سرشناسه : المحمودي، محمدجواد، 1340 - ، مترجم ومحرر
عنوان المؤلف واسمه: ترتيب موضوعي لأمالي المشايخ الثلاثة : الصدوق، والمفيد والطوسي رفع الله مقامهم/ تالیف محمد جواد المحمودي
تفاصيل النشر: قم: مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، 1420ق. = 1378.
مواصفات المظهر: ج 10
فروست : (بنیاد معارف اسلامی؛ 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104)
شابک : 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-51-7(دوره) ؛ 964-6289-53-3(ج.1) ؛ 964-6289-54-1(ج.2) ؛ 964-6289-55-x(ج.3) ؛ 964-6289-56-8(ج.4) ؛ 964-6289-57-6(ج.5) ؛ 964-6289-58-4(ج.6) ؛ 964-6289-59-2(ج.7) ؛ 964-6289-60-6(ج.8)
حالة الفهرسة: فهرسة سابقة
لسان : العربية
ملحوظة: کتابنامه
عنوان آخر: الامالی
موضوع : أحاديث الشيعة -- قرن ق 4
أحاديث الشيعة -- قرن ق 5
معرف المضافة: ابن بابویه، محمدبن علی، 381 - 311ق. الامالي
معرف المضافة: مفید، محمدبن محمد، 413 - 336ق. الامالي
معرف المضافة: طوسي، محمدبن حسن، 460 - 385ق. الامالي
معرف المضافة: بنیاد معارف اسلامي
تصنيف الكونجرس: BP129/الف 2الف 8 1378
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 78-6998
ص: 1
سرشناسه:محمودی ، محمدجواد، 1340 - ، گردآورنده و تدوین گر.
ترتیب الامالی : ترتیب موضوعی لامالی المشایخ الثلاثه ، الصدوق ، و المفید و الطوسی .../ تالیف محمدجواد المحمودی قم : بنیاد المعارف الاسلامیی، 1420ق . = 1378. 1430ق=1388
10ج- (بنیاد معارف اسلامی ؛ 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104)
شابک:964-6289-51-7
(دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-51-7 (دوره ) ؛ 964-6289-53-3 (ج .1) ؛ 964-6289-54-1 (ج .2) ؛ 964-6289-55-x (ج .3) ؛ 964-6289-56-8 (ج .4) ؛ 964-6289-57-6 (ج .5) ؛ 964-6289-58-4 (ج .6) ؛ 964-6289-59-2 (ج .7) ؛ 964-6289-60-6 (ج .8)
وضعیت فهرست نویسی:فهرستنویسی قبلی
يادداشت:عربی
یادداشت:کتابنامه
عنوان دیگر:الامالی
موضوع:احادیث شیعه -- قرن ق 4
احادیث شیعه -- قرن ق 5
شناسه افزوده :ابن بابویه ، محمدبن علی ، 381 - 311ق . الامالی
شناسه افزوده :مفید، محمدبن محمد، 413 - 336ق . الامالی
شناسه افزوده :طوسی ، محمدبن حسن ، 460 - 385ق . الامالی
شناسه افزوده :بنیاد معارف اسلامی
رده بندی کنگره: BP129 /الف 2الف 8 1378
رده بندی دیویی: 297/212
شماره کتابشناسی ملی: م 78-6998
المحرر: سید محمّد رضوي
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
(٢٢٦٩) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبدالسلام بن صالح الهروي :
عن الرضا عليّ بن موسى (في حديث) قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «لمّا عُرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل علیه السلام فأدخلني الجنّة فناولني من رطبها فأكلته، فتحوّل ذلك نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسيّة ، فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة ابنتي فاطمة».
(أمالي الصدوق : المجلس 70، الحديث 7)
تقدّم تمامه في كتاب الاحتجاج.
(2270) 2 -(2)حدّثنا الحسين بن عليّ بن أحمد الصائغ قال: حدّثنا أبو عبدالله أحمد محمّد الخليلي، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن إسحاق بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن زرعة بن محمّد :
ص: 9
عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله الصادق علیه السلام: كيف كان ولادة فاطمة علیها السلام؟ فقال : «نعم، إنّ خديجة علیها السلام لمّا تزوّج بها رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم هجرتها نسوة مكّة، فكُنّ لا يدخلن عليها، ولا يسلّمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة علیها السلام لذللک، وكان جزعها وغمّها حذراً عليه صلى الله عليه و اله و سلم.
فلمّا حملت بفاطمة ، كانت فاطمة علیها السلام تحدّثها من بطنها وتصبّرها ، وكانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم ، فدخل رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم يوماً فسمع خديجة تحدّث فاطمة علیها السلام، فقال لها : يا خديجة، من تحدثين ؟
قالت : الجنين الّذي في بطني يحدّثني ويؤنسي.
قال : يا خديجة ، هذا جبرئيل يخبرني(1) أنّها أنثى، وأنّها النسلة الطاهرة الميمونة، وإنّ الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمّة ، و يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة علیها السلام ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجّهت إلى نساء قريش وبني هاشم : أن تعالين لتلِينّ منّي ماتلي النساء من النساء، فأرسلن إليها : أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا ، وتزوّجت محمّداً يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له، فلسنا نجيء ولانلي من أمرك شيئاً.
فاغتمّت خديجة علیها السلام فبينا هي كذلك ، إذ دخل عليها أربع نسوة سُمر
ص: 10
طوال، كأنّهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهنّ لمّا رأتهنّ، فقالت إحداهنّ: لا تحزني يا خديجة، فإنّا رسل ربّك إليك ، ونحن أخواتك، أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم، وهي رفيقتك في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثوم(1) اخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ماتلي النساء ، من فجلست واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة علیها السلام طاهرة مطهّرة ، فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النورحتّى دخل بيوتات مكّة، ولم يبق في شرق الأرض ولاغربها موضع إلّا أشرق فيه ذلك النور .
و دخل عشر من الحور العين كلّ واحدة منهنّ معها طست من الجنّة، وإبريق من الجنّة، وفي الإبريق ماءٌ من الكوثر، فتناولتها المرأة الّتي كانت بين يديها، فغسّلتها بماء الكوثر، وأخرجت خِرقتين بيضاوين أشدٌ بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر، فلقّتها بواحدة، وقنّعتها بالثانية، ثمّ استنطقتها فنطقت فاطمة علیها السلام بالشهادتين وقالت : أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ أبي رسول الله سيّد الأنبياء، وأنّ بعلي سيّد الأوصياء، و ولدي سادة الأسباط . ثمّ سلّمت عليهنّ وسمّت كلّ واحدة منهنّ باسمها، وأقبلن يضحكن إليها ، وتباشرت الحور العين، وبشّر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة علیها السلام، وحدث في السماء نورٌ زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك ، وقالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة مطهّرة، زكيّة ميمونة، بُورك فيها وفي نسلها . فتناولتها فرحة مستبشرة، وألقمتها ثديها، فدرّ عليها ، فكانت فاطمة علیها السلام التنمي في اليوم كما ينمي الصبيّ في الشهر، وتنمي في الشهر كما ينمي الصبيّ في السنة».
(أمالي الصدوق : المجلس 87، الحديث 1)
ص: 11
(2271) 1 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل الله قال : حدّثني عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال : حدّثني عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : حدّثني الحسن بن عبدالله بن يونس، عن يونس بن ظبيان قال :
قال أبو عبد الله الصادق : «لفاطمة علیها السلام أسماء عند الله عزّ وجلّ: فاطمة، والصدّيقة (2)، والمباركة، والطاهرة، والزكيّة، والرضيّة، والمرضيّة، والمحدثة، و الزهراء».
ثمّ قال : «تدري لأيّ شيءٍ سُمّيت فاطمة» ؟
قلت : أخبرني يا سيّدي.
قال : «فُطمت من الشرّ» .
ثمّ قال : «لولا أنّ أمير المؤمنين علیه السلام تزوّجها لما كان لها كفؤ على وجه الأرض إلى يوم القيامة، آدم فمن دونه».
(أمالي الصدوق : المجلس ٨٦ ، الحديث ١٨)
ص: 12
(2272) 2 _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحّام قال : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد الله المنصوري قال : حدّثنا عمّ أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال : حدّثني الإمام عليّ بن محمّد [الهادي] ، عن آبائه علیهم السلام قال:
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: « إنّما سمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطمها وفطم من أحبّها من النّار».
(أمالي الطوسي : المجلس 11، الحديث 18)
ص: 13
(2273) 3 _(1) أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين، عن الرضا عليّ بن موسى، عن آبائه علیهم السلام، عن أمير المؤمنين علیه السلام قال :
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: «إنّي سمّيتُ فاطمة لأنّها فُطِمت وذريّتها من النار ، من لقي الله منهم بالتوحيد والإيمان بما جئت به».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢٢ ، الحديث ٥)
ص: 14
(٢٢٧٤) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه، عن سعيد بن جبير:
عن ابن عبّاس (في حديث) عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : «وأمّا ابنتي فاطمة ، فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وهي بضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي الّتي بين جَنبيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زَهَر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته : يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي ، قائمة بين يديّ ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أنّي قد أمنتُ شيعتها من النّار» الحديث .
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤ ، الحديث ٢)
ستأتي فقرات أخرى من الحديث في الباب ٦، وتقدّم تمامه في الباب 2 من أبواب الحوادث والفتن .
ص: 15
(2275) 2 -(1) حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف، عن أبي إسحاق:
عن الحسن بن زياد العطّار قال: قلت لأبي عبد الله علیه السلام: قول رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم : «فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة» . أسيّدة نساء عالمها ؟
قال :«ذاك مريم، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين».
فقلت : فقول رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» ؟
قال: «هما والله سيّدا شباب أهل الجنّة من الأولين والآخرين».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٦ ، الحديث ٧)
(٢٢٧٦) ٣ _(2) حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن جعفر العلوي الحسني قال : حدّثنا محمّد بن علىّ بن خلف العطّار قال : حدّثنا حسن بن صالح بن أبي الأسود قال : حدّثنا أبو معشر :
عن محمّد بن قيس قال : كان النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة علیها السلام فدخل عليها فأطال عندها المّكث ، فخرج مرّة في سفر فصنعت فاطمة علیها السلام مَشكَتين من وَرَق (3)وقلادة وقرطين وستراً لباب البيت لقُدوم أبيها و زوجها علیهما السلام، فلمّا قدم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم دخل عليها ، فوقف أصحابه على الباب لا يدرون أيقفون أو ينصرفون لطُول مكته عندها ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم و قد عُرِف الغضب في وجهه حتّى جلس عند المنبر ، فظنّت فاطمة علیها السلام انّه إنّما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم لما
ص: 16
رأى من المسكتين والقلادة والقُرطين والسّتر، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها، ونزعت الستر، فبعثت به إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وقالت للرسول: قُل له صلی الله علیه و آله وسلم: « تقرأ عليك ابنتك السلام، وتقول : اجعل هذا في سبيل الله».
فلمّا أتاه وخبّره قال صلی الله علیه و آله وسلم : «فعلت فداها أبوها - ثلاث مرّات - ليست الدنيا من محمّد ولا من آل محمّد ، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بَعوضة ما أسق منها كافراً شربة ماء». ثمّ قام فدخل عليها.
(أمالي الصدوق : المجلس ٤١ ، الحديث ٧)
(٢٢٧٧) ٤ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضی الله قال: حدّثنا أبي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال : أخبرني محمّد بن يحيى الخزّاز قال : حدّثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام :
قال عليّ : «إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم دخل على ابنته فاطمة لیها السلام، وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها ، فقطعتها ورمت بها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم: «أنت منّي يا فاطمة»، ثمّ جاء سائل فناولته القلادة، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم : «اشتدّ غضب الله وغضبي على من أهرق دمي وآذاني في عترتي».
(أمالي الصدوق : المجلس 71، الحدیث 8)
ص: 17
(2278) ٥ _(1) حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : حدّثنا [ محمّد بن عطيّة قال : حدّثنا عبدالله بن عمرو بن سعيد البصري قال حدّثنا ] (2)هشام بن جعفر ، عن حمّاد :
عن عبدالله بن سُليمان (3)- وكان قارئاً للكتب - قال : قرأت في الإنجيل (في صفة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم) : «إنّما نسله من مُباركة لها بيت في الجنّة، لاصَخَب فيه : ولا نَصَب (4)، يكفّلها فى آخر الزمان كما كفّل زكريّا أمّك ، لها فَرخان مُستَشهَدان». (أمالي الصدوق : المجلس ٤٦ ، الحديث ٨)
تقدّم تمامه في ترجمة عيسى علیه السلام من كتاب النبوّة .
ص: 18
(2279)٦ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن إسحاق المادري (1)بالبصرة في رجب سنة ثمان عشرة وثلاث مئة ، قال : حدّثنا بوقلابة عبدالملك بن محمّد قال :حدّثنا غانم بن الحسن السعدي قال: حدّثنا مسلم بن خالد المكّي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد عن ابیه علیهما السلام، عن جابر بن عبدالله الأنصاري:
عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قالت فاطمة علیها السلام لرسول الله صلى الله عليه و اله و سلم : «يا أبتاه ، أين ألقاك يوم الموقف الأعظم ويوم الأهوال ، ويوم الفزع الأكبر» ؟
قال: «يا فاطمة عند باب الجنّة ومعي لواء الحمد وأنا الشفيع لأمّتي إلى ربّي »
قالت: «يا أبتاه ، فإن لم ألقك هناك» ؟
قال: «القيني على الحوض وأنا أسق أُمّتي»
قالت: «يا أبتاه فإن لم ألقك هناك» ؟
قال: «القيني على الصراط وأنا قائم أقول : ربّ سلّم أُمّتي».
قالت: «فإن لم ألقك هناك» ؟
قال : «القيني وأنا عند الميزان أقول : ربّ سلّم أُمّتي».
قالت: «فإن لم ألقك هناك» ؟
قال: «القيني عند (2)شفير جهنّم أمنع شررها ولهبها عن أُمّتي».
فاستبشرت فاطمة بذلك.
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٦ ، الحديث ١٢)
(2280) ٧ -(3) حدّثنا أبو ذر (4)يحيى بن زيد بن العبّاس رضی الله عنه الوليد البزّاز بالكوفة
ص: 19
قال : حدّثنا عمّي علي بن العبّاس قال : حدّثنا عليّ بن المنذر قال : حدّثنا عبد الله بن سالم، عن حسين بن زيد، عن عليّ بن عمر بن عليّ، عن الصادق جعفر بن
ص: 20
محمّد، عن ابیه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب علیهم السلام:
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال (1): «يا فاطمة، إنّ الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك».
قال : فجاء صندل فقال الجعفر بن محمّد علیهما السلام : يا أبا عبدالله ، إنّ هؤلاء الشباب يحِيثُونا عنك بأحاديث منكرة !
فقال له جعفر علیه السلام: «وما ذاك يا صَندل» ؟
قال: جاءنا عنك أنّك حدّثتهم «أنّ الله [ تعالى ] (2)يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها» ؟
قال : فقال جعفر علیه السلام: «يا صندل (3)، ألستم رويتم فيما تروون : أنّ الله تبارك
وتعالى يغضب(4) لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه» ؟
قال : بلى.
قال : «فما تنكرون (5)أن تكون فاطمة علیها السلام مؤمنة ، يغضب الله [تعالى] لغضبها ، ويرضى لرضاها» ؟
قال فقال : [ صدقت، ] الله أعلم حيث يجعل رسالته.
(أمالي الصدوق : المجلس ٦١ ، الحديث 1)
أبو جعفر الطوسي، عن الغضائري، عن الصدوق، مثله.
(أمالي الطوسى : المجلس ١٥ ، الحدیث 11)
ص: 21
(2281) 8 _(1) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد الصير في قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام الكاتب الإسكافي قال : حدّثنا محمّد بن القاسم المحاربي قال : حدّثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال : حدّثنا محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل الأزدي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر محمّد بن علىّ علیه السلام، عن أبيه، عن جدّه قال:
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إنّ الله ليغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها».
(أمالى المفيد : المجلس ١١ ، الحديث (٤)
(2282) 9 -(2) أخبرني أبو الحسن عليّ بن خالد المراغي قال : حدّثنا أبو القاسم
ص: 22
الحسن (1)بن عليّ بن الحسن الكوفي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مروان الغزّال
ص: 23
قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن الأحمسي قال: حدّثنا خالد بن عبدالله ، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل قال : سمعت سعد بن مالك يعني ابن أبي وقّاص يقول :
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : «فاطمة بضعة منّي، من سرّها فقد سرني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزّ البريّة عَلَيّ ».
(أمالى المفيد : المجلس 31 ، الحديث 2)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد، مثله .
(أمالي الطوسي : المجلس 1 ، الحديث 31)
(2283) 10 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله :قال حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال : حدّثنا جعفر بن سلمة الأهوازي : قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إبراهيم بن موسى ابن أخت الواقدي، قال : حدّثنا أبو قتادة الحرّاني، عن عبد الرحمان بن العلاء الحضرمي، عن سعيد بن المسيّب :
عن ابن عبّاس قال : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كان جالساً ذات یوم و عنده علیّ وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام فقال: «اللهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم النّاس عَلَيّ، فأحبب من أحبّهم، وأبغض من أبغضهم، ووال من والاهم، وعاد من عاداهم، وأعن من أعانهم ، واجعلهم مطهّرين من كلّ رجس، معصومين من كلّ ذنب، وأيّدهم بروح القدس».
ثمّ قال : «يا عليّ، أنت إمام أّمّتي وخليفتي عليها بعدي، وأنت قائد المؤمنين إلى الجنّة، وكأنّي أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن يسارها سبعون ألف ملك، وبين يديها سبعون ألف ملك، وخلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات أُمّتي إلى الجنّة، فأيّما امرأة
ص: 24
صلّت في اليوم والليلة خمس صلوات، وصامت شهر رمضان، وحجّت بيت الله الحرام، و زكّت مالها، وأطاعت زوجها، ووالت عليّاً بعدي، دخلت الجنّة بشفاعة ابنتي فاطمة، وإنّها لسيّدة نساء العالمين » (1)
فقيل له : يا رسول الله ، أهي سيّدة نساء عالمها ؟
فقال النبيّ صلى الله عليه و اله و سلم: «ذاك لمريم بنت عمران ، فأمّا ابنتي فاطمة فهي سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وإنّها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملک من الملائكة المقربين وينادونها بما نادت به الملائكة مريم، فيقولون : يا فاطمة «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»(2)
ثمّ التفت إلى عليّ علیه السلام فقال : يا عليّ، إنّ فاطمة بضعة منّي، وهي نور عيني و ثمرة فؤادي، يسوءُني ما ساءها، ويسرّني ما سرّها ، وإنّها أوّل من يلحقني من أهل بيتي ، فأحسِن إليها بعدي.
وأمّا الحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي، و هما سيّدا شباب أهل الجنّة ،فليكر ما عليك كسمعك وبصرك»
ثم رفع صلی الله علیه و آله وسلم يده إلى السماء فقال: «اللهمّ إنّي أشهدك أنّي محبّ لمن أحبّهم الله ومبغض لمن أبغضهم، وسلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم، وعدوّ لمن عاداهم ، و وليّ لمن والاهم».
(أمالي الصدوق : المجلس 73 ، الحديث 18 )
( ٢٢٨٤) ١١ -(3) حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن
ص: 25
علوية الإصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدّثنا زكريّا بن أبي زائدة قال : حدّثنا فِراس [بن يحيى ]، عن الشعبي، عن مسروق :
عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة علیها السلام.تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم فقال النبيّ صلی الله علیه و اله و سلم : «مرحباً بابنتي». فأجلسها عن يمينه ، أو عن شماله، ثمّ أسرّ إليها حديثاً فبكت ، ثمّ أسرّ إليها حديثاً فضحكت ، فقلت لها : حدّثك رسول الله بحديث فبكيتِ، ثمّ حدّثك بحديث فضحكتِ، فما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن من فرحك ؟ ! وسألتها عمّا قال.
فقالت: «ما كنتُ لأفشي سرّ رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم».
ص: 26
حتّى إذا قبض سألتها ، فقالت: «إنّه أسَرٌ إِلَيَّ فقال : إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة مرّة واحدة، وإنّه عارضني به العام مرّتين، ولا أراني إلّا وقد حضر أجلي ، وإنّك أوّل أهل بيتي لُحوقاً بي، ونعم السَّلّف أنا لك. فبكيت لذلك ، ثمّ قال: ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة - أو نساء المؤمنين-؟ فضحكتُ لذلك».
(أمالي الصدوق : المجلس 87، الحديث 2)
(2285) 12 _(1) أبو جعفر الطوسي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن الصلت قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا يعقوب بن يوسف الضبّي قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى قال : حدّثنا زكريا عن فراس، عن مسروق :
عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة علیها السلام تمشي، لا والله الّذي لا إله إلاّ هو ما مشيتها تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه واله و سلم ، فلمّا رآها قال: «مرحباً بابنتي» - مرتين- .
قالت فاطمة علیها السلام : فقال لي: «أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين - أو : سيّدة نساء هذه الأُمّة- » ؟
(أمالي الطوسي : المجلس :12 ، الحديث 9)
(٢٢٨٦) ١٣ _(2) أخبرنا أبو عبد الله حمويه بن عليّ بن حمويه قال : حدّثنا أبو الحسين
ص: 27
محمّد بن بكر الهزاني قال : حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال : حدثنا أبو الفضل العبّاس بن الفرج الرياشي قال : حدّثنا عثمان بن عمر، عن إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة :
عن عائشة قالت: ما رأيت من النّاس أحداً أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه رحّب بها، وقبل يديها ، و أجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به، وقبّلت يديه، و دخلت عليه في مرضه فسارّها فبكت، ثمّ سارّها فضحكت، فقلت: كنت أرى لهذه فضلاً على هي امرأة من النساء، فبينما هي تبكي إذ ضحكت ! فسألتها فقالت : «إني [إذن] لبذرة(1)»
فلمّا تُوفَّى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم سألتها فقالت : «إنّه أخبرني أنّه يموت، فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقاً به، فضحكت».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٤٠)
(2287) ١٤ _(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا سعيد السُكّري قال : أخبرنا محمّد بن زكريّا قال: حدّثنا العبّاس بن بكّار قال : حدّثنا عبد الله بن المثنى، عن عمّه ثمامة بن عبد الله :
ص: 28
عن أنس بن مالك ، عن أُمّه قالت: «ما رأت فاطمة علیها السلام دماً في حيض ولا في عليه نفاس».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣٤، الحديث 9)
(2288) ١٥ - حدّثني جماعة ، عن أبي غالب الزراري (1)، عن خاله [أبي العبّاس محمّد بن جعفر الرزّاز ] ، عن [أبي جعفر محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران ] الأشعري، عن [أحمد بن ] أبي عبدالله ، عن [أبي الحسين الرازي ] منصور بن العبّاس ، عن إسماعيل بن سهل الكاتب، عن أبي طالب الغنوي ، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير:
عن أبي عبدالله علیه السلام قال : «حرّم الله عزّ وجل النساء على علىّ علیه السلام ما دامت فاطمة علیها السلام حيّة .
قلت : فكيف ؟
قال: «لأنّها طاهرة لا تحيض».
(أمالي الطوسي : المجلس 2 ، الحديث 17)
(2289) ١٦ _ (2)أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد الصير في قال : أخبرنا محمّد بن إدريس قال : حدّثنا الحسن بن عطيّة قال : حدّثنا رجل يقال [له] إسرائيل(3)،عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال، عن زرّ بن حبيش:
ص: 29
عن حذيفة قال : قال لي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم: «أما رأيت الشخص الّذي اعترض لي» ؟ قلت : بلى يا رسول الله.
قال : «ذاك ملك لم يهبط قطّ إلى الأرض قبل الساعة ، استأذن الله عزّ وجلّ في السلام عَلى عليّ (1)، فأذن له فسلّم عليه ، وبشّرني أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة».
(أمالى المفيد : المجلس ٣ ، الحديث ٤)
(2290) 17 -(2) أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر بن سالم الجعابيّ قال : حدّثنا عمرو بن سعيد السجستاني قال : حدّثنا محمّد بن يزيد الفريابي قال : حدّثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو عن زرّ بن حبيش :
عن حذيفة بن اليمان قال : سمعت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يقول: «أتاني ملك لم يهبط إلى الأرض قبل وقته، فعرّفني أنّه استأذن الله عزّ وجلّ في السلام عَلَيّ، فأذن له، فسلّم عَلَيّ وبشّرني أنّ ابنتي فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة، وأنّ الحسن والحسين علیهما السلام سيّدا شباب أهل الجنّة».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣، الحديث ٣٦)
ص: 30
(2291) 18 -(1) أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد قال : أخبرنا أبو العبّاس ابن عقدة قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن القطواني قال : حدّثنا عبّاد بن ثابت قال : حدّثنا عليّ بن صالح، عن أبي إسحاق الشيباني.
قال : وحدّثني يحيى بن عبدالملك بن أبي غنية، وعبّاد بن الربيع، وعبدالله بن أبي غنية ، عن أبي إسحاق الشيباني:
عن جميع بن عمير قال : دخلت مع أُمّي على عائشة ، فذكرت لها عليّاً علیه السلام فقالت: ما رأيت رجلاً كان أحبّ إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منه، وما رأيت امرأة كانت أحبّ إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من امرأته .
(أمالي الطوسي : المجلس ٩، الحديث ٣٢)
(2292) 19 -(2) أخبرنا أحمد بن محمّد بن الصلت قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال : حدّثنا يعقوب بن يوسف الضبّي قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى قال : حدّثنا جعفر الأحمر، عن [أبي إسحاق ] الشيباني :
عن جميع بن عمير قال : قالت عمّتي لعائشة وأنا أسمع : أرأيت مسيرك إلى علىّ علیه السلام ما كان ؟
قالت : دعينا منك، إنّه ما كان من الرجال أحبّ إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من العليّ علیه السلام ، ولا من النساء أحبّ إليه من فاطمة علیها السلام.
(أمالي الطوسي : المجلس 12، الحديث 3)
(2293) 20 -(3) أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا عبدالرزّاق بن سليمان
ص: 31
بن غالب الأزدي ب_ «أرتاح» (1)، قال : حدّثنا أبو عبدالغني الحسن بن عليّ الأزدي المعاني (2)قال : حدّثنا عبد الوهّاب بن همّام الحميري قال : حدّثنا جعفر بن سليمان الضبعي ،البصري، قدم علينا اليمن قال: حدّثنا أبوهارون العبدي، عن ربيعة السعدي قال :
حدّثني حذيفة بن اليمان قال : لمّا خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قدم جعفر والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بأرض خيبر، فأتاه بالفرع من الغالية والقطيفة (3)فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : لأدفعنّ هذه القطيفة إلى رجل يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله»
فمدّ أصحاب النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أعناقهم إليها ، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم: «أين علي» ؟
فوتب عمّار بن ياسر، فدعا عليّاً علیه السلام ، فلمّا جاء قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم: «يا عليّ،خذالقطيفة إليك».
فأخذها علىّ علیه السلام وأمهل حتّى قدم المدينة، فانطلق إلى البقيع، وهو سوق المدينة ، فأمر صائغاً ففصل القطيفة سلكاً سلكاً، فباع الذهب، وكان ألف مثقال، ففرّقه عليّ علیه السلام في فقراء المهاجرين والأنصار ، ثمّ رجع إلى منزله ، و لم يترك له من الذهب قليلاً ولا كثيراً، فلقيه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم من غدٍ في نفر من أصحابه، فيهم حذيفة
ص: 32
وعمّار، فقال: «يا عليّ، إنّك أخذت بالأمس ألف مثقال ، فاجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك». ولم يكن عليّ علیه السلام يرجع يومئذ إلى شيءٍ من العروض ذهب أو فضّة، فقال حياءً منه وتكرّماً : «نعم يا رسول الله ، وفي الرحب والسعة، ادخل يا نبيّ الله أنت ومَن معك ».
قال : فدخل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ثمّ قال لنا: «ادخلوا».
قال حذيفة: وكنّا خمسة نفر : أنا وعمّار وسلمان وأبوذرّ والمقداد رضي الله عنهم، فدخلنا ودخل عليّ على فاطمة علیها السلام يبتغي عندها شيئاً من زادٍ، فوجد في وسط البيت جفنة من تريد تفور، وعليها عراق كثير ، كأنّ رائحتها المسك، فحملها عليّ علیه السلام حتّى وضعها بين يدي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ومَن حضر معه، فأكلنا منها حتّى تملّأنا ولا ينقص منها قليل ولا كثير ، وقام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم حتّى دخل على فاطمة علیها السلام وقال : «أنّى لك هذا الطعام، يا فاطمة» ؟ فردّت عليه - ونحن نسمع قولها - فقالت : «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ»(1)
فخرج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الله إلينا مستعبراً، وهو يقول: «الحمد لله الّذي لم يمتني حتّى رأيت لابنتي ما رأى زكريّا علیه السلام لمريم ، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً فيقول لها :«يَا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هَذَا» ؟ فتقول : «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِساب».
(أمالي الطوسي : المجلس : 29 ، الحديث ٧)
(٢٢٩٤)٢١-(2) وعن أبي المفضّل قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن قيس بن مسكان أبو عمر المصيصي الفقيه من أصل كتابه ، قال : حدّثنا عبدالله بن الحسين بن جابر أبو محمّد إمام جامع المصيصة قال: حدّثني عبد الحميد بن عبدالرحمان بن بشير الحمّاني قال: حدّثني عبد الله بن قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي:
ص: 33
عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح عليّ علیه السلام ذات يوم ساغباً فقال: «يا فاطمة، هل عندك شيء تطعميني»؟
قالت: «والّذي أكرم أبي بالنبوّة وأكرمك بالوصيّة، ما أصبح عندي شيء يطعمه بشر، وما كان من شيءٍ أطعمك منذ يومين إلّا شيء كنتُ أوثرك به على نفسي وعلى الحسن والحسين».
قال : «أعلى الصبييّن ؟ ! ألا أعلمتني فأتيكم بشيء» ؟
قالت: «يا أبا الحسن، إنّي لأستحيي من إلهي أن أكلّفك ما لا تقدر».
فخرج واثقاً بالله حسن الظنّ به فاستقرض ديناراً، فبينا الدينار فى يد عليّ علیه السلام إذا عرض له المقداد رحمه الله في يوم شديد الحرّ، قد لوّحته الشّمس من فوقه ومن تحته ، فأنكر علىّ علیه السلام شأنه ، فقال : «يا مقداد ، ما أزعجك هذه الساعة» ؟
قال : خلّ سبيلي يا أبا الحسن، ولا تكشفني عمّا وراني.
قال: «إنّه لا يسعني أن تجاوزني حتّى أعلم علمك».
قال : إلى الله ثمّ إليك أن تخلّي سبيلي، ولا تكشفني عن حالي.
فقال عليّ علیه السلام: «إنّه لا يسعك أن تكتمني حالك».
فقال : إذا أبيت، فوالّذي أكرم محمّداً بالنبوّة وأكرمك بالوصيّة، ما أزعجني إلّا الجهد، ولقد تركت عيالي بحال لم تحملني لها الأرض فخرجت مهموماً وركبت رأسي ، فهذه حالي.
ص: 34
فهملت عينا عليّ علیه السلام بالدموع حتّى اخضلت دموعه لحيته، ثمّ قال: «أحلف بالّذي حلفت ،به ما أزعجني من أهلي إلّا الّذي أزعجك ، ولقد استقرضت ديناراً، فخذه». فدفع الدينار إليه، وآثره به على نفسه، وانطلق إلى أن دخل مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب.
فلمّا قضى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم المغرب مرّ بعليّ بن أبي طالب وهو في الصفّ الأوّل، فغمزه برجله ، فقام علىّ علیه السلام مستعقباً خلف رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حتّى لحقه على باب من أبواب المسجد، فسلّم عليه، فردّ رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم [عليه السلام] فقال: «ي___ا أب_ا ،الحسن هل عندك شيء نتعشّاه فنميل معك» ؟ فمكث مطرقاً لا يحير جواباً، حياءً من رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم، وهو يعلم ما كان من أمر الدينار ، ومِن أين أخذه، و أين وجّهه، وقد كان أوحى الله تعالى إلى نبيّه محمّد صلى الله عليه و اله و سلم أن يتعشّى الليلة عند عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فلمّا نظر رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم إلى سكوته فقال: «يا أبا الحسن، ما لك لا تقول : «لا»،فأنصرف، أو تقول «نعم»، فأمضي معك» ؟
قال حياءً وتكرّماً: «فاذهب بنا».
فأخذ رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم يد عليّ بن أبي طالب علیه السلام، فانطلقا حتّى دخلا على فاطمة الزهراء علیها السلام وهي في مصلاّها ، قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخاناً، فلمّا سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم في رحلها خرجت من مصلاّها ، فسلّمت عليه، وكانت أعزّ النّاس عليه، فردّ عليها السلام ومسح بيده على رأسها، وقال لها : «يا بنتاه، كيف أمسيت رحمك الله» ؟
قالت: «بخير».
قال: «غفر الله لك، وقد فعل».
فأخذت الجفنة، فوضعتها بين يدي النبيّ صلى الله عليه و اله و سلم، فلمّا نظر عليّ بن أبي طالب علیه السلام إلى الطعام وشمّ رائحته رمى فاطمة علیها السلام ببصره رمياً شحيحاً، فقالت له فاطمة علیها السلام: «سبحان الله ، ما أشحّ نظرك وأشدّه ! هل أذنبت فيا بيني و بينك ذنباً استوجبت به السخطة» ؟
قال: «وأيّ ذنب أعظم من ذنب أصبته ؟! أليس عهدي بك اليوم الماضي،
ص: 35
وأنت تحلفين بالله مجتهدة ما طعمت طعاماً منذ يومين»؟
قال : فنظرت إلى السماء فقالت: «إلهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه أنّي لم أقل إلا حقاً».
فقال لها : «يا فاطمة، أنّى لكِ هذا الطعام الّذي لم أنظر إلى مثل لونه قطّ ولم أشمّ مثل ريحه قطّ، وما أكلت أطيب منه قطّ» ؟ !
قال : فوضع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كفّه الطيّبة المباركة بين كتفي عليّ بن أبي طالب علیه السلام فغمزها ، ثمّ قال: «يا عليّ ، هذا بدل دينارك ، وهذا جزاء دينارك من عند الله ، «إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِساب» (1)
ثمّ استعبر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم باكياً ، ثم قال : «الحمد لله الّذي أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتّى يجزيكما، ويجزيك يا عليّ بمنزلة زكريّا ، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران، «كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْحَرَابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً».
(أمالي الطوسي : المجلس 29 الحديث 8 )
ص: 36
(٢٢٩٥) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن يحيى العطّار قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن أبي أحمد الأزدي، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إنّ الله تبارك تعالى (2)آخى بيني وبين عليّ بن أبي طالب، و زوّجه ابنتي من (3)فوق سبع سماواته ، وأشهد على ذلك مقرّبي ملائكته، وجعله لي وصيّاً ،وخليفة، فعليّ منّي وأنا منه، محبّه محبّي، ومبغضه مبغضي، وإنّ الملائكة لتتقرب إلى الله بمحبّته».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٦ ، الحديث ٦)
حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن عبد الجبّار.(أمالي الصدوق : المجلس ٤٦ ، الحديث ٢)
(٢٢٩٦) ٢ _(4) حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثني سعد بن عبدالله قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدّثنى قال : حدثني عليّ بن الحكم قال : حدّثني الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه علیهم السلام قال :
قال أمير المؤمنين علیه السلام : دخلت أُمّ أيمن على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وفي ملحفتها شيء، فقال
ص: 37
لها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: ما معك ، يا أُمّ أيمن ؟
فقالت : إنّ فلانة ،أملكوها ، فنثروا عليها ، فأخذت من نِثارها. ثمّ بكت أُمّ أيمن :وقالت يا رسول الله، فاطمة زوّجتها ولم تنثر عليها شيئاً !
فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : يا أُمّ أيمن ، لم تكذبين ؟ ! فإنّ الله تبارك وتعالى لمّا زوّجت فاطمة عليّاً، أمر أشجار الجنّة أن تنثُر عليهم من حُليّها وحُللها وياقوتها ودرّها وزمرّدها واستبرقها، فأخذوا منها ما لا يعلمون، ولقد نحل الله طوبي في مَهر فاطمة، فجعلها في منزل علي».
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٨ ، الحديث ٣)
(2297) 3-(1)حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن سلمة بن الخطّاب البراوستاني، عن إبراهيم بن مقاتل قال : حدّثني حامد بن محمّد، عن عمرو بن هارون عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه :
عن عليّ بن أبي طالب علیه السلام قال : لقد هممت بتزويج فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهما حيناً، ولم أتجرّأ أن أذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه و اله و سلم ، وإنّ ذلك اختلّجّ في صدري ليلاً ونهاراً حتّى دخلت على رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم فقال : ياعليّ . قلت : لبيّك . قال : هل لك في التزويج ؟
ص: 38
قلت : رسول الله أعلم، وإذا هو يريد (1)أن يزوّجني بعض نساء قريش، وإنّي أن لخائف على فوت فاطمة ، فما شعرت بشيء إذ أتاني رسول رسول الله صلى الله عليه واله و سلم فقال لي : أجب النبيّ وأسرع، فما رأينا رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم أشد فرحاً منه اليوم».
قال: «فأتيته مسرعاً ، فإذا هو في حجرة أُمّ سلمة ، فلمّا نظر إليَّ تهلّل وجهه فرحاً وتبسّم حتّى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق ، فقال : أبشر يا عليّ، فإنّ الله عزّ وجلّ قد كفاني ما قد كان همّني من أمر تزويجك.
فقلت : وكيف ذلك يا رسول الله ؟
قال : أتاني جبرئيل ومعه من سنبل الجنّة وقرنفلها (2)فناولنيهما،فأخذتهما وشممتهما ، فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنفل ؟
فقال : إنّ الله تبارك وتعالى أمر سكّان الجنان من الملائكة ومن فيها أن يزيّنوا الجنان كلّها بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها، وأمر ريحها فهبت بأنواع
ص: 39
العطر والطيب، وأمر حور عينها بالقراءة فيها بسورة «طه» و«طواسين» (1)و«يس» و«حمعسق» ، ثمّ نادى منادٍ من تحت العرش : ألا إنّ اليوم يوم وليمة عليّ بن أبي طالب، ألا إنّي أشهدكم أنّي قد زوّجت فاطمة بنت محمّد من عليّ بن أبي طالب رضاً منّي ، بعضهما البعض.
ثمّ بعث الله تبارك وتعالى سحابة بيضاء ، فقطرت عليهم من لؤلؤها وزبرجدها ويواقيتها، وقامت الملائكة فنثرت من سنبل الجنّة وقرنفلها، هذا ممّا نثرت الملائكة.
ثمّ أمر الله تبارك وتعالى ملكاً من ملائكة الجنّة يقال له «راحيل»، وليس في الملائكة أبلغ منه، فقال : اخطب يا راحيل، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماء ولا أهل الأرض.
ثمّ نادى منادٍ: ألا يا ملائكتي وسكّان جنّتي ، باركوا على عليّ بن أبي طالب حبيب محمّد، وفاطمة بنت محمّد ، فقد باركت عليهما ، ألا إنّي زوّجت أحبّ النساء إليّ من أحبّ الرجال إليّ بعد النبييّن والمرسلين.
فقال راحيل الملك : يا ربّ، و ما بركتك فيهما بأكثر ممّا رأينا لهما في جنانك و دارك ؟ !
فقال عزّ وجلّ: يا راحيل إنّ من بركتي عليهما أن أجمعهما على محبّتي، وأجعلهما حجّة على خلقی، وعزّتي وجلالي لأخلقنّ منهما خلقاً، ولأنشئنّ منهما ذريّة أجعلهم خُزّاني في أرضي، ومعادن لعلمي ، ودعاة إلى ديني ، بهم أحتجّ على خلق بعد النبييّن والمرسلين .
فأبشر يا عليّ، فإنّ الله عزّ وجلّ أكرمك كرامة لم يُكرِم بمثلها أحداً، وقد زوّجتك ابنتي فاطمة على ما زوّجك الرحمان، وقد رضيت لها بما رضي الله لها، قدونك أهلك ، فإنّك أحقّ بها منّي، ولقد أخبرني جبرئيل أنّ الجنّة مشتاقة إليكما،
ص: 40
ولولا أنّ الله عزّ وجلّ قدّر أن يخرج منكما ما يتّخذه على الخلق حجّة لأجاب (1)فيكما الجنّة وأهلها ، فنعم الأخ أنت، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت ، وكفاك برضا الله رضا».
قال علي علیه السلام: فقلت : يا رسول الله ، بلغ من قدري حتّى إنّي ذكرتُ في الجنة، وزوّجني الله في ملائكته ؟ !
فقال علیه السلام: إنّ الله عزّ وجلّ إذا أكرم وليّه وأحبّه ، أكرمه بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ، فحباها الله لك يا على».
فقال علي علیه السلام: «رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ »(2) (٢). فسقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: آمين».
(أمالي الصدوق : المجلس 83 ، الحديث 1)
(2298) ٤ _(3) وبإسناده عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام (في حديث) قال : «لولا أنّ أمير المؤمنين علیه السلام تزوّجها لما كان لها كفؤ على وجه الأرض إلى يوم القيامة، آدم فمن دونه»(4).
(أمالي الصدوق : المجلس ٨٦ ، الحديث 18)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب 2 .
ص: 41
(٢٢٩٩) ٥ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : حدّثني جماعة ، عن أبي غالب الزراري، عن محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابه، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن الخيبري ، عن يونس بن ظبيان :
عن أبي عبد الله قال : سمعته يقول : «لولا أنّ الله خلق أمير المؤمنين
الفاطمة علیها السلام ما كان لها كفوٌ على الأرض».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢، الحديث ١٥)
(2300) ٦ _(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله قال :حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر،عن معلّى بن محمّد البصري،عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عليّ بن جعفر قال:
سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر علیه السلام يقول : «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ دخل عليه مَلَك له أربعة وعشرون وجهاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : جبرئيل، لم أرك في مثل هذه الصورة ؟
ص: 42
فقال الملّك : لستُ بجبرئيل، أنا محمود ، بعثني الله عزّ وجلّ أن أزوّج النور.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم: مَن ممّن؟
قال : فاطمة من عليّ».
قال: «فلمّا ولّى الملّك إذا بين كتفيه : «محمّد رسول الله عليّ وصيّه»
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منذ كم كُتِب هذا بين كتفيك ؟
فقال : من قبل أن يَخلُق الله عزّ وجلّ آدم باثنين وعشرين ألف عام».
أمالي الصدوق : المجلس ٨٦ ، الحديث ١٩)
(2301) 7 _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه الله قال : حدّثنا أبو نصر محمّد بن الحسين البصير السهروردي (1)قال : حدّثنا الحسين محمّد الأسدي قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن عبدالله بن جعفر العلوي المحمّدي قال : حدّثنا يحيى بن هاشم الغسّاني قال : حدّثنا محمّد بن مروان قال: حدّثني جويبر بن سعيد ، عن الضحّاك بن مزاحم قال :
سمعت عليّ بن أبي طالب علیه السلام يقول : «أتاني أبوبكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فذكرت له «فاطمة».
قال : «فأتيته ، فلمّا رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ضحك ، ثمّ قال : ما جاء بك يا أبا الحسن، وما حاجتك» ؟
قال : فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ، ونُصرتي له وجهادي ، فقال : يا عليّ صدقت ، فأنت أفضل ممّا تذكر .
فقلت : يا رسول الله ، فاطمة تزوّجنيها ؟
قال : يا علي، إنّه قد ذكرها قبلك رجال ، فذكرت ذلك لها ، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتّى أخرج إليك.
فدخل عليها فقامت إليه، فأخذت رداءه ونزعت نعليه ، وأت_ت_ه ب_الوضوء،
ص: 43
فوضّاته بيدها وغسلت رجليه ثمّ قعدت، فقال لها : يا فاطمة، فقالت : لبّيك ، حاجتك يا رسول الله ؟
قال : إنّ عليّ بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله و إسلامه، وإنّي قد سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فاترين ؟ فسكتت ولم تولّ وجهها، ولم ير فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهة ، فقام وهو يقول : الله أكبر سكوتها إقرارها .
فأتاه جبرئيل علیه السلام فقال : يا محمّد ، زوّجها عليّ بن أبي طالب، فإنّ الله قد رضيها له ورضيه لها».
قال علي علیه السلام : «فزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثمّ أتاني فأخذ بيدي فقال : قُم بسم الله وقُل : «على بركة الله ، وما شاء الله لا قوة إلّا بالله توكّلت على الله». ثمّ جاءني حين أقعدني عندها علیها السلام، ثمّ قال : «اللهمّ إنّهما أحبّ خلقك إلّي فأحبّهما، وبارك في ذريّتهما ، واجعل عليهما منك حافظاً، وإنّي أعيذهما وذريّتهما بك من الشيطان الرجيم».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢، الحديث 13)
(2302) 8- حدّثني جماعة ، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري، عن خاله [أبي العبّاس محمّد بن جعفر الرزّاز ] ، عن [أبي جعفر محمّد بن احمد بن یحیی بن عمران ] الأشعري، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عليّ بن أسباط ، عن داوود، عن يعقوب بن شعيب :
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «لمّا زوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة علیّاً عليها السلام دخل عليها وهي تبكي، فقال لها : ما يبكيك ؟ فو الله لو كان في أهل بيتي خير منه زوّجتك ، وما أنا زوّجتك ولكنّ الله زوّجك، وأصدق عنك الخمس ما دامت السماوات والأرض.»
قال عليّ علیه السلام: «ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قُم فبع الدِرع ، فقمت فبعته وأخذت الثمن ودخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسكبت الدراهم في حجره، فلم يسألني كم ولا أنا أخبرته، ثمّ قبض قبضة ودعا بلالاً فأعطاه وقال : ابتع لفاطمة طِيباً، ثمّ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال : ابتع لفاطمة
ص: 44
ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت. وأردفه بعمّار بن ياسر وبعدّة من أصحابه، فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشيء ممّا يصلح فلايشترونه حتّى يعرضوه على أبي بكر ، فإن استصلحه اشتروه فكان ممّا اشتروه قميص بسبعة دراهم، وخمار بأربعة دراهم ، وقطيفة سوداء خيبريّة، وسرير مزمّل بشريط (1)، وفراشان من جنس مصر، وحشو أحدهما ليف وحشو الآخر من جزّ الغنم، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر (2)، وستر من صوف، وحصير هَجَريّ ، ورحا اليد ومِخضَب (3)من نحاس، وسقي من أدم، وقعب للبن، وشيء للماء، ومطهرة مزفّتة، وجرّة (4)خضراء ، وكيزان خزف، حتّى إذا استكمل الشراء، وحمل أبوبكر بعض المتاع وحمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الّذين كانوا معه الذين كانوا معه الباقي، فلمّا عرضوا المتاع على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يقلّبه بيده ويقول : «بارك الله لأهل البيت».
قال عليّ علیه السلام: فأقمت بعد ذلك شهراً أصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرجع إلى منزلي ولا أذكر شيئاً من أمر ،فاطمة، ثمّ قلن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا نطلب لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول فاطمة عليك ؟ قلت : افعلن .
فدخلن عليه فقالت أُمّ أيمن : يا رسول الله ، لو أنّ خديجة باقية لقرّت عينها بزفاف فاطمة، وإنّ عليّاً يريد أهله، فقرّ عين فاطمة ببعلها واجمع شملهما، وقرّ عيوننا بذلك».
فقال : فما بال عليّ لا يطلب منّي زوجته ، فقد كنّا نتوقّع منه ذلك».
قال علي علیه السلام: فقلت : «الحياء يمنعني يا رسول الله . فالتفت إلى النساء فقال : مَن هاهنا ؟
فقالت أُمّ سلمة : أنا أمّ سلمة ، وهذه زينب، وهذه فلانة وفلانة.
ص: 45
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هيّتوا لابنتي وابن عمّي في حجري بيتاً .
فقالت أُمّ سلمة : في أيّ ،حجرة يا رسول اللّه :
قال : في حجرتك . وأمر نساءه أن يزيّن ويصلحن من شأنها.
فقالت أُمّ سلمة : فسألتُ فاطمة : هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك ؟
قالت : نعم فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي، فشممت منها رائحة ما
شممت مثلها قطّ، فقلت : ما هذا ؟
فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لي : يا فاطمة ، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمّك . فأطرح له الوسادة فيجلس عليها فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه ، فسأل عليّ علیه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل علیه السلام.
قال عليّ علیه السلام : ثمّ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عليّ، اصنع لأهلك طعاماً فاضلا . ثمّ قال: «من عندنا اللحم والخبر، وعليك التمر و السمن». فاشتريت تمراً وسمناً فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتّى اتّخذه خبيصاً (1)، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذبح، وخُبز لنا خبزاً كثيراً.
ثمّ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادع من أحببت . فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن أشخّص قوماً وأدع قوماً، ثمّ صعدت على ربوة هناك، وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة . فأقبل النّاس أرسالاً، فاستحييت من كثرة النّاس وقلّة الطعام، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تداخلني فقال : يا عليّ، إنّي سأدعو الله
بالبركة.
قال عليّ علیه السلام : وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي ودعوا لي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شيء، ثمّ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحاف (2)فملئت ، ووجّه بها إلى منزل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة وجعل فيها طعاماً وقال : هذا لفاطمة وبعلها.
ص: 46
حتّى إذا انصرفت الشمس للغروب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أُمّ سلمة ، هلمّي فاطمة . فانطلقت فأتت بها، وهي تسحب أذيالها، وقد تصبّبت عرقاً حياء م__ن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعثرت ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقالك الله العثرة في الدنيا ،والآخرة. فلمّا وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتّى رآها عليّ علیه السلام ، ثمّ أخذ يدها فوضعها في يد عليّ علیه السلام فقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله ، يا عليّ، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل عليّ، انطلقا إلى منزلكما، ولا تحدثا أمراً حتّى آتيكما.
قال عليّ علیه السلام : «فأخذت بيد فاطمة، وانطلقتُ بها حتّى جلست في جانب الصفّة ، وجلست في جانبها، وهي مطرقة إلى الأرض حياء منّي، وأنا مطرق إلى الأرض حياء منها، ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مَن ها هنا ؟ فقلنا : ادخل يا رسول الله ، مرحباً بك زائراً وداخلاً».
فدخل فأجلس فاطمة علیها السلام من جانبه و عليّاً علیه السلام من جانبه، ثمّ قال : «يا فاطمة، اثتيني بماء». فقامت إلى قعب (1)في البيت، فملأته ماء، ثمّ أتته به ، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثمّ مجّها في القعب، ثمّ صبّ منها على رأسها، ثمّ قال : «أقبلي». فلمّا أقبلت نضح منه بين ثدييها، ثمّ قال : «أدبري» . فلمّا أدبرت ، نضح منه بين كتفيها، ثمّ قال : «اللهمّ هذه ابنتي، وأحبّ الخلق إليّ، اللهمّ وهذا أخي و أحبّ الخلق إلَيّ، اللهمّ لك وليّاً، وبك حفيّاً، وبارك له في أهله». ثمّ قال: «يا عليّ، ادخل بأهلك ، بارك الله لك، ورحمة الله وبركاته عليكم، إنّه حميد مجيد».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢ ، الحديث ١٤)
(2303) 9 - (2)روي أنّ أمير المؤمنين علیه السلام دخل بفاطمة علیها السلام وفاة أختها رقيّة
ص: 47
زوجة عثمان ، بستّة عشر يوماً ، وذلك بعد رجوعه من بدر، وذلك لأيّام خلت من
ص: 48
شوّال.
وروي أنّه دخل بها يوم الثلاثاء لستُ خلون من ذي الحجّة، والله تعالى أعلم.
(أمالي الطوسي : المجلس ٢، الحديث ١٦)
(٢٣٠٤) ١٠ _ وبإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «حرّم الله عزّ وجلّ النساء علىّ علىه السلام ما دامت فاطمة حيّة».
قلت : فكيف ؟
قال : «لأنّها طاهرة لا تحيض».
(أمالي الطوسي : المجلس 2 ، الحديث 17 )
تقدّم إسناده في باب مناقبها علیها السلام (3)(1)
(2305) 11 -(2) أخبرنا أبو عمر عبدالواحد بن محمّد بن عبدالله بن مهدي قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن قال : حدّثنا موسى بن إبراهيم المروزي قال : حدّثنا موسى بن جعفر، عن أبيه؛
ص: 49
عن جدّه السلام علیهم السلام:
عن جابر بن عبد الله قال : لمّا زوّج رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فاطمة علیها السلام من علىّ أتاه ناس من قريش فقالوا : إنّك زوّجت عليّاً بمهر خسيس ؟ !
فقال: «ما أنا زوّجت عليّاً، ولكنّ الله عزّ وجلّ زوّجه، ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى، أوحى الله إلى السدرة: أن انثري ما عليك ، ونثرت الدرّ والجواهر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن فهنّ يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلی الله علیه و آله وسلم».
فلمّا كانت ليلة الزفاف أتى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة : «اركبي» . وأمر سلمان أن يقودها والنبي صلی الله علیه و آله وسلم يسوقها، فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي صلی الله علیه و آله وسلم وجبة (1)، فإذا بجبرئيل علیه السلام في سبعين ألفاً، وميكائيل في سبعين ألفاً، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ما أهبطكم إلى الأرض» ؟
قالوا : جئنا نزفٌ فاطمة إلى زوجها عليّ بن أبي طالب علیه السلام. فكبّر جبرئيل، و كبّر ميكائيل، وكبّرت الملائكة ، وكبّر محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة .
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث 2)
(٢٣٠٦) ١٢ -(2) أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال : حدّثني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال : حدّثني أبو الحسن عليّ بن أحمد العجلي قال : حدّثنا عبّاد بن يعقوب قال : حدّثنا عيسى بن عبد الله محمّد بن عمر بن علىّ قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه:
ص: 50
عن عليّ علیه السلام قال : «جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يطلبني، فقال: أين أخي، يا أم أيمن ؟
قالت : ومن أخوك ؟
قال : علىّ.
قالت: يا رسول الله تزوّجه ابنتك وهو أخوك ؟ !
قال : نعم، أما والله يا أُمّ أيّمن زوّجتها كفواً شريفاً وجيهاً في الدنيا والآخرة، ومن المقربين».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٢ ، الحديث 74)
(2307) 13 -(1) أخبرنا ،جماعة، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا محمّد بن فيروز بن غياث الجلّاب بباب الأبواب ، قال : حدّثنا محمّد بن الفضل بن المختار الباني، و يُعرف بفضلان صاحب الجار ، قال : حدّثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفيّة أبي حمزة قال: حدّثني أبو عامر القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة :
عن سلمان الفارسي رحمه الله (في حديث طويل) قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الفاطمة علیها السلام: «أما علمت أنّ الله تعالى اختار أباك فجعله نبياً، وبعثه إلى كافّة الخلق رسولاً ، ثمّ اختار عليّاً فأمرني فزوّجتك إيّاه واتّخذته بأمر ربّي وزيراً و وصيّاً؟».
(أمالي الطوسي : المجلس 28، الحديث 2)
تقدّم تمامه في الباب الأوّل من أبواب ما يتعلّق بارتحال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من كتاب النبوة.
ص: 51
(2308) ١٤ -(1) أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان قال : حدّثنا أبو القاسم علي بن حبشي قال : حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن الحسين ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر ، عن إسحاق بن عمّار، وأبي بصير :
عن أبي عبدالله علیه السلام قال : «إنّ الله تعالى أمهر فاطمة علیها السلام ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنّة والنّار ، تدخل أعداءها النّار، وتدخل أولياءها الجنّة، وهي الصدّيقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون (الأول)(2).
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث ٦)
ص: 52
(2309) 1 _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال: حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم:
عن أبي عبدالله علیه السلام قال : «كان أمير المؤمنين علیه السلام يحطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة علیها السلام تطحن وتعجن وتخبز».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث 13)
(2310) 2 _ أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان قال : حدّثنا أبو القاسم علي بن حبشي قال : حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن الحسين، قال حدّثنا أبي، قال: حدّثنا صفوان بن يحيى، وجعفر بن عيسى بن يقطين ، عن الحسين بن أبي غندر، عن [عبد الله بن ] أبي يعفور :
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «أوحى الله تعالى إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: قُل لفاطمة : لا تعصي عليّاً ، فإنّه إن غضب غضبت لغضبه». (أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث ٧)
ص: 53
(2311) 1 -(1) أبو جعفر الصدوق بإسناده عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم( في حديث طويل) قال: : «وأمّا ابنتي فاطمة، فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وهي بضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي وهي روحي الّتي بين جَنبيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زَهَر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته :
«يا ملائكتي ، انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي، قائمة بين يديّ ترتعد فرائصها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أنّي قد أمنتُ شيعتها من النّار». وإنّي لمّا رأيتها ذكرتُ ما يُصنع بها بعدي، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقّها ، ومنعت إرثها ، وكسر جنبها (2)، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: «يا محمّداه»، فلاتجاب ، وتستغيث فلاتُغاث ، فلاتزال بعدي محزونة مكروبة باكية، تتذكّر انقطاع الوحى عن بيتها مرّة، وتتذكّر فراقي أخرى وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي الّذي كانت تستمع إليه إذا تهجّدت بالقرآن، ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيّام أبيها عزيزة، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مریم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة «انّ اللهَ اصْطَفَاكِ وطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمينَ» ، يا فاطمة «اقْنُتِى لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ» (3)
ثمّ يبتدئ بها الوَجَع فتمرض، فيبعث الله عزّ وجلّ إليها مريم بنت عمران، تُمَرّضها وتُؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: «يا ربّ إنّي قد سَئمتُ الحياة ، وتبرّمت
ص: 54
بأهل الدنيا ، فألحقنى بأبي». فيلحقها الله عزّ وجلّ بي، فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم عَلَيّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول عند ذلك : «اللهمّ العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وأذِلّ من أذّلها ، وخلّد في نارك من ضرب جنبها ، حتّى ألقت ولدها». فتقول الملائكة عند ذلك : آمين».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤، الحديث ٢)
تقدّم إسناده في باب مناقبها علیها السلام، و تمامه في الباب 2 - إخبار الله تعالى نبيّه وإخبار النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أمته بما جرى على أهل بيته علیهم السلام من الظلم والعدوان _ من أبواب الحوادث والفتن. (1)
(2312) 2 -(2) حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال : حدّثنا العبّاس بن معروف :
عن محمّد بن سهل البحراني(3)، رفعه إلى أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد علیه السلام قال : «البكّاءُون خمسة آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وسلم ، وعلي بن الحسين علیه السلام.
فأمّا آدم، فبكى على الجنّة حتّى صار في خدّيه أمثال الأودية .
ص: 55
وأمّا يعقوب فبكى على يوسف حتّى ذهب بصره، وحتّى قيل له :« تَاللهِ تَفْتَوا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ» (1).
وأمّا يوسف، فبكى على يعقوب حتّى تأذى به أهل السجن، فقالوا : إما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل وإمّا أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار، فصالحهم على واحد منهما .
وأمّا فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وسلم ، فبكت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى تأذى بها أه_ل المدينة، وقالوا لها : قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثمّ تنصرف .
وأمّا عليّ بن الحسين ، فبكى على الحسين علیه السلام عشرين سنة ، أو أربعين سنة، وما وُضع بين يديه طعامٌ إِلَّا ،بكي حتّى قال له مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين ! قال :«إِنما أَشْكُو بَنِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ» (2)، إنّي لم أذكر مَصْرَع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عَبرة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٩ ، الحديث ٥)
(23133) - أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن موسى بن بابويه قال : حدّثني أبي قال: حدّثنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا محمّد بن عبد الجبار قال : حدّثنا ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة : عبدالله بن العبّاس قال : لمّا حضرت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الوفاة بكى حتّى بلّت عن دموعه لحيته ، فقيل له : يا رسول الله ، ما يبكيك؟ فقال: «أبكي لذريّتي وما تصنع بهم شرار أُمّتي من بعدي ، كأنّي بفاطمة ابنتي وقد ظُلمت بعدي وهي تنادي: «يا أبتاه ، يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أُمّتي».
ص: 56
فسمعت ذلك فاطمة علیها السلام، فبكت ، فقال لها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لا تبكين ، يا بنية».
فقالت: «لست أبكي لما صنع بي من بعدك، ولكن أبكي لفراقك يا رسول».
فقال لها : «أبشري يا بنت محمّد بسرعة اللحاق بي، فإنّك أوّل من يلحق بي من أهل بيتي».
(أمالي الطوسي : المجلس ٧ ، الحديث 18).
(٢٣١٤)٤ _ أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني محمّد بن أحمد المنصوري قال: حدّثنا سليمان بن سهل قال : حدّثنا عيسى بن إسحاق القرشي قال : حدّثنا حمدان بن عليّ الخفّاف قال : حدّثنا عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ لیهما السلام ، عن عن أبيه علىّ بن الحسين عليه السلام، عن محمّد بن عمار بن ياسر:
عن أبيه عمّار رحمه الله قال : لمّا مرضت فاطمة علیها السلام مرضها الّذي توفّيت فيه و ثقلت ، جاءها العبّاس بن عبد المطلب عائداً ، فقيل له : إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد. فانصرف إلى داره ، فأرسل إلى علىّ علیه السلام فقال لرسوله : قُل له : يا ابن أخ ، عمّك يقرؤك السلام ويقول لك : قد فجأني من الغمّ بشكاة حبيبة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وقرّة عينه وعيني فاطمة ما هدّني، وإنّي لأظنّها أوّلنا لحوقاً برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإن كان من أمرها لابدّ منه، فأجمع - أنا لك الفداء - المهاجرين والأنصار حتّى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها ، وفي ذلك جمال للدين .
فقال علىّ علیه السلام لرسوله ، وأنا حاضر عنده: «أبلغ عمّي السلام ، وقُل [له] : لا عدمت إشفاقك وتحنّنك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله، إنّ فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لم تزل مظلومة من حقّها ممنوعة ، وعن ميراثها مدفوعة ، لم تحفظ فيها وصيّة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ولا رُعى فيها حقّه ولا حق الله عزّ وجلّ، وكفى بالله حاكماً، ومن الظالمين منتقماً، وإنّي أسألك ياعمّ أن تسمح لي بترك ما أشرت به فإنّها وصّتني بستر أمرها».
ص: 57
قال : فلمّا أتى العبّاس رسوله بما قاله عليّ علیه السلام قال : يغفر الله لابن أخي، فإنّه لمغفور له ، إنّ رأي ابن أخي لا يُطعن فيه، إنّه لم يولد لعبد المطّلب مولود أعظم بركة من عليّ إلّا النبي صلی الله علیه و آله وسلم، إنّ عليّاً لم يزل أسبقهم إلى كلّ مكرمة، وأعلمهم بكلّ قضيّة ، و أشجعهم في الكريهة ، وأشدّهم جهاداً للأعداء في نصرة الحنيفيّة ، وأوّل آمن بالله و رسوله صلی الله علیه و آله وسلم».
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث ١٠)
(231٥) ٥ -(1) أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال: حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن عليّ بن علي الدعبلي الخُزاعي قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الخزّاز ببغداد بالكرخ بدار كعب ، قال : حدّثنا أبو سهل الرفاء قال : حدّثنا عبد الرزّاق .
ص: 58
ص: 59
قال الدعبلي : وحدّثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري بصنعاء اليمن في سنة ثلاث وثلاثين ومئتين ، قال : حدّثنا عبد الرزّاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود :
عن ابن عبّاس قال: دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يعدنها في علّتها فقلن لها : السلام عليك يا بنت رسول الله ، كيف أصبحت ؟
فقالت: «أصبحتُ والله عائفة لدنياكن ، قالية (1)الرجالكنّ ، لفظتهم (2)عجمتهم (3)، وسئمتهم (4)بعد إذ سيرتهم (5)، فقبحاً لأُفُون الرأي وخطل القول وخور القناة (6)، و لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ هُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ
ص: 60
خالِدُونَ» (1)و لاجرم والله لقد قلّدتهم ربقتها (2)، و شننت (3)علیهم عارها فجدعا (4)و رغماً للقوم الظالمين.
ويحهم ، أنّى زحزحوها (5)عن أبي الحسن ! ما نقموا والله منه إلا نكير سيفه (6)و نكال وقعه (7)، وتنمّره في ذات الله (8)، وتالله لو تكافّوا عليه عن زمام نبذه (9)
ص: 61
إليه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لاعتلقه (1)، ثم لسار بهم سيراً سجحاً (2)، فإنّه قواعد الرسالة ، ورواسي النبوّة، ومهبط الروح الأمين، والبطين بأمر الدين في الدنيا و الآخرة «أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ المُبِينُ» (3)والله لا يُكتلم خشاشه (4)، ولا يتعتع (5)راكبه، ولأوردهم منهلاً رويّاً فضفاضاً (6)، تطفح ضفته (7)، ولأصدرهم بطاناً قد خثر بهم الرِيّ غير متحلّ بطائل إلّا بغَمْر الناهل (8)و رَدْع سورة الساغب (9)، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، و سيأخذهم الله بما كانوا يكسبون .
فهلمّ ،فاسمع، فما عشت أراك الدهر العجب (10)، وإن تعجب بعد الحادث، فما بالهم بأيّ سندٍ استندوا، أم بأيّة عُروة تمسّكوا ؟ لَبِئْسَ المُولى وَلَبِئْسَ
ص: 62
الْعَشِيرُ» (1)و «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً » (2)
استبدلوا الذنابي بالقوادم (3)، والحرون بالقاحم (4)، والعجز بالكاهل (5)، فتعساً لقوم «يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعام» (6)، «أَلا إِنَّهُم هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشعُرُونَ» (7)، «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهْدِي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» (8).
لقحت فنظرة (9)ريثما تنتج (10)، ثمّ احتلبوا طلاع القعب (11)دماً عبيط (12)و ذعافاً مضاً (13)، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غبّ (14)ما أسّس
ص: 63
الأولون، ثمّ طيبوا بعد ذلك عن أنفسكم لفتنتها ، ثمّ اطمأنّوا للفتنة جأش (1)، و أبشروا بسيف صارم (2)، وهرج (3)دائم شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيداً (4)، وجمعكم (5)حصيداً ، فيا حسرة لهم وقد عميت عليهم الأنباء
«أَنَّلْزِ مُكُمُوها وَأَنْتُمْ هَا كَارِهُونَ»(6)
(أمالي الطوسي : المجلس ١٣ ، الحديث ٥٥)
(٢٣١٦) ٦ _(7) أخبرنا أبو عبد الله حمويه بن عليّ بن حمويه قال : حدّثنا أبو الحسين
ص: 64
محمّد بن بكر الهزاني قال : حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال : حدّثنا العبّاس بن الفرج الرياشي قال : حدّثنا محمّد بن أبي رجاء أبو سليمان، عن إبراهيم بن سعد، عن [محمّد] بن إسحاق (1)، عن عبيد الله (2)بن عليّ بن أبي رافع ، عن أبيه
عن سلمى امرأة أبي رافع قالت : مرضت فاطمة علیها السلام، فلمّا كان في اليوم الّذي الله ماتت فيه قالت: «هيّني لي ماءً . فصببت لها ، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل، ثمّ قالت: «ائتيني بثيابي الجدد» . فلبستها.
ثمّ أتت البيت الّذي كانت فيه فقالت : «افرشي لي في وسطه» . ثمّ اضطجعت واستقبلت القبلة ووضعت يدها تحت خدّها ، وقالت: «إنّي مقبوضة الأن، فلا أكشفن فإنّي قد اغتسلت».
قالت : وماتت، فلمّا جاء علىّ علیه السلام أخبرته ، فقال : «لا تُكشَف». فحملها بغُسلها (3)
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٤١)
ص: 65
ص: 66
(2317) 7 _(1) أبو عبد الله المفيد قال : حدبثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال : حدّثنا أبي، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا محمّد بن عبد الجبّار، عن القاسم بن محمّد الرازي، عن عليّ بن محمّد الهرمزاني(2)
عن عليّ بن الحسين بن عليّ، عن أبيه الحسين علیه السلام قال : «لمّا مرضت فاطمة بنت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم و علیها السلام وصّت إلى عليّ صلوات الله عليه (3)أن يكتم أمرها ، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحداً بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرّضها بنفسه ، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استمرار (4)بذلك كما وصّت به .
ص: 67
فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أمير المؤمنين علیه السلام أن يتولّى أمرها، ويدفنها ليلاً، ويعني قبرها (1)، فتولّى ذلك أمير المؤمنين علیه السلام ودفنها، وعنى موضع قبرها ، فلمّا نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن ، فأرسل (2)دموعه على خدّيه، وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله علیها السلام فقال :
«السلام عليك يا رسول الله منّي والسلام عليك من ابنتك (3)، وحبيبتك ، وقرّة عينيك ، و زائرتك ، والبائتة(4) في الثرى ببقعتك ، والمختار لها الله (5) سرعة اللحاق بك، قَلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلّدي (6)، إلّا أنّ في التأسي لي بسنّتك و الحزن الّذي حلّ بي بفراقك موضع التعزّي ، فلقد (7)وسّدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمّضتك بيدي، وتولّيت أمرك بنفسي ، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول (8): «إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ».
