري *** عليه الله صلّى وابن عمي.

و إنی قائد للناس طرّاً *** إلى الإسلام من عرب وعجم.

وقاتل كل صنديد رئيس *** وجبّار من الكفّار ضخم.

ص: 393


1- النساء (4): 54.
2- الحشر (59): 7.
3- الأحزاب (33): 33.
4- اليقين: 322 - 323، وعنه في بحارالأنوار: 549/29.

وفي القرآن ألزمهم ولائي *** وأوجب طاعتي فرضاً بعزم.

كما هارون من موسى أخوه *** كذاك أنا أخوه وذاك اسمى.

لذاك أقامني لهم إماماً *** وأخبرهم به بغدیر خم.

فمن منكم يعادلني بسهمي *** وإسلامي وسابقتي ورحمي؟

فويل ثم ويل ثم ويل *** لمن يلقى الإله غداً بظلمي.

وويل ثم ويل ثم ويل *** لجاحد طاعتي ومريد هضمي.

وويل للذي أشقى سفاهاً *** يريد عدواتي من غير جرم». (1)

وله علیه السلام:

«أطلب العذر من قومى وإن جهلوا *** فرض الكتاب ونالوا كل ما حرما.

حبل الإمامة لي من بعد أحمدنا *** كالدلو علقت التكريب والوذما.

لا في نبوته كانوا ذوي ورع *** ولا رعوا بعده إلا ولا ذمماً.

لو كان لي جائزاً سرحان أمرهم *** خلفت قومي وكانوا أُمّة أُمما». (2)

وله علیه السلام:

«تعلّم أبا بكر ولا تك جاهلاً *** بأنّ عليّاً خير حاف وناعل.

وأنّ رسول الله أوصي بحقه *** وأكد فيه قوله في الفضائل.

ولا تبخسنه حقه واردد الوری *** إليه فإن الله أصدق قائل». (3)

تذييلان

الأوّل: مظلومية مولانا أميرالمؤمنين علیه السلام مما أعلنه الصديق والعدو، انظر إلى فاطمة الزهراء علیها السلام فإنها لما حضرتها الوفاة بكت، فقال لها أميرالمؤمنين علیه السلام: «يا -

ص: 394


1- شرح الميبدي الشافعي على الديوان: 405-407:بحارالأنوار: 440/34: الغدير: 32/2 - 33.
2- بحارالأنوار: 442/34.
3- شرح الميبدي الشافعي على الديوان: 372؛ بحارالأنوار: 433/34.

سيدتي!! ما يبكيك؟» قالت: «أبكي لما تلقى بعدي».. (1)

وانظر إلى سبط النبي صلی الله علیه واله وسلم الإمام المجتبى علیه السلام يقول:

«وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله صلی الله علیه واله وسلم، فالله بيننا ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا وحمل الناس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفيء والغنائم ومنع أُمنا فاطمة علیها السلام إرثها من أبيها».

«إنا لا نسمّي أحداً.. ولكن أقسم بالله قسماً تالياً، لو أنّ الناس سمعوا قول الله ورسوله لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة». (2)

وفي كتابه علیه السلام إلى معاوية - بعد ذكر التنازع في أمر الخلافة بعد النبي صلی الله علیه واله وسلم-: «فهيهات! ما أنصفتنا قريش». (3)

وفي كتاب مولانا أبي عبد الله الحسين علیه السلام إلى أشراف البصرة:

«أمّا بعد؛ فإنّ الله اصطفى محمّداً صلی الله علیه واله وسلم على خلقه، وأكرمه بنبوّته، واختاره لرسالته، ثمّ قبضه الله إليه وقد نصح لعباده، وبلغ ما أُرسل به صلی الله علیه واله وسلم، وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه». (4)

وقال أبو جعفر الباقر علیه السلام- لبعض أصحابه -:

«يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا وما لقي شيعتنا ومحبّونا من الناس.. إن رسول الله صلی الله علیه واله وسلم قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس، -

ص: 395


1- مصباح الأنوار (مخطوط)، وعنه في بحارالأنوار: 217/43.
2- بحارالأنوار: 142/10 و 63/44 و 155/72.
3- شرح نهج البلاغة: 24/16.
4- تاريخ الطبري: 357/5.

فتمالات علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه، واحتجت على الأنصار بحقنا، وحجتنا، ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد.. حتى رجعت إلينا فنكثت بيعتنا ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كنود حتى قتل..». (1)

وقريب منه ما رواه أبان بن أبي عياش عنه علیه السلام وزاد فيه: «فتظاهروا على علي علیه السلام فاحتج عليهم بما قال رسول الله صلی الله علیه واله ، فيه وما سمعته العامة، فقالوا: صدقت قد قال [ذلك] رسول الله صلی الله علیه واله وسلم ولكن قد نسخه فقال: إنا أهل بيت أكرمنا الله عزّوجل واصطفانا ولم يرض لنا بالدنيا وإن الله لا يجمع لنا النبوة والخلافة. فشهد له بذلك أربعة نفر عمر وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة .. فشبّهوا على العامة وصدقوهم وردّوهم على أدبارهم، وأخرجوها من معدنها من حيث جعلها الله، واحتجوا على الأنصار بحقنا وحجتنا، فعقدوها لأبي بكر، ثم ردّها أبوبكر إلى عمر یكافيه بها، ثم جعلها عمر شورى بين ستة..». (2)

وروي عن أبي الحسن الهادي علیه السلام أنه كان يقول عند قبر أميرالمؤمنين علیه السلام:

«السلام عليك يا ولي الله، أشهد أنّك أنت أوّل مظلوم، وأوّل من غصب حقه، صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين..». (3)

وروى الإمام الكاظم، عن أبيه، عن جده علیهم السلام قال: «خطبت فاطمة الصغرى بعد أن ردّت من كربلاء فقالت .... اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود لوصيه علي بن أبي طالب المسلوب حقه المقتول من غير ذنب، كما قتل ولده بالأمس..». (4)

وفي رواية: - لما سئل زيد بن علي عن أبي بكر وعمر- قال... إنا كنا أحق -

ص: 396


1- شرح نهج البلاغة: 11 / 45 - 43، وعنه في بحارالأنوار: 68/44.
2- کتاب سلیم: 630/2 الحديث العاشر (الطبعة المحققة): وعنه في بحارالأنوار: 211/27 و 295/28.
3- كامل الزيارات: 41 0 45: الكافي: 4 / 569: فرحة الغري: 111 بحارالأنوار: 265/100. ولاحظ أيضاً الزيارات الواردة في الفقيه 586/2: التهذيب: 28/6: مصباح المتهجد: 745: البلد الأمين: 294: عنهم بحارالأنوار: 294/100، 337،320.
4- الاحتجاج: 2 / 302: اللهوف: 149: بحارالأنوار: 110/45.

بسلطان رسول الله صلی الله علیه واله وسلم من الناس أجمعين وإنّ القوم استأثروا علينا ودفعو ناعنه. (1)

وروی أنه قيل: يا أباذر! إنا لنعلم أن أحبّهم إلى رسول الله صلی الله علیه واله أحبّهم إليك، قال: أجل، قلنا: فأيهم أحبّ إليك؟ قال: هذا الشيخ المظلوم المضطهد حقه.. يعني علي بن أبي طالب علیه السلام. (2)

وقال: المقداد: ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيّهم صلی الله علیه واله وسلم. (3)

وروى الجوهري عن عمار بن ياسر أنه نادى يوم بويع عثمان يا معشر قریش! إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟! تحوّلونه هاهنا مرّة.. وهاهنا مرة. (4)

وروى الجمهور: أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت على معاوية في خلافته بالشام - وهي يومئذ عجوز كبيرة - فلما رآها قال مرحباً بك يا خالة قالت: كيف أنت يا ابن أختى؟ لقد كفرت النعمة، وأسأت لابن عمّك الصحبة، وتسمّيت بغير اسمك، وأخذت غير حقك، بلا بلاء كان منك ولا من أبيك، (5) بعد أن كفرتم بما جاء به محمد صلی الله علیه واله وسلم، فأتعس الله منكم الجدود حتى ردّ الله الحق إلى أهله وکانت کلمة الله هی العليا، ونبيّنا صلی الله علیه واله وسلم هو المنصور على كلّ من ناواه ولو كره المشركون، فكنا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين بلاءً، وعن أهله غناءً وقدراً حتى قبض الله نبيه صلی الله علیه واله وسلم مغفوراً ذنبه، مرفوعة منزلته، شريفاً عندالله مرضياً، فوتب علينا بعده تيم وعدي وبنو أمية، فأنت تهتدي بهداهم وتقصد القصدهم! فصرنا بحمدالله - فيكم - أهل البيت - بمنزلة قوم موسى في آل فرعون يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، وصار سيّدنا منكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى علیه السلام حيث

ص: 397


1- تاريخ الطبري: 181/7.
2- كشف الغمة: 344/1: الطرائف: 24: اليقين: 144: بحارالأنوار: 432/22 و 374/28.
3- مروج الذهب: 2 / 343: الطبري: 233/4؛ الكامل لابن الأثير: 3/ 71 وقريب منها في أمالي الشيخ المفيد: 169؛ أمالي الشيخ الطوسي: 194/1: شرح نهج البلاغة: 1 / 194 و 56/9: بحارالأنوار: 439/22.
4- شرح نهج البلاغة: 58/9، وراجع: 1 / 194 و 12 / 265.
5- خ. ل: من غير دين كان منك، ولا من آبائك، ولا سابقة لك في الإسلام.

يقول: (يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي)، (1) فلم يجمع بعد رسول الله صلی الله علیه واله وسلم شمل، ولم يسهل وعث، وغايتنا الجنّة وغايتكم النار. (2)

بل أعدى عدوّه - وهو عمر - يعترف بمظلوميته كما نقل من كتاب الموفقيات للزبير بن بكار الزبيري عن رجاله عن ابن عباس، قال: إني لأماشي عمربن الخطّاب فى سكّة من سكك المدينة إذ قال لي: يابن عباس! ما أظن صاحبك إلا مظلوماً! .. (3)

وفي رواية أخرى قال عمر: يابن عباس أما والله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم إلا أنا خفناه على اثنتين.

فقلت: يا أميرالمؤمنين! ما هما؟

قال: خشيناه على حداثة سنه، وحبّه بني عبد المطلب..!! (4)

وفي رواية اليعقوبي: والله يابن عبّاس! إنّ عليّاً ابن عمك لأحق الناس بها، ولكن قريشاً لا تحتمله!! (5)

الثاني: حزن الأئمة المعصومين علیهم السلام وبكاؤهم وتغيّرهم عند ذكر أُمّهم الصدّيقة علیهما السلام، مما يظهر منه عظم ما جرى عليها.

فقد روى علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم علیه السلام، قال: قلت: جعلت فداك إن أذنت لي حدثتك بحديث عن أبي بصير، عن جدّك: أنه كان إذا وعك استعان بالماء البارد، فيكون له ثوبان؛ ثوب فى الماء البارد وثوب على جسده، يراوح -

ص: 398


1- الأعراف (7): 150.
2- نهج الحق: 312 دلائل الصدق: 236/3: بحارالأنوار: 33 / 252؛ الغدير: 121/2 (مع اختلاف يسير) قريب منه بحارالأنورا: 260/33.
3- كشف اليقين: 175، وعنه في بحارالأنوار: 125/40: وقريب منه ما في شرح نهج البلاغة: 45/6 و 46/12.
4- شرح نهج البلاغة: 57/2 و 50/6.
5- تاریخ الیعقوبی: 2 / 158 - 159.

بينهما ثم ينادي - حتى يسمع صوته على باب الدار -: «يا فاطمة بنت محمّد!» فقال: «صدقت». (1)

قال المحدّث القمي رحمه الله: إني أحتمل قويّاً أنه أثر الحمى في جسده اللطيف كذلك أثر كتمان حزنه على أمّه المظلومة فى قلبه الشريف، فكما أنه يطف حرارة جسده بالماء يطفي لوعة وجده بذكر اسم فاطمة سيّدة النساء. وذلك مثل ما يظهر من الحزين المغموم من تنفّس الصعداء، فإنّ تأثير مصيبتها - صلوات الله عليها - على قلوب أولادها الأئمة الأطهار آلم من حزّ الشفار وأحرّ من جمرة النار فإنهم صلوات الله عليهم - من باب التقيّة لما كانوا بانين على كتمانها، غير قادرين على إظهارها ، فإذا ذكرت فاطمة - صلوات الله عليها - يبدو منهم - سلام الله عليهم - مما كتموه ما يستدل به الأريب الفطن بما في قلوبهم من الحزن والمحن. (2)

أقول: ويحتمل أنه علیه السلام تألّم من الحمى تذكر ما جرى على أمه المظلومة علیها السلام وما قاسته من تلك المصائب من حرارة النار.. أو لوعة المصاب مع حمى المرض أو.. ولذلك استغاث باسمها الشريف.

قال بشار المكاري: دخلت على أبي عبد الله علیه السلام بالكوفة - وقد قدم له طبق رطب طبرزد وهو يأكل.. فقال: «يا بشار ! أدن فكل»، فقلت: هناك الله وجعلنى فداك، قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في طريقي أوجع قلبي وبلغ منّي، فقال لي: «بحقِّي لما دنوت فأكلت»، قال: فدنوت فأكلت فقال لي حديثك.. قلت: رأيت جلوازاً يضرب رأس امرأة، ويسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها المستغاث بالله ورسوله.. ولا يغيثها أحد قال: «ولم فعل بها ذلك..؟!». قال: سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت:

لعن الله ظالميك يا فاطمة.

ص: 399


1- الكافي: 109/8؛ بحارالأنوار: 102/62: العوالم: 567/11.
2- بیت الاحزن: 100 - 101.

.. فارتكب منها ما ارتكب.

قال: فقطع ..الأكل .. ولم يزل يبكي حتى ابتلّ منديله ولحيته وصدره بالدموع، ثم قال : «يا بشار! قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله عزّوجلّ ونسأله خلاص هذه المرأة..». (1)

وفي خبر السكوني: فقال لي- أبو عبد الله الصادق علیه السلام-: «ما سميتها؟ قلت: فاطمة. قال: «آه... آه.. أمّا إذا سميتها فاطمة فلا تسبّها ولا تلعنها ولا تضربها». (2)

وروى الشيخ الصدوق: انه أتى رجل أبا عبدالله علیه السلام فقال له: يرحمك الله! هل تشيع الجنازة بنار ويمشى معها بمجمرة وقنديل.. أو غير ذلك مما يضاء به؟

قال: فتغيّر لون أبي عبدالله علیه السلام من ذلك، فاستوى جالساً. ثم ذكر- في حديث طويل جداً- استيذان الشيخين لعيادة السيدة فاطمة علیها السلام وامتناعها من الإذن، واستيذان أميرالمؤمنين علیه السلام، وقولها علیها السلام لهما: «أنشدكما بالله هل سمعتها النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول: «فاطمة بضعة منّي وأنا منها، من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتی»؟

قالا: نعم. فقالت: «الحمد لله»، ثم قالت: «اللهم إني أُشهدك - فاشهدوا يا من حضر! - إنها قد أذياني في حياتي وعند موتي، والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألق ربّي فأشكو كما إليه بما صنعتها بي وارتكبتها مني».

ثم أشار علیه السلام إلى إيصائها بعدم حضور الأعداء جنازتها، ثم قال علیه السلام:

«فلما قضت نحبها - صلى الله عليها ، وهم في ذلك في جوف الليل، أخذ علي علیه السلام في جهازها من ساعته كما أوصته، فلما فرغ من جهازها .. أخرج علي علیه السلام -

ص: 400


1- المزار الكبير: 137- 139 ، وعنه في بحارالأنوار: 440/100: المزار لبعض القدماء والمقتل لبعض المتأخرين، وعنهما في بحارالأنوار: 379/47: العوالم: 569/11.
2- الكافي: 6 / 48؛ التهذيب: 113/8.

الجنازة، وأشعل النار في جريد النخل ومشى مع الجنازة بالنار، حتى صلى عليها ودفنها ليلاً ..». (1)

وقد مرّ ما رواه عيسى بن المستفاد عن أبي الحسن الكاظم علیه السلام، عن رسول الله صلی الله علیه واله وسلم: «.. ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إنّ فاطمة بابها ،بابي، وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله».

قال عيسى: فبكى أبو الحسن علیه السلام طويلاً وقطع بقية كلامه، وقال: «هتك والله حجاب الله!.. هتك والله حجاب الله!.. هتك والله حجاب الله!.. يا أُمّه !». (2)

وعن محمد بن هارون بن موسى عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن احمدبن أبي عبدالله البرقي، عن زكريا بن آدم، قال: إني لعند الرضا علیه السلام إذ جيء بأبي جعفر علیه السلام وسنّه أقل من أربع سنين، فضرب بيده إلى الأرض ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر، فقال له الرضاء علیه السلام: «بنفسى أنت فلم طال فكرك»؟

فقال: «في ما صنع بأمّي فاطمة علیها السلام، أما والله لأخرجتها، ثمّ لأحرقتها، ثم لأذريتها، ثم لأنسفنّها في اليم نسفاً..»، فاستدناه وقبل بين عينيه، ثم قال: «بأبي أنت وأُمّي، أنت لها» يعني: الإمامة. (3)

وحكي عن العلامة السيد باقر الهندي أنه رأى في المنام صاحب الأمر عجل فرجه - ليلة الغدير حزيناً كثيباً، فقال: يا سيدي ما لي أراك في هذا اليوم حزيناً والناس على فرح وسرور بعيد الغدير؟!

فقال علیه السلام: «ذكرت أمي وحزنها»، ثم قال:

«لا تراني اتخذت لا وعلاها *** بعد بيت الأحزان بيت سرور».

ولما انتبه السيّد نظم قصيدة في أحوال الغدير وما جرى على الزهراء علیها السلام بسعد -

ص: 401


1- علل الشرايع: 185 - 189، وعنه في بحارالأنوار: 201/43-206.
2- الطرف: 19، وعنه في بحارالأنوار: 22 / 477.
3- دلائل الإمامة: 212 (الطبعة المحققة: 400)، وعنه في بحارالأنوار: 58/50: نوادر المعجزات: 183؛ اثبات الوصية: 218.

أبها وضمنها هذا البيت، والقصيدة مشهورة مطلعها:

كل غدر وقول إفك وزور *** هو فرع من جحد نصّ الغدير. (1)

وفي توقيع مولانا صاحب الزمان علیه السلام: «... ولولا ما عندنا من محبة صلاحكم ورحمتكم والإشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل مما قد امتحنا من منازعة الظالم العتلّ الضال المتابع في غيّه المضاد لربّه المدعي ما ليس له الجاحد حق من افترض الله طاعته الظالم الغاصب، وفي ابنة رسول الله صلى الله عليه واله واله وسلم لي أسوة حسنة... وسيردي (2) الجاهل رداءة عمله، وسيعلم الكافر لِمَنْ عُقْبَى الدّار». (3)

أقول: وقد مرّ عليك بكاء أميرالمؤمنين علیه السلام وكلامه حين تغسيل فاطمة علیها السلام وبعد دفنها، وتغيّر حاله حينما سمع إغرام عمربن الخطاب جمیع عماله ماخلا قنفذ العدوي لإعانته في ضرب الزهراء علیها السلام، وتغيّر السبط الأكبر مولانا أبي محمد المجتبى علیه السلام على المغيرة بن شعبة.

شکوى فاطمة الزهراء عليها السلام

قالت فاطمة بنت الحسين علیه السلام: لما اشتدت علّة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار فقلن لها يا بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم! كيف أصبحت عن علتك؟

فقالتعلیها السلام: «أصبحت والله عائفة لدنياكم (4) قالية لرجالكم (5) لفظتهم قبل أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم، فقبحاً لفلول الحد، وخور القناة وخطل الرأي، (وبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخَطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ -

ص: 402


1- وفاة الزهراء علیها السلام للمقرم: 103.
2- خ.ل: سيتردي.
3- الغيبة للشيخ الطوسي: 285، الاحتجاج: 467، بحارالأنوار: 178/53.
4- خ.ل: الدنياكن.
5- خ.ل: لرجالكن.

خَالِدُونَ). (1) لاجرم لقد قلّدتهم، ربقتها، وشننت عليهم غارها، فجدعاً وعقراً وسحقاً للقوم الظالمين».

«ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة، ومهبط الوحي الأمين، والطبين (2) بأمر الدنيا والدين (أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (3)».

«وما نقموا من أبي الحسن!.. نقموا والله منه نكير سيفه، وشدّة وطئه، ونكال وقعته، وتنمّره في ذات الله عزّوجلّ، والله لو تكافّوا عن زمام نبذه رسول الله صلی الله علیه واله وسلم إليه لاعتلقه ولسار بهم سيراً سجحاً، لا يكلم خشاشه، ولا يتعتع راكبه ولأوردهم منهلاً غيراً فضفاضاً، تطفح ضفتاه، ولأصدرهم بطاناً، قد تحيّر بهم الري غير متحلّ منه بطائل إلّا بغمر الماء وردعه شرر (4) الساغب، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض.. وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون».

«ألا هلمّ فاسمع وما عشت أراك الدهر العجب؛ وإن تعجب فقد أعجبك الحادث.. إلى أي سناد استندوا؟!.. وبأي عروة تمسكوا؟!... استبدلوا الذنابي - والله - بالقوادم والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُوْنَ صُنْعاً)، (5) (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)، (6) ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أمَّن لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُوْنَ﴾ (7)».

«أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظرة ريث ما تنتج.. ثم احتلبوا اطلاع القعب دماً عبيطاً ، وذعافاً ممقراً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما سنّ الأولون، ثم طيبوا عن أنفسكم أنفساً، وطامنوا للفتنة جأشاً، وابشروا بسيف صارم وهرج -

ص: 403


1- المائدة (5): 80.
2- قيل: هو الفطن الحاذق العالم بكل شيء.
3- الزمر (39): 15.
4- خ. ل: سورة.
5- الكهف (18): 104.
6- البقرة (2): 12.
7- يونس (10): 35.

شامل، واستبداد من الظالمين.. يدع فيئكم زهيداً، وزرعكم حصيداً، فيا حسرتي لكم.. وأنى بكم.. وقد عميت قلوبكم عليكم (أَنُلْزِمُكُمُوْهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُوْنَ)». (1)

وفي رواية: قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها علیها السلام على رجالهن.. فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين وقالوا: يا سيدة النساء لو كان أبوالحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد ونحكم العقد لما عدلنا عنه إلى غيره!..

فقالت علیها السلام: «إليكم عني، فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم».

ودخل إليها في مرضها نساء رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وغيرهنّ من قريش، فقلن: كيف انت؟

قالت: «أجدني - والله - كارهة لدنياكم مسرورة لفراقكم ألقى الله ورسوله بحسرات منكن فما حفظ لي الحق، ولا رعيت مني الذمة، ولا قبلت الوصيّة، ولا عرفت الحرمة..». (2)

وعنها علیها السلام: «أما والله لو تركوا الحق على أهله، واتبعوا عترة نبيّه، لما اختلف في الله اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف بعد خلف، حتى يقوم قائمنا التاسع من، ولد الحسين.. ولكن قدّموا من أخّره الله، وأخروا من قدمه الله، حتى إذا ألحدوا المبعوث، وأودعوه الجدث المجدوث، اختاروا بشهوتهم، وعملوا بآرائهم تباً لهم! أولم يسمعوا الله يقول: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ (3) بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه: ﴿فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي -

ص: 404


1- مثال الطالب: 528 - 529: جواهر المطالب: 1 / 164 - 168: معاني الأخبار: 354 - 355، وعنه في بحارالأنوار: 43 / 158: أمالي الشيخ الطوسي: 1 / 384، وعنه في بحارالأنوار: 43 / 161: الاحتجاج: 108 - 109، وعنه في بحارالأنوار: 158/43: دلائل الإمامة: 39: الصراط المستقيم: 1/ 171 (قطعة منها): كشف الغمة: 492/1: بلاغات النساء: 32 - 33: شرح نهج البلاغة: 16 / 233: الدر النظيم: 481 - 483 العوالم: 11 / 458 - 467 .. مع ذكره لموارد الاختلاف بين الروايات، وبيان اللغات المشكلة فيها.
2- تاريخ اليعقوبي: 2 / 115.
3- القصص (28): 68.

الصُّدُورِ﴾ (1) هيهات! بسطوا في الدنيا آمالهم ونسوا ،آجالهم، فتعساً لهم وأضل أعمالهم، أعوذ بك يا ربّ من الحور بعد الكور». (2)

وروي أنها علیه السلام لما ضاق قلبها بما كانت تقاسيه من محن الأيام ونكبات الزمان قيل لها: أما تشكين إلى عمّك العبّاس؟

فرفعت رأسها إلى السماء وقالت: «يا من لا يخفى عليه أنباء المتظلمين ولا يحتاج في قصصهم إلى شهادات الشاهدين، أشكو إليك ما لا يخفى عليك». (3)

وقالت علیها السلام في الخطبة الفدكية (4) بعد كلام طويل جداً -:

«... حتى إذا اختارالله لنبيه دار أنبيائه ظهرت حسيكة النفاق ، وسمل (5) جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين (6) وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه صارخاً بكم، فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين، ولقربه متلاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير، إبلكم ووردتم غير شربكم.. هذا والعهد قريب، والكلم رحيب يندمل، إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة و ألا ذلك خوف الفتنة (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ تُمحِيْطَةٌ بِالْكَافِرِينَ). (7)».

ص: 405


1- الحج (22): 46.
2- كفاية الاثر: 199، وعنه في بحارالأنوار: 353/36.
3- وقائع الأيام للخياباني (شهر الصيام): 335.
4- أقول: أعطى رسول الله صلی الله علیه واله وسلم فاطمة علیها السلام فدكاً لما نزلت عليه: (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) [الإسراء (22): 26] بأمرالله تعالى، وكانت بيدها وفيها عمالها ولكن أبا بكر بعد أن أخذ الخلافة واستولي عليها أخرج عمالها.. من قدك، وراجعته فاطمة في ذلك وجاءت بأميرالمؤمنين علیه السلام وأم أيمن فشهدا لها، فكتب أبو بكر برد قدك الله إليها ، فلقيها عمر في الطريق فأخذ الكتاب وبصق فيه وخرقه. راجع: شرح نهج البلاغة 274/16، السيرة الحلبية: 362/3: الكافي 543/1: المقنعة: 288؛ التهذيب: 148/4: بحارالأنوار: 156/48، والقضيّة مفصلة جداً، راجع: بحارالأنوار: 105/29-417.
5- خ. ل: شمل.
6- خ.ل: الآفكين ... الأقلين ... وفي بعضها: حامل بحذف المضاف.
7- التوبة (9): 49.

« فهيهات! وأنّى بكم.. وأنّى تؤفكون!؟ وكتاب الله بين أظهركم، زواجره بَيَّنة، وشواهده لائحة، وأوامره واضحة. أَرَغْبَةً عنه تريدون.. أم لغيره تحكمون، (وبِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (1) (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيْناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (2)».

«ثم لم تلبثوا إلّا ريث أن تسكن نفرتها، تسرون حسوا في ارتغاء ونحن نصبر منكم على مثل حرّ المدى وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوْقِنُوْنَ) (3)».

«يا بن أبي قحافة ! أترث أباك ولا أرث أبي؟!! لقد جنت شيئاً فريّاً، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة (يَخْسِرُ الْمُبْطِلُوْنَ) (4)».

ثم انكفأت إلى قبر أبيها صلی الله علیه واله وسلم فقالت:

«قدكان بعدك أنباء وهنيئة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب.

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فاشهدهم ولا تغب.

فليت بعدك كان الموت صادفنا *** لما قضيت وحالت دونك الكتب».

وفى رواية (بعد البيت الأول):

نأبدت رجال لنا نجوى صدورهم *** لما قضيت وحالت دونك الكتب.

تجهمتنا رجال واستخف بنا *** إذ غبت عنا فنحن اليوم تُغتصب».

ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ، ثم عدلت إلى مسجد الأنصار، (5)

ص: 406


1- الكهف (18): 50.
2- آل عمران (3): 85.
3- المائدة (5): 50.
4- الجانية (45): 27.
5- هذه الفقرة جاءت باختلاف في النسخ، وفي بعضها إلى مجلس الأنصار.. كما عن بلاغات النساء. وفي بعضها: ثم رمت بطرفها إلى الانصار.. كما في الاحتجاج.

فقالت: «يا معشر البقية ، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام! ما هذه الفترة عن نصرتي والونية عن معونتي والغميزة في حقي، والسنة عن ظلامتي؟».

«أما كان رسول الله صلی الله علیه واله وسلم يقول: «المرء يُحفظ في ولده؟» سرعان ما أحدثتم وعجلان ما أتيتم!».

«الئن مات رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أمتم دينه..؟! ها إن موته لعمري - خطب جليل استوسع وهنه، واستبهم، فتقه، وفقد راتقه، وأظلمت الأرض له، وخشعت الجبال وأكدت الآمال، أضيع بعده الحريم وهتكت الحرمة، وأُذيلت المصونة، وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته وأنباكم بها قبل وفاته، فقال: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) (1)».

«أيهاً بنى قيلة! أهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع، تبلغكم الدعوة ويشملكم الصوت وفيكم العدة والعدد ولكم الدار والجنن وأنتم نخبة الله التي انتخب، وخيرته التي اختار، باديتم العرب، وبادهتم الأُمور، وكافحتم البهم، حتى دارت بكم رحى الإسلام ودر حلبه وخبت نيران الحرب، وسكنت فورة الشرك، وهدأت دعوة الهرج، واستوثق نظام الدين أفتأخّرتم بعد الإقدام ونكصتم بعد الشدت، وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وطعنوا في دينكم ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُوْنَ﴾ (2)».

«ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة فجحدتم الذي وعيتم، وسعتم الذي سوغتم ﴿وَإِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيُّ حَمِيدٌ﴾ (3)».

« ألا وقد قلت لكم ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم وخور -

ص: 407


1- آل عمران (3): 144.
2- التوبة (9): 12.
3- إبراهيم علیه السلام (14): 8.

القناة وضعف اليقين، فدونكموها فاحتووها مديرة الظهر، ناقبة الخفّ، باقية العار موسومة الشعار، موصولة ب ﴿نَارُ اللهِ الْمُوْقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ﴾ (1) فبعين الله ما تعملون.. « (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)...». (2)

والخطبة طويلة جداً رواها الخاصة والعامة بطرق كثيرة واختلافات يسيرة - عن السيدة زينب الكبرى علیها السلام.. أو عن أبي جعفر الباقر عن آبائه علیهم السلام.. أو -عن زيد بن علي، عن آبائه علیهم السلام.. أو عن عبدالله بن الحسن، عن جماعة من أهله.. أو عن ابن عباس.. أو عن عائشة.. أو عن غيرهم.

وقال ابن أبي طيفور: قال لي أبوالحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: رأيت مشايخ آل أبي طالب علیهم السلام: يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم... ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم.

أقول: ونحن نذكر بعض المؤلفين الذين رووا تلك الخطبة الغرّاء كلاً أو بعضاً.

ومنهم: أحمدبن طاهر أبي طيفور (3) (المتوفى 280).

ومنهم: أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري (المتوفى 323) في السقيفة وفدك و عنه ابن أبي الحديد (4) (المتوفى 656)، والشيخ الإربلي (5) (المتوفى 693).

ومنهم: القاضي النعمان المغربي (6) (المتوفى 363).

ومنهم: الشيخ الصدوق (7) (المتوفى 381).

ومنهم: أبوبكر أحمدبن موسى بن مردويه الإصفهاني (المتوفى 410) في كتاب -

ص: 408


1- الهمزة (104): 7/6.
2- شرح نهج البلاغة: 16 / 251 - 249، 211 - 213 ، والآية الشريفة في سورة الشعراء (26): 227.
3- بلاغات النساء: 23، وعنه في بحارالأنوار: 235/29 - 245.
4- شرح نهج البلاغة: 211/16-213.
5- كشف الغمة: 1 / 480.
6- شرح الأخبار: 34/3.
7- الفقيه: 3/ 372؛ علل الشرائع: 248 بأسانيد عديدة.

المناقب بإسناده عن عائشة، وعنه الشيخ أسعد [بن عبدالقاهر] بن سقروه (1) في كتاب الفائق عن الأربعين، وعنه السيد ابن الطاووس (2) (المتوفى 664).

ومنهم: الوزير الكاتب ابو سعد منصور بن الحسين الآبي (3) (المتوفى 421).

ومنهم: احمدبن عبد الواحد المعروف ب-: ابن عبدون (4) (المتوفى 423).

ومنهم: الشريف المرتضى (5) (المتوفى 436).

ومنهم: الشيخ الطوسي (6) (المتوفى 460).

ومنهم: الطبري الإمامي (7) (القرن الخامس).

ومنهم: الخطيب الخوارزمي (8) (المتوفى 568).

ومنهم: ابن شهر آشوب المازندراني (9) (المتوفى 588).

ومنهم: الشيخ هاشم بن محمد (10) (القرن السادس).

ومنهم: الشيخ أحمد الطبرسي (11) (القرن السادس).

ومنهم: ابن الأثير الجزري (12) (المتوفى 606).

ومنهم: السبط ابن الجوزي (13) (المتوفى 654).

ص: 409


1- خ. ل: شفروه.
2- الطرائف: 263.
3- نشر الدر: 8/4-13.
4- كتاب تفسير خطبة فاطمة الزهراء علیها السلام، راجع: الذريعة: 4 / 348.
5- الشافي: 4 - 69 بسندين، عنه شرح نهج البلاغة: 16 / 249 - 250.
6- تلخيص الشافي: 3 / 140 - 145.
7- دلائل الإمامة: 30 - 39(109، الطبعة الحديثة) من تسعة طرق.
8- مقتل الحسين علیه السلام: 77/1.
9- المناقب: 206/2 - 208؛ مثالب النواصب: 152 - 153، 226 - 227 (الخطية).
10- مصباح الأنوار: 247 - 252.
11- الاحتجاج: 97 - 104، وعنه في بحارالأنوار: 29 / 220 - 233.
12- منال الطالب: 501-507 (ط. مكة).
13- تذكرة الخواص: 317.

ومنهم: المنصور بالله الحسن بن بدرالدين الحسيني الزيدي (1) (المتوفى 670)

ومنهم: ابن ميثم البحراني (2) (المتوفى 679).

ومنهم: الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي (3) (القرن السابع).

ومنهم: العلامة شمس الدين محمد الباعوني الشافعي (4) (المتوفى 871).

ومنهم: العلامة المجلسي. (5)

ومنهم: الشيخ عبد الله البحراني. (6)

وأشار إليها أو روى قطعة يسيرة منها عدة من الأعلام.

منهم: الخليل بن أحمدالفراهيدي أحمد الفراهيدي (7) (المتوفى 175).

ومنهم: الإمام الهادي يحيى بن الحسين الزيدي (8) (المتوفى 289).

ومنهم: اليعقوبي (9) (المتوفى 292).

ومنهم: عبد الرحمن بن عيسى الهمذانى (10) (المتوفى 327).

ومنهم: المسعودي (11) (المتوفى 346).

ومنهم: القاضي النعمان المغربي (المتوفى 363) عن المعز لدين الله الخليفة -

ص: 410


1- أنواراليقين: 276 - 278.
2- شرح نهج البلاغة: 105/5، عن كتاب المنظوم والمنثور.... المجلد الخامس منه، لبعض المتقدمين من أهل السنة، وهذا الكتاب كان في خزانة المتوكل العباسي.
3- الدرالنظيم: 465 - 460.
4- جواهر المطالب: 1 / 155 - 164.
5- بحارالأنوار: 220/29.
6- العوالم: 467/11.
7- کتاب العين: 323/8.
8- تثبيت الإمامة: 30: وعنه فى شفاء صدور الناس: 520.
9- تاريخ اليعقوبي: 127/2.
10- الالفاظ الكتابية: 65.
11- مروج الذهب: 304/2.

الإسماعيلي (1) (المتوفى 365).

ومنهم: الزمخشري (2) (المتوفى 538).

ومنهم: أبو الفرج عبدالرحمن بن الجوزي (3) (المتوفى 597).

ومنهم: أبو محمد اليمنى (4) (القرن السادس).

ومنهم: مؤلّف كتاب ألقاب الرسول وعترته علیهم السلام (5) (القرن السادس).

ومنهم: ابن الأثير (6) (المتوفى 606).

ومنهم: ابن منظور (7) (المتوفى 711).

وأمّا الأشعار التي تمثلت بها السيدة فاطمة فذكر بعضها جماعة: منهم ابن قتيبة (8) (المتوفى 276).

منهم: علي بن إبراهيم القمي (9) (المتوفى 307).

منهم: ابن عبد ربّه الأندلسي (10) (المتوفى 328).

ومنهم: الشيخ الكليني (11) (المتوفى 329).

ومنهم: حسين بن حمدان الخصيبي (12) (المتوفى 334).

ص: 411


1- المجالس والمسايرات: 112 -113.
2- الفائق: 331/3.
3- غريب الحديث: 2 / 333.
4- عقائد الثلاث والسبعين فرقة: 1 / 133.
5- ألقاب الرسول وعترته علیهم السلام: 41: ميراث حديث الشيعة: 49/1.
6- النهاية: 273/4 - لم -.
7- لسان العرب: 248/12 (ط دار صادر).
8- غريب الحديث: 1 / 590.
9- تفسير القمي: 2 / 157.
10- العقدالفريد: 3/ 238.
11- الكافي: 375/8.
12- الهداية الكبرى: 406.

ومنهم: المسعودي (1) (المتوفى 346).

ومنهم: المقدسي (2) (المتوفى 355).

ومنهم: الشيخ المفيد (3) (المتوفى 413).

ومنهم: الزمخشري (4) (المتوفى 538).

ومنهم: ابن شهر آشوب المازندراني (5) (المتوفى 588).

ومنهم: الشيخ أحمد الطبرسي (6) (القرن السادس).

ومنهم: ابن الأثير الجزري (7) (المتوفى 606).

ومنهم: النويري (8) (المتوفى 737).

ومنهم: الشيخ حسن بن سليمان الحلّى (9) (القرن الثامن).

ومنهم: الهيثمي (10) (المتوفى 807).

ومنهم: ابن قنفذ (11) (المتوفى 810).

ومنهم: السيد هادي بن إبراهيم الوزير (12) (المتوفى 822).

ومنهم: الحسني اليمني الصنعاني (13) (المتوفى 1121).

ص: 412


1- مروج الذهب: 304/2.
2- البدء والتاريخ: 5 / 68.
3- أمالي الشيخ المفيد: 40 - 41.
4- الفائق: 4 / 116.
5- المناقب: 2/ 208 - 209: مثالب النواصب: 135 (الخطية).
6- الاحتجاج: 92-93.
7- النهاية: 277/5.
8- نهاية الارب: 168/5 - 169.
9- مختصر البصائر: 192.
10- مجمع الزوائد: 39/9.
11- وسيلة الإسلام: 119، مع تغيير في القافية.
12- نهاية التنويه في إزهاق التمويه: 132.
13- نسمة السحر: 472/2، روى عن ابن الأثير خسمة أبيات، ولا توجد في النهاية: 2 / 277 إلابيتان منها.

ونقل عن أبي بكر الجوهري انتساب بيتين منها إلى أم مسطح بن أثاثة، (1) وصرّح محمد بن المثنى الحضرمي (2) (القرن الثاني) وابن سعد (3) (المتوفى 230) بأنها لهند بنت أثاثة ونسبها الجاحظ (4) (المتوفى 255) والهيثمي (5) (المتوفى 807) وابن حجر العسقلاني (6) (المتوفى 852) إلى صفية بنت عبد المطلب ونسبها الخصيبي (7) (المتوفى 334).. وغيره (8) إلى رقية (9) بنت صيفي. (10)

ثم ذكروا أنها بعد الرجوع من المسجد قالت - ضمن خطابها لأمير المؤمنين علیه السلام: «.. منعتني قيلة ،نصرها والمهاجرة، وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع خرجت كاظمة، وعدت راغمة، ولا خيار لي.. ليتني مت قبل هينتي ودون ذلتي، عذيري الله منك عادياً، ومنك حامياً، ويلاي في كل شارق! ويلاي في كل غارب! مات العمد، ووهن العضد، وشكواي إلى أبي وعدواي إلى ربي..». (11)

وقالت علیها السلام في جواب أم سلمة - رحمة الله عليها -:

«أصبحت بين كمد وكرب : فقد النبي صلی الله علیه واله وسلم، وظلم الوصي، هتك والله حجابه من أصبحت إمامته مقتصة على غير ما شرع الله في التنزيل، وسنّها النبي في التأويل -

ص: 413


1- شرح نهج البلاغة: 50/2 و 43/6.
2- الأصول الستة عشر: 93 - 95.
3- الطبقات: 2/ ق 97/2.
4- البيان والتبيين: 363/3.
5- مجمع الزوائد: 39/9.
6- الإصابة: 745/7 (طبع دار الجيل).
7- الهداية الكبرى: 406.
8- مختصر البصائر: 192: حلية الأبرار: 2 / 667 : بحارالأنوار: 17/53 - 18.
9- خ. ل: رقيقة.
10- خ، ل: صفي: خ ل: أبي صيفي.
11- المناقب: 2/ 208، وعنه في بحارالأنوار: 148/43: الاحتجاج: 107، وعنه في بحارالأنوار: 234/29: العوالم: 11 / 412: مثالب النواصب: 153 - 154 (الخطية). الدر النظيم: 478.

ولكنها أحقاد ،بدرية ، وتراث أحديّة كانت عليها قلوب النفاق مكتمنة..». (1)

ثم إنها أظهرت غضبها عليهم ببكائها على أبيها ليلاً ونهاراً، ليعرف عامة الناس الخاذلين لها - ولاسيما الهيئة الحاكمة - أنه ماجراهم على ظلمها إلا فقد أبيها. ومع أنها ما عاشت بعده إلّا أشهراً قلائل ولكنها تعدّ من البكائين، وكان بكاؤها اعتراضاً على الخليفة وأعوانه وتظلّماً وشكوى من الناس جميعاً، ولذا كانوا يتأذون من بكائها لما يجد المسلمون في أنفسهم من أنّهم ظلموها وعصوا ربهم ولم يحفظوا وصيّة نبيهم صلی لله علیه واله وسلم فيها.

قال مولانا أبو عبدالله الصادق علیه السلام في عد البكائين الخمسة - وهم آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة وعلي بن الحسين علیهم السلام-: «.. وأمّا فاطمة علیها السلام، فبكت على رسول الله صلی الله علیه واله وسلم حتى تأذى به أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك!!.. فكانت تخرج إلى المقابر - مقابر الشهداء - فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف». (2)

قال ابن أبي الحديد ومن الناس من يذكر أنها كانت تشوب هذه الندبة بنوع من التظلّم والتألّم لأمر يغلبها، والله أعلم بصحة ذلك، والشيعة تروي: أن قوماً من الصحابة أنكروا بكاءها الطويل ونهوها عنه، وأمروها بالتنحي عن مجاورة المسجد إلى طرف من أطراف المدينة. (3)

ولا بأس بذكر قطعة من رواية ورقة بن عبدالله عن فضة ليتضح معاريض كلامها فى ندبتها:

.. فلا أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول: «رفعت قوتي، وخانني جلدي وشمت بي عدوّي، والكمد، قاتلي يا أبتاه بقيت والهة وحيدة، وحيرانة فريدة، فقد -

ص: 414


1- المناقب: 205/2.
2- أمالي الشيخ الصدوق: 141: الخصال: 272، وعنه في بحارالأنوار: 43 / 155: المناقب: 322/3، وعنه في بحارالأنوار: 3/ 35 : روضة الواعظين: 170 4500 - 451: كشف الغمة: 498/1: مكارم الأخلاق: 315 - 316: إرشاد القلوب: 95.
3- شرح نهج البلاغة: 13 / 43، وراجع: كتاب النقض: 317 (طبعة أخرى: 298) بحر الأنساب: 4 (ترجمته بالفارسية): حبيب السير: 1 / 434، لغياث الدين البلخي المعروف ب: خواندمیر (المتوفى 942).

انحمد صوتي، وانقطع ظهري، وتنغص عيشي، وتكدر دهري، فما أجد - يا أبتاه! - أنيساً لوحشتى، ولا رادّاً لدمعتي ولا معيناً لضعني فقد فني بعدك محكم التنريل، ومهبط جبرئيل، ومحلّ ميكائيل، انقلبت بعدك - يا أبتاه! - الأسباب، وتغلّقت دونى الأبواب، فأنا للدنيا بعدك قالية، وعليك - ما تردّدت أنفاسي - باكية، لا ينفد شوقي إليك، ولا حزني عليك ... يا أبتاه! أمسينا بعدك من المستضعفين».

«يا أبتاه! أصبحت الناس عنا معرضين، ولقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين».

«فأيّ دمعة لفراقك لا تهمل..؟ وأي حزن بعدك عليك لا يتصل..؟ وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل؟...».

«يا أبتاه! ما أعظم ظلمة مجالسك! فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلاً عليك، وأثكل أبوالحسن المؤتمن أبو ولديك - الحسن والحسين - وأخوك ووليك وحبيبك، ومن ربيته صغيراً وواخيته كبيراً، وأحلى أحبائك وأصحابك إليك، من كان منهم سابقاً ومهاجراً وناصراً .. والشكل شاملنا، والبكاء قاتلنا، والأسى لازمنا».

ثم زفرت زفرة .. وأنت أنة كادت روحها أن تخرج... ثم أخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها وهي لا ترقاً، دمعتها، ولا تهدأ زفرتها.

واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين علیه السلام فقالوا له: يا أبا الحسن! إنّ فاطمة علیها السلام تبكي الليل والنهار فلا أحد منا يتهنّاً بالنوم في الليل على فرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معائشنا وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلاً أو نهاراً ... فقال علیه السلام: «حبّاً وكرامة».

فأقبل أميرالمؤمنين علیه السلام حتى دخل على فاطمة علیها السلام- وهي لا تفيق من البكاء ولا ينفع فيها العزاء - فلما رأته سكنت هنيئة له فقال لها: «يا بنت رسول الله! إنّ شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلاً وإما نهاراً».

فقالت: «يا أبا الحسن ما أقل مكثي بينهم.. وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم فوالله لا أسكت ليلاً ولا نهاراً أو ألحق بأبي رسول الله صلی الله علیه واله وسلم».

ص: 415

فقال لها على علیه السلام: «افعلي - يا بنت رسول الله! - ما بدا لك».

ثم إنه بنى لها بيتاً في البقيع نازحاً عن المدينة - يسمّى ب-: بيت الأحزان، وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين أمامها وخرجت إلى البقيع باكية، فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين علیه السلام إليها وساقها بين يديه إلى منزلها ولم تزل على ذلك. (1)

وروي أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الأحجم - مخاطبة أباها صلی الله علیه واله وسلم.

«قد كنت لى جبلاً ألوذ بظله *** فتركتني أمشي لأجْرَدَ ضاحي.

قد كنتُ ذات حميّة ما عشت لي *** أمشي البراز وكنت أنت جناحي.

فاليوم أخضع للذليل وأتقي *** منه وأدفع ظالمي بالرّاح.

وإذا دعت قمرية شجناً لها *** ليلاً على فتن دعوت صياحي». (2)

وتكرّر في كتب الفريقين قولها علیها السلام ضمن أبيات:

«صُبّت علي مصائب لو أنّها *** صُبّت على الأيام صرن لياليا». (3)

ولنعم ما قال سيد العابدين الإمام علي بن الحسين علیه السلام:

«نحن بنو المصطفى ذوو غصص (4) *** یجرعها فی الأنام کاظما.

قديمة (5) في الأنام محنتنا *** أوّلنا مبتلی و آخرنا.

ص: 416


1- بحار: 43 / 175 - 178.
2- إتحاف السائل للمناوي: 104؛ وراجع عيون الأثر لابن سيد الناس: 2 / 434؛ التذكرة الفخرية للاربلي: 45 ونقلها ابن شهر آشوب المازندراني مع اختلاف في الألفاظ وزيادة في الأبيات، وروى البيت الأخير هكذا: وإذا بكت قمرية شجناً بها *** ليلاً على غصن بكيت صباحي. راجع: المناقب: 242/1 - 243.
3- روضة الواعظين: 75: المناقب: 208/1؛ المغني لابن قدامة: 411/2: الشرح الكبير له أيضاً: 430/2: نهاية الارب: 403/8: الوفا بأحوال المصطفى صلی الله علیه واله وسلم: 802/2 : الغدير: 147/5: إحقاق الحق: 519/25 - 525.
4- خ.ل: دو غصص.
5- خ.ل: عظيمة.

يفرح هذا الورى بعيدهم *** و نحن أعيادنا مآتمنا.

الناس في الأمن والسرور وما *** يأمن طول الحياة خائفنا.

وما خصصنا به من الشرف *** الطائل بين الأنام آفتنا.

يحكم فينا - والحكم فيه لنا - *** جاحدنا حقنا وغاصبنا». (1)

وقال سلامة الموصلي:

يا نفس إن تلتقي ظلماً فقد ظلمت *** بنت النبى رسول الله وابناها.

تلك التي أحمد المختار والدها *** وجبرئيل أمين الله ربّاها.

الله طهرها من كل فاحشة *** وكل ريب وصفاها وزكاها.

ولبعض الموصليين:

حرّ صدري واشتياقي فالأسى *** و احتراقي واكتئابي والحرب.

لابنة الهادي الرضي فاطمة *** حقها بعد أبيها يُغتصب.

بل لما نال بنى فاطمة *** من بني الطمث الملاعين العيب.

يالقومي ما أتى الدهر بهم *** من خطوب مفظعات ونوب. (2)

الدفن ليلاً

اشارة

قال الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي علیه السلام:

«اللّهمّ وصلّ على البتول الزهراء ابنة الرسول، أُمّ الأمة الهادين، سيّدة نساء العالمين وارثة خير الأنبياء، وقرينة خير الأوصياء، القادمة عليك متألمة من مصابها، بأبيها، متظلّمة ممّا حلّ بها من غاصبيها، ساخطة على أمّة لم ترع حقك في نصرتها، بدليل دفنها ليلاً في حفرتها المغتصبة حقها، والمغصصة بريقها.. صلاةً لاغاية لأمدها، ولا نهاية لمددها، ولا انقضاء لعددها».

ص: 417


1- المناقب: 156/4: بحارالأنوار: 92/46.
2- المناقب: 3 / 358.

«اللهم فتكفّل لها عن مكاره دار الفناء بأنفس الأعواض، وأنلها ممن عاندها نهاية الآمال، وغاية الأغراض.. حتى لا يبقى لها وليُّ ساخطُ لسخطها إلّا وهو راض، إنك أعزّ من أجار المظلومين، وأعدل قاضِ».

«اللهم ألحقها في الإكرام ببعلها وأبيها وخُذ لها الحقَّ من ظالميها». (1)

أقول: امّا الدفن ليلاً ، فالروايات الواردة فيه كثيرة جداً، وكذا وصيّتها علیها السلام بذلك (2) قال السيّد المرتضى رحمه الله بعد ذكر عدة مصادر من أعلام العامة... والأمر في هذا أوضح وأشهر من أن نطنب في الاستشهاد عليه ونذكر الروايات فيه... ولم يجعل دفنها ليلاً بمجرّده هو الحجّة ليقال: دفن فلان وفلان ليلاً، بل يقع الاحتجاج بذلك على ما وردت به الروايات المستفيضة الظاهرة- التي هي كالمتواتر: إنها أوصت بأن -

ص: 418


1- المزار الكبير: 506 مصباح الزائر: 478 - 479، وعنه في بحارالأنوار: 180/102.
2- راجع: مجمع الزوائد: 221/9؛ سنن البيهقي: 396/3، 29/4، 31 مختصر تاریخ دمشق: 270/2 : الجوهرة للتلمساني: 18؛ سير أعلام النبلاء: 93/2، 127 - 128: صفوة الصفوة: 14/2 : ذخائر العقبي: 54: البداية والنهاية: 307/5 مرآة الجنان: 61/1 شذرات الذهب: 15/1، حلية الأولياء: 42/2: تهذيب التهذيب: 441/12 - 442: المعجم الكبير للطبراني: 398/22 - 340: الطبقات لابن سعد: 19/8 بأسانيد عديدة؛ الإصابة: 380/4: أسد الغابة: 425/5: التنبيه والاشراف: 249: تاريخ أبي زرعة الدمشقي: 20/1 (تحقيق القوجاني): الآحاد والمثاني: 354/5 - 355 الفصول المهمة: 131 أهل البيت علیهم السلام، توفيق أبو علم: 18: ارشاد الساري: 306/1: تلخيص التحبير: 273/5؛ الاستيعاب بهامش الاصابة: 379/4: نزل الأبرار: 134 شرح المواهب للزرقاني: 207/30: إسعاف الراغبين: 89- 90، تاریخ الیعقوبی: 115/2 کنز العمال 18/1؛ تهذيب الأسماء واللغات: 352/2؛ الدر المنثور (الزينب العاملي): 359 - 361، أعلام النساء لكحالة: 131/4: مقتل الخوارزمی: 83/1؛ تاریخ الخميس: 278/1: وفاء الوفاء: 102/3 - 905: السمط الثمين: 182 (ط حلب): تذكرة الخواص: 319 طرح التثريب: 150/1: التبيين للمقدسي: 92؛ الذرية الطاهرة للدولابي: 153؛ مختصر التاريخ لابن الكازروني: 54: السيدة فاطمة الزهراء عالية للدكتور بيومي:مهران: 176: وفي المناقب: 362/3 - 363 عن عدة من العامة: وكذا الشافي: 114/4: وعنه في شرح نهج البلاغة: 181/16 - 279. أما كتب الخاصة فكثيرة جداً، منها: كامل بهائى: 311/1 - 312 و 3/2 دلائل الإمامة: 45: عيون المعجزات: 55: الاستغاثة: 14: شرح الأخبار: 31/3 كشف الغمة: 502/1-503: العوالم: 515/11: بحارالأنوار: 186/4، 188 212: إحقاق الحق: 479/10 - 480: غاية المرام: 555. وتقدمت في الفصل الرابع في الرواية المرقمة ب- [130] فراجع.

تدفن ليلاً حتى لا يصلّي الرجلان عليها، وصرّحت بذلك وعهدت فيه عهداً، بعد كانا استأذنا عليها في مرضها ليعوداها فأبت أن تأذن لهما، فلما طالت عليهما المدافعة رغبا إلى أمير المؤمنين علیه السلام فى أن يستأذن لهما وجعلاها حاجة إليه، وكلّمها في ذلك وألح عليها فأذنت لهما في الدخول، ثم أعرضت عنهما عند دخولهما ولم تكلّمهما، فلمّا خرجا قالت لأمير المؤمنين علیه السلام: «هل صنعت ما أردت؟» قال: «نعم»، قالت «فهل أنت صانع ما آمرك به؟» قال: «نعم» قالت: «فإنِّي أَنشدك الله ألا يصليا على جنازتى ولا يقوما على قبري..».

وروي أنه علیه السلام عمّى على قبرها ورش أربعين قبراً في البقيع ، ولم يرشّ قبرها حتى لا يهتدى إليه.

وإنما عاتباه على ترك إعلامهما بشأنهما وإحضارهما الصلاة عليها. فمن هاهنا احتججنا بالدفن ليلاً. (1)

أقول: من تأمّل النصوص الورادة فى ذلك والشواهد الموجودة فى تلك الأخبار المنقولة عن الفريقين يعلم بوضوح أنّ الدفن ليلاً لم يكن مجرد اتفاق ومصادفة، ونذكر هنا بعض هذه الشواهد:

1 - وصيّتها علیها السلام بذلك، إذ في كثير من رواياتها صرّحت بذلك. (2)

قال ابن عبدالبر: وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلاً. (3)

وقال الواقدي: لما حضرتها الوفاة أوصت عليّاً أن لا يصلّي عليها أبوبكر و عمر. (4)

وفي بعض الروايات عن عائشة وغيرها: فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها علي (5) -

ص: 419


1- الشافي: 4 / 114؛ عنه شرح نهج البلاغة: 16 / 280 - 281.
2- وقد سلفت بعض مصادرها آنفاً.
3- الاستيعاب: 4 / 1897 - 1898: وراجع: تهذيب الكمال: 252/35.
4- المناقب: 363/3.
5- هذه الرواية أو ما بمضمونها وردت في عدة كتب من الفريقين، وفي بعضها إيصاؤها أمير المؤمنين علیه السلام، بأن لا يؤذن بموتها أبا بكر وعمر. راجع: صحیح مسلم: 153/5 - 154: شرحه للنووي: 12 / 76-77: صحيح البخاري: 5 / 2 - 83، السنن الكبرى: 6 / 300: المصنف لعبد الرزاق: 3/ 521 و 5 / 472: المستدرك للحاكم : 162/3: كفاية الطالب: 370 تاريخ الصحابة للبستي: 208؛ السيرة النبوية للبستي: 434: الثقات: 170/2؛ تاريخ المدينة المنورة لابن شبة: 1 / 196: وفاء الوفاء للسمهودي: 3/ 995: تاريخ الطبري: 3/ 208: شرح نهج البلاغة: 16 / 214 و 218؛ مشكل الآثار للطحاوي: 48/1؛ العمدة لابن البطريق عن البخاري وصحیح مسلم: 390452 - (391): كامل بهائي عن صحيح البخاري: 1/ 171؛ المناقب: 363/3 عن الواقدي وابن عباس: كشف الغمة: 494/1: الاختصاص: 185: علل الشرائع: 188 - 189 کتاب سليم: 255 (الطبعة المحققة: 2 / 871 الحديث الثامن والأربعون): روضة الواعظين: 151: عيون أخبار الرضا: 2 / 187: بحارالأنوار: 305/28 و 143 / 182، 192، 2180206،204 و 192/49 عن المأمون، و 254/81، 250 و 185/103، 255.

وفي بعضها: لم يعلم بها كثير من الناس أو لم يُعلم بها أحداً. (1)

بل وفي رواياتنا: إنّها استحلفت أمير المؤمنين علیه السلام بحق الله وحرمة رسوله صلی الله علیه واله وسلم وبحقها أن لا يشهدا جنازتها. (2)

وروي عن عن مولانا أبي عبدالله الصادق علیه السلام أنه قال: «أوصت فاطمة علیها السلام أن لا يصلّي عليها أبوبكر وعمر، فلما توفيت أتاه العبّاس فقال: ما تريد أن تصنع؟ قال علیه السلام: «أخرجها ليلاً». قال ... فذكر كلمة خَوَّفَهُ بها العباس منهما قال: «فأخرجها ليلاً ودفنها ورش الماء على قبرها». (3)

2 - ما ذكره الرواة بتعابير مختلفة نحو: دفنها سرّاً.. عن علي موضع قبرها.. غيبوا قبرها.. سوى قبرها مع الأرض مستوياً.. سوى حواليها قبوراً مزوّرة حتى لا يعرف قبرها.. وغيرها. (4)

ص: 420


1- السيرة الحلبية: 361/3 (ط بيروت): وفاء الوفاء: 902/3: خلاصة الوفاء: 423 ، 427: تاريخ المدينة لابن شبة: 105/1-106: تاريخ الصحابة للبستي: 208؛ بحارالأنوار: 305/81.
2- بحارالأنوار: 255/81، 390.
3- بحارالأنوار: 255/81.
4- روضة الواعظين: 152؛ إعلام الورى: 158 - 159؛ تاريخ أهل البيت علیهم السلام: 143؛ دلائل الإمامة: 47 - 46؛ الكافي: 1 / 458؛ أمالي الشيخ المفيد: 281 (طبعة أخرى: 172): أمالي الشيخ الطو طوسي: 107/1، (ط النجف): بشارة المصطفى: 258؛ كشف الغمة: 1 / 00؛ المناقب: 3 / 363؛ بحارالأنوار: 193/43، 214/211 و 255/81؛ العوالم: 519/11.

3 - إنهما سألا أمير المؤمنين علیه السلام أن يخبرهما حتى يحضرا الصلاة عليها حين خرجا من منزلها بعد العيادة المشهورة، (1) أو بعد شهادتها قبل دفنها.. (2) ثم بعد دفنها عاتبا أميرالمؤمنين علیه السلام على ذلك حتى أرادوا نبش قبرها!! ولكن منعهم أميرالمؤمنين علیه السلام منعاً شديداً. (3)

نعم إنّ السيّدة فاطمة علیها السلام أعلنت غضبها على القوم، وشاءت أن يكون خفاء القبر دليلاً على مظلومية أهل البيت وأحقيتهم على مد التاريخ كي تسأل الأمة التي تدعي أنها أُمّة محمد صلی الله علیه واله وسلم - لماذا دفنت ابنته الوحيدة ليلاً وسرّاً؟! لماذا لم يصلّ عليها المسلمون وأبوبكر وعمر؟! ألم يكن الخليفة أولى بأن يصلّي عليها - إذا كان هو خليفة النبي صلی الله علیه واله وسلم، كما يزعمون؟!

4 - قال حسن بن محمدبن علي بن أبي طالب علیه السلام: (4) إنّ فاطمة بنت النبي صلی الله علیه واله وسلم دفنت بالليل قرّبها علي علیه السلام من أبي بكر أن يصلي عليها.. كان بينهما شيء. (5)

ونقل أبوالعباس المبرد النحوي (المتوفّي 285) مكاتبة للمنصور العباسي (المتوفى 158) إلى محمدبن عبدالله بن الحسن المعروف ب- النفس الزكية (المقتول 148) وفيها... أما ما ذكرت من أنك ابن رسول الله صلی الله علیه واله وسلم... ولكنكم بنو ابنته... ولقد طلب -

ص: 421


1- بحارالأنوار: 254/81.
2- كامل بهائي: 311/1؛ بحارالأنوار: 29 / 113.
3- مصباح الأنوار، وعنه في بحارالأنوار: 255/81: علل الشرائع: 189، وعنه في بحارالأنوار: 205/43 - 206: الاختصاص: 185، وعنه في بحارالأنوار: 29 / 192 کتاب سلیم: 255 - 256 (الطبعة المحققة: 871/2: الحديث الثامن والأربعون)، وعنه في بحارالأنوار: 199/43: دلائل الإمامة: 46، وعنه في بحارالأنوار: 43 / 171؛ عيون المعجزات، وعنه في بحارالأنوار: 212/43 : كشف الغمة: 1 / 504: العوالم: 501/11، 525.
4- أبوه يعرف ب-: ابن الحنفية، توفي الحسن سنة 99 أو 100، ذكره ابن حبان في الثقات 122/4، وهو من رجال الصحاح الستة، انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة: 334/1 و وراجع: - أيضاً - تهذيب التهذيب: 276/2.
5- المصنف لعبد الرزاق: 521/3.

بها [أي بفاطمة علیها السلام] أبوك بكل وجه (1) فأخرجها تخاصم، (2) ومرضها سراً، ودفنها ليلاً، فأبى الناس إلّا تقديم الشيخين.. (3)

فمن هذه المكاتبة يعلم أنّ الناس عرفوا من دفن السيّدة فاطمة علیها السلام ليلاً نوع احتجاج وإدانة للهيئة الحاكمة، وأنّ الغرض منه إنما هو الإعلان بعدم مشروعية خلافتهم.

ويظهر هذا أيضاً من احتجاج المامون العباسي (المتوفى 218) على علماء العامة حيث قال: إن عليّاً قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم: أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة علیها السلام.. وإنها أوصت أن تدفن ليلاً لئلا يشهدا جنازتها. (4)

وقال الجاحظ (المتوفى 255).. وظهرت الشكية، واشتدّت الموجدة، وقد بلغ ذلك من فاطمة علیها السلام أنها أوصت أن لا يصلي عليها أبوبكر.. (5)

وقد تقدم عن الزبيري- من أعلام القرن الثالث - في ما احتج به على البشر المريسي أنه قال... فكيف يكون إجماع لا يحضره أحد من أهل بيت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أتي به والحبل في عنقه فقالوا: بايع وإلا ضرب عنقك... وكشطوا (6) في ذلك بيت فاطمة علیها السلام وتناولها عمر بسوطه.. (7) ومنه طرحت الجنين من بطنها، وفي ذلك أوصت علياً وابنيها الحسن والحسين علیهم السلام أن يدفنوها بالليل، ولا يعلمها أحد منهم، ولا يصلّ عليها أبوبكر ولا عمر.

ص: 422


1- خ.ل: وجهة.
2- خ.ل: تخاصماً.
3- الكامل للمبرد: 3 / 1491: العقدالفريد: 83/5 (ط مكتبة النهضة المصرية) تاريخ الطبري: 7 / 570: الكامل لابن الأثير: 539/5 تاريخ ابن خلدون: 9/4: التذكرة الحمدونية: 416/3 (ط دار صادر): مواسم: الأدب: 60.
4- عيون أخبار الرضاء علیه السلام: 187/2، وعنه في بحارالأنوار: 192/49.
5- الرسائل السياسية: 467: شرح نهج البلاغة: 246/16.
6- قال الجوهري: كَشَطْتُ الجلَّ عن ظهر الفرس، والغطاء عن الشيء، إذا كشفته عنه. انظر الصحاح: 1155/3.
7- بياض في الأصل.

وكل هذا أنت تعرفه وترويه.. (1)

وقال السمهودي (المتوفى 911) وإنما أوجب عدم العلم بعين قبر فاطمة علیها السلام وغيرها من السلف ما كانوا عليه من عدم البناء على القبور وتخصيصها... مع ما عرض لأهل البيت - رضي الله تعالى عنهم - من معاداة الولاة قديماً وحديثاً! .. (2)

والمقصود من نقل عبارته ما ذكره في ذيل كلامه من اعترافه بأنّ المعاداة التي كانت بين السيّدة فاطمة علیها السلام وبين الخليفة أوجبت خفاء القبر.

أما التعليل بعدم البناء والتجصيص فعليل جدّاً، إذ مع ذلك لم يخف قبر أحد من الأئمة علیهم السلام. مضافاً بأن الداعي على التحفظ على مثل ذلك قوي جداً.

قال ابن أبي الحديد: وأمّا إخفاء القبر.. وكتمان الموت.. وعدم الصلاة.. وكل ما ذكره المرتضى فيه، فهو الذي يظهر ويقوي عندي؛ لأنّ الروايات به أكثر و أصح من غيرها، وكذلك القول في موجدتها وغضبها. (3)

ولنعم ما قال القاضي أبوبكر بن أبي قريعة (المتوفى 367):

يا من يسائل دائباً (4) *** عن كل معضلة سخيفه.

لا تكشفنّ مغطّاً *** فلربما كشفت جيفه.

ولربّ مستور بدا *** كالطبل من تحت القطيفه.

إن الجواب لحاضر *** لكنّني أُخفيه خيفه.

لولا اعتداد (5) رعية *** ألغى (6) سياستها الخليفه.

وسيوف أعداء بها *** ها ماتنا أبداً نقيفه.

ص: 423


1- قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام: 239.
2- وفاء الوفاء: 906/3.
3- شرح نهج البلاغة: 286/16.
4- خ.ل: ذائباً.
5- خ.ل: اعتداء.
6- خ.ل: ألقى.

لنشرت من أسرار آ *** ل محمد جملاً طريفه.

تغنيكم عمّا رواه *** مالك وأبو حنيفه.

وأُريكم أن الحسين *** أُصيب في يوم السقيفه.

ولأيّ حال لحدت *** بالليل فاطمة الشريفه.

ولما حمت شيخيكم *** عن وطي حجرتها المنيفه.

أوه لبنت محمد *** ماتت بغصتها أسيفه. (1)

قال الأصبغ بن نباتة: سئل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام عن علته دفنه لفاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم ليلاً؟

فقال: «إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها .. وحرام على من يتولاهم أن يصلّى على أحد من ولدها». (2)

عن أبي جعفر الباقر عن أبيه علیهما السلام، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم مرضتها التي توفيت فيها وثقلت، جاءها العباس بن عبد المطلب عائداً فقيل له: إنّها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد.. فانصرف إلى داره وأرسل إلى علي علیه السلام، فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ! عمّك يقرؤك السلام ويقول لك: الله قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله صلی الله علیه واله وسلم وقرة عينيه وعيني فاطمة - ماهدني، وإني لأظنّها أوّلنا لحوقاً برسول الله صلی الله علیه واله وسلم، يختار لها ويحبوها ويزلفها لربّه، فإن كان من أمرها ما لابد منه، فاجمع - أنا لك الفداء - المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها.. وفي ذلك جمال الدين!!..

ص: 424


1- كشف الغمة: 1/ 505، وعنه في بحارالأنوار: 190/43. ورواها الصفدي في ترجمة ابن أبي قريعة عدا الأبيات الأربعة الأولى، راجع الوافي بالوفيات: 227/3-228. وفي كتاب نهاية التنوية في إزهاق التمويه للسيد هادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى 822): 135 ، وفي الصفحة الأخيرة من كتاب قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام للديلمي الزيدي (المتوفى 711) نسبت الأبيات للإمام جعفربن محمد الصادق علیه السلام، مع اختلاف يسير.
2- أمالي الشيخ الصدوق: 523 (طبعة أُخرى 658)، وعنه في بحارالأنوار: 1209/43 المناقب: 363/3 روضة الواعظين: 169 (طبعة أُخرى 153): العوالم: 515/11.

فقال علي علیه السلام لرسوله - وأنا حاضر عنده -: «أبلغ عمّي السلام وقل: لاعدمت إشفاقك وتحيّتك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله إنّ فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه واله وسلم لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله صلی الله علیه واله وسلم ولارعي فيها حقه ولاحق الله عزّوجلّ، وكفى بالله حاكماً ومن الظالمين منتقماً، وأنا أسألك - يا عمّ! - أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنّها وصتني بستر أمرها...». (1)

وعن أبي عبدالله الصادق علیه السلام: «.. فقال علي علیه السلام لها: «ائت أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر وقولي له: ادعيت مجلس أبي وأنك خليفته وجلست مجلسه، ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردّها علي..».

«فلما أتته وقالت له ذلك، قال: صدقت، قال: فدعا بكتاب فكتبه لها يردّ فدك فقال : فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر، فقال: يا بنت محمد! ما هذا الكتاب الذي معك؟ فقالت: «كتاب كتب لي أبوبكر بردّ فدك». فقال: هلميه إليّ، فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله - وكانت حاملة بابن اسمه: المحسن - فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت، ثم أخذ الكتاب فخرقه.. فمضت ومكنت خمسة وسبعين يوماً مريضة مما ضربها عمر ثم قبضت».

«فلما حضرته (2) الوفاة دعت عليا علیه السلام فقالت: «إما تضمن وإلّا أوصيت إلى ابن الزبير». (3)

فقال علي علیه السلام: «أنا أضمن وصيّتك يا بنت محمد».!

قالت: «سألتك بحق رسول الله صلی الله علیه واله وسلم إذا أنا مت ألا يشهداني ولا يصلّيا عليّ».

ص: 425


1- أمالي الشيخ الطوسي: 156/1 - 155 (ط النجف): بحارالأنوار: 209/43 - 210.
2- كذا، والظاهر: حضرتها.
3- قال المحدّث الخبير الشيخ عباس القمي: إنّي أحتمل أن لفظ (ابن)، زيد من النساخ. وإن كان صحيحاً أرادت صلوات الله عليها - هذا الرجل (أي ابن الزبير بن عبد المطلب) لا عبدالله بن الزبير بن العوام، لأنه كان عند وفاة فاطمة علیها السلام الطفلاً صغيراً... مع أنه كان منحرفاً عن أهل البيت علیهم السلام الاحظ: سفينة البحار: 543/1 - زبر -.

«قال: «فلك ذلك»، فلما قبضت علیها السلام الدفنها ليلاً في بيتها، وأصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها وأبوبكر وعمر كذلك، فخرج إليهما علي علیه السلام فقالا له ما فعلت بابنة محمد؟ أخذت في جهازها يا أبا الحسن؟ فقال علي علیه السلام: «قد والله دفنتها»، قالا : فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها؟ قال : «هي أمرتني»، فقال عمر: والله لقد هممت بنبشها والصلاة عليها.. فقال علي علیه السلام: «أما والله مادام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي إنك لا تصل إلى نبشها.. فأنت أعلم ، فقال أبوبكر: اذهب فإنّه أحق بها منّا.. وانصرف الناس». (1)

وروى الخصيبي وصيتها بذلك وقولها علیها السلام:

«لا يصلّي عليّ أمّة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأميرالمؤمنين بغلي، وظلموني وأخذوا وراثتي، وحرقوا (2) صحيفتي... وكذبوا شهودي، وطفت عليهم في بيوتهم... فيجيبون ليلاً ويقعدون عن نصرتنا نهاراً، ثم ينفذون إلى دارنا ومعه خالدبن الوليد ليخرجا ابن عمّي... فجمعوا الحطب ببابنا، وأتوا بالنار ليحرقوا البيت... فأخذ عمر السوط... فضرب به عضدي فالتوى على يدي حتى صار كالدملج، وركل الباب برجله فردّه علي - وأنا حامل - فسقطت لوجهي والنار تسعر وصفق وجهي بيده حتى انتثر قرطي من أُذني، وجاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلاً بغير جرم».

«فهذه أمة تصلّي على ؟!! وقد تبرأ الله ورسوله منها وتبرأت منها..». (3)

أقول: بل إنها علیها السلام أمرت أسماء أن لا يدخل على جنازتها أحد حتى قبل دفنها ولذا ردّت أسماء عائشة كما ورد فى غير واحد من كتب العامة. (4)

ص: 426


1- الاختصاص: 185. وعنه في بحارالأنوار: 192/29: العوالم: 426/11.
2- كذا، والظاهر: خرقوا.
3- الهداية الكبرى: 178 - 179.
4- راجع: السنن الكبرى: 35:4 كنز العمال: 13 / 686 - 687: ذخائر العقبي: 53: وفاء الوفاء: 904/3: نهاية الارب: 9 / 126 - 127؛ شرح المواهب للزرقاني: 3 / 206: الاستيعاب بهامش الإصابة: 4 / 379: جامع الأحاديث الكبير: 146/13: العوالم: 511/11: الغدير: 228/7. وروي أنها علیها السلام، ردت عائشة حين جاءت لعيادتها، راجع كامل بهائي: 1/ 172.

تذييل

قال أبو جعفر الباقر علیه السلام: «لما ماتت فاطمة علیها السلام قام عليها أميرالمؤمنين علیه السلام، وقال: «اللّهمّ إنّي راض عن ابنة نبيّك.. اللهم إنها قد أُوحشت فآنسها.. اللّهم إنّها قد هجرت فصلها.. اللهم إنّها قد ظُلمت فاحكم لها وأنت خير الحاكمين». (1)

وفي زيارتها علیها السلام: «.. اللهمّ إنّها خرجت من دنياها مظلومة مغشومة قد ملئت داءً وحسرةً وكمداً وغصةً تشكو إليك وإلى أبيها ما فعل بها..». (2)

وفي رواية مولانا الرضاء علیه السلام: «كانت لنا أُمّ صالحة ماتت وهي عليهما ساخطة، ولم يأتنا بعد موتها خبر أنها رضيت عنهما».

عددهم

قال ابن طاووس - بعد هذه الرواية: وعلماء أهل البيت علیهم السلام لا يحصي وعدد شيعتهم إلَّا الله تعالى وما رأيت ولا سمعت عنهم أنهم يختلفون في: أن أبابكر وعمر ظلما أمّهم فاطمة علیها السلام ظلما عظيماً. (3)

وورد وصفها بالمظلومية في زياراتها مثل:

«السلام عليك أيتها المظلومة المغصوبة، السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة، (4) المطلوبة بالأحقاد». (5)

ص: 427


1- الخصال: 588.
2- المزار الكبير: 79؛ بحارالأنوار: 197/100.
3- الطرائف: 252.
4- راجع: مصباح المتهجد: 712؛ المقنعة: 459: مصباح الزائر: 53: المزار الكبير: 80 - 81: الإقبال: 623 - 625؛ التهذيب: 9/6: البلد الأمين: 278: الفقيه: 573/2: بحارالأنوار: 195/100، 198 - 200.
5- المزار الكبير لابن المشهدي: 104.

تنبيهات

التنبیه الأول

أشرنا إلى خفاء قبر السيدة فاطمة علیها السلام إلى الآن، ولكن قيل : ان غير واحد من الروايات تدلّنا إلى موضع قبرها.

أقول: ويرد عليه اولاً: كلّما جاء فى هذه الروايات إنما هو الإشارة إجمالاً إلى موضع أوسع من محدودة القبر، نحو: (البقيع..) (بيتها...) (المسجد). ولا تجد رواية ذكر فيها موضع القبر محدّداً. ولذا اعترف بخفائه جمع من العامة نحو ابن أبي الحديد والسمهودي.. وغيرهما.

ثانياً: التعارض الموجود في هذ الروايات يمنعنا من أن نعرف حتى الموضع الإجمالي الوسيع المشتمل على القبر، ولا يمكن الجمع بينها بوجه؛ ففي طائفة منها: أن قبرها علیها السلام بالبقيع (1) وفي طائفة ثانية: أنّها دُفنت في بيتها، وفي بعضها أنّ البيت صار في المسجد، (2) وفي طائفة ثالثة: أنّها دُفنت في الروضة المنوّرة، أو بين القبر والمنبر، (3) وبعضهم ذكروا الطوائف الثلاثة من الروايات (4) وفي طائفة رابعة: أنها -

ص: 428


1- الطبقات لابن سعد: 19/8: المزار للمفيد: 178؛ تاريخ بغداد: 1/ 138 روضة الواعظين: 150 الدرة الثمينة: 2 / 403: شرح نهج البلاغة: 16 / 50: كشف الغمة: 501/1: ذخائر العقبي: 54: البداية والنهاية: 6 / 367 الفصول المهمة لابن الصباغ: 147، عيون الأخبار للقرشي: 72 331 البلد الأمين: 278؛ تاريخ الخميس: 1/ 278؛ السيرة الحلبية: 394/3؛ نزل الأبرار: 134: ينابيع المودة: 201، وفاء الوفاء: 905/3.
2- تاريخ المدينة لابن شبة: 1/ 107: قرب الاستناد: 161: الكافي: 461/1: معاني الأخبار: 268؛ عيون اخبار الرضا علیه السلام: 311/1: الفقيه: 1/ 229: الاختصاص: 185؛ التهذيب: 3 / 255: الدرّة الثمينة: 2 / 360: الاقبال: العلم 624: كشف الغمة: 501/1: ذخائر العقبي: 54: تاريخ الخميس: 278/1: نزل الأبرار: 134 وينابيع المودة: 201.
3- معاني الأخبار: 267 المزار للمفيد: 179 دلائل الإمامة: 46: روضة الواعظین: 152: الاقبال: 623: حبيب السير: 436/1.
4- تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج: 31 الفقيه: 2 / 572: التهذيب: 18/6 مصباح المتهجد: 711: إعلام الورى: 152: تاج المواليد: 23: المناقب 3/ 357 ،363 ،365: الوسيلة لابن حمزة: 197: تهذيب الأسماء واللغات للنووی: 353/2؛ خلاصة الوفاء: 423 - 427.

دفنت بزاوية من دار عقيل بن أبي طالب. (1)

ثالثاً: قد صرّح بذلك ابن عبّاس حينا قال... وانسد القبر واستوى بالأرض، فلم يُعلم أين كان إلى يوم القيامة. (2)

التنبیه الثانی

من أهم الروايات التي اعتمدنا عليها في المقام ما رواه جمع من أعاظم العامة عن عائشة: أنها قالت: إنّ فاطمة علیها السلام سألت أبابكر - أو أرسلت إلى أبي بكر تسأله - ميراثها من رسول الله صلی الله علیه واله و مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بق من خمس خيبر، فقال أبوبكر: إنّ رسول الله صلی الله علیه واله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة... فأبى أبوبكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلی الله علیه واله ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي علیه السلام ليلاً ولم يؤذن بها أبابكر وصلّى عليها. (3)

أقول: لابد لنا أن نشير إلى أمور حول هذه الرواية:

أوّلاً: من عرف سيرة عائشة وموقفها مع الصديقة فاطمة علیها السلام يعلم أنه لا يتصوّر غرض صحيح لها في نقل هذه القضايا.. إلا ما تكنّه نفسها من حسد وحقد دفين مع ما تقصده من الشماتة.. فإنّها فرحة مسرورة بغلبة أبيها ووصوله إلى دكة الحكم -

ص: 429


1- الطبقات لابن سعد: 19/8: تاريخ المدينة لابن شبة: 1/ 105: مصباح الأنوار: 257 (مخطوط) وعنه في بحارالأنوار: 27/82: الاصابة: 4 / 380: خلاصة الوفاء: 423: شرح المواهب اللدنية اللزرقاني: 207/3، وفاء الوفاء: 901/3.
2- بحارالأنوار: 214/43 - 215، وراجع: إحقاق الحق 453/10 - 454 عن مودة القربى.
3- راجع: الطبقات لابن سعد: 2/ق 2/ 86 و 19/8: مسند أحمد: 1 / 9؛ المصنف عبد الرزاق: 472/5؛ 19/8 صحيح البخاري: 82/5 (وراجع: 4 / 42): صحيح مسلم: 154/5؛ تاريخ المدينة المنورة، لابن شبة: 1 / 196 - 197؛ تاريخ الطبري: 207/30 - 208؛ شرح نهج البلاغة: 46/6؛ كفاية الطالب: 370؛ شرح صحيح مسلم للنووي: 77/12 - 80؛ نهاية الارب: 18 / 296 - 397؛ البداية والنهاية: 306/5؛ كنز العمال: 5 / 1604 و 7 / 242؛ تاريخ الخميس: 2 / 174.

منتقماً من الرسول والوحي و.. (1)

ثانياً: نحن نقطع بأنها - وإن كانت ذات سياسة وتدبير، كما قيل (2) لكنّها - لو علمت بأنّه يضرها وأباها نقل بعض خصوصيات القضية لسكتت عن ذكرها أو سلكت فى بيانها منهجاً آخر.. ولعل يد الغيب أنطقتها...

ثالثاً: إنّها تريد أن تحصر وجه غضب السيدة فاطمة علیها السلام في ما يرتبط بفدك وما بقي من خمس خيبر.. لماذا؟ لتقول: إن السيّدة فاطمة علیها السلام تتهمها الدنيا.. وزخارفها.. ولم تغضب إلّا لها. ثم تمحو بذلك ذكر الخلافة عن الأذهان، وتُنسي قضايا الهجوم والإحراق والضرب وإسقاط الجنين.. والأهم من كل ذا وذاك هو انحراف مسير الإسلام، وغصب الخلافة، وظلم الوصي و.. .

ولعل الغرض من بيان غصب فدك هو أن يعرف الناس عدم صلاحية من تولّى الخلافة لذلك علماً وعملاً، ولذا تراها علیها السلام تهتم في الخطبة الفدكية بأمر الخلافة غاية الاهتمام، بل وعند عيادة النساء لها، بل صرحت بجهات غضبها في وصيتها التي قدمنا ذكرها، وعدت منها هجوم المنافقين على بيتها، والجنايات الصادرة منهم حينذاك وقد أشار إلى ذلك الإمام الصادق علیه السلام كما مر قريباً، (3) بل في ما رواه ابن قتيبة أيضاً إشعار بذلك، فراجع.

رابعاً: هذه الرواية عن عائشة دليل قوي على إبطال قول من يدعي أن فاطمة علیها السلام رضيت عن أبي بكر.

التنبیه الثالث

قال رسول الله صلی الله علیه واله: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية». (4)

ص: 430


1- راجع: شرح نهج البلاغة: 9 / 198.
2- قالوا: إنها كانت رجلة العرب، لوكانت لأبيها مثلها ذكراً لما خرجت الخلافة من بيته. انظر: الأمتاع والمؤانسة: 199/3.
3- عن الاختصاص للشيخ المفيد: 185؛ وعنه في بحارالأنوار: 192/29.
4- الروايات الواردة بهذا المضمون كثيرة. راجع: الكافي: 1/ 371، 379 - 378، 1397 و 2 / 20 - 21 و 146/8: بحارالأنوار: 23/ 76 باب وجوب معرفة الإمام، وصرّح بتواترها الشيخ المفيد في الإفصاح: 28 ، والسيد ابن طاووس فى الإقبال: 460، وباتفاق الفريقين على نقلها في الصراط المستقيم: 1 / 196، والصوارم المهرقة: 89.

وروى العامة عنه صلی الله علیه واله وسلم: «من مات بغير إمام...» أو «وليس في عنقه بيعة ..»، أو: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية». (1)

قبضيمة رواية عائشة إلى هذه الروايات ماذا يستنتج؟

هل يتفوّه أحد بأن فاطمة علیها السلام لم تعرف إمام زمانها؟

أم إنّها بايعت أبابكر..؟!

أم ماتت حين ماتت ولا بيعة لها ولا إمام - والعياذ بالله؟!

بل نجدها هَجَرتْ أبابكر وغضبت عليه وماتت وهي غضبى عليه، كما صرّحت بذلك عايشة.

ماذا يُجيبنا أعلام العامة؟

من وردت في حقها آية التطهير وغيرها من الآيات، ومن كانت محبّتها أجرالرسالة، وقال النبي صلی الله علیه واله وسلم في حقها: «هي بضعة منّى»؛ و: «إنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها»؛ و: «إنّها سيّدة نساء أهل الجنّة»؛ و: «سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين» و.. من كان إمام زمانها ؟!

هل يمكن أن يقال إنها لم تعرف إمام زمانها؟!

ص: 431


1- راجع مسند أحمد: 275/1، 297، 310 و 2/ 70، 83، 93، 123، 154، 296، 306، 488 و 3/ 446 و 4/ 96: السنن الدارمي: 241/2، صحيح البخاري: 87/8، 105؛ صحيح مسلم: 21/6 - 22: السنن: 21/6- للنسائي: 7 / 123: السنن للبيهقي: 156/8 - 157 و 10 / 234: شرح نهج البلاغة: 8 / 123:كنز العمال: 385،103/1 و 207/2 - 208.. وغيرها.

ص: 432

الفصل السادس : شبهات وردود

اشارة

شبهات وردود

ص: 433

ص: 434

الأولى: هل يصح أن ينسب ظلم أهل البيت علیهم السلام وإهانتهم ألى الصحابة؟

لا ينقضي تعجبي من قوم لا يرون دون ما ذهبوا إليه مذهباً - لشدّة تعصبهم - ويتحفّظون على ما أخذوا عن آبائهم وكبرائهم.. من دون فحص وتحقيق وتمييز حقه عن باطله، مع أن الله تبارك وتعالى يذم من اتبع الآباء والكبراء وقلّدهم من دون بصيرة فيقول: ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُوْنَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُوْنَ) (1) وقال - عزّ من قائل -: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّوْنَا السَّبِيْلا)، (2) فلابد للإنسان من الفحص والبحث لكي يكون في معتقداته على بصيرة ويقين لا عن تقليد وظن أو تعصب وعناد.

إنّ الكثير من العامة لا يجوزون الكلام في ما وقع بين الصحابة من المنازعات أو ما صدر عنهم، (3) ولا بأس بالإشارة إلى كلام بعضهم:

قال النسفي المتوفى (537) في العقائد: ..ويكفّ عن ذكر الصحابة إلا بخير.

وقال التفتازاني (المتوفى (793) في شرحه: ..وما وقع بينهم من المنازعات

ص: 435


1- البقرة (2): 170.
2- الاحزاب (33): 67.
3- راجع : تحقيق مواقف الصحابة : 1 / 130 - 142.

والمحاربات فله محامل وتأويلات. (1)

وقال القطفي - المعروف ب_: ابن سيد الكل (المتوفى 697) -: ..وكل أمر روي عن الصحابة فيه تأثيم وعصيان يجب أن ينفيه ويبطله إن ورد ورود الآحاد، وإن ورد ورود التواتر وجب تأويله وإخراجه عن ظاهره؛ لأنه من ثبت إيمانه وبره وعدالته لا يجوز أن يفسق بأخبار الآحاد والظواهر.. (2) إلى غير ذلك .

وهو كما ترى، يوجب تحريف الواقع وصرفه عن وجهه .. بل لا يبقى لنا حقيقة تاريخية بل ولا دينية، ولما يبقى حجر على حجر، وعلى الإسلام السلام.. فما دأب عليه جمع من الناشرين والمحققين حذف ما يوجب القدح في الصحابة.. والأدهى من والأمر رفع ما يشتمل على فضائل أهل البيت علیهم السلام من كتب الحديث والتفسير والتاريخ ودواوين الشعراء المتقدمين.. وغيرها - كما يظهر عند تطبيق الطبعات السابقة مع الطبعات الحديثة - فهو جناية لا تغتفر وخيانة لا تسامح.. على الدين والحقيقة، بل على الإنسانية جمعا.. والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِها). (3)

أليس مما قال الله تعالى شأنه: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)؟! (4)

ص: 436


1- حاشية الكستلي على شرح العقائد: 187 (ط استامبول).
2- الأنباء المستطابة: 122، بل زاد بعضهم: القول بأن أول ما بدأ به الأصحاب ظلم أهل البيت، يوجب زوال ثقتنا في ما عوّلنا عليه من اتباع ذوي العقول، فتطوح الاعتقادات وتضعف النفوس عن قبول الروايات في الأصل وهو المعجزات. راجع: تلبيس إبليس لابن الجوزي: 98 (ط دار الكتب العلمية). والجواب عنه - مضافاً إلى ما ذكرناه في المتن مفصلاً، وعدم جواز اتباع كل أحد في الدين -: أولاً: يكفى من المعجزات القرآن الموجود بأيدينا. ثانياً: قد تواتر نقل معجزاته الله بحيث نقطع بصدورها عنه ، وقد ثبت في محله عدم الحاجة إلى وثاقة الراوي في الروايات المتواترة.
3- النساء (4): 58.
4- آل عمران (3) : 144.

بل كيف يمكن أن يقال بعدالة جميع الصحابة أو حسن الظن بهم بعد نزول آيات من القرآن في ذمّ جمع منهم، أو ما نزل من الكتاب مما يدل على وجود المنافقين بينهم؟ قال الله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوْا عَلَى النِّفَاقِ..)، (1) ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)، (2) ﴿فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائفة منهم الَّذِي تَقُوْلُ..)، (3) ﴿ثُمَّ جَاؤُكَ يَحْلِفُوْنَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً..)، (4) ﴿وَيَحْلِفُوْنَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُوْنَ﴾، (5) (وَيَحْلِفُوْنَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوْكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضَوْهُ..﴾، (6) ﴿يَحْلِفُوْنَ بِاللهِ ما قَالُوْا وَلَقَدْ قَالُوْا كَلِمَةَ الْكُفْرِ..)، (7) ﴿يَمُتُّوْنَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوْا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ..﴾، (8) ﴿أَتَّخَذُوْا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوْا عَنْ سَبِيْلِ اللهِ..)، (9) (إِنَّ الَّذِيْنَ آمَنُوْا ثُمَّ كَفَرُوا..). (10)

بل نستشعر من بعضهم - مثل عمر بن الخطاب! - وحشة من سورة التوبة!! فقد روى السيوم السيوطي عن غير واحد منهم ، عن ابن عباس أنه قال: إن عمر قيل له: سورة التوبة، قال: هي إلى العذاب أقرب!.. ما أقلعت عن الناس حتى ما كادت تدع منهم أحداً!!

وفي رواية أخرى قال: ما فُرغ من تنزيل براءة حتى ظننا أنه لم يبق منا أحد إلا

ص: 437


1- التوبة (9): 101.
2- النساء (4): 108.
3- النساء (4): 81.
4- النساء (4): 62.
5- التوبة (9): 59.
6- التوبة (9): 62.
7- التوبة (9): 74.
8- الحجرات (49) : 17.
9- المنافقون (63) : 2.
10- النساء (4): 13. راجع أيضاً سورة المنافقين (63)، وسورة المجادلة (58): 14 - 19، وسورة التوبة (9): 42، 95، 96، 107.. وغيرها.

ستنزل فيه، وكانت تسمى: الفاضحة! (1)

فإذا كان هذا حالهم في حياة النبي صلی الله و علیه وآله.. فهل يحتمل أن يكون لوفاته صلی الله و علیه وآله تأثير فى شدّة تقواهم وتكامل عدالتهم؟!

ثم إنه لا ريب في اجتماع شرف الصحبة والزوجية لأزواجه صلی الله و علیه وآله، فهنّ أمهات المؤمنين.. وهن صحابيات.. ومع ذلك قال الله عزّ وجلّ فيهنَّ: ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيَّنَةٍ يُضاعَفُ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ)! (2) وفي سورة التحريم - بعد توبيخ حفصة وعائشة (3) - يضرب لهما مثلاً فيقول: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِيْنَ كَفَرُوا أَمْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوْطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِنَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيْلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾. (4)

ثم أليس النبي صلی الله و علیه وآله قال: «أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجنّ دوني - وفي رواية: ... سيجاء برجال من أمّتى، فيؤخد بهم ذات الشمال - فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم». (5)

وقال صلی الله و علیه وآله في خطبة الغدير : «ألا لأخبرتكم ترتدون بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض». (6)

ص: 438


1- جامع الأحاديث: 47/14؛ كنز العمال: 420/2.
2- الأحزاب (33): 30.
3- راجع جامع الأحاديث: 14 / 61، 66.
4- التحريم (66) : 10.
5- قد ذكرنا مصادرها فى أول الفصل الثانى.
6- بحار الأنوار: 32 / 290. أقول: هذه الجملة من الخطبة متكررة في كتب الفريقين، بل عقد كل من البخاري والترمذي وابن ماجه في كتاب الفتن ومسلم في كتاب الايمان لها باباً، وتجدها في الصحاح الستة وغيرها من الكتب المعتبرة عند القوم في موارد كثيرة جداً مع اختلاف يسير: «ويلكم [ويحكم خ ل] لا ترجعن [لا ترجعوا] بعدي كفاراً [صلا لأ خ ل] يضرب بعضكم رقاب بعض». وفي رواية النسائي: «لا ألفينكم بعدما أرى ترجعون بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض». السنن 128/7. لاحظ: سنن النسائي: 126/7 - 128؛ مسند أحمد: 230/1، 402 و 104،87،85/3 و 358,351/4، 366 و 4439/5 - 45 و 73068049 سنن الدارمي: 69/2؛ صحيح البخاري: 38/1 و 191/2-192 و 5 / 126 و 236/6 و 112/7 و 16/8، 36، 91؛ صحيح مسلم: 58/1 و 108/5؛ سنن ابن ماجه: 2 / 1300؛ سنن أبي داود: 409/2؛ سنن الترمذي: 329/3؛ سنن البيهقي: 140/5 و 92/6، 97 و 8 / 20؛ المستدرك : 191/1.

وقال صلی الله و علیه وآله في وصيّته لعلي علیه السلام - والناس حضور حوله -: «أما والله - يا علي! - ليرجعنّ أكثر هؤلاء كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض، وما بينك وبين أن ترى إلّا أن يغيب عنك شخصي.. يا علي! إنّ القوم يأتمرون بعدي يظلمون، ويبيّتون على ذلك، ومن بَيَّتَ على ذلك فأنا منهم بريء، وفيهم نزلت ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مُنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُوْلُ وَالله يَكْتُبُ ما يُبيِّتُونَ) (1)».

وقال رسول الله صلی الله و علیه وآله لعلي علیه السلام: «إن أُمتي ستفتن من بعدي، فتتأوّل القرآن وتعمل بالرأي ... وتحرّف الكتاب عن مواضعه وتغلب كلمة الضلالة، فكن جليس بيتك حتى تقلّدها ، فإذا قلّدتها جاشت عليك الصدور، وقلبت لك الأمور، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فليست حالهم الثانية بدون حالهم الأولى..».

قال ابن أبي الحديد: رواها كثير من المحدثين. (2)

وقال صلی الله و علیه وآله - قبل وفاته -: «أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها». (3)

فترى أنه صلی الله و علیه وآله أخبر بحال أصحابه بعده وبما يقع في الأمة من الفتن، فكيف يجوز أن نؤوّل هذه النصوص الصحيحة المتواترة الصريحة فى ارتداد جمع منهم؟!

قال مالك: إنّ رسول الله صلی الله و علیه وآله قال لشهداء أحد: «هؤلاء أشهد عليهم». فقال

ص: 439


1- بحار الأنوار: 487/22. والآيه في سورة النساء (4) 81.
2- شرح نهج البلاغة : 206/9.
3- راجع: سنن الدارمي: 36/1 - 37؛ تاريخ الطبري: 188/3 مسند أحمد: 488/3 - 489؛ شرح نهج البلاغة: /183/10؛ البداية والنهاية: 243/5 - 244؛ الكامل لابن الأثير: 318/2؛ الطبقات: 2 ق 10/2؛ البدء / والتاريخ: 5675؛ أنساب الأشراف: 214/2؛ تاريخ الإسلام للذهبي: 545/1؛ نهاية الارب: 362/18؛ المنتظم: 14/4 - 15؛ تاريخ الخميس: 2 / 161؛ مجمع الزوائد: 24/9؛ كنز العمال: 262/12.. وغيرها.

أبو بكر الصديق: ألسنا - يا رسول الله! - بإخوانهم؟! أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا.. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: « بلى ، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي». (1)

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إنّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه». (2)

وقال صلى الله عليه وآله: «إذا فتحت عليكم فارس وروم، أي قوم أنتم؟!» قال عبد الرحمن بن عوف: نقول: (3) كما أمرنا الله .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «أو غير ذلك.. تتنافسون.. ثم تتحاسدون.. ثم تتدابرون.. ثم تتباغضون.. أو نحو ذلك، ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض». (4)

وراجع أيضاً ما روي في تفسير قوله تعالى: ﴿اتَّقُوْا فِتْنَةً لا تُصِيْبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوْا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ (5) عن الزبير، وفي أهل بدر خاصة. (6)

بل ترى قوماً من الصحابة يخافون على أنفسهم من النفاق، فكيف يجوز أن يقطع بإيمان جميعهم؟! قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كلّهم يخاف النفاق على نفسه. (7)

وترى أن عمر يسأل حذيفة: هل أنا من المنافقين أم لا؟! (8)

ص: 440


1- كتاب الموطأ : 462/2.
2- مسند أحمد: 6 / 290، 298 ، 312، 317 ، وذكرها بعضهم في ترجمة عبد الرحمن بن عوف راجع الاستيعاب وغيره.
3- كذا، ولعل الصحيح (نكون).
4- صحیح مسلم: 212/8 - 213.
5- الأنفال (8): 25.
6- فتح الباري : 3/13.
7- صحيح البخاري : 17/1.
8- راجع جامع الأحاديث: 409/13 و 14 / 19 و 36/15 كنز العمال /: 369/1. ومرة أخرى يسأل أُم سلمة عن ذلك ؛ فقد روى المتقي الهندي ؛ عن مسروق قال : دخل عبد الرحمن بن عوف على أم سلمة ، فقالت : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: «إن من أصحابي لمن لا يراني بعد أن أموت أبدا، فخرج من عندها مذعوراً حتى دخل على عمر، فقال له: اسمع ما تقول أمك ! فقال [فقام ظ] عمر يشتدّ [!!] حتى دخل عليها، فسألها ثم قال: أنشدك الله أمنهم أنا!؟ قالت: لا، ولن أبرى بعدك أحداً، راجع؛ كنز العمال 270/11.

ويعرّض حذيفة بنفاق بعضهم حين يمر على جلسة عبد الله بن عمر، - كما روى، البخاري عن إبراهيم عن الأسود - قال: كنّا في حلقة عبدالله، فجاء حذيفة حتى قام علينا فسلّم، ثم قال: لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم. قال الأسود: سبحان الله! إنّ الله يقول: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِيْنَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (1) فتبسم عبد الله، وجلس حذيفة في ناحية المسجد، فقام عبد الله فتفرق أصحابه، فرماني بالحصى فأتيته، فقال حذيفة: عجبت من ضحكه وقد عرف ما قلت. (2)

بل صرّح ابن عباس بذلك حينما قال لعائشة : ما أخرجك علينا مع منافقي قریش؟ قالت: كان ذلك قدراً مقدوراً. (3)

قال حذيفة بن اليمان: إنّ المنافقين اليوم شرّ منهم على عهد النبي صلى الله عليه وآله، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون. (4)

ولذا ترى بعضهم تنبهوا لذلك فجوزوا عليهم الانحراف عن طريق الحق.

قال التفتازاني (المتوفى 793) - وقد رأيت ما ذكره في شرح العقائد -: إنّ ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات - على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكورة على ألسن الثقاة - يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم قد حاد عن طريق الحق وبلغ حدّ الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسة، والميل إلى اللذات والشهوات؛ إذ ليس كل صحابي معصوماً..

ص: 441


1- النساء (4) : 145.
2- صحيح البخاري: 5 / 184، وراجع ما رواه حذيفة في المنافقين: صحيح مسلم: 190/5 و 122/8-123 مسئد أحمد: 391/5؛ السنن الكبرى للبيهقي: 198/8 و 9 / 33؛ فتجد أنه صرح بنفاق بعض من حضر وإن: لم يذكروا اسمه: ولكن ذكر المتقى الهندي أنه أبو موسى الأشعري راجع كثر العمال 86/14.
3- کتاب الفتن لنعيم بن حماد: 47، (ط مكة المكرمة).
4- صحيح البخاري: 8 / 100 ، كتاب الفتن، باب: إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج بخلافه، قريب منه كنز العمال: 367/1؛ البحر الزخار المعروف بمسند البزاز: 303/7 - 304.. ونحن أدرجنا بعض الروايات المناسبة للمقام في الفصل الثاني، فراجع.

ولا كلّ من لقي النبي بالخير موسوماً. (1)

وقال أحمد أمين: ..وبعد؛ فإلى أي حد تأثر العرب بالإسلام؟ وهل اتحت تعاليم الجاهلية ونزعات الجاهلية بمجرد دخولهم في الإسلام؟

الحق أن ليس كذلك.. وتاريخ الأديان والآراء يأبى ذلك... ومع كل هذه التعاليم، لم تمت نزعة العصبية وكانت تظهر بقوّة إذا بدا ما يهيّجها. (2)

وقال محمد فريد وجدي: إنّ المؤرخين الأقدمين والمحدثين حفظوا أمام حوادث الصدر الأول من هذه الأمة ظاهراً من الأدب، وامتنعوا عن إبداء آرائهم في تلك الحوادث الهائلة التى كانت أكبر الحوادث الانقلابية في هذه الأمة، لما احتوته من أسرار التقدّم وعلل التأخّر معاً، فجاء تاريخ ذلك العصر الفائض بالحياة مغمضاً مستوراً، وظنّ أكثر المسلمين أنّ الإنسان يأثم إن انتقد أحد الصحابة أو رأى خلاف رأيه، واستحال لديهم هذا الظنّ إلى وسوسة حسنت لهم أن ينظروا لحوادث ذلك التاريخ من خلال حُجُب مموهة حتى يروا فيه كل شيء حسناً، وكل عمل متقناً، وقد غلا بعضهم فقال: إن قاتلهم ومقتولهم في الجنة!!..

والحقيقة أنّهم بشر مثلنا، وإن كانوا أفضل منا تقوى وإيماناً وحبّاً للحق.. وقرباً من النور المحمدي صلى الله عليه وآله، ولكن لا يقول أحد بأنهم منزهون عن الخطأ، وبأن جميع أعمالهم، حسناء، مع أنه ثبت لنا أنهم تجادلوا وتشاتموا وتضاربوا، وقتل بعضهم بعضاً، ومرّ عليهم زمن كانت فيه المجازر بينهم على أشدّ ما يكون بين المتخاصمين من الشعوب المتعادية، ومن الذي ينسى أن وقعة صفين بين علي علیه السلام ومعاوية ذبح فيها مائة الف مسلم، وذبح نحو ذلك في واقعة الجمل بين علي علیه السلام و طلحة وعائشة، ووقعة النهروان بين علي علیه السلام ومن خرجوا عليه من المسلمين؟!

هذه كلها وقائع حمل فيها المسلمون بعضهم على بعض بالسيف جزاً في الاعناق،

ص: 442


1- شرح المقاصد: 306/2 (ط اسلامبول، سنة 1305)، وعنه فى خلفاء الرسول صلى الله عليه وآله: 231. وقريب منه الرد على الرافضة للإمام المقدسي (المتوفى 888): 143.
2- فجر الإسلام : 79 - 78.

وطعناً في الأفئدة، وضرباً في الوجوه، وبقراً للبطون.. فإذا ضربنا صفحاً عن ذكر أسبابها ونتائجها بكمال الحرية ، واكتفينا بأن ننظرها على غير حقيقتها.. وسوسةً وخوفاً، كنّا كمن يريد أن يغش نفسه، والله لا يهدي المبطلين. (1)

وقال الدكتور طه حسين: ..وما أُريد أن أتزيد.. ولا أن أتكلّف.. ولا أن أُوذى بعض الضمائر.. ولا أن أحفظ بعض الصدور، ولكنّي مع ذلك ألاحظ أن جماعة من أصحاب النبي صلی الله و علیه وآله... طال عليهم الزمن واستقبلوا الأحداث والخطوب، وامتحنوا بالسلطان الضخم العظيم، وبالثراء الواسع العريض، ففسدت بينهم الأمور، وقاتل بعضهم بعضاً، وقتل بعضهم بعضاً، وساء ظنّ بعضهم ببعض إلى أبعد ما يمكن أن يسوء ظنّ الناس بالناس، فما عسى أن يكون موقفنا من هؤلاء؟

لا نستطيع أن نرضى عن أعمالهم جميعاً، فلا نلغي عقولنا وحدها.. . (2)

أقول: إذا تأملت ما ذكرناه يتضح لك إلى من أشير في ما رواه الشيخ القمي عن الصادق علیه السلام في قوله تعالى: (إِنَّهُمْ يَكِيْدُوْنَ كَيْدَاً): (3) «كادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكادوا عليّاً علیه السلام وكادوا فاطمة علیها السلام».. إلى أن قال علیه السلام: «فمهل الكافرين - يا محمد! - أمهلهم رويداً، لوقت بعث القائم فينتقم لي من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس». (4)

ولا يخفى أنّ للقوم دواعي شتى لصَرْف الخلافة عن أمير المؤمنين إلى أنفسهم، فإنهم حسدوه كما حسدوا النبي صلی الله و علیه واله قبله، لرفعته عنهم حسباً ونسباً وعلماً وشجاعة بل وفي جميع كمالاته، ونزلت فيه خاصة آيات من القرآن، وذكر النبي صلی الله و علیه واله في فضله أُموراً عظيمة جدّاً، وكان يقدّمه على غيره في جميع الأمور، فلما اشتعل نار الحسد في قلوبهم أخرجوا الأمر عن معدنه بغياً وظلماً، وبغضاً وعدواةً لأهل البيت علیهم السلام

ص: 443


1- دائرة معارف القرن الرابع عشر (العشرين): 753/3 - 752 - خلف -.
2- الفتنة الكبرى : 40/1.
3- الطارق (86): 15.
4- تفسير القمي: 2 / 416 ؛ بحار الأنوار: 23 / 368.

ورجاء أن يتداولوها بينهم، ثم علّلوا أنّ أمير المؤمنين علیه السلام حديث السنّ!.. وإنه صاحب زهو وتيه ويستصغر الناس لعُجبه!! ويُؤثر بني عبد المطلب على غيرهم.. وتبغضه العرب ولا تطيعه لأنه وتَرَها!! وقريش تنظر إليه كما ينظر الثور إلى جازره!! بل لا تجتمع الخلافة والنبوة في بيت واحد!! (1)

فلمّا زيّن ذلك في قلوبهم لم يروا بداً من إجبار أهل البيت علیهم السلام على البيعة لأبي بكر ليتمّ لهم الأمر أو إهلاكهم إن أبوا عن الإجابة إلى ذلك، وقديماً قالوا: الملك عقيم.

قال أمير المؤمنين علیه السلام: «ولولا أن قريشاً جعلت اسمه [أي اسم النبي صلى الله عليه وسلم] ذريعة إلى الرئاسة، وسلّماً إلى العزّ والإمرة لما عَبَدَت الله بعد موته يوماً واحداً..». (2)

ثم لماذا لم يبالوا بايذاء بضعة النبي صلى الله عليه وسلم ومن يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها؟

ولا أريد أن أذكر هنا عداوتهم لأهل البيت علیهم السلام وما يجري مجرى هذا الكلام - وإن كان صحيحاً في نفسه وأمراً ظاهراً لمن تتبع الآثار والتواريخ - بل أزعم أن هذه الحركة القاسية كانت غاية ما وصل إليه تفكير الهيئة الحاكمة والطريق الوحيد تجاه أهل البيت علیهم السلام.

فإنك ترى في روايات العامة والخاصة أن الهجوم الأخير على البيت الطاهر وقع بعد استنصار السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام مع بعلها وبنيها علیهم السلام ليلاً واستنهاضها المهاجرين والأنصار ليردّوا الحق إلى أهله فالهيئة الحاكمة بأركانها أصحاب العقبة، ومجريها الثاني، ومديرها السياسي الأول عرفوا أنها لا تقعد عن نصرة إمامها، وعزمت على بذل غاية جهدها في إقامة الحق وإبطال الباطل، إذ هي التي لم تنس قول أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم « ...اللّهم انصر من نصره واخذل من اللهم انصر من نصره واخذل من خذله..» قبل أيام قليلة في حجّة الوداع على عكس الذين أثروا الدنيا على الآخرة. فقوّى في نفس القوم احتمال

ص: 444


1- لتفصيل ما أجملناه راجع:تاريخ الطبري: 223/4 - 224؛ تاريخ اليعقوبي: 158/2- 159 الأغاني: 10/ 288 (ط دار إحياء التراث العربي): شرح نهج البلاغة: 21 / 1892 و 22 / 57 - 580 و 45/6 و 53,2009/15 - 55، 80 - 83 و 20 / 155 .. وغيرها.
2- شرح نهج البلاغة : 298/20.

رجوع الحق إلى أهله وانتباه الناس عن ،غفلتهم، فلم يروا بداً من قتل فاطمة علیها السلام فعزموا على تلك الجناية التي لا يتصوّر فوقها جناية.. ولا تنسى أبداً.

تلك المصيبة التي لا يجري القلم بكتابتها.. ولا اللسان بذكرها.. والسمع باستماعها.

نعم أوجب الحقد والحسد والعداوة وحبّ الرئاسة والملك وإيثار الدنيا على الآخرة أن يجتمع هؤلاء الذين يعدّون أنفسهم من الأصحاب حول بيت فاطمة الزهراء علیها السلام ويهدّدوا تلك البضعة الوحيدة، وذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحراق بيتها على أهله ورفعوا أصواتهم بالصيحة المنكرة حول البيت، وغلظوا في كلامهم معها، وراموا فتح الباب.. ولما امتنعت من ذلك ولم تأذن لهم أن يدخلوا، جمعوا الحطب على الباب وأحرقوه، ثم دفعوا الباب المحروق على بطنها وهي حاملة بالمحسن علیه السلام، وعصروها بين الباب والحائط فأسقطت جنينها ونادت: «يا أبتاه يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة.. يا أبتاه! يا رسول الله! أهكذا يصنع بحبيتك وابنتك؟!».

«آه! يا فضّة خذيني» ... وسقطت على الأرض.

ثم دخلوا الدار وأخرجوا أمير المؤمنين علیه السلام، ولم يكن من يمنعهم سوى فاطمة علیها السلام.. فإنّها وإن كانت مريضة ولكنها لم تسمح لنفسها بخذلان أمير المؤمنين علیه السلام، فلما أرادت أن تمنعهم من إخراجه أخذوا في ضربها بالسياط.. وغلاف السيف!!..

ولعمري ما أدري ماذا أكتب هنا، أتذكّر قول شريك القاضي: ما لهم و لفاطمة!.. والله ما جهّزت جيشاً ولا جمعت جمعاً.. والله لقد آذيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره. (1)

فإن هذا وهذا الكلام يدل على أنهم قد بلغوا الغاية في ظلمها، بل لو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أمته بإيذاء عترته علیهم السلام لم يقدروا على أشد وأزيد مما صنعوا.

ص: 445


1- تقريب المعارف : 256 (تحقیق تبریزیان).

الثانية: ألم يوجد من يدافع عن أمير المؤمنين و فاطمة الزهراء علیهما السلام؟!

ألم يوجد من يدافع عن أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء علیها السلام؟!

أن ثبوت خذلان الناس لأهل بيت النبي صلی الله و علیه واله - ولأمير المؤمنين علیه السلام خاصة - مما ملئت به الكتب والأسفار واشتهر بين الخاصة والعامة، ولا ينكره إلا المكابر.

ومما رواه جمع كثير من العامة قول عائشة : فلما توفيت فاطمة استنكر عليّ وجوه الناس، أو: انصرفت وجوه الناس عنه!.. (1)

وترى في النصوص أن عدد أعوانه لا يتجاوز عدد الأصابع.

وذكرنا ما يدل على ذلك بوضوح من إخبار النبي صلی الله و علیه واله بذلك،وشكوى أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء علیهما السلام واستنصارهما وعدم إجابة الناس لهما.

نعم بعض الأنصار ذكروا في ما بينهم أنّ الخلافة حق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام دون غيره، وبلغ ذلك إلى الخليفة وأعوانه، فترى أن أبا بكر بعد مواجهة الصدّيقة الكبرى علیها السلام فى المسجد - عند ذكر الخطبة الفدكية - التفت إلى الأنصار فقال: قد بلغني - يا معشر الأنصار! - مقالة سفهائكم، وأحق من لزم عهد رسول الله صلی الله و علیه واله أنتم - فقد جاءكم فآويتم ونصرتم - ألا إني لست باسطاً يداً ولا لساناً على من لم يستحق ذلك منّا. (2)

وعن عمر بن الخطاب أنه قال: فقد جاءني قوم من الأنصار فقالوا: إنّ علياً ينتظر الإمامة ويزعم أنه أولى بها من أبي بكر، فأنكرتُ عليهم ورددت قولهم في نحورهم. (3)

ص: 446


1- كفاية الطالب: 370 (ط نجف)؛ صحیح مسلم: 154/5؛ صحيح البخاري: 5 / 83؛ السنن الكبرى: 300/6؛ البداية والنهاية: 307/5؛ السيرة النبوية وأخبار الخلفاء للبستي: 434؛ تاريخ الطبري: 208/3؛ شرح مسلم للنووي: 12 / 77 - 76؛ النهاية لابن أثير: 159/5؛ شرح ابن أبي الحديد: 46/6؛ أعلام النساء كحالة: 4 / 13؛ إحقاق الحق: 485/10 - 484.. وغيرها.
2- شرح نهج البلاغة 16/ 215.
3- راجع صفحة 391 من هذا الكتاب.

وأكبر شاهد على خذلان الناس لأهل البيت علیهم السلام وقعودهم عن نصرتهم - إلا عدداً يسيراً جداً - ما اتفق على ذكره المؤالف والمخالف وهو:

استنصار السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام إيّاهم ليلاً - وفي بعض المصادر زيادة: ونهاراً - مع أمير المؤمنين والحسنين علیهم السلام وهم يعتذرون بسبق بيعتهم لأبي بكر، أو يعدون النصر ليلاً ويقعدون عنه نهاراً. (1)

قال سلمان - بعد ذكر إرسالهم إلى أمير المؤمنين علیه السلام يدعونه إلى البيعة فلم يقبل - كما مرّ تفصيلاً -: فلمّا كان الليل حمل عليّ فاطمة علیهما السلام على حمار وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين علیهما السلام، فلم يدع أحداً من أصحاب رسول الله صلی الله و علیه واله إلا أتاه في منزله فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا أربعة، فإنا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا!... فلما رأى على علیه السلام خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه لزم بيته.. . (2)

قال ابن قتيبة الدينوري (المتوفى 276): وخرج على كرّم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلی الله و علیه واله على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.

فيقول عليّ كرّم الله وجهه: «أفكنت أدعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه؟!»

ص: 447


1- الاحتجاج: 75، 1 - 82 190 وعنه في بحار الأنوار: 419/29؛ الهداية الكبرى: 178، 408 كامل بهائي: 4؛ الاختصاص: 184؛ كتاب سليم: 128 (الطبعة المحققة : 666 الحديث الثاني عشر)، وعنه في بحار الأنوار: 29 / 468؛ الصراط المستقيم: 2/ 80 - 79؛ مثالب النواصب: 233 (الخطية)؛ دلائل الإمامة: ج 3. وعنه في بحار الأنوار: 292/30 - 293؛ العوالم: 11 / 425؛ دائرة المعارف، فريد وجدي 759/3؛ موسوعة آل النبي صلی الله علیه واله الدكتورة عائشة بنت الشاطي: 614؛ تراجم سيدات بيت النبوة، لها أيضاً: 613 - 614؛ فاطمة بنت محمد صلی الله علیه واله، عمر أبو النصر: 117 - 118؛ السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام للدكتور بيّومي مهران: 137؛ الصديق أبو بكر، محمد حسين هيكل: 65؛ وفي حاشية شفاء صدور الناس: 484 عن الكامل المنير.
2- كتاب سليم: 18 - 82 (الطبعة المحققة: 2 / 584 - 583 الحديث الرابع)، وعنه في بحار الأنوار: 267/28 - 268.

فقالت فاطمة : « ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له.. ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم». (1)

ومن كتاب معاوية المشهور إلى عليّ علیه السلام: واعْهَدُك أمس.. تحمل قعيدة بيتك ليلاً على حمار ويداك في يدي ابنيك الحسن والحسين، يوم بويع أبو بكر الصديق فلم تدع أحداً من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك ، ومشيت إليهم بامرأتك، وأدليت إليهم بابنيك، واستنصرتهم على صاحب رسول الله ، فلم يُجبك منهم إلا أربعة أو خمسة.

ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حرّكك وهيّجك: «لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم..» فما يوم المسلمين منك بواحد، ولا بغيك على الخلفاء بطريف ولا مستبدع!!. (2)

قال ابن أبي الحديد: ويقال: إنه علیه السلام لمّا استنجد بالمسلمين عقيب السقيفة يوم وما جرى فيه، وكان يحمل فاطمة علیها السلام ليلاً على حمار وابناها بين يدي الحمار وهو علیه السلام يسوقه، فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ويسألهم النصرة والمعونة، أجابه أربعون رجلاً فبايعهم على الموت، وأمرهم أن يصبحوا بكرة محلّقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم، فأصبح لم يوافه منهم إلّا أربعة: الزبير والمقداد وأبوذر وسلمان، ثم أتاهم من الليل فناشدهم، فقالوا: نصبحك غدوة، فما جاءه منهم إلا أربعة، وكذلك في الليلة الثالثة. (3)

وخلاصة القول: إنّ الناس بعد وفاة النبي صلی الله و علیه واله إما كانوا ممن يحسدون أمير المؤمنين علیه السلام أو يبغضونه لأنه قتل آباءهم وإخوانهم وأقرباءهم وأصدقاءهم، أو

ص: 448


1- الإمامة والسياسة: 1/ 19؛ شرح نهج البلاغة: 13/6 عن الجوهري؛ وعنه في بحار الأنوار: 352/28؛ أعلام النساء كحالة: 114/4؛ وراجع: أهل البيت علیهم السلام، توفيق أبو علم: 167.
2- شرح نهج البلاغة: 2 / 47. قريب منه كتاب سليم: 191 (الطبعة المحققة: 65/22 - 766 الحديث الخامس والعشرون).
3- شرح نهج البلاغة: 14/11. وأشار إليه في: 18 / 39.

يخافون شدّته وعدله.. فهذه الطوائف، إمّا رجّحوا نصرة الهيئة الحاكمة فكانوا من أعوانهم، وإمّا تركوا نصرة أمير المؤمنين علیه السلام فهم وإن لم يروا أبا بكر أهلاً للخلافة ولكن قالوا إنه ألين من علي علیه السلام؛ ومنهم فرقة أخرى - وهم الأكثرون - أعراب وجفاة وطغام، أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح، فهؤلاء مقلّدون لا يسألون ولا ينكرون ولا يبحثون، وهم مع أمرائهم وولاتهم؛ وجمع من الصحابة كانوا قائلين بإمامة أمير المؤمنين علیه السلام ولكنهم لما رأوا ذلّة الحق وأهله وكونهم متفرقين وغلبة الباطل عليهم سكتوا.

ويظهر من الآثار أنّ الفتنة كانت شديدة جدّاً - كما قال بعضهم في جواب سليم -: أصابتنا فتنة أخذت بقلوبنا وأسماعنا وأبصارنا. (1)

وقال حذيفة في جواب بعضهم: يا أخا الأنصار! إن الأمر كان أعظم مما تظنّ! إنه عزب - والله - البصر، وذهب اليقين وكثر المخالف، وقلّ الناصر لأهل الحق... أخذ - والله - بأسماعنا وأبصارنا.. وكرهنا الموت وزيّنت عندنا الدنيا ... (2)

ص: 449


1- بحار الأنوار: 28 / 125.
2- بحار الأنوار: 94/28.

الثالثة: هل وصلت يد الأجنبي إلى وجه الصديقة الكبرى علیها السلام؟!

إذا راجعنا أحوال الأنبياء والأوصياء علیهم السلام وهكذا المعصومين الأربعة عشر علیهم السلام، نرى أنّ لهم حالات متفاوتة وليسوا في جميع حالاتهم غالبين قاهرين، بل غالباً - حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية - يكونون: مغلوبين، مضروبين، مقهورين، مشتومين، مقتولين.. فإنّ الله عزّ وجلّ لا يريد صدور الإعجاز منهم في جميع حالاتهم وشؤونهم، بل أراد ابتلاءهم وابتلاء الناس بهم كما يستفاد كما يستفاد من النصوص، وأمرهم

بالصبر والاستقامة والرضا بما يقضي لهم وعليهم..

وهكذا السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام لم تخرج عن هذا السنة الإلهية، ولا نريد أن نقول: وصلت يد الأجنبي إلى وجه الصديقة الكبرى علیها السلام من دون ستر وحاجب.. بل الذي دلتنا عليه الآثار خلافه، وإليك نصّ بعضها:

روي عن مولانا الصادق علیه السلام أنه قال: «.. وصفقة خدّها حتى بدا قرطاها تحت خمارها..». (1)

وفي رواية أبي بن كعب: ثم لطمها... من وراء الخمار. (2)

وفي كتاب عمر إلى معاوية: فصفقتُ صفقةً على خديها من ظاهر الخمار.. (3)

نعم ورد في رواية أنها حين الهجوم على بيتها لم يكن عليها خمار .. ولكنّه لا دلالة فيها على وصول يد الأجنبي إلى بشرة وجهها.

والذي نحن بصدده في هذا المجال، أنه لا وجه لإنكار ابتلائها علیها السلام بهذه المصائب العظيمة لمجرد الاستبعاد.. بعد ثبوتها بالدليل القطعي.

ص: 450


1- الهداية الكبرى: 407؛ بحار الأنوار: 19/53.
2- الكوكب الدرى: 1 / 194 - 195.
3- بحار الأنوار: 30/ 290.

ولا أظنّك أن تقنع نفسك بأن تقول: جلالة قدر فاطمة علیها السلام ومكانتها من النبى صلی الله و علیه واله تمنعان الناس من هتك حرمتها!.. إذ ترى أنهم هتكوا حرمة أبيها بالاعتراض عليه في موارد شتّى، وحينما قالوا: إنه ليهجر!.. وحين لم يبالوا بأمره في إنفاذ جيش أسامة.. بل لعنه من تخلف عنه.. فرجعوا وحضروا في محرابه للصلاة ليكون ذريعة لهم يتشبثوا بها لغصب الخلافة، وكانوا هم السبب في إيذائه وخروجه في تلك الحالة الصعبة ليصلي بالناس حتى لا يشتبه الأمر عليهم..

ثم هل تتوقّع أن يصدر عنهم أسوأ وأعظم مما صنعوا أسوأ وأعظم مما صنعوا مع جنازته صلی الله و علیه واله، إذ قالوا لأهل البيت علیهم السلام: دونكم صاحبكم!!.. (1) ثم ذهبوا وتنازعوا في أمر الخلافة فلم يحضروا تغسيله ولا تجهيزه والصلاة عليه، بل ولا دفنه أليس هذا كله هتكاً لحرمته؟ واستخفافاً بأمره..؟! و..

ألا ترى أنها مع ما سألتهم النصرة مراراً في أمر الخلافة، وكذا في أمر فدك.. - وخطبتها في المسجد مشهورة -.. قعدوا عن نصرتها بأجمعهم، كأنهم لم يسمعوا شيئاً!!، (2) بل واجهها أبو بكر بعد الخطبة بكلام لا أستطيع أن أكتبه.. فراجع ما رواه عن الجوهري، (3) نعم، «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه مادرت معايشهم ، فإذا مُخصوا بالبلاء قلّ الديّانون». (4) كما عن مولانا سید الشهداء علیه السلام.

ص: 451


1- راجع السنن الكبرى للبيهقي: 145/8؛ أسد الغاية: 222/3؛ مجمع الزوائد: 182/5؛ کنز العمال: 635/5؛ جامع الأحاديث : 102/13.. غيرها.
2- ولنعم ما قيل - كما في الصراط المستقيم: 162/3 -: ما صحّ أن المسلمين بأمة *** المحمد بل أُمة لعتيق جاءت تطالب فاطم بتراثها *** فتقا عدوا عنها بكل طريق وتسارعو نحو القتال جميعهم *** لمّا دعتهم ابنة الصديق فقعودهم عن هذه ونهوضهم *** مع هذه يعنى عن التحقيق.
3- شرح نهج البلاغة: 214/16 - 215، وعنه في بحار الأنوار: 326/29.
4- انظر: تحف العقول: 245؛ كشف الغمة: 32/2؛ بحار الأنوار: 195/44، 382 و 116/75.

الرابعة: لماذا سكت أمير المؤمنين علیه السلام ولم يدافع عن نفسه وزجته ؟!

قد يتساءل: لماذا سمح الله تعالى للأعداء أن يفعلوا ما يريدون بحيث يتغلّبون على أولياء الله تعالى؟!

ولماذا لم يقتل النبي صلی الله علیه واله أعداء أمير المؤمنين علیه السلام في حياته ليتم الأمر له بعده؟

وأخيراً: لماذا لم يحاربهم أمير المؤمنين علیه السلام وقعد عن طلب حقه، بل لم يدافع عن نفسه وزوجته؟! مع أنه كان أشجعهم وأقواهم باعترافهم و إقرارهم، بل يمكنه إهلاكهم بالإعجاز؟

أقول: قد أُجيب عن هذه الأسئلة في غير واحد من الآيات والروايات تصريحاً أو تلويحاً.. وبعد التأمّل التام نجد أنّ الله تبارك وتعالى أرسل الأنبياء علیهم السلام إلى الناس ليدعوهم إلى الصراط المستقيم، وليبينوا لهم أوامره ونواهيه، وكانت سنّته أن لا يجبر الناس على طاعته قهراً بل أراد أن يكون لهم الخيرة في ذلك، وجعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فلم تكن الغلبة لأوليائه دائماً، بل كثيراً ما تقتضي المصلحة أن لا يمنع من غلبة الكفّار والمشركين والفساق على الأنبياء والأوصياء وأتباعهم.. فيُغيرون عليهم ويقتلونهم ويأسرونهم ويؤذونهم و.. وقد يطول مدة ملك الطواغيت إلى ما شاء الله. وبذلك يبتلى عباده كي يميز الخبيث من الطيب والمنافق من المؤمن والمدعي الكاذب من الصادق الصابر.. قال الله تبارك وتعالى: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوْا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِيْنَ وَلِيمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَم اللهُ الَّذِيْنَ جَاهَدُوْا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ). (1)

وقال النبي صلی الله علیه واله - في حديث -: «..ولو شاء [أي الله تعالى] الجمعهم على الهدى

ص: 452


1- آل عمران (3): 140 - 142، وراجع أيضاً الآيات الأولى من سورة الكهف (18).

حتّى لا يختلف اثنان من هذه الأمّة، ولا ينازع في شيء من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله، ولو شاء لعجّل النقمة والتغيير حتّى يكذّب الظالم ويعلم الحق أين مصيره؟ ولكنّه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوْا بِمَا عَمِلُوْا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ حْسَنُوْا بِالْحُسْنَى) ». (1)

وفي رواية أخرى: «إنّ الله يمتعهم ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم تفرقةً بين الخبيث والطيب..». (2)

وأمّا النبي الأعظم صلی الله علیه واله، فإنه كان عالما بما يجري على أهل بيته علیهم السلام وأمته، وكان قادراً على إهلاك أعداء أهل بيته علیهم السلام في حياته - كما يصنعه الملوك والخلفاء بمخالفيهم - إلّا أنّ ذلك كان مضراً على الدين ويوجب أن يبسط من أراد هدم أساس الإسلام لسانه فيقول: إنه لما ظفر بالفتح أخذ يقتل أعوانه وأنصاره - كما أشار إليه النبي صلی الله و علیه واله في بعض كلامه -. (3)

ثم كيف يعاقبهم على أمر لم يصدر منهم بعد؟ ولا أقل من أنه لم يؤمر من قبل الله تعالى بقتلهم.. (4)

وأمّا سكوت مولانا أمير المؤمنين علیه السلام، فليعلم أوّلاً: إنّ لكلّ واحد من الأئمة الاثني عشر علیهم السلام دستوراً خاصاً من قبل الله تعالى، نزل به أمين الوحي على الرسول الأعظم صلی الله علیه واله ليبلغه إليهم كي يعملوا به طيلة حياتهم، (5) وعند التأمل في الظروف التي تخصهم تجد التوافق والتطبيق بين هذه التكاليف الخاصة وبين المصالح الظاهرة عندنا.

ص: 453


1- كمال الدين: 264؛ إرشاد القلوب: 420؛ بحار الأنوار: 54/28، والآية في سورة النجم (53): 31.
2- بحار الأنوار : 106/28.
3- انظر: بحار الأنوار: 21 / 196؛ 28 / 99.
4- راجع: بحار الأنوار: 101/28.
5- راجع: الكافي: 279 باب أنهم علیهم السلام لا يفعلون شيئاً إلا بعهد من الله، الامامة والتبصرة من الحيرة: 38 - 39؛ الغيبة للنعماني: 34 - 38 باب ما جاء في الإمامة والوصية وأنهما من الله؛ تقريب المعارف: 422 - 421، (تحقیق تبريزيان)؛ بحار الأنوار: 209/36 و 27/48.

ويستفاد من الآثار أن أمير المؤمنين علیه السلام قعد عن محاربة أعدائه لجهات شتّى تذكر أهمّها:

الأولى: المخالفون لأبي بكر في أمر الخلافة - وإن لم يكونوا قليلين - إلّا أنّهم قعدوا عن نصرة أمير المؤمنين علیه السلام ولم يوجد من أعانه إلّا ثلاثة أو أربعة، ولذا قال علیه السلام فى خطبة له: «أما والله لو كان لى عدّة أصحاب طالوت أو عدّة أهل بدر... لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق..». (1)

وفي خطبة الشقشقية: «.. وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء..». (2)

ثم إنه علیه السلام - بعد الفراغ من دفن النبي الله صلی الله علیه واله وجمع القرآن - خطب الناس ودعاهم إلى نصرته بل ذهب مع فاطمة والحسنين علیهم السلام إلى دور المهاجرين والأنصار واستنصر هم لإزالة أبي بكر عن الخلافة المغتصبة، وذكرهم ما أوصاهم به رسول الله صلی الله علیه واله في حقّه، فلم يدع لأحد عذراً في ترك نصرته. كما أن فاطمة الزهراء علیها السلام حينا خطبت الناس في المسجد دعتهم إلى محاربة الهيئة الحاكمة بأبلغ الوجوه، وقالت صريحاً: «قاتلوا أئمة الكفر»، إلا أن ذلك كله لم يؤثر في قلوب خَلَت عن ذكر الله، وضعفت في إيمانها..، ثم بعد إتمام الحجة عليهم كان اللازم عليهم أن يجتمعوا لنصرة أمير المؤمنين علیه السلام لا أن يأتي هو عندهم ويدعوهم، فإنّ مثل الإمام مثل الكعبة يؤتى ولا يأتى.

الثانية: إن النبي صلی الله علیه واله أمره بالسكوت ونهاه عن القيام إذا لم يجد من يعينه لئلاّ ينهدم الدين برأسه، ويخرب البنيان من أسّه.. ولا يبقى منه شيء.

فالإمام علیه السلام وإن كان هو الشجاع البطل الذي لا يجترء أحد أن يدنو منه في الحرب، وكان في أقصى درجات الحمية والغيرة و ... إلا أنه تحمّل كل هذه المشاقّ لكونه مأموراً بذلك من قبل الله تعالى ومن قبل النبي صلی الله علیه واله.

ص: 454


1- بحار الأنوار : 341/28.
2- نهج البلاغة : 5.

نعم، الصبر على هذا النوع من البلاء في غاية الصعوبة - لاسيا بالنسبة لغيرة الله وحميه علیه السلام- ولذا ترى أنه يشق عليه استماعه عن النبي صلی الله علیه واله بحيث يصعق ويسقط على وجهه. بل النبي صلی الله علیه واله أخذ من ابنته عهداً وميثاقاً - أيضاً - على الصبر، وكذا ابنيها الحسن والحسين علیهما السلام.. وكلّهم قبلوا ورضوا بالتكليف الإلهي. بل هذا هو أحد أسباب اجتراء هؤلاء الرعاع على كشف بيت فاطمة الزهراء علیها السلام وانتهاك حرمتها؛ فإنهم علموا بذلك كله.. وعلموا أن الناس يقعدون عن نصرة العترة علیهم السلام.

فقد ورد عن مولانا الإمام الكاظم علیه السلام أنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين علیه السلام: «..أعلم يا أخي! إنّ القوم سيشغلهم عني ما يشغلهم.. والذي بعثني بالحق لقد قدمت إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتهم رجلاً رجلاً ما افترض الله حقك، وألزمهم من طاعتك، وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر، وإني لأعلم خلاف قولهم ، فإذا قبضت وفرغت من جميع ما أوصيك به وغيّبتني في قبري فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه والفرائض والأحكام على تنزيله، ثم امض على غير لائمة على ما أمرتك به، وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها [یعني بفاطمة علیها السلام] حتى تقدموا عليّ». (1)

وفى رواية أخرى قال صلی الله علیه واله: «إن وجدت أعواناً فبادر اليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعواناً كف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوماً». (2)

وفي رواية: قال له: «يا علي! إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلنّ». (3)

وقال علیه السلام: «قال لي رسول الله صلی الله علیه واله: «إن اجتمعوا عليك فاصنع ما أمرتك وإلّا

ص: 455


1- خصائص الأئمة علیهم السلام: 73، عنه الطرف: 26 - 27، وكذا عنه في بحار الأنوار: 22 / 483. وراجع: الصراط المستقيم: 92/2.
2- الاحتجاج: 75، 190، وعنه في بحار الأنوار: 191/28؛ قريب منه في: الصراط المستقيم: 79/2؛ إرشاد القلوب: 395؛ الغيبة للطوسي: 193، 335؛ کتاب سليم: 87، 127، 192 (الطبعة المحققة: 591/2، 664، 767 - 768، الأحاديث الرابع والثاني عشر والخامس والعشرون).
3- الغدير: 173/7 عن كنوز الدقائق للمناوي: 188.

فالصق كَلْكَلَكَ بالأرض ..». فلما تفرَّقوا عنى جررت على المكروه ذيلي، وأغضيت على القذى جفني، وألصقت بالأرض كَلْکلي». (1)

وقال علیه السلام: «لولا عهد عهده إلى النبي الأمي صلی الله علیه واله الأوردت المخالفين خليج المنيّة، ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت.. وعن قليل سيعلمون». (2)

الثالثة: لو فرضنا محاربة القوم حينذاك لم يكن يترتب عليه الأثر المطلوب، بل تورث نتائج سيّئة نشير إلى بعضها:

1 - ارتداد كثير من الناس، لاسيما من كان منهم جديد العهد بالإسلام لضعف إيمانهم.. مع ما كانوا عليه من الإسلام الظاهري والاعتقاد الناقص..

قال ابن أبي الحديد ولامته فاطمة علیها السلام على قعوده وأطالت تعنيفه وهو ساكت. وفي رواية: حرّضته على النهوض والوثوب، حتى أذن المؤذن فلما بلغ إلى قوله: أشهد أن محمداً رسول الله صلی الله علیه واله قال لها: «أتحبّين أن تزول هذه الدعوة من الدنيا؟!» قالت: «لا»، قال: «فهو ما أقول لك». (3)

وليعلم المتأمّل العارف بشؤون أهل العصمة علیهم السلام أن ما نقله عن السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام لم يكن بقصد الملامة - والعياذ بالله - قطعا، بل لكي يُعلم علّة سكوت مولانا أمير المؤمنين علیه السلام.

وفي رواية: قال علي علیه السلام لأبي سفيان - لما استنهضة على القتال - «.. قد عهد إليّ رسول الله صلی الله علیه واله عهداً، فأنا عليه». (4)

.. والروايات فى ذلك كثيرة، بل متواترة. (5)

ص: 456


1- شرح نهج البلاغة : 20/ 326.
2- الکافی : 33/8.
3- شرح نهج البلاغة : 326/20 وقريب منه : 113/11.
4- الموفقيات للزبير بن بكار، وعنه في شرح نهج البلاغة : 17/6.
5- راجع كلام الشيخ الطوسي والعلامة المجلسي في بحار الأنوار: 246/28، 395. ولزيادة التوضيح حول سكوته علیه السلام و عدم قتاله القوم راجع ما رواه شيخنا العلامة المجلسي رحمة الله في موسو عته بحار الأنوار المجلد الثامن (ط القدیم : 145 - 159، وفي الطبعة المحققة: 417/29 - 479، بل وما بعدها من الأبواب.

روى السيوطي عن أبي الطفيل عامر بن وائلة، قال: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت علياً علیه السلام يقول: «بايع الناس أبا بكر وأنا - والله - أولى بالأمر منه وأحق به منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثم بايع الناس عمر وأنا - والله - أولى بالأمر منه وأحق به منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.. ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان؟!..». (1)

وعن أبي جعفر الباقر علیه السلام في رواية: «لم يمنع أمير المؤمنين علیه السلام من أن يدعو إلى نفسه إلّا نظراً للناس وتخوّفاً عليهم أن يرتدوا عن الإسلام فيعبدوا الأوثان، ولا يشهدوا أنْ لا إله إلّا الله وأن محمداً رسول الله صلی الله علیه واله». (2)

2 - إيجاد التفرقة بين المسلمين واختلال أمورهم بحيث يطمع الكفّار والمشركون فيهم، كما كتب علیه السلام في جواب معاوية: «وقد كان أبوك أبوسفيان جاءني في الوقت الذي بايع الناس فيه أبا بكر فقال لي: أنت أحق بهذا الأمر من غيرك، وأنا يدك على من خالفك، وإن شئت لأملأنّ المدينة خيلاً ورجلاً على ابن أبي قحافة!.. فلم أقبل ذلك، والله يعلم أنّ أباك قد فعل ذلك فكنت أنا الذي أبيت عليه مخافة الفرقة بين أهل الإسلام». (3)

3 - إن المتأمل لا يخفى عليه أنه علیه السلام لو أراد أن يواجه القوم ويحاربهم - مع ما هو عليه من قلّة الناصر وخذلان الأعوان - لقتلوه وقتلوا معه أنصاره وأهل بيته علیهم السلام.. وهذا غاية آمال الخليفة وأعوانه، فيضيع بذلك جميع ما تحمله النبي صلی الله علیه واله في إقامة الدين.

قال الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود: ثم تطالعنا صحائف ما أورده المؤرخون بالكثير من أشباه هذه الأخبار المضطربة التي لا نعدم أن نجد من بينها من عنف عمر

ص: 457


1- مسند فاطمة الزهراء: 21 - 22 (ط حيدر آباد)؛ وراجع الصراط المستقيم: 3 / 119 عن الخوارزمي.
2- بحار الأنوار: 28 / 254 - 255.
3- بحار الأنوار: 632/29.

ص: 458

الخامسة: إسقاط المحسن علیه السلام!!

ص: 459

(1)

ص: 460


1- النووي (المتوفى 676) في تهذيب الأسماء: 349/1. أحمد بن عبد الله الطبري (المتوفى 694) في ذخائر العقبى: 116.55؛ الرياض النضرة: 707. ابن الكازروني (المتوفى 697) في مختصر التاريخ: 54. التلمساني (القرن السابع) في الجوهرة: 19. النخجواني (المتوفى 714) في تجارب السلف: 36. البناكتي (المتوفى 730) في روضة الأحباب (تاريخ البناكتي): 98. أبو الفداء (المتوفى 732) في المختصر في أخبار البشر (تاريخ أبي الفداء: 1 / 181. ابن سيد الناس (المتوفي 734) في عيون الأثر: 2 / 365. النويري (المتوفى 737) فى نهاية الارب: 18 / 213 و 20 / 221 - 223. الحافظ جمال الدين المزي (المتوفى 742) في تهذيب الكمال: 1/ 191. الذهبي (المتوفى 748) في سير أعلام النبلاء: 2 / 88 - 119؛ تهذيب سير 91/12 - 119؛ تهذيب سير أعلام النبلاء: 54/1؛ المشتبه: 576/1. ابن الوردي (المتوفى 749) في تتمة المختصر: 249/1. ابن منظور (المتوفى 711) في لسان العرب: 393/4 - شبر -. الصفدي (المتوفى 764) في الوافي بالوفيات: 82/1. أبو الفداء ابن كثير الدمشقي (المتوفى 774) في البداية والنهاية: 3 / 418 و 314/5 و 365/6 332؛ السيرة النبوية: 611،582/4. أبو بكر الدواداري (القرن الثامن) في كنز الدرر: 131/3، 406. محمد بن شحنة (المتوفى 817) في روضة المناظر، بهامش الكامل: 132/11. الفيروزآبادي (المتوفى 817) في القاموس المحيط: 2 / 55. القلقشندي (المتوفى 821) فى مآثر الاناقة: 1/ 100. أبو زرعة العراقي (المتوفى 826) في طرح التشريب: 1 / 150. غياث الدين البلخي (خواند مير)، (المتوفى 832) في حبيب السير: 436/1. ابن المرتضى (المتوفى 840) في البحر الزخار: 208/1. ابن ناصر الدين الدمشقي (المتوفى 842) في توضيح المشتبه: 82/8. العسقلاني (المتوفى 852) في الإصابة: 3 / 471؛ تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 4 / 1264. الباعوني الشافعي (المتوفى 871) في جواهر المطالب: 2 / 121. السخاوي (المتوفى 902) في التحفة اللطيفة: 1 / 40 و 3 / 448. القسطلاني (المتوفى 923) في المواهب اللدنية: 258/1 وشرحه للزرقاني: 207/3. شمس الدين محمد بن طولون (المتوفى 953) في الأئمة الاثنا عشر: 58. الديار بكرى (المتوفى 982) في تاريخ الخميس: 2 / 284. الأشخر اليمنى (القرن العاشر) في شرح بهجة المحافل: 2/ 138. العلامة المناوي (المتوفى 1031) في إتحاف السائل: 33. العصامي المكي (المتوفى 1111) في سمط النجوم العوالي: 437/1 و 512/2. البدخشاني الحارثي (المتوفى بعد 1126) في نزل الأبرار: 134. الزبيدي (المتوفى 1205) في تاج العروس: 147/18 (آخر مادة حسن). ابن خير الله العمري (المتوفى حدود 1232) فى مهذب الروضة الفيحاء: 149. القندروزي (المتوفى 1294) في ينابيع المودة: 201. الشبلنجي (المتوفى 1308) في نور الأبصار: 53، 114. الببلاوي في تاريخ الهجرة النبوية: 58. عمر أبو النصر في فاطمة بنت رسول الله صلی الله و علیه واله: 99 - 100. الأديبة زينب بنت يوسف فواز العاملي في الدر المنثور: 361. العقاد في موسوعة العقاد: 2/ 819. الدكتور بيّومي فى السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام: 127. توقيق أبو علم في أهل البيت علیهم السلام: 152. أبو الحسن الندوي في المرتضى : 87-168.

ابن شهر آشوب المازندراني عن أبي بكر الشيرازي في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين علیه السلام عن مقاتل عن عطاء فى قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ): (1) كان في التوراة: «يا موسى! إني اخترتك واخترت لك وزيراً هو أخوك - يعني هارون - لأبيك وأمك، كما اخترت لمحمد إليا، هو أخوه ووزيره ووصيّه والخليفة من بعده طوبى لكما من أخوين، وطوبى لهما من أخوين، إليا أبو السبطين الحسن والحسين ومحسن الثالث من ولده، كما جعلت لأخيك هارون شبراً وشبيراً ومشتراً». (2)

وعن أبي عبد الله علیه السلام: «إذا كان يوم القيامة... ينادي مناد من بطنان العرش

ص: 461


1- البقرة (2): 87.
2- المناقب: 56/3، وعنه في بحار الأنوار: 145/38.

من قبل ربّ العزة والأفق الأعلى: نعم الأب أبوك و ... نعم الجنين جنينك وهو محسن..». (1)

وقال أمير المؤمنين علیه السلام: «.. فإن أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة ولم تسمّوهم يقول السقط لأبيه: ألا سمّيتني؟ وقد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم محسناً قبل أن يولد». (2)

وقال ابن أبي الثلج البغدادي (المتوفى 325): ولد لأمير المؤمنين علیه السلام من فاطمة علیها السلام: الحسن والحسين و محسن سقط وأُمّ كلثوم وزينب.. (3)

وقال الشيخ حسين بن حمدان الخصيبي (المتوفى 334): والذي ولدت فاطمة علیهاالسلام من أمير المؤمنين علیه السلام الحسن والحسين ومحسناً سقطاً.. (4)

وقال الشيخ الطبرسي رحمة الله (المتوفى 548): الفصل الخامس في ذكر عدد أولادها علیه السلام: كان لأمير المؤمنين علیه السلام ثمانية وعشرون ولداً - ويقال ثلاث وثلاثون ولداً ذكراً وأُنثى -: الحسن والحسين علیهما السلام والمحسن الذي أسقط وزينب الكبرى، وزينب الصغرى المكناة ب_: أمّ كلثوم - رضي الله عنهما - أمّهم فاطمة البتول سيدة نساء العالمين علیها السلام. (5)

وقال: كان الفاطمة علیها السلام خمسة أولاد... ولد ذكر أسقطته فاطمة علیها السلام بعد النبي صلی الله و علیه واله، وقد كان رسول الله صلی الله و علیه واله سماّه - وهو حمل -: محسناً. (6)

وقريب منه ما ذكره في إعلام الورى، (7) والشيخ المفيد (8) (المتوفى 413)،

ص: 462


1- تفسير القمي: 128/1، وعنه في بحار الأنوار: 6/12 و 130/23، والمخاطب هو النبي صلی الله و علیه واله.
2- الكافي: 18/6، وعنه في بحار الأنوار: 43 / 195؛ علل الشرائع: 464؛ الخصال: 634.
3- تاريخ الأئمة علیهم السلام: 16 (في مجموعة نفيسة)، تاريخ أهل البيت علیهم السلام: 93 (ط آل البيت) ويحتمل أن يكون من كلام الإمام الصادق علیه السلام.
4- الهداية الكبرى: 180.
5- تاج المواليد: 18 (في ضمن مجموعة نفيسة: 94).
6- المصدر السالف: 23 - 24.
7- إعلام الورى بأعلام الهدى: 203.
8- الارشاد: 355/1.

وابن البطريق الأسدي (1) (المتوفى 600)، والشيخ الأربلي (2) (المتوفى 629)، والعلامة الحلّي.. (3)

وصرّح غير واحد من أهل السنّة بكونه سقطاً.

قال محمّد بن طلحة الشافعي (المتوفى 652): اختلفت في عدد أولاده علیه السلام ذكوراً وإناثاً، فمنهم من أكثر فعدّ منهم السقط... ذكروا منهم محسناً شقيقاً للحسن والحسين علیهم السلام كان سقطاً. (4)

وقال الحافظ جمال الدين المزي (المتوفى 742): محسن علیه السلام درج سقطاً. (5)

وقال الحسني الفاسي المكي (المتوفى 832): والذين لم يعقبوا محسّن علیه السلام درج سقطاً. (6)

وقال إبراهيم الطرابلسي الحنفي (المتوفى 841) في الشجرة التي صنعها للناصر واستنسخت الخزانة صلاح الدين الأيوبي: ..محسن بن فاطمة علیه السلام أسقط. وقيل درج صغيراً. والصحيح أن فاطمة أسقطت جنيناً. (7)

وقال ابن الصباغ المالكي (المتوفى (855): وذكروا أنّ فيهم محسناً شقيقاً للحسن والحسين، ذكرته الشيعة وانه كان سقطاً. (8)

وقريب منه ما نقل عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف البلخي الشافعي. (9)

وقال الصفوري الشافعي (المتوفى 894): أولاد فاطمة خمسة: الحسن والحسين

ص: 463


1- العمدة: 30.
2- كشف الغمة: 1 / 441.
3- المستجاد: 140.
4- مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلی الله و علیه واله الفصل الحادي عشر في أولاده علی السلام:62، عنه كشف الغمة: 441/1.
5- تهذيب الكمال: 479/20.
6- العقد الثمين فى أخبار البلد الأمين: 203/6.
7- مأساة الزهراء علیها: 131/3، عن أولاد الإمام علي علیه السلام: 46.
8- الفصول المهمّة : 126.
9- راجع: المناقب الثلاثة للفارس الكرار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ونجليه علیهم السلام: 120 (ط مصر).

والمحسن كان سقطاً. (1)

وقال في كتابه الآخر من كتاب الاستيعاب لأبي [كذا] عبد البّر قال: وأسقطت فاطمة علیها السلام، سقط (2) سمّاه علي: محسناً علیهما السلام. (3)

وقال الإمام جمال الدين يوسف المقدسي (المتوفى 909): محسن، قيل: سَقط، وقيل بل درج صغيراً، والصحيح أنّ فاطمة علیها السلام أسقطته جنيناً. (4)

وقال محمد الصبّان (المتوفى 1206): ولدت فاطمة علیها السلام... والمحسن... وأما المحسن فأُدرج سقطاً. (5)

وقال الشيخ حسن العدوي الحمزاوي (القرن الثالث عشر): وأما المحسن فأُدرج سقطاً. (6)

وقال مؤلف نسمات الأسحار عند ذكر أولادهما علیهما السلام... ومحسناً أسقطته سقطاً. (7)

ونحن ذكرنا ما في كتبهم من كون سبب الإسقاط هو ما وقع حين الهجوم على بيتها كما رواه ابن قتيبة (8) (المتوفى 276)، والملطي الشافعي (9) (المتوفى 377)، ومقاتل بن عطية (10) (المتوفى (505)، والشهرستاني (11) (المتوفى (548)، والجويني (12)

ص: 464


1- نزهة المجالس: 194/2 (ط دار الجيل، صفحة: 579).
2- كذا، والظاهر: سقطاً.
3- المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة: 164، ولم نجده في الإستيعاب المطبوع.
4- الشجرة النبوية في نسب خير البرية: 60 (ط دمشق).
5- إسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار: 93.
6- مشارق الأنوار فى فوز أهل الاعتبار: 133.
7- نسمات الأسحار: 109.
8- المعارف عنه المناقب لابن شهر آشوب المازندراني: 358/3؛ مثالب النواصب: 419 (الخطّية).
9- التنبيه والردّ: 25 - 26.
10- مؤتمر علماء بغداد : 63 : الخلافة والإمامة : 160 - 161.
11- الملل والنحل: 57/1.
12- فرائد السمطين: 2/ 35.

(المتوفى 722)، والحافظ الذهبي (1) (المتوفى 748)، والصفدي (2) (المتوفى 764) وابن حجر العسقلاني (المتوفى 852) (3) والعقّاد.. (4) وغيرهم.

ونسبه بعضهم إلى الشيعة مثل: المقدسي (5) (المتوفى 355)، والعمري النسابة (6) (المتوفى 490)، وابن أبي الحديد (7) (المتوفى 656) وابن الصباغ المالكي (8) (المتوفى 855).. بل ظاهر كلامهم اتفاق الشيعة عليه، ولو تنزّلنا عن ذلك فدلالتها على الشهرة العظيمة لا تنكر.

وقد ذكرنا في آخر الفصل الرابع التصريح بالإجماع في ذلك من الشيخ الطوسي (المتوفى 460) (9) وعماد الدين القرشي (المتوفى 872)، (10) والشيخ محمد حسين، آل كاشف الغطاء.. (11) وغيرهم.

كما وقد ذكر الشيخ عبد الجليل القزويني (المتوفى 560): اتفاق كتب الفريقين على نقله. (12)

وقال الشيخ عبد الواحد المظفّر: المشهور أنه مات سقطاً وهو المعتمد.. وقد أكثر الشعراء من ذكر هذا السقط. (13)

ص: 465


1- میزان الاعتدال: 1/ 139؛ سير أعلام النبلاء: 578/15.
2- الوافي بالوفيات: 17/6.
3- لسان الميزان: 1/ 268.
4- فاطمة الزهراء عليها السلام والفاطميون: 68.
5- البدء والتاريخ: 20/5.
6- المجدي في أنساب الطالبيين: 19.
7- شرح نهج البلاغة: 2 / 60.
8- الفصول المهمّة: 126.
9- تلخيص الشافي: 156/3.
10- عيون الأخبار: 6.
11- جنة المأوى: 133.
12- كتاب النقض: 317.
13- بطل العلقمي: 476/3.

نعم شتم ابن تيمية (1) (المتوفى 728)، وابن حجر (2) (المتوفى 974).. القائلين بذلك ونسباهم إلى الجهل؟!.. وذاك ذريعة العاجز، ومنطق الحقود!..

وروايات الشيعة في ذلك متواترة، وعليه إجماعهم.

قال العلامة المجلسي: قد استفاض في رواياتنا - بل في رواياتهم - أنّه [أي عمر] روّع فاطمة علیها السلام حتّى ألقت ما في بطنها.. (3)

ص: 466


1- منهاج السنة: 4 / 220.
2- الصواعق المحرقة: 51.
3- بحار الأنوار: 409/28؛ حق اليقين: 189.

السادسة: الإشكال في مدلول الروايات

قد يقال: ظاهر طائفة من الآثار المنقولة عن أبناء العامة هو الاكتفاء بالتهديد، أو الإتيان بالنار، أو جمع الحطب.. ونحوها ، ولم يصرحوا بتحقق الإحراق وغيره.

والجواب عنه؛

أولاً: يكفي تحقق أحد هذه الأمور - أعني التهديد بالإحراق، أو الإتيان بالنار أو الحطب - في الطعن على فاعله، كيف لا يبالون بتحقير بيت يُعدّ من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، (1) ولماذا لا يهتمون بتهديد من يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها، ومن آذاها فقد آذى الله؟!..

ثانياً: هل يترقب أن تحكى لنا القضية بتمامها من الذين أُشرب في قلوبهم حبّ الهيئة الحاكمة والظالمين للعترة الطاهرة علیهم السلام؟! مع ما هناك ما هناك من تعتيم إعلامي وتحريف وخوف.. ورغبة.. كلّا! وقديماً قالوا: حبّ الشيء يعمي ويصم.. نعم قد جرى على ألسنة بعضهم وسقط عن أقلام آخرين ما يكفي لطالب الحق ويقبله المنصف، ولكن ذلك لا يقدرون على إيراد القضية بتمامها، بل هناك دواعي شتى لإخفاء تلك الفضائح.. نشير إلى بعضها عند البحث عن تحريف السيرة.

وثالثاً: يمكن أن يقال: إنّ كل واحد من الرواة نقل ما رآه بعينه - لاسيما مع شدة الزحام - وما كان عليه المهاجمون من الفظاظة والغلظة.. فإن ذلك يمنع عن مشاهدة القضية بتمامها، فحكاية شيء منها لا ينفى سائر ما ذكر عنها.

ويشهد لذلك: ما ورد من الآثار التي ذكر فيها تحقق إحراق الباب بعد ذكر التهديد أو إرادة الإحراق، والمراد: إنهم قصدوا إحراق البيت ومن فيه.. أي أمير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء وأولادهم علیهم السلام، ولكنهم لم يقدروا على ذلك أو

ص: 467


1- راجع: الدر المنثور: 203/6.

لم يتحقق.. واقتصر على الباب مع قصد الجميع..

ورابعاً: الذي يظهر من مجموع القرائن والشواهد لكل متعلم ماهر وخبير بصير بالجنايات والحوادث إذا طرح عن نفسه العصبية ونظر بعين الإنصاف في روايات العامة - التي تذكر: تهديدهم السيدة فاطمة علیها السلام بإحراق دارها.. وروايات أُخرى عنهم تذكر الإتيان بالنار، وطائفة ثالثة تدل على جمعهم الحطب حول البيت.. وطائفة رابعة على ضربها أو إسقاطها جنينها.. - ثم يرى تواتر النصوص بدفنها ليلاً، وإيصائها بذلك لئلا يصلّي عليها الشيخان، وأنها لم تزل غضبى عليهما إلى أن ماتت.. بل بقي قبرها مخفياً إلى يومنا هذا بوصية منها؛ يحصل له العلم القطعي بتحقق الإحراق وسائر الجنايات.

وربّما يتوهّم التنافي بين هذه النصوص، ففي بعضها: كانت سبب وفاتها أن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره.. وكذا ما رواه سليم - من إسناد شهادتها إلى قنفذ -.

وفي بعضها: فمضت ومكنت خمسة وسبعين يوماً مريضة مما ضربها عمر ثم قبضت..

وكذا بين ما أسند الإسقاط إلى عمر وبين ما أسنده إلى قنفذ أو خالد أو المغيرة.. إلى غير ذلك.

ولكن الحق عدم تعارضها ولا تنافيها لوجهين:

الأول: إنّ عمر لما كان هو السبب لفعل غيره والآمر به صح أن يسند إليه جميع المصائب وإن لم يفعلها بالمباشرة، وكذا الحال في إسنادها إلى أبي بكر.

الثاني: إذا اجتمع عدّة واشتركوا في قتل إنسان يصح لولده أن يقول لواحد منهم: أنت الذي قتلت أبي.. أو إذا جرى ذكر بعضهم يقول: هو قاتل أبي.. وهذا أمر شائع عند العرف.

وقد أورد على الاستدلال بما رواه أهل السنّة بأمور:

منها: إن القوم ذكر وا كثيراً من الروايات في فضائل خلفائهم وغيرها مما لا يلتزم

ص: 468

بها الشيعة، فكيف يصح الأخذ بطائفة من رواياتهم وطرح طائفة أُخرى؟

أقول: هذا الإيراد عجيب جداً، إذ نحن نحتج عليهم بما يُعد إقراراً واعترافاً منهم بما ندعيه.. إذ لا يتصوّر أيّ باعث أو داعٍ منهم على الوضع في ذلك.. دون ما يروونه انتصاراً لدعاويهم الباطلة. وقد اتفق جميع العقلاء على قبول إقرار من أقرّ على نفسه.

ومنها: إنّ جملة كبيرة من روايات العامة تشتمل على ما لا يمكن الالتزام به عقلاً أو له معارض نقلاً، ومما يؤسف أنه قد استدلّ ببعضها في المقام وفي أكثر من مورد..

أقول: التفكيك في الحجية - بأن يقبل بعض الرواية ويطرح بعضها الآخر - ليس بغریب، وهذا نظير أن يقال عند الحاكم: لفلان علي كذا ولي عليه كذا.. فيحكم عليه ولا يحكم له. وهذا أمر مطرد كما يظهر من مراجعة النصوص التي يستدلّ بها في الفقه وغيره. بل المتتبع في التأريخ يجد روايات كثيرة توافق الواقع مع اختلاف مضامينها في بعض الخصوصيات. من دون أن يكون مضراً باعتبارها والاعتماد عليها.

ثم إنك ترى بعض المتكلمين من العامة يغالطون ويكابرون، إذ أنهم أطالوا الكلام حول تكذيب إحراق البيت!.. والذي نحن بصدده ودلتنا عليه الآثار والأخبار هو: التهديد بإحراق الدار مع أهلها ثم إحراق الباب دون البيت وأمّا إحراق الدار تماماً فلم نقل به.. وما يوهمه ظاهر بعض الكلمات ليس مراداً قطعاً. ولهذا عبر جمع منهم بإرادة إحراق الدار ولم يذكروا وقوعه، وليس مرادهم عدم وقوع الإحراق أصلاً، بل أرادوا: أن المهاجمين قصدوا إحراق الدار تماماً على أهلها ولكنهم لم يقدروا على أزيد من إحراق الباب.

ص: 469

السابعة: تحريف السيرة

قد يتساءل: لماذا سكت كثير من علماء العامة عن إيراد قضية الهجوم على بيت فاطمة علیها السلام وإحراقه مفصلاً، أو لم يذكروه أصلاً؟! كما أنّ جملة من كتب الشيعة ذكرت القضية إجمالاً.

أقول: أولاً إن الذين ذكروا هذه القضايا في كتبهم من علماء السنة ليسوا بقليلين.. كما أسلفنا بعضها!..

وثانياً: المتتبع يجد أنه لم يصل إلينا إلا القليل مما يرتبط بالصحابة من القضايا التاريخية - سواء أكانت مما وقعت في زمن النبي الأعظم صلی الله و علیه واله أو بعده - إما لإخفائها، أو لذكرها مبهمة أو محرَّفة، فأصل وقوع تلك القضايا - بل وجود رواياتها في القرون الأولى - مما لا يقبل الإنكار.

قال ابن عدي (المتوفى 365) في ترجمة ابن خراش: وحمل إلى بندار جزأين صنفهما في مثالب الشيخين... فأما الحديث فأرجو أنه لا يتعمد الكذب. (1)

وقال في ترجمة عبد الرزاق بن همام - بعد مدحه -: ..إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد افقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به... ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق فأرجو أن لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت علیهم السلام ومثالب آخرین.. مناكير. (2)

وقال الذهبي في ترجمة أبي الصلت الهروي - بعد ذكر جلالته -: ..إلّا أنّ ثم أحاديث يرويها في المثالب. (3)

ص: 470


1- الكامل في ضعفاء الرجال: 519/5.
2- المصدر: 545/6، ولاحظ ما ذكره في ترجمة زياد بن المنذر.
3- سير أعلام النبلاء: 447/11 - 448.

وقال في ترجمة الرواجني - بعد نقل توثيقه ورواية أعاظمهم عنه -: إنه كان يشتم السلف، روى مناكير في الفضائل والمثالب...

ثم قال الذهبي: ما أعتقده يتعمد الكذب أبداً. (1)

وقال ابن حجر في ترجمة جعفر بن سلیمان: قال ابن حبان: كان جعفر من الثقات في الروايات، غير أنه ينتحل الميل إلى أهل البيت علیهم السلام، قال الأزدي: كان فيه تحامل على بعض السلف، وكان لا يكذب. (2)

ولو أردنا الاستقصاء في ذلك لخرجنا عن ما وضع له الكتاب، ولذا تراهم يناقشون في وثاقة غير واحد من الرواة بأنه: يشتم، أو يتناول من أبي بكر وعمر، أو يروي الطعن على السلف.. وأشباه ذلك، ففي صحيح مسلم عن علي بن شقيق قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف. (3)

وقال برهان الدين الحلبي - في ترجمة احمد بن محمد بن سعيد بن عقده، الحافظ أبو العباس -: ..ضعفه غير واحد وقواه آخرون... قال ابن الجوزي: إنه كان رافضياً يحدث بمثالب الصحابة. (4)

وراجع ترجمة إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، (5) وتليد بن سليمان، (6) والقادسي، (7) وعمرو بن شمر، (8) ومحمّد بن عبدالله الشيباني، (9) وزياد بن المنذر، (10)

ص: 471


1- المصدر: 537/11 - 538، وقريب منه عبارة ابن عدي في الكامل.
2- تهذيب التهذيب: 83/2.
3- صحیح مسلم: 12/1.
4- الكشف الحثيث: 70.
5- تهذيب التهذيب: 273/1 - 274.
6- المصدر: 447/1.
7- سير أعلام النبلاء: 12/18.
8- لسان الميزان: 366/4.
9- المصدر: 231/5.
10- كتاب المجروحين لابن حبان البستي: 302/1.

وسالم بن أبي حفصة، (1) وعلي بن بذيمة، (2) وعمرو بن حماد القنّاد.. (3) وغيرهم.

وهذا كان من أهم دواعي ترك الرواية عن بعض المشايخ الثقات الأجلاء عندهم.

ففي ترجمة الحسين بن الحسن الأشقر: قيل لأحمد بن حنبل:تحدث عن حسين الأشقر؟ قال: لم يكن عندي ممن يكذب، وذكر عنه التشيع.

فقالوا له: إنّه يحدّث في أبي بكر وعمر، وأنه صنف باباً في معايبهما. فقال: ليس هذا بأهل أن يحدث عنه!.. (4)

بل قال أحمد بن حنبل: قال أبي: كان أبو عوانة (5) وضع كتاباً فيه معايب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه بلايا!! فجاء سلام بن أبي مطيع فقال: يا أبا عوانة! أعطني ذاك الكتاب، فأعطاه، فأخذه سلام فأحرقه!! (6)

بل بعد التأمل والدقة تجد شيوع ذكر مثالبهما في زمان خاص ولعل منه كلام زائدة بن قدامة حيث يقول: متى كان الناس يشتمون أبابكر وعمر؟!.. (7)

ولذا كانوا يمنعون الناس من لعن يزيد ومعاوية لئلاً تصل النوبة إلى أبي بكر وعمر.

قال وكيع: معاوية بمنزلة حلقة الباب من حرّكه اتهمناه على من فوقه!.. (8)

وقال التفتازاني: فإن قيل: فمن علماء المذهب من لم يجوّز اللعن على يزيد

ص: 472


1- تهذيب الكمال: 136/10.
2- مختصر تاریخ دمشق: 205/17.
3- تهذيب الكمال: 594/21.
4- راجع: الضعفاء للعقيلي: 249/1؛ تهذيب التهذيب: 291/2.
5- هو وضاح بن خالد المتوفى 176.
6- العلل ومعرفة الرجال، أحمد بن حنبل: 108/1 (بيروت مؤسسة الكتاب الثقافية).
7- سير أعلام النبلاء: 377/7؛ تهذيب التهذيب: 264/3 ولعلّ من هذا القبيل أيضاً ما نقله عنه ابن بطة، فإنه قال: قال زائدة: قلت لمنصور يا با عتاب! اليوم الذي يصوم فيه أحدنا ينتقص فيه الذين ينتقصون أبا بكر وعمر..؟ قال: نعم. لاحظ: الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة: 40.
8- مختصر تاریخ دمشق: 75/25.

مع علمهم بأنه يستحق على ما يربو على ذلك ويزيد !! قلنا : تحامياً أن يُرتق إلى الأعلى فالأعلى. (1)

فوجود الكتب والروايات في مطاعنهم مسلّم، بل صرحوا بوثاقة المؤلف والراوي، كما رأيت في كلام ابن عدي والذهبي وابن حجر؛ بل واحمد بن حنبل قبل أن يسمع رواية حسين الأشقر للمثالب يوثّقه، ثم يتركون الرواية عنه وله لذلك.. ومن هنا فقدنا ذلك التراث العظيم من الحقائق الناصعة المتواترة التي أُعدمت من أعداء الشريعة أو أُحرقت أو.. .

ولا بأس بذكر بعض أسباب التحريف:

1 - الحب الشديد للصحابة عموماً، مع تصريح القرآن الكريم بنفاق بعضهم، وورود روايات كثيرة من العامة في ذمّ آخرين.

2 - زعمهم بأن الأصل في الصحابة هو العدالة .

3 - ادعاء أن كل ما صدر عنهم مغفور لهم - كان ما كان - فلذا لا يصح لنا أن نذكر أفعالهم التي غفرها الله لهم! ولزوم السكوت عما صدر منهم.

قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من أصحاب محمد صلی الله و علیه واله بسوء فاتّهمه على الإسلام!!.. (2)

وقال أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلی الله و علیه واله فاعلم أنه زنديق!!.. (3)

قال ابن بطة (4) (المتوفى 387): ..ومن بعد ذلك نكفّ عما شجر بين أصحاب رسول الله صلی الله و علیه واله، فقد شهدوا المشاهد معه، وسبقوا الناس بالفضل.. فقد غفر الله لهم!.. وأمرك بالاستغفار لهم، والتقرب إليه بمحبتهم، وفرض ذلك على لسان نبيّه - وهو

ص: 473


1- شرح المقاصد: 311/5 (تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة).
2- مختصر تاریخ دمشق: 25 / 75.
3- الإصابة: 1 / 18.
4- هو عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبرى.

يعلم ما يكون منهم - سيقتتلون، وإنما فُضّلوا على سائر الخلق؛ لأن الخطأ والعمد قد وضع عنهم من كلّ ما شجر بينهم مغفور لهم!! (1)

وقد ذكرنا بعض ما يرتبط بهذا السبب عند الجواب على إنكار إسناد الهجوم إلى الصحابة، فراجع.

5 - تحفّظ الكاتب على شؤونه الشخصية ومكانته عند الحكام والناس، وكذا مَنْ يرتبط به من تلاميذه وملازميه و..

قال ابن أبي الحديد - عند ذكر قصيدة أبي القاسم المغربي -: وكنت برهة أسأل النقيب أبا جعفر عن القصيدة وهو يدافعني بها حتى أملاها علي بعد حين، وقد أوردت هاهنا بعضها.. لأني لم أستجز ولم أستحل إيرادها على وجهها!! (2)

6 - الخوف من الرمي بالرفض، بل وحتى التشيع.

7 - الخشية من عدم تحمل الناس لاستماعها.

8 - حذر الراوي على نفسه وترك الروايات للتقية. (3)

.. فهذه العوامل وغيرها أوجبت أن يحرّف التأريخ وغالب الحقائق العلمية بل والمعارف الدينية بأنحاء مختلفة، نشير إلى بعضها.

ص: 474


1- كتاب الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة: 63-64. (ط فرانسة) راجع أيضاً: تحقيق مواقف الصحابة: 130/1 - 142.
2- شرح نهج البلاغة: 15/6.
3- أقول: هذا هو العمدة في ترك الروايات أو إجمالها فيما رواها رواة الشيعة، وإليك بعض الأمثلة لذلك؛ إن فاطمة علیها السلام لما كان من أمرهم ما كان.. (الكافي : 460/1) ..، لما نالها من القوم ما نالها (دعائم الإسلام: 232/1)، قال له عمر ما قال... حكي في هذا الباب ما حكي (الزيدية لصاحب ابن عباد: 64 79 ط دار التوحيد للموسوعات، بيروت).. وكثير من موارد اسناد الفعل إلى المفعول وحذف الفاعل نحو: جيء بعلي علیه السلام.. أتي به.. أخرج.. أستخرج.. قيل له.. مروا به.. راجع: بصائر الدرجات: 275، الاختصاص: 11 275؛ الشافي: 244/3؛ تلخيص الشافي: 79/3؛ رجال الكشي: 29/1 - 30، 37، المستر شد: 381؛ المناقب: 248/2 و 339/3، الاحتجاج: 86؛ تفسير العياشي: 199/1؛ الكافي: 237/8، 245.. وغيرها ولذا ترى أن الأئمة المعصومين علیهم السلام يمنعون شيعتهم عن ذكر الشيخين وما صنعا، ويحذرونهم أن تحل دماؤهم بذلك، راجع: بحار الأنوار: 267/30، 379- 382، 388.

1 - حذف المطالب، إما بواسطة الكاتب نفسه، أو الرواة والناقلين، أو النسّاخ أو الناشرين.. وهذا موضوع يحتاج إلى تأليف مستقل ولكن لا ينبغي إهماله هنا، وإليك بعض الشواهد لذلك:

قال ابن هشام - عند ذكر ما يتركه عند ذكر ما يتركه من المطالب التاريخية -: تارك... أشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره !! (1)

وقال الطبري في حوادث سنة 36: وذكر هشام عن أبي مخنف، قال: وحدثني يزيد بن ظبيان الهمداني: أنّ محمّد بن أبي بكر كتب إلى معاوية بن أبي سفيان لما وليّ..

فذكر مكاتبات جرت بينهما كرهت ذكرها لما فيه مما لا يحتمل سماعها العامة!! (2)

وقد يعتذرون لترك الرواية بنسيانها. (3)

وفي بعض الموارد يعتذرون بأن النسخة كانت فاقدة للمطلب، ففي شرح المقاصد للتفتازاني قال: وذكر في صحيح البخاري وغيره من الكتب الصحيحة أن بيعة علي عليه السلام.. ثم يقطع الكلام، ويقول الناشر: وقع في هذا الموضع من المصنف بياض! (4)

وفي كتاب آخر عند ذكر المتخلفين عن بيعة أبي بكر: وقعت هاهنا.. أي من الفصل الثالث من الباب الأول إلى وسط الفصل الأول من الباب الثاني سقطة كبيرة في الأصل!.. (5)

وفي ثالث تحذف قضايا السقيفة ويقولون: سقط تتمة القصّة من الأصل!!.. (6)

وفي رابع تحذف الكلمات ويجعل بدلها نقط متوالية. (7)

ص: 475


1- السيرة النبوية: 4/1.
2- تاريخ الطبري: 557/4 وذكرنا الكتاب صفحة: 160 فراجع.
3- شرح نهج البلاغة: 44/6.
4- شرح المقاصد: 264/5، ونحوه في لسان الميزان: 320/6 (ط الأعلمي).
5- تحفة أهل التصديق ببعض فضائل الصديق للشيخ عبد القادر المحلي: 34 (ط الهند).
6- الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي: 4/1 - 5 (ط دار الندوة الجديدة، بيروت).
7- مسند سند أبي بكر للمروزي (المتوفى 292): 39 (ط مكتب الإسلامي، بيروت) عند ذكر رواية يصرح فيها عمر بن الخطاب بأن أمير المؤمنين علیه السلام والعباس كانا يقولان: إن أبا بكر وعمر كاذبان، فاجران، غادران، وتجد الرواية في صحيح مسلم: 152/5؛ المغازي للزهري: 164؛ سمط النجوم العوالي: 249/2 وغيرها.

وفي خامس يحذفون ما صنعه الشيخان من دون إشارة إلى ذلك، (1) بل هذا النحو من التحريف أكثر من غيره كما يظهر لمن يراجع النسخ المتعددة للكتب. (2)

والذي يثير الشك إشتراك جميع المحذوفات في ما يرتبط بمخازي الصحابة ولاسيما الشيخين!! أو مما يرجع الى فضائل أمير المؤمنين علیه السلام وأهل البيت علیهم السلام.

قال الذهبي (المتوفى 748) في ترجمة الشافعي: ..كما تقرّر عن الكفّ عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم... وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء!! ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا في ما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيّه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب، وتتوفّر على حبّ الصحابة والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعيّن عن العامة و آحاد العلماء!! وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوةٌ للعالم المنصف العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم!!.. فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفّرة لما وقع منهم... فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرّج عليه ولا كرامة! فأكثره باطل وكذب وافتراء، فدأب الروافض رواية الأباطيل!!! (3)

قال بعض المعاصرين - بعد قول النقيب في إسقاط المحسن علیه السلام، وقد مرّ: فإني

ص: 476


1- تثبيت الإمامة، طبع مع كتاب المنتخب للهادي اليمني: 493 - 503 (ط دار الحكمة اليمانية) ثم راجع الكتاب (ط بیروت).
2- راجع: مروج الذهب للمسعودي: 77/3 طبع دار الأندلس ونفس المصدر طبع دار الهجرة قم بل ترى هذه الرواية بعينها في شرح نهج البلاغة: 147/20 ويصرّح ببعض الأسماء، وراجع ما نقله ابن شهر آشوب المازندراني في المناقب: 358/3 والكنجي الشافعي في كفاية الطالب: 413 عن ابن قتيبة، مع أنه سرق من المعارف المطبوع. وراجع حلية الأبرار، للسيد هاشم البحراني إذ حذف الباب الثامن والعشرين من المنهج الثالث عشر الطبع الجديد من دون أي إشارة وتجده في طبع العلمية: 598/2، وراجع أشعار مهيار الديلمي في شرح نهج البلاغة: 235/16 وإثبات الهداة: 388/2، ثم انظر الديوان له: 367/2 - 368 (ط دار الكتاب المصرية القاهرة).
3- سير أعلام النبلاء: 92/10 - 93.

متوقف في هذا الموضع لتعارض الاخبار عندي فيه -:

أين روايات إسقاط المحسن علیه السلام؟! وليت شعري، أين هي تلك الأخبار في إسقاط المحسن التي قال عنها أبو جعفر: إنها موجودة ومتعارضة؟! فها نحن لا نجد لها عيناً ولا أثراً في كتبهم ومؤلفاتهم اليوم إلا القليل مما هو من قبيل هذا التعبير الذي نحن بصدد الحديث عنه.

أليس ذلك يعني: أن هذه الاخبار قد أُسقطت وقضي عليها، كغيرها من الكثير مما رأوه يضر بمصالحهم وبعقائدهم؟! وإن كان قد بقي حتى الآن الكثير النافع، والقاطع لكل عذر، ولا مجال لأحد أن ينكره، أو أن يشكك فيه مما ليس فيه حرج بالغ، أو خزي فاضح. (1)

2 - التصرف فى الروايات والآثار بتغيير الألفاظ (2) والأسماء الواردة فيها وتبديلها بأسماء أخرى، أو تبديل الاسم بالكناية نحو (فلان) وإيقاع الإبهام في الكلام، واختصار الجملات، وحذف الفاعل وإسناد الفعل إلى المفعول ونحوها. وهذا ما يعبّر عن بعضه ب_: تدليس الشيوخ، أو تدليس المتن.. وهم يجوزونه ويحبذونه.. بل قالوا: قلّما سلم رجلٌ من التدليس. (3)

ولا بأس بذكر أمثلة لذلك:

قال أبو عبيد وحميد بن زنجويه - عند ذكر اعتراف أبي بكر بكشف بيت فاطمة علیها السلام -: فقال: فوددت أني لم أكن فعلت.. كذا وكذا!.. (4)

ص: 477


1- الصحيح من السيرة للسيد جعفر مرتضى: 239/5.
2- ومن العجيب أن عمر أراد أن يتصرّف حتى في الآيات الكريمة ليحط من شأن الأنصار ويرفع المهاجرين، فيقرأ الآية الشريفة من سورة التوبة: 100 هكذا؛ (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان) برفع الراء في الأنصار وحذف الواو بعد لفظ الأنصار، وينكر على من يقرأها بكسر الراء ويذكر الواو بعد لفظ الأنصار، كما هو المتداول في المصاحف حتى يكون أبي بن كعب هو الذي يواجهه بشدة وغضب وينكر عليه ذلك، روى ذلك غير واحد من أئمة الحديث وحكم بعضهم بصحته، راجع: جامع الأحاديث الكبير للسيوطى: 82/14 و 490/17، 493.
3- انظر: مستدرك مقباس الهداية: 396/5، 399 - 400.
4- الأموال لأبي عبيد: 194؛ الأموال لابن زنجويه: 348/1.

وقال ابن عبد البر والنويري عند ذكر تهديد عمر بإحراق البيت بدل قوله: (لأحرقن البيت عليهم): لأفعلنّ وأفعلن. (1)

وفي رواية المسعودي: «أرهب بنو هاشم، جمع لهم الحطب..» (2) ..ولم يذكر من الذي فعل ذلك بهم!!

وفى رواية البلاذري: فذكر أمراً، جرى بينهما كلام!.. (3)

وقد مر قريباً كلام حسن بن محمد: إن فاطمة بنت محمد صلی الله و علیه واله دفنت بالليل، فرّ بها علي علیه السلام من أبي بكر أن يصلي عليها، كان بينهما شيء!.. (4) قال اليافعي: لما قال له - أي لأمير المؤمنين علیه السلام - بعض اليهود: ما أتى عليكم يا معشر المسلمين بعد موت نبيّكم إلا كذا.. وكذا - من زمان ذكره - حتى علا بعضكم بالسيف رأس بعض؟!.. (5)

روى ابن أبي الحديد عن أمير المؤمنين علیه السلام: «غض الدهر منّي فقرن بي فلان وفلان ثم قرنت بخسمة أمثلهم عثمان..». (6)

وعن عثمان أنه قال لأمير المؤمنين علیه السلام: أما والله لأنا خير لك من فلان وفلان. (7)

وفي رواية عن النبي صلی الله و علیه واله يقول يوم أحد: «لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان..» وكان يراها يومئذ تقاتل أشدّ القتال، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحاً. (8)

وعن رافع بن خديج: وندبنا رسول الله صلی الله وعلیه واله وحضّنا على القتال، والله فكأنّي

ص: 478


1- الاستيعاب: 254/22 (بهامش الإصابة)؛ نهاية الإرب: 40/19.
2- مروج الذهب: 77/3.
3- أنساب الأشراف: 587/1.
4- المصنف لعبد الرزاق: 521/3.
5- مرآة الجنان: 117/1.
6- شرح نهج البلاغة: 326/20.
7- المصدر السالف: 24/9.
8- المصدر السالف: 266/14، وقريب منه: 269.

أنظر إلى فلان وفلان في عرض الجبل يعدوان هاربين. (1)

وروي عن الواقدي - ضمن رواية يذكر فرار الناس إلى الجبل يوم أحد -: رسول الله صلی الله وعلیه واله يقول: «إليّ يا فلان.. إليّ يا فلان.. أنا رسول الله»، فما عرج عليه واحد منهما.

قال ابن معد: ليس في الصحابة من يحتشم ويستحيى من ذكره بالفرار وما شابهه من العيب فيضطر القائل إلى الكناية إلا هما - أي أبوبكر وعمر -. (2)

3 - إنكار الروايات الصحيحة (3) والقضايا التاريخية واستبعادها، واتهام من رواها بالكذب والرفض.

قال أحمد بن حنبل: إذا رأيتم رجلاً يذكر جيش أسامة فاعلموا أنه رافضي. (4)

والوجه في ذلك واضح؛ إذ يذكر فيه تخلف الشيخين و ..

قال الفضل بن روزبهان: من أسمج ما افتراه الروافض هذا الخبر، وهو إحراق عمر بيت فاطمة علیها السلام، وما ذكر أن الطبري ذكره في التاريخ، فالطبري من الروافض مشهور بالتشيع!... وكل من نقل هذا الخبر فلا يشك أنه رافضي متعصب يريد إبداء القدح والطعن على الأصحاب... وما رأينا أحداً روى هذا، إلا أنّ الروافض ينسبونه إلى الطبري، ونحن ما رأينا هذا فى تاريخه!! وإن كان فى تاريخه فلا اعتداد به؛

ص: 479


1- المصدر: 27/15.
2- شرح نهج البلاغة: 23/15 - 24. قال الدكتور مارسدن جونس في مقدمة المغازي للمواقدي: في المخطوطة التى اتخذناها أصلاً لهذه النشرة ترى قائمة بمن فرّ عن النبي صلی الله وعلیه واله يوم احد، تبدأ بهذه الكلمات: (.. وكان ممن ولى فلان والحارث بن حاطب...) بينما نرى النص عند ابن أبي الحديد: (عمر وعثمان)، بدلاً من (فلان)، ويروي البلاذري عن الواقدي عثمان ولا يذكر عمر المغازي: 18/1.
3- إنكار الروايات المعتبرة حسب الأهواء المختلفة مما ابتلى به كثير من العامة - لاسيما في مواجهة الشيعة - وكفانا في المقام كلام ابن حجر في ترجمة العلامة الحلّي - بعد أن ذكر كتابه منهاج الكرامة ورد ابن تيمية عليه - قال: لكنه - أي ابن تيمية - رد في رده كثيراً من الأحاديث الجياد!!... وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته إحياناً إلى تنقيص علي علیه السلام. لسان الميزان: 319/6 - 320.
4- مثالب النواصب: 163 (الخطية).

لأنه من الواقعات العظيمة المشهورة، وفي أمثال هذا لا يكتفى برواية واحد لم يوافقه أحد!.. (1)

قال الواقدي (المتوفى 207): فهذا - أكرمك الله - ما كان من سقيفة بني ساعدة، وهذا رواية العلماء ولم أرد أن أكتب هاهنا شيئاً من زيادات الرافضة فيقع هذا الكتاب في يد غيرك فتنسب أنت إلى أمر من الأمور!.. (2)

وذكر نحو هذا الكلام أحمد بن أعثم الكوفي في أوّل الفتوح. (3)

قال أبو داود السجستاني (المتوفى 275): محمد [بن عيسى بن سميع] كان له ابن صاحب حديث... كان سنيّاً، وكان يُنكر أن يكون حدّث بحديث ابن أبي ذئب، حديث السقيفة، وقال: أدخل عليه وادّعي!!

ولما يُسأل بعض المشايخ عن هذا الحديث يقول: أيش سؤالك عن هذا؟! (4)

قال محمّد عزة دروزه - عند ذكر رزية يوم الخميس -: ونحن لا نستبعد أن تكون الرواية من مصنوعات الشيعة المتأخرين!! (5)

أقول: ونحن ذكرنا مصادرها من البخاري ومسلم وغيرهما من الكتب المعتبرة عندهم، فراجع.

وقال - بعد ذكر رواية الطبري في إجبار أمير المؤمنين علیه السلام على البيعة لأبي بكر -: ونرجّح كثيراً أنّ هذا الخبر مصنوع مدسوس من الشيعة. (6)

بل يقول انّ أبا بكر لما روى حديث: لا نورث ما تركناه صدقة.. انقطع مادة النزاع في أمر فدك!! ويكون ما عدا ذلك من مزيدات الشيعة ومدسوساتهم. (7)

ص: 480


1- إيطال نهج الباطل (فى ضمن دلائل الصدق): 79/3 - 81.
2- كتاب الردة: 47.
3- الفتوح: 14/1 (ط دار الكتب العلمية بيروت).
4- سؤالات أبي عبيد الأجري: 201/2.
5- تاريخ العرب في الإسلام تحت راية الخلفاء الراشدين: 16 - 17 (ط المكتبة العصرية، بيروت).
6- المصدر: 16 - 17.
7- المصدر: 16 - 17.

ولا يكاد ينقضي تعجبي عما نقله الخفاجي عن هشام القوطي وعباد الصيمري وابن حزم، حيث ذكر أن هؤلاء أنكروا واقعة الجمل!! (1)

4 - النهي عن ذكرها وكتابتها والاستماع إليها والإنكار الشديد على رواتها ومن استمع إليها.

قال ابن بطة (المتوفى 387): ولا ينظر فى كتاب صفين والجمل ووقعة الدار وسائر المنازعات التي جرت بينهم ولا تكتبه لنفسك ولا لغيرك، ولا تروه عن أحد، ولا تقرأه على غيرك، ولا تسمعه ممن يرويه.. فعلى ذلك اتفق سادات علماء هذه الأمة من النهي عما وصفناه، منهم: حماد بن زيد، ويونس بن عبيد، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، ومالك بن أنس، وابن أبي ذيب، وابن المنكدر، وابن المبارك، وشعيب بن حرب، وأبو إسحاق الفزاري، ويوسف بن أسباط، وأحمد بن حنبل، وبشر بن الحارث، وعبد الوهاب الورّاق.. كل هؤلاء قد رأوا النهي عنها، والنظر فيها، والاستماع إليها، وحذروا من طلبها والاهتمام بجمعها، وقد روي عنهم في من فعل ذلك أشياء كثيرة بألفاظ مختلفة متفقة المعاني على كراهية ذلك، والإنكار على من رواها واستمع إليها. (2)

أقول: سبقهم في ذلك عمر بن الخطاب، حيث نهى الصحابة عن نقل أحاديث النبي صلی الله وعلیه واله، بل منع المحدثين منهم الخروج من المدينة، فسدّ بذلك على الناس باب الرواية، وهذا أيضاً من أهم الأسباب في تحريف المعارف الدينية عموماً وما يرتبط بالصحابة ومناقب بعضهم ومثالب آخرين خصوصاً. (3)

5 - السكوت عن تفسير ما ورد فيهم من الآيات والروايات، أو فتح باب التأويل والتوجيه فيها.

قال أحمد بن حنبل - بعد بعض الروايات مثل قول النبي صلی الله وعلیه واله: «لا ترجعوا بعدي

ص: 481


1- نعيم الرياض في شرح الشفا: 520/4 (ط دار الفكر).
2- كتاب الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة: 63 - 64 (ط فرانسة).
3- راجع جامع الأحاديث، للسيوطي: 140/13، 401، 459 و 28/14 و 50/15 - 51.

كفاراً ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض» -: نرويها كما جاءت ولا نفسرها. (1)

وقد سبقه إلى ذلك أستاذه علي بن المديني. (2)

وقد مرّ عليك كلام النسفي والتفتازاني والقطني. (3)

بل تراهم يقولون بأن الآية الشريفة: (وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِداً فِيْها) (4) من الآيات المنسوخة، (5) كما نقل الإمام أبو القاسم هبة الله بن سلامة إجماع المفسرين من الصحابة والتابعين على ذلك إلا ابن عباس وابن عمر لماذا؟ وهل ذلك إلا للدماء الكثيرة التي أُريقت بين الصحابة وغيرهم؟

6 - وضع الأكاذيب الأكاذيب وجعل الروايات في فضائل الصحابة ونشرها (6) ليمحوا بذلك عن الأذهان ما صدر عنهم من القبائح، وهذا هو الغرض الأقصى للذين أسسوا أساس الوضع والاختلاق، إذ لا يقبل أحد - مع هذه الفضائل المزعومة - أن يصدر عنهم ظلم في حق أهل البيت علیهم السلام!!

قال ابن أبي الحديد في شرح قوله علیه السلام: «إنّ في أيدي الناس حقاً وباطلاً وصدقاً وكذباً..»: فإنه خالط الحديث كذب كثير صدر عن قوم غير صحيحي العقيدة قصدوا به الإضلال وتخبيط القلوب والعقائد، وقصد به بعضهم التنويه بذكر قوم... ولم يسكت المحدّثون الراسخون في علم الحديث عن هذا، بل ذكروا كثيراً من هذه الأحاديث الموضوعة ... إلّا أنّ المحدثين إنما يطعنون في ما دون طبقة الصحابة ولا يتجاهرون في الطعن على أحد من الصحابة! (7)

ص: 482


1- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للامام اللالكلائي: 163/1، (ط الرياض).
2- المصدر السالف: 169.
3- راجع صفحة: 435 - 436.
4- النساء (4): 93.
5- لاحظ: الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي، هامش صفحة: 199 - 200 (مطبوع في ضمن مجموعة رسائل في علوم الحديث للامام النسائي والخطيب البغدادي، ط الرياض).
6- راجع: كتاب الموضوعات لابن الجوزي: 202/1 - 337؛ ترتيب الموضوعات للذهبي: 81-97؛ اللآلئ المصنوعة للسيوطي: 1 / 262؛ الأسرار المرفوعة للملا علي القاري: 454.. وغيرها.
7- شرح نهج البلاغة: 42/11.

وهو يذكر بعد ذلك من الموضوعات روايات منها: لو كنت متخذاً خليلاً... لا تخذت أبا بكر خليلاً؛ يأبى الله والمسلمون إلّا أبا بكر؛ إنّ الله يقول لأبي بكر: أنا راض عنك فهل أنت عني راض؛ سدّوا الأبواب إلا باب أبي بكر.. (1)

وروى عن المدايني في كتاب الأحداث رواية طويلة خلاصتها: أنه كتب معاوية إلى عماله عدة كتب منها: أن برئت الذمة ممن يروي شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته.. والأمر بإكرام الذين يروون فضائل عثمان وإرسال الروايات إلى معاوية.. ودعوة الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين.. وأنه قال: لا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة..

قال فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في روايتها حتى شادوا بذكرها على المنابر وأُلقِ ذلك إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم... وتعلموه كما يتعلّمون القرآن!!...

فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم... ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل حتى انتقلت تلك الأخبار إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوها ورووها. (2)

ص: 483


1- شرح نهج البلاغة: 48/11.
2- شرح نهج البلاغة: 44/11 - 46، ولاحظ ما رواه الشيخ الطبرسي في الاحتجاج 295 - 296، وسليم في کتابه: 777/2 - 778 الحديث السادس والعشرون (الطبعة المحققة) وعنه العلامة المجلسي في بحار الأنوار 44 / 125 - 128 و 33 / 179 - 181. أقول: وللعلامة الأميني مباحث جيّدة حول الروايات الموضوعة في مواضع شتى من الغدير، راجع: فهرسته على ضفاف الغدير: 21 - 22 (الاختلاق والتزوير): 64- 67 (التحريف والتصحيف): 144 - 149 (الغلوّ). ولاحظ أيضاً ما ذكره الشيخ الرحماني في كتابه: الإمام علي علیه السلام: 555-572 (استطراد في تحريف الكتب).

متی وقعت تلك الحادثة؟

كثر السؤال عن تاريخ إحراق بيت فاطمة علیها السلام وإسقاط جنينها ، ولم أجد من تكلّم حول هذا الموضوع مستنداً إلى النصوص والآثار (1) لأقتفي أثره، وقد صعب علينا التحقيق في ذلك لاقتضاء غير واحد من الأسباب خفاءه كالتقية، وتكرر الهجوم على البيت.. وغير ذلك ، ولعلّ بعضهم لم يكن يهتم بضبط التاريخ الدقيق في أمثاله المعروفيته أو غيره.

و لنذكر ما وصلنا إليه ليكون مقدّمةً وتسهيلاً لمن أراد التحقيق في ذلك، ولبيانه نقدّم أموراً:

الأول: لا ريب في أن إرسالهم إلى بيت الصديقة فاطمة الزهراء علیها السلام والهجوم عليه وقع بعد وفاة النبي صلی الله و علیه وآله بأيام قليلة، وقد ورد في زيارة جامعة أئمة المؤمنين علیهم السلام: «..غادروه على فراش الوفاة وأسرعوا لنقض البيعة... فحشر سفلة الأعراب وبقايا الأحزاب إلى دار النبوة والرسالة..». (2)

وفي ما رواه الجوهري: نادت السيدة فاطمة علیها السلام: «يا أبا بكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله..». (3)

وأما ما توهمّه بعض الناس من وقوع الهجوم حين اشتغالهم بتجهيز النبي صلی الله و علیه وآله، فيرد عليه:

ص: 484


1- ذكر بعضهم أن ذلك كان في يوم 29 صفر - كالشيخ البيرجندي في وقايع الأيام: 59، وسيهر في ناسخ التواريخ قسم الخلفا: 50/1 - أو 30 صفر، كما هو مختار البيرجندي في المصدر السابق وسپهر في الناسخ، أو أحد اليومين على الترديد، كما نسبه إلى الشيعة السيد الخاتون آبادي في وقايع السنين والأعوام: 72 ولكننا لا يمكننا الالتزام بذلك كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى. ونقل بعض المعاصرين عن بعض المؤرخين أنه كان يوم السادس بعد الوفاة، ولم يذكر له سنداً ولا مستنداً، لاحظ: مسند فاطمة علیها السلام، مهدي الجعفري: 128.
2- مصباح الزائر: 463 - 464، وعنه في بحار الأنوار: 165/102-166.
3- شرح نهج البلاغة: 57/2 و 49/6.

أولاً: تصريح ما ورد في الهجوم الأول بكونه بعدم دفن النبي صلی الله و علیه وآله. (1)

ثانياً: احتجاج أمير المؤمنين علیه السلام على القوم في الهجوم الأول بقوله: «أفكنت أدع رسول الله مسجّى لا أُواريه وأخرج أنازع سلطانه؟». (2)

ثالثاً: الروايات الدالة على اشتغاله علیه السلام الحين الهجوم بجمع القرآن.

رابعاً: التصريح بمضي أيام في بعض الروايات. (3)

الثاني: كانت وفاة النبي الأعظم صلی الله و علیه وآله يوم الإثنين 28 صفر - على المشهور عندنا - و 12 ربيع الأول - على المشهور عندهم - واشتغل أمير المؤمنين علیه السلام بغسله وتجهيزه ودَفَنَه صلی الله و علیه وآله ليلة الأربعاء.

الثالث: في هذا اليوم - أي يوم الإثنين - وقعت بين الصحابة منازعات ومشاجرات في أمر الخلافة وبايع أبا بكر جمع منهم على خطة كانت بينهم.

الرابع: من تأمل في الروايات يعرف تكرر إرسال القوم إلى أمير الؤمنين علیه السلام وهجومهم على بيته غير مرّة، ففي المرة الأولى من إخراجه لم يبايعهم.. وتركوه، وفي الثانية خرج المجتمعون بيته وسلّ الزبير سيفه ها جماً على عمر بن الخطاب.. وبعد لحظات هجموا للمرة الثالثة وأخرجوا أمير المؤمنين علیه السلام بعد أن أحرقوا باب الدار وضربوا فاطمة بنت رسول الله صلی الله و علیه وآله وأسقطوا جنينها.. ثم هددوا أمير المؤمنين علیه السلام بالقتل وأجبروه على البيعة كرهاً.

والمميز بين الهجومين هو مبايعته علیه السلام بعد الثالث الثالث دون الأول. (4)

الخامس: لما فرغ أمير المؤمنين علیه السلام من تجهيز النبي صلی الله و علیه وآله ودفنه أخرجوه لأول مرّة، وهذا ما يصادف يوم الأربعاء. (5)

ص: 485


1- الاحتجاج : 73.
2- الاحتجاج : 74.
3- الاحتجاج : 80.
4- الاحتجاج: 75 الايضاح: 367؛ المسترشد: 381؛ وقد صرّح ابن شهر آشوب في ما رواه أنه لا لم يقبل أن يبايعهم ثم انصرف إلى منزله واشتغل بجمع القرآن لاحظ: مثالب النواصب: 139 (الخطية).
5- راجع الاحتجاج: 73؛ روضة الصفاء: 595/2؛ مجالس المؤمنين: 566/2.

السادس: ورد في غير واحد من النصوص لما أرسلوا إلى أمير المؤمنين علیه السلام ليخرج من بيته ويبايع أبا بكر قال: «لا أخرج حتى أجمع القرآن..» أو قاله غيره مجيباً عنه علیه السلام، (1) فكان بعض موارد الإرسال إليه حين اشتغاله بجمع القرآن.

السابع: وردت روايات كثيرة في اشتغال أمير المؤمنين علیه السلام بجمع القرآن بعد وفاة النبي صلی الله و علیه وآله ودفنه، (2) ولكنّها تختلف في تعيين مدّته، ففي رواية فرات الكوفي في تفسيره عن أبي جعفر الباقر علیه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي ! لا تخرج ثلاثة أيام حتى تؤلف كتاب الله...» (3) وكذا ما نقله ابن النديم عن أمير المؤمنين علیه السلام: أنه جلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن. (4)

وفي رواية عن مولانا أبي جعفر الباقر علیه السلام يذكر خطبة الأمير المؤمنين علیه السلام خطبها بعد وفاة النبي صلی الله و علیه وآله بسبعة أيام حين فرغ من جمع القرآن. (5)

وروى بعضهم هذه الرواية بلفظ (تسعة أيام) بدل السبعة. (6) وهذه الخطبة معروفة ب_: خطبة الوسيلة.

الثامن: قال أمير المؤمنين علیه السلام: «لما توفي رسول الله صلی الله و علیه وآله اشتغلت بغسله وتكفينه والفراغ من شأنه ثم آليت على نفسي يميناً أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمع، القرآن، ففعلت، ثم أخذت بيد فاطمة وابنيّ الحسن والحسين علیهم السلام قدرت على أهل

ص: 486


1- راجع: تفسير العياشي: 2 / 66 - 30768 - 308؛ الاختصاص: 185 كتاب سليم: 249 (الطبعة المحققة: 863/2 - 862 الحديث الثامن والأربعون): الإمامة والسياسة: 19/1؛ الهداية الكبری: 138 - 139، 178 - 4060179؛ شرح نهج البلاغة: 56/2؛ مختصر البصائر: 192؛ بحار الأنوار: 18/53.
2- تفسير القمي: 451/2. خصائص الأئمة: 73؛ الطرف: 26 - 27؛ الصراط المستقيم: 93/2، المناقب: 4140/2 (عن كتب الفريقين: كامل بهائي: 304/1؛ سعد السعود: 227 - 228؛ ورواها العامة في ضمن رواية موضوعة راجع: شواهد التنزيل: 36/1 - 38؛ شرح نهج البلاغة: 27/1 و 6 / 40؛ كنز العمال: 588/2 و 128/13.
3- تفسیر فرات: 398 - 399.
4- الفهرست : 30.
5- الكافي: 17/8، كتاب التوحيد للصدوق: 73.
6- أمالي الشيخ الطوسي: 263/1 وعنه في بحار الأنوار:221/4؛ 382/77.

بدر وأهل السابقة فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي..». (1)

أقول: وهذا الاستنصار كان قبل الهجوم الأخير ، بدليل قوله علیه السلام: «فوالله لو أن أُولئك الأربعين الذين بايعوني وفوا لي وأصبحوا على بابي محلقين قبل أن تجب لعتيق في عنقي بيعة لناهضته وحاكمته إلى الله عزّ وجلّ... فأما بعد بيعتي إياهم فليس إلى مجاهدتهم سبيل..». (2)

وهذا صريح في أنه وإن بايع كرهاً ولكنه لا يريد نكث هذه البيعة، كما صرح بذلك في كلام له قبل ذلك بقوله: «..ومثلي لا ينكث بيعته». (3)

فلابد وأن تكون دعوته إلى نصرته قبل هذه البيعة.. أي قبل الهجوم أخيراً، وهذا لا يمكن إلا أن يكون بين جمع القرآن وبين الهجوم الأخير فصلاً، كما هو الظاهر من كلام المسعودي وصريح رواية سليم الهلالي عن سلمان.

قال المسعودي:.. بعد فراغه من غسل رسول الله صلی الله علیه وآله... ودفنه... اعتزلهم ودخل بيته... ثم ألّف القرآن وخرج إلى الناس... فقال لهم: «هذا كتاب الله قد ألفته كما أمرني وأوصاني رسول الله صلی الله علیه وآله، كما أنزل». فقال له بعضهم: اتركه وامض... فقالوا: لا حاجة لنا فيه ولا فيك ، فانصرف به معك لا تفارقه، فانصرف عنهم.

فأقام أمير المؤمنين علیه السلام ومن معه من شيعته في منازلهم... فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه.. (4)

وفي رواية سلمان - بعد ذكر تجهيز رسول الله صلی الله و علیه واله وأقبل [أمير المؤمنين علیه السلام] على القرآن يؤلّفه ويجمعه... بعث إليه أبو بكر: اخرج فبايع، فبعث إليه علي علیه السلام: «إنّي مشغول... أُؤلف القرآن وأجمعه». فسكتوا عنه أياماً، فجمعه في ثوب واحد

ص: 487


1- كتاب سليم: 128 (الطبعة المحققة: 2 / 666 الحديث الثاني عشر): الاحتجاج: 75، 190، وعنه في بحار الأنوار: 22 / 328 و 28 / 191، وراجع: بحار الأنوار: 419/29، 468.
2- کتاب سليم: 130 - 131 (الطبعة المحققة: 2 / 666 الحديث الثاني عشر)، وعنه في بحار الأنوار: 471/29.
3- المصدر السالف.
4- إثبات الوصية: 145 - 146، وعنه في بحار الأنوار: 308/28.

وختمه، ثم خرج إلى الناس - وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله فنادى علي علیه السلام بأعلى صوته: «أيها الناس! إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلی الله علیه وآله مشغولاً بغسله ثم بالقرآن...» فقال له عمر ما أغنانا بما معنا من القرآن عمّا تدعونا إليه !!

ثم دخل علي علیه السلام لبيته وقال عمر لأبي بكر: أرسل إلى علي فليبايع... فأرسل إليه.. - ثم ذكر المراودات بينها كما مرّ في الفصل الثالث - فسكتوا عنه يومهم ذلك، فلمّا كان الليل حمل علي فاطمة علیها السلام وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين علیهما السلام، فلم يدع أحداً من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله إلا أتاهم في منزله فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته... فلما أن رأى خذلان الناس إياه... لزم بيته.. ثم ذكر الهجوم الأخير كما مرّ. (1)

فبناءً على وقوع الهجوم الأخير في اليوم التالي من الاستنصار تكون الاحتمالات في زمان وقوع تلك الحادثة ثلاثة، لاختلاف الراويات في تعيين مدة اشتغاله علیه السلام بجمع القرآن كما مرّ في الأمر السابع فليلاحظ الجداول الثلاثة الآتية:

ص: 488


1- كتاب سليم: 81 - 83 (الطبعة المحققة : 577/2 - 599 الحديث الرابع)، وعنه في بحار الأنوار: 264/28 - 268.

1 - يوم الأحد؛ أي ستة أيام بعد الوفاة بناءً على رواية أبي جعفر الباقر علیه السلام ورواية ابن النديم.

2 - يوم الثلاثاء؛ ثمانية أيام بعد الوفاة، بناءً على النسخة الأولى لخطبة الوسيلة.

3 - يوم الخميس؛ عشرة أيام بعد الوفاة، بناءً على النسخة الثانية لخطبة الوسيلة.

ص: 489

ص: 490

الخاتمة في ذكر الكتب الجامعة لروايات الهجوم وأسنادها

اشارة

منذ زمن طويل حاول عدة من المؤلّفين استقصاء مصادر ماجرى على أهل البيت علیهم السلام بعد النبي صلی الله و علیه وآله، وها نذكر بعض من اتفق لنا العثور على تأليفه، ولا نريد استقصاء الكتب في ذلك.

1 - محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (المتوفى 558) في مثالب النواصب: 418 - 423 (في النسخة الخطية).

2 - المحقق الأردبيلي (المتوفى 993) في حديقة الشيعة: 252.

3 - الشيخ الحر العاملي (المتوفى 1104) في إثبات الهداة: 2 / 333 - 334، 346، 353، 359 - 361، 367 - 370، 377، 383 - 384.

4 - المحدث السيد هاشم البحراني (المتوفى 1107) في غاية المرام: 549 - 560 (ترجمته المسمّى بكفاية الخصام: 508 - 517).

5 - العلامة المجلسي (المتوفى 1111) في بحار الأنوار: 28 / 175 - 411 مضافاً إلى مباحث كلاميّة شتّى حول الموضوع ومرآة العقول: 5 / 318، وحق اليقين 157 - 189، وفي جلاء العيون: 197 - 245 (ط أُخرى 132 - 160) الفصل السابع من حياة السيدة فاطمة علیها السلام.

ص: 491

6 - الشيخ عبد الله البحراني في العوالم، كتاب غصب الخلافة وفدك و 11 / 390 - 417 (طبع مع المستدركات للسيد الأبطحى). وفي الطبعة الحديثة: 11 / 2 / 454 - 610.

7 - السيد عبد الله شبّر (المتوفى 1242) في جلاء العيون: 1 / 182 - 198.

8 - العلامة السيد محمّد قلي الموسوي الهندي (المتوفى 1268) في تشييد المطاعن الذي ألفه في ردّ الشاه عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثنى عشرية. فإنه ذكر الروايات وأثبت أن تلك الكتب من أهل السنة راجع: 1 / 431 - 494.

9 - العلامة سپهر (المتوفى 1297) في ناسخ التواريخ - الخلفاء: 1 / 50 - 100 (ط الإسلامية) وفي ترجمة السيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام: 1/ 89 - 113 (ط قم).

10 - السيد اسماعيل الطبرسي النوري (المتوفى 1321) في كفاية الموحدين: 124/2 - 130.

11 - المحقق الشيخ حبيب الله الخوئي (المتوفى 1324) في شرح نهج البلاغة - المسمّى ب_: منهاج البراعة: 3 / 24 - 25، 367 - 374.

12 - الحاج السيد أسد الله بن صدر الدين الحسيني التنكابني (المتوفى 1339) في مصائب الهداة علیهم السلام: 18 - 160 مع ترجمتها بالفارسية.

13 - الشيخ أبو الحسن المرندي (المتوفى 1349) في مجمع النورين : 75 - 85. وفي نور الأنوار: 210.

14 - المحدث الخبير الشيخ عباس القمي (المتوفى 1359) في بيت الأحزان الباب الثالث.

15 - العلامه الكبير الشيخ عبد الحسين الأميني (المتوفى 1390) في الغدير: 7 / 77 - 78.

16 - الواعظ الشهير سلطان الواعظين الشيرازي (المتوفى 1391) في شبهاى پیشاور: 507 - 520.

17 - الشيخ ذبيح الله المحلاتي في رياحين الشريعة: 1 / 281 - 292.

ص: 492

18 - الدكتور محمد بيومي مهران - الأستاذ في جامعة الإسكندرية - في كتابه الإمامة وأهل البيت علیهم السلام: 342/1 - 348 (الطبعة الثانية).

19 - المحقق التستري في بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة : 5 / 1 - 18 (ط مكتبة الصدر) (5 / 295 - 300 ط مؤسسة نهج البلاغة).

20 - السيد عبد الرزّاق كمونة الحسيني في كتاب الزهراء علیها السلام: 191/2 - 200.

21 - الشيخ أحمد الرحماني في كتابه بهجة قلب المصطفى صلی الله و علیه وآله: 517 - 566.

22 - على اكبر بابازاده في تحليل سيرة فاطمة الزهراء علیها السلام: 233 - 244، وفي مواضع أخرى من كتابه.

23 - السيد ياسين الموسوي في ملاحظات على منهج السيد محمد حسين فضل الله وكذا في مقتل فاطمة الزهراء علیها السلام.

24 - السيد مسعود آقائی فی کتابه چشمه در بستر: 371 - 433 .

25 - السيد أبو الحسن الحسيني في كتابه بر خانه حضرت فاطمه علیها السلام چه گذشت؟

26 - الشيخ حسين غيب غلامي في كتابه إحراق بيت فاطمة علیها السلام.

27 - السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه مأساة الزهراء علیها السلام.

28 - الشيخ عبد الكريم العقيلي في كتابه ظلامات فاطمة الزهراء علیها السلام.

29 - الشيخ نزيه القميحا في شرح خطبة الزهراء علیها السلام وأسبابها.

30 - نجاح الطائي في كتابه نظريات الخليفتين: 1 / 154 - 173.

31 - الشيخ مهدي الفقيه إيماني في كتابه حق با علی است 146 - 149.

32 - السيد محمد على الحلو في كتابه أدب المحنة.

33 - دائرة المعارف بزرگ اسلامی: 5 / 229 - 230 (فارسي).

34 - الشيخ قيس العطّار في كتابه التحف في توثيقات الطرف (مطبوع مع الطرف للسيد بن طاووس رحمة الله): 390 - 398 و 465 - 467.

35 - السيد هاشم الناجي الموسوي الجزائري في كتابه ظلامات الصديقة الشهيدة الزهراء علیها السلام وشرح ما وقع عليها من الجنايات (على ترتيب حروف الهجاء).

ص: 493

36 - الشيخ عبد المحسن عبد الزهراء القطيفي في كتابه المحسن بن فاطمة الزهراء علیها السلام.

37 - السيد محمد حسين سجاد فى كتابه آتش به خانه وحی.

ص: 494

المصادر

القرآن الكريم

آثار أحمدي الأسترآبادي --- نشر میراث مکتوب، طهران

الآحاد والمثاني، ابن أبي عاصم --- الرياض

الأئمة الاثنى عشر علیهم السلام، ابن طولون --- دار صادر، بیروت

أبكار الأفكار الآمدي --- مصوّرة، مركز إحياء التراث السلامي، قم

الأحاديث المختارة، المقدسي --- مكة المكرمة

إتحاف السائل المناوي --- القاهرة

إثبات الوصية، المسعودي --- دار الأضواء، بيروت

إثبات الهداة، الشيخ الحر العاملي --- العلمية، قم

الاحتجاج، الشيخ الطبرسي --- الأعلمي، بيروت

إحقاق الحق، السيد الحسيني المرعشي --- مكتبة السيد المرعشي، قم

أخبار الخلفاء، البستي (طبع مع السيرة النبوية ، له أيضاً) --- بیروت

الاختصاص، الشيخ المفيد --- جماعة المدرسين، قم

اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي --- موسسة آل البيت علیهم السلام، قم

إرشاد القلوب، الشيخ الديلمي --- الشريف الرضي، قم

الأرجوزة المختارة، القاضي المغربي --- معهد الدراسات الإسلامية، بيروت

ص: 495

الإرشاد الشيخ المفيد --- مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

إزالة الخفا، الدهلوي --- پاکستان

الاستيعاب، ابن عبد البر --- دار الجيل

الاستيعاب، ابن عبد البر، بهامش: الإصابة --- دار الفكر، مصر

سد الغابة، ابن الأثير --- دار التراث العربي

إسعاف الراغبين، الصبان، بهامش نور الأبصار --- البابي، مصر

الإصابة، العسقلاني --- دار الفكر، مصر

الإصابة، العسقلاني --- دار صادر، مصر

أعلام النساء، كحالة --- مؤسسة الرسالة، بيروت

إعلام الورى، الشيخ الطبرسي --- الإسلامية، مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

إفحام الأعداء والخصوم، السيد ناصر حسين الموسوي --- مكتبة نينوى، طهران

الإقبال، السيد ابن طاووس --- دار الكتب الإسلامية، طهران

الاكتفاء.... مغازي رسول الله صلی الله و علیه وآله و الخلفاء، الكلاعي --- عالم الكتب

التهاب نيران الأحزان؟ --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي

الألفاظ الكتابية، الهمذاني --- دار الكتب العلمية، بيروت

الأمالي، الشيخ الطوس --- مطبعة النعمان، النجف

الأمالي، الشيخ الصدوق --- الأعلمى بيروت، کتابخانه اسلامی

الأمالي، الشيخ المفيد --- جماعة المدرسين، قم، الحيدرية النجف

الإمام علي علیه السلام، عبد الفتاح عبد المقصود --- مصر

الإمامة والسياسية، ابن قتيبة --- دار المعرفة، بيروت

الأموال، أبو عبيد --- مكتبة الكليات الازهرية، الاولى

الأسوال، حميد بن زنجويه --- الرياض

الأنباء المستطابة، القطفى --- دمشق

الانتصار، الخياط --- مصر

أنساب الأشراف، البلاذري --- المحمودي، بيروت

أنساب النواصب، الأسترآبادي --- مصوّرة، الأستانة الرضوية المقدسة

ص: 496

انس المؤمنين، الحموي --- مؤسسة البعثة، طهران

أنوار اليقين في إمامة أمير المؤمنين علیه السلام، الحسيني --- مصورة مركز الأبحاث العقائدية، قم

أهل البيت علیهم السلام، توفيق أبو علم --- مصر

الإيضاح، فضل بن شاذان --- جامعة طهران

الإيقاظ من الهجعة، الشيخ الحر العاملي --- اسماعيليان، قم

الباب الحادي عشر مع شر --- جامعة طهران

بحار الأنوار العلامة المجلسي --- طهران

بحر الأنساب (ترجمته بالفارسية) ، المنسوب إلى أبي مخنف مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة البدء والتاريخ ، المقدسي --- بغداد

البداية والنهايه ابن كثير --- دار إحياء التراث العربي ، بيروت

بشارة الباكين، التبريزي --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

بشارة المصطفى صلی الله و علیه وآله، الشيخ الطبري --- الحيدرية النجف

بصائر الدرجات، الشيخ الصفار --- مكتبة السيد المرعشي، قم

بلاغات النساء، ابن طيفور --- الشريف الرضي، قم

البلد الأمين، الشيخ الكفعمي

بناء المقالة الفاطمية، أحمد بن طاووس --- مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

بهجة المباهج، السبزواري --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

البيان والتبيين، الجاحظ --- دار الفكر

بيت الأحزان، المحدث القمى --- مطبعة سيد الشهداء علیه السلام، قم

بيت الأحزان، اليزدي --- ط الحجري

تاج المواليد، الشيخ الطبرسي، (في ضمن مجموعة نفيسة) --- مكتبة بصيرتي، قم

تاريخ أبي الفداء --- دار المعرفة، بيروت

تاريخ أبي زرعة --- تحقيق القوچانی

تاريخ الأئمة، البغدادي، (في ضمن مجموعة نفيسة) --- مكتبة بصيرتي، قم

تاريخ الإسلام، الذهبي --- دار الكتاب العربي

تاريخ الخميس، الديار بكرى --- مؤسسة شعبان، بيروت

ص: 497

تاريخ الصحابة، البستي --- دار الكتب العلمية

تاريخ الطبري --- دار التراث، بيروت، دار المعارف، مصر

تاريخ المدينة المنورة، ابن شبة --- دار الفكر، قم

تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر --- دار الفكر

تاريخ اليعقوبي --- دار صادر، بیروت

تاريخ أهل البيت علیهم السلام --- مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

تاریخ بغداد الخطيب البغدادي --- دار العلمية، بيروت

تأويل الآيات، السيد الأسترآبادي --- جماعة المدرسين، قم

تبصرة العوام، السيد الرازي --- تصحیح، عباس اقبال

تتمة المختصر، ابن الوردي --- دار المعرفة، بيروت

تثبيت الإمامة، الهادي الزيدي --- دار الإمام السجاد علیه السلام، بيروت

التحفة اللطيفة، السخاوي --- السعودية

تحفه إثنا عشريه، الدهلوي --- لكنهو

تحقيق أنساب الأئمة الطاهرين علیهم السلام، الدواني --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

تحقيق مواقف الصحابة، دكتر محمد أمحزون --- الرياض

تذكرة الحفاظ، الذهبي --- الهند

تذكرة الخواص، ابن الجوزي --- طهران

تذكرة المصائب، الشيباني --- ط الحجري

تراجم سيدات بيت النبوة، عائشة بنت الشاطي --- دار الكتاب العربي، بيروت

تشييد المطاعن، السيد الموسوي الهندي --- مطبعة مجمع البحرين

تفسير العياشي --- العلمية الإسلامية، طهران

القمي --- دار الكتاب الجزائري، قم

تقريب المعارف، الشيخ أبو الصلاح الحلبي --- تحقیق تبریزیان، قم

تلبيس إبليس، ابن الجوزي --- دار الكتب العلمية، بيروت

تلخيص الشافي، الشيخ الطوسي --- مطبعة الآداب، النجف الاشرف

التنبيه والاشراف، المسعودي --- مؤسسة نشر منابع الثقافة الإسلامية

ص: 498

التننبيه والرد، الملطى --- مكتبة المثنى، بغداد والمعارف، بيروت

التوضيح الأنور، الرازي --- مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة

التهذيب، الشيخ الطوسي --- دار الأضواء، بيروت

تهذيب الأسماء واللغات النووي --- مصر

تهذيب التهذيب، العسقلاني --- دار صادر، بیروت

تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزّي --- مؤسسة الرسالة، بيروت

الثقات، ابن حبان --- الهند

جامع الأحاديث الكبير، السيوطي --- دار الفكر، بيروت

جامع المسانيد والسنن، ابن كثير --- دار الفكر، بيروت

جامع النورين، السبزواري --- العلمية الإسلامية، طهران

جلاء العيون، العلامة المجلسي --- الإسلامية، طهران

جمال الأسبوع، السيد ابن طاووس --- الشريف الرضي، قم

الجمل، الشيخ المفيد --- الإعلام الإسلامي

جمهرة أنساب العرب، ابن حزم --- دار المعارف، مصر

جنات الخلود، الخاتون آبادي --- ط الحجري

جنة العاصمة، السيد المير جهاني --- مكتبة الصدر، طهران

جنة المأوى، آل كاشف الغطاء --- دار الأضواء، بيروت

الجواب الحاسم لشبه المغني، محمد بن أحمد، مع المغني للأسد آبادي --- الدار المصرية

الجواهر السنية، الشيخ الحر العاملي --- مكتبة المفيد، قم

جواهر المطالب الباعوني الشافعي --- مجمع إحياء الثقافة الإسلامية

الجوهرة، التلمساني --- مكتبة النورى، دمشق

حاشية الكستلى على شرح العقائد --- اسلامبول

الحاشية على شرح التجريد، المحقق الأردبيلي --- مؤتمر المقدس الأردبيلي، قم

حبيب السير، غياث الدين البلخي --- مكتبة الخيام، الثالثة

الحدائق الناضرة، المحدث البحراني --- جماعة المدرسين، قم

الحدائق الوردية، المحلي --- دار أسامة، دمشق

ص: 499

حق اليقين، السيد الشبر --- العرفان، صيدا

حق اليقين، العلامة المجلسي --- العلمية الإسلامية، طهران

حلية الأبرار، السيد البحراني --- العلمية، قم

حلية الأولياء، أبو نعيم --- دار الكتب العلمية، بيروت

حياة الصحابة، الكاندهلوي --- دار المعرفة

الخرائج والجرائح، الشيخ الرواندي --- مؤسسة الإمام المهدي علیه السلام، قم

خزائن المصائب، الجرمقى البسطامي --- مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة

خصائص الأئمة علیهم السلام، السيد الرضى --- مجمع البحوث الإسلامية

الخصائص الكبرى السيوطي --- دار الكتاب العربي، بيروت

الخصال، الشيخ الصدوق --- جماعة المدرسين، قم

الخطط المقريزية (المواعظ والاعتبار)، المقريزي --- مكتبة المثنى، بغداد

خلاصة الوفاء، السمهودي --- المدينة المنورة

الخلافة والإمامة، عبد الكريم الخطيب --- دار المعرفة، بيروت، ط الثانية

دائرة المعارف، وجدي --- مكتبة المثنى، بغداد، ط الرابعة

الدر المنثور، الزينب العاملية --- مكة المكرمة

الدر المنثور، السيوطي --- دار الفكر، بيروت

الدر النظيم في مناقب الأئمة الهاميم الشيخ جمال الدين الشامي --- جماعة المدرسين، قم

الدرجات الرفيعة، السيد على خان --- مكتبة بصيرتي، قم

دعائم الإسلام، القاضي النعمان --- مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

دلائل الإمامة الشيخ الطبري --- دار الذخائر، مؤسسة البعثة، قم

دلائل الصدق، الشيخ المظفر، طبع باسم (فضائل أمير المؤمنين علیه السلام) --- بیروت

دلائل النبوة، البيهقى --- دار الكتب العلمية، بيروت

ذخائر العقبي، المحب الطبري --- مؤسسة الوفاء، بيروت

ذخيرة يوم المحشر، الماحوزي البحراني --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

الذرية الطاهرة، الدولابي --- جماعة المدرسين، قم

رجال الكشي، راجع اختيار معرفة الرجال

ص: 500

الرسائل، الجاحظ --- دار مكتبة الهلال

الرسائل الاعتقادية، الخواجوئي --- دار الكتاب الإسلامي، قم

رسالة أُصول الدين، المحقق الأردبيلي (في ضمن هفده رساله) --- مؤتمر المقدس الأردبيلي، قم

رسالة عقائد الدينية، الجرجاني --- مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة

رسالة عقائد الشيعة، الجرجانی رسائل (فارسی) --- نشر میراث مکتوب، طهران

رسالة في ما ورد في صدر هذه الأمة، الشرواني --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

روضة المتقين، الشيخ المجلسي --- کوشانپور

روضة الواعظين، الشيخ القتال النيشابوري --- الأعلمي بيروت، والشريف الرضي، قم

رياحين الشريعة، الشيخ المحلاتي --- دار الكتب الإسلامية

رياض الأبرار، العقيلي --- مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة

الرياض النضرة، المحب الطبري --- مكتبة القيمة، قاهرة، دار مكتبة العلمية، بيروت

السبيل الهدى والرشاد، الصالحي الشامي --- دار الكتب العلمية، بيروت

سعد السعود، السيد ابن طاووس --- دار الذخائر

السقيفة والخلافة، عبد الفتاح عبد المقصود --- مصر

السمط الثمين، أحمد الطبري --- حلب

السنن، ابن ماجه --- دار الفكر

السنن، أبي داود --- دار الفكر

السنن، البيهقي --- دار المعرفة، بيروت

السنن الترمذي --- دار الفكر

السنن الدارمي --- دهمان، دمشق

السنن النسائي --- دار إحياء التراث العربي

السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام، بيومى --- بيروت

سیر أعلام النبلاء، الذهبي --- دار المعارف، مصر، مؤسسة الرسالة

سيرة ابن إسحاق، (السير والمغازي) --- اسماعیلیان، قم

سيرة الأئمة الاثنى عشر، هاشم معروف الحسني --- دار التعارف، دار القلم

السيرة الحلبية، الحلبي --- بيروت

ص: 501

السيرة النبوية، أبي الفداء --- دار إحياء التراث العربي، دار المعرفة

السيرة النبوية، البستي --- بیروت

سيرة عمر بن الخطاب، التاجي --- مصطفى البابي وأولاده

الشافي، السيد المرتضى --- مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام

شرح الأخبار، القاضي النعمان --- جماعة المدرسين، قم

شرح الأصول الخمسة، القاضي عبد الجبار --- مصر

شرح التجريد، العلامة الحلى --- قم

شرح التجريد، القوشچی --- ط الحجري

شرح صحيح مسلم، النووي --- دار الفكر

شرح المقاصد، التفتازاني --- الأفندي

شرح المواهب اللدنية، الزرقاني --- المطبعة الأزهرية، مصر

شرح نهج البلاغة، ابن ميثم --- مؤسسة النضر، طهران

شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد --- مكتبة السيد المرعشى، قم

شفاء صدور الناس .... الشرقي الأهنومي --- مصورة مركز الأبحاث العقائدية

شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني --- الارشاد، قم

صبح الأعشى، القلقشندي --- وزراة الثقافة والإرشاد القومى

صبح الأعشى، القلقشندي --- دار الكتب العلمية

صحيح البخاري --- مصر

صحیح مسلم --- دار الفكر، بيروت

الصديق أبو بكر محمد حسين هيكل --- مصر، ط الثامنة

الصراط المستقيم، الشيخ البياضي --- المكتبة المرتضوية

صفوة الصفوة، ابن الجوزي --- القاهرة

الصواعق المحرقة، الهيثمي --- مكتبة القاهرة

ضياء العالمين، الشيخ النباطي العاملي --- مصورة مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

الطبقات، ابن سعد --- دار الفكر

طبقات الشافعية الكبرى السبكي --- هجر

ص: 502

الطرائف، السيد ابن طاووس --- الخيام

الطرف، السيد ابن طاووس --- النجف

طريق الرشاد، (ضمن الرسائل الاعتقادية) الخواجوئي --- دار الكتاب اسلامی، قم

طعن الرماح، (الفوائد الحيدرية) السيد محمد

العدد القوية، الشيخ الحلي --- مكتبة السيد المرعشي، قم

عقاب الأعمال، الشيخ الصدوق --- الشريف الرضي، قم، الصدوق طهران

عقائد الثلاث والسبعين فرقة، اليمني --- مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة

العقد الفريد، ابن عبد ربّه --- دار الكتاب العربي بيروت الأوفست مكتبة النهضة المصرية

علل الشرائع، الشيخ الصدوق --- الداوري، الأوفست عن الحيدرية، النجف

علم اليقين، الفيض الكاشاني --- دار البلاغة

عمدة التحقيق، العبيدي، (بهامش روض الرياحين) --- قبرص

العمدة، أبن البطريق --- طهران

عوالم العلوم، الشيخ البحراني --- مؤسسة الإمام مهدي علیه السلام، قم

العين، الخليل --- مؤسسة دار الهجرة، قم

عيون أخبار الرضا علیه السلام، الشيخ الصدوق --- جهان

عيون الأثر، ابن سيد الناس --- عزّ الدين، دار الجیل، بیروت

عيون الاخبار، عماد الدين القرشي --- دار التراث فاطمي، بيروت

الغارات، الشيخ الثقفي --- دار الكتب الإسلامي

الغدير، العلامة الاميني --- دار الكتب الإسلامية، ط الثانية

غريب الحديث، ابن الجوزي --- دار الكتب العلمية، بيروت

غريب الحديث، ابن قتيبة --- بغداد

الغيبة، الشيخ النعماني --- الاعلمي، بيروت، مكتبة الصدوق

الفائق، الزمخشري --- عيسى البابي الحلبي

فاطمة الزهراء علیها السلام والفاطميون، العقاد --- بيروت، ط الثانية

فاطمة بنت محمد صلی الله و علیه وآله، عمر أبو النصر --- المكتبة الأهلية، بيروت

الفتح المبين، أحمد زيني دحلان، بهامش السيرة النبوية --- دار المعرفة، بيروت

ص: 503

الفتوح، أحمد بن الأعثم الكوفي --- دار الكتب العلمية، بيروت

فجر الإسلام، أحمد أمين --- دار الكتاب العربي، بيروت

فرائد السمطين، الجويني --- المحمودي، بيروت

الفرق بين الفرق، البغدادي --- دار المعرفة، بيروت

الفصول المختارة، السيد المرتضى --- المؤتمر العالمى للشيخ المفيد، قم

الفصول المهمة، ابن صباغ المالكي --- الحيدرية، النجف

الفضائل، شاذان بن جبرئيل القمي --- الشريف الرضي

فضائل الصحابة، أحمد بن حنبل --- مكة المكرمة

الفقيه، راجع من لا يحضره الفقيه

قرة العينين، الدهلوي --- پیشاور

قواعد عقائد آل محمد علیهم السلام، الديلمي --- مصورة مركز الأبحاث العقائدية، قم

الكافي، الشيخ الكليني --- دار الأضواء، بيروت

كامل الزيارات، الشيخ ابن قولويه القمي --- المرتضوية، النجف

كامل بهائي، الطبري --- قم

الكامل، ابن الأثير --- دار صادر، بیروت

الكبريت الأحمر الشيخ البيرجندي --- الإسلامية

کتاب سلیم بن قیس --- دار الفنون، بيروت، الهادي، قم

كشف الغمة، الشيخ الأربلي --- مكتبة بني هاشم

كشف المحجة، السيد ابن طاووس --- الداوري، قم

كشف اليقين، العلامة الحلي --- مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم

الكشكول، الشيخ البهائي --- دار الزهراء، بيروت

الكشكول، السيد حيدر الأملي --- الرضي، قم

كفاية الأثر، الشيخ الخزاز القمي --- بیدار، قم

كفاية الطالب، الكنجي الشافعي --- الحيدرية النجف

كفاية الموحدين، الشيخ الطبرسي النوري --- العلمية الإسلامية، طهران

كمال الدين، الشيخ الصدوق --- جماعة المدرسين، قم

ص: 504

كنز العمال، المتقى الهندي --- مؤسسة الرسالة، بيروت

كنز الفوائد، الشيخ الكراجكي --- دار الذخائر، بيروت، المصطفوي، قم

الكوكب الدري، الشيخ الحائري المازندراني --- الشريف الرضى، (الحيدرية، النجف)

گوهر مراد، اللاهيجي --- وزارة الارشاد

لسان العرب، ابن المنظور --- دار صادر

لسان الميزان، العسقلاني --- الأعلمي، بيروت

لوامع الأنوار، الحسيني المؤيدي --- مكتبة التراث الإسلامي، صعدة

اللوامع النورانية، السيد البحراني --- اصفهان

مؤتمر علماء بغداد، مقاتل بن عطية --- المستر حمى، ط الرابعة

مآثر الاناقة، القلقشندي --- عالم الكتب، بيروت

مأساة الزهراء علیها السلام، السيد جعفر مرتضى العاملي --- دار السيرة، بيروت

متشابه القرآن، الشيخ ابن شهر آشوب المازندراني --- بیدار، قم

مثالب النواصب، الشيخ ابن شهر آشوب المازندراني --- مصورة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

المحاسن المجتمعة في الخلفاء الأربعة، الصفوري --- مصوّرة مكتبة المحقق الطباطبائي، قم

المجدي في أنساب الطالبين، العُمري --- مكتبة السيد المرعشى، قم

المجلى، الشيخ الاحسائي --- ط الحجر

مجمع الزوائد، الهيثمى --- دار الكتب العلمية، بيروت

مختصر البصائر، الشيخ حسن بن سليمان الحلّى --- الأوقست عن الحيدرية، النجف

مختصر تاريخ دمشق، ابن المنظور --- دار الفكر

المختصر في تاريخ البشر، أبو الفداء --- دار المعرفة، بيروت

مدارك الأحكام، السيد العاملي --- مؤسسة آل البيت، قم

مدينة المعاجز، السيد البحراني --- المعارف الإسلامية، قم

مرأة الجنان، اليافعي --- الاعلمی، بیروت

مرأة العقول، العلامة المجلسى --- طهران

المراجعات، السيد شرف الدين --- مؤسسة البعثة، طهران

مروج الذهب المسعودي --- دار الهجرة، قم

ص: 505

مروج الذهب، المسعودي --- دار الأندلس

المزار، الشيخ المفيد --- المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم

المزار الكبير، الشيخ ابن المشهدي --- القيوم، قم

مسائل علي بن جعفر --- مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

المستجاد، العلامة الحلّي، (في ضمن مجموعة نفيسة) --- مكتبة بصيرتي، قم

المستدرك، الحاكم النيشابوري --- دار المعرفة، بيروت

المسترشد، الشيخ الطبري --- مؤسسة كوشانپور

المسلك في أُصول الدين، المحقق الحلي --- الأستانة المقدسة الرضوية علیه السلام

مسند أحمد --- دار صادر، بیروت

مسند فاطمة الزهراء علیها السلام، السيوطي --- حیدر آباد، الهند

مشكل الآثار، الطحاوي

مصائب الأبرار، المخزون السلماسي --- مخطوط، الأستانة الرضوية المقدسة

المصباح (أجنة الأمان ...)، الشيخ الكفعمي --- الشريف الرضى، قم

مصباح الأنوار، الشيخ هاشم بن محمد --- مصوّرة مكتبة السيد المرعشى، قم

مصباح الزائر، السيد ابن طاووس --- مؤسسة آل البيت علیهم السلام، قم

مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي --- مؤسسة فقه الشيعة، بيروت

المصنف ابن أبي شيبة --- دار السلفية بومباي الهند

مطارح النظر... الشيخ الطريحي --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

مطالب السؤول، ابن طلحة الشافعي --- الحجر، طهران

المعارف، ابن قتيبة --- دار إحياء التراث، بيروت

معاني الأخبار، الشيخ الصدوق --- جماعة المدرسين، قم

المعجم الكبير، الطبراني --- دار إحياء التراث العربي ط الثانية

المغني، القاضي الأسد آبادي --- الدار المصرية

مفتاح الباب، العربشاهي (الباب الحادي عشر مع شرحيه) --- تحقيق: الدكتور محقق

المقتل، الخوارزمي --- مكتبة المفيد، قم الأوفست عن طبع النجف الأشرف

المقنعة، الشيخ المفيد --- جماعة المدرسين، قم

ص: 506

الملل والنحل، الشهرستاني --- بیروت

من حياة الخليفة عمر بن الخطاب، البكري --- بیروت

من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق --- جماعة مدرسين، قم

مناظرات في الإمامة، عبد الله الحسن --- أنوار الهدى، قم

المناظرة والمعارضة، النازي المغربي --- مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة

مناقب آل أبي طالب، الشيخ ابن شهر آشوب المازندراني --- قم المكتبة العلمية

المناقب، ابن المغازلي --- المكتبة الإسلامية، طهران

المناقب، الخوارزمي --- طهران

المناقب، الكلابي، طبع مع المناقب لابن مغازلي --- المكتبة الإسلامية، طهران

منال الطالب، ابن الأثير --- مكة المكرمة

منتخب الأنوار المضيئة، النيلي النجفي --- مكتبة الخيام

منتخب كنز العمال، المتقى الهندي --- دار إحياء التراث العربي

المنتظم، ابن الجوزي --- دار الكتب العلمية، بيروت

المنقذ من التقليد، الحمصي الرازي --- جماعة مدرسين، قم

منهاج السنة، ابن تيمية --- المكتب العلمية، بيروت

مواسم الأدب، البيتي العلوي --- السعادة، مصر

المواهب اللدنية، القسطلاني --- الأفندي

موسوعة رجال الكتب التسعة، البندارى وكسروى حسن --- دار الكتب العلمية، بيروت

موسوعة العقاد الإسلامية، العقاد --- دار الكتب العربي

مهذب الروضة الفيحاء، العمري --- بغداد

میزان الاعتدال الذهبي --- دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي

ناسخ التواريخ (قسم فاطمة الزهراء علیها السلام)، سپهر --- مطبوعات ديني

ناسخ التواريخ (قسم الخلفاء)، سپهر --- الإسلامية ط الثانية

النافع يوم الحشر، السيوري (الباب الحادي عشر مع شرحيه) --- تحقيق: الدكتور محقق

نزل الأبرار، البدخشاني --- مكتبة أمير المؤمنين علیه السلام، أصفهان

نزهة المجالس ومنتخب النفائس الصفوري الشافعي --- أحمد البابي الحلبي، مصر

ص: 507

نساء حول الرسول صلی الله و علیه وآله، بسام حمامی --- دار دانية

نسمات الأسحار؟ --- مصوّرة مكتبة المحقق الطباطبائي، قم

نصيحة الشيعة، رسول بن محمد --- مخطوط، الآستانة الرضوية المقدسة

النقض، الشيخ القزويني --- تحقيق المحدث الارموي، طهران

نوائب الدهور، السيد المير جهاني --- مكتبة الصدر، طهران

نوادر الأخبار الفيض الكاشاني --- مؤسسة المطالعات والأبحاث الثقافية

نوادر المعجزات، الشيخ الطبري الإمامي --- مؤسسة الإمام المهدى علیه السلام، قم

النواقض للروافض، البرزنجي --- مصوّرة، الآستانة الرضوية المقدسة

نور الأبصار، الشبلنجي --- دار الفكر

نور العيون، الحسيني --- مخطوط مكتبة السيد الگلپايگاني، قم

النهاية، ابن الأثير --- اسماعيليان، قم

نهاية الإرب، النويري --- الأوفست عن دار الكتب، مصر

نهاية التنوية في إزهاق التمويه، ابن الوزير --- مصوّرة مركز إحياء التراث الإسلامي، قم

نهج البلاغة، السيد الرضي، (نسخة المعجم) --- جماعة المدرسين، قم

نهج الحق، العلامة الحلى --- دار الهجرة، قم ط الرابعة

وسيلة الإسلام ابن قنفذ --- دار المغرب الإسلامي

وفاء الوفاء، السمهودي --- دار إحياء التراث العربي

وفاة الصدّيقة الزهراء علیها السلام، المقرم --- الشريف الرضي، قم

وقعة صفين، نصر بن مزاحم --- مكتبة السيد المرعشي، قم

الهداية الكبرى، حسين بن حمدان الخصيبي --- مؤسسة البلاغ، بيروت

اليقين، السيد ابن طاووس --- دار الكتاب الجزائري ، قم

ينابيع المودة، القندوزي --- اسلامبول، الأعلمي، بيروت

ص: 508

ص: 509

ص: 510

ص: 511

ص: 512

ص: 513

ص: 514

ص: 515

ص: 516

ص: 517

ص: 518

ص: 519

ص: 520

ص: 521

ص: 522

ص: 523

CONTENTS

Introductory:

1. The Prophet's prognostication of the attack.

2. Renaissance of the pre-Islamic manners after the

Prophet's decease.

3. Circumstances, peculiarities and conditions of the

occurrence.

4. Texts and reference books respecting the attack,

ordered as to names of narrators and authors.

5. Amirul Muminin's submission of grief and complaint

against usurpers of caliphate and their officials.

6. Replicating wonderments and questions appertained

to the attack.

ص: 524

THE ATTACK ON FATIMA'S HOUSE

IN THE CONSIDERABLE ISLAMIC REFERENCE BOOKS

SUNNI AND SHIITE REFERENCE BOOKS AND TEXTS PROVIDING

THE ATTACK ON HOUSE OF HER HOLINESS FATIMA AZ-ZAHRA (PEACE BE UPON HER),

EXECUTED BY USURPERS OF THE PROPHET'S SUCCESSIVE LEADERSHIP

by:

Abdo Al-Zahra Mahdi

ص: 525

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.