نزهة النظر في غريب النهج والأثر
معجم ييين الألفاظ الغريبة في نهج البلاغة والکتب الأربعة
نزهة النظر في غريب النيج والأثر / تأليف عادل عبد الرحمن البدري - قم:
مؤسسة المعارف الاسلامية، 1420 ق. = 1378.
968 ص. ISBN:964-6289-74-6
القائمة مبنية على معلومات الاتحاد الدولي لكرة السلة .
العربية .
1. احاديث -- زبان. 2. زبان عربي -- وازنامه ها . الف. بنياد معارف
اسلامي. ب . عنوان .
4ن 4ب 110/7/ 297/23
المكتبة الوطنية في إيران: 17084 / 78 م
ص: 1
بدري ، عادل عبد الرحمن
نزهة النظر في غريب النيج والأثر / تأليف عادل عبد الرحمن البدري - قم:
مؤسسة المعارف الاسلاميه، 1420 ق. = 1378.
968 ص. ISBN:964-6289-74-6
فهرستنويسي بر اساس اطلاعات فيبا .
عربي .
1. احاديث -- زبان. 2. زبان عربي -- وازنامه ها . الف. بنياد معارف
اسلامي. ب . عنوان .
4ن 4ب 110/7/ 297/23
کتابخانه ملي ايران 17084 / 78 م
هوية الکتاب :
اسم الکتاب : ... نزهة النظر في غريب النهج والأثر
تأليف : ... عادل عبد الرحمن البدري
نشر : ... مؤسسة المعارف الإسلامية
الطبعة : ... الأولي 1621 ه-. ق.
المطبعة : ...عترت
العدد... 1000 نسخة
کافة الحقوق محفوظة ومسجّلة
المؤسسة المعارف الاسلامية
قم - ص . ب 798 - تلفون 7732009 - فاکس 7763701
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ص: 3
ص: 4
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام عليّ سيّد المرسلين، محمد المصطفي، وعليّ آله الأبرار الميامين.
وبعد :
لقد شهدت أواخر القرن الثاني و مطالع القرن الثالث الهجري بدء التصنيف في غريب الحديث، وانّ أوّل من صنّف في ذلک أبو عبيدة التيمي المتوفّي سنة 210 ه- ، ثمّ تلته التصانيف الأخري لحاقاً ، وقد حظيت باهتمام الدارسين والباحثين، وأضحت المصدر الأساسي لشهرة مؤلّفيها وحسن ترتيبها.
ولم يقتصر التصنيف في هذا المجال عليّ علماء طائفة معيّنة فحتّي علماءناالأوائل أيضاًقد ترکوا الأثر الحسن في التدوين في غريب الحديث ، وکان في طليعتهم الحسن بن محبوب السراج المتوفي سنة 224 ه- .
والمعجم الّذي تزفّه إليک مؤسسة المعارف الاسلاميّة - عزيزي القاريء - «نزهة النظر في غريب النهج والأثر» هو سعي مشکور قام به الأستاذ عادل عبد الرحمن البدري حيث شرح فيه ما غمض من الألفاظ في أهمّ مصادرنا: نهج البلاغة، الکافي، من لا
ص: 5
يحضره الفقيه ، تهذيب الأحکام، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ورتبه ترتيباً هجائيا وحسب الترتيب الألفبائي للمعاجم وذلک بإرجاع مفردات الحديث إلي أصلها الثلاثي أو الرباعي باعتبار الحرف الأوّل، وها هو بين يديک نتاج جديد جميل لم يسبقه مثيل في هذا النوع.
وفي الوقت الذي نجدّد فيه شکرنا للأستاذ المؤلّف حفظه الله ، نشکر أيضاً المحققين الأفاضل : فارس حسّون کريم، محمود البدري ، سلام رزاق الزبيدي ، محمد آغا أوغلوا حفظهم الله ، لما بذلوه من جهود طيّبة في هذا الکتاب المفيد، سائلين الباري تعالي أنّ يوفّقنا وإيّاهم لما فيه الخير والصلاح لأمتنا الاسلامية ، إنّه نعم الموفّق للصواب .
مؤسّسة المعارف الاسلامية
ص: 6
الحمد لله الذي أنّزل القرآن، وعلّم عبده البيان، وبعث نبيه المصطفي هدي ورحمةً للإنس والجان، وجعل وصيه قسيم الجنّة والنيران.
عرف المسلمون، ممّن أُعطي العقل والدراية منهم، أنّه لابدَّ لهم من جمع فصيح اللغة العربية وغريبها في معجم يُرجع إليه ليتسني لهم فهم ومعرفة لغة القرآن الکريم، والحديث الذي جاء مکملاً لکلام الله تعالي ومبيّناً له، لذا کان الاهتمام لديهم أوّلاً بألفاظ اللغة العربية فکان الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفّي 170 ه- رائداً في تأليف معجم لغريب اللغة العربية والذي أسماء الخليل نفسه ب «العين» مرتباً مواد المعجم بحسب مخارج الحروف، ثمّ توالي من بعده العلماء في تصانيف أُسميت المعاجم، بعضها رُتب عليّ حروف المعجم باعتاد آخر الکلّمة بدلاً من أولها کالجوهري إسماعيل بن حمّاد المتوفي 393ه- في الصحاح، وابن منظور الأفريقي المتوفي 711ھ وغيرهم، ثمّ اعتماد أوائل الکلّمات بدلاً من أواخرها کما ذهب الزمخشري المتوفي 538 ه في أساس البلاغة، وغيره، وکان هذا الترتيب أفضل ترتيب وأسهل للباحث لذا أخذ في الشيوع والانتشار ، وکان ترتيب هذا المعجم عليّ هذا النهج ...
وقد کانت الحرکة المعجمية الُأولي عامة لم تأخذ طابعها التخصصي في التصنيف إلي حين، وبامتداد الأيِّام، والتباعد عن عصير الفصاحة، واتساع مدارک المسلمين وغو ثقافتهم العلمية نشأت الحاجة لديهم لتصنيف معاجم تناول غريب ألفاظ القرآن وغريب ألفاظ الحديث نظراً لغني هذه الألفاظ وشمولها ولکونها أثرت اللغة العربية ووسعت من آفاق استعمال المفردات، فحتّي الصحابة کانوا يعانون من مشکلّة غريب
ص: 7
الألفاظ، فقد دکر عن ابن عباس أنّه قال: ما کنتّ أدري ما قوله : ﴿ربنّا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ﴾(1)حتّي سمعتُ قول بنت ذي يزن: تعال أُفاتحک، تريد أخاصمک (2)
ويُعتبر أبان بن تغلب بن رباح البکري المتوفي 141 ه- أوّل من صنّف في معني الغريب (3).
وکان أبان قد لقي عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله (عليه السلام) وروي عنهم ، وکانت له عندهم منزلة(4).
وکان أبان قارئاً فقيهاً لغوياً نبيلاً وسمع من العرب وحکي عنهم وصّنف کتاب الغريب في القرآن ، وذکر شواهده من الشعر العربي فجاء فيما بعد عبدالرحمن بن محمّد الأزدي الکوفي فجمع من کتاب أبان ومحمّد بن السائب الکلّبي وأبي روق بن عطية بن الحارث فجعله کتاباً واحدة في اختلفوا فيه وما اتفقوا عليّه، فتارةً يجيء کتاب أبان مفرداً وتارةً يجيء مشترکاً عليّ ماعمله عبد الرحمن(5)
وقد اعتبر أبو عبيدة مَعمَر بن المثني التيمي المتوفي سنة 210 ه أوّل من صنّف في علم غريب الحديث(6)
ولم يکن تصنيف أبي عبيدة ذا أثر کبير في علم غريب الحديث، فقد وصفه ابن الأثير: بأن کتابه کان کتاباً صغيراً ذا أوراق معدودات (7).
واعتبر کتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي المتوفّي224 ه- هو
ص: 8
القدوة في هذا الشأن(1).
وإذا عرفنا أنّ معمر بن المثني قد أخذ عن أبان بن عثمّان الأحمر البجلي، الکوفي البصري، وهو ممِّن روي عن أبي عبدالله و أبي الحسن (عليه السلام)، وقفنا عليّ جذور وأصل هذا العلم ومن غدّاه(2).
وقد تمخضّت حرکة التصنيف في علم غريب الحديث عن مجموعة من کتب مهمّة نشير إلي بعضها:
غريب الحديث للنضر بن شُميل، المتوفّي سنة 203 ه- .
غريب الحديث لقطرب محمد بن المستنير، المتوفي سنة 206 ه- .
غريب الحديث للأصمعي، عبد الملک بن قريب، المتوفي سنة 216 ه- .
غريب الحديث لابن الأعرابي، محمد بن زياد ، المتوفي 231 ه- .
الحديث للأثرم، عليّ بن المغيرة، المتوفي سنة 232 ه- .
غريب الحديث لابن قادم، محمد بن عبدالله، من أعلام القرن الثالث الهجري.
الحديث لابن کيسان محمد بن أحمد بن إبراهيم المتوفّي 299 ه- .
غريب الحديث لسلمة بن عاصم الکوفي، المتوفّي سنة 310 ه- عليّ الأشهر.
غريب الحديث للحامض، أبو موسي سلمان بن أحمد المتوفّي سنة 305 ه- .
غريب الحديث لابن الأنّباري، أبو محمّد القاسم بن محمد الأنّباري المتوفّي سنة 304 ه- ، وأبو بکر محمد بن القاسم المتوفّي 328 ه- .
غريب الحديث لابن درستويه، أبو محمّد عبدالله بن جعفر المتوفّي347 ه- .
وحظيت کتب ابن الأثير والزمخشري وابن قتيبة المتوفّي 276ه- ، وکتاب الغريبين لأحمد بن محمد الهروي المتوفّي 401 ه- ، باهتمام الدارسين والباحثين فکانت مرجع من عُني بهذا العلم الشهرة مؤلّفيها وحسن ترتيبها ومادتها.
ص: 9
ولدي البحث والتحقيق نجد علاء الخاصة قد بذلوا جهداً کبيراً في هذا المضمار، فالحسن بن محبوب السرّاد المتوفّي سنة 224 ه- يُعتبر من الأوائل الذين صنّفوا في هذا العلم، فکتاب المشيخة الذي صنّفه ينبيء أنّ هذا الرجل کان عليّ اطلاع کبير ومعرفة لغوية واسعة، اقتبسها من منبع العلوم عليّ بن موسي الرضا (عليه السلام) ، قال الشيخ الطوسي في وصفه: کوفي ثقة روي عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، وروي عن ستين رجلاً من أصحاب الصادق(عليه السلام)، کان جليل القدر ويُعدُ في الأرکان الأربعة في عصره، اجتمعت العصابة عليّ تصحيح مايصحّ عنه والإقرار له بالفقه(1)
وعندما نقرأ کتاب مستطرفات السرائر للعلامة أحمد بن إدريس الحلّي المتوفّي 598 ه- ، في الفصل الذي استطرفه عن کتاب المشيخة لابن محبوب، نجد نصوصاً وإشارات لهذا الرجل تفيد بأنّه کان متنبهاً ومرتاداً لهذا العلم، کما في الصفحة 84 من کتاب المستطرفات قال: إمّعة: مکسورة الألف مشدّدة الميم المفتوحة والعين غير المعجمة.
وقال في الصفحة 89: الجعرور: ثمّرة عظيمة النوي قليلة اللحاء(2). ولأهمّية کتاب المشيخة انتخب الشهيد الثاني زين الدين الجبعي العاملي، المتوفّي 965 ه- منه بخطه قرب ألف حديث (3). وقد بوبه أبو سليمان القمّي داوود بن کورة عليّ معاني الفقه(4).
وللشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه القمي المتوفّي سنة 338 ه- أثر ملموس في هذا العلم وقد کان کتاب معاني الأخبار بمثابة قاموس علمي مهم لغريب کلّمات أهل البيت عليّه السلام ومعاني ألفاظهم وأخبارهم، إلاّ أنّه لم يرتب حسب الترتيب الهجائي للحروف، وکان نهج
ص: 10
الشيخ الصدوق رحمه الله أنّ انتخب أخباراً وأبان معانيها.
ويُعتبر کتاب روضة المتقين في شرح من لايحضره الفقيه للمولي محمّد تقي المجلسي المتوفّي 1070 ه- ، وکتاب مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ، وملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار المحمد باقر المجلسي المتوفّي 1111 ه- ، وکتاب مجمع البحرين ومطلع النيّرين الفخر الدين الطريحي المتوفّي 1080 ه- ، وکتاب الوافي للفيض الکاشاني المتوفّي 1091 ه- ، من الآثار المبارکة في هذا العلم ،حظيت باهتمام العلماء والدارسين من الخاصّة.
معني الغريب:
ليس المراد بالغريب الوحشي المخلّ بالفصاحة والبلاغة، وإنّما يُراد به الغامض من الکلام، وکأنّه مأخوذ من قولهم: غربت الشمس تغرب غروباً : بعدت وتوارت في مغيبها.
وغرب الشخص - بالضم - غرابةً: بعد عن وطنه، فهو غريب، فعيل بمعني فاعل. ويقال: أغرب: جاء بشيء غريب ، وکلام غريب : بعيد من الفهم(1)
قال الخطّابي: والغريب من الکلّام يقال به عليّ وجهين، أحدهما: أنّ يُراد به بعيد المعني غامضة، لا يتناوله الفهم إلاّ عن بعير ومعاناة فکر، والوجه الآخر: أنّ يُراد به کلّام من بعدت به الدار ونأي به المحلّ من شواذ قبائل العرب، فإذا وقعت إلينا الکلّمة من لغاتهم استغربناها.
وإنّما هي کلّام القوم وبيانهم، وعليّ هذا ماجاء عن بعضهم ، وقال له قائل: أسألک عن حرف من الغريب، فقال: هو کلّام القوم، إنّما الغريب أنّت وأمثالک من الدخلاء فيه(2)
ترتيب الکتاب؛
تمّ ترتيب الکتاب ترتيباً هجائياً، وحسب الترتيب الألفبائي للمعاجم والقواميس،وذلک بإرجاع مفردات الحديث والخبر إلي أصلها الثلاثي أو الرباعي باعتبار الحرف الأوّل
ص: 11
للمفردة، مع مراعاة ماجاء لها من حذف وإبدال وزيادة. فالبحث عن معني «الدية» يکون في مادة «ودي» من کتاب الواو، و «التخمة» في مادة «وخم»، و «السمة» في «وسم»، والدعة في «ودع» و «الاصطفاء» في «صفا».. وهکذا، فعليّ القاريء الانتباه لذلک عند البحث عن المعني المراد للألفاظ.
وقد أخذت مفردات نهج البلاغة حظّها الأکبر من بقية مفردات الخطب والأحاديث والأخبار من الشرح والاستشهاد في المعجم نظراً لکثرة تداول نصوص النهج بين الباحثين والدارسين وعموم القراء، فانتخاب هذه النصوص يجعل مفردات اللغة العربية بين يدي القاريء نظراً لکون نصوصه تمثل نموذجاً تطبيقياً فصيحاً وکاملاً من قائلها سيد البلغاء والمتکلّمين باللغة العربية بعد المصطفي (صلي الله عليّه وآله وسلم )، وقد بلغت فصاحته في النهج قمتها وکيف لا؟ وهو قد نشأ وترعرع بين کلام الله ونبيّه، وقد أحسن ابن أبي الحديد في وصفه بقوله: إذا جاء الکلام الرباني واللفظ القدسي بطلت فصاحة العرب، وکانت نسبة الفصيح من کلامها إليه، نسبة التراب إلي النضار الخالص(1)، وقد قال(عليه السلام)واصفاً إيّاه ونفسه: «کلامه بيان، وصمته لسان» (2). «ولقد کنتُ أتبعه اتباع الفصيل أثر أمّه»(3) فکان أفصح من نطق بالضاد، فکان نهجه عمود هذا المعجم.
وصف المعجم:
1- يُعتبر هذا المعجم معجماً لغوياً ميسراً ومختصراً للألفاظ الواردة في نهج البلاغة والکتب الأربعة وغيرها من مصادر الحديث المعتبرة مع شرح موجز لهذه المفردات ضمن المادة اللغوية لها.
2 - تناول المعجم اشتقاق هذه الألفاظ وأصلها وورودها في الکتاب العزيز والشعر
العربي والأمثال العربية.
ص: 12
3- يبحث هذا المعجم المعاني الاصطلاحية للمفردة ودلالاتها الفقهية.
4 - يعتبر جامعاً مختصراً لغريب الحديث وغريب نهج البلاغة وغريب اللغة العربية.
5- کما يعتبر مرجعاً مهماً للفقيه والاستاذ والطالب، وکمکمل للمعاجم اللغوية التي لاتتوسع في دلالات الألفاظ ، ولما کانت المعاجم اللغوية عامة، کان هذا المعجم تخصصياً.
6- أبان المعجم المعاني المجازية للألفاظ خصوصاً مفردات نهج البلاغة.
7 - استفاد المعجم من نظر الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) وتفسيرهم للنصوص.
عادل عبد الرحمن البدري
ص: 13
ص: 14
في الحديث أنّه سُئل (صلی الله علیه وآله وسلم)عن بعير شرد فرماه بعضهم بسهم حبسه الله به،فقال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم):«إنّ هذه البهائم لها أوابد کأوابد الوحش»(1).
الأوابد: يقال: أبَدَ الشيء يأيِدُ أُبوداً: نفر و توحّش فهو آبدُ، عليّ فاعل، وأبدِت الوحوش : نفرت من الإنس فهي أوابدُ، ومن هُنا وصف الفرس الخفيف الذي يُدرک الوحش ولا يکاد يفوتُه بأنهُ:«قيد الأوابد»لأنّه يمنعها المُضيّ والخلاص من الطالب کما يمنعها القيد. وقيل للألفاظ التي يدقّ معناها:أوابد، لبُعد وضوحها(2).
وقيل سُمّيت الوحوش أوابد لطول أعمارها وبقائها عليّ الأبد. وذکر أبو حاتم أنّ الأصعمي قال: لم يمت وحشي قطّ حتف أنّفه، إنّما يموت بآفة، وکذلک الحيّة زعموا
(3).
ومنه قيل للدار، إذا خلا منها أهلها وخلفتهم الوحش بها: تأبّدت(4)
قال لبيد: عفت الديارُ محَلُّها فَمُقامُها بمِنيَّ تأبّد غَولُها فَرِجامها(5)
في حديث أبي عبدالله (عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليّه: «من باع نخلاً قد أبّره فثمّرته للبائع إلاّ أنّ يشترط المبتاع»(6) تأبير النخل: تلقيحه، يقال: نخلة مؤبّرة مثل مأبورة، والاسم من الإيار عليّ وزن
ص: 15
الإزار. ويقال: تأبّر الفسيل، إذا قبل الإبار، قال الراجز:
تأبّري ياخيرة الفسيل*** إذ ضنّ أهل النخل بالفحول
يقول: تَلَقّحي من غير تأبير(1)ومنه قوله(صلی الله علیه وآله وسلم): «خير مال المرء مهرة مأمورة أو سکّة مأبورة». وسکّة مأبورة: هي الطريقة المستقيمة المستوية المصطفّة من النخل.
ويقال: إنّما سّمّيت الأزقة سککاً لاصطفاف الدور فيها کطرائق النخل، وأمّا المهرة المأمورة فإنّها الکثيرة النتاج (2)والمأبورة التي قد لُقّحت، قال أبوعبيد: يقال: لُقحت للواحدة خفيفة ولقحت للجميع بالتثقيل، إذا کان جماعة شدّد وخفف، وإذا کان واحداً لم يکن إلاّ التخفيف (3).
وفي حديث عليّ(عليه السلام): «والذي فلق الحبّة وبرأ النَّسَمة التُخضَبنَّ هذه من هذه» وأشارإلي لحيته ورأسه. فقال الناس: لو عرفناه أَبَرنا عِترَتَه : أي أهلکناه.
أبرنا عترته: وهو من أَبَرتُ الکلّب، إذا أطعمته الإبرة في الخبز.
قال ابن الأثير: هکذا أخرجه الحافظ أبوموسي الأصفهاني في حرف الهمزة، وعاد أخرجه في حرف الباء، وجعله من البوار:
الهلاک، فالهمزة في الأوّل أصلية، وفي الثاني زائدة (4).
وفي حديث مالک بن دينار: «ومثل المؤمن مثل الشاة المأبورة».
أي التي أکلّت الإبرة في عَلَفها فَنَشِبت في جوفها، فهي لا تأکلّ شيئاً، وإنّ أکلّت لم يَنجَع . ويقال للسان: مِنبرَ ومِذرَب ومِفصَل ومِقوَل. وأبّر الأثر:عفّي عليّه من التراب(5).
إيطة(1). وضرب الآباط عبارة عن السفر، لأنّ الراکب يضرب برجله إيط الإبل... وخصّ آباطها لأنّها أُصول القوائم التي بها يقع السير، وقد يُسند الفعل إلي بعض من حصل منه .الزيادة اختصاص بذلک البعض، کما يقال:
رأته عيني وسمعته أذني وعملته يدي(2)
في الخبر: لقد تأبّل آدم(عليه السلام) عليّ ابنه المقتول کذا وکذا عاماً لا يصيب حوّاء (3).
أَبَل: يقال أبل الرجلُ عن امرأته وتابُّل: اجتزأ عنها. أي ترک غِشيان حوّاء حزناً عليّولده وتوحّش عنها(4) قال أبو عبيد: فشبّه ا متناع آدم (عليه السلام) من غشيان حوِّاء بامتناع الوحش من ورود الماء إذا أبَلت. وتأبَل هو تفعل من الأبول، وهو أنّ تجزأ الوحش عن الماء فلا تقربه، يقال منه: قد أبَلَت تأمُلُ أبو لاًجزأت تجزأ جزءاً سواء (5).
والإبِلُ يقع عليّ البُعران الکثيرة(6).
والايل: اسمُ جمع لا واحد له، وهي مؤنثة،لأنّ اسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه إذا کان لما لا يعقل يلزمه التأنيث، ويجمع عليّ آبال (7) وفيها جاء حديث عليّ(عليه السلام):«أوصيکم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لکانت لذلک أهلاً» الحديث (8)
وقوله تعالي: ﴿وأرسل عليّهم طيراًأبابيل﴾ (9)أي متفرقةً کقطعات إبيل، الواحد أبيل (10). وقد وصف عليّ(عليه السلام)أهل الضلال بقوله: «يا أشباه الإبل غاب عنها رُعاتها»(11).
في حديث وصفه (صلی الله علیه وآله وسلم): «مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، ولا ترتفع فيه الأصوات، ولا تُوبَنُ فيه الحُرَم، ولاتُنثي فلتاته» (12) لا تُؤبَن فيه الحرم: أي لاتذکر فيه النساء بقبيح، ويُصان مجلسه عن الرَّفَث ومايقبح ذکره. يقال: أَبنتُ الرجل آبُنه إذا رميته بخلّة سوء، فهو مأبون، و هو مأخوذ من الأبن، وهي العُقَد تکون في القِسيّ تُفسدها و تعاب بها (13).
ص: 17
ولانثي فلتاته، من النثا: ما أخبرت عن رجل من صالح فعاله وسوء عمله، ولا يُشتق منه فعل، فإنّ کان قبيحاً: نثا عليّه قولاً ينثو، وإنّهم ليتناثون الحديث بينهم. وقيل: نثوت الخبر ونثبته، وتناثي القوم تناثياً، في الکلّام القبيح خاصّة (1)، والفلتات: الزلّات(2)
في حديث عليّ(عليه السلام)في ذمّ الدنيا: «ذي اُبَّهة جعلته حقيراً»(3).
الأبهة، بالضمّ والتشديد للباء: العظمة والبهاء (4) ومنه الحديث «رُبَّ أشعَثَ أغبرَ ذي طمرين لا يُؤبه له». أي: لا يُحتفل به لحقارته، يقال: أَبَهتُ له آبَهُ(5).
في حديث الصادق عليّه السلام : «أبي الله إلاّ أنّ يِعبد سرّاً»(6).
الاباء: أبي الشيء يأباه إياءً وإباءةً: کرهه. والإباء مصدر - بالکسر - قولک أبي فلان
يأبي (7) والأباء، ممدود: الواحدة أباءة، وهي الأجَمَة. وقيل: بل هو أطراف القَصَب الذي يُشبه أذناب الثعالب. وشاة أبية وأبواء، إذا أصابها الأبي، وهو داء في رأسها، وذلک إذا شمّت أبوال الأراوَي (8).
في الحديث عن أبي عبد الله(عليه السلام) ؟ قال: «إنّ العبد إذا أبق من مواليه ثمّسرق لم يُقطع وهو آبق لأنّه بمنزلة المرتدّ عن الإسلام، ولکن يُدعي إلي الرجوع إلي مواليه والدخول في الإسلام، فإنّ أبي أنّ يرجع إلي مواليه قُطعت يده بالسرقة ثمّ قُتِل، والمرتدّ إذا سرق بمنزلته»(9).
الآبق: هو العبد الهارب من سيّده، والاباق بالکسر اسم، والجمع أبّاق مثل کافروکفار (10).
وفي کتاب عليّ(عليه السلام) إلي الحارث الهمداني: «وإيّاک أنّ ينزل بک الموتُ وأنت آبقُ من ربّک في طلب الدنيا»(11) جعل طالب الدنيا المُعرِض عن الله عند موته کالعَبد الآبق
ص: 18
يُقدم به عليّ مولاه أسيراً مکشوفاً ناکس الرأس(1)
في حديث عليّ(عليه السلام)عن عمرو بن العاص: «لم يبايع معاوية حتّي شرط أنّ يؤتيه أتية» (2).
الإيتاء: الإعطاء(3) وأتَوتُه آتوه إتاوةً، بالکسر، رَشَوتُه، وآتيُتُه مالاً، بالمُد: أعطيته،وآتيتُ المُکاتَبَ: أعطيته أو حَطَطتُ عنه من نجومه،وآتيته عليّ الأمر بمعني وافقته، وفي لغة يقال: واتيته. وأتي زوجته إتياناً، کناية عن الجماع (4)ومن هذا جاء حديث النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) لأبي ذر : «ائتِ أهلک تُؤجَر»(5)والإتيان مجيء بسهولة، ومنه قيل للسيل المارَّ عليّ وجهه: أتيَّ وأتاوِيُّ، وبه شُبّه الغريب فقيل:أتاوي (6) وکلّ مسيل سهُلته لماء فهو أتيُّ، وطريق ميتاء، أي مسلوک واضح، وأتيتُ الحاجة من مأتاها، إذا جئتها من وجهها (7). وأتي الشيءُ عليّ الشيء: أهلکه وأذهبه (8). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليه السلام) : «من أين تُؤتون، وأنّي تُؤفکون، فلکلّ أجل کتاب»(9)
في حديث عليّ (عليه السلام) في دعائه عليّ الخوارج: «ولابقي منکم آثر»(10)
آثر: هو الذي يأثر الحديث ويرويه، أي يحکيه. ويُروي: آبز، بالزاي المعجمة، وهو الواثب. والهالک أيضاً يقال له: آبز. وآبر، بالراء: من قولهم للذي يأبر النخل، أي يُصلحه (11).
والأثر الخبر، والجمع آثار. وأثرتُ الحديث آثره، إذا ذکرته عن غيرک فهو مأثور وأنا آثر. والأثره والمأثَرة والمأثُرة، بفتح الثاء وضمّها: المکرمة لأنّها تُؤثر، أي تُذکرويأثرها قرن عن قرن يتحدّثون بها (12).
وفي حديث سؤالات الهادي(عليه السلام) قال:« إذا حضر رمضان فهو مأثور،وينبغي أنّ
ص: 19
يکون مأثوراً» (1) المأثور: أي المقدّم المفضّل عليّ غيره من الشهور (2).
وجواب الهادي (عليه السلام)کان لمن سأله عن السفر لزيارة الحسين (عليه السلام) في شهر رمضان.
وفي حدّيث عليّ(عليه السلام)في قتل عثمّان:« استأثر فأساء الأَثَرة، وَجزِعتُم فأسأتم الجَزع»(3) استأثر فأساء الأثرة: أي استبد ّبالأمور فأساء في الاستبداد(4).
وجاء حديث عليّ (عليه السلام)حين سأله بعضهم: «کيف دفعکم قومکم عن هذا المقام وأنت أحقّ به؟ فإنّها کانت أَثَرةً شحت عليّهانفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين»(5).
أثَرةً: أي استثاراً بالأمر واستبداداً به. قال النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)للأنّصار: «ستلقون بعدي أثَرةً»(6).
في حديث عليّ(عليه السلام)عن القرآن: «أثافيُّ الإسلام وبنيانه»(7)
الأثفيةُ والإثفيةُ: الحجر الذي تُوضَع عليّه القِدرُ، وجمعها أثافيُّ وأثاف (8).
والأثافي والبنيان لفظان مستعاران له باعتبار کونه أصلاً للإسلام يبتني عليّه، وبه
يقوم کما أنّ الأثافيّ للقدر والبنيان لما يحمل عليّه کذلک(9)وفي المثل« رماه بثالثة الأثافي».
والمراد بثالثتها القطعة، وهي مثل لأکبر الشرَّ وأفظعه. وقيل : معناه أنّه رماه بالأثافي
أثفية بعد أثفية حتّي رماه بالثالثة فلم يبق غاية (10)
في حديث النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)؟ قال: «في وصيّ اليتيم يأکلّ من ماله غير مُتَأثَّل مالاً ».
أي غير متخذ إيّاه لنفسه أثلة، أي أصلاً کقولهم: تديّرتُ المکان، إذا اتخذته داراً لک(11) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام): «تعالي الله عمّا ينحله المُحددون من صفات الأقدار، ونهايات الأقطار، وتأثّل المساکن»(12). التأثيل: التأصيل. وأثلهُ کلّ شيء: أصله. وکلّ
ص: 20
شيء قديم مُؤَصَل: أثيل وُمؤثل ومتأثَل. قال ابن الأعرابي: المؤثَل: الدائم. وأثَلت الشيء: أدمته. وأثّل الله مُلکاً، أي ثبّته. والأثلَهُ والأثَلهُ: متاع البيت وبِزّته.
والأثله: الميرة(1). والأثال: المال(2)تأثّلتُ الشيء: جمعته. ومنه الدعاء «تأثّلث عليّنا لواحقُ المَين» أي اجتمعت (3). وکأنّ أصل الکلّمة أنّ تُبني الدار بالأثل (4).
وهو شجر يُشبه الطَّرفاء، إلّا أنّه أعظم منه وأکرم وأجود عوداً، ومنه اتخذ منبر سيدنا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)(5) وفي الحديث: أنّ منبر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)کان من أثل الغابة.
والغابة: غيضة ذات شجر کثير، و هي عليّ تسعة أميال من المدينة (6).
ولسُموّ الأثلة واستوائها وحسن اعتدالها شبّه الشعراء المرأةَ إذا تمَّ قوامُها واستوي خَلقها بها، قال کثير:
وإنّ هي قامت، فما أثلةُ***بعَليا تناوحُ ريحاً أصيلا
وأُثَيل، مصغّر: موضع قرب المدينة، وبه عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب (عليّه السلام) (7). وينحله المحددون: أي يدعونه، من النحلة، وهي الادعاء کذباً، أي: ليس هو بصفة الجسم فيحتاج إلي الأماکن والمساکن، ولا يصفه شيء من الأعراض فيکون له مقدار أو محلّ (8)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الراغبين في الله: «فهم في بحر أجاج»(9).
أجاج: هو الشديد الملوحة والمرارة. يقال: قد أجّ الماءُ يَؤُ جُّ أجاجاً (10)، ومنه قوله تعالي: ﴿ملح أجاج ﴾(11)
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن الفتن و الملاحم «يکون المُعطَي أعظم أجراًمن المعطي»(12).
الأجرُ والأجرَةُ: ما يعودُ من ثواب الفعل دنيويّاً کان أو أخرويّاً، والأجرُ والأجرة يقال
فيما کان عن عقد وما يجري مجري العقد، ولا يقال إلا في النفع دون الضر.
وأجَرَ عمرو زيداً: أعطاه الأُجرة، وکذلک
ص: 21
آجر، والفرق بينهما أنّ أجرَته يقال إذا اعتُبرفعل أحدهما، و آجر ته يقال إذا اعتُبر فعلاهما وکلّاهما يرجعان إلي معني واحد(1).
و آجرته مؤاجَرَةً مثل عاملته مُعامَلةً وعاقدته معاقدةً.
وأستأجرتُ العبد: اتخذته أجيراً، ويکون الأجير بمعني فاعل مثل نديم وجليس،وجمعه أجَراء مثل شريف وشرفاء (2).
والآجُرُّ: فارسي معرّب (3)وهو اللَّبن إذا طُبخ، بمدَّ الهمزة، والتشديد أشهر من التخفيف،الواحَدة أجُرَة (4)
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن أهل الضلال:«ترکوا صافياً وشربوا آجناً» (5)
الأجن: يقال أنّ الماء يأجن ويأجن أجونةاً، إذا تغيّر(6). إلاّ أنّه يُشرَب، فهو آجِنُ،عليّ فاعل. والإجّانةُ، بالتشديد: إناءُ يُغسلُ فيه الثيابُ والجمع أجَاجين(7). والمئجَنَةُ: مئجنة القصّار، وهي الخشبة التي يَدُقُّ بها، وهي مفعلة، وتُجمع ماجن، تُهمز ولا تُهمز(8) ومجن الشيء يُمجُن مُجوناً ، إذا صلب و غَلُظ. ومنه مِيجنَة القصّار، والياء في مِيجَنَة مقلوبة من الواو، والجمع مَياجِن، وقالوا مَواجِن، واشتقاقها من الوجين، وهو الغِلَظ من الأرض. وقولهم: رجل ماجن، کأنّه من غِلَظ الوجه وقلّة الحياء(9)تقول : يُفسِدُ الرجلَ المجون، کما يُفسِدُ الماءَ الأجُون (10).
حديث أبي جعفر(عليّه السلام) عنه (صلي الله عليّه وآله وسلم )قال: ألا إنّ کلّ دم کان في الجاهلية أو إحنة فهي تحت قدمي(1)
في حديث عليّ( عليّه السلام): «إخذة العزيزالمقتدر»(2).
الأخذ:حوز الشيء وتحصيله، تارة بالتناول، وتارة بالقهر (3). وأصله باليد، ثمّ استُعير في مواضع منها التعذيب. ومن ذلک قوله تعالي:
﴿وکذلک أخذ ربک إذا أخذ القُري﴾ (4)
والإخذ، والجمع إخاذ: مواضع يجتمع فيها ماء السماء. ورجلُ أخِذُ ، للذي به رَمَد، ومستأخِذ أيضاً(5) ويُعبّر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ(6) والأصل أنّهم کانوا إذا أخذوا أسيراًشدّوه بالقِدّ، فلزم هذا الاسم کلّ مأخوذ، شُدَّ به أو لم يُشدّ (7)
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «خَلَقتَ داراً، وجعلت فيها مَأدُبَة» (8)
المأدبة: بفتح الدال وضمها: کلّ طعام ضُيِع لدعوه أو عُرس. ويقال له: الأُدبَةُ. وأصل الأدب الدُّعَاءُ، ومنه قيل للصنيع يُدعي إليه الناس: مَدعاةُ ومأدَبة (9) وأراد (عليّه السلام ) بالمأدبة هنا الجنّة لما فيها من ألوان الطعام والشراب.
وکتب (عليّه السلام) إلي ابن حنيف: أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاک إلي مأدبة (10)دعوة طعام.
وأَديته أدباً، من باب ضرب: علمته الرياضةَ النفس ومحاسن الأخلاق، وأدّبته تأديباً، مبالغة وتکثير(11). وأدِب الرجلُ وأدُب، صار أديباً في خُلُق أو علم (12).
في الحديث: أفتي عليّ (عليّه السلام) في حلمة ثدي الرّجل ثمّن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون ديناراً. وفي خصية الرّجل خمسمائة دينار.
قال: فإنّ أصيب رجل فأُدر خصيتاه
ص: 23
کلّتاهما فديته أربعمائة دينار، وإنّ فحج فلم يقدر عليّ المشي إلاّ مشياً لاينفعه فديتة
أربعة أخماس دية النفس.
وأفتي في الوجأة إذا کانت في العانة فخرق الصفاق فصارت أدرة في إحدي الخصيتين فديتها مائتا دينار خمس الدية (1).
الأدرة: انتفاخ الخصية، يقال:أدِرَ يأدَرُ فهو آدَر، والجمع أُدرُ مثل أحمر وحُمر(2) والفَحَج: تباعد مابين الرَّجلين.
وهو عيب في الخيل وفي الناس، قال أبوجندب الهذلي:
أما تروني رجلاً جونيّا*** أَفَيجِجُ الرجلين أفَلجيا(3).
ويقال في النعت: أفحَجُ وفَحجاء. ويقال: لافحَجَ فيها ولا صکک(4)
الوجأة: يقال وجأته أوجَوُه، من باب نفع، وربّما حُذفت الواو في المضارع فقيل:يجأ،کما قيل: يسع ويطأ ويهب، وذلک إذا ضربته بسِکّين ونحوه في أيَّ موضع کان، والاسم
الوِجَاء، ويُطلق الوجاء أيضاً عليّ رضً عروق البيضتين حتّي تنفضخا من غير إخراج، فيکون شبيهاً بالخِصاء لأنّه يکسر شَّهوة (5) والصَّفاق: الجلد الرقيق تحت الحديث الجلد الغليظ الظاهر من الإنسان والدابّة(6)
وصفاق البطن الجِلد الباطن الذي يلي سواد البطن، ويقال: جِلد البطن کلّه صفاق(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «کأنّي بک ياکوفة تُمدَّين مَدَّ الأديم العُکَاظِيّ،تُعرَکين بالنّوَازل»(8).
الأديم: الجلد ماکان، وقيل: الأحمر، وقيل: هو المدبوغ(9) ومنه جاء خبره (عليّه السلام) :کان له (عليّه السلام) فراش من أدم حشوه ليف(10) وأَدَيم عکاظي: منسوب إلي عُکاظ، وهو ممّا حمل إلي عکاظ فبيع بها، وهي سوق للعرب کانوا يتعاکظون فيها، من: عکظ دابّته يعکظها عکظاً: حبسها. وتعکّظ القوم تعکّظاً، إذا تحبّسوا لينظروا في أمورهم (11) الأُدم:
ص: 24
ما يؤکلّ مع الخبز أيَّ شيء کان(1). والأدم: هو الادام يؤتدم به، وطعام مأدوم وأديم.واستأدَمني فأدمنه و آدمتُه(2) ومنه حديثه(صلي الله عليّه وآله وسلم)قال: «نعم الإدام الخلّ»(3). وفي المثل: سَمنُکم هُرِيقَ في أدِيمکُم. يُضرب للرجل ينُفق ماله عليّ نفسه، ثمّ يُريد أنّ يمتنّ به (4). والأدم: الاتفاق (5)
ومنه حديث النکاح: لو نظرتَ إليها فإنّه أحري أنّ يُودَمَ بينکما، أي تکون بينکما المحبّة والاتفاق. يقال: أَدَمَ اللهُ بينهما يأدِم أدماً، أي ألف ووفّق. والأدمة في الابل البياض مع سواد المقلتين، بعير آدم بيّن الأدَمة، وناقة أدماء، وهي في الناس السُّمرة الشديدة. وقيل: هو من أدمَةِ الأرض، وهولونها، وبه سُمّي آدم (عليّه السلام) (6) وأديم کلّ شيء:ظاهر جلده. وأدمة الأرض: وجهها. ورجل مؤدم أي محبوب، ورجل مؤدم مُبشرُ: حاذق مجرب قد جمع ليناً وشدّة مع المعرفة بالأمور. قال الأصمعي: فلان مؤدم مُبشَرُ، أي هو جامع يصلح للشدّة والرخاء. وإمرأة مؤدمة مُبشَر، إذا حسن منظرها وصحّ مخبرها (7). ومنه حديث نجيّة «ابنتک المُؤدَمَة المُبشرَةُ»(8). وأصله من أدَمة الجلد وبشرته، فالبشرة ظاهره، وهو منبت الشعر.
والأدَمة: باطنه، وهو الذي يلي اللحم(9) وقال( صلي الله عليّه وآله وسلم) للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة ليِتزوّجها «لو نظرت إليها فإنّه أحري أنّ يُؤدَمَ بينکما».
وفي اللفظ تأويلان، أحدهما أنّ يکون قوله (صلي الله عليّه وآله وسلم) مأخوذ من الطعام المأدوم، لأنّ طيبه وصلاحه إنّما يکون بالإدام کالزيت والإهالة، وما يکون في معناهما. والتأويل الآخر أنّ يکون بمعني: ذلک أحري أنّ يصلح الله بينکما من قولهم: عنان مُؤدَم، إذا کان مُصلحاً محکماً (10)
للماء. وإداوة الشيء وأداوته: آلته(1).
والأداة: الآلة، وأصلها واو، والجمع أدَوَات (2) والأداء: دفع الحق دُفعةً وتَؤفِيَتُهُ کأداء الخراج والجزية وردَّ الأمانة، وأصل ذلک من الأداة. يقال: أدَوتَ تفعل کذا، أي احتلت، وأصله تناولتَ الأداة التي بها يتوصّل إليه، واستأديت عليّ فلان، نحواستعديت (3).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام ): «والله مستأديکم شکره، ومورثکم أمره» (4).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: « آذنت ببينها، ونادت بِفراقها، ونعت نفسَها وأهلَهَا» (5).
الأذان: الإعلام، وأذِن بالشيء إذناً وأَذناًوأذانةً: علم. و آذنتک بالشيء : أعلمتکه، و آذنته: أعلمته (6) ومنه قوله تعالي: ﴿فإن تولّوا فقل : ءَاذنتکم عليّ سواء ﴾(7).
أي أعلمتکم ،(8) ومنه قول الحارث بن حلزّة اليشکري.
آذنتنا ببينها أسماءُ***رُبَّ ثاو يُملُّ منه الثوَّاءُ
والبين: الفراق(9). وغراب البين سُمّي بذلک
لأنّه إذا قصد أهل الدار للنُّجعَةِ وقع في بيوتهم يتقمقم، وقيل: لأنّه بان عن نوح(عليّه السلام )(10). نعت نفسها: يقال: نعي الميّتَ ينعاه نَعيا ونَعِيّاً، إذا أذاع موته وأخبر به وإذا ندبه(11)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «تلتَطمُ أواذِيُّ أمواجها»(12).
الآذيُّ: موج البحر، والجمع الأواذيّ، وهوالشديد منه.
وقال ابن شميل: آذيُّ الماء: الأطباق التي تراها ترفعها من مَتنِه الريحُ دون المَؤج.
قال المُغيرة:
إذا رمي آذيّه بالطَّمَّ***وتري الرّجال حوله کالصُّمَّ (13) وقال الراغب: هو الموج المؤذي لرکّاب
ص: 26
البحر(1)والأذي: ما تأذيت به. ورجل أذ شديد التأذّي، أذِيَ يأذَي(2). ومنه فسَر الحديث: «إماطة الأذي عن الطريق». بأنّه مايؤذي فيها کالشوک والحجر والنجاسة ونحوها(3) وباعتبار النجاسةجاء قوله تعالي: ﴿ ويسألونک عن المحيض قل هو أذِي﴾ (4). وقيل: هو أذيَّ له وعليّهنَّ لما فيه من المشقّة (5).
في حديث عليّّ عليّه السلام في وصف الطاووس:«يُفضي کإفضاء الديکة، ويَؤُرُ بملاقِحه ار الفحول المغتلمة للضَّراب»(6). الأر: کناية عن النکاح، يقال : أرّ الرجلُ المرأةَ يَؤرُّها، إذا نکحها (7) ورجل مِئَرُّ: کثير النکاح. والإرّة: النار(8) والملاقح: أدوات اللقاح وأعضاؤه، وهي آلات التناسل. ويُفضي يَسفِد(9) يقال: أفضي الرجُل: دخل عليّ أهله. وأفضي إلي المرأة : غَشيها، وقال بعضهم: إذا خلابها فقد أفضي، غشي أو لم يَغش (10). والأري: العسَلُ. وما التزق بجوانب العسّالة وعملُ العَسَل. و به سُمّي العسل أرياً. وتأريتُ بالمکان: تحبّستُ. و به سُمّي آري الدَّوابُّ. والآريّ والمُوَرّي: ماحُفِر وأدخل في الأرض فَتُشدُّ إليه الدابَّةُ. وفلان لا يتأرّي من الله بجُنّة، أي لايَستيِرُ من الله بِسِتر. وتأرّيتُ للأمر، أي تحرَّيته فلم أُصِب خيراً (11).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله وسلم): «إنّ الإسلام ليأرزإلي المدينة کما تأرز الحيّة إلي جُحرها» (12). أرز: يقال : فلان إذا سُئِل أرز، أي تقبّض.
ومابلغ أعليّ الجبل إلا آرِزاً، أي متقبَّضاً عن الانبساط في مشيه من شدّة إعيائه. ولا يزال فلان يأرِز إلي وطنه، أي حيثمّا ذهب رَجَع إليه (13)والمراد أنّ الإسلام ليأوي إلي المدينة کما تأوي الحيّة إلي جُحرها، فجعل (صلي الله عليّه وآله وسلم) المدينة کالوجار للإسلام يتقلّص إليها وينضمّ إلي حماها لأنّها قطب مداره ونقطة
ص: 27
ارتکازه(1) ومنه حديث أبان عن الصادق (عليّه السلام) : «يأتي عليّ الناس زمان يصيبهم فيها سبطة بأرِز العلم فيها کما تأرز الحيّة في جحرها، فبينما هم کذلک إذ طلع عليّهم نجمّ.
قلت: فما السبطة؟ قال: الفترة، قلتُ: فکيف نصنع فيما بين ذلک؟ قال: کونوا عليّ ماأنتم عليّه حتّي يطلع الله لکم نجمکم» (2).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )عن الجبال: «جعلها للأرض عماداً، وأّرّزَها فيها أوتاداً» (3).
أرّزها: أي أثبتها، إنّ کانت الزاي مخففة فهي من أرَزَت الشجرةُ تَأرزُ، إذا ثبتت في
الأرض، وشجرة آرزة: أي ثابتة. وإنّ کانت مشددة فهي من أرَزَّت الجرادةُ ورزّت، إذا
أدخلت ذنبها في الأرض لتلقي فيها بيضها(4).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «ما خلق الله حلا لاًولا حراماً إلاّ وله حدُّ کحدَّ الدار. فما کان من الطريق فهو من الطريق ، وما کان من الدار، فهو من الدار حتّي أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة»(5).
الأرش من الجراحات کالشجّة ونحوها.
وأصل الأرش الخَدش، ثمّ قيل لما يُؤخذ ديةً . لها: أرش. وسُمّي أرشاً لأنّه من أسباب النزاع: يقال: أرشتُ بين القوم إذا أوقعت بينهم.
وقال ابن شميل: ائترش من فلانّ خماشتک يافلانّ، أي خذ أرشها. وقال القتيبي: يقال لما يدفع بين السلامة والعيب في السلعة أرش، لأنّ المبتاع للثوب، عليّ أنّه صحيح، إذا وقف فيه عليّ خَرق أو عيب وقع بينه وبين البائع أزش، أي خصومة واختلاف، من قولک: أرشت بين الرجلين إذا أغربت أحدهما بالآخر وأوقعت بينهما الشرّ، فسُمّي مانقص العيبُ الثوب أرشاً إذا کان سبباً لأرش(6)ويقال أصل أرش هرش (7).
قال الصادق (عليّه السلام ): «إذا أرّفت الأرف وَحُدّت الحدود فلا شفعة»(8).
الأرفة: الحد الفاصل يبن الأرضين،
ص: 28
والجمع الأرَف، مثل غُرَفة وغُرَف(1) يقال منه: قد أرفت الدار والأرض تأريفاً، إذا قسمتها وحددتها. قال الأصمعي: هي المعالم والحدود، قال: وهذا کلّام أهل الحجاز (2).
والشفعة: شُفعة الرجل في الدار وغيرها، وإنّما سُمّيت شفعة لأنّه يشفع ماله بها(3)فيقضي لصاحبها (4)، وهي اسم للملک المشفوع مثل اللقمة اسم للشيء الملقوم، وتُستعمل بمعني التملّک لذلک الملک (5).
في کتاب عليّ(عليّه السلام) إلي أهل مصر:«وإنّ أخا الحَرب الأرق»(6)
الأرق: السهر. يقال: أرِقَ أَرَقاً، فهو أرِق وارِق وأرُقُ وأرُقُ(7)
في الحديث: «الأراک يکون في الحرم».(8) الأراک: شجر معروف، له حَمُلُ کعناقيد العنب. واسمه الکَباث بفتح الکاف، وإذا نَضِجَ
الحروف. يُسمّي المرد(9) وإذا رعته الإبل فهي أوارک وأهلها مورکون(10).
فإبل أوارک تأکلّ الأراک ، وإيل آرکة في الحمض، أي مقيمة(11)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبيّ محمّد(صلي الله عليّه وآله وسلم): «فأخرجه من أفضل المعادن مَنبِتاً، وأعزَّ الأروماتِ مَغرِساً(12) الأرومة، بوزن الأکولة: الأصل، والجمع أروم. والأروم بالفتح: أصل الشجرة والقَرن، قال زهير:
لهم في الذَّاهبين أروم صِدق*** وکان لکُلّ ذي حَسَب أرُوم
والأرام: مُلتقي قبائل الرأس. ورَأس مُؤَرَّمُ: ضخم القبائل. والإرَم والأرِم:الحجارة. والأرَامُ: الأعلام، واحدها إَرِم وأرِمُ وأَيرَمِيَّ. والأرمُ: القطع، وأرَمتهم السنة أرماًقطعتهم. وأرضُ أرماءُ و مارُومَةُ: لم يُتَرکُ فيها
ص: 29
أصل ولا فَزع (1)
ومنه الخبر «کيف تبلُغُک صلاتنا وقد أرِمتَ»، أي: بليت ، يقال: أرِم المال، إذا فَنِي.
وأرض أرِمةُ: لاثبت شيئاً. وقيل: إنّما هو من أرِمَت من الأرم: الأکلّ، يقال: أرَمَت
السنة بأموالنا: أي أکلّت کلّ شيء، ومنه قيل للأسنان: الأرَّمُ(2)
في حديث الصادق (عليّه السلام ): إنّ عليّ(عليّه السلام) يقول: «من وجد أزّاً فليأخذ بيد رجل من القوم من الصفّ فليتقدّمه». يعني إذا کان إماماً (3)
الأزّ: ضربان عِرق يأ تَزُّأو وجع في خراج.
وأزُّ العروق: ضربانها. وأزّت القِدروتوُزّ و تيِزُّ وأزّاً وأزيزاً وأزازاً، وائتزّت ائتزازاً، إذا اشتدّ
غليانها، وقيل: هو غليان ليس بالشديد (4).
وقد يُراد منه الأزّاً الحاصل في البطن عليّ الاستعارة، کما في حديث الفضيل قال: قلت لأبي جعفر (عليّه السلام) : أکون في الصلاة فأجد غمزاً في بطني أو أزّاً أو ضرباناً (5).
وفي حديث سُمرة: «کسفت الشمس عليّ عهد رسول الله فانتهيت إلي المسجد
فإذا هو يأزز» أي: ممتليء بالناس، يقال: أتيت الوالي والمجلس أزز، أي: کثير الزحام
ليس فيه متّسع. والناس أزز، إذا انضمّ بعضهم إلي بعض.
وفي الخبر: «أنّه کان صلي الله عليّه وآله يصلّي ولجوفه أزيز کأزيز المرجل من البکاء» . أي خنين من الخوف - بالخاء المعجمة - وهو صوت البکاء. وقيل: هو أنّ يجيش جوفُه ويَغلي بالبکاء.
ومنه حديث جابر عن جمله : «فنخسه رسول الله(صلي الله عليّه وآله وسلم )بقضيب فإذا تحتّي له أزيز».أي حرکة واهتياج وحدّة (6)ومنه قوله تعالي: ﴿أنا أرسلنا الشياطين عليّ الکافرين توُزّهم أزّاً﴾(7)تؤُزّهم أزّاً أي تزعجهم
إزعاجاً من الطاعة إلي المعصيّة.وقيل:تغريهم إغراءً بالشرَّ(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن البعث والنشور:« وتقضّت الدُّهُورُ، وأَزِفَ النُّشُورُ، أخرجهم مِن ضَرائِح القُبور»(9).
ص: 30
الأرَف: يقال أزِف يأزَفُ أزَفاً وأُزوفاً:اقترب. وکلّ شيء اقترب فقد أزِف أزَفاً، أي دنا وأفِدَ(1) ومنه قوله تعالي: ﴿أزفت الآزفة ﴾(2).
وسمّاها آزفة أقرب قيامها عنده، وقيل: لدنوّها من الناس وقربها منهم ليستعدّوا لها،
لأنّ کلّ ماهو آت قريب، قال الشاعر:
أزِف الترحّلُ غير أنّ رکابنا***لمّا تَزَل برحالنِا وکأن قَدِ (3)
والضرائح: واحدها ضريح، الشقّ في وسط القبر، واللحد في الجانب، وقيل: الضريح القبرکلّه ، وقيل : هو قبر بلا لحد. وضرح الضريح للميّت يضرحه ضرحاً: حفر له ضريحاً (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لم يُجبر عَظمُ أحد من الأمم إلاّ بعد أزل وبلاء» (5).
الأزل: الضيق(6) وأزَل الرجلُ أزلاً، صار
في ضيق وجدب. وأزَلتُ الرجلَ أزلاً: ضيّقت عليّه، والماشية عن المرعي: حبستها. وآزلت (7) السنةُ: اشتدّت . والازل، الاسم(8). وجاء في الخبر عنه (عليّه السلام) أنّه کان يقول: «اللّهمَّ اصرف واللأواء: عنّي الأزل واللأواء»(9). والأزّل، بالتحريک :
القِدَم. ومنه قولهم: هذا أزلي، أي قديم (10)
وفي حديث عليّ( عليّه السلام )في التوحيد: «سبق الأوقاتَ کونُه، والعدم وجودُه، والابتداء أزَلُه» (11)
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الإسلام: «فهو دعائم أساخ في الحقَّ أسناخها، وثبّت لها آساسها(12).
الأسَّ: أصل التأسيس في البناء، وفي لغة أسَسُ، والجميع الأساس، ممدود، وکذلک
أسُّ الرماد: ما بقي منه في الموقد. وکان ذلک عليّ أسُّ الدّهر وإته وأسّه واسّه: أي عليّ قديم الدهر (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الملائکة:
ص: 31
«لم تَجِفَّ لطول المُنَاجاةِ أَسَ-لَاتُ ألسنتهم»(1)
الأسَلةُ: مُستَدقُّ اللسان والذراع، وجمعها أسلات. ومنه قيل للصاد والزاي والسين أسَليّة، لأنّ مبدأها من أسلة اللسان، وهو ما مستدقّ طرفه. والأسّلة: طرف السَّنان، وقيل للقنا: أسل، لما رُکَّب فيها من أطراف الأسنّة.
وأصل الأسَل نبات له أغصان دقاق کثيرة لاوَرَق لها. وأَسَّلتُ الحديدَ، إذا رقّقته،
والمُؤَسَّل: المحدّد من کلّ شيء(2). ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «لاقود إلا بالأسل». يُريد کلّ ماأَرقَّ من الحديد وحُدَّد من سيف
وسکّين وسِنان»(3) وخدُّ أسيل: سهل ليّن، أسُل أسَالةَّ، وکفُّ أسيلة الأصابع (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الدهر: «لاتُؤسَي جراحه»(5).
الأسا: المداواة والعلاج. وأسا الجُرحُ أسواً وأساً: داواه. والأسُوُّ والإساء، جميعاً: الدواء، والجمع آسِيَة. والإساء، ممدود مکسور: الدواء بعينه.
وإنّ شئت کان جمعاً للآسي، وهو المعالج کما تقول: راع ورِعاء. وأهل البادية يسمّون الخاتنة آسية، کنايةً. وأسا بينهم أسواً: أصلح.
يقال: أسَوت الجُرح فأنا أسوه أسواً، إذا داويته وأصلحته. الأسوة ، بالضم والکسر: القُدوة، ويقال: ائتَسِ به، أي اقتدِ به وکن مثله. وفلان يأتسي بفلان، أي يرضي لنفسه مارضيه ويقتدي به، وکان في مثل حاله. و آسيت فلاناً بمصيبته ، إذا عزّيته(6) ومنه جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي الأشتر النخعي: «وليکن آثر رؤوس جُندِکَ عندکَ من واساهم في معونته» (7) والآسية: البناء المُحکَم. والآسية: الدَّعامة والسارية، والجمع الأواسِي (8) والآسّيُّ: آثار الحيّ إذا ار تَحَلُوا من الرَّمَادِ والبَعرِ، وجمعها أواسِيُّ. وأسَّ فلانُ سَهمه يَؤُسُّه أسّاً، فهو مأسُوس: إذا حَدّدَه (9).
وفي المثل «يَشُجُّ ويَأسُو». يُضرب لمن يُصيب في التدبير مرّةً ويخطيء مرّة.
قال الشاعر:
ص: 32
إني لأکثرُ ممّا سُمتَني عَجباً***يَدُتَشُجُّ وأخري منک تأسُوني(1)
في کتاب لعليّ (عليّه السلام )للأشتر النخعي في توجيهه وتسديده لإدارة أمور البلاد والرعية: «ولَيسَ عَلَيهِ مِثلُ اصَارِهِم وأوزَارِهِم وآثامِهِم»(2)
الإصر: الثقل (3). ومنه جاء قوله تعالي:
﴿ويَضَعُ عَنهُم إصرهم والأغلال التي کانت عليّهم﴾ (4)ولذلک قيل للعهد: إصر، لأنّ العهد ثقل ومنع من الأمر الذي أخِذ له(5).
والأصر: الحبس، وهو أنّ يحبسوا أموالهم بأفنيتهم فلا يَرعَونَها لأنّهم لا يجدون
مَرعيً(6) وأصرتُ الشيء أصراً. عطفته .
والآصرة: القرابة. وأصرتُ البيت: جعلت له إصارة، وهو طَنُبه، ويقال: وتده، وفلان مؤاصري، أي مجاوري(7) والمأصِرُ والمأصَرُ:مَحبَسُ السفينة(8)
في کتاب عليّ (عليّه السلام )لمعاوية: «واحْذَر أنّ يُصيبک الله منه بعاجلِ قَارِعَة تَمَسُّ الأصلَ، وتَقطَعُ الدّابرَ»(9).
الأصل: أصلُ کلُّ شيء مايستند وجود ذلک الشيء إليه، فالأبُ أصل لَلوَلد، والنهرُ
أصلّ للجدول، والجمع أصول(10) وفلان لاأصلّ له ولافَصل، أي لانسب له ولالسان.
قال الزمخشري: وسمعتُ أهل الطائف يقولون: لفلان أصيلة، أي أرض تليدةُ يعيش بها(11).واستأصلت الشجرةُ، أي ثبَت أصلُها. واستأصل الله فلاناً، أي لم يَدَع له أصلاً. والأصيل: العَشيُّ (12)يقال للعشية: أصيل وأصيلة، فجمع الأصيل أُصُل وآصال، وجمع الأصيلة أصائل(13) وباعتبار الأصل والأساس يُسمّي علم الکلام بأصول الدين ،لأنّ سائر العلوم الدينية من الفقه والحديث
ص: 33
والتفسير متوقفة عليّ صدق الرسول، وصدقه متوقّف عليّ وجود المُرسِل وعدله وحکمته، وغير ذلک ممّا يُبحث عنه في هذا العلم، فلذلک سُمّي بهذا الاسم(1)
في حديث عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: «وأنتم لها ميم العَرَب، ويأفيخ الشرف» (2).
اليافوخ: حيث التقي عظم مقدَّم الرأس و عظم مؤَخّره . وهو الموضع الذي يتحرّک من رأس الطفل، وقيل: هو حيث يکون ليناً من الصبي. قال الليث: من همز اليافوخ فهو عليّ تقدير يفعول. ورجل مأفوخ، إذا شُجَّ في يأفوخه، ومن لم يهمز فهو عليّ تقدير فاعول من اليفخُ، والهمز أصوب وأحسن، وجمع اليافوخ يافيخُ، وأفَخَه يأفِخُه أفخاً: ضرب يأفوخه.
ويافوخ الليل: معظمه(3). واستعار(عليّه السلام) للشرف رؤوساً، وجعلهم وسطها وأعلاها(4).
في حديث فاطمة (عليّها السلام): «وسکنت فورة الإفک»(5)
الإفک: کلّ مصروف عن وجهه الذي يحقّ أنّ يکون عليّه، کالصدق في المقال إلي الکذب، والجميل في الفعل إلي القبيح(6).
يقال: أفلکَ يأفِک إفکاً، ومنه رجل أفّاک وامرأة أفوک، بغير هاء، وأفاکة (7) وأتفکت الأرضُ بأهلها: انقلبت(8)وأفِکت الأرض: لم تُمطَرُ (9) وأفِکَ الرجل عن الطريق، إذا ضلَّ
عنه (10). ومن هذا يفسّر حديث عليّ (عليّه السلام) : «أين تذهب بکم المذاهبُ، وتتيه بکم الغَياهِب، وَتخدعُکم الکواذب؟ ومن أين تُؤتَون، وَأنَّي تُوفکُونَ؟ فَلِکلّ أجل کتابُ»(11)
في حديث عليّ(عليّه السلام) في التنفير من الدنيا:«وضوء آفل»(12).
أفل: أي غاب. وأفلت الشمسُ تأفِل وتأفُل أفلاً وأفولا:ًغربت.
ص: 34
وفُسّر قول الشاعر:
أبو شتيمين من حصّاء قد أَفِلَت*** کأنّ أطباءًها في رُفغها رُقَع
معني قد أفِلَت : ذهب لبنها والمأفول، هو ابدال المأفون، وهو الناقص العقل(1).
ومنه قوله تعالي :﴿ ولاأحبّ الأفلين ﴾ (2)
وباعتبار الغياب جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام)في التوحيد: «الذي لايحول ولا يزول، ولا يجوز عليّه الأفول» (3)
في وصيّة عليّ(عليّه السلام) : «إيّاک ومشاورة النّساء فإنّ رأيَهُنَّ إلي أفنِ، وعزمهنّ إلي وَهن»(4).الأفن: النقص: ورجل أفين ومأفون : ناقص العقل. والمأفون والمأفوک جميعاً من
الرجال: ضعيف العقل والرأي. وأفَنَ الناقةَ والشاةَ يأفِنُها أفناً : حلبها في غير حينها، وقيل: هو استخراج جميع مافي ضرعها.وأفَن الفصيلَ مافي ضرع أمّه، إذا شَرِبه کلّه.
قال أبو زيد: أفِنَ الطعامُ يُؤفَنُ أفناً، وهو مأفون، للذي يُعجبک ولا خير فيه. والجوز
المأفون: الحشَف(5) والأفانينُ نبتُ ، الواحدةُ أفانينةُ. وأفانين الشَّباب: أوائِلُه(6).
في کتاب عليّ(عليّه السلام) الا لمعاوية، لما کتب له، «أنّ الحرب قد أکلّت الناس: ألا ومن أکلّه الحقّ فإلي الجنّة، ومن أکلّه الباطل فإلي النار»(7).
الأکلّ: تناول المطعَمُ، وعليّ طريق التشبيه قيل: أکلّت النار الحطب(8). وقد استُعير في حديث عليّ عليّه السلام للقتل والفناء.
وباعتبار الفناء والفساد قال(عليّه السلام) عن عبد سرق من بيت المال: «مال الله أکلّ بعضه بعضاً» (9).
وفلان استوفي أُکُلَهُ، کناية عن انقضاء الأجل، وأکلّ فلانُ فلاناً: اغتابه، وکذا أکلّ لحمه (10) وتأکلَّ جسده، و به إکلّة، بوزن جِلسَة، وأکال، وأکِلّةُ بوزن تَبِعة، أي حِکّة (11).
ومن هذا يفسّر الحديث «الغيبة أسرعُ في
ص: 35
دين الرجل المسلم من الإکلَّة في جوفه»(1)
والأکيلة: فعليّة بمعني مفعولة، وهي الشاةُ تسمن و تعزل لتذبح، وليست بسائمة(2)
وقد وردت في الحديث: «ليس في الأکلّية صدقة» (3) وأکيل الذئب: شاةُ أو غيرها إذا أردت معني انمأکول، سواء فيه الذکر والأنّثي، وإنّ أردت به اسماً جعلته: أکيلة ذئبٍ (4)
في حديث عليّ(عليّه السلام) البر في شأن طلحة والزبير : «ألّبَا الناسَ عليّ»(5)
التأليب: التحريض ، وأنب بينهم: أفسَدَ. يقال: ألّبَ يألِبُ إذا اجتمع. وتألب القومُ:
تجمّعوا. والّبهم جمّعهم. وهم عليّه ألبُّ واحدُ وإلبُّ، والأولي أعرف، ووعل واحدوصَدعُ
واحد وضِلَعُ واحدةُ، أي مجتمعون عليّه بالظلم والعداوة (6) وألَبَ الجُرحُ يألِبُ ألباً: إذا بَرَا أعلاه وأسفله نَغِلُ. وألبت السماءُ: اشتدّ مَطَرها، وهي ألبَةُ. والألُوب: الرَّيحُ الشديدة الهبُوب. والالبُ: شجرة من شَجَر الجبال (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وکأنّ قلوبکم مألوسة»(8)
الألسُ: الجنون، وقيل: الألسُ: الرّيبة وتغيّر الخُلُق من ريبة،أو تغير الخُلُق من مرضٍ. يقال: ما الَسَکَ؟ ورجل مألوس: ذاهب العقل والبدن(9)ومنه الدعاء:«اللهم انّا نعوذ بک من الألس». وقال القتيبي: هو الخيانة، من قولهم:لايُدالِس ولا يوالس. وخطّأه ابن الأنّباري في ذلک (10).
في کتاب لعليّ (عليّه السلام )کتبه لمعاوية: «فإنّا کنّا نحن وأنتم عليّ ما ذکرتَ من الألفَةِ والجَمَاعَةِ»(11) .
الائتلاف: الالتئام والاجتماع، وتألف القوم بمعني اجتمعوا و تحابّوا، وألفته إلفَاً: أَنِست به وأحببته(12). ومن هذا جاء حديث الباقر(عليّه السلام ): «رحم الله امرءأ ألّف بين وليين لنا،
ص: 36
يامعشر المؤمنين تألّفوا وتعاطفوا»(1).
وألفتُ الشيء ألفا: لزمته(2). ومن هذا جاء قوله تعالي :﴿ ولإيلاف قريش﴾(3). وفلان من المؤلّفين،أي من أصحاب الألّوف. وقد ألّف فلان: صارت إبلُه ألفاً(4). وسمّي الألف العدد
المخصوص بذلک لکون الأعداد فيه مؤتَلِفَة (5).
ومنه المؤلّفة قلوبهم بالعطية کأبي سفيان وأصحابه (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الطاووس: «ومع فَتقِ سمعه خطُّ کَمُستَدَقّ القَلَم في لون الأُقحوانِ، أبيضُ يَقَقُ، فهو ببياضِه في سوادِ ما هُنَالِکَ يَأَتِلقُ» (7)
الائتلاق: يقال: ألقَ البرقُ يألِق ألقاً، وتألّق وائتلق يأتلق ائتلاقاً، لمع وأضاء.
والالاق: البرق الکاذب الذي لا مَطر فيه.ورجل إلاقُ: خدُّاع متلون شُبّه بالبرق الألُّق، و برق ألق مثل خلب (8) ومنه الحديث «اللهم إنّا نعوذ بک من الألسِ والألقِ والکِبر والسَّخيمة». .
الألقِ: الجنون، ألقَ فهو مألوق. وقيل: الکذب، ألِقَ يألق فهو آلق: إذا انبسط لسانه
بالکذب (9). قال أبو عبيد: أمّا الألُّقَ فإنّي لا أحسبه، أراد إلاّ الأولَقُ: الجنون، قال الأعشي:
وتُصبح من غِبّ السُّرَي وکأنَّما***ألمّ بها من طائفِ الجنَّ أولَقُ(10).
والالقة: السعلاة، وقيل: الذئب. قال الليث: الألقة تُوصف بها السعلاة والذئبة والمرأة الجريئة لخبثهن. والألوقة: الزبدة، وقيل: الزبدة بالرُطّب لتألَّقها وبريقها (11).
وفيه لغتان لُوقة وألُوقة. وقد فسر أبو عبيد خبر عبادة بن الصامت «لا آکلّ إلاّ ما لُوّق ليِ» بأنَّه مأخوذ من اللوقة، أراد بقوله: لُيّن لي، من الطعام حتّي يصير کالزُبد في لينه، يعني أنّه لا يقدر عليّ غير ذلک من الکبر(12).
ص: 37
أبيض يَقِقُ، بکسر القاف الأولي: شديد البياض ناصعة. قال أبو عمرو: يقال لجُمّارة
النخلة يقَقَة وشحمة، والجمع يقق(1) حديث ولادة الحسن :(عليّه السلام) «ولفه في بَيضاءکأنّها اليَقَقُ»(2)
والأُقحوان: نبت معروف طيّب الرائحة، يقال له: البابونج (3). ووزنه أفعُلان، والهمزة والنون زائدتان، ويُجمع عليّ أُقاح (4).
ومستدق القلم، بکسر الدال: القلم الدقيق،وهو إضافة الصفة إلي الموصوف،وبفتحها : حيث يدق من القلم، وهو سنانه (5).
قال عليّ( عليّه السلام )في حديث عن عمرو بن العاص:«يخونُ العَهدَ، ويقطع الإلَّ» (6).
الإل: القرابة والنسب (7) ومنه قوله تعالي :﴿ولايرقبوا فيکم إلاّ ولا ذمّة﴾(8).
وقيل في معناها الجوار والحلف (9).
ومنه اشتقّ الآل بمعني القرابة، کما اشتقت الرحم من الرحمن، والوجه أنّ اشتقاق الإلّ بمعني الحلف، لأنّهم إذا تماسحوا وتحالفوا رفعوا به أصواتهم وشهروه، من الأل، وهوالجوار، وله أليل: أي أنّين يرفع به صوته. ثمّ قيل لکلّ عهد و ميثاق: إلک. وسُمّيت به القرابة، لأنّ القرابة عقدت بين الرجلين ما لايعقده الميثاق(10).
والال، بالکسر ، هو الله تعالي. وقيل: الإلّ هو الأصل الجيّد. وفي الخبر : «عجب ربکم من إلّکم وقنوطکم». الإلّ: شدّة القنوط، ويجوز أنّ يکون من رفع الصوت بالبکاء ، يقال:ألّ يَئِلّ ألاًّوفيه: «أنّ امرأة سألت عائشة عن المرأة تحتلم، فقالت لها عائشة: تَرِبت يداکِ، وألّت، وهل تري المرأةُ ذلک!». ألّت: صاحت لما أصابها من شدّة هذا الکلّام (11)
من کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي معاوية: « وقد رام أقوامُ أمراً بغير الحق فَتَألّوا عليّ الله . فاکذَبَهُم، فاحذر يوماً يغتبِطُ فيه من أحمد عاقِبةً عَمَله» (12)
ص: 38
الائتلاء: الحلف. والأّلوة والأِلوة والألوة، والأليّة، عليّ فعيلة، والألِيّا، کلّه؛ اليمين، والجمع ألايّا والفعل آلي يُؤلي إيلاءً: حَلَف، وتالّي يتألُّي تألّياً وأتَلي ياتَلي ائتِلاءً(1). ومن هذا جاء قوله تعالي :﴿ ولاياتل أولوا الفضل منکم والسَّعة﴾ (2) ومن المجاز ما جاء في کتابه عليّه السلام إلي معاوية:«فإنّي أولي لک بالله أليَّةً غير فاجرة» (3)
وصفها بأنها غير مائلة عن الصدق. وألا يَألو وألواً وألوّاً وأليّا وإليّا والي يُوَلَّي تَأليَةَّ وأتَلي:قصَّر وأبطأ، ويقال للکلّب إذا قصّر عن صيده: الّي ، وکذلک البازي. وما ألوتُ ذلک، أي ما استطعته.
والعرب تقول: أتاني فلانُ في حاجةٍ فما ألَؤتُ ردّه، أي: ما استطعت. وأتاني في حاجةٍ فألوت فيها، أي: اجتهدت(4). فهو من . الأضداد، يقال: ألا، إذا جهد، وإذا قصّر(5)
قال ابن الأعرابي: الألؤُ: التقصير، والمنع، والاجتهاد، والاستطاعة، والعطيّة. والآلاء: النَّعَم، وأحدها ألَّي، بالفتح ، وإليُ وإلَّي(6).
والألوّة: العود الذي يُتبخّر به، فارسي معرّب. وألية الشاة: معروفة، وکبش أليان، إذا کان عظيم الألية، وکذلک الرجل، ولا يقال للمرأة ذلک، وإنّما يقال: عجزاء(7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أزرَيَ بِنَفسِه مَنِ استَشعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلَّ مَن کَشَفَ عَن ضُرَّ هِ وَهَانَت عَلَيهِ نَفسُهُ من أمَّرَ عليّها لِسَانَهُ»(8).
الإمرة والإمارة: يقال أمِرَ فلانُ وأمِرَ، بالضم، أي صار أميراً، والأنّثي بالهاء. وأمر
فلان: إذا صُيرّ أميراً. والتأمير ، تولية الإمارة. وأمير مؤمر: مملّک. ويقال: لک عليّ أمرَةُ أطيعک فيها، وهي المرّة الواحدة من الأّمور، ولا يقال: إمرة، بالکسر، إنّما الإمرة من الولاية(9).
ومن معني الولاية جاءت تسمية عليّ (عليّه السلام) أمير المؤمنين، والذي رواه الصادق( عليّه السلام) أنّ
ص: 39
الله سمّاه به(1) وأمره في أمره ووامره واستأمره: شَاوره. ويقال لکلّ من فعل فعلاً من غير مشاورة: ائتمر، کأنّ نفسه أمرته بشيء فأتمر، أي أطاعها (2). والأمارة: العلامة التي تعرف بها الشيء. وفيها لغتان: الأمار والأمارة، قال الشاعر:
إذا طلعت شمس النهار فإنّها*** أمارة تسليمي عليّک فسلّمي(3).
والأمَرَةُ : الزيادةُ والنماء والبرکة. يقال:لا جعل الله فيها أمَرَةً ، أي برکة، من قولک: أَمِر المال، إذا کثر (4) ومن هذا جاء الحديث: خير المال مُهرة مأمورة».
وهي الکثيرة النسل والنَّتاج. يقال: أمرهم الله فأمِرُوا ، أي کثروا، وفيه لغتان أمَرها في مأمورة، وآمرها فهي مُومَرة(5).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام) لرجل من أصحابه:«لاتکونن إمّعة تقول: أنّا مع الناس وأنا کواحد من الناس »(6)
الإمّعة: بکسر الهمزة وتشديد الميم: الذي لا رأي له، فهو يتابع کلّ أحد عليّ رأيه ، والهاء فيه للمبالغة. ويقال فيه: إمّع أيضاً.
ولا يقال للمرأة إمّعة، وهمزته أصلية، لأنّه لا يکون إفعل وصفاً (7)ولا نظير له إلاّ رجل إمّر، وهو الأحمق(8)
في حديث عليّ( عليّه السلام ): «إنَّ لکلّ مأموم إماماًيقتدي به ويستضيء بنوره»(9) .
الإمام: العالم المُقتدَي به، والإمامُ: من : يؤتَمُّ به في الصلاة، والإمام : الخليفةُ(10).
وباعتبار الخلافة الدينية والدنيوية قيل للأئمة المعصومين(عليّه السلام ): أئمة وفسّر قوله تعالي: ﴿وکلّ شيء أحصيناه في إمام مبين﴾ (11)بأنّه اللوح المحفوظ (12) وقد يُجعل الطريق إمامة، لأنّ المسافر يأتمَّ به . ويستدلّ (13). وأمّ فلانُ أمراً: قصده وأراده (14)
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : وأمّوا علما فکأنّهم قد
ص: 40
بلغوه(1). وأمّ رأسه بالعصا يَؤمُّه، إذا أصاب أمَّ رأسه، فهو أميم ومأموم (2).
وجاء في حديث الصادق (عليّه السلام ): «في المأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل »(3)أراد بالمأمومة: الشجة التي بلغت أم الرأس، يقال: شجّة أمّة، ومأمومة، وقد يُستعار ذلک في غير الرأس (4)وکلّ شيء يضم إليه سائر مايليه فاسمه الأمُّ، من ذلک أمّ الرأس، وهو الدَّماغ (5)وکانت العرب تُسمّي الأرض أّمّاً، لأنّها مبتدأ الخلق، وإليها مرجعهم(6)ويقال لکلّ ما کان أصلاً لوجود شيء أو تربيته أو إصلاحه أو مبدئه أمّ (7).
وقيل للنبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)أمي لأنّه نُسب إلي أمَّ العرب، أي أصلهم(8) وقيل: سُمّي بذلک لنسبته إلي أمّ القري.
وقيل: سُمّي بذلک لأنّه لم يکن يکتب ولايقرأ من کتاب، وذلک فضيلة له لاستغنائه
بحفظه واعتماده عليّ ضمان الله (9)
عن أبي عبد الله (عليّه السلام) ما قال: «من أنّب مؤمناً انّبه الله في الدنيا والآخرة» (10).
التأنيب : أشدَّ العذل، وهو التوبيخ و التثريب. يقال: أنّبه تأنيباً: عنّفه ولامه. وقيل بکتّه (11)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصفه تعالي: «والرّادِعُ أنّاسِيُّ الأبصار عن أنّ تناله أو تُدرکه»(12)
الإنسان: إنسان العين، وهو ناظرها، وجمعه أنّاسي. وآنست واستأنست بمعني أبصرت. وقيل سُمّي الإنسان إنسانا ًلظهورهم وإدراک البصر إيّاهم ، وهو فِعلانُّ ، ويُضَغَّر:
أنَيسِيَان وأنيسيين. وإنسِيُّ الإنسان: شِقُّه الأيسر. وإنسي القدم: ما أقبل عليّک. والاستئناس: الاستئذان، وتأنّس للشيء: إذا تسمَّع له. والآنسة: الجارية الطيّبة النفس التي تحُبُّ حديثها (13)وکانت العرب تسمّي
ص: 41
يوم الخميس مؤنساً لأنّهم کانوا يميلون فيها إلي الملاذ. وروي عن عليّ(عليّه السلام ) قال: «إنّ الله تبارک وتعالي خلق الفِردوسَ يوم الخميس، وسمّاها مؤنس» (1)وروي عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)قال: «ليله أنّيس، ونهاره جليس، وفيه رُفع إدريس، ولُعن إبليس»(2)
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وَلَم يَعتبَروا في أنّفِ الأوانِ»(3).
أنفة الشيء: ابتداؤه، والاستئناف: الابتداء، وکذلک الانتِناف. واستأنف الشيء وأتَنَفَه: أخذ أوله وابتدأه. وقيل : استقبله. وفي الحديث: لکلِّ شيء أُنفة، وأُنفة الصلاة التکبيرة الأولي. وروضة أُنف: لم يَرعَها أحد.
وأرض أنّف وأنيفةُ: مُنبِتَةُ. وهي آنف بلاد الله، أي أسرعها نباتاً، وکأس أُنف: لم يُشرب بها قبل ذلک کانّها استُؤنف شربها مثل روضة أنف. و آنفاً: الساعة، في أوّل وقت يقرب : منا(4). ومنه قوله تعالي: ﴿ماذا قال انِفاً ﴾(5)أي: الآن(6). والأنّفُ والأنّفَةُ: الاستنکاف،
أنِفَ يأنَفُ، کأنّه يُخزي منه (7). ومن هذا المعني فسّر الصادق( عليّه السلام )سؤال هشام بن الحکم عن معني «سبحان الله»، فقال: أنّفة الله(8) وبعير مأنوف: يُساق بأنفِه، فهو أنِّف، مثل تَعِبَ فهو تَعِبُ، وقيل: الأنّف الذي عقره الخطام، وإنّ کان من خشاس أوبُرة أو خزامةٍ في أنّفه، فمعناه أنّه ليس يمتنع عليّ قائده في شيء للوجع، فهو ذلول منقاد(9) ومنه حديث أبي البختري رفعه قال: سمعته يقول: المؤمنون هيّنون، کالجمل الأنّفِ إذا قيد انقاد، وإنّ أنّيخ عليّ صخرة استناخ (10) والأصل في «الجمل الأنّف» أنّ يقال: مأنوف، لأنّه مفعول به، کما يقال: مصدور ومبطون للذي يشتکي صدره وبطنه، وإنّما جاء هذا شاذاً، ويُروي کالجمل الأنّف، بالمدّ، وهو بمعناه(11). والأوان: الحين والزمان، نقول: جاء أوانُ
ص: 42
البرد(1)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الدنيا: «يُونق مَنظَرُها، ويوبق مَخبَرُها» (2)
الأنَّقُ: حُسن المنظر وإعجابه إيّاک. يقال:آنقني الشيء يُؤنقني إيناقاً: أعجبني. وحکي
أبو زيد: أنِّقتُ الشيء: أحببته، وعليّ هذا يکون قولهم: روضة أنّيق، في معني مأنوقة،
أي: محبوبة، وأمّا أنّيقة فبمعني مُؤنِقة. يقال: آنقني الشيء فهو مُؤنِق وأنيق، ومثله مؤلم وأليم ومسمع وسميع. وتأنق في الأمر،إذا عمله بِنيقةٍ مثل تنوَّق، وله إناقة وأناقة ولباقة. وتانّق في أموره: تجوّد وجاء منها بالعجب. وتأنّق المکان. أعجبه فعَلِقه لا يفارقه(3).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ القرآن ظاهره أنّيق وباطنه عميق» (4).
وفي حديث عليّ(عليّه السلام) أيضاً: «ترقيت إلي مرقاة يقصُر دونها الأنّوق».الأنّوق: هي الرّخمة لانّها تبيض في رؤوس الجبال والأماکن الصعبة فلا يکاد يُظفر بها(5). قال الدميري: طائر أسود له شيء کالعرف أوأصلع الرأس أصفر المنقار(6).
ومنه المثل: أعزّ من بيض الأنّوق(7).
في دعاء عليّ( عليّه السلام) للاستسقاء: «نَدعوک حينَ قَنَط الأنّامُ، ومُنِع الغَمام، وهلک السَّوامُ»(8) الأنّام: الجنُّ والإنسُ. وقيل: الأنّام: ماعليّ وجه الأرض من جميع الخلق (9). وقال الکوفيون: واحد الأنّام نِيمُ، قال الشاعر: فمّا إنّ مثلها في الناس نِيمُ. ولم يعرفه البصريون (10).
قالوا: لو رزقنا الله عدلَ سلطانه ، لأنّامَ أنّامَه في ظلَّ أمانه(11)
و في دعاء عليّ(عليّه السلام )في الاستسقاء «اللّهُمَّ فارحم أنّين الأئة، وحَنين الحَانّة» (12).
ص: 43
الآنّة: الشاة، وفي المثل قولهم: وماله حانّة ولا آنّة. أي ماله ناقة ولاشاة (1).
وقيل: الحانّة الناقة . والانّة: الأمة تئِنّ من التعب. يقال: أنَّ الرجلُ يَئنُّ أنّيناً وأناناً وأًنّةً تأوّه، ورجل انّان وأنان وأُننة: کثير الأنّين :وقيل الأُنَنةُ: الکثير الکلّام والبثّ والشکوي ولا يُشتقُّ منه فعل. وأنّت القوسُ تئنُّ أنّيناً:
ألانت صوتها ومدّته. والأننُ: طائر يضرب إلي السَّواد، له طَوق کهيئة طوق الدُّبسيّ، أحمر الرجلين والمِنقار. وقيل : هو الورشان، وقيل : هو مثل الحمام إلّا أنّه أسود، وصوته أنين: أوه أوه(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الحِلمُ والأنّاة تَوأمان يُنتُجُهما عُلُوّ الهمّة»(3).
الأنّاة : تأنّي في الأمر: تَمکّث ولم يَعجَل ،والاسم منه أنّاة، وزان حصاة (4).
قال النابغة:
الرفق من والأنّاة سعادةُ***فتأنَّ في رفقٍ تُلاَقٍ نجاحا
وأمرأة أنّاة: فَتُورُ ، ونساء أنوات. واستأني في الطعام: انتظر إدراکه(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فخذوا للحرب أهبتها، وأعدّوا لها عُدّتها، فقد شبّ لظاها، وعلا سناها، واستشعروا الصبر، فإنّه أدعي إلي النّصر»(6).
أهبة الحرب:عُدَّتها، والجمع أُهَب.و تأهّب: استعدَّ، وأخذ لذلک الأمر أُهبَتَه، أي ، هُبَتَه وعُدَّته، يقال : قد أهَبَّ له وتأهَّب(7).
ومنه حديث الصادق( عليّه السلام): «لا تفدح ميّتک بالقبر ولکن ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه يأخذ أُهبته»(8)والأهاب: الجلد، الجمع أُهُب وأهِبَه (9) مالم يُدبغ. ومنه الحديث «أيّما إهاب دُبِغ فقد طَهُر» (10)
ويجمع أيضاً بفتحتين عليّ غير قياس. قال بعضهم: ليس في کلّام العرب (فعال) يجمع علي فعل بفتحتين إلا إهاب وأهَب وعماد
ص: 44
و عَمَد(1). وربّما استعير الإهاب لجلدالإنسان کما في قول أبي سفيان لما سأله عليّ( عليّه السلام) عن المانع من استلحاق زياد بن سمية: «أخاف هذا العَير الجالس أنّ يخرّق عليّ إهابي» (2) مشيراً إلي عمر بن الخطاب الذي کان في المجلس.
واستشعار الصبر کناية عن اتخاذه کالشعار، وهو الثوب الذي يلي الجسد من الثياب (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «واعلموا أنَّ دَارَ الهِجرةِ قد قَلَعَت بِأهلِها وقَلَعُوا بُهَا» (4).
الأهل: أهل الرجل من يجمعه وإيّاهم المدينة نسبُ أو دين أو مايجري مجراهما من صناعةٍ وبيتٍ وبلدٍ(5) وأَهَل المکان أُهولاً: کثر أهله، والرجل تزوج(6).
ويقال: تأهّل: تزوّج، ورجل آهل، وفي الحديث : «أعطي الأهل حظّين»(7).
واستأهل الرجلُ: أخذ الإهالة أو أکلّها(8). وفيها روي محمد بن مسلم عن أحدهما( عليّه السلام) :في المحرم تشقّق يداه. فقال: «يدهنهما بزيتٍ او سمن أو إهالة»(9). الإهالَة، بالکسر : الوَدَکُ المُذاب (10). وقال أبو زيد: الإهالة کلّ شيء من الأدهان ممّا يُؤدم به مثل الزيت ودهن السمسم. وقال غيرُ أبي زيد: الإهالة ما أُذيب من الألية والشحم أيضاً (11).
وعرّض عليّ (عليّه السلام) بالراکنين للدنيا بوصفه إيّاهم: «أهل مدّة البقاء»(12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) حين کلّم الخَوارج:
ص: 45
«فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ، وَارجِعُوا عَلَي أَثَرِ الأَعقَابِ»(1).
المآب: المرجع. يقال: آبت الشمسُ تَؤوبُ إياباً وأُيوبا، الأخيرة عن سيبويه:غابت في مآبها، أي في مغيبها، کأنّها رجعت إلي مبدئها.
وفي الحديث: «شغلونا عن صلاة الوُسطي حتّي آبتِ الشمسُ ملأَ الله قلوبهم ناراً». أي: غَرَبت ، من الأوب الرجوع، لأنّهاترجع بالغروب إلي الموضع الذي طلعت منه(2)
ومنه قوله تعالي: ﴿ وإنّ للطاغين لشرَّ مآبٍ ﴾ (3) ومن هذا جاء حديث عليّ عليّه السلام : فَمن يبتغ غير الإسلام ديناً تتحقق شِقوَتُهُ وتنفصِم عُروَتُه، وتَعظُم کبوتُه، ويکن مابُه إلي الحزن الطويل والعذاب الوبيل»(4).
ويقال: کنتُ علي صوب فلانِ وأوبه، أي عليّ . طريقته ووجهه. ومازال هذا أوبه، أي طريقته وعادته. ومايُدرَي في أيَّ أؤبٍ هو (5)
في حديث عليّ(عليّه السلام )عن خلقه تعالي الأرض: «وأقَامَهَا بغير قَوَائِم، وَرَفَعَهَا بِغَيرِ دَعَائِمَ، وَحَصَّنها من الأَوَدِ والاعوِجَاج، وَمَنَعَهَا مِن التَّهافُتِ والانفِرَاجِ»(6).
الانئياد: لانحناء. وأَوِد الشيءُ بالکسر ،يأوَدُ أوَداً ، فهو آودُ: اعوجّ. و تأوّدَ الشيء: تعوّج. وآد العشيّ، إذا مال. وآد الشيء أوداً رجع، ويقال : تأوّدت المرأة في قيامها، إذا تثنّت لتثاقلها. ويقال : توأد واتّأدَ، إذا ترزّن وتمهّل (7) وأدني: أثقلني، يَوُودُني(8) ومنه قوله تعالي:﴿ولا يَؤُدُه حِفظُهما وهو العليّ العظيم﴾(9). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): «ولم يَوُدهُ منها خَلقُ ماخَلَقه وبَرَأه» (10). ومن معني الانحراف والميل جاءت الاستعارة في حديث عليّ عليّه السلام يريد به بعض أصحابه: «لله بَ-لَاءُ فُلانِ، فَلَقَد قوّم الأَوَد، وداوي العَمَد»(11).
وباعتبار الجهد والمشقّة قال عليّ(عليّه السلام) الطلحة والزبير حين جاءا لمبايعته: «لکنکما شريکان في القوّة والاستعانة ، وعونان علي
ص: 46
العجز والأود»(1)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ طاعةَ الله حِرزُ من مَتَالِفَ مَکتَنِفَةٍ، ومخاوف مُتَوَقّعة، وأوارِ نيرانٍ مُوقَدة»(2).
الأُوار، بالضمّ: شدّة حرّ الشمس ولفح النار، ووهجها، والعطش. وأرضُ أَوِرة ووَبِرَة،
مقلوب: شديدة الأوار. ويوم ذو أوار: أي ذو سَموم وحرّ شديد. والأُوار أيضاً: الجنوب(3).
وجاء في خبر عطاء: «أبشري أورَي شَلَم براکب الحمار» يريد بيتَ المقدس. قال الأعشي:
وقد طفتُ للعمالِ آفاقَه*** عُمانَ فَحَمصَ فأوري شَلم
والمشهور أوري شلَّم بالتشديدة فخففه للضرورة، وهو اسم بيت المقدس.
ورواه بعضهم بالسين المهملة وکسر اللام کأنّه عرّبه وقال: معناه بالعِبرانية: بيت السلام.
وروي عن کعب أنَّ الجنّة في السماء السابعة بميزان بيت المقدس والصخرة، ولو وقع حجرُ منها وقع علي الصخرة، ولذلک دُعيت أورَسَلِم، ودُعيت الجنّة دار السلام(4)
في حديث فاطمة (عليّها السلام ): «ولبئس ما تأوّلتم، وساء ما به أشرتم، وشَرُّمامنه
اغتصبتم! لتجدنّ - والله - محمله ثقيلاً، وغِبّه وبيلاً» (5).
تأوّلتم: من الأول، وهو الرجوع، آل الشيء يؤول أولاً ومالاً:رجع. وأوّل إليه الشيء : رجعه. وأُلتُ عن الشيء: ارتددت.
وأوّل الکلام و تأوّله : دبّره وقدّره(6)ومن هذا جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «فغدوت علي الدنيا بتأويل القرآن»(7). ومنه حديث ابن عبّاس: «اللهم فقهه في الدين وعلّمه
التأويل». هو من آل الشيء يؤول إلي کذا: أي رجع وصار إليه، والمراد بالتأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلي مايحتاج إلي دليل لولاه ماتُرک ظاهر اللفظ (8) والشر السوء والفساد والظلم، والجمع شرور (9).
والفعل منه شرَّيَشُرُّ، بضم الشين وکسرها، شرّاً وشرارةً. ورجل شرّير وشرير، وهو شرُّ
منک، ولا يقال: أشَرُّحذفوه لکثرة الاستعمال، وشرَّ إنساناً يشرِّه، إذا عابه.
ص: 47
اليزيدي: شرَّرَني في الناس وشهرني فيهم بمعني واحد(1) الغَبّ: غِبُّ الأمر ومغبّته: عاقبته وآخره. و غَبَّ الأمرُ: صار إلي آخره، وکذلک غَبّت الأمور إذا صارت إلي أواخرها. و غبّت الماشية تغبّ غَبّاً و غُبوباً: شرِبت غِبّاً وأغبّها صاحبها. قال الأصمعي: الغِبُّ إذا شرِبت الإبل يوماً، و غبّت يوماً. وکذلک الغِبّ من الحمّي(2) ومن حديثه( عليّه السلام ): «زُر غِبّاً تزدد
حُبّاً (3) يقال : غبَّ الرجل إذا جاء زائراً بعد أيّام(4) والوبال: الثقل والمکروه (5)
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف السماء:« وَأَمسَکها مِن أنّ تَمُورَ في خَرق الهَواء بِأيدِهِ»(6).
الأيد: القوّة، يقال: أيّده عليّ الأمر، وکذا الآد. وأيّدته تأييداً، أي قوّيته، والفاعل مؤيَّد، وتصغيره مؤيَّد أيضاً والمفعول مُؤَيَّد. وتأيّد الشيء: تقوي. ورجلُ أيَّدُ، بالتشديد، أي قويّ. والإياد: ما أُيّد به الشيء، والإياد کل مَعقل أو جبل حصين أو کنف وسترولجأ، وقد قيل: إنّ قولهم: أيّده الله، مشتقُّ من ذلک (7). ومنه قوله تعالي : ﴿ والسماء بنيناها بأيد ﴾(8). أي بقوة، وکذا فسّرها الباقر عليّه السلام وقال: «اليد في کلّام العرب القوّة والنعمة»(9)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّما أنّتم کالمرأة الحامل، حملت فلمّا أتمّت أملصت، ومات قيّمها، وطال تأيّمها»(10).
الأيّم: المرأة إذا لم يکن لها زوج، بکراً کانت أو ثيّباً، والجمع أيَامَي (11). وتأيّمت المرأةُ، إذا لم تتزوّج بعد موت زوجها (12). وقد قيل للرجل الذي لازوجَ له، وذلک علي طريق التشبيه بالمرأة (13). والأيم: ضرب من الحيّات،ويقال له: الأيّم، بالتثقيل أيضاً (14).
ص: 48
في حديث فاطمة (عليّه السلام) : «اللهمّ إنک أشدُّ منهم قوّةً وحؤلاً، وأشدّ بأساً وتنکيلاً»(1).
البأس: العذاب الشديد(2)، ومن هذا جاء قوله تعالي : ﴿وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس﴾(3) يقال: بؤس يبؤُس بأساً، إذا اشتدَّ، فهو بئيس (4)والبأسُ: الحربُ، ثمّ کَثرُ حتّي قيل: لا بأس عليّک، أي: لا خوف عليک. ورجل بئيس: شجاع، مأخوذ من البأس. والبأساء: ضدّ النعماء (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «وسَکَنَتِ الأرضُ مَدحوَّةً في لُجّة تَيَّاره، وَرَدّت من نَخوَةِ بَأوِهِ واعتلائه»(6).
البأواء: يُمدُّ ويقصر: وهي العظمة، والبَأوُ مثله، وبأي عليهم يَبأَي بأواً، مثال بَعي يَبعي
بَعواً: فخر، والبأوُ: الکبر والفخر. بَاَيتُ عليهم أبأَي بَأياً: فخَرتُ عليهم، لغة في بأَوتُ علي القوم أبأَي بَأواً. قال حاتِم:
وما زادنا بأواً علي ذِي قرابةٍ*** غِنانا، ولا أزري بأحسابنا الفَقرُ
وبأي نفسه: رفعها وفخر بها (7) وباوأتُ الرجل بِعصَاي: أي رفعتها عليه ورفع عليّ والبأبَأةُ من قولک : بأبي أنّت، أي: أفديکَ بأبي(8).
في الحديث عن أبي عبدالله قال: «سمع أبي رجلاً متعلقاً بالبيت وهو يقول: اللهم صلَّ
ص: 49
عليّ محمد، فقال له أبي، ياعبدالله لاتبترها،لاتظلمنا حقّنا، قل: اللهم صلّ علي محمد وأهل بيته»(1).
البتر: يقال بتره بتراً، من باب قتل، قطعه علي غير تمام (2). والبتر يقارب البتک والبتّ لکن يُستعمل في قطع الذّنب ثمّ أَجري قطع العَقِب مجراه، فقيل: فلان أبتر، إذا لم يکن له عَقِب يخلُفُه (3) ومن هذا جاء قوله تعالي:﴿إنّ شانئک هو الأبتر﴾(4)وقيل لخطبة زياد البتراء، لأنّه ماحَمِد فيها ولا صلّي(5)وباعتبار الانقطاع من الخير والولد قال عليّ(عليّه السلام) لأحدهم: «ياابن اللعين الأبتر،اخرُج عَنَا أَبعَدَ اللهُ نَوَاکَ»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «جَاَرتُم جُؤارَ مُتَبتّلي الرُّهبَان»(7).
التبتُّل: الانقطاع عن الدنيا إلي الله تعالي، ويقال للعابد إذا ترک کلّ شيء وأقبل علي العبادة: قد تبتّل، أي قطع کلّ شيء إلا أمر الله وطاعته. والتبتّل: ترک النکاح والزهد فيه والانقطاع عنه. والبتول من النساء: المنقطعة عن الرجال لا أرَب لها فيهم، وبها سُمّيت مريم أمّ المسيح عليّ نبيّنا وعليه الصلاة والسلام، وقالوا لمريم العذراء: البتول والبتيل لذلک (8).
وسمّيت فاطمة البتول (عليّها السلام )لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً ودنياً وحسباً. وقيل لانقطاعها عن الدنيا إلي الله تعالي(9).
وحلف عليّ يمين بَتَّةً بَتلَةً، أي قَطَعها قَطعاً (10). وسُئل رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم) ما البتول؟ قال: لم تر حمرة قطّ، ولم تحض ، فإنّ الحيض مکروه علي بنات الأنّبياء (عليّهم السلام) (11).
وفي حديث محمد بن عيسي قال: کتب أبو القاسم الرازي إلي الرجل يسأله عن العمرة المبتولة هل علي صاحبها طواف النساء. فکتب: أمّا العمرة المبتولة فعلي
صاحبها طواف النساء (12) العمرة المبتولة: أي
ص: 50
المقطوعة عن الحجّ، وهي المفردة(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام ): «فَلَم آتِ - لا أَبالَکُم - بُجراً، ولاخَتَلتُکم عن أمرِکُم»(2).
البُجر: العَجَبُ، والبجر، بالفتح والضم: الداهية والأمر العظيم. وأبجر الرجلُ، إذا استغني غِنيً يکاد يطغيه بعد فقر کاد يکفره.وقال هُجراً وبُجراً، بالضم، أي أمراً عجباً.
قال أبو عمرو: يقال: إنّه ليجيء بالأباجر، وهي الدواهي(3) وفي الخبر أنّه وصف قريش «أشحّة بُجرَة». وهي جمع باجر، وهو العظيم البطن . يقال : بَجِر يبجَر بَجراً، فهو أبجر وباجر. ويجوز أنّ يکون کناية عن کنزهم الأموال واقتنائهم لها(4). وجاء في حديث الديات: ودية البَجرة إذا کانت فوق العانة عشر دية النفس، مائة دينار (5).وهو نفخ في السُرَّة وارتفاع وغِلَظ في أصلها(6)ومن هذا الاعتبار جاء الخبرُ: «بعث بَعثاً فأصبحوا بأرض بجراءٍ » أي مرتفعة صلبة (7).
سأل سليمان بن مهران جعفرالصادق (عليّه السلام) : «کيف صار وطأ المشعر الحرام
فريضة؟ قال: ليستوجب بذلک وطأ بحبوحة الجنّة» (8).
بُحبُوحةُ الجنّة: وسطها، يقال: تبحبح في الأمر توسّع فيه، وتبحبحت العرب في لغاتها: اتسعت(9). والتبحبح: التمکّن في الحلول والمقام، والبُحبُوحة: وسطُ محلّة القوم، قال جرير: ينفون تغلب عن بُحبُوحة الدّار (10).
وباحة الدار: وسطها. وجمع باحة بوح، مثل ساحة وسوح(11).
في حديث أم سلمة رضي الله عنها أنّ مساکين سألوها فقالت: «ياجارية أبّديهم تَمرةً تَمرةً». .أبّديهم: فرّقي فيهم، وهو من بدّدتُ الشيء تبديداً (12) يقال: جاءت الخيل بَدادِ، إذا جاءت متفرقة . قال عوف بن الخرِع:
ص: 51
وذکرتَ من لبن المحلَّق شَربةً والخيل تعدو بالصعيد بَدادِ(1).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) لمّا طالبت القوم حقها: «ابتداراً زعمتم خوف الفتنة :﴿ ألافي الفتنة سقطوا وإنَّ جهنم لمحيطةُ بالکافرين﴾(2) فهيهات منکم، وکيف بکم،وانّي تُؤفکون!»(3).
ابتداراً: يقال بادر الشيء مبادرةً وبداراً، وابتدره وبَدَر غيره إليه يَبدُرُه: عاجله.
ويقال : ابتدر القوم أمراًوتبادروه، أي با در بعضهم بعضاً إليه أيّهم يَسبِق إليه فيغلِبُ
عليّه(4)ومنه قوله تعالي: ﴿ ولا تأکلّوها إسرافاً وَبِدَاراً أنّ يَکبَروا﴾(5)والبدار والمبادرة کالقتال والمقاتلة(6).
أني تؤفکون: فکيف تصرفون عنه وعن توليه إلي غيره(7) ومنه قوله تعالي: ﴿ذلکم الله فانَّي تُؤفکون﴾ (8). أي: فمن أين تصرفون عن الحقّ مع ما ترون (9)يقال: أفکت فلاناً عن هذا الأمر،أي صرفته عنه بالکذب والباطل. ومنه المأفوک (10) وفي الحديث قال أبو عبدالله( عليّه السلام) : «کلّ طعام اشتريته من بيدر أو طسّوج فأتي الله عزّ وجلّ عليّه فليس للمشتري إلا رأس ماله»(11)البيدر: الموضع الذي تُداس فيه الحبوب (12). والمکان المرشَّح لجمع الغَلَّة فيه(13).
في حديث الرضا (عليّه السلام):«الأبدال الأوصياء جعلهم الله عزَّ وجلّ بدل الأنّبياء» (14).
الأبدال : واحدهم بديل، وهو أحد ماجاء علي فعيل وأفعال. وإنّما سُمُّوا أبدالاً لأنّه إذا
مات الواحد منهم أبدلَ الله مکانه آخر (15).
والإبدال والتبديل والتبدّل والاستبدالُ جَعلُ شي ءٍمکان آخر، وهو أعمّ من العِوَض، فإنّ العِوَض هو أنّ يصير لک الثاني بإعطاء الأوّل، والتبديل قد يقال للتغيير مُطلقاً وإنّ لم يأتِ ببدله(16). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) لما
ص: 52
ضُرب: «أبدَلَني اللهُ بِهم خيراً» (1). وبدّلته تبديلاً بمعني غيّرتُ صورته تغييراً. وبدّل الله السيئات حسنات، يتعدّي إلي مفعولين بنفسه لأنّه بمعني جعل وصيّر (2). ومنه قوله تعالي:﴿يُبدّل الله سيّئاتهم حسنات﴾(3) ومنه جاء وصف السجاد (عليه السلام)للموت للمؤمن:«استبدال بأفخر الثياب وأطيبها، وللکافربأوسخ الثياب» (4) والبادل: لحمُ الصدر، واحد تها بَأدَلة.
قال الشاعر:
فتي قُدَّقَدَّ السيفِ لامتضائلُ***ولا رَهِلُ لَبَّاتُه وبادِلُه
ومشت المرأة البَأدَلَة، إذا مشت فحرّکت أعطافها کمشي القِصار إذا أسرَعنَ (5)
قال عليّ (عليّه السلام): «إذا اشتري الرجل البدنة عجفاء فلا تجزي عنه، وإنّ اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه، وفي هَدي المتمتّع مثل ذلک»(6).
البدنة: البَدَنةُ من الإبل مثل الأُضحية من الغنم، والجمع البُدن والبُدُن، وقد قري ء بهما جميعاً (7). کما في قوله تعالي:﴿ والبدن جعلناها لکم من شعائر الله ﴾ (8) وقال ابن عباس: البدن يعني البقر والإبل(9) وسُمّيت
البدنة بذلک لسمنها، يقال: بدن إذا سمن (10) وفي حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله وسلم): «کان بادناً، متماسکاً، سواء البطن والصدر » (11).
بَادناً متماسکاً: معناه تام خلق الأعضاء،ليس بمسترخي اللحم ولا بکثيره. وسواء الصدر والبطن: معناه أنّ بطنه ضامر (12).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف أخٍ في الله .له: «وکان إذا بَدَهُه أَمران يَنظُر أيّهما أَقرَبُ إلي الهوي فَيُخَالِفُه» (13).
البَده: أنّ تستقبل الإنسان بأمرٍ مفاجأةً والاسم البديهةُ في أوّل مايُفاجأ به، وبَدهَه بالأمرِ: استقبله به. تقول: بدهه أمر يبدهة
ص: 53
بَدهاً: فجأه(1). وجاء في صفته( صلي الله عليّه وآله وسلم) : «من رآه بديهةً هابه». أي: مفاجأة وبغتةً، يعني مَن لقيه قبل الاختلاط به هابه لوقاره وسکونه(2).
في حديث الصادق (عليّه السلام ) قال: قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم): «ألا أخبرکم بأبعدکم منّي شبهاً؟ قيل: بلي يارسول الله ، قال: الفاحش المتفحش البذيء البخيل المختال الحقود الحسود ، القاسي القلب، البعيد من کلَّ خير يُرجي، غير المأمون من کلَّ شرَّ يُتّقي»(3).
البذيء: يقال بذأ يبدأ بَذاءةً بالمدَّ وفتح الأول، وبذا علي القوم يبدو بَذاءً: سَفه - بضم
الفاء وکسرها - وأفحش في منطقه، وإنّ کان کلامه صِدقاً، فهو بذيُّ عليّ فعيل وامرأة بذية (4) والمختال: من قولهم : اختال الرجل و به خُيَلاء، وهو الکِبر والإعجاب (5). وذُکر أن ذلک لا يکون إلّا مع سحب إزار(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام) :«وحَملِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ الشُمَّخِ البُذَّخِ»(7)
جبل باذخ: طويل ، وقد بَذَخ بُذُوخاً.
والبَدَخُ: التطاولُ والافتخار. بَذَخَ يَبذَخَ بَذخاً وبذوخاً(8) ورجل بذّاخ، إذا تکبّر(9) ومن هذا جاء تسبيح فاطمة عليّه السلام : «سبحانً ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي العزَّالشامخ المنيف، سبحان ذي الملک الفاخر القديم.»(10). والمنيف: المشرف المرتفع، وقدأناف إذا ارتفع(11) وشمخ الجبل يشمَخُ ارتقع (12).
في حديث عليّ( عليّه السلام )في وصف أخ في الله کان له: «فإنّ قَالَ بَذَّ القَائِلينَ، ونَقَعَ غَليِلَ لسَّائِلينَ، وَکَانَ ضَعِيفاً مُستَضعَفاً!؛ فإنّ جَاءَ الجِدَّ فَهُوَ لَيثُ غَابٍ، وَصِلُّ وادٍ، لايُدلي بِحُجّةٍ حتّي يَأتي قَاضياً(13).
ص: 54
البذُّ. بذه يَبُذُّه بذّاً، إذا غلبه. وکلّ غالب باذٍ(1)وبَذَاَتهُ العينُ: از درته واستخفّت به (2).
ومنه يقال: رجل باذُّالهيئة وبَذُّها، وجاء في هَيئَةٍ بذَّةٍ وحالٍ بذّةٍ، وفيه بذاذة (3).
وجاء في الحديث: «البَذاذةُ من الإيمان»(4).
في حديث عليّ عليّه السلام في وصف الأولياء:«لَيسُوا بالمَسَابيحِ، ولا المَذَايِيعِ البُذُرِ» (5)
البُذُر: جمع بَذور، وهو الذي يکثر سفهه ويلغو منطقه(6) ويقال أيضاً: رجل بيذرَة و بيدارة، إذا کان کثير الکلّام (7). يقال: بَذرتُ الکلّام؛ فرّقته ، وبذّرته، بالتثقيل، مبَالغةُو تکثير ، فتبذّر هو. ومنه اشتُق التبذيرُ في المال لأنّه تفريقُ في غير القصد (8). وأصله إلقاء البَذر و طرحه، فاستُعير لک مضيّع
الماله، فتبذيُر البَذر تضييع في الظاهر لمن لم يَعرِف مالَ مايُلقيه(9) وبذّر الله الخَلق: فرَّقهم في الأرض (10).
کتب الصفّار إلي أبي محمد الحسن بن عليّ( عليّه السلام) يقول: «رجل يبذرق القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه عليّ شيء مسمّي أله أنّ يأخذه منهم أم لا؟فوقع عليّه السلام : إذا آجر نفسه بشيء معروف أخذحقّه إنّ شاء الله»(11).
يبذرق: من البذرقة، وهي کلّمة فارسية وعرّبتها العرب. يقال: بعث السلطان بَذرقةً
مع القافلة(12) والبذرقة تفيد معني الحراسة والخفارة. قال الفيومي: البذرقة الجماعة تتقدّم القافلة للحراسة.وبعضهم يقول بالذال، وبعضهم بالدال، وبعضهم بهما جميعاً (13)
سأل إسحاق بن عمّار أبا عبد الله (عليّه السلام )عن أدني الإسراف، فقال: «ثوب صونک تبتذله،
ص: 55
وفضل الإناء تهريقه، وقذفک النوي»(1).
ابتذال الثوب: من قولهم : خرج علينا في مَبَاذِله وفي ثياب بَذلَتِه. والرجل يتبذّل في
منزله (2). وابتذال الشيء امتهانه، والمبذل: ثوب تلبسه المرأة في بيتها تتبذّل فيه،والجمع مباذل (3) فضل الإناء تهريقه: أي
فُضالة وفَضيلة الشيء في الإناء. تقول: أکلّ الطعام وأفضل منه، إذا ترک منه شيئاً. وهذه فضلة الماء وفضالته وفضلات منه وفَضَالات.
قال الأفوه:
وقد أعارض ظعن الحيّ تحملني*** والفضلتين وسيفي مُحنِق شَسِفُ
الفضلتين ، أراد الزاد والماء (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أَمَا والّذي فَلَقَ الحَبَّة وبَرأ النَّسَمَةَ»(5).
برأ النسمة: يقال برأهم يبرأهم، أي خلقهم، يخلقهم، ومنه البرية الخليقة، وأکثرالعرب علي ترک همزها، وهي فعلية بمعني مفعوله. وقال بعضهم: بل هي مأخوذة من بريت العود، ومنهم من يزعم أنّه من البَرَي، وهو التراب، أي خلقهم من التراب، وقالوا لذلک لا يهمز(6).
وقال الزمخشري في قوله تعالي :﴿الخالق الباريء ﴾(7): بأنّ الباريء بمعني المميّز بعضه من بعض بالأشکال المختلفة(8). والنسمة: الإنسان، والجمع نَسمُ ونسمات. والنّسَمة والنّسَم نَفَس الروح، وما بها نَسَمة أي نفس، يقال: ما بها ذو نَسَم، أي ذو روح، والجمع نسم(9) والنّسَمة في العتق: المملوک ذکراً کان أو أنّثي. ونسيم الريح هَبوبها، ونسمت الريح تَنسِم نسيماً و نَسَمانا، إذا جاءت بنفس ضعيف (10) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «ما برأ الله نسمةً خيراً من
ص: 56
محمد (صلي الله عليّه وآله وسلم)(1)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أفًّ لکُم! لَقَد لَقيتُ مِنکُم بَرحاً» (2)
التبريح: المشقّة والشدّة. وبرّح به، إذاشقّ عليّه. والبرَحين والبُرَحين، بکسر الباءوضمّها: أي الشدائد والدواهي، کأنّ واحد البراحين بِرَح، ولم ينطق به إلآّ مقدّر، کأنّ سبيله أنّ يکون الواحد بِرَحة، بالتأنيث، کما قالوا: داهية ومُنکَرة، فلما لم تظهر الهاء في الواحد جعلوا جمعه بالواو والنون، عوضاً من الهاء المقدّرة، وجري ذلک مجري أرضٍ وأرضين، وإنّما لم يستعملوا في الأفراد فيقولوا بِرَحُ ، واقتصروا فيه علي الجمع دون الأفراد من حيث کانوا يصفون الدواهي بالکثرة والعموم والاشتمال والغلبة(3) وروي: ترحاً، أي حزناً بدل برحاً(4) ومنه الخبر : «ضرباً غيرَ مُبَرَّح» أي غيرُ شاقٍ. و «بَرَّحَت بي الحمّي» أي أصابني منها البُرَحاء، وهو شِدّتها (5). وبرَّح الله عنه: أي فرّج وکشف.
وبَرح: مضي، ومنه قيل لليلة الماضية: البارحةُ، لأنّها بَرحَت فمضت. و بَرَاح: اسم للشمس علي حَذام، يقولون: دُلَکَت بَراح و بَرَاحُ، يضمّ بتنوين. وبَرحَي، علي فعلي،
يقال للرامي إذا أخطأ(6).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) عن غرور الإنسان وجهله: «لقد أبرح جهالة بنفسه»(7).
من البُرَحاء: الشدّة والمشقّة، وخص بعضهم به شدّة الحمّي. ويقال للمحموم الشديد الحمّي: أصابته البُرَحاء(8)، کأن أراد(عليّه السلام) ذلک علي وجه الاستعارة، فجهل الإنسان کالحمّي التي تعتريه وتفقده صوابه . وجهالةً: مفعول له أو مفعول به، علي معني جلب إلي نفسه جهالة(9) والمراد أنّه بالغ في تحصيل جهالتها وأعجبه ذلک (10). وبَرِح حرف من الأضداد، يقال: بَرِح الخفاءُ، إذا ظهر. قال أبو العباس: أصل بَرِح صار في بَراح من الأرض، وهو البارز المنکشف، والخفاء :المستور المکتوم، فإذا قال القائل: بَرِح الخفاء، فمعناه ظهر المکتوم. وقال قطرب:
ص: 57
بَرِح الخفاء، يُراد به استتر وخَفِي، فهذا مضادُّ الأوّل، ويقال: مابَرح الرجل، يُراد به ما زال من الموضع، ويقال: ما بَرح فلان جالساً، يُراد ما زال جالساً(1).
والبوارحُ: شدّة الرياح من الشمال في الصيف دون الشتاء، کانّه جمع بارِحَة، وقيل:
البوارح الرياحُ الشدائد التي تحمل التراب في شدة الهبوات، واحدها بارحُ. والبارحُ من
الظباء والطير: خلاف السانح، وهو ما مرَّ بين يديک من جهة يسارک إلي يمينک، والعربتطير به لأنّه لا يمکنک أنّ ترميه حتّي تنحرف، والسانح: ما مرَّ بين يديک من جهة يسارک الي يمينک، والعرب تتيمّن به لأنّه أمکن للرمي والصيد(2)
قال الباقر(عليّه السلام) : «من أصبح يجد برد حبّنا عليّ قلبه فليحمد الله عليّ باديء النعم». قيل: وما باديء النعم؟ قال: طيب المولد(3)
والبرد والبارد من قولهم: بَرَدَ لي علي فلان حقَّ، أي ثبت (4)، ومنه قال الراجز: اليومُ يومُ بارد سَمُومُه. أي ثابت لايزول (5). ويقال: عيش بارد: هنيء طيّب، والإبراد: انکسار الوهج، يقال : ليلة باردة العيش، وبَردَتُه :. هنيئته. ومنه قوله تعالي :(لايذوقون فيها بَرداً ولا شرابا) (6) البَرد هنا هو النوم، قال الشاعر:
بَردَت مَراشِفُها عليَّ فصدّني*** عنها وعن قبلاتها البَردُ(7) وَبَردتُ الشيء أبرَدُه بَرداً و بَرَدته تبريداً، إذا صيّر ته بارداً، ولا يقال أبردته.
وبَرَد الشيء والحّي، إذا مات کانّه عَدِم حرارة الرُّوح. والبَرَدَةُ: التُّخمة، وکذلک فَسّر في حديث عبدالله بن مسعود، أي من داء البَرَدة(8) سُمّيت بذلک لأنّها تبرُدُ المعدة، أي تجعلها باردة لاتنضج الطعام (9) والابرِدَة في وزن افعِلة: برد يجده الرجل في جوفه أو في بعض أعضائه. وَبَردتُ الحديد أبرُده بَرداً،
ص: 58
إذا حککته بالمِبرَد. وما يسقط منه: البُرادة(1)
وجاء في الحديث : کان رسول الله( صلي الله عليّه وآله وسلم) يأکلّ البَرَد (2) البَرَد، بفتحتّين: شيء ينزل من السَّحَاب يُشبه الحَصَي ويُسمّي حبَّ الغَمام وحبَّ المُزن (3)، ومنه يقال: سَحاب بَرِدُ وأبرَدُ، قال الشاعر:
کأنهم المعزاء في وقع أبرَدا(4)*** وبَرِد الثورُ، صار فيه لُمعاً من بياض
وسواد(5)وفي حديث النبي (صلي الله عليّه وآله وسلم) : «الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة»(6) وهذه
استعارة، وذلک أنّهم يقولون هذه غنيمة باردة إذا حازوها من غير أنّ يَلقَوا دونها حرّ
السلاح وألم الجراح، لأنّه ليس کلّ الغنائم کذلک، بل في الأکثر لاتکاد تُنال إلّا باصطلاء نار الحرب ومألم الطعن والضرب، فکأنه (عليّه السلام )جعل صوم الشتاء غنيمة باردة، لأنّ الصائم يحوز فيه الثواب الجزيل والخير الکثير بلا معاناة مشقّة ولا ملاقات کُلفة لقِصَر نهاره وعدم أواره. وقد قيل: إنّما وصف الصوم في الشتاء بأنّه غنيمة باردة لبرد النهار الذي يقع الصيام فيه، وأنّه بخلاف نهار الصيف الذي يشتدّ فيه العطش وتطول المخامص، ويقصر ليله عن القيام بوظائف العبادة التي تُحمد عُقبي و تقرّب إلي الله زُلفي. والشتاء علي خلاف هذه الصفة لقصر نهار الصائم وطول
ليل القائم (7) ويقال: الباردة الثابتة الحاصلة. من قولهم: ما بَرَدَ في يدي منه شيء، أي: ما حصل(8).، ومن هذا جاءت الاستعارة للجنّة في حديث عليّ عليّه السلام : «فظفروا بالعُقبي الدائمة والکرامة الباردة»(9)والبريد: الرسول : ومنه قول بعض العرب : «الحمّي أبريد الموت»، أي رسوله، ثمّ استُعمل في المسافة التي يَقطعها، وهي اثنا عشر ميلاً ويقال لدابّة البريد بريد أيضاً لسيره في البريد، فهو مُستعار من المُستَعارِ، والجمع بُرُد بضمتين(10) وفسّر الحديث النبويّ: «إذا اشتدَّ الحرَّ فأبردوا بالصلاة». بأنّه المراد
أعجلوا بها، من البريد(11) ومنه جاء حديث
ص: 59
الصادق (عليّه السلام)قال: «کان المؤذّن يأتي النبي( صلي الله عليّه وآله وسلم)في الحرَّ في صلاة الظهر فيقول له رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم ): أبرِد أبرِد(1) وباعتبار سرعة الإرسال جاء حديث عليّ عليّه السلام عن أصحابه الأبرار الذين نالوا الشهادة: وأبرد برؤوسهم إلي الفجرة (2)أي بعثت برؤوسهم عليّ يد البريد لتصل سريعاً. والأبردان، طرفا النهار الغَداة والعَشيّ لکونهما أبرد الأوقات في النهار (3) ومن هذا جاءت وصيّة عليّ لمعقل بن قيس حين أنّفذه إلي الشام: «وسِرالبَردَين»(4). والبُرَد، جمع بُردة: ضرب من الثياب فيه خطوط (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولَو أَرادَ سُبحَانه أنّ يَضَعَ بَيتَه الحَرَامَ، ومَشَاعِرَهُ العِظَاَمَ، بَينَ جَنّاتٍ وأَنهارٍ، وسَهلٍ وَقَرَارٍ، جَمَّ الأشجَارٍ، دانِيَ الثَّمَارِ، مُلتَفَّ البُني، مُتّصِلَ القُري، بَينَ بُرَّةٍ سَمراءَ، ورَؤضَةٍ خَضراءَ، وأَريَافٍ مُحدِقَةٍ، وعِرَاصٍ مُغدِقَةٍ، وَرِيَاضٍ نَاضِرَه، وطُرُقٍ عَامِرَةٍ، لکان قَد صَغرَ قَدرُ الجزاء علي حسب ضَعفِ البلاء»(6).
البُرُّ، بالضم: القمح، الواحدة بُرَّة (7). قال ابن دريد: والبُرَّ أفصح من قولهم القمح والحنطة(8) وفي الحديث عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «جاء رجلُ وسأل النبي (صلي الله عليّه وآله وسلم) عن بر الوالدين فقال: ابرر أُمّک أبرر أُمّک، ابرر أباک ، ابرر أباک، ابرر أباک». وبدأ بالأُم قبل الأب (9)البِرّ: ضدّ العقوق، والمبرّة مثله(10)وفي الحديث : قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله وسلم) : تمسّحوا بالأرض فإنّها أُمّکم، وهي بکم بَرَّة» (11)
برّة: من البرَّ، تقول: بررت والدي أبرّه برّاًوبروراً، أحسنت الطاعة إليه ورفقتُ به وتحرّيتُ محابّه وتوقّيت مکارهه. ويقال: برّ الله تعالي الحج يَبرّه بروراً، أي قبله، وبَررتُ في القول واليمين، إذا صدَقت فيهما(12). قال الشريف الرضي: والمعني أنّها کالأم للبرية لأنّ خلقهم ومعاشهم عليّها ورجوعهم
ص: 60
اليها(1)
في حديث الصادق(عليّه السلام) في حصي الجمار: «قال: خذ البرش»(2).
البَرَش والبُرشَةُ: لون مختلف، نقطة حمراء وأخري سوداء، أو غبراء، أو نحو ذلک. وقد بَرِش وابرَشَّ وهو أبرَش، والأبرش: الذي فيه ألوان وخِلط، والبُرشُ الجمع. يقال: أبرَشَ الفرسُ وقد ابرشَّ ابرِشاشاً، وشاة برشاء: في لونها نُقط مختلفة. والأبرشُ لقبُ حَذِيمَة بن مالک وکان به بَرَص، فکنوا به عنه، وقيل: سُمّي الأبرش لأنّه أصابه حرق فبقي فيه من أثر الحرق نقط سود أو حُمر، وقيل: لأنّه أصابه برص فهابت العرب أنّ تقول: أبرص، فقالت: أبرش(3) ومنه الخبر: «رأيت جذيمة الأبرش قصيراً أبَيرِش». أُبَيرِش: تصغير أبرش (4).
في حديث الباقر (عليّه السلام) : «کان الناسُ يعتبطون اعتباطاً فلمّا کان زمان إبراهيم (عليّه السلام) قال: ياربّ اجعل للموت علّة يُؤجر بها الميّت ويسلّي بها عن المصاب، قال: فأنزل الله عزّ وجلّ الموم، وهو البرسام، ثمّ أنّزل بعده الداء» (5).
البرسام: علّة معروفة يُهذي فيها(6) يقال: بُرسِمَ الرجل، فهو مُبَرسَم (7)والبرسام عند العرب يَسمّي الموم، قال ذو الرّمُّة: أو کان صاحب أرض أو به المُومُ.
والأرضُ: الرَّعدة والنُّفضة(8)
للحارس ، «السرقفانة» و «الثرعامة» مِظلّة الناطور، وأنشد من الرجز:
أفلح من کانت له ثِرعامَه*** يُدخل فيها کلَّ يومٍ هامه (1).
قال ابن دريد: والنَّبَط تجعل الظاءَ طاءً، ألا تراهم يقولون : بَرطُلّة، وإنّما هو ابن الظلّ،
وسمّوا الناظُور ناطوراً، أي أنّه ينظر (2).
في حديث الصادق(عليّه السلام) : قيل للنبي( صلي الله عليّه وآله وسلم): «ما بال الشهيد لايفتن في قبره؟ فقال النبي( صلي الله عليّه وآله وسلم): کفي بالبارقة فوق رأسه فتنة» (3).
البارقة: السيوف، علي التشبيه بها لبياضها. ورأيتُ البارقة، أي بريق السلاح.
وأبرق الرجل، إذا لمع بسيفه وبَرق به أيضاً (4)؛ ومنه حديث عمّار: الجنّة تحت بارقة السيوف (5). وفي الحديث: «أبرقوا فإنّ دمَ عَفراء أزکي عند الله من دم سوداوين». أبر قوا: أي ضحّوا بالبرقاء، وهي الشاة التي في خلال صوفها الأبيض طاقات سود . وکلّ شيء اجتمع فيه سواد وبياض،فهو أبرق. وقيل: معناه اطلبوا الدَّسم والسمن، من برقتُ له ، إذا دسَمت طعامه بالسمن (6).
و برق طعامه يبرُقُه بَرقاً، إذا صبّ عليّه شيئاً من زيت، وهي البريقة، وتجمع برائق(7).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام ): «وَقَد أَرعَدُوا وَأَبرَقُوا»(8) وبرق الرجل وأبرق، تهدّد وأوعد، کأنّه أراه مخيلة الأذي کما يُري البرقُ مخيلة المطر، قال ذو الرَّمّة.
و إذا خشيت منه الصريمة، أبرقت*** له بَرقةً من خُلَّبٍ غير ماطرِ
جاء بالمصدر عليّ برق، لأنّ أبرق وبرق سواء(9).
وجاء في حديثه( عليّه السلام )في وصف صاحب الفتنة: «وَهَدرَت شَفَّاشِقُهُ، و بَرَقَت بَوَارِقُهُ» (10). استعار لفظ الشقاشق والبروق لحرکاته الهائلة وأقواله المخوفة، تشبيهاً بالسحاب ذي الشقاشق والبروق(11).وفي حديث الصادق(عليّه السلام) : «لما أسري بالنبيّ(صلي الله عليّه وآله وسلم)أُتي بالبُراق ومعها جبرائيل وميکائيل
ص: 62
وإسرافيل»(1) البُراق، کما وصف الباقر( عليّه السلام) :
«أصغر من البغل وأکبر من الحمار، مضطرب الأذُنين، عيناه في حافره، وخطاه مدّ
بصره»(2). سُمّي بذلک لنصوع لونه وشدّة بريقه، وقيل: لسرعة حرکته شبهه فيها بالبَرق(3) والإنسان البروق هو الفَرِق، وإذا بُهِت ينظر کالمتحيّر، قيل: بَرِق بَصرُه بَرَقاً، فهو بَرِق: فزِع (4) ومنه قوله تعالي : ( فإذا بَرِقَ البَصَرُ) (5) أي تحيّر فزعاً. وأصله من برق الرجل إذا نظر إلي البرق فُدهِش بصره(6).
روي الصادق( عليّه السلام )عن أبيه الباقر( عليّه السلام) : «انّه کره للمحرمة البُرقُع والقفّازين »(7).
البُرقُع:خُريقة تُثقب في موضع العينين فيها وتلبسها نساء الأعراب، ويُسمّي البُرقُع
بُرقوعاً في بعض اللغات (8) والقُفّاز: ضربُ من الحُليّ تتخذه المرأة في يديها ورجليها، ومن ذلک تقفزت المرأة بالحِناء، إذا نقشت يديها ورجليها به(9) ويُحشَي القُفّاز بِقُطنٍ يُغطّي کفّي المرأة وأصابعها. وزاد بعضهم: وله
أزرار عليّ الساعدين (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «فَلمّا أَلقَت السَّحَابُ بَرک بَوَانِيها» (11).
البرک: يقال ابترکت السحابة: اشتدَّ انهلالُها وابترک السحابُ، إذا ألحّ بالمطر. وابترکت السماءُ وأبرکت: دام مطرها(12)وأصل البرک صدرُ البعير وإنّ استُعمل في غيره، واعتُبر منه معني الملزوم فقيل: ابترکوا في الحرب، أي ثبتوا وسُمّي مَحبَسُ الماء برکَة. والبَرکةُ ثبوت الخير الإلهي (13).
عن حمّاد بن عثمّان قال: سمعته يقول: إنّ الدعاء يردّ القضاء، ينقضه کما ينقض السلک وقد أُبرم إبراماً (14).
الإبرام: الإحکام، تقول: أبرمت الأمر:
ص: 63
أحکمته، وکلّ مفتول شددت فتله(1).
والسلک: الخيط(2)والذي يُغزل، وسلک النظام: الخيط الذي يُنظم فيه الخرز(3).
ويقال : نظم الدرّ في السَّلک وفي السَّلوک (4).
والبُرمة: القِدر من الحجارة والجمع بُرَم. وبَرِم بالشيء بَرَماً فهو بَرِم مثل ضَجِر ضجراً فهو ضجر، وزناً و معني(5)ومن هذا جاء کتاب عليّ(عليّه السلام ) للأشتر فيمن يختاره للقضاء:
وأَقَلَّهُم تَبَرُّماً بِمُراجَعَةِ الخَصم»(6).
في الحديث النبوي: «بينا أنّا نائم في بيتي أتاني ملکان.. فقال أحدهما لصاحبه: شُقّ
قلبه، فشقَّ قلبي فأخرج عَلقة سوداء فألقاها، ثمّ أدخل البَرَهرَهة ثمّ ذرّ عليه من ذرور معه، وقال: قلب وکيع واع». وروي: فدعا بسکّينة کأنّها دَرَهرَهَة بيضاء.
البَرَهرَهة: السّکَّينة البيضاءُ الصافية الجديدة، من المرأة البَرهرَهة. والدَّرهرَهَة:
الرَّحرحة، أي الواسعة. وکيع: متين صُلب، ويقال: سِقاء وکيع، أُحکم خَرزُه، وقداستوکع (7).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «وابتِزَازِکَ لِمَاقَدِاختُرِنَ دُونَکَ فِرَاراًمن الحَقَّ وجُحُوداً لِمَا هو أَلزَمُ لَکَ مِن لَحمِکَ وَدَمِکَ» (8).
البزّ: السلب. وابتززت الشيء: استلبتُه. وبزَّ الشيءَ يَبُزُّبَزّاً : انتزعه، وابتّز الرجلُ جاريته من ثيابها، إذا جرّدها. بَزبزَ الشيء: رمي به ولم يردّه. والبزبزة: الشدّة في السوق ونحوه، وقيل: کثرة الحرکة والاضطراب. والبَزبزةُ: معالجة الشيء وإصلاحه، يقال للشيء الذي أجيد ضَعته : قد بَزبَزتُه. ورجل بَزبَز وبُرَابِزُ: للقوي الشديد من الرجال وإنّ لم يکن شجاعاً (9). والبَزُّ. السلاح، يدخل فيه الدرع والمِغفَرُ والسيف.
والبَزُّ : متاع البيت من الثياب خاصّة، ورجل حسنُ البِزَّة، أي الثياب والهيئة(10).
ومنه يقال: هو بزّاز يبيع البز (11).
ص: 64
قال أبو جعفر (عليّه السلام) : «لايبزقن أحدکم في الصلاة قِبل وجهه، ولا عن يمينه ، وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسري»(1).
البزاق: التفال ، ويقال : بَزَقَ ثمّ تَفَل ثمَّ نَفَثَ ثمّ نَفَخَ (2).
ومنه حديث عليّ( عليّه السلام) : «لايتفل المؤمن في القبلة فإنّ فعل ذلک ناسية فليستغفر الله عزّ وجلّ منه»(3) قال ابن الأثير: والتفل نفخ معه أدني بُزاق، وهو أکثر من النَّفت (4)،و تَفَل تفلاً: بصق، وتَفِل- بکسر الفاء- تفلاً ترک الطيب فتغيّرت ريحه (5). قال ابن السکّيت:
تقول: قد بَصَقَ الرجُل، وهو البُصَاق؛ وقد بزق، وهو البُزاق، ولا تقل : بسق، إنّما البُسوق في الطول، يقال: نخلة باسقة (6) وبَصَق في وجهه، إذا استخفّ به (7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف أهل الضلال: «کَأَنّي أَنظُرُ إلي فَاسِقهِم وَقَد صَحِبَ المُنکَرَ فَألِفَهُ ، وبَسِيءَ، بِه وَوَافَقَهُ» (8).
البُسوء: يقال بَسَأ بذلک الأمرِ بَسأً وبُسُوءاً: مَرَن عليه، فلم يَکتَرثِ لقُبحه وما يقال فيه(9) ويسأتُ بالشيء وبَهَا تُ به، في معني أَنِستُ به (10).
ومن هذا يفسّر قول النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)بعد وقعةبدر: «لو کان أبو طالب حيّاً لرأي سيوفنا وقد بَسِئَت بالمياثل»أي اعتادت واستَانَست. والمياثل: الأماثل،هکذا فسّر، وکانّه من المقلوب(11).
أنّه قال: «يخرج قوم من المدينة إلي اليمن والشام والعراق يُبسُّون، والمدينة خيرُ لهم
لو کانوا يعلمون». يقال في زجر الدابّة: بَس بَس أو بِس بِس ، وأکثر ما يقال بالفتح، وهوصوت الزجر للسوق إذا سقتُ حماراً أو غيره، وهو کلام أهل اليمن، وفيه لغتان يقال: بستُ وأبستُ، فيکون عليّ هذا القياس يَبُسّون ويُبِسّون (1). والبَسُّ: ضرب من مشي الإبل. وبسَّ الناقة، إذا دعاها للحلب، وکذلک أبسَّ. والناقة البسوس التي تُدرُّ علي الأبساس. وبسَّ السَّويق يَبُسُّه بسّاً، إذا لتّه بسمنٍ أو نحوه. والبَسيسة: خبز يُجفّف فيُدقّ فيُشرب کما يُشرب السَّويق. قال الراجز:لاتخبزا خَبزاً وبُسّا بَسّا (2).
قال ابن السکّيت: والبسيسةُ من الدقيق والسَّويق والأقِط، يُلتُّ الدّقيق والسَّويق بالسَّمن أو الزبد ثمّ يُؤکلّ ولا يُطبخ. وهو أشدُّ من اللتَّ بلاً(3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «مَاهِيَ إلّا الکُو فةُ أَقبِضُهَا وأَبسُطُهَا» (4)
البسط: بَسط الشيء نشره و توسّعه ،فتارةً يُتصوّر منه الأمران، وتارة يتصوّر منه أحدهما، ويقال: بسط الثوب، نشره، ومنه البساط، وذلک اسم لکلَّ مبسوط (5) واستعار (عليّه السلام) لفظ البسط للتصرف والتسلّط . والبسيطة من الأرض کالبساط من المتاع، وجمعه بُسُط. والبَسطةُ: الفضيلة عليّ غيرک (6) ومن هذا جاء قوله تعالي: (وزاده بَسطةً في العِلم والجِسم) (7). ومن المجاز: يبسطني ما بسطک ويقبضني ماقبضک، أي يُسرُّني ويطيّب نفسي ماسرّک، ويسوءني ماساءک (8).
في حديث السحابة الناشئة قال (صلی الله علیه وآله وسلم):کيف ترون بواسقها؟ قالوا: يا رسول الله، ما أحسنها وأشدّ تراکمها، قال: کيف ترون جونها؟ قالوا: يارسول الله ما أحسنه وأشدَّ سواده. قال( عليّه السلام) : کيف ترون رحاها؟ قالوا:
ص: 66
يارسول الله ما أحسنها وأشدّ استدارتها!
قال: فکيف ترون برقها أخفواً أم وميضاً أم يشقّ شقّاً» (1).
البواسقُ: فروعها المستطيلة إلي وسط السماء وإلي الأُفق الآخر، وکذلک کلّ طويل
فهو باسق، قال الله تبارک وتعالي: ﴿والنَّخل باسقاتٍ لها طَلعُ نضيد﴾(2).
والبواسق: جمع باسقة. والباسق: المرتفع في علوّه، يقال: بَسَق الشيء يَبسُقُ بُسوقاً: تمّ طوله وأبسقت الناقة والشاة: وقع اللَّبَأ في ضرعها. وقال اليزيدي: أبسقت الناقة
وأبزقت، إذا أنّزلت اللبن. وقال الأصمعي: إذا أشرق ضرغُ الناقة ووقع فيه اللبن فهي
مُضرع، فإذا وقع فيه اللبأ قبل النتاج فهي مُبسِق(3). ومنه البسوق: عُلُوّ ذِکر الرجُل في الفضل (4).
وخَفو البرق : لمعانه ، يقال: خفا البرقُ خَفواً وخُفُواً: لمع، وخفا الشيء خَفواً: ظهر
(5).
والجون: الأسود والمشرب حمرةً، والجون: الأحمر الخالص. والجون: الأبيض. والأنّثي جونة(6)
ومنه حديث أنّس قال: «جئت إلي النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)، وعليه بُردة جونية».
جونية: منسوبة إلي الجون، وهو من الألوان، وقيل الياء للمبالغة، کما يقول في
الأحمر أحمري. وقيل : هي منسوبة إلي بني الجون: قبيلة من الأزد(7).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : «إذا دعا الرجل فقال بعدما دعا: ماشاء الله لاحول ولا قوة إلّا بالله. قال الله عزّ وجلّ: استبسل عبدي واستسلم لأمري اقضوا حاجته »(8) البسالة: بسل وتبسّل، إذا تشجّع واستبسل للموت، إذا استسلم ، وأنشد الکسائي:
إذا جاء ساع لهم فاجرُ*** تَجهّمَنا قبل أنّ ينزلا
وأوعدنا قَبل عَيرٍ وما ***و جري کي نَذِلَّ ونستبسلا(9)
وبَسُل بَسالةً وبُسولاً ، فهو باسل وبسيل:
ص: 67
شجع وعبس عند الحرب، وأبسل نفسه للموت ووطّن عليّه(1) وقيل : للشجاعة البسالةُ إما لما يُوصف به الشجاع من عبوس وجهه أو لکون نفسه محرّماً علي أقرانه الشجاعته أو لمنعه لما تحت يده عن أعدائه (2).
وإنما قيل للأسد باسل لکراهة وجهه وقبحه (3). ويکون البسل أيضاً: الحلال. قال الشاعر:
أيُقبلُ ماقلتم وتُلقي زيادتي*** دَمي إنّ أُحِلَّت هذه لکُم بَسلُ (4).
أي: دمي حلال مباح. والبَسل من الأضداد، يقال:بَسل للحلال، وبَسل للحرام، قال زهير:
بلادُ بها نادمتُهم وعرفتُهُم*** فإنّ أوحشت منهم فإنّهم بَسل (5)
أراد: حرام. ويکون البسل بتأويل آمين، قال الشاعر:
لاخاب من نَفعِکَ مَن رجاکا*** بَسلاً وعادي الله مَن عاداکا(6)
ومنه جاء دعاء عليّ (عليّه السلام) : «وَأَبسِلهُم بِخَطَايَاهُم»(7) فالبسل: تأويله الدعاء عليّهم بالهلاک.
في حديث صفته (صلی الله علیه وآله وسلم): «کان دائم البِشر، سهل الخُلق»(8) البِشرة الطلاقة، يقال: بَشَرتُه فأبشر واستبشَر و تبشّر وبَشِر : فرِح. والبَشارة، بالفتح: الجمال والحُسن. ورجل بشير الوجه إذا کان جميله، وامرأة بشيرة الوجه، ورجل بشير وامرأة بشيرة، ووجه بشير : حسن (9).
قال الصادق( عليّه السلام) في حديث الزنديق الذي سأله عن الله: «هو سميع بصيرُ، سميع بغير جارحة، ويصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه، ويبصر بنفسه»(10).
البصير: يقال رجل بصير مُبصر: خلاف الضرير، فعيل بمعني فاعل، وجمعه بُصَراء.
والبَصارة مصدر، کالبَصر، والفعل بَصُر يَبصُرُ، ويقال بَصِرتُ وتبصّرتُ الشيء : شِبه
ص: 68
رمقته(1) وفي أسماء الله تعالي «البصير»وهو الذي يشاهد الأشياء کلّها ظاهرها وخافيها بغير جارحة، والبصر في حقّه عبارة عن الصفة التي ينکشف بها کمال نعوت المُبصرات (2) قال الصدوق: والبصير معناه إذا کانت المبصرات کان لها مُبصراً، ولذلک جاز
أن يقال: لم يزل بصيراً، ولم يجز أنّ يقال: لم يزل مُصراً ، لأنّه يتعدّي إلي مبصر ويوجب وجوده(3) والبصير من الأضداد ، يقال للبصير والأعمي(4)، وَيکنُون الضرير أبا بصير تفاؤلاً (5).
وقد استُعير البصر لحسن الاعتقاد وصواب الرؤية وسدادها في حديث عليّ (عليّه السلام) : «قَد بُصَّرتم إنّ أَبصَر تُم»(6). وفلان حَسَنُ البصيرة، إذا کان مُستَبصِراً في دينه.
والبصيرة: قطعةُ من الدم تستدير علي الأرض أو عليّ الثوب کالتُرس الصغير. وبُصر
کلَّ شيء: جلده الظاهر. وثوب ذو بُصر، إذا کان غليظاً وثبجاً.
والبَصرةُ حِجارة رِخوة، وبه سُمّيت البصرة، لأنّ أرضها التي بين العقيق وأعلي المِربَد کذلک ، وهو الموضع الذي يُسمّي الحزيز. قال الشاعر:
تَداعَين باسم الشَّيب في متثلَّم ***جوانبُه من بَصرةٍ وسِلامِ
السَّلام:جمع سَلِمَة وهي الحجارة من هذا أُخذ «استلمتُ الحَجَر».
والسَّلَمَة، بالفتح: ضربُ من الشجر، والجمع سَلَم(7). و بُصري موضع بالشام».(8).
وفي حديث النبي (صلی الله علیه وآله وسلم): «إذا دخل البَصرُ فلا إذن». المراد أنَّ من استأذن علي بيت فولج فيه بصره قبل أنّ يَلِج فيه بدنه فقد بطل إذنه، لأنّ الإذن إنّما يکون من قبل أنّ يقع البصرعلي مايشتمل عليّه البيت (9) وکني عليّ عليّه السلام عن أهل الضلالة من أتباع
معاوية ، والذين يلبسون الحق بالباطل بقوله:«الکُمه الأبصار» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وقَلَّ صِبغُ إلّا وقَد أَخَذَ مِنهُ بقِسطٍ، وعَلَاه بِکَثرةِ صِقَالِهِ وَبَرِيقِه،
ص: 69
وَبَصيص دِيبَاجِه وَرَونَقِهِ، فَهُوَ کالاَزَاهِيرِ المَبثُوثَةِ لم تُربَّهَا أمطَارَ رَبيعٍ، ولا شُمُوسُ قيظ» (1)
البصيص: البريقُ. وبصَّ الشيء يَبِصّ بصّاً وبصيصاً: بَرَقَ وتلألأ ولَمَعَ. وبصّصَ الشجرُ: تفتّح للإيراق. وبصصت البراعمُ، إذا تفتحت أکمة الرياض. والتبصبص : التملّق.
يقال: بصبص الکلبُ وتبصبص، إذا حرّک ذَنَبه، وإنما يفعل ذلک من طمع أو خوف. وماء بَصبَاص، أي قليل، قال أبو النجم:
ليس يسيل الجدولُ البَصباصُ(2)
وجاء في الخبر أنّ الله قال لعيسي( عليّه السلام) :
واعلم أنّ سروري أنّ تبصبص إليّ»(3)
يقول عليّه السلام : قل أنّ يکون لون إلاّ وقد أخذ هذا الطائر منه بنصيب، فهو کأزاهير الربيع، إلّا أنَّ الأزهار تربّيها الأمطار والشموس، وهذا مستغنٍ عن ذلک (4)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَهَل يَنتَظِرُ أَهلُ بَضَاضَةِ الشَّبابِ إلّا حَوَانيَ الهَرَمِ؟» (5).
البضاضة: قال ابن الأعرابي: بضَّضَ الرجلُ، إذا تنعّم، وغضّض صار غضّاً متنعّماً،
وهي الغّضوضة. والبضاضة رقّة اللون وصفاؤه. وقال الأصمعي: البض من الرجال
الرَّخص الجسد، وليس من البياض خاصّة، ولکنّه من الرّخوصة والرَّخاصة، وکذلک
البضّة. وقيل: رجل بضّ بيّن البضاضة والبضوضة: ناصع البياض في سمن(6).
في حديث الصادق(عليّه السلام) : «في الباضعة ثلاث من الإبل»(7) .
الباضعة من الشجاج: هي التي تشق ُّ اللحم و تبضَعُه بعد الجِلد، وتُدمي، إلّا أنّها
لاتسيل الدم(8)يقال: بضع الشيء يبضعه: شقّه. قال الأصمعي: يقال: سيف باضع، إذا مرَّ بشيء بضعه، أي قطع منه بضعة(9) وبضع اللحم بضعاً، وبضّعه: جعله قِطَعاً. والقطعة بضعة(10). ومنه الحديث : «فاطمة بَضعةمنّي»(11) يقال: فلان بَضعةُ منّي. أي : جار
ص: 70
مجري بعض جسدي(1) والبِضع: من الثلاث إلي العشر، فإذا جاوزت العشر ذهب البضعُ.والبَضَعة: السيوف، ويقال: الخَضَعةُ والبَضَعة،
فالخضعةُ: السَّياط، والبَضَعة: السيوف، وقيل بالعکس(2)والبُضع، بالضمّ، جمعه أبضاع، مثل قفل وأقفال، يُطلق علي الفرج والجماع(3).
وملک فلان بُضعَ فلانة، هو النکاح(4)کُنَّي به عن الفرج، وباضعها بضاعاً، أي باشرها. وفلان حسَن البَضع والبضيعِ والبَضعَةِ والبِضاعة، عبارةُ عن السَّمَن(5).
والبِضاعة ، بالکسر: قِطعةُ من المال تُعدُّ للتجارة. واستَبضَعتُ الشيء: جَعَلتُه بِضَاعةً
لِنَفسي، وأبضعته غيري، بالألف، جَعَلتُه له بِضَاعةً وجمعها بضائع(6) وفيها جاء المجاز في حديث عليّ (عليّه السلام): «إيّاک والاتّکَالَ علي
المُنَي فإنّها بَضَائِعُ النَّوکَي» (7)
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) واختياره: «سَرَّةِ البَطحاء» (8).
البطحاء: هو التراب السنهل في بطون الأودية ممّا جرّته السيول، يقال: أتينا أبطح
الوادي فنمنا عليه، وهو ترابه وحصاه السهل الليّن. قال أبو عمرو: البَطِحُ رملُ في بطحاء،وسُمي المکان أبطح لأنّ الماء ينبسط فيه، أي يذهب يميناً وشمالاً والبَطح: بمعني الأبطحُ. والبطح: البسط. وبطحاء مکّة وأبطحها: معروفة لانبطاحها، ومنيَّ من الأبطح، وقريش البطاح، الذين ينزلون أباطح مکّة وبطحاءها، وقريش الظواهر : الذين ينزلون ماحول مکّة(9) وبطح المسجد، ألقي فيه
البطحاء، وهو الحصي الصغار(10).
وسرّة البطحاء: وسطها. وبنو کعب بن لؤي يفخرون علي بني عامر بن لؤي بأنهم سکنوا البطاح، وسکنت عامر بالجبال المحيطة بمکّة، قال الشاعر:
فَحَللتَ منها بالبطا***ح و حلَّ غيرُک بالظواهر(11)
ص: 71
و به سُمّيت البطيحة لانبساطها عليّ وجه الأرض، وکذلک الأبطح، والبطحاء (1).
وأبطح الحاجّ، نزلوا بطحاء مکّة (2) وهو المحصّب موضع بمکة عليّ طريق مني(3).
وسئل الصادق (عليّه السلام) عن قوم کان لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض، فأراد رجل أنّ يجعل عينه أسفل من موضعها الذي کانت عليه، وبعضُ العيون إذا فعل بها ذلک أضرّت ببقيّتها، وبعضها لاتضرّهن شدّة الأرض،فقال: ما کان في مکان جليد فلا يضرّه، وما کان في أرض رخوة بطحاء فإنّه يضرّ(4)مکان جليد أي صلب شديد(5) يقال: أرض جَلدة ومکان جَلد، والجميع جَلَدات(6) والجليد: القوي، والجلد أصله لاکتساب الجلد قوّة، وأرض جلدَة تشبيها بذلک، وکذلک ناقة جَلدة(7) ومن معني الانبساط جاءت الاستعارة.
في وصية عليّ (عليّه السلام) لمعقل بن قيس الرياحي: «فإذا وَقَفتَ حِينَ يَنبَطِحُ
السَّحَرُ»(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «نَسأَلُ اللهَ سُبحَانَهُ أن يَجعَلَنا وإيّاکُم مِمَّن لاتُبطِرُهُ نِعمَةُ»(9).
البَطَر: قِلّة احتمال النعمة والطغيان.
وقيل: التبختُر، وقيل: الدّهَشُ والحَيرةُ وأبطره: أي أدهشه(10) ومنه قوله تعالي: ﴿ وکم أَهلَکنَامِن قَريةٍ بَطِرت مَعيشَتَها﴾ (11) والبَطر: الشقّ في جلدٍ أو غيره، بطرتُ الجرحَ أبطُره بَطراً وأبطِره، وهو أصل بناء البَيطار. وقالوا: رجل بَيطَر وبَيطِر ومُبَيطِر، وکلّه راجع إلي ذلک. وکلّ مشقوق فهو مبطور وبَطير (12)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وَلَقَد نَزَ لَت بِکُم البَليَّةُ جَائِلاًخِطَامُهَا، رِخواًبِطَانُها» (13).
البطان: حزام الرّحل والقتب، وقيل: هو للبعير کالحِزام للدابّة، والجمع أبطنة وبُطُن. يقال: أبطن حِملَ البعير وواضعه حتّي
ص: 72
يتّضع، أي: حتّي يسترخي عليّ بطنه ويتمکّن الحِمل منه . يقال: أبطنته، ولا يقال: بطنته، بغير ألف، عليّ قول ابن الأعرابي. وقيل: بطنه وأبطنه: شدّ بطانه. ورجل بَطِن :کثير المال. وشأو بطين: واسع. والبطين: البعيد، يقال: شأوُ بطين، أي: بعيد. وتبطَّن
الرجل جاريته، إذا باشرها ولمسها(1).
والباطن من أسمائه جلّ وعلا، معناه أنّه قد بَطَن عن الأوهام، فهو باطنُ بلا إحاطةٍ
لايُحيط به مُحيط ؛ لأنّه قدم الفِکَر فخبت عنه، وسبق المعلوم فلم يُحِط به، وفات
الأوهام فلم تکتنهه، وحارت عنه الأبصارفلم تُدرکه، فهو باطن کلّ باطن، ومحتجب
کلّ محتجب، بطن بالذات ، وظهر وعلا بالآيات ، فهو الباطن بلا حجاب والظاهر بلا اقتراب.
ومعني ثانٍ أنّه باطن کلَّ شيء ، أي: خبير بصير بما يُسرّون وما يُعلنون وبکلَّ ماذرا
وبرأ. والمعني أنّه عالم بسرائرهم ، لا أنّه عزّ وجلّ يبطُنُ في شيء يواريه(2).
وفسّر الحديث النبوي في حق عليّ (عليّه السلام) :
«فإنّک الأنّزع البطين». بأنه منزوع من الشرک، بطين من العلم (3)
وفُسّر الحديث المروي عن أبي جعفر(عليّه السلام) أنه: «مسح أمير المؤمنين عليّ
(عليّه السلام) النَّعلين ولم يستبطن الشّراکين»(4)بأنّه لم يمسح ما تحتهما(5).
وفي حديث لسليمان بن صَرَد قال: أتيت عليّاً( عليّه السلام) حين فرغ من مرحي الجمل فلما رآني قال: تزحزحت وتربصت وتنأنأت، فکيف رأيت الله عزّ وجلّ صنع؟
فقلت : يا أمير المؤمنين (عليّه السلام) ، إنّ الشوط بطين، وقد بقي من الأمور ما تعرف به صديقک من عدوّک. الشوط بطين، أي: بعيد(6) وتباطن المکان: بعد. قال زهير: وبين عُنيزة شأواً بطينا (7)
ومنه قيل: عدا فلانُ شأواً بطينا، أي بعيداً (8) تقول: أنّت أبطن بهذا الأمر خبرةً، أي
أخبر بباطنه(9) ويقال لکلَّ غامض: بطن، ولکلّ ظاهر:ظهر، ومنه بطنان القِدر وظهرانُها،
ص: 73
ويقال لما تدرکه الحاسة ظاهر، ولما يخفي عليها باطن. والتبطّن دخول في باطن الأمر.
والظاهر والباطن في صفات الله تعالي،لايقال إلّا مزد وجين کالأوّل والآخر(1)وتنأنأت: ضعفت ، و تزحزحت: تباعدت ومرحي الجمل: الموضع الذي دارت عليّه رحي الحرب (2) وفي الحديث عن أبي جعفر( عليّه السلام) قال: «صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني عليّ صلاته»(3)صاحب البطن: هو المبطون،والذي في بطنه داء(4) يقال : بُطِن بالبناء للمفعول فهو مبطون، أي عليّل البطن (5).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) : «أَو أبيتَ مِبطَاناً وحَولِي بُطُونُ غَرثَي وأَکبَادُ حَرَّي» (6).
البُطنة: کثرة الأکلّ وإفراط الشَّبَع. ورجل مبطان وبطين: عظيم البطن(7).
ومن هذا جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الفتنة: «تَستَخلِصُ المُؤمِنَ مِن بَينِکُمُ استِخلاصَ الطَّيرِ الحَبَّةَ البَطينَةَ مِن بَين هَزِيلِ الحَبَّ»(8)
في دعاء عليّ( عليّه السلام) للاستسقاء: «وَأنشُر عَلينَا رَحمَتَکَ بالسَّحَابِ المُنبَعقِ، والرَّبِيعِ المُغدِق»(9) البُعاق: بالضم : سحاب يتصبب بشدّة. وقد انبعق المُزن: إذا انبعج بالمطر، وتبعّق مثله.
ومطر بُعاق ويعاق: مندفع بالماء، وقد تبعَّق يتبعَّق وانبعق يَنبَعِق. وسَيل بُعاق وبِعاق: شديد الدفعة. وبعق الناقة: نحرها وأسال دمها. والبَعق والبَعجُ: الشّقُ .
والبُعاق: شدّة الصوت، وقد بَعَق الرجلُ وغيره، وانبعق وبعقت الإبل بُعاقاً.
والباعقُ: المؤذّن ، قال الشاعر:
تيمّمتُ بالکِديَون کي لايفوتني ***من المَقلةِ البيضاءً، تقريظ باعقِ
يعني ترجيع المؤذّن، إذا رجّع في أذانه (10).
وبمعني الإکثار والاتساع فُسّر الحديث النبوي: «إنّ الله يکره الانبعاق في
ص: 74
الکلّام»(1).
في حديث الصادق روي عن أبيه أنّه بعث رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)بديل بن ورقاء الخزاعي علي جمل أورق ، جمل أورق ، فأمره أنّ ينادي في الناس أيّام
مني: «ألّا تصوموا هذه الأيّام فإنّها أيّام أکلٍ وشُرب وبعال».
البِعال: النِکاح وملاعبة الرجل أهله(2)
يقال للمرأة: هي تباعل زوجها بِعالاً ومباعلةً، إذا فعلت ذلک معه، قال الحطيئة
يمدح رجلاً:
وکم من حِصانٍ ذات بَعلٍ ترکتها*** إذا الليلُ أدجي لم تجد من تُباعلَهُ(3)
وأيِّام أکلّ وشُرب : هي لغة خزاعة ، يعني الاجتماع، ومن هاهنا قرأ أبو عمرو و
﴿ فشاربون شُرب الهِيم﴾ (4) وقريء بالحرکات الثلاث ، فالفتح والضمّ: مصدران .
وعن جعفر الصادق(عليّه السلام) بفتح الشَّين، أيام أکلّ وشَرب. وأمّا المکسور فبمعني
المشروب، أي: ما يشربه الهيم، وهي الإبل التي بها الهيام، وهو داء تشرب منه فلا تروي (5) والأورق: الأسمر.والوُرقة السُّمرة.
يقال: جَمَل أورَقُ، وناقةُ وَرقاء(6)
والوُرقة سواد في غُبرةو قيل سواد وبياض کدخان الرَّمث، يکون ذلک في أنّواع
البهائم، وأکثر ذلک في الإبل. قال الأصمعي: إذا کان البعير أسود يخالط سواده بياض کدخان الرَّمث فتلک الوُرقة، فإنّ اشتدَّت ورقته حتّي يذهب البياض الذي فيه فهو أدهم(7) وبَعلُ الشيء: ربّه ومالکه. وأصبح فلان بَعلاً؟ عليّ أهله، أي ثِقلاً عليهم.
والبعلُ: النخلُ الذي يشرب بعروقه ويستغني عن المطر. واستبعل النخلُ، إذا صار بَعلاً.
وبَعِل الرجل في الشيء يبعَل بَعلاً، إذا تحيّر فيه(8) وقال الأصمعي: البعلُ ماشرب بعروقه من غير سَقي سماء ولا غيرها، فإذا سقته السماء فهو العِذةُ. وقال الکسائي وأبو
ص: 75
عبيدة: البَغل: هو العِذيُ وماسقته السماء، والعَثَرِيّ في قول أهل اللغة أجمعين ماسقته السماء(1).
في الحديث: نهي (صلی الله علیه وآله وسلم)عن التبقّر في الأهل والمال.
التبقّر: أصل التبقّر التوسّع والتفتّح. ومنه يقال: بقرت بطنه إنّما هو شققته وفتحته (2).
وسُمّي أبو جعفر الباقر( عليّه السلام) لأنّه بقر العِلمَ، أي شقّه وفتحه (3) ومنه حديث أُم سليم : «إنّ دنا مني أحد من المشرکين بقرت بطنه»(4).
وقد استعير البقر لإقامة حدود الله وفرائضه في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وايمُ اللهِ، لأبقُرَنَّ البَاطِلَ حتّي أُخرِجَ الحَقّ مِن خَاصِرته»(5)
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن مصقلة لمّا هرب لي الشام: «فما أنّطَقَ مَادِحَهُ حتّي أسکَتَهُ، ولا صَدَّق وَاصِفَهُ حتّي بَکَّتَهُ»(6).
التبکيت: کالتقريع والتعنيف. وبکته بالحُجّة، أي: غلبه. وبکَتَه يبکُته بَکتاً، وبکته:
کلّاهما استقبله مايَکره (7) وقد يکون و التبکيت بالعصا، يقال: بکّتَّه بالعصا تَبکيتاً: أي ضربته بها(8).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «کَم أُدَارِيکُم کَمَا تُدارَي البِکَارُ العَمِدَةُ»(9) .
البکار: جمع بِکر، وهو الفتي من الإبل، وقيل: هو الثنيِّ إلي أنّ يُجذِعَ، وقيل: هو ابن المخاض إلي أنّ يُثنِيَ ، وقيل : هو ما لم يَبزُل، والأنُّثي بِکرَةُ، فإذا بزلا فجمل وناقة، وقيل في الأنّثي أيضاً بِکرُ بلا هاء، وللفتيّ بَکر ولها بَکرَة بالفتح.
وقيل: البکر بمنزلة الفتيّ من الناس، والبِکرة بمنزلة الفتاة، والقَلُوص بمنزلة الجارية، والبعيرُ بمنزلة الإنسان، والجمل بمنزلة الرجل، والناقة بمنزلة المرأة، ويُجمع في القلّة عليّ أبکر (10) والبکر حرف من الأضداد. يقال: امرأة بکر قبل أنّ يدخل بها الرجل، وبعد أنّ يدخل بها(11). والبُکرة: الغَداة ، والجمع البُکر، والتبکير والبُکور
ص: 76
والابتکار: المُضِيُّ في ذلک الوقت(1). ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم):«بکّروا بالصدقة فإنّ البلا لايتخطّاها» (2).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف المفتي:«يکّر فاستکثر»(3) وهي کناية عن شدّة الطلب والاهتمام في أول العمر. أو کناية عن الإسراع في الفتوي.
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «رَاحَت بِعَافِيَةٍ، وابتَکَرَت بِفَجِيعَةٍ»(4)
ابتکرت: يقال : بَکَر علي الشيء وإليه يبکر بُکُوراً، وبکر تبکيراً وابتکر وأبکرو باکره: أتاه بکِرةً، کلّه بمعني (5). ومنه قوله تعالي: ( وسَبّح بِالعَشِيّ والإبکَارِ)(6)أي آخر النهار وأوّله(7) والفجيعة: الرزية الموجعة بما يکرُم. والفواجع: المصائب المؤلمة التي تفجع الإنسان بما يعزّ عليه من مال أو حميم، الواحدة فاجعة. يقال: فجعه يفجعه فجعاً، فهو مفجوع وفجيع»(8)والرّواحُ نقيض الصبّاح، وهو اسم للوقت. وقيل: الرَّواحُ العَشِيُّ، وقيل: الرّواحُ من لَدُن زوال الشمس إلي الليل. يقالِ: راحوا يفعلون کذا وکذا ورُحنا رواحاً، يعني السّيرَ بالعشيَّ، وسار القوم رواحاً وراح القوم، کذلک وتَروحنا: سرنا في ذلک الوقت أو عملنا(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الإسلام: «فَهُوَ أبلَجُ المَنَاهِجِ، وأَوضَحُ الوَلَائِجِ»(10).
البَلجَةُ، بالفتح وبالضم: ضوءُ الصبح. والبُلُوج: الإشراق. وأبلج الحقّ: ظهر، يقال: هذا أمرُ أبلج، أي: واضح، وقد أبلجه أوضحه. ويقال للرجل الطَّلق الوجه: أبلَجُ وبَلجُ وبليج (11).
ومنه حديث أُم معبد في صفته(صلی الله علیه وآله وسلم): «أبلج الوجه». أي:مشرق الوجه مُسفره(12).
والبُلجة: نقاوةُ مابين الحاجبين، يقال: رجل أبلج بيّن البلج، إذا لم يکن مقروناً،والأنّثي بلجاء (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الدنيا وخلقها:
ص: 77
مُتَبَلَّدَة أُمَمِهَا وأَکياسِهَا»(1).
البلادة: يقال رجل بليد بيّن البَلاَدة، ضدّ التنحرير. وکان الأصمعي يقول: النحرير ليس من کلّام العرب، وهي کلّمة مولّدة. ورجل أبلد: غليظ الخَلق . وأبلد الرجلُ إيلاداً، مثل تبلَّدَ سواء (2) وبَلُد الرجلُ بالضم بلادةً فهو بليد. وبَلَدَ الرجلُ يَبلدُ، من باب ضرب أقام بالبلد ، فهو بالد. ويُطلق البَلَدُ والبَلدَةُ علي کلَّ موضع من الأرضِ عامراً کان أو خلاءً(3).
والبَلدةُ: منزل من منازل القمر. وبَلدَةُ النَّحر:
وسطه ، وربّما سُمّيت البُلجَةُ بَلدَةً.
وتبلَّد الرجلُ من هذا، إذا لحقته حيرةُ فضرب بيده علي بَلدةِ نَحره(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) فيما يؤول إليه الإنسان: «ثُمّ أُدرِجَ فِي أَکفَانِه مُبلِساً» (5).
الإبلاس: معناه القنوط وقطع الرجاء من رحمة الله تعالي، والإبلاس: الانکساروالحزن. يقال: أبلس فلان، إذا سکت غمِاً(6) ومنه قوله تعالي: ﴿حَتَّي إذَا فَتحَنَا عَلَيهِم بَاباً ذَا عَذَابٍ شَديدٍ إِذا هم فِيهِ مُبلِسُونَ ﴾(7).
وفي حديث ابن عباس عن النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): من أحب أنّ يرقّ قلبه فليدمن أکلّ البَلس: يعني التين»(8)وقيل: هو شيء باليمن يُشبه التَّين.
وقيل: هو العَدَس، وهو عن ابن الأعرابي مضموم الباء واللام.
ومنه حديث ابن جريح قال: سألت عطاء عن صدقة الحبَّ، فقال: فيه کلّه الصَّدَقة، فذکر الذّرة والدُّخن والبُلُس والجُلجُلان، وقد يقال فيه البُلسُن، بزيادة النون.
وفي حديث ابن عباس : «بعث الله الطير علي أصحاب الفيل کالبَلَسان». قال عباد بن موسي: أظنّها الزَّرازير، والبلسان شجر کثير الورق ينبت بمصر، وله دهُن معروف (9)
ص: 78
في دعاء الحسن (عليّه السلام) للاستسقاء لأهل الکوفة: «سلاطح بلاطح، يناطح الأباطح»(1).
يقال للماء السائح عليّ الأرض: سُلاطح، وکذلک بلاطح (2)
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) : «وأنّک في قُلعَةٍ ودَارِ بُلغَةٍ» (3).
البُلغةُ: ما يُتبلَّغُ به من العيش، وتبلّغ بکذا، أي اکتفي به (4).
ومن هذا جاء حديث فاطمة( عليّهم السلام) : «هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي وبُلغة ابنيَّ» (5).
والبُلغة هنا جاءت کناية عن ميراثها من رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)الذي نحلها الله.
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «لاتَسألوا فيها فَوق الکَفَافِ، ولاتَطلُبُوا مِنهَا أکثر من البَلاغِ»(6).
البَلاغ: الکفاية. تقول: له في هذا بَلاغ وبُلغة وتَبَلُّغ ، أي: کفاية.
والبَلاغ: مايُبَلّغ به ويُتوصّل إلي الشيء المطلوب (7) ومنه قوله تعالي: ﴿إنَّ في هذا لَبلاغاً﴾(8) أي الکفاية وما تبلغ به البغية (9)
والتَّبلِغَةُ: الحَبل الذي يُوصَل به الرَّشاء إلي الکَرَب وتُجمَع تبالغ. والمبالغة أنّ تبلغ من
العمل جَهدک.
يقولون: بلغ مِني البِلَغِين. أي الجهد (10). ومنه: «قول عائشة لعليّ عليّه السلام يوم الجمل: قد بلغت منا البُلَغِين». يُروي بکسر الباء وضمّها مع فتح اللام، وهو مثل. معناه قد بلغت مِنّا کلَّ مَبلغ. ومثله قولهم: لقيتُ منه البُرَحِين، أي الدواهي . والأصل فيه کأنّه قيل: خَطب بُلَغ ،أي بليغ، وأمر بَرِحُ ، أي مُبرَّح، ثمّ جمعا جمع السلامة إيذاناً بأنّ الخطوب في شدّة نکايتها
بمنزلة العقلاء الذين لهم قصد و تعمّد (11) ومنه المثل: بلغ في العلم أطوريه. أي غايته، والغرض بالتثنية التوکيد. وقيل طرفيه، وهو أقصاه وأدناه. ويُروي أطوريه علي لفظ
ص: 79
الجمع، أي: ضروبه وأطرافه کقولهم: الأمِرَّين والبُلغين، يضرب للمتناهي في العلم (1)
قال الصادق (عليّه السلام ): «اليمين الکاذبة تدع الدّيار بلاقع من أهلها» (2).
البلقع: القفر لا شيء فيه، يقال: منزل بلقع وديار بلاقع، وإذا کانت اسماً منفرداً أُنَّث ،
تقول: انتهينا إلي بلقعة ملساء(3).
قال أبو جعفر( عليّه السلام) في حديث إلي زرارة: عليک بالبلهاء من النساء، قلت: وما
البلهاء؟ قال: ذوات الخدور العفائف» (4).
البَلَه: الغَفلةُ عن الشرَّ. يقال منه: رجل أبلَهُ. والبُله: جماعته.
وفي الحديث «أکثر أهل الجنّةِ البُله. قال الشاعر:
أبله صدّاف عن التفحّش (5).
وبَلِه بَلَهاً ، عيي عن حجّته، وأبلهتُه : صادفته أبلَهَ(6)
وفلان في عيش أبله، أي واسع(7).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي وقد أمره بعمارة الأرض: «فإنّ شَکَوا ثِقَلاً أو عِلَّةً، أو انقِطَاعَ شِرب، أو بالَّةٍ، أو إحَالَةَ أرضٍ اغتَمَرَهَا غَرَقُ، أو أَجحَفَ بِهَا عَطَشُ» (8).
بالّة: ندي وخير . يقال: لاتَبُلُّک عندي بالّة وبلال، أي لايُصيبک منّي خيرُو لا نَديً (9).
وهي کناية عن الماء القليل قدر مايُبلُّ به.
وإحالة أرض: عطف عليّ قولهَ : «أو انقطاع شرب». أي وإن شکوا إحالة أرض، أي تغيرها ممّا کانت بأن غرقت. ويقال: إحالة الأرض، أي لم تحمل: وأحال و تحول، أي تنقّل، کأنّها انتقلت من الحال التي يمکن أنّ يزرع إلي غيرها. والأرض المستحيلة: التي ليست بمستوية، لأنّها استحالت عن الاستواء إلي العوج(10).
وفي حديث زرارة قال: حکي أبو جعفر( عليّه السلام )وضوء رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فدعا بقدح من ماء فأدخل يده اليمني فأخذ کفّاً من ماء
ص: 80
فأسد لها علي وجهه من أعليّ الوجه ثمّ مسح بيده اليمني الجانبين جميعاً ثمّ أعاد اليُسري في الإناء فأسدلها عليّ اليمني ثمّ مسح جوانبها، ثمّ أعاد اليمني في الإناء ثمّ صبّها علي اليسري فصنع بها کما صنع باليمني ثمّ مسح ببلّة مابقي في يديه رأسه
ورجليه ولم يعدهما في الإناء(1).
البِلَّة: النُّدوّة، والبلل: النّدي. والبليل والبليلة : ريح باردة مع نَديً، ولا تُجمع.
وکلُّ مايُبَلُّ به الحلق من الماء واللبن بلال، ومنه قولهم: انضحوا الرَّحِم ببلالها، أي
صلوها بصلَتها وندّوها. وبلّ رحمه يبلُّها بَلّاً وبِلالاً : وصلها(2). ومنه الحديث : «بُلُّوا أرحامکم ولو بالسلام». أي: ندّوها بصلتها وهم يُطلقون النداوة علي الصلة کما يطلقون اليُبس علي القطيعة، لأنّهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالنداوة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليبس ، استعاروا
البلل لمعني الوصل، واليبس المعني القطيعة(3).
وفي رواية: «أنضجوا أرحامکم» والمعني واحد، وهذه استعارة تشبيهاً ببلَّ السَّقاء اليابس، لأنّه لايتبلل إلّا بملء الماء فينتدي قاحله ويتمدد قالصه، ومثله قول الکميت الأسدي:
نضحتُ أديم الودّ بيني وبينهم*** بآصِرَة الأرحام لو يتبلّل (4)وفي حديث عليّ( عليّه السلام) عن غرور الإنسان وغفلته: «أمَا مِن دَائِک بُلُول»(5).
البِلّةُ: العافيةُ: وابتلَّ و تَبلّل: حَسُنت حاله بعد الهُزال(6)
ومن ذلک قول العبّاس بن عبد المطّلب، . في زمزم: إنّي لاأُحلّها لمغتسل ، وهي
الشارب حِلّ وبلّ. قال أبو عبيد: بِلّ، شفاء، من قولهم: قد بلَّ الرجلُ من مرضه، إذا برأ وأبلُ.
وعن الأصمعي، عن المعتمر بن سليمان أنّه قال: بِلّ هو مباح بلغة حمير(7)والبَلّة: الغني بعد الفَقر، وبَلِلتُ به بَللاً :ظَفِرت به (8).
وما جاءنا يقل بِهَلَّةٍ ولا بلة: أي منفعة. وأبلَلتُ عليّهم: أفضلتُ، وبَلَلتُ : مثله .
والبَلُل: البَذرُ ، بَلّوا الأرضَ: بذروها (9)
ص: 81
في حديث عليّ عليّه السلام : «والّذي بَعَثَةُ بالحَقُ لَتُبَلبَلُنَّ بَلبَلَةً ، ولًتُغَربَلُنَّ غَربَلَةً ، ولَتُسَاطُنَّ سَوط القِدر»(1).
البلبلة: تفريق الآراء، والبلبلة تفريق :الألسن. والبلبلة والبلابل والبَلبَال: شدّة الهم
والوسواس في الصدور وحديث النفس. وبلبل القوَم بَلبلةً وبلبالاً. حرّکهم و هيّجهم
أي لتحرکن بالشدائد والنوائب تحريکاً شديداً، ولتغربلن في کلّ نازلةٍ وحادثة عظيمة کغربلة الدقيق (2)السوط: خلط الشيء بعضه ببعض (3).
يقال: ساط القِدر بالمسوَط والمِسواط، وهو خشبة يُحرّکُ بها ما فيها ليختلط.
ومنه حديثه(عليّه السلام) مع فاطمة(عليّهم السلام): «مَسُوطُ لَحمها بدمي ولَحمي».
أي ممزوج و مخلوط.
وسُمِي السوط سوطاً لأنّه إذا سُيط به إنسان أو دابّة خلط الدم باللحم (4)
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر: «وَانَّ أَحَقَّ مَن حَسُنَ ظَنُّک به لَمَن حَسُنَ بَلاؤُکَ عِندَه»(5).
البلاء: الاختبار، يکون بالخير والشرّ، وبلاه، إذا جرّبه.
وأبلاه اللهُ يبليه إبلاءً حَسَناً، إذا صنعا به صنعاً جميلاً. والإبلاء: الإنعام والإحسان (6).
وباعتبار الاختبار جاء قوله( عليّه السلام) :«والسَّرَائِرُ مَبلُوَّة»(7) وبلاؤها: تعرّفها وتصفحها، والتمييز بين ماطاب منها وما خبث (8) وابتلي الرجلُ اليمين وأبلي:حَلَف، وقيل: ابتلي استحلف. وقول زهير:
فأبلاهُما خيرَ البلاء الذي يَبلُو
أي أعطاهما خير العطاء الذي يبلو به عباده (9).
روي عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله( عليّه السلام) قال: قلتُ له: رجل تزوّج امرأة
فلمّا کان ليلة البناء عمدت المرأة إلي رجل صديق لها فأدخلته الحَجَلة، فلمّا ذهب
ص: 82
الرجل يباضع أهله ثار الصديق فاقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق، وقامت المرأة
فضربت الرجل ضربةً فقتلته بالصديق. قال: تضمن المرأة دية الصديق وتُقتل بالزّوج (1).
ليلة البناء: من قولهم: بني الرجل بامرأته، إذا دخل بها. وأصل ذلک أنّ الرجل من العرب کان إذا تزوَّج بُني له ولأهله جِباء جديد، فکثر ذلک حتّي استُعمل في هذا الباب (2).
قال ابن السکّيت: تقول: قد بني فلان عليّ أهله، قد زفّها وازدفّها.
وتقول العامة: بني فلان بأهله(3).
والحَجَلة: حجلة العروس وتُجمع علي حِجال(4)
ومنه امرأة مُحَجّبة مُحَجَّلة (5).
عن حريز عن أبي عبدالله (عليّه السلام) أنّه سُئل عن قتل الحجر والبندق أيؤکلّ ؟ فقال: لا(6).
البُندق: هو الذي يُرمي به، والواحدة بندقه(7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) واصفاً حال العبد في قبره: «أُقعِدَ في حُفرَتِه نَجِيّاً لِبَهتَهِ السُّؤَال» (8).
البَهتُ: الانقطاع والحيرةُ. يقال: بَهُتَ وبَهِتَ وبُهِتَ الخصم: استولت عليه الحجّة(9) ومنه قوله تعالي :( فبُهِتَ الّذي کَفَر)(10) وباهته: استقبله بأمرٍ يقذفه به، وهو منه بريء، لا يعلمه فَيبقتُ منه، والاسم البُهتان (11)
ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «من باهت مؤمناً أو مؤمنةً بما ليس فيهما حبسه الله عزّوجلّ يوم القيامة في طينة خبال حتّي يخرج مماّ قال» (12) وفي المثل «رماه يالبهيتة» أي بالبُهتان والکَذِب. ويقولون: ياللبهيتة وياللأفيکة (13). ولا يکون البَهتُ إلّا مواجهة الرجل بالکذب عليه، ويقال للرجل: باهت وبهّات و مُباهت وبَهُوت. وفي حديث النبي (صلی الله علیه وآله وسلم): «اليهود قوم
ص: 83
بُهتُ»(1)واسم الفاعل منه بَهوت والجمع بهِت، مثل رسول ورسل (2)وبُهِت الرّجلُ يُبهَتُ بهتاً، إذا حار(3). قال ابن دريد: بُهِت الرجل وبَهَتَ(4) ومن هذا قال (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّ من شرار رجالکم البهّات الجريء الفحّاش، الأکلّ وحده، والمانع رفده (5)
والرَّفد، والمِرفَد: الإناء الذي يُقري فيه الضيف. وقالوا: الرَّفد والرَّفد: العُسّ، وحمعه
أرفاد. والرَّفد: العطاء. وَرَفدتُ الرجل وأرفدته، إذا عاونته عليّ أموره(6).
ومنه قوله تعالي: (بئس الرَّفد المرفود )(7)أي بئس العون وبئس المعان (8).
ومنه الرَّفادة ، وهي معاونة للحاجِّ کانت من قريش بشيء، کانوا يُخرجونه لفقراء الحاجّ (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) ضمن خطبته القاصعة: «ولو أَرَادَ اللهُ أنّ يَخلُقَ آدَمَ مِن نُورٍ يَخطَفُ الأبصَارَ ضِيَاؤُه، ويَبهَرُ العُقُولَ رُوَاوُهُ وَطِيبٍ يَأخُدُ الأنفَاسَ عَرفُهُ» (10).
البهر: يقال بهرهُ الأمر يَبهَر بهراً، إذا غلبه. ومن ذلک قيل بهر القمرُ النجوم، إذا غلبها بنوره، والقمر باهر (11) لظهوره علي جميع الکواکب (12) وبُهر الرجل فهو مبهور اذا أصابه البُهر، وهو تنفّس في عَقِب عَدو،والرجل بهير و مبهور.
والأبهران: عرقان في الظهر. وفي الحديث المروي عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) : «مازالت أکلّة خيبر تُعادُّني فالآن أوان انقطاع أبهَري». وتعادُّني من العِداد، وهو مثل عداد الملدوغ الذي يعاوده مرضُ في کلَّ سنة من اللَدغ. يقال:عادّه الداءُ معادَّ ةًوعِداداً (13)وسُمّيت خطبته (عليّه السلام) بالقاصعة من: القصع شدّة المضغ وضمّ بعض الأسنان علي البعض.
وقيل: قصع الجرّة: خروجها من الجوف إلي الشِدق وُمتابَعة بعضها بعضاً. وإنما تفعل ذلک
ص: 84
الناقة إذا کانت مطمئنة، وإذا خافت شيئاً لم تخرجها. وأصله من تقصيع اليربوع، وهو
إخراجه تُراب قاصعائه، وهو جحره(1)
والبَهار، وزان سَلام: الطِيب، ومنه قيل لأزهار البادية بَهار (2)
والبُهار، بالضم : اسم واقع عليّ شيء يُوزن به نحو الوَسق وما أشبهه، وهو معرّب ،
وقد تکلّمت به العرب. قال الشاعر:
بمرتجِزٍ کأنّ علي ذراه*** کعير الشام يحملن البُهارا
وبُهرة کلَّ شيء: وسطه.وبُهرة الوادي : وسطه.
وفرس عظيم البُهرة، إذا کان عظيم المحزم (3)
في حديث فاطمة(عليّه السلام): «فأنقذکم الله تبارک وتعالي بمحمّد (صلی الله علیه وآله وسلم)بعد اللتيا والتي، وبعد أنّ مُني ببهم الرجال وذوبان العرب، ومردة أهل الکتاب»(4).
البُهَم من الرجال: واحده بُهمة بالضم: الشجاع، وقيل : هو الفارس الذي لايُدري من أين يؤتي له لشدّة بأسه.
وقيل: رجل بُهمة، إذا کان لا يُثني عن شيء أراده.
والبُهمة في الأصل مصدر وُصف به، يدلّ عليّ ذلک قولهم: هو فارسُ بُهمةٍ، ولا يوصف النساء بالبُهمة (5) وقيل: سُمّي بهمة بالبُهمة التي هي الصخرةُ المُصمَتة المُبهمة(6) وذوبان العرب: لصوصهم وصعاليکهم الذين يتلصّصون ويتصعلکون، لأنّهم کالذئاب.
وواحد الذؤبان ذئب، والجمع في القليل أذوُب، ويقال : ذئاب وذُوبان، يهمز ولايهمز (7).
ومردة: جمع مارد، العاتي. يقال : مَرُدَ علي الأمر، بالضم، يمرُدُ مُرُوداً ومَرادةً، فهو مارد . و مريد، وأصله من مردة الجن والشياطين. وقال ابن الأعرابي: المَردُ التطاول بالکِبر والمعاصي(8).
ومنه قوله تعالي: ﴿وَمِن أَهلِ المَدينَةِ مَرَدُوا الله عَلي النَّفَاقِ ﴾(9) مَرَدُوا علي النفاق: تمهروا فيه، ، من: مرن فلان عمله، ومرد عليه: إذا درب به وضري حتّي الان عليه ومرن فيه (10).
ص: 85
وفي حديث فاطمة( عليّها السلام )أيضاً: «أنار الله بأبي محمدّ (صلی الله علیه وآله وسلم) ظلمها، وکشف عن القلوب بهمها، وجلا عن الأبصار غممها، وقام في الناس بالهداية فأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية، وهداهم إلي الدين القويم، ودعاهم إلي الطريق المستقيم»(1).
بهمة القلوب: من قولهم: استبهم عليهم الأمر، أي استغلق، و تبهّم أيضاً، إذا أُرتِجّ.
وأمر مبهم: لامأتي له. وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «کان إذا نزل به إحدي المبهمات کشفها».
يريد مسألة معضلة مُشکلة شاقّة، سُمّيت مبهمة لأنّها أُبهِمت عن البيان فلم يُجعل عليها دليل، ومنه قيل لما لا ينطق : بهيمة(2). ومن هذا قال( عليّه السلام) : «ضَادّ النُّور الظُّلمَةِ، والوُضُوحَ بالبُهمَةِ»(3)
وغمم الأبصار: من قولهم: غُمّ الهلال علي الناس غمّاً ستره الغيم وغيره فلم يُر. وليلة غمّاء: أخر ليلة من الشهر، سُمّيت بذلک لأنّه غُمّ عليّه أمرها، أي سُتر فلم يُدرَ أمِن المقبل هي أم من الماضي. والغمّي: الشديدة من شدائد الدهر، وأمر غمّة، أي مبهم ملتبس يقال: إنّهم لفي غُمّي من أمرهم، إذا کانوا في أمر ملتبس (4) ومنه قوله تعالي: ﴿ ثُمَّ لايَکُن أَمرُکُم عَلَيکُم غُمَّةً﴾(5). والغواية: الانهماک في الغيّ. والغي: الضلال والخيبة. يقال: غَوَي، بالفتح، غيّاً، و غَوِي غواية(6).
وفي حديث موسي بن جعفر (عليّه السلام ) قال: «إنّ الله خلق قلوب المؤمنين مطوية مبهمة علي الإيمان، فإذا أراد استنارة مافيها نضحها بالحکمة، وزرعها بالعلم، وزارعها والقيّم عليّها ربّ العالمين»(7).
إبهام القلوب: من قولهم: أبهمت الباب إذا أغلقته، فهو مبهم(8).
والبهيم: هو الذي لايخالط لونه شيء سوي لونه تقول: هذا فرس جواد بهيم، وهذه فرس جواد بهيم (9) ولا يقال في الأبيض: بهيم(10). ومراده (عليّه السلام) الفطرة التي فُطر عليّها المؤمن، وقال الزمخشري: مالا شية فيه:أي لون کان إلا الشُّهبة (11) ومنه حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم):
«يحشر الناس يوم القيامة عُراةً حُفاة بُهماً».
ص: 86
قال أبو عبيد: أراد بقوله: بهماً، ليس فيهم شيء من الأعراض والعاهات التي تکون في الدنيا من العمي والعَرَج والجذام والبرص وغير ذلک من صنوف الأمراض والبلاء، ولکنها أجسام مبهمة مصححة لخلود الأبد.
وقال: أجساد لا يخالطها شيء من الدنيا، کما أن البهيم من الألوان لا يخالطه غيره (1).
ومن هذا المعني يکون تفسير الحديث المروي عن الصادق (عليّه السلام) : «لا بأس بالثوب أنّ يکون سداه وزرّه وعلمه حريراً، وإنّما يکره الحرير المبهم للرجال» (2).
أي الذي لايخالطه شيء آخر. وهو الحرير الخالص. کما قيل لليالي الثلاث التي لايطلع فيها القمر : بهم جمع بهمة (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَلَمّا أَلقَت السَّحَابُ بَرکَ بَوَانِيها، وبَعَاعَ مَا استَقَلَّت بِهِ مِنَ العِبءِ المَحمُولِ عَلَيهَا» (4).
البَعاعُ: ثِقَلُ السحاب من الماء. وألقت السحابةُ بَعاعَها، أي ماءَها وثِقَلَ مَطرِها.
وبعّ السَّحابُ يبعُّ بَعّاً وبَعاعاً: ألحَّ بِمَطَرِه.
وبَعَّ المطرُ من السَّحاب: خرج.
وبَعّ الماءُ بَعّاً، إذا صبّه ومنه الحديث: «أخذها فيعّها في البطحاء» يعني الخمر صبّها صبّاً.
وأخرجت الأرضُ بَعاعها، إذا أنّبتت أنّواع العُشب أيّام الربيع(5) والبَعبَعَة: حکايةُ صوت. والبَعايِعَةُ : الفقراء، ولا يُعرف وأحده. والبُعَّةُ، من
أولاد الإبل: الوَلد بين الهُبَع والرُّبَع(6)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَيَکُون الثَّوابُ جَزاءً والعِقَابُ بَوَاءً»(7)
البواء: اللزوم. وباءً بذًنبه وبإثمّه يَبُوءُ بَوءَا وبواءً: احتمله وصار المَذنبُ مأوي الذَّنب، وقيل: اعترف به، وبُوتُ بهذا الذَّنبَ، اي احتملتُه. والبَواء: السَّواء. وفلانُ بَواءُ فلانٍ أي کُفؤُهُ. إنّ قُتِل به، وکذلک الاثنانِ والجميعُ وباءه: قتله به (8).
وفي حديث أبي جعفر( عليّه السلام) : «من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يجاري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوّأ مقعده من النار» (9).
ص: 87
البيئة والباءة والمباءة: المنزل، وتبوأ فلان منزلاً، أي اتخذه. والباءة النکاح، وسمي
النکاح باءة وباءً من المباءة لأنّ الرجل يتبوأ من أهله، أي يستمکن من أهله کما يتبوأ من داره. والباء والباءة و الباه، کلّها مقولات ، عن ابن الأعرابي(1) ومنه الحديث : «عليّکم بالباءة» يعني النکاح والتزوّج (2)
وفي حديث أبي بصير قال: دخلت عليّ أبي عبدالله (عليّه السلام) وقد صلّيت الجمعة العصر فوجدته قد باهي(3) من الباه، أي جامع.
في حديث عليّ(عليّه السلام): «إنّکُم - واللهِ لَکَثِيرُ في البَاحَاتِ، قليل تَحتَ الرَّايَاتِ» (4).
الباحة: عرصة الدار، وساحتها. وبحبوحة الدار منها، ويقال: نحن في باحة الدار وهي
أوسطها (5). ومنه الحديث: «ليس للنساء من باحة الطريق شيء ». أي وسطه.
وقوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «نظّفوا أفنيتکم ولا تدعوها کباحة اليهود»(6)من ذلک.
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية : «لا أَزالُ بِبَاحَتِک، حَتَّي يَحکُمَ اللهُ بَينَنا وَهُوَخَيرُ الحَاکِمين» (7) أي: في ساحتک . ومن المجاز جاء حديثه (عليّه السلام )عن القرآن: «فَهُوَ مَعدِنُ الإيمَانِ وبُحبُوحَتُه»(8).
والمباح: خلاف المحذور، کأنّه مأخوذ من سعة الشيء ، أي موسَّع للإنسان فيه.
في الحديث: عن أبي عبدالله( عليّه السلام) قال: تعوّذ بالله من غلبة الدَّين وغلبة الرَّجال ، وبوار الأيم» (9).
بوار الأيّم: يقال : بار الشيء يبور بوراً - بالضم - هَلَک. وبار الشيء بوار اً، کسد ، علي الاستعارة، لأنّه إذا تُرِک صار غير منتفع به فأشبه الهالک من هذا الوجه (10). ولمّا کان فَرطُ الکساد يؤدّي إلي الفساد - کما قيل:
کسد حتّي فسد - عبّر بالبوار عن الهلاک (11).
والبور: الرجل الفاسِد الهالک الذي لاخير فيه (12) والأيّم: المرأة إذا لم تتزوج بعد موت زوجها (13).
ص: 88
ومنه سأل الکاهلي أبا عبد الله( عليّه السلام) : أکان عليّ (عليّه السلام) يتعوّذ من بوار الأيّم؟
فقال: «نعم، وليس حيث تذهب، إنّما کان يتعوّذ من العاهات. والعامّة يقولون: بوار
الأيّم، وليس کما يقولون»(1). وبوار الأيم:
کسادها وعدم الرغبة فيها، من قولهم: بارت السوق: کسدت (2)وأصل البُوار من البُور:
الأرض التي لم تُزرع والمعامي المجهولة والأغفال ونحوها. وفي کتاب النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) لاُکَيدِرِ دُومَة: «ولکم البَؤر والمعامي وأغفال الأرض» وهو بالفتح مصدر وصف به ،ويُروي بالضم، وهو جمع البوار، وهي الأرض الخراب التي لم تُزرع (3). ومن هذا جاء قوله تعالي : (تِجَارَةً لَن تَبُورَ)(4) أُي لن تکسد ولن تفسد (5) وقد جاء منها المجاز في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إلي اللهِ أَشکُومِن مَعشَرٍ يَعيشُونَ جُهّالاً، ويَمُوتُون ضُلالاً، لَيسَ فيهم سِلعَةُ أَبوَرُ مِن الکِتَاب إذا تُلي حَقَّ تِلَاوَتِه، ولاَ سِلعَةُ أَنفَقُ بَيعاً ولا أَغلي ثَمَناً مِن الکِتَابِ إذا حُرَّف عَن مَوَاضِعِه»(6).
وجاء في الحديث : «کنّا نبور أولادنا بحُبَّ عليّ» (7) البَؤر: التَّجربةُ، برته وبرت ماعِنده (8). وباره بؤراً وابتاره ، کلاهما: اختبره. وأصل ذلک من بار الفحل الناقة يبورها بَوراً ويبتارها. وابتارها: جعل يتشمّمها لينظر ألاقح هي أم حائل. ومنه قولهم : بُرلي ماعند فلان ، أي اعلمه وامتحن لي ما في نفسه. وفي الحديث : أنّ داود سأل سليمان، عليهما السلام، وهو يبتار علمه، أي يختبره ويمتحنه(9)وفيه قول الشاعر في نعت الحرب:
بضربٍ کآذان الفِراء فُضولُه*** وطَعنٍ کإيزاغ المَخاض تَبُورُها
والفِراء: جمع الفَرَأ، وهو حمار الوحش، وإيزاغ المخاض: يعني قذف الإبل بأبوالها فهي توزغ به، ذلک إذا کانت حوامل، شبه الطعن به، وتبورها: تختبرها أنّت (10)
روي عن الصادق(عليّه السلام): أنّ المؤمن من امِن جاره بوائقه (11).
البوائق: جمع بائقة، وهي الداهية. وداهية بؤوق: شديدة. يقال: باقتهم الداهية تبوقهم.
ص: 89
بوقاً، بالفتح، وبؤوقاً، أصابتهم. قال ابن الأعرابي: يقال: باق، إذا هجم عليّ قوم بغير
إذنهم، وباق إذا کذب، وباق إذا جاء بالشرَّ والخصومات(1).
ومن هذا يفسر ماجاء في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي في وصف التجّار: «فَانَّهُم سِلمُ لاتُخَافُ بَائِقَتُه» (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «فلمّا ألقت السحابُ بَرکَ بَوَانِيها» (3)
البِوان، بکسر الباء: عمود من أعمِدة الخِباء، والجمع أبونة وبو نُ، بالضمّ، وبُوَن(4).
واستعارها عليّه السلام هنا لأنّ ماء السحاب هو الممسک لها في الجو فإذا ألقت ماءها تقوّضت السحابة وتلاشت کما يتقوّض الخِباء عند سقوط أعمدته.
والبواني: أضلاع الزَّورِ لتضامَّها، الواحدة بانية، ويقال: ألقي البعيرُ بوانيه، کما يقال:
ألقي بَرکه ، وألقي کَلکلَه: إذا استناخ (5)
قال ابن الأثير: البواني في الأصل: أضلاع الصدر ، وقيل: الأکتاف والقوائم، ومن حق
هذه الکلمة أن تجيء في باب الباء والنون والياء، وإنما ذکرناها هاهنا حملاً علي ظاهرها(6).
في الحديث : سأل عليّ بن مهزيار أبا الحسن الثالث (عليّه السلام) عن الرجل يصير في البيداء فتدرکه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتي يخرج وقتها کيف يصنع
بالصلاة، وقد نُهي أنّ يصلّي بالبيداء فقال:«يصلّي فيها ويتجنّب قارعة الطريق»(7).
البيداء: المفازة والقفر، والجمع بيد. والصحاري کلّها بيد(8) وباد الشيء يبيد بياداً، إذا تفرّق وتوزّع في البيداء (9)
وذهب (10). ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف الدنيا: «حَائِلةُ زَائِلَةُ، نَافِذَةُبَائِدةُ، أَکَّالَةُ غَوَّالَةُ» (11).
وباعتبار الفناء للأجسام قال الصادق (عليّه السلام) :«ليس شيء إلاّ يبيد أو يتغيّر. إلآّربّ العالمين»(12)
ص: 90
وفي حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بَيد أنّهم أوتوا الکتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم»(1)
وَبيد: مثل غير وزناً ومعني، يقال : هو کثير المال بيد أنّه بخيل (2) وتقول العرب: مَيد انّي وَبيد انّي، في معني غير انّي(3) تدخل الميم علي الباء والباء علي الميم، کقولک:
أغمطت عليّه الحمي وأغبطت. وقوله: سمد رأسه و سبّد رأسه، وهذا کثير في الکلّام.
قال أبو عبيد : وأخبرني بعض الشاميين أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «أنا أفصح العرب ميدَ أنّي من قريش ونشأت في بني سعد بن بکر».وفسّره: من أجل(4).
في حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) : «قد ترکتُکم علی البيضاء ليلُها کنهارِها لايَزيغُ عنها بَعدِي إلّا هالک».
البيضاء: محجّة الدين ومدرجة الطريق المستقيم، وصفتها بالبياض عبارة عن وضوح نهجها وبيان سننها، وکلُّ أبيض في کلامهم واضح، يقولون: وجه واضح، إذا کان
ابيض المَحيَّا، وجبين واضح، وجيد واضح، علي هذا المعني(5).
ومن المجاز جاء قولهم: فلان يحوط بَيضَة الإسلام وبيضة قومه. وباض بني فلان
وابتاضهم: دخل في بيضتهم. وأوقعوا بهم فابتاضوهم، أي استأصلوا بيضتهم(6).
والبيضَة: الأرض البيضاء الملساء والبَيض: داءُ يصيب الخيل في قوائمها(7). وقولهم: صام أيّام البيض، هي مخفوضة بإضافة أيّام إليها، وفي الکلّام حذفُ،والتقدير: أيّام الليالي البيض، وهي ليلة ثلاث عَشرة وليلةُ خَمسَ عشرة، وسُمّيت هذه الليالي بالبيض لاستنارة جميعها بالقمر(8).
ويقال للرجل إذا مُدح: هو بيضة البلد، أي واحد أهله والمنظور إليه منهم، قالت امرأة من العرب ترثي عمراً بن عبد ودًّ، و تذکر قتل عليّ( عليّه السلام) بن أبي طالب إيّاه:
لو کان قاتل عمروٍ غير قاتله ***بکيته ما أقام الروحُ في الجسد
لکنّ قاتله من لايُعاب به***وکان يُدعي قديماً بيضة البلد(9)
ص: 91
ويقال : اجتمع للمرأة الأبيضان، الشَّحمُ والشبابُ. وهو لا يشرب إلّا الأبيضين. قال الشاعر:
ولکنّه يأتي لِيَ الحولُ کاملاً*** وماليَ إلّا الأبيضين شرابُ
يريد بالأبيضين اللبن والماء. وما رأيته مُذ أبيضان، أي يومان.
وأتيته في بيضةِ القيظ وبيضاء القيظ، وهي صميمه بين طلوع سهيل والدَّبَران.
وبايضني فلان: جاهرني، من بياض النهار(1) ومن بياض النهار جاء المجاز.
في کتاب عليًّ (عليّه السلام) إلي أمراء البلاد في معني الصلاة: «وصَلّوا بهِمُ العَصرَ والشَّمسُ بَيضَاءُ حَيَّةُ في عُضوٍ من النَّهَارِ حِينَ يُسَارُ فِيهَا فَرسَخان» (2).
قدّر وقت العصر ببقاء الشمس بيضاء لم تصفر للمغيب. واستعار لفظ الحياة لظهورها
علي الأرض لمکان المشابهة. وقوله: في عضو من النهار، أراد القسم والقطعة منه.
ثمّ قدّر ذلک العضو بمقدار أنّ يسافر فيه فرسخان، السير المعتاد(3).
وقد استُعير البياض للبرص في دعاء عليّ، لما بعث أنّس بن مالک لطلحة والزبير
يذکّرهما ممّا سمع من رسول الله، فقال: نسيت، فقال: إنّ کنت کاذباً فضربک اللهُ بها بيضاء لامعة لا ثواريها العِمامَةُ(4)
قال الرضي: يعني البرص، فأصاب أُنّساً هذا الدعاء فيما بعد في وجهه، فکان لايُري
إلّا مبرقعاً(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ الله تَعَالي فَرَضَ عَلَي أئِمَّةِ العَدلِ أنّ يُقَدَّرُوا
أَنفُسَهُم بِضَعَفَةِ النّاسِ، کَيلَا يتبيَّغ بِالفَقِيرِ فَقرُهُ»(6).
البيغ: توقّد الدم في العروق، وتبيّغ به الدم: غلبه وقهره. وتبيغّ الماء، إذا تردد فتحيّر في مجراه مرّةً کذا ومرِّة کذا. وفُسّر التبيّغ من کلًّ وجه کتبيّغ الداء إذا أخذ في الجسد کلّه واشتد. قال ابن الأعرابي: تبيّغ وتبوّغ، بالواو والياء، وأصله من البَوغاء، وهو التراب إذا ثار (7)
وقد استعار ذلک للدنيا، والبال والحال عليّ وجه دون وجه، ولذلک أضاف العام إلي
الخاص، وأراد (عليّه السلام) : مضت الدنيا بحالها التي هي الانتقال (1) الذي هو من طبعها الذي وصفت به.
عن أبي جعفر( عليّه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «ليس البخيل من يؤدّي - أو الذي يؤدّي- الزکاة المفروضة من ماله ويُعطي البائنة في قومه. وإنّما البخيل حقّ البخيل الذي يمنع الزکاة المفروضة من ماله ويمنع البائنة في قومه، وهو ما في سوي ذلک يبذّر» (2).
البائنة: العطية ، عن أبي زيد: طلب إلي أبويه البائنة، وذلک إذا طلب إليهما أنّ يبيناه
بمال فيکون له علي حدة(3)وفي حديث النعمان بن بشير : قال النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) لأبيه لمّا أراد أنّ يُشهده عليّ شيء وهبه ابنه النعمان: هل أبنت کلًّ واحد منهم مثل الذي أبنت هذا.
أي هل أعطيتهم مثله مالاً تبينه به، أي تُفرده، والاسم البائنة، يقال : طلب فلان
البائنة إلي أبويه أو إلي أحدهما، ولا يکون من غيرهما(4).
وبذّر ماله: أفسده وأنفقه في السرف، وکلّ مافرقته وأفسدته، فقد بذّرته . وفيه بذارّة، مشددة الراء، وبذارة، مخففة الراء، أي تبذير (5).
والبَين من الأضداد، يکون البين الفراق، ويکون البين الوصال، فإذا کان الفراق فهو مصدر بان يبين بيناً، إذا ذهب(6) ومن الوجه الأول جاء حديث عليّ( عليّه السلام) في ذم الدنيا: «آذَنَت بِبَينِهَا، ونَادَت بِفِرَاقِهَا».(7) ومن فحوي الفراق جاء الطلاق البائن،الذي تبين به الزوجة من بعلها بمجرد الطلاق، ولا يحلّ لهما الرجوع إلّا بعقد جديد. وألبين، بالکسر : القطعة من الأرض قدر مدّ البصر.(8).
وقال ابن دريد: هو الغِلَظ من الأرض(9) ومنه: ذات البين، للعداوة والبغضاء، وقولهم :
الإصلاح ذات البين، أي لإصلاح الفساد بين القوم. وأبان اسم لجبلين، أحدهما أبان الأسود لبني أسد، والآخر أبان الأبيض لبني فزارة، وبه سُمّي الرجل (10).
ص: 93
ص: 94
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن برکات الإسلام:«أَتاَقَ الحِيَاضَ بِمَوَاتِحِهِ»(1).
التَّأقُ: شدّة الامتلاء. وتَئِقَ السَّقاء يَتاقُ تَأقاً، فهو تئِقُ: امتلا، وأتأقه هو إتاقاً.
ورجلُ تئِقُ، من غيظاً أو حزناً أو سروراً. ومُهرُ تئق: سريع . وأتأق القوس: شدّ نزعها وأغرق فيها السهم. قال الأصمعي: في المثل تقول العرب: أنّا تئق وأخي مَئِق فکيف
نتفق ؟
أي: أنّا ممتليء من الغيظ والحزن وأخي سريع البکاء فلا يقع بيننا وفاق(2).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «الحَمدُ لله الفَاشي في الخَلقِ حَمدُهُ، والغَالِبُ جُندُةُ، والمُتَعَالِي جَدُّه، أَحمَدُهُ عَلَي نِعَمِهِ التُّوَامِ، والائِهِ العِظَام» (3).
التوأمُ: ضدّ الفرد، وکلّ اثنين توأمُ (4) والتؤأمُ من جميع الحيوان: المولود مع غيره في بَطن من الاثنين إلي مازاد، ذکراً کان أو أنّثي ، أو ذکراً مع أُنثي، وقد يُستعار في جميع المزدوجات وأصله ذلک(5) وقد
استعارها (عليّه السلام) لمعني تتابع النعمة في کلًّ شيء في الوجود، ومن هذا يقال: توائم النجوم: ماتشابک منها. وذهب بعض أهل اللغة إلي أن توأم فوعل من الوئام، وهو الموافقة والمشاکلّة، فالتوأم وَوأم في الأصل، وکذلک التولج في الأصل وؤلج، وهو الکِناس، ويُجمع علي تُوائم وتوام. ويقال للواحد توأم، وهما توأمان.
ص: 95
والتوأمُ من منازل الجوزاء، وهما توأمان. والتوأم: السهم من سهام الميسر، قيل: هو
الثاني منها. والتَّئمَةُ: الشاة تکون للمرأة تحتلبها، والاتام ذبحها(1).
قال أبو عبيد: ربّما احتاج صاحبها إلي لحمها فيذبحها، فيقال عند ذلک، اتّأمَ الرجل
واتأمت المرأة، قال الحطيئة يمدح آل لأي:
فماتتّام جاريُ آلِ لَأيٍ***ولکن يضمنون لها قِراها
يقول: لا تحتاج أنّ تذبح تيمَتَها (2)
قال الصادق(عليّه السلام) : «لأنّ أعطي في الفطرة صاعاً من تمرٍ أحبُّ إليّ من أنّ أعطي صاعاً من تبر»(3).
التّبر: هو الذهب ، قال قوم: هو الذهب المستخرج من المعادن قبل أنّ يصاغ، وقال قوم: بل الذهب کلّه تبر(4) وقال الزجّاج : کلّ جوهر قبل استعماله تبر(5).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) لکميل بن زياد: «فَانَّ تَضييِعَ المَرءَ مَا وُلّي ، وتَکَلُّفَهُ مَاکُفِي لَعَجزُ حَاضِرُ، ورَأيُ مُتَبّر»(6). التيار: الهلاک. تبّره الله تتبيراً، إذا أهلکه و محقه (7).
ومن هذا جاء قوله تعالي : ﴿متبّر ماهم فيه﴾(8).
قال أبو جعفر عليّ (عليّه السلام) : «ياصالح اتّبع من يبکيک وهو لک ناصح ولا تتبع من يضحک وهو لک غاش، وستردون عليّ الله جميعاً فتعلمون»(9).
تبع الشيء تَبَعاً وتباعاً في الأفعال، وتَبِعتُ الشيء تُبوعاً، سِرت في إثره، واتّبعَه وأتبَعَه و تتبّعه، قفاه و تطلّبه مُتَّبعاً له (10). ومنه قال عليّ (عليّه السلام) لأهل البصرة: «وَأَتبَاعً البهيمةِ»(11).
سُئل أبو الحسن الأوّل( عليّه السلام) عن الطين فيه التبن يطيّن به المسجد أو البيت الذي يُصلّي
ص: 96
فيه، فقال: لاباس (1).
التبن: ساق الزرع بعد دياسه. والمَتبَن والمتبَنةُ بيت التبن (2).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: قال أميرالمؤمنين( عليّه السلام) : «الدعاء ترس المؤمن»(3).
الترس: کلّ شيء تترّست به فهو مِترَسَة لک.
وإذا کان التُرسُ من جلود ليس فيه خشب ولاعقب سُمّي حَجَفَةً وَدَرَقةً.
وجمع ترس ترسة مثل عنبة، و تروس و تراس مثل فلوس وسهام، وربّما قيل: أتراس(4).
قال ابن السکيت: ولا تقل أترسة(5).
قال الصادق (عليّه السلام) : «موضع قبرالحسين (عليّه السلام) ترعة من ترع الجنّة» (6).
الترعة: الروضة. وفي حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم):
«منبري هذا عليّ ترعة من ترع الجنة».
وقال قوم: الباب. وقال قوم: الدَّرجة(7) قال أبو عبيدة : الترعة الروضة تکون علي المکان المرتفع خاصّة، فإذا کانت في المکان المطمئن فهي روضة(8) ويقال للموضع يحفره الماء من جانب النهر ويتفجّر منه: تُرعة ، وهي . فوّهة الجدول، والجمع تُرَع وتُرعات(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الملائکة:« ومِنهُم مَن قَدخَرَقَت أَقدَامُهُم تُخُومَ الأَرضِ السُّفلَي» (10).
التَّخم: مُنتهي کلّ قريةٍ أو أرض، يقال : فلان علي تَخم من الأرض، والجمع تُخوم
مثل فَلس وفُلوس. والتخوم: هي الحدود ،يقال: هذه الأرض تُتاخِم أرض کذا، أي
تُحادّها(11).
ومنه الحديث : «ملعون من غيّر تُخوم الأرض». أي: معالمها وحدودها، واحدها تَخم . وقيل : أراد بها حدود الحرم خاصّة. وقيل: هو عام في جميع الأرض. وأراد
المعالم التي يُهتدي بها في الطرق. وقيل: هو أنّ يدخل الرجل في ملک غيره فيقتطعه
ص: 97
ظُلماً
ويُروي تخوم الأرض، بفتح التاء، علي الأفراد، وجمعه تُخُم بضمَّ التاء والخاء (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ أهل العراق: «فَقُبحاً لَکُم وتَرَحاً، حِينَ صِرتُم غَرَضاً يُرمَي»(2).
التّرَح: ضد الفرح، وهو الهلاک والانقطاع. والترح: الهبوط، والترح: الفقر.
وناقة مِتراح: يُسرع انقطاع لبنها، والجمع المتاريح(3) ومنه جاء هذا الحديث : «مامن فرحة إلّا وتبعها تَرحة». والترحة المرّة الواحدة (4)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأمّا الأَغنِياءُمن مُترَفَةِ الأُمَمِ، فَتَعصَّبُوا لآثَارِ مَوَاقِع النَّعَمِ»(5)
الترفُ: التنعُّم، والتُرفَةُ النَّعمَةُ، والتتريف: حسن الغذاء. وصبيُّ مترف، إذا کان منعَّم البدن مُدَلّلاً. والمُترفُ: الذي أبطرته النّعمه وسَعة العيش.
وأترفته النعمةُ: أي أطغته(6)واستترفُوا: تَعفرَتُوا وطَغَوا (7).
في حديث عليّ( عليّه السلَام) في ذمّ العاصين من أصحابه: «وأَنتُم تَرِيکَةُ الإسلَام وَبَقيَّةُ النَّاسِ»(8).
التريکة: البيضة بعدما يخرج منها الفرخ، وخصّ بعضهم به بيض النعام التي تترکها بالفلاة بعد خلوها ممّا فيها. وقيل: بيض النعام المفردة، والجمع ترائک و تُروک.
والتريکةُ: بيضة الحديد للرأس. والتريک بغير هاء: العنقود إذا أُکل ماعليّه.
وقال أبو حنيفة: التريکة الکباسة بعدما يُنفض ما عليها وتُترک، والجمع تريک وترائک.
والتريکة: الروضة التي يغفلها الناس فلا يرعونها. والتريکة: التي تُترک فلا تتزوج.
قال ابن الأعرابي: تَرِک الرجلُ، إذا تزوّج بالتريکة، وهي العانسُ فيبيت أبويها.
وتَرِکة الميّت: مايترُکه من التراث المتروک (9). وفي حديث إبراهيم الخليل( عليّه السلام) :
ص: 98
«جاء إلي مکّة يطالع تَرکته». يريد ولده إسماعيل وأمّه هاجر لمّا ترکهما بمَکّة.
وفسر الخبر: «إنّ لله تعالي ترائکَ في خلقه». بأنّه أراد أموراً أبقاها الله تعالي في
العباد من الأمل والغفلة حتّي ينبسطوا بها إلي الدنيا(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في توبيخ بعض أصحابه: «و أَتَعَسَ جُدُودَکُم »(2).
التَّعس: الانحطاط والعُثور. وقيل: التّعس: الهلاک. يقال: تَعِسَ فلان يَتعَسُ، إذا أتعَسه
اللهُ، ومعناه انکبَّ فعَثر فسقط علي يديه وفمه. وفي الدعاء: تَعساًله، أي: ألزمه اللهُ
هلاکاً.
وتَعِسه الله وأتعَسَه ، فعَلت وأفعلتُ بمعني واحد، قال مجَمَّع بن هلال:
تقولُ وقد أفردتُها من خليلها***تَعِستَ کما أتعستني يامُجَمَّعُ (3)
والجدود: جمع الجَدُّ، وهو البختُ والحظُّ، ورجل جديد وحظيط(4).
ومنه قوله (عليّه السلام) : «عَيبُکَ مَستور ماأسعَدک جَدُّک»(5). أي : حظُّک.
ومنه المثل: جَدُّک لاکَدُّک. يُروي بالرفع علي معني جدّک يغني عنک لاکَدّک، ويُروي بالفتح أي ابغِ جدک لا کَدّک(6).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي يوصيه بذوي الحاجات: «وتُقعِدً عَنهُم جُندَکَ وأعوَانَکَ مِن أَحرَاسِکَ وشُرَطِکَ، حَتَّي يُکلَّمَکَ مُتَکلَّمُهُم غير مُتَتَعتِعٍ»(7).
التعتعة في الکلّام: أنّ يعيا بکلّامه ويتردّد من حَصرا أوعِيًّ، وقد تعتع في کلّامه و تعتعه العِيُّ .
والتعتعةُ الحرکُة العنيفة، وقد تَعتَعَه إذا عتله وأقلقه. قال أبو عمرو: تعتعتُ الرجلَ وتَلتَلتُه: هو أنّ تُقبلَ به و تُدبِرَ به وتُعنَّفَ عليه في ذلک، وهي التعتعة، والتَلتلةُ أيضاً. ووقع القومُ في تعاتِع، إذا وقعوا في أراجيف وتخليط.
و وتَعتَعةُ الدابّة: ارتطامُها في الرمل والخَبار والوَحل من ذلک(8)
في حديث عليّ (عليّه السلام) لمّا مرَّ بطلحة وعبد
ص: 99
الرحمن بن عتاب، وهما قتيلان يوم الجمل: «لقد أَتلَعُوا أَعنَاقَهُم إلي أمرٍ لم يَکُونوا أَهلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ»(1).
التَلَع: أتلَعَ الرجلُ، إذا مدّ عُنُقه متطاولاً.
وتَلِعَ الرجلُ يَتلَع تَلَعاً ، إذا طالت عُنُقه ، فهو أتلَعُ والأُنثي تَلعاء، وکذلک الفرس (2).
وإنّه ليتتالعُ في مِشيته، إذا مدّ عنقه ورفع رأسه. وتلع النهارُ وأتلع: ارتفع(3).
والتَّلعةُ من الوادي: ما اتسع من فُوَّهته، والجمع تِلاع.
وربّما سُمّيت القطعة من الأرض المرتفعة تَلعة، والأول الأصل (4).
في الحديث : قال(صلی الله علیه وآله وسلم) لعبد الله بن عمرو بن العاص، وذکر قيام الليل وصيام النهار، فقال : «إنّک إذا فعلت ذلک هجمت عيناک وَ تِهِمَت نَفسُک». .
تهمت نفسک: أي: أصابها الملال وجدّها الإعياء والکلّال (5). وتَهمَ اللبنُ واللحمُ تَهماً.
من باب تعب، تغيّر وأنتن. وتَهمَ الحرُّ، اشتدَّ مع رکود الريح. ويقال: إنّ تهامة مشتقّة من الأوّل، لأنّها انخفضت عن نجدٍ فتغيّرت ريحها، ويقال من المعني الثاني لشدّة حرّها والنسبة إليها تَهامِيُّ وتَهَامٍ(6) والتُهمة، معروفة، من قولهم: اتهمته بکذا وکذا، إذا ظننته به.
وتمر تَهمُ وتَهِم، إذا کان قليل الحلاوة (7) وقوله(صلی الله علیه وآله وسلم): هجمت عيناک استعارة، لأنّ المراد به غور العينين لطول القيام، ولبعد العهد للطعام. وذلک مأخوذ من قولهم: هَجَم فلان عليّ فلان، إذا دخل عليّه دخولاً فيه سرعة وله روعة. ويقال: هجم عليهم البيتُ، إذا سقط عليهم، فشبه صلي الله عليّه وآله إفراط دخول العينين في حجاج الرأس بهجوم الرجل الهاجم، أو وجوب البيت الواقع(8).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : «إذا تاب العبد توبةً نصوحاً أحبّه الله فستر عليّه في الدنيا
ص: 100
والآخرة»(1).
التوب: ترک الذنب علي أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، والتوبة في الشرع
ترک الذنب لقبحه والندم علي ما فَرَط منه والعزيمة علي ترک المعاودة، وتدارک ما
أمکنه أنّ يُتدارک من الأعمال بالإعادة (2).
يقال: تاب العبد إلي الله من ذَنبه، وتاب الله علي عبده، والله توّاب، وإلي الله المتاب (3). وفيها قال عليّ (عليّه السلام) : «والتوبة
مسموعة»(4).