لقد (9) استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة واختلست (10)الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء ، يا رسول الله أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد (11)، لا يبرح ، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك الّتي أنت فيها مقيم (12)کمد (13)مقيّح ، وهمّ مهيّج ،
ص: 68
سرعان ما فرّق بیننا،والی الله اشکو.
وستنبئك ابنتك بتظاهر (1) أُمّتك عَلَى وعلى هضمها (2)حقّها ، فاستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بنّه سبيلاً وستقول ، ويحكم الله [ بيننا ] (3)وهو خير الحاكمين .
سلام عليك يا رسول الله سلام مودّع ، لا سئم ولا قال ، فإن انصرف فلا عن ملالة ، و إن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين ، الصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت (4)المقام عند قبرك لزاماً ، والتلبث (5)عنده معكوفاً ، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة، فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً ، وتهتضم حقّها قهراً، وتمنع(6) إرثها جهراً، و لم يطل العهد، ولم يخل (7)منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى وفيك أجمل العزاء ، وصلوات الله عليك وعليها (8)ورحمة الله وبركاته».
(أمالى المفيد : المجلس 33، الحديث 7)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد مثله ، بتفاوت ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ٤ ، الحديث ٢٠)
(2318) 8 __(9) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رحمه الله.
ص: 69
قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال : حدّثنا بكر بن عبد
ص: 70
الله بن حبيب قال :حدّثنا محمّد بن عبيد الله، وعبد الله بن الصلت الجحدري قالا : حدّثنا ابن عائشة :
عن عبد الله بن عبد الرحمان الهمداني، عن أبيه قال : لمّا دفن عليّ بن أبي طالب فاطمة علیها السلام، قام على شفير القبر، وذلك في جوف الليل لأنّه كان دفنها ليلاً (1)، ثمّ أنشأ يقول :
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة *** وكلّ الذي دون الممات قليل
وإنّ افتقادي واحداً بعد واحد *** دليل على أن لا يدوم خليل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودّتي *** ويحدث بعدي للخليل خليل
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٤ ، الحديث ١٠)
(2319) 9 -(2) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن حمّاد بن عيسى قال : حدّثنا الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه علیهما اللام قال : قال جابر بن عبد الله :
ص: 71
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول لعليّ بن أبي طالب علیه السلام قبل موته بثلاث : «سلام الله عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك ، والله خليفتي عليك».
فلمّا قبض رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال عليّ علیه السلام : «هذا أحد رُكني الّذي قال لي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم».
فلمّا ماتت فاطمة علیها السللم قال عليّ علیه السلام :«هذا الركن الثاني الّذي قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم».
(أمالي الصدوق : المجلس 28 ، الحديث ٤)
(2320) 10 _(1) حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب رضی الله عنه قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العبّاسي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن يزيد الزيّات الكوفي قال : حدّثنا سليمان بن حفص المروزي قال : حدّثنا سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال :
ص: 72
سئل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام عن علِّة دفنه لفاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ليلاً ؟ فقال علیه السلام: «إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حُضورهم جنازتها ،وحرام على من يتولّاهم أن يصلّي على أحد من ولدها».
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ٩)
ص: 73
(2321) 1 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال : حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عبد الواحد الخزّاز قال : حدّثني إسماعيل بن علي السندي، عن منيع بن الحجّاج، عن عيسى بن موسى، عن جعفر الأحمر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر علیهما السلام قال : سمعت جابر بن عبدالله الأنصاري يقول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنّة مديّجة (2)الجنبين ، خطامها من لؤلؤ ،رطب، قوائمها من الزمرّد الأخضر ذنبها من المسك الأذفر (3)، عيناها ياقوتتان حمراوان، عليها قبة من نور يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها داخلها عفو الله وخارجها رحمة الله (4)، على رأسها تاج من نور للتاج سبعون ركناً كلّ ركن مرصّع بالدرّ والياقوت يضيء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء، وعن يمينها سبعون ألف ملك وعن شمالها سبعون ألف ملك ، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته : «غضّوا أبصاركم تجوز فاطمة بنت محمد صلی الله علیه و آله وسلم». فلايبق يومئذ نبيّ ولا رسول ولا صدّيق و لا شهيد إلا غضّوا أبصارهم (5)حتّى
ص: 74
تجوز فاطمة بنت محمّد، فتسير حتّى تحاذي عرش ربّها جلّ جلاله فتزجّ بنفسها عن ناقتها وتقول : إلهي وسيّدي احكم بيني وبين من ظلمني، اللهمّ احكم بيني وبين من قتل ولدي.
فإذا النداء من قبل الله جلّ جلاله : ياحبيبتي وابنة حبيبي، سليني تعطي، و اشفعي تشفّعي (1)، فوعزّتي وجلالي لاجازني ظلم ظالم.
فتقول : إلهي وسيّدي ، ذريّتي وشيعتي وشيعة ذرّيتي ومحبّي ومحبّي ذرّيتي .
فإذا النداء من قبل الله جلّ جلاله : أين ذريّة فاطمة وشيعتها ومحبّوها ومحبّو ذريتها . فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة حتّى تدخلهم الجنة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥ ، الحديث ٤)
(2322) 2 _(2) أبو عبدالله المفيد قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن موسى قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان :
عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد صلى الله عليه وسلم قال : «إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد ثمّ أمر منادياً فنادى (3): غُضّوا أبصاركم و نكّسوا رؤوسكم حتّى تجوز فاطمة ابنة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم الصراط».
ص: 75
ص: 76
قال : فتغضّ الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة علیها السلام على نجيب من نجب الجنّة : يشيّعها سبعون ألف ملك ، فتقف موقفاً شريفاً من مواقف القيامة، ثمّ تنزل عن جيبها فتأخذ قميص الحسين بن عليّ علیهما السلام بيدها مضمّخاً ب_ بيدها مضمّخاً بدمه، وتقول : يا ربّ، هذا قميص ولدي، وقد علمت ما صنع به(1).
فيأتيها النداء من قبل الله عزّ وجلّ : يا فاطمة لك عندي الرضا . فتقول : يا ربّ ، انتصر لي من قاتله . فيأمر الله تعالى عنقاً من النّار فتخرج من جهنّم فتلتقط
ص: 77
قتلة الحسين بن عليّ علیه السلام كما يلتقط الطير الحبّ، ثمّ يعود العنق بهم إلى النّار، فيعذّبون فيها بأنواع العذاب.
ثمّ تركب فاطمة علیها السلام نجيبها حتّى تدخل الجنّة، ومعها الملائكة المشيّعون لها، وذريّتها بين يديها وأولياؤهم من النّاس عن يمينها وشمالها».
(أمالي المفيد : المجلس ١٥ ، الحديث ٦)
(2323)3 _ أبو جعفر الصدوق بإسناده عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم(في حديث) قال : وكأنّي أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور ، عن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن يسارها سبعون ألف ملك، وبين يديها سبعون ألف ملك، وخلفها سبعون ألف ملك تقود مؤمنات أُمّتي إلى الجنّة، فأيّما امرأة صلّت في اليوم والليلة خمس صلوات، وصامت شهر رمضان، وحجّت بيت الله الحرام، وزكّت مالها، وأطاعت زوجها ووالت عليّاً ،بعدي، دخلت الجنّة بشفاعة ابنتي فاطمة، وإنّها لسيدة نساء العالمين» الحديث (1).
(أمالي الصدوق : المجلس 73 ، الحديث 18)
تقدّم تمامه في باب مناقبها علیها السلام.(2)
ص: 78
ص: 79
ص: 80
(٢٣٢٤) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السكري قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا قال : حدّثنا العبّاس بن بكّار قال : حدّثنا حرب بن ميمون، عن أبي حمزة الثمالي، عن زيد بن عليّ:
عن أبيه عليّ بن الحسين علیه السلام قال : «لمّا ولدت فاطمة الحسن علیهما السلام قالت لعليّ علیه السلام : سَمِّه . فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله.
فجاء رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فأخرج إليه في خرقة صفراء، فقال : ألم أنهكم أن تلفّوه في صفراء. ثمّ رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفّه فيها ، ثمّ قال لعليّ علیه السلام : هل سمّيته ؟
فقال: ما كنت لأسبقك باسمه .
فقال صلی الله علیه و آله وسلم: وما كنت لأسبق باسمه ربِّي عزّ و جلّ.
فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنّه قد وُلد لمحمّد ابنُ فاهبط وأقرئه السلام وهنّئه، وقُل له : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى فسمّه باسم ابن هارون.
فهبط جبرئيل علیه السلام فهنّاه من الله عزّ وجلّ، ثمّ قال : إن الله عزّ وجلّ يأمرك أن تُسمّيه باسم ابن هارون .
قال : وما كان اسمه ؟
قال : شُبّر.
قال : لساني عربيّ.
ص: 81
قال : سمّه الحسن . فسمّاه الحسن.
فلمّا ولد الحسين الله أوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرئيل أنّه قد ولد لمحمّد ابن، فاهبط إليه وهنّئه، وقُل له : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون.
قال : فهبط جبرئيل فهنّاه من الله تبارك وتعالى، ثمّ قال : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى فسمّه باسم ابن هارون .
قال : وما اسمه ؟ قال : شُبير .
قال : لساني عربيّ . قال : سمّه الحسين . فسمّاه الحسين .
(أمالي الصدوق : المجلس (28 ، الحديث 3)
(٢٣٢٥) ٢ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن عليّ بن عليّ الدعبلي الخُزاعي قال: حدّثني أبي أبو الحسن عليّ بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمان قال: حدّثنا سيّدي أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين علیهم السلام قال :
حدّثتني أسماء بنت عميس الختعميّة قالت : قبلت (2)جدّتك فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الحسن والحسين علیهما السلام ، قالت : فلمّا ولدت الحسن علیه السلام جاء النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الله فقال : «يا أسماء، هاتي ابني».
ص: 82
قالت : فدفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها وقال: «ألم أعهد إليكنّ ألّا تلقّوا المولود في خرقة صفراء». ودعا بخرقة بيضاء فلفّه فيها، ثمّ أذّن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى ، و قال لعليّ علیه السلام : سم سمّيت ابنك هذا ؟
قال: «ماكنت لأسبقك باسمه يا رسول الله».
قال صلی الله علیه و آله وسلم: «وأنا ما كنت لأسبق ربّي عزّ وجلّ».
قال : فهبط جبرئیل ، فقال : «إنّ الله عزّ وجلّ يقرئ عليك السلام ويقول لك : يا محمّد ، عليّ منك بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدك ، فسمّ ابنك باسم ابن هارون».
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم: «يا جبرئيل، وما اسم ابن هارون ؟
قال جبرئيل: «شُبّر».
قال : «وما شبّر» ؟
قال : «الحسن».
ص: 83
قالت أسماء : فسمّاه الحسن .
قالت أسماء : فلمّا ولدت فاطمة الحسين علیهما السلام نفستها به فجاءني النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم: فقال: «هلمّي ابني يا أسماء». فدفعته إليه في خرقة بيضاء، ففعل به كما فعل بالحسن علیه السلام.
قالت: وبكى رسول الله ثمّ قال : «إنّه سيكون لك حديث، اللهمّ العن قاتله، لاتعلمي فاطمة بذلك».
قالت : فلمّا كان يوم سابعه جاءني النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فقال : «هلمّي ابني». فأتيته به، ففعل به كما فعل بالحسن ، وعقّ عنه كما عقّ عن الحسن كبشاً أملح، وأعطى القابلة رجلاً، وحلق رأسه وتصدّق بوزن الشعر ورِقا (1)، وخلق رأسه بالخّلوق (2)، و قال: «إنّ الدم من فعل الجاهليّة».
قالت : ثمّ وضعه في حِجره، ثمّ قال : «يا أبا عبد الله ، عزيز عَلَيّ » ثمّ بكى فقلت بأبي أنت وأمّي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأوّل، فما هو ؟! فقال : «أبكي على ابني هذا، تقتله فئة باغية كافرة من بني أُميّة ، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، يقتله رجل يثلم الدين ويكفر بالله العظيم».
ثمّ قال : «اللهمّ إنّي أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريّته، اللهمّ أحبّهما، و أحبّ من يحبّهما ، والعن من يبغضهما ملء السماء والأرض».
(أمالي الطوسي : المجلس 13، الحديث 32)
(٢٣٢٦) ٣ _(3) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي علیه السلام قال : حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمّد بن عيسى وأبي إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حمّاد قال : حدّثنا عبد الله بن سنان :
ص: 84
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «أقبل جيران أمّ أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنّ أمّ أيمن لم تَنَم البارحة من البكاء، لم تزل تبكى حتّى أصبحت» !
قال: «فبعث رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الى أُمّ أيمن فجاءته ، فقال لها : يا أُمّ أيمن ، لا أبكى الله عينيك ، إنّ جيرانك أتوني وأخبروني أنّك لم تَزَلي الليل تبكين أجمع، فلا أبكى الله عينيك ، ما الّذي أبكاك ؟
قالت : يا رسول الله، رأيت رؤياً عظيمةً شديدةً، فلم أزل أبكي الليل أجمع . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فقصّيها على رسول الله ، فإنّ الله ورسوله أعلم».
فقالت : تَعظُم عَلَيّ أن أتكلّم بها .
فقال لها : «إنّ الرؤيا ليست على ما ترى، فقصّيها على رسول الله».
قالت : رأيت في ليلتي هذه كأنّ بعض أعضائك ملقیِّ في بيتي !
فقال لها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «نامت عينك يا أُمّ أيمن ، تلد فاطمة الحسين ، فتُربّينه و تلينه ، فيكون بعض أعضائي في بيتك».
فلمّا ولدت فاطمة الحسين علیها السلام، فكان يوم السابع، أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فحلق
ص: 85
رأسه وتصدّق بوزن شعره ،فضّة ، وعقّ عنه، ثمّ هيّأته أُمّ أيمن ولفته في بُرد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ أقبلت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال صلی الله علیه و آله وسلم: «مرحباً بالحامل و المحمول، یا أم أيمن، هذا تأويل رؤياك».
(أمالي الصدوق : المجلس ١٩، الحديث 1)
(2327) ٤ -(1) حدّثنا أحمد بن الحسن المعروف بأبي عليّ بن عبدويه قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السُكّري قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا الجوهري قال: حدّثنا العبّاس بن بكّار قال : حدّثني الحسين بن يزيد ، عن عمر بن علي بن الحسين، عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء بنت أبي بكر:
عن صفيّة بنت عبد المطّلب قالت : لمّا سقط الحسين علیه السلام من بطن أُمّه وكنت وليتها ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «يا عمّة ، هلمّي إلىّ ابني».
فقلت : إنّا لم نُنَظِّفه بعد .
فقال : «يا عمّة أنت تُنظّفينه ؟ ! إنّ الله تبارك وتعالى قد نظّفه وطهّره».
(أمالي الصدوق : المجلس 28 ، الحديث ٥)
(2328) ٥ _ وحدّثنا أحمد بن الحسن بهذا الإسناد عن صفيّة بنت عبد المطّلب قالت : لمّا سقط الحسين علیه السلام من بطن أُمّه ، فدفعته إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، فوضع النبيّ لسانه فيه ، و أقبل الحسين على لسان رسول الله يَمُصّه، فما كنتُ أحسب رسول الله يغذوه إلّا لبناً أو عسلاً.
قالت : فبال الحسين علیه السلام، فقبل النبيّ بين عينيه، ثمّ دفعه إليّ، وهو يبكي يقول: «لعن الله قوماً هم قاتلوك يا بُنَيّ». يقولها ثلاثاً.
ص: 86
قالت : فقلتُ : فداك أبي وأُمّي ، ومَن يقتله ؟ قال : «بقية الفئة الباغية من بني أُميّة لعنهم الله»
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٨ ، الحديث ٦)
(٢٣٢٩) 6-(1) حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمه الله قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال: حدّثنا موسى بن عمر، عن عبد الله صباح (2)المزني، عن إبراهيم بن شعيب الميثمي قال :
سمعت الصادق أبا عبد الله علیه السلام يقول : إنّ الحسين بن عليّ علیه السلام لمّا ولد ، أمر الله عزّ وجلّ جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيُهنّى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من الله و من جبرئيل».
قال : «فهبط جبرئيل، فمرّ على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له «فطرس»،
ص: 87
كان من الحملة، بعثه الله عزّ وجلّ في شيء فأبطاً عليه، فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة، فعبد الله تبارك وتعالى فيها سبع مئة عام حتى ولد الحسين بن عليّ علیهما السلام ، فقال الملك لجبرئيل : يا جبرئيل، أين تريد ؟ قال : إنّ الله عزّ وجلّ أنعم على محمّد بنعمة ، فبُعِثتُ أهنّئه من الله ومنّي . قال : يا جبرئيل، احملني معك، لعلّ محمداً صلی الله علیه و آله وسلم يدعو لي» قال : فحمله».
قال: «فلمّا دخل جبرئيل على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم هناه من الله عزّ وجل ومنه وأخبره» بحال فطرس ، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : قُل له : تمسّح بهذا المولود وعُد إلى مكانك».
قال: «فتمسّح فطرس بالحسين بن عليّ علیهما السلام وارتفع ، فقال : يا رسول الله، أما إنّ أُمّتك ستقتله ، وله عَلَيّ مكافأة ، ألا يزوره زائر إلّا أبلغته عنه ، ولا يسلّم عليه مسلّم إلا أبلغته سلامه ، ولا يصلّي عليه مصلّ إلّا أبلغته صلاته . ثمّ ارتفع».
(أمالي الصدوق : المجلس 28، الحديث 9)
(2330) 7 _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال: حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي، محمّد بن بن أبي عمير، عن هشام بن سالم:
ص: 88
عن أبي عبدالله علیه السلام قال : حمل الحسين علیه السلام ستة أشهر، و أرضع سنتين، و هو قول الله عزّ وجلّ : ( وَرَصَّيْنَا الإِنْسانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمَلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (1).
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث ١٤ )
ص: 89
أقول : مضى كثير ممّا ورد في مناقبهما علیهما السلام في باب مناقب أصحاب الكساء، وبعضها في الباب 3 من تاريخ سيّدة النساءعلیها السلام، وسيأتي ما يختصّ بكلّ واحد منهما علیهما السلام في موضعه.
(2331) 1 -(1) أبو جعفر الصدوق قال: حدّثنا أبى رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن يوسف بن الحارث، عن محمّد بن مهران، عن عليّ بن الحسن قال : حدّثنا عبدالرزّاق،عن معمر، عن إسماعيل بن معاوية عن نافع عن ابن عمر قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إذا كان يوم القيامة زيّن عرش ربّ العالمين بكلّ زينة، ثمّ يؤتى بمنبرين من نور طولهما مئة ميل، فيوضع أحدهما عن يمين العرش والآخر عن يسار العرش، ثمّ يؤتى بالحسن والحسين علیهما السلام، فيقوم الحسن على أحدهما والحسين على الآخر، يزيّن الربّ تبارك وتعالى بهما عرشه كما يزيّن المرأة قرطاها ».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤ ، الحديث ١)
(2332) 2) _(2) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد الحفّار قال :
ص: 90
ص: 91
حدّثني أبو الفضل عيسى بن المتوكّل على الله قال : حدّثنا علىّ بن عبيد قال : حدّثنا محمّد بن سهل قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد البلوي قال : حدّثني إبراهيم بن عن ، عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن عبیدالله بن أبي طالب علیه السلام :
عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قال : «الحسن والحسين يوم القيامة عن جنبي عرش الرحمان تبارك وتعالى بمنزلة الشنفين (1)من الوجه».
(أمالي الطوسى : المجلس ١٢ ، الحديث ٦٥ )
(2333) 3_ قُرئ على أبي القاسم بن شبل بن أسد الوكيل ببغداد، وأنا أسمع ، حدّثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شدّاد البادرائي أبو منصور قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري قال : حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري ، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين علیه السلام:
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ( في حديث) أنّه قال الفاطمة علیها السلام: «يا فاطمة، أما تعلمين أنّ العرش شاكٍ ربّه أن يزيّنه بزينة لم يزيّن بها بشراً من خلقه فزيّنه بالحسن والحسين بركنين من أركان الجنّة». وروي «ركن من أركان العرش».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤، الحديث ٥٨)
تقدّم تمامه في باب مناقب أصحاب الكساء علیهم السلام.(2)
ص: 92
(٢٣٣٤) ٤ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن حمّاد بن :قال حدّثنا الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه علیهما السلام قال: قال جابرعبدالله :
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول لعليّ بن أبي طالب علیه السلام قبل موته بثلاث : «سلام الله عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا» الحديث .
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٨ ، الحديث ٤)
تقدّم تمامه في الباب ٦ من ترجمة سيّدة النساء علیها السلام.
(٢٣٣٥) ٥ -(2) حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السُكّري. عن محّد بن زكريّا الجوهري قال : حدّثنا ابن عائشة ، والحكم، والعبّاس قالوا: حدّثنا مهدي بن ميمون، عن محمّد بن عبد الله بن أبي يعقوب:
عن [عبد الرحمان ] ابن أبي نُعم قال : شهدت ابن عمر، وأتاه رجل فسأله عن دم البعوضة، فقال : ممّن أنت ؟ قال : من أهل العراق .
ص: 93
قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوضة ، وقد قتلوا ابن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنّهما ريحانتيّ من الدنيا» (1)يعني الحسن و الحسين علیهما السلام.
(أمالي الصدوق : المجلس 29 الحديث 12)
ص: 94
(٢٣٣٦) ٦ -(1) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن فضالة أيّوب، عن زيد الشحّام :
أبي بي عبد الله الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ الباقر، عن أبيه علیهم السلام قال: «مرض النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم المرضة الّتي عوفي منها، فعادته فاطمة سيّدة النساء علیها السلام ومعها الحسن والحسين علیهما السلام، قد أخذت الحسن بيدها اليمنى، و أخذت الحسين بيدها اليسرى، وهما يمشيان وفاطمة بينهما حتّى دخلوا منزل عائشة ، فقعد الحسن علىه السلام علی جانب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الأيمن ، و الحسين علیه السلام على جانب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الأيسر ، فأقبلا يغمزان ما يليهما من بدن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فما أفاق النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم من نومه ، فقالت فاطمة للحسن والحسين : حبيبيّ ، إنّ جدّكما قد غفا (2)، فانصرفا ساعتكما هذه ودعاه حتّى يفيق وترجعان إليه . فقالا : لسنا ببارحين في وقتنا هذا.
فاضطجع الحسن على عضد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الأيمن، والحسين على عضده الأيسر فغفيا وانتبها قبل أن ينتبه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وقد كانت فاطمة علیها السلام لمّا ناما انصرفت إلى منزلها، فقالا لعائشة : ما فعلت أمّنا ؟ قالت : لمّا نمتُا رجعت إلى منزلها .
فخرجا في ليلة ظلماء مُدلهمّة ذات رعد وبرق، وقد أرخت السماء عزاليها، فسطع لهما ،نور، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور والحسن قابضُ بيده اليمنى على يد
ص: 95
الحسين اليُسرى وهما يتماشيان ويتحدّثان، حتّى أتيا حديقة بني النجّار .
فلمّا بلغا الحديقة حارا، فبقيا لا يعلمان أين يأخذان، فقال الحسن للحسين : إنّا قد حرنا، و بقينا على حالتنا هذه، وما ندري أين نسلك، فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتّى نُصبح.
فقال له الحسين علیه السلام : دونك يا أخي ، فافعل ما ترى، فاضطجعا جميعاً، و اعتنق كلّ واحد منهما صاحبه وناما .
وانتبه النبيّ صلى الله عليه وسلم من نومته الّتي نامها، فطلبهما في منزل فاطمة، فلم يكونا فيه وافتقدهما، فقام النبيّ صلى الله عليه وسلم على رجليه وهو يقول: «الهي وسيّدي ومولاي، هذان شبلای(1) خرجا من المَخمَصة والمَجاعة، اللهمّ أنت وكيلي عليهما».
فسطع للنبيّ صلى الله عليه وسلم نور، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتّى أتى حديقة بني النجّار، فإذا هما نائمان قد اعتنق كلّ واحد منهما ،صاحبه، وقد تقشّعت السماء (2)كطبق ، فهي تمطر كأشدّ مطر ما رآه النّاس قطّ، وقد منع الله عزّ وجلّ المطر منهما في البقعة الّتي هما فيها نائمان لا يمطر عليهما ،قطرة، وقد اكتنفتهما حيّة لها شَعَرات كاجام القَصَب، وجَناحان ، جناح قد غطّت به الحسن، وجناح قد غطّت به الحسين.
فلمّا أن بصر بهما النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم تنحنح ، فانسابت الحيّة (3)وهي تقول : اللهمّ إنّي أشهدك وأشهد ملائكتك أنّ هذين شبلا نبيّك، قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين.
فقال لها النبيّ صلی الله علیه وآله وسلم : أيتها الحيّة، فمَن أنت ؟
قالت : أنا رسول الجنّ إليك .
قال : وأيّ الجنّ ؟
قالت : جنّ نصيبين ، نفر من بني مليح نسينا آية من كتاب الله عزّ وجلّ فبعثوني إليك لتعلّمنا ما نسينا من كتاب الله ، فلمّا بلغت هذا الموضع سمعت منادياً
ص: 96
ينادي: أيّتها الحيّة، هذان شبلا رسول الله ، فاحفظيهما من الأفات و العاهات، ومن طوارق الليل والنهار، فقد حفظتهما وسلّمتهما إليك سالمين صحيحين، وأخذت الحيّة الآية وانصرفت.
وأخذ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الحسن فوضعه على عاتقه الأيمن، و وضع الحسين على عاتقه الأيسر، وخرج عليّ علیه السلام فلحِق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له بعض أصحابه : بأبي أنت وأُمّي، ادفع إليّ أحد شبليك أخفّف عنك، فقال : امض، فقد سمع الله كلامك، وعرف مقامك . و تلّقاه آخر فقال : بأبي أنت وأمّي ، ادفع إليّ أحد شبليك أخفّف عنك . فقال : امض، فقد سمع الله كلامك ، و عرف مقامك .
فتلقّاه علىّ علیه السلام فقال : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، ادفع إليَّ أحد شبليّ وشبليك حتّى أخفّف عنك، فالتفت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى الحسن علیه السلام فقال : يا حسن، هل تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال له : والله يا جدّاه ، إنّ كتفك لأحبّ إليّ من كتف أبي .
ثمّ التفت إلى الحسين علیه السلام فقال : يا حسين، هل تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال له : والله يا جدّاه، إنّي لأقول لك كما قال أخي الحسن: إنّ كتفك لأحبّ إليَّ من كتف أبي.
فأقبل بهما إلى منزل فاطمة علیها السلام وقد ادّخرت لهما تُميرات ، فوضعتها بين أيديهما، فأكلا وشبعا وفرحا ، فقال لهما النبيّ صلى الله عليه وسلم : قوما الآن فاصطرعا .
فقاما ليصطرعا، وقد خرجت فاطمة علیا السلام في بعض حاجتها، فدخلت فسمعت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وهو يقول: «إيه يا حسن، شدّ على الحسين فاصرّعه».
فقالت له: يا أبه، واعجباه أتُشجّع هذا على هذا؟! أتشجع الكبير على الصغير ؟!
فقال لها: «يا بنيّة، أما ترضين أن أقول أنا يا حسن شدّ على الحسين ،فاصرعه، و هذا حبيبي جبرئيل يقول : يا حسين، شدّ على الحسن فاصرعه»(1)
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٨ ، الحديث (8)
(2337) 7 _ (2)حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان وعليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق ومحمّد
ص: 97
بن أحمد السناني وعبدالله بن محمّد الصائغ رضي الله عنهم قالوا : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال : حدّثنا أبو محمّد بكر بن عبدالله بن حبيب، قال : حدّثني علىّ بن محمّد قال: حدّثنا الفضل بن العبّاس قال: حدّثنا عبد القدّوس الورّاق قال : حدّثنا محمّد بن كثير، عن الأعمش.
وحدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتّب رضی الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن يحيى القطّان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدّثني عبدالله بن محمّد ابن باطويه قال : حدّثنا محمّد بن كثير، عن الأعمش.
ص: 98
وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخمي، فيما كتب إلينا من إصبهان، قال حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ستّ وثمانين ومئتين، قال : حدّثنا الوليد بن الفضل العنزي قال : حدّثنا مندل بن علىّ العنزي، عن الأعمش.
وحدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال : حدّثني أبوسعيد الحسن بن عليّ العدوي قال : حدّثنا عليّ بن عيسى الكوفي قال : حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش . وزاد بعضهم على بعض في اللفظ، وقال بعضهم ما لم يقل بعض، وسياق الحديث لمندل بن علي العنزي، عن الأعمش (في قصة طويلة) :
عن المنصور العبّاسي قال: حدّثني والدي، عن أبيه، عن جدّه قال: كنّا قعوداً عند رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إذ جاءت فاطمة علیها السلام تبكى، فقال لها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم: «ما يُبكيك ، إذ يا فاطمة ؟
قالت: يا أبه، خرج الحسن والحسين، فما أدري أين باتا» ؟ :
فقال لها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم «يا فاطمة، لا تبكي، فالله الّذي خلقهما هو منك». ورفع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يده إلى السماء، فقال : «اللهمّ إن كانا أخذا بَرّاً أو بَحراً فاحفظهما و سلّمهما».
فنزل جبرئيل علیه السلام من السماء فقال: «يا محمّد، إنّ الله يقرؤك السلام وهو يقول :
ص: 99
لا تحزن ولا تغتمّ لهما ، فإنّهما فاضلان في الدنيا، فاضلان في الآخرة، و أبوهما أفضل منهما، هما نائمان في حظيرة بني النجّار، وقد وكلّ الله بهما ملكاً».
قال : فقام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فرحاً ومعه أصحابه حتّى أتوا حظيرة بني النجّار، فإذا هم بالحسن معانقاً للحسين علیه السلام و إذا الملك الموكّل بها قد افترش أحد جناحيه تحتهما وغطّاهما بالآخر، قال: فمكثّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يُقبّلها حتّى انتبها، فلمّا استيقظا حمل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الحسن، وحمل جبرئيل الحسين، فخرج من الحظيرة وهو يقول: «والله لأشرّفنكما كما شرفكم الله عزّ وجلّ».
فقال له أبوبكر: ناولني أحد الصبيّين أخفّف عنك .
فقال: «يا أبا بكر ، نعم الحاملان، ونعم الراكبان، وأبوهما أفضل منهما».
فخرج حتّى أتى باب المسجد، فقال : «يا بلال، هلمٌ عَلَيّ بالنّاس».
فنادى منادي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في المدينة، فاجتمع النّاس عند رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في المسجد، فقام على قدميه فقال : «يا معشر النّاس، ألا أدلكم على خير النّاس جدّاً وجدة»؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: «الحسن والحسين، فإنّ جدّهما محمّد، وجدّتهما خديجة بنت خويلد، يا معشر النّاس، ألا أدلّكم على خير النّاس أباً وأمّاً» ؟
فقالوا: بلى يا رسول الله .
قال: «الحسن والحسين، فإنّ أباهما عليّ، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، وأمّهما فاطمة بنت رسول الله ، يا معشر النّاس، ألا أدلّكم على خير الناس عمًّا وعمّة» ؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: «الحسن والحسين، فإنّ عمّهما جعفر بن أبي طالب الطيّار في الجنّة مع الملائكة، وعمّتهما أُمّ هانىّ بنت أبي طالب، يا معشر النّاس ألا أدلّكم على خير الناس خالاً وخالةً ؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: «الحسن والحسين، فإنّ خالها القاسم بن رسول الله، وخالتهما زينب بنت
ص: 100
رسول الله». ثمّ قال (1)بيده : «هكذا، يحشرنا الله».
ثمّ قال: «اللهمّ إنّك تعلم أنّ الحسن في الجنّة، والحسين في الجنّة، وجدّهما في الجنّة، وجدّتهما في الجنّة، وأباهما في الجنّة، وأمهما في الجنّة، وعمّهما في الجنّة، وعمّتهما في الجنّة، وخالهما في الجنّة، وخالتهما في الجنّة ، اللهمّ إنّك تعلم أنّ مَن يحبّهما في الجنّة، ومَن يبغضهما في النّار».
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٧ ، الحديث 2)
تقدّم تمامه في الباب 2 - باب مناقب أصحاب الكساء علیهم السلام _ من أبواب فضائل أهل البيت السلام علیهم السلام.
(2338) 8 _(3) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبري قال :حدّثني عمرو بن عليّ قال : حدّثنا عمرو بن خليفة، عن محمّد بن زياد:
عن أبي هريرة قال : اصطرع الحسن و الحسين علیهما السلام، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «ایهٍ حسن» .
فقالت فاطمة علیها السلام: يا رسول الله ، تقول : إيه حسن وهو أكبر الغلامين ؟!
فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: أقول إيهٍ حسن وجبرئيل يقول : إيهٍ حسين».
(أمالي الطوسي : المجلس 18 ، الحديث 31)
ص: 101
(2339) 9 -(1) حدّثنا أبي رضی الله عنه قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب، عن أحمد بن عليّ الإصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عليّ بن هلال الأحمسي قال :حدّثنا شريك :
ص: 102
عن عبد الملك بن عمير قال : بن عمير قال : بعث الحجّاج إلى يحيى بن يعمر (1)، فقال له : أنت الّذي تزعم أنّ ابني عليّ ابنا رسول الله ؟
قال : نعم، وأتلو عليك بذلك قرآناً .
قال : هات .
قال : أعطني الأمان.
قال : لك الأمان.
قال : أليس الله عزّ وجلّ يقول : « وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاً هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَ
ص: 103
كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» (1)ثم قال:« وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسَى» (2)، أفكان لعيسى أب ؟
قال : لا.
قال : فقد نسبه الله عزّ وجلّ في الكتاب إلى إبراهيم.
قال : ما حملك على أن تروي مثل هذا الحديث؟
قال : ما أخذ الله على العلماء في علمهم أن لا يكتموا علماً علّموه.
(أمالي الصدوق : المجلس 92 ، الحديث 3)
(٢٣٤٠) ١٠ _ أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن زياد قال : حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، عن يزيد بن هارون، عن حميد:
عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بيد الحسن والحسين علیهما السلام فقال : «إنّ ابني هذين ربّيتهما صغيرين، ودعوت لهما كبيرين، وسألت الله تعالى لهما ثلاثاً، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة.
سألت الله لهما أن يجعلها طاهرين مطهّرين زكيّين، فأجابني إلى ذلك، وسألت الله أن يقيهما وذريّتّهما وشيعتهما النّار، فأعطاني ذلك ، وسألت الله أن يجمع الاُمّة على محبّتهما ، فقال : يا محمّد إنّي قضيت قضاءُ وقدّرت قدراً، وإنّ طائفة من أُمّتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس، وسيخفرون ذمّتك في ولدك، وإنّي أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك ألّا أحلّه محلّ كرامتي، ولا أسكنه جنّتي، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى [يوم القيامة ]».
(أمالي المفيد : المجلس 9 ، الحديث 3)
ص: 104
(٢٣٤١) ١١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عمر عبدالواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهدي قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال : حدّثنا يحيى بن زكريّا بن شيبان قال : حدّثنا أرطاة بن حبيب قال : حدّثنا أيّوب بن واقد ، عن يونس بن خباب ، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال:
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : «مَن أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني».
(أمالي الطوسي : المجلس 9 ، الحديث 38)
ص: 105
(23٤2) 12 -(1) وعن ابن عقدة قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل الراشدي قال : حدّثنا عليّ بن ثابت العطّار قال : حدّثنا عبد الله بن ميسرة أبو مريم الأنصاري، عن عدّي بن ثابت :
عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حامل الحسن وهو يقول : «اللهمّ إنّي أحبّه فأحبّه».
(أمالي الطوسي : المجلس ٩ ، الحديث ٣٤)
(٢٣٤٣) ١٣ - أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السُكّري قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا قال : حدّثنا عمير بن عمران قال : حدّثنا سليمان بن عمرو النخعي، عن ربعي بن خراش.
عن حذيفة بن اليمان قال : رأيت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم آخذاً بيد الحسين بن عليّ علیه السلام و هو
ص: 106
يقول: «يا أيّها النّاس، هذا الحسين بن عليّ فاعرفوه، فوالّذي نفسي بيده إنّه لني الجنّة، ومحبّيه في الجنّة، ومحبّي محبّيه في الجنّة».
(أمالي الصدوق : المجلس 87، الحديث ٤)
(٢٣٤٤ ١٤ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : حدّثنا محمّد بن عليّ بن خشيش قال: حدّثنا أبو ذرّ قال : حدّثنا عبد الله قال : حدّثنا الفضل بن يوسف قال : حدّثنا مخوّل قال : حدّثنا منصور - يعني ابن أبي الأسود ، عن أبيه، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 81)
(٢٣٤٥) ١٥ _ أبو جعفر الصدوق بإسناده عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام ( في خطبة خطبها في مجلس معاوية) قال: «أنا وأخي الحسين سيّدا شباب أهل
ص: 107
الجنّة».
(أمالي الصدوق : المجلس 33، الحديث 10)
سيأتي تمامه مسنداً في الباب 2 من أبواب ما يختص بالإمام الحسن علیه السلام.
(٢٣٤٦)١٦ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن أبي إسحاق، عن الحسن بن زياد العطّار:
عن أبي عبد الله علیه السلام (في حديث) قال : قلت : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة »؟
قال : «هما والله سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٦ ، الحديث ٧)
تقدّم تمامه في الباب 3 من تاريخ سيّدة النساء علیها السلام.
ص: 108
(٢٣٤٧) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ رحمه الله، عن عمّه محمّد بن محمد أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري :
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (في حديث في فضل أمير المؤمنين لیه السلام) قال : «فهو سيّد الأوصياء، اللحوق به سعادة ، والموت في طاعته شهادة، واسمه في التوراة مقرون إلى اسمي، وزوجته الصدّيقة الكبرى ابنتي، وابناه سيّدا شباب أهل الجنّة ابناي، و هو وهما والأئمّة من بعدهم حجج الله على خلقه بعد النبيّين، وهم أبواب العلم في أمّتي، من تبعهم نجا من النّار، ومن اقتدى بهم هُدي إلى صراط مستقيم، لم يهب الله عزّ وجلّ محبّتهم لعبد إلّا أدخله الله الجنّة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٦ ، الحديث ٥)
تقدّم تمامه في جوامع الأخبار الدالّة على إمامة أمير المؤمنين علیه السلام (1)
(٢٣٤٨) ٢ - (2)حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله قال : حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن جابر بن يزيد عن سعيد بن المسيّب :
عن عبدالرحمان بن سمرة قال : قلت : يا رسول الله أرشدني إلى النجاة، فقال : «يا ابن سمرة، إذا اختلفت الأهواء وتفرّقت الأراء، فعليك بعليّ بن أبي طالب، فإنّه إمام أمّتي وخليفتي عليهم من بعدي، (إلى أن قال : )إنّ منه إمامي أُمّتي، وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين، تاسِعهم قائم أمّتي، يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً».
(أمالي الصدوق : المجلس ٧ ، الحديث 3)
ص: 109
تقدّم تمامه في باب نصوص الرسول صلی الله علیه و آله وسلم على الأئمّة علیهم السلام .(1)
(٢٣٤٩) ٣ -(2) حدّثنا علىّ بن أحمد بن موسی الدقّاق رحمه الله قال:حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس:
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( في حديث طويل ) قال : «وأمّا الحسن، فإنّه ابني وولدي ومنّي، وقرّة عيني، وضياء قلبي، وثمرة فؤادي، وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وحجّة الله على الأمّة أمره ،أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي، (إلى أن قال :) وأمّا الحسين فإنّه منّي، وهو ابني وولدي، وخير الخلق بعد أخيه، وهو إمام المسلمين ومولى المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين، وغياث المستغيثين، وكَهْف المستجيرين، وحجّة الله على خلقه أجمعين، وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وباب نجاة الأمّة أمره ،أمري، وطاعته طاعتي، من تبعه فإنّه منّي، و من عصاه فليس منّي» الحديث.
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤ ، الحديث ٢)
تقدّم تمامه في الباب ٢ من أبواب الملاحم والفتن (3)
(2350) ٤ -(4) حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن
ص: 110
عامر، عن، عمّه عبدالله بن عامر، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم :
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (في حديث) قال : «أنّا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه، أعداؤنا أعداء الله ، وأولياؤنا أولياء الله».
(أمالي الصدوق : المجلس 27، الحديث 8)
تقدّم تمامه في باب نصوص الرسول صلی الله علیه و آله وسلم على الأئمّة علیهم السلام (1)
(٢٣٥١) ٥ _ أبو عبد الله المفيد قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدّثنی ابی قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه علیهم السلام قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لعليّ بن أبي طالب علیه السلام : « ياعليّ، أنا وأنت وابناك الحسن، والحسين وتسعة من ولد الحسين أركان الدين و دعائم الإسلام من تبعنا نجا و من تخلّف عنا فإلى النّار».
(أمالي المفيد : المجلس ٢٥ ، الحديث ٤)
(٢٣٥٢) ٦ _(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي علیه السلام قال : حدّثنا سعد بن عبدالله
ص: 111
قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر علیهما السلام ، عن آبائه علیهم السلام قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لأمير المؤمنين علیه السلام : «اكتُب ما أملي عليك».
فقال: «يا نبي الله ، أتخاف عَلَيّ النسيان» ؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم: «لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله لك أن (1)يحفظك ولا ينسيك، ولكن اكتب لشركائك» .
قال : (2)قلت: «ومن شركائي، يا نبيّ الله» ؟
قال : «الأئمّة من ولدك ، بهم تُسق أُمّتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف الله عنهم البلاء، وبهم ينزل (3)الرحمة من السماء، وهذا أوّلهم». وأومى بيده إلى الحسن بن علي علیه السلام، ثم أو مى بيده إلى الحسين علیه السلام ثم قال : «الأئمّة ولده».
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٣ ، الحديث ١)
أبو جعفر الطوسي، عن الغضائري، عن الصدوق مثله ، إلّا أنّ فيه: «وأوماً إلى
الحسن علیه السلام وقال : هذا أولهم، وأوماً إلى الحسين علیه السلام وقال : الأئمّة من ولده».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٥ ، الحديث ٤٦ )
(2353) 7 _(4) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن
ص: 112
الحسين الكناني، عن جدّه :
عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام قال : «إنّ الله عزّ وجلّ (1)أنزل على نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم كتاباً قبل أن يأتيه الموت ، فقال : يا محمد، هذا الكتاب (2)وصيتك إلى النجيب م__ن أهلك.
فقال : ومَن (3)النجيب من أهلي يا جبرئيل ؟
فقال : عليّ بن أبي طالب.
وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى عليّ علیه السلام وأمره أن يفكّ خاتماً منها، ويعمل بما فيه، ففكّ [عليّ] (4)علیه السلام خاتماً وعمل بما فيه ، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسن علیه السلام ففكّ خاتماً وعمل بما فيه ، ثمّ دفعه إلى [أخيه ] الحسين علیه السلام ففكّ خاتماً، فوجد فيه أن : «اخرج بقوم (5)إلى الشهادة ، فلاشهادة (6)لهم إلّا معك إلا معك ،و اشتر نفسك الله عزّ وجلّ»، ففعل» الحديث . (أمالي الصدوق : المجلس ٦٣ ، الحديث ٢)
أبو جعفر الطوسي، عن الغضائري، عن الصدوق مثله .
(أمالي الطوسي : المجلس ١٥ ، الحديث ٤٧)
تقدّم تمامه في الباب ٦ من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام.(7)
(٢٣٥٤) 8 _(8) أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحّام قال: حدّثني عمّي عمر بن يحيى الفحّام قال : حدثني أبو العبّاس أحمد بن
ص: 113
عبدالله بن عليّ الرأس قال: حدّثنا أبو عبدالله عبد الرحمان بن عبدالله العمري قال: حدّثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة قال : حدّثني أخي محمّد بن المغيرة، عن محمّد بن سنان، عن سيّدنا أبي عبدالله جعفر بن محمّد علیهما السلام : عن جابر بن عبد الله قال : ( في اللوح الّذي كان عند فاطمة علیها السلام، وممّا كان فيه) :«يا محمّد إنّي اصطفيتك على الأنبياء، وفضّلت وصيّك على الأوصياء، و جعلت الحسن عيبة علمى من بعد انقضاء مدّة أبيه والحسين خير أولاد الأوّلين و الآخرين، فيه تثبت الإمامة».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 13)
تقدّم تمامه في الباب ٦ من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام.(1)
ص: 114
ص: 115
ص: 116
(٢٣٥٥) ١ _ (1)أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي علیه السلام قال : حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن الحسن بن أبي العقبة الصيرفي، عن الحسين بن خالد الصيرفي :
عن ابي الحسن الحسن عليّ بن موسى الرضا علیهما السلام ( في حديث) قال : كان نقش خاتم الحسن علیه السلام : العزة الله» .
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٠ ، الحديث ٥)
تقدّم تمامه في الباب ٢ من كتاب النبوّة(2)
ص: 117
(٢٣٥٦) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال :
قال الصادق علیه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه علیهما السلام : «أنّ المحسن بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام كان أعبد النّاس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكي، وإذا ذكر القبر بكي، وإذا ذكر البعث والنشور(2) بكى ، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكي، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقةً يُغشى عليه منها . وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنّة وتعوّذ بالله من النّار، و كان علیه السلام لا يقرأ من كتاب الله عزّ وجلّ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» إِلَّا قال : «لبيك اللهم لبّيك» ، ولم يُر في شيء من أحواله إلّا ذاكراً الله سبحانه .
وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقاً ، ولقد قيل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب، فصعد المنبر فخطب ليتبيّن للنّاس نقصه ! فدعاه فقال له : اصعد المنبر وتكلّم بكلمات تعظنا بها .
فقام علیه السلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال : أيّها النّاس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وابن سيّدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، أنا ابن خير خلق الله ، أنا ابن رسول الله ، أنا ابن
ص: 118
صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقّي، أنا وأخي الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، أنا ابن الركن والمقام، أنا ابن مكّة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات».
فقال له معاوية : يا أبا محمّد، خُذ في نعت الرُّطَب ودع هذا.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم: «الريح تّنفخه، والحرّ يُنضجه، والبرد يُطيّبه». ثمّ عاد علیه السلام في كلامه، فقال: «أنا إمام خلق الله، وابن محمّد رسول الله».
فخشي معاوية أن يتكلّم بعد ذلك بما يفتتن (1)به النّاس، فقال: يا أبا محمّد انزل، فقد كفى ما جرى فنزل .
(أمالي الصدوق : المجلس 33 ، الحديث 10)
(٢٣٥٧) ٢ -(2) حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضی الله عنه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي علیهما السلام قال :
«لمّا حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام الوفاة بكى ، فقيل له : يا ابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الّذي أنت به ، وقد قال فيك رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ما قال ، وقد حججت عشرين حجّة ماشياً ، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل ؟ ! فقال علیه السلام : إنّما أبكي لخصلتين : لهول المطّلع وفراق الأحبّة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣٩ ، الحديث 9)
ص: 119
(٢٣٥٨) ٣ _ أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن طاهر قال : أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي قال : حدّثنا الحسين بن محمّد قال: حدّثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعني، عن محمّد بن مسلم العبدي قال:
سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول : كتب إلى الحسن بن علىّ علیه السلام قوم من أصحابه يعزّونه عن ابنة له ، فكتب إليهم : «أمّا بعد، فقد بلغني كتابكم تعزّوني بفلانة، فعند الله أحتسبها تسليماً لقضائه، وصبراً على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالأحبّة المألوفة الّتي كانت بنا حفيّة، والإخوان المحبّون الّذين كان يسرّ بهم الناظرون ، وتقرّ بهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الأيّام ، ونزل بهم الحِمام (1)، فخلّفوا الخلوف ، وأودت بهم الحتوف ، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلّة التجاور ، ولاصلات بينهم ولا تزاور ولا يتلاقون عن قرب جوارهم أجسامهم نائية من أهلها خالية من أربابها، قد أجشعها (2)إخوانها ، فلم أر مثل دارها داراً ولا مثل قرارها قراراً في بيوت موحشة، وحلول مخضعة ، قد صارت في تلك الديار الموحشة، وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قليّ، فاستودعتها البلاء، وكانت أمة مملوكة، سلكت سبيلاً مسلوكة ، صار إليها الأوّلون، وسيصير إليها الآخرون، والسلام».
(أمالي الطوسي : المجلس ٧ ، الحديث ٤٨)
ص: 120
(٢٣٥٩) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي علیه السلام قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي قال :حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزّاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي حمزة الثمالي :
عن حبيب بن عمرو (في حديث ذكرته في باب وفاة أمير المؤمنين علیه السلام ) قال : فما خرجت من عنده حتّى توفّي، علیه السلام، فلمّا كان من الغد وأصبح الحسن علیه السلام قام خطيباً على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «أيّها النّاس، في هذه الليلة نزل القرآن، وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم علیه السلام ، وفي هذه الليلة قُتل يوشع بن نون، وفي هذه الليلة مات أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام، والله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنّة، ولا من يكون بعده، وإن كان رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم ليبعثه في السريّة فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وما ترك صفراء ولا بيضاء ، إلّا سبع مئة درهم فَضَلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادماً لأهله».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٢ ، الحديث ٤)
تقدّم تمامه في الباب الثاني من أبواب شهادة أمير المؤمنين علیه السلام من تاريخه.(2)
ص: 121
ص: 122
(٢٣٦٠) ٢ _ (1)أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عمر عبدالواحد بن محمّد بن مهدي في منزله بدرب الزعفراني ببغداد في الكرخ سنة عشر وأربع مئة ، قال : أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعه إملاءً في مسجد براثا لثمان بقين من جمادى الأولى سنة ثلاثين وثلاث مئة ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين بن عبيد قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان ، عن سلامً بن أبي عمرة، عن معروف :
عن أبي الطفيل قال : خطب الحسن بن عليّ علیه السلام بعد وفاة عليّ علیه السلام وذكر أمير المؤمنين علیه السلام فقال : «خاتم الوصييبن ، ووصيّ خاتم الأنبياء، وأمير الصدّيقين والشهداء والصالحين».
ص: 123
ثمّ قال : «أيّها النّاس، لقد فارقكم رجل ما سبقه الأوّلون، ولا يدركه
الآخرون، لقد كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يعطيه الراية فيقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتّى يفتح الله عليه (1)، ماترك ذهباً ولا فضّة إلّا شيئاً على صبيّ له (2)، وما ترك في بيت المال إلّا سبع مئة درهم فضلت من عطائه ، أراد أن يشتري بها خادماً لأمّ كلثوم».
ثمّ قال: «من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمّد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم». ثمّ تلا هذه الآية ، قول يوسف : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبانِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ ) (3)
«أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن الّذي أُرسل رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الّذين كان جبرئيل ينزل عليهم ومنهم كان يعرج، وأنا من أهل البيت الّذين افترض الله مودّتهم وولايتهم، فقال فيا أنزل على محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : «قُلْ لا أَسْأَلُكُم عَلَيهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْنِي وَمَنْ يقْتَرِفْ حَسَنَةٌ » (4)واقتراف الحسنة مودّتنا».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث ٤٠)
(٢٣٦١) ٣ _ أبو عبد الله المفيد قال : حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري الكاتب قال : حدّثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمّد الأزدي قال : حدّثنا شعيب بن أيّوب قال : حدّثنا معاوية بن هشام، عن سفيان ، عن هشام بن حسّان قال :
ص: 124
سمعت أبا محمّد الحسن بن عليّ علیه السلام يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر فقال :
«نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الأقربون، وأهل بيته الطيّبون الطاهرون ، و أحد الثقلين اللّذين خلّفهما رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في أمّته ، والتالي (1) کتاب الله فيه تفصيل كلّ شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعوّل علينا في تفسيره لا نتظنّى (2)تأويله، بل نتيقّن حقائقه ، فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عزّ وجلّ ورسوله ،مقرونة ، قال الله (3)عزّ وجلّ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ» (4)، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ » (5).
وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان بكم (6)، فإنّه لكم عدو مبين فتكونوا كأوليائه (7)الّذين قال لهم : «لأغالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى مَا لَاتَرَوْنَ»(8)، فتلقون إلى الرماح وزرا (9)، وإلى السيوف جزراً، وللعمد حطماً (10)، وللسهام غرضاً، ثمّ
ص: 125
«لا يَنفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً»(1)
(أمالي المفيد : المجلس ٤١ ، الحديث٤)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد مثله، بتفاوت يسير ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس 5 ، الحديث ١ ، والمجلس 39، الحدیث12)
ص: 126
أقول : تقدّم في الباب 2 خطبة له علیه السلام في مجلس معاوية.
(٢٣٦٢ )١ -(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا عبدالرحمان بن محمّد بن عبيد الله العرزمي، عن أبيه، عن عثمان [بن عمير] أبي اليقظان، عن أبي عمر زاذان قال:
لمّا وادع الحسن بن عليّ علیه السلام معاوية، صعد معاوية المنبر وجمع النّاس فخطبهم وقال : إنّ الحسن بن علي رآني للخلافة أهلاً ولم ير نفسه لها أهلاً. وكان الحسن علیه السلام أسفل منه بمرقاة، فلمّا فرغ من كلامه، قام الحسن علیه السلام فحمد الله تعالى بما هو أهله، ثمّ ذكر المباهلة فقال: «فجاء رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من الأنفس بأبي، ومن الأبناء بي ،وبأخي، ومن النساء بأُمّي، وكنّا أهله، ونحن له، وهو منّا ونحن منه .
ولمّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كساء لأُمّ سلمة رضي الله عنها خيبري، ثمّ قال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فلم يكن أحد في الكساء غيري وأخي وأبي وأُمّي.
ولم يكن أحد يجنب في المسجد ويولد فيه إلّا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وأبي، تكرمة من الله تعالى لنا وتفضّلاً منه لنا .
وقد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بسدّ الأبواب فسدّها وترك بابنا، فقيل له في ذلك، فقال: «أما إنّي لم أسدّها وأفتح بابه ، ولكنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن أسدّها وأفتح بابه».
ص: 127
وإنّ معاوية زعم لكم أنّي رأيته للخلافة أهلاً ولم أر نفسي لها أهلاً، فكذب معاوية، نحن أولى النّاس بالنّاس في كتاب الله وعلى لسان نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم، ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله تعالى نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقّنا وتوتّب على رقابنا، وحمل النّاس علينا، ومنعنا سهمنا من القيء ومنع أمّنا ما جعل لها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.
وأقسم بالله لو أنّ النّاس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لأعطتهم السماء،قطرها، والأرض بركتها، وما طمعتَ فيها يا معاوية ، فلمّا خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها فطمعت فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ماولت أُمّة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتّى يرجعوا إلى ماتركوا». وقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنّه خليفة موسى علیه السلام فيهم واتّبعوا السامري ، وقد تركت هذه الأُمّة أبي و بايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوّة»، وقد رأوا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم نصب أبي يوم غدير خمّ وأمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب، وقد هرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتّى دخل الغار، ولو وجد أعواناً ما هرب ، وقد كفّ أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يُغَث ، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه ، و جعل الله النبيّ صلى الله عليه وسلم في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعواناً، وكذلك أبي، وأنا في من الله حين خذلتنا الأُمّة وبايعوك يا معاوية، وإنّما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضاً.
أيّها النّاس ، إنّكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلاً ولده نبيّ غيري وأخي لم تجدوه، وإنّي قد بايعت هذا ،«وَإنْ أَدْري لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إلى حِینٍ»(1)
(أمالي الطوسي : المجلس 20 الحديث 9)
ص: 128
(٢٣٦٣) ٢ _ وعن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبدالرحمان الهمداني بالكوفة ،وسألته، قال : حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدّثنا عليّ بن حسّان الواسطي قال: حدّثنا عبدالرحمان بن كثير:
عن جعفر بن محمّد، عن ابیه عن جدّه عليّ بن الحسين علیهما السلام قال : لمّا أجمع الحسن بن عليّ علیه السلام على صلح معاوية خرج حتّى لقيه، فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيباً، فصعد المنبر وأمر الحسن علیه السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة ثمّ تكلّم معاوية فقال: أيّها النّاس، هذا الحسن بن علي وابن فاطمة، رانّا للخلافة أهلاً، ولم ير نفسه لها أهلاً، وقد أتانا ليبايع طوعاً، ثمّ قال : قم ياحسن.
فقام الحسن علیه السلام فخطب فقال: «الحمد لله المستحمد بالآلاء، وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوّه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويّات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده في ربوبيّته ووجوده ووحدانيّته صمداً لاشريك له، فرداً لاظهير له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله اصطفاه وانتجبه وارتضاه، وبعثه داعياً إلى الحقّ وسراجاً منيراً، وللعباد ممّا يخافون نذيراً، ولما يأملون بشيراً ، فنصح للأمة، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادةً عليها أموت وأحشر، وبها في الأجلة أقرب وأحبر.
وأقول : معشر الخلائق فاسمعوا، ولكم أفئدة وأسماع فعوا : إنّا أهل بيت أكرمنا الله، بالإسلام، واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهب عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً، والرجس هو الشكّ ، فلانشكّ في الله الحقّ ودينه أبداً، وطهّرنا من كلّ أفن وغيّة، مخلصين إلى آدم نعمة منه ، لم يفترق النّاس قطّ فرقتين إلّا جعلنا الله في خيرهما، فأدّت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم للنبوّة، واختاره للرسالة ، وأنزل عليه كتابه ، ثمّ أمره بالدعاء إلى الله عزّ وجلّ، فكان أبي علیه السلام أوّل من استجاب الله تعالى ولرسوله صلی الله علیه و آله وسلم، وأوّل من آمن وصدّق الله ورسوله، وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل :«أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ
ص: 129
شاهِدٌ مِنْهُ» (1)، فرسول الله الّذي على بينة من ربّه، وأبي الّذي يتلوه، وهو شاهد منه .
وقد قال له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حين أمره أن حين أمره أن يسير إلى مكّة والموسم ببراءة: «سر بها ياعليّ، فإنّي أمرت أن لا يسير بها إلّا أنا أو رجل منّي، وأنت هو يا علي». فعلي من رسول الله و رسول الله منه، وقال له نبيّ الله صلی الله علیه و آله وسلم حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب علیه السلام ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: «أمّا أنت ياعليّ فنّي وأنا منك ، وأنت وليّ كلّ مؤمن بعدي» .
فصدّق أبي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم سابقاً ووقاه بنفسه، ثمّ لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلّ موطن يقدّمه، ولكلّ شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته ورسوله الا صلی الله علیه و آله وسلم، وإنّه أقرب المقرّبين من الله ورسوله، وقد قال الله عزّ وجلّ: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ »(2)، وكان أبي سابق السابقين إلى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله صلی الله علیه و آله وسلم وأقرب الأقربين، فقد قال الله تعالى :«لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْكُمْ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً » (3)
فأبي كان أوّلهم إسلاماً وإيماناً، وأوّلهم إلى الله ورسوله هجرةً ولحوقاً، وأوّلهم على وجده ووسعه نفقةً، قال سبحانه: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَل في قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِیمُ» (4)، فالنّاس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إيّاهم الإيمان بنبيه صلی الله علیه و آله وسلم، وذلك أنّه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، وقد قال الله تعالى : «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجرينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانِ» (5)، فهو سابق جميع السابقين فكما أنّ الله عزّ وجلّ فضل السابقين على المتخلّفين والمتأخّرين، فكذلك فضّل
ص: 130
السابقين على السابقين، وقد قال الله عزّ وجلّ: «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحاج وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بَاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» (1)(فكان أبي المؤمن بالله و اليوم الآخر) والمجاهد في سبيل الله حقاً، وفيه نزلت هذه الآية.
وكان ممّن استجاب لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عمّه حمزة وجعفر ابن عمّه، فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الله تعالى حمزة سيّد الشهداء من بينهم، وجعل الجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزلتهما و قرابتهما منه صلی الله علیه و آله وسلم، وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استُشهِدُوا معه.
وكذلك جعل الله تعالى لنساء النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم للمحسنة منهنّ أجرين، وللمسيئة منهنّ وزرين، ضعفين لمكانهنّ من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيم بمكّة، وذلك لمكان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من ربّه .
وفرض الله عزّ وجلّ الصلاة على نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم على كافّة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك ؟ فقال : قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد»، فحقّ على كلّ مسلم أن يصلّي علينا مع الصلاة على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فريضة واجبة.
وأحلّ الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله صلی الله علیه و آله وسلم وأوجبها له في كتابه، وأوجب لنا ذلك ما أوجب له، وحرّم عليه الصدقة وحرّمها علينا معه ، فأدخلنا _ ف_ل_ه الحمد _ فيها أدخل فيه نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم وأخرجنا ونزّهنا ممّا أخرجه منه ونزّهه عنه،کرامه أكرمنا الله عزّ وجلّ بها، وفضيلة فضّلنا بها على سائر العباد، فقال الله تعالى لمحمّد صلى الله عليه وسلم حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجّوه :«فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْناءَ نا وَ أَبْناءَكُمْ وَنِساءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ» (2)
فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنفس معه أبي، ومن البنين إيّاي و أخي، ومن النساء
ص: 131
أُمّي فاطمة من النّاس جميعاً، فنحن أهله ولحمه ودمه و نفسه، ونحن منه وهو منّا.
وقد قال الله تعالى: «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً» (1)فلمّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنا وأخي وأمّي وأبي، فجلّلنا ونفسه في كساء لأمّ سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: «الله هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
فقالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : أدخل معهم يارسول الله ؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم لها : يرحمك الله، أنت على خير وإلى خير، وما أرضاني عنك ! ولكنّها خاصة لي ولهم .
ثمّ مكث رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بعد ذلك بقيّة عمره حتّى قبضه الله إليه، يأتينا كلّ يوم عند طلوع الفجر فيقول: «الصلاة يرحمكم الله، إنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهيراً».
وأمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بسدّ الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلّموه في ذلك، فقال : «إنّي لم أسدّ أبوابكم وافتح باب عليّ من تلقاء نفسي، ولكنّي اتبع ما يوحى إليّ، وإنّ الله أمر بسدّها وفتح بابه». فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ويولد فيه الأولاد غير رسول الله وأبي علي بن أبي طالب علیه السلام تكرمة من الله تعالى لنا، وفضلاً اختصنا به على جميع النّاس.
وهذا باب أبي قرين باب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، ومنزلنا بين منازل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وذلك أنّ الله أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات، تسعة لبنيه، وأزواجه وعاشرها وهو متوسّطها لأبي، فها هو لبسبيل مقيم، والبيت هو المسجد المطهّر ، وهو الّذي قال الله تعالى :«أَهْلَ الْبَيْتِ»، فنحن أهل البيت، ونحن الّذين أذهب الله عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً.
أيّها النّاس، إنّي لو قمت حولاً فحولاً أذكر الّذي أعطانا الله عزّ وجلّ وخصّنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم لم أحصه، وأنا ابن النبيّ النذير البشير،
ص: 132
السراج المنير، الّذي جعله الله رحمة للعالمين، وأبي عليّ وليّ المؤمنين، وشبيه هارون، وإنّ معاوية بن صخر زعم أنّي رأيته للخلافة أهلاً ، ولم أر نفسي لها أهلاً، فكذب معاوية، وأيم الله لأنا أولى النّاس بالنّاس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، غير أنّا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقّنا، ونزل على رقابنا، وحمل النّاس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله [من الفيء] ،والغنائم ومنع أُمّنا فاطمة إرثها من أبيها.
إنّا لا نسمّي أحداً، ولكن أقسم بالله قسماً تالياً، لو أنّ النّاس سمعوا قول الله عزّ وجلّ ورسوله ، لأعطتهم السماء، قطرها، والأرض بركتها، ولما اختلف في هذه الأُمّة سيفان، ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، وما طمعت فيها يا معاوية، ولكنّها لمّا أخرجت سالفاً من معدنها، وزُحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة حتّى طمعتَ فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك ، وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «ما ولّت أُمّة أمرها رجلاً قطّ وفيهم من هو أعلم من إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتّى يرجعوا إلى ماتركوا».
وقد تركت بنو إسرائيل - وكانوا أصحاب موسى علیه السلام- هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامریّهم، وهم يعلمون أنّه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الأُمّة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول ذلك لأبي علیه السلام : «إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»، وقد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نصبه لهم بغدير خمّ وسمعوه، ونادى له بالولاية، ثمّ أمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حذاراً من قومه إلى الغار - لمّا أجمعوا أن يمكروا به، وهو يدعوهم - لمّا لم يجد عليهم أعواناً ، ولو وجد عليهم أعواناً لجاهدهم.
وقد كفّ أبي يده و ناشدهم واستغاث فلم يُغَث ولم يُنصر، ولو وجد عليهم أعواناً ما أجابهم، وقد جُعل في سعة كما جعل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في سعة.
وقد خذلتني الأُمّة وبايعتك يا ابن حرب، ولو وجدت عليك أعواناً يخلصون ما بايعتك،وقد جعل الله عزّ وجلّ هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا وأبي في سعة حين تركتنا الأُمّة وبايعت غيرنا، ولم نجد عليهم أعواناً،
ص: 133
وإنّما هي السنن والأمثال تتبع بعضها بعضاً.
أيّها النّاس، إنّكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلاً جده رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه وصيّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لم تجدوا غيري وأخي، فاتّقوا الله ولا تضلّوا بعد البيان، وكيف بكم وأنّى ذلك منكم! ألا وإنّي قد بايعت هذا _ وأشار بيده إلى معاوية - «وَإِنْ أَدْري لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ» (1)
أیّها النّاس، إنّه لا يعاب أحد بترك حقّه، وإنّما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكلّ صواب نافع، وكلّ خطأ ضارّ لأهله، وقد كانت القضيّة ففهّمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضرّ داوود.
فأمّا القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لعمّه أبي طالب وهو في الموت: «قل لا إله إلا الله ، أشفع لك بها يوم القيامة». ولم يكن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول له إلّا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لأحدٍ من النّاس كلّهم غير شيخنا _ أعني أبا طالب _ (2)، يقول الله عزّ وجلّ: «وَلَيْسَت التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدُهُمُ الموتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيما» (3).
أيّها النّاس، اسمعوا و عوا واتّقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحقّ، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود «أَنلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَهَا كارِهُونَ» (4)، والسلام على مَن اتبع الهدى».
قال : فقال معاوية : والله مانزل الحسن حتّى أظلمت عليّ الأرض، وهممت أن أبطش به، ثمّ علمت أنّ الإغضاء أقرب إلى العافية .
(أمالي الطوسي : المجلس 21 ، الحديث 1)
ص: 134
( ٢٣٦٤) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السُكَّري قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الجوهري قال: حدّثنا عبد الله بن الضحّاك قال : حدّثني هشام بن محمّد، عن أبيه، قال هشام: وأخبرني ببعضه أبو مِخنف لُوط بن يحيى وغير واحد من العلماء، في كلام كان بين الحسن بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام وبين الوليد بن عقبة، فقال له الحسن علیه السلام : «لا ألومك أن تسبّ عليّاً علیه السلام وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطاً، وقتل أباك صبراً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بدر، وقد سمّاه الله عزّ وجلّ في غير آية مؤمناً، وسمّاك فاسقاً، وقد قال الشاعر فيك وفي عليّ علیه السلام :
أنزل الله في الكتاب علينا *** في عليّ وفي الوليد قرآنا
فتبوّاً الوليد منزل كفر *** وعلي تبوّأ الإيمانا
ليس من كان مؤمناً يعبد الله *** كمن كان فاسقاً خَوّانا
سوف يُدعى الوليد بعد قليل *** وعليّ إلى الجزاء عيانا
فعليّ يُجزى هناك جنانا ***وهناك الوليد يُجزى هوانا
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٤ ، الحديث ٧)
ص: 135
(٢٣٦٥) ٢ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن مالك النحوي قال : حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري قال: حدّثني أبي قال : حدّثنا عبد الصمد بن محمّد الهاشمى قال : حدّثنا الفضل بن سليمان النهدي قال : حدّثنا ابن الكلبي :
عن شرقي بن القطامي، عن أبيه قال : خاصم عمرو بن عثمان بن عفّان أُسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائط من حيطان المدينة، فارتفع الكلام بينهما حتّى تلاحيا (1)، فقال عمرو: تلاحيني وأنت مولاي ؟!
فقال اُسامة : والله ما أنا بمولاك، ولا يسرّني أنّي في نسبك مولاي رسول
الله صلی الله علیه و آله وسلم.
فقال : ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد ؟ !
ثمّ التفت إليه عمر و فقال له : يا ابن السوداء، ما أطغاك!
فقال : أنت أطغى منّي وألأم، تُعيّرني بأُمّي، وأُمّي والله خير من أُمّك ، وهي أُمّ أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بشّرها رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في غير موطن بالجنّة ، وأبي خير من أبيك، [وهو ] زيد بن حارثة صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وحِبّه (2)ومولاه، قُتل شهيداً بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله ، وقُبِض رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وأنا أمير على أبيك، وعلى مَن هو خير من أبيك، على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ، و سَرَوات (3)المهاجرين والأنصار، فأنّي تفاخرني يا ابن عثمان ؟!
فقال عمرو : يا قوم، أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد ؟
فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن عليّ علیه السلام فجلس إلى جنب اُسامة، فقام عُتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب ،عمرو، فقام عبد الله بن عبّاس فجلس إلى جنب اُسامة ، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو ، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب اُسامة.
ص: 136
فلمّا رآهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني اُميّة، خشي أن يعظم البلاء، فقال : إنّ عندي من هذا الحائط لعلماً.
قالوا: فقُل بعلمك فقد رضينا.
فقال معاوية : أشهد أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم جعله لأسامة بن زيد، قُم يا اُسامة فاقبض حائطك هنيئاً مريئاً. فقام اُسامة والهاشميّيِن وجَزَوا معاوية خيراً.
فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية فقال : لا جزاك الله عن الرحم خيراً ما زدت على أن كذّبت ،قولنا ، وفسخت حجّتنا ، وشمت بنا عدوّنا.
فقال معاوية : ويحك يا عمرو، إنّي لمّا رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا، ذكرت أعينهم تَزوَر (1)إليَّ من تحت المغافر بصفّين، فكاد يختلط عَلَيّ عقلي! وما يؤمنني يا ابن عثمان منهم ، وقد أحلّوا بأبيك ما أحلّوا ، ونازعوني مهجة نفسي حتّى نجوت منهم بعد نبأٍ عظيم وخَطْبٍ جسيم ، فانصرف فنحن مخلّفون لك خيراً من حائطك إن شاء الله تعالى.
(أمالي الطوسي : المجلس 8 ، الحديث 20)
ص: 137
أقول : تقدّم بعض ما يرتبط بهذا الباب في الباب ١٤ من أبواب الحوادث والفتن، وفي أبواب ما جرى بعد قتل عثمان.
(٢٣٦٦) ١ _ (1)أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : أخبرني أبو عبد الله محمّد بن أحمد الحكيمي قال : حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال : حدّثنا سعيد بن يحيى، عن يحيى بن سعيد (2) قال:
حدّثنا عبد الملك بن عمير اللخمي قال : قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية، ومع معاوية على السرير الأحنف بن قيس ، وحتّات المجاشعي (3)، فقال له معاوية : مَن أنت ؟
فقال : أنا جارية بن قدامة . قال : وكان نبيلاً (4)
فقال له معاوية : ما عسيت أن تكون (5)، هل أنت إلّا نحلة ؟
فقال : لا تفعل يا معاوية ، قد شبّهتني بالنحلة ، وهي والله حامية اللسعة حلوة
ص: 138
البصاق ، ووالله ما معاوية إلّا كلبة تعاوى الكلاب، وما اُميّة (1)إلّا تصغير أمة .
فقال معاوية : لا تفعل.
قال : إنّك فعلت ففعلتُ .
قال له : فادنُ اجلس معي على السرير .
فقال : لا أفعل .
قال : ولِمَ ؟
قال : لأنّى رأيت هذين قد أماطاك عن مجلسك ، فلم أكن لأشاركها .
قال له معاوية : ادنُ أسارّك، فدنا منه ، فقال له معاوية : يا جارية (2)انّی اشتريت من هذين [الرجلين](3) دينها .
قال : ومنّي فاشتر يا معاوية !
قال له : لا تجهر.
(أمالي المفيد : المجلس 21 ، الحديث ٦)
أبو جعفر الطوسي ، عن المفيد ، مثله .
أمالي الطوسى : المجلس ٧ ، الحديث 26 )
(٢٣٦٧) ٢) _ أبو جعفر الطوسي قال : أملى علينا أبو عبد النعمان الله محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه الله قال : حدّثنا أبو الطيّب الحسين بن عليّ بن محمّد التمّار قال : حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الأعرابي قال : حدّثنا عليّ بن عمروس، عن هشام بن السائب، عن أبيه قال:
خطب الناس يوماً معاوية بمسجد دمشق، وفي الجامع يومئذ من الوفود علماء قريش وخطباء ربيعة ومدارهها (4)، وصناديد اليمن وملوكها، فقال معاوية : إنّ
ص: 139
الله تعالى أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنّة فأنقذهم من النّار، ثمّ جعلني منهم وجعل أنصاري أهل الشام الذابّين عن حَرّم الله ، المؤيدين بظفر الله، المنصورين على أعداء الله .
قال : وفي الجامع من أهل العراق الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان، فقال الأحنف لصعصعة : أتكفيني أم أقوم أنا إليه ؟ فقال صعصعة : بل أكفيكه أنا .
ثمّ قام صعصعة فقال : يا ابن أبي سفيان ، تكلّمت فأبلغت ولم تقصر دون ما أردت ، وكيف يكون ما تقول وقد غلبتنا قسراً، وملكتنا تجبّراً، ودِنتنا بغير الحقّ، واستوليت بأسباب الفضل علينا ؟! فأمّا إطراؤك أهل الشام ، فما رأيت أطوع لمخلوق وأعصى لخالق منهم ، قوم ابتعت منهم دينهم وأبدانهم بالمال، فإن أعطيتهم حاموا عنك ونصروك ، وإن منعتهم قعدوا عنك ورفضوك.
فقال معاوية : اسكت يا ابن صوحان فوالله لولا أنّي لم أتجرّع غصّة غيظ قطّ أفضل من حلم ، وأحمد من كرم سيّا في الكفّ عن مثلك والاحتمال لدونك، لما عدت إلى مثل مقالتك .
فقعد صعصعة ، فأنشأ معاوية يقول :
قبلتُ جاهلهم حلماً وتكرمة *** والحلم عن قدرة فضل من الكرم
(أمالي الطوسي : المجلس ١ ، الحديث ٥)
(٢٣٦٨) ٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن مالك النحوي قال : حدّثنا الحسين بن عطاء الصوّاف قال : حدّثنا محمّد بن سعيد النصري قال : حدّثنا أبو عبد الرحمان الأصباغي، عن عطاء بن مسلم :
عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال : كُنت غازياً زمن معاوية بخراسان، وكان علينا رجل من التابعين، فصلى بنا يوماً الظهر، ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : أيّها النّاس، إنّه قد حدث في الإسلام حدث عظيم ، لم يكن مند قبض الله نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم مثله ، بلغني أنّ معاوية قتل حُجراً وأصحابه، فإن يك عند المسلمين غيرُ فسبيل ذلك، وإن لم يكن عندهم غيرٌ فأسأل الله أن يقبضني إليه، وأن يعجّل ذلك .
ص: 140
قال الحسن بن أبي الحسن : فلا والله ما صلّى بنا صلاة غيرها حتّى سمعنا عليه الصياح.
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث ٣٧ )
(٢٣٦٩) ٤ -(1) وعن أبي الحسن عليّ بن مالك النحوي قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن عليّ المعدّل ب_ «حلب» قال : حدّثنا عُثمان بن سعيد قال : حدّثنا محمّد بن سليمان الأصفهاني قال : حدّثنا عمر بن قيس المكّي :
عن عكرمة صاحب ابن عبّاس قال : لمّا حجّ معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقّاص عليه ، فقال لجلسائه : إذا أذنتُ لسعد وجلس فخُذوا من عليّ بن أبي طالب، فأذن له، وجلس معه على السرير.
قال : وشتم القوم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فانسكبت عينا سعد بالبكاء، فقال له معاوية : ما يُبكيك يا سعد ؟ أتبكى أن يشتم قاتل أخيك عثمان بن عفّان ؟!
قال : والله ما أملك البكاء، خرجنا من مكّة مهاجرين حتّى نزلنا هذا المسجد - يعني مسجد الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم - وكان فيه مبيتنا ومقيلنا ، إذ أخرجنا منه وترك عليّ بن أبي طالب فيه ، فاشتدّ ذلك علينا وهبنا نبيّ الله صلی الله علیه و آله وسلم أن نذكر ذلك له ، فأتينا عائشة فقلنا : يا أمّ المؤمنين ، إنّ لنا صحبة مثل صحبة عليّ، وهجرة مثل هجرته ، وإنّا قد أخرجنا من المسجد وترك فيه، فلا ندري من سخط من الله ، أو من غضب من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟ فاذكري له ذلك فإنّا نهابه . فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : «يا عائشة ، لا والله ما أنا أخرجتهم، ولا أنا أسكنته ، بل الله أخرجهم وأسكنه».
وغزونا خيبر فانهزم عنها مَن انهزم فقال نبيّ الله صلی الله علیه و آله وسلم: « لأعطينّ الراية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله و رسوله». فدعاه وهو أرمد، فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله له .
وغزونا تبوك مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فودّع علىّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على ثنيّة الوداع وبكى فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : «ما يبكيك» ؟
ص: 141
فقال: «كيف لا أبكي ولم أتخلّف عنك في غزاة منذ بعثك الله تعالى، فما بالك تخلّفني في هذه الغزاة» ؟ !
فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : «أما ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» ؟
فقال عليّ علیه السلام : «بل رضيت».
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث 39)
(٢٣٧٠) ٥ _ أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدّر قال : حدّثنا محمّد بن حميد الرازي قال: حدّثنا جریر عن اشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير :
عن ابن عبّاس قال : كنت عند معاوية - وقد نزل بذي طوى - فجاءه سعد بن أبي وقّاص فسلّم عليه ، فقال معاوية : يا أهل الشام، هذا سعد بن أبي وقّاص وهو صديق لعليّ. قال : فطأطأ القوم رؤوسهم وسبّوا عليّاً علیه السلام، فبكى سعد، فقال معاوية : ما الّذى أبكاك ؟
قال : ولم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يُسبّ عندك ولا أستطيع أن أغيّر، وقد كان في عليّ خصال لأن تكون فيّ واحدة منهم أحبّ [إلي] من الدنيا وما فيها :
أحدها: أنّ رجلاً كان باليمن، فجاء عليّ بن أبي طالب علیه السلام فقال : لأشكونّك إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقدم على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فسأله عن عليّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فثنى عليه ، فقال : «أنشدك بالله الذي أنزل عَلَيّ الكتاب واختصّني بالرسالة، عن سخط تقول ما تقول في عليّ بن أبي طالب» ؟
قال : نعم يا رسول الله .
قال: «ألا تعلم أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» ؟
قال : بلی.
قال: «فمن كنت مولاه فعلی مولاه».
والثانية : أنّه صلی الله علیه و آله وسلم بعث يوم خيبر عمر بن الخطّاب إلى القتال فهُزم وأصحابه
ص: 142
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : « لأعطينّ الراية غداً إنساناً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله». فقعد المسلمون و علىّ علیه السلام آرمد ، فدعاه فقال : «خذ الراية».
فقال : يارسول الله ، إنّ عيني كما ترى . فتفل فيها ، فقام فأخذ الراية، ثمّ مضى بها حتّى فتح الله عليه .
والثالثة : خلّفه في بعض مغازيه ، فقال عليّ علیه السلام : يا رسول الله، خلّفتني مع النساء والصبيان ؟
فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّ لا نبيّ بعدي».
والرابعة : سدّ الأبواب في المسجد إلّا باب عليّ.
والخامسة : نزلت هذه الآية: «إنما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» (1)، فدعا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم عليّاً وحسناً وحسيناً وفاطمة علیها السلام فقال:«اللهم هؤلاء أهلي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢٦ ، الحديث ١٨)
ص: 143
(2371)1 - أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس :
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (في حديث ) قال : «وأمّا الحسن، فإنّه ابني وولدي ومنّي، وقرة عيني وضياء قلبي وثمرة فؤادي، وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وحجّة الله على الأمّة أمره ،أمري، وقوله قولي من تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي وإنّي لمّا نظرتُ إليه تذكرتُ ما يجري عليه من الذلٌ بعدي، فلايزال الأمر به حتّى يُقتل بالسمّ ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ويبكيه كلّ شيء حتّى الطير في جوّ السماء و الحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تَعْمَ عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤ ، الحديث ٢)
تقدّم تمامه في الباب 2 من أبواب الحوادث والفتن (1)
(2372) 2 -(2) حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً عن محمّد بن احمد بن يحيى بن عمران عن أحمد الأشعري قال : حدّثنا أبو عبد الله الرازي عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن
ص: 144
سيف بن عميرة، عن محمّد بن عتبة، عن محمّد بن عبدالرحمان، عن أبيه :
عن عليّ بن أبي طالب علیه السلام قال : «بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، إذ التفت إلينا فبكى، فقلت : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أبكي ممّا يُصنع بكم بعدي. فقلت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : أبكي من ضربتك على القرن ، ولطم فاطمة خدّها ، وطعنة الحسن في الفخذ، والسمّ الذي يُسق، وقتل الحسين».
قال:«فبكى أهل البيت جميعاً، فقلت : يا رسول الله، ما خلقنا ربّنا إلّا للبلاء!
قال : أبشر يا عليّ، فإنّ الله عزّ وجلّ قد عهد إليّ أنّه لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق».
(أمالي الصدوق : المجلس 28 ، الحديث 2)
(2373) 3 _ (1)وبإسناده عن الحسين بن علي علیهما السلام قال : «لمّا حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام الوفاة بكى، فقيل له : يا ابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الّذي أنت به ، وقد قال فيك رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ما قال، وقد حججت عشرين حجّة ماشياً ، وقد قاسمت ربِّك مالك ثلاث مرات حتّى النعل و النعل ؟ ! فقال علیه السلام : إنّما أبكي لخصلتين : لهول المطلع وفراق الأحبّة».
(أمالي الصدوق : المجلس 39 ، الحديث 9)
تقدّم إسناده في باب مكارم أخلاقه علیه السلام .
(٢٣٧٤) ٤ _(2) أبو جعفر الطوسي قال :حدّثنا محمّد بن محمّد قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن بلال المهلّبي قال : حدّثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عبّاد البصري بمصر، قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا الغلابي قال : حدّثنا العبّاس بن بكّار قال: حدّثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس.
ص: 145
قال الغلابي : وحدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي قال : حدّثنا محمّد بن صالح بن النطاح، و محمّد بن الصلت الواسطي قالا: حدّثنا عمر بن يونس اليمامي، عن النطاح، ومحمّد بن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس.
قال : وحدّثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل الطائي قال : حدّثنا الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیهم السلام قال : حدّثني محمّد بن سلّام الكوفي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي قال: حدّثنا محمّد بن صالح، ومحمّد بن الصلت قالا : حدّثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح :
عن ابن عبّاس قال: دخل الحسين بن علىّ علیهما السلام على أخيه الحسن بن علىّ علیهما السلام في مرضه الّذي توفّي فيه، فقال له : «كيف تجدك يا أخي»؟
قال: «أجدني في أوّل يوم من أيّام الآخرة وآخر يوم من أيّام الدنيا، واعلم أنّى لا أسبق أجلى، وأنّى وارد على أبي وجدّي علیهما السلام ، على كُره منّي لفراقك وفراق
ص: 146
إخوتك وفراق الأحبّة، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه ، بل على محبّة منّي للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ولقاء فاطمة وحمزة وجعفر علیهم السلام، وفي الله عزّ وجلّ خلف من كلّ هالك، وعزاء من كلّ مصيبة ، و درك من كلّ ما فات .
رأيت يا أخي كبدي آنفاً في الطست، ولقد عرفت مَن دهاني(1)، ومِن أين أتيتُ ، فما أنت صانع به يا أخي ؟
فقال الحسين علیه السلام: «أقتله والله».
قال : «فلا أخبرك أبداً حتّى تلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن اكتب:
«هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين بن عليّ : أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّه يعبده حقّ عبادته ، لا شريك له في الملك ، ولا وليّ له من الذلّ، وأنّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً ، وأنّه أولى من عُبد ، وأحقِّ مَن حُمد ، من أطاعه ،رشد ، ومن عصاه غوى ، ومَن تاب إليه اهتدى .
فإنّي أُوصيك ياحسين بمَن خلّفت من أهلي وولدي وأهل بيتك ، أن تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفاً و والداً، وأن تدفنني مع جدّي رسول الله ، فإنّي أحقّ به و ببيته ممّن أُدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده ، قال الله تعالى فيما أنزله على نبيه صلی الله علیه و آله وسلم فقال : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ»(2).
فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه ، ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرّف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة الّتي قرّب الله عزّ وجلّ منك ، والرّحم الماسّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تهريق فيّ يحجمة (3)من دم حتّى نلق رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فنختصم إليه ، ونخبره بما كان من النّاس إلينا بعده». ثم قبض علیه السلام .
ص: 147
قال ابن عبّاس : فدعاني الحسين الله علیه السلام، وعبد الله بن جعفر، وعليّ بن عبد الله بن العبّاس، فقال: «اغسلوا ابن عمّكم». فغسّلناه وحنّطناه وألبسناه أكفانه ، ثمّ خرجنا به حتّى صلّينا عليه في المسجد ، وإنّ الحسين علیه السلام أمر أن يُفتح البيت ، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومَن حضر هناك من وُلد عثمان بن عفّان، وقالوا أيُدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظُلماً بالبقيع بشرّ مكان، ويُدفن الحسن مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟ والله لا يكون ذلك أبداً حتّى تكسّر السيوف بيننا، وتنقصف الرماح، وينفد النبل.
فقال الحسين علیه السلام: «أما والله الّذي حرّم مكّة ، للحسن بن عليّ ابن فاطمة أحقّ برسول الله وبيته ممّن أدخل بيته بغير إذنه ، وهو والله أحقّ به من حمّال الخطايا مُسيّر أبي ذرّ رحمه الله، الفاعل بعمّار ما فعل، وبعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى المؤوي الطريد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، لكنّكم صرتم بعده ،الأمراء، وبايعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء».
قال: فحملناه، فأتينا به قبر أُمّه فاطمة علیها السلام فدفنّاه إلى جنبها رضي الله عنه وأرضاه .
قال ابن عبّاس: وكنت أوّل من انصرف فسمعت اللغط، وخفت أن يعجّل الحسين علیه السلام على مَن قد أقبل، ورأيت شخصاً علمت الشَرّ فيه، فأقبلتُ مبادراً فإذا أنا بعائشة في أربعين راكباً على بغل مرحَّل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلمّا رأتني قالت : إلىّ إليّ يا ابن عبّاس لقد اجترأتم عَلَيّ في الدنيا تؤذونني مرّة بعد، أخرى، تريدون أن تُدخِلُوا بيتي من لا أهوى ولا أحبّ !
فقلت : واسوأتاه ! يوم على بغل، ويوم على جمل(1) تريدين أن تطفني فيه
ص: 148
نور الله، وتقاتلي أولياء الله، و تحولي بين رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وبين حبيبه أن يُدفن معه، ارجعي فقد كفى الله تعالى المَؤنة، ودُفن الحسن إلى جنب أُمِّه ، فلم يزدد من الله إلّا قرباً، وما ازددتم منه والله إلّا بعداً، يا سوأتاه انصر في فقد رأيت ماسرّك !
قال: فقطبت في وجهي ونادت بأعلى صوتها : أما نسيتم الجمل يا ابن عبّاس إنكم لذووا أحقاد .
فقلت : أما والله ما نسيه أهل السماء، فكيف ينساه أهل الأرض.
فانصرفت وهي تقول:
فألقت عصاه فاستقرّت بها النوى *** كما قرّ عيناً بالإياب المسافر
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث 19)
(٢٣٧٥) ٥ _ وبإسناد يأتي عن أبي عبد الله علیه السلام (في حديث في فضل تربة الحسين علیه السلام ) قال : «أمّا الملك اّلذي قبضها فهو جبرئيل علیه السلام، و أراها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فقال : هذه تربة ابنك ،الحسين، تقتله أُمتك من بعدك».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 92 )
يأتي تمامه مسنداً في الباب 22 من أبواب ما يختصّ بالإمام الحسين علیه السلام.
ص: 149
ص: 150
ص: 151
ص: 152
(٢٣٧٦) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي عمّه الحسين بن يزيد عن الحسن بن عليّ بن سالم، عن أبيه :
عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه علیه السلام قال : «كان للحسين بن عليّ علیه السلام ،خاتمان، نقش أحدهما : «لا إله إلّا الله ، عُدّة للقاء الله»، ونقش الآخر: «إنّ الله بالغ أمره».
وكان نقش خاتم عليّ بن الحسين علیهما السلام: خزي وشقي قاتل الحسين بن عليّ علیه السلام».
(أمالي الصدوق : المجلس 27 ، الحديث 7)
(2377) 2 - حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن ابن أبي نجران، عن المثنّى :
عن محمّد بن مسلم قال: سألت الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام عن خاتم الحسين الله بن عليّ علیه السلام إلى مَن صار؟ وذكرت له أنّي سمعتُ أنّه أخِذ من إصبعه فيما أُخِذ.
قال علیه السلام: «ليس كما قالوا إنّ الحسين علیه السلام أوصى إلى ابنه عليّ بن الحسين علیه السلام، وجعل خاتمه في إصبعه، وفوّض إليه أمره، كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمير المؤمنين علیه السلام، وفعله أمير المؤمنين بالحسن علیهما السلام، وفعله الحسن بالحسين علیهما السلام، ثمّ صار ذلك الخاتم إلى أبي علیه السلام بعد أبيه ، ومنه صار إليّ، فهو عندي وإنّي لألبسه كلّ جمعة وأصلّي فيه».
قال محمّد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلّي، فلمّا فرغ من الصلاة مدّ إلَيّ يده ، فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه : « لا إله إلّا الله ، عدّة للقاء الله» . فقال : هذا
ص: 153
خاتم جدّي أبي عبد الله الحسين بن عليّ علیهما السلام».
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 13)
(2378) 3 _ وبإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا علیه السلام( في حديث ) قال : الله :«وكان نقش خاتم الحسين علیه السلام: «إنّ الله بالغ أمره». وكان عليّ بن الحسين علیه السلام يتختّم بخاتم أبيه الحسين علیه السلام، وكان محمّد بن عليّ علیه السلام يتختّم بخاتم الحسين علیه السلام» الحديث.
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٠ ، الحديث ٥)
تقدّم إسناده في الباب الأوّل من أبواب ما يختص بالإمام الحسن علیه السلام، وتمامه في الباب ٢ من كتاب النبوّة .
(2379) ٤ -(1) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضی الله عنه قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد عن ابیه عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر:
عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علیهم السلام قال : سُئِل الحسين بن عليّ علیه السلام فقيل له : كيف أصبحت يا ابن رسول الله ؟
قال: «أصبحت ولي ربّ ،فوقي والنّار أمامي والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحبّ، ولا أدفع ما أكره، والأمور بيد غيري، فإن شاء عذّبني، وإن شاء عفا عنّي، فأيّ فقير أفقر منّي» ؟!
(أمالي الصدوق : المجلس 89 ، الحديث 3)
ص: 154
(2380) 1 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي علیه السلام قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمر بن سعد، عن أبي شعيب التغلبي، عن يحيى بن يمان، عن إمام لبني سليم:
عن أشياخ لهم قالوا : غزونا بلاد الروم ، فدخلنا كنيسة من كنائسهم، فوجدنا فيها مكتوباً :
أيرجو أُمّة قتلوا حسيناً *** شفاعة جدّه يوم الحساب
قالوا : فسألنا : منذ كم هذا في كنيستكم؟
فقالوا: قبل أن يُبعث نبيّكم بثلاث مئة عام .
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٧ ، الحديث ٦)
ص: 155
ص: 156
(2381) 2 -(1) حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن حفص عن زياد بن المنذر، عن سالم بن أبي الجعد (2)قال
ص: 157
سمعت كعب الأحبار يقول : إنّ في كتابنا : «أنّ رجلاً من ولد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقتل، ولا يجفٌ عَرَق دوابٌ أصحابه حتّى يدخلوا الجنّة، فيعانقوا الحور العين».
قمرّ بنا الحسن علیه السلام ، فقلنا فقلنا : هو هذا ؟
قال : لا.
فمرّ بنا الحسين علیه السلام ، فقلنا : هو هذا ؟
قال : نعم .
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٩ ، الحديث ٤)
(2382) 3) - وبإسناده عن ابن عبّاس، عن أمير المؤمنين علیه السلام« في حديث يذكر فيه مرور عيسى علیه السلام الا بأرض كربلاء) قال : «فجلس عيسى علیه السلام وجلس الحواريون معه فيكي و بكى الحواريّون وهم لا يدرون لِمَ جلس ولِمَ يكى ؟!
فقالوا: يا روح الله وكلمته ، ما يُبكيك ؟
قال : أتعلمون أيّ أرض هذه ؟
قالوا : لا .
قال : هذه أرض يُقتل فيها فَرخ الرسول أحمد، وفَرخ الحُرّة الطاهرة البتول شبيهة أُمّي، ويُلحَد فيها، طِينة أطيب من المسك لأنّها طينة الفّرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء الحديث.
(أمالي الصدوق : المجلس 87 ، الحديث ٥)
سيأتي تمامه مسنداً في الباب الخامس.
(2383) ٤ _(1) أبو عبدالله المفيد قال : أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال :
ص: 158
حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا يحيى بن زكريّا قال : حدثنا
ص: 159
عثمان بن عيسى عن أحمد بن سليمان وعمران بن مروان، عن سماعة بن مهران قال :
سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام يقول: «إنّ الّذي قال الله في كتابه: «وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّا» (1)سلّط الله عليه ،قومه فكشطوا (2)وجهه وفروة (3)رأسه ، فبعث الله إليه ملكاً فقال له : إنّ ربّ العالمين يقرؤك السلام ويقول : [إنّه] قد رأيت ما صنع بك قومك، فسلني ما شئت.
فقال : يا ربّ العالمين، لي بالحسين بن علي بن أبي طالب علیهما السلام أسوة».
قال أبو عبد الله علیه السلام : «وليس هو إسماعيل بن إبراهيم على نبيّنا وعليهما السلام».
(أمالي المفيد : المجلس ٥ ، الحديث ٧)
ص: 160
( ٢٣٨٤) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا حبيب بن الحسين التغلبي قال : حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود:
عن أبي جعفر علیه السلام قال : «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم في بيت أُمّ سلمة رضي الله عنها ، فقال لها : لا يدخُل عَلَيّ أحد . فجاء الحسين علیه السلام وهو طفل، فما مَلَكَت معه شيئاً حتّى دخل على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فدخلت أُمّ سلمة على أثره ، فإذا الحسين على صدره، وإذا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يبكي، وإذا في يده شيء يقلّبه .
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا أُمّ سلمة ، إنّ هذا جبرئيل يُخبرني أنّ هذا مقتول، وهذه التربة الّتي يُقتَل عليها، فضعيها عندك، فإذا صارت دماً فقد قُتِل حبيبي .
فقالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ، سل الله أن يَدفَع ذلك عنه .
قال : قد فعلت، فأوحى الله عزّ وجلّ :إلىّ أنّ له درج_ة لا ينالها أح_د م_ن المخلوقين، وأنّ له شيعة يشفعون فيُشفّعون، وأنّ المهدي من ولده، فطوبى لمن كان من أولياء الحسين وشيعته هم والله الفائزون يوم القيامة».
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 3)
(٢٣٨٥) ٢ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش، عن أبي المفضّل محمّد بن [عبد الله بن محمد بن] عبيد الله بن المطّلب الشيباني قال : حدّثنا
ص: 161
محمّد بن عليّ بن معمر الكوفي بواسط، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن الحسين بن أبي الخطّاب قال : حدّثنا محمّد بن أبي عمير، ومحمّد بن سنان، عن هارون بن خارجة عن أبي بصير:
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : سمعته يقول : «بينا الحسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه جبرئيل فقال : يا محمد ، أتحبه ؟
قال : نعم .
قال : أما إنّ أُمّتك ستقتله
فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك حزناً شديداً، فقال جبرئيل علیه السلام : أيسرّك أن أريك التربة الّتي يقتل فيها ؟
قال : نعم .
فخسف جبرئيل علیه السلام مابين مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا - وجمع بين السبّابتين - فتناول بجناحيه من التربة، فناولها الرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ دعا الأرض من طرف العين .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لك من تُربة، وطوبى لمن يُقتل فيك».
(أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ٨٥ )
(٢٣٨٦) ٣ -(1) أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد أبو العبّاس الهمداني قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله الخصّاف النحوي قال : حدّثنا محمّد بن سلمة بن أرتبيل قال : حدّثنا يونس بن
ص: 162
أرقم ، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد:
عن أنس بن مالك : أنّ عظيماً من عظماء الملائكة استأذن ربّه عزّ وجلّ في زيارة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فأذن له، فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين علیه السلام فقبله النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وأجلسه في حجره ، فقال له الملك : أتحبّه ؟
قال : «أجل أشدّ الحبّ ، إنّه ابني».
قال له : إنّ أُمّتك ستقتله .
قال : «أُمّتي تقتل ابني هذا» ؟ !
قال : نعم ، وإنّ شئت أريتك من التربة الّتي يُقتل عليها.
قال: «نعم».
فأراه تربة حمراء طیّبه الريح ، فقال : إذا صارت هذه التربة دماً عبيطاً، فهوعلامة قتل ابنك هذا.
قال سالم بن أبي الجعد : أخبرت أنّ الملك كان ميكائيل علیه السلام .
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث ٨٦)
(2387) ٤ -(1) أخبرنا ابن خشيش قال : أخبرنا أبو زيد الحسين بن الحسن بن عامر قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن دليل بن بشر بن سابق البغدادي قال : حدّثنا عليّ بن سهل قال : حدّثنا مؤمّل [بن إسماعيل]، عن عمّارة بن زاذان [الصيدلاني البصري ] عن ثابت [البناني ]:
عن أنس بن مالك : أنّ ملك المطر استأذن أن يأتي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لامّ سلمة : «املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد». فجاء الحسينعلیه السلام ليدخل فمنعته، فوثب حتّى دخل، فجعل يثب على منكبي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ويقعد عليهما ، فقال له الملك : أتحبه ؟
قال صلی الله علیه و آله وسلم : «نعم» .
ص: 163
قال : فإنّ أُمّتك ستقتله، فإن شئت أريتك المكان الّذي يُقتل به. فمدّ يده فإذا طينة حمراء، فأخذتها أُمّ سلمة فصيّرتها إلى طرف خمارها .
قال ثابت : فبلغني أنّه المكان الّذي قُتِل به بكربلاء.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث ١٠٥ )
(2388) ٥ -(1) أخبرنا ابن خشيش ، عن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا هاشم بن نقيّة الموصلي الدقّاق قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن جعفر المدائني الثقفي قال : حدّثنا
ص: 164
زياد بن عبد الله البكّائي، عن ليث بن أبي سليم، عن جدير _ أو جدمر (1)_ بن عبد الله المازني، عن زيد مولى لزينب بنت جحش:
عن زينب بنت جحش قالت: كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ذات يوم عندي نائماً، فجاء الحسين علیه السلام فجعلت أعلّله مخافة أن يوقظ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فغفلت عنه فدخل و اتّبعته، فوجدته وقد قعد على بطن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، فوضع زبيبته في سرّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبول عليه ، فأردت أن آخذه عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «دعي ابني يا زينب حتّى يفرغ من بوله».
فلمّا فرغ توضّأ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقام يصلّي، فلمّا سجد ارتحله الحسين علیه السلام، فلبث النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بحاله حتّى نزل ، فلمّا قام عاد الحسين لیه السلام فحمله حتّى فرغ من صلاته، فبسط النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يده وجعل يقول: «أرني ، أرني يا جبرئيل».
فقلت : يا رسول الله ، لقد رأيتك اليوم صنعت شيئاً ما رأيتك صنعته قطّ ؟! قال: «نعم، جاءني جبرئيل علیه السلام فعزّاني في ابني الحسين، وأخبرني أنّ أُمّتي تقتله وأتاني بتربة حمراء».
قال زیاد بن عبد الله : أنا شككت في اسم الشيخ جدير أو جدمر بن عبد الله قد أثنى عليه ليث خيراً، وذكر من فضله .
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 88)
ص: 165
(2389) ٦ _ (1)وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا أبو الخليل العبّاس بن خليل بن جابر الطائي إمام حمص قال : حدّثنا محمّد بن هاشم البعلبكي قال : حدّثنا بن عبد العزيز، عن داوود بن عيسى الكوفي ، عن عمارة بن غزية ، عن محمّد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة :
عائشة : أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أجلس حسيناً على فخذه فجعل يقبّله، فقال جبرئيل : «أتحبّ ابنك هذا ؟
قال : «نعم».
قال : «فإنّ أُمّتك ستقتله بعدك».
فدمعت عينا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فقال له : إن شئت أريتك من تربته التي يقتل عليها ؟
قال : «نعم».
فأراه جبرئيل علیه السلام تراباً من تراب الأرض الّتي يُقتل عليها ، وقال : تُدعى الطفّ.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 89)
ص: 166
أقول : تقدّم في الباب ٦ من ترجمة الإمام الحسن علیه السلام ما يرتبط بهذا الباب .
(2390)1 _ (1)حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبدالله بن عامر قال : حدّثنا أبو أحمد محمّد بن زياد الأزدي، عن أبان بن عثمان قال : حدّثنا أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: « مَن سرّه أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويدخل جنّة عدن منزلي، ويُمسك قضيباً غرسه ربّي عزّ وجلّ ثمّ قال له : كُن فيكون (2)، فليتولّ عليّ بن أبي طالب، وليأتمّ بالأوصياء من ولده ، فإنّهم عترتي ، خُلِقوا من طينتي ، إلى الله أشكو أعداءهم من أُمّتي ، المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، وأيم الله ليقتلنّ بعدي ابني الحسين، لا أنا لهم الله شفاعتي».
(أمالي الصدوق : المجلس 9 ، الحديث 11)
ص: 167
(2391) 2 -(1) حدّثنا عليّ بن أحمد بن . الدقّاق رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن بن موسى أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس :
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (في حديث) قال : «وأمّا الحسين فإنّه منّي، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه، وهو إمام المسلمين ومولى المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين، وغياث المستغيثين، وكَهْف المستجيرين، وحجّة الله على خلقه أجمعين وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وباب نجاة الأُمّة، أمره أمري، وطاعته طاعتي من تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي، وإنّي لمّا رأيته تذكّرت ما يُصنع به بعدي كأنّي به وقد استجار بحرمي و قبري (2)فلايجار ، فأضمّه في منامه إلى صدري، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي وأبشّره بالشهادة فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مَصرعه أرض كرب و بلاءٍ وقتل وفناءٍ، تنصره عصابة من المسلمين ، أولئك من سادة شهداء أُمّتي يوم القيامة ، كأنّي أنظر إليه وقد رُمي بسهم فخرّ عن فرسه صريعاً، ثم يُذبح كما يُذبح الكَبش ، مظلوماً».
ص: 168
ثمّ بكى رسول الله ر وبكى مَن حوله، وارتفعت أصواتهم بالضجيج، ثمّ قام صلی الله علیه و آله وسلم وهو يقول: «اللهمّ إنّي أشكو إليك ما يَلق أهل بيتي بعدي»، ثم دخل منزله .
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤، الحديث ٢)
تقدّم تمامه في الباب 2 من أبواب الحوادث والفتن (1).
(2392) 3 _(2) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال : حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن عليّ بن عليّ الدعبلي الخُزاعي قال : حدّثني أبي أبو الحسن عليّ بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمان قال : حدّثنا سيّدي أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن
أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين علیهما السلام :
عن أسماء بنت عميس الختعميّة (في حديث) قالت : فلمّا ولدت فاطمة الحسين علیهما السلام نفستها به، فجاءني النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فقال : «هلمّي ابني يا أسماء». فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، ففعل به كما فعل ابا الحسن علیه السلام.
قالت : وبكى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ثمّ قال : «إنّه سيكون لك حديث، اللهمّ العن قاتله، لاتعلمى فاطمة بذلك».
قالت : فلمّا كان يوم سابعه جاءني النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : «هلمّي ابني». فأتيته به ففعل به كما فعل بالحسن ، وعقّ عنه كما عقّ عن الحسن كبشاً ،أملح، وأعطى القابلة رجلاً، وحلق رأسه وتصدّق بوزق الشعر ورِقا (3)، وخلق رأسه بالخَلوق (4)وقال : «إنّ الدم من فعل الجاهليّة».
قالت : ثمّ وضعه في حجره ، ثمّ قال : يا أبا عبد الله ، عزيز عَلَيّ ! ثم بكى،
ص: 169
فقلت: بأبي أنت وأُمّي ، فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأوّل، فما هو ؟!
فقال: «أبكي على ابني هذا ، تقتله فئة باغية كافرة من بني أُميّة ، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، يقتله رجل يثلم الدين ويكفر بالله العظيم».
ثمّ قال : «اللهمّ إنّي أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريّته ، اللهمّ أحبّهما، و أحبّ من يحبّهما، والعن من يبغضهما ملء السماء والأرض».
(أمالي الطوسي : المجلس 13 ، الحديث 32)
تقدّم تمامه في الباب ١ من تاريخ الحسنين علیهما السلام.
(٢٣٩٣) ٤ _ (1)أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان قال : حدّثنا أبو القاسم علي بن حبشي قال : حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا صفوان بن يحيى، وجعفر بن عيسى بن يقطين، عن الحسين بن أبي غندر، عن بعض أصحابنا :
عن أبي عبدالله علیه السلام قال : «كان الحسين علیه السلام ذات يوم في حجر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يلاعبه ويضاحكه ، فقالت عائشة : يا رسول الله ما أشدّ إعجابك بهذا الصبيّ !
فقال لها : «ويلك ، ويلك ، وكيف لا أحبّه ولا أعجب به، وهو ثمرة فؤادي ، وقرّة عيني ، أما إنّ أُمّتي ستقتله ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حَجّة من حججي».
قالت : يا رسول الله ، حجة من حججك ؟ !
قال : «نعم، وحجّتين» .
قالت : حجّتين من حججك ؟ !
قال : «نعم ، وأربعاً» .
ص: 170
قال : «فلم تزل تزيده وهو يزيد ويضعف حتّى بلغ سبعين حَجّة من حجج رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بأعمارها» !
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث 8)
ص: 171
( ٢٣٩٤) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي صلى الله عليه وسلم قال : حدّثنا عليّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكمنداني (2)قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمان بن أبي نجران [عمرو بن مسلم]، عن جعفر بن محمّد الكوفي، عن عبيد الله (3)السمين ، عن سعد بن طريف :
عن الأصبغ بن نباتة قال : بينا أمير المؤمنين علیه السلام يخطب النّاس وهو يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألوني عن شيء مضى ولا عن شيء يكون إلّا أنبأتكم به».
فقام إليه سعد بن أبي وقّاص فقال : يا أمير المؤمنين، أخبرني كَم في رأسي ولحيتي من شعرة ؟
ص: 172
فقال له: «أما والله لقد سألتني عن مسألة حدّثني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّك ستسألني عنها، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلّا وفي أصلها شيطان جالس وإنّ في بيتك لسخلاً يقتل الحسين ابني». وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه.
(أمالي الصدوق : المجلس 28، الحديث 1)
(٢٣٩٥) ٢ -(1) حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السكّري قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا قال : حدّثنا قيس بن حفص الدارمي قال : حدّثني
ص: 173
حسين [بن الحسن ] الأشقر قال: حدّثنا منصور بن أبي الأسود، عن أبي حيان (1)التّيمي ، عن نشيط بن عبيد، عن رجل منهم: عن جرداء بنت سمين (2)عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم(3) قال: غزونا مع علي بن أبي طالب علیه السلام صفّين ، فلمّا انصرفنا نزل كربلاء،فصلّى بها الغداة، ثمّ رفع إليه من تُربتها فشَمَّها ، ثمّ قال :
«واهاً لك أيّتها التُربة، ليُحشَرنّ منك أقوام يدخلون الجنّة بغير حساب».
فرجع هر ثمة إلى زوجته _ وكانت شيعة لعليّ علیه السلام _ فقال : ألا أحدّثك عن وليّك أبي الحسن ؟ نزل بكر بلا فصلّى، ثمّ رفع إليه من تربتها وقال: «واهاً لك أيّتها
ص: 174
التُربة، ليُحشَرنّ منك أقوام يدخلون الجنّة بغير حساب».
قالت : أيّها الرجل ، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلّا حقاً.
فلمّا قدم الحسين علیه السلام هرثمة : كنتُ في البعث الّذين بعثهم عبيدالله بن زياد، فلمّا رأيت المنزل والشجر ، ذكرتُ ،الحديث ، فجلست على بعيري، ثمّ صرت إلى الحسين علیه السلام فسلّمت عليه وأخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الّذي نزل به الحسين علیه السلام .
فقال : «معنا أنت أم علينا ؟
فقلت : لا معك ، ولا عليك ، خلّفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد .
قال : «فامض حيث لا ترى لنا مقتلاً، ولا تسمع لنا صوتاً، فوالذي نفس الحسين بيده ، لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يُعيننا إلا كبه الله لوجهه في جهنّم»(1)
(أمالي الصدوق : المجلس 28 ، الحدیث 7)
(٢٣٩٦) ٣ -(2) حدّثنا محمد بن أحمد السناني رضی الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا الله القطّان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدّثنا تميم بن بهلول قال :
ص: 175
حدّثنا عليّ بن عاصم، عن الحصين بن عبد الرحمان، عن مجاهد :
عن ابن عبّاس قال : كنت مع أمير المؤمنين علیه السلام في خروجه إلى صفّين ، فلمّا نزل الا بنينوى ، وهو شطّ الفرات ، قال بأعلى صوته : يا ابن عبّاس، أتعرف هذا الموضع ؟
فقلت له : ما أعرفه ، يا أمير المؤمنين.
فقال عليّ علیه السلام : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّى تبكي كبكائي».
قال : فبكى طويلاً حتّى اخضلّت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معاً (1)وهو يقول: «أوه أوه (2)، ما لي ولأل أبي سفيان، ما لي ولأل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر، صبراً يا أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلق منهم».
ثمّ دعا بماء فتوضّأ وضوءه للصلاة، فصلّى ما شاء الله أنّ يصلّي، ثمّ ذكر نحو كلامه الأوّل ، إلّا أنّه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة، ثمّ انتبه فقال: «يا ابن عبّاس».
فقلت : ها أنا ذا .
فقال: «ألا أحدّثك بما رأيت في منامي آنفاً عند رَقدَتي ؟
فقلت : نامت عيناك ورأيت خيراً، يا أمير المؤمنين .
قال : «رأيت كأنّي برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم وهي بيض تلمع ، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة، ثم رأيت كأنّ هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب ب_دم عبيط ، وكأنّي بالحسين سخلي (3)وفرخي ومُضغتي ومُخي قد غرق فيه ، يستغيث فلا يُغاث ، وكأنّ الرجال
ص: 176
البيض قد نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبراً آل الرسول، فإنّكم تُقتلون على أيدي شرار النّاس ، وهذه الجنّة - يا أبا عبد الله _ إليك مشتاقة، ثمّ يعزّونني و :يقولون: يا أبا الحسن أبشر ، فقد أقرّ الله به عينك يوم القيامة ، يوم يقوم النّاس لربّ العالمين، ثمّ انتبهت هكذا.
والّذي نفس عليّ بيده ، لقد حدّثني الصادق المصدّق أبو القاسم صلی الله علیه و آله وسلم أنّي سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا وهذه أرض كرب وبلاء، يُدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً من ولدي وولد فاطمة، وأنّها لفي السماوات معروفة، تُذكر أرض كرب وبلاءٍ، كما تُذكر بُقعة الحرمين وبُقعة بيت المقدس».
ثمّ قال : «يا ابن عبّاس ، اطلُب لي حولها بَغر الظباء، فوالله ما كذبت ولا كُذّبت، وهي مصفرّة، لونها لون الزعفران».
قال ابن عبّاس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته : يا أمير المؤمنين، قد أصبتها على الصفة الّتي وصفتها لي.
فقال عليّ علیه السلام : «صدق الله ورسوله». ثمّ قام علیه السلام يهرول إليها ، فحملها وشمّها وقال: «هي هي بعينها، أتعلم يا ابن عبّاس، ما هذه الأبعار ؟ هذه قد شمّها عيسى بن مريم علیه السلام، وذلك أنّه مرّ بها ومعه الحواريّون فرأى هاهنا الظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسى علیه السلام ومجلس الحواريون معه فبكى وبكى الحواريّون وهم لا يدرون لِمَ جلس ولِمَ بكى ؟!
فقالوا: يا روح الله وكلمته، ما يُبكيك ؟
قال : أتعلمون أيّ أرض هذه ؟
قالوا : لا .
قال : هذه أرض يُقتل فيها فَرخ الرسول أحمد، وفَرخ الحُرة الطاهرة البتول شبيهة أُمّي، ويُلحد فيها طينة أطيب من المسك لأنّها طينة الفَرخ المستشهد، و هكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء ، فهذا الظّباء تُكلّمني وتقول : إنّها تَرعى في هذه الأرض شوقاً إلى تُربة الفَرخ المبارك ، وزعمت أنّها آمنة في هذه الأرض. ثمّ ضرب بيده إلى هذه الصيران فشمّها وقال : هذه بَعر الظباء على هذا الطّيب لمكان حشيشها ، اللهمّ فأبقها أبداً حتّى يشمها أبوه فتكون له عزاء وسلوة» . قال :
ص: 177
فبقيت إلى يوم النّاس هذا ، وقد اصفرّت لطول زمنها، وهذه أرض كرب و بلاء».
ثمّ قال بأعلى صوته : «يا ربّ عيسى بن مريم ، لا تُبارك في قَتَلتِه، والمعين عليه، والخاذل له» .
ثمّ بكى بكاءً طويلاً وبكينا معه حتّى سقط لوجهه وغُشي عليه طويلاً، ثمّ أفاق ، فأخذ البَعر فصرّه (1)في ردائه، وأمرني أن أصرّها كذلك ، ثم قال : «يا ابن عبّاس، إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً ويسيل منها دمٌ عبيط ، فاعلم أنّ أبا عبدالله قد قُتِل بها ودُفن».
قال ابن عبّاس : فو الله لقد كنت أحفظها أشدّ من حفظي لبعض ما افترض الله عزّ وجلّ عَلَيّ، وأنا لا أحلّها من طرف كُمّي، فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا تسيل دماً عبيطاً ، وكان كُمّي قد امتلأ دماً عبيطاً، فجلست وأنا باك، وقلت : قد قُتل _ والله _ الحسين ، والله ما كذّبني علي قطّ في حديث حدّثني ، ولا أخبرني بشيء قطّ أنّه يكون إلّا كان كذلك، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُخبره بأشياء لا يُخبر بها غيره.
ففزعت وخرجت ، وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنّها ضَباب لا يستبين منها أثر عين ، ثمّ طلعت الشمس فرأيت كأنّها منكسفة، ورأيت كأنّ حيطان المدينة عليها دم عبيط ، فجلست وأنا باك ، فقلت : قد قُتل - والله - الحسين، وسمعت صوتاً من ناحية البيت، وهو يقول:
اصبروا آل الرسول *** قُتل الفَرخ النّحول
نَزَل الرّوح الأمين *** ببكاء و عويل
ثمّ بكى بأعلى صوته وبكيت فأثبتّ عندي تلك الساعة وكان شهر المحرّم يوم عاشوراء لعشر مضين منه فوجدته قُتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك ، فحدّثت هذا الحديث أولئك الّذين كانوا معه، فقالوا : والله لقد سمعنا ما
ص: 178
سمعتَ ونحن في المعركة، ولاندري ما هو ، فكنّا نرى أنّه الخضر علیه السلام.
(أمالي الصدوق : المجلس 87 ، الحديث 5 )
(٢٣٩٧) ٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد الزيّات :قال حدّثنا أبو الحسن عليّ بن العبّاس قال: حدّثنا أحمد بن منصور الرمادي قال : حدّثنا عبد الرزّاق قال : حدّثنا ابن عيينة ، قال : حدّثنا عمّار الدهني عن أبي الطفيل:
عن أمير المؤمنين علیه السلام (حديث) قال: «يأتيكم راكب الذِعلِبَة (1) يشدّ حقوها بوضينها(2)، لم يقضِ تفثاً من حجّ ولا عمرة فيقتلونه». يريد بذلك الحسين بن عليّ علیهما السلام.
(أمالي الطوسي : المجلس 8 ، الحديث ٦١)
تقدّم تمامه في ترجمة أمير المؤمنين علیه السلام، في باب أحوال أصحابه ومعاصريه.(3)
ص: 179
(2398) 1 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن هارون الفامي قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري قال : حدّثنا أبي، عن أحمد محمّد بن يحيى(2) ، عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر :
عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه ، عن جدّه علیهم السلام «أنّ الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام دخل يوماً إلى الحسن علیه السلام، فلمّا نظر إليه بكى ، فقال له : ما يُبكيك يا أبا عبدالله ؟
قال : أبكي لما يُصنّع بك.
فقال له الحسن : إنّ الذي يؤتى إلَى سُمَّ يُدَسٌ إِلَيَّ فأقتل به، ولكن لايوم
كيومك يا أبا عبدالله ، يَزدَلِف إليك ثلاثون ألف رجل ، يدّعون أنّهم من أُمّة جدّنا محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك ، وسَفك دمك ، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك ، فعندها تحلّ ببنى أميّة اللعنة ، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفَلَوات والحيتان في البحار.
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤ ، الحديث ٣)
ص: 180
(2399) 1 _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش ، عن أبي المفضّل محمّد بن [عبد الله بن محمد بن ] عبيد الله بن المطّلب الشيباني قال : حدّثنا محمّد بن محمّد معقل العجلي القرميسيني ب_«سهرورد»(1) قال : حدّثنا محمّد بن أبي الصهبان الذهلي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن كرام بن عمرو الخثعمي ، عن محمّد بن مسلم قال :
سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّد علیهما السلام يقولان: «إنّ الله تعالى عوّض الحسين علیه السلام من قتله أن جعل الإمامة في ذريّته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره (2)، ولا تعدّ أيّام زائريه جائياً وراجعاً من عمره» (3)
قال محمّد بن مسلم : فقلت لأبي عبد الله علیه السلام : هذا الجلال ينال بالحسين علیه السلام، فما له فى نفسه ؟
قال : «إنّ الله تعالى ألحقه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، فكان معه في درجته ومنزلته». ثمّ تلا أبو عبد الله صلى الله عليه وسلم : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتُهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ (4)الآية . (أمالي (الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 91)
ص: 181
(٢٤٠٠) ١ _ (1)أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه قال :
قال الرضا علیه السلام: «مَن تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منّا كان معنا في درجتنا القيامة، ومَن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب».
(أمالي الصدوق : المجلس 17 ، الحديث 5)
(٢٤٠١) ٢ - (2)حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال :
قال الرضا علیه السلام: «إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهليّة يُحرمون فيه القتال، فاستُحلّت فيه دماؤنا، وهُتِكت فيه حرمتنا، وسُبي فيه ذرارينا ونساؤنا، و أضرمت النيران في مضاربنا (3)، وانتُهِب ما فيها من ثقلنا، ولم تُرع لرسول
ص: 182
الله صلی الله علیه و آله وسلم حُرمة في أمرنا .
إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دُموعنا ، وأذلّ عزيزنا بأرض (1)كرب و بلاء، أورثتنا الكّرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء يَحُطّ الذنوب العظام».
ثمّ قال علیه السلام :«كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكأبة تَغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيّام فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحُزنه وبكائه، ويقول : هو اليوم الّذي قتل فيه الحسين صلوات الله عليه».
(أمالي الصدوق : المجلس 27 ، الحديث 2)
(٢٤٠٢) ٣ -(2) حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله قال : حدّثنا أبي، عن جعفر بن مالك قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن زيد قال : حدّثنا أبو أحمد محمّد بن زیاد قال : حدّثنا زياد بن المنذر عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال :
قال عليّ علیه السلام الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «يا رسول الله ، إنّك لتحبّ عقيلاً»؟
قال: «إي والله إنّي لأحبّه حبّين حبّاً له، وحبّاً لحبّ أبي طالب له، وإنّ ولده مقتول في محبّة ولدك ، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون». ثمّ بكى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حتّى جرت دموعه على صدره، ثمّ قال: «إلى الله أشكو ما تلق عترتي من بعدي».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٧ ، الحديث ٤)
(٢٤٠٣) (٤) -(3) حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن
ص: 183
أبيه :
عن الريّان بن شبيب (1)قال : دخلت على الرضا علیه السلام في أوّل يوم من المحرّم فقال لي: «يا ابن شبيب ، أصائم أنت ؟
فقلت : لا .
فقال: «إنّ هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكريّا لیه السلام ربّه عزّ وجلّ، فقال:«رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ» (2)فاستجاب الله له، وأمر الملائكة فنادت زكريّا وهو قائم يُصلّي في المحراب :«أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيِي» (3)، فمن صام هذا اليوم ثمّ دعا الله عزّ وجلّ استجاب الله له كما استجاب لزكريّا علیه السلام».
ثمّ قال : «يا ابن شبيب ، إنّ المحرّم هو الشهر الّذي كان أهل الجاهليّة فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال الحرمته، فما عرفت هذه الأُمّة حُرمة شهرها ولا حرمة نبيّها صلی الله علیه و آله وسلم، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريّته ، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً.
يا ابن شبيب ، إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام، فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش ، وقُتل الكبش ، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما الهم في الأرض شبيه، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غير إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : «يا لثارات الحسين».
يا ابن شبيب ، لقد حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه علیهم السلام: أنّه لمّا قُتل جدّي
ص: 184
الحسين علیه السلام مطرت السماء دماً وتراباً أحمر.
يا یا ابن شبيب ، إن بكيت على الحسين علیه السلام حتّى تصير دموعك على خدّيك غفر الله لك كلّ ذنب أذنبته ، صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
یا ابن شبيب ، إن سرّك أن تلق الله عزّ وجلّ ولا ذنب عليك ، فزُر الحسين علیه السلام.
يا ابن شبيب ، إن سرّك أن تسكن الغُرف المبنيّة في الجنّة مع النبيّ وآله
صلوات الله عليهم ، فالعن قتلة الحسين .
يا ابن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين علیه السلام فقُل متى ما ذكرته :« يا ليتني كنتُ معهم فأفوز فوزاً عظياً».
يا ابن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العُلى من الجنان، فاحزن لحُزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنّ رجلاً تولّى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة».
(أمالي الصدوق : المجلس 27 ، الحديث ٥)
(٢٤٠٤) ٥ _ (1)حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن آبائه علیهم السلام قال :
قال أبو عبد الله الحسين بن عليّ علیهما السلام : «أنا قتيل العَبرة، لا يذكرني مؤمن إلّا استَعبر».
(أمالي الصدوق : المجلس 28 ، الحديث 8)
ص: 185
(٢٤٠٥) ٦ -(1) حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمه الله قال : حدّثنا أبي محمّد بن يحيى قال : حدثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عليّ بن المغيرة :
عن أبي عُمارة (2)المنشد ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : قال لي: «يا أبا عمارة، أنشِدني في الحسين بن عليّ علیهما السلام» .
قال: فأنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، قال : فوالله ما زلتُ أنشده ويبكي
حتّى سمعت البكاء من الدار.
قال : فقال لي: «يا أبا عمارة مَن أنشد في الحسين بن عليّ علیهما السلام فأبكى خمسين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى ثلاثين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين فأبكى عشرين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين فأبكى عشرة فله الجنّة . ومن أنشد في الحسين فأبكى واحداً فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين فبكى فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين فتباكى فله الجنّة».
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث٦ )
(٢٤٠٦) ٧ - حدّثنا أبو عليّ أحمد بن زياد الهمداني رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن يونس بن عبدالرحمان عن ابن أسباط ، عن عليّ بن سالم ، عن أبيه :
عن [أبي حمزة الثمالي] ثابت بن أبي صفيّة قال: نظر سيّد العابدين عليّ بن
7 _ ورواه أيضاً في باب الاثنين من الخصال : ١٠١/٦٨ من قوله : «رحم الله العبّاس»
ص: 186
الحسين علیهما السلام إلى عبيد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام فاستعبر ، ثمّ قال :«ما من يوم أشدّ على رسول الله أشدّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم من يوم أُحُد ، قُتِل فيه عمّه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمّه جعفر بن أبي طالب».
ثمّ قال علیه السلام : «ولا يوم كيوم الحسين علیه السلام، از دلف إليه ثلاثون ألف رجل، يزعمون أنّهم من هذه الأُمّة ، كلّ يتقرّب إلى الله عزّ وجلّ ،بدمه وهو بالله يذكّرهم فلا يتّعظون، حتى قتلوه بغياً وظلماً وعُدواناً»
ثمّ قال علیه السلام: «رحم الله العبّاس ، فلقد آثر وأبلى ، وقدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه ، فأبدله الله عزّ وجلّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة ، كما جعل الجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة».
(أمالي الصدوق : المجلس 70 ، الحديث 10)
(٢٤٠٧)8 - أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال : حدّثنا أحمد بن عبد بن خالد (1)قال : حدّثنا محمّد بن عمرو بن عتبة ، عن الحسين [بن الحسن] الأشقر، عن محمّد بن أبي عمارة الكوفي قال :
سمعت جعفر بن محمّد علیهما السلام يقول : «من دمعت عينه (2)ف_ي_ن_ا دمعة لدم سفك الملا لنا (3)، أو حقّ لنا نقصناه ، أو عرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا ، بوّأه الله تعالى
ص: 187
بها في الجنّة حقياً» (1)
(أمالى المفيد : المجلس 22 ، الحديث ٥)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد مثله، إلّا أنّ فيه المفيد مثله، إلّا أنّ فيه : «من دمعت عينه دمعة لدم سُفِك لنا، أو حقّ لنا أنقصناه».
(أمالي الطوسي : المجلس ٧ ، الحديث 32 )
(٢٤٠٨) ٩ _ (2)أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عمر و عثمان بن أحمد الدقّاق إجازة، قال : أخبرنا جعفر بن محمّد بن مالك قال : حدّثنا أحمد بن يحيى الأودي قال:حدّثنا يخوّل بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه :
عن الحسين بن عليّ علیهما السلام قال :«ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلّا بوّأه الله بها في الجنّة حقباً».
قال أحمد أحمد بن يحيى الأودي : فرأيت الحسين بن عليّ علیه السلام في المنام فقلت: حدّثني مخوّل بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه ، عنك أنّك قلت : «ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلّا بوّأه الله بها في الجنّة حقباً».
قال : «نعم» .
قلت : سقط الإسناد بيني وبينك
(أمالى المفيد : المجلس ٤٠ ، الحديث ٦)
أبو جعفر الطوسي ، عن المفيد مثله.
(أمالي الطو أمالي الطوسي :المجلس ٤ ، الحديث ٣٥)
(٢٤٠٩) ١٠ -(3) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن
ص: 188
قولويه رحمه الله ، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدّثنا سليمان بن سلمة الكندى ، عن محمّد بن سعيد بن غزوان ، وعيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب :
عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد صلى الله عليه وسلم قال : «نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمّه لنا عبادة، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله».
ثمّ قال أبو عبد الله علیه السلام: «يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب».
(أمالى المفيذ : المجلس ٤٠ ، الحديث ٣)
أبو جعفر الطوسي ، عن المفيد ، مثله ، إلّا أنّ فى سنده : أحمد بن أبي عبدالله البرقي عن سليمان بن مسلم الكندي ، عن محمّد بن سعيد بن غزوان ، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب.
(أمالي الطوسي : المجلس ٤ ، الحديث ٣٢)
(2010)11 - حدّثنا محمّد بن محمّد قال : حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال : حدّثني أبي قال : حدّثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزرّاد ، عن أبي محمّد الأنصاري.
عن معاوية بن وهب قال : كنت جالساً عند جعفر بن محمّد علیهما السلام إذ جاء شيخ قد انحنى من الكِبَر ، فقال : السلام عليك ورحمة الله وبر وبركاته .
فقال له أبو عبد الله علیه السلام: «وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ أدن منّي».
فدنا منه فقبل يده فبكى ، فقال له أبو عبد الله علیه السلام: «وما يُبكيك يا شيخ» ؟
ص: 189
قال له : يا ابن رسول الله ، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مئة سنة ، أقول : هذه السنة، وهذا الشهر، وهذا اليوم ، ولا أراه فيكم، فتلومني أن أبكي؟!
قال : فبكى أبو عبد الله علیه السلام ثمّ قال : «يا شيخ ، إن أخّرت منيّتك كنت معنا ، و انّ: عُجِّلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم».
فقال الشيخ : ما أبالي ما فاتني بعد هذا يا ابن رسول الله .
فقال أبو عبد الله علیه السلام: «يا شيخ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي»، تجيء وأنت معنا يوم القيامة».
قال: «يا شيخ، ما أحسبك من أهل الكوفة» ؟
قال : لا .
قال: «فمن أين أنت» ؟
قال : من سوادها جُعِلت فداك.
قال: «أين أنت من قبر جدّي المظلوم الحسين علیه السلام» ؟
قال : إنّي لقريب منه .
قال: «كيف إتيانك له» ؟
قال: إنّي لأتيه وأُكثِر .
قال : «يا شيخ ، ذاك دم يطلب الله تعالى به، ما أُصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين علیه السلام، ولقد قُتل علیه السلام في سبعة عشر من أهل بيته ، نصحوا الله وصبروا في الله فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنّه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ومعه الحسين علیه السلام ويده على رأسه يقطر دماً فيقول : يا ربّ سَل أُمّتي فِيمَ قتلوا ولدي ؟ !
وقال علیه السلام: «كلّ الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين علیه السلام».(1)
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث ٢٠)
ص: 190
(٢٤١١) ١ _ أبو جعفر الصدوق بإسناده عن الريّان بن شبيب ، عن الرضا علیه السلام ( في حدیث ) قال : «يا ابن شبيب ، إن سرّك أن تسكن الغُرف المبنيّة في الجنّة مع النبي و آله صلوات الله عليهم ، فالعن قتلة الحسين .
يا ابن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع
الحسين علیه السلام فقُل متى ما ذكرته : «يا ليتني كنتُ معهم فأفوز فوزاً عظيماً» الحديث.
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٧ ، الحديث ٥)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب السابق.
(٢٤١٢) ٢ - (1)حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن الحسن ، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليّ بن حسّان الواسطي، عن عمّه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي :
عن داوود بن كثير الرقّي قال : كنت عند أبي عبد الله علیه السلام إذ استسق الماء، فلمّا شربه رأيته وقد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال: «يا داوود لعن الله قاتل الحسين، فما أنْغَص ذِكر الحسين للعيش، إنّي ما شربت ماءً بارداً إلّا وذكرت الحسين، وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين علیه السلام ولعن قاتله إلّا كتب الله له مئة ألف حسنة، ومحا عنه مئة ألف سيّئة، ورفع له مئة ألف درجة، وكان كأنّما أعتق يوم القيامة أبلج الوجه»(2).
(أمالي الصدوق : المجلس (29 ، الحديث 7)
ص: 191
(٢٤١٣)٣ _ أبو جعفر الطوسي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد قال : حدّثنا ابوالحسن احمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي فاختة :
عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام (في حديث) قال : جُعلتُ فداك، إنّي أذكر الحسين بن عليّ علیهما السلام فأيّ شيء أقول إذا ذكرته ؟
فقال : «قُل : «صلى الله عليك يا أبا عبد الله» ، تكرّرها ثلاثاً».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢ ، الحديث ٤٢)
سيأتي تمامه في باب ما ظهر بعد شهادته علیه السلام من بكاء السماء والأرض عليه .
ص: 192
(٢٤١٤) ١ _ (1)أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عمر البغدادي الحافظ رحمه الله قال : حدّثنا أبو سعيد الحسن بن عثمان بن زياد التستري من بن زياد التستري من كتابه قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن موسى بن يونس بن أبي إسحاق السُبيعي قاضي بلخ ، قال : حدثتني مريسة بنت موسى بن يونس بن أبي إسحاق وكانت عمّتي، قالت : حدثتني صفيّة بنت يونس بن أبي إسحاق الهمدانيّة وكانت عمّتي قالت : حدثتني بهجة بنت الحارث بن عبدالله التغلبي :
عن خالها عبد الله بن منصور - وكان رضيعاً لبعض ولد زيد بن علىّ علیه السلام - قال: سألت جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين علیهما السلام فقلت : حدّثني عن مقتل ابن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟
فقال : حدّثني أبي، عن أبيه قال : لمّا حضرت معاوية الوفاة دعا ابنه يزيد لعنه الله فأجلسه بين يديه، فقال له : يا بُنَيّ، إنّي قد ذلّلت لك الرقاب الصّعاب، و وطّدت لك البلاد، وجعلت الملك ومافيه لك طعمة ، وإنّي أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم ، وهم : عبد الله بن عمر بن الخطّاب، ، و عبد الله بن الزبير، والحسين بن عليّ (2)، فأمّا عبد الله بن عمر فهو معك ، فالزمه ولا تدعه (3)،
ص: 193
وأمّا عبد الله بن الزبير فقطّعه إن ظفرت به إربا إرباً، فإنّه يجثو لك كما يجثو الأسد لفريسته ، ويواربك مواربة الثعلب للكلب، وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول الله، وهو من لحم رسول الله ودمه، وقد علمت لا مُحالة أنّ أهل العراق سيُخرجونه إليهم ثمّ يخذلونه ويضيّعونه ، فإن ظفرت به فاعرف حقّه و منزلته من رسول الله، ولا تؤاخذه بفعله، ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة (1)ورحماً، و إيّاك أن بسوء، أو يرى منك مكروهاً . قال : فلمّا هلك معاوية وتولّى الأمر بعده يزيد لعنه الله ، بعث عامله على مدينة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وهو عمّه عُتبة بن أبي سفيان ، فقدم المدينة وعليها مروان بن الحكم - وكان عامل معاوية - فأقامه عُتبة من مكانه وجلس فيه، ليُنفّذ فيه أمر يزيد، فهرب مروان فلم يقدر عليه، وبعث عُتبة إلى الحسين بن عليّ علیهما السلام فقال : إنّ أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له.
فقال الحسين علیه السلام : «يا عُتبة ، قد علمتّ أنّا أهل بيت الكرامة ، ومعدن الرسالة، وأعلام الحقّ الّذي أودعه الله عزّ وجلّ قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا فنطقت بإذن الله عزّ وجلّ ، ولقد سمعت جدّي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنّ الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان»، وكيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم هذا ؟!
فلمّا سمع عُتبة ذلك ، دعا الكاتب وكتب : بسم الله الرّحمن الرّحيم، إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين، من عُتبة بن أبي سفيان، ، من عُتبة بن أبي سفيان، أمّا بعد ، فإنّ الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة ولا بيعة ، فرأيك في أمره ، والسلام .
فلمّا ورد الكتاب على يزيد لعنه الله كتب الجواب إلى عتبة : فأمّا بعد ، إذا أتاك كتابي هذا فعجّل عَلَي بجوابه، وبيّن لي كتابك كلِّ مَن في طاعتي، أو خرج عنها، و ليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي.
فبلغ ذلك الحسين علیه السلام، فهمّ بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق ، فلمّا
ص: 194
أقبل الليل راح إلى مسجد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ليودّع القبر ، فلمّا وصل إلى القبر سطع له نور من القبر ، فعاد إلى موضعه، فلمّا كانت الليلة الثانية راح ليودّع القبر، فقام يصلّي فأطال، فنَعَس وهو ساجد، فجاءه النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في منامه، فأخذ الحسين علیه السلام وضمّه إلى صدره، وجعل يقبّل بين عينيه ويقول : «بأبي أنت كأنّي أراك مرمّلاً بدمك بين عصابة من هذه الأُمّة يرجون ،شفاعتي ما لهم عند الله من خَلاق، يا بني ، إنّك قادم على أبيك وأُمّك وأخيك ، وهم مشتاقون إليك، وإنّ لك في الجنّة درجات لا تنالها إلّا بالشهادة».
فانتبه الحسين علیه السلام من نومه باكياً ، فأتى أهل بيته فأخبرهم بالرؤيا وودّعهم، وحمل أخواته على المحامل وابنته وابن أخيه القاسم بن الحسن بن عليّ علیه السلام ، ثمّ سار في أحد وعشرين رجلاً من أصحابه وأهل بيته، منهم : أبوبكر بن عليّ، و محمّد بن عليّ، وعثمان بن عليّ، والعبّاس بن عليّ، وعبد الله بن مسلم بن عقيل ، و عليّ بن الحسين الأكبر، وعليّ بن الحسين الأصغر.
وسمع عبدالله بن عمر بخروجه ، فقدم راحلته ، وخرج خلفه مسرعاً، فأدركه في بعض المنازل ، فقال : أين تريد يا ابن رسول الله ؟
قال : «العراق».
قال : مهلاً، ارجع إلى حرم جدّك .
فأبى الحسين علیه السلام عليه، فلمّا رأى ابن عمر إياءه ، قال : يا أبا عبدالله اكشف لي عن الموضع الّذي كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يُقبّله منك . فكشف الحسين علیه السلام عن سُرّته ، فقبّلها ابن عمر ثلاثاً وبكى، وقال: استودعك الله يا أبا عبد الله ، فإِنّك مقتول في وجهك هذا.
فسار الحسين علیه السلام وأصحابه، فلمّا نزلوا التعلبية (1)ورد عليه رجل يقال له : بشر بن غالب، فقال: يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: يَوْمَ
ص: 195
نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ»(1)؟
قال: «إمام دعا إلى هُدى فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة، وهؤلاء في النّار، وهو قوله عزّ وجلّ :«فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعيرِ» (2)
ثمّ سار حتّى نزل العُذيب (3)، فقال فيها قائلة (4)الظهيرة، ثمّ انتبه من نومه باكياً، فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبه ؟
فقال: «يا بُنَيّ، إنّها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها، وإنّه عرض لي في منامي
عارض فقال : تسرعون السير والمنايا تسير بكم إلى الجنّة».
ثمّ سار حتّى نزل الرُّهيمة (5)، فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنّى «أبا هرم»، فقال: يا ابن النبيّ، ما الّذي أخرجك من المدينة ؟
فقال: «ويحك يا أبا هرم، شتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا مالي فصبرت و طلبوا دمي فهريت، وأيم الله ليّقتُلنّي، ثم ليُلبسنَّهم الله ذُلَّا شاملاً ، وسيفاً قاطعاً، و ليُسلّطنّ عليهم مَن يذلّهم».
قال : وبلغ عبيد الله بن زياد لعنه الله الخبر ، وأنّ الحسين علیه السلام قد نزل الرهيمة، فأسرى إليه الحُرّ بن يزيد في ألف فارس قال الحرّ : فلمّا خرجت من منزلي متوجّهاً نحو الحسين علیه السلام نوديت ثلاثاً : «يا حُرّ ، ابشر بالجنّة». فالتفتّ فلم أر أحداً، فقلتُ : ثكلت الحرّاُمّه ، يخرج إلى قتال ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُبشر بالجنّة ؟ ! فرهقه عند صلاة الظهر ، فأمر الحسين ابنه ، فأذّن وأقام، وقام الحسين علیه السلام فصلّى بالفريقين جميعاً ، فلمّا سلّم وَثَب الحرّ بن يزيد فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله
ص: 196
ورحمة الله وبركاته .
فقال الحسين علیه السلام: «وعليك السلام ، مَن أنت يا عبد الله».
فقال : أنا الحرّ بن يزيد.
فقال: «يا حُرّ ، أعلينا، أم لنا» ؟
فقال الحرّ : والله يا ابن رسول الله ، لقد بُعِثتُ لقتالك ، وأعوذ بالله أن أُحشر من قَبري وناصيتي مشدودة إلَىّ (1)، ويدي مغلولة إلى عُنقي ، وأكبّ على حرّ وجهي في النّار، يا ابن رسول الله ، أين تذهب ؟ ارجع إلى حرم جدّك ، فإنّك مقتول .
فقال الحسين علیه السلام:
سأمضي فا بالموت عار على الفتى *** إذا ما نوى حقّاً وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه *** وفارق مثبوراً وخالف مجرما
فإن مت لم أندم وإن عشت لم أكم ***كف بك ذُلّا أن تموت وتُرغما
ثمّ سار الحسين علیه السلام حتّى نزل القُطقُطانة (2)، فنظر إلى فُسطاط مضروب ، فقال : لمَن هذا الفسطاط» ؟
فقيل : لعبيد الله بن الحرّ الجُعفى (3).
فأرسل الحسين علیه السلام فقال: «أیّها الرجل، إنّك مذنب خاطئ، وإنّ الله عزّ و جلّ آخذك بما أنت صانع إن لم تَتُب إلى الله تبارك وتعالى في ساعتك هذه، فتنصرني ويكون جدّي شفيعك بين يدي الله تبارك وتعالى».
فقال : يا ابن رسول الله ، والله لو نصرتك لكنتُ أوّل مقتول بين يديك ، ولكن هذا فرسي خُذه إليك، فوالله ما ركبته قطّ وأنا أروم شيئاً إلّا بلغته، ولا أرادني
ص: 197
أحد إلّا نجوتُ عليه ، فدونك فخُذه .
فأعرض عنه الحسين علیه السلام بوجهه ثمّ قال : «لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك، وما كنتُ متّخذ المضلّين عضداً ، ولكن فرّ ، فلا لنا ولا علينا، فإنّه من سمع واعيتنا أهل البيت ثمّ لم يُجبنا ، كبّه الله على وجهه في نار جهنّم».
ثمّ سار حتّى نزل كربلاء ، فقال : «أيّ موضع هذا» ؟
فقيل : هذا كربلاء يا ابن رسول الله.
فقال : «هذا والله يوم كرب وبلاء ، وهذا الموضع الّذي يهراق فيه دماؤنا، و يُباح فيه حريمنا».
فأقبل عبيد الله بن زياد بعسكره حتّى عسكر بالنخيلة، وبعث إلى الحسين علیه السلام رجلاً يقال له عمر بن سعد قائده في أربعة آلاف فارس، وأقبل عبد الله بن الحصين التميمي في ألف فارس يتبعه شَبَث بن ربعي في ألف فارس، ومحمّد بن الأشعث بن قيس الكندي أيضاً في ألف ،فارس، وكتب لعمر بن سعد على النّاس، وأمرهم أن يسمعوا له ويُطيعوه.
فبلغ عبيد الله بن زياد أنّ عمر بن سعد يُسامر (1)الحسين علیه السلام ويحدّثه ويكره قتاله ، فوجّه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس، وكتب إلى عمر بن سعد : إذا أتاك كتابي هذا، فلاتمهلنّ الحسين بن عليّ، وخُذ بكظمه، وحُل بين الماء وبينه كما حيل بين عُثمان وبين الماء يوم الدّار .
فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد لعنه الله أمر مناديه فنادى : إنّا قد أجّلنا حسيناً وأصحابه يومهم وليلتهم، فشقّ ذلك على الحسين علیه السلام وعلى أصحابه، فقام الحسين علیه السلام في أصحابه خطيباً فقال: «اللهمّ إنّي لا أعرف أهل بيتٍ أبرٌ ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي ، ولا أصحاباً هُم خيرٌ من أصحابي، وقد نزل بي ما قد تَرَون، وأنتم في حِلّ من بيعتي ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذِمّة ، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جَمَلاً (2)، وتفرّقوا في سواده، فإنّ القوم إنّما
ص: 198
يطلبونني، ولو ظفروا بي لَذَهَلوا عن طلب غيري».
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب فقال : يا ابن رسول الله ، ما ذا يقول لنا النّاس إن نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيّدنا وابن سيّد الأعمام، وابن نبيّنا سيّد الأنبياء، لم نضرب معه بسيف، ولم نقاتل معه برُمح، لا والله أو نرد موردك ، و نجعل أنفسنا دون نفسك ، ودماءنا دون دمك ، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا ممّا لزمنا .
وقام إليه رجل يقال له زُهير بن القَين البَجلي ، فقال : يا ابن رسول الله ، وددت أنّى قُتِلتُ ثمّ نُشِرتُ ، ثمّ قُتِلتُ ثم نُشِرت ، ثمّ قُتِلتُ ثم نُشِرت فيك وفي الّذين معك مئة قتلة ، وإنّ الله دفع بي عنكم أهل البيت.
فقال له ولأصحابه : «جُزيتم خيراً».
ثمّ إنّ الحسين علیه السلام أمر بحفيرة فحُفِرت حول عسكره شِبه الخندق، وأمر فحُشِيت حَطَباً، وأرسل عليّاً ابنه علیه السلام في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليستقوا الماء، وهُم على وَجَل شديد، وأنشأ الحسين علیه السلام يقول :
یا دهر أفّ لك من خليل *** كم لك في الاشراق والأصيل
من طالب وصاحب قتيل*** والدهر لا يقنع بالبديل
وانّما الأمر إلى الجليل *** وكُلّ حيّ سالك سبيل
ثمّ قال لأصحابه :«قوموا فاشربوا من الماء يكُن آخر ،زادكم وتوضّؤوا
واغتسلوا، واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم».
ثمّ صلّى بهم الفجر ، وعبّأهم تعبئة الحرب (1)، وأمر بحفيرته الّتي حول عسكره فأضرمت بالنّار، ليقاتل القوم من وجه واحد .
وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له ، يقال له : ابن أبي جُويرية المزني، فلمّا نظر إلى النّار تتقد صفّق بيده ونادى : يا حسين وأصحاب حسين، أبشِروا بالنّار، فقد تعجّلتموها في الدنيا !
ص: 199
فقال الحسين علیه السلام : «مَن الرجل» ؟
فقيل : ابن أبي جويرية المُزني .
فقال الحسين علیه السلام : اللهمّ أذقه عذاب النّار في الدنيا. فنفر به فرسه وألقاه في تلك النّار فاحترق .
ثمّ برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له : تميم بن حُصين الفزاري، فنادی: یا حسین ويا أصحاب حسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنّه بُطون الحيّات؟ والله لا ذُقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جُرعاً (1).
فقال الحسين علیه السلام : «من الرجل» ؟
فقيل : تميم بن حُصين .
فقال الحسين علیه السلام : هذا» وأبوه من أهل النّار، اللهمّ اقتُل هذا عطشاً في هذا اليوم».
قال : فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه فوطئته الخيل بسنابكها فمات.
ثمّ أقبل رجل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له : محمّد الأشعث
بن قيس الكندي ، فقال : يا حُسين بن فاطمة ، أيّة حُرمة لك من رسول الله ليس لغيرك ؟!
فتلا الحسين علیه السلام هذه الآية :«إنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعالَمينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ» (2)الآية ، ثمّ قال : «والله إنّ محمّداً لمن آل إبراهيم، وإنّ العترة الهادية لمن آل محمد، من الرجل» ؟
فقيل : محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي فرفع الحسين علیه السلام رأسه إلى السماء، فقال : «اللهمّ أر محمّد بن الأشعث ذُلَّا في هذا اليوم، لا تُعزّه بعد هذا اليوم أبداً».
فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرّز ، فسلّط الله عليه عَقرباً فَلَدَعْته، فات بادي العورة.
فبلغ العطش من الحسين علیه السلام وأصحابه ، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له :
ص: 200
بُریر بن خُضير (1)الهَمداني - قال إبراهيم بن عبد الله راوي الحديث : هو خال أبي إسحاق الهَمداني - فقال : يا ابن رسول الله ، أتأذن لي فأخرج إليه ، فأكلّمهم؟ فأذن له فخرج إليهم فقال : يا معشر النّاس، إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً بالحق بشيراً و نذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وهذا ماء الفرات تَقَع فيه خنازير السواد وكلابها ، وقد حيل بينه وبين ابنه !
فقالوا : يا بُریر (2)قد أكثرت الكلام، فاكفُف ، فوالله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله.
فقال الحسين علیه السلام: «أقعد يا برير»(3)
ثمّ وثب الحسين علیه السلام متوكّئاً على سيفه ، فنادى بأعلى صوته، فقال: «أنشدكم الله الله ، هل تعرفوني»؟
قالوا : نعم ، أنت ابن رسول الله وسبطه .
قال: «أنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ جدّي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم» ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : «أنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ أُمِّي فاطمة بنت محمّد صلی الله علیه و آله وسلم؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : أنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ أبي علي بن أبي طالب علیه السلام؟
قالوا : اللهمّ نعم.
قال : «أنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ جدّتي خديجة بنت خويلد أوّل نساء هذه الأمة إسلاماً ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : «أنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ سيّد الشهداء حمزة عمّ أبي» ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
ص: 201
قال : «فأنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ جعفراً الطيّار في الجنّة عمّي» ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : «فأنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ هذا سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متقلدّه» ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : «فأنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ هذه عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا لابسها» ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : «فأنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ عليّاً كان أوّلهم إسلاماً، وأعلمهم علماً، وأعظهم حلماً، وأنّه وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة» ؟
قالوا : اللهمّ نعم .
قال : «فيم تستحلّون دمي ، وأبي الذائد عن الحوض غداً، يذود عنه رجالاً كما يُذاد البعير الصادي عن الماء ، ولواء الحمد في يدي جدّي يوم القيامة» ؟
قالوا : قد علمنا ذلك كلّه ، ونحن غير تاركيك حتّى تَذوق الموت عطشاً ! فأخذ الحسين علیه السلام بطرف لحيته، وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة، ثمّ قال : «اشتدّ غضب الله على اليهود حين قالوا : عُزَير بن الله ، واشتدّ غضب الله على النصارى حين قالوا : المسيح بن الله ، واشتد غضب الله على المجوس حين عَبَدُوا النار من دون الله ، واشتدّ غضب الله على قوم قتلوا نبيّهم ، واشتدّ غضب الله على هذه العصابة الّذين يريدون قتل ابن نبيّهم».
قال : فضرب الحرّ بن يزيد فرسه وجاز عسكر عمر بن سعد لعنه الله إلى عسكر الحسين علیه السلام ، واضعاً يده على رأسه وهو يقول : اللهمّ إليك أنيب فتُب عَلَيّ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيّك يا ابن رسول الله ، هل لي من توبة ؟
قال : «نعم ، تاب الله عليك» .
قال : يا ابن رسول الله ، أتأذن لي فأقاتل عنك ؟ فأذن له ، فبرز وهو يقول :
أضرب في أعناقكم بالسيف *** عن خير من حَل بلاد الخيف
فقتل منهم ثمانية عشر رجلاً ، ثمّ قُتِل ، فأتاه الحسين علیه السلام ودمه يَشخَب(1)،
ص: 202
فقال: «بخ بخ ياحرّ ، أنت حُرّ كما سُمَّيت في الدنيا والآخرة». ثمّ أنشأ الحسين علیه السلام يقول :
لنعم الحرّ حُرّ بني رياح *** ونعم الحرّ مُختلف الرماح (1)
ونعم الحرّ إذ نادى حسيناً *** فجاد بنفسه عند الصباح
ثمّ برز من بعد زهير بن القّين البجلي وهو يقول مخاطباً للحسين علیه السلام:
اليوم نلقى جدّك النبيا *** وحَسَناً والمرتضى عليّاً
فقتل منهم تسعة عشر رجلاً، ثمّ صرع وهو يقول :
أنا زُهير وأنا ابن القين *** أذُبكُم بالسيف عن حسين
ثم برز من بعده حبيب بن مظهّر (2)الأسدي رضوان الله عليه وهو يقول :
أنا حبیب و أبي مُظَهر **** لنحن أزكى منكم و اطهر
تنصُر خير الناس حين يُذكر
فقَتَل منهم أحداً وثلاثين رجلاً ثمّ قُتل رضوان الله عليه .
ثمّ برز من بعده عبد الله بن أبي عُروة الغفاري وهو يقول:
قد علمت حقاً بنو غِفار *** أنّي أُذُبٌ في طِلاب الثار
بالمشرفي (3) والقَنا الخطار (4)
ص: 203
فقتل منهم عشرين رجلاً ثمّ قُتل رحمه الله .
ثمّ برز من بعده بُرير بن خُضير الهَمداني، وكان أقرأ أهل زمانه، وهو يقول: أنا بُرير وأبي خُضير *** لا خير فيمن ليس فيه خير
فقَتل منهم ثلاثين رجلاً ثُمَّ قُتل رضوان الله عليه .
ثمّ برز من بعده مالك بن أنس الكاهلي وهو يقول :
قد عَلِمَت كاهِلُها ودُودان *** والخِنْدِ فيّون وقيس عيلان (1)
بأنّ قَومي قُصَم الأقران *** یا قوم كونوا كأسود الجان
آل علي شيعة الرحمان ***آل حرب حرب شيعة الشيطان
فقَتل منهم ثمانية عشر رجلاً ثمّ قُتِل رضوان الله عليه .
وبرز من بعده زياد بن مهاصر (2)الكِندي ، فحمل عليهم وأنشأ يقول :
أنا زياد زياد وأبي مهاصر *** أشجع من ليث العرين الخادر(3)
يا ربّ إنّي للحسين ناصر *** ولابن سعد تارك مهاجر
فقتل منهم تسعة ثمّ قُتِل رضوان الله عليه .
وبرز من بعده وَهب بن وَهب ، وكان نصرانياً أسلم على يدّي الحسين علیه السلام ،وأمّه ، فاتبعوه إلى كربلاء، فركب فرساً وتناول بيده عود الفُسطاط، فقاتل وقَتل من القوم سبعة أو ثمانية ، ثمّ استُؤسِر، فأتي به عمر بن سعد لعنه الله فأمر بضرب عُنقه، فضُرِبت عُنقه ، ورُمِي به إلى عسكر الحسين علیه السلام، وأخذت أُمّه سيفه وبرزت ، فقال لها الحسين علیه السلام : «يا أُمّ وهب ،اجلسي، فقد وضع الله الجهاد عن النساء، إنَّكِ وابنك مع جدّي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم في الجنّة».
ص: 204
ثمّ برز من بعده هلال بن حجّاج وهو يقول :
أرمي بها مُعلمة أفواقُها *** والنفس لا ينفعها إشفاقها
فقَتَل منهم ثلاثة عشر رجلاً ثمِ قُتل رضوان الله عليه .
وبرز من بعده عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وأنشأ يقول :
أقسمت لا أقتل إلّا حُرّا *** وقد وجدت الموت شيئاً مُرًا
أكره أن أدعى جباناً فرّا *** إنّ الجبان من عصى وفرّا
فقتل منهم ثلاثة ثمّ قُتل رضوان الله عليه ورحمته .
وبرز من بعده عليّ بن الحسين الأصغر علیهما السلام، فلمّا برز إليهم دمعت عين الحسين علیه السلام فقال : «اللهمّ كُن أنت الشهيد عليهم ، فقد برز إليهم ابن رسولك ، وأشبه النّاس وجهاً وسمتاً به». فجعل يرتجز وهو يقول :
أنا عليّ بن الحسين بن عليّ *** نحن وبيت الله أولى بالنبيّ
أما ترون كيف أحمي عن أبي
فقتل منهم عشرة ، ثمّ رجع إلى أبيه فقال : يا أبه العطش.
فقال الحسين علیه السلام: «صبراً يا بُنَيّ، يسقيك جدّك بالكأس الأوفى».
فرجع فقاتل حتّى قَتَل منهم أربعة وأربعين رجلاً، ثمّ قُتل صلى الله عليه. وبرز من بعده القاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب علیهم السلام وهو يقول :
لا تجزعي نفسي فكلّ فان *** اليوم تَلقَين ذُرى الجنان
فقَتَل منهم ثلاثة، ثمّ رُمى عن فرسه رضوان الله عليه وصلواته .
ونظر الحسين يميناً وشمالاً ولا يرى أحداً، فرفع رأسه إلى السماء فقال: «اللهمّ إِنَّك ترى ما يُصنع بولد نبيّك». وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورُمي بسهم فوقع في نحره، وخرّ عن فرسه ، فأخذ السهم فرمی به وجعل يتلقّى الدم بكفّه فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته وهو يقول : ألق الله عزّ وجلّ وأنا مظلوم مُتَلطَّخ بدمي».
ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعاً، وأقبل عدوّ الله سنان بن أنس الإيادي، و شِمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما الله في رجال من أهل الشام حتّى وقفوا على
ص: 205
رأس الحسين علیه السلام، فقال بعضهم لبعض : ما تنتظرون ؟ أريحوا الرجل !
فنزل سنان بن أنس الإيادي لعنه الله وأخذ بلحية الحسين علیه السلام وجعل يضرب الله بالسيف في حَلقه وهو يقول : والله إنّي لأحتزّ رأسك، وإنّي أعلم أنّك ابن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و خير النّاس أباً وأما(1).
ص: 206
ص: 207
ص: 208
وأقبل فرس الحسين علیه السلام حتّى لطّخ عُرفه وناصيته بدم الحسين علیه السلام وجعل يركض ويصهل ، فسمع بنات النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، صهيله، فخرجن فإذا الفرس بلا راكب فعرفن أنّ حسينا صلى الله عليه قد قُتِل، وخرجت أُمّ كلثوم بنت (1)الحسين علیه السلام واضعة يدها على رأسها ، تندب وتقول : «وا محمداه ، هذا الحسين بالعراء ، قد سُلب العمامة والرداء».
وأقبل سنان لعنه الله حتّى أدخل رأس الحسين بن عليّ علىهما السلام عبيد على عبيد الله بن زياد لعنه الله وهو يقول :
املاً ركابي فضة وذهباً *** إني (2)قتلت الملك المُحجّبا
قتلتُ خير النّاس أمّاً وأبا *** وخيرهم إذ يُنسبون نسبا
فقال له عُبيد الله بن زياد : ويحك ! فإن علمت أنّه خير النّاس أباً وأمّاً ، لِمَ قتلته إذن ؟ ! فأمر به فضُربت عُنُقه، وعجّل الله بروحه إلى النّار.
وأرسل ابن زياد لعنه الله قاصداً إلى أُمّ كلثوم بنت الحسين علیها السلام فقال لها : الحمد لله الّذي قتل رجالكم ، فكيف ترون ما فعل بكم ؟
فقالت: «يا ابن زياد لئن قرّت عينك بقتل الحسين علیه السلام فطالما قرّت عين جدّه صلی الله علیه و آله وسلم به ، و كان يُقبله ويلثم شَفَتيه ويضعه على عاتقه يا ابن زياد، أعد لجده جواباً، فإنّه خصمك غداً».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣٠ ، الحديث 1)
ص: 209
(٢٤١٥) ٢ -(1) حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن ابی عبد الله محمّد خالد البرقي، عن داوود بن أبي يزيد، عن أبي الجارود، وابن بكير، وبُريد بن معاوية العجلي :
عن أبي جعفر علیه السلام الباقر قال : أصيب الحسين بن عليّ علیهما السلام ووُجد به ثلاث مئة وبضعة وعشرون طعنة برُمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم».
فرُوي أنّها كانت كلّها في مقدمه ، لأنّه علیه السلام كان لا يُولّي.
(أمالي الصدوق : المجلس 31 ، الحديث 1)
(٢٤١٦) ٣ _ (2)أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن عبدون ابن الحاشر، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن العبّاس بن عامر ، عن أبي عمارة، عن معاذ بن مسلم قال :
سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: «وجد بالحسين بن عليّ صلوات الله عليهما نيّف و سبعون [طعنة ، ونيّف وسبعون ] (3)ضربة بالسيف».
(أمالي الطوسي : المجلس 37 ، الحديث 10)
ص: 210
(٢٤١٧) ١ _ (1)أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه :
عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضاء علیه السلام قال : «مَن ترك السَّعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومَن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عزّ وجلّ يوم القيامة يوم فرحه وسُروره، وقرّت بنا في الجنان عينه، ومَن سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئاً لم يبارك له فيما ادّخر ، وحُشر يوم القيامة مع يزيد وعُبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله إلى أسفل دَرْك من النار».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٧ ، الحديث ٤)
(٢٤١٨) ٢ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان قال :حدّثنا أبو القاسم عليّ بن حبشي قال: حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن الحسين قال : حدّثنا أبي، عن صفوان بن يحيى وجعفر بن عيسى بن يقطين:
عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبيه، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : سألته عن صوم یوم عرفة ؟ فقال : «عيد من أعياد المسلمين، ويوم دعاء ومسألة».
ص: 211
قلت : فصوم عاشوراء ؟ قال : «ذاك يوم قُتِل فيه الحسين علیه السلام، فإن كنت شامتاً فصُم».
ثمّ قال : «إنّ آل أُميّة عليهم لعنة الله ومَن أعانهم على قتل الحسين م_ن أه_ل الشام، نذروا نذراً إن قُتِل الحسين علیه السلام وسلم من خرج إلى الحسين علیه السلام وصارت الخلافة في آل أبي سفيان أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، وأن يصوموا فيه شكراً، ويفرحون أولادهم ، فصارت في آل أبي سفيان سُنّة إلى اليوم في النّاس، الناس جميعاً ، فلذلك يصومونه ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم واقتدى بهم الفرح ذلك اليوم».
ثمّ قال : «إنّ الصوم لا يكون للمصيبة، ولا يكون إلّا شكراً للسلامة، وإنّ الحسين علیه السلام أصيب ، فإن كنت ممّن أُصبت به فلا تصُم، وإن كنتَ شامتاً ممّن سرّك سلامة بني أُميّة فصُم شكراً الله تعالى». !
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث ٤)
ص: 212
(٢٤١٩) ١ _ (1)أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدّثنا الحسن بن متيل قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال :
قال أبو عبد الله الصادق علیه السلام : «إنّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ صلوات الله عليه فلم يؤذن لهم في القتال، فرجعوا في الاستئذان وهبطوا وقد قُتِل الحسين علیه السلام، فهُم عند قبره شعث غير يبكونه إلى يوم القيامة، ورئيسهم مَلَك يقال له منصور».
(أمالي الصدوق : المجلس 92 ، الحديث 7)
ص: 213
(٢٤٢٠) ٢ _ (1)أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عبيد، عن عليّ بن أسباط ، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران قال :
قال أبو عبد الله علیه السلام : «لمّا كان من أمر الحسين بن علي ما كان ضجّت الملائكة إلى الله تعالى وقالت : يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيك ؟ !
قال: «فأقام الله لهم ظلّ القائم علیه السلام وقال : بهذا أنتقم له من ظالميه».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٩٢)
ص: 214
(٢٤٢١) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمّد بن خالد، عن أبي البختري وهب بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام:
عن أُمّ سلمة رضي الله عنها أنّها أصبحت يوماً تبكي، فقيل لها : ما لك ؟ فقالت : لقد قُتِل ابني الحسين علیه السلام، وما رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منذ مات إلّا الليلة، فقلت: بأبي أنت وأُمّي، مالي أراك شاحباً؟! فقال : «لم أزل منذ الليلة أحفر قبر الحسين و قبور أصحابه».
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 1)
(٢٤٢٢) ٢ _(2) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الجوهري قال : حدّثنا الحسن بن عُليل العنزي، عن عبد الكريم بن محمّد قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي، عن عبد العظيم بن
ص: 215
عبد الله العلوي، عن الحسن بن الحسين العُرني، عن غياث بن إبراهيم :
عن الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام قال: «أصبحت يوماً أُمّ سلمة رحمها الله تبكي، فقيل لها : ممّ بكاؤك ؟ فقالت : لقد قُتل ابني الحسين الليلة، وذلك أنّني ما رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منذ قُبِض إلّا الليلة فرأيته شاحباً كثيباً، فقلت: ما لي أراك يا رسول الله شاحباً (1)كثيباً ؟ !
قال : ما زلت الليلة أحفر قبوراً للحسين و أصحابه علیهم السلام».
(أمالى المفيد : المجلس 38 ، الحديث ٦)
أبو جعفر الطوسي ، عن المفيد مثله ، إلّا أنّ فيه : «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ مضى ... فقالت : قلت ...» . وفيه : «أحفر القبور للحسين وأصحابه عليه وعليهم السلام».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣ ، الحديث ٤٩)
(٢٤٢٣) ٣ _(2) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش قال : حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني قال : حدّثنا عليّ بن محمّد بن مخلد الجعفي من أصل كتابه بالكوفة ، قال : حدّثنا محمّد بن سالم بن عبد الرحمان الأزدي قال : حدّثني غوث بن مبارك الختعمي قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه أبي المقدام، عن سعيد بن جبير :
عن عبد الله بن عبّاس قال : بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخاً عظيماً عالياً من بيت أُمّ سلمة زوج النبي صلی الله علیه و آله وسلم ، فخرجت يتوجّه بي قائدي إلى منزلها، و أقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء، فلمّا انتهيت إليها قلت : يا أُمّ المؤمنين، ما
ص: 216
بالك تصرخين وتغوثين؟ فلم تجبني، وأقبلت على النسوة الهاشميّات وقالت : يا بنات عبد المطّلب اسعدنني وابكين معي، فقد والله قُتِل سيّدكنّ وسيّد شباب أهل الجنّة، قد والله قُتل سبط رسول الله وريحانته الحسين.
فقيل : يا أمّ المؤمنين، ومِن أين علمتِ ذلك ؟
قالت رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في المنام الساعة شعثاً مذعوراً، فسألته عن شأنه ذلك ؟ فقال : «قُتِل ابني الحسين وأهل بيته اليوم فدفنتهم، والساعة فرغت من دفنهم».
قالت : فقمت حتّى دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أعقل، فنظرت فإذا بتربة الحسين الّتي أتى بها جبرئيل من كربلاء فقال: «إذا صارت هذه التربة دماً فقد قُتِل ابنك». وأعطانيها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فقال : «اجعلي هذه التربة في زجاجة - أو قال: في قارورة - ولتكن عندك ، فإذا صارت دماً عبيطاً فقد قُتِل الحسين». فرأيت القارورة الأن وقد صارت دماً عبيطاً تفور .
قال : وأخذت أُمّ سلمة من ذلك الدمّ فلطخت به وجهها ، وجعلت ذلك اليوم ماتماً ومناحة على الحسين علیه السلام، فجاءت الركبان بخبره ، وأنّه قد قُتِل في ذلك اليوم .
قال عمرو بن ثابت : قال أبي : فدخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ علیهما السلام منزله عن هذا الحديث، وذكرت له رواية سعيد بن جبير هذا الحديث عن عبد الله بن عبّاس ؟ فقال أبو جعفر علیه السلام: «حدّثنيه عمر بن أبي سلمة، عن أُمّه أم سلمة».
قال ابن عبّاس - في رواية سعيد بن جبير عنه - قال : فلمّا كانت الليلة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي أغبر أشعث، فذكرت له ذلك وسألته عن شأنه ؟ فقال لي: «ألم تعلم أنّي فرغت من دفن الحسين وأصحابه».
قال عمرو بن أبي المقدام : فحدّثني سدير، عن أبي جعفر علیه السلام: «أن جبرئيل جاء الي إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بالتربة التي يُقتل عليها الحسين علیه السلام» . قال أبو جعفر علیه السلام: «فهي عندنا».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 87) (1)
ص: 217
(٢٤٢٤) ١ _ أبو جعفر الصدوق بإسناده عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علیهم السلام «أن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام دخل يوماً إلى الحسن علیه السلام، ف_ل_مّا نظر إليه بكي، فقال له : ما يُبكيك يا أبا عبد الله ؟
قال : أبكى لما يُصنَع بك.
فقال له الحسن علیه السلام : إنّ الذي يؤتى إِلَيَّ ثُمَّ يُدَسٌ إِلَيَّ فاُقتَل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبدالله ، يَزدَلِف إليك ثلاثون ألف رجل، يدّعون أنّهم من أُمّة جدّنا محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك ، وسفك دمك ، وانتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك ، فعندها تحلّ ببني أميّة اللعنة ، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتى الوحوش في الفَلَوات والحيتان في البحار».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٤ ، الحديث ٣)
تقدّم إسناده في الباب السادس.
(٢٤٢٥) ٢ -(1) حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن أرطاة بن حبيب، عن فضيل الرسّان، عن جبلة المكيّة قالت :
سمعت ميثماً التّمار قدّس الله روحه يقول : والله لتقتلنّ هذه الأُمّة ابن نبيّها في المحرّم لعشر يمضين منه، وليتّخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة، وإنّ ذلك لكائن ، قد سبق في علم الله تعالى ذكره، أعلم ذلك بعهدٍ عهده إلَيّ مولاي أمير المؤمنين
ص: 218
صلوات الله عليه، ولقد أخبرني: «أنّه يبكي عليه كلّ شي حتّى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار والطير في جوّ السماء، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض، ومؤمنو الإنس والجنّ، وجميع ملائكة السماوات، و رضوان، ومالك، وحملة العرش، وتمطر السماء دماً ورماداً».
ثمّ قال : وجبت لعنة الله على قتلة الحسين علیه السلام كما وجبت على المشركين الّذين يجعلون مع الله إلهاً آخر، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.
قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم، وكيف يتّخذ النّاس ذلك اليوم الّذي يُقتل فيه الحسين بن علي علیهما السلام يوم بركة ؟!
فبكى ميثم رضی الله عنه ثمّ قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنّه اليوم الّذي تاب الله فيه على آدم علیه السلام ، وإنّما تاب الله على آدم علیه السلام في ذي الحجّة، ويزعمون أنّه اليوم الذي لها قبل الله فيه توبة داوود علیه السلام ، وإنّما قبل الله توبته في ذي الحجّة، ويزعمون أنّه اليوم الله الذي أخرج الله فيه يونس علیه السلام من بطن حوت، وإنّما أخرجه الله تعالى من بطن الحوت في ذي القعدة، ويزعمون أنّه اليوم الّذي استوت فيه سفينة نوح علیه السلام على الجُوديّ، وإنّما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، و يزعمون أنّه اليوم الّذي خلق الله فيه البحر لبني إسرائيل، وإنّما كان ذلك في ربيع الأوّل.
ثمّ قال ميثم: يا جبلة اعلمي أنّ الحسين بن علي علیهما السلام سيّد الشهداء يوم القيامة، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة ياجبلة، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنّها دم عبيط ، فاعلمي أن سيّدك الحسين قد قُتِل .
قالت جبلة : فخرجتُ ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنّها الملاحف المُعّصفرة، فصحتُ حينئذ وبكيتُ وقلت قد والله قُتِل سيّدنا الحسين بن عليّ. علیهما السلام.
(أمالي الصدوق : المجلس 27 ، الحديث 1)
(٢٤٢٦) ٣ _ (1)وبإسناده عن فاطمة بنت عليّ علیه السلام (في حديث) قالت : لم يُرفع ببيت
ص: 219
المقدّس حَجَر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط ، وأبصر النّاس الشمس على الحيطان حمراء كأنّها الملاحف المُعّصفرة الى أن خرج عليّ بن الحسين علیهما السلام بالنسوة، وردّ رأس الحسين علیه السلام إلى كربلاء».
(أمالي الصدوق : المجلس 31 ، الحديث 3)
سيأتي تمامه مسنداً في باب الوقائع المتأخّرة عن قتله علیه السلام.
(٢٤٢٧) ٤-(1) حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا الحسن بن متيل الدقّاق قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن الديلمي - وهو سليمان (2)، - عن عبد الله بن لطيف التفليسي، [عن رزين ] (3):قال:
قال الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام : «لمّا ضُرب الحسين بن عليّ علیهما السلام بالسيف، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه ، نادى منادٍ من قِبَل ربّ العزّة تبارك و تعالى من بطنان العرش ، فقال : ألا أيّتها الأُمّة المتحيّرة الضالّة (4)بعد نبيّها ، لا وفّقكم الله لأضحى ولا فطر».
قال : ثمّ قال أبو عبد الله علیه السلام: «لا جرم والله ما وُفّقوا ولا يوفّقون أبداً حتّى يقوم (5)ثائر الحسين علیه السلام» (6)
(أمالي الصدوق : المجلس ٣١ ، الحديث 4)
ص: 220
(٢٤٢٨) 5 _ (1)أبو جعفر الطوسي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال : حدّثني أبي قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير :
عن الحسين بن [ ثوير بن ] أبي فاختة قال: كنت أنا وأبو سلمة السرّاج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبد الله جعفر بن محمّد صلى الله عليه وسلم فقلت له : جُعلتُ فداك، إنّي أحضر مجالس هؤلاء القوم فأذكركم في نفسي فأيّ شيء أقول ؟
فقال: «يا حسين، إذا حضرت مجالسهم فقُل: «اللهم أرنا الرخاء والسرور» ، فإنك تأتي على ما تريد».
قال : فقلت : جُعلتُ فداك ، إنّي أذكر الحسين بن عليّ علیه السلام ، فأيّ شيء أقول إذا ذكرته ؟
فقال : «قُل : «صلى الله عليك يا أبا عبد الله»، تكرّرها ثلاثاً».
ثمّ أقبل علينا وقال: «إنّ أبا عبد الله الحسين علیه السلام لمّا قُتِل بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهنّ، ومن يتقلّب في الجنّة والنّار،وما يرى وما لا يرى إلّا ثلاثة أشياء، فإنّها لم تبك عليه».
فقلت : جُعلتُ فداك، وما هذه الثلاثة أشياء الّتي لم تبك عليه ؟
فقال: «البصرة، ودمشق، وآل الحكم بن أبي العاص».
(أمالي الطوسى : المجلس ٢ ، الحديث ٤٢)
ص: 221
(٢٤٢٩) ٦ -(1) أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش قال : أخبرنا الحسين بن الحسن قال : حدّثنا محمّد بن دليل قال : حدّثنا عليّ بن سهل قال : حدّثنا مؤمل، عن حمّاد بن سلمة :
عن عمّار بن أبي عمّار قال : أمطرت السماء يوم قتل الحسين علیه السلام دماً عبيطاً.
(أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ١٠٦)
ص: 222
(٢٤٣٠)١) _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد خالد ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن عبد الله بن الحسن المثنّى :
عن أُمّه فاطمة بنت الحسين علیه السلام قالت : دخلت الغاغة (1)علينا الفسطاط ، و أنا جارية صغيرة، وفي رجلى خلخالان من ذهب، فجعل رجل يَقُضّ الخلخالين من رِجلي وهو يبكي، فقلتُ : ما يُبكيك ، يا عدوّ الله ؟
فقال : كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله !
فقلتُ : لا تَسلُبني.
قال : أخاف أن يجىء غيري فيأخذه
قالت : وانتَهبوا ما في الأبنية حتّى كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا !
(أمالي الصدوق : المجلس 31 ، الحديث 2)
(٢٤٣١) ٢ _ (2)أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : حدّثني أحمد بن محمّد الجوهري قال: حدّثني محمّد بن مهران قال : حدّثنا
ص: 223
موسى بن عبد الرحمان المسروقي، عن عمر بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن راشد:
عن حذلم بن بشير (1)قال : قدمت الكوفة في المحرّم [من] (2)سنة إحدى و ستّين منصرف علىّ بن الحسين علیهما السلام بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد يحيطون (3)بهم و قد خرج النّاس للنظر إليهم ، فلمّا أقبل على الجمال بغير وطاء، جعل نساء أهل الكوفة يبكين وينتدبن(4) ، فسمعت عليّ بن الحسين علیهما السلام وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلّة وفي عنقه الجامعة، ويده مغلولة إلى عنقه : ( ألا (5)إنّ هؤلاء النسوة يبكين ، فمن قتلنا» ؟ !
قال : ورأيت زينب بنت عليّ علیها السلام - ولم أر خفرة (6)قطّ أنطق منها ، كأَنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علیه السلام، قال : وقد أومأت إلى النّاس أن اسكتوا، فارتدت
ص: 224
الأنفاس وسكنت الأصوات (1)، فقالت :
«الحمد لله، والصلاة على أبي رسول الله، أمّا بعد يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل والخذل (2)، فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنّة (3)، فما مثلكم إلّا «كَالَّتِي (4)نَقَضَتْ غَزْهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ» (5)، ألا وهل فيكم إلّا الصّلف النّطف ، والصدر الشّنف ، خوّارون (6) في اللقاء ، عاجزون عن الأعداء ، ناکثون للبيعة، مضيّعون للذمة ، فبئس ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون» (7).
أتبكون ؟ ! إي والله فابكوا كثيراً ، واضحكوا قليلاً، فلقد فزتم بعارها و ،شنارها، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبداً ، فسليل خاتم الرسالة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجّتكم، ومدرجة (8)حجّتكم خذلتم ، وله فتلتم (9)! ألا ساء ما تزرون (10)، فتعساً ونكساً، فلقد خاب السعي، و
ص: 225
تربت الأيدي (1)، وخسرت الصفقة، ويؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلّة و المسكنة (2)
ويلكم أتدرون أيّ كبد لمحمّد فريتم وأيّ دم له سفكتم، وأيّ كريمة له أصبتم ؟(3)، «لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إذاً * تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُ الْأَرْضُ وَتَخِرُ الجبالُ هَدّاً» (4)
ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء طلاع الأرض والسماء (5)، أفعجبتم أن قطرت السماء دماً ؟! ولعذاب الآخرة أخزى ، فلا يستخفنّكم المهل (6)، فإنّه لا يحفزه البدار ولا يخاف عليه فوت (7)الثار ، كلّا ،«إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِر صَادِ»(8).
ص: 226
قال : ثمّ سكتت (1)، فرأيت النّاس حيارى قد ردّوا أيديهم في أفواههم ورأيت شيخاً قد بكى حتّى اخضلّت لحيته وهو يقول :
كهولهم خير الكهول ونسلهم *** إذا عدّ نسل لا يخيب ولا يخزى
أمالى المفيد : المجلس 38 ، الحديث 8)
أبو جعفر الطوسي ، عن المفيد مثله بتفاوت يسير ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ٣ ، الحديث 51)
(٢٤٣٢) ٣) _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال : أخبرنا محمّد بن زكريّا قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يزيد قال : حدّثني أبو نعيم قال :
حدّثني حاجب عبيد الله بن زياد أنّه لمّا جيء برأس الحسين علیه السلام أمر فوضع بين يديه في طَست من ذهب، وجعل يضرب بقضيب في يده على ثناياه ويقول: لقد أسرع الشيب إليك يا أبا عبد الله .
فقال رجل من القوم ،مَه، فإنّي رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يلثم (2)حيث تَضع قضيبك !
فقال : يومٌ بيوم بدر.
ثمّ أمر بعليّ بن الحسين علیه السلام فعُلّ، وحُمِل مع النسوة والسبايا إلى السجن، وكنت فما مررنا بزقاق إلّا وجدناه مُلى رجالاً ونساءً يضربون وجوههم معهم ، ويبكون ، فحُبِسوا في سجن وطبّق(3) عليهم .
ثمّ إنّ ابن زياد لعنه الله دعا بعليّ بن الحسين علیه السلام والنسوة، وأحضر رأس
ص: 227
الحسين علیه السلام، وكانت زينب بنت عليّ علیه السلام فيهم ، فقال ابن زياد: الحمد لله الّذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أحاديثكم .
فقالت زينب : «الحمد لله الّذي أكرمنا بمحمّد وطهّرنا تطهيراً، إنّما يفضح الله الفاسق، ويكذب الفاجر».
قال : كيف رأيت صُنع الله بكم أهل البيت ؟
قالت : «كُتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع
فتتحاكمون عنده» . (1)
فغضب ابن زياد لعنه الله عليها ، وهمّ بها ، فسكّن منه عمرو بن حريث ، فقالت زینب: «یا ابن زياد حسبك ما ارتكبت منّا ، فلقد قتلت رجالنا ، وقطعت أصلنا ، وأبحت حريمنا، وسبيت نساءنا وذرارينا، فإن كان ذلك للاشتفاء فقد اشتفيت».
فأمر ابن زیاد بردّهم إلى السجن، وبعث البشائر إلى النواحي بقتل
الحسين علیه السلام.
ثمّ أمر بالسبايا ورأس الحسين علیه السلام فحُمِلوا إلى الشام، فلقد حدّثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة أنّهم كانوا يسمعون بالليالي نَوح الجنّ على الحسين علیه السلام إلى الصباح.
وقالوا : فلمّا دخلنا دمشق أدخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشّفات الوجوه،
فقال أهل الشام الجُفاة ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء ، فمّن أنتم ؟
فقالت سكينة بنت الحسين علیه السلام: «نحن سبايا آل محمّد.»
فأقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا ، وفيهم عليّ بن الحسين علیهما السلام، وهو يومئذ فتى شاب فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام ، فقال لهم : الحمد لله الّذي قتلكم وأهلككم وقطع قَرن الفتنة فلم يأل عن شتمهم .
فلمّا انقضى كلامه ، قال له عليّ بن الحسين علیهما السلام: «أما قرأت كتاب الله عزّ
ص: 228
وجل»؟
قال : نعم .
قال: «أما قرأت هذه الآية: «قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْراً إِلَّا الْمُودَّةَ فِي الْقُرْبى» (1)» ؟
قال : بلى.
قال: «فنحن أولئك»، ثمّ قال : «أما قرأت»: «وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ» (2)» ؟
قال : بلى .
قال :«فنحن هُم».
قال: «فهل قرأت هذه الآية: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرَّجسَ أَهْلَ الْبَيتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(3)؟ »؟
قال : بلى.
قال : «فنحن هم»
فرفع الشامي يده إلى السماء، ثمّ قال : اللهمّ إنّي أتوب إليك . - ثلاث مرّات، اللهمّ إنّي أبرأ إليك من عدوّ آل محمّد، ومن قتلة أهل بيت محمّد ، لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم !
ثمّ أدخل نساء الحسين علىه السلام يزيد بن معاوية، فصحن نساء آل يزيد و بنات معاوية وأهله، ووَلوَلن وأقمن المأتم ، ووُضع رأس الحسين علیه السلام بين يديه، فقالت سكينة: «والله ما رأيت أقسى قلباً من يزيد ولا رأيت كافراً ولا مشركاً شرّاً منه ولا أجق منه». وأقبل يقول وينظر إلى الرأس :
ليت أشياخي بيدرٍ شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل (4)
ص: 229
ثمّ أمر برأس الحسين علیه السلام فنُصِب على باب مسجد دمشق .
فروي عن فاطمة بنت علىّ علیه السلام أنّها قالت: لمّا أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رقّ لنا أوّل شيء و ألطفنا ، ثمّ إنّ رجلاً من أهل الشام أحمر قام إليه : فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه الجارية. يعنيني، وكنت جارية وضيئة(1)، فأرعبتُ وفرقت، وظننت أنّه يفعل ذلك، فأخذت بثياب أختي وهي أكبر منّي وأعقل فقالت: «كذبت والله ولعنت، ما ذاك لك ولا له».
فغضب يزيد لعنه الله فقال : بل كذبتِ والله ، والله لو شئت لفعلته.
قالت: «لا والله، ما جعل الله ذلك لك ، إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا».
فغضب يزيد لعنه الله ، ثمّ قال : إيّاي تستقبلين بهذا ؟ ! إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك !
فقالت: «بدين الله ودين أخي وأبي وجدّي اهتديت أنت وجدّك وأبوك»
قال : كذبت یا عدوّة الله !
قالت: «أمير يشتم ظالماً ويقهر بسلطانه»
قالت : فكأنّه لعنه الله استحيى فسكت فأعاد الشامي لعنه الله فقال : يا أمير المؤمنين، هَب لي هذه الجارية ، فقال له : أغرب (2) وهب الله لك حتفاً ،قاضياً.
حدّثني بذلك محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب :
ص: 230
عن فاطمة بنت علىّ صلوات الله عليهما : ثمّ إنّ يزيد لعنه الله أمر بنساء الحسين علیه السلام فحُبِسن مع عليّ بن الحسين علیهما السلام في مَحبس لا يُكِنّهم من حَرّ ولا قَرّ حتى تقشّرت وجوههم، ولم يُرفع ببيت المقدّس حَجَر عن وجه الأرض إلّا وجد تحته دم عبيط ، وأبصر النّاس الشمس على الحيطان حمراء كأنّها الملاحف المُعصفرة الى أن خرج عليّ بن الحسين علیه السلام بالنسوة ، وردّ رأس الحسين علیه السلام إلى كربلاء».
(أمالي الصدوق : المجلس 31 ، الحديث 3)
(٢٤٣٣) ٤ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي قال : أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال : حدّثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك قال : حدّثنا إسماعيل بن عامر قال :
حدّثنا الحكم بن محمّد بن القاسم الثقفي قال : حدّثني أبي، عن أبيه : أنّه حضر بن زياد حين أُتي برأس الحسين صلوات الله عليه فجعل ينكت بقضيب ثناياه ويقول : إنّه كان لحسن الثغر .
فقال له زيد بن أرقم: ارفع قضيبك، فطالما رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم یلثم موضعه .
قال : إنّك شيخ قد خرفت. فقام زيد يجرّ ثيابه .
ثمّ عرضوا عليه [الأسارى من آل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم]، ثمّ أمر بضرب عنق علي بن الحسين علیه السلام فقال له عليّ علیه السلام :«إن كان بينك و بين هؤلاء النساء رحم فأرسل معهنّ من يُؤدّيهنٌ».
فقال : تؤديهنّ أنت. وكأنّه استحيى، وصرف الله عزّ وجلّ عن عليّ بن
الحسين علیه السلام القتل .
قال القاسم بن محمّد : ما رأيت منظراً قطّ أفزع من إلقاء رأس الحسين علیه السلام ببين يديه وهو ينكته !
(أمالي الطوسى : المجلس ٩ ، الحديث ٤١ )
( ٢٤٣٤) ٥ _ وبالسند المتقدّم عن الحكم بن محمّد بن القاسم قال : حدّثنا أبو إسحاق
ص: 231
السُبيعي : أنّ زيد بن أرقم خرج من عنده يومئذ وهو يقول : أما والله لقد سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : «اللهمّ إنّي استودعكه وصالح المؤمنين». فكيف حفظكم لوديعة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.
(أمالي الطوسي : المجلس ٩ ، الحديث ٤٢)
(٢٤٣٥) ٦ - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي قال : أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا العبّاس بن عامر، عن أبي عمارة، عن عبد الله بن طلحة، عن عبد الله بن سيابة:
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «لمّا قدم عليّ بن الحسين علیهما السلام وقد قُتِل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ، استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ، وقال : يا عليّ بن الحسين مَن غلب ؟ وهو مغطّى رأسه ، وهو في المحمل».
قال: «فقال له عليّ بن الحسين علیهما السلام: إذا أردت أن تعلم مَن غلب ، ودخل وقت الصلاة، فأذَّن ثمّ أقم».
(أمالي الطوسي : المجلس 37 ، الحديث 11)
ص: 232
(٢٤٣٦) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن عمرو بن ثابت عن حبيب بن أبي ثابت:
عن أُمّ سلمة زوجة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قالت : ما سمعت نوح الجنّ مُنذ قُبض النبي صلی الله علیه و آله وسلم إلّا الليلة ، ولا أراني إلّا وقد أصبت بابني .
قالت : وجاءت الجنّية منهم تقول :
ألا يا عين فانهملي(2) بجهد*** فمن يبكي على الشهداء بعدي
على رَهط تقودهم المنايا *** إلى مُتجبّر في ملك عبد(3)
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 2)
ص: 233
(٢٤٣٧) ٢ _ وبإسناده عن حاجب عبيد الله بن زياد ( في حديث) قال : ثمّ أمر [ابن زياد] بالسبايا ورأس الحسين علیه السلام فحُمِلوا إلى الشام، فلقد حدّثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة أنّهم كانوا يسمعون بالليالي نَوح الجنّ على الحسين علیه السلام إلى الصباح.
(أمالي الصدوق : المجلس 31 ، الحديث 3)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب ١٤ .
(٢٤٣٨) ٣ _(1) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد قال : حدّثنا عليّ بن العبّاس قال: حدّثنا عبد الكريم بن محمّد قال : حدّثنا سليمان بن مقبل
ص: 234
الحارثي قال : حدّثني محفوظ بن المنذر قال :
حدّثني شيخ من بني تميم كان يسكن الرابية (1)قال : سمعت أبي يقول : ما شعرنا بقتل الحسين علیه السلام حتّى كان مساء ليلة عاشوراء، فإنّي جالس بالرابية ومعي رجل
ص: 235
من الحیّ فسمنا هاتفاً یقول:
والله ما جئتكم حتّى بصرت به *** بالطفّ منعفر الخدّين منحورا
حوله فتية تدمى نحورهم *** مثل المصابيح يعلون (1)الدجى نورا
وقد حثثت قلوصي (2)كي أصادفهم ***من قبل ما أن يلاقوا (3)الخُرَّد (4)الحورا
فعاقني قدر والله بالغه(5) ***وكان أمر قضاه الله مقدورا
كان الحسين سراجاً يستضاء به *** الله يعلم (6)أني لم أقل زورا
صلّى الإله على جسم تضمّنه *** قبر الحسين حليف الخير مقبورا
مجاوراً لرسول الله في غرف *** و للوصيّ و للطيّار مسروراً
فقلنا له: من أنت يرحمك الله ؟
ص: 236
قال : أنا وأبي من جنّ نصيبين (1)، أردنا مؤازرة الحسين علیه السلام ومؤاساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلاً.
(أمالي المفيد : المجلس 38 ، الحديث 7)
أبو جعفر الطوسي عن المفيد مثله .
(أمالي الطوسي : المجلس ٣ ، الحديث ٥٠)
ص: 237
(٢٤٣٩) ١ _(1) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : حدّثني أحمد بن محمّد قال : حدّثنا الحسن بن عليل العنزى قال : حدّثنا عبدالكريم بن محمّد قال : حدّثنا عليّ بن سلمة، عن أبي أسلم محمّد مخلد (2):
عن أبي هياج عبد الله بن عامر قال : لمّا أتي نعي الحسين علیه السلام إلى المدينة، خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب رضي الله عنها في جماعة من نسائها حتّى انتهت إلى قبر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فلاذت به و شهقت عنده ، ثمّ التفتت إلى المهاجرين والأنصار وهي تقول:
ص: 238
ماذا تقولون إن قال النبيّ لكم *** يوم الحساب وصدق القول مسموع
خذلتم عترتي أو كنتم غيّبا *** والحقّ عند وليّ الأمر مجموع
أسلمتموهم بأيدي الظالمين فما *** منكم له اليوم عند الله مشفوع
ماكان عند غداة الطفٌ إذ حضروا *** تلك المنايا ولا عنهنّ مدفوع
قال : فما رأينا باكياً ولا باكية أكثر ممّا رأينا ذلك اليوم.
(أمالي المفيد : المجلس 38 ، الحديث ٥)
أبو جعفر الطوسي ، عن المفيد مثله .
(أمالي الطوسي : المجلس ٣ ، الحديث (٤٨)
(٢٤٤٠) ٢ _ (1)أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني
ص: 239
قال : أخبرني محمّد بن إبراهيم [بن خالد] (1)قال : حدثنا عبدالله بن ابی سعید الورّاق قال : حدّثني مسعود بن عمرو الجحدري قال:
حدّثني إبراهيم بن داحة قال : أوّل شعر رئي به الحسين بن عليّ علیهما السلام قول عقبة بن عمرو (2)السهمي من بني سهم بن عوف بن غالب :
إذ العين قرّت في الحياة وأنتم *** تخافون في الدنيا فأظلم نورها
مررت على قبر الحسين بكربلا *** ففاض عليه من دموعي غزيرها
فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه *** ويسعد عيني دمعها وزفيرها
وبكيت من بعد الحسين عصائبا (3)*** أطافت به من أطافت به من جانبيها (4)قبورها
سلام على أهل القبور بكربلا *** وقلُ لها منّي سلام يزورها
سلام بأصال العشيّ وبالضحى *** تؤدّيه نكباء الرياح ومورها
ولا برح الوفّاد زوّار قبره *** يفوح عليهم مسكها وعبيرها
(أمالي المفيد : المجلس 38 ، الحديث 9)
أبو جعفر الطوسى ، عن المفيد مثله.
(أمالي الطوسي : المجلس ، ، الحديث ٥٢ ، والمجلس ٩ ، الحديث ١٠)
ص: 240
(٢٤٤١) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه ، عن إبراهيم بن رجاء الجَحدري، عن عليّ بن جابر قال : حدّثني عثمان بن داوود الهاشمي ، عن محمّد بن مسلم، عن حمران بن أعين :
عن أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة ، قال : لما قُتل الحسين بن عليّ علیهما السلام أسر من مُعسكره غلامان صغيران، فأُتي بهما عبيد الله بن زیاد فدعا سجّانا له، فقال خُذ هذين الغلامين إليك ، فمِن طيب الطعام فلا تُطعهما، ومن البارد فلاتسقها، و ضيّق عليهما سجنهما، وكان الغُلامان يصومان النهار، فإذا جنّهما الليل أتيا بقُرصين من شعير وكُوز من الماء القراح.
فلمّا طال بالغُلامين المكث حتّى صارا في السنة ، قال أحدهما لصاحبه: يا أخي قد طال بنا مكتنا ، ويوشك أن تفنى أعمارنا وتبلى أبداننا، فإذا جاء الشيخ فأعلمه
مكاننا ، وتقرّب إليه بمحمد صلی الله علیه و آله وسلم لعلّه يوسّع علينا في طعامنا، ويزيد في شرابنا .
فلمّا جنّهما الليل أقبل الشيخ إليهما بقُرصين من شعير وكوز من الماء القراح فقال له الغلام الصغير : يا شيخ أتعرف محمّداً؟
قال : فكيف لا أعرف محمّداً وهو نبيّي.
قال : أفتعرف جعفر بن أبي طالب؟
قال : وكيف لا أعرف جعفراً، وقد أنبت الله له جَناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء.
قال : أفتعرف عليّ بن أبي طالب ؟
قال : وكيف لا أعرف عليّاً، وهو ابن عمّ نبيّي وأخو نبيّي.
قال له : يا شيخ فنحن من عترة نبيّك محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، ونحن من ولد مسلم بن عقيل
ص: 241
بن أبي طالب، بيدك أسارى، نسألك من طيّب الطعام فلا تُطعمنا، ومن بارد الشراب فلا تسقينا ، وقد ضيّقت علينا سجننا !
فانكبّ الشيخ على أقدامهما يُقبّلهما ويقول نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوِقاء، يا عترة نبي الله المصطفى، هذا باب السجن بين يديكما مفتوح، فخُذا أىّ طريق شئتما.
فلمّا جنّهما الليل أتاهما بقُرصين من شعير وكوز من الماء القراح ووقفها على الطريق وقال لهما : سيرا - يا حبيبَيّ - الليل ، واكمنا النهار حتّى يجعل الله عزّ وجلّ لكما من أمركما فرجاً ومخرجاً.
ففعل الغلامان ذلك، فلمّا جنّهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب فقالا لها: يا عجوز، إنّا غلامان صغيران غریبان حَدَثان غير خبيرين بالطريق، وهذا الليل قد جنّنا ، أضيفينا سواد ليلتنا هذه، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق.
فقالت لهما : فمن أنتما يا حَبيبَيّ، فقد شممتُ الروائح كلّها ، فما شممت رائحة أطيب من رائحتكما ؟!
فقالا لها يا عجوز ، نحن من عترة نبيّك محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل.
قالت العجوز يا حبيبيّ، إنّ لي ختنا (1)فاسقاً، قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد، أتخوّف أن يصيبكما هاهنا فيقتلكما .
قالا: سواد ليلتنا هذه ، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق.
فقالت: سأتيكما بطعام ثمّ أتتهما بطعام فأكلا وشربا .
فلمّا ولجا الفراش قال الصغير للكبير : يا أخي، إنّا نرجو أن نكون قد أمِنًا ليلتنا هذه، فتعال حتّى أعانقك وتعانقني وأشمّ رائحتك وتشمّ رائحتي قبل أن يُفرّق الموت بيننا . ففعل الغلامان ذلك واعتنقا وناما .
فلمّا كان في بعض الليل أقبل ختن العجوز الفاسق حتّى قرع الباب قرعاً خفيفاً، فقالت العجوز من هذا ؟
ص: 242
قال : أنا .فلان
قالت : ما الّذي أطرقك هذه الساعة، وليس هذا لك بوقت ؟
قال : ويحك افتحي الباب قبل أن يطير عقلي وتنشقّ مرارتي في جوفي، جهد البلاء قد نزل بي .
قالت : ويحك ، ما الذي نزل بك ؟
قال: هرب غُلامان صغيران من عسكر عبيد الله بن زياد، فنادى الأمير في مُعسكره : مَن جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم، ومن جاء برأسيهما فله ألفا درهم، فقد أتعبت وتَعِبت ولم يصل في يدي شيء.
فقالت العجوز يا ختني احذر أن يكون محمّد خصمك في يوم القيامة.
قال لها : ويحك إنّ الدنيا مُحرص عليها .
فقالت : وما تصنع بالدنيا وليس معها آخرة ؟ !
قال : إنّي لأراك تحامين عنها ، كأنّ عندك من طلب الأمير شيئاً، فقومي فإنّ الأمير يدعوك !
قالت : وما يصنع الأمير بي، وإنّما أنا عجوز في هذه البريّة ؟
قال : إنّما لي الطلب، افتحي لي الباب حتّى أريح واستريح، فإذا أصبحت بكّرت في أيّ الطريق آخذ في طلبهما. ففتحت له الباب وأتته بطعام وشراب، فأكل و شرب.
فلمّا كان في بعض الليل سمع غطيط (1)الغُلامين في جوف البيت، فأقبل يهيج كما يهيج البعير الهائج، ويخور كما يخور الثور، ويلمس بكفّه جدار البيت حتّى وقعت يده على جنب الغلام الصغير، فقال له : مَن هذا ؟
قال : أمّا أنا فصاحب المنزل، فمن أنتما ؟
فأقبل الصغير يحرّك الكبير ويقول : قُم يا حبيبي، فقد والله وقعنا فيما كنّا نحاذره.
قال لها : مَن أنتما ؟
ص: 243
قالا له : يا شيخ، إن نحن صدقناك فلنا الأمان ؟
قال : نعم .
قالا أمان الله وأمان رسوله ، وذمّة الله وذمّة رسوله ؟
قال : نعم .
قالا : ومحمّد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين ؟
قال : نعم .
قالا : والله على ما نقول وكيل وشهيد ؟
قال : نعم .
قالا له : یا شیخ، فنحن من عترة نبيّك محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل .
فقال لهما : من الموت هربتها، وإلى الموت وقعتما، الحمد لله الّذي أظفرني بكما. فقام إلى الغلامين فشدّ أكتافهما، فبات الغُلامان ليلتهما مُكَتَّفين !
فلمّا انفجر عمود الصبح، دعا غلاماً له أسود ، يقال له : فليح ، فقال : خُذ هذين الغُلامين، فانطلق بهما إلى شاطئ الفُرات، واضرب عنقيهما، وائتني بر برأسيهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ جائزة ألفي درهم!
فحمل الغلام السيف، ومشى أمام الغُلامين، فما مضى إلّا غير بعيد حتّى قال أحد الغلامين يا أسود، ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذّن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم !
قال : إنّ مولاي أمرني بقتلكما ، فمن أنتما ؟
قالا له : يا أسود، نحن من عترة نبيّك محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، هربنا من سجن عبيد الله زياد من القتل، أضافتنا عجوزكم هذه، ويريد مولاك قتلنا !
فانكبّ الأسود على أقدامهما يُقبَلهما ويقول : نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوقاء، يا عترة نبيّ الله المصطفى والله لا يكون محمداً صلی الله علیه و آله وسلم خصمي في القيامة.
ثمّ عدا فرمى بالسيف من يده ،ناحية وطرح نفسه في الفرات، وعبر إلى
الجانب الآخر ، فصاح به مولاه یا غلام عصيتني ؟!
فقال : يا مولاي، إنّما أطعتك ما دمت لا تعصي الله ، فإذا عصيت الله فأنا منك
ص: 244
بريء في الدنيا والآخرة.
فدعا ابنه فقال : يا بني إنّما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك، والدنيا مُحرَص عليها، فخُذ هذين الغلامين إليك، فانطلق بهما إلى شاطئ الفُرات، فاضرب عنقيهما وائتني برأسيهما، لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ جائزة ألفي درهم !
فأخذ الغلام السيف، ومشى أمام الغُلامين، فما مضى إلّا غير بعيد حتّى قال أحد الغُلامين يا شاب ما أخوفني على شبابك هذا من جهنّم !
فقال : يا حبيبي، فَمَن أنتما ؟
قالا من عترة نبيّك محمد صلی الله علیه و آله وسلم، يريد والدك قتلنا . فانكبّ الغلام على أقدامهما يقبلهما، وهو يقول لهما مقالة الأسود، ورمى بالسيف ناحية وطرح نفسه في الفرات وعبر، فصاح به أبوه يا بُنيّ عصيتني ؟!
قال : لأن أطيع الله وأعصيك أحبّ إلي من أن أعصي الله وأطيعك.
قال الشيخ : لا يلي قتلكما أحد غيري، وأخذ السيف ومشى أمامهما ، فلمّا صار إلى شاطئ الفُرات سلّ السيف من جفنه، فلمّا نظر الغلامان إلى السيف مسلولاً اغرورقت أعينهما، وقالا له يا شيخ انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا، و لا ترد أن يكون محمّد خصمك فى القيامة غداً.
فقال : لا ، ولكن أقتلكما وأذهب برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ جائزة ألفي درهم.
فقالا له : يا شيخ، أما تحفظ قرابتنا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟
فقال : ما لكما من رسول الله قرابة !
قالا له : يا شيخ فائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتّى يحكم فينا بأمره.
قال : ما إلى ذلك سبيل إلّا التقرّب إليه بدمكما .
قالا: یا شیخ : أما ترحم صِغر سنّنا ؟
قال : ما جعل الله لكما في قَلبي من الرحمة شيئاً .
قالا يا شيخ، إن كان ولابدّ ، فدَعنا نُصلّي ركعات .
قال : فصليا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة.
ص: 245
فصلّى الغلامان أربع ركعات، ثمّ رفعا طرفيهما إلى السماء فناديا : يا حيّ يا حلیم (1) یا أحكم الحاكمين ، احكُم بيننا وبينه بالحقّ.
فقام إلى الأكبر فضرب عنقه، وأخذ برأسه ووضعه في المخلاة ، وأقبل الغُلام الصغير يتمرّغ في دم أخيه، وهو يقول : حتّى ألقى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وأنا مختضب بدم أخي.
فقال : لا عليك ، سوف أُلحِقك بأخيك . ثمّ قام إلى الغُلام الصغير فضرب عنقه. وأخذ رأسه ووضعه فى المخلاة، ورمى ببدنيهما في الماء، وهما يقطران دماً.
ومرّ حتّى أتى بهما عبيد الله بن زياد وهو قاعد على كُرسيّ له، وبيده قضيب خيزران، فوضع الرأسين بين يديه، فلمّا نظر إليهما قام ثمّ قعد، ثمّ قام، ثمّ قعد- ثلاثاً - ثمّ قال : الويل لك ، أين ظفرتَ بهما ؟
قال : أضافتهما عجوز لنا
قال: فما عرفت لها حقّ الضيافة ؟
قال : لا .
قال : فأيّ شيء قالا لك ؟
قال : قالا : یا شیخ ، اذهب بنا إلى السوق فبعنا وانتفع بأثماننا، فلاترد أن يكون محمّد صلی الله علیه و آله وسلم خصمك في القيامة.
قال : فأيّ شيء قلت لهما ؟
قال : قلت : لا ، ولكن أقتلكما وأنطلق برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفي درهم.
قال : فأيّ شيء قالا لك ؟
قال : قالا : انت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتّى يحكم فينا بأمره.
قال : فأيّ شيء قلتَ ؟
قال : قلت : ليس إلى ذلك سبيل إلّا التقرّب إليه بدمكما .
قال : أفلا جئتني بهما حَيّين، فكنت أُضعِف لك الجائزة، وأجعلها أربعة آلاف
ص: 246
درهم؟
قال : ما رأيت إلى ذلك سبيلاً إلّا التقرب إليك بدمهما !
قال : فأي شيء قالا لك أيضاً؟
قال : قالا لي : یا شیخ احفظ قرابتنا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.
قال : فأيّ شيء قلتَ لهما ؟
قال : قلت : ما لكما من رسول الله قرابة !
قال : ويلك ، فأيّ شيء قالا لك أيضاً؟
قال : قالا : یا شیخ ارحم صغر سنّنا.
قال : فما رحمتهما ؟
قال : قلت : ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي شيئاً !
قال : ويلك ، فأيّ شيء قالا لك أيضاً ؟
قال : قالا : دَعنا نُصلّي ركعات فقلت فصلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة. فصلّى الغلامان أربع ركعات .
قال : فأيّ شيء قالا في آخر صلاتهما ؟
قال : رفعا طرفيهما إلى السماء وقالا : يا حيّ يا حليم (1)يا أحكم الحاكمين احكُم بيننا وبينه بالحقّ.
قال عبيد الله بن زياد فإنّ أحكم الحاكمين قد حكم بينكم، مَن للفاسق ؟
قال : فانتدب له رجل من أهل الشام ، فقال : أنا له .
قال : فانطّلِق به إلى الموضع الّذي قتل فيه الغُلامين، فاضرب عنقه، ولا تترُك أن يختلط دمه بدمهما وعجّل برأسه .
ففعل الرجل ذلك وجاء برأسه فنصبه على قناة ، فجعل الصبيان يرمونه بالنبل والحجارة وهم يقولون: هذا قاتل ذريّة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.
(أمالي الصدوق : المجلس 19 ، الحديث 2)
ص: 247
(٢٤٤٢) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن خالد المراغي قال : حدّثنا عليّ بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضر مي قال : حدّثنا عباد بن يعقوب قال : حدّثنا الوليد بن أبي ثور قال :
حدّثنا محمّد بن سليمان قال : حدّثني عمّي قال : لمّا خفنا أيّام الحجاج خرج نفر منّا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخاً على شاطئ الفرات وقلنا نأوي إليه، فبينا نحن فيه إذ جاءنا رجل غريب فقال : أصير معكم في هذا الكوخ الليلة، فإنّي عابر سبيل. فأجبناه و قلنا : غريب منقطع به .
فلمّا غربت الشمس وأظلم الليل ، أشعلنا ، فكنا نشعل بالنفط ، ثمّ جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن عليّ علیهما السلام ومصيبته وقتله ومَن تولّاه ، فقلنا : مابقي من قتلة الحسين الّا رماه الله ببليّة في بدنه.
فقال ذلك الرجل : فأنا قد كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء ، وإنّكم يا قوم
ص: 248
تكذبون.
فأمسكنا عنه، وقلّ ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليُصلح الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار كفّه، فخرج ونادى حتّى ألقى نفسه في الفرات يتغوّص به ، فوالله لقد رأينا يُدخل رأسه في الماء والنّار على وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النّار إليه فتغوّصه إلى الماء، ثمّ يخرجه فتعود إليه ، فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك !
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث 21)
(٢٤٤٣) ٢ -(1) أخبرنا أحمد بن محمّد بن موسى بن الصلت قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن الحسن بن عليّ بن عفّان، عن الحسن بن عطية قال : حدّثنا ناصح أبي عبد الله :
عن قريبة - جارية لهم - قالت : كان عندنا رجل خرج على الحسين علیه السلام ثمّ جاء يجمل وزعفران قالت : فلمّا دقّوا الزعفران صار ناراً !
قالت : فجعلت المرأة تأخذ منه الشيء فتلطخه على يدها فيصير منه برص.
قالت: ونحروا البعير قالت : فكلّما حزّوا بالسكّين صار مكانها ناراً ! :قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه ناراً !
قالت: فقطعوه فخرجت منه النّار !
قالت : فطبخوه فكلّما أوقدوا النّار فارت القدر ناراً !
قالت: فجعلوه فى الجفنة فصار ناراً.
قالت : وكنت صبيّة يومئذ فأخذت عظماً منه فطيّنت عليه، فسقط وأنا يومئذ ،امرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب.
قالت : فلمّا حززناه بالسكّين صار (2)مكانه ناراً، فعرفنا أنّه ذلك العظم فدفنّاه .
(أمالي الطوسى : المجلس ٤٤ ، الحديث 3)
ص: 249
( ٢٤٤٤) ٣ _ وبالسند المتقدّم عن الحسن بن عطيّة قال : سمعت جدّي أبا أُمّي بزيعاً قال :كُنّا نمرّ ونحن غلمان زمن خالد على رجل في الطريق جالس أبيض الجسد أسود الوجه، وكان النّاس يقولون : خرج على الحسين علیه السلام.
(أمالي الطوسي : المجلس ٤٤ ، الحديث ٤)
ص: 250
(٢٤٤٥) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني المظفّر بن محمّد البلخي قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام الاسكا في قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدّثني داوود بن عمر النهدي عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يونس.
عن المنهال بن عمرو(2) قال : دخلت على عليّ بن الحسين علیهما السلام منصرفي من مكّة فقال لي: «يا منهال ما صنع حرملة بن كاملة الأسدي» ؟
فقلت : تركته حيّاً بالكوفة.
قال: فرفع يديه جميعاً فقال: «اللهمّ أذقه حرّ الحديد، اللهمّ أذقه حرّ الحديد، اللهمّ أذقه حرّ النّار».
قال :المنهال : فقدمت الكوفة وقد ظهر المختار بن أبي عبيد وكان لي صديقاً قال : فكنت في منزلي أيّاماً حتّى انقطع النّاس عنّي، وركبت إليه فلقيته خارجاً من داره فقال يا منهال لم تأتنا في ولايتنا هذه، ولم تُهننا بها ولم تشركنا فيها ؟ فأعلمته أنّى كنت بمكّة ، وأنّى قد جئتك الأن وسايرته ونحن نتحدّث حتّى أتى الكناس ، فوقف وقوفاً كأَنّه ينتظر شيئاً ، وقد كان أخبر بمكان حرملة بن کاهلهۀ فوجّه في طلبه، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشتدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير البشارة ، قد أُخذ حرملة بن كاهلة.
فما لبثنا أن جيء به، فلمّا نظر إليه المختار قال الحرملة : الحمد لله الّذي مكّننى
ص: 251
منك . ثمّ قال : الجزّار الجزّار. فأتي بجزّار فقال له : اقطع يديه. فقطعتا. ثمّ قال له : اقطع رجليه . فقطعتا . ثمّ قال : النّار النّار. فأُتي بنار وقصب فأُلقِي عليه واشتعلت فيه النّار.
فقلت : سُبحان الله !
فقال لي: يا منهال، إنّ التسبيح لحسن، ففيم سبّحت ؟
فقلت أيّها الأمير دخلت في سفرتي هذه منصر في من مكّة على عليّ بن الحسين علیهما السلام فقال لي: «يا منهال، ما صنع حرملة بن كاملة الأسدي» ؟ فقلت : تركته حيّاً بالكوفة. فرفع يديه جميعاً فقال: «اللهمّ أذقه حرّ الحديد، اللهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللهم أذقه حرّ النّار».
فقال لي :المختار: أسمعتَ علي بن الحسين علیهما السلام يقول هذا ؟
فقلت : والله لقد سمعته قال فنزل عن دابّته وصلّى ركعتين فأطال السجود ، ثمّ فركب ، وقد احترق حرملة ، وركبت معه وسرنا ، فحاذيت داري، فقلت: أيّها الأمير، إن رأيت أن تشرّفني وتكرّمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي.
فقال : يا منهال، تعلمني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي، ثمّ تأمرني أن آكل ؟ هذا يوم صوم شُكراً لله عزّ وجلّ على ما فعلته بتوفيقه.
حرملة : هو الّذي حمل رأس الحسين علیه السلام !
(أمالي الطوسي : المجلس ٩، الحديث ١٥)
(٢٤٤٦) ٢ -(1) أخبرنا محمّد بن محمّد قال: أخبرني أبو عبيد الله محمّد المرزباني قال : حدّثني محمّد بن إبراهيم قال : حدّثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدّثنا المدائني، عن رجاله : أنّ المختار بن أبي عبيد الثقفي رحمه الله ظهر بالكوفة ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ستّ وستّين، فبايعه
ص: 252
النّاس على كتاب الله وسنّة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، والطلب بدم الحسين بن على علیهما السلام دماء أهل بيته رحمة الله عليهم، والدفع عن الضعفاء، فقال الشاعر في ذلك :
ولمّا دعا المختار جئنا لنصره *** على الخيل تردى من كميت وأشقرا (1)
دعا يا لثارات الحسين فأقبلت ***تعادی بفرسان الصباح لتثأرا
ونهض المختار إلى عبد الله بن مطيع، وكان على الكوفة من قبل ابن الزبير، فأخرجه وأصحابه منها منهزمين وأقام بالكوفة إلى المحرّم سنة سبع وستّين، ثمّ عمد على إنفاذ الجيوش إلى ابن زياد، وكان بأرض الجزيرة، فصيّر على شُرَطِه أبا عبد الله الجدلي (2)وأبا عمرة كيسان مولى عرينة، وأمر إبراهيم بن الأشتر رحمه الله بالتأهب للمسير إلى ابن زياد لعنه الله، وأمّره على الأجناد، فخرج إبراهيم يوم السبت لسبع خلون من المحرّم سنة سبع وستّين في ألفَين من مذحج وأسد، وألفين تميم وهمدان، وألف وخمس مئة من قبائل المدينة، وألف وخمس مئة من كندة
ص: 253
وربيعة، وألفين من الحمراء (1).
وقال بعضهم : كان ابن الأشتر في أربعة آلاف من القبائل، وثمانية آلاف من الحمراء، وشيّع المختار إبراهيم بن الأشتر رحمهما الله ماشياً، فقال له إبراهيم اركب رحمك الله .
فقال : إنّي لأحتسب الأجر في خطاي معك ، وأحبّ أن تغبر قدماي في نصر آل محمد صلی الله علیه و آله وسلم. ثمّ ودّعه وانصرف.
فسار ابن الأشتر حتّى أتى المدائن، ثمّ سار يُريد ابن زیاد، فشخص المختار عن الكوفة لما أتاه أنّ ابن الأشتر قد ارتحل من المدائن، وأقبل حتّى نزل المدائن فلمّا نزل ابن الأشتر نهر الخازر بالموصل أقبل ابن زياد في الجموع، ونزل على أربعة فراسخ من عسكر ابن الأشتر ، ثمّ التقوا ، فحضّ ابن الأشتر أصحابه وقال : يا أهل الحقّ وأنصار الدين، هذا ابن زياد قاتل الحسين بن عليّ وأهل بيته علیهم السلام قد أتاكم الله به وبحزبه حزب الشيطان، فقاتلوهم بنيّة وصبر، لعلّ الله يقتله بأيديكم، ويشفي صدوركم.
وتزاحفوا ونادى أهل العراق: «يا لثارات الحسين»، فجال أصحاب ابن الأشتر جولة ، فناداهم : يا شُرطة الله الصبر الصبر. فتراجعوا فقال لهم عبد الله بن يسار بن أبي عقب الدولي : حدّثني خليلي : أنّا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر، فيكشفونا حتّى نقول : هي هي، ثمّ نكرّ عليهم فنقتل أميرهم، فابشروا واصبروا فإنّكم لهم قاهرون.
ثمّ حمل ابن الأشتر رحمه الله عشيّاً فخالط القلب، وكسرهم أهل العراق فركبوهم يقتلونهم ، فانجلت الغمّة وقد قُتل عبيد الله بن زياد، وحصين بن نمير، وشرحبيل بن ذي الكلاع ، وابن حوشب وغالب الباهلي، وعبد الله بن إياس السُلمي، و
ص: 254
أبو الأشرس الّذي كان على خراسان، وأعيان أصحابه لعنهم الله .
فقال ابن الأشتر : إنّي رأيت بعد ما انكشفت النّاس طائفة منهم قد صبر صبرت تقاتل، فأقدمت عليهم، وأقبل رجل آخر في كبكبة كأنه بغل أقمر (1)، يُفري النّاس، لا يدنو منه أحد إلّا صرعه فدنا منّي فضربت يده فأبنتها، وسقط على شاطئ النهر ، فشرّقت يداه و غرّبت رجلاه فقتلته ووجدت منه ریح المسك وأظنّه ابن زياد فاطلبوه. فجاء رجل فنزع خفّيه وتأمّله، فإذا هو ابن زياد لعنه الله على ما وصف ابن الأشتر ، فاحتزّ رأسه ، واستوقدوا عامّة الليل بجسده، فنظر إليه مهران مولى زياد، وكان يحبّه حبّا شديداً ، فحلف ألّا يأكل شحما أبداً، وأصبح النّاس فحووا ما فى العسكر.
وهرب غلام لعُبيد الله إلى الشام، فقال له عبد الملك بن مروان: متى عهدك بابن زياد ؟ فقال : جال النّاس وتقدّم فقاتل ، وقال : ائتني بجرّة فيها ماء، فأتيته فاحتملها فشرب منها وصبّ الماء بين درعه وجسده، وصبّ على ناصية فرسه فصهل ثمّ أقحمه ، فهذا آخر عهدي به .
قال : وبعث ابن الأشتر برأس ابن زياد إلى المختار وأعيان مَن كان معه، فقدم بالرؤوس والمختار يتغدّى، فأُلقِيت بين يديه، فقال : الحمد لله ربّ العالمين، وضع رأس الحسين بن علىّ علیهما السلام بين يدي ابن زياد لعنه الله وهو يتغدّى ، وأتيتُ برأس ابن زياد وأنا أتغدّى (2).
قال : رأينا حيّة بيضاء تخلّل الرؤوس حتّى دخلت في أنف ابن زياد وخرجت من أُذُنه، ودخلت في أُذنه وخرجت من أنفه، فلمّا فرغ المختار من الغداء قام فوطاً وجه ابن زیاد بنعله ثمّ رمى بها إلى مولى له وقال : اغسلها فإنّي وضعتها على وجه نجس كافر.
وخرج المختار إلى الكوفة، وبعث برأس ابن زياد ورأس حصين بن نمير و
ص: 255
رأس شرحبيل بن ذي الكلاع مع عبد الرحمان بن أبي عمير الثقفي وعبد الله بن شدّاد الجشمي والسائب بن مالك الأشعري إلى محمّد بن الحنفيّة بمكّة، وعليّ بن الحسين علیه السلام يومئذ بمكّة، وكتب إليه معهم : «أمّا بعد ، فإنّي بعثت أنصارك وشيعتك إلى عدوّك يطلبونه بدم أخيك المظلوم الشهيد، فخرجوا محتسبين محنقين آسفين ، فلقوهم دون نصيبين فقتلهم ربّ العباد، والحمد لله ربّ العالمين الّذي طلب لكم الثأر، وأدرك لكم رؤساء أعدائكم، فقتلهم في كلّ فجّ وغرّقهم في كلّ بحر ، فشفى بذلك صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم».
وقدموا بالكتاب والرؤوس عليه، فبعث برأس ابن زياد إلى عليّ بن الحسين علیهما السلام ، فأدخل عليه وهو يتغدّى ، فقال عليّ بن الحسين علیهما السلام : «أُدخلتُ على ابن زياد وهو يتغدّى ورأس أبي بين يديه، فقلت: اللهمّ لا تمتني حتّى تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدّى، فالحمد لله الّذي أجاب دعوتي». ثمّ أمر فرمي به ، فحمل إلى ابن الزبير، فوضعه ابن الزبير على قصبة ، فحرّكتها الريح فسقط، فخرجت حيّة من تحت الستار فأخذت بأنفه، فأعادوا القصبة فحرّكتها الريح فسقط ، فخرجت الحيّة فأزمت (1)بأنفه، فُعل ذلك ثلاث مرّات، فأمر ابن الزبير فألق في بعض شعاب مكة .
قال : وكان المختار رحمه الله قد سُئل في أمان عمر بن سعد بن بن أبي وقّاص، فأمّنه على أن لا يخرج من الكوفة فإن خرج منها فدمه هدر.
قال : فأتى عمر بن سعد رجل فقال : إنّي سمعت المختار يحلف ليقتلنّ رجلاً. والله ما أحسبه غيرك.
قال : فخرج عمر حتّى أتى الحمّام، فقيل له : أترى هذا يخفى على المختار ؟ فرجع ليلاً فدخل ،داره فلمّا كان الغد غدوت فدخلت على المختار، وجاء الهيثم بن الأسود فقعد، فجاء حفص بن عمر بن سعد فقال للمختار يقول لك أبو حفص أنزلنا بالّذى كان بيننا وبينك.
ص: 256
قال: اجلس فدعا المختار أبا عمرة، فجاء رجل قصير يتخشخش (1)فی الحديد فسارّه، ودعا برجلين فقال : اذهبا معه . فذهب ، فوالله ما أحسبه بلغ دار عمر بن سعد حتّى جاء برأسه ، فقال المختار لحفص : أتعرف هذا ؟
فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، نعم .
قال : يا أبا ،عمرة ألحقه به فقتله.
فقال المختار رحمه الله : عمر بالحسين، وحفص بعليّ بن الحسين، ولا سواء.
قال : واشتدّ أمر المختار بعد قتل ابن زياد وأخاف الوجوه وقال : لا يسوغ لي طعام ولا شراب حتّى أقتل قتلة الحسين بن عليّ علیه السلام وأهل بيته، وما من ديني الله أترك أحداً منهم حياً. وقال : أعلموني من شرك في دم الحسين وأهل بيته.
فلم يكن يؤتونه برجل فيقولون: هذا من قتلة الحسين، أو ممّن أعان عليه، إلّا قتله .
وبلغه أنّ شمر بن ذي الجوشن لعنه الله أصاب مع الحسين ! إبلاً فأخذها ، فلمّا قدم الكوفة نحرها وقسّم لحومها ، فقال المختار: احصوا لي كلّ دار دخل فيها شيء ذلك اللحم. فأحصوها فأرسل إلى مَن كان أخذ منها شيئاً فقتلهم وهدم دورهم بالكوفة.
وأتى المختار بعبد الله بن أسيد الجهني، ومالك بن الهيثم البدائي (2)من کندۀ وحمل بن مالك المحاربي ، فقال : يا أعداء الله، أين الحسين بن علىّ؟
قالوا : أُكرِهنا على الخروج إليه.
قال : أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء ؟ وقال للبدائي : أنت صاحب برنسه لعنك الله ؟
قال : لا.
قال: بلى ثمّ قال اقطعوايديه ورجليه ودعوه يضطرب حتّى يموت فقطعوه، وأمر بالآخرين فضُربت أعناقهما.
ص: 257
وأُتي بقراد بن مالك، وعمرو بن خالد، وعبد الرحمان البجلي، وعبد الله بن قيس الخولاني، فقال لهم : يا قتلة الصالحين، ألا ترون الله بريئاً منكم، لقد جاءكم الورس بيوم نحس، فأخرجهم إلى السوق فقتلهم.
وبعث المختار معاذ بن هانئ الكندي وأبا عمرة كيسان إلى دار خَولي بن يزيد الأصبحي - وهو الّذي حمل رأس الحسين علیه السلام إلى ابن زياد _ فأتوا داره فاستخفى في المخرج، فدخلوا عليه فوجدوا قد أكبّ على نفسه قوصرّة (1)، فأخذوه وخرجوا يريدون المختار فتلقّاهم في ركب، فردّوه إلى داره، وقتله عندها وأحرقه .
وطلب المختار شمر بن ذي الجوشن فهرب إلى البادية، فسُعي به إلى أبي عمرة، فخرج إليه مع نفر من أصحابه فقاتلهم قتالاً شديداً، فأثخنته الجراحة، فأخذه أبو عمرة أسيراً، وبعث به إلى المختار، فضرب عنقه، وأغلى له دُهناً في قدر وقذفه فيها فتفسّخ ، ووطأ مولى لأل حارثة بن مضرّب وجهه ورأسه ولم يزل المختار يتتبّع قتلة الحسين علیه السلام وأهله حتّى قتل منهم خلقا كثيراً، وهرب الباقون فهدم دورهم وقتلت العبيد مواليهم الّذين قاتلوا الحسين علیه السلام، فأتوا المختار فأعتقهم.
(أمالي الطوسي : المجلس ٩ ، الحديث ١٦)
ص: 258
(٢٤٤٧) ١ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش قال : حدّثني محمّد بن عبد الله [بن محمد بن عبيد الله بن المطلب أبو المفضّل الشيباني ] قال: حدّثنا أبو الطيّب عليّ بن محمّد بن مخلد الجعفي الدهان بالكوفة ، قال : حدثّنا أحمد بن ميثم بن أبي نعيم قال :
حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني أملاه عَلَيّ في منزله قال: خرجت أيّام ولاية موسى بن عيسى الهاشمي في الكوفة من منزلي فلقيني أبو بكر بن عيّاش فقال لي : امض بنا يا يحيي إلى هذا فلم أدر مَن يعني، وكنت أجلّ أبابكر عن ،مراجعة، وكان راكباً حماراً له، فجعل يسير عليه وأنا أمشى مع ركابه ، فلمّا صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم التفت إلَيّ فقال لي: يا ابن الحمّاني، إنّما جررتك معي وجشّمتك (1)معی أن تمشي خلفي لأسمعك ما أقول لهذا الطاغية.
قال : فقلت : من هو يا أبا بكر ؟
قال : هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى. فسكتّ عنه ، ومضى وأنا أتبعه حتّى إذا صرنا إلى باب موسى بن عيسى وبصر به الحاجب وتبيّنه، وكان النّاس ينزلون عند الرحبة ، فلم ينزل أبو بكر هناك، وكان عليه يومئذ قميص وإزار وهو محلول الإزار .
قال : فدخل على حمار وناداني : تعال يا ابن الحمّاني. فمنعني الحاجب فزجره أبو بكر وقال له : أتمنعه يا فاعل وهو معي ؟ فتركني فما زال يسير على حماره حتّى دخل الايوان، فبصر بنا موسى وهو قاعد في صدر الايوان على سريره ويجنبي السرير رجال متسلّحون وكذلك كانوا يصنعون.
فلمّا أن رآه ،موسى رحّب به وقرّبه وأقعده على سريره، ومنعت ، ومنعت انا حين
ص: 259
وصلت إلى الايوان أن أتجاوزه فلمّا استقرّ أبو بكر على السرير التفت فرآني حيث أنا واقف، فناداني : تعال ويحك. فصرت إليه ونعلي في رجلي، وعَلَيّ قيص وإزار، فأجلسني بين يديه، فالتفت إليه موسى فقال : هذا رجل تكلّمنا فيه ؟
قال : لا و لكنّي جئت به شاهداً عليك.
قال : فى ما ذا ؟
قال : إنّي رأيتك وما صنعت بهذا القبر .
قال : أَيّ قبر؟
قال : قبر الحسين بن عليّ ابن فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.
وكان موسى قد وجّه إليه من كربه وكرب (1)أرض الحائر وحرثها جميع وزرع الزرع فيها ، فانتفخ موسى حتّى كاد أن ينقدّ، ثمّ قال : وما أنت وذا؟
قال : اسمع حتّى أخبرك، اعلم أنّي رأيت في منامي كأنّي خرجت إلى قومي بني غاضرة، فلمّا صرت بقنطرة الكوفة اعترضني خنازير عشرة تريدني، فأغاثني (2)الله برجل كنت أعرفه من بني اسد فدفعها ،عنّى، فمضيت لوجهي ، فلمّا صرت إلى شاهي (3)ضللت الطريق، فرأيت هناك عجوزاً فقالت لي : أين تريد أيّها الشيخ ؟ قلت : أريد الغاضريّة. قالت لي : تبطّن (4)هذا الوادي، فإنّك إذا أتيت آخره اتّضح لك الطريق.
فمضيت ففعلت ذلك ، فلمّا صرت إلى نينوى اذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت : من أين أنت أيّها الشيخ ؟
فقال لي : أنا من أهل هذه القرية.
فقلت : كم تعد من السنين ؟
فقال: ما أحفظ ما مضى من سنّي ،وعمري، ولكن أبعد ذكري أنّي رأيت
ص: 260
الحسين بن عليّ علیهما السلام ومن كان معه مَن أهله ومن تبعه يُمنّعون الماء الّذي تراه، ولا يُمنع الكلاب ولا الوحوش شربه .
فاستفظعت ذلك وقلت له : ويحك ، أنت رأيت هذا ؟
قال : إي والّذي سمك السماء، لقد رأيت هذا أيّها الشيخ وعاينته، وإنّك وأصحابك هم الّذين يعينون على ما قد رأينا ممّا أقرح عيون المسلمين ، إن كان في الدنيا مسلم .
فقلت : ويحك ، وما هو ؟
قال : حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه.
قلت : ما أجرى إليه ؟
قال : أيكرب قبر ابن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وتحرث أرضه؟
قلت : وأين القبر؟
قال: ها هو ذا أنت واقف في أرضه، فأما القبر فقد عن أن يُعرّف موضعه !
قال أبو بكر بن عيّاش : وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قطّ ، ولا أتيته في طول عمري ، فقلت : مَن لي بمعرفته ؟ فمضى معى الشيخ حتّى وقف بي على خَيررٍ(1) له باب و آذن ، وإذا جماعة كثيرة على الباب فقلت للأذن : أريد الدخول على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال : لا تقدر على الوصول في هذا الوقت.
قلت : ولِمَ؟
قال: هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله ، ومحمّد رسول صلى الله عليه وسلم الله ، ومعهما جبرئيل وميكائيل في رعيل من الملائكة كثير .
قال أبو بكر بن عيّاش فانتبهت وقد دخلني روع شديد وحزن وكأبة، و مضت بي الأيّام حتّى كدت أن أنسى المنام، ثمّ اضطررت إلى الخروج إلى بني
ص: 261
غاضرة لدّين كان لي على رجل منهم فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتّى إذا صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص، فحين رأيتهم ذكرت الحديث و رعبت من خشيتي لهم ، فقالوا لي الق ما معك وانج بنفسك. وكانت معي نفيقة ، فقلت : ويحكم أنا أبو بكر بن عيّاش وإنّما خرجت في طلب دَين لي والله الله لا تقطعوني عن طلب دَيني وتضرّوا بي في نفقتي فإنّي شديد الاضافة. فنادى رجل منهم : مولاي وربّ الكعبة، لا يُعرض له. ثمّ قال لبعض فتيانهم : كُن حتى تصير به إلى الطريق الأيمن.
قال أبو بكر : فجعلت أتذكّر ما رأيته في المنام وأتعجّب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى، فرأيت - والله الّذي لا إله إلّا هو _ الشيخ الّذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام ،سواء، فحين رأيته ذكرت الأمر والرؤيا، فقلت: لا إله إلّا الله ما كان هذا إلّا وحياً! ثمّ سألته كمسألتي إيّاه في المنام، فأجابني ثمّ قال لي : امض بنا. فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتني شيء في منامي إلّا الأذِن والحير فإنّي لم أر حيراً و لم أر آذناً، فاتّق الله أيّها الرجل، فإنّي قد آليت على نفسي ألّا أدع إذاعة هذا الحديث، ولا زيارة ذلك الموضع وقصده وإعظامه، فإنّ موضعاً يأتيه إبراهيم ومحمّد وجبرئيل وميكائيل علیهم السلام الحقيق بأن يرغب في إتيانه وزيارته، فإنّ أبا حصين حدّثني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن رآني في المنام فإياي رأى، فإنّ الشيطان لا يتشبّه بي»(1)
ص: 262
فقال له :موسى إنّما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة الّتي ظهرت منك ، وبالله لئن بلغنى بعد هذا الوقت أنّك تتحدّث بهذا لأضربنّ عنقك وعنق هذا الّذي جئت به شاهداً عَلَىّ.
فقال أبو بكر : إذن يمنعني الله وإيَّاه منك، فإنّي إنّما أردت الله بما كلّمتك به.
فقال له : أتراجعني يا عاص. وشتمه .
فقال له : اسكت أخزاك الله وقطع لسانك ، فأرعد موسى على سريره، ثمّ قال خذوه:
فأخذ الشيخ عن السرير وأُخِذت أنا، فوالله لقد مرّ بنا من السحب والجرّ و الضرب ماظننت أنّنا لانكثر الأحياء أبداً (1)، وكان أشدّ ما مرّ بي من ذلك أنّ رأسي كان يجرّ على الصخر، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي، وموسى يقول : اقتلوهما بني كذا وكذا، بالزاني لا يكنّى (2)، وأبوبكر يقول له : امسك قطع الله لسانك وانتقم منك ، اللهم إيّاك أردنا ، ولولد وليك غضبنا، وعليك توكّلنا .
فصيّر بنا جميعاً إلى الحبس، فما لبثنا في الحبس إلّا قليلاً، فالتفت إلَيّ أبو بكر و رأى ثيابي قد خرّقت وسالت دمائي، فقال: يا حمّاني، قد قضينا الله حقاً، واكتسبنا في يومنا هذا أجراً، ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله.
فما لبثنا إلّا مقدار غداءة ونومة حتّى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه ، وطلب حمار أبي بكر فلم يوجد ، فدخلنا عليه فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبراً،
ص: 263
فتعبنا في المشى إليه تعباً شديداً، وكان أبو بكر إذا تعب في مشيه جلس يسيراً ثمّ يقول : اللهمّ إنّ هذا فيك فلا تنسه. فلمّا دخلنا على موسى، وإذا هو على سرير له ، فحين بصر بنا قال : لا حيّا الله ولا قرّب من جاهل أحمق يتعرّض لما يكره، ويلك يا دعيّ، ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم !
فقال له :أبو بكر قد سمعت كلامك والله حسبك .
فقال له : أخرج قبّحك الله ، والله لئن بلغني أنّ هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربنّ عنقك .
ثمّ التفت إليّ وقال : يا كلب - وشتمني - وقال : إيّاك ثمّ إيّاك أن تُظهر هذا فإنّه إنما خُيّل لهذا الشيخ الأحمق شيطان يلعب به في منامه أخرجا عليكما لعنة الله و غضبه .
فخرجنا وقد يئسنا من الحياة، فلمّا وصلنا إلى منزل الشيخ أبي بكر وهو يمشي وقد ذهب ،حماره ، فلمّا أراد أن يدخل منزله التفت إليّ وقال : احفظ هذا الحديث و أثبته عندك ، ولا تحدّثنّ هؤلاء الرعاع، ولكن حدّث به أهل العقول والدّين.
(أمالي الطوسي : المجلس11، الحديث 97)
(٢٤٤٨) ٢ _(1) وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا محمّد بن عليّ بن هاشم الأبلّي قال : حدّثنا الحسن بن أحمد بن النعمان الوجيهي الجوزجاني نزيل قومس(2) وكان قاضيها ، قال :
حدّثني يحيى بن المغيرة الرازي قال : كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر النّاس ، فقال : تركت الرشيد وقد
ص: 264
كرب قبر الحسين علیه السلام وأمر أن تقطع السدرة الّتي فيه فقطعت .
قال : فرفع جرير يديه فقال : الله أكبر، جاءنا فيه حديث عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال: «لعن الله قاطع السدرة»- ثلاثاً-، فلم نقف على معناه حتّى الآن، لأنّ القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين علیه السلام حتّى لا يقف النّاس على قبره.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 98)
(٢٤٤٩)٣ _ وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن فرج الرخّجي قال : حدّثني أبي :
عن عمّه عمر بن فرج قال : أنفذني المتوكّل في تخريب قبر الحسين علیه السلام فصرت إلى الناحية ، فأمرت بالبقر فمرّ بها على القبور، فمرّت عليها كلّها ، فلمّا بلغت قبر الحسين علیه السلام لم تمرّ عليه .
قال عمّي عمر بن فرج : فأخذت العصا بيدي ، فما زلت أضربها حتّى تكسّرت العصا في يدي ، فوالله ما جازت على قبره ولا تخطّته !
قال لنا محمّد بن جعفر: كان عمر بن فرج شديد الانحراف عن آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم فأنا أبرأ إلى الله منه، وكان جدّي أخوه محمّد بن فرج شديد المودّة لهم و رحمه الله و رضي عنه، فأنا أتولّاه لذلك وأفرح بولادته.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 99)
(٢٤٥٠) ٤ _ وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله بن محمّد بن عمّار الثقفي الكاتب قال : حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي، عن أبي علي الحسين بن محمّد بن مسلمة بن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر قال:
حدّثني إبراهيم الديزج قال : بعثني المتوكّل إلى كربلاء لتغيير قبر الحسين علیه السلام، وكتب معي إلى جعفر بن محمّد بن عمّار القاضي: أُعلمك أنّى قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لنبش قبر الحسين، فإذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتّى تعرف فعل أو لم يفعل .
قال الديزج : فعرّفني جعفر بن محمّد بن عمّار ما كتب به إليه، ففعلت ما أمرني
ص: 265
به جعفر بن محمّد بن عمّار ، ثمّ أتيته فقال لي : ما صنعت ؟
فقلت : قد فعلت ما أمرت به فلم أر شيئاً ولم أجد شيئاً.
فقال لي : أفلا عمّقته ؟
قلت: قد فعلت وما رأيت . فكتب إلى السلطان: إنّ إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئاً ، وأمرته فخره بالماء وكربه بالبقر!
قال أبو عليّ العمّاري : فحدّثني إبراهيم الديزج وسألته عن صورة الأمر ، فقال لي: أتيت في خاصّة غلماني فقط، وإنّي نبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن عليّ، ووجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالتها وبدن الحسين على البارية، وأمرت بطرح التراب عليه، وأطلقت عليه الماء، و أمرت بالبقر لتمخره (1)وتحرثه فلم تطأه البقر، وكانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه ، فحلفت لغلماني بالله وبالأَّيمان المغلّظة لتن ذكر أحد هذا لأقتلنّه .
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 100)
( ٢٤٥١) ٥ _ وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثني محمّد بن إبراهيم بن أبي السلاسل الأنباري الكاتب قال :
حدّثني أبو عبد الله الباقطاني قال : ضمّني عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى هارون المعرّي، وكان قائداً من قواد السلطان أكتب له، وكان بدنه كلّه أبيض شديد البياض حتّى يديه ورجليه كانا كذلك ، وكان وجهه أسود شديد السواد كأنّه القير، وكان يتفقاً مع ذلك مِدَة (2)منتنة .
قال : فلمّا آنس بي سألته عن سواد وجهه فأبى أن يخبرني ، ثمّ إنّه مرض مرضه الّذي مات فيه، فقعدت فسألته، فرأيته كأنّه يحبّ أن يكتم عليه، فضمنت له الكتمان فحدّثني ، قال : وجّهني المتوكّل أنا والديزج لنبش قبر الحسين علیه السلام وإجراء
ص: 266
الماء عليه، فلمّا عزمت على الخروج والمسير إلى الناحية رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في المنام، فقال: «لا تخرج مع الديزج ولا تفعل ما أُمرتُم به في قبر الحسين».
فلمّا أصبحنا جاءوا يستحبّونني في المسير، فسرت معهم حتّى وافينا كربلاء، و فعلنا ما أمرنا به المتوكل، فرأيت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في المنام فقال: «ألم آمُرك ألّا تخرج معهم، ولا تفعل فعلهم ، فلم تقبل حتّى فعلت ما فعلوا»؟! ثمّ لطمني وتفل في، فصار وجهي مسوداً كما ترى، وجسمي على حالته الأولى!
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 101)
(٢٤٥٢)٦ _ وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا سعيد بن أحمد بن [ محمّد بن موسى ] العرّاد أبو القاسم الفقيه قال: حدّثني أبو برزة الفضل بن محمّد بن عبد الحميد قال : دخلت على إبراهيم الديزج، وكنت جاره، أعوده في مرضه ضه الذي مات فيه، فوجدته بحال سوء، وإذا هو كالمدهوش وعنده الطبيب، فسألته عن حاله، و كانت بيني وبينه خلطة وأنس يوجب الثقة بي والانبساط إليّ، فكاتمني حاله و أشار لي إلى الطبيب ، فشعر الطبيب بإشارته، ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله، فقام فخرج وخلا الموضع ، فسألته عن حاله ؟
فقال : أخبرك والله واستغفر الله ، أنّ المتوكّل أمرني بالخروج إلى نينوى إلى قبر الحسين علیه السلام، فأمرنا أن نكربه ونطمس أثر القبر ! فوافيت الناحية مساءً معنا الفعلة والروزكاريون معهم المساحي والمُرور، فتقدّمت إلى غلماني وأصحابي أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر وحرث أرضه، فطرحت نفسي لما نالني من تعب السفر ونمت فذهب بي النوم ، فإذا ضوضاء شديدة وأصوات عالية، وجعل الغلمان ينبّهونني ، فقمت وأنا ذعر ، فقلت للغلمان : ما شأنكم؟
قالوا: أعجب شأن!
قلت : وما ذاك ؟
قالوا : إنّ بموضع القبر قوماً قد حالوا بيننا وبين القبر، وهم يرموننا مع ذلك بالنشّاب !
فقمت معهم لأتبيّن الأمر، فوجدته كما وصفوا، وكان ذلك في أوّل الليل من
ص: 267
ليالي البيض، فقلت : ارموهم. فرموا فعادت سهامنا إلينا ! فما سقط سهم منها إلّا في صاحبه الّذي رمى به فقتله، فاستوحشت لذلك وجزعت وأخذتني الحمّى و القشعريرة، ورحلت عن القبر لوقتي ووطنت نفسي على أن يقتلني المتوكّل لما لم أبلغ في القبر جميع ما تقدّم إليّ به.
قال أبو برزة : فقلت له : قد كفيت ما تحذر من المتوكّل، قد قتل البارحة الأولى وأعان عليه في قتله المنتصر. (1)
فقال لي: قد سمعت بذلك وقد نالني في جسمي ما لا أرجو ما لا أرجو معه البقاء.
قال أبو برزة: كان هذا في أوّل النهار، فما أمسى الديزج حتّى مات.
قال ابن خشيش: قال أبو المفضّل : إنّ المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة علیها السلام فسأل رجلاً من النّاس عن ذلك ، فقال له : قد وجب عليه القتل، إلّا أنّه من قتل أباه لم يطل له عمر.
قال : ما أبالي إذا أطعت الله بقتله أن لا يطول لي عمر . فقتله وعاش بعده سبعة أشهر (2)
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 102)
(٢٤٥٣)٧ _ وعن محمّد بن عبد الله قال : حدّثني عليّ بن عبد المنعم بن هارون : الخديجي الكبير . شاطئ النيل ، قال : حدّثني جدّي القاسم بن أحمد بن معمر الأسدي الكوفي _ وكان له علم بالسيرة وأيّام النّاس _ قال : بلغ المتوكّل جعفر بن
ص: 268
المعتصم أنّ أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين علیه السلام، فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذ قائداً من قوّاده وضمّ إليه كنفاً من الجند (1)كثيراً ليشعب (2)قبر الحسين علیه السلام ويمنع النّاس من زيارته والاجتماع إلى قبره.
فخرج القائد إلى الطفّ وعمل بما أُمر ، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومئتين ، فثار أهل السواد به واجتمعوا عليه وقالوا لو قُتِلنا عن آخرنا لما أمسك من بقي منّا عن زيارته، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا فكتب بالأمر إلى الحضرة، فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم والمسير إلى الكوفة مظهراً أنّ مسيره إليها في مصالح أهلها والانكفاء (3)إلى المصر.
فضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة سبع وأربعين ، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير النّاس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين علیه السلام، وأنّه قد كثر جمعهم لذلك، وصار لهم سوق كبير، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند، وأمر منادياً ينادي ببراءة الذمّة ممّن زار قبر الحسين ونبش القبر وحرث أرضه، و انقطع النّاس عن الزيارة، وعمل على تتبّع آل أبي طالب علیهم السلام والشيعة رضي الله عنهم، فقُتِل ولم يتمّ له ما قدّره.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 103)
( ٢٤٥٤) ٨-(4) وعن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله قال : حدّثني عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الأزدي ب_ «أرتاح قال: حدّثني عبد الله بن دانية الطوري قال:
ص: 269
حججت سنة سبع وأربعين ومئتين، فلمّا صدرت من الحجّ صرت إلى العراق فزرت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام على حال خيفة من السلطان ، وزرته ثمّ وجّهت إلى زيارة الحسين علیه السلام ، فإذا هو قد حرثت أرضه ومخر فيها الماء، و أرسلت الثيران العوامل في الأرض ! فبعيني وبصري كنت أرى الثيران تساق في الأرض فتنساق لهم حتّى إذا حاذت مكان القبر حادت عنه يميناً وشمالاً ، فتُضرب بالعصيّ الضرب الشديد فلا ينفع ذلك فيها، ولا تطأ القبر بوجه ولا سبب، فما أمكنني الزيارة، فتوجّهت إلى بغداد وأنا أقول في ذلك :
تالله إن كانت أُميّة قد أتت *** قتل ابن بنت نبيّها مظلوما
فلقد أتاك بنو أسه بمثلها *** هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا *** فی قتله فتتبّعوه رمیا
فلمّا قدمت بغداد سمعت الهائعة (1)، فقلت : ما الخبر ؟ قالوا : سقط الطائر بقتل جعفر المتوكّل . فعجبت لذلك وقلت : إلهي ليلة بليلة .
أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ١٠٤)
ص: 270
(٢٤٥٥) ١ _ أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا محمّد بن عليّ بن خشيش، عن أبي المفضّل محمّد بن [عبد الله بن محمّد بن] عبيد الله بن المطّلب الشيباني قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن زكريّا المحاربي قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن عبد الواحد الخزّاز قال : حدّثني يوسف بن كليب المسعودي، عن عامر بن كثير :
عن أبي الجارود قال : حُفر عند قبر الحسين علیه السلام عند رأسه وعند رجليه أوّل ما حُفر، فأخرج مسك أذفر لم يشكوا فيه .
(أمالي الطوسي : المجلس 11، الحديث 90)
ص: 271
(٢٤٥٦) ١ _ أبو جعفر الطوسي بإسناده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر و جعفر بن محمّد صلی الله علیه و آله وسلم يقولان: «إنّ الله تعالى عوّض الحسين علیه السلام من قتله أن جعل الإمامة في ذريّته، والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعدّ أيّام زائريه جائياً وراجعاً من عمره» الحديث. (أمالي الطوسي : المجلس (11 ، الحديث (91)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب السابع .
(٢٤٥٧) ٢ -(1) أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل الشيباني قال : حدّثنا حميد بن زياد الدهقان إجازة بخطّه في سنة تسع وثلاث مئة قال : حدّثنا عبيد الله (2)بن أحمد بن نهيك أبو العبّاس الدهقان قال : حدّثنا سعيد بن صالح قال : حدّثنا الحسن بن أبي المغيرة. عن الحارث بن المغيرة النصري قال: قلت لأبي عبد الله علیه السلام: إنّي رجل كثير العلل والأمراض، وما تركت دواء إلّا تداويت به فما انتفعت بشيء منه .
فقال لي: «أين أنت عن طين قبر الحسين بن عليّ علیه السلام ، فإنّ فيه شفاء من كلّ
ص: 272
داء، وأمناً من كلّ ،خوف، فإذا أخذته فقُل هذا الكلام: «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ هذه الطينة، وبحقّ الملك الّذي أخذها، وبحقّ النبيّ الّذي قبضها، وبحقّ الوصيّ الّذي حلّ فيها صلّ على محمّد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا».
قال : ثمّ قال لي أبو عبد الله علیه السلام: «أمّا الملك الّذي قبضها فهو جبرئيل علیه السلام، وأراها النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : هذه تربة ابنك الحسين، تقتله أُمّتك من بعدك . والّذي قبضها فهو محمّد رسول الله الله ، وأمّا الوصيّ الّذي حلّ فيها فهو الحسين علیه السلام والشهداء رضي الله عنهم».
قلت: قد عرفت - جُعِلتُ فداك - الشفاء من كلّ داء، فكيف الأمن من كلّ خوف؟
فقال: «إذا خفت سلطاناً أو غير سلطان فلا تخرجنّ من منزلك إلّا ومعك من طين قبر الحسين علیه السلام فتقول: «اللهمّ إنّي أخذته من قبر وليّك وابن وليّك ، فاجعله لي أمناً وحرزاً لما أخاف وما لا أخاف»، فإنّه قد يرد ما لا يخاف».
قال الحارث بن المغيرة فأخذت كما أمرني وقلت ما قال لي فصحّ جسمي، وكان لي أماناً من كلّ ما خفت وما لم أخف ، كما قال أبو عبد الله علیه السلام، فما رأيت مع ذلك بحمد الله مكروهاً ولا محذوراً.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 92)
(2٤٥٨)3) - وعن أبي المفضّل الشيباني قال : حدّثني محمّد بن محمّد بن معقل القرميسيني العجلي قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري قال: حدّثنا عبد الله بن حمّاد الأنصاري :
عن زيد أبي أُسامة قال: كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيّدنا الصادق علیه السلام، فأقبل علينا أبو عبد الله علیه السلام فقال: «إنّ الله تعالى جعل تربة جدّي الحسين علیه السلام شفاء من كلّ داء وأماناً من كل ،خوف، فإذا تناولها أحدكم فليقبّلها وليضعها على عينيه، وليمرّها على سائر جسده، وليقل: «اللهمّ بحقّ هذه التربة وبحقّ من حلّ بها وثوى فيها، وبحقّ أبيه وأُمّه وأخيه والأئمّة من ولده، وبحقّ الملائكة الحافّين به إلّا جعلتها شفاءٌ من كلّ داء، وبرءاً من كلّ مرض ، ونجاة من
ص: 273
كلّ آفة، وحرزاً ممّا أخاف وأحذر»، ثمّ يستعملها».
قال أبو أُسامة: فإنّي استعملتها من دهري الأطول،كما قال ووصف
أبو عبد الله علیه السلام، فما رأيت بحمد الله مكروهاً».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 93)
(٢٤٥٩) ٤ _(1) وعن أبي المفضّل قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال : حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال قال : حدّثنا جعفر بن إبراهيم بن ناجية قال :
حدّثنا سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا علیه السلام قال : سألته عن الطين الّذي يُؤكِل، يأكله النّاس ؟
فقال: «كلّ طين حرام كالميتة والدم وما أهلّ لغير الله به، ما خلا طين قبر الحسين علیه السلام فإنّه شفاء من كلّ داء».
(أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ٩٤)
(٢٤٦٠) ٥ _(2) وعن أبي المفضّل الشيباني قال : حدّثنا عمر بن الحسين بن عليّ بن مالك القاضي الشيباني ببغداد، قال: حدّثنا المنذر بن محمّد القابوسي قال :
حدّثنا الحسين بن محمّد أبو عبد الله الأزدي قال : حدّثنا أبي قال: صلّيت في جامع المدينة وإلى جانبي رجلان على أحدهما ثياب السفر ، فقال أحدهما لصاحبه يا فلان، أما علمت أنّ طين قبر الحسين علیه السلام الشفاء من كلّ داء ، وذلك أَنه
ص: 274
كان بي وجع الجوف، فتعالجت بكلّ دواء فلم أجد فيه عافية، وخفت على نفسي وأيست منها ، وكانت عندنا امرأة من أهل الكوفة عجوز كبيرة، فدخلت عَلَيّ وأنا في أشدّ ما بي من العلّة، فقالت لي: يا سالم، ما أرى علّتك كلّ يوم إلّا زائدة ؟
فقلت لها : نعم .
قالت : فهل لك أن أعالجك فتبرأ بإذن الله عزّ وجلّ ؟
فقلت لها : ما أنا إلى شيء أحوج منّي إلى هذا.
فسقتني ماء في قدح فسكتت عنّي العلّة، وبرأت حتّى كأن لم تكن بي علّة قطّ ! فلمّا كان بعد أشهر دخلت عَلَىّ العجوز فقلت لها : بالله عليك يا سلمة - وكان اسمها سلمة بما ذا داويتني ؟
فقالت : بواحدة ممّا في هذه السبحة - من سبحة كانت في يدها- .
فقلت : وما هذه السبحة ؟
فقالت : إنّها من طين قبر الحسين علیه السلام.
فقلت لها: يا رافضيّة داويتيني بطين قبر الحسين؟! فخرجت من عندي مغضبة و رجعت والله علّتي كأشدّ ما كانت وأنا أقاسي منها الجهد والبلاء، وقد والله خشيت على نفسي.
ثمّ أذّن الموذّن فقاما يصلّيان وغابا عنّى.
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث ٩٥)
(٢٤٦١) ٦ _(1) وعن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله قال : حدّثني الفضل بن محمّد بن أبي طاهر الكاتب قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن موسى السريعي الكاتب قال : حدّثني أبي موسى بن عبد العزيز قال: لقيني يوحنّا بن سراقيون النصراني المتطبّب في شارع أبي أحمد فاستوقفني وقال لي : بحقّ نبيّك ودينك، من هذا الّذي
ص: 275
یزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة (1)؟ من هو ، من من هو ، من أصحاب نبيّكم ؟
قلت : ليس هو من أصحابه، هو ابن بنته ، فما دعاك إلى المسألة عنه ؟
فقال : له عندي حديث طريف !
فقلت : حدّثني به .
فقال : وجّه إلَىّ سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متّكئاً على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة ، فأقبل سابور على خادم كان من خاصّة موسى فقال له : ويحك ، ما خبره ؟
فقال له : أخبرك أنّه كان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه، وهو من أصحّ
النّاس جسماً ، وأطيبهم نفساً ، إذ جرى ذكر الحسين بن عليّ علیه السلام.
قال يوحنّا : هذا الّذي سألتك عنه.
فقال موسى : إنّ الرافضة لتغلو فيه حتّى إنّهم فيما عرفت يجعلون تربته دواءً يتداوون به.
فقال رجل من بني هاشم كان حاضراً قد كانت بي علّة غليظة فتعالجت لها بكلّ علاج فما نفعني، حتّى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني الله بها ، وزال عنّي ما كنت أجده.
قال [ موسى ] : فبقي عندك منها شيء؟
قال : نعم . فوجّه فجاءوه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى، فأخذها موسى فاستدخلها دبره استهزاءً بمن تداوى بها واحتقاراً وتصغيراً لهذا الرجل الّذي هذه تربته - يعني الحسين علیه السلام- فما هو إلّا أن استدخلها دبره حتّى صاح: النّار النّار،
ص: 276
الطست الطست؛ فجئناه بالطست فأخرج فيها ما ترى. فانصرف الندماء وصار المجلس مأتماً، فأقبل عَلَيّ سابور فقال : انظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة، فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم فقلت : ما لأحد في هذا صنع إلّا أن يكون لعيسى الّذي كان يُحيي الموتى. فقال لي سابور : صدقت ولكن كُن ها هنا في الدار إلى أن يتبيّن ما يكون من أمره. فبتّ عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه فمات وقت السحر.
قال محمّد بن موسى: قال لي موسى بن سریع: كان يوحنّا يزور قبر الحسين علیه السلام وهو على دينه، ثمّ أسلم بعد هذا وحسن إسلامه .
(أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ٩٦)
ص: 277
ص: 278
ص: 279
ص: 280
(٢٤٦٢) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال: حدّثنا أحمد بن محمّد[بن سعيد أبو العبّاس ابن عقدة] الهمداني مولى بني هاشم قال : أخبرنا المنذر بن محمّد قال : حدّثنا جعفر بن إسماعيل، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه، عن جدّه ، عن أبيه علیهم السلام قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام يخطر(2) بين الصفوف».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٣ ، الحديث (١٢)
ص: 281
(٢٤٦٣) ٢ _ وبإسناده عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه علیه السلام (في حديث) قال :
«كان نقش خاتم عليّ بن الحسين علیهما السلام»: خزي وشقي قاتل الحسين بن عليّ علیهما السلام».
(أمالي الصدوق : المجلس 27 ، الحديث 7)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب ١ من تاريخ الإمام الحسين علیه السلام.
(٢٤٦٤) ٣ _ وبإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا علیه السلام (في حديث) قال :«وكان نقش خاتم الحسين علیه السلام: «إنّ الله بالغ أمره»، وكان عليّ بن الحسين يختّم بخاتم أبيه الحسين علیه السلام، وكان محمّد بن عليّ علیه السلام يتختّم بخاتم الحسين علیه السلام» الحديث .
(أمالي الصدوق : المجلس 70 ، الحديث 5)
تقدّم إسناده في الباب الأوّل من أبواب ما يختص بالإمام الحسن علیه السلام، وتمامه في الباب ٢ من كتاب النبوّة .
(٢٤٦٥) ٤ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن حمزة العلوي قال : حدّثني أبي قال : حدّثني الحسين بن زيد بن علي
ص: 282
قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق علیهما السلام عن سنّ جدّنا عليّ : الحسين علیهما السلام، فقال : أخبرني أبي:
عن أبيه عليّ بن الحسين علیهما السلام قال : «كنت أمشي خلف عمّي الحسن وأبي الحسين علیهما السلام في بعض طرقات المدينة في العام الّذي قبض فيه عمّي الحسن علیه السلام وأنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت (1)» الحديث.
(أمالي الطوسي : المجلس 18 ، الحديث 2)
تقدّم تمامه في مناقب أصحاب الكساء علیهم السلام.
ص: 283
أقول : تقدّم في الباب السادس من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام، التصريح باسمه علیه السلام (1)
(٢٤٦٦) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن ابن أبي نجران، عن المثنّى:
عن محمد بن مسلم قال: سألت الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام عن خاتم الحسین بن علی علیهما السلام إلى مَن صار ؟ وذكرت له أنّي سمعتُ أنّه أخِذ من إصبعه فيما أُخِذ.
قال علیه السلام : «ليس كما قالوا إنّ الحسين علیه السلام أوصى إلى ابنه عليّ بن الحسين علیهما السلام ، وجعل خاتمه في إصبعه، وفرّض إليه أمره، كما فعله رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بأمير المؤمنين علیه السلام، وفعله أمير المؤمنين بالحسن علیهما السلام، وفعله الحسن بالحسين علیهما السلام، ثمّ صار ذلك الخاتم إلى أبي علیه السلام بعد أبيه ، ومنه صار إلَيّ، فهو عندي وإنّي لألبسه كلّ جمعة وأصلّي فيه».
قال محمّد بن مسلم : فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلّي، فلمّا فرغ من الصلاة مدّ إلَيّ يده، فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه : «لا إله إلّا الله ، عدّة للقاء الله». فقال: «هذا خاتم جدّي أبي عبد الله الحسين بن عليّ علیهما السلام».
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 13)
ص: 284
أقول : تقدّم في الباب 19 من ترجمة الإمام الحسين وهو باب : «انتقام المختار من قتلة الحسين علیه السلام دعاؤه علیه السلام على حرملة واستجابة دعائه .
(٢٤٦٧) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن القاسم الاستر آبادي قال : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا أبو يحيى محمّد بن عبد الله بن يزيد المقرئ قال : حدّثنا سفيان بن عيينة :
عن الزهري قال : كنت عند عليّ بن الحسين علیهما السلام فجاءه رجل من أصحابه، فقال له على بن الحسين علیهما السلام: «ما خبرك أيها الرجل» ؟
فقال الرجل : خبري يا ابن رسول الله أنّي أصبحت وعَلَيّ أربع مئة دينار دَين لا قضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به.
قال : فبكى عليّ بن الحسين علیهما السلام بكاء شديداً، فقلت له : ما يُبكيك، يا ابن رسول الله ؟
فقال : «وهل يُعدّ البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار»؟
قالوا : كذلك يا ابن رسول الله .
قال: «فأيّة محنة ومصيبة أعظم على حرمة (2)مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خَلَّة فلا يمكنه سدّها، ويشاهده على فاقة فلايطيق رفعها»!
قال : فتفرّقوا عن مجلسهم ذلك ، فقال بعض المخالفين (3)وهو يطعن على عليّ بن الحسين علیهما السلام: عجباً لهؤلاء يدّعون مرّة أن السماء والأرض وكلّ شيء يُطيعهم، وأنّ الله لا يردّهم عن شيء من طلباتهم، ثمّ يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح
ص: 285
حال خواصّ إخوانهم !
فاتّصل ذلك بالرجل صاحب القصّة فجاء إلى عليّ بن الحسين علیهما السلام فقال له : يا ابن رسول الله ، بلغني عن فلان كذا وكذا ، وكان ذلك أغلظ عَلَيّ من محنتي .
فقال عليّ بن الحسين علیهما السلام: فقد أذِن الله في فرجك يا فلانة، احملي سُحوري وفُطوري». فحملت قُرصتين.
فقال عليّ بن الحسين علیهما السلام للرجل: «خُذهما فليس عندنا غيرهما، فإنّ الله يكشف عنك بهما، ويُنيلك خيراً واسعاً منهما».
فأخذهما الرجل ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما، يتفكّر في ثقل دينه و سوء حال عياله، ويوسوس إليه الشيطان أين موقع هاتين من حاجتك ؟ ! فمرّ بسمّاك قد بارت عليه سمكة قد أراحت (1)، فقال له : سمكتك هذه بائرة عليك ،و إحدي قُرصتي هاتين بائرة عَلَيّ، فهل لك أن تُعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قُرصتي هذه البائرة ؟
قال : نعم، فأعطاه السمكة وأخذ القُرصة.
ثمّ مرّ برجل معه ملح قليل مزهود فيه، فقال له : هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقُرصتي هذه المزهود فيها ؟ قال : نعم، ففعل.
فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال : أصلح هذه بهذا، فلمّا شقّ بطن السمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين، فحمد الله عليهما ، فبينما هو في سروره ذلك إذ قُرع ،بابه فخرج ينظر مَن بالباب، فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا، يقول كلّ واحد منهما له : يا عبد الله جَهَدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القُرص ، فلم تعمل فيه أسناننا ، وما نظنّك إلّا وقد تناهيت في سوء الحال، ومرّنت على الشقاء، قد رددنا إليك هذا الخُبز، وطيّبنا لك ما أخذته منّا . فأخذ القُرصتين منهما .
فلمّا استقرّ بعد انصرافهما عنه قُرع بابه ، فإذا رسول عليّ بن الحسين علیهما السلام فدخل فقال : إنّه يقول لك: «إنّ الله قد أتاك بالفَرَج، فاردد إلينا طعامنا، فإنّه لا يأكله
ص: 286
غيرنا». وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه، وحسنت بعد ذلك حاله .
فقال بعض المخالفين : ما أشدّ هذا التفاوت ! بينا عليّ بن الحسين علیهما السلام لا يقدر أن يسُدّ منه فاقة إذ أغناه هذا الغناء العظيم ، كيف يكون هذا، وكيف يعجز عن سدّ الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ؟ !
فقال عليّ بن الحسين علیهما السلام : «هكذا قالت قُريش للنبيّ صلی الله علیه و اله و سلم : كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكّة ، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكّة إلى المدينة إلّا في اثني عشر يوماً؟ وذلك حين هاجر منها».
ثمّ قال عليّ بن الحسين علیهما السلام : «جَهِلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه انّ المراتب الرفيعة لا تنال إلّا بالتسليم الله جلّ ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يديّرهم به ، إنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عزّ وجلّ عن ذلك بأن أوجب لهم نُجح جميع طلباتهم، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلّا ما يريده لهم».
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٩ ، الحديث ٣)
(٢٤٦٨) ٢ _(1) أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي قال : أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا العبّاس بن عامر قال : حدّثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن يحيى بن العلاء قال :
سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول : «خرج عليّ بن الحسين علیهما السلام إلى مكّة حاجاً حتّى انتهى إلى واد بين مكّة والمدينة، فإذا هو برجل يقطع الطريق».
ص: 287
قال: «فقال لعلي علیه السلام: انزل.
قال : تريد ما ذا ؟
قال : أريد أن أقتلك ، وآخذ ما معك !
قال : فأنا أقاسمك ما معي وأحلّلك .
قال : فقال اللُصّ : لا .
فقال : دع معي ما أتبلّغ به. فأبى عليه.
قال : فأين ربّك ؟
قال نائم !
قال : فإذا أسدان مقبلان بين يديه، فأخذ هذا برأسه، وهذا برجليه».
قال : فقال: «زعمت أنّ ربّك عنك نائم».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث 28)
ص: 288
أقول : يأتي بعض ما يرتبط بهذا الباب في مواعظه رحمه الله من كتاب الروضة.
(٢٤٦٩)١ _ (1)أبو جعفر الصدوق قال :حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب قال : حدّثني يحيى بن الحسن (2)بن جعفر قال:حدّثني شيخ من أهل اليمن يقال له: عبد الله بن محمّد قال:
سمعت عبد الرزّاق يقول : جعلت جارية لعليّ بن الحسين علیهما السلام تسكب الماء عليه وهو يتوضّأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجّه ، فرفع عليّ بن الحسين علیهما السلام رأسه إليها ، فقالت الجارية: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: «وَ
الْكاظِمِينَ الْغَيْظِ».
فقال لها : «قد كظمت غيظي».
قالت: (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ) .
قال : «قدعفا الله عنك».
قالت: (والله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (3)
قال: «اذهبي، فأنتِ حُرّة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣٦ ، الحديث ١٦)
ص: 289
(٢٤٧٠)٢) - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار :
عن أبي عبد علیه السلام قال : «كان بالمدينة رجل بطّال يضحك النّاس منه ، فقال : قد أعياني هذا الرجل أن أضحكه - يعني عليّ بن الحسين علیهما السلام-»
قال: «فمرّ عليّ علیه السلام وخلفه موليان له فجاء الرجل حتّى انتزع رداءه من رقبته ثمّ مضى، فلم يلتفت إليه عليّ علیه السلام ، فاتّبعوه وأخذوا الرداء منه ، فجاءوا به فطرحوه عليه .
فقال لهم : مَن هذا ؟
فقالوا له : هذا رجل بطّال يضحك منه أهل المدينة.
فقال : قولوا له : إنّ الله يوماً يخسر فيه المبطلون».
(أمالي الصدوق : المجلس 39 ، الحديث 6 )
أبو عبد الله المفيد عن الصدوق، عن محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عليّ بن إبراهيم بالسند المتقدّم عن أبي عبد الله علیه السلام قال :«كان بالمدينة رجل بطّال يضحك أهل المدينة من كلامه، فقال يوماً لهم: قد أعياني هذا الرجل _ يعني عليّ بن : الحسين علیهما السلام- فما يضحكه منّي شيء (1)، ولابدّ من أن أحتال (2)في أن أضحكه».
قال: «فمرّ عليّ بن الحسين علیهما السلام الذات يوم ومعه مَوليان له ، فجاء ذلك البطّال حتّى انتزع رداءه من ظهره، واتّبعه الموليان فاسترجعا الرداء منه وألقياه عليه، و مخبت (3) لا يرفع طرفه من الأرض.
ثمّ قال لمولييه : ما هذا ؟
ص: 290
فقالا له : رجل بطّال يضحك أهل المدينة ويستطعم منهم بذلك.
قال : فقولا له : يا ويحك ، إنّ الله يوماً يخسر فيه البطّالون».
(أمالي المفيد : المجلس (٢٥ ، الحديث ٧)
(٢٤٧١) ٣ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ بن الفضل الكوفي رحمه الله قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عمّار القطّان قال : حدّثني الحسين بن عليّ بن الحكم الزعفراني قال : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم العبدي قال : حدّثني سهل بن زياد الآدمي، عن ابن محبوب :
عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا أنا برجل عند الأسطوانة السابعة قائماً يصلّي يُحسن ركوعه وسجوده، فجئت لأنظر إليه، فسبقني إلى السجود فسمعته يقول في سجوده: «اللهمّ إن كنتُ قد عصيتك فقد أطعتك في أحبّ الأشياء إليك وهو الإيمان بك، مَناً منّك به عَلَيَّ لا منّاً به منّي عليك، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك ، لم أدّع لك ولداً، ولم أتّخذ لك شريكاً، مَناً منك عَلَيّ لا مَناً منّي عليك ، وعصيتك في أشياء على غير مُكاثرة منّي ولا مُكابرة، ولا استكبار عن عبادتك، ولا جحود لربوبيّتك، ولكن اتّبعت هواي وأزلّني الشيطان بعد الحُجّة والبيان، فإن تُعَذِّبني فبذنبي غير ظالم لي ، وإن ترحمني فيجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين».
ثمّ انفتل وخرج من باب كندة فتبعته حتّى أتى مُناخ الكلبِیيّن، فمرّ بأسود فأمره بشيء لم أفهمه ، فقُلت : من هذا؟
فقال : هذا عليّ بن الحسين.
فقلت : جعلني الله فداك، ما أقدمك هذا الموضع ؟
فقال: «الّذي رأيت» (1)
(أمالي الصدوق : المجلس ٥١ ، الحديث 12)
ص: 291
(٢٤٧٢) ٤ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد بن الحسن العلوي الحسني قال : حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي قال : حدّثنا حسين (2)بن شدّاد الجعفي [الكوفي ] عن أبيه شدّاد بن رشيد، عن عمرو بن عبدالله بن هند الجملي : عن أبي جعفر محمّد بن علي علیهما السلام [قال :] إنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب لمّا نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها عليّ بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام الأنصاري فقالت له : يا صاحب رسول الله ، إنّ لنا عليكم حقوقاً، ومن حقّنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهاداً أن تذكّروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا عليّ بن الحسين بقيّة أبيه الحسين ،قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه دأباً منه لنفسه في العبادة.
فأتى جابر بن عبدالله باب عليّ بن الحسين علیهما السلام، وبالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ علیهما السلام في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلاً فقال : هذه مشية رسول الله صلی الل علیه و اله و سلم وسجيّته ، فمّن أنت يا غلام»؟
قال: «فقال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين.
فبكى جابر بن عبد الله رضی الله عنه، ثمّ قال : أنت والله الباقر عن العلم حقّاً، أدنُ منّي
ص: 292
بأبي أنت واُمّي .
فدنا منه، فحلّ جابر أزراره، ووضع يده في صدره فقبّله، وجعل عليه خدّه ووجهه، وقال له : أُقرؤك عن جدّك رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: «يوشك أن تعيش و تبقى حتّى تلقى من ولدي من اسمه محمّد يبقر العلم بقراً»، وقال لي: «إنّك تبقى حتّى تعمى ثمّ يكشف لك عن بصرك».
ثمّ قال لي : ائذن لي على أبيك .
فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر، وقال: إنّ شيخاً بالباب، وقد فعل بي كيت وكيت .
فقال : يا بُنيّ، ذلك جابر بن عبد الله، ثمّ قال : أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال، وفعل بك ما فعل ؟
قال : نعم .
[قال :] (1)إِنَّا الله ، إنّه لم يقصدك فيه بسوء، ولقد أشاط بدمك .
ثمّ أذن الجابر، فدخل عليه فوجده في محرابه ، ق_د أن_ضته العبادة، فنهض عليّ لیه السلام فسأله عن حاله سؤالاً حفيّاً ، ثمّ أجلسه بجنبه ، فأقبل جابر عليه يقول : يا ابن رسول الله ، أما علمت أنّ الله تعالى إنّما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم، وخلق النّار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الّذي كلّفته نفسك ؟ ! قال له عليّ بن الحسين علیهما السلام : «يا صاحب رسول الله، أما علمت أنّ جدّي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فلم يدع الاجتهاد له، وتعبّد - بأبي هو واُمّي - حتّى انتفخ الساق و ورم القدم ، وقيل له : أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ ! قال : أفلا أكون عبداً شكوراً».
فلمّا نظر جابر إلى عليّ بن الحسين علیهما السلام وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له : يا ابن رسول الله ، البُقيا على نفسك ، فإنّك لمن أسرة بهم يُستدفع البلاء، وتستكشف اللأواء(2)، وبهم تُستمطر السماء .
ص: 293
فقال : يا جابر، لا أزال على منهاج أبويّ مؤتسياً بهما صلوات الله عليهما حتّى ألقاهما.
فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: والله ما أرى في أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين إلّا يوسف بن يعقوب علیهما السلام، والله لذريّة علي بن الحسين علیهما السلام أفضل من ذريّة يوسف بن يعقوب ، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً». (أمالي الطوسي : المجلس 31 الحديث 18)
أقول : يأتي نحوه في ترجمة الإمام الباقرعلیه السلام .
(٢٤٧٣) ٥ -(1) أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العبّاس الخجندي الرياشي قال : حدّثنا محمّد بن حمّاد الشاشي ، عن حاتم الأصمّ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي:
عمّن أخبره أهل العلم قال : قيل لعليّ بن الحسين علیهما السلام: كيف أصبحت يا ابن رسول الله ؟
قال: «أصبحت مطلوباً بثمان : الله تعالى يطلبني بالفرائض ، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بالسنّة ، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة والشيطان باتّباعه، والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٢ ، الحديث ١٦)
( ٢٤٧٤) ٦ - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال : أخبرنا بو الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي قال : أخبرنا علىّ بن الحسن بن فضّال قال: حدّثنا العبّاس بن عامر قال : حدّثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة:
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : كان عليّ بن الحسين علیهما السلام يقول : «ما تجرعت جرعة غيظ قطّ أحبّ إليَّ من جُرعة غيظ أعقبها صبراً، وما أحبّ أنّ لي بذلك حمر
ص: 294
النعم» (1)
قال : وكان يقول: «الصدقة تُطفی غضب الربّ» (2).
قال: «وكان لا تسبق يمينه شماله».
قال: «وكان يُقبّل الصدقة قبل أن يُعطيها السائل، فقيل له : ما يحملك على هذا؟
قال: فقال: «لست اُقَبّل يد السائل، إنّما أقبّل يد ربّي، إنّها تقع في يد ربّي قبل أن تقع في يد السائل» (3).
ص: 295
قال: «ولقد كان يمرّ على المدرة في وسط الطريق، فينزل عن دابّته ينحيّها بيده عن الطريق».
قال: «ولقد مرّ بمجذومين، فسلّم عليهم وهم يأكلون ، فمضى ثمّ قال : إنّ الله لا يحبّ المتكبّرين. فرجع إليهم فقال : إنّي صائم. وقال : ائتوني بهم في المنزل».
قال: «فأتوه فأطعمهم ثمّ أعطاهم» (1).
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث 26)
ص: 296
(٢٤٧٥) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال : حدّثنا العبّاس بن معروف : عن محمّد بن سهل البحراني (2)، رفعه إلى أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمّد علیه السلام قال : «البكّاءُون خمسة آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وعليّ بن الحسين علیهما السلام » إلى أن قال : ( وأما علي بن الحسين، فبكى على الحسين علیهما السلام عشرين سنة، أو أربعين سنة، وما وضع بين يديه طعامٌ إلّا بكى
ص: 297
حتّى قال له مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين ! قال :«إِنَّما أَشْكُو بَنِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ»(1)، إِنِّي لم أذكر مَصْرَع بني فاطمة إلّا خنقتني لذلك عَبرة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٩ ، الحديث ٥)
تقدّم تمامه في الباب ٦ من تاريخ سيّدة النساء علیها السلام.
ص: 298
(٢٤٧٦) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمه الله قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري، عن يعقوب بن يزيد، عن عبد الله بن محمّد المزخرف، عن عليّ بن عُقبة:
عن ابن بكير قال : أخذ الحجّاج مَولّيين لعليّ علیه السلام فقال لأحدهما : ابرأ من علي.
فقال : ما جزائي إن لم ابرا منه؟
قال: قتلني الله إن لم أقتلك ، فاختر لنفسك قطع يديك أو رجليك.
قال : فقال الرجل : هو القصاص، فاختر لنفسك .
قال : تالله إنّي لأرى لك لساناً، وما أظنّك تدريك من خلقك، أين ربّك؟
قال : هو بالمرصاد لكلّ ظالم فأمر بقطع يديه ورجليه وصلبه.
قال : ثمّ قدم صاحبه الآخر، فقال : ما تقول ؟
فقال : أنا على رأي صاحبي .
قال: فأمر أن يُضرب عنقه ويُصلب.
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٠ ، الحديث ٥)
(٢٤٧٧) ٢ _(1) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : حدّثنا حنظلة أبو غسّان قال : حدّثنا أبو المنذر هشام بن محمّد بن السائب : عن محرز بن جعفر (2)مولى أبي هريرة قال : دخل أرطاة بن سهيّة (3)على
ص: 299
عبد الملك بن مروان _ وقد أتت عليه مئة وثلاثون سنة _ فقال له عبد الملك : ما بقي من شعرك يا أرطاة ؟
قال: والله يا أمير المؤمنين، ما أطرب ولا أغضب ولا أشرب، ولا يجيئني الشِعر إلّا على هذه [الخصال]، غير أنّي الّذي أقول:
رأيت المرء تأكله الليالي *** كأكل الأرض ساقطة الحديد
وما تُبقي المنيّة حين تأتي *** على نفس ابن آدم من مزيد
وأعلم أنّها ستكرّ حتّى***توفّى نذرها بأبي الوليد
قال : فارتاع عبد الملك - وكان يكنّى أبا الوليد - فقال له أرطاة إنّما عنيت نفسي يا أمير المؤمنين ، وكان يكنّى بأبي الوليد
فقال عبد الملك : وأنا والله سيمرّ بي الذي يمرّ بك.
(أمالي المفيد : المجلس 17 ، الحديث 10)
(٢٤٧٨) ٣) -(1) حدّثني أحمد بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد القمّي، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن [بن محبوب ] (2)، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي حفص الأعشى. ومحمّد بن سنان، عن رجل من بني أسد جميعاً عن أبي حمزة الثمالي:
ص: 300
عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما قال: «خرجت حتّى انتهيت إلى هذا الحائط ، فاتكأت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان، فنظر (1)في تجاه وجهي ثمّ قال : يا عليّ بن الحسين، ما لي أراك كئيباً حزيناً ؟ أعلى الدنيا ؟ فرزق الله حاضر للبرّ والفاجر».
قال : «قلت : ما على هذا أحزن، وإنّه لكما تقول».
قال: «فقال : على الآخرة ؟ فهو وعد صادق ، يحكم فيه ملك قاهر .
قلت : ما على هذا أحزن وإنّه لكّما تقول.
قال : فما حزنك (2)؟
قلت : ممّا نتخوّف من فتنة ابن الزبير».
قال : «فضحك ، ثمّ قال : يا عليّ بن الحسين، هل رأيت قط أحداً خاف الله فلم پنجه» ؟
قال : «قلت : لا .
قال : يا عليّ بن الحسين، هل رأيت أحداً توكّل على الله فلم يكفه» ؟
قال : قلت : لا، ثمّ نظرت فإذا ليس قدّامي أحد»!
(أمالي المفيد : المجلس ٢٣ ، الحديث ٣٤)
ص: 301
(٢٤٧٩) ٤ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : حدّثنا محمّد بن محمّد قال : حدّثنا أبو نصر محمّد بن الحسين البصير قال : حدّثنا العبّاس بن السري المقرئ قال : حدّثنا شدّاد بن عبد الله المخزومي:
عن عامر بن حفص قال : قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك و معه محمّد بن عروة، فدخل محمّد دار الدوابّ فضربته دابّة فخرّ ميّتا، ووقعت في رجل عروة الأكِلة ، ولم تدع وركه تلك الليلة، فقال له الوليد : اقطعها . فقال : لا .
فترقّت إلى ساقه فقال له : اقطعها وإلّا أفسدت عليك جسدك. فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد، وقال: «لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَبا»(2)
وقدم على الوليد في تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير، فسأله الوليد عن عينه وسبب ذهابها ؟ فقال : يا أمير المؤمنين، بتّ ليلة في بطن واد، و لا أعلم عبسيّاً تزيد حاله على حالي، فطرقنا سيل، فذهب ما كان لي من أهل و ولد ومال غير بعير وصبّي ،مولود، وكان البعير صغيراً صعباً فنَد (3)، فوضعت الصبيّ . وأتبعت البعير ، فلم أجاوز إلّا قليلاً حتّى سمعت صيحة ابني، فرجعت إليه ورأس الذئب في بطنه يأكله ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني برجله في وجهي
ص: 302
فحطمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر !
فقال الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أنّ في النّاس مَن هو أعظم منه بلاءً.
و شخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والأنصار ، فقال له طلحة
عیسی بن بن عبيد الله : ابشر يا أبا عبد الله ، فقد صنع الله بك خيراً، والله ما بك حاجة إلى المشي.
فقال : ما أحسن ما صنع الله بي وهب لي سبعة بنين فمتّعني بهم ما شاء، ثمّ أخذ واحداً وترك ستّة، ووهب لي ستّة جوارح متّعني بهنّ ما شاء ثمّ أخذ واحدة و ترك خمساً : يَدَين ورجلاً وسمعاً وبصراً .
ثمّ قال : إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت، وإن كنت ابتليت لقد عافيت .
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث ٢)
(٢٤٨٠) ٥ _(1) أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل ، عن محمّد بن الحارث بن زياد الليثي المدني بالروضة من مسجد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا عبد الجبّار بن سعيد المساحق ، عن أبيه، عن صالح بن كيسان قال :
سمع عامر بن عبد الله بن الزبير - وكان من عقلاء قريش _ ابناً له ينتقص علىّ بن أبي طالب علیه السلام فقال له: يا بُنيّ، لا تنتقص عليّاً، فإنّ الدِّين لم يبن شيئاً
ص: 303
فاستطاعت الدنيا أن تهدمه، وإنّ الدنيا لم تبن شيئاً إلا هدمه الدين.
يا بُنيّ، إنّ بني أُميّة لهجوا بسبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام في مجالسهم ولعنوه على ،منابرهم، فإنّما يأخذون والله بضبعيه إلى السماء مدّاً، وإنّهم لهجوا بتقريظ (1)ذويهم وأوائلهم من قومهم، فكأنما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف، فأنهاك عن سبّه.
(أمالي الطوسي : المجلس ٢٥ ، الحديث ٦)
ص: 304
(٢٤٨١) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أحمد بن هارون الفامي رضی الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسين بن عُلوان، عن عمرو بن ثابت، عن داوود بن عبد الجبّار، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر، عن آبائه علیهم السلام قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الحسين علیه السلام: «يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطّى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب النّاس، غرّاً محجّلين (2)، يدخلون الجنّة بلاحساب».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٣ ، الحديث ٩)
(٢٤٨٢) ٢ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن رزمة القزويني قال : حدّثنا أحمد بن عيسى العلوي الحسيني قال : حدّثنا عبد الله بن يحيى قال: حدّثنا أبو سعيد عبّاد بن
ص: 305
يعقوب قال: حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله (1)بن أبي رافع :
عن [أخيه ] عون بن عبيد الله قال : كنت مع محمّد بن عليّ ابن الحنفيّة في فناء ،داره فمرّ به زید بن الحسن، فرفع طرفه إليه ثمّ قال : ليقتلنّ من ولد الحسين رجل يقال له زيد بن عليّ، وليُصلبنّ بالعراق، مَن نظر إلى عورته (2)فلم ينصره أكبه الله على وجهه في النّار.
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٤ ، الحديث ١٠)
(٢٤٨٣) ٣ _ حدّثنا محمد بن بكران النقّاش رضی الله عنه بالكوفة ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم قال : أخبرنا المنذر بن محمّد قال: حدّثني أحمد ،رشيد ، عن عمّه سعيد بن خثيم :
عن أبي حمزة الثمالي قال : حججتُ فأتيتُ عليّ بن الحسين علیهما السلام فقال لي: «يا أبا حمزة، ألا أحدّثك عن رؤيا رأيتها؟ رأيت كأنّي أُدخِلتُ الجنّة، فأُتِيت بحوراء لم أر أحسن منها ، فبينا أنا متّكئ على أريكتي إذ سمعت قائلاً يقول : يا عليّ بن الحسين ، ليهنئك زيد، يا عليّ بن الحسين، ليهنّئك زيد، فيهنئك زيد».
قال أبو حمزة : ثمّ حججت بعده ، فأتيت عليّ بن الحسين علیهما السلام فقرعت الباب، ففتح لي فدخلت ، فإذا هو حامل زيداً على يده - أو قال: حامل غلاماً على يده - فقال لي: « يا أبا ،حمزة، «هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّيٌّ حَقًّا»(3).
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٤ ، الحديث (١٢)
ص: 306
(٢٤٨٤) ٤ _(1) حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الدقّاق قال : حدّثنا عليّ بن الحسين القاضي العلوي العبّاسي قال : حدّثني الحسن بن عليّ الناصر قدّس الله روحه قال :حدّثني أحمد بن رشيد (2) [بن خثيم العامري ] ، عن عمّه أبي معمر سعيد بن خثیم:
عن أخيه مَعمَر قال : كنت جالساً عند الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام ، فجاء زيد بن عليّ بن الحسين علیه السلام ، فأخذ بعضادتي الباب ، فقال له الصادق علیه السلام : «ي__ا ع_مّ، أعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة» !
فقالت له اُمّ زيد : والله ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني !
فقال علیه السلام: «يا لَيّته ،حسد، يا لَيّته حسد» - ثلاثاً - ثمّ قال:حدّثني أبي، عن جدّي علیهما السلام : «أنّه يخرج من ولده رجل يقال له زيد يُقتَل بالكوفة، ويُصلَب بالكناسة، يخرج من قبره ،نبشاً، تفُتح لروحه أبواب السماء، يبتهج به به أهل السماوات ، تجعل روحه في حوصلة طير أخضر يسرح في الجنّة حيث يشاء».
(أمالي الصدوق : المجلس ١٠ ، الحديث 12)
(٢٤٨٥) ٥ -(3) حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى قال : حدّثنا الأشعث بن محمّد الضبّي قال : حدّثني شعيب بن عمر ، عن ، أبيه:
عن جابر الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ علیهما السلام وعنده زيد أخوه علیه السلام، فدخل عليه معروف بن خرّبوذ المكّي ، فقال أبو جعفر علیه السلام: «يا معروف ، أنشدني من طرائف ما عندك». فأنشده:
ص: 307
تعمرك ما إن أبو مالك *** يوان ولا بضَعيفٍ قُواه
و لا بألدّ (1)لدى قوله *** يُعادي الحكيم إذا ما نهاه
و لكنّه سيد بارع *** كريم الطبائع حُلو نشاه (2)
إذا سُدته شدت مطواعة *** ومهما وكلت إليه كفاه
قال : فوضع محمّد بن عليّ علیهما السلام يده على كتفي زيد وقال: «هذه صفتك يا أبا الحسين».
(أمالي الصدوق : المجلس ١٠ ، الحديث 13)
(٢٤٨٦) ٦ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضی الله عنه قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسين بن عُلوان، عن عمرو بن خالد:
عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال : إنّي لجالس عند أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر علیه السلام إذ أقبل زيد بن علىّ علیه السلام، فلمّا نظر إليه أبو جعفر علیه السلام وهو مُقبل قال : «هذا سيّد من أهل بيته والطالب بأوتارهم، لقد أنجبت اُمّ ولدتك يا زيد».
أمالي الصدوق : المجلس ٥٤ ، الحديث ١١)
(٢٤٨٧) ٧ -(3) حدّثنا أبی رضی الله عنه قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير :
ص: 308
عن عبد الرحمان بن سيابة قال: دفع إلَيِ أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام دينار، وأمرني أن أقسّمها في عيال مَن أصيب مع زيد بن عليّ علیه السلام فقسّمتها، فأصاب [عيال ](1) عبد الله بن الزبير أخا فضيل الرسّان أربعة دنانير.
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٤ ، الحديث 13)
(٢٤88) 8 -(2) حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضی الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبد الله بن سنان:
عن الفضيل بن يسار قال : انتهيت إلى زيد بن علىّ علیه السلام الصبيحة يوم خرج بالكوفة فسمعته يقول : مَن يُعينني منكم على قتال أنباط (3)أهل الشام ؟ فوالّذي بعث محمّداً بالحقّ بشيراً لا يعينني منكم على قتالهم أحد إلّا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنّة بإذن الله .
قال : فلمّا قتل اکثریت راحلة وتوجّهت نحو المدينة، فدخلت على الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام فقلت في نفسي : لا أخبرته بقتل زيد بن عليّ فيجزع عليه. فلمّا دخلت عليه قال لي: «يا فُضيل، ما فعل عمّي زيد» ؟
قال : فخنقتني العبرة ، فقال لي: «قتلوه» ؟
قلت : إي والله قتلوه
قال: «فصلبوه» ؟
قلت: إي والله صلبوه .
ص: 309
قال : فأقبل يبكي ودموعه تتحدر على ديباجتي خدّه كأنّها الجُمان (1)، ثمّ قال :«يا فضيل ، شهدت مع عمّي قتال أهل الشام» ؟
قلت : نعم .
قال : «فكّم قَتلتَ منهم» ؟
قلت : ستّة .
قال : «فلعلّك شاكّ في دمائهم» ؟
قال : فقلت : لو كنتُ شاكّاً ما قتلتهم .
قال : فسمعته وهو يقول: «أشركني الله في تلك الدماء، مضى والله زيد عمّي وأصحابه شهداء، مثل ما مضى عليه عليّ بن أبي طالب علیه السلام وأصحابه».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٦ ، الحديث ١)
(٢٤٨٩) ٩ -(2) حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه اللله قال:حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير :
عن حمزة بن حمران قال : دخلت إلى (3)الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام فقال :
ص: 310
لی(1):«یا حمزۀ من این اقبلت»
قلت له:من الکوفه.
قال : فبكى علیه السلام حتّى بلّت دموعه لحيته، فقلت له : يا ابن رسول الله، ما لك أكثرت البكاء ؟
فقال: «ذكرت عمّى زيداً [علیه السلام](2)وما صُنع ،به فبكيت»
فقلت له : وما الّذي ذَكَرتَ منه (3)؟
فقال: «ذكرت مقتله، وقد أصاب جبينه سهم ، فجاءه ابنه يحيى (4)فانكبّ عليه وقال له أبشر يا أبتاه، فإنّك ترد على رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم . قال : أجَل يا بُنيّ. ثمّ دعا بحدّاد فنزع السَّهم من جبينه ، فكانت نفسه معه، فجيء به إلى ساقية تجري عند بُستان زائدة (5)، فحُفر له فيها ودُفن وأجري عليه الماء، وكان معهم غُلام سندي لبعضهم (6)، فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إيّاه ، فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكُناسة أربع سنين ، ثمّ أمر به فأحرق بالنّار (7)، وذُرّي في الرياح، فلعن الله قاتله (٧) وخاذله (8)، و إلى الله جلّ اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيّه بعد موته، وبه نستعين (9)على عدوّنا وهو خير مستعان».
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٢ ، الحديث ٣)
ص: 311
أبو جعفر الطوسي، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن الصدوق مثله بتفاوت ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ١٥ ، الحديث30)
(٢٤٩٠) ١٠-(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي قال : أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا العبّاس بن عامر قال : حدّثنا أحمد بن رزق الغمشاني:
عن مهزم بن ابي بردة الأسدي قال: دخلت المدينة حدثان صُلب زيد رضی الله عنه قال : فدخلت على أبي عبد الله علیه السلام فساعة رآني قال: «يا مهزم ما فعل زيد» ؟
قال : قلت : صُلِب
قال : أين ؟
قال :قلت في كناسة بني أسد.
قال: «أنت رأيته مصلوباً في كناسة بني أسد» ؟
قال : قلت : نعم .
قال : فبكى حتّى بكت النساء خلف الستور ، ثمّ قال: «أما والله لقد عنده طلبة ما أخذوها منه بعد» !
قال : فجعلت أفكّر وأقول : أيّ شيء طلبتهم بعد القتل والصلب ؟! فودّعته وانصرفت حتّى انتهيت إلى الكناسة، فإذا أنا بجماعة، فأشرفت عليهم، فإذا زيد قد أنزلوه من خشبته يريدون أن يُحرقوه.
قال : قلت : هذه الطلبة الّتي قال لي .
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث ٢٥)
ص: 312
(٢٤٩١)١١ - أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عيسى قال : حدّثنا أبو عبد الرحمان عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال : سمعت أبا رجاء يقول : لا تسبّوا عليّاً ولا أهل هذا البيت، فإنّ جاراً لنا من النُجَير قدم الكوفة بعد قتل هشام بن عبد الملك زيد بن عليّ علیه السلام ، ورآه مصلوباً فقال : ألا ترون إلى هذا الفاسق كيف قتله الله ؟ !
قال : فرماه الله بقرحتين في عينيه، فطمس الله بهما بصره، فاحذروا أن تتعرّضوا لأهل هذا البيت إلا بخير.
(أمالي الطوسي : المجلس ٢ ، الحديث ٤٦)
(٢٤٩٢) ١٢ _ (1)أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري قال : حدّثنا أبو القاسم حميد بن زياد قال : حدّثنا الحسن بن محمّد،عن محمّد بن الحسن بن زياد العطّار:
عن أبيه الحسن بن زياد قال : لمّا قدم زيد بن عليّ الكوفة ، دخل قلبي من ذلك بعض ما يدخل قال: فخرجت إلى مكّة ومررت بالمدينة فدخلت على عبد الله علیه السلام وهو مريض فوجدته على سرير مستلقياً عليه ومابين جلده وعظمه شيء ، فقلت : إنّي أحبّ أن أعرض عليك ديني.
فانقلب على جنبه ثمّ نظر إلَيّ فقال : «يا حسن ما كنت أحسبك إلّا وقد استغنيت عن هذا»، ثم قال : «هات».
فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمّداً رسول الله». فقال علیه السلام مثلها .
فقلت : وأنا مقرّ بجميع ما جاء به محمّد بن عبد الله صلی الله علیه و آله وسلم.
قال : فسكت.
ص: 313
قلت : وأشهد أنّ عليّاً إمام بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فرض طاعته مَن شكّ فيه كان ضالا ، ومَن جحده كان كافرا.
قال : فسكت.
قلت : وأشهد أنّ الحسن والحسين علیهما السلام بمنزلته، حتّى انتهيت إليه علیه السلام، فقلت : وأشهد انّك بمنزلة الحسن والحسين ومَن تقدّم من الأئمّة.
فقال : «كفّ، قد عرفت الّذي تريد، ما تريد إلّا أن أتولاك على هذا».
قال : قلت : فإذا تولّيتني على هذا فقد بلغت الّذي أردت.»
قال : «قد تولّيتك عليه».
فقلت : جُعلتُ فداك ، إنّي قد هممت بالمقام .
قال: «ولِمَ» ؟
قال : قلت : إن ظفر زيد وأصحابه فليس أحد أسوأ حالاً عندهم منّا ، وإن ظفر بنو اُميّة فنحن عندهم بتلك المنزلة».
قال : فقال لي: «انصرف ، ليس عليك بأس من أولى ولا من أولى» (1).
(أمالي المفيد : المجلس ٤ ، الحديث ٦)
(٢٤٩٣) ١٣ _(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضی الله عنه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم قال : أخبرنا المنذر بن محمّد قال : حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبيه ، عن عمرو بن خالد قال :
قال زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام: «في كلّ زمان رجل منّا أهل البيت يحتجّ الله به على خلقه، وحجّة زماننا ابن أخي جعفر بن محمّد ، لا يضلّ من تَبعه، ولا يهتدي من خالفه».
(أمالي الصدوق : المجلس ٨١، الحديث ٦)
ص: 314
( ٢٤٩٤) ١٤ _(1) حدّثنا أبي رضی الله عنه قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب ، عن أحمد بن عليّ الإصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدّثنا محمّد بن علي قال : حدّثنا [إبراهيم ] ابن هراسة الشيباني قال : حدّثنا جعفر بن زياد الأحمر:
عن زيد بن عليّ بن الحسين بن علىّ علیهم السلام أنّه قرأ : «وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرجا كَنزَهُما» ، ثمّ قال زيد : حفظهما الله بصلاح أبيها ، فمن (2)أولى بحسن الحفظ منّا، رسول الله جدّنا ، وابنته أمّنا ، وسيّدة نسائه جدّتنا، وأوّل مَن آمن به وصلّى معه أبونا .
(أمالي الصدوق : المجلس : 92 ، الحديث 2)
ص: 315
(٢٤٩٥) ١٥ _(1) أبو عبدالله المفيد قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن بلال المهلّبي قال : حدّثنا عليّ بن عبدالله الأصفهاني قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرني محمّد بن عليّ قال : حدّثنا إبراهيم بن هراسة(2) قال: حدّثنا جعفر بن زياد الأحمر:
عن زيد بن عليّ بن الحسين علیهما السلام قال : قرأ «وَأَمَّا الْحِدارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَينِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزُ لَهُما وَكَانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنْزَهُما» (3)ثمّ قال : حفظهما ربّهما لصلاح أبيهما، فمن أولى بحسن الحفظ منّا، رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، جدّنا ، وابنته سيّدة نساء الجنّة ،أمّنا ، و أوّل مَن آمن بالله ووَحَّدَه و صلّى أبونا .
(أمالي المفيد : المجلس 13 ، الحديث 9)
ص: 316
ص: 317
ص: 318
(٢٤٩٦) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا أبي رضی الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ الكوفي ، عن الحسن بن أبي عقبة الصيرفي، عن الحسين بن خالد الصيرفي :
عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا علیهما السلام ( في حديث) قال : «وكان نقش خاتم الحسين علیه السلام: «إنّ الله بالغ أمره». وكان عليّ بن الحسين علیهما السلام يتختّم بخ_اتم أبيه الحسين علیه السلام، وكان محمّد بن علي علیهما السلام يتختّم بخاتم الحسين» الحديث .
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٠ ، الحديث ٥)
تقدّم تمامه في الباب ٢ من كتاب النبوّة .
ص: 319
أقول : تقدّم في الباب السادس من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام، التصريح باسمه علیه السلام (1)، وتقدّم في الباب الثاني من ترجمة الإمام السجّاد علیه السلام ما يرتبط بهذا الباب فلاحظ هناك .
(٢٤٩٧) ١ _(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن رضی الله عنه قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد قال : حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمّد صلى الله عليه وسلم قال :
إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال ذات يوم لجابر بن عبد الله الأنصاري: «يا جابر، إنّك ستبق حتّى تلقى ولدي محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، المعروف في التوراة بالباقر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام».
فدخل جابر إلى عليّ بن الحسين علیهما السلام فوجد محمّد بن عليّ علیهما السلام عنده غلاماً، فقال له يا غُلام أقبل فأقبل.
ص: 320
ثمّ فقال له : ادبر فادبر.
فقال جابر: شمائل رسول الله و ربّ الکعبه، ثمّ اقبل علی علیّ بن الحسین علیهما السلام فقال له: مَن هذا؟
قال : هذا ابني، وصاحب الأمر بعدي محمّد الباقر.
فقام جابر فوقع على قدميه يقبّلها ويقول : نفسي لنفسك الفداء يا ابن رسول الله ، اقبل سلام أبيك ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرى عليك السلام».
قال: «فدمعت عينا أبي جعفر علیه السلام ثمّ قال : يا جابر ، على أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ما دامت السماوات والأرض، وعليك يا جابر بما بلّغت السلام».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٦ ، الحديث ٩)
(٢٤٩٨) ٢ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عبد الله حمويه بن عليّ بن حمويه البصري قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن بكر الهزّانى قال: حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال : حدّثنا مكّي بن مروك الأهوازي قال: حدّثنا عليّ بن بحر قال : حدّثنا حاتم بن إسماعيل قال :
حدّثنا جعفر بن محمّد، عن محمّد، عن أبيه علیهما السلام قال: «دخلنا على جابر بن عبد الله ، فلمّا انتهينا إليه سأل عن القوم حتّى انتهى إلَيّ، فقلت: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين .
فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زِرّي الأعلى وزِرّي الأسفل، ثمّ وضع كفّه بين ثدييّ وقال : مرحباً بك ، وأهلاً بابن أخي ، سَل عمّا شئت. فسألته وهو أعمى وجاء وقت الصلاة، فقام في نِساجة فالتحف بها، فلمّا وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المِشْجَب (1)، فصلّى بنا (2)الحديث .
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٤٣)
يأتي تمامه في كتاب الحجّ.
ص: 321
(٢٤٩٩) ٣ _(1) أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا محمّد بن محمّد بن سلمان الباغندي، والحسن بن محمّد بن بهرام محمىّ المخرّمي البزّاز قالا : حدّثنا سويد بن سعيد الحدثاني قال : أخبرنا الفضل بن عبد الله ، عن أبان بن تغلب :
عن أبي جعفر محمّد بن عليّ علیهما السلام قال : «دخل عَلَيَّ جابر بن عبد الله - وأنا في الكتّاب - فقال : اكشف عن بطنك» !
قال: «فكشفت له فألصق بطنه ببطني وقال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرؤك السلام«.
(أمالي الطوسى : المجلس 31 ، الحديث 17)
(٢٥٠٠) ٤ _ وعن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن الحسن العلوي الحسني قال : حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبدالمنعم بن نصر الصيداوي قال : حدّثنا حسن بن شدّاد الجعفي ، عن أبيه شدّاد بن رشيد ، عن عمرو بن عبدالله بن حسن بن شداد هند الجملي:
عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عیلهما السلام ( في حديث ) قال : «أتى جابر بن عبدالله باب عليّ بن الحسين عیلهما السلام، وبالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ عیلهما السلام في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك ، فنظر جابر إليه مقبلاً فقال : هذه مشية رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وسجيّته ،
ص: 322
فمن أنت يا غلام» ؟
قال: «فقال : أنا محمّد بن عليّ بن الحسين .
فبكى جابر بن عبد الله رضی الله عنه، ثمّ قال : أنت والله الباقر عن العلم حقاً، أدنُ منّي بأبي أنت وأُمّي.
فدنا منه ، فحلّ جابر أزراره، ووضع يده في صدره فقبّله، وجعل عليه خدّه ووجهه وقال له : أُقرؤك عن جدّك رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: «يوشك أن تعيش و تبقى حتّى تلقى من ولدي من اسمه محمّد يبقر العلم بقراً»، وقال لي: «إنّك تبقى حتّى تعمى ثمّ يكشف لك عن بصرك».
ثمّ قال لي : ائذن لي على أبيك .
فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر ، وقال : إنّ شيخاً بالباب، وقد فعل بي كيت وكيت .
فقال : يا بُنيّ، ذلك جابر بن عبد الله ثمّ قال : أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال ، وفعل بك ما فعل ؟
قال : نعم .
[ قال :] (1)إنّا لله ، إنّه لم يقصدك فيه بسوء، ولقد أشاط بدمك الحديث .
(أمالي الطوسي : المجلس 31 ، الحديث 18)
تقدّم تمامه في الباب الرابع من ترجمة الإمام السجّاد علیه السلام.
ص: 323
(٢٥٠١) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : قُرىّ على أبي القاسم عليّ بن شبل بن أسد الوكيل وأنا أسمع : حدّثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شدّاد البادرائي أبو منصور قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري قال : حدّثني محمّد بن سلمان عن أبيه قال :
كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر علیه السلام، وكان مركزه بالمدينة يختلف إلى مجلس أبي جعفر علیه السلام يقول له : يا محمّد ، ألا ترى أنّي إنّما أغشى مجلسك حياءً منّي لك، ولا أقول إنّ في الأرض أحداً أبغض إليّ منكم أهل البيت، وأعلم أنّ طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ! ولكن أراك رجلاً فصيحاً ، لك أدب وحسن لفظ، وإنّما الاختلاف إليك لحسن أدبك . وكان أبو جعفر علیه السلام يقول له خيراً، ويقول: «لن تخف على الله خافية»، فلم يلبث الشامي إلّا قليلاً حتّى مرض واشتدّ وجعه ، فلمّا ثقل دعا وليّه ، وقال له : إذا أنت مددت عَلَىّ الثوب في النعش فأتِ محمّد بن عليّ وسله أن يصلّي عَلَيّ، وأعلمه أنّي أنا الّذي أمرتك بذلك.
قال : فلمّا أن كان في نصف الليل ظنّوا أنّه قد برد وسجّوه، فلمّا أن أصبح النّاس خرج وليّه إلى المسجد ، فلمّا أن صلّى محمّد بن عليّ وتورّك _ وكان إذا صلّى عقّب في مجلسه _ قال له : يا أبا جعفر ، إنّ فلاناً الشامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلّي عليه .
فقال أبو جعفر : «كلّا ، إنّ بلاد الشام بلاد صِرّ (2)وبلاد الحجاز بلاد حرّ ولحمها
ص: 324
شديد، فانطلق فلا تعجلنّ على صاحبك حتّى آتيكم».
ثمّ قام من مجلسه، فأخذ وضوءاً، ثمّ عاد فصلّى ركعتين، ثمّ مدّ يده تِلقاء وجهه ما شاء الله ، ثمّ خرّ ساجداً حتّى طلعت الشمس، ثمّ نهض فانتهى إلى منزل الشامي فدخل عليه ، فدعاه فأجابه ، ثمّ أجلسه فسنده، ودعا له بسويق فسقاه، وقال لأهله : «أملأوا جوفه، وبرّدوا صدره بالطعام البارد». ثمّ انصرف .
فلم يلبث إلّا قليلاً حتّى عوفي الشامي، فأتى أبو جعفر علیه السلام فقال أخلني فأخلاه ، فقال : أشهد أنّك حجّة الله على خلقه، وبابه الّذي يُؤتى منه ، فمن أتى من غيرك خاب وخسر، وضلّ ضلالاً بعيداً.
[ف] قال له أبو جعفر علیه السلام : «وما بدا لك» ؟
قال: أشهد أنّي عهدت بروحى وعاينت بعيني، فلم يتفاجأني إلّا ومنادٍ ينادي _ أسمعه بأذني ينادي وما أنا بالنائم _ : ردّوا عليه روحه، فقد سألنا ذلك محمّد بن عليّ.
فقال له أبو جعفر علیه السلام : «أما علمت أنّ الله يُحبّ العبد ويبُغض عمله، ويبُغض العبد ويحبّ عمله» ؟
قال : فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر علیه السلام.
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٧٤)
ص: 325
(٢٥٠٢) ١ -(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو الحسين زيد بن محمّد بن جعفر السلمي إجازة ، قال : حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن الحكم الكندي (2)قال: حدّثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري قال : حدّثنا خالد بن العلاء :
عن المنهال بن عمرو قال : كنت جالساً مع محمّد بن عليّ الباقر علیهما السلام إذ جاءه رجل فسلّم عليه فردّ عليه السلام ، قال الرجل :كيف أنتم ؟
فقال له محمّد علیه السلام:« أو ما آن لكم أن تعلموا كيف نحن ؟ إنّما مثلنا في هذه الأُمّة مثل بني إسرائيل، كان يُذبح أبناؤهم وتُستحيى نساؤهم، ألا وإنّ هؤلاء يذبّحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ! زعمت العرب أنّ لهم فضلاً على العجم ، فقالت العجم : وبماذا ؟ قالوا : كان محمّد صلی الله علیه و آله وسلم عربيّاً . قالوا لهم : صدقتم . وزعمت قريش أنّ لها فضلاً على غيرها من العرب، فقالت لهم العرب من غيرهم : وبما ذاك ؟ قالوا : كان محمّد صلی الله علیه و آله وسلم قرشيّاً. قالوا لهم : صدقتم . فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على النّاس، لانا ذريّة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وأهل بيته خاصّة وعترته، لا يشركه في ذلك غيرنا».
ص: 326
فقال له الرجل : والله إنّي لأحبّكم أهل البيت .
قال: «فاتخذ للبلاء جلباباً (1)، فوالله إنّه لأسرع إلينا وإلى شيعتنا من السيل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثمّ بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثمّ بكم».
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث ٧)
(٢٥٠٣) ٢ _ أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العبّاس الخجندي الرياشي قال : حدّثنا محمّد بن حمّاد الشاشي ، عن حاتم الأصمّ ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي ، عمّن أخبره أهل العلم قال :
قيل لمحمّد بن عليّ علیهما السلام كيف أصبحت ؟ قال : «أصبحنا غرق في النعمة، موفورين بالذنوب، يتحبّب إلينا إلهنا بالنعم، ونتمقّت إليه بالمعاصي، ونحن نفتقر إليه وهو غنيّ عنّا».
(أمالي الطوسي : المجلس 32 ، الحديث 17)
ص: 327
(٢٥٠٤) ١) _ أبو عبد الله المفيد قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي حمزة الثمالي قال :
حدّثني مَن حضر عبد الملك بن مروان وهو يخطب النّاس بمكّة، فلمّا صار إلى موضع العظمۀ خطبته قام إليه رجل فقال : مهلاً مهلاً، إنّكم تأمرون و لا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتّعظون أفاقتداء بسيرتكم ؟ أم طاعة لأمركم ؟ فإن قلتم : اقتدوا بسيرتنا ، فكيف نقتدي (1)بسيرة الظالمين ؟ وما الحجّة في اتّباع المجرمين الّذين اتّخذوا مال الله دولاً (2)، وجعلوا عباد الله خولا (3)
وإن قلتم : أطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا ، فكيف ينصح غيره من يغشّ نفسه (4)، أم كيف تجب طاعة من لم تثبت له عدالة ؟
وإن قلتم : خذوا الحكمة من حيث وجدتموها واقبلوا العظة ممّن سمعتموها فلعلّ فينا مَن هو أفصح بصنوف العظات، وأعرف بوجوه اللّغات منكم فزحزحوا (5)عنها ، [ و ] (6)أطلقوا أقفالها، وخلّوا سبيلها، ينتدب لها الّذين
ص: 328
شردتموهم (1)في البلاد، ونقلتموهم عن مستقرّهم إلى كلّ واد فو الله ما قلّدناكم أزمّة أمورنا، وحكّمناكم فى أبداننا وأموالنا وأدياننا لتسيروا فيها بسيرة الجبّارين، غير أنّا نصبّر [أنفسنا] (2)لاستيفاء المدّة، وبلوغ الغاية، وتمام المحنة [ ] ولكلّ قائل (3)منكم يوم لا يعدوه، وكتاب لابدّ أن يتلوه ،«لأيُغادِرُ صَغِيرَةٌ وَلا كَبِيرَةٌ إِلَّا أَحْصَاهَا» (4)، «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» (5)
قال : فقام إليه بعض أصحاب المسالح (6)فقبض عليه ، وكان ذلك آخر عهدنا به ، ولا ندري ما كانت حاله.
(أمالي المفيد : المجلس ٣٣ ، الحديث 6)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد مثله بتفاوت ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ٤ ، الحديث 19)
(٢٥٠٥) ٢) _(7) أبو جعفر الطوسى قال : حدّثنا محمّد بن محمّد قال : حدّثنا أبو الطيّب
ص: 329
الحسين بن محمّد التّمار قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله بن محمّد قال : حدّثنا أبو الفضل الربعي قال : حدّثنا جميل المكّي قال : حدّثني الأصمعي قال :
حدّثنا جابر بن عون قال : دخل أسماء بن خارجة الفزاري (1)على عمر بن عبد العزيز يوم بويع له فأنشأ يقول:
إنّ أولى الأنام بالحقّ قدما *** هو أولى بأن يكون خليقا
بالأمر والنهي اللاتي *** يأبى بغيره أن يليقا
مَن أبوه عبد العزيز بن مروا *** ن ومن كان جدّه فاروقا (2)
فقال عمر : لو أمسكت عن عن هذا لكان أحبّ لي.
(أمالي الطوسي : المجلس ٥ ، الحديث ١٧)
(٢٥٠٦) ٣ -(3) أبو جعفر الطوسي قال أخبرنا أبو عمر عبدالواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي قال : أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعید ابن عقدة قال : حدّثنا أحمد بن يحيى قال : حدّثنا عبد الرحمان بن شريك قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن ابیه قال:
عرض في نفس عمر بن عبد العزيز شيء من فَدَك ، فكتب إلى أبي بكر (4)وهو على المدينة : انظر ستّة آلاف دينار فزد عليها غلّة فدك أربعة آلاف دينار فاقسمها في ولد فاطمة علیهما السلام من بني هاشم .
قال : وكانت فدك للنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم،خاصّة ، فكانت ممّا لم يوجف عليها بخيل ولا
ص: 330
ركاب.
قال : وكانت للنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الأموال سمّاها، منها: «العواف» (1)، و«يرقط»(2) و«المبيث»(3) و«الكلا»(4)و «الحُسنى» (5)و «الصائفة» و«بيت اُمّ إبراهيم»، فأمّا العواف فهو سهم من بني قريظة (6)
(أمالي الطوسي : المجلس 10، الحديث 28)
ص: 331
ص: 332
ص: 333
ص: 334
(2507) 1 -(1) أبو جعفر الصدوق بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا علیه السلام (في حديث) قال: «كان نقش خاتم جعفر بن محمّد علیهما السلام : الله ولیّي وعصمتي من خلقه».
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٠ ، الحديث ٥)
تقدّم إسناده في الباب الأوّل من ترجمة الإمام الباقر علیه السلام، وتمامه في الباب ٢ من كتاب النبوّة .
(٢٥٠٨)2) _ وبإسناده عن محمّد بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام (في حديث في خاتم الحسين علیه السلام، وأنّه انتقل من إمام إلى إمام) قال: «ومنه صار إلَیَّ، فهو عندي وإنّي لألبسه كلّ جمعة وأصلّي فيه».
قال محمّد بن مسلم : فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلّي، فلمّا فرغ من الصلاة مدّ إليّ يده، فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه : «لا إله إلا الله ، عدّة للقاء الله» . فقال : «هذا خاتم جدّي أبي عبد الله الحسين بن عليّ علیهما السلام » .
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 13)
ص: 335
(٢٥٠٩) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن أحمد السناني المكتّب قال : حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى الحبّال الطبري قال : حدّثنا محمّد بن الحسين الخشّاب قال : حدّثنا محمّد بن محصّن ، عن يونس بن ظّبيان قال :
قال الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام : «إنّ النّاس يعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه : فطبقةً يعبدونه رغبةً في ثوابه فتلك عبادة الحُرَصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه خوفاً (2)من النار فتِلك عبادة العبيد وهي رهبة، ولكنّي أعبده حُبّاً له عزّ وجلّ فتلك عبادة الكرام وهو الأمن، لقوله عزّ وجلّ: «وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ» (3)، ولقوله عزّ وجلّ: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ» (4)فمن أحبّ الله أحبّه الله، ومن أحبّه الله عزّ وجلّ كان من الأمنين».
(أمالي الصدوق : المجلس (10 ، الحديث ٥)
(2٥١٠) 2 -(5) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن الحسين
ص: 336
السعد آبادى، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه قال : حدّثنا أبو أحمد محمّد بن زياد الأزدي قال :
سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة :يقول : كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام، فيُقدّم لي مخدّة، ويعرف لي قدراً، ويقول لي: «يا مالك، إنّي أحبّك». فكنت أسرّ بذلك وأحمّد الله عليه .
قال : وكان علیه السلام رجلاً لا يخلو من ثلاث خصال: إمّا ،صائماً وإمّا قائماً، وإمّا ذاكراً، وكان من عظماء العبّاد، وأكابر الزهّاد الّذين يخشون الله عزّ وجلّ، وكان كثير ،الحديث طيّب المجالسة كثير الفوائد، فإذا قال: «قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم»اخضرّ مرّة ، واصفرٌ أخرى حتّى يُنكره من يعرفه .
ولقد حججت معه سنة ، فلمّا استوت به راحلته عند الإحرام كان كلّما هَمّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد أن يخرّ من راحلته فقلت: قُل يا ابن رسول الله ، ولابدّلك من أن تقول .
فقال: «يا ابن أبي عامر ، كيف أجسر أن أقول: «لبّيك اللهمّ لبّيك»، وأخشى أن
يقول عزّ وجلّ لي : لا لبّيك ولا سعديك».
(أمالي الصدوق : المجلس 32 ، الحديث 3)
(2511) 3 -(1) حدّثنا محمّد بن أحمد السناني قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا محمّد بن أبي بشر قال : حدّثنا الحسين بن الهيثم قال : حدّثنا سليمان بن داوود المنقري:
ص: 337
عن حفص بن غياث أنّه كان إذا حدّثنا عن جعفر بن محمّد علیه السلام قال : «حدّثني خير الجعافر جعفر بن محمّد علیه السلام» .
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٢ ، الحديث 14)
(٢٥١٢) ٤ _(1) حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدّب قال : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن جعفر الكوفي قال : حدّثني محمّد بن أبي بشر قال: حدّثنا الحسين بن الهيثم ، عن سليمان بن داوود المنقري قال :
كان عليّ بن غراب إذا حدّثنا عن جعفر بن محمّد قال : حدّثنا الصادق عن
الله جعفر بن محمّد علیه السلام»
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٢ ، الحديث ١٥)
(٢٥١٣) ٥ -(2) حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رضی الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي قال :
سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول : والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن
محمّد علیه السلام الزهداً وفضلاً وعبادة وورعاً ، وكنت أقصده فيُكرمني ويقبل عَلَيّ، فقلت له يوماً : يا ابن رسول الله ، ما ثواب من صام يوماً من رجب إيماناً واحتساباً ؟
فقال - وكان والله إذا قال صدق - : حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «من صام يوماً من رجب إيماناً واحتساباً غُفِر له».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، فما ثواب من صام يوماً من شعبان ؟
ص: 338
فقال : حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «من ص__ام له يوماً من شعبان إيماناً واحتساباً غفر له».
(أمالي الصدوق : المجلس 81 ، الحديث 2)
(٢٥١٤) ٦ -(1) حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضی الله عنه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم قال : أخبرنا المنذر بن محمّد قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبيه ، عن عمرو بن خالد قال :
قال زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیه السلام: «في كلّ زمان رجل منّا أهل البيت يحتجّ الله به على خلقه، وحجّة زماننا ابن أخي جعفر بن محمّد ، لا يضلّ من تَبعه، ولا يهتدي من خالفه» .
(أمالي الصدوق : المجلس 81 ، الحديث ٦)
(٢٥١٥) 7 _(2) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني المظفّر بن محمد البلخي قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام الاسكافي قال : أخبرني أبو جعفر أحمد بن مابندار(3)، عن
ص: 339
منصور بن العبّاس القصباني حدّثهم (1)عن الحسن بن عليّ الخزّاز، عن عليّ بن
عقبة :
عن سالم بن أبي حفصة قال : لمّا هلك أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر علیهما السلام قلت لأصحابي : انتظروني حتّى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام فاعزّیه[ به ] (2). فدخلت عليه فعزّيته، ثمّ قلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ذهب والله مَن كان يقول : «قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم»، فلا يسأل عمّن بينه وبين رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، (3)لا والله لا يرى مثله أبداً !
قال : فسكت أبو عبد الله علیه السلام ساعة، ثمّ قال : قال الله عزّ وجلّ (4): «إنّ من عبادي من يتصدّق بشقّ تمرة فأربّيها له فيها (5)كما يربّي أحدكم فلوه (6)حتّى أجعلها له مثل [جبل ] (7)أحد» (8)
[قال سالم: ] فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب هذا كنّا
ص: 340
نستعظم قول أبي جعفر علیه السلام: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم» بلا واسطة، فقال لي أبو عبد الله علیه السلام :«قال الله عزّ وجلّ» بلا واسطة !
(أمالي المفيد : المجلس ٤٢ ، الحديث ٧)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد مثله بتفاوت يسير ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ٥، الحديث 8)
(٢٥١٦) ٨ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد قال : حدّثني أبي قال : حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن معبد(2):
عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام بمنى عن خمس مئة حرف من الكلام . قال : فأقبلت أقول : يقولون كذا . قال : فيقول : يقال لهم كذا.
فقلت : هذا الحلال والحرام والقرآن أعلم أنّك صاحبه وأعلم النّاس به في هذا
الكلام.
قال : قال لي: «وتشكّ يا هشام ! يحتجّ الله تعالى على خلقه بحجّة لا يكون عالماً بكل ما يحتاج النّاس إليه».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢، الحديث ٢٤)
ص: 341
(2517) 9- أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم:
عن أبي عبد الله علیه السلام: «لوددت أنّي وأصحابي في فلاة من الأرض حتّى نموت أو يأتي الله بالفرج».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث 2)
(2518) 10 _ (1) أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي قال : أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا العبّاس بن عامر :
عن أبي جعفر الخثعمي قريب إسماعيل بن جابر قال : أعطاني أبو عبد الله علیه السلام خمسين ديناراً في صرّة فقال لي: «ادفعها إلى رجل من بني هاشم، ولا تعلمه أنّي أعطيتك شيئاً».
قال : فأتيته ، فقال : من أين هذه ؟ جزاه الله خيراً، فما يزال كلّ حين يبعث بها، فنكون ممّا نعيش فيه إلى قابل ، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله !
(أمالي الطوسي : المجلس 37 ، الحديث 12)
ص: 342
أقول : سيأتي في الباب الرابع ما يرتبط بهذا الباب .
(٢٥١٩) ١ _ أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال : حدّثني أبو الحسن محمّد بن يحيى التميمي [قال : حدّثنا الحسن بن بهرام ] قال: حدّثني الحسن بن يحيى قال : حدّثني الحسن بن حمدون، عن محمّد بن إبراهيم بن عبد الله قال :
حدّثني سدير الصيرفيّ قال : كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام وعنده جماعة من أهل الكوفة ، فأقبل عليهم وقال لهم : «حجّوا قبل أن لاتحجّوا، حجّوا قبل أن يمنع البرّ جانبه (1)، حجّوا قبل هدم مسجد بالعراق بين نخل وأنهار(2)، حجّوا قبل أن تقطع سدرة بالزوراء نبتت على عسل عروق النخلة الّتي اجتنت منها مريم علیها السلام رطباً جنيّاً، فعند ذلك تمنعون الحجّ، وتنقص الثمار، وتجدب البلاد، و تبتلون بغلاء الأسعار، وجور السلطان، ويظهر فيكم الظلم والعدوان، مع البلاء والوباء والجوع ، وتظلّكم الفتن من جميع الأفاق ، فويل لكم يا أهل العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان، وويل لأهل الري من الترك، وويل لأهل العراق من أهل الريّ، وويل لهم ثمّ ويل لهم من القَّط».
قال :سدیر فقلت يا مولاي مَن التَّط»؟
قال: «قوم آذانهم كأذان الفأر صغراً، لباسهم الحديد،كلامهم كلام الشياطين،
ص: 343
صغار الحدق ، مرد جرد (1)، استعيذوا بالله من شرّهم ، أولئك يفتح الله على أيديهم الدين، ويكونون سبباً لأمرنا» (2)
(أمالي المفيد : المجلس ٧ ، الحديث ١٠)
(٢٥٢٠) ٢ -(3) أخبرني أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي -رحمه الله - قال : حدّثني أبي قال: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه قال :
حدّثني من سمع حنّان بن سدير الصير في يقول : رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطّى بمنديل، فدنوت منه وسلّمت عليه، فردّ عَلَيَّ السلام، ثمّ كشف (4)المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله ، ناولني رطبة فناولني واحدة فأكلتها، ثمّ قلت: يا رسول الله ، ناولني أخرى فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلّما أكلت واحدة سألت أخرى حتّى أعطاني ثمان (5)رطبات، فأكلتها ثمّ طلبت منه أخرى، فقال لي: «حسبك».
قال: فانتبهت من منامي ، فلمّا كان من الغد دخلت على الصادق جعفر بن محمّد علیمها السلام(6) وبين يديه طبق مغطّى بمنديل كأنّه الّذي رأيته في المنام بين يدي
ص: 344
النبي صلی الله علیه و آله وسلم،(1) فسلّمت عليه ، فردّ عَلَى السلام ، ثمّ كشف عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه ، منه فعجبت لذلك وقلت : جُعلتُ فداك، ناولني رطبة فناولني فأكلتها، ثمّ طلبت أخرى فناولني فأكلتها وطلبت أخرى حتّى أكلت ثمان (2)رطبات، ثمّ طلبت منه أخرى (3)فقال لي : لو زادك جسدّي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لزدناك»(4) فأخبرته الخبر، فتبسم تبسّم عارف بما كان .
(أمالي المفيد : المجلس ٣٩ ، الحديث ٦)
أبو جعفر الطوسي، عن المفيد بالسند المتقدّم عن البرقي، عن أبيه قال : حدّثني من سمع حنّان بن سدير يقول :سمعت أبي سدير الصيرفي يقول» وذكر الحديث بتفاوت يسير ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ٤ ، الحديث 28)
(٢٥٢١) ٣ _(5) أبو جعفر الطوسي قال : قُرى على أبي القاسم عليّ بن شبل بن أسد : الوكيل وأنا أسمع : حدّثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شدّاد البادرائي أبو منصور قال :حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري، عن محمّد بن أبي عمير :
عن سدير الصيرفي :قال : جاءت امرأة إلى أبي عبد الله علیه السلام فقالت له : جُعلتُ فداك، إنّي وأبي وأهل بيتى نتولّاكم.
فقال لها : «صدقت ، فما الّذي تريدين» ؟
قالت له المرأة : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، أصابني وَضَح (6)في عضدي
ص: 345
فادع الله أن يذهب به عنّي.
قال أبو عبد الله : «اللهمّ إنّك تُبرئ الأكمه والأبرص، وتُحيي العظام وهي
رميم ألبسها من عفوك وعافيتك ما ترى إثر إجابة دعائي».
فقالت المرأة : والله لقد قمت وما بي منه قليل ولا كثير.
أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٦٠)
(٢٥٢٢) ٤ _(1) أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن بلال المهلّبي قال: حدّثنا عليّ بن سليمان قال : حدّثنا أحمد بن القاسم الهمداني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد السيّاري قال : حدّثنا محمّد بن خالد البرقي قال : حدّثنا سعيد بن مسلم :
عن داوود بن كثير الرقّي قال : كنت جالساً عند أبي عبد الله علیه السلام إذ قال مبتدئاً الله من قبل نفسه: «يا داوود ، لقد عُرِضت عَلَيَّ أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيها عُرِضْ عَلَيَّ من عملك صلتك لابن عمّك فلان، فسرّني ذلك ، إنّي علمت صلتك له أسرع لقناء عمره وقطع أجله.».
قال داوود : وكان لي ابن عمّ معانداً ناصباً خبيثاً، بلغني عنه وعن عياله سوء حال، فصككت له بنفقة قبل خروجي إلى مكّة، فلمّا صرت في المدينة أخبرني أبو عبد الله علیه السلام بذلك .
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٨٠)
ص: 346
(٢٥٢٣) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدّثنا أبي، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدّثني جعفر بن عبدالله الناونجي(1) عن عبد الجبّار بن محمد، عن داوود الشعيري:
عن الربيع صاحب المنصور قال : بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمّد علیه السلام يستقدمه لشيءٍ بلغه عنه ، فلمّا وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال : أعيذك بالله من سطوة هذا الجبّار، فإنّي رأيت حرده عليك (2)شديداً!
فقال الصادق علیه السلام:«عَلَيّ من الله جُنّة واقية تعينني عليه إن شاء الله ، استأذن لي عليه» .
فاستأذن فأذن له، فلمّا دخل سلّم فردّ عليه السلام ثمّ قال له : يا جعفر، قد علمتَ أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال لأبيك عليّ بن أبي طالب: «لولا أن تقول فيك طوائف من أُمّتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولاً لاتمرّ بملاً إلّا أخذوا من تراب قدميك يستشفون به».
وقال علي علیه السلام: «يهلك في اثنان ولا ذنب لي : مُحبّ غال، ومفرّط قال» (3) قال ذلك اعتذاراً منه أنّه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرّط ، ولعمري إنّ عيسى بن مريم علیه السلام لو سكت عمّا قالت فيه النصارى لعدّبه الله ، ولقد تعلم ما يُقال فيك من الزُّور والبهتان وامساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديّان، زعم أوغاد الحجاز ورُعاع النّاس أنّك حبر الدهر وناموسه، وحجّة المعبود وترجمانه ، وعَيبة
ص: 347
علمه (1)وميزان ،قسطه، ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النّور، وأنّ الله لا يقبل من عامل جَهل حدّك (2)في الدنيا عملاً، ولا يرفع له يوم القيامة وزناً ، فنسبوك إلى غير حدّك، وقالوا فيك ما ليس فيك، فقُل فإنّ مَن قال الحق جدّك ، وأوّل من صدّقه عليه أبوك، وأنت حَريّ أن تقتصّ آثارهما وتسلك سبيلهما .
فقال الصادق علیه السلام: «أنا فَرع من فروع الزيتونة، وقنديل من قَناديل بيت النبوّة، وأديبُ السَّفَرة، ورَبيب الكرام البررة، ومصباحُ من مصابيح المشكاة الّتي
فيها نُور النور ، وصفو الكلمة الباقية في عقب المُصطّفين إلى يوم الحشر». فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال : هذا قد أحالني على بحر موّاج لا يُدرك طرفه ، ولا يُبلغ عُمقه، يَحار فيه العلماء، ويغرق فيه السُبحاء، ويضيق بالسابح عرض الفضاء، هذا الشجى المعترض في حلوق الخُلفاء، الّذي لا يجوز نفيه، و لا يحلّ قتله، ولو لا ما يجمعني وإيّاه شجرة طاب أصلها، وبَسَق فرعها، وعذب ثمرها، وبُوركت في الذرّ ، وقدّست في الزُبُر ، لكان منّي إليه ما لا يُحمد في العواقب لما يَبلُغني من شدّة عيبه لنا وسوء القول فينا !
فقال الصادق علیه السلام: «لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول مَن حرّم الله عليه الجنّة، وجعل مأواه النّار، فإنّ التمّام شاهدُ زُور، وشريك إبليس في الإغراء بين النّاس، وقد قال الله تعالى :«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَا فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»(3)، ونحن لك أنصار وأعوان، ولمُلكك دعائم ،وأركان ما أمرت بالعُرف والاحسان، وأمضيت في الرعيّة أحكام القرآن وأرغمت بطاعتك الله أنف الشيطان، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بأداب الله أن تصل مَن قطعك ، وتعطي من
ص: 348
حرمك، وتعفو عمّن ظلمك ، فإنّ المكافي ليس بالواصل إنّما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها فصِل رحمك يزد الله في عمرك، ويخفّف عنك الحساب يوم حشرك».
فقال :المنصور قد صفحتُ عنك لقدرك، وتجاوزت عنك لصدقك ، فحدَّثني
نفسك بحديث أتّعظ به، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات.
فقال الصادق علیه السلام: «عليك بالحلم فإنّه رُكن العلم، واملك نفسك عند أسباب القُدرة ، فإنّك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كما شف غيظاً ، أو تداوى حِقداً ، أو يحبّ أن يُذكر بالصّولة، واعلم بأنّك إن عاقبت مستحقاً لم تكن غاية ما تُوصف به إلّا العَدل، ولا أعرف حالاً أفضل من حال العَدل، والحال الّتي تُوجب الشكر أفضل من الحال الّتي تُوجب الصبر».
فقال المنصور : وعظت فأحسنت، وقلتَ فأوجزت ، فحدّثني عن فضل جدّك
عليّ بن أبي طالب علیه السلام حديثاً لم تُؤثر العامّة.
فقال الصادق علیه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لمّا أسري بي إلى السماء عَهِدَ إليّ ربّي جلّ جلاله في عليّ علیه السلام ثلاث كلمات ، فقال : يا محمّد.
فقلت : لبّيك ربّي وسعديك .
فقال عزّ وجلّ : إنّ عليّاً إمام المتّقين، وقائد الغُرّ المحجلين، ويعسوب المؤمنين، فبشّره بذلك».
فبشّره النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك ، فخرّ عليّ ساجداً شُكراً لله عزّ وجلّ، ثمّ رفع رأسه فقال : «يا رسول الله ، بلغ من قدري حتّى أنّي أُذكر هناك ؟!
قال: «نعم، وإنّ الله يَعرفك ، وإنّك لتُذكر في الرفيق الأعلى».
فقال المنصور : «ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ» (1)
(أمالي الصدوق : المجلس 89 ، الحديث 10)
ص: 349
( ٢٥٢٤ - ٢٥٢٥) ٢ -(1) ٣ - أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : بن عيسى العراد قال : حدّثنا احمد بن محمّد بن عیسی العراد قال حدّثنا محمّد بن الحسن بن شمّون البصري قال : حدّثني الحسن بن الفضل بن الربيع حاجب المنصور - لقيته بمكّة - قال : حدّثني أبي :
عن جدّي الربيع [بن يونس] قال دعاني المنصور يوماً فقال: يا ربيع، أحضر لي جعفر بن محمّد الساعة ، والله لأقتلنّه . فوجّهت إليه ، فلمّا وافى قلت: يا
ابن رسول الله ، إن كان لك وصيّة أو عهد تعهده إلى أحد فافعل.
قال: «فاستأذن لي عليه».
فدخلت إلى المنصور فأعلمته موضعه فقال : أدخله . فلمّا وقعت عين جعفر علیه السلام على المنصور رأيته يحرّك شفتيه بشيء لم أفهمه، فلمّا سلّم على المنصور نهض إليه فاعتنقه وأجلسه إلى جانبه ، فقال له : ارفع حوائجك. فأخرج رقاعاً لأقوام، وسأل فى آخرين فقُضيت حوائجه.
فقال :المنصور: ارفع حوائجك في نفسك .
فقال له جعفر علیه السلام: «لا تدعني حتّى آتيك».
فقال له :المنصور: ما إلى ذلك سبيل، وأنت تزعم للنّاس - يا أبا عبد الله _ أنَّك
تعلم الغيب !
فقال جعفر علیه السلام: «مَن أخبرك بهذا ؟
فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد بين يديه، فقال جعفر علیه السلام للشيخ : «أنت سمعتني الهلال أقول هذا القول» ؟
قال الشيخ : «نعم».
قال جعفر علیه السلام للمنصور:«أيحلف يا أمير المؤمنين»؟
فقال له المنصور: احلف .
ص: 350
فلمّا بدأ الشيخ في اليمين قال جعفر علیه السلام المنصور : «حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه ، عن أمير المؤمنين علیه السلام: «أنّ العبد إذا حلف باليمين الّتي ينزّه الله عزّ وجلّ فيها وهوكاذب امتنع الله من عقوبته عليها في عاجلته لما نزّه الله عزّ وجلّ»، ولكني أنا استحلفه».
فقال المنصور : ذلك لك.
فقال جعفر علیه السلام للشيخ: «قُل : أبرأ إلى الله من حوله وقوّته، وألجأ إلى حولي وقوّتي، إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول».
فتلكّاً الشيخ، فرفع المنصور عموداً كان في يده وقال : والله لئن لم تحلف
لأعلونّك بهذا العمود.
فحلف الشيخ ، فما أتمّ اليمين حتّى دلع لسانه كما يدلع الكلب، ومات لوقته،
ونهض جعفر علیه السلام.
قال الربيع : فقال لي المنصور : ويلك اكتمها النّاس لا يفتنون.
قال الربيع : فشيّعت جعفراً علیه السلام وقلت له : يا ابن رسول الله ، إنّ المنصور كان قد همّ بأمر عظيم ، فلمّا وقعت عينك عليه وعينه عليك زال ذلك. فقال: «يا ربيع، إنّي رأيت البارحة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في النوم، فقال لي: يا جعفرخفته ؟ فقلت : نعم يا رسول الله . فقال لي : إذا وقعت عينك عليه فقُل:«بسم الله أستفتح ،وبسم الله أستنجح ، وبمحمد صلی الله علیه و آله وسلم ، أتوجّه ، اللهمّ ذلّل لي صعوبة أمري وكلّ صعوبة، وسهّل لي حزونة أمري وكلّ حزونة، واكفني مؤنة أمري وكلّ مؤنة».
قال أبو المفضّل : حدّثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي بسرّ من رأى، بإسناد عن أهله لا أحفظه ، فذكر الحديث، وذكر فيه : أنّ المنصور قام إليه واعتنقه فقال لي المنصور خليفة ، ولا ينبغي للخليفة أن يقوم إلى أحد ولا إلى عمومته . وما قام المنصور إلّا إلى أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام.
(أمالي الطوسي : المجلس ١٦ ، الحديث ٣٥ - ٣٦)
(٢٥٢٦) ٤ - أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي بسرّ من رأى ، قال : حدّثني أبي عبد الصمد بن موسى قال : حدّثني
ص: 351
عمّي عبد الوهّاب بن محمّد بن إبراهيم :
عن أبيه محمّد بن إبراهيم قال : بعث أبو جعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق علیهما السلام وأمر بفرش فطُرحت إلى جانبه فأجلسه عليها ، ثمّ قال : عَلَيّ ،محمد عليّ بالمهدي - يقول ذلك مراراً. - فقيل له : الساعة يأتي يا أمير المؤمنين ما يحبسه إلّا أنّه يتبخّر (1)
فما لبث أن وافى وقد سبقته رائحته، فأقبل المنصور على جعفر علیه السلام فقال : يا أبا عبد الله، حديث حدّثنيه في صلة الرحم أذكره يسمعه المهدي. قال: نعم : حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين، فيصيّرها الله عزّ وجلّ ثلاثين سنة، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّرها ثلاث سنين». ثمّ تلا علیه السلام: «يَمْحُو الله ما يَشاءُ وَيُثبتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتاب»الآية (2).
قال: هذا حسن يا أبا عبد الله ، وليس إيّاه أردت .
قال أبو عبد الله : نعم ، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه ، عن عليّ علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «صلة الرحم تعمر الديار، وتزيد في الأعمار، وإن كان أهلها غير أخيار».
قال : هذا حسن يا أبا عبد الله وليس هذا أردت.
فقال أبو عبد الله علیه السلام: نعم ، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه ، عن عليّ علیه السلام قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «صلة الرحم تهوّن الحساب، وتقي ميتة السوء».
قال المنصور : نعم، إيّاه أردت».
(أمالي الطوسى : المجلس 17 ، الحدیث 19)
(٢٥٢٧) ٥ -(3) أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّ
ص: 352
قولويه رحمه الله قال : حدّثني أبو عليّ محمّد بن همّام الاسكا رحمه الله قال : حدّثني أحمد بن الله موسى النوفلي قال : حدثّني محمّد بن عبد الله بن مهران، عن معاوية بن حكيم قال :
حدّثني عبد الله بن سليمان التميمي قال : لما قُتل محمّد وإبراهيم ابنا عبدالله بن الحسن بن الحسن صار (1)إلى المدينة رجل يقال له «شبة بن عقال»(2)، ولّاه المنصور على أهلها ، فلمّا قدمها وحضرت الجمعة صار إلى مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم فرقي المنبر و حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد إنّ عليّ بن أبي طالب شقّ عصا المسلمين و حارب المؤمنين وأراد الأمر لنفسه، ومنعه من ،آهله فحرمه الله أمنيته وأماته بغصّته، وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد وطلب الأمر بغير استحقاق له ، فهم في نواحي الأرض مقتّلون(3)، وبالدماء مضرّجون».
قال : فعظم هذا الكلام منه على النّاس، ولم يجسر أحد منهم أن ينطق بحرف فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سَحق(4) فقال: «فنحن فقال: «فنحن نحمد الله ونصلّي على محمد خاتم النبيّين وسيّد المرسلين، وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين، أمّا ما قلت من خير ، فنحن أهله ، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى وأحرى، يا من ركب غير راحلته ، وأكل غير زاده، ارجع مأزوراً».
ثمّ أقبل على النّاس فقال: «ألا أنبئكم بأخفّ النّاس يوم القيامة ميزاناً وأبينهم
ص: 353
خسراناً (1)؟ من باع آخرته بدنيا غيره، وهو هذا الفاسق».
فأسكت النّاس، وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف، فسألت الرجل ؟ فقيل لي : هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب
صلوات الله عليهم .
(أمالي الطوسي : المجلس ٢ ، الحديث ٣٥)
(٢٥٢٨)٦ _ أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان قال : حدّثنا أبو القاسم علي بن حبشي قال : حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن الحسين ، قال : حدّثنا أبي، قال: حدّثنا صفوان بن يحيى، وجعفر بن عيسى بن يقطين، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبي بصير:
سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: «اتّقوا الله وعليكم بالطاعة لأتمّتكم قولوا ما يقولون ، واصمتوا عمّا صمتوا ، فإنّكم في سلطان مَن قال الله تعالى: «وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُم»(2). - يعني بذلك وُلد العبّاس - فاتقّوا الله فإنّكم في هُدنة ، صَلّوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم وأدّوا الأمانة إليهم، وعليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه ، فإنّ في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم وأهوال يوم القيامة».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٦ ، الحديث ٥)
ص: 354
(٢٥٢٩) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي قال : حدّثنا الحسين بن الهيثم قال : حدّثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال :
حدّثني عنبسة بن بجاد العابد قال : لمّا مات إسماعيل بن جعفر بن محمّد وفرغنا من جنازته، جلس الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام وجلسنا حوله وهو مُطرِق، ثمّ رفع رأسه فقال: «أيّها النّاس ، إنّ هذه الدنيا دار فراق ، ودار التواء لا دار استواء، على أنّ لفراق المألوف حُرقة (2)لا تُدفع ، و لوعة (3)لا تُردّ ، وإنّما يتفاضل النّاس بحُسن العزاء وصحّة الفكر (4)، فمن لم يشكل أخاه ثكله أخوه، ومن لم يقدّم ولداً كان هو المقدّم دون الولد».
ثمّ تمثّل بقول أبي خراش الهُذّلي يرثي أخاه :
فلا تحسبي (5)أنّي تناسيتُ عهدَه *** ولكنّ صبري يا أميم جميل
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٢ ، الحديث ٤)
ص: 355
(2530)1-(1) أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد رحمه الله قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : حدّثني عبيد الله بن الحسن قال : حدّثني أبوسعيد محمّد بن رشید قال:
آخر شعر قاله السيّد قاله السيّد بن محمّد رحمه الله قبل وفاته بساعة، وذلك أنّه أغمي عليه واسود لونه ، ثمّ أفاق وقد ابيضّ وجهه، وهو يقول:
احبّ الّذي مَن مات من أهل ودّه *** تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحك
ومَن مات يهوى يهوى غيره من عدوّه *** فليس له إلا إلى النار مسلك
أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي *** ومالي وما أصبحت في الأرض أملك
أبا حسن إنّي بفضلك عارف *** وإنِّي بحبل من هواك لممسك
وأنت وصيّ المصطفى وابن عمّه *** وإنّا نُعادي مبغضيك ونترك
مُواليك ناجِ مؤمن ببيّن الهدى *** وقاليك معروف الضلالة مشرك
ولاح لحانّي في عليّ وحزبه *** وقلت لحاك الله إنك إنّك أعفك
معنى أعفك : أحمق.
(أمالي الطوسي : المجلس 2 الحديث 32 )
ص: 356
(٢٥٣١) ٢ -(1) أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو عبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال : أخبرنا محمّد بن يحيى قال : حدّثنا جبلة بن محمّد بن جبلة الكوفي قال :
حدّثني أبي قال : اجتمع عندنا السيد بن محمّد الحميري وجعفر بن عفّان
الطاني، فقال له السيّد ويحك ، أتقول في آل محمّد علیهما السلام شراً ؟!
ما بال بيتكم يخرّب سقفه *** وثيابكم من أرذل الأثواب
فقال جعفر : فما أنكرت من ذلك ؟
فقال له السيّد : إذا لم تحسن المدح فاسكت أيُوصف آل محمّد بمثل هذا ؟ ! لكنّي أعذرك ، هذا طبعك وعلمك ومنتهاك، وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك:
أقسم بالله و آلائه *** و المرئ عمّا قال مسوول
إنّ علي بن أبي طالب***على التّقى والبر مجبول
وإنّه كان الإمام اّلذي *** له على الأمّة تفضيل
يقول بالحقّ ويُعنى به *** ولا تُلهيه الأباطيل
ص: 357
كان إذا الحرب مَرَتها القنا *** وأحجمت عنها البهاليل
يمشي إلى القرن وفي كنّه *** أبيضُ ماضي الحد مصقول
مشى العفرني بين أشباله*** أبرزه للقنص الغِيل
ذاک الّذی سلّم فی لیله *** علیه میکال و جبریل
ميكال فى ألف وجبريل في *** ألف ویتلوهم سرافیل
لیله بدرٍ مدداً أنزلوا *** كأنهم طیرٌ ابابیل
فسلّموا لما أتوا حذوه *** وذاك إعظام وتبجيل (1)
كذا يقال فيه ،يا جعفر ، وشعرك يقال مثله لأهل الخصاصة والضَّعف.
فقبّل جعفر رأسه وقال : أنت والله الرأس يا أبا هاشم، ونحن الأذناب.
(أمالي الطوسي : المجلس ٧، الحديث ٤١)
(٢٥٣٢) ٣ _(2) أخبرنا ،جماعة، عن أبي المفضّل قال: حدّثني يحيى بن عليّ بن عبد الجبّار السدوسي ب_«سيرجان قال: حدّثني عمّي محمّد بن عبد الجبّار ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي :
عن أبيه الحسين بن عون قال : دخلت على السيّد بن محمّد الحميري عائداً في
ص: 358
علّته التي مات فيها فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه - وكانوا عثمانيّة - وكان السيّد جميل الوجه ، رحب الجبهة ، عريض ما بين السالفتين، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثمّ لم تزل تزيد وتنمي حتّى طبّقت وجهه _ يعني اسوداداً _ فاغتمّ لذلك من حضره من الشيعة، فظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك إلّا قليلاً حتّى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعه بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً وتنمي حتّى أسفر سفر وجهه و أشرق، وأفتر السيّد ضاحكاً، وأنشأ يقول :
كذب الزاعمون أنّ علياً *** لن يُنجي محبّه من هَناۀ
قد وربّي دخلت جنّة عدنٍ *** وعفا لي الإله عن سيئاتي
فابشروا اليوم أولياء عليّ *** وتولّوا عليّاً حتى الممات
ثمّ من بعده تولّوا بنيه *** واحداً بعد واحدٍ بالصّفات
ثمّ أتبع قوله هذا: «أشهد أن لا إله إلّا الله حقاً حقاً، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله حقاً حقاً، أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقاً حقاً أشهد أن لا إله إلّا الله»، ثمّ أغمض عينيه بنفسه ، فكأنّما كانت روحه ذُبالة (1)طفئت ، أو حصاة سقطت .
قال علي بن الحسين : قال لي أبي الحسين بن عون : وكان أُذينة (2)حاضراً، فقال : الله أكبر ، ما مَن شهد كمن لم يشهد أخبرني - وإلّا فصُمّتا - الفضيل بن یسار، عن أبي جعفر وعن جعفر علیهما السلام أنّهما قالا : «حرام على روح أن تفارق جسدها حتّى ترى الخمسة ، حتّى ترى محمّداً وعليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً علیهم السلام بحيث تقرّ عينها، أو تسخن عينها».
فانتشر هذا القول في النّاس، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق.
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٠ ، الحديث ٦)
ص: 359
(٢٥٣٣) ٤ -(1) أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحّام قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي المنصوري قال: حدّثني عمّ أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال : حدّثني الإمام عليّ بن محمّد العسكري قال : حدّثني أبي محمّد بن علي قال : حدّثني أبي عليّ بن موسى قال :
حدّثني أبي موسى بن جعفر علیهما السلام قال : كنت عند سيّدنا الصادق علیه السلام إذ دخل عليه أشجع السلمي (2)يمدحه، فوجده عليلاً، فجلس وأمسك ، فقال له سيّدنا الصادق علیها السلام :«عد عن العلّة ، واذكر ما جئت له» .
فقال له :
البسك الله منه عافية *** في نومك المعترى وفي أرقك
يخرج من جسمك السقام كما *** أخرج ذلّ السؤال من عنقك
فقال: «يا غلام، أيش معک» ؟
قال : أربع مئة درهم.
ص: 360
قال: «أعطها للأشجع».
قال : فأخذها وشكر وولّى، فقال: «ردّوه».
فقال : يا سيّدي، سألت فأعطيت و أغنيت، فلِمَ رددتني ؟
قال : حدّثني أبي، عن آبائه، عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قال : «خير العطاء ما أبق نعمة باقية، وإنّ الّذي أعطيتك لا يبقى لك نعمة باقية، وهذا خاتمي فإن أُعطيت ب_ه عشرة آلاف درهم وإلّا فعد إِلَيَّ وقت كذا وكذا أوفك إياها».
قال : يا سيّدي، قد أغنيتني وأنا كثير الأسفار ، وأحصل في المواضع المفزعة، فتُعلَّمني ما آمن به على نفسي.
قال: «فإذا خفت أمراً فاترك يمينك على أُمّ رأسك واقرأ برفيع صوتك : «أَفَغَيْرِ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ».(1)
قال :الأشجع فحصلت في واد تعبث فيه الجنّ، فسمعت قائلاً يقول : خُذوه. فقرأتها ، فقال قائل : كيف نأخذه وقد احتجز بأية طيّبة ؟ !
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث ٨٦)
ص: 361
مضافاً على ما تقدّم في الباب السابق.
أقول : تقدّم ما يرتبط بهذا الباب في الباب ٧ من ترجمة الإمام السجّاد علیه السلام- أحوال زيد بن عليّ بن الحسين -، وسيأتي في ترجمة الإمام الكاظم علیه السلام أيضاً ما يرتبط به.
(٢٥٣٤) ١ -(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرني محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو عبدالله الحسين بن أحمد أحمد بن المغيرة قال : أخبرني حيدر بن محمّد السمرقندي قال : حدّثني محمّد بن عمر الكنّي قال : حدّثني محمّد بن مسعود العيّاشي قال : حدّثني جعفر بن معروف قال : حدّثني يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن عذافر :
عن عمر بن يزيد قال : قال أبو عبد الله علیه السلام:«يا ابن يزيد ، أنت والله منا أهل البيت».
قلت : جُعِلتُ فداك ، مِن آل محمّد ؟
قال : «إي والله من أنفسهم».
قلت : مِن أنفسهم ، جعلتُ فداك ؟
قال : «إي والله من أنفسهم، يا عمر أما تقرأ كتاب الله عزّ وجلّ : «إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ» (2)، أما تقرأ قول الله عزّ اسمه : «فَمَنْ تَبَعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(3) .
(أمالي الطوسي : المجلس ٢ ، الحديث ٢٢)
ص: 362
(٢٥٣٥) ٢ - أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال : حدّثنا أحمد بن يحيى قال :
سمعت أبا غسّان [مالك بن إسماعيل النهدي ] يقول: «ما رأيت في جعني أفضل من مسعود بن سعد، وهو أبو سعد الجعفي»(1).
(أمالي الطوسي : المجلس 10 ، الحديث ٥٧ )
(٢٥٣٦) ٣ - أخبرنا محمد بن محمّد قال : أخبرني الشريف أبو محمّد أحمد بن محمّد بن عيسى العلوي الزاهد قال : حدثنا حيدر بن محمّد بن نعيم السمر قندي قال : حدّثنا ابو عمرو محمّد بن عمر بن عمر الكشّي قال : حدّثنا حمدويه بن نصير (2)عن محمّد بن عيسى:
عن الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن الرضا علیه السلام : إنّ عبد الله بن بكير كان يروي حديثاً ويتأوّله، وأنا أحبّ أن أعرضه عليك.
ص: 363
فقال: «وما ذلك الحديث» ؟
قلت : قال ابن بكير : حدّثني عبيد بن زرارة قال: كنت عند أبي عبد الله علیه السلام أيّام خروج محمّد بن عبد الله بن الحسن، إذ دخل عليه رجل من أصحابنا، فقال له : جُعِلتُ فداك، إنّ محمّد بن عبدالله قد خرج وأجابه النّاس، فما تقول في الخروج معه ؟
فقال أبو عبد الله علیه السلام: «اسكن ما سكنت السماء والأرض».
فقال عبد الله بن بكير : فإذا كان الأمر هكذا ، ولم يكن خروج ما سكنت السماء ،والأرض، فما من قائم ولا من خروج !
فقال أبو الحسن علیه السلام: «صدق أبو عبد الله علیه السلام، وليس الأمر على ما تأوّله ابن بكير، إنّما قال أبو عبد الله علیه السلام: اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٧٧)
(٢٥٣٧) ٤ -(1) أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة ، قال : حدّثنا عبيد بن الهيثم بن عبيدالله الأنماطي البغدادي بحلب ، قال : حدّثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عمّ شريك قال :
حدّثني شريك بن عبدالله القاضي قال : حضرت الأعمش في علّته الّتي قبض فيها فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، فسألوه عن حاله، فذكر ضعفاً شديداً، وذكر ما يتخوّف من خطيئاته وأدركته رنّة ،فبكى
ص: 364
فأقبل عليه أبو حنيفة فقال : يا أبا محمّد ، اتّق الله وانظر لنفسك، فإنّك في آخر يوم، من أيّام الدنيا ، وأوّل يوم من أيّام الآخرة ، وقد كنت تحدّث في عليّ بن أبي طالب بأحاديث، لو رجعت عنها كان خيراً لك!
قال الأعمش : مثل ماذا يانعمان ؟
قال : مثل حديث عباية : «أنا قسيم النّار».
قال : أو لمثلي تقول يا يهودي ؟ أقعدوني، سنّدوني ، أقعدوني ، حدّثني - والّذي إليه مصيري _ موسى بن طريف - ولم أر أسديّاً كان خيراً منه - قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحيّ ، قال : سمعت عليّاً أمير المؤمنين علیه السلام يقول: «أنا قسيم النّار أقول : هذا ولیّي دعيه ، وهذا عدوّي خذيه».
وحدّثني أبو المتوكّل الناجي في إمرة الحجّاج، وكان يشتم عليّاً علیه السلام شتماً مقذعاً - يعني الحجّاج لعنه الله -، عن أبي سعيد الخدري رضی الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا كان يوم القيامة يأمر الله عزّ وجلّ فأقعد أنا وعليّ على الصراط ، ويقال لنا : أدخلا الجنّة من آمن بي وأحبّكما ، وأدخلا النّار من كفر بي وأبغضكما» (1)
قال أبو سعيد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتولّ - أو قال : لم يحبّ - عليّاً». وتلا : «القِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارِ عَنِيدٍ » (2).
قال : فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال : قوموا بنا ، لا يجيئنا أبو محمّد بأطمّ من هذا.
قال الحسن بن سعيد : قال لي شريك بن عبدالله : فما أمسى _ يعني الأعمش _ حتّى فارق الدنيا رحمه الله .
(أمالي الطوسى : المجلس 30، الحديث 7)
ص: 365
(٢٥٣٨) ٥ _(1) وعن أبي المفضّل قال : حدّثنا الحسن بن عليّ بن عاصم البزوفري قال : حدّثنا سليمان بن داوود أبو أيّوب الشاذكوني المنقري قال :
حدّثنا حفص بن غياث القاضي :قال كنت عند سيّد الجعافرة جعفر بن محمّد علیهما السلام لمّا أقدمه المنصور، فأتاه ابن أبي العوجاء _ وكان ملحداً _ فقال له : ما تقول في هذه الآية: «كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها» (2)، هب هذه الجلود عصيت فعذّبت، فما بال الغيريّة ؟!
فقال أبو عبد الله علیه السلام:«ويحك ، هي هي، وهي غيرها».
قال : أعقلني هذا القول.
فقال له: «أرأيت لو أنّ رجلاً عمد إلى لِبنَةٍ فكسرها، ثمّ صبّ عليها الماء وجبلها، ثمّ ردّها إلى هيئتها الأولى ، ألم تكن هي هي، وهي غيرها» ؟
فقال : بلى، أمتع الله بك .
(أمالي الطوسي : المجلس ٢٤ ، الحديث ٩)
(٢٥٣٩)٦ - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير :
عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله علیه السلام قال : لمّا خرج طالب الحقّ، قيل
ص: 366
لأبي عبد الله علیه السلام: نرجو أن يكون هذا اليماني ؟
فقال: «لا، اليماني يوالي عليّاً علیه السلام، وهذا يبرأ».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث 19)
(٢٥٤٠)٧ _ أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا عليّ بن الحسن التيملي قال : وجدت في كتاب أبي : حدّثنا محمّد بن مسلم الأشجعي:
عن محمّد بن نوفل بن عائذ الصير في قال : كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي، فدخل علينا أبو حنيفة النعمان بن ثابت فذكرنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ودار بيننا كلام في غدير خُمّ (1)، فقال أبو حنيفة : قد قلت لأصحابنا : لا تقرّوا لهم بحديث غدير خُمّ فيخصموكم !
فتغيّر وجه الهيثم بن حبيب الصير في وقال له : لِمَ لا يقرون به، أما هو عندك يا نعمان ؟
قال : بلى، هو عندي وقد رويته.
قال : فلِمَ لا يقرّون به، وقد حدّثنا به حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم : أنّ عليّاً علیه السلام نشد الله في الرحبة من سمعه؟!
فقال أبو حنيفة : أفلا ترون أنّه قد جرى في ذلك خوض حتّى نشد عليّ النّاس لذلك ؟!
فقال الهيثم : فنحن نكذّب عليّاً أو نردّ قوله ؟
فقال أبو حنيفة ما نكذّب عليّاً ولا نردّ قولاً ،قاله، ولكنّك تعلم أنّ النّاس قد غلا منهم قوم !
فقال الهيثم : يقوله رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ويخطب به ونشفق منه، ونتّقيه بغلوّ غال أو
قول قائل ؟ !
ص: 367
ثمّ جاء من قطع الكلام بمسألة سأل عنها ، ودار الحديث بالكوفة، وكان معنا في السوق حبيب بن نزار بن حيّان، فجاء إلى الهيثم فقال له : قد بلغني ما دار عنك في عليّ، وقول من قال [في عليّ وقوله] (1)، _ وكان حبيب مولى لبني هاشم _ .
فقال له الهيثم : النظر يمرّ فيه أكثر من .هذا فخفض الأمر ، فحججنا بعد ذلك ومعنا حبيب فدخلنا على أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهما السلام فسلّمنا عليه، فقال له حبيب يا أبا عبد الله ، كان من الأمر كذا وكذا.
فتبيّن الكراهية في وجه أبي عبد الله علیه السلام، فقال له حبيب : هذا محمّد بن نوفل حضر ذلك .
فقال له أبو عبد الله علیه السلام: «أي حبيب ، كفّ، خالقوا النّاس بأخلاقهم، و خالفوهم بأعمالكم ، فإنّ لكلّ امرئ ما اكتسب وهو يوم القيامة مع مَن أحبّ، لا تحملوا النّاس عليكم وعلينا ، وادخلوا في دهماء النّاس، فإنّ لنا أيّاماً ودولة يأتي بها الله إذا شاء».
فسکت حبيب فقال علیه السلام: «أفهمت يا حبيب ؟ لا تخالفوا أمري فتندموا».
[ف] قال : لن أخالف أمرك .
قال أبو العبّاس [ابن عقدة]: وسألت عليّ بن الحسن عن محمّد بن نوفل؟
فقال : كوفيّ..
قلت : مِمَّن ؟ قال : أحسبه مولى لبني هاشم.
وكان حبيب بن نزار بن حيّان مولى لبني هاشم، وكان الخبر فيما جرى بينه وبين أبي حنيفة حين ظهر أمر بني العبّاس، فلم يمكنهم إظهار ما كان عليه آل محمد علیهم السلام.
(أمالي المفيد : المجلس ٣ ، الحديث 9)
(٢٥٤١) ٨ -(2) أخبرني أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري قال : حدّثنا أبو القاسم حميد
ص: 368
بن زياد قال : حدّثنا الحسن بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن بن زياد العطّار :
عن أبيه الحسن بن زياد قال : لمّا قدم زيد بن عليّ الكوفة، دخل قلبي من ذلك بعض ما يدخل قال فخرجت إلى مكّة ومررت بالمدينة فدخلت على أبي عبد الله علیه السلام وهو مريض فوجدته على سرير مستقبلاً عليه وما بين جلده وعظمه شيء ، فقلت : إنّي أحبّ أن أعرض عليك ديني.
فانقلب على جنبه ثمّ نظر إلَيّ فقال : «يا حسن ما كنت أحسبك إلّا وقد
استغنيت عن هذا»، ثمّ قال : «هات».
فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله». فقال لیه السلام معى مثلها .
فقلت : وأنا مقرّ بجميع ما جاء به محمّد بن عبد الله صلی الله علیه و آله وسلم.
قال : فسکت .
قلت : وأشهد أنّ عليّاً إمام بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فرض طاعته ، مَن شكّ فيه كان ضالاً، ومن جحده كان كافراً .
قال: فسكت.
قلت : وأشهد أنّ الحسن والحسين علیهما السلام بمنزلته ، حتّى انتهيت إليه علیه السلام، فقلت :وأشهد أنّك بمنزلة الحسن والحسين ومَن تقدّم من الأئمّة.
فقال: «كَفٌ ، قد عرفت الّذي تريد ، ما تريد إلّا أن أتولّاك على هذا». قال : قلت : فإذا تولّيتني على هذا فقد بلغت الّذي أردت».
قال : «قد تولّيتك عليه».
فقلت : جُعلتُ فداك ، إنّي قد هممت بالمقام .
قال : «ولِمَ» ؟
قال : قلت : إن ظفر زيد وأصحابه فليس أحد أسوأ حالاً عندهم منّا ، وإن ظفر بنو أُميّة فنحن عندهم بتلك المنزلة.
ص: 369
قال : فقال لي: «انصرف، ليس عليك بأس من أولى ولا من أولى» (1)
(أمالي المفيد : المجلس ٤ ، الحديث ٦)
( ٢٥٤٢) ٩ -(2) أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد رحمه الله، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن طلحة ، عن أبي محمّد أخي يونس بن یعقوب :
عن أخيه يونس قال: كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمّد علیهما السلام في بعض أزقّتها ، فقال : «اذهب يا يونس، فإنّ بالباب رجلاً منّا أهل البيت».
قال : فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله (3)جالس ، فقلت له : مَن أنت ؟
قال : رجل من أهل قم .
قال : فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبو عبد الله علیه السلام على حمار ، فدخل على الحمار الدّار ، ثمّ التفت إلينا فقال : «ادخلا» . ثمّ قال: «يا يونس، أحسب أنّك أنكرت قولي لك : أنّ عيسى بن عبد الله منّا أهل البيت ؟
قال : قلت : إي والله جُعِلتُ فداك، لأنّ عيسى بن عبد الله رجل من أهل قُم، فكيف يكون منكم أهل البيت ؟!
قال: «يا يونس عيسى بن عبد الله رجل منّا حيّاً، وهو منّا ميّتاً».
(أمالي المفيد : المجلس ١٧ ، الحديث ٦)
ص: 370
(٢٥٤٣) ١٠ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمّه عبد الله بن عامر ، عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي، عن الفضل بن يونس قال:
كان ابن أبي العوجاء (2)من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد، فقيل له : تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له و لا حقيقة ؟ !
فقال : إنّ صاحبي كان مخلّطاً ، كان يقول طوراً بالقدر، وطوراً بالجبر وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه.
ص: 371
قال : ودخل مكّة تمرّداً وإنكاراً على من يحجّ، وكان يكره العلماء مساءلته إيّاهم ومجالسته ،لهم لخبث لسانه وفساد ،ضميره، فأتى الصادق جعفر بن محمد علیهما السلام، فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثمّ قال له : يا أبا عبدالله ، إنّ المجالس أمانات ، ولابدّ لكلّ من كان به سعال أن يسعل (1)، فتأذن لي في الكلام.
فقال الصادق علیه السلام: «تكلّم بما شئت».(فتكلّم في التوحيد وأجابه الإمام علیه السلام) فقام عنه ابن أبي العوجاء وقال لأصحابه من ألقاني في بحر هذا؟سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة !
قالوا: ماكنت في مجلسه إلّا حقيراً.
قال : إنّه ابن من حلق رؤوس من ترون.
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٠ ، الحديث ٤)
تقدّم تمامه في كتاب التوحيد (2)
ص: 372
ص: 373
ص: 374
(٢٥٤٤) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : وبهذا الإسناد (2)عن إبراهيم بن صالح، عن محمّد بن الفضيل، وزياد بن النعمان، وسيف بن عميرة:
عن هشام بن أحمر (3)قال : أرسل إلي أبو عبد الله علیه السلام في يوم شديد الحرّ فقال لي :«اذهب إلى فلان الافريقي، فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا وكذا.»
فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه
فأخبرته ، فقال : «عد إليه فإنّها عنده» .
ص: 375
فرجعت إلى الافريقيّ فحلف لي ما عنده شيء إلّا وقد عرضه عَلَيَّ، ثمّ قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليست ممّا يعرض.
فقلت له : اعرضها عَلَيّ. فجاء بها متوكّئة على جاريتين، تخطّ برجليها
الأرض ، فرأيتها فعرفت الصفة ، فقلت : بكّم هي ؟
فقال لي: اذهب بها إليه فيحكم فيها . ثمّ قال لي : قد والله أردتها منذ ملكتها فما قدرت عليها ، وأخبرني الّذي اشتريتها منه عند ذلك أنّه لم يصل إليها ، وحلفت الجارية أنّها نظرت إلى القمر وقع في حجرها . فأخبرت أبا عبد الله علیه السلام بمقالته ، فأعطاني مئتي دينار، فذهبت بها إليه، فقال الرجل : هي حرّة لوجه الله تعالى إن لم يكن بعث إلَيَّ بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبد الله علیه السلام مقالته ، فقال أبو عبد الله علیه السلام: «يا بن أحمر، أما إنّها تلد مولوداً ليس بينه وبين الله حجاب».
(أمالي الطوسي : المجلس ٤٣ ، الحديث ٤)
ص: 376
أقول : تقدّم في الباب السابق ما يرتبط بهذا الباب، وتقدّم أيضاً في الباب السادس من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام، التصريح باسمه علیه السلام (1)
(٢٥٤٥) ١) _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم قال : حدّثنا المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان:
عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام، فدخل عليه رجل من أهل ،طوس،(إلى أن قال) : فدخل موسى بن جعفر علیه السلام فأجلسه على فخذه وأقبل يُقبّل ما بين عينيه ، ثمّ التفت إليه فقال له : «يا طوسي، إنّه الإمام والخليفة والحجة بعدي» الحديث.
(أمالي الصدوق : المجلس ٨٦، الحديث ١١)
يأتي تمامه في باب زيارة الإمام الرضاء علیه السلام من كتاب المزار.
(٢٥٤٦) ٢ - حدّثنا أبي رضی الله عنه قال : حدّثنا الحسن (2)بن أحمد المالكي ، عن أبيه، عن عليّ بن المؤمل قال: لقيت موسى بن جعفر علیهما السلام وكان يخضب بالحمرة ، فقلت : جُعلتُ فداك، ليس هذا من خضاب أهلك !
فقال: «أجل ، كنتُ أخضب بالوَسمة ، فتحرّكت عَلَيّ أسناني» الحديث.
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٠ ، الحديث 9)
يأتي تمامه في باب الخضاب - 2 _ من كتاب الآداب والسنن .
ص: 377
(٢٥٤٧) ٣ _(1) وبإسناده عن الحسين بن خالد الصيرفي، عن أبي الحسن عليّ ب_ موسى الرضا علیهما السلام ( في حديث) قال: «وكان نقش خاتم أبي الحسن موسى بن جعفر علیهما السلام:حسبی الله».
قال الحسين بن خالد وبسط أبو الحسن الرضا علیه السلام كفّه، وخاتم أبيه علیه السلام في إصبعه حتّى أراني النقش.
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٠ ، الحديث ٥)
تقدّم إسناده في الباب الأوّل من ترجمة الإمام الباقر علیه السلام، وتمامه في الباب ٢ من كتاب النبوّة .
ص: 378
أقول : سيأتي في الباب التالي ما يرتبط بهذا الباب.
(٢٥٤٨) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبد الله جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين :
عن أبيه عليّ بن يقطين قال : استدعى الرشيد رجلاً يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر علیهما السلام ويقطعه ويخجله في المجلس، فانتدب له رجل مُعزّم(2) فلمّا أحضرت المائدة عمل ناموسا (3)على الخُبز ، فكان كلّما رام خادم أبي الحسن علیه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه، واستفزّ هارون الفَرح والضحك لذلك.
فلم يلبث أبو الحسن علیه السلام أن رفع رأسه إلى أسد مصوّر على بعض الستور، فقال له: «يا أسد الله، خذ عدوّ الله».
قال : فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع، فافترست ذلك المعزّم فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشيّاً عليهم، وطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه، فلمّا أفاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لأبي الحسن علیه السلام: أسألك
ص: 379
بحقّي عليك لما سألت الصورة أن تردّ الرجل.
فقال: «إن كانت عصا موسى علیه السلام ردّت ما ابتلعته من حبال القوم وعِصيّهم فإنّ هذه الصورة تردّ ما ابتلعته من هذا الرجل» فكان ذلك أعمل الأشياء فى إفاقة (1)نفسه.
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث20)
(٢٥٤٩) ٢ _(2) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن ، أبيه ، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن خالد البرقى قال :
قال حمّاد بن عيسى : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر علیهما السلام: جُعلتُ فداك ،ادع الله أن يرزقني ولداً، ولا يحرمني الحجّ ما دمت حيّاً . قال : فدعا لي فرزقني الله ابني هذا ، وربما حضرت أيّام الحجّ ولا أعرف للنفقة فيه وجهاً ، فيأتي الله بها من حيث لا أحتسب.
(أمالي المفيد : المجلس ١ ، الحديث 11)
ص: 380
(٢٥٥٠) ١ -(1) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضی الله عنه قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين :
عن أبيه عليّ بن يقطين قال : رُفِع (2)الخبر إلى موسى بن جعفر علیهما السلام وعنده جماعة من أهل بيته ، بما عَزَم عليه موسى بن المهدي في أمره، فقال لأهل بيته: «ما تشيرون» ؟
قالوا: نرى أن تتباعد عن هذا الرجل وأن تُغيّب شخصك منه (3)، فإنّه لا يُؤمَن شرّه .
فتبسّم أبو الحسن علیه السلام ثمّ قال :
زعمت سَخينَةُ أن ستغلب ربّها *** و ليغلينّ مغالب الغلاّب (4)
ص: 381
ثمّ رفع علیه السلام يده إلى السماء فقال: «إلهي،كم من عدوّ شحذ لي ظُبة مديته، و أرهف لي سنان حدّه (1)، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عنّي عين حراسته، فلمّا رأيتَ ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن ملمّات الجوائح، صرفت ذلك عنّي بحولك و قوّتك ، لا بحولي ولا بقوّتي، فألقيتَه (2)في الحفير الّذي احتفره لي(3)، خائباً ممّا أمّله في دنياه، متباعداً ممّا رجاه في ،آخرته، فلك الحمد على ذلك ق_در استحقاقك .
سيّدي اللهمّ (4)فخُذه بعزّتك ، وافلُل حدّه عنّي بقدرتك ، واجعل له شُغلاً فيما يليه ، وعجزاً عمّن (5)يناويه ، اللهمّ وأغدِني (6)عليه عَدوىُ حاضرة ، تكون من غيظي شفاءٌ، ومن حنتي عليه وقاء(7) ، وصِل اللهمّ دُعائي بالإجابة ، وانظِم(8)
ص: 382
شكاتي (1) بالتغيير ، وعرّفه عمّا قليل ما وعدت الظالمين، وعرّفني ما وعدت في إجابة (2)المضطرين، إنّك ذو الفضل العظيم والمنّ الكريم».
قال : ثمّ تفرّق القوم ، فما اجتمعوا إلّا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسى بن المهدي.
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٠ ، الحديث 2)
أبو جعفر الطوسي، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن الصدوق، عن أبيه، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن علي بن يقطين قال : وقع الخبر، وذكر الحديث بتفاوت يسير ذكرتها في الهامش.
(أمالي الطوسي : المجلس ١٥ ، الحديث 1)
(٢٥٥١) ٢ _(3) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثني أبي رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه ، عن الريّان بن شبيب قال :
سمعت المأمون يقول : ما زلت أُحِبّ أهل البيت علیهم السلام ، وأظهر للرشيد بغضهم تقرّباً إليه، فلمّا حجّ الرشيد كنتُ أنا ومحمّد والقاسم معه، فلمّا كان بالمدينة استأذن عليه النّاس، فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر علیهما السلام، فدخل، فلمّا نظر إليه الرشيد تحرّك ومدّ بصره وعنقه إليه ، حتّى دخل البيت الّذي كان فيه ، فلمّا قرب منه جثا الرشيد على رُكبتيه وعانقه، ثمّ أقبل عليه فقال له : كيف أنت يا
ص: 383
أبا الحسن ، كيف عيالك ، كيف عيال أبيك، كيف أنتم ، ما حالكم؟ فمازال يسأله عن هذا ، وأبو الحسن علیه السلام يقول: «خير ، خير»، فلما قام أراد الرشيد أن ينهض، فأقسم عليه أبو الحسن علیه السلام فقعد ، وعانقه و سلّم عليه وودّعه.
قال المأمون : وكنت أجراً وُلد أبي عليه، فلمّا خرج أبو الحسن موسى بن جعفر علیهما السلام قلت لأبي يا أمير المؤمنين لقد رأيتك عملت بهذ الرجل شيئاً ما رأيتك فعلتَ بأحد من أبناء المهاجرين والأنصار ولا ببني هاشم ! فمن هذا الرجل ؟
فقال : يا بُنَيّ، هذا وارث علم النبييّن، هذا موسى بن جعفر بن محمّد، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا !
قال المأمون : فحينئذ انغرس في قلبي حُبّهم .
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٠ ، الحديث 1)
سيأتي في الباب التالي ما يرتبط بهذا الباب .
ص: 384
12) 1 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال:
سمعت رجلاً من أصحابنا :يقول : لمّا حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر علیه السلام [ و ] (2)جنّ عليه الليل، فخاف ناحية هارون أن يقتله، فجدّد موسى علیه السلام طهوره، واستقبل بوجهه القبلة، وصلّى الله عزّ وجلّ أربع ركعات، ثمّ دعا بهذه الدعوات ، فقال :
«يا سيّدي نجّني من حبس هارون، وخلّصني من يديه (3)، يا مخلّص الشجر من بين رَمل وطين وماء، ويا مخلّص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص النّار من بين الحديد والحجر، ويا مخلّص الروح من بين الأحشاء والأمعاء خلّصني من يدي هارون».
قال : فلمّا دعا موسى علیه السلام بهذه الدعوات، رأى هارون رجلاً أسود في منامه، وبيده سيف قد سلّه ، واقفاً على رأس هارون ، وهو يقول : يا هارون، أطلِق عن موسى بن جعفر ، وإلّا ضربت عِلاوتك (4)بسيف هذا. فخاف هارون من هَيبته، ثمّ دعا لحاجبه، فجاء الحاجب ، فقال له : اذهب إلى السجن وأطلق عن موسى بن جعفر(5)
ص: 385
قال: فخرج الحاجب فقَرَع باب السجن فأجابه صاحب السجن ، فقال : مَن ذا(1)؟
قال : إنّ الخليفة يدعو موسى بن جعفر ، فأخرِجه من سجنك، وأطلق عنه.
فصاح :السجّان یا موسى، إنّ الخليفة يدعوك.
فقام موسى علیه السلام مذعوراً فزعاً ، وهو يقول: «لا يَدعُوني في جوف هذه الليلة (2)إلّا لشرّ يريد بي». فقام باكياً حزيناً مغموماً آيساً من حياته، فجاء إلى عند هارون، وهو ترتعد فرائصه (3)، فقال : «سلام على هارون».
فردّ عليه السلام، ثمّ قال له هارون ناشدتك بالله (4)، هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات ؟
فقال: «نعم».
قال : وما هُن (5)؟
فقال: «جدّدت طهوراً (6)، وصلّيت الله عزّ وجلّ أربع ركعات ورفعت طرفي إلى السماء وقلت : يا سيّدي خلّصني من يدي هارون وشرّه»، وذكر له ما كان من دعائه (7)
فقال هارون قد استجاب الله دعوتك يا حاجب، أطلق عن هذا. ثمّ دعا
ص: 386
بخلع (1)فخلع عليه ثلاثاً، وحمله على فرسه، وأكرمه، وصيّره نديماً لنفسه، ثمّ قال : هات الكلمات حتّى أثبتها . ثمّ دعا بدواة وقرطاس وكتب هذه الكلمات.
قال : فأطلق عنه وسلّمه إلى حاجبه ليسلّمه إلى الدار، فصار موسى بن
جعفر علیهما السلام كريماً شريفاً عند هارون، وكان يدخل عليه في كلّ خميس (2)! [إلى أن حبسها الثانية، فلم يطلق عنه حتّى سلّمه إلى السندي بن شاهك وقتله بالسمّ»] (3)
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٠ ، الحديث ٣)
أبو جعفر الطوسي، عن الغضائري، عن الصدوق مثله، إلّا أنّ فيه: «... يا مخلّص الشجر(4) من بين رمل وطين وماء ويا مخلّص النّار من بين الحديد و الحجر، ويا مخلّص اللبن من بين فرث ودم ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم ويا مخلّص الروح من بين الأحشاء والأمعاء، خلّصني من يد هارون الرشيد».
فلمّا دعا موسى بن جعفر علیهما السلام بهذه الدعوات رأى [ هارون ] رجلاً أسود في منامه وبيده سيف قد سلّه ، وهو واقف على رأس هارون...».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٥ ، الحديث ٢)
(٢٥٥٣) ٢ - (5)حدّثنا أبي رحمه الله قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن
ص: 387
عيسى اليقطيني ، عن أحمد بن عبد الله البزوفري :
عن أبيه قال: دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي : ادنُ مني. فدنوت منه حتّى حاذيته.
ثمّ قال لي : أشرف إلى البيت في الدّار فأشرفت ، فقال : ما ترى في البيت؟
قلت: ثوباً مطروحاً .
فقال: انظر حسناً.
فتأمّلت ونظرت فتيقّنت ، فقلت : رجل ساجد.
فقال لي : تعرفه ؟
قلت : لا .
قال : هذا مولاك .
قلت : ومَن مولاي ؟
فقال : تتجاهل عَلَي؟
فقلت : ما أتجاهل ولكن لا أعرف لي مولى.
فقال : هذا أبو الحسن موسى بن جعفر علیه السلام إنّي أتفقّده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلّا على الحال الّتي أخبرك بها ، إنّه يصلّي الفجر فيعقّب ساعةً في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة ، فلا يزال ساجداً حتّى تزول الشمس، وقد وكّل مَن يترصّد له الزوال، فلست أدري متى يقول الغلام قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدّد وضوءاً، فأعلم أنّه لم ينم في سجوده ولا أغف، فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فإذا صلّى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجداً إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وَتَب من سجدته فصلّى المغرب من غير أن يُحدث حدثاً، فلايزال في صلاته و تعقيبه إلى أن يصلّي العتمة، فإذا صلّى العتمة أفطر على شويّ (1)يُؤتى به ، ثمّ يجدّد
ص: 388
الوضوء، ثمّ يسجد ، ثمّ يرفع رأسه فينام نومة خفيفة ، ثمّ يقوم فيجدّد الوضوء، ثمّ يقوم فلا يزال يصلّي في جوف الليل حتّى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام : إنّ الفجر قد طلع ، إذ قد وثب هو لصلاة الفجر ، فهذا دأبه منذ حُوّل إلَيّ !
فقلت : اتّق الله ولا تحدثنّ في أمره حدثاً يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنّه لم يفعل أحد بأحد منهم سوءاً إلّا كانت نعمته زائلة .
فقال : قد أرسلوا إلَيّ في غير مرّة يأمرونني بقتله، فلم أجبهم إلى ذلك، و
أعلمتهم أنّي لا أفعل ذلك ، ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني.
فلمّا كان بعد ذلك حُوِّل إلى الفضل بن يحيى البرمكي، فحُبس عنده عنده ،أيّاماً ، وكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كلّ ليلة مائدة ، ومنع أن يدخل إليه من عند غيره، فكان لا يأكل ولا يُفطر إلّا على المائدة الّتي يؤتى بها ، حتّى مضى على تلك الحال ثلاثة أيّام ولياليها .
فلمّا كانت الليلة الرابعة قُدّمت إليه مائدة للفضل بن يحيى ، قال : فرفع علیه السلام يده إلى السماء فقال: «يا ربّ، إنّك تعلم أنّي لو أكلت قبل اليوم كنتُ قد أعنت على نفسي».
قال : فأكل ،فمرض ، فلمّا كان من غد بعث إليه بالطبيب ليسأله عن العلّة، فقال له الطبيب : ما حالك ؟
فتغافل عنه ، فلمّا أكثر عليه، أخرج إليه راحته فأراها الطبيب، ثمّ قال : «هذه علّقي». وكانت خضرة في وسط راحته تدلّ على أنّ سُمّ فاجتمع في ذلك الموضع .
قال : فانصرف الطبيب إليهم ، وقال : والله لهو أعلم بما فعلتم به منكم. ثمّ توفي علیه السلام.
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 19) (1)
ص: 389
(٢٥٥٤) ٣ - (1)حدّثنا أبي، عن سعد بن عبدالله، عن ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن الحسن بن محمّد بن بشّار قال :
حدّثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامّة ممّن كان يُقبل قوله ، قال : قال لي : قد رأيت بعض من يقرّون بفضله من أهل هذا البيت، فما رأيت مثله قطّ في نسکه و فضله !
قال : قلت : مَن ؟ وكيف رأيته ؟
قال : جمعنا أيّام السندي بن شاهك ثمانين رجلاً من الوجوه، ممّن يُنسب إلى الخير، فأدخلنا إلى موسى بن جعفر علیهما السلام، فقال لنا السندي : يا هؤلاء، انظروا إلى هذا الرجل هل حَدَث به حَدَثُ ؟ فإنّ النّاس يزعمون أنّه قد فُعل به مكروه، و يُكثرون في ذلك، وهذا منزله ،وفرشه موسّع عليه غير مضيّق، ولم يُرِد به أمير المؤمنين سوءاً، وإنّما ينتظره أن يقدم فيناظره أمير المؤمنين، وها هو ذا صحیح موسّع عليه في جميع أمره فسلوه .
قال : ونحن ليس لنا هَمُّ إلَّا النظر إلى الرجل وإلى فضله وسمته.
فقال: «أمّا ما ذكر من التوسعة وما أشبه ذلك، فهو على ما ذكر، غير أنّي أخبركم أيّها النفر، أنّي قد سُقِيت السُمّ في تسع (2)تمرات ، وإنّي أحضّر غداً، وبعد السُمّ غد أموت».
قال : فنظرت إلى السندي بن شاهك يرتعد ويضطرب مثل السعفة .
قال الحسن [بن محمّد بن بشار :] وكان هذا الشيخ من خيار العامّة، شيخ
ص: 390
صدوق، مقبول القول ، ثقة جداً عند النّاس.
(أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 21)
ص: 391
أقول : تقدّم ما يرتبط بهذا الباب في باب معجزاته علیه السلام، وفي الباب الثاني من ترجمة الإمام الصادق علیه السلام (1)
(٢٥٥٥) ١ -(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن محمّد
بن عصام (عاصم) الكليني قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن محمّد المعروف ب_ «علان»:
عن محمّد بن الفرج الرخجي قال : كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام، أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم، وهشام بن سالم في الصورة ؟
ص: 392
فكتب علیه السلام :«دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان»
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٧، الحديث ١)
(٢٥٥٦) ٢ -(1) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضی الله عنه، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الصقر بن دلف (2)قال:
سألت أبا الحسن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا علیهم السلام عن التوحيد، و قلت له : إنّي أقول بقول هشام بن الحكم.
فغضب علیه السلام ثمّ قال : «ما لكم ولقول هشام إنّه ليس منا من زعم أنّ الله جسم، ونحن منه براء في الدنيا والآخرة، يا ابن دلف إنّ الجسم محدث، والله محدثه ومجسمه».
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٧، الحديث ٢)
ص: 393
(٢٥٥٧) ٣ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرني أبو عبد الله محمّد بن محمّد قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد قال : أخبرني حيدر بن محمّد بن نعيم، عن محمّد بن عمر [ الكشّي ] ، عن محمّد بن مسعود، عن جعفر بن معروف قال: حدّثني العَمرَكي قال : حدّثني الحسن بن أبي لبابة(2).
عن أبي هاشم داوود بن قاسم الجعفري قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الثاني علیه السلام: ما تقول - جُعِلتُ فداك - في هشام بن الحكم ؟
فقال: «رحمه الله، ما كان أذبّه عن هذه الناحية».
(أمالي الطوسي : المجلس ٢ ، الحديث ٢٥)
ص: 394
ص: 395
ص: 396
أقول : تقدّم في الباب السادس من أبواب النصوص على الأئمّة ، التصريح
باسمه علیه السلام.(1)
(٢٥٥٨) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم قال : حدّثنا المنذر بن محمّد عن جعفر بن سليمان:
عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام، فدخل عليه رجل من أهل ،طوس، «إلى أن قال :» فدخل موسى بن جعفر علیهما السلام فأجلسه على فخِذه وأقبل يُقبِّل ما بين عينيه ، ثمّ التفت إليه فقال له : «يا طوسى، إنّه الإمام والخليفة والحجّة بعدي، وإنّه سيخرج من صُلبه رجل يكون رضاً لله عزّ وجلّ في سمائه ولعباده في أرضه، يُقتل في أرضكم بالسُمّ ظلماً وعدواناً، ويُدفّن بها غريباً، ألا فمن زاره في غربته وهو يعلم أنّه إمام بعد أبيه مفترض الطاعة من الله عزّ وجلّ ، كان كمن زار رسول الله صلى الله علیه و اله و سلم»
(أمالي الصدوق : المجلس ٨٦، الحديث ١١)
يأتي تمامه في باب زيارة الإمام الرضا علیه السلام من كتاب المزار.
ص: 397
(٢٥٥٩) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا الحسين بن أحمد البيهقي قال : أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي قال : حدّثنا أبو ذكوان قال :
سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول : ما رأيت الرضا علیه السلام سُئل عن شيء قطّ إلّا الهلال علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه، وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثيله بأيات من القرآن، وكان يختمه فى كلّ ثلاث، ويقول: «لو أردتُ أن أختمه في أقلّ من : ثلاث لخَتَمتُ ، ولكن ما مررتُ بأية قط إلا فكّرت فيها، وفي أيّ شيء أنزلت، و في أيّ وقت ، فلذلك صرتُ أختم في ثلاثة أيّام».
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ١٤)
( ٢٥٦٠ - ٢٥٦١) ٢ -(2) ٣ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن عليّ بن عليّ الدعبلي قال : حدّثني أبي أبو الحسن عليّ بن عليّ بن بديل بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمان بن عبد الله بن زيد بن ورقاء، أخو دعبل بن عليّ الخزاعي ببغداد سنة اثنتين وسبعين و مئتين ، قال : حدّثنا سيّدي أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا علیه السلام بطوس سنة ثمان
ص: 398
وتسعين ومئة ، وفيها رحلنا إليه على طريق البصرة وصادفنا عبدالرحمان بن مهدی (1)عليلاً فأقمنا عليه أيّاماً ، ومات عبد الرحمان بن مهدي وحضرنا جنازته، وصلّى عليه إسماعيل بن جعفر، ورحلنا إلى سيّدي أنا وأخي دعبل، فأقمنا عنده إلى آخر سنة مئتين، وخرجنا إلى قُم من بعد أن خلع سيّدي أبو الحسن الرضا علیه السلام على أخي دعبل قيصاً خزاً أخضر، وخاتماً فصّه عقيق، ودفع إليه دراهم رضويّة وقال له : «يا دعبل، صِر إلى قُم ، فإنّك تفيد بها».
فقال له : «احتفظ بهذا القميص ، فقد صلّيت فيه ألف ليلة ألف ركعة، وختمت فيه القرآن ألف ختمة».
فحدّثنا إملاءً في رجب سنة ثمان وتسعين ومئة (2)قال : حدّثنا أبي موسى بن جعفر قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد قال : حدّثنا أبي محمّد بن عليّ قال :حدّثنا أبي عليّ بن الحسين قال : حدّثنا أبي الحسين بن عليّ قال : حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال: «مَن أدام أكل إحدى وعشرين زبيبة
ص: 399
حمراء على الريق لم يمرض إلّا مرض الموت».
(أمالي الطوسي : المجلس 12 ، الحديث 89)
وبالسند المتقدّم مثله بنقيصة ذكرتها في الهامش، وفيه: عن أبيه عليّ بن
الحسين علیهما السلام، عن النزال بن سبرة(1) عن عليّ بن أبي طالب علیه السلام أنه قال : «مَن أكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء، لم ير في جسده شيئاً يكرهه».
(أمالي الطوسي : المجلس 13 ، الحديث 1) (2)
ص: 400
(٢٥٦٢) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يوسف بن عقيل، عن إسحاق بن راهويه قال :
لمّا وافى أبو الحسن الرضا علیه السلام نيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له : يا ابن رسول الله ترحل عنّا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك ، وقد كان قعد في العمارية فأطلع رأسه وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول : سمعت أبي محمّد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سمعت جبرئيل علیه السلام يقول :
سمعت الله عزّ وجلّ يقول: «لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي».
ص: 401
فلمّا مرّت الراحلة نادانا : «بشروطها، وأنا من (1)شروطها».
(أمالي الصدوق : المجلس ٤١ ، الحديث ٨)
(٢٥٦٣) ٣ _(2) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو نصر الليث بن محمّد بن الليث العنبري إملاءً من أصل كتابه ، قال : حدّثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى وستّين ومائتين، قال:
حدّثنا خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : كنت مع الرضا علیه السلام لمّا دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلمّا سار إلى المرتعة (3)تعلّقوا بلجام بغلته وقالوا: يا ابن رسول الله، حدّثنا بحقّ آبائك الطاهرين، حدّثنا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين .
فأخرج رأسه من الهودج و عليه مطرف (4)خزّ ، فقال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين سيّد شباب أهل الجنّة، عن أبيه أمير المؤمنين ، عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : أخبرني جبرئيل الروح الأمين :
ص: 402
عن الله تقدست أسماؤه وجلّ وجهه قال: «إنّي أنا الله ، لا إله إلّا أنا وحدي ، عبادي فاعبدوني، وليعلم مَن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلّا الله مخلصاً بها، أنّه قد دخل حصني، ومَن دخل حصني أمن عذابي».
قالوا: يا ابن رسول الله، وما إخلاص الشهادة لله ؟
قال : «طاعة الله ورسوله ، وولاية أهل بيته علیهم السلام» .
(أمالي الطوسي : المجلس ٢٥ ، الحديث ٩)
ص: 403
(٢٥٦٤) ١ _(1) أبوجعفر الصدوق قال : حدّثنا الحسين بن إبراهيم علیهم السلام قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم :
عن أبي الصلت الهروي قال : إنّ المأمون قال للرضا علیه السلام: يا ابن رسول الله ، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك ، وأراك أحقّ بالخلافة منّي.
فقال الرضا علیه السلام: «بالعبوديّة لله عزّ وجلّ أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّ وجلّ».
فقال له المأمون: إنّي قد رأيت أن أعزِل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك
أبا يعك.
فقال له الرضا علیه السلام: «إن كانت الخلافة لك وجعلها الله لك، فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسكه الله وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك ، فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك .
فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، لابدّ لك من قبول هذا الأمر.
فقال: «لستُ أفعل ذلك طائعاً أبداً».
فما زال يجهد به أيّاماً حتّى يئس من ،قبوله فقال له: فإن لم تقبل الخلافة و
لم تحبّ مبايعتي لك ، فكُن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.
فقال الرضا علیه السلام: «والله لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنّي أخرُج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسمّ مظلوماً، تبكي عَلَيّ
ص: 404
ملائكة السماء وملائكة الأرض ، وأدفَن في أرض غُربة إلى جنب هارون الرشيد».
فبكى المأمون ثمّ قال له : يا ابن رسول الله، ومَن الّذى يقتلك، أو يقدر على
الإساءة إليك وأنا حىب ؟!
فقال الرضا علیه السلام : «أما إنّي لو أشاء أن أقول مَن الّذي يقتلني لقلت». فقال :المأمون يا ابن رسول الله ، إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك،
ودفع هذا الأمر عنك ، ليقول النّاس : إنّك زاهد في الدنيا !
فقال الرضا علیه السلام: «والله ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ وجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإنّي لأعلم ما تريد».
فقال المأمون : ما أريد ؟
قال : « لي الأمان على الصدق» ؟
قال : لك الأمان.
قال: «تريد بذلك أن يقول النّاس : إنّ عليّ بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل
زهدت الدنيا فيه ، ألا تَرَون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة». فغضب المأمون، ثمّ قال : إنّك تَتَلقّاني أبداً بما أكرهه ، وقد أمنت سطواتي ، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد، وإلّا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلّا ضربت عنقك !
فقال الرضا علیه السلام :«قد نهاني الله عزّ وجلّ أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أنّي لا أولّي أحداً، ولا أعزل أحداً، ولا أنقُضُ رَسْماً ولا سنّة، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً».
فرضي منه بذلك وجعله وليّ عهده على كراهة منه علیه السلام لذلك .
(أمالي الصدوق : المجلس ١٦ ، الحديث ٣)
(٢٥٦٥) ٢ -(1) حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم
ص: 405
عن أبيه:
عن الريّان بن الصلت قال: دخلت على عليّ بن موسى الرضا علیه السلام فقلت له : يا ابن رسول الله ، إنّ النّاس يقولون : إنّك قبلتَ ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا !
فقال علیه السلام : «قد علم الله كراهتي لذلك، فلمّا خُيّرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أنّ يوسف علیه السلام كان نبيّاً رسولاً ، فلمّا دفعته الضرورة إلى تولّي خزائن العزيز قال له : «اجْعَلْنِي عَلَى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» (1)، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك، على أنّي ما دخلت في هذا الأمر إلا دُخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان» .
(أمالي الصدوق : المجلس 17 ، الحديث 3)
(٢٥٦٦) ٣ -(2) حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم علیه السلام قال : حدّثنا أبي، عن ياسر قال : لمّا ولي الرضا علیه السلام العهد سمعته _ وقد رفع يديه إلى السماء - وقال : «اللهمّ إنّك تعلم أنّي مكره مضطرّ ، فلا تؤاخذني كما لم تُؤاخذ عبدك ونبيّك يوسف حين دُفع إلى ولاية مصر».
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ١٣)
(٢٥٦٧) ٤ _(3) حدثنا الحسين بن أحمد البيهقي قال : أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي
ص: 406
قال : حدّثنا الحسن بن الجهم قال : حدّثني أبي قال :
صعد المأمون المنبر ليبايع عليّ بن موسى الرضا علیه السلام فقال: أيّها النّاس، جاءتكم بيعة عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ علیه السلام والله لو قُرِئَت هذه الأسماء على الصُمّ البُكم لبرئوا بإذن الله .
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ١٥)
ص: 407
أقول : تقدّم في باب النص على إمامته إخبار الإمام الصادق علیه السلام بشهادة الإمام الرضا علیه السلام ، ويأتي ما يرتبط به في باب زيارته علیه السلام من كتاب المزار.
(٢٥٦٨) ١ _ أبو جعفر الصدوق بإسناده عن الرضا علیه السلام (في حديث) أنّه قال للمأمون: «والله لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: أنِّي أخرُج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسمّ مظلوماً، تبكي عَلَيّ ملائكة السماء وملائكة الأرض ، وأدفَن في أرض غُربة إلى جنب هارون الرشيد».
فبكى المأمون ثمّ قال له : يا ابن رسول الله ، ومَن الّذي يقتلك، أو يقدر على
الإساءة إليك وانا حيّ ؟ !
فقال الرضا علیه السلام : «أما إنّي لو أشاء أن أقول مَن الّذي يقتلني لقلت» الحديث . (أمالي الصدوق : المجلس (١٦ ، الحديث ٣)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب .3.
(٢٥٦٩) ٢ -(1) حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال:
سمعت الرضاء علیه السلام يقول: «والله ما منّا إلّا مقتول شهيد».
فقيل له : «فَمَن يقتلك يا ابن رسول الله ؟
قال: «شرّ خلق الله في زماني يقتلني بالسم، ثُمّ يدفنني في دار مضيعة وب_لاد
، غُربة، ألا فَمَن زارني في غُربتي كَتَب الله عزّ وجلّ له أجر مئة ألف شهيد، ومئة ألف صدّيق، ومئة ألف حاجّ ومعتمر، ومئة ألف مُجاهد، وحُشر في زمرتنا،
ص: 408
وجُعل في الدّرجات العُلى من الجنّة رفيقنا».
(أمالي الصدوق : المجلس (١٥ ، الحديث 8)
(٢٥٧٠) ٣ -(1) حدّثنا محمّد بن إبراهيم رحه الله قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه :
عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضاء علیه السلام أنّه قال له رجل من أهل خراسان: يا ابن رسول الله، رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في المنام كأنّه يقول لي : «كيف أنتم إذا دُفن في أرضكم بضعتي ، واستُحفِظتُم وديعتي، وغُيّب في ثراكم نَجْمي»؟
فقال له الرضا علیه السلام : أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيّكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فَمَن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي و طاعتي، فأنا وآبائي شُفعاؤه يوم القيامة ، ومَن كُنا شفعاؤه نجا ولوكان عليه مثل وزر الثقلين الجنّ والإنس .
ولقد حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبيه علیه السلام أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال : مَن رآني في منامه فقد رآني، لأنّ الشيطان لا يَتَمَثَّل في صورتي، ولا في صورة أحدٍ من و أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإنّ الرؤيا الصادقة جُزءٌ من سبعين جزءاً من النبوة».
(أمالي الصدوق : المجلس ١٥ ، الحديث ١٠)
ص: 409
(٢٥٧١) ٤ -(1) حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال: حدّثنا عبد الرحمان بن حمّاد، عن عبد الله بن إبراهيم، عن أبيه ، عن الحسين بن زيد (2)قال :
سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام يقول: «يخرج رجل من وُلد ابني موسى ، اسمه اسم أمير المؤمنين علیه السلام، فيُدفَن في أرض طوس وهي بخراسان، يُقتَل فيها بالسّمّ، فيُدفن فيها غريباً، مَن زاره عارفاً بحقّه أعطاه الله عزّ وجلّ أجر مَن أنفق من قَبل الفتح وقاتل».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٥ ، الحديث 1)
(2572) ٥ -(3) حدّثنا عليّ بن عبد الله الورّاق قال: حدّثنا سعد بن عبدالله بن أبي خلف قال : حدّثنا عمران بن موسى، عن الحسن بن عليّ بن النعمان، عن محمّد بن فضيل بن غزوان الضبيّ قال : أخبرني عبد الرحمان بن إسحاق، عن النعمان بن سعد قال :
قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه: «سيُقتَل رجل من ولدي بأرض خُراسان بالسم ظُلماً اسمه اسمي واسم أبيه اسم ابن عمران موسى علیه السلام، ألا فَمَن زاره في غربته غفر الله ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر، ولو كانت مثل ع__دد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٥ ، الحديث ٥)
ص: 410
(٢٥٧٣) ٦ -(1) حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة رمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران قال :
قال أبو عبد الله علیه السلام: يُقتَل حفدتي بأرض خُراسان في مدينة يقال لها طُوس، مَن زاره إليها عارفاً بحقّه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنّة وإن كان من أهل الكبائر».
قلت: جُعلتُ فداك، وما عرفان حقه؟
قال : «يعلم أنّه إمام مفترض الطاعة، غريب شهيد من زاره عارفاً بحقّه أعطاه الله عزّ وجلّ أجر سبعين شهيداً ممن استشهد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيقة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٥ ، الحديث ٨)
( ٢٥٧٤) ٧ -(2) حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضی الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني قال : حدّثنا علىّ بن الحسن بن علىّ بن فضّال، عن أبيه قال:
سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضاء علیه السلام يقول: «إنّي مقتول ومسموم لا ومدفون بأرض غُربة، أعلم ذلك بعهد عهده إلَيّ أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا فَمَن زارني في غُربتي كنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، و مَن
ص: 411
كنّا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين».
(أمالي الصدوق : المجلس 89 ، الحديث 9)
ص: 412
(٢٥٧٥) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله قال : حدّثني عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم:
عن أبي الصلت الهروي قال : بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا علیه السلام إذ قال لي : «يا أبا الصلت ادخل هذه القبّة التي فيها قبر هارون فأتني بتُراب من أربع جوانبها».
قال : فمضيت فأتيت به فلمّا مثلتُ بين يديه قال لي : «ناولني من هذا التراب». وهو من عند الباب، فناولته فأخذه وشمّه ثمّ رمى به ثمّ قال: «سيُحفَر لي هاهنا قبر، وتظهر صخرة لو جُمع عليها كلّ معوّل بخراسان لم يتهيأ قلعها».
ثمّ قال: «فِي الّذي عند الرَّجل والّذي عند الرأس مثل ذلك».
ثمّ قال : «ناولني هذا التراب، فهو من تربتي».
ثمّ قال: «سيُحفَر لي في هذا الموضع، فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراتي إلى أسفل، وأن يشقّ لي ضريحة، فإن أبوا إلّا أن يلحدوا، فتأمرهم أن يجعلوا اللّحد ذِراعين وشبراً، فإنّ الله عزّ وجلّ سيوسّعه لي ما شاء، فإذا فعلوا ذلك فإنّك ترى عند رأسي نداوة، فتكلّم بالكلام الّذي أعلّمك، فإنّه ينبع الماء حتّى يمتلىّ اللحد، وترى فيه حيتاناً صغاراً، فتَفُتّ لها الخبز الّذي أعطيك فإنّها تلتقطه، فإذا لم يبق
ص: 413
منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتّى لا يبق منها شيء، ثمّ تغيب فإذا غابت فضّع يدك على الماء فتكلّم بالكلام الّذي أُعَلمك ، فإنّه ينضب ولا يبقى منه شيء، ولا تفعل ذلك إلّا بحضرة المأمون».
ثمّ قال علیه السلام : «يا أبا الصّلت غداً أدخل إلى هذا الفاجر، فإن أنا خرجتُ وأن__ا مكشوف الرأس فتكلّم أكلّمك ، وإن خرجت وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني.
قال أبو الصّلت : فلمّا أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر ، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غُلام المأمون، فقال له : أجب أمير المؤمنين . فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه حتّى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب ، وأطباق فاكهة بين يديه، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي ،بعضه، فلمّا أبصر بالرضا صلوات الله عليه وثب إليه وعانقه، وقبّل ما بين عينيه، و أجلسه معه، ثمّ ناوله العنقود وقال : يا ابن رسول الله ، هل رأيت (1)عِنّباً أحسن من هذا ؟
فقال له الرضا علیه السلام: «ربما كان عِنَباً حسناً يكون من الجنّة».
فقال له : كُل منه .
فقال له الرضا علیه السلام: «أو تَعفِيني منه» ؟
فقال : لابدّ من ذلك، ما يمنعك منه ؟ لعلّك تتّهمنا بشيء ؟
فتناول العنقود فأكل منه، ثمّ ناوله فأكل منه الرضا علیه السلام ثلاث حبّات ، ثمّ رمى به ،وقام ، فقال له المأمون : إلى أين ؟
قال: «إلى حيث وجهتني».
وخرج علیه السلام مُغطّى الرأس، فلم أكلّمه حتّى دخل الدار، فأمر أن يُغلق الباب فأغلق، ثمّ نام على فراشه فمكثتُ واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً، فبينا أنا كذلك إذ دخل عَلَيّ شابٌ حَسَن الوجه ، قَطَط الشَّعر ، أشبه النّاس بالرضاء علیه السلام، فبادرتُ إليه فقلت له : مَن أين دخلتَ والباب مُغلق ؟ !
فقال لي: «الّذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الّذي أدخلني الدّار و
ص: 414
الباب مُغلق»
فقلت له: ومَن انت؟
فقال لي: «أنا حجة الله عليك يا أبا الصّلت ، أنا محمّد بن عليّ» .
ثمّ مضى نحو أبيه علیهما السلام، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلمّا نظر إليه الرضا علیه السلام، وثب إليه وعانقه وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه، ثمّ سحبه سَحباً إلى فراشه (1)، وأكبّ عليه محمّد بن عليّ علیهما السلام يُقبله ويسارُه بشيء لم أفهمه، ورأيت على شَفَتى الرضا علیه السلام زيداً أشدّ بياضاً من التّلج، ورأيت أبا جعفر يَلحَسه بلسانه، ثمّ أدخل يده بين ثوبه وصدره، فاستخرج منه شيئاً شبيهاً بالعصفور فابتلعه أبو جعفر علیه السلام، ومضى الرضا علیه السلام.
فقال أبو جعفر علیه السلام: قُم يا أبا الصلت، فأتني بالمغتسل والماء من الخزانة».
فقلت : ما في الخزانة مُغتَسل ولا ماء !
فقال: «انتمر بما آمرك (2)به».
فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء، فأخرجته وشمّرت ثيابي لأغسله معه،
فقال لي: «تنحّ يا أبا الصلت، فإنّ لي من يعينني غيرك».
فغسله ثمّ قال لي : ادخل الخزانة فأخرج إليّ السَّغَط (3)الّذي فيه كفنه وحنوطه».
فدخلت فإذا بسفط لم أره في تلك الخزانة، فحملته إليه، فكفّنه وصلّى عليه، ثمّ قال: «ائتني بالتابوت».
فقلت : أمضي إلى النجّار حتى يُصلح تابوتاً .
قال: «قُم ، فإنّ في الخزانة تابوتاً».
فدخلت الخزانة فإذا تابوت لم أره قطّ، فأتيته به ، فأخذ الرضا علیه السلام بعد أن كان
ص: 415
صلّى عليه، فوضعه في التابوت وصفٌ ،قدميه، وصلّى ركعتين لم يفرغ منهما حتّى علا التابوت وانشقّ السقف ، فخرج منه التابوت ومضى.
فقلت: يا ابن رسول الله ، الساعة يجيئنا المأمون فيطالبني بالرضا علیه السلام، فما أصنع ؟
فقال: «اسكت ، فإنّه سيعود يا أبا الصّلت، ما مِن نبّي يموت في المشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله عزّ وجلّ بين أرواحهما وأجسادهما».
فما تمّ الحديث حتّى انشقّ السقف ونزل التابوت، فقام علیه السلام فاستخرج الرضا علیه السلام من التابوت ، ووضعه على فراشه ، كأنّه لم يُغسَل ولم يكفّن وقال : يا أبا الصّلت قُم فافتح الباب للمأمون».
ففتحت الباب، فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكياً حزيناً قد شقّ
جيبه، ولطم رأسه ، وهو يقول : يا سيّداه ، فُجِعت بك يا سيّدي !
ثمّ دخل وجلس عند رأسه وقال : خُذوا في تجهيزه . فأمر بحفر القبر، فحضرت الموضع ، وظهر كلّ شيء على ما وصفه الرضا علیه السلام، فقال بعض جلسائه : ألست تزعم أنّه إمام ؟
قال : نعم .
قال : لا يكون الإمام إلّا مقدّم الرأس . فأمر أن يحفر له في القبلة.
فقلت : أمرني أن أحفر له سبع مراقي، وأن أشقّ له ضريحة .
فقال : انتهوا إلى ما يأمركم به أبو الصّلت سوى الضريحة، ولكن يُحفّر له و
يُلحَد .
فلمّا رأى ما ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك، قال المأمون: لم يزل
الرضا علیه السلام يُرينا عجائبه في حياته حتّى أراناها بعد وفاته !
فقال له وزير كان معه : أتدرى ما أخبرك به الرضا ؟
قال : لا .
قال : إنّه أخبرك أنّ ملككم بني العبّاس مع كثرتكم وطُول مدّتكم مثل هذه الحيتان، حتّى إذا فنيت ،آجالكم وانقطعت آثاركم، وذهبت دَولتكم، سلّط الله تبارك وتعالى عليكم رجلاً منّا فأفناكم عن آخركم.
ص: 416
قال له : صدقت.
ثمّ قال لي: يا أبا الصّلت، علّمني الكلام الّذي تكلّمت به .
قلت : والله لقد نسيت الكلام من ساعتي. وقد كنت صدقت.
فأمر بحبسي، ودفن الرضا علیه السلام، فحُبِستُ سنة ، وضاق عَلَيّ الحَبس، وسهرت الليل، فدعوت الله عزّ وجلّ بدعاء ذكرتُ فيه محمّداً و آل محمّد ، علیهم السلام وسألت الله بحقّهم أن يُفَرّج عنّي، فلم استتمّ الدعاء حتّى دخل عَلَيّ محمّد بن عليّ علیهما السلام فقال لي : «يا أبا الصّلت، ضاق صدرك ؟
فقلت : إي والله.
قال: «قُم فاخرج».
ثمّ ضرب يده إلى القيود الّتي كانت عَلَيّ ففكّها ، وأخذ بيدي، وأخرجني من الدار، والحرسة والغلمة يَرونني ، فلم يستطيعوا أن يكلّموني، وخرجت من باب
الدار.
ثمّ قال: «امض في ودائع الله، فإنّك لن تصل إليه ، ولا يصل إليك أبداً».
قال أبو الصلت فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت.
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ١٧)
ص: 417
أقول : تقدّم في الباب ١ ما يرتبط بهذا الباب .
(٢٥٧٦) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد، والحسن بن إسماعيل :قالا : أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : حدّثنا عبد الله بن يحيى العسكري قال : حدّثني أحمد بن زيد بن أحمد قال : حدّثنا محمّد بن يحيى بن أكثم أبو عبد الله قال :
حدّثني أبي يحيى بن أكثم القاضي (2)قال : أقدم المأمون دعبل بن عليّ الخزاعي رحمه الله وآمنه على نفسه، فلمّا مثل بين يديه وكنت جالساً بين يدي المأمون - فقال له : أنشدني قصيدتك [الكبيرة ] (3)فجحدها دعبل وأنكر معرفتها، فقال له : لك الأمان عليها كما أمنتك على نفسك، فأنشده:
ص: 418
تأسّفت جارتي لما رأت زوري *** وعدت الحِلم (1)ذنباً غير مغتفر(2)
ترجو الصبا بعد ما شابت ذوائبها *** وقد جرت طلقاً فى حلبة الكبر(3)
أجارتي إنّ شيب الرأس يُعلمني (4)*** ذكر المعاد وأرضاني(5) عن القدر
لو كنت أركن للدنيا وزينتها *** إذن بكيت على الماضين من نفر
أخنى الزمان على أهلى فصدّعهم *** تصدّع الشَعْب (6)(7)لاقى صدمة الحجر
بعضٌ أقام وبعضٌ قد أهاب به (8)***داعي المنيّة والباقي على الأثر
أما المقيم فأخشى أن يفارقني *** ولست (9)أوبة من ولّى بمنتظر
ص: 419
أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي ***کحالم (1)قصّ رؤيا بعد مذكر
لولا تشاغل عيني بالأُلى سلفوا *** من أهل بيت رسول الله لم أقر(2)
و في مواليك للمحزون (3)مشغلة *** من أن تبيت المفقود (4)على أثر
كم من ذراع لهم بالطفّ بائنة *** وعارض بصعيد التُرب مُنعفر
أمسى (5)الحسين ومسراهم لمقتله *** وهم يقولون هذا سیّد البشر
يا أُمّة السوء ما جازيت أحمد في (6)*** حسن البلاء على التنزيل والسور
خلّفتموه على الأبناء حين مضى *** خلافة الذئب في إنقاذ ذي بقر(7)
ص: 420
قال يحيى بن أكثم وأنفذني المأمون في حاجة، فقمت فعدت إليه، وقد انتهى إلى قوله (1):
لم يبق حيّ من الأحياء نعلمه *** من ذي يمان ولا بكر ولا مضر(2)
وهم شركاء في دمائهم في دمائهم *** كما تشارك أيسار على جزر(3)
قتلاً وأسراً وتخويفا) (4)ومنهبة *** فعل الغزاة بأهل (5)فعل الخَزَر
أرى أميّة معذورين إن قتلوا *** ولا أرى لبني العبّاس من عُذر
قوم قتلتم على الإسلام أوّلهم *** حتّى إذا استمكنوا (6)جازوا على
الكفر (7)*** أبناء حرب ومروان و أسرتهم
بنو معيط أولات الحقد والوغر (8)*** اربع بطوس على قبر الزكيّ بها
إن كنت تربع من دين على وطر (9)*** هيهات كل امرئ رهن بما كسبت
ص: 421
له يداه فخُذ ما شئت أو فَذَر
قال: فضرب المأمون بعمامته الأرض وقال : صدقت والله يا دعبل .
(أمالي الطوسي : المجلس ٤ ، الحديث ١٠)
أبو عبد الله المفيد عن محمّد بن عمران المرزباني مثله بتفاوت ذكرتها في الهامش. (أمالي المفيد : المجلس 38 ، الحديث 10)
(٢٥٧٧) ٢ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا الحسين بن أحمد البيهقي قال : أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي قال : حدّثني هارون بن عبد الله المهلّبي قال :
حدّثني دعبل بن عليّ الخُزاعي قال: جاءني خبر موت عليّ بن موسى
الرضاء علیه السلام وأنا مقيم بقُمّ، فقلت قصيدتي الرائيه هذه:
أرى أميّة معذورين إن قتلوا *** ولا أرى لبني العبّاس من عُذر
أولاد
حرب ومروان و أسرتهم(2) *** بني معيط ولاة الحقد والوغر
قوم قتلتم على الإسلام أوّلهم ***حتّى إذا استمكنوا جازوا على الكفر إربع بطوس على قبر الزكيّ به *** إن كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس خير النّاس كلّهم ***وقبر شرّهم هذا العبر
ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا *** على الزكيّ بقرب الرجس من ضرر
هيهات كلّ امرئ رهن بما كسبت *** له (3)يداه فخُذ ما شئت أو فَذَر
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ١٦)
ص: 422
(٢٥٧٨) ٣ _(1) أخبرنا أبو الفتح الحفّار قال : حدّثنا إسماعيل بن علي الدعبلي قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن كثير قال : دخلنا على أبي نؤاس الحسن بن هانئ (2)نعوده
ص: 423
في مرضه الّذي مات فيه، فقال له عيسى بن موسى الهاشمي : يا أبا عليّ، أنت في آخر يوم من أيّام الدنيا ، وأوّل يوم من أيّام الآخرة، وبينك وبين الله هَنات ، فتُب إلى الله عز وجل.
قال أبونؤاس : أسندوني (1)فلمّا استوى جالساً قال : إياي أتخوّف بالله، وقد حدّثني حمّاد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لكلّ نبيّ شفاعة وإنّي خبّأت شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي يوم القيامة». أفترى لا أكون منهم ؟!
(أمالي الطوسي : المجلس ١٣ ، الحديث ٦٦)
ص: 424
ص: 425
ص: 426
أقول : تقدّم في الباب السادس من أبواب النصوص على الأئمة علیهم السلام التصريح باسمه علیه السلام(1)
(٢٥٧٩)١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله قال : حدّثني عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم :
عن أبي الصلت الهروي (في حديث في شهادة الإمام الرضا علیه السلام أنّه لمّا أكل ثلاث حبّات من العنب الّذي كان بيد المأمون) قال : وخرج علیه السلام مُغطّى الرأس، فلم أكلّمه حتّى دخل الدار، فأمر أن يُغلق الباب فأغلق، ثمّ نام على فراشه فمكنتُ واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عَلَيَّ شابٌ حَسَن الوجه ، قَطَط الشَّعر ، أشبه النّاس بالرضا علیه السلام، فبادرتُ إليه فقلت له : من أين دخلتَ والباب مُغلق ؟ !
فقال لي: «الّذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت ، هو الّذي أدخلني الدّار و الباب مغلق».
فقلت له : ومَن أنت ؟
فقال لي: «أنا حجّة الله عليك يا أبا الصّلت ، أنا محمّد بن عليّ».
ثمّ مضى نحو أبيه علیهما السلام ، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلمّا نظر إليه الرضا علیه السلام وثب إليه وعانقه وضمّه إلى صدره، وقبّل ما بين عينيه، ثمّ سحبه سَحباً إلى فراشه (2)، وأكبّ عليه محمّد بن عليّ علیهما السلام يُقبله ويسارّه بشيء لم أفهمه، ورأيت على شَفَتي الرضا علیه السلام زَبَداً أشدّ بياضاً من التّلج ، ورأيت أبا جعفر يَلحَسه بلسانه،
ص: 427
ثمّ أدخل يده بين ثوبه وصدره، فاستخرج منه شيئاً شبيهاً بالعصفور فابتلعه
أبو جعفر علیه السلام، ومضى الرضا علیه السلام،.
فقال أبو جعفر علیه السلام،: قم يا أبا الصلت، فأتني بالمغتسل والماء من الخزانة».
فقلت : ما في الخزانة مُغتَسل ولا ماء !
فقال : «ائتمر بما آمرك (1)به» .
فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء ، فأخرجته وشمّرت ثيابي لأغسله معه ، فقال لي: «تنحّ يا أبا الصلت، فإنّ لي مَن يعينني غيرك».
فغسله ثمّ قال لي :«ادخل الخزانة فأخرج إليّ السَّقَط (2)الّذي فيه كفنه وحنوطه».
فدخلت فإذا بسفط لم أره في تلك الخزانة ، فحملته إليه ، فكفّنه وصلّى عليه ، ثمّ قال: «ائتني بالتابوت».
فقلت : أمضي إلى النجّار حتى يُصلح تابوتاً.
قال: «قُم، فإنّ فى الخزانة تابوتاً».
فدخلت الخزانة فإذا تابوت لم أره قطّ، فأتيته به ، فأخذ الرضا علیه السلام،بعد أن كان صلّى عليه، فوضعه في التابوت وصفٌ قدميه، وصلّى ركعتين لم يفرغ منهما حتّى علا التابوت وانشقّ السقف، فخرج منه التابوت ومضى .
فقلت: يا ابن رسول الله ، الساعة يجيئنا المأمون فيطالبني بالرضا علیه السلام،، فما أصنع ؟
فقال: «اسكت ، فإنّه سيعود يا أبا الصّلت، ما مِن نبّي يموت في المشرق ويموت وصيه بالمغرب إلّا جمع الله عزّ وجلّ بين أرواحهما وأجسادهما».
فما تمّ الحديث حتّى انشقّ السقف ونزل التابوت ، فقام علیه السلام، فاستخرج الرضا علیه السلام، من التابوت، ووضعه على فراشه كأنّه لم يُغسّل ولم يكفّن. (وساق الحديث إلى أن
ص: 428
قال : )
فأمر [المأمون ] بحبسي، ودفن الرضا علیه السلام، فحُبِستُ سنة، وضاق عَلَيّ الحَبس وسهرت الليل، فدعوت الله عزّ وجلّ بدعاء ذكرتُ فيه محمّداً وآل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم، وسألت الله بحقّهم أن يُفَرّج عنّي، فلم استتمّ الدعاء حتّى دخل عَلَيّ محمّد بن علي علیهما السلام فقال لي: يا أبا الصّلت، ضاق صدرك ؟
فقلت : إي والله .
قال: «قُم فاخرج».
ثمّ ضرب يده إلى القيود الّتي كانت عَلَيَّ ففكّها، وأخذ بيدي، وأخرجني من الدار، والحرسة والغلمة يرونني ، فلم يستطيعوا أن يكلّموني، وخرجت من باب الدار.
ثمّ قال: «امض في ودائع الله ، فإنّك لن تصل إليه، ولا يصل إليك أبداً». قال أبو الصلت فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت.
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٤ ، الحديث ١٧)
تقدّم تمامه في باب شهادة الإمام الرضا علیه السلام.
(٢٥٨٠) ٢ _ أبو عبد الله المفيد قال : حدّثني أحمد بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد القمّي، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف، عن عليّ بن مهزیار:
عن بكر بن صالح قال : كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني صلوات الله عليه : إنّ أبي ناصب خبيث الرأي، ولقد لقيت منه شدّة وجهداً، فرأيك جُعلتُ فداك _ في الدعاء لي ، وما ترى جُعلتَ فداك - أفترى أن أكاشفه (1)أم أداريه ؟
فكتب علیه السلام: «قد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر أبيك، ولست أدع الدعاء لك إن شاء الله ، والمداراة خير لك من المكاشفة ، ومع العسر يسر، فاصبر فإنّ العاقبة للمتقين، ثبّتك الله على ولاية من تولّيت نحن وأنتم في وديعة الله الّذي
ص: 429
لا تضیع ودائمه»
قال بكر : فعطف الله بقلب أبيه [عليه] ، حتّى صار لا يخالفه في شيء.
(أمالي المفيد : المجلس 23 ، الحديث 20)
ص: 430
ص: 431
ص: 432
أقول : تقدّم في الباب السادس من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام التصريح باسمه علی السلام (1)
(٢٥٨١) ١ _(2) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحّام السرّ من رآني قال حدّثني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد الله المنصوري قال:
حدّثني عمّ أبي أبو موسى بن أحمد قال: دخلت يوماً على المتوكّل وهو
يشرب، فدعاني إلى الشرب، فقلت : يا سيّدي، ما شربته قطّ.
فقال : أنت تشرب مع عليّ بن محمّد!
فقلت له: ليس تعرف من في يديك، إنّما يضرّك ولا يضرّه، ولم أعد ذلك
عليه (3)
قال : فلمّا كان يوماً من الأيّام قال لي الفتح بن خاقان : قد ذكر الرجل _ يعني المتوكّل - خبر مال يجيء من قُم ، وقد أمرني أن أرصده لأخبره به فقُل لي : مِن أيّ طريق يجيء حتّى أجتنبه.
فجئت إلى الإمام عليّ بن محمّد علیهما السلام فصادفت عنده من احتشمه فتبسّم و قال لي: «لا يكون إلّا خير يا أبا موسى ، لِمَ لَم تُعد الرسالة الأوّلة» ؟
فقلت : أجللتك يا سيّدي.
فقال لي: «المال يجيء الليلة، وليس يصلون إليه ، فبت عندي».
ص: 433
فلمّا كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام وقال لي: «قد جاء
الرجل ومعه المال، وقد منعه الخادم الوصول إلَيّ، فاخرج وخُذ ما معه» . فخرجت فإذا معه الزنفَيلجة (1)فيها المال ، فأخذته ودخلت به إليه ، فقال لي: «قُل له : هات المِخنَقَة (2)الّتي قالت لك القميّة : إنها ذخيرة جدّتها».
فخرجت إليه فأعطانيها ، فدخلت بها إليه فقال لي: «قل له : الجبّة الّتي أبدلتها منها ردّها إلينا».
فخرجت إليه فقلت له ذلك ، فقال : نعم ، كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبّة، وأنا أمضي فأجيء بها.
فقال: «اخرج فقل له : إنّ الله تعالى يحفظ ما لنا وعلينا، هاتها من كتفك». فخرجت إلى الرجل فأخرجها من كتفه فغشي عليه، فخرج إليه علیه السلام فقال له :قد كنت شاكّاً فتيقنت .
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث ٦٨)
(٢٥٨٢) ٢ _(3) وبالسند المتقدّم عن الفحّام عن المنصوري، عن عمّ أبيه قال : قال وماً الإمام علي بن محمّد علیهما السلام: يا أبا موسى، أُخرجت إلى سُرّ من رأى كُرهاً، ولو أُخرِجت عنها خرجت كُرهاً».
قال : قلت : ولِمَ يا سيّدي ؟
قال :«لطيب هوائها، وعذوبة مائها، وقلّة دائها».
ثمّ قال: «تخرب سرّ مَن رأى حتى يكون فيها ،خان، وبقّال للمارة، وعلامة
تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث ٨٥ )
ص: 434
(٢٥٨٣) ٣ _(1) وبالسند المتقدّم عن أبي موسى بن أحمد قال : قصدت الإمام علیه السلام يوماً فقلت : يا سيّدي، إنّ هذا الرجل قد اطّرحني وقطع رزقي وملّني، وما أتّهم في ذلك إلّا علمه بملازمتي لك ، فإذا سألته شيئاً منه يلزمه القبول منك، فينبغي أن تتفضّل عَلَيَّ بمسألته .
فقال : «تكفى إن شاء الله».
فلمّا كان في الليل طرقني رسل المتوكّل، رسول يتلو رسولاً، فجئت والفتح على الباب قائم فقال : يا رجل ما تأوى في منزلك بالليل ؟ كدّ هذا الرجل ممّا يطلبك.
فدخلت وإذا المتوكّل جالس في فراشه فقال : يا أبا موسى، نُشغَل عنك
تُنسينا نفسك ، أيّ شيء لك عندي ؟
فقلت : الصلة الفلانية، والرزق الفلاني، وذكرت أشياء، فأمر لي بها وبضعفها،فقلت للفتح : وافى عليّ بن محمّد إلى هاهنا ؟
فقال : لا .
فقلت : كتب رقعة ؟
فقال : لا .
فولّيت منصرفاً فتبعني فقال لي: لست أشكّ أنّك سألته دُعاء لك، فالتمس لي منه دعاءً.
فلمّا دخلت إليه علیه السلام قال لي: «يا أبا موسى، هذا وجه الرضا».
فقلت : ببركتك يا سيّدي، ولكن قالوا لي : إنّك ما مضيت إليه ولا سألته . فقال: «إنّ الله تعالى علم منّا أنّا لا نلجأ في المهمّات إلّا إليه، ولا نتوكّل في
الملمات إلّا عليه، وعوّدنا إذا سألنا الإجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا».
ص: 435
قلت : إنّ الفتح قال لي كيت وكيت .
قال: «إنّه يوالينا بظاهره ، ويجانبنا بباطنه ، الدعاء لمن يدعو به إذا أخلصت في طاعة الله، واعترفت برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وبحقّنا أهل البيت، وسألت الله تبارك و تعالى شيئاً لم يحرمك».
قلت : يا سيّدي، فتعلّمني دعاء أختص به من الأدعية .
قال: «هذا الدعاء كثيراً ما أدعو الله به، وقد سألت الله أن لا يخيّب من دعا به في مشهدي بعدي ، وهو : «يا عُدّتي عند العدد ، ويا رجائي والمعتمد وياكهني والسند ويا واحد يا أحد، ويا قُل هو الله أحد، أسألك اللهم بحقّ من خلقته من خلقك ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً ، أن تصلّي عليهم، وتفعل بي كيت وكيت».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 2)
وبالسند المتقدّم عن أبي موسى بن أحمد قال : قلت للإمام عليّ بن محمّد علیهما السلام : علّمني يا سيّدي دعاءً أتقرّب إلى الله عزّ وجلّ [به] (1)
فقال لي : «هذا دعاء كثيراً ما أدعو الله به ، وقد سألت الله عزّ وجلّ أن لا يخيّب من دعا به في مشهدي بعدي ، وهو : «يا عُدّتي عند العدد» إلى آخر الدعاء، إلّا أنّ فيه : «صلّ على جماعتهم ، وافعل بي كيت وكيت».
(أمالي الطوسي : المجلس 10 ، الحديث 78)
( ٢٥٨٤) ٤ _(2) أخبرنا أبو محمّد الفحّام قال : حدّثني أبو الطيب أحمد بن محمّد بن بوطير (3)قال : حدّثني خير الكاتب قال :
ص: 436
حدّثني شيلمة (1)الكاتب - وكان قد عمل أخبار سرّ من رأى - قال : كان المتوكّل ركب إلى الجامع، ومعه عدد ممّن يصلح للخطابة، وكان فيهم رجل من ولد العبّاس بن محمّد يلقب بهريسة، وكان المتوكّل يحقره ، فتقدّم إليه أن يخطب يوماً فخطب وأحسن فتقدّم المتوكل يصلّي فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر، فجاء فجذب منطقته من ورائه ، وقال : يا أمير المؤمنين مَن خطب يصلّی.
فقال المتوكّل : أردنا أن نخجله فأخجلنا.
وكان أحد الأشرار ، فقال يوماً للمتوكّل : ما يعمل أحد بك أكثر ممّا تعمله بنفسك في عليّ بن محمّد ، فلا يبقى في الدار إلّا من يخدمه، ولا يتبعونه بشيل ستر ولا فتح باب ولا شيء، وهذا إذا علمه النّاس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة ، فتقدّم ألا يخدم ولا يُشال بين يديه ستر، وكان المتوكّل ما رُئي أحد ممّن يهتمّ بالخبر مثله.
قال : فكتب صاحب الخبر إليه أنّ عليّ بن محمّد دخل الدار. فلم يخدم و لم يشل أحد بين يديه ستر ، فهبّ هواء رفع الستر له فدخل، فقال: اعرفوا خبرخروجه.
فذكر صاحب الخبر : أنّ هواءً خالف ذلك الهواء شال الستر له حتّى خرج.
فقال : ليس نرید هواء يشيل الستر، شيلوا الستر بين يديه .
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 3)
(٢٥٨٥) ٥ _ قال : ودخل علیه السلام يوماً على المتوكّل فقال : يا أبا الحسن مَن أشعر النّاس ؟ وكان قد سأل قبله ابن الجهم، فذكر شعراء الجاهليّة وشعراء الإسلام، فلمّا سأل الإمام قال :«فلان بن فلان العلوي »
قال ابن الفحّام وأحسبه الحمّاني ، قال : حيث يقول:
لقد فاخرتنا من قُريش عصابة *** بمطّ خدود وامتداد أصابع
ص: 437
فلمّا تنازعنا القضاء قضى لنا عليهم بما نهوى نداء الصوامع قال : وما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟
قال: «أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله ، جدّي أم جدّك» ؟ فضحك المتوكّل ثمّ قال : هو جدّك ، لا ندفعك عنه .
(أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ٤)
(٢٥٨٦) ٦ _(1) أبو محمّد الفحام قال : حدّثني المنصوري، عن عمّ أبيه، وحدّثني عمّي، عن كافور الخادم بهذا الحديث ، قال : كان في الموضع مجاور الإمام من أهل الصنائع صنوف من النّاس، وكان الموضع كالقرية، وكان يونس النقّاش يغشى(2) سيّدنا الإمام ،ويخدمه، فجاءه يوماً يرعد، فقال له : «يا سيّدي، أوصيك بأهلي خيراً».
قال: «وما الخبر» ؟
قال : عزمت على الرحيل.
قال: «ولِمَ يا يونس»؟ وهو يتبسّم علیه السلام.
قال: قال يونس: ابن بَغا وجّه إليّ بفصّ ليس له قيمة ، أقبلت أنقشه فكسرته
باثنين، وموعده غداً، وهو موسى بن بغا ، إمّا ألف سوط ، أو القتل !
قال: «امض إلى منزلك، إلى غد فرج، فما يكون إلّا خير».
فلمّا كان من الغد وافى بكرة يرعد ، فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفصّ.
قال: امض إليه فما ترى إلّا خيراً».
قال : وما أقول له يا سيّدي ؟
ص: 438
قال : فتبسّم ، وقال : «امض إليه واسمع ما يُخبرك به فلن يكون إلّا خيراً». قال : فمضى وعاد يضحك، قال: قال لي يا سيّدي : الجواري اختصموا
فيمكنك أن تجعله فصّين حتّى نغنيك .
فقال سيّدنا الإمام: «اللهمّ لك الحمد إذ جعلتنا ممّن يحمدك حقاً، فأيش قلت له».
:قال : قلت : أمهلني حتّى أتأمّل أمره كيف أعمله .
فقال: «أصبت» .
(أمالي الطوسى : المجلس 11 ، الحديث ٦)
(2587) 7 _(1) أبو محمّد الفحام قال : حدّثني عمّي عمر بن يحيى قال : حدّثنا كافور الخادم قال : قال لي الإمام عليّ بن محمّد علیهما السلام: «اترك السطل الفلاني في الموضع الفلاني، لأتطهّر منه للصلاة ».
وأنفذني في حاجة وقال : «إذا عُدتَ فافعل ذلك ليكون معدّاً إذا تأهبت
للصلاة».
واستلقا علیه السلام لينام ، وأنسيت ما قال لي، وكانت ليلة باردة، فحسست به وقد قام إلى الصلاة، وذكرت أنّني لم أترك السطل، فبعدت عن الموضع خوفاً من لومه، وتألّمت له حيث يشق بطلب الإناء، فناداني نداء مغضب، فقلت: إنّا لله ، أيش عذري أن أقول نسيت مثل هذا ؟ ولم أجد بدّا من إجابته ، فجئت مرعوبا.
فقال لي: «يا ويلك ، أما عرفت رسمي ، أنّني لا أتطهر إلّا بماء بارد ، فسخنت لي ماء وتركته في السطل »!
قلت: والله يا سيّدي ما تركت السطل ولا الماء.
قال: «الحمد للّه، واللّه لا تركنا رخصة ولا رددنا محنة ، الحمد للّه الّذي جعلنا من أهل طاعته، ووفّقنا للعون على عبادته ، إنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إنّ الله يغضب على
ص: 439
من لا یقبل رخصه».
(أمالي الطوسي : المجلس ١١ ، الحديث ٣٤)
(2588) 8 _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضی الله عنه قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن أحمد العلوي قال: حدّثني أحمد بن القاسم:
عن ابي هاشم الجعفري (2)قال : أصابتني ضيقة شديدة، فصرت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد علیهما السلام، فأذن لي ، فلمّا جلست قال: يا أبا هاشم، أيّ نعم عليه الله عزّ و جلّ عليك تُريد أن تؤدّي شكرها؟
قال أبو هاشم: فوجمت فلم أدر ما أقول له، فابتدأ علیه السلام فقال: «رزقك الإيمان ، فحرّم به بدنك على النّار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة، ورزقك القُنوع فصانك عن التبذّل».
ص: 440
يا أبا هاشم، إنّما ابتدأتك بهذا لأنّي ظننت أنّك تريد أن تشكو إلَیّ مَن فعل
بك هذا، وقد أمرت لك بمئة دينار، فخُذها».
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٤ ، الحديث ١١)
ص: 441
(٢٥٨٩) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رضی الله عنه، و عليّ بن عبد الله الورّاق ، جميعاً قالا : حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي قال : حدّثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني:
عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: دخلت على سيّدي عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیهما السلام ، فلمّا بصر بي قال لي: «مرحباً بك يا أبا القاسم ، أنت ولينا حقّا».
قال : فقلت له : يا ابن رسول الله إنّي أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان
مرضيّاً تَبَتُ عليه حتّى ألق اللّه عزّ وجلّ .
فقال: «هات يا أبا القاسم».
فقلت : إنّي أقول : إنّ الله تعالى واحدٌ ليس كمثله شيء، «إلى أن قال»: إنّ الإمام والخليفة ووليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنت يا مولاي.
فقال عليّ علیه السلام : ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للنّاس بالخلف من بعده ؟
قال : فقلت : وكيف ذاك، يا مولاي ؟
قال: «لأنّه لا يُرى شخصه ولا يحلّ ذِكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت ظُلمّا وجوراً (2).
ص: 442
قال : فقلت : أقررت ، وأقول : إنّ وليّهم ولي الله ، وعدوّهم عدو الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله .
وأقول : إنّ المعراج حقّ، والمُساءلة في القبر حق، وإنّ الجنّة حقّ والنّار حقّ، والصراط حقّ، والميزان حقّ ، وإنّ الساعة آتية لا رَيب فيها ، وإنّ الله يبعث من فى القبور.
وأقول : إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم والحجّ،
والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فقال عليّ بن محمّد علیهما السلام: «يا أبا القاسم ، هذا والله دين الله الّذي ارتضاه لعباده ،فاثبت عليه ، ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٤ ، الحديث ٢٤)
(٢٥٩٠)2) _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحّام السرّ من رأني قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد الله المنصوري قال : حدّثني أبو السري سهل بن يعقوب بن إسحاق الملقّب بأبي نؤاس المؤذّن في المسجد المعلّق في صفّ شنيف بسرّ مَن رأى.
قال المنصوري: وكان يلقّب بأبي نؤاس، لأنّه كان يتخالع ويطيب مع النّاس
ويظهر التشيّع على الطيبة فيأمن على نفسه.
[ قال أبو نؤاس : ] فلمّا سمع الإمام علیه السلام القّبني بأبي نؤاس [و] قال: «ي___ا أبا السري، أنت أبو نؤاس الحقّ ، ومَن تقدّمك أبو نؤاس الباطل».
قال: فقلت له ذات يوم يا سيّدي قد وقع لي اختيار الأيّام عن سيّدنا الصادق علیه السلام ممّا حدّثني به الحسن بن عبد الله بن مطهّر، عن محمّد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن سيّدنا الصادق علیه السلام في كلّ شهر، فأعرضه عليك .
فقال لي: «افعل».
فلمّا عرضته عليه وصحّحته قلت له يا سيدي، في أكثر هذه الأيّام قواطع
عن المقاصد لما ذكر فيها من النحس والمخاوف ، فتدلّني على الاحتراز من المخاوف فيها ، فإنّما تدعوني الضرورة إلى التوجّه في الحوائج فيها .
ص: 443
فقال لي: «يا سهل، إنّ لشيعتنا بولايتنا عصمة، لو سلكوا بها في لجّة البحار الغامرة وسباسب البيداء (1)الغائرة، بين سباع وذئاب ، وأعادي الجنّ والإنس ، لأمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثِق بالله عزّ وجلّ، واخلص في الولاء لأتمّتك الطاهرين، وتوجّه حيث شئت، واقصد ما شئت» الحديث .
(أمالي الطوسي : المجلس 10 ، الحديث 68)
يأتي تمامه في كتاب الدعاء .
(٢٥٩١) ٣- قال أبو محمّد الفحّام قال : كان أبو الطيّب أحمد بن محمّد بن بوطير رجلاً من أصحابنا، وكان جدّه بوطير غلام الإمام أبي الحسن عليّ بن محمّد، وهو سمّاه بهذا الاسم، وكان ممّن لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشبّاك ويقول : للدار صاحب حتّى أذن له، وكان متأدباً يحضر الديوان، وكان إذا طلب من الإنسان حاجة فإن أنجزها شكر وبشر، وإن وعده عاد إليه ثانية، فإن أنجزها وإلّا عاد ثالثة ، فإن أنجزها وإلّا قام في مجلسه، إن كان ممّن له مجلس ، أو جمع النّاس فأنشد :
أعلى الصراط تريد رعية ذمّتي *** أم في المعاد تجود بالإنعام
إنّي لدنياي أريدك فانتبه *** يا سيّدي من رقدة النوّام
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 37)
ص: 444
العسكرى علیهما السلام
ص: 445
ص: 446
أقول : تقدّم التصريح باسمه علیه السلام في خبر اللوح من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام(1)
(٢٥٩٢) ١ _(2) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق رضی الله عنه، وعليّ بن عبد الله الورّاق جميعاً قالا : حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي قال : حدّثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني:
عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ( في حديث) أنّه قال للإمام عليّ بن محمّد الهادي علیهما السلام : أقول: إنّ الإمام والخليفة ووليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن طالب علیه السلام ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم عليّ بن موسى، ثم محمّد بن عليّ، ثم أنت يا مولاي.
فقال عليّ علیه السلام : «ومن بعدي الحسن ابني».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥٤ ، الحديث ٢٤)
تقدّم تمامه في الباب الثاني من ترجمة الإمام الهادي علیه السلام.
ص: 447
ص: 448
ص: 449
ص: 450
(2593)1- أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضی الله عنه قال :حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن الخفّاف، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبدالله بن عبّاس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لمّا عُرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ومن السدرة إلى حُجُب النُّور، ناداني ربّي جلّ جلاله : يا محمّد ، أنت عبدي ربّك فلي فاخضع، وإيَّاي فاعبد، وعَلَيّ فتوكّل وبي فثق، فإنّي قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيّاً، وبأخيك عليّ خليفة ،وباباً، فهو حجّتي على عبادي ، و إمام لخلق ، به يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي، وبه يقام ديني، وتحفظ حدودي وتنفّذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي ،وإمائي، وبالقائم منكم أعمّر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الّذين كفروا بي السُفلى وكلمتي العليا، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله (1)أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإيَّاه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمدّه بملائكتي لتؤيّده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك ولیّي حقاً، ومهديّ عبادي صدقاً.
(أمالي الصدوق : المجلس ٩٢، الحديث ٤)
(٢٥٩٤) ٢ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى
ص: 451
الفحّام قال : حدّثني عمّي عمر بن يحيى الفحّام قال : حدّثني أبو العبّاس أحمد بن عبدالله بن علىّ الرآس (1)قال : حدّثنا أبو عبد الله عبدالرحمان بن عبدالله العمري :قال حدّثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة قال: حدّثني أخي محمّد بن المغيرة عن محمّد بن سنان، ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد علیهما السلام :
عن جابر بن عبد الله ( في حديث) قال : أشهد بالله لقد دخلتُ على فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لأُهنئها بولدها الحسين علیه السلام، فإذا بيدها لوح أخضر من زبرجدة خضراء، فيه كتاب أنور من الشمس، وأطيب من رائحة المسك الأذفر ، فقلت : ما هذا يا بنت رسول الله ؟
فقالت: «هذا لوح أهداه الله عزّ وجلّ إلى أبي فيه اسم أبي واسم بعلي واسم الأوصياء بعده من ولدي فسألتها أن تدفعه إلَيّ لأنسخه ، ففعلت. وكان فيه: «والخلف محمّد، يخرج في آخر الزمان على رأسه غمامة بيضاء تظلّه من الشمس ، ينادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين و الخافقين، وهو المهديّ من آل محمّد ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحدیث 13)
تقدّم تمامه في باب نصوص الله سبحانه على الأئمّة علیهم السلام.(2)
ص: 452
(٢٥٩٥) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه رحمه الله قال : حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الكوفي ، عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر ، عن جابر بن يزيد ، عن سعيد بن المسيّب :
عن عبد الرحمان بن سمرة : عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (في حديث) قال :«يا ابن سمرة، إنّ عليّاً منّي، روحه من روحي وطينته من طينتي، وهو أخي و أنا أخوه، وهو زوج ابنتي فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، إنّ منه إمامي أُمّتي وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين تاسِعهم قائم اُمّتي ، يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلمّاً».
(أمالي الصدوق : المجلس ٧ ، الحديث 3)
تقدّم تمامه في باب نصوص النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على الأئمّة علیهم السلام.(2)
(٢٥٩٦) ٢ -(3) حدّثنا أحمد بن محمّد رحمه الله قال : حدّثنا أبي، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن
ص: 453
أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي (1)، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن سيّد الشهداء الحسين بن علىّ عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام قال :
قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: « الأمّة من بعدي اثنا عشر ، أوّلهم أنت يا عليّ ، وآخرهم الله القائم الّذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها».
(أمالي الصدوق : المجلس 23 ، الحديث 11)
(٢٥٩٧)٣ _ حدّثنا أحمد بن هارون الفامي رحمه الله قال : حدّثنا محمّد جعفر ، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد الأنباري، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن فضّال، ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ:
عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیهم السلام قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبرني بعدد الأئمّة بعدك ؟
فقال: «يا عليّ هم اثنا عشر أوّلهم أنت، وآخرهم القائم».
(أمالي الصدوق : المجلس 91 ، الحديث 10)
ص: 454
(٢٥٩٨)٤ _ وبإسناده عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم(في حديث يذكر فيه الإخبار بشهادة الإمام الحسين علیه السلام) قال : «أوحى الله عزّ وجلّ إليّ : أنّ له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين، وأنّ له شيعة يشفّعون فيُشفّعون، وأنّ المهدي من ولده الحديث. (أمالي الصدوق : المجلس 29 ، الحديث 3)
تقدّم تمامه مسنداً في ترجمة الإمام الحسين علیه السلام، في الباب الثالث من أبواب ما يختصّ به علیه السلام.
(٢٥٩٩) ٥ _(1) وبإسناده عن الصادق جعفر بن محمّد علیهما السلام قال : «لمّا ضُرب الحسين بن : عليّ علیهما السلام بالسيف ، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه ، نادى مناد من قِبَل ربّ العزّة تبارك و تعالى من بطنان العرش فقال : ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الضالة (2)بعد نبيّها ، لا وفّقكم الله لأضحى ولا فِطر».
قال : ثمّ قال أبو عبد الله علیه السلام: لا جرم والله ما وُفّقوا ولا يوفّقون أبداً حتّى یقوم(3) ثائر الحسين .علیه السلام».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣١ ، الحديث ٤)
تقدّم إسناده في الباب 13 من ترجمة الإمام الحسين علیه السلام.
(2600) 6 -(4) حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال : حدّثني عمّي محمبد بن أبي القاسم، عن أحمد بن هلال، عن الفضل بن دُكين ، عن معمر بن راشد قال :
سمعت أبا عبدالله الصادق علیه السلام يقول : أتى يهودي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فقام بين يديه يَحُدّ النظر إليه ، فقال : «يا يهودي ، ما حاجتك» ؟
ص: 455
قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبيّ الّذي كلّمه الله ، وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر ، وأظلّه بالغَمام ؟
فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إنّه يُكْرَه للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكنّي أقول: «إلى أن قال صلى الله عليه واله و سلم» «يا يهودي ، ومِن ذريّتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم النصرته فقدّمه وصلّى خلفه».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣٩ ، الحديث ٤)
تقدّم تمامه في كتاب الاحتجاج، وفي الباب 9 من تاريخ نبيّنا صلى الله عليه واله و سلم من كتاب النبوة (1).
(٢٦٠١) ٧ -(2) حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق قال : أخبرني إسماعيل بن إبراهيم الحُلواني قال : حدّثنا أحمد بن منصور بزرج قال : حدّثنا هديّة بن عبدالوهاب قال: حدّثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر قال : حدّثنا عبدالله بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمّار، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة : رسول الله، وحمزة سيّد الشهداء، وجعفر ذوالجناحين ، وعليّ، وفاطمة والحسن والحسين، و المهدي».
(أمالي الصدوق : المجلس 72 ، الحديث 1٥)
(٢٦٠٢) 8 _(3) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد الحفّار قال :
ص: 456
حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال : حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الخزّاز من كتابه، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ الهاشمي قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان قال : حدّثنا أبو مريم ، عن تُوَير بن أبي فاختة :
عن عبدالرحمان بن أبي ليلى قال : قال أبي : دفع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الراية يوم خيبر إلى عليّ بن أبي طالب ففتح الله عليه ، وأوقفه يوم غدير خمّ فأعلم النّاس أنّه مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (ثمّ ذكر بعض ما ورد فيه من فضائله علیه السلام، إلى أن قال :)
ثمّ بكى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فقيل : ممّ بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبرئيل علیه السلام أنهم يظلمونه ويمنعونه حقّه، ويقاتلونه ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل علیه السلام عن الله عزّ وجلّ أن ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم ، واجتمعت الأمّة على محبّتهم ، وكان الشانىّ لهم قليلاً، والكاره لهم ذليلاً، وكثر المادح لهم ، وذلك حين تغيّر البلاد، وضعف العباد والإياس من الفرج، وعند ذلك يظهر القائم منهم».
فقيل له : ما اسمه؟
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : اسمه كاسمي ، واسم أبيه كاسم أبي (1)، هو من ولد ابنتي، يُظهر ،
ص: 457
الله الحق بهم، ويُخمد الباطل بأسيافهم، ويتبعهم النّاس بين راغب إليهم وخائف منهم».
قال وسكن البكاء عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فقال : «معاشر المؤمنين، ابشروا بالفرج، فإنّ وعد الله لا يخلف ، وقضاءه لا يردّ، وهو الحكيم الخبير، فإنّ فتح الله قريب، اللهمّ إنّهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، اللهمّ اكلاهم و ارعهم وكن لهم، وانصرهم وأعنهم، وأعزّهم ولا تذلّهم، واخلفني فيهم إنّك على كلّ شيء قدير».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٢ ، الحديث ٦٦)
تقدّم تمامه في باب جوامع مناقب أمير المؤمنين علیه السلام.(1)
ص: 458
(٢٦٠٣) ٩ _(1) أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن بشّار بن أبي العجوز السمسار قال : حدّثنا مجاهد بن موسى الختلي قال: حدّثنا عباد بن عباد، عن مجالد بن سعيد :
عن جبر بن نوف أبي الوداك قال: قلت لأبي سعيد الخدري والله ما يأتي علينا عام إلّا وهو شرّ من الماضي، ولا أمير إلّا وهو شرّ ممن كان قبله. فقال :أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول ما تقول، ولكن سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم! يقول :«لايزال بكم الأمر حتّى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها حتّى يملاً الأرض جوراً، فلا يقدر أحد يقول الله ، ثمّ يبعث الله عز وجل رجلاً منّي ومن عترتي ، فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها مَن كان قبله جوراً، وتُخرج له الأرض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثواً ولا يعدّه عدّداً، وذلك حين يضرب الإسلام بجِرانه (2)
(أمالي الطوسي : المجلس 18 ، الحديث 29)
(٢٦٠٤) ١٠ _ أخبرنا جماعة ، عن أبي المُفضّل قال : حدّثنا أبو أحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن حمزة العلوي قال : حدّثني أبي قال : حدّثني الحسين بن زيد بن علي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين علیهم السلام، عن جابر بن
ص: 459
عبد الله الأنصاري:
عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم (في حديث في فضائل الحسن والحسين علیهما السلام) قال : «فختم الله بهما أسباط النبوّة، وجعل ذريّتي منهما ، والّذي يفتح مدينة _ أو قال : مدائن _ الكفر ، فمن ذريّة هذا - وأشار إلى الحسين علیه السلام- رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلمّا وجوراً، فهما طاهران مطهّران، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، طوبى لمن أحبّهما وأباهما وأمّهما ، وويل لمن حاربهم وأبغضهم».
(أمالي الطوسي : المجلس 18 ، الحديث 2)
تقدّم تمامه في مناقب أصحاب الكساء علیهم السلام(1)
(٢٦٠٥) ١١ -(2) أخبرنا محمّد بن محمّد قال : حدّثنا أبو أحمد إسماعيل بن يحيى العبسي قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الضراري قال: حدّثني عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدّثنا الحسين بن الحسن الأشقر قال : حدّثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي الأسدي، عن أبي أيّوب الأنصاري (في حديث) قال:
قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم الفاطمة علیها السلام: «والّذي نفسي بيده لابدّ لهذه الأمّة من مهديّ، وهو والله من ولدك».
(أمالي الطوسي : المجلس ٦ ، الحديث 8)
تقدّم تمامه في باب مناقب أصحاب الكساء علیهم السلام.
(٢٦٠٦) ١٢ -(3) أخبرنا ،جماعة، عن أبي المفضّل قال : حدّثنا محمّد بن فيروز بن غياث الجلّاب بباب الأبواب، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل بن المختار الباني ويُعرف بفضلان صاحب الجار ، قال : حدّثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفيّة أبي حمزة قال: حدّثني أبو عامر
ص: 460
القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال :
حدّثني سلمان الفارسي رضی الله عنه قال : دخلت على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في مرضه الّذي قُبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عمّا يجد ، وقمت لأخرج ، فقال لي: «اجلس يا سلمان، فسيشهدك الله عزّ وجل أمراً إنّه لمن خَير الأمور».
فجلست ، فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته، ورجال من أصحابه، و دَخَلَت فاطمة علیها السلام ابنته فيمَن ،دخل، فلمّا رأت ما برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم مِن خنقتها العبرة حتّى فاض دمعها على خدّها فأبصر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما يبكيك يا بنيّة ، أقرّ الله عينك ، ولا أبكاها» ؟
قالت: وكيف لا أبكي ، وأنا أرى ما بك من الضعف».
قال لها : «يا فاطمة توكّلي على الله ، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء،
أمّهاتك من أزواجهم، ألا أبشّرك يا فاطمة» ؟
قالت: «بلى ، يا نبيّ الله أو قالت: يا أبه».
قال: «أما علمت أنّ الله تعالى اختار أباك فجعله نبيّاً، وبعثه إلى كافّة الخلق
رسولاً ، ثمّ اختار عليّاً فأمرني فزوّجتك إيَّاه واتّخذته بأمر ربي وزيراً ،ووصيّاً إلى أن قال : ومن ذريّتكما المهدي يملأ الله عزّ وجلّ به الأرض عدلاً، كما ملئت من قبله جوراً» الحديث.
(أمالي الطوسي : المجلس 28 ، الحديث 2)
تقدّم تمامه في كتاب النبوّة ، باب وصيّة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عند قرب وفاته .
ص: 461
(٢٦٠٧) ١ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص المقرئ المعروف بابن الحمّامى قال : حدّثنا محمّد بن جعفر القارئ قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن يوسف السلمي قال : حدّثنا سعيد بن أبي مريم قال : أخبرنا محمّد بن جعفر بن كثير قال : حدّثنا موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة:
عن عليّ علیه السلام أنّه قال : لتملأنّ الأرض ظلماً وجوراً حتّى لا يقول أحد الله إلّا مستخفياً، ثمّ يأتي الله بقوم صالحين يملؤونها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
(أمالي الطوسي : المجلس 13 ، الحديث 73)
أقول : يحتمل أن تكون هذه الرواية مربوطة بقبل ظهور المهدي علیه السلام ، وإشارة إلى الممهّدين له دولته علیه السلام.
ص: 462
(١٢٦٠٨ - أبو عبد الله المفيد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان عن بشير الكناسي:
عن أبي خالد الكابلي قال : قال لي عليّ بن الحسين علیهما السلام: «يا أبا خالد ، لتأتينّ فتن كقطع الليل المظلم ، لا ينجو إلّا مَن أخذ الله ميثاقه، أولئك مصابيح الهدى و ينابيع العلم، ينجيهم الله من كلّ فتنة مظلمة ، كأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاث مئة وبضعة عشر رجلاً ، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله (1)، وإسرافيل ،أمامه، معه راية رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قد نشرها، لا يهوي بها إلى قوم إلّا أهلكهم الله عزّ وجلّ».
(أمالي المفيد : المجلس ٦ ، الحديث ٥)
ص: 463
(٢٦٠٩) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه الله _ قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن المحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي قال : دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن عليّ علیهما السلام ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة ، فقال له أبو جعفر علیه السلام: «هذه صحيفة تخاصم على الدين الّذي يقبل الله فيه العمل »؟
فقال : رحمك الله ، هذا الّذي أريد.
فقال أبو جعفر علیه السلام: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وتقرّ بما جاء من عند الله ، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدوّنا، والتسليم لنا، والتواضع والطمأنينة ، وانتظار أمرنا ، فإنّ لنا دولة إن شاء الله تعالى جاء بها».
(أمالي الطوسي : المجلس ٧ ، الحديث 1)
ص: 464
(٢٦١٠) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد محمّد بن الحسين الكناني، عن جدّه:
عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام قال : «إنّ الله عزّ وجلّ (2)أنزل على نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم كتاباً قبل أن يأتيه الموت فقال : يا محمّد ، هذا الكتاب (3)وصيّتك إلى النجيب من أهلك .
فقال : ومَن (4)النجيب من أهلي يا جبرئيل ؟
فقال : عليّ بن أبي طالب.
وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى عليّ علیه السلام وأمره أن يفكّ خاتماً منها، ويعمل بما فيه، ففكّ [علىّ] علیه السلام (5)خاتماً وعمل بما فيه ، ثمّ دفعه إلى ابنها الحسن علیه السلام (إلى أن قال) : «ثمّ كذلك أبداً إلى قيام المهدي علیه السلام»(6)
(أمالي الصدوق : المجلس ٦٣ ، الحديث 2)
أبو جعفر الطوسي، عن الغضائري، عن الصدوق مثله بتفاوت يسير ذكرتها في الهامش
(أمالي الطوسي : المجلس ١٥ ، الحديث ٤٧)
تقدّم تمامه في الباب ٦ من أبواب النصوص على الأئمّة علیهم السلام.
ص: 465
(٢٦١١) ٢ -(1)حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه الله قال : حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن أبي عمير قال : حدّثني مَن سمع أبا عبد الله الصادق علیه السلام قال :
كان الصادق جعفر بن محمّد علیه السلام يقول :
لكلّ أناس دولة يرقبونها *** ودولتنا في آخر الدهر تظهر
(أمالي الصدوق : المجلس ٧٤ ، الحديث ٤)
(٢٦١٢) ٣ -(2) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد الحسن بن الوليد بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عبيد، عن عليّ بن أسباط ، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران قال :
قال أبو عبد الله علیه السلام : «لمّا كان من أمر الحسين بن علي ما كان ضجّت الملائكة إلى الله تعالى وقالت : يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيك» ؟!
قال: «فأقام الله لهم ظلّ القائم علیه السلام وقال : بهذا أنتقم له من ظالميه»(3).
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٩٢)
ص: 466
(٢٦١٣) ١ _ أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه رحمه الله قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريّان بن شبيب:
عن الرضاء علیه السلام: (في حديث يذكر فيه مصائب الإمام الحسين علیه السلام ) قال : «و نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قُتل، فهم عند قبره شعث غير إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره، وشعارهم : يالثارات الحسين».
(أمالي الصدوق : المجلس ٢٧ ، الحديث ٥)
تقدّم تمامه في الباب الثامن من ترجمة الإمام الحسين علیه السلام.
ص: 467
(٢٦١٤) ١ -(1) أبو جعفر الصدوق بإسناده عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (في حديث أنّه قال للإمام علىّ بن محمّد الهادي علیهما السلام: أقول : إنّ الإمام والخليفة ووليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ أنت يا مولاي.
فقال علي علیه السلام: «ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للنّاس بالخلف من بعده»؟
قال : فقلت : وكيف ذاك ، يا مولاي ؟
قال: «لأنّه لا يُرى شخصه، ولا يحلّ ذِكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت ظلمّا وجوراً».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥١ ، الحديث ٢٤)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب الثاني من ترجمة الإمام الهادي علیه السلام.
ص: 468
(٢٦١٥) ١ _(1) أبو جعفر الطوسي بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصاري (في حدیث قال: «والله ما أرى في أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين إلّا يوسف بن يعقوب علیهما السلام، والله لذريّة علي بن الحسين علیهما السلام أفضل من ذريّة يوسف بن يعقوب ، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً».
(أمالي الطوسي : المجلس 31، الحديث 18)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب الرابع من ترجمة الإمام السجّاد علیه السلام.
ص: 469
(٢٦١٦) ١ _ أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحّام السرّ من رآني قال: حدّثني أبو الطيّب أحمد بن محمّد بن بوطير، وكان لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشبّاك ، فقال لي : جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهير و الشمس تغلي، والطريق خال من أحد ، وأنا فزع من الزعار (1)و من أهل البلد، أتخفّ إلى أن بلغت الحائط الّذي أمضي منه إلى الشبّاك، فمددت عيني فإذا برجل جالس على الباب ظَهره إليّ ، كأنّه ينظر في دفتر ، فقال لي : «ي______ا أبا الطيّب». بصوت يشبه صوت حسين بن عليّ بن [أبي ] (2)جعفر بن الرضا، فقلت : هذا حسين قد جاء يزور أخاه .
قلت : يا سيّدي، أمضي أزور من الشبّاك وأجيئك فأقضي حقّك.
قال: «ولِمَ لا تدخل يا أبا الطيّب»؟
فقلت له : الدار لها مالك ، لا أدخلها من غير أذنه .
فقال: «يا أبا الطيّب ، تكون مولانا ،رقّاً، وتوالينا حقّاً، ونمنعك تدخل الدّار ؟ادخل يا أبا الطيّب».
فقلت : أمضي أسلّم عليه ولا أقبل منه فجئت إلى الباب وليس عليه أحد
فيشعر بي، وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع، ففتح لي الباب ودخلت فكان يقول : أليس كنت لا تدخل الدار ؟ فقال : أمّا أنا فقد أذنوا لي، بقيتم أنتم .
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث ٥)
ص: 470
(٢٦١٧) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن أحمد السّناني رحمه الله قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب _بيب قال : حدّثنا الفضل بن الصقر العبدي قال : حدّثنا أبو معاوية [ محمّد بن خازم الضرير ] ، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ:
عن أبيه عليّ بن الحسين علیهم السلام ( في حديث ) قال : «ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة الله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله فيها ، ولولا ذلك لم يُعبد الله». قال سليمان : فقلت للصادق علیه السلام : فكيف ينتفع النّاس بالحجّة الغائب المستور ؟
قال: «كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السَّحاب».
(أمالي الصدوق : المجلس ٣٤ ، الحديث ١٥)
تقدّم تمامه في الباب الأوّل - الاضطرار إلى الحجّة - من كتاب الإمامة.(2)
ص: 471
(٢٦١٨) (١)١ _(1) أبو جعفر الصدوق بإسناده عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الإمام عليّ بن محمّد الهادي علیهما السلام (في حديث) قال : ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للنّاس بالخلف من بعده» ؟
قال: فقلت : وكيف ذاك يا مولاى ؟
قال: «لأنّه لا يُرى شخصه، ولا يحلّ ذِكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت ظُلمّا وجوراً».
(أمالي الصدوق : المجلس ٥١ ، الحديث ٢٤)
تقدّم إسناده في الباب الثامن، وتمامه في الباب الثاني من ترجمة الإمام الهادي علیه السلام.
ص: 472
(٢٦١٩) ١ - أبو جعفر الطوسي بإسناده عن إسماعيل الجعفي قال : دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن عليّ علیهما السلام ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة، فقال له أبو جعفر علیه السلام: «هذه صحيفة تخاصم على الدين الّذي يقبل الله فيه العمل» ؟
فقال : رحمك الله ، هذا الّذي أريد.
فقال أبو جعفر علیه السلام: «أشهد أن لا إله إلّا الله إلى أن قال : وانتظار أمرنا ، فإنّ لنا دولة إن شاء الله تعالى جاء بها».
(أمالي الطوسي : المجلس ، الحديث 1)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب الخامس.
(٢٦٢٠) ٢ -(1) أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن محمّد قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمان ، عن عمرو بن شمر :
عن جابر قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن علي علیهما السلام ونحن جماعة ، بعد ما قضينا نسكنا، فودّعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله . فقال :«ليعن قويّكم ضعيفكم ، و ليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه ، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا النّاس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه ، وإن اشتبه
ص: 473
الأمر عليكم فيه فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ماشُرح لنا ، وإذا كنتم كما أوصيناكم ؛ لم تعدوا إلى غيره ، فمات منكم ميّت قبل أن يخرج قائمنا ، كان شهيداً، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه ، كان له أجر شهيدين ، ومن قتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً» .
(أمالي الطوسي : المجلس 9 ، الحديث 2)
(٢٦٢١) ٣ _(1) أخبرنا أبو عبد الله حمويه بن عليّ بن حمويه قال : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن بكر الهزّاني قال : حدّثنا ابن مقبل قال : حدّثنا عبدالله بن شبيب [ أبو سعيد الربعي ] قال : حدّثنا إسحاق بن محمّد الفروي، عن سعيد بن مسلم، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن علىّ علیهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَن رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل، وانتظار الفرج عبادة».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٥٥)
ص: 474
(٢٦٢٢)٤ - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم:
عن أبي عبد الله علیه السلام قال : « لوددت أنّي وأصحابي في فلاة من الأرض حتّى نموت أو يأتي الله بالفرج».
(أمالي الطوسي : المجلس 35 ، الحديث 2)
(٢٦٢٣) ٥ - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي قال : أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا العبّاس بن عامر قال : حدّثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن يحيى بن العلاء :
عن أبي جعفر علیه السلام قال : كلّ مؤمن شهيد وإن مات على فراشه فهو شهيد،
ص: 475
وهو كمن مات في عسكر القائم عجل الله تعالى فرجه » .
قال:«أيحبس نفسه على الله ثمّ لا يدخله الجنّة» ؟ !
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٧ ، الحديث ٥)
(٢٦٢٤) ٦ _ أبو عبدالله المفيد قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمّد قال: حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر الحسني قال : حدّثنا أبو موسى عيسى بن مهران قال : حدّثنا أبو يشكر (1)البلخي قال : حدّثنا موسى بن عبيدة [بن نشيط أبو عبد العزيز الربذي ] ، عن محمّد بن كعب القُرظي، عن عوف بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا ليتني قد لقيت إخواني».
فقال له أبو بكر وعمر: أو لسنا إخوانك ؟ ! آمنّا بك وهاجرنا معك ؟
قال صلی الله علیه و آله وسلم: «قد آمنتم وهاجرتم ، ويا ليتني قد لقيت إخواني».
فأعادا القول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنتم أصحابي، لكن إخواني الّذين يأتون من بعدكم يؤمنون بي ويحبّوني وينصروني ويصدّقوني وما رأوني، فيا ليتني قد لقيت إخواني».
(أمالى المفيد : المجلس ٧ ، الحديث 9)
ص: 476
(٢٦٢٥) 1 _(1) أبو جعفر الطوسي قال : أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله محمّد بن مهدي قال: أخبرني أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال : حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدّثنا عبد الرحمان بن شريك بن عبدالله النخعي قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمان بن زيد بن حارثة ، عن مجمع بن جارية قال :
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول : يُقتَل الدجّال دون باب اللدّ بسبعة عشر ذراعاً». واللدّ بالرملة بأرض الشام.
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث ٢٦)
ص: 477
(٢٢٦٢٦ - وبالسند المتقدّم عن محمّد بن إسحاق عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن أبي هريرة :
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «ليهبطنّ الدجّال بجُور (1)وكرمان في ثمانين ألفاً، كأنّ وجوههم مجانّ مطرقة (2)، يلبسون الطيالسة، وينتعلون الشع».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٠ ، الحديث 27)
(٢٦٢٧) ٣ _(3) وبإسناده عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : قال أبي : دفع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الراية يوم خيبر إلى عليّ بن أبي طالب ففتح الله عليه ، وأوقفه يوم غدير خمّ فأعلم النّاس أنّه مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (ثمّ ذكر بعض ما ورد فيه من فضائله علیه السلام إلى أن قال :)
ثمّ بكى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم، فقيل : ممّ بكاؤك، يا رسول الله ؟ قال : أخبرني جبرئيل علیه السلام؟ أنّهم يظلمونه ويمنعونه حقّه، ويقاتلونه ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل علیه السلام عن الله عزّ وجلّ أنّ ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم ، واجتمعت الأمّة على محبّتهم ، وكان الشانىّ لهم قليلاً ، والكاره لهم ذليلاً، وكثر المادح لهم، وذلك حين تغيّر البلاد، وضعف العباد، والإياس من الفرج، وعند
ص: 478
ذالک یظهر القائم منهم»الحدیث.
(أمالي الطوسي : المجلس ١٢ ، الحديث ٦٦)
تقدّم إسناده في الباب الثاني، وتمامه في باب جوامع مناقب أمير المؤمنين علیه السلام(1).
(٢٦٢٨) ٤ -(2) أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن محمّد بن مخلد قراءةً عليه ، في ذي الحجّة سنة سبع عشرة وأربع مئة قال : حدّثنا أبو الحسين عمر بن الحسن بن عليّ بن مالك الشيباني القاضي المعروف بابن الاشناني في منزله سنة تسع وثلاثين و ثلاث مئة ، قال : أخبرنا محمّد بن مسلمة بن الوليد بن عبد الملك قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا شعبة، عن قتادة عن أنس قال:
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : «الدجّال لا يدخل مكّة والمدينة، على كلّ نقب من أنقابها (3)ملك شاهر سيفه» .
(أمالي الطوسي : المجلس ١٣ ، الحديث ٧٤)
(٢٦٢٩) ٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنى الشريف أبو محمّد أحمد بن محمّد بن عيسى العلوي الزاهد قال : حدّثنا حيدر بن محمّد بن نعيم السمر قندي قال : حدّثنا أبو عمرو محمّد بن عمر الكشّي قال: حدّثنا حمدويه بن نصير، عن محمّد بن عيسى:
عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن الرضا علیه السلام: إنّ عبد الله بن بكير كان يروي حديثاً ويتأوّله ، وأنا أحبّ أن أعرضه عليك.
فقال: «وما ذلك الحديث» ؟
قلت : قال ابن بكير : حدّثني عبيد بن زرارة قال : كنت عند أبي عبد الله علیه السلام
ص: 479
أيّام خروج محمّد بن عبد الله بن الحسن، إذ دخل عليه رجل من أصحابنا، فقال له : جُعِلتُ فداك، إنّ محمّد بن عبد الله قد خرج وأجابه النّاس، فما تقول في الخروج معه ؟
فقال أبو عبد الله علیه السلام: «اسكن ما سكنت السماء والأرض».
فقال عبد الله بن بكير : فإذا كان الأمر هكذا، ولم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض، فما من قائم ولا من خروج !
فقال أبو الحسن علیه السلام: صدق أبو عبد الله علیه السلام، وليس الأمر على ما تأوّله ابن بكير، إنّما قال أبو عبد الله علیه السلام: اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش».
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٧٧)
(٦٢٦٣٠ - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال :
قال أبو عبد الله علیه السلام وذكر السفياني، فقال: «أمّا الرجال فتواري وجوهها عنه، وأمّا النساء فليس عليهنّ بأس».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث ١٥)
(٢٦٣١) 7 _ وبالسند المتقدّم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله علیه السلام قال : لمّا خرج طالب الحقّ ، قيل لأبي عبد الله علیه السلام: نرجو أن يكون هذا اليماني؟
فقال: «لا ، اليماني يوالي عليّاً علیه السلام، وهذا يبرأ».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث ١٩)
ص: 480
(٢٦٣٢) ٨ _(1) وعن هشام ، عن أبي عبد الله علیه السلام قال : «اليماني و السفياني كفرسي رهان».
(أمالي الطوسي : المجلس ٣٥ ، الحديث ٢٠)
(٢٦٣٣) ٩ -(2) أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال : أخبرنا محمّد بن وهبان قال : حدّثنا أبو عيسى محمّد بن إسماعيل بن حيّان الورّاق في دكّانه بسكّة الموالي قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي الأسدي قال : حدّثنا أبو سعيد عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : حدّثنا خلاد أبوعلي:
عن جعفر بن محمّد علیهما السلام قال : «السفياني لابدّ منه، ولا يخرج إلّا في رجب».
(أمالي الطوسي : المجلس 37 ، الحديث 21)
(٢٦٣٤) ١٠ _(3) وبالسند المتقدّم عن خلاّد قال : سأل رجل جعفر بن محمّد علیهما السلام فقال : يا أبا عبد الله ، إذا خرج السفياني فما حالنا ؟
قال : «إذا كان ذلك فإلينا».
(أمالي الطوسي : المجلس 37 ، الحديث 22)
ص: 481
(٢٦٣٥) ١١ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلّودي قال : حدّثنا [ محمّد بن عطيّة قال : حدّثنا عبدالله بن عمرو بن سعيد البصري قال حدّثنا ] (1)هشام بن جعفر عن مّاد:
عن عبدالله بن سُليمان (2)وكان قارئاً للكتب _ قال : قرأت في الإنجيل: «يا - عيسى، جِدّ في أمري ولا تهزل، واسمع وأطع، إلى أن قال : أرفعك إليّ ثمّ أهبطك في آخر الزمان لترى من أُمّة ذلك النبيّ العجائب، ولتُعينهم على اللعين الدجّال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم، إنّهم أُمّة مرحومة».
(أمالي الصدوق : المجلس ٤٦ ، الحديث ٨ )
تقدّم تمامه في ترجمة عيسى بن مريم علیهما السلام من كتاب النبوة (3)
(٢٦٣٦) ١٢ _(4) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن موسى الحضرمي قال : حدّثنا [أبو سعيد البصري التجيبي ] مالك بن عبد الله بن سيف قال : حدّثنا عليّ بن معبد قال : حدّثنا إسحاق بن أبي يحيى الكعبي(5) عن سفيان الثوري ، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن
ص: 482
حذيفة بن اليمان قال :
سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول: «يميّز الله أولياءه وأصفياءه حتّى تطهر الأرض من المنافقين والضالّين وأبناء الضالّين وحتّى تلتقي بالرجل يومئذ خمسون امرأة هذه تقول : يا عبد الله اشترني، وهذه تقول : يا عبد الله آوني».
(أمالي المفيد : المجلس 18 ، الحديث2)
ص: 483
أقول : تقدّم في الباب السابق ما يرتبط بهذا الباب (1)
(٢٦٣٧) ١) - أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبوبكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا عمر بن عيسى بن عثمان قال : حدّثنا أبي قال: حدّثنا خالد بن عامر بن عبّاس:
عن محمد بن سويد الأشعرى قال: «دخلت أنا وفطر بن خليفة على جعفر بن محمّد علیهما السلام، فقرّب إلينا تمراً فأكلنا، وجعل يناول فطراً منه، ثمّ قال له : «كيف الحديث الّذي حدّثتني عن أبي الطفيل رحمه الله في الأبدال» ؟
فقال :فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت عليّاً أمير المؤمنين علیه السلام يقول : «الأبدال (2)من أهل الشام ، والنجباء من أهل الكوفة يجمعهم الله لشرّ يوم لعدوّنا» (3)
فقال جعفر الصادق علیه السلام : «رحمكم الله، بنا يبدأ البلاء ثمّ بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثمّ بكم، رحم الله مَن حبّينا إلى النّاس ولم يكرّهنا إليهم».
(أمالي المفيد : المجلس ٤ ، الحديث ٤)
ص: 484
(٢٦38) ٢ _ أبو جعفر الطوسى قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد قال : أخبرنا : أبو القاسم جعفر بن محمّد قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر:
عن أبي جعفر محمّد بن علي علیهما السلام (في حديث ) قال : «ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه، كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً».
(أمالي الطوسي : المجلس : 9 ، الحديث 2)
تقدّم تمامه مسنداً في الباب 10 - فضل انتظار الفرج ومدح الشيعة في زمان الغيبة .
(٢٦٣٩) ٣ _(1) وبإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري (في حديث اللوح): «والخلف محمّد، يخرج في آخر الزمان على رأسه غمامة بيضاء تظلّه من الشمس، ينادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين و الخافقين، وهو المهديّ من آل محمّد، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً».
(أمالي الطوسي : المجلس 11 ، الحديث 13)
تقدّم إسناده في الباب الأوّل ، وتمامه في باب نصوص الله سبحانه على الأئمّة علیهم السلام.(2)
(٢٦٤٠) ٤ _(3) أبو جعفر الصدوق بإسناده عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الأئمّة من بعدي اثنا عشر ، أوّلهم أنت يا عليّ ، وآخرهم القائم الّذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و
ص: 485
مغاربها».
(أمالي الصدوق : المجلس 23، الحدیث 11)
تقدّم اسناده فی الباب الثانی.
ص: 486
أقول : مسألة الرجعة من الأمور الّتي اتّفق عليها الإماميّة، وادّعى العلّامة المجلسي رحمه الله تواتر الأخبار فيها، وعدّ أربعين من الثقات العظام الّذين رووا روايات ،الرجعة وقال : إنّ مَن يشكّ فى أمثالها فهو شالاً فى أئمّة الدّين. وقال، أيضاً الرجعة عندنا تختصّ بمَن محض الإيمان ومحض الكفر، دون مَن سوى هذين الفريقين .
من أراد مزيد الاطّلاع على ذلك فليراجع باب الرجعة من تاريخ الإمام
المهدي علیه السلام بحار الأنوار : ٥٣: ١٤٤٣٩.
(٢٦٤١) ١ _(1) أبو جعفر الصدوق قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم [بن الزبير النخعي الضرير أبي الحسن] ، عن عامر بن معقل :
عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : قال لي: «يا أبا حمزة لا تضعوا عليّاً دون ما وضعه الله ، ولا ترفعوا عليّاً فوق ما رفعه الله ، كف بعليّ أن يقاتل أهل
ص: 487
الكرة (1)، وأن يزوّج أهل الجنّة».
(أمالي الصدوق : المجلس 38 ، الحديث ٤)
أبو عبد الله المفيد ، عن الصدوق، عن أبيه ، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان [الأعلم النخعي أبي الحسن الكوفي ] ، عن عامر بن معقل، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر علیهما السلام: «يا أبا ،حمزة، لا تضعوا عليّاً دون ما رفعه الله ، ولا ترفعوا عليّاً فوق ما جعله الله ... » إلى آخر الحديث.
(أمالي المفيد : المجلس ١ ، الحديث ٦)
(٢٦٤٢) ٢ _(2) أبو عبد الله المفيد قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال : حدّثنا الحسن بن عليّ الزعفراني قال : حدّثني إبراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان قال : حدّثنا الفضل بن الزبير، عن عمران بن ميثم عن عباية الأسدي قال :
سمعت عليّاً علیه السلام يقول: «أنا سيّد الشّيب، وفيّ سنّة من أيّوب [و] والله ليجمعنّ الله لي أهلي كما جُمعوا ليعقوب»
ص: 488
(أمالي المفيد : المجلس ١٨ ، الحديث ٤)
(٢٦٤٣)٣ _(1) أبو جعفر الطوسي بإسناده عن أبي عبد الله علیه السلام : «لمّا كان من أمر الحسين بن علي ما كان ضجّت الملائكة إلى الله تعالى وقالت : يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك ؟ !
قال: «فأقام الله لهم ظلّ القائم علیه السلام وقال : بهذا أنتقم له من ظالميه»(2).
(أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، الحديث ٩٢)
تقدّم إسناده في الباب السادس.
ص: 489
ص: 490
أبواب تاريخ سيّدة النساء فاطمة الزهراء علیها السلام
باب 1 - ولادتها سلام الله عليها ... 9
باب 2- أسماؤها ، وبعض فضائلها علیها السلام ... 12
باب ٣- مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها علیها السلام... 15
باب ٤- تزويجها صلوات الله عليها ... 37
باب -٥ - كيفيّة معاشرتها مع عليّ علیهما السلام ... 53
باب ٦- ما وقع عليها من الظلم ، وإخبار النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بذلك ، وبكاؤها و حزنها وشكايتها في مرضها إلى شهادتها علیها السلام... 54
باب 7-كيفيّة مجيئها علیها السلام إلى المحشر، وتظلّمها فى القيامة ... 74
أبواب تاريخ الحسنين علیهما السلام
باب ١ - ولادتهما وأسمائهما علیهما السلام... 81
باب 2 - فضائلهما ومناقبهما ونقش خاتمهما علیهما السلام... 90
باب ٣ - النصّ على إمامتهما علیهما السلام... 109
أبواب ما يختصّ بالإمام الحسن علیه السلام
باب 1 - نقش خاتمه علیه السلام... 117
باب 2- مكارم أخلاقه علیه السلام... 118
باب 3- خطبة الإمام الحسن بعد شهادة أبيه علیها السلام، وخطبته بعد
البيعة له ... 121
ص: 491
باب ٤-مصالحة الإمام الحسن علیه السلام معاوية وبعض عللها... 127
باب ٥-سائر ما جرى بين الإمام الحسن علیه السلام وبين معاوية وساير
بني أمية... 135
باب -٦- بعض أفعال معاوية وتاريخه ... 138
باب7- إخبار النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بشهادته ، ووصيّته وشهادته ودفنه علیه السلام... 144
أبواب ما يختصّ بالإمام الحسين علیه السلام
باب 1 - نقش خاتمه علیه السلام وبعض أحواله... 153
باب 2 الإخبار بشهادته علیه السلام في الأمم السابقة ، والكتب المتقدّمة ... ١٥٥
باب 3- إخبار الله تعالى نبيّنا صلی الله علیه و آله وسلم بشهادة الإمام الحسين علیه السلام بواسطة جبرئيل علیه السلام والملائكة... 161
باب -٤ إخبار رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بشهادته علیه السلام... 167
باب -٥ - إخبار أمير المؤمنين علیه السلام بشهادته علیه السلام... 172
باب ٦ - إخبار الإمام الحسن علیه السلام بشهادته علیه السلام ... 180
باب 7 - ما عوّضه الله سبحانه بشهادته علیه السلام... 181
باب - ثواب البكاء على مصيبته ومصائب سائر الأئمّة علیهم السلام ، وبكاء الأئمّة علیهم السلام مصائب الحسين علیه السلام وفضل الإنشاد فيه... 182
باب 9 - ما ينبغي أن يقال عند ذكر مصائب الحسين علیه السلام... 191
باب 10 - ما جرى بعد بيعة النّاس ليزيد لعنه الله إلى شهادة الإمام الحسين علیه السلام... 193
باب 11 _ أنّ يوم عاشوراء يوم مصيبة وحزن ، والنهي عن صومه واتخاذه عيداً وأن يدخر فيه شيئاً ... 211
باب 12 - ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمر الحسين علیه السلام وهبوطهم لنصره... 213
باب 13 - رؤية أُمّ سلمة وابن عبّاس رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في المنام وإخباره بشهادة الحسين علیه السلام وأصحابه ... 215
ص: 492
باب ١٤ - ما ظهر بعد شهادة الإمام الحسين علیه السلام من بكاء السماء و
الأرض عليه... 218
باب ١٥ - الوقائع المتأخّرة عن قتله علیه السلام إلى رجوع أهل البيت علیهم السلام إلى المدينة، وفيه خطبة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى علیها السلام بالكوفة... 223
باب ١٦ - نَوح الجنّ على الإمام الحسين علیه السلام... 233
باب 17 - ما ورد من المراثي في مصيبته علیه السلام... 238
باب 18 - شهادة ولدي مسلم بن عقيل الصغيرين... 241
باب 19 - ما عجّل الله تعالى به قتلة الحسين علیه السلام من العذاب في الدنيا ... ٢٤٨
باب -20 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي وما جرى على يديه ... 251
باب 21 - جور الخلفاء على قبره الشريف وما ظهر من المعجزات عنده ... ٢٥٩
باب 22- نادر في ما ظهر عند قبره الشريف ... 271
باب 23 - في أنّ تربة الإمام الحسين علیه السلام شفاء من كلّ داء وأمان من كل خوف ... 272
أبواب تاريخ الإمام السجّاد علیه السلام
باب 1 - تسميته بزین العابدين، ونقش خاتمه علیه السلام وما ورد فى مدّة عمره علیه السلام... 281
باب -2 - النصّ على الخصوص على إمامته والوصية له علیه السلام... 284
باب 3 _ معجزاته وغرائب شأنها علیه السلام... 285
باب ٤- محاسن سيره ومكارم أخلاقه علیه السلام... 289
باب 5- حزنه وبكاؤه على شهادة أبيه علیها السلام... 297
باب ٦ - أحوال أهل زمانه من الخلفاء وغيرهم... 299
باب ٧- أحوال زيد بن عليّ بن الحسين علیهما السلام... 305
أبواب تاريخ الإمام الباقر علیه السلام
باب 1- نقش خاتمه علیه السلام... 319
ص: 493
باب ٢- ما ورد في مناقبه ، والنصّ على إمامته علیه السلام... 320
باب ٣ - معجزة له علیه السلام... 324
باب ٤ ما ورد من أخباره علیه السلام... 326
باب ٥ أحوال أهل زمانه علیه السلام... 328
أبواب تاريخ الإمام الصادق علیه السلام
باب 1 - نقش خاتمه علیه السلام... 335
باب 2 - مکارم سيره ومحاسن أخلاقه علیه السلام... 336
باب ٣- معجزاته واستجابة دعائه ... 343
باب ٤ ما جرى بينه علیه السلام وبين المنصور وبعض عمّاله... 347
باب ٥ - في موت ابنه إسماعيل... 355
باب ٦ - مدّاحيه صلوات الله عليه ... 356
باب7 - أحوال أصحابه وأهل زمانه علیه السلام... 362
أبواب تاريخ الإمام الكاظم علیه السلام
باب 1 - ما ورد في اُمّه علیه السلام... 375
باب 2 - النصّ على إمامته ونقش خاتمه علیه السلام... 377
باب 3- معجزاته واستجابة دعواته علیه السلام... 379
باب ٤- جُمل من أخباره علیه السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي واعتراف هارون بفضل موسى بن جعفر علیهما السلام... 381
باب ٥ - أحواله علیه السلام في الحبس إلى شهادته علیه السلام... 385
باب ٦- بعض ما ورد في هشام بن الحكم وهشام بن سالم... 392
أبواب تاريخ الإمام الرضا علیه السلام
باب 1 - النصّ على إمامته علیه السلام... 397
باب 2- عبادته ومكارم أخلاقه علیه السلام... 398
ص: 494
باب 3 - وروده علیه السلام بنيسابور... 401
باب ٤ - ولاية العهد والعلّة في قبوله علیه السلام لها وعدم رضا علیه السلام بها ... 404
باب ٥ - إخباره وإخبار آبائه علیهم السلام بشهادته علیه السلام... 408
باب ٦ - شهادته وتغسيله و دفنه علیه السلام... 413
باب 7 - مدّاحيه علیه السلام وبعض ما أنشد فيه علیه السلام من المراثي... 418
تاريخ الإمام الجواد علیه السلام
باب 1 - معجزاته علیه السلام... 427
أبواب تاريخ الإمام الهادي علیه السلام
باب 1 - معجزاته ومكارم أخلاقه ومعالي أموره علیه السلام... 433
باب ٢ - أحوال أصحابه وأهل زمانه علیه السلام... 442
تاريخ الإمام الحسن العسكري علیه السلام
باب 1 - ماورد في النصّ على إمامته علیه السلام... 447
أبواب تاريخ الإمام المهدي علیه السلام
باب ١ - إخبار الله تعالى بالمهدي علیه السلام ... 451
باب 2 - ما ورد عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فی المهدی علیه السلام... 453
باب ٣- ما ورد عن أمير المؤمنين في المهدي علیهما السلام... 462
باب ٤ ما ورد عن زين العابدين في المهدي علیهما السلام... 463
باب ٥ ما ورد عن الإمام الباقر في المهدي علیهما السلام... 464
باب ٦- ما ورد عن الإمام الصادق في المهدی علیهما السلام... 465
باب 7 - ما ورد عن الإمام الرضا في المهدي علیهما السلام... 467
باب 8- ما ورد عن الإمام الهادي في المهدي علیهما السلام... 468
باب ٩- ما ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري في المهدي علیه السلام ... 469
ص: 495
باب 10 - مَن رأى المهدي علیه السلام في غيبته ... 470
باب 11 - كيفية انتفاع الناس به علیه السلام في عصر الغيبة... 471
باب 12 - ما ورد في النهي عن التسمية ... 472
باب 13 - فضل انتظار الفرج، ومدح الشيعة في زمان الغيبة... 473
باب ١٤ - علامات ظهور المهدي علیه السلام... 477
باب ١٥ - خصائص المهدي علیه السلام وخصائص أهل زمانه... 484
باب ١٦ - الرجعة ... 487
ص: 496