عن جابر عن أبي جعفر (عليّه السلام) قال: «سألته عن السلف في اللحم، قال: لاتقربنّه فإنّه يُعطيک مرّة السمين ومرة التاوي، ومرّة المهزول فاشتره معاينة يداً بيد» (5).
التاوي: يقال: تَوِي الشيء يَتوَي تَويً، إذا تلف ، فهو تاوٍ(6) وتوِي مالُه تويً: ذهب
لايُرجي (7).
جاء في الخبر : أنَّ عليّاً (عليّه السلام) لما غلَب علي البصرةِ قال أصحابه: يم تحلَّ لنا دِماؤهم، ولا تَحلّ لنا نساؤهم وأموالهم ، فَسَمِعَ بذلک الأحنف فدخل عليه، فقال: إنّ أصحابک قالوا کذا وکذا، فقال: «لايم الله لأَتيسَنّهم عن ذلک».
لأتيسنّهم: أي لأردّنهم، ولأبطلن قولهم، وکأنّه من قولهم: تِيسي جَعَار. لمن أتي بکلّمةٍ حمق، أي کوني کالتَّيس في حُمقِه. والمعني لأتَمَثَّلَنَّ لهم بهذا المثل، ولأقولن لهم هذا بعينه کما يقال: فديته وسقيته، إذا قلت له فديتک وسقاک الله. وتعدِيَتُه ب «عن» لتضمين معني الرَّد(8).
في حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) کتبه لوائل بن حجر الحضرمي : «عليّ التيعة شاة والتيمة لصاحبها»(9).
التيعة: الأربعون من الغنم. والتيمة:يقال: إنّها الشاة الزائدة عليّ الأربعين حتّي تبلغ الفريضة الأُخري. ويقال: إنّها الشاة تکون لصاحبها في منزله يحتليها، وليست بسائمة،
ص: 101
وهي الغنم الربائب (1)والتيعة، بالکسر : هي أقلّ مايجب فيه الزکاة.
وقيل: هي اسم لأدني مايجب فيه الزکاة من کلَّ حيوان، وکأنّه الجملة التي للسُعاة عليّها سبيل، من تاع يتيع، إذا ذهب إليه(2).
وقيل: أصله من التَّيع وهو القيء، يقال: أتاع قيأه فتاع. وقال ابن شميل: التيع أنّ تأخذ الشيء بيدک، يقال: تاع به يتبع تيعاً وتبّع به، إذا أخذه بيده(3) وقيل: من تاع اللّبَأ والسمن يتوع ويتيع ، إذا رفعه بکِسرةٍ أو تمرة(4).
في حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «والتّيمة لصاحبها»(5).
التَّيمة: الشاة يتخذها أهل البيت للبنهاوليسمّنوها(6).
قال أبو الهيثمّ: الأتّيام أنّ يشتهي القوم اللحمَ فيذبحوا شاةً من الغنم، فتلک يقال لها
التيمة تُذبح من غير مرض. وقال أبو زيد: التيمة الشاةُ يذبحها القومُ في المجاعة حين يُصيب الناسَ الجوعُ(7)
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «لَيُضَعّفَنَّ لَکُم التَّيهُ مِن بَعدِي أضعُافاً بِمَا خَلَّفتُم الحقّ وراءَ ظُهُورِکُم»(8).
التيه: الضياع(9) والتيه: الضلال، وأراد يضعّفه لکم الشيطانُ وأنفسکم بما خلّفتم الحقّ وراء ظهورکم (10). وتاه في أمره: تحيّر،وتيّهتهُ. وأرض مَتيَهَةُ: يُتاه فيها(11).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «أَو أَعتَسِفَ طَريقَ المَتَاهَةِ» (12). وتاه يتيه تيهاً، من التکبّر، فهو تائه (13) ويمکن حمل ، قوله عليّه السلام علي ذلک. ورجل تيَّهَانُ و تَيهان : جسور يرکب رأسه في الأُمور (14).
وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام): «لَقَداستَهَامَ بِکُمُ الخَبِيثُ وَتَاهَ بِکُمُ الغُرورُ»(15). وهو من ذلک.
ص: 102
في حديث عليّ( عليّه السلام )في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «تَلتَطِمُ أوَاذِيَّ أَموَاجِهَا، وتَصطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثباجِها»(1).
الثَّبَجُ: عُلُوُّ وسط البحر إذا تلاقت أمواجه. وثَبَجُ البحر والليل: مُعظمه.
وثَبَجُ کلَّ شيء: مُعظَمُهُ ووسطه وأعلاه، والجمع أثباج و ثُبوج.
وحديث عليّ (عليّه السلام) : «وعليّکم الرّواق المطَنَّب فاضربوا ثَبَجه، فإنّ الشيطان راکدُ في کِسرِه». من ذلک.
وثبّج الکتاب والکلّام تثبيجاً: لم يبيّنه، وقيل: لم يأت به عليّ وجهه.
ورجل أثبج: أحدب . والأثبج أيضاً : الناتيءُ الصدر، وفيه ثَبجُ و ثَبَجَةُ. (2).
ومنه حديث اللعان: «إنّ جاءت به أُثَيبِجَ». أُثَيبج: تصغير الأثبج، وهو الناتيء الثَّبِج، أي مابين الکتفين والکاهل (3).
ومضي ثبجُ من الليل: أي قريب من نصفه.وثبّجَ الرجلُ بالعصا: إذا جعلها عليّ ظهره وجعل يديه من ورائها. وکأنّه مأخوذ من ثبج الظهر واثبَأججتُ عن الأمر: إذا کنتُ علي أمرٍ ثمَّ رجعتُ عنه. وکذلک إذا انقبضت(4).
وجاء في حديث فاطمة(عليّها السلام) عن فضل لا أبيها (صلی الله علیه وآله وسلم): «فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة،: مائلاً عن مدرجة المشرکين، ضارباًثبجهم آخذاً بأکظامهم» (5).
قال الخليل: التثبيج: التخليط من کلَّ شيء، ومنه کتاب مثبّج (6).
وفي حديث عبادة: «يوشک أنّ يُري الرجل من ثبج المسلمين».
ص: 103
أي من وسطهم، وقيل: من سراتهم وعِليتهِم(1) وأکظامهم: هي جمع کَظَم بالتحريک ، وهو مخرج النفس من الحلق (2)
ومنه حديث عليّ(عليّه السلام): «لعلّ الله يُصلح أمر هذه الأمّة ولا يُؤخذ بأکظامها» (3).
قال الحسن (عليّه السلام ): «الموتُ أعظم سرور يرد علي المؤمنين إذ نقلوا عن دار النکَد إلي نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد علي الکافرين إذ نُقلوا عن جنّتهم إلي نار لا تبيد ولاتنفد»(4).
الثبور: الهلاک والخسران والويل. يقال: ثبَرَ يَثبُرُ ثُبوراً. وثبره الله: أهلکه إهلاکاً
لاينتعش (5) ومنه قوله تعالي : ﴿وإذا أُلقوا مِنهَا مَکَاناً ضَيَّقاً مُقَرّنينَ دَعَوا هُنالِک ثُبوراً﴾(6).
أي: دعوا بالويل والهلاک عليّ أنّفسهم (7).
ومنه الحديث المروي عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «لايزال إبليس فرحاً ما اهتجر المسلمان، فإذا التقيا اصطکّت رکبتاه وتخلّعت أوصاله ونادي : ياويله مالقي من الثبور (8) النّکدُ: الشُّؤم. وکلّ شيء جرّ علي صاحبه شرّاً، فهو نَکَد، وصاحبه انکَد نَکِد.
وَنکِد عيشُهم، بالکسر، يَنکَدُ نکَداً: اشتدُّ (9) ومنه قوله تعالي : ﴿و والذي خَبُثَ لايَخرُجُ الّا نَکِداً﴾ (10)نَکِداً : أي شيئاً قليلاً
لايُنتفع به(11). ولاتَنفَد: اي لاتفني ولا تذهب، يقال: نَفِد الشيء نَفَداً او نَفَاداً(12). ومنه قوله تعالي :﴿ لَو کَانَ البَحرُ مِدَاداًلِکَلمِاتِ رَبّي لَنَفِدَ البَحرُ قَبلَ أنّ تَنفَدَ کَلِمَاتُ رَبّي﴾(13). ولاتبيد: من قولهم: باد الشيء يبيد بَيداً وبَياداً وبُيوداً وبيدودة: انقطع وذهب (14).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عامله علي البحرين لمّا عزله: «ولا تثَريبٍ عَلَيکَ، فَلَقد أَحسَنتَ الوِلَايةَ، وأدَّيتَ الأمَانَةَ» (15).
التثريب: الأخذ علي الذنب (16) ومنه جاء قوله تعالي : (ولاتَثريبَ عَلَيکُم اليَومَ) (17).
يقال في الفعل منه ثرب يثرب، من باب ضرب، عتب، وبالمضارع بياء الغائب سُمّي
ص: 104
رجل من العمالقة ، وهو الذي بني مدينة
النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فسُمّيت المدينة باسمه(1).
وثَرَب ثَرَباً: فسد(2)والثَّرب: الشحم الذي عليّ الکَرِش (3).
في حديث عليّ(عليّه السلام)لابن مسهر الطائي: «قَبّحَکَ اللهُ يا أَثرَمُ»(4)
الثَّرَم، بالتحريک: انکسار السنَّ من أصلها. وقيل: هو انکسار سنًّ من الأسنان
المقدّمة مثل الثَّنايا والرَّباعيات.
وقيل: انکسار الثَّنيَّة خاصّة. ثَرِمَ، بالکسر، ثَرَماً وهو أثرَمُ و الأُنثي ثَرماء. و ثَرَمه، بالفتح يثرِمه ثَرماً، إذا ضربه عليّ فيه فَثَرِم، وأثَرَمَه فانثَرَمَ. و ثَرمتُ ثَنِيَّته فانثرمت، وأثرمه الله، أي: جعله أثرَم. والأثرمان: الليلُ والنهار .والأثرمان: الدهرُ والموتُ (5).
وکان البرج بن مُسهِر ساقط الثنيّة ، فأهانه بأن دعاه به، کما يُهان الأعور بأن يقال له: . يا أعور(6)وقَبح الله فلاناً قَبحاً وقبوحاً، أي أقصاه وباعده من کلَّ خير کَقبوح الکلّب والخنزير. وقبّح له وجهه: أنکر عليه ماعمل، و قبّح عليّه فعله تقبيحاً (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام)عن الموتي:«أکلَتهُم الجَنَادِ لُ والثَّرَي»(8).
الثري: الترابُ النَّدِيُّ، فإنّ لم يکن نديّاً فهو تراب، ولا يقال حينئذٍثري(9)وأرضُ ثرياء: کثيرة الثري. والجمع أثراء، وتقول العرب: إذا التقي الثّريان فهما الحياء يريدون ثري المطر وثري باطن الأرض .والثراء، ممدود: الغني (10).
ومن المجاز: أثري الرجلُ، نحو أترب، أي صار ذا ثري وذا تُراب. والمراد کثرة المال ،ورجلُ مُثرٍ وذو ثروةٍ وثَراء، ومنه ثري القوم يثرون، إذا کثر عددهم(11).
في الحديث عن محمد بن الفضيل قال: «سألت أبا جعفر الثاني (عليّه السلام )عن الصبيّ متي يحرم به؟ قال: إذا أثغر»(12) أثغرَ الصبي: إذا نبتت أسنانه، بالتاء والثاء
ص: 105
مع التشديد، يقال: اثَّغَر واتَّغَر (1).
وکان الأصل فيه اثتغر في وزن افتعل فقُلبت الثاء تاءً ثمّ أُدغمت التاء في التاء(2).
وثُغِر الصبي ثغوراً: سقطت رواضعه (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن صنعة الکون: «وأَرسَي أَرضاً يَحمِلُها الأخضَرُ المُثعَنجِر،ُ والقَمقَامُ المُسَخَّرُ» (4).
الأخضر المُثعَنجِر: هو أکثر موضع في البحر ماءً، والميم والنون زائدتان.
والمُثعنجر: السائل من الماء والدمع. والمثعنجِرُ والمُسحَنفِرُ : السيل الکثير ، قال ابن الأعرابي: المثعنجَرُ والعرانيةُ:
وسط البحر، قال ثعلب: ليس في البحر ما يُشبهه کثرةً(5) ومنه حديث ابن عباس: «فإذا علمي بالقرآن في علم عليّ کالقرارة في المثعنجَر» والقرارة: الغدير الصغير(6). وثَعجَره، أي صبّه فاثعنجر. وجَفنَةُ مُثعَنجِرة: مملوءة ثريداً.
وحُکي: اثعَنجَح الماءُ، بمعني اثعنجر إذا سال (7). والأخضر : الماء، والعرب تصفه بالخُضرةِ (8) والقَمقامُ المسخّرُ: هو البحر(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الفتنة: «فَلا يَبقَي يَؤمَئِذٍ منکم إلاّ ثُفالَةُ کثُفالَة القِدرِ، أو نُفَاضَةُ کنُفَاضَةِ العِکم»(10).
الثُّفالة: الثّفل: ما سَفَل من کلًّ شيء. والثافلُ: الرجيع، والثَّفال، بالکسر، الجِلد الذي يُبسط تحت رحي اليد ليقي الطحين من التراب. وربّما سُمّي الحجر الأسفل بذلک.
وحديث عليّ( عليّه السلام) : «وتدقهم الفتن دَقّ الرّحي بثفالها» هو من ذلک. والثُّفل: الحبُّ، ووجدت بني فلان متثافلين ، أي يأکلّون الحَبَّ، وذلک أشدُّ ما يکون من الشَّظَف. وأهل البدو إذا أصابوا من اللبن ما يکفيهم لقُوتهم فهم مُخصِبون لا يختارون عليه غذاء من تمرٍ أو زبيب أوحَبَّ فإذا أعوزهم اللبنُ وأصابوا من الحبَّ
والتمر ما يتبلغون به فهم مُثافلون، ويسمّون کلّ ما يُؤکل من لحم أو خبزٍ أو تمر ثُفلاً(11).
ص: 106
ومنه جاء الخبر: أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم) قال في غزوة الحديبية: «من کان معه ثُقل فليصطنع».
قال الزمخشري: الثُّفل ما رسب تحت الشيء من خُثُورة وکُدرة، کثُفل الزيت والعصير والمرق، ثمّ قيل لکلّ ما لايُشرب کالخبز ونحوه ثفل (1) قال ابن الأثير: أراد بالثُّفل الدَّقيق والسَّويق وانّما سُمّي ثفلاً لأنّه من الأقوات التي يکون لها ثفل، بخلاف المائعات.
وفي الخبر : «انّه کان يحبُّ الثفل»، قيل:هو الثريد، وأنشد:
يحلف بالله وإنّ لم يُسألِ*** ماذاق ثُفلاً منذ عام أوّلِ
وفي حديث حذيفة، وذکر فتنة فقال: تکون فيها مثلَ الجمل الثَّفال، وإذا أکرِهت فتباطأ عنها.
الجمل الثَّفَال: هو البطيء الثقيل، أي لا تتحرک فيها. ومنه حديث جابررضي عنه الله : کنتُ علي جملٍ ثَفال (2). والثَّفل: نثرُک الشيء کلّه بمرّة. والثَّقالة: الإبريق (3)
في حديث ابن عباس عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم): «الثُفَاءدواء لکلّ داء، ولم يداو الورم والضربان بمثله» .
الثفاء: النانخواه. ويقال: الخردل، ويقال: حبّ الرشاد(4) قال الليث: الثفّاء: الخردل بلغة أهل الغور، الواحد ثفّاءة. ويقال: هو
الخردل المعالج بالصَّباع(5) قيل: يسمّيه أهل العراق حبَّ الرشاد(6)وفي الخبر : «ماذا في
الأمَرَّين من الشَّفَاء: الصَّبِر والثُّفاء» هو الحرف ، سُمّي بذلک لما يتبع مَذاقه من لذع اللسان الحِدَّته، من قولهم: ثفاه يثقوه ويثفيه، إذا اتبعه، وتسميته حَرفاً لحَرافته. و منه بَصَل حِرَّيف(7)في حديث الصادق (عليّه السلام): «أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة والزکاة والولاية، لاتصحُّ واحدةُ منهنَّ إلّا بصاحبتيها» (8).
الأثافيّ: الأُثفية مايوضع عليّه القِدر، تقديره أفعولة، والجمع أثافيُّ وأثاثيُّ والأخيرة عن يعقوب، قال: والثاء بدل من الفاء، وقال في جمع الأثافي : إنّ شئت خففت. والأثافي حجر تُنصبَ عليها القدور، وما کان من حديد ذي ثلاث قوائم فإنّه يُسمّي
المِنصَب، ولايُسمي أُثفِيّة ، وأثفيت القِدرَ
ص: 107
و ثفّيتها، إذا وضعتها علي الأثافي(1).
وقد استعار الإمام (عليّه السلام )معني الثبوت والاستقرار منها. وثفوته: کنتُ معه علي إثره.
و ثفاه يَثقفيه: تبعه. قال أبو زيد: تأثّفک الأعداءُ، أي اتّبعوک وألحّوا عليّک. وخامر
الرجلُ المکان، إذا لم يبرحه ، وکذلک تأثّفَه. والمثفَاة: المرأة التي لزوجها امرأتان سواها، شُبّهت بأثافي القِدر، وقيل: المثفّاة: المرأة التي يموت لها الأزواج کثيراً(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف السماء: «وأَقَامَ رَصَداًمِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ علي نِقَابِهَا»(3).
شهاب ثاقب: أي مُضِيءُ. وثَقَب الکوکبُ ثُقوباً: أضاء، والعرب تقول: أثقب نارک، أي:
أضِئها للموقد، وتثقّبت النارتَثقُب ثقوباً و ثقَابةً: اتّقدت. وزَندُ ثاقب: هو الذي إذا قُدِح
ظهرت نارُه. والثاقب أيضاً، الذي ارتفع علي النجوم. والعرب تقول للطائر إذا لحق ببطن السماء: فقد ثقَب. وحسبُ ثاقب، إذا وُصِف . بشهرته وارتفاعه. قال الأصمعي: حسب ثاقب: نيّر متوقّد، وعلم ثاقب، منه. والثَّقب: الخرق النافِذ، بالفتح، والجمع أثقُب
و ثُقُوب(4).
في الحديث النبوي : «سياتي علي الناس زمان يُثَقَّفون القرآن کما يُثَقَّف القِدح»(5)
الثقافة: يقال: ثَقِفت الشيء ثقفاً، أخذته، وثَقِفتُ الحديث، فَهِمتُهُ بسرعة، والفاعل ثقيف، وبه سُمّي حيّ من اليمن. وثقفته، بالتثقيل: أقمتُ المعوجَّ منه (6) وفي الحديث استعارة، والمراد أنّهم يُعنون بإصلاح ألفاظ القرآن حتّي تقوم علي المنهاج، وتقوَّم بعد الاعوجاج فتکون کالسهم المثقف (7) وثقيف أبوحيّ من العرب، و ثقيف لقبه، واسمه قَسِيّ (8).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم):
«صلة الرحم تزيد في العمر،وصدقة السرّ تطفيء غضب الربَّ، وإنّ قطيعة الرحم واليمين الکاذبة لتذران الدَّيار بلاقع من أهلها وتثقّلان الرّحم، وإنّ تثقّل الرحم انقطاع النسل»(9) تثقّل الرحم: من قولهم: ثَقُل الرجل ثِقَلاً؟ فهو ثقيل وثاقل: اشتدَّ مَرضه. يقال: أصبح
ص: 108
فلان ثاقلاً أي أثقله المرض، قال لبيد:
رأيتُ التُقي والحمدَ خيرَ تجارةٍ***رَباحاً إذا ما المرءُ أصبح ثاقلاً
أي ثقيلاً من المرض والثَّقلة نَعسة غالبة. والمُثقَل: الذي قد أثقله المرض(1).
وکأن الرحم يصبح ثاقلاً؟ أو من الثقلة: النعسة الغالبة، وفي هذا انقطاع النسل والتوالد.
بلاقع: البلقع والبلقعة الأرض القفر التي لاشيءُ بها، يقال: منزل بلقع ودار بلقع بغير
هاء، إذا کان نعتاً، فإنّ کان اسماً قلت: انتهينا إلي بلقعة ملساء (2) ومنه قيل: البلقع والبلقعة للمرأة الخالية من کلًّ خير(3). وتثاقل القوم، إذا لم ينهضوا لنجدةٍ إذا استُنهضوا لها(4)
وتثاقل عن الأمر، واثّاقَلَ إلي الدنيا: أخلد إليها(5).
ومن هذا جاء کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي أهل مصر: «ولاتَثَّاقَلُوا إلي الأرضِ فتُقِرُّوا
بالخَسفِ، وتَبُوؤوا بالذُّلَّ »(6) والثقلان: الجنّ
والإنس (7) وفي الحديث : «إني تارکُ فيکم الثقلين: کتاب الله وعترتي ». قيل : سمّيا بذلک لأنّ العمل بهما ثقيل(8).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) :«نحن الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأکبر» (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «يَنَامُ الرَّجُلُ عَلَي الثُّکل، ولا يَنامُ عَلَي الحَرَب» (10).
الثُّکلّ: الموت والهلاک. والثُّکل والثَکَلَ بالتحريک: فقدان الحبيب، وأکثر ما يستعمل
في فقدان الرجل والمرأة ولدهما. والثَّکولُ المرأة الفاقد، والرجل ثاکِل و ثَکلان (11).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «بَعضُهُم يُجِبُّ تَثمِيرَ المَالِ، وَيَکرَهُ انثِلَامَ الحَالِ» (12).
الانثلام: يقال ثُلِم في ماله ثَلمة إذا ذهب منه شيء. وثلم الإناء والسيف ونحوه يَثلِمُهُ ثَلماً وثلّمه فانثلم و تثلّم : کسر حَرفه. والثلمة: الموضع الذي قد انثلم، وجمعها ثُلَم، وقد انثلم الحائط وتثلّم(13) ومنه الحديث: «إذا مات العالم ثُلِم في الإسلام ثلمة لايسدّها شيء إلي يوم القيامة» (14). وتثمير المال:
ص: 109
تکثيره، يقال: ثمّر الله مالک، أي کثّره، وأثمّر الرجلُ: کثر ماله (1) ومنه فسّر قوله تعالي: ﴿وکان له ثُمره ﴾(2)بأنواع المال، وهي قراءة أبو عمرو بن العلاء بضم الثاء وإسکان الميم(3) وباعتبار التمام والکمال جاءت الاستعارة للفرائض والطاعات في کتاب
عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي: «ووفَّ مَاتَقرَّبتَ به إلي الله مِن ذلکَ کَامِلاً غَيرَ مَلُثومٍ ولا مَنقُوصٍ»(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) يصف أصحابه: «قد أَرسَلَهَا رَاعِيهَا، وخُلِعَت مَثَانِيهَا»(5).
المثناة، بالفتح والکسر: حبل من صوف أو شعر، وقيل هو الحبل من أيَّ شيء کان،
والثَّناية کذلک، وأمّا الثناء ، ممدود ، فعقال البعير ونحو ذلک من حبل مَثنيّ(6).
وجمعها المثاني. وسُمّيت سور القرآن مَثَانيَ لأنّها تُثني علي مرور الأوقات وتکرّر فلا تُدرَسُ ولاتنقَطع دُرُوسَ سائر الأشياء التي تَضمِحلُّ و تَبطُلُ علي مرور الأيّام(7).
وفي حديث زرارة عن الصادق( عليّه السلام) : «أين أهل ثنوي الله عزّوجلّ ، قول الله أصدق من قولک :﴿الّا المُستَضعَفينَ مِن الرّجَالِ والنّسَاءِ والوِلدَانِ﴾(8) أراد( عليّه السلام) المستثنين بالآية.
يقال : فلان ثنيّني : اي خاصّتي ، وهم ثناياي (9) ومنه الحديث : «الشهداء ثنيّةالله في الخلق» (10). والثني من الإبل: الذي يُلقي ثنيّته، وذلک في السادسة، ومن الغنم الداخل في الثالثة، تيساًکان أو کبشاً(11)
قالت أُم سلمة لعائشة في کتابها: إنّ عمود الإسلام لن يُثاب بالنساء إنّ مال، ولن يُرأبُ بهنّ إنّ صَدَع(12).
يُثاب: أي لايُعاد إلي استوائه، من ثاب يثوب، إذا رجع . يقال: ذهب مال فلان فاستئاب مالاً، أي استرجع مالاً(13). يُرأب: اي يُصلح، ورأب الشيء إذا جمعه وشدّه برفق، ورأب الصَّدع والإناءَ يرأبه رأباً ورأبةً: شعبه، وأصلحه (14).
والصّدع: الشقّ في الشيء الصلب کالزجاجة والحائط وغيرهما، وجمعه
ص: 110
صُدوع. ومنه تصدّعت الأرض بالنبات : تشققت. وتصدّع القوم: تفرّقوا(1).
قال القتيبي: الرواية صَدَع، فإنّ کان محفوظاً فإنّه يقال: صَدَعت الزجاجة فَصَدَعت ، کما يقال: جَبَرت العظمَ فجبر وإلّا فإنّه صُدِع، أو انصدع (2).
وفي الحديث : سأل معاوية بن وهب أبا عبدالله( عليّه السلام )عن التثويب الذي بين الأذان والإقامة . فقال : مانعرفه (3) التثويب: تکرار النداء، ومنه في الأذان (4) قال ابن دريد: والتثويب: الدعاء للصلاة وغيرها. وأصله أنّ الرجل کان إذا جاء فزعاً أو مستصرخاً لوّح بثوبه، فکان ذلک کالدعاء والإنذار (5). ويقال : ثار ثوّب الداعي تثويباً (6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عنه(صلی الله علیه وآله وسلم): «دَفَنَ اللهُ بِهِ الضَّغائِنَ ، وأَطفَأ بِهِ الثَّوائِرَ»(7).
الثّورة: هي الهَيجُ. يقال: ثار الشيءُ ثوراً و ثُؤوراً وثَورَاناً: هاج. وثور الغضب: حدّته.
وثار إليه ثوراً وثُؤوراً وثَوَراناً : وثب. وثوّرفلانُ عليّهم شرّاً، إذا هيّجة وأظهره. وثوّرت کدورة الماء فثار. وأثرتُ السَّبُعَ والصَّيد إذا هِجتَه. وأثرتُ فلاناً إذا هيجتَهُ لأمرِ(8).
ومنه حديث الصادق(عليّه السلام) :«وثارت قريشُ بالنبي(صلی الله علیه وآله وسلم)؛ فخرج هارباً حتّي جاء إلي جبل بمکّة يقال له الحجون فصار إليه»(9) وثَؤر بلفظ الثور، فحل البقر: جبل بمکّة فيه الغار الذي اختفي فيه (صلی الله علیه وآله وسلم)(10) .
والثّور: السيّد، وبه کُني عمرو بن معد يکرب أبا ثور. والثور: البياض الذي في أسفل ظُفرِ الإنسان. وبنو ثورٍ: بطن من الرَّباب، وإليهم نُسب سفيان الثوريّ (11). ويروي أنّ عمرو بن معد يکرب قال: تضيّفت بني فلان فأتوني بثورٍ وقوسٍ وکعب.
فالثور: هو ثور الأقِط. والقوس: الشِء من التمر يبقي في أسفل الجلّة. والکعب: الشيء المجموع من السمن. وقال أبو عبيدفي خبر «سقط ثور الشفق » : ليس من هذا، ولکنه انتشار الشفق وثورانه، يقال منه:قدثار يثور ثوراً وثوراناً . إذا انتشر في الأفق (12).
وتثوير القرآن قراءته ومفاتشة العلماء به في تفسيره ومعانيه، وقيل: لِيُنَفَّر عنه ويفکر
ص: 111
في معانيه و تفسيره و قراءته(1) ومنه الحديث:«من أراد العلم فليثوّر القرآن».
وحديث عبد الله: «أثيروا القرآن فإنّ فيه علم الأوّلين والآخرين».
وجاء في الخبر: «انّه کتب لأهل جُرَش بالحمي الذي حماه لهم للفَرَس والرَّاحلةِ
والمثيرة». أراد بالمثيرة بقر الحَرث، لأنّها تثير الأرض.
وفيه: «أنّه أکل أثوار أقِط». الأثوار: جمع ثَور، وهي قطعة من الأقِط، وهو لبن جامد
مُستَحجِر(2) يُطبخ حتّي ينعقد ثمّ يُجعل أقراصاً ثمّ يُجفَّف في الشمس(3)وسمّي «ثور» لأنّ الشيء إذا قُطِع عن الشيء ثار عنه وزال (4). وفسّر الحديث: «توضّأوا ممّا مَسَّت النار ولو من ثور أقِط» بأنّه غسل اليد. والفم منه(5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) عن قدرته تعالي علي الخلق وتوحيده: «ولا للاحتِرَازِ بِهَا مِن ضِدًّ مُثَاوِر»(6) المثاورةُ: المواثَبةُ. وثاوره مُثَاورةً وثِواراً: واثبه وساوره. وثار الغبار والدخان وغيرهما يثور ثوراً وثؤوراً وثوراناً: ظهر وسطع(7) ومن هذا فسّروا الحديث :«صلّوا العشاء إذا سَقَط ثَور الشفق». أي انتشاره وثوران حمرته(8).
وباعتبار الغنيمة من نشر العلم وانتشاره جاء وعظ عليّ (عليّه السلام) في الحث علي طلب العلم: «من قبل أنّ تَشغَلوا بأنفسکم عن مُستثار العلم من عند أهله»(9).
و في حديث عليّ (عليّه السلام )يصف بيعته:«يَنثالون عليّ مِن کلَّ جانبٍ»(10).
الانثيال: الانصباب، وانثال الناس عليّه من کلَّ وجه: اجتمعوا(11)
[اثري ]
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّکم -وماتأملون في هذه الدنيا - أثوياء مؤجّلون» (12).
الثواء: الإقامة مع الاستقرار، يقال: ثوي يَثوِي ثَواءً (13) والمثوي: الموضع الذي يثوي فيه الرجل. وأُمّ مثوي الرجل: صاحبة منزله الذي ينزله (14).
ص: 112
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن أهل البصرة: «کَأَنّي بِمَسجِدِکُم کَجُو جُوسَفِينَةِ» (1).
الجؤجؤ: الصدر، والجمع الجاجيء(2)ومنه حديث جعفر بن محمد: رأيت أبا الحسن (عليّه السلام) وقد سجد بعد الصلاة فبسط ذراعيه عليّ الأرض وألصق جؤجؤه بالأرض في دعائه (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وَجَاَرتُم جُؤَارَ مُتَبتّلي الرُّهبَانِ» (4).
الجوار: يقال : جار القوم جؤاراً: هو أنّ يرفعوا أصواتهم بالدعاء متضرّعين.
والجوار مثل الخوار، يقال: جأر الثور والبقرة يجأر جؤاراً: صياًحا، وخار يخور بمعني واحد: رفعهما صوتهما(5) ومنه قوله تعالي:﴿ إذَا هُم يَجأَرُونَ﴾(6).
ومنه جاءحديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الملائکة«ولَامَلکَتهُم الاَشغاَلُ فَتَنقَطِعُ
بِهَمسِ الجُوار إليه أَصوَاتُهم»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في حرب صفّين: « وأيُّ امرِيءٍ مِنکُم أحَسَّ مِن نَفسِهِ رَبَاطَةَ جَأشٍ عِندَ اللّقَاءِ»(8) الجَأشُ: النَّفس ، وقيل: القَلب. وفلان قويّ الجأش، أي القَلب. ورجلُ رابطُ الجأشِ: يَربِط نفسه عن الفِرار لشناعته. وقال
ص: 113
ابن الأعرابي: يقال للنَّفس: الجائِشَة والطَّموع والخوَّانَة(1)ومنه قوله عليّه السلام : «وَغُضُّوا الأبصارَ فَإنَّهُ أَربَط ُلِلجَأشِ» (2).
والجُؤشُؤشُ: حَيزُوم الصَّدر، والرَّجُلُ الغليظُ . وقطعةُ من الناس (3).
في حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم):«العَجماء جُبار والبئر جُبار، والمعدن جُبار. وفي الرَّکاز الخمس».
الجُبار: الهَدرُ الذي لادية فيه ولا قود(4)يقال : ذهب دَمُه جُباراً(5).
والعجماء: هي البهيمة ، وإنّما سُمّيت عجماء لأنّها لا تتکلّم ، وکلّ من لا يقدر علي
الکلّام فهو أعجم ومستعجم. وإنما جُعل جرح العجماء هدراً إذا کانت منفلتة ليس لها
قائد ولا سائق ولا راکب، فإذا کان معها واحد من هؤلاء الثلاثة فهو ضامن لأنّ
الجناية حينئذٍ ليست للعجماء وإنما هي جناية صاحبها الذي أوطأها الناس. وأمّا قوله: «و البئر جُبار» فإنّ فيها غيرقول، يقال: إنّها البئر يستأجر عليّها صاحبها رجلاً يحضرها في ملکه فينهار علي الحافر فليس علي صاحبها ضمان.
ويقال: إنّها البئر تکون في ملک الرجل فيسقط فيها إنسان أو دابّة فلا ضمان عليّه لأنّها في ملکه. وقال القاسم بن سلام: هي عندي البئر العادية القديمة التي لايُعلم لها حافر ولا مالک تکون بالوادي فيقع فيها الإنسان أو الدابّة فذلک هدر بمنزلة الرّجل يوجد قتيلاً بفلاة من الأرض لايعلم له قاتل فليس فيه قسامة ولا دية.
وأمّا قوله: «المعدن جبار» فإنّها هذه المعادن التي يُستخرج منها الذّهب والفضّة ، فيجيء قوم يحتفرونها لهم بشيء مسمّي فربّما انهار المعدن عليّهم فيقتلهم،فدماؤهم
هدر لأنّهم إنّما عملوا بأُجرة(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اختَارَ آدَمَ( عليّه السلام )خِيَرَةً من خَلقِه، وجَعَلَهُ أوِّلَ جِبِلَّتِهِ»(7) الجِبلّةُ الخِلقةُ. وجبل اللهُ الخلق يَجبِلُهم ويجبُلهم: خلقهم. وجبله علي الشيء: طبعه، وجُبل الإنسان عليّ هذا الأمر، أي طُبع عليّه.
ص: 114
وجبلة الشيء: طبيعتُه وأصلهُ ومابُني عليّه.
وفي حديث الدعاء:«أسألک من خيرها وخير ما جُبلت عليّه، أي خُلِقت عليّه وطُبعت عليّه»(1). ومنه يفسّر خبر الحسن العسکري( عليّه السلام) : الناس مجبولون علي حيلة إيثار الکتب
المنشّرة» (2) ويقال للرجل إذا کان غليظاً: إنّه لذو جِبلة، وامرأة مِجبال، أي غليظة الخَلق.
وشيء جَبِل، بکسر الباء، أي غليظ جاف.
والجبل: اسم لکلَّ وتد من أوتاد الأرض إذا عَظُم وطال من الأعلام والأطواد والشّناخيب، وأمّا ماصَغر وانفرد فهو من القنان والقور والأکم، والجمع أجبل وأجبال
وجبال. وأجبل القوم: صاروا إلي الجبل (3) وفي الخبر: مالک أجبلت ؟ أي انقطعت.
وأصله أنّ يبلغ مِعوَل الحافر الجبلَ ولايعمل(4). والتجبيل: التقطيع، جبّلتُ الشجرَ : قطّعته. ومال جِبل وجُبلُ: أي کثير،
وکذلک الجِبل من الناس، والجبلّ: مثله. وکلّ أمّة مضت فهي جِبِلّة (5).
ومنه قوله تعالي : ﴿وَلَقَد أَضَلّ مِنکُم جِبلّاً کَثيراً﴾ (6).
وجاء في حديث عليّ عليّه السلام عن صنعة الکون والجبال: «و جَبَل جَلِامِيدَهَا، ونُشُوزَ مُتُونِهَا وأطوادِهَا، فَأَراسَاهَا في مَرَاسِيهَا» (7).
قال الصادق (عليّه السلام) : «إذا دخلت الجبّانة فقل: السلام عليّ أهل الجنّة». (8).
الجَبَّانة: مثقّل الباء، وثبوت الهاء أکثر من حذفها، هي المصلّي في الصحراء، وربّما
أُطلِقَت عليّ المقبرة، لأنّ المصلّي غالباً تکون في المقبرة(9)
في کتاب عليّ (عليّه السلام )إلي أهل الکوفة: «جَبهَةِ الأَنّصَارِ وَسَنامِ العَرَبِ»(10).
الجبهةُ: الجماعة من الناسِ، وجَبهَةُ القومِ: سيّدهم ، علي المثل. والجبهةُ: الرجال الذين يسعَون في حمالةٍ أو مَغرَم أو جَبر فقير، فلا يأتون أحداً إلّا
ص: 115
استحيا من ردّهم. وقيل: لايکاد أحدُ يردّهم. والجبهةُ: النجمُ الذي يقال له جَبهةُ الأسد، وهي أربعة أنّجم ينزلها القمر. وجَبَه الرجلَ يَجبَهُه جَبهاً: ردّه عن حاجته واستقبله بما يکره. والجبهة للإنسان: موضع السجود. وقيل: هي مستوي مابين الحاجبين إلي الناحية.
وجبهةُ الفرس : ماتحت أُذنيه وفوق عينيه(1).
وجاء في الخبر عنه صلی الله علیه وآله وسلم): «ليس في الجبهة ، ولا في النُّخة، ولا في الکُسعَة صدقة».
الجبهةً: الخيل، سُمّيت بذلک، لأنّها خير البهائم، کما يقال: وجهُ السَّلعةِ لخيارها،
ووجه القوم وجبهتهم لسيّدهم. وقال بعضهم: هي خيار الخيل.
والنَّخَّة والنُّخَّة: الرقيق. وقيل: البقر العوامل، وقيل، الإبل العوامل من النَّخُّ ، وهو
السوق الشديد (2). قال الکسائي: هذا کلّام أهل تلک الناحية، کأنّه يعني أهل الحجاز وما وراءها إلي اليمن. وقال الفراء: النُّخة أنّ يأخذ المصّدق ديناراً بعد فراغه من أخذ الصدقة وأنشد:
عمّي الذي منع الدينار ضاحيةً ***دينار نخّة کلّب وهو مشهود(3).
والکُسعَةُ : الحَمير، من الکسع، وهو ضرب الادبَار. ومنه : اتَّبَع آثارَهم يکسَعهم بالسَّيف (4).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي المنذر بن الجارود: «أو يؤمَنَ عَلَي جِبَايَة» (5).
الجباية : جباية الخراج. يقال: جبي الخراج يَجبي جبايةً وجِبيَةً، ويجبو جِباوة(6)ومن المجاز: فلان يجتبي جبيَ المجد،
أي يقوم بالمجد ويجمعه لنفسه.
واجتباه: اختاره، مستعار منه لأنّ من جمع شيئاً لنفسه فقد اختصّه واصطفاه، وهو
ص: 116
من جِبوةِ الله وصِفوَته (1).
واجتباء الله العبدَ تخصيصه إيّاه بفيضٍ إلهيّ يتحصل له منه أنّواع من النعم (2).
وفي حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) کتبه لوائل بن حجر الحضرمي: «من أجبي فقد أربي».
الإجباء: بيع الحرث قبل أنّ يبدو صلاحه(3) وقيل: هو أنّ يُغيَّب إبله عن المصَدَّق، من أجبأته إذا واريته. وقيل: أراد بالإجباء العينة، وهو أنّ يبيع من رجل سلعة بثمّن معلوم إلي أجل مسمي ، ثمّ يشتريها منه بالنقد بأقلّ من الثمّن الذي باعها به(4).
وأصله الهمز، من جبأ عن الشيء إذا کفّ عنه، ومنه الجَبّاء: الجبان؛ لأنّ المبتاع ممتنع من الانتفاع به إلي أنّ يُدرک، وإنّما خفف اليزاوج أربي.
والأرباء: الدخول في الربي(5).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «إنّ الشيطان يدير أبن آدم في کلَّ شيء فإذا أعياه جثمّ له عند المال فأخذ رقبته»(6).
الجثوم: يقال: جثمّ عليّ رکبتيه جُثوماً.
وأصل ذلک للطير والأرانب (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في ذمّ أصحابه:«کُلَّمَا أَطَلَّ عَلَيکُم مَنسِرُ مِن مَنَاسِرِ أَهلِ الشَّامِ أَغلَقَ کُلُّ رَجُلٍ مِنکُم بَابَهُ، وانجَحَر انجِحَارَ الضَّبَّةِ».(8).
الجحر: المأوي. وجمع الجُحر جِحَرة، أجحرته فانجحر: أي أدخلته فِ جُحر(9).
وانجحر الضَّبُّ، عليّ انفعل، أوي إلي جُحرِه. والجُحرُ للضبَّ واليَربوع والحيّة (10).
ودخلوا في مجاحرهم، أي في مکامنهم. وأجحرهم الفزعُ، وأجحرت السنةُ الناسَ: أدخلتهم في المضايق. وجحرت عينه: غارت (11). وجحران المرأة: فرجها (12).
ص: 117
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وإذا غَلَبتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، أَو أَجحَفَ الوَالِي بِرَعِيَّتهِ، اختَلَفت هُنَالِکَ الکَلِمَةُ، وظَهَرت مَعَالِمُ الجَورِ، وَکثُر الأدغَالُ في الدَّين، وتُرِکَت مَحَاج
السنن»(1).
الإجحاف: يقال أجحف بعبده، إذا کلّفه ما لا يُطيق، ثمّ استعير الإجحاف في النقص
الفاحش (2).
وأجحف الدهرُ بالقوم إذا استأصلهم. وجحف الشيء برجله، إذا رفسه بها حتّي يرمي به. وجاحف الشيء، إذا زاحمه ولصق به ، و به سُمّي الرجل جحّافاً (3).
وأجحف السيلُ بالشيء إجحافاً: ذهب به. وسمّيت الجُحفَةُ ، منزل بين مکّة والمدينة، بذلک لأنّ السيل أجحف بأهلها، وکان اسمها مَهيَعَة(4).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لي معاوية جواباً له:«و أنّا مُرقِلُ نَحوَکَ في جَحفَلٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنصَارِ، والتَّابِعينَ لَهُم بإحسَانٍ، شَديدٍ زِحَامُهُم، سَاطِعٍ قَتَامُهُم»(5).
جحفل: هو الجيش، ولايسمّي جَحفلاً حتّي يکون فيه خيل، والجمع جَحافِل.
وقيل: تجحفَل القومُ، إذا اجتمعوا، والجحفلتان من الفرس مثل المِشفرين من البعير (6). وهي من الإنسان الشَّفَة، بالتاء، والجميع الشِفاه(7).
الجَدحُ والتجديحُ: الخوضُ بالمجدَح، يکون ذلک في السويق ونحوه.. وجَدَحَ الشيء: خلطه. وکلّ ماخُلِط فقد جُدِح. وشرابُ مُجدَّح : أي مُخَوَّضُ، واستعاره بعضهم للشرَّ فقال:
ألم تعلمي ياعِصم، کيف حفيظتي***إذا الشرَّ خاضت، جانبيه، المجادحُ
والمجدوحُ: دمُ کان يُخلط مع غيره فيُؤکل في الجَذب، وقيل:المجدوح: دم الفصيد کان يُستعمل في الجَدب في الجاهلية، کان أحدهم يَعمِد إلي الناقة فتُفصد له ويأخذ دمها في إناء فيشربه(1).
والمِجدَحُ: عود مُجَنَّحُ الرأس تُساط به الأشربة، وربّما يکون له ثلاث شُعَب.
ومجاديح السماء: واحدها مجدحَ، والقياس مداح، والمجدَح: نجمُ من النجوم.
قيل: هو الدَّبَران، وقيل هو ثلاثة کواکب کالأثافي، تشبيهاً بالمجدح الذي له ثلاث
شُعَب، وهو عند العرب من الأنّواء الدالَّة عليّ المطر (2)
سأل زرارة أبا عبدالله (عليّه السلام): «عن سمکة ارتفعت فوقعت عليّ الجدد فاضطربت حتّي ماتت آکلّها، قال: نعم »(3)
الجُدَدُ: جمع الجُدّة بالضمّ الطريق، مثل غرفة وغُرف (4)مأخوذ من قولهم: طريق مجدود، أي مقطوع مسلوک. وهو قطع الأرض المستوية. ومنه جادّة الطريق. وثوب جديد أصله مقطوع، ثمّ جعل لکلًّ ماأُحدِث إنشاؤه(5).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «وصار جديدُها رثّا، وسمينها غثّاً» (6).
وفي الحديث : نهي (صلی الله علیه وآله وسلم): «عن الجَداد بالليل». الجداد: يعني جَداد النخل، والجداد: الصرام. وإنّما نهي عنه بالليل لأنّ المساکين لايحضرونه (7). ويقال: بل نُهي عنه لمکان الهوام أن لا تصيب الناس إذا حصدوا أو جدواليلاً (8) والجداد، بالفتح والکسر: صرام النخل، وهو قطع ثمّرتها. يقال: جدَّ الثمّرة يُجُدُّها جَدّاً (9).
وجدَّ النخلَ يجُدُّه جَدّاًوجِداداً وجًدًاداً:
ص: 119
صرمه. وأجدّ النخل: حان له أنّ يُجَدّ.ُ
قال الکسائي: هو الجَداد والجِداد، والصُّرام والصُّرام والحَصاد والحصاد والقطاف والقطاف ، فکأن الفعال والفعال مُطَّرِدان في کلَّ ما کان فيه معني وقت الفعل،
مشبّهان في معاقبتهما بالأوان والأوان، والمصدر من ذلک کلّه علي الفعل، مثل الجَدَّ
والصوم والقطف.
ومنه يقال: حبل جديد: مقطوع، والعرب تقول مُلاءة جديد، بغير هاء، لأنّها بمعني مجدودة، أي مقطوعة. وثوب جديد: جُدّ حديثاً، أي قُطِع(1).
وسأل عليّ بن جعفر أخاه موسي بن جعفر(عليّه السلام )عن الصلاة عليّ الحشيش النابت أو الثيّل وهو يصيب أرضاً جدداً؟ قال :«لا بأس» (2). الجَدد، والجديد: وجه الأرض، قال الشاعر:
حتّي إذا ماخرَّ لم يوسد*** إلّا جديد الأرض أو ظهر اليد (3)
وأجددنا، صرنا في جَدد الأرض (4). والجَدُّ لله تبارک وتعالي: العظمة، وللناس: الحظ (5).
ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «المتعالي جَدّه»(6)
والجُدُّ، بالکسر: الاجتهاد والمبالغة (7)
والجُدُّ، بالضم: الرَّکيُّ الجيدة الموضع من الکلّا. قال الأعشي:
ما يَجعَلُ الجُدَّ الظَّنُونَ الَّذي*** جُنَّبَ صَوبَ اللَّجِبِ المَاطِرِ
والظنون الذي لا يوثق بما عنده، وکذلک في الرکيّ. أي لايوثق بمائها(8).
عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (عليّه السلام )قال: «سألته عن مجدور أصابته جنابة فغسّلوه فمات، قال: قتلوه، ألا سألوا فإنّ دواء العيّ السؤال» (9).
الجدري، بضم الجيم وفتح الدال، ويفتحهما لغتان: قروح في البدن تنفّط عن الجلد ممتلئة ماءً، وتقيّحُ، وقد جُدِرَ جَذراً وجُدَّر وصاحبها جدير مُجدَّر (10).
والجدرة: سِلعة تظهر في الجسد، والجمع
ص: 120
أجدار، و به سُمّي عامر الأجدار، أبو قبيلة من کلّب کانت به سلع فسُمّي بذلک(1)
ومنه حديث مسروق: «أتينا عبدالله في مجدّرين و محصّبين».
أي جماعة أصابهم الجُدَرِيّ والحصبة (2)
في حديث فاطمة (عليّه السلام) : «نقضت قادمة الأجدل»(3).
الأجدل: من صفة الصقر، ورجل أجدل المنکبين، أي فيه تطأطُؤ خلاف الأشرف من
المناکب. ويقال للطائر إذا کان کذلک : أجدل المنکبين، فإذا جعلته نعتاً قلت: صقر أجدل، وصقر جُدل. وإذا ترکته اسماً للصقر، قلت: هذا أجدل وهذه أجادل، لأنّ الأسماء التي عليّ «أفعل» تُجمع علي أفاعِل، والنعت إذا کان عليّ «أفعل» يُجمع عليّ فُعل(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَطَفقتُ أَرتئِي بَينَ أن أَصُولَ بِيدٍ جَذّاءِ» (5).
الجذّ: القطع والاستئصال. يقال: جَذّه يُجذُّه جَذّاً، فهو جذيذ و مجذوذ(6).
وجذّاء، أراد أنّ يده مقطوعة، کني به عن قصور أصحابه وتقاعسهم عن نصرته.
وأرتئي: أي أفکّر وأستعمل الرأي وأنظر. وطفقت: أي أقبلت وأخذتُ (7).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «لا تحصدا بالليل، ولاتصرم بالليل، ولا تجدّ بالليل»(8).
في حديث الباقر (عليّه السلام) والصادق (عليّه السلام) عن صدقة الإبل: «إذا بلغت ستّين ففيها جذعة»(9).
جذعة: يقال: أجذع ولد الشاة في السنة الثانية. وأجذع ولد البقرة والحافِر في الثالثة. وأجذع الإبل في الخامسة فهو جذع. وقال ابن الأعرابي: الإجذاع وقت وليس بسنًّ، فالعناق تُجذِعُ لسنة وربّما أجذعت قبل تمامها للِخصب فتسمُنُ فيُسرع إجذاعها فهي جَذَعة. ومن الضأن إذا کان من شابّين يُجذع لستّة أشهر إلي سبعة، وإذا کان من
ص: 121
هَرمين أجذع من ثمّانية إلي عشرة (1)
في حديث عليّ (عليّه السلام )في خلق آدم: «استَبدَ لَ بالجَذَلِ وَجَلاً، وبالاغتِرَارِ نَدَماً (2)
الجَذل: السرور الشديد (3) والجِذل:
أصل الشجرة ، وعاد الشيء إلي جِذله، أي إلي أصله (4) ومنه المثل: أنّا جُذَيلُها المحکّک وعُذَيقُها المرجّب.
الجذيل: تصغير الجِذل، وهو أصل الشجرة. والمحکک الذي تحتکُّ به الإبل الجربي.
والعُذيق: تصغير العَذق - بفتح العين -وهو النخلة. والمرجّب: الذي جُعل له رُجبة،
وهي دعامة تبتني حولها من الحجارة، وذلک إذا کانت النخلة کريمة وطالت تخوّفوا عليها أنّ تنقعر من الرياح العواصف، وهذا تصغير يُراد به التکبير، نحو قول لبيد:
وکلّ أناس سوف تدخل بيتهم*** دويهية تصفرُّ منها الأنّاملُ(5).
والوجل: الخوف، يقال: وَجِلت أؤجَلُ وَجَلاً، فهو وَجِل وأوجل(6).
وفي حديث فاطمة (عليّه السلام ): «ألا وقد قلتُ ماقلت هذا علي معرفة منّي بالجذلة التي خامرتکم، والغدرة التي استشعرتها قلوبکم، ولکنّها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القناة، وبثّة الصدر وتقدمة الحجّة»(7).
الجذلة التي خامرتکم: من قولهم: خامر الشيء: قاربه وخالطه. والمخامر: المخالط
من خامره الداء، إذا خالطه. ومنه سُمّيت الخمرة بذلک لمخالطتها العقل (8).
وجذلة: کأنّه مأخوذ من قولهم: سِقاء جاذل: قد مَرَن وغيّر طعم اللبن (9).
وکأنّها( عليّه السلام) أرادت أنّ تقول: إنّ صفاء فطرتکم واعتقادکم بنا قد تغيّرت کما يُغيّرالسَّقاء الجاذل طعم اللبن ويکدّره حين يخالطه. أو أنّ حسکة النفاق وعوده قد خامرکم، فاستعارت( عليّه السلام )له الجذلة.
قال ابن الأثير ، وقد يُجعل العود جِذلاً
ص: 122
وفيه الحديث : «يُبصر أحدکم القذي فِی عين أخيه، ولا يبصر الجذل في عينه».
الجِذل، بالکسر والفتح: أصل الشجرة يقطع(1).
وفيضة النفس: من قولهم: فاض صَدرُه بسرَّه، إذا امتلأ به وباح ولم يطق کتمه،
وکذلک النهر بمائه والاناء بما فيه. ويقال: أفاض البعير بجرّ ته: رماها متفرّقة کثيرة.
وقيل: هو صوت جرّته ومَضغه (2).
والنفث: النفخ کما ينفث الراقي. والنافثة: الساحرة، وهنّ النوافث والنافثات.
ومنه أراد فلان الإقرار بحقيّ فنفث في ذؤابته إنسان: أي منعه وأفسده(3).
وکلّامها عليّه السلام تشبيه حالهم بحال النافخ الذي يخرج ما في نفسه ومايعانيه.
وخور القناة: ضعفها، يقال: رجل خوّار، و سهم خوّار، وکلّ ماضعف فقد خار، والخوّار
الضعيف الذي لابقاء له علي الشدّة (4).
والقناة: الرمح، وقيل: کلّ عصا مستوية فهیِ قناة، وقيل: کلّ عصا مستوية أو معوجّة
فهي قناة، والجمع قنوات وقناً وقُنيُّ، علي فُعول (5) وبثّة الصدر: يقال أبثثته سرّي: أعلنته له. وبثّ الشيء يبثّه: بثّاً، إذا فرّقه(6) والحجّة: البرهان، وقيل الحجّة ما دُوفع به الخصم (7).
أرادت (عليّه السلام) عن أنّ ماجري هو حجّة عليهم. أو أنّ قولها( عليّه السلام) مقدمة الحجّة عليهم.
في حديث عليّ( عليّه السلام): «والنّا سُ في فِتَنٍ انجَذَمَ فيها حَبلُ الدَّينِ، وَتَزعزعَت سَوَارِي اليقِين»(8). الجذم: القطع، يقال: جذمه يجذمه جذماً، قطعه، فهو جذيم، وجذّمه فانجذم وتجذّم(9).والسواري: جمع سارية، وهي الاسطوانة، وقيل: أسطوانة من حجارة أو آجُرّ(10). وسواري اليقين تعبير مجازي عن انهدام أعمدة الدين وأسسه. ومنه حديث مسجد النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) و قيل له: يارسول الله لو أمرت بالمسجد فظلل، فقال: نعم، فأمر به فأقيمت
فيه سواري من جذوع النخل ثمّ طرحت
ص: 123
عليه العوارض والخصف والاذخر(1).
وفيالخبر: «نهي أنّ يُصلَّي بين السواري»(2) قال الطريحي: يريد إذا کان في صلاة الجماعة لانقطاع الصف (3).
روي عن عليّ( عليّه السلام) أنّه قال: «من أراد أنّ يتقحّم جراثيم جهنّم فليقل في الجدّ» (4).
الجراثيم: کلّ شيء مجتمع، والواحد جرثومة، وقد تکون الجرثومة أصل الشيء.
ومنه الحديث المرفوع: الأزد جرثومة العرب، فمن أضلّ نسبه فليأتهم(5).
والجرثومة: التراب تسفيه الريح يکون في أُصول الشجر، وتجر ثمّ الرجلُ، إذا سقط
من علوٍّ إلي سفل. وتجرثمّ الوحشيُ في وجاره، إذا تجمّع فيه(6).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )أيضاً عن الجبال في الأرض: «وَرُکُوبِهَا أَغنَاقَ سُهُولِ
الأرَضِينَ وَجرَاثيمِهَا»(7) والجُرثومة: ما اجتمع من التراب في أصول الشجر. واستعاره (عليّه السلام) لما ارتفع من الأرض.
والجرثومة أيضاً: مايجمع النَّمل من التراب. وفي حديث ابن الزبير: لمّا أراد أنّ يهدم
الکعبة ويبنيها کانت في المسجد جراثيم، أي: کان فيها أماکن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أو طين. أراد أنّ أرض المسجد لم تکن مستوية (8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وايمُ اللهِ، ماکَانَ قَومُ قطُّ في غَضَّ نِعمَةٍ مِن عَيشٍ فزالَ عَنهُم إلّا بِذُنوبٍ اجتَرَحُوها»(9).
الاجتراح: الاکتساب، يقال: جَرَحَ واجترَحَ: عمل بيده واکتسب (10).
والاجتراح: اکتساب الإثم. وأصله من الجراحة، کما أنّ الاقتراف من قرف القرحة (11).
ومنه قوله تعالي: (أم حَسِبَ الّذينَ اجترَحُوا السَيَّئَاتِ ) (12).
وفلان جارحُ أهله وجارحةُ أهله، إذا کان
ص: 124
کاسبهم.
وجوارحُ الإنسان من هذا لانّهنّ يجترحن له الخير أو الشرّ، أي يکتسب بهنَّ نحو اليدين والرجلين والأذنين والعينين(1) وتُسمّي الصائدة من الکلّاب والفهود والطيور جارحةً، وجمعها جوارح، إمّا لأنّها تجرحُ وإمّا لأنّها تکسِبُ (2).
ومن المجاز: جرحه بلسانه: سبّه. وجرّحوه بأنياب وأضراس: إذا شتموه وعابوه(3).
وسُمّي القدح في الشاهد جُرحاً تشبيهاً بالجُرح(4) ويقال: استجرَحَت هذه الأحاديث، أي استحقّت أنّ تُردَّ لکثرتها وقلّة الصحيح منها(5).
في الخبر : سُئل أبو عبدالله( عليّه السلام) : من أين يُجرّد الصبيان؟ فقال: «کان أبي عليّه السلام يجرّدهم من فخَّ»(6).
التجرد: التعرّي ، وتجرّد الرجل، إذا تعري»(7)وتجرّد لإحرامه أي تعرّي عن المخيط(8) وتجرّد فلان بالحج إذا أفرده ولم يقرن(9) وفي حديث هند في وصفه (صلی الله علیه وآله وسلم):
«أنور المتجرّد»(10) أنّور متجرد: معناه، نيّر الجسد الذي تجرّد من الثياب(11).
وسُئل الصادق (عليّه السلام) عن الجريدة تُوضع في القبر؟ فقال: لأباس(12). الجريدة الجريدُ سعف النخل، الواحدة جريدة، فعيلة بمعني مفعولة، وإنّما تُسمّي جريدة إذا جرّد عنها خوصها (13). وضربه بجريدة، أي: سعفة جرّدت من الخوص (14).
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : «کلّ شيء يجترّ فسُؤره حلال ولعابه حلال»(15).
الجرّة، بالکسر: لذي الخفّ والظِلف، کالمَعِدَة للإنسان، والجرّة ماتخرجه الإبل من کروشها فتجترّه. فالجرة في الأصل للمعدة، وجمع الجِرّة جِرَر، ثمّ توسعوا فيها حتّي
ص: 125
أطلقوها علي ما في المعدة(1). وجرّة البعيرحين يجترّها فيقرضها ثمّ يکظمها(2). من هذا.
والسؤر، بالهمزة: کالرّيق من الإنسان (3).
والجمع أشار. قال ابن دريد: هو ما أبقيت في الإناء. وزعم قوم أنّ السورة من القرآن من هذا إذا هُمزت، کأنّها أُسئرت، أي بُقَّيت من شيء. وفي وصيّة بعض العرب لبنيه: إذا شربتم فأسئروا. أي : أبقوا في الإناء فإنّه أجمل (4) تقول : أسأر فلان طعامه وشرابه،أي: أبقي منه بقيّةً، وبقية کلَّ شيء سُؤره ويقال للمرأة إذا جاوزت الشّباب ولم يَعدَمها الکِبَر: إنّ فيها لَسُؤراً، أي بقيّة (5) واللُّعاب: هوالبُزاق السائل، وقد لَعَبَ يَلعَبُ لَعباً، سال لعابه(6). ومنه حديث أبي هريرة قال: رأيت النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)يمصُّ لعاب الحسن والحسين (عليّه السلام )کما يمصّ الرجل التمرة(7).
وفي حديث أبي جعفر (عليّه السلام) قال: «من مات وليس له وارث من قرابته ولا مولي عتاقه قد ضمن جريرته فماله من الأنّفال»(8) الجريرة: مايجرّه الإنسان من ذنبٍ، فعيلة بمعني مفعولة(9) يقال: جرّ الرجلُ جريرةً علي نفسه أو غيره، جناها، والناقة جاوزت من وقت ولادتها بأيّام(10) وجرّت الحامل فهي جرور، إذا ازادت علي وقت حملها(11) وکأنّها أصل الجريرة.
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «دعوتکم إلي نَصر إخوانکم فجرجرتُم جَرجَرة الجَمَل الأَسَرَّ، وتثاقلتم تثاقُلَ النُّضو الأدبَر»(12)الجرجرة: الصوتُ. و جَرجَرَ: ضجَّ وصاح. والجرجرةُ: تردّد هدير الفحل، وهو صوت يردده البعيرُ في حنجرته. وفحل جُراجر: کثير الجَرجَرة، وهو بعير جَرجار، کما تقول: ثرثر الرجلُ، فهو ثَرثار (13) ولمّا کانت جرجرة الجمل أشدّ من جرجرة غيره استعاره (عليّه السلام) لي لکثرة تململهم وقوّة تضجّرهم من ثقل
ص: 126
مايدعوهم إليه(1).
الأسرّ: قال أبو عمرو: ناقة سَرَّاء وبعير أسَرُّ بين السرر وهو وجع يأخذ في الکرکرة.
يقال: في سُرّته سَرَرُ، أي ورم يؤلمه. وقيل: السرر قرح في مؤخّر کرکرة البعير يکاد ينقب إلي جوفه ولايقتل، سرَّ البعيرُ يَسَرُّ سَرراً ، عن ابن الأعرابي (2).
وفيه الخبر : «ألم تروا إلي البعير تکون بکرکِرَ ته نُکتةُ من جَرَب».
الکرکرة: هي زور البعير الذي إذا برک أصاب الأرض(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام ):«ثمّ لم يَدَع جُرُز الأرض التي تقصُر مياه العيون عن
روابيها»(4).
أرض جُرُز: لانبات بها کأنّه انقطع عنها، أو انقطع عنها المطر، وفيها أربع لغات: جُرز
جُرُز مثل عُسر وعُسُر، وجَرزُ وجَرَزُمثل نَهرٍ ونَهَرٍ، والجمع أجراز.
وأرض جارزة: يابسة غليظة يکتنفها رمل أوقاع، والجمع جوارز، وأکثر ما يستعمل في جزائر البحر. وامرأة جارز: عاقر .والجَروز: الذي إذا أکلّ لم يترک عليّ المائدة شيئاً، وکذلک المرأةُ. ويقال للناقة: إنّها لَجُرازُ الشجر تأکلّه وتکسره.
ويقال: جُرت الأرض فهي مجروزة، جرزها الجراد والشاء والإبل ونحو ذلک.
وجَرِزت جَرَزاً وأجرزت: صارت جُرُزاً. وسنة جُرُز، إذا کانت مجدبة. والجرز، بالکسر: لباس النساء من الوَبَر وجلود الشاء، ويقال : هو الفَروَالغليظ، والجمع جُروز(5).
ومنه يُفسر حديث عبد الرحمن بن الحجّاج: سألته عن الخفاف من الثعالب أو الجُرز منه أيُصلّي فيها أم لا؟(6).
والجُرز: من السلاح، والجمع الجِرَزةُ والجُرزُ. والجُرُز: العمود من الحديد، والجمع أجراز وجِرَزَة. وجرزَه يَجرُزُه جَرزاً: قطعه. وسيف جُراز، بالضم: قاطع، وکذلک مُذيَةُ جُرازُ کما قالوا فيهما جميعاً هُذام (7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «غُصَص و
ص: 127
الجَرَض»(1).
الجَرَض: هو أنّ تبلُغَ الروحُ الحَلق، وجَرِض بريقه: غصَّ کأنّه يبتلعه. والجَرَض:الجَهد.
يقال: جَرِضَ يجرَضُ جَرَضاً شديداً. ويقال: مات فلان جريضاً، أي مريضاً مغموماً.
والجريض: اختلاف الفکّين عند الموت. ومنه قيل: ضَرِجت الناقة بجِرّتها وجَرِضَت.
والجريض والجرياضُ: الشديد الهمّ(2).
وفي کتاب له عليّه السلام لأخيه عقيل عن عدو خرج عليّه: «فَمَا کَانَ إلّا کَمَؤقِفِ سَاعَةٍ حَتَّي نَجَا جَريضاً» (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولا يَرعَوِي البَاقُونَ اجتِرَاماً »(4).
الجُرم: الذنب، والجرم: التعدّي، والجمع أجرام وجروم، وهو الجريمة، وقد جَرَم يجرِمُ جَزماً واجتراما وأجرم، فهو مُجرم وجريم. والجرم: مصدر الجارم الذي يجرم نفسه
وقومه شرّاً. وفلان له جريمة إليّ، أي: جرم. وقيل الجارم: الجاني. والمجرم: المذنب.
والجرم: القطع، يقال: جَرَمه يجرِمُه جرماً قطعه، وشجرة جريمة: مقطوعة.
والجُرامة بالضم: ما سقط من التمر إذا جرم، وقيل: الجُرامة ما التُقط من التمر بعد مايُصرَم ويُلقط من الکرب. وجرم يجرِم واجترم: کسب. وهو يجرم لأهله ويجترم: يتکسّب ويطلب ويحتال. وجريمة القوم: کاسبهم. يقال: فلان جارم أهله وجريمتهم، أي کاسبهم. والجرم، بالکسر: الجسد، والجمع القليل أجرام، والکثير : جروم وجُرُم(5).
ومن هذه جاء قوله( عليّه السلام):
أتزعمُ أنّک جِرمُ صغيرُ*** وفيک انطوي العالمُ الأکبَرُ (6)
في خبر الرُّبيع بنت مُعَوَّذ بن عَفراء قالت: أتيته (صلی الله علیه وآله وسلم) بقناع من رُطب وأجرزُغبٍ فأکلّ منه(7).
الجِروُ والجِروة: الصغير من کلَّ شيء،
ص: 128
وقيل : ما استدار من الثمار، والجمع أجرٍ (1).
والأجري: صغار القِثّاء، وکذلک صغار الرمّان والحنظل.
وعن بعضهم: کنتُ أمرُّ في بعض طرقات المدينة فإذا أنّا بحمّال علي رأسه طُنّ، فقال لي: أعطني ذلک الجِرو، فتبصّرت فلم أر کلباً ولا جِزواً، فقلتُ: ماهاهنا جِرو! فقال: أنت عراقي! أعطني تلک القِثَاءة. والقِناع والقِنع والقُنع: الطَّبق الذي يُؤکل عليه (2).
وأجرٍ زغبٍ: يعني شعارير القِثّاء، أي صغار القِثّاء المُزغِب الذي زِئبَرهُ عليه، شُبّهت
بأجري السّباع والکلّاب لرطوبتها. قال الأصمعي: إذا أخرج الحنظل ثمّره فصغاره
الجِراءُ، واحدها جِروُ، ويقال لشجرته: قد أجرَت (3). والجارية الأمة، عليّ التشبيه لجريها مستمرَّةً في أشغال مواليها، ثمّ توسّعوا فسمّواکلَّ أمَةٍ جاريةً وإنّ کانت عَجوزاً لاتقدر علي السعي، والجمع الجواري (4). والجارية: الشمس سُمّيت بذلک لجريها من القُطر إلي القُطر.
والجارية: السفينة، صفة غالبة. قال الليث: الخيلُ تجري والرّياح تجري والشمسُ تجري جَزياً إلّا الماء فإنّه يجري جرية، والجراء للخيل خاصّة.
يقال: ما أشدّ جِرية هذا الماء! وفي الحديث «وأمسک الله جِريَة الماء».
هي حالة الجريان. وفرس ذو أَجاريَّ، أي ذو فنون في الجَزي.
وجاراه مُجاراةً وجِراءً، أي جَرَي معه، وجاراه في الحديث و تجاروا فيه.
وفي حديث الرياء: « من طلب العِلم اليُجاري به العُلَماء» أي يجري معهم في المناظرة والجدال ليُظهر علمه إلي الناس رِياءً وسُمعَةً.
ومنه الحديث: «تتجاري بهم الأهواء کما يتجاري الکَلَب بصاحِبه».
أي يتواقعون في الأهواء الفاسدة وَيَتَداعونَ فيها، تشبيهاً بِجَزي الفرس.
والکلَب، بالتحريک : داء معروف يَغرِضُ للکلب فمن عضّه قتله.
والجارية: النعمةُ من الله علي عباده. وفي الحديث: «الأرزاق جاريةُ والأُعطيات دارّةُ متصلة». يقال: جَرَي له ذلک الشيء و درَّ له، بمعني دام له. ومنه قولک: أجربتُ عليّه کذا أي أدمتُ له، عن ابن الأعرابي. والجراية:
ص: 129
الجاري من الوظائف. والجَريُّ: الوکيلُ، الواحد والجمع والمؤنث في ذلک سواء ويقال: جَريُّ بين الجَرايةِ والجراية. وجَرَّي جَريّاً: وکّله.
وسُمّي الوکيل جَرِياً لأنّه يجري مجري مُوَکَّله. والجريُّ: الرسول، وقد أجراه في
حاجته. والجري: الضامن. والجريُّ: الخادِمُ أيضاً. والجريّ: الأجير(1).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عقيل: «فَجَرَت قُرَيشاً عَنَّي الجَوَازِي، فَقَد قَطَعُوا رَحِمِي، وَسَلَبُونِي سُلطَانَ ابنِ أُمّي» (2).
الجوازي: يقال: جزتک الجوازي، أي أفعالک، أي: وجدت جَزَاءً ما فعلت (3).
وجزي الأمرُ يجزي جَزَاءً، مثل قضي يقضيي قضاءً، وزناً ومعني (4).
ومن هذا جاء قوله تعالي : ﴿لاتجزي نفسُ عن نفسٍ شيئاً﴾ (5).
قال الأصمعي: أهل المدينة يقولون : أمرتُ فلاناً يتجازي ديني علي فلان، أي:
يتقاضاه(6) وأجزأني الشيء، مهموز، أي
کفاني. وتجزّأتُ بکذا، واجتزأتُ به، أُي: اکتفيت به. وهذا الشيء يجزيء عن هذا وفي لغة: يَجزَأ» (7)أي: کفي وأغني عنه.
والجزيةُ: مايُؤخذ من أهل الذمّة، وتسميتها بذلک للاجتزاء بها في حقن دمهم(8)
في حديث علي( عليّه السلام) عمّن خبر الدنيا: «فَاحتَمَلُوا وَعثَاءَ الطَّريقِ، وَفِرَاقَ الصَّديقِ، وَخُشُونَةَ السَّفرِ، وجشوبة المَطعَمِ»(1).
الجَشِب: مالم يُنخَل من الطعام مثل خُبزِ الشعير وشبهه (2).
وأهل اليمن يُسمّون قشور الرُمّان الجُشب، بضم الجيم. وکلُّ بَشِع فهو جَشِب (3).
ومن هذا استعير في حديثه (عليّه السلام) للموت بقوله: «وَدُجُوُّ أطبَاقِهِ، وَجُشُوبَةُ مَذَاقِهِ»(4).
ورجلُ جَشِبُ المأکلّ، وقد جَشُب جُشُوبةً، أي لم يُبالِ ما اکلَ بغير أذمٍ (5).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «هَيهَاتَ أَنّ يَغلبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إلي تَخَيُّرِ الأَطعِمَةِ»(6).
الجشع: الحرصُ الشديد عليّ الأکلّ وغيره(7).
وفي حديث أبي أيّوب: «أنّه ذکر الغول فقال: قل لها: تيِسِي جعار». .
کلّمة تقال في معني إبطال الشيء والتکذيب به. وجَعار ، بوزن قطام، مأخوذ من الجعر وهو الحدثَ، معدول عن جاعرة وهو من أسماء الضَّبُع، فکأنّه قال لها: کذبتِ
ياخارية»(8).
في حديث أبي جعفر (عليّه السلام) : عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)قال: «أخبرني جبرئيل( عليّه السلام) أنّ ريح الجنّة يوجد من مسيرة ألف عام مايجدها عاقّ، ولا قاطع رحم ولاشيخ زان، ولا جارُّ إزاره خُيلاء، ولافتّان، ولا منّان، ولا جَعظرِيّ. قال : قلت : فما الجعظري؟ قال: الذي لايشبع من الدنيا.
وفي حديث آخر: «ولا حيّوف، وهو النبّاش، ولا زنوّق وهو المخنّث، ولا جوّاض
وهو الجلف الجافي، ولا جَعظَريّ، وهو الذي لايشبع من الدنيا»(9).
قال الخليل: الجعظري: الأکول. وفي
ص: 131
الحديث:«أبغض الناس إلي الله الجوّاظ الجُعظَري». والجعظار: الرجل القصير الرجلين الغليظ الجسم. وهو الجِعنظار أيضاً، وإنّ کان مع غِلظ جسمه و ترارة خلقه أکولاً
قويّاً سُمّي جعظرياً(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في معني الحکمين: «فأخذنا عليهما أنّ يُجَعجِعَا عند القرآن»(2).
الجَعجاع: الأرض. وقال أبو عمرو: الأرض الصُلبة، والمَحبِسُ، وجعجع القوم: أناخوا. وجعجع الإبل وجعجع بها: حرّکها للإناخة أو النهوض. والجعجعةُ: التشريد بالقوم، وجعجع به: أزعجه (3). ومن هذا جاء کتاب ابن زياد إلي عمر بن سعد: أنّ جعجع بالحسين (عليّه السلام).
أي أنّزله بجَعجاع، وهو المکان الخشن الغليظ، وهذا تمثيل لإلجائه إلي خَطبٍ شاقّ وإرهاقه. وقيل: المراد إزعاجه، لأنّ الجعجاع مَنَاخ سَوءٍ لايقرّ فيه صاحبه، ومنه جعجع
الرجلُ، إذا قصد علي غير طمأنينة(4).
و جَعجَعتُ الجزور: نحرتها.
والجَعجَعةُ: صوتُ الرَّحي(5) ومنه المثل: «أسمعُ جعجعةٍ ولا أري طَحناً» .
يُضرب للجبان يوعد ولا يوقع، والبخيل يَعِدُ ولا ينجز (6).
في الحديث: سأل محمد بن مسلم أباجعفر( عليّه السلام )عن الرجل يعالج الدواء للناس فيأخذ عليّه جُعلاً. قال : «لا بأس به»(7).
الجُعل بضم الجيم وإسکان العين، مايُجعل للإنسان عليّ عمل يعلمه، وکذلک الجَعالة، بفتح الجيم والعين(8) وهو أعمّ من الأجرَة والثواب(9). يقال: أعطي العامل جُعله وجَعَالته وجَعالته وجعيلته ، أي أجره، وأعطي العمّال جعالاتهم وجعائلهم (10).
في حديث علي(عليّه السلام) : «أَتَقلقَلُ تَقَلقُلَ القِدحِ فِي الجَفيرِ الفَارِغِ»(11) .
الجَفير: الکِنانةُ والجعبة التي تُجعل فيها السهام. والجُفُرَّي والکُفُرَّي: وعاء الطلع.
ص: 132
والجُفرةُ: سَعَةُ في الأرض مستديرة، والجمع جِفَار مثل بُرمة وبرام، ومنه قيل للجوف جُفرة. والجفرةُ: العَناق التي شَبعت من البَقل والشجر واستغنت عن أُمّها، وقد تجفَّرت و استجفَرت. والجَفر: الجَمَلُ الصغيرُ والجدي بعدما يُفطَم ابن ستّة أشهر (1).
وقد استُعير الجفر لعلوم آل محمد(عليّهم السلام)، کما روي عن الصادق(عليّه السلام )أنّه قال: «إنّ عندنا الجفر، ومايدريهم ما الجفر؟ وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين ، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل..» الخبر (2) وجاء في خبر حليمة رضي الله عنها التي أرضعته (صلی الله علیه وآله وسلم):کان يَشِبُّ في اليوم شباب الصَّبيَّ في الشهر، فبلغ ستّاً وهو جَفر. هو الذي قوي علي الأکل، واتسع جوفه، وقد استجفر (3) وجَفَر الفحلُ يجفُر، بالضم، جُفوراً: انقطع عن الضَّراب وقلَّ ماؤهن وأجفر الرجلُ عن المرأة: انقطع، وجفّره الأمر عنه قطعه.
وطعام مَجفَرُ و مَجفرةُ: يقطع عن الجماع. و من کلام العرب: أکلّ البطّيخ مجفرةُ وفي الحديث أنّه قال لعثمّان بن مظعون: «عليک بالصوم فإنّه مَجفرة»(4).
قال أبو عبيد الهروي: مقطعة للنکاح ونقص الماء، تقول للبعير إذا أکثر الضراب
حتّي ينقطع: قد جفر يجفُر جُفوراً فهو جافر، قال ذو الرمّة يصف النجوم:
وقد عارضَ الشَّعري سهيلُ کانّه*** قريعُ هجانٍ عارض الشولَ جافرُ (5)
وجَفرَ من مرضه: إذا خرج منه، وأجفرني فلان: ترکني. ورجلُ مُجفِرُقد أجفَر: أي تغيّر ريحُ جَسَده(6)ومن هذا قد يفسّر حديث عليّ أنّه رأي رجلاً في الشمس، فقال:«قُم عنها فإنّها مَجفَرة». وقد فسّرها ابن الأثير بأنّها تُذهب شهوة النکاح (7).
وقد روي الصادق( عليّه السلام )عنه (عليّه السلام) قال: «إذا جلس أحدکم في الشمس فليستدبرها بظهره فإنّها تُظهر الداء الدفين».(8).
والتقلقل: الحرکة باضطراب. وتقلقل في البلاد، إذا تقلَّب فيها. وحروف القَلقلة: الجيم والطاءُ والدال والقاف والباء، حکاها سيبويه،
ص: 133
سُمّيت بذلک للصوت الذي يحدث عنها عند الوقف (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علم الله: وَمَسَارِقِ إيماضِ الجُفُونِ»(2).
الجَفنُ: غطاء العين من أعليّ وأسفل، والجمع أجفُن وأجفان وجُفون.
والجفن غمد السيف. والجفنه: أعظم مايکون من القِصاع والجمع جِفان وجِفَن،والعدد جَفَنات. وجَفن الجزور، أي نحرها وطبخها واتخذ منها طعاماً وجعل لحمها في الجفان ودعا عليها الناس حتّي أکلّوها. والجَفنةُ: ضرب من العنب. وقيل ورقه والجمع من ذلک جَفن. وقيل: الجفن نفس الکرم بلغة أهل اليمن.
وقال ابن الأعرابي: الجَفن قشر العنب الذي فيه الماء، ويُسمَّي الخمر ماء الجَفن، والسحاب جَفن الماء. والجَفن: شجر طيّب الريح، عن أبي حنيفة. والجَفن: ظلف النفس عن الشيء الدنيء. يقال: جفن الرجل نفسه عن کذا جَفناً: ظلفها ومنعها، عن الأصمعي. والتَّجفين: کثرة الجماع. والجَفنةُ: الرجل الکريم (3).
ومنه الحديث: «أنّه قيل له: أنّت کذا، وأنت کذا، وأنت الجفنةُ الغرّاء». .
والعرب تدعو السيّد المطعام جَفتَة لأنّه يضعها ويطعم الناس فيها فسُمّي باسمها. والغرّاء: البيضاء، أي أنّها مملوءة بالشحم . والدهن(4) ومن هذا المعني أورد الزمخشري هذا الشاهد:
يارُبَّ شيخٍ فيه عِنَّين*** عن الطَّعان وعن التجفين(5).
وقيل: إنّما التجفين ههنا کثرة الجماع، ونُسب إلي أعرابي قوله: أضواني دوام التجفين، يقال: أجفن إذا أکثر الجماع(6).
وتجافي الشيء عن الشيء: ارتفع(1) .
وباعتبار العلو والارتفاع استعار منه عليّ (عليّه السلام) القيام الليل في کتاب له إلي عثمّان بن حنيف: «في مَعشَرٍ أَسهَرَ عُيُونَهُم خَوفُ مَعَادِهِم، وَتَجافَت عَن مَضَاجِعِهِم جُنُوبُهُم، وَهَمهَمَت بِذِکرِ رَبَّهِم شِفَاهُهُم» (2).
وثوب جافٍ: غليظ، وجفاني فلان: فعل بي ما ساءني. ومن المجاز أصابته جفوة
الزمان وجَفَا و ته(3)ومنه حديث عليّ (عليّه السلام )عن الحاکم: «ولا الجافي فيقطعهم بجفائه»(4).
عن أحمد بن المبارک قال: قال رجل لأبي عبدالله (عليّه السلام) حديثُ يُروي أنّ رجلاً قال لأمير المؤمنين عليّه السلام) : إنّي أُحبّک. فقال له: «أعد للفقر جلباباً»، فقال: ليس هکذا قال: إنّما قال له: «أعددت لفاقتک جلباباً»، يعني يوم القيامة(5).
الجلباب: ثوبُ أوسعُ من الخِمار دون الرَّداء، تُغطّي به المرأةُ رأسها وصدرها(6).
وقيل: هو المِلحفة، وقال الشاعر يصف الشيب، وقد تجلبب به.
حتّي اکتسي الرأسُ قِناعاً أشهبا*** أکرَهَ جِلباب لمن تجلببا(7)
وفي حديث منهال القصّاب قال: سألت أبا عبد الله( عليّه السلام )عن تلقّي الغنم، فقال: لاتلق ولا تشتر ماتلقّي، ولا تأکلّ من لحم ما تلقّي.وروي أنَّ حدَّ التلقّي روحة، فإذا صار إلي أربع فراسخ فهو جَلَب(8).الجَلَب، بفتحتّين: فَعَل بمعني مفعول، وهو ما تجلبه من بلد إلي بلد (9).
وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الناس: «المجلب بخيله وَرَجِله»(10).
وفي حديثه( عليّه السلام) أيضاً: «ألا وأنّ الشيطان قد ذمرّ حزبه، واستجلب جَلَبه»(11).
الجَلب سوق الشيء من موضع إلي موضع آخر.
والجَلَب : ما جُلب من خيل وإبل ومتاع،
ص: 135
والجمع أجلاب. والجليب الذي يُجلَب من بلد إلي غيره. وعبد جليب، والجمع جَلبي
وجُلَباء، کما قالوا: قَتلي وقُتلاء. والجلوبة، بالفتح، مايُجلَب للبيع من کلَّ شيء، والجمع
الجلائب(1) وأراد عليّه السلام بهم أتباع الشيطان وعدّته، مستعارُ، من جلب الإبل والمتاع.
ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) عن النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) :«الجالب مرزوق والمحتکر ملعون»(2).
والجُلبَة: السنة الشديدة. يقال: أصابت الناس جُلبةُ، أي: أزمة.
والجِلب والجُلب، بکسر الجيم وضمها: السحاب الذي لا ماء فيه(3)
وفي حديث رفاعة عن الصادق (عليّه السلام) قال: إنّ الحطّابة والمجتلبة أتوا النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) سألوه، فأذن لهم أنّ يدخلوا - مکّة حلالاً(4). والمراد بالمجتلبَةَ: الذين يجلبون الارزاق(5) وأجلبَ الجر حُ وجَلَب، إذا رکبته جُلبَة، وهي قِشرة ترکب الجرح عند البُرء. والجُرح جالِب و مُجلِب(6).
وباعتبار ضآلة القشرة وانعدام قيمتها جاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «والله، لو أُعطيتُ الأقاليمَ السبعة بما تحت افلاکها، عليّ أنّ أعصي الله في نَملَةٍ أسلُبُها جُلبَ شَعِيرَةٍ مافعلته»(7).
وفي حديثه (عليّه السلام)عن اختلاف الناس: قريب القَعر بعيدُ السَّبرِ، ومعروف الضريبةِ مُنکَرُ الجليبة»(8) الجليبة: مايجلبه الإنسان من الطبيعة بفعله إلي نفسه.
والضريبة: الخليقة(9) وقريب القعر بعيد السَّبر: أي قصير داهية(10).
أبرُزَ للطَّعان ، وأن أصبرَ للجلاد»(1) وفيه أنّ
رجلاً طلب إلي النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)أنّ يصلّي معه بالليل، فأطال النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) في الصلاة فجُلِد بالرجل نوماً. أي سقط من شدّة النوم. يقال: جُلِد به: أي رُميَ به إلي الأرض (2). وفي
حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ الخلق الحسن يميث الخطيئة کما تميث الشمس الجليد»(3). الجليد: ماجمد من الماء.
و ماسقط عليّ الأرض من الصقيع فجمد. وأرض مجلودة: أصابها الجليد(4).
وفي الحديث : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): للمؤذن فيما بين الأذان والإقامة مثل أجر الشهيد المتشحَّط بدمه في سبيل الله عزّوجلّ ، فقال عليّ( عليّه السلام ): إنّهم يجتلدون عليّ الأذان. فقال: کلّا إنّه يأتي علي الناس زمان يطرحون الأذان علي ضعفائهم فتلک لحوم حرّمها الله عليّ النار»(5) يجلتدون علي الأذان: من قولهم: جالدوهم بالسيوف: ضاربوهم. ويقال: استحرّ بينهم الجلاد والمجالدة، و تجالدوا واجتلدوا(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «وَعَدَّلَ حَرَکَاتِهَا
بِالرَّاسِيَاتِ مِن جَلَامِيدِهَا»(7).
الجَلمَدُ والجُلمود: الصخر، وقيل: الجَلمَدُ والجُلمود أصغر من الجَندل قدر مايُر مي بالقذّاف؛ وأرض جَلَمدَةُ: حَجرة. ورجل جَلمَد وجُلمد: شديد الصوت. والجلمَدُ: القطيع الضخم من الإبل. وضأنَ جَلمدُ: تزيد علي المائة(8) ومنه قول امريء القيس:
مِکَرًّمِفَرًّ مُقبلٍ مُدبرٍ مَعاً***کَجُلمُودٍ صَخرٍ حطّه السيلُ من علِ(9).
في حديث عليّ(عليّه السلام) لکاتبه عبيد الله بن أبي رافع: «ألق دَوَاتَکَ وَأَطِل جِلفَةَ قَلَمِکَ وَفَرَّج بَينَ السُّطُورِ، وَقَرمِط بَينَ الحُرُوفِ ، فَإنَّ ذلِکَ أَجدَرُ بِصَبَاحَةِ الخَطَّ» (10).
جَلفَة القلم: هي من مبراه إلي سِنّه، سُمّيت بالمرّة من الجَلفِ. يقال: جَلَفتُه بالسيف جلفة، إذا بَضغتَ من لحمه بَضعَةً (11)، والجالفةُ :
ص: 137
الشجّة تقشُر الجلد ولا تصل إلي الجوف، و جَلَفت الطين جَلفاً: قشرته (1) ورجل جِلفُ: جافٍ في خلقته وأخلاقه(2).
قيل: مأخوذ من أجلاف الشاة، وهي المسلوخة بلا رأس ولا قوائم ولا بطن، وقيل: أصل الجلف الدنّ الفارغ(3).
في حديث الصادق( عليّه السلام) : «لا ينبغي أنّ يدخل الحرم بسلاح إلّا أنّ يدخله في جو الق أو يغيّبه». يعني يلف عليّ الحديد شيئاً (4).
الجُوالق: بفتح اللام وکسرها: وعاء من الأوعية، وجمعه جوالِق وجواليق (5).
وهو أعجمي معرّب، وأصله بالفارسية کواله(6).
في الحديث کان عليّ (عليّه السلام) : «يکزه الحجّ والعمرة علي الإبل الجلّالات (7).
الجلالات: هي التي تأکل البَعَر والرَّجيع(8).
والبغر يُسمّي الجلّة، يقال: جلّ يَجُلُّ، إذا التقطه(9).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «إنّ القلب ليتجلجل في الجوف يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأنّ وقرّ» (10).
الجلجلة: الحرکة ، يقال: جلجلتُ الشيء، إذا حرکته بيدک، وکلّ شيء خلطت بعضه ببعض قد جَلجلته. ويقال: لجلج اللقمة في فيه، إذا أدارها ولم يُسِغها(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فلتکن الدنيا في أعينکم أصغر من حثالة القرظ، وقراضة الجَلَم»(12).
الجَلَم: بفتحتّين: المقراض،والجَلمان بلفظ التثنية مثله، کما يقال : فيه المقراض والمقراضات، ويجوز أنّ يجعل الجلمان اسماً واحداً عليّ فعلات کالسرطان
ص: 138
والدّبران، وتجعل النون حرف إعراب، ويجوز أنّ يبقيا عليّ بابهما في إعراب المثنّي (1).
وجلمه وجرمه، إذا قطعه، ومنه سُمّي الجلم الذي يُؤخذ به الشعر (2).
وجاء في الحديث : أنّ الصادق (عليّه السلام )سُئل عن متمتع قرض من أظفاره بأسنانه وأخذ من شعره بمِشقص، فقال (عليّه السلام): «لا بأس به، ليس کلّ أحد يجد الجلم»(3).
والمشقص: نصل عريض طويل من نصال السهام (4)فإذا کان عريضاً وليس بطويل فهو معبل، وجمعه معابل(5).
في الحديث : قال الصادق (عليّه السلام) لبعض أصحابه: « استأصل شعرک يقلّ درنه ودوابّه ووسخه، وتغلظ رقبتک، ويجلو بصرک،ويستريح بدنک»(6).
جلاء البصر: من قولهم: جلّي لي فلان الخبر جلاءً، إذا أوضحه لک. وجاء فلان
بالجليّةً، أي بالأمر الواضح (7) وأصل الجَلو الکشف الظاهر(8) ويقال للقوم إذا کانوا مقبلين علي شيء محدقين به ثمّ انکشفوا عنه: قد أفرجوا منه وأجلَوا عنه. ويقال منه: انجلت عنه الهموم. وقد أجلوا الهموم بکذا.
وجلا الله عنک المرض وهذا أمر جَليُّ غير حفيًّ(9).
وباعتبار الظهور والوضوح يُفسّر ماجاء في حديث عليّ(عليّه السلام) :«واقبَلُوا نَصِيحَةَ الله، فإنّ اللهَ قَد أَعذَرَ إليکُم بِالجَليّةِ(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن غفلة الإنسان: «دَهِمَتهُ فَجَعَاتُ المَنِيَّةِ فِي غُبّرِ جِمَاحِهِ»(11).
الجَموح: الذي يرکب هواه فلا يمکن رَدُّه. يقال: جَمحَ وطمَحَ إذا أسرع ولم يَردُّه اللجام. وفرس جَموح له مضيان: أحدهما يوضع موضع العيب وذلک إذا کان من عادته رکوب الرأس، لايثنيه راکبه، وهذا من الجماع الذي يُردُّ منه بالعيب.
ص: 139
والمعني الثاني في الفرس الجموح أنّ يکون سريعاً نشيطاً مروحاً، وليس بعيب يُردُّ
منه ، ومصدره الجُموح. وجمعت المرأةُ تَجمَحُ جِماحاً من زوجها: خرجت من بيته
إلي أهلها قبل أنّ يطلقها، ومثله طَمَحت طِماحاً ، قال الشاعر:
إذا رأتني ذاتُ ضِعن حنّت***وجَمَعت من زوجها وأنّت(1)
ومن المجاز جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي الأشتر النخعي: «أَمرهُ أنّ يَکسِرَ نَفسَهُ مِنَ الشَّهَواتِ وَيَزَعَهَا عِندَ الجَمَحَاتِ»(2).
واستعار عليّه السلام من الفرس الجموح للسان الذي يؤدي بصاحبه للهلاک في قوله: «فَإنَّ هذا اللَّسَانَ جَمُوحُ بِصَاحِبِهِ» (3)
في وصيّة عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) :«احمِل نَفسَکَ مِن أخِيکَ عِندَ صَرمِهِ عَلَي الصَّلةِ، وَعِندَ صُدُودِهِ عَلَي اللَّطِفِ والمُقَارَبِةِ، وَعِندَ جُمُودهِ عَلَي البَذلِ» (4).
الجامد: البخيل، والجُمد والجُمُد والجَمَد ما ارتفع من الأرض، والجمع أجماد وجماد (5) والمُجمِدُ: البخيل المتشدّد. وقال قوم: المُجمِدُ: الذي لم يَفَز قِدحُه في المَيسر.
وناقة جَماد: لا لبن لها. وسنةُ جَماد: لا مطر فيها. والجَمَد: الثلج الذي يسقط من السماء، وسُمّيت جُمادي لجمود الماء فيها أيّام سُمّيت الشهور(6).
وباعتبار الإمساک جاء حديث علي (عليّه السلام ): «الحمدُ لله الذي لايَفِرُه المنعُ والجمود»(7).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : « لاينبغي للمرأة أنّ تجمر ثوبها إذا خرجت من بيتها»(8).
تجمير الثوب: جمرّ ثوبه تجميراً بخّره، وربّما قيل أجمره ، بالألف. والمِجمرة بکسر الأوّل هي المِبخَرة والمِدخنة. وقال بعضهم: المِجمَرُ بحذف الهاء مايبخّر به من عودٍ وغيره، وهي لغة أيضاً في المِجمَرة(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النملة: «وَلاً
ص: 140
يَحرِمُهَا الدَّيَّانُ، وَلَو فِي الصَّفَا اليابس، والحَجَر الجَامِسِ»(1).
الجامس: الجامد، وصخرة جامسة: يابسة لازمة لمکانها. وماء جامس: جامد(2).
وکان الأصمعي يقول: أکثر ما تستعمل العربُ في الماء: جَمَد، وفي السمن وغيره: جَمَس (3).
في حديث الصادق(عليّه السلام )عنه (صلی الله علیه وآله وسلم) قال:« النساء أربع: جامع مجمع، وربيع مربع، وکرب مقمع، وغلُّ قَمِل».
جامع مجمع: أي کثيرة الخير مخصبة. وربيع مربع: التي في حجرها ولد وفي بطنها
آخر. وکرب مقمع: أي سيئة الخلق مع زوجها. وغلُّ قَمِل: أي هي عند زوجها کالغُلُّ
القمل، وهو غلُّ من جلدٍ يقع فيه القمل فيأکلّه ولايتهيأ أنّ يحلّ منه شيء وهو مثل للعرب(4).
إذ کانوا يأخذون الأسير فيشدُّونه بالقِدُّ وعليّه الشعر، فإذا يَبِس قَمِل في عُنُقه،فتجتمع عليّه محنتان: الغُلّ والقَمل. يُضرب للمرأة السيئة الخُلق الکثيرة المهر، لايجد بَعلُها
منها مَخلَصاً(5).
وقيل: القَمِل القَذِر، وهو من القمل أيضاً. وقمل العرفَج قَمَلاً: اسودّ شيئاً بعد مطرٍوصار فيه کالقمل(6) والربيع المربع: يفسّره قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «غيثاً مغيثاً مربعاً »(7).
ومنه المرباع من النوق: التي تلد في أوّل النتاج، ويقال: ناقة ربعِية.
وقيل : هي التي تبکُر في الحمل، وأربع الرجل فهو مربع؛ ولد له في شبابه، علي المثل بالربيع»(8) وکأن الغيث المربع يُغني عن الارتياد والنجعة، فالناس يربعون حيث شاءوا، أي يُقيمون ولا يحتاجون إلي الانتقال في طلب الکلا(9) .
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأولياء: «وتَجَمُّلاً فِي فَاقَةٍ» (10).
التجمّل: تکلّف الجميل، والمجاملة: المعاملة بالجميل. وأجملت الصنيعة عند فلان، وأجمل في صنيعةٍ، وأجمل في طلب الشيء: اتّأدً
ص: 141
واعتدل فلم يُفرِط،(1)والجمال يقع علي الصور والمعاني.
ومنه الحديث: «إنّ الله جميل يُحبّ الجمال ». أي حسن الأفعال کامل الأوصاف.
وفي الخبر: «لعن الله اليهود حُرّمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأکلّوا أثمّانها».
جملت الشحم وأجملته: إذا أذبته واستخرجت دُهنه. وجملتُ أفصح من أجملت (2)وفعل اليهود کان إذابتهم الشحم حتّي يصير وَدَکاً، ثم بيعهم له متوهّمين أنّه خرج عن حکم الأصل بالإذابة (3). وتجمّل: اکلَ الجميل، وهو الشحم المذاب. وقالت امرأة من العرب لابنتها: تجمّلي وتعفّفي، أي کُلي الجميل واشربي العُفافةَ، وهو باقي اللبن
في الضّرع. والجمول: المرأة التي تُذيب الشحم. والجمول: المرأة السمينة، والنثول:
المرأة المهزولة(4) والجُمالُّي، بالتشديد:الضخم الأعضاء التامّ الأوصال. ومنه حديث الملاعنة: «ان جاءت به أورق جَعداً جُمَالِيّاً». ويقال : ناقة جُمالية مُشبّهة بالجمل عِظماً وبَدانةً (5).
وبعضهم يروي الحديث بفتح الجيم، يذهبون إلي الجمال، وليس هذا من الجمال
في شيء، ولو أراد ذلک فقال: جميل، ولکنه جُمالي، أي عظيم الخلق، شبه بخلق
الجمل (6).
والجمل: الذکر من الإبل، قيل يکون ذلک إذا اربَعَ. وقيل: إذا أجذع، وقيل: إذا بزل
وقيل: إذا أثني. ومن أمثال العرب: اتخذ الليل . جملاً، إذا رکبه في حاجته، وهو علي
المثل(7). قال الأصمعي: يقال للرجل إذا أحيا ليليً بالصلاة أو سواها حتّي أصبح: قد اتخذ الليلَ جَملَا(8).
وفي الخبر: سُئل أبو القاسم الحسين بن روح - قدس الله روحه - عن معني قول الناس للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّ عمّک أبا طالب قد أسلم بحساب الجمّل، وعقد بيده ثلاثة وستّين». فقال: عني بذلک ، «إله أحدجواد». و تفسير ذلک أنّ الألف واحد، واللام ثلاثون، والهاء خمسة، والألف واحد، والحاء ثمّانية، والدال أربعة، والجيم ثلاثة، والواو ستّة ، والألف واحد، والدال أربعة، فذلک
ص: 142
ثلاثة وستّون(1).
وحساب الجُمَّل، بتشديد الميم: الحروف المقطعة علي أبجد.
وقال بعضهم: بالتخفيف (2). وقال أبو عبدالله( عليّه السلام :) «بکلَّ لسان» (3).
في حديث أبي ذرّ عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : «علي العاقل أنّ يکون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه عزّوجلّ، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفکّر فيها صنع الله تعالي، وساعة يخلو فيها بحظَّ نفسه من الحلال، وإنّ هذه الساعة عون لتلک الساعات واستجمام للقلوب وتفريغ لها»(4).
الاستجمام: يقال: جمَّ الفرش يَجِمُّ ويَجُمُّ جَمَاً وجَماماً، وأجمّ: تُرِکَ فلم يُرکَب فعفا من تعبه وذهب إعياؤه. ويقال: أجمّ نفسک يوماً أو يومين، أي أرحها(5).
ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) للزبير : «يا زبير کلّ السفرجل، فإنّ فيه ثلاث خصال: يجمُّ الفؤاد، ويسخّي البخيل، ويشجّع الجبان»(6)وجاء في حديث ابن عبّاس: لأصبحنا غداً حين يدخل عليّ القوم وبنا جَمامَة. أي راحة وشِبَع وريّ(7).
ومن هذا جاء کتاب عليّ عليّه السلام الأشتر يوصيه بالرعيّة: «بما ذَخَرتَ عندهم من إجمامک لهم»(8)۔ وفي الحديث «ابنوا المساجد واتخذوها جُما»(9) الجم: في البنيان الذي لم يکن له اشرف. والکبش والشاة يجمّ جماً: لم يکن له قرون(10)وجماً: فيها استعارة، لأنّ المراد ابنوها و لاتتخدوا لها شُرُفا فشبهها عليه الصلاة والسلام بالکباش الجمّ، وهي التي قرونها صغار خافية. ومن الخبر المشهور في ذکر القيامة «إنّه يُؤخذ للجمّاء من القرناء». وذلک من أحسن التشبيه وأوقع التمثيل. وقال ابن الأعرابي: الأجمّ الذي لا رمح معه، ومن ذلک قول الشاعر:
ويل أمّهم معشراً جُمّاً بيوتُهم*** و من الرماح وفي المعروف تنکيرُ
أراد أنّ بيوتهم خالية من الرماح المرکوزة بأبوابها، فهي کالکباش الجمّ التي لا قرون
ص: 143
تظهر لها(1).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «لَوضَرَبتُ خَشُومَ المُؤمِنِ بِسَيفي هذا عَلَي أنّ يُبغِضَنِي مَا أَبغَضَنِي، وَلَو صَببَتُ الدُّنيَا بِجَمَّاتِهَا عَلَي المُنَافِقِ عَلَي أنّ يُجبَّنِي مَا أَحَبّنِي»(2).
جمّ الشيء واستجمَّ، کلّاهما: کثُر. وکذلک جُمَّتُه، وجمعها جِمام وجُمُوم، وبئر جمّة
وجموم: کثيرة الماء (3)وروي عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)«لا يحلّ لامرأة حاضت أنّ تتخذ قصّة ولا جُمّة» (4)الجمّة، بضم الجيم: الشعر. من قولهم: جمّ الشيء واستجم إذا کثر (5).
في دعاء عليّ (عليّه السلام )للاستسقاء: «ويُخصِبُ بِهَا جَنابُنَا»(6).
الجانب: الناحية، ويکون بمعني الجَنب أيضاً لأنّه ناحية من الشخص (7).
والجنبة أيضاً: الناحية، تقول: أنّا بجنبة هذا البيت (8). وأنا في جناب فلان، أي في فنائِه ومَحَلّته. ونزلوا في جنبات الوادي: نواحيه. وفرطتُ في جنب الله، أي في جانبه وفي حقه. ورجلُ لين الجانب: سهل المعاملة سلس. وفلان رَحبُ الجناب وخَصيب الجناب: سخيُّ(9).
وباعتبار الناحية والمحلّ جاء حديث علي( عليّه السلام9 : «انَّمَا مَثَلُ مَن خَبَرَ الدُّنيَا کَمَثَل قَؤم سَفر نَبَا بِهِم مَنزِلُ جَدِيب، فَأمّوا مَنزِلاً خَصِيباً، وَجَنَاباً مَرِيعاً»(10).
وأصل الجنب الجارحة، وجمعه جُنوب . ثم يُستعار في الناحية التي تليها کعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلک نحو اليمين والشمال. وريح الجَنُوبُ يَصِحُّ أنّ يُعتبر فيها معني المجيء من جانب الکعبة وأن يُعتبر قال:فيها معني الذهاب عنه، لأنّ المعنيين فيها موجودان. واشتُقّ من الجَنُوب جنبت الريحُ هبّت جَنوباً، فأجنبنا دخلنا فيها، وجُنبنا أصابتنا، وسحابة مجنوبة: هبّت عليّها (11). وجَنَبُ الدابة أجنُبها جَنباً وجَنَباً، إذا قدتها
ص: 144
إلي جانبک، وکذلک جَنَبتُ الأسيرَ(1).
والجنيبة: الفرس تُقاد ولا تُرکب ، فعيلة بمعني مفعولة. وقوله (صلی الله علیه وآله وسلم) : «لاجَلَب ولاجَنَب».
أي لا يَجنُبُ أحدُ فرساً إلي جانبه في السباق فإذا قَرُب من الغاية انتقل إليها فيَسبُق
صاحبه (2). وجَنَّب الرجلُ، إذا قلّت ألبان إبله، فهو مجنَّب والقوم مجنَّبون: وجُنّب الرجلُ الخيرَ تجنباً، إذا حُرِمه. والجِناب: مصدر جانبته مُجانبةً و جِناباً ، وهو من المباعدة. وکذلک تجنّبه تجنّباً. وقَعد فلانُ جَنبةً، إذا اعتزلَ عن الناس. والجَنبَةُ: ضربُ من النبت.
والمِجنَبُ: التُّرس . وتُضمُ ميمه أيضاً. والمِجنَب: السّتر أيضاً(3)والجنيبُ: من أجود التمر.
وذاتُ الجَنب: علّة صعبة، وهي ورم حار يَعرِض للحجاب المستبطن للأضلاع، يقال
منها جُنب الانسان بالبناء للمفعول. والجنابة معروفة، يقال منها أجنَبَ، وجَنُب، فهو جُنُبُ، ويُطلق عليّ الذکر والانثي والمفرد والتثنية والجمع(4)، وسُمّيت بذلک لکونها سبباً لتجنّب الصلاة في حکم الشرع(5).
في حديث علي (عليّه السلام 9عن الموتي: «وَقَد طَحَنَهم بِکَلکَلِهِ البِلَي، وأَکلَتهُم الجَنَادِلُ وَالثَّرَي»(6).
الجندلُ الجندل: الحجارة قدر مايُر مَي بالمقذاف.
وهو الجَلمَد أيضاً، وقال بعضهم : الجُلمود أصغر من الجندل (7). قال ابن دريد: وجندل النون فيه زائدة واشتقاقه من الجَدل (8).
عن الصادق (عليّه السلام) عن أبيه (عليّه السلام) قال: «جاء رجل من الأنّصار إلي النبيّ الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقال: يارسول الله أحبّ أنّ تشهد لي علي نخلٍ نحلتها ابني، قال: مالک ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فتحلتهم کما نحلته؟ قال: لا، قال: فإنّا معاشر الأنّبياءلانشهد علي الجنف»(9)
الجنَف: الميل،جَنِفَ يَجنف جَنفاً، وهو
ص: 145
الصدود عن الحق (1).
ومنه قوله تعالي:﴿فَمَن خَافَ مِن مُوص جَنَفاً أَو إثماً فَاَصلَحَ بَينَهُم فَلَا إثمَ عَلَيهِ﴾(2)
في حديث علي (عليّه السلام) في فضل الجهاد:«درعُ اللهِ الحَصينةُ، وجُنَّتهُ الوَثيقةٌ» (3) .
الجُنّة: بالضم: ماواراک من السلاح واستترت به منه. والجُنّة: السُّترة، والجمع الجُنَن.
يقال : جنَّ الشيء يجُنُّه جَنّاً: ستره. وکلّ شيء سُتر عنک فقد جن عنک.
وفي الحديث : «جُنَّ عليّه الليل» أي ستره، و به سُمّي الجن لاستتارهم واختفائهم
عن الأبصار، ومنه سُمّي الجنين لاستتاره في بطن أمّه(4)
ومنه حديث الباقر (عليّه السلام) عنه(صلی الله علیه وآله وسلم): «الصوم جُنّة من النار»(5)
وفي کتاب عليّ(عليّه السلام)لابن عبّاس: «قلبت لابن عمّک ظهر المِجَنَّ، ففارقته مع المفارقين»(6).
وضرب بقوله (عليّه السلام )مثلاً لمن يصير حرباً بعد کونه سلماً، فمن کان ناصراً لک عند لقاء العدّو فبطن ترسه إليک، فإذا تغيّر عليک وصار مع عدوّک فقد جعل إليک ظهرترسه (7).
وجاء في حديثه( عليّه السلام) في وصف الأتراک:«کأنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطَرّقةُ، يَلبَسُونَ السَّرَقَ، والدَّيبَاجَ، ويَعتَقِبُونَ الخَيلَ العِتَاقَ»(8).
المجانّ المطرّقة: التي يُطرق بعضها علي بعض کالنّعل المطرقة المخصوفة، أي التّراس التي أُلبِست العقَب شيئاً فوق شيء. وأراد (عليّه السلام )أنهّم عِراضُ الوجوه غلاظها، ومنه طارق النَّعلَ إذا صيرّها طاقاً فوق طاقٍ ورکّب بعضهاعلي بعضٍ (9). والمِجَنُّ: الوشاح. والمِجَنُّ التُرس، والجمع المَجانّ. وفي حديث السرقة: القطع في ثمّن المجَنّ» هو الترس، لأنّه يواري حامله، أي يستره، والميم زائدة(10) ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «لا يطولنَّ أحدکم شعر إبطيه
ص: 146
فإنّ الشيطان يتخّذه مجنّاً يستتر به»(1) وفي
الحديث: «ولي دفن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وإجنانه عليّ والعبّاس» أي دفنه وستره. ويقال للقبر الجننُ، ويُجمع علي أجنان.
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «جُعِل لهم من الصفيح أجنان».
والجِنَّان: هي الحيّات التي تکون في البيوت، وأحدها جانّ، وهو الدقيق الخفيف(2).
وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّ الأجل جُنَّة حصينة» (3) يعني من کان عمره إلي أجل معيّن، فإنّ الله لايخلّي بينه وبين من يريد قتله، فکأنَّ أجله ترسُ يتحصّن به (4).
سأل يعقوب بن شعيب أبا عبدالله (عليّه السلام) :عن الرجل أيرکب هَديه إنّ احتاج إليه؟ فقال: «قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : يرکبها غير مجهد ولا
متعب»(5).
مجهد: يقال: جهدتُ الدابّة أجهدتها: حملتُ عليّها في السَّير فوق طاقتها.
وجهده الأمرُ والمرضُ جَهداً. إذا بلغ منه المشقّة. ومنه جَهد البلاء. ويقال: جهدت
فلاناً جهداً، إذا بلغت مشقته (6) ومن هذا المعني جاء معني الجهاد في سبيل الله.
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «أجهز عليّه عمله»(7).
الإجهازاً: جَهزتُ علي الجريح وأجهزت اجهازاً، إذا أتممتُ عليه وأسرعتُ قَتله، وجهّزتُ ، بالتثقيل، للتکثير والمبالغة (8)ويقال للبعير إذا شرد أو مات: ضرب في جهازه(9). ومنه حديثه (عليّه السلام) : «لايُجهز علي جريحهم». أي من صُرِع منهم وکُفي قِتاله لايُقتل، لأنّهم مسلمون، والقصد من قتالهم دفع شرّهم ، فإذا لم يمکن ذلک إلّا بقتلهم قتلوا(10).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) : «دخلت علي أبي بکر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة فجلست ثمّ
ص: 147
أنت أنّةً، أجهش القوم لها بالبکاء ، فارتجّ المجلس، ثمّ أمهلت هنيئة حتّي إذا سکن
نشيج القوم وهدأت فورتهم افتتحت الکلّام بحمد الله والثناء عليّه والصلاة علي
رسوله»(1).
الجهش: يقال: جَهِش وجَهَش للبکاء يَجهَش جَهشاً وأجهش، کلّاهما: استعدّ له واستعبر.
والجهش: ان يفزع الإنسان إلي غيره وهو مع ذلک کأنّه يريد البکاء کالصبيّ يفزع إلي أمّه، وأبيه وقد تهيّأ للبکاء (2). ونيط دونها
ملاءة: أي علّق لها ستر.
من قولهم: ناط الشيء ينوطه نوطاً: علّقه(3). ومنه النياط: عِرق غليظ مُعَلَّقُ بالقلب، والجمع الأنوطة(4) والمُلاءة: الإزار والرَّيطة، بالضمّ والمد والجمع مُلاء وقيل مُلاه (5) .
النشيج: يقال: نشَج الباکي يَنشِجُ نشيجاً : إذا غَصّ البُکَاءُ في حَلقِه ولمّا يَنتَحِب(6)
ومنه حديث وفاة النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «فَنَشَج الناسُ يَبکون» وهو صوت معه توجّع وبکاء،کما يردد الصبيّ بکاءه في صدره(7).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي معاوية: «فإسلامُنَا قَد سُمِعَ، وَجَاهِليَّتُنَا لَاتُدفَعُ»(8).
الجاهلية: اسم وقع في الإسلام عليّ أهل الشرک، فقالوا: الجاهلية الجَهلاء(9).
وأراد (عليّه السلام) : في الجاهلية ماکان فينا سفاح ولا تعد ولا تقصير. وروي جاهليتکم لاتدفع، کما روي جاهليتنا لاتُدفع في الحسن(10) والجهل عليّ ثلاثة أضرب: الأوّل، وهو خلوّ النفس من العلم، وهذا هوالأصل، والثاني اعتقاد الشيء بخلاف ماهو عليه، والثالث فعل الشيء بخلاف ماهو حقّه أن یُفعل سواء اعتقد فيه اعتقاداً صحيحاً، أو فاسداً کمن يترک الصلاة متعمّداً (11) ومن هذا قال علي (عليّه السلام): «وَذَهَبتُم فِي أَعقَابِهِم جُهّالاً»(12).
ص: 148
وکلّ شيء استخففته حتّي تنزّقه فقد استجهلته. والمجهلة الأمر الذي يحملک عليّ
الجهل. وفي الحديث: «الولد مجهلة مَبخَلةُ مَجبنة». وأرض مَجهل: إذا کانت لايُهتدي فيها، والجمع مَجاهل(1) ومن المجاز: استجهلت الريحُ الغصنَ، إذا حرّکته (2)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الدنيا: فهِي مُتَجَهِّمَةُ لأهلهَا، عَابِسَةُ فِي وجَهِ طَالِبهَا»(3).
الجهومة: يقال: جَهَمتُ الرَّجلَ وتجهّمته، إذا أَکلحتَ في وجهه، وأستقبلته بوجه کريه. ورجل جَهم الوجه وَجَهِمه: غليظه، وفيه جُهُومة. ويقال للأسد: جَهم الوَجه.
والجَهمَةُ والجُهمَةُ: أوّل مأخير الليل، وقيل: هي بقيّة سوادٍ من آخره. والجَهام:
السَحاب الذي لا ماء فيه(4) ومنه قول کعب بن أسَد لحُيَيّ بن أخطَب «جئتني بجهَام».
أي الذي تَعرضه عليَّ من الدين لاخير فيه. کالجهام الذي لا ماء فيه(5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الجبال في الأرض: «وتَغلغُلِهَا مُتَسَرّبَيً فِي جَوبَاتِ خَيَاشِيمِهَا»(6).
الجوية: الحَفرةُ. والجوبةُ: فضاء أملَسُ سَهلُ بَين أرضين. وقيل: هي المکان المنجاب الوطيء من الأرض، القليل الشجر مثل الغائط المُستدير، ولا يکون في رملٍ ولا جبل، وإنما يکون في أجلاد الأرض ورحابها.سُمّي جوبةً لانجياب الشجر عنها،
والجمع جوبات، وجُوَب نادر. وانجابت الأرضُ: انخرقَت، وانجابت السَّحابة :
انکشفت(7).
ومنه حديث عليّ(عليّه السلام): «قَد انجَابَتِ السَّرَائِر لأَهلِ البَصَائِرِ» »(8)والجوب: الدَّرعُ تَلبَسُه المرأةُ. والجوب: الدَّلو الضخمة.
والجوب : التُرس ، والجمع أجواب، ويقال له أيضاً : جَؤبة. وفي حديث غزوة أُحد، وأبو طلحة مُجَوَّبُ علي النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) بحجَفةٍ، أي مُتَرَّسُ عليّه يقيه بها(9) والحجفة يقال التُرس إذا کان من جلود ليس فيه
ص: 149
خشَب ولا عَقَب.(1) وجُبتُ المفازةً: قطعتها.واجتبتُ الظلام والقميص.
وجُبتُ القميص: قوّرتُ له جيباً. وجيّبته: جعلتُ له جَيباً. وکلُّ مُجَوَّفٍ قُطِع وَسَطُه فهو
مَجُوبُ(2). ومنه قوله تعالي :﴿ و ثمّود الذين
جابوا الصَّخرَ بالوادِ﴾ (3). أي قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتاً (4). والجواب: رديد الکلام، والفعل: أجاب يُجيب.
وفي أسماء الله المُجيب، وهو الذي يُقابل الدُّعاء والسؤال بالعطاء والقَبُول، سبحانه وتعالي، وهو اسم فاعل من أجاب(5) ومنه قوله تعالي :
﴿وإذا سألک عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دَعوةَ الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لي
وليُؤمنوا بي لعلّهم يَرشُدون﴾(6).
فالدعاء بمعني العبادة، والإجابة بمعني القبول(7) کما فسّر (صلی الله علیه وآله وسلم) قوله تعالي : ﴿ إنّ الذين يستکبرون عن عبادتي﴾(8). بأن المراد بالعبادة هو الدعاء(9) وفي الحديث :«أنّ رجلاً قال: يارسول الله أيُّ الليل أجوَبُ دعوةً؟ قال: جوفُ الليل الغابر». أجوب، أُي أسرَعُ إجابةً، کما يقال: أطوعُ، من الطاعة. وقياس هذا أنّ يکون من جاب لا من أجاب،لأنّ ما زاد علي الفعل الثلاثي لا يُبني منه أفعَل من کذا إلّا في أحرف جاءت شاذّة(10).
والخياشيم: غراضيف في أقصي الأنّف بينه وبين الدَّماغ، وقيل: هي عروق في باطن الأنف، وقيل: الخيشوم أقصي الأنّف. وخياشيم الجبال أنّوفها. والخُشام: العظيم من الجبال(11).
في حديث عليّ( عليّه السلام):«ثُمَّ قَد نَسِينَا کُلّ وَاعِظٍ وَوَاعِظَةٍ، وَرُمِينَا بِکُلَّ فَادحٍ
وَجَائِحَةٍ»(12).
الجائحة: الشدّة والنازلة العظيمة التي تجتاح المال من سنةٍ أو فنتة.
وجاح الله ماله وأجاحه، بمعني، أي أهلکه بالجائحة. والجوح: الاستئصال، من الاجتياح. قال ابن شميل: أصابتهم جائحة، أي سنة شديدة اجتاحت أموالهم، فلم تدع لهم وَجاحاً. والوجاح: بقية الشيء. ومنه يقال: اجتاح
ص: 150
العدوّ مال فلان، إذا أتي عليّه (1).
ومنه الحديث: «أعاذکم الله من جَوح الدهر»(2) والفادحة: النازلة، تقول: نزل به أمر فادح، إذا غاله و بهظه (3).
في حديث عليّ عليّه السلام : «وَأخَلَفَتنَا مَخَايِلُ الجَودِ»(4).
الجَود من المطر: الذي لا مَطَر فوقه البتة. وجادَ المطرُ جَوداً: وَبَل فهو جائد، والجمع
جَود مثل صاحب وصَحب. وتقول: مُطِرنا مَطرَ تين جَودَين. وأرض مَجُودة: أصابها مَطر جَود، ويقال: جيدت الأرض، إذا سَقَاها الجَود. وجادت العينُ تجود جَوداً وجُؤوداً: کثر دمعها. وحَتف مُجيدُ: حاضر، قيل أخِذ من جَودِالمطر. وأجاده قتله. وجاد بنفسه عند الموت يَجُودُ. جَوداً وجُوُوداً: قارب أنّ يقضي. والعرب تقول: هو يجود بنفسه، معناه يسوق بنفسه، من قولهم: إنَّ فلاناً ليُجاد إلي فلان، أي يساق إليه. ويقال: إنّي لأُجاد إلي القائک، أي أشتاق إليک، کأنّ هواه جاده الشوق، أي مطره. ويقال للذي غلبه النوم: يجود، کأنّ النوم جاده، أي مطره. وقد جيدَ فلانُ من العطش يُجادُ جُواداً، وجَودَةً.
والجُواد: النعاس. والجود: الجوع(5) ومنه الخبر: «فإذا ابنه إبراهيمُ عليّه الصلاة والسلام يجود بنفسه». أي يخرجها ويدفعها کما يدفع الإنسان ماله يجود به. والجُود: الکرم. يُريد أنّه کان في النَّزع وسياق الموت(6) ورجل جواد سخي، وکذلک الأنّثي بغير هاء، والجمع أجواد، وجاودتُ فلاناً. فجُدته، أي غلبته بالجود، کما يقال: ماجدته من المَجد، واستجاده طلب جُوده »(7) وسُئل أبو الحسن (عليّه السلام )عن الجواد، فقال للسائل: «إنّ لکلامک وجهين فإنّ کنت تسأل عن المخلوق، فإنّ الجواد الذي يؤدّي ما افترض الله عليه ، وإنّ کنت تسال عن الخالق فهو الجواد إن أعطي، وهو الجواد إنّ منع، لأنّه إنّ أعطاک أعطاک ماليس لک، وإنّ منعک منعک ما ليس لک»(8).
وامرأة جواد ونسوة جود مثل نوار ونور(9).والجواد معناه المحسن المُنعم الکثير الإنعام والإحسان. يقال: جاء السخيّ من الناس، يجود جوداً، ولا يقال لله عزّ وجل: سخيّ، لأنّ أصل السخاوة راجع إلي اللين، يقال: أرض
ص: 151
سخاوية وقِرطاس سخاوي، إذا کان ليناً (1).
وباعتبار المطر والسخاء جاء حديث عليّ(عليّه السلام) عن وصف الأموات: «إنّ جِيدُوا لم يَفرحوا وإنّ قُحِطوا لم يَقنَطوا»(2)
في حديث علي (عليّه السلام) : «وَاعلَمُوا أَنَّ مَجَازَکُم عَلَي الصَّرَاطِ وَمَزَالِقِ دَحضِهِ،
وأهَاويِلِ زَلِلهِ، وَتَارَاتِ أَهوَالِهِ»(3).
المجاز: يقال: جزتُ الطريقَ، وجازالموضعَ جَوزاً وجؤوزاً وجوازاً ومجازاً، وجاز به وجاوزه جوازاً، وأجازه وأجاز غيره وجازه: سار فيه وسلکه. والمجازة: الطريق في السَّبخة. والمجازة: الطريق إذا قطعت من أحد جانبيها إلي الآخر.
وقولهم: جعل فلان ذلک الأمر مجازاً إلي حاجته، أي طريقاً ومًسلکاً(4).
ومن هذا المعني جاء المجاز في حديث عليّ (عليّه السلام): «الدنيا دار مجاز»(5). وجاء في حديث الباقر( عليّه السلام) : «الحائض والجنب لايدخلان المسجد إلّا مجتازين»(6).
وفي الحديث: «الضّيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، وما زاد فهو صَدقة».
أي يُضاف ثلاثة ايام فيُتکلَّف له في اليوم الأوّل ممّا اتسع له من برّ وإلطاف، ويُقدم له في اليوم الثاني والثالث ماحضره ولا يزيد علي عادته، ثمّ يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة، ويُسمّي الجيزة: وهي قَدرُ ما يجوز به المسافر من منهل إلي منهل، فما کان بعد ذلک فهو صدقة ومعروف، إنّ شاء فعل، وإنّ شاء ترک.
وإنّما کره له المقام بعد ذلک لئلاّ تضيق به إقامته فتکون الصدقة علي وجه المنّ والأذي. ومنه الحديث: «اجيزوا الوفد بنحو ما کنتُ أُجيزهم». أي: أعطوهم الجيزة
والجائزة(7)والجائزة: العطيّة، وأصله أنّ أميراً واقف عدوّاً وبينهما نهر فقال: من جاز هذا النهر فله کذا، فکلّما جاز منهم واحد أخذ جائزة.
وقيل: أصل الجائزة أنّ يعطي الرجلُ الرجل ماءً ويجيزه ليذهب لوجهه، فيقول الرجل إذا ورد ماءً لقيّم الماء: أجِزني ماءً، أي أعطني ماءً حتّي اذهب لوجهي وأجوز عنک، ثمّ کثر هذا حتّي سمّوا العطيّة جائزةً. والجواز: صک المسافر. والجواز: الماء الذي يسقاه
ص: 152
المال من الماشية والحَرث ونحوه. وقد استجزتُ فلاناً فأجازني، إذا سقاک ماءً لأرضک أو الماشيتک، وجوّز إبله: سقاها. والجوزة: السقية الواحدة. والمستجيز: المُستَسقي. وجوز کلّ شيء: وسطه، والجمع أجواز .
وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «أنّه قام من جَوز الليل يصلّي». وفي الحديث: «إنّ في النارأودية فيها حيّات أمثال أجواز الإبل»، أي أوساطها. والجوزاء: الشاة يبيضّ وسطُها.
والجوزاء: نجم يقال: إنّه يعترض في جوز السماء(1)وباعتبار التوسط في الأشياء يُفسر حديث الرضا (عليّه السلام) في فضل الإمام
وصفاته: «الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في
غياهب الدجي وأجواز البلدان والقفار»(2).
وأجزتُ علي الجريح: بمعني أجهزتُ عليّه(3) ومنه حديث أبي ذرّ : «قبل أنّ تجيزوا عليّ». أي تقتلوني وتُنفذوا في
أمرکُم. وفي حديث نکاح البکر: «فإنّ صمتت فهو إذنها، وإنّ أبت فلا جواز عليّها». أي لا ولاية عليّها مع الامتناع. ومنه حديث شريح: «إذا باع المجيزان فالبيع للأوّل، وإذا نکح المُجيزان فالنکاح للأوّل»(4) فالمجيز في حديث شريح: المأذون له في التجارة ، وهو الوليّ في الموضع الآخر(5) وجوّز له ماصنعه وأجاز له، أي سوغ له ذلک، وأجاز رأيه وجوّزه: أنّفده. وجاوزت الشيء إلي غيره وتجاوزته بمعني أجرته. وتجاوز الله عنه، أي عفا. وفي الحديث: «کنت أبايع الناس وکان من خُلَقي الجواز». أي التساهل والتسامح في البيع والاقتضاء(6) وفي الحديث المروي عن أبي قتادة عنه صلي الله عليّه وآله قال:«إنّي لأقوم في الصلاة أريد أن أطوّل فيها فأسمع بکاء الصبيّ فأتجوّز في صلاتي کراهيه أنّ أشقّ علي أمّه»(7)أراد من معني التجوّز: أخففها وأقللها، واقتصر عليّ الجائز المُجزي مع بعض المندوبات(8)
في الحديث : أنّ جبرئيل( عليّه السلام )أخبر النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم):
«أنّ الجوّاض لايجد ريح الجنّة».
والجوّاض: هو الجلّف الجافي(9) وقال الخليل: الجوّاظ: الفاجر، قال الشاعر:
ص: 153
جوّاظة جَعَنظر جِنعيظ (1).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «في الجائفة ثلاث وثلاثون من الإبل»(2).
الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف، وطعنة جائفة تخالط الجوف، وقيل: هي التيي تنفذه.وجافه بها وأجافه بها: أصاب جوفه (3)وأجفته
الطعنةً إجافةً وجُفته بها، کقولهم: أنّسأ الله أجله ونسأ الله في أجله؟(4)وأصل الجوف الخلاء، ثم استعمل فيما يقبل الشغل والفراغ فقيل جوف الدار لباطنها، وجوف الإنسان، وجوف الکعبة(5) وقال ابن الأثير: والمراد بالجوف هاهنا کلّ ما له قوّة مُحيلَة کالبطن والدَّماغ(6) وقد استُعير الجوف لظلمة الليل وعمقه في حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «لرکعتان في جوف الليل أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها»(7).
وفي الخبر : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «أجيفوا أبوابکم وخمّروا آنيتکم وأوکوا أسقيتکم، فإنّ الشيطان لايکشف غطاء، ولا يحل وکاءً، وأطفئوا
سرجکم فإنّ الفويسقة تضرم البيت علي أهله وأجسوا مواشيکم وأهليکم من حيث تجب الشمس إلي أنّ تذهب فحمة العشاء»(8).
أجيفوا الأبواب: ردّوها وأغلقوها (9).
والوِکاء: رباط الشيء، وقد يُجعل الوِکاء اسماً لما يُجعل فيه الشيء فيُشدُّ به. ومنه
أوکأتُ فلاناً جعلت له متکئاً. ويقال: أوکيت السّقاء ولا يقال: أوکات(10).
وأوکيت السقاء : شددت فمه بالوِکاءووکيته من باب وعد لغة قليلة(11).
والفويسقة: الفأرة ، والفسِق خروج الشيء من الشيء علي وجه الفساد، يقال: فسقت الرُّطَبَة، إذا خرجت من قشرها، وکذلک کلّ شيء خرج(12).
وسمّيت الفأرة فويسقة : لما اعتُقِد فيها من الخبث والفسق، وقيل لخروجها من بيتها مرّة بعد أخري. وقال النبيّ صلي الله عليّه وآله: «اقتلوا الفويسقة فإنّها توهي السقاء وتضرم البيت علي أهله»(13)والوجوب: الغروب، وجبت
ص: 154
الشمس وجوباً، غربت(1) وکلّ ساقط واجب، ووجبت الشمس ، إذا سقطت في المغرب(2) وفحمة العشاء: ظلمته(3) استُعير من سواد الفحم. وخمّروا آنيتکم: غطّوها، يقال: خمّرت الشيء تخميراً: غطّيته وسترته (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَ آجتَالَتهُم الشَّيَاطِينُ عن مَعرفَتِهِ، وَاقتَطَعَتهُم عِن
عِبَادتهِ»(5).
اجتالهم الشيطان: أي جالوا معه في الضّلالة ويقال للقوم إذا ترکوا القَصد والهُدي(6).
ومنه الحديث : «للباطل جولة ثمّ يضمحلّ».
هو من جوّل في البلاد، إذا طاف، يعني أنّ أهله لايستقرّون علي أمرٍ يعرفونه يطمئنون إليه(7)
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في خَلق الخلق والثناء علي الخالق: «أَنشَأ الخَلقَ إنشَاءً، وَابتَدأَهُ ابتِدَاءً، بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا».(8) الرَّويّة: من قولک: روّأتُ في الأمر، إذا أثبتَّ النَّظر، وريّأت فيه: فکرت (9). أي التفکّر في الأمر، وجرت في کلّامهم غير مهموزة(10).
وفي حديث عبد الله: «شرّ الروايا روايا الکذب». الروايا جمع روِيّة، وهي مايُروَّي
الإنسان في نفسه من القول والفعل، أي يزوّر ويفکّر ، واصلها الهمز، يقال: روأت في الأمر. وقيل: هي جمع راوية، للرجل الکثير الرواية ، والهاء للمبالغة. وقيل: جمع رواية، أي الذين يروون الکذب، أي تکثر روايتهم فيه(11)والإجالة: الإدارة ، ومنه يقال: أجالوا الرأي فيما بينهم (12).
في حديث السحابة الناشئة: «قال(صلی الله علیه وآله وسلم) : کيف ترون جونها؟ قالوا: يا رسول الله ما أحسنه وأشدَّ سواده!». قال: فکيف ترون رحاها؟ قالوا: يا رسول الله ما أحسنها وأشدّ. استدارتها! قال : فکيف ترون برقها، أخفوا أم وميضاً أم يشقّ شقّاً؟ فقالوا: يارسول الله بل يشقّ شقّاً، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : الحيا(13)
ص: 155
الجون: يطلق بالاشتراک علي الأبيض والأسود.
وقال بعض الفقهاء ويُطلق أيضاً علي الضوء والظلمة بطريق الاستعارة (1)والجون هو الأسود اليحموميّ وجمعه جُون. وأمّا قوله:
فکيف ترون رحاها» فإنّ رحاها استدارة السحابة في السماء ، ولهذا قيل: «رحا
الحرب»، وهو الموضع الذي يُستدار فيه لها.
والخفو الاعتراض من البرق في نواحي الغيم، وفيه لغتان. ويقال : خفا البرقُ يخفو
خفواً، ويخفي خفياً. والوميض أنّ يلمع قليلاً ثمّ يسکن وليس له اعتراض.
وأمّا الذي يشقّ شقّاً فاستطالته في الجوَّ إلي وسط السماء من غير أنّ يأخذ يميناً ولا شمالاً. والحياة المطر(2)والحيا مقصور، وإذا ثنيت قلت حييان، فتُبيَّن الياء لأنّ الحرکة غيرلازمة. وسُمّي المطر والخِصب «الحيا» لأنّ به تحيا الأرض والناس.
وإنّما أحياها من الحياة کأنّها کانت ميتة، بالمحل فأحياها بالغيث ومنه وصف ابن عباس العليّ (عليّه السلام): «و من الربيع خِصبَه وحياءه»(3).
وفي الحديث: «قد أنّاخت بکم الشرف الجون»(4) الجون: يقال للأسود ويقال للأبيض،
والأکثر الأسود(5) والشرف الجون: يعني الفتن المتوقعة. وهذا القول مجاز لأنّه عليّه الصلاة والسلام شبّه الفتن بالنوق المسنّات، لجلالة خطبها واستفحال أمرها، وجعلها جوناً، وهي السود هاهنا، لظلام منهجها والتباس مخرجها. ورواه بعضهم: «الشُّرُق الجون» بالقاف، أي أُمور عظام تأتي من قبل المشرق، وکلّ ما أِتي من ناحية المشرق فهو شارق، فشارق و شُرق کشارف وشُرف(6).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء: «اللُّهُمّ إنّا خَرَجنَا إليکَ نَشکُو إليکَ مَالَا يَخفَي عَلَيکَ، حِينَ ألجَأتنَا المَضَايِقُ الوَعرَة، وأَجَاءَتنَا المَقَاحِطُ المُجدِبَةُ»(7).
أجاءَه إلي الشيء: جاء به وألجأه واضطرّه إليه، قال زهير بن أبي سُلمي :
ص: 156
وجارِ، سارمُعتَمِداً إليکُم*** أجاءته المخافةُ والرَّجاءُ
قال الفرّاء: أصله من جئت، وقد جعلته العربُ إلجاء (1). فالفعل أجاء منقول من جاء إلّا أنّ استعماله قد تغيرّ بعد النقل إلي معني الإلجاء(2) ومنه قوله تعالي:﴿وفأجاءها المخاض إلي جِذع النخلة﴾ (3). والجِي والجَيء: الدعاء إلي الطعام والشراب، وهو أيضاً
دعاء الإبل إلي الماء، ويقال: جاجأتُ بالإبل إذا دعوتها للشرب. والجَيأةُ: الموضع الذي يجتمع فيه الماء. والجِئاوةُ والجياء والجياءة: وعاء توضع فيه القِدر. وقيل هي کلُّ ما وضِعت فيه من خصفةٍ أو جلدٍ أو غيره(4) والمقاحط المجدبة: السنون الممحلة، جمع مَقحطة (5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي: «فَوَلَّ مِن جُنَودِکَ أَنصَحَهُم فِي نفسِکَ لِلهِ وَلِرَ سُولِهِ وَلامَامِکَ، وَأنقَاهُم جَيباً» (6).
الجيب: للقميص ماينفتح علي النَّحر، والجمع أجياب وجيوب»(7) ونقاء الجيب کناية عن الأمانة (8)
ويقال: هو ناصح الجيب، أي نقي القلب(9)
في حديث عليّ( عليّه السلام) في صفة النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)والصلاة عليّه : «والدَّافِعِ جَيشَاتِ الأَبَاطَيلِ»(10).
الجيشان: جيشان القِدر. وکلّ شيء يَغلي ،فهو يجيش ، حتّي الهمّ والغصة في الصدر. والجيشات جمع جيشة، وهي المرّة من جاش، إذا ارتفع. وجاش الوادي يجيش جيشاً: زخر وامتدّ جدِاً. وجاش البحرُ جيشاً: هاج فلم يُستطع رکوبه.
والجيش: واحد الجيوش. والجيشُ: الجُند. ومنه يقال: جيّش فلان، أي جمع الجيوش ، واستجاشه، أي طلب منه جيشاً (11).وأراد (عليّه السلام) ثوران فتن المشرکين.
ومنه الحديث: «ستکون فتنة لا يهدأ منهاجانب إلّا جاش منها جانب» أي: فار وارتفع.
وحديث الاستسقاء: «ينزل حتّي يجيش کلّ ميزاب» أي: يتدفّق ويجري بالماء (12).
ص: 157
ص: 158
في الحديث : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «من عزّي حزيناًکُسي في المَوقِف حُلّة يُحبر بها»(1).
الحبور: السرور، وکذلک الحَبرة.
وأحبرني الأمرُ إحباراً، إذا سرّک(2) ومنه قوله تعالي : (في رَوضَةٍ يُحبَرُون) (3).
يَسرّون(4) أي يفرحون حتّي يظهر عليهم حَبارنعيمهم(5). وقد وصف عليّ (عليّه السلام )الدنيا بقوله: «لاتدوم حَبرَتُها»(6). ويقال : ذهب حَبرُ
الرجل وسَبرهُ، وقالوا: حِبرهُ وسِبرُه، وهو أعليّ، إذا تغيّرت هيئته وذهب جمالُه. وفي الحديث: «يخرج من النار رجلُ قد ذهب حِبرُهُ وسبرُه» أي بهاؤه وحُسنه.
ويقال: حَبِرَت أسنانُه، إذا اصفرّت صُفرةً غليظةً.
وقال يونسن : من هذا اشتقاق الحِبر الذي يُکتب به. والحَبر: العالِم (7).
وفي الحديث : إنّ الحسن بن عليّ (عليّه السلام) کفّن أُسامة ببُرد حِبَرَة، وأن عليّاً (عليّه السلام) کفّن سهل بن حنيف ببرد أحمر حِبَرَة (8) بُرد حِبَرة: علي الوصف، وبردُ حبرةٍ علي الإضافة، والجمع حِبَر وحبرات وزان عنبة عِنَب وعنبات. وهو ثوب يماني من قطن أو کتّان مخطط(9).
وفلان يلبس الحبير والحِبَرَة، وحَبَرات اليمن کان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يحبّها ويلبسها (10).
ص: 159
في الحديث روي محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن عليّ (عليّه السلام) يقول: «قضي عليّ (عليّه السلام) بِرَدّ الحَبيس وإنفاذِ المَواريث»(1).
قال الصدوق: الحبيس کلّ وقف إلي غير وقت معلوم، هو مردود عليّ الورثة(2).
وحبسته بمعني وقفته فهو حبيس والجمع حُبُس مثل بريد و بُرُد.
ويستعمل الحبيس في کلًّ موقوف واحداً کان أو جماعة.
وحبّسته بالتثقيل مبالغة، وأحبسته بالألف مثله، فهو محبوس ومحبّس(3).
وحبس الشيء أحبسه حبساً، إذا منعته عن الحرکة وأحبستُ الدابّة إحباساً، إذا جعلته حبيساً، فهو مُحبَس وحبيس(4)وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) عن وصفه (صلی الله علیه وآله وسلم): «أنار علماًلحابس»(5). والحابس هنا الذي يحبس نفسه عليّ ذات الله(6).
ومنه جاءت الکناية عن المرأة في حديث عليّ( عليّه السلام )عند ذکر أصحاب الجمل: «وأبرزا حبيس رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ولغيرهما»(7) أراد عليّه السلام عائشة مکنيّاً عنها.
والمِحبَس: ثوب يُطرح عليّ ظهر الفِراش. وفي لسان فلان حُبسة، إذا کان فيه ثِقَل(8).
ويقال: في لسانه حُکلة وحُلکة ورُتّة وتمتمة وفافأة ولفلفة وغُنمة وحُبسة، وکلّه واحد(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «فَاعتَبِروا بما کان مِن فِعل اللهِ بإبليسَ إذ أحبَطً عَمَله الطويلَ وجَهدَهُ الجَهِيد»(10).
حَبط العمل: يقال : حَبِط العمل حَبَطاً، من باب تعب، وحُبوطاً: فَسَد وَهَدر، وحَبَط لا يَحبِط من باب ضرب لغة. وأحبطتُ العمل والدَّمَ، بالألف: أهدرته(11). وحبط العمل عليّ أضرب، أحدها أن تکون الأعمال دنيويّة فلا تُغني في القيامة غِناءً، ومنها أنّ تکون أعمالاً أُخروية لکن لم يقصد بها صاحبُها وجه الله
ص: 160
تعالي(1)وأصل الحَبَط، بالفتح: أنّ تأکلّ الماشية الکلأحتّي تنتفخ بطونها، وهو الحُباط إذا أصابها ذلک.
وفي حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّ ممّايُنبت الربيعُ لما يقتل حَبَطأ أو يُلِمُّ». يُلِمُّ: يُدني من الموت(2).
عن أبي عبدالله( عليّه السلام )قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم):
«تَزوّجوا فإنّي مُکَاثِر بکُم الأُمَم غَداً في القيامة حتّي أنّ السقط ليجيء مُحبَنطياً علي بَاب الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: لا، حتّي يَدخل أبواي قَبلي»(3).
المحبنطي: قال أبو عبيدة: المحبنطي -بغير همز - المتغضّب المستبطيء للشيء، والمحبنطيء - بالهمزة - هو العظيم البطن المنتفخ. قال: ومنه قيل للعظيم البطن:
الحَبَنطأ.
وزعم الکسائي أنّ احبنطيتُ واحبنطأت الغتان.
والسقط: يقال السَّقط والسُّقط والسُّقط، عن أبي عبيدة، وقال أبو عبيد: ولا أحد يقول
بالفتح غيره(4) والمحبنطيء ممتنع امتناع طَلبَة، لا امتناع إباء.
يقال: احبنطأتُ، واحبنطيتُ. والنون والهمزة والألف والياء زوائد للإلحاق (5).
وقال بعضهم : المحبنطيء: الذي قد ألقي نفسه منبطحاً (6)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الخوارج «واحتَبلَکُم المِقدَارُ»(7).
احتبلکم: أي أوقعکم بحباله(8)والمحتبل: الذي أخذ في الحبالة والمقدار: الموت(9)ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «النساء حبائل الشيطان» (10). أي الفخ الذي يقع فيه الرجال من المعاصي والفجور کما ينصب الصائد حباله للصيد الذي يريد إيقاعه به. وحبائل الموت: أسبابه(11). والحبائل: عروق ظهر
ص: 161
الإنسان (1) ومنه حديث ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبدالله (عليّه السلام) عن رجل بال ثمّ توضأ وقام إلي الصلاة فوجد بللاً؟ قال: «لا يتَوضّأ، إنّما ذلک من الحَبائل»(2).
روي الصادق (عليّه السلام) «أنَّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) أتي برجلٍ أحبن قد استسقي بطنه وبدت عروق فخذيه وقدزَني بامرأة مريضة فأمر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فأتي بعرجون فيه مائة شِمراخ فضربه به ضربة واحدةً وضربها به ضربةً واحدةً وخلّي سبيلهما»(3).
الأحبن: هو الذي به استسقاء في بطنه. والسِقيُ، ماء أصفر يقع فيه ولا يکاد يبرأ (4).
والشمراخ: مايکون فيه الرّطَبُ، والشمروخ وزان عصفور لغة فيه، والجمع فيهما شماريخ، ومثله عِثکال وعُثکول وعِنقاد وعُنقُود(5) والعرجون: ألفافه من أغصانه
(6).
وسمّي بذلک لانعراجه وانعطافه ، ونونه زائدة(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وقد يَنحَسِرُ من ريشهِ، ويَعرَي من لباسِه، فيَسقُطُ تَتري، ويَنبُتُ تِباعاً، فَينحَتُّ من قَصَبه انحتاتَ أورَاقِ الأغصَان» (8). الانحتات: تساقط أوراق الشجر. يقال: تحاتَّت الشجرةُ: تساقط ورقها. وحتّ الرجلُ الورقَ وغيره حتّاً، من باب قتل: أزاله
(9) وحتّ الله ماله حتّاً، إذا أفقره.
والحتُّ: البعيرُ السريع السير، الخفيف، وکذلک الفرس، يقال: فَرَس حَتُّ (10) ومن هذا وصف عليّ عليّه السلام الصلاة: «إنّها لَتَحُتَّ الذّنُوبَ حَتَّ الوَرَقِ»(11). والقصب عظام اليدين والرجلين ونحوهما(12). واستعاره (عليّه السلام) لأعضاء الطاووس. وشبّه تحاتت الريش بمن عُري من لباسٍ قد لبسه.
ص: 162
في حديث الصادق( عليّه السلام) في وصف النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : «في دَومة الکَرَم مَحتِده»(1).
المَحتِدُ: الأصلُ والطبع (2) يقال: هو کريم المحتد، وهو في مَحتِد صدقٍ، وقومُ کرام المحاتِدِ (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن موت الإنسان ونهايته: «ونَظَرت إليه الحُتُوف مِن کَثَب»(4).
الحُتُوف: قضاء الموت. ويدلّ عليّه قول الأسود:
إنّ المنيّة والحُتُوف کلاهما***يَهوي المَخارِم يَرقَبان سوادي (5)ولايُبني منه فعل، يقال: مات حتف أنّفه، إذا مات من غير ضَرب، ولا قتل ، ولا حَرَق، ولا غرق (6) ومنه المثل «إنّ الجبان حَتفه من فوقه»(7) وجاءت موعظة عليّ عليّه السلام لمن فرَّ من الموت بقوله: «أنفُسُنا نَصب الحُتُوفِ»(8) کأنّه يُعرّض بمن يفرّ من الجهاد ونزال العدو.
في حديث علي( عليّه السلام) : «فلتکُن الدنيا في أعيُنِکُم أصغَر مِن حُثَالَةِ القَرَظِ، وقُرَاضَةِ الجَلَم»(9).
حُثالة القَرَظ: نُفَايته. والحُثالة والحُثال: الرديء من کلَّ شيء. وقيل: هو القُشارة من
التمر والشعير والأرزّ وما أشبهها(10) والقَرَظ: شجر عظام لها سوق غِلاظ أمثال شجرالجوز، وورقه أصغر من ورق التفّاح، وله حَبُّ يوضع في الموازين، وهو ينبت في القيعان واحدته قَرَظة، وبها سُمّي الرجل قَرَظة وقُريظة (11). والقُراضة: ماسقط بالقَرض، ومنه قُراضة الذهب. والقُراضة: فُضالة مايقرِضُ الفأرُ من خبزٍ أو ثوب أو غيرهما، وکذلک قَراضات الثوب التي يقطعها الخيّاط وينفيها الجَلَم. وأصل القرض في اللغة القطع، والمِقراض من هذا أُخذ(12). وجاء في حديثه (صلی الله علیه وآله وسلم) إلي عليّ( عليّه السلام) : «لکن حُثالة من الناس يُعيّرون زوّار قبورکم کما
ص: 163
تُعيّر الزانية بزناها ، أولئک شرار أُمّتي، لانالتهم شَفاعتي»(1).
ومنه الحديث:«أعوذ بک من أنّ أبقي في حَثلٍ من الناس ». وفي حديث الاستسقاء: «وارحم الأطفال المُحثَلَة». يقال: أحثَلتُ الصبيّ، إذا أسَأتَ غِذاءه.
والحثل: سوء الرَّضاع وسوء الحال(2) تقول: أحثَلَتهُ أُمّه، وأحثَله الدَّهرُ (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في الحثَّ علي العمل الصالح: «ولَزِمَ المَحَجّة البَيضاءَ»(4).
المحجّة: الطريق ، وقيل: جادّة الطريق، وقيل: محجّة الطريق: سَنَنه(5).
والبيضاء کناية عن الجادة الواضحة(6).وهي شريعة الإسلام، وفي وصف الشريعة بکونها بيضاء نقيّة تنبيهاً علي کرمها وفضلها، لأنّ البياض لمّا کان أفضل لون عند العرب عُبّر به عن الکرم والفضل، حتّي قيل لمن لم يتدنّس بمعابٍ: هو أبيض الوجه. ويحتمل أنّ يکون المراد منها کونهامصونةً عن التبديل والتحريف خاليةً عن التکاليف الشاقة (7) والحُجّة: البرهان والدليل، وقيل: ما دفع به الخصم(8) ومنه حديث الدعاء: «اللهمَّ ثبّت حُجَّتي في الدنيا لا والآخرة ».
أي قولي وإيماني في الدنيا، وعند جواب الملکين في القبر(9).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ الله احتجّ عليّ الناس بما آتاهُم وعَرّفهم» (10).
ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام )عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) : «أرسَلَه بوجوب الحُجَج، وظُهور الفَلَج، وإيضاح المَنهَج، فَبلَّغَ الرسَالةَ صَادِعاً بها، وحَمَل علي المَحَجَّةِ داّلاً عليّها» (11) .
والحجّة: السنّة، والجمع حجج، والحج: القصد للکعبة أو العمرة، والحِجّة: المرّة (12).
وجاء في الخبر أنّ الباقر (عليّه السلام )قال: «معني الحج الفَلاح، وحَجَّ فُلان: أفلح» (13).
ص: 164
قال الرضا (عليّه السلام) : «إنّ رسولَ الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يومَ القيامة آخذُ بِحُجزَةِ الله، ونحن آخذون بِحَجزة نبيّنا، وشيعتّنا آخذون بِحُجزتنا» ثمّ قال: الحجرة النور(1).
الحُجزة: معقد الإزار، وحُجَزة السراويل مجمع شدّه و الجمع حُجَز مثل غُرفة غُرَف (2).
وأخذ بحجزة فلان: استظهر به. وهذا کلّام آخذُ بعضه بحجزة بعض، أي متناظم
مُتَّسِق(3). والاحتجاز أنّ يشدّ ثوبه في وسطه، وإنّما هو مأخوذ من الحُجزة، ومنه حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أنّه رأي رجلاً محتجزاً بحبل أبرق وهو محرم فقال: ويحک! ألقه ويحک ! ألقه (4).
والحجز المنع بين الشيئين بفاصل بينهما. والحِجازسُمّي بذلک لکونه حاجزاً بين الشام والبادية (5)وقيل : لأنّه احتجز بالجبال (6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولقد بَلَغني أنّ الرَّجُلَ منهم کان يَدخُلُ علي المرأة المُسلِمةِ والأخري المُعَاهَدَةِ، فَيُنتزِع حِجلَها وقُلبَها و قَلائِدَهَا ورُعُثها»(7).
الحجل: الخَلخَال ، بکسر الحاء، والفتح لغة، ويُسمّي القيد حِجلاً علي الاستعارة والجمع حُجُول وأحجال»(8) وجاء في الحديث : أنّ النبيّ صلي الله عليّه وسلم قال لزيد: «أنت مولانا» فحجل. قال أبو عبيد: الحجل أنّ يرفع رجلاً ويقفز علي الأُخري من الفرح، وقد يکون بالرجلين معاً، إلّا أنّه قفز وليس بمشي(9).
وحجل الطائر حجلاناً: نزا في مشيه. وحجل في القيد حجلاً وحجلاناً: وثب،والغراب کذلک(10) وبذلک سُمّيت الغربان حواجل، لأنّها تنزو في مشيها. والحَجلةُ، والجمع حَجَل، ضرب من الطير، قال أبو حاتم : هي القبجة للأنّثي والذکر اليعقوب. والحَجَلةُ: الواحدة من الحجال التي يُجعل لها سجوف. وحجّلت العروس، إذا اتخذت لها حَجلةُ. وحجّلتُ عينه وحَجلت، إذا غارت ، للإنسان والبعير والفرس(11) وفرس مُحَجَّل:
ص: 165
هو الذي ابيضّت قوائمه وجاوز البياض الأرساغ إلي نصف الوظيف، أو نحو ذلک(1).
في حديث الباقر( عليّه السلام) : «يُحشر العبدَ يومَ القيامة ومانَدَي دماً فيدفع إليه شبه
المِحجَمة أو فوق ذلک فيقال له: هذا سهمک من دم فلان»(2).
المِحجَمة: بکسر الأوّل، قارورة (3). والحِجامة: حرفة الحاجم، وهو الحجّام، والحجم فعله(4)
في حديث الصادق( عليّه السلام) : «طاف رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم) علي ناقته العَضباء وجعل يستلم الأرکان بِمِحجَنه ويقبّل المِحجَن»(5)المحجن: کلّ عود معطوف الرأس(6)وقد يکون المحجن الصولجان (7) وِزَان مِقوَد، والجمع المحاجن(8). قال الهروي: وأمّا قوله في وصيته: وعليّکم بالمال واحتجانه ، فإنّ الاحتجان ضمک الشيء إلي نفسک وإمساکک إيّاه، وهو مأخوذ من المحجن، والمحجن العصا المعوجّة التي يجتذب بها الإنسان الشيء إلي نفسه(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَرأَيتُ أنَّ الصَّبرَ عليّ هَاتا أحجَي، فَصَبرتُ وفي العَينِ قَذًي، وفي الحَلق شَجاً» (10).
أحجي: يقال: إنّه لحجيُّ أنّ يفعل ذاک: أي لحريُّ(11)وهو حرٍ بکذا وحَرِيُّ، وحجٍ وحجيُّ. والصبر أحري بک وأحجي(12) أي أعظم قدراً وأملک للنفس(13). والحجا:
العقل، والحِجا: کلّ ما سترک. والأحجية اسم للمحاجاة، وحاجيته فحجوته، إذا ألقيتُ عليه کلّمةً محجية مخالفة المعني(14).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في دعائه للاستسقاء: «اللهمَّ خَرَجنا إلَيکَ حينَ اعتَکرت علينا حَدَابيرُ السّنينَ» (15)
ص: 166
حدابير السنين: جمع حِدبار، وهي الناقة التي أنّضاها السيرُ، فشبّه بها السنة التي فشا فيها الجَذبُ(1) يقال: دابّة حِدبير: بدت حراقيفه ويَبس من الهزال.
وناقة حِدبار وحِدبيرُ، وجمعها حدابير، إذا انحني ظهرها من الهزال ودَبِر (2) والحَدَابِرُ: الإکَامُ والنُّشُوز(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الصّبرُ يُناضِلُ الحِدثَان»(4).
الحِدثان: من قولهم: حَدَثان الدهر وحوادثه: نُوَبه، وما يَحدُث منه، واحدها حادِث، وکذلک أحداثه، واحدها حَدَث. والحَدَث والحُدثي والحادثة والحَدَثان، کلّه بمعني.
والحدثان: الفأس، عليّ التشبيه بحَدَثان الدهر(5) وحدثان الشيء، بکسر الحاء وسکون الدال: أوّله، وهو مصدر حَدَث يحدُث حُدوثاً وحِدثاناً.
ومنه حديثه (صلي الله عليّه وآله وسلم) لعائشة: «لولا جدثان قومِک بالکفر لَهَدمتُ الکعبة وبنيتها».
والحديث ضدّ القديم. والمراد به قرب عهدهم بالکفر والخروج منه والدخول في الإسلام، وإنّه لم يتمکّن الإسلام في قلوبهم(6)وباعتبار أوّل الشيء وبدايته قيل للفتي حدَث في أول شبابه، ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «إنّما قلبُ الحَدَثِ کالأرض الخَالية» (7).
وفيه «يبعث اللهُ السحاب فيضحک أحسن الضّحک ويتحدّثُ أحسن الحديث».
شبّهه بالحديث لأنّه يُخبر عن المطر وقرب مجيئه، فصار کالمحدّث به علي المجاز(8)
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) إلي کميل: «مَعرِفَةُ العلم دِينُ يُدانُ به، به يَکسِبُ الإنسانُ الطاعَةَ في حَياته، وجَميل الأُحدُوثَةِ بعد وَفاته»(9). يقال: صار فلان أحدوثة: أکثروا فيه الأحاديث(10). والحَدَث: الأمر الحادث المنکرالذي ليس بمعتاد، ولا معروف من السنّة (11).
ص: 167
ومن هذا الاعتبار کتب عليّ (عليّه السلام) لمعاوية عن عثمّان: «وما کنتُ لأعتَدِرُ من أنّي کُنتُ أَنقِمُ عليّه أحداثاً»(1). وفسر الصادق(عليّه السلام)
«الحدث» بالقتل، کما روي حميل عن أبي عبدالله(عليّه السلام) قال: «لعن رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم ) مَن أحدَثَ بالمدينة حَدَثاً، أو آوي مُحدِثاً، قلت: وما ذلک الحدث؟ قال: القتل»(2) وفي الحديث عن عبّاس بن هلال قال: سمعت الرضا (عليّه السلام) يقول: «إنّي أحبّ أنّ يکون المؤمن محدّثاً». قال: قلت: وأيّ شيّء يکون المحدَّث؟ قال: المفهّم،(3). المحدّث: المَلهَم، وهو الذي يُلقي في نفسه الشيء فيُخبر به حَدساً وفراسة.(4) أو الصادق الظنّ (5).
وعن أبي جعفر( عليّه السلام) : «المحدّث الذي يُحدّث فيسمع، ولا يعاين ولا يري في منامه»(6).
وروي عن أبي عبدالله وأبي جعفر(عليّه السلام) أنّهما قرءا قوله تعالي: ﴿ وما أَرسَلنا مِن قَبلِکَ مِن رَسُولٍ ولانَبيّ ولا مُحدَّث﴾ (7). وفسّرا قراءتهما «مُحدَّث» في الآية بأنّه الذي يسمع الصوت ولايري الصورة(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن فضل الإسلام:« و خَذَلَ. مُحَادّيه بِنَصرِه، وهَدَمَ أرکانَ
الضَّلالَةِ بِرُکنِه»(9).
المحادّة: المخالفة والمنازعة، ومنع مايجب عليک، وهو مفاعله من الحدَّ کأنّ کلّ واحدٍ منهما يجاوز حدّه إلي الآخر. وکذلک التحادّ(10). والمحادّة والتحادّ إمّا اعتباراً بالممانعة، وإمّا باستعمال الحديد.. ومن هذا يقال : لسان حديد نحو لسان صارم وماضٍ ، وذلک إذا کان يؤثّر تأثير الحديد(11). ومن المجاز: احتدَّ عليه: غضب، وفيه حدِّة، وهو حديد، وهو من أحدّاء الرجال (12). والحدّة: مايعتري الإنسان من النزق والغضب.
والحدّة: کالنشاط والسرعة في الأمور والمضاء فيها مأخوذ من حدَّ السيف. ورجل
ص: 168
محدود عن الخير: مصروف(1). وحددته عن أمره، إذا منعته فهو محدود. ومنه الحدود المقدّرة في الشرع ، لأنّها تمنع من الإقدام.
ويُسمي الحاجب حدّاداً ، لأنّه يمنع من الدخول (2).
و به سُمّي السجّان حدّاداً لمنعه، کأنّه يمنع من الحرکة، قال الشاعر:
يقول لي الحدّادُ وهو يقودني*** إلي السَّجن لا تَجزَع فما بک من باس
وأحدّت المرأة وحدّت، إذا ترکت الطّيب والزينة بعد زوجها (3) وحددتُ الدارَ حدّاً: ميّزتُها عن مُجاوراتها بذکر نهاياتها(4).
ومنها جاءت الاستعارة في حديث عليّ(عليّه السلام )في التوحيد والحمد:«لا يَشغَلُه سَائِل ، ولايَنقُصُه نَائِل، ولايَنظُر بِعَينٍ، ولايُحدُّ بأينٍ، ولايُوصَفُ بالأَزوَاجِ، ولا يُخلَقُ بِعِلَاج» (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : « يَتحدر عنيّ السَّيلُ، ولا يَرقَي إليّ الطَّيرُ»(6)
انحدار السيل: کلّ شيء تحدره من علوّ إلي سُفل حَدر.
وهو الانحدار . ومنه حدرت العين الدَّمعَ، فانحدر وتحدّر (7).
وأراد (عليّه السلام) أنّه عالي المکان بعيد المرتقي، لأنّ السيل لاينحدر إلّا عن الأماکن العالية والمواضع المرتفعة (8) ورقي إلي الشيء رُقيّاً ورُقوّاً وارتقي يرتقي وترقيّ: صعد(9). وأراد (عليّه السلام) بقوله انّها ممتنعة علي غيري ولايتمکّن منها ولا يصلح لها (10)
ومنه قوله : «وکم عسي أنّ يکون بقاءُ مَن لَه يوم لايَعدوه، وطالبُ حثيث في الدنيا
يَحدوه حتّي يُقارقها»(1) والذي يجدوه هو
الموت الذي يسيّره حتّي يفارق هذه الدنيا.
وفي دعاء السجاد(عليّه السلام) : «اللهم إنّه يَحجبني عن مَسألتک خِلال ثلاث، وتَحدُوني عليّها خَلَّةُ واحدةُ...إلي أنّ قال : ويَحدُوني عليّ مَسألتک تفضّلک علي من أقبل بِوجهِه إليک، ووفَدَ بحُسن ظَنّه إليک». حدوته عليّ کذا، بعثته عليّ کذا(2).
أي يدفعني عليّ المسألة ماذکر(عليّه السلام) . ومن هذا جاء کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر: «فإنّ تَعاهُدَکَ في السرَّ لأمورِهِم حَدوةُ لهم علي استِعمَال الأمَانَةِ»(3)وفي الحديث : قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله وسلم) : «زاد المسافر الحداء والشعر ما کان منه ليس فيه خَنَا» (4).
الحُداء: يقال : حدا الإبلَ حَدواً، وهو حادي الإبل وهم حُداتها، وحَدَا بها حُدَاءً، إذا غنّي لها (5) والخنا: الفحش، وقد خني عليّه خَنيً. وأخني عليّه في کلامه: أفحش عليه (6).
والمراد أنّ التعلل بأغاريد الحُداء، وأناشيد القريض، يقوم للمسافرين مقام الزاد المبلّغ في إمساک الأرماق والاستعانة علي قطع المسافات(7).
ومن سَوق الإبل وسيرها جاءت الاستعارة في حديث عليّ( عليّه السلام) في أمرعثمّان:
«وکان طَلحَةُ والزُّبَيرُ أَهوَنُ سَيرِهِما فيه الوَجيفُ، وأرفَقُ حِدَائِهما العَنِيفُ»(8)
بحِذائه(1). والحِذاء: ما يُليس من النعال المحذوّة. وفي الحديث عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) في ضالّة الإبل: «مالک ولها معها حِذاؤها
وسِقاؤها»(2) والحِذوة: القطعة من اللحم، حذوتُ له حُذوة وحِذوة وحِذية، وهي مثل الحُزَّة. والحُذَيّا: ما أعطيته صاحبک من غنيمةٍ أو جائزة. ويقال: حذوته أحذوه حَذواً وأحذيته أُحذيه إحذاءً، والاسم الحذيّا(3) وحذَي الخلُّ فاه يحذيه حَذياً، إذا قرصه.
والحاذ: الحال، ورجل خفيف الحاذ، أي خفيف الحال. قال الشاعر:
سيکفيک الجِعالةَ مستميتُ*** خفيفُ الحاذِمن فِتيان جَرمِ
والحاذ: نبتُ وهو ضربُ من الشجر (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «جَارُها مَحروب»(5).
الحَرَب: نهب مال الإنسان، وتَرکه لاشيء له. يقال: حُرِب ماله، أي سُلبِه، فهو محروبُ وحريب. وحَرَبه يحرُبه حَرَباً، مثل طلَبَه يطلبُه طَلَباً. والحربُ: نقيض السلم، أُنثي، لأنّهم ذهبوا بها إلي المُحاربة، وکذلک السَّلم، بالکسر ، والسَّلم، يُذهب بهما إلي المسالمة فتؤنّث. ودار الحرب: بلاد المشرکين الذين الاصُلح بينهم وبين المسلمين. ورجل حَربُ ومحرَبُ، بکسر الميم، ومحراب: شديد الحرب، شجاع. وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «فابعث عليهم رَجُلاً مِحرَباً»، أي معروفاً بالحرب، عارفاً بها، والميم مکسورة، وهو من أبنية المبالغة، کالمِعطاء، من العَطاء(6) ومنه حديث ابن عباس في علي (عليّه السلام) : «مارأيتُ مِحراباً مثله»(7). والمحاريب: صدور المجالس، ومنه سُمّي مِحراب المسجد، صدره وأشرف موضع فيه. قال الأصمعي: والعرب تُسمّي القصر محراباً ، لشرفه.
والمحراب : مأوي الأسد، يقال: دخل فلان علي الأسدِ في مِحرابه وغِيله وعَرينه.
ص: 171
والحرباء: مِسمار الدرع، وقيل: هو رأس المسمار في حَلقةِ الدَّرع، وجمعها حرابي.
والحِرباء: الظهرُ، وقيل: حرابيُّ الظهر: سَناسِنُه. وقيل: الحرابيَّ: لحمُ المَتن ، وحرابي المَتن لَحماتُه(1). والحِرباء: دويبَّةُ عليّ خِلقة سام أبرَصَ، والجميع الحرابيُّ، وأرض مُحَربئةُ کثيرة الحَرَابيّ. والحِرباء: نشز من :الأرض، کالحِزباء ، بالزاي.
والحُربة، بضم الحاء: وعاء کالجوالق. ويقال ليوم الجمعة: حَربَةُ، وجمعها: حَرَبات وحراب (2). والحربُ من ذلک جاء اشتقاقها،
وهو الحَرَب، أي الهلاک (3).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام )عن الدنيا والتنفير منها: «دارُ حَرَبٍ وسَلَبٍ ، ونَهبٍ
وعَطَبٍ. أهلها عليّ سَاقٍ وسِياق، ولَحَاقٍ وَفِرَاق، قد تَحَيَّرت مَذَاهِبُها ، وأَعجَزَت مَهَارِ بُهَا» (4).
وقامت الحربُ عليّ ساقٍ، إذا اشتدَّ الأمر وصَعُب الخلاص(5)
وجاء في الخبر أنّ المشرکين لما بلغهم خروج أصحاب رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم) إلي بدر يرصدون العير، قالوا: اخرجوا إلي معايشکم وحرائبکم، وروي بالثاء. الحرائب: جمع حريبة ، وهي المال الذي به قوام الرجل.
والحرائث: المکاسب، من الاحتراث، وهو اکتساب المال، الواحدة حريثة. وقيل: هي أنضاء الإبل، من أحرثنا الخيل وحرثناها، إذا أهزلناها. والحَرَبُ کالکَلَب، وقوم حَربي کَلبي، والفعلُ کالفعل، والعرب تقول في دعائها علي الإنسان : ماله حَرِب وجَرِب. (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ المَالَ والبَنِينَ حَرثُ الدُّنيا، والعَمَلَ الصَّالِحَ حَرثُ
الآخِرَة»(7).
الحَرث: الثواب والنصيب .والحرث : العمل للدنيا والآخرة. وحَرَث إذا اکتسب لعياله واجتهد لهم(8) ومنه قوله تعالي : ﴿مَن کان يُريدُ حَرثَ الآخِرنَزِد لَهُ في حَرثِه ومَن کان يُريد حَرثَ الدُّنيا نُؤتِهِ مِنهَا ومَا لَهُ في الآخِرَة من نَصيب﴾(9) .
ص: 172
وسمّي مايعمله العامل ممّا يبغي به الفائدة والزکاء حَرثاً علي المجاز(1). واشتقاق«الحارث» مِن أجد شيئين ، إمّا من قولهم: حَرَث الأرضَ يحرثها حرثاً، إذا أصلحها
للزَّرع. أو يکون من قولهم : حَرَث لدنياه ، إذا کسب لها(2).
وقد کُنّي عن جماع النساء بالحرث في قوله تعالي: ﴿ نِسَاؤکُم حَرثُ لَکُم ﴾(3).
تشبيهاً لما يُلقي في أرحامهن، من النطف التي منها النسل، بالبذور (4) وقد سمّي العرب النساء حرثاً کما قال شاعرهم:
إذا أکلّ الجرادُ حروثَ قومٍ*** فحرثي همّه أکلّ الجراد(5)
وفي حديث عبد الله: «احرثوا هذا القرآن» أي فتّشوه وثوّروه، والحرث التفتيش.
وقالت الأنّصار لمعاوية حين سألهم: مافعلت نواضحکم ؟ : حرثناها يوم بدر .
أي أهزلناها. يقال: حرثتُ االدابَّة وأحرثتها بمعني أهزلتها(6).
في حديث الصادق (عليّه السلام) في رسالته إلي أصحابه: «اتقوا الله أيتها العصابة وإنّ استطعتم أنّ لا يکون منکم محرج الإمام، فإن مُحرج الإمام هو الذي يسعي بأهل الصلاح من أتباع الإمام »(7).
التحريج: التضييق، والحرج: الضيق. وقال الزجّاج: الحرج في اللغة أضيقُ الضيق، ومعناه أنّه ضيق جدّاً . قال: ومن قال: رجل حَرَج الصدر، فمعناه ذو حَرَج في صدره، ومن قال: حَرِجُ، جعله فاعلاً. وکذلک رجل دَنَف، ذو دَنَف، ودَنِف ، نعت. وحَرَج إليه: لجأ عن ضيق. وأحرجه إليه: ألجأه وضيّق عليه. وأحرجتُ فلاناً : صيّرته إلي الحَرَج، وهو الضيق.
ومکان حَرَج وحَرِج: أي ضيّق کثيرالشجر. والحَرجَة : الغيضة. والحَرِج : الذي لا ينهزم کأنّه يضيقُ عليّه العُذر في الانهزام .والحَرجِ: الذي يهاب أنّ يتقدّم علي الأمر.
وحَرِجت عينه تَحرَجُ حرجاً، أي حارت(8)ومن هذا جاء قوله تعالي : ﴿ وما جَعَلَ عَلَيکُم في الدّينِ مِن حَرَجٍ﴾ (9). وذهب
ص: 173
الشيخ الطريحي إلي أنًّ معني الحديث:لا يکون منکم من يلجيء الإمام إلي مايکرهه، کأن يُقشي أمره إلي ولاة الجَور، فإنّه مَن فَعل ذلک بالإمام فقد سعي بأهل الصلاح(1) ومنه الحديث: «اللهم إنّي أحرج حقّ الضعيفين: اليتيم والمرأة». أي أُضيّقُه وأحرّمه عليّ مَن ظلمهما. يقال: حَرَّج عليّ ظُلمک: أي حَرَّمه (2).
وفي وصيّة النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)لعليّ (عليّه السلام) : «ياعليّ، إذا رأيتَ حيّةً في رَحلِک فلا تَقتلها حتّي تحرّج عليّها ثلاثاً، فإنّ رأيتها الرابعة فاقتلها فإنّها کافرة». هو أنّ يقول لها: أنتِ في حَرَج، أي ضيق، إن عُدتِ إلينا، فلا تلومينا أنّ نضيّق عليّک بالتتبّع والطّرد والقتل. وفسّر قوله (صلی الله علیه وآله وسلم) «حدّثوا عن نبيّ إسرائيل ولا حَرَج».
أي لابأس ولا إثمّ عليّکم أنّ تحدّثوا عنهم ماسمعتم، وإنّ استحال أنّ يکون في مثل هذه الأُمة، مثل ماروي أنّ ثيابهم کانت تطول.. لا أنّ يُحدَّث عنهم بالکذب. وقيل معناه أنّ الحديث عنهم إذا أدّيته علي ماسمعته حقاً کان أو باطلاً لم يکن عليّک إثمّ لطول العهد ووقوع الفَترة، بخلاف الحديث عن النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) لأنّه إنما يکون بعد العلم بصحّة روايته وعدالة رواته. وقيل: معناه أنّ الحديث عنهم ليس علي الوجوب، أي لا حرج عليکم إنّ لم تحدّثوا عنهم(3) وقد جاء في ذکر الملاحم في حديث عليّ (عليّه السلام) وما سيؤول إليه حال الناس: «تحلفون من غير اضطرِار، وتکذبون من غير إحراج»(4) والحَرج: سرير يُحمل عليّه المريض أو الميّت. والحَرَج من الإبل: التي لاتُرکَب ولا يضربها الفحل. ليکون أسمن لها، إنّما هي معدّة. والحِرج، بکسر الحاء: القطعة من اللحم، وقيل: هي نصيب الکلّب من الصيد، وهو ما أشبه الأطراف من الرأس والکُراع والبطن، والکلّاب تطمع فيها. وقيل : الحرج: قلادة الکلّب، والجمع أحراج وحِرَجة(5).
قال ابن دريد: والحِرج الذي يقال له الوَدع (6)
ص: 174
قال أبو جعفر(عليّه السلام) : «إنّ الله تبارک وتعالي يُحبّ إبراد الکَبد الحرّي. ومن سقي
کبداً حرّي من بهيمة أو غيرها أظلّه الله في ظلَّ عرشه يوم لا ظلّ إلا ظله»(1).
کبد حرّي: يقال: حرّت کبده، والمصدر الحرر، وهو يبس الکبد من العطش أو الحزن(2)والحِرّة :حرارة العطش والتهابه (3).
وحَرّ الرجلُ وأحرّ: عَطِش، وحرَّ القتل حرّاً و استحرّ: اشتد(4). ورجل حرّان: شديد العطش (5). وامرأة حرّي، کذلک، ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «أو أَبيتَ مِبطاناً وحَولي بُطُونُ غَرثَي، وأَکبَادُ حَرَّي»(6).
والحرَّة بالفتح: أرض ذات حجارة سود والجمع حِرار.
والحرور: الريح الحارّة، وحروراء: قرية بقرب الکوفة يُنسب إليها فرقة من الخوارج کان أول اجتماعهم بها، وتعمّقوافي أمر الدين حتّي مرقوا منه (7).
وفي حديث الشبرم رآه (صلی الله علیه وآله وسلم)عند أسماء ابنة عميس، وهي تريد أنّ تشربه فقال: «إنّه حار جار»، وأمرها بالسنا. وبعض الناس يرويه «حارّ يارّ»، وأکثر کلّامهم بالياء.
قال الکسائي وغيره: حارّ من الحرارة، ويارّ اتباع(8).
قال ابن قتيبة: وربّما جاءت الصفة فأرادوا توکيدها، واستوحشوا من إعادتها ثانيةً لأنّها کلّمة واحدة، فغيّروا منها حرفاً، ثمّ أتبعوها الأُولي، کقولهم : عطشان نطشان،کرهوا أنّ يقولوا: عطشان عطشان، فأبدلوا من العين نوناً. وکذلک قولهم: حَسَن بَسَن، کرهوا أنّ يقولوا: حسَن حسَن، فأبدلوا من الحاء باء، وشيطان ليطان(9).
ضممته وحفظته فقد أحرزته إحرازاً، والشيء مُحرَز. والموضع الحريز: الذي يُحرَز فيه الشيء (1) ومنه قولهم: أحرز قَصَب السَّبقِ، إذا سبق إليها فضمها دون غيره (2).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «بالدُّنيا تُحرَزُ الآخِرَة» (3).
في کتاب عليّ (عليّه السلام )للحسن (عليّه السلام) : «الحِرفَةُ مع العِفَّةِ خَيرُ مِن الغِني مَعَ الفُجُور»(4).
الحرفة: يقال حَرَف لعياله: کسب، والاسم الحرفة (5).
والاحتراف: طلب حِرفة للمکسب، والحِرفة حالته التي يلزمها في ذلک نحو القِعدة والجِلسَة (6).
وهو يحرِف لعياله: يکسب من ههنا وههنا، أي من کلَّ جانِب (7).
والمحارَف: المحروم المُدبِرُ(8) الذي حورف کسبه فميل به عنه کتحريف الکلّام يُعدل به عن جهته (9). ومن هذا جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «شکا رجلُ إلي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) الحِرفة، فقال: انظر بُيوعاً فاشترها ثمّ بعها فما ربحت فيه فالزمه» (10) والحُرف: حَبُ کالخردَل، والحَبّة منه حُرفة(11) ومنه يقال: شيء حرّيف للذي يلسع اللسان بحرافته.
وحرف الجبل: أعلاه المحدد وجمعه حِرَف. والحَرف: الوجهُ والطريق ، ومنه نزل القرآن علي سبعة أحرف (12). وکلّ کلمةٍ تُقرأ علي وجوهٍ من القرآن تُسمّي حَرفاً. يقال: يُقرأ هذا الحرف في حرف ابن مسعود، أي في قراءته(13). وباعتبار الطريق والعلم قال الصادق (عليّه السلام) : «علّم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) عليّاً (عليّه السلام) حًرفاً يفتح ألف حَرفٍ، کلّ حرفٍ منها يفتح ألفَ حرفٍ (14).
في حديث فاطمة( عليّها السلام): «وأُضيع الحريمُ وأُزيلت الحُرمة عند مماته»(15).
الحرام: ضد الحلال، والحِرم ضدّ
ص: 176
الحِلّ(1) والممنوع يُسمّي حراماً تسميةبالمصدر، ويقال: حَرُم الشيءُ بالضم حُرماً وحُرُماً ، مثل عُسر وعُسُر: امتنع فعله. وحرّمت الشيء تحريماً.
وباسم المفعول سُمّي الشهر الأوّل من السَّنة وأدخلوا عليّه الألف واللام لَمحاً للصفة في الأصل ، وجعلوه علماً بهما مثل النّجم والدَّبران ونحوهما، ولا يجوز دخولهما علي غيره من الشُّهور عند قوم، وعند قوم يجوز عليّ صفر وشوّال (2).
و سُمّي المحرّم محرّماً في الإسلام، وکان في الجاهلية يُسمّي أحد الصَّفرَين لأنّهم کانوا
يُنسِئونه فيحرّمونه سنة ويحلّونه سنة(3).
وأُزيلت الحرمة: الحُرمة المرادة هنا من قولهم: أحرم الرجل، إذا دخل في حُرمة تُهتک(4) وکذلک المَحرَمة والمحرُمَة ، بفتح الراء وضمّها.
والحريم: ماحُرّم فلم يُمسَّ، وأصل ذلک أن العرب في الجاهلية إذا حجّت البيت تخلع
ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحرم ولم يلبسوها ماداموا في الحرم.
وأحرم الرجل، إذا صار في حُزمٍة من عهد أو ميثاق هوله حُرمة من أنّ يُغار عليه.
والحرمة: المهابة. وحَرُم الرجل: عياله ونساؤه ومايحمِي ، وهي المحارم واحدتها مَحرَمة ومَحرُمة. وجمع الحريم حُرُم. والحريم قَصَبة الدار، والحريم فِناء المسجد.
وقيل: إنّ حَريم الدار مادُخِل فيها ممّا يُغلَق عليه بابّها، وماخرج منها فهو الفِناء.
وفي الحديث : حريم البئر أربعون ذراعاً. هو الموضع المحيط بها الذي يُلقي فيه ترابها، أي أنّ البئر التي يحفرها الرجل في موات فحريمها ليس لأحدٍ أنّ ينزل فيه ولا ينازعه عليها، وسُمّي به لأنّه يَحرمُ منع صاحبه منه، أو لأنّه محرّم علي غيره، التصرّف فيه(5) وحريم البئر العادية خمسون ذراعاً (6). وحريم قبر الحسين خمسة فراسخ من أربع جوانبه. وفي رواية عن الصادق (عليّه السلام): عشرة أميال (7).
منه قوله تعالي: ﴿ومَن يُعَظّم حُرُماتِ الله فَهُوَ خَيرُ لَهُ عند ربّه﴾ (8).
الحرمة: ماوجب القيام به وحرم التفريط فيه (9). وأحرم الرجلُ إحراماً، من إحرام
ص: 177
الحجّ، وقومُ حُرُم وحَرام، أي مُحرمون.
وحَرَمت الرجل أحرِمه حرماناً و حُرماً، إذا سألک فمنعته، وربّما سُمّي المحدود الذي لايُصيب خيراً : محروماً(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الدنيا: «الجَامِحَةُ الحَرُون» (2).
الحرون: هي التي إذا استُدِرَّ جَزيُها وقفت، وإنَّما ذلک في ذوات الحافر خاصّة.
وفرس حزون من خيل حُرُن: لاينقاد ، إذا اشتدَّ به الجريُ وقف. والحَرون: اسم فرس کان لباهلة، إليه تُنسب الخيل الحرونية. يقال: حَرَنت الدابّةُ تحرُن حِراناً وحُراناً وحَرُنت ، لغتان. والمَحارين من العسل مالَزِقَ بالخليَّةِ فعَسر نَزعه، أخذ من قولک:حَرُن بالمکان حُرونةً، إذا لزمه فلم يفارِقهُ، وکأنّ العسل حرُن فعسُر اشتياره(3). والمِحرَن: المِندَف، والجمع المحارين. وقيل: المحارين: حبَّ القُطن. قال الأصمعي: أُحرُن هذا القُطن ، أي اندفهُ (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الفتنة: «ولو قَد فَقَدتُمُوني ونَزَلَت بِکُم کَرَائِهُ الأُمُور،
وحَوَازِ بُ الخُطُوب»(5).
حوازب الأمور: شدائدها. يقال: حزبني الأمرُ، إذا اشتد عليّ، والاسم الحُزابة. وأمر حازِبُ و حزيب، إذا کان شديداً (6) والحزبُ: الطائفة من الناس ، والجمع أحزاب، وتحزّب القومُ صاروا أحزاباً، ويوم الأحزاب: هو يوم الخندق. والحِزب: الوِردُ يعتاده الشخص من قراءة وصلاة وغير ذلک(7) والخطوب: واحدها خطب ، الأمرُ العظيم (8).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) مع القوم: «ويَصير مِنکم علي مِثل حَزّ المُدي ووخز السَّنان في الحَشَا»(9).
الحزّ: قطع في عِلاج. وقيل هو في اللحم ماکان غير بائن. يقال: حزّه يَحُزُّه حزّاً
ص: 178
واحتزّه احتزازاً (1). ومنه جاء حديث عليّ(عليّه السلام) :«طَعناً في عُيُونِکُم، وحَزّاً في حُلُوقِکُم»(2).
والمُدي: واحدها مُدية، وهي الشَّفرة. ويقال مِذية ومَدية(3). ووخز السنان: يقال :وخزه بالرُّمح والخنجر يَخِزُه وَخزاً: طعنه طعناً غير نافذٍ ، وقيل: هو الطعن النافذ في جنب المطعون (4)والحشي: مادون الحجاب ممّا في البَطن کلّه من الکَبد والطَّحال والکَرِش وماتبع ذلک حشي کلّه (5).
والحزازة: وَجَعُ في القلب من غيظٍ ونحوه والحَزازة: هِبريَةً في الرأس، وتُجمع علي حَزاز (6).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «لا صَلاة لحَاقِن ولا لِحَاقِب ولا لِحَازِق».
الحازِق: الذي به ضغطة الخفّ (7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) لفاطمة (عليّها السلام) : «فاحتسبي الله»(8).
الاحتساب: من الحَسب، کالاعتداد من العَدّ، وإنّما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله: احتسبه، لأنّ له حينئذٍ أنّ يعتدّ عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل کانّه معتدُّ به .
والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المکروهات، وهو البدار إلي طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنّواع البرَّ والقيام بها علي الوجه المرسوم فيها، طلباً للثواب المرجوّ منها(9).
ومنه الحديث: «من صَامَ رَمَضاناً إيماناً واحتِسَاباً ». أي طلباً لوجه الله وثوابه (10).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) :« لا حَسَب أبلَغ من الأدَب»(11). الحَسَب: الکرم، وقيل: هو الشرف في الفعل. وقيل: مايَعُدَّه الإنسان من مفاخر . آبائه. يقال: ماله حسب ولانسب.
والفعل من کلّ ذلک حَسُب، بالضم، حَسَباً وحسابةً، مثل خطُب خَطابةً، فهو حسيب، والجمع حُسباء (12) وفي حديث الصادق( عليّه السلام)
ص: 179
عنه (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّما يُبتلي المؤمن في الدنيا علي حَسب دينه»(1) أي قدر دينه من القوّة والضعف (2).
في حديث عليّ(عليّه السلام)في حثَّ أصحابه عليّ القتال: «فَقَدّمُوا الدّارِعَ، وأخّروا الحَاسِرَ» (3).
الحاسر في الحرب: الذي لادِرع عليّه ولا مِغفَر(4)وحسَرت المرأةُ ذِراعَها وخِمارها، من باب ضرب، کشفته فهي حاسر، بغير هاء. وانحسر الظلام وحَسَر البصرُ حُسُوراً، من باب قعد، کلَّ لطولِ مدي ونحوه فهو حسير، وحَسَر الماءُ، نضب عن موضعه.
والحسرةُ: التلهف والتأسّف، وحسّرته بالتثقيل، أوقعته في الحسرة، وباسم الفاعل سُمّي وادي مُحسَّر، وهو بين مني ومُزدَلِفَة، سُمّي بذلک لأنّ فيل أبرَهَةَ کلَّ فيه وأعيا، فحسّر أصحابه بفعله وأوقعهم في الحسَرات (5). وحسرتِ الناقةُ حسوراً ، إذا
أعيت، وأحسرتُها أنّا إحسارة ، إذا أتعبتها(6). ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام): «يَحسِرُ الحسير، ويقف الکسير» (7) وحسرت البيت، إذا کنسته . والمِحسَرة: المِکنَسة في بعضِ اللغات(8).
وفلان کريم المَحسِر، کناية عن المُختَبر(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «حَسَّا بالنَّصال»(10). الحَسُّ: القتل الذريع. وحسسناهم، أي استأصلناهم قتلاً. وفي الحديث «حسّوهم حسّاً» أي استأصلوهم قَتلاً(11). ومنه قوله تعالي:﴿ إذ تَحُسُّونَهُم بإذنه ﴾ (12) ويقال: جراد محسوس، إذا قتله البرد، والبردُ محسّة للنبت، أي محرقة له ذاهبة به. وسنةُ حَسوس، أي جدبة تأکل کلًّ شيء. وأصله من الحسَّ الذي هو الإدراک بالحاسة.
ص: 180
فمعني حسّه، أذهب حسه بالقتل (1) وجاء في الخبر: «جراد محسوس». محسوس: هو الذي مسّته النارُ حتّي قتلته (2).
في حديث فاطمة( عليّها السلام) : «فلمّا اختار اللهُ لنبيّه دارَ أنّبيائه ومَأوَي أصفيائه، ظَهَر فيکم حَسَکة النِفاق، وسَمُل جِلباب الدين، ونَطَق کاظمُ الغاوين»(3).
حسکة النفاق: الحسک نبات له ثمّرة خشنة تعلَق بأصواف الغنم، وکلّ ثمرة تُشبهها نحو ثمرة القُطب والسَّعدان والهراس وما أشبهه حسک، واحدته حسکة. والحسک من أدوات الحرب ربّما أخذ من حديد فألقي حول العسکر، وربّما أُخذ من خشب فنُصب حوله. والحَسَکُ والحسَکةُ والحسيکة: الحقد، علي التشبيه. وحَسِک عليّ، بالکسر ،حَسَکاً، فهو حَسِک: غضب(4). وسمل جلباب الدين: السَّمَل: الثوب الخَلَق، وکذلک السَّمَلة، وجمعه الأسمال والسُّمول. وأسمل الثوبُ واسمألّ وسَمُلَ: أخلق(5).
والجلباب السمل کناية عن رقة دينهم وضعفه، والعبارة من باب إضافة الصفة إلي الموصوف. وکاظم الغاوين: من قولهم: کظمت الغيظ أکظِمه کظماً إذا أمسکت علي ما في نفسک منه. والکَظامة والسدادة: ما سُدَّ به. والکِظامة قناة في باطن الأرض يجري فيها الماء. والکِظامة من المرأة: مخرج البول(6).
والکاظم بمعني المکظوم ومنه قوله تعالي: ﴿وابيضّت عيناه من الحزن فهو کظيم﴾(7) وکظيم فعيل بمعني مفعول من کظم السقاء إذا شدّه علي ملئه (8) والظاهر من قولها( عليّهم السلام ) کاظم الغاوين: رئيسهم ورأسهم.
والغاوي: الضال المضلّ. ومنه قوله تعالي:﴿ فاَتيَعَهُ الشَّيطانُ فَکانَ مِنَ الغَاوِين﴾ (9)
أي من الهالکين، وقيل : من الخائنين (10) وقد أستُعير الحسک للشدائد والمصائب في حديث عليّ (عليّه السلام) عن مصير الإنسان للموت:
«فَبَينَا هُو يَضحَکُ إلي الدُّنيا وتَضحَکُ إليه في ظِلَّ عَيشٍ غَفُول، إذ وَطِيءَ الدَّهر به حَسَکه، ونَقَضَت الأيّامُ قواه، ونظرت إليه الحُتُوف مِن کَثَب»(11).
ص: 181
في حديث عليّ (عليّه السلام): «حتّي لَقَد وُطِيءً الحًسًنان، وشُقَّ عِطفاي»(1)
الحسنان: هما الحسن والحسين (عليّهم السلام) وغلب في التثنية اسم الکبير علي الصغير،
وقيل : هما إيهاما الرجلين (2) عطفا کلّ شيء:جانباه. والعطاف الرَّداء، والجمع عُطُف وأعطِفة ، وکذلک المِعطَف. وسُمّي الرداء عطافاً لوقوعه علي عطفي الرجل، وهما ناحيتا عنقه(3).
والمعني في قوله: «وشُقَّ عِطفاي» هو خُدِش جانباي لشدّة الاصطکاک منهم والزحام (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن شأن طلحة والزبير: «لاُفرِطنَّ لهم حَوضاً أنّا مَاتِحُهُ، لايَصدُروُنَ عَنهُ بِرِيًّ، ولا يَعُبُّونَ بَعدَه في حشي»(5).
الحسيُ: السهل من الأرض يستنقع فيه الماء. وقيل: هو غلظ فوقه رمل يجتمع فيه ماء السماء فکلّما نزحت دَلواً جمّت أخري. والاحتساء: نبث التراب لخروج الماء(6).
ومعني کلامه( عليّه السلام )يُسقيهم کأساً لا يتجرعون سواها (7).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «وحشدة الإخوان»(8).
الحشد: الجماعة. يقال: حَشَد القومَ يَحشُدُهم بالکسر وبالضم: جمعهم. وحَشدوا وتحاشدوا: خفّوا في التعاون أو دُعُوا فأجابوا مسرعين، وهذا فعل يُستعمل في الجمع، وقلّما يقولون للواحد حَشَد، إّا أنّهم يقولون للإبل: لها حالب حاشد، وهو الذي لا يَفتُرُ عن حَلبِها والقيام بذلک. وحَشدوا يحشدون، بالکسر، حَشداً، أي: اجتمعوا وکذلک احتشدوا وتحشّدوا. وحشدَ القومُ وأحشدوا: اجتمعوا لأمرٍ واحد، وکذلک حشدوا عليه واحتشدوا وتحاشدوا. والحَشدُ والحشَدُ:
ص: 182
اسمان للجمع(1) ومنه حديث الصادق( عليّه السلام ):
أنّ أمير المؤمنين (عليّه السلام) استنهض الناس في حرب معاوية، فلما حشد الناسَ قام
خطيباً (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) بعد التحکيم في صفّين: «لَبِئسَ حُشّاشُ نارِ الحرب أنّتم» (3).
الحشّ: يقال : حشَّ النارَ يَحُشُّها حشّاً: جمع إليها ماتفرّق من الحطب، وقيل: أوقدها.
وحشَّ الحربَ يَحُشَّها حَشّاً کذلک، علي المثل، إذا أسعرها وهيجها تشبيها بإسعار النار. والمِحَشُّ: ماتُحرَّک به النار من حديد، وکذلک المِحَشّة. ومنه قيل للرجل الشجاع: نِعم مِحَشُّ الکتيبة(4). وفي الحديث : سُئل أبو الحسن الأوّل (عليّه السلام) عن بيت کان حُشّاً زماناً هل يصلح أنّ يجعل مسجداً؟ فقال (عليّه السلام): «إذا نظّف وأصلِحَ فلا بأس»(5).
الحُش: البُستان، وکُني به عن المُتواضّا(6).
والحَشّ والحُشّ: النخل المجتمع، والجمع الحِشّان. و به سُمّي الحش الذي تعرفه العامّة،
لأنّهم کانوا يقضون الحاجة في النخل المجتمع، فسُمّي الحَشُّ بذلک. ويُسمّي الحائش(7).
من کتاب عليّ(عليّه السلام )إلي عماله علي الخراج: «لاتُحشموا أَحَداً عن حَاجَته، ولاتَحبِسُوهُ عن طَلِبَتِه»(8) .
الاحتشام: التغضّب. وحشمتُ فلاناً وأحشمته ، أغضبته. والحِشمة: الحياءُ والانقباض. وحشمته: أخجلته . ويقال للمنقبض عن الطعام: ماالذي حشمک وأحشمک!(9) ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) في السارق: «إنّي لأحتشم أنّ لا أدع له يَداً»(10) وقوله (عليّه السلام) : «إذا اختشم المؤمن أخاه فقد
فَارَقَه»(11). من هذا. قال ابن دريد: وقول العامّة: احتشمت ، أي استحييت، کلّمة مولّدة، ليست بالعربية الصحيحة(12).
والحَشَمُ، بالتحريک: جماعة الإنسان اللائذون به لخدمته، سُمّوا بذلک لأنّهم يغضبون له (13).
ص: 183
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة من يتصدّي للحکم بين الأمّة وليس لذلک بأهل: «فإنّ نَزَلت به إحدي المُبهَمات هَيَّأ لها حَشواً رَثّاً مِن رَأيه ، ثمّ قَطَعَ به»(1).
الحشو من الکلام: الفضل الذي لايُعتمد عليه وکذلک هو من الناس (2)
وفي حديث البزنطي قال: «سألت الرضا (عليّه السلام) عن رِکعتي الفَجر، قال: احشوا بهما صلاة الليل»(3) هو علي التشبيه: أي أدخلهما فيها ولا تفرق بينهما(4) وفي حديث الزکاة: «خذ من حواشي أموالهم». حواشي الأموال: هي صغار الإبل، کابن المخاض، وابن اللبون، واحدها حاشية. وحجاشية کلَّ شيء جانبه و طَرَفه. ومنه الحديث : «مَحَاشِي النساء حرام». محاشي: جمع مِحشاة، لأسفل مواضع الطعام من الأمعاء، فکني به عن الأدبار (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) حين کلّم الخوارج: «أصَابَکُم حَاصِبُ ، ولابَقيّ مِنکُم آثِر». (6).
حاصب: عذاب من الله، ويقال للرِيح التي تحمل التراب والحَصي: حاصب، وللسَّحاب يَرمي بالبرد والثلج: حاصب، لأنّه يَرمِي بهما رَمياً(7).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام) : «احذروا أهواءَ کم کما تَحذَرون أعداءکم ، فليس شيء أعدَي للرجال من اتّباع أهوائهم وحَصَائِد ألسنتهم»(8).
الحصَد: الشيء المحصود. والحصد مصدر حصدتُ الزرع أحصِده وأحصُده حَصداً وحَصاداًفأنا حاصد(9). وحصائد الألسنة استعارة. شُبّه ماتخذف به ألسنتهم من الأقوال المذمومة التي تسوء عواقبهما ويعود عليهم وبالها بالزارع الذي يستوبيء عاقبة زرعه، والغارس الذي يستمِرّ ثمّرة غرسه، وهذا کقول القائل لمن أُخذ بجريرة، وعوقب علي جريمة: احصد مازرعت
ص: 184
واستوف أجرَ ماغرست(1) وقد استعار(عليّه السلام) حبّ الحصيد للخلّص المؤمنين في کتابه: حتّي تَخرُجَ المَدَرَةُ من بَين حَبَّ الحَصِيد» (2) والمدرة: هي صغار قطع الطين، وأرادبالمدرة المبدعين من بين المؤمنين (3) وحبّ الحصيد: أي مايُحصَدُ ممّا منه القوت(4). وهو اقتباس من قوله تعالي: ﴿ ونَزّلنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبَارَکاً فَأًنبتنا به جَنّاتٍ وحَبَّ الحَصِيد﴾(5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي: «ثُمّ اختَر للحُکم بَينَ الناسِ أَفضَلَ رَعيَّتک في نَفسِکَ، مِمَّن لاتَضيقُ به الأُمُور، ولاتُمَحّکُهُ الخُصُوم، ولا يَتَمادَي في الزَّلَّة ، ولا يَحصَرُ مِن الفَيء إلي الحَقّ إذا عَرَفه»(6).
الحَصَرُ: ضيق الصدر. وحَصِرَ صدرُه: ضاق.
والحَصَرُ: ضَربُ من العِيَّ، وحَصِر الرجلُ حَصَراً، مثل تعِبَ تَعبَاً، فهو حَصِرُ: عَيي في منطقه. وحصرني الشيء وأحصرني، أي حبسني. وأصل الحصر والإحصار المنع». (7)وقال أبو عبدالله(عليّه السلام) :«المحصور غيرالمصدود. وقال المحصور: هو المريض ، والمصدود هو الذي يردّه المشرکون کما ردّوا رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ليس من مرض، والمصدود تحلّ له النساء،(8)والمحصور لا تحلّ له النساء». والإحصار: أنّ يُحصر الحاجّ عن بلوغ المناسک بمرض أو نحوه. قال الفرّاء: العرب تقول للذي يمنعه خوفُ أو مرض من الوصول إلي تمام حجّه أو عمرته، وکلّ ما لم يکن مقهوراً، کالحبس والسحر وأشباه ذلک، يقال في المرض: قد أُحصِر، وفي الحبس إذا حبسه السلطان أو قاهر مانع: قد حُصِر (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الفجور دار حِصن ذليل، لايمنع أهله، ولا يُحرز من لجأ إليه» (10).
الحِصنُ: المکانُ الذي لايُقدَر عليه لارتفاعه، وجمعه حصون. وحَصُنَ، بالضم ،
ص: 185
حصَانةً فهو حصين، أي منيع(1) وتحصّن، إذا اتخذ الحِصن مسکناً، ثمّ يُتَجوَّزُبه في کلَّ تحرُّزٍ. ومنه درع حصينة لکونها حصناً للبدن، وفَرَس حِصان لکونه حصناً الراکبه(2)
والحصان: المرأة العفيفة ، وجمعها حُصُن(3) وَحَصَنت المرأةُ حُصناً وحَصَناً: امتنعت بالعفاف فهي حصان، وأحصنَ الرجلُ فهو مُحصَن ومُحصِن وحصنته امرأتُه وأحصنها. وللمرأة من غير أهل الإسلام، أسلمت (4). وباعتبار الحفظ والحياطة جاءت الاستعارة في حديث علي (عليّه السلام): «فالجُنُودُ - بإذن الله - حُصُونُ الرَّعِيّة» (5).
ومن معني الطاعة والتوحيد أراد (عليّه السلام) بقوله: «حصن الله المضروب عليّکم»(6).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «زَعَمتُم أنّ لاحُظوة لي ولا إرث من أبي ولا رَحَمَ بَيننا»(7).
الحظوة: بالضم والکسر ، ويقال: الحظة، المکانة والمنزلة وجمعه حظاً وحظاء، وقد حظي عنده يحظي حِظوةً. ورجل حظِيّ، إذا کان ذا حظوة ومنزلة(8).
وحظيت المرأة عند زوجها تحظي حظوة، إذا سعدت به ودنت من قلبه وأحبّها(9).
في حديث النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): أنّه سُئل عن الميتة متي تحلّ؟ فقال: «مالم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بَقلاً فشأنکم بها»(10) .
تحتفئوا: قال الأصمعي: لاأعرف« تحتفئوا» ولکنّي أراها «تحتفوا بها» بالخاء، أي تقتلعونه من الأرض. ويقال : اختفيت الشيء: أخرجته. قال: ومنه سُمّي النبّاش المختفي لأنّه يستخرج الأکفان، وکذلک خفيتُ الشيء، أخرجته. وقيل: الحفأ مهموز مقصور، هو أصل البَردي الأبيض الرطب منه،
ص: 186
وهو يُؤکلّ ، فتأوّله أبو عبيدة: مالم تقتلعوا هذا بعينه فتأکلّوه. قال أبو عبيد: وأخبرني الهيثمّ بن عدي أنّه سأل عنها أعرابياً، قال: فلعلّها تجتفئوا، بالجيم. قال أبو عبيد: يعني أنّ تقتلع الشيء ثمّ ترمي به. يقال: جفأت الرجل، إذا صرعته وضربت به الأرض، مهموز. وبعضهم يرويه: مالم تَختَفوا ، بتشديد الفاء، فإن يکن هذا محفوظاً فهو من احتففت الشيءکما تَحُفُّ المرأةُ وجهها من الشعر(1).
في حديث علي( عليّه السلام) : «تَحمِلُهُ حَفَدَةُ الوِلدان، وحَشَدةُ الإخوان ، إلي دَار غُربته»(2).
الحفدة: الحَفَدُ والحَفَدةُ: الأعوان والخدمة واحدهم حافد. وحفدة الرجل: بناته، وقيل: أولاد أولاده، وقيل: الأصهار.
والحفيد: ولد الولد، والجمع حُفَداء(3). ومنه قوله تعالي: ﴿ وجَعَلَ لکُم من أَزوَاجِکم بَنين وَحَفَدةً﴾ (4). والحفَدَ عند العرب : الأعوان، فکلّ من عمل عملاً أطاع فيه وسارع فهو حافدُ. والحفدان السرعة. ورجل محفود، أي مخدوم (5). وفي حديث أُم مَعبَد في وصفه (صلی الله علیه وآله وسلم): «مَحفُودَ مَحشود، لاعابِسُ ولا مُفيِد»(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في ذمّ الدنيا والتزهيد فيها: «فَهي تَحفِزُ بالفَنَاءِ سُکّانَها، وتَحدُو بالموتِ جِيرانها»(7).
الحَفز: الحثّ والإعجال. وحثّک الشيء من خلفه سوقاً وغير سوق. والحفزُ: الأجلُ في لغة بني سعد، وأنشد بعضهم: واللهِ أفعَل ماأردتُم طائعاً ***أو تضرِبوا حَفَزاً لِعامٍ قابلِ
أي تضربوا أجلاً. يقال: جعلت بيني وبين فلان حَفَراً، أي أمداً(8).
وفي الحديث: «أنه عليه الصلاة والسلام أتي بتمر فجعل يَقسِمُه وهو محتفز». .
أي: مستعجل مستوفز يريد القيام (9) ومن المجاز حديث علي(عليّه السلام) عن حال الناس في الدنيا: «ومِنهُم النَّاجِي علي بُطون الأموَاج ، تَحفِزُه الرَّيَاحُ بِأَذيَالِها، وتَحمِلُه علي أَهوَالِها» (10) وروي حريز، عن رجل، .
ص: 187
عن أبي جعفر (عليّه السلام) قال: قلت له:﴿ فصلَّ لربّک وانحر﴾ (1). قال:النحر: الاعتدال في القيام، أن يُقيم صلبه ونحره.
وقال: لاتکفّر فإنّما يصنع ذلک المجوس، ولا تلثّم ولا تحتفز، ولا تقع عليّ قدميک ولا
تفترش ذراعيک (2). لاتحتفز: أي لاتتضامّ في سجودک، بل تخوَّي کما يُخَوَّي البعيرُ الضامر، وهذا عکس المرأة ، فإنّها تحتفز في سجودها ولاتُخوَّي (3). والتکفير في الصلاة: هو الانحناء الکثير في حالة القيام قبل الرکوع(4). والتکفير: وضع إحدي اليدين عليّ الأخري (5).
والمعني الثاني هو المراد في الحديث.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ حَفيف أجنحة الحَمام ليطرد الشياطين»(6).
الحفيف: حفّ الفرسُ والريح والطائر والسهمُ حفيفاً، وهو صوت مروره(7).
فذلک حکاية صوته، والحف آله النساج سمي بذلک لما يسمع من حفه، وهو صوت حرکته (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن أهل الضلال:
«أقبل مزبدا کالتيار لا يبالي ماغرق، أو کوقع النار في الهشيم لايحفل ماحرق»(9).
الحفل: المبالاة. يقال: ما أحفل بفلان، أي ماأبالي به، وحفلت کذا وکذا، أي باليت به . والتحقل : التزين . والتحفيل : التزيين. ويقال للمرأة: تحقلي لزوجک ، أي تزيني لتحظي عنده. والحفيل والاحتفال: المبالغة. والحفال: الجمع العظيم، وحفل القوم يحفلون حفظ واحتفلوا : اجتمعوا. وحفالة الطعام: ما يخرج منه فيرمي به. والحفالة والحثالة: الرديء من کلّ شيء(10). وفي الحديث : «من اشتري محفلة فردها فليرد معها صاعا» (11). المحفلة: الشاة أو البقرة أو الناقة لا يحلبها صاحبها أيام حتّي يجتمع لبنها في ضرعها (12). وسميت محفلة لأنّ اللبن حُفِّل في ضرعها واجتمع، وکلّ شيء کثرته فقد حفلته. ومنه قيل: قد أحفل القوم، إذا اجتمعوا وکثروا. ولهذا سمي محفل القوم،
ص: 188
وجمع المحفل محافل(1) مأخوذ من الحفل: اجتماع الماء في مَحفِلهِ، تقول: حَفَل الماءُ يَحفِل حَفلاً وُحُفولاً وحفيلاً. وحفل الوادي بالسيل واحتفل: جاء بملء جنبيه. ومُحتَفَل الأمر: مُعظمه، والحافل يقال للضرع
وللوادي، وضرع حافل: ممتليء لبناً، وشعب حافل ووادٍ حافل، إذا کثر سيلهما. والتحفيل
مثل التصرية، وهو أنّ تُحلب الشاة أيّاماً ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع (2) ومنه الحديث: «بيع المُحفّلات خِلابة، ولاتحلّ خِلابة مسلم»(3).
الخِلابة يعني الخداعة، يقال: خلبته أخلبه خِلابة إذا خدعته (4) وروي منه الحديث : أنّ رجلاً کان يُخدع في البيع فقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : «إذا بايعت فقل: لاخِلابة»(5).
في الحديث : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : «حفّوا الشارب وأعفوا اللَّحَي، ولا تشبّهوا باليهود»(6).
إحناء الشارب: أحفي الرجل شاربه، بالغ في قصّه»(7) وأصل الإخفاء من أحفيت الدابّة جعلتها حافياً، أي: مسجح الحافر، والبعير جعلته منسجح الخفّ من المشي حتّي يرِقّ(8).
وتقول: هذا رجل حفٍ، إذا رقّت قدماه من المشي، وقد حَفِي يحفي حفي (9) وإعفاء اللحي: من قولهم عفوت الشعر أعفوه عفواً، وعفيته أعفيه عفياً: ترکته حتّي يکثر ويطول(10). والعفاء : ماکثر من الوبر
والرَّيش(11). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) لمّا دفن فاطمة مخاطباً الرسول عليّهما أفضل الصلاة والسلام: «و سَتُئبّئُکَ ابنَتُکَ بِتَضَافُرِ أُمّتِک علي هَضمِها، فأَخفِها السُّؤَال، واستَخبِرهَا الحال»(12). الإحفاء في المسألة: مثل الإلحاف، هو الإلحاح. وأحفي السؤال: ردّده.
وأحفاه: ألحّ عليّه في المسألة. وحَفِي به حفايةً ، فهو حافٍ وحَفِي، وتحفَّي واحتفي: لطف به وأظهر السرور والفرح به وأکثر السؤال عن حاله. ويقال: تحافينا إلي السلطان فرَفعنا إلي القاضي، والقاضي يُسمّي
ص: 189
الحافي(1).
في حديث فاطمة( عليّه السلام): «فدُونَکموها فاحتَقِبوها دَبرة الظهر، نقبة الخفّ، باقية
العار، موسومة بغضب الجبّار، وشنار الأبد»(2).
احتقبوها: يقال: احتقب خيراً أو شرّاً، واستحقبه: ادّخره، علي المثل ، لأنّ الإنسان حامل لعمله ومدّخر له. واحتقب فلان الإثمّ: کأنّه جمعه واحتقبه من خلفه، قال امرؤ القيس:
فاليوم أسقي، غير مُستَحقِب ***إثماً، من الله، ولا واغل
واحتقبه واستحقبه، بمعني ، أي احتمله (3). الدّبرة: قرحة الدابة والبعير، والجمع دَبر وأدبار. وأدبر الرجل، إذا دَبِر بعيره. وکذا دَبِر البعير يَدبَرُ دَبَراً، فهو دَبِروادبر.
وأنقب الرجل إذا حَفي خُفُّ بعيره(4) ونَقِب البعير يَنقَب فهو نَقِب، إذا رقّت أخفافهُ(5).
والشنار: العيب والعار. وقيل: هو العيب الذي فيه عار. والشّنار. أقبح العيب والعار .يقال: عار وشنار، وقلَّما يفردونه من عار(6).
وجاء حديثها (عليّه السلام) مجاز لرکوبهم مرکباً صعباً، لا استقامة فيه لهم. وفي حديث الصادق (عليّه السلام) :«لاصلاة لحاقن ولا لحاقب ولا لحازق». الحاقب: الذي به الغائط (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصفه تعالي: «فَأَشهَدُ أنَّ مَن شَبَّهک بتَبايُن أَعضاء خَلقِکَ، وتَلاحُم حِقَاقِ مَفَاصِلِهم المُحتَجِبَة لتَدبِير حِکمَتِک ، لم يَعقِد غَيبَ ضَمِيره عليّ مَعرِفتک» (8).
الحُقّ: النقرة التي في رأس الکتف. والحقّ: رأس العَضد الذي فيه الوابلة وما أشبهها.
وقيل: الحُقّ أصل الورک الذي فيه عظم رأس الفخذ(9) واحتجاب المفاصل بما غطّاها من اللحم والجلد. وفي الحديث: «ليس للنساء أنّ يحققن الطريق» هو أنّ يرکبن حُقّها ، وهو وسطها. يقال : سقط علي
ص: 190
حاقَّ القفا وحُقَّه (1). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) :
«إذا بلغ النساء نَصَّ الحِقاقِ فالعَصَبةُ أولي بها». يعني: الإدراک، وهو أنّ تقول: أنّا أحقّ ويقولون: نحنُ أحقّ (2) وفي حديث الباقر والصادق (عليّهم السلام) في صدقة الإبل: «حتي يبلغ تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها حقّتان طروقتا الفحل»(3)الحِقّ: بالکسر من الإبل ماطعن في السّنة الرابعة والجمع حِقاق، والأُنّثي حِقّة وجمعها حِقق. وأحقّ البعيرُ إحقاقاً، صار حقّاً، قيل: سُمّي بذلک لأنّه استحقّ أنّ يُحمل عليّه (4) وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «فإنًّ الصَّابِرينَ علي نُزول الحَقائقِ هم الذين يَحُفُّون بِرَايَاتِهم، ويَکتنِفُونَها: حَفافَيها، ووَراءَها، وأمَامَها»(5).
الحقائق: جمعُ حاقّةٍ، وهي النازلة والداهية، سُمّيت حاقة لأنّها تَحُقُّ کلًّ إنسان من خيرٍ أو شرًّ(6) ومنه قوله تعالي: ﴿ الحاقّة * ماالحاقَّة﴾(7)والحاقّة: القيامة، سُمّيت بذلک لأنّ فيها الثواب والجزاء، والعرب تقول: لما عرفت الحقّة منّي هربت، والحاقة، وهما في معني واحد (8)ويکتنفونها: يحيطون بها. وحِفَافاها: جانباها(9) وجاء في أسمائه تعالي الحقّ، والحقُّ معناه المُحُّق، ويُوصَفُ به توَسُّعاً لأنّه مصدَرُ، وهو کقولهم:
«غياث المستغيثين». ومعني ثانٍ يُراد به أنّ عبادة الله هي الحقُّ وعِبادةُ غيره هي البَاطِل. ويؤيّد ذلک قوله عزّوجلّ: ﴿ذلکَ بأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وأنَّ مايَدعُونَ مِن دُونِه هُوَ البَاطِلُ﴾ (10) أي يَبطُلُ ويَذهَبُ ولا يَملِکُ لأحدٍ ثواباً ولا عِقاباً(11) وجاء عنه (صلی الله علیه وآله وسلم) في الحديث:«من رآني فقد رأي الحقّ»، أي رؤيا صادقة ليست من أضغاث الأحلام، وقيل: فقد رآني حقيقة غيرمشَبَّه (12) ورؤيته في المنام حقيقة کما روي الرضا (عليّه السلام) أنّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) قال: «من زارني في منامه فقد زارني ، لأنّ الشيطان لايتمثّل في صورتي ولا في صورة أحدٍ من أوصيائي
ص: 191
ولا في صورة أحدٍ من شيعتهم»(1)
في حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «أنّه نهي عن لامُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ»(2).
المحاقلة: هي بيع الزرع وهو في سنبله بالبُر.
وهو مأخوذ من الحقل، والحقل هو الذي يسمّيه أهل العراق القراح(3).
والمحاقلة مفاعلة من الحَقل: وهو الزرع الذي يُزرع إذا تشعّب قبل أنّ تغلظ سوقه،
وقيل: من الحقل وهي الأرض التي تُزرع.
وقال أبو عمرو: الحقل الموضع الجادس، وهو الموضع البکرُ الذي لم يُزرع فيه قطّ.
وفي الحديث : ماتصنعون بمحاقلکم ، أي مزارعکم، واحدتها مَحقَلة من الحقل الزرع،
کالمبقلة من البَقل(4) وقال الزمخشري: الحقل: القراح من الأرض ، وهي الطيّبة التربة، الخالصة من شائب السَّبخ، الصالحة للزرع ، ومنه حقَل يَحقلُ، إذا زرع(5) ومنه المثل: لايُنبت البَقلةَ إلّا الحقلَةُ.
أي لايلد الوالد إلّا مثله. وقيل : يضرب للکلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس(6) والمزابنة: بيع التمر في رؤوس النخل بالتمر، والنهي عن ذلک لما فيه من الغَبن والجهالة (7) لايُعلم أيّهما أکثر (8).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : «لا صَلَاة لحاقِن ولا لِحَاقِب ولا لحازِق » الحاقن : الذي به البول، والحاقب: الذي به الغائط، والحازق: الذي به ضغطة الخف (9).
يقال :حقن البولَ يحقُنه ويحقِنُه : حبسه حقناً، ولا يقال : أحقنه و لاحقني هو.
واحتقن المريض: احتبس بوله. والحاقنة:المعدة صفة غالبة، لأنّها تحقن الطعام، ومنه سمّيت الحُقنة(10). والحاقب: هو الذي احتاج إلي الخلاء ، فلم يتبرّز ، وحصر غائطه، شبّه بالبعير الحقِب الذي قد دنا الحقَبُ من ثِيله، فمنعه من أنّ يبول. ويقال: حَقِب العام، إذا احتبس مطره. والحقَب بالتحريک : الحزام
ص: 192
الذي يَلي حَقوَ البعير. وقيل : هو حَبل يُشدّ به الرحل في بطن البعير ممّايلي ثِيلَه، ولا يقال
ناقة حَقِبة لأنّ الناقة ليس لها ثِيل (1).
والحازق: الذي ضاق عليّه خُفَّه فخرق رجله، أي عصرها وضغطها، وهو فاعل بمعني مفعول (2). وفيه حديث عليّ (عليّه السلام) أنّه ندب الناس لقتال الخوارج، فلما رجعوا إليه قالوا: «أبشر فقد استَأصَلناهُم ، فقال: حَزقُ عَير حَزقُ عَيرٍ، فقد بقيت منهم بقيّة».
الحَزق: الشدّ البليغ والتضييق . يقال: حزقه بالحبل، إذا قوّي شدّه. أراد أنّ أمرهم بَعد في إحکامه، کأنه حِمل حمار بولغ في شدّه. وتقديره: حزق حمل عير، فحذف المضاف، وإنّما خصّ الحمار بإحکام الحَمل، لأنّه ربّما اضطرب فألقاه.
وقيل: الحزق الضراط، أي أنّ مافعلتم بهم في قلّة الاکتراث له هو ضراط حمار.
وقيل: هو مثل يقال للمخبر بخبر غير تامّ ولا محصّل: أي ليس الأمر کما زعمتم (3).
في الحديث : روي صفوان قال: قلت لأبي عبدالله (عليّه السلام) : «إنّ معي أهلي وأنا أريد
الحجّ فأشدّ نَفقتي في حَقوي؟ قال: نعم فإنّ نعم أبي (عليّه السلام) کان يقول: مِن قُوّة المسافر حِفظ نفقته»(4) الحَقو: موضِعُ شَدّ الإزار، وهو الخاصِرة، ثمّ توسّعوا حتّي سمّوا الإزار الذي يُشَدُّ علي العورة حقواً، والجمع أحقٍ وحُقيُّ مثل فَلس وفُلُوس ، وقد يُجمع علي حِقاء مثل سهم وسهام (5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي في . وصف التجّار: «واعلَم - مع ذلک - أنّ في کَثيرٍ مِنهُم ضِيقاً فاحِشاً، وشُحّاً قَبيحاً، واحتِکاراً لِلمَنَافع».(6) الحُکرة: يقال : احتکر زيدُ الطعامَ ، إذا حبسه إرادةَ الغلاء، والاسم الحُکرة(7) وفلان حَصِرُ حَکِرُ: وهو المحتجن للشيء المستبدّ به. وفيه حَکرُ، أي: عُسرُ والتواء وسوء معاشرة(8).
ص: 193
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «فَأَصبَحَ بعد اضطِخَابِ
أَمواجِه سَاجياً مَقهوراً، وفي حَکَمة الذُلَّ مُنقاداً أسِيراً»(1).
الحَکَمة: حلقة تکون في فم الفرس. وحکمة اللجام: ماأحاط بحنکَي الدابّة، سُمّيت بذلک لأنّها تمنعه من الجري الشديد .
ومنه يقال: أحکمتُ فلاناً، أي منعته ، وبه سُمّي الحاکم لأنّه يمنع الظالم. وقيل: هو من
حکمت الفرسَ وأحکمته وحکّمته ، إذا قَدَعتَهُ وکففته. وحکمتُ السفيه وأحکمته إذا أخذت علي يده؛ ومن ذلک قول جرير:
أبني حنيفة ، أحکموا سفهاءکم(2). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «ما من عبد إلّا وفي رأسه حکَمَةُ وملک يمسکها»(3) ومن أسمائه تعالي «الحکيم». والحکيم معناه أنّه عالم، والحکمة في اللغة: العلم. ومنه قوله تعالي:﴿ ويُؤتي الحِکمةَ مَن يَشاء ﴾(4) ومعني ثانٍ أنّه مُحکَم وأفعاله محکمة مُتقنةُ من الفساد(5). ويقال لمن يُحسن دقائق الصناعات ويُتقنها: حکيم.
ومنه حديث صفة القرآن «هو الذَّکر الحيکم»، أي الحاکم لکم وعليکم، أو هو المُحکَم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب ،فعيل بمعني مُفعَل، أُحکِمَ فهو مُحکم.
وفي حديث ابن عباس: «قرأت المُحکَمَ علي عهد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)» يُريد المفصّل من القرآن، لأنّه لم يُنسَخ منه شيء. وقيل: هو مالم يکن مُتَشابهاً، لأنّه أحکِمَ بيانُه بنفسه ولم يَفتقر إلي غيره(6) وفي حديث إبراهيم :«حکّم اليتيم کما تحکّم ولدک». أي: امنعه من الفساد وأصلحه کما تصلح ولدک، وکما تمنعه من الفساد. وکلّ من منعته من شيء فقدحکّمته وأحکمته ، لغتان(7) وفسّرالصادق(عليّه السلام) الحِکمَة في قوله تعالي:﴿ ومن : يُؤتَ الحکمة فقد أوتي خيراً کثيراً﴾ (8) بأنّها معرفة الإمام واجتناب الکبائر التي أوجب الله عليّها النار (9) لأنّ الحکمة هي الفهم والدراية وتمنع الإنسان من الجهل والمکابرة.
في حديث عليّ (عليّه السلام)عن الإسلام: «کَريمُ
ص: 194
المِضمَارِ، رَفيعُ الغايةِ، جَامِعُ الحَلبَةِ، مُتَنافَسُ السُّبقَةِ »(1).
الحَلبَةُ: خَيلُ تُجمع للسَّباق من کلَّ أوب. لاتخرج من موضع واحد، ولکن من کلّ حيٍّ.
وحَلَبَ القومُ يَحلُبون حَلباً وحُلُوباً: اجتمعوا و تألّبوا من کلًّ وجه.
وأصل الإحلاب الإعانة عليّ الحَلب(2).
ومنه المثل: حلبتها بالساعد الأَشدّ. يُضرب للقادر علي الشيء. وحَلَبت حَلبَتَها ثم أقلعت. يُضرب لمن يُبرق ويرعد ولا يصنع شيئاً (3) وقد استعارة( عليّه السلام) لفظة الحَلبة للقيامة، والسُّيقة للجنة، وذلک لأنّ الدنيا مضماره وهي يسيرة، والقيامة حَلبته وهي مجمعه والجنّةسُبقته(4)وفي الخبر: لمّا رأي سعد بن معاذ کَثرة استشارة النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أصحابه يوم بدر قال: إنّه إنّما يستنطق الأنّصار شفقاً ألّا يستحلبوا معه علي مايُريد من أمره. استحلاب القوم مثل إحلابهم ، هو اجتماعهم للنصرة وإعانتهم، إلّا أنَّ في الاستحلاب معني طلب الفعل وحرص عليه(5) وفي الحديث : «کان إذا دُعي إلي طعام جلس جلوس الحلَب». وهو الجلوس علي الرُّکبة ليَحلب الشاة.
وقد يقال: احلُب فکلّ، أي اجلس، وأراد به جلوس المتواضعين(6)
وفي حديث فاطمة( عليّه السلام) : «و درّ حَلبُ الأيّام»(7) وقول عليّ (عليّه السلام) : «و يُرجَمَوا بالکَتائب تَقفوها الحَلَائِبُ» (8) حلب الأيام: من قولهم : أحلب القوم واستحلبوا ، أي اجتمعوا للنصرة والإعانة (9) ومن أمثالهم: «إنّک لتحلُبُ حَلباً لک شطره»(10) وحديثها(عليّه السلام)کناية عن إقبال الأمور.
في حديث عليّ(عليّه السلام )محذراً من طاعة أهل الکبرياء: «هم أَسَاسُ الفُسُوقِ،وأَحلاسُ العُقُوق»(11).
الأحلاس: يقال : رجل حِلس وحَلِسُ ومُستَحلِس: ملازم لايبرح القتال. وقيل: لا يبرح مکانه ، شُبّه بِحلس البعير أو البيت. والحِلسُ والحَلَسُ : کلُّ شيء وليَ ظهر البعير
ص: 195
والدابة تحت الرحل والقتب والسَّرج. ويقال لبساط البيت: الحِلس، ولحصره: الفحول، کما
نسب إلي ابن الأعرابي. وفلان حِلس بيته إذا لم يبرحه، عليّ المثل (1) ومن هذا جاءحديث الصادق (عليّه السلام) لسدير: «ياسدير الزم بيتک وکن حِلساً من أحلاسه و اسکن ماسکن الليل والنهار»(2). وکذلک الذي يلزم ظهرفرسه، فيقال: هو من أحلاس الخيل (3) يُراد به معني الشجاعة والفروسية. والحَلِس والحلابسُ: الذي لايبرح ويلازم قِرنه. والحلس، بفتح الحاء وکسرها: العهد الوثيق. تقول: أحلست فلاناً، إذا أعطيته حَلساً، أي عهداً يأمن به قومک، وذلک مثل سَهم يا من به الرجل مادام في يده. واستحلسَ فلانُ الخوفَ، إذا لم يفارقه الخوفُ ولم يأمن (4). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأحلَسُونا الخَوفَ، واضطَرّونا إلي جَبَل وَعرٍ»(5).
ورجل حلوس: حريص ملازم. ويقال: رجل حَلِس للحريص، وکذلک حِلسَمُّ، بزيادة الميم، مثل سِلغَدًّ، وأنشد أبو عمرو:
ليس بقِصلٍ حَلِسٍ حِلسَمَّ*** عند البيوت، راشِنٍ مِقمَّ
واستحلسُ النبُ، إذا غطّي الأرض بکثرته. واستحلس الليلُ بالظلام: تراکم.
واستحلسَ السَّنامُ : رکبته روادفُ الشَّحم ورواکبه. والأحلسُ: الذي لونه بين السواد والحمرة. وأحلست السماء: مطرت مطراً رقيقاً دائماً (6) ورجل مُحلِس: أي مُفلِسُ. والحَلسُ: أنّ يأخُذ المصَدَّقُ النَّقدَ مکان الإبل ، بالفتح. والحِلس: الرابع من القِداح(7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عنه (صلی الله علیه وآله وسلم) قال: «بادروا إلي رياض الجنّة . فقالوا: وما رياض الجنّة ؟ قال: حَلَق الذَّکر»(8) الحَلقة: کلّ شيء استدار کحلقة الحديد والفِضّة والذهب، وکذلک هو فيّ الناس، والجمع حِلاق وحِلَق وحَلَق. وحکي يونس عن أبي عمرو بن العلاء حَلَقة في الواحد،
ص: 196
بالتحريک، والجمع حَلَق وحَلقات(1)وفيه:
«أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم) نهي عن الحِلَق قبل الصلاة».
وفي رواية التحلّق. الحِلَق الجماعة من الناس مستديرون کحلقة الباب وغيره والتحلّق تفعّل منها، وهو أنّ يتعمّدوا ذلک(2).
وفي حديث حذيفة: «الجالس في وسط الحلقة ملعون». ويقال: هو تخطي الحلقة(3). وحلق الذکر المندوب إليها في الحديث هي التي يُذکر فيها الله، فهي مجالس عبادة ورحمة لذا وُصفت بالرياض.
وفي حديث الصادق(عليّه السلام) :« اتّقوا الحالقِة فإنّها تميت الرجال». وفسر(عليّه السلام) الحالقة بقطيعة الرحم(4).
الحالقة: هي الخصلة التي من شأنها أنّ تخلِق، أي تهلک وتستأصل، کما يستأصل الموسَي الشعر(5). ومنه: حلّق الطائر في جوَّ السماء، أي صعد. وفيه الحديث:«أنّه نهي عن بيع المُحَلَّقات» أي بيع الطير في الهواء(6).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «إذا بلغت النفس الحُلقوم أُري مکانه من الجنّة»(7)
الحُلقوم: الحَلق، وهو مجري النفس والسُّعال من الجوف، وهو أطباق غضاريف، وطَرفُه الأسفل في الرئة، وطرفه الأعليّ في . أصل عَکَدةِ اللسان، وجمعه حَلاقم وحلاقيم (8)
ومنه قوله تعالي: (فلولا إذابَلَغَت الحُلقُوم)(9)
ومنه قوله(صلی الله علیه وآله وسلم) في حديث يختصّ بصلاة الجمعة: «تُصلّي في حَلاقيم البلاد».
وهذا الکلام مجاز، وحلاقيم البلاد عبارة عن نواحيها وأطرافها والمداخل إليها، فکأنّه عليّه الصلاة والسلام وعلي آله شبه تلک الأطراف المُفضية إلي الأوساط بالحلاقيم التي هي الطرف إلي الأحشاء والأجواف(10)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ أهل البصرة: «خَفَّت عُقولُکُم ، وسَفِهَت حُلومُکُم، فأَنتُم غَرَضُ لِنابِل، وأکلّة لأکلٍ، وفَرِيسَةُلِصَائِل»(11).
ص: 197
الحِلم، بالکسر: الأنّاة والعقل، وجمعه أحلام وحُلُوم(1).
وسَفِهت حلومکم: قلَّت. وسَفِه رأيه وحِلمَه ونفسَه: حملها علي أمرٍسَفَها (2).
ومنه قوله تعالي: ﴿ومَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهِيم إلا من سَفِه نَفسَه﴾ (3)
سفه نفسه: امتهنها واستخّف بها. وأصل السفه الخِفّة. ومنه زمام سفيه(4)
وفي حديث ابن سنان لأبي عبدالله( عليّه السلام) : «أرأيت إنّ وجَدت عليّ قراداً أو حَلَمة أطرحها عنّي وأنا محرم»(5) الحلَم: القراد الضخم، والواحدة حلمة(6)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولا قَعقَعة لُجُم، ولا حَمحَمَةُ خَيلٍ» (7) الحمحمة: حَمحَم الفرسُ حَمحَمةً، إذا ردَّدً الصوتَ ولم يَصهَل کالمُتَنحنِح (8).
يقال: صَهَل الفرسُ يَصهِلُ صَهيلاً. وحَمحَمَ حَمحَمةً: إذا کان دون الصَهيل (9).
في حديث أم سلمة رحمة الله عليّها لعائشة: «حُماديات النساء غَضُّ الأبصارِ، وخَفَر الأعراضِ ، وقِصَر الوَهَازة»(10).
حماديات: أي غاياتهنُ ومنتهي مايُحمد منهنّ. يقال: حماداک أنّ تفعل ، وقصاراک أنّ تفعل، أي جهدک وغايتک(11) والحمدُ خِلاف الذّم، تقول: حَمِدتُ الرجلَ أحمَده حَمداً، إذا رأيتُ منه فعلاً محموداً واصطنع إليک يداً تحمّده عليّها، ومنه محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) کأنّه حُمِدَ مرّةً بعد أخري. وأحمدت الأرضَ أحمِدُها إحماداً، إذا رضيتُ سُکناها أو مرعاها(12).وخفر الأعراض: المراد بالعِرض عِرض الإنسان ، ذُمَّ أو مُدِح، وهو الجسد، وقيل في قولهم: شتم فلان عِرضَ فلان، أي ذکر أسلافه و آباءه بالقبيح، وأنکر ابن قتيبة أنّ يکون العِرض الأسلاف والآباء، وقال: العِرض نفس
ص: 198
الرجل(1).
وضبطها ابن الأثير بکسر الهمزة، وقال: خفَر الإعراض، أي الحياء من کلَّ مايُکره لهنّ أنّ ينظرن إليه، فأضافت الخفر إلي الإعراض، أي الذي تستعمله لأجل الأعراض(2).
أرادت أنّ محمدة النساء في غضّ الأبصار وفي التستر (3).
قصر الوهازة: أي قِصَر الخُطا. والوِهازة: الخَطو. وقد توهّز يتوهّز، إذا وطِيء وطئاً ثقيلاً وقيل: الوِهازة مِشيَة الخَفِرات(4) يقال: مرَّ يتوهّز، أي يغمز الأرض غمزاً شديداً، وکذلک يَتَوهّس، ومنه الأوهز: الحَسَن المِشيةِ، مأخوذ من الوهازة، وهي مشي الخَفِرات (5).
في حديث عليّ(عليّه السلام)في ذمَّ أصحابه وحثّهم علي الجهاد: «فإذا أمَرتُکُم بالسَّيرِ
إليهم في أيّام الحَرَّ قُلتُم: هذه حَمَارّةُ القَيظِ، أمهِلنا يُسَبَّخ عَنّا الحَرّ»(6).
حَمَارّة القيظ، بتشديد الراء، وحمارته: شدّة حرّه.
وحِمرّة الصيف ، کحمارّته، وحِمِرّة کلَّ شيء وحِمرُّه: شدته. والعرب إذا ذکرت شيئاً بالمشقّة والشدّة وصفته بالحُمرة،(7)ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) عن مروان: «ستلقي الأمّة مِنه ومن وَلَده يَوماً أحمَرَ»(8) وجاء في الحديث: «لو تعلمون مافي هذه الأمّة من الموت الأحمر» يعني القتل لما فيه من حمرة الدم، أو الشدّته، ويقال: موت أحمر، أي شديد، (9) وباعتبار الشدّة في الحرب قال عليّ (عليّه السلام): «کنّا إذا احمرّ البأسُ اتقينا برسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)» (10) والأحمر من الأبدان؛ ما کان لونه الحُمرة. وقولهم: أهلک النساء الأحمران، يعنون الذهب والزعفران، أي أهلکهنَّ حبّ الحلي والطيب. ويقال للذهب والزعفران: الأصفران، وللماء واللبن الأبيضان، وللتمر والماء: الأسودان. وقولهم : أهلک الرجال الأحمران، المراد اللحم والخمر، وقولهم:
أتاني کلّ أسود منهم وأحمر، ولا يقال: أبيض،
ص: 199
معناه جميع الناس عربهم وعجمهم، ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «بُعثتُ إلي الأحمر والأسود». والغالب عليّ ألوان العجم البياض والحمرة، وعلي ألوان العرب السُمرة والأدمة. ولذا قيل لأحدهم: أسود، ولأحد العجم: أحمر. ومنه قول عليّ (عليّه السلام) لعائشة: «إيّاک أنّ تکونيها ياحميراء، أي: يابيضاء»(1).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «و ايم الله إنّي لأظنّ بکم أنّ لَو حَمِس الوَغَي، واستَحَرَّ
المَوتُ ، قد انبَرجتُم عن ابن أبي طَالِب انفِراج الرَّأسِ» (2).
حَمِس الوغي: اشتدّ ، وکذلک حَمِش، وتحامسَ القومُ تحامُساً وحِماساً: تشادّوا واقتتلوا. ومنه الحميس: التَّنُّور. قال أبو الدُّقَيش: التنّور يقال له: الوطيس والحميس. والأحمسُ: الشديد الصُّلب في الدين والقتال(3).
ومنه الخبر : «هذا من الحُمس فما باله خرج من الحرم». الحُمس: جمع الأحمس ، وهم قريش ومن ولدت قريش ، وکِنانة وجديلة قيس، سُمّوا حُمساً لأنّهم تحمّسوا في دينهم ، أي: تَشَدّدُوا. کانوا يقفون بمزدَلفة ولا يقفون بعرفة ، ويقولون: نحن أهل الله فلا تخرج من الحرم، وکانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم مُحرمون(4) وکان أشراف العرب، الذين کانوا يتحمّسون في دينهم، إذا حجّ أحدهم لم يأکلّ إلّا طعام رجل من الحرم، ولم يطف إلّا في ثيابه، فکان لکلَّ شريف من أشرافهم رجل من قريش، فيکون
کلُّ واحدٍ منهما حِرميَّ صاحبه ، کما يقال :کَرِيّ، للمُکري والمُکتَرِي.
والنسبُ في الناس إلي الحَرم حِرميُّ ، بکسر الحاء وسکون الراء. يقال: رجل حِرميُّ، فإذا کان في غير الناس قالوا: ثوبُ حَرَميُّ(5) والوغي: غمغمة الأبطال في الحرب(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «ولا حَمِيَّةً تُحمِشُکُم»(7). التحميش: يقال للرجل إذا اشتدَّ غَضبهُ : قد استحمش غضباً، وأنشد شمر: إنيّ إذا
ص: 200
حمّشني تحميشي. واحتمش واستحمش، إذا التهب غضباً. وفي حديث ابن عباس :« رأيت عليّاً يوم صفّين وهو يحمِشُ أصحابه»، أي يُحرّضهم عليّ القتال ويُغضِبُهم. وأحمشتُ النار: ألهبتها(1). وفي حديث الملاعنة: «إنّ جاءت به حَمش الساقين فهو لشريک»، يقال: رجل حَمش الساقين، وأحمش الساقين : أي رقيقهما(2).
ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) للطاووس: «لأنّ قوائمهُ حُمشُ»(3).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام) : «لا يورث الحميل إلّا ببيّتة». قال: والحميل هو الذي تأتي به المرأة حبلي قد سبيت وهي حبلي فيعرفه بعد ذلک أبوه أو أخوه (4).
الحميل: قال الأصمعي: الحميل ماحمله السيل من کلًّ شيء، وکلّ محمول فهو حميل کما يقال للمقتول قتيل، وسُمّي حميلاً لأنّه حمل من بلاده صغيراً، ولم يولد في الإسلام.
وقال أبو عبيد: وفي الحميل تفسير آخر: يقال إنّما سُمّي الحميل لأنّه مجهول النسب ، وهو أنّ يقول الرجل: هذا أخي أو أبي أو ابني فلا يُصدّق إلّا ببيّنة، لأنّه يريد بذلک أنّ يدفع ميراث مولاه الذي أعتقه ، ولهذا قيل للدعيّ «حميل» ، قال الکميت يعاتب قضاعة في تحوّلهم إلي اليمن:
علي مَ نزلتم من غير فَقر*** ولا ضرّاء منزلة الحميل (5).
والحميل: الغريب في قوم لايُعرف نَسَبُه، يقال: فلان حميل في بني فلان.
والحميل : الکفيل، يقال: أنّا حميلُ بذاء أي کفيل به، وقد حَمَلتُ به حَمالةً، کما قالوا:
کفلتُ به کفالةً وزعمتُ به زعامةً.
والحَمل، بالفتح: ماکان في البطن. وبالکسر: ما کان عليّ الظهر، فلذلک اختلفوا في حمل النخلة فکسر بعضهم وفتح آخرون.
والحَمَل: السَّحاب الکثير الماء، وإنما سُمّي حَمَلاً لکثرة حمله للماء.
والحمَل من الضأن : هو الجَذع فما دونه ،وجمع حَمَل حُملان وأحمال ، وبه سُمّيت الأحمال بطون من بني تميم ، وهم أخوة الجذاع،والجذاع بطون أيضاً (6)
ص: 201
وخُصَّ الضأن الصغيرُ بذلک لکونه محمولاً لعجزه أو لِقُربه من حَمل أُمَّه إيّاه، وبها شُبَّه السحاب، (1)والمحمل، وزان مَجلِس: الهودجُ ، ويجوز مِحمَل وزان ومِقود، والجمع محامل. وحمالة السيف وغيره، بالکسر، والجمع حمائل، ويقال لها مِحمَل أيضاً وزان ومِقوَد. والحمولةُ بالفتح: البعيرُ يُحمل عليّه، وقد يُستعمل في الفرس والبغلُ والحمار (2).
والحَمالة: مايحمله القومُ من الدَّيات حتّي يؤدّوها(3).
وحمّالة الحطب: کناية عن النمّام ، وقيل: فلان يحمل الحَطَب الرَّطب، أي يَنِمُّ (4).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ الله تطوّل علي عباده بثلاث: ألقي عليّهم الرّيح بعد الرَّوح، ولولا ذلک مادفن حميم حميماً»(5).
الحميم: القريب المُشفِق، فکأنّه الذي يَحتَدُّ حمايةً لذويه، وقيل لخاصّة الرجل حامَّتُه فقيل: الحامّة والعامّة (6)وحمَّم الفرخ، إذا نبت زَغَبُه، وکذلک حمّم الرأسُ، إذا حُلِق ثمَّ نبت شعره. وحُمّ الرجل من الحميّ فهو محموم، وکلّ شيء سَخّنته فقد حمّمته تحميماً، ويقال: حمّمت التَنُّور ، إذا سجرته (7). والحمي سُمّيت بذلک إمّا لما فيها من الحرارة المُفرِطة ، وعلي ذلک قولُه (صلی الله علیه وآله وسلم) : «الحمّي من فيح جهنّم» ، وإمّا لما يَعرِض فيها من الحميم ، أي العرق، وإمّا لکونها من أمارات الحمام لقولهم: الحمّي بريد الموت. وسُمّي حُمَّي البعير حِماماً فجعل لفظه من لفظ الحِمام، لما قيل: إنّه قلّما يبرأ البعيرُ من الحُمّي. وعُبّر عن الموت بالحمام کقولهم: حُمَّ کذا، أي قُدّر(8). ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) عن خلقه تعالي للمخلوقات: «وَوَأَي علي نَفسِه ألّايَضطَرِبَ شَبَحُ مِمّا أولَجَ فيه الرُّوحَ، إلّا وجَعَلَ الحِمَامَ مَوعِدَهُ، والفَناء غَايَتَه»(9).
والوأيُ: الوعد. يقال: وأيت وَأياً ، إذا وعدتُ وعداً(10). وفي حديث عليّ (عليّه السلام ) في وصف
ص: 202
المنافقين: «لُمَة الشيطان وحُمَةُ النيران»(1).
کأن المراد هو الحُمَمَ، وهو الفَحم(2)
ويمکن أنّ يؤول بالعقارب والحيّات، قال ابن الانباري: والحُمة أيضاً: کلّ هامّةٍ لها سُمّ (3).
ومن المجاز قوله( عليّه السلام) : «ألا وبالتقوي تُقطع حُمَة الخَطايا»(4).
وفي حديث علي (عليّه السلام) عن طلحة والزبير ومن بغي عليّه: «وإنّها لَلفِئةُ الباغيةُ فيها لحَمَأُ والحَمَّةُ»(5). الحُمّة: هي حدّة السَّمّ وحرارته، وهي مخففة بقول الأصمعي(6).
قال ابن السکّيت: وتقول حُمَةُ العقرب بتخفيف الميم للسَّمَّ، والجمع حُمَات ، نقل حُمّةُ بالتشديد. ويقال للتي تلسعُ بها الإبرة (7) والحَمَأ والحمأةُ: طين أسود منتن»(8).
وماجاء في حديثه (عليّه السلام )کناية عن الحقد الأسود الذي انطوي عليّه الباغون عليّه. والعرب تکنّي عن العدو بقولهم: فلان أسود الکبد، وهم سود الأکباد، أي أعداء(9).
وقال أبو عمرو: أسود الکبد، أي قد احترق جوفه من الشرَّ(10)
قال الراوندي : يشير إلي صاحبة الجمل، وکلّ شيء من قبل الزوجية فهو حمّا. وروي
الحموها هنا أيضاً (11).
قال عليّ (عليّه السلام) :«المعاصي حمي الله عزّوجلّ فمَن يَرتَع حَولَها يوشِک أنّ يدخلها» (12) .
حمي الله: من قولهم: أحمي المکان، جعله حَمَي لا يُقرب . وأحماه: وجده حِمَي. الأصمعي: يقال حمی فلان الأرض يحميها حِمَي لايُقرب (13) وأصله من الحمي: موضع فيه کلا يُحمي من الناس أنّ يُرعي (14)ويرتع:
ص: 203
يطوف ويدور(1).
ومنه حديثه الله (عليّه السلام): «من يرتع حول الحِمَي يوشک أنّ يخالطه». أي يطوف به ويدور حوله(2)وفي الحديث : قال الرضا (عليّه السلام) :ليس الحِمية من الشيء ترکه، إنّما الحمية من الشيء الإقلال منه»(3) الحمية: يقال:احتمي المريض احتماءاً من الأطعمة. ويقال: حميتُ المريض وأنا أحميه حِميةً وحِموَةً من الطعام، واحتميت من الطعام احتماءاً، وحميت القوم حمايةً، وحمي فلان أنفه يحميه حمِيَّةً ومحميةً(4) ومنه الحديث :أنّه سُئل الصادق( عليّه السلام) کم يُحمي المريض؟
فقال : «دبقاً». فسأله السائل عن معني دبق، فقال(عليّه السلام ): عشرة أيّام . وفي حديث: أحد عشر دبقاً. ودبق : صباح ، بکلّام الرومي(5).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «سَوادِ الحَنادِس»(6).
الحِندِسُ: الظُلمة. وأسودحِندس شديد السواد(7) قال الزمخشري: سَرَوا في حِندس الليلِ، وفي حَنادِس الظُلَم، هو من الحَدس ،الذي هو نظر خاف(8).
عن أبي النعمان قال: قال أبو جعفر( عليّه السلام ): «يا أبا النعمان لاتکذب عليّنا کذبةً فتُسلب الحنيفية ، ولا تطلبنّ أنّ تکون رأساً فتکون ذنبا، ولاتستأکل الناس بنا فتفتقر، فإنک موقوف لامحالة ومسؤول، فإن صدقت صدّقناک وإنّ کذبت کذّبناک»(9).
الحَنف: هو ميل عن الضَّلال إلي الاستقامة، وتحنّف فلان، أي تحرّي طريق الاستقامة، وسمّت العربُ کلَّ من حجّ أو اختتن حنيفاً تنبيهاً أنّه علي دين إبراهيم (عليّه السلام) (10).
ومنه قوله تعالي: ﴿ فاتبِعُوا مِلَّة إبراهيم حَنيفاً وماکانَ مِن المُشرِکين ﴾ (11) وذُکر عن شيخين قالا: کنّا في الجاهلية
ص: 204
بعُمان إذا أردنا الحجّ قلنا. هَلُمّوا نتحنَّف(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «حنّکوا أولادکم بالتمر، فهکذا فعل رسولُ الله (صلی الله علیه وآله وسلم) بالحسن والحسين (عليّه السلام)(2) التحنيک: يقال: حنّکت المولود، إذا أدخلت إصبعک في أعلي فيه(3).
والحَنَک من الإنسان والدابّة: باطن أعلي الفم من داخل، وقيل: هو الأسفل في طرف مقدّم اللحيين من أسفلهما، والجمع أحناک، ولا يکسّر علي غير ذلک(4).
واحتنک الطعام، أکلّه کلّه، واستخنکَ الرجل: اشتد أکلّه بعد قلته. وهذه الشاة أحنَکُ الشاتين ، أي أکلّهما، وشاة حنيکة.
ومن المجاز: حنکته السنّ، وحنّکته الأمور: فعلت مايُفعل بالفرس إذا حُنّک حتّي عاد مجرَّباً مذلّلاً، فاحتنک(5).
في حديث الرضا (عليّه السلام) عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «تحننوا علي أيتام الناس»(6).
الحنان: الرحمة، والحنان : الرزق، والحنان البرکة، وکذلک الهيبة والوقار، تقول: حنَّ عليّه يحِنُّ حنانا ، ويقال: حنَّ قلبي إليه ، من الشَّوق وتوقان النفس، وحنّت الإبلُ: نزعت إلي أوطانها أو أولادها، والناقة تحِنُّ في إثر وَلَدِها حنيناً تطرَب مع صوت.
وقيل: حنينها: نزاعها بصوتٍ وغير صوتٍ.
والحنَّان: الذي يَحِنُّ إلي الشيء والحِنّةُ، بالکسر : رقّة القلب(7).
ومنه يفسّر حديث الصادق (عليّه السلام):«إنَّ الله خَلقنا من علّيّين، وخَلَق أرواحنا من فوق ذلک، وخلق أرواح شيعتنا من علّيين وخلق أجسادهم من دون ذلک، فمن أجل ذلک القرابةُ بيننا وبينهم وقلوبُهم تحنُّ إلينا»(8).
ومنه: «أنّه کان (صلی الله علیه وآله وسلم) يصلي إلي جذع في مسجده، فلمّا عُمل له المِنبرَ صعد عليّه، فحنَّ الجذع إليه». وفي الحديث: «لاتتزوَّجنَّ حنّانةً ولا منّانة» وهي التي کان لها زوج، فهي تحنُّ إليه وتَعطف عليّه. وفي حديث
ص: 205
عليّ (عليّه السلام) : «إنّ هذه الکلّاب التي لها أربعة أعيُن من الحِنَّ». الحن: ضرب من الحنَّ، يقال : مجنون محنون، وهو الذي يُصرع ثمّ يُفيق زماناً . وقال ابن المسيّب: الحِنُّ: الکلّاب السّود المُعِينة، ومنه حديث ابن عباس: الکلاب من الحِنّ ، وهي ضعفة الجنّ، فإذا غشِيَتکُم عند طعامکم فألقوا لَهُنَّ، فإنّ لهنَّ أنفُساً.(1).
قال الزمخشري: الحِنّ من حنَّ عليّه، إذا رقَّ وأشفق. والرقَّة والضعف من وادٍ واحد، ألا تري إلي قولهم: رقاق القلوب وضعاف القلوب، کما يقولون: غِلاظ القلوب وأقوياء القلوب. ويُحتمل أنّ يکون من أحنّ إحناناً إذا أخطأ، لأنّ الأبصار تُخطِئُها ولا تُدرِکها ، کما أنَّ الجنّ من الاجتنان عن العيون.
والأنّفس جمع نَفس ، وهي العين(2)وفي أسماء الله تعالي: «الحنّان» وهو بتشديد النون: الرحيم بعباده، فعّال، من الرحمة للمبالغة. و«حنانيک ياربّ» أي ارحمني رحمةً بعد رَحمة، وهو من المصادر المثنّاة التي لا يظهر فعلها، کلّبيک وسعديک(3) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) وقد سُئل عن الحنان والمنان، فقال: «الحنّان هو الذي يقبل عليّ مَن أعرض عنه، والمنّان هو الذي يبدأ بالنَّوال قبل السؤال»(4) وطريق حنان: واضح. وحُنَّ عنّا شرّک: أي ردّه. والحَنَنُ الجُعَل، وتصغيره حُنَين. والعرب تُسمّي جُمادي الآخرة: الحنينَ والحِنّين، مشدّدة، وجمعه أحِنَّة (5) وقيل: حَنِينُ والحنينُ جميعاً: جُمادي الأُولي، اسم له کالعلم. والحنّون: نَورُکلًّ شجرة ونبت ، واحدته حنّونة. وحنّنً الشجرُ والعشبُ: أخرج ذلک. والحِنّان: لغة في الحِنّاء. والمحنون من الحقّ المنقوص ، يقال ماحننتک شيئاً من حقّک، أي مانقضتُک (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن أصحابه وشکواه منهم : «أُقَوَّمُکُم غُدوَةً، وتَرجِعون إليّ عَشِيَّةً، کَظَهر الحَنِيَّة، عَجَزَ المُقَوَّم، وأَعضَلَ المَقَوَّمُ»(7) الحنيّةُ: القوس، الجمع حَنِيُّ وحَنايا. والحنوّ: کلّ شي فيه اعوجاج أو شبه الاعوجاج کعظم اللّحي والضَّلع والقُفّ
ص: 206
والحِقف منعرًج الوادي، والجمع أحناء وحُنيّ وحني. وأحناء الأمور: أطرافها ونواحيها. وحنو العين: طرفها. ومحنية الرمل: ما انحني عليّه الحقف. والحِنؤ: واحد الأحناء، وهي الجوانب مثل الأعناء. وقولهم: ازجُر أحناء طيرک، أي نواحيه يميناً وشمالاً، وأماماً وخَلفاً، ويُراد بالطَّير الخفّة والطّيش(1). ومنه استعار( عليّه السلام) للذي لاغور له ولاتَدّبر بقوله: «لابصيرة له في أحنائه»(2).
وحنيتُ ظهري وحنيت العُود: عطفته، وحَنوتُ لغةً. ورجلُ أحني الظهر والمرأةُ حُنياءُ وحَنواء، أي في ظهرها احدِيداب. وفلان أحني الناس ضلوعاً عليّک، أي أشفقهم عليک. وحنوتُ عليّه، أي عطفت عليّه(3).
ومنه حديثه (صلی الله علیه وآله وسلم): «خيرُ نساء رَکبنَ الرَّحالَ نساء قريش أحناه علي ولدٍ وخيرهنّ الزوج»(4) وتحني عليّه، أي تعطف، مثل تحنّن.
والمحاني: معاطف الأودية، الواحدة مَخنية. وأحناء الوادي هي جمع حِنو مثل محانيه، وهو منعطفه. ومنه حديث عليّ (عليّه السلام): «مُلائمة لأحنائها»أي معاطفها(5) وحديثه (عليّه السلام) الآخر: «فَهل يَنتظر أهلُ بَضَاضةِ الشَّباب إلّا حَوَانِي الهَرَم»(6).
حواني الهرم: جمع حانية، وهي التي تحني ظهر الشيخ وتکبّه (7) وفي حديث أبي ذرّ رضي عنه الله : «لو صلّيتم حتّي تکونوا کالحَنايا ما نفعکم ذلک، حتّي تُحبّوا آل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)» .
وعنه: لو صليتم حتّي تکونوا کالأوتار،و صُمتم حتّي تکونوا کالحنايا ما نفعکم ذلک إلّا بنيّة صادقة وورع صادق. والمعني حتّي تَحدَبوا وتَنحَنُوا ممّا تُجهِدون أنفسکم فتصيروا کالقِسيّ، أو العود في انحنائها و انعطافها، أو کالأوتار في الدقّة والهزال (8)
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «إذا استَولَي الصَّلاح علي الزّمَانِ وأهلِه، ثمّ أسَاءَ رَجُلُ
الظَّنَّ بِرَجُلٍ لم تَظهر مِنهُ حَؤبةُ فَقَد ظَلَم»(9) الحوب: الإثمّ. وبالفتح لأهل الحجاز، وبالضم لتميم. وفلان يتحوّب من کذا، أي لا يتأثمّ، وتحوّب الرجل: تأثّم. قال ابن جنّي:
ص: 207
تحوّبَ: ترک الحوب، من باب السلب، ونظيره تأثّم أي ترک الإثمّ(1) وفي الحديث :أنَّ رجلاً سأله الإذن في الجهاد، فقال: ألک حوبة؟ قال: نعم، يعني ما يأثم به إنّ ضيّعه. وتحوّب من الإثمّ، إذا توقّاه. ومنه الحديث: «اتقوا الله في الحوبات». يريد النساء المحتاجات اللاتي لا يستغنين عمّن يقوم عليّهن ويتعهدهنّ(2).
ومعني قوله تعالي: ﴿ولا تَأکُلوا أَموَالَهُم إلي أَموالِکُم إنّه کان حُوباً کَبيراً﴾(3) أي ذنباً عظيماً. ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّ طلاق أُمّ أيّوب لحوب»(4) والحوبة: المکان الواسع (5)
ومنه فُسّر حديث عليّ (عليّه السلام) : «وانفساح الحوبة، قبل الضَّنک والمضيق»(6)وانفساح الحوبة: أي سعة وقت الحاجة. والحوبة: الحاجة والأرَب، قال الفرزدق:
فَهب لي خُنيساً واتخذ فيه منَّةً***لحوبةَ أمّ ما يسوغ شرابها (7).
ومنه حديث الدعاء: «إليک أرفع حوبتي».والحوباء: روح القلب، وقيل: هي النفس(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التحذير من عاقبة الإنسان وماله إلي الهلاک: «هل مِن مَنَاصِ أو خَلاصِ، أو مَعَاذٍ أو مَلاذٍ، أو فِرار أو مَحَار»(9).
المحار: المرجع، قال الشاعر:
نحن بنو عامر بن ذُبيان، والنّا*** س کَ-هام، مَحارُهُم للقبور
والحور: الرجوع عن الشيء وإلي الشيء، حار إلي الشيء وعنه حَؤراً ومَحاراً ومَحارة وحووراً: رجع عنه وإليه. والحور: النقصان بعد الزيادة لأنّه رجوع من حال إلي حال. وفي الحديث: «نعوذ بالله من الحَور بعدالکور» معناه من النقصان بعد الزيادة. وقيل: من فساد أمورنا بعد صلاحها (10)، ومنه قوله تعالي: ﴿ ظنّ أنّ لن يَحُورَ﴾(11).
ومنه المثل: حُورُ في مَحارةِ، بفتح الحاء وضمّها، أي نقصان في نقصان. يُضرب للشيء الذي لا يصلح (12) ومن هذا جاء قول عليّ (عليّه السلام): «وإنّما أَنَا قُطبُ الرَّحا تَدُورُ عليّ
ص: 208
وأنا بِمَکَاني، فإذا فَارَقتُه استَحَار مَدَارُهَا»(1). وفي حديث علي( عليّه السلام) : «يُرتَجُ عليّکم حَوَاري فَتعمَهونَ»(2). الحوار والمحاورة: المجاوبة، والتحاور: التجاوب،
تقول: کلّمته فما أحار إليّ جواباً وما رجع إليّ حَويراً ولا حويرةً ولا مُحورَةً ولا حواراً، أي
ما ردّ جوابا .
واستحاره، أي استنطقه، وفي حديث علي( عليّه السلام) : «يرجع إليکما ابناکما بِحَور ما
بعثتما به» أي بجواب ذلک.(3) قال الأخطل:
هلّا رَبَعت فتسأل الأطلالا*** ولقد سألتُ فما أَحَرنَ سؤالا(4).
وأراد أنّهم في حيرتهم وترددهم في جوابه کمختلط العقل ما يفقه ما يقول(5).
وباعتبار الاستنطاق جاء الخبر أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) کبر فلم يُحر الحسين (عليّه السلام) التکبير، فلم يزل رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يکبر ويعالج الحسين( عليّه السلام )التکبير حتّي أکمل سبع تکبيرات فأحار الحسين التکبير في السابعة (6) والحَورَ: أنّ يشتدّ بياض العين وسواد سوادها، وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيضّ ما حوليها. والحوراء: البيضاه، لايُقصد بذلک حَوَر عينها. والأعراب تسمّي نساء الأمصار حواريّات لبياضهن وتباعدهنّ عن قَشَف الأعراب بنظافتهن. والحواريون: القصّارون لتبييضهم لأنّهم کانوا قصّارين ثمّ غلب حتّي صار کلّ ناصر وکلّ حميم حوارياً.
وقال بعضهم: الحواريّون صفوة الأنّبياء الذين قد خلصوا لهم. ومنه الخبز الحوّاري، لأنّه يُنقّي من لباب البُرّ، وهو أجوده وأخلصه (7).
ومن المجاز: ما يعيش فلان بأحور، أي بعقل صافٍ، کالطّرف الأحور الناصع البياض والسواد. قال ابن هَرمة:
جلَبنَ عليک الشوقَ من کلًّ مجلبٍ*** بعيدٍ ولم يترکن للمرء أحوَرَا(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وَقَد تَوکلّ الله لأَهلِ هذا الدَّينِ بإعزاز الحَؤزَةٍ، وسَترِ العَورة»(9).
ص: 209
حوزة الدين: حدوده ونواحيه. يقال: فلان مانع لحوزته، أي لما في حيّزه. والحوزة، فَعلَةَ، منه سُمّيت بها الناحية. وحوزةُ الملک: بيضته.
والحؤز: موضعُ يحوزه الرجلُ يتّخذ حواليه مُسنَّاةً، والجمع أحراز، وهو يحمي حوزته، أي مايليه و يَحُوزه. وحزتُ الأرضَ: أعلمتها وأحييتُ حدودها.
والتحوّز: التنحّي، وفيه لغتان: التحوّز والتحيّز، فالتحوّز التفعّل، والتحيّز التفعیل.
قال شمر: حزتُ الشيء: جَمَعتُه أو نحّيته (1) والتحوّز والتحيّز والانحياز بمعني.
وفي الخبر:«أنّه أتي عبدالله بن رواحة يعوده فما تحوّز له عن فراشه». أي ماتنحّي (2) ومنه خبر زيد أنّه قال: الإمام منّا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حقّ جهاده ودفع عن رغبته وذبّ عن حريمه(3).
وباعتبار الحدود والناحية لمعني الحوزة جاء کتاب عليّ (عليّه السلام )لمعاوية: «فعزم الله لنا علي الذبَّ عن حوزته»(4)وباعتبار الجهة جاء حديث عليّ (عليّه السلام )عن الخلافة: «فصيّرها في حوزة خشناءَ يَغلُظً کَلمُها، ويَخشُنُ مَسُّها، ويکثُرُ العِثارُ فيها»(5). أراد بها جهة صعبة المرام ، شديدة الشکيمة (6). وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) : «فانّي حزتم بعد البيان؟ وأسررتم بعد الإعلان ؟ ونکصتم بعد الإقدام؟ وأشرکتم بعد الإيمان؟»(7)حزتم: من التحوّز وهو التنحّي ، وفيه لغتان: التحوّز والتحيّز.
والتحوّز: التلبّث والتمکّث، والتحوّز: التلوّي والتقلّب. ومنه حديث معَاذ: «فتحوّز کلُّ منهم فصلّي صلاةً خفيفة». أي تنحّي وانفرد(8) أسررتم: يقال أسرَّ الشيء: کتمه وأظهره، وهو من الأضداد(9)ومرادها(عليّه السلام ) أعلنتم الولاء وأسررتم الخلاف عليّنا.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کم أُداريکُم کَما تُدارَي البِکَارُ العَمِدةُ والثَّيابُ المُتَداعِيَةُ ، کُلّما حِيصَت من جَانبٍ تَهتّکَت مِن آخر»(10).
الحوص: الخياطة. يقال: حاص الثوب
ص: 210
يحوصُه حوصاً وحِياصةً : خاطه(1) وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «أنّه اشتري قميصاً فقطع مافضل من الکُمّين عن يده ثمّ قال للخيّاط: حُصه» (2) أي خِط کِفافه. ومنه قيل للعين الضيّقة: حوصاء، کأنّما خِيط بجانب منها، وبها سُمّي الرجل أحوص والأنّثي حوصاء.
وقيل : الحوصُ الخياطة بغير رقعة، ولا يکون ذلک إلّا في جلد أو خُفَّ بعير (3) وتهتّکت :تخرّقت.
أتي أهل البادية رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فقالوا: يارسول الله ، إنّ حياضنا هذه تردها السباع والکلاب والبهائم؟ فقال لهم: لها ماأخذت أفواهها ولکم سائر ذلک»(4).
الحوض: هو حوض الماء جمعه أحواض وحياض. وأصل حياض الواو لکن قُلبت ياءً
للکسرة قبلها مثل ثوب وأثواب وثياب(5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي عن الرعية: «ولاتَصِحُّ نصِيحَتُهُم إلّا بِحيطَتِهم
عليّ وُلَاة الأُمُور»(6).
التحويط: يقال حاطه يحوطهُ حَؤطاً :رعاه، و حوَّط حَولَه تحويطاً: أدار عليه نحو التراب حتّي جعله مُحيطاً به، وأحاط القوم بالبلد : استداروا بجوانبه (7)والحيطة: التعطّف والتحنن والأخذ بالثقة(8) والاحتياط : استعمال مافيه الحياطة، أي الحفظ(9) وقولهم: افعل الأحوط،والمعني افعل ماهو أجمع لأصول الأحکام وأبعد عن شوائب التأويلات. والحائط: البستان، وجمعه حوائط. وأحاط به علماً عرَفه ظاهراً وباطناً (10)ومن المجاز کتاب
عليّ (عليّه السلام) إلي الأشتر النخعي أيضاً: «وإن عقَدتَ بَينک وبَينَ عَدُوّکَ عُقدةً ، أو ألبَستَه مِنک ذِمّةً، فحُط عَهدَک بالوفاء وارع ذِمّتک بالأمَانَة» (11).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في التنفير من الدنيا: «غُرورُحَائِلُ، وضَو ءُآفِل»(12) التحوّل: التنقّل من موضع إلي موضع،
ص: 211
والاسم الحِوَل. وحائل اسم فاعل من قولهم: تحوّل عن الشيء: زال عنه إلي غيره. قال أبو زيد: حال الرجلُ يحول مثل تحوّل من موضع إلي موضع. وحال الشيء نفسُه يحول حولاً بمعنيين: يکون تغيّراً ، ويکون تحوّلاً.
والحائل: المتغيّر اللون، يقال: نبات حائل. ورجل حائل اللون، إذا کان أسود متغيّراً.
وناقة حائل: حُمِل عليها فلم تلقَح. وأحال الرجلُ إذا حالت إبله فلم تحمل(1).
والحول سنة بأسرها. يقال: حال الحولُ يَحُولُ حولاً وحؤولاً. وأحال الشيء :أتي عليه حؤل. وأحولَ الصّبيُّ: تمَّ له حَول.
وأرض مستحالة تُرکت أحوالاًمن الزراعة.
والحؤل: الحيلة، ماأحوله! والمحاولة: مطالبتک الأمر بالحيل. ولا حَولَ ولا قُوَّة: أي لاتَحرُّکَ (2)وفسّر الباقر عليّه السلام: «لا حَولَ ولا قوّة إلّا بالله» معناه لاحَولَ لنا عن معصية الله إلّا بعون الله، ولا قوّة لنا عليّ طاعة الله إلّا بتوفيق الله عزّ وجلّ(3)فکأنّ القائل يقول: لاحرکة ولا استطاعة لنا عليّ التصرف إلّا بمشيئة الله تعالي.
وقيل: الحول: القُدرة ، أي : لا قدرة لنا علي شيء ولا قوّة إلا بإعانة الله سبحانه (4).
وفي حديث موسي وفرعون: «إنّ جبرئيل (عليّه السلام) أخذ من حال البحر فأدخله فا فرعون».
الحال: الطين الأسود کالحمأة. ومنه الحديث في صفة الکوثر: «حاله المسک» أي طينه
(5) والحَوالة: إحالتک غريماً. أو تحويل ماءٍ من نهرٍ إلي نهر(6) والاسم الحوالة، واحتال الرجل: إذا قَبل الحوالةَ، وهي في مصطلح أهل الشرع: عقد شرع لتحويل المال من ذمّة إلي ذمّة مشغولة بمثله أو غير مشغولة، عليّ اختلاف فيه ، بشرط رضا الثلاثة: المحيل: وهو الذي له الحقّ، والمحتال: وهو الذي يقبل الحوالة، والمحال عليه: وهو الذي عليه الحقّ للمحيل. وأمّا المُحال به فهو الدين(7) والحيلةُ: الحِذق في تدبير الأمور، وهو تقليب الفکر حتّي يُهتَدي إلي المقصود. واحتال: طلب الحيلة(8) ومن هذا يفسر حديث عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «لم
ص: 212
يَذرَأ الخَلق باحتِيال، ولا استَعان بِهم لِکَلال»(1)
في حديث الصادق (عليّه السلام )في وصف النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «أحبُّ أنّبيائه إليه وأکرمهم عليّه محمّد بن عبد الله(صلی الله علیه وآله وسلم) في حَومة العزَّ مولده، وفي دومة الکرم محتده»(2).
حومةُ کلًّ شيء: معظمه ، کالبحر والحوض والرمل. وحومةُ الماء: غَمرَتُهُ. وحومة القتال: معظمهُ وأشدُّ موضعٍ فيه. والحَوَمان: دومان الطائر يُدوَّم ويحوم حول الماء.
والطائر يحوم حول الماء ويلوب، إذا کان يدور حوله من العطش (3) والحوائم: الإبل العطاش(4) وکلّ عطشان حائم. ومنه حديث الاستسقاء: «اللهم ارحَم بهائمنا الحائمة» (5) ومن هذا جاءت الاستعارة في حديث عليّ(عليّه السلام ) لمن وقع في حبائل الشيطان: «في حَومَةِ ، ذُلٍّ وحَلقَةِ ضيق، وعَرصَةِ موتٍ، وجَولِة بَلاء»(6).
والحَؤمُ: القطيع الضخم من الإبل أکثره إلي الألف. وقيل: هي الإبل الکثيرة من غير أنّ
يَحدَّ عددها. والحَومانة: مکان غليظ منقاد، وجمعه حومان و حوامين. وقال أبو حنيفة:
الحؤمانُ من السهل ما أنّبت العَرفَج. وقيل: الحَومان واحدتها حومانة شقائق بين الجبال (7).
والدَّوم: هو ضخام الشجر، وقيل: شجر المُقل. وذکر أبو زياد الأعرابي أنّ من العرب من يسمّي النبقَ دوماً. وقال ابن الأعرابي : الدوم ضخام الشجر ماکان»(8) والمَحتِدُ: الأصلُ والطبع . والحَتِد: الخالص من کلَّ شيء. وقد حَتِدَ يَحتَدُ حَتَداً، فهو حَتِدُ. وحتّدتُه تحتّيداً، أي اخترته لخلوصه وفضله. (9)
في حديث علي( عليّه السلام) يستنهض أصحابه
ص: 213
لماحدث في الأطراف: «تَقولُون في المَجَالِس کَيتَ وکيتَ، فإذا جَاءَ القِتَالَ قُلتُم:
حِيدِي حَيَاد!»(1).
حِيدي حَيَاد: کلمة يقولها الهارب الفارّ (2).وهو مثل قولهم للغارة في الجاهلية: فِيحي فَيَاح، وذلک إذا دفعت الخيل المغيرة فاتسعت. قال شمر: فيحي، أي اتسعي عليهم و تفرّقي(3) وهي من أسماء الأفعال.
في حديث سعيد بن جير أنّه سُئل عن مکاتب اشترط عليّه أهله أنّ لا يخرج من المصر، فقال:«أثقلتم ظهره، وجعلتم الأرض عليّه»حَيصَ بَيص(4)
حَيصَ بَيص:يقال وقع في حَيص بَيصَ حَيص بَيص وَحِيصٍ بِيصٍ وحِيصَ بِيصَ إذا وقع في أمر لا يتخلّص منه(5) وقال الکسائي والأصمعي: أحدهما بکسر الحاء والباء، والآخر بفتحها(6)قال الشاعر:
قد کنتُ خرّاجاً وَلوجاً صَيرفا*** لم تلتحصني حَيصَ بيصَ الحاصِ
يقال: التحصت الإبرة ، إذا استدَّ سَمُّها، أي ثقبها (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لشريح: «واس بين المسلمين بِوَجهک ومَنطقک ومُجلسک حتّي لايطمع قريبک في حَيفک»(8).
الحيف: الجور، يقال: حاف يحيف إذا جار وظلم(9)
سواء کان حاکماً أو غير حاکم ، فيقال له حائف، وجمعه حافَةُ وحُيّف (10). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن الحاکم:« ولا الحَائِفُ للدُّوَل فيتَّخِذ قَوماً دُونً قَوم»(11)في حديث الباقر(عليّه السلام) عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): أنّ جبرئيل (عليّه السلام) أخبره أنّ ريح الجنّة لايجدها حيّوف. والحيّوف في الحديث: النباش (12).
ص: 214
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم): «ابتَعَثَهُ والنَّاسُ يَضربون في غَمرَة، ويمَوجُون في حَيرَةٍ ، قَد قَادَتهُم أَزِمّةُ الحَين، وَاستَغلَقَت علي أفئِدَتِهِم أَقفَالُ الرَّين»(1).
الحين بالفتح: الهلاک، وقد حان الرجلُ: هلک، وأحانه اللهُ. والحائنة: النازلة ذات الحَين، والجمع الحوائن، ويقال : حان يحين حَيناً، وحيّنه الله فتحيّن (2).
ومنه المثل : «أتتک بحائنٍ رجلاه» قيل : قاله عبيد بن الأبرص حين لقي النعمان يَومَ بؤسه، فقال له النعمان مجيباً له : أو أجلُ قد بلغ إناه.
يُضرب للساعي علي نفسه بالحين. وقيل: قاله الحارث بن جبلة الغسّاني للحارث بن العيّف العبدي حين أسره في هزيمة المنذر، وکان قد هجاه(3).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) للاستسقاء: «واسقِنا سُقياً نَاقِعَةً مُروِيَةً مُغشِبَةً ، تُنبِتُ بها ما قَدفَاتَ، وتُحيي بها مَا قَد مَاتَ، نَافِعَةً الحَيا»(4).
الحيا: الخِصبُ، والجمع أحياء، وماتحيا به الأرضُ والناس. وقيل: الحياء المطر لإحيائه الأرض. ويجوز أنّ يکون من الحياة، لأنّ الخصيب سبب الحياة. قال أبو زيد: تقول:
أحيا القوم إذا مُطِروا فأصابت دوابّهم العُشب حتّي سَمِنَت ، وإن أرادوا أنفسهم قالوا: حَيُوا بعد الهُزال. وأحيا الله الأرض: أخرج فيها النبات، وقيل: إنما أحياها من الحياة کأنّها کانت ميّتة بالمحل فأحياها بالغيث(5)ومن ذلک جاءت الاستعارة في کتاب عليّ (عليّه السلام) : وصلّوا بهم العَصَر والشمسُ بيضاء حيّةُ في عُضوٍ من النهار»(6).
أي لم يبدو فيها اصفرار(7).
ص: 215
ص: 216
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «المُسَالَمةُ خِبَاءُ العُيُوب»(1).
الخِباء: أصل الجباء الغطاء الذي يُتغطّي به، وقيل لغشاء السنبلة خِباء. والخباء سمة في موضع خفيّ(2) واشتقاقه من خَبَاتُ الشيءخَبأً. وتخبّاتُ خِباءً، إذا اتخذته . والخَبء: الشيء المخبوء(3). والخِبء: التقيّة، کما عرّفها الصادق (عليّه السلام) لمن سألهُ(4). والمسالمةُ فضيلة تحت العفّة استعار لها لفظ الخباء باعتبار أنّها فضيلة تستجلب المحبّة وتستلزم سکوت الناس عن المعايب وسترها کالخباء(5) وباعتبار الحفظ والسلامة في حفظ اللسان قال عليّ عليّه السلام : «المرءُ مخبوءُ تحت لسانه»(6).
في الحديث : عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال:
«جاء رجلُ إلي النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) فقال: يارسول الله هلکت، فقال (عليّه السلام) : أتاک الخبيثُ فقال لک: مَن خَلقک؟ فقلت: الله، فقال لک: الله من خلقه، فقال: إي والذي بَعثک بالحقَّ، لکان کذا. فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) : ذاک والله مَحض الإيمان»(7). الخبيث: الشيطان. ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «أعوذ بک من الخُبُث والخبائث» بضم الباء جمع الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة، يريد ذکورَ
ص: 217
الشياطين وإناثهم(1) ومن هذا جاء حديث
عليّ (عليّه السلام ): «لَقَد استهَامَ بکُم الخَبيِثُ، وتَاه بِکُم الغُرور»(2)والخبيثُ: نَعتُ کُلَّ شيء فاسِد، خبيثِ الطعم، وخبيث اللون(3) ومنه قال عليّ( عليّه السلام) : «ماخَبُثَ سَقيُه خَبُث غَرسُه
وأمرَّت ثَمرتُه»(4) وخَبَثُ الحديد وغيره: ممّا يُذابُ بالنار، وهو مايَبقَي من رداءته إذا أخلِصَ جيَّدُه (5). والأخبثان: البول والغائطُ، وشيء خبيث، أي نَجِسُ، وجمع الخبيث خُبُث(6).
ويقال : به الأخبثان، وهما البَخَرُ والسَّهَر(7)وخَبَثَ الرجلُ بالمرأة يخبُث ،من باب قتل، زَنَي بها فهو خبيث وهي خبيثة ،(8)ومنه يقال: هذا ولَدُ الخِبثةِ ووَلدُ لخبثة (9) کما يقال: لزنيتة ولغية، بالفتح والکسر، من الغَيّ، وأمّا الزنية فليس إلّا بالکسر(10).
والخبيث يتناول الباطل في الاعتقاد والکذب في المقال والقبيحَ في الفعال(11).
في الحديث: «يخرج الشيطان من البيت الذي يُقرأ فيه القرآن وله خَبج» .
الخبج: له خَبج ، أي ضراط، يقال: خَبَج يَخبج خبجاً وخُباجاً، وهو ضراط الإبل خاصّة،وربّما استعمل لغيرها(12) وفي بعض کلّامهم: فيخرج الشيطان وله حُباق. والحَبقة: الضُريطة، وأکثر مايستعمل ذلک في الإبل والغنم. وربّما استعمل في الناس أيضاً فقيل: حَبَق الغلامُ يحبق حَبقاً وحُباقاً (13)، قال الهروي: وهو الحبج أيضاً، بالحاء، وله أسماء
سوي هذين کثيرة (14).
في الخبر: «نهي (صلی الله علیه وآله وسلم) عن المُخَابَرة». محبت المخابرة: هي المزارعة بالنصف والثلث والرَّبع وأقلّ من ذلک وأکثر ، وهو الخُبرأيضأ».
والمخابرة: المواکرة، والخبرة: الفعل،
ص: 218
والخبير: الرجل، ولهذا سُمّي الأکّار لأنّه يؤاکر الأرض، أي يشقّها(1) وکان أبو عبيدة يقول: بهذا سُمّي الأکار خبيراً لأنّه يخابرالأرض(2) وقيل: أصل المخابرة من خيبر، لأنّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم)أقرّها في أيدي أهلها علي النصف من محصولها ، فقيل: خابرهم، أي عاملهم في خيبر (3) وقال ابن الأعرابي: الخَبار ما استرخي من الأرض وتحفّر (4). وتخبّر القومُ بينهم خُبرةً، إذا اشتروا شاةً فذبحوها واقتسموا لحمها، والشاة خبيرة والخَبر: المزادة العظيمة، والجمع خبور، وبذلک سُمّيت الناقة الغزيرة خُبراً، والخبير الزَّبد الذي يلقيه البعيرُ من فيه ، وما أشبهه (5).
وخبرتُ الشيء أخبرُ: من باب قتل، خُبراً: علمته (6)ويقال: واختبرته خُبراً وخبرةً(7) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «اخبُر تَقلِه»(8) والمعني من خبرتَ باطنه قليته. وهو أمر في معني الخبر يجري مجري المثل، وقلاه يقليه قليً، وقَلاةً: أبغضه، والهاء مزيدة للسکت (9).
وباعتبار العلم والدراية في الخبر، قال عليّ (عليّه السلام ): «إنّما مَثَل مَن خَبَرَ الدُّنيا کَمَثَلِ قَوم سَفر نَبِا بهِم مَنزِلُ جَديبُ، فَأمُّوا مَنزِلاً خَصِيباً (10)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الخلافة: «فمُني الناسُ - لَعمر اللهِ - بِخَبطٍ وشِماس، وتَلَوُّنٍ واعتِرَاضٍ»(11) الخبط في الدوابّ: الضرب بالأيدي دون الأرجل، وقيل : يکون للبعير باليد والرجل، وتخبّطه کخبطه، ومنه قيل: خَبط عَشواء، وهي الناقة التي في بصرها ضَعف تخبط إذا مشت لاتتوقّي شيئاً (12). ومنها استعار (عليّه السلام) الفتنة بني أُميّة بقوله: «تَخبِطُکُم ببَاعِهَا» (13)
ص: 219
وفي حديث علي (عليّه السلام) أيضاً: «جَاهِلُ خَبّاط جَهَالات»(1). أراد بالخبط کلّ مسير عليّ غير هدي(2) فاستعاره (عليّه السلام) عليّه و للضال. وفيه أيضاً عنه (عليّه السلام) :
«وَخابَطَ الغَيَّ»(3) کأنّه جعله والغي متخابطين، يخبط أحدهما في الآخر، وذلک أشدُّ مبالغةً من أنّ يقول: خبط في الغيّ لأنّ من يخبط ويخبطه غيره يکون أشدّ اضطراباً ممّن يخبط ولايخبطه غيره(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «وأحمَدُ اللهَ وأستَعِينُه عَلَي مَدَاحِرِ الشَّيطَانِ وَمَزَاجِرِه،
والاعتِصَامِ مِن حَبائِله ومَخَاتِلِه»(5).
الختل: من قولهم : ختلتُ الرجلَ عن الشيء، إذا أرَغتَه عنه، أختُله وأختِله. وختل الذئبُ الصيدَ ، إذا تخفّي له. وکلُّ خادع خاتل(6).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي أبي موسي الأشعري: «ولاتُترَک حَتَّي يُخلَطَ زُبدُکَ بِخاثِرکَ، وذَائِبُکَ بِجَامِدِکَ»(7).
الخُثورة: نقيض الرّقّة. خثَر اللبنُ والعسلُ ونحوهما، بالفتح ، يَخثُر، وخَثِرَ وخَثُرَ ، بالضم، خَثراً وخُثوراً وخُثُوراً وخثراناً. قال الأصمعي: أخثرتُ الزُّبدَ، ترکته خاثراً، وذلک إذا لم تذبه (8) وقوله (عليّه السلام) مقتبس من المثل:«مايدري أيخثر أم يذيب». وهذا يُضرب للمتحيّر في أمره، وأصله الذي يفسد عليّه الزُّبد فلا يدري أيجعله سمناً أم يدعه زبداً (9) وکنّي (عليّه السلام) عن خلط أحواله الصافية بالتکدير (10).
يُستعار له الخداجُ (1). ومن ذلک قوله عليه الصلاة والسلام وعلي آله: «کلّ صلاة لايُقرأ فيها بأمَّ الکتاب فهي خِدَاج». فکأنه عليه الصلاة والسلام قال: کلّ صلاة لايُقرأ فيها فهي نقصان إلا أنّها مع نقصانها مُجزئة.وذلک کما تقول في قوله عليه الصلاة والسلام:«لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» إنّما أراد به نفي الفضل، لانفي الأصل، فکأنّه قال: لاصلاة کاملة أو فاضلة إلا في المسجد، وإنّ کانت مجزئة في غيرالمسجد. فنفي عليّه الصلاة والسلام کمالها ولم ينفِ أصلها(2) وفي الحديث في صفة ذي الثُدَيَّة: «إنّه مُخدَج اليد» أي ناقصها(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «وفَرَّقَها في سُهُوبِ
بِيدِهَا وأَخَادِيدِهَا»(4).
الأُخدود: الحُفرة تحفرها في الأرض مستطيلة. يقال: خَدَّ خَدّاً ، والجمع أخاديد.والخَدّ: الجدول، والجمع أخدّة، علي غير قياس. وخدّ السيل في الأرض، إذا شقّها بجريه. وفي حديث مسروق: أنّهار الجنّة تجري في غير أُخدود ، أي في غير شقّ في الأرض
وخدَّ الدمعُ في خدَّه: أثّر. وخدَّ الفرس الأرضَ بحوافره: أثر فيها. وأخاديد السياط: آثارها. وضربةُ أخدود ، أي خدّت في الجلد. وخدّدَ لحمه وتخدّد: هُزل ونقص (5) ومنه حديث أبي الحسن(عليّه السلام) : «إنَّ المؤمنين يلتقيان فيذکر ان الله، ثمّ يذکران فَضلَنا أهل البيت فلا يبقي علي وجه إبليس مُضغَة لحم إلّا تخدّد»(6).
وخبّأته(1)
والخُدعة، بالضم: مايُخدع به الإنسان مثل اللعبة لما يُلعَبُ به، وجاء في الخبر : «الحرب خدعة» بالضم والفتح، ويقال: إنَّ الفتح لغة النبيّ (صلي الله عليّه وآله وسلم)(2). وروي عنه (صلي الله عليّه وآله وسلم): «يکون قبل الدجّال سنون خدّاعة» والمراد بذلک اتصال المحول وقلّة الأمطار في تلک السنين، يقال: خَدَع المطرُ: إذا قلّ والأصل فيه قولهم: خدع الريق، إذا جفَّ، وقيل: السنون الخدّاعة هي التي تخدع زکاء الزرع، أي تنقصه ، من قولهم: دينار خادع، وهو الذي ينقص من وزنه أو من ذهبه(3).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي الحارث الهمداني: «وخادِع نَفسَک في العِبَادَةِ، وارفُق
بِهَا ولا تَقهَرهَا، وخُذ عَفوَها»(4) خادع نفسک:
أمره أن يتلطف بنفسه في النوافل، وأن يخادعها ولا يقهرها فتملّ وتضجر(5) وقال .ابن ميثمّ في تفسير مخادعة النفس: لمّا کان شأن النفس اتباع الهوي، وموافقة الطبيعة فبالحري أنّ تُخادع عن مألوفها إلي غيره تارة بأن يذکر الوعد، وتارة الوعيد..(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام ) عمّا خلق الله تعالي لآدم: «وفِکَرٍ يَتَصَرَّف بِهَا، وجَوَارِحَ
يَختَدِمُهَا» (7).
الخدمة: يقال: استخدمت وتخدّمت خادماً، إذا اتخذته(8)وأراد هنا (عليّه السلام) ما أعطي الله العبد من يدين وعينين وأذنين وغيرها من الجوارح، يجعلها في خدمة نفسه لتدبير أموره.
وخدمه يخدمه فهو خادم ، غلاماً کان أو جارية، والخادمة بالهاء في المؤنث قليل(9).
والمخدّم: موضع الخِدام من الساق وهو السوار، ويقال له : الخَدَم والخَدَمة(10).
يقال: هي ريّا المخَدّم (11) أي ممتلئة الساق. ومن بديع الوصف قول عليّ (عليّه السلام) في عيسي( عليّه السلام) : «خَادِمُهُ يَداه»(12) .
ص: 222
في حديث عليّ (عليّه السلام) فيمن يضع ماله في غير حقّه وعند غير أهله: «فَإن زلت بِه النَّعلُ يَوماً فاختَاجَ إلي مَعُونَتِهم فَشَرُّ خَليلٍ وأَلأمُ خَدينٍ»(1).
الخِدن: الصاحب، والجمع أخدان، وخادنتُ الرجلَ مخادنةُ وخِدناً ، وفلان خِدني وخديني، وجمع خدين خُدَناء، وجمع خدن أخدان (2) وخدن الجارية: محدّثها، وکانوا لا يمتنعون من خِذن يُحدّثها
فهدمه الإسلام (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «وسَکَنَ هيَجُ ارتِمَائِه إذ وَطِئَتهُ بِکَلکَلِها، وَذَلَّ مُستَخذِيا»(4).
الخِذو: يقال: خذا الشيء يَخذو خَذواً استرخي، وخَذِي، بالکسر، مثله. واستخذَيتُ: خضعتُ ، وقد يُهمَزُ (5) تقول: خَذِئتُ لفُلانٍ واستَخذَأ تُ له: أي خَضعتُ وانقَدتُ، وخَذَأتُ مثلُه. وخَذي الحِمارُ يَخذَي خَذيً فهو أخذي الأُذن: إذا انکسرت أُذُنُه، وأذُن خَذواء.
وأذُن خَذَاويَّةُ: وهي السَّمُوعُ، وفرس خاذي اللحم، وقد خذا لحمُه: أي اکتنز.
وغُلام خَذوَّذان: سمين مع حُمق(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : « کأنّي بحبشيًّ مُخرَّبٍ عليّ هذه الکعبة» .
المخرّب: مثقوب الأذن. ويقال : مُخرَّب ومُخرَّم»(7) وکلُّ ثَقب مستدير: خُربة مثل ثقب الأُذن ، وجمعها خُرَب . والمخروب: المشقوق، ومنه قيل: رجل أخرب، للمشقوق الأذن، وکذلک إذا کان مثقوبها، فإذا انخرم بعد الثَّقب، فهو أخرم (8).
والخَرَب ذَکرُ الحُباري، والجمع خِريان. والخُربة: عُروة المزادة، وجمع خُربةخُرَب.
والخراب: ضدّ العمارة، ويقال: خَرِب المکان خراباً (9).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام ): «الحَجَرُ الغَصيب
ص: 223
في الدار رَهنُ عليّ خَرَابِها»(1).
في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله وسلم): «لاوليمة إلّا في خمسٍ: في عِرس، أو خُرس، أو عِذار، أو وِکار، أو رِکاز. فأمّا العرس فالتزويج، والخُرس النفاس بالولد، والعِذار الختان، .والوِکار الرجل يشتري الدار، والرِکاز الذي يقدم من مکّة»(2).
الخُرس: يقال خرّستُ النفساء تخريساً، إذا صنعت لها ما تأکلّه بعد الولادة، والاسم الخُرس والخرسة، والخَرس: دَنّ يُنتبذ فيه. ويقال للبکر في أول بطن تحمله: خَروس(3).
عن مسافر في خبر الرضا (عليّه السلام) أنّه کان ينام في الدهليز حين أخرج أبو إبراهيم (عليّه السلام) من داره، وقد تخلّف عن المبيت ليلة، حتّي جاءت الخريطة بنعيه، فعددنا الأيّام وتَفَقّدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبو الحسن( عليّه السلام) مافعل (4).
الخريطة: وعاء من أدَم يُشرَج علي مافيه (5) وأريد به حقيبة الأخبار والرسائل التي کانت تستخدم آنذاک. والدهليز: المدخل إلي الدار، فارسي معرّب، والجمع الدهاليز (6).
والخَرَطُ: داء يصيب الناقة والشاة في ضروعها. وهو أن يجمد اللبنُ في ضروعها، فيخرج مثل قطع الأوتار، يقال: أخرطت الشاة فهي مُخرِطُ(7).
في الحديث عن عليّ(عليّه السلام) قال: «أمرنا رسول الله (صلي الله عليّه وآله وسلم) في الأضاحي أنّ نستشرف العين والأُذُن، ونهانا عن الخَرقاء والشَّرقَاء والمُقَابَلة والمُدَابرَة» . الخرقاء: أن يکون في الأذن ثقب مستدير، والشَّرقاء في الغنم المشقوقة الأذن باثنين
حتّي ينقذ إلي الطرف. والمقابلة أنّ يُقطع من مقدّم أُذنِها شيء يُترک معلّقاً لايبين کأنّه زَنَمة.ويقال مثل ذلک من الإبل «المزنّم» ويُسمّي ذلک المعلّق «الرّعل». والمدابرة أنّ يُفعل ذلک
ص: 224
بمؤخّر أُذن الشاة (1) والخرقاء : فيها خرق نافذ. وقيل: الخرقاء الشاة يُشقّ في وسط أُذنها شقُّ واحد إلي طرف أُذنها ولا تُبان(2).
وفي الحديث : عن أبي جعفر (عليّه السلام)قال: «من قُسِم له الخُزق حُجِب عنه الإيمان» (3).
الخرق: خَرِق الرجل خرقاً ، من باب تَعِب ، إذا دَهِش من حياءٍ أو خوف فهو خَرِق.
وخَرِق خرقاً: إذا عمل شيئاً فلم يرفُق فيه فهو أخرَقُ والأُنثي خرقاء، مِثل أحمر وحمراء،
والاسم الخُرق (4)ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «مِنَ
الخُرق المُعَاجَلَةُ قَبلَ الإمکَانِ، والاُنَاةُ بَعدَ الفُرصَة»(5).
وجاء في حديث عليّ(عليّه السلام)عن الطيور: مُرَفرفَةٍ بأجنِحَتها في مَخَارِقِ الجَوَّالمُنفَسِح» (6) الخَرق: الفلاة الواسعة، سُمّيت بذلک لانخراق الرّيح فيها، والجمع خروق. والاختراق: الممر في الأرض عَرضاً علي غير طريق. واختراق الرياح مرورها. ومنخرق الرياح: مهبّها. والمِخراقُ: الثور الوحشيّ لأنّه يَخرِقُ الأرضَ. والمِخراق: الکريم ، کالخِرق، يقال: هويتخرق في السخاء، إذا توسّع فيه، وتخرّق في الکرم
اتسع . والخرَّيق من الرجال: کالخِرق علي مثال الفسّيق، قال أبو ذؤيب يصف رجلاً
صحبه رجلُ کريم:
أُتيحَ له مِن الفتيانِ خِرقُ ***أخوثِقةٍ، وخِرّيقُ خَشُوفُ(7)
في الحديث : روي عن السجاد (عليّه السلام) أنّه إذا رأي جنازةً قد أقبلت قال: «الحَمدُالله
الذي لم يَجعلني من السَّوادِ المُختَرَم»(8).
المُخترم: يقال : اختُرم فلان عنّا: مات وذهب . واختر مته المنيّة من بين أصحابه: أخذته من بينهم. واختر مهم الدهرُ وتخرَّمهم، أي اقتطعهم و استأصلهم. وخرمته الخوارم إذا مات، کما يقال: شعبته شُعوب (9). ومنه حديث أبي جعفر (علیه السلام) : «مَن مات دون الأربعين فقد اختُرِم»(10). وفي حديث
ص: 225
عليّ (عليّه السلام) : «لا تُقلع المنية اختراماً (1)». أي:
أخذاً. وباعتبار القطع والثقب، جاء وصفه (عليّه السلام) الخليفة في إدارته شؤون الخلافة: «فصَاحِبُها کَراکِبِ الصَّعبَةِ إنّ أشنَقَ لَهَا خَرَم ، وإن أسلَسَ لَهَا تَقحَّم»(2).
أي خرق أنّفها، لأنّ الزمام يکون متّصلاً بالأنّف، فإذا والي بين جذبه، لشدّة إمساکه، خرقه وخرم(3). وقال عليّ عليّه السلام عن آمال الناس: «شَذَّ بهم عَنها تَخَرُّم الآجَالِ»(4) أراد قطعتهم الآجال عن آمالهم، کما تقطع الشجرة .وعبّر( عليّه السلام )عن الأنّف بالخرم، بقوله: «يَتنَفَّسُ مِن خَرم»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في تعليم الحرب والمقاتلة: «وَالحظُوا الخزر ، واطعَنُوا
الشَّزرَ»(6).
الخزر: يقال: تخازر الرجلُ، إذا قبّض جفنيه ليُحِدَّ النظر. قال الأصمعي: الخزر أنّ يکون الرجل کأنّما ينظر من أحد شِقّيه (7). وخَزِرت العين خزرا، من باب تعب، إذا صغرت وضاقت فالرجلُ أخزرُ والأنّثي خَزراء (8) وبه سُمّي الخزر الجيل المعروف لعموم الخزر فيهم(9) والخيزران، فيعلان، بفتح الفاء وضم العين: عروق القنا(10).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وأيمُ اللهِ لأُنصِفَنَّ المَظلُوم مِن ظَالمِهِ، و لاَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِه حتّي أورِدَهُ مَنهَل الحَقَّ وإنّ کان کَارِهاً»(11).
الخِزامة: حلقةُ تُجعل في أحد جانبي مَنخِرَي البعير ، وقيل: هي حَلقةُ من شعر تُجعل في وَتَرَةِ أنّفه يُشدُّ بها الزَّمام. قال الليث: إنّ کانت من صُفر فهي بُرَةُ، وإنّ کانت من شعر فهي خزامة، وقال غيره: کلّ شيء ثقبته فقد خَزَمَتهُ (12). وقيل : إنّ کان عوداً فهي خشاش (13). والخزماء: هي الناقة المشقوقة المنخر، وإبل خزمي: مخرَّمة (14).قال الأصمعي: الخِشاش ماکان في العظم، والعران ماکان في اللحم فوق المنخر،
ص: 226
والبُرَة ما کان في المنخر(1)وباعتبار السوق والذلّ جاء منها حديث علي( عليّه السلام) : «سَوقاً بِخَزَ ائِم القَهر إلي النار المُعدّة لَکُم»(2).
وفي الحديث: «لاخِزَامَ ولا زِمامَ في الإسلام». فسّر بأنّه کانت بنو إسرائيل تخزِم أنوفَها وتخرق تراقيها ونحو ذلک من أنّواع التعذيب، فوضعه الله تعالي عن هذه الأمّة ، أي لا يُفعل الخِزام في الإسلام (3).
والخزَم، بالتحريک : شجر له ليف تُتّخذ من لحائه الحبال، الواحدة خَزَمةُ، والخزّام: بائع الخَزَم. وإليهم نُسب سوق الخزّامين. والخُزامي: نبتُ طيّب الريح، واحدته خُزاماة وهي طويلة العيدان، لها نُور کنور البنفسج والخزومة: البقرة. بلغة هُذيل، وقيل: هي المسنّة القصيرة من البقر، والجمع خزائم وخُزُم و خَزُم ، والأخزم: الحيّة الذکر(4).
وأخزم بن أبي أخزم جدُّ حاتم طي، وکان جواداً، فلمّا نشأ حاتم وعُرِف جوده قيل المثل «شنشنة أعرفها من أخزَم». أي هو قطرة من نطفة أخزم (5) وقيل : کان أبو أخزم له ابن يقال له أخزم فمات أخزم وترک بنين فوثبوا يوماً في مکانٍ واحدٍ عليّ جدّهم ، أبي أخزم، فأدموه فقال ذلک (6).
في حديث علي (عليّه السلام) فيمن ترک الجهاد: «سِيمَ الخَسف»(7) الخسف، بفتح الخاء وضمّها: الإذلال وتحميل الإنسان مايکره.
يقال: سامه الخَسف، وسامه خَسفاً وخُسفاً أي أولاه ذُلُاّ. وأصله أنّ تُحبس الدابّة علي غير عَلَف، ثم استُعير فوضع موضع الهوان يقال: بات القوم عليّ الخَسف، إذا باتوا جياعاً. وسيم: کُلّف وأُلزِمًَ(8) وقد کتب (عليّه السلام )إلي أهل مصر: «ولا تثّاقَلوا إلي الأرضِ فَتُقرّوا بالخَسفِ، وتبوؤوا بالذُلَّ»(9)
في کتاب عليّ(عليّه السلام) إلي معاوية:«قلتً إنّي کُنتُ أقَادُ کَمَا يُقَادُ الجَمَلُ المَخشُوشُ» (10).
ص: 227
الخِشاش: عود يُجعل في عظم أنّف البعير ، والجمع اخِشّةُ مثل سِنان وأَسِنّه (1). وخَشاش الأرض: هوامّها (2).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «لو ضَرَبتُ خَيشُوم المُؤمِن بِسَيفي هذا عليّ أنّ يُبغِضَني ما أَبغَضَني، ولو صَبَبتُ الدُّنيا بِجَمَّاتها علي المُنَافِقِ عليّ أنّ يُحِبَّني ما أَحَبَّني»(3).
الخيشوم: الأنّف، والجمعُ الخياشيم، هکذا قال قوم. وقال الأصمعي: الخياشيم : العظام الرقاق فيما بين أعليّ الأنّف إلي الرأس(4).
في وصية عليّ (عليّه السلام) : «مَثَل مَن خَيَر الدُّنيا کَمَثَل قَومٍ سَفرٍ نَبَا بهم مَنزِل جَدِيب فَامُّوا مَنزِلاً خَصِيباً وجَنَاباً مَرِيعاً»(5).
الخِصب: کثرة العشب، ورفاهة العيش، والإخصاب والاختصاب منه(6)ومکان مُخصب وخصيب. ورجل خصيب الجناب، إذا کان واسع الرَّحل (7).
وفلان خصيب الرحل: کثير خير المنزل(8). والخِصاب: نخل الدَّقَل بلغة أهل نجد(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا لا يَعدلَنَّ أَحدُکُم عن القَرَابة يري بها الخَصَاصَةَ»(10).
الخَصَاصة والخَصَاصاء والخَصاص: الفقر وسوء الحال. والخَلَّة والحاجة (11) وجاء في وصفه( عليّه السلام) للأنّبياء: «و خَصَاصَةٍ تَملا الأبصَارَ والأسمَاعَ» (12). ومنه قوله تعالي:﴿وَيُؤثِرُونَ علي أَنفُسِهم ولَو کان بِهِم خَصَاصَة﴾ (13) .وأصل الخصاصة خصاص البيت، وهي فروجه (14) والخُصّ البيت الذي يُسقّف بخشبة عليّ هيئة الأزَج، وجمعه خِصاص وأخصاص و وخُصُو ص خُصُوصَة(15) ومنه الحديث: «الخَصّ لمن
ص: 228
إليه القمط»، يعني شدّ الحبل(1). وجاء في الخبر: أنّ عليّاً قضي للذي إليه القمط (2). وعملاً بهذا جاء الخبر أنّ شريح «اختصم إليه رجلان في خُصًّ، فقضي بالخصّ للذي تليه معاقد القُمُط». قال ابن الأثير: القُمُط: جمع قِماط، وهي الشُرُط التي يُشدُّ بها الخصُّ ويُوثق من ليف أو خوص أو غيرهما. ومعاقد القُمُط تلي صاحب الخُصَّ. والخصُّ: البيت الذي يُعمل من القصب (3).
قال عبد الله بن عباس( عليّه السلام) : دَخلت علي أمير المؤمنين (عليّه السلام) بذيقار وهو يخصِف نَعله، فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟ فقلت: لاقيمة لها، فقال( عليّه السلام) : «والله لَهِي أَحَبُّ إليّ من إمرتکم»(4) الخصف: خصفت النعل خَصفاً، أطبقتها بالخَرزِ بالمخصف (5)وهو فيه کرقع الثوب(6) ومنه جاء قوله تعالي: ﴿وطَفِقا يَخصِفانه﴾ (7). والاختصاف: أنّ يأخذ العُريان ورقاً عِراضاً فيخصف بعضهما علي بعضٍ ويستتر بها. والأخصف: لون کلون الرماد، فيه سواد وبياض، وهو الخصيف أيضاً. والأخصف: الظليم لسوادٍ فيه وبياض والأنّثي خصفاء والخَصَفةُ: جُلّةُ التمر (8)من الخوص، وفيها جاء حديث الباقر( عليّه السلام): «لا بأس با لصلاة علي البوريا والخَصَفة»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «فإذا طَمِعنا في خَصلةٍ يَلمُّ اللهُ بها شَعَثنا»(10).
الخَصلة: حالات الأُمور، بفتح الخاء. والخَصلة: الفضيلة والرَّذيلة تکون في الإنسان، وقد غلب علي الفضيلة وجمعها خصال. والخَصلةُ: الإصابة في الرمي، وتخاصل القومُ: تراهنوا علي النّضال، وأصابَ خَصلة وأحرز خَصلة: غلب علي الرّهان (11). قال الکميت يمدح رجلاً:
ص: 229
سبقت إلي الخيراتِ کلّ مُناضِل*** وأحرزتَ بالعشر الولاء خصالها(1)
وأصل الخصل القَطع، ومنه: سيف مِخصَل، لأنّ المتراهنين يتقاطعون أمرهم علي شيء
معلوم (2). والمراد من قوله عليّه السلام وسيلة أو طريق أو فضيلة تجمع أصحابه وتوحّدهم. والخصيلةُ: کلُّ لحمة علي حيَّزها من لحم الفَخِذَين والعَضُدين والساقين والساعدين. والخُصلة: لفيفة من شعر (3).
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم): «في الخضاب أربعة عشرة خصلة: يطرد الريح من الأُذنين، ويجلو الغشاوة عن البصر، ويلين الخياشيم، ويطيّب النکهة، ويشدّ اللثة، ويذهب بالضني ويقل وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائکة، ويستبشر به المؤمن، ويغيظ به الکافر، وهو زينة، وطيب، وبراءة في قبره، ويستحيي منه منکر ونکير»(4).
الخضاب: هو الحِنّاء ونحوه(5)وفيه قال عليّ( عليّه السلام): «الخِضَابُ زِينَةُ(6)يقال: خَضب الرجل شيبه. والخضاب الاسم. وکلّ شيء غُيّر لونه بحُمرة کالدم ونحوه فهو مخضوب. والخاضب من النعام هو نعت للذکر إذا اغتلم في الربيع أحمرّت ساقاه»(7) وقيل: خضب الظليم فهو خاضب إذا احمرّت ساقاه وأطراف ريشه من أکلّ العشب. وقيل: إذا أکل اليساريع. والخضاب من هذا اشتقاقه.(8).
في الحديث: قال النبي: «ما أظلّت الخَضراءُ ولا أقلّت الغَبراء علي ذي لَهجَةٍ أصدق من أبي ذرّ»(9).
الخضراء: السماء، والعرب تجعل الحديد أخضر والسماء خضراء(10) وفي حديث الفتح: « مرّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)في کتيبته الخضراء». يقال: کتيبة خضراء، إذا غلب عليها لُبسُ الحديد شبّه سواده بالخضرة.
ص: 230
والعرب تطلق الخضرة عليّ السواد(1). وقيل للسماء خضراء لأنّها تعطي المحضرة (2).
وباعتبار الحسن والطراوة في اللون الأخضروصف الدنيا عليّ( عليّه السلام) بقوله: «حلوة
خضراء»(3) وفي الحديث: «نهي (صلی الله علیه وآله وسلم) عن المحاضرة».
المخاضرة: أنّ تباع الثمّار قبل أنّ يبدو صلاحها وهي خضر بعد، ويدخل في المخاضرة أيضاً بيع الرطاب والبقول وأشباههما(4) وسمي ذلک مخاضرة لأنّ المتبايعين تبايعا شيئا اخضر بينهما، ماخوذمن الخضرة(5).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) للاستسقاء: «و أنّزل عليّنا ماء مخضله»(6). الخضل والخاضل: کلّ شيء ندير يترشش من نداه، فهو خضل، يقال: أخضلتنا السماءُ: بلتنا بلّاً شديداً. وأخضل واخضل واخضوضل اخضيضالا؟ ابتل. والخضيلة: الروضة. والخضلة: النعمة والري. والعرب تقول: نزلنا في خضلة من العشب، إذا کان أخضر ناعما رطبة. وهم في خضلة من العيش، أي نعمة ورفاهية. ويقال لليل إذا أقبل طيب برده: قد اخضل اخضلالا (7). قال الجعدي من هذا المعني:
کأن فاها بعد النوم خالطه*** خمر الفرات تري راووقها خضلا(8).
وجاء في الخبر: أنّه(صلی الله علیه وآله وسلم) قال لأم سليم: «خضلي قنازعک» أي ندي شعرک بالماء والدهن ليذهب شعثه(9) والقنازع: شعر متفرق في الرأس في مواضع شتي بعد الحلق أو النتف، الواحدة قنزعة(10). والخضل:اللؤلؤ، بسکون الضاد، واحدته خضلة. ولؤلؤة خضلة: صافية (11).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وقام معه بنو أبيه يخضون مال الله وخضمة الإبل نبتة الربيع»(12).
يخضمون: الخضم الأکلّ عامة، وقيل: هو
ص: 231
ملء الفم بالمأکول، وقيل: الخضم الأکلّ بأقصي الأضراس، والقضم بأدناها، وکلّ أکل في سَعَة ورَغَد خَضمُ. ورجل مُخضمَ: مُوسّع عليّه من الدنيا(1) ومنه حديث أبي ذرّ عن بني أُمية: يخضمون ونَقضَم، والموعد الله (2).
والقضم: أکل دونُ کما نَقضَم الدابّة الشعير، واسمه القضيم، والقضم أکل الشيء اليابس، والخضم أکل الرطب. وما للقوم قضيم وقَضام وقُضمة ومَقضم، أي مايُقضم عليه. ومنه قول بعض العرب وقد قدم عليه ابن عمّ له بمکة فقال: إنّ هذه بلاد مَقضم وليست ببلاد مَخضم، وما ذقت قضاماً، أي شيئاً، وأتتهم قضيمة، أي ميرة قليلة(3) والنّبتة: ضرب من فعل النبات(4) وکنّي به عليّه السلام عن الأکل المخصوص. وهو نبات الربيع، وفي نباته ما يهلک(5) والمراد انّهم علي قدم عظيمة من النهم وشدّة الأکلّ وامتلاء الأفواه(6).
في حديث فاطمة (عليّها السلام )عن شهادة أبيها(صلی الله علیه وآله وسلم): «فَخَطبُ جليل استوسع وَهيهُ. واستنهر فَتقه، وانفتق رَتقُه، وأظلمّت الأرضُ الغيبته، وکَسَفت الشمسُ والقَمَر»(7)
الخَطب: الشأن أو الأمر، صَغر أو عَظُم، وقيل: هو سبب الأمر. يقال: ما خَطبُک؟ أي ما أمرک ؟ وتقول: هذا خَطب جليل، وخَطب يسير، والخطب، الأمر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن والحال، ومنه قولهم: جلّ الخطب، أي: عَظُم الأمر والشأن (8) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «حوازب الخطوب»(9).
وخاطبه مُخاطبة وخِطاباً، وهو الکلام بين متکلّم وسامع، ومنه اشتقاق الحطبة، بضم الخاء وکسرها، فيقال في الموعظة خُطبة بالضم، وهي فُعلة بمعني مفعولة، نحو نسخة بمعني منسوخة. وخطيب القوم، إذا کان هو المتکلّم عنهم، وخطب المرأة الي القوم، إذا طلب أنّ يتزوج منهم، والاسم الخطبة، بالکسر (10) ومنه جاء وصفه( عليّه السلام) لخطيب ماضٍ بخطبته: «هذا الخَطيب الشَّحشَح»(11)
ص: 232
عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «إنَّ الله أحبّ اثنين وأبغض اثنين، أحب الخَطَر فيما بين الصفّين، وأحبَّ الکذب في الإصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات، وأبغض الکذب في غير الإصلاح»(1).
الخَطَر: الخاطر: المتبختر، يقال: خَطَر يخطِرُ إذا تبختر، والخطير والخَطَران عند الصولِة والنشاط: هو التصاول والوعيد، قال الطرماح:
بالوا مخافتهم عليّ نيرانهم*** واستسلموا، بعد الخطير فأُخمدوا(2)
والجند يخطرون حول قائدهم : يُرونه منهم الجد(3)، ومنه حديث مرحب: «فخرج يخطر بسيفه» أي يهزّه مُعجباً بنفسه متعرّضاً للمبارزة. أو أنّه کان يخطر في مشيته : أي يتمايل ويمشي مِشيَة المعجب وسيفه في يده، يعني أنّه کان يَخطِر وسيفه معه، والباء للملابسة. ومنه حديث الاستسقاء: «والله ما يخطر لنا جمل» أي ما يحرک بذنبه هزالاً لشدّة القحط والجدب .
يقال: خطر البعير بذنبه يخطر، إذا رفعه وحطه . وإنّما يفعل ذلک عند الشبع والسمن(4).
ومنه سمّيت الرماح الخواطر لاهتزازها واضطرابها(5).
وفي حديث الجواد(عليّه السلام) ،عن آبائه (عليّه السلام) ،عن أمير المؤمنين(عليّه السلام) قال: «خَاطر بنفسه مَن استغني»(6)خاطر بنفسه: أي أشفاهاعلي خطر هُلک أو نيل مُلکٍ والمخاطر: المرامي(7).
وباعتبار الهلاک قال عليّ (عليّه السلام( في وصية للحسن (عليّه السلام ): «ولا تخاطر بشيء رجاء أکثر منه»(8). والخطر: ارتفاعُ القَدرِ والمالُ والشرف والمنزلة. ورجل خطير، أي له قدرُ وخطُر، بالضم، خُطورة. ويقال: خَطَران الرمح ارتفاعه وانخفاضه للطعن. ويقال: إنّه لرفيع الخطُر ولئيمه. وخَطَرُ الرجل: قدرُه ومنزلته، وخصّ بعضهم به الرفعة، وجمعه أخطار. وأمرُ خطير: رفيع. والخطير من کلّ شيء: النبيل(9) وفي الزيارة الجامعة المروية عن الهادي( عليّه السلام) : حتّي لا يبقي مَلَک مقرّب ولا نبيّ مُرسل
ص: 233
ولاصدّيق ولاشهيد ولاعالم ولاجاهل ولادني ولافاضل ولامؤمن صالح ولافاجر طالح ولاجبّار عنيد ولا شيطان مَريد ولاخلق فيما بين ذلک شهيد إلا عرّفهم جلالة أمرکم
وعظم خَطَرکم....الخبر»(1).
وعن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «کان صبيان في زمن علي (عليّه السلام) يلعبون بأخطارهم فرمي أحدهم الآخر بخطره فدقّ رباعيّة صاحبه فرفع ذلک إلي أمير المؤمنين الخبر(2).
الخَطر: السّبق الذي يترامي عليه في التراهن، والجمع أخطار، وتخاطروا علي الأمر:تراهنوا، وخاطرهم عليّه: راهنهم. والخطر: الرهن بعينه. والخطر والسّبقُ والنّدبُ واحدُ، هو کلّه الذي يوضع في النضال والرّهان، فمن سبق أخذه(3) وقد استعاره (عليّه السلام) للدنيا بقوله: «فَعَيشُک قَصِير، وخَطَرُک يَسير»(4) وفي حديث الفتح بن يزيد الجرجاني قال: ضمّني وأبا الحسن( عليّه السلام) الطريق في منصرفي من مکة إلي خراسان وهو سائر الي العراق فسمعته يقول: «أنّي يوصف الذي تعجز الحواسُ أنّ تدرکه والأوهام أنّ تناله والخطرات أنّ تحدّه والأبصار عن الإحاطة به.. الخبر»(5).
الخاطر: الفکر، والجمع خواطر(6)
والخاطر: الهاجس، وخطر بباله خطوراً، من بابي ضرب، وقعد: ذکره بعد نسيان (7) وخَطير الناقة : زمامها(8) وفيه حديث عليّ( عليّه السلام) : «أنّه أشار إلي عمّارِ وقال: جرّواله الخطير ما انجرّ». وفي رواية : «ماجرّه لکم». والخطير : الحبل. والمعني اتّبعوه ما کان فيه موضع متّبع، وتوقّوا ما لم يکن فيه موضع، ومنهم مَن يذهب به إلي إخطار النفس وإشراطها في الحرب، أي اصبروا لعمّار ما صبر لکم(9)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن فتنة بني أُمية:« فِتنَة عَميَاء مُظلِمَة، عَمَّت خُطَّتها، وخَضّت بَليّتُها» (10).
الخُطّة: يقال في رأس فلان خُطّة، أي
ص: 234
جهل وإقدام علي الأمور(1) والخَطّ: أرض
تُنسب إليها الرماح، يقال: رماح خطّية .والخَطُّ: ضربُ من البَضع، تقول: خطّ بها، أي
نکحها. والخَطيطةُ: الأرض التي لم تُمطر بين أرضين ممطورتين (2).
في حديث علي (عليّه السلام )يذمّ أتباع الشيطان :«ونطَقَ بأَلسِنَتِهم، فَرَکِبَ بِهِمُ الزّللَ، وزيّن لَهُم الخَطَل، فِعلَ مَن قد شَرِکَه الشَّيطانُ في سُلطَانِه، ونَطَقَ بالبَاطِلِ عليّ لِسَانِه» (3).
الخطل: الفُحش، وسرعة وخِفّة، يقال: أحمق خَطِل، وامرأة خطّالة. وخطل الرجل وأخطلَ: أي أفحش. والجواد من الرجال خَطِل اليدين: أي عَجِلُ في الإعطاء. وهو من السَّهام الذي يذهب يميناً وشمالاً(4) ومن هذا جاء حديثه( عليّه السلام) عن نفسه في بيان منزلته لدي النبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «ما وجد لي کذبة في قول، ولاخَطلةً في فِعل»(5). والخَطَلُ: الطول والاضطراب ، ورجل خطل القوائم: طويلها. وأُذُن خطلاء: بيّنة الخطَل، أي طويلة مسترخية. والخطل: التلوّي والتبختر، وقد خَطِل في مِشيته. والخطل من الثياب: ما خَشُن وغَلُظ وجفا. وثوب خَطِل ينجرّ علي الأرض من طوله. والخيطل من أسماء الداهية: والخيطل: العطّار. والخيطل: جماعة الجراد مثل الخيط (6)والخيطل: السَّنّور.
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «فدونَکها مَخطُومة مَرحُولة تلقاک يوم حَشرِکَ»(7).
الخطام: کلُّ ماوُضِع في أنّف البعير ليُقاد به ، والجمع خُطُم. وخطمه بالخِطام يَخطِمُه خطماً وخطّمه، کلّاهما: جعله علي أنفه، وکذلک إذا حزّ أنّفه حزّاً غير عميق ليضع عليه الخِطام. وناقة مخطومة ، ونوق مُخطّمة(8)ولمّا کان الخطام أساس القيادة استعاره (عليّه السلام) للدنيا بقوله : «جائلاً خطامها»(9). والرحل: رَحل البعير، وهو أصغر من القتَب، ورحل البعير يَرحَلُه رَحلاًفهو مرحول ورحيل، وارتحله: جعل عليه الرَّحل (10). ودونک الشيء: أي
ص: 235
خذه، ويقال في الإغراء بالشيء : دونکه(1).
والوعيد والإغراء بقولها (عليّه السلام) إمّا عائد إلي فدک أو إلي الخلافة، وقد جاء قولها (عليّه السلام) من باب المجاز، شبّهت الخلافة أو فدک بالراحلة.
والخِطميّ: غسل معروف، وکسر الخاء : أکثر من الفتح(2).
وقد جاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «غَسل الرأس بالخِطميّ يُذهب بالدَّرنِ ويُنقي
الأقذاء»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «نَفَسُ المَرءِ خُطَاهُ إلي أَجَلِهِ » (4).
الخطا: يقال: خطوتُ أخطو خَطَواً :مشيت ، الواحدة خَطوة، مثل ضَرب وضَربة، والخُطوة بالضم مابين الرجلين، وجمع المضموم خُطيً وخُطوات(5).
واستعار للنفس لفظ الخطا باعتبار أنّه عليّ التعاقب والتقضيّ فهو مُقرّب من الغاية التي هي الأجل، کالخطا المتعاقبة الموصلة للإنسان الي غايته من طريقه(6) وباعتبار الدفع والتجاوز قال عليّ (عليّه السلام) لأهل البصرة: «فإنّ خَطَت بِکُم الأمُور المُردِيَةُ، وسَفَهُ الآراءِ الجَائِرةِ إلي مُنَابَذَتي وخِلاَفي»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «عَالِمُ السّرَّمن ضَمَائِرِ المُضمِرينَ، ونَجوي المُتَخَافِتين» (8).
المخافتة: إخفاء الصوتِ. وخافت بصوته: خفّضه. وخفت صوتهُ يخفِتُ: رقَّ. والمخافتة والتخافت: إسرار المَنطِق، والخَفتُ مثله، خفت الصوتُ خفوتاً: سکن؛ ولهذا قيل للميّت: خفت إذا انقطع کلامهُ وسکت، فهو خافت(9)ومنه حديثه عليّه السلام قبل موته: «ليَعِظکُم هُدُوَّي، وخُفُوتُ إطراقي، وسُکونُ أطرافي» (10). وزرعُ خافت: أي کأنّه بقي فلم يبلغ غاية الطول(11). ومنه الحديث : «مثل المؤمن کمثل خافت الزرع يميل مرّةً ويعتدل أُخري». وفي رواية: کمثل خافتة الزرع. ، الخافت والخافتة: ما لان وضَعُفَ من الزرع
ص: 236
الغَضَّ ولحوق الهاء عليّ تأويل السنبلة. وفي الحديث : «نوم المؤمن سُباتٍ، وسمعه خُفَات » أي ضعيف لا حِسَّ له(1) وأريد به معني التغافل و تجنّب استماع الغيبة وغيرها من الآخرين. والخافتُ من السحاب: الذي ليس فيه ماء. والخفوت من النساء: المهزولة. يقال: امرأة خفوت لفوت: وهي التي لاتکاد تبين من الهزال، وفيها التواء وانقباض (2) والخفت: المطمئنُّ من الأرض(3).
في حديث أبي جعفر (عليّه السلام):«من کان له عَهد فَخَفر في عهده فهو مولي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)»(4).
الخفارة: الذمّة، يقال: خَفَرتُ الرجلَ أجرته وحفظته. وخفرته، إذا کنت له خفيراً أي حامياً وکفيلاً. وتخفّرت به، إذا استجرت به. وأخفَرت الرجل، إذا نقضت عهده وذمامه. والهمزة فيه للإزالة، أي: أزلتُ خِفارته، کاشکيته إذا أزلتَ شکايته(5) والخفير:
المجير، فکلّ واحد منهم خفير لصاحبه، والاسم من ذلک کلّه الخُفرة والخُفارة والخَفارة والخفارة: الأمانة(6)ومنه ما روي عن حفص بن البختري، قال: أبطأتُ عن الحجّ، فقال لي أبو عبد الله (عليّه السلام ): «ما أبطأ بک عن الحجّ؟ فقلت : جُعلت فداک، تکفّلتُ برجلٍ فخفر بي، فقال: مالک والکفالات، أما علمت أنّها أهلکت القرون الأولي»(7). وفي حديث أمّ سلمة عليّه السلام لعائشة: حُماديات النساء غَضّ الأبصار، وخَفَر الأعراض، وقِصَر الوهازة(8) أي الحياء من کلّ ما يُکره لهنّ أنّ ينظرن إليه(9). يقال: خَفِرت المرأةُ تخفَر خَفَراً، إذا استحيت، والاسم الخَفَر والخَفارة . ومن هذا قولهم: فلان من أهل الخَفارة والتنزّه بفتح الخاء، وامرأة خَفِرة: حَييّة(10).
مثل الخفض في العيش، وفيها قال علي (عليّه السلام) :« ومن اقتصر علي بُلغة الکفاف فقد انتظم الراحة، وتبوّأ خَفضَ الدّعة»(1) من إضافة
الشيء إلي نفسه. والأحقّ بالبسط والقبض هو أمير المؤمنين عليّ (عليّه السلام) فهو وليّ الله وخليفته في أرضه. وخفضت الخافضة الجاريةً خِفاضاً: ختنتها، فالجارية مخفوضة.
ولايُطلق الخفض إلاّ علي الجارية دون الغُلام. وخفض اللهُ الکافر: أهانه. وخفض الرجلُ صَؤته خَفضاً: لم يجهر به(2) واستعاره علي (عليّه السلام) للتواضع بقوله: «کنتُ أخفَضَهُم صوتاً وأعلاهم فوتاً»(3). ومن معني الخفض جاءت الاستعارة في کتاب عليّ (عليّه السلام) لبعض عمّاله: «و اخفِض للرَّعِيَّة جَنَاحَک، وابسُط لَهُم وَجهَک»(4). ومن هذا جاء قوله تعالي: ﴿واخفِضَ لهما جَناحَ الذُّلَّ من اللرَّحمَة ﴾(5).
في حديث علي( عليّه السلام) : «تَخفَّفُوا تَلحَقُوا»(6)
تخففوا: المُخفّ القليل المال، الخفيف الحال.
وأخفّ الرجل، فهو مُخفُّ وخفيف وخِف، أي خفّت حاله ورقّت، وإذا کان قليل الثَّقل.
وفي الحديث: إنّ بين أيدينا عقبةً کؤوداً لايجوزها إلّا المُخِفّ، يُريد المخفّ من الذنوب وأسباب الدنيا وعُلقها. وخفّة الرجل: طيشه وخفّتُه في عمله. والفعل من ذلک کلّه خفّ يَخِفُّ خِفّةً، فهو خفيف ، وليس المراد هذا المعني في الحديث. وخفّ القومُ خُفوفاً، أي قلّوا، وقد خفّت زَحمتهُم (7) وباعتبار الطيش في الخفة جاء حديث علي (عليّه السلام )عن الخوارج: «أخِفّاء الهام، سُفَهاء الأحلامِ».(8) وفي الحديث: «أيّها الناس، إنّه قد دنامنيّ خُفُوف من بين أظهرکم». أي حرکة وقرب ارتحال، يريد الإنذار بموته (صلی الله علیه وآله وسلم) (9). ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) بعض الطيور: «ومنع بعضها بِعَبالة خَلقه أنّ يسمو في الهواء خُفوفاً، وجعله يَدِفُّ دَفيفاً» (10).
وفي حديث الحلبي: قال: سألتُ أبا
ص: 238
عبدالله (عليّه السلام) عن المسح عليّ الخفيّن، فقال: لاتمسح، وقال: إنّ جدّي قال: سبق الکتاب الخُفّيق» (1)أراد عليّه السلام في الخفّ الملبوس أنّ .
المسح عليّ الخفّين حادث بعد الکتاب، وأن الکتاب أمر بالمسح(2) وباعتبار کثرة أهل الباطل وقلّة أهل الحقّ والهدي قال (عليّه السلام) : «إنّ الحقَّ ثَقيل مَرِيءُ، وإنَّ البَاطِل خَفيف وَبيءُ»(3). واستعار للباطل وصف الخفّة السهولته علي أهله.
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «اطلبوا الخَير في أَخفاف الإبل وأعناقها صَادرة ووَارِدة» (4).
الخُفُّ: مجمع فِرسِن البعير، والجمع أخفاف، والخُفُّ: مايلبسه الإنسان، وتخفَّفتُ بالخُفَّ، أي لبسته (5)وليس في الحيوان شيء له خُفّ إلّا البعير والنعامة (6) وفي الحديث مجاز أراد به الإمام (عليّه السلام) به حرکتها في التجارة والعمل والسفر.
سأل سماعة بن مهران الصادق (عليّه السلام) عن الرجل يَخفِق برأسه وهو في الصلاة قائماً أو راکعاً؟ قال: «ليس عليّه وضوء».(7)
خَفَق برأسه: إذا أخذته سِنَة من النعاس فمال رأسه دونَ سائر جسده(8) وخفق النجمُ: إذا غاب، وأخفق مثله(9).
ومنه قال عليّ( عليّه السلام) : «الحمدُ لله کلّما لاحَ نَجمُ وخَفَق (10).
في دعاء الحسين( عليّه السلام) للاستسقاء: «يطلع القطر منه غير خُلّب البرق، ولامکذّب الرعد»(11). برق خلّب: يومض ويرجع ويُرجي أنّ يُمطر ثمّ يعدل عنک. وکذلک اليلمع(12) ومنه دعاء عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء: «غيرَ خُلَّبٍ بَرقُها»(13). يقال: خلبه يخلبه، بضم اللام وکسرها، إذا خدعه، والاسم الخلابة، والفاعل خلوب (14) وقد استعار علي( عليّه السلام) لا مال الدنيا خلّب البرق بقوله: «فإنّ بَرقَها خَالِبُ» (15). ومنه الحديث:
ص: 239
«أنّه نهي عن بيع المحفّلة وقال: إنّها خلابة».والمحفّلة: هي المصرّاة بعينها، وهي الناقة أو
البقرة أو الشاة التي قد صري اللبن في ضرعها. وسمّيت محفّلة لأنّ اللبن قد حفّل في ضرعها واجتمع. وکلّ شيء کثرته فقد حفّلته. ومنه قيل: قد احتفل القوم، إذا اجتمعوا وکثروا، ولهذا سمّي محفل القوم، وجمع المحفل محافل (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «و تَنکَّبَ المَخالِجَ عن وَضَحِ السبيل»(2).
المخالج: الطرق المتشعّبة عن الطريق الأعظم الواضح. وتخلّج المجنون في مشيته:
تجاذب يميناً وشمالاً. ويتخلج في مشيته، أي يتمايل. ورجلُ مُختَلَج: وهو الذي نُقل
عن قومه ونسبه فيهم إلي قوم آخرين، فاختُلف في نسبه و تنُوزع فيه. والخَلَج: ما أعوجّ من البيت. والخَلَج: الفساد في ناحية البيت. وأخلج الرجلُ حاجبيه عن يمينه واختلج حاجباه، إذا تحرّکا(3). وأصل الاختلاج الحرکة والاضطراب، ومنه يفسّر قوله (عليّه السلام) : «خذ الحکمة أنّي کانت، فإنّ الحِکمَة تکون في صَدر المُنافق فَتَلجلَجُ في صَدره حتّي تَخرج فتسکنُ إلي صواحبها في صَدر المؤمن»(4) وجاء في خبر الحکم بن العاص بن أميّة أنّه کان يجلس خلف النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) فإذا تکلّم اختلج بوجهه، فرآه فقال له: کن کذلک، فلم يزل يختلج حتّي مات. أي کان يحرّک شفتيه وذقنه استهزاءاً وحکاية الفعل النبيّ صلي الله عليّه وآله فبقي يرتعد ويضطرب إلي أنّ مات. وفي الحديث: «لَيردَنّ عليّ الحوض أقوامُ ثمّ ليُختلجُنَّ دوني» أي يُجتذبون ويُقتطعون(5) وباعتبار القطع سُمّي ما انقطع من معظم الماء خليجاً والجمع خلجُ وخُلجان. وخليجا النهر: جناحاه. والناقة الخلوج: هي التي اختُلج ولدها، أي انتُزع منها. وحُکي عن ثعلب أنّها المرأة المُختَلَجةُ عن زوجها بموت أو طلاق. والخليج: الحبل، والخالِج: الموت، لأنّه يخلج الخليقة أي يجذبها (6)ومنه قولُ علي (عليّه السلام) : «لولا عهد عهده إليّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) الأُمّي لأورَدتُ المخالفين خَليج المنيّة ولأرسلتُ عليهم شآبيب صواعق الموت»(7) .
ص: 240
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ الدنيا تَغُرُّ المؤمّل لها والمُخلِد إليها»(1).
الإخلاد: يقال: أخلد إلي الأرض: اطمأنّ إليها وسکن(2). ومن هذا جاء قوله تعالي: ﴿ولکنّه أخلد إلي الأرض﴾ (3). وقد قالوا: أخلد الرجلُ إخلاداً، إذا أبطأ عنه الشَّيب فهو مُخلِد، وخَلَد يخلُد خُلوداً، من دوام البقاء لاغير، والخلود لا يکون في الدنيا(4) والخَلَدُ: البال، والخُلد: ضرب من الجرذان عُميّ. والخوالد: الأثافي، وتُسمّي الجبال والحجارة خوالده(5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «و لقد کان الرجلُ منّا والآخر من عَدوّنا يَتصاوَلانِ تَصَاوُلَ الفَحلَينِ، يَتخَالَسَانِ أنفُسَهُما، أيُّهمُا يَسقِي صَاحبه کأس المنُون»(6).
الخُلسة: النُّهزَةُ. والقرنان يتخالسان، أيُّهما يَقدرُ علي صاحبه. والرجل المخالس: الشجاعُ والحذِر(7) وخَلَسَ الشيء خَلساً: استلبه، والخُلسة الاسم(8) ومنه قال عليّ(عليّه السلام): «أو موتاً خَالِساً»(9) وخَلَسَ الشعرُ خُلسة وأخلسَ: اختلط بياضَه بسواده، والنباتُ رطبه بيابسه (10). والخِلاسيّ: الولد من أبيض وسوداء، أو أسود وبيضاء. والخِلاَسيُّ من الدّيکة: بين الدّجاج الهندية والفارسية (11). ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) القوائم الطاووس: «کقِوائم الدّيکةِ الخِلاسية»(12).
الحرب خاصّة، إذا تشابکوا، والاسم الخِلاط(1)وباعتبار الاختلاط والتشابک جاء حديث النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم): «لاخِلاط ولاوِراط»(2). أي لايجمع بين متفرّق، ولا يُفرّق بين مجتمع. والوراط: الخديعة (3) والمراد خداع المصّدّق عند أخذ الزکاة. وباعتبار الشُبهة والخديعة قال علي (عليّه السلام) :«وليس طالبُ الدين من خَبَط أو خَلَط»(4). ويقال للصديق والمجاور والشريک: خليط (5) ومن هذا قال( عليّه السلام) : «خَالِطوا الناس مُخَالَطةً إنّ مِتُّم مَعَها بَکُوا عَلَيکم»(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الدنيا: ولا تمکّنتم مِن رِضاع أَخلافِها إلّا مِن بعد ما
صَادفتموها جَائِلاً خِطامُها»(7).
الأخلاف: يقال لموضع يد الحالب من الناقة: الخِلف، والجميع الأخلاف (8)ويقال: أخلف عن بعيرک، إذا أمره أنّ ينحّي الحَقَب عن الثَّيل، وهو غلاف قضيب الجمل. ويقال للجمل بعد بزوله بعام أو عامين: مُخلف، ثمّ ليس له اسم بعد الإخلاف، ولکن يقال: مُخلِف عام ومُخلِفُ عامين، کما يقال : بازل عامٍ وبازل عامين، وکما يقال في الخيل : قارح سنة وسنتين. ويقال : خلّف فلانُ فلاناً، إذا جعله في آخر الناس ولم يقدّمه، ويقال لکلّ شيء کان بدلاً من شيء خلفهُ. وخلف فلاناً فلانة فهو خليفة له، والجمع خُلفاء، وهو خليف له أيضاً (9) وفيها قال عليّ عليّه السلام :«والله ما کانت لي في الخِلافة رَغبة»(10).والجمع من خليفة خلائف، ومن خليف خُلفاء، والاسم الخلافة(11). واستخلفتهُ: جعلته خليفة، فخليفة يکون بمعني فاعل وبمعني مفعول. والخليفة أصله خليفُ بغير هاء لأنّه بمعني الفاعل، والهاءُ مبالغةُ مثل علّامة ونشّابة، ويکون وصفاً للرجل خاصّة. وخَلَفَ اللهُ عليّک، کان خَلَيفة أبيک عليک أو من فَقَدتَه ممّن لا يتعوّض کالعَمّ.
ص: 242
وأخلفَ عليک بالألف، ردّ عليک مثل ما ذهب مِنک. وأخلفَ اللهُ عليک مالکَ، وأخلف
لک مالک، والاسم الخَلَف، بفتحتين، قال أبو زيد: وتقول العرب أيضاً: خلف الله لک بخير وخلف عليّک بخير يخلُف بغير ألف(1)ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): «من أيقن بالخَلَفِ جاد بالعطيّة» (2).
وأخلف الرجل وعده بالألف، والخُلُف بالضم اسم منه(3). واستعاره عليّ( عليّه السلام) للسحاب بقوله: «أخلفَتنا مَخَايلُ الجَود»(4).
والخِلاف شجر، والواحدة خِلافة، ويقال : جاء الماء بِبَزر فنبت مخالفاً لأصله فسمي خلافاً (5)
والاختلاف والمخالفة أنّ يأخذ کلُّ واحدٍ طريقاً غيرطريق الآخر في حاله أو قوله، والخلاف أعمُّ من الضدَّ لأنًّ کلًّ ضدّين مختلفان، وليس کلُّ مُختَلِفين ضِدّين، ولمّا کان الاختلاف بين الناس في القول قد يقتضي التنازع استُعير ذلک للمنازعة والمجادلة (6).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «الخِلافُ يَهدِمُ الرأي» (7).
وسئل الصادق( عليّه السلام )عن قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «إنّ اختلاف أُمّتي رحمة». فقال : «أراد قول الله عزّوجلّ: ﴿فلولا نَفَر من کلًّ فِرقةٍ منهم طائفةُ اليتفقّهوا في الدين وليُنذِروا قَومَهُم إذا رَجَعوا إليهم لعلّهم يَحذَرون﴾(8)فأمرهم أنّ ينفروا إلي رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)ويختلفوا إليه فيتعلموا ثمّ يرجعوا إلي قومهم فيعلّموهم، إنّما أراد اختلافهم في البلدان لا اختلافاً في دين الله، إنّما الدين واحد»(9).
وفي کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي: «وليکُن آثرُ رؤوس جُندِکَ عندک من وَاسَاهُم في معونته، وأفضل عليهم من جِدَتِه، بما يَسَعُهم ويَسَعُ مَن وراءَ هُم مِن خُلُوفِ
أهليهم»(10).
الخلوف: الحضور المتخلفون . والخالفة: القاعدة من النساء في الدار. والخوالف: الذين لا يغزون، واحدهم خالفة کأنّهم
ص: 243
يخلفون من غزا، والخوالف: الصبيان المتخلّفون(1). ومن هذا جاء قوله تعالي: ﴿ورَضُوا بأن يکونوا مع الخَوالِفِ ﴾(2).
ولحمُ خالِفُ: به رُوَيحةُ، وقد خلف يَخلُف ، ومنه اشتق خلوف الفم(3) وخَلَف اللبنُ خُلوفاً، إذا حمض ثمّ أطيل إنقاعه حتّي يفسد. وخلفت نفسه عن الشيء من طعام وغيره فهي تخلّف خُلوفاً ، إذا أضربت عنه، ولا يکون ذلک إلّا من مرض، وخلَف فوه خُلوفةً وخُلوفاً، إذا تغيّر من صوم أو مرضٍ.وفي الحديث: «لَخُلُوفُ فَمِ الصائم أَطيبُ عند الله من رَائِحة المِسک الأَذفر»(4).
في الحديث : أنّ النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) کسا أسامة بن زيد حلّة حرير فخرج فيها فقال: «مهلاً؟ ياأُسامة، إنّما يلبسها من لاخَلاق له، فاقسمها بين نسائک»(5).
لاخَلاق له: أي لاحظّ له من الخير(6).ومنه قول عليّ (عليّه السلام) : «من مُستَمتَع خَلَاقِهم»(7).
وفلان خليق بکذا: أي کأنّه مخلوق فيه ذلک، کقولک: مجبول علي کذا أو مدعو إليه
من جهة الخلق(8).
ومن هذا يُفسّر قول الصادق( عليّه السلام) لإسحاق بن عمار: «ما أَخلَقک أن تَمرض سنة!»(9)وفي حديث عبدالله بن الفضل الهاشمي ،عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: قلت له أو سأله رجل عن رجل ادعت عليّه امرأته أنّه عنين وينکر ذلک الرجل، قال: «تحشوها القابلة بالخلوق ولا يعلم الرجل ويدخل عليها، فإنّ خرج وعلي ذکره الخلوق صدق وکذبت، وإلّا صدقت وکذب»(10).
الخَلوق: ضربُ من الطيب (11). قيل: هو مائع فيه صُفرة. والخِلاق، مثل کِتاب، بمعناه، وخلّقت المرأة بالخَلوق تخليقاً فتخلَّقت هي به. والخِلقةُ: الفِطرة، ويُنسب إليها علي لفظها فيقال: عيب خِلقي، ومعناه موجودُ من أصل
ص: 244
الخِلقة وليس بعارض. والخُلُق: السَجيّة(1).
ومنه حديث الباقر (عليّه السلام) : «إنّ أکمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً»(2) وقد وصف عليّ (عليّه السلام) مکارم الأخلاق: «بالأخلاق الرغِيبة» (3).
والخَلق والخُلق في الأصل واحد، لکن خُصَّ المفتوح منه بالهيئات والأشکال والصُوَر المُدرَکة بالبصر،خُصّ و المضموم منه بالقوي والسجايا المدرکة بالبصيرة، وحقيقته أنّه لصورة الإنسان الباطنة بمنزلة الخلق الصورته الظاهرة (4).
وخلقتُ الشيء، إذا قدّرته ، قال الشاعر:
لأنّت تفري ماخلقت وبَع-*** ضُ القوم يَخلُقُ ثمّ لا يَفري
والخَليقة: نقر في صخرة. يجتمع فيه ماء السماء، والجمع خلائق. والخَلق: مصدر خلق الله الخلق يخلقهم خلقاً، ثمّ سُمّوا بالمصدر، والخَلق أيضاً يُسمّون الخليقة، والجمع خلائق
(5). والخَلق (فَعل) بمعني مفعول(6) وفيه قال عليّ( عليّه السلام) :
«أنشأ الخَلق إنشاءً وابتدأه ابتداءً، بلا رويّة أجَالَها، ولاتَجرِبة استفادها»(7) والخُلَّق: المرأة الرتقاء. وخلّقت الحمل والوتر وغيرهما تخليقاً، إذا مَلّسته. وصخرةخَلقاء: مَلساء، وجبل أخلق کذلک»(8) وأخلق الثوبُ، وخَلُق بالضمّ، إذا بَلي فهو خَلَقُ بفتحتّين، وأخلقته(9) وجمع الثوب الخَلَق خُلقان وأخلاق، وقالوا: ثوب أخلاق، للواحد، فوصفوه بصفة الجمع کما قالوا: حبل أرماث،
قال الراجز : جاء الشتاء وقميصي أخلاقُ .
واختلق فلان کلّاماً، إذا زوّره، وکذلک اخترقه (10).
في الحديث : عن جابرالأنّصاري رضي عنه الله ، قال : سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)و يقول: «ما اتخذ اللهُ إبراهيم خَليلاً إلّا لإطعامه الطعام وصلاته بالليل والناس نيام»(11).
الخليل: الصَّديق والجمع أخلّاء، والخَلّة:
ص: 245
الصداقة، بالفتح والضم لغةً. والخلّة، بالفتح، الفقر والحاجة، والخليل: الفقير، وأخلّ : افتقر، واختلّ إلي الشيء؛ احتاج إليه(1) ومن هذا کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي قثم بن العبّاس:« وانظُر إلي ما اجتَمَعَ عِندَکَ من مَالِ اللهِ فَاصرِفةُ إلي مَن قِبَلکَ مِن ذَوِي العِيَال والمجاعة مصيبة به مواضع الفاقة والخَلّاتِ»(2) والخَلَّة، بالفتح أيضاً:الخَصلَةُ الحسنة(3) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : « إذا کان في رجلٍ خَلَّةُ رائقة فانتظروا أخواتها»(4).
وجاء في الخبر عن وهب بن عبد ربّه قال: رأيتُ أبا عبد الله (عليّه السلام )يتخلّل فنظرتُ إليه فقال: «إنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) کان يتخلل، وهو يطيّب الفم»(5).
التخلل:خلّل الرجلُ أسنانه تخليلاً؟ إذا أخرج ما يبقي من المأکول بينها، واسم ذلک الخارج خُلالة بالضم. والخِلال مثل کتاب: العود يُخلّل به الثوب والأسنان(6).
عن أبي جعفر (عليّه السلام) قال: «حرّم رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)المدينة ما بين لابتيها صيدها، وحرّم( عليّه السلام )ما حولها بريداً في بريد أنّ يُختلي خلاها أو يعضد شجرها إلّا عودي الناضح»(7) .
الخلا والاختلاء: الخَلا، بالقصر: الرطبُ من النبات والواحدة خَلاة. مثل حصي وحصاة، واختليت الخلا اختلاء: قطعته(8).
وخليتُ الدابّة، جززتُ لها، ومنه استُعير سيف يختلي، أي يقطع ما يُضرب به قطعه للخلا (9) . قال الأصمعي: و به سُمّيت المخلاة لأنّه يُجعل فيها الخلي، وهو الحشيش اليابس (10). والمِخلاة وهو ما يقطع به الخلي(11). عودي الناضح: العَود: الهَرم من الإبل، وجمعه أعواد وعِودة(12). والأنّثي عَودة، يقال: عوّد البعير تعويداً: إذا صار عوداً (13). والناضح:من نضح البعيرُ الماء،
ص: 246
حمله من نهرٍ أو بئرٍ ليسقي الزرع فهو ناضح، والأُنثي نا ضحة بالهاء، سُمّي ناضحاً لأنّه
ينضح العطش أي يَبُلّه بالماء الذي يحمله، هذا أصله، ثمّ استعمل الناضح في کلّ بعير
وإنّ لم يحمل الماء، وجمع الناضح نواضح(1) وعضدت الشجرة عضداً: قطعتها، من باب ضرب، والمِعضَد وزان مِقوَد سيف يمتهن في قطع الشجر (2) من ذلک المعني. واللابة: الحرّة، وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لکثرتها وجمعها لابات، فإذا کثرت فهي اللاب واللوب، وألفها منقلبة عن الواو. والمدينة ما بين حرّتين عظيمتين(3)
قال أبو علي القالي: من قال لابة قال في جمعها لاب، ومن قال لوبة قال في الجمع
لوب، قال سلامة بن جندل :
حتي ترکنا وما تثني ظعائننا*** يأخذن بين سواد الخطّ فاللوب(4)
وخلا من العيب خُلَوّاً: بريء منه فهو خليّ. وخلت المرأة من مانع النکاح وخُلَوِّاً فهي خليّة، ونساء خَليّات وناقة خليّة: مُطلَقة من عقالها فهي ترعي حيث شاءت. ومنه يقال في کتابات الطلاق: هي خليّة(5) ومن جميل الکناية ما جاء في حديث علي( عليّه السلام) موصياً بأصول الدين وفروعه: «أقِيمُوا هذَين العَمُودينِ، وأَوقِدوا هذين المِصبَاحينِ، . خَلَاکُم ذَمَّ»(6) خلاکم ذم لفظة تقال علي سبيل المثل، أي قد أعذرتم وسقط عنکم الذمّ(7) وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام )عن الموتي: «لقد استَخلَوا منهم أيَّ مُدّکر»(8) استخلوا، أي وجدوه خالياً. وقيل: استخلوا، أي اتخذوا تخلية الذکر دأبهم وشأنهم(9).
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)لبعض نسائه: «ناوليني الخُمرة، فقالت له: أنّا حائض، فقال . لها: أَحيضک في يدک»(10).
الخُمرة السجّادة الصغيرة. والخُمرة: وَرس وأشياء من طيب تطليه المرأة علي وجهها لتُحسّن لونها به، تخمّرت المرأة
ص: 247
تخمُّراً، وقالوا: الخمرة هي الغُمرة، وهي الأصل. ومنه الخبر: «أنّه کان صلي الله عليّه وآله يسجد علي الخُمرة(1)، وفي الحديث: «خمّروا آنيتکم» (2).التخمير: التغطية. وتخمّرت المرأةُ واختمرت، إذا تقنّعت بِالخمار. والخِمار: المِقنَعة ونحوها(3)والخَمرُ: اسم لکلّ مُسکر، من خامر العقل، أي غطّاه(4) وفيها قال علي (عليّه السلام) مخبراً عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) في الفتنة:«فيستحلّون الخمرَ بالنبيذ»(5)وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) مع القوم : «تمشون لأهله وولده في الخمرة والضّرَاء»(6) الخمرة: من الخَمَرما واراک من الشجر والجبال ونحوها. يقال :تواري الصيد عنّي في خَمَر الوادي و خَمَره، ماواراه من جُرفٍ أو حَبلٍ من حبال الرمل أو غيره. ومنه قولهم: دخل فلان في خمار الناس، أي في ما يواريه ويستره منهم. والخُمرَةُ والخَمَرة: ما خامرک من الريح(7) والضراء: أرض مستوية، وما واراک من شجر وغيره. والمشي في خَفَاء عمّن تکيده(8) ومنه المثل يدبُّ له الضراء ويمشي له الخَمَر. يُضرب للرجل يختل صاحبه (9).
في کلّام لعليّ (عليّه السلام) يحثّ أصحابه علي القتال: «حتّي يُجرَّ ببلادِهم يَتلوه الخَمِيسُ» (10). الخَميسُ: الجيش، والخميس: الخُمس، کالعشير من العشر(11) وخَمَستُ القوم أخمُسُهم أخذت خُمسَ أموالهم (12). والخمس فرع من فروع الدين . فرضه الله بقوله: ﴿واعَلَموا أنّما غَنِمتُم من شَيء فإنّ لله خُمُسه وللرسولِ ولذي القُربي﴾ (13).
في حديث هند في وصفه (صلی الله علیه وآله وسلم) : «خُمصان الأخمصين»(14) الأخمص من القدم: الموضع الذي لا يَلصق بالأرض منها عند الوَطءِ.
ص: 248
والخمصان: المبالغ منه، أي أنّ ذلک الموضع من أسفل قدميه شديد التجافي من الأرض. وسُئل ابن الأعرابي عنه فقال: إذا کان خمص الأخمص بقَدرٍ لم ترتفع جدّاً ولم يستو أسفل القدم جدّاً فهو أحسن ما يکون، وإذا استوي أو ارتفع جدّاً فهو مذموم، فيکون المعني: أنّ أخمصه معتدل الخَمَص، بخلاف الأول(1)وإذا کان أسفل الرجل مستوياً ليس فيه أخمص فصاحبه أرحّ، يقال: رجل أرحّ، إذا لم يکن لرجله أخمص (2). وفي حديث الجواد، عن آبائه عليّهم السلام أنّ رسول الله صلي الله عليّه وآله سُئل فقيل له: «يارسولَ الله إنّا نکون بأرضٍ فتصيبنا المَخمَصة فمتي تحلّ لنا الميتة؟ قال صلي الله عليّه وآله: ما لم تصطبحوا أو تَغتبقوا أو تَحتَفِئوا بقلاً فَشَانُکم بها»(3).
المَخمَصَةُ : المجاعةُ، وخَمُصَ الشّخصُ خُمصاً فهو خميص، إذا جاع، مثل قَرُب قُرباً فهو قريب (4) ويقال : خمصه الجُوعُ (5).والخَميصَةُ: کساء أسود مُعلم(6)وقد سُئل الصادق( عليّه السلام) عن الخميصة سداها إبريسم ولحمها مِرعزّي، فقال: لا بأس بأن تحرم فيها»(7) والمرعزّي أصله بالنبطية مِرِيزي، فقالت العرب: مرعزّي ومرعزاء(8).
في حديث علي (عليّه السلام) في وصف الراغبين في الله: «قد أَخمَلتهُم التقيّةُ»(9).
الخامل: الخفيّ الساقط الذي لانباهة له. يقال: هو خامل الذکر والصوت، خَمَل يَخمُل
خُمولاً و أخمله الله(10). ومنه الحديث المروي عنه عليّه السلام في وصف الدنيا: «إنّها لترفع الخميل وتضع الشريف»(11). وفي الحديث: «أنّه جهّز فاطمة (عليّها السلام )في خميل وقِربَة ووسادة أدَمٍ». الخميل والخميلة: القطيفة، وهي کلّ ثوب له خمل من أيّ شيء کان. وقيل: الخميل: الأسود من الثياب(12). وهي من الشجر: المجتمع المتکاثف (13) والأرض
ص: 249
ذات الشجر تُسمّي خميلة، إذا کانت سهلة. وقال آخرون: بل الخميلة الروضة التي فيها
شجر، فإذا لم يکن فيها شجر فهي جلحاء، وخمّلتُ البُسر ونحوه، إذا وضعته في جَرًّ أو
نحوه حتّي يلين، والبُسر مخمّل. والخُمال داء يصيب الإبل في صدورها وأعضادها(1).
في الحديث : «أنّه نهي (صلی الله علیه وآله وسلم)عن اختناث لأسقية».
الاختناث: معني الاختناث أنّ يثني أفواهها ثمّ يشرب منها. وأصل الاختناث التکسّر، ومن هذا سُمّي المخنّث لتکسّره، وبه سُمّيت المرأة خنثي. ومعني الحديث في النهي عن اختناث الأسقية يفسّر علي وجهين، أحدهما أنّه يُخاف أنّ يکون فيه دابّة، والذي دار عليه المعني(صلی الله علیه وآله وسلم) أنّه نهي أنّ يشرب من أفواهها(2) قال الزمخشري: الاختناث هو ثني أفواهها إلي خارج، فإن ثنيت إلي داخل فهو قَبع(3) قال ابن الأثير: ويحتمل أن يکون النَّهيُ خاصّاً بالسَّقاء الکبير دون الإدارة (4).
يقال: قَبَعَ السَّقاءَ يَقبَعُة قَبعاً: ثني فمه فجعل بشرته هي الداخلة ثمّ صبّ فيه لبناً أو غيره، وخنث سقاءه: ثني فمه فأخرج أَدَمته،وهي الداخلة، واقتبعتُ السُّقاء إذا أدخلت خُربته في فمک فشربت منه (5) وفي حديث عائشة حين ذکرت وفاة النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)أنّها قالت: «فانخنث في حِجري وما شعرتُ به». يعني
حين قُبض فانثنت عنقه أو غيرها من جسده(6).
الخَنع(1)
في کتاب علي (عليّه السلام) لعقيل عن عدوّ خرج عليه: «فَمَا کان إلّا کَمَؤقِفِ سَاعَةٍ حتّي نَجَا جَرِيضاًبَعدَما أُخِذ مِنه بِالمُخَنّقِ، ولم يَبقَ مِنهُ غَيرُ الرَّمَقِ »(2).
المخنّق: الحَلق، يقال: أخذ منه بالمخنَّق،إذا کربه (3)قال الخليل: أُخذ بمخنّقه، أي موضع الخِناق ، ومنه اشتُقّت المِخنَقَةُ، أي القلادة (4) والخانق: شِعب ضيّق في أعلي الجبل والجمع خوانق، وأهل اليمن يسمّون الزقاق خانقاً (5).
والخُناقيّة: داء يأخذ الطير في رؤوسها وحُلُوقها، ويعتري الفرس أيضاً. فيقال: خُنِق الفرسُ فهو مخنوق(6)، وباعتبار الأخذ بموضع الخناق قال علي (عليّه السلام) : «خَلّفَ لکم عِبَراً من آثار الماضين قبلکم، من مُستَمتَعِ خَلَاقِهم، ومُستَفسَح خَنَاقِهِم»(7) أراد محلّ الفسحة لأعناقهم من ضيق حبائل الموت وأغلال الجحيم، وذلک المستفسح هو مدّة حياتهم»(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن هوان الدنيا: «ولا يَخِنَّنَّ احَدُکُم خَنِينَ الامامَةِ علي ما زُوي عنه منها»(9).
الخنين: من بکاء النساء، دون الانتحاب ، وقيل: هو فوق الغنّة وأقبح منها. وقيل: هوتردد البکاء حتّي يصير في الصوت غُنَّةُ . وأصل الخنين خروج الصوت من الأنّف کالحنين من الفم. قال المبرّد: الغُنّة أنّ يُشرب الحرف صوت الخيشوم، والخُنّة أشدُّ منها. ورجل أخنّ أغنُّ: مسدود الخياشيم. والخنخنة: أنّ لايبين الکلام فيخنخِن في خياشيمه. والخُنان: داء يأخذ في الأنّف. والخُنان في الإبل: کالزُّکام في الناس (10). وفي الخبر: قالت بنو تميم لعائشة: هل لکِ في الأحنف ؟ قالت: لا، ولکن کونوا علي مَخنَّتِه. أي علي طريقته ، قال بعضُ بني ضُبّة:
ص: 251
يامَن لِعاذلة لَومي مخنّتها*** ولو أرادت سداداً لاتقت عَذلي
ويقال: البطّيخ لي مَخنّة، أي أکلّه لي إلف وعادة، أي: آکلّه الساعة بعد الساعةَ، لاأصبر عنه(1) وأصل المخنّة: المحجّة البيّنة ،والفناء، ووسط الدار، وذلک أنّ الأمحنف تکلّم فيها بکلّماتٍ ، وقال فيها أبياتاً يلومها فيها في وقعة الجمل (2).
والمخنّة: مضيق الوادي، ومصبُّ الماء من التَّلعة إلي الوادي(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ العاصين من أصحابه: «إنّ أُمهِلتُم خُضتُم، وإنّ حُوريتم خَّرتُم»(4).
الخَوَر، بالتحريک: الضَّعف، وخارَ الرجلُ يخُور خووراً وخَوِرَ خَوَراً وخَوَراً: ضَعُف وانکسر. يقال : رجل خوّار ورمح خوِّار و سهم خوّار، وکلّ ماضعف فقد خار. والخُوار في کلّ شيء عيب إلّا في هذه الأشياء: ناقة خوّارة وشاة خوّارة، إذا کانتا غزيرتين باللبن، وبعير خوّار رقيق حسن، وفرس خوّار ليّن العطف، والجمع خُور في جميع ذلک، والعدد خوّاراتُ. ويقال: أرض خوّارة: لينة سهلة ،ونخلة خوّارة: غزيرة الحمل.
والخَور مثل الغَور بين النّشزَين، ولذلک قيل للدبُر: خَوران لأنّه کالهبطة بين رَبوَتين (5)
وقول عليّ( عليّه السلام ): «فما کان إلّا أنّ خارت أرضهم بالخَسفَةِ خُوَارَ السکّة المُحمَاةِ
في الأرض الخوّارة»(6). أي صوّتت، فإنّ الأرض تصوّت عند الخسف، والنار أيضاً تصوّت عند أنّطفائها»(7).
والخُوار: صوت الثور، خار يخُور خُوَاراً وخَوراً. والاستخارة: أنّ تستعطف الإنسان وتدعوه إليک، وهو أنّ تستَنطِقَه ، مأخوذ من الخُوار(8)وأصله أنّ الصائد يأتي ولد الظبيةفي کناسه فيعرُک أُذنه فيخور، أي يصيح، يستعطف بذلک أمّه کي يصيدها. يقال : استخار الرجل: استعطفه. لأنّک إذا استعطفته ودعوته فإنّک إنّما تطلب خيره(9) واستخار الله: طلب منه الخِيَرَةَ. والاستخارة : طلب
ص: 252
الخِيرَةَ في الشيء، وهو استفعال منه(1).
ومنه حديث عليّ( عليّه السلام) : قال: «بعثني رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)عليّ اليمن فقال وهو يوصيني: «ياعليّ ، مَاحَار من استَخَار، ولا نَدِم من استَشار»(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ أمهِلتم خُضتم»(3).
الخوض من الکلّام: مافيه الکذب والباطل. والخوض: اللبس في الأمر(4).
ومنه جاء وصفه( عليّه السلام )للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم): «وهُدِيَت به القلوبُ بعد خَوضَاتِ الفِتَنِ والآثام»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «قَسَم أَرزَاقَهُم ، وأَخصَي آثَارَهُم وأعمَالَهُم، وعَدَدَ أنّفُسِهم، و خَائِنَةَ أعيُنِهم»(6).
خائنة العين: ماتخون من مسارقة النظر، أي تنظر إلي مالا يَجِلُّ. والتخوّن التنقّص ، وکلّ ماغيّرک عن حالک فقد تخوّنک (7). ومن المجاز: خان سيفه، نبا عن الضربية. وخان الدلو الرشاء ، إذا انقطع(8) والخَوان: بالفتح: من أسماء الأسد، وبالکسر: المائدة. معرّبة(9).
في الحديث: «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين کان دينُ الله دخلاً، وعباد الله خَولاً»(10).
الخَوَل: حشمُ الرجل الذين يستخولهم. والخَوَل جمعُ لا واحد له من لفظه. يقال: استخول فلانُ بني فلان، إذا اتّخذهم خَوَلاً، و استخولهم ، إذا اتخذهم أخوالاً، وخوّله اللهُ مالاً وغيره: أي ملّکه(11).
والتخويل في الأصل إعطاء الخوَل ، وقيل: إعطاء مايصير له ولا، وقيل: إعطاء مايحتاج
أن يتعهّده، من قولهم: فلانُ خالُ مالي وخايلُ مال، أي حسن القيام به (12).
ص: 253
روي الصادق عن ابيه (عليّه السلام) أنّه قال: «إذا سَجَدَ أحَدکُم فليباشر بِکفّيه الأرضَ لعلّ الله يَدفَع عنه الغلّ يَومَ القِيامة ويکون سجودک کما يتخوّي البعيرُ الضَّامِرُ عِند بُروکه»(1).
التخوية في السجود: خوّي الرجلُ في سجوده: رفع بَطنَه عن الأرض، وقيل : جافي عَضُدَيه. وخوت الإبل تخويةً: خُمصت بطونُها(2)وخوّي البعير: تجافي في بروکه ، وخوّي الرجل في سجوده: هو أنّ يبقي بينه وبين الأرض خواء (3).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «إذا صلّي الرجل فَليخوّ، وإذا صلّت المرأة فَلتختَفز». .
وفسّره الهروي: يعني فليتفتح وليتجافي حتّي يخوّي مابين عَضُديه وجنبيه.
وفسّر قوله (عليّه السلام) : «فلتحتفز» تتضامّ إذا جلست وإذا سجدت(4) والخواء: الهواء بين کلّ شيئين ، قال الراجز: يبدو خواءُ الأرض من خوائه (5). والغُلُّ: مختصُّ بما يُقيّد به
فيُجعل الأعضاء وَسطه وجمعه أغلال ، وغُلَّ فلان قُيَّد به، قال: ﴿خذوه فغُلُّوه﴾ وقال:﴿ إذ
الأغلال في أعناقهم﴾ (6) ومنه المثل السائر«کالغلَّ القَمِل» وذلک أنّهم کانوا يغلّون الأسير بالقِدَّ؛ فيجتمع القملُ في غّلَّه فيشتدُّ أذاه له(7).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا إنّ مَثَلَ آل مُحَمّدٍ کَمَثَلِ نُجُومِ السَّماء، إذا خوي نَجُّم طَلَع نَجم»(8).
يقال: خوتِ النجوم تخوية، مالت اللغروب. وخوت تخوي خَيّاً: سقطت، وأخوت کذلک، وإذا لم تُمطِر أيضاً. وخوت الدار: باد: أهلها: وخويت (9).
ومن هذا الاعتبار قال عليّ (عليّه السلام) واعظاً بمن مضي: «ولو اسَتنطَقوا عنهم عَرَصَاتِ تلک الديار الخَاوية ، والربوع الخَالية، القالت: ذهَبوا في الأرض ضُلّالاً، وذَهبتُم في أًعقابِهم جُهّالاً»(10) وقال ناطقاً عن الموتي: «کَلَحتِ الوُجُوهُ النَّوَاضِرُ، وخَوَت
ص: 254
الأجسَامَّ النَّواعِم»(1).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «قُرِنَت الهَيبَةُ بالخَيبَةِ»(2)
الخيبة: يقال : خابَ الرجل يخيب خَيبةً ، إذا طلب فلم ينجح . وخيبه الله تخييباً. ورجع
فلان بالخيبة، أي بغير النُّجحِ، والخيبة الاسم (3).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي: «ولا تَخِسَنَّ بِعَهدِک ، ولا تَخيِلَنَّ عَدُوَّک» (4).
الخيسان: خاس بالعهدِ يخيس خيسَانا إذا نکث وغدر، وخيّست الإبل وغيرها، إذا ذلّلتها (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام)في وصف الملائکة: وَلَا افتَسَمَتهُم أخيَافُ الهِمَمِ»(6).
أخياف الهمم: أي سواقط الهمم(7).
والخيف: ما ارتفع من موضع مجري السيل ومسيل الماء وانحدر من غِلَظ الجبل، والجمع أخياف. ومنه قيل: مسجد الخَيف بمنيً لأنّه في خَيف الجبل. وخَيِفَ البعيرُ والإنسانُ والفرس وغيره خَيفاً، وهو بيَّن الخَيَف، والأُنثي خيفاء. إذا کانت إحدي عينيه سوداء کحلاء والأُخري زرقاء. وربّما سُمّيت الأرض المختلفة ألوان الحجارة خيفاء. والأخيان: الضروبَ المختلفة في الأخلاق والأشکال. والأخياف من الناس: الذين أمّهُم واحدة وآباؤهم شتّي(8) وفُسّر أخياف الهمم: بالهمم المختلفة (9) وکلّامه (عليّه السلام)يفيد معني الخضوع والطاعة المطلقة، أي لاتذهب بهم مذاهب الهموم والخواطر ولاتشغلهم المشاغل عن طاعته تعالي وتنفيذ أمره والتسليم له.
المَخيلة: بفتح الميم: السحابةُ، وجمعها مَخايل، وقد يقال للسحاب الخالُ، فإذا أرادوا أنّ السماء قد تغيّمت قالوا: قد أخالت ، فهي مخيلة، بضم الميم ، وإذا أرادوا السحابة نفسها قالوا: هذه مخيلة بالفتح. وتخيّلت السماء: أي تغيّمت. وقد أخلنا وأخيلت السماءُ وخَيَّلت وخَيَّلت: تهيّأت للمطر فرَعدت وبَرقت، فإذا وقع المطرُ ذهب اسم التخيّل. والخالُ:البرق (1) ومنه جاء الخبر :کان نبيّ الله( صلي الله عليّه وآله) إذا رأي ريحاًسأل اللهَ خيرها وخير ما فيها، وإذا رأي في السماء اختيالاً تغيّر لونه ودخل و خرج، وأقبل وأدبر(2).
والجَود: وصف للمطر، يقال مطر جَود، بَيّن الجُود(3).
قال الليثُ: کلّ شيء اشتبه عليّک، فهو مخيل، وقد أَخالَ، وقد أنّشد:
والصدقُ أبلَجُ لايُخيل سَبيلُه***والصدقُ يعرفه ذوو الألباب
وقد أخالت الناقة ، فهي مُخيلة، إذا کانت حَسَنة العَطل في ضرعها لبن. وخُيّل إليه أنّه کذا، عليّ مالم يُسمَّ فاعله، من التخييل والوَهم. والخيال: کساء أسود يُنصب عليّ عودٍ يُخيّل به. والخالُ: نوع من البرود، والخالُ: اللَّواء. والخالُ: هي نُکتَةُ سوداء في البدن، والجمع خيلان. وامرأةُ خيلاء ورجل أخيل ومخيل ومَخيول ومَخول مثل مقول منالخال، أي: کثير الخيلان ، ولا فعل له(4) ومنه خبر صفته( صلّي الله عليّه وآله): «عليّه خيلان». هي جمع خال، الشامة في الجسد(5)والأخيل: طائرُ أخضر وعليّ جناحيه لُمعةُ تخالف لونه. وقيل: الأخيل: الشَّقرّاق، وهو مشؤوم ، تقول العرب: أشام من أخيل. قال ثعلبُ: هو يقع عليّ دَبَر البعير، يقال: إنّه لاينقُر دَبَرة بعير إلّا خزل ظهره، وإنّما يتشاءَمون به لذلک(6). والخيلاء: التکبّر في المشي(7) يقال: إيّاک والمَخَيلةَ وإسبال الإزار)(8) ومنه کتب عليّ للأشتر النخعي: «وإذا أَحدَثَ لکما أنّتَ فيه من سُلطَانِک أُبّهةً أو مَخِيلَةً، فانظرإلي عِظَمِ مُلک الله فَوقَک، وقُدرَته مِنک عليّ مالا تَقدِر عليّه مِن نَفسک»(9).
ص: 256
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «والشّمسُ والقمرُ دائبان في مرضاته، يُبلِيَان کُلَّ جديد،
ويُقَرَّبان کلّ بعيد »(1).
الدَّأبُ: العادَة والملازمة. دأب فلانُ في عمله، أي جَدَّ وتَعِبَ، يَدأَبُ دَأباً وَدَأَباً و دؤوباً، فهو ذَئب. والدائبان: الليل والنّهار (2).
في حديث زرارة قال: «رأيتَ دَاية أبي الحسن( عليّه السلام )تلقمه الأرزّ»(3).
الداية: الحاضنة . ومنه قيل للغراب: ابن داية، لأنّه يحضن فراخه دون الأُمّ(4).
ودَأيَةُ الفرس والبعير: فِقرَته ، والجمع دَأيّ وکذلک دَأَيات(5)
قال الشاعر مهنئاً حليمة، مرضعةالنبي( صلي الله عليّه وآله) ، به:
قومي خذي ي-ادايه***ذا صاحب العنايه(6)
ومنه قال (عليّه السلام) : «لايَغزُب عنه عددُ قَطرِئالماء ولا نجوم السماء، ولاسوافي الريحِ في الهَواءِ، ولا دَبيبُ النّمل عَلي الصَّفَا»(1).
ويستعمل ذلک في الحيوان والحشرات أکثر، ويستعمل في الشراب والبِلي ونحو ذلک ممّا لاتدرک حرکته الحاسّة (2)والدابّة کلّ حيوان في الأرض، وتُطلق عليّ الذکر والأنّثي، والجمع دوابّ(3) و ر قوله تعالي:
(أخرَجنا لَهُم دابّةً من الأرضِ تُکلّمهم) (4)
بأمير المؤمنين علي(عليّه السلام) (5) والدبب والدببان: کثرة الشعر والوبر، يقال: رجلُ أدبُّ، وامرأةُ دبّاء ودببة: کثيرة الشعر في جبينها، وبعير أدبّ أزبّ(6) ومنه جاء حديث النبي (صلّي الله عليّه وآله) لنسائه:«أيّتکن صاحبة الجمل الأديب التي تَنبِحها کلّابُ الحَوأب فيُقتل عن يَمينها وعن يَسارِها قَتلي کثيرة ، ثمّ تنجو بعدما کادت» (7).
والأدبب أراد به (صلي الله عليّه وآله) الأدبّ فأظهر الإدغام لأجل الحوأب(8)وقد يُراد بالحديث: الجمل الأذيب، بالذال، يقال فيه: إنّ الذئبة داء يأخذ الدوابّ، فيقال : برذون مذؤوب، قال الشيخ الحلاوة والحموضة، وضبطت في شاهد ابن دريد بالضم، الصدوق: أظن الجمل الأذيب مأخوذ من ذلک (9). والدُبَّاء: القرع، الواحدة دَبَّاءة. والدُّبّة، بضم الدال: لزوم حال الرجل في فِعاله . يقال:رکب فلان دُبّة فلان وأخذ بدُبّته ، أي يعمل بعمله(10)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وقلَّ صِبغّ إلّا وَقَد أخَذَ مِنه بقِسطٍ، وعَلاه بِکَثرَةِ صِقَالِه وَبَريقِه، وَبَصِيص دِيباجِه ورَونَقِه ، فَهُوَ کالأَزَاهِير المَبثُوتَةِ» (11).
ص: 258
الدَّيباج: ثوبُّ سداه ولحمته إبريسم، ويقال: هو معرّب، ثمّ کَثُر حتّي اشتقّت العربُ منه، فقالوا: دبَجَ الغيثُ الأرضَ دَبجاً، من باب ضرب، إذا سقاها فأنبتت أزهاراً مختلفة لأنّه
عندهم اسم للمنقَّش(1) والدّبج: النَّقش، مأخوذ من الديباج (2) ومافي الدار دبّيجُ فعُّيل من دبج، کسکّيت من سکت، أي إنسان ، لأنّ الإنس يزينون الديار (3).
وقال الأزهري: ومعني «ما بالدار دبيّح ولا دبيّج» من يدبّ (4) وبصيص الديباج: إضاءته وإشراقه (5).
في حديث الصادق( عليّه السلام) عن النبي( صلي الله عليّه وآله) أنّه قال لأصحابه: «أَلَا أخبرکم بشيء إن أنّتم فَعَلتموه تَباعد الشيطان مِنکم تَباعد المشرِق من المغرِب؟ قالوا: بلي، قال: الصوم يسوّد وجهه، والصدقة تکسر ظهره، والحبّ في الله والمؤازرة عليّ العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه»(6)
دابره: من قولهم: قطع الله دابرهم، أي آخر مابقي منهم. وعليّه الدَّبار: أي انقطاع الأثر،
والدَّبَار : الهلاک، وکذلک الدَّبير(7)
ومنه دعاء عليّ( عليّه السلام) : «الحمد لِلهِ الذي لم يُضبِخ بي مَيَتاً ولا سقيماً، ولا مضروباً عليّ عُرَّوقي بِسُوء، ولا مَأخُوذاًبأًسوأ عَمَلي، ولا مَقطُوعاً دَابِري»(8) وقوله (عليّه السلام) کناية عن انقطاع الأثر والنسل، فأصل الدُّبُر والدُّبر الظهر ، ومن ذلک قوله تعالي: ﴿سيُهزَمُ الجَمعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُر﴾ (9) ومنه قوله : «إيّاکم والتدابُرَ والتقاطُعَ»(10).
وهو الهجران والتخاصم. والتدبير : أنّ يقول الرجل لعبده أو لأمته: أنّت مدبّر في حياتي ،
وحرّ بعد موتي، عليّ سبيل العتق (11).
والدُبُر: الفرجُ والجمع الأدبار ، وولّاه دُبرَهُ
ص: 259
کنايةُ عن الهزيمة (1) واستعاره(عليّه السلام)لانقضاء العمر ودنوه نحو الهرم والفناء بقوله: «إذا کُنتَ في إدبارِ، والمَوتُ في إقبال ، فَمَا أسرَعَ المُلتقي» (2) ودبّرتُ الأمر تدبيراً: فعلته عن فِکر ورويّةٍ، وتدبّرته تدبّراً : نظرتُ في دُبُره، وهو عاقِبته وآخره. والدَّبور، وزان رسول، ريحُ تَهَبُّ من جهة المغرب تقابل الصَّبا، ويقال تُقبل من جهة الجنوب ذاهبةً نحو المشرق(3).
وسُميت دَبوراً لأنّها تجيء من دُبُر الکعبة، يقال: دَبرت الريحُ تدبُرُ دُبوراً، کذا قال الأصمعي . ودَبَر السهم الهدف يَدبُره دَبراً ودُبوراً، إذا سقط وراءه.
والدَّبر: قطعة تغلظ في البحر کالجزيرة يعلوها الماءُ ويَنضُب عنها. والدَّبر: النَّخلُ الواحدة دَبرة. ودابرة الإنسان: عُرقوبه. والدابرة: دابرة النسر وما أشبهه من الطير، وهي الاصبع التي في مؤخّر رجله، والجمع دوابر. وشاة مُقَابَلَة مُدابرَة، المدابرة: التي تُشقُّ أُذنها من قبل قفاها، وکذلک النوق (4) ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «أمرنا رسول الله (صلي الله عليّه وآله) في الأضاحي أنّ نستشرف العين والأذن، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمُقابَلة والمدابَرة (5).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف الأنّصاري مبيّناً زهده في الدنيا: «ولا حُز تُ من أَرضها شِبراً، ولا أَخَذتُ منه إلّا کقُوتِ أتان دَبِرَة»(6).
الدّبَر، بالتحريک : الجرح الذي يکون في ظهر الدابّة. والمدبور: المجروح. والدّبرة ،بالتحريک : قَرحَةُ الدابة والبعير، والجمع دَبَرُ وأدبارُ مثل شجرة وشجَر وأشجار (7).
والأتان الدبرة يکون علفها قليلاً ، کما يفيد ظاهر النصّ ذلک. وقد وصف عليّ(عليّه السلام) أصحابه المتقاعسين عن الجهاد بالجمل الأدبر بقوله: «وتَثاقَلتُم تَثاقُلَ النَّضو
الأدَبَرِ»(8).
والدابرُ يقال للمتأخّر والتابع، إمّا باعتبارالمکان أو باعتبار الزمان، أو باعتبار
ص: 260
المرتبة(1) وقد استعار ذلک عليّ (عليّه السلام)لوصف
العرب قبل الإسلام: «إخوان دَبَر ووَبَر»(2).
والوبر کناية عن الإبل، ونسب العرب إلي هذين الأمرين، لنکد عيشها، وکذا يکون صاحب الإبل، فإنّه يعيش في شقاوة(3). وقد يُراد بالوبر بيوتهم، لأنّ بيوت العرب من أوبارالإبل لکونهم في ترحال، وليسوا أصحاب حضارة واستقرار آنذاک حتّي بُعث المصطفي( صلي الله عليّه وآله) فبدأ تاريخ حضارتهم و مدنيتهم ببرکته (عليّه صلي الله عليّه وآله) .
في حديث عليّ( عليّه السلام) لنوف عن الزاهدين: اتَّخّدوا الأرض بِسَاطاً، وتُرَابَها فِرَاشاً،
ومَاءَها طِيباً، والقُرآن شِعَاراً، والدعاء دِاثَاراً»(4).
الدَّثار: کلّ ما طرحته عليّک من کساء أو غيره. والدَّثر: المال الکثير. لايُثنّي ولا يُجمع. وسيف دائر: بعيد العهد بالصقال (5).
في حديث عليّ(عليّه السلام)في وصفه الأرض ودحوها عليّ الماء: «وما اعتَقَبت عليّه أَطباقُ الدَّياجيرِ، وسُبُحاث النُّور»(6)
الديجوز: الظلام والغُبار الأسود. والدَّجَرُ: شِبه الحَيرَة، وقد دَجرِ فهو دَجِرُ ودَجرانُ، أي: حيران في عمله وأمره(7).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «ولا لَيلُ دَاجٍ».(8) الدُّجي:سوادُ الليل مع غيم، وأن لاتري نجماً ولا قمراً، وقيل: هو إذا أليس کلّ شيء، وليس هو من الظُّلمة. وقالوا: ليلة دُجيً وليال دُجيً، لا يجمع لأنّه مصدر وُصِف به، وقد دجاالليلُ يدجو دَجو اًو دَجُوّاً، فهو داجٍ ودَجِيُّ . . وکذلک أدجي وتدجيّ الليل. وذهب ابن جنّي إلي أنّ الدجي الظّلمة واحدتها دُجيَة، قال: وليس من دَجَا يَدجو، ولکنّه في معناه (9). وشاة دَجواءُ: إذا کانت سابغة الصوف في
ص: 261
سَواد. والمداجاة: المصانعة والمداراة. وشعر داج: ساکن.وجاءوداجٍ الإسلام: فشا، وکذلک الأمنُ(1). وجاء فی حدیث علی(عليّه السلام)«أنّ عليّکم رَصَداً من أنّفُسکم .. لاتَسُتُرکم منهم ظُلمةُ لَيلٍ دَاجٍ، ولايُکِنَکُم منهم بابُ ذو رِتَاج»(2) ومن معني الظلمة استعار الصادق(عليّه السلام) وصفه للإمام وعلمه بالأمور: «عالم بما يَرِد عليه من ملتبسات الدُّجي، ومعيّات السنن، ومشبّهات الفتن، فلم يزل الله تبارک وتعالي يختارهم لخلقه من ولد الحسين (عليّه السلام)(3). وفيه المثل «الليل داجٍ والکباش تنتطح» يُضرب للأمر الکثير الشرّ. والکباش: الأقران في الحرب(4).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في فضل التوحيد: «مَرضَاة الرَّحمن، ومَدحَرَةُ الشَّيطَان(5)
الدحر: تبعيدک الشيء(6)ومنه قوله تعالي: ﴿ويُقذَفُون من کلَّ جانبٍ *دُحُوراً ﴾.
دُحُوراً: مفعول له، أي يقذفون للدحور،(7) وهو الطرد(8)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «حجُّ البيت مَنفاةُ للفَقر ومَدحَضَةُ للذَّنب»(9).
الدحض: الدفع، ودَحَضت حجّته دُحوضاً، عليّ المثل، إذا بطلت، والدحضُ: الماء الذي يکون عنه الزلق. ومکان دَحض، إذا کان مزلّة لا تثبت عليّها الأقدام. ومکان دحض وَدَحَض : زَلِق(10). ومنه قوله ( عليّه السلام):« واعلَمُوا أنّ مَجَازَکُم علي الصَّرَاطِ ومَزَالِقِ دَخضِه، وأَهَاوِيلِ زَلَله»(11)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «سَيَظهر عَليکُم بُعدي رَجُلُ رَحبُ البُلعُوم ، مُندَحِقُ البَطنِ» (12)
الدحقُ: الدَّفع، وقد أدحقه الله، أي باعده
ص: 262
عن کلَّ خير، ورجل دحيق مُدحَق: منحّي عن الخير والناس، فعيل بمعني مفعول، أو البعيد المقصي. و مندحق البطن : واسعها، کأنَّ جوانبها، قد بَعُد بعضها من بعض فاتسعت(1).
ودحقت المرأة والناقة برحمها تذحَقُ؛ إذا أخرجت رَحِمها بعد النتاج فلا تنجو منه(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «اللّهُمَّ دَاحِيَ المَدحُوّاتِ»(3).
الدحو: البسط. يقال: دحا يدحو ويَدحي، أي: بسط ووسّع. ومراده ( عليّه السلام): باسط الأرضين وموسّعها. ويُروي : داحي المدحيّات (4). ،
ومنه قوله تعالي: ﴿والأرض بَعدَ ذلک دَحَاه ﴾(5). وجاء في حديث الصيقل قال: خرج عليّنا الرضا( عليّه السلام) في يوم خمسة من ذي القعدة فقال: «صوموا فإنّي أصبَحتُ صائماً ، قلنا: جُعلنا فداک، أيّ يومٍ هو؟ فقال: يوم نُشرت فيه الرحمة، ودُحيت فيه الأرض، ونُصبت فيه الکعبة، وهبط فيه آدم( عليّه السلام)(6).
والأداحي: جمع الأدحيّ، وهو الموضع الذي تبيض فيه النعامة (7).
ومنه جاء حديث عليّ( عليّه السلام): «کَقَيضِ بَيضٍ في أَدِاحٍ»(8).
وفي حديث أبي رافع: «کنت اُلاعب الحسن والحسين( عليّهم السلام)بالمداحي» . المداحي: هي أحجار أمثال القِرَصَةِ، کانوا يحفرون حَفيرةً ويدحون فيها بتلک الأحجار،
فإنّ وقع الحجر فيها فقد غلب صاحبها، وإنّ لم يقع غُلبِ. والدّحو: رَميُ اللاعب بالحجر
والجوز وغيره(9).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «خَلائِقُ مَزبُوبُونَ، وَعِبَادُ دَاخِرون» (10).الدُّخورُ: الصَّغَار والذلّ. يقال:دَخَر الرّجلُ بالفتح ، يَدخَرُ دُخوراً، فهو داخر، ودَخِرَ دَخَراً: ذلّ وضَغُر يصغُر صَغاراً، وهو الذي يفعل مايُؤمَرُ به، شاء أو أبي صاغراً قميئاً(11).
ومنه قوله تعالي: ﴿إنّ الذين يَستکبرون
ص: 263
عن عبادتي سَيَدخلون جَهنّم دَاخِرين﴾(1).
وادخرتُ ادخاراً، هو افتعلت من الدُّخر. والأصل فيه اذتَخزتُ، فقلبوا التاء دالاً لقرب مخرجها منها وأدغموا الذال في الدال، والذُّخر: ما اذّخرته من مال وغيره، ثمّ کثر في
کلّامهم حتّي قالوا: دَخَر لنفسه حديثاً حِسناً، إذا أبقاه بعده(2) ومن هذا کتاب عليّ( عليّه السلام )للأشتر: «فَليَکُن أحَبّ الذخَائِرِ إليک ذَخِيرةُ العَملِ الصَّالح»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ الله حرَّم حَرَاماً غَيرَ مَجهُولٍ، وأَحَلَّ حَلالاً غَيرَ مَدخولٍ»(4).
الدَّخل: العيب والريبة، و من کلّامهم:
تري الفتيان کالنخلِ*** ومايُدريک بالدَّخل
وکذلک الدَّخل، بالتحريک، ويقال: هذا الأمر فيه دَخَل وَدغَل بمعني . والدَّخَل: ما داخل الإنسان من فساد في عقل أو جسم. وتداخل الأمور: تشابُهها والتباسُها ودخولُ بعضها في بعضٍ . ودَخلَةُ الرجل ودِخلته وَدَخيلته ودَخيله ودخيلاؤه: نيّته وَمذهبه وخَلده وبطانتُه ، لأنّ ذلک کلّه يداخِله(5) ومن معني الريب والعيب يُفسّر حديث الصادق (عليّه السلام ) حين سُئل عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم هل يغسّلونها وعليّها ثيابها؟قال: «إذا يُّدخل ذلک عليّهم، ولکن يغُسّلون کفّيها»(6).
ومنه جاء حديث أبي هريرة: «إذا بلغ بنو . العاص(7)ثلاثين کان دين الله دَخلاً، ومال الله نُحلاً، وعبادَ الله خَوَلا».
حقيقته أنّ يُدخل في الأمر ماليس منه، أي يُدخلون في الدين أموراً لم تجرِ بها السُّنّة.
والنحل من العطاء ما کان ابتداءً من غير عوض، والمراد أنّهم يُعطَون بغير استحقاق. والخول: الخدم ، جمع خائل»(8) يعني أنّهم يستخدمونهم ويستعبدونهم. والخَوَل: حشم الرجل وأتباعه ، ويقع علي العبد والأمة، وهو مأخوذ من التخويل : التمليک . وقيل من
ص: 264
الرعاية (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَمن جَعل المِرَاءَ دَيدَناً لم يُصبح لَيلةُ»(2).
الديدن: الدأب (3) يقال: دَيدَنُه أنّ يفعل
کذا، أي عادته(4).
قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله) : «ادرؤوا الحُدود بالشُّبهات ، ولا شَفاعة ولا کفَالة ولا يمين في حد» (5) الدرء: الدفع: درأه يدرؤه درءًا ودرأةً: دفعه. وتدارأ القوم: تدافعوا في الخصومة ونحوها واختلفوا، و دارا تُ بالهمز: دافعت . وکلّ من دفعته عنک فقد درأته(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «کم مِن مُستَدرجٍ بالإحسَانِ إليه، و مَغرُورٍ بالسَّتر عليّه»(7).
الاستدراج: يقال: دَرِج إذا لزم المحجّة من الدين والکلّام، بکسر الراء، ودَرَج ودَرِج الرجلُ: مات. والاستدراج: الأخذ قليلاً قليلاً. يقال: استدرجت الناقة ولدها إذا استتبعته بعدما تلقيه من بطنها، واستدرجت الريح الحَصَي، أي: صيّرته إلي أنّ يَدرُجَ عليّ وجه الأرض من غير أنّ ترفعه إلي الهواء(8).
ومنه قوله تعالي: ﴿ سَنستَدرِجُهُم من حَيثُ لا يَعلَمُون﴾ (9).
أي سنستدنيهم قليلا قليلا إلي مايهلکهم ويضاعف عقابهم (10). والدَّرَجان: مِشية الشيخ والصَبيّ، دَرَج يَدرُج دَرجاً ودَرَجاناً (11)
ومنه کنّي عليّ (عليّه السلام)عمّن لازم الباطل وحضنه بقوله: «اتّخَذوا الشَّيطَانَ لأمرِهِم مِلَاکاً، واتّخَذَهُم له أَشراکاً فَباضَ و فَرَّخَ في صُدُورِهم ، ودَبَّ ودَرَج في حُجُورِهم»(12) وفي حديث أبي أيّوب : «قال لبعض المنافقين وقد دخل المسجد: أدَراجَک يامنافق من مسجد رسول الله (صلي الله عليّه وآله)».
الأدراج: جمع دَرَجٍ، وهو الطريق، أي اخرج من المسجد وخذ طريقک الذي جئت
ص: 265
منه. يقال: رجع أدراجه، أي عاد من حيث جاء. وفي حديث عبدالله ذي البجادين، يخاطب ناقة النبيّ( صلي الله عليّه وآله) :
تعرّضي مَدَارجاً وسُومي*** تعرُّضَ الجوزَاءِ للنُجوم
هذا أبو القاسم فاستقيمي(1)
وباعتبار الطرق المجهولة قال عليّ( عليّه السلام ) محذّراً من الفتنة: «تَبدأ في مَدَارجَ خَفِيّةٍ وَتَؤول إلي فَظاعة جَليّة»(2) وباعتبار حرکة الکواکب ودأبها المقدّر لها ومنازلها التي تنزلها قال عليّ( عليّه السلام) عن الشمس والقمر: «وأجراهُما في مَنَاقِل مَجراهُما، وقدرّ سَيرَهُما في مَدَارِجِ دَرَجِهما»(3).
قال ابن ميثمّ: إنّ الناس قسموا دور الفلک الذي يسير منه الکواکب باثني عشر قسماً،
وسمّواکلّ قسم برجاً، وقسّموا کلّ برجٍ قسماً وسمّوا کلّ قسم برجاً، وسمّوا تلک البروج أسماء (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف السماء: «من خَفِيّات دَرَارِيّها، وَمصَابيحِ کَواکِبها» (5).
الدُّرّي: يقال: کوکب دُرّي ودِرّي: ثاقب مُضِيءُ، ودُرّي منسوب إلي الدّر في حسنه وصفائه وبياضه. وقالوا بضم الدال وکسرها، کما في بحر لُجّي ولِجّي. وجمع الدرّي دراري، وفي الحديث : «کما ترون الکَوکَب الدرّي في أُفق السماء»، أي: الشديد الإنارة.
وقال الفرّاء: الکوکبُ الدرّي عند العرب هو العظيم المقدار. ودرَّ السّراجُ ، إذا أضاء، وسراج دارُّ ودرير(6)ومنه قوله تعالي:﴿کأنّها کوکب دُرّي﴾ (7)وفي حديث عليّ (عليّه السلام ) قال: «قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): الظهر يُرکب إذا کان مرهوناً، وعلي الذي يرکبه نفقته والدرُّيشرب إذا کان مرهوناً، وعلي الذي يشرب الدَّرَّ نفقته»(8).
يقال: درَّ الضَّر ع ُيَدِرُّ ويَدُرُّ درّاً ودُروُراً. والدَّرَّ: اللبن بعينه(9). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «حتّي يظنّ الظان أنَّ الدنيا معقولةُ علي بني
ص: 266
أمية تمنحهم دَرَّها»(1) شبّه الدنيا بالناقة المعقولة لهم. والظهر يُعبّر به عن المرکوب (2)
وإنّما خصّ الظهر من الدابة لأنّه موضع الرکوب(3) ودرَّ الفرش دريراً، إذا عدا عدواً شديداً(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام )يصف حال الناس: «وخُذِل الإيمَانُ فانهَارَت دَعَائِمُه وتَنکّرت مَعَالِمُهُ، وَدَرَست سُبُلُه، وعَفَت شُرُکه»(5)
الدرس: يقال: درس الأثر يدرُس درساً، ودرسته الريحُ تدرُسه دَرساً، أي محته ،ودرسه القومُ: عفّوا أثره، ومن ذلک درست الثوب أدرسه دَرساً ، فهو مدروس ودريس،أي: أخلقته . ومنه قيل للثوب الخَلَق. دريس(6).
ودرس الکتاب و درستُ العلمَ: تناولت أثره بالحفظ، ولما کان تناول ذلک بمداومة القراءة عُبّر عن إدامة القراءة بالدرس(7).
والمدرسة ، بفتح الميم: موضع الدرس، ومِدراس اليهود، کنيستهم والجمع مداريس ، مثل مفتاح ومفاتيح (8)قال ابن دريد: المُدراس: الموضع الذي يُدرس فيه القرآن وغيره. ودرَست الجاريةُ، إذا حاضت في بعض اللغات. وأهل الشام يقولون: درستُ الطعامَ في معني دُستُه (9).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في حثَّ أصحابه عليّ القتال: «فَقَدّمُوا الدّارِعَ، وأخّروا الحَاسِرَ،
وعَضُّوا عليّ الأضراسِ، فإنّه أنبي للسُّيوفِ عن الهَام، والتَوُوا في أطرَافِ الرَّمَاحِ، فإنّه أموَرُ للاَسِنّة»(10).
الدارع: ذو دِرع(11)والحاسر في الحرب: الذي لا دِرع عليه ولا مِغفَر(12) .
وفي الحديث عن أبي جعفر(عليّه السلام ) قال: «المرأة تصلّي في الدّرع والمَقنَعة إذا کان کثيفاً
ص: 267
يعني ستيراً(1)دِرع المرأة، قميصها مذکّر (2) ويصغّر دُرَيعاً. ودِرِع الحديد مؤنثة ، وقد ذُکّرت أيضاً، والجمع أدراع ودروع. والمدرعَ الدُرّاعة ، وفصلوا بينها وبين المدرَعة من الصوف وغيرها بالهاء(3). ومن هذا جاءحديث عليّ (عليّه السلام) : «ولقد دَخَل موسي بن عِمران ومعه أخوه هارون (عليّه السلام) علي فِرعَون، وعليهما مَدَارِعُ الصُّوفِ(4).
وکثيفاً: يقال : کثف الشيء کثافةً، إذا غَلُظ. وکلّ متراکب متکاثف. ومنه تکاثف السحاب،
إذا تراکب وغَلُظ (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّهم أنّ يَزُولُوا عن مَوَاقِفِهم دُونَ طَعن دِرَاک»(6).
طعن دراک: من قولهم: دارک الطعن، تابعه .(7) وأَراد عليّه السلام معني المداومة والاستمرار والدَّرَک القطعة من الحبل تُقرن بالاُخري، والجمع أدراک وَدرَکة و دُروک. والدَّرَک: قعرُ البئر، وقعرُ کلَّ شيء دَرَکُه. ورجلُ دَرَک الطريدة، إذا کان لا تفوته طريدة والفرس کذلک، وربّما سُمّيت الطريدة دريکة. وأدرکتُ الرجل إدراکاً ، إذا لحقته فهو مُدرَک(8).
ومن هذا جاء کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي محمد بن أبي بکر: «وأنتم طُرَدَاء المَؤتِ، إن أقَمتُم له أخَذَکُم، وإنّ فَرَرتُم منه أذرکَکُم ، وهو أَلزَمُ لَکُم مِن ظِلّکُم»(9).
وأدرک: بلغ أقصيّ الشيء، وأدرک الصبيّ بلغ غاية الصَّبا، وذلک حين البُلوغ (10) ورجل درّاک : مدرک لما يرومه (11) ومنه قال عليّ( عليّه السلام) لأهل البصرة: «الشَّاخِصُ عَنکُم مَتَدارَکُ بِرَحمَةٍ من رَبّه»(12) والدَّرکُ کالدَّرج، لکن الدَّرج يقال اعتباراً بالصعود والدرَّک اعتباراً بالحدور، ولهذا قيل: درجات الجنّة ودرکات النار(13).
في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله )عن النساء: «إن دَرِمَ
ص: 268
کَعبُها عَظُم کَعثَبُها»(1).
الدرم: يقال : امرأة دَرِماء ورجل أدرم ، إذا لم يکن لعظامهما حجم، دَرِم يدرَم دَرَماً، وبه
سُمّي الرجل دارماً، وقيل: سُمّي دارماً من الدَّرَمان وهو تقارب الخَطو. والدرّامة: المرأة التي إذا مشت حرکت مناکبها وقربت خطوّها، وإنّما يفعل ذلک القصار من النساء. ويقال للأرنب إذا مشت کذلک : درّامة أيضاً والمصدر الدَّرَمان (2).
وکعب أدرم: حجم له لغيبوبته في اللحم. ومن المجاز: درع دَرِمة، ملساء قد ذهبت خشونتها وقضَض جدّتها وانسحقت. ومکان أدرمُ: مستوٍ أملس(3).
في حديث عليّ( صلي الله عليّه وآله)عن فضيلة الصلاة: «شَبَّهها رسولُ الله (صلي الله عليّه وآله) بالحَمَّةِ تکونُ عليّ باب الرجل، فهو يغتسل منها في اليومِ والليلةِ خَمس مَرّاتٍ، فما عسي أنّ يبقي عليّه من الدَّرَنِ»(4).
الدرن: يقال: دَرِنَ الثوبُ دَرَناً فهو درِن، مثل وسِخ وَسَخاً فهو وَسِخ وزناً ومعني (5).
ومن هذا جاء حديثه (عليّه السلام) : «غسل الرأس بالخطِمي يذهب بالدرن»(6).
ومن معني الوسخ قيل للدنيا:أمّ درن، کما قيل: أمّ دفر (7).
ودُرناً ودارين: موضع،ورجع الفرسُ إلي إدرونه، إذا رجع إلي مَربطه (8)، وذهب الرضي إلي أنَّ وصف عليّ (عليّه السلام) لجناح الطاووس بقوله: «کأنّه قِلع ُدَاري»(9). منسوب إلي دارين، وهي بلدة علي البحر (10).
في حديث الرضا(عليّه السلام) عن النبيّ( صلي الله عليّه وسلم) قال: «لمّا أشري بي إلي السماء أخذ جبرئيل بيدي وأقعدني عليّ درنوک من درانيک الجنّة»(11).
ص: 269
الدَّزنُوک والدَّرنيک: ضربُ من الثياب أو البُسُط، له خَمَل قصير کخَمَل المناديل، وبه يُشبّه فروة البعير والأسد(1) ومنه حديث عائشة: «قدم رسول الله (صلي الله عليّه وآله) من سفرٍ وقد سترتُ عليّ بابي درنوکاً فيه الخيل أولات الأجنحة فهتکه». قال الزمخشري: الدُّرنوک والدُّرموک: ضربُ من الطَّنفِسة (2).
في الخبر: «دعا بسکّينة کأنّها دَرَهرَهة بيضاء». .
الدرهرَهةُ: الرُّحرُحة أي الواسعة(3).
في حديث عليّ(عليه السلام) في وصف الطاووس:«تخال قَصَبهُ مَداري من فضّة»(4).
المِدري: يقال لقرن الشاة لکونها دافعةً به عن نفسها، ومنه استُعير المدري لما يُصلح به
الشعر(5) ودري رأسه بالمدري: مشطه(6).
ومنه شعر امريء القيس:
غدائره مُشتَشيرِ رات إلي العُلَي***تضلّ المدارَي في مُثَنًّي ومُرسَلِ(7).
وقَصبه: عظام أجنحته ، شبّه (عليّه السلام) عظام أجنحته بمداري من فضّة لبياضها.(8).
في حديث عليّ (عليه السلام)عن خلق السماوات«وسَمکاً مرفوعاً، بغير عمَدٍ يَدعَمها، ولادسَار يَنظِمُها»(9).
الدَّسر: الدفع الشديد، دَسَره يَدسِره ويدسُره دَسراً، وبذلک سُمّي مسمار الحديد دِساراً،والجمع دُسُر. وکلّ شيء سمّرته فقد دسَرتَه (10) ومن هذا جاء قوله تعالي:﴿وحملناه علي ذات ألواحٍ ودُسُرِ﴾ (11)أي مسامير وشَرط،
ص: 270
وکلّ شيء يُشدُّ به السفينة فهو دسر(1).
في حديث فاطمة( عليّه السلام) في ضمن خطبتها المشهورة: «و دسعتم الذي تسوّغتم» (2).
دسعتم: يقال: دَسَع الرجلُ يدسَعَ دَسَعاً، إذا قاء؛ لغة يمانية. ودسع البعير بجرّته، إذا اجترّها
إلي فيه(3) ودسَع الحجر دسعاً ، رمي به، والرجل بالعطاء کذلک. ومنه : ضخم الدسيعة(4). معناه کثير العطاء (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في ذکر عمرو بن العاص: «عجباً لابن النابغة! يَزعَمُ لأهل الشام أنَّ فِيَّ دُعابَة»(6).
الدعابة: من المِزاح والمضاحکة، والداعب: اللاعب أيضاً، والدُّعبوب: النشيط (7). وطريق دُعبوب: سهل. والدَّعب: الدَّفع، وربّما کُني به عن النکاح فقيل: دَعَبها يَدعَبها دَعباً (8). ومن المجاز: ماء داعب، وريح داعبة تذهب بکلَّ شي(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «واذمروا أنّفُسّکُم عليّ الطَّغن الدَّعسِيَّ،والضرب الطَّلَخفِيَّ» (10).
الدعس: الطعن، دعسه بالرمح يَدعَسُه دعساً: طعنه. والمِدعسُ: الرمح يُدعَسُ به. وقيل: المِدعَسُ من الرماح ، الغليظ الشديد الذي لاينثني. والدَّعسُ: شدّة الوطء.
ودعَست الإبل الطريق تَدعَسُه دعساً: وطئته وَطاً شديداً. والدَّ عسُ : الأًثَرُ، وقيل : هو الأثر الحديث البيّن، وطريق دعسً ومِدعاسُّ ومدعوسُ: دَعَستهُ القوائم ووطئته وکثرت فيه الآثار (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في حثَّ أصحابه عليّ
ص: 271
الجهاد: «و حتّي تذعَقَ الخيولُ في نَواحِرِ أرضهم، وبأ عنان مَسَارِبهِم ومَسَارحهِم»(1).
الدَّعقُ: الدَّقُ: أي دق الخيول بحوافرها أرضهم . ونواحر أرضهم : مُتَقابلاتُها . ويقال :
نازل بني فلان تتناحر ، أي : تتقابل (2).ودعقت الدوابُّ الأرض تَدعَقُها دعقاً: أثّرت فيها. وخيل مداعيق : متقدّمة في الغارة تدوس القوم في الغارات. وطريق دَعق ومَدعوقُ ، أي موطوء . ودُعِق الطريقُ : کثُر
عليّه الوطء. وطريق مدعوس ومدعوق. والدّعقةُ: الدُّفعَةُ. يقال: أصابتنا دعقةُ من مطرٍ،
أي دُفعة شديدة(3). ودعقت الغارة : بثتها .
والدَّعقةُ : الصيحةُ والحملةُ(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «والثّيابُ المُتَداعِيَةُ» (5).
التداعي: التداعي في الثوب إذا أخلق، وفي الدار إذا تصدّع من نواحيها.
وتداعي البناء والحائط للخراب، إذا تکسّر وآذن بانهدام . وتداعي الکثيب من الرمل، إذا
هيل فانهال(6)والدعاء إلي الشيء: الحثّ عليّ قصده، والدُّعوة مُختَصَّةُ بادّعاء النسبة، وأصلها للحالةِ التي عليّها الإنسان نحو القَعدَةِ والجلسةِ(7).
ولخلوَّ العرب قبل بعثته صلي الله عليّه وآله من دعوة يتمسّکون بها ورسالة تجمعهم قال عليّ فيهم: «لاَ يأؤُون إلي جَنَاح دَعوةٍ يَعتَصِمون بها، ولا إلي ظِلّ ألفَةٍ يَعتَمِدون علي عِزّها»(8).
قال أبو جعفر (عليّه السلام) : «قضي أمير المؤمنين (عليّه السلام) في رجل اختلس ثوباً من السوق فقالوا: قدسرق هذا الرجل، فقال: إني لا أقطع في الدغارة المعلنة، ولکن أقطع يد من يأخذ ثمّ يخفي»(9) الدغارة والدّغرة: الخلسة، وأصل الدغر الدفع (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الفتن والاختلاف
ص: 272
بين الراعي والرعية: «وکثُر الإدغال في الدَّين»(1).
الدَّغَلُ: بالتحريک: الفساد مثل الدَّخَل. وأدغل في الأمر: أدخل فيه مايفسده ويُخالفه و دغل في الشيء دَخَل فيه دخول المريب. والداغلة: القومُ يلتمسون عيب الرجل وخيانته. وأصل الدَّغَل الشجرُ الملتفُ الذي يکمُن أهل الفساد فيه (2)
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) :«ليس المؤمن بالمُدغِل». هو اسم فاعل من أدغَلَ (3).
ومکان دَغِلُ ومُدغل: ذو دَغل. وأغَلَ: غاب في الدَّغَل. والمَداغِلُ: بطونُ الأودية، إذا کثُر شَجرُها(4).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي أمراء البلاد في معني الصلاة: «وصلّوا بهم المَغرِب حين يُقطِرُ الصائمُ، ويَدفَعُ الحاجّ إلي مِنيً» (5).
الاندفاع: المُضيّ في الأمر. والمدافعة المزاحمة. ودَفَع إلي المکان ودُفع، کلّاهما: انتهي. ويقال: هذا طريق يَدفع إلي مکان کذاء اي ينتهي إليه، ودَفَع فلان الي فلان، أي انتهي
إليه. والدُّفاع: الکثير من الناس، ومن السيل، ومن جري الفرس، إذا تدافع إلي جَريه.
والدُّفُّاع: الشي العظيم يُدفع به عظيم مثله(6).
وجاء في الحديث: «دفعَ من عرفات» أي ابتدأ السير (7). وحقيقته دفع نفسه منها ونحّاها(8) وأراد( عليّه السلام) حين وقوع القرص وغيبوبة الشمس حتّي يفيض الحاج من عرفات يوم عرفة، وذلک إذا سقط قرص الشمس وغاب عن العيون في تلک الآفاق(9)والمدفوع: الفقير، لأن َّکلّ واحد يدفعه عن نفسه (10)وکتابه عليّه السلام : «والمدفوعون والغارمون»(11)، من هذا المعني.
الجريح کذفّف: أجهز عليّه(1)لغتان معروفتان. ودفيف الطائر، إذا ضرب بجناحه وحرّکهما(2). يقال : دفّ الطائرُ يدُفّ، من باب قتل، دفيفاً، وأدفّ بالألف لغةً (3) ومنه جاء حديث الباقر عليّه السلام : «کُل ما دفّ ولا تأکل ما صفّ».(4).وفي وصف علي (عليّه السلام )للطيور:«وجَعَله يَدِفُّ دَفيفاً»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن خلق الدنيا: الهواءُ مِن تَحتها فَتِيقُّ، والماءُ من فَوقها
دَفيق»(6). الماء الدفيق: الماء ذو الدّفق، أو المدفوق، وهو المصبوب. وناقة دفاق: مسرعة في سيرها. وفلان يتدفّق في الباطل تدفّقاً ، إذا کان يُسرع إليه (7).
في الحديث : عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «کفر بالله مَن تبرّأ من نسب وإنّ دقّ»(8).
دقّ النسب : من الدقيق خلاف الجليل (9).
وکأنّه مستعار من قولهم: دِقّ الشجر: خسيسه (10) ومن المجاز: رجل دقيق، قليل الخير . وأتيته فما أدقّني وما أجلني، أي ما أعطاني شيئاً. ويقال للذين يمنعون الخير ويشحّون: لقد أدقّت بکم اخلاقکم، إذا اتبع الدقيق من الأمور الخسيس (11)ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لأهل البصرة: «أخلاقُکم دِقاق»(12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَتَداکّوا عَليَّ تَداکَ الإبِلِ الهِيمِ يَومَ وِردِها، وقد أرسَلَها راعِيهَا وخُلِعت مَثَانِيها»(13).
التداک: تداکّ عليه القوم. إذا ازدحموا وأرض مدکوکة، إذا کثر بها الناسُ ورعاة المال حتّي يفسدها ذلک و تکثر فيها آثار المال وأبواله. والدّکدکُ والدّکداک من الرمل: ما
ص: 274
تکبّس واستوي(1)ودکّ الأرض: يدکّها دکّاً، إذا سوّي ارتفاعها وهبوطها للزرع وغيره. واندکَّ سَنام البعير ، إذا افترش ظهره، وهو أدکّ والأنّثي دکّاء، وأکمة دکّاء، إذا اتسع أعلاها، والجمع دکّاوات. والدّکّة: بناء يُسطّحُ أعلاه، ومنه اشتقاق الدُّکّان، کأنَّه فُعلان من ذلک (2) والمثاني: جمع مَثناة، وهو حبل من صوف أو شعر(3) يثني ويُعقل به البعير.
في حديث عليّ (عليّه السلام )لکميل: «يا کُميل مُرأهلَک أن يَرُوحوا في کَسبِ المکارمِ، ويُذلِجوا في حَاجَةِ مَن هُو نَائِم»(4).
الدُّلجة: سير السّحرَ. والدّلجة سير الليل کلّه. وحکي ثعلبُ عن أبي سليمان الأعرابي: الدّلجُ الليل کلّه من أوّله إلي آخره، وقال: أيّ ساعةٍ سرت من أوّل الليل إلي آخره فقد أدلَجتَ (5). وفي الحديث: «عليّکم بالدُّلجة» هو سير الليل. يقال أدلج بالتخفيف، إذا سار من أوّل الليل، وادَّلج، بالتشديد، إذا سار من آخره. ومنهم من يجعل الإدلاج لليل کلّه، وکأنه المراد في هذا الحديث، لأنّه عقّبه بقوله:
فإنّ الأرض تُطوي بالليل». وأنشدوا لعليّ :
اصبر عليّ السّير والإدلاج في السَّحَرِ***وفي الرَّوَاح عليّ الحاجات والبُکَرّ
فجعل الإدلاج في السحر. (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الملائکة:« ومنهم مَن هو في خَلق الغَمَام الدُّلَّح» (7).
الدلّح: جمع دالح، وسحابة دلوح ودالحة: مُثقَلة بالماء کثيرة الماء، ودالَح ودُلَّح مثل راکَّع ورکَّع. وناقة دَلوح: مُثقَلةُ حِملاً أو مُوقَرَةً شحماً. والدَّلحُ: مشيُ الرجل بحِمله وقد أثقله (8) ومنه الخبر: «کُنَّ النساء يَدلَحنَ بالقِرَب عليّ ظُهورِهنَّ في الغَزو»(9).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للنخعي: «وقد جَعَلَ اللهُ عَهده وَذمَّتَهُ أَمناً أَفضَاهُ بين العِباد بِرَحمته، وحريماً يَسکُنون إلي مَنَعتِه، ويَستَفيضُون إلي جواره، فلا إدغَالَ ولا مُدالَسَة ، ولا خِداعَ فيه» (10).
ص: 275
الدَّلس: يقال فلان لا بدالس ولا يوالس، أي لا يخون ولايغدر. والدَّلس: فعل ممات، قالوا منه: دالسَ يدالِس مدالسةً ودِلاساً(1).و دلّس في البيع وفي کلّ شيء، إذا لم يبيّن له عَيبه(2).
في حديث عليّ(عليّه السلام )محذراً من الشيطان:«اسَتفحَلَ سُلطَانُه عليکُم، ودَلَف بِجُنودهِ نَحوَکُم، فأقحَمُوکُم ولَجَاتِ الذُّلَّ، وأحلّوکم وَرَطَاتِ القَتل، وأوطَوُکُم إثخَانَ الجِرَاحَةِ»(3).
الدَّلَف والدَّلَفان: مشية فيها سرعة و تقارب خَطوٍ کما يمشي المقيّد، ويقال أيضاً:الدّليف قال الشاعر:
فأقبل مَرّاًإلي مِجدلٍ*** کمشي المقيَّد يمشي دَليفا
وشيخ دالِف، إذا مشي کذلک (4)، واستفحل سلطانه عليّکم: من قولهم: استفحل الأمرُ، إذاغَلُظَ.(5).
عن أبي عبدالله( عليّه السلام) قال: أتي عالم عابداً فقال له: کيف صلاتک ؟ فقال: مثلي يُسأل عن صلاتي ! وأنا أعبدالله عليّه السلام منذ کذا وکذا، قال: فکيف بکاؤک؟ قال: أبکي حتّي تجري دموعي، فقال له العالم: فإنّ ضحکک وأنت خائف أفضل من بکائک وأنت مدلّ، إنَّ المدلّ لايصعد من عمله شيء(6).
الدّلُّ: من قولهم: امرأة ذات دَلَّ، أي شِکلّ وأدلّ الرجلُ إدلالاً ، إذا وثق بمحبّة صاحبه
فأفرط عليّه»(7)وتدللت المرأةُ عليّ زوجها، ودلّت تَدِلّ، وهي حسنة الدلّ والدّلال.
وذلک أنّ تريه جرأة عليّه في تغنّج وتشکّل، کأنّها تخالفه وليس بها خلاف(8) وباعتبار الجرأة والاستعلاء جاء حديث عليّ عليّه السلام في وصف المنافق المغرور: «فَهُوَ بالقَولِ مُدِلُّ، ومِن العَمَل مُقِلّ»(9).
في حديث عليّ (عليه السلام)عن خلق السماوات: «لم يَمنع ضَوءَ نُورها ادلِهمَا مُ سُجُفِ الليل المظلم، ولا استطاعت جَلابيبُ سَوادِ الحَنَادِسِ أن تَرُدَّ ما شاع في السماواتِ من
تلألُؤِ نورِ القَمر»(10).
ص: 276
المُدلَهِمُّ الأسودُ: وادلَهمَّ الليل والظلامُ: کَثُفَ واسودّ. وليلة مُدلَهِمَّةُ، أي مُظلمة. وفلاة مُدلَهِمَةُ :لا أعلام فيها(1) والحنادس: ثلاثُ ليال من الشهر لظلمتهنَّ ويقال: دَحامِسُ. والحِندِسُ: الظُلمة. وأسودُ حِندِسُ: شديد السوادُ، کقولک: أسودُ حالکُ(2).
ومنه جاء حديث الصادق (عليه السلام)عن أهل العلم: «وصاحب الفقه والعقل ذو کآبة وحزن وسهر، قد تحنّک في برنسه، وقام الليل في حندسه»(3).
في حديث عليّ(عليه السلام): «فيا عجباً للدهر؛ إذ صُرتُ يُقرَن بي مَن لم يَسعَ بِقَدَمي، ولم تکن له کسابِقَتي التي لايَدلي أحدُ بمثلها، إلّا أن يَدَّعي مُدَّع مالا أغرِفُه»(4).
الإدلاء: يقال: أدلي بحجته، أثبتها فوصل بها إلي دعواه، وأدلي إلي الميّت بالبُنُوَّة ونحوها: وصل بها(5) وأصله من أدليت الدَلو، إذا أرسلتها لتملأها(6).
والدالية: دَلؤُ ونحوها وخشب يُصنع کهيئة الصليب ويُشَدُّ برأسِ الدَّلو ثمّ يُؤخذ حبل يُربط بذلک وطرفه بجذع قائم عليّ رأس البئر ويُسقي بها فهي فاعلة بمعني مفعولة، والجمع دوالي»(7)وفيها جاء حديث الصادق(عليه السلام):
«فيما سقت الدوالي والغرب نصف العشر »(8).
في حديث عليّ(عليه السلام) عن مکان البيت الحرام: «بَينَ جِبَال خَشِنَةٍ، وړِمَالٍ دَمِثَةٍ
وعُيون وَشِلة»(9).
الدَّمَث: يقال: مکان دَمِث، إذا کان سِهلاً.و دمّثتُ الشيء بيدي تَدميثاً، إذا مرَسته حتّي يلين (10) ورجل دَمِث الأخلاق : و طيئها(11) وسهلها.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «سُبحان مَن أدمَجَ قوائمَ الذَّرَّةِ والهَمَجَةِ إلي مافَوقهما من خَلقِ
ص: 277
الحيتان والفيلَة!»(1).
أدمج القوائم: أحکمها ، کالحبل المُدمَج الشديد الفتل (2).
قال الليث: متنُ مُدمَجُ، وکذلک الأعضاء مُدمَجة، کأنّها أذمِجَت ومُلِسَت کما تدمج الماشطة مَشَطَةَ المرأة، إذا ضفرت ذوائبها، وکلّ ضفيرة منها عليّ حيالها تُسمّي دمجاً
واحداً. ودَمَج الشيء دُموجاً، إذا دخل في الشيء واستحکم فيه، وکذلک اندمج وادّمَجَ
بتشديد الدال، وادرَمَّجَ ، کلّ هذا إذا دخل في الشيء واستتر فيه(3).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «بل اندمَجتُ عليّ مَکنونِ عِلمٍ لو بُحتُ به لاضطربتم اضطراب الأرشيةِ في الطَّويَّ البعيدة» (4).
ودمج الرجلُ في بيته والظبي في کناسه واندمج: دخل. وتدامج القوم علي فلان تدامجاً، إذا تضافروا عليّه وتعاونوا. وصلح دُماج، بالضم: محکم. وليلة دامجة: مظلمة. وليلُ دامجُ: أي مظلم. ودمجت الأرنبُ تدمُجُ دُمُوجاً في عدوها: أسرعت، وهو سرعة تقارب قوائمها في الأرض(5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «والخابط في الدَّيمَاسِ»(6).
الدَّيماس: السَّرَب المظلم، ومنه يقال: دَمَسته، أي قبرته. والديماس ، بالفتح والکسر :الحمّام. والدَّماسُ: کلّ ما غطّاک (7). مأخوذ من الليل الدامس. وکان للحجّاج سجن يُعرف بالدَّيماس »(8).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن النبي( صلي الله عليّه وآله): «الدامغ صَؤلاتِ الأضَاليلِ» (9).
الدَّمغ: يقال: دَمَغتُهُ دمغاً، من باب نفع : کَسَرتُ عَظمَ دِماغِه، فالشجّة دامغة ، وهي التي تخسِفُ الدَّماغَ ولا حياةَ معها (10).
في حديث الصادق، عن آبائه (عليّهم السلام) أنّ النبيّ( صلي الله عليّه وآله) قال للناس: «إيّاکم وخضراء الدَّمَن، قيل : يا رسول الله وما خضراء الدَّمَن ؟ قال:
ص: 278
المرأة الحَسناء في منبت سوء»(1).
الدَّمن: البَعَر، ودمّنت الماشية المکان: بَعرَت فيه وبالت. والدَّمن: ماتلبّد من السَّرقين وصار کِرساً عليّ وجه الأرض. والدَّمن جمع دِمنة ، والدَّفن اسم للجنس مثل السّدراسم للجنس (2)وإنّما جعلها خضراء الدَّمن تشبيهاً بالشجرة الناضرة في
دِمنة البقرة، فمنظرها حسن أنّيق ومنبتها فاسد(3) والدمنة في غير هذا الدُّحلُ، ويقال لها: العباءةُ أيضاً، ومنه الحديت عن النبيّ( صلي الله عليّه وآله)أنّه قال له رجل: «أ أصَلَّي في مباءَة الغنم ؟قال: نعم»(4).
والذَّحل: هو الحقد والعداوة وجمعه أذَّحال وذحول(5) ويقال للحقد المدمَّن للصدر: الدَّمنة، والجمع دِمَن(6) ومنه حديث
عليّ عليّه السلام : «قد اضطَلَحتُم عليّ الغِلُّ فِيمَا بَينَکُم، ونَبَتَ المرعي عليّ دِمَنِکُم»(7) وقيل: لا يکون الحقد دمنة حتّي يأتي عليّه الدهر وقد دَمِن عليه، وقد دَمِنَت قلوبهم ، ودَمِنت عليّ فلان، أي ضغنت. وأصل الدَّمن ماتُدَمّنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها، أي تُلبَّده في مرابضها، فربّما نبت فيها النبات الحسن النّضير (8).
والدَّمان والدَّمال، بالفتح: فسادُ الثمّر وَعَفنه قبل إدراکه حتّي يسوادّ، من الدَّمن والدَّمال وهما السرقين. ومنه جاء الخبر : أنّ الناس کانوا يتبايعون الثمّار قبل أنّ يبدوصلاحُها، فإذا جدَّ الناس و حضر تقاضيهم قال المبتاع: قد أصاب الثمّر الدَّمَانُ وأصابه قُشَام،فلمّا کثرت خصومتهم عند النبيّ( صلي الله عليّه وآله )قال: و «لا تبتاعوا الثمّرة حتّي يبدو صلاحها». والقُشام: انتفاضه قبل أنّ يصير بَلَحاً، وقيل:هو أکالُ يقع فيه، من القَشم ، وهو الأکلّ، ومن قول العرب: ماأصابت الإبل مَقشما، إذا لم له تُصب ما ترعاه (9).
والقُشام والمُراض، من آفات الثمّرة، ولا خلاف في ضمّهما، لأنّ ما کان من الأدواء والعاهات فهو بالضم کالسُّعال والنُّحاز والزُّکام. وأدمن الشرابَ وغيره: لم يُقلِع عنه يقال: فلان يُدمِن کذا، أي يُديمه. ويقال: دمّن فلا نُ فِناء فلان تدميناً ، إذا غشيه ولزمه (10).
ومنه الحديث: «مُذمِنُ الخَمر کعابدِ الوَثن»، وهو الذي يُعاقر شربها ويلازمه ولا ينفکّ عنه(11)
ص: 279
والدُّمينةُ: اسم جبل، و به سُمّي ابن الدُّمَينِة الشاعر،و دُمينة اسم امرأة. والدُّمَّيني: دامّاء اليَربوعِ (1).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله) : «کأن عُنقه جيد دُمية في صفاء الفِضّة» (2).
جيد دمية: مقدّم عنق الصُّورة (3) وهي الصورة
المصوّرة لأنّها يُتنوّق في صنعتها ويُبالَغ في تحسينها(4) والدمية: جمعها دُميً قال الشاعر:
أو دُمية صوَّر محرابُها*** أو دُرّة س يقت إلي تاجر (5)
قال الزمخشري: وهي الصورة المنقّشة وفيها حمرة کالدم(6).
وجاء في الحديث: «أنّ رجلاً جاء معه أرنب فوضعها بين يدي النبيّ صلي الله عليّه وآله ثمّ قال: إنّي وجدتها تُدمي» أي أنّها ترمي الدَّمَ، وذلک أنّ الأرنب تحيض کما تحيض المرأة (7)
وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «قَضَي رسول الله( صلي الله عليّه وآله )في الدَّامِية بَعيراً » (8).
الدامية: وهي الشجّة الدامية، التي يخرج دمها ولا يسيل، فإن سال فهي الدامعة(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عقيل لمّا سأله: «فأحمَيتُ لَهُ حَدِيدَةً، ثمَّ أَذنَيتُها من جِسمِه لِيعتبرَ بها، فَضَجَّ ضَجيحَ ذي دَنَفٍ من أَلَمِها»(10).
الدنَف: دَنِفَ الرجلُ دَنَفاً : ثقل من المرض ودنا من الموت کالحَرَض(11) فهو دَنَف و امرأةُ دَنَفُ. وقالوا: دَنِفُ، بکسر النون، ودَنِفان وأدناف، ورجل مُدنَف ومُدنف کذلک(12)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «المنيّة ولاالدّنيَّة»(13).
الدنيء: الرقيق الخُلُق الحقير، يقال: أتي بالدنيّة والدنايا ، وقد دَنُوَ دناءةً (14).
وباعتبار الشيء الحقير المبتذل لعطاءالدنيا مهما کان کتب عليّ( عليّه السلام) في وصيته للحسن الله (عليّه السلام) : «و أکرم نَفسک عن کلّ دنيّةٍ، وإن ساقتک إلي الرغائب»(15) والدناة واحمد
ص: 280
الدني(1) وعرّف الحسن (عليّه السلام) السفه: «اتباع الدناة ومصاحبة الغُواة»(2) والدنوّ: القرب بالذات أو بالحکم، ويستعمل في المکان والزمان والمنزلة(3). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام ) واصفاً جهاده( صلي الله عليّه وآله): «وقد تَلوَّن له الأَدنَونَ، و تَألّب عليّه الأقصَون»، (4)الأدنون: من قولهم: هو ابن عمّه دِنياً و دُنياً ، أي قريب النسب(5)/
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية مشيراً إلي أکاذيبه و فتنه: «أصبحت منها کالخائض في الدَّهَاسِ، والخابط في الدَّيماس»(6).
الدَّهَسُ والدَّهاسُ: المکان السهل الليّن لايبلغ أنّ يکون رُملاً، وليس هو بترابٍ ولاطين، لا يُنبت شجراً، وتغيب فيه القوائم وأدهس القومُ: ساروا الدَّهسِ، کما يقال: أوعثوا ساروا في الوَعث، والدهسةُ لون يعلوه أدني سواد يکون في الرمال والمعَزَ(7).
من کتاب لعليّ (عليّه السلام) إلي بعض عمّاله: «أمّا بعد، فإنَّ دَهَاقينَ أهلِ بَلدک شَکَوا منک غِلظَةً وقَسوَةً، واحتقاراً وجَفوَةً»(8). الدهقان: معرّب، يُطلق علي رئيس القرية وعلي التاجر، وعليّ من له مال وعقار، وداله مکسورة، وفي لغة تُضمُّ، والجمع دهاقين، ودَهقَنَ الرجلُ وتَدَهقَن : کثر ماله (9).
ودهقَ لي دهقةً من المال، أي أعطاني منه صدراً. وأدهقتُ الإناءَ ملأته (10).
ومن هذا جاء قوله تعالي: (وکَأساً دهاقاً )(11).
والدَّهق: شدّة الضغط. ونطفة دهاقآً: قد أُفرغت إفراغاً شديداً، من قولهم: أدهقت الماء، أفرغته إفراغاً شديداً (12). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) في خلق الإنسان: «أنشأه في ظُلُمات الأرحام، وشُغُف الأستار، نُطفَةً دِهاقاً، وعَلَقةً مِحَاقاً » (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن السادر الغافل:
ص: 281
«دَهمثه فَجَعَات المنيّةِ في غُبّر جِمَاحه وسَنَن مِرَاحهِ»(1).
الدُّهَيماء والدَّهماء: الداهية، والدهماء: الفتنة السوداء المظلمة ، والتصغير فيها للتعظيم. وکلّ ماغشيک فقد دَهَمک دَهِمک دهماً، قال ابن السکّيت: دَهمهم الأمرُ يَدهَمُهُم وَدَهِمَتهم الخيل، قال: وقال أبو عبيدة: وَدَهَمهم ، بالفتح، يَذهَمُهُم لغةً (2).
ومنه حديث حذيفة حين ذکر الفتنة فقال:أتتکم الدُّهيماء ترمي بالنَّشف ثمّ التي تليها ترمي بالرَّضف. والدُّهَيم: الداهية، يقال: إنّ سببها أنّ ناقةً کان يقال لها: الدُّهيم، فغزا قوم قوماً فَقُتِل منهم سبعة إخوة فحُملوا عليّ الدهيم، فصارت مثلاً في کلّ داهية وبلية.
والنشف حجارة سود عليّ قدر الأفهار کأنّها محترقة قالها الأصمعي، وقال أبو عمرو: هي التي تُدلک بها الأرجل، وأمّا الرَّضفَ فإنّها الحجارة المُحماة بالنار أو الشمس، واحدتها
رضَفة. وواحدة النشف نشفة . ويقال في النشفة في غير هذا الحديث : إنّها الخرقة التي ينشّف بها ماء المطر من الأرض ثمّ يُعصر في الأوعية (3). وباعتبار السواد يقال: فرس أدهم، وبعير أَذدهم وناقة دَهماء، إذا اشتدّت وَرقَتُهُ
حتّي ذهب بياضه، وشاة دهماء: خالصة الحُمرة»(4)ومن هذا جاء وصف الأفراس التي أهداها عليّ (عليّه السلام) النبي( صلي الله عليّه وآله):
«أدهَمُ بهيم»(5).
وقد يُعبّر عن الدّهمة بالخضرة إذا لم تکن کاملة اللون، وبالدهمة عن الخضرة الکاملة ودمک اللون، وذلک لتقاربهما في اللون(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولَعَمري ماعليّ من قِتال مَن خَالف الحقَّ، وخَابَطَ الغَيَّ، من إدهَاني و لا إيهانٍ»(7).
الإدهان: اللين والمصانعة»(8) ومنه قوله تعالي: ﴿وَدُّوا لو تُدهِنُ فَيُدهِنُون﴾(9).
والإيهان من الوهن، وهو مصدر أوهنته ، أي أضعفته، ويجوز وهنته ، بحذف الهمزة. وخابط الغيّ: کأنّه جعله والغيّ متخابطين، يخبط أحدهما في الآخر، وذلک أشدُّ مبالغةً من أنّ تقول: خبط في الغيّ، لأنّ من يَخبط ويَخبطه غيره يکون أشدّ اضطراباً ممّن يخبط
ص: 282
ولا يخبطه غيره(1) وقولهم: قد داهن فلان فلاناً ، معناه أظهر له ما أضمر غيره(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «تَخال قَصَبهُ مَدَارَي من فضّة ، وما أُنبتَ عليّها من عَجيب دَاراته وشمُوسِه خَالِصَ العِقيان وفِلَذَ الزَّبَرجَدِ»(3).
الدَّارَةو الدَائرة ، کلّاهما: ما أحاط بالشيء. والدَارة: هي دَارةُ القمر التي حوله، وهي الهالَة(4) وجاء استعمال الدارة عليّ المجاز والاستعارة لما في جناح الطاووس من نقوش وتدوير وضعتها ريشة الخالق جلاّ وعلا. والدارُ : اسم جامع للعرصة والمحلّة والبناء. وکلّ بناء مرتفع دارةُ، وجمع الدار دِيَرةُ ودور وديار. وتديّرتُ: أي تبوأتُ داراً . والدارُ : القبيلة ، يقولون: مافي بني فلانٍ دارُ أفضل من دور بني فلان(5). وکنّي عليّ (عليّه السلام) بالدار عن الدنيا في حديثه مع الخوارج بقوله: «قد طوّحت بکم الدار»(6)، لأنّ الدنيا هي التي رمت بهم المرامي عن رحمة الله،(7). وباعتبار الحي والقبيلة يفسر الحديث : «مابقيت دارُ إلّا بُني فيها مسجد» أي قبيلة»(8)والداريُّ العطّار ، قالوا: نُسِبَ إلي دارين: موضع تُرفَاُ إليه السُّفُنُ التي فيها المسک وغير ذلک (9) ومنه الحديث : «مَثَلُ الجليس الصالح مَثَلُ الداري»(10).
ومنه جاء حديث عليّ(عليّه السلام) أيضاً في وصف جناح الطاووس: «کأنّه قلِعُ داريَّ» (11).
أي شراع منسوب إلي هذا الموضع (12) والدائرة: الهزيمة والسوء. يقال: عليّهم دائرة السوء(13) ومنه قوله تعالي: ﴿ يَتَربّصُ بِکُم الدوائرَ عَلَيهم دائِرة السَّؤءِ﴾ (14).
وباعتبار الهزيمة والفزع في وصف عليّ( عليّه السلام) من أصحابه بقوله : «إذا دَعَوتُکُم إلي جِهاد عَدوّکم دَارت أعيُنُکُم، کأنّکم من الموت في غَمرَة» (15) وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله) : «دَوَّارُ بطبّه»(16) دوّار بطبّه، لأنّ الطبيب
ص: 283
الدوّار أکثر تجربة، أو يکون عني به أنّه يدور عليّ من يعالجه ، لأنّ الصالحين يدورون عليّ مرضي القلوب فيعالجونهم.(1) وقيل : يکلّم
الناس عليّ قدر عقولهم وأمزجتهم؟).(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الفتنة: «تَدوسُکُم دَوسَ الحَصِيد»(3).
الدَّوس: شدّة وط ء الشيء بالأقدام. والدوس: الذُّلّ، والدّوسُ: الدَّياسُ، والبقر التي تدوس الکُدسَ هي الدّواسُ. والدَّيائسُ: الذي يَدُوسُ الطعامَ ويَدُقَّه ليُخرج الحَبَّ منه، وقولهم: أتتهم الخيلُ دوائس، أي يَتبَعُ بعضهم بعضاً، والخيلُ تدوسُ القَتلَي بحوافرها، إذا وطئتهم. ودِيس: شديد، يدوس کلّ من نازله، وأصله دِويس عليّ فعل ، فقُلبت الواو ياء الکسرة ما قبلها، کما قالوا: ريحُ، وأصله روح(4). وفي حديث الصادق( عليّه السلام) عن، عليّ( عليّه السلام): «لا بأس بالسّلم کيلاً؟ معلوماً إلي أجل معلوم ولايسلم إلي دياس ولا إلي حصاد»(5).
الدوس: دياس البيدر، والمِدوَس: مايُداسُ به الکدس(6): والدائس: الذي يدوس، وأهل الشام يسمّونه الدراس، يقولون: قد درس الناسُ الطعام يدرسونه، وأهل العراق يقولون : قد داسوا يدوسون(7).
في کتاب (عليّه السلام) إلي بعض عماله لمّا شکا دهاقين أهل البلد منه: «دَاول لهم بَينِ
القَسوة والرَّأفَة»(8).
المداولة: أنّ تکون هذه مرّة وهذه أخري(9) وتداول القوم الشيء بينهم ، إذا صار من بعضهم إلي بعض (10) والاسم الدّولة ، بفتح الدال وضمها، وجمع المفتوح دِوَل بالکسر ، وجمع المضموم دُوَل بالضم. ومنهم من يقول: الدولة، بالضم في المال، وبالفتح في الحرب، و دالت الأيّامُ تدول، مثل دارت تدور، وزناً ومعني(11) ومن هذا قال عليّ( عليّه السلام) : «الدنيا دارُ دُوَل»(12).
في حديث الصادق( عليّه السلام )في وصف
ص: 284
النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «في دَومة الکرم مَحيِده»(1).
الدَّوم: نخل المُقل. ودام الشيء يدومُ دوماناً وأدمته انا إدامةً، إذا سکّنته (2).
ودامَ غليانُ القِدر: سکن. ودام الماء في الغدير سکَن. وفي الحديث: «لا يبولَنَّ أحَدَکُم
في الماء الدائم» أي الساکن. و دُومة الجندل بضم الدال: حِصن بين مدينة النبيّ( صلي الله عليّه وآله )وبين الشام. قيل: سُمّيت باسم دُومَي بن إسماعيل (عليّه السلام) لأنّه نزلها وسکنها (3).
وقال ابن دريد: دُومة الجندل مجتمعه ومستداره کما تدوم الدُّوَّامة، أي تستدير.
وأصحاب الحديث يقولون دومة الجندل، بفتح الدال، وذلک خطأ (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللهم قد مَلَّت أطبّاءُ هذا الداء الدَّوِريّ، وکلّت النَزَعةُ
بأشطانِ الرَّکِيَّ»(5).
الداء الدويّ: الدّاء الشديد، کما يقال: اليلُ (6) أليل. قد وُصِف بما هو من لفظه. والدَّوي، مقصور: المرض والسَّلُّ. دَوِي، بالکسر، دَوَّي فهو دَوٍ ودَوَّي ، أي مَرِض، فمن قال: دَوٍ ثنّي وجمع وانَّث ، ومن قال دَوَّي أفرد في ذلک کلّه،
ولم يؤنّث. قال الليث: الدّويّ داء باطن في الصدر ، وإنّه لَدَوي الصدر (7). ومنه حديثه( صلي الله عليّه وآله) لما قيل له: يارسول الله( صلي الله عليّه وآله): سيّدنا رجلُ فيه بخل، فقال(صلي الله عليّه وآله) : «وأيُّ داءٍ أدوي من البخل؟!» (8) أي: أيّ عيب أقبح منه؟!(9).
قال ابن برّي: الصواب «أدوأ» بالهمز وموضعه الهمز، لکن هکذا يُروي(10). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «إلي مَرعَي وبيّ ومشرب دوي» أي: فيه داء. وفي حديث أمّ زَرعٍ : «کلّ داء له داء» أي کلُّ عيب يکون في الرجال فهو فيه. فجعلت العيبَ داءً. وقولها: له داءُ، خبرُ لکلَّ، ويحتمل أنّ يکون صفةً لداء، وداء الثانية خبر لکلَّ: أي کلّ داءٍ فيه بليغ مُتَناهٍ، کما يقال: إنَّ هذا لفرَس فرَسُ. وفيه: «إنَّ الخمرَ داءُ وليست بدواء».استعمل لفظ الداء في الإثمّ کما استعمله في العيب(11) والدَّوي: الأحمق، يکتب بالياء مقصور. والدَّوي: اللازم مکانه لايَبرح. والدَّوُّ: الصحراء التي لانبات بها، والدَّوَّية منسوبة
ص: 285
إليها. ودَوي صدره، أي ضَغِنَ، وأذواه غيره، أي أمرضَه، و داواه ، أي عالجه، يقال: هو
يُدوي ويُداوي ، أي يُعالج ، ويُداوي بالشيء، أي يعالج به. والدَّواء : ماعُولج به. والدُّوايةُ
والدَّواية، بالضم والکسر: جليدة رقيقة تعلو اللبَن والمرَق. والدَّويَّ: الصوتُ، وخصّ بعضهم به صوت الرَّعد، ودَوِيُّ الريحُ: حَفيفها، وکذلک دَويُّ النحل(1).
ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للشجرة التي أمرها النبي( صلي الله عليّه وآله )بالوقوف بين يديه: وجَاءت ولها دَوِيُّ شديد(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في فضل الجهاد:« فَمَن ترکه رَغبةً عنه ألبسه اللهُ ثوبَ الذُّلَّ وشَمِله البلاءُ، و دَّيَّثَ بالصَّغار والقَمَاءَة»(3).
دُيّث: أي ذُلل، يقال: ديّثَ البعيرَ: ذلّله بعض الذّلّ. وجمل مُدَيّث ومنؤَّقُ، إذا ذلُل حتّي ذهبت صعوبته . وديّث الأمرَ: ليّنه، وديّث الطريق: وطّأه. والتدييث: القيادة،(4) ومنه الحديث : «تحرم الجنّة عليّ الديوث» الذي لا يغار علي أهله. وقيل: هو سُريانيّ معرّب(5).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في وصفه (صلي الله عليّه وآله) : «أَطهَر المُطَهَّرين شِيمَةً، وأجوَدَ المُستَمطَرِينَ دِيمةً »(6).
الدَّيمةُ: المطر الدائم في سکون، ليس فيه رَعد ولا بَرق، والجمع دِيَم. يقال: ديَّمَت السماء تدبيماً. ودامت السماءُ تديم: مطرت دَّيمةُ. وأرضُ مَدِيمة ومُدَيَّمةُ: أصابتها الدَّيمةُ»(7) وقد استعار من ذلک لاستمرار جوده ودوامه مدّة حياته (صلي الله عليّه وآله).
ومنه الخبر: «کان عمل رسول الله (صلي الله عليّه وآله) دِيمة». وفي حديث حذيفة وذکر الفتن: «إنّها الأتيتُکم دِيَماً»، أي أنّها تملأ الأرض في دوام(8) والديمة فِعلة من الدوام، وانقلاب واوها ياءً لسکونها وانکسار ماقبلها، وقولهم في جمعها دِيَم، وإنّ زال السکون، لحمل الجمع عليّ الواحد وإتباعه إيّاه(9).
وفيها جاء حديث عليّ(عليّه السلام) : «وأنشأ السحاب الثَّقال فأَهطَلَ دِيَمَهَا وعدّد قِسمَها»(10).
ص: 286
ومن المجاز جاء حديث عليّ( عليّه السلام) أيضاً في ذمّ الدنيا: «ولم تطُلّه فيها دِيمَةُ رَخَاءٍ إلّا هَتَنت عليّه مُزنةُ بلاء»(1).
في الحديث: «الکَيَّسُ من دَان نَفسَه وعَمِل لما بعد الموت».
دان نفسه: أي أذلّها واستعبدها، وقيل: حاسبها. وفي أسماء الله تعالي «الديّان» قيل: هو القهّار . وقيل: هو الحاکم والقاضي، وهوفعّال، من دان الناس، أي قهرهم عليّ الطاعة
يقال: دنتهم فدانوا، أي قهرتهم فأطاعوا. ومنه الحديث: «کان عليّ(عليّه السلام) ديّان هذه الأمّة»، وفي حديث أبي طالب قال له( صلي الله عليّه وآله): «أُريد من قُريش کلّمةً تدينُ لهم بها العرب». أي تُطيعهم وتخضع لهم(2). ومن هذا جاء قوله تعالي : ﴿ماکان لِيأخُذَ أخاه في دينِ المَلِک﴾(3).
أي في طاعته. والدَّين: الملّة، والدَّين: الدأب والعادة، ومازال ذلک دينه، أي دأبُه وعادته (4) ومن هذا يُفسّر قول عليّ عليّه السلام لأهل البصرة: «دِينُکُم نِفاق»(5).
والدَّينُ لُغةً: هو القرضُ وثمّن المبيع، فالصّداقُ والغَضب ونحوه ليس بدين لُغَةً، بل شرعاً، عليّ التشبيه لثبوته واستقراره في الذّمَّة(6)ومنه جاء حديث عليّ عليّه السلام : «إنّ الرجل إذا کان له الدَّينُ الظَّنُونُ يَجِبُ عليّه أنّ يُزکّيه،لما مضي،إذا قَبَضه»(7).
والظنون: الذي لا يعلم صاحبه أيقبضه من الذي هو عليّه أم لا(8). وباعتبار الجزاء والقضاء قال عليّ( عليّه السلام) : «وکما تَدينُ تُدان» (9)بمعنئ کما تُجازي تُجازَي، أي تُجازي بفعلک وبحسب ماعملت ، وقيل: کما تفعل يُفعل بک، و دانه دَيناً، أي جازاده (10).
ومن ذلک قول الله عزّ وجلّ: ﴿ مالک يوم الدين﴾(11). قال الشاعر:
ولم يبق سوي العُدوا*** ن دِنّاهم کما دانوا(12).
ص: 287
ص: 288
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ثمّ خرج إليّ منکم جُنَيدُ مُتَذَائِبُ ضَعيفُ ﴿کأنّما يُساقون إلي الموت وهم يَنظُرون﴾ (1).
متذائب: أي مضطرب، من قولهم: تذاءبت الريحُ، أي اضطرب هبوبها، ومنه سُمّي الذئب
ذئباً، لاضطراب مِشيته(2).والمُتَذئَّبة والمتذائبَةُ، بوزن مُتَفَعّلة ومتفاعلة، من الرياح التي تجيء من ههنا مرّة ومن ههنا مرّة أُخِذ من فعل الذئب، لأنّه يأتي کذلک (3) والذّألان: من المشي الخفيف، ومنه سُمّي الذئب ذوالة، والدّالان بالدال، مشي الذي کانّه يبغي في مشيه (4). وفي حديث عليّ( عليّه السلام )عن النبي( صلي الله عليّه وآله) واختياره: «وَذُوَابة العليّاء»(5).
الذؤابة: الناصية لَنَوسانها، وقيل: الذؤابة مَنبِت الناصية من الرأس، والجمع الذّوائب، وقيل: الشعر المظفور من شعر الرأس. وذؤابة الجبل: أعلاه، ثمّ استُعير للعزَّ والشرف والمرتبة. وغلام مُذأَبُ: له ذَؤابة. وذؤابة الفرس: شعر في الرأس في أعلي الناصية والذؤابة: الجلدة المعلّقة في آخر الرَّخل، وهي العَذَبة. وذؤابة السيف: عِلاقة قائمه. وذؤابة النَّعل:ما أصاب الأرض من المرسل عليّ القدم لتحرّکه(6).ومنه حديث الرضا( عليّه السلام) : «الشيب في الذوائب شجاعة»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في التظلّم والتشکّي من قريش: «فَنَظرتُ فإذا لَيسَ لي رَافِدُ، ولاذابُّ ولا مُساعِدُ، إلّا أهلَ بيتي، فَضَننتُ بهم عن المنيّة»»(8).
ص: 289
الذّبّ: ذبَّ عن الشيء يَذُبُّ ذبّاً، إذا منع عنه . وذبَّ الرجلُ عن حريمه، إذا منع عنه(1).
ومن هذا جاء وصف عليّ( عليّه السلام) للجرادة:«يَرهَبُها الزُّرّاع في زَرعِهم ، ولايَستَطيعون ذَبَّها»(2). وذبَّت الشفةُ ذبوباً، يَبِسَت، والفمُ واللسان کذلک، واللون تغيّر (3).
وعليّ فلان ذُبابة من دَين، وذبابات، أي بقايا. وضربه بذُباب سيفه، وهو حدّ طرفه (4) ومنه جاء الخبرُ أنّه( صلي الله عليّه وآله) قال: «رأيتُ کأنّ ذُبَاب سيفي کُسِر، فأوّلتُ ذلک أنّه يُصاب رجلُ من أهلي فقُتِل حمزة عليّه السلام في ذلک اليوم».
وذُبابا أذني الفرس: هما ما حُدَّمن أطرافهِما. والذُّباب: هو الشَّؤم والشرُّ، يقال: أصابک ذُباب من هذا الأمر، ورجلُ ذُبَابيُ: مَشئوم، فکأنّه مثل الشَّذاة، في أنّه استعارة، قال أوس:
وليس بطارق الجاراتِ منّي***ذُبابُ لايُنيم ولا ينامُ
أي أذًي و شرّ(5) وذُباب العين إنسانُها علي التشبيه بالذُّباب، والذُّباب نکتة سوداء في جوف حدقة الفرس(6)والذبذبةُ: تحريک الشيء المُعَلَّق، وقلّة الاستقرار. والذَّباذب: أشياء تُعلَّق من هَودَجٍ، الواحد ذَبذَبُ. والرجل المتذبذبُ:المتردد بين الأمرين.والذَبذَبُ: ذکرُ الرَّجل(7).ومنه الحديث: «من وُقي شَرّذَبذَبه دخل الجنّة». يعني الذکر، سمّي به لتذبذبه، أي حرکته(8)والجمع الذَّباذِبُ،وقيل: الذبذبُ: اللسانُ. وقيل: الذَّباذِبُ:الخُصَي، واحدتها ذبذَبة(9).
کالقيعون، والقيصوم من نبات السهل، وهو طيّب الرائحة من رياحين البرَّ، وورقه هدب،
وله نورة صفراء، وهي تنهض عليّ ساق وتطول(1) والخُزَامي: بألف التأنيث من نبات البادية. قيل: هو خِيريُّ البَرّ(2). وواحد الخزامي خزاماة، وهي عشبة طويلة العيدان صغيرة الورق حمراء والزهرة طيّبة الريح، لها نور کنور البنفسج»(3) والشيح: نبات سهلي
يُتخذ من بعضه المکانس، وهو من الأمرار، له رائحة طيّبة وطعم مرّ، وهو مرعي للخيل
والنَّعَم، ومنابته القيعان والرياض. وجمع الشيح شيحان (4). ومنه حديث عليّ (عليّه السلام ):عن ولد إسماعيل وما صاروا إليه: «يحتازونَهُم عَن رِيفِ الآفَاق، وبَحر العِراق، وخُضرَةِ الدُّنيا، إلي مَنَابِتِ الشيح، ومهافي الريح، ونَکَدِ العَيش» (5).
وذخر الشيء واذّخره: خبأه لوقت حاجته(6)ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «رحم الله امرءاً.. اکتسب مَدخُوراً (7) وأراد به (عليّه السلام) الي مذخور الآخرة، وقد ندب له بقوله: «اعملوا اليوم تُذخَرُله الذَّخَائر»(8).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «ابتدع الأشياء لامِن شيء کان قَبلها، وأنشأها بلا احتذاءأمثلة امتثلها، کونها بقدرته، وذَرأها بمشيئته من غير حاجة منه إلي تکوينها»(9).
ذرأها بمشيئته: أي خلقها بإرادته. وذرأ الخلق يذرؤُهم ذَرءاً: خلقهم (10).
ومن هذا قال عليّ( عليّه السلام) : «لم يَؤدهُ خَلقُ ماابتدأَ ، ولا تدبيرُ ماذَرأَ(11).
وقوله تعالي:﴿ وهو الذي ذرأکم في الأرض وإليه محشرون﴾ (12) من ذلک. والذّريّة من ذرأ الله الخلق، وقد ترکت العرب الهمز فيها (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «لاتَجعَلَنَّ ذَرَبَ لِسانِکَ عليّ مَن أنّطَقکَ، وبَلاغة قَولِک علي
ص: 291
مَن سدّدک»(1).
دَرَب اللسان: حدّته. وقيل: الذَّرِبُ هو اللسانِ: الشتّام الفاحش البذيّ الذي لا يُبالي ما قال (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أو ذرَّ عليّه شارقُ نهارٍ»(3).
الذرور: يقال : ذَرَّت الشمسُ تَذُرُّ دُروراً، بالضم: طلعت وظهرت، وقيل: هو أوّل طلوعها وشروقها أوّل مايسقط ضوؤها علي الأرض والشجر، وکذلک البقل والنبتُ. قال أبو زيد: ذرَّ البقلُ، إذا طلع من الأرض. ويقال: ذرَّ الرجلُ يَذُرُّ إذا شاب مقدم رأسه. والذرّ صغار النمل، واحدته ذرّة(4) ومنه قوله( عليّه السلام ): «سُبحَانَ من أدمَج قَوَائِمَ الذرّةوالهَمَجةِ إلي مافَوقَهُما من خَلقِ الحِيتَان والفِيلَة!»(5).
وذرارة الطيب وغيره: ماتناثر منه إذا ذررته، ومنه قيل لصغار النمل وللمنبثّ في الهواء من الهباء: الذرّ(6).
ومنه جاء حديثه (عليّه السلام) : «ولامَقِيلُ الذَّرّ»(7).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله) : «ذريع المشية إذا مشي کأنّما يَنحَطّ في صَبب» (8). ذريع المشي: أي سريع المشي واسع الخطو(9) من غير أنّ يظهر فيه استعجال وبدار (10).
وفي صبب : أي في موضع منحدر. وفي رواية: «کأنما يَهوي من صبوب» يُروي بالفتح
والضم، فالفتح اسم لما يُصبُ عليّ الإنسان من ماء وغيره، کالطهور والغسول، والضمّ جمع صبب. وقيل الصبب والصبوب، تصوّب نهرالطريق(11).
البحر والماء: «تُکَرکِرُه الرياحُ العَواصِفُ، وتَمخُضُه الغَمَامُ الذَّوَارِفُ»(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن بني أُميّة: يُذَعذِعُهُم الله في بُطونِ أَوديته»(2).
الذعذعةُ: التفريق ، وأصله من إذاعة الخبر وذُيوعه. وذعذع الشيء والمال ذعذعه فتذعذع: حرّکه و فرّقه، وقيل: فرّقه و بدده. وتذعذع شعرهُ، إذا تشعَّث وتمرَّط. ورجل ذعذاع، إذا کان مِذياعاً للسرَّ نمّاما لايکتُم سرّاً (3). وفي الخبر : روي عن عليّ (عليّه السلام) أنّه أتاه غالب ، فقال له: من أنّت؟ فقال: غالب، فقال : صاحب الإبل الکثيرة؟ قال: نعم، ثمّ قال: مافعلت بإبلک؟ فقال: ذعذعتها النوائب، وفرّقتها الحقوق. فقال: ذلک خيرُ سبلها(4).
وجاء في حديث الصادق (عليّه السلام) أنّه قال: «لايُحبّنا أهل البيت المُذَعذعُ، قالوا: وما
المذعذع؟ قال: ولد الزنا» (5).
في حديث عليّ عن خلق آدم( عليّه السلام) : واستَادَّي اللهُ سُبحانَه الملائکة وَديعَتَهُ لديهم، وَعَهدَ وصيتّه إليهم، في الإذعَان بالسَّجَودِ له، والخُنُوع لِتَکرِ مَتهِ»(6).
الإذعان: يقال: أذعن إذعاناً، وذَعِنَ يَذعن أيضاً: أي انقاد وسَلِسَ (7). وأذعن فلان بحقّي: أقرّ به»(8) وناقة مِذعان: منقادةُ لا تُنازِع(9).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «إنّ ثَوراً ثَارَ بالکوفة فثار إليه الناسُ بأسيَافِهم فَضَربوه وأتوا أمير المؤمنين( عليّه السلام )فسألوه، فقال: ذکاة وحيّة ولَحمُه حلال»(10) ذکاة وحيّة: أي ذبيحة مذکّاة. والذکاة في اللغة تمام الشيء، ومنه الذکاء في الفهم. إذا کان تامّ العقل سريع القبول (11). وذکّيت الشاة: ذبحتها. وحقيقة التذکية إخراج الحرارةالغريزية، لکن خُصّ في الشرع بإبطال الحياة عليّ وجه دون وجه(12).
ص: 293
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الموتي وتَقَطَّعت الأَلسِنَةُ في أَفواهِهم بعد ذَلاقَتِها»(1).
الذَّلقُ: حِدّة الشيء، وحدُّ کلّ شيء ذَلّقه. وذلِقَ اللسان، بالکسر ، يَذلَقُ ذَلَقاً، أي ذَرِب، وکذلک السنان، فهو ذَلِق وأَذلقُ. والحروف الذُّلقُ: الراء واللام والنون، سُمّيت ذُلقاً، لأنّ
مخارجها من طرف اللسان. والمِذلاقةُ: هي الناقة السريعة السير (2).
في حديث عليّ : «ألا وإنّ التقوي مَطَاياذلُل»(3).
الذَّلّ: اللين ، وهو ضد الصعوبة، يقال: ذلَّ يذِلَّ ذُلّاً وذلاً، فهو ذلول، يکون في الإنسان
والدابّة. ودابة ذلول، الذکر والأنّثي فيه سواء. والذل يکسر الذال وضمّها، الرَّفق والرحمة(4) وأراد (عليّه السلام) بذلک أنَّ التقوي مثل الدابّة الذلول يقودها صاحبها أنّي شاء ولا تعثر به ولاتتقحم به، فعبادته وتقواه تعالي توصله إلي مايريد وهو جنات الخلود، ونحوه قوله صلي الله عليّه وآله: «الإسلام ذلول لايرکبُ إلّا ذلولاً» المراد أن الإسلام سهل القياد لمن اقتاده، وطي ّالظهر لمن اقتعده لايتوقص براکبه.
ومنه السحاب الذلول الذي يذلل للإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه ). وفي دعاء عليّ (عليّه السلام) : «اللهم اسقنا ذلَّلّ السَّحاب دون صِعَابها»(5) شبه السحاب ذوات الرعود والبوارق والرياح والصواعق بالإبل الصعاب التي تقمص برحالها وتَقِضُ برکبانها، وشبه السحاب خالية من تلک الروائع بالإبل الذلل تحتلب طيّعة وتقتعد مسمحة(6).
وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) : «ما هو إلّا أن سمعتُ قائلاً يقول: مات رسول الله (صلي الله عليّه وآله) فالَوليتُ حتّي رأيتُ وجهه». أي أسرعت. يقال: اذلَؤلي الرجلُ إذا أسرع مخافة أن يفوته شيء. وهو ثلاثي کُررت عينه وزيد و او للمبالغة، کاقلَؤلَي واغدَؤدَنَ (7). وذلاذل القميص: مايلي الأرض من أسافله، الواحد ذُلذُل مثل قُمقم وقماقم.
وفي حديث أبي ذر: «يخرج من ثَديه يتذلذَل، أي يَضطرب من ذلاذل الثوب،
ص: 294
وهي أسافله» وأکثر الروايات يتزلزل، بالزاي.
والذلذل، بالکسر والضم، والذَّلذلة کذلک: أسافل القميص الطويل إذا ناس فأخلق)(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا وإنَّ الشيطانَ قد ذَمَّر حِزبه، واستَجلَبَ جَلَبه، ليعودَ الجَورُ إلي أوطانه، ويرجع الباطل إلي نصابه»(2).
ذمّر حزبه: أي حضّهم وشجّعهم. يقال: ذَمَره يَذمُرُه ذَمراً: لامه وحضّه وحثّه. وتذمّر هو: لام نفسه، جاء مطاوعه عليّ غير الفعل.
والذَّمار: ذمار الرجل، وهو کلّ ما يلزمک حفظه وحياطته وحمايته والدفع عنه، وإنّ ضيّعه لزمه اللوم. وسُمي دِماراً لأنّه يجب عليّ أهله التذمُّر له (3) ومنه حديث عليّ( عليّه السلام ): «ألا أنّ و عُثمان فضح الذَّمار»(4) ونصاب کلّ شيء : أصله. والمنصب: الأصل، وکذلک النّصاب:المنبت والمَحتِد(5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) أيضاً في الدعوة للقتال: «أين المانِعُ للذَّمَار، والغائِرُ عند عليّ نُزول الحَقَائِقِ من أهل الحِفاظ»(6).والحقائق: جمع حاقّة، وهي النازلة والداهية(7).
والغائر : هو من الغَيرة(8). يقال: غار الرجلُ
عليّ أهله غَيرة فهو غائر (9).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ذِمَّتي بما أقول رهينةُ، وأنا به زَعيم»(10).
الذِمّة: العهد والکفالة، وجمعها ذِمام . ومعني قوله (عليّه السلام) : ضماني وعهدي رَهنُ في الوفاء به(11). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام): «من صلّي الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمّة الله عزّ وجلّ» (12) ذِمام الله يجري مجري المعاهدة من غير معاهدة.
والذمّة والذّمام بمعني العهد والأمان والضمان والمحُرمة والحقَّ. وسُمّي أهل الذمّة
ص: 295
لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم. ومنه الحديث: «يسعي بذمّتهم أدناهم» أي إذا
أعطي أحدُ الجيش العدوّ أماناً جاز ذلک علي جميع المسلمين، وليس لهم أنّ يُخفروه، ولا أنّ يَنقُضُوا عليّه عهده(1)وباعتبار العهد والأمان قال عليّ (عليّه السلام): «اعتَصِمُوا بالذّمَم في أوتَادِها»(2). واستعار لفظ الأوتاد لشرائط العهود وأسباب إحکامها کأنّها أوتاد حافظة لها. وأراد امتنعوا من سخط الله وعذابه بحفظ الذمم في أوتادها(3).
في دعاء عليّ( عليّه السلام) للاستسقاء: «ولا شَفَّان ذِهَابُها»(4).
الذَّهاب: الأمطار الليّنة(5) وواحد الذَّهاب الذَّهبَةُ، بالکسر ، وهي الأمطار الضعيفة.
قال الشاعر:
وذي أُشُرٍ، کالأُقحوان، تَشُوفُه***ذِهابُ الصَّبَا، والمُعصِراتُ الدوالحُ
والذهاب: السيُر والمرور، والمذهَبُ: المتوضأُ، لأنّه يُذهَبُ إليه، وفي الحديث : «أنّ النبيّ (صلي الله عليّه وآله) کان إذا أراد الغائط أبعد في المذهب» .
وهو مفعل من الذَّهاب، قال الکسائي: يقال لموضع الغائط: الخلاء والمذهب والمرفق..(6)ومنه الخبر: کان أمير المؤمنين( عليّه السلام) إذا أراد الحاجة وقف علي باب المذهبُ(7) والمذهبُ: المعتقد الذي يُذهب إليه، وذهب فلانُ لِذَهَبِه، أي لمذهبه الذي يذهب فيه. والذهب : التبر، القطعة منه ذَهَبَةُ وعليّ هذا يُذکّر ويؤنّث (8).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام ): «فبعث من اليمن بذُهَيبة» هي تصغير ذَهَب، وأدخل الهاء فيها لأنّ الذهب يُؤنّث، والمؤنث الثلاثي إذا صُغّر أُلحق في تصغيره الهاء، نحو قويسة وشُميسة وقيل: هو تصغير هبة عليّ نية القطعة منها، فصغّرها عليّ لفظها(9)وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لو أراد الله سبحانه لأنّبيائه حيث بعثهم أنّ يفتح لهم کُنُور الذهبان .. لفعل»(10).
هو جمع ذَهَب، کبَرَقٍ وبِرقان. وقد يُجمع
ص: 296
بالضمّ نحو حَمَل و حُملان(1) .
والذَّهب: مکيالُ لأهل اليمن، يُجمع عليّ الأذهاب ثمّ الأذاهب (2)وهو جمع الجمع.
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي قثم بن العباس: «ولا تَخجُبَنَّ ذا حاجةٍ عن لقائک بها، فإنّها إنّ ذِيدَت عن أبوابک في أوّل وِردِها لم تُحمد فيها بَعدُ عليّ قضائها»(3).
الذَّود: السّوقُ والطردُ والدفعُ. يقال: ذُدتُ فلاناً عن کذا أذودُه، أي طردته فأنا ذائد وهو
مذود. والمِذوَدُ: اللسان لأنّه يُذاد به عن العرض. ومذوَد الثور: قرنه(4).
ومنه الحديث: «فليُذادَنَّ رجالُ عن حوضي». أي ليُطرَدَنَّ. ويُروي: فلا تُذادُنَّ، أي لاتفعلوا فِعلاً يوجب طردَکُم عنه (5)و الذَّودُ من الإبل: من الثلاثة إلي العشرة، والجمع الأذواد(6) وفي حديث فاطمة (عليّها السلام : «جعل الثواب علي طاعته، ووضع العقاب علي مَعصيته، ذِيادَةً لِعباده من نقمته، وحِياشَةً لهم إلي جنّته» (7).
وَحياشة لهم: من قولهم: حُشت الإبل، جمعتها وسقتها. وحُشت عليّه الصيد والطير حَوشاً وحياشاً وأحشته عليّه وأحوشته عليّه وأحوشته إيّاه، عن ثعلب : أعنته علي صيدهما(8) ومرادها (عليّه السلام) طرده تعالي عباده عن معاصيه صوناً لهم من سخطه وعوناً لهم في دخول جنان رحمته.
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الأولياء: «ليسُوا بالمَسَاييحِ ولا المَذَاييعِ البُذُر» (9).
المذاييع: جمع مِذياع، وهو الذي إذا سمع الغيره بفاحشة أذاعها، ونوّه بها. والبُذر: جمع بذر وهو الذي يکثر سَفهه ويلغو منطقه(10)
والمذاييع مأخوذ من ذاع الحديث ذيعاً وذُيَوعاً: انتشر وظهر، وأذعته: أظهرته(11).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أما والله ، لَيُسَلَّطَنَّ ما عليّکم غُلاَمُ ثقيف الذيَّالُ الميّال» (12).
ص: 297
الذيّال: المتبختر، يقال: ذال الرجلُ يذيل ذيلاً، تبختَرَ فجرَّذَيلَه. والذيّال من الخيل:المتبختر في مشيه واستنانه کأنّه يَسحَب ذيل ذنبه، وتذيلت الدابة: حرکت ذنبها من ذلک.
ويقال: ذالت الجاريةُ في مَشيها تذيل ذيلاً، إذا ماست وجرّت أذيالها عليّ الأرض وتبخترت (1) وقد استعار عليّ (عليّه السلام) منه لعواصف الجوّ بقوله:وما تسفي الأعاصير بذيولها(2).
ودِرعُ ذائلةُ وذائل ومُذالة: طويلة.
وذال الشيء يذيل: هان، وأذَلته أنّا: أهنته ولم أحسِن القيام عليّه، وأذال فلان فرسه وغلامه ، إذا أهانه، والإذالةُ : الإهانةُ. وفي الحديث: «نهي النبيّ صلي الله عليّه وآله عن إذالة الخيل».
وهو أمتهانها بالعمل والحمل عليّها (3) ومنه جاء الخبر: «بات جبرئيل يُعاتبُني في إذالة الخيل». أي إهانتها والاستخفاف بها(4) والميّال : الظالم. والمراد هو الحجّاج بن يوسف (5) وجاء في کتاب عليّ عليّه السلام إلي أبي موسي الأشعري: «فَارفَع ذَيلَکَ، واشدُد مَئزَکَ، واخرج من جُحرک»(6). کنّي عن عزله من منصبه و سلبه مکانته.
وفي حديث فاطمة (عليّها السلام )لما جاءت أبا بکر: «تَطأ ذُيولها ماتخرم مِشيتها مِشية رسول الله (صلي الله عليّه وآله )»(7). الذيل : آخر کلّ شيء. وذيل الثوب والإزار: ماجُرّ منه إذا أسبل فأصاب الأرض، والجمع من کلّ ذلک أذيال وأذيُل والکثير ذيول (8)و تطأ ذيولها کناية عن ستر أثوابها (سلام الله عليّها) لأقدامها. وماتخرم: أي ماتنقص. والمراد أنّ مشيتها (عليّه السلام) کمشية أبيها (صلي الله عليّه وآله)(9). فما ترکت (عليّه السلام) شيئاً إلّا وشاکلّته حتّي في مشيتها.
ص: 298
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وطَفَقتُ أر تَئِي بين أنّ أُصولَ بيد جذّاء أو أصبرَ عليّ طَخيَهٍ عَمياء»(1).
الرأي: منتهي البصر، ورأيُ العين منتهي بصرها(2). وأرتئي: افتعال الرأي، الفکر والتدبير (3). ومنه قال الشاعر:
ألا أيّها المرتئي في الاُمور*** سَيجلو العمي عنک تبيانُها(4).
والرأي: اعتقاد النفس (5). والرويّة: ما أجلته في صدرک من الرأي(6).
ومنه الحديث القدسي المروي عن الرضا(عليّه السلام) : «ما آمن بي مَن فَسَّر برأيه کَلامي» (7).
وفيه نهي عليّ (عليّه السلام )عن القياس بقوله: «فلا تستعملّوا الرأي فيما لايُدرِکَ قَعره البَصرُ ولاتَتَغلغَل إليه الفِکَرُ»(8) والمرأة، التي ينُظر فيها، والجميع المرائي، ويقال مرايا(9).
وراّيتُ الرجل تَرئية: أمسکت له المِرأة النظر فيها. واستر أيت بالمِرآة (10).
وباعتبار الوجود المطلق والحضور الدائم،بلا مشاهدة لتعذّر الرؤية لذاته تعالي، استعار
لها لفظ المرأة بقوله: «و تَشهَدُ له المَرائي الا بِمُحاضَرةٍ»(11). أي أنّه لايُري مباشرةً.
في دعاء الحسن( عليّه السلام) للاستسقاء: «اللهم
ص: 299
هَيّج لنا السّحاب بِفَتحِ الأبواب بماء عُباب ورباب»(1).
الرَّبَاب: السحاب، سُمّي بذلک لأنّه يَرُبّ النّبات وبهذا النظرسُمّي المطر درّاً . وأربّت السحابة : دامت . وحقيقته أنّها صارت ذات تربية، وتُصوّر فيه معني الإقامة فقيل: أربّ
فلانُ بمکانِ کذا تشبيهاً بإقامة الرَّباب (2). ومنه دعاء عليّ( عليّه السلام) في الاستسقاء «ولاقزَعٍ رَبَابها (3) والرَّبَبُ: الماء الکثير (4) وربَّ زيدُّ الأمر ربّاً، من باب قتل، إذا سأسه وقام بتدبيره.
وقيل لبنت امرأة الرجل ربيبة ، فعيلة، بمعني مفعولة، لأنّه يقوم بها غالباً تبعاً لأمّها،والجمع ربائب، و الابن ربيب(5). ومنه قال عليّ( عليّه السلام) عن محمد بن أبي بکر : «وکان لي رَبيباً »(6).
وباعتبار معني التربية قيل للعالم المصلح: ربّاني، ومنه قال عليّ عليّه السلام : «الناس ثلاثة: فعالم رَبَّاني...»(7) وفي التوحيد : قال عليّ( عليّه السلام) : «وربَّ إذ لامَربُوب، وقادِرُ إذ لا مَقدور»(8) والفرق بين الصفة برب والصّفة بقادر أنّ الصفة بقادر أعم(9)لذا عطف ذلک (عليّه السلام) . والرَّبَّ يُطلق عليّ الله تبارک وتعالي مُعَرَّفاً بالألف واللام ومضافاً (10).
ومن هذا قول عليّ( عليّه السلام) : «اللهم ربَّ السقف المرفوع» (11) ويُطلق عليّ مالک الشيء الذي لا يَعقِل مضافاً إليه، فيقال: ربّ
الدَّين وربّ المال، ومنه قوله عليّه و آله الصلاة والسلام في ضالّة الإبل : «حتّي يَلقاها ربُّها»، وقد استُعمل بمعني السيّد (12) ومن ذلک قول عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: «أشُهُّودُّ کَغُيّابٍ، وعَبيدُکأربَاب»(13). وقالوا: لايجوز استعماله بالألف واللام للمخلوق بمعني المالک، لأنّ اللام للعموم، والمخلوق لايملک جميع المخلوقات. والرُّبُّ، بالضم دِبس الرُّطَب إذا طُبخ (14)ورُبُّ السمن والزيت: ثُفلُه الأسودُ، ورَبَبتُ الأديم: دهنته بالرُبَّ (15) والرُبَّي: الشاة التي وضعت حديثاً، وقيل : التي تُحبَسُ في البيت للبنها، وهي فُعلي، وجمعها
ص: 300
رُبَاب(1). والمصدر منه الرباب، بالکسر، وهي العائذ أيضاً، والجميع منه عوائذ وعوذ(2). وهي رُبَّي إلي خمسة عشر يوماً،وقال أبو زيد: إلي شهرين (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )يصف بيعته: مُجتَمعينَ حَؤلي کَرَبيضَةِ الغَنَمِ»(4).
الرَّبَض، بفتحتين : للغنم مأواها ليلاً والرَبضُ للمدينة ماحولها(5). ورَبضُ الرجل أهله ومنزله(6) يقال: ربضت الغنم وبرکت الإبل وجثمت الطير»(7)وأراد بقوله: کربيضة الغنم، أي: کالقطعة الرابضة من الغنم، يصف شدّة ازدحامهم حوله، وجثومهم بين يديه(8). وباعتبار الراحة و الجلوس کتب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «أتَمتليءُ السَّائِمَةُ من رعيِها فَتَبرُک، وتَشبَعُ الرَّبيضَةُ من عُشبِهَا فَتَربِضَ، ويأکُلُ عَليُّ مِن زَاده فَيهَجَعَ، قَرَّت إذاَ عَينُه إذا اقتدي بعد السنين المُتَطاوِلَة بالبَهيمِة الهَامِلَةِ، والسائِمَةِ المَرعِيّة»(9)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «رُبِطَ جَنَانُ لم يُفَارِقهُ الخَفَقَانُ» (10).
الربط: ربُط عليّ ما لم يُسمّ فاعله، أي ربط الله وثبّت قلباً لايزال يخفق من خوف
العقاب. وإذا روي ربط بفتح الراء، فتقديره ربط قلب له وجيب من خشية الله، فيکون المفعول محذوفاً. ولم يفارقه الخفقان صفة جَنان (11). قال ابن أبي الحديد: هذا مثل، وهو دعاء (12) والربط عليّ القلب تسديده و تقويته، ومنه قوله تعالي:﴿ربطنا علي قلبها لتکون من المُؤمنين﴾ (13). وفلان رابط الجأش، إذا کان ثابت القلب عند الفزع (14) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «وأيُّ امريءٍ منکم أحسّ مِن نَفسه الرَباطةَ جأشٍ عند اللقاء»(15). والرَباطُ: الذي يُبني للفقراء، مولّد، ويُجمع في القياس: رُبُط بضمّتين،ورِبَاطات (16).
ص: 301
وفي حديث أبي الحسن )عليّه السلام( : «مَن رَبَطَ فَرَساً عتيقاً مُحيت عنه ثلاث سيئات في کلَّ يوم وکُتِب له إحدي عشرة حَسنة»(1).
الرباط والمرابطة: ملازمة ثغر العدّو، وأصله أنّ يربط کلّ واحد من الفريقين خيله، ثمّ صار لزوم الثغر رباطاً، وربّما سُمّيت الخيل أنّفسها رباطاً(2).
وفي الحديث : «إسباغ الوضوء عليّ المکاره ، وکثرة الخطا إلي المساجد وانتظارالصلاة بعد الصلاة، فذلکم الرباط».والرباط في الأصل الإقامة عليّ جهاد العدو بالحرب،و ارتباط الخيل وإعدادها، فشبّه ماذُکِر من الأفعال الصالحة والعبادة بالرباط، بمعني أنّ هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتکفّه عن المحارم(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف النبيّ(صلي الله عليّه وآله): «أطول مِن المَربوع» (4).
مربوع: من قولهم: رمحاً مربوعة، لاقصيراً ولا طويلاً(5).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام): «تزوجّ عَيناء عَجزاء مَربوعة»(6) والمرابيع من الخيل المجتمعة الخلق (7)والربيع: رابع الفصول.. الأربعة، ومنه قولهم: ربع فلان وارتبع: أقام في الربيع، ثمّ يُتجوّز به في کلَّ إقامة وکلّ وقت حتّي سُمّي کلّ منزل رَبعاً، وإنّ کان ذلک في الأصل مختصّاً بالربيع(8) ومن هذا يفسّر ماجاء في حديث أم سلمة إلي عائشة: اجعليّ حِصنَکِ بَيتکِ ورباعة السَّترقبرکِ»(9) الرَّبع: الدار بعينها. ورِباعة الرّجل: قومُه. ويقال منه: الناس عليّ رَبِعَاتهم ورِباعَتِهم، أي عليّ استقامتهم (10)تعني اجعليّ ما وراء الستر من المنزل قبرک. ومعني والرباط مايُر وي: «ووقاعة السِتر قبرک» موقعه من الأرض، إذا أرسلت(11). ولکون فصل الربيع أحمد الفصول ويکون فيه النَّور والأزهار والنشاط، استعار منه عليّ عليّه السلام في وصفه للقرآن بقوله: «ربيع القلوب»(12).
وباعتبار وضع الحدود وکبح جماح الشرَّ
ص: 302
کتب عليّ (عليّه السلام) لمعاوية: «ألا تَربَعُ أيّها الإنسان عليّ ظلعِک ، وتَعرِفُ قُصُّورَ
ذَرعِک»(1). قال الراغب: قولهم: اربَع عليّ ظلعِک ، يجوز أنّ يکون من الإقامة، أي أقم عليّ ظَلعک ، ويجوز أن يکون من رَبَع الحَجر، أي تناولهُ عليّ ظَلعِک(2). وقصور ذرعه کناية عن قصور قوّته وعجزه، عن لحوق رتبة السابقين في الفضل کقصور الظالع عن شأو الضليع (3).
وفي الحديث: قال أبو عبدالله (عليّه السلام): «لاتَستَأجر الأرضَ بالتَّمر ولا بالحِنطة ولا
بالَّعير ولا بالأربعاء ولا بالنطاف. قلت : وما الأربعاء؟ قال: الشّرب ، والنطاف: فضل والنصف والثلث والربع»(4) الأربعاء : جمع ربيع الجدول(5). وهو النهر الصغير مثل الجدول و السري ونحوه(6) وربّما سُمّي الحظ من الماء للأرض رُبع يومٍ أو ربع ليلة: ربيعاً، يقال: لفلان في هذا الماء ربيع (7)والرَّبع من الوِرد: أنّ تَحبَسُ الإبلُ عن الماء أربعة أيّام ثمَّ ترد اليوم الخامس(8) والتطاف: يقال: نطف الماءُ ينطُف: سال، ونطِف القربة تنطِف وتنطف نطفاناً ، إذا قطرت من وهي أو سَرب أو سُخف(9).
في الحديث : عن أبي عبدالله( عليّه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «مَن تَعصَّب أو تُعصّب له فقد خَلع رِبق الإيمان من عُنقه» (10).
الريق: وزن حِمل حَبل فيه عدّة عُريً تُشدّ به البَهمُ، الواحدة من العُري رَبقةً ويُجمع أيضاً علي رِباق(11) والمراد به «ربقة الإسلام» و «ريق الايمان» في الحديث هو عقد الإسلام وعقد الإيمان عليّ المجاز. ومن معني القيد والحبس جاء حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الصلاة: «إنّها لَتَحُتّ الرُّنُوبَ حَتَّ الوَرَقِ، وتَطلِقُها إطلاقَ الرَّبَق» (12).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «إذ لاسَماءُ ذاتُ الماء. ولکن تتقبلها بالذهب وبالفضة
ص: 303
أبراج، ولا حُجُب ذات إرتاج»(1).
الرَّتَجُ والرَّتاج: البابُ العظيم ، وقيل: هو الباب ، وقيل: الباب المغلَقُ، وقيل: الرّتاج الباب المُغلق وعليّه باب صغير، وأرتج الباب، إذا أغلقه إغلاقاً وثيقاً. وجمع الرَّتاج رُتُج.
والمراتج: الطُرُق الضيّقة(2)ومن معني الغلق يُفسّر ما جاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «يُرتَجُ عليّکم حَوَاري فتَعمَهُون»(3)
أزتجَ علي القاريء ، علي ما لم يُسَمَّ فاعله: إذا لم يقدر علي القراءة، کأنه أطبق عليه کما يُرتُجُ الباب، وکذلک ارتتج عليه. يقال: ارتُجُ عليه وارتُجّ، ورَتِج في منطقة رَتَجاً : مأخوذ من الرَّتاج، وهو الباب. وأرتَجَت الناقة، وهي مَرتِج، إذا قَبِلت ماء الفحل فأغلقت رَحِمَها عليه، ويقال للحامل : مَرتِجُّ لأنّها إذا عقدت عليّ ماء الفحل، انسدَّ فم الرَّحم فلم يدخله، فکأنّها أغلقته علي مائه (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الموتي واعظاً: «ذهبتم في أعقابهم جُهِالاً، تَطَؤُون في هَامِهم، وتَستَنبِتُون في أجسَادِهم، وتَرتَعُونَ فيما لَفَظُوا» (5).
الرتعُ: أصله أکلُ البهائم، يقال: رتَع يَرتَعُ رتوعاً ورِتاعاً ورتعاً، ويُستعار للإنسان إذا لا أريد به الأکلّ الکثير(6) ومن هذا جاء قوله تعالي حاکياً عن إخوة يوسف: (أرسله معناغداً يرَتَع ويَلعَب )(7). أي يلهو ويَنَعم(8) ومنه استُعير لوصفِ الأشجار الغضّة الناعمةفي قول عليّ عليّه السلام لابن حنيف: «والرَّواتِعَ الخضِرَة أرَقُّ جُلُوداً»(9).
والأرضَ کانتا رَتقاً فَفَتقناهُما﴾(1).
وفسّر الصادق عليّه السلام بأنّ السماء والأرض ليس لهما أبواب، ولم يکن للأرض أبواب، وهي النبت ، ولم تمطر السماء عليّها، فَتَنبُت ففتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات (2).
وجارية رتقاء: ليس لها خَرق(3). ومن معني الإصلاح والهداية جاءت الاستعارة في حديث عليّ لا عن النبيّ(صلي الله عليّه وآله) : «فرتَق به المَفاتِقَ»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «رَثّاً مِن رأيه»(5).
الرَّثُ والرّثّة: رديء المتاع، وأسقاط البيت من الخُلقان. والرثّة خُشارة الناس وضعفاؤهم، شَبّهوا بالمتاع الرديء، ورجل رثُّ الهيئة: خلقُها باذّها. وفي خَلقه رثائة، أي بذادة(6)ومن هذه المعاني استعار عليّه السلام رداءة الرأي وضعفه فقال: رثّاً من رأيه. ومنه قوله في خطبة الوسيلة: «يقول لقرينه إذا التقيا: يا ليت بيني وبينک بُعد المشرقين فبئس القرين، فيجيبه الأشقي عليّ رثوثة: ياليتني لم أتخذک خليلاً»(7)وفي الحديث: «عفو تُ لکم عن الرَّثَّة»، وهي متاع البيت الدُّون. ومنه حديث عليّ (عليّه السلام): «أنّه عرّف رِثّة أهل النهر، فکان آخر ما بقي قِدر»(8) وقد استعار من معناه(عليّه السلام) لحطام الدنيا بقوله: «صار جديده رثّاً(9).
وفي حديث زيد بن صُوحان: «أنّه ارتَثَّ يوم الجمل وبه رَمَق» الارتثاث أنّ يَحمل الجريح من المعرکة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح. والرَّثيث أيضاً: الجريح، کالمرتثُّ. والمرتثُّ: الساقط الضعيف (10).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «فَصِف جبرئيل و ميکائيل وجُنُودَ الملائکةِ المَقرّبين، حُجُرات القُدُس مُرجَحِنيَّن متَوَلّههً؛ عُقُولُهم أنّ يَحُدُّو ا أحسَنَ الخَالِقين»(11).
المرجَحنُّ: المائل، من ارجَحَنَّ الشيء، إذا
ص: 305
مال من نقله و تحرّک. وجيش مُرجَحِنُّ ورَحيً مُرجَحِنَّة، ثقيلة. وليلَّ مرجحنُّ. تثقيل واسع. وبعضهم جعل النون زائدة فيه، وبعضهم أصلية، ومن جعلها زائدة قال: الأصل من
رجح الشيء يَرجَحُ. إذا ثقل. ويقال: فلان في دنيا مُرجَحِنَّةُ، أي واسعة کثيرة، وامرأة
مُؤجَحنَّةُ، إذا کانت سمينة، فإذا مشت تفيّأت في مِشيتها (1) ومنه جاء الخبر في وصف السحاب: «و ارجحنّ بعد تبسّق». أي ثَقُل ومال بعد علوَّه(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الفتن: «يَهرُب منها الأکياسُ، ويُدَبَّرُها الأرجَاسُ»(3)الرجس: الرِجس النَّتنُ والقَذَر(4)والرَّجس: العذاب، مثل الرجز سواء، ويقول الرجل: أنّا في مرجوسة من أمري، أي في أمرٍ مختلِط. ورَجسة الرعد: صوته، ويُسمّي البحر رجّاساً الصوت موجه(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن مال الإنسان إلي الفناء و القبر : «ثمّ ألقِيَ عليّ الأَعوادِ رَجِيعَ وَصَبٍ، وَنِضوَ سَقَم، تَحمِلُه حَفَدةُ الوِلدان، وحَشَدةُ الإخوان إلي دارِ غُربته(6).
الرجيع: يقال : دابّةُ رجيع، ورجعُ سَفَرٍ: کناية عن النَّضو(7) قال ذو الرمّة :
رجيعةُ أسفارٍ کأنّ زمامها*** شجاع لدي يُسري الذراعين مطرق (8) واستعار له وصفي الجمل، فالرجيع باعتبار کونه قد رُدّد في أطوار المرض وتواتر عليّه کما يردّد الجمل في السفر مرّةً بعد أخري، ولفظ النضو باعتبار نحوله من الأسقام کما ينحل الأسفار الجمل(9) وثوبُّ رجيع، إذا أخلق ثمّ طُوي(10).
والرجيع: الرَّوث والعَذِرَة، فعيل بمعني فاعل، لأنّه رجع عن حالة الأولي بعد أنّ کان طعاماً أو علفاً، وکذلک کلّ فعلٍ أو قولٍ يُردُّ فهو
ص: 306
رجيع، فعيل بمعني مفعول. والرَّجعة، بالفتح بمعني الرجوع، وفلان يؤمن بالرجعة، أي بالعود إلي الدنيا. والرَّجعة مراجعة الرجل أهله، وقد تُکسر، وهو يملک الرجعة علي زوجته، وطلاق رجعي، بالوجهين کسر وفتح(1).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «ثمّ يأتي بعد ذلک طالعُ الفِتنَةِ الرَّجوفِ، والقاصِمَةِالزَّحُوف» (2).
الرَّجَفان: الاضطراب الشديد يقال: رَجَف الشيء يرجُفُ رَجفاً ورُجوفاً ورَجفاناً ورجيفاً وأرجف. ورَجَف القومُ: إذا تهيّؤوا للحرب. وأرجف القومُ، إذا خاضوا في الأخبار السيئة وذکر الفتن. والرّجاف: البحرُ، سُمي به لاضطرابه وتحرّک أمواجه، اسم له کالقذّاف. وقيل: الرجّاف: يوم القيامة (3)ومنه قوله تعالي:﴿ يومَ تَرجُفُ الرّاجِفَةُ﴾ (4).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله ): «عظيم الهامة رَجل الشعر»(5).
رجل الشعر: معناه في شعره تکسّر و تعقّف(6) وفسّر أيضاً بأنه لم يکن شديد الجعودة ولا شديد السبوطة، بل بينهما (7).
والشعر المرجّل: الشعر المسّرح، ويقال للمشط مرجل ومِسرَح. ويقال: شعر رَجَل ورَجِل ورَجل: بين السُبوطة والجعودة(8).
والرَّجلة: بقلة، روي أنّ النبي( صلي الله عليّه وآله )وجد حرارة، فعضّ عليّ رجلة فوجد لذلک راحة فقال: «اللهم بارک فيها.» الخبر(9) وفي حديث عليّ في وصف الناس: «والمجلب بخيله ورَجِلِه»(10) والمجلب: من الجلب. والجَلَب: صياح الناس وجلبتهم(11).
ومنه قوله تعالي:﴿ وأَجلِب عليّهم بخيلِک وَرَجِلک ﴾ (12) ومنه جاء اقتباس عليّ عليّه السلام في التحذير من الشيطان بقوله: «أن يُجلِبَ عليّکم بِخَيله وَرَجِلِه» (13) والرَّجِل: اسم جمع
ص: 307
للراجل. ونظيره: الرّکب والصّحب، وقريء: ورجلک»، علي أنّ فعلاً بمعني فاعل، نحو
تَعب وتاعب(1) وفيه جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «للفارس سهمان وللراجل سهم»(2). والراجل: خلاف الفارس، سواءً
أکان راجلاً أم راکباً غير الفرس(3). وفي الخبر: الرَّجل جُبار». أي ما أصابت الدابّة برِجلها فلا قَوَد عليّ صاحبها. وفي حديث ابن المسيّب: «لا أعلم نبيّاً هلک عليّ رجله من الجبابرة ما هلک علي رِجل موسي( عليّه السلام) »، أي
في زمانه. يقال: کان ذلک عليّ رجل فلان، أي في حياته (4).
في حديث عليّ بن الحسين( عليّه السلام ) قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : لايغرّنکم رَحبُ الذّراعين بالدم فإنّ له عند الله قاتلاً لايموت.النار» (5)قالوا:يارسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم)و ما قاتل لايموت؟قال: النار».
رحب الذراع: الرّحب بالفتح، والرحيب: الشيء الواسع. ورحب الصدر ورحيب الجوف؟ واسعهما. ورحب الذّراع، أي: واسع القوة (6)وقد کنّي عليّ (عليّه السلام) عن کثرة أکلّ الذي يأتي بعده بقوله: «سيَظهر عليّکم بَعدي رَجُلُ رَحبُ البُلعوم» (7) وقال أکثر
الشارحين: المراد معاوية، لأنّه کان بطيناً کثير الأکلّ. وقيل: الحجّاج (8).
وفي حديث هند في وصفه (صلی الله علیه وآله وسلم): «رَحب الرّاحة»(9). الرُّحب: السّعَة. رَحُب الشيء رُحباً ورَحابةً، فهو رَحب ورحيب ورُحاب، وأرحب: اتّسع (10). ورَحب الرَّاحة: معناه واسع الرّاحة کبيرها. والعرب تمدح بِکبَر اليد وتهجو بصغرها، قال الشاعر:
فناطوا من الکذّاب کفّاًصغيرةً ***وليس عليّهم قَتلُه بکبير
وقالوا: رحب الراحة، أي کثير العطاء (11).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «حَجُّ البيت : «قال واعتِمَارُهُ يَنفيان الفَقر ويَرحَضَان الذَّنبَ» (12).
ص: 308
الرّحضُّ: الغَسلُ. رَحضَ يده والاناء والثوب وغيرها يَرحَضُها ويَرحَضُها ها رَحضاً غسلها. والرحيض: المغسول، فعيل بمعني مفعول. والمِرحَضة والمِرحاضُ: المُغتَسَلُ، ورُحِض الرجلُ رَخضاً : عَرِقَ حتّي کأنّه غُسِل جسده، والرُّحضاء: العَرَق، مشتقً من ذلک، في أثر الحمّي (1) وقد رُحِض الرجلُ، إذا أخذته الرُّحضاء، ومنه جاء الخبر : أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم)جعل يمسح الرُّحَضاء عن وجهه في مرضه الذي مات فيه (2).
في حديث الباقر(عليّه السلام) : «أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم)کان يصلّي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته، فلّما سلّم قيل له: يارسول الله لقد أطلت هذه السّجدة! فقال (صلی الله علیه وآله وسلم): نعم، إنّ ابني ارتحلني»(3).
ارتحلني: أي جعلني کالراحلة فرکب علي ظهري(4) والراحلةً عند العرب کلّ بعير نجيب، سواء کان ذکراً أو أنّثي(5)ومنه قوله (صلی الله علیه وآله وسلم): «الناس کإبل مائة لاتجد فيهاراحلةً واحدة»(6). يعني أنّ المرضيّ المُنتَجب من الناس في عزّة وجوده کالنجيب من الإبل القويّ عليّ الأحمال والأسفار الذي لايوجد في کثير من الإبل (7). ويقال لمنزل الإنسان و مسکنه: رحله، وقولهم: انتهينا إلي رحالنا، أي منازلنا(8) ومنه يفسّر الحديث النبوي: «إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال»(9) وباعتبار اشتداد فتن الزمان وکثرتها جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن الفتن: «فِتَنُّ کَقِطَع الليلِ المُظلِمِ لا تَقُومُ لها قَائِمَةُ، ولاتُردّ لها رَايَةُ، تأتيکم مَزمُومَةً مَرحُولَةً»(10) أي تکون تامة الأسباب کاملة الآلات (11). وقد جاءت الکناية في حديث عليّ (عليّه السلام) عن محاربة المشرکين له (صلی الله علیه وآله وسلم) بقوله: «ضَرَبَت إلي مُحَارَبَتِه بُطُون رَوَاحِلها»(12).
وباعتبار الدنيا دار ممر وکون الإنسان فيها
ص: 309
مسافر إلي دار إقامته قال (عليّه السلام) : «الرَّجيلُ وَشِيکُ»(1)
في حديث فاطمة (عليّها السلام) ومخاطبتها الأنّصار: «حتّي إذا دارت بنا رُحي الإسلام،
ودرّ حلبُ الأيّام، وخَضَعت ثغرة الشرک، وسَکَنت فَورَة الإفک، وخَمَدت نِيران الکُفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسَق نظام الدين» (2).
دوران الرحي: کناية عن الدولة ودوران رحي الإسلام دوال دولته (3). وفي الحديث تدور رحي الإسلام لخمس أو ستّ أو سبعٍ وثلاثين سنة» والمعني أنّ الإسلام يمتدُّ قيام أمره عليّ سنن الاستقامة والبُعد من إحداثات الظلمة(4) يقال: دارت رحا الحرب، إذا قامت عليّ ساقها. وأصل التحا: التي يُطحن بها. ومنه حديث سليمان بن صرد: «أتيت علياً حين فرغ من مرحي الجمل»
المرحي الموضع الذي دارت عليه رحا الحرب. يقال : رَحيتُ الرَحاور حوتها إذا أدرتها (5). ومنها استعار عليّ (عليّه السلام) التغيّر الأحوال بقوله: «أتاکم شهرُ رمضان، وفيه تدور رُحَي السلطان»(6)وإنّما قالوا: دارت رحي الحرب لجولان الأبطال فيها، وحرکات الخيل تحتها. ودَور الرّحا يکون عبارة عن حالين مختلفين: إحداهما مذمومة، والأخري محمودة، والمحمودة عبارة عن تحرک جدّ القوم، وقوّة أمرهم، وعلوّ نجمهم. ومن المذمومة قول عثمان بن حنيف الأنّصاري و يوم الجمل، وکان في حيّز أمير المؤمنين عليّ الية ، وقد رأي استجرار القتال واستلحام الأمر: دارت رحي الإسلام وربَّ الکعبة. أراد أنّ الناکثين بيعة أمير المؤمنين (عليّه السلام) ، وهم أصحاب الجمل، قد أزعجوا الإسلام عن مناطه، وأزحفوه عن قراره(7).
وقول (عليّه السلام) عن الخلافة: «وإنّه لَيعَلمُ أنّ مَحَلّي منها مَحَلُّ القُطب من الرحا» (8)معناه: قوام الخلافة والإمارة به، لکون الحديدة القائمة التي تدور عليّها الرحي،
ص: 310
بدونها لا يمکنها الدوران (1).
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن القرآن: «لا تُخلِقُهُ کَثرَةُ الرَّد، وَوُلُوجُ السَّمع»(2).
الردّ: التکرار والترديد. و ذلک أنّ کلّ کلّام منثور أو منظوم إذا تکررت تلاوته وتردّد ولوجُه الأسماع مُلّ وسمُج واستُهجن، إلاّ القرآن فإنّه لا يزال غضّاً طريّاً محبوباً غير مملول (3). والردّ: صرف الشيء ورَجهه والردّمصدر رددت الشيء. ورده عن وجهه يَرُدَّ رَدّاً و مَرَدّاً و ترداداً: صرفه، وهو بناء للتکثير. والارتداد: الرجوع، ومنه المُرتَدّ، والردّة عن الإسلام، أي الرجوع عنه، وارتدّ فلانُ عن دينه، إذا کفر بعد إسلامه. والرُّدّي: المرأة المردودة المطلّقة، کما ذکر أبو عمرو. والرَّد الظهرُ والحمولة من الإبل، وسُمّيت رِدّاً لأنّها تُردُّ من مرتعها إلي الدار يوم الظعن (4).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام) عن زکاة الفطرة للذي ليس عنده شيء: «يُعطي بعض عياله ثمّ يُعطي الآخر عن نفسه يردّدونها فيکون عنهم جميعاً فطرة واحدة (5) أي يُکَررونها عليّ هذه الصفة(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في التنفير من الدنيا: «رَدغُ مَشرعُها»(7).
الرَّدغُ والر َّدغةُ والرَّدغة: الماء والطين والوَحَل الکثير الشديد، والجمع رِداغ ورَدَغ. و مکان رَدِع: وَحِلُ. وارتدغ الرجلُ: وقع في الرّداغ أو في الرَّدغِة(8).
ومنه الحديث: «من قال في مؤمن ما اليس فيه حبسه الله في رَدغة الخَبال». جاءتفسيرها في الحديث أنّها عُصارة . أهل النار (9) والمردَغةَ: مابين العُنق إلي والتَّرقُوة ، والجمع المرادغ، وقيل: المزدَغَة من العنق اللحمة التي تلي مؤخّر الناهضِ من وسَط العضُد إلي المرفق(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن النبيّ(صلی الله علیه وآله وسلم) : ويَرکَب الحِمارَالعَارِيَ ، ويُردِفُ خَلفَهُ»(11) الرديف: الذي تحمله خلفک عليّ ظهر
ص: 311
الدابّة، تقول: أدرفاً إرداف وارتدفتُهُ فهو رديف ورِدف، ومنه رِدف المرأة: وهو عَجُزُها والجمع أرداف(1)وجاء القوم رُدَافي، في وزن فُعَالي ، أي بعضهم عليّ إثر بعضٍ. وأرداف الملوک في الجاهلية: الذين يخلفون الملک(2).
قال الثعالبي: بمنزلة الوزراء في : الإسلام (3) وغابت أرداف النجوم، وهي تواليها وتوابعها(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن مال الإنسان للموت: «وغَمَّ الضريح، ورَدمِ الصَّفِيحِ» (5).
الرَّم: ردمتُ الشيء أردُمه رَدماً، إذا سددته نحو الباب وما أشبهه. والرديمة: ثوبان يُخاط بعضهما ببعض نحو اللفاق، وکلّ شيء لَفَقتَ بعضه إلي بعضٍ فقد ردَمته(6) وردّم کلّامه وتردّمه: تتبعه حتّي أصلحه وسدّ خلله(7) قال عنترة:
هل غادر الشعراءُ من مُتَردَّم؟*** أم هل عرفتَ الدار بعد تَوَهّمِ (8)
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لمعاوية: «وأرديتَ جِيلاً من الناس کثيراً، خَدَغتَهُم بِغَيّک،
وألقيتهم في مَوجِ بَحرِکَ» (9).
الردي: الهلاک، والتردّي: التعرّض للهلاک(10) يقال : رَدِي الرجلُ يَردَي رَدَّي فهو رَدٍ، وأرديته أنّا إرداءً. قال الشاعر:
تنادوا فقالوا أردت الخيلُ فارساً*** فقلت أعبدُ الله ذلکُمُ الرَّدي (11)
وتردّي في مهواةٍ سقط فيها وردّيته تردية(12).
والمتردية : هي التي تتردي من جبل أو في بئرٍ فتموت، وفيها جاء التحريم في قوله تعالي: ﴿ المُتَرَدّية﴾(13).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن فضل الأخذ بالتقوي: «تَفجَّرت عليّه النّعَمُ بعد نُضَوبِها،
ص: 312
وَوَبلَت عليّه البرَکَةُ بعد إرذَاذِهَا»(1).
الرَّذاذ: أقلُّ المطر، قيل: هو کالغبار. قال الأصمعي: أخفّ المطر وأضعفه الطَّلُّ ثمّ الرَّذاذ. وقد أرذّت السماءُ وأرض مُرَذُّ عليّها ومُرَذَّوذَّ. وأرذّت العينُ بمائها وأرذّ السَّقاء إرذاذاً ، إذا سال ما فيه. وأرذّت الشَّجّة: سالت (2). وجاء في الخبر: «ما أصابَ أصحابَ محمد الله (صلي الله عليّه وآله) يوم بَدر إلّا رذاذ لبّد لهم الأرض»(3).
في حديث عليّ(عليّه السلام) محذّراً الانسان: «في لَذَاتِ طَرَبه، وبَدَواتِ أرَبِه، ثمّ لايَحتسِبُ رَزِيّةً»(4).
الرزيّة: المصيبة، والجمع رزايا، وأصلها الهمز يقال: رزأته تَزرَؤه، والاسم الرُّزء (5) وما رزأتُ فلاناً شيئاً، أي ما أصبت من قِبَله شيئاً، وهي المرزئة والرَّزيئة. وما رُزئتُ به، أي ما أُصبت به(6) يقال: إنّه لکريم مرزّا يصيب الناس من ماله ونفعه (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الراسخين في العلم: «واعلَم أنَّ الراسِخينَ في العِلم هم الذين أغناهم عن اقتِحَامِ السُدَدِ المضروبِة دُونَ الغُيُوبِ»(8).
الراسخون في العلم: هم الثابتون في العلم، الضابطون له، المتقنون فيه.
وعن أبي جعفر (عليّه السلام) قال: «کان رسول الله( صلي الله عليّه وآله )أفضل الراسخين في العلم قد علم جميع ما أنّزل الله عليّه من التأويل والتنزيل، وما کان الله لينزل عليّه شيئاً لم يعلمه تأويله، وهو وأوصياؤه من بعده يعلمونه کلّه»(9).
ومنه قوله تعالي: ﴿ والراسخونُ في العِلمِ يقولون آمنّا به کلُّ من عند رَبنّا﴾ (10).
من قولهم: رسَخ الشيء رُسُوخاً: ثبت موضعه، وأرسخته أنّا(11). والرسخ أنّ يعلم الشيء بدلائل کثيرة أو بضرورة لايمکن إزالتها (12).
في دعاء أبي الحسن( عليّه السلام ): «ومن شرَّ
ص: 313
الرسيس»(1).
الرسيس: هو السقم في البدن، وبقيّة الهوي في القلب. ومنه يقال: بقي في قلبه رَسُّ من
حُبًّ أو مرض، أي: بقيّة (2). ومنه قال الشاعر:
إذا غيّر النأيُ المحبّين لم أجد*** رسيس الهوي عن ذکرميَّةَ يَبرح(3)
وأصلُ الرسّ الأثر القليل الموجود في الشيء، يقال: سمعتُ رسّاً من خبر، ورسّ الحديث في نفسي، ووجد رسّاً من حُمَّي. ورُسَّ الميّت: دُفِن وجُعِل أثَراًبعد عَينٍ (4). والرسّ: الحفرُ، وکلّ شيءٍ أدخَلته فقد رسَستَه. والرَّسرسَةُ: مثل الرَّصرَصِة، وهو إثبات البعير رُکبَتَيِه عليّ الأرض للنّهوض (5) والرَّسُّ: الرَّکِيُّ، والرسُّ: المعدن(6).
وفسّروا قول عليّ( عليّه السلام) : «أصحابُ مَدَائِنِ الرسّ»(7) بأنّهم أصحاب شعيب (عليّه السلام) . والرسّ بئر عظيمة جدّاً انخسفت بهم وهم حولها...وقيل: الرس نهر عظيم(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في التنفير من الدنيا: يَمضُونَ أرسَالاً إلي غاية الانتِهاءِ، وَصَيّور الفَناء» (9).
الرَّسلُ: القطيع من کلَّ شيء، والجمع أرسال، وجاءوا رسلةَّ رِسلةَّ: أي جماعةجماعة. وأرسَلوا إبلهم إلي الماء إرسالاً، أي قِطَعاً. وإذا أورد الرجل إبله متقطعة قيل: أوردها أرسالاً، فإذا أوردها جماعة قيل: أوردهاعِراکاً. والاسترسال إلي الإنسان کالاستئناس والطمأنينة. واسترسل إليه، أي: انبسط واستأنس. وأصله السکون والطمأنينة (10).
ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «غَبن المستَرسِل سُحت»(11). وحديثه الآخر: «لاتثقن بأخيک کلّ الثقة فإنَّ صَرعة الاسِترسال لايُستقال» (12) من ذلک.
والرَّسل: الذي فيه لين واسترسال. وناقة مِرسال رَسلَة القوائم: أي سَلَسَة ليّنة
ص: 314
المفاصل(1) ومنه حديث الباقر في
وصفه صلي الله عليّه وآله : «إذا التفت يلتفت جميعاً من شدّة استرساله» (2). والترسُّل في القراءةالترسيل واحد، وهو التحقيق بلا عجلة. وقيل: بعضه عليّ أثر بعض. و ترسَّل في قراءته: اتّأدَ فيها، والترسّل في الاُمور والمنطق کالتمهَّل والتوقّر والتثبُّت. وقيل: الترسّل في الکلّام التوقّر والتفهّم والترفق من غير أنّ يرفع صوته شديداً(3). حديث زرارة عن أبي جعفر( عليّه السلام ): مايجزي من القول في الرکوع والسجود، فقال (عليّه السلام) : «ثلاث تسبيحات في ترسّل وواحدة تامّة»(4) والرَّسلُ: اللَّبَن، يقال : کثُر الرَّسلُ العام، أي: کثر اللبن (5)ومنه حديث الخدري: «رأيتُ في عامٍ کَثُر فيه الرَّسلُ، البياض أکثر من السواد ، ثمَّ رأيتُ بعد ذلک في عام کثر فيه التَمرُ، السواد أکثر من البياض». أراد بالرسل اللبن، وهو البياض، إذا کَثُر قلَّ التمرُ، وهو السواد(6).
وصيّور الفناء: آخره ومنتهاه ومايؤول إليه(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وأنشأ الأرضَ فأَمسَکَها من غير اشتغال، وأرساها عليّ غير قَرار» (8).الرسو: يقال: رسا الشيءُ يَرسو رَسواً ورُسُوّاً: ثبت فهو راسٍ، وأرسَيتُه بالألف للتعدية (9). ورسا الجبل يرسو، إذا ثبت أصله في الأرض، ورست السفينةُ انتهت إلي قرار الماء فبقيت لاتسير. وقدور راسية: لا تبرح مکانها ولايُستطاع تحويلها. وألقت السحابة مراسيها: ثبتت في موضع وجادت بالمطر (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام):«والله، لا أکونُ کالضَّبُع تَنامُ عليّ طول اللَّدمِ، حتّي يصلَ
إليها طَالِبُها، وَيَختِلَها راصِدُها»(11).
الراصد بالشيء: الراقب له، والترصّد :الترقّب. ويقال للحيّة التي ترصد المارّة عليّ الطريق لتلسع: رصيد . وللسبُع الذي يرصد ليثب (12). وقد استعار منه عليّ (عليّه السلام) لشوقه ورضاه بقضاء الله بقوله: «ودَاعِي لَکُم وَدَاعُ
ص: 315
امري: مُرصِدُ للتَلاقي»(1).
والرَّصَدُ: الطريق، والجمع أرصاد(2) والرَّصد والرَّصَد واحد من قولهم: أصابت الأرضَ رصّدَةُمن مطر، والجمع رصاد وأرصاد، والأرض مرصودةُ إذا أصابتها الرَّصدة من المطر، أي: قليل. وقال بعض أهل اللغة: لايقال مرصودة، إنّما يقال: أصابها رَصدَ ورَصَد(3) وناقة رصود: ترصُد شربَ الإبل ثمّ
تشرب. ومن المجاز: أنّا لک بالمرصَد والمِرصاد، أي: لا تفوتني(4). وقوله عزّ وجلّ : (إنّ ربّک لبالمرصاد) (5)تنبيهاً أنّه لا ملجأ ولا مهرب(6)ومن هذا الاعتبار قال عليّ عليّه السلام
مخبر اًعن يوم القيامة: «وأَرصَدَ لَکُم الجَزاء» (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن بني أُميّة: «يَسيلُون من مُستَثَارِهم کَسَيل الجنّتين، حَيثُ لم تَسلَم عليّه قَارَةُ، ولم تَثبُت عليّه أکَمَةُ ولم يَرُدَّ سَنَنُه رَ صُّ طَودٍ»(8).
رصُ طود: جبل مرصوص، أي شديد الالتصاق(9) ورصّ بناءَه يَرُصُّه رَصّاً، إذا أحکم عمله. والبناء مرصوص ورصيص وکلّ شيء أُحکم فقد رُصّ(10). والطّود: الجبل المنطاد في السماء الذاهب صُعُداً. وطوّده الله تطويداً: طوّله(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عمرو بن العاص : «إنّه لم يُبَايع مُعَاوية حتّي شَرَط أنّ يُؤتِيَهُ أتِيَّةً، ويَرضَخَ له عليّ تَرک الدين رَضِيخَةً (12).
الرَّضخ: العطية القليلة. والرّضيخة فعيلة من الرّضخ، يقال : رَضَخ له من ماله يَرضَخ رَضخاً: أعطاه. والرضخُ: کسر الرأس، ويُستعمل الرضخ في کسر النوي والرأس اللحيّات وغيرها، ورضخت رأس الحيّة بالحجارة. ورضخ النوي والحصي والعظم وغيرها، من اليابس، يَرضخه رضخاً:
ص: 316
کسره(1) ومنه يفسر الخبر: «قال لهم: کيف تُقاتلون؟ قالوا: إذا دنا القوم کانت المراضخة». وفُسّر بأنّه المراماة بالسهام، من الرضخ الشدخ. وفي خبر صهيب: «أنّه کان يرتَضِخُ لُکنة روميّة، وکان سلمان يرتَضِخُ لکنة فارسية» أي کان هذا ينزع في لفظه إلي الروم، وهذا إلي الفرس، ولا يستمرَّ لسانهما علي العربية استمراراً (2).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في التحذير من الفتن: «تَدُقُّ أهلَ البَدوِ بمِسحَلِها ،وَ تَرُضُّهُم بِکلکَلِها، يَضيع في غُبارها الوُحدان»(3).
الرض: يقال رضّ الشيء يَرُضه رَضّاً، إذا دقّه ولم يُنعِم دقّه، والشيء رضيص ومرضوص، ورضاض کلّ شيء: مارُضَّ منه(4).
والرضيض: هو التمر اليابس يُرضُّ ويُلقي في الحليب(5) والرَّضراضُ: حِجارة تَترَضرَض عليّ وجه الأرض، أي تتحرک ولا تَثبُت ، وسُمّيت بها لتکسّرها من غير فعل الناس بها، والرضراضة: الکثيرة اللحم(6).
عن أبي عبدالله( عليّه السلام) قال: «إذا ابتليت بأهل النصب، ومجالستهم فکن کأنّک عليّ الرَّضف حتّي تقوم، فإنّ الله يمقتهم ويلعنهم، فإذا رأيتهم يخوضون في ذکر إمام من الأئمّة فقم فإنّ سخط الله ينزل هناک عليّهم»(7).
الرَّضف: الحجارة المحماة والواحدة رَضفَة. ورضفتُ اللحمَ، شويته عليّ الرَّضف».(8)ولايقال للحجارة رَضف إلاّ إذا کانت مُحماةً بالشمس والنار(9) وأهل النصب، ويقال لهم: الناصبية والنواصب، وهم الذين ينصبون لعليّ العداء (10). يقال: ناصبه الحرب والعداوة ونصب له، وإنّ لم يذکر الحرب جاز (11).
ص: 317
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «من اتّجَرَ بغير فِقهٍ فقد ارتَطَم في الرّبا»(1).
الارتطام: يقال : وقع في رُطمة وارتطام إذا وقع في أمرلا يعرف جهته، وارتطم علي الرجل أمره، إذا سُدّت عليّه مذاهبه(2) فلم يمکنه الخلاص، وهو وصف مستعار لغير الفقيه باعتبار أنّه لا يتمکّن من الخلاص من الربا وذلک لکثرة اشتباه مسائل الرَّبا بمسائل البيع حتّي لا يفرق بينهما إلّا أکابر الفقهاء (3). ورَطِمت المرأةُ رَطَماً: شَبِقت(4)ورُطِم البعيرُ فهو مَرطوم، إذا احتبس نَجوُه (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لقد بَلَغَني أنّ الرجُلَ مِنهُم کان يدخُلُ عليّ المرأةِ المُسلِمة والأخري المُعَاهَدَةِ، فينتزع حِجلَها وقُلبَها و قَلائِدها وَرُعُثها»(6).
الرَّعئة: ماعُلّق بالاُذن من قرط ونحوه ، والجمع رِعَثة ورِعاث. ورُعُث جمعُ الجمع. وترعّثت المرأة، أي: تقرّطت(7) ورَغثتا الديک: المعلّقتان النائستان تحت منقاره (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «قد أرعَدُّوا. وأَبرَقوا، ومَعَ هذين الأمرَين الفَشَل»(9) أرعدوا وأبرقوا: بقال للرجل إذا أؤعَدَ أرعد و أبرق، ورَعَد و برق ، قال ابن أحمر:
يا جَلّ ما بَعدت عليّک بِلادُنا***وطِلابُنا، فابرُق بأرضک وارعدُ
ورجل رعّادة ورعّاد: کثير الکلّام. والرعديد: المرأة الرّخصة. ويقال: هو يرعدد، أي يُلحف في السؤال. وتر عدد: أخذته الرَّعدَة، النافض يکون من الفزع و غيره، وقد أرعِدَ فارتعد. والارتعاد: الاضطراب (10). ومنه المثل: «رعداً و بَرقاً والجهام جافر» يضرب لمن يتزيّا بما ليس فيه (11) والجَهام بالفتح: السحاب الذي لا ماء فيه (12) وجافر : من قولهم: جَفَر الفحل حفَر جُفوراً: انقطع عن الضراب
ص: 318
وقلّ ماؤه.(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) إلي کميل: «الناسُّ ثَلاثةُ: فعَالِمُ رَبَّانيُّ، ومُتَعلَّمُ عليّ سَبِيل نَجَاةٍ، و هَمَجُ رَعَاعُ أتباعُ کلّ ناعِقٍ»(2).
رَعاعُ الناس: سُقاطهم وسَفِلَتُهم، الواحد رَعاعة. وهم الرُّذال الضُعفاء، إذا فَزِ عواطاروا، ويقال للنعامة رَعاعة لأنّها أبداً کأنّها منخوبة فزعةُ (3). ويقال لرُدالَة الناس: هَمَج(4) .والربّاني: العالم الراسخ في العلم والدين. أو الذي يطلب بعلمه وجه الله تعالي. وقيل: العالم العامل المعلَّم. منسوب إلي الربَّ بزيادة الألف والنون للمبالغة. وقيل : هو من الرَّب بمعني التربية (5). يربّ أمر الناس بتدبيره وإصلاحه يقال: ربّ فلان أمره ربابة وهو ربّان ، إذا دبُره وأصلحه، ونظيره نعس ينعس و هو نعسان(6). وقيل : هو من کان علمه موهبيا وأمر الله بالأخذ عنه (7) ورببتُ القومَ: سُسُتهم، أي کنت فوقهم، ويقال: طالت مربّتهم الناس و ربابتهم ، أي مملکتهم(8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولقد شَهِدنَا في عَسکَرِنا هذا أقوامُ في أَضلاب الرَّجَال
وأرحامِ النسَاء، سَيَرعَفُ بهم الزمانُ»(9)
يرعف بهم الزمان: يوجدهم ويخرجهم کما يرعف الإنسان بالدم الذي يخرجه من أنّفه، قال الشاعر:
وما رعف الزمان بمثل عمرو *** ولا تلد النساء له ضريبا(10)
وأصل الرُّعاف: المطر الکثير ، ومنه يقال للرجل الکثير العطاء: الرُّعافيّ. والرُّعوف: الأمطار الخِفاف. والرُّعاف: دم يسبق من الأنّف، رَعَف يَرعُف و يَر عَفُ رعفاً رُعافاً ورَعُفَ و رَعِفَ(11) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) قال: «إنّ عليّاً عليّه السلام کان يقول: لا يقطع الصلاة الرِّعاف ولا القيء ولا الدم»(12).
في حديث عليّ في وصف الناس يوم
ص: 319
الحشر: «رَعِيلاً صَمُوتاً، قِياماً صُفوفاً، يَنفُذُهُم البَصَرُ» (1).
الرعيل:هو اسم کلّ قطعة متقدّمة من خيل وجراد وطير ورجال ونجوم وإبل وغير ذلک.
والرعيل کالرّعلة، والجمع أرعال وأراعيل فإما أنّ يکون أراعيل جمع الجمع، وإمّا أنّ يکون جمع رعيل کقطيع وأقاطيع. والمراد بقوله (عليّه السلام) : رکّاباً علي الخيل. والرَّعل: ذکر النّخل، ومنه سُمّي رِغل بن ذکوان. والرّعلة واحدة الرّعال، وهي الطوال من النخل، وترک فلان رَعلة، أي: عيالا، ورَغعل ورعلة جميعاً قبيلة باليمن، وقيل : هم من سُليم (2). وبهم يفسّر قوله (صلي الله عليّه وآله) : «بجيلة خيرُ من رعل وذکوان»(3) وينفذهم البصر، إشارة إلي علمه تعالي بهم(4) أي أنّ رؤيتهم لاتعزب عنه تعالي.
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الدنيا: «لا تُقلعُ المنُيّةُ اختِراماً، ولايرعَوِي الباقون اجتِرَاماً»(5).
الرعوي: يقال: فلان حسن الرَّعو والرّعوة والرَّعوي، وهو الکفّ عن الأمور(6) و ارعوي مثل ارتدع(7) والاجترام افتعال من الجرم، أي لا يمتنعون من ارتکابهم الجرائم. وراعيتُ الأمَر: نظرتُ إلامَ يصير. وأنا أراعي فلاناً:
أنّظر ماذا يفعل»(8) .وراعيته: لاحظته (9) ومن هذا وصف الإنسان عليُّ لا بقوله: «أيُّهَا المَخلوقُ السَّويّ، والمُنشَأُ المَرعِيُّ في ظُلُماتِ الأرحَام» (10). وقيل للحاکم والأمير: راعٍ لقيامه بتدبير الناس وسياستهم، والناس رَعِيّة(11)ومنه قول عليّ (عليّه السلام) : «ولقد أَصبَحَت الأممُ تَخافُ ظُلمَ رُعَاتِها وأصبحتُ أخافُ ظُلمَ رَعيّتي»(12)
في وصية عليّ (عليّه السلام) للحسن( عليّه السلام): «وأَکرِم نَفسَک عن کلّ دَنيّةٍوإنّ سَاقَتک إلي الرَّغَائِبِ» (13).
ص: 320
الرغيبة: العطاء الکثير الذي يُرغب في مثله، والجميع رغائب. ورجلُ رغيب: واسع الجوف أکول(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في ذم أهل البصرة: «أتباعَ البَهِيمَةِ، رَغَا فَأَجَبتُم، وعُقّر
فَهَربتُم» (2).
الرُّغاء: صوت ذوات الخُفّ. رغا البعيرُ والناقة ترغو، رُغاءً: صوتت فضجّت (3).ومنه المثل: أزغُوا لها حُوَارهاتَقِرّ. أي: احملوه عليّ الرّغاء، لأنّ الناقة إذا سمعت رغاء حوارها هدأت. يُضرب في إسکان الرجل بإعطائه حاجته (4). وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) مع القوم: «تشربون حَسواً في ارتغاء»(5)حَسواً: من الحُسوة: ملء الفم(6) يقال : حسا الطائر الماء يحسوحَسواً : وهو کالشرب للإنسان، والحسو الفعل. ومنه يقال للرجل: هل أحتسيت من فلان شيئاً ؟ عليّ معني هل وجدت (7) والارتغاء: سَخفُ الرّغوة واحتساؤها. وارتغي الرّغوة:أخذها واحتساها. ورغا اللبن ورَغّي وأزغي ترغيةً : صارت له رغوة وأزبد»(8)ومنه المثل : يُسرُّ حَسواً في ارتغاءٍ. وأصله الرجلُ يُؤتي باللّبن، فيُظهر أنّه يريد الرغوة خاصّة، ولايُريد غيرها، فيشر بها، وهو في ذلک ينال من اللبن (9).
في الحديث: نهي( صلي الله عليّه وآله)عن الإرفاء(10).الإرفاء: کثرة التدهّن (11) وضبطه ابن الأثيربالهاء «الإرفاه»، وهو کثرة التدهُّن والتنعم. وقيل: التوسّع في المشرب و المطعم، وهو من الرّفه: وِرد الإبل، وذاک أنّ ترد الماء متي . شاءت. أراد ترک التنعم والدّعة ولين
العيش (12). قال الأصمعي: بقال: قد أرفه القوم. إذا فعلت إبلهم ذلک، فهم مرُفهون، فشبّه کثرة التدهّن وإدامته به، قال لبيد يذکر نخبلً نابتة علي الماء:
ص: 321
يشربن رِفهاً عِراکاً غير صادرةٍ ***فکلّها کار عُ في الماء مغتمر (1).
قال النضر:هو أنّ تمسکها عليّ الماء ترده کلّ ساعةٍ مثل النخل التي هي شارعة في الماء بعروقها أبداً(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام )في عاقبة الخلق:« مَّضَمَّنُون أجداثاً، وکائِنون رُفَاتاً» (3).
الرُّفات: الحُظام من کلّ شيء تکسّر. يقال: رفتَ الشيء يَرفُتُه و رفتاً رفت: کسره ودقّه.
ويقال: رَفت عِظام الجزور رَفتاً، إذا کسرها ليطبخها، ويستخرج إهالتها. وعن ابن الأعرابي: الرُّفَت: التّبن (4) ومنه قوله تعالي: ﴿ إذا کُنّا عِظاماً ورُفاتاً ﴾(5)
قال أبو جعفر (عليّه السلام) : «إنّ الله تبارک وتعالي يُحبُّ المداعب في الجماعة بلا رَفَث ، المتوحّد بالفکر، المتخلّي بالعبر، الساهر بالصلاة»(6)
الرَّفَث: قبيح الکلّام(7) يقال: رَفَث في منطقة رَفَثاً، من باب طلب، ويرفِث، بالکسر لغةً(8)والرفت المراد في الحديث غير المراد بقوله تعالي: ﴿ فلا رَفثَ ولا فُسُوق ولا جِدالَ في الحَجَّ﴾(9) فالمراد به في الآية الجماع(10).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وآل): «إنّ من شرار رِجالکم البهّات الجريء الفحّاش، الأکلّ وَحدَه، والمانع رِفدَه»(11).
الرفد: الإناء الذي يُقري فيه الضيف والرفد: العطاء(12). يقال: رَفده رَفداً: أعطاه، أو أعانه . والرِّفد: اسم منه، أرفده بالألف، مثله. و ترافدوا: تعاونوا، واسترفدته: طلبتُ رِفده(13).
ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) في توحيده تعالي: «ولاتَرفِدُهُ الأدَوَاتُ» (14). وباعتبار العطاء الواسع لديه قال عليّ (عليّه السلام): «و اثرَکُم
ص: 322
بالنَّعم السَّوابغ ِوالرّفَدِ الرّوَافغِ»(1).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : «من دعا ولم يذکر النبي( صلي الله عليّه وآله) رَفرَفَ الدُعاءُ عليّ رأسه، فإذا ذُکِر النبي( صلي الله عليّه وآله) رفع الدعاء» (2).
رفرف الدعاء: من قولهم: رفرف الطائر :حرّک جناحيه وهو لا يبرح مکانه(3) وقد استُعير للشجرة التي أمرها النبي( صلي الله عليّه وآله)بالوقوف بين يديه في حديث عليّ (عليّه السلام) : «حتّي وقفت بَينَ يَدَي رَسُولِ اللهِ( صلي الله عليّه وآله )مُرَفرِفَةً، وألقَت بُغصنِها الأعلَي عَلَي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) وببَعضِ أغصَانِهَا علي مَنکِبي»(4)والرفرف: ثياب خُضر تُتخذ منها المجِالس(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأَرفَغَ لَکمُ المَعَاشَ»(6) أرفع: أوسع. والرّفع والرّفاغة والرّفاغيّةُ سَعة العيش والخصب والسّعةُ. وعيش أرفع ورافع ورفيغ: خصيب واسع و طيّب، ورَفُع عيشه، بالضم، رَفاغةً: اتسع. و ترفّغ الرجل: توسّع، والرُّفغنية والرُّفهنيةُ: سعة العيش وأصل الرّفغ اللين والسُّهولة. والمرافع أصول اليدين والفخذين، لا واحد لها من لفظها. والأرفاغ: المغابن من الأباط وأصول الفخذين والحوالب وغيرهما من مطاوي الأعضاء وما يجتمع فيه الوسخ والعرق(7) ومنه الحديث: «ورفغُ أحدکم بين ظُفُره و أنمُلته». أراد بالرّفغ ها هنا وسخ الظُفر، کأنّه قال: ووسخُ رُفغ أحدکم. والمعني أنّکم الاتُقلمون أظفارکم ثمّ تُحُکُّون بها ارفاغکم فيعلق بها ما فيها من الوسخ(8).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي: «و لا قِوامَ لَهُم جميعاً إلا ّبالتُجّار وذوي الصَّنَاعاتِ، فيما يَجتَمِعُون عليّه من مَرَافِقِهِم»(9).
المرافق: المنافع، والمرفق، بکسر الميم وفتحها: هو ما ارتفقت وانتفعت به(10). ومنه جاء قوله تعالي: ﴿ ويُهييء لَکُم من أَمرکم مِرفَقاً﴾ (11). وقدقريء بفتح الميم وکسرها(12).
ص: 323
والمترفّق طالب الرفق من التجارة (1)
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) أيضاً في التذکير بنعم الله وما خلق في الأجسام: «بأبدانٍ قَائِمَةٍ بأَرفَاقِها» (2).
بأرفاقها:أي بمنافعها، جمع رِفق، بکسر الراء، مثل حِمل وأحمال (3). يقال: أرفقته: أي نفعته. وأولاه رافقِه : أي رِفقاً، وهو به رفيق لطيف، وهذا الأمر بک رفيق و رافق. ومنه يقال للمتطبب : مترفّق ورفيق. والرَّفق والمِرفقُ
و المرفِقُ والمرفَقُ: ما استُعين به. وفسّر قوله (صلي الله عليّه وآله) بالدعاء: «اللهم ألحقني بالرفيق الأعليّ» بأن الله تبارک وتعالي رفيق وفيق. فهو فعيل بمعني فاعل(4) وقد خُيّر (صلي الله عليّه وآله) بين البقاء في الدنيا وبين ما عند الله، فقال: «الرفيق الأعليّ»(5) وقيل: الرّفيق: جماعة: 0 . الأنّبياء الذين يسکنون أعليّ عليّين، وهو اسم جاء عليّ فعيل ومعناه الجماعة، کالصديق والخليط، يقع عليّ الواحد والجمع)(6)وفسّر قوله عليّه السلام : «إذا کان الرّفق خُرقاً کان الخُرق رفقاً»(7)علي ما قيل: إذا کان الرفق في الأمر غير نافع، فعليّک بالخرق، وهو العجلة، وإذا کان الخرُق، أي العجلة، غير نافع فعليک بالرفق. والمراد بذلک أنّ يُستعمل کلّ واحد في موضعه (8) والمرفق في اليد، والمرفق: المُغتسلُ. ومرافق الدار: مصابّ الماء ونحوها. وفي حديث أبي أيّوب: وجدنا مرافقهم قد استُقبل بها القبلة. يُريد الکنُفُ والحُشُوس. والمرفقة، کالوسادة، وأصله من المرفق کأنّه استعمل مرفقه واتکأ عليه(9) ومنه الحديث: «لا بأس أنّ يکون بين الرّجل والمرأة، وهما يصلّيان، مِرفقة أو شيء»(10). وقد روي عليّ( عليّه السلام) أنّ مزفقته( صلي الله عليّه وآله) أدَم حشوها ليف (11).
وقوله : «مُرتَفِقُ بخدّيه»(12)، أي جاعل مرفقيه تحت خدّيه فعل النادم (13).
فاسترفه:فعل أمر، أي استرح ولا تستعجل. أراد( عليّه السلام) إنّ کنت مستعجلاً في
مسيرک إلي فاطلب الرفاهيّة عليّ نفسک في ذلک فإنّک إنّما تستعجل إلي ما يضرّک (1). وليلة رافهة يُسار فيها سيراً ليّناً (2). ويقول الرجل للرجل: رفّه عليّ، أي أنظرني ورفّه من خناقي، يراد به التوسعة عليّه. والرَّفه: أن تُسقَي الإبل متي شاءت، إبل رافهة وأهلها مُرفِهون، ثمّ کثر ذلک حتّي صار کلّ عيشٍ واسع رافها (3)والرّفاهةُ والرّفاهية والرُّفهنية: رَغَد الخصب ولين العيش وکذلک الرُّفاغية والرُّفغنية والرّفاغة. يقال: رَفُه عيشُه فهو رفيه ورافه وأرفههم الله ورفههمَ وَرَ فهنا نوفَه رَفهاً ورِفهاً ورُفوهاً(4)ومنه حديث جابر( عليّه السلام) : «أراد أنّ يُرَفّه عنه» أي ينفّس ويُخفّف. وحديث سلمان(عليّه السلام) : «وطير السماء(عليّه السلام) أرفه خَمرَ الأرض يقع»(5). الأرفه: الأخصب. يريد أنّ وطنه أرفق وأرفه له فلا يفارقه (6).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «وتَرَقَّبت إلي مَرقَبةٍ بعيدَة المَرامِ»(7) .
المرقب: الموضع من الجبل الذي يقعد فيه الربيئة. جمعها مَراقب ، وهي المرابي واحدها مربا (8)والمرقبة موضع مشرف استعاره( عليّه السلام) لما يرومه معاوية. والرقيب: الحافظ، إمّا المراعاته رقبة المحفوظ، وإمّا لرفعه رقبنه (9).
والرقيب: ضرب من الحيّات ، وجمعه . رُقُب ورقيبات. والرَّقوب من الأرامل والشيوخ: الذي لا ولد له، ولا يستطيع الکسبَ، وسُمّيت الأرملة رقوباً لأنّه لا کاسب لها ولا ولد فهي تترقّب معروفاً(10) والناقة الرّقوب التي تَرقُب أنّ يشربَ صواحبها ثمّ تشرَبَ، وأرقبتُ فلاناً هذه الدار هو أنّ تعطيه إيّاها لينتفع بها مدّة حياته، فکأنّه يُرقب موته، وقيل لتلک الهبة الرُّقبي والعُمري(11).
سُئل موسي بن جعفر(عليّه السلام) عن الرجل يرقدوهو قاعد، هل عليّه وضوء؟ فقال: «لا وضوء عليه مادام قاعداً إنّ لم يتفرج»(12)
الرُّقاد: النوم، ويقال له : الرَّقد. ورَقَد
ص: 325
الإنسان رَقدةً، إذا نام نومةً(1).
ومن معناه قال عليّ( عليّه السلام )لنوف البکالي: «أرَاقد أنّت أم رَامق»(2).
في حديث أُم سلمة رضي الله عليّها إلي عائشة: «لو ذکّرتکِ بقول تعرفينه لنَهشتِني نَهَش الرّقشاء المطرق»(3).
الرقشاء: الأفعي سُمّيت بذلک لترقيش في ظهرها، وهي خطوط ونُقَط، وإنما قالت المُطرق؛ لأنّ الحيّة تقع عليّ الذکر والأنّثي(4).
والإطراق: استرخاء العين. والمطرق: المسترخي العين خلقةً (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «ومَن استَشعَر الشَّغَفَ بها مَلَأت ضَمِيرَه أشجَاناً لَهُنّ رَقصُّ عليّ سُوَيداء قَلبِه»(6).
الرَّقص: يقال رقص الشرابُ أخذ في الغليان، والنبيذ إذا جاش رقص، وأرقصت المرأةُ صبيّها ورقّصته: نزّته. ورقصَ السرابُ والحبابُ: اضطرب. والراکب يُرقِصُ بعيره: يُنزّيه ويحملّه عليّ الخبب ، وقد أزقصَ بعيره. والعرب تقول: رَقص البعيرُ يَرقُص رَقَصاً، محرّک القاف، إذا أسرع في سيره (7).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي:« وتَعَهَّد أهلَ اليُتم وذَوي الرَّقَّةِ في السَّنَّ» (8).الرقّة: مصدر رقيق بيّن الرَّقّة، خلاف الصفيق(9) وذوو الرقة في السنّ الذين بلغوا في الشيخوخة إلي أنّ رقّ جلدهم وضعف حالهم عن النهوض فلا حيلة لهم(10).
والرَّق: رقّ العبد. ورقّ فلان، أي صار عبداً، وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «يُحطُّ منه بَقَدرِ ما أعتِقَ ، ويُستَسعَي العبدُ فيما رَقَّ منه».
والرَّق: الجلدُ الذي يُکتب فيه. والرُّق: الماء القليل في البحر أو الوادي لا غُزرَ له. والرَّقَّة: أرض يعلوها الماء القليل ثمّ ينضب عنها، والرَّقّة: الرحمة في القلب(11). ومنه قال عليّ( عليّه السلام) في وصفه جلّ وعلا: «رَحيم
ص: 326
لايُوصَف بالرَّقَّةِ»(1) وترَقرَق الماءُ عليّ
الأرض، إذا جري جرياً سهلاً، ومنه: ترقرق الدمعُ في العين. ورَقراق السراب: ما اضطرب
منه . (2)ومن هذا جاء وصف عليّ عليّه السلام للجبال
والأرض: «فيصيرُ صَلدُها سَراباً رَفرَقاً، ومَعهَدُهَا قَاعاًسَملَقاً (3).
في کتاب عليّ إلي معاوية جواباً له: وأنا مُرقِلُ نَحوَکَ في جَحفَلٍ من المُهَاجِرين والأنّصَار والتابِعين لهم بإحسَان»(4). الأرقال : ضربَّ سريع من السير، يقال: أرقلت الناقهُ إرقا لاً(5) وناقة مُرقل ومِرقال من إبل مراقيل. وسُمّي هاشم بن عُتبة بن أبي وقّاص بالمرقال، لإرقاله إلي الموت يوم صفّين (6) .قال النابغة:
إذا استنزلوا للطعن عنهنّ أرقلوا ***إلي الموت إرقال الجمال المصاعب(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) الا عن خلق السماوات والأرض: «وأجرَي فيها سِرَاجاً مُستَطيراً. وقَمَراً مُنيراً، في فَلَک دَائرٍ، وسَقفٍ سَائِر، وَرَقيمٍ مَائِرٍ» (8).
الرقم: الخطّ الغليظ ، وقيل : هو تعجيم الکتاب(9)و به سُمّي الکتاب رقيماً و مرقوماً والأرقمُ من الحيّات للنقش في ظهره(10). ورقمتُ الشيء أعلمته بعلامة تميّزه کالکتابة و نحوها، ورقمتُ الثوبَ رَقماً: وَشَيتُهُ فهو مرقوم(11) والرقيم: اسم للفلک واشتقاقه من الرقم(12)والرقيم المائر: الفلک الدائر المتردد، فيه کواکب کأنّه لوح کتبت عليّه حروف معجمة(13).
قال أبو الحسن (عليّه السلام) : «اتق المرتقي السهل،
ص: 327
إذا کان مُنحَدره وعِراً »(1).
المرتقي: يقال : رقَيتُ أزقَي رُقِيّاً ورقوّاً، إذا صعدت(2). والمُرتَقَي: مَوضعُ الرُّقيّ، والمرقاة مثله، ويجوز فيها فتح الميم عليّ أنّه موضع الارتقاء(3) واستعار منه عليّ (عليّه السلام ) لطموح معاوية للإمارة بقوله: «وترقَيت إلي مَرقَبةٍ بعيدة المرام»(4)ورقبته أرقيه رقياً، من باب رمي: عَوّدته بالله، والاسم الرُّقيا عليّ فُعلي، والمرّة رُقيَةُ والجمع رُقيً(5). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «العَينُ حَقُّ، والرُّقَي حَقّ»(6) وقيل: يقال: باسم الله أرقيک، والله يشفيک (7) .
وفي کلّام عليّ (عليّه السلام) : «ترقّيت إلي مَرقاة يقصُر دونها الأنّوق»(8)رقا الطائرُ يرقون ارتفع في طيرانه(9)والرقي أعمّ من الصعود، فالصعود مقصور عليّ المکان، والرقي يُستعمل فيه وفي غيره فهو أعم، وهو يفيد التدرج في المعني شيئاً بعد شيء(10) ومن معني الارتفاع والتدرّج جاءت الاستعارة في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي المنذر بن الجارود العبدي: «فإذا أنّتَ فيما رُّقَّي إليّ عَنکَ لاتَدَعُ لِهَواکَ انقياداً ولا تُبقي لآخرتک عَتَاداً» (11). أي رُفع إليّ. وباعتبار الرفعة والسمو قال (عليّه السلام) : «ولا يرقي إليّ الطير» (12).
في کتاب لعليّ (عليّه السلام ) إلي أهل الأمصار يقصّ فيه ما جري بينه وبين أهل صفّين: «فَاَبَوا حتّي جَنَحت الحَربُ وَرَکَدَت ووَقَدَت نيرانُها وحَمِشَت»(13).
الرِکود: يقال للشمس رکود، هو أنّ تدوم حيال رأسک کأنّها لا تريد أنّ تبرح(14).
واحتمشَ القِرنان: اقتتلا ، والسين لغة وأحمشَتُ النارَ: ألهبتها(15) .
کأنّه أراد أنّ يقول: إنّ الحرب قد دامت واشتدّ شرّها ولا تريد أنّ تبرح.
ومنه جاء الحديث: «نهي أنّ يُبال في الماء الراکد» أي الساکن الذي لا جريان له(16).
ص: 328
في حديث النبيّ( صلي الله عليّه وآله): «لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس، أو خرس، أو عِذار، أو وکِار، أو رکِاز».
الرکاز: الذي يقدم من مکة (1) والرکز: غرزک شيئاً منتصباً کالرمح، والرکائز: ما غُرِس من الأشجار ورُکز (2) وقد استُعير منه لتثبيت أسس الإسلام ودعائمه في حديث
عليّ (عليّه السلام) : «قد رکزتُ فيکم راية الإيمان»(3). والرکاز للمال المدفون، إمّا بفعل آدمي کالکنز، وإمّا بفعل إلهيّ کالمعدن(4) الرکاز المعدن، والمال العادي الذي قد ملکه الناس مشبّه بالمعدن (5)وأصل.
في کتاب لعليّ (عليّه السلام) کتبه إلي أهل الأمصار: ومَن لَجَّ وتَمَادَي فهو الراکِسُ الذي رَانَ اللهُ عليّ قلبه»(6).
الرِکس: الرجس، وکلُّ مُستَقذَرٍ رِکسُ. ورکستُ الشيء رکساً، من باب قتل: قلبته ورددتُ أوّله عليّ آخره(7) يقال : أرکسته فرک وارتکس في أمره(8) ومنه وصف عليّ عليّه السلام الخوارج: «فَحَسبُهُم بِخُروجِهم مِنَ الهُدَي، وارتِکَاسِهِم في الضَّلَال والعَمَي»(9).
وجاء في الخبر أنّ النبيّ( صلي الله عليّه وسلم) قال لعدي بن حاتم قبل إسلامه: «إنک من أهل دين يقال لهم: الرّکوسية». وقد روي في تفسيره أنّه دين .بين النصاري والصابئين (10).
وباعتبار الانحراف عن الدين في معني الرکس کتب عليّ (عليّه السلام ): «وسأجهَدُ في أنّ أُطَهّر الأرضَ من هذا الشَّخصِ المَعکُو سِ والجِسم المَرکُوسِ»(11). وأراد به معاوية.
في حديث الديات: «قضي عليّ (عليّه السلام) في امرأة رَکَلها زَوجُها فأَعفَلَها أنَّ لها نصف ديتها مائتان وخمسون ديناراً» (12).
الرَّکلّ: الرَّفس بالرّجل ، يقال: رکلّتهُ أرکُله
ص: 329
رَکلّاً(1).
وأعفلها، صارت عقلاء، وهو ورم يکون بين مسلکي المرأة (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن بني أميّة: «ثمَّ يَجمَعُهم رُکَاماً کَرُکَام السَّحَاب»(3).
الرکم: يقال: رکمتُ الشيء رکماً ، إذا ألقيت بعضه عليّ بعض فهو مرکوم و رُکام. والرکمة: الطين المجموع أو التراب. وتراکم السحابُ ، إذا تکاثف (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفين، لما قال له أحدهم : نهيتنا عن الحکومة ثمّ أمرتنا بها: «وکَلَّت النَّزَعَةُ بأشطَان الرَّکِيّ»(5).
الرّکية: بئرُ تُحفر، فإذا قلت: الرّکيّ فقدجمعت، وإذا قصدت إلي جمع الرّکية قلت: الرّکايا. قال ابن دريد: استُعمل منها الرّکي، والجمع رکايا(6)فأمّا قول العامّة رکيّة فلغة مرغوب عنها، عليّ أنّهم تکلّموا بها (7).
ولا يقال: رکيّة إلاّ إذا کان فيها ماء قلّ أو کثر، وإلاّ فهي بئر(8) وقد ورد في الحديث المروي عن الحلبي أنّه سأله عن الرجل يمرَّ بالرکية وليس معه دلو، قال( عليّه السلام) : «ليس عليّه أنّ يدخل و الرکية، لأنّ ربّ الماء هو ربّ الأرض فليتيمّم»(9) والنَزَعةُ جمعُ نازعٍ، يقال: نزع بيده إذا اسنقي بدلو علّق فيها الرشاء(10) واراد (عليّه السلام) أنّهم تعبوا و ملّوا. والرکوة: دلو صغير والجمع رکاء(11).
في دعاء( عليّه السلام) : «اللهم اغفر لي رَمَزاتِ الألحَاظِ، وَسَقَطاتِ الألفاظِ »(12).
الرّمز: إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين والفم. والرّمز في اللغة: کلّ ما أشرت إليه ممّا يُبان بلفظ بأيَّ شيء أشرت إليه بيد أو
ص: 330
بعين، ورَمَز َيَرمُزويَرمُز رَمزاً (1) ومنه قوله تعالي: ﴿قال آيتک ألّا تُکلّم الناس ثلاثة أيّامٍ إلّا رَمزاً ﴾(2) واللحاظ : مؤخر العين مما يلي الصُّدغ، والجمع لُحظ (3) وسقطات الألفاظ: رديء القول (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام)عن مال الإنسان ومصيره للفناء: «ما تَعلمون مِن ضِيقِ
الأرمَاس، وشدّة الإبلَاسِ، وهَولِ المُطّلَعِ»(5).
الرمس: التراب تسمية بالمصدر، ثمّ سمّي القبر به(6) ورَمسه أرمسه رَمساً، إذا دفنته، و به سُمّيت الرياح روامس لأنّها ترمس الآثار، أي تدفنها، ثمّ کثر ذلک في کلّامهم فُسمّي القبر رَمساً و الجمع أرماس ورموس(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أفَرأيتُم جَزَع أَحَدِکُم من الشَّوکَةِ تُصيبه، والعَثرَةِ تُدمِيه،
والرَّمضَاء تُحرِقُه؟»(8).
الرّمضاء: الحجارةُ الحامِيَةُ من حَرَّ الشمسِ.
ورَمِضَت قَدَمُه، احترقت من الرَّمضاء(9).
وأرمضَ القومَ الحرُّ، إذا اشتدَّ عليّهم، ورمضان من هذا اشتقاقه لأنّهم لما تقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سمّوها بالأزمنةِ التي هي فيها فوافق رمضانُ أيّامَ رَمَضِ الحرَّ(10).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) کتبه لأخيه عقيل عن عدوٍ خرج عليّه: «فما کان إلّا کموِقِفِ سَاعةٍ حتَّي نَجا جَريضاً بعدما أخِذَ منه بالمُخَنَّق ولم يبق منه غَيرُ الرَّمَق»(11).
الرَّمَقَ، بفتحتّين: بقيّة الروح. وقد يُطلقُ عليّ القوّة. ويأکلّ المضطرّ من الميتة مايَسُدُّ به
الرَّمَقَ، أي مايُمسِک قوّتَه ويحفظها(12). وأرمقَ الشيء، إذا ضَعُفَ، وکذلک أرمقَّ الحبلُ ار مقاقاً، إذا ضعُف قواه. ورمقته بعيني أرمُقه رَمقاً فأنا رامق والشيء مرموق، إذا لحظته
ص: 331
لحظاً خفيّاً (1). ومنه جاء قول عليّ(عليّه السلام) لنوف البکالي: «أراقِد أنّت أم رَامق»(2) و فلان مرمّق العيش، أي ضيّقه (3). والجرض والجريض: غُصص الموت(4).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) للاستسقاء: «و عَطَاياک الجَزيلة، عليّ بَريّتک المُرمِلَة»(5).
لمُزمِلُ: الذي نَفِدَ زاده، ورجل أرمَل وامرأة أرمَلة: محتاجة، وهم الأرمَلة والأرامِل الأراملة، أي: المساکين، ويقال للفقير الذي لا يقدر عليّ شيء من رجل أو امرأة: أرملة. والأرمل: الذي ماتت زوجته، والأرملةُ، التي مات زوجها، وسواء کانا غَنيَّين أو فقيرين.
ويقال للذکر أرمل، إذا کان لا امرأة له، تقوله العرب، وکذلک رجل أيَّم وامرأةُ أيّمة. وأصل المعني من الرَّمل کأنهم لصقوا بالرّمل کما قيل للفقير : التّرب(6)ويقال: قد أقوي الرجل وأقفر وأوحش، کلّ هذا من نفاد الزاد، مثل الإرمال، ويقال في ذهاب المال: أصرم وأعدم(7)والرَّمَل: المطر الضعيف. وعام أرمل: قليل المطر والنفع والخير، وسنة رملاء کذلک. وأصابهم رَمَلُ من مطر، أي: قليل، والجمع أرمال (8). والرّميلةُ: الأرضُ الممطورةُ بالرّمل. ورمّلتُ الثوبَ بالدم: لطّخته به لَطخاً شديداً. وأرمَلَ السهمُ إرمالاً: أصابه الدمُ فبقي أَثَرهُ، والتر ميل: أنّ لا يکون الکلّامُ صحيحاً. مثل التزييف، وکذلک في الحديث، وأرملتُ النَّسجَ، إذا سخّفته و رقَّفتَه. ورَمَّلتُ الحصيرَ والسريرَ، إذا زيّنتهما بالجوهر . وأرملت له الحَبل و القيد: أي طوّلته و وسعته. والرَّملا ءُمن الشاء: السوداء القوائم وسائرها أبيضُ.
الرَّمَلُ: خُطوط سود في قوائم بقر الوحش، الواحدة رُملَةُ، ويقال لها: أرمال و أيضاً. وأرَامِلُ العَرفَجِ: أُصُولُه (9) وجاء في الخبر کان (صلي الله عليّه وآله) مضطجعاً عليّ رمَال حصير قد أثَّر في جنبه. الرُمال: مارُمِل، أي نسُجَ، من قولهم: رَمَل الحصيرَ وأمَلَه. ونظيره الحُطام والرُّکام لما حُطِم ورُکِم(10) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) عن بيت الله الحرام وحجُ العباد إليه: « يُهلَّلُون لله حَوله، وَيَرمُلُون عليّ أَقدَامهِم
ص: 332
شُعثاً غُبراً له»(1).
الرَّمَل: عَدو دون الشديد، شبيه بالهَروَلَة، يقال : رَمَل الرّجلُ رَمَلاً(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «للمؤمن ثلاثُ سَاعات: فساعةُ يُناجي فيها ربّه، وساعة يَرُمّ مَعَاشَهُ، وسَاعَةُ يُخلّي بَينَ نَفسِه وبين لَذَّيِها فيما يَحِلَّ ويَجمُلُ»(3).
الرَّمُّ. يقال: رَممتُ الشيء أَرُمُّه ما، إذا أصلحته (4) ورممتُ المنزلَ: رَعَيتُ رَمَّه، کقولک: تفقّدتُ. والرَّمّةُ تختصُّ بالعظم البالي، والرُّمّة تختصُّ بالحبل البالي، والرَّمُّ الفُتات من الخشب والتَّين (5) وجاء في الحديث عن النبيّ( صلي الله عليّه وآله) قال: «ليس في أُمّتي رهبانية ولا سماحة ولا رَمّ - يعني السکوت -»(6) الإمام: السکوت ، وأرمّ القوم، أي سکتوا يقال: کلّمه فما ترمرم، أي ماردّ جواباً (7). وفي الخبر: «أيّکم المتکلّم بکذا وکذا؟ فأرمّ القوم» أي سکتوا ولم يجيبوا . يقال: أرمّ فهو مُرِمّ. ويُروي : فأزَمَ بالزاي وتخفيف الميم وهو بمعناه، لأنّ الأزم الإمساک عن الطعام و الکلّام (8) ومنه سُمّيت الحِمية أزماً(9).
في حديث فاطمة( عليّه السلام) لما خرجت مطالبةً بحقّها: «رَمَت بِطَرفها نحو الأنّصار فقالت: يامعشر النقيبة، وأعضاد الملّة، وحضنة الإسلام»(10).
رمي الطرف: من قولهم: رماني القوم بأبصارهم، أي نظر وا إليّ نظر الزَّجر (11).
وجاء في خبر تقسيم الرسول الله( صلي الله عليّه وآله) غنائم حنين قال له أحدهم: «لم أرک عدلت! فقال المسلمون: ألا نقتله؟ قال: دعوه فإنّه سيکون له أتباع يمرقون من الدين کما يمرق السهم من الرَّميّة» (12).
الرَّمية: الصيد الذي ترميه فتقصده وينفُذ فيه سَهمُکَ. وقيل: هي کلّ دابّة مرمية(13).
ومن هنا جاءت الاستعارة في کتاب
ص: 333
عليّ (عليّه السلام)الحسن (عليّه السلام) واصفاً الإنسان: «رميّة المصائب»(1) وفي حديث عليّ في ذمّ أصحابه وشکواه منهم: «أما والله لَوَدِدتُ أنَّ لي بکم ألف فارس من بني فِراس بن غَنم».
هُنالِکَ لَو دَعَوتَ، أتاکَ مِنهُم*** فَوارِسُ مِثلُ أَرِميَةِ الحَميم (2).
الرَّميّ: قِطع صغار من السحاب، والجمع أرماء وأرمِيَة ورمايا. وقيل: هي سحابة عظيمة القطر شديدة الوقع. والحميم: مطر الصيف، ويکون عظيم القطر شديد الوقع. والسحاب يترأمي، أي يَنضمُ بعضه إلي بعض، وکذلک يرمي (3) قال السيد الرضي: الحميم هاهنا وقت الصيف، وإنّما خصّ الشاعر سحاب الصيف بالذکر أنّه أشد جفولاً،وأسرع خفوفاً، لأنّه لا ماء فيه، وإنّما يکون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء، وذلک لا يکون في الأکثر إلا زمان الشتاء، وإنّما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دُعوا والإغاثة إذا استغيثوا(4)وجاء في حديث زيد بن حارثة: أنّه سبي في الجاهلية، فترامي به الأمر إلي أن صار إلي خديجة رضي الله عنها فوهبته للنبيّ (صلي الله عليّه وآله )فأعتقه» .
ترامي به الأمر إلي کذا: أي صار وأفضي إليه، وکأنّه تفاعل من الرَّمي ، أي رمته الأقدار
إليه. وفي حديث عَدِيّ الجُذامي: «قال يارسول الله کان لي أمرأتان فاقتتلتا، فرَمَيت إحداهما ، فَرُمي في جنازتها، أي ماتت، فقال: اعقلها ولا تَرِثها». يقال: رُمي في جنازة فلان إذا مات، وأنّ جنازته تصير مَرميّاً فيها، والمراد بالرَّمي: الحملُ و الوضع ، والفعل فاعله الذي أُسنِد إليه هو الظرف بعينه، کقولک: سِير بزيدٍ، ولذلک لم يؤنث الفعل .
وفي حديث صلاة الجماعة : «لو أنّ أحدهم دُعي إلي مرماتين لأجاب ، وهو لايُجيب إلي الصلاة». المرماة ظِلف الشاة، وقيل : مابين ظَلفيها، وتُکسر ميمه وتُفتح. وقيل المرماة بالکسر: السهم الصغير الذي يُتعلّم به الرمي، وهو أحقر السهام وأدناها، أي لو دُعي إلي أنّ يُعطي سهمين من هذه السهام الأسرع الإجابة (5) وللمعني الذي أورده ابن الأثير، لم يذهب له الزمخشري. وقال: ليس بوجيه. ويدفعه قوله: «أو عَرق»(6) وفي
ص: 334
الحديث: «ليس وراء الله مرمي» أي مقصد تُرمي إليه الآمال، ويُوجَّه نحوه الرجاء، تشبيهاً بالهدف الذي تُرمي إليه السهام(1) وباعتبار الجور عن القصد کتب عليّ (عليّه السلام) لمعاوية: «فدع عنک مَن مالت به الرَّميَّه(2) استعار لفظ الرميّة، وکنّي بها عن الأمور التي تقصدها النفوس وترميها بقصودها، ونسب الميل إليها لأنّها هي الجاذبة للإنسان والمايلة الحاملة عليّ الفعل (3). وهذا مثل ضربه (عليّه السلام)لمن مال عن الحقّ الذي جاء به (عليّه السلام). وباعتبار الصواب بالقصد في تقوي الله قال عليّ (عليّه السلام) : «وإليه مَرامِي مَفزعِکُم»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ الدنيا رَنِقُ مَشرَبُها»(5)
الرَّنق: تراب في الماء من القذي ونحوه، وماء رنق: کَدِر . يقال: رَنَقَ الماءُ رَنقاً ورُنُوقاً وَرَنِق رَنقاً، فهو رَنِق ورَنق، بالتسکين، و ترنّق کَدر. ورنّقه هو وأرنقه إرناقاً وترنيقاً: کدّره.
والرّنقةُ: الماء القليل الکدِر يبقي في الحوض، وصار الطينُ رنقة واحدة، إذا غلب الطين عليّ الماء. والترنيق: قيام الرجل لا يدري أيذهب أم يجيء، ورنّق اللواء، کما يقال: رنّق الطائرُ، وأرنق الرجل، إذا حرّک لواءه للحملة. ورنّقت السفينة، إذا دارت في مکانها(6).
ومنه الخبر في ذکر النّفخ في الصور: «ترتجُّ الأرض بأهلها فتکون کالسفينةالمرَنّقة في البحر تضربها الأمواج». وحديث سليمان (عليّه السلام) : «احشروا الطير إلّا الرَّقاء».الرنقاء : هي القاعدة عليّ البيض»(7) والتر نيق:إدامة النظر، لغة في الترميق والتدنيق، ولقيت فلاناً مرنّقة عيناه، أي منکسر الطرف من جوعٍ أو غيره(8)والرنقاء من الأرض، التي لا تنبت شيئاً، وجمعها رنقاوات(9)
التوحيد قال عليّ (عليّه السلام) : «المرهوب مع النعَم»(1) والرهبة والرهب مخافة مع تحرّز واضطراب. والرَّهبانيّةُ غُلُوُّ في تحمّل التَعَبَّد من فرط الرَّهبة (2). والراهب عابد النّصاري من ذلک (3) وقول العرب وَرَهبُوتُ خيرُ من رحموت، أي: أنّ تُرهَبَ خيرُ من أنّ تُرحَمَ(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن البصرة: «فَوَيل الکِ يابَصرةُ عند ذلک، من جَيشٍ من نِقَمِ الله؟ لارَهَجَ له، ولا حَسَّ»(5).
الرهجُ والرَّهَجُ: الغبار. وأرهج الغبارَ أثاره. والرَّهَجُ: السحاب الرَّقيق کأنّه غبار. والرَّهَج:الشَّغبُ، والرَّهوَجَةُ: ضربُ من السير. ومَشيُ رَهوَجُ: سهلُ ليّن؛ قال العجّاج: ميّاحَةُ تميحُ مشياً رَهوجا وأصله بالفارسية : رَهوَه(6).
وفي الحديث: «ما خالط قلب امريءٍ رَهَجُ في سبيل الله إلّا حرّم الله عليّه النار»(7)
والحَسَّ: من قولهم: حسست بالشيء وأحسستُ به، والمصدر الحَسّ، والاسم الحِسّ بالکسر (8). وأحسستُ من فلانٍ أمراً: أي رأيت (9).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَليَعمل العامِلُ منکم في أيّام مَهَلِه، قَبل إرهَاقِ أَجَلِه» (10).
الرَّهَق: اللحاق. يقال: طلبت فلاناً حتّي رَهِقته، أي : حتّي دنوت منه، فربّما أخذه. وربّما لم يأخده، و رهِق شخوصُ فلان، أي دنا وأزف وأفِد. ومنه قولهم: غلام مراهق. أي مقارب للحُلم ، وراهق الحُلُم: قاربه(11) ومنه حديث عليّ بن جعفر ، عن أخيه الکاظم( عليّه السلام) عن الغلام متي يجب عليّه الصوم والصلاة. قال: «إذا راهق الحلم وعرف الصلاة والصوم»(12) والمراهق من الغلمان بمنزلة المُعصِرُ من الجواري (13). وباعتبار الدنو قال عليّ( عليّه السلام) : «أرهَقَتهُم المَنايا دون الآمال»(14) والرَّهق: جهل في الإنسان وخِفَّهُ في عقله. ورجل مرهّق: موصوف بالرَّهق. وکذلک: يُظَنُّ
ص: 336
به السوء ويُتَّهَم(1) ومنه الخبر: «إنَّ في سيفِ خالدٍ رَهَقا(2). وجاء في حديث الصادق (عليّه السلام) :
شاب سخيُّ مرهق في الذنوب أحبّ إلي الله عزّ وجلّ من شيخ عابد بخيل»(3) .مُرهق: من قولهم: غلام فيه رَهَق، أي: عرامة وخبث (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يصف النبي(صلي الله عليّه وآله):
«طبيب دوّارُ بطبه، قد أَحکَمَ مَرَاهِمَه»(5).
المرهم: طِلاء يُطلي به الجرح، وهو ألين ما يکون من الدواء، مشتقّ من الرّهمِة للينه، وقيل: هو معرّب. والرَّهمة، بالکسر: المطر الضعيف الدائم الصغير القطر، والجمع رِهَم ورِهام، وأرهمت السحابة: أتت بالرهام، وأرهمت السماء إرهاماً: أمطرت . ونزلنا بفلان فکنّا في أرهم جانبيه، أي: أخصبهما، والرَّهامُ: مالايصيد من الطير، والرُّهم جماعته، و به سُمّيت المرأة رُهماً ، وقيل : الرهام جمع رُهامة(6).
وجاء في حديث الباقر (عليّه السلا) : «أن نوحا(ًعليّه السلام) قال في السفينة رهمان أتقن» ومعناه «ياربّ أحسن»(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) يوصي بالتقوي: «فاسعَوا في فَکاک رقابِکُم من قبل أنّ تُغلَقَ رَهائِنُها»(8).
الرَّهنَ: مايوضع وثيقة للدين، يقال: رهَنتُ الرَّهنَ وراهنته رهاناً فهو رهين ومرهون (9). وفلان رَهنُ بکذا ورهين ورهينة ومرتَهن به
مأخوذ به(10) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) في
القرآن: «وارتَهَنَ عليهم أَنفُسَهُم»(11) وغلق الرهنُ: استحقّه صاحبُ الحقَّ، وذلک إذا لم يکن فکاکه في الوقت المشروط، يقال : غَلِقَ
الرهنُ غُلوقاً، وهو أنّ يبقي عند المرهون عنده (12). وقد استعاره (عليّه السلام) إلي دنوّ الأجل وقبض الروح فعندها لاتقفُک أبداً.
کما وصف (عليّه السلام) من جمع الأموال وأغمض
ص: 337
فيها بقوله: «قد غَلِقَت رُهُونُهُ بها»(1) وقد کان
يمکنه فکاکها بالتوبة والأعمال الصالحة(2)
وتراهن القومُ، أخرج کلُّ واحدٍ رَهناً ليفوز السابق بالجميع إذا غلب (3)ومن هذا استعار عليّ( عليّه السلام) لسبقه وفضله عليّ بقية الصحابة بقوله:«وکنتُ أخفضهم صوتاً، وأعلاهم فوتاً، فطرتُ بعنانها، واستبددتُ برِهانها»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف السماء: ونَظَم بلا تَعليّقٍ رَهَواتِ فُرَجها، ولاحمَ
صُدُوعَ انفِرَاجها»(5).
الرهوات: المواضع المتفتّحة، وهي جمع رهوة. والرّهو: الجوية التي تکون في محلّة القوم يسيل إليها مياههم. والرَّهو: الواسع. وامرأة رَهو ورَهوَي: هي الواسعة الهَنِ. والرَّهو: المطر الساکن. ورهو اً: أي دَمِثاً، وهو السهل الذي ليس برمل ولا حَزنٍ. (6).
ومنه قوله تعالي:﴿واترک البحر رَهواً﴾(7)
وفي حديث رافع بن خديج: أنّه اشتري من رجل بعيراً بعيرين فأعطاه أحدهما وقال:
آتيک بالآخر غداً رَهواً. الرهو: السيُر السهل المستقيم، يقول: آتيک به عفواً لااحتباس فيه، ويقال : أعطيته المال سَهواً رهواً، ومن السير قول القطامي في نعت الرکاب:
يَمشين رَهواًفلا الأعجازُ خاذِله*** ولا الصدور عليّ الأعجاز تتّکِلُ(8).
وقال ابن الأعرابي : الرَّهو من الطير والخيل: السَّراع. والرَّهو من الأضداد، يکون السير السهل ويکون السَّريع. والرَّهو: طائر معروف يقال له الکُرکيُّ، وقيل : هو من طير الماء يُشبهه وليس به(9)والرَّهوةُ: الارتفاع، والرهوة:
الانحدار(10).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن أصحاب محمد (صلي الله عليّه وآله) في سجودهم : «يُرُاوِحُون بين
ص: 338
جِبَاهِهم وَخُدودِهم»(1).
المُراوحة: عملان في عمل يعمل ذا مرّة وذا مرّة قال لبيد:
وولي عَامِداً لَطَياتِ فَلجٍ ***يراوح بينَ صَؤنٍ وابتذال
يعني يبتذل عَدوَه مرّة، ويصون أخري، أي يکفّ بعد اجتهاد.
يقال: هما يتراوحان عملاً، أي يتعاقبانه، ويَر توحان مثله، ويقال : هذا الأمر بيننارَوَحُ وَرِوَحُ وعِوَرُ، إذا تراوحوه و تعاوروه.
وراوح الرجلُ بين جنبيه، إذا تقلّب من جنب إلي جنب. وراوح بين رجليه إذا قام علي إحداهما مرّةً، وعلي الأخري مرّةً. وفي الحديث: «کان يراوح بين قدميه من طول القيام» أي يعتمد علي إحداهما مرّةً وعليّ الأخري مرّة ليوصل الراحة إلي کلًّ منهما(2).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: رَاحَت بِعَافيةٍ، وابتکَرت بِفَجِيعَة»(3).
الرواح: نقيض الصّباح، وهو اسم للوقت، وقيل، الرواح العَشِيُّ، وقيل: الرّواح من لدن زوال الشمس إلي الليل.
وراح فلان يروح رواحاً: من ذهابه أو سيره بالعشيّ، وإذا قالت العرب: راحت الإبل تروح وتراح رائحةً، فرواحها هاهنا أنّ تأوي بعد غروب الشمس إلي مراحها الذي تبيت فيه»(4) فيهوفي الحديث : «من راح إلي الجمعة في الساعة الأُولي فکأنّما قرّب بَدَنةً».
أي مشي إليها وذهب إلي الصلاة، ولم يرد رواح آخر النهار. يقال: راح القوم وتروّحوا إذا
ساروا أيّ وقت کان(5)قال الأزهري: سمعت العرب تستعمل الرواح في السير کلّ وقت، تقول: راح القوم إذا ساروا و غَدَوا، ويقول أحدهم لصاحبه: تروّح، ويخاطب أصحابه فيقول: تروّحوا، أي: سيروا(6). والمُراح بالضم: حيث تأوي إليه الإبل والغنم بالليل، وقولهم: ماله سارِحةُ ولا رائحةُ، أي شيء، وراحت الإبلُ وأرَحتُها أنّا إذا رددتُها إلي المُراح. والمراح بالفتح: الموضع الذي يروح منه القوم أو يروحون إليه کالمغدي من الغداة، تقول: ما ترک فلان من أبيه مَغديً ولا مَراحا، إذا أشبهه في أحواله کلّها(7) ومن هذا جاء
ص: 339
حديث عليّ (عليّه السلام) : «وتَزيّن بلباس أهل الزَّهَادة، وليس من ذلک في مَراحٍ ولا
مَغدي»(1)ورُحت القوم رَوحاً ورواحاً ورُحتُ إليهم: ذهبتُ إليهم روَاحاً أورُحت عندهم. وراح أهله وروّحَهم وتروّحهم. جاء رواحاً(2).
والريحان يُطلق عليّ الرحمة والرزق والراحة، وبالرزق سُمّي الولد ريحاناً، وفي الحديث : أنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) قال لعليّ (عليّه السلام) : «أوصيک بريحانتيَّ خيراً». أراد بريحانتيهالحسن (عليهم السلام).
والعرب تقول: سبحان الله وريحانه، معناه واسترزاقه (3)ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لحال عيسي(عليّه السلام): «وفَاکهته ورَيحانُه ماتُنبت الأرضُ للبَهَائِم»(4) وفسّر قول عليّ( عليّه السلام) :«المرأة ريحانةٍ »(5)بأنّه يجب أنّ يقتصر علي التمتُع بها(6) والرُّوح: الراحة وطيب النسيم، والرُّوح، با لضم: جبرئيل( عليّه السلام ). وسمُّي المسيح (عليّه السلام) روح الله، لأنّه نفخةُ جبرئيل في دِرع مريم، ونُسب الروح إلي الله لأنّه بأمره کان. قال الله : ﴿فنَفخنا فيها مِن رُوحِناه﴾ (7).
وذهب بعضهم إلي أنّ الروح هو القرآن لأنّ به حياة الناس (8).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في التحذير من الفتنة: «ويتَکالَبُون عليّ جِيفَةٍ مَّرِيحةٍ» (9) أروح اللحمُ: تغيّرت رائحته، وکذلک الماء. وقال اللحياني وغيره: أخذت فيه الريح ُوتغيّر، يقال: أروح الماءُ وأراح، إذا تغيّرت ريحه (10) قال ابن أبي الحديد: ويجوز أنّ تکون من أراح البعيرُ، أي مات(11) وأراح الرجلُ: مات، کأنّه استراح (12).
في حديت عليّ (عليّه السلام) : «والرأيُ عندي مع الأَناة فازوِدُوا، ولا أکره لکم الإعداد» (13).
أرودوا: تقول أروِد في السير إزواداً ومُروَداً: أي ارفق. والإرواد: الإمهال، ولذلک قالوا: رويداً بدلاً من قولهم: إرواداً التي بمعني أزوِد، فکأنّه تصغير الترخيم بطرح جميع
ص: 340
الزوائد(1) ومنه قوله تعالي: ﴿ أمهلهم رُوَيداً﴾ (2) أي إمهالاً يسيراً، وکرّر وخالف بين اللفظين لزيادة التسکين منه (3).
وفيه قوله( عليّه السلام ): «إنَّ لبني أُميّة مِروَداً يجرون فيه(4)
قال الرضي: المِروَد هنا مفعل من الأرواد، وهو الإمهال والإظهار، وهذا من أفصح الکلّام
وأغربه، فکأنّه عليّه السلام شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلي الغاية ، فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها. وجاء في کتاب له (عليّه السلام) : «وصحَّ رُوَيداً فکأنّک قد بلغت المدي، ودُفِنت تحت الثري»(5) وفي
حديث له عليّه السلام: «فلو أنَّ الباطِل خَلَص من مِزاج الحقّ لم يَخفَ عليّ المُرتادين» (6).
المرتاد: الطالب(7)والمراد به طالب الحقيقة والمعرفة. يقال: بعثنا رائداً يرود لنا الکلّأ والمنزل ويرتاد، أي ينظر ويطلب ويختار أفضله (8) ومنه حديثه (صلي الله عليّه وآله) : «من فقه الرجل أنّ يرتاد موضعاً لبوله»(9) أي يطلب مکاناً ليّناً لئلاّ يرجع عليّه رشاش بوله. يقال: راد وارتاد و استراد(10) وباعتبار طلب الإنسان وإرادته قال عليّ عليّه السلام : «خُلُّوا لمضمار الجياد، ورويّة الارتياد، وأناة المُقتَيِس المُرتاد، في مدّة الأجل، ومضطرب المهل»(11). والمريد من صفاته تعالي صفات الفعل لا الذات، کما روي عاصم بن حميد، عن أبي عبيد الله (عليّه السلام )قال: قلتُ: لم يزل الله مريداً؟ قال: إنّ المريد لا يکون إلاّ لمراد معه، فلم يزل الله عالماً قادراً ثمّ أراد. و روي صفوان قال: قلتُ لأبي الحسن (عليّه السلام) : «أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلک من الفعل، وأمّا من الله تعالي فإرادته إحداثه لاغير ذلک لأنّه لا يروّي ولا يهمُّ ولا يتفکّر، وهذه الصفات منفيّة عنه، وهي صفات الخلق ، فإرادة الله الفعل، لا غير ذلک يقول له: کن فيکون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولاتفکّر ولا کيف لذلک، کما أنّه لا کيف له»(12).
ص: 341
في حديث عليّ (عليّه السلام) قال: «أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة والمال
لايروس وإنّما يُراس به»(1) .
پروس: راس يروس: تبختر، والياء أعلي.
کأنّه مأخوذ من روائس الأودية: أعاليها. وروائس السحاب : متقدّمها (2) ورجل رؤاسي: عظيم الرأسَ. وراسَ السيلُ الغثاء پروسه رؤساً،إذا جمعه واحتمله (3). واليعسوب: الرئيس(4). وباعتبار العلو والجمع يقال: رأست القوم: إذا صرت رئيسهم، فأنا رائس والقوم مرؤوسون، قال الشاعر في وصف أسدٍ:
أتاهم بين أزحُلِهم يريسُ (5)
من کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: وإنّما هي نَفسي أرُوضُها بالتّقوي لتأتي آمنةً يومَ الخوفِ الأکبَرِ، وتَثبُتَ عليّ جوانبِ المَنزلَقِ(6).
الرياضة: يقال راضَ الدابّة يَرُوضها رَوضاً ورياضةً: وطّأها وذلّلها أو وعلّمها السير. وناقة ريّض: أوّل ما ريضَت، وهي صعبة بعد، والأنّثي والذکر فيه سواء(7)ورياضة النفس مأخوذة من رياضة البهيمة، وهي منعها عن الإقدام عليّ حرکات غير صالحة لصاحبها ولا موافقة لمراده، و تمرينها علي ما يوافق مراده من الحرکات» (8)ويمکن أنّ يقال: المراد بالرياضة منع النفس عن المطلوب من الحرکات المضطربة وجعلها بحيث تصير طاعتها لمولاها ملکة لها(9) والأنّبياء( عليّهم السلام) مخالفون لغيرهم في القوي الجسمانية والقوي الروحانية(10).والأوصياء تبعُ لهم وفرع من شجرتهم، فعليّ عليّه السلام حين يتحدث عن ترويض النفس پريد بذلک رفعها الي درجاتها العلي التي خُلقت لها، فهي نفس کاملة قد نالت حظها من الرياضة في أصل خلقتها.
واستراض المکان: فسح واتّسع. . وأروضت الأرضُ وأراضت: ألبسها النباتُ. وأراضها الله: جعلها رياضاً. وأرض مُستروضة: تنبت نباتاً جيّداً أو استوي بقلها.
ص: 342
وأراض الوادي واستراض، أي أستنقع فيه الماء، وکذلک أراض الحوضُ، ومنه قولهم:شربوا حتّي أراضوا، أي رووا فَنَقَعُوا بالرّيّ(1).ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولو أراد سُبحانه أنّ يَضَعَ بيته الحَرام.. بين جنّات وأنهار.. وړياض ناضرة»(2)وقد استعيرت الرياض لحَلق الذکر في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «بادروا إلي رياض الجنّة»(3) فحين سُئل( صلي الله عليّه وآله) عن معناها أجاب بأنّها حَلَق الذکر.
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوصي بالتوبة والتقوي: «وانفساح الحَؤبة، قبل الضَّنک والمضيق، والرَّوع والزُّهُوق، وقبل قُدوم الغائِب المُنتَظر»(4).
الرَّوع: الفَزع، رُعتُه أروعه رَوعاً فهو مروع وأنا رائع. والرّوع، بالضم: التنّفس وما خطر فيها (5) ومنه الحديث: «إنّ روح القُدُس نَفَث في رُوعي أنّ نفساً لن تموت حتّي تستکمل رزقها»(6) وراع الشيء يروع ويريع رُواعاً، إذا رجع إلي موضعه الذي کان فيه (7) وراعني جَمالهُ: أعجبني(8)وقول عليّ( عليّه السلام) : «والروائع الخَضرة أرقُّ جلوداً (9). فسّرها ابن ميثمّ بأنّها الأشجار التي تروع بنضارتها (10).
وانفساح الحوبة: اتساع زمن العمل للحاجة في الآخرة(11) والحوبة حقيقتها هي الحاجة التي تحمل صاحبها عليّ ارتکاب الإثم. والحوباء: النفس (12).
فلان إلي کذا، مال إليه سرّاً(1) ومن هذا يفسّر قوله تعالي: ﴿فراغ إلي أهله فجاء بعجلٍ سمين﴾ (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وعظ الناس: «وامتَاحوا مِن صَفوِ عين قد رُوّقت مِن
الکَدَر»(3).
رُوّقت: يقال: راق الشيء إذا صفا، وراق الشراب والماء رَوقاً وتروّقاً. والروق: الصافي من الماء وغيره(4)ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لخُمور الجنة: «الخُمُور المُرَوَّقَةِ»(5). والرَّوقُ: الإعجاب وراقني الشيء يَروقني رَوقاً. ورَوَقاناً : أعجبني، فهو رائق وأنا مروق، واشتُقّت منه الرُّوقة، وهو ما حَسّن من الوصائف والوصفاء. يقال: وَصيف رُوقةُ ووُصفاء رُوقة، وقال بعضهم: وصفاء رُوق، ويقال غلمان رُوقة جمع رائق مثل فاره وفُرهة، وصاحب وصُحبة. ويقال: راق فلان علي فلان، إذا زاد عليه فَضلاٌ، يروق عليّه، فهو رائق عليّه، قال الشاعر يصف جارية:
راقت عليّ البيض الحِسا*** ن بحسنها وبهائها
ورَوق الشباب وغيره ورَيقهُ وَرَيّقُه، کلّ ذلک أوّله. وريّق کلّ شيء: أفضله، وهو فيعل فأدغم . ورَؤقُ البيت: مقدّمه، ورواقه، بکسر الراء وضمّها: ما بين يديه، وقيل: سَمَاوته،وهي الشقّة دون العُليا، والجمع أزوِقة، ورُوق في الکثير (6). ورَوق الإنسان: همّه ونفسه، يقال: ألقي عليه أروَاقَهُ. والسحابة إذا ألحّت بالمطر وثبتت بأرضٍ قيل: ألقت أرواقها. ويقال: أکل فلان ورَقه، أي: طال عمره حتّي تحاتت أسنانه. والرّوق: السّنُّ. والروق: القَرنُ(7) ومنه الشعر المنسوب لعليّ (عليّه السلام) :
تِلکُم قريشُ تمنّاني لتقتلني*** فلا ورَبَک مابَرّوا وما ظَفِروا
فإنّ هلکتُ فرَهنُ ذِمّتي لهمُ*** بذات رَوقين لا يعفو لها أثرُ
الروقان: القرنان، وقولهم للداهية ذات رَ وقين، کقولهم : نَواطحُ الدهر لشدائده ، الواحدة ناطحة(8)وفي رواية الديوان
ص: 344
المنسوب له (عليّه السلام ): بذات وَتردقَين، بدل روقين(1).
ويقال للحرب الشديدة ذات وَدقين، تُشبه بسحابة ذات مَطر تين شديد تين. أو أنّ يکون
من الوَدق بمعني الوِدَاق، وهو الحرص عليّ الفحل لأنّ الحرب تُوصف باللقاح (2).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) :«حَلِيَت الدنيا في أعيُنهم ورَاقَهُم زِبرِجُها»(3). الروق: الإعجاب، يقال: راقني الشيء يروقني رَؤقاً وروقاناً : أعجبني(4)وزبرج الدنيا: غرورها وزينتها. والزّبرج: الزينة من وشي أو جوهر ونحو ذلک، وزَبرَجَ الشيء: حسّنه، وکلّ شيء حَسن زِبرَجَ(5)وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) في حث أصحابه في صفّين: «وعليّکم بهذا السواد الأعظم، والرّواق المُطنَّب فاضربوا ثَبَجهُ فإنّ الشيطان کامِنُ في کِسره»(6). أراد
بالرواق المطنّب مضرب معاوية، وقيل مضرب عمرو بن العاص»(7) والمطنّب: المشدود بالأطناب، جمع طُنُب، بضمتين، وبسکون الثاني لغة: الحبل تُشدّ به الخيمة ونحوها(8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصفه تعالي: «ولا تَخطُر بِبَالِ أُولي الرَّويّات خاطرةُ مِن تقدير جَلال عِزّته»(9).
الرويّة: التفکّر في الأمر، وروّيت في الأمر: لغةً في رَوّأت. وروّي في الأمر: لغة في روّأ نظر فيه وتعقّبه وتفکّر، يهمز ولا يهمز(10) والفرق بين البديهة والروية أنّ الروية فيما قال بعضهم آخر النظر، والبديهة أوّله(11). وفي حديث عبد الله: شرّ الروايا رواية الکَذِب(12)وهي ما يُروي الإنسان في نفسه من القول والفعل. أي يزوّر ويفکّر. وقيل: هي جمع راوية، للرجل الکثير الرواية، والهاء للمبالغة. وقيل: جمع راوية الذين يروون الکذب، أي تکثر رواياتهم فيه (13). وباعتبار الحسنوالامتلاء قال عليّ (عليّه السلام) في وصف اختلاف الناس: «فَتامُّ الرُّوَاء ناقصُ العقل(14) وفي
ص: 345
الخبر: قال جابر سألت أبا جعفر( عليّه السلام )عن السلف في روايا الماء، فقال: «لا، فإنّه يعطيک مرّة ناقصة ومرّة کاملة، ولکن اشترها معاينة فهذا أسلم لک وله»(1)الراوية: بعير السقّاء يُستقي عليه، والجمع روايا(2)ورويت علي البعير أروي رَؤياً، إذا استقيت عليه(3) وروي البعيرُ الماءَ يرويه، حمله فهو رَاوية، والهاء فيه للمبالغة، ثمّ أطلقت الراوية علي کلّ دابة يُستقي الماء عليّها. ومنه يقال: رويتُ الحديث إذا حملته ونقلته (4). وقد يُراد من المعني الجلد الذي يُحمل فيه الماء، فالعرب تُسمّي الشيء باسم الشيء إذا کان منه بسبب، ولذلک قيل للجلد الذي يُحمل فيه الماء: راوية، وإنّما الراوية البعير الذي يُستقي عليه(5) ومن المجاز حديث عليّ (عليّه السلام): «رووا السيوف من الدماء ترووا من الماء»(6).
عن هشام بن سالم قال: سأل حفص الأعور أبا عبد الله (عليّه السلام) وأنا حاضر فقال: کان لأبي أجير، وکان له عنده شيء فهلک الأجيرفلم يدع وارثاًولا قرابةً، وقد ضقت بذلک کيف أصنع؟ فقال: «رابک المساکين رابک المساکين، فقلتُ: جُعلت فداک إنّي قد ضقت بذلک کيف أصنع؟ فقال: هو کسبيل مالک،فإنّ جاء طالب أعطيته»(7) رابک المساکين: يقال رابني الشيء يريبني، إذا جعلک شاکّاً. وأراب فلا نُ إرابةفهو مريب، إذا بلغک عنه شيء أو توهّمته (8)ورابني يريبني و أرابني بمعني واحد. وبعضهم يقول: رابني تبيّنت منه الريبة، وأرابني إذا ظننت به الريبة(9)ومواضع الريبة: مسالک المعصية والشبهات، وفيها قال عليّ (عليّه السلام )مستعيذاً: «معاذِن الخَيبة ومواضع الرّيبة» (10). وفي حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله) : «إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم»(11) أهل الريب: أهل
ص: 346
الشکّ(1). والرّيب: أنّ تتوهّم بالشيء أمراً ما فينکشف عمّا تتوهمّه. والبدعة مالم يستنً قائلها وفاعلها بصاحب الشريعة (2) ومنه ما روي عن عليّ أنّه کان يقول في خطبته: لا تَرتَابوا فتشکّوا ولا تشکّوا فتکفروا»(3).
ومن هذا وصف عليّ (عليّه السلام) الملائکة: «وعَصَمَهُم مِن رَيب الشُّبُهات»(4) وفي الحديث:«دع ما يرُيبُک إلي ما لايُريبک»يُروي بفتح الياء وضمّها ، أي دَع ما تشُکّ فيه إلي ما لا شُک فيه (5). وقوله تعالي: (رتيب المنون) (6). هو الموت ورزايا الدهر ، سمّي ريباً، لا أنّه مشکک في کونه، بل من حيث تشکک في وقت حصوله، فالإنسان أبداًفي ريب المنون، من جهة وقته لا من جهة کونه(7) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا : «وأعانت عليّهم رَيب المَنُون»(8) والمنون في الأصل فعول من منه، إذا قطعه، لأنّ الموت قطوع(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن خلقه تعالي وإرادته: «لم يَعترض دُونَه رَيثُ المُبطيء،
ولا أنّاة المُتلَکّيء»(10).الريث: البطء، وراث ييث ريثاً واستوثت ُفلاناً : استبطأته. وريّث الفرسُ والرجلُ: إذا أعيا أو کاد(11) ومنه حديث فاطمة (عليّها السلام )مع القوم: «ثمّ لم تلبثوا إلاّ ريث أنّ تسکن نفرتها، ويسلس قيادها، ثمّ أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها»(12) ريث:من قولهم ما قعد فلان عندنا إلاّ ريث أنّ حدّثنا بحديث ثمّ مرّ، أي ما قعد إلآّ قدر ذلک، وهي لغة فاشية في الحجاز (13). ومنه : فلم يلبث إلاّ رَيثما» أي إلاّ قدر ذلک. وقد يُستعمل بغير ما ولا أن، کقوله: لا يصعُب الأمر إلاّ رَيث ترکَبُهُ(14) ونفرتها: يقال نفرت الدابّة تَنفرُ و تَنفُر نفاراً ونُفُوراً ودايّة نافر، وکلّ جازع من شيء نَفَورُ(15) ونفرة الدابّة في قولها( عليّه السلام )
ص: 347
کناية عن تسرّعهم في استلام زمام الأمور عن غير حکمة وروية.
روي أبو عبد الله (عليّه السلام) أنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) قال: «إنّ الملائکة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافِر والخُفّ والرَّيش والنَّضل فإنّها تحضرها الملائکة»(1).
الريش: بالفتح، مصدر راش السهم پريشه ريشاً، إذا رکّب عليه الريش، ورشت السهم الزقت عليّه الريش فهو مريش . والمريش السهم الذي عليه ريش وأبري السهم وأريشها ، أي أعمل لها ريشاً. يقال: فلان لايريش ولا يبري، أي لايضر ولا ينفع (2) وريش السهم يقال لها القذاذ أيضاً (3).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام ): «وأَلبَسَکُم الرَّيَاش»(4).
الرياش: کلُّ اللباس، والرّيش: الزينة. وقال القتيبي: الريش والرياش واحد، وهما ما ظهر
من اللباس. يقال: إنّه لحسن الريش، أي الثياب(5) وفيه حديث عليّ (عليّه السلام) أنّه اشتري قميصاً بثلاثة دراهم وقال: «الحمدُ لله الذي هذا من رياشه»(6)ومنه قوله تعالي:﴿ ويابني آدم قد أنزلنا عليکم لِباساً يُواري سوآتکم وريشاً﴾ (7). وقد وصف عليّ (عليّه السلام) النبي الله (صلي الله عليّه وآله) وزهده في الدنيا بقوله: «و أحبّ أنّ تغيب زينَتُها عن عَينه، لکيلا يَتَّخِذَ منها رِيَاشاً»(8) وجاء في حديث أبي جعفر (عليّه السلام) عن زرارة قال: قلت له: أسجد علي الزّفت، فقال: لا، ولا علي الثوب الکرسف، ولا علي الصوف، ولا علي شيء من الحيوان، ولا علي طعام، ولا علي شيء من ثمّار الأرض، ولا علي شيء من الرياش(9)
في حديث عليّ (عليّه السلام )واصفا الأرض وقد سقاها الغيث: «و تَزدَهي بِما أُلبِسَتهُ من رَيطِ أنّ أزَاهيرِها، وحِليَةِ ما سُمطَت به من نَاضِر أنّوارِها»(10).
الرَّيطَةُ: کلّ مُلاءة ليست لِفقين، أي قطعتين، والجمع رياط وَريط، وقد يُسمّي کلّ ثوب رقيق رَبطة (11). واستعار(عليّه السلام) اللبس إلي
ص: 348
الأرض ذات الأزاهير ملاحظة لشبهها بالمرأة المتبجحة بما عليها من فاخر الملبوس وجميل الثياب(1).
في دعاء( عليّه السلام) للاستسقاء: «اللهم سقياً منک مُخبية مَرويةً. هنيئة مريعةً»(2).
الرَّيعُ: النّماء والزيادة. وأرض مَريعة، بفتح الميم: أي مُخصبة ، وأراعت الشجرة: کثرُ حملها، وراعت لغة قليلة، وأراعت الإبل: کثُر ولدها. وراع الطحين: زاد وکثر رَيعاً. وناقة مرياع: سريعة الدَّرَّة، وقيل: سريعة السمن. وهي التي يُعاد عليّها السفر. وتريّع الماء: جري. والرَّيع: العَودُ والرجوعُ راع يريع. وراه يريه، أي رجع. والرَّيع: مصدر راع عليّه القيءُ يريع: أي رجع وعاد إلي جوفه.
وريعُ کلّ شيء ورَيعانهُ: أوِّله وأفضله.
ورَيعان المطر: أوّله، ومنه رَيعَانُ الشَّباب،والرَّيع: المکان المرتفع، وقيل له الرّيعة أيضاً. والريع، بالفتح والکسر: الطريق المنفرج عن الجبل(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ولو أراد سُبحانه أن يضع بيته الحرام، ومشاعِره العِظام، بين جنّات وأنهار. وأرياف مُخدِقة»(4).
الريف: ماقارب الماء، من أرض العرب ومن غيرها،والجمع أرياف وريوف(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) متظلّماً من قريش:«وجَرِعتُ رِيقي علي الشّجَا»(6).
الرَّيق: الرضابُ ، والريقة أخصّ منه. وريقة الفم وريقه: لعابُه، وجمع الرَّيق أرياقُ وِرِياق. والترياق : اسم تفعال سُمّي بالرَّيق لما فيه من ريق الحيّات ، ولا يقال : تَرياقُ، ويقال:
دِرياقُ(7) وقوله (عليّه السلام) کناية عن صبره وتحمّله. ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «من حَبَس رِيقَه إجلالاً لله في صلاته أورثه الله تعالي صحّة حتّي الممات»(8) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإذا بِرَيق سيف من ورائي». هکذا يروي بکسر الباء وفتح الراء، من راق السراب إذا لمع، ولو روي بفتحها عليّ أنّها أصلية من البريق لکان وجهاً بيّناً(9)وقد استُعير الريق للماء القليل.
ص: 349
وقد جاء في الحديث: سأل حنان بن سدير أبا عبدالله (عليّه السلام) فقال: «إنّي ربّما بُلتُ فلا أقدر عليّ الماء ويشتدُّ ذلک عليّ، فقال: إذا بُلت وتمسحتَ فامسح ذکرک بريقک، فإنّ وجدت شيئاً فقل هذا من ذاک»(1).
کأن المراد في الحديث: دفع شُبهة بلل تَحصُل من مَخرج البول الناقض، فيقال: هذا من ذاک(2).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «أفلا تتدبّرون القرآن أم عليّ قلوب أقفالها؟ کلّا بل ران عليّ قلوبکم ما أسأتم من أعمالکم»(3).
الرّين: الطّبع، ران عليّ قلبه يرين(4) ومنه
قوله تعالي:﴿کلّا بل رَانَ عَلَي قُلوبِهم مَاکانوا يَکسِبُون﴾ (5)أي رکبها کما يرکب الصدأ وغلب عليّها، وهو أن يصرّ عليّ الکبائر ويسوّف التوبة حتّي يطبع عليّ قلبه، فلا يقبل الخير ولا يميل إليه(6).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) في کتابه لمعاوية: لتعلم أيُّنا المَرين علي قلبه، والمغطّي عليّ بصره!» (7)المرين: المفعول به الرَّين(8).
وقد وصف عليّ (عليّه السلام)حال الناس قبل بعثته (صلي الله عليّه وآله) قال:«قد قَادَتهُم أَزِمّةُ الحَين واستَغلَقَت علي أَفئِدَتِهم أقفالُ الرَّينِ»(9).
في حديث عليّ(عليّه السلام)لأصحابه: «إنّکم - والله - لکثيرُ في البَاحات قليلُ تحت الرايات»(10).
الراية: کلّ علم نصبته فهو راية، والجمع راي وراياتُ بغير همز (11). وأراد( عليّه السلام) بها رايات الجهاد والقتال، ويراد بالراية القوة والشکيمة، ومن ذلک قوله (عليّه السلام) في وصف الفتنة: «ولاتُرُدُّ لها راية» (12)
ص: 350
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن وصف يوم الحشر: «وأُرعِدَت الأَسمَاع لِزَبرة الدَّاعي إلي فَصل الخِطابِ ومُقَايَضَةِ قال الجَزَاء»(1).
الزّبرة: يقال: زَبَر الرجلَ يَزبُرُه زبراً: انتهره ونهاه، وأصل الزّبر: طيُّ البئر إذا طُويت تماسکت واستحکمت، والزّبر، بالفتح: الزّجرُ والمنعُ، لأنّ من زبرته عن الغيّ فقد أحکمته کزبر البئر بالطي. والزّبر: الصبر، ورجل زبير : رزين الرأي. وزبرتُ الکتاب وذبر ته: قرأته.
والزّبرُ: الکتابة ، وزبر الکتاب يَزبُره زَبراً کتبه (2). ومنه فسّر قوله تعالي: ﴿ولقد کتبنا في الزبور﴾(3)بأنّ الزبور اسم جنس ما أنّزل عليّ الأنّبياء من الکتب(4) ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للزمان الذي ينسي القرآن فيه: «ولا يعرفون إلّا خَطَّه وزَبره»(5).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : قال النبيّ(صلي الله عليّه وآله):«إنّ الله تبارک وتعالي ليبغض المؤمن الضّعيف الذي لازَبَر له . وقال: الذي لا ينهي عن المنکر»(6). والزَّبرُّ : الشديد(7) الصدوق: وجدت بخطّ البرقي رحمه الله أنّ الزّبر هو العقل، فمعني الخبر أنّ الله عزّ وجلّ يبغض الذي لا عقل له. وقد قال قومُ: إنّه عزّ وجلّ يبغض المؤمن الضعيف الذي لا دبر له. وهو الذي لا يمتنع من إرسال الريح في کلّ موضع، والأوّل أصحّ (8)وفي حديث صفية بنت عبد المطلب: «کيف وجدت زَبراً؟ أأقطاً و تمراً، أو مُشمَعِلاً صَقراً ؟» الزّبر بفتح الزاي
ص: 351
وکسرها: القويّ الشديد، وهو مکبّر الزُبير، تعني ابنها، أي کيف وجدته؟ کطعام يُؤکلّ، أو
کالصقر؟(1)قال الثعالبي: يقال للشجاع إذا کان شديد القلب رابط الجأش: زِبِرّ، بتشديد الراء(2).والمشمعل: السريع الماضي، والميم زائدة. يقال: اشمعلّ فهو مُشمعلُّ واشمعلّت الإبل: تفرقت مسرعة. وناقة مشمع: خفيفة سريعة نشيطة، وناقة شَعلة: سريعة .نشيطة (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وراقهم زِبِر جُها»(4). زبرج الدنيا: غرورها.
والزّبرج: السحاب فيه ألوان من حُمرة وبياض وغيرهما(5)استعاره مل لغرور الدنيا لما فيه من تلوّن وتغيّر. والزبرجد ضربُ من الجوهر، عربي معروف(6). ويقال: هو الزُّمُرُّد(7)ومنه وصف عليّ(عليّه السلام) ريش الطاووس بقوله: «خُضرَةزَبَر جَدِيّة»(8).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله) «أنه نهي عن المُحَاقَلة والمُزَابَنة».
المزابنة: بيع التمر في رؤوس النخل بالتمر(9) والنهي عن ذلک لما فيه من الغَبن والجهالة(10) لأنّها تؤدّي الي النّزاع والمدافعة، من الزّبن: وهو الدفع (11)من قولهم: زَينت الناقة، إذا ضربت بثفنات رجليها عند الحلب، وحرب زبون: تَزبِنُ الناس، أي تصدمهم وتدفعهم، عليّ التشبيه بالناقة (12). ومن هذا وصف عليّ( عليّه السلام )فتنة بني أميّة قائلاً: «تَخبط علت بيدها، وتَزين برِجلها» (13). ومنه قوله تعالي: ﴿سندعُ الزَّبَانِية ﴾(14) والزبانية في کلّام العرب الشُرَط، والواحد زبنية، کعفرية، من الزبن وهو الدفع (15). وقيل للمشتري: زَبون؛
ص: 352
لأنّه يدفع غيره عن أخذ المبيع، وهي کلّمة مولّدة ليست من کلّام أهل البادية (1).
وفي الحديث : قال النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «ثمّانية لايقبل الله لهم صلاة: العبد الآبق حتّي يرجع إلي مولاه، والناشز عن زوجها وهو عليها ساخط، ومانع الزکاة، وإمام قوم يصلّي بهم وهم له کارهون، وتارک الوضوء، والمرأة المُدرِکة تصلّي بغير خمار، والزبّين وهو
الذي يدافع البول والغائط، والسَّکران»(2).
قضي عليّ (عليّه السلام) في أربعة نفر اطلعوا في زبية الأسد فخرّ أحدهم فاستمسک بالثاني، واستمسک الثاني بالثالث، واستمسک الثالث بالرابع حتّي أسقط بعضهم بعضاً علي الأسد، فقضي بالأوّل أنّه فريسة الأسد، وغرّم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرّم أهل الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرّم أهل الثالث لأهل الرابع الدية کاملة (3).
زبية الأسد: بئر أو حُفرة تُحفر للأسد والصيد ويُغطّي رأسها بما يسترها ليقع فيها.قال الفراء: سُمّيت زبية الأسد زبية لارتفاعها عن المسيل. وقيل: سُمّيت بذلک لأنّهم کانوا يحفرونها في موضع عالٍ. والزُّبية أيضاً حفرة النمل، والنمل لا تفعل ذلک إلّا في موضع مرتفع (4).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله) :« ازجّ الحواجب»(5). الزجج: تقوّس في الحاجب مع طول في طرفه و امتداد(6) وأزج الحواجب: معناه طويل امتداد الحاجبين بوفور الشعر فيهما وجبينه إلي الصدغين (7). ومنه يقال: زججت المرأةُ حواجبها بالمزجّ (8) والمزجّ: رمحُ قصير کالمزراق(9) وإنّما جمع الحاجب في قوله : « الحواجب» ولم يقل الحاجبين، فهو عليّ لغة من يوقع الجمع عليّ التثنية ويحتج بقوله تعالي: ﴿کُنا لحکمهم شَاهِدين﴾(10) يريد الحکم داوود وسليمان عليّ وقال النبيّ( صلي الله عليّه وآله): «الاثنان وما فوقهما» جماعة. وقال بعض العلماء: يجوز أنّ يکون جمعاً، عليّ أنّ کلّ قطعة من
ص: 353
الحاجب اسمها حاجب فأوقعت الحواجب عليّ القطع المختلفة کما يقال للمرأة : «حسنة
الأجساد». قال الأعشي:
ومثلک بيضاء ممکورة*** وصالک العبير بأجسادها (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فاتقّوا الله تَقيّة مَن سمع فَخَشع...وحُذّر فَحَذِرَ، وزُجِر
فازدجر»(2).
الزجر : يقال: زجرته زجراً؛ منعته فانزجَرَ وازدجر ازدجاراً، والأصل: از تجر، علي افتعل، يُستعمل لازماً ومتعدّياً (3). وأصل الزجر طرد بصوت، واستعمال الزجر فيه لصياحهم بالمطرود نحو أنّ يقال: اعزب و تنحّ وراءک(4) وقد شکا رجل إلي رسول الله( صلي الله عليّه وآله )الوسوسة فقال له( صلي الله عليّه وآله): «قل : بسم الله وبالله توکلّت عليّ الله، أعوذ بالله السميع العليّم من الشيطان الرجيم، فإنّک تنحره وتزجره وتطرده عنک»(5) ومن المجاز: زجر الراعي التعم، صاح بها، وناقة جور:لاتدر حتّي تُزجَر(6) ومن هذا وصف عليّ(عليّه السلام) الناس عند قيام الساعة: «تحد وکم حَدو الزاجربشَوله»(7)وزجر الطائرة التفاؤل به(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الملائکة: وبين فَجَواتِ تلک الفُروج زَجَل المُسَبّحين منهم في حظائر القُدُس»(9).
زَجَل التسبيح: أي صو تُ رفسيع عالٍ. وسَحاب ذو زجل، أي: ذو رعد. وغيثُ زَجِل: لرعده صوت. والزّجل: اللعب والجلبة ورفع الصوت. وقد زجل زَجَلاً، فهو زَجِل و زاجلُ، وربّما أوقع الزَاجل عليّ الغناء. والزّجل: الرّمي بالشيء تأخذه بيدک فترمي وزجلت الناقة بما في بطنها زجلاً: رمت به، کز حرت به زحراً(10). ومنه الحديث: «انّه أخذ الحربة لأُبي بن خلف فزجمله به» أي
ص: 354
رماه بها فقتله(1) والزّجل: إرسال الحمام الهادي من مَزجَل بعيد، وزَجَل الحمام يَزجُلها زَجلاً أرسلها عليّ بُعد، وهي حمام الزّاجل والزجّال، عن الفارسي(2)والزاجل: حلقة في زُجّ الرّمح، والزاجل: العود الذي يکون في طرف الحبل الذي يُشدُّ به القربةُ وجمعه زواجل. والمِزجال: القِدح قبل أنّ يُنصّل و يُراش (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «القاصِمَة الزّحُوف»(4).
الزحف: المشي قليلاً قليلاً. والقوم يتزاحفون ويردحفون إذا تدانوا في الحرب. وزحفت في المشي وأزحفت، إذا أعييت. والزحوف من النوق: التي تُجرَّ رجليها إذا مشت. و مزاحف الحياّت: آثار انسيابها ومواضعُ مَدَبّها. ومزاحفُ السّحاب: حيث وقع قطره وزحف إليه(5) وجاء في الخبر: «إنّ راحلته أزحفت» أي أعيت ووقفت. يقال: أزحف البعيُر فهو مزحف إذا وقف من الإعياء، وأزحف الرجلُ إذا أعيت دابّته، کأنّ أمرها أفضي إلي الزّحف(6) والزاحف: السهم الذي يقع دون الغرض ثمّ يزحف (7)وسمّاها زَحوفاً تشبيهاً بمشي الدّبي الذي يهلک الزرع ويبيدها(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «کَبسَ الأرضَ عليّ مَورِ أمواجٍ مُستَفحِلَةٍ،، ولُجَجِ بحارٍ زاخرةٍ»(9) .
الزخور: يقال: زَخَرَ البحرُ، أي: مدَّ وکثُر ماؤه وارتفعت أمواجه، وزخر النبات: طالَ والتفّ عشبه وأخرج زهره، وزخرت القدرُ تَزخَرُ زخراً: جاشت. وکلّام زَخورَيُّ: فيه تکبّر وتوعُّدُ(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مخبراً عن الملاحم في البصرة: «ويلُ لسِکَکِکم العامِرةِ، والدور المُزَخرفَةِ التي لها أجنحةُ کأجنحة النُّسور،
ص: 355
وخراطيمُ کخراطيم الفِيَلَة»(1).
الدورُ المزخرفة: المزيّنة المموّهةُ بالزُّخرف، وهو الذهب. وأجنحة الدور: رواشينها.والخراطيم: ميازييها (2). واستعار عليّ (عليّه السلام) الزخرف للحکم والسلطان بقوله لما عزموا علي بيعة عثمّان: «وزُهداً فيما تَنافَستُموه من زُخرُفِه وَزِبرِجه»(3) .والزخارف: تکسّر الماء إذا جري. وزخرفت
الکلّام: إذا ألّفته (4). ومنه جاء قوله تعالي:﴿ زُخرف القول غُروراً﴾ (5).
عن الحسن أنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله)؟ أُتي بالحسين بن عليّ( عليّه السلام )عليّک فوُضِع في حُجره فبال عليّه فأخذ فقال: «لا تَزموا ابني، ثمّ دعا بماء فصبّه عليّه».
قال الأصمعي: الإز رام: القطع، يقال للرجل إذا قطع بوله: قد أزرمت بولک وأزرمه غيره إذا قطعه، وزرم البول نفسه إذا انقطع(6).وقال: الزَّرِم: المضيّق عليّه، ويقال للبخيل : زَرِم. قال أبو عمرو: الزَّرِم: الناقة التي تقطع بولها قليلاً قليلاً، يقال لها إذا فعلت ذلک: قد أوزغت و أو شقت و شلشلت و أنّقصت وأزرمت (7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّ المؤمنَ لايُصبِحُ ولا يُمسي إلّا ونَفسُه ظَنُون عنده،
فلا يَزالُ زَارِياً عليها ومُستَزِيداً لها»(8).
الزراية: يقال: زَري عليّه زَرياً، من باب رَمَي، و زَرايَةًوَزِرَايَةً، بالکسر: عابه واستهزأ به. وازدراه و تَزرَّي عليه کذلک، وأزري بالشيء إزراءً: تهاون به. والزاري عليّ الإنسان هو الذي يُنکِر عليّه ولا يَعُدُّه شيئاً (9) واز در ته عيني: احتقرته. قال النابغة:
نُبّنتُ نُعماً عليّ الهجران زاريةً*** سَقيا وَرَعيا لذاک العاتب الزاري(10).
قال أبو جعفر( عليّه السلام) : «إنّ عليّا (عليّه السلام) لما فرغ من أهل البصرة أتاه سبعون رجلاً من الزُّط فسلّموا عليّه وکلّموه بلسانهم»(11).
الزط: جيل أسود من السند تنسب إليهم الثياب الزطّيّة، وقيل: الزطّ إعراب جَت
ص: 356
بالهندية، وهم جيل من أهل الهند. والواحد زطّي مثل الزنج والزنجي والروم والروميّ(1).
وفي بعض الأخبار: «فحلق رأسه زُطّيّةً».قيل : هو مثل الصليب، کأنّه فعل الزّطّ، وهم
جنس من السودان والهنود(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام)بالاتعاظ فيمن مضي: «کَيفَ نَزَلَ به الموتُ فَأَزعَجَهُ عن وَطَنِه»(3).
الإزعاج: يقال: أزعجته عن موضعه إزعاجاً: أزلته عنه (4). قال الخليل: أزعجته من بلاده فَشَخَص، ولا يقال فَزَعج. ولو قيل: انزعج واز دعج لکان صواباً وقياساً (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن السحاب:« أَخرجَ به من هَوَامِدِ الأرضِ النباتَ، ومن زُعرِ الجبال الأعشَابَ»(6).
الأزعر: الموضع القليل النبات. وزَعِرَ الشعرُ والريش والوَبَرُ زعَراً، وهو زَعِرُ وأزعرُ، والجمع زُعرواز عرّ: قلَّ وتفرَّق .
وفي حديث ابن مسعود: «أنّ امرأةً قالت له: إنّي امرأةُ زَغراهُ» أي قليلة الشعر.
والزُّعرور: السَّيُّء الخلُق، والعامّة تقول: رجل زعِر. ويقال: في خُلُقِه زعارّة، بتشديد الراء، مثل حمارّة الصيف، وزَعارة بالتخفيف، عن اللحياني، أي شراسة وسُوء خلُق، لايتصرّف منه فعل، وربّما قالوا: زَعِر الخلُق(7). ومنه قولُ عبدالله بن کيسان للصادق عليّه السلام : «أُخالط الرجل فأري منه سوءَ الخُلُق وقلّة أمانةٍ وزَعَارة»(8). والزُّعرورُ: ثَمَرُ شجرةٍ أحمرُ، والواحدُ: زُغرورةُ (9).
و غيره، و يقال: ريح قاصف وقاصفة (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ أهل البصرة: «أخلَاقُکم دقاق، وعَهدُ کُم شِقاق، ودينُکم نِفاق، وماؤکُم زُعَاق» (2).
الزُّعاق: الماء المرُّ الغليظ، يقال: طعام مزعوق، وبئر زَعِقة(3) وأزعق القوم، إذا حفروا فهجموا عليّ ماء زُعاق، وأزعق: أنبط ماءً زعاقاً، الواحد والجمع فيه سواء. قال عليّ (عليّه السلام) :
دونَکها مُترَعةً دِهاقاً ***کأساً زُعافاً مُزِجَت زُعاقاً (4).
وفلان يزعق دابته، إذا طرده طرداً شديداً(5)وهو غير الزعاف يقال: موت زعاف وذُعاف و ذؤاف و زُواف: شديد، وزعَفه يَزعفُه زَعفاً وأزعفه: رماه أو ضربه فمات مکانه سريعاً. وسمّ زعاف، والمزعف : القاتل من السمّ(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وما أنّتم بِرُ کنٍ يُمال بِکُم، ولا زَوَافرُ عزًّ يُفتَقرُ إليکم»(7) .
الزافرة: الأنّصار والعشيرة، وزافرة الرجل: خاصّته. قال الفرّاء: جاءنا ومعه ،زافرته، يعني رهطه وقومه. وزافرة السهم والرمح: نحو الثلث ، وهو أيضاً ما دون الريش من السهم(8) وفيه حديثه( عليّه السلام) : «کان إذا خلا مع صاغِيَته وزافرته انبسط »(9).
والصاغية: هم خاصّة الإنسان والمائلون إليه (10) ويمال بکم: أي مال علي العدوّ بعزّتکم وقوتکم(11).
والزَّفر: الحمل علي الظهر خاصّة، وبه سُمّي الرجل زَفَر. وزَفَرت النار، إذا سمعت لها صوتاً في توقّدها (12). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) :«وتَضلِيةُ الجَحيم، وفوراتُ السَّعير، وسورَاتُ الزَّفير» (13).
ص: 358
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس:« فإذا رَمَي بَبَصرِه إلي قَوائِمه زَقَامُغوِلاً
بصوتٍ يَکادُ يُبينُ عن استِغَاثَته، ويَشهدُ بصادِقِ توجُّعه، لأنَّ قوائِمَهُ حُمشُّ کقوائِم الدَّيَکَةِ الخِلا سيَّةِ »(1).
الزّقو والزَّفيُ: يقال: زقا الديکُ والطائرُ والمکّاء ونحوها يزقو ويَزقي زقواً وزُقاء وزُقوّاً وزَقيا وزُقيّاً وزِقياً صاح، وکذلک الصبيّ إذا اشتدّ بکاؤه، وکلّ صائح زاق.
والعربُ تقول: فلانُ أثقل من الزَّواقي، وهي الدَّيَکةُ تزقو وقت السحر فتفرّق بين المتحابين ، لأنهم کانوا يسمرون فإذا صاحت الدَّيکةُ تفرَّقوا(2).
وقد ورد المثل في حديث هشام بن عروة أنّه قال رجل: أنّت أثقل من الزاووق.
والزاووق: يعني الزئبق، کذا يسميه أهل المدينة (3). وقوائمه حُمش: دقاق، وهو أحمش الساقين وحمش الساقين، بالتسکين، وقد حَمِشت قوائمه أي دقَّت والديکة الخلاسية : هي المتولّدة من الدجاج الهندي والفارسي، يقول (عليّه السلام ): إنّ الطاووس يُزهَي بنفسه، ويتيه إذا نظر في أعطافه، ورأي ألوانه المختلفة، فإذا نظر إلي ساقيه وجَم لذلک وانکسر نشاطه وزهوه، فصاح صياح العويل لحزنه، وذلک لدقَّة ساقيه ونتوء عرقوبيه (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن السماء والأرض: «ومَاأَصبَحَتا تَجُودَانِ لَکُم بِبَرکَتِهِما تَوَجُّعاً لَکُم، ولازُلفَة إلَيکُم»(5).
الزُلفةُ: هي الزُّلفَي ، وهي القُربة. وأَزلَفته: قرّبته، وازدلف: اقترب، وسُمّيت المُزدَلِفة،الاقتراب الناس إلي مِنًي بعد الإفاضة من عَرفات(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : « وإنّما هِي نَفسِي أَرُوضُها بالتَّقوي لِتَأتِيَ آمِنَةً يؤمَ الخَوفِ
الأکبَرِ، وَتَثبُتَ عليّ جَوانِب المَزلَقِ»(7).
الزَّلَق: الزّلل، وأرض مَزلقة ومُزلقة وزَلَقُ
ص: 359
وزَلِقُ و مَزلق: لا يثبت عليّها قدم، وکذلک الزلاّقة. وأزلقت الفرسُ والناقةُ أسقطت ، وهي مُزلِق، ألقت لغير تمام ، فإنّ کان عادةً لها فهي مزلاق. والولد السقط: زليق(1).
ويقال لکلَّ حامل رمت ولدها(2). وناقة زلوق وزلوج: سريعة. وريح زيلق: سريعة المرّ. وتزلّق فلان وتزيّق، إذا تزيّن. ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «أنه رأي رَجَلَين خَرجاً من الحَمّام متزلّقين». تزلّق الرجلُ، إذا تنعّم (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «ليس ذلک إلّا نعَيماً زلَّ وبُؤساً نزل»(4).
الزلل : زلَّ عن مکانه زلّاً، من باب ضرب، تنحّي عنه. وزلَّ زلَلاً؟، من باب تعب، لُغة والاسم الزلّة، بالکسر، والزلّة، بالفتح، المرَّة (5) وزلَّ من الشهر کذا: مضي. وزلّ الفرس زليلاً أسرع(6). وأزلّک الشيطانُ
أزالک أو طلب زلّتک. وأزللتُ إليک نعمة: صنعتها ، ومن حقّک شيئاً: أعطيتکه (7). مثل أهديت. وفي الحديث : «من أَولَلّتَ إليه نعمةً».
والمزلّة: المَدحَضةُ، نحو الصخرة الملساء وما أشبهها(8) وقد وصف عليّ (عليّه السلام) الناس قبل بعثته (صلي الله عليّه وآله )بقوله: «قد استَهوَتهُم الأهوَاءُ واستَرَلَّتهُم الکِبرياء»(9) أراد: أدّت بهم إلي الزلل. والماء الزلال: العَذب ، لأنّه يَزِلّ عن ظهر اللسان لرقّته. والذئب الأزلّ: هو الأرسَح، قال ابن الأعرابي: سُمّي بذلک من قولهم: زلَّ، إذا عدا(10).
ومنه کتب عليّ (عليّه السلام) إلي بعض عمّاله:«واختطفتَ ماقدرتَ عليّه من أموالِهم المَصُونَةِ لأرامِلِهم وأيتامِهم اختِطاف الذِئبِ الاَزَلَّ دامِيَة المِغزَي الکَسِيرة »(11).
الزمَّارة: کناية عن الفاجرة(1) والمِزمار، بکسر الميم: آلة الزَّمر. يقال : زَمَر زَمراً، من باب ضرب ، وزميراً أيضاً. ويزمُر بالضم، لغة حکاها أبو زيد (2)والزَّمار: صوت النَّعام .زَمَرت النَّعامَةُ تَزمِر زِماراً (3) قال ابن دريد الزَّمار صوت النَّعَامَةُ الأُنّثي خاصّة، وصوت الظليم العرار. ويقال: زَمَرتُ بالحديث، إذا أفضت ذکره وبثثته للناس. وزَمِرَت مروءةُ الرجل، إذا قلّت ، وکذلک زَمِر شَعرُه، إذا رَقَّ وقلَّ نَبتُه (4) وفي الحديث النبويّ: «الجَرسُ مزمار الشيطان». وذلک أنّه لما کان کلّ صوتٍ مکروه يُنسب إلي الشيطان کضروب الغناء، وعويل النساء، وکان صوت الجرس من الأصوات المکروهة بدليل قوله( صلي الله عليّه وآله): لاتصحب الملائکة رفقة فيها جَرَس» حسن أن يُضاف صوته إلي الشيطان علي طريق المجاز والاتساع (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في التزهيد في الدنيا: فَاَمِعُوا عبادَ اللهِ الرحيلَ عن هذه الدار
المقدور عليّ أهلها الزوالُ»(6).
الزمع: يقال: ازمع فلان کذا وکذا، إذا عزم عليّه، ولا يکادون يقولون: أزمع علي کذا وکذا. وزَمِعَ الرجلُ يَزمَع زَمَعاً، هو أنّ يَخرَق من خوف (7) والزميع: الشجاع المقدام الذي يُزمع الأمر ثمّ لاينثني عنه(8)والزَّمع، بفتحتين: ما يتعلّق بأظلاف الشاءِ من خلفها الواحدة زمَعةُ ، وبالواحدة سُمّي(9) والزَّمعةُ التَّلعةُ. وقيل: هي القرارة من الأرض، والجميع أزماع. ويقال للرَّذالة والأتباع: هم زَمَع وأزماع (10). ومنه خبر النسّابة مع أبي بکر: «إنّک من زمعات قريش ، أي لست من أشرافهم ، وقيل : هي ما دون مسائل الماء من جانبي الوادي(11).
الزاملة: بعير پسنظهر به الرجل يحمل عليّه متاعه(1)وزمَلتُ الشيء حملته، ومنه قيل للبعير : زاملة(2) وزملتُ الرجل عليّ البعير وغيره فهو زميل و مزمول، إذا أردفنته أو عادلته. والزَّمال: مشيُ فيه مَيل إلي أحد الشَّقّين. ورجل زُمَّل وزُمّال وزَمَّيل، إذا کان ضعَيفاً. والمُزَّمَّل : المتلفف بثيابه(3)ومنه قوله تعالي: (المزّمّل )(4) وأصله المتزمَّل، فأُدغِمت التاء في الزاي فثُقَّلت الميم. ومن معني الحمل و الزاملة جاءت الاستعارة في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف الحکام الجائرين مَطَايا الخَطِيئاتِ، وزَوَامِلِ الآثامِ»(5).
في دعاء عليّ( عليّه السلام) : «أزِمَّةُ الأمُور بِيَدِکَ، ومَصَادِرَها عن قَضَائک»(6).
الزمام: الزمام في الأصل الخيط الذي يُشدَّ في البرة أو في الخِشاش ثمّ يُشدُّ إليه المِقودُ ثمَّ سُمّي به المقود نفسه(7) وزَممتُ البعيرَ أزُمُّه زمّاً، إذا جعلت له الزمام في بُرَته أو خشاشه(8)واستعارها (عليّه السلام) التصريف الأمور. واستعار عن لفظ الأزمّة للأبصار ملاحظة لشبهها بمقاود الإبل في حديثه عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله)يا بقوله: «ثُنيت إليه أزمّة الأبصار» (9) وأراد( عليّه السلام) بثناء الأبصار صرفها وعطفها نحوه( صلي الله عليّه وآله) وقد استعار عليّه السلام لفظ الأزمّة للآراء الفاسدة المتّبعة والأهواء الفائدة لهم إلي الما ثمّ بقوله: «ألقوا هذه الأزمّة التي تحمل ظُهورُها الأثقال من أيديکم، ولا تصدّعوا علي سلطانکم فَتَذُمُّوا غِبّ فِعَالکُم» (10).
في کتاب عليّ(عليّه السلام) للأشتر النخعي: «اللهَ اللهَ في الطَبقة السُّفلَي من الذين لاحِيلَةَ لهم، من المساکين والمحتاجين وأهل البُؤسَي والزَّمنَي ، فإ نَّ في هذه الطبقة قانِعاًومُعتَرّاً» (11).
الزَّمني: جمع الزَّمِن، ذو الزمانة، والفعل :زَمِنَ يَزمَنُ زَمَناً وزَمانةً (12). وهو عُدمُ بعض
ص: 362
أعضائه أو تعطيل قواه(1).
في الحديث : «نهي (صلي الله عليّه وآله) أنّ يصلّي الرجل وهو زناء»(2).
الزنوء: يقال : زنا البول زُنوءاً، من باب قعد، احتقن ، وزَنَاه صاحبه زُنووء أيضاً حقنه، حتّي ضيّق عليّه، يُستعمل لازماً ومتعدياً (3) قال الکسائي: هو الحاقن بوله، يقال منه: قد زنا بوله يزنا زُنوءاً، وأزنأ الرجلُ بوله إزناءً، وکلّ شيء ضيق فهو زنساء، قال الأخطل:
وإذا قُذِفتَ إلي زَنا ءٍقعرُها*** غبراءَ مظلمةٍ من الأحفار(4).
قال الرضي: زَناء فيه من الفائدة ماليس في قوله: حاقن، لأنّ الحاقن قد يحقن القليل کما يحقن الکثير، والزناء هو الضيق، ولا يکاد يضيق وعاء البول إلاّ من الکثير دون القليل (5). والزَّنَاء: هو القصير من کلّ شيء(6) والزُّنوء، يُهمز ولا يهمز ، وهو الارتقاء في الجبل، زنا يزنو زُنُوّاً، وزنأ يزنا (8)زَناً (7). والزّنا: وطء المرأة من غير عقدشرعي، ، وقد يُقصر. وإذا مُدَّ يصُحُّ أنّ يکون مصدر المفاعلة، والنسبة إليه زنوي(8) والمقصور لغة الحجاز، والممدود لغة نجد،وهو ولد زِنيَةٍ ،بالکسر والفتح لغةُ، وهو خلاف قولهم: هو ولدُ رِشدَةٍ (9).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «طويل الزّنَدَين»(10). ال الزّندان: طرفا عظمي الساعدين مذکران. وطرف الزند الذي يلي الإبهام هو الکوع، وطرف الزَّند الذي يلي الخنصر کر سوع، والرسغ مجتمع الزندين(11). قال الزمخشري: الزندان شُبّها بزَندي القَدح(12) والزَّد يُقدح به النارُ، وهو الأعليّ وهو مذکّر، والسُّفلي زَندَةُ بالهاء، ويُجمع عليّ زناد (13). ومنه جاء
ص: 363
حديث عليّ( عليّه السلام) : «وضنَّ الزَّندُ بِقَدحه»(1).
واستعار( عليّه السلام)الزَّند لانبثاق أنّوار العلوم و ظهورها، من دعوته، وهدايته( صلي الله عليّه وآله) للخلق بقوله عنه (صلي الله عليّه وآله): «وشِهَابُّ سَطَع نورُه، وزَندُّ بَرَق لَمعُه»(2).
في الحديث : أنّ جبرئيل أخبر النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «أنّ الجنّة لايجد ريحها زَنّوق».
والزنّوق في الحديث: المخنّث (3).
في کتاب عليّ(عليّه السلام) إلي أهل مصر:«فنَهَضتُ في تلک الأحدا ث ِحتّي زاحَ الباطِلُ وزَهَقَ، واطمأنَّ الدينُ، وتَنَهنه»(4).
الزَّهَقُ: من قولهم: زَهِقَت نَفسُه تزهَق زَهَقاً، وأزهقتهُ إزهاقاً.
وکلُّ تالف زاهقه(5).
ومنه قال (عليّه السلام) : «والرَّوع والزُّهوق»(6) والزهوق فسّر بالبئر البعيدة القعر (7)و تنهنه، أي کفّ، يعني الباطل، وأراد (عليّه السلام) : صَبَرت حتّي اطمَأَنّ أهلُ الدَّين. وتَنَهتَه أهلُ البَاطل(8).
روي الحسن بن عليّ بن بنت إلياس قال: قلتُ لأبي الحسن( عليّه السلام ): «هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ قال: لايجوز بيعه حتّي يزهو».قلت: وما الزهو، جُعلت فداک؟ قال: يحمرّ ويصفرّ(9) الزهو: احمرار ثمّر النخل واصفراره، وکما ذکر . قال أبو زيد: زهاالنخلُ وأزهي، وأبي الأصمعي إلاّ زها البَشرُ ، ولم يعرف أزهي (10).
والزَّهو: الباطل والتزيد في الکلّام، قال ابن أحمر:
ولا تقولنَّ هو ماتخبّرني ***و لم يترک الشَّيبُ لي زهواًولا العَوَر
والزَّهو: من قولهم زُهي الرجلُ فهو مَزهُوّ إذا تکبّر(11).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ کثرة الإطراء تُحدث الزَّهوَ، وتُدني من
ص: 364
العزّة»(1).وباعتبا الأنّفة والکبرياء قال (عليّه السلام) : فإذا کانت المرأة مزهُوَّةً لم تُمَکّن من نَفسَها»(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في التوحيد: «ولا يُوصفُ بالأزواج(3).
الزّوج: الشَّکلّ يکون له نظيرُّ کالأنّصاف والألوانِ، أو يکون له نقيضُ کالرَّطب واليابسِ، والذَّکر والأنّثي، والليل والنهار ،و الحُلوِ والمُرَّ(4).
وکلّ ما في العالم زوجُ من حيثُ أنّ له ضِدّاً أو مِثلاً ما، أو ترکيباً ما، بل لا يَنفَکُّ بَوجهٍ
من ترکيب (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «قد زَاحَت عنکُم الأبَاطيلُ»(6).
الزيح: يقال: زاح الشيء يزوح ويزيح زيحاً وزيحاناً، إذا زال عن مکانه، وزحته وأزحته أنّا إزاحةً، وهو مزوح ومُزاح(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في مال الإنسان إلي الفناء ومصيره إلي القبر: «إلي دار غُربَته، و مُنقطَع زَورَتِه»(8).
الزيارة في العرف هي قصد المزور إکراماً له واستئناساً به. وزار فلان فلاناً، أي مال إليه، والمزار: موضع الزيارة. والزَّورُ: الزائر، وهو في الأصل مصدر وضع موضع الاسم کصَوم ونَوم بمعني صائم ونائم، والزور: الزائرون وزاره يزورُه زؤراً وزيارةً وزوارةً و از داره: عاده، افتعل من الزيارة(9) وقد يُفسّر دعاء الباقر (عليّه السلام) : «اللّهم اجعلني من زوّارک وعمّار مساجدک»(10). باللجوء والقصد إلي الله والتوجّه نحوه، أو يکون مراده زيارة أوليائه وأصفيائه، فزيارتهم زيارة الله. قال آل الشيخ الصدوق في ذيل حديث الکاظم عليّه السلام ، في فضل زيارة الرضا (عليّه السلام) :«من زاره أو بات عنده ليلةً کان کمن زار الله في عرشه :
کمن زار الله في عرشه، ليس بتشبيه؛ لأنّ الملائکة تزور العرش وتلوذ به وتطوف حوله. ونقول: نزور الله في عرشه کما يقول
ص: 365
الناس: نحجّ بيت الله ونزور الله، لا أنّ الله عزّ وجلّ موصوف بمکان، تعالي الله عن ذلک
علوّاً کبيراً (1)وقد جاءت الزورة في حديث عليّ (عليّه السلام )تفيد معني الواحدة: «وانقطَعوا عن زَورَتِه»(2) الزَّور: الزيارة يقال: زاره يزوره زوراً، وزيارةً وزوارةً، والزورةُ: المرّة الواحدة. والتزوير: أنّ يکرم المزورُ زائره وَيعرِفَ له حقّ زيارته. وقال بعضهم : زار فلان فلاناً، أي مال إليه، ومنه تزاورَ عنه، أي مال عنه. وزور القوم رئيسهم (3)والزَّوار والزَّيار: حَبل يُجعل بين التصدير والحَقَب، وزار الفرس يَزوره: شدّه به. ومنه خبر تميم الداري عن ابن عمًّ له عن الدجال أنّه رکب البحر، وأنه رآه في جزيرة من البحر مکبّلاً بالحديد بأزورةٍ، ورأي دابّة يواريها شعرها، فقالوا: ما أنّتِ؟ قالت: أنّا الجسّاسة، دابّة أهدَب القبال .. الخبر. بأزورةٍ: منصوبة المحلّ، کأنّه قيل: مُکَبّلاً مَزوراً. والجسّاسةُ: قيل لها لأنّها تجُسُّ الأخبار للدجال. والجسّ في التتبّع والاستنبات يکون بالسؤال وباللمس، کجسَّ الطبيب باليد وبالبصر. وقِبال الشيء وقبَله: ما استقبلک منه، ومنه قِبَال النَّغل، وأهدب : أي کثير الشعر(4) والزَّوَرُ، بالتحريک: المَيَلُ، وهو مثل الصَّعر.
عُنق أزوَرُ: مائل. والزَّورُ: الصدر والزوراء: البئر البعيدة القعر، وأرض زوراء : بعيدة ، و مفازة زوراء: مائلة عن السَّمت والقصدِو فلاة زوراء: بعيدة فيها از ورار. وسمّيت مدينة الزوراء لازورار قبلتها. والتزوير : تزيين الکذب، وإصلاح الکلّام وتهيئته. والإنسان يزوّر کلّاماً ، هو أنّ يقوّمه ويُتقنه قبل أنّ يتکلّم به. والزُّور: شهادة الباطل و قول الکذب، ولم يشتقّ من تزوير الکلّام، ولکنه اشتُقّ من تزوير الصدر والزَّورُ: العزيمة . وماله زورُ ولا صَيُّور، بمعنيً أي : ماله رأي وعقل يرجع إليه (5)وقيل : أصل الزور فارسي من قولهم : زور، وهو القوّة(6) ومنه حديث فاطمة (عليّها السلام) عن أبيها( صلي الله عليّه وآله): «أفتجمعون إلي الغدر اعتلالاً عليه بالزور»(7) وقيل للکذب زور؛ لکونه مائلاً عن جهته (8). وکلّ شيء يُتّخذ ربّاً ويُعبد من دون الله عزَّ وجلَّ
ص: 366
فهو الزُّور والزُّون(1) ومن معني الميل جاءت
الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا والزهد فيها: «ومن ازورَّ عن حَبائِلک وُفَّق، والسالِمُ منکِ لايُبالي إنّ ضاقَ به مُنَاخهُ، والدنيا عِندَه کيومٍ حانَ انسِلاخهُ» (2).
قال الصادق (عليّه السلام) : «لا يؤکلّ من الغربان زاغ ولا غيره، ولا يؤکلّ من الحيّات
شيء»(3).
الزاغ: من أنّواع الغِربان، يقال له: الغُراب الزَّعري، وهو صغير نحو الحمامة أسود ، برأسه غُبرَةُ ومَيلُ إلي البياض، والجمع زيغان(4).
عن أبي جعفر (عليّه السلام) قال: «إنّ العبد ليذنب الذَّنب فَيُزوي عنه الرزق»(5).
الزَّيّ: يقال : زوي الرجلُ الميراث من ورثته: عدل به عنهم، وزَوَي عنّي حقّه(6).ومن هذا وصف عليّ (عليّه السلام) زهد النبيّ (صلي الله عليّه وآله) في الدنيا: «وزُوي عن زَخَارِفها»(7).
وزويت الشيء أزويه زيّاً وزُوّيا، إذا جمعته(8)وزوي الرجلُ وجهه، إذا قبضه، وفي حديث النبيّ( صلي الله عليّه وآله) : «زُويت لي الأرض» کانّها جُمعت. ويقال: انزوي القوم بعضهم إلي بعض، إذا تدانَوا و تضا موا، وانزوت الجلدة من النار، إذا انقبضت واجتمعت. ومنه الحديث: «إنّ المسجد لينزوي من النُخامة کما تنزوي الجلدة من النار، إذا انقبضت واجتمعت »(9) وزاوية البيت اشتُقت منه، يقال : تزوّي فلان في زاوية(10).
المحبوب والمکروه(1)الشَّقاق: الخِلاف، وهو يشاقهم خِلافاً،والاشتقاق : الأخذ في الکلّام والخصومات يميناً وشمالاً (2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء:«وَلبَد بعدزَيفان وثباته» (3).
الزيف: يقال : زاف البعيرُ والرجلُ وغيرهما يزيف في مشيته زيفاً وزُيوفاً وزَيفاناً، فهو زائف وزَيف، الأخيرة عليّ الوصف بالمصدر: أسرع. وقيل: هو سرعة في تمايل. وزاف البعيرُ يزيف: تبختر في مشيته . والزيّافة من النوق: المختالة، وکذلک الحمام عند الحمامة إذا جَرَّ الذُّنابي ودفع مُقَدَّمه بمؤخّره واستدار عليّها. وزافت المرأةُ في مشبها تزيف، إذا رأيتها کأنّها تستدير(4)ومنه وصفه (صلي الله عليّه وآله) للطاووس: «ويَميس بِزَيَفَانه»(5)، والزيف: من وصف الدراهم ،يقال: زانت عليّه دراهمه، أي: صارت مردودة لغِشَّ فيها، وقد زُيّفت، إذا رُدَّت وزاف الدرهمُ. يزيفُ زُيوفاً وزُيوفةً رَدُو، فهو زائف، والجمع زُيَّف، وکذلک زَيفُ، والجمع زُيوف(6)وقيل: الزيف دون البَهرَج في الرداءة، لأنّ الزيف ما يردّه بيت المال والبَهرَجُ: مايَرُدُّه التجّار (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في حمد الله والثناء عليّه: «وغير کلّ شيء لابِمُزَايَلَةٍ»(8).
الغيرية بالمزايلة: هي انفراد الذات عن ذات أُخري، وهي صفة ثابتة لکلّ شيء(9).
والمزايلة: المفارقة، ومنه يقال : زايله مزايلةً وزيالاً إذا فارقه. والزيال: الفراق ، وتزيّل القوم تزيلاً وتزييلاً؟ تفرّقوا (10)، ومنه قوله تعالي: ﴿فزيّلنا بينهم﴾ (11). أي ميّزنا وفرّقنا بينهم (12). وإلي هذا المعني أشار علي (عليّه السلام )محذّراً: مع قرب الزيال وأُزوف الانتقال (13) وأَزِف الشيء أُزوفاً: دنا وقَرُب(14).
ص: 368
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «لابأس بذکر الله وأنت تبول، فإنّ ذکر الله عزّوجلّ حسن عليّ کلّ حال فلا تسأم من ذکر الله»(1).
السآمة: الملالةُ ممّا يکثر لبثه فِعلاً کان أو انفعالاً(2) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: ثمّ هو يُفنيها بعد تکوينها، لالِسُأمٍ دَخَل عليّه في تَصرِيفها وتَدبِيرها»(3).
في حديث عليّ(عليّه السلام) لمّا أخذ مروان أسيراً يوم الجمل وجاء ليبايعه: «لو بايعني بکَفَّه لَغَدرِ بِسُبَّته»(4).
السَّبَّة: الاست. وقالت بعضُ نساء العرب لأبيها، وکان مجروحاً: أبَت، أقتلوک؟ قال: نعم، إي بُنَيَّةُ، وسَبُّوني! أي طعنوه في سَبّته (5) .
ويقال للدُّبر: سَبَّةُ وسُبَّهُ وسِبَّةُ وسبُّ. ومنه قولهم: أنّت عليّهم سُبَّةُ: أي يُعابون بک ويُسَبُّون. والسَّبسَبُ: المفازة(6) ومنه قول السيّد الحميري في معجزة أمير المؤمنين( عليّه السلام) في الصخرة التي رفعها (عليّه السلام) حين شکا جنده العطش:
الا بغاية فرسخين ومَن لنا*** بالماء بين نقاً وقيًّ سَبسَبِ (7).
والسَّبُّ: الشتم، وأصله القطع، ثمّ اشتُقّ
ص: 369
منه الشتم. ومن ذلک السَّبَّ: الخِمار، لأنّه مقطوع من مِنسَجه. والسبّ: العقر، يقال: سَببتُ الناقة، إذا عقرتها. ورجلُ سُبَّة، إذا کان يُسَبُّ کثيراً، ورجل سُبَبَة، إذا کان يَسُبُّ الناس کثيراً. ومضت سُبَّةُ من الدهر، مضت قطعة منه(1).
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «إنّ أحبّ السبحة إلي الله عزّ وجلّ سبحة الحديث ، وأبغض الکلّام الي الله عز وجل التحريف». قيل: يا رسول الله و ما سبحة الحديث؟ قال: «الرجل يسمع حرص الدنيا وباطلها فيغتمّ عند ذلک فيذکر الرجل الله عزّ وجلّ. وأمّا التحريف فکقول الرجل: إنّي لمجهود، ومالي، وما عندي»(2) .
سبحة الحديث: من التسبيح، والتسبيح التنزيه والتقديس والتبرئة. ومعني سبحان الله وبحمده: أنّزّهه عمّا لا يليق به متلبّساً بحمدي عليّ التوفيق لتنزيهه والتأهّل لعبادته(3).
واستُعمل التسبيح في مواضع تقرب منه اتساعاً، فقد يُطلق التسبيح عليّ غيره من أنّواع الذکر مجازاً، کالتحميد والتمخيد(4).وغيرهما. وقد يُطلق عليّ صلاة التطوّع والناقلة. يقال :قضيت سُبحتّي. والسُّبحة من التسبيح کالسخرة من التسخير . وسبحان الله: معناه تنزيهاً الله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالي عن کلّ مالا ينبغي له أنّ يُوصف(5).
وجاء في الخبر أنَّ الصادق (عليّه السلام) قال: «هو أنفة لله، وقال: أما تري الرجل إذا عجب من الشيء قال: سبحان الله !؟»(6).وفي الحديث: سأل مالک الجهني أبا عبد الله( عليّه السلام) عن وقت الظهر، قال: «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، فإذا فرغت من سُبحتَک فصلَّ الظهر متي ما بدالک»(7). مراده (عليّه السلام) السُبحة من الصلاة: التَطَوُّع(8) وسبّح الرجل تسبيحاً، إذا فرغ من سُبحته (9) والتسبيح ، أصله المرُّ السريع في عبادة الله تعالي، وجُعل التسبيح عامّاً في العبادات قولاً کان أو فعلاً أو نيّة(10)ومنه فسّر
قوله تعالي: ﴿فلولا أنّه کان من المسبّحين
ص: 370
لَلبِث في بطنه إلي يوم يُبعثون ﴾(1)وقيل: من المسبحين، أي من المصلّين (2). وسمّيت الصلاة لاشتمالها عليّه(3) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) :«وراء ذلک الرَّجيج الذي تستّکُّ منه الأسماع سُبُحات نورٍ تَودَعُ الأبصارَ عن بُلُوغها»(4). السُبُحات بضم السين والباء أنّوار الله وجلاله وعظمته جمع سُبُحة. وسبحات وجه الله: أنّواره وجلاله. وسبُحات الوجه محاسنه، لأنّک إذا رأيت الحسَن الوجه
قلتَ: سبحان الله (5). ومعني سبحات وجه ربّنا: جلاله وعظمته. والمراد بالوجه: الذات (6) وتردع الأبصار: تکفّها (7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) ذامّاً أصحابه قولهم:
«أَمهِلنا يُسبّخ عنّا الحرّ»(8)
التسبيخ: التخفيف، يقال: تَسبّخَ الحَرُّ والغَضَبُ وسيخ: سکن وفتر(9)
قال النبي (صلي الله عليّه وآله) في وصف الخوارج: «إنّهم يَمرَقون من الدينِ کما يَمرَق السَّهمُ من الرميّة وعلامتهم التَّسبيد» (10).
التسبيد: يعني الحلق وترک التدهّن ، کما ذکر ذلک الصدوق. يقال: سبّد الرجل رأسه، إذا استقصي حلقه (11)وسبّد رأسه وسمّده،أي استأصله. والسَّبَد: الشَّعر، وقولهم: «ماله سَبَدُ ولا لَبَدُ»، أي ماله ذو شعر ولا وَبَر متلبّد، و به سُمّي سبّداً (12).
بالحديدة أو بغيرها(1) وأراد (عليّه السلام) عميق في
دواخله من باب المجاز. والسَّبرة: الغداة الباردة. وثوب سابري: رقيق، وکذلک کلّ رقيق من الثياب البيض عندهم سابري . وهو منسوب إلي سابور، فثقل عليّهم أنّ يقولوا سابوري، فقالوا: سابِريُّ(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في مدح الأنّصار: «هُم واللهِ رَبَّوا الإسلامَ کما يُربَّي الفِلوُ مع غَنائهِم، بأيديهم السَّبَاط، وأَلسِنَتِهِمُ السَّلاط»(3).
السُّبُوطة: يقال : رجل سَبطُ اليدين بَيّن السُبوطة: سَخيُّ سَمحُ الکفّين. وامرأة سَبطةُ الخلقِ وسَبِطة: رخصة ليّنة. ورجلُ سَبِط بيّن السَّباطة: طويل. ومطر سَبط وسَبِط، أي متدارک سَحُّ ، وسَباطتهُ سَعَتهُ وکثرته (4) وشبّه عليّه السلام تربيتهم للإسلام وحمايتهم له بتربية الفِلو، ووجه الشبه شدّة عنايتهم به وحسن مراعاته إلي حين کماله (5).
وفي حديث وصفه (صلي الله عليّه وآله): «سَبط القَصَب»(6). السبط: بسکون الباء وکسرهاي الممتد الذي ليس فيه تعقد ولانتو. والقصب پريد بها ساعديه وساقيه(7)وأصل السبط
انبساط في سهولة، يقال: شعر سَبط وسَبِط وقد سَبِط سُبُوطاً وسَباطة وسَبَاطاً، وامرأة سَبطة الخلقة، ورجل سَبط الکفّين : ممتدّهما، ويُعبّر به عن الجود(8) والأسباط في ولد إسحاق بمنزلة القبائل في ولدإسماعيل (9). وهم الذين يرجعون إلي أبٍ واحد، سُمّي سِبطاً ليُفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق ، وجمعه أسباط (10). وفي الحديث النبوي: «حسين سِبط من الأسباط»(11). أي أمّة من الأمم في الخير (12) .ومنه: «الحسن والحسين سِبطا رسول الله( صلي الله عليّه وآله)» أي طائفتان وقطعتان منه. وقيل: الأسباط خاصّة: الأولاد. وقيل أولادُ الأولاد: وقيل: أولاد البنات (13).
ص: 372
في الحديث : قال أبو عبدالله (عليّه السلام) : «إنّما يُکره أنّ يجمع الرجل بين السُبوعين
والطوافين في الفريضة، فأمّا في النافلة فلا»(1).
الأسبوع: من الطواف ونحوه، ويجمع علي أسبوعات (2) ومنه الحديث: «أنّه (عليّه السلام) طاف بالبيت أسبوعاً». أي سَبع مرّاتٍ. ومنه الأسبوع» للأيام السبعة، ويقال له سُبوع بلا ألفٍ لغةً فيه قليلة. وقيل: هو جمع سُبع أو سَبع، کبرد و برود ، وضرب وضروب(3). قال الليث: الأيام التي يدور عليها الزمان في کلّ سبعة منها جمعة تُسمّي الأسبوع ويُجمع أسابيع ، ومن العرب من يقول: سُبوع في الأيام والطواف بلا ألف مأخوذة من عدد السَّبع. ويقال: أقمت عنده سُبعين، أي جمعتين وأسبوعين. وسبّع الإناء: غسله سبع مرات. وسبّع القرآن: وظف عليّه قراءته في سبعِ ليالٍ. وسبّع الشيء تسبيعاً: جعله سبعة.
والسَّبع: الوردُ لستِ ليالٍ وسبعة أيّام. والعرب تضع التسبيع موضع التضعيف، وإنّ جاوزالسّبع والأصل قوله تعالي: ﴿کَمَثلِ حَبّةٍ أَنبتت سَبعَ سَنابل في کلّ سنبلة مائة حَبّةٍ ﴾(4).
والسَّبُع: واحد السباع. والاُنّثي سَبُعة، وعبدّ مسبع في لغة هذيل : عبد مُترَف، ويقال: تُرک حتّي صار کالسَّبُع لجرأته عليّ الناس، وهو في لغة: الدعيّ(5).
ومنه استُعير في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي: «ولا تکونَنَّ عَلَيهِم سَبُعاً ضَارياً تَغتِنَم أَکلَهُم»(6)
في حديث عليّ (عليّه السلام) يحذّر من فتنة الدنيا: «فإنّها عِندَ ذَوي العُقولِ کَفَيء الظلّ، بينا تراه سَابِغاً حتّي قَلَص، وزائداً حتّي نَقَصَ»(7).سابغاً: يقال: شيء سابغ، أي : کاملُ وافٍ، وسبغ الشيء يسبُغُ سُبوغاً: طال إلي الأرض واتسع. وسبغت النّعمة تسبُغ، بالضم، سُبُوغاً اتسعت(8) ومنه دعاؤه( عليّه السلام) في الاستسقاء:« الحَمدُ اللهِ سَابِغِ النّعم ومفرَّج الهمّ وبَاريء
ص: 373
النَّسَم»(1). وقال (عليّه السلام ): «رغّب فأسبَغَ» (2). وإسباغ الوضوء: إتمامه وإکماله، وذلک في
وجهين: إتمامه عليّ ما فرض الله تعالي، وإکماله عليّ ما سنّه رسول الله (صلي الله عليّه وآله)(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الإسلام: جامعُ الحَلبة، مُتَنافَسُ السُّبقَة»(4).
السَّبق: القُدمة في الجَري وفي کلَّ شيء، تقول: له في کلّ أمر سبقة وسابقة و سَبق، والجمع الأسباق، والسوابق. والعرب تقول للذي يَسبق من الخيل: سابق وسَبوق، وإذا
کان بُسبَقُ فهو مسَبَّق، والسبَّق من النخل:المبکَّرة بالحمل. والسَّبَق: ما يُجعل من المال
رَهناً علي المسابقة ، وبالسکون: مصدر سبقتُ أسبق. وسَبَقت الخيلُ وسابَقتُ بينها، إذا أرسلتها وعليها فُرسانُها لتنظر أيّها يَسبِق(5).
وفي الحديث: «لاسَبق إلّا في خُفًّ أو حَافر أو نَضل»(6) اختلف المحدثون في أنّ السبق في هذا الحديث: هل هو بسکون الباء ليکون مصدراً بمعني المسابقة، أو بفتحها بمعني المال المبذول للسابق. فعليّ الأوّل لاتصحّ المُسابقة في غير هذه الثلاثة،وعليّ الثاني، وهو الأصح روايةً عليّ مانقله بعض العلماء - تصِحُّ، ولکن أخذ
العوض حرام (7)، ويُستعار السبق لإحراز الفضل والتقدّم، ثمّ يُتجوّز به في غيره من التقدّم کما جاء في الحديث المروي عن أبي جعفر عليّه السلام: «لا تُقبل شهادة سَابِق الحاجّ»(8).
وسابق الحاج هو الذي يتقدّم الحجّاج ولايمشي کمشيهم (9).
مايُتوصَّل به إلي شيء خيراً کان أو شرّاً(1).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام )في وصف من وکلّه الله إلي نفسه: «فهو جائرُ عن قَصدِ السَّبيل»(2)و منه وصف (عليّه السلام )الناس في الدنيا بقوله: «وأنتم بنوسَبيلٍ، علي سَفَرٍ من دارٍ ليست بدارکم»(3) أراد: مسافرون. وقيل للمسافر ابن السبيل لتلبّسه به، قالوا: والمراد بابن السبيل في الآية، من انقطع عن ماله، والسبيل : السبب(4) ومن هذا يُفسّر قوله تعالي:﴿وياليتني اتخذتُ مع الرسول سبيلاً ﴾(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «خَرَقَ عِلمُه بَاطِنَ غَيبِ السُّتُرات»(6).
السُترة: ما استترت به من شيء کائناً ما کان، وهو الستار والسَّتارة (7) وکلّ شيء سترته فالشيء مستور، والذي تستره به سَترله. وامرأة ستيرة: حَييّة وخَفِرة (8).
قال عليّ (عليّه السلام) وم الجمل لعائشة: «کيف رأيتِ صُنعَ الله بکِ ياحُمَيراء؟ فقالت له: مَلَکت فأسجِخ».
أسجِح: يعني تکرّم(9) قال ابن الأثير: أي قدرت فسهّل وأحسن العفو، وهو مثل سائر (10). وأصله السهولة والرفق، يقال : مشيةُ سُجُح، أي سهلة(11) ومنه حديث(عليّه السلام) يحرّض أصحابه عليّ القتال: «وامشوا إلي الموتِ مَشياً سُجُحاً »(12) أو سَجحاء (13). والسجحاء، تأنيث الأسجح وهو السهل(14)والسجح لين الخدَّ، يقال : خدّ أسجح، سهل طويل قليل اللحم واسع، وقد سَجِح سَجَحا و سَجاحة. قال ذو الرمّة:
لها أُذن حشرُ وذِفرَي أسيلةُ*** ووجه، کمرأة الغريبة، أسجَح(15).
ص: 375
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ماأنتُم لي بِثقَةٍ سَجيسَ الليَّالي»(1).
سجيس الليالي والأيّام: أي أبداً، وسجيس الليالي: آخرها. ومنه قيل للماء الراکد: سجيس لأنّه آخر مايبقي . قال الشَّنفَري:
هنالک لا أرجو حياةً تُسرّني*** سجيسَ الليالي مُبسَلاً بالحرائر
ويقال:لا آتيک سَجِيسَ عُجَيسٍ. أي: الدهر کلّه (2) وفي حديث المولد: ولا تضرُّوه في يَقظةٍ ولا مَنَام سجيس الليالي والأيام» أي أبداً(3).
في حديث الصادق (عليّه السلام) قال: «جاءت امرأة فاستعدت عليّ أعرابيّ قد أفزعها فألقت جنيناً ، فقال الأعرابي: لم يُهلّ ولم يصح ومثله يُطلُّ فقال له النبي (صلي الله عليّه وآله):«اسکت سجّاعة، عليّک غرّة عبد أو أمة»(4).
سجّاعة: من سجع الرجلّ کلّامه، إذا جعل لکلّامه فواصل کقوافي الشَّعر ولم يکن موزوناً (5)ويقال: رجل سجاع وسجاعة، وکلّام مسجوع و مسجّع، وسجعه صاحبه وسجّعه. وحمامة ساجعة وسجوع، وسجعت، إذا ردّدت صوتها عليّ وجه واحد، وکذلک سجعت الناقة في حنينها(6).
قال النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «إنّ الملک ليصعد بعمل العبد مبتهجاً به، فإذا صعد بحسناته يقول الله عزّ وجلّ: اجعلوها في سجين ، إنّه ليس إيّاي أراد» (7).
السجّين: اسم لجهنّم ، وقيل: هو اسم الأرض السابعة(8) وعن زيد: حبس(9).وفسّر قوله تعالي: ﴿إنّ کتاب الفُجّار لفي سجّين﴾ (10)بأنّه فعّيل من السَّجن (11).
في حديث الصادق (عليّه السلام): «إذا مات
ص: 376
لأحدکم ميّت فسَجّوه تجاه القبلة»(1).
التسجية: يقال : سَجَيتُ الميّت، بالتثقيل، إذا غطّيته بثوبٍ ونحوه (2)مستعار من قولهم: سجا البحرُ سجواً، سکنت أمواجه (3) وفي سجو البحر قال عليّ (عليّه السلام) واصفاً عظم مخلوقاته: «ولا لَيلُ داجٍ، ولا بَحرُ ساجٍ»(4).
والسجيّة: الغريزة (5). ومن هذا جاء حديث الصادق( عليّه السلام) : «إنّ المؤمن لايکون سجيّته الکَذِب والبخل والفجور، وربّما ألم من ذلک شيئاً لايَدوم عليّه»(6) وهي ما سجا عليه طبعه و ثبت، وجمعها سجيات وسجايا(7).
في حديث عمّار بن مروان قال: سألتُ أبا عبدالله (عليّه السلام) عن الغلول، فقال : کلّ شيء غُلَّ من الإمام فهو سحت، وأکلّ مال اليتيم سُحت، والسحتُ أنّواع کثيرة منها ماأُصيب من أعمال الولاة الظلمة، ومنها أُجور القضاة وأجور الفواجر، وثمّن الخمر والنبيذ والمسکر، والرَّبا بعد البيّنة. فأما الرُّشوة، ياعمّار ، في الأحکام فإنّ ذلک الکفر بالله العظيم ورسوله (8)السُّحت والسُّحت: کلّ حرام قبيح الذّکر، وقيل: هو ماخبث من المکاسب وحُرم فلزِم عنه العار، وقبيح الذکر، والجمع أسحات، وإذا وقع الرجل فيها قيل: قد أسحت الرجل. وقيل للحرام الذي لا يحلّ کسبه، لأنّه يسحتُ البرکة، أي يُذهبها .
والعرب تقول: سیحت وأسحت (9) والسحت لغة أهل الحجاز، والإسحات لغة أهل نجد وبني تميم (10). ومنه قوله تعالي: (فيُسحتکم بعذاب) (11)أي يستاصلکم بالإهلاک وأصله من استقصاء الشعر (12). والرشوة،بفتح الراء وضمّها وکسرها، الجُعل، والجمع رُشئً ورِشئً، ورشاه يرشوه رشواًأعطاه الرشوة. وقد رشا رشوةً وارتشي منه رشوةً إذا أخذها. وراشاه : حاباه. وترشاه لاينه. وراشاه إذا ظاهره. والرشوة مأخوذة من رشا الفرخ، إذا مدّ رأسه إلي أُمّه لتزقّه(13). وقيل أصلها من الرَّشاء: الحَبل الذي يتوصّل به إلي الماء، وجمعه أرشية، ککساء وأکسية. وقلّ
ص: 377
ما تستعمل إلّا فيما يتوصّل به إلي إيطال حقًّ أو تمشية باطل(1) وليست هي من الجُعل والجَعالة، التي هي صيغة ثمّرتها تحصيل المنفعة بعوضٍ مع عدم اشتراط العلم في العمل والعِوض (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لي عن السّحاب: أرسله سَحّاً متدارکاً (3).
سحّاً: يقال: سحَّ الدَّمعُ والمطرُ والماءُ يَسُحُّ سَحّاً وسُحُوحاً، أي: سال من فوق واشتدَّ انصبابه. وساح يسيحُ سَيحاً، إذا جري عليّ وجه الأرض. ومطر سحسَحُ و سَحساحُ: شديد يسُحُّ جدّاً يقشِر وجه الأرض. وتسحسَحَ الماء والشيء: سال(4) ومنه جاء دعاء الحسين (عليّه السلام) للاستسقاء: سحاً سحساحاً (5) وفرس مِسَحُّ بکسر الميم: جواد سريع کأنه يصب الجري صبّاً، شُبّه بالمطر في سرعة انصبابه. والسَّحُّ والسُّحوح: هما سِمَنُ الشاة. يقال : سَحَّت الشاةُ والبقرة تَسِحُّ سَحّاً وسُحُوحاً وسُحُوحةً، إذا سمنت غاية السَّمَن.
وقيل : سَمِنَت ولم تنتِه الغاية(6). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) عن عليّ (عليّه السلام) في أدب المصّدّق : «وليرفق بهنَّ جهده حتّي يأتينا بإذن اللهِ سحاحاً سِماناً غير متعبات ولا مجهدات»(7) .
وتمرُ : متفرّق . وسُحُّ: يُکنزُالسحسَحُ عَرصةُ الدار، وهي الساحة ، يقال: اذهب فلا أرينّک بِسَحسَحي وساحتي : أي ناحيتي(8)وسحّه مائةَ سَوطٍ يَسُحُّه سحّاً، أي جَلده(9) ومن هذا المعني ومعني الانصباب والاندفاع استُعيرت العبارة التي أوصي بها أسامة حين أنّفذ جيشَه إلي الشام: أغِر عليّها غارةً سَحّاء ، لا تتلاقي عليّک جموع الروم. أي تسُحُّ عليّهم البلاء دفعةً من غير تلبّث، کما قال القائل:
ورُبّةَ غارةٍ أوضعتُ فيها ***کسحَّ الخزرجيّ جَريم تَمرٍ (10).
ص: 378
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الفتن: «تَدُقُّ أهلَ البَدوِ بِمِسحَلِها، وتَرُضُّهُم بِکَلکلِها (1).
المِسحل: المِبرَد. والمِسحَلّ: اللَّجام، وقيل: فأس اللَّجام. والمِسحَل: اللسان، والمِسحَلُ: الميزابُ الذي لايُطاق ماؤه. والمسحَلُ: المُنخُلُ. والمسحَلُ: فم المزادة.
والمِسحَل: الخيط يفتل وحده، فإنّ کان معه غيره فهو مُبرَم ومُغارُ. والمِسحَلُ: الخطيب الماضي، والمِسحَلُ: الحمارُ الوحشيُّ، وهو صفة غالبة، وسحيله: أشدُّ نهيقه. والسَّحيل والسُّحال، بالضم: الصوت الذي يدور في صدر الحمار. والسَّحلُ: القَشر والکشط. والساحلُ: شاطيء البحر. والسَّحل: النَّقد من الدراهم. وسحَلَ الدراهم يسحَلُها سَحلاًانتقدها. والسَّحل : الثوبُ الأبيض من الکُرسُف من ثبياب اليمن (2).
وجاء في الخبر: کُفَّن رسول الله( صلي الله عليّه وآله) في ثلاثة أثواب سَحُولية کُرسف(3) وروي: في ثوبين سَحُوليَّين. قال الزمخشري: سَحول وحَضور: قريتان من قري اليمن. وقيل: السَّحولية المقصورة، کأنّها نسبت إلي السَّحول، وهو القصّار لأنّه يَسحلُها، أي يغسلها فينفي عنها الأوساخ. وروي بضم السين عليّ أنّه نسب إلي السُّحول جمع سَحل، وهو الثوب الأبيض. وقيل: الثوب من القطن (4). وأهل البدو: أهل البادية، والمراد أنّ هذه الفتنة تصدم أهل البَدو بمقدمة جيشها کما يصدم الفارسُ الراجلَ أمامه بمسحل لجام فرسه(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الطاووس:«کأنّه مُتَلفّع بمِعجَرٍ أسحَمَ»(6).
السَّحَم والسُّحام والسُّحمة: السواد، وکلُّ أسود أشح. ويقال للسحابة السوداء: سَحَماء. وقال ابن الأعرابي: أسحمت السماءُ وأثجَمَت: صبّت ماءها. وقال: السَّحَمةُ الکُتلَةُ من الحديد ، وجمعها سَحَمُ، وأنشد الطرفة في صفة الخيل: «مُنعَلاتُ بالسّحَم» والسَّحُم: مطارقُ الحداد(7) والأسحم: الليل
ص: 379
في قول الأعشي: بأسحم داجٍ(1).
عن أبي عبد الله( عليّه السلام) : «مرّ عيسي بن مريم (عليّه السلام) عليّ قرية قد ماتُ أَهلُها وطَيرها ودوابّها، فقال: أما إنّهم لم يَموتوا إلّا بسخطة، ولو ماتوا متفرّقين لتدافنوا..
الحديث»(2).
السُّخط: خلاف الرضا والسخط، بالضم والفتح، واحد، سَخِط الرجلُ يسخَط سَخطاً وسُخطاً فهو ساخط ، وتسخّط الرجل تسخّطاً، إذا تغضّب وتکرّه الشيء ،والشيء مسخوط، أي مکروه(3) ومن هذا قال
عليّ (عليّه السلام) : «يَختَبِرُهُم بالأموال والأولادِ ليتبيّنَ الساخطَ لرِزِقِه، والراضيِ بِقسمِه» (4).
في کتاب أمّ سلمة رضي الله عنها إلي عائشة: «فإنّک سُدّة بين رسول الله( صلي الله عليّه وسلم )وبين أمّته وحجابه المضروب عليّ حُرمته»(5).
السُّدَّة: کالظلّة علي الباب لتقي الباب من المطر، وقيل: هي الباب نفسه . وقيل: هي الساحة بين يديه. ومعني قول أم سلمة رضي الله عنها لها أنّک باب فمتي أُصيب ذلک الباب بشيء قد دخل عليّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) في حريمه وحوزته واستبيح ما حماه، فلا تکوني أنّت سبب ذلک بالخروج الذي لا يجب عليّک فتحوجي الناس إلي أنّ يفعلوا مثلک(6).
ومنه حديث أبي الدرداء حين أتي باب معاوية فلم يأذن له: من يأتِ سُدَد السلطان يقُم ويقعُد(7) ومنه سُمّي أبو عثمّان السُّدَّي بذلک؛ لأنّه کان يبيع الخُمُر في سدّة المسجِد(8).
ومنه استعار عليّ (عليّه السلام) لحجب الغيب !
بقوله: «أنّ الراسخينَ في الِعلمِ هم الذين أغناهم عن اقتحام السُّددِ المضروبةِ دُون الغُيوبِ»(9). ووصف عليّ (عليّه السلام) الجبال بأنّها أسداد الأرض بقوله: «أرسَي أوتَادها، وضرب أسدَادَها» (10).
ص: 380
وکلّ حاجز بين الشيئين سدّ، ومن ذلک السديد، ذو السداد، أي: الاستقامة (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) السلام في تنبيه الخلق وتحذيرهم من المعصية: «وخَبَط سَادِراً»(2).
السادر: الذي لا يهتمّ لشيء ولا يُبالي ماصنع. والسَّدر: تحيّر البصر، والسادر:المتحيّر. وسَدِر البعيرُ: بالکسر، يشدرُ سدَراً: تحيّر من شدّة الحرّ، فهو سَدِر(3) وسدر لشعر مستعار من هذا، قال ابن فارس: فأمّا قولهم: سدرت المرأةُ شعرها، فهو من باب الإبدال ، مثل سدلتُ (4) والسدير: النهر والسدير: نهر بالحيرة. ويقال: قصر. وسدير النخل: سواده ومجتمعه. والسَّدار: شِبه الکِلَّة تُعرَّض في الخباء. والسّيدارة: القَلَنسُوَة بلا أصداغ(5). والسدَّر: لعبة يُقامر بها، وتُکسر سينها وتضمّ، وهي فارسيّة معرّبة عن ثلاثة أبواب (6)
وجاء في حديث موسي بن جعفر( عليّه السلام) : غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلباً (7) الدر في الغسل المراد به الورق المطحون. والسَّدرةُ شجرة النَّبق والجمع سِدَر ثمّ يُجمع عليّ سِدَرات فهو جمع الجمع، وتجمع السَّدرةُ أيضاً علي سِدرات(8).
ومنه وصف حرام الدنيا عليّ (عليّه السلام) بقوله: «قد صار حَرَامها عند أقوامٍ بمنزلةِ السدرالمَخضُودِ»(9). من قولهم: خضد الشجر. وخضده: قطع شوکه، وسدر مخضود ومخضّد وخضيد(10) شبّه تناولهم للحرام تناول السدر الخالي من الشوک الاستسهالهم الأمر .
و مراده( عليّه السلام) با ظُلم الشکوک. والسَّدَف من الأضداد، قال أبو عبيدة : السَّدَفُ: الظُلمَةُ والضّوءُ، وأنشد في الضوء: قد أسدف الصبحُ وصاح الحِنزاب، و الحنزاب: يعني الديک.
وأهل مکّة يقولون: أسدف، أي أضيء يريدون تباعد من البيت حتّي يضيء البيتُ. وقالوا: السُّدفة: الباب(1) ومنه خبر علقمة الثَّقفي: «کان بلال يأتينا بالسَّحور ونحن مسدفون، فيکشِف لنا القُبَّة فيسُدِف لنا طعاماً». فمعني مسدِ فون داخلون في السَّدفة، و يُسدِفُ لنا أي يُضِيء. ويقال: أسدِف الباب: أي افتحه حتّي يُضِيء البيت(2). والسديف: شحم السّنام(3) وفي حديث أمّ سلمة إلي عائشة: «إنّ بعين الله مَهواک وعليّ رسول الله تردين، قد وجّهتِ سِدافته، وترکتِ عُهَّيداه(4).
السدافة: الحجاب والسَّتر، من السُّدفة: الظلمة. يعني أخذت وجهها وأزالتها عن مکانها الذي أمِرت به(5) العُهّيدَي، بالتشديد والقصر: فُعَّيلي، من العهد، کالجُهّيدي من الجهد، والعُجَّيلي من العَجلة(6) ومهواک مرادک ، و «بعين الله» أي لا يخفي عليّه)(7).
ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للعقول التي تروم حقيقته تعالي: «تَجوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الغُيوب»(8)واستعار لفظ السُّدف لظلمات الجهل بکلَّ معني غيبيّ من صفات جلالهوطبقات حجبة)(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) :« فَسَدلتُ دَونَها ثَوباً، وطَويتُ عنها کَشحاً»(10) السّدل: إرخاؤک الثّوب من المنکبين إلي الأرض. يقال: سدل الرّجلُ ثوبه سدولاً وسَدلاً(11) ومعني قوله( عليّه السلام) : «سدلت»، ألقيت بيني وبينها، أي الخلافة، حجاباً، أي تنزّهت عن طلبها وعزفت نفسي عنها (12). والسدول يدلّ علي نزول الشيء من علوٍ إلي سُفلٍ
ص: 382
ساتراً له،ومنه الشعرالمنسدل عليّ الظهر(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) وشکواه من أصحابه: «لَودِدت أنّي لم أرَ کُم ولم أعرِفکم معرفةً -والله - جرّت نَدَماً، وأعقبت سَدَماً»(2).
السَّدَم: الندمُ والحُزن. والسدم: الهمُّ، وقيل: همّ مع ندم، وقيل : غيظ مع حُزن، وقد سَدِم، بالکسر ، فهو سادم وسَدمان، تقول : رأيته سادماً نادماً، ورأيته سَدمان ندمان، وقلّما يفرد السَّدَم من النَّدَم. وقال قوم: السادم الحزين الذي لايطيق ذهاباً ولا مجيئاً، من قولهم: بعيرُ مُسَدَّم، إذا مُنع عن الضَّراب، وماله هَمُّ ولا سدم إلّا ذاک(3).
وفي الحديث : «من کانت الدنيا همّه وسدَمه جعل الله فقراً بين عينيه». المراد أنّ من جعل الدنيا همّه، وقرَّ عليها باله، وأعرض عن الآخرةِ بوجهه، وأخرج ذکرها من قلبه.. فکأنه يري الفقر بين عينيه، فهو أبداً خائف من الوقوع فيه والانتهاء إليه، فلا يزال آکلاً
لا يشبع وشارب لا ينقع(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) واصفاً الملائکة : السَّدَنةُ لأبوابِ جِنَانِه»(5).
السَّدانة، بالکسر: الخِدمّةُ، وسَدَنتُ الکعبةَ سَدناً، من باب قتل، خدمتها، فالواحد
سادِن والجمع سَدَنة ، مثل کافر وکفرة. والسّدن: السَّتر وزناً و معني(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) موصياً بالزهد والتقوي: «وسأل عمّا أسدي»(7).
السّدي: المعروف ، وقد أسدي إليه سَديَّ وسدّاه عليه، يقال: أسديتُ إليه معروفاًأسدي إسداءاً. وقال أبو عمرو : أسدي إذا أصلح بين اثنين ، وأزدي إذا اصطنع معروفاً، وأصدي إذا مات(8) ومنه الحديث : «مَن أسدَي لکم مَعروفاً فکافئوه» (9). والسَّدي: ندي الليل، وهو حياة الزرع. وقيل: السَّدي والنَّدي و احد. وسَدِيَت الأرض إذا کثُر نداهاي من السماء کان أو من الأرض، فهي سَدِيَةُ عليّ فَعِله. وأسدي النخلُ، إذا سَدِي بَسره.
ص: 383
وکلّ رَطب نَدٍ فهو سَدٍ(1) وفي حديث فاطمة (عليّها السلام ):
«الحمد لله عليّ ما أنّعم، وله الشکر عليّ ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاءٍ أسداها، وتمام متن أولاها، جَمَّ عن الإحصاء عددها، ونأي عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراک أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشکر لاتصالها ،واستحمد إلي الخلائق بإجزالها، وثني بالندب إلي أمثالها(2)وأسدي وأولي وأعطي بمعني(3).
وجمّ عن الإحصاء: کثُر وزاد، من قولهم جمّت البئرُ، فهي تَجُمُّ و تَجِمُّ جُموماً: إذا کثُر ماؤها واجتمع (4) ونأي عن الجزاء أمدها: بعد، والنأي: البُعد، والنائي البعيد، يقال: نأي يَناي نَاياً، وأًنأيتُه إناءً (5) ومعني قولها (عليّه السلام) بَعُد ولم يکن لأحد أنّ يعرف مدي وقدر نعمه تعالي. وندبهم: دعاهم وحثّهم(6) واستحمد إلي الخلائق: طلب منهم الحمد. والحمد الشکر لله والثناء عليه، والحمد قد يکون شکراً للصنيعة ويکون ابتداء للثناء علي الرجل، فحمد الله الثناء عليّه ويکون شکراً النعمة التي شملت الکلّ، والحمد أعمّ من الشکر(7). وإجزال النعم، إعطاؤها العطاء الکثير الجزيل. ومنه قولهم: جاء زمن الجزال والجَزال بالکسر والفتح: يعني الصّرام (8) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ الله سبحانه لم يخلقکم عبثاً، ولم يترککم سُديً»(9) سدي: مُهمَلين. وأَسدَيتُهُ: ترکته. وسدا الرجلُ سَدو اً، من باب قال، مدَّ يده نحو الشيء، وسدا البعيرُ سَدواً: مدَّ يده في السير(10).
ونسائه، فجعل السَّرب کناية. والسّاربُ الذاهب في سَرَبه أيَّ طريق کان. يقال: سَرَب سَرَباً وسُروباً نحو مرَّ مرَّاً ومُروراً(1).وقول عليّ (عليّه السلام) : «بأعنان مَسَاربهم ومَسَارحهم» (2) أراد ساحاتهم وطرقهم. وباعتبار الجريان قال عليّ (عليّه السلام) «ومحطّ الأمشَاجِ من مَسَارِبِ الأصلاب»(3) وأراد الاوعية التي ينسرب فيها المني. والسَّرب، بالکسر : النفسُ (4). وهو واسع السَّرب، أي: واسع الصدر بطيء الغضب (5) وفي حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله) : دقيق المَسرُبة»(6). المسرُبة: بضم الراء ،الشعر المُستَدقّ، النابِت وسط الصدر إلي البطن. وقال سيبويه: ليست المسربة عليّ المکان ولا المصدر، وإنّما هي أسم للشعر (7) ومنه قول الحارث بن وَعلة الجرمي:
الآن لمّا ابيضّ مَسرُبَتي ***وعضضتُ من نابي عليّ جذم (8)
وفي حديث الباقر (عليّه السلام )فيه (صلي الله عليّه وآله) قوله : «سُربَته سائلة من لبّته إلي سِرّته»(9). والسربة، کالمسرُبة. والسَّرابُ اللامع في المفازة کالماء وذلک لانسرابه في مرأي العين (10). لأنّ أصل السروب الجري، ومن هذا النظر جاء وصف عليّ (عليّه السلام )للجبال والأرض عند قيام الساعة بقوله: «فيصير صَلدُها سَرَاباً رَقرَقا» (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) واصفاً حجّاج بيت الله: «قد نَبَدُوا السَّرَابِيلَ وَراءَ ظُهورهم، وشَوَّهوا بإعفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسن خَلقِهِم»(12).
السربال: القميص من أيَّ جِنسٍ کان (13) وقد استعار منه عليّ للريش الملوّن الجميل الذي اصطبغ به الطاووس بقوله: «فيُقهقِهُ ضَاحِکاً لجِمَال سِر بَالِه» (14).
وفي حديث الصادق( عليّه السلام) : «للفجل ثلاث خصال: ورقه يطُرد الرّياح، ولبّه يسربل البول، وأُصوله تقطع البَلغم»(15) يقال: سربَلت الرجلَ، أَلبسته السربال، وهو
ص: 385
القميص (1).
والسَّربَلة: الثريد الکثير الدَّسَم، والسَّغبَلة مثله(2) وجاءت سربلة البول استعارة من السربال باعتبار الانحدار والنزول فيه. وقد وصف عليّ( عليّه السلام )صالح العباد بأنّه: «قد خلع سرابيلَ الشهوات»(3) من باب المجاز.
في الحديث : قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «من أسرَج في مَسجد من مساجد الله سِراجاًلم تزل الملائکة وحملة العرش يستغفرون له مادامَ في ذلک المسجد ضَوء من
السِراج»(4).
الإسراج والسراج: أسرجت السراج، مِثل أوقدته وزناً و معني. والسراج: المصباح، والجمع سُرُج مثل کتاب وکُتُب (5). ومنه وصفُ عليّ (عليّه السلام) للخفافيش: «جاعلةُ الليل سِرَاجاً تَستَدلّ به في التماسِ أورزَاقِها»(6).
وفي حديثه (عليّه السلام) في خلق السماوات والأرض: «ثمّ زيّنها بزينةِ الکواکب، وضياءِ
الثَّواقب، وأجري فيها سِراجاً مُستطيراً، وقمراًمنيراً، في فلک دائر، وسقف سائرٍ، ورقيمٍ مائر»(7) السراج المستطير: الشمس المنتشر ضوؤها عليّ الشياع والزينة (8) واستعار لفظ السراج للشمس لإضاءتها الکون کإضاءة السراج للبيت. وباعتبار ضرورة السراج وکونه لابدَّ منه وصف (عليّه السلام) نفسه بقوله: «مَثَلي بينکم کمثل السَّرَاج في الظُلمَة»(9).
في وصية عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) يصف الناس: «نَعَم مَعَقّلَةُ، وأُخري مُهمَلَةُ ، قد أضَلَّت عُقُولَها، ورَکَبِت مَجهولَها، سُروحُ عَاهَةٍ بوادٍ وَعثٍ، ليس لهاراعٍ يُقيمها، ولا مُسيمُ يُسيمها»(10).
السَّرحُ: المالُ يُسام في المرعي من الأنّعام. وسرحت الماشيةُ تُسرَحُ سَرحاً وسُرُوحاً: سامَت . والمَسرَحُ، بفتح الميم: مَرعَي السَّرح، وجمعه المسارحُ. والسارحُ جاء يکون اسماً للراعي الذي يسرَحُ الإبل، ويکون اسماً للقوم الذين لهم السَّرحُ
ص: 386
کالحاضر والسَّامر، وهما جميع(1) وجاء قوله( عليّه السلام) عليّ المجاز، فالسوم أصله الذهاب في ابتغاء الشيء، فهو لفظ لمعني مرکّب من الذهاب والابتغاء، فکأنّه أراد: فهم في ضلالهم سادرون(2).
وفي الحديث: قال الصادق (عليّه السلام) : «مَن سَرَّح لِحيتَه سَبعين مَرّةً وعدّها مرّة مرّة لم يقربه الشيطانُ أربعين يوماً»(3).
تسريح اللحية: من قولهم: سرّحت الرأس تسريحاً، إذا خلّلت الشعر بالمُشط، والمُشط
يُسمّي المِسرَح(4)والمنسَرح ضربُ من الشَّعَرِ استعير لفظه من ذلک (5).
والسَّرحان، بالکسر: الذئبُ والأسدُ، والجمع سراحين، ويقال للفجر الکاذب: سرحان ، علي التشبيه. وسرَّحت المرأة، إذا طّلقتها ، والاسم السَّراح بالفتح(6) ومن هذا جاءت الاستعارة في دعاء الصادق( عليّه السلام) :ربَّ أخرج عنّي الأذي سرحاً بغير حساب»(7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الملائکة:وتسبيحها: «وسَترات الحجُب ، وَسُرَادقات . المجدِ»(8).
السُّرادِق:ما أحاط بالبناء، نحو الشُقّة في المِضرب أو الحائط المشتمل عليّ الشيء.
والجمع سُرادقات (9). ومنه قوله تعالي:(إنّا أعتَدنا لِلظَّالِمين نَارة أحاطَ بِهِم سُرَادِقُهَا )(10). والسُّرادق: الغبار الساطع، قال لبيد يصف حُمُراً:
رَفَعنَ سُرادِقاً في يوم ريحٍ*** يُصفّق بين مَيلٍ واعتدال
وهو أيضاً الدخان الشاخص المحيط بالشيء(11) وجاء في حديث (عليّه السلام )عن قدر ته جلّ وعلا: «ثمّ سرادقات الجلال، وهي سبعون سُرادقاً، في کلّ سُرادق سبعون ألف ملک، بين کلّ سُرادق وسُرادقٍ مسيرة خمسمائة عام، ثمّ سُرادق العِزّ، ثمّ سُرداق الکبرياء، ثمّ سُرادق العظمة، ثمّ سرادق
ص: 387
القُدس..» الحديث(1) وهذه السرادقات جاءت عليّ الاستعارة تفيد عظمة الله وجلاله، مشيرة إلي حقائق بعيدة عن إدراکنا وضعها (عليّه السلام) بألفاظ موضوعة للمعاني المحسوسة لتکون قريبة إلي عقول البشر.
ومنه خبر دعاء الجوشن قال جبرئيل: «يا محمد سمعتُ الباريء يقول: کان هذا الدعاء
مکتوباً عليّ سرادق العرش قبل أنّ أخلق الدنيا بخمسة آلاف عام»(2). وليس هذا اللفظ يفيد وجود حجب بين الخالق والمخلوق، فليس بينه سبحانه وبين خلقه حجاب، بل الخلق محجوبون بأعمالهم وأخلاقهم واعتقادهم، کأنّها سحائب متراکمة وظلمات بعضها فوق بعض، وإلّا فنوره سبحانه محيط بکلّ ذرّة من ذارّت الوجود(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله) : «سُرّة البَطحاء»(4)سَرارُ الأرض: أوسطه وأکرمه، يقال: أرض سرّاء، أي طيّبة. والسّرّ: وسط الوادي، وجمعه سُرور، وکذلک سَراره وسَرارته وسَرّته. وسرُّ الحَسَب و سَرارُه وسَرارَته: أو سطه. يقال: فلان في سرّ قومه، أي في أفضلهم. وسِرُّ النسب: محضه وأفضله، والأصل فيه سرارة الروضة، وهي خير منابتها (5). وجاء في الحديث أنّه قال (عليّه السلام) لرجل: هل صمتَ من سرار هذا الشهر شيئاً»؟ السرار: حين يستسرّ الهلال في آخر الشهر(6)ومنه قول عليّ( عليّه السلام) : «بِنَا انفجرتم عن السَّرَارِ»(7)أراد به الا ظلمة الجهل التي کانوا فيها، فکان النبيّ وآله کالصبح في کشف ظلامهم. وباعتبار الاستتار في السرار جاء في الخبر أنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله )حجّ عشرين حجّةً مستسرّاً (8). وباعتبار کونه تعالي في غني مطلق عن ظاهر الأمّة وباطنها قال عليّ (عليّه السلام): «ما کان لله في أهل الأرض حاجةُ من مُستسرّ الأمّة ومعلنها»(9).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «الأقَاويل
ص: 388
مَحفوظةُ، والسَّرائِرُ مَبلُوّةُ»(1). السرائر ما أضمر في القلوب من العقائد والنيّات (2) ومن هذا جاء قوله تعالي: (يوم تُبلي السرائر) (3) وبلاؤها: تعرّفها وتصفّحها، والتمييز بين ما طاب منها وما خبث(4). وباعتبار الهداية والضياء والنور في دعوته (صلي الله عليّه وآله) قال عليّ (عليّه السلام) : «قد انجابت السرائر لأهلِ البصائر، ووضَحَت مَحَجّة الحقّ لخابطها» (5) وانجابت: أي انکشفت، قال ابن ميثمّ: إشارة إلي انکشاف ما يکون بعده لنفسه القدسيّة ولمن تفرّس من أولي التجارب والفطن السليمة ممّا يکون من ملوک بني أميّة وعموم ظلمهم. ويحتمل أنّ يريد بالسرائر أسرار الشريعة وانکشافها(6). والسرر: داء يصيب الإبل في صدورها، بعير أسر وناقة سرّاء(7) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) واصفاً أصحابه: «فَجَرجَرتُم جَرجَرَةَ الجَمَلِ الأسَرّ»(8).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) مع القوم: «سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة، ولکم طاقة بما أحاول، وقوّة عليّ ما أطلب وأزاول»(9).
سِرعان بفتحها وبکسر السين وضمّها کلّه اسم للفعل کشتّان. يقولون: لسرعان ما صنعتَ کذا، أي ما أسرع (10) والسريع: نقيض البطيء، وفيه قال عليّ عليّه السلام : «مَن ازتَقَب المَوت سَارعَ إلي الخَيرات»(11). وفي المثل أنّ رجلاً کانت له نَعجة عَجفاء، وکان رغامها يسيل من منخربها لهزالها، فقيل له: ما هذا الذي يسيل؟ فقال: وَدَکها، فقال السائل: سَرعان ذا إهالةً، نصب إهالةً عليّ الحال، وذا إشارة إلي الرغام، أي سَرُع هذا الرغام حال کونه إهالة. ويجوز أنّ يُحمل عليّ التمييز عليّ تقدير نقل الفعل ، مثل قولهم: تصبّب زيدُ عَرقاً. يُضرب لمن يخبر بکينونة الشيء قبل وقته(12). والإهالة، بکسر الهمزة: الشحم المذاب، وقيل: دهنُ يؤتدم به. وقيل: الدّسمُ الجامد (13) وجاء في الخبر: کان عليّ
ص: 389
صدره (صلي الله عليّه وآله) الحسن أو الحسين( عليّه السلام) فبال، فرأيت بوله أساريع. أي: طرائق، الواحد أُسروع، سُمّي لاطراده، من السرعة، وهي أنّ تطّرد الحرکات من غير أنّ يتخللها سکون وتوقّف(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف السماء: ورَمَي مُستَرِقِي السَّمع بِثَوَاقِبِ شُهُبِها» (2).
استرقَ السَّمع: أي استرق مُستَخفياً. يقال: هو يُسارِق النظر إليه، إذا اهتبل غفلته لينظر إليه. ومنه الحديث: «تسترِقُ الجنُّ السَّمع». هو تفتعل من السَّرِقة، أي أنّها تسمعه مختفيةً کما يفعل السارق. والمسارقة والاستراق والتَّسرُّق: اختلاس النظر والسمع(3)ومنه قوله تعالي: ﴿ إلّا مَن استَرَقَ السَّمعَ﴾ (4). والسارق: من جاء مستتراً، فإنّ أخذ من ظاهر فهو مُختَلِسُ ومُستَلِبُ ومُنتهِبُ، وإن منع مافي يده فغاصبُ (5). والمُستَرَق: الناقصُ الضعيف الخَلق. ورجل مُستَرق العُنُق: قصيرها. والسارقة: الجامعة، وجمعها سوارق(6).
والسَّرَق: شِقاقُ الحرير، وقيل: هو أجوده، واحد ته سَرَقة؛ قال الأخطل:
يرفُلن في سَرَقٍ الفِرند وقَزَّه ***يَسحَبن مِن هَدّابه أذيالا(7).
ومنه حديث عليّ:(عليّه السلام 9«يلبسون السَّرَق والدّيباج »(8) قال الهروي: سَرَق الحرير: هي الشُقَق، إلّا أنّها البيض. وقال: أحسب
أصل هذه الکلّمة فارسية، إنّما هو سَرَه، يعني الجيّد، فعُرّب فقيل:سَرَق، فجعلت القاف مکان الهاء، ومثله في کلّامهم کثير، ومنه قولهم للخروف: بَرَق، وإنّما هو بالفارسية : بره، وکذلک: يلمق، إنّما هو بالفارسية يَلمَه،يعني القباء، والإستَبرَق مثله، إنما هو إستَبره،يعني الغليظ من الديباج(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لمّا دفن فاطمة (عليّها السلام) : أمّا حُزنِي فَسَرمَدُ، وأما لَيلِي فمُسَهَّدُ»(10).
ص: 390
السرمد: الدائم الذي لا ينقطع. وهو الدائم والطويل من الليالي)(1).
روي عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال في رجل أعتق مملوکه عليّ أنّ يزوّجه ابنته وشرط عليّه إنّ تزوّج أو تسرّي عليها فعليه کذا وکذا. قال: «يجوز»(2).
التسرّي والسُّرَّيّة: يقال : تسرّي فلان جارية: اتخذها سُرَّيةً (3). والسُّرَّيَة فُعلِية، قيل: مأخوذة من السَّر - بالکسر - وهو النکاح، فالضمّ، عليّ غير قياس، فرقاً بينها وبين الحرّة، إذا نُکحت سرّاً، فإنّه يقال لها سِرّيّة بالکسر عليّ القياس. وقيل: من السُّرّ، بالضم، بمعني السرور، لأنّ مالکها يُسرُّ بها فهو علي القياس ،(4) والسَّريَّة: القوم الذين يسيرون إلي أعدائهم، وکان أصله من سُرَي الليل، فکثر ذلک حتي جُعلت السريّة الخارجة للعرب ليلاً أو نهاراً، وهي فعلية من سَرَي يَسري(5)وباعتبار المشقّة في مسير الليل قال عليّ( عليّه السلام) : لمن لامه عليّ رقع مدرعته: «فَعِندَ الصَّبَاحِ يَحمَدُ القَومُ السُّري»(6) والساري: الذي يسير الليل،يقال: سريتُ وأسريت (7) وفي الخبر : قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «ليس للنساء سَراة الطريق ولکن جنباه» يعني بالسراة وسطه(8)وسراة کلّ شيء : أعلاه وظهره ووسطه، ومنه الحديث، فمسح سراة البعير وذِفراه. وسراة النهار وغيره: ارتفاعه، وقيل: وَسَطُه (9) ومنه حديث رياح بن الحارث: «فصعدوا سَرواً» أي منحدراً من الجبل. وسراة وسرو واحد سروات(10). والسارية: سحابة الليل، والسارية، الأسطوانة(11) وجمعها سواري واستعير منه لقواعد الدين وأرکانه في حديث عليّ عليّه السلام بعد انصرافه من صفّين وتَزَعزَعَت سَوارِي اليَقِين» (12).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي معاوية: «وإنّک إذ
ص: 391
تُحاولَني الأُمور، وتُرَاجِعُني السُّطورُ، کالمُستَثِقل النائم تَکذِبُهُ أحلامُه، والمَتَحيّر القائم يَبهَظُه مَقَامُه»(1).
السَّطر : الخطّ والکتابة، وهو في الأصل مصدر (2). والسَطر: الصفّ من الکتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف. وسطّر فلانُ کذا، کتب سطراً سطراً (3).
والأسطورة: ممّا سطّروا من أعاجيب أحاديثهم. وسطّر علينا فلان: قصّ علينا من أساطيرهم (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «واعتبروا بالآي السواطع»(5).
السَّطع: کلّ شيء انتشر أو ارتفع، من برق أو نور أو ريح أو غبار، سطع يَسطَعُ سَطعاً وسُطُوعاً. والسطيع: الصبح، سُمّي لأضاءته وانتشاره، ويقال للصبح، إذا طلع ضوؤهُ في السماء : قد سطع يُسطعُ سُطوعاً. و سَطَع السهمُ، إذا رمي به فشخص يلمع. وخطيب مسطعُ و مسقعُ: بليغ متکلّم(6) وفي حديث أمّ
معبد: «في عُنُقه سَطَع». أي ارتفاع و طول (7)والسواطع جمع ساطعة والآي جمع آية.
عن أبي أُسامة عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «سمعته يقول: تعوّذا بالله من سَطَوات الله بالليل والنهار، قال: قلتُ له: وما سَطواتُ الله؟ قال: الأخذ عليّ المعاصي»(8).
السطو: البطش بشدّة (9) يقال: سطا يسطو سَطواً، والاسم السّطوة(10). ومنه جاء وصف النبيّ (صلي الله عليّه وآله) لعليّ (عليّه السلام) في حال الناس في الفتنة: «يتمنّون رَحمته، ويأمنون سَطوَتَهُ»(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «والله لأنّ أبيتَ علي حَسَکِ السَّعدان مَسَّهدَّاً، أو أجَرَّ في الأَغلال مُصَفّداً، أحبُّ إليّ من أنّ ألقي اللهَ ورسولَهِ يومَ القيامة ظَالِماً لِبَعضِ العِبَاد» (12).
السَّعدان: نَبتُ، ولهذا النبت شوک، إذا
ص: 392
وطئه الماشي عقر رجله شوکه، يقال له: حسکة السَّعدان، ويُشبه به حَلَمةُ الثدي، يقال: سَعدانة الثُّندُوة. وهو ما استدار من السواد حول الحَلَمةِ. وقال أعرابي لأعرابي: أما تريد البادية؟ فقال: أما ما دام السَّعدان مستلقياًفلا، کأنّه قال: لا أريدها أبداً(1) وفي المثل : «مرعي ولا کالسَّعدان». يُضرب الجيد غير مبالغ في الجودة (2) ويقال: خرج القوم يتسعّدون، أي يرتادون مرعي السَّعدان .
والسعّد: نبت له أصل تحت الأرض أسود، طيّب الريح، والسُّعادي: نبتُ آخر. قال الليث : السُّعادي نبتُ السُّعد(3) والسُّعُدُ ضربُ من التَّمر. والسَّعد: نقيض النَّحس، ويوم سَعد. والسَّعُود في منازل القمرِ:أربعة (4). وهي الکواکب التي يقال لها لکلّ واحد منها سعدُ کذا، وهي عشرة أنّجم کلّ واحد منها سعد، أربعة منها منازل ينزل بها القمر، وهي سعد الذابح، وسعد بُلَع، وسعد السعود، وسعد الأخبية. وستّة لاينزل بها القمر. وسعدُ السعود أحمد السعود، ولذلک أُضيف إليها. وهو کوکب نيرّ منفرد(5)وفي حديث التلبية: «لبّيک وسَعديک» أي ساعدت طاعَتک مساعَدةً، بعد مُساعَدةٍ وإسعاداً بعد إسعاد، ولهذا ثُنّي، وهو من المصادر المنصوبة بفعل لايظهر في الاستعمال(6). وروي عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله) أنّه کان يقول في افتتاح الصلاة: «لبّيک وسَعديک، والخير في يديک، والشرّ ليس إليک»(7).
وجاء في الخبر عنه (صلي الله عليّه وآله)قال: «لا إسعادَ ولا عَقرَ في الإسلام». وهو کما فسّروه: إسعاد النساء في المناحات، تقوم المرأة فتقوم معها أُخري من جاراتها فتساعدها علي النياحة. والعقر: عَقرُهم الإبل عليّ القبور، يزعمون أنّه يکافيء الميت بذلک عن عَقرِه للأضياف في حياته. وقيل: ليطعمها السباع فيُدعي مضيافاً، حيّاً وميّتاً (8).
في حديث عليّ(عليّه السلام )يذمّ أصحابه: «لَبِئسَ - لعمر الله - سُعرُ نارِ الحربِ أنّتم، تُکادون ولا تکيدون»(9).
السَّعر: التهاب النار، وقد سعرتُها
ص: 393
وسَعَّترتُها وأُسعرَتُها، والمسعَرُ الخشب الذي يُسعَرُ به، واستعرَ الحربُ واللصوص نحو اشتعل (1)ورجل مِسعَرُ حربٍ من قوم مساعر، إذا کان يسعرها ويشبّها(2)قال الراغب: والسَّعر في السوق تشبيهاً باستعار النار (3) والسَّعر: الجنون، وسُمّي بذلک لأنّه یستَعِر في الإنسان، ويقولون : ناقة مسعورة ،وذلک لحدّتها کأنّها مجنونة (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «مَن سَاعاها فاتَتهُ، ومن قَعَدَ عَنها واتَتهُ»(5) .
السعي: ساعاها: أي سابقها، وهي مفاعلة من السّعي کأنّها تسعي ذاهبةً عنه، وهو يسعي مُجدّاً في طلبها، فکلّ منهما يطلُبُ الغَلَبة في السَّعي، والسعي يکون في الصلاح ويکون في الفساد. وسعي، إذا مشي، وسعَي، إذا عمل، وسعي، إذا قَصَد، وإذا کان بمعني المضي عُدّي بإلي ، وإذا کان بمعني العمل عَدّي باللام. وأصل السعي في کلّام العرب التصرّف في کلّ عمل، ومنه قوله تعالي : ﴿وأن ليس للإنسان إلّا ما سعي﴾ (6). وقوله(عليّه السلام ): «رُبَّ سَاعٍ فيما يضرّه» (7)من ذلک. ومنه المثل : ربّ ساعٍ لقاعد(8)وما يستسعي العبد . فيه من ثمّن رقبته إذا أُعتقُ بعضه يقال له: السعاية(9)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «سَغَب مَظلُوم» (10) السَّغب: الجوع، وقيل: لا يکون السَّغب إلّا الجوع مع التعب، وربّما سُمّي العطش سغباً(11)
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الطاووس: «ولو کان کَرَعمِ مَن يزعُمُ أنّه يُلِقحُ بِدَمعةٍ تَشفَحُها مَدامِعُه»(12).
السفح : يقال : سفح الدمع يسفحه سفحاً وسفوحاً فسفح : أرسله ، والسفح للدم
ص: 394
کالصبّ (1) والسفوح اندفاع الشيء السائل وسرعة جريانه، ولهذا فيل: دم مسفوح، لأنّ الدم يخرج من العرق خروجاً سريعاً، ومنه سفح الجبل لأنّ سيله يندفع إليه بسرعة(2).
ومن هذا وصف عليّ (عليّه السلام) الناس في الدنيا:«شِلوٍ مَذبوح، ودَمٍ مَسفوح»(3) .
عن الرضا عن آبائه( عليّه السلام )قال النبي( صلي الله عليّه وآله): تعلّموا من الغراب خصالاً ثلاثاً: استتاره بالسفاد، وبکوره في طلب الرزق، وحذره»(4).
السَّفاد: يقال : سَفِد ألطائر الأنّثي يَسفَدُها سِفاداً(5) ويُکني به عن الجماع فيقال: سَفَد امرأته، ومنه السُّفُّود لأنّه يَعلق بما يُشوَي به عُلُوق السافِد(6). ويقال لذي الظّلف: سَفِدَ يَسفَدُ سِفاداً (7). ويقال للطائر: قمَطَ قمطاً ، وسَفَد سِفاداً، و قَفَط قَفطاً(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) العثمّان: «إنّ الناس وَرَائي وقد استَسفَروني بَينَک وبَينَهُم» (9).
استسفروني: جعلوني سفيراً ووسيطاً بينک وبينهم (10) والسفيرُ: الرسول والمصلح بين القوم والجمع سُفَراء، وقد سَفَر بينهم يَسفِرُ سَفر اًوسِفارة وسَفارة : أصلح.
والسَّفَرَةُ: کَتَبةُ الملائکة الذين يحصون الأعمال، وسمّيت الملائکة سَفَرة لأنّهم يُسفر ون بين الله وبين أنّبيائه. والسافر في الأصل الکاتب. سُمّي به لأنّه بين الشيء ويوضحه(11). والسفر: الکتاب من التوراة والإنجيل وما أشبههما و الجمع أسفار . ويقال :کنّا في السَّفر الأوّل، أي في الکتاب الأوّل (12). في الحديث المروي عنه( صلي الله عليّه وآله) وهويتجهّز لغزوة تبوک: «إنّي علي جناح سَفَر»، استعار له طيران الطائر، فقد شبّه السفر بالطائر الذي قد همَّ بالمطار، وجعل الآخذ أهبة المسافر کالکائن علي جناح ذلک الطائر، يُنتهض نُهوضُه و يُرقَب تحليقه (13).
ص: 395
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولافي يَفَاع السُّفعِ المُتَجاوِرَات»(1).
السَّفع: أصله الأخذ بسفعة الفرس، أي سواد ناحيته (2) ويقال : سفعته النار تسفعه سفعاً، إذا لفحته (3) وبها سُفعةُ سوادٍ، وأثافٍ سُفع، وکلّ صقر أسفع، وکلّ ثور وحشي أسفع (4). ومن هذا قال عليّه السلام معبراً عن الجبال بالسفع، لما يعلوها من سواد وغبرة، وقد قالوا: به سُفعةُ غضب اعتباراً بما يعلو، من اللون الدخاني، وجه من اشتدّ به الغضب(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لکنّي أسففَتُ إذ أسَفُّوا، وطِرتُ إذ طَاروا»(6).
أسففت: يقال: أسفت الرجل الأمر إذا قاربه، وأسفّ الطائر والسحابة وغيرهما: دنا من الأرض (7) وأراد(عليّه السلام) مقاربته ومساهلته واستصلاحه، فقال: أسففت: أي أجري معهم عليّ مايجرون»(8) والسُّفَّة: العَرَقةُ من الخوصِ المُسفَ(9) والجمع سفائف، يقال: سفَّ الشيء وأسفَّه: نسجه بالأصابع (10)ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لداود (عليّه السلام ): «فلقد کان يعمل سَفائِفَ الخُوصِ بِيَدهِ» (11).والسفوف: کلّ دواء يُؤخذ غير معجون (12). والسّتفساف: الأمر الحقير (13).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ التقصير لميوضع علي البغلة السفواء والدابّة الناجية، وإنّما وضع عليّ سير القطار» (14).
بغلة سفواء: سريعة خفيفة، وسفا يسفو سَفواً، إذا مشي مشياً سريعاً، وکذلک الطائر إذا طار.(15)والذّکرَ: أسفي، ولا توصف به الخيل، وتُوصَفُ به الحُمرُ (16). ومن المجاز : ريح سَفواء: من السفا هو السفه کما قيل: ريح هَوجاء، وقولهم سفراء يُحمل عليّ هذا بمعني
ص: 396
السريعة المرّکالريح(1)والسّفَي: التُراب ، قال
الشاعر:
فلا تُلمِس الأفعي يَديک تُريغُها*** ودَعها إذا ماغيّبتها سَفاتُها (2)
والسَّفا : شوک البُهي ، أسَفت البُهي ، أي شوّکت(3) والريحُ تسفي التراب والورق، تذروه وسفت عليه الرياح، ولعبت به السوافي (4). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «وَلَا يَغزُبُ عَنهُ عَدَدُ قَطرِ المَاءِ وَلَا نُجُومِ السَّمَاءِ، وَلَا سَوَافِي الرَّيح فِي الهَوَاءِ»(5) وهو ما تطير به الريح من التراب.(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام )قال لبعض مخاطبيه: «لقد طِرتَ شَکيراً، وهَدَرتَ سَقباً» (7).
السَّقب: ولد الناقة، وقيل: الذکر من ولد الناقة. وقيل: سَقب ساعةَ تضَعُه أُمُّه. وجمع السَّقب أسقُب، وسقوب، وسِقاب وسُقبان، والأنّثي سَقبَةُ(8) والسَّقب، بالسين والصاد، وبالسين أکثر والسَّقب: القرب، يقال: دار فلان بِسقَب دار فلان ، أي يقرب منها، وأبيات القوم متساقبة، أي متقاربة، وفي الحديث : «الجار أحقّ بسَقبه»(9). وفُسّر بالشُّفعة (10) والسَّقب والصَّقبُ: عَمودُ الخِباء(11).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «ومن الذُّهُول في سَکرَة» (12).
السکرةُ: غلبة اللذة عليّ الشباب. وقال ابن الأعرابي: الغضبةُ. والسّکَر: الغضبُ، والسکرُ: الامتلاء، والسکر: الخمر، ويقال: سکرت عينُه تسکُرُ، إذا تحيّرت وسکنت عن النظر، وسکرة الموتُ: غَشيَتُه ، وکذلک سکرة الهمّ والنوم ونحوها(13).
ص: 397
ومنه قوله تعالي: ﴿ وجَاءت سَکرةُ المَوتِ بالحَقَّ﴾(1) أي شدّته الذاهبة بالعقل،
والباء في «بالحق» للتعدية، يعني: وأحضرت سکرة الموت حقيقة الأمر الذي أنطق الله به کتبه وبعث به رسله (2) والسَّکر: سَدَّک بثقَ الماء و مُنفَجره. والسَّکر: السَّدَاد. وماء ساکِرُ: بمعني ساکن لايجري(3) ومنه الخبر: «أنه قال للمستحاضة لما شکت إليه کَثرة الدَّم: اسکُريه». أي سُدّ يه بِخِرقةٍ وشدَّيه بعصابةٍ ، تشبيهاً بسَکر الماء (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ووراء ذَلکَ الرجيج الذي تشتَکُّ منه الأسمَاعُ سُبُحَاتُ نورٍ»(5). الاستکاک: الصمم وذهاب السمع. يقال:
سکَّ الشيء يسُکّه سکّاً فاستکّ : سدّه فانسدّ. ويقال : ما استکّ في مسامعي مثله، أي:
مادخل. وأُذن سکّاء، أي صغيرةُ، والسُکاکةُ الصغير الأذنين؛ قال ابن الأعرابي يقال اللقطاة: حذّاء، لقصَر ذنبها، وسکّاء، لأنّه لا أذن لها(6) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام): «أنّه مرّ رسول الله( صلي الله عليّه وآله) بجدي أسکّ ملقي عليّ مزبلة ميتاً» (7)أي مصطلم الأذنين. والسکّ: تضبيبک البابَ أو الخشب بالحديد، وهو السَّکَّي والسَّکُّ. والسَّکَّيّ: المسمار(8)ومنه حديث عليّ(عليّه السلام) : « أنّه خطب الناس علي لمنبر الکوفة وهو غير مَسکوک»(9) أي غير مُسَمّر بمسامير الحديد. ويُروي بالشين، وهو المَشدود(10). وقول عليّ (عليّه السلام): «فَمَا کانَ إلَّا أنّ خَارَت أرضُهُم بالخَسفَةِ خَوَّارَ السَّکة المُحمَاةِ في الأرضِ الخَوَّارَةِ»(11) الحديدة تکون في رأس خشبة الفدّان(12)تُثار بها الأرض ، وهي حديد المحراث إذا أحميت في النار فتکون أسرع غوراً في الأرض . والسَّکَّين: مأخوذ من السَّکّ، وهو التضبيب وترکيب نَصلِه في مَقبَضِه. واستکّ النباتُ : اشتد خَصَاصُه التفافاً .واستکَّت الرَّياض: التفّت. ويقال للرجل إذا رقّ غائطُه : سکّه يسکُّه سکّاً وهو يسُکُّ بِسَلحِه (13) والسکاکة: الهواء الذي بين السماء والأرض، وقيل : الذي لا يُلاقي أعنان
ص: 398
السماء، والجمع سکائک(1). ومنه جاء حديث عليّ(عليّه السلام) : « وشقَّ الأرجاء وسکائک الهواء» (2).وقيل : المراد بسکائک الهواء (3) فرجه . والسِکّة: الزُّقاق، والسکّة: الطريق المصطفّة من النخل(4) ومن هذا جاء حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «خيرُ المال سکّة مأبورة ومهرة مأمورة»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنَّ المؤمنين مستکيتون»(6).
الاستکانة: استفعال من السُّکون، يقال: سکَنَ وأسکَنَ واستَکَنَ وتَمَسکَنَ واستکان: أي خضع وذلّ. وجعله أبو عليّ الفارسي من الکَينِ الذي هو لحم باطن الفرج، لأنّ الخاضع
الذليل خفيّ، فشّبهه بذلک لأنّه أخفي ما يکون من الإنسان. والمِسکنةُ: فَقرُ النَّفس وتمسکَن إذا تشبّه بالمساکين، وهم جمع المشکين، وهو الذي لاشيء له، وقيل: هو الذي له بعض الشيء، وقد تقع المسکنة عليّ الضَّعف. والسَّکنُ والمسَّکَنُ والمسکِن: المنزل والبيت. والسَّنُک: أهل الدار، اسم الجمع ساکن کشارب وشَرب. وربّما قالت العرب السکن لما يُسکن إليه. والسَّکَن: المرأة لأنّها يُسکن إليها. والسُّکنَي: أنّ يُسکِنَ الرجلَ موضعاً بلا کِروة کالعُمري (7)وفي حديثه صلي الله عليّه وآله: «اللّهم أحيني مسکيناً، وأمتني مسکيناً، واحشرني في زمرة المساکين». أراد به التواضع والأخبات، وأن لا يکون من الجبّارين المتکبّرين (8). وقيل: حُبَّ الفقراء وسلوک طريقهم في المعاش ونحو ذلک، وليس المراد به مايرادف الفقر الصوري(9).
وفي حديث المهدي (عليّه السلام) : «حتّي إنَّ العُنقود ليکون سُکنَ أهل الدار». أي قُوتهم من بَرَکته، وهو بمنزلة النُّزل، وهو طعامُ القوم الذين يَنزلون عليّه (10).
قال الصادق (عليّه السلام )في الفِطرة: «من لم يجد الحنطة والشعير أجزأ عنه القَمحُ(11) والسُّلتُ
ص: 399
والعَلَس والذُرَّة»(1).
السُّلت: حبّ يُشبه الشعير، أو هو بعينه، ويقال : هو الشعير الحامض (2)والعلَس: حبّة سوداء تُختبر في الجَدب ، أو تُطبخ فتؤکلّ (3)
وقيل: هو مثل البُرّ إلّا أنّه عَسِر الاستقاء، يکون في القشرة منه حبّتان، وقد تکون واحدة أو ثلاث، وقيل : هو العدَس (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن غارات معاوية وغزوه الأنّبار: «وأزالَ خَيلَکُم عن مَسالِحهَا»(5).
المسلَحة: کالثغر والمَرقَب يکون فيه أقوام يرقبون العدوّ لئلاّ يطرُقَهم علي غفلة.
فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له(6) من والسَّلاح: مايُقاتل به في الحرب ويُدافع والتذکير أغلب من التأنيث فيُجمع علي التذکير أسلحة، وعلي التأنيث سِلاحات(7).
والسَّلاح ربّما خُصَّ به السيف. وکلّ مارقّ من ذي البطن في الناس وغيرهم فهو سَلح» (8) وسَلح الطائرُ سَلحاً، وهو کالتغوّط من الإنسان، وهو سَلحُه تسمية بالمصدر (9).
ومن معني المسالح جاء المجاز في حديث عليّ (عليّه السلام) : «واتخذوا التَّواضُعَ مَسلحَةً
بينکم وبين عدوّکم إبليس وجنوده»(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام )، في وصف الزاهد السالم من خداع الدنيا: «والدنيا عنده کيومٍ حَانَ انسلاخه »(11). الانسلاخ: المضي، وسلختُ الشهرَ سَلخاً، من باب نفع، وسلوخاً، صرتُ في آخره، فانسلخ ، أي مضي (12) وسلختُ الشاة وغيرها أسلخها سَلخاً ، إذا کشطتُ عنها جلدها، والشاة سليخ و مسلوخ (13). وسلخ الله
ص: 400
تعالي الليل من النهار: کشفه. وسلخت المرأة در عها، والحيّة جلدها: نزعتاه(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) لکميل: «منهوماً باللذّة، وسَلِسَ القياد للشهوة»(2).
سلس القياد: أي ليّن منقاد بيَّن السَّلَس والسلاسة. وشيء سَلسِ : ليّن سهل. يقال: سَلس سَلسَاً وسلاسةً وسُلُوساًفهو سَلِس، ومنه شراب سَلِس: ليّن الانحدار. وسَلِس بول الرجل، إذا لم يتهيّأ له أنّ يُمسکه وأسلست الناقة، إذا أخرجت الولد قبل تمام أيّامه، فهي مُسلِسِ. ورجل مسلوس : ذاهب العقل والبدن(3) ومنه قيل:
إنّ الجواد إذا حباک بموعدٍ*** أعطاکه سَلِساً بغير مطال (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في التوحيد: «وخرج بسلطان الامتناع من أنّ يُؤثّر فيه مايؤثّر في غيره»(5).
سلطان کلّ شيء: حدّته وسَطوته، ومنه اشتقاق السُّلطان (6). والسلطان في معني الحُجّة وقُدرة من جُعل ذلک له وإنّ لم يکن ملکاً، کقولک: قد جعلت له سُلطاناً عليّ أخذ حقّي من فلان (7). وسلطان الدم: تبيّغه.
وسلطان النار: التهابها. والسليط بلغة أهلال اليمن، الزيت، وبلغة من سواهم من العرب :
دُهن السَّمسِم(8) وأراد بالامتناع هو امتناعه من أنّ يُري أو يُدرک أو يُنال أو يُضاهي أو يُشرک في سلطانه، وغير ذلک ممّا يجري علي مخلوقاته من الوصف.
في دعاء الحسن(عليّه السلام) للاستسقاء لأهل الکوفة: «سُلاطح بُلاطح، يُناطح الأباطح» (9).
سلاطح: يقال للماء السائح عليّ الأرض سُلاطُحاً. وسُلاطح: أرض واسعة وکذلک
ص: 401
بُلاطح(1). واسلنطح الشيء، إذا انبسط وعَرُض، وإنّما أصله سطح، وزيدت فيه اللام والنون تعظيماً ومبالغةً (2).
في الکتاب المکتوب بينه( صلي الله عليّه وآله) وبين قريش في صلح الحديبية : «لاإسلال ولاإغلال وإنّ بيننا عيبة مکفوفة»(3).
الإسلال: السّرِقة، يقال: في بني فلان سَلَّة، إذا کانوا يسرقون، وهو قول أبو عمرو(4).
قال ابن دريد: السّلَّة عربية صحيحة(5) .يقال: رجلُ مُسِلّ مُغِلّ، أي صاحب مسَلّة وهي السرقة، ومغلّة وهي الخيانة. وقد قال بعضهم: المراد بالإسلال هاهنا سل السيوف، بالإغلال لبس الدروع. والمراد بالعيبة المکفوفة السلم الذي يضمّ النَّشر ويجمع الأمر، کأنّه عليه الصلاة والسلام شبّه حال السّلم من أنّها تحجز بين الفريقين عن شنَّ الغارات، وتکفّ أيديهم عن المجاذبات ،بالعيبة المشرّجة التي لاتُنشر مطاويها ولايتناهب ما فيها(6) وسلَّ السيف وغيره يَسُلُّه سلّاً ، إذا انتضاه. وسلالة الرجل: ولده (7) والسليل: الولد، والأنّثي سليلة.
ورجل مسلول: سُلَّت أُنثياه، أي نُزِعت خُصيتاه. والسَّل، بالکسر: مرض معروف. وأسلّه الله بالألف أمرضه بذلک فسل هو بالبناء للمفعول، وهو مسلول. والسَّلَّةُ وعاء يُحمَل فيه الفاکِهةُ والجمع سَلاَّت، مثل جنّة وجنّات(8)قال ابن دريد: الله ليست من کلّام العرب(9) وسلَّ الشعرة منالعجين فسلّت انسلالاً. وانسلَّ من المضيق والزحام وتسلّل (10)ومن هذا جاء
کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي سهل بن حنيف: «بلغني أنَّ رجالاً ممّن قِبَلَکَ يَتَسلّلَون إلي مُعَاوِيَة»(11).
في حديث الصادق عن آبائه عن
ص: 402
النبيّ( صلي الله عليّه وآله) قال: «مَن کَسَا أخاه المؤمن من عرُي کَسَاه الله من سُندس الجنّة وإستبرقها وحريرها، ولم يزل يخوض في رضوان الله مادام عليّ المکسوَّ منها سِلک»(1).
السَّلک؛ والجميع السلوک: الخيوط التي يُخاط بها الثَّياب. الواحدة سِلکة(2) والاستبرق: إستر وه، ثياب حرير صفاق نحو الديباج (3) والمشک: کلّ طريق سلکت فيه.
ويقال : سلکتُ الطريق وأسلکته (4)ومنه قال عليّ(عليّه السلام) : «وسَلکَ أقصَدَ المَسالِک إلي النَّهجِ المَطلوُبِ، ولم تَفتِلهُ قاتِلاتُ الغُرور» (5).
ورجل مسلّک : نحيف الجسم، وکذلک فرس مسلّک. والسُّلَک: طائر، والجمع سِلکان،
والأنّتي سُلَکة(6).
في حديث ضرار في وصف عليّ (عليّه السلام) : «يَتَملمَل تَململ السَّليم»(7).
السليم: الذي لدغته الحيّة، ويقال له مسلوم (8) وسُمّي بذلک تفاؤلاً بالسلامة، في قول بعض أهل اللغة(9) والسَّلَم: مثل السَّلَف وزناً، ومعني، وأسلمتُ إليه بمعني أسلفتُ أيضاً (10)ومنه قال عليّ عليّه السلام : «لا بأس بالسلم بکيل معلوم إلي أجل معلوم، ولا يُسلَّم إلي دِيَاس ولا حصاد» (11). وفي حديثه جاء (عليّه السلام) عن الفتنة: شِبَابُها کَشِباب الغُلام، وآثارها کآثارِ السَّلام» (12). السَّلام والسَّلمُ: الحجارة، واحدتها سَلِمَةُ، وهي الحِجارة الصلبة، سُمّيت سلاماً لسلامتها من الرخاوة. وقال ابن شميل: السَّلام جماعة الحجارة الصغير منها والکبير، لايوحّدونها. وقيل: استلام الحجر افتعال في التقدير، مأخوذ من السَّلام، وهي الحجارة، تقول: استلمتُ الحجر إذا المسته من السَّلام کما تقول: اکتحلتُ من الکُحلِ (13).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «لا
ص: 403
تَستَلِمُه المَشَاعِر»(1) وقيل: استلم، افتعل من السلام: التحيّة. وأهل اليمن يُسَمّون الرکن الأسود: المُحيّي ، لأنّ الناس يحيّونه بالسَلام (2). والسَّلم بسکون اللام: الدلو التي لها عروة واحدة مثل دلاء أصحاب الروايا)(3) والسَّلَم: ضربُ من الشجر،الواحدة سَلَمة. والسَّلام: ضربُ من الشجر أيضاً، الواحدة سَلامةُ. والسلامان: ضربُ من الشجر أيضاً. وسمّت العرب سَلامان. وهما بطنان: بطن من قضاعة، وبطن من الأزد(4).
والسُّلامَي: عظام الأصابع في اليد والقَدَم. وسُلامي البعير: عظام فِرسِنه. وروي عن النبيّ
( صلي الله عليّه وآله )أنّه قال: «عليّ کلَّ سُلامَي من أحدکم صدقة»(5). قال ابن الأثير: الشلامي :جمع سُلامِيَة، وهي الأَنمُلَة من أنّامل الأصابع. وقيل: واحده و جمعه سواء. ويُجمع عليّ سُلاميات، وهي التي بين کلَّ مفَصِلَين من أصابع الإنسان(6) والسلام من أسمائه تعالي، معناه المُسلِمُ، وهو تَوَسُّعُ لأنّ السلام مصدر، والمراد به أنّ السلامة تُنال من قبله. والسلام والسلامة مثل الرضاع والرضاعة واللذاذ واللذادة. ومعني ثانٍ أنّه يُوصف بهذه الصفة لسلامته ممّا يلحق الخَلَقَ من العيب والنَّقصِ والزَّوال والانتقال والفناء والموت (7) وقوله تعالي: (لهم دَارُ السَّلام ) (8)يجوز أنّ تکون مضافة إليه، ويجوز أنّ يکون تعالي قد سمّي الجنّة سلاماً لأنّ الصائِر إليها يسلم من کلَّ آفة (9) وسُمّيت بغداد مدينة السلام لقربها من دَجلَةَ ، وکانت دَجلةُ تُسمّي نهر السلام (10)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «السُّلُوُّ عِوَضُک ممّن غَدَر»(11) .
السُّلُوّ: يقال: سلاه وسلا عنه وسَلِيه سَلواً وسُلُوّاً وسُلِيِّاً وسِليّاً وسُلواناً نسِيَه. وقال ابن شميل: سليت فلاناً، أي أبغضته وترکته. والسُّلوان: ما يُشرب فيسلّي، وقال بعضهم: السُّلوان دواء يُسقاه الحزين فيسلو، والأطبّاء يُسمّونه المفرَّح، وقال الأصمعي: السُّلوان
ص: 404
مصدر قولک سلوت أسلوسُلواناً(1) ومنه قولهم : إنّه لفي سَلوةٍ من العيش، أي في رغدٍ يُسليه الهَمَّ(2) وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ الله تبارک وتعالي تطوّل عليّ عباده بثلاث: ألقي عليهم الريح بعد الرَّوح، ولولا ذلک مادفن حميم حميمة، وألقي عليّهم السلوة، ولولا ذلک لانقطع النَّسل...» الحديث(3).
وقال عليّ عليّه السلام للأشعث: «إنّ صَبَرت صَبرَ الأکارم، وإلا سلوت و البهائم»(4) وفي حديث الصادق (عليّه السلام): «بينا النبيّ( صلي الله عليّه وآله)في المسجد الحرام وعليه ثياب له جدد فألقي المشرکون عليّه لاناقة فملؤوا ثيابه بها»(5). السَّلَي: الجلدة الرقيقة التي يکون فيها الولد، يکون ذلک للناس والخيل والإبل، والجمع أسلام، وهو من الناس المشيمة.
وسليتُ الناقة: أي أخذتُ سلاها(6). ومنه المثل: وقَع في سَلَي جَمَل. أي في بلية لامثل لها، لأنّ السَّلي إنّما يکون للناقة، يُضرب في الشدّة المتفاقمة (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن أولياء الله في الشبهة: «فَضِياوُهُم فيها اليقين، ودَليلُهم
سَمتُ الهُدي» (8).
السمت: الطريق، والسمت القصد والسکينة والوقار(9). وسَمَّت علي الشيء: ذکر اسم الله تعالي عليه، وسمّت العاطس(10) يعني دعا له، وفي هذا الحرف لغتان: سمّت وشمّت. والتشميت هو الدعاء، وکلّ داعٍ الأحدٍ بخير فهو مشمت له. ومنه الحديث لما أدخل فاطمة (عليّها السلام) عليّ عليّ (عليّه السلام )قال لهما: «لاتحدثا شيئاً حتّي آتيکما، فأتاهما فدعا لهما وشمّت ثمّ خرج» (11).
في حديث الصادق (عليّه السلام ): «في السَّمحاق أربع من الإبل»(12).
السَّمحَاق: هي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة. وقيل: تلک القشرة هي
ص: 405
السّمحاق، وهي فوق قِخف الرأس ، فإذا انتهت الشجّة إليها سُمّيت سمحاقاً(1) قال الأصمعي: وکلّ قشرة رقيقة أو جلدة رقيقة فهي سمحاق(2). ومنه قولهم: في السماء سماحيقُ من غيمٍ (3) وعليّ ثَرب الشاة سماحيقُ من شحم، أي شيء رقيق کالقشرة، وکلّاهما علي التشبيه (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ما سَمَر سَمِير» (5). السَّمير: الدهر(6)وأراد التي ما قام وما کان من الزمن.
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن وصف الأرض بعد سقيها بالمطر: «وتَزدَهي بما أُلبِسَتهُ من رَيطِ أزَاهِيرها، وحِليَةِ ماسُمِطَت به من نَاضِرِ أنّوارِها» (7).
السَّمط : الخيطُ مادام فيه الخَرَرُ، وإلّا فهو سلک. والسَّمط: خيطُ النّظم لأنّه يُعلَّقُ، وسَمَط الشيء سَمطاً: علّقه. وقيل: هي قلادة أطول من المِخنقة، وجمعه سُموط (8)سُمّطت، أي زُينت بالسمط، وهو العقد ، و من روي بالشين أراد: خُلطت (9). والسَّمط: الدَّو عُ يُعَلّقها الفارسُ عليّ عجُز فرسه. والسَّمط: واحد السُّمُوط، وهي سُيور تُعلَّقُ من السرج. وسَمّطت الشيء: علّقته عليّ السُّموط تسميطاً. وسَمّطت الشيء: الزمتُه ، قال الشاعر:
تعالَي نُسمَّط حُبَّ دَعدٍ، ونَعتدي*** و سَواءَين والمَرعَي بأمَّ دَرِينِ
وسمَطَ الجَدي والحَمَل يَسمِطُه ويَسمُطُه سَمطاً، فهو مَسموط وسَميط: نتف عنه الصوفَ ونظّفه من الشعر بالماء الحار ليشويه، وقيل: نتف عنه الصوف بعد إدخاله في الماء الحارَّ، وفي الحديث «ما أکلّ صلي الله عليّه وآله شاةً سَميطاً» أي مشوية، فعيل بمعني مفعول.
والسامطُ : الساکتُ، والسَّمطُ: السکوتُ عن الفضول. يقال: سَمَط وسَمَّط واسمَطَ، إذا سکت. والسَّمطُ: الداهي في أمره الخفيفُ في جسمه من الرَّجال، وأکثر ما يوصف به
ص: 406
الصيّاد. والسميط من النَّغل: الطاق الواحد، ولا رقعة فيها . قالت ليلي الأخيلية:
شمَّ العرانين أسماطُ نِعالُهُم*** بيضُ السرابيل لم يَعلَق بها الغَمَرُ (1).
ومنه حديث أبي سليط: «رأيت علي النبيّ( صلي الله عليّه وآله )نعل أسماطٍ» هو جمع سميط يقال:نَعل أسماطٍ، إذا کانت غير مخصوفةٍ، کما يقال: ثوبُ أخلاقُ وبُرمة أعشار(2) .
وسراويلُ أسمَاطُ: بلفظ الجمع، کقولهم: نَعل أسماطُ والاسماطُ من وسموط العمامة لاحشوَ فيها، الواحد سُمُطُ. وسُمُوط العمامة: ما فَضَل منها فناس. والسّمِيطُ: الآجُرُّ القائمُ بعضُه علي بعضٍ (3) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ رسول الله( صلي الله عليّه وآله) بني مسجده بالسّميط» (4). وسَمَطَ اللَّبَنُ يَسمُطُ سَمطاً وسُموطاً: ذهبت عنه حلاوة الحَلَب ولم يتغيّر طعمُه، وقيل: هو أوّل تغيّره. وقيل: السامط من اللبن الذي لا يُصوّتُ في السّقاء لطراء ته وخثورته. قال الأصمعي: اللبن ما لم يخلطه ماء، حلواً کان أو حامضاً، فإذا ذهبت عنه حَلاوة الحلب ولم يتغيّر طعمُه فهو سامط ، فإنّ أخذ شيئاً من الريح فهو خامط. وقال: الماءُ المُغلي الذي يسمُطُ الشيء وسِماطُ القوم: صَفُّهم. ويقال: قام القوم حوله لا سِماطَين، أي: صفّين، وکلّ صفّ من الرجال سماط(5) ومنه خبر أحمد بن عبيد الله بنخاقان قال: «کان الموفّق إذا دخل عليّ أبي تقدّم حجّابه وخاصّة قوّاده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدّارسماطين إلي أن يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلاً علي أبي محمد( عليّه السلام) يحدّثه»(6)والمُسَمّطُ من الشعر ما في أرباع بيوته وسُمّطَ في قافية مخالفة، يقال: قصيدةُ مُسَمّطة وسِمطيّةُ. وقال الليثُ: الشعر المسُمَّط الذي يکون في صدر البيت أبيات مشطورة أو منهوکة مقفّاة، ويجمعها قافية مُخالفة لازمة للقصيدة حتّي تنقضي(7).
وفي المثل: حکمُکَ مُسَمّط، أي مرسلُ جائز لايُعقّب، والمسمّط: المرسل الذي لايُردَّ (8).
ص: 407
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «فَسَوَّي مِنه سَبعَ سماواتٍ، جَعَل سُفلاهُنَّ مَؤجاًمَکفُوفاً
وعُلياهُنَّ سَقفاً مَحفُوظاً، وسَمکاً مرفوعاً، بغير عَمَدٍ يَدعَمُها ، ولا دِسَارٍ ينظمها»(1).
السمک المرفوع: يقال: سمک الشيء يسمُکُه سَمکاً فَسَمک: رفعه فارتفع. والسمک: السقف، ومنه دعاؤه عليّه السلام: «اللّهم ربّ المُسمکات السبع وربّ المدحيات السبع»(2) والمکفوف الممنوع من السقوط (3)ومنه قوله عليّه السلام : «وداعم المسموکات»(4). والدَّسار: خيط من ليف، وقيل: المسمار وجمعه دُسُر. وکلُّ ماسُمَّر فقد دُسِر. والدسر: الدفع والطعن، ومنه حديث ابن عباس في العنبر، قال: دسره البحر، أي دفعه الموج وألقاه إلي الشط(5) والسَّمَکَةُ برجُ من بروج الفلک. والسَّماک: ماسمکت به حائطاً أو سقفاً. والسَّماکان: کوکبان (6). وفي حديث أبي جعفر(عليّه السلام) قال: «جُدّدت أربعة مساجد بالکوفة فرحاً لقتل الحسين (عليّه السلام) منها مسجد سماک»(7) والدعم: أنّ يميل الشيء فَتَدعَمَهُ بِدِعام کما تَدعَمُ عروش الکرم ونحوه، والدَّعامةُ: اسم الخشبة التي يُدعم بها، والمدعوم: الذي يميل فتدعمه ليستقيم، ودَعَم الشيء يَدعَمَهُ دَعماً مال فأقامه. والدَّعامَةُ: عمادُ البيت الذي يقوم عليه(8) ومنه حديث الصادق( عليّه السلام) : «لکلّ شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة»(9).
في الخبر: «رفع إلي عليّ( عليّه السلام )ثلاثة نفرواحد منهم أمسک رجلاً وأقبل الآخر فقتله، والآخر يراهم. فقضي عليّه السلام في صاحب الرؤية أنّ تُسمل عيناه» (10).
السَّمل: فَقءُ العين، وسملت عينه: أدخلتُ المسمَل فيها(11). قال ابن دريد: سملتُ عين الرجل أسمُلها سَملاً، إذا أحميتُ لها حديدة فکحلتها بها(12)في حديث عليّ عليّه السلام في ذمّ الدنيا في التزهيد فيها: «فلم
ص: 408
يَبقَ مِنها إلّا سَمَلَةُ کَسَمَلةِ الإداوَة»(1). السَّملَة: الماء القليل يبقي في أسفل الإناء و غيره مثل الثَّملَةُ، وجمعه سَمَل. والسَّمَلة: الحَمأةُ والطين. وبالضم مثل السَّمَلة: بقية الماء في الحوض، والتَّسَمُّل: شرب السَّمَلة أو أخذها. يقال: ترکته يتسمَّل سمَلاً من الشراب وغيره. وسَملَ الحوض سملاً؟ وسمّله: نقّاه من السمَلة. وسمَّل الحوضُ: لم يخرج منه إلّا ماء قليل. وسَمَّلت الدَّلوُ: خرج ماؤها قليلاً. وسَمَلَ الثوبُ يَسمُل سُمولاً وأسمَلَ: أخلَق، و ثوبُ سَمَلةُ وسَمَل وأسمَال وسميل وسَمُول(2) ومنه خبر عائشة : «ولنا سَمَلُ قطيفة کنّا نلبسها» السمَل: الخَلَق من الثياب(3). والإدارة: المطهَرة. وجمعها أداوي مثل المطايا. والألف التي في آخر الأداوي بدل من الواو التي في إداوة، وألزموا الواو ههنا کما ألزموا الياء في مطايا. وقيل: إنّما تکون إداوة إذا کانت من جلدين قوبل أحدهما بالآخر(4).
عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله( صلي الله عليّه وآله) أنّه سئل عن قول رسول الله( صلي الله عليّه وآله) «أعوذ بک من شرَّ السّامّة والهامة والعامّة واللامّة» فقال: السامّة : القرابة، والهامّة: هوامَّ الأرض، واللامة: لمم الشياطين، والعامّة : عامّة الناس (5).
السامّة: الخاصّة، يقال: کيف السامّة والعامّة. وسمّه سمّاً خصّه. وسمّت النعمة، أي خصّت، قال العجّاج:
هو الذي أنّعم نُعمي عمّت*** علي البلاد ربّنا وسمّت
وأهل المسمّة: الخاصّة والأقارب، وأهل المنحاة: الذين ليسوا بالأقارب(6) والهامّة: واحدة الهوامّ، والهوامُ: الحيّات وکلّ ذي سمّ يقتل سمّه، وأمّا مالا يقتل ويسمّ فهو السوامّ، لأنّها تسمّ ولا تبلغ أنّ تقتل مثل الزنبور والعقرب وأشباهها، وسمّيت بالهوامّ لأنّها تَهِمّ، أي تَدِبّ، وهميمها دبيبها، وقد تقع الهامّة عليّ غير ذوات السمّ القاتل أيضاً، کما في قول النبيّ( صلي الله عليّه وآله)لکعب بن عجرة: أيؤذيک هوامّ رأسک؟ أراد بها القمل، سمّاها هوامّ لأنّها تدبّ في الرأس وتهمّ فيه(7).
ص: 409
وقد وصف عليّ (عليّه السلام) الدنيا بقوله: «حُلؤوُها صَبِرُ، وغذاؤها سِمام»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن قيام الساعة: «وتَذِلُّ الشُّمُّ الشَّوامِخُ، والصُمُّ الرواسِخُ
فيصير صَلدُها سَراباً رقرَقاً، ومعهَدُها قَاعاً سَملَقاً (2).
السَّملقُ:القاعُ المستوي الأملس والأجردُ لاشجر فيه، وهو القَرق(3). ويقال: الصحراء (4) وامرأة سَملَقُ: لاتَلدِ، شُبّهت بالأرض التي لا تنبت. والسملق والسملقة:الرديئة في البُضع. وعجوزُ سَملَقُ: سيئة الخلق. قال أبو عمرو: يقال للعجوز: سَملَق وسَلمَق و شَلَمق وشَلَمَقُ (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «الحمدُ لله الذي لاتُواري عنه سَماءُ سماءً ولا أرضُ أرضَاً» (6).
سماءُ کلّ شيء: أعلاه. وقال بعضهم: کلّ سماء بالإضافة إلي ما دونها فسماء، وبالإضافة إلي ما فوقها فأرض، إلّا السماء العليّا فإنّها سماء بلا أرض (7). والعرب تسمّي کلّ ماعلا وارتفع سماء، وکلّ ماسفل أرضاً، يعني أنّه تعالي لايري بالة وليس بجسم، .فيحتاج إلي آلة، بل يدرک کلّ مدرک لکونه حيّاً لا آفة به، والسواتر والحجب إنّما تعترض دون الأجسام، فلذلک قال لايحجب عن سماء سماء(8) وسُمّي المطرُ سماءً الخروجه منها، وقال بعضهم: إنّما سُمّي سماءً ما لم يقع بالأرض اعتباراً بما تقدّم، وسُمّي النبات سماءً؛ إمّا لکونه من المطر الذي هو سماء وإمّا لارتفاعه عن الأرض(9). فقول العرب: مازلنا نطأ السماء حتّي أتيناکم، أي مواقع الغيث (10).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام )للأشتر النخعي: «إيَّاکَ ومَسَامَاة الله في عَظَمته»(11). السمو: العُلوّ، يقال: سما يسمو سُمُواً. ومنه يقال : سَمَت هِمّتُه إلي معالي الأمور، إذا طلب العزَّ
ص: 410
والشرف(1). وسموت إليه ببصري، وسما إليه بصري، قال جرير:
سَمت لي نظرةُ فرأيتُ برقاً*** تهاميّا فراجعني ادّکاري
وسما الفحلُ: تطاول علي شَؤله(2). والاسم: أصله سُمو مثل حِمل أو قفل ، وهو من السمو، العلوّ . وذهب بعض الکوفيين إلي أنّ أصله وسم، لأنّ أصله من الوسم، وهو العلامة، فحذفت الواو وعوض عنها الهمزة(3). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «قد سَمَّي آثارَکم»(4) أراد (عليّه السلام )بيّنها لکم لأنّها محفوظة في علمه.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن وضع الناس في الفتنة: «في فتن داسَتهم بأَخفَافِها، وَوَطِئتهم بأظلافِها، وقَامت عليّ سَنَابِکها، فهم فيها تَائَهوُن»(5).
السُّنبُک : مقدم الحافر، فارسي معرب قد تکلّمت به العرب قديماً (6).
قال ابن ميثمّ: يحتمل أنّ يکون هناک إضمار، أي داستهم بأخفاف إبلها، ووطئتهم باظلاف بقرها، وقامت علي سنابک خيلها فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وحينئذ يکون التجوّز في نسبة الوطي والدوس والقيام إليها فقط وهو المجاز في الإسناد(7).
أبي الحسن (عليّه السلام) : «الشؤم في خمسة للمسافر في طريقه: الغراب الناعق عن يمينه، والکلّب الناشر لذنبه، والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرّجل، والظبي السانح عن يمين إلي شمال، والبومة الصارخة... ».الحديث(1) ومنه المثل : «مَن لي بالسانح بعد البارح؟» (2) وقوله (عليّه السلام ): ملکتني عيني کناية عن النوم والنعاس.
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «لايَهلِکُ علي التَّقوي سِنخ أصل»(3).
السَّنخ: الأصل من کلَّ شيء، والجمع أسناخ و سُنُوخ. وأسناخ الأسنان والثنايا: أُصولها، وسِنخ الکلّمة أصل بنائها(4) والسنخ والأصل واحد، فلمّا اختلف اللفظان أضاف أحدهما إلي الآخر (5) ومنه حديث الباقر (عليّه السلام ):«التقوي سِنخ الإيمان»(6). وفيه قيل: سنَخَ في العِلم يسنَخُ سُنُوخاً : أي: رسخ(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الدنيا: سِنَاد مَائِل»(8) .
السنّد: ما ارتفع من الأرض في قُبُل جبل أو وادٍ. وکلّ شيء أسندت إليه شيئاً فهو
مُسنَد. وناقة سِنادُ، أي طويلة القوائم مُسنَدةُ السَّنام. والسَّناد: أنّ يَسلَخ شِعرَ غيره فيُسنِده إلي نفسه فيدّعيه أنّه من شعره(9)ويقال: فلان سَنَدُ بني فلان، إذا کان معتمدهم في أمورهم. وفلان سنيدُ في بني فلان ، إذا کان دعيّاً فيهم، والأسناد: ضرب من الشجر. و المُسند: الدهر، والمسند خطّ حِميرَ(10). والسَّندان، بالفتح : زَبرَةُ الحدّاد(11).
في الشعر المنسوب لعليّ :
أکيلکم بالسيف کَيل السندرة*** أضربکم ضرباً يُبينُ الفِقَرة (12).
ص: 412
السندرة: مکيال واسع. والسندرة: العجلة، والنون زائدة(1) أراد عليّه السلام بقوله :أُقاتلکم عليّ عجل وأبادرکم قبل أنّ تفرّوا والسَّندرَوالسَّندرَي: ضربُ من الطير. ونصل سَندَريُّ: أبيض(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «بنا اهتَديتُم في الظَّلماء، وتَسنَّمتُم ذُروَة العَلياء»(3).
التسنيم: کلّ شيء علا شيئاً فقد تَسَنّمه. يقال: تسنّمت الحائط، إذا علوته من عُرضه وسنّم الشيء وتسنّمه: علاه. وتسنّم الفحلُ الناقة: رکبها. ومجد مسنّم عظيم . وأسنمت النار: عظم لهبها (4) ومنه حديث الباقر(عليّه السلام) : أصل الإسلام الصلاة وفرعه الزکاة وذروة سنامه الجهاد»(5). سنامه مستعار من سنام البعير، أعليّ ظهره. وقد وصف عليّ (عليّه السلام )أصحابه بقوله: «الأنّفُ المُقَدَّم والسَّنَام الأَعظَمُ» (6).
وفي حديث علي(عليّه السلام) في خلق آدم (عليّه السلام) :جمع سُبحانه من حَزن الأرضِ وسَهلها، وعَذبها وسَبَخها، تُربةً سَنّها بالماء حتّي خَلَصَت»(7).
السَّنن: يقال: سنَّ الشيء يَسُنُّة سَنّاً، فهو مَسنون وسنين، وسَنّنه: أحدّه وصقله. وسنَّ عليّه الدَّرع يَسُنُّها سنّاً، إذا صبّها. والسُّنُّة الوجه لصقالته وملاسته. ووجه مسنون:مخروط أسيل کانّه قد سُنَّ عنه اللحم، والمسنون المصقول، من سننته بالمِسَنَّ سنّاً إذا أمررته علي المِسنّ(8). ومنه قوله تعالي:﴿ ومن حَمَاٍ مَسنُون﴾ (9). أي قد صُبَّ صبّاً وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «عشرة مواضع لايُصلّي فيها، منها مسانّ الطريق» (10) ومسانّ الطرق: المسلوک منها(11). ومن هذا استعار عليّ عليّه السلام لمن شغله اللهو في الدنيا. بقوله: «دَهِمَته فجعاتُ المنيّة في غَبّر جِمَاحه،
ص: 413
وسَنَنِ مِرَاحِه»(1)والمُراح حيث تراح الإبل(2).
والسنن عند العرب : الطريق والمذهب (3). وقولهم: تنح عن تن الطريق، وعن سَنَنِ الخيل، أي: عن طريقهما ، والسُّنّة : الطريقة(4). وقد استعار عليّ عليّه السلام لدولة بني أميّة لفظ السيل الذي لا يقف أمامه شيءُ إذا استنَّ في مَجراه بقوله: «ولم يَرُدَّ سَنَنُه رَصُّ طَودٍ» (5).
وفي الحديث : سأل معاوية بن وهب أبا عبدالله عليّه السلام عن دية العمد، فقال: مائة من فحولة الإبل المسانّ، فإنّ لم يکن فمکان کلَّ جمل عشرون من فحوله الغنم(6) المسانّ: يقال أسنّ الإنسان وغيره إسناناً إذا کبر فهو مُسِنُّ، والأنّثي مُسِنّة، والجمع مَسَان. ومعني إسنان البقر والشاة طلوع الثَّنِيَّة لها (7) ويقال: ناقة مُسِنّة والجمع مَسانُّ (8)وسنّ إبله: أحسن رعيتها وصقلها کما يُسنُّ السيفُ ، يقال: هو من مسانَّ الإبل وجلّتها. وفرس مسنونة: متعهَّدة يحسن القيام عليها(9) وفي حديث أبي عبد الله عليّه السلام : «الدُّعاء أنّفذ من السَّنان الحديد» (10). السَّنان: الرمح، وجمعه أسنّة (11)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الحرب: «وعَلا سَناها» (12). السَّنا: ضوء النار والبرق.
يقال: سنت النارُ تسنُو سَناءً: علا ضوءُها. وسنا البرق: سطع. وسنا إلي معالي الأمور سناءً: ارتفع . وسنُوَ في حَسَبه سَناءً، فهو سَنُّي: ارتفع (13). ومنه حديثه صلي الله عليّه وآله: «بشَّر أُمتَّي بالسَّناء». أي بارتفاع المنزلة والقَدر عند الله تعالي (14). ومن هذا جاء دعاء عليّ( عليّه السلام) للمصطفئ (صلي الله عليّه وآله): «و آتِه الوَسيلَةَ، وأعطِه السَّناء والفَضِيلةَ» (15). ومنه المُسَنَّاة بضمّ
ص: 414
الميم: حائط يُبني في وجه الماء يَسمّي السَّدُّ، نحو المَرز، وربّما کان أزيد تُراباً منه(1).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام) قال: نهي رسول الله( صلي الله عليّه وآله )عن النطاف والأربعاء. والأربعاء أنّ يسني مسنّاة ًفيحمل الماء فيستقي به الأرض(2). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ الشَّيطان يُسنّي لکُم طُرُقه»(3) يقال: سَنيتُ الشيء ، إذا فتحته وسهّلته. وتسنّي لي کذا أي تيسّر وتأتَّي(4)والسانية: الغَرب وأداته. والسانية: الناضحة، وهي الناقة التي يَستَقي عليها، وقد سنت السانية تسنو سُنُوّاً ، إذا استقت، وسناية وسناوةً. وسنت الناقة تسنو إذ اسقت الأرض، والسحابة تسنو الأرض، والقوم يسنون لأنّفسهم إذا استقوا(5) ومنه حديث الصادق عليّه السلام : «وأمّا ما سقت السواني والدوالي فنصف العُشر»(6)وفي حديث الصادق (عليّه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «عليّکم بالسَّنا فتداووا به،(7)السنا: شجر مثل العِشرِق، وهو أيضاً نبات له حَمل إذا يبس فحرّکته الريح سمعت له زجلاً ، الواحدة سناة. والسناء بالمد: نبتُ . والسنا بالقصر: ضرب من الحرير (8) وکذلک من الشرف ممدود(9) وجاء ذکر السنا مع السنُّوت کما في الحديث: «عليّکم بالسَّنا والسَّنُّوت». السَّنا: نَبتُ يُتَداوي به، له إذا يَبِس زَجَل (10). وقيل: هو العِشرِق. قال الراعي:
کأنّ دويّ الحَلي تحت ثيابها*** دويُّ السَّنا لاقي الرياح الزعازعا
وقد رواه بعضهم ممدوداً. والسَّنّوت: العسل. وقيل: الرُّبُّ. وقيل: الکَمُّون، وقيل: ضرب من التمر. ويقال: فلان سَمِن بسَنُّوت. وفي حديثه (صلي الله عليّه وآله): «لو کان شيء ينجي من الموت لکان السَّنا والسَّنّوت». وروي: السَّمن والسّنُوت. وفي خبر عطاء : لا بأس أنّ يتداوي المحرم بالسَّنا والعثر. العِتر: نبت ينبت کالمرزَنجوش متفرقاً (11) وقيل: السَّناشجيرةُ من الأغلاث تُخلط بالحِنّاء تکون
ص: 415
شِباباً له و تُقوَّي لَؤنَه و تُسوَّدُه(1) وفي حديث حليمة السعدية: «خرجنات نَلتَمِسُ الرُّضَعَاء بمکّة في سنة سنهاء». أي لانبات بها ولا مطر. وهي لفظة مبنيةُ من السَّنَة، کما يقال: ليلة ليلاءُويوم أيوَمُ. وفي الحديث: «اللّهم أعنّي علي مُضَرَ بالسنة» (2). السنة من الزمن من الواو ومن الهاء، والجمع سنوات وسنون وسنهات. وأرض سنهاء سَنواء، إذا أصابتها السّنة(3) والسّنّة: الجذب، يقال: أخذتهم السَّنة. وهي من الأسماء الغالبة، نحو الدابة في الفرس، والمال في الإبل، وقد خصّوها بقلب لامها تاءً في أسنَتُوا، وفي تستنّت فلانُ بنتَ فلان، إذا خطبها في السَّنة (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام ) في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «وفرّقها في سُهُوب
بيدِها(5).
السَّهب: الفلاة، وقيل: سُهُوب الفلاة نواحيها التي لامَسلک فيها. والسَّهب: ما استوي من الأرض في سهولة. وقيل: السُّهوب المُستوية البعيدة، وهو بطون الأرض تکون في الصحاري والمتون. وبئر سَهبةُ: بعيدة القَعر، يخرج منها الريح. وقال الکسائي: بئر مَسهَبة التي لايُدرک قعرُها وماؤها. والسَّهبُ والمُسهَبُ والمُسهِبُ: الشديد الجَري، البطيء العَرق من الخيل. وأسهب الفرسُ: اتَّسَعَ في الجَري وسَبق(6) ومنه حديث الرؤيا: «أکلوا وشَرِبوا وأسهبوا». أي أکثروا وأمعَنوا. يقال: أسهَبَ فهو مُسهَبُ، بفتح الهاء، إذا أمعن في الشيء وأطال. وفي الحديث : «أنّه بعث خيلاً؟ فأشهَبت شهراً» أي أمعنت في سيرها (7).
والمُسهَب: الذي لا تنتهي نفسه عن الطعام والشراب. وقيل : هو الذي ذهب عقله من عَضَّة حيَّةٍ، ومُسُهَّب مِثلُه ، بالتشديد.
وإسهاب اللُّبَّ: تَيهانه بالمرأة (8)
وجاء حديثه (صلي الله عليّه وآله) في فضل الجهاد: «فمن ترکه رغبةً عنه... ضُرِب علي قلبه بالإسهاب»(9)التَشهيب: ذَهاب العقل، والفعل منه مُمات. تقول منه أُسهِبَ ، علي ما لم يُسمَّ فاعله. والمُسهَب: المتغيّر اللون من
ص: 416
حُبًّ أو فزع، أو مرض. وأسهبت الدابّة إسهاباً، إذا أهملتها ترعي ، فهي مُسهَبة. ومن هذا قيل للمکثار: مُسهَبُ. کأنّه تُرِک والکلّام، يتکلّم بما شاء کأنّه وُسَّع عليه أنّ يقول ماشاء (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف حال الناس بعد انصرافه من صفّين: «نَؤمُهم
سُهُود، وکُلُهم دُمُوع، بأرضٍ عالِمُهَا مُلجَم، وجَاهِلُها مُکرَم» (2).
السُّهد والسُّهاد: نقيض الرُّقاد. والسُّهُد، بضم السين والهاء: القليل من النوم، وسَهِد ،
بالکسر، يسهد سَهَداً و سُهداً وسُهاداً: لم يَنَم ورجل سُهُد : قليل النوم (3). قال البيهقي: أي لا ينامون يرتّبون أمور معاوية هذا إنّ أراد أهل الشام، وإنّ أراد أصحابه، وهو الأقرب، فالمعاني أنّهم يبيتون خائنين ساهرين لقلّة موافقتهم، ويکون ذلک شکاية منه (عليّه السلام )من أصحابه (4).
قال الصادق (عليّه السلام) : «الحنّاء يذهب بالسَّهَک، ويزيد في ماء الوجه ويطيّب النکهة ويحسن الولد»(5).
السَّهک: ريح کريهة تجدها من الإنسان إذا عَرَق. تقول: إنّه لَسَهِکُ الريح(6).
واستعمله قومُ في کلَّ مشموم من دنس منتن (7).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله): «سَهل الخدّين»(8). سهل الخدّين: أي سائل الخدّين غيرالمرتفع الوجنتين (9) کأنّه مأخوذ من الأرض السهلة، وکنّي عن خلوّ وجهه صلوات الله عليه و آله من الغِلظ والخشونة. وفي حديث يونس بن رفيع: فلمّا حفرنا قدر ذراع انحدرت علينا من رأس القبر - قبر الحسين( عليّه السلام) - مثل السَّهلة حمراء قدر درهم فحملناه إلي الکوفة (10) السَّهلة: تراب کالرَّمل(11). يجيء به الماء، وأرض سَهِلة
ص: 417
کثيرة السَّهلة، فإذا قلت سَهلة فهي نقيض حَزنة. والسَّهل من الأرض: نقيض الحَزن، وهو من الأسماء التي أُجريت مجري الظروف، والجمع سُهول(1)والحَزنُ من الأرض: المکان الغليظ، وهو الخشِن، والمحُزونة: الخشونة، والجمع حُزُون (2)ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «ثمّ جَمَعَ سُبحَانَه من حَزنِ الأرضِ وسَهلِهَا»(3)وفي وصية عليّ (عليّه السلام) للحسن : «سَاهِل الدَّهر ماذَلَّ لک قَعُودُه» (4)السهل: کلّ شيء إلي اللين وقلّة الحشونة (5). وذلّ: انقاد ولان، والقعود من الإبل ما أمکن ظهره من الرکوب(6)وسُهَيل: اسم کوکب يُري بالعراق، ولا يُري بخراسان ويقال: إنّ سُهَيلاً کان عشّاراًعلي طريق اليمن ظلوماً فمسخه الله کوکباً (7)وجاءت الاستعارة من معني السهولة لأنّوار الرحمة ن النبوية في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي( صلي الله عليّه وآله) :«فرتق به المفاتق ، وساوَرَ به المُغَالِبَ، وذلّل به الصُّعوبة ، وسهّل به الحُزونَةَ»(8).
في الحديث عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «إنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله )سَاهَم قُريشاً في بناءِ البيت فصار لرسول الله (صلي الله عليّه وآله) من باب الکعبة إلي النصف ما بين الرکن اليماني إلي الحجر الأسود»(9).
ساهم: ساهمته مساهمةً بمعني قارعته مقارعة، واستهموا بمعني اقترعوا(10) وساهمته فسهمته: قارعته فقرعته، وتساهموا الشيء : تقاسموه (11)وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمَّ أصحابه: «مَن فَاز بِکم فقد فَاز - والله - بالسَّهمِ الأَخيَبِ»(12) السهم الأخيب: أي السهم الخائب الذي لا نصيب له من قِداح المَيسر، وهي ثلاثة: المنيح ، والسّفيح، والوغد. والخيبة: الحِرمان والخسران، وقد خاب يخيب ويخوب (13).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «بِاحتِمَال المُؤَن
ص: 418
يجِب السُّؤدَد»(1).
السؤدد: الشَّرفُ، وقد يُهمز وتُضمُّ الدال الأولي. يقال: سادهم سُوداً سُودداً وسيادةً وسَيدودة. ومنه السيّد يُطلق علي الربّ، والمالک، والشريف، والفاضل، والکريم، والحليم، ومُحتَمل أذي قومه، والزوج، والرئيس ، والمقدّم، وأصله من ساد يسود فهو سَيود، فقُلبت الواو ياءً لأجل الياء الساکنة قبلها ثمّ أدغمت. والمسودُ الذي ساده غيره. والمُسؤَّد السيّد (2)ومنه قوله : «أنا سيّد النبيين، وعليّ سيّد الوصيين، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، والأئمة بسعدهما سادات المتّقين»(3).
وفي حديث عليّ : «الزَمُوا السَّوادَ الأعظَمَ، فإنَّ يَدَ اللهِ مع الجَمَاعةِ»(4). أراد بالسواد الأعظم الفرقة المحقّة والعدد الکثير الذين فيهم حجّة، فإجماعهم حجّة (5).
ومعني السواد في حديث السجاد (عليّه السلام) إذا رأي جنازة قد أقبلت : «الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم» (6) هو غير الفرقة المحقّة المرادة بقول عليّ عليّه السلام أعلاه، وإنّما أراد به عموم الناس، يقال لهم السَّواد والأساود، وهم الضروب المتفرّقون. وسواد العسکر مايشتمل عليه من المضارب والآلات والدوابَّ وغيرها. والسواد: الشخص، لأنّه يُري من بعيد أسود. وصرّح أبو عبيد بأنّه شخص کلَّ شيء من متاع وغيره، والجمع أسودة، وأساود جمع الجمع (7)، ومن ذلک يُفسّر حديث سلمان حين سُئل عن بکائه، فقال: إنّي لا أبکي جزعاً من الموت، ولا حرصاً علي الدنيا، ولکن رسول الله (صلي الله عليّه وآله) عهد إلينا فقال: ليکن بلغة أحدکم کزاد الراکب، وحولي هذه الأساود وإنّما حوله إجّانة وجفنة ومطهرة (8).
وقد يُراد بالأساود الأفاعي، واحدها أسود وهو العظيم من الحيّات وفيه سواد،
ص: 419
غلب غلبة الأسماء، والأُنّثي أسودة، يقال: أسودُ سالخُ، غير مضاف، ولا يقال للأنّثي سالخة (1).
ومنه خبر عمرو بن الحَمِق، بفتح الحاء وکسر الميم، الخزاعي: لما دخل الغار ضربه أسود سالخ (2). وفي الحديث : أنّ النبيّ صلي الله عليّه وآله أمر بقتل الأسودين في الصلاة. ومعني الأسودين: الحيّة والعقرب(3). والأسودان: التمر والماء، وقيل : الماء واللبن. وجعلهما بعض الرجّاز الماء والفثَّ ، وهو ضرب من البقل، يُختبز فيؤکلّ ، قال:
الأسودان أبرَدا عِظامي*** الماءُ والفَثُّ دَوا أسقامي (4).
ومنه حديث عائشة :«لقد رأيتنا وما لنا طعام إلّا الأسودان». الأسودان هنا: التمرو الماء. أمّا التمر فأسودُ وهو الغالب عليّ تمر المدينة، فأضيف الماء إليه ونَعِت بنعته إتباعاً. والعرب تفعل ذلک في الشيئين يصطحبان فيسمّيان معا باسم الأشهر منهما، کالقمرين و العُمَرين (5). وقد فسّر قول العرب : الأسودان» بالحرّة والليل لاسودادهما، قيل : ضاف مُزبَّداً المدنّي قومُ فقال لهم: ما لکم عندنا إلّا الأسودان! فقالوا: إنّ في ذلک لَمقَنعاً التمر والماء، فقال: ما ذاک عنيت إنّما أردت الحرّة والليل(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الموت: «وقاطع َالأُمنِيات عِندَ المَسَاوَرَةِ للأعمال
القَبَيحةِ» (7).
المساورة: يقال : ساوره مُساورَةً وسِواراً: واثبه. والسَّورة: الوثبة ، وقد سُرتُ إليه، أي وثبتُ إليه . ويقال : إنّ لغضبه لسَورة وهو سوّار، أي وثّاب مَعَربدُ(8) واستعارها عليّ (عليّه السلام )العذاب النار في قوله: «فوراتُ السَّعير، وسَورَاتُ الزَّفير»(9) وسَورةُ الشراب: وثوبُه في الرأس، وکذلک تؤرة الحُمَةِ: وثوبُها، وسَؤرةُ السلطان: سطوته واعتداؤه . والسَوّار: الذي تسور الخمرُ في هما رأسه سريعاً کأنّه هو الذي يسور. والسورة المنزلة، والسورة من البناء: ما حسن وطال،
ص: 420
وجمعها سُوَر. وقيل: السُّور جمع سُورة مثل بُسرَة وبُسر ، وهي کلّ منزلة من البناء، ومنه شورة القرآن لأنّها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخري. وقال ابن الأعرابي: السُّورَةُ الرَّفعَةُ وبها سُمّيت السورة من القرآن، أي: رفعة وخير(1).
وباعتبار الحسن والارتفاع جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) السماء بقوله عن خلق السماوات والأرض: «وأجري فيها سِرَاجاً مُستَطيراً، وقَمَراً مُنيراً، في فَلَکٍ دائرٍ وسَقفٍ سائرٍ، وَرَقيمٍ مَائِرِ»(2) وفي حديث جابر : «إنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) انه قال لأصحابه: قوموا فقد صَنَع جابر سُوراً». أي طعاماً يدعو إليه الناس، قال ابن الأثير: واللفظة فارسية . والسّوار من الحُلِي معروف، و تکسر السين و تُضمّ. وجمعه أسورة ثمّ أساور وأساورة. وسوّر ته السَّوار إذا ألبسته إيّاه . ومنه: «أتحبّين أنّ يُسَوَّرک الله بسوارين من نار» (3) والمِسوَرُ والمِسوَرةُ مُتکأ من أَدَمٍ، وجمعها المَساورُ يقال: جلس عليّ المسورة. وسار الرجلُ يسور سؤراً: ارتفع. قيل: وإنّما سُمّيت المِسوَرَةُ مِسورَةً لعلوّها وارتفاعها، من قول العرب : سار ، إذا ارتفع، قال الشاعر:
سُرتُ إليه في أعالي السُّورِ***أراد ارتفعت إليه (4)
قال السجاد (عليّه السلام )في رسالة الحقوق: «حقّ سائسک بالملک أنّ تطيعه ولاتعصيه، إلّا فيما يسخط الله عزّوجلّ، فإنّه لا طاعِة لمخلوق في معصية الخالق»(5).
السياسة: القيام عليّ الشيء بما يُصلحه.
والسياسة فعل السائس يقال: هو يسوس الدوابَّ، إذا قام عليها وراضها، والوالي يسوس رعيته. أبو زيد: سوّس فلان لفلان أمراً فرکبه کما يقول: سوّل له وزيّن له. وقال
غيره: سوّس له أمر اً، أي روّضه (6). تقول: سستُ القومَ أسوسهم سياسةً، وکذلک الدوابّ (7) وفيه : «کانت بنو إسرائيل تسوسهم أنّبيا و هم» أي تتولّي أمورهم کما تفعل الأمراء والولاة بالرّعية(8)
وباعتبار الرعاية والحفظ قال عليّ (عليّه السلام) :
ص: 421
سُوسُوا إيمانکم بالصَّدَقة»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولَتُساطُنَّ سَوط القدِر»(2).
السوط: خلطک الشيء بعضه ببعض، والفعل منه ساطه يسوطه. والسَّؤط: النصيب من العذاب (3). واستعار لفظ السوط للأذي والتعذيب و تقلّب الأمور الذي يرونه من الفتن وسلاطين الجور.
عن أبي جعفر (عليّه السلام )قال: «إنّ اللعنة إذا خرجت مِن فِي صاحبها ترددت بينهما فإنّ وجدت مساغاً وإلّا رجعت عليّ صاحبها»(4).
المساغ: يقال: ساغ له الشيء ، جاز (5) وسوّغته ما أصاب : جوّزته له. ويقال: لا أجد له مساغاً، قال المتلمّس
فأطرق إطراق الشُّجاع ولو رأي*** مَساغاً لناباه الشجاعُ لصَمِما(6)
وسوّغت فلاناً کذا وکذا، إذا أعطيته إيِاه (7) ومن هذا المعني يفسر ماقال عليّ عليّه السلام لأصحابه: «و سوّغُتُکم مامَجَجتُکم»(8). قال ابن ميثمّ: استعار وصف التسويغ إّما لإعطائه لهم العطيّات والأرزاق التي کانوا يُحرمونها من يد غيره لو کان معاوية، وإمّا لإدخاله العلوم في أفواه أذهانهم(9). ومساع الريق: الحلق (10).وفيه قال عليّ (عليّه السلام) : «ولئِن أمُهَلَ الظالمَ فَلَن يَفُوت أخذُه، وهو له بالمرِصَا دِعلي مَجَازِ طريقِه، وبَوضع الشَّجا مِن مساغ ريقه»(11).
في الحديث عن أبي عبدالله عليّ قال: إنّ امرأة أتت رسول الله لبعض الحاجة فقال لها:
لعلّک من المسوّفات، قالت: وما المسوّفات يارسول الله؟ قال: «المرأة التي يدعوها زوجها لبعض الحِاجة فلا تزال تشوّفه حتّي ينعس روجها وينام، فتلک لاتزال الملائکة تلعنها حتّي يستيقظ زوجها»(12).
ص: 422
التسويف: التأخير، من قولک: سوف أفعل. والتسويف: المطل. وقولهم: فلان يقتات السَّوَف، أي يعيش بالأماني والسّوف: الصَّبر (1) وفيه حديث الدؤلي: «وقف عليّه عرابي فقال: أکلّني الفقرُ وردّني الدهر ضعيفاً مسيفاً». المُسيف: الذي ذهب ماله، من السُّواف وهو داء يهلک الإبل. وقد تُفتح سينه خارج القياس. وقيل: هو بالفتح : الفناء (2). يقال : رماه الله بالسُّواف، أي بالهلاک (3).وباعتبار المطل والتأخير جاء وصف العالم الضال في حديث عليّ (عليّه السلام) : «عالِمُکُم مَسَوّف»(4) والسوف: شمّ التراب والبول (5) .ويقال: إنّ المسافة من هذا، وذلک أنّ الدليلَ يسوفُ تُرابَ الموضع الذي ضلَّ فيه، فإنّ استان رائحة الأبوال والأبعار علم أنّه علي جادة الطريق، وإلاّ فلا(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أمَا والله إنّ کُنتُ لَفي ساقَتها حتّي تولّت بحَذَافيرها (7).
ساقة الجيش: مؤخّره ، جمع سائق ، وهم الذين يسوقون جيش الغُزاة، ويکونون من ورائه يحفظونه، ومنه ساقة الحاجّ(8).
قال ابن أبي الحديد: شبّه عليّ (عليّه السلام) أمرالجاهليّة إمّا بعجاجة ثائرة، أو بکتيبة مقبلة للحرب، فقال: إنّي طردتها فولّت بين يديّ، ولم أزل في ساقتها أنّا أطردها وهي تنطرد أمامي حتّي تولّت بأسرها ولم يبق منها شيء، ما عجزتُ عنها، ولاجنبت (9) والسيّق من السحاب: ما طردته الريحَ، کان فيه الماء أو لم يکن. والسيّقة مثل الوسيقة، وهي لما استيق من الدواب. والسيّقة: التي. تُساق سوقاً، ويقال لما سِيق من النهب فطُرد: سَيّقة (10). ومنه قوله (عليّه السلام) لعثمّان: «فلا تکونَنَّ لِمَروان سَيّقةً يَسُوقُکَ حيث شاء»(11). وقد وصف (عليّه السلام)الموت بقوله: «جَذبة مُکرِبة، وسَوقة مُتعِبة» (12) وقيل لمهر المرأة: سَوق، لأنّ العرب کانوا إذا تزوّجوا ساقوا الإبل
ص: 423
والغنم مَهراً، لأنّها کانت الغالب عليّ أموالهم، ثمّ وضع السَّوق موضع المَهر، وإنّ لم يکن ايلاً وغنماً (1). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في الاتعاظ
بالماضين: «أولئِکُم سَلَف غَايتکم، وفُرّاط مَناهِلکَم، الذين کانت لهم مَقَاوِمُ العِزّ، وحَلَباتُ الفَخر، مُلوکاً وسُوَقاً (2) السُّوَقة من
الناس: الرعية ومن دون الملِک، وقيل: أوساطهم، سُمّواسُوقة لأنّ الملوک يسوقونهم
فينساقون لهم، الذکر والأنُّثي في ذلک سواء، والجمع السُّوَق. قالت بنت النعمان بن المنذر:
فبينا نُسوسُ الناسَ والأمر أمرنا*** إذا نحن فيهم سُوقةُ نتنصّف
أي نخدم الناس(3)قال ابن الأثير: وکثيرُ من الناس يظنّون أنّ السوقة أهل الأسواق (4).
ومن جميل الاستعارة وصف عليّ (عليّه السلام) للفتنة بقوله: «مرعادُ مبراق، کاشفةُ عن ساق» (5).وأصل هذا أنّ الرجل إذا وقع في أمرٍ عظيم يحتاج إلي معاناته والجدَّ فيه شمرَّ عن ساقه، فاستُعيرت الساق في موضع الشدّة (6) ومنه جاء قوله تعالي:﴿يوم يکشف عن ساق﴾ (7) أي أمر شديد فظيع(8) ومن هذاوصف عليّ (عليّه السلام) الناس في الدنيا بقوله: «أهلُها عليّ سَاقٍ وسِياق»(9)والساق: النفس، ومنه قول عليّ (عليّه السلام) في حرب الشراة: «لابدّ الي من قتالهم، ولو تلفت ساقي»(10)وقد؟ وصف (عليّه السلام) الأجل بقوله: «مَسَاقُ النفس»(11). وأراد مدة بقائها في البدن مساقها إلي غايتها لامحلَّ قرارها.
في دعاء عليّ ؟ للاستسقاء: «نَدعُوک حَين قنط الأنّامُ، ومُنِع الغَمامُ، وهلک السَّوَامُ» (12).
السوام: المال الراعي، ويقال لها: السائمة وسامت الراعية والماشية والغنم تَسُومُ سَوماًرعت حيث شاءت. وقال الأصمعي: السَّوامُ والسائمة کلُّ إبل تُرسَلُ ترعي ولا تُغلَفُ في الأصل، وجمع السائم والسائمة سوائم (13).
ومن هذا جاء قوله( عليّه السلام): «أئمَتليءُ السائمةُ
ص: 424
من رِعيها فتبرُک»(1) وفي الحديث: «السائمة جبار». يعني أنّ الدابّة المرسلة في مرعاها إذا أصابت إنساناًکانت جِنايتُها هَدَراً(2) وسام البائعُ السلُعةَ سوماً، من باب قال: عرضها للبيع. وسامها المشتري واستا مها: طلب بيعها. ومنه: «لايسوم أحَدُکُم علي سَؤم أخيه». أي لا يشتر، ويجوز حَملُهُ علي البائع أيضاً (3). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «صاحب السلعة أحقُّ بالسوم»(4) وسُمتُ الرجلَ أسومه سَؤماً، إذا کَلّفته عملاً أو أجشمته أمراً يکرهه، وسُمه خَسفاً، وأکثر مايُستعمل في المکروه(5). والسيماء: العلامة، وقد سوّمته ، أي أعلَمتُهُ. ومُسَوَّمين: مُعَلَّمين لأنّفسهم أو لخيولهم أو مرسلين لها. وروي عنه أنّه قال: «لاتَسَوَّما فإنّ الملائکَةَ قد َتسَوّمَت»(6).
في کتاب عليّ (عليّه السلام )إلي بعض عمّاله: «و آسِ بينهم في اللحظة والنظرة»(7).
السَّيُّ: المِثلُ ، قال ابن بري : وأصله سِويُ. وسوّيت الشيء فاستوي، وهما عليّ سويّة من هذا الأمر، أي عليّ سواء، وقسّمت الشيء بينهما بالسوية، وسيّان بمعنئ سواء.
يقال: هما سِيّان، وهم أسواءُ: وقد يقال : هم سِيُّ کما يقال : هم سواءُ(8)وهو يأتسي بفلان، أي يري أنّ له فيه إسوةً، وآسيت فلاناً إيساء ًومواساةً أي شارکته (9).وقال بعض الناس: لعلّه عليّه السلام ؟ قال: واس بينهم في اللحظة ومن واسي فقد ساوي(10). وقيل: إنّه من أساه ياسوه، إذا عالجه وداواه (11).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «أيّها المخلوقُ السَّوُّي، والمُنشأُ المَرعِيُّ في ظُلمات الأرحام(12). السوَّيُّ: الذي سوَّي الله خلقه، الامامة فيه ولا داء (13). ورجل سوي: استوت أخلاقُه وخِلقَتُهُ عن الإفراط والتفريط .
ص: 425
و تسوية الشيء جعله سَواءً إمّا في الرَّفعةِ أو في الضّعة(1) وسواء الشيء: وسطه، وکذلک فسّر في قوله عزّ وجلّ: ﴿في سَوَاءالجَحِيم ﴾ (2).
في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله) الذي کتبه لوائل بن حجر: «وفي السُّيوب الخُمُس» (3).
الشيوب: الرکاز، قال أبو عبيد: ولا أراه أُخِذ إلِا من السَّيبَ، وهي العطية، من سيب الله وعطائه . وقال أبو سعيد: السُّيُوب عروق من الذهب والفضّة، تسيب في المعدن، أي تتکون فيه وتظهر، سُمّيت سيوباً لانسيابها في الأرض. وقال ثعلب: هي المعادن (4)
وقال الزمخشري: هو المال المدفون في الجاهلية، أو المعِدن، جمع سَيب، وهو العطاء
لأنّه من فضل الله وعطائه لمن أصابه (5) والسائبة: هو العبد يُعتق ولا يکون لمعتقه عليّه ولاء، ولا عَقل بينهما ولا ميراث، فيضع ماله حيث شاء(6) وأصله من تسيّب الدواب، وهو إرسالها تذهب وتجيء کيف شاءت(7).
ومنه جاء قوله تعالي:﴿ ولا سَائِبَةٍ ولاوَصيلَةٍ﴾(8)والسائبة البعير يُسيّب بنذر يکون علي الرجل إنّ سلمه الله من مرض، أو بلغه منزله أنّ يفعل ذلک ، فلا تُحبس عن في الرعي ولا ماء، ولا يرکبها أحد(9) وقد أبطلها الاسلام
في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «ليس في أمّتي رهبانية ولا سِياحة ولا رمّ» (10).
السَّياحة: الذهاب في الأرض للعبادة والترهّب. وساح في الأرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاً وسيحاناً: أي ذهب. وأرادبالسياحة مفارقة الأمصار والذهاب في الأرض وسکني البراري وترک شهود الجمعة والجماعات(11) وفي حديث عليّ عليّه السلام في وصف الأولياء: «ليسوا بالمَسَاييح»(12).
ص: 426
المسابح: جمع مسباح، وهو الذي يسيح بين الناس بالفساد والنمائم(1)والسَّيح: مصدر ساح الماء يسيح سيحاً، إذا جري علي وجه الأرض، ثمّ سُمّي الماء بالمصدر(2) ومنه المسيح بن مريم (عليّها السلام) ، وهو مفعول بمعني فاعل (3) وفسّر قوله تعالي: ﴿السّائِحون الرّاکعون السَّاجِدون﴾ (4)بأن السائحون: هم الصائمون، وقيل : هم الذين يسبحون في الأرض فيعتبرون بعجائب الله تعالي. وقيل: هم طلبة العلم يسيحون في الأرض لطلبه(5).
في حديث وصفه (صلي الله عليّه وآله): «سَائِل الأَطرَاف»(6).
سائل الأطراف: أي تامَّها غير طويلة، ولا قصيرة (7)وسال الماء يسيل سَيلاً، من باب باع، وسيلاناً، إذا طغا وجري، ثمّ غلب السيلُ في المُجتمع من المطرالجاري في الأودية(8) ومنه استعار عليّ (عليّه السلام) لوعيد طلحة والزبير وتهديدهما بالحرب بقوله: «ولسنانُرعِدُ حتّي نُوقِعَ، ولا نُسيل حتّي نُمطر»(9).
فکانِه قال: کما لا يجوز سيل بلا مطر فکذلک ما يوعدونه ويهددون به من إيقاع الحرب بلا شجاعة ولا قوة عليّها (10).
وأراد (عليّه السلام) أنّ فعله يتقدّم علي قوله، لأنّ القول إذا تقدّم فربّما لا يوافقه الفعل (11).
ص: 427
ص: 428
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن السحاب: «تَمريه الجَنُوبُ دِررَ أهاضيبه ودُفَع شآبيبه» (1).
الشآبيب من المطر: الدَّفعات ، واحدها شؤبوب ، قال أبو زيد: الشُّؤبوب. المطر يُصيب المکان ويخطيء الآخر، ومثله النَّجو ُوالنَّجاء. ولا يقال للمطر شؤبوب إلآّ وفيه بَرَدُ.
ويقال للجارية: إنّها لحسنةُ شآبيب الوجه، وهو أوّل ما يظهر من حُسنها، في عين الناظر
إليها)(2) ويقال للنجم المُضيء: مَشبوب. وشآبيب الشمس: طرائقها، إذا طلعت الشمس والشُّؤبوب: شِدُّة حرّها(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لمّا ولي غسل رسول الله( صلي الله عليّه وآله): «لولا أنّک أمَرت بالصّبر، ونَهيتَ عن الجَزَع، لأنّفذنا عليّک ماءَ الشُّؤون، ولکان الداءُ مُمَاطِلاً، والکَمَدُ مُحَالفِاً» (4).
الشأنُ: مَجري الدّمع إلي العين، والجمع أشؤُن وشؤون. وقال الأصمعي: الشؤون مواصل القبائل بين کلّ قبيلتين شأن، والدموع تخرج من الشؤون، وهي أربع بعضها إلي بعض. وقيل: الشؤون عروق في الجبل يَنبُتُ فيها النّبع، واحدها شأن، وقيل: صدوع فيها تراب ينبت. وشؤون الخمر: ما دبّ منها في عروق الجسد(5)والشأن: الخطب، والجميع الشؤون(6) وروي عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله )في قوله تعالي: ﴿وکُلَّ يَومٍ هُوَ في
ص: 429
شَأن﴾ (1)قال: من شأنه أنّ يغفر ذنباً ويفرّج کرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الحرب والاستعداد لها: «فَقَد شَبَّ لَظَاها، وعلا سَنَاهَا» (3). شَبّةُ النار: اشتعالها. وشبّ النار والحربَ: أوقدها، يَشُبُّها شبّاً، وشُبُوباً، وأشبّها، وشبّت هي تَشِبُّ شَبّاً و شُبوباً.
والشَّباب والشَّبوب: مايُوقد به النار، بکسر الأول وفتح الثاني. وتقول: هذا شَبُوب لکذا،
أي يزيد فيه ويقوّيه (4) ومنه الحديث : «انّه انتزر ببردة سوداء، فجعل سوادُهايَشُبُّ بياضه، وجعل بياضه يشُبُّ سَوادها». أي تحسّنه ويحسّنها. ورجل مشبوب إذا کان أبيض الوجه أسود الشعر، وأصله من شبّ النار، إذا أوقدها فتلألأت ضِياءً ونوراً (5).
ويقال للنجم المضيء: مشبوب. والمشبوبتان: الزُّوهرتان . وإنّها لحَسَنة شآبيب الوجه، أي بريقه(6)وفي حديث أمَّ مَعبَد: فلما سمع حسّان شِعر الهاتف شبّب يُجاوبه». أي ابتدأ في جوابه، من تشبيب الکُتُب، وهو الابتداء بها والأخذ فيها. وليس من تشبيب النساء في الشَّعر: ترقيقه بذکرالنساء (7).يقال: شَّببَ الشاعرُ بفلانة تشبيباً: قال فيها الغزل وعرّض بحبّها، وشبّب قصيدته: حسّنها وزيّنها بذکر النساء (8).
وشبّ الصبيّ شباباً، وقوم شُبّان وشباب وشبيبة(9)وذلک سنُّ قبيل الکهولة، وهو شابُّ والأنّثي شابّة والجمع شواب (10) .وفي الحديث: «تزوّجوا الشوابَّ فإنّهُنَّ أغرُّ أخلاقاً» وفي هذا الکلّام مجاز لأنّ وصف الخُلُق بأنّه أغرّ إنّما يُراد بياضه، والبياض هاهنا عبارة عن الحسن ، کما أنّ السواد في قولهم: فلان أسود الخلق عبارة عن القبح، فکأنه( صلي الله عليّه وآله )قال: فإنّهنَّ أَحسَنُ خُلُقا کما أنّ الغُرّ من الخيل أحسن خَلقاً (11).
عن الصادق عن أبيه (عليّه السلام) قال: «قال
ص: 430
لايُجرّد في حد، ولا يُشبح» يعني يُمدّ(1).
الشبح: يقال: شبحت الرجل إذا مددته کالمصلوب (2). ومنه يقال: شبح الداعي: مدّ يديه في الدعاء ورفعهما. ورجل مشبوح الذراعين (3). والأشباح: ظلّ النور، أبدان نورانية بلا أرواح (4). ومنها سُمّيت خطبة عليّ( عليّه السلام) المشهورة بخطبة الأشباح(5).
في الحديث: «رآها تُدقُّ الشُبرُم فقال: إنِه حارّ يارّ»(6).
الشبرم: هو ضرب من النبت ، واحده الشُبرُمان، وهو نبات من دِقُّ الشجر. والشُبرُم: القصير اللئيم(7).
قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): «ادرؤوا الحدود بالشُّبهات، ولا شَفاعةَ و لاکَفالَة ولا يَمينَ في حدُّ(8).
الشبهة: هو أنّ لا يتميّز أحد الشيئين من الآخر لما بينهما من التشابه. والمراد من الحديث التنبيه عليّ تطلّب حيلة يُدفع بها الحدّ (9)وجاء معني الشبهة في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّما سُمّيت الشُّبهةُ شُبةً؛ لأنّها تُشبه الحقّ» (10).
ومنه اشتباه القبلة ونحوها. وشُبّهت عليّه تشبيهاً ، قيل: لُبّستُ عليّه، وزناً و معني.
والمشتبهات من الأمور: المشکلّات (11).
ومنه حديثه (صلي الله عليّه وآله): «حلال بيّن ، وحرام بين، وبينهما شُبهات، لايعلمها کثير من في الناس، فمن اتقي الشبهات فقد استبري الدينه وعرضه»(12) وفي حديث حذيفة وذکر فتنة فقال: «تُشَبَّه مقبلةً وتُبيِن مدبرة »أي أنّها إذا أقبلت شبّهت علي القوم وأرتهم أنّهم عليّ الحق (13).
ص: 431
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «شثن الکفّين والقدمين» (1).
شئن: يعني أنّهما تميلان إلي الغلظ (2) والعرب تمدح الرجال بخشونة الکفّ، والنساء بنعومة الکفّ(3) ويُحمد ذلک في
الرجال، لأنّه أشدُّ لقبضِهم(4).
سأل عليّ بن جعفر أخاه موسي بن جعفر (عليّه السلام ): عن الرجل هل يصلح له أنّ يصلّي وأمامه مشجب عليّه ثياب؟ فقال : «لابأس»(5).
المِشجَب بکسر الميم: خشبات موثَّقة تُنصب فينشر عليّها الثياب (6). ويسمّون الثلاث الخشبات التي يعلَّق عليها الراعي سِقاءه ودلوه: الشُّجُب. والسَّجب: تداخل الشيء في الشيء، تشاجَبَ القوم، في معني تشاجروا(7)وفي الحديث: «المجالس ثلاثة: فسالمُ وغانمُ وشاجب» الشاجب: الآثم الهالک، يقال منه: قد شجَب الرجلُ يَشجُبُ شجباً وشُجُوباً، إذا عَطِبَ وهلک في دين أو دنيا. وفيه لغة أخري. شَجِبَ يشجَبُ شجباً، وهو أجود(8) ومعني هذا الخبر المجلس الذي لا يُذکر فيه الجميل، ولاالقبيح، ولا المنکر، ولا المعروف ، فأهله سالمون. والمجلس الذي يُذکر فيه الحسن من الأقوال ويتحاّض من فيه علي جميع الأفعال فأهله غانمون. والمجلس الذي لايُسمع فيه إلاّ القبيح، ولا يُفعل فيه إلّا المحظور فأهله هالکون(9). وروي عن بلال أنّه قال: الشاجب: الناطق بالخنا والمُعين عليّ الظلم (10).
في الحديث: سُئل أبو عبد الله (عليّه السلام) عن الشَّجة المَأُمومَةِ، فقال: «فيها ثلث الدّية، وفي الجَائِفة ثلث الدّية، وفي المُوضِحَة خمس من الإبل» (11).
الشَجّة: الجراحة، وإنّما تُسمّي بذلک إذا کانت في الوجه أو الرأس، وجمعها شجاج
ص: 432
وشجات، وشجّه شجّاً، إذا شقّ جلده، ويقال: هو مأخوذ من شجّت السفينة البحر، إذا شقّته (1) والشجّة الموضحة: هي التي توضح عن العظم(2). يقال: أوضحت الشجّة بالرأس، کشفت العظم، فهي مُوضِحة. والواضحة: الأسنان تبدو عند الضحک(3). والشجّةالمأمومة: هي الشجّة التي بلغت أمَّ الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدَّماغ، يقال شجّة آمّة ومأمومة (4)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «شَجراً بالرَّماح» (5).المشاجرة بالرماح: يقال : التقي فئتان فتشاجروا برماحهم، أي تشابکوا . واشتجروا برماحهم و تشاجروا: تطاعنوا، وشجره بالرمح: طعنه. وفي حديث الشراة: فشجرناهم بالرماح، أي طعنّاهم بها حتّي اشتبکت فيهم، وکذلک کلّ شيء يألف بعضه بعضا، فقد اشتبک واشتجر. وسُمّي الشجر شجراً لدخول بعض أغصانه في بعض، ومن هذا قيل لمراکب النساء: مشاجر، لتشابک عيدان الهودج بعضها مع بعض (6)والمِشجَر: المِشجَب. والشَّجر : مجمع اللحيين(7) أو مفتح الفم. ومنه يفسّر خبر عائشة: «قُبض رسول الله( صلي الله عليّه وآله )بين شَجري ونحري»(8).
وجاء في خبر أمّ سعد حين قالت: «فوالله لا أطعَمُ طعاماً، ولا أشربُ شراباً حتّي تکفرُ أو أموت». فکانوا إذا أرادوا أنّ يطعموها أو يُسقوها شجروا فاها ثمّ أوجروها. أي: جعلوا في شَجره - وهو مَفرَجه - عوداًحتّي فتحوه(9) والشجير: الغريب من الإبل والناس، وجمعه شُجرُ. وماشجرک عنّي، أي:ماصرفک! وشجَر عنّي: أي نأي(10).
شجر متشجَّن ، إذا التفَّ بعضه ببعض، والشَّجن کالغصن يکون من الشجرة، وقد قال النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «إنّ فاطمة شجنة منّي يؤذيني ما آذاها ويسرُّني مايسرّها»(1) والشُّجنة بالکسر والضمّ، ومنه حديث سطيح: تجوب في الأرض عَلَنداةُ شَجَن. الشّجن، بالفتح: الناقة المتداخلة الخلق، کأنها شجرة متشجَّنة: أي متصّلة :الأغصان بعضها ببعض)(2)ويقال الشَّجن والشَّجنة والشُّجنةَ والشَّجنة: الغصن المشتبک والشعبة من الشيء. والشَّجنة: الشُّعبة من العنقود تُدرک کلّها(3). وقيل: إنّ الشجون هي الشعاب المتصّلة بالأودية فيجوز أنّ يکون الحديث شبّه بها لکثرة طرقه و مداخله، و تعلّق أواخره بأوائله (4).
وفي حديث أبي ذر ه لمّا شيّعه عليّ( عليّه السلام) وأصحابه حين أخرج من المدينة: «رحمکم الله من أهل بيت فمالي شجن في الدنيا غيرکم »(5). الشّجَن، بالتحريک: الحاجة، والجمع أشجان. والشجن هوي النفس، والشجن: الحاجة أينما کانت . والشجن: الهمّ والحزن، والجمع أشجان وشجون(6) ومن هذا قال عليّ( عليّه السلام) في وصف الدنيا: «من استَشعَر الشَّغَفَ بها مَلأت ضَمِيرَهُ أشجاناً» (7) وشجنت الحمامة تشجن شجوناً ناحت. وحزنت، وشجَن ، بالکسر شجَناً و شجوناً ، فهو شاجن. وشَجُن وتشجّن وشجَنه الأمر بشجُنه شَجِناًوشجوناً، وأشجنه: أحزنه(8)
وشجنتني الحاجةُ: أي حبستني(9).
ومنه قال عليّ (عليّه السلام): «ولکلّ شَجوٍ دُمُوع»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام)في التنفير من الدنيا ومصير الخلق فيها: «وصارت الأجساد شَحِبةً بعد بضّتها»(2).
الشحوب: يقال: شَحَبَ لونه و جِسمُه يشحَبُ ويشحُبُ، بالضم، شحوباً، وشحب شحوبة: تغيّر من هزال، أو عمل، أو جوع، أو سفر (3). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «شيعتنا هم الشاحِبون الذابلون، الناحِلون، الذين إذا جنّهم الليلُ استقبلوه بحزن» (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «هذا الخطيب الشَّحشَح» (5).
الشحشح: الماهر بالخطبة الماضي فيها، وکلّ ماضٍ في کلام أو سير فهو شحشح.
والشحشح في غير هذا الموضع: البخيل(6)يقال: هو يشُحُّ بماله، وهو يُشاحُّني بکذا. وهما يتشاحّان عليّه أنّ لا يفوتهما (7). ومن هذا وصف عليّ عليّه السلام أهل الضلال: « وتَشَاحُّوا عليّ الحرام»،(8)والشحّ بخل مع حرصٍ، وذلک فيما کان عاده (9). وباعتبار هذا البخل کتب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي في وصف التجار: «واعلم - مع ذلک - أنّ في کثيرٍ منهم ضِيقاً فَاحِشاً، وشُحّاً قَبيحاً»(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوميء فيه إلي الملاحم: «ثُمّ ليُشحَذنَّ فيها قوم شَڅذَ القينِ النَّضل» (11).
الشَّحذُ: التحديد. وشحذَ السّکّين والسيفَ ونحوهما يشحذه شخذاً: أحدّه بالمِسَنَّ وغيره ممّا يُخرج حدّه. والمِشحَذ: المِسنُّ. ورجلُ شخذُوذ: حديد نَزِق. وشَحَذالجوعُ مَعِدته: ضرَّمها وقوّاها علي الطعام وأحدّها. والشحذان ، بالتحريک: الجائع. و تشحّذني فلان وتَرَعّفني ، أي طردني وعنّاني(12). ومنه دعاء السجاد( عليّه السلام) : «فکم
ص: 435
من عدو انتضي عليَّ سَيفَ عداوته، وشحذَ لي ظُبَةَ مُدينه»(1). وباعتبار الإثارة في الشحذ قال عليّ عليّه السلام ذامّا أصحابه: «و لا حَمِيّة تَشحَذکُم»(2) والشحذةُ من المطر: فوق البَغشة، شحذت السماءُ تشحَذُ. وأشحذ المطر: أقلع، وشاحذت الناقة عند المخاض: إذا رفعَت ذنبها ثمّ ألوته إلواءً شديداً(3) والبَغشُ والبغشَةُ: المطر الضعيف الصغير القطر. والبغشةُ: المطرة الضعيفة فوق الطَّشّةِ، ومطرُّ باغِش، وبُغِشت الأرضُ، فهي مبغوشة. قال الأصمعي: أخفّ المطر وأضعفه الطلُّ ثمّ الرَّذاد ثمّ البَغش (4). ومنه جاء الخبر : أنّ النبي صلي الله عليّه وآله : «کانوا معه في سفَر، فأصابهم بُغَيش»(5).
عن أبي عبدالله( عليّه السلام )قال: قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله) : «ما کاد جبرئيل (عليّه السلام) يأتيني إلاّ قال: يامحمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم»(6).
الشحناء: العداوة والبغضاء. وشَحنتُ عليّه شَحَناً، حقدت وأظهرت العداوة. وشاحنته مُشاحنةً، وتشاحن القوم(7). والشحناء عداوة امتلات منها النفس (8).
ويقال للشيء الشديد الحموضة: إنّه ليَشحَن الذُّباب، أي: يطرده(9)وکأنَّ الشحن طردَّ أحدهما الآخر من القلب. ومنه شحنتُ السفينة شحناً ملأتها ، والبلدة خيلاً ورجالاً والقوم طردتهم(10).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «أنّ الله يعتق في شهر رمضان کلّ ليلة عتقاء وطلقاء، إلّا من أذنب ذنوباً کبيرة منهم المشاحن»(11).
ارتفع، وشخص البصر إذا ارتفع،(1)ويقال للرجل إذا أتاه أمر يقلقه ويزعجه: قد شخص به، ولهذا قيل للشيء الناتي: شاخص. ولهذا قيل: شخوص البصر، إنّما هو ارتفاعه. ومنه شخوص المسافر، إنّما هو خروجه من مکانه وحرکته من موضعه(2)والشخص : سواد الإنسان القائم المرئي من بعيد(3) وشخُوص الرزق عليّ الاستعارة من شخوص الطالب له وحرکته، فکأنَّ الرزق إذا رأي الرجل متحرکاً تحرّک عليه وطلبه. ومن هذا المعني جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «فالبَصيرُ منها شَاخِص، والأعمي إليها شاخِص، والبصير منها مُتزوّد، والأعمي لها مُتَزوِّد»(4).
فشخوص البصير منها رغبته عنها ، وشخوص الأعمي رغبته فيها. ومن هذا جاء قوله بل أيضاً: «ثمّ شَخَصتُ عنکم فلا أطلُبکم»(5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: لا يَخفي عليّه من عباده شُخوصُ لحظةٍ،
ولاکُرورُ لَفظةٍ»(6). شخوص لحظة: أي. ارتفاعها، يقال: شخص بصره شخوصاً: إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف، أي لا يخفي عليّه أقلّ شيء(7).
في حديث هند في وصف النبيّ(صلي الله عليّه وآله):«أقصر من المُشذَّب»(8) المشتب: المشذّب عند العرب الطويل الذي ليس بکثير اللحم(9) ومنه جذع مشذّب، أي مقشّر، إذا قشرت ماعليّه من الشوک، يقال: شذب اللحاء يشذبه، بضم الذال وکسرها، وشذب العود يشذبه شذباً: ألقي ما عليّه من الأغصان حتّي يبدو، وکذلک کلّ شيء نُحّي عن شيء ، فقد شُذب عنه (10) ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام )عن موسي (عليّه السلام) : «و لقد کانت خُضرة البقل تُري من شفيف صِفاقٍ بَطنه، لهزاله وتَشَذُّب لحمِه»(11) وشفيف صفاق البطن استعارةمن الثوب الرقيق الذي يُستشفَّ ما وراءه،
وکأنّه (عليّه السلام )ما أراد أنّ يصف ضعفه وهزاله بالثوب
ص: 437
الرقيق الذي يُري من خلاله ماوراءه(1)
والصَّفاق: الجلد الرقيق تحت الجلد الغليظ الظاهر من الإنسان والدابّة (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ الشاذَّمن الناس للشَّيطانِ، کما أنّ الشاذّ من الغنم
للذئب» (3).
الشذوذ: يقال شذَّيَشُذُّ شذّاً و شذوذاً ، إذا تفرّق (4). وشُذّادُ الناس الذين يکونون في القوم وليسوا من قبائلهم ولا منازلهم (5) وشذَّ عنّي الشيء شذّاً، إذا اُنّسيته(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وبَقِيَت بقيّةُمن أهل البغي، ولَئِن أذِن اللهُ في الکَرّة عليهم لادِيلنَّ منهم إلّا مايتشذّر في أطرافِ البلاد تَشذُّراً (7).
التشذّر: يقال تشذّر القومُ وغيرهم : تفرّقوا(8) وتفرَّق القوُم شِذَرَ مِذَرَ، کلمة تقال عند التفرّق ، کقولهم: تفرقوا عباديد. و تشذر فلان الفلان، إذا توعّده. و تشذّر الفحلُ من الإبل، إذا هدر و خطر وجمع قُطريه، وکذلک الناقة إذا جمعت بين . قُطريها وشالت بذنبها للَّقاح (9).
من کتاب عليّ (عليّه السلام)إلي العمال الذين يطأ الجيش عملهم: «وقد أوصيتهم بما يجب لله عليّهم من کَفَّ الأذي، وصرف الشَّذي، وأنا أبرأ إليکم وإلي ذمّتکم من معرّة
الجيش»(10).
الشذي، مقصور: الأذي والشرّ، وکلُّ لا شيء يؤذي فهو شذيً، وأشذي الرجلُ: آذي، ومنه قيل للرجل: آذيت وأشيت. وشذا کلّ شيء : حَدُّه. وقال الليث: شذاتُه شذته وجَرأَتُه. والشَّذَا ةُبقيّة القوّة والشّدّة، والشذاة: ذُباب. وضَرِم شذاه: اشتد جوعُه ،يقال ذلک للجائع، والشذي: شِدَّة ذکاء الريح الطيّبة. والشذي: المسک ، عن ابن جنّي، وهو الشذَّوُ. وقال أبو عمرو بن العلاء: الشَّذو لونالمسک، وأنشد: حتّي يظل الشذو من لونه.
ص: 438
والشّذي: کِسَر العود الصغار(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف السماء «ونَاداها بعد إذ هي دُخان، فالتَحَمت عُري أَشراجِها»(2).
الشُروج: الشُّقوق والصُّدوع، والشروج: الخلل بين الأصابع، والشرجة: حفرة تحفر ثمّ تُبسَط فيها سُفرة ويَصبّ الماء عليّها فتشربه الإبل. ومجرَّة السماء تَسمّي شرجاً.
وشرجُ الوادي: مُنفَسَحُه، والجمع أشراج(3). والشرَج: عُري المُصحَفِ والعيبة کأنّه يُشرَج بعضه ببعضٍ. و تشرج اللبن :خالطه دَمُ. وشرّجته أنّا: إذا خلطته بدَهنٍ أو بشيء من دَسَم. وفلان يشرّج الأحاديث: أي يضعها کذباً . وشرج أشرُوجةً : أي کذب (4).
وفيه الخبر أنَّ الزبير بن العوّام خاصم رجلاً من الأنّصار في سيول شِراج الحرّة إلي النبيّ( صلي الله عليّه وآله)فقال: ياز بير! احبس الماء حتّي يبلغ الجُدر. قال الأصمعي: الشِراج مجاري الماء من الحرار إلي السهل، واحدها شرج.وقال أبو عمرو مثل ذلک أو نحوه. قال الأصمعي: وأمّا التلاع فإنّها مجاري أعلي الأرض إلي بطون الأودية، واحدتها تَلعة. وکان أبو عبيدة يقول: التلعة قد تکون ما ارتفع من الأرض وتکون مااتحدر، وهذا
عنده من الأضداد(5) وفي حديث الرضا عليّه السلام:
في الاستنجاء يغسل ماظهر عليّ الشرج، ولا يدخل فيه الأنّملة»(6)الشَّرج: مجمع حَلقة الدُّبُر الذي ينطبق(7).
في حديث حَبابة الوالبية قالت: «رأيت أمير المؤمنين( عليّه السلام ) في شرطة الخميس ومعه درّة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجرّي والمارماهي والزمار»(1).
شرطة الخميس: يقال: أشرط فلان نفسه الکذا وکذا: أعلمها له وأعدّها، ومنه سُمّي الشُرط لأنّهم جعلوا لأنّفسهم علامة يُعرفون بها، الواحد شُرَطة وشَرَطِيُّ(2).
وسُمَّي أصحاب عليّ (عليّه السلام) شرطة الخميس لأنّه قال لهم : «تَشرّطوا فأنا أشارطکم علي الجنّة، ولستُ أشارطکم عليّ ذهب ولا فضّة» (3).والخميس: الجيش، وسُمّي بذلک لأنّه خمس فرق: المقدّمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة. وقيل: سُمّي خميساً لأنّه تُخمّس فيه الغنائم (4)وکان عددهم ستة آلاف رجل من أنّصارها عليّه السلام (5) قال لهم: إنّ قوماً من قبلکم من تشارطوا بينهم، فما مات أحد منهم حتّي کان نبيّ قومه أو نبي قريته، أو نبي نفسه، وأنِکم لبمنزلتهم غير أنّکم لستم بأنبياء(6)و الدَّرة، بالکسر: درّة السلطان التي يضرب بها، عربية معروفة(7) وسبابتان: أي طرفان (8). والشرطُ: کلُّ حکم معلوم يتعلّق بأمر يقع بوقوعه، وذلک الأمر کالعلامة له (9).وجمع الشّرط شروط مثل فَلس وفلوس. والشرَط بفتحتين : العلامة، والجمع أشراط مثل سبب وأسباب، ومنه أشراط الساعة(10).
والشَرَط: رديء المال من الإبل والغنم، والجمع أشراط (11). قيل: ومنه سُمّي الشُرَط لکونهم أراذل الناس، فأشراط الإبل أراذلها(12).
وفيهم جاء حديث عليّ (عليّه السلام): «إنّ داود (عليّه السلام) قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنّها لساعةُ لايدعو فيها عَبد إلّا استُجيب له. الاّ أنّ يکون عشّاراً أو عَريفاً أو شُرطِيّاً (13).
وفي الحديث : «إيّاکم والمُشارّة فإنّها
ص: 440
تُحيي العُرَّة وتُميت الغُزَّة»(1) .
المشارة: مفاعلة من الشرّ، وهو ضدّ الخير. ورجل شرّير : کثير الشرَّ. وزعم بعض أهل اللغة أنَّ الشرَّ يُجمع شرُوراً(2) والمراد في الحديث أنّ مشارة الناس تظهر المعايب وتخفي المناقب، لأنّ المُهاتر المشاغب لايقدر لمخاصمه عليّ مثلبة إلّا بحثها، ولا يجد منقبة إلّا دفنها، فکانّه يميت محاسنه ويحيي مساويه. وجعل (صلي الله عليّه وآله) الغرة في مکان المنقبة لتجعل الإنسان بنشرها، وجعل العزّة في مکان المثلية لتهجنّ الانسان بکشفها (3) ورجل شرّ أي ذو شرَّ، وقوم أشرار، وهذا شرَّ من ذاک، والأصل أشرُّ بالألف، عليّ أفعل، واستعمال الأصل لغة لبني عامرٍ .
وقوله (صلي الله عليّه وآله ): «والشرّ ليس إليک» نفي عنه الظلم والفساد، لأنّ أفعاله تعالي صادرة عن حکمةٍ بالغةٍ، والموجودات کلّها ملکه فهو يفعل في ملکه مايشاء فلا يوجد في فعله ظلم ولا فساد. والشَّرار: ماتطاير من النار، الواحدة شرارة، والشّرَر مثله(4) وسُمّيت بذلک لا عثقاد الشرّ فيه، وقد أشررته نسبته إلي الشرَّ. وقيل: أشررتُ کذا: أظهرته، واحتُجّ يقول الشاعر:
إذا قيل أيُّ الناس شَرُّ قبيلةٍ*** أشرَّت کليبُ بالأکفَّ الأصابعا(5) وجاء في حديث فاطمة (عليّه السلام) : « وشرّ مامنه اغتصبتم»(6).
في حديث الحلبي قال: سألت أبا ا عبدالله (عليّه السلام) عن بول الصبّي، قال: «تصبّ عليّه الماء، وإنّ کان قد أکلّ فاغسله غسلاً والغلام والجارية في ذلک شرع سواء»(7).
شرع سواء: يقال: نحن في هذا شرعُ سواءُ، وشَرع واحد، أي: سواء لايفوق بعضا بعضاً، يُحرّک ويُسکَّن، والجمع والتثنيةوالمذکّر والمؤنّث فيه سواء(8) کأنّه من عَطف البيان، لأنّ الشَّرع هو السواء(9) والشريعة والشرعةُ: ما شرَع الله لعباده من أمر الدين، کأنّه مأخوذ من الشارع: الطريق الأعظم
ص: 441
الذي يَشرَع فيه الناس عامّة. والشَّرعة والشريعة في کلّام العرب: مَشرَعةُ الماء، وهي مؤرِد الشاربة التي يَشرَعُها الناس فيشربون منها ويستقون(1) ومن هذا فسّر قوله تعالي:
﴿ لکلَّ جَعَلنا مِنکُم شِرعةً . ومنهاجاً ﴾(2).
أي سبيلاً واضحاً غير شريعة صاحبها وطريقته (3) وفي الخبر: «کانت الأبواب شارِعة إلي المسجد» أي مفتوحة إليه. يقال: شرعتُ الباب إلي الطريق، أي: أنّفذته إليه. والشَّرَاع: الوتَرُ مادام مشدوداً علي القوس. ومافوق خشبة کالمُلاءة الواسعةِ تُصَفَّقه الريحُ فيمضي بالسفينة، ويَسمّي عُنُق البعير شِراعاً. تشبيهاً به. والشَّرَع: أوتار العود(4) .
ومنه الخبر: «إنّي أُحبّ الجمال حتّي في شِرعَ نَعلي».
أي شِراکها، تشبيه بالشُّرع، وهو وتّرُ العود، لأنّه ممتدُّ عليّ وجه النَّغل کامتداد الوتَرِ عليّ العود. والشَّرعةُ أخصّ منه، وجمعها شِرَع(5) وباعتبار الامتداد قال عليّ (عليّه السلام) عمّن همّ باللحاق بالخوارج: «أما لو أُشرِعَت الأَسِنَّةُ إليهم»(6)من قولهم: أشرع القوم الرماح للطعن، إذا هم صوبّوها(7).
وشَرعُک هذا: أي حسبُک ، وأشرعني: أحسبني(8) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام): «شرعک ما بلّغک المحلّا» أي حسبک وکافيک ما أوصلک إلي الغرض المطلوب(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فأمّا أنّا - فو الله- دون أنّ أُعطي ذلک ضربُ بالمَشرَفيّة تطير منه فَرَاشُ الهَامِ، وتطيح السواعدُ والأقدامُ (10).
المشرفيّة: السيوف المشرَفيّة، منسوبة إلي المشارِف. قُري من أرض اليمن، وقيل:من أرض العرب تدنو من الريف، يقال: سيف مَشرَفيّ، ولا يقال: مَشارِفيّ لأنّ الجمعالايُنسب إليه إذا کان علي هذا الوزن(11).
ص: 442
واستشرف الرجل: رَفَع رأسه لينظر إلي شيءٍ وکذلک إذا نظَر إلي إبلٍ ليعتانها. وفي الحديث عن عليّ (عليّه السلام) في الأضاحي قال: «أمرِنا أنّ نستشرف العين والأذُنّ». أي نتفقدّهما لئلّا يقع فيها نقص(1). وقال (عليّه السلام) : «من تمام الأضحية استشراف أُذنها، وسلامة عينها»(2) وجاء في حديث الصادق (عليّه السلام) أنّ النبيّ (صلي الله عليّه وآله)؛ قال لجعفر الطيار: «باجعفر ألا أمنحک ألا أعطيک، ألا أحبوک، فقال له جعفر: بلي يارسول الله، قال: فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهباً وفضّةً ، فتشرّف الناس لذلک»(3).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام)عن البصرة: «کأنّي أنّظر إلي قريتکم هذه قد طبّقها الماء، حتّي مايُري منها إلّا شُرَف المسجد»(4) الشُرفة: أعليّ الشيء، وما يوضع عليّ أعالي القصور والمدن، والجمع شُرّف. وأشرف الشيء: علا وارتفع، وشرف البعير: سَنامه، وشرّف الحائط: جعل له شُرفة (5) ومنه الحديث أنّ عليّاً (عليّه السلام) رأي مسجداً بالکوفة قد شُرّف قال: کأنّه بيعة، إنّ المساجد لاتُشرَّف، تُبني جما (6).الجُمّ: جمع الأجمّ، وهو البنيان الذي لاشُرَف له (7) وفي الحديث: «لا تشرّف يُصبک سهم». أي لا تتشرّف من أعلي الموضع (8).
والشارف من الإبل: المُسنّ والمَسِنَّةُ، والجمع شوارف و شُرَّف وشُرُف وشَرُوف وقال ابن الأعرابي: الشارف: الناقة الهِمّةُ والجمع شُرف وشوارف مثل بازل وبُزل(9).
ومنه الحديث: «تخرج بکم الشُّرف الجون ، قيل: يارسول الله: وما الشُرف الجون؟ فقال: فِتن کقطع الليل المظلم». شبّه الفتن في اتصالها وامتداد أوقاتها بالنوق المُسنّة السود، هکذا يُروي بسکون الراء،وهو جمع قليل في جمع فاعل(10) والجَون: الأسود من الإبل والأُنّثي جَونةُ، والجمع الجون(11)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أمرنا رسول (صلي الله عليّه وآله) الله في الأضاحي أنّ نستشرف العين
ص: 443
والأُذن، ونهانا عن الخَرفاء والشَّرقاء والمقابَلة والمدابَرة» .
الشرقاء في الغنم: المشقوقة الأُذن باثنين حتّي ينفذ إلي الطرف(1).
يقال : شرِقت الشاةُ شَرَقاً، من باب تعب، إذا کانت مشقوقة الأُذن باثنتين فهي شرقاء،
ويتعدّي بالحرکة فيقال: شَرَقها شرقاً(2) وشَرِق الرجلُ يَشرق شَرَقاً: إذا اغتصّ بالماء (3)ومن هذا جاء وصف عليّ( عليّه السلام) للناس في الدنيا: «مع کُلَّ جَرعةٍ شَرَق»(4)
ولطمه فَشَرقَ الدمُ في عينه، إذا احمرّت واشر ورقت. وشَرَقت الشمسُ، إذا طلعت،
وأشرقت، إذا امتدَّ ضوؤها(5) وأيّام التشريق ثلاثةُ، وهي بَعد يوم النّحر، وقيل: سُمّيت بذلک لأنّ لحوم الأضاحي تُشرق فيها، أي تَقدَّد في الشرقة، وهي الشمس. وقيل: تشريقها: تقطيعها و تشريحها(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الإيمان:« و دَرَست سُبَله، وعَفَت شُرُکه» (7)شرک الطريق: جوادّه، وقيل: هي الطرق التي لا تخفي عليک، ولا تستجمع لک، فأنت تراها وربّما انقطعت غير أنّها لا تخفي عليک. قال الأصمعي: شَرَک الطريق، أنّساع الطريق، و الواحدة شَرَکة. وقال غيره: هي أخاديد الطريق، وهي ما حفرت الدوابّ بقوائمها في متن الطريق (8). والشِرک: النصيب، ومنه قولهم: ولو أعتق شِرکاًله في عَبدٍ، أي نصيباً، والجمع أشراک، مثل قِسم وأقسام(9) ومن هذا يفسّر ما جاء في الحديث: «ما کان من مال حرام فهو شِرک الشيطان، فإذا اشتري به الإماء ونکحهنّ وولد له فهو شرک الشيطان»(10). وشرک: مصدر بمعني اسم المفعول أو اسم الفاعل، أي مشارکاً فيه مع الشيطان (11)وفي حديث روي عن الباقر( عليّه السلام) قال: «في المسح تمسح عليّ النعلين ولا تدخل يدک تحت الشراک» (12) الشراک: سير
ص: 444
النّعل، والجمع شُرُک. وأشرک النّعل و شرّکها: جعل لها شراکاً، والتشريک مثله.
وفي الحديث: «أنّه صلّي الظهر حين زالت الشمس وکان الفيء بقدر الشراک»، وهو أحد سيور النعل التي تکون عليّ وجهها(1) قال ابن الأثير: قدره ها هنا ليس عليّ معني التحديد (2). ومنه الحديث: «کان رسول الله صلّي الله عليّه وآله يُصلّي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراک، ويخطب في الظلّ الأوّل»(3). يعني إذا استبان الفيء في أصل الحائط من الجانب الشرقي عند الزوال فصار في رؤية العين قدر الشراک، وهذا أقلّ ما يُعلم به الزوال(4).
سأل عليّ (عليّه السلام) ابنه الحسن (عليّه السلام) : «ما الفقر؟ فقال (عليّه السلام) : الحرص والشَّرَه»(5).
الشره: يقال: رجل شرِه، شرهان النفس: حريص (6) ويقال: امرأة شَرِهَة (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «والحَظُوا الخَزرَ، واطعنوا الشَّزرَ» (8) الطعن الشزَر: يقال طعنه شَزراً، إذا طعنه عن يمين وشمال. والمشازرة: المضايقة. وشَزَره ببصره، إذا نظر بمؤخّر عينه. والشّزر: الفتل الشديد(9).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي المنذر بن الجارود: «لجملُ أهلک وشِسُع نَعلک خيرُ منک» (10).
الشسع : سَير بين الإصبعين في النعل العربي(11). يقال: شسعتُ النّعل شسعاً وأشسعتُها إشساعاً، وشسّعتُها تشسيعاً ثلاث لغات فصيحة(12) ومن المجاز: له شسع من المال: قليل منه. ونزلنا بشِسع من الوادي: بطرف منه (13).
في حديث فاطمة( عليّها السلام): «أيّها الناس اعلموا أنّي فاطمة وأبي محمد(صلّي الله عليّه وآله) ، أقول
ص: 445
عوداً ويدواً، ولا أقول ما اقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شَططاً (1).
الشطط :مجاوزة القَدر في بيع أو طلب أو احتکام أو غير ذلک من کلّ شيء، يقال: شطّ
في سلعته وأشطّ: جاوز القَدر وتباعد عن الحقّ. وشطّ عليه في حکمه يشِطّ شططاً وأشتطّ وأشطّ: جار في قضيّته (2). ومنه قوله تعالي: (فاحکُم بيننا بالحقَّ ولا تُشطط و (3) .والأصل فيه البعد من شطت الدار، أي بعدت. يقال: شطّت الدار تشِطُّ وتشُطُّ شَطّا وشطوطاً: بعدت(4). وشَطُّ النّهر حيثُ يَبعُدُ عن الماء من حافته(5).
في حديث عليّ(عليّه السلام)عن الآجال:«ووصَلَ بالموتِ أسبابها، وجَعله خالِجاً لأشطَانِها» (6) .الشَّطَنُ: الحَبلُ، وقيل الحبل الطويل الشديد الفتل يُستقي به وتُشدُّ به الخيل، وشطنته، إذا اشددته بالشَّطن. والخالجُ المسرعُ في الأخذ، فاستعار الأشطان للحياة لامتدادها وطولها. وشَطَنت الدارُ تشطُنُ شُطوناً: بَعُدت. وبئر شطون: بعيدة القعر في جرابها عوج. ورمحُ شطون: طويل أعوج وشطن عنه: بَعُدَ. وأشطنه: أبعده. وفي الحديث: کلّ هَويً شاطنُّ في النار. الشاطن: البعيد عن الحق، وفي الکلّام مضاف محذوف تقديره: کلّ ذي هوي، وقد روي کذلک.والشيطان: فيعال من شطن، إذا بعد، فيمن جعل النون أصلاً(7) وکلُّ عاتٍ متمرّد من الجنّ والإنس والدواب شيطان (8)وقيل: الشيطان فعلان من شاط يشيط، إذا هلک واشتط واحترق مثل هيمان وغيمان من هام وغام (9)قال الزمخشري: واشتقاقه من شطن إذا بعد، لبعده من الصلاح والخير، ومن شاطإذا بطل، إذا جعلت نونه زائدة، ومن أسمائه الباطل (10). وقال ابن الأثير: أو من استشاط غضباً، إذا احتدّ في غضبه و التهب(11) والعرب تُسمّي بعض الحيّات شيطاناً، وقيل: هو حيّة اله عُرف قبيح المنظر، قال رجل يذمّ امرأةُ له:
عَنجَرِدُ تَحلِفُ حينَ أحلِفُ ***کمثل شيطانِ الحماطِ أعرَف (12).
وفي حديث قتل الحيّات: «حرّجوا عليّه
ص: 446
فإنّ امتنع وإلّا فاقتلوه فإنّه شيطان».
أراد أحد شياطين الجنّ، وقد تُسمّي الحيّة الدقيقةُ الخفيفةُ شيطاناً وجاناً علي التشبيه (1).
و شيطان الردهة: هو ذو الثدية، وقيل هو معاوية(2) وقد جاء في خطبة عليّ( عليّه السلام) : «وأمّا شَيطان الرَّدهة فقد کُفيته بصَعقَةٍ سُمِعَت لها وَجبَةُ قلبه ورَجّة صدرِه»(3). والأول أقرب.
في الحديث: عن أبي عبدالله (عليّه السلام )قال: «لابأس بلقطة العصي والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه»(4).
الشظاظ: الفِلقة من الخشب و نحوه التي تتشظّي عند التکسير، يقال تشظّت العصا، إذا صارت فلقاً (5) ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للخفافيش: «وجعل لها أجنِحَة من لَحمها تَعرُج بها عند الحاجة إلي الطيران، کأنها شَظَايا الآذان»(6). أراد قطعها .
والوتد: بکسر التاء في لغة أهل الحجاز، وجمعه أوتاد، وفتح التاء لغة، وأهل نجد يُسکنون التاء فيدغمون بعد القلب فيبقي ودّ. ووتدتُ الوتِد أيده وتداً، من باب وعد، أثبته بحائطٍ أو بالأرض، وأو تدتُه بالألف لغةً(7) . والعقال: ما يُعقل به من دابّة ونحوها(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوميء فيها إلي الملاحم: «يَصدَع شَعباً، ويَشعَبَ صَدعاً»(9).
الشَعب: الجمع، والتفريق، والإصلاح، والإفساد، ضدَّ (10). قال الأصمعي: شعَبتُ الشيء أصلحته وجمعته، وشعبته شققتُهُ وفرّقته ، ومنه سُمّيت المنيَّةُ شَعَوبَ لأنّها تُفَرَّقُ. وأنشد لعليّ بن الغدير الغنويّ:
وإذا رأيتَ المرء يَشعَبُ أمرَه ***شَعبَ العصَا ويَلَجُّ في العِصيان
قوله يَشعَبُ أمرَهُ: يَفرّقَهَ ، يقال: شَعَبت أهواؤهم ، أي تفرّقت. ويقال: قد أشعبَ الرجلُ، إذا هلک أو فارقَ فِراقاً لايَرجِعُ منه. ويقال: أشعِب له شُعبةً من مالکَ، أعطِه قِطعةً منه وشِقّةً(11).
ص: 447
ومنه جاء دعاء شهر رمضان: «اللهّم المم به شَعَثنا واشعب به صدعَنا »(1).
والشُّعبةُ: صَدعُ في الجبل، يأوي إليه الطيّرُ، وهو منه، وشُعَب الجبال: رؤوسها، وقيل: ما تفرّق من رؤوسها. والشعبة: المسيل في ارتفاع قرارَةِ الرَّمل. والشُّعبة: ما انشعب من التَّلعة والوادي، أي عَدَل عنه، وأخذ في طريق غيرِ طريقهِ، فتلک الشُّعبة، والجمع شُعَب و شِعابُ. والشُّعبة: الفِرقة والطائفة من الشيء(2) ومنه جاء قوله صلي الله عليّه وآله: «الشَّباب شُعبة من الجنون» (3) والشَّعِيب: المزادة المشعوبة، وقيل: هي التي من أديمين. وقيل: من قطعتين، شُعِبت إحداهما إلي الأخري. والشَّعيبُ ، والمزادةُ، والراويَة، والسَّطيحةُ شيء واحد سُمّي بذلک، لأنّه ضُمَّ بعضه إلي بعضٍ. والشَّعبُ: ماتشعَّبُ من قبائل العرب والعجم، وکلّ جيل شَعبُ. والشُعوبُ: فِرقة الاتُفضَّل العَرَبَ عليّ العَجَم. والشُّعوبيُّ: الذي يصغّرُ شأنَ العرَبَ، ولا يرَي لهم فضلاً علي غيرهم. والشَّعَب : بُعد مابين المنکبين.
والشاعبان: المنکبان، لتباعدهما، يمانية (4) وجاء في الخبر: «إذا قعدَ الرجلُ من المرأةِ بين شُعَبِها الأربَع وجَبَ عليه الغُشل» قيل : هي اليدان والرجلان. وقيل: الرجلان والسُّفرَان، فکني بذلک عن الإيلاج (5) وفي الخبر: أنّه سمع (صلي الله عليّه وآله) ناساً من أصحابه يتذاکرون القضاء والقدر فقال: «إنّکم قد أخذتم في شعبتين بعيدي الغور». وهذا القول مجاز، لأنّه (صلي الله عليّه وآله )شبّه القضاء والقدر، وحقيقةعلمهما، ومعرفة کنههما بالشعبين اللذين غورهما بعيد واقتحامهما شديد وطالب غايتهما مجهود(6).
في حديث الباقر (عليّه السلام )«أنّه مرّ نبيّ من أنّبياء بني إسرائيل برجل بعضَه تَحت حائط وبعضه خارج منه قد شعثته الطيرُ ومَزّقته الکلاب»(7).
الشعث والتشعث: التشعّث: کتشعّث رأس السَّواک. والشّعث: انتشار الأمر وزلله، يقال: رجل أشعث شعِث شعثان الرأس، وهو المُغبرّ الرأس، المتلبّد الشعر جاقاً غير دهين(8). وشعثته الطير، أي فرقته ونشرته (9).
ص: 448
ومنه قوله (صلي الله عليّه وآله: «اللهم إنّي أسألک رحمةً تلُمُّ بها شَعثي» .
وهذه استعارة، والمراد تجمع بها أمري، فکني( صلي الله عليّه وآله )عن ذلک بالشعث تشبيهاً بالعود الذي تشعّث رأسه وتشظّت أطرافه، فهو و محتاج إلي جامع يجمعه وشاعث يشعثه، ومن ذلک قول الشاعر يصف النار:
وغبراء شعثاء الفروع منيفة*** بها تُوصف الحسناء وهي جميل(1).
في الحديث: قال السجّاد( عليّه السلام) لحنان بن سدير وقومه وکانوا دخلوا حمّاماً: «مرحباً بکم يا أهل الکوفة وأهلاً، أنّتم الشعار دون الدثار» (2).
الشَّعار: کلّ شيء لبسته تحت ثوبٍ فهو شعار له (3) ومن هذا جاء المجاز في حديث عليّ عليّه السلام لأصحابه: «واستَشعِروا الصَّبر فإنّه أَدعَي إلي النَّصرِ»(4). والآثار: کلّ ماطرحته عليّک من کِساء أو غيره (5) يقال: لبس الدَّثار فوق الشَّعار، هو متدثّر بالکساء ومُدّثر به(6) واستعار ذلک عليّ (عليّه السلام) لحال الأمم قبل بعثته صلي الله عليّه وآله بقوله: «شِعَارُها الخوفُ، وَدِ ثَارُها السَّيفُ»(7).
وفي حديثه(عليّه السلام)في صفات الله وتوحيده : «لاتَستَلِمُهُ المَشَاعَر، وقال: «تتلقّاه الأَذهَانُ لا بِمُشَاعَرة»(8) المشاعر: الحواس، وبيانه أنّه تعالي ليس بجسم. ومالبس بجسم استحال أنّ تکون المشاعر لامسة له، والاستلام في اللغة : لمس الحجر باليد و تقبيله(9).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي کميل بن زياد ب النخعي: « وتَعطيلکَ مَسَالِحَکَ التي ولّيناک، ليس بها من يمنعها، ولايَرُدُّ الجيشَ عَنها، لرأيُ شَعَاع»(10).
رأيُ شَعاع: أي متفرَّق. ونفس شَعاع: متفرّقة قد تفرّقت هِمَمُها. يقال : ذهبت نفسي
ص: 449
شعاعاً، إذا انتشر رأيُها فلم تتّجه لأمرٍ جَزمٍ، ورجل شَعاع الفؤاد منه. وشعّ القومُ: تفرّقوا.
و تطايرت العصا والقَصَبةُ شعاعاً، إذا ضربت بها عليّ حائطٍ فتکسّرت و تطايرت قِصَداً وقِطَعاً. وشُعاع الشمس: انتشار ضوئها، بالضم، وسقيته لبناً شعاعاً: أي ضياحاً أُکثِر ماؤه. والشعشاع: الطويل، وقيل : الحسَن(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ الأمرَ لواضِحُ، وقد زاحَ الباطلُ عن نِصابه، وانقطع لِسانُه عن شَغَبه» (2).
الشعب: يقال شَغَبتُ القومَ وعليهم وبهم شَغباً، من باب نفع: هيّجتُ الشرَّ بينهم (3) ويقال: فلان طويل الشَّغب والشَّغَب، وهو شغّابُ ومشغَب. قال الشاعر:
أُغِصُّ أخا الشَّعبِ الألدّ بريقه*** فينطِقُ بعدي والکلام غَضيضُ (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فالأرضُ لکم شَاغِرَةُ، وأيديکم فيها مَبسوُطَةُ (5).
أرض شاغر: يقال شغرت الأرض والبلدُ، أي خلت من الناس ولم يبق بها أحدُ يحميها ويضبطها. والشغر: الرفع، شغر الکلبُ يشغَرُ شَغراً: رفع إحدي رجليه ليبول: وقيل: رفع إحدي رجليه، بال أولم يبل(6) وباعتبار خلوّالأمّة من الأخبار والأمناء کتب عليّ (عليّه السلام) إلي بعض عمّاله: «وهذه الأمّة قد فَئکت وشَغَرت»(7).
وجاء في حديث الصادق( عليّه السلام )قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «لاجَلَب ولا جَنَب ولا شِغار في الإسلام». والشغار أنّ يزوّج الرجلُ الرجلَ ابنته أو أخته ويتزوّج هو ابنة المتزوّج أو أُخته، ولا يکون بينهما مهر غير تزويج هذامن هذا وهذا من هذا(8)وهي المشاغرة. وکان أهل الجاهلية يفعلونه، يقول الرجل للرجل: شاغرني فيفعلان ذلک فنهي عنه(9) .
وحديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله) الذي کتبه لوائل الحضرمي: «لاشِغار»(10) من ذلک من قولهم :شغرتُ بني فلان من البلد، إذا أخرجتهم. قال:
ص: 450
ونحن شغرنا ابني نِزار کِلَيهِما***وکلّباً بِوَقعٍ مُرهق مُتَقَارِبِ
ومن قولهم: تفرقوا سَغر بَغَر، لأنّهما إذا تبادلا بأختيهما فقد أخرج کلّ واحد منهما أُخته إلي صاحبه وفارق بها إليه (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التزهيد في الدنيا: «وارفُضُوها ذَميمَةً، فإنّها قد رَفَضَت من کان أشغَفَ بها مِنکُم»(2).
الشّغفُ: أنّ يبلغ الحبُّ شَغَاف القلب، وهي جلدة دونه. يقال: شغفه الحبُّ، أي: بلغ شغافه. وشُغِف بالشيء، عليّ صيغة ما لم يسم فاعله: أُولِعَ به. وشغِفَ بالشي شَغفاً ، عليّ صيغة الفاعل: قَلق (3) ومنه قوله تعالي: ﴿قد شَغَفها حُبّاً﴾(4). أي قد خرق شغاف قلبها، ويُقرأ بالعين، وهو من قولک: شُعِف بها. کأنّه ذهب بها کلّ مذهب. والشَّعف: رؤوس الجبال(5)وفي لغةٍ: المشعوف: المجنون ، والشُعاف: الجنون (6).
واستُعير الشغاف البطن المرأة التي حوت (الغراء).الإنسان جنيناً في حديث (عليّه السلام) : «أم هذا الذي أنّشأه في ظُلُمات الأرحام، وشُغُف الأستار، نُطفةً دِهَاقاً»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وجَرِعتُ ريقي علي الشَّجَا، وصَبرَ من کَظمِ الغَيظِ علي امرَّ من العَلقَمِ، وآَلَمَ للقلب من وَخزِ الشَّفَار» (8).
الشَّفرَةُ: المُديَةُ، وهي السَّکّين العريض، والجمع شِفار وشَفَرات(9).
وشَفَرة السيف: حدُّه. وشفير کلَّ شيء حَرفُه، شفير النهر، وشفير البئر، وشفير الوادي .والشَّفر: من قولهم: ما بالدار شَفر، أي ما بها أحد، ولا يکادون يقولون ذلک إلّا في النفي (10).
وفي حديث سعد بن الربيع يوم أحد: «لا ء عذر لکم عند الله إنّ وصل إلي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) وفيکم شفَرُويطرف» وفاضت نفسه(11)الشفر، بالضم: شُفر العين، وهو ما ينبت عليه الشعر، وأصل مَنبت الشعر في الجَفنِ، وليس
ص: 451
الشفر من الشعر في شيء، و هو مذکر ، والجمع أشفار، لا يکسَّر علي غير ذلک. والشَّفر لغة فيه(1).
في حديث الصادق(عليّه السلام) : «إذا أُرّفَت الاُرَف وحَدّت الحُدود فلا شُفعَة»(2).
الشُّفعة: شفعة الرجل في الدار وغيرها، وإنّما سُمّيت شفعة لأنّه يشفع ماله بها(3).
وهي استحقاق الشريک الحصة المبيعة في شرکته(4)وشفعتُ الشيء شفعاً، من باب نفع، ضممته إلي الفرد، وشفعتُ الرکعة جعلتها ثنتين، ومن هنا اشتقّت الشفعة، والشفعة للملک المشفوع مثل اللقمة اسم للشيء الملقوم، وستعمل بمعني التملّک لذلک المِلک. ولا يُعرف لها فعل. وشفعتُ في الأمر شفعاً وشفاعةً، طالبتُ بوسيلة أو ذِمام، واسم الفاعل شفيع، والجمع شفعاء (5). وهي تفيد معني الانضمام إلي آخر ناصراً له وسائلاً وأکثر مايُستعمل في انضمام من هو أعلي حرمةً ومرتبةً إلي مَن هُوَ أدني. ومنه الشفاعة في القيامة(6) وفيها قال عليّ (عليّه السلام) : «فلا شَفيعُ يَشفَع، ولاحَميم يَنفَعُ»(7).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) الاستسقاء: «ولا شفّان ذِهَابُها»(8).
لشفّان: الريح البارِدةُ والذّهاب: الأمطارُالليّنةُ. و تقدير الکلّام: ولا ذاتَ شَفّان ذِهَابُها، فحذف ذات تعلم السامع به (9) وقيل: الشَّفَّان: الريحُ الباردة مع المطر، قال الشاعر:
إذا اجتمع الشَّفَّان والبلد الجَدبُ
ويقال : إنّ في ليلتنا هذه شفّاناً شديداً، أي بَرداً، وهذه غَداةُ ذاتُ شَفّانٍ. والشَّفشَافُ:
الريح اللينةُ البرد. والشَّفيف: شِدّة الحرَّ، وقيل: شِدّة لَذع البرد(10). ومنه خبر الطفيل: في ليلة ذات ظُلمةٍ وشِفاف». الشفاف: جمع شفيف، وهو لَذع البَرد. ويقال: لا يکون إلا بَردِ ريحٍ مع نداوة. ويقال له الشَّفَّان أيضاً (11).
ص: 452
وتشفشف النباتُ: أخذ في اليبس. وشفشف الحرَّ والبردُ الشيء، إذا يبسه. والشّفوف:
تحول الجسم من الهمَّ والوجد. وشفّه الحُزنُ والحبُّ يَشُفَّه شَفّاً وشُفُوفاً: لذع قلبه، وقيل:
أنحله، وقيل: أذهب عقله. وهو من قولهم: شفَّ الثوبُ إذا رقَّ حتّي يصف جلدَ لابسه،
والشَّفَّ والشَّفّ: الثوب الرقيق، وقيل: السَّترالرقيق يُري ما وراءه(1).
ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لحال موسي (عليّه السلام) : «ولقد کانت خُضرة البقل تُري من شَفِيف صِفَاقِ بَطنه» (2) والشفافةُ: بقيّةُ الماء واللبن في الإناء. وشُفافة النهار: بقيّته، وکذلک الشَّفَي(3) ومنه حديث أنّس: «أنّ النبي( صلي الله عليّه وآله) خطَب أصحابه يوماً وقد کادت الشمسُ تَغرُب ولم يَبقَ منها إلّا شِفّ» أي شيء قليل (4) والشَّفُّ والشَّفُّ: الفضل والريح والزيادة، والمعروف بالکسر ، وقد شَفَّ يَشِفُّ شَفَّاً مثل حَمَل يخمِل حملاً، وهو أيضاً النقصان، وهو من الأضداد(5) يقال : فلان أشفُّ من فلان، أطوَلُ منه أو أقصَرُ قليلاً(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام ): «مَن أَشفَق من النار اجتَنَبَ المُحَرَّمات»(7).
الشَّفقُ: الخوف، أنّا مشفق عليّک، أي خائف. والشفقة في النصح من ذلک. والشفيق : الناصح(8) ومنه المثل: إنّ الشَّفيق بسوء ظنًّ مولعُ. أي ظنّه کنحو ظنون الوالدات بالأولاد(9). والشَّفَق: الرديء من الأشياء، وقلّما يُجمع. وأشفقتُ العطاء وشفّقته تشفيقاً: جعلته شَفَقاً. والشَّفق: الحمرة من غروب الشمس إلي وقت العشاء(10). ومنه قال الصادق (عليّه السلام) : «إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا غاب بعد الشفق فهو الليلتين»(11).
في الخبر «نهي (صلي الله عليّه وآله) عن بيع التمر قبل أنّ يزهو» وزهوه أنّ يحمرّ أو يصفرّ . وفي حديث آخر: نهي عن بيعه قبل أنّ يشّقَّح، ويقال: يُشّقَّح، والتشقيح هو الزهو أيضاً.
ص: 453
وهو معني قوله: «حتّي تأمن العاهة». والعاهة الآفة تصيبه(1) والزهو: يقال : زها النخل يزهو، إذا ظهرت ثمّرته. وأزهي يُزهي، إذا اصفرَّ واحمرَّ. وقيل: هما بمعني الاحمرار والاصفرار. ومنهم من أنکر يزهو. ومنهم من أنکر يُزهي (2) والشُقحة والشُقحة:البّسرة المتغيّرة إلي الحمرة، وقد أشقح النخلُ. هو في لغة أهل الحجاز : الزهو. وشقّح: لوّن وأحمرَّ واصفرَّ، وقيل: هو أنّ يحلو. وشقّح النخل حَسُنَ بأحماله، وکذلک التشقيح. يقال: أشقحت البسرة وشقّحت إشقاحاً وتشقيحاً(3) ومنه قيل: قبيح شقيح. مأخوذ من شقّح البُسرُ إذا تغيرت خُضرته بُحمرة أو صفرة، وهو حينئذٍ أقبح مايکون ويمکن أنّ يکون بمعني مشقوح من قول العرب: لأشقحنّک شَفحَ الجَوز بالجَندَل، أي: لأکسِرَنَّک، فيکون معناه قبيحاً مکسور اً(4).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) واصفةً أبيها(صلي الله عليّه وآله) ودعوته المبارکة:
«ونَطَق زَعيمُ الدين، وخَرِست شَقَاشِقُ الشياطين، وطاح وشيظُ النفاق، وانحلّت عُقد الکفر والشَّقاق»(5).
الشَّقشقة : لهاة البعير، ولا تکون إلّا للعربي من الإبل، وقيل: هو شيء کالرئة يخرجها البعيرُ من فيه إذا هاج، والجمع الشَّقاشق، ومنه سُمّي الخطباء شقاشِق، شبَّهوا المکثار بالبعير الکثير الهدر. وفي حديث عليّ(عليّه السلام) : «إنّ کثيراً من الخطب من شَقَاشق الشيطان»، فجعل للشيطان شقاشق ونسب الخطب إليه لما يدخل فيها من الکذب(6)ومن هذا وصف عليّ (عليّه السلام) صاحب الفتنة: «وهدرت شَقَاشِقه ، وبَرَقَت بَوَارِقُه»(7)وسمّيت خطبته (عليّه السلام) بالشَّقشِقيّة وذلک حين قال لابن عبّاس لما قال له: لو اطّردت خُطبتک من حيث أفضيت: «تلک شِقشِقَةُ هَدَرت ثمّ قرّت»(8).وشاقّه مُشَاقّةً وشِقاقاً خالقه، وحقيقته أنّ يأتي کلَّ منهما ما يشقُّ علي صاحبه فيکون کلُّ منهما في شِقٍ غير شِقٍ صاحبه(9).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام )عن
ص: 454
عظمته وقدرته تعالي: «ومُدمّر من شَاقّه »(1).
والشقيقة: وجع نصف الرأس(2) وباعتبار المشقّة في الجهاد قال عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: وإنّ أُجِئتُمّ إلي مُشَاقّةٍ نَکَصتُم»(3) وصف الجهاد بالمشاقّة لما يلحقهم من الشدّة في المنازلة.
في حديث لعليّ (عليّه السلام) قاله لبعض مخاطبيه، وقد تکلّم بکلمة يستصغر مثله عن قول مثلها: «لَقَد طِرتَ شَکِيراً، وهَدَرتَ سَقباً»(4).
الشکير هاهنا: أوّل ماينبت من ريش الطائر، قبل أنّ يقوي ويستحصف. والسَّقب: الصغير من الإبل ، ولايهدر إلّا بعد أن يستفحل (5) والشکير من الشعر والريش والعفا و النَّبت: مانبت من صغاره بين کباره. وقيل : هي الشجر ينبت حول الشجر، وقيل: هو الورق الصغار ينبت بعد الکبار .
و شکير الإبل: صغارها(6) وأراد (عليّه السلام )به معني
الحداثه.
في الحديث : «انّه کره صلي الله عليّه وآله الشَّکال في الخيل» .
الشّکال: يعني أنّ يکون ثلاث قوائم منه محجّلة وواحدة مطلقة. وإنّما أخذ هذا من الحداثة.
الشَّکال الذي يُشکل به الخيل، شُبّه به لأنّ الشَّکال إنّما يکون في ثلاث قوائم، أو أنّ يکون الثلاث مطلقة ، ورجل محجّلة ، وليس لا يکون الشَّکال إلّا في الرَّجل ولا يکون في اليد(7).
والتحجيل أنّ يکون البياض في ثلاث منهنّ دون الأخري في رجل ويدين، ولهذا يقال: محجّل الثلاث مطلق يدٍ أو رجلٍ، وهو أنّ يکون أيضاً في رجلين وفي يدٍ واحدةٍ، أو أنّ يکون البياض في إحدي رجليه دون الأخري ودون اليدين، ولا يکون التحجيل في اليدين خاصّة، إلّا مع الرجلين، ولا في يدٍ واحدة دون الأخري إلّا مع الرجلين(8) والأشکل عند العرب اللونان المختلطان، و دم أشکلّ إذا کان فيه بياض وحمرة.والشُّکلة في العين منه(9) يقال: عين شکلّاء، إذا کان في بياضها شبيه بالتورّد، وهو
ص: 455
يستحسن إذا کان قليلاً.(1)قال ابن الأثير في صفته(عليّه السلام) :
«کان أشکلّ العينين» أي في بياضهما شيء من حُمرة، وهو محمود محبوب (2) فإذا کانت الحمرة في سواد العين فهي شُهلة(3). ومنه تشکّل العنب: إذا اسودَّ وأخذ في النضُج، وأشکّل النخل: طاب رُطبهُ وأدرک (4).
وقد جاء في وصية عليّ(عليّه السلام) ما يُعمل في أمواله: «وألّا يبيعَ من أولادِ نَخيل هذه القُري وَدِيَّةً و حتّي تُشکِلَ أرضها غِراساً»(5)قال
الرضي: قوله (عليّه السلام) : «حتّي تشکلّ أرضها غراساً» المراد به أنّ الأرض يکثر فيها غراس النخل حتّي يراها الناظر عليّ غير تلک الصفة التي عرفها بها فيشکلّ عليّه أمرها ويحسبها غيرها.
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي أهل مصر، لما ولّي عليهم الأشتر: «وقد آثرتُکُم به علي نفسي النصيحته لکم، وشدّة شکيمته عليّ عَدوّکم »(6).
الشکيمة: يقال: فلان شديدُ الشکيمة ،أي ذوعارِضةٍ وجِدّ، والشکيمة: هي الحديدة التي في الفم من اللَّجام، والجميع : الشکُمُ، والشکائم. وشکَمَ الفرسَ يشکُمُه شکماً، أي أدخل الشکيمة في فمه (7).
والشُّکم: العطاء (8)وشکمته شکماً وأشکمته: أعطيته مکافأة. وشکد ته شکداً وأشکد ته: أعطيته ابتداءً (9).
في حديث عليّ عن النبي (صلي الله عليّه وآله): «اختاره من شَجَرةِ الأنّبياء، ومَشکَاةِ الضَيَاء»(10).
المشکاة: قصبة الزجاجة التي يُستصبح فيها، شُبّهت بالمشکاة(11). والمشکاة:طُوَيقُ صغير في الحايط غيرُ نافذ (12). والشَّکوة مَسکُ السَّخلَة مادام يرَضَعُ، فإذا فُطِم فمَسکُه البَدرةُ، فإذا أجذَع فمَسکُه السَّقاءُ. وقيل: هو وِعاءُ من أَدَمٍ يَبرَّد فيه الماء ويُحبَس فيه اللبن، والجمع شَکَوات وشکاء. والشکَيّةُ:
ص: 456
تصغير الشَّکوة. والشَّکو والشَّکوي والشَّکاةُ والشّکا کلّه: المَرضُ. تقول: شکا يشکو شکاةً، يُستعمل في المرض والمَوجِدَة.
والشّکِيُّ: الذي يشتکي، والشکيّ: المشکُوّ. وأشکي الرجلُ: أتي إليه مايشکو فيه به.وأشکاه: نزع له من شکايته وأعتبه(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن حال الناس في الدنيا: «فمن ناجٍ مَعقُور، ولَحمٍ مَجزور، وشِلوٍ مَذبوحٍ، ودَمٍ مَسفُوح، وعاضٍّ علي يَديه، وصَافِقٍ بِکَّفيه، و مُرتَفِقٍ بِخَدَّيه »(2).
الشَّلوُ والشَّلا: الجلد والجسد من کلَّ شيء، وکلّ مسلوخةٍ أکِلَ منها شيء فبقيّتها شِلو وشلا. ويُجمع الشَّلوُ عليّ أشلٍ وأشلاء وقيل للعضو شِلو لأنّه طائفة من الجَسَد. والشَّلو والسَّلا: العضو من أعضاء اللحم. وأشلاء الإنسان أعضاؤه بعد البِلي والتفرّق (3).
ومنه حديث عليّ( عليّه السلام )في الأُضحية: «ائتني بِشلوها الأيمن»(4) والاشلاء: الدعاء والإغراء. يقال: أشليتُ الکلبَ وقَرقستُ به إذا دعوته. وأشلي الشاة والکلب واستشلاهما: دعاهما باسمائها، وأشلي دابّته: أراها المِخلاة لتأتيه (5) ومن هذا جاء الخبر: «وجدتُ العبدَ بين الله وبين الشيطان، فإن استشلاه ربَّه نجّاه، وإنّ خلّاه والشيطان هلک». استشلاه واشتلاه، إذا استنقذه من الهلکة وأخذه. وقيل: هو من الدعاء، وفيه: اللص إذا قُطعت يده سبقت إلي النار، فإن تاب اشتلاها » أي استنقذها(6).
وجاء في الخبر أقرأ أبَيّ بن کعب الطفيل ابن عَمرو الدّوسي القرآن، فأهدَي له قؤساً، فقال له النبيّ (صلي الله عليّه وآله) اية : «من سلّحک هذه القوس؟ » فقال: طفيل. قال: ولم؟ قال: إنيّ أقرأته القرآن، فقال: «تَقَلَّدها شِلوةً من جهنَّم» فسّرت الشلوة بالقطع، وهي من الشَّلو بمعني العضو(7)ولحم مجزور: قد أُخذ منه الجلد الذي کان عليّه. والمرتفق: المتکي ء علي المرفقة، وهي المخدّة وأراد هنا: علي مرفق يده (8).
ص: 457
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «لاتُبدي الشماتة لأخيک فيرحمه الله وبصيّرها بک».
وقال: «من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتّي يُفتتن»(1) .
الشماتةُ الفرح ببليّة من تُعاديه ويُعاديک. يقال: شَمِت به فهو شامت وأشمت الله به. والتشميتُ الدُّعاء للعاطس کأنّه إزالة الشماتة عنه بالدُّعاء له، فهو کالتمريض في إزالة المرض(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «حَمل شَوَاهِقِ الجبال الشُّمَّخ»(3) .
الشموخ: يقال: جبل شامخ، أي عالٍ(4) وشَمَخ الرجلُ بأنفه يشمَخ شَمخاً وشموخاً، إذا تعظّم وتکبّر(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الخلافة: «فَمُنِي الناشُ - لَعَمرُ الله -بِخَطٍ وشِماس» (6).
الشماس: شَمَس الفرسُ يشمِسُ ، بضم الميم وکسرها، شُموساً و شِماساً، استعصي علي راکبه (7). وشمسَ فلان شماساً، إذا ندَّ ولم يستقرّ تشبيهاً بالشمس في عدم استقرارها(8) ومن المجاز: رجلُ شموس الأخلاق. وقد شمس لي فلان، إذا أبدي (عداوته وکاد يوقع(9).
في الحديث : نهي (صلي الله عليّه وآله )عن لبستين: «اشتمال الصمّاء، وأن يحتبي الرجل بثوب ليس بين فرجه وبين السماء شيء» .
اشتمال الصّماء: قال الأصمعي: اشتمال الصمّاء عند العرب أنّ يشتمل الرجل بثوبه فيجلل به جسده کلّه ولا يرفع منه جانباً فيخرج منه يده، وأمّا الفقهاء فإنّهم يقولون: هو أنّ يشتمل الرجل بثوب واحد ليس عليّه غيره، ثمّ يرفعه من أحد جانبيه فيضعه علي منکبه يبدو منه فرجه. وقال الصادق (عليّه السلام ):
ص: 458
«اشتمال الصماء هو أنّ يدخل الرجل رداءه تحت إبطه ثمّ يجعل طرفيه علي منکب واحد». وهذا التأويل الصحيح دون ماخالفه(1). وشملهم الأمر يشمَلهم شملاً، إذا أحاط بهم (2). وقولهم: جمع الله شملهم، أي ماتفرّق من أمرهم، وفرّق شَملَهم، أي: ما اجتمع من أمرهم(3). ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للنبيّ (صلي الله عليّه وآله): «وألّف به الشَّملَ بين ذوي الأرحام بعد العَداوة الواغِرَةِ»(4).
وفي حديث فاطمة( عليّها السلام) لعليّ (عليّه السلام) : «اشتملت شَملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل فخانک ريش الأعزل» (5)اشتملت شملة الجنين: الشملة عند العرب مئزر من صوف أو شعر يؤتزر به . والاشتمال يفيد معني التضمّن يقال: جاء فلان مشتملاً علي داهية، والرحم تشتمل علي الولد إذا تضمّنته . ويقال: اشتمل علي ناقة فذهب بها، أي رکبها وذهب بها(6).أرادت بقولها (عليّه السلام) أنّه کان مستوراً صابراً قابعاً في ظلَّ الظلامة، غير منظور لحقّه، فحاله حال الجنين الذي لايُري. والظنين: يقال: ظننته ظنّاً وأظننته واضطننته: اتهمته. والعرب تقول للرجل الضعيف أو القليل الحيلة: هو ظنون (7).
والأجدل: الصقر، وأصله من الجدل الذي اهو الشّدة(8).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): « يَحسَبه من لم يتأمّله أشم»(9) الشمم في الأنّف: ارتفاع القصبة وحسنها واستواء أعلاها و انتصاب الأرنبة. وقيل: الشمم أنّ يطول الأنّف ويدقّ وتسيل روثته، ورجل أشمّ .
وإذا وصف الشاعر فقال: أشمّ، فإنّما يعني سيّداً ذا أنّفة (10). ومنه قول کعب بن زهير:
شمُّ العرانين، أبطال لَبُوسُهم*** من نسج داود، في الهيجا، سرابيل (11). ُ
ص: 459
في حديث عليّ (عليّه السلام) الجهاد عليّ أربع شُعَب: «عليّ الأمر بالمعروف ، والنَّهي عن
المُنکَر، والصَّدق في المواطن، وشنَان الفاسقين»(1).
الشَّنان: البغضةُ، يقال: شنِيء الشيء وشَنَاه، يَشنَوُه فيهما شَناً وشُناً وشِناً وشَئاةً و مَشنَاً ومَشنأةً ومَشنُوةً و شَنَانا و شَنانا، بالتحريک والتسکين: أبغضه (2).
ومنه قوله تعالي: ﴿ولا يجرمنکم شَنَانُ قومٍ عليّ ألّا تعدلو﴾ (3).
ونظير شنان في المصادر ليان(4).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله): «أشنَبُ»(5).
الشنبُ: ماءُ ورقّة يجري عليّ الثَّمر، وقيل: رِقَّة وبَرد و عُذوبة في الأسنان، وقيل: الشَّنبُ نُقط بيض في الأسنان، وقيل: هو حِدَّةُ الأنّياب کالغَرب، تراها کالمئشار: شَنِبَ شَنباً، فهو شانب و شنيب وأشنَبُ، والأُنّثي شنباءُ ، بينة الشُنب (6). ولا يکون الشّنب إلّا مع الحداثة والشباب ، قال الشاعر:
يابأبي أنّت وفوک الأشنَبُ*** کأنّما ذُرَّ عليّه الزّرنب(7).
ويقولون: شَنِب يومُنا، فهو شَنِب و شانب، إذا برد(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها عليالماء: «وذَواتِ الشَّنَاخِيبِ
الشُّمَّ من صَيَاخِيدِها»(9).
الشناخيب: هي رؤوس الجبال العالية، واحدتها شُنخوبة. والشُّنخُوبة والشُّنخوب والشَّنخاب: أعلي الجبل.
والشَّنخوب: فِقرةُ ظهر البعير. ورجل شَنخَبُ : طويلُ (10).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الخلافة: «فصاحبها کراکب الصَّعبة، إنّ أشنَقَ لها خَرَم، وإنّ أسلَسَ لها تَقَحّم»(11).
الشَّناق: بالکسر: خيطُ يُشدُّ به فم القِربة،
ص: 460
و شَنَقَت البعير شَنقاً، من باب قتل، رفعت رأسَه بزَمِامه وأنت راکِبُهُ، کما يفعل الفارس
بفرسه، وأشنقته بالألف لغةً (1).
وفي حديث النبيّ( صلي الله عليّه وآله) و الذي کتبه لوائل الحضرمي: «ولا سِناق». الشَّنق : ما بين الفريضتين، وهو ما زاد من الإبل علي الخمس إلي العشر، وما زاد عليّ العشر إلي خمس عشرة، يقول: لا يُؤخذ من ذلک شيء، وکذلک جميع الأشاق ، قال الأخطل يمدح رجلاً:
قَرمُ تُعلّق أشناقُ الديات به*** إذا المئون أُمِرّت فوقه حَمَلا(2).
وسُمّي شَنقا لأنّه ليس بفريضة تامّة، فکأنّه مشنوق، أي مکفوف عن التمام، من شنقتُ الناقة بزمامها إذا کففتها. ومنه شنق الدية: العِدّةُ من الإبل التي کان يتکرّم بها السيّد زيادة عليّ المائة(3).
قال موسي بن جعفر (عليّه السلام) : «أکلّ الأشنان يذيب البدن، والتدلّک بالخزف يُبلي الجسد، والسواک في الخلاء يورث البخر»(4).
الأُشنان: ويقال الاشنان ، فارسي معرّب، وهو الحُرض(5).
وجاء في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «قرّسوا الماء في الشنان»(6) الشنّ: کلّ وعاء من أدَم إذا أخلق وجفّ، نحو السَّقاء والقِربة والدَّلو، فهو شَنّ ، والجمع شنان (7).
عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) : «تزوّجت ، قال: قلت: لا، قال: تزوّج تستعف مع عفّتک، ولا تزوّجن خمساً. قال زيد: ومن هنَّ يارسول الله، فقال رسول الله : لاتزوجن شَهبرة ولا لَهبرة ولا نَقبرة ولا هَيدرة ولا لَفوتاً، فقال زيد: ماعرفت ممّا قلت شيئاً، وإنّي بأمرهن لجاهل. فقال صلي الله عليّه وآله: فأمّا الشهبرة فالزرقاء البذية ، وأمّا اللهبرة فالطويلة المهزولة، وأمّا النهبرة فالقصيرة الدميمة، وأمّا الهيدرة فالعجوز المدبرة، فأمّا اللفوت فذات الولد من غيرک »(8).
وقد سمّوا المرأة المسنّة التي لم تحطمها السنّ وهي قويّة شهيرة، وکذلک الرجل، وقد
ص: 461
قلبوا فقالوا: شَهرَبة. قال الراجز:
أمّ الحليس لعجوز شَهرَبة*** ترضي من الشاة بلحم الرَّقَبَة(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ أهل الشام: «جُمِعُوا من کلَّ أَوبٍ، وتُلقّطوا من کلَّ شَوب»(2).
الشّوب والشّياب: الخلطُ. ويقال للمُخلَّط في القول أو العمل: هو يشوب ويروب. وفي فلان شوبة، أي خديعة.
والشائبة: واحدة الشوائب، وهي الأقذار والأدناس. وباتت المرأةُ بليلتةٍ شيباء. قيل: إنَّ
الياء فيها مُعاقبة، وإنّما هو من الواو، لأنَّ ماء الرجل خالط ماءَ المرأة (3) والعرب تسمّي الليلة التي تفُتَرَع فيها المرأة : ليلة شيباء، وتُسمّي الليلة التي لا يقدر الزوج فيها علي افتضاضها: ليلة حرّة، فيقال: باتت فلانة بليلة حرّة، إذا لم يغلبها الزوج، وباتت بليلةٍ شيباء إذا غلبها فافتضّها. يضربان للغالب والمغلوب (4). وجاء في حديث الصادق (عليّه السلام) في وصفه (صلي الله عليّه وآله)وطهارة سلالته: «غيرُ مشوبٍ حسبه ولا ممزوج نسبه»(5).
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «استغنوا عن الناس ولو بشوص السواک»(6).
الشّوص: يقال: شصت الشيء أشوصه شوصاً، إذا نصبته بيدک أو زعزعته عن موضعه، ويقال: شاص فاه بالسواک يشوصه شؤصاً، إذا استاک من سُفل إلي عُلو. ويقال : شُصت الشيء،إذا دلکته بيدک(7).
والمسواک مشتق من سکتُ الشيء أسوکه سوکاً، إذا دلکته. والمسواک تؤنثه العرب وتذکّره، والتذکير أعليّ(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام)، وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قومَاً ممّن أجلب علي عثمان: «ولکن کيف لي بِقوّةٍ والقوم المُجلِبوُن عليّ حدَّ شَوکَتِهم، يَملکوننا ولا نَملِيکُهُم»(9).
الشوکة: شدّة البأس والقوّة في السلاح،
ص: 462
وشاک الرجلُ يَشَاک شوکاً، من باب خاف: ظهرت شوکته وحِدّته، وشوکة المقاتل: شدّة
بأسه. وهو شائک السلاح، وشاکي السلاح، علي القلب (1) وشوّک نابُ البعير، إذا طلع (2).و شوّک الرأس بعد الحلق. نبت شعره(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَکأنّکُم بالسَّاعَةِ تَحدُوکُم حَدوُ الزَّاجِر بِشَولِه»(4).
الشَّول من النوق: وهي التي خفّ لبنها وارتفع ضرعها، أي: شال لبنها، أي ارتفع. فلم يبق في ضرعها إلّا شؤل من اللبن، أي بقية مقدار ثلث ما کانت تحلُب حِدثان نتاجها، ويقال: شوّلت الإبل کما يقال: شوّلت المزادة ، إذا قلّ مابقي فيها من الماء، وشوّلت الناقة،بالتشديد أي صارت شائلة. والشائل بلا هاء: الناقة التي تشول بذنبها للقاح ولا لبن لها أصلاً،والجمع شوّل، مثل راکع ورُکَّع. وقيل : سُمّي شهر شوال بذلک بتشويل لبن الإبل،وهو تولّيه وإدباره، وکذلک حال الإبل في اشتداد الحرَّ وانقطاع الرُّطب. وقال الفرّاء :سُمّي بذلک لشولان الناقة فيه بذنبها، والجمع شواويل علي القياس، وشواول عليّ طرح الزائد، وشوّالات. وکانت العرب تطيَّر من عقد الناکح فيه، وتقول: إنّ المنکوحة تمتنع من ناکحها کما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت و شالت بذنبها،فأبطل النبيّ (صلي الله عليّه وآله) طير تهم(5).
وروي عنه (صلي الله عليّه وآله) : «شُمّي شوّالاً لأنّ فيه شالت ذنوب المؤمنين»(6)وکلّ ماارتفع فهو شائل. ومنه شال الميزان، إذا ارتفعت إحدي کفّتيه.
والعقرب شائلةُ بذنبها، وشولة العقرب: مايشول من ذنبها، وبه سُمّيت الشوله للنَّجم (7) وقد سُمّيت إحدي منازل القمر في برج العقرب شَؤلة تشبيهاً بها، لأنّ البرج کلّه علي صورة العقرب(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن بنيّ أميّة: «تَرِدُ عليکم فِتنَتُهُم شَؤهاءَ مَخشِيَّةً»(9).
الشوهاء: العابسة، وقيل: المشؤومة . والشوهاء: القبيحة، والاسم منها الشَّوَهُ والشَّؤَه: مصدر الأشوه والشوهاء، وهما القبيحا الوجه والخِلقة. وکلّ شيء من الخلق لا يوافق بعضه بعضاً أشوه و مشؤَّه. والمشوّه:
ص: 463
القبيح العقل، وقد شاه يشوه شؤها وشُوهةً وشوه شوهاً. والشوهة : البُعد، وکذلک البوهة.
يقال: شُوهة وبُوهةً، وهذا يقال في الذمّ.
وفي حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله) أنّه رمي المشرکين يوم حنين بکفًّ من حصي وقال: «شَاهت الوجوه، فهزمهم الله تعالي»(1). ويقال للخُطبة التي لا يُصَلَّي فيها عليّ النبيّ( صلي الله عليّه وآله): شوهاء (2).
والشوهاء من الأضداد، يقال : امرأة شوهاء: حَسَنَةُ، وامرأة شوهاء: قبيحة، والشوهاء الواسعة الفم والصغيرة الفم (3)ووقال أبو حاتم: لاأظنّهم قالوا للجميلة شوهاء إلّا مخافة أنّ تُصيبها عينُ، کما قالوا للغراب: أعور، لحدّة بصره(4) والشَّوه: سُرعةُ الإصابة بالعين، وقيل: شدّة الإصابة بها، ورجل أشوه، و شاه ماله: أصابه بعين. وتشوّه: رفع طَرفه إليه ليصيبه بالعين. ولا تُشَمّوه عليَّ ولا تَشَؤَّه عليَّ: أي لا تقل: ما أحسَنَه ! فتُصيبني بالعين.وفلان يتشوّه أموال الناس ليصيبها بالعين. والشائه: الحاسد، والجمع شُوةُ. وشاهُة شؤهاً: أفزعه(5).
ورجل شائه البصر وشاهي البصر: أي حديد.(6) والشاة أصلها شاهَةُ، فحذفت الهاء الأصلية وأُثبتت هاء العلامة التي تنقلب تاءً في الأدراج، وقيل في الجمع شياه کما قالوا ماء، والأصل ماهة وماءةً، وجمعوها مياهاً، والشاة تُصغّر شُوَيهة، والعدد شياه، والجمع شاء، فإذا ترکوا هاء التأنيث مدّوا الألف، وإذا قالوها بالهاء قصروا وقالوا شاة، وتُجمع علي الشَّويَّ. وقال ابن الأعرابي: الشاء والشَّويَ و الشّيَةُ واحد(7). وذکر ابن الأثيرفي تصغيرها شويهة وشُوَيَّة. وجاء في الخبر : «أمر لها بشياه غنم»، أضافها إلي الغنم لأنّ العرب تسمّي البقرة الوحشية شاة، فميّزهابالإضافة لذلک (8). قيل الشاة تکون من الضأن والمَعز والظَّباء والبَقَر والنعام و حُمُر الوحش. ويقال: تشوّه شاةً أصطادها. ورجل شاوي: صاحب شاء (9) وفي حديث صاحب الشاهين : «مات والله شاه، وقُتل والله شاه» (10).
قال الطريحي: إنّ الشاه المذکور هنا عبارة عن شيء يُتقامر فيه، يُسمّي بهذا الاسم، يضاف إلي المتقامرين ، فحين يقع
ص: 464
النزاع بينهما ويُريد الآخر إثبات مايدّعيه باليمين يقول هذا القول، وهو في الحقيقة لا ينبغي أنّ يُستعمل إلّا فيمن له السَّلطنة والغلبة، و هو الله تعالي(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام)عن البغي والکبر:«قانّها مَصيَدَةُ إبليس العُظمي، ومَکِيدَتَهُ
الکُبري ، التي تُسَاوِرُ قلوبَ الرجالِ مَسَاوَرَةَ السُّمُوم القاتلة، فما تُکدي أبَداً، ولا تُشوي
أحَداً (2).
الشَّوَي: اليدان والرجلان، والرأسُ من الآدميين، والشواة: جلدة الرأس، وکلُّ ماليس مَقتلاً. ورماه فأشواه، أي أصاب شواه ولم يُصب مقتله، قال الهذلي:
فإنّ من القولِ التي لاشَوَي لها ***إذا زل عن ظهر اللسان انفلاتها
يقول: إنّ من القول کلّمة لا تُشوي ولکن تقتل ، والاسم منه الشّوي. ثمّ استُعمل في کلَّ من أخطأ غَرضاً، وإنّ لم يکن له شوي ولا مقتل (3). ومنه حديث عبد المطّلب: «کان يري أنّ السَّهمَ إذا أخطأه فقد أشوي». وفي خبر مجاهد: «کلُّ ما أصابَ الصائمُ شَوَي إلّا الغيبة». أي شيء هينُ لايُفسد صومه، وهو من الشوي : الأطراف. أي أنّ کلّ شيء أصابه لايبطل صومه إلّا الغيبة فإنّها تُبطله، فهي کالمقتَل (4). والشَّوَي: رُذال المال. والاشواء يوضع موضع الإبقاء، حتّي قال بعضهم: تعشّي فلان فأشوي من عَشائِه، أي أبقي بعضاً. ويقال کلّ شيء شَوَي، أي هيّن ماسلم لک ديُنک(5)وقوله( عليّه السلام) : «فماتکدي» أي الايُردّ، يقال: أکديتُ الرجلَ عن الشيء، أي رددته عنه، وأکدي الحافر، إذا بلغ الکُديَة، أي الأرض الصلبة أو الحجر فلا يمکنه أنّ يحفر (6).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضحکه التبسّم، يفترّ عن مثل حبَّ الغمام»(7).
أشاح بوجهه: أي نحّاه. قال ابن الأعرابي:أعرض بوجهه وأشاح ، أي جدّ في
ص: 465
الإعراض. قال: والمشيح الجاد(1) ويفتر عن مثل حبّ الغمام: معناه يکشف شفتيه عن ثغر أبيض (2) والشيح نبات سهلي، وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «منابت الشيح»(3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) موصياً بالزهد في الدنيا: «ولا تَشيموا بَارِقَها، ولاتسمعوا
ناطقها، ولا تُجيبوا ناعِقَها»(4).
الشَّيمُ: النظر إلي البرق. يقال: شامَ السحابَ والبرق شيماً: نظر إليه أين يقصِدُ وأين يُمطر. وقيل: هو النظرُ إليهما من بعيد. وقد يکون الشَّيم النظر إلي النار. وسِمتُ مَخايلَ الشيء، إذا تطلّعت نحوها ببصرک منتظراً له. وانشام الرجلُ، إذا صار منظوراً إليه(5). وانشام في الشيء ، إذا دخل فيه(6).والشيام: صفرة أو أرض رِخوَة(7). وکلّ داخل في شيء فهو منشام فيه(8) وقال الأصمعي: الشّيام: الکِناس. والشيمة: الترابُ يُحفر من الأرض، وشام يشيم، إذا غبرّ رجليه من الشيام، وهو التراب. وشِيمُ الإبل و شومُها: سودها، قال الشاعر:
سواء عليکم شومها وهجانها***وإنّ کان فيها واضحُ اللونِ يَبرق(9)
والشيمةُ: الخليقةُ. يقال: فلان کريم الشيمة، والجمع الشَّيَم، وهي الخلائق. قال الشاعر: وإنّ عِراراً أنّ يکن ذا شکيمةٍ ***تقاسيتها منه ممّا أملِکُ الشَّيَم (10).
والمشيمة، وزان کريمة، وأصلها مَفعِلةُبسکون الفاء وکسرِ العين ولکن ثُقلت الکسرة علي الياء فنقلت إلي الشين، وهي غشاء ولد الإنسان . وقال ابن الأعرابي: يقال لما يکون فيه الولد المشيمة والکيس والغلاف و الجمع مَشِيم بحذف الهاء، ومشايم مثل معيشة ومعايش. ويقال لها من غيره السَّلَي(11) وشِمت السيفَ إذا أغمد ته ، وشِمته إذا أخرجته من غِمده، فهو من الأضداد (12). وباعتبار النظر والانتظار جاءت الاستعارةفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «وتَيَسَّر لِسَفَرِکَ، وشِم بَرقَ النّجاة، وارحَلّ مطايا التّشمير» (13).
ص: 466
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا وإنّ الدُّنيا قد وَلَّت حذّاءَ، فلم يَبقَ منها إلّا صُبَابَةُ کَصُبابةِ الإناء اصطبّها صَابّها»(1).
الصُّبَّة والصُّبابة، بالضم: بقيّة الماء واللبن وغيرهما تبقي في الإناء واللسَّقاء، قال أبو عبيد : إذا شربها الرجل قال: تصابتها. وحذّاء: أي مسرعة (2) وإطلاق الصبابة ههنا استعارة لبقيّة الدنيا القليلة، لما في صبابة الإناء من قلّة. وأصطبّها، شرب صبابتها. والصبيب: هو الدم، وقيل : هو عصارة العَندم، وقيل: صبغ أحمر. وقيل: شجر يُشبه السذاب يُختضب به. ويقال للعرق: صبيب. وقال أبو زيد: والعرب تقول للحدور: الصبوب، وهي الصبيب، والصبيب: هو الماء المصبوب (3) ومنه حديث الصادق (عليه السلام) عن المرأة التي رأت الدم قد جاوز و قتها، قال: «إنّ رات المرأة الدم صبيباً فلتغتسل في وقت کلّ صلاة»(4) .
ومراده (عليّه السلام) الکثير کما ذهب إلي ذلک الطريحي(5) وفي الحديث: «لَتسمعُ آيةً خيرُ لک من صبيب ذهباً». قيل: هو ذهب مصبوب کثيراً غير معدود، وهو فعيل بمعني مفعول. وقيل: يحتمل أنّ يکون اسم جبل کما قال في حديث آخر: «خيرُ من صبير ذهباً». وفي الحديث: «ألاهل عسي أحد منکم أنّ يتّخذ الصُبّة من الغنم» أي جماعة منها، تشبيهاً بجماعة الناس. وقد اختُلف في عددها، فقيل ما بين العشرين إلي الأربعين من الضأن
ص: 467
والمعز، وقيل: من المعز خاصّة. وقيل: نحو الخمسين. وقيل ما بين الستّين إلي السبعين.
والصُبٍّة.
من الإبل نحو خمس أو ستّ. وقيل: لتعودُنّ فيها أساود صُبّاً»، الأساود، الحيّات.
والصُبّ: جمع صَبوب، علي أنّ أصله صُبُب، کرسول ورُسُل، ثمّ خُفف کَرُسل فأدغم. قال النضر: إنّ الأسود إذا أراد أنّ ينهش ارتفع ثمّ انصبّ علي الملدوغ. ويروي صُبّي بوزن حُبلي (1).وصبيب السيف: أي طرفه، وآخر ما يبلغ سيلانه حين ضُرِب. وقيل: سيلانه مطلقاً. والصّبابة: الشوق. وقيل: رقّته و حرارته (2)ورجل صَبُ: غلبه الهوي(3)
في حديث أکلّ الميتة: «ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بَقلاً؟ فشأنکم بها»(4)
الصّبوح بالفتح: شُرب الغداة، واصطبح: شَرِب صَبُوحاً (5). يقال: اصطبح واغتبق، وهو صبحان غبقان. قرّب تصبيحنا: غداءنا، وقرّب إلي الضيوف تصابيحهم. وفي حديث المبعث:«وکان يتيماً في حجر أبي طالب وکان يقرّب إلي الصبيان تصبيحهم فيختلسون ويکُفُّ»(6). وقد استعير منه في حديث عليّ (عليّه السلام) لاکتساب العلم والعرفان البقوله: «ويُغبَقون کأس الحکمة بعد الصُّبُوح»(7). والصُّبحُ والصّباح: أول النهار، وهو وقتُ ما احمرّ الأفُق بحاجب الشمس. والصبح شدّة حُمرَة في الشعر تشبيها بالصبح(8) وقيل للصبح صبح لبريقه(9) وباعتبار الصباح، قيل وجه صبيح، وقد صبح صباحةً وفلان يتصابح ويتحاسن. وأصبح لنا مصباحاً: أسرجه (10) ومن معني الوضوح والبيان استُعير الصباح للهداية، والليل للضلال في حديث عليّ (عليّه السلام): «فَمن جَعل المِرَاءَ دَيدَناً لم يُصبح لَيلُه»(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يستنهض أصحابه للجهاد: «وإذا أمَرتُکم بالسير إليهم في
ص: 468
الشتاء قلتم: هذه صَبَارّة القُرّ، أمهلنا يَنسَلخ عنّا البَردُ»(1).
صبارّة الشتاء بتشديد الراء: شدّة البرد؛ والتخفيف لغة فيه(2)والقّرُّ: البردُ عامّة، بالضم، وقال بعضهم: القَرُّ في الشتاء، والبرد في الشتاء والصيف. يقال: هذا يومُ ذو قَرُّ، أي ذو بَردٍ. والقِرّة: ما أصاب الإنسان وغيره من القُرَّ. والقِرّةُ أيضاً: البرد. يقال: أشدُّ العطش حِرَّة عليّ قِرّة، وربّما قالوا: أجدُ حِرّةً علي قِرّةٍ ويقال أيضاً: ذهبت قِرّتها، أي الوقت الذي يأتي فيه المرض، والهاء للعلّة(3).
والصّبر: مصدر الصابر علي الشدّة، والصبر: الکفالة. يقال: صَبرتُ بفلانٍ أصبُرُ، بزنة أکفُلُ
إذا کَفَلتَ به. والکفيل: صبير. والصّبر: الحبس(4) ومنه قتل الصّبر: أن يُحبس الرجل حتّي يُقتل (5)ويمين الصبرفي الحديث هي التي يُمسک الحُکم عليها حتّي يحلف، ولو حَلَف بغير إحلاف لم يکُن صبراً. وإنّ شئت قلت: يمين الصَبر، التي يُصبرُ فيها، أي يُحبس، فيصبر ملزوماً باليمين، ولا يوجد ذلک إلاّ بعد التداعي(6).
وفي الحديث : روي محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليّه السلام) قال: «يکتحل المحرم عينيه إنّ شاء بصبر ليس فيه زعفران ولا وَرس» (7). الصّبر: الدواء المرّ، بکسر الباء في الأشهر، وسکونها للتخفيف لغة قليلة»(8) والواحدة صَبِرة. وبه سُمّي الرجل صبرة. واشتريت الشيء صُبرَةً إذا اشتريته بلا کيل ولا وزن. وأصبار کلّ شيء: أعاليه، قال الشاعر:
غربت وباکرها الشتيُّ بدِيمةٍ*** وَطفاءَ تملأها إلي أصبارها(9).
ومن هذا يفسّر ما جاء من استعارة في حديث علي (عليّه السلام): «ويَسقِيهِم بکأسٍ مُصَبَّرَة» (10). أي مملوءة، کمن يُسقي کأساً مملوءاً سُمّاً. واستعار (عليّه السلام) لفظ الکأس لأنّ الکأس لا تکون إلاّ مملوءة (11).
في حديث کميل: «أخذ بيدي أمير
ص: 469
المؤمنين عليّ( عليّه السلام) فأخرجني إلي الجبّان، فلما أصحر تنفّس الصُعَداء»(1).
الإصحار: يقال: أصحر الرجلُ للصحراء إصحاراً: برزلها. والصحراءُ: البريّةُ وجمعها صَحاريُّ، بکسر الراء مُثقّل الياء. ويجوز التخفيف مع کسر الراء وفتحها مثل: العَذَاري والعَذَاري، والکسر هو الأصل (2) والجبّانة:مثقل الباء، وثبوت الهاء أکثر من حذفها. هي المُصلّي في الصحراء، وربّما أُطلقت علي المقبرة، لأنّ المُصلّي غالباً تکون في المقبرة (3)وباعتبار الانکشاف والظهورقالت أم سلمة لعائشة: «سکّن عقيراک فلا تصحربها» (4)وتصحربها: من قولهم: أصحر القوم: برزوا (5). وذلک إذا برزوا إلي فضاء لايواربهم. وأصحر الرجل إذا برز، کأنّه أفضي إلي الصحراء التي لاخَمَر بها فانکشف(6).
في حديث الصادق (عليّه السلام) في النساء: «وهنَّ ثلاث: فامرأة ولودُ ودود تُعين زوجها علي دهره لدنياه وآخرته، ولا تعين الدّهر عليّه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولاتُعين زوجها علي خير. وامرأة صخّابة ولّاجة همّازة تستقلّ الکثير ولا تقبل اليسير» (7).
صخّابة: ويقال صَخِبة وصُخُبّة وصَخوُب. والصّخب والسّخب: اختلاط الأصوات للخصام. وفعول وفعّال: للمبالغة. واصطخب القومُ وتصاخبوا، إذا تصايحوا و تضاربوا(8) وابدال الصاد سيناً لغة فيه(9)ومنه حديث بيت خديجة: «لا صَخَب فيه ولا نَصَب»(10)ومن هذا جاء حديث الصادق (عليّه السلام):«إيّاک أنّ تکون فحّاشاً أو صخّاباً او لعّاناً (11). وجاء في وصفه( صلي الله عليّه وآله): ولا صخّاب (12). وجاء في التوراة کما في حديث کعب: ولا صخوب(13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «وذواتِ الشَّنَاخِيب
ص: 470
الشُّمّ من ضَيَا خِبدِها»(1).
الصيخود: الصخرة الملساء الصُّلبة، لاتُحرّک من مکانها ولا يعمل فيها الحديد، وهي الصّلُود. وقيل: صخرة صيخود: هي الصُّلبة التي يشتدُّ حرّها إذا حميت عليّها الشمس، والياء زائدة. والصّيخدُ: عين الشمس، سُمّي به لشدّة حرّها وحرُّصاخد شديد. والصاخدة: الهاجرة: وهاجرة صبيخود: مُتّقدة(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف النار: «حِليَتُها حَديد وشَرابُها صَدِيد» (3).
الصَّديد:هو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد وقد أصد الجرحُ وصَدّدَ، أي صار فيه المدّة. والصديد في القرآن: ما يسيل من جلود أهل النار. وقيل: هو الحميم إذا أُغلي حتّي خَثُرَ. وصديد الفضّة ذؤابتها علي التشبيه، وبذلک سُمّي المُهلَةُ. والصّدُّ والصُّدُّ الجبل، والجمع أصداد وصدود، والسين فيه الغة.والصّدُّ: المرتفع من السحاب تراه کالجبل. والصدد: الناحية. والصّدد: ما استقبلک. وهذا صدد هذا وبصدده وعلي صَدَده، أي قبالته. وصدد الطريق: ما استقبلک منه. والصُّدّاد، بالضم والتشديد: سامُّ أبرَصَ، وقيل: الوَزَغ، والصدُّ:الأعراض والصُّدوف. وصدّ عنه يَصِدُّ ويصُدُّ صَدّاً وصدوداً أعرض. وصدّه عنه وأصدّه: صرفه(4)ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للدنيا: «العنود الصدود»(5). وجاء في حديث الصادق عليّه السلام : «المحصور غير المصد ود». المحصور: المريض. والمصدود: الذي يصدُّه المشرکون کما ردّوا رسول الله (صلي الله عليّه وآله) وأصحابه ليس من مرض. والمصدود تحلّ له النساء والمحصور لا تحلّ له النساء(6).
قلبتها بعد ريّها إصداراً (1).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) قال عن أبيها «فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة، مائلاً عن
مدرجة المشرکين، ضارباً ثَبجهم آخذاً بأکظامهم، داعياً إلي سبيل الله بالحکمة والموعظة» (2).
صادعاً: يقال: صدعتُ الشيء: أظهرته وبيّنته. وصادع: قاضٍ يفرق بين الحقّ والباطل (3). ومنه قوله تعالي:﴿ فَاصدَع بِمَا تُؤمر وأعرِض عن المُشرِکينَ ﴾ (4) أي فاجهر به وأظهره. وقيل: فافرق بين الحق والباطل بما تُؤمر، من الصديع وهو الفجر(5) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) عن دعوته صلي الله عليّه وآله): «فَبلّغ الرسالةَ صَادعاً»(6). وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولا تَصدَّوا عليّ سُلطَانِکُم فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِکم» (7). تصدّع القوم: إذا تفرّقوا. (8).ورأيت منهم صدعاتٍ: تفرّقاً في الرأي والهوي(9).
في الخبر سُئل الصادق( عليّه السلام) في رجل وطيء بيض نعامة فصدغها وهو محرم، فقال: قضي فيه عليّ (عليّه السلام) : أنّ يرسل الفحل علي مثل عدد البيض من الإبل فما لقح وسلم حتّي ينتج النتاج کان النتاج هديا بالغ الکعبة» (10).
صدغها: من قولهم: مايصدغ نملة من ضعفه، أي: ما يقتل، وصدغتُ رأسه بالعصا أصدغه صدغاً، بفتح الدال في الماضي والمستقبل وسکونها في المصدر، هو ضربک الصدغ بالعصا أو بالحجر أو بما کان(11).
ومنه الحديث: قضي عليّ (عليّه السلام) في صدغ و الرجل إذا أُصيب فلم يستطع أنّ يلتفت، إلّا ما انحرف الرجل، نصف الدية خمسمائة دينار (12). والصدغ: مابين لحظ العين إلي أصل الأُنّ، والجمع أصداغ مثل قفل وأقفال. ويُسمّي الشَّعر الذي تدلّي علي هذا الموضعا صُدغاً(13).
ص: 472
في حديث فاطمة(عليّها السلام) : «ما کان أبي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) عن کتاب الله صادفاً»(1)
الصُّد وف: الميل عن الشيء. وأصدقني عنه کذا وکذا، أي أمالني (2) ومنه قال عليّ (عليّه السلام ): « اصدِفُوا عن سَمت الشرَّ تَقصِدُوا» (3). والصّدفُ: عَوَج في اليدين، وقيل: مَيَل في الحافر إلي الجانب الوحشيّ. وقيل: الصدف مَيل في القدمين(4) ومنه قوله
تعالي: (فمن أظلم ممّن کذب بآيات الله وصَدَف عنها)(5) أي أعرض عنها غير مستدلّ بها ولا مفکّر فيها(6)وفيه «کان إذا مرّ بصدف مائل أسرع المشي». الصّدف بفتحتّين وضمّتين: کلّ بناء عظيم مرتفع، تشبيهاً بصدف الجبل، وهو ما قابلک من جانبه (7) ومنه قوله تعالي: (حتّي إذا ساوي بين الصّدفين)(8) هما جانبا الجبل، وسمّيا بذلک لتصادفهما، أي لتلاقيهما(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الصَّادِقُ عليّ شَفَا مَنجاةٍ، وکّرامة» (10).
الصدق: الصدق والکذب : أصلهما في القول ماضياً کان أو مستقبلاً، وعداً کان أو غيره، وقد يُستعمل الصدق والکذب في کلَّ مايحقّ ويحصل في الاعتقاد، ويستعملان في أفعال الجوارح، فيقال: صدق في القتال، إذا وقّي حقّه وفعل مايجب وکما يجب، وکذبَ في القتال إذا کان بخلاف ذلک. والصدّيق: من کَثر منه الصدق، وقيل: بل لمن صَدَق بقوله و اعتقاده و حقّق صِدقه بفعله(11) والصَّداقُ والصُّداقَةُ والصَّدُقةُ: المَهرُ (12).
والصدقة: مايخرجه الإنسان من ماله عليّ (عليّه السلام )وجه القُربة، کالزکاة، لکن الصدقة في الأصل تقال للمتطوّع به، والزکاة للواجب، وقد يُسمّي الواجب صدقة إذا تحرّي صاحبها الصَّدق في فعله(13). ومنه قوله تعالي: ﴿ إنّماالصَّدَقاتُ للفقراءِ والمساکين والعاملين عليها والمؤلفةِ قلوبُهم وفي الرَّقاب والغارِمينَ وفي سبيلِ اللهِ وابنِ السبيلِ
ص: 473
فَرِيضةً مِن اللهِ(1).
والمتصدّق: المعطي، وفلان يتصدّقُ، إذا أعطي(2) والمُصَدَّق: أخذ الصدقات (3) يقال: أخذ المصَدّق الفريضة(4) وفي الحديث: «إنّما هذا المال من الصدقة أوساخ أيدي الناس». وفي رواية أخري: «غسالات أيدي الناس»، وقال للعباس : «ماکنت لاستعملک علي غسالة ذنوب الناس». وفي التشبيه وجهان، أحدهما أنّ تکون أموال الصدقات لما کان إخراجها مطهراً لما وراءها من سائر الأموال جرت مجري المياه التي تغسل بها الأدران، والوجه الآخر أنّ يکون المراد أنّ أموال الصدقات في الأکثر لاتکون إلا أسافل الأموال (5) وفيها قال عليّ (عليّه السلام) : صدقةُ السرّ تُکفّر الخَطيئة»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التزهيد في الدنيا: فلم يبق منها إلّا سَمَلةُ کَسَملَةِ الإدَاوَةِ، أو جُرعَة کَجُرعة المَقلَةِ، لو تمزَّزها الصَّديان لم يَنقَع»(7).
الصديان: يقال: صَدِيَ صدًي، من باب تَعِب، عَطِش، فهو صبدٍ وصادٍ و صديان وامرأةُ صَيدِيَةُ وصادية وصَديا، عليّ فَعلي، وقومُ صِداء، مثل عِطاش وزناً و معني (8).
قال الخليل: الصدي: العطش الشديد ، ولا يکون ذلک حتّي يجفّ الدماغ وييبَس(9) وصدَّي بيديه: صفّق (10) والصَّدا: بدن الإنسان بعدما يموت(11). والصَّداة فعل المتصدّي، وهوالذي يرفع رأسه وصدره، ويقال للرجل المنتصب لأمرٍ يفکّر فيه ويدبرّه: هو يُصاديه (12)وقد استُعير منه للدنيا في وصف عليّ (عليّه السلام )لها: «ألا وهي المُتَصَدّيةُ العنون»(13).
وهو وصف للمرأة الفاجرة التي من شأنها
ص: 474
التعرّض للرجال، أو يکون استعارة لوصف الفرس أو الناقة(1).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «ولا المُهَاجِرُ کالطَّليقِ، ولا الصّريحُ کاللصِيق، ولا المُحِقُّ کالمُبطِل، ولا المُؤمنُ کالمُدغِل»(2).
الصريح: يقال: مولي صريح، إذا خَلص ولاؤه، والجمع صُرَحاء (3) وصَرُح الرجلُ والفرس صراحةً خَلَص نسبهما، وکلّ شيء صفا(4) والصرحُ: بيتُ عالٍ مُزَوّقُ سُمّي بذلک اعتباراً بکونه صَرحاً عن الشّوب، أي خالصاً (5). قال ابن فارس: وکلّ بناءٍ عالٍ فهو صرح (6). وقال ابن دريد: والصَّرح: الأرض المملّسة، ويقال: بل القَصر المملَّس صرح. يوهذا خطأ لأنّهم يقولون: صَرحة الدار، يريدون ساحتها، والتنزيل يدلّ علي أنّ الصرح الساحة لقوله جلّ ثناؤه:(صَرحُ ممرَّد من قوارير) (7) وصرّح النهارُ: ذهب سحابه وأضاءت شمسه، قال الطرمّاح في صفة ذئب:
إذا امتلّ يعدو قلتَ ظلُّ طخاءة ***ذَرَي الريحُ في أعقابِ يوم مصرَّحِ(8).
وصرّح منافي نفسه تصريحاً: أبداه. وجاء بالکفر صُراحاً: أي جَهاراً (9).
ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام ): «وأفسَدتُم في الأرض مُصَارحةً لله بالمُنَاصَبَةِ» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في التوحيد: «ضادَّ النورَ بالظُلمة، والوُضُوحَ بالبُهمَةِ، والجُمُودَ
بالبَلل، والحَرورَ بالصَّرَدِ»(11).
الصَّرد والصَّرَدِ: البرد. يقال: صَرِدَ يَصرَد صَرَداً، إذا أصابه البردُ. الصُّرُّاد: الريحُ الباردة ورجل مراد، إذا کان لا يصبر علي البرد. وغنم مصارِد، إذا أصابها البردُ، الواحدة مِصراد، والجمع مصاريد، والتصريد: قطعک
ص: 475
الشرب عليّ الدابّة والإنسان قبل ريّه، يقال: صَرَّدتُ الشارب عن الماء، إذا قطعتُ عليه شربه، وکَثُر ذلک حتّي صار کلّ ممنوع مُصرَّداً(1).
والصُّرَد: نوع من الغربان، والأنّثي صُرَدَةُ والجمع صردَانُ، ويقال له الواقُ أيضاً. وکانت العربُ تتطيّر من صوته وتقتله فنُهي عن قتله دفعاً للطّيرة(2).
و سهمُ صارد: خرجت شباة حدّه من الرميّة. ونافذ: خرج بعضه،ومارق: خرج کلّه (3)والصُّرَدان: عِرقان تحت لسان الإنسان والفرس . وذکر بعض أهل اللغة أنَّ الصُّرَد بياض يکون في ظهر الفرس من أثر السرج وغيره(4) وأراد بالجمود والبلل اليبوسة والرطوبة (5).
قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): «تصرّوا الإبل والغنم. ومن اشتري مصرّاة فهو بآخر
النظرين إنّ شاء ردّها وردّ معها صاعاً من تمر».
المصرّاة : يعني الناقة أو البقرة أو الشاة قد صُرّي اللبن في ضرعها ، يعني حبس فيه وجمع ولم يُحلب أيّاماً. وأصل التصرية وفيه: بأحد النظرين بدل بأخر النظرين حبس الماء وجمعه، يقال منه: صريتُ الماءَ وصريته ، ويقال : ماء صري، مقصوراً. ويقال منه: سُمّيت المصرّاة کأنَّها مياه اجتمعت(6).
يقال صرَّ الناقة يصُرُّها صَرّاً وصرَّبها: شدّ ضرَعها. والصَّرَّةُ الشاة المُصِرَّاة. والصَّرار: مايُشدُّ به، والجمع أصِرّة، وناقةُ مُصِرَّة: لاتَدِرُّ(7) قال ابن الأثير في قوله (صلي الله عليّه وآله): «لاتصروا» إنّ کان من الصَّر فهو بفتح التاء وضمّ الصاد، وإنّ کان من الصَّرَّي فيکون بضم التاء وفتح الصاد(8)ومنه الحديث: «لاصَرورَة في الإسلام». والصرورة: في هذا الحديث التبتل وترک النکاح. قال النابغة الذبياني:
لو أنّها عرضت لأشمط راهب ***عبدالاله صرورة مُتَعبَّد
ص: 476
لزنا لبهجتها وحسن حديثها*** ولخاله رشدا وإنّ لم يرشد(1)
قال ابن جنّي: رجل صرورة وامرأة صرورة، ليست الهاء لتأنيث الموصوف بما هي فيه، وإنما لحقت الإعلام السامع أنّ هذا الموصوف بما هي فيه قد بلغ الغاية والنهاية، فجعل تأنيث الصفة أمارةً لما أريد من تأنيث الغاية والنهاية. ويقال أيضاً: رجل صَرُور وصَرورة: لم يحجّ قطّ. وأصله من الصّرَّ الحبس والمنع، وقد قالوا في هذا المعني: صَروريّ وصاروريُّ، فإذا قلت ذلک تنّيت وجمعت وأنثت. وقيل: رجل صارورة وصار ور، لم يحجّ، وقيل: لم يتزوّج، الواحد
والجمع في ذلک سواء، وکذلک المؤنث (2) قال ابن فارس : يحتمل أنّه من الصَّرار ، وهو الخِرقة التي تُشَدُّ علي أطباء الناقة لئلّا يرضعها فصيلها (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ المُعرّجَ علي الدنيا لا يَرُوعُه منها إلّا صَرِيفُ أنيابِ
الحِدثان»(4).
الصريف: صوتُ الأنّياب والأبواب.وصرف الإنسان والبعيُر نابه، و بنابه يَصرف. صريفاً:حرقه فسمعت له صَوتاً. وصريف الفحل: تهدُّرُه. وما في فمه صارف، أي ناب.
قال الأصمعي: إذا کان الصريف من الفحولة، فهو من النشاط، وإذا کان من الإناث، فهو من الإعياء (5) وهو يشرب الصريح والصريف، وهو الحليب الحارّ ساعة يُصرُف عن الضرع(6) واستعار لفظ الصريف والأنّياب ملاحظة لشبهه الموت عند قدومه بالبعير الهائج (7).
والصرف: الحيلة، ومنه قيل: إنّه ليتصرّف في الأمور(8)وصرفت الکلّام زيّنته، وصرّفته، بالتثقيل، مبالغة(9) والصرفُ: فضل الدِرهَم عليّ الدِرهم، ومنه اشتقاق الصيرفي(10) ويقال له الصرّاف أيضاً: بياّع الدراهم(11). ومن هذا المعني قال
ص: 477
عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: «لَودِدتُ والله أنّ معاوية صَارَفني بِکُم صرف الدَّينار بالدِرهَم» (1).
وباعتبار التغيير والتبدّل في التصريف قال عليّ (عليّه السلام) عن رسل الله و تحذيرهم من الدنيا: «وَلِيهجُمُوا عليّهم بِمُعتَبرٍ من تَصَرُّفِ مَصَاحّها وأشقَامِها»(2) والصّرف: صيغ أحمر. قال الأصمعي: هو الصبغ الذي تُصبغ به شُرک النعال. وقد يُسمّي الدم صِرفاً تشبيهاً بذلک. وصَرف الدهر: تقلُّبه، والجمع صُروف (3). وباعتبار الحرکة والانقلاب قال عليّ (عليّه السلام): «فليس بَعدَ المَوتِ مُستعتَب، ولا إلي الدنيا مُنصَرَف»(4) والصّرف: التوبة؛ في قوله عليّه وآله الصلاة والسلام: «لا يقبل اللهُ منه صرفاً ولا عَدلاً». والصّرَفان: جنس من التّمر، ويقال: الصّرَفانة تمرة حمراء نحو البَرنيّة(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «حتّي إذا تَصَرَّمت الأمور، وتَقَّضت الدُّهُورُ، وأزِفَ النُّشُور،
أخرجهم من ضَرَائح القُبور»(6).
تصرّمت: تقضّت(7) وتصرّمت الأيّام والسنة والأمر، أي انقضي(8) يقال : تصرّمت السنة وانصرم الشتاء، ومنه أصرم فلان وهو مُصرِم، أي افتقر وفيه تماسک(9) والصريمة:
الرمل المنصرم عن معظم الرمل. والصرمة: قطيع من الإبل نحو ثلاثين. وصَرُم الرجل صرامة فهو صارم: ماضٍ في أمره. وسيف صارم: أي قاطع ذو صرامة. والصّرم قطعُ بائنُ الحبل و عِذقٍ و نحوه(10). ومنه قال الصادق (عليّه السلام) : «لاتحصد بالليل، ولا تصرم بالليل، ولا تجذّ بالليل، ولاتضجّ بالليل، ولا تبذر بالليل»(11) من قولهم: صرمتُ الشيء صرماً، إذا قطعته (12) وصرمتُ النخل: قطعته، وهذا أوان الصّرام، بالفتح والکسر. وأصرم النخلُ بالألف، حان صِرامه (13). والجذّ: تقول جذذت الشيء جذّاً من باب قتل قطعته فهو مجذوذ فاتجذ، أي انقطع، وجذذته:
ص: 478
کسرته(1) والجذکسرُ الشيء وتفتيته، ويقال لحجارة الذهب المکسورة ولفتات الذهب جذاذ(2) واستعير الصرم لقطع الرحم،
ومنه حديث أبي بصير: سألتُ أبا عبد الله (عليّه السلام) عن الرجل يصرم ذوي قرابته ممّن لا يعرف الحقّ، قال: «لا ينبغي له أنّ يصرمه»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الخلافة: «فصاحِبُها کَراکبِ الصَّعَبةِ إنّ أَشنَق لها خَرَم، وإنّ أسلَس لها تَقحّم»(4).
الصعبُ من الدواب: نقيض الذلول، والأنّثيال صعبة، والجمع صعاب. وأصعب الجمل: لم
يُرکب قطّ(5) واستُعير ذلک في کثير من المعاني، کقولک: استصعب الأمر، أشنق لها: يقال: شنقتُ الناقة وأشنقتها، کففتها بالزّمام.وکلّ خيط يُشدّ به شيء فهو شِناق، نحو شِناق القربة(6) والخرم: قطع الأنّف (7) وأساس لها: أرخي لها. ومنه رجل سلس، أي ليّن منقاد بيّن السلس والسلاسة، وشيء سلس: ليّن سهل (8) والتقحيم: هو أنّ يرمي الفرس فارسه علي وجهه(9) ويقال: تقحمت بفلان دابّته، وذلک إذ ندّت به فلم يضبط رأسها، وربّما طوّحت به في وهدة أو وقصت به (10).
في الخبر : قال (عليّه السلام) : «إيّاکم والقعود بالصُّعدات إلاّ مَن أدّي حقّها». الصعدات: الطرق، وهو مأخوذ من الصعيد، والصعيد التراب وجمع الصعيد الصُّعد، ثمّ الصُّعُدات جمع الجمع ، کما يقال: طُرُيق وطرق ثمّ طُرقات. قال الله عز وجل: ﴿فتيمموا صعيداًطيّباً﴾ (11). قالتيممّ التعمّد للشيء، يقال منه: أممتُ فلاناً فأنا أؤمّه أمّاً وتأمّمته و تيمّمته،کلّه تعمّدته وقصدت له. وقد روي عن صادق عليّه السلام أنّه قال: «الصعيد الموضع المرتفع، والطيّب الموضع الذي ينحدر عنه الماء»(12)، وقيل: هي جمع صُعدة، کظُلة، وهي
ص: 479
فناء باب الدَّار ومَمرُّ الناس بين يديه(1)
ومنه الإصعاد، قال الفرّاء: الإصعاد في ابتداء الأسفار والمخارج، تقول: أصعدنا من مکّة،
وأصعدنا من الکوفة إلي خراسان وأشباه ذلک، فإذا صعدت في السُّلَّم وفي الدّرجة وأشباهه قلت: صَعِدتُ، ولم تقل: أضعدتُ. وقال ابن السکّيت: يقال: صَعِد في الجبل، وأصعد في البلاد(2). ومنه قوله تعالي: ﴿کأنما يصّعّدُ في السماء ﴾ (3)وأصل يصّعَد يتصّعد وقد قريء به(4)کأنمّا يزاول أمراً غير ممکن، لأنّ صعود السماء مثل فيما يمتنع ويبعد من الاستطاعة و تضيق عنه المقدرة (5).
وفي حديث کميل: «أخذ بيدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليّه السلام) ، فأخرجني إلي الجبّان، فلما أصحر تنفّس الصُّعَداء»(6). تنفّس الصُّعداء: هو النَفَس بتوجّع. وتصعّد النّفس: صعب مَخرَجُه، وهو الصُّعداءُ، وقيل: الصُّعداء النّفس إلي فوق، وهو يتنفّس الصُّعداء ويتنفس صُعُداً (7).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي يوصيه بالمساکين : «ولا تُصَعَّر خَدَّک لَهُم(8).
الصَّعَرُ: مَيلُ في العُنُق. والتصعيرُ إمالَتُهُ عن النظر کِبراً (9) يقال: صعّر خدّه وصاعره، وفلان متصاعر (10) ومن هذا جاء قوله تعالي: ﴿ ولا تُصعّر خَدَّک لِلناس ﴾ (11).
والصَّعر: داء يصيب الإبل فتلتوي منه أعناقها، وبه سُمّي المتکبّر أصعر(12).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي يوصيه بالرعية: «فَليَکُن صِغوُک لَهُم، ومَيلُکَ مَعَهم» (13).
الإصغاء:الاستماع، تقول: أصغيت إليه سمعي، وصَغَمتُ إلي حديث وصغوتُ. وصغا فؤاده إلي کذا يصغو: مال. وصِغوُه مَعَه وصَغوُه وصَغَاه. وصغت النجوم: مالت للغروب.
ص: 480
والأصغاء: النواحي والجوانب، الواحد صِغوُ (1)وکلّ شيء أملته فقد أصغيته؛ وفي الحديث: «کان يُصغي الإناء للهِرِّة لتشرب».
ويقال: أکرموا فلاناً في صاغيته، أي في أهله و من يُعني به(2) وباعتبار الميل عن السداد قال عليّ (عليّه السلام )شاکياً: «فَصَغا رجلُ منهم لِضفنه، ومال الأخر لِصهره»(3).
في حديث عليّ موعظاً الإنسان قبل حلول الموت: «وظُلمة اللحدِ، وخِفَةِ الوَعدِ، وغَمّ الضَّرِيح، وَرَدمِ الصَّفيحِ»(4).
الصفيح: يقال للحجارة العريضة صفائح، واحدتها صفيحة وصفيح، قال لبيد:
وصفائحاً ضُمّماً، روا ***سيها يُسَدَّدنَ الغُضونا
وصفائح الباب: ألواحه. وصفحة الرجل: عُرض صدره. ويقال : في جبهته صَفَح، أي عِرَضُ فاحش. وتصفيح الشيء: جعله عريضاً، ومنه قولهم: رجلُ مُصَفّح الرأس: أي عريضها(5). ومنه جاء حديث ابن الحنفية: «انّه ذکر رجلاً مُصفَحَ الرأس» أي عريضه(6).
وکنّي في الخبر عن ناحيتي المخرج بالصفحتّين، کما روي أنّه سُئل (عليّه السلام) عن الاستطابة، فقال: «أولا يجد أحدکم ثلاثة أحجار، حجرين للصفحتّين، وحجر لِلمَسرُبة»(7) ومن معني صَفحَ القومُ صفحاًعرضهم واحداً واحداً، کذلک قالوا: صَفحَ ورَق المصحف. وتصفّح الأمرَ و صَفحَه: نظر فيه، قال الليثُ: صفحتُ ورق المصحف صَفحاً. وصَفحَ القوم وتصفّحوهم: نظر إليهم طالباً لإنسان. وتصفّحتُ الشيء، إذا نظرتُ في صفحاته. وصفحت الشاة والناقة تصفَحُ صُفوحاً: ولّي لبَنُها. قال ابن الأعرابي: الصافح الناقة التي فقدت ولدها فَغَرزت وذهب لبنها، وقد صَفَحت صُفوحاً .
وصفحَ الرجلَ يَضفَحُهُ صَفحاً وأصفَحه: سأله فمنعه، قال الشاعر:
ومن يکثر التَّسأل ياحرُّ، لايَزَل*** يمُقَّتُ في عين الصديق، ويُصفَحُ(8).
ومنه حديث أُمّ سلمة: «أُهديت لي فِذرةُ
ص: 481
من لَحم، فقلتُ للخادم ارفعيها لرسول الله( صلي الله عليّه وآله)، فإذا هي قد صارت فِذرَة حَجَر، فقصّت القصّة علي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) ، فقال : لعلّه قام عليّ بابکم سائل فأصفحتموه » أي خيبّتموه. يقال: صفحته، إذا أعطيته، وأصفحته، إذا حرمته(1). والصفوح في صفات الله عزَّ وجلَّ معناه العفوَّ عن ذنوب العباد معرضاً عن مجازاتهم بالعقوبة تکرّماً .والصفوح في نعت المرأة: المعرضة صادّةً هاجرةً، والمُصفَحُ في سهام الميسر السادس، يقال له: المُسِبل أيضاً (2)وصفائح الروحاء: جوانبها، وهي ممر الأنّبياء حين يقصدون البيت الحرام (3). ومنه حديث موسي( عليّه السلام) : «أنه مرَّ في سبعين نبيّاً علي صفائح الروحاء عليّهم العِباء القطوانية، يقول: لبيک عَبدُک وابن عبديک، لبيک»(4).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )في صفة الملائکة: « ثُمَّ خَلَقَ سُبحانه لإسکان سَماواته، وَعِمَارَةِ الصَّفيحِ الأعليّ مِن مَلَکوته، خَلقاً بَدِيعاً من ملائکته» (5) الصفيح الأعلي: سطح الفلک الأعظم(6) والصفيح الأعلي: من أسماء السماء. وصفح کلّ شيء جانبه. وصَفحُ السيف و صُفحهُ: عُرضه، والجمع أصفاح. وصفحتا السيف: وجهاه. وفي حديث سعد ابن عبادة: لو وجدتُ معها رجلاً لضربته بالسيف غيرَ مُصفَح، يقال: أصفحه بالسيف إذا ضربه بعُرضه دون حدِه، فهو مُصفِح، والسيف مُصفَح ، يُرويان معا. والمصافحة هي مفاعَلة من إلصاق صُفح الکفَّ بالکفَّ وإقبال الوجه عليّ الوجه (7) ومنه حديث أبي بصير: قلت لأبي عبدالله عليّه السلام : هل يصافح الرجل المرأة ليست بذي محرم؟ فقال: «لا، إلّا من وراء الثوب»(8)والصَّفح: العَفو. والأعراض. وصفحتُ الناسَ: نظرتُ في حالهم، أو عَرَضتُهم واحداً واحداً(9).ومنه يفسر الحديث المروي بأنّ ملک الموت قال الله له( صلي الله عليّه وآله )عن حال بني آدم: «أنا أتصفحّهم في کلّ يوم خمس مرّات عند مواقيت الصلاة»(10) والتصفيح مثل التصفيق. وصفّح الرجلُ بيديه: صفّق . والتصفيح للنساء کالتصفيق
ص: 482
للرجال. يقال: صفّح وصفّق بيديه(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أو أُجرَّ في الأغلال مصفّداً»(2).
الصَّفَد: القيد، وصَفَده يَصفِده صَفداً، إذا قيده(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام)في خلق الملائکة: «صَافُّون لايَتزايَلُونَ، ومُسَبّحُون لايَشأَمُونَ ... ومنهم الحفظة لعباده، والسَّدَنةُ الأبوابِ جِنانه»(4).
الصفّ: السطر المستوي من کلّ شيء، وجمعه صفوف. وصفّ القوم يصفّون صفّاً واصطفّوا وتصافّوا: صاروا صفّا(5) ومنه قوله تعالي: ( والصَّافّات صَفّا) (6) وفي الحديث: کُل من الطير ما دفّ، ودع ماصفّ(7). صفّ: أي بسط جناحيه في الطيران»(8) وورد في الحديث ذکر «أهل الصُفَة» عن الصادق( عليّه السلام) عن آبائه عليّه السلام قال: «کان رسول الله يأتي أهل الصُفَة، وکانوا ضيفان رسول الله(صلي الله عليّه وآله)»(9) وهم فقراء المهاجرين، ومن لم يکن له منهم منزل يسکنه فکانوا يأوون إلي موضع مُظلّل في مسجد المدينة يسکنونه (10). وفيهم نزل قوله تعالي: ( ولا تطرد الذين يدعون ربّهم بالغَدَاة والعَشيّ يريدون وجهه) (11). کان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه (صلي الله عليّه وآله)ينکرون ذلک عليّه ويقولون له: اطردهم عنک (12).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّ أخسَرَ الناسِ صَفقَةً، وأخيَتَهُم سَعيا، رجلُ أخلَقَ بَدنَه في اطلب ماله، ولم تُسَاعِده المقاديرُ علي ذلک»(13). الصّفقة: يقال: صَفَقتُ له بالبيع والبيعة الصَفقاً، أي ضربتُ يدي عليّ يده، والاسم منها الصّفق. والصفقة: الاجتماع علي الشيء. وأصفقوا عليّ الأمر: اجتمعوا عليه (14).
وصَفُقَ الثوبُ، بالضم، صَفاقةً؛ فهو صفيق
ص: 483
خلاف سخيف. وصفقتُ الباب صفقاً أيضاً: أغلقته وفتحته، فتکون من الأضداد، وصفق
بيديه، بالتثقيل (1) وقول عليّ عليّه السلام: «وصَافِقٍ بکفّيه»(2) أي ضَارب إحداهما علي الأُخري ندماً (3) وتصفيق الشراب: تحويله من إناء إلي إناء ليصفو (4) کأنّه صفق الإناء، إذا لاقاه، وصّفق به الإناء (5).
ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للجنّة: «ويُطَافُ علي نُزَّالهافي أَفنِية قُصُورِها بالأعسال المُصَفّقِة، والخُمورِ المُرَوَّقةِ»(6).
ومن معني الضرب والملاقاة جاء حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الريح: «وأَغصَفَ مَجراها، وأبعد مَنشَاها، فأَمَرها بِتَصفيق الماء الزَّخَّار، وإثَارَةِ مَؤجِ البِحَار، فَمَخَضَتهُ مَخض السَّقَاء، وعَصَفَت به عَصفَها بالفَضَاء»(7).
تصفيق الماء: يقال : ضرب الريحُ الماء ضربته فصفّقته، والريح تصفِق الأشجارفتصطفِق، أي تضطرب. وصفَّقت الريح الشيء، إذا قلبته يميناً وشمالاً وردّدته.
ويقال: صفّقته وصفّقته(8) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) عن وصف الجنّة: «ولَذَهِلتَ بالفِکر في اصطفاق أشجار غُيّبت عروقها في کثبان المسک» (9)المخض مَخض اللبن يَمخَضُه ويمخِضُه ويمخُضه مخضاً، ثلاث لغات، فهو ممخوض ومخيض: أخذ زُبده، وقدتمخّض (10) والصّفاق: الجلد الرقيق تحت الجلد الغليظ الظاهر من الإنسان والدابّة (11). ومنه وصف عليّ(عليّه السلام )لموسي( عليّه السلام )بقوله: «ولقد
کانت خُضرَةُ البَقل تُري من شَفِيف صِفَاقِ بَطنِه»(12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن بعثته (صلي الله عليّه وآله):«فسَاقَ الناسَ حتّي بوّأَهُم مَحلَّتُهم، وبلَّغَهُم مَنجاتَهُم، فاستقامت قَناتُهُم، واطمأنّت صَفَاتُهم»(13).
ص: 484
الصَّفاة: صخرة ملساء، والصّفا جمع صَفاة يُکتب بالألف، فإذا ثُني قيل: صَفَوان،وهو الصّفواء أيضاً. ومنه الحديث: «لا تُقرع لهم صَفاة» أي: لا ينالهم أحدُ بسوء(1) وفي حديث الوحي: «کانّها سِلسلَة علي صفوان».
الصّفوان: الحجر الأملس، وجمعه صُفِيُّ وقيل: هو جمع، واحده صَفوانه(2) وصفاتهم وقناتهم جاء بها( عليّه السلام) عليّ الاستعارة، أي کانت قناتهم معوجّة فاستقامت. وکانت صفاتهم متقلقة متزلزلة، فاطمانّت واستقرّت (3) فالإسلام ودعوته( صلي الله عليّه وآله) أرست کيان العرب وخلقت منهم أمّة ذات حضارة أصيلة کالبنيان الشامخ الثابت الأساس ببرکته (صلي الله عليّه وآله) وما جاء به من نظام الإسلام الذي شرّف العرب بما شيّده (صلي الله عليّه وآله )لهم علي مدي الأزمان.
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي يوصيه بالمساکين والمحتاجين: «واجعل لهم قِشماً من بيت مالک، وقِشماً من غَلّاتِ صَوَافي الإسلام في کلّ بَلَد» (4) الصوافي: الأملاک والأرض التي جلا عنها أهلُها أو ماتوا ولا وارث لها، واحدتها صافية(5).والاصطفاء: تناول صفو الشيء، کما أنّ الاختيار تناول خيره(6) ومنه قال عليّ (عليّه السلام )عن خلق آدم: «وأصطفي سُبحانه من ولده أنّبياء أخذ علي الوحي ميثاقهم» (7). والصفّي والصفيّة: وهو ما يصطفيه الرئيس لنفسه. قال الشاعر:
لک المرباعُ منها والصفايا(8). واستعار عليّ(عليّه السلام) لفظ الصفو، وهو خالص الشراب، إمّا لخلاص دينهم وإيمانهم، أو الخالص دنياهم وصافيها(9)بقوله: «ولاتُطيعوا الأدعِيَاءَ الذين شَرِبتُم بِصَفوکُم کَدَرهم» (10).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام) : «تجد الرجل لايخطيء بلام ولا وار خطيباً مصقعاً ولقلبه أشدّ ظلمةً من الليل المظلم، وتجد الرجل لا يستطيع يعبّر عمّا في قلبه بلسانه وقلبه
ص: 485
يزهر کما يزهر المصباح»(1).
الخطيب المصقع: مِصقع بکسر الميم بليغ(2) وجمع مِصقع مَصاقع.
من کتاب عليّ(عليّه السلام) إلي قثمّ بن العبّاس: «فأَقِم عليّ ما في يَدَيکَ قِيَامَ الحَازِم
الصّليِب»(3). رجل صُلب وصليب: ذو صلابة، وقد صَلُبَ. ويقال: تصلّب فلان، أي تشدّد. وقولهم في الراعي: صُلب العَصا وصَليبُ العَصا، إنّما يَرَون أنّه يعنُف بالإبل (4).
وفي الحديث قال الصادق (عليّه السلام )«لاصلاة لمن لم يقم صلبه في رکوعه وسجوده» (5).الصّلب والصُّلب: الظهر، وهو عظم من لدن الکاهل إلي العَجب، وکلّ شيء من الظهر فيه فَقار فذلک الصَّلب، وجمعه أصلُب وأصلاب وصِلَبَة. ومنه قول العباس يمدح النبي (صلي الله عليّه وآله) :
تُقل من صالب إلي رَحِم*** إذا م ضي عالمُ بدا طَبق
وأراد بالصالب الصُّلب، ويقال للظهر: صُلب وصَلب وصالب. وفيه الحديث: «أنّ الله خلق اللجنّة أهلاً خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم ». وسمّي الجِماع صُلباً، لأنّ المنيّ يخرج منه(6) ويقم صلبه، من قام الشيء واستقام: اعتدل واستوي (7)وفيه«قام قائم الظهيرة» أي قيام الشمس وقت الزوال، من قولهم: قامت به دابّته: أي وقفت.
والمعني أنّ الشمس إذا بلغت وسط السماء أبطأت حرکة الظلّ إلي أنّ تزول، فيحسب الناظر المتأمّل أنّها قد وقفت وهي سائرة(8) .
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الناس:« ومنهم المُصلِتُ لِسَيفه، والمُعلِنُ بِشَرّه، والمُجلِبُ بِخَيله وَرَجِلهِ»(9).
المصلت لسيفه: يقال: أصلتُّ السيف، أي جرّدتُه من غِمده، فهو مُصلَتُ. ورجل صَلتُ، وأضلَتيّ، ومُتصلِتُ: صُلبُ ماضٍ في الحوائج، خفيف اللباس. ومنه يقال: الصَّلَتان من الرجال، والجمع صِلتان، للشديد الصُّلب(10) وفي صفته (صلي الله عليّه وآله): «کان صَلت
ص: 486
الجبين». أي واسعه، وقيل: الأملس. وقيل:البارز. وفي حديث آخر: «کان سَهل الخدين
صَلتهما»(1).
وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : فيمن مات عارفاً بحق الله ورسوله وأهل بيته (عليّه السلام)« مات شَهيداً، ووقع أجرُهُ علي الله، واستوجَبَ ثوابَ ما نَوي من صَالِح عَمله، وقامت النيَّةُ مقامَ إصلاتِهِ لِسَيفهِ» (2).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في خلق آدم أَجمَدها حتّي استمسکت وأصاَدها حتّي صَلصَلَت لِوَقتٍ معدود، وأمِدٍ مَعلوم، ثمّ فخ فيها من رُوحِه فمثُلت إنساناً ذا أذهان يُجيلها، وفِکر يَتَصرّف بها، وجَوارحَ يَختَدِمُها»(3).
أصلدها: صيرّها صلبة. يقال: صلدت الأرضُ وأصلدت: أي صَلُبَت. والصَّلداءَةُ الأرض الغليظة، وجمعه صِلداء(4). وقد وصف عليّ (عليّه السلام) الأرض عند قيام الساعة قائلاً: «فيصيرُ صلدها سراباً(5) الصلصال من الطين: ما لم يُجعل خزفاً، سُمّي به لتصلصله، وکلّ ما جفّ من طين أو فخار فقد صلّ صليلاً. أي يصوّت من يبسه، والطين باب اليابس: صلصال ما لم تُصبه النار، فإذا مسّته النار فهو حينئذٍ فخّار، قال الأخفش: کلّ شيء له صوت فهو صلصال من غير الطين(6).
ومنه قوله تعالي: ﴿خُلق الإنسان من صَلصَال﴾(7).
عن أبي جعفر(عليّه السلام) قال: «سأل أعرابي النبيّ( صلي الله عليّه وآله )عن الصليعاء والقُريعاء وخير بقاع الأرض وشرّ بقاع الأرض. فقال: إنّ الصُّليعاء الأرض السّبخة التي لا تروي ولاتشبع مرعاها. والقريعاء الأرض التي لاتُعطي برکتها ولا يخرج ينعها، ولا يُدرک ما أنّفق فيها»(8) الصليعاء: تصغير الصلعاء، وهي الأرض التي لانبات فيها. وأصله من صلع الرأس، وهو انحسار الشعر عنه(9).ويقال لجنسٍ من الحيّات: الأُضيلع (10).
والقريعاء : أرض لعنها الله، إذا أنّبتت أو زرع
ص: 487
فيها نبت في حافتها، ولم يَنبُت في متنها شيء(1).
وعن الأصبغ بن نباتة قال: لمّا أقبل أمير المؤمنين (عليّه السلام) من البصرة تلقّاه أشراف الناس فهنّؤوه وقالوا: إنا نرجو أنّ يکون هذا الأمر فيکم ولا ينازعکم فيه أحد أبداً، فقال:«هيهات - في کلام له - أنّي ذلک ولمّا ترمون بالصلعاء». قالوا: يا أمير المؤمنين وما الصلعاء؟ قال: «تُؤخذ أموالکم قسراً فلا تمنعون» (2).
ومنه قول عائشة لمعاوية حين أدعي زياداً: رکبت الصليعاء. أي الداهية والأمرالشديد، أو السَّوأة الشنيعة البارزة المکشوفة(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصفِ أخٍ في الله کان له: «فإنّ جاء الجدُّ فهو ليثُ غابٍ، وَصِلُّ وادٍ »(4).
الصِلّ: يقال رجل صِلُّ، إذا کان داهياً وإنّه لَصِلُّ أصلال (5) قال ابن الأعرابي: يقال جاء بذات الرعد والصليل، أي جاء بداهيةلاشيء بعدها (6). وأصله الحيّة التي لاتقبل الرُّقَي(7) وصَلَّ اللحمُ يَصِلُّ صُلولاً، إذا تغيَّرَ والصَّليَّانُ: شجرُ له جِعثِن ضخمُ، ربّما جَرِدَ وسطه ونبت ما حواليه، وجِعثِنُه: اجتماع أصولِه(8) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) عن خلق آدم: «وأعضاء وفصول، أَجمَدَها حتّي اسمَسَکَت، وأصلَدَها حتّي صَلصَلَت لِوَقتٍ مَعدود»(9) والصَّلصَال: تردّد الصوت من الشيء اليابس، ومنه قيل: صلَّ المِسمار (10).والطين صَلصال لَتصَلصُلِه إذا حُرَّک(11).وقيل الصَّلصال: المنُتن من الطين، من قولهم : صلَّ اللحمُ (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علم الله وإحاطته بالأمور: «وما أصغَت لاستِراقهِ؛ مَصَائِخُ الأَسماع» (13).
ص: 488
الصَّماخ من الأُذن: الخرق الباطن الذي يُفضي إلي الرأس، والسماخ لغةُ فيه. ويقال: إنّ الصماخ هو الأُذن نفسها، والجمع أصمخة وصُمُخ ، وصماخ کشمال و شمائل. وصَمَخه
يصمُخُه صمخاً: أصاب صماخه. وصمختُ فلاناً، إذا عقرتُ صِماخ أذُنه بعودٍ أو غيره.
ويُقال : ضرب الله عليّ صماخه، إذا أنامه.وفي حديث أبي ذرَّ: «فضرب الله علي أصمختنا فما انتبهنا حتّي أضحينا». وهو کقوله عزّ وجلّ:﴿فضرّبنا عليّ آذانهم في الکَهفِ﴾ (1). وصمخته الشمسُ: اشتدَّ وقعها عليّه(2)والصَّمّاخَةُ: القُطنَةُ. وصِماخُ من ماء: قليل منه. والصَّمخُ: الصَّمغُ، وامرأة صَمِخَةُ غضَّةُ، وقيل: مَغموزَةُ. والصَّمخُ: شيء يابس في إحليل ضَرع الشاة (3) قال أبو عبيد: الشاة إذا حلبت عند ولادها يوجد في أحاليل ضّرعها شيء يابس يسمّي الصَّمخَ والصَّمغَ، الواحدة صمخة وصمغة، فإذا قطر ذلک أفصَحَ لَبنُها بعد ذلک واحلَولَي (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في التوحيد: «ولا إيّاه عنَي مَن شَبَّههُ، ولا صَمده مَن أشار إليه وتَوَهّمه» (5).
الصمد: صَمَدت: قَصدتُ. وصمدتُ صَمدَ کذا، أي قصدتُ قصدَه واعتقدتُه . والصَّمَدُ: السيّد في قومه، ليس فوقه أحَدُ، ولا يُقضَي أمرُ دونه (6) وفُسّر قوله تعالي: (الله الصمد) (7) بأنّه الصافي بلِا عيب، الدائم،الباقي، الکافي.(8). وصمده بالعصا: ضربه(9)واستعاره عليّ (عليّه السلام)للضرب بالسيف بقوله لأصحابه: «فصَمداً صَمداً حتّي يَنجليَ لکُم عَمُودُ الحقّ» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) :«وقرَفه قَرف الصَّمغَةِ» (11). الصَّمغ والصَّمَغ: شيء ينضحه الشجر ويسيل منها، واحدته صَمغة وصمَغة. والصَّمغتان والصامغان والصَّماغان: جانباالفم، وقيل: هما مؤخر الفم، وقيل: هما
ص: 489
مجتمع الريق من الشفتين الذي يمسحه الإنسان (1) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام ):«نَظَّفوا الصَّماغَين فإنّهما مَقعَدا الملکين».ويقال لهما: الصاغمان، والصَّواران (2) وهذاحثُّ عليّه السواک. وقد أصمغ الرجلُ، إذا زبّب شِدقاه (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وکلُّ سميع غَيره يَصَمُّ عن لَطيف الأصوَاتِ»(4).
الصمم: انسداد الأُذن وثِقَل السمع. يقال: صَمَّ يه ويَصَمُّ بإظهار التضعيف، صمّاً وصمماً وأصمّ وأصمّه الله فصَمّ وأصمّ أيضاً بمعني صمّ. والصمم في الحجر:الشّدّة، وفي القناة الاکتناز. وحجر أصم: صُلب مُصمَت(5). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام ):« والصُّمُّ الرَّوَاسِخُ»(6). وفي حديث هشام ابن الحکم، عن أبي عبدالله الا في حصي الجمار قال: کره الصُمُّ منها. وقال: خذ البُرش (7).
وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کلّامکم يُوهي الصُّمّ الصّلاب»(8) أراد بالصّم الصلاب: الحجارة الشديدة، والجبال الصلبة(9)واستعارعليّه السلام ذلک للقلوب التي تضعف من کلّامهم وکسلهم وتوهينهم الجهاد. وباعتبار القوة وحدّة السم في الحيّة الصمّاء جاء وصف عليّ (عليّه السلام)حال العرب بقوله: «مُنِيخُون بين حِجَارة خَشنٍ،وحَيّات صُمًّ»(10)کنّي عن الداهية بالحيّة، وتُوصف الداهية بالصّماء (11)کأنّه من الصمم، أي هوأمر لا فرجة فيه (12). والحيّات الصم لاعلاج لسمومها، وهي لاتنزجر بالصوت کأنّها لاتسمع، وربما يراد بها الصلبة الشديدة (13)وقولهم: صمّم في الأمر، إذا مضي فيه راکباً رأسه، کأنّه لما أراد ذلک لم يسمع عَذل عاذلٍ ولانَهَي ناهٍ، فکأنّه أصمّ (14).
ص: 490
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لايُقيم أمرَ الله سُبحانه إلّا من لايُصانع، ولا يُضارع، ولا يَتَّبِع المَطَامِع»(1).
يصانع: من التصنّع: تکلُّف الصلاح وليس به. والتصنّع: تکلّف حسن السَّمت وإظهارُه والتّزيّن به والباطن مدخول. والمصانعة: الرّشوة. وصانعه: داراه وليّنه وداهنه. والمصانعة أنّ تصنع له شيئاً ليصنع لک شيئاً آخر، وهي مفاعلة مبن الصُّنع (2).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام)إلي عماله عليّ الخراج: «فإنّ الله سبحانه قد اضطَنَع عِندنا وعِندَکُم أنّ نَشکُره بجُهدِنا» (3) الاصطناع: يقال: اصطنع، أي: أمر أنّ يُضنَع له، کما تقول: اکتتب ، أي أمر أنّ يُکتب له. والطاء بدل من تاء الافتعال لأجل الصاد. واستصنع الشيء: دعا إلي صنعه. والاصطناع: افتعال من الصنيعة، وهي العَطيّة والکرامة والإحسان(4)ومن هذا قال عليّ عليّه السلام : «صَنَائعُ المعروف
فإنّها تَقي مصارِع الهوَان»(5). واصطنعة: اتخذه)(6) ومنه جاء قوله تعالي :﴿اصطنعتک لنفسي﴾ (7). وهذا تمثيل لما خوّل موسي عليّه السلام في منزلة التقريب والتکريم والتکليم. مثل حاله بحال من يراه بعض الملوک، لجوامع خصال فيه وخصائص، أهلاً لئلّا يکون أحد أقرب منزلة منه إليه، ولا ألطف محلاً، فيصطنعه بالکرامة والأثرة(8).
والأصناع: الأسواق. وقيل: المدائن، وکلّ موضع صنع فيه، وهي مناقع الماء أيضاً، الواحد صنع، بکسر الصاد. ومثلها المصانِعُ الواحد مَصنَعَة. والمصانع: الآثار والأبنية. والصُنّاع: الذين يعملون بأيديهم . والفعل الصَّناعة والتصنّع الترائي. وصنعتُ الفرسَ فهو صنيع: أحسنتُ القيام عليه . وصنع الجارية تصنيعاً: أي أحسن إليها وسمّنها(9). وباعتبار کلّ معلوم الحقيقة مصنوع قال عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «کلُّ معروف بِنَفسه مَضنُوع، وکُلُّ قائمِ في سِواه مَعلُول»(10) نفي عنه الصناعة، لأنّه تعالي لو کان مصنوعاً لکان ممکناً مفتقراً إلي الغير فلا يکون واجب
ص: 491
الوجود لذاته(1).
وفسّر الحديث: «إذا لم تستحي فاصنع ماشئت». بأنّه أمر يُراد به الخبر.
وقيل: هو علي الوعيد والتهديد، کقوله تعالي:﴿اعملوا ماشئتم﴾(2) وفيه إشعار بأنَّ الذي يَردَع الإنسان عن مواقعة السوء هو الحياء، فإذا انخلع منه کان کالمأمور بارتکاب کلّ ضلالة و تعاطي کلّ سيئة (3).
وفسّر قوله (صلي الله عليّه وآله): «أوقدوا واصطنعوا». أي اتخذوا صنيعاً، أي طعاماً تنفقونه في سبيل الله(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) شاکياً: «ومال الآخر لصِهرِه» (5).
الصَّهر: حُرمةُ الخُتونة. وختَن القوم: صِهرُهم، والمُتزَوّج فيهم: أصهار. والفعل المصاهرة(6) قال ابن الأعرابي: الإصهار التحرُّم بجوار أو نسب أو تَزوُّج (7) والصُّهارة الشحم المذاب (8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فبادروا العِلمَ من قَبل تَصوِيحِ نَبته»(9).
التصوّح: يقال: تصوّح البقلُ وصوَّح : تمَّ يُبسُه؛ وقيل: إذا أصابته آفة ويبس. قال الأصمعي: إذا تهيّا النباتُ لليُبس قيل: قد اقطارَّ، فإذا يَبِسَ وانشقّ قيل: قد تصوَّح. والصاحةُ من الأرض: التي لا تُنبت شيئاً أبداً.
وانصاح الثوبُ انصياحاً: تشقق من قبل نفسه، ومنه قال عبيد يصف مطراً قد ملأالوهاد والقرارات:
فأصبحَ الرَّوضُ والقيعانُ مترعةً*** مابين مُرتَيِقٍ منها ومُنصاحِ
وقد فُسّر المنصاح: الذي قد ظهر زهره. والمرتتق من النبات: الذي لم يخرج نَورُهُ
وزهره من أکمامه. والصَّوح، بفتح الصاد:
الجانب من الرأس والجبل، ويقال: صُوح، بالضم، لوجه الجبل القائم کأنّه حائط، وهما
لغتان صحيحتان، وصُوحُ الجبل: أسفله (10).
ومنه دعاؤه عليّه السلام في الاستسقاء: «اللهم قد انصاحت جِبالُنا، واغبرت أرضنا» (11) .
ص: 492
وقال الشريف الرضي: أي تشققت من المحول(1)وانصاح الفجرُانصياحاً، إذا اشتنار وأضاء، وأصله الانشقاق. وصوّحته الشمسُ ولوّحته وصَمَحَتهُ، إذا أذوته و آذَته(2). وفي الخبر: روي عن ابن عبّاس أنّه سُئِل: متي يجوز شِرَي النخلُ؟ قال: حين يُصَوَّح. أي يُشقِح، شبّه ذلک بتصويح البَقل، وذلک إذا صارت بُقعة منه بيضاء وبقعة فيها نَدوَة. وروي: يُصَرَّح، أي يستبين صلاحُه(3). وفي خبر آخر: قيل: وما التصريح؟ قال: حتّي يستبين الحُلوُ من المُرَّ(4). والصُّوَاحةُ ما يتناثر من الصوف. وصَوِحَ رَأسُه: إذا صَلِعَ وَذَهب شَعره. والصُّواحُ: العَرق الأبيضُ. وهو أيضاً: طَلعُ النَّخل تشبيهاً. والصُّوح: الناحية ومنه اشتقاق زيد بن صوحان (5). قال ابن دريد: صُوحان فُعلان من قولهم: صوَّح البقلُ، إذا اصفرَّ ويَبس(6).
قال ابن فارس: الصُّوح: حائط الوادي، وإنّما سُمّي صُوحاً لأنّه طين يتناثر حتّي يصير ذلک کالحائط (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لقد کان الرجلُ مِنّا والآخرُ من عَدُوّنا يَتَصاوَ لانِ تَصَاؤلَ الفَحلَينِ»(8).
الصولة: الوثبة. وصال الفَحل عليّ الإبل صؤلاً، فهو صؤول: قاتلها و تقدّمها. والصؤول من الرجال: الذي يضرب الناس ويتطاول عليهم، والمصاولة: المواثية، والفحلان يتصاولان، أي يتواثبان(9) وفي حديث الدعاء: «اللهم بک أصول » وفي رواية : «أصاول». أي أسطو وأقهُر (10).
ومنه دعاء موسي بن جعفر (عليّه السلام) الذي رواه عن عليّ (عليّه السلام) : «اللهم بک أساور، وبک أحاول وبک أحاور، وبک أصول، وبک أنّتصر، وبک أموت، وبک أحيا..الدعاء» (11).
وذم عليّ لا أهل البصرة بقوله: «وَفَرِيسَةُ لِصَائل»(12).
ص: 493
وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) أيضاً: «رُبَّ قَولٍ أنّفذُ من صَؤلٍ»(1). قال الشاعر:
فصالوا صولةً فيمن يَليهِم*** وصُلنا صَؤلةً فيمن يلينا (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوصي بالزهد والتقوي: «ألا فَصُونُوها وتَصَوّنُوا بها»(3).
الصَّون: أنّ تقي شيئاً ممّا يُفسِدُه (4) .والتصاون: خلاف الابتذال ، يقال: صان الرجلُ عِرضَه عن الدَّنس فهو صَيّن (5).
والشيء مصون، وأنا صائن (6) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام): «لابأس بشهادة الضيف إذا کان عفيفاً صائناً (7). والصُّوان ماتصون به ثوباً و نحوه، ويقال: ثَوبُ صَونُ لا ثَوب بِذلة (8).ومن المجاز قول عليّ عليّه السلام : «اللهم صُن وَجهي باليسار، ولا تبذُل جَاهي بالإقتار»(9). والصَّوّان، بالفتح، ضربُ من الحجارة فيها صلابة (10) والواحدة منه صوّانة (11).
في حديث الصادق (عليّه السلام ): «لايُصلَّي علي المنفوس، وهو المولود الذي لم يستهل ولم يُصح، ولم يورث من الدية ولا من غيرها» (12).
الصَّياحُ: صوت کلّ شيء إذا اشتدَّ. وصاح يصيح صَيحةً وصياحاً و صُياحاً، بالضم، وصيحاً وصَيَحاناً، وصيّح: صوّت بأقصي طاقته، يکون ذلک في الناس وغيرهم، والمصايحة والتصايح: أنّ يصبح القومُ بعضهم ببعض. والصَّيحةُ: العذاب. والصيحة:
الغارة إذا فوجِيءَ الحيُّ بها (13). ومن هذا قال عليّ : «وکيفَ يُراعي النَّبأَةَ مَن أصَمَّتهُ الصَّيحَةُ»(14). واستعير من هذا قولهم: صاحت الشجرة وصاح النبتُ، إذا طال. کأنّه لما طال وارتفع جعل طوله کالصياح الذي يدلّ عليّ الصائح(15) والصَيَّاح: ضَربُ من العِطر. وتصيّح البقل: بمعني تصوّح.
ص: 494
والصيحاني:ضربُ من التمر أسود(1)
وفيه جاء الحديث أنّ النبيّ (صلي الله عليّه وسلم) قال لعليّ( عليّه السلام) حين صاحت نخل المدينة، في بستان لعامر بن سعد، بفضلهما: ياعليّ سمَّ نخل المدينة صيحانياً فقد صاحت بفضلي وفضلک(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إلي غايةِ الانتهاءِ وصَيُّور الفَنَاءِ»(3).
صيّور: مثال فيعول. وصيّور الأمر: ماصار إليه. وصيّور الشيء: آخره و منتهاه ومايؤول إليه. ويقال: هذا صيَّر فلان، أي قبره ، قال عروة بن الورد:
أحاديثُ تبقي والفتي غيرُ خالدٍ***إذا هو أمسي هامَةً فوقَ صيَرَّ
ويقال: وقع في أمّ صيّور، أي في أمرٍ ملتبس ليس له منفذ،وأصله الهضبة التي الامنفذ لها. والصير:شقّ الباب(4). وفيه: «من نظر في صِيرباب ففُقِئت عينه فهي هَدر»(5).
ومنه الحديث: «من أطّلع من صير بابٍ فقد دَمَر»، ودمَر: دخل.
وفي حديث عرضه علي القبائل: «قال له المثني بن حارثة إنا نزلنا بين صبرين، اليمامة والسَّمامة، فقال رسول الله (صلي الله عليّه وآله ): وماهذان الصَّيران؟ فقال: مِياه العرب وأنهارُ کسري». الصَّير: الماء الذي يحضره الناس، وقد صار القوم يصيرون إذا حضروا الماء (6) والصَّيرة والصيّارةُ: حظيرة من خشب وحجارة تُبني للغنم والبقرِ والجمع صِير وصِيرَ (7).
ومنه الخبر أنّ عليّاً (عليّه السلام )خرج من المسجد فمرّ بصيرةٍ فيها نحو من ثلاثين شاة، فقال: «والله لو أنَّ لي رجالاً ينصحون الله عزّ وجلّ ولرسوله بعدد هذه الشياه لأزلت ابن آکلّة الذبّان عن ملکه»(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام )واصفاً الطاووس: قد نَجَمت من ظُنبُوب سَاقِه صِيصِيَة خَفيّة» (9).
ص: 495
الصيصيةُ: شوکة الحائک التي يُسَوَّي بها السَّداة واللُحمة ، ومنه صيصية الديک التي في رِجله. وصياصي البقر: قرونُها ، وربّما کانت تُرکّب في الرّماح مکان الأسنّةِ. والصياصي: الحصون، وکلُّ شيء امتُنع به وتُحُصَّن به، فهو صيصةُ، ومنه قيل للحصون الصياصي(1)
وجاء في الخبر( صلي الله عليّه وآله) عنه ذکر فتنةً تکون في أقطار الأرض، فقال : کانّها صياصي بَقَر. شبّه الرماحُ التي تُشرَع فيها وما يُشبهها من سائر السلاح بقرون بَقَر مجتمعة (2)
ص: 496
من کلّام لعليّ(عليّه السلام)للبرج بن مسهر الطائي: «فر اللهِ لقد ظَهرَ الحقُّ فکُنتَ فيه ضئيلاً شَخصُک»(1).
الضُّؤولة:هو قلّة الجسم والقماءةُ. وضَؤلَ الرجلُ ضالةً، إذا فالَ رأيُه، أي فسد وضعف (2)وکنّي (عليّه السلام )بضؤولة شخصه عن ضلاله وخَيبته لأنَّه لا ظهور للحقّ فخرج عليّه.
في حديث عليّ (عليّه السلام )في ذمّ أصحابه : «وانجَحَر انجحَارَ الضَّبَّة»(3).
الضَّبُّ: دابّة تُشبه الحِرذَون، وهي أنواع فمنها ماهو علي قدر الحرذون، ومنها أکبر منه، ومنها دون العنز وهو أعظمها، والجمع ضباب، والأنّثي ضَبَّة(4). وأرض مضَبَّةُ: ذات ضِباب، ومضبَّة، مثل فئرة من الفأر، وجَرذة من الجرذان. والضَّبُّ: الحِقد. وأضبَّ الرجل عليّ الشيء يُضبُّ إضباباً، إذا لزمه لزوماً شديداً فلم يفارقه (5) ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) طلحة والزبير: «کُلّ واحدٍ منهما حَامِلُ ضَبًّ لِصَاحِبه»(6) والضَّبُ: ورم في صدر البعير، ويقال في خفّه (7) والضَّبَّة: من حديد أو صُفر أو نحوه يُشعَبُ بها الإناءُ وجمعها ضَبَّات، مثل جنّة وجنّات، وضّببته، بالتثقيل، عملت له ضَبَّة (8).
ص: 497
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فلرُبَّما تَري الضّاحِيَ من حرَّ الشمس فَتُظِلُّهُ، أو تَري
المُبتَلَي بألَم يُمِضَّ جَسَده، فَتَبکي رَحمَةً له»(1).
الضَّحيان من کلَّ شيء: البارز للشمس والضاحيةُ الشّمسُ. وضحي يَضحو ويَضحَي ضَحواً وضُحوّاً برز للشمس. وضَحِي الرجلُ يَضحَي ضَحاً: أصابه حرُّ الشمس. ويقولون:إضحَ يارجلُ - بکسر الألف - أي ابرز للشَّمس وأضحي الرجلُ يفعل ذاک، إذا فعله من أوّل النهار . وأضحي: بلغ وقتَ الضُّحَي. وضَحَّ: من ضَحَّيتُ الأُضحيَّة. والأُضَحِيَّةُ والضَّحِيَّةُ، والجميع: الضحايا والأضاحي، وهي الشاة التي يُضحّي بها، أي تُذبح يوم الأضحي(2) والضُّحي: النهار، وقيل: ساعةُ من ساعات النهار، والضّحي، حين تطلع الشمس فيصفو ضوؤُها. والضحاء، بالفتح والمد: إذا ارتفع النهار واشتدَّ وقع الشمس، وقيل: هو إذا علت الشمس إلي ربع السماء فما بعده . والضحاء أيضاً: الغداءُ، وهو الطعام الذي يُتغدَّي به ، سُمّي بذلک لأنّه يؤکلّ في الضّحاء ، تقول: هم يَتضحّون ، أي يتغدون. والأصل فيه أنّ العرب کانوا يسيرون في ظَعنهم، فإذا مرّوا ببقعةٍ من الأرض فيها کلّأ وعُشب قال قائلهم: ألا ضَحّوا رويداً، اي ارفقوا بالإبل حتّي تتضحّي، أي تنال من هذا المرعي، ثمّ وضعت التضحية مکان الرّفق لتصل الإبل إلي المنزل وقد شبعت، ثمّ اتسع فيه حتّي قيل لکلّ من أکلّ وقت الضحي هو يتضحيّ ، أي يأکُلُ في هذا الوقت، کما يقال :يتغدّي ويتعشّي في الغداء والعشاء (3).
ومن هذا جاء خبر سلمة بن الأکوع: غَزَونا مع رسول الله (صلي الله عليّه وآله )هوازن، فبينا نحن مع رسول الله( صلي الله عليّه وآله) نتضَحّي، جاء رجلُ عليّجمل أحمر، فأناخه ، ثمّ أنّتزع طَلقاً من حَقبه، فقيّد به الجمل. والطَّلَق: قيدُ من جلود. والحَقَب: الحبل الذي يُشدُّ في حَقوِ البعير عليّ الرَّفادة في مؤخّر القتب. وکأنّ الطَّلَق کان معلقاً به فانتزعه منهُ، وأراد من موضع حَقَبه، وهو مؤخّر القَتَب (4) المضُّ: الحُرقة، ومضّني الجرحُ وأمضّني إمضاضاً: آلمني وأوجعني. ومضّني الهمُّ والحزنُ والقولُ يَمُضّني مضّاً ومَضيضاً وأمضّني: أحرقني وشقّ عليّ. ومضّ الکحلُ العين يَمَضُّها وأمضّها: آلمها وأحرقها. وقال أبو زيد: کَثُرت
ص: 498
المضائضُ بين الناس، أي الشرَّ، وأنشد:
وقد کَثُرت بين الأعمَّ المضائض*** ومَضمضَ إناءه ومَصمصَه، إذا حرّکه.
وقيل: إذا غسله، وتمَضمَضَ في وضوئه. والمضمضةُ: تحريکُ الماء في الفم. والمضُّ:
مَضيض الماء کما تمتَصُّه. ومَضمضَ: نام نوماً طويلاً. والمضماضُ: النومُ. وما مَضمَضت
عيني بنوم، أي ما نامَت(1) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «لا تذوقوا النوم إلاّ غراراً ومَضمضة». لمّا جعل للنوم ذوقاً أمرهم ألاّ ينالوا منه بألسنتهم ولا يُسيغوه، فَشَبّهه بالمضمضة بالماء، وإلقائه من الفم من غير ابتلاع (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن مالک الأشتر: «سَيفُ من سُيوف اللهِ، لاکَليلُ الظُبَةِ،
ولانَابِي الضَّريبَة»(3).
الضرب: إيقاع شيء عليّ شيء، ولتصوّر اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها(4).
ومن ذلک قوله (عليّه السلام): «ولَقَد ضَرَبت أَلفَ هذا الأمرِ وَعَينَهُ،وقَلَّبتُ ظَهره وبَطنه» (5).کنّي بالعين والأنّف عن المهم من هذا الأمر وخالصه، وکنّي بالضرب عن قصده للمهم(6).
ومن معاني الضرب الضريبة والضرائب: الطبائع (7). وضرب الدراهم اعتباراً بضرب المطرقة، وقيل له الطبع اعتباراً بتأثير السکّة فيه، وبذلک شبّه السجية وقيل لها الضريبة والطبيعة(8) والضريبةُ: کلّ شيء ضربته بسيفک حيّ أو ميّت (9) وقد يفسّر منه ما جاء في حديث عليّ عليّه السلام عن الأشتر: «ولانابي الضريبة»، من باب المجاز، بمعني غير جافي الطبيعة. وقد فسّر بظاهر اللفظ من قولهم: نباالسيف عن الضريبة نبوةً ونبوّاً، إذا لم يصب(10). قال ابن ميثم: غير نابي الضريبة کنّي عن کونه ماضياً في الحوادث غير واقف فيها ولا راجع عنها، والإضافة إلي الضريبة إضافة اسم الفاعل إلي المفعول، أي ولانابٍ عن الضريبة (11) وکتب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي: «ثمّ استوصِ بالتُجّار وذوي الصناعات، وأوصِ بهم خيراً: المُقيم منهم والمضطرب بماله، والمُترقّق ببدنه، فإنّهم موادُّ المنافع، وأسبابُ المرافق، وجلّابها
ص: 499
من المبَاعِد والمَطارح»(1). الضَرب: من قولهم : ضرب فلانُ في الأرض، إذا خرج فيها تاجراً أو غازياً. وضاربَ فلان لفلان في ماله، إذا تجر فيه(2) والمضطرب بماله: المسافر به، وهو مفتعل، من قوله تعالي:﴿وإذا ض ربتم في الأرض﴾ (3) أي سافرتم(4). والضّرب: المطر الليّن، والضّرب العسل الصُلب، وقد استُضرب العسلُ أي اشتدّ. والضّرب من الرجال: الخفيف اللحم(5) وباعتبار الشدّة في الأرض يُفسّر ما جاء في حديث زيد عن آبائه (عليّه السلام) : کانت فاطمة (عليّها السلام) تقول لغلامها: «اصعد علي الضراب، فإذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلّي للغروب فأعلمني حتّي أدعو»(6). الضراب: من الضارب، وهو قطعة من الأرض غليظة تستطيل في السهل. وقيل: الضارب المکان المطمئن من الأرض (7). والاضطراب: کثرةُ الذهاب في الجهات من الضرب في الأرض، واستضراب الناقة: استدعاء ضرب الفحل إيّاها(8) يقال: ضرب الجملُ الناقة يضربها، إذا نزا عليّها.
وفي الحديث: «نهي عن ضِراب الجمل» والمراد بالنهي مايُؤخذ عليّه من الأجرة، لا عن نفس الضراب، و تقديره: نهي عن ثمن ضراب الجمل، کنهيه عن عشب الفحل، أي عن ثمّنه(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أخرَجَهُم من ضَرَائحِ القُبور» (10).
الضريح: شَقُّ في وَسَط القبر، وهو فعيل بمعني مفعول، والجمع ضرائح، وضَرَحتُهُ ضَرحاً، من باب نفع: حَفَرتُه (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لَتَجِدُنَّ بني أُميَّةَ لکم أربَابَ سُوءٍ بعدي، کالنَّابِ الضَّروس، تَعذِم بفيّها»(12).
الضروس: يقال ناقة ضروس سيئة الخلق تعضّ حاليها. ورجلُ ضَرِسُ ضَبِس، إذا کان
سييء الخلق داهياً. وقالوا: حرب ضروس
ص: 500
لشدّتها. وتضارس القوم، إذا تعادوا وتحاربوا، والمصدر المضارسة والضَّراس(1).
ومن هذا جاء کتابه عبر عن وصف صفّين وأهل الشام: «فلمّا صَرَّستنا وإيّاهم ، ووضعت مَخَالِبَها فينا وفيهِم»(2)ولکون الناقة الضروس تعضّ حالبها ليبقي لبنها الولدها، وذلک لفرط شفقتها عليّه، شبّه عليّ (عليّه السلام) عودة الدنيا في دولة المهدي (عليّه السلام) لهم بقوله: «لَتَعطِفَقَّ الدُّنيا عَلَينا بعد شِمَاسِها عطف الضَّرُوسِ علي وَلَدِها» (3). وذلک لتمکّنهم من الحکم فيها، ووجه الشبه شدّة العطف (4) والضرس: مذکّر مادام له هذا الاسم، فإنّ قيل فيه سنُّ فهو مؤنث (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في توبيخ بعض أصحابه: «أَضرَعَ اللهُ خُدودَ کُم»(6).
الضراعة: يقال: ضرع إليه يَضرَعُ ضَرَعاً وضَراعةً: خضع وذلّ، فهو ضارع، من قوم ضَرَعة وضُروع. وتضرّع: تذلل وتخشّع. وخدُّضارع وجنبُ ضارع: مُتَخَشّعُ، علي المثل. وأضرع الله خدودکم: أي أذلّها. والضارع: الصغير من کلّ شيء، وقيل: الصغير السنّ. الضعيف الضاوي النحيف. وإنّ فلاناً لضارع الجسم، أي نحيف ضعيف(7).
ومنه الحديث : أنّه قال له لِوَلَدَي جعفر (عليّه السلام) :« مالي أراهما ضارعين؟ فقالوا: إنَّ العين تُسرِع إليهما»(8). ومن معني الضعف والتذلل جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «لايُقيم أمرَ اللهِ سُبحانه إلآّ من لايُصَانِعُ ولايُضَارِعُ» (9) والضَّرع للشاة والبقرة ونحوهما، ومنهم من يجعلُه لکلّ دابّة. ويقال: ما له زرع ولا ضَرع. وضرّعت الشمسُ: دنت من الغروب أو غابت، وقد تُخفّفُ، ويُستعمل في غيرها ممّا يدنو هو أو شيء منه. والمضارع للشيء: المُشابُه له (10)ومنه حديث عَدِيّ: قال له:« لا يختلِجنّ في صدرک شيء ضارَعت فيه النصرانيّة». وذلک أنّه سأله عن طعام النّصاري، فکأنّه أراد: لايتحرّکنّ في قلبک شکّ أنّ ماشابهت فيه النصاري حرام أوخبيث أو مکروه(11). والضريع في قوله تعالي:
ص: 501
﴿ليس لهم طعام إلّا من ضَريع﴾(1) نبت تأکله الإبل يضرّ ولا ينفع، وإنّما سُمّي ضريعاً لأنّه يشتبه عليّها أمره فتظنّه کغيره من النبت، وقيل: ضريع بمعني مضرع، أي يضرعهم ويذلهم، وقيل: سمّي بذلک لأنّ آکله يضرع في الإعفاء منه لخشونته وشدّةکراهته (2). وقول عليّ (عليّه السلام ): «لَشدَّ ماتَشطّر ضَرعَيها»(3).استعاره شبّه فيها الا الخلافة بالناقة المعقولة يتقاسمان حلبها(4).
وفسر أبو جعفر (عليّه السلام) عليّ قوله تعالي: ﴿فَما استَکَانوا لِربّهم ومايتَضرَّعُون﴾ (5). التضرّع: رفع اليدين والتضرّع بهما(6) وروي عن موسي بن جعفر (عليّه السلام) أنّ التضرّع في الدعاء أن تحرّک إصبعيک و تشير بهما (7).
في کتاب عليّ( عليّه السلام )إلي عمرو بن العاص يعظه لاتباعه معاوية: «فاتّبعت أَثَره، وطَلَبتَ فَضلَه، اتّباعَ الکَلبِ للضَّرغام، يَلَوذُ بِمَخَالِبه، وينتظر مايُلقَي إليه من فَضلِ فَرِيسَته» (8).
الضَّرغامةُ: الأسدُ(9) وأسدُ ضِرغام: ضارٍ مُقدِم(10) ومنه قيل: هو ضِرغام من الضَّراغمة، وتضرغم الأبطال (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يصف المنافقين:« يَمشُون الخَفاء، وَيَدِبّون الضَّرَاء»(12).
الضّراء: يقال: فلان يمشي بفلان الضّرَاء، إذا ختله. والضّراء: ماواراک من الشجر، وأُنشِد: يمشي الضّراءَ ويَختِلُ (13).
والضرّاء: نقيضُ السرّاء، ولهذا أُطلِقَت علي المشقّة (14) وضِرِي علي الشيء يَضرَي ضِراءً وضَراوةً، إذا اعتاده. وفي الحديث : «له ضَراوةً کضَراوة الخَمر»(15).
واضروري انتفخ واتّخم(16) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): «أيّها الناسُ تَولّوا مِن أَنفُسِکُهم
ص: 502
تَأدِيبها ، واعدلوا بها عن ضَراوَة عادَاتها»(1) وباعتبار الولوع ولزوم السَّبُع للصيد کتب عليّ (عليّه السلام) للأشتر يوصيه بالرعيّة: «و لاتَکُوننَّ عليّهم سَبُعاً ضَارياً تغتَنِمُ أکلَهُم»(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «و لاتَفعلوا فَعلةً تُضَغضِعُ قُوّةً، وتُسقِطُ منَّة» (3).
الضعضعة: تضعضع الرجلُ، إذا ضعف وخفَّ جسمه من مرضٍ أو حزن، وتضعضع: ذلّ (4) وتضعضع فلان: افتقر، ومتضعضع: فقير (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ولو أنّ الحقَّ خَلصَ مِن لَبسِ الباطل، انقطعت عَنه أَلسُن المُعَاندينَ، ولکن يُؤخذ مِن هذا ضِغثُ، ومن هذا ضِغثُ، فيُمزَجَان، فهُنَالِک يَستَولي الشيطانُ عليّ أولِيائه» (6).
الضِغث: الضغث المراد في الحديث عملاً مختلطاً غير خالص. من ضغث الحديثَ، إذا خلطه، فهو فِعل بمعني مفعول. ومنه قيل للأحلام المُلتبسة أضغاث (7) وکلّام ضَغثُ وضَغَثُ لا خير فيه، والجمع أضغاث.
والضَّغثُ: قَبضةُ من قضبان مختلفة، يجمعها أصل واحد مثل الأسَل، والکرّاث، والثُّمام.
وقيل: هو دون الحُزمة،وقيل: هي الحُزمة من الحشيش(8)
ومن ذلک قوله تعالي:﴿ وخُذ بِيَدک ضِغثاً فاضربِ بِه ولا تَخنَث ﴾(9) قال الفرّاء: ماجمعته من شيء، مثل حُزمة الرَّطبة، وماقام علي ساق واستطال ثم جمعته فهو ضِعث (10). ومن المجاز جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي بعض عماله: «واخلِط الشَّدّةً بِضِغث مِن اللَّين، وارفُق ما کان الرَّفقُ أَرفَق»(11).
الحقد الدفين قال عليّ( عليّه السلام) لأهل البصرة: «وأمّافلانة فأدرکها رأيُ النساء، وضِفن غلا في صَدرِها کَمِر جَلِ القَينِ»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) بعد ليلة الهرير: «أُريدُ أَن أوي بکُم وأنتمُ دَائِي، کناقِش الشَّوکَة بالشَّوکَة، وهو يَعلَمُ أنّ ضَلعَها مَعَها»(2).
الضّلعُ: الميلُ، وضَلَع عن الشيء، بالفتح يَضلَعُ ضَلعاً مال وجنف، عليّ المثل. وضلع عليّه ضَلعاً: حاف. والضالع: الجائرُ. والضالع: المائل، ومنه قيل: ضَلعُک مع فلان، أي مَيلُک معه وهواک. ويقال: هم عليّ ضِلَعُ جائرة وتسکين اللام فيها جائز. والضّلَعُ، بالتحريک: الاعوجاجُ خلقةً يکون في المشي من الميل، فإنّ لم يکن خلقة فهو الضّلع، بسکون اللام. والضّلَعُ: الاعوجاج، أي يُثقلهُ حتّي يميل صاحبه عن الاستواء والاعتدال لثقله(3). وفيه الحديث: «أعوذ بک من الکَسَل وضَلَع الدين» (4)أي ثقله، ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «واردُد إلي الله ورَسُولِه مايُضلعُکَ من الخُطُوب»(5). وتضلّع من الطعام: امتلأ منه، وکأنّه ملأ أضلاعَهُ. قال الشاعر:
فناولته من رِسل کوماءَ جَلدةٍ*** وأغضيتُ عنه الطَّرف حتّي تضلّعا(6)
ومن هذا جاء الحديث: «التضلّع من ماء زمزم براءة من النفاق، وماء زمزم لما شُرِب له»(7)، ويقال شرب فلان حتّي تضلّع، أي .انتفحت أضلاعه من کثرة الشرب(8) وناقة مضلوعة: قوية الأضلاع. واضطلعته: احتملته أضلاعي(9) ومن هذا جاء وصف عليّ( عليّه السلام )للنبيّ والدعاء له : «کَمَا حُمَّل فَاضطَلَعَ ، قَائِماً بِأَمرِک »(10). اضطلع: افتعل من الضلاعة، وهي القوّة، أي قوي عليه ونهض به(11) وقوله (عليّه السلام) جاء علي المثل وقد جاء في مجمع الأمثال: «لاتنقش الشوکة بمثلها، فإنّ ضلعها معها». أي لاتستعن في حاجتک بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنّصح منه لک. ويُروي «فإنَّ ابتهالها» وروي أبو عمرو «فإنّ ضلعها لها» (12).
ص: 504
وفي المستقصي پروي : «فإنّ ألبها»(1).
قال ابن أبي الحديد: يقول: لاتستخرج الشوکة الناشبة في رجلک بشوکة مثلها، فإنّ
إحداهما في القوّة والضعف کالأخري، فکما أنّ الأُولي انکسرت لما وطئتها فدخلت في
الحمک، فالثانيةُ إذا حاولت استخراج الأُولي بها تنکسر وتلج في لحمک(2). قال الراوندي: ضَرَبَ المثل المعروف في حقِّ أکثر أصحابه الذين يميلون إلي الشاميين لقلّة ديانة جميعهم ، فقال : أنّا کناقش الشوکة، أي مثل رجل مستخرج شوکةً من رجله بشوکة مثلهاء ولا يخفي عليه أنَّ مثل الشوکة يکون مع جنسها (3)ومراده (عليّه السلام) کمن يخاصم آخر ويستعين عليّه بمن هو من قرابته. وکني عليّ( عليّه السلام) عن ضغطة القبر بقوله: «روعات الفزع، واختِلاف الأَضلاع»(4)لما يحصل للمّيت من تداخل الأضلاع و اختلافها عند سؤال منکر ونکير. ومن معني الاعوجاج والالتواء جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) يصف المنافقين: «قد هوّنوا الطريق، . وأضلعوا المضيق ، فهم لمة الشيطان، وحُمَةُ النيران»(5). وجاء في حديث هند في صفته( صلي الله عليّه وآله): «ضليع الفم»(6) ضليع الفم: واسعه عظيم أسنانه، علي التشبيه بالضلع وقال شمر: أراد عظم الأسنان وتراصفها(7). والعرب تمدح بکبر الفم وتهجو بصغره(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يصف أصحابه : «ما أَنتّم إلّا کإبلٍ ضَلَّ رعاتُها، فکُلّما جمِعَت من جَانِب انتَشَرت مِن آخَرَ»(9).
الضَّلال : الغَيبةُ، ومنه قيل للحيوان الضائع ضالّة بالهاء، للذکر والأُنّثي، والجمع الضوالّ مثل دابّة ودوابَّ. وضلَّ البعيرُ: غاب وخفي موضعه، وأضللته بالألف، فقدته، فإن أخطأت موضع الشيء الثابت کالدار قلت: ضَلَلَتُهُ وضَلِلتُه (10). والضلال: العدول عن الطريق المستقيم ويضادّه الهداية، عمداً کان أو سهواً (11). ومنهم القاسطون والمارقون وقد أشار لهم عليّ عليّه السلام بقوله: «يعيشون جُهّالاً، ويموتون ضُلاّلا»(12) وضللت الشيء:
ص: 505
أُنسيتُه. وکذلک فسّر قوله تعالي: ﴿ وأَنا مِنَ الضَّالّين ﴾(1). أي من الناسين(2).
وقد وصف عليّ (عليّه السلام) امرأ القيس حين سُئل: من أشعر الشعراء: «بالمَلِکُ الضَّلَّيلُ» (3). لأنّه ضلّ عن أمرٍ عظيم، وهو ملک أبيه، بسبب قيله للشعر، وقيل لانّه تنصّر في آخر عمره (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «ألا وإنّ اليومَ المِضمَارَ، وغَداً السَّباق، والسَّبَقَةُ الجنّة»(5).المِضمار: الموضع الذي تُضمّر فيه الخيل.و تضميرها: أنّ تُعلَف قوتاً بعد سِمَنها.
ويکون المِضمار وقتاً للأيام التي تُضمّر فيها الخيل للسّباق أو للرکض إلي العدوّ(6) وهو عليّ سبيل الاستعارة. وفيها قال عليّ (عليّه السلام) :
«الوِلَايَاتُ مَضَامِيرُ الرَّجَال»(7).
واستعار لفظها للولايات باعتبار أنّها مظان ظهور جودة الوالي في خسّته ورداءته، کما
أنّ المضامير للخيل کذلک(8)وفي حديث عليّ عن الموتي: «فأصبَحُوا في فَجَوَاتِ قُبورهم جَمَاداً لايَنمُون، وَضِمَاراً لايُوجَدُون»(9) الضَّمار: خلاف العيان، والضَّمار مالايُرجي من الدَّين والوَعد وکلّ مالا تکون منه عليّ ثقة (10). وباعتبار کون الإرادة من المضمرات المستکنة والمستورة قال عليّ( عليّه السلام) في التوحيد: «يُريدُ ولايُضمِرُ» (11).
و في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الأولياء: «أفوَاهُهُم ضَامِزَة» (12).
الضامز: الساکت لايتکلّم . وکلّ من ضمرفاه، فهو ضامز، وکلّ ساکت ضامز وضموز، والجمع ضُموز، وضمَز البعيرُ يضمِزُ ضمزاً وضُمازاًوضُموزاً: أمسک جِرّته في فيه ولم يجتَرّ من الفزع، وکذلک الناقة. وبعير ضامز: لايرغو(13). والضَّمزُ: ضربُ من الأکل، لأنّه إذا أکلّ أمسک عليه في فمه. وضمز فلان
ص: 506
عليّ مالي، أي لزمه (1) وشحَّ عليّه، من باب المجاز.
في حديث عليّ (عليّه السلام) أنّ النبي( صلي الله عليّه وآله): علمه من الغيب ما علّمه الله وقال: «ودَعَا لِي بأن يَعِيَهُ صَدري، وتَضطَمَّ عليه جَوَانِحي»(2).
الانضمام: انضمّ علي کذا، انطوي عليّه. واضطمّت عليه الضلوع، واضطممته: ضممتُه إلي نفسي(3) وضمّ عليه ثيابه، إذا تلبّب (4) .وأراد بما ضمته الجوانح هو القلب، کما جاء في وصف من مکّن من عدوه بقوله: «ضَعيفُ ما ضُمّت عَليه جَوَانِحُ صَدرِه»(5)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ضَنک المَضجَع»(6)
الضنک: الضيق من کلّ شيء، وضَنُک الشيء ضَنکاً وضَناکةً وضُنوکةً: ضاق. وضنک الرجلّ ضناکة، فهو ضنيک: ضَعُف في جسمه ونفسه ورأيه وعقله. والضّناک: الکثير اللحم، وقال الليث: التارّة المکتَنزةُ الصُّلبة اللحم، وامرأة ضِناک: ثقيلة العجيزة ضخمة. وناقة ضِناک: غليظة المؤخر، وکذلک هي من النخل والشجر (7) ومنه کتابه (صلي الله عليّه وآله) لوائل بن حجر: «في التيعة شاةُ لامقوّرة الألياط، ولاضناک». ويقال للذکر والأنّثي بغير هاء(8)وباعتبار الضيق في القبر جاء حديث عليّ( عليّه السلام )في ذمّ الدنيا: «وهل زَوّدتهُم إلّا السّغب، أو أَحلَّتهُم إلاّ الضَّنک»(9) وضُنِک الرجلُ وضُنک فهو مضنوک ومضؤوک، إذا زُکِم، والضُّناک: الزُّکام(10)
قال أبو جعفر (عليّه السلام) : «إنّ لله عزَّ وجلّ ضَنَائِن يَضنُّ بهم عن البلاء فيحييهم في عافية ويرزقهم في عافية ويميتهم في عافية ويبعثهم في عافية ويسکنهم الجنّة في عافية» (11).
الضمائن: يقال: ضنَّ بالشيء يضِنُّ ضنّاً،إذا بخل به وشحَّ عليّه (12) والضّنَّة هو البخل بالشيء النفيس، وفلانُ ضِنَّي بين أصحابي، أي هو النفيس الذي أضنّ به. ويقال: ضَننتُ
ص: 507
بالشيء ضَنّاً وضنانةً، وقيل: ضَننِتُ (1).
وباعتبار البخل بالشيء النفيس جاء حديث عليّ عليّه السلام بعد التحکيم: «حتّي ارتَابَ الناصِحُ بِنُضحِه، وضنَّ الزَّند بِقَدحِه»(2). وهو مثل يُضرب لمن يبخل بفوائده إذا لم يجد لها قابلاً؟ عارفاً بحقّها، أو لم يتمکن من إفادتها، فإنّ المشير إذا اتهم واستُغشّ ربّما لاينقدح له بعد ذلک رأي صالح(3).
وباعتبار حفظ العرض وصيانته، قال عليّه السلام :« من ضَنَّ بِعِرضه فَليَدَع المراء»(4). وذلک أنّه داعية ثوران القوّة الغضبية من الممارين ومبدأ المشاتمة والمسابة (5)وقوله عليّه السلام عن أهل بيته: «فضَننتُ بهم عن المنيّة»(6) أراد حفظ نسل محمد( صلي الله عليّه وآله).
في حديث عليّ (عليّه السلام )واصفاً الطاووس: « وإنّ ضَاهَيته بالمَلَابِس فَهُو کَمَؤشِيَّ الحُلل، أو کَمُونِقِ عَضب اليَمَن» (7).
المضاهاة: مشاکلّة الشيء بالشيء(8) يُهمز ولا يُهمز(9)وضِاهيتُ الرجل مضاهاةً وضِهاءً، إذا امتثلت فعله وتشبّهت به(10).
والضّهياء: المرأة التي لاتحيض وجمعه ضُهيً(11) والضَّهياء في قولِ ثَغلَبٍ: الأرضُ التي تُنبِتُ (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) واصفاً الأموات «فَهُم جِيرَةُ لايُجِيبُونَ دَاعياً، ولا يَمنَعون ضَيماً»(13).
الضَّيم: هو کالقهر والاضطهاد ، يقال: ضامه يضيمه ضَيماً، فهو اسم ومصدر. والرجل المضيم: المظلوم (14). والضَّيم، بالکسر: ناحية من الجبل أو الأکمة ، تقول: قعدتُ في ضِيم الأکَمَة ، وفي ضِيم الجبل (15).
ص: 508
في حديث عليّ (عليّه السلام ) : «فسُبحَان مَن لايَخفي عليّه سواد غَسَحقٍ داجٍ، ولا لَيلٍ سَاجٍ، في بِقَاع الأَرضِينَ، المُتَطَأطِئات»(1).
الطأطاء: مُنهبط من الأرض(2) وتطأطأ: تطامن(3)وکلُّ شيء حططته فقد طأطأته (4).
وقولهم: تطأطأت لهم تَطاطُؤَ الدُلاَة، أي خَفضتُ لهم نفسي کتطامن الدُلاة، وهو جمعُ دالٍ، وهو الذي يَنزِعُ بالدَلِو(5).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «استعيذوا بالله من طبع يهدي إلي طبع ».
الطبع: الدَّنس والعيب، وکلّ شين في دين أو دنيا فهو طبع(6) والطبع بالسکون: الخَتم، و بالتحريک الدَّنس. وأصله من الوسَخ والدنس يغشيان السيف. يقال: طَبع السيف يَطبعَ طبعاً ، ثمّ استُعمل فيما يُشبه ذلک من الأوزار والآثام وغيرهما من المقابح. وکانوا يرون أنّ الطَّبع هو الرّين ؛ قال مجاهد: الرّين أيسر من الطَّبع، والطبع أيسر من الإقفال ، والاقفال أشدّ ذلک کلّه (7) والطبّع والطبيعة: الخِلقة والسجيّة التي جُبل عليّها الإنسان. والطباع کالطبيعة وهو ما طُبع عليّه الإنسان في مأکله ومشربه و سهولة أخلاقه وحزونتهاء وعسرها ويُسرها وشدّته ورخاوته وبخله وسخائه ، وحکي اللحياني: له طابع حسن، بکسر الباء ، أي طبيعة(8) ومنه قوله تعالي: ﴿طَبَعَ اللهُ عليّها بِکُفرهِم فَلا يُؤمِنُون﴾ (9).
ص: 509
و ﴿طَبَع الله عليّ قُلُوبهم فَهُم لا يَعلَمُون ﴾(1).
وفي حديث عليّ( عليّه السلام) : «العِلمُ عِلمان: مَطبوعُ ومَسموع»(2) العلم المطبوع: هو العقلي، والمسموع: هو الشرعي. والعلم المطبوع يقال له الضروري (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ولَيسَ في أَطباقِ السَّمَاء مَوضِعُ إهابٍ إلّا وعليه مَلَک سَاجِدُ»(4).
أطباق السماء: کلُّ شيء طوبق بعضه علي بعضٍ، فالأعلي طَبَقُ للأسفل. ومنه قوله عزّ وجلّ ﴿لتَرکَبُنَّ طَبَقاً عن طَبَقه﴾ (5) کأنّها منزلة فوق منزلة. والسماوات الطباق بعضهن فوق بعض (6) أي کلُّ سماء کالطبق للأخري. وأصل الطبق الشيء عليّ مقدار الشيء مطبقاً له من جميع جوانبه کالغطاء له. والطبقُ: من أمتعة البيت والجمع أطباق مثل سبب وأسباب، وطَباق أيضاً مثل جَبَل وجِبال (7).وطابق البعيُر وغيره، إذا وضع خُفّي رجليه . في موضع خُفَّي يديه، وکذلک کلّ ذي أربع، فهو مطابق إذا فعل ذلک ، والمصدر الطُباق (8).
والمطابقة من الأسماء المتضايقة، ومنه طابقتُ النعل، وقد يُستعمل للشيء الذي يکون فوق الآخر تارةً وفيما يوافق غيره تارةً کسائر الأشياء الموضوعة لمعنيين. وقيل لکلَّ جماعة متطابقة : هم في أمَّ طَبَق، وقيل طابقته عليّ کذا، و تطابقوا وأطبقوا عليه. ومنه جواب يُطابق السؤال(9). وأطبق عليّه الجنون فهو مُطبِق، وأطبقت عليّه الحُمَّي فهي مُطبقة، عليّ معني أطبق الله عليّه الحمّي والجُنون ، أي أدامهما کما يقال: أحمّه الله وأجنّه ، أي أصابه بهما. ومَطرَ طَبَقُ، بفتحتين: الدائم متواتر(10).
دريد: ضَرع الفرس وغيرها من الحافر، وکذلک هو للسباع أيضاً(1) وهو حَلَمات الضرع التي فيها اللبن کالثدي للمرأة
وکالضّرع لغيرها، والجمع أطباء(2) والحِزام: هو حِزام السّرج، ما شُدّ علي الدابّة (3) .والزُّبي: جمع زُبية، وهي الرابية لايعلوها الماء(4) والزُّبية مصيدة الأسد، ولا تُتخذ إلّا في قلّةً أو رابية أو هضبة (5) وإنما جُعلت مثلاً في بلوغ السيل إليها، لأنّها إنما تُجعل في الروابي من الأرض، ولا تکون في المنحدر، وليس يبلغها إلاّ سيل عظيم(6) قال العجّاج: فقد علا الماء الزّبي إلي غِيَر.
أي: قد جلّ الأمر عن أنّ يُغيّر، أو يُصلح»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أو أصبِرَ علي طَخيَةٍ عَميَاءَ» (8).
الطخياء: يقال هذه ليلة طخياء بينّة الطخاء، وذلک إذا کان السحاب بغير قمر فاشتدت الظلمة(9). وفي السماء طخاء، أي سحاب. وطخية: أي مارقَّ منها وانفرد. وکلّ قطعة منه تسدّ ضوء القمر کذلک. وکلّ شيء . ألبس شيئاً فهو طخاء له (10). ومن هذا جاء الحديث: «إذا وجد أحدکم طخاءً عليّ قلبه فليأکل السفرجل». الطخاء: الثقل والغشي، قال الشاعر:
فلا تذهب بعقلک طاخيات*** من الخيلاء ليس لهنّ باب
وبعضهم يرويه: طافيات، والخاء أجودفي المعني(11).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي يوصيه بالتّجار: «فإنّهم مَوَادُّ المَنَافِع، وأَسَبابُ المَرافق، و جُلَّابُهَا من المَباعِدِ والمَطَارِحِ» (12) .
الطَّرَحُ، بالتحريک: البُعد والمکان البعيد. وطَرَحت النّوَي بفلانٍ کلّ مطرح، إذا نأت به.
ص: 511
و طرح به الدهرُ کلّ مَطرَح، إذا نأي عن أهله وعشيرته. وطرّح الشيء: طوّله، وقيل رفعه
وأعلاه. ورمحُ مِطرَحُ: بعيدُ طويل. وطرف مطرح: بعيد النظر. وفحل مطر: بعيدُ موقع الماء في الرّحِم(1). والمطارح قد أضافها عليّ (عليّه السلام ) إلي المهالک في حديثه عن البعث بعد الموت: «ومَطارِحِ المَهَالِکِ» (2).
وفي خبر الخطبة الشقشقية أنّ ابن عباس قال لعليّ(عليّه السلام) : «لو اطَّرَدَت خُطبتُک مِن حيث أفضَيتَ»(3).
اطردت: اطّرد الکلّام إذا تتابع، واطرّدَ الشيء: تبع بعضه بعضاً وجري، واطّرد الماء إذا تتابع سيلانه(4) وأفضيت: من قولهم: أفضي إلي الشيء، وصل إليه (5) والطرد: هو الإزعاج والإبعاد عليّ سبيل الاستخفاف (6)ومنه وصف عليّ لا أهل القرآن في آخر
الزمان: «فالکِتَاُب يَومِئِذٍ وأهلُهُ طَرِيدَان مَنفِيّان» (7) واستعير من معناه دفعُ الأيّام وانقضائها بقوله (عليّه السلام) : «کم أطَرَدتُ الأيّام
أبحَثُها عن مَکنُون هذا الأمر»(8) والطريدة: ما طردته الکلّابُ من صيد(9) والطريدة من
الإبل: التي يغير عليها قوم فيطردونها. والطريد: المطرود(10) ومن هذا استُعير للتزلزل وعدم الاستقرار في الدنيا في وصيّة عليّ (عليّه السلام) لابنه الحسن (عليّه السلام) بقوله: «وأنّک طَرِيدُ المَوتِ الذي لا يَنجُو مِنه هَارِبُهُ، ولا يَفُوتُه طَالِبُه »(11).
المال المستحدث، وهو خلاف التليد. وطَرَف البصرُ إليه طَرفاً، من باب ضرب، تحرّک . وطرفت البصر عنه صرفته. والمَطرَف: ثوب
من خَزًّ له أعلام(1) وطرف الشيء: جانبه، ويُستعمل في الأجسام والأوقات وغيرهما، ومنه استُعير : هو کريم الطرفين ، أي الأب والأُم، وقيل: الذَّکّرُ واللسان إشارة إلي العفّة(2) وباعتبار الجوانب يُفسّر ماجاء في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي أهل مصر: «ألَا تَرَون إلي أطرَافِکُم قد انتَقَصَت، وإلي أمصَارِکُم قد افتُتِحَت»(3). الأطراف: النواحي، ويقال لواحده الطَّرَف (4) وأطراف الجارية: أصابعها. يقال: جارية حسنة الأطراف، وهي مخضّبة الأطراف (5). ومن معني الأطراف جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إذا وَصَلَت إليکُم أطرافُ النعم فَلا تنفَروا أَقصَاهَا بِقلَّة الشُّکرِ»(6)أراد بأطرافها أوّلها وأدناها إلي متناول الإنسان.
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «تشربون الطَّرق، وتقتاتون القدّ، أذلّة خاسئين»(7).
الطَّرق مناقع المياه تکون في بحائر الأرض(8) وأرادت لي ماء الطّرق فحذفت المضاف. والطّرق: الماء الذي بالت فيه الدوابّ حتّي اصفرّ، طرقته الإبل، وهي تطرُق طَرقاً(9)ومنه قيل لماء الفحل طّرق، وقيل: هو الضراب ثمّ سُمّي به الماء(10) وطارقت بين درعين وظاهرت بينهما، إذا ألبست إحداهما عليّ الأخري، وطَرَقتُ النعلَ أطرقها طَرقاً، وأطرقتها إطراقاً لغة فصيحة(11). ومنه جاء وصف عليّ للأتراک: «کأنّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطَرَّقَةُ» (12) أي غِلاظ الوُجوه عِرَاضها (13) وفي حديث الرضا( عليّه السلام ): «کلّ طريق يوطأ ويُتطرّق کانت فيه جادّة أو لم تکن لا ينبغي الصلاة فيه» (14).
ص: 513
الطريق : السبيل الذي يُطرق بالأرجل، أي يُضرب(1) والطريقُ يذکِر في لغةِ نجدٍ، ويؤنثُ في لغة الحِجاز، والجمع طُرُق بضمّتين ، وجمع الطرق طرقات، وقد جُمِع الطريقُ عليّ لغة التذکير أطرِقة (2). والطارق السالک للطريق ، لکن خصّ في التعارف بالآتي ليلاً فقيل: طرق أهله طروقاً، وعبّر عن النجم بالطارق لاختصاص ظهوره بالليل (3) قال تعالي:﴿ والسّماء والطارق﴾ (4) قال ابن دريد: لا يکون الطروق إلاّ بالليل (5). ومن هذا قال عليّ( عليّه السلام) : «وأعجَبُ مِن ذلکَ طَارِقُ طَرَقَنا بِمَلفُوفةٍ في وِعَائِها»(6). وباعتبار المصائب والبلايا قال عليّ (عليّه السلام) : «واستَعِيذُوا بالله من لوَاقِح الکِبرِ، کما تَستَعِيذُونَهُ مِن طَوَارِق الدَّهر»(7)وفي حديث قنبر مولي عليّ (عليّه السلام) قال: «دخلت مع عليّ (عليّه السلام )علي عثمان فأحبّا الخلوة فأومأ إليّ عليّ (عليّه السلام) بالتنحّي فتتحّيت غير بعيد، فجعل عثمّان يعاتب عليّاً (عليّه السلام) وعليّ (عليّه السلام) مُطرِق»(8).مطرق: يقال: أطرق فلان، أغضي کانّه صار عينه طارقاً للأرض، أي ضارباً له کالضرب بالمطرقة(9) ومنه قولهم: رجل مُطرِق: غليظ الجفون لا يمکنه أنّ يُقلَّها.قال الشاعر :
وماکنتُ أخشي أنّ تکون وفاته*** بکفَّي سَبَنتَي أزرق العين مُطرِقِ(10)
وفي رکبتيه طَرَق، وفي جناح الطائر طَرَق: لين واسترخاء(11). ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) قبل شهادته: «لِيَعظکُم هُدُوّي، وَخُفُوتُ إطرَاقي، وسُکَونُ أَطرَافي» (12).
ومنه قالت أمّ سلمة لعائشة: «لنهشتِني نهش الرقشاء المطرق»(13).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن سليمان بن داوود(عليّه السلام) : «فَلَمَّا استَوفَي طُعمَتَهُ، واستَکمَلَ
ص: 514
مُدّتهُ، رَمَتهُ قِسيُّ الفَناء بِنِبَال المَؤت»(1).
الطَّعم: مايُشتَهي من الطعام، والطّعام: اسم لما يُؤکل، مثل الشراب اسم لما يُشرب ،وجمعه أطعمة، والطُّعم بالضم الطّعام. والطُّعمة: الرزق وجمعها طُعَم(2)
وقد استعار(عليّه السلام)من الطعام للتحرش بالقتال لما غلب أصحاب معاوية علي شريعة
الفرات بقوله: «قد استَطعَمُو وکُم القِتَال»(3).
وقِسيّ الفناء أسباب الموت، وهي جمع قوس، جاء بها عليّ وجه المجاز. ووصف عليّ (عليّه السلام) دنيا بني أميّة بأنّها: «مَجَّةُ مِن لَذِيذ العَيش يَتَطعّمونها بُرهَةً ، ثمّ يَلفِظوُنَها جُملَةً» (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام ):«تَحوزُکُم الجُفَاةُ الطَّغَام» (5).
الطَّغام: أزذالُ الناسِ وأوغادُهم، وأرذال (طعم). الطَّير والسَّباع، الواحدة طَغامةُ للذکر والأنّثي، مثل نعامةٍ ونعامٍ، ولا يُنطَقُ منه بفعلٍ ولا يُعرف له اشتقاق(6).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي: «والصَق بِأَهل الوَرَعِ والصَّدق، ثُمّ رُضهُم عليّ ألّا يُطرُوک، ولايَبجَحوکَ بِباطِلٍ لم تَفعَلهُ، فإنَّ کَثرَةَ الإطرَاء تُحدِثُ الزَّهوَ» (7). الإطراء: مجاوزة الحدَّ في المدحِ والکذب فيه. وأطري الرجلَ: أحسن الثناء عليه (8). بأحسن مايقدر (9). ومن هذا جاء حديث أبي جعفر( عليّه السلام) : «بئس العبد عبدُ يکون ذا وجهين وذا لسانين، يُطري أخاه شاهداً ويأکله غائباً»(10). وطري، إذا أتي، وطري، إذا مضي، وطري إذا تجدد، وطَرِي يَطري إذا أقبل، وطَرِي يطري إذا مرّ. والطَّريُّ: الغريبُ. قال أبو عمرو: يقال رجل طاريُّ وطُورانيُّ وطوريّ وطُخرور وطمرور،
ص: 515
أي غريب، ويقال للغرباء الطُرّاء ، وهم الذين يأتون من مکان بعيد. وطرّي الطيب فتقه بأخلاط وخلّصه، وکذلک طَرَّي الطعام (1).
في الحديث عن أبي جعفر (عليّه السلام ) قال:« وجدنا في کتاب رسول الله( صلي الله عليّه وآله): إذا ظهر الزنا من بعدي کثر موت الفجأة، وإذا طفّف المکيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص ، وإذا منعوا الزکاة منعت الأرض برکتها من الزرع والثمّار والمعادن کلّها، وإذا جاروا في الأحکام تعاونوا علي الظلم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلّط الله عليّهم عدوّهم، وإذا قطعوا الأرحام جُعلت الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنکر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط الله عليهم شرارهم فيدعوا خيارهم فلا يُستجاب لهم »(2).
التطفيف: يقال: طفّف الکيل، قلّل نصيب المکيل له في إيفائه واستيفائه (3).
والطفيف مثل القليل وزناً ومعني ، ومنه قيل لتطفيف المکيال والميزان تطفيف، وقد
(طفَّفَه فهو مُطَفّف (4) وموت الفجأة : من قولهم: فاجأت الرجل مفاجأة، وفجئه الأمر يفجأه فجاً، إذا بغته. وموت الفجاءة من هذه(5).
الطَّفل من الإنسان والوحش معها طفلها. والطَّفل والطَّفلة الصغيران. وليلة مُطفِلُ: تَقتُل
الأطفال ببردها، والطَّفل: الليل . ويقال للنار ساعة تُقدَح: طِفل وطِفلة. وطَفَلُ العشيّ
آخره عند غروب الشمس وأصفرارها. طفلت الشمسُ تَطفُلُ طُفوًلا وطفَّلَت وتطفيلاً؟ همّت بالوجوب ودَنت للغروب . واسم تلک الساعة الطّفَل، بفتح الطاء والفاء(1) وعرجت الشمس مثل طفّلت (2).
ومن هذا جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عقيل جواباً عن کتاب له: «وقد طَفَّلَت الشَّمسُ للإيَاب»(3) والطَّفل، بالفتح: الرَّخص الناعم، والجمع طِفال وطُفول ، والأُنّثي طَفلة (4).
في وصية عليّ (عليّه السلام) لأصحابه في الحرب: «واذ مُرُوا أنّفُسَکُم عَلي الطَّعن الدَّعسِيَّ، والضَّرب الطَّلحفِيَّ» (5).
والطلحف: يقال ضربه ضَرباً طَلَفحاً وطِلَّحفاً وطِلفاحاً وطِلحيفاً، أي شديداً. وجوع طِلَحفُ وطِلَّحفُ :شديد(6).
تذامر القوم في الحرب: تحاضّوا. والقومّ يتذامرون، أي يَحُضُّ بعضهم بعضاً علي الجدَّ
في القتال. والقائد يَذمُرُ أصحابه، إذا لامهم وأسمعهم ما کرهوا ليکون أجدّ لهم في القتال، والتذمّر من ذلک اشتقاقه. وهو أن يفعل الرجل فعلاً لايبالغ في نکاية العدوَّ فهو أ يتذمّر، أي: يلوم نفسه ويعاتبها کي يَجِدّ في الامر(7).
روي أبو عبدالله (عليّه السلام) قال: في کتاب عليّ (عليّه السلام): «لاتلبس طيلساناً حتّي تحلّ أزراره» (8).
الطَّيلسان: بفتح اللام وکسرها، والفتح أعليّ، والجمع طيالس، وربّما سُمّي الطيلسان طيلساً (9) قال الخليل : ولم يجيء «فيعلان» مکسوراً غيره (10). والطيلسان طلحف فارسي معرّب ، وهو من لباس العجم(11).
ص: 517
والعرب تقول: يا ابن الطيلسان ، يريدون يا عَجِميُّ(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن أهل الباطل: «إنّي والله لو لَقيتهم واحِداً، وَهُم طِلَاعُ
الأرضِ کُلّها ما بَالَيتُ ولا استَوحَشتُ»(2).
طلاع الأرض: ماطلعت عليّه الشمسُ. وطلاع الشيء: ملؤه. وقيل: طلاع الأرض ملؤها حتّي يُطالع أعلاه أعلاها فيساويد(3).
ومن هذا جاء خبر الحسن (عليّه السلام) : لأنّ أعلم، أنّي بريء من النفاق أحب إلي من طلاع الأرض ذهباً. يقال: قوس طلاع الکفّ، إذا کان عجسها يملأ الکفَّ(4). والطَّلع: مايَطلُعُ من النخلة ثمّ يصير ثمّراً، إنّ کانت أنّثي. وأطلعت النخلة، بالألف: أخرجت طَلعَها فهي مُطلِعُ ،وربّما قيل مُطلِعَةُ، وأطلعت أيضاً: طالت. والطليعةُ: القومُ يُبعثون أمام الجيش يتعرّفون طِلعَ العدوّ، أي خبره، والجمع طلائع(5). وطلع عليّنا فلان: هجم(6) وباعتبار الهجوم المباغت جاء حديث عليّ (عليّه السلام ): «فإنّ الدنيا أَدبَرت، وآذنَت بِوَدَاع، وإنَّ الآخِرَةَ قد أَقبلَت وأشرَفَت باطّلَاعٍ»(7).
من کتاب عليّ(عليّه السلام )إلي معاوية:«وما لِطَّلَقاء وأبناءِ الطُّلَقاء، والتَّمييز بَين المُهَاجِرين الأوَّلِين»(8).
الطُّلقاء: هم الذين خلَّي عنهم النبيّ(صلي الله عليّه وآله )يوم فتح مکّة وأطلَقهم فلم يَستَرِقّهم، وأحدهم: طليق، فعيل بمعني مفعول. وهو الأسير إذا أُطلق سبيله(9) يقال: أطلَقه فهو مُطلَق وطليق (10) ورجلُ طُلُقُ ذُلُقُ وطُلَق ذُلَق، إذا کان طليقَ الوجه ذَلِق اللسان، وما أبيَنَ الطلاقة في وجه فلان؛ أي البشاشة (11).
ومنه جاء وصف عليّ( عليّه السلام) للناس: «وطَليِقُ اللَّسَانِ حَدِيد الجَنَان»(12). والطَّلَق، بفتحتّين: جَري الفرسِ ، لاتَحتَبِسُ إلي الغاية، فيقال: عدا الفرسُ طَلَقاً أو طَلَقَين، کما
ص: 518
يقال: شوطاً أو شوطين. وتطلّق الظبي: مرَّ لايلوي عليّ شيء . وفرَسُ مُطلَقُ اليدين، إذا
خلا من التحجيل(1) وناقة طالقُ لاخِطام عليها. وطلّق الرجلُ امرأته تطليقاً، والاسم الطَّلاق، وطَلُقت المرأةُ فهي طالق، وطُلَّقت فهي مطلَّقة. وطُلِقَت المرأة عند الولادة تُطلَق طًلقاً، إذا تمخَّضت. وليلة الطَّلَق: طلب الماء لورد الغِد، والإبل طوالق، وأصحابها مُطلِقون(2).
عن الصادق (عليّه السلام) قال: إنّ أمير المؤمنين(عليّه السلام) سُئل عن رجلٍ کان جالساً مع قوم فمات وهو معهم، أو رجلٍ وجد في قبيلة أو عليّ دار قوم فادعي عليهم. قال: «ليس عليهم قود ولايُطلّ دمه، عليهم الدّية»(3).
طلل الدم: يقال طلّ السلطان الدمَ طلّا، من باب قتل، أهدره. قال الکسائي وأبو عبيد :
ويُستعمل لازماً أيضاً فيقال: طلّ الدم من باب قتل و من باب تعِبَ لغةً. وأنکره أبو زيد وقال: لايستعمل إلّا متعدّياً فيقال: طلّه السلطان إذا أبطله، وأطلّه بالألف أيضاً فطُلّ هو وأُطِلَّ مبنيين للمفعول (4) قال الراغب: طُلَّ دم فلان، إذا قلّ الاعتداد به ، ويصير أثره کأنّه طلُّ ، ولما بينهما من المناسبة قيل لأثر الدار طلل، ولشخص الرجل المترائي طلل(5). ومنه حديث المرأة التي استعدت علي الأعرابي الذي أفزعها فألقت جنيناً،فقال لها: لم يُهل ولم يُصح ومثله يُطلُّ ، فقال النبيّ صلي الله عليّه وآله: «اسکت سجاعة، عليّک غرّة وصيف عبد أو أمة»(6). ومنه الحديث في الرجل الذي عضّ يد رجل فانتزع يده من فيه فسقطت ثناياه فخاصمه إلي النبيّ (صلي الله عليّه وآله) فطلّها. طلّها: يعني أهدرها وأبطلها. قال أبو زيد: يقال: قد طُلّ دمُه وقد طلّه الحاکم ، وهودم مطلول قال: ولا يقال : طَلّ دمُه ، لا يکون الفعل للدم (7).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام )عن الفتن: «بَين قَتِيلٍ مَطلُولٍ وخَائِفُ مُستَجِير» (8).
ص: 519
والطلّ: النَّدي . وقال قومُ: بل هو أکثر من النَّدي، وأقلّ من المطر (1)ومنه جاء المجاز في حديث عليّ( عليّه السلام )لوصف حال الإنسان في الدنيا: «ولم تَطُلّه فيها دِيَمةُ رَخَاء، إلّا هَتَنت عليّه مُزنة بَلَاء»(2).
في الحديث قال عليّ (عليّه السلام ): «إذا بال أحدکم فلا يطمحنّ ببوله في الهواء ولا يستقبل الريح»(3).
يطمحن: يقال: طمّحت بالشيء في الهواء، رميت به (4) وطمحَ الشيءُ والبصرُ طُموحاً وطَماحاً، ارتفعا (5)وأصله قولهم: جبل طامح، أي عالي مُشرِف(6) وطَمحَ الفرسُ طموحاً وطِماحاً: رکب رأسه في عَدوه رافعاً بصره، وهو طمّاح وطموح، وفيه طِماح وجماح» (7) ومن هذا جاء المجاز في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي: «فَانظُر إلي عِظَم مُلک اللهِ فَوقَکَ ، وقُدرَتِه مِنک عَلَي مالا تَقدِرُ عَليَه مِن نَفسِک، فإنّ ذلک يُطَامِنُ إليکَ مِن طِمَاحِکَ، وَيَکُفُّ عَنکَ مِن غَربِکَ (8).
واستعار منه عليّ (عليّه السلام) للرغبة الغريزية بقوله: «إنّ أبصَار هذه الفُحُول وطَوَمِحُ»(9).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «وإنَّ إمَامَکم قد اکتفي من دُنياهُ بِطِمرَيه، ومن طُعمِه بِقُرصَيه» (10).
الطَّمر: الثوبُ الخلَقُ، وخصّ ابسن الأعرابي به الکساءَ البالي من غير الصوف، والجمع أطمار(11) وجاء بلفظ. المثني، لأنّ طمريه کانا عمامة ومدرعة قد استحيا من راقعها (12) وقرصاه کانا من شعير غير منخول ، واحد بالغداة ،وواحد بالعشي (13) و العرب لهم . رداء وإزار (14). وفي الخبر روي أبو هريرة قال قال لي رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «ألا أنّبئک بأهل الجنّة؟ قلت: بلي! قال: «کلّ مُتَضعَّف ذي طِمرين لا يؤبَه له، لو أقسم علي الله لأبرّه» (15).
ص: 520
والطَّمِرُّ، بتشديد الراء، والطَّمّريرُ والطُّرورُ: الفرس الجَوادُ. وقيل : هو المستَفزُّ للوثب والعَدو والأنّثي طِمرَّةُ، وقد يُستعار للأتان. وطمَرَ في الأرض طُمُوراً: ذَهَبَ، وطَمَرَ إذا تغيّبَ واستخفي. وطمَر البئرَ طَمراً دَفنها ، وطمَر نفسه وطَمَر الشيء: خبّأه حيثُ لايُدري. والطامور والطومار: الصحيفة. والمِطمَر والمِطمار: الخيط الذي يُقدَّر به البنّاءُ البناءَ. ويقال له التَّر(1): ومنه جاء المجاز في قولهم للمحدّث: «أقم المِطمَرَ» أي: قوّم الحديث (2).
في حديث عليّ( عليّه السلام ): «وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُولُه، أَرسَلَهُ وأعلَامُ الهُدَي
دَارِسةُ، ومَنَاهِجُ الدّين طَامِسَةُ»(3).
الطُمُوس: الدروس والانمِحاء. وطمو البصر: ذهاب نوره وضوئه، وکذلک طموسُ الکواکب : ذهاب ضوئها. وطموسُ القلب: فسادُه. والطَّمس: استئصال أثر الشيء. والطامس: البعيد. وطمس الرجلُ يَطمُسُ طُموساً: بَعُد (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) محذّراً من الشيطان: «حتّي النقَادَت لَهُ الجَامِحَةُ مِنکُم،
واستَحکَمت الطَّماعِيّةُ مِنه فِيکم» (5).
الطمعُ: نزوع النفس إلي الشيء شهوةً له،طَمِعتُ أطمَعُ طمَعا وطماعيةً، فهو طَمع وطامع(6) وأکثر مايُستعمل فيما يقرب حصوله، وقد يُستعمل بمعني الأمل. ومن کلّامهم: طَمِعَ في غير مَطمَع. إذا أمّل مايَبعُد حصوله لأنّه قد يقع کلّ واحد موقع الآخرالتقارب المعني(7) وطمَعُ الجند: وقت قبضهم الرزق (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مع أهل النهروان:«قد طَوّحت بکُم الدّارُ، واختَبلَکُم المِقدَارُ» (1).
الطوح: يقال: طوّحه هو وطوّح به: توّهه وذهب به ههنا وههنا ، فتطوّح في البلاد، إذا
رمي بنفسه ههنا وههنا، أو حمله علي رکوب مفازةُ يُخاف فيها هلاکه. وکلّ شيء ذهب
وفني: فقد طاح يطيحُ طوحاً وطيحاً، لغتان. وطوّح الشيء وطيّحه: ضيّعه. ويقال: أين طُيّح بک؟ أي أين ذُهِب بک (2) ومنه خبر أبي هريرة عن يوم اليرموک «فما رُئي مَوطن أکثرُ قِحفاً ساقطاً ، وکفّاً طائحة» أي طائرة من معصمها ساقطة (3). ومن هذا المعني قال عليّ (عليّه السلام) : «ضَربُ بالمَشرَفِيّةِ تَطيرُ منه فَرَاش الهَام، وتَطِيحُ السَّواعِدُ والأقدَامُ» (4).
والمحتبل: الذي أخذ في الحِبالة. واحتبله: أخذه وصاده بالحِبالة. والمحبول الوحشيُّ الذي نَشِبَ في الحِبالة، وقيل: المحبول الذي نُصبت له الحِبالة، وإنّ لم يقع فيها(5). والمِقدار: الموت. قال الليث: المِقدار اسم القَدر، إذا بلغ العبدُ المقدارَ مات (6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في عجيب صنعة الکون«ونشوزُمُتُونها وأطوادِها» (7).
الطَّود: الجبل، والجمع أطواد(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «واللهِ لا أطُورُ به ماسَمَر سَمير»(9).
الطَّور والطُّوار: ما کان عليّ حذو الشيء أو بحذائه وفلان لايَطورني ، أي لايقرب طَوَاري. ويقال: لاأطور به، أي لا أقربه. وطار حول الشيء طؤراً وطوراناً: حام. ورأيتُ حبلاً بطُوار هذا الحائط، أي بطوله. ويقال:هذه الدار عليّ طوارِ هذه الدار، أي حائطها متّصل بحائطها عليّ نسقٍ واحد. والطَّور: الحدّ بين الشيئين. وعدا طَؤره، أي جاوز حدّه والعرب تقول: ما بالدار طوريُّ ولا دُورِيُّ، أي أحدُ، ولا طورانيُّ مثله. والطُّور: الجبل، وطور سيناء، جبل بالشام، وهو
ص: 522
بالسريانية طُوَري(1).
والأطوار: الحالات المختلفة والتارات (2). ومنه قوله تعالي: ﴿وقد خَلَقکُم أَطوَاراً ﴾(3) والسمير: الدهر، وابنا سمير: الليل والنهار لأنّه يسمر فيهما (4) يعني من قوله : ما أقام الدهر ومابقي. وهو من کلّام العرب، أو ما اختلف الليلُ والنهار. والمعني لا يکون ذلک أبداً (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذکر الحج والحجّاج: «وتَشَبَّهُوا بِمَلائِکته المُطِيفينَ بِعَرشِه، يُحرِزُونَ الأرباح في مَتجَر عِبَادَتِه»(6).
الطوفان: يقال: طاف بالبيت وأطاف عليه: دار حوله. وتطوّف الرجل، أي طاف، و طوّف، أکثر الطواف. وأطاف فلان بالأمر: إذا أحاط به(7). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) في وصف الجنّة: «ويُطاف عَلي نُزَّالها في أفنَية قصورهَا بالأغسَال المُصَفَّقَةِ»(8) وطاف الرجلُ واطّاف: إذا تغوّط ، يطوف طَوفاً(9) ومن هذا يفسّر حديث ابن عباس: لايُصلّين أحدکم وهو يدافع الطوف والبَول(10)وقول أحدهما (عليّه السلام) : «لاتطف بقبر»(11). من هذا. والطوّاف في قوله تعالي:﴿طوّافون عليّکم ﴾(12) قد جاء بمعني الخادم (13). وقدکني عليّ( عليّه السلام) عن النکاح بالطواف في وصيته، بقوله: «ومن کَانَ من إمَائي، اللّاتي أطُوفُ عَلَيهِنَّ»(14).
والطائفة: الرجل الواحد فما فوقه، والطائفة من الشيء : جزءُ منه(15)ومن هذا جاء قول عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: «وأنا أَدعُوکُم - وأنتم تَرِيکَةُ الإسلام، وبقيّة الناسِ - إلي المَعُونة أو طَائِفةٍ من العَطَاء»(16). وسُمّيت الطائف لأنّ إبراهيم عل دعا ربّه أنّ يرزق
ص: 523
أهله من کلَّ الثمّرات فقطع لهم قطعة من الأردنّ فأقبلت حتّي طافت بالبيت سبعاً ثمّ
أقرها الله في موضعها، کما روي ذلک عن أبي الحسن (عليّه السلام) (1).
في الحديث قال أبو عبدالله (عليّه السلام): «إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين، وإذا رأيت ظلّ رأسک فهو لثلاث ليالٍ» (2).
تطوّق: استدار، وطوق کلَّ شيء ما استدار به(3) وأصل الطوق مايُجعل في العُنق خِلقةً کطوق الحمام، أو صنعةً کطوق الذهب والفِضّة. ويُتوسّع فيه فيقال: طوّقته کذا، کقولک: قلّدته(4).
من کتاب عليّ (عليّه السلام )إلي أُمرائه عليّ الجيش: «فإنَّ حَقَّا عليّ الوالي ألّا يُغيَّرَهُ علي رَعِيّته فَضلُ ناله، ولاطَؤلُ خُصَّ بِه»(5).
الطول والطائل والطائلة: الفضل والقُدرة والغِني والسَّعة والعُلوُّ. والطّول، بالفتح، المَنُّ، يقال منه: طال عليه و تطوَّل عليّه، إذا امتَنُّ عليه. وأصل الطائل النفع والفائدة(6) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) حامداً: «مُعتَرِفً لَه بالطَّول»(7). وفي حديث ابن مسعود في قتل أبي جهل: «ضربته بسيفٍ غير طائل» أي: غيرُ ماضٍ ال ولا قاطِع، کانّه کان سيفاً دُوناً بين السيوف (8).
وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) إلي علي (عليّه السلام) : «ماکففتَ قائلاً ، ولا أغنيت طائلاً» (9).
کنّت (عليه السلام) عن صبره وکظمه مع القوم. والطوائل: الأوتار والذُّحول، واحدتها طائلة يقال: فلان يطلب بني فلان بطائلة، أي بوترکأن له فيهم ثأراً فهو يطلبه بدم قتيله. وبينهم طائلة، أي عداوة وتِرَة (10). کففت: يقال کفّ الرَّجلُ عن أمرِ کذا يکُفُّ کَفّاً، وکففته أنّا. والکفکفة: کفّک الشيء، أي ردّک ذلک(11).
وکفکفت الرجل: مثل کففته. قال ابن الأعرابي: کفکف إذا رفق بغريمه أو ردّ عنه مَن يؤذيه(12) والغناء: بالفتح النفع (13) ومنه
ص: 524
قوله تعالي:﴿ لَن يُغنوا عَنکَ مِن اللهِ شَيئاً﴾ (1).
وفي دعائه( صلي الله عليّه وآله): «اللهم بک أُحاول ، وبک أصاول، وبک أطاول». هو مفاعلة من الطّول، وهو الفضل والعلو ّعلي الأعداء (2)والطول، بفتح الطاء الفضل والزيادة ، وبضمها في الجسم، لأنّه زيادة، کما أنّ القُصُر قصور فيه نقصان. وقولهم: طلتُ فلاناً، أي کنت أطول منه، من الطَّول والطُّول جميعاً. وذو الطَّول، في صفاته تعالي: المتفضل بترک العقاب المستحقّ عاجلاً وآجلاً لغير الکافر(3)وفسّر قوله تعالي﴿ ذي الطول﴾ (4)کأنّه طال بإنعامه علي غيره، وقيل: لأنّه طالت مدّة إنعامه(5) وباعتبار القهر والغلبة في الاستطالة جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ السَّفَة خلق لئيم، يستطيل علي من هو دونه، ويخضع لمن هو فوقه»(6) وکنّي عليّ( عليّه السلام) عن التسويف بطول الأمل قائلاً: «إنَّ أَخوَفُ ما أَخَافُ عليکم اثنتان: اتبّاع الهَوَي وطُولُ الأمَل» (7) والطول والقصر من الأسماء المتضايفة، ويستعمل في الأعيان والأعراض کالزمان و غيره(8) فيقال: طال طَولُک، إذا طال تماديه في الأمر أو تراخيه عنه (9)ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) في ذمّ أصحابه: «أعاليل بأضَالِيلَ، وسَألتُمُوني التَّطويلَ، دِفاعَ ذي الدَّين المَطُول» (10)
وقولهم: مايُدري أيَّ طرفيه أطول. أي مايُدري أيّ أبويه أشرف(11) وباعتبار الشرف والفضل قال عليّ (عليّه السلام) في التوحيد:« الحَمدُ لله الذي عَلا بِحَؤلِه، ودَنَا بِطَولِهِ»(12).
انتواها. وجمع الطَّيّة طِواء(1) وفلان يطوي البلاد، أي : يقطعها بلداً عن بلدٍ(2)واستعار لفظ الطيّات لمنازل السفر إلي الآخرة بالموت عن الدنيا وأهلها، فإنّ الآخرة أبعد منزل عن الدنيا (3).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «اندَمَجتُ عليّ مَکنُونٍ علمٍ لَو بُحتُ به لاضطَرَبتُم ثمّ اضطرابَ الأرشيَةِ في الطَّوِيَّ البَعيدَةِ»(4). الطَّوِيّ: البئر المطوية بالحجارة، مذکّر، فإنّ أنّت فعليّ المعني وجمع الطويّ أطواء.
وطوي الرّکِيَّة طيّاً: عرشها بالحجارة والآجره(5)ومنه حديث عبدالمطلب لما حفر زمزم: فلّما حفر وبلغ الطويّ، طويّ إسماعيل، وعلم أنّه قد وقع عليّ الماء، کبّر وکبّرت قريش(6).
والطويّ في الأصل صفة فعيل بمعني مفعول، فلذلک جمعوه عليّ الأطواء، کشريف وأشراف، ويتيم وأيتام، وإنّ کان قد انتقل إلي باب الاسميّة. وفي حديث أهل الصفّة
قال( صلي الله عليّه وآله) لفاطمة (عليّها السلام) : «لا أُخدمک وأترک أهل الصُّفّة تطوي بطونهم». يقال: طوي من الجوع يَطوَي طَوَي فهو طاوٍ، أي خالي البطن جائع لم يأکلّ، وطوي يطوي، بالکسر ، إذا تعمّد ذلک(7) ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) : «واطؤُوا فُضُولَ الخَوَاصِرِ»(8) کناية عن الأمر بترک مايفضل من متاع الدنيا عليّ قدرالحاجة، من ألوان الطعوم والملابس. وأصله أنَّ الخواصر والبطون لها احتمال أنّ تتسع لمافوق قدر الحاجة من المأکول، فذلک القدر المتسع لمافوق الحاجة هو فضول الخواصر(9).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله):« شَجَرَتُه خَيرُ شَجَرةٍ، أَغصانُها مُعتَدلِةُ وثِمَارُها مُتَهدَّلَةُ، مَؤلِدُهُ بِمَکّةَ، وهِجرَتُهُ بِطَيبَة»(10) .
طيبة وطابة: اسم المدينة المنوّرة، سميت من الطّيب، لأنّ المدينة کان اسمها يثرِب، والثَّرب الفساد، فنهي( صلي الله عليّه وآله) له أنّ تُسمّي به
ص: 526
وسمّاها طَيبة وطابة ، وهما تأنيثُ طَيبٍ وطابٍ، بمعني الطّيب. وقيل: هو من الطيّب بمعني الطاهر، لخلوصها من الشرک وتطهيرها منه. ومن هذا جاء الحديث: «جعلت لي الأرض طيَّبةً طهوراً» أي نظيفة غير خبيثة (1).والاستطابة والإطابة: کنايتان عن الاستنجاء(2) وجاء في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «أنّه نهي أنّ يستطيب الرجلُ بيمينه». وإنماسُمّي استطابة من الطيب يقول: يطيب جسده ممّا عليه من الخبث بالاستنجاء، يقال منه: قد استطاب الرجلُ فهو مُستطيبُ، وأطاب نفسه فهو مطيب (3).
وطابَ الشيءَ يَطيبُ طِيباً، إذا کان حلالاً أو لذيذاً. واستَطَبتُ الشيءً، رأيته طيِّباً (4) وقول عليّ( عليّه السلام) إلي ابن حنيف: «فَقَد بَلَغني أنَّ رجلاً من فِتيَة أهل البَصرَةِ دَعَاکَ إلي مَأدُبَةٍ فأسرَعتَ إلَيهَا تُستَطَابُ لکَ الأَلوانُ (5)من ذلک. وفي حديث الرؤيا: «رأيت کأننا في دار ابن زيدٍ وأُتِينا برطبِ ابن طابٍ»(6)هو نوع من أنواع تمر المدينة منسوب إلي ابن طاب: رجل من أهلها ، يقال: عِذقُ ابن طابٍ، ورُطَب ابن طابٍ، وتمر ابن طابٍ.
في الخبر أنّ أبا الحسن (عليّه السلام) : «جاءَ قوماً فلمّا جلس أمسَکَ القومُ کأنّ علي رؤوسهم الطَّير»(7).
کأن علي رؤوسهم الطير: يقال ذلک للقوم إذا کانوا هادئين ساکنين، وأصله أنّ الطَّير لا يقع إلّا عليّ شيء ساکن من الموات فضَرِب مثلاً للإنسان ووقاره وسکونه. وفلان ساکن الطائر، أي أنّه وقورُ لاحرکة له من وَقارِه، حتّي کأنه لو وقع عليه طائر لسکن ذلک الطائر، وذلک أنّ الإنسان لو وقع عليه طائر فتحرّک أدني حرکة لفرّ ذلک الطائر ولم يسکن(8).
ومنه حديث وصفه (صلّي الله عليّه وآله): «إذا تکلّم أطرق جلساؤه کأنّما علي رؤوسهم الطير»(9).
وتطيّر فلانُ واطّيّر أصله التفاؤل بالطير ثمّ يُستعمل في کلَّ مايُتفاءل به ويُتشاءمُ ولذلک قيل: لاطير إلِا رُ (10) وباعتبار
ص: 527
الباطل في الطيرة قال عليّ( عليّه السلام) : «الطّيَرَةُ ليست بحق»(1). وفي حديث أبي ذرَّ: «ترکنا رسول الله(صلي الله عليّه وآله) وماطائرُ يطير بجناحيه إلّا عندنا منه علم». يعني أنّه استوفي بيان الشريعة وما يُحتاج إليه في الدَّين، حتّي لم يبق مشکِل ، فضرب مثلاً، وقيل: أراد أنّه لم يترک شيئاً إلّا بيّنه، حتّي بيّن لهم أحکام الطير وما يحلّ مسنه وما يَحرُم ، وکيف يُذبَح، وما الذي يُفدِي منه المحرم إذا أصابه، وأشباه
ذلک (2). واستعار عليّ (عليّه السلام) من طيران الطير، السبق العقلي والروحي والعلمي، لما فيه من التفوق والسرعة بقوله محدّثاً عن فضائله: «فَطِرتُ بِعِنَانِها، واستَبدَدتُ بِرِهَانِها»(3) واستعار لفظي العنان والرهان، اللذين هما من متعلقات الخيل، للفضيلة التي استکملتها نفسه تشبيهاً لها مع فضائل نفوسهم بخيل الحلبة (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وإنّ عَلَيَّ مِن الله جُنّة حَصينة، فإذا جَاء يَومِي انفرَجَت عَنّي وأسلمتني، فحينئذٍ لايَطِيشُ السهم، ولا يَبرَأ الکلمُ» (5).
الطيش: الخِفّة ، وطاش السهم عن الهدف طيشاً: انحرف عنه فلم يصبه فهو طائش، وطيّاش مبالغة(6) فالطيش خفّة مع خطأ العقل، فشبه تقديره تعالي للأجل بالسهم المسدد و استعار لحفظ الله له (عليّه السلام) الجنّة الواقية، لأنّ لابس الجنّة محفوظ من السهام ومنه حديث الحساب: «فطاشت السجلّات وثَقُلت البطاقة»(7) .
ص: 528
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أَظاَرُکُم علي الحَقَّ وأنتم تَنفِرُون عنه نُفور المِغزَي مِن وَعوَعَةِ الأسد!» (1).
الظأر: يقال: ظأرني فلان عليّ أمر کذا، وأظأرني وظاءرني، عليّ فاعلني، أي: عطفني. فظأرني عليّ الأمر: راودني. والظَّوور من النوق: التي تعطف علي ولد غيرها. فهي ظؤور و مظؤورة، وجمع الظَّوور أظارُ وظُوار. وظاءرت المرأة، بوزن فاعلت: اتخذت ولداً تُرضِعه. ويقال: اظأرتُ لولدي ظِئراً، أي: اتخذت (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الأشتر: «سَيفُ من سُيوف الله، لاکَليلُ الظُبَةِ، ولانَابِي الضَّرِيَبة»(3).
الظُّبَة: بتخفيف الباء: حدّ السيف، والجمع ظُبات وظُبون جبراً لما نقص ولامها محذوفة يقال إنّها واو(4). ومنه قال الشاعر:
وضَعنا الظُّباتِ ظباتِ السيوف*** علي منبت القَمل من باهِلَه(5)
والظبية خريطة، والظّبي جراب من جلد ظبي، والظَّبي واحدة الظّباء(6) وفيها جاء الخبر: «إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظبياً» أي مثل الظبي إنّ رابه ريب لم يقرّ (7)وقيل: يُراد أقم ولا تُحدث شيئاً، کأنّک ظبي قد استقرّ في الکناس (8).
ص: 529
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «يأتي عَلي الناس زَمَانُ لايُقرَّب فيه إلّا المَاحِل، ولايَظرَّفُ فيه إلّا الفَاجِرُ»(1).
الظريف: الحَسَن العبارة المتلافي حجّته. وقال آخرون: بل الظريف الحسّن الهيئة.
وأهل اليمن يسمّون الحاذق بالشيء ظريفاً (2). قال ابن فارس: يقولون الشيء وظرفه ثمّ يسمون البراعة ظرفاً (3). هذا وعاءو يُظرّف بمعني يُعدّ ظريفاً.
في حديث سعيد بن جبير: «ليس في جمل ظعينة صدقة».
الظعينة: کلُّ جمل يُرکب ويُعتمل عليه، وهذا هو الأصل، وإنّما سُمّت المرأة ظعينة لأنّها ترکبه، کما سُميت المزادة راوية، وإنّما الراوية البعير (4) قال ابن دريد: الظعينة أصلها المرأة في الهَودج، ثمّ صار البعير ظعينة والهودج ظعينة. ولا تُسمّي ظعينة حتّي تکون في هَودج، والجمع ظعائن وأظعان وظُعن (5). وظَعَنَ عن المکان ظعناً وظعَنا: رَحل وزال (6) ويتعدّي بالهمزة وبالحرف فيقال: أظعنته و ظعنتُ به والفاعل ظاعن، والمفعول مظعون، والأصل مظعون به، لکن حُذِفت الصلة لکثرة الاستعمال(7).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )عن الدنيا: «ظَعَنوا عَنها بِغَيرِ زَادٍ مُبَلّغ ولا ظَهرٍ قَاطِع»(8).
الظالع:المائل(1) وظَلَعَ البعيُر والرّجُلُ ظَلعاً، من باب تنفع: غَمَز في مَشيه، وهو شبيه بالعَرَج. ولهذا يقال: هو عَرَج يسير(2) ودابّة ظالعُ وبها ظَلع، قال کثيرّ:
وکنت کذاتِ الظَّلع لما تحاملت *** علي ظَلعها يوم العثار استقلّت (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «وظَلَفَ الزُّفد شَهَوَاتِه»(4)ظلف شهواته : کفّها ومنعها .
الظَلَف: الشدّة والغِلَظ في المعيشة من ذلک. والظِلف: الحاجة. والظليف: الذليل السيء الحال في معيشته. يقال: أقامه الله عليّ الظَّلَفات، أي عليّ الشدّة والضيق.
والظّلَف: ما غلُظ من الأرض واشتدّ. و مکان ظليف: خشن فيه رمل کثير. وأظلف القومُ
وقعوا في الظلَف أو الأظلوفةِ، وهو الموضع الصلب. ومعني ظلف شهواته : کفّها ومنعها.
والظِلف للبقر والغنم کالحافر للفرس والبغل والخُفّ للبعير (5) ومن هذا يفسّر حديث عبد الله بن سنان عن الصادق (عليّه السلام) : «إنّ صدقة الخُفّ والظلف تدفع إلي المتجمّلين من المسلمين، فأمّا صدقة الذهب والفضّة وما کيل بالقفيز ممّا أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين». قال ابن سنان: قلتُ: وکيف صار هذا کذا؟ فقال: «لأنّ هؤلاء متجمّلون يستحيون من الناس فيُدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس، وکلُّ صدقة»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في المبادرة إلي صالح الأعمال: «واستَعِدُّوا لِلمَؤتِ فَقَد
أظَلَّکُم»(7).
الظلّ: يقال لکلّ موضع لم تصل إليه الشمس ظلّ، ولا يقال الفيء إلّا لما زال عنه الشمس. والظُلّة: سحابة تُظِلّ. وقد يقال ظلّ لکلّ ساتر محموداً کان أو مذموماً (8)وأظّلکم أمرُ، وأظلّ الشهرُ والشتاء، وأظلّکم فلان: أقبل(9) واستعير للموت وصف الإظلال تشبيهاً بالسحاب والطير (10). ووصف عليّ( عليّه السلام) الدنيا قائلاً: «ظِلُّ زَائِلُ، وَسِنَادُ مَائِلُ» (11).
ص: 531
في حديث عليّ (عليّه السلام) في رجاء الآخرة :« أظمَأ الرَّجَاءُ هَواجِرَ يَؤمِه»(1).
الظمأ: يقال ظِمئتُ أظمَأ ظَمَاً، وربّما مدّوا. فقالوا: ظماءً، إذا عِطشت. وشفة ظَمياء مثل لمياء سواء، وهي سُمرة في الشفة تُستحسن(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «قَد نَجَمَت من ظُنبوبِ سَاقِهِ صِيصيَة خَفِيَّة»(3).
الظُنبوب: حرفُ الساقِ اليابس من قُدُم ، وقيل: هو ظاهر الساق، وقيل: هو عظمه (4)ومنه خبر المغيرة : «عارية الظُنبوب». أي عَرِي عظمُ ساقها من اللحم لهزالها(5).
في دعاء الحسين( عليّه السلام) للاستسقاء: «اللهم معطي الخيرات من مضائها، ومنزل
الرحمات من معادنها»(6).
المظنة، بکسر الظاء : للمَعلمَ وهو حيث يُعلم الشيء، قال النابغة: فإنّ مَظِنّة الجهل الشباب. والجمع المظانّ. ومظنّة الشيء: موضعه و مألفه (7) يقال: ظننت به الخير فکان عند ظنّي، وهو مظنّة للخير، وهو من مظانه (8) وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) عن أبيها(صلي الله عليّه وآله): «وأزال التظنّي والشبهات في الغابرين»(9). التظنّي: في موضع التظنّن،يقال: خبر ظنّون لا يُدري أحقّ هو أم باطل. والظّنِينُ: المتّهم الذي تَظنُّ به التُهمة. ومصدره: الظّنّة (10). ومنه قوله تعالي: ﴿وما هُوَ علَي الغَيب بِظَنين﴾(11). وهي قراءة ابن کثير وأبو عمرو والکسائي (12) أي بمتهم من الظِنّة وهي التهمة (13). وفي حديث عليّ( عليّه السلام):«إنّ الرّجُل إذا کان لَهُ الدّينُ الظّنُونُ، يَجِبُ عليّه أنّ يُزکّيه، لِمَا مَضَي، إذا قَبَضَهُ». قال الشريف الرضي: فالظنون الذي لايعلم
ص: 532
صاحبه أيقبضه من الذي هو عليّه أم لا، فکانّه الذي يظنّ به، فمرّة يرجوه ومرّة لايرجوه (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التذکير بالآخرة: «واستظَهَرَزَ اداً، لِيَومِ رَحِيله وَوَجه سَبِيله، وحَالَ حَاجَته، ومَوطِنِ فَاقَته»(2).
الظهر: خلاف البطن، وکلّ شيء علا فقد ظهر. ويستعار الظهر للحمل، وأراد(عليّه السلام) ما حمله من حسنات وأعمال صالحة في الدنيا اليوم آخرته. ومن المجاز: هو يأکلّ عليّ ظهر يد فلان، أي ينفق عليّه. وظهر عليّ القرآن وأستظهره، وحمل القرآن عليّ ظهر لسانه (3).
وفي الحديث: «أفضل الصدقة ما کان عن ظهر غني». المراد نفس الغني، ولکن أُضيف للإيضاح والبيان، کما قيل: ظهر الغيب وظهرالقلب، والمراد نفس الغيب والقلب، ومثله نسيم الصّبا، وهي نفس الصّبا. (4). وعبرعليّ (عليّه السلام) عن حضوره ومتابعته بحزم بقوله: وأنا بَين أَظهُرِ الجَيشِ»(5) وفلان ظهير الفلان، إذا کان معيناً له. ويقال للرجل : خذ معک بعيراً ظهرياً، أي تستعين به. وظاهر الرجلُ امرأته ظهاراً، إذا قال: أنّتِ عليّ کظهر أمّي(6). مستعار من رکوب الدابّة، لأنّ الظهر من الدابّة موضع الرکوب والمرأة مرکوبة وقت الغشيان(7). وباعتبار الاعوجاج في ظهر القوس قال عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: «أُقَوّمکُم غُدوَةً، وتَرجِعُون إليَّ عَشِيّةً، کَظَهرِالحَنِيَّة»(8)والظّهري: کلّ شيء تجعله بِظَهر، أي تنساه، کأنّک قد جعلته خَلف ظهرک، إعراضاً عنه وترکاً له(9) ومنه جاء قوله تعالي:﴿ واتَّخَذتُمُوه وَرَاءَکمُ ظِهرِأيّاً ﴾(10) .
والظّهريُّ: البعير الذي يُعدُّ للحاجة(11) وخرج فلانُ مُظهراً، أي في الظهيرة، وأتيته حين قام قائمُ الظَّهيرة، وذلک إذا أتيته في الظهيرة (12).
ص: 533
ص: 534
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَيَکُونُ المَهنَاُ لِغَيرهِ، والعِبءُ علي ظَهِره»(1).
العبء، بالکسر: الحِمل والثقل من أي شيء کان، والجمع الأعباء. وما عبأتُ بفلان عَبأً، أي مابالَيتُ به. وما أعبأ به عَبأً، أي ما أباليه. وعَبَأ الأمرَ عَبأً وعَبَّاَهُ يُعَبَّئه: هَيَّأَه. وعَبَّأتُ المتاعَ: جعلتُ بعضه علي بعض. وعَبَأتُ الجيش عَبأً وعَبَّأتهم تعبئةً، وقد يُترک الهمز، فيقال: عَبيّتُهم تَعبيةً، أي رَتَّبتُهم في مواضعهم وَهيَّأتُهم للحرب (2) ومنه خبر عبدالرحمن بن عوف «عَبَأنا النبيُّ (صلي الله عليّه وآله) ببدرٍ ليلاً (3).
في حديث عليّ في وصف الريح و تحريکها علي الماء: «تَرُدُّأَوَّلَهُ إلي آخِرهِ، وسَاجِيَهُ إلي مَائِرهِ، حتّي عَبَّ عُبَابُه، ورَمَي بالزَّبَدِ رُکَامُهُ، فَرَ فَعَهُ في هَوَاء مُنفَتِقٍ، وجَوًّ مُنفَهِق مقهق» (4).
عبّ عبابه: عباب الماء أوّله ومعظمه. وقيل: عُبابه موجه. وعُباب السيل: معظمه. وعبّ النبتُ: أي طال (5). و«عبّ عُبابه » المراد به طال موج الماء وارتفع وأمتدّوالعبّ: هو شرب الماء من غير مصًّ ولاتنفّس(6) ومنه قول عليّ( عليّه السلام) : «وَأيم اللهِ لاُفرِطَنَّ لَهُم حَوضَاً أنّا مَاتِحُهُ ، لايَصدُرُونَ
ص: 535
عَنهُ بِريًّ، ولايعبُّون بَعده في حِسيٍ»(1)
وقولهم: لاعَباب، أي لاتَعُبّ في الماء(2).والحسي: الماءُ الذي يشربه الرملُ فينتهي إلي أرض صلبة تحفظه، ثمّ يحفر عنه فيُستخرج (3) وفي دعاء الحسين (عليّه السلام) للاستسقاء: «عُباباً مُجَلجلاً»(4).عباباً : من قولهم: عبّ البحرُ عُباباً. وديمة أغدق رَبَابها، وأغرق عُبابها. ويقال للفرس العدّاء: يعبوب، وأصله الجدول اليعبوب وهو الشديد الجِرية، يفعول: من العُباب (5). و عُباب الأمر وغيره:أوّله(6) ومجلجلاً. يقال: سَحَاب مَجَلجِل مُجَلّل، أي راعد مطبق بالمطر (7). وجلَّل المطرُ الأرضَ عَمَّها وطبّقها فلم يَدَع شَيئاً إلّا غطّي عليه (8).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي أبي موسي الأشعري: «و إنّي لأَعبَدُ أنّ يَقولَ قَائِلُ بِبَاطِلٍ، وأن أُفسِدَ أمراً قد أصلَحَهُ اللهُ »(9).
العَبَدُ، بالتحريک: الأنّفُ والغضب والحميّة من قَول يُشتَحيا منه ويُستَنکَفُ (10). وقد فسُر قوله تعالي:﴿قُل إنّ کان للرحمنِ وَلَدُ فَأَنا أَوّلُ العَابِدين﴾ (11) بأنّه من عَبد يَعبَد، إذا اشتدّ أنّفه فهو عَبِدتُ وعابد(12) وقال عليّ (عليّه السلام) في کلّامه: «عَبِدتُ فصمَتُّ». أي: أنِفتُ فسکتُّ (13). وعَبِد وأمِدَ وأبِدَ ورَمِدَ وعَمِد وضَمِد کلّها بمعني غَضِب(14) وتعبّد الرجلُ: تنسّک، و تعبّد ته: دعوته إلي الطاعة. واستعبده وعبّده، بالتنقيل: اتخذه عَبداً (15).
وطريقُ وبعيرُ معبد: مذلّل(16). ويقال: بعيرمُعَبّد، إذا کان مکرّماً، قال الشاعر:
تقول ألا أَمسِک عليک فإنّني*** أري المالَ عِندَ الباخِلين مُعَبّداً (17) .
روي الصادق، عن آبائه (عليّه السلام): «أنّ عليّ بن أبي طالب عل سُئل عن رجل نذر أنّ يمشي إلي البيت فمرّ بمعبر، قال: فليقم في المعبر
ص: 536
حتّي يجوزه» (1).
المعبر: بکسر الميم، ما يُعبر عليه من سفينة أو قنطرة(2). واستعير للدنيا في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وقد عَبَر مَعبَر العَاجِلَةِ حَمِيداً» (3).وأصل العَبر تجاوز من حالٍ إلي حالٍ، فأمّا العبور فيختصّ بتجاوز الماء إمّا بسباحةٍ أو في سفينة أو عليّ بعير أو قنطرة (4) والاعتبار يکون بمعني الاختبار والامتحان، ويکون بمعني الاتعاظ والتذکرَ، والعبرة اسم منه (5).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام )عن الأموات: «لَقَد رجَعَت فيهم أبصَارُ العِبَر، و سَمِعَت عنهُم آذَانُ العُقُول»(6). وأبصار العبر أبصار البصائر التي يُعتبر بها، وآذان العقول مجاز في علمها بأحوالهم التي من شأنها أنّ تسمع (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الفتنة: « وتَحلُبُ عَبِيطَ الدَّمَاءِ» (8).
دم عبيط طَريُ خالصُ لاخَلط فيه، وکذلک لحم عبيط، أي صحيح طريُ ودَمُ(9)وعَبَطتُ الجزور وغيرها، إذا نحرتها أو ذبحتها من غير عِلّة، واعتبطتها اعتباطاً. والعربُ تقول: «ألحمُ عبيطٍ أم لَحمُ عارضةٍ».
فالعارضة: التي تُنحر لعلّةٍ، إمّا لکسرٍ، وإمّا المرض. والعبيط لغير علّة. واعتبط الرجلُ، إذا
المات في شبابه. ويقال: عَبَطه يَعبِطه عَبطاً، إذا قطعه بالسيف(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الموت: « و أقصَدَتکُم مَعَابِلُهُ»(11).
المِعبَلةُ: نَصلُ طويل عريض، والجمع معابل، وعَبَل السّهمَ: جعل فيه مِعبَلة. والعَبوُل: المنيّة. وعبلته عَبول کقولهم: غالته غُول. ويقال للرجل إذا مات: عَبَلته عَبُول، مثل اشتَعَبتهُ شَعَوب (12) واستعار(عليّه السلام )المعابل الأسباب الموت ومقدماته.
وفي حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف الطيور:« ورکّبَها في حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحتَجبةٍ، وَمَنعَ بَعضَها بِعَبَالةِ خَلقِه أن يَسمُوَ في الهَوَاءِ
ص: 537
خُفُوَفاً»(1).
العَبلُ: الضخم من کلّ شيء. والأنّثي عَبلة، وجمعها عِبال. وقد عَبُل بالضم عَبَالة، فهو
أعبَلُ. وامرأةُ عَبلةُ: أي تامّة الخَلق، والجمع عَبلاتُ وعِبال مثل ضَخماتٍ وضِخام. وجبلُ
أعبل وصخرة عَبلاء: بيضاء صُلبة، وقيل: العَبلاء الصخرة من غير أنّ تُخصّ بصفة.
والعَبَنبَلُ: الضّخم الشديد، مشتقُ من ذلک. وغلام عابل: سمين، وجمعه عُبّل. والعَبَل،
بالتحريک: الهَدَبُ، وهو کلّ ورق مفتول غيرُ مُنبَسط کورق الأرطي والأثل والطّرفاء وأشباه ذلک. والعَبال: الجبليِّ من الورد، وهو يغلُط. ويعظُم حتّي تُقطع منه العصيّ، ويزعمون أنَّ عصي موسي (عليّه السلام) کانت منه (2).
وجاء في الخبر أنّ في مني سَرحةً لم تُجرَد ولم تُعبَل ولم تُسرَف، سُرّ تحتها سبعون نبيّاً (3). يقال: أعبلت الشجرة، إذا سقط عَبَلُها.
والعبل: الورق. وأعبلت الشجرة: أخرجت ورقها(4) قال أبو عبيدة : إنما العَبَل ما انفتل ودقّ، فإذا انبسط فهو الورق، والهَدَب مثل العَبَل. والسّرحةُ، الواحدة من السّرح، وهو شجرُ طِوال. ولم تُجرَد، أي لم تصبها الجرادولم تُسرَف، يعني لم تصبها السُّرفَة، وهي دُويبة صغيرة. تثقب الشجر وتبني فيه بيتاً.
وسُرّ تحتها سبعون نبيّاً، يعني قُطعت أسررهم. قال الکسائي: السّرُّ: ماقطع من الصبي فبان، والسُّرّةُ ما يبقي(5) وحِقاقُ المفاصل: جمع حُقّ، وهو مجمع المفصِلين من الأعضاء کالرُّکبة، وجعلها (عليّه السلام) مُحتَجبةلأنّها مستورة بالجلد واللحم . والخفوف: سرعة الحرکة(6)
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي أهل الکوفة:«وإنّي أُذَکّرُ اللهَ من له کِتَابي هذا لمّا نَفَر إليّ، فإنّ کُنتُ مُحسِناً أعَانَني، وإنّ کنتُ مُسيئاً استَعتَبَي»(7).
الاستعتاب : الاستقالة، واستعتبته: کأعتبه تقول: استَعتبتُه فماأعتبني، أي استرضيته فأرضاني. واستعتبته فما أعتبني، کقولک: استقلته فما أقالني.(8) ومنه الحديث: «و لابَعدَ الموت من مُستَعتَب». أي ليس بعد الموت
ص: 538
من استرضاء، لأنّ الأعمال بطلت وانقضى زمانها والعتابُ مُخاطَبَةُ الإدلال ومذاكرة
الموجدة (1)ومن هذا قال على: وعُمْرُوا مَهَلَ المُسْتَعْتِب»(2)أي نالوا عمر المُسْتَرضى كما يُحبّ. وباعتبار الرضا والإدلال قال(عليه السلام)الطلحة والزبير «فلَيْسَ لَكُما، والله، عِنْدِي ولا لِغَيْرِكُما في هذا(3) وفسّر قوله(عليه السلام)في شأن عثمان عُثْبَى فكُنْتُ رَجُلاً من المُهَاجِرين أكْثِرُ اسْتِعْتَابَهُ وأُقِلُّ عِتَابَه»(4) بأنه أراد أنّي کنت أکثر طلب رضاه وأقل لاتمته (5) والعتب: کلّ مکان نابٍ بنازله، ومنه قيل للمرقاة ولأسکقة الباب عتبة، وکُنّي بها عن المرأة (6).
في حديث على(عليه السلام)عن الدنيا: «خَيْرُها زَهِيدٌ وشَرُّهَا عَتِيدٌ » (7).
عتيد : يقال عند الشيء، بالضمّ، عَتاداً، بالفتح ،حضر، فهو عَتَد وعتيد(8) أي حاضر. وتقول: هذا الفرس عَتد، أي مُعد متى ما شئت ركبت، الذكر والأنثى فيه سواء. والعتيد : الشيء المُعَدُّ أَعْتَدْناه، أي أعددناه لأمر إن حزب. وجمعه عُتُد وأعتدة والعتود الجدي الذي قد استكرش. ويقال: هو الذي بلغ السّفاد. (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عنه :«عِتْرَتُه خَيرُ العتر»(10).
العترة:أقرب أهل الرجل إليه (11) ولد الرجل وذريته من صلبه، فلذلک سُميت ذرية محمد (صلي الله عليّه وآله) من عليّ (عليّه السلام) وفاطمة عترة محمد (صلي الله عليّه وآله). قال ثعلب: حدثني ابن الأعرابي وقال: العترة قطاع المسک الکبار في النافجة، وتصغيرها عتيرة. والعترة: الريقة العذبة وتصغيرها عتيرة (12). وقال أبو عليّ القالي: هي من عتز الربح، وهو حرکتها واضطرابها. وسُمي عنترة من ذلک، لتحرکه في الحرب و تصرفه و أخذه في کلّ وجه وناحية(13) وقال
ص: 539
ابن فارس: العنترة من عتر الرمح(1) وجاء في الحديث: «لافَرَعةَ ولا عَتيرة»(2). المراد شاة تُذبح لأصنامهم في رجب في الجاهليّة(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن فضل العبادات: لَمَا في ذلک مِن تَغفير عِتَاقِ الوُجُوهِ بِالتُّرابِ تَوَاضُعاً»(4).
العتيق:هو المتقدّم في الزمان أو الرتبة، ولذلک قيل للقديم: عتيق، وللکريم :عتيق، ولمن خلا عن الرقَّ: عتيق (5).وجارية عاتق: شابّة أوّل ماأدرکت. وامرأة عتيقة: جميلة. والبيت العتيق: هو الکعبة لأنّه أوّل بيت وضع للناس(6).
عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليّه السلام) أنّه سُئل عن المعتوة أي جوز طلاقه. فقال: ما هو؟ قلت: الأحمق الذاهب العقل، فقال: نعم (7) المعتوه: وقد عَتِه عَتَهاً، من باب تعب، وعَتَاهاً بالفتح: نقص عقله من غير جنون، أو دهش. وعُتِه، بالبناء للمفعول، عَتَاهة بالفتح، وعَتَاهَية بالتخفيف، فهو معتوه بيّن العته(8).
عَثمّ ولا عيب»(1).
العَثمّ: جبر العظم عليّ غير استواء (2). قال
ابن مقبل:
أو جُبِرنَ عليّ عَثمِّ
ومنه اشتقاق اسم عثمّان (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علم الله وإحاطته بالجزئيات: «يَعلَمُ عَجِيجَ الوُحُوش في الفَلَوات، ومَعَاصي العِبَادِ في الخَلَواتِ، واختِلَافَ النَّينَانِ في البِحَارِ الغَامِرَاتِ»(4).
العجيج : يقال عجّ عجّاً وعجيجاً، رفع صوته بالتلبية(5) وسمعتُ عجّة القوم وعجيجهم، أي أصواتهم(6)والنهر العجّاج: الذي تسمع لمائه عجيجاً، أي صوتاً (7).
والنينان: الحيتان، واحدها نون(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوم الجمل لما نصره الله ورأي القوم مجدلين صرعي: «إلي الله أشکو عُجَري وبُجَري» .
البَجَرة والبُجرَة: السُّرّة الناتئة. وکلّ عقدة في الجسد فهي عُجرة، فإذا کانت في البطن فهي بُجرَة(9) ومنه قيل: رجل أبجر، إذا کان عظيم البطن، وامرأة بجراء، وجمعها بُجر، ويقال لفلان بجرة، ويقال: رجل أبجر، إذا کان ناتيء السّرّة عظيمها (10) .
وقيل: العجر النفخ في الظهور، والبجر في البطون. وضعت موضع الهموم والأشجان علي الاستعارة (11). أراد (عليّه السلام) مالحق القوم من الشقاء والخسران فهو هادي الأمّة وأبوها بعد رسول الله (صلي الله عليّه وآله). ومنه قولهم: «حدّثته بِعُجَري بُجَري، أي بغامض أمري(12)
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وکأنّه مُتَلَفَّعُ بِمِفجَرٍ أسحَمَ» (13).
المِعجَرُ والعِجار: ثوبُ تَلُفّه المرأة عليّ استدارة رأسها ثمّ تَجَلبَبُ فوقه بجلبابها،
ص: 541
والجمعُ المعاجرُ، ومنه أُخذ الاعتجار، وهو لَيُّ الثوب عليّ الرأس من غير إدارة تحت الحنَک. وهو أصغر من الرداء وأکبر من المِقنَعة. والمعجر والمعاجر: ضربُ من ثياب اليمن. والمعجر: ما يُنسج من الليف کالجوالق(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «تزوّج سمراء عيناء عجزاء مربوعة، فإنّ کرهتها فعليّ
الصداق»(2).
عجزاء: عظيمة العجيزة(3) ولا يقال للرجل: أعجَزُ، وإنما يقال : الي. وعَجَزت المرأةُ تعجزُ عَجزاً، إذا صارت عجوزاً.
و عَجِزت تعجَز عَجزاً، من التقصير، وکذلک الرجل (4) وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء، وهو ضدّ القدرة. ومن ذلک سُمّيت العجوز لعجزها في کثير من الأمور (5).
والعجزُ من کلّ شيء مؤخّره، ويذکّر ويُؤنّث (6). وفسّروا قول عليّ (عليّه السلام) : «لنا حقُّ
فإنّ أُعطِينَاه وإلاّرکِبنَا أعجَاز الإبِلِ وإنّ طَالَ السُّري»(7) بأنّه إنّ مُنِعنا حقّنا رکبنا مرکب المشقّة صابرين عليّه وإنّ طال الأمد (8).
في الحديث: «إذا رکبتم الدوابّ العِجاف فانزلوها منازلها»(9).
العجاف : جمع أعجف، وهو جمع عليّ غير قياس، وإنّما جُمع عليّ عجاف إمّا حملاً؟ علي نقيضه وهو سِمان، وإمّا حملاً علي نظيره وهو ضِعاف (10)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فو الله لو حَنَنتُم حَنينَ الوُلَّهِ العِجَالِ» (11).
العجول: من النساء والإبل: هي الواله التي . فقدت ولدها، الثکلي لعجلتها في جيئتها
وذهابها جزعاً، والجمع عُجُل وعجائل،
ص: 542
ومعاجيل عليّ غير قياس(1) والمعاجيل من الإبل: اللاتي قد فقدت أولادها بموتٍ أو نحرٍ. والعَجَل ضدُّ البطء، عَجَل يَعجل عَجلاً، والرجل عَجلان من قوم عُجالي وعَجالي وعِجال وامرأة عَجلَي. والعاجل: ضدّ الآجل(2) وجاء العاجل في الحديث بمعني صداق المرأة ومهرها. ومنه الحديث المروي عن الصادق (عليّه السلام) : «دخول الرجل علي المرأة يهدم العاجل» (3).
في حديث الصادق (عليّه السلام): «کان من قضاء النبيّ (صلي الله عليّه وآله) أنّ المعدن جُبار، والبئر جبار، والعجماء جبار»(4).
العجماء: البهيمة، وکلّ بهيمة عجماء(5).وسمّيت البهيمة عجماء من حيث إنّها لاتبين عن نفسها بالعبارة إيانة الناطق (6) ومنه قيل : کتاب فلان أعجمُ إذا لم يفهم ما کُتب (7)وباعتبار الوضوح والهداية لديه، وبصيرة من سمع لعليّ
(عليّه السلام) وأجاب قال( عليّه السلام): «اليومَ أُنّطِقُ لَکُم العُجماءَ ذاتَ البيان! عَزَبَ رأي امريء تَخَلّف عنّي»(8) فکأنّ طاعته (عليّه السلام) تجعل الأعجم ذا بيان. قال ابن ميثم: کني بالعجماء ذات البيان علي الحال التي يشاهدونها من العبر الواضحة والمثلات التي حلّت بقوم فسقوا أمر ربّهم، وعمّا هو واضح من کمال فضله (عليّه السلام) بالنسبة إليهم، وما ينبغي لهم أنّ لا يعتبروا من حال الدين، ومقتضي أوامر الله التي يحثّهم علي اتّباعها. وقال بعضهم: العجماء صفة المحذوف تقديره: الکلّمات العجماء (9).
قال السرخسي: الحجّة مالم يتکلّم بها ولم تظهر فهي عجماء، فإذا نطق بها من يعلمها صارت ذات بيان(10). وعَجمُ الإبل: صغارها، والعَجمُ أيضاً: مصدر عجمتُ الرجلَ أعجمُه، إذا رُزته(11) وتقول للرجل العزيز النفس أنّه لصُلبُ المَعجَمِ، أي: إذا
ص: 543
عجمته الأمور وجدته متيناً (1) والعَجَمُ
النّوي(2). والإنسانُ يعجُم التمرة، إذا لاکها بنواتها في فمه (3). وأعجمتُ الکتاب نقَطتُه وشکلته (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کَذَبَ العَادِلُونَ بِکَ، إذ شَبَّهُوک بِأضنَامِهم، ونَحَلُوکُ حِليَةَ المَخلُوقِينَ بأَوهَامِهم»(5).
العادل: المشرک الذي يَعدِلُ بربّه. وعِدلُ الشيء نظيره. والعَدلُ: أنّ تعدِل الشيء عن وجهه فتميله. عدلتُ عن کذا، وعدلتُ أنّا عن الطريق. والعَدلُ: الفداء(6) ومن هذا جاء قوله تعالي:﴿واتقّوا يَوماً لاتَجزي نَفسُ عن نفسٍ شيئاً ولا يُقبل منها عَدلُ﴾ (7) والعِدل: العِکمُ إذا عُدل بمثله(8) ولا يقال إلّا للحِمل،وسُمّي عِدلاً، لأنّه يُسوّي بالآخر بالکيل والوزن (9).
عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر( عليّه السلام) قال: «إنّما شيعتنا المعادن
والأشراف وأهل البيوتات، ومن مولده طيّب». قال علي بن جعفر: فسألته عن تفسير
ذلک، فقال: «المعادن من قريش، والأشراف من العرب، وأهل البيوتات من الموالي،
ومن مولده طيّب من أهل السواد»(10). المَعدِن: مکانُ کلّ شيء يکون فيه أصله ومبدؤه نحو مَعدِن الذهب والفضّة والأشياء وفي الحديث: فعن معادن العرب تسألوني؟
قالوا: نعم. أي أصولها التي ينسبون إليهاويتفاخرون بها. وفلان مَعدن للخير والکرم، إذا جُبل عليها. والمعدِن هو المکان الذي يثبت فيه الناس لأنَّ أهله يقيمون فيه ولايتحوّلون عنه شتاءٍ ولا صيفاً، ومعدن کلّ شيء من ذلک، ومعدن الذهب والفضّة سُمّي مَعدِناً لإنبات الله فيه جوهرهما وإثباته إيّاه في الأرض حتّي عَدَن، أي ثبت فيها(11)ومنه اشتقاق﴿جنّات عدن﴾ (12) أي دار مقام (13).
ص: 544
وفي الحديث: «الناس معادن»، شبّه( صلي الله عليّه وآله) الناس بالمعادن التي تکون في قرارات الأرض، فلا يُحکم عليّ ظواهرها حتّي يُستخرج دفائنها ويُستُنبط کوامنها، فيکون منها اللجين والنضار ويکون منها النفط والقار(1)وجاء في حديث الصادق (عليّه السلام) : «کان من قضاء النبيّ (صلي الله عليّه وآله) أنّ المعدن جُبار»(2) أي إذا انهار المَعدِنُ علي أحدٍ فدمه هَدَرُ (3).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) : «عدواي إلي ربّي»(4).
عدواي: من قولهم: استعديت الأمير فأعداني، أي طلبت منه النصرة فأعانني ونصرني، والاسم العَدوي بالفتح(5)وعداه ذلک الأمر عن الشيء يعدوه، إذا صرفه عنه، . وما عدا ذاک بني فلان، أي ما جاوزهم(6).ومنه جاء قول عليّ (عليّه السلام )للزبير: «عَرَفتَني بالحِجَازِ وأنکَرتَنِي بالعِراقِ، فما عَدَا مِمَّا بَدَا»(7)يريد ما شغلک وما منعک عمّا کان بدالک من نصرتي(8) قال ابن الأنّباري: معناه ما صرفک عنّي ممّا ظهر لک منّي(9) وعُدوة الوادي: جانبه، بضم العين وکسرها (10).
والعَدوَي: ما يقال: إنّه يُعدِي من جَرَب أو داء(11). واستُعير منه للکبر والعصيان في إبليس في حديث عليّ عليّه السلام : «فَاحذَوُا عِبَادَ الله عَدُوَّ الله أنّ يُعدِيکُم بِدَائِه»(12).
والعَدوُ: التعدّي في الأمر، وتجاوز ما ينبغي له أنّ يقتصر عليّه(13)ومن هذا کتب عليّ الا إلي معاوية: «فَعَدوتَ علي الدُّنيا بِتَأويلِ القُرآنِ» (14). وباعتبار الکيد والعدوان ا الدي معاوية عرض به عمل في شأن عثمّان بقوله: «فأيُّنا کان أَعدَي لهُ، وأهدَي إلي مَقَاتِلِه»(15).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اعذِبُوا عن النَّسَاء
ص: 545
ما استَطعتُم»(1).
اعذبوا: معناه اصدفوا عن ذکر النساء وشغل القلب بهنّ، وامتنعوا من المقاربة لهنّ (2). وأعذب عن الشيء، إذا امتنع منه. والعَذب؛ ضدّ المِلح، وکلّ مستسيغ من طعامٍ أو شرابٍ.
وجمعه عِذاب (3) ومن هذا کتب عليّ( عليّه السلام ) إلي معاوية واصفاً عداء قريش: «ومَنَعونَا من العَذبَ، وأَحلَسُونَا الخَوفَ»(4) وعَذبةُ السّوط: طَرَفُه (5) وکذلک عَذبة اللسان (6).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «اخشَوهُ خَشيَةً لَيسَت بِتَغذيرٍ، واعمَلوا في غَير رِيَاءٍ ولاسُمعَةٍ ، فإنّه مَن يَعمل لغير الله يَکِلهُ أللهُ لِمَن عَمِل لَهُ»(7).
التعذير في الأمر التقصير فيه. وأعذر، قصّر ولم يُبالغ وهو يُري أنّه مبالغ. وأعذر فيه: بالغ. والمُعَذّر : هو المظهر للعذر اعتلالاً من غير حقيقة، علي جهة المفعّل، لأنّه الممرّض والمقصر يعتذر بغير عُذر (8) ومنه قوله تعالي:﴿وجاء المعَذَّون من الأعراب﴾ (9) ومنه حديث عبد الرحمن بن الحجّاج قال: أکلّنا مع أبي عبدالله (عليّه السلام ) فأوتينا بقصعةٍ من أرز فجعلنا نعذر، فقال (عليّه السلام) : ما صنعتم شيئاً (10).
وأعذر: أزال العذر، ومنه قول عليّ (عليّه السلام) : «فقد أعذَرَ اللهُ إليکُم بحُجَج مَسفِرَةٍ ظَاهِرةٍ، وکُتُبٍ بَارِزِةِ العُذرِ وَاضِحَةٍ»(11).
وفي حديث الصادق (عليّه السلام ): «تجوز شهادة النساء في العُذرة وکلّ عيب لا يراه الرجال» (12). العُذرة: عُذرة الجارية. وعَذَر المرأةَ وأعذرها: ذهب بعُذرَتِها. وهو أبوعُذرها(13). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «مَن يَعذِني من هؤلاء الضَبَاطرة». وحديثه الآخر قال وهو ينظر إلي ابن مُلجَم : «عَذيرک مِن خليلک من مُرادِ». يقال: عذيرک من فلان بالنصب، أي هاتِ مَن يَعذِرُک فيه، فعيل بمعني فاعل(14) والعذير: النصير، يقال: من
ص: 546
عذيري من فلان، أي مَن نصيري. وعذير الرجل ما يروم و ما يحاول ممّا يُعذر عليّه إذا
فعله(1). وإلي هذا أشار عليّ عليّه السلام لمحمّد (صلي الله عليّه وآله )« أرسَلَهُ لإنفَاذِ أَمرِهِ، وإنهَاءِ عُذرِه» (2).
وقولهم : من عذيري من فلان، معناه من يعذرني منه (3) والعذير : الحال، وأنشد العجّاج يخاطب امرأته: جاريَ لا تستنکري عذيري.
سَيري وإشفاقي علي بعيري*** والعذير جمعه عُذُر مثل سرير و سُرُر
وإنّما خُفّف فقيل عُذر، قال حاتم:
أماوِيَّ قد طال انتجنُّب والهَجر ***وقد عذرتني في طِلابکُم العذرُ
أماوي إنّ المال غادٍ ورائحُ ***ويَبقَي من المال الأحاديثُ والذَّکرُ(4).
وفي الحديث : لا وليمة إلّا في خمس : في عرس، أو خِرس، أو عِذار، أو وِکار، أو رِکاز العذار: الختان.(5) يقال: عَذَرتَ الغلام، من باب ضرب، فهو معذور، وأعذرته، لغةً فيه ختنته(6) ولا يقال: خفضت الغلام ولا عذرت الجارية. والإعذار : طعام الختان، قال الراجز :
کلّ الطعام تشتهي ربيعه*** الخرس والأعذار والنقيعة(7)
في حديث عليّ( عليّه السلام) يصف المنافقين: «إنّ باب الذال والراء. سَأَلوا ألحَفُوا، وإنّ عَذَلُوا کَشَفُوا»(8).
العذل: يقال: عذلتُ الرجلَ عَذلاً وعَذلاً، إذا لُمته (9). واعتذل الحرُّ: اشتدَّ . قال أبو عبيد : أيّام مُعتذلات: شديداتُ الحرارة (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن بني أُميّة:« کالنَّابِ الضَّرُوس تَعذِمُ بِفيِهَا، وتَخبِطُ بِيَدِهَا، وتَزبِنُ بِرِجلِهَا» (11).
العذمُ. العضُّ والأکلُ بِجَفاء. والعذم الأخذ باللسان واللومُ، والعُذُم: اللوّامون والمُعاتبون، والعذيمة: الملامة، والجمع العذائم (12) ومنه الخبر: «أنَّ رجلاً کان يُرائي ولا يَمرُّ بقوم إلّا عَذَموه»، أي أخذوه
ص: 547
بألسنتهم(1) والعذم: المنع، يقال: لأعذمنّک عن ذلک ، وعذمه عن نفسه: دفعه، وکذلک أعذمه. وموتُ عَذَمذَمُ: لايُبقي شيئاً (2).
والعذمذم: الکيل الجُزاف (3) والعُذُم : البراغيث، واحدها عَذوم،(4)والعذائم: الشَّيصاء من التَمر، والعُذَّام، والواحدة عُذَّامةُ شجر من الحمض يَنشَدِخ إذا مُسّ (5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «ألا وإنَّ الشَّجَرَة البَرَّيَّة أصلَبُ عُوداً،
والرَّواتِع الخَضِرةَ أرقّ جُلُوداً، والنابتات العِذيَةَ أقوَي وَقُوداً، وأبطَأ خُمُود اً»(6).
العِذي : مايُسقي بماء السماء(7)من النبات والنخل والزرع، والجمع أعذاء، وفتح العين لغة، يقال : عَذيَ، فهو عَذٍ، وعَذِيُّ علي فعيل أيضاً(8) ويقال أيضاً لواحده عَذاة (9) وعذيت الأرضُ فهي عَذِيَةُ و عَذاة (10). يقال للأرض الطيّبة التربة الکريمة المنبت، قال:
بأرضٍ هجانِ التُرب وَسميَّة الثّري *** عَذاةٍ نأت عنها الملوحةُ والبحر (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وأقِلُّوا العرجَةَ علي الدُّنيا»(12).
العرجة: من قولهم: مالي عليه عُرجة ولا تعريج ولامعرَّج، أي تلبُّث. ويقال: عَرَّجوا بنا في هذا المکان، أي انزلوا بنا فيه. وعرّجتُ عليّ فلان، أي عطفتُ عليه (13) والعروج: ذهاب في صعود. والعَرجُ: قطيع ضخم من الإبل، کأنّه قد عَرَجَ کَثرةً، أي صعد(14).والعرجاء: الضَّبُعُ، وانعرج الطريق والوادي ، إذا مال(15) والعَرج: موضع بالحجاز، يُنسب إليه العَرجي الشاعر (16) وذکره عليّ (عليّه السلام )بقوله:
ص: 548
«فَجَعلتُ أتبَعُ مأخَذَ رَسُولِ الله (صلي الله عليّه وسلم) فَأطَأ ذکرَهُ، حَتّي انتَهَيتُ إلي العَرج» (1).
وقوله( عليّه السلام): «عَرَّجوا عن طَريق المُنَافَرة» (2).
أي ميلوا عنها واترکوها.
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عمّاله: «وأَنا أَبرأ إلَيکُم وإلي وذِمَّتِکُم مِن مَعَرَّةِ الجَيشِ، إلّا من جَوعَةِ المُضطَرّ»(3).
المعرّة: المساءة والإثمّ (4) وعررته بالشرَّ أعُرُّه عَرّاً، إذا لطخته به (5). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): «أو يَعُرّ بأَمرٍ فَعَلهُ غَيرُه»(6) وقيل للمعرّةِ معرّة تشبيهاً بالعَرَّ الذي هو الجرب (7).
والعُرّ، بضم العين: قروح تخرج في مشافر الإبل وقوائمها(8) وعِرار الظليم: صياحه (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وقد أردتُ تَؤلِيَةَ مِصرَ هاشمَ بن عُتبَة، ولو وَلَّيتُهُ إيَّاهَا لَمَّا خَلَّي لَهُم العَرصَةً»(10).
العرصة: کلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، سُمّيت بذلک لاعتراص الصبيان فيها، وجمعها عَرصات (11). والعَرَصُ: النشاط(12) ومراده(عليّه السلام )بالعرصة مصر لِّما غلب محمد بن أبي بکر وقُتِل فيها، وقد استعار( عليّه السلام)لها العرصة، لأنّهم جاءوها لاهين لاعبين. وکأنهم صبيان قصدوها، لتکون الکلمة معبّرة عن جدّهم ونشاطهم فيها(13).
والعَرصُ: خشبة توضَع عليّ البيت عُرضاً، إذا أراد تسقيفه ثمّ يوضع عليّه أطراف الخشب الصغار. وعرّصتُ السقف تعريصاً. والعرّاصُ من السحاب: ما أطلّ من فوق، فقرب حتّي صار کالسقف، ولا يکون إلّا ذا رعدٍ و برق(14). وعَرِص البرق وارتعص ارتعاصاًوهو اضطراب في السحاب، فالبرق عرّاص، وربّما سُمّي السحاب عَرّاصاً لاضطراب البرق فيه(15). وقد وصف عليّ( عليّه السلام) من وقع في فخاخ الشيطان وحبائله سادراً في ضلاله
ص: 549
بأنّه «في حَؤمةِ ، وحَلقةِ ضِيقٍ، وعرصة مَؤت، وجَولَةِ بَلاَء» (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وتَلَوُّنٍ واعتِرَاضٍ»(2).
الاعتراض: يقال: تعرّض الجملّ، إذا أخذ في سيره يميناً وشمالاً لصعوبة الطريق. وأعرض فلان، أي ذهب عرضاً وطولاً(3) .وعُرِض لفلان، إذا جُنّ. وخرج يُعارض الريحَ، إذا لم يستقبلها ولم يستدبرها(4)وفي حديث السجاد في وصف المنافق: «إذا قام إلي الصلاة اعترض». وسُئل (عليّه السلام) عن الاعتراض، فقال: الالتفات (5) والعارض: الخدّ، والعوارض: الثنايا، سُمّيت عوارض لأنّها في عُرض الفم، وقيل: عارض الفم ماييد و منه عند الضحک(6) والعارض من السحاب: ماسدَّ الأفق (7).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي طلحة والزبير: «إنّ العَامّة لَم تُبَايِعنِي لِسُلطانٍ غَالِبٍ، ولا لِعَرَضٍ حَاضِرٍ» (8) العَرَض، بفتحتين: مَتاعُ الدنيا(9). والعَرَضُ: مالا يکون له ثبات ، ومنه استعار المتکلّمون العرَض لما لاثباتَ له إلّا بالجوهر کاللون والطّعم. وقيل: الدنيا عَرض حاضرُ تنبيهاً. أنّ لاثبات لها (10).والعَرض ،بالسکون: المتاع، قالوا: والدراهم والدنانير عين وما عارضة سواهما عَرض، والجمع عروض.
وقال أبو عبيد: العروض الأمتعة التي لايدخلها کيلُ ولا وزن ولا تکون حيواناً ولاعقاراً (11). والعِرض: موضع الذم والمدح من الإنسان ، ولا فرق بين سلفه ونفسه (12).
والعِرضُ من الإنسان جسده، وفي الحديث في صفة أهل الجنّة: لايبولون ولا يتغوّطون، إنّما هو عَرق يخرج من أعراضهم کريح المسک (13).
وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي الحارث الهمداني: «وإيّاکَ وَمقَاعِدَ الأَسواقِ، فإنّها مَحَاضِرُ الشيطان، ومَعَاريضُ الفِتَنِ» (14).
ص: 550
المِعراض، بالکسر : سَهم يُرمَي به بلا ريش ولا نصل يمضي عرضاً فيصيب بِعرَض العود
لابحدّه(1)وجاء بها(عليّه السلام )من باب الاستعارة .
والتعريض خلاف التصريح من القول، کما إذا سألت رجلاً هل رأيت فلاناً وقد رآه وهو
يکره أنّ يکذب فيقول: إنّ فلاناً ليري، فيجعل کلّامه مِغراضاً فراراً من الکذب، وهذا معني
المعاريض في الکلّام. ومنه قولهم: إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الکذب(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) لنوف البکالي: «أو صَاحِبَ عَرطَبَةٍ»(3).
العرطبة: الطبل (4).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن أهل الشجاعة والسخاء: «فإنّهم جِمَاعُ من الکَرَمِ، وشُعَبُ مِن العُرفِ»(5).
العُرف: هو المعروف، والمعروف اسم جامع لکلَّ ماعُرِف من طاعة الله والتقرّب إليه والإحسان إلي الناس، وکلّ ماندب إليه الشرع(6)وقد استُعير منه لألطافه تعالي وحبا ياه في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللّهم ولِکُلّ مُثنٍ عَلي مَن أَثنَي عليّه مَثُوبَةُ مِن جَزَاءٍ، أو عَارِفَةُ مِن عَطَا ءٍ» (7).
وفي الحديث أنّه قال (عليّه السلام ): «حَملةُ القرآن عُرَفاء أهل الجنّة »(8).
العرفاء: جمع عريف، وهو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورَهم ويتعرّف الأميرُ منه أحوالهم، فعيل بمعني فاعل، مثل عليم وعالم.
وقد سئل ابن عباس عن معني العرفاء في الحديث فقال: رؤساء أهل الجنّة (9) ورجل عروف وعروفة: عارف يعرف الأُمور ولا ينکر أحداً رآه مرّةً، والهاء في عَرُوفة اللمبالغة(10)وأراد عليّ(عليّه السلام )بقوله: «إلّا أنّ يَکونَ عَشَّاراً، أو عَرِيفاً» (11) عرفاء السوء.
وفي حديث عليّ (عليّه السلام ): «حبّذا أرض الکوفة أرض سواء سهلة معروفة». معروفة:
ص: 551
أي طيّبة العَرف. والعَرف: الريح، طيّبة کانت أو خبيثه. يقال: ما أطيب عَرّفه! والتعريف:
التطييب من العَرف. وعَرّفه: طيّبه وزيّنه (1)
ومن هذا قال عليّ( عليّه السلام)«ولَو أَرادَ اللهُ أنّ يَخلُقَ آدَمَ مِن نُور يَخطَفُ الأبصَارَ ضِيَاؤهُ، ويَبهَرُ العُقُول رُوَاؤهُ ، وطِيب يَأخُذُ الأنفَاسَ عَرفهُ»(2) ومنه فسّر ابن عباس قوله تعالي: ﴿يُدخلهم الجنّة عَرّفها لهم ﴾(3) أي طيّبها لهم بأنواع الملاذ، مأخوذ من العَرف. تقول العرب: عرّفتُ القدر، إذا طيّبتها بالملح والأبزار (4).
وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَما رَاعَني إلّا والناسُ کَعُرفِ الضَّبُعِ إليّ ، يَنثَالَون عَليَّ من کُلّ جَانِبٍ»(5) عُرف الضبع: يقال للضبع عَرفاء لطول عُرفها وکثرة شعرها. وعُرف الديک والفرس والدابة وغيرها: منبت الشعر والريش من العُنق، واستعمله الأصمعي في الإنسان (6) وعرف الضّبُع ثخين، و يُضرب به المثل في الازدحام (7). وانثالوا، أي انصبّوا واجتمعوا من کلّ وجه، وهو مطاوع ثال يثول ثولاً، إذا صبّ مافي الإناء (8).
وفي حديث أبي جعفر قال: «کان أميرالمؤمنين( عليّه السلام )يقول: لا آخذ بقول عرّاف، ولاقائف ولا لصًّ، ولا أقبل شهادة الفاسق إلّا عليّ نفسه»(9).
العرّاف: الکاهِن إلّا أنّ العرّاف يختصّ بمن يُخبر بالأحوال المُستَقبَلةِ، والکاهن بمن يُخبر عن الأحوال الماضية. والعريف بمن يَعرف الناس ويُعرّفهم ، قال الشاعر:
بعثوا إليّ عر يفهم يتوسّم (10). قال الجاحظ: هو دون الکاهن. قال الشاعر:
جعلتُ العرّاف اليمامة حکمه*** وعرّافِ نجدٍ إنّ هُما شَفياني(11).
العظم يَعرُقه عَرقاً وتعرّقه واعترقه: أکلّ ماعليّه والمِغرق حديدة يُبري بها العُراق من العظام (1)والمراد لاشيء أخبث من عظم خنزير بلا لحم في يد مستحلّ للخنزير مجذوم.
أخبر (عليّه السلام) عن خساسة الدنيا وخساسة من قنع بها (2). واستعار عليّ (عليّه السلام) العَرق للذلّة والضعف بقوله: «والله إنّ امرءاً يُمَکَّن عَدوَّه مِن نَفسِه يَعرُقُ لَحمَهُ، ويَهشِمُ عَظمَهُ، ويَفرِي جِلدَهُ، لَعظِيمُ عَجزُهُ»(3) وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «مِشکِينُ ابنُ آدَمَ، مَکتُومُ الأَجَلِ،
مَکنوُنُ العِلَل، مَحفُوظُ العَمَل، تُولِمُهُ البَقَّةُ ، وتَقتُلُه الشَّرقَةُ ، وتُيتِنُهُ العَرقةُ»(4).
العَرَقُ: ماء الجسد يجري من أصول الشعر، وإنّ جُمع فقياسه أعراق مثل حدث وأحداث وسبب وأسباب. ولَبنُ عَرِقُ: فاسد الطّعم. وعِرقُ الشجرة وعروق کلَّ شيءأطنابه تَنبت من أصوله. وأعرق الشجر :امتدّت عروقه. والعريق من الناس والخيل الذي فيه عِرقُ من الکرم. والعِراق: شاطيء البحر علي طوله، و به سُمّي العراقُ لأنّه علي شاطيء دِجلَةَ والفرات (5). ومن المجاز جاء الحديث : «ليس لِعرق ظالم حقّ». وهو الذي
يغرسُ في الأرض علي وجه الاغتصاب، أو في أرض أحياها غيره ليستوجبها لنفسه،فوصف العرق بالظلم مجازاً ليُعلم أنّه لاحرمة له (6).
وفي حديث أبي جعفر( عليّه السلام) : أنّ النبيّ( صلي الله عليّه وسلم ) قال للذي أتي امرأته في شهررمضان «تصدّق علي ستّين مسکيناً، فقال: لا أجد فأتي النبي( صلي الله عليّه وآله)وبعرقِ أو مکتل فيه خمسة عشر صاعاً من تمر فقال له( صلي الله عليّه وآله): خذها وتصدّق بها»(7). العرّق: کلّ مضفورٍ مصطفّ، واحد ته عَرقة (8) قال الأصمعي: أصل العرق السقيفة المنسوجة من الخوص قبل أنّ تجعل منها زَبيلا، فسمّي الزبيل عرقاً لذلک، ويقال اله: العَرقة أيضاً. وکذلک کلّ شيء مصطفّ مثل الطير إذا اصطفّت في السماء فهي
ص: 553
عرقة(1) والمِکتل والمِکتلة: الزَّبيل الذي يحمل فيه التمر أو العنب (2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن فساد الزمان :«فَتَاهُم عَارِمُ، وشَائِبُهُم آثمِّ»(3).
العرام: وزان غُراب: الحِدَّةوالشَّرَس، يقال : عَرَم يعرم، من بابي ضرب وقتل، فهو عارم. وعرِم عَرَماً فهو عَرِم من باب تعب لغة فيه (4). ومنه قوله تعالي : ﴿سيل العرم﴾(5) .قيل : أراد سيل الأمر العِرَم(6)قال الشاعر:
إنّي امرؤ تذبّ عن محارمي*** بسطةُ کفًّ ولسان عارِم (7)
وقول عليّ (عليّه السلام )«وَاعتِزَام مِنَ الفِتَنِ»(8) قد روي بالراء المهملة، أي کثرتها(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «فَجّر يَناَبِيعَ العُيوُنِ مِن عَرَانِينِ أُنُوفِهَا»(10).
العرنين: الأنّف کلّه، وقيل: هو ما صَلُبَ من عظمِه. وفي صفته( صلي الله عليّه وآله)، أقني العرنين، أي الأنّف و عرنين کلّ شيء اوّله (11)والمراد أعالي الجبال، لأنّ أکثر الينابيع تنبع من بين الجبال. فاستعار لها أنّف الإنسان. قال الشيخ عبده: إنّ الاستعارة من ألطف أنّواعها في هذا المقام (12) والعرينة والعرين: مأوي الأسد الذي يألفه. وأصل العرين جماعة الشجر، والشّوک والعضاه. والعَرَين والعَرَن: اللحم المطبوخ، قال ابن الأعرابي: أعرنَ إذا دام علي أکلّ العَرَن. والعرين: الفِناء، والعران: القتال، وألعِران: الدار البعيدة. والعران: البُعد وبُعد الدار، يقال: دارهم عارنة أي: بعيدة، و ديار عِران(13). ومنه الخبر: «أنّ بعض الخلفاء دُفِن بعرين مکّة» أي بِفنائها(14).
و عُرَنة، بوزن هُمَزة: وادٍ بحذاء عرفات. وقيل بطن عُرَنة: مسجد عرفة والمسيل کلّه، وذکرها الشاعر بقوله:
ص: 554
أبکاک دون الشعب من عرفات*** بمدفع آيات إلي عُرَناتِ (1)
و عُرَنة ليس من الموقف، ومنه الحديث: «ارتفعوا عن بَطن عُرنة»(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الکوفة: «تُعرَکينَ بالنَّوَازِل»(3).
العرک: يقال: عرکه الدهرُ: حنّکه .وعرکتهم الحربُ تعرُکُهم عَرکاً: دارت عليهم، وکلاهما علي المثل. وعرک الأديمَ وغيره يَعرُکه عرکاً: دلکه دلکاً. وعرکتُ القوم في الحرب عَرکاً، کأنّه حکه حتّي عفّاه واعترک القوم في المعرکة. بفتح الراء وضمها: اعتلجوا، وازدحموا. واعترکت الإبل في الورد: ازدحمت. وماء معروک إذا کان سلساً مطاوعاً منقاداً(4). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام ) لابن عباس: «ألقَ الزُّبَيرَ فإنّه أليَنُ عَرِيکَةً» (5).
ولقيته عرکة بعد عرکةٍ: أي مرّة بعد مرّة. وناقة عروک: لم يکن في سنامها إلاّ شحم
يسير. وعريکة البعير : سنامه إذا عرکه الحِمل. والأرض معروکةُ: عرکتها السائمة بالرعي
حتّي صارت جدبة (6) واستعار الصادق (عليّه السلام ) منه للمشقّة والأذي بقوله: «فتصبروا وتعرکوا بجنوبکم»(7) ومن هذا جاءت وصيّة عليّ (عليّه السلام) : «طُوبَي لِنَفسٍ أدّت إلي رَبّها فَرضَها، وعَرکَت بِجَنبِها بُوسَها» (8) يقال: عرک فلان بجنبه الأذي، أي أغضي عمّن يؤذيه، وصبر عليّ فعله(9).
في الحديث: «رخّص النبيّ (صلي الله عليّه وآله) في العرايا» .
العرايا: واحدها عريّة، وهي النخلةيُعربها صاحبها رجلاً محتاجاً. والإعراء أنّ يجعل له ثمّرة عامها، يقول: رخّص لرب النخل أنّ يبتاع من تلک النخلة من المُعري بتمر لموضع حاجته. وکان النبي (صلي الله عليّه وآله) إذا بعث الخراص قال: «خفّفوا في الخرص ، فإنّ في المال العريّة والوصية» (10). وقال بعضهم: بل هو الرجل يکون له نخلة وسط نخل کثير
ص: 555
لرجل آخر، فيدخل ربّ النخلة إلي نخلته فربّما کان مع صاحب النخل الکثير أهله في
النخل فيؤذيه بدخوله، فرخص لصاحب النخل الکثير أنّ يشتري ثمر تلک النخلة من
صاحبها قبل أنّ يَجُدّه بتمر لئلّا يتأذّي به(1).
قال الزمخشري : سُمّيت عَريّة، لأنّه إذا وهب ثمّرتها فکأنّه جرّدها من الثمّرة وعرّاها منها، ثمّ اشتق منها الإعراء(2) والعريّة فعيلة بمعني مفعولة ، من عراه يعروه، إذا قصده. ويحتمل أن تکون فعيلة بمعني فاعلة، من عَرِيَ يَعرَي، إذا خلع ثوبه، کأنها عُرّيت من جملة التحريم فعريت: أي خرجت. وفي خبر أبي سَلَمة: «کنتُ أري الرؤيا أغرَي منها». أعري: أي يصيبني البَردُ والرَّعدَهُ من الخوف، يقال: عُرِي فهو مَعروُّ، والعُرَوَاء. الرَّعدةُ (3)وهي الرَّعدة عند الحمّي ، يقال منه: قد عُرِي الرجلُ فهو مَعروّ، إذا وجد ذلک، فإذا تثاءب عليّها فهي الثُّوباء ، فإذا تمطّي عليّها فهي المُطوَاء، فإذا عرِق فهي الرُّحضاء. ومنه الحديث المرفوع أنّه جعل يَمسَح الرحَضَاء عن وجهه في مرضه الذي مات فيه (صلي الله عليّه وآله )(4)وعراه أمرُ يعروه عَرواً، إذا حلّ به(5) ومن هذا جاءوصف عليّ (عليّه السلام) للمنافق: «وإن عَرَتهُ مِحنَةُ
انفَرَجَ عن شَرائِطِ المِلَّةِ»(6)والعُروة: عروة الدلو والکوز، والجمع عُري(7) واستعار منها للروابط والعلاقات في وصفه (عليّه السلام) للموتي بقوله: «بَلِيَت بَينَهُم عُرَي التَّعَارُفِ »(8) وفي الحديث : «إنّ الکاسيات العاريات والمائلات المميلات لايدخلن الجنّة». أي اللواتي يلبسن الرقيق الشّفاف(9) وقيل: أي کاسيات من نعم الله عاريات من الشکر (10).
﴿لايَغزُبُ عنه مِثقالُ ذَرّة﴾(1) أي لا يغيب.
ومنه حديث أم مَعبَد: «والشاءُ عازب حِيَال». عازب: أي بعيدة المرعي لاتأوي إلي المنزل في الليل. والحيال: جمع حائل، وهي التي لم تحمل(2) وباعتبار البعد عن النقمة جاءت الاستعارة في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَمَن أَخَذَ بالتَّقوي عَزَبَت عَنه الشَّدَا ئِدُبَعدَ ذُنُوّها (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) بعد التحکيم في صفّين: «ما أنّتُم بِوَثِيقَةٍ يُعلَقُ بها، ولا زَوَافِرِ عِزًّ يُعتصَمُ إلَيها»(4).
العزّة: يقال: عزّ الرجلُ عِزّا بالکسر، وعَزازةً، بالفتح: قَوِي بعد ذلّة (5) والزوافر جمع زافرة، وهي خاصّة الرجل(6) وعَزَّ الشيء عِزّاً و عزازةً تعذّر وقلّ فلا يکاد يوجد. والشيء عَظُم (7). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام): «فإنّ کَثرَةُ الإطرَاءِ تُحدِث الزَّهوَ، وتُدنِي مِن العِزَّةِ»(8)وکلّ شيء صَلُب فقد استعزَّ، وبه سُمّي العَزَازُ من الأرضِ، وهو الطين الصُلب الذي لا يبلغ أنّ يکون حجارة(9)
وسيلُ عِزَّ: غالبُ(10). ومنه المثل السائر «من عِزُّ بزَّ». أي من قَهَر سَلَبَ (11)وباعتبار الغلبة لله في العزّ قال عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «قَاهِرُ مَن عَازّه» (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الجنّة: «فَلَؤ رَمَيتَ بِبَصَر قَلبِکَ نَحوَ مَا يُوصَفُ لَکَ مِنهَا لَعَزفَت نَفسک عن بَدَائع ما أُخرِجَ إلي الدُّنيا مِن شَهَواتِها ولَذَّاتِها»(13).
الغُزُوف: يقال: عَزفت نفسي عن الشيء تعزِف و تَعزُف عَزفاً وعُزوفاً: ترکته بعد إعجابها وزهدت فيه وانصرفت عنه. ورجل عَزوفُ عن اللهو، إذا لم يشتهه، وعزوف عن النساء، إذا لم يصبُ إليهنَّ . والعزيف : صوت الرمال إذا هبّت بها الرياح. وعزفُ الرياح:
ص: 557
أصواتها. والعربُ تجعل العزيف أصوات الجنَّ، وعَزف الدّفَّ: صوته. والعَزف: اللعب بالمعازف ، وهي الدفوف وغيرها ممّا يُضرب. وواحد المعازف ومِعزَف ومِعزَفة. وعَزَفَ الرجلُ يَعزِفُ، إذا أقام في الأکلّ والشرب(1) وجاء في الحديث :«أنّ الله بعثني ، لأمحقَ المعازف والمزامير»(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «کِتَابَ رَبّکُم فِيکُم، مُبَيّناً حَلَالَه وحَرَامَه، وفَرائِضَه وفَضَائِلَه، ونَاسِخَهُ ومنسُوخَه، ورُخَصَهُ وعَزَائِمَهُ وخَاصّه وعَامّه، وعِبَرَهُ وأمثالَهُ، ومُرسَلَهُ ومَحدُودَهُ، ومُحکَمهُ وَمُتَشَابِهَهُ»(3).
عزائم الله: موجباته، والأمر المقطوع عليّه، لاريب فيه ولا شبهة، ولاتأويل فيه ولا نسخ (4) ومنه حديث ابن مسعود: «إنّ الله يُحبّ أنّ تُؤتَي رُخَصَه کما يُحبُّ أنّ تُؤتي عزائمه»(5). ومنه عزائم القرآن، وهو فرض السجود فيها، وهي: الم تنزيل، وحم السجدة، والنجم إذا هوي، واقرأ باسم ربّک، وما عداها مسنون وليش بمفروض(6) وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «إذا لقيت السَبع فاقرأ في وجهه آية الکرسي وقل له: «عزمت عليّک بعزيمة الله وعزيمة محمد (صلي الله عليّه وآله) وعزيمة سليمان بن داود وعزيمة أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من بعده»(7). عزمت عليک: أي أقسمت عليّک. وعزيمة الله: عهد الله وحقوقه ومواثيقه(8). والعزم من الإنسان الجدّ والاجتهاد. يقال : عزم عليّ الأمر يعزم عزماً ومَغزماً ومعزِماً. وعُزماً وعزيماً وعزيمةً وعَزمةً، واعتزمه واعتزم عليّه: أراد فعله. قال الليث: العزم ماعقد عليه قلبک من أمر أنّک فاعله (9) ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولا تَجتِمعُ عَزِيمَةُ وَوَلِيمَةُ»(10) .
وأراد بالعزيمة العزيمة عليّ اقتناء الفضائل واکتسابها. وکني بالوليمة عن خفض العيش والدعة، لاستلزام الوليمة ذلک. والمعني أنّ العزيمة علي تحصيل المطالب الشريفة وکرائم الأمور ينافي الدعة وخفض العيش (11).
ص: 558
وقوله (عليّه السلام) : «ماأنقَضَ النَّوم لِعَزائِم اليَومِ»(1) أصله أنّ الإنسان يعزم في النهار عليّ المسير بالليل ليقرب المنزل فإذا جاء الليلُ نام إلي الصباح فانتقض بذلک عزمه، فضربه( عليّه السلام) مثلاً لمن يعزم عليّ تحصيل الأمور الکبار والسعي فيها ثمّ يلزم الدعة(2).واعتزم الفرسُ في عِنانه، إذا مرَّ جامحاً لاينثني (3). واستعير منه لجريان الفتن وتتابعها في حديث عليّ (عليّه السلام): «أرسَلَهُ علي حِينِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُل، وطُولِ هَجعةٍ من الأُمم، واعتِزَام مِن الفِتَن»(4)وناقة عوزم: مُسِنّة وفيها بقيّة(5). واستعارها(عليّه السلام) للسنن الرشيدة بقوله: «إنَّ عَوَازِمَ الأَمُورِ أفضَلُها، وإنّ مُحدِثَاتِهَا شِرارُهَا»(6). قال ابن ميثمّ: إمّا قديمها، وهو ما کان عليّه عهد النبوة، وإما جوازمها، وهي المقطوع بها دون المحدثات (7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) محذّراً من طاعة أهل الکبرياء:«دَعَائِمُ أَرکَانِ الفِتنَةِ، وَسُيَوفُ اغتِزَاءِ الجَاهِليّة» (8).
الاعتزاء: الانتماء والادّعاءُ ، والشَّعار في الحرب منه، والاسم العَزاء، وعزا فلانُ نفسه إلي بني فلان يعزوها عَزواً، وعَزا واعتزي و تعزّي ، کلّه: انتسب ، صدقاً کان أو کذباً، وانتمي إليهم مثله. والعَزاءُ والعِزوة: اسم لدعوي المستغيث ، وهو أنّ يقول:يالفلان، أو ياللأنّصار، أو ياللمهاجرين! قال الراعي:
فلمّا التقت فرساننا ورجالهم*** دَعَوا: يالَکعبٍ. واعتزينا لعامِرٍ (9)
وفي حديث النبيّ( صلي الله عليّه وآله): «من تعزّي بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولاتکنوا».
قال الکسائي : يعني انتسب وانتمي ،کقولهم: يالفلان! ويالبني فلان!
فقوله: عزاء الجاهلية، الدعوي للقبائل أنّ يقال: يالتميم! وبالعامِر، وأشباه ذلک.
ويقال منه: عزوت الرجل إلي أبيه، وأعزيته وعزّيته لغتان، إذا نسبته إليه. وکذلک الحديث إذا أسند ته (10). ومنه جاء الحديث :
ص: 559
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «من لم يتعزّ بعزاء الله تقطّعت نفسه حسراتٍ عليّ الدُّنيا »(1).
والحديث الآخر: «من لم يتعزّ بعزاء الله فليس منّا».
وفسّر ابن الأثير عزاء الله: دعوي الإسلام، فيقول: ياللإسلام، أو بالمسلمين، أو يالله (2). وقال الطريحي: عزاء الله: التصبّر والتسلّي عند المصيبة، وشعاره أنّ يقول: إنّا الله وإنّا اليه راجعون ، کما أمر الله، ومعني بعزاء الله، بتعزية الله إيّاه ، فأقام الاسم مقام المصدر(3) والعزاء: الصبرُ عن کلّ مافقدت.
وعزّيت فلاناً أعزّيه تغزيةً، أي أسُيته وضربتُ له الأسي، وأمرته بالعزاء فتعزّي تعزّيا، أي تصبّر تصبراً، وتعازي القوم: عزّي بعضهم بعضاً (4). ومنه جاء الحديث «من عزّي حزيناًکُسي في الموقف حلّة يحبربها»(5).
والعزه: الجماعة والفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء، والجمع عِزَّي علي فِعَل وعِزون، وعُزون أيضاً بالضم قالوا: هي الحلقة المجتمعة من الناس، کأنّ کلّ جماعة اعتزاؤها، أي انتسابها واحد(6).
روي «أنّه نهي رسول الله( صلي الله عليّه وآله )عن عسيب الفحل». وهو أجر الضراب (7).
عسيب الفحل: هو عليّ حذف المضاف والأصلي عن کراء عسب الفحل، لأنّ ثمرته المقصودة غير معلومة فإنّه قد يُلقح وقد لا يلقِح فهو غرور (8) يقال: أعطني عَسب فحلک، أي ماءه (9) وقيل: العَسب هو الضراب نفسه لقول الشاعر، وذکر قوماً أسروا عبداً له فرما هم به:
فلولا عَسبُه لترکتموه*** وشَرُّ منيحةٍ عَسبُ مُعارُ(10)
والمستعسب المستطرق، وهذا کلب يعسب إذا ابتغي السفاد، وکانّه سمّي عسباً لأنّ الفحل يرکب العسيب إذا سفد(11).
ص: 560
ويعسوب يفعول من العَسب وهو الضراب(1).
ومنه قوله (صلي الله عليّه وآله) في عليّ (عليّه السلام) : «علي يعسوب المؤمنين»(2) وفي حديث عليّ (عليّه السلام )حسين مرّ بعبد الرحمن بن عَتّاب بن أسيد مقتولاً يوم الجمل فقال: «هذا يعسوب قريش». قال الأصمعي: اليعسوب فحل النحل وسيّدها، فشيّهه في قريش بالفحل في النحل. و حديثه الآخر (عليّه السلام) حين ذکر الفتن قال: «فإذا کان ذلک ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون إليه کما يجتمع قَزَع الخريف». قال الأصمعي: یريد بقوله: «يعسوب الدين» أنّه سيّد الناس في الدين يومئذٍ. وقوله: «قزع الخريف» يعني قطع السحاب التي تکون في الخريف، وکذلک القزع في غير هذا هي القِطع أيضاً.
ومنه القزع التي تکون في رؤوس الصبيان، وهو أنّ يُحلق رأس الصبي فيترک منه مواضع (3) واليعسوب اسم فرس سيّدنا رسول الله (صلي الله عليّه وآله)(4) والعسيب: عسيب النخل، وهو السّغف قبل أن ييبس، ولا يُسمُي عسيباً حتّي يُجرَد عنه الخوص. وعسيب الفرس فقار ذَنبه التي عليها منابت الهُلب، والهلب: شعر الذنب. وکان الأصمعي يقول: العسيب فقرة من فِقَر الظهر، فبذاک يُستدل علي شدّة متن الفرس أنّ يتمطّي الرجل في عسيبه فيجتذببه (5) واستعير منه لضعف الإسلام وعودته غريباً في حديث عليّ (عليّه السلام)، مشيراً الصاحب الأمر : «فَهُوَ مُغتَرِبُ إذا اغتَرَب الإسلامُ، وضَرَب بِعَسِيب ذَنَبهِ، وأَلصَقَ الأَرضَ بِجِرِانِه»(6) قال ابن ميثمّ: کنّي بذلک عن ضعفه وقلّة نفعه فإنّ البعير أقلّ ما يکون نفعه حال بروکه(7).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وإذا تَصَفَّحَّتَ شَعرةً مِن شَعَراتِ قَصَبِه أرَتکَ حُمرَةً وَردِيّةً، وتَارَةً خُضرة زَبَرجَدِيَّةُ، وأَحيَانَاً صُفرةً عَسجدِيّةً»(8).
العسجد: الذهب ، وقيل: هو اسم جامع اللجوهر کلّه من الدرَّو الياقوت.
ص: 561
والعسجدية: العيرُ التي تحمل الذهب والمال، وقيل: هي کبار الإبل. والعسجدُ من فحول الإبل، وهو العسجدي أيضاً کأنّه من إضافة الشيء إلي نفسه.
وقيل : العسجدية منسوبة إلي سوق يکون فيها العسجد(1) قال ابن أبي الحديد: والخضرة الزبرجدية: منسوبة إلي الزمرّد، ولفظة الزبرجد تارةً تُستعمل له، وتارةً لهذا الحجر الأحمر المسمّي «بلخش» (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصفه تعالي:«لايُنالُ بِجُور الاعِتسَافِ کُنهُ مَعرِفَته »(3).
الاعتساف: قطع المسافة عليّ غير جادّة معلومة. والعسف: السيرُ بغير هداية والأخذ عليّ غير الطريق، وکذلک التعسّف والاعتساف. يقال: اعتسف الطريق اعتسافة، إذا قطعه دون صوب توخّاه فأصابه. والعسف: رکوب الأمر بلا تدبير ولا رويّة. وأعسف الرجل، إذا أخذ غلامه بعمل شديد. وأعسف، إذا سار بالليل خَبط عشواء و تعسَّف فلان فلاناً، إذا رکبه بالظلم ولم يُنصِفه. والعسيف: الأجير المستهان به، والعُسفاء: الأجراء (4).
ومنه الحديث:«أنّه نهي عن قتل العسفاء والوُصفاء». ويُروي «الأُسفاء» جمع أسيف بمعناه. وقيل: هو الشيخ الفاني، وقيل: العبد. وعسيف: فعيل بمعني مفعول، کأسير، أو بمعني فاعل کعليم، من العسف: الجور، أوالکفاية. يقال : هو يَعسِفهم: أي يکفيهم (5) وفي حديث عليّ عليّ: «واعلَمُوا أنّکُم إنّ التَّبَعتُم الدَّاعي لَکُم، سَلَکَ بِکُم مِنهَاج الرسُول، وکُفِيتُم مَؤُونَةَ الاعتِسَافِ»(6).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله): «إذا أراد اللهُ بعبٍدٍخيراً عَسَله» قيل له: يا رسول الله وماعسله؟ قال: «يفتح له بين يَدَي مَؤتِه عملاً صالحاً يُرضي حتّي يَرضَي عنه من حوله». عسله: مأخوذ من العسل، کما يقول القائل: عَسَلتُ الطعام، إذا جعل فيه عسلاً وسَمَّنته، إذا جعل فيه سمناً، وزيّته، إذا جعل فيه زيتاً. ومعني عسله، أي جعل عمله حلواً يَحمَده الصالحون ويرضاه المتقّون ، فيکون کالشيء المعسول الذي يسوغ في اللهوات،
ص: 562
و بلذّ عليّ المذاقات(1). وکلَّ طعام خلطته بعسل فهو معسول ، ثمَّ کثر ذلک في کلّامهم حتّي قالوا: فلان معسول الکلام، إذا کان حلوه، و معسول المواعيد، إذا کان صادقها.
وقد جاء العسل کناية عن النکاح في قوله( صلي الله عليّه وآله): «حتّي تذوق عُسيلتها وتذوق عُسَيلتک». وأنث العسل عليّ معني اللُّعقة. (2) وجاء باسم العسلة مصغّراً، لسرَّ لطيف، وهو أراد فعل الجماع دفعة واحدة، وهو ما تحلّ به المرأة للزوج الأول (3). وعسَل الذئب يَعسِل عسَلاً وعسلاناً ، وکذلک نسَل نسلاناً، وهو ضربُ من المشي يضطرب فيه متناه، وبذلک سُمّي الرمحُ عَسّا لاضطرابه إذا هُزَّ(4) ومنه ناقة عَنسَل: سريعة، والنون زائدة (5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الجنّة:« ويُطافَ عَلي نُزّالِهَا في أَفنِيَة قُصُورها بالأعسَالِ المُصَفَّقَةِ، والخُمُور المُرَوَّقَةِ»(6).
صفق الشراب: حوّله من إناء إلي إناء ليصفو (7) والأعسال المصفّقة مأخوذ معناها من الماء الذي يُصبُّ في السقاء البديع حتّي يطيب، فيقال له : الصَّفَق(8) والخمور المروّقة: الصافية. يقال: راق الماء يروق: صفا، وروّقته في التعدية (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن صفة الجنّة: وفي تَعلِيقِ کَبَائِسِ اللُّؤلُؤ الرَّطب في
عَسَالِيجِها وأَفنَانِها»(10).
العُسلُج والعُسلوج والعِسلاج: الغصن الناعم. وهو ما لان واخضرَّ من قضبان الشجر والکرم أوّل ما ينبُت . وعسلجت الشجرة:أخرجت عساليجها. ويقال: العساليج: عروق الشجر، وهي نجومها التي تنجُم من سنتها(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) قال : إنّ داود(عليّه السلام )قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: «إنّها لَسَاعَةُ لايَدعُو فيها عَبدُ إلّا استُجِيب لَهَ، إلّا
ص: 563
أن يکون عَشّاراً أو عَرِيفاً أو شُرطِيَّاً»(1).
العشّار: يقال: عشّرتهم تعشيراً، أخذت العشر من أموالهم، وبالتخفيف أيضاً، وبه سُمّي العشّار عشاراً (2). وناقة عُشَراء، إذا بلغت في حملها عشرة أشهر وقَرُب ولادُها، والجمع عِشار (3) ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) القيام الساعة بقوله: «تُظلِمُ له الأقطارُ، وتُعطَّلُ فيه صروم العِشار »(4) وقوله تعالي : ﴿وإذا العِشار عُطّلت ﴾(5) من ذلک. والعشير: المعاشر قريباً کان أو معارِفَ(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام ) : «عاشٍ رکّابُ عشوات»(7).
العشا: سوء البصر بالليل والنهار، يکون في الناس والدوابَّ والإبل والطير. وتعاشي الرجل في أمره، إذا تجاهل، علي المثل (8).
ومنه قوله (عليّه السلام): خبّاط عشوات، أي يخبط في الظلام، وهو الذي يمشي في الليل بلا مصباح فيتحيّر ويضلّ، فربّما تردّي في بئر، فهو کقولهم: يخبط في عمياء ، إذا رکب أمراً بجهالة(9). ومنه قول (عليّه السلام) زهير بن أبي سلمة:
رأيتُ المنايا خَبط عَشواء من تُصِب*** تُمِتهُ ومن تُخطيء يُعمَّر فَيَهرَمِ (10).
ومنه جاء قوله (عليّه السلام )في وصف المتقّين:«کَشَّافُ عَشَوَاتٍ» (11) أي أُمور مظلمة لايُهتدي إليها(12) وقد استعيرت العشوة للغفلة والجهل في حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّ الله سبحانه وتعالي جَعَلَ الذکرَ جِلَاءً للقُلوب، تَسمَعُ به بَعد الوَقرَةِ، وتُصِرُ به بَعدَ العَشوَةِ»(13). وباعتبار ضعف البصيرة لدي أهل الشام قال( عليّه السلام) عنهم: «فَوَ اللهِ مادَفَعتُ الحَربَ يَومَاً إلّا وأنَا أطمَعُ أنّ تلحَق بي طائفةُ فتهتدي بي، وتَعشُو إلي ضَؤئي» (14).
وعشوتُ النار: قصد تها ليلاً، وسُمَّي النار التي
ص: 564
تبدو بالليل عَشوَةً وعُشوَة کالشُّعلَة (1).
وقد استعار(عليّه السلام) من هذا المعني لينسجم مع قوة وإشراق ضوء الهداية لديه.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَامضُوا في الذي نَهَجَه لَکُم، وقُوموُا بِمَا عَصَبه بِکُم»(2).
عصبه بکم: أي شدّه وجعله کالعصابة الکم، وهو التکلّيف (3) وفي الحديث أنّه ذکرالفتن وقال: «فإذا رأي الناس ذلک أتته أبدالُ الشام وعَصَائِبُ العراق فيتبعونه».
العصائب: جمع عِصابة، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلي الأربعين، ولا واحد لها
من لفظها. ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «الأبدال بالشام، والنجباء بمصر، والعصائب
بالعراق». أراد أنّ التجمّع للحروب يکون بالعراق. وقيل: أراد جماعةً من الزهّاد سمّاهم بالعصائب ، لأنّه قرنهم بالأبدال والنجباء (4) وفي الحديث عن الحسن بن راشد قال: سألته عن ثياب تُعمل بالبصرة علي عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح أنّ يُکَفَّن فيها الموتي؟ قال: «إذا کان القطن أکثر من القزّ فلا بأس »(5)العصب : هو بُرد يمنيه يُعصُب غزلها، أي يُجمع ويُشدُّ، ثمّ يُصبغ ويُنسج، فيأتي مَوشِيّاً لبقاء ماعُصب منه أبيض(6) يقال: بُردُ عَصبٍ و برود عَصبٍ بالتنوين والإضافة. والعصوب من النوق هي التي لاتدِرُّ حتّي يُعصَب فخذاها، أي يُشَدَّان بالعصابة. وکان العرب يسموّن السيّد المطاع ُمُعصّباً، لأنّه يُعصَّب بالتاج، أو تَعصَّب به أمُور الناس، أي تُردُّ إليه و تُدار به (7).
وسُئل أبو الحسن الثالث (عليّه السلام) عن ثياب تُعمل بالبصرة علي عمل العصب اليماني من قزًّ وقطن، هل يصلح أنّ يکفّن فيها الموتي؟ . فقال: إذا کان القطن أکثر من القز فَلا بأس (8).
العَضب، مثل قلس: بُردُ يُصبغ غَزلُه ثمّ يُنسج، ولا يثني ولا يُجمع، وإنّما يثنّي ويُجمع ما يُضاف إليه فيقال: بُردا عَصبٍ وبُرود عَصبٍ، والإضافة للتخصيص، ويجوز أنّ يُجعل وصفاً فيقال: شريتُ ثوباً عَصباً. وقال السهيلي: العصب صِبغُ لاينبت إلّا باليمن (9).
ص: 565
وکلّ شيء أحکمتَ فَتلَه فقد عصبته(1).
وعصب اليمن قد عُصب به نقوش. والمعصوب المشدود بالعصب المنزوع من الحيوان ثمّ يقال لکلّ شَدًّ عَصب نحو قولهم: لأعصبنّکم عَصبَ السَّلِمَة، وفلان شديد العَصب ومعصوب الخلق، أي مدمج الخلقة(2) ومن هذا المعني جاء حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وإنّ ضَاهَيتَهُ
بالمَلَابِسِ فهو کَمَؤشِيَّ الحُلَلِ، أو کَمُونِقِ عَصب اليمن»(3).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «وما تَسفي الأعَاصيرُ بذُيولِها» (4).
الإعصار: الريح التي تسطع في السماء، وجمع الإعصار أعاصير، والعصَرةُ والعَصَر: الغُبار(5)ومنه خبر أبي هريرة: «أَّن امرأةً مرَّت به مُتَطيّبة ولذَيلها إعصار» وفي رواية «عصرة». والإعصار والعَصَرة: الغبار الصاعد إلي السماء مستطيلاً، وهي الزَّوبَعة. قيل: وتکون العصرة من فَوح الطَّيب، فشبّهه بما تُثير الريحُ من الأعاصير(6)ومنه قوله تعالي:﴿ فأصابها إعصار فيه نار﴾ (7)وأنشد الأصمعي فيه:
وبينما المرءُ في الأحياء مُغتَبط***و إذا هو الرَّمسُ تعفوه الأعاصير(8).
والعَصر والعِصر والعُصر: الدهر والعصرُ : العَشي، وصلاة العصر مضافة إلي ذلک الوقت، او به سُمّيت. والعِصار: الحين، يقال: جاء فلان علي عِصار من الدهر، أي حين. والعصران: الغداة والعَشيّ، قال الشاعر:
وأمطُلُه العَصرَينِ حتّي يَمَلّني*** ويَرضي بنصف الدَّين ، والأنّف راغمُ
يقول : إذا جاء في أوّل النهار وعدته آخره.
وفي الحديث: «حافظ علي العَصرين». يريد صلاة الفجر وصلاة العصر، سمّاهما العَصرين
لأنّهما يقعان في طرفي العصرين ، وهما الليل والنهار(9)،
وقيل: الأشبه من باب التغليب (10).
ص: 566
کالقمرين للشمس والقمر(1)وقد جاء تفسيرهما في الحديث قيل: وما العصران؟ قال: صلاةُ قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها»(2) ومنه حديث عليّ عليّه السلام : «ذَکّرهُم بأيِام اللهِ واجلِس لَهُم العَصرَينِ»(3)أي بُکرةً وَعِشيّا . والمُعصِر: التي بلغت عَصر شبابها وأدرکت . وقيل: أوّل ماأدرکت وحاضت ، يقال: أعصرت ، کأنّها دخلت عصر شبابهاء والجمع مَعاصِر ومعاصير، والإعصار في الجارية کالمُراهقة في الغُلام ، وقيل: المعصر التي راهقت العشرين(4) ومنه خبر خلف بن حمّاد الکوفي قال: تزوَّج بعض أصحابنا جاريةً مُعصراً لم تطمث ، فلمّا اقتضّها سال الدم (5) وعُصارُة الشيء و عُصارُه و عَصيرُه ما تحلّب منه إذا عَصَرته، وعَصَر العِنَب ونحوه، ممّا له دُهن أو شراب أو عسل، يَعصِرُه عَصراً ، فهو معصور، وعصير .والمَعصَرة: التي يُعصر فيها العنب. والمُعصرات:السحاب فيها المطر، وقيل:السحائب تُعتَصَر بالمطر، وفي التنزيل :﴿أنزلنا من المعصراتِ ماءً ثجّاجاً﴾ (6).
والعَصر: العطيّة ، وقد عَصَر. وهو کريم العُصارة والمُعتَصر: أي عند المسألة.
والاعتصار: أنّ يُخرَجَ من إنسانٍ ما لُ بغُومٍ أو غيره. والارتجاع في النَّحلة، والمنعُ والحبسُ، وفي الحديث: «يعتصِرُ الوالدُ علي وَلَده في ماله»(7) قال الزمخشري: وإنّما عدّاه ب «علي» لأنّه في معني يرجع عليه ويعود عليه، ويُسمّي مَن يفعل ذلک عاصراًوعصوراً . وروي «يعتسر من مال ولده» من الاعتسار، وهو الاقتسار، أي يأخذه منه وهو کاره(8) والعصارةُ الغَلَّة، وفسّر قوله تعالي:﴿وفيه يَعصِرون﴾(9) أي يَستَغِلُّون أرضهم ويعتصرون من زرعها(10) وقيل: هو من العُصرة، وهي المنجاة . والاعتصار: الالتجاء و عصرَ الزرعُ: نبتت أکمام سُنبُلِه ، کأنّه مأخوذ من العصر ، الذي هو الملجأ والحِرز. وکلُّ حِصن يُتحصّن به فهو عَصَرُ، والعصّار: الملک الملجأُ. والعُصر: الدَّنية، وهم موالينا عُصرةً أي دِنيةً دون مَن سواهم. ويقال: قُصرة بهذا
ص: 567
المعني. وعصرُ الرجل: عَصَبته ورَهطه. يقال: فلان کريم العصر، أي کريم النسب. والعِصَارُ
الفُسَاء؛ قال الفرزدقُ:
إذا تعشّي عتيق التَّمر، قام له ***تحت الخميلِ عِصَارُ ذو أضاميم
ومنه قد يفسّر الخبر : «أمر بلالاً أنّ يؤذّن قبل الفجر ليَعتَصِرَ مُعتَصِرُهُم» أنّه أراد (عليّه السلام) الذي يُريد أنّ يضرب الغائط (1) قال ابن الأثير :هو من العَصر أو العَصَر، وهو الملجأ والمستخفي (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الإسلام: «لاعِوَجَ لانتِصَابِه، ولا عَصَل في عُودِه، ولا
وعَثَ لفَجّهِ» (3).
العَصَلُ: الاعوجاج، وکلُّ مُعوَجًّ فيه صلابة أعصلُ ،وعصَلُ الشيء عَصَلا وهو أعصَلُو عَصِلُ : اعوجّ وصَلُب. والعصَلُ الرَّملُ الملتوي المُعوَجُّ. ويقال للرجل المعوجّ الساق: أعصَلُ. وسهام عَصل: مُعوَجّة. والمِعصَال: مِحجَنُ يُتناول به أغصان الشجر الاعوجاجه. والعُنصُلُ والعُصَلُ والعضُلاء والعُصَلاء. البَصَلُ البَرّي والجمع العَناصل والعنصُل : موضع. ويقال للرجل إذا ضَلَّ: أخذ في طريق العنصلين(4).
قال الزمخشري: وقد وضعته العامة في غير موضعه، فضربته مثلاً فيمن أخذ غير القصد والاستقامة (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اعتَصِمُوا بالذَّمَم في أوتَادِهَا»(6) العَصم: الإمساک، والاعتصام ، التمسّک بالشيء(7) واستعصم فلان بفلان، إذ لجأ إليه واعتصم به. وعصام الوعاء: عُروته التي يُعلَّق بها أو وکاؤه . وعصيم الحِنّاء. باقي أثره في اليد. والغراب الأعصم: هو أنّ تکون إحدي رجليه بيضاء (8)وأراد : امتنعوا بالمحافظة عليّها ولزوم الوفاء بها، من عذاب الله (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن سلامة عين الأُضحية وأُذنها: «ولَو کَانَت عَضبَاء القَرن
ص: 568
تَجُرُّ رِجلَها إلي المَنسَکِ»(1).
العضب: شاة عضباء: مکسورة القرنِ وقد عَضِبَب عَضَباً، وأعضبتها إغضاباً، و عضبتُ قَرنَها فانعضب، أي: انکسر. ويقال: العضَبُ يکون في أحد القرنين. وناقة عَضباء: أي مشقوقة الأُذن (2). وکانت ناقة النبيّ (صلي الله عليّه وآله) تُسمّي العضباء ، اسم لها. وسيف عَضبُ، إذا کان صارماً، وکذلک لسانُ عَضبُ، إذا کان خطيباً بليعاً، وعَضبتُ الرجلُ بلساني، إذا تناولته به وشتمتُه. ورجل عضّاب ، إذا کان شتّاماً (3).
في الحديث: «حرم (عليّه السلام) ماحول المدينة بريداً في بريد أنّ يختلي خلاها أو يعضد شجرها»(4).
العَضد: القطع، عَضَدت الشجرةَ: قَطَعتُها. والعَضد: المعونة. وأخو الرجل عَضُدُه. والعضد فيه ثلاث لغات: عَضُدُ، وعُضُد،وعُضد. وأعضاد کلَّ شيء ما يشدّ من حواليه من البناء وغيره، مثل أعضاد الحوض، وهي صفائح من حجارة ينصبن حول شفيره، واحدها عضد (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «يَأتي عَلَي الناس زَمَانُ عَضُو يَعضّ المُوسِرُ فيه علي مافي يديه ولم يُؤمَر بِذَلِکَ»(6).
زمن عضوض: أي کَلِب. ومُلک عضوضُ: شديد، فيه عسف. قال ابن برّي: عضّه القَتَبُ وعَضّه الدهرُ والحربُ، وهي عضوض، وهو مُستعار من عضَّ الناب. والعضوض من أسماء الدّواهي، والعِضّ : الداهية. والعضوض من الآبار: الشاقّة علي الساقي في العمل. ورجلُ عِضّ: مصلح لمعيشته وماله ولازم له حَسَن القيام عليه. وعضضت بمالي عُضوضاً وعَضاضةً لَزِمتُهُ(7) وقوله (عليّه السلام ): يعض الموسر علي مافي يديه، کناية عن بخله بما يملِک (8).
والعُضُّ: للنّوي، والتَّعضُوض ضَربُ من التمر يصعُب مضغه (9) وجاء في حديث عليّ عليّه السلام في ذکر الملاحم: «ذاکَ حَيث تَسکَرُونَ مِن غَير شَرَاب، بل من النَّعمةِ
ص: 569
والنَّعيم، وتَخلِفون مِن غَيرِ اضطِرَارٍ، وتَکذِبُونَ مِن غَير إحرَاج ذاکَ إذا عضَّکُم البَلاءُ کما يَعَضُّ القَتَبُ غَارِب البعير»(1).
واستعار(عليّه السلام) لفظ العض لما فيه من الألم والشدّة. ومن هذا قال( عليّه السلام) لمعاوية: «وعندي السَّيفُ الذي أعضَضتُه بِجَدّک وخَالِکَ وأَخِيکَ»(2). وکنّي (عليّه السلام) بالعض عن الندامة بقوله: «للظالم البادي غداً بکفّه عَضّة»(3). وکنّي بغدٍ عن يوم القيامة (4).
قال أبو جعفر (عليّه السلام) لمحمد بن مسلم حين سأله عن رکود الشمس: «ماأصغر جثّتک وأعضل مسألتک»(5).
العضال: يقال: أعضل الأمر بالألف: اشتدّ، ومنه داء عُضال، بالضم، أي شديد(6).
والمعاضل: الأُمور المعضلات (7)وهي صعاب الأمور ومشکلاتها. وفيها قال عليّ (عليّه السلام) :« مَفزَعُهُم في المُعضِلَات إلي أنّفُسِهم» (8).
في عهد عليّ (عليّه السلام) إلي بعض عمّاله، وقد بعثه علي الصدقة: «أمَرَهُ ألّا يَجبَهَهُم ولا يَعضَهَهُم»(9).
العَضهُ: القالةُ القبيحة . والعَضَهُ والعِضَهُ والعضيةُ: البَهيتةُ، وهي الإفک. وعضهه يَعضهُه عَضها و عَضيهةً : قال فيه ما لم يکن (10) وجاء في الخبر: «نهي (صلي الله عليّه وآله) عن العاضِهَة والمستَعضِهة». قيل: هما الساحرة، والمُستَسحِرَة (11) وسُمّي السحر عِضَهاً لأنّه کذبُ و تخييل لاحقيقة له. قال الأصمعي: العضهُ: السحر بلغة قريش، وهم يقولون اللساحر : عاضه(12) وعن أبي العبّاس قال: قلتُ لأبي عبد الله( عليّه السلام): «حرّم رسول الله (صلي الله عليّه وآله) المدينة ؟ فقال: حرّم بريداًفي بريد عضاها» (13). العِضاه: شجر له شوک، واحده عِضِه (14)کالطّلح والعوسَج، واستثني بعضهم القتاد والسَّدر فلم يجعله من العضاه. والهاء أصلية فيها واختلفوا في الواحدة،
ص: 570
فقيل بالهاء، وهي أصلية أيضاً، ومنهم من يقول اللام في الواحدة محذوفة وهي واو والهاء للتأنيث عوضاً عنها فيقال: عضه ، کما يقال عِزَه وشَفَه. ومنهم من يقول : اللام المحذوفة هاء، وربّما تثبت مع هاء التأنيث فيقال: عِضهةُ وزان عِنَبه (1) ويقال : عِضاهة واحدة (2)، والظاهر أنّ الکلمة من الثنائي وللإفادة منه في الکلام ذيّل بالهاء (3) .
ومنه قوله تعالي: ﴿جَعَلوا القُرآنَ عِضين﴾ (4) قال الکسائي : هو من العَضو أو من العَضه، وهي شَجَرُ. وروي: لا تَعضِيَةَ في الميراث. أي لايفرّق مايکون تفريقه ضرراً علي الورثة کسيف يُکسَرُ بنصفين ونحو ذلک (5) حيث شبّه( صلي الله عليّه وآله )الميراث المقتسم بالأعضاء المتفرّقة ، الأشلاء الموزعة، من قولهم: «عضّي الجزور إذا نحرها وقسم أعضاءها وفرّق أشلاءها» (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن بيعته : «شُقَّ عِطفَايَ»(7).
عطفُ الشيء: جانبه، والجمع أعطاف (8) وفي رواية «عِطاني» والعِطاف: الرداء(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «والله، لَقَد رَأَيتُ عقيلاً وقد أملَقَ، حَتّي استَمَاحَنِي من بُرَّکم صَاعاً، ورأيتُ صِبيَانَهُ شُعثَ الشعور، غُبر الألوَانِ مِن فَقرِهِم، کأنّما سُوَّدَت وجُوهُهُم بالعِظلِيم»(10). العِظلِمُ: عصارة شجر لونه کالنّيل أخضر إلي الکُدرة. وقيل: هو الوسمَة(11) وتعظلم الليلُ. أظلمَ . وليل عِظلِمُ مُظلِمُ (12). علي التشبيه، ومنه قول الشاعر:
وليلٍ عِظلِم عَرّضتُ نفسي*** وکنتُ مُشيَّعاً رَحب الذراع (13).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن فضل العبادة :
ص: 571
«لِما في ذلک مِن تَغفِير عِتَاقِ الوُجُوهِ بالتُّرَاب تَواضُعاً» (1).
العفر بفتح الفاء و تسکينها ظاهر تُراب الأرض. وعفّرت الرجل تعفيراً، إذا مرّغته في التراب ، ومنه قولهم: طعنه فعفّره، إذا ألقاه علي عفر الأرض(2) والعُفرة في اللون: أنّ يضرب إلي غيرة في حمرة، کلون الظبي الأعفر، وکذلک الرمل الأعفر (3). ومنه اليعفور(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام)، عن ابن العاص:«يَزعُمُ لأَهلِ الشَّام أنّ فِيَّ دُعَابَةُ، وأنّي امرُرُ تِلعَابَةُ، أُعَافِسُ وأمَارِسُ»(5).
المعافسة: المداعبة والممارسة، يقال: فلان يعافس الأمور، أي يمارسها ويعالجها(6)والتلعابة: الکثير اللعب والمرح، والتاء فيه زائدة. وضُبط بتشديد العين أيضاً، والتَّلعيبة کذلک(7).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف واصفاً الدنيا: «وَلهِي في عَيني أَوهَي وأَهوَنُ مِن عَفصَةٍ مَقِرة»(8).
العَنص: ثمّر معروف يُدبَغ به(9)وطعام عَفِص: فيه تقبّض. والعِفاص، وزان کتاب: الوعاء الذي تکون فيه النفقة من جلدٍ أو خرقهٍ أو غير ذلک، ولهذا يُسمّي الجلد الذي يُلبَسُهُ رأس القارورة العِفاص، لأنّه کالوعاء را لها. وعَفَصتُ القارورة عَفصاً، من باب ضرب، جَعَلتُ العِفاص علي رأسها (10). ويقال : عفصتُ القارورة وأعفصتها(11).
والعفيط عُطاس المَعز (1).
في الحديث: «قضي عليّ (عليّه السلام) في امرأة رکلّها زوجها فأعفلها» (2).
العفل: يقال: عَفِلت المرأة عَفَلاً فهي عفلاء وعَفِلت الناقة. والعَفَل والعَفَلة الاسم، وهو شيء يخرج في حياء الناقة شِبه أدَرة (3).
قال ابن الأعرابي: هو لحم ينبت في قُبُل المرأة، وهو القَرن. قالوا: ولا يکون العقل في البکر، وإنمّا يصيب المرأة بعد الولادة. وقيل: هي المتلاحمة أيضاً(4)
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن مصير الإنسان إلي الفناء: «عَفَت العَوَاصِفُ آثارَهُ، ومَحَا الحَدَثان مَعَالِمَه»(5).
العفاء:الدروس والهلاک وذهاب الأثر)(6).
ومن هذا جاء الخبر: لما قبضت فاطمة (عليّها السلام) دفنها عليّ (عليّه السلام) وعفا عليّ موضع قبرها (7). والعفاء: التراب. وروي عنه (صلي الله عليّه وآله)، أنّه قال: «إذا کان عندک قوت يومک فعليّ الدنيا العفاء»(8) وباعتبار النسخ والابطال وصف عليّ( عليّه السلام) الإسلام بقوله: «لاعَفَاءَ لِشَرَائِعِه»(9) والعافية في قوله (صلي الله عليّه وآله): «وما أکلّت العافية فصدقة» أي طلّاب الرزق من طير ووحش وإنسان(10).
قال الأعشي يمدح رجلاً:
تطوف العُفاة بأبوابه*** کطوف النّصاري ببيت الوثن(11) وعفوتُ صوف الشاةِ: أخذته، وعفوته: وفّرته، من الأضداد (12) وقوله تعالي: ﴿حتّي عَفَوا﴾ (13). بمعني کثروا ونموا(14)والعفو: التجافي عن الذنب، وعفوت عنه، قصدتُ إزالة ذنبه (15). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «وَلَوأَشَاء أَنّ أَقُول لَقُلتُ: عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ (16). والحد ثان: يفيد معني التغيير والانقلاب
ص: 573
وعني به (عليّه السلام) لموت و الفناء(1).
في الحديث: عن أبي حمزة الثمّالي قال: قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : «إيّاک والرئاسة ، وإيّاک أنّ تطأ أعقاب الرَّجال». قلتُ: جُعلت فداک أمّا الرئاسة فقد عرفتها، وأمّا أنّ أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا مافي يدي إلّا ممّا وطئتُ أعقاب الرجال. فقال: «ليس حيث تذهب،إيِّاک أنّ تنصب رجلاً دون الحجّة فتصدّقه في کلَّ ماقال» (2).
العقب والأعقاب: عَقِب کلَّ شيء وعَقبه وعاقبته وعاقِبه وعُقِبتُه و عُقباه و عُقبانه: آخره(3) واستعير للولد وولد الولد، ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «واستحَيوا مِنَ الفَرَّ، فإنّه عَارُ في الأعقَابِ»(4). ووطئوا عَقِبَ فلان: مشَوا في أثره(5) ومن هذا جاء وصف عليّ للنبيّ(صلي الله عليّه وآله): «قائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ».(6) ونکص علي عقبيه:رجع عمّا کان عليّه من الخير، ولا يقال ذلک إلّا في الرجوع عن الخير خاصّة(7) ومنه جاء قول عليّ (عليّه السلام) «مَن هَالَهُ مابَينَ يَدَيهِ نَکَصَ علي عَقِبَيه» (8) وفي حديث عليّ عليّه السلام في وصف قوم: «کأنَّ وَجُوهَهُم المَجَانُّ المُطَرَّقةُ، يَلبَسُون السَّرَقَ والدَّيبَاجَ، ويَعتِقِبُونَ الخَيلَ العِتَاقَ»(9) .
التعقيب : أنّ ينصرف من أمرٍ أراده. وأعقب هذا هذا، إذا ذهب الأوّل فلم يبق منه شيء، وصار الآخر مکانه. والتعاقب والاعتقاب: التداول. وهما يتعاقبان ويعتقبان، أي إذا جاءَ هذا، ذهب هذا، وهما يتعاقبان کلَّ الليل والنهار، والليل والنهار يتعاقبان، وهما عقيبان وعقيبک: الذي يُعاقبک في العمل، يعمل مرّةً و تعمل أنّت مرَّةً. وهما يعقّبانه ويعتقبان عليه ويتعاقبان: يتعاونان عليّه(10).
وأراد (عليّه السلام) بقوله: «يعتقبون الخيلً» أي يجنبونها لينتقلوا من غيرها إليها(11) وذهب الراوندي إلي معني الحبس (12) أي يحبسون کرائم الخيل ويمنعونها عن غيرهم.والتعقيب: أنّ يغزو الرجلُ، ثمّ يثنّي من
ص: 574
سنته، والتعقيب في الصلاة: الجلوس بعد أنّ يقضيها لدعاء أو مسألة. والاعتقاب: الحبسُ
والمنعُ. واعتقب الشيء : حبسه عنده. واعتقب البائعُ السَّلعَةَ ،أي حبسها عن المشتري حتّي يقبض الثمّن، واعتقبتُ الرجلَ: حبسته(1) وقد فُسّر حديث النخعي«المتعقب ضامن لما اعتقب». مثل أنّ يبيع شيئاً ثمّ يمنعه من المشتري حتّي يتلف عنده فإنّه يضمنه.
والعاقب : آخر الأنّبياء، قال أبو عبيد: قال:وکذلک کلّ شيء خَلِف بعد شيء فهو عاقب له، وقد عَقَبَ يَعقُب عَقباً وعقوباً، ولهذا قيل لولد الرجل بعده؛ هم عَقِبه. وکذلک آخر کلَّ شيء عَقبه(2).وفي حديث نصاري نجران:«جاء السيّد(3)والعاقب». هما من رُؤسائهم وأصحاب مراتبهم. والعاقبُ يتلو السيِد وباعتبار اتباع الخلف للسلف قال عليّ(عليّه السلام) :«وکَذلکَ الخَلَفُ يَعقُب السَّلَفَ» (4) وعُقبة الطائر: مسافة مابين ارتفاعه وانحطاطه. وتقول العرب: عُقبة العُقاب ثمّانون فرسخاً . وسُمّيت الراية عُقاباً تشبيهاً بالطائر المعروف (5) وفيه قال عليّ(عليّه السلام) : «فَهذا غُرَابُ وهَذا عُقَابُ. وهذا حَمَامُ وهذا نَعام. دَعَا کُلّ طَائِرٍ باسمه»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن تقدير الأرزاق: «قَرنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيَل فَاقَتِها»(7).
العقابيل: الشدائد من الأمور. والعقابيل: بقايا العلّة والعداوة والعِشق، وقيل: هو الذي يخرج علي الشفتين غِبَّ الحمّي الواحدة منها عُقبُولة و عُقبول (8).
في الحديث: عن عليّ يل، عن النبي( صلي الله عليّه وآله) «لا يصلّين أحدکم وبه أحد العقدين. يعني البول والغائط »(9).
العَقُد: ترطّب الرمل من کثرة المطر. والعَقِد: المتراکم من الرمل واحده عَقِدة
ص: 575
والجمع أعقاد(1) فقوله( عليّه السلام) کأنه مأخوذ ذلک من باب التوسّع والمجاز. وجاء في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي شريح بن الحارث: «ومَن
بنَي وَشَيّد، وزَخرفَ ونَجّدَ، والدّخَرَ واعتَقَدَ» (2) اعتقد: من قولهم اعتقد فلانُ عقدة، إذا اشتري أرضا(3)وعَقدَ العسلُ والربُّ ونحوهما يَعقِد. وانعقد وأعقدته فهو مُعقَد وعقيد: غلُظ (4)وأعقدتُ العسلَ والقَطِران إعقاداً، إذا طبخته حتّي يَخثُر(5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) وقد قام إليه رجل فقال: نهيتنا عن الحکومة ثمّ أمرتنا بها: «هذا جَزَاءُ مَن تَرَکَ العُقدَةَ»(6) العُقدةُ: الرأي الوثيق(7) مستعار من عُقدة الحبل والخيط(8)يقال: عَقَدت الحبلَ عَقداً فانعقد والعُقدَةُ مايُمسِکُهُ ويوثقه، ومنه قيل: عَقدتُ البيعَ ونحوه، وعقدتُ اليمين وعقّدتها بالتشديد. وعاقدته عليّ کذا وعقَدتُهُ عليه بمعني عاهدته(9) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام):« وشَدَّ بالإخلَاص والتَّوحِيد حُقُوق المُسلِمين في مَعاقِدِهَا» (10) أي مواضعها من الذمم. وعقدة النکاح وغيره إحکامه وإبرامُه. والعِقد ؛ بالکسر: القلادة، والجمع عقود.
واعتقدت کذا: عَقَدتُ عليّه القلبَ والضمير ، حتّي قيل العقيدة ما يدينُ الإنسان به (11) ومنه جاء قوله (عليّه السلام) في التوحيد «ولاتُعقَدُ القُلُوبُ مِنهُ عَلَي کَيفِيَّةٍ» (12) وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَشُدُّوا عُقَدَ المَازِرِ، واطووا فُضُول الخَوَاصِرِ» (13) فشدّوا عقد المآزر: کناية عن الأمر بالتشمير والاجتهاد في طاعة الله.. إذ کان من شأن من يهتم بالأمر ويتحرّک فيه أنّ يشدّ عقدة مئزره کيلا يشغله عمّا هو بصدده (14).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَوَ اللهِ، ماغُزِي قَومُ قطُّ في عُقرِ دَارِهِم إلاّ ذَلُّوا» (15).
العُقر: أصل کلّ شيء و العَقر، بالفتح :
ص: 576
الجرح، والعَقر: القصر، وکلّ بناء مرتفع(1).
وعقر الدار ، بالفتح والضم: أصلها. ومنه قيل: العقار، وهو المنزل والأرض والضياع(2).
وفي الحديث ذکر: «العُقر» بالضم، وهو دية فوج المرأة، إذا غُضبت عليّ نفسها، ثمّ کثر
ذلک حتّي استعمل في المهر. ومنه: «ليس علي زانٍ عُقر» أي مهر(3) وأصله أنّ واطيء البکر يعقرها إذا افتضّها، فسُمّي ماتُعطاه للعقرعُقراً، ثمّ صار عامّا لها وللثيّب (4).
والنخلة تُعقر: تُقطع رؤوسها فلا يخرج من ساقها شيء حتّي تَيبَس فذلک العَقر، والنخلة عَقِرةُ. وکذلک يکون في الطير فقد تضعف قوادمها فتصيبها آفة فلا يَنبُت ريشها أبداً. يقال : طائر عَقِر وعاقِر. ويقال: امرأة عَقري حَلقَي، تُوصف بالخلاف والشؤم.ويقال : عقرها الله ، أي عقر جَسَدها وأصابها بَوجَع في حَلقها. واشتقاقه من أنّها تحلقِ قومها و تَعقِرهم ، أي تستأصلهم من شؤمها عليهم (5) وفي حديث أم سلمة لعائشة: «سکّن عُقيراک فلا تصحربها»(6)عقيراک: هو اسم مصغّر مشتقّ من عُقر الدار (7) وعقر کلّ شيء أصله، وعقر الدار أصلها، وقيل: وسطها، وهو محلّة القوم(8)وأرادت من قولها لها أنّ تلزم بيتها ولاتخرج .
في حديث عليّ (عليّه السلام) لما أنّفذ عبدالله بن عباس إلي الزبير: «لا تَلقَينَّ طَلحة، فإنّک إن تَلقَهُ تَجِده کالثُورِ عاقِصاً قَرنه يَرکَب الصَّعبَ ويقول: هُوَ الذَّلُولُ»(9).
العقَص: التواء القَرن عليّ الأُذُنين إلي المؤخّر وانعطافه، عَقِصَ عَقَصاً. والعَقص: أن تلوي الخصلة من الشعر ثمّ تعقِدها ثمّ ترسلها. وأصل العقص الليّ وإدخال أطراف الشعر في أصوله والعقيصة: الخُصلة، والجمع عقائص وعِقاص. والعقيصة: الضفيرة، يقال: لفلان عقيصتان(10) قال أبو عبيد: العقص شبيه بالضفر إلاّ أنّه أکثر منه(11).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «إنّ
ص: 577
انفرقت عقيقته فَرَق، وإلاّ فلا يجاوز شعره شحمة أُذنيه إذا هو وفّره»(1).
العقيقة: الشعر المجتمع في الرأس (2). وسُمّي عقيقة تشبيهاً بشعر المولود. وأعقّت الحامل: نبتت عقيقة ولدها في بطنها . وأعقّت الفرس والأتان فهي مُعِقُّ وعُقوق: وذلک إذا نبتت العقيقة في بطنها عليّ الولد الذي حملته (3). وفي الحديث : «کلّ مولود مُرتهن بعقيقته»(4) يقال: عقّ الرجل عن ولده، من باب قتل، والاسم العقيقة، وهي الذبيحة التي تُذبح عن المولود يوم أُسبوعه، وهي في الأصل صوف الجَذَع، وشعر کلّ مولود من الناس والبهائم التي تولد عليّه ، ومنه سُمّي مايُذبح عن المولود عقيقة. وقيل: بل لأنّ حُلقومها يُشقّ، والعقّ: الشقُّ (5) وربّما سموّا الشيء باسم غيره إذا کان معه أو من سببه ، فسمّيت الشاة عقيقة لعقيقة الشعر لأنّه يحلق عنه ذلک الشعر عند الذبح(6).
وفسّر الرهن في الحديث بأنّ العقيقة لازمة له لابدّ منها، فشبّهه في لزومها له وعدم انفکاکه منها بالرَّهن في يد المرتهن. وقيل: معناه أنّه مرهون بأذي شعره، واستدلّوا بقوله (صلي الله عليّه وآله): «فأميطوا عنه الأذي» ، وهو ماعلق به من دم الرّحم(7) ووفّر الشيء ووفر وَفراً وفِرَة: کثرة. والوفرة: الشعر المجتمع علي الرأس، وقيل ماسال عليّ الأذنين من الشعر، والجمع وفار(8) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «الحَمدُ للهِ الذي لايَفِرُةُ المَنعُ والجُمُودُ» (9).
ويفره المنع: يزيد في ماله، والموفور التام، وفرتُ الشيء وفراً ووفر الشيء نفسه وفوراً، يتعدّي ولا يتعدّي (10).
الشجر و تُنشيء السَّحاب (1) وأدام مربّها: من قولهم: السحاب يَرُبّ المطر، أي يجمعه ويُنمّيه. وأربّت الجَنوب: دامت وأربّت السَّحابة: دام مطرها(2) وقولهم: «الملک عقيم» يريدون أنّ الرجل قد يقتُل أباه علي الملک ، فکأنّه سدَّ باب الرعاية والمحافظة (3).
في الحديث: قال الصادق عليّ (عليّه السلام) : «لاتُباع الصدقة حتّي تُعقل»(4).
عقل الصدقة: يقال: عَقتُ البعير أعقِله عَقلاً، إذا شددته بالعِقال ، وهو معقول.
والعقال: صدقة سنة ، يقال: أخذ المُصَدّق النقدَ، ولم يأخذ العِقال (5). ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) إلي علي وجه الاستعارة: «حتّي يَظُنّ الظَّانُّ أنّ الدُّنيا مَعقُولَة علي بَنِي أميَّةَ» (6) وفسّر قول أبي بکر: «لو منعوني عقالاً» بالحبل، لأنّهم کانوا يُخرجون الإبل إلي الساعي، ويعقلونها بالعُقل حتّي يأخذها. وقيل: العقال نفس الصدقة (7) وذلک کناية عن الإبل بما يُشدُّ به أو بالمصدر فإنِه يقال : عقلته عقلاً کما يقال: کتبتُ کتاباً، ويُسمّي المکتوب کتاباً کذلک يُسمّي المعقول عِقالاً.
وباعتبار عقل البعير قيل: عقلت المقتول، أعطيت ديته. وقيل: أصله أنّ تُعقل الإبل بفناء وليّ الدم، وقيل: بل بعقل الدم أنّ يُسفک، ثمّ سُمّيت الدية بأيّ شيء کان عقلاً ، و سُمّي الملتزمون له عاقلة. وعقلتُ عنه: نبتُ عنه(8)والعَقل : الملجأ، وهو المعقل، وقد جمعوا العقل، الذي هو الملجأ، جمع العقل الذي هو ضدُّ الجهل فجاؤابه عليّ الفعول (9).
ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام ): «فَاعتَصِموُا بِتَقوَي اللهِ، فَإنَّ لَهَا حَبلاًوَثِيَقاً عُروَتُهُ، ومَعقِلاً منيعاً ذِروَتُهُ» (10) ومن معني العقال جاءت الاستعارة في حديث عليّ عليّه السلام عن آل البيت (عليّه السلام) :«هُم دَعَائِمُ الإسَلَامِ، وَوَلائِجُ الاعتِصَام... عَقَلوُا الدَّينَ عَقلَ وعَايَةٍ وَرِعَايِةٍ لاعَقلَ سَمَاعٍ وَرِوَايَةٍ »(11)وکتب عليّ (عليّه السلام) الي
ص: 579
الأشعري: «قاعقل عقلک، وَاملِک امرَکَ»(1).
أي: اضبط عقلک واحبسه عليّ معرفة الحقّ من الباطل، ولاتفرّقه فيما لا ينبغي(2). والعقيلة: کلّ کريمةٍ من النساء والإبل والخيل وغيرها(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فِلِزّ اللُّجَينِ والعِقيَانِ»(4).
العِقيان: الذهب الخالص. والألف والنون زائد تان. وقيل: هو ذهب ينبت نباتاً، وليس ممّا يُستذاب ويُحصُّلُ من الحجارة (5). ومنه حديث أبي جعفر( عليّه السلام) ، عن آبائه (عليّه السلام )عن خيمة آدم (عليّه السلام )التي أُهبطت من الجنّة: «وکانت أوتادها صخراً من عِقيان الجنّة»(6) .وأعقي الشيء يُعقي إعقاءً: صار مُرّاً، وقيل: اشتدّت مرارته. والعقوة والعَقَاة: الساحة وماحول الدار والمحلّة، وجمعها عِقاء. وعقايعقو اعتقي: احتفر البئر فأنبط من جانبها. والاعتقاء: أنّ يأخذ الحافرُ في البئرُيمنةً ويَسرةً، إذا لم يُمکنه أنّ يُنبطً الماء من قعرها. واعتقي في کلّامه: استوفاه ولم يَقصِدَوکذلک الأخذ في شُعَب الکلام، ويشتق الإنسانُ الکلام فيعتقي فيه، والعاقي کذلک،
وقلما يقولون: عقا يعقو. وعقّ الرجلُ بسهمه إذا رمي به في السماء فارتفع، ويُسمّي ذلک السهم العَقيقة، قال الهذلي:
عَقَّوا بسَهمٍ فلم يشعر به أحدُ*** ثمّ استفاؤوا وقالوا: حبّذا الوَضَحُ
يقول: رموا بسهم نحو الهواء إشعاراً أنّهم قد قبلوا الدية ورضوا بها عِوضاً عن الدم. والوضح: اللَبن، أي قالوا: حبّذا الإبل التي تأخذها بدلاً من دم قتيلنا فنشرب ألبانه (7) وعقّيتم صبيِّکم: أي سقيتموه عَسلاً، أو دواءً لِتسقُطً عنه عِقيُهُ، وهو ما يخرج من بطن الصبيّ حين يولد(8) يقال: عَقَي الصبيُّ يعقي عَقياً. والعِقيُ، بالکسر، الاسم، والعقَيُ، با نفتح، المصدر (9).
ص: 580
في حديث عليّ( عليّه السلام) في دعائه للاستسقاء: «اللَّهُم خَرَجنَا إلَيکَ حِينَ اعتَکَرَت عَلَينا حَدَابِيرُ السَّنِينَ»(1).
الاعتکار: يقال: أعتکر الليلُ، اشتدُّ سواده واختلط والتبس. واعتکر الظلامُ: اختلط کأنّه کرّ بعضه عليّ بعض من بطء انجلائه، واعتکرت الريح: جاءت بالغبار. وأصله من
الاعتکار وهو الازدحام والکثرة. والعَکرَةُ الکرّة، وعکر عليّ الشيء يَعکرُ عکر واعتکر : کَرّ وانصرف، ورجلُ عکّار في الحرب عطّاف کرّار. وعکر واعتکر بمعني واحد(2) ومنه خبر عمر بن مُرّة: «عند اعتکار الضرائر». أي اختلاطها. والضرائر:
الأمورُ المختلفة. وخبر الحارث بن الصَّمَة: «و عليّه عکرُ من المشرکين». أي جماعة (3) وجاء في الخبر أنّ النبيّ (صلي الله عليّه وآله )مرَّ برجلٍ له عَکّرة، فلم يذبح له شيئاً، ومرّ بامرأة لها شُويهات فذبحت له، فقال: «إنّ هذه الأخلاق بيد الله، فمن شاء أنّ يمنحه منها خُلقاً حسناً فعل». قال أبو عبيدة: العَکرة: هي الخمسون من الإبل إلي المائة. وعن الأصمعي: إلي السبعين، والجمع عَکر(4)وقيل: العکرَة الکثير من الإبل، يقال: أعکر الرجلُ إذا کانت عنده عَکرة (5) وفي المثل: «عاد إلي عِکرِه». العِکر: الأصل، والعَکَرةُ أصل اللسان. وهذا کقولهم: عادت لعِترِها لَميسُ(6)والعِترة الأصل، ولميس: اسم امرأة. يُضرب لمن يرجع إلي عادة سوء ترکها (7) ويقال : باع فلانُ عِکرةَ أرضه، أي أصلها(8).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «کَنُفاضَة العِکم»(9).
العِکم: العِدل فيه المَتاع. وعکمت المَتاع أعکِمه عَکماً، إذا شددته، فهو معکوم (10).
في الحديث عن أمير المؤمنين( عليّه السلام) قال:«تعتلج النطفتان في الرحم فأيّتهما کانت أکثرجاءت تشبهها، فإنّ کانت نطفة المرأة أکثرجاءت تُشبهُ أخواله، وإنّ کانت نطفة الرجل
ص: 581
أکثر جاءت تشبه أعمامه»(1).
تعتلج : يقال: اعتلجت الوحش: تضاربت تمار ست. واعتلج القوم: اتخذوا صراعاً وقتالاً، والاسم العلاج. والعلاج: المِراس والدفاع. وفي الحديث: إنّ الدعاء ليَلقي البلاء فيعتلجان، أي يتصارعان (2) ومنه حديثه (عليّه السلام ): «أنّه بعث رجلين في وجهٍ؛ وقال: إنّکما عِلجان فعالجا عن دينکما»، العلج الرجل القويّ الضخم. وعالجا: أي مارسا العمل الذي ندبتکما إليه واعملا به(3)ومنه يقال للحمار الوحشي: علج، وذلک الاستعلاج خَلقه وشدّة أسره(4). وباعتبار القوة والقدرة قال عليّ (عليّه السلام) في التوحيد
«ولايخلَقُ بِعِلَاج»(5) تنزيه لصنعه عن
وساطة الآلة والحيلة کما تزاوله أصحاب الصنايع(6)وباعتبار الممارسة والخبرة قال (عليّه السلام) لابنه الحسن (عليّه السلام) في وصيته :
«وعُوفِيتَ مِن عِلَاجِ التَّجرِبَةِ»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «عَلَزِ القَلَقِ، وألَم المَضَضِ»(8).
العَلَر: الضّجَرُ والعلز: شبه رعدة تأخذ المريض أو الحريص علي الشيء کأنّه لايستقرّ في مکانه من الوجع. عَلِرزَ يَعلَزُ عَلَزاً وعَلَزاناً، وهو عَلِزُ، وأعلزه الوجع. والعَلزُ القلقُ والکَرب عند الموتِ، ويقال : مات فلان عَلِزاً ، أي وَجِعاً قلقاً لا ينام. والعِلَّوز: الموتُ. والولوز: لغة في العِلَّوص، وهو الوجع الذي يقال له: اللَّوَي من أوجاع البطن (9) ومنه الحديث : «من سبق العاطس إلي الحمد أمن الشؤص واللَّؤص والعلوص» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في خلق الإنسان: «عَلَقَةً مِحَاقاً»(1).
العَلَق: الدم، ما کان، وقيل: هو الدم الجامد الغليظ. وقيل: الجامد قبل أنّ ييبس ، وقيل : هو ما اشتدّت حمرته، والقطعة منه عَلَقة (2). ومنه قوله تعالي: ﴿خَلَقَ الإنسَان مِن عَلَقٍ﴾(3)والمحاق: ثلاث ليالي من آخر الشهر، وسميت محاقاً لأنّ القمر يمتحق فيهنّ، أي يخفي و تبطل صور ته. وإنّما جعل العلقة محاقاً هاهنا، لأنّها لم تحصل لها الصورة الإنسانية بعد، فکانت ممحوّة ممحوقة (4) واستعار (عليّه السلام) لفظ العلق لما يخاف
من تفاقم الفساد في أصحابه بقوله: «وأنَا أدَاوي مِنهُم قَرحاً أخَافُ أنّ يَکُون عَلَقاً»(5).
والعلائق : المهور، الواحدة عَلاقة، في الحديث أنّه قال: أدّوا العلائق، قيل: يا رسول الله فما العلائق بينهم؟ قال: ما تراضي عليه أهلوهم. وکلُّ ما يتبلّغ به من العيش فهو عُلقة.
والعُلقة والعَلاق: مافيه بُلغة من الطعام إلي وقت الغذاء. وفي الحديث: «وتجتزيءُ بالعُلِقَة» أي تکتفي بالبُلغة وعَلَق عَلاقاً و عَلوقاً: أکلّ، وأکثر ما يُستعمل في الجحد، يقال: ماذقتُ علاقاً ولا عَلوقاً. والعِلاقة المعلاق الذي يُعلَّق به الإناء (6) وقول عليّ (عليّه السلام) : «فَلَو ائتَمَنت أحَدَکم عَلَي قَعبٍ لَخَشِيت أنّ يَذهَبَ بعِلاقتِه» (7) من ذلک. والعَلاقة بالفتح: عَلاقة الخصومة. وعَلِق به علقاً: خاصمه. يقال: لفلان في أرض بني فلان عَلاقة، أي : خصومة ورجل مِعلاق وذومِعلاق : خصيم شديد الخصومة يتعلّق بالحجج ويستدرکها. والمِعلاق : اللسان البليغ، ومعلاق الرجل: لسانه إذا کان جدلاً(8) وفي حديث حليمة: «رکبت أتاناً لي فخرجت أمام الرکب حتّي مايِتعلَقُ بها أحدُ منهم».
ما يعلق ، أي: ما يتّصل بها و يلحقها. وفيه : «فَعَلِقت منه کلَّ مَعلَق». أي أحبّها وشُغِف بها. يقال: عَلِق بقلبه عَلاقة، بالفتح، وکلّ شيء وقع موقعه فقد عَلق معالِقَه(9).
ومن هذا الاعتبار يفسر ماجاء فيحديث عليّ (عليّه السلام) في التزهيد بالدنيا: «ولا
ص: 583
تُفتَنوا بِأعلَاقِها، فَإنَّ برَقَها خَالبُ، ونُطقها کَاذِبُ، وأَموَالَها مَحرَوبةُ، وأعلاقها مَسلُويةُ»(1).
العَلاَقة والعَلق : الحُبّ، والعِلق: الثوبُ ونحوه(2) والشيء النفيس الذي يتعلّق به صاحبه (3)، ونظرة من ذي عَلَق، أي: من ذي علاقة، وهي الهوي. وعَلِق المرأةَ وعُلَّقها(4). وعَلقت الإبلُ من الشجر عَلقاً، من باب قتل وعلوقاً: أکلّت منها بأفواهها. وعَلِقت في الوادي، من باب تَعب: سَرَحَت. والعُلقة: ما تتبلّغ به الماشية والجمع عُلَق. وفلانُ لا يأکلّ إلاّ عُلقةً، أي ما يُمسک نفسه(5)ومن العلوق جاء حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «نسمةُ المؤمن طائر يَعلق من شجر الجنّة». وعلق الظبُي في الحبالة علوقاً: وقع(6)و تعوّق. ومنه قيل : عَلِقَ الخَصمُ بخَصمِه و تَعلَّق به. وأعلقتُ ظُفري بالشيء ، بالألف: أنّشبته (7).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام )في وصف الدنيا: «وأَعلَقَت المَرءَ أَوهَاقَ المَنِيَّةِ» (8) قال جرير يصف شجاعاً:
إذا عَلِقت م خالبه بقِرنٍ*** أصاب القلب أو هتک الحجاب(9).
وعَلّقتُ الشيء تعليقاً، إذا نُطتَه. والمعالق کلّ شيء علّقت به شيئاً. وليس بيني وبين فلان عُلقَة، أي سبب (10) وامرأة عَلوق: فروک. وناقة عَلوق: ترأم ولدها ولا تدّر، يقال: عاملتنا معاملة العلوق (11) وقيل للمنيّة عَلُوق . والعَلَقُ: دود معروف يکون في الماء الآجن و غيره (12).
في حديث فاطمة (عليّها السلام ):«أفتجمعون إلي الغدر اعتلالاً عليه بالزُّور وهذا بعد وفاته شبيه بما بُغي له من العوائل في حياته»(1).
اعتلالاً: من قولهم: اعتلّه: تجنّي عليه، واعتلّ عليه بعلّة واعتلّه، إذا اعتاقه عن أمر. والعِلّة: الحدثَ يشغل صاحبه عن حاجته (2). ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام )للمتشاغل:«يَتعَلّلُ بالسُّرُورِ في سَاعَةِ حُزنِه»(3) وجاء في حديث عليّ(عليّه السلام) وصف الراجي الله مع تقصيره في الأعمال الدينية بقوله: «وکلّ رَجَاء الّارَجَاء الله تَعَالي، فإنّه مَدخُولُ، وکُلّ خَوفٍ مُحَقّق إلّا خَوفَ اللهِ فَانّهُ مَعلُول»(4)أراد به( عليّه السلام )أنّ خوفه غير خالص (5)کأن خوفه غير واقعي.
في الحديث: «سأل محمد بن إسماعيل بن بزيع أبا الحسن الرضا(عليّه السلام)عن الصلاة في الثوب المُعلم، فکره مافيه من التماثيل»(6).
الثوب المعلم: جعلت له علماً من طرازٍ وغيره، وهي العلامة(7) والعَلم : عَلَم الطريق، وهو کلّ مانُصب عليّ الطُّرق ليُهتَدي به من الحجارة وغيرها، وجمعها أعلام ، وعلم الجبل، أعلي موضع فيه(8) وقد استعاره عليّ( عليّه السلام) للأدلّة الظاهرة في الوجود بقوله: «الحمد للهِ الذي بَطَنَ خَفِيّات الأُمُورِ، وَدَلَّت عليّه أعلام الظهور»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «الجَنَّة تَختَ أَطرَافِ العَوَالي» (10).
العوالي: جمع عالية ، وهي القناة المستقيمة(11) وقيل: العالية أعلي القناةِ وأسفَلُها السافِلةُ، وقيل: عالية الرُّمح راسُه (12) و عُلوُ کلَّ شي ءٍوعِلوُه وعالِيَتُه وعُليَاه و عُلاه: أعلاه. وهو من عِليَتِهم : أي أشرافهم، واحدهم: عِليُّ وعالٍ. ويقال: عِلَّيَّتُهُمُ (13).
والعِلاوة: أعليّ الرأس : وقيل: أعلي
ص: 585
العُنُق. والعِلاوة أيضاً: رأس الإنسانِ مادامَ في عَنَقه (1). ومنه جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «أُتي أمير المؤمنين (عليّه السلام) بزنديق فضرب علاوته» (2).
وفي حديث التيمّم: «ويستحبّ من العوالي » أي ممّا ارتفع من الأرضِ وعلا، وذلک لبُعده عن الاستِطراق ونزاهته (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام ): «البِکَارُ العَمِدَةُ»(4).
البکار العمدة: الإبل التي فسد سنامها، یقال: عَمِد البعيرُ، إذا انفضخ داخل سنامه من الرکوب وظاهره صحيح(5) وذلک إذا کان عظيماً فحمل عليّه ثِقل فتکسّر ومات شَحمُه فيه(6) والعميد: المريض لا يستطيع الجلوس من مرضه حتّي يُعمَد من جوانبه بالوسائد، أي يُقام. وعمده المرضُ يَعمِدُه: فدحه ، ومنه اشتُقّ القلب العميد، ويعمده: أي يسقطه ويفدحه ويشتدُّ عليه (7)وقد وصف عليّ (عليّه السلام) أحدهم بقوله: «داوي العَمَد»(8). استعار العمد لأمراض القلوب(9) وعمد الحائط يَعمِده عمداً: دعمه، والعمود الذي تحامل الَّثقل عليه من فوق السقف يُعمد بالأساطين المنصوبة ، وعمد الشيء يُعمِدُه عمداً: أقامه. والعماد: ماأقيم به. وعمدتُ الشيء فاتعمد، أي أقمته بعمادٍ يعتمد عليّه، والعمادة الأبنية الرفيعة، الواحدة عمادة يُذکّر ويؤنّث(10)
وباعتبار الثقل والأساس في العمود للأبنية والخباء جاءت وصيّة عليّ (عليّه السلام) قبل موته: «أقيموا هذين العمودين »(11) يعني القرآن والعترة (12) وباعتبار الضرب والفدح في العماد قال (عليّه السلام) محذّراً من أهل النفاق بقوله: «يَعمِدُونَکُم بِکُلّ عِمَادٍ، ويَرصُدُونکُم بکُلّ مِرصَادٍ» (13).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ألا وإنّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِن الغُوَاةِ، وعَمَّسَ عَلَيهِمُ الخَبَرَ، حتّي
ص: 586
جَعَلَوا نُحُورَهُم أغرَاضَ المَنِيَّةِ»(1).
العِمس: عمس عليّه الأمر يعمسه وعمّسه خلّطه ولبّسه ولم يبيّنه. والعماس : الداهية. وکلُّ مالا يُهتدي له: عَماس. والعموس: الذي يتعسّف الأشياء کالجاهل(2) وعُميس: فُعَيل من قولهم: تعامس عن الشيء، إذا تغافل عنه، وعُميس أبو أسماء بنت عُمَيسِ التي تزوّجها جعفر بن أبي طالب(عليّه السلام)(3).
في الحديث : «أعوذ بک من شرَّ السامة والهامّة والعامّة واللامّة» (4).
العامّة: خلاف الخاصّة، قال ثعلب: سُمّيت بذلک لأنّها تعُمّ بالشرَّ، والعمم العامّة اسم للجمع ، قال رؤبة :
أنت ربيع الأقربين والعمم. ويقال : رجلُ عُمَّيُّ ورجل قُصريُّ، فالعُمّي العامّ، والقُصريّ الخاص. ومنه المعَمّم: السيّد الذي يَقلّده القوم أمورهم ويلجأ إليه العوامّ (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وکَيفَ تَعمَهُونَ وَبَينَکُم عِترَةُ نَبيَّکُم»(6).
القعَمه: التردّد في الأمر من التَّحيُّرِ. يقال: عمّه فهو عَمِهُ وعامِهُ (7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف جهنم: «مَخُوفٍ وَعِيدُها، عَم قَرَارُها، مُظلِمَةٍ
أقطَارُها»(8).
العَمَي: ذهاب البصر، عَمِيَ يَعمَي عَمي. ورجال عُميُ، وَرجلُ عَمٍ، وقومُ عَمُون، من عَمَي القلب. ومن هذا المعني يقال: ما أعماه، ولا يقال من عَمَي البصر، ما أعماه!
والعَماية: الغوايةُ، وهي اللّجاجة. والعَمايةُ والعماء: السحاب الکثيف المطبق (9) وأسند العمي إلي قرارها مجازاً أنّه لا يُهتدي فيه لظلمته، أو لأنّ عمقها لايُوقف عليّه لبعده (10) ومن هذا يقال: خبط
ص: 587
في مجاهل الأرض ومعاميها(1).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : ولقد جاءکم رسول من أنّفسکم عزيز عليّه ما عَنِتّم حريص عليّکم بالمؤمنين رؤوف رحيم »(2). فإنّ تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائکم، وأخا ابن عمّي دون رجالکم، ولنعم المعزي إليه (صلي الله عليّه وآله)(3).
العنت: الإثمّ(4) وقولها (عليّهم السلام) : عزيز عليّه ما عنتم: أي شديد شاقُ عليه عنتکم ولقاؤکم المکروه، فهو يخاف عليکم سوء العاقبة والوقوع في العذاب (5) والعنت: من قولهم: أکمة عنوت إذا کانت شاقّة مهلکة. وقال ابن الأنّباري: أصل التعنّت التشديد، فإذا قالت العرب: فلان يتعنّت فلاناً ويُعنته. فمرادهم يُشدد عليه ويلزمه بما يصعب عليّه أداؤه(6).
ومراد قولها (عليّه السلام )من المعزي، الاعتزاء، وهو الانتماء والنسب (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )واصفاً ذَنب الطاووس: «کأنّه قِلعُ دَارِيّ عَنَجه نُوتِيُّهُ» (8).
العنج: عنجَ الشيء يعنجه: جذبه. وکلُّ شيء تجذبه إليک، فقد عنجته، وعنج رأسَ البعير يَغنِجُه ويَعنُجُه عنجاً: جذبه بخطامه حتّي رفعه وهو راکب عليه.
والعِناج: خيط أو سير يُشدُّ في أسفل الدلو ثمّ يُشدُّ في عُروتها أو عقوتها.
والعُنجوجُ: الرائعُ من الخيل، وقيل: الجواد، والجمع عناجيج، وقد استعملوا العناجيج في الإبل. وقيل: هو الطويل العُنق من الإبل والخيل، والعُنجَجُ: العظيم(9) وجاء في الخبر: «أنّه قيل له (صلي الله عليّه وآله )أيّ أموالنا أفضل؟ قال الحرثُ والماشية، قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: تلک عناجيج الشياطين».
العنجوج من الخيل والإبل: فُعلول من عَنجه، إذا عطفه، لأنّه يعطف عنقه لطولها في کلّ جهة يلويها ليِّاً، وراکبه يعنِجها إليه بالعّنان والزّمام، يريد أنّها مطايا الشياطين (10). وأعنج الرجلُ، إذا اشتکي عِناجَه، والعِناج: وجع الصُّلب والمفاصل.والعَنج: الرياضة (11).
ضرب من رياضة البعير، ومنه المثل : «عَودُ
ص: 588
يُعلَّم العَنج» يُضرب للمسنَّ يؤدَّب ويُراض، في أنّه جلّ عن الرياضة، وذلک أنّ العنج إنّما
يکون للبّکارة ، فأما العِوَدة فلا تحتاج إليه(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «إنّا قَد أَصبَحنا في دَهرٍ عَنُويدٍ، وزَمَنٍ کَنُودٍ»(2).
عنود: يقال: عند عن الحقَّ و عن الطريق يَعنُدُ وَيعنِدُ: مال. ورجل عنيد: عاند، وهو من
التجبّر. والعنيد والعنود بمعنيً، وهما فعيل وفعول بمعني فاعل ومفاعل. والعاند: البعير الذي يجور عن الطريق و يَعدِلُ عن القصد(3).
ومنه حديث المستحاضة : «قال: إنّه عِرق عانِدُ» شُبّه به لکثرة ما يخرج منه عليّ خلاف عادته. وقيل: العاند: الذي لا يرقأ (4).
وفي حديث ابن عباس أنّه قال: عِرق عاند أو رَکضَة من شيطان. يعني الذي قد عند وبغي کالإنسان يعاند عن القصد، فهذا العرق في کثرة مايخرج من الدم بمنزلته، قال الراعي: ونحن ترکنا بالفَعالِيَّ ضَربةً*** لها عاندُ فوق الذراعين مُسبل(5).
عن الصادق عن أبيه (عليّه السلام) قال: «کانت لرسول الله (صلي الله عليّه وآله) عَنَزة في أسفلها عکّاز يتوکّا عليّها ويخرجها في العيدين يصتي إليها»(6).
العَنَزَة: عصاً أقصر من الرمح ولها زُجّ من أسفلها، والجمع عَنزُ وعَنزَات، مثل قصبة وقصب وقصبات (7). وهي شبه العُکّازة، وعنزوه طعنوا فيه، نحو نزکوه، من العنزة (8).
قال أبو العباس ثعلب: سُمّيت العنزة عنزة من قولهم: اعتنز الرجلُ، إذا تنحّي ، وذلک أنّ الإمام يجعلها بين يديه إذا صلّي ويقف دونها فتکون ناحيةً عنه (9) والعنزُ: الشاة من المَغزِ، والجمع عُنوز ، وکذلک من الظِباء (10)وفيها قال عليّ (عليّه السلام) زاهداً في الدنيا: «أزهد عندي من مَفطَة عَنزٍ »(11) والعَنزُ: الأکمة السوداء (12).
ص: 589
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فالله الله في کِبرِ الحَميةِ، وفَخرِ الجَاهِليّة! فَإنّه مَلَاقِحُ
الشَّنَانِ، وَمَنافِخُ الشَّيطان، التي خَدَعَ بها الأمَمَ الماضِيَةَ، والقُرُونَ الخَالِيَةَ، حتّي أَعنَقُوا في حَنَادِسِ جَهَالَتِه، ومهَاوِي ضَلَالَتِه»(1).
أعنقوا: غابوا. يقال: أعنقت النجوم إذا تقدّمت للمغيب. وأعنفت الثُّريّا، إذا غابت،قال الشاعر:
کأنّي، حين أعنقت الثُّرَيّا ***سُقيت الرَّاح أو سمّاً مَدُوفا
والعَنَقُ من السير: المنبسط، والعنيق کذلک، وقد أعنقت الدابّةُ فهي مُغنِقُ ومِغناق وَعنيق (2)وفي الحديث: «المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة» وروي: إعناقاً .
أي: إسراعاً إلي الجنّة. والعَنَقُ: الخطو الفسيح. ومنه قوله( صلي الله عليّه وآله): «لايزال المؤمن مُعنِقاً صالحاً، مالم يُصب دَماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بَلّحَ»(3) أي مسرعاً في طاعته منبسطاً في عمله. وقيل: أراد يوم القيامة. ومنه الحديث : أنّه بعث سَرِيَّةً، فبعثوا حَرامَ بن مِلحان بکتاب رسول الله (صلي الله عليّه وآله) إلي بني سُلَيم فانتحي له عامرُ بن الطّفَيل فقتله، فلما بلغ النبي( صلي الله عليّه وآله) قَتلُه، قال: «أعنق ليموت». أي: إنّ المنيّة أسرَعَت به وساقته إلي مَصرَعه (4) واللام لام العاقبة والصيرورة، مثلُها في قوله تعالي: «ليکونَ لهم عَدُوّاً وحَزَناً، (5). حاکياً عن موسي (عليّه السلام ). لأنّ آل فرعون إنّما أخذوه ليکون لهم قرّة عين، فکان عاقبة ذلک أنّ کان لهم عدواً وحزناً، فذکر الحال بالمآل ، کما قال الشاعر:
وللمنا يا تُربّي کُل مرضعةٍ ***ودورنا لخراب الدهر نبنيها .
وقال آخر:
فللموت تغذو الوالداتُ سِخَالَها ***کما لخراب الدهر تُبني المساکنُ
أي فعاقبة البناء الخراب وإنّ کان في الحال مفروحاً به(6)والمُعنِق: ماصَلُب وارتفع عن الأرض وحوله سهل، والجمع معانيق. والعنقاء: أکمة فوق جبل مشرف. والعنقاء: طائر ضخم ليس بالعُقاب. ويقال: إنّها طائر عظيم لاتُري إلّا في الدهور، ثمّ کَثر ذلک حتّي سموا الداهية عَنقاءُ مُغرباً ومغربةً. وقيل :
ص: 590
سُمّيت عنقاء لأنّه کان في عُنُقها بياض کالطوق. والعَناق: الحَرَّة. والعناق: الأنّثي من المَعز، والأعناق: الرؤساء . والعُنُق: الجماعة الکثيرة من الناس، مذکّر والجمع أعناق(1).
ومنه جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «إذا کان يوم القيامة قام عنق من الناس حتّي يأتوا باب الجنّة فيضربوا باب الجنّة، فيقال لهم: من أنّتم؟
فيقولون: نحن الفقراء»(2). وقوله تعالي:﴿فَظَلَّت أعنَاقُهُم لَهَا خَاضِعين﴾ (3) أي جماعاتهم، ولو کانت الأعناق خاصّة لکانت خاضعة وخاضعات(4) والحندس: الظلمة الشديدة. وأسود حِندِسُ: شديد السواد، کقولک : أسود حالک (5).
في حديث الصادق عنه( صلي الله عليّه وآله) قال: «الغنم : إذا أقبلت أقبلت ، وإذا أدبرت أدبرت، والإبل أعنان الشياطين، إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت، ولا يجيء خيرها إلّا من جانبها الأشأم»(6).
أعنان الشياطين: أعنان کلّ شيء نواحيه، کذا عن يونس. قال أبو عمرو وغيره: فإنّ کانت الأعنان محفوظة، فإنّه أراد أنّ الإبل من نواحي الشياطين، أي أنّها عليّ أخلاقها وطبائعها. وهذا شبيه من الحديث الآخر أنّها خُلقت من الشياطين. وفي حديث آخر: أنًّ علي ذروة کلَّ بعير شيطان (7). ومعني : «إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت» المراد به کثرة آفاتها وسرعة فنائها. ومعني «جانبها الأشأم» الشمال، ويقال لليد الشمال الشؤوم .ومنه قوله تعالي: ﴿أصحاب المشأمة﴾(8)ولا يأتي نفعها إلّا من هناک ، يعني أنّها لاتُحلب ولاتُرکب إلّا من شمالها، وهو الوحشي بقول الأصمعي، والإنسي للأيمن بقوله. ومنه الحديث : «لو بلغت خطيئته عَنان السماء». العنان بالفتح: السَّحاب، والواحدة عنانة. وقيل: ماعنّ لک منها، أي اعترض و بدالک إذا رفعت رأسک. ويُروي: «أعنان السماء» أي نواحيها. واحدها عَنن، وعَنُّ وقد مرّت سحابة فقال (صلي الله عليّه وآله): هل تدرون ما اسم هذه؟ قالوا: هذا السَّحاب، قال:
ص: 591
والمزن، قالوا: والمُزن ، قال: والعَنَان، قالوا: والعنان(1).
والعانَ من السحاب الذي يعترض في الأفق، يقال: يَعِنّ و يَعُنَّ. ومنه سُمّي العِنان من
اللجام عِناناً لأنّه يعترضه من ناحيته لا يدخل فمه منه شيء؟(2) ومن هذا شرکة العنان، بکسر العين: وهي شرکة الأموال، نُسبت إلي العنان وهو سير اللجام الذي
يمسک به الدابّة، لاستواء الشريکين في ولاية الفسخ والتصرّف ، واستحقاق الربح علي قدر رأس المال کاستواء طرفي العنان، أو تساوي الفارسين فيه إذا تساويا في السير، أو لأنّ کلّ واحد منهما يمنع الأخر من التصرف حيث يشاء کما يمنع العنان الدابّة. أو لأنّ الأخذ بعنانها يحبس إحدي يديه عليّه ويطلق الأخري کالشريک يحبس بده عن التصرف في المشترک مع انطلاق يده في سائر ماله(3)واستعار عليّ (عليّه السلام) منه لسبقه في الفضائل بقوله: «فطرتُ بِعِنَانِها، واستَبدَدتُ بِرِهَانِها» (4).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )عن الدنيا: «أَلَا وَهِيَ المُتَصَدَّيَةُ العَنُونُ، والجَامِحَةُ الحَرُونُ،
والمَائِنَة الخَؤُون، والجَحُودُ الکَنُودُ، والعَنُودُ الصَّدُودُ، والحَيُودُ المَيُودُ»(5).
الاعتنان: الاعتراض. يقال: عَنَّ الشيءُ يَعنُّ ويَعنُّ عنناً وعنوناً: ظهر أمامک. وعنَّ الرجلُ يَعِنُّ عنِاً وعنناً، إذا اعترض لک من أحد جانبيک من عن يمينک أو من عن شمالک بمکروه. والمتصدية العنون: التي تتعرض للناس، وفعول للمبالغة (6).
ومنه حديثه : «دهمثه المنية في عن و چماچه»(7).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله): «اتقوا الله في النساء فإنهنَّ في أيديکم عوان»(8) .
عوان: يقال: عنا عُنُّواً، من باب قعدخضع وذلَّ، والاسم العَناء بالفتح والمدّ، فهو
ص: 592
عانٍ، وعني من باب تعب ، إذا نَشِب في الإسار فهو عانٍ، والجمع عُناة. ومنه قيل للمرأة: عانية؛ لأنّها محبوسة عند الزوج، والجَمع عوَان (1)وهذا مجاز لأنّه عليه الصلاة والسلام جعل النساء عند أزواجهنَّ بمنزلة الأسراء (2) ومن هذا المعني فسّر قوله تعالي : ﴿وعَنَت الوُجُوهُ لِلحَيّ القَيُّوم﴾ (3) .
ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَمَن آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَليَصل به القَرَابة، وليُحسِن مِنهُ الضَّيَافَةَ، وَليَفُکَّ بِهِ الأسِيرَ والعَانِيَ»(4).
وباعتبار الذلّ والخضوع قال عليّ (عليّه السلام): «تَعنُو الوُجُوه لِعظَمَتِه، وتجِبُ القُلُوبُ مِن مَخَافَتِه»(5) وعَنِي يعني، من باب تعب، إذا أصابه مشقّة، ويُعَدّي بالتضعيف فيقال: عنّاه يعنّيه، إذا کلّفه ما يَشُقّ عليّه والاسم العناء (6).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) في وصف الدنيا: «مَا أصِفُ من دَارٍ أوّلُهَا عَنَاءُ وآخِرُهَا فَنَاءُ»(7).
من کتاب عليّ( عليّه السلام )إلي عماله علي الخراج: «ولا تَمَسُّنَّ مالَ أَحَدٍ من النَّاسِ،
مُصلًّ، ولا مُعَاهَد» (8).
المُعَاهد: يختصِّ بمن يدخل من الکفّار في عهد المسلمين، وکذلک ذو العَهد(9)لأنّه مُعَاهد ومبايَعُ عليّ ما عليّه من إعطاء الجزية والکفّ عنه (10) وباعتبار الحفظ قيل للوثيقة بين المتعاقدين عُهدَة (11) والعَهدُ: الوصيّةُوالتقدّم إلي صاحبک بشيء، ومنه اشتُقّ العهد الذي يُکتَب للولاةِ، ويجمع علي عهود، وقد عَهِدَ إليه يَعهَدُ عَهداً(12)والعَهدةُ والعِهدَةُ والعِهد: مطر أوِل السنة، والجمع عِهاد و عُهود(13) وروضة معهودة: أصابها العِهادُ (14)وتَعهّد الشيء وتعاهده واعتهده: تفقّده وأحدث العهد به (15). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام ):«تعاهد الرجل ضيعته من المروءة» (16).
ص: 593
والعهد: المنزل(1).
في حديث أبي جعفر( عليّه السلام) : «حرم رسول الله (صلي الله عليّه وآله) المدينة ما بين لابتيها صيدها، وحرّم (عليّه السلام) ما حولها بريداً في بريد أنّ يُختلي خلاها أو يعضد شجرها إلاّ عودي الناضح»(2).
العود: من عيدان الشجر، والجمع أعواد و عيدان. والعود الذي يُتبخّر به مأخوذ من عيدان الشجر، والعود الذي يُضرب به، کذلک، وهو المِزهَر (3)واستُعير منه للقوي والشديد في حديث عليّ (عليّه السلام): «ويَکَادُ أَصلَبُهُم عُوداً تَنکَؤُهُ اللّحظَةُ، وتَستَحِيلُهُ الکَلِمَةُ الوَاحِدةُ»(4). والعَود من الإبل: المسن، والجمع العِودة. وعوّد البعيرُ تعويداً إذا صار عَوداً. والبعيرُ عَود والناقة عَودة، ولا يکادون يستعملون ذلک في الإناث(5).
قال الخليل: العود الجمل المس وفيه ؤرة، أي بقية، ويجمع عِودة وعيدَة لغةً، وعوّد تعويداً بلغ ذلک الوقت(6) لمن يستعمله عليّ الصدقات، والذي جاء فيه: «ولا تأخُذنَّ عَوداً»(7) من هذا. والعائدة: المعروف والصلة، يقال: ما لک عائدة علينا، وأنت کثير العوائد، ولا يزال يعود علينا (8) .وباعتبار الفائدة قال عليّ(عليّه السلام) :«لا مَال أَعوَدُ مِن العَقل» (9) والعيد: الموسم وجمعه أعياد عليي لفظ الواحد فرقاً بينه وبين أعواد الخشب، وقيل للزوم الياء في واحده، وعيّدتُ تعييداً: شهدتُ العِيدَ. وعدتُ المريضُ عيادةً زرتُه، فالرجل عائد وجمعه عوّاد والمرأة عائدة وجمعها عُوّدُ بغير ألف(10).
وفلان في مَعادةٍ، أي: مصيبة يغشاه الناس في مناوِحِ، ومثله: المَعاوِد. والمَعاوِد المآتم. ويقال للشجاع: بطل مُعاودُ، أي: قد عاود الحربَ مرّةً بعد مرّةً وهو مُعيد لهذا الشيء، أي مطيق له، قد اعتاده. ويقال للرجل المواظب في الأمر: مُعاوِد. والعادة : الدُّربة في الشيء، وهو أنّ يتمادي في الأمر حتّي يصير
ص: 594
له سجيّة(1). وفحلُ معيدُ، إذا کان معتاداً للضّراب. وهذا الأمر أعود من غيره، أي أرفق. والعيدانة: النخلة(2)وعاد اسم رجل من العرب الأولي، و به سُمّيت القبيلة، ويقال :للمُلک القديم: عَادِيُّ، کأنّه نسبةُ إليه لتقدّمه، وبئر عاديّة کذلک، وعاديُّ الأرض: ما تقادم مِلکُه، والعربُ تَنسُب البناء الوثيق والبئر المحکمة الطيّ الکثيرة الماء إلي عاد(3).
وفي خبر شريح: «إنما القضاء جَمر، فادفع الجَمر عنک بعودَين». أراد بالعودين:
الشاهدين، يريد اتق النّار بهما واجعلهما جُنّتک، کما يدفع المصطلي الجمرَ عن مکانه بعودٍ أو غيره لئلاّ يحترق، فمثّل الشاهدين بهما، لأنّه يدفع بهما الإثمّ والوبال عنه .
وجاء ذکر : «العُودُين»، وأريد بهما منبر النبيّ (صلي الله عليّه وسلم) وعصاه(4) وقال شمر في قول الفرزدق:
وَمَن وَرِث العُودَين والخاتم الذي*** له المُلک، والأرض الفضاء رحييها
قال: العودان: منبر النبيّ (صلي الله عليّه وآله) و وعصاه (5).
وفي حديث الصادق(عليّه السلام) قال: «خرجتُ آنفاً في حاجةً فتعرّض لي بعض سودان المدينة فهتف بي لبّيک يا جعفر بن محمد، فرجعت عودي عليّ بدئي»(6) تقول: رجعت عودي علي بدئي، أي رَجَعتَ کما جئت فالمجيءُ موصول به الرجوع، فهو بَدءُ والرجوع عود وحکي بعضهم: رجع عَوداً علي بدءٍ من غير إضافة (7).
والمعاد يقال للعَود، وللزمان الذي يعود فيه، وقد يکون للمکان الذي يعود إليه(8) و معاد الرجل: بلده، لأنّه يتصرّف في البلاد،ويضرب في الأرض ثمّ يعود إلي بلده يقال:رُدّ فلان إلي معاده، أي رُدّ إلي بلده (9)ومن هذا جاء قوله تعالي:﴿ إنّ الذي فَرَضَ عَلَيکَ القرآنَ لَرَادُّکَ إلي مَعَاد﴾(10). وقد فسّرت بمکّة، ويقال: الجنّة(11)وأشار لها عليّ (عليّه السلام )بقوله: «طُوبَي لِمَن ذَکَر المَعَادَ، وعَمِلَ لِلحِسَابِ، وَقَنِعَ بالکَفَافِ»(12).
ص: 595
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن بيعته: «فَأَقبَلتُم إليَّ إقبالَ العُوذ المَطَافيل علي أولادها، تقولون البيعة البيعة»(1).
العائذ: کلُّ أُنثي إذا وضعت مدّة سبعة أيّام، لأنّ ولدها يعوذ بها، والجمع عوذ، بمنزلة النفساء من النساء. فهي فاعل بمعني مفعول. والعائذ من الإبل: الحديثة النتاج إلي خمس عشرة أو نحوها. وعادت بولدها: أقامت معه وحَدِبت عليّه ما دام صغيراً، کأنّه يريد عاذ بها ولدها فقلب. يقال: هي عائذ بيّنة العُؤوذ، إذا ولدت عشرة أيِّام أو خمسة عشر ثمّ هي مُطفلُ بعد(2).
عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «في رجل أتي جبلاًفشقّ فيه قناة فذهبت قناة الأُخري بماء قناة الأولي، قال: فقال: يتقاسمان بحقائب البئر ليلة ليلة فينظر أيّهما أضرّت بصاحبتها فإنّ رُئيت الأخيرة أضرّت بالأولي فلتعوّر»(3).
التعوير: يقال: عورت البئر تعويراً، إذا دفنتها (4) والعورة: سَؤأةُ الإنسان، وذلک کناية وأصلها من العار وذلک لما يلحق في ظهورها من العار، أي المذمّة، ولذلک سُمّي النساء عورةً، ومن ذلک العوراء للکلمة القبيحة، وعَورت عينه عَوَراً و عارت عينه عوراً وعوّرتها، ومنه استعير عوّرت البئر (5).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «أعوَرتُم له فَسَترَکُم وتَعَرَّضتُم لأَخذِهِ فَأَمهَلَکُم»(6). أعورتم، أي ظهرت له عوراتکم(7) والعورة: کلّ خَلل يُتخوّفُ منه في ثغرٍ أو حربٍ»(8) وفي حديثالصادق (عليّه السلام) : «لا تُؤخذ هَرِمة ولا ذات عَوار إلاّ أن يشاء المُصَّدّق»(9)العَوَار، وزان کلّام: العَيب، والضمّ لُغَةُ. يقال: بالثوب عَوار، وعُوار، من خَرق وشقٍ وغير ذلک، وبالعين عَوار وعُوار أيضاً. وبعضهم يقول: لا يکون الفتح إلّا في الأمتعة، فالسلعة ذاتُ عَوار، وفي عَين الرجل عُوار(10)وفي الخبر: لمّا اعترض أبو لهب عليّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله )و عند
ص: 596
إظهار الدعوة، قال له أبوطالب: ياأعور، ماأنت وهذا؟ قال ابن الأعرابي: لم يکن أبو لهب بأعور، ولکن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه وأمّه: أعور. وقيل : معناه يارديء، وکلّ شيء من الأمور والأخلاق إذا کان رديئاً قيل له: أعور، ومنه الکلّمة العوراء. وقال الأخفش: الأعور الذي عوَّر، أي خُيّب فلم يصب ماطلب. وعن أبي خيرة الأعرابي: الأعور واحد الأعاور ، وهي الصَّئبان، کانّه قال: ياصؤابة، استصغاراً له واحتقاراً(1).
وباعتبار الکمال المطلق قال عليّ( عليّه السلام )في التوحيد: «وَلَم يَتَعَاوَرهُ زِيَادَةُ ولا نُقصَانُّ»(2). مستعيراً له لفظ التعاور، وهو التداول. والعارية من تعاوروا الشيء واعتوروه، تداولوه. والأصل فَعَليّة بفتح العين نسبة إلي العارة، وهي اسم من الإعارة، يقال: أعرته الشيء إعارةً وعارةً، وقال الليث : سُميت عارية لأنّها عارُ علي طالبها. وبعضهم يقول: مأخوذة من عار الفرس، إذا ذهب من صاحبه، لخروجها من يدِ صاحبها، وقد تُخفف العارية في الشعر والجمع العواري، بالتخفيف ، وبالتشديد علي الأصل، واستعرت منه الشيء فأعَارَنيه (3).
وفيها حديث الصادق (عليّه السلام ): «لاغرم علي مستعير عاريةٍ إذا هلکت إذا کان مأموناً» (4).
وقد استُعيرت العارية للإيمان المتزلزل، الذي يحمله المنافق، في حديث عليّ عليّه السلام بقوله: «ومِنهُ مايَکُو نُ عَواريَ بَينَ القُلوبِ والصُّدُور، إلي أَجَلٍ مَعلُومٍ»(5).
وکنّي عليّ (عليّه السلام )عن التضحية والفداء بالإعارة بقوله لابن الحنفية: «أعر الله جُمجمتک»(6).
کانت أعوز وأعجز عن نفعکم إذا عزبت عند حضور الموت(1) والمّعوزُ: ثوب خَلَق يُبتذل فيه (2)والجمع مَعَاوز، وهي التي تدلّ علي إعواز صاحبها(3). وباعتبار العسر والعجز کتب عليّ(عليّه السلام) للأشتر:«وإنّما يُوتَي خَرَابُ الأرضِ من إعوَاز أَهلِها» (4).
في کتاب عليّ (عليّه السلام )إلي معاوية: «وَتَرَقَّيتَ إلي مَرقَبَةٍ بَعيدَةِ الَمرَامِ، نَازِحَةِ الأَعلاَمِ تَقصُرُدُونَها الأَنُوقُ، ويُحَاذي بها العَيُّوقُ»(5).
العيّوقُ: نجم أحمر بحيال الثريا، هو فيعول. يجوز أنّ يکون من العوق والعيق جميعاً(6). والعائق: الصارف عمّا يُراد من خير، و منه عوائق الدهر.
يقال: عاقه وعوّقه واعتاقه (7).
قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): «ابدأ بمن تعول»(8).
تعول: يقال: عاله، تحمّل ثِقَل مؤونته، ومنه العيال، الواحد عيّل(9). مثل جياد وجيّد، وأعال الرجلُ بالألف کثُر عيالُه. وأعيل وعيّل کذلک (10)وعال عياله يعولهم عؤلاً، إذا قاتهم وکفلهم (11) وقد استعار عليّ (عليّه السلام) لفظ العيال للخلق بقوله: «عِيَالُهُ الخَلاَئِقُ» (12). لکونه تعالي کا فل أرزاقهم ومعاشهم تحنناً منه ورحمة. وعوّل عليّه: اقتصر عليه، ولم يختر عليه. وعولت عليه: استعنتُ به، ومعناه صيّرت أمري إليه (13).
ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام )لمن خدعهم معاوية بقوله: «وتَوَلَّوا عَلَي أَدبَارِهِم، وعَوَّلُوا عَلَي أَحسَابِهِم» (14).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الفتنة: «يَتَکَادَمُون فِيهَا تَکَادُمَ الحُمُرِ في العانة» (15).
العانة: هي القطعة من حمير الوحش خاصّة:
ص: 598
وسُمّيت عانة الإنسان تشبيهاً بذلک(1) والعوانة: الباسقة من النخل (2) وامرأة عوان، إذا أسنّت ولمّا تَهرَم، والجمع عون (3).
وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کانت ضرباته مُبتکرات لا عُونا». المراد أنّ ضرباته کانت بکراً يقتل بواحدةٍ منها، ولا يحتاج أنّ يعيد الضربة ثانياً(4).
قال (صلي الله عليّه وآله) :«لا يوردنّ ذو عاهةٍ علي مصحّ».
ذو عاهةٍ: يعني الرجل يصيب إبله الجَرَب أو الداء فقال: لا يوردنّها علي مصح، وهو الذي إيله وماشيته صِحاح بريئة من العاهة (5) والعاهة: الآفة. يقال: عاه الزرعُ والمالُ يعوه عاهةً وعؤوهاً وأعاه: وقعت فيهما عاهة. ورجل معيه ومَعُوه في نفسه أو ماله: أصابته عاهةُ فيهما. ويقال: أعاه الرجلُ وأعوَه وعاه وعَوَّه کلّه ، إذا وقعت العاهةُ في زرعه. وأعاه القوُم وعاهوا وأعوَهو : أصاب ثمارهم أو ماشيتهم أو إبلهم أوزرعهم العاهة(6) ومنه الحديث: نهي (صلي الله عليّه وآله)عن بيع الثمار حتّي تذهب العاهة. أي الآفة التي تصيبها فتفسدها(7)وقد استعيرت العاهة للضالّين والتائهين في حديث عليّ (عليّه السلام ): «سُرُو ح ُعَاهَةٍ بَوِادٍ وَعثٍ ، لَيسَ لَهَا رَاعٍ يُقيِمُهَا، ولآَمُسِيمُ يُسِيَمُهَا»(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن آل النبي( صلي الله عليّه وآله):« هَم مَوضِعُ سِرّهِ، وَلَجَأُ أَمرِهِ، وعَيبَةُ عِلمِه، وَمَؤئِلُ حُکمِهِ»(9).
العيبة: وِعاء من أدَم ، يکون فيها المتاع، والجمع عِياب وعِيَب، والعيبة. ما يجعل فيه الثياب. والعيبة زبيل من أدم ينقل فيه الزرع المحصود إلي الجزين (10)والعربُ تُسمّي الصدور: العِيَاب، قال الشاعر:
وکادت عيابُ الودَّ منّا ومنکم*** وإنّ قيل أبناء العُمومِة تَصفَرُ (11).
ص: 599
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الأموات: «وَعَاثَ فِي کُلّ جَارِحَةٍ منهم جَدِيدُ بِلًي سَمَّجها»(1).
العيث: يقال : عاث يعيث عَيثاً، إذا أفسد. ويقال: عَثِيَ يَعني، إذا أفسد (2).
قال اللحياني: عثي لغة أهل الحجاز، وعاث لغة بني تميم (3)وقال الزمخشري: العثي: أشدّ الفساد(4) وعاث في ماله: أسرع في إنفاقه (5).
في حديث فاطمة( عليّها السلام) : «أصبحتُ - واللهِ - عائفة لدُنياکم قالية لرجالکم، لَفَظَتُهم قبل أنّ عَجَمتُهم، وشَنَاتُهم بعد أنّ سَبَرتُهم»(6).
عائفة : العائفة الکارهة. والعائف للشيء الکاره المتقذّر له. من قولهم: عاف الماء ترکه وهو عطشان. والعيوف من الإبل : الذي يشهمُّ الماء، وقيل: الذي يشمّه وهو صافٍ فيدعه وهو عطشان. يقال: عافَ الشيء يعافه عيفاً وعِيافةً وعِيافاً وعَيَفاناً: کَرِهه فلم يشربه طعاماً أو شراباً (7) وعِفتُ الطير أعيفُها عيافةً، زجرتها)(8).
في الحديث: قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله) : «من ترک التزويج مخافَةَ العَيلة فقد أساء الظنّ بالله عزّ وجلّ»(9).
العَيلة بالفتح: الفقر، وهي مصدر عال يعيل، من باب سار يسير، فهو عائل، والجمع عَالةُ، وهو في تقدير فَعَلة مثل کافر وکَفَرة (10).
ومنه حديث عليّ( عليّه السلام):«مَاعَالَ مَن اقتَصَدَ»(11)وقول الشاعر:
ومايدري الفقير متي غناه ***ومايدري الغنيّ متي يعيل
أي يفتقر، هو من ذلک (12) وفي حديث أم سلمة لعائشة: اذکري قوله في نباح الکلاب بحوأب وقوله: ما للنساء والغزو؟ وقوله (صلي الله عليّه وآله) : «انظري ياحميراء ألّا تکوني
ص: 600
أنتِ»، عُلتِ عُلتِ (1).
عُلتِ: أي عدلتِ عن الطريق ومِلتِ. قال القتيبي: وسمعتُ من يرويه «عِلتِ» بکسر العين، فإن کان محفوظاً فهو من عال في البلاد يعيل؛ إذا ذهب، ويجوز أنّ يکون من عاله يعوله إذا غلبه: أي غُلبِتِ عليّ رأيک. ومنه قولهم: عِيل صبرک(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «أشهَدُ أنّ محَمّداً عَبدُهُ وَرَسوُلُه المُجتَبي مِن خَلَائِقِهِ، والمُعتام لَشَرحِ حَقَائِقه»(3). عيمةُ کلّ شيء، بالکسر: خِياره، وجمعها عِيَمُ. وقد اعتام يعتام اعتياماً، واعتان يعتان اعتباناً، إذا اختار. والتاء في اعتام تاء الافتعال (4) ومنه قول طرفة بن العبد:
أري الموتَ يَعتَامَ الکِرامَ ويَصطفي*** عقيلةَ مالِ الفاحش المُتَشَدّد(5)
وکتاب عليّ (عليّه السلام) إلي مصقلة بن هبيرة : «فِيمَن اعتَامَکَ مِن أَعرَابِ قَومِک»(6) من هذا.
وجاء في الخبر: کان يتعوّذ من الخمسة: «من العَيمة، والغَيمة، والأئمة، والکَزَم، والقَرَم. وروي : والقزم».العَيمة: شهوة اللبن حتّي لا يصبر عنه. الغَيمة: شدّة العطش ، وکثرة الاستسقاء للماء. الأيمة:اطول التعزّب، والأيم يُوصف به الرجل والمرأة. الکَزَم: شِدّة الأکلّ؛ من تَکَزَّمتَ الفاکهةَ ، إذا أکلّتها من غير أنّ تُقَشَّرها؛ قاله ابن الأعرابي. وقيل: هو البخل، وقِصَر اليد عن المکارم، يقال: فلان أکزَم البنان، کقولهم: جَعد البنان. وعن الأصمعي: ماکَزِ مت ، أي: انقبضت. القَرَم: شدّة شهوة اللحم، وبالزاي: الشحّ واللُّؤم (7)وأعام القومُ، هلکت إبلهم فلم يجدوا لبناً(8).
أعين(1) وقوله تعالي:﴿وحُور عِين﴿(2).
من هذا، أي عظام الأعين حسان الوجوه(3) والعينة، بالکسر: السلعة، واعتان الرجل، إذا اشتري الشيء بنيئة(4)مأخوذ من العينة، وهو السَّلَف (5) ومنه الحديث: «رجل تعين ثمّ حلَّ دينه»(6) والعين: الجارحة، ويُستعار العينُ المعانٍ هي موجودة في الجارحة بنظرات مختلفة... وقيل للذهب عين تشبيهةاً بها في کونها أفضل الجواهر، وقيل: العين إذا استُعمل في معني ذات الشيء(7).
ومن عين الشيء جاءت الاستعارة في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي معاوية: «أمّا بعد، فقد آن لَکَ أنّ تَنتَفِع باللَّمحِ البَاصِرِ مِن عِيَانِ الأمورِ»(8).
وعيان الأمور: واضحها، مستعار من عين المتاع: خياره، وأعيان الناس: أشرافهم(9) أي حان لک أنّ تنظر بالنظر الصائب في الأمور الواضحة لينجلي لک الحق و تتخلّص من عماية الغواية(10)ولفظ اللمح مُستعار الدرک الأمور النافعة بخفّة وسرعة (11) وباعتبار المشاهدة قال عليّه السلام : «ضَمَائِر کُم عُيُونُهُ، وخَلَوَاتُکُمِ عِيَانُهُ»(12) أي لايخفي علي الله تعالي شيء.
في حديث عليّ (عليّه السلام) يصف المنافقين: «فِعلُهُم الدَّاءُ العَيَاءُ» (13).
الداء العياء: الذي أعيا الأطباء، ويقال : الداء العياء: الحُمق(14) ويقال له : داء عَييّ (15) وباعتبار أنّ المکتوب يعبّر عن المقصود کما أنّ الناطق کذلک استعار( عليّه السلام) للقرآن لفظ اللسان بقوله: ناطق لايعيا لسانه (16) لما فيه من البيان (17).
ص: 602
في وصيّة عليّ (عليّه السلام) للحسن( عليّه السلام) : «وَتَجَرَّع الغَيظَ فإنّي لَم أرَجُرعَةً أَحلَي مِنها عَاقِبَةً، ولا ألذ مَغبَّةً» (1).
المغبة: العاقبة (2) والعاقبة تفيد مَعني المثوبة والجزاء.والغَبّ: يقولون : غبَّ الأمرُ، إذا بلغ آخِره. والغِبُّ هو أنّ ترد الإبلُ يوماً وتدع يوماً. والمغيبة: الشاة تُحلب يوماً وتُترک يوماً. وغبب في الأمر ، إذا لم يبالغ فيه(3) والغبّ في الطعام أنّ تتغير رائحته (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «في غير جِمَاحِه»(5).
الغُبّر: غُبر کلّ شيء: بقيته، والجمع أغبار، وهو الغُبّر أيضاً. وقد يقال للماضي: غابر، والمعروف في کلّام العرب أنّ الغابِرَ الباقي. وغُبّر الحيض: بقاياه، و غبّر المرض: بقاياه،
وکذلک غُبرُ الليل: بقاياه وآخره. والغِبر:الحقد کالغِمر، وغَبر العِرقُ غَبَراً، فهو غبر: انتفض. وغَبر الجرحُ، بالکسر ، يَغبَر غبراًإذا اندمل علي فساد ثمّ انتقض بعد البُرء، ومنه سُمّي العرق الغَبِر لأنّه لا يزال ينتقض، والناسور بالعربية هو العِرق الغَبر، والمُغبرُ: الطالب للشيء المنکمش فيه کأنّه لحرصه وسرعته يثير الغبار(6)وجاء في حديثه (عليّه السلام) الرجل من بني سعد عن فاطمة (عليّها السلام) : «أنّها کانت عندي فاستقت بالقربة حتّي أثّر في صدرها، وطحنت بالرّحي حتّي مجلت يداها،
ص: 603
وکسحت البيت حتّي اغبرّت ثيابها»(1). وفي
حديث الصادق (عليّه السلام) : «الغبيراء لحمه ينبت اللحم، وعظمه ينبت العظم» (2) الغبيراء: شجرة معروفة، سُمّيت غبيراء للون ورقها وثمرتها إذا بَدَت ثمّ تَحمرّ حُمرة شديدة.
وقيل: الغَبراء شجرته والغُبيراء ثمّرته بقلب ذلک، الواحد والجمع فيه سواء. والغبيراء:
السُّکرکَة، وهو شراب يعمل من الذرة يتخذه الحبَش وهو يُسکر. وقال ثعلب: هي خمر
تُعمَل من الغبيراء، هذا التمر المعروف (3).
ومن هذا يُفسّر حديث( صلي الله عليّه وآله): «إيّاکم والغبيراءً فإنّها خَمر العالم»(4).
والغَبرَ، بغير هاء: التُّراب، والغبراء: الأرض لغُبرة لونها أولما فيها من الغُبَار، والمغبار من النخل التي يعلوها الغُبار. والغَبَرةُ والغُبار: الرَّهَجُ، وقيل: الغَبرةُ ترَدّد الرَّهَج، فإذا ثار سُمّي غُباراً، والغُبرة: الغبار أيضاً. وقيل للمحاويج: بَنو غَبراء کأنّهم نُسبوا إلي الأرض والتراب (5) وباعتبار الکدرة والشحوب قال عليّ (عليّه السلام) واصفاً صبيان عقيل: «شُعث الشعور، غُبرَ الألوَانِ»(6) والجماح: الشَّرّة وارتکاب
الهوي(7).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )عن البصرة: «وسَيُبتَلي أهلُکِي بالمَوتِ الأحمَرِ والجُوع
الأَغبَرِ»(8)الجوع الأغبر: استعارة، لأنّ الجوع أبداً يکون في السنين المجدبة (9) يقال: سنة غبراء: جَدبة، وبنو غبراء، الفقراء وسنو الجَدب تُسمّي غبراً لاغبرار آفاقها من قلّة الأمطار وأرّضيها من عدم النبات والاخضرار (10). والموتُ الأحمر: الشديد،يوصف بالشدّة، ومنه الحديث : «کنّا إذا احمرّ الباسُ اتقينا برسول الله (صلي الله عليّه وآله)»(11) کأنّه موت بالقتل وإراقة الدماء(12). فکما يقولون: يوم أحمر، کذلک يقولون: موت أحمر. قال الشاعر:
إذا علَقَت أظفاره في فريسة ***رأي الموت في عينيه أحمر أسودا (13).
ص: 604
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «عَادٍ في أغبَاشِ الفِتنَة»(1).
الغَبَش: شدّة الظُّلمة، وقيل: هو بقيّة الليل، والجمع أغباش، والسين لغة فيه. والتغبّش الظُّلم، و غَبشي يغبشُني غَبشاً: خدعني، وقيل: غبشه وغشمه بمعني واحد(2). ويقولون للرجل المکثار الکذّاب، إذا رُدّ عليّه: تَغبَّشي ويحَکِ من أغباشکِ(3) وفي الخبر : «أنّه صلّي الفجر بِغَبَش»، غَبش الليلُ وأغبش، إذا أظلم ظُلمةً يخالطها بياض (4).
عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «إنّ المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط »(5).
الغِبطة: حسن الحال، وهي اسم من غَبَطتُه غَبطاً، إذا تمنّيت مثل مانا له من غير أن تريد زواله عنه، لما أعجبک منه وعظم عندک (6) ومنه قال عليّ( عليّه السلام) : «المُغبُوط مَن سَلِمَ لَهُ دِينُهُ» (7) ومنه تقول العرب: اللهم غبطاً لاهَبطاً. وفلان مغبوط و مغتبط ، وهو في حال غِبطة. وأغبطت السماء: دام مطرها(8). والحسد تمنّي زوال نِعمةٍ من مستحقًّ لها، وربّما کان مع ذلک سعيُ في إزالتها(9).
في الحديث : أنّه سُئل( صلي الله عليّه وآله )فقيل له: يارسول الله، إنّا نکون بأرضٍ فتصيبنا المخمصة فمتي تحلّ لنا الميتة؟ قال له (صلي الله عليّه وآله):« مالم تصطبحُوا أو تَغتَبِقوا أو تَختَفِئوا فشأنکُمُ بِها» (10) الغَبوق: شرب العَشِيّ(11)والغَبق: شراب الغَبوق، والفعل الاغتباق (12) ومنه يقال: غبقک غَبقاً، سقاک الغَبوق(13)وقد استعيرمنه للتزوّد بالعلم والمعرفة في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ويُغبَقُونَ کَأسِ الحِکمَةِ بَعدَ الصَّبُوحِ» (14).
ص: 605
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «المَغبونُ مَن غَبَنَ نَفَسه (1).
الغَن: الغَبنُ في الرأي القائل، والغَبن في البيع(2) يقال : غبنه غبناً، من باب ضرب، مثل غلبه، فانغبن، وغبنه، أي نقصه، وغُبِن بالبناء للمفعول فهو مغبون، أي منقوص، في الثمّن أو غيره، وغَبِنَ رأيه، من باب تعب، قلَّت فِطنَتُهُ وذکاؤُه. ومغابن البدن الأرفاغ والأباط، الواحد مَغبِنُ ، مثل مَسجِد، ومنه غَبنتُ الثوبَ، إذا ثنيته ثمّ خِطتَهُ (3).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي:« وَإيَّاکَ والاستِئثَار بِمَا الناسُ فيه أُسوَةُ والتَّغَابيَ عَمَّا تُعنَي به مِمّا قد وَضَحَ لِلعُيُونِ»(4)
الغَبّي: القليل الفهم(5) وقولهم: لايغبي عليّ مافعلت، أي لا يخفي، وادخل في الناس فإنّه أغبي لک، أي أخفي(6) وأراد (عليّه السلام) من التغابي عدم الاکتراث والاهتمام.
وقوله (عليّه السلام) لأهل البصرة: «وشِقاقِکُم مالم تَغبَوا عنه» (7) أراد علمهم و معرفتهم بحالهم ، أي هم بنفسهم أعرف.
في حديث الأصبغ : قال عليّ (عليّه السلام )ذات يوم وهو يخطب علي المنبر بالکوفة: «يا أيّها الناس لولا کّراهية الغدر کنتُ من أدهَي الناس، ألا إنّ لکلّ غَذرة فَجرة، ولکلَّ فَجرةکَفرة، ألا وإنّ الغدر والفجور والخيانة في النار»(8).
الغَذر: ضدّ الوفاء، رجل غادر من قوم غدرة(9)ومنه قال عليّ (عليّه السلام) :«والله مَا مُعَاوِيَةُ بأدهَي مِنّي، وَلِکنَّهُ يَغِدر ويَفجُرُ» (10).
وغادرت الشي، إذا ترکته مغادرةً وغداراً وأغدرته إغداراً، وبه سُمّي الغدير ، لأنّ السيل غادره، أي ترکه، وجمع الغدير غُدر.
ص: 606
وغدران (1) وجاء في وصية عليّ (عليّه السلام ): لمن يستعمله علي الصدقات في الإبل والماشية: وَليُورِدهَا ماتَمُرُّ بِه مِن الغُدُر»(2) وليلة غَدِره مُغدِرة ومغيرة ، إذا کانت شديدة الظلمة.
وغَدِرت الناقة عن الإبل والشاة عن الغنم تغدر غدراً، بکسر الدال في الماضي وفتحها في المستقبل والمصدر، إذا تخلّفت عنها (3).وباعتبار ترسّخ الغدر في طبع مروان قال عليّ (عليّه السلام) عنه: «لو بَايَعَنِي بِکَفّه لغَدَرَ بِسُبَّته»(4) أي: لَو انسدّت عليّه أبواب الخيانة، وأمکنه من حيثُ لا يُتوقّع، لما قصر.ويروي: لغَدَر بِقَلبِه(5).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن الفتنة : «فِيهَا الحَمَاُ والحُمَّةُ والشُبهَةُ المُغدِفَةُ» (6).
الشبهة المغدفة: هي الخفية، وأصله المرأة تُغدِف وجهها بقناعها، أي تستره (7).وکلُّ أسودٍ حالک غُداف. وأغدف الليلُ واغدودف: أقبل وأرخي سدوله(8) وربّما سُمّي النسر الکثير الريش غدافاً، وکذلک
الشعر الأسود الطويل (9). وعيش مَغدِف: مُلبِس واسع. والقوم في غداف من عيشتهم،أي في نَعمَة وخِضب وسَعَة. وأغدف البحرُاعتکرت أمواجه. والغادف: الملّاح، يمانية، والغادِفَ والمِغدَفة والغادوف والمِغدفُ: المِجدافُ، يمانية(10).
وجاء في الحديث :«کانتفاض الوَصَع حين يُغدَف به». أي تُلقي عليه الشبکة(11) ومن هذا جاءت الاستعارة في کتاب لعليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «فَاحذَر الشُّبهَةَ واشتِمَالَها علي لُبستِهَا، فإنَّ الفِتنَةَ طَالَمَا أغدَفَت جَلَابِيبَهَا، وأغشَتِ الأَبصَارَ ظُلمَتُها» (12).
واستعار لفظ الجلابيب لأمورها المغطّية البصائر أهلها عن الحق، کما لاتبصر المرأة عند إرسال جلبابها علي وجهها، وکذلک استعار لفظ الظلمة باعتبار التباس الأمور فيها، ورشح بذکر الإغداف والإغشاء(13).
ص: 607
في دعاء الحسين( عليّه السلام) للاستسقاء: «اسقنا الغيث واسعاً مُسبغاً معطلاً مريئاً مريعاً غَدَقاً مُغدِقا»(1).
غَدِق مُغدِق : کثير، ويقال: غَدِق غَدَقاً، و مکان غَدِق و مُغدّق: کثير الماء مخصب.
وعيش غَدِق و مغدق وغيدق وغيداق: واسع. وهم في غَدَق من العيش. وعامُ وغيثُ غيدق (2).
کلّه بمعناه. ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «لو أرَادَ سُبحَانَه أنّ يَضَعَ بَيتَه الحَرَامَ، ومَشَاعِرَةُ العِظاَمَ بَينَ جَنَّاتٍ وأَنهارٍ.. بين بُرّة سَمرَاء.. وعِرَا صٍ مُغدقَةٍ»(3).
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن الأموات: «فَکَم أَکَلَتِ الأَرضُ مِن عَزِيزِ جَسَدٍ، وَأنِيقِ لَونٍ، کَانَ في الدُّنيا غَذِيَّ تَرَفٍ، وَرَبِيبَ شَرَفٍ»(4).
الغذاء: کلّ ما اغتذاه الإنسان وغيره، وغذوتُ الطفل أغذوه غَدو اً(5) من الطعام والشراب. والغَذيُّ، عليّ فعيل: السخلة وبعضهم يقول: الحَمَلُ والجمع غِذاءُ مثل کريم وکِرام(6) والغذيّ بمعني المَغذّي.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الخلافة :«لأَلقَيتُ حَبلَهَا عَلَي غَارِ بِهَا، ولَسَقيتُ آخِرَهَا
بِکَأسٍ أوَّلّها»(7).
الغارب:أعليّ مقدّم السنام (8) ومنه قال (عليّه السلام): «ذاک إذا عَضّکُمُ البَلاءُ کَمَا يَعضُّ القَتَبُ غَارِبَ البَعِير»(9)ومعني قولهم: حَبلُکِ عليّ غاربک. کانت العرب إذا طلق أحدهم امرأته، في الجاهلية، قال لها: حَبلُک علي غاربک، أي خلّيت سبيلک، فاذهبي حيث شئتِ. وإذا أُهمِل البعيرُ طُرح حَبلُه علي سنامه، وتُرک يذهب حيث شاء. قال الأصمعي: وذلک أنّ الناقة إذا رعت وعليّها خِطامُها، ألقي عليّ غاربها وتُرِکت ليس عليها خِطام، لأنّها إذا رأت الخِطام لم يُهنِها المرعي(10) ومعني قوله (عليّه السلام) : ترکتها و تخلّيت منها (11). ومعني قوله (عليّه السلام) : لسقيت آخرها بکأس أوّلها، أي کنتُ استعملت في آخر الأمر ما أستعمله في أوّله (12). وهي استعارة
ص: 608
تخيلية مرشحة مکنّي بها عن الإعراض عنها آخر اًکالإعراض عنها أوّلا(1).
والغرب، بسکون الراء: الدلو العظيمة التي تُتخذ من جلد ثور، فإذا فتحت الراء، فهو الماء السائل بين البئر والحوض. وقيل: هو ريح الماء والطين، والغرب: مسيل الدمع، والغَرب: انهماله من العين. والغروب: الدموع حين تخرج من العين، وکلّ فيضة من الدمع: غرب. وغَرب الفم: کثرة ريقه وبلله، وغروب الأسنان: مناقع ريقها، وقيل: أطرافها وحدّتها وماؤها. والغَرَب: الذهب، وقيل: الفضّة.
والغَرب: القدّح، والجمع أغراب. والغَرب ضربُ من الشجر، واحدته غَرَبةُ. وسهم غَرَب و غَرب، إذا کان لايدري من رماه والغرب حدُّ کلّ شيء، وغرب کلّ شيء حدِه (2)ومنه کتابه عليّه السلام إلي الأشتر النخعي: « املِک حَمِيَّة أنّفک، وسَؤرَة حدّک، وسَطوَةَ يَدکَ، وغَربَ لسانک» (3). ومن هذا جاءت رواية الصادق عليّ (عليّه السلام) : أتي النبي (صلي الله عليّه وآله) أعرابي فقال له: ألَستَ خيرنا أباً وأُماً وأکرمنا عقبا ،ورئيسنا في الجاهلية والإسلام؟ فغضب النبي( صلي الله عليّه وآله)؛ وقال: «يا أعرابي کم دون لسانک من حجاب؟ قال: اثنان: شفتان وأسنان، فقال النبي (صلي الله عليّه وآله): فما کان أحد هذين مايردَ عنا غَرب لسانک هذا؟
أما إنّه لم يعط أحدُ في دنياه شيئاً هو أضر له في آخرته من طلاقة لسانه ! يا عليّ قم فاقطع لسانه»، فظنّ الناس أنّه يقطع لسانهفأعطاه دراهم(4)يقال : أغرب الرجل في منطقة، إذا لم يبق شيئاً إلّا تکلّم به. وغرب اللسان : حدّته. وسيف غَرب : قاطع حديد. ومنه أغرب الفرسُ في جريه: وهو غاية الإکثار (5) وإذا أمعنت الکلّابُ في طلبِ الصَّيدِ قالوا: غرَّبت(6) وقيل لکلَّ متباعد غريب، ولکلَّ شيء فيما بين جنسه عديم النظير غريب ، وعلي هذا قوله عليّه الصلاة والسلام: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود کما بدأ» (7) تشبيهاًبالرجل الغريب الذي قلَّ أنّصاره وبَعُدت دياره، لأنّ الإسلام کان علي هذه الصفة في أوّل ظهوره . و«سيعود» أي يعود إلي مثل الحال الأُولي في قلّة العاملين
ص: 609
بشرائعه والقائمين بوظائفه(1) وجعله (صلي الله عليّه وآله) التباعد عن المنکح في العشيرة والبيت، والذهاب به إلي غير السَّنخ والأصل، بمنزلة الرجل المغترب الذي يُوطِن غير وطنه ويسکن غير سکنه بقوله صلي الله عليّه وآله: «اغتربوا ولا تُضوُوا». والضَّوي: ضؤولة الجسم ودقّته، يقال: أضوت المرأة، إذا أتت بولدٍ ضاوٍ، کما يقال: أذکرت المرأة، إذا أتت بولد ذکر (2).
والرجلُ المُغرَب: الذي يبياضّ شعرُ رأسه ولحيته من خِلقَة لامن کِبرَ. والفرسُ المُغرَب: تتّسع غُرَّته في وجهه حتّي تجاوز عينيه وتبيضَّ أشفارُه. وقيل للصبح مُغرَب من هذا. ويُسکّي البَرَد غُراباً لبياضه، وهو مأخوذ من المُغرب. والغربيب : الأسود(3).
وغرابيب سود، قيل جمع غربيب، وهو المُشبِهُ للغراب في السواد، کقولک: أسود کَحَلَک الغُراب (4).
وقد استُعير للجهالة والضلالة في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله): «المَجلُوُّ بِه غِريب العَمَي»(5) وعنقاء مُغرِب: طائر، وليس بثَبت، غير أنّهم يسمّون الداهية عنقاء مغرب(6) وُصِفَ بذلک لأنّه تناولَ جاريةً فأغرب بها، يقال: عنقاءُ مُغرِبُ، وعنقاءُ مُغرِبٍ بالإضافة(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «أو أَبِيتَ ومِبطَاناً وحَؤلَي بُطُونُ غَرثَي وأَکبَادُ حَرَّي» (8).
الغَرَث: الجوع؛ يقال: غَرِث يَغرَث غَرَثاًفهو غَژثان من قوم غَرثي و غُراثي وغِراث (9)والحَررُ: يُبس عارض في الکبد من العطش (10). ورجل حرّان: شديد العطش، و به حِرَّة(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في خلق آدم (عليّه السلام) «وحَذَّرَهُ إبليسَ وَعدَاوَتَهُ فَاغتَرّاه عَدُوُّه نَفَاسَةً
ص: 610
عَلَيه بِدَارِ المُقَامِ، ومُرَافَقَةِ الأبرَارِ»(1).
الغرور: ماغرّک من شيطان وإنسان وغيرهما، واغترّ بالشيء خُدِع به(2).
وباعتبار الغفلة والخداع قال (عليّه السلام):« ولا تَغُرَّنَّکُم الحَيَاُة الدُّنيَا کَمَا غَرّت مَن کان
قَبلَکُم من الأمَم الماضية، والقُرُونِ الخَالِيَةِ الذين اختَلَبُوا دِرّ تَهَا، وأصَابوُا غِرَّتها»(3).
وغرّتها مستعار الأيّام السلامة فيها(4). ومن هذا جاء حديثه (عليّه السلام ): «إنّ اتّسَعَ لَه الأمرُ استَلَبتهُ الغِرَّة »(5) الغِرّة: اليقظة في اليقظة ،والغِرار غفلة من غفوة(6) والغارّ: الغافل. والغِرارة الدنيا (7) ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام) عن الدنيا: «يَهوِي إلَيها الغِرُّ الجَاهِلُ»(8).وجاء في الحديث: «عليک غرّة وصيف عبدٍ أو أمة »الغرّة: العبد نفسه أو الأمة(9) وکان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرّةعبد أبيض أو أمة بيضاء، وسُمّي غُزّةً لبياضه، فلا يقبل في الدية عبد أسود ولا جارية سوداء (10) قال الرضي: في الکلّام مجاز لأنّه (عليّه السلام): إنّما جعل العبد أو الأمة غرّة لأنّهما أفضل مايملکه المالک وأفخره وأظهره وأشرفه(11). ونسب الشيخ الطريحي إلي الفقهاء قولهم بأن الغرّة من العبيد الذي يکون ثمنه عُشر الدّية (12) وغرر الناس والأصحاب هم البارّون بالإخوان في العسر واليسر، کما فسّر ذلک الصادق (عليّه السلام) حين سأله السائل عن معني قوله (عليّه السلام) : «غُرر أصحابک»(13)وفي قوله( صلي الله عليّه وآله): «ليلة الجمعة غرّاء ويومها أزهر». المراد أنَّ ليلة الجمعة متميّزة من سائر الليالي بتعظيم قدرها و تشريف العمل فيها(14). وأصل الغرّة البياض الذي يکون في وجه الفرس(15). وقد استعاره عليّ (عليّه السلام) إلي بياض الصبح بقوله: «لا والذي أَمسَينا منه في غُبر لَيلَةٍ دَهمَاء، تَکشِرُ عَن يَومٍ أغرَّ، ماکان کَذَا وکَذَا»(16) وباعتبار الوضوح والطهارة في طريق الهداية والإيمان
ص: 611
وصفه (عليّه السلام) : ب-«الطريقة الغرّاء.. والمَحَجَّةَ البَيضَاء»(1)وفي حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «لأغِرار في صلاة ولا تسليم» (2) الغِرار: النِقصان، أمّا في الصلاة ففي ترک إتمام رکوعها وسجودها و نقصان اللبث في رکعة عن اللبث في الرکعة الأُخري، ومنه قول النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «الصلاة مکيال فمن وُفي له». فهذا الغرار في الصلاة. وأمّا الغِرار في التسليم فأن يقول الرجل: السلام عليک أو يردّه فيقول: وعليّک، ولا يقول: وعليکم السلام. ويُکره تجاوز الحدّ في الرَّدَّ کما يُکره الغرار، وذلک أنّ الصادق (عليّه السلام) سلّم علي رجل
فقال له الرجل: وعليکم السلام ورحمة الله وبرکاته ومغفرته ورضوانه.
فقال: لا تجاوز بنا قول الملائکة لأبينا إبراهيم (عليّه السلام ): ﴿ورَحمَةُ الله وَبَرکاته عَلَيکُم أهل البَيت إنّه حَميد مَجيد ﴾ (3).
وقيل: أراد بالغِرار النوم، أي ليس في الصلاة نوم(4) وأصل الغّرار نقصان لبن الناقة، ولهذا يقال للناقة إذا يبس لبنها هي مُغار، قال الکسائي: وفي لبنها غِرار (5)يقال: غارّت الناقةُ بلبنها تُغار غِراراً، وهي مُغارّ. قيل: ذلک عند کراهيتها للولد وإنکارها الحالب(6)واستُعير للنوم القليل، في حديث عليّ( عليّه السلام): «فُاتّقوا الله عِبَادَ اللهِ تَقَيَّة ذي لُبًّ شَغَلَ التَّفَکُّرُ قَلبَهُ، وأَنصَبَ الخَوفُ بَدَنه، وأَسهَر التَّهَجُّد غِرَارَ نَومِهِ» (7).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي فيالمشورة: «ولا حَريصاً يُزيَّنُ لَکَ الشَّرَه وفي بالجَورِ، فإ البُخلَ والجُبنَ والحِرصَ غَرائِرُ شتَّي يَجمَعُهَا سُوءُ الظَّنَّ بالله»(8).
الغريزة: الطبيعة، يقال: فلان کريم الغريزة والطبيعة والنحيتة والنحيزة والخليقة والسليقة، کلّ ذلک واحد(9)وباعتبار التأصيل قال : «أحَالَ الأَشيَاءَ لأوقَاتها، ولأم بَين مختلفاتها، وغَرَّزَ غَرائِزَهَا» (10)وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) :«وأطَلَع َالشَّيطان رأسه من مَغرزه هاتفاً بکم فألفاکم لدعوته مُستَجيبين، وللعزة فيه
ص: 612
ملاحظين ثمّ استنهضکم فوجدکم خِفافاً، وأحمَشَکُم فألفاکم غِضاباً»(1) مغرَزه: موضع الشيطان، بفتح الراء. مأخوذ من موضع بيض الجرادة، يقال: غَرز الجرادُ ذَنبه في الأرض، إذا أراد أنّ يبيض. ومَغرِز الضَّلع والضرس والريشة ونحوها: أصلها وهي المَغَارِز (2) فألفاکم: أي وجدکم، ومنه قوله تعالي: ﴿بَل نَتَّبِعُ ما ألفَينَا عَلَيه آبَاءَنَا﴾ (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) يذم اصحابه ويدعوهم للجهاد: «فَقُبحاً لَکُم تَرَحاً، حِينَ صِرتُم غَرَضاً يُرمَي»(4).
الغرض : الهَدَف (5) وقد استعاره (عليّه السلام) للبدن بقوله: «غَرَضِ الأسقَامِ»(6). وهو الهدف المقصود بالرمي، ثمّ جعل اسماً لکلّ غاية يُتحرّي إدراکها، وجمعه أغراض (7).وغَرضت إلي الشيء: اشتقتُ (8)وغَرِضت منه غَرَضاً، أي مللتُ ملالةً(9) فهو حرف من الأضداد (10). والمعارض واحدها مَغرِض، أي جوانب البطن أسفل الأضلاع(11)
واللحم الغريض: الطريّ(12) واستعار (عليّه السلام) من الغرض المرامي العلوم والتقريع في کتابه إلي الحارث الهمداني: «ولا تجعل عِرضَک غَرَضاً لنبال القول» (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) محذراً من الشيطان: «فَلَعَمري لقد فَوّق لَکّم سَهمَ الوعيدِ، وأَغرَق إليکم بالنَّزعِ الشَّديد» (14).
الإغراق: أغرق في الشيء يغرق إغراقاً، إذا جاوز الحدّ فيه (15) وأغرقت النَّبل وغرّقته: بلغت به غاية المدّ في القوس(16) واستعار منه( عليّه السلام) لوساوسه وللغواية والضلال ووجه الشبه في الاستعارة أنَّ الوساوس تودي بالانسان للهلاک، کما تکون سهام القوس المصوّبة نحوه کذلک. والتغريق:
ص: 613
القتل، وکان إذا اشتدّ الزمان فولدت المرأة ولداً غرّقته القابلة في ماء السَّلا ثمّ تُخرجه
ميِتاً (1).
قال النبي (صلي الله عليّه وآله) : «ليس من غريم ينطلق من عنده غريمه راضياً إلّا صلّت عليه دوابُّ الأرض ونون البحور» (2).
الغريم: من الأضداد، يقال للذي عليّه الدين غريم، وللذي له الدَّين غريم(3) ومنه قوله تعالي: ﴿إنّ عذابها کان غراماً﴾ (4)، أي لازماً، وقيل للذي عليه الدين غريم لأنّ الدين لازم، وللذي له الدين لأنّه يلزم له عليّه الدين (5) ومنه قال عليّ (عليّه السلام )لمن آتاه الله مالاً: وليُعطِ منه الفَقير والغَارِم(6) وقولهم: هو مُغرم بالنساء، أي يلازمهنّ ملازمة الغريم (7).
قال الشاعر:
تنشّب حبُّها في القلب حتّي***حسبتُ الله جاعِلَهُ غَراماً (8)
ومن معني الدين جاءت الاستعارة في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي الحسن (عليّه السلام) : «غريم المنايا وأسير الموت»(9) أي يموت فيه کلّ يومٍ عضو من أعضائه إلي أنّ يفني (10).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «الحمدُ لله کلّما وَقَب لَيلُ وغَسَق»(11).
الغسق: يقال غَسَقَ الليلُ يغسِق، إذا اشتدّت ظلمته(12)والغاسق: الليل المظلم.والغسّاق: ما يقطر من جلود أهل النار (13).وقيل : هو البارد المنتن ، بلسان الترک (14).
سُئل الحسن بن عليّ( عليّه السلام) فقيل له: ما العقل؟ فقال: «التجرّع للغصّة حتّي تُنال
الفرصة» (15).
ص: 614
الغُصّة: ماغصصت به، وغصص الموت منه. والغصة: الشّجا. والجمع الغُصص وغَصِصتُ وغصصتُ: شجيت. وخصّ بعضهم به الماء. يقال: غصصتُ بالماء أغصُّ غصصاً، إذا شرقت به أو وقف في حَلقِک فلم تکد تُسيغه. ورجل غصّان: غاصّ(1).
ومنه قوله تعالي: ﴿وطَعاماً ذا غُصّةٍ وعذاباً أليماً﴾ (2) ذا غصّة، غير سائغ، يأخذ بالحلق لا هو نازل ولا هو خارج(3) ومنه استعير في حديث عليّ (عليّه السلام) للندم والحسرة بقوله (عليّه السلام) : «إضَاعَةُ الفُرصَةِ غُصّة»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَهَل يَنتَظِرُ .. أَهلُ غَضَارَةِ الصَّحّةِ إلّا نَوَازِلَ السَّقَم؟»(5).
الغضارة: طيب العيش. ورجل مغضور: مبارک. وقوم مغضورون، إذا کانوا في خير ومنه: عيش غَضِر مَضِرُ، فَغضِر رافه ناعم، ومضر اتباع(6) ومن ذلک جاء وصفه( عليّه السلام) للماضين: «وسَلَبهم غَضَارَةَ نِعمَته»(7) واختُضِر الرجلُ واغتُضرِ ، إذا مات شاباً مُصحّحاً. والغُضرة والغضراء: الأرض الطيِبة العَلِکة الخضراء، وقيل : هي أرض فيها طين حُرًّ، وقول العرب: أنّبط في غضراء، أي استخرج الماء من أرضٍ سهلةٍ طيّبة التُربة عَذبة الماء والغضارة: الطين الحرّ نفسه، ومنه يُتّخذ الخزف الذي يُسمّي الغضار(8).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «وما عَلي المُسلِم مِن غَضَاضَةٍ في أن يکون مَظلُوماً مَالم يَکُن شَاکّاً في دِينهِ»(9).
الغضاضة: النقص والعيب (10)أي ما تُغضّ اله طَرفُک (11) وغضّ الطرف يفيد الکفّ، وقد استعاره (عليّه السلام) لتحمّل أذي الحرب و مکروههابقوله لمحمد بن الحنفية: «غضّ بَصَرکَ»(12)وفلان غضيض: ذليل بيّن الغضاضة. ويقال للإبل إذا شربت بعد عطش فلم تَروَ حقّ الرَّيّ: صدرت وبها غضاضة (13)وجاء في
ص: 615
الخبر : أنّ أبا ذر قال لما مات ابنه: وما عليّ من غضاضة، وما لي إلي أحدٍ سوي الله من
حاجة(1) والغضّ: الطريُّ الذي لم يَطُل مَکثُه (2) ومن المجاز: شباب غضّ. وامرأة غضّة: بضّة (3) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «ماکان قومُ قطُّ في غضَّ نعمة من عيشٍ فزال عنهم إلّا بذنوبٍ اجترحوها»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإن رأي أَحَد کُم لأخيه غَفِيرَةً في أهلٍ أو مالٍ أو نَفسٍ فلاتَکونَنَّ له فِتنَةُ» (5).
الغفيرة: الکثرة والزيادة. من قولهم للجمع الکثير: الجَمّ الغفير . يقال : جاء القومُ جَمّاً غفيراً وجمّاء غفيراً، ممدود ، وجمَّ الغفير وجمّاء الغفير، والجَمّاء الغفير، أي بجماعتهم الشريف والوضيع ولم يتخلّف أحد وکانت فيهم کثرة. ولم يحکّ سيبويه إلّا الجمّاءالغفير. والمغافر والمغافير: صمغ شبيه بالناطف ينضحه العُرفط فيوضع في ثوبٍ ثمّ ينضح بالماء فيشرب ، واحدها مغفر ومغفر ومُغفرُ ومغفور ومِغفار ومغفير. ويقال لصمغ الرَّمث والعُفُوط: مغافير ومغاثير. وروي عن عائشة: أنّ النبي (صلي الله عليّه وآله) شرب عند حفصة عسلاً فتواصينا أنّ نقول له: أکلّت منافير. والمغافير عسل حلو مثل الرَّب إلّا أنّه أبيض(6).
والغفور من أسمائه تعالي مشتقّ من المغفرة ، وهو الغافر العفّار، وأصله في اللغة التغطية والسَّتر، تقول: غفرتُ الشيء إذا غطّيته، ويقال: هذا أغفر من هذا، أي أستر. ويقال لِجُنّة الرأس: مِغفَرُ لأنّها تَستُرُ الرأس. والغفور: الساتر لعبده برحمته (7).
في الحديث : سأل يحيي بن أکثمّ القاضي أبا الحسن( عليّه السلام) عن صلاة الفجر لِمَ يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار، وإنّما يجهرفي صلاة الليل؟ فقال: «لأنّ النبي (صلي الله عليّه وآله) کان يغلّس بها من الليل»(8). الغَلَس: باقي ظلمة الليل، يقال: غلّس القوم تغليساً، إذا ساروا في آخر الليل (9).
ويقال : سقط في تُغُلّس، أي الداهية. کأنّما يُراد أنّها تُباکِرُ، والأصل أنَّ الغارات
ص: 616
تکثرُ في آخر الليل(1) والمراد بتغليسه (صلي الله عليّه وآله) صلاتها أوّل وقتها.
في وصية عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) : «لِن لِمَن غَالَظَکَ فإنّه يُوشِکُ أنّ يَلين لَکَ»(2).
المغالطة: العداوة ، وأغلظ فلان لفلان، إذا کلّمه بکلام شَنِع بَشِع(3).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لمعاوية واصفه: «وانّک، وائلِه، ما عَلِمتُ الأَغلَفُ القَلب،
المُقَارِب العَقل» (4).
القلب الأغلف: کقولهم سيف أغلف، أي هو في غلاف، ومعناه مغطّي، وغلام أغلف کناية عن الأقلف (5) ومن هذا قوله تعالي:﴿وقالوا قُلُوبُنا غُلفُ﴾ (6) أي لاتعي علمک وکلّامک(7) وغلّف لحيته بالغالية: غشّاها بها مِن الغِلاف(8) قال ابن دريد: إنّما هو غلّيته بالغالية وغلّلته بها(9)وقد وصف قلب معاوية کأنّه في غلاف يمنعه عن تدبرّ ما يرد عليّه، وينبو عن استماع الحق (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوصي بالتقوي: «فاسعَوا في فکَاکِ رِقَابِکُم من قبل أنّ تُغلَق رَهَائِنُها»(11).
غلق الرهن: هو أنّ يبقي عند المرهون عنده، بما عليّه لايُفکّ(12) وأصل قوله (عليّه السلام) مثل للعرب يُضرب لمن وقع في أمر لا يرجو منه خلاصاً(13).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن تکوين الجبال علي سطح الأرض واستقرارها: «وتَغَلغُلِهَا مُتسَرَّبَةُ في جَؤبَاتِ خَيَاشِيمِهَا»(14).
تغلغل الجبال: يقال : غلَّ في الشيء يَغُلّ غُلولاً وانغَلّ و تغلّل و تَغَلغَل: دخل فيه، وغَلَّه يَغُلُّه: غلاًّ : أدخله. ويقال: غلَّ فلان المفاوز،
ص: 617
أي دخلها وتوسّطها. وغلَّ الماء بين الأشجار، إذا جري فيها، يَغُلُّ. وتغلغل الماءُ في الشجر: تخلّلها. ويقال لغِرق الشجر إذا أمعن في الأرض: غَلغَلُ ، وجمعه غلاغِل. والغلائل: الدروع، وقيل: بطائن تُلبس تحت الدروع ، وقيل: هي مسامير الدروع التي تجمع بين رؤوس الحَلَق لأنّها تُغَلُّ فيها ، أي تدخَل، واحدتها غَلِيلَة. وغلّ الدهنَ في رأسه: أدخله في أُصول الشعر. والغِلالة: شعار يلبس تحت الثوب لأنّه يُستغلّل فيها، أي يُدخَل . والغَلغَلة إدخال الشيء في الشيء حتّي يلتبس به ويصير من جملته(1).
والغُلول: هو الخيانة في المغنم والسَّرقَةُ من الغنيمة قبل القسمة. يقال: غلَّ في المَغنَم يَغُلُّ غُلولاً فهو غَالُّ. وکلُّ من خان في شيء خُفيَةً فقد غلَّ. وسُمّيت غُلولاً لأنّ الأيدي فيها مغلولة، أي ممنوعة مجعولُ فيها غُلُّ ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلي عُنُقه . ويقال لها جامعة أيضاً (2) ومنه حديث أبي جعفر عليّ: «إنّ عليّا (عليّه السلام) کان قاعداً في مسجد الکوفة فمرّ به عبدالله بن قفل التميمي ومعه درع طلحة فقال عليّ (عليّه السلام) : هذه درع طلحة أخذت غلو يوم البصرة » (3).
ومنه قوله تعالي: ﴿وما کان لنبيًّ أنّ يَغُل ﴾(4) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الملائکة: «ولا تَولّاهُم غِلّ التحاسد»(5) الغِلّ، بالکسر، والغليل: الغِشُّ والعداوةوالضَّغنُ والحقد والحسد(6). ومنه قيل: يدُ المؤمن لاتُغلُّ ويقال: قلب المؤمن لايغِلّ ، من الغلّ وهو الحقد المنغلّ ، أي الکامن(7) يقال: غَلَّ صَدرُه يَغِلُّ .. والمِغتَلُّ: الذي اغتلّ جوفه من الحرَّ والشّوق، وأنا غليل إليه: أي مشتاق. وبعير غلآَّن: أي عطشان. ورجل مَغلول : به نُمّلة العطش (8) واستعار عليّ( عليّه السلام )منه لطلاب العلم والمعرفة في وصفه لأخٍ له في الله: «فإنّ قال بذَّ القائلين ، ونَقَع غَليّل السَّائِلين»(9) وتقع : کنّي بذلک عن قول الحکمة لطالبها (10) والغَلّة: الدَّخل (11)وفي الحديث عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليّه السلام) عن :«النساء أربعة أصناف، فمنهنّ ربيع مربع،
ص: 618
ومنهنّ جامع مُجمع، ومنهن کرب مقمع، ومنهن غِلُّ قَمِل». وغلُّ قَمِل: هي عند زوجها
کالغُلّ القَمل ، وهو مثل للعرب(1)ذلک أنّهم کانوا يُغُلّون الأسير بالقِدِ فيجتمع القمل في غَلّه فيشتدّ أذاه (2) وتشبيه المرأة الشوهاء المستثقلة بالغُلّ، الذي يثقل الرقاب، ويطوّل العذاب، وجعله عليّه الصلاة والسلام قمِلاً ليکون أعظم لِعذابه، وأبلغ في مکروه المبتلي به(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «وَيَؤُرُّ بِمَلَاقِحِه أرّ الفُحُولِ المُغتَلِمة لِلضَّرَابِ»(4).
المغتلم: يقال : بعير غلّيم، وفحل مِغليم: هائج (5) واغتلم الغلام إذا بلغ حدّ الغُلومة، ولمّا کان من بلغ هذا الحدّ کثيراً ما يغلب عليّه الشبق قيل للشبق غلمة واغتلم الفحل (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «وشُمُوخ أَنفِه وسُمَوّ
غُلَوَائِه» (7).
الغُلَواءُ: سرعة الشباب. وأوِله وشِرَّتُه يقال: غُلوان الشّباب و غُلواؤه. قال طُفَيل:
فَمَشؤا إلي الهيجاء ، في غُلَوائها ***مَشيَ الليُو ثِبکلّ أبيض مُذهَب
ويقال للشيء إذا ارتفع: قد غلا، قال ذوالرمّة:
فما زال يَغلو حُبُّ ميّة عندنا*** ويزدادُ حتّي لم نجد مانزيدّها
وغلا النبتُ: ارتفع وعَظُم والتفَّ. وتغالي لحمُ الدابّةِ أو الناقةِ، إذا ارتفع وذهب. وغلا السهم: ارتفع في ذهابه وجاوز المدي، وکذلک الحجر، وکلُّ مرماة من ذلک غَلؤَةُ وکلّه من الارتفاع والتجاوز، والجمع غَلَواتُ وغِلاء»(8) ومنه المثل: «جَري المذکيات غِلاء» يعني أنّ جريها يکون غَلواتٍ ويکون شأوها بطيناً (9).
ص: 619
وفيه: «أنّه أهدي له يکسُومُ سِلاحاً وفيه سَهمُ فسمّاه قِتر الغِلاء». الغِلاء، بالکسر والمدّ: من غاليتُه أُغاليه مُغَالاةً وغِلاءً، إذا راميته بالسهام. والقِتر: سهم الهدف، وهي أيضاً أمَدُ جَري الفرس وشَؤطُه. و «الغلوّ في الدين» التشدّد فيه و مجاوزة الحدَّ. وقيل: معناه البحث عن بواطن الأشياء والکشف عن عللها وغوامضُ متَعَبَّداتها (1) وباعتبار کون الغالي ليس عليّ جادّة القصد والاستقامة ولابدَّ من سيره عليّ جادة الشريعة التي أبانها أهل البيت (عليّه السلام) جاء حديث الصادق (عليّه السلام): «فإنّ فينا أهل البيت في کلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» (2).
وقول عليّ( عليّه السلام): «نَحنُ النُّمرُقَةُ الوُسطَي، بها يَلحَقُ التَّالي، وإليها يَرجِعُ الغَالي» (3) من هذا والغالية من الطيب: معروفة ، وقد تغلَّي بها، عن ثعلب، وغلّي غيره يقال: إنّ أوّل من سمّاها بذلک سليمان بن عبد الملک ، ويقال منها : تَغَلّلتُ وتَغَلّفتُ وتَغَلّيتُ ، کلّه من الغالية(4) ومنه خبر عائشة : «کنتُ أُغلَّف لِحية رسول الله (صلي الله عليّه وآله) و بالغالية». وهي نوع من الطيب مرکّب من مسک وعَنبَر وعُود وَدُهن والتغلّف بها: التَّلَطُّخ (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وکُن للهِ مُطيعاً،وَبِذِکره آنساً، وتَمَثّل في حَالِ تَوَلّيکَ عنه إقبَالَهُ عليّک، يَدعُوک إلي عَفوِه، ويَتَغمّدک بِفَضلِه»(6).
تغمّدت فلاناًسترتُ ما کان منه وغطّيته. وتغمّده اللهُ برحمته، غمده فيها وغمره بها. کأنّه مأخوذ من غِمد السيف، وهو غّلافه، لأنّک إذا أغمد ته فقد ألبسته إيّاه وغشّيته به. واغتمد فلانُ الليلَ: دَخَل فيه کأنّه صار کالغِمدِ له، کما يقال : ادّرَعَ الليل (7) ومن ذلک جاء قوله (عليّه السلام) لأصحابه : «وقَلقِلُوا السُّيُوفَ في أَغمَادِهَا»(8). وقد جاءت تسمية بنو غامد، نسبة إلي جدّهم واسمه عبدالله لأنّه وقع شرّ بين عشيرته فتغمّد ذنوبهم، أي غطاها فسترها(9). وتمثّل : أي تصوّر. وإنّما
ص: 620
قال : و تمثّل ، لأنّ الحاضر في الذهن ليس هو نفس إقبال الله علي العبد، بل معناه ومثاله (1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في استنفار الناس: «إذا دَعَوتُکَم إلي جِهَادِ عَدُوّکُم دَارَت
أعيُنکُم، کأنّکُم مِن المَوتِ في غَمرَةٍ، ومن الذُّهُول في سَکرَةِ»(2). الغَمرة: الشدّة، وغَمرة کلَّ شيء: منهمکه وشدّته، کغَمرة الموت والهمَّ ونحوهما
وغمراتُ الحرب والموت وغِمارُها شدائدها. وجمع الغَمرةِ غُمَرُممثل نَوبة ونُوَب(3) ومنها قال عليّ( عليّه السلام) : «وَغَمرَةٍ کَارِثَةٍ»(4) ومنه شجاع مُغامِر: الذي يَغشي غمرات الموت . والمغامر الذي يرمي بنفسه في الأُمور المُهلکة (5)ومنه خبر الزيارة الجامعة: «بکم أخرجنا الله من الذلَّ ، وفرّج عنّا غمرات الکروب»(6) ولما کان عليّ (عليّه السلام) منار الحقّ وأساسه قال للحسن (عليّه السلام) : «خُض الغَمَراتِ للحَقَّ حَيثُ کان»(7). وفي الحديث : «مثل الصلوات الخمس کمثل نَهرٍ غَمر»
الغَمر بفتح الغين وسکون الميم: الکثير، أي لا يغَمر من دخله ويُغطّيه ومنه «أعوذ بک من موت الغَمر» أي الغَرق. وفيه: «لاتجعلوني کغُمَر الراکب، صلّوا عليّ أوّل الدَّعاء وأوسطَه وآخره». الغُمَر بضم الغين وفتح الميم: القَدَحُ الصغير، أراد أنّ الراکب يحمل رحلَه وأزواده عليّ راحلته ، ويترک قَعبه إليآخر تَرحاله، ثمّ يعلّقه علي رَحله کالعِلاوَة فليس عنده بمهِمّ، فنهاهم أنّ يجعلوا الصلاة عليّه کالغُمَرَ الذي لا يُقدَّم في المهامّ ويُجعل تَبعاً(8) والغُمَر أخذ من التغمير، وهو الشرب دون الرَّي ، قال الشاعر: تکفيه خُزَّةُ فِلذٍ إنّ ألمَّ بها ***من الشَّواء ويُروي شُربَه الغُمَر(9).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) لکميل: «لاتخلو الأرضُ مِن قائم لِلّه بحجّةً، إمّاظاهراً مشهوراً، وإمّا خائفاً مغموراً »(10)المغمور من الرجال: الذي ليس بمشهور(11).
والغُمرُ: الذي لم يُجرّب الأُمور، وهم
ص: 621
الأعمارُ، ومصدره الغَمارةُ والغُمُورَةُ. والغَمَر الرّجُلُ الغُمرُ(1) ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «من صَبر صبر الأحرار، وإلّا سلا سُلوّ الأغمَار» (2) ومنه الخبر: أنّ اليهود قالوا للنبيّ (صلي الله عليّه وآله): «لايَغرُّک أنّ قتلت نفراً من قريش أغماراً» (3)والغَمرُ بالفتح: السخي الکثيرالعطاء، قال کثير:
عَمر الرّداء إذا تبسّم ضاحکاً*** غَلَقت لضحکته رقاب المال
وإنّما قال: غَمرُ الرّداء لأنّه أراد بقوله سخيّ الرجال، والعرب تفعل هذا فتقول:
فديً لک ردائي، وفدي لک إزاري، ويريدون بذلک أبدانهم(4) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «اغسلوا صبيانکم من الغَمَر، فإنّ الشيطان يشمّ الغَمَر فَيَفزع الصبي من رُقاده ويتأذّي به الکاتبان»(5)الغمر، بفتح الغين والميم: ريح اللحم(6)وقال ابن السکّيت: السّهَک (7).
والسهک: مصدر من باب تَعِب، وهي ريحُ کريهة تُوجَدُ من الإنسان إذا عرق، والسهک
أيضاً ريحُ السمک (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «واللهِ مَا أُستَغفَلُ بالمَکِيدَةِ، ولا أستَغمَزُ بالشَّدِيدَةِ (9).
الغميز والغميزة:ضَعفُ في العمل وفَهّةُ في العَقل، ورجل غَمرُ: أي ضعيف. وسمع منّي کلمةً فاغتمزها في عقله، أي: استضعفها. والمغامز: المعايب(10) وأراد (عليّه السلام) : لا أستضعف ولا أعابُ ولا أُطعن، ولايضعف شأني بأن يورد عليّ شديدة (11). وغمزت بفلان: سعيت به في السرّ. وأغمزتُ فيه إغمازاً: إذا استضعفته (12). ومن هذا جاء حديث فاطمة (عليّه السلام) عن فدک و ميراثها من أبيها(صلي الله عليّه وآله):« ما هذه الغميزة في حقّي، والسّنة عن ظلامتي»(13) وباعتبار الکمال في عليّ عليّه السلام : «لم يکن لأحدٍ فيّ مهمة، ولالقائل فيّ مَغمز»(14). وقول عليّ(عليّه السلام) مکنياً عمّن مضي:
ص: 622
«لاتُغمزُ لهم قَناة، ولا تُقَرَعُ لَهُم صَفَاة»(1).
أراد قوّتهم وعدم انقهارهم للغير، وهما يجريان مجري المثل (2).
في حديث عليّ(عليّه السلام)عن الطيور: «ونَسَقَها عليّ اختِلَافها في الأصَابِيغِ بِلَطيف قُدرَتِه، وَدَقِيق صِنَعتِه، فَمِنها مَغمُوسُ في قَالَبِ لَؤنٍ لايَشُوبُه غيرُ لونٍ ماغُمِس فيه، ومنها مغموس في لونِ صِبغٍ قد طُوّقَ بخلافِ ما صُبغ به»(3).
الغمس: ارسابُ الشيء في الشيء السيّال أو الندي أو في ماء أو صِبغ حتّي اللقمة في الخلّ، غَمَسه يَغمِسُه غَمساً، أي مقله فيه، وقد انغمس فيه واغتمس(4). والمغموس في قالب لون: هو ذو اللون الواحد کالأسود والأحمر، والمغموس في لون صِبغ قد طوّق بخلاف ما صُيغ به: نحو أنّ يکون أحمر وعنقه خضراء، أي ذو لونين (5) وفي الحديث: «اليمينُ الغَموسُ تَذَرُ الدّيَارَ بلاقِعَ» هي اليمين الکاذبة الفاجرة کالتي يَقتَطِع بها الحالف مال غيره. سُمّيت غَمُوساً، لأنّها تغمِس صاحبها في الإثمّ، ثمّ في النار. وفعول اللمبالغة(6) وتقول العربُ للأمرِ الشديد الغامس في الشدّة والبلاء: غَموس(7).
والمُغَامسةُ: المداخَلةُ في القتال، وقدغامسهم. والغموس: الشديد من الرجال الشجاع، وکذلک المغامس. يقال: أسد مُغامِس، ورجل مغامس. والمغامس: العجلان. واللغَميس والغَميسة: الأجمة وخصّ بها بعضهم أجمة القَصَب. والغميس: مسيل ماء، وقيل: مسيل صغير يجمع الشجر والبَقل. وقيل: الغميس: الليل (8)وفي الحديث: «من عاد مريضاً لم يزل يخوض الرحمة حتّي يجلس فإذا جلس اغتمس فيها». وهذه استعارة، والمراد کثرة ما يختصّ به عائد المريض من الأجر الوافر، والثواب الغامر، فشبهه (صلي الله عليّه وآله) لهذه الحال بخائض الغَمر في مشيته، والمغتمس فيه عند جلسته (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التوحيد:
ص: 623
«وغَمَضَت مَدَاخِلُ العُقول في حَيثُ لاتَبلُغُهُ الصَّفاتُ لِتَناوُلِ عِلم ذَاتِه»(1).
الغَمضُ: النومُ العارض(2) والغَمضُ: المطمئنّ من الأرض حتّي يُغيَّب من فيه، والجمع أغماض و غُموض. وموضع غامض:ضدّ البراح. ومافي فلان غميضة، أي: ما فيه عيب، وما في الأرض غميضة، أي ما فيها عيب (3) ويُستعار منه للتغافل والتساهل (4).وذهب (عليّه السلام) إلي معني العجز والانتهاء، فيقال للأمر الخفيّ والمعتاص: أمر غامض(5).
وباعتبار النوم والتغافل عن الحلال والحرام قال لا واصفاً الإنسان المحتضر: «ويَتَذکّر
أموالاً جَمَعَها، أَغمَضَ في مَطَالِبها»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في شأن طلحة والزبير: «ولَقَد استَثَبتُهُما قَبلَ القِتال، واستأنَيتُ بِهما أمام الوِقَاع، فَغَمطا النَّغمَةَ وردّا العافية» (7).
الغَمط: کفران النعمة وسترها، والاستهانة والاستحقار، و غَمِط النَّعمة والعافية، بالکسر ، يَغمَطُها غَطاً: لم يشکُرها. وغَمَط الناس غَمطاً، بالفتح: أحتقرهم واستصغرهم، وکذلک غَمَصَهم. وقال بعضُ الأعراب:اغتَمَطتِه بالکلام واغتَطَطتُه إذا عَلَوته وقَهَروتَه. وأغطت السماءُ وأغَبطَت : دام مطرُها. وسماء غَمَطي: دائمة المطر کَغَبَطي والغَمطُ: المطمئنُّ من الأرضِ کالغَمض. و تَغَمَّط عليّه ترابُ البيت، أي غطّاه حتّي قتله. والغَمطّ والمَغامَطةُ في الشَّرب : کالغمج، والفعل يغامط(8) والغَمجَةُ والغُمجِةُ: الجُرعَة. يقال: غَمجَ الماءَ يَغمِجُه، غَمجاً، وغَمِجه، بالکسر، غَمجاً: جَرَعه جَرعاً متتابعاً (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن غفلة الإنسان ولهوه: «فَبَينَا هُوَ يَضحَکُ إلي الدُّنيا وتضحک إليه في ظِلّ عَيش غَفُولٍ، إذ وَطِيء الدَّهرُ به حَسَکَهُ»(10).
الغفلة: سهو يعتري الإنسان من قلّة
ص: 624
التحفظ والتيقّظ، يقال: عَفَل فهو غافل (1).
وربّما کان عن عمدٍ (2) والعيش الغفول: الذي يکثر الغفلة فيه لطيبه (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لمّا جمع الناس وحثّهم علي الجهاد: «إنّه لاغَنَاء في کَثرة
عددکم مع قلّة اجتِمَاع قُلُوبِکُم»(4).
الغناء: بفتح الغين ممدود: الأجزاء والکِفاية والنفع. يقال: رجُلُ مُغنٍ، أي مُجزيءُ کافٍ. والغِني من المال مقصور، ومن السَّماع ممدود ، وکلُّ من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غِناء. واستغني الرجلُ: أصاغِنيً. ورجل غانٍ عن کذا، أي مُستغنٍ، وقد غَني عنه. ومالک عنه غِنيً ولا غُنيةُ ولا غُنيان ولامَغنيً، أي مالک عنه بُدُّ، ويقال : ما يُغني عنک هذا، أي ما يُجزيء عنک وماينفعک. وغَنِيَ القومُ بالدار غِني : أقاموا، وغَني بالمکان أقام . قال الله عزّ وجلّ: ﴿کأن لم يَغنَوا فيها ﴾(5) أي لم يقيموا فيها. قال الليث: يقال للشيء إذا فَنيَ کأن لم يغنَ بالأمس، أي کأن لم يکُن(6) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «ورجل سمّاه الناسُ عالماً ولم يَغنَ في العِلمِ يَوماً سالماً». أي لم يلبث في أخذ العِلم يَوماً تامّاً، من قولک: غنيت بالمکان أغني، إذا أقمتَ به (7) والمغاني: المنازل التي کانت بها أهلوها، واحدها مَغنًي. والغواني واحدها غانية التي غنيت بالزَّوج، وغنيت المرأةُ بزوجها غُنياناً، أي استَغنَت. وقيل: سُمّيت غانية لأنّها غنيت بحُسنها عن الزينة (8)وفي الحديث : «القرآن غِني لاغني دونه ولا فقر بعده»(9)وتأوّل بعضهم الحديث: «إنّ القرآن نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابکوا فإنّ لم تبکوا فتباکوا وتغنوا به فمن لم يتغنَّ بالقرآن فليس منّا» بمعني استغنوا به . وأکثر العلماء عليّ أنّه تزيين الصوت وتحزينه(10) قال الراغب: وقيل: تغنّي بمعني استغني وحُمِل قوله عليّه السلام : «من لم يتغنّ بالقرآن» علي
ص: 625
ذلک(1) وروي أنّ من أُعطي القرآن فظَّن أنّ أحداً أُعطي أکثر ممّا أُعطي فقد عظم صغيراً وصغّر کبيراً، فلا ينبغي لحامل القرآن أن يري أنّ أحداً من أهل الأرض أغني منه ولو ملک الدنيا برحبها (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّي فَقَأتُ عَينَ الفِتنَةِ، ولم يکن لِيَجتَرِيء عَلَيها أحد غَيري بعد أنّ مَاجَ غَيهَبُها، واشتدَّ کَلَبُها» (3).
الغيهب: سواد الليل، وکلُّ أسود غيهب. وغَيهب: ثقيل وخم. وکساء غيهب: کثير الصوف (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مشيراً لبعثته( صلي الله عليّه وآله) رحمةً للعباد: «والدُّنيا کَاسِفَةُ النُّور، ظَاهِرَةُ الغُرور، عليّ حين اصفرار مِن وَرَقها، وإياس مِن ثَمَرِهَا، واغوِرَارِ مِن مَائِها»(5).
غور الماء: يقال : غار الماءُ غَوراً و غُؤوراً وغوّر: ذهب من الأرض وسَفل فيها، وماء غَورِ : غائر. وصف بالمصدر، کما يقال: ماء سَکب، ودرهم ضَرب ، أي ضُرِب ضرباً.
والغور: المطمئن من الأرض(6)وغار الرجل يغور غوراً، إذا أتي الغور(7) وغارت الشمس وغوّرت : غربت، وکذلک النجوم، وأغار
الرجل في الأرض: ذهب، والاسم الغارة.والغاران: فم الإنسان وفرجه. والغار: الجماعة من الناس، وقيل: الجيش الکثير، يقال: التقي الغاران، أي: الجيشان(8).ومنه حديث عليّ( عليّه السلام) يوم الجمل: «ماظنّک بامريء جمع بين هذين الغارين؟». أي:الجيشين. وفيه: «من دخل إلي طعام لم يُدعَ إليه دخل سارقاً وخرج مُغيراً». المغير: اسم فاعل من أغار يُغير، إذا نهب، شبّه دخوله عليّهم بدخول السارق، وخروجه بمن أُغار عليّ قوم ونَهبهم (9) ورجلُ بعيد الغَور، أي: قعير الرأي جيّده(10) ومن هذا يُفسّر قول عليّ (عليّه السلام) : «بالعقل استُخرج غَور الحکمة، وبالحکمة استُخرج غور العقل»(11) وغور
ص: 626
الحکمة: قيل: قعر الحکمة، والبالغ منها نهاية الخفاء. والحکمة: العلوم الحقّة والمعارف
اليقينيّة التي يدرکها العقل، فالوصول إلي أخفاها وحقيقة بواطنها بالعقل، وبالحکمة استُخرج غور العقل، أي: نهاية مافي قوّته من الوصول إلي المعارف والعلوم، فإنّ بالعلم والمعرفة يُعرف نهاية مرتبة العقل، أو يظهر نهاية مرتبته ويبلغ کماله(1) وفي وصية عليّ (عليّه السلام) لمعقل بن قيس الرياحي« وغَوّر بالناس، وَرَفّه في السَّير»(2).
التغوير: القيلولة. يقال: غوّوا، أي: انزلوا للقائلة. وغوّر القومَ تغويراً. دخلوا في القائلة.
والتغوير: نوم ذلک الوقت. وقال ابن الأعرابي: المغوَّر النازل نصف النهار هُنَيهَة ثمّ يرحل. والغار: الغبار (3) ومنه جاء الشاهد الذي ذکره عليّ (عليّه السلام) في کتاب لمعاوية:
مستقلبين رياح الصيف تضربُهم*** بحاصبٍ بين أغوار وجلمود (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مع أهل النهروان حين خرجوا عليّه: «فَأَنا نَدِيرُ لکُم أن
تُصبِحُوا صَرعَي بأثناء هذا النَّهر، وبِأَهضَامِ هذا الغَائِطِ»(5).
الغائط: المنخفِض من الأرض حتّي يواري مافيه، والعَوط أشدّ انخفاضاً من الغائط وأبعد. وجمع غائط غيطان، وجمع غَوط أغواط(6). وغاط في الماء غَوطاًوغيطاً: دخل فيه (7) واستعار منه( عليّه السلام) لوصف القرآن بقوله: «أَودِيَةُ الحَقَّ وغِيظَانُه»(8)باعتبار کونه معدناً للحقَّ ومظنّة له، کما أنّ الأودية والغيطان مظان الکلّأ والماء (9).
في الحديث: «أُتي عليّ (عليّه السلام) بجانٍ ومعه غَوغاء، فقال: لامَرحباً بوُجُوه لاتُرَي إلّا عِندَ کُلَّ سَوأة» (10).
الغوغاء: أصل الغوغاء الجراد حين يخِفُّ للطيران ثمّ استعير للسَّفِلة من الناس والمتسرّعين إلي الشرَّ، ويجوز أنّ يکون من الغوغاء: الصوت و الجَلَبة لکثرة الغطهم
ص: 627
وصياحهم(1).
قال الصادق( عليّه السلام): «إذا تغوّلت لکم الغول فأذّنوا» (2).
القول: السَّعلاة (3) وما أغتال الإنسان وأهلکه (4)والغَول: مصدر غاله يغوله غَولاً، إذا دبّ في هلاکه، وبذلک، سُمّي الشيطان غُولاً والحيّة غولاً(5) والعرب تسمّي کلَّ داهية غولاً(6)وتغوّلت: تلوّنت ، کأنّه استدارت به الأرض فتلوّنت في عينه ممّا أصابه (7).
ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) للموت: «وتَکَنَّفتکُم غَوائِلُه» (8).
وجاء في حديث فاطمة (عليّها السلام) عن أبيها( صلي الله عليّه وآله): «بُغي له من الغَوَائِل في حَياته»(9).
أرادت (عليّه السلام) التعريض بکيدهم ومؤامرتهم عليّه.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علم الله المکنون والمستور: «و غَيَابَات الغُيُوب» (10).
غَيابة کلّ شيء: قعرُه ، کالجُبَّ والوادي وغيرهما، تقول: وقعنا في غَيبةٍ و غَيَابةٍ، أي
هَبطة من الأرض ، وفي التنزيل العزيز﴿في غيابات الجُب﴾ (11) والغيب ماغاب عن العُيون ، وإنّ کان مُحصّلاً" في القلوب، يقال: سمعتُ صوتاً من وراء الغيب، أي من موضع لا أراه (12) ومنه قال عليّ (عليّه السلام): «ومَاتَغيّب عنّا مِنهُ، وقَصُرَت أبصَارُنا عَنه »(13) قال شمر : کلّ مکان لايُدري ما فيه، فهو غيب، وکذلک الموضع الذي لايُدري ماوراءه، وجمعه غُيوب، وغاب عنّي الأمر غيباً، وغِياباً ، وغَيبَةً، وغَيبوبة و غُيوباً، ومَغاباً، ومغيباً، وتغَيّبَ : بطن. وغاب الرجلُ غيباً ومَغيباً وتغَيّبَ : سافر، أو بان. وامرأة مَغيب ومُغيب، و مُغِيبة : غاب بعلها أو أحد من أهلها(14).
وفيه الحديث: «أمهلوا حتّي تمتشط الشَعِثَة
ص: 628
وتستحدّ المغيبة»(1)والغيبُ: شحمُ ثَربِ الشاةِ. وشاة ذاتُ غَيب ، أي ذات شحم لتغيّبه عن العين. والغابة: الأجمةُ ذات الشجر المتکاثف ، لأنّها تُغَيّب مافيها، والجمع غابات(2) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «کلّيثِ غابات شديد القسورَة» (3) و غَيَّبان العُود عُروقُه وماتغيّب منه (4) ومنه کنّي (عليّه السلام) عن الموت بقوله: «وقَبل قُدوم الغائِبِ المُنتَظَر»(5) ولما استعار( عليّه السلام) لفظ الغائِبِ، مراعاةً لشبهه بمسافر يُنتظر، رشّح تلک الاستعارة بلفظ القدوم(6) والغيبة، بالکسر : هو أنّ يتکلّم خلف إنسان مستورٍ بما يغَمُّه لو سَمِعه، فإنّ کان صادقاً سُمّي غِيبةً، وإن کان کذباً سُمّي بُهتاناً(7)قال ابن الأعرابي: غاب إذا اغتاب . وغاب إذا ذکر إنسانا بخيرٍ أو شرًّ، والغيبة فِعلة منه، تکون حسنة وقبيحة(8)وفيها قال عليّ( عليّه السلام) : «الغِيبَةُ جُهدُ العاجِز»(9).
في دعاء الحسين (عليّه السلام) للاستسقاء:«منک الغيث المغيث، وأنت الغياث المُستَغاث» (10).
الغيث: المطر، وربّما سُمّي ماينبت الربيع غَيثاً(11) يقال : أصابنا الغيث ورعينا الغيث.
فصار مانبت بالغيث غيثاً(12). ومنه قال عليّ (عليّه السلام): «فإنّک تُنزِلُ الغَيثَ مِن بَعد ماقَنَطُوا »(13) والغوث يقال في النُصرة. واستغنته، طلبت الغوث أو الغيث، فأغاثني من الغوث ، وغاثني من الغيث(14) والغوث اسم، يقال: غاثه يغوثه غوثاً، وهو الأصل، وأغاثه يُغيثه إغاثةً، فأُميت الأصل من هذاواستعمل أغاثه يُغيثه إغاثة (15) ومن ذلک قول عليّ (عليّه السلام) : «وأُنادِيکُم مُتغوَّثاً، فلا تَسمَعُون لي قَولاً»(16) قيل: هو قول الرجل: واغوثاه (17).
ص: 629
في حديث عليّ( عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «ومن غِيَرِهَا أنّک تَري المَرحُومَ مَغَبوُطةاً، والمَغبُوط مَؤحُوماً»(1).
الغِيَر: من تغيّر الحال، وهو اسم بمنزلة القِطع والعِنَب وما أشبههما. الغَيرُ: الاسم من التغيّر، وتغيّر الشيء عن حاله: تحوّل .وغيّره: حوّله وبدّله ، کأنّه جعله غير ماکان . وغِيَرُ الدهرِ: أحواله المتغيّرة. وتغايرت الأشياءُ: اختلفت. والغيرة، بالکسر، والغيار : الميرة.
وقد غارهم يغيرهم وغار لهم غِياراً، أي مارهم ونفعهم. وغارهم الله بخير ومطرٍ يَغيرُ هم غيراً وغِياراً ويغورهم : أصابهم بمطرٍ وخِصب، والاسم الغِيرة. والغيَرُ: الدَّيَةُ وجمعه اغيار مثل ضِلع وأضلاع(2)ومنه الخبر: «أنّه قال لرجلٍ طلب القوَد بدم قتيل له:ألا تَقبل الغِيَر» وفي رواية : «ألا الغيّر تريد».
الغِيرَ: جمع الغيرة، وهي الدية(3)واشتقاقها من المغايرة وهي المبادلة، يقال : غايرته بلعتي، إذا بادلته ، لأنّها بدل من القود. وعن أبي عبيدة: غارني يغيرني ويَغورني ، إذا وداک. قال الزمخشري: جائزُ في ياء الغيرة أنّ تکون منقلبة عن الواو ياء قَينة وجيرة (4)والغيرة، بالفتح: المصدر من قولک: غار الرجل علي أهله (5) وهي تفرةُ طبيعية تکون عن بُخل مشارکة الغَير في أمر محبوب له(6).
ومنه حديثه( صلي الله عليّه وآله): «کان إبراهيم (عليّه السلام )غيوراً وأنا أغيرُ منه»(7) ومن هذا جاءت وصيّة عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام): «وإيّاک والتَّغايُرَ في غَير مَوضِع غَيرَةٍ» (8) وقوله (عليّه السلام) : «والغائر عند نزول الحقائق»(9) أراد الشجاعة والثبات. وهذا الشيء غيرُ ذاک، أي هو سواه وخلافه (10). والغيريّة: انفراد الذات عن ذات أُخري، ويقال في نفي صورة من غير مادتها(11) ومن هذا الاعتبار و اعتبار الوجود الأزلي في کلَّ شيء قال عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «وغيرُ کلَّ شيء لا بِمُزايلةٍ» (12) ومعني قوله (عليّه السلام) أنَّ الله لا يشارک شيئاً من
ص: 630
الأشياء في ماهية ذلک الشيء(1) وباعتبار التبدّل والاختلاف قال(عليّه السلام) : «واستبدل الله بقومٍ قوماً، وبيوم ٍيوماً، وانتظرنا الغِيَرَ انتظار
المُجدِب المطر»(2)أراد بالغِيَر تغيّرات الدهرو تقلّبات الأحوال(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصفه تعالي:«الجَوَاد الذي لا يَغيضُهُ سُوالُ السَّايِلين» (4).
الغيض: يقال: غيّضت الدمع: نَقَصته وحبسته. وأعطاه غيضاً من فيض، أي: قليلاً من کثير. وغاض الماءُ يَغيضُ غيضاً ومَغيضاً مغاضاً وانغاض: نقص، أو غار فذهب. وغاض الکرام: قلّوا(5) ومن هذا جاء وصفه ما لفتنة بني أُميِة: «تَفِيضُ اللَّئَامُ فَيضاً، وتَغِيضُ الکِرَامُ غَيضاً»(6). والغَيضة : مغيض ماءٍ يجتمع فينبت فيه الشجر ،وجمعها غِياض وأغياض. وغيّض الأسدُ: ألف الغيضة (7). واستعار عليّ (عليّه السلام) فقدان العلم والحکمة في الفتنة من غور الماء وفقدانه عند الحاجة بقوله: «تَغِيضُ فيها الحِکمَةُ». (8).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في وصف النار :«سَاطِع لَهَبُها، مَتَغيَّظِ زفيرُها، مُتأجَّجٍ سَعِيرُها» (9).
الغيظ: فوق الغضب، وقد فصل قوم من أهل اللغة بين الغيظ والغضب، فقالوا: الغيظ أشدُّ من الغضب، وقال قوم: الغيظ سَورَةُ الغضب وأوّله (10) ولفظ التغيّظ مستعار للنار باعتبار حرکتها بشدّة وعنف کالغضبان الذي يستعر من الغيظ ولا يستقر له قرار . وفيه قال(عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام):
«وتجرّع الغيظ»(11) وباعتبار العقوق لدي الأبناء وصف( عليّه السلام) فتنة بني أميّة بقوله: «فإذا کان ذلک کان الوَلَدُ غَيظاً» (12) فيکون الولد الذي هو أعزُّمحبوبٍ غيظاً لوالده، أي من أسباب محنته وغيظه، وأطلق لفظ الغيظ عليه
ص: 631
إطلاقاً لاسم السبب عليّ المسبب(1).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «لقد هممتُ أنّا أنهي عن الغِيلة» .
الغيلة: هو الغَيل، وهو أنّ يُجامع الرجل المرأة وهي مرضع يقال منه: قد أغال الرجل وأغيل ، والولد مُغال ومُغيَل (2).
وقيل: الغيل أنّ ترضع المرأة ولدها علي حَبَل، واسم ذلک اللبن الغَيل أيضاً، وإذا شربه الولد ضَوِي واعتلّ عنه. وأغال فلان ولده، إذا غشي أمّه وهي ترضعه (3) ويقال :
فيه الغِيلة والغَيلة بمعني. وقيل : الکسر للاسم ، والفتح للمرِّة. وقيل: لايصحّ الفتح إلّا مع حذف الهاء (4) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في الوصية بالزهد والتحذير من الدنيا:«وأقبلت الغِيلَةُ» (5) الغيلة: الاغتيال(6).
والغيلة في کلام العرب إيصال الشرَّ والقتل إليه من حيث لا يعلم ولا يشعر. وغال فلاناً کذا وکذا، إذا وصل إليه من شرّ. قيل: قتله غيلة، إذا قتله من حيث لا يعلم. وفتک به،
إذا قتله من حيث يراه وهو غارّ غافل غير متسعّدّ. والغيل، بالکسر: الأجمة ، وموضع الأسد غِيل مثل خيس، والجمع غيول. والغيل، بالفتح: کلّ موضع فيه ماء من وادٍ ونحوه ، والغيل: الماء الجاري عليّ وجه الأرض (7) ومن هذا فسّروا الخبر: «ماسّقي بالغيل ففيه العُشر» ماجري في الأنّهار والسواقي (8).
في الحديث: «إنّه لَيُغان عليّ قلبي حتّي أستغفر الله مائة مرّة».
الغين والغيم: واحد. يقال: غان هذا الشيء علي قلبي، إذا غطّاه (9) وقال بعضهم : الغين: إلباس الغيم. ومنه الحديث.. أي يُغطّي ويُلبس (10) والمراد أنّ الغمِ يتغشّي قلبه (صلي الله عليّه وآله) حتّي يستکشف غُمّته، ويستفرج کُربته بالاستغفار، فشبّه ما تغشّي قلبه من ذلک بغواشي الغيم التي
ص: 632
تستر الشمس، وتجلل الأّفق. والغين والغيم: اسمان للسحاب. و سواء قال: يغان علي قلبي أو قال: يُغام علي قلبي(1).
والغينة: الأرض ذات الشجر الملتفّ ، قال الشاعر :
تلاقينا بغِينَةِ ذي طُرَيفٍ***وبعضهم علي بعضٍ حنيق (2)
عن أبي عبد الله( عليّه السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليّه وسلم) : «إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال ولا ما قيل له فإنّه لغيّة أو شرک شيطان»(3). لغيّة: يقال: ولدُ غَيّةٍ ، وقالوا: ولد غِيَّةٍ، أي لِزنيَة. وغاية کلَّ شيء منتهاه(4). ومنه کلّام عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «الآخِرُ لا غَايَةَ لَهُ»(5). وقد استعيرت الغاية لعبادة الله ولقائه في حديث عليّ (عليّه السلام) بقوله: «فإنّ الغَايَةَ أمَامَکُم»(6)والغِواية والغيّ واحد، وأرض مَغواة: مَضِلَّة. والمُغواة: حفرة تُحفر للذئب
مثل الزُّبية للأسد(7) والغيُّ: جهل من اعتقاد فاسد(8) ومن هذا الاعتبار قال عليّ (عليّه السلام) في التحکيم بعد سماعه الأمر
الحکمين في صفّين: «فتعجل عن تبيّن الحقَّ، وتنقادَ لأوّل الغيَّ»(9) وباعتبار الشبهة في المغاوي وصف (عليّه السلام) البصير بقوله: سلک جدداً واضحاً يتجنَّب فيه الصرعة فيا المهاوي، والضلال في المغاوي(10) وباعتبار أن الجنّة عاقبة المؤمن والنار لغيره قال (عليّه السلام) عن الأموات: «صَارُوا إلي مصَائِر الغَايَاتِ» (11).
ص: 633
ص: 634
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذم أصحابه العاصين: «قد دَارَ ستُکُم الکتابَ، وفَاتَحتُکُم
الحِجَاجَ» (1).
الفتاحة : يقال: فتح فلان بين بني فلان، إذا حکم بينهم، قال الشاعر:
ألا أبلغ بني بکر بن عبدٍ*** بانّي عن فُتاحتکم غنيّ(2).
وفتح القضيّة فِتاحاً: فصل الأمر فيها وأزال الإغلاق عنها. ومنه: ﴿والفتّاح العليم﴾ (3) وقيل الفتاحة، بالضمّ والفتح. وقوله تعالي:﴿ إذا جاء نصرُ الله والفتح﴾(4)
فإنّه يحتمل النُصرة والظَفَر والحکمَ وما يفتح ما اللهُ تعالي من المعارف(5)واستفتحتُ: استنصرتُ. وفتح المأموم عليّ إمامه: قرأ ما أُرتِجَ علي الإمام ليعرفه، وفاتحة الکتاب سُمّيت بذلک لأنّه يُفتتح بها القراءة في الصلاة. والفتحة: الفرجة، والجمع فُتَح، مثل غرفة وغُرَف. والمفتاح: الذي يُفتح به المِغلاق، والمِفتَحُ مثله. وجمع الأول مفاتيح والثاني مفاتح، بغير ياء، وقوله صلي الله عليّه وآله عن الصلاة: «مفتاحها الطهور». استعاره لطيفة، وذلک أنّ الحَدَث لما منع من الصلاة شبّهه بالغلق المانع من الدخول إلي الدار ونحوها، والطهور لمّا رفع الحَدث المانع وکان سبب الإقدام علي الصلاة شبّهه بالمفتاح(6) ومن
ص: 635
المجاز: فُتح عليّ فلان، إذا جُدَّ وأقبلت عليه الدنيا(1) ووصف عليّ( عليّه السلام) خاتم الرسل (صلي الله عليّه وآله) بأنّه «الفَاتِح لِمَا انغَلقَ »(2) مشبّهاً ضلالهم وجهلهم وشحناءهم وبغضاءهم، في القلوب التي کانوا عليها، بأغلاق فتحها صلي الله عليّه وآله بهدايته وأنوار شريعته.
في حديث عليّ(صلي الله عليّه وآله) : «ثمّ أنّشأ سُبحَانه فَتقَ الأجوَاءِ، وشَقّ الأرجَاء، وسَکاِئکَ الهَواء، فأَجرَي فيها مَاءً مُتلاطِماً تيّارُهُ، متراکِماً زَخّارُه» (3).
فتق الأجواء:هو فتق السماء بالمطر (4)ومنه قوله تعالي:﴿ وأنّ السمواتِ والأرضَ کانتا رَتقاً فَفَتقناهُما﴾ (5) قال ابن أبي الحديد: لمّا سلّط الريح عليّ الماء فعصفت به، حتّي جعلته بخاراً وَزَبداً، وخلق من أحدهما السماء ومن الآخر الأرض، کان فاتقاً لهما من شيء واحد، وهو الماء(6) وقوله (عليّه السلام) :« الهَوَاءُ مِن تَحتِهَا فَتِيقُ»(7) من ذلک المعني.
وفتيق علي صيغة فعيل بمعني مفتوق. السکائک: جمع السُّکاکة. والسکاکة: الهواء الذي بين السماء والأرض، وقيل: الذي لايُلاقي أعنان السماء. ومنه قولهم: لاأفعل ذلک ولو نزوت في السُّکاک، أي في السماء (8) ومنه المثل: أطول من السُّکاک. هو الهواء)(9) وإنّما أضاف السکائک إلي الهواء ومعناهما واحد، لأنّ الأوّل أخصّ من الثاني، کما يقال:کري النوم (10)متراکماً زخّاره: يقال للوادي إذا جاش مَدُّه و طما سيله: زخر يَرخَرُ زخراً، وقيل: إذا کثُر ماؤه وارتفعت أمواجه(11).
عن يمينک»(1). وفتل وجهه عن القوم:صرفه، کلّفته. والفتيلة: الذُّبالة. وناقة فتلاء: ثقيلة، وکذلک إذا کان في ذراعها فَتَل وبُيُون عن الجنب. والفتلة واحدة الفَتل، وهو ما يکون مفتولاً من ورق الشجر کورق الطّرفاء والأثل ونحوهما. وقيل: الفتلة حمل السُمر والعُوفُط. والفتيل ما کان في شقّ النواة. وقيل: هو ما يُفتل بين الإصبعين من الوسخ (2).
في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «إنّ المؤمن مفتّن توّاب»(3).
الفتنة: يقال: فتنت الذهبَ بالنار، إذا امتحنته، وهو مفتون وفتين. والفتّان الشيطان. والفِتان: جلدة الرّحل. وقولهم: العيش فتنان، بکسر الفاء وفتحها، أي لونان (4) والفتنة من الأفعال التي تکون من الله تعالي ومن العبد، ومتي کان من الله يکون علي وجه الحکمة (5)وباعتبار کون فتنة أصحاب عليّ (عليّه السلام) من أيديهم قال (عليّه السلام) لهم محذراً: «ولا تقتحموا ما استقبلتم من فور نار الفتنة»(6) إذ افتراق الآراء سبب لظهور العدوّ عليهم وقيام الفتنة(7).
في الحديث: روي الصادق (عليّه السلام) عن جدّه (عليّه السلام) قال: إنّ أعرابياً أتي رسول الله (صلي الله عليّه وآله )فخرج إليه في رداء ممشّق، فقال(صلي الله عليّه وآله): يا محمد لقد خرجت إليّ کأنّک فتئ. فقال :«نعم ياأعرابي أنّا الفتي ، ابن الفتي، أخو الفتي» .فقال: يا محمد أمّا الفتي فنعم، وکيف ابن الفتي وأخو الفتي؟ فقال: أما سمعت الله عزّوجلّ يقول:﴿ وقالوا سَمِعنا فَتيً يَذکُرُهُم يقال له إبراهيم﴾ (8)فأنا ابن إبراهيم، وأمّا أخو الفتي فإنّ منادياً نادي في السماء يوم أحد :از«لاسيف إلاّ ذو الفقار ولا فتي الاّ عليّ»، فعليّ أخي وأنا أخوه(9).
الفتاء: الفتي والفتيّةُ، وهو الشابّ والشابّة، والفعل فَتُوَ يفتُوفَتاء، والفتاء: الشباب ، مصدر الفتيّ. وقد فَتِيَ، بالکسر ، يَفتي فَتيً، فهو فتيّ السن بيّن الفَتاء. وجمع الفتي فتيان وفتية وفِتوة.(10)ومنه جاء کتاب
ص: 637
عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «فقد بَلَغني أنَّ رَجُلاً مِن فِتية أهَل البَصرَةِ دَعَاَکَ إلي مَأدُبَة»(1). قال القتيبي: ليس الفتي بمعني الشابّ والحدث، وإنما هو بمعني الکامل الجزل من الرجال، يدلک عليّ ذلک قولالشاعر:
إنّ الفتي حمّال کلّ ملمّةٍ*** ليس الفتي بمنعّم الشُّبّان (2).
والفتيّ کالفتي، والأنّثي فتيّة، ويقال للبکرة من الإبل فتيّة، وبکر فتي، کما يقال : للجارية فتاة وللغلام فتيً (3).
والفتيان الليل والنهار. يقال: لا أفعله ما ختلف الفتيان، يعني الليل والنهار، کما يقال: ما اختلف الأجدّان والجديدان (4) ويأتي الفتي بمعني العبد والفتاة بمعني الأمة، کما في قوله تعالي:﴿مِن فَتَياتِکُم المُؤمِنَاتِ ﴾(5).
ومنه جاء قوله(صلي الله عليّه وآله) : «لايقولنّ احدکم عبدي وأمتي، ولکن فتاي وفتاتي». أي غلامي وجاريتي، کانّه کره ذکر العبودية لغير الله تعالي(6).
وقد جاء الفتي في التنزيل أيضاً بمعني التلميذ والصاحب کما في قوله تعالي ﴿ وإذ قَالَ مُوسي لِفَتا﴾ (7).وأکثر المفسرين عليّ أنَّ الفتي يوشع بن نون، وسمّاه فتاه لأنّه صاحبه ولازمه سفراً وحضراً للتعلّم منه، وقيل: لأنّه کان يخدمه(8).
ومنه قول الصادق (عليّه السلام) : «المروءة والفتّوة طعام موضوع، ونائل مبذول، وبرّ معروف، وأذي مکفوف»(9).
ورداءه ممشّق ويقال ممشوق: مصبوغ بالمشق، بالکسر والفتح، وهو طين يُصبغ به الثوب، أو المغرة، وهو صبغ أحمر(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «ولأجَبَلُ ذو فِجَاج»(11).
الفجُّ: الطريق الواسع بين جبلين، وهو أوسع من الشَّعب. وقال ثعلب : هو ما انخفض من الطرُق، وجمعه فِجاج وأفجّة؛ وکلّ طريق بَعدُ فهو فجّ. والفجّ في کلّام العرب تفريجک بين الشيئين، يقال: فاجّ الرّجلُ يُفاجُّ فِجاجاً
ص: 638
ومُفاجّةً، إذا باعَد إحدي رجليه من الأُخري ليبول. والفجج في القدمين: تباعُد ما بينهما.
وهو أقبح من الحج. وقيل: الفَجَج في الإنسان: تباعد الرکبتين، وفي البهائم تباعد العُرقُوبَين (1) ومنه يفسر الحديث: «من أوقظ مرّة أو مرتين فإنّ قام وإلا فحَجَ الشيطان فبال في أذنه»(2). وباعتبار الوضوح والبيان للسائر في طريق الإسلام قال عليّ( عليّه السلام) : «لا وَعَثَ لِفَجَّه»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «لاتحملوا الفروج عليّ السروج فتهيّجوهنّ للفجور»(4).
الفجور: يقال: فجر الإنسان يَفجُرَ فَجراً وفُجوراً: انبعث في المعاصي، والفاجر المنبعث في المعاصي والمحارم. وفجر: أي فسق، وفجر إذا کذب، وأصله الميل، والفاجر: المائل. وفجر الرجل بالمرأة يفجرُفجوراً: زني، وفجرت المرأة: زنت. والکاذب فاجر والکافر فاجر لميلهم عن الصدق والقصد، والفجر أصله الشقّ ومنه أُخذ فجر السّکر، وهو بثقه، ويُسمّي الفجر فجراً الانفجاره. ومنه أيّام الفجار: أيّام کانت بين قيس وقريش. وقيل: أيّام وقائع کانت بين العرب تفاجروا فيها بعکاظ فاستحلّوا الحرمات (5). وسمّيت فجاراً لأنّها کانت في الأشهر الحرم(6)وفي حديث عليّ( عليّه السلام): «وبنا أفجَرتُم عن السَّرار»(7)أفجرتم: أي دخلتم في الفجر(8)يقال منه أفجرنا وانفجرنا، يقول: بسببنا وببر کتنا دخلتم في فجر الدين عن ظلمة الجاهلية، وهذا استعارة(9) والسرار: يوم يستسرّ فيه الهلال(10) وسرار الشهر تکون فيه ظلمة شديدة لذا استعارها( عليّه السلام) بها عن ظلمة الجاهلية الحالکة.
في حديث محمد بن مسلم قال: «إنّه ليس من عبدٍ إلا ويُوقض کلّ ليلةٍمرّة أو مرتين أو مراراً، فإنّ قام کان ذلک، وإلا فحج
ص: 639
الشيطان في أُذُنه»(1).
الفَحَج: تباعد ما بين الساقين، والنعت أفحج وفحجاء، والجميع: فُحُج(2)وفحج الشيطان أي: باعد بين رجليه قبال في أُذُنه
کما جاء في حديث آخر(3).
قال أبو جعفر( عليّه السلام): «مَن بني مَسجداً کمفحص قطاة بني اللهُ له بَيتاً في الجنة» (4).
مفحص القطاة بفتح الميم والحاء: موضع تبيض فيه القطاة (5). وسُمّي أُفحوص القطاة بذلک لأنّها تفحص الحصي بصدرها حتّي تصير إلي ليّن الأرض فتبيض(6) يقال: المطر يفحص الحصي، إذا قلبه ونحّي بعضه من بعض. والقطاة تفحص التراب، إذا اتخذت فيه أُفحوصاً. وللجمع يقال: أفاحيص القطاة ومفاحصها (7). ولهذا قيل: فحصت عن الأمور، إذا أکثرت المسألة عنها والنظر فيها حتّي تصير منها إلي أنّ تنکشف لک ما تقنع به و تطمئن إليه منها»(8)وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «لکأنّي أنّظر إلي ضِلّيل قد نَعَق بالشَّام، وفَحَصَ بِرَاياتِه في ضَوَاحِي کُوفَانَ» (9).
فحص، أي قلب البلاد والعباد في نواحي الکوفة، فيکون مفعول فحص محذوفاً، أو يکون معناه بحث عن أحوال الناس في آفاق الکوفة (10) وفي الخبر : قال (صلي الله عليّه وآله) في وصيته الأمراء الجيش الذي بعثه إلي مؤتة: «وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحِص فاقلعوها بالسيوف». في الحديث معنيان، أحدهما أنّ يکون أراد أنّ الشيطان قد بدأ يختدعهم، ويغرّهم ويستهويهم ويضلّهم، کالقطاة التي بدأت باتخاذ المفحص لتبيض به وترتب فراخها فيه. والثاني أنّ يکون أراد أنّ الشيطان قد استوطن رؤوسهم، فجعلها له مقيلاً، ومبرکاً وملعباً، کما تتخذ القطاة مفحصاً لتأوي إليه و تستجنّ فيه(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «کب الأَرضَ علي
ص: 640
مَورِ أَمواجٍ مُستَفحِلَةٍ»(1).
مستفحلة: يقال: استفحل الأمر، أي تفاقم. واستفحِل أمر العدّو، إذا قوي واشتدّ، فهو مستفحل. وأراد(عليّه السلام )وصف هذه الأمواج بشدّتها وعِظمها. والفَحل والفُحّال: ذکر النخل، والقل: حصير نتج من فتال النخل، والجمع فحول، وقيل له: «نحل» لأنّه ييُسوّي من سعف الفَحل من النخيل، فتُکلّم به علي التجوّز. وفي الحديث: «أنّ النبيّ (صلي الله عليّه وآله) دخل علي رجل من الأنّصار وفي ناحية البيت فَحل من تلک الفحول» (2). وباعتبار الشدّة والقوّة قال عليّ (عليّه السلام): «ولَقَد کان الرَّجُلُ مِنّا والآخَرُ مِن عَدوّنا يتَصَاؤَلان تَصَاوُلَ الفحلين» (3) ويقال لزوج المرأة: «فحل» تشبيه بفحل الإبل، ومنه يفسّر حديث الصادق (عليّه السلام) : «ما أُحبّ أنّ يتزوّج ابنة فحل قد رضع من لبنه»(4) والفحيل: المُنجب في ضِرابه، ومنه قول الراعي:
کانت هجائنُ منذر ومُحَرَّقٍ*** أمهاتِهنَّ وطَرقُهُنَّ فحيلا(5)
والفَحل: سَهيل سمّته العربُ بذلک تشبيهاً بفحل الإبل لاعتزاله النجوم(6).
في الحديث: «لاترسلوا فواشيکم وصبيانکم إذا غابت الشمسُ حتّي تذهب فَحمَة العِشاء» (7).
فحمة العشاء:يعني شدّة سواد الليل وظلمته، وإنّما يکون ذلک في أوّله، حتّي إذاسکن فوره قلّت الظُلمة وقال الفرّاء: يقال: أفحموا عن العشاء لاتسيروا في أوّله حين تفور الظلمة، ولکن امهَلوا حتّي تسکن ذلک، وتعتدل الظلمة ثمّ سيروا(8) شبّه (صلي الله عليّه وآله) الظلمةفي هذا الوقت بالفَحمة، وهي الهَنة السوداء التي أحرقت النار أجزاءها وأحالتها عن هيئتها والجمع فحَم کسعفة وسَعَف(9). وشعر فاحم، إذا کان شديد السواد، وفحيم أيضاً(10).
وفَحَمَ الصبيُّ يَفحَمُ فُحوماً وفُحَاماً: بکي حتّي انقطع صوته. ومنه قيل: أفحمتُ الخصمَ
ص: 641
إفحاماً، إذا أسکته بالحجّة(1) قال الهروي: والمحدثون يقولون: قحمة، بالقاف (2)يقال: انقحم الرجلُ انقحاماً واقتحم اقتحاماً، إذا هوي من عُلوًّ إلي سُفل، أو دخل في شيء من غير هداية، ولذلک سُمّيت المهالک قُحَماً، وقال عليّ (عليّه السلام) : «إنّ للخصومة قُحَماً».
والسنة المُقحمةُ: المُجدِبَة، وقالوا: قُحمة وقُحَمة، إذا کانت مجدبة (3). والفواشي في هذا الخبر: اسم لما ينتشر من الحيوانات في الحي، کالإبل والغنم والحمير والبقر، ومايجري هذا المجري، وسُمّيت فاشية لانتشارها وظهورها. ومنه قولهم: فشا الحديث، إذا ظهر وانتشر. ومن کلّام العرب : ضمّوا فواشيهم، وردّوا مواشيهم (4).
في حديث هند بن أبي هالة في وصف النبي( صلي الله عليّه وآله): «کان رسول الله صلي الله عليّه وآله فَخِماً مُفخّماً» (5) فخماً: معناه کان عظيماً معظماً في الصدور والعيون، ولم يکن خلقته في جسمه الضخامة وکثرة اللحم(6)وقيل: الفخامة في وجهه نُبله وامتلاؤه مع الجمال والمهابة. ورجل فَخم، أي عظيم القدر، وفخّمه و تفخّمة: أجلّه وعظّمه(7)وتقول العرب: أجمل النساء الفَخمَة الأسيلة، يريدون أنّها واسعة الخدّين سهلتهما(8).
في حديث عليّ(عليّه السلام):«الحَمدُ لله وإنّ أَتَي الدَّهرُ بالخَطب الفَادِح، والحَدَث الجَليل» (9).
الفَدح: إثقال الأمر والحِمل صاحبَه.فدَحه الأمرُ والحِملُ والدَّين يَفدَحُه فَدحاً أثقله، فهو فادح. والفادحة : النازلة ، تقول: نزل به أمرُ فادح إذا غاله و بَهَظه (10). ومنه دعاء السجاد(عليّه السلام) : «فنظرت يا إلهي إلي ضَعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار، ممّن قصدني بمحاربته»(11)
في حديث عليّ( عليّه السلام): «الحِلمُ فِدَامُ
ص: 642
السَّفيه»(1).
الفِدام:المصفاة، والفِدام ما يوضع في فم الإبريق، والفَدّام، بالتشديد، مثله. وفدّم الإبريق: وضع علي فمه الفِدام. وفدم فاه وعليّ فيه بالفِدام يقدم فَدماً. وفدّم: وضعه عليه وغطّاه(2)ومنه قول عنترة:
بزجاجةٍ صفراءَ ذات أسِرَّةٍ*** قُرِنت بأزهر في الشمال مُفَدّم
أي بابريق أزهر مسدود الرأس بالفِدام (3).يعني أنّ الحليم إذا حلم عن سفه السفيه، ولم يقابله بمثله، کان ذلک مانعاً للسفيه عن السفه، فکأنّه فدام يُشدّ عليي فيه فمنعه من الکلّام بالسفه(4) وفي الحديث : عن عامر بن ضراعة قال: قلت لأبي عبد الله( عليّه السلام) : مصبغات الثياب تلبسه المحرمة؟ فقال: «لابأس به إلّا المفدم المشهور والقلادة المشهورة»(5) المقدم: ثوب مفدّوم و مفدّم، فيه حمرة ليست بمشبعة(6) وقال الهروي: المفدّم المشبع حمرةً، والمُضرّج دون المشبَع، ثمّ المورد بعده(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفات المتّقين: «وارتَوَي من عَذب فُرَاتٍ سُهَّلَت لَه
مَوَارِدهُ» (8).
الفرات: أشدُّ الماء عذوبةً. وقد فرُت الماءُ يَفرُت فروتةً، إذا عَذُب، فهو فُرات. ومياه فرتان و فُراتُ: کالواحد، والاسم الفروتة(9). ومنه قوله تعالي: ﴿عَذبُ فُراتُ ﴾(10).
ومعني الشاهد الذي ذکره الرضي:
مايجعلُ الجُدَّ الظنونَ الذي*** جُنّب صَوبَ اللَّحب الماطِرِ
مِثلَ الفراتِيَّ إذا ماطما*** يقذِفُ بالبُوصيّ والماهر(11).
أراد بالفراتي الفراتَ. والبوصي صغار السفن. والماهر السابح. ومراده أنّه لا يُقاس البئر الذي يُتشکک هل فيه ماء أم لا لبعده بالفرات إذا ماطما. وهو کالمثل لعدم
ص: 643
مساواة البخيل للکريم(1).
في الحديث: «ولايُترک في الإسلام مُفرَجُ» (2).
المفرَج: القتيل الذي انکشف عنه القوُم فلا يُدري مَن قتله(3) وقيل : هو الرجل يکون في القوم من غيرهم فحقّ عليّهم أنّ يعقلوا عنه (4). أي لابدَّ وأن يتعلّق بولاء أو نسب (5).
وروي أيضاً : مفرح، بالحاء. قال الأصمعي:المفرح، بالحاء: هو الذي قد أفدحه الدينُ، يعني أثقله، قال: يقول: يُقضي عنه دينه من بيت المال ولايُترک مديناً. وأنکر قولهم : مفرج، بالجيم. وقال أبو عمرو: المفرح: هو المثقل بالدين أيضاً، وأنشد:
إذا أنّت لم تبرَح تُؤدّي أمانةً*** وتحمل أُخري أفرحتک الودائع
أفرحتک: يعني أثقلتک. وقال الکسائي في المفرح مثله أو نحوه(6) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) :«عِندَ تَناهِي الشَّدَّة تَکوُن الفَرجة»(7) الفَرجة، بفتح الفاء: الراحة من حزن أو مرض (8) وفيها قال (عليّه السلام) عن فتنة بني أُمية: «ثُمَّ يُفَرّجُهَا اللهُ عَنکُم کَتَفرِيجِ الأَدِيمِ، بِمَن يَسُومُهُم خَسفاً» (9) ذهب (عليّه السلام) إلي شقّ الأديم وسلخه، وأشار إلي بني العبّاس وظهورهم عليّهم بهذا الفرج والتفريج(10).
وسُمّيت الثغور فروجاً لأنّها محتاجة إلي تفقّد وحفظ(11) واستعير الفرج لموضع المخافة في شعر لبيد:
فغدت کلا الفرجين تحسب أنّه*** و مولي المخافة، خلفُها وأمامها(12).
والفرج من الإنسان يُطلق عليّ القُبُل والدُّبُر، لأنّ کلّ واحدٍ منفرج أي منفتح، وأکثر استعماله في العرف في القُبُل (13).
وقول عليّ (عليّه السلام) لأصحابه: «قد انفرَجتُم عن ابن أبي طَالِب انفرَاجَ المَرأةِ عن قُبُلِها» (14) تشبيههم بحال المرأة لافتضاحهم
ص: 644
و انکشاف مساويهم الخفيّة لمخالفتهم إيّاه، کافتضاح المرأة في تلک الحالة. ويُروي عن قَبَلها ، بفتح القاف، جمع قَبلةً، وهي خًرًزُ شبيهة بالفَلکةِ، يعني انفراج المرأة الساحرة
عن قَبلها، أي خَرزتها(1) وقوله (عليّه السلام) الآخر:«أن لوحَمِسَ الوَغي، واستَحَرَّ المَوتُ، قد انفرجتُم عن ابن أبي طُالِب انفِرَاج الرَّأس»(2) أي کما ينفلق الرأس (3)عني انفراج عظام الرأس، وبانّها إذا انفرجت وانشقّت لاتلتئم، وکيف للعظم إذا کُسر أنّ ينجبر ؟(4) قال البيهقي: ذلک مثل مذکور في أمثال ابن دُرَيد(5) وباعتبار السعة قال عليّ (عليّه السلام) عن الأطيار: «مرفرفةٍ بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح، والفضاء المنفرج»(6).
في حديث دعاء الجوشن الصغير المروي عن الإمام موسي بن جعفر( عليّه السلام) أنّه قال لأهل بيته وأصحابه لما قلقوا من بطش موسي الهادي: «ليفرَخ رَوعکم»(7).
ليفرخ رَوعکم: يقال للرجل عند الفزع: أفرَخَ رَوعک. أي أنّ تُراع، مأخوذ من انکشاف البيضة عن الفرخ. والفژخ: فرخُ الطائر، وکثر في کلّامهم حتّي قيل لصغار الشجر فراخاً، إذا نبتت في أصول أمّهاتها (8).
واستعار منه (عليّه السلام) لملازمة الکفر والنفاق في قلوبهم بقوله: «فَبَاضَ وفَرَّخَ في صَدَوِرِهم»(9) أي الشيطان. والجوشن: الصدر، و به سُمّي جوشن الحديد (10). وأفرخ الأمرُ: استبان بعد اشتباه (11) قال الشاعر:
أري فتنةً هاجت وباضت وفرّخت*** ولو تُرکت طارت إليک فراخها (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فِرُّوا إلي اللهِ مِنَ اللهِ» (13) الفرار من الله إلي الله: أي اهربوا إلي
ص: 645
رحمة الله من عذابه. وقد نظر الفرزدق إلي هذا فقال:
إليک فررتُ منک ومن زيادٍ*** ولم أحسب دمي لکُم حَلالا(1).
ومنه قوله تعالي. ﴿ ففرّوا إلي الله﴾ (2).
قيل معناه فرّوا إلي الله بترک جميع مايشغلکم عن طاعته ويقطعکم عمّا أمرکم به، وقيل:حجّوا، عن الصادق (عليّه السلام) (3) وهو مروي عن أبي جعفر (عليّه السلام) أيضاً (4).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «الَولد للِفراش وللعاهِر الحَجَر» (5).
للفِراش: أي للزوج، فإنّ کلّ واحدٍ من الزوجين يُسمّي فِراشاً للأخر کما سُمّي کلّ واحدٍ منهما لباساً للآخر. وأفرشتُ الرّجُلَ امرأةً، زوجته إيّاها فافترشها، أي تزوّجها (6).ومن الکناية: فلان کريم المفارش، أي النساء (7) والحجر، في أکثر الأحوال، فإنّ العاهر لاشيء له في الولد فعبّر عن ذلک بالحجر علي المجاز، والتأويل الآخر أنّه ليس للعاهر إلاّ إقامة الحدّ عليه، وهو الرجم بالأحجار فيکون الحجر هاهنا اسماً للجنس لا للمعهود، وهذا إذا کان العاهر محصناً، فإنّ کان غير محصن فالمراد بالحجر الاعناف به والغلظة عليه(8)والفَرش من الإبل: صغارها التي لايُحمل عليّها، الواحد والجمع سواء. وکذلک فسّر في التنزيل في قوله جلّ وعرّ: ﴿وحَمَولةً وفَرشا﴾(9) والفرش من الخيل : التي يُحمل عليها بعد نَتاجها بسبعة أيّام، والجمع الفرائش. والفريش في الخيل والحمير سواء. قال ذو الرّمة:
باتت يقحّمها ذو أمَلٍ وسَقَت*** له الفرائش والسُّلب القيا ديد
يصف أُتُنا وسقت، جمعت الماء في رحمها. والسُّلب: جمع سلوب، وهي التي فقدت ولدها (10). وفَراشُ الدّماغ، بالفتح: عِظام رقيقة تبلغ القِحف، الواحدة فراشة،مثل سَحاب وسَحابة. وافترشت الشجَّةُ الدّماغَ، أصابت فَراشه من غير کَسر. وقيل: صدعت العظم من غير هشم، وأفرشته
ص: 646
و فرّشته بالألف والتثقيل(1). ومنه جاء عليّ عليّه السلام
حديث عليّ (عليّه السلام) : «فأمّا أنّا فواللهِ دُونَ أنّ أعطِيَ ذلک ضَربُ بالمَشرَفِيّةِ تطير مِنهُ فَراشُ الهَام، وتَطَيحُ السَّواعِد والأقدَامُ»(2).
والفَرشُ: الفضاءُ الواسعُ من الأرض. والمفارش: کلّ ما افترشته. وما بَقي من الغديرالاّ إفراشة: أي ماء قليل(3) وباعتبار الانبساط والطمأنينة للفراش استعار منه عليّ(عليّه السلام) وعظه ووصاياه لهم بقوله:«و فَرَشتُکُم المَعرُوفَ مِن قَولي وفِعلي»(4).
ويقولون: افترش الرجلُ لسانه، إذا تکلّم کيف شاء(5)
في حديث عليّ بن الحسين (عليّه السلام) : «لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ( عليّه السلام) نظر إليه من کان مَعَه فإذا هو بخلافهم، لأنّهم کلّما اشتدّ الأمر تَغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم وَوَجَبت قلوبُهم»(6).
الفريصة: اللحم الذي بين الکتف والصدر. وجمعها فريص وفرائص. يقال: فَرَصه يَفرِصه فرصاً: أصاب فريصته. و فُرِص فَرَصاً وفَرَصاً، شکافريصته. وفروص الرقبة وفريسها: عروقها (7) ومنه حديثه( صلي الله عليّه وآله): «انّي لأکره أنّ أري الرجل ثائراًفريص رقبته قائماً علي مُرَيّته يضربها». قال الأصمعي: الفريصة هي اللحمة التي تکون بين الکتف والجنب التي لا تزال ترعد من الدابّة، قال أبو عبيد : الذي قاله الأصمعي هو المعروف في کلّام العرب، ولا أحسب الذي في الحديث إلاّ غير هذا، کأنّه أنّما أراد عصب الرقبة وعروقها لأنّها هي التي تثور في الغضب (8) وقيل: أراد شعر الفريصة، کما يقال: ثائر الرأس، أي ثائر شعر الرأس (9) والفُرصة: القطعة من الصوف أو القطن، وهو من فرصتُ الشيء، أي قطعته. کأنّها اقتطاع الشيء بعجلة (10) ويقال للنُهزة فُرصة ، لأنّها خِلسة.
ومن هذا جاء کلّام عليّ( عليّه السلام) : «وَقَد أَرَدتُ تَؤلِيةَ مِصرَ هَاشِم بنَ عُتبَةَ، ولو وَلَّيتُهُ إيّاها لماخَلَّي لَهُم العَرصَةَ، ولا أَنهَزَهُم
ص: 647
الفُرصَة»(1) وباعتبار المطلوب والمراد قال عليّ( عليّه السلام) : «من الخُرق المعاجلة قبل الإمکان، والأنّاة بعد الفرصة» (2).
في کتاب عليّ للأشتر النخعي عن الرعية:«فإنّهُم صِنفَان: إمّا أَخُ لک في الدَّين، أو نظير
لَکَ في الخَلقِ، يَفرُطُ مِنهُمُ الزَّلَلُ»(3).
الفَرَط: يقال : فَرَط منه کلّام يَفرُط، من باب قتل، سبق وتقدّم، وتکلّم فِراطاً، بالکسر، سقط منه بوادر. وفرّط في الأمر تفريطاً: قصّر فيه وضيّعه (4)وفَرَط علينا فلان، إذا عَجِل بمکروه(5). وجاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها لعائشة حين أرادت الخروج للبصرة: قد نهاک عن الفُرطة في البلاد (6) الفرطة، بالضم: اسم للخروج والتقدّم. والفَرطة بالفتح: المرّة الواحدة منه،. مثل غُرفة وغَرفة وحُسوة وحَسوة. وهو السبق والتقدّم و مجاوزة الحدّ(7) ومنه قوله (صلي الله عليّه وآله): «أنا فَرَطکُم علي الحوض». قال الأصمعي: الفرَط والفارط: المتقدّم في طلب الماء. يقول: أنّا متقدّمکم إليه، يقال منه:فرطتُ القوم وأنا أفرطهم ، وذلک إذا تقدّمهم ليرتاد لهم الماء. ومن هذا قولهم في الدعاء في الصلاة علي الصبيّ الميت: اللهم اجعله لنا فرطاً، أي أجراً متقدّماً نرد عليّه(8) يقال : فَرط هذا الأمرُ فَر طأ وفَرَطاً، أي: تقدّم، والاسم الفَرَط. وکلّ متقدّم فارط (9) ومن هذا الاعتبار سأل أحدهم رسول الله( صلي الله عليّه وآله) ، أو الکلّنا فَرَط؟ فقال (صلي الله عليّه وآله): «نعم، إنّ من فرط الرجل المؤمن أخاه في الله عزّ وجل» (10). وباعتبار قرب الساعة وظهور مقدّماتها قال عليّ (عليّه السلام) : «وکَأنَّها قد جاءَت بِأشرَاطِها، وأزفت بِأقراطِهَا»(11) ومن المجاز: حديثُ عليّ( عليّه السلام): «وايم اللهِ لأفرِطنّ لَهُم حَؤضاً أنّا مَاتِحُهُ! لايَصدِرُون عَنهُ، ولايَعودُون إليه»(12). أفرط الحوضَ والاناء: ملأه حتّي فاض، وأفرطت المَزادة: منها. ويقال: غدير
ص: 648
مُفرَط: أي ملان(1) والمعني: والله لأملأنّ حوضاً من الشرّ والحرب لهؤلاء يتحسّون منه لا يرجعون إلي مثله ولا يخرجون منه (2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أو مِنبَرٍ يَفرَعُهُ»(3).
الفُروع: الصعود. وفرعتُ رأس الجبل: عَلَؤتُه. وفرع رأسه بالعصا والسيف فرعاً علاه. وفرعتُ قومي، أي: علوتهم بالشرف أو بالجمال. وأفرع فلان: طال وعلا. وفرّعت في الجبل تفريعاً، أي انحدرتُ، و فرّعتُ في لجبل: صَعّدتُ، وهو من الأضداد، وهو بالتخفيف أيضاً. وأفرعت المرأة: حاضت والفُرعة دمها. وافترع البِکر: اقتضّها، وقيل له: افتراع، لأنّه أوّل جماعها. وهذا أوّل صيد فرعه، أي: أراق دمه(4). ومنه الحديث: الحياء علي عشرة أجزاء، تسعة في النساء وواحدة في الرجال، فإذا حاضت الجارية ذهب جزء من حيائها، فإذا تزوّجت ذهب جزءُ، فإذا افتُرعت ذهب جزء.. الحديث(5)وتفرّعت أغصانُ الشجرة: أي کثرت و تشعّبت. والفُرعان: الشعاب في الجبال، والواحدُ فَرَع(6) وباعتبار التشعّب فسّر حديث الباقر والصادق (عليّهم السلام) : «عليّنا أنّ نُلقي إليکم الأُصول، وعليّکم أنّ تفرّعوا»(7) أي عليّنا أنّ نلقي إليکم نفس أحکامه بأصول من الکلّام يُفرّع عليّها غيرها من متعلقاتها، وعليکم أنّ تفرّعوا عليها لوازمها، وهو استنباط أحکام جزئية من قواعدها وأصولها»(8) والمعبّر عنه الاجتهاد، فالتفريع في الحديث خرج إلي معني الاجتهاد. وفي الحديث: «لافَرَعة ولا عتيرة». الفَرَعة بفتح الراء، والفَرَع: أوّل ما تلده الناقة، کانوا يذبحونه لآلهتهم، فنُهي المسلمون عنه. وقيل: کان الرّجلُ في الجاهلية، إذا تمّت إيله مائةً قدّم بَکراً فنحره لصنمه، وهو الفَرَع(9) والعتيرةُ التي کانت تَعترُها الجاهلية: فهي الذّبيحة التي کانت تُذبحُ للأصنام، فيُصبُّ دَمُها عليّ رأسها (10) يقال: قد أفرع القومُ، إذا فعلت إبلهم ذلک.
ص: 649
وسُئل( صلي الله عليّه وآله) عن الفَرَع، فقال: «دعه حتّي يکون ابن مخاض، وهو ابن سنة، وابن لبون، وهو ابن سنتين، ثمّ أذبحه حينئذٍ فقد طاب لحمه واستمتعت بلبن أمه سنة، ولا يشق عليها مفارقته لأنّه قد استغني عنها وکبر»(1). وفي الخبر: کان رسول الله( صلي الله عليّه وآله) أفرَعَ. الفُرعان: جمع الأفرع، وهو الوافي الشعر، وقيل: الذي له جُمّة(2) وهو ضدّ الأصلع(3) وفارع: حصن بالمدينة (4) وقيل: هو جبل علي يسار الطريق لمريد الحج(5) وفيه جاء خبر الرضا لما نظر إليه: «باني فارع وهادمه يُقطِع إرباً إزباً»(6). مشيراً إلي جعفر بن يحيي البرمکي الذي قتله الرشيد، والفرعنة: مشتقّة من فرعون(7)وقد اعتُبر عرامته فقيل تفرعن فلان، إذا تعاطي فعل فرعون، کما يقال: أبلس و تبلّس، ومنه قيل للطغاة الفَرَاعنة(8) وفيهم قال عليّ (عليّه السلام) : «أين الفَرَاعِنَةُ وأبناء الفَراعِنَةِ! أين أصحاب مَدَائِنِ الرّسَّ الذين قَتَلوا النّبيّين»(9). وفي الحديث قال أبو عبدالله (عليّه السلام) :«إيّاکم والکذب المفترع. قيل له: وما الکذب المفترع.؟قال: أنّ يحدثک الرجل بالحديث فترويه عن غير الذي حدّثک به» (10)من قولهم: استفرع القومُ الحديث وافترعوه، إذا ابتدؤوه، قال الشاعر يرثي عبيد بن أيوب:
ودلّهتني بالحزن حتّي ترکتني*** إذا استفرع القومُ الأحاديث، ساهياً (11).
في حديث الصادق عليّ (عليّه السلام) : «من اتخذ شعراً فلم يفرّقه فرّقه اللهُ بمنشار من نار» (12).
الفَرق: يقال : فرقت الشيء فرقاً، أزلت بعضه من بعض (13) ومنه يقال: فرقت الماشطة رأسها فرقاً (14) والفرق يقارب الفَلق، لکن الفَلقُ يقال اعتباراً بالانشقاق والفرق يقال اعتباراً بالانفصال (15) ومن هذا الاعتبار قال عليّ (عليّه السلام): «ما فَرَّقَ بَينَکُم إلاّ
ص: 650
خُبثُ السَّرَائِرِ»(1) وباعتبار الفصل قيل الکتاب الله: فرقان. وقيل للصبح: فرقان (2).
لأنّه به يفرق بين الليل والنهار، ويقال: لأنّ الظلمة تتفرّق عنه (3). وناقة مُفرق، إذا فارقها ولدها بذبحٍ أو بموت. وفَرق الانسان يَفرَق فَرقاً، إذا خاف (4) ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) أخبار النساء: «إذا کَانَت جَبَانَةً فَرِقَت من کُلّ شَيءٍ يَعرَض لهَا» (5).
عن أبي الحسن موسي (عليّه السلام) قال: رسول الله( صلي الله عليّه وآله): استفرهوا ضحاياکم فإنّها مطاياکم عليّ الصراط(6).
الفاره:يقال: فرُه الدابّة وغيره يفرُهُ من باب قرُبَ، وفي لغةٍ من باب قتل، وهو النّشاطُ والخفّهُ. وفلان أفره من فلان، أي أصبحُ بين الفراهة. وجارية فرهاء: أي حسناء (7). وناقة مُفرهة: تلد فُرهاً، قال النابغة:
أعطي لفارهةٍ حلوٍ ترابُعها ***من المواهب لا تُعطَي علي حسد(8).
و مراد الحديث اختيار الدوابّ الفُره في الأضاحي وغيرها. وفي الحديث : عن يونس بن يعقوب قال: أرسلت إلي أبي الحسن عليّه السلام: «إنّ اخاًلي اشتري حماماً من المدينة فذهبنا بها إلي مکة فاعتمرنا وأقمنا إلي الحجّ، ثمّ أخرجنا الحمام معنا من مکّة إلي الکوفة، هل عليّنا في ذلک شيء؟ فقال للرسول: إنّي أظنّهدّ کن فَرّهة. قل له: يذبح مکان کلّ طير شاة»(9).
فَرَهة: بفتحتّين، ويقال للحاذق بين الفروهة والفراهة والفراهية(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «واللهِ، إنّ امرءاً يُمُکّن عَدُوّه مِن نَفسه يَغرُق لَحمَه، ويَهشِمُ عَظمَه، ويَفرِي جلدَه، لَعَظيمُ عَجزُهُ، ضَعيفُ ما ضُمّت عليّه جَوَانِحُ صَدرِه»(11) .
الفري: يقال: فَرَي الشيء يفريه فَرياً و فرّاه، کلّاهما: شقّه وأفسده، وأفراه: أصلحه. وقيل: أمر بإصلاحه، کأنّه رَفَع عنه ما لحقه
ص: 651
من آفة الفژي وخلله. وتفرّي جلدّه وانفري: انشقّ. وأفري أوداجه بالسيف: شقّها. وکلّ ما
شقّه فقد أفراه وفرّاه(1)وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) :
«حتّي تفرّي الليلُ عن صبحه، وأسفر الحقُّ عن مَحضه (2) تفرّي وانفري: انشقّ. يقال: أفريت الثوبَ وأفريت الحُلّة، إذا شققتها وأخرجت مافيها. وأصل الفري القطع. وتقول العرب: ترکته يفري الفَرِيّ. إذا عمل العمل فأجاده. ومنه قولهم للشجاع: ما يفري فَريّه أحد(3). وجاء في حديث فاطمة(عليّها السلام) دفاعاً عن حقّها قائلة له: «لقد جئتَ شيئاً فرياً»(4) فريا: يقال فلان يَفري الفَرِيّ إذا کان يأتي بالعَجَب في عمله. وروي يَفري فَريه، بسکون الراء والتخفيف. والفِريةُ الکذب(5) ومنه قوله تعالي: ﴿ولقد جئتِ شيئاً فَرِيِا﴾(6) أي جئتِ بأمر عظيم کالآتي بالشيء يفتريه (7). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام): « وسَمَّوا صِدقَهُم عليّ الله
فِريَة» (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن المؤمنين يوم القيامة: «ولا تَنُوبُهُم الأَفزاعُ»(9).
الفَرَع: الفَرَق والذُّعر من الشيء، وهو في الأصل مصدر، فَزِع منه وفَزَع فَزَعاً وفَوعاً
وفِزعاً، وأفزعه وفّعه: أخافه وروّعه. والفَزَع: الإغاثة، قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله )للأنّصاري«إنّکم لتکثرون عند الفَزَع وتَقِلّون عند الطمع». أي تکثرون عند الإغاثة، وقد يکون التقدير أيضاً: عند فزع الناس إليکم لتُغيثوهم. يقال: فَزِعَ إلي القوم: استغاثهم، وفَزِعَ القومَ وفَزَعهم فَزعاً وأفزعهم: أغاثهم (10)وفي صفة عليّ عليّه السلام : «فإذا فُزِع فُزِع إلي ضَرِس حديد». أي إذا استُغيث به التُجيء إلي ضَرِس. والتقدير : فإذا فُزع إليه فُزِع إلي ضَرِس، فحذف الجارُّ واستتر الضمير(11) ومنه الحديث: «إذا انکسفَ القَمَرُ والشمّسَ فافزعوا إلي مساجدکم» (12) وضَرِس: أي صعب العريکة قويّ (13).
ص: 652
في حديث عليّ : «عَرَفتُ الله سُبحَانه بِفَسخِ العَزَائِم، وحَلّ العُقُودِ، ونَقضِ الهِمَم»(1).
الفسخ. فسخ الشيء نقضه، تقول: فسخ البيع وفسختُ العزم، أي نقضتها. وفسخت
النکاح فانفسخ، أي انتَقَضَ (2) ومنه قال الصادق (عليّه السلام) حين قيل له: بما عرفت ربک؟« عزمت ففسخ عَزمي، وهممتُ فنقض همّي» (3).
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود ثبتت الأطناب والأوتاد والغِشاء، وإذا انکسرالعمود لم ينفع وتدُ ولا طنب ولا غشاء»(4).
الفسطاط: بضمّ الفاء وکسرها: بيتُ من الشّعر، والجمع فساطيط. والفِسطاط بالوجهين أيضاً: مدينة مصر قديماً. وبعضهم يقول: کلّ مدينة جامعة فِسطاط (5) الطُّنب: طنب الخِباء وغيره، وهو الحبل الذي يُشدّ إلي الوتد، والجمع أطناب، وطنّبت الخِباء تطنيباً، إذا مددته بأطنابه (6).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله): «أطفئوا سُرُجکم فإنّ الفويسقة تَضرِم البيت عليّ أهله»(7).
الفويسقة: هي الفأرة، والفسق خروج الشيء من الشيء عليّ وجه الفساد، وسُمّيت الفأرة فويسقة لما اعتُقد فيها من الخبث والفسق، وقيل لخروجها من بيتها مرّة بعد أُخري(8) والفسق أصله من قولهم: انفسقت الرُّطبة، إذا خرجت من قشرها، ومنه اشتقاق الفاسق لانفساقه من الخير، أي انسلاخه منه (9). ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لحال الناس في الفتنة: «وصار الفُسوق نَسَباً، والعَفَافُ عَجَباً»(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «الحمدُ للهِ الفَاشِي
ص: 653
في الخَلقِ حَمدُه» (1).
الفاشي: يقال: فشا الشيء: ظهر(2)وجاء في الحديث : «لاترسلوا فواشيکم»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن يوم البعث: «فَصل الخِطَاب وَمُقَايَضَةِ الجَزاء»(4).
فصل الخطاب: أنّ يفصل بين الحقّ والباطل. وقيل: هو البينة علي المدّعي واليمين علي المدّعي عليه(5)، وفُسّر قوله تعالي: ﴿وشَدَدنا مُلکَه وآتيناه الحِکمَةَ وفَصلَ الخِطَابِ﴾ (6) بأنّه العلم بالقضاء والفهم(7)والفَضل: فصلک الشيء عن الشيء حتّي يباينه، وکلّ شيء بان عن شيء فقد فاصله، ويقال: هذا الأمر فيصل، أي منقطع(8).
ويقال لولد الناقة: الحُوارُ، والجميع الحِيران. فإذا فُصِل عن أمِه فهو فصيل، والجميع، الفِصال، وفصلان للأنّثي (9).
وفصّلت الشاة وغيرها، إذا قطعت مفاصلها، و واحد المفاصل مَفصِل. والمِفصَل: اللسان،
وأنشدوا بيت حسّان:
کلتاهما حَلَبُ العصيرِ فعاطِني*** بزُجاجةٍ أرخاهما للمِفصَل
أي: اللسان. وروي للمَفصِل، بکسر الصاد. فأمّا قولهم: مثل ماء المفاصل، يصفون به الماء الصافي، فالمفاصل: صخر يتّصل بعضه ببعضٍ، فإذا جري عليّه ماء السَّماء تناهي إلي قراره وهو صافٍ. وفصيلةُ الرجل: بنو أبيه، والجمع فصائل (10) وفصل القومُ عن مکان کذا، وانفصلوا: فارقوه(11). ومن هذا يُفسِر ماجاء في کتاب عليّ (عليّه السلام )إلي الحارث الهمداني: «ولا تسافِر في يوم جُمُعةٍ حتّي تَشهَد الصلاة إلّا فاصِلاً في سبيل اللهِ» (12).
يقال فَصَل فلان من عندي فصولاً، إذا خرج، وفصل منّي إليه کتاب، إذا نفذ. قال الله عزّ وجلّ: ﴿ ولما فَصَلت العِير﴾ (13) أي خرجت، ففصل يکون لازماً وواقعاً، وإذا
ص: 654
کان واقعاً فمصدره الفصل، وإذا کان لازماً فمصدره الفصُول(1)والفِصال: التفريق بين الصبيّ والرضاع(2) ومن معناه کتب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: «وأمّا تِلکَ التي تُريد فإنّها خُذعَةُ الصَّبيّ عَن اللَّبَنِ في أوَّلِ الفِصَالِ»(3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) واصفاً حال الناس والدنيا قبل بعثته (صلي الله عليّه وآله): «و تَصَرُّم من أَهلِها، وانفِصَامٍ من حلقَتِها»(4).
الفصم: أنّ ينصدع الشيء من غير أنّ يبين (5) وقوله (عليّه السلام) کناية عن تزعزع أحوال الناس والدنيا وعدم ثباتها واستقرارها حتّي کانت بعثته(صلي الله عليّه وآله) أماناً للدنيا وأهلها. وانفصم المطرُ: انقطع وأقلع (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علمه: «ألا وإنّي مُفضِية إلي الخَاصَّةِ مِمَّن يُؤمَنُ ذلِک مِنهُ»(7).
الإفضاء: يقال: : أفضيتُ إليه بالسرَّ أعلمته به. والفضاء: المکان الواسع، وفضا المکان فُضُوّاً، من باب قَعَد، إذا اتّسعَ فهو فضاء. وأفضي الرجلُ بيده إلي الأرض ، مسّها بباطن راحته، وأفضي إلي الشيء: وصل إليه. وأفضي إلي امرأته : باشرها وجامعها(8).
وأفضي إلي امرأته في الکناية أبلغ وأقرب إلي التصريح من قولهم: خلابها(9) وأفضاها:جعل مسلکيها بالافتضاض واحداً فهي مُفضَاةُ. وقيل: جعل سبيل الحيض والغائط واحداً (10).
من فضا المکانُ يفضو فُضُوّاً، إذا اتّسع فهو فاضٍ وأفضيته أنّا: وسّعته وجعلته فضاء وأفضيتُ بفلانٍ: خرجتُ به إلي الفضاء، نحو: أصحرتُ. قال ذو الرمّة:
برّاقةُ الجيد واللبّاتُ واضحةُ *** کأنّها ظبي أفضي بها لَبَبُ (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَطَر الخَلائِق بِقُدرَتِه، ونَشَرَ الرُّيَاحَ بِرَحمَتِه»(12).
الفَطر والفِطرة: الابتداع والاختراع.
ص: 655
وفطر الشيء: أنّشأه، وفَطر الشيء: بدأه(1). ومنه قوله تعالي:﴿ فَطَرکُم أوّلَ مَرّةٍ ﴾ (2) أي خلقکم وأنشأکم(3) ومن هذا قال (عليّه السلام): «ان فَاطِر النَّملَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخلَةِ»(4) والنشر: خلاف الطي، وتنشّر الشيء وانتشر: انبسط. وانتشر النهار وغيره: طال وامتدّ(5) ويعتبرون في صفة الريح النشر إذا کان فيها خيرُ لاشرّ معه، کالرياح الملقحات التي ينشرها الله، فتکون سببها الأنّوار والأزهار والفواکه والثمّار(6).
وفي حديث النبي (صلي الله عليّه وآله) حين رأي من يحتجم في شهر رمضان: «أفطر الحاجم والمحجوم». قال ابن عبّاس: إنّما أفطرا لأنّهما تسابّا وکذبا في سبّهما علي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) لا للحجامة. قال الصدوق: سمعت بعض المشايخ بنيسابور يذکر في معني قول الصادق (عليّه السلام): «أفطر الحاجم والمحجوم». أي دخلا بذلک في فطرتي وسُنّتي، لأنّ الحجامة ممّا أمر به فاستعمله(7) وقيل: حان لهما أنّ يُفطرا. وقيل : هو عليّ جهة التَّغليظ لهما والدعاء عليهما(8).
في حديث الصادق (عليّه السلام)عن النبيّ( صلي الله عليّه وآله) عن جبرئيل: «سُمّيت فاطمة في الأرض فاطمة لأنّها فَطَمت شيعتها من النار وفَطَمت أعداءها عن حبّها»(9).
الفطم: يقال: فطمتُ الرجلَ عن عادته إذا منعته عنها. ويقال: فطمتُ المرضعُ الرضيعَ فطماً: فصلته عن الرَّضاع فهي فاطِمة والصغير فطيم، والجمع فُطُم (10) والأصل في الفَطم القطع. و يقول الرجل للرجل لافطمنّک عن کذا، أي لأقطعنَّ طَمَعک عنه(11).
والفواطم : فاطمة الزهراء البتول، وفاطمة بنت أسد بن هاشم زوج أبي طالب، وفاطمة أمّ أسماء بنت حمزة، وقيل الثالثة فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، وأمّا فاطمة المخزومية جدّة النبي (صلي الله عليّه وآله) لأبيه ، وفاطمة بنت الأصم أم خديجة (عليّها السلام) عليّه فما أدرکتاء الوقت الذي قال فيه( صلي الله عليّه وآله) لعليّ (عليّه السلام) في بُردِ سِيَراء: «اجعله خُمُراً، أو اقسمه بين الفواطم»(12).
ص: 656
روي أبو عبد الله (عليّه السلام) عن رسول الله( صلي الله عليّه وآله) قال: «إنّي لأبغض الرجل فاغراً فاه إلي ربّه يقول: ارزقني ويترک الطلب»(1).
فغر الفم فغراً: من باب نفع : انفتح. و فغرته فتحته، يتعدّي ولا يتعدّي(2).
وکنّي عليّ (عليّه السلام) عن إقدام صاحب الفتنة وقوّة طمعه في أمر الناس بقوله: «فإذا فغرت فاغرته، واشتدّت شکيمته»(3) والفاغرة: ضربُ من الطيب(4).
وقيل: جاء قوله (عليّه السلام) کناية عن شيء ينفتح قليلاً کما ينفتح الفاغرة، وهو النيلوفر الهندي (5).
في حديث أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «بينا رسول الله (صلي الله عليّه وآله) في بعض حجراته إذ أطلع رجل في شقَّ الباب وبيد رسول الله مِذراة ،فقال: لو کنت قريباً منک لفقأت به عينک»(6).
فقأتها: پسقال: فقأت عينه أفقَؤُها: بخصتها (7) وفقأتُ عينه فَقأً فهي مفقوءة(8).وتفقّات ألسَّحابةُ عن مائها: تشقّقت(9) وباعتبار کون الخارجين والمارقين عليّ (عليّه السلام ) طلائع الفتن وعيونها في الأمّة جاءت الاستعارة، في حديثه (عليّه السلام) : «أيّها الناس، فإنّي فَقَأ تُ عين الفِتنَةِ، ولم يَکُن لِيَجتَريء عَلَيها أحدُ غيري بعد أنّ ماجَ غَيهَبُها، واشتدّ کَلَبُها»(10).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي يوصيه بالرعية: «ولايَتَفاقَمَنّ في نَفسِک شَيء قَوّيتَهُم به»(11).
الفقم: الامتلاء. وأمر مُتَفاقِم، وتفاقم الأمُر، أي عَظُم. وفَقُم الأمرُ فُقوماً : عَظُم. وقَقِم الأمرُ وتفاقم: لم يجر عليّ استواء. وفَقِم الرجلُ فَقَماً: بَطِر، وهو من ذلک، لأنّ البطرخروج عن الاستقامة والاستواء. والفَقمُ والفُقم: طَرَف خَطم الکلّب ونحوه. وقيل: ذقن الإنسان ولَحييه، وقيل: هما فمه (12).
ص: 657
ومن هذا جاء الحديث: «مَن حفظ مابين فَقمَيه ورجِلَيه دخل الجنّة». ويقال: تَفَقّمتُ فلاناً، إذا أخذتُ بفقمه، ومنه الفَقَم، وهو ردّة في الذقن، ورجل أفقَمُ(1).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «مفلّج الأسنان» (2)
الفلج في الأسنان: تباعد مابين الثنايا والرَّباعيات، ويقال لصاحبه: أفلج (3) وقال عنه( صلي الله عليّه وآله) علی(علیه السلام) :
«أرسَلَه بِوُجُوب الحُجَج، وظُهُورِ الفَلَجِ»(4) والفَلجُ: النصر والفوز، ومنه حديث أبي جعفر الثاني (عليّه السلام) عن الباقر( عليّه السلام) قال المن سأله: «سأَخبرک بأيةٍ أنّت تعرفها إنّ خاصموا بها فلجوا»(5). يقال : قد فَلَجَ الرجلُ عليّ خَصمه يَفلُجُ فَلجاً. وأفلجه الله عليه فلجاً وفُلُوجاً، وفلَجَ القومَ يَفلُجُ و يَفلِجُ فَلجاً وأفلج: فاز. وفَلَج سَهمُه وأفلجَ: فاز. والسَّهم الفالِج: الفائز(6) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «کالفالِج الياسرِ الذي ينتظر أوّل فَوزةٍ من قِداحه تُوجِبُ له المَغنَم»(7). الياسر: اللاعب بالقِداح، وقد يَسَر ييسَرُ، فهو ياسِر ويَسرُ، والجمع أيسار. والياسر: الذي يلي قِسمة الجزور، وهذا الأصل في الياسر، ثمّ يقال للضاربين بالقِداح ، والمتقامرين علي الجزور، ياسرون، لأنّهم جازرون إذا کانوا سبباً لذلک (8)وإنّما کان هذا في أهل الشرف منهم والثروة والجدة، يتقامرون علي الجَزور، قال الأعشي:
المطعمو الضيف إذا ماشتوا*** والجاعلو القُوت علي الياسر (9).
وفي حديث الصادق(عليّه السلام) في وصف الفلجالجامعة: «صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالِج»(10). الفالج الجمل ذو السَّنَامين الضّخمُ(11) وفي الحديث النبوي: «من أشراط الساعة أنّ يفشو الفالِج»(12). الفالج: ريح يأخذ الإنسان فيذهب بشقة، قد فُلِج فالجاً فهو مفلوج مأخوذ من قولهم: فلجت الشيء فِلجين، أي
ص: 658
شققته نصفين. وفلجتُ الأرض للزراعة، وکلّ شيء شققته فقد فلجته، والفلّوجة الأرض المصلحة للزراعة، ومنه سُمّي موضع في الفرات فلّوجة(1)ومنه الخبر : أنّ حذيفة وابن حُنيف حين بُعثا إلي السواد، فلجا الجزية عليّ أهله. يعني قسما الجزية عليهم، وأصل ذلک من الفِلج ، وهو المکيال الذي يقال له، الفالج، وأصله سرياني، يقال له و بالسريانية: فالغا، فعرَّب فقيل له: فالج وفِلج.
وإنّما سمّي القسمة بالفلج لأنّ خراجهم کان طعاماً(2)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في الملاحم:« وتُخرِجُ لَهُ الأرضُ أفَاليذَ کَبِدهَا»(3).
الفِلذَةُ: القطعة من الکبد واللحم والمال والذهب والفضّة، والجمع أفلاذ. وأفاليذ کبدها استعارة لکنوزها، ومثله قوله تعالي: ﴿وأَخرَجَت الأَرضُ أثقَالَها﴾(4) وفي حديث بدر: «هذه مکّة قد رمتکم بأفلاذ کبدها»، أرادصميم قريش ولبابها وأشرافها، کما يقال: فلان قلب عشيرته، لأنّ الکبد من أشرفالأعضاء. والفولاذ من الحديد معروف.
والفالوذ من الحلواء: هو الذي يؤکلّ، يُسوّي من لبّ الحنطة، فارسي معرّب(5)قال أبو زيد: سمعتُ من العرب من يقول للفولاذ فالوذ(6) وجاء في الخبر : أنّه أهدي له (صلي الله عليّه وآله) فالوذج، فسأل عنه فقيل له: نجعل السّمن والعسل في البرمة ونضعها عليّ النار ثمّ نقليه، ثمّ نأخذ من الحنطة إذا طحنت فنلقيه علي السّمن والعسل ثمّ نَسُوطه حتّي ينضج (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَلَقَ الحَبَّةَ»(1).
الفلق: الشقّ يقال: فَلَقه يَفلِقُه فلقاً شقّه،(2).
ومنه قوله تعالي: ﴿وفالِقُ الحَبّ والنَّوي﴾(3)أي شاقّ الحبّة اليابسة الميّتة
فيخرج منها النبات، وشاق النواة اليابسة فيخرج منها النخل والشجر(4) قال ابن دريد: والفَلَق والفالق واحد. والفلق: فَلَق الصبح (5).
ومنه الحديث : کان أبو جعفر (عليّه السلام) يقول بعد الصبح: «الحمد لله ربّ الصباح، الحمدلله فالق الاصباح»(6) والفيلق: الداهية، والجمع فيالق. وافتلق الرجلُ وأفلق، إذا عمل عملاً فأجاد فيه وجوّد أيضاً. ومنه قولهم: شاعر مُفلِق. وکتيبة فَيلَق: کثيرة السلاح. والفِلقَة من الشيء: القطعة منه، والجمع فِلَق (7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن القوم الخارجين عليّه: «إنّ الشَّيطان اليومَ قد استلَّفهُم، وَهُو غَداً مُتَبرّيء مِنهُم»(8).
الفلّ: الثَّلم في أيّ شيء کان، فلّه يفُلُّه فلاًّ وفلّله فتفلّل وانفلّ وافتلّ. والفلّ: المنهزمون
وفلّ القومُ يُفلُّهم فلاًّ: هزمهم فانفلّوا و تفلّلوا. وهم قومُ فُلول والجمع فُلول وفُلاّل. وأصله من الکسر. واستفتلّهم الشيطان: أي وجدهم مفلولين فاستر لّهم، هکذا فسّروه(9)قال ابن أبي الحديد: ويمکن عندي أنّ يُريد أنّه وجدهم فلاًّ لا خير فيهم، والفلّ في الأصل: الأرض لانبات بها، لأنّها لم تمطر (10)ورُوي: استفزّهم، أي استخفّهم. وروي: استقبلهم: أي تقبّلهم ورضي عنهم(11)وباعتبار الإصابة الشيطانية للشيء. جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) لزيادبن أبيه: «وقَد عَرَفتُ أنّ مُعَاوِيَةَ کَتَبَ إليک يَستَزِلُّ لُبّک، ويَستَفِلُّ غَربَکَ»(12) کني عن کسر قوّته في نصح عليّ( عليّه السلام) له (13).
في الحديث: «إنّ الله لَيُرَبّي لأحدکم التّمرة واللقمة کما يُربّي أحدکم فِلوَه وفصيله
ص: 660
حتّي يکونَ مثل أُحد»(1).
الفَلُوُّ: المُهُر يُفصَل عن أمَّه، والجمع أفلاء، مثل عدو وأعداء، والأنّثي فَلُوّةُ بالهاء. والفِلو، وزان حِمل، لغة فيه(2)قال السجستاني: الفَلُوُ: ولد الخيل من الحمار، ويقال: فُلِي، أي فُطِم، وأصل الفِلاء الفطام (3) .قال ابن دريد: المفتلَي من أمّه، أي المأخوذ عنها (4)فتکون له عناية ورعاية، ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) الأنّصار: «رَبَّو الإسلامَ کما يُرَبّي الفِلوُ»(5).والمراد في الحديث أنّ الله سبحانه يجمع القليل إلي القليل من صدقاتکم والنّزر إلي النّزر من قُرَبکم وطاعاتکم حتّي يعظم يسيرها ويکبر صغيرها، فجعل( صلي الله عليّه وآله )ذلک کتربية الفَلُوّ والفصيل وتربية الطفل الصغير، لأنّه تنقيل من حال الضعف والصغر إلي حال الاشتداد والکبر(6) والفَلاة: الأرضُ لاماءَ فيها،والجمع فَلاً، مثل حَصَاة وَحَصاً. وجمع الجمع أفلاء، مثل سبب وأسباب (7). ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) المتقين: «دَليلُ فَلَواتٍ»(8)من باب المجاز. وفَلَيتُ رأسي فلياً، من باب رَمَي، نقّيته من القمل(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن مالک: «واللهِ لَو کَاَنَ جَبَلاً لَکَانَ فِنداً، ولَو کَانَ حَجَراً لکان صَلداً، لايرتَقيه الحَافِرُ، ولايُوفِي عَلَيه الطائر»(10).
الفِند: القطعة العظيمة من الجبل، والجمع أفناد (11)ويقال للضخم الثقيل: کانّه فندُ(12)والفَنَد: من قولهم: فَنِدَ يَفنَد فَنَداً، إذا ضعف رأيه من سنّ أو کبر، وأفندته إفناداً، إذا خطأت رأيه، وفنّدته تفنيداً ، إذا فعلت به ذلک. ومن هذا جاء قوله تعالي حاکياً عن يعقوب: ﴿إنّي لأجدُ ريحَ يوسفَ لولا أنّ تُفنّدونِ﴾ (13). ومن المجاز ما ورد في الحديث: «إنّي أريد أنّ أفنّد فرساً». أي أتخذه حصناً ألجأ إليه، من الفِند (14).
ص: 661
في حديث فاطمة (عليّها السلام) لمّا طالبت القوم بحقّها: «ونَبغَ خام الأقلّين، وَهَدَر فنيق المُبطِلين، فَخَطَر في عَرَصاتکم»(1).
الفنيق: هو الفحل المکرم من الإبل الذي لايُرکب ولايُهان لکرامته عليّهم، والجمع أفنان وفَنُق وفِناق(2) ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «وهَدَرَ فَنيقُ البَاطِلِ بَعد کُظُومٍ»(3).وقد استعير لأئمّة الکفر والنفاق. وخطر: أي رفع ذنَبه مرّة بعد مرّة وضرب به حاذيه . ويقال: خطر الفحلُ بذنبه يخطر خَطراً وخَطَرانا وخطيراً (4).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي بعض عمّاله: «وهذه الأمّة قّد فَنَکَت وشَغَرت»(5).
الفُنوک:اللّجاجُ. وفنکَ في الکذب: مضي ولجّ فيه(6) وفتک في الأمر فنکاً، غلب عليه ودخل فيه ولج ّ(7) والفِنلک: العَجَب، بکسرالفاء(8) و شغرت:أي تفرّقت (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «مَغرِزِ الأورَاقِ مِن الأفتان» (10).
الفنن: الغصنُ، وقيل: الغُصن القضيب، يعني المقضوب، والفنن ما تشعّب منه، والجمع أفنان، ثمّ أفانين. والأفُنون من الغصن: الملتُّف، والأفنون الجري المختلط من جَري الفرس والناقة، والأُفنون في الکلّاماالمثبّج، والأفانين الأساليب، وهي أجناس
الکلّام وطُرُقه، وفنّن فلان رأيه، إذا لوّنه ولم يثبت علي رأي واحدٍ (11)). ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) المنافقين: «يَفتنُّون افتنَاناً» (12) وافتَنّ الرجلُ في حديثه وفي خطبته، إذا جاء بالأفانين، وهو مثل اشتقّ، يقال: افتنّ الحمار بأتُنه واشتقّ بها إذا أخذ في طَردها وسَوقِها يميناً وشمالاً، وعلي استقامة وعلي غير استقامة، فهو يفتن في طردها أفانين الطّرد.
والفنون: الأخلاط من الناس. وألتفنين: التخليط، يقال: ثوبُ فيه تفنين إذا کانت فيه
ص: 662
طرائق ليست من جنسه(1)وعن ابن الأعرابي: فنّنتُ الثوبَ فَتَفَنّن، إذا مزّقته، وإذا خرقه القصّار قيل: قد فَنَنه، وکلّ عَيب فيه فهو تفنين (2) وأفنان جمع فنن وهو الخُصلة من الشعر، شُبّه بالغُحصن، والفينان: الشعر الطويل الحَسَنُ والياء فيه زائدة.
وفي الحديث: جاءت امرأة تشکو زوجها فقال النبي( صلي الله عليّه وآله):« تُريدين أنّ تَزَوّجي ذا جُمّةٍ فينانة عليّ کلّ خصلة منها شيطان»(3) وفيه: «أهل الجنّة جُردُ مُکَحّلون أولو أفانين». أي ذوو شعور وجُمَمَ (4). والأفنون: الحيّة، وقيل: العجوز، وقيل: الداهية(5) والفنين: خُرّاج طويل بين المَنکب واللّبّة، بعير مفنون وقد فُنّ. وما ألقاه إلاّ الفَنّة والفَنّ والفَينَة: بمعني(6)والعرب تقول: کنتُ بحال کذا وکذا فَنَة من الدهر وفَينَة من الدهر،أي طرفاً من الدهر (7).
خرج أمير المؤمنين عليّ (عليّه السلام) عليّ قوم فرآهم يصلّون في المسجد قد سدلوا
أرديتهم، فقال لهم: «مالکم قد سدلتم ثيابکم کأنّکم يهود قد خرجوا من فُهرهم - يعني
بيعتهم - إيّاکم وسدل ثيابکم»(8).
الفُهر: وزان قُفل موضع مدارسهم الذي يجتمعون فيه للصلاة. قال أبو عبيد: کلّمةنبطية أو عِبرانية، وأصلها بُهر فعُرّبت بالفاء(9).
وکذا ذهب ابن دريد أنّ الفُهر ليس بعربي محض(10) ومن وصيّة لعليّ (عليه السلام) قبل لقاء العدو بصفّين: «وإنّ کَانَ الرجلُ ليتَنَاولُ المَرأةَ في الجَاهِليّة بالفِقر أو الهِراوَة فيُعيّر بها وعَقِبُه من بَعده»(11) الفِهر بالکسر: حجر يملأ الکفَّ، والجمع أفهار و فهور. والفهر مؤنثة يدلّک عليّ ذلک تصغيرهم إيّاها فُهيرَة وأرض مَفهَرة: ذات أفهار (12) والفَهر أنّ يخالط إحدي جاريتيه ويُنزل مع الأخري (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الماء: «فَرفَعَهُ في
ص: 663
هَواءٍ مُنفَتِقٍ، وَجَوًّ مُفَهِق»(1).
المنفهق: انفهق الموضع، إذا اتسع. ورکيُّ فَيهَقُ، أي واسعة. ورجل مستفيهق: متشدّد کثير الکلّام(2) ومعني قوله( عليّه السلام) يفيد السعة والامتلاء (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللهُمّ إنّ فَهِهتُ عن مَسألَتي»(4).
الفَهّةُ والفهاهةُ: العِيُّ. وفَهَّ عن الشيء يَفَهُّ فهّاً: نَسِيَه. وأَفَهّه غيرهُ: أنّساء (5)قال أبو عبيد : الفهّة مثل السَّقطة والجهلة ونحوها، يقال منه :رجل فَهُّ وقهية، وفَهِيهُ فَهِهتَ يارجل تَفِهُّ فهَاهةً(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «مَضَيتُ بِنُورِ الله حِينَ وَقَفُوا. وکنتُ أَخفَضَهُم صَوتاً، وأعلاهم فَؤتاً، فَطِرتُ بِعِنَانِها، واستَبدَدتُ بِرِهَانِها»(7).
الفوت: الفوات. يقال: فاتني کذا، أي سبقني، و فُتُّه أنّا(8). وأعلاهم فوتاً: أي أسبقهم مع سکوتي وصبري و تواضعي .
وقوله (عليّه السلام) : «فطرت بعنانها واستبددت برهانها». استعارة من مسابقة خَيل الحَلبة. واستبددت بالرهان، أي انفردت بالخَطَرالذي وقع التراهن عليّه(9).
وفي کتاب عليّ (عليّه )إلي أشعث بن قيس: «لَيسَ لَکَ أَن تَفتاتَ في رَعِيَّةٍ»(10) الافتياتَ:افتعالُ من الفَوت ، وهو السَّبق إلي الشيء دون ائتمار مَن يُؤتَمر . وروي: افتَاَتَ فلانُ بأمره، بالهمز، إذا استبدّ به (11). يقال: افتات فلان عليّ فلان في کذا، وتفوّت عليه فيه، إذا
انفرد برأيه دونه في التصرّف فيه (12) وموت الفَوات والفُوات، هو أخذة الأسف، وهو الوَحِيّ، يقال: مات فلان موت الفواتِ، أي فوجِيء (13) ومنه حديث معتَّب، عن أبي عبدالله عليّه السلام ؟ قال : «قال اذهب فأعطِ عن عيالناالفطرة، وأعط عن الرقيق واجمعهم ، ولاتدع
منهم أحداً، فإنّک إنّ ترکت منهم إنساناً
ص: 664
تخوّفت عليّه الفوت. قلت: وما الفوت؟ قال: الموت»(1). ومنه دعاء السجاد(عليّه السلام ): «وإنّما يَعجَل مَن يخاف الفوت»(2). وفي الحديث :«أنّه مرَّ بحائطٍ مائلٍ فأسرع، فقيل: يارسول الله، أسرعتَ المشيَ، فقال: أخاف موت الفَوات» أي موت الفَجأة(3). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) للاعتبار بالأمم الماضية: «فإذا تفکّرتُم في تفاوتِ حالَيهِم، فالزَمُوا کلّ أمرٍ لَزِمَت العِزّةُ به شَأنَهُم، وزَاحَتِ الأعداءُ له عَنهُم، ومُدَّت العافية به عَلَيهم، وانقادَت النّعمة لَهُ مَعَهُم»(4) التفاوت : تفاوت الشيئان، أي تباعد مابينهما . تفاوتا، بضم الواو وفتحها وکسرها، ثلاث لغات. والتفاوت: الاختلاف والاضطراب(5). ومنه قوله تعالي:﴿مَاتَري في خَلقِ الرَّحمن مِن تَفاوُتٍ ﴾(6) وحقيقة التفاوت: عدم التناسب. کأنّ بعضَ الشيء يفوتُ بعضاًولا يلائمه.ومنه قولهم : خلق متفاوت، وفي نقيضه: متناصف(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : « ولاتقَتحِمُوا ما استَقبَلتُمّ من فَورِ نَار الفِتنَةِ»(8).
الفور:شدّة الغَليان، ويقال ذلک في النار نفسها إذا هاجت وفي القِدرِ وفي الغضب(9).
ولفظ النار مستعار الأحوال الفتنة من الحرب والقتل والظلم، ووجه المشابهة کونها مستلزمة للأذي کالنار (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ بني أميّة لَيُفوَّقُونَني تُراثَ محمدٍ (صلي الله عليّه وآله) تَفويقاً، واللهِ لَئِن بَقِيتُ لَهُم لأنّفُضنَّهُم نَفضَ اللَّحام الوِذَامَ التَّرِبَةَ»(11).
ويُروي التراب الوذمة، وهو علي القلب.
ليفوقونني: أي: يعطونني من المال قليلاً کُفواق الناقة. وهو الحلبة الواحدة من لبنها. والوذام: جمع وذَمة، وهي الحزّة من الکرِش أو الکبد تقع في التراب فتنفض (12). وفُوَاق الناقة وفَواقها: رجوع اللبن في ضرعها بعد حلبها. يقال: لاتنتظره فُواق ناقة، وأقام فَوَاق
ص: 665
ناقةٍ، جعلوه ظرفاً عليّ السعة. وأفاقت الناقة تُفيق إفاقةً، أي: اجتمعت الفيقة في ضرعها،
وهي مُفيقة ومُفيق: درِ لبنها، والجمع مفاويق. وفوّقها أهلُها واستفاقوها: نفّسوا حلبها(1). ومنه قول الأشتر لعليّ (عليّه السلام) في صفّين: أنّظرني
فُوَاق ناقةٍ. أي:أخّرني قَدرَ مابين الحلبتين(2) وفسّر الفرّاء قوله تعالي: ﴿وما ينظر هؤلاء إلاّ صيحة واحدةً مالها من فُواق﴾ (3) بأنّه من الإفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البهمَةُ أمّها ثمّ ترکتها حتّي تُنزل شيئاً من اللبن. وقال: قرأها الحسن وأهل المدينة وعاصم «فراق» بالفتح، وهي لغة جيّدة عالية(4) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الملائکة: «اتّخَذُوا ذا العَرش ذَخِيرةً
اليومِ فَاقَتِهم»(5). الفاقة: الفَقر والحاجة، ولا
فعل لها. يقال من الفاقة: إنّه لمُفتاق ذو فاقة. أي: محتاج . وافتاق الرجلُ، أي: افتقر، ولا
يقال: فاق (6). ومنه شعر سامة بن لُؤَي بن غالب حين خرج من مکة حتّي نزل بعُمان:
إنّ تکن في عُمَان داري، فإنّي*** ماجدُ، ماخرجتُ من غير فاقه (7).
وقال غيره:
فلا تقتلوني بالقطيعة والجفا ***وحنّوا عليّ ضعفي وفقري وفاقتي(8).
وفي حديث الرضا عن عليّ (عليّه السلام) : «إنّ من البلاء الفاقة، وأشدُّ من الفَاقَة مرض البدن، وأشدّ من مرض البدن مرض القلب»(9)وکتب عليّ (عليّه السلام) إلي قثمّ بن العباس في صرف المال: «مصيباً به مَوَاضِعَ الفَاقَةِ والخَلَّاتِ»(10) ومواضع الفاقة هنا ليس المراد به مواضع الفقر، وإنّما أراد أنّواع الفقر ووجوهه، ولذلک أضاف المواضع إليها(11).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) محذّراً من الشيطان:«فَلَعمري لقَد فؤَّق لکم سَهمَ الوَعِيد، وأغرَق إليکُم بالنَّزعِ الشَّديد، ورَمَاکُم مِن مَکان قريب»(12)فوق السهم،وزان قُفل: موضع الوَتَر، والجمع أفواق مثل
ص: 666
أقفال ، وفوقات عليّ لفظ الواحد(1) وفوّقت السهم تفويقاً، إذا جعلت الوتر في فُوقه. وفُقتُه أفوقه، إذا جعلتُ له فُوقاً (2)وفَوِق السَّهمُ فوَقاً، من باب تعب، انکسر فُوقُه فهو أفوَقُ، ويُعدّي بالحرکة فيقال: فقتُ السَّهمَ فوقاً، من باب قال، فانفاق: کسرته فانکسر (3).ومن هذا جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمَّ أصحابه: «مَن رَمَي بِکُم فَقَد رَمَي بِأفوَقَ نَاصِلٍ»(4) أفوق ناصل: هو مثل للعرب يُضرب للطالب لايجد ماطلب فيقال: رجع بأفوق ناصل، أي بسهم منکسر الفوق لانصل له، أي رجع بحظً ليس بتمام. ويقال: ما بللت منه بأفوق ناصل، وهو السهم المنکسر (5).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) لما طالبت بفدک: «وفُفتم بکلمة الإخلاص في نَفرٍ من البيض الخِماص»(6).
فهمتم بکلمة الإخلاص: أي لفظتم ونطقتم بالتوحيد. ومنه رجل فيَّه ومُفَوَّه ، إذا کان حَسَن الکلام بليغاً في کلّامه. کأنّه مأخوذ من الفوه، وهو سعة الفم (7)الخِماص: جمع خَمصان وخُمصان: الجائع الضامر البطن والأنّثي خَمصانة وخُمصانة. ومنه حديث جابر رأيت بالنبي (صلي الله عليّه وآله) خمصاًشديداً. والحديث الآخر: خِماص البطون خِفاف الظهور. أي أنّهم أعفّة عن أموال الناس، فهم ضامرو البطون من أکلّها خِفاف الظهور من ثقل وزرها(8).
والبيض : جمع أبيض، والعرب إذا قالت فلان أبيض. وفلانة بيضاء فالمعني نقاء العِرض من الدنس والعيوب، ومن ذلک قول زهير يمدح رجلاً:
أشمّ أبيض فيّاض يُفکّک عن*** أيدي العُناة ، وعن أعناقها الرَّبَقا
وهذا کثير في کلّامهم ، لايريدون به بياض اللون، لکنّهم يريدون المدح بالکرم ونقاء العِرض من العيوب ، وإذا قالوا: فلان أبيض الوجه وفلانة بيضاء الوجه، أرادوا نقاء اللون من الکلف والسواد الشائن (9) ومراد قولها (عليّه السلام) البيض الخماص النبيّ (صلي الله عليّه وآله) وأهل
ص: 667
بيته الأطهار فهم طاهرون مطهرون.
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي أمَراء البلاد في معني الصلاة: «فَصَلُّوا بالنَّاس الظُّهرَ حتّي تَفِيء الشَّمسُ مِن مَربِضِ العَنزِ»(1).
الفَيءُ: والفَيئة والفِيئة: الرجوع (2) وفيء الشمس رجوعها وميلها إلي المغرب (3)عن رؤية قال: کلّ ما کانت عليّه الشمسُ فزالت عنه فهو فَيءُ وظلّ، ومالم تکن عليه الشمس فهو ظلُّ. قال ابن السکّيت: الظلّ مانسخته الشمسُ، والفيء: مانسخ الشمسَ(4).
قال الراوندي: قوله (عليّه السلام) إشارة إلي أنَّ رحل رسول الله (صلي الله عليّه وآله) کان طوله ذراعاً ، فلما وقع ظلّه مثله فذلک آخر وقت المختار للظهر (5)وقال ابن ميثمّ: نبّه بتقديره بمربض العَنز، وهو أول وقت الظهر، وذلک ممّا يختلف باختلاف البلاد(6) والفيء: الخراج والغنيمة، وهو بالهَمز (7) سُمّي ذلک بالفيء، الذي هو الظلُّ تنبيهاً أنّ أشرف أعراض الدنيا يجري مجري ظلًّ زائل(8) وعنه قال عليّ( عليّه السلام) : «فأمّا حقّکم عليّ فالنصيحة لکُم، وتوفيرُ فَيئِکُم عَلَيکُم» (9)والفئة: الجماعة من الناس يفيئون إلي الرئيس، أي يرجعون إليه(10) ومنه الفيء في الايلاء، وإنّما هو الرجوع إلي المرأة (11) وفيّات المرأة شعرها: حرّکته
خيلاءَ، وتفيأت لزوجها: تکسّرت له وتميّلت غُنجاً، ويقال للفاجرة: تتفيّئين لغير بعلک. وفلان يتفيّاً الأخبار ويستفيئها (12).
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «إذا اشتدَّ الحرّ فأبردوا بالصلاة فإنّ الحرّ من فَيح جهنّم»(13).
الفيح: مصدر فاح يفيح فيحاً وفَيَحاناً (14) وفيح جهنم: أي ممّا فار من حرّها، من فاحت الشجّة إذا فارت بالدم الکثير (15).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الخصومة: «فإنّهم إنّ تَمَّموا عَلَي فَيالَةِ هذا
ص: 668
الرأي انقَطَعَ نِظَامُ المُسلِمينَ»(1).
فيالة الرأي: فال الرأي يفيل فُيولةً. وفيّل رأيه تفييلاً؟، أي ضعّفه ، فهو فيّل الرأي. وفيّل
رأيه: قبّحه وخطّأه. والمفايلة والفِيَال والفيال: لعبة للصبيان، وقيل: لعبة الفتيان الأعراب
بالتراب يخبؤون الشيء في التراب ثم يقسمونه بقسمين ثمّ يقول الخابيء لصاحبه: في أيّ القسمين هو؟ فإذا أخطأ قال له: فال رأيُک (2). وباعتبار التبدّل والتغيّر جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي ابن عبّاس: «فاربَع أبا العبّاس
رحمک الله، فيما جَرَي عليّ لِسَانِکَ ويَدِکَ مِن خَيرٍ وشَرًّ.. ولآَيَفيلَنَّ رأيي فِيکَ»(3).
ومنه قول طرفة بن العبد في وصف السفينة التي تشقّ الماء يشقُّ حُبابَ الماءِ حيزومُها بها کما قَسَم التُربَ المفايلُ باليد(4).
وأراد (عليّه السلام) بقوله: «فاربع أبا العباس»: أي تمکث وانتظر(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) محذراً من مصيرالإنسان إلي الفناء: «والروح مُرسَلُ في فَينَة الإرشَادِ، ورَاحَةِ الأجساد، وبَاحَةِ الاحتشَاد»(6).
الفينة:الحينُ. والفينات: الساعات. وقال الکسائي وغيره: الفينة الوقت من الزمان،قال: وإنّ أخذت قولهم: شعر فَينَان، من الفنن، وهو الغصن، صرفته في حالي النکرة والمعرفة، وإنّ أخذته من الفينة ، وهو الوقت من الزمان، ألحقته بباب فَعلان وفَعلانة فصرفته في النکرة ولم تصرفه في المعرفة. ورجل فينان: حسن الشعر طويله (7). ومنه الحديث : جاءت امرأة تشکو زوجها، فقال النبي( عليّه السلام) : «تريدين أنّ تتزوّجي ذا جُمّةٍ فينانةٍ علي کلَّ خُصلة منها شيطان»(8)وأضاف عليّه السلام الفينه إلي الإرشاد ، لأنّ أوقات العمر في الدنيا يوجد فيها الرَّشاد(9). والرُّشد خلاف الغيَّ. و«الرشيد» في أسماء الله تعالي، وهو الذي أرشد الخلق إلي مصالحهم، أي هداهم ودلّهم عليها، فعيل بمعني مُفعِل. وقيل: هو الذي تنساق تدبيراته إلي غاياتها عليّ سنن السداد، من غير إشارة مشير و لاتسديد مُسَدَّد (10).
ص: 669
ص: 670
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة النبي( صلي الله عليّه وآله): «حتّي أورَي قَبَسَ القَابِس»(1).
القابس:طالب النار، وهو فاعل من قَبَس، والجمع أقباس، لايُکسّر علي غير ذلک،وکذلک المقباس. يقال: قَبَستُ منه ناراً أقبِس قَبساً فأقبسني، أي: أعطاني منه قَبَساً، وکذلک
اقتبستُ منه ناراً، واقتبستُ منه علماً، أي استَفَدته. والقَبَس: النار. والقبس: الشُّعلة من
النار تقتبسها من معظم، واقتباسها الأخذ منها. والقوابس: الذين يقبسون الناس الخير،
يعني يعلّمون. ومعني حديثه (عليّه السلام) : أنّه أظهرنوراً من الحقّ لطالبه(2)وأبو قُبَيس: اسم الجبل المشرف عليّ مکّة. سمّي باسم رجل من مَذحِج کان يُکني أبا قبيس لأنّه أوّل من بني فيه قبّة. وقيل: سمّاه آدم (عليّه السلام) لأنّه اقتبس منه النار، من مرختين نزلتا من السماء (3) والعرب تضرب به المثل في القدم. وهذا ممّا يقوّي القول الذي يذهب إلي أنّ آدم (عليّه السلام) هو الذي سمّاه بهذا الاسم. وقابوس اسم أعجمي، وهو بالفارسية «کاووس» فأُعرب. فقيل: قابوس، فوافق العربية. وکان النعمان بن المنذر يُکني أبا قابوس، قال النابغة:
نُبئّت أنّ أبا قابوس أوعدني*** ولا قرَار عليّ زارٍ من الأسد(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يذکر فضائله: فقمتُ بالأمرِ حين فَشِلوا، وتَطلّعتُ حين
ص: 671
تَقبّعوا، ونَطَقتُ حين تَعتَعُوا»(1).
القُبوع: أنّ يدخل الإنسان رأسه في قميصه أو ثوبه يقال: قبع يَقبَعُ قُبوعاً، واتقيع. ومنه قيل للقنفذ: قُبَع، لأنّه يخنِسُ رأسه، وقيل: لأنّه يَقبَعُ رأسه بين شوکه، أي: يخبؤه. وقيل: لأنّه يقبع رأسه، أي يرده إلي داخل وقنبعت الشجرة، إذا صار زهرتها في قُنبُعةٍ، أي: غطاء، وقبعَ النجمُ: ظَهرَ ثُمّ خفي(2).ومنه خبر ابن الزبير:
«قاتل الله فلاناًضبح ضبجة الثعلب، وقَبَع قَبعة القنفذ» (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أمرنا رسول الله( صلي الله عليّه وآله) في الأضاحي أنّ نستشرف العين والأذن، ونهانا عن الخرقاء والشّرُقاء والمقابَلة والمدابَرة» .
المقابلة: أنّ يُقطع من مقدّم أُذُنها شيء يُترک معلّقاً لا يبين کانّه زَنَمة (4) الشاة المقابلة، وکذلک الناقة: ضد المدابرة. والقُبُل: ضدّ الدُّبُر (5) ومنه القِبلة لأنّ المُصلّي يقابلها(6) والمُقابَلةُ والتَّقَابلُ أنّ يُقبِلَ بعضهم عليّ بعضٍ إمّا بالذات وإما بالعناية والتَّوَفُّر والمودّة. ويُستعار ذلک للقوّة والقُدرة عليّ المُقابلةِ، أي المجازاة فيقال: لا قِبَل لي بکذا أي لايُمکِنُني أنّ أقابلَهُ(7) والقبيل: الجماعة ثلاثةً فصاعداً من قوم شتّي والجمع قُبُل بضمّتين، والقبيلة لغة فيها، وقبائل الرأس القطع المُتَّصِلُ بعضها ببعضٍ، وبها سُمّيت قبائل العرب، الواحدة قبيلة وهم بنو أبٍ واحد»(8) والقبيل: الکفيل، يقال: فلان قبيلي، أي کفيلي. وقبيل القوم: عريفهم. والقابلة: التي تَقبَل الصبيّ إذا سقط من بطن أُمّه(9) وقبال النعل: زِمامها، وقد قابلتها: جعلت لها قِبالاً (10)). ونَعل مُقَابَلة: لها قِبالان. والرّيح القَبول: الصّبا لأنّها تقابل الدّبور. وأقبل الشيءُ إقبالاً، إذا ابتدأ بخير أو صلاح(11) والقُبُل لفرج الإنسان، بضم الباء وسکونها، والجمع أقبال (12)ومنه جاء تشبيه عليّ (عليّه السلام)
ص: 672
التخاذل أصحابه: «واللهِ لکانّي بِکُم، فِيمَا إخَالُکُم، أنّ لو حَمِسَ الوغي، وحَمِيَ الضَّرَابُ، قد انفَرَجتُم عن ابن أبي طالب انفراجَ المرأةِ عن قُبُلها»(1)قال ابن ميثمّ: شبّه انفراجهم عنه بانفراج المرأة عن قبلها ليرجعوا إلي الأنّفة، وتسليم المرأة لقبلها وانفراجها عنه إمّا وقت الولادة أو وقت الطعان (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الملاحم والفتن: «ذاک إذا عَضّکُم البلاءُ کما يَعَضُّ القَتَبُ غَارِبَ البَعير»(3).
القَتَبُ: إکافُ الجمل، والتذکيرُ فيه أعمُّ من التأنيث، ولذلک أنّثوا المصغّر فقالوا: قُتَيبة.
وأقتبتُ البعيرَ: شددتُ عليّه القَتب (4) وعضُّ
القتب مستعار من عضَّ الناب(5) والقِتب: بعض آلة السانية في قول بعضهم، مثل أعلاقها وحبالها. والقِتب: المِعَي، بکسر القاف، والجمع أقتاب. وجاء في الحديث: «يسحب أقتاب بطنه في النار»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کن مُقَدّراً ولاتکُن مُقَتّراً »(7).
القَتر:الرَّمقة في التفتة، يقال: تتر علي عياله يَقتُرُ ويَقتِرُ قتراً وقُتُوراً، أي ضيّق عليهم في النفقة. وأقتر الرجل، إذا أقلّ، فهو مُقتر، وقُتر فهو مقتور عليه. والتقتير أنّ تدني متاعک بعضه من بعض أو بعض رکابک إلي بعض، تقول: قّتر بينهما، أي قارب(8) وفي حديث جابر: «لا تُؤذِ جارَک بقُتَار قِدرک» القتار هو ريح القِدر والشّواء ونحوهما. وفيه: «تعوّذوا بالله من قِترةَ وما وَلد». قِترة بکسر القاف وسکون التاء: اسم إبليس(9) وحديث عليّ (عليّه السلام) :
«أيُّها اليَفَقُ الکَبِيرُ الذي قدلَهَزةُ القَتِيرُ، کيفَ أنّتَ إذا التَحَمَت أطواقُ النارِ بِعظَام الأَغناق، ونَشِبَت الجَوامِعُ حتّي أکَلَت لُحُومَ السَّواعِدِ» (10)القتير: الشيب، وقيل: هو أوّل ما يظهر منه. وأصل القتير رؤوس مسامير حَلَق الدروع تلوح فيها، شبّه
ص: 673
بها الشيب إذا نقب في سواد الشعر(1).
وسُمّي قتيراً لانّه قُتر، أي قُدّر، فعيل بمعني مفعول (2). ومنه يُفسّر الحديث: سأله (صلي الله عليّه وآله) رجل عن امرأة أراد نکاحها، فقال له: «بقدر أيّ النساء هي؟ قال: قد رأت القتير، قال:دعها»(3) قال الراجز: من بعد ما لاح بک القتيرُ (4).
وجاء في الخبر : کان أبو طلحة يرمي وهو يُقَتّر بين يديه وکان رامياً، وکان أبو طلحة
يشور نفسه، ويقول له إذا رفع شخصه: هکذا بأبي وأُمّي! لايُصيبک سهم، نَخري دون نحرک يارسول الله! يقتّر: أي يجمع له السهام. قال أبو عمرو: التقتير أنّ تُدني متاعَک بعضه إلي بعض أو بعض رکابک إلي بعض. ويقال: قتّر بين الشيئين، أي قارب بينهما.
ويجوز أنّ يکون من الأقتار، وهي نِصالُ الأهداف، أي يسوّيها له ويُهيئها. ويشور نفسه: أي يسعي ويخفّ، يظهر بذلک قوّته من شُرتُ الدابّة، إذا أجريتها لتنظر إلي سيرها(5) والقُترة: ناموس الصائد(6) واقترالصائد: استتر في القُترة (7) ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للملائکة: «ومِنهُم من هُو َفي خَلقِ الغمام الدُلَّح، وفي عِظَم الجِبال الشُّمَّخِ وفي قَترَةِ الظَّلام الأيهَمِ»(8) ذهب إلي معني الاستتار والخفاء.
في حديث عليّ( عليّه السلام) في التحذير من الفتن: «واحذَروا بوَائِقَ النّقِمَةِ، وتثبتوا في قَتَام العِشوَةِ»(9).
القَتَام: الغُبار، وکذلک القَتَم، وحکي يعقوب فيه القتان، وهو لغة فيه، وقد قَتَم يقتمُ قُتوماً، إذا ضرب إلي السواد. والقاتم: الأحمر، وقيل : هو الذي فيه حُمرة وغُبرة. وسنة قَتماء: شاحبة. وقتم وجهه قُتوماً: تغيّر . وأسودُ قاتم وقاتن؛ بالنون، مبالغُ فيه کحالِکٍ(10)والعِشوة، بکسر العين: رکوب الأمر علي غيرِ بيانٍ ووضوح. ويروي «وتبيّنوا في قَتام العشوة»(11) ومنه جاء الحديث: «احمدوا الله الذي رَفَعَ عَنکم العَشوَة». پريد ظلمة الکُفُر. والعُشوة، بالضم
ص: 674
والفتح والکسر: الأمُر المُلتَبس، وأن يرکَب أمراً بِجَهل لايعرف وجهه، مأخوذ من عَشوة
الليل، وهي ظُلمته. وقيل: هي من أوّله إلي رُبعه(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ لِلخُصُومَةِ قُحَماً» (2).
القُحَم: المهالک، لأنّها تقحم أصحابها في المهالک والمتالف في الأکثر. ومن ذلک قُحمَة الأعراب» وهو أنّ تصيبهم السنة فتتعرق أموالهم فذلک تقحمها فيهم. وقيل فيه وجها آخر: وهو أنّه تُقحمُهُم بلاد الريف، أي تحوجهم إلي دخول الحضر عند محول البدو (3)والتقحّم: الإقدام عليّ القُحم، وهي الأمور الشديدة واحدها قحمة(4) ومن هذا جاء قوله( عليّه السلام) عن الخلافة: «إنّ أسلَسَ لَها تَقَحّم»(5) أي أدخل صاحبها في المهالک. وباعتبار الوقوع في الأموية بدون تثبّت ولاروية، قال (عليّه السلام) واصفاً أهلها: «ألا وإنّ الخطايا خَيلُ شُمس. حُمِلَ عيها أهلُها وخُلِعَت لجُمُها، فَتَقحّمت بهم في النَّار»(6) والقِحم: الشيخ الهِم الکبير (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «ومع فَتقِ سَمعه خطُّ کَمُستَدقَّ القَلَم في لون الأُقحُوَانِ أبيَضُ يَقَق»(8).
الأقحوان:وزنه أفعلان، والهمزة والنون فيه زائدتان. واحدته أقحوانة، ويجمع علي أقاح، ويقال له البابونج، أو القُرّاص، طيب الريح، من نبات الربيع، له نَؤر أبيض کأنّه ثغر جارية حدثة السن (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «أرهقتهم بالقَوادِح، وأوهَقتهُم بالقَوارِع، وضَعضَعَتهُم بالنَّوائِب» (10).
القَدح والقادحُ: أُکال يقع في الشجر والأسنان. والقادحُ: العَفَن، وکلاهما صفة غالبة. والقادحة: الدودة التي تأکلّ السنُ والشجر، تقول: قد أسرعت في أسنانه القوادحُ. يقال: وقع القادحُ في خشبة بيته،
ص: 675
يعني الأکلّ، والقادحُ: الصّدعُ في العُود.والسواد الذي يظهر في الأسنان. والقديحُ: ما يبقي في أسفل القِدر فيُغرَفُ بجهد(1).
والقَدح: مصدر قدحتُ النار أقدحها قدحاً من الزّند وغيره(2)يقال: قدح النارَ من الزّند واقتدحها. ومن المجاز: اقتدح الأمر:
تدبّره(3)واستعاره عليّ الا لرأي والنصيحة بقوله: «ضَنَّ الزّندُ بِقَدحِه»(4) وقد استعار قوله (عليّه السلام) منه أيضاً لوساوس الشيطان بقوله: «وأورَي في دُنياکم قَدحاً (5). ووجه الشبه بين قدح النار ووساوس پليس هي النار المستعرة من البغضاء والتحاسد التي تحرق قلوب الناس فتُوجِب نيران الحرب والعداوة. وفي الخبر:«سأل بزيع المؤذن الصادق( عليّه السلام) فقال له: إنّي أريد أنّ أقدح عيني، فقال (عليّه السلام): «افعل»(6).
قدحت العين: إذا أخرجت ما فيها من الماء الفاسد. ومنه: قدحت العظم إذ نقرته بحديدة
لتخرج ما فيه من فساد (7) وقَدَحَ فلان في فلان قدحاً، من باب تفع: عابه و تنقّصه. ومنه قدح في نسبه وعدالته، إذا عَيّبه وذکر ما يُؤثّر في انقطاع النسب وردّ الشهادة (8) والقِدح: قِدح السهم، العود بلا نصل ولا قُذَد. والقِدح: الواحد من قداح الميسر. والقدح: معروف، اسم يجمع صغار الأقداح وکبارها(9). ومنها جاء الحديث عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال: «قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): لاتجعلوني کقدح الراکب، فإنّ الراکب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء،اجعلوني في أول الدعاء وفي آخره وفي وسطه» (10) وفي کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي معاوية: « هَيهَاتَ لقد حَنّ قِدحُ ليس منها، وطَفِقَ يَحکُمُ فيها مَن عليه الحُکمُ لها!»(11). وأصل مثل يضُرب لمن يُدخل نفسه بين قوم ليس له أنّ يَدخُل بينهم(12)والقداحُ التي يُضرب بها تکون من نَبعٍ فربّما ضاع منها قِدح فيُنحت علي مثاله، من غرب أو غيره، آخر بالعجلة، فإذا أُجيل معها صوّت صوتاً لا يُشبه أصواتها، فيقال ذلک(13).
ص: 676
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «تَختَذُون أَمثِلَتَهُم، وتَرکَبون قِدَّتَهُم»(1).
القِدّةُ: القِطعَةُ من الشيء. والقِدّة: الفِرقَهُ والطريقة من الناس، مشتقُ من ذلک إذا کان
هوي کلّ واحدٍ عليّ حِدة، وتقدّد القوم:تفرّقوا قِدداً و تقطّعوا(2) ومنه قوله تعالي: ﴿وکنّا طرائقَ قِدَداً ﴾(3) والقِدُّ: سَيرُ يُقدُّ من جلدٍ غير مدبوغٍ، ومنه اشتقاق القديد(4).
وهو اللحمُ المملوح المجفّف في الشمس، فعيل بمعني مفعول (5) وحديث فاطمة (عليّها السلام) :«وتقتاتون القدّ»(6)من ذلک. وجاء في
حديث الصادق عليّه السلام : «ثلاث يهدمن البدن، وربّما قتلن: أکلّ القديد الغابّ، ودخول الحمام علي البِطنة، ونکاح العجائز» (7) وفي
حديث عليّ( عليّه السلام) عن مال الإنسان في قبره «قِيدُ قَدَّه، مُتعَفَّراً علي خَدّه» (8) القدّ: القامة. والقدُّ: قَدر الشيء وتقطيعه، والجمع أَقُدّ وقُدود(9) ومراده (عليّه السلام) أنّ قبره علي قدر قامته.
وروي ابن شهر آشوب: کانت لعليّ ضربتان، إذا تطاول قدّ، وإذا تقاصبرَ قطّ، وقالوا: کانت ضرباته عليّه السلام أبکاراً، إذا اعتلي قدّ، وإذا اعترض قطّ، وإذا أتي حُصناً هدّ(10)قدّ: قطع طولاً، وقطّ: قطع عرضاً(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مع أهل النهروان: «قدطَوَّحَت بِکُم الدارُ، واحتبَلَکُم
المِقدارُ»(12).
المقدار الموت(13) وفيه استعارة حسنة لإحاطة القدر النازل عن قضاء الله بهم، فهو کحبالة الصائد (14). والقَدَر، بالفتح: القضاء الذي يُقدّره الله تعالي، وإذا وافق الشيء الشيء قيل: جاء علي قَدَر(15) ومنه قال الرضا( عليّه السلام) : «إنّ الله قدّر المقادير، ودّبر التدابير قبل أنّ يخلق آدم بألفي عام»(16).
ص: 677
ورجل ذو قُدرة ومَقدُرَةٍ، أي يسار. وقدُرت علي الشيء، أقدِر: قويتُ عليه وتمکّنت منه،
والاسم القُدرة(1) والتقدير: الوسط من کلّ شيء (2)وقوله تعالي: ﴿کُلَّ شيء خَلَقنَاةُ بِقَدره ﴾(3)المراد بمقدار ما توجبه الحکمة(4) وقد يکون التقدير حسناً وقبيحاً، کتقدير المنجم، ولا يکون القدر إلّا حسناً، ولا يستعمل القدر إلّا في أفعال الله (5). والتقدير في قول عليّ( عليّه السلام) : «کن مقدّراً»(6) .ذهب إلي معني التوسّط والاعتدال.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن فضائل الفرائض: «انظروا إلي مَا في هذهِ الأفعَال
من قَمع نَوَاجِم الفَخرِ، وَقَدعِ طَوَالِعِ الکِبرِ»(7).
القدعُ: الکفّ والمنع. قَدَعَهُ يَقدَعُه قَدعاً وأقدَعه فانقَدَع وقَدِعَ إذا کفّه عنه. وقدعتُ فرسي أقدمه قدعاً: کَبَحتُه وکففته. وهو فَرَسُ قدوع: يحتاج إلي القَدع ليکُفَّ بعض جريه، وامرأة قَدِعةُ وقدوع: کثيرةُ الحياء قليلة الکلّام، وقدوع بمعني المقدوع: وأتقدع فلانُ عن الشيء، إذا استحيا منه(8) واليقدعة: عصا يأخذها الرجلُ بيده فيدفع بها عن نفسه (9).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) : «نَقَضتَ قَادِمَةَ الأجدلَ» (10).
قوادم الطير: مقاديم الريش، في کلّ جناح عشر، الواحدة قادمة(11)ومنه قال عليّ (عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «ولا يُمسِي منها في جَنَاحِ أَمن، إلاّ أصيَحَ علي قَوَادِمِ خَوفٍ» (12).
وإنّما خصّ الخوف بالقوادم من الجناجِ، لأنّ القوادم هي رأس الجناح، وهي الأصل في سرعة حرکته وتغيره، وهو مساق ذمّها والتخويف منها فحسن ذلک التخصيص(13)وقادمة الجناح معتبر فيه معني التقدّم (14) فإذا نُتِف ريش القادمة أو کسر تعذّرت
ص: 678
الحرکة. والانقاض: ضد الإبرام. يقال: نقضت الشيء نقضاً أفسدته بعد إحکامه(1) ومنه قيل للبعير المهزول: نِقضُ، وانتقضت الدجاجة، صوتت عند وقت البيض، وحقيقة الانتقاض ليس الصوت، إنّما هو انتقاضها في نفسها لکي يکون منها الصوت في ذلک الوقت، فعُبّر عن الصوت به، وقوله: ﴿الذي أنقَضَ ظَهَرَکَ﴾(2) أي کسره حتّي صار له نقيض(3) وقولها عليّه السلام من بديع الاستعارة. والقديم هو القادم، فيقال لله تعالي قديم بمعني أنّه سابق الموجودات: والقِدَم وجود فيما مضي، وعن النبيّ (صلي الله عليّه وآله) في معني القديم الموجود الذي لم يزل. وتقدّمت القوم بمعني سبقتهم، ومنه مُقَدّمة الجيش للذين يتقدّمون، بالتثقيل، اسم فاعل. وقدمُ الإنسان معروفة، وهي أنُثي، ولهذا تُصغّر قُديمة، بالهاء، وجمعها أقدام. وتقول العرب وضع قدمه في الحرب، إذا أقبل عليها وأخذ فيها وله في العلم قَدَم، أي سَبق، وأصل القدم ما قدّمته قُدّامَکَ(4). وباعتبار سابقة عليّ (عليّه السلام) وما قدّمه لنفسه ولله ولرسوله قال متوجّعاً: «فيا عَجَباً لِلدَّهرِ! إذ صِرتُ يُقرَن بي مَن لم يَشعَ بِقَدَمي، ولَم تَکُن له کَسَابِقَتي»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «إذا أُخذت منک قَذاة فقل: أماط اللهُ عنک ما تَکره»(6).
القذي: الوسخ (7) وکنّي عليّة (عليّه السلام) بالقذي عن التوجّع والمرارة التي يستشعرها المظلوم بقوله: «فصبرت وفي العين قَذيً ، وفي الحَلق شجاً، أرئ تراثي نهيا»ً(8)ولمّا کانت الدنيا مليئة بالمکاره والآلام قال( عليّه السلام) واعظاً «أغضِ علي القذي والألم تَرضَ أبداً(9).
واحدة، والاسم: القَرَب، فهم قارِبون، ولا يقال: مقربون(1) والإقراب: الدُّنُوّ. وتقارب الشيئان: تدانيا. وقارب الشيء :داناه (2) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) عن أهل الشام: «وأقرِب بقوم من الجَهل باللهِ قائِدهُمُ مُعَاوِيَةُ» (3) أراد(عليّه السلام) : ماأقربهم؛ والتقريب في عدو الفرس: أنّ يرجم الأرض بيديه، وهما ضربان : التقريب الأدني ، وهو الإرخاءُ. والتقريب الأعليّ، وهو الثعلبية. والقربُ والقُرُب : من لَدُنِ الشاکلةِ إلي مَرَاقَّ البطن، وقيل: هو الموضع الرقيق أسفل من السُّرَّة(4). ومن هذا جاء الخبرُ: «خرج عبدُ الله ، يعني أبا النبي (صلي الله عليّه وآله)، ذاتَ يومٍ مُتُقرّباً مُتَخصِراً، حتّي جلس في البَطحاء...» متقرّباً :(5) أي واضعاً يديه علي قُربه وخاصرته.
والخاصرةُ: ما بين القُصَيري والحُرقفة وفي حديث المهدي عجل الله فرجه:« يتقارب الزمان حتّي تکون السّنة کالشهر».
أراد: يطيب الزمان حتّي لا يُستطال، وأيام العافية والسرور قصيرة. وقيل: هو کناية عن
قصر الأعمار وقلّة البرکة(6). وفي الحديث: «لَعَن رسول الله (صلي الله عليّه وآله )ثلاث.. منها السادّ الطريق المَقرَبة»(7)و فُسّربالطريق المختصرة(8) وقيل: طريق صغير تنفُذ إلي طريق کبير(9) من قولهم: خذ في هذا المقرب (10)وکتب عليّةعليّه السلام إلي معاوية: «وإنّک، والله، ما عَلِمتُ الأغلفَ القَلب، المقارِب العَقل»(11) المقارِب العقل: الذي ليس بالتمام(12)مستعار من قولهم: تقاربت اپلُ فلان، إذا قلّت (13)ووصفه بقلّة عقله لإيثاره الباطل عليّ الحقّ، والغدر عليّ الوفاء.
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الراغبين في الله: «أفواههم ضَامِزة، وقُلوبُهُم
قَرِحَةُ» (14).
ص: 680
القَرح:الأثر من الجراحِة من شيء يصيبه من خارج، والقُرح أثرها من داخلٍ کالبثرة ونحوها. وقد يقال: القَرح للجراحة والقُرح : للألم (1) ويقال: قَرِحَ القلبُ من الحزنِ قراحةً وقَرَحاً (2) والقريحة: خالص الطبيعة، ومنه اشتقاق الماء القَراح، أي: الخالص الذي لم يُمزج بغيره(3)والقَراح أيضاً: المزرعة التي ليس فيها بناء ولا شجر، والجمع أقرِحة(4) وفي الخبر: قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله):«الخيل معقود بنواصيها الخير إلي يوم القيامة، والمنفق عليّها في سبيل الله عزّوجلّ کالباسط يده بالصدقة لايقبضها» فإذا أعددت شيئاً فأعدّه أقرح أرثمّ محجّل الثلاثة طلق اليمين، کميتاً ثمّ أغرّ تسلم وتغنم (5).أقرح: أغر، يقال: فرس أقرح، و خيل قُرح(6).
والقرحَة: الغُرّة في وسط الجبهة، والنعت أقرح وقَرحاء. ويقال للصبح: أقرح، لأنّه بياض في سواد. وروضة قرحاء: في وسطها نور أبيض (7) وفرس قارح، إذا طلع نابه، قَرَح يَفرح قروحاً، وفرس قارح والأُنثي قارح أيضاً، وقالوا قارحة، والأولي أعلي(8)والنخلة إذا تجرّدت وخلصت جلدتها قِرواح، وذلک إذا نمت و تجاوزت وأتي عليّهاالدهر. قال العسکري: والفرسُ القارِح يرجع إلي هذا لأنّه قد تمّ سنّه(9).
قال عبد الله (عليّه السلام) بن سنان لأبي عبد الله (عليّه السلام): «أرأيت إنّ وجدت عليّ قراداً أو حلمة أطرحها عني وأنا محرم؟ قال: نعم، وصغاراً الهما إنّهما رقيا في غير مرقاهما» (10).
القُراد، مثل غُراب: ما يتعلّق بالبعير
ص: 681
ونحوه، وهو کالقمل للإنسان، الواحدة قُرادة والجمع قِردان. وقرّدت البعير، بالتثقيل:
نزعتُ قُراد.(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَوظَّف لَکُم مدداً، في قرار خِبرةٍ، ودارِ عِبرَةٍ، أنّتم مُختبرُون فيها، ومُحَاسَبون عليها»(2).
القرار: يقال : قرّ الشي ءُقرّاً، من باب ضرب: استقرّ بالمکان، والاسم القرار (3). وباعتبار المستقر من الأرض وصف الدنيا قرار خبرة، بمعني دار الامتحان. وفلان قارُّ ساکن. ويقال : ما يتقارُّ في مکانه. ومَقَرُّ الشيء: الموضع الذي يقرّ فيه. ومنه قال عليّ (عليّه السلام): «الدنيا دار ممرّ لا دار مقرّ»(4).
واستعار عليّ (عليّه السلام) القرار الأرحام النساء بقوله عن الخوارج لما قيل له : هلک القومُ بأجمعهم:« إنّهم نُطف في أصلاب الرجَالِ، وقَرَارَاتِ النَّساءِ»(5) وأصل القرار القُرّ، وهو البرد، وهو يقتضي السکون، والحرّ يقتضي الحرکة. (6).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «لولا حُضور الحَاضر، وقيام الحُجّة بوجُود النَّاصِر، وما . أخذ الله علي العُلَماء ألّا يُقارُّوا علي کِظّة ظالمٍ ولا سَغَب مظلوم»(7). يقارّوا: من قولهم: قارّه مُقارّةً، أي قرّ معه وسکن (8)والمقارّة غير الإقرار، الإذعان للحق والاعتراف به، ومراده عليّه السلام هنا، يفيد معني السکوت والتغاضي عليّ الظلم. وحضور الحاضر: يعني أنّ الفرض تعيّن وتوجّهِ مع وجود من انتصر به عليّ دفع المنکر، ومنع الباطل(9) ويمکن أنّ يريد بالحاضر من حضره من الجيش الذين يستعين بهم عليّ الحرب (10).
في الحديث : أنّ قوماً مرّوا بشجرةٍ فأکلّوا منها فکأنّما مرّت بهم ريح فأخمدتهم. فقال (صلي الله عليّه وآله): «قرَّسوا الماء في الشَّنان وصبوّه عليّهم ».
قرسوا: يعني برَّدوا، وفيه لغتان: القَرَس، بفتح الراء، والقَرس، بجزمها، وقول الناس: قد قرِس البرد، إنّما هو من هذا، بالسين ليس بالصاد. وأمّا حديثة الآخر أنَّ امرأة سألته عن
ص: 682
دم المحيض في الثوب، فقال النبي (صلي الله عليّه وآله): «قرّصيه بالماء»، فإنّ هذا بالصاد يقول قطّعيه به ، فکلّ مُقَطع فهو مُقَرّص، ويقال للمرأة : قد قرّصت العجين، إذا قطعته ليبسطه. وأمّا قوله في الشنان» فإنّها الأسقية والقِرّب الخُلقان، يقال للسقاء: شَنّ، وللقِربة شَنّة. وإنّما ذکرالشَّنان دون الجُدد لأنّها أشدّ تبريداً (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الزاهدين:«قَرَضُوا الدنيا قَرضاً علي مِنهاج
المسيح»(2).
قرض الدنيا: من قولهم: قرضتُ المکان، عدلتُ عنه، وقرضت الوادي، جُزتُه (3).
ويقال: مررتُ بالقوم فقرضتهم ذات الشمال أو ذات اليمين ، إذا مررت بهم منحرفاً عنهم (4). ومن ذلک قوله تعالي عن الشمس : ﴿وإذا غَرَبت تَفرِضُهُم ذات الشمال﴾(5).
أي تخلفهم شمالاً(6)وقرض فلانُ: مات.
وقرضتُ الشّعرَ نَظمتُه فهو قريض فعيل بمعني مفعول، لانّه اقتطاعُ من الکلّام. وقارضَه من المال قِراضاً، من باب قاتل، وهو المضارَبة(7) وفلان وفلان يتقارضان الثناء، إذا أثني کلُّ واحدٍ منهما علي صاحبه ،واستقر ض طلب القرض، واقترض: أخذه.(8).
وسُمّي قطع المکان وتجاوزه قَرضاً، کما سُمّي قَطعاً ، وسُمّي ما يُدفع إلي الإنسان من
المال بشرط ردّ بذله قرضاً(9).
ومنه استعار عليّ (عليّه السلام) للأعمال الصالحة للإنسان بقوله: «ومَن أقرَضَهُ َقضَاه» (10). وقضاء الله لعبده الجنّة.
ومن معني القرض والقطع جاءت الاستعارة في حديث عليّ لا لأبي ذرًّ لما أخرِج إلي الربذة: «فلو قبلتَ دنياهم لأحبّوکَ ولو قَرَضتَ منها لأمَّنُوک»(11) ومن بديع الاستعارة قوله (صلي الله عليّه وآله): «لا حرج إلّا علي رجلٍ اقترض عِرضَ أخيه بظلم». والمراد بالاقتراض هاهنا القدح في العرض والحزّفيه، والنيل منه، فهو افتعال من القرض
ص: 683
الذي هو القطع(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في صفة من يتصدّي للحکم بين الأمة وليس لذلک بأهل: «يَذرو الرّوَايَاتِ ذروَ الرَّيحِ الهشيم، لامَلِيُّ - والله -بإصدَارِ ما وَرَد عليه، ولا أَهل لِما قُرّظ به»(2).
التقريظ : مدحک الرجل حَيّاً (3) .حديثه الآخر: «يهلک فيّ رجلان: محبُّ مُفرط يقرَّظني بما ليس فيّ، ومبغض يحمله شنَاني علما أنّ يبهتني». وفي الحديث : «أُتي بهدية في أديم مقروظ». أي مدبوغ بالقَرَظ، وهو ورق السَّلَم. و به سُمّي سعد القرَظ المؤذّن» (4). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام):
«فَلتَکُن الدُنيا في أعيُنِکُم أصغَر مِن حُثَالَةِ القَرَظ، وقُرَاضَة الجَلَم»(5)وبنو قُرَيظَة حيُّ من اليهود، وهم والنضير قبيلتان من يهود خيبر . وقد دخلوا في العرب عليّ نسبهم إلي هارون أخي موسي (عليّه السلام) (6).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام): «مانع الزکاة يُطوق بحيّةٍ قَرعاء تأکل من دِماغه» (7).
القرعاء والأقرع الذي لا شعر عليّ رأسه، والجمع قُرع، من باب أحمر(8).
قوله( صلي الله عليّه وآله): «يجيء کنز أحدهم يوم القيامة شجاعاً أقرع». وإنّما سمّي شجاعاً أقرع لأنّه يَقري السم ويجمعه في رأسه حتّي يتمعّط منه شعره، قال الشاعر يصف حيّة ذکراً:
قري السُّمَّ حتّي انماز فروةُ رأسه***عن العظم صِلُّ فاتک اللسع مارده
وفي حديث آخر: شجاع أقرع له زبيبتان: . ومنه وهما النکتتان السوداوان فوق عينيه، وهو أوحش ما يکون من الحيّات وأخبثه، ويقال في الزبيبتين: إنّهما الزبدتان اللتان تکونان من في الشدقين إذا غضب الإنسان أو أکثر الکلام حتّي يزبد (9)وتقارع القومُ بالسيوف تقارعاً وقِراعاً، إذا تضاربوا بها. وقرع البعير اني : الناقة يقرعها قوعا، إذا علاها.
وفَحل الشّؤل: قريعها، ولذلک سُمّي سيّد
ص: 684
القوم قريعهم مثلاً، کما سمّوا السيّد قَرماً .
و تقارع القومُ، إذا تساهموا، والاسم القُرعة والقارعة: الداهية، والجمع القوارع(1) ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «وتَحُلّ معه القَارعَةُ والنقمةُ» (2). وباعتبار ضرب الأذُن بالأصوات قال عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «يَقُولُ لِمَن أرَادَ کَونَهُ (کن فيکون) لابِصَوتٍ يَقرَع، ولابندَاء يُسمَعُ» (3)وباعتبار تعذّر الخلاص من حبائل المنيّة قال عليّ (عليّه السلام) واصفاً حال
الناس في الدنيا: «وأرهقتهم بالقوارع، وضعضعتهم بالنوائب»(4) ومن المجاز في الضرب کتاب عليّ (عليّه السلام) لمعاوية: «وأقُسمُ بالله إنّه لَولا بعضُ الاستبِقَاء لوَصَلَت إليک مِنّي قوارع تقرع العظم، وتهلِس اللحمَ واعلم أنّ الشيطان قد ثبّطک عن أنّ تراجع أحسن أمورک»(5) والقَرع: حِمل اليقطين، الواحدة قَرعة (6).
في حديث سعد بن إسماعيل، عن أبيه قال: سألت الرضا(عليّه السلام) عن الرجل يُقارف
الذنب يُصلّي خلفه أم لا؟ قال: لا(7).
اقتراف الذنب: من قولهم: اقترف فلان سيئة، إذا اکتسبها(8). وأصل القرف والاقتراف قَشرُ اللّحاء عن الشّجَر والجِلدَة عن الجَرح، وما يُؤخذ منه قِرف. واستعير الاقتراف للاکتساب حَسَناً کان أو سُوءً(9).
وکلّ شيء خالطته و واقعته فقد قارفته. ومنه قوله( صلي الله عليّه وآله) لعائشة: «إنّ کنتِ قارفت ذنباً فتوبي إلي الله» (10) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : « قَاتَّقُوا اللهَ تِقيَّةً مَن سَمِعَ فَخَشَع، وافتَرفَ فَاعتَرفَ»(11)والمقارفة: الجماع، وفي حديث عائشة: کان رسول الله (صلي الله عليّه وآله) ليصبح جنباً عن قرافٍ غير احتلام (12) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) لما بلغه اتهام بني أُميّة له بالمشارکة في دم عثمّان: «أولَم يَنهَ بني أُميّة عِلمُها بي عن قَرفي» (13) القِرفة: التُّهمة. يقال: قَرفَ عليه
ص: 685
قَرفاً: کذب. وقرفه بالشيء: اتهمه. وفلان قِرفتي، أي تُهمتي، أو هو الذي أتهمه. قال
الأصمعي: قَرفَ عليه يَقرف قزفاً، إذا بغي عليّه(1). ومنه الحديث: «أن النبي( صلي الله عليّه وآله)، کان لايأخذ بالقَرَف»(2)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذکر عمرو بن العاص: «کَانَ أکبَرُ مَکِيدَتِه أنّ يَمنَحَ القَرمَ سُبّته»(3).
القَرم: السيّد المعظّم. والقرم: الفحل الذي يُترک من الرکوب والعمل ويُودع للفحلة،والجمع قُروم. ومنه قيل للسيّد: قَرمُ مُقرَم تشبيهاً بذلک. وقَرِم البعير، فهو قَرِمُ، إذا استقرم، أي صار قزماً. وقد أقرمه صاحبه، فهو مُقرَم إذا ترکه للفِحلة. والقَرَم، بالتحريک: شدّة الشهوة إلي اللحم. قَرِمَ يَقرَم قَرَماً، فهو قرِم: اشتهاه، ثمّ کثر حتّي قالوا مثلاً بذلک: قَرِمتُ إلي لقائک(4) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) عن البيض: «أما إنّه خفيف، يذهب بقرم اللحم»(5).
وجاء في الحديث: «أنا أبو الحسن القَرم» عني به الرئيس المقدّم(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام )واصفاً الموت قاطعاً حياة الإنسان: «وقَاطِعاً لمَرائِرأقرانِها»(7).
القَرنَ الحبل، والجمع أقران. والقرآن والقِرن: خيط من سَلَب، وهو قشر يُفتل ويُوثُق عليّ عُنُق کلّ واحدٍ من الثورين(8).
ولذلک لا يقال للحبل قَرنَ إلاّ أنّ يُقرَن فيه بعيران (9).
والقژنان: الذي يشارک في امرأته کأنّه يَقرُن به غيره. وقرينة الرجل: امرأتهُ لمقارنته إيّاها. وروي ابن عباس أنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) کان إذا أتي يوم الجمعة قال: «يا عائشة اليومُ يوم تَبعُّل وقرانً»، قيل: عني بالمقارنة التزويج(10) والقرين: صاحبک الذي يقارنک(11) وباعتبار الصحبة والاجتماع
ص: 686
عليّ (عليّه السلام )في التوحيد: «فمن وصف الله سُبحانه فقد قَرَنه، ومَن قَرَنه فقد ثَنّاه» (1).
والقَرَن، بالتحريک: الجَعبةُ من جُلود تکون مشقوقة ثمّ تخرز، وإنّما تُشَقُّ لتصل الريح
إلي الريش فلا يَفسُد، قال الشاعر:
يا ابن هشام، أهلک الناسَ اللَّبَن*** فکُلُّهم يغدو بقَوسٍ وقَرَن
وقيل: هي الجَعبَةُ ما کانت. وفي حديث ابن الأکوع: سألتُ رسول الله( صلي الله عليّه وآله) عن الصلاة في القَوس والقَرَن (2) والمرّ، بالکسر والفتح: الحبل (3)ومرائر أقرانها من إضافة الشيء إلي نفسه. وفي الحديث المشهور: «الشمس تطلع بين قَرني شيطان»، أي ناحيتي رأسه. قال بعض الشارحين: هو تمثيل لمن يسجُد لها، فکأنّ الشيطان سوّل له ذلک، فإذا سجد لها، کأنّ الشيطان يقترن بها ليکون السجود له (4)
وقد جاء قرن الشيطان في خطبة فاطمة (عليّها السلام) : «أو نَجَمَ قرنُ الشيطان»(5) وقد فسّر قرن الشيطان بقوته(6).
وفي حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «أزجّ الحواجب، سوابغ في غير قَرَن، بينهما عِرق يدرّه الغضب»(7).
القَرَن: التقاء الحاجبين. وسوابغ في غير قرن: مغناه أنّ الحاجبين (8)إذا کان بينهما انکشاف وابيضاض يقال لهما: البلج والبلجة يقال: حاجبه أبلج، إذا کان کذلک، وإذا اتصل الشعر في وسط الحاجب فهو القرن(9).وسوابغ: حال من المجرور، وهو الحواجب، أي أنّها دقّت في حال سبوغها، ووضع الحواجب موضع الحاجبَين، لأنّ التثنية جمع (10) وعرق يدّره الغضب: أي يمتلي، دَماً إذا غضب کما يتمليء الضَّرع لبناً إذا دَرًّ(11).
وفي الخبر : قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله) لعليّ:« ياعليّ إنَّ لک کنزاً في الجنّة وأنت ذو قرنيها ولا تتبع النظرة بالنظرة في الصلاة فإنّ لک الأولي وليست لک الآخرة»(12). قال الصدوق: معني: «إنّ لک کنزاًفي الجنّة» يعنيمفتاح نعيمها، وذلک أنّه (عليّه السلام) قسيم الجنّة،
ص: 687
وإنّما صار(عليّه السلام) قسيم الجنّة والنار لأنّ قسمة الجنّة والنار إنمّا هي علي الإيمان والکفر وقال: لقد سمعت بعض المشايخ يذکر أنّ هذا الکنز هو ولده المحسن( عليّه السلام) ، وهو السقط الذي ألقته فاطمة( عليّها السلام) لما ضغطت بين البابين. وأمّا قوله: «وأنت ذو قرنيها» فإنّ قرني الجنّة الحسن والحسين لما رُوي أنّ رسول الله لأنّ (صلي الله عليّه وآله) قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يزيّن بهما جنّته کما تزين المرأة بقرطيها». وفي خبر آخر : «یزيّن الله بهما عرشه». وفي وجه آخر معني قوله (صلي الله عليّه وآله )«ذو قرنيها» أي إنّک صاحب قرني الدنيا وإنّک الحجّة علي شرق الدنيا وغربها وصاحب الأمر فيها والنهي فيها. وفي وجه آخر معناه أنّه (عليّه السلام )ذو قرني هذه الأمّة کما کان ذو القرنين الأهل وقته.(1) ونقل الشريف الرضي عن ثعلب أنّه قال: ويجوز أنّ يکون قوله : «ذو قرنيها» يريد به طر في الأمّة، أي أنّت في أوّلها، والمهدي من ولدک في آخرها. قال : ويجوز أنّ يکون ذلک من قوله: عصرتُ الفرس قرناً أو قرنين: أي استخرجت عَرَقه بالجري مرة أو مرتين، فکأنّه (عليّه السلام) ذو اقتباس العلم الظاهر واستخراج العلم الباطن (2) وقال
ابن الأثير:أي طرفي الجنّة وجانبيها(3).
و ظاهر قوله (صلي الله عليّه وآله) مأخوذ من قوله تعالي في ذي القرنين: ﴿إنّا مکّنا له في الأرض وأتيناه من کلّ شيء سبباً﴾ (4). والذي بلغ ملکه مبلغاً عظيماً، قيل: بلغ ذو القرنين أقصي المشرق والمغرب (5) وقد بلغ من ملکه أنّ خيّر السحابين الذلول والصعب، فاختار الذلول، ولو اختار الصعب لم يکن له ذلک تعالي ادخره للقائم (عليّه السلام) (6) وهو المعنيّ بالحديث. وفي حديث عليّ (عليّه السلام): «عارفاًبِقَرائِنها وأخنَائِها»(7) القرائن النفوس، واحدها قَرون وقَرونة وقرينة وقرين. ومنه قول الشاعر:
فإنّي مثلُ ما بکَ کان مابي*** ولکن أسمَحَت عنهم قَروني(8)
وإلي النفس عني عليّ( عليّه السلام) محذّراً من الشيطان بقوله: «حتّي إذا استَدرَجَ قَرِينَتَه واستَغلَقَ رَهينَتَه»(9)وفي الحديث : أنّ
ص: 688
الصادق (عليّه السلام )سُئل عن رجل تزوّج امرأةً فوجد بها قرناً، قال: « لاتحبل ولا يقدَرُ زوجها عليّ مجامعتها»(1) القرن بسکون الراء: شيء يکون في فرج المرأة کالسنّ يمنع من الوَطء، ويقال له: العَفَلة (2)وفي حديث الصادق( عليّه السلام) : «الحجّ ثلاثة أصناف: حجّ مفرد، وقران، وتمتّع بالعمرة إلي الحجّ»(3) القِران: يقال: قرن بين الحجّ والعُمرة: جمع بينهما في الإحرام، والاسم القِران، مأخوذ من قرن الشخص، إذا جمع بعيرين في قَرَن، بفتحتين، وهو الحبَل (4) والأحناء: الجوانب(5)والأحناء: الأعطاف، والحنون الضلع المعوجّ کحنو السرج. ويُروي «أخبائها» والخبي: الشيء المستور(6)وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام): «وعن قَليِل تَلتفُّ القرُون بالقُرونِ»(7).
کنّي عن الحرب والمنازلة بين الأقران، لأنّ الکباش حين تنتطح يکون النطاح بالقرون. وفسّر بأنّه تموتون کما مات قبلها قرون(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف المتّقين من عباد الله: «وأَعَدَّ القِرَي لِيَومِه النَّازِلِ به»(9).
القري: قريت الضيف قِري: أطعمته وأنزلته (10) وقريت الماء في الحوض، وقري الشيء في فمه: جمعه. وَقَريانُ الماء: مجتمعه(11) قال ابن دريد: والقرية: اشتقاقها من قري البعير جرّته، والجمع القُري (12).
في دعاء عليّ( عليّه السلام) للاستسقاء: «غيرَ خُلّب بَرقُها، ولاجَهَامٍ عارِضُها، ولا قَزَع رَبَابُها»(1).
القزع:القطع الصغار المُتَفرّقة من السّحاب (2). ومنه حديثه (عليّه السلام) حين ذکر فتنة تکون: فإذا کان ذلک ضرب يعسوب الدين
بذنبه فيجتمعون إليه کما يجتمع قزع الخريف. يعني قطع السحاب، وأکثر ما يکون
ذلک في زمن الخريف (3). ومنه القَزَعُ التي تکون في رؤوس الصبيان، وهو أنّ يُحلق رأسُ الصبيّ فيُترک منه مواضع (4) والقنازع منه، والنون فيه زائدة، وفي حديث عليّ في وصف الطاووس: «له في موضع العُرف قُنزُعَةُ خضراء مُوَشّاة»(5) وقد استعارها عليّه السلام للريش المجتمع عليّ رأس الطاووس.
في حديث عليّ (عليّه السلام) في شأن الحکمين وذمّ أهل الشام: «وَعَبيدُ أَقزام»(6).
الأقزام: يقال : رجلُ قَزَمُ، وقومُ قَزَمُ: وصف بالمصدر، من قَزِم قَزَماً، إذا دَنُؤَ ولَوُم»(7) والعرب تکنّي عن شرار الناس بأنّهم عبيد، وإنّ کانوا أحراراً (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الملائکة: «ولا اقتسَمَتهُم أخيافُ الهمم» (9).
اقِتسمتهم: أي أخذتهم وتوزّعتهم. والقسم: إفراز النصيب. ورجلُ مُنقَسِمُ القلب، أي اقتسمه الهمُّ، مُتَوزَّع الخاطر ومشترکُ اللُبّ. والقَسامة. الحُسن (10) ومن هذا جاء وصفه (صلي الله عليّه وآله): «قسيم وسيم». أي جميل کلّه. ورجل مقسّم الوجه، کأن کلَّ موضع منه أخذ قسماً من الجمال(11).
القَصَب من العظام: کلّ عظم أجوف فيه مخّ، واحدته قَصَبة، وکلّ عظمٍ عريضٍ لؤح. وقيل: عظام الأصابع من اليدين والرجلين. وقيل: هي ما بين کلّ مفصلين من الأصابع (1) وسَبط، بسکون الباء وکسرها: الممتدّ الذي ليس فيه تعقّد ولا نُتُوّ، والقصب يُريد بها ساعديه وساقيه(2) ومنه القصّاب والقاصب: الجَزّار، مأخوذ من القصب (3) وفي حديث عليّ (عليّه السلام): «لئن وليتُ بني أُميّة، الأنّفضنّهُم نَقضَ القَصّاب الترابَ الوَذَمة». يريد اللحوم التي تعفّرت بسقوطها في
التراب. وقيل: أراد بالقصّاب السّبُع(4)وفي حديث خديجة (رض): «بشّر خديجة قَصَبٍ من قصب في الجنّة». القَصَب في هذا الحديث: لؤلؤ مجوّف واسع کالقصر المنيف. والقَصَب من الجوهر: ما استطال منه في تجويف (5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في بديع خلقه الخفّاش: «وجَعَل لَها اجنِحَةٍ من لَحمِهَا تَعرُج بِهَا عِندَ الحَاجَةِ إلي الطَّيَرانِ، کأنّها شظايا الآذان، غَير ذَوَاتِ ريشٍ ولا قَصَب»(6) القصب: الغُضروف. وشظايا الآذان: أقطاع منها (7) وقوله (عليّه السلام) في وصف الطاووس: «بجناح أشرج قَصَبه»(8) أراد عروقه (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ أبغَضَ الخَلائِقِ إلي اللهِ رَجُلان: رَجُلُ وکَلَهُ اللهُ إلي نَفسِه، فَهُو جَائِرُ عن قَصدِ السَّبيل، مَشغُوفُ بِکَلام بِدعَة» (10).
القصد: استقامة الطريق. يقال: قَصَد يَقصِد قَصداً. والقاصد: القريب، يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة، أي هيّنة السير، لاتَعب ولا بطء(11). ومنه قوله تعالي:﴿وعليّ الله ضد السبيل ومنها جَائر﴾ (12).
قصد السبيل: الطريق المستقيم. وعلي الله واجب علي الله في عدله بيانه. وجائر: أي
ص: 691
عادل عن الحق(1) الشغاف: غلاف القلب، وشغفه الحُبُّ يَشغَفُه شَغفاً وشَغفاً: وصل إلي شغاف قلبه(2) ومنه قوله تعالي: ﴿وقد شَغَفها حُبّاً﴾ (3). والقصد في المعيشة ترکُ الإسراف من غير تقنير(4) ومنه حديث الصادق( عليّه السلام) في أربعة لايُستجاب لهم: «منهم رجل کان له مال فأفسده فيقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم أمرک بالاقتصاد!»(5)وباعتبار السداد والاستقامة في القصد استعاره عليّ (عليّه السلام) لإصاباتِ الدنيا، لکونها لاتخطيء المرميّ فيها بقوله: «وأَقصَدَت بأَسهُمِهَا»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وإنّ الخَلق لامَقصَر لَهُم عن القِيامَة، مُر قِلينَ في مِضمَارِها إلي الغَاية القُصوي»(7).
لامقصر : أي لامحبس ولا غاية. وقصره علي الأمر قصراً ردّه إليه. ورضيتُ من فلان.
بِمقصِرٍ ومَقصَرٍ، أي أمر دون. وقَصَر عنّي الوجعُ والغضب يقصُر قصوراً: سکن، وقَصَرتُ أنّا عنه، وقصَرتُ له من قيده أقصُر: قَصرًا: قاربت(8)وقَصَرتُ الثوب قَصراً بيّضته (9) والقصّار: غسّال الثياب(10). وفيه جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «کان أبي (عليّه السلام) يضمن القَصّار والصَوّاغ ما أفسدا»(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «و مَالِي لا أعجَبُ مِن خَطأ هذه الفِرق علي اختلافِ حُجَجِها في دينها! لايَقتَصُّون أثَرَ نَبيّ، ولا يَقتدون بِعَمل وَصِيّ» (12).
القصص: اقتفاء الأثر (13) ومنه جاء قوله تعالي: ﴿ عَلي آثارِهِما قَصَصا ﴾(14) يقال : قصّ الشيء قَصّا: اتّبعه، والشعر والأظفار: قطع منهما، والخبر قَصصاً: أعلم به (15)سُمّي الخبر الطويل قصصاً، لأنّ بعضاً يتبع بعضاً حتّي يطول، وإذا استطال السامع
ص: 692
الحديث قال: هذا قصص(1).والقُصّة: الخُصلة من الشعر، وربّما قالوا لناصية الفرس قُصّة (2).
وفي الحديث : أنّه (صلي الله عليّه وآله) نهي عن تقصيص القبور. التقصيص: هو التجصيص، وذلک أنّ الجَصّ يقال له «القَصّة» يقال منه: قصصت القبور والبيوت، إذا جصصتها(3). وهي لغة حجازية، ويقال القَصّة والقِصّة والقَصُّ، وقيل: هي الحجارة من الجَصّ. ومدينةُ مُقصصة: مطلية بالقَصّ (4). ومنه حديث عائشة حين قالت للنساء: لاتغتسلنَّ عن المحيض حتّي ترين القَصَّة البيضاء. قال أبو عبيد: معناه حتّي تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها المرأة کأنّها قصّة لاتخالطها صفرة ولا تريّة. وقد قيل: إنّ القصّة شيء کالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم کلّه.
وأمّا التريّة فالشيء الخفي اليسير، وهو أقلّ من الصفرة والکدرة. ولا تکون التريّة إلّا بعد
الاغتسال ، فأمّا ما کان بعد في أيام الحيض فهو حيض وليس بتريّة(5).
في الخبر: «خطبهم (صلي الله عليّه وآله )علي راحلت وإنّها لتقصع بِجرَّتها»(6).
القصعُ: ابتلاعُ جُرَع الماء والجِرَّة (7).والقصعُ ضمک الشيء عليّ الشيء حتّي تقتله أو تهشمه، ومنه قصع القملة، ومنه قيل للغلام إذا کان بطيء الشباب: قصيع، أي مردد الخلق بعضه إلي بعض فليس يطول، وإنّما قصة الجرّة شدّة المضغ وضمَّ بعض الأسنان إلي بعض . والجرّة : ما تجترّه الإبل فتخرجه من أجوافها لتمضغه ثمّ تردّه في أکراشها بعد الجرّة، أي بعد أنّ تجترّه(8) والمراد في الخبرأنَّ راحلته (صلي الله عليّه وآله) تمضغها بشدّة(9) وجاء في الخبر : «أنّه نهي( صلي الله عليّه وآله )عن قصع الرطبة». والقصع هو أنّ تخرجها من قشرها، يقال:قصعتها أقصعُها قصعاً (10)وسمّيت خطبة عليّ عليّه السلام بالخطبة بالقاصعة لأحد الوجوه الثلاثة: أحدها: لأنّ المواعظ والزواجر فيها مرددةُ من أوّلها إلي آخرها ، من قولهم: قصعت الناقهُ بجرّتها. أي رددتها إلي جوفها
ص: 693
وأخرجتها فملات فاها، فکأنّ هذه الخطبة تکرر الوعد والوعيد وتردد الأمر والنواهي.
والثاني: أنّ تکون من قصع القملة ، وهو أنّ يهشمها ويقتلها، فکأن الخطبة هي القاتلة
لإبليس والهاشمة له. والثالث: أنّ يکون من قولهم: قصعت الرجل قصعاً . أي صغرته
وحقرته، فکأنّ هذه الخطبة صغرت کلّ جبّار وکلّ عبدٍ متکبّر وإنّ کان مسلّماً(1)
. وقاصِعاءُ اليَربوع وقُصيعاؤه وقُصَعاؤه وقُصَعَتُه وقصعَته: تُراب يَسُدُّ به باب جُحره. وکلّ سادًّ شيئاً: مُقَصَّعُّ . وقَصَّع فيه وقَصَع، بالتخفيف أيضاً: دخل . وقصع الجُرحُ بالدمِ والنَّقبُ بالقوم: امتلا، وقصّع في ثوبه تلفَّف.وقصّع أوّل الزرعُ والقومُ: طَلعا. وسيفُ مِقصَع: قاطع(2). يقال: سيفُ مِتصَلُ ومِقصَعُ والقصيعُ : الرَّحي. والقَصعةُ الصَّحفَة الضَّخمةَ تُشبع العشرة، والجمع قِصاع وقِصَع (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ولَهَبُ سَاطِعُ ، وَقَصيفُ هَائِل»(4).
القصيف: هشيم الشجرة(5)وريح قاصف: هي التي تقصف مامرَّت عليه من الشجر والبناء وقصف الرعدُ قصيفاً: صوّت(6) ورعدُ قاصف: في صوته تکسُّر. ومنه قيل لصوت المعازِف قَصفُ ويُتجوَّزُ به في کلَّ لَهو(7).
وقال ابن دريد: فأمّا القصف من اللهو فلا أحسبه عربيّا(8)ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للشجرة التي أمرها النبي( صلي الله عليّه وآله) بالوقوف بين يديه: «وجَاءت وَلَها دَوِيُّ شَديدُ، وقَضفُ کَقَصفِ أجنِحَة الطَّيرِ، حَتَّي وَقَفت بَين يَدَي رَسُولِ الله (صلي الله عليّه وآله) مرفرِفَةً (9)ومن هذا جاء قوله تعالي :﴿وفيرسل عَليکم قَاصِفاً من الريح ﴾ (10) قال الزمخشري: کأنّها تتقصّف ، أي تتکسّر (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أمّا بَعدُ، فإنّ الله لم يَقصِم جَبَّاري دهرٍ قطُّ إلّا بعد تمهيل
ص: 694
ورخاء»(1).
القصم: قصمتُ الشيء أقمصِه قَصماً، إذا کسرته (2) وأراد (عليّه السلام) بقصمهم إذ لال الجبابرة واستئصالهم . ورجلُ قصِم: هارٍ ضعيف سريع الانکسار، وفتاة قصِمة منکسرة (3) ورجلُ أقصمُ وامرأة قصماء، إذا انکسر طرف ثنيّته أو رَباعيته (4). وأقصم أعمُّ وأکثر من الأقصف (5).
في حديث أبي ذرّ عن بني أُميّة: «يَخضمون ونَقضَم والمَؤعِدَ الله»(6).
القضم: يقال قضمت الدابة الشعير، تَقضمه: کسرته بأطراف الأسنان (7)وباعتبار الأکلّ القليل في القضم وصف عليّ (عليّه السلام )النبي (صلي الله عليّه وآله) بقوله: «قَضَمَ الدُّنيا قَضماً، ولم يَعِرهَا طَرفاً» (8).کني بذلک عن ترکه الدنيا والاقتصار منها عليّ قدر الضرورة(9) وروي قصم الدنيا، أي کسرها وکسر شهواتها(10).
وکتابه (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «فانظُر الي ما تقضَمُهُ مِن هذا المَقضَم»(11). يفيد معني الأکلّ المطلق، قليله أو کثيره.
في حديث : قيل للصادق (عليّه السلام) : إنَّ الموت أشدُّ من نشر بالمناشير وقَرض بالمقاريض ورَضخ بالأحجار وتدوير قطب الأرحية في الأحداق. قال: «کذلک هو علي بعض الکافرين والفاجرين»(12)قُطبُ الرحي: الحديدة القائمة التي تدور عليّها الرحي،ويقال لها: القُطُبُ والقِطب والقَطب(13) وقيل له : قُطب الرحي لأنّه يجمع أمرها إذ کان دوره عليها. ومنه قُطب السماء، ويقال: إنه نجم يدور عليّه الفَلک، ويُستعار هذا فيقال: فلان قطب بني فلان، أي سيّدهم الذي
ص: 695
يلوذون به(1). ومن سرَّ وجود عليّ (عليّه السلام )
وضرورته جاءت الاستعارة في حديثه (عليّه السلام) :«وإنّما أنّا قُطب الرَّحَا، تَدُور عَليَّ وأنا بِمَکَانِي، فإذا فَارَقتُه استَحَارَ مَدَارُها، واضطَرَبَ ثِفِالُها» (2) وقوله( عليّه السلام ): « وإنّه لَيعَلَمُ أنَّ مَحَلّي منها مَحَلُّ القطب مِن الرَّحي»(3).
أراد أنّه ممّن يراعي نظام أمور الخلق ومجمع أحوالهم المتفرّقة ، کما أنّ القطب يراعي نظام دوران الرحي(4)ومنه حديث فاطمة (عليّها السلام): «وفي يدها أثر قُطب الرَّحي»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ودُرُورِ قَطرِالسَّحَابِ في مُتَرَاکمها»(6).
القَطرُ: قطر الماء وغيره(7)ومنه قَطَر المطرُ ، أي سقط، وسَمّي لذلک قَطراً. وتقاطر لقومُ، جاءوا أرسالأً کالقطر، ومنه قطارالإبل (8) وهو أنّ تقطّر الإبلَ بعضها إلي بعض علي نسق واحد بأن تشدّ واحداً خلف واحد، يقال: قطر الإبل يقطرها قطراً وقطّرها(9)ومنه جاء خبر نعيم بن قعنب: قال: أتيت الربذة ألتمس أبا ذر . فإذا أبو ذرّ قد أقبل يقود بعيرين قد قطر أحدهما بذنب الآخر..الخبر (10) وفي قول عليّ (عليّه السلام) : «ماءُ وَجهِکَ جَامِد يُقطِرُةُ السُّؤَال، فانظرُ عِندَ مَن تُقطِرُه» (11). استعار(عليّه السلام) لفظ ماء الوجه للحياء ونوره علي الوجه الذي يذهب من وجه السائل بسؤاله، ورشّح بذکر الجمود والتقطير .
ويحتمل أنّ يکون کناية عمّا يعرض من العرق عند خجل السائل بسؤاله واستحيائه (12). والقُطر: الجانب والناحية وجمعه أقطار (13) ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) لمکان الکعبة: «وَضَعَهُ بأوعَرِ بِقَاعِ الأرضِ حَجَراً، وأَقَلَّ نَتَائِقِ الدُّنيا مَدَراً، وأضيَقِ بُطُون الأودِيَةِ قُطراً»(14)وباعتبار تنزّهه تعالي عن صفات المقادير کالأقطار والنهايات قال(عليّه السلام)
ص: 696
في التوحيد: «ونِهَايَاتِ الأقطار»(1) والقِطر، بالکسر: نوعُ من البرود. والقِطر: النحاس ، ويقال: الحديد المُذاب . والقَطران. ما يتحلل من شجر الأهل و يُطلي به الإبل وغيرها(2).
ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام): «وأَلبَسَهُم سرابيل القطران »(3). والقطران في قوله تعالي: ﴿سَرَابيلُهُم من قَطران ﴾ (4)فيه ثلاث لغات، بفتح القاف وکسرها مع سکون الطاء (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأَلبسَهُم سَرَابيلَ القَطران ومُقَطَّعَاتِ النيرَان»(6).
المقطعات من الثياب: شِبه الجباب ونحوها من الخَزَّ وغيره. وقال ابن الأعرابي : لايقال للثياب القصار مقطّعاتُ. وقيل: المقطّعات لا واحد له، فلا يقال للجبّةالقصيرة مُقطّعة، ولا للقميص مقطَّع، وإنّما يقال لجملة الثياب القصار: مُقطعات ،وللواحد ثوب (7).ومنه الخبر: «أن رجلاً أتاه وعليّه مُقَطَّعات له». أي ثيابُ قصار، لأنّها قُطِعت عن بلوغ التمام. وقيل: المقطَّع من الثياب : کلّ ما يُفصَّل ويُخاط من قميص
وغيره، وما لا يُقطع منها کالأزُر والأردية(8).
واستعار لا لعذاب النار «مُقَطعات النيران» من الثياب المقطّعة، وکأنها خيطت وسوّيت وجُعلت لبوساً، وقد استعاذ(عليّه السلام )منها في دعائه«وأعُوذُ بک من مُقَطّعات النيران» (9) والحديد المُقَطَّع: هو المتّخذ سلاحاً، يقال:قطعنا الحديد، أي صنعناه دروعاً وغيرها من السلاح. وقطّع عليه العذاب: لوّنه وجزّأه ولوّن عليّه ضُروباً من العذاب. ويقال: جاءت الخيلُ مُقطَوطعاتٍ، أي سراعاً بعضها في إثر بعض (10) وباعتبار الجهد والجدَّ في القطع وصف عليّ الجاهل بقوله: «لم يَعضّ علي العِلمِ بِضِرسٍ قَاطع»(11) وهي استعارة مليحة عن نفي الاستعداد والآلة(12) والقُطَيعاء ،ممدود ، مثال : الغبيراء: نوع من التمر. وقيل
ص: 697
هو البسُر قبل أنّ يُدرِکَ(1) وقطعتُ الوادي: جزته (2) ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) : الذين عبدوا الدنيا بقوله:
«ظَعنَوا عَنها بِغَير زادٍ مُبلّغٍ ولا ظَهر قَاطِع»(3) کنّي عن الأعمال الصالحة بالراحلة التي يقطع بها الطريق.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن قوم من جند الکوفة قد همّوا باللحاق بالخوارج: «أأمنوا فقطنوا، أم جَبِنوا فظَعنوا» (4).
القُطون: الإقامة . قَطَن بالمکان يَقطُنُ قُطُوناً: أقام به و توطّن، فهو قاطن. والقُطّان:
المقيمون . والقطين: جماعة القُطّان، اسم الجمع، وکذلک القاطنة، وقيل: القطين الساکن
في الدار ، والجمع قُطُن (5)ومنه الخبر: «نحن قطين الله» أي سکّان حَرَمه والقطين جمع قاطن، کالقطّان ، وفي الکلام مضاف محذوف تقديره: نحن قطين بيت الله وحرمه(6) والقطين: أهل الدار، والقطين: الخدم والأتباع والحَشَم والإماء وجمعهاالقطّان (7). والقَطِنة في الإنسان والدابّة : لحم بين الورِکين من باطن(8). والقَطِنة والقِطنة، مثل المَعِدَة والمِعدَة: مثل الرّمّانة تکون عليّ کرش البعير، وهي ذات الأطباق ، والعامّة تسمّيها. ال الرمّانة، وکسر الطاء فيها أجود(9) والقِطنيّة ، بالکسر: واحدة القطانيّ ، کالعدس والحِمَّص والخردَل واللوبياء والماش، والفول والدُّخن والذَّرة والکُزبرَة وما أشبه ذلک(10)والقُطن والقُطُن والقُطُن : معروف. وجاء في الحديث :أنّه سأل عبد العزيز بن المهتديّ أبا الحسن عليّ (عليّه السلام) عن القطن والزعفران عليّها زکاة، قال: لا(11)قال ابن السکّيت: ويقال للقطن الذي يُغزل منه الثياب : هو القُطن، والعُطب والبِرسُ(12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فلو ائتمَنتُ أَحَدکُم
ص: 698
عليّ قَعبٍ لَخَشِيتُ أنّ يَذهَبَ بِعلَاقَتِه»(1).
القَعب: القَدَح الضّخم، وقيل: قَدح من خشب مقعّر، وهو يروي الرجل، والجمع القليل: أقعُب، والکثير: قِعاب وقِعَبة (2) والقَعبَةُ: إناء يُستعمل (3).
في حديث التميمي عن أبيه قال: کنّا عند رسول الله(صلي الله عليّه وآله) فنشأت سحابة فقالوا: يارسول الله(صلي الله عليّه وآله) هذه سحابة ناشئة ، فقال:«کيف ترون قواعدها؟» (4).
القواعد: هي أصولها المعترضة في آفاق السماء. قال أبو عبيد: أحسبها مشبّهة بقواعد
البيت، وهي حيطانه، قال الله تبارک وتعالي: ﴿وإذ يَرفَعُ إبراهيمُ القَواعِدَ مِن البَيتِ﴾(5).
وقد استُعير منه في حديث عليّ عليّه السلام لرؤساء الکِبر والجهل بقوله: «فإنّهم قَواعِدُ اَسَاس العَصَبيَّةِ، ودَعِائمُ أرکانِ الفِتنَةِ» (6). والقاعدة في الاصطلاح بمعني الضابط، وهي الأمر الکُلَّي، المنطبق عليّ جميع جزئياته(7). وباعتبارها الأساس وصف عليّ (عليّه السلام )بناء الجبال بناءً محکماً بقوله: «أَسَاخَ قَوَاعِدَها في مُتُون أقطارِهَا ومَواضِع أَنصَابِها (8).
وفي حديث أسماء الأشهليّة: «إنّا معاشر النساء مَحصورات مَقصورات، قواعِدُ بيوتکم، وحَواملُ أولادکم» والقواعد: جمعُ قاعد، وهي المرأة الکبيرة المُسِنَّة، هکذا يقال بغير هاء أي إنّها ذات قُعود، فأمِا القاعدة فهي فاعلة، من قعدت قُعوداً، ويجمع علي قواعد أيضاً (9) وفي وصية عليّ( عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام ): «ساهل الدَّهر ماذلَّ لک قَعُوده» (10) القعود: من قولهم : اقتعد الدابّة، ابتذ له بالرکوب وهي قُعدَتُه وقعوده، وهن قعائده وقُعُداتُه، قال الأخطل:
فَبِئسَ الظاعنون غَداةَ شَالت*** علي القُعُدات أشباه الزَّباب(11)
والقعُدات: السروج والرحال والرحائل التي کانت تتخذها العرب(12). ومنها جاءت
ص: 699
الاستعارة لاستقامة الأُمور وجريانها.
وکتابه( عليّه السلام) لأبي موسي الأشعري: «وحَتَّي تُعجَلَ عن قِعدَتِکَ»(1). جاء من باب الکناية والقعدة، بالکسر: هيئة، کنّي بها عن إمارته . وقيل: قوله (عليّه السلام) يصف شدّة الأمر وصعوبته (2) وذو القعدة، بفتح القاف، والکسر لُغَةُ: شهر، والجميع ذوات القعدة وذوات القعدات، والتثنية ذواتا القعدة وذواتا القعد تين(3)وسمّي ذو القعدة لأنّهم کانوا يقعدون فيه عن الغزو، ورجل قُعدُ وقُعدَد، له موضعان ، يقال: فلان قُعدُد في بني فلان، إذا کان خاملاً، ومثله قُعدُود، والجمع قعاديد.
وورث فلانَ بني فلان بالقُعدُد، إذا کان أقربهم نسباً إلي الجدَّ الأکبر (4).
وروي محمد بن الفضيل عن العبد الصالح (عليّه السلام) قال: «لا ينبغي للذي يُدعي إلي
شهادة أنّ يتقاعس عنها»(5).
التقاعس: هو من تقاعس فلان، إذا لم ينفّذ ولم يمض لما کلُّف (6) وليلُ أقعس: کأنّه لا يبرح طولاً، وقد تقاعس الليل، کقولک: برک الليل، قال النابغة:
تَقاعَسَ حتّي قلتُ ليسَ بمنقضٍ*** وليسَ الذي يرعي النجوم بايب(7)
ويقال: جمل مقعنسيس ، إذا امتنع من أنّ ينقاد(8) وفي حديث البُراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ، ومعاوية يتبعه، فقال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): «اللهم العن التّابع والمتبوع، اللهم عليک بالأقيس». قال ابن البُراء لأبيه: مَن الأُقيعِس؟ قال: معاوية. والأُقَيعِس: تصغير الأُقَيعِس، وهو الملتوي العنق، والقعاس التواء يأخذ في العنق من ريح کأنّما يکسره إلي ماوراءه. والاقعسُ: العزيز الممتنع ، ويقال: عزّ أقعس. والقوعَسُ الغليظ العنق، الشديد الظّهر من کلّ شيء. والقعو سُ: الشيخ الکبير، والقَعَسُ نقيض الحَدَب، والفعل، قَعِس يَقعَس قعَساً والجمع قعساوات وقُعس. والقعساءُ من النمل الرّافعة صدرها وذنبها(9)
ومن هذا الاعتبار جاء کتاب عليّ (عليّه السلام)
ص: 700
لمعاوية: «فَاقَعَس عَن هذا الأمرِ، و خُذأُهبَةَ الحِسَابِ»(1) أي ارفع نفسک و تنحّ.
في حديث عليّ مخبراً به عن الملاحم: «يا أَخنَفُ، کَانّي بِهِ وَقَد سَارَ بالجَيشِ الذي لا يَکُونُ له غُبَارُ ولا لَجَبُ، ولا قَغقَعةُ لُجُمٍ، ولا حَمحَمةُ خيلٍ» (2).
القعقعة: اضطراب الحديد بعضه علي بعض . وسمعتُ قعقعةَ الرعد، أي صوته(3).
وقُعَيقِعان، بصيغة التصغير : جبل مشرف علي الحرم من جهة الغرب، قيل : سُمّي بذلک لأنَّ جُزهَما کانت تجعل فيه سلاحها من الدَّرَق والقِسِيّ والجِعاب فکانت تُقعقِعُ ، أي
تصوّت(4)ورجل قعقعانيّ: إذا مشي سَمِعت المفاصل رجليه تَقَعقعاً، والقعقَاعُ مثل القُعقُعانِيَّ(5).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «أفلا يتدبّرون القرآن أم عليّ قلوب أقفالها»(6).
القلوب المقفلة: هي القلوب التي أقفلها الله عزّ وجل عليهم فهم لا يعقلون، وأصل القفل اليبس والصلابة، ويقال لما يبس من الشجر القَفل والقفيل (7) وقد استعارت (عليّه السلام) لفظ الأقفال للجهل والضلال المغلق للقلوب، وهو اقتباس من قوله تعالي في سورة محمد(8)کأنها قلوب استغلقت بأقفال الکفرفلا تُفتح(9) ومنه جاء وصف عليّ (عليّه السلام) لحال الناس قبل البعثة النبوية بقوله: «واستَلَقَت عَلي أَفئِدَتِهِم أَقفَالُ الرَّينِ» (10). والقُفول: الرجوع من السفر، ولا يقال للذاهبين قافلة حتّي يرجعوا(11) ومنه استعارة (عليّه السلام) للفناء والحلول في التراب بقوله: «وکيفَ أَظلِمُ أَحَداً لِنَفسٍ يُسرِع إلي البِلَي قُفُولُهَا»(12) وکأنّ التراب منزل الإنسان ووطنه الذي يرجع إليه.
في حديث عليّ (عليّه السلام): «قَد يَرَي الحُوَّل القُلَّبُ وَجه الحِيلَةِ ودُونَها مَانِعُ مِن أَمرِ الله
ص: 701
وَنَهيِهِ، فَيَدَعُها رأي عَين بَعدَ القُدرةِ عَلَيها، وَيَنتَهِزُفُرصَتَها مَن لا حَرِيجَةَ لَهُ في الدَّينِ»(1).
الحُوَّل القُلَّبِ: الذي قد تحوّل و تقلّب في الأُمور وجرّبَ، وحنّکته الخطوب والحوادث (2)وتقليب الشيء تغييره من حال إلي حال (3)وباعتبار التغيير قال عليّ (عليّه السلام): «في تقلّب الأحوال عِلمُ جواهر الرجال»(4)يعني تعرف طباعهم، کريمة أم الثيمة، بتغيّر أحوال الدنيا(5)ومن معني التحول والرجوع للأسوء قال عليّ (عليّه السلام) في دعائه: «اللّهُمَّ إنّي أعَوذُ بِکَ مِن وعثاءِ السَّفرِ،وکآبَةِ المُنقَلَبِ»(6) وقد استعار منه (عليّه السلام) لعمر الإنسان في الدنيا ومهلة الله له بقوله:«والمُنقَلَبُ فَسِيحُ، والمَجَالُ عَرِيضُ»(7).
وفي حديثه (عليّه السلام) في وصف الطاووس:«فَمِنها مَغمُوسَ في قَالِبِ لونٍ لايَشُوبُه غَيرُ لَون ما غُمِسَ فيه»(8) قالِب لون: قال السيد الرضي: وذلک کما يقول القائل منّا إذا أراد أنّ يصف قؤماً متشابهين في الخلق والمناظر، أو في الطبائع والغرائز: کأنّما طبعوا علي سکّة واحدة، أو خلقوا من طينة واحدة(9) ومنه الحديث : أنّ موسي( عليّه السلام) لما آجر نفسه من شعيب قال لموسي: لک من غنمي ماجاءت به قالِب لون، فجاءت به کله قالِب لون، غير واحدة أو اثنين (10) أي جاءت علي غيرألوان أمّهاتها، کأن لونها قد انقلب(11).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )في حثّ الناس واستنهاضهم: «ولقد بَلَغَني أَنَّ الرَّجُلَ منهم کَان يَدخُل عَلي المَرأةِ المُسلِمَة، والأُخري المُعَاهَدة، فينتزع ججلَها وقُلبها وقَلائِدَهَا ورُعُثها، ماتَمتَنِعُ مِنه إلاّ بالاستِرجَاعِ والاستِرحَام» (12). القُلب من الأسورة: ما کان قَلداً واحداً، ويقولون : سِوارُ قُلبُ، وقيل: سوار المرأة(13)، ويقال للحيّة البيضاء: قُلب تشبيهاً به (14) والرَّعثةُ: ماعُلَّق بالأُذن من
ص: 702
قُرط و نحوه، والجمع رِعَثةً ورِعاث، و تر عِّثت المرأة، أي تقرّطت . قال ابن الأعرابي : الرَّعثة في أسفل الأُذُن ، والشَّنفُ في أعلي الأذن، والرّعثة درّة تُعلّق في القرط(1)ورُعُث جمع الجمع. والقليب: البئر، والجمعُ قُلُب (2).والقِلّيب: الذئب ، لغة يمانية، وکذلک القِلّوب (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عظمة الله تعالي: « وانقَادَ له الدُّنيا والآخِرَةُ بِأَزمَّتِها، وقَذَفَت إليه السَّمَاوات والأرضُون مَقَالِيدَهَا»(4).
المقاليد : الخزائن (5) ومقاليد السموات والأرض: مفاتيحها بالرحمة والرزق(6).
وباعتبار الکنوز والذخائر في مقاليد الأرض قال عليّ (عليّه السلام) مشيراً للمهدي المنتظر (عليّه السلام)بقوله: «و تُلقِي إلَيهِ سِلماً مَقَالِيدَها، فَيُريکُم کَيفَ عَدلُ السَّيرةِ، ويُحيي مَيّتَ الکِتَابِ والسُّنَّةِ»(7).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «الدعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح»(8) والإقليد المفتاح لغة يمانية، وقيل معرّب وأصله بالرومية . إقليدس والجمع أقاليد (9) والقَلد: نحو الفتل، قلدتُ الحبلَ وغيره أقلِده قلداً، إذا فتلته . وقلائد الهدي، لفائف کانت تعمل من لحاء الشجر ويُقلد بها أعناقُها فيکون ذلک شعاراً لها (10)ومنه حديث معاوية بن عمّار عنالصادق (عليّه السلام ): «في رَجُل سَاق هَدياً ولم يُقلّده ولم يُشعره، قال: قد أجزأ عنه »(11) والقِلد : الحظّ من الماء، سقينا أرضنا قِلدَنا، أي حظّناء وسقتنا السماءُ قِلداً کذلک، وفي الحديث :«فَقَلَدتنا السماءُ قِلداً في کلّ أسبوع». والقِلدة والقِشدَة: التمر والسويق الذي يُخلطبه السمن (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الدنيا:«فإنّها عِندَ ذَوي العُقُول کَفَيءِ الظلّ، بَينَا تَراهُ سَابغاً حتّي قَلَصَ » (13).
ص: 703
القلوص: يقال : قَلَص الشيءُ وقلَّص و تقلَّص: ارتفع. وقلّص الثوبُ ، وقميص مُقَلَّص: قصير(1) من معني الانضمام والانزواء (2). والقَلوصُ من الإبل لا تکون إلاّ ناقة، ولا يقال للذکر قلوص ، والجمع قلائص و قِلاص و قُلُص (3). والقَلُوص: الأنّثي من النَّعام، والجميع القلائص (4). والقَلوصُ من الإبل بمنزلة الجارية الفتاة من النساء، وقيل:
هي الثّنيّة، وقيل: هي ابنة المخاض، وقيل: هي: کلُّ أنّثي من الإبل حين تُرکب وإنّ کانت بنت لبون أو حِقَّة إلي أنّ تصير بَکرة أو تبزُل(5)ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) في صدقة الإبل: «في خمس قلائص شاة»(6) وأقلصت الناقة فهي مقلاص: أي سمنت في الصّيف، وکذلک إذا نقص لبنها. وأقلص سنام البعيرُ: ارتفع، وأقلص الفصيلُ: استبان سَنامُه ، والسَّخل إذا سمِن و شبَّ (7).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله): «إذا زَال زَال قَلعاً»(8).
قلعاً: يروي بالفتح والضم، فبالفتح هو مصدر بمعني الفاعل، أي يزول قالعاً لرجله من الأرض، وهو بالضم إمّا مصدر، أو اسم ! وهو بمعني الفتح. والتقلّع: من الأرض قريب
بعضه من بعض. أراد أنّه کان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال ومبادرة شديدة! وفي خبر: «إذا مشَي تَقلّع». أراد قوّة مَشيه، کأنّه يرفع رجليه من الأرض رفعاً قويّاً، لا کمن يمشي اختيالاً ويقارب خطاه (9) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأُحذّرُکُم الدُّنيا فإنّها مَنزِلُ قُلعَةٍ، وليست بِدَارِ نُجعَةٍ» (10) يقال: القوم علي قُلعَةُ، أي علي رِحلة. والقَلَع: السحاب. والقُلاع، مخفّف: داءيُصيب الصبيان في أفواههم. والقَلَعة: حصننُ في أعلي الجبل، والجمع قِلاع(11).والقلاعُ شراع السفينة، والجمع قُلُعُ، مثل کتاب وکتُبُ. والقَلعةُ اسم الفسيلة إذا خرجت من أصلها وکبرت وحان لها أنّ تُفصَلُ من
ص: 704
أُمّها(1)وباعتبار الحرکة جاء حديثه( عليّه السلام): «إيّاک وصدر المجلس فإنّه مجلس قُلعة»(2). لاقتضاء الجالس فيه القيام. ومن هذا المعني جاءت الاستعارة في حديثه (عليّه السلام)
بوصفه الدنيا: «قُلعَتُها أحظي من طمأنينتهاء وبلغتها أزکي من ثروتها»(3). وفي حديث عليّ( عليّه السلام )في وصف الطاووس: «بجَنَاح أَشرَج
قَصَبةُ وذنب أطال مشبه، إذا درج إلي الأنّثي نَشَرهُ من طَيّه، وسَمَابه مُطلاًّ علي رَأسِه، کأنّه قِلعُ دارِيّ عَنَجه نُوتِيُّهُ»(4).
القِلعُ: شِراع السفينة. وداريُّ: منسوب إلي دارينَ، وهي بلدة عليّ البحر يُجلَب منها الطيبُ. وعنجه : عطفه، يقال: عنجتُ الناقة - کنصر - أعنجها عنجاً، إذا عَطفتُها.
والنوتيّ: الملّاح(5). وأقلعتُ السفينةَ إذا رفعتُ قِلعها عند المسير، ولا يقال: أقلعتِ السفينةُ ، لأنّ الفعل ليس لها وإنّما هو لصاحبها. وأقلعَ السفينة، عمل لها قِلاعاً، أو کساها إيّاه. وقيل: المُقلعةُ من السفن العظيمة تُشبّه بالقِلَع من الجبال.
والقَلَع: قِطَع من السحاب کأنّها الجبال،واحدتها قَلَعةُ وقيل: القَلَعةُ من السحاب التي تأخذ جانب السماء، وقيل: هي السحابة الضَّخمةُ، والجمعُ من کلَّ ذلک قَلَعُ. والقلوع: الناقة الضخمة الجافية، ولا يُوصف به الجمل، وهي الدَّلُوح أيضاً. والقيلَعُ: المرأة الضخمةالجافية. والقُلاع: الطين اليابس، واحدته قُلاعة. والقلاعةُ: المَدرةُ المقتلعةُ أو الحجر يُقتلع من الأرض وِيُرمي به(6).
عن أبي جعفر(عليّه السلام ) قال: «من أخذ من أظفاره وشاربه کلّ جمعة وقال حين يأخذ : بسم الله وبالله وعليّ سنّة محمد و آل محمدصلوات الله عليّهم، لم تسقط منه قلامة ولا جزازة إلاّ کتب الله (عليّه السلام )عزّوجلّ له بها عتق نسمة، ولم يمرض إلاّ مرضه الذي يموت فيه»(7) القُلامة: بالضم، هي المقلومة من طرف الظُّفُر. وقَلَمت الظُفُر، أخذت ماطال منه (8) وأصل القَلم القصّ من الشيء الصُّلبِ کالظُفر وکعب الرمح والقصب، ويقال للمقلوم قِلم، کما يقال للمنقوض نِقض، خُصّ و ذلک
ص: 705
بما يُکتب به، وبالقدح الذي يُضرَب به(1).
ومن معني القلم الذي يکتب به جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للطاووس: «ومع فتق سَمِعهِ خَطُّ کَمُستَدَقّ القَلَم في لَون الأُقحُوان»(2). شبّه (عليّه السلام) الخلط الأبيض عند محلّ سمعه في دقّته واستوائه بخطَّ القَلَم الدقيق ، وهو من إضافة الصفة إلي الموصوف(3) وقوله (عليّه السلام) :«والصُحُف مَنشُورَةُ، والأَقلَامُ جَارِيَةُ» (4). أراد: أقلام الکرام الکاتبين، والمنشورة هي صحف الأعمال (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) قاله وهو يلي غسل رسول الله صلي الله عليّه وآله
ته وتجهيزه: «لولا أنّک أمرتَ بالصَّبر، ونَهَيتَ عن الجَزَع، لأنّفذنا عَلَيکَ مَاءَ الشُّؤونِ، ولکان الدَّاء مُماطِلاً، والکَمَدُ مُحالِفاً، وقَلّا لکَ، ولکنّه مالا يُملَکُ رَدُّه»(6).
القلّ: القليل(7) وضمير التثنية في «قلّا» لإنفاد ماء الشؤون ولمماطلة الحزن(8).
ومنه حديث ابن مسعود: «الرّبا وإنّ کَثُر فهو إلي قُلّ» القل بالضم: القِلّة، کالذلّ والذلّة، أي أنّه وإنّ کان زيادةً في المال عاجلاً؟ فإنه يؤول إلي نقصٍ، کقوله تعالي:﴿ يَمحَقُ
اللهُ الرَّبا ويُربي الصَّدقَاتِ ﴾(9).وفيه : «أنه کان( صلي الله عليّه وآله) يقل اللغو»، أي: لا يلغو أصلاً. وهذا اللفظ يُستعمل في نفي أصل الشيء، کقوله تعالي: ﴿فَقَليلاً مايُؤمِنُون﴾ (10). ويجوز أنّ يريد باللغو الهزل والدُّعابة، وأن ذلک کان منه
قليلاً (11)والقِلّ: الرَّعدة والانتفاض، يقال : أخذ فلاناً القِلُّ ، إذا أخذته رعدة من فزع أو زَمَع (12) والمقلُ: الفقير (13) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «المُقِلُّ غريب في بلدته» (14)واستعار له لفظ الغريب باعتبار عدم التفات الناس إليه(15) وفي الحديث: «ماأظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء علي ذي لهجةٍ
ص: 706
أصدق من أبي ذرًّ»(1) أقلّت : حملت ورفعت(2) والقُلّة: قُلَّة الجبل، وهي القطعة تستدير في أعلاه، وهي القُنّة أيضاً، والجمع قِلال (3) ومنه قول عليّ (عليّه السلام) : وکثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال»(4) والقُلَّة التي جاءت في الحديث: «مثل قلال هَجَر». هي جرار عظام (5) ويقال : إنّ القلّة ماأقلّهُ الانسانُ من جَرّةٍ أو .حُبًّ ويقال: استقلَّ القوم ، إذا مضوا لمسيرهم، وذلک من الإقلال ، کانّهم استخقوا السيّر واستقلّوه(6).
في حديث عليّ : «هلک فيّ رجلان: محبُّ غالٍ، ومُبغِضُ قالٍ»(7).
القالي: يقال: قليته قِليٍ وقَلاءً ومَقلِيةً أبغضته وکرهته غاية الکراهة فترکته (8)والقِلي: تجافٍ عن الشيء وذهاب عنه(9) قال الراغب : من جعله من الواو فهو من القَلو، اي الرَّمي، من قولهم: قلت الناقةُ براکبها قَلواً فکأن المقلوّ هو الذي يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله، ومن جعله من الياء فمن قليت البُسرَ والسَّويقَ علي المقلاة (10)). وقوله تعالي: ﴿مَاوَدَّعکَ رَبُّکَ ومَا قَلي﴾(11). أي ما أبغضک منذ أحبّک (12).
في حديث عليّ( عليّه السلام) يصف من ترک الجهاد: «ودُيّتَ بالصَّغار والقَمَاءة» (13).
القماءة يقال : قمأ الرجلُ وغيره، قَمُوَ قَمأةً وقَمَاءةً وقماءةً ذلَّ وصغر وصار قميئاً(14).
ومنه حديث الکاظم( عليّه السلام)لما سأله عبد الصمد بن عليّ عن رکوبه البغلة:
«تطأطأت عن سُمو ّالخيل ، وتجاوزت قُمؤ
ص: 707
العَير»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) قال له النبي (صلي الله عليّه وآله): سَتَقدم عليّ الله أنّت وشيعتک راضين مرضيّين، ويَقدم عليّه عَدوُّک غِضاباً مُقمَحِين» ثمّ جمع يده إلي عنقه، يريهم کيف الأقماح الإقماح: رفع الرأس وغضّ البصر. يقال: أقمحه الغلُّ، إذا ترک رأسه مرفوعاً من ضيقه(2) ومنه قوله تعالي:﴿فهي إلي الأَذقَان فَهُم مُقمَحُون﴾(3) قمح البعير فهو قامح: إذا روي فرفع رأسه(4) قال الثعالبي : إذا کانت الإبل تأبي أنّ تشرب من داءٍ بها فهي مُقامِح (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف خلق الجرادة: «إذ خَلَقَ لَها عَينَينِ حَمرَاوَينِ، وأَسرَجَ لهَا حَدقَتَينِ قَمرَاوَين، وجَعَل لَهَا السَّمعَ الخَفِيّ».(6).
القُمرة: بياض فيه کُدرة، کبياض بطن الحمار الأقمر(7).وسُمّي قمر السماء بذلک لبياضه، وليلة مقمرة، أي بيضاء (8)وقمراوين: أي مضيئين کأن کلّاً منهما ليلة قمراء أضاءها القمر (9) ويقال لقمر السماء : قمر عند الامتلاء وذلک بعد الثالثة. قيل: وسمّي بذلک لأنّه يَقمرُ ضوءَ الکواکب ويفوز به (10) وقامرته قِماراً، من باب قاتل، فقَمرتُه قمر: غلبته في القمار(11). وقمَرَ الرجل يقمرُ قمراً، إذا لم يبصر في الثلج. وقَمرت القِربَةُ تقمرَ قمراً، إذا دخل الماء بين الأدَمة والبشَرة، وهو شيء يصيبها من القمر کالاحتراق (12) وأقمر التمرُ، إذا أصابه البردُ فيس وذهبت حلاوته. والقُمريّ: ضربُ من الطير، الذکر قُمريّ والأنّثي قُمريّة ، والجمع القَماريّ (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «رَجُلُ قَمَشَ
ص: 708
جهلاً» (1).
القمش: جمع الشيء من ههنا وههنا، وکذلک التقميش. وقَمَشه يقمِشه قمشاً: جمعه. والقُماش : ما کان عليّ وجه الأرض من فتات الأشياء ، حتّي يقال لرُذالة الناس:
قُماش (2).
وفي في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الدنيا: «حتّي إذا أَنِسَ نَافِرُها، واطمَأَنّ ناکِرُها، قَمصَت بأَرجُلِهَا، وقَنَصَت بأحبُلِهَا» (3).
القمص: من قولهم قَمَصَ البعيرُ يَقمَص ويَقمِص قَمصاً وقُماصاً، وهو أنّ يرفع يديه ثمّ يطرحهما معاً ويعجر. والعجر: ضرب من العَدو برجليه (4) والقُماص: داءُ يأخذه فلا يستقرُّ به موضعه(5) واستُعير منه القامصة في الحديث المروي أنّ جارية رکبت جارية فنخستها جارية أُخري فقمصت المرکوبة فصرعت الراکبة فماتت ، فقضي عليّ (عليّه السلام)بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة(6) وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام): «أما والله لقد تقمّصها فلان» (7) تقمّصها: أي لبسها کالقميص، والمراد بها الخلافة قال ذلک (عليّه السلام) علي وجه الاستعارة (8) يقال: تقمّص قميصه البسه، وقمّصته تقميصاً، أي ألبسته ، فتقمّص، أو أي لبس. والقميص: هو القميص الذي يلبس وهو مذکر ، وقد يُعني به الدرع فيُؤنّث(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «ومُنقَمَعِ الوُحُوشِ من غِيرَانِ الجِبَالِ وأَودِيَتِها» (10).
القَمعُ: الدخول فِراراً وهَرَباً ، يقال: قمع في بيته وانقمع: دخله مستخفياً (11) حديث عائشة والجواري اللاتي کنّ يلعبن معها: «فإذا رأينَ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) انقمعن». أي تغيّبن ودخلن في بيت، أو من وراء سِتر.وأصله من القِمَع الذي علي رأس الثمّرة، أي يدخلن فيه کما تدخل الثمرة في قِمَعِها. ومنه حديث منکر ونکير : «فينقمع العذابُ عند
ص: 709
ذلک» أي يرجع ويتداخل(1)والقِمعان: الأذنان، والأقماع:الآُذان (2) ومنه الحديث : «ويلُّ لأقماع القول، ويلُ للمُصِرَّين» شبّه أسماع الذين لا ينجعُ فيهم الوعظ ولا يعملون .بالأقماع التي لاتَعِي شيئاً ممّا يُفرّغ
فيها (3)فکأنّه يمرُّ عليها مجازاً، کما يمرُّ الشراب في الأقماع اجتيازاً (4)والأقمعُ من الأنّوف مثل الأقعُم(5).
والقَمَعةُ ذُباب أزرقُ عظيم يدخل في أُنوف الدَّوابَّ. ويقع عليّ الإبل والوحش إذا اشتدَّ الحرُّفيلسعها. وقَمِعت الظبيةُ قمَعاً وتقمَّعَت: لسعتها القمعهُ ودخلت في أنّفها فحرّکت رأسها من ذلک. والقمعةُ قرحةُ تکون في العين، وقيل: ورم يکون في موضع العين، وقد قَمعت عينهُ تقمعُ قمَعاً، فهي قَمِعةُ. والقَمَعُ: قلّة نظر العين من العَمَش. والقَمَعُ غِلظ قمعة العُرقوب، وهو من عيوب الخيل، وقمَعَ الرجلَ يقمعُه قمعاً: ضرب أعلي رأسه. والمِقمَعةُ: واحدة المقامع من حديد. کالمحجن، وقَمَعتُه إذا ضربته بها. وقمَعةُ الشيء: خُيارُه ، وخصَّ کراع به خيار الإبل، وقد اقتمعه، والاسم القُمعة، وإيل مقموعة: أُخِذ خيارُها ، وقد قَمعتُها قمعاً، وتقمعتها إذا أخذتَ قَمَعَتها. ومُتقمّع الدابّة: رأسها وجحافلها، ويجمع علي المقامع. والقمع والاقماع: أنّ يَمُرّ الشراب في الحلقِ مَرّاً بغير جَرع.
وفي الحديث: «أوّل مَن يُساق إلي النار به الأقماع الذين إذا أکلّوا لم يَشبعوا، وإذا جمعوا لم يَستَغنوا»، قيل: أراد بهم أهل البطالات الذين لاهمَّ لهم إلّا تزجية الأيّام بالباطل، فلاهم في عمل الدنيا ولاهم في عمل الآخرة. والأقماعي: عنب أبيض (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «والقَمقامُ المُسَخَّر»(7).
القَمقامُ: الماء الکثير. وقَمقَام البحر: معظمه لاجتماع مائه، وقيل: هو البحر کلّه.والقَمام والقُماقِم من الرجال: السيّد الکثير
ص: 710
الخير الواسع الفضل. ووقع في قَمقام من الأمر، أي وقع في أمرٍ عظيم کبير. والقَمقام : صِغار القِردان وضربُّ من القمل شديد التشبُّث بأصول الشعر، واحدتها قمقامة. والقِمقِم: البُسر اليابس ، بالکسر. والقُمقُم: ضرب من الأواني(1) رُومي مُعَربُ، وقد يُؤنّث بالهاء، فيقال: قُمقُمةُ. والقُمقُمة: وعاء من صُفر له عُروتانِ يستصِحُبهُ المُسافر والجمع القماقم. والقُمامُةُ : الکُناسةُ، وقمَّ البيت قمّاً. من باب قتل: کَنَسَه فهو قمَّام(2).
ومن هذا جاء حديث فاطمة( عليّها السلام) : «أنّها قَمَّت البيتَ حتّي اغبرّت ثيابها» (3)والمِقمَّة: المِکسَحةُ. وقمَّ الفحلُ شؤله، إذا ضَرَبها بأسرها. وقمَّ الرجلُ ما عليّ المائدة يَقُمُّه قَمَّاً. إذا أکل ما عليها. والقِمّة قِمَّة الرأس، وهي أعلاه ، وقِمّةُ کلَّ شيء: أعلاه(4)والقَمَه مثل القَهَم سواء، وهو قلّة الشهوة للطعام، قَهِمَ وقَمِه بمعني(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أو مِقنَب يَقودُه»(6).
المِقتب: جماعة الخيل والفرسان. مابين الثلاثين إلي الأربعين، وقيل: زهاء ثلاثمائة. وقيل: هي دون المائة(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الدنيا: «قَمَصت بأرجُلِها، وقَنصَت بأَحبُلهَا» (8).
القنص: يقال: قنَص الصيدَ يقنِصُه قَنصاً وقَنَصاً واقتنصه وتَقَنّصه: صاده، کقولک: صِدت واصطدت. و تَقنّصه: تصيّده . والقنص والقنُيصَ: ما أقص. وقال ابن برّي : القنيص: الصائد والمصيد أيضاً(9) ومنه الخبر: «تخرج النار عليهم قوانِصَ» أي قطعاً قانصة تقنصهم کما تختطف الجارحة الصيد والقوانص جمع قانصة، من القنص: الصيد. وقيل: أراد شرراً کقوانص الطير، أي حواصلها(10) ومنه حديث الباقر(عليّه السلام): «کلُّ ما کانت له قانصة فکل»(11) القانصة من الطير: هي هَنَة کأنّها
ص: 711
حُجَيرُ في بطنه(1) قيل: هي للطائر کالحوصلة للإنسان (2) وقيل: القانصة للطير بمنزلة الکِرش والمصارين لغيره (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الحمدُ الله غيرَ مَقنُوط من رَحمَته، ولا مَخلُوًّمن نِعمته،
و لاَمأيوس من مَغفِرِتِه»(4).
القُنوط: اليأس من الخير، يقال: قَنِطَ يَقنَطُ وقَنَطَ يَقنط قنُوطاً (5) ومنه قوله تعالي:﴿ولا تَقنَطوا من رَحمةِ اللهِ ﴾(6) وقيل: هو أشدَّ اليأس من الشيء (7) ومنه دعاء عليّ (عليّه السلام) للاستسقاء: «نَدعوک حينَ قَنَطَ الأنّامُ» (8).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «لاتجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي حِقد، ولا ذي غِمر علي أخيه، ولا ظَنين في ولاء ولا قرابة، ولا القَانع مع أهل البيت لهم » (9).
القانع: هو الخادم؛ قال الصدوق: الغِمر: الشحناء والعداوة. والظنين في الولاء والقرابة فالذي يُتّهم بالدعارة إلي غير أبيه أو المتولّي إلي غير مواليه، وقد يکون أنّ يُتّهم في و شهادته لقريبه، والظنين أيضاً المتّهم في دينه.
والقانع مع أهل البيت لهم، فالرجل يکون مع قوم في حاشيتهم کالخادم لهم والتابع
والأجير ونحوه. وأصل القنوع الرجل يکون مع الرجل يطلب فضله ويسأله معروفه بقول، فهذا يطلب معاشه من هؤلاء فلا تجوز شهادته لهم، قال الله تعالي: ﴿فَکُلُو وا مِنهَا وأَطعِمُوا القَانِعَ والمُعتَرَّ﴾ (10). فالقانع الذي يقنع بما تعطيه ويسأل. والمعتر الذي يتعرّض ولا يسأل. ويقال من هذا القنوع، قَنعَ يقنع قنوعاً. وأمّا القانع الراضي بما أعطاه الله عزّ وجلّ فليس من ذلک. يقال منه قنعت أقنع قناعة. وهذا بکسر النون وذلک بفتحها، وذاک من القنوع وهذا من القناعة (11) وقِناعُ المرأةِ :مِقنَعتها، وکلُّ مغطٍّ رأسه فهو مُقنع والمقنّع: المستکفر بالسلاح(12) وقد استعير منه لانکشاف الصبح بقول عليّ (عليّه السلام): «فإذا ألقت
ص: 712
الشمس قناعها»(1).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «أقني العِرنين»(2)
القنا في الأنّف: طوله ورقَّة أرنبته مع حدَب في وسطه. والعرنين: الأنّف(3). والعِرنين من کلَّ شيء: أوّله ، ومنه عرنين الأنّف. وهو أوّل الأنّف حيث يکون الشّم ُوقيل: هو ماصَلُب من عظمه. وعرانين الناس: وجوهُهم وأشرافهم ، علي المثل
والاستعارة(4)وفي الحديث : «فيما سَقَت السماءُ والقُنيّ العشر» . القناة: کالحصاة واحدة القَنَي کالحَصَي ، وهي الآبار التي تُحفر في أرضٍ متتابعة ليستخرج ماؤها ويسيح عليّ الأرض، ويُجمع أيضاً علي قنوات، وقُنِيّ علي فُعول ، وقِناء مثل جبال (5)والقناة: الرمحُ(6) وکلّ خشبة هي عند العرب : قناة، و عصا (7) ومنها جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لا تُغمَزُ لهم قَنَاةُ، ولا تُفرَعُ لَهُم صَفَاة»(8) وغمزها جسّها باليد ليُنظر هل هي محتاجة إلي التقويم والتعديل فيفعل بها ذلک (9)والصفا: الحجارة ، ويقال الحجارة المُلس والواحدة صفاة، مثل حصي وحصاة(10) و قرعها صدمها لتکسر، وهذا کناية عن القوة والامتناع من الضيم(11). وقنوتُ الشيء أقنوه قَنواً، من باب قتل، وقِنوةً، بالکسر: جمعته (12) والقي: المال، وهو من قوله تعالي: ﴿أنّه هَو أغنَي وأقنَي ﴾ (13).
واستعار لها لفظ الريحانة باعتبار أنّ الغرض بها اللذّة والاستمتاع (1).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي: «ولا عُذرَ لَکَ عِندَ الله ولا عندي في قَتلِ العَمد، لأنَّ فِيهِ قَوَدَ البَدَن»(2).
القَوَدُ: القِصاصُ. وأقَدتُ القاتل بالقتيل، أي قتلته به. واستقدتُ الحاکم، أي سألته أنّ يُقيد القاتل بالقتيل. والقَود: نقيضُ السَّوق، يَقُودُ الدابّةَ من أمامِها ويسوقها من خَلفِها، فالقود من أمام ويسوقها من خَلفِها، فالقود من أمام والسوق من خَلفِ. والقودَ: الخيل، يقال: مرَّ بنا قَودُ. قال الکسائي: فرس قَوُود ، بلا همز، الذي ينقاد، والبعير مثله. والقود من الخيل التي تقاد بمقاودها ولا تُرکب ، وتکون مُودَعةُ مُعَدَّة لوقت الحاجة إليها. والمقوَد والقياد: الحبل الذي تقود به ، وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللّهِج باللذة السَّلسِ القياد للشهوة»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )يعظ الناس: «فکُونُوا کالسَّابِقين قَبلَکُم، والمَاضِينَ أمَامَکُم.
قَوَّضُوا من الدُّنيا تَقويضَ الرَّاحِل، وطَوَرها طيَّ المَنَازل»(4).
التقويض: يقال: قوّضتُ البيت وغيره تقويضاً، إذا نزعت أعواده وأطنابه، وکلّ مهدوم مُقَوَّض (5) والمعني أنّه يفارق الدنيا علي وجهٍ لايلتفت إليها، کما لايلتفت المسافر إلي المنزل (6).
قال الصادق (عليّه السلام) : «القيافة فضلة من النبوّة ذهبت في الناس»(7).
القيافة: يقال : قاف الرجلُ الأثر قوفاً، من باب قال: تَبِعَه واقتافه کذلک فهو قائِف، والجمع قافة»(8) ومنه حديث عليّ عليّه السلام عن الفتن: «لايُبصِرُ القَائِفُ أَثرَهُ وَلَو تَابَعَ نَظَرَهُ»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَلَم يُخلِ الله سُبحَانه خَلقه من بنيّ مُرسَلٍ، أو کِتَابٍ مُنزَلٍ،
ص: 714
أو حُجَّة لازِمَةٍ، أو مَحجَّةٍ قَائِمَةٍ»(1) المحجّة القائمة: هي شريعة الله.
المحجّة: الطريق، وقيل: جادّة الطريق.وقيل: محجّة الطريق سننه (2)ومنه قول عمر له( عليّه السلام) : «والله لئن وليتهم لتحملنّهم علي الحق الواضح والمحجّة البيضاء»(3).
والقائمة : من قولهم: قام ميزانُ النهار فهو قائم، أي: اعتدل. والقائم بالدين المستمسک
به الثابت عليّه. وکلُّ من ثبت علي شيء و تمسّک به فهو قائم عليّه. ومنه قوله تعالي:
﴿أُمَّه قَائِمَةُ ﴾ (4) أي متمسّکة (5). وذکر الشيخ الطبرسي في معني قائمة وجوهاً، منها عادلة، ومنها أنّ التقدير ذو أمّة قائمة، أي ذو طريقة مستقيمة(6)وباعتبار الاستقامة والسداد جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن برکته (صلي الله عليّه وآله) لهم: «فاستقامت قناتهم، واطمأنت صَفاتُهم» (7) کناية عن قوّتهم واستقرار
أحوالهم ورفعتها، وقائم الظهيرة: انتصاب وقتها وحلوله، ولا يظهر له أثر سريع، کمايظهر قبل الزوال وبعده، فيقال لذلک الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة.(8) وذلک إذا قامت الشمس وکاد الظلّ يعقِل(9) ومنه قوله تعالي:﴿ومن آياتِه أنّ تَقومَ السَّماءُ والأرضُ بأَمِره ﴾ (10). والمراد بإقامته لهما إرادته لکونهما علي صفة القيام دون الزوال (11).
وفسّروا القيام في قوله تعالي لنبيّه( صلي الله عليّه وآله): ﴿ ولا تَقُم عليّ قَبرِ﴾ (12) أي لا تقف علي قبره للدعاء، فإنّه کان (صلي الله عليّه وآله) إذا صلّي علي ميّت
يقف علي قبره ساعةً ويدعو له (13). والقَوم اسم يجمع الرجال والنساء، لا واحد له من لفظه. والقَوم: مصدر قمتُ قوماً، وقال رجل من العرب لعبد: أشتريک؟ قال: لا، قال: ولِمَ؟ قال: لأنّي إذا شبعتُ أحببت نوماً، وإذا جُعتُ أبغضت قؤماً. والقِوام، بکسر القاف، من قولهم: هذا قّوام الدين وقّوام الحقَّ، أي الذي يقوم به. والقَوام ، بفتح القاف: حسن الطول . والقُومِيّة: القوام أو إلقامة. والقامة: قامة البئر،
ص: 715
وهو الخشب الذي يُسني عليّه(1). وقام المتاع بکذا، أي تعدّلت قيمته به، والقيمة الثَّمن الذي يُقاوم به المتاع، أي يقوم مقامه، والجمع القِيم. وقيميُّ: نسبة إلي القيمة علي لفظها، لأنّه لا وصف له ينضبط به في أصل الخلق حتّي يُنسَب إليه، بخلاف ما له وصف ينضبط به کالحبوب و الحيوان المُعتدل فإنِه يُنسَب إلي صورته وشکلّه فيقال: مِثلي، أي له مِثل شَکلاً و صُورةً من أصل الخِلقَةِ (2).
في حديث عليّ(عليّه السلام) شاکياً من أصحابه: «لقد مَلَاتُم قَلبي قَيحاً، وشَخنتُم صَدري غَيظاً» (3).
القيح: الأبيض الخاثر الذي لايخالطه دم(4) يقال : قاح الجرحُ يقيح قيحاً، ويقوح قوحاً، وأقاح يُقيح(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن يوم البعث: «مُقَايَضَةِ الجَزَاء» (6).
القيض: العِوض، وقايض الرجلُ مُقايضة: عارضه بمتاع ، وهما قيّضان ، کما يقال : بَيَّعان. وقاضه يقيضه ، إذا عاضه، وقايضه مقايضةً، إذا أعطاه سِلعةً وأخذ عِوضها سِلعةً. و مراده (عليّه السلام) : أنَّ عمل الخير بالخير، وعمل الشرّ بما يقابله من العذاب والسعير. وقيّض الله فلاناً لفلان : جاءه به وأتاحه له. وقيّض الله له قريناً هيّأه وسبّبه من حيث لايحتسبه (7) ومنه دعاء الصادق (عليّه السلام) في التزويج: «وقيّض لي مِنها وَلَداً طيّباً تجعله لي خَلفاً صَالِحاً في حَياتي وبعد مَوتي»(8).
وفي حديث عليّ : «کَقَيضِ بَيضٍ في أَدَاح، يکون کَسرها وِ ژراً، ويُخرجُ حِضانُها شرّاً(9) الفيضُ: قِشرة البيضة العليا اليابسة، وقيل: هي التي خرج فرخها أو ماؤها کلّه، والمقيضُ : موضعها. وتقيّضت البيضهُ تقيُّضاً، إذا تکسّرت فصارت فِلَقاً، وانقاضت فهي منقاضة: تصدّعت و تشققت ولم تفلَّق، وقاضها الفرخُ قيضاً: شقّها (10).
ص: 716
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «فَيا عَجَباً ! بَينا هُوَ يَستَقيلُها في حَيَاتِه إذ عَقَدَها لآخَرَ بَعدَ وَفَاتِه، لَشَدَّ مَا تَشَطّرا ضَرعَيهَا»(1).
يستقبلها: طلب الإقالة. وهو إيماء إلي قول الخليفة الأوّل: «أقيلوني إذ لست بخيرکم» (2) تشطّرا ضرعيها، أراد (عليّه السلام)
الخلافة، شبهها بالناقة عليّ الاستعارة ، والضرع للناقة کالثدي للمرأة. وشطر کلّ شيء نصفه(3)ومنه المثل: أحلُب حَلباً لک
شَطره. أي أعمل عملاً لک بعضه (4)وأقال الله عثرته ، إذا رفعه من سقوطه. ومنه الإقالة في البيع،(5)ومنها جاء حديث الصادق (عليّه السلام )«أيّما مُسلماً أقال مسلما ندامةً في البيع أقاله اللهُ عَثرته يَومَ القيامة»(6) والقيلولة نوم نصف النهار، والقائلة وقت القيلولة، وقد تُطلق علي القيلولة(7). وجاء في الحديث :«قيلوا فإنّ الشيطان لايقيل»(8) وتقيّل الرجلُ، إذا شرب في وقت المقيل (9).وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) : «معاشر المسلمين المسرعة إلي قيل الباطل، المغضية علي الفعل القبيح الخاسر»(10) قيل: القول في الخير والشرَّ، والقال والقيل في الشرَّ خاصة، ورجل قائل من قوم قوّل و قيّل و قالة(11) ومنه
جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّه قد کان عليّ الأُمة والٍ أحدث أحداثاً، وأوجد الناس مقالاً» (12).
و أي جعل لهم بتلک الأحداث طريقاً إلي القول عليّه فقالوا(13) والمغضية: من قولهم: أغضيت علي القذي، وغضوت عليه: أي سَکَتُّ(14) وکأنّها (عليه السلام) تعرّض بسکوتهم عن مظلمتها. وفي الحديث : أنّه کتب (صلي الله عليّه وآله) : «من محمد رسول الله( صلي الله عليّه وآله) إلي الأقيال العباهلة من أهل حضرموت»(15). الأقيال: الملوک، قيل: إنّ القيل الملک من ملوک حمير يتقبل من قبله مسن ملوکهم
ص: 717
وجمعه أقيل وقبول(1)وجاء في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «إيهاً بني قَيلة، أأهضَم تراث أبي! وأنتم بمرأي ومَسمَع، ومنتدي ومجمع»(2). عنت بهم (عليّه السلام )الأوس والخزرج ، وقيلة اسم أم قديمة لهم، وهي قيلة بنت کاهل (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مشيراً لعائشة وحرب البصرة: «وضِغنُ غَلا في صَدرها
کَمِرجَل القَين»(4).
القَين: الحدّاد، لأنّه يُصلح الأشياء ويَلُمُّها، وجمعه قيون (5)ثمّ صار کلّ صانع قينا ، يقال : قان الحدّاد الحديدة يقينها قَيناً، إذا طرقها بالمِطرقة، وتقيّنت المرأةُ، إذا تزينت ، و به سُمّيت الماشطة مقيّنة ويقال: (6) .إنّ القَنينَة الأمَة، مُغنَّية کانت أو غيرها، والقَينُ
العَبد (7).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله) لزينب العطارة: «إن هذه الأرض بمن عليّها عند التي تحتها کحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، وهاتان بمن فيهما ومن عليهما عند التي تحتها کحلقة ملقاة في فلاة قِيّ، والثالثة حتّي انتهي إلي السابعة...الحديث» (8). القّيّ، بالکسر والتشديد: فعل من القواء، وهي الأرض القَفر الخالية(9).
أبدلوا الواو ياء طلباً للخفّة، وکسروا القاف لمجاورتها الياء. والقواء: کالقِيّ (10).
وفسّر الفرّاء قوله تعالي: ﴿نَحنَ جَعَلناها تَذکِرةً ومَتَاعاً للمُقوين﴾ (11). يعني جعلنا النارمنفعة للمسافرين إذا نزلوا بالأرض القِيّ، ويعني: القفر(12) وحديث سلمان : «من صلّي بأرض قِيّ فأذن وأقام الصلاة صلّي خَلفَه من الملائکة، مالايُري، وفي رواية : ما من مُسلم يُصلّي بقيًّ من الأرض»(13) من ذلک.
ص: 718
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن خلق الله و توحيده: «لم يَتَکاءَدهُ صُنعُ شيء مِنها إذ
صَنَعه، ولم يَوُدَهُ؛ منها خَلقُ ماخَلَقه وبَرَأه»(1).
تکأدَ الشيء: تکلّفه. وتَکاء دني الأمر : شَقَّ عليّ، تفاعل و تفعّل بمعني. و تکاء دني ،
کتکأدَني. وتکأدَته الأمور، إذا شُقّت عليه.و عقبة کؤود وکأداءُ: شاقّة المصعد صعبة المرتُقي. قال ابن الأعرابي: الکأداءُ الشدّة والخوف والحِدار، ويقال: الهؤلُ والليل المظلم. وأکوأدَّالشيخُ: أُرعِشَ من الکِبر (2).
ومن هذا جاء حديثه (عليّه السلام) عن القبر: «ولَبسنَا أهدَامَ البِلَي ، وتَکاءَدَنا ضِيقُ المَضجَع، وتَوارَثنا الوَحشَةَ»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَلمّا رأي اللهُ صِدقَنا أنّزَل بِعدوّنا الکَبتَ»(4). الکبت:الصرف والإذلال، يقال: کبت اللهُ العدوّ، أي أذلّه، وردّه بغيظه. والکبت: کسر الرجل وإخزاؤه (5) ومنه قوله تعالي: ( کُبِتواکما کُبتَ الّذينَ مِن قَبلهِم ) (6) وقيل: أصل الکَبِت الکَبدُ، فقُلبت الدال تاءً، أُخذ من الکبِد، وهو معدن الغيظ والأحقاد. فکأنّ الغيظ، لما بلغ بهم مبلغه، أصاب أکبادهم (7) .
في حديث عليّ (عليّه السلام) :«من کَابَد الأُمورَ عَطِبَ» (8). الکَبَد: المشقّة، وکابدتُ الأمر: قاسيته في
ص: 719
مشقّة(1) ومراده (عليّه السلام) رکوب الأهوال، وهي
مظنّة للعطب والهلاک. وقوله تعالي: ﴿وخلقنا الإنسان في کَبَد﴾(2) أراد أنّ الإنسان يکابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة(3) وتکبّدت الشمسُ في السماء، إذا توسّطتها. وکلّ شيء توسّط شيئاً فقد تکبّده (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف أشجارالجنّة: «غُيّبت عُروقُها في کُثبان المِسکِ علي سَواحِلِ أنهَارِها، وفي تَعلِيقِ کبائس اللَّؤلُؤِ الرَّطبِ في عَسَالِيجها وأَفنَانِها»(5).
الکباسة: العِذق. والعساليج: الغُصون، واحدها عُسلوج(6) والکبِاسة: العذقُ التام بشماريخه وبُسره، وهو من التمر بمنزلة العُنقود من العنب. والکبيس: ضربُ من التمر من النخلة التي يقال لها: أمّ جِرذان، وإنّما يقال له الکبيس إذا جفّ، فإذا کان رَطباً فهو أمّ جرذان. وکبس المرأة: نکحها مرّة.
وکابوس: اسم يکنون به عن النکاح،والکابوس: ما يقع عليّ النائم بالليل، ويقال : هو مقدّمة الصّرع، قال بعض اللغويين: ولا أحسبه عربياً، إنّما هو النّيدلان، وهو الباروک والجاثوم (7)وفي الخبر سأله سعيد الأعرج فقال: إنّا نکبس الزيت والسّمن نطلب به التجارة(8) أي نجمعه(9)أراد به معني الادخار. وعام الکبيس: في حساب أهل الشام عن أهل الروم: في کلّ أربع سنين يزيدون في شُباط يوماً فيجعلونه تسعةوعشرين، يسمّون العام الذي يزيدون فيه ذلک اليوم عام الکبيس. والأکبس من الرجال: الضّخم الهامِة. ورأس أکبس، وبه کَبَس، أي عِظم واستدارة. وجبهة کَبساء.
ورجل کُبَاس: إذا سألته حاجه کبس برأسه في جيبه. ويقال : هو عابس کابس. والکَبس: طَمُّک حُفرةً بتراب، کَبَس يکبِس کَبساً. واسم التراب: الکبس، وهو أيضاً الهواء(10)ومنه جاء حديث عليّ( عليّه السلام) : «کَبَسَ الأرضَ علي مَور أمواَجٍ مُستَفحِلَةٍ، ولُجَج
ص: 720
بخار زَاخِرَةٍ»(1). واستعار(عليّه السلام ) لفظ الکبس
لخلقها في وسط کرة الماء (2) ومنه الدعاء المروي عنهم (عليّه السلام) : «يامَن کَبَس الأرض علي الماء، وسدّ الهواء بالسماء، واختار لنفسه أحسن الأسماء» (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف مروان بن الحکم: «أبو الأکبُشِ الأربَعَة»(4).
الکبشُ: واحد الکِباش والأکبُش، فحل الضأن في أيّ سنّ کان . وکبش القوم: رئيسهُم
وسيّدهم، وکبش الکتيبة: قائدها(5).
وأراد (عليّه السلام) أربعة ذکور لصلبه، ويحتمل أنّ پريد بالأربعة أولاد عبد الملک، کلّهم ولوا الخلافة، ولم يلها أربعة إخوةٍ إلاّ هم(6).
وکان المشرکون ينسبون النبيّ إلي أبي کبشة، وکان أبو کبشة رجلاً من خزاعة خالف
قُريشاً في عبادة الأوثان، وعَبَد الشَّعري، فلمّا خالفهم النبيّ (صلي الله عليّه وآله) في عبادة الأوثان شبّهوه به، وقيل: هو نسبة إلي جدّه (صلي الله عليّه وآله) لاُمّه (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن عذاب النار:«ولا تُصَمُ کُبُولها» (8).
الکُبل: بفتح الکاف وکسرها: القيد من أيَّ شيء کان يقال: کَبَلتُ الأسير وکبّلته إذا قيّدته، فهو مکبول ومکبَّل(9)والمکابلةُ الحبس عن الحُقوق، وقيل: هو التأخير،کَبَلتُک دَينَک: أي أخّرتُه عنک. وقيل: هو أنّ تباع الدارُ إلي جنب دارک وأنت تُريدها فتوخَّر شِراءها حتّي يستوجبها المُشتري ثمَّ تأخذها بالشفعة. والکابول: شبيه بالشَّرَک يُصادُ به(10).
ناضراً(1) ومن معني العثور جاء حديث
عليّ عليّه السلام : «فَمَن يَبتغِ غير الإسلام ديناً تتحقّق شِقوَتُه، وتنفصم عروَتُه، وتعظُم کَبوتُه» (2).
و من کلّامهم: «لکلَّ صارم نبوة، ولکلَّ جواد کبوة». وکَبوتُ الإناءَ أکبوه کَبواً، إذا صبتُ مافيه(3) والکِبا مقصور: الکُساحة، کبوتُ البيتَ أکبوه کبواً، إذا کسحته. والکِباء ممدود: البَخور (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کتاب رَبَّکُم فيکُم، مُبيّناً حَلَالَهُ وحَرَامَهُ،وفَرَائِضَهُ وفَضَائِلَهُ»(5).
الکتاب: هو القرآن، ومنهم من قال: هو القرآن وغيره من الحجج والعِلم والعقل(6) قال ابن الأعرابي : الکاتب عند العرب العالم (7) والأصل في الکتابة النظم بالخطّ لکن يُستعار کلُّ واحدٍ للآخرِ، ولهذا سُمّي کلّام الله وإنّ لم يُکتب کتاباً (8). وکتب الکتاب واکتتبه: انتسخه(9)وأصل الکتب ضمّک الشيء إلي الشيء، وکتبتُ المزادةّ و غيرها أکتُبها کَتباً، إذا خرزتها (10)و کتّب الکتيبة : جمعها ، وکتّب الجيش: جعله . کتائب(11)والکتيبة : من أربعمائة إلي الألف (12) ومنه قول عليّ (عليّه السلام) ما في حثّ أصحابه عليّ (عليّه السلام) الجهاد: «ويُرجموا بالکتائب» (13)وجاء في الحديث عن أبي عبد الله (عليّه السلام) قال: «إنّ عليّا (عليّه السلام) کان يستسعي المکاتَب لأنّهم لم يکونوا يشترطون إنّ عجز فهو رقّ»(14)سعي المکاتب: هو اکتساب المال ليتخلّص به في فکّ رقبته. واستسعيته في قيمته، طلبت منه السعي(15)يقال: سعي العبدُ في قيمته سعايةً، واستسعاه سيّده(16).
المکاتَب: من کتابة العبد، وهو ابتياع نفسه من سيّده بما يؤدّيه من کسبه. واشتقاقها يصحّ أنّ يکون من الکتابة التي هي الإيجاب،
ص: 722
وأن يکون من الکتب الذي هو النظم، والإنسان يفعل ذلک(1)، ومن المجاز جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للولّي البصير: «قد أَمکَنَ الِکتَاب مِن زِمَامِه فَهُو قَائِدُه وإمَامُه. (2). استعار لفظ المحسوس للمعقول، بکون الکتاب جاذباً بزمام عقله، مانعاً عن الانحراف (3).
عليّ بن الحسين (عليّه السلام) : «يَختضب بالحِنّاء والکَتَم»(4).
الکتم، بفتحتّين: نبت فيه حُمرة يُخلط بالوسمة ويُختضب للسواد. وفي کتب الطبَّ: الکتم من نبات الجبال ورقه کورق الآس يُخضب به مدقوقاً، وله ثمّر کقدر الفُلفَلِ ويسودّ إذا نضح وقد يُعتصر منه دهن يُستصبح به في البوادي(5). ويقال: إنّه العِظلم(6)والکتمان: سَتر الحديث (7)ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «واللهِ، ماکتمتُ وَشمةً»(8) أي کلمة ممّا أخبره به( صلي الله عليّه وآله)(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وعوم نَبات الأرضِ في کثبان الرمال»(10).
الکثيب: الرمل المتراکم، وجمعه أکثبة وکُثُب وکثبان (11) وکثبتُ الشيء أکثبه وأکثُبه کَثباً، إذا جمعته، فهو مکتوب ومنه اشتقاق الکثيب من الرمل (12). وروي بنات الأرض، بتقديم الباء، وهي الهوامّ التي تنشأ في الرمل وتغوص فيه (13).
الکثاثة في غير اللحية من منابت الشعر، إلاّ أنّ اکثر استعمالهم إيّاه في اللحية. وأمرأة کثّاء وکّثة إذا کان شعرها کثّاً(1).
في الحديث: قال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): «لا قَطع في ثَمَر ولاکَثَر».
الکثر: هو الجُمّار(2) والکثر، بفتحتّين، ويقال:الطّلعُ، وسکون الثاء لغة(3)والکوثر: هو الخير العظيم الذي أُعطاه النبي( صلي الله عليّه وآله). والمکاثرة والتکاثر: التباري في کثرة المال والعزَّ، وفلان مکثور، أي مغلوب في الکثرة (4)ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) عن خلق الله الکون والمخلوقات: «ولم يکوّنها لِتَشديد سُلطانٍ، ولا لِخَوفٍ مِن زَوالٍ ونُقصانٍ، ولا للاستعانة بها علي نِدٍّ مُکاثِر»(5) وکُثِر الرجلُ کَثراً: کَثُر طلّاب فضله(6). ومنه يقال : مکثور عليّه(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وربَّ کَادِح خَاسِرُ» (8).
الکادح: يقال: کَدحَ الرَّجلُ يَکَدَح کَدحاً، إذا اکتسب(9) والکدّ: جَهدُ النفس في العمل والکدّ حتّي يؤثّر فيها، من کَدَحَ جلده، إذا خدشه (10)واستعار منه (عليّه السلام) لأذي الفتنة وطيشها بقوله: «وبدا من الأيّام کُلَوحُهَا، ومن اللّيالي کُدوحُهَا» (11)، وباعتبار جهاد عليّ (عليّه السلام) المشهود له جاء حديث فاطمة (عليّها السلام) في وصفه: «مکدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله ، قريباً من رسول الله (صلي الله عليّه وآله) ، سيّداً في أولياء الله، مشمّراً ناصحاً، مُجدِّاًکادحاً » .
وقوله تعالي:﴿ إنّک کَادِحُ إلي رَتبّک کَدحاً فَمُلاقيِه﴾(12)أي ساع سعياً (13)، وحديث عليّ (عليّه السلام) في الخطبة الشقشقية واصِفاً حالَ الناس ونفَسه: «ويَکدَحُ فيها مُؤمنُ حتّي يَلقَي رَبَّه» (14)من ذلک.
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن بعثته (صلي الله عليّه وآله): « وأنتُم مَعشَرَ العَربِ عليّ شَرَّ دينٍ، وفي شرَّ دارٍ ...
ص: 724
تَشرَبون الکَدِرَ، وتأکُلُونَ الجَشِبَ»(1).
الکَدَرُ: خلاف الصَّفو، يقال: کَدِرَ الماء وکَدُر. ويستعار هذا فيقال: کَدِر عَيشُه (2). والانکدار: تغيّر من انتشار الشيء(3) .ويقال: طائر أکدر، وقَطاة کُدريّة (4) لأنّ في ذلک اللون کُدرة (5). وتصغير الأکدر أُکيدر ، و به سُمّي ، ومنه أکَيدِرُ صاحب دُومَة الجَندَلِ (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التحذير من الفتنة «يَتکادَمُونَ فيها تکادُمَ الحُمُر في العَانة»(7).
الکَدمُ: العضّ. والکُدامة: مايُکدَم من الشيء، أي يُعضُّ فيُکسر، وقيل: هو بقية کلَّ شيء أکِلّ، والعرب تقول: بقي من مرعانا کُدامة ، أي بقية تکدمها المالُ بأسنانها ولا تشبع منه. والکُدم والمکدَم: الشديد القِتال. ورجلُ مُکدَّمُ إذا لقي قتالاً فأثّرت فيه الجراح. ويقال للرجل إذا طلب حاجة لا يُطلب مثلها: لقد کَدَمتَ في غيرِ مَکدَم(8).
وجاء في الخبر عنه أنّه قال في تحريض الناس علي القتال: «وَوطّنوا أنّفُسَکم علي
المُنَازَلةِ والمُجَادَلِة والمُبَارزة والمُنَاضَلة والمنابذة والمعانقة والمُکادَمة»(9).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) لفقد أبيها (صلي الله عليّه وآله) «أَکدَت الآمالُ، وخَشَعت الجِبال» (10).
أکدت الآمال: يقال: أکدي الرجلُ يکدي إکداءاً، إذا لم يفز بمطلوبه. وأکدي المعِدن، إذا لم يخرج شيئاً (11). والکُديةُ: صلابة في الأرض، وقيل: هي الصفاة العظيمة (12).
والجمع کُدَّي مثل مُدية ومُدًي، وبالجمع سُمّي موضع بأسفل مکّة بقّرب شَعب الشافعيين، وقيل فيه: ثَنيّةُ کُدي فأُضيف إليه للتخصيص، ويُکتب بالياء، ويجوز بالألف لأنّ المقصور إنّ کانت لامه ياءً نحو کُدي ومُدَّي جازت الياء تنبيهاً عليّ الأصل، وجاز بالألف اعتباراً باللفظ، إذ الأصلُ کُدَيُ بإعراب الياء، ولکن تحرکت وانفتح ما قبلها
ص: 725
فقُلبت ألفاً، وإنّ کان من بنات الواو فإنّ کان مفتوحَ الأول نحو عَصا کُتب بالألف بلا
خلاف(1) وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) عن البغي والکثر: «فإنّها مَصيَدَةُ إبلِيسَ العُظمَي، ومَکِيدَتُهُ الکُبرَي، التي تُساوِرُ قُلُوبَ الرَّجالِ مُسَاورَةَ السُّموم القاتِلَة، فما تُکدِي أَبَداً، ولا تُشوي أَحَداً» (2). قال ابن ميثمّ: قوله(عليّه السلام) : لا تکدي أبداً ولا تشوي أحداً، استعارتين لوصفي السمّ الذي لا يکاد يقف دون المقاتل ولا يخطئها لتلک المساورة باعتبار أنّها لا يخطيء رميتها القلوب بسهام الکبر والبغي وسائر ما يلقي من الوساوس المهلکة(3) .
في الحديث: «خرج عبد المطّلب ومعه رسول الله (صلي الله عليّه وآله) وقد أيفع وکرب» (4).
کرب الأمرُ يکربُ کُروباً: دنا من ذلک وقرب(5) ويقال: کَرَبت بين وظيفي الحمار أو الجمل، إذا دانيت بينهما بحبل أو قيد.
وکَرَبتُ الدّلو أکرُبها کَرباً وأکربتها إکراباً فهي مُکرَبةُ، إذا شددتُ بها الکَرَب، وهو أنّ تشدّ
طرف الرّشاء بالعِناج. والکَرَبُ: کَرَب النخل، وهو أصول السّعف. والکُرابة: التمر يُلتقط من أُصول الکَرَب بعد الجدَاد. وکَرَبتُ الأرض أکرُبها کَرباً وکِراباً، إذا أثرتها للزرع(6)ورجل مکروب: مهموم. والکُربةُ اسم منه. والجمع کُرب مثل غُرفة وغُرف(7) وکربني الأمرُ، أي بهظني، وکأنّ الکربَ أشدّ من الغمّ(8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّ أَفضَلَ النَّاسِ عِندَ اللهِ مَن کَانَ العَمَل بالحقَّ أحَبَّ إليه ،نَقَصَه وکَرَثَهُ، مِن الباطل وإنّ جرَّ إليه فَائِدةً وزَادَهُ» (9).
الکَرث: يقال: کرثه الأمرُ يکرِثهُ ويَکرُثُه کرثاً وأکرثه: ساءه واشتدّ عليه، وبلغ منه المشقّة. قال الأصمعي: کَرَثني الأمر وقَرَثني: إذا غمّه وأثقله (10)وما أکثرت به: أي ما أُبالي.
ص: 726
ولا تُستعمل إلا في النفي، وقد جاء في الإثبات شذوذاً (1). والکراثُ: بَقلةُ ممدودة. والکَرَاثُ: نبتُ، وقيل: شجرُ کثير الشّؤکِ(2).
في حديث هند في وصفه (صلي الله عليّه وآله): «ضَخم الکراديس»(3).
الکراديس: رؤوس العظام، واحدها کُردوس، وکلّ عظمين التقيا في مَفصِل فهوکُردوس نحو المنکبين والرُّکبتين والوَرِکين. وأراد أنّه (صلي الله عليّه وآله) ضخم الأعضاء(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن البحر: «قَائِم لايَشري، تُکرکِرُهُ الرّياحُ العَواصِفُ،
وتَمخُضُهُ الغَمَامُ الذَّوَارِفُ»(5).
الکرکرةُ: تصريف الرياح السحابَ، إذا جمعته بعد تفرّق وأصله تکرّره، من التکرير، يقال: باتت تُکَرکِرُه الجَنوب. و کَرکَرَته: لم تَدَعهُ يمضي. وتکرکَرَ هو: تردي في الهواءُ و تکرکر الماءُ: تراجع في مسيله. وکَرکَرتُه عنّي، إذا دَفَعتَه ورددته . والکرکرةُ: صوتُ يردده الإنسان في جَوفه. والکَر کَرهُ: ضربُ من الضحک، وقيل: هو أنّ يشتدّ الضحک(6).وکِرکِرَة البعير: السّعدانة التي تصيب الأرض
من صدره إذا برک (7) وفي حديث أبي جعفر (عليّه السلام )عن عليّ (عليّه السلام )قال: «وإنّي لصاحبُ الکرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، والدابّة التي تکلّم الناس»(8). الکرّة: الرّجعة، وهي المرّة، والجمع کرّات، مثل مرّة ومرّات. والمعني في حديثه (عليّه السلام) إمّا الافتخار في الشجاعة والرجوع إلي قتل الأعداء مرّة بعد مرّة أو إشارة إلي الرجعة، إلي زمان خروج صاحب الأمر (عليّه السلام )(9) وکرّ يّکُرُّ کرّاً، إذا رجع بعد فرار وبعد ذهاب(10) وقد روي الصفو اني بإسناده إلي الرضا (عليّه السلام) أن قوله تعالي:﴿ أمتّنا اثنتين﴾ (11).في الکرّة (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله):
ص: 727
«مَنبِتُهُ أَشرَفُ مَبِتٍ، في مَعَادِن الکَرَامَةِ، وَمَماهِدِ السَّلامَةِ»(1).
المکارم: ما استفاده الإنسان من خُلقُ کريم أو طُبع عليه(2) .والکرم: الأفعال المحمودة وأکرمها وأشرفها ما يُقصد به وجه الله تعالي، والکرم لا يقال إلِا في المحاسن الکبيرة (3)وقد وصفها عليّ (عليّه السلام) بقوله: «أَرَيتُکُم کَرائِمَ الأخلاق مِن نَفسِي»(4). ومنه استعير لوصف الإسلام في حديث عليّ (عليّه السلام) بقوله: «کَرِيمُ المُضمَارِ، رَفِيعُ الغَايَةِ»(5). وکونه کريم المضمار باعتبار اقتباس الأنّوار، من مضمار الإسلام للدنيا، والعبور بها إلي الله تعالي (6) وباعتبار الشهادة قال عليّ( عليّه السلام) :«إنّ أکرمَ المَوتِ القَتلُ» (7). وکَرُمَ السحابُ: أتي بالغيث. وأرض مَکرَمةُ للنبات، إذا کانت جيِدة النبات. والکَرم: العنب لأنّه مجتمع الشّعب منظوم الحبّ (8)وکنّي عليّ( عليّه السلام) عن الجنّة والنعيم الدائم بالکرامة الباردة بقوله: «فَظَفِرُوا بالعُقبَي الدَّائِمَةِ، والکَرامَةِ
البَارِدَةِ»(9) والعربُ تصف النعمة والکرامة بالبرد(10). اعتباراً بما يجد الإنسانُ من اللذةِ
من الحرّ في البرد، أو بما يجد فيه من السکون(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «طُوبَي لِنَفسٍ أدّت لا إلي رَبَّها فَرضَها، عَرَکَت بِجَنبِهَا بُؤسَها، وهَجَرَت في اللّيل عُمضَهَا، حتّي إذا غَلَبَ الکَرَي عليها افَتَرشَت أَرضَهَا، (12).
الکَرَي: النوم ، کَرِيَ يَکرَي کَرَّي شديداً والکَرِيُّ: النائم. والکَريُّ، الذي يُکري بعيره، والکريُّ أيضاً: المکتري(13) من الأضداد(14) والکريُّ، الذي جاء في حديث الباقر( عليّه السلام )بقوله: أربعة يجب عليهم التمام، في السفر کانوا أوفي الحضر ، المکاري، والکريّ.. الحديث (15). من الأوّل. والمکاريّ: من يکريک الدوابّ(16)يقال : کريّ الإبل
ص: 728
ومکاري الدوابّ، وکريتُ النهر: حفرته(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة النبيِّ: «لم يکن بالکزَّولا المُکَزِم».
الکزّ: المعبّس في وجوه السائلين، والمنکزم: الصغير الکف، الصغير القدم (2). ووجه کزّ: قبيح، کزَّ يَکُزُّ کزازةً، ورجل کزّ قليل المؤاتاة والخير بَيّن الکزز. ورجل کَزّ قوم کُزّ بالضم، والکزاز: البخل ، ورجل کزّاليدين، أي بخيل مثل جعد اليدين. وخشبةکزّة: يابسة مُعوجّة . وقناة کزّة : کذلک، وفيها کزز. وکزّ الشيء جعله ضيّقاً.
والکراز: داء يأخذ من شدة البرد و تعتري منه رِعدة، وهو مکزوز. وقدکُزَّ الرجلُ، عليّ صيغة ما لم يسم فاعله: زُکم . وأکزّه الله فهو مکزوز مثل أحمّه فهو محموم(3).
في حديث الرضا، عن آبائه ، عن عليّ( عليّه السلام )قال: کنّا مع النبي في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة (عليّها السلام) ومعها کسيرة من خبز فدفعتها إلي النبي (صلي الله عليّه وسلم) فقال النبي (صلي الله عليّه وآله): «ما أن هذه الکسيرة»؟ قالت: قرص خبزته للحسن والحسين جئتک منه بهذه الکسيرة، فقال النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيک منذ ثلاث»(4).
الکِسرَة: القطعة من الشيء المکسور، ومنه الکِسرَة من الخبز، والجمع کِسَر، مثل .سِدرة وسِدَر (5)وکلّ ماسقط من شيء مکسّر فهو کُسارته. والکشر: العضو التام نحو الجَدل والازب . والجمع کسور وأکسار. والأجدال: الأعضاء، الواحد جَدل، وواحد الآراب إرب.والکسر : کساء يُمدّ حول الخِباء و کالازار له فيکون فضله عليّ الأرض(6).
ومنه قال عليّ (عليّه السلام) مکنياً عن مضرب معاوية: «فَإنَّ الشَّيطاَنَ کَامِنُ في کِسرِه» (7). أي جانب منه. والبعير الکسير: الذي قد انکسر بعض أعضائه (8) وقد استعير منه الذي ضعف وتراخي عن السير في حديث
ص: 729
عليّ (عليّه السلام )عن فضيلته بقوله: «يحسر الحسير، ويقف الکسير، فيقيم عليّه حتّي
يُلحقه غايته»(1)قال بعض السالکين: کنّي
بالحسير والکسير عمّن عجز ووقف قدم عقله في الطريق إلي الله، لضعف في عين
بصيرته، واعوجاج في آلة إدراکه (2)وباعتبار العفّة والتقوي في کسر النفس کتب عليّ (عليّه السلام ) إلي الأشتر يوصيه: «أمره أنّ يکسر نفسه من
الشهوات»(3)، وکِسري اسم أعجمي، وهو بالفارسية شرو، والنسب إليه کسر وي، ويُجمع کسور وأکاسر وأکاسرة، وقد تکلّمت به العرب (4).
ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «وَمُزيلِ مُلکِ الفَرَاعِنَةِ، مِثلِ کِسرَي وقَيصَرَ»(5)وقيصر: لقب کلّ ملک من ملوک الروم، ويلقب ملک
الحبشة بالنجاشي، وفارس کسري(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله):«أَرسَلَه علَي حِينِ فَترَةٍ من الرُّسُلِ.. والدنيا کَاسِفَةُ النُّور»»(7).
الکسوف: يقال: کسف القمرُ والشمس والوجهُ: تغيّرن(8) ومن المجاز : رجل کايف الوجه: عابس ، وکاسفُ البال: سيء الحال.
وکسف بصره، إذا لم ينفتح من رَمَدٍ (9). ونور
الدنيا کناية عن وجود الأنّبياء وما يأتون به من الشرائع، وما ينتج عنهم من العلماء والأولياء(10) وکسوف النور فيها غياب هؤلاء عنها ، فکأنها عابسة لاضوءَ فيها مظلمة بدونهم. والکِسفة: القطعة من الغيم، والطائفة من الثوب(11)
في الحديث «إنّ الکاسيات العاريات والمائلات المميلات لا يَدخُلنَ الجنَة».
الکاسيات: اللواتي يَلبَسن الرَّقيق الشفّاف (12).
وقيل: هو أنّ يکشفن بعض جسدهن ويسدُلن الخُمُر من ورائهنَّ فهنَّ کاسيات عاريات. وقيل: أي کاسيات من نِعَم الله
ص: 730
عاريات من الشکر. والکِسوة والکُسوة: اللباس، والکسا: جمع الکسوة. وکَسِي فلان
يکسي، إذا اکتسَي ، وقيل: کَسِي، إذا لبس الکُسوة(1) وقد استعار منه عليّ عليّه السلام لتخلّق الإنسان بالحياء بقوله: «مَن کَسَاه الحَيَاءُ ثَوبَه، لَم يَرَ النَّاسُ عَيبهَ »(2).
والکُسي: مؤخّر العجز، وقيل: مؤخّر کلّ شيء، والجمع أکساء(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الخلافة: «فسدلتُ دونها ثوباً، وطَوَيتُ عنها کَشحاً» (4) .
الکشح: مثال فَلس، ما بين الخاصرة إلي الضلع الخلف(5).
و طوي کشحه علي الأمر: أضمره، وطوي عنه کشحه: ترکه(6) والکاشح: الذي يطوي علي العداوة کَشحَه (7) وقيل : الذي يتباعد عنک(8) وقد سُئل(صلي الله عليّه وآله): أيّ الصدقة أفضل ؟ فقال( صلي الله عليّه وآله): «علي ذي الرحم الکاشح»(9).
والکَشَح: داء يصيب الإنسان في کَشحه فيُکوي، کُشِح الرجل فهو مکشوح، إذا کوي
من ذلک الداء(10).
ووصف عليّ عليّه السلام النبي( صلي الله عليّه وآله): «أهضَمُ أهل الدنيا کَشحاً»(11) أراد معني القناعة، فقد کان أقلّ الناس شيعاً فيها ورغبة.
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «تَکِشُّون کَشيشَ الضّباب»(12).
الکشيش: يقال: کشّ الضبُّ والوَرَلُ والضفدعُ يَکِشُ کشيشاً: صوّت. وکشّت الأفعي تکشُّ کشّاً وکشيشاً: هو صوت جلدها إذا حکّت بعضها ببعض، لا من فمها، فإنّ ذلک فحيحها. وکشّ البَکرُ يَکشُّ کشّاً وکشيشاً صوت دون الهدر، قال رؤبة:
هدرتُ هَدراًليس بالکشيش
قال أبو عبيد: إذا بلغ الذکرُ من الإبل الهدير فأوّله الکشيش، وإذا ارتفع قليلاً قيل:کتّ يکتُّ کتيتاً، فإذا أفصح بالهدير قيل هَدَر
ص: 731
هديراً، فإذا صفا صوته ورجع قيل: قرقَر (1).
وکني عليّه السلام عن حالهم في الازدحام في الهزيمة (2).
قال الصادق (عليّه السلام) : «إيّاکم والکواشف والدواعي والبغايا وذوات الأزواج».
فقيل له (عليّه السلام) عن معانيها، فقال: الکواشف: اللواتي يکاشفن وبيوتهنّ معلومة ويؤتين. والدواعي: اللواتي يدعين إلي أنّفسهنّ وقد عرفن بالفساد. والبغايا : المعروفات بالزنا. وذوات الأزواج: المطلّقات علي غير السنّة (3) الکواشف: واحدها کاشفة. وأصل الکشاف أنّ تلقح الناقة في غير زمان لقاحها، وقيل: هو أنّ يضربها الفحل وهي حائل. وقيل: هو أنّ يُحمل عليها سنتين متواليتين أو سنين متوالية. والأکشف أيضاً: الذي لا تُرس معه في الحرب (4) کأنّه منکشف غير مستور.
ومن المجاز حديث عليّ (عليّه السلام) في مدح الله والثناء عليّه: «کَاشِفَ کُلَّ عَظِيمَةٍ
وأَزلٍ»(5)وباعتبار البصيرة والهدي قال (عليّه السلام) في وصف الوليّ الحبيب لله: «کَشَّافُ عَشَوات» (6). ومن روي بالغين المعجمة فالمراد کشّاف أغطية الجهالات (7) وباعتبار علم الله للظاهر والباطن قال عليّ (عليّه السلام) : «کَشَفَ الخَلقَ کَشفَهً لا أنّه جَهِل ما أخفوهُ مِن مَصُونِ أسرَارِهِم ومَکنُونِ ضَمَائِرِهم، ولکِنِ لِيَتلُوَهُم»(8).
حديث عليّ( عليّه السلام) : «وکَعَمَثهُ عليّ کِظّةِ جَريَتهِ، فَهَمَد بَعد نَزَقاتِه »(1).
في حديث الصادق (عليّه السلام) عن عليّ (عليّه السلام) في وصف المؤمن: «کَظّام، بَسَّام» (2).
الکظم : يقال: کظم الرجلُ غيظه کَظماً ردّه وحبسه، فهو کظيم. وهو تجرّعه واحتمال سببه والصبر عليه. من قولهم: کظم البعيرُ علي جرّته إذا ردّدها في حلقه. وکظم البعيرُ، إذا لم يجترّ. والکاظم منها العطشان اليابس الجوف (3) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «وصَبرَت علي أَخذِ الکَظَم»(4) والکَظَم مَخرج النفس، يقال: کظمني فلان وأخذ بکظمي ورجل مکظوم وکظيم: مکروب قد أخذ الغمّ بکظمه (5) ومنه جاء قوله تعالي:
﴿والکَاظِمين الغَيظَ﴾ (6) وباعتبار الهدوء والسکون جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «وهَدَرَ فَنيقُ الباطل بَعد کُظُوم»(7). وسمّي موسي بن جعفر (عليّه السلام) بالکاظم لأنّه کان من المتوسّمين يعلم من يقف عليّه بعد موته ويجحد الإمام بعد إمامته، فکان يکظم غيظه عليهم ولا يبدي لهم ما يعرفه منهم فسُمّي الکاظم .
لذلک (8)والکظيمة والکظائم: خروق تُحفَرُ فيجري فيها الماءُ من بئرٍ إلي بئرٍ. وقيل: أنهار الکرم المحفورة بعضها إلي بعض نسقاً والکظيمة: المزادة. وهي الحوض أيضاً(9). وإنّما سمّيت بذلک لإمساکها الماء .(10)ومنه يفسّر الخبر: «أتي النبي( صلي الله عليّه وآله) کِظامة قومٍ بالطائف، فتوضّأ ومَسَح علي قدميه»(11)
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف بيعته بالخلافة: « وتَحامَلَ نَحوَها العَلِيلُ، وحَسَرت إليها الکَعَابُ»(12).
الکَعاب، بالفتح: المرأةُ حين يبدو ثديُها للنُّهود، ويقال: جارية کاعب ومُکعَّبُ ، وجمع الکاعب کواعب. وکَعَبت الجاريةُ تکعُب
ص: 733
و تکعِب ، کعوباً وکعابةً ، وکعِّبت: نَهد ثديُها(1)والکعبةُ: بيت الله تعالي، يقال: سُمّي لنتوّه و تربيعه. ويقال: إنَّ الکعبة الغُرفة(2)وفلان جالس في کعبته ، أي غرفته وبيته عليّ تلک الهيئة(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الراغبين في الله : «وسَاکِتٍ مَکعُوم»(4).
الکِعام: شيء يُجعل علي فم البعير، وقال ابن بري: وقد يُجعل علي فم الکلب يقال: کَعَم البعير يَکعَمه کعماً ، فهو مکعوم وکعيم (5). وأنشد ابن الأعرابي:
مررنا عليه وهو يکعَمُ کَلبَه *** دع الکَلب يَنبَح إنّما الکلبُ نابحُ
أي يشدّ فاه خوفاً أنّ ينبح فيدلّ عليه(6).
و منه يقال: کعم الرجلّ المرأة، إذا قبّلها ملتقماً فاها ، کأنّه سدّ فاها بفيه(7) وقد استعار(عليّه السلام ) ذلک الذي لايتکلّم، أو الممنوع من الکلّام والحديث. و الذي لا يمکنه أنّ يعبّر عن رأيه و سلمه، فهو مکعوم ممنوع. ومنه الحديث: دخل إخوة يوسف (عليّه السلام) مصرَ وقد کَعَموا أفواه إيلهم»(8) وفي حديث عليّ في وصف الأرض ودحوها عليّ الماء: «وکعمته علي کِظّة جَريَتِهِ »(9). استعار له هذا اللفظ تشبيهاً بالفحل الهائج الذي کعم فمه، لما يظهر من الاضطراب والهياج في أمواج الماء المتعالية عند اندفاعها. والمکاعمة التي جاءت في حديث الباقر (عليّه السلام) عن النبي( صلي الله عليّه وآله):
«أنّه نهي عن المکاعمة والمکامعة» هي: أنّ يَلثم الرجلُ الرجلَ. والمکامعة: أنّ يضاجعه ولا يکون بينهما ثوب من غير ضرورة(10) أُخِذ من الکِمع والکمَيع، وهو الضجيع. ومنه قيل لزوج المرأة : هو کميعها، قال أوس بن حجر:
وهبّت الشمالُ البليلُ ، وإذا*** بات کميعِ الفتاه مُلتَفعا (11).
وقال الليث : يقال: کامعتُ المرأةَ، إذا ضمّها إليه يصونها(12)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «سَيأتي عَلَيکم زَمَانُ
ص: 734
يُکفِأُ فيه الإسلامُ،کما يُکفَاُ الإناءُ بِمِا فيه»(1).
الإکفاء: يقال: أکفأتُ الشيء، قلبنه . ويقال للساهم الوجه: مُکفأ الوجه، کأنّ وجهه قد أُميل عمّا کان عليه من البشارة (2).واستعير هذ اللفظ للإسلام باعتبار خروجه عن الانتفاع به، کما يُقلب مافي الإناء من ماء وغيره (3)وشکوي عليّ (عليّه السلام) من قريش قائلاً:« فإنّهم قَد قَطَعوا رَحِمي، وأکفَؤُوا إنَائي»(4).
کنّي بقلب إنائه عن إعراضهم وتفرّقهم عنه(5) وما يستلزم ذلک من حرمانهم من خلافته وعدم انتفاع قريش من علمه الذي يعيه.
وفي حديث وصفه( صلي الله عليّه وآله): «يَخطو تَکفُّواً»(6) تکفُّؤاً: معناه خطاه کأنّه يتکسّر فيها أو يتبختر لقلّة الاستعجال معها، ولاتبختر فيها ولا خيلاء (7) ومنه يقال: أکفأت في مسيري، إذا جرت عن القصد ، قال ذو الرّمة:
علوت بها أرضاً تري وجه رَکبها*** إذا ما عَلَؤها مُکفاً غير ساجع
الساجع: القاصد، والمکفا: الجائر(8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في ذمّ الدنيا: «لاتَسأَلُوا فيها فَوقَ الکَفَافِ »(9).
الکفاف من الرزق: القوت ، وهو ما کفّ عن الناس، أي: أغني. والکفاف من القوت الذي علي قدر نفقته، لافضل فيها ولا نقص (10) ومنه دعاؤه صلي الله عليّه وآله: «اللهم ارزق محمّداً وآل محمد الکَفاف»(11) وفي الحديث القدسي: «لايؤثر عبدُ هواي علي هوي نفسه إلِا کفَفتُ عليّه ضَيعته»(12)کأن المعني أغنيته فيها عن الحاجة إلي غيرها (13)والکافّة: الجماعة، وقيل: الجماعة من الناس. و معني کافّة في اشتقاق اللغة: مايکف الشيء في آخره، ومن ذلک کُفّة القميص ، وهي حاشيته ، وکلّ مستطيل فحرفه کُفَة، وکلّ مستدير کِفَة نحو کِفة الميزان، وسُمّيت کُفّه
ص: 735
الثوب لأنّها تمنعه أنّ ينتشر(1) ومنه الحديث: «لا ألبس القميص المکفف بالحرير» أي الذي عُمِل علي ذيله وأکمامه و جيبه کفاف من حرير (2).
والکفّ: کفّ اليد، مؤنّثَة، وجمعها کفوف وأکُفّ وکُفُّ. واستکفّ السائل: بسط کَفَّه يَطلُبُ، وتکفّف مثله (3) ومنه الحديث : «يتصدّق بجميع ماله ثمّ يقعُد يَستکِفُّ الناس». يقال: استکفّ و تکفَّف: إذا أخذ ببطن کفّه، أو سأل کفّاً من الطعام، أو ما يَکُفّ الجوع. وفي الحديث : «يکفّ ماء وجهه» أي يصونه ويجمعه عن بذل السؤال. وأصله المنع. وفيه: «إنّ بيننا وبينکُم عيبة مکفوفة».
أي مُشرَجة علي ما فيها مُقفلة، ضربها مثلاً للصدور، وأنها نقيّة من الغلَّ والغشَّ فيما
اتفقوا عليّه من الصلح والهدنة. وقيل: معناه أنّ يکون الشرّ بينهم مکفوفاً ، کما تَکَفّ العَيبَةُ علي ما فيها من المتاع، يريد أنَّ الذحول التي کانت بينهم أصطلحوا علي ألّا ينشروها، فکانّهم قد جعلوها في وِعاء وأشرجوا عليها(4)ومن هنا جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام): «اللهُمَّ رَبَّ السَّقف المَرفُوع والجَوّ المَکفُوفِ الذي جَعَلتُه مَغِيضاً لِلَّيلِ والنَّهارِ، ومَجرَّي للشَّمسِ والقَمَرِ» (5).
الجوّ: الفلک العريض الواسع. والمکفوف: کأنّه عليه کفة من المجرة والنيرات ، فيکون الکفّة من کفّة الثوب أو کفف الوشم، وهي داراته، وأراد بالمکفوف الفلک المحکم في الخلق الشديد المبرأ عن الخلل والفطور، من قولهم: عيبة مکفوفة، أي مشرجة مشدودة (6) وکون السماء والفلک مغيضا الليل والنهار مجازاً، أي ينقص الليل مرّةً والنهار أخري، وإن زاد في الآخر، وذلک بحسب جريان الشمس (7).
في حديث الأفراس التي أهداها عليّ (عليّه السلام )إلي النبيّ: «فيها کميتان أوضحان» (8).
الکُمَيت مِن الخيل: بين الأسود والأحمر. قال أبو عبيد: ويفرّق بين الکُمَيت والأشقر بالعُرف والذَّنَب، فإن کانا أحمرين فهو أشقر ،وإنّ کانا أسودَين فهو الکُمَيت ، وهو تصغير
ص: 736
أکمت علي غير قياس، والاسم الکُمتَةُ(1).
ومنه يقال: کَمّت ثوبک ، أي: اصبغه بلون التمر، وهو حمرة في سواد(2).
في حديث فاطمة(عليّها السلام)للأنّصار ضمن خطبتها المشهورة: «وأنتم موصوفون
بالکفاح، معروفون بالخير والصلاح» (3).
الکفاح: يقال : کافحت الرجلَ مکافحةً وکِفاحاً وکفحته کفحاً، إذا واجهته ولقيته (4).
وهو يفيد معني الشجاعة.
في حديث عليّ (عليّه السلام) کلّم به بعض العرب:«أَرَأَيتَ لَو أنّ الذين وَرَاءَکَ بَعثُوکَ رَائِداً تَبتَغي لهم مَسَاقِطَ الغَيثِ فَرَجَعت إليهِم وأخبَرتَهُم عن الکلّأِ والمَاءِ » (5).
الکلّا: هو العُشب، وسواء يابسه ورطبه(6)يقال: أکلّات الارضُ فهي مکلئة (7) وکلاه الله يکلَؤُه کِلاءةً حفظه ،واکتلاتُ منه: احترست و کَلاَالدينُ يَکلا کُلوءاً: تأخر فهو کاليء ، بالهمز(8). وجاء في
الحديث أنّه نهي عن بيع الکاليء بالکاليء. وهو النسيئة بالنسيئة (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام):«فانّي فَقاتُ عَينَ الفتنةِ، ولم يَکُن لِيجتَرِيء عليّها أحدُ غَيري بعد أنّ مَاجَ غَيهبُها، واشتدّ کَلَبُها»(10).
الکلب: يقال : کَلِبَ الشتاءُ، إذا اشتدَّ بَردُه. اکفح وتکالب الرجلان، إذا تشاتما . والکَلَبُ داء يصيب الناسَ والإبل کالجُنون؛ رجلُ کَلِبُ من قوم کلبي (11) وقد استُعير الکَلَب للفتنة لتفاقم شرّها. والکَلبُ: نجمُ في السماء مشبّه بالکَلب لکونه تابعاً لنجم يقال له الراعي(12).
والکَلب: حديدة عَقفاءُ في رَحل المُسَافِر يُعَلَّق عليّها الزاد (13) وقد استُعير الکَلَبُ لشدّة النار وإيذائها في وصف عليّ (عليّه السلام) لها بقوله: «في نارٍ لها کلَبُ ولَجَبُ» (14).
ص: 737
في حديث عليّ (عليّه السلام)عن الفتن و الملاحم:«وبدا من الأيّام کُلُوحُها، ومن الليالي کُدُوحُهَا»(1).
الکُلُوح: العبوس، يقال : کَلَحَ الرجلُ، ودهرُکالِحُ. وربّما قالوا للسنة المجدبة: کَلَاحِ(2). وتقول العرب: قبّح الله کَلحَته، يريدون الفم وما حوله(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علي الماء: «وسَکَنَ هَيجُ از تِمَائِه إذ وَطِئَتهُ بکَلکَلِهَا» (4).
الکَلکَلُ والکَلکَالُ: الصدر من کلَّ شيء، وقيل: هو مابين التَّرقُوَتَين(5) والکُلکُل: الرجل الضرب ليس بجدَّ طويل، وکذلک الکُلاکل. والکُلکُلَة من النساء: القصيرة. والکلاکل من الجماعات ، کالکراکر في الخيل (6). وقد استعار امرؤ القيس لفظ الکلکل لأول الليل والأعجاز لآخره بقوله:
وليلٍ کموج البحر أرخي سُدُولَه ***علي بأنواع الهُمومِ لِيبَتَلِي
فقلتُ له لماتمطّي بصُلبِه*** وأردَفَ أعجازاً وناءَ بکَلکَل (7).
والکَلُّ: العيال والثَّقل، والکَلُّ. الذي هو عيال وثقل علي صاحبه، الذکر والأنّثي في
ذلک سواء، وربّما جُمع علي الکُلول من الرجال والنساء، کلَّ يَکِلُّ کُلولاً. ورجلُ کَلُ ثقيل لا خير فيه، والکلّ: اليتيم ، والکلّ الوکيل. وکلَّ الرجلُ، إذا تعِب . ومن هذا قال علي عليّه السلام في التوحيد: «ولا استَعَان بهم لِکَلال»(8) وکلَّ السيف، إذا لم يقطع(9)وقد استعير منه للشخص الضعيف الذي لا قدرة له في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الناس بقوله: «منهُم من لا يَمنَعُهُ الفَسَادَ في الأرضِ إلاّ مَهَانَةُ نفسِه، وکَلالَةُ حَدّه، ونَضيضُ وفرِهِ» (10)ومن هذا وصف عليّ (عليّه السلام) الأشتر بقوله: «لاکليلُ الظَّبَة، ولا نابِي الضريبة» (11).
وکلّ الرجلُ، إذا توکُل. وکلّل الرجلُ: ذهب
ص: 738
وترک أهله وعياله بمضيَعة(1)ومنه يَفسّر حديث الصادق (عليّه السلام) عنه (صلي الله عليّه وآله): «ملعونُ من ألقي کلّه علي الناس»(2). والکلالة في النسب من أحاط بالميّت وتکلّله من الأخوة والأخوات، والولد والوالد ليسا بکلالة لأنّها أصل النسب الذي ينتهي إلي الميّت، ومن سواهما خارج عنها (3). والفعل کلّ يَکِلُّ کَلالةً. وأصبحت مُکلّا، يريد بذلک القرابة.
وسُمّي کلّالةً لأنّ النسب تکلّله، أي : أحاط به، وقيل: لأنّ القرابة کَلت عن أنّ تکون قرابة ماسّة مشتبکةً. والکليلُ: السيفُ الذي لاحدّ له، کلّ کلّالةً وکُلّولاً وکلّلتُ عليه بالسيفِ: حَمَلتُ عليه. والکلل: المصيبةُ. والحمدُلله .عليّ کُلّ کَلل، أي علي کلّ حالٍ من الشدّة. والانکلال: تبسّم البرق وانعقاقه، بقول الأصمعي، وهو أيضاً: الضحک الحَسَن.
والإکليل: شِبه عِصَابَة مُزَيّنةٍ بالجوهر، وهو محلول بکذا و مُکَلّل به. وهو أيضاً: من منازل القمر (4) ومنه حديث عائشة: «دخل رسول الله( صلي الله عليّه وآله) تبرُقَ أکاليل وجهه». جعلت لوجهه( صلي الله عليّه وآله) أکاليل، عليّ جهة الاستعارة (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام )لما غزا جيش معاوية الأنّبار: «ثمّ انصَرَفُوا وَافِرين، ما نَالَ
رجلاً مِنهُم کَلمُ»(6).
الکَلم: يقال: کَلَمتُ الرجلَ أکلِمه کلَماً، إذا جرحته فهو کليم ومکلوم، والجراح کلام، وقوم کَلمي مثل جَرحي(7) والتثقيل مبالغة، تقول: کلّمته، جرحتهُ جِراحةً بان تأثيرها(8) وقد استعير الکلم لفقدان المسلمين نبيّهم( صلي الله عليّه وآله )في حديث فاطمة (عليّه السلام) مع القوم: «والکلم رحيب، والجرح لمّا يندمل والرسول لمّا يُقبر»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «بَادَرَ مِن وجَل، وأَکمَشَ في مَهَل» (10).
الکمش: الرجل السريع الماضي. يقال: کَمِشَ کَمَشاً وکَمُشَ، بالضم يَکمُش کماشَة وانکمش في أمره وانشمر وجدّ بمعني واحد. وکمّشته تکميشاً أعجلته فانکَمش وتکمّش، أي: أسرع، ورجل کميش الإزار:
ص: 739
مُشَمّره. والکمش إنّ وُصِف به ذکرُ من الدواب فهو القصير الصغير الذّکر، وإنّ وُصِفت به الأنّثي فهي الصغيرة الضّرع وخُصية کَمشةُ: قصيرة لاصقة بالصّفاق، وقد کَمُشت کُموشةُ (1) ومن هذا فُسّر حديث الصادق( عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله) قوله يوم بدر:«لاتواروا إلاّ کميشاً »(2). ولا يکون ذلک إلاّ في کرام الناس. والأکمش: الذي لا يکاد يُبصر. وتکمّش جلده، أي: تقبّض واجتمع (3) ومنه سُمّيت الصغيرة الضّرع کموش، انکماش ضَرعها، وهو تقلّصه(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الدنيا: «مَن راقَهُ زِبرِجُهَا أَعقَبَت نَاظِرَيه کَمَهاً» (5).
الکَمَه: يقال : کَمِه کَمَهاً، من باب تعب، فهو أکمه، والمرأةُ کَمهَاءُ، مثل أحمر حمراء
وهو العَمَي يُولد عليه الإنسان(6) وقد يکون من عَرض يَعرِض (7)وربّما قالوا: کَمِه النهارُ، إذا اعترضت في الشمس غبرة. وکَمه الإنسانُ، إذا تغيّر لونه(8).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وَزَمَن کَنُود»(9).
الکنود:الکَفور، کَنَدَ يَکنُدَ ويکنِد(10)
ومراده عليّه السلام زمن لا خير فيه، فالکفور لا يُرجي منه خيرُ. ومنه قوله تعالي:﴿ إنّ الإنسانَ لِرَبّه لَکَنُودو﴾ (11). والکنود بلسان کندة: العاصي، وبلسان بني مالک: البخيل، وبلسان مضر وربيعة: الکفور (12). وکِندة: هوکندة بن ثَور (13).
قال ابن دريد: وبه سمّيت قبيلة کِندة، من قولهم: کَند نعمة الله(14) وقيل: لأنّه کند أباه ففارقه (15)وعن النبي (صلي الله عليّه وسلم) قال: «الکنود : الذي يأکلّ وَحدَه ويمنع رفدَه ويضرب عبده» (16).
في حديث عليّ( عليّه السلام): « وقَد رَأَيتُ أنّ أَقطَعَ هذهِ النُّطفَةَ إلي شِرذِمةٍ مِنکُم، مُوَطّنين أَکنَافَ دَجلَةَ»(17).
الکَنَف: بفتحتين: الجانب، والجمع أکناف. واکتنفته القوم کانوا منه يمنة ويسرةً.
ص: 740
والکنيف: الحظيرةُ، والکنيف الساتر، ويُسمّي التُرسُ کنيفاً لأنّه يستر صاحبه. وقيل
للمرحاض کنيف لأنّه يستر قاضي الحاجة(1) وقولهم: أنّت في کَنَف الله، معناه أنّت في حياطة الله و ستره (2).
وکتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر يوصيه بالرعية:«ونحّ عنهم الضيقَ والأنّف، يبسط الله عليک بذلک أکناف رحمته»(3).من هذا. وقولهم الجناحي الطائر: کنفاه، لأنّهما يسترانه (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يوصي بالتقوي: «تَؤُول بکُم إلي أَکنان الدَّعَةِ، وأوطَان السَّعَةِ»(5).
الکِنّة: مِخدَع أو رفّ في البيت، والجمع کُنن(6) وقال الأصمعي في الکنّة:« هو الشيء يخرجه الرجل من حائطه کالجناح (7). وسُمّيت المرأة المتزوّجة کنّة لکونها في کِنّ من حفظ زوجها»(8) ودعاء عليّ( عليّه السلام) في الاستسقاء: «اللّهُمّ إنّا خَرَجنا إليک مِن تَحتِ الأستَار والأکنَانِ» (9) جاء من هذا المعني .
وفي حديثه (عليّه السلام )عن علم الله: «ومَا ضَمِنَتهُ أکنَانُ القُلُوبِ».(10)أراد الضمائر والأسرار من قولهم: أکننته في تفسي، إذا أسررته(11).
وباعتبار الحفظ جاء حديث فاطمة( عليّها السلام) بين عن أبيها ميا : «سمّاه قبل أنّ اجتباه، واصطفاه قبل أنّ ابتعثه. إذ الخلانق بالغيب مکنونة»(12) والکياند: کالجعبة غير أنّها صغيرة تُتخذ للنّبل. والکانون والکانونة الموقد(13) والکانون عند العرب - من باب المجاز - الثقيل من الرجال والنساء، فکانّهم
شبهوه لثقله علي القلوب بالکانون الذي تُجعل فيه النار (14).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : «ما کلّم رسولُ الله (صلي الله عليّه وآله )العباد بکنه عَقله قَطّ»(15).
الکُنه:نهاية الشيء وحقيقته وجوهره.
تقول: بلغتُ کُنهَ هذا الأمر، أي غايته. وکنهُ کلّ شيء وقته ووجهه، قال الشاعر:
ص: 741
وإنّ کلّام المرء في غير کُنهه***الکالنّبل تهِوي ليس فيها نِصالُها (1)
ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «واحذرُوا مِنهُ کُنهَ مَا حَذّرَ کُم مِن نَفِسِه»(2).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن الغمام: «ولم يَنَم وَمِيضُه في کَنَفوَرِ رَبَابِه، و مُتَرَاکِمِ سَحَابه»(3).
الکَنَهوَرُ: العظيم من السحاب، والرَّبابُ الأبيض منه، والنون والواو زائدتان. قال الأصمعي وغيره: هو قِطَعُ من السحاب أمثال الجبال، واحد ته کَنَهوَرَةُ ، قال ابن مُقبِل:
لها قائدُ دُهم الرَّباب، وخَلفَهُ*** روايا يُبَجَّسنَ الغَمامَ الکَنَهورا(4)
والکَنَهورَةُ من النُّوق: الضخمةُ العظيمةُ .و رجل کَنَهوَرُ: ضخمُ (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن وصفه (صلي الله عليّه وآله) : «خَيرَ البرَيَّةِ طِفلاً، وأنجَبَها کَهلاً»(6).
الکهل: من الرجال، المجاوز حدّ الشباب، رَجل کهل وامرأةُ کَهلة، والجمع کهول. والکاهل بين الکتفين من الإنسان والدابّة (7) سُمّي بذلک لقوّته، وأمّا قولهم للنبات: اکتهل ، فإنّما هو تشبيه بالرجل الکهل، واکتهال الروضة أنّ يعمّها النَّور، قال الأعشي:مؤزّر بعميم النبت مکتهلُ (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) :«المُنَجَّمُ کَالکَاهِنِ»(9).
الکِهانة، بالکسر: الصناعة. وکهن يکهُنَ، من باب قتل، کَهانةً، بالفتح فهو کاهن(10).
والکهِانة إخبارات عن أُمور ستکون ، وهي تُشبه التنجيم. وتکهّن: قال مايُشبه قول الکَهَنة (11) قال الراغب: الکاهن هو الذي يُخبر بالأخبار الماضية الخفيّة بضرب من الظنَّ،والعرّاف الذي يُخبر بالأخبار المُستقبلة علي نحو ذلک (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «إلّا أنّ يَکونَ صَاحِبَ
ص: 742
عَرطَبة، أو صَاحِبَ کَؤبةٍ»، وهي الطبل.
العرطبة والکَؤبة الطنبور(1) وقيل :
الکوبة: النرد بلغة اليمن (2) وجاء في الحديث النبويّ: «حرّمَ عليّ الخمر والکوبة والقنَّين»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام ) : «ليس فيما تُخرِج أکوار النحل صدقة»(4).
الکُور: بناء الزنابير. والکُور: رحل الناقة بأداته، وهو کالسرج و آلته للفرس(5).والشاهد الذي أنّشده عليّ عليّه السلام في خطبته الشّقشِقيّة:
شّتانَ مايَومي عليّ کورِها***ويومُ حَيّانَ أخي جابر (6)
من هذا المعني، وأراد (عليّه السلام) تباعد ما وبينه(عليّه السلام) القوم (7).
والکَور: لوث العمامة، يعني إدارتها علي الرأس (8) ومنه جاء قوله تعالي:﴿إذا الشمس کوّرت ﴾ (9). أي کما تکوّر العمامة (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولقد أَصبَحنَا في زَمَانٍ قد اتّخَذَ أکثَرُ أَهلهِ الغَدر کَيساً» (11).
الکيس: الخفّة والتوقّد، کاس کيساً، وهو کيسُ وکيس، والجمع أکياس، وهو خلاف
الأحمق، والکيس في الأُمور يجري مجري الرّفق فيها. وتکيّس الرجل: أظهر الکيسَ.
والکيِسَي : نعت المرأة، الکيّسة، وهو تأنيث الأکيس ، وکذلک الکوسي، وقد کاس الولد يکيس کَيساً وکِياسة (12) وباعتبار العقل جاء حديثه( عليّه السلام ): «إنّ الله سُبحانَهُ جَعَلَ الطاعَة غَنيِمة الأکيَاسِ» (13) وکيسان اسم للغدر، والکيّس وکيسان اسم رجل (14) وباعتبار الغدر يُفسر حديث الصادق (عليّه السلام) : «مازال سرُّنامکتوماً حتّي صار في يد ولد کيسان فتحدّثوا به في الطريق وقُري السَّواد»(15) وفي الحديث : «فإذا قَدِمتُم فالکَيس الکَيسَ»
ص: 743
قيل: أراد الجماع، فجعل طلب الوَلَد عقلاً (1)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «رَايَةُ ضَلَالٍ قَد قَامَت علي قُطبِها، وتَفَرّقَت بِشُعَبِهَا، تَکِيلُکُم بِصَاعِها»(2).
الکيل: کيلُ البُرَّ ونحوه، وهو مصدر کال الطعام ونحوه يکيل کيلاً؟ ومَکالاً ومَکيلاً
أيضاً. وکيِل الطعام، علي ما لم يُسم فاعله، والطعام مکيل ومکيول مثل مخيط و مخيوط (3) ومنه جاء الحديث النبوي:« کيلوا طعامکم فإنّ البرکة في الطعام المکيل»(4)وقوله : «تکيلُکُم بِصَاعِها»
تکيل لکم، فحذف اللام، کما في قوله تعالي ﴿وإذا کَالوهُم أووَزَنُوهم ﴾ (5) أي کالوا لهم ، أو وزنوا لهم. والمعني تحملکم علي دينها ودعوتها، و تعاملکم بما يعامل به من استجاب لها. ويجوز أن يريد: يقهرکم أربابها علي الدخول في أمرهم، ويتلاعبون بکم ويرفعونکم ويضعونکم کما يفعل کيّال البُرّ به إذا کاله بصاعهِ(6) وجاء في الخبر: «إن المکيال مکيال أهل المدينة، والميزان ميزان أهل مکة» والمکيال : هو مِفعال من الکيل، والميم فيه للآلة(7) وجاء في الخبر النهي عن المکايلة، وهي مفاعلة من الکيل، والمراد المکافأة بالسوء قولاً أو فعلاً و ترک الإغضاء والاحتمال. وقيل: معناه النَّهي عن المُقايسة في الدين، وترک العمل عليّ الأثر(8) وفي حديث عليّ ع المروي شعراً :
أکيلکم بالسيف کيل السَّندرة***أضربکم ًضربا يُبين الفِقرة (9) أي: أقتلکم قتلاً واسعاً ذريعاً. السندرة: مکيال واسع. قيل: يحتمل أنّ يکون اتُّخذ من السندرة ، وهي شجرة يُعمل منها النبل والقِسيّ، والسندرة العجلة، والنون زائدة (10).
أي أقاتلکم بالعجلة، وأُبا درکم قبل الفرار. والسندرةُ: الجُرأَةُ ورجل سِنَدرُ، علي فِنَعلٍ ، إذا کان جريئاً ، والسَّندَرُ : الجريء المتشبَّع(11)
ص: 744
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولا استطاعَت جَلابيبُ سواد الحَنادِس أنّ تَرُدَّ ما شَاعَ في السماوات مِن تَلألُؤِ نُور القَمَر»(1).
اللألأة: يقال : تلألأ النجمُ تلألؤاً، إذا المع(2) وباعتبار الصفاء والبريق جاء وصف عليّ (عليّه السلام) : لنعم الجنّة بقوله: «وفي تَعليق کَبَائِس اللُّؤلؤِ الرَّطبِ في عَسالِيجِها وأفنائها» (3) ولألأت الظباء بأذنابها، إذا حرّکتها (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في خلقة الله تعالي العالم: «أحَال الأشيَاء لأَوقَاتِها، وَلأَم بين مُختَلِفاتِها، غَرَّزَ غَرائزَهَا، وأَلزَمَها أشبَاحَها»(5)، لأم : يقال : التأم الشيئان: اتفقا واللُّؤَم المُلاءمة والموافقة(6).
وباعتبار خلق الله للأشياء بدقّة وتناسب قال (عليّه السلام ): «جَعَل لکم أسمَاعاً لِتعَي ماعناها،وأبصاراً لتجلو عن عَشَاها ، وأشلاءً جَامِعَةً لأعضَائها، مُلائِمَةً لأحنَائِها»(7).
واللأمةُ : السلاح. واستلامَ الرجلُ ، إذا ليس لأمَتَه (8)ومنه جاء حديث عليّ(عليّه السلام) :« وأَکمِلوا اللَّأمَةَ»(9) وأراد بإکمال اللأمة جميع آلات الحرب ومايحتاج إليه.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن فضل القرآن
ص: 745
«واستَعِينُوا به عَلي لَأرائِکُم»(1).
اللأواء: الشدّة والبؤس، وهي اللولاء أيضاً.(2) يقال : هم في لاواء العيش: في شدّته. وفعل ذلک بعد لَأي ، ولأياً عرفتُ ، ولاياً بطي رکبت.
قال الشاعر:
فلاياً بلأي ماحملنا غلامنا*** عليّ ظهر محبوک شديد مراکلّه
ولأيتُ لأياً : أبطأتُ والتأت عليَّ الحاجةُ(3) واللَّاَي مثل اللَّعَي: : الثو الوحشي، والأنّثي لاة مثل لَعَاة.
واختلفوا في اسم لُؤَيّ ، فقال قوم : هو
تصغير لأي ، وقال قوم : هو تصغير اللَّوَي، وأمّا لواء الجيش ، ممدود(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الدنيا: «يَهوِي إلَيهَا الغِرُّ الجَاهِلُ، وَيَحذَرُهَاذُ و اللُبّ العَاقِلُ»(5).
اللُبُّ : العقل، ولبَّ الرجلُ، إذا صار لبيباً(6)ورجل لبيب ، أي عاقل. وخالص کلّ شي لُبابه. واللَّبَّةُ : موضعُ القلادة من الصدر (7) قال ابن دريد: هو باطِن العنق (8).
ولما کان الإسلام کاملاً وراشداً يهئ الإنسان للتکامل والسمو والرقي، قال عليّ (عليّه السلام) عنه : «فَهماً لِمَن عَقَلَ، ولُبّاً لِمَن تَدبَّر»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «ولَبَد بَعدَ زَيفَان
وَثَباتِه» (10).
اللبود: يقال : لَبَد بالمکان يَلبُد لُبوداً ولَيبِداً ولبَدَ وألبد : أقام به ولَزِق، فهو مُلبدُ به ، ولَبِد بالأرض وألبد بها، إذا لزمها فأقام ، ومنه حديثه ل لرجلين جاءا يسألانه: «ألبدا بالأرض حتّي تَفهما» ، أي : أقيما. واللَّبُود: القُراد، سُمّي بذلک لأنّه يَلبَد بالأرض، أي يلصق. وتلبّدُ الطائرُ بالأرض، أي جثمّ عليّها . واللُّبَدُ واللَّبِدُ من الرجال: الذي لا يسافرولا يبرح منزله ولا يطلب معاشاً، وهو
ص: 746
الأليسُ. وتلبِّد الشعرُ والصوفُ والوَبَر والتبدَ: تداخل ولَزِق وکلُّ شعر أو صوف مُلتَبدِ بعضُه
عليّ بعضٍ ، فهو لبد ولشدة ولُبدة، والجمع ألباد و لُبُود.
وإذا رُقِع الثوبُ ، فهو مُلَبّدُ وَملبود. وکلّ شئ ألصقته بشئ إلصاقاً شديداً، فقد لبّدته ،ومن هذا اشتقاق اللُّبود التي تُفرش. ومال لُبَد: کثير لا يخاف فناؤه کأنّه التبد بعضه علي
بعض(1). ومنه قوله تعالي: ﴿أهلکت مالاً لُبَدا﴾(2)
واشتقاق «لبيد» من قولهم: لَبِدَ بالمکان، أي أقام به(3) ومنه المثل: « طال الأبد عليّ لَبَد» يعنون آخر نسور لقمان بن عاد ، وکان قد عُمّر عمر سبعة أنّسر، وکان يأخذ فرخ النسر، فيجعله في جوبة الجبل الذي هو في أصله ، فعيش الفرخ خمسمائة سنة أو أقلّ أو أکثر ، فاذا مات أخذ آخر مکانه، حتّي هلکت کلّها إلّا السابع أخذه فوضعه في ذلک الموضع، وسمّاه لُبَداً، وکان أطولها عُمر اً، فضربت العربُ به المثل (4).
سمَّاه بذلک لأنَّه لبدَ فبقي لايذهب ولا يموت کاللَّبِد من الرّجال اللازم لرحله لايفارقه (5).
ومن هذا جاءت الوصية بأهل البيت (عليّهم السلام ) في حديث عليّ (عليّه السلام) :
«انظُروا أهلَ بَيتِ نَبيّکُم فَالزَمُوا سَمتَهُم، واتَّبِعُوا أثَرَهُم، فَلن يُخرِجُوکُم مِن هُديً، ولَن يُعيدُوم في رَدًي، فإنّ لَبَد وا فَالبُد وا»(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام)في ذمّ الدنيا :« والتَبسَت بِقَلبِ النَّاظِرِ، فَارتَحِلُوا مِنها بأحسَنِ مَا بِحَضرَتِکُم مِن الزَّادِ» (7).
اللبس: يقال : لابسَتُ فلاناً ، خَالطتهس، ولابستُ الأمر، إذا زاولته(8)وفي فلان مَلبَس، إذا کان فيه مُستَمتع . قال الشاعر:
ألا إنَّ بعد الفقر للمرء قِنوةً*** وبعد المشيب طولَ عُمرٍ وَمَلبَسا(9).
والبَس الناسَ علي قدر أخلاقهم عاشرهم (10) واللَّبوس من کلَّ شئ: مالبسته من ثوب أو غيره، وما تحصّنت به من درع أو
ص: 747
غيرها(1) وقد استُعير اللبس للتمويه والبدع وطلب الدنيا في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الفتن . «و لُبسَ الإسلامُ لُبسَ الفَروِ مَقلُوباً»(2) وأصل اللبس سَترُ الشئ، ويقال ذلک في المعاني، يقال : لَبَستُ عليّه أمره(3).
ومن هذا المعني قال عليّ (عليّه السلام) : «ولَو أنَّ الحَقَّ خَلَصَ من لَبس البَاطلِ انقَطَعَت عَنه اَلسُن المُعَانِدينَ»(4). وباعتبار البصيرة والهداية الکاملة لدي عليّ (عليّه السلام )قال (عليّه السلام ): «ما لبّستُ علي نفسي ، ولا لُبّس عليّ»(5). وقال شاکراً نعمه تعالي لخلو عقله من الخلط والجنون بقوله: «الحمد لِله الذي لم يُصبِح بي مّيتاً ولاسقيماً.. ولامُلتَبساً عَقلي»(6).
في حديث الباقروالصادق (عليّهم السلام) : «في صدقة الإبل إذا بلغت خمساً وثلاثين ففيها ابنة لَبون»(7).
اللبون، بالفتح: الناقة والشاة ذات اللبن غزيرةً کانت أم لا، والجمع لبن ، بضم اللام والباء ساکنة ، وقد تضم للإتباع.
وابن اللبون ولد الناقة يدخل في السنة الثالثة، والأنّثي بنت لبون ،سُمّي بذلک لأن أمّه ولدت. غيره فصار لها لبن، وجمع الذکور کالاناث بنات اللبون(8).
وجاء حديث عليّ (عليّه السلام ): کنّ في الفِتنَةِ کابنِ اللَّبُون، لاظَهرُفَيُرکَبَ، ولاضَرعُ
فيُحلَب»(9) والمراد عدم انتفاع الظالمين بک بوجهٍ(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن آل النبي (صلي الله عليّه وآله):« هُم مَوضِعُ سِرَّه، ولَجَأُ أَمرِهِ ، وعَيبةُ عِلمه، ومَؤئِلُ حُکمِهِ»(11).
اللَّجَأُ الموضع المنيع. ولجأتُ إليه لَجأً لَجَأ و لجا: إذا اعتصمت به، وألجأته الجاءً ، إذا عصمته (12) وکونهم ملجأ أمره أنّهم الناصرون له والقائمون بأوامر الله والذابّون عن الدين فإليهم يُلتجأ وبهم يقوم سلطانه(13). وألجأته إليه ولجّأته ، بالهمزة والتضعيف: أضطررته
ص: 748
وأکرهته (1)ومن هذا کتب عليّ (عليّه السلام) الا لأهل
البصرة : «ولئن أَلجأتُموني إلي المسَير إليکم لأوقعنَّ بکم وَقعةً لا يکون الجَملُ إليها الّا
کَلَعقةِ لاعِق»(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «في نارٍ لَها کَلَبُ ولَجتُ» (3). اللّجَبُ : الصوت والصياحُ والجَلَبة ، تقول: لَجِب ، بالکسر.
واللجب: صوتُ العسکر. وعَسکَرُ لَجِب: عَرمرَمُ وذو لَجَب وکثرة(4).
واللَّجبَ: السحاب الذي له صياح من الرعد والبرق(5)
وشاهده قول الأعشي :
ما يجعل الجدُّ الظنون الذي*** جُنّبَ صوبَ اللجِبِ ، الماطر (6).
واللّجبة بفتح اللام وسکون الجيم: التي أتي عليها من الغَنَم بعد نتاجها أربعةُ أشهر فخفَّ لبنها، وجمعها لجاب ولَجَبات. وقد لَجُبَت بالضم ولَجَّبت . وقيل : هي من المعز ، خاصّة. وقيل : في الضّأنِ خاصّة (7).
في وصيّة عليّ (عليّه السلام) للحسن( عليّه السلام) : «وإيّاک أن تَجمَعَ بک مَطِيّهُ اللّجَاج»(8).
اللجاج : يقال : لجّ يَلَجُّ لجاجاً ، إذا مَحِک في الأمر(9) ولجّ في الأمر لججاً و لجاجةً فهو الجوج ، ولجوجَةُ ، مبالغةُ إذا لازم الشئ وواظبه (10)وسمعتُ لَجّة القوم ، أي :أصواتهم (11)والتجّت الأصوات : اختَلَطَت ، والفاعل ملتجُ ولُجّة الماء ، بالضم : معظمه ، واللُجُّ بحذف الهاء لغة فيه(12)واللجّة من أسماء السيف (13) ومن هذا يفسّر ما جاء في الخبر بأنّ طلحة قال : فوضعوا اللجّ علي قفَيّ .
قال الأصمعي: يعني السيف ، قال : نري أنّ اللج اسم سمّي به السيف کما قالوا الصمصامة ، وذو الفقار ونحوه. ويقال فيه قول آخر شبّهه بلجّة البحر في هوله ، يقال : هذا لجّ البحر
ص: 749
وهذه لجّة البحر(1)وقال ابن دريد في معني الخبر : شبّه بريقه بلجّة البحر (2).
وفي الحديث : قال الصادق (عليّه السلام) :«الأغلب مَن غلب بالخير، والمغلوب من
غَلَب بالشرَّ ، والمؤمن مُلجَم»(3)
ملجم : بمعني مقيّد، قيّده الأدب والدين، فکلامه محدود، وسلوکه مَحدَّد، لايقول ولا يفعل إلّا بميزان. ومُلجَم: مستعار من اللَّجام :حبَل أو عصاً تُدخل في فم الدابة وتُلزق إلي قفاه.
تلجّمت المرأة ، إذا استنفرت لمحيضها واللجام ماتشدُّه الحائض (4) .ومن معني الصمت والسکون جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للمخلوقين عند البعث بقوله : «وألجَمَ العَرَقُ»(5). أراد (عليّه السلام) بلغ الفم وصار کاللجام (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «من فِلِزَّ اللُّجَينِ والعِقيَان، ونثارة الدُّرَّ وحصيد المَرجان» (7).
اللُّجَينُ : الفضّة ، لامکبّر له ، جاء مُصغّراً مثل الثُّرَيّا والکُمَيتَ ، قال ابن جنّي : ينبغي أنّ يکون إنّما ألزموا التحقير هذا الاسم لاستصغار معناه مادام في تُراب مَعدِنه فلزمه التخليص. واللَّجينُ : ورقُ الشجر يُخبط ثمّ يُخلَط بدقيق أو شعير فيُعلَفُ للإبل.
واللَّجين : زَبَدُ أفواه الإبل . يقال بفتح اللام. وتلَجَّن الشئ : تَلزَّجَ ، و تلجّن رأسه: اتسخ، وهو منه(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الدنيا: «فَاستَبدَلُوا بالقُصُور المُشَيّدَةِ، والنَّمَاِرق : از المُمَهّدَةِ، الصخور والأحجار المُسَنَّدةَ ، والقبور اللاطئة المُلحَدَة ، التي قد بُني علي الخَرَابِ فِنَاؤُها»(9).
اللّحدُ: حُفرة مائلة عن الوسط، وقد لَحَدَ و القَبرَ : حَفَره کذلک ، وألحَده ، وقد لَحَدَتُ الميَّتَ والحَدتَه : جعلته في اللّحد ، ويستي اللَّحدُمُلحَداً، وذلک اسم موضعٍ من ألحدته (10)
ومن المجاز : ألحد في دين الله . ولحد عن القصد: مال عنه (11) . وکلّ مائل عن شئ لاحد ومُلحِد ، ولا يقال له: لاحد،
ص: 750
ولا مُلحِد، حتّي يميل عن حقّ إلي باطل(1).
في حديث هند في وصفه( صلي الله عليّه وآله): «جلُّ نظره الملاحظة» (2) الملاحظة : المفاعلة من اللحظ ، وهو النظر بِشِقَّ العين الذي يلي الصُّدغ. وأمّا الذي يلي الأنّف فالموق والماق(3)وفي الألحاظ جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ»(4). وهو الإيماء الخارج عن حدود
الشريعة (5).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء «وتلاحمَت عَلَينا الفِتَنُ المُستَصعِبةُ»(6).
الملحمة : الحرب ذات القتل الشديد. والوقعة العظيمة في الفتنة. ولُحِم الرجلُ فهو لحيم، وأُلحِمَ: قُتِل. واللحيم : القتيل. واستُلحِم الرَّجلُ ، إذا احتوشه العدّو في القتال. وجمع الملحمة ملاحم مأخوذ من اشتباک الناس واختلاطهم فيها کاشتباک لُحمةُ الثوب بالسَّدي، وقيل : هو من اللحم لکثرة لحوم القتلي فيها . واستلحم الزرع واستکّ وازدجّ، أي التفَّ (7)وتلاحمت الفتن : اتصلت(8)ومن معني الاتصال قيل للرتقاء من النساء لاحمة أو متلاحمة(9) ومن ذلک قول عليّ (عليّه السلام) : «مَن شَبّهک ّبَتَبايِنِ أعضَاء خَلقِک، وتَلاَحُمِ حِقَاق مَفَاصِلهِم المُحتَجِبة»(10) والمتلاحمةُ : الشجّة التي أخذت في اللحم ولاتصدع العظم ، ثمَّ تَلتحِم بعد شقّها (11) وفيها جاء حديث الصادق (عليّه السلام) :« في المتلاحمةُ ثلاثة أبعرة» (12) ولَحَم الشئ يَلحُمه لَحماً وألحمَه فالتحم : لأمَه .
واللّحامُ : مايلاَّم به ويُلحَمُ به الصَّدع .والمُلحَمُ : الدعيُّ المُلزَقُ بالقوم ليس منهم. والذي أسِر وظفِر به أعداؤه (13). وثوب
ص: 751
مُلحَم : إذا تداخل يداه(1)وفيه جاء السؤال :الثوب المعلم هل يُحرم فيه ؟ قال الصادق (عليّه السلام ):«نعم ، انّما يُکره المُلحَم» (2)وکنّي عليّ( عليّه السلام) عند السحاب الثقال بقوله : «نَاشئِة
الغيوم ومُتَلاحِمِها»(3). وفي حديث الصادق عن أبيه عليّه عن النبي صلي الله عليّه وسلم قال : «الولاء لحمة کلحمة النسب لاتُباع ولاتُوهب» (4).
قد اختلف في ضمّ اللّحمة وفتحها ، فقيل هي في النسب بالضمّ وفي الثوب بالضم والفتح ، وقيل : الثوب بالفتح وحده ، وبالضم ما يُصاد به الصيد. ومعني الحديث المخالطة في الولاء وأنّها تجري مجري النسب في الميراث کما تخالط اللّحمة سَدَي الثوب حتّي يصيرا کالشي الواحد ، لما بينهما من المداخلة الشديدة(5) ويقال : لحمة البازي ، ولحمة النسب ، ولحمة الثوب واحد ، وهي المشابکة والمخالطة(6) ومنه حديث عليّ عليّه السلام : «إنّ ولي محمّدٍ؛ من أطاع الله وإنّ بَعُدت لُحمَتُهُ» (7). وقوله عليّه السلام في بني أمية : «لأنّفضنّهم نفضَ اللحَام الوذامَ الترية» (8) أراد نفض القصّاب القطعة من الکبد أو الکرش من التراب إذا أصابته(9) وکنّي لا عن الفشل والجبن بقوله: «إنَّ امراً يُمکَّن عَدوَّه مِن نَفسِه يَعرُقُ لَحمُه» (10).
في الحديث : اختصم رجلان إلي النبي (صلي الله عليّه وآله) في مواريث وأشياء قد درست ، فقال النبي( صلي الله عليّه وآله): «لعلّ بعضکم أنّ يکون ألحن بحجّته مِن بَعض فَمَن قَضيتُ له بشيء مِن حقَّ أخيه فإنّما أقطَعُ لَه قطعة من النار».
اللحن، بفتح الحاء : الفطنة. واللحن بجزم الحاء: الخطأ(11). أراد : إنّ بعضکم يکون أعرف بالحجّة وأفطن لها من غيره. يقال : لَحَن فلان في کلّامه، إذا مال عن صحيح المنطق. ويقال : لحنت لفلان ، إذا قلت له قولاً ، يفهمه ويخفي عليّ غيره، لأنّک تحيله بالتورية عن الواضح المفهوم (12)، وقيل للمخطيء: لاحن، لأنّه يعدل بالکلّام عن
ص: 752
الصواب (1) ورجل لَحِن: عارف بعواقب الکلام ظريف. ولاحن الناس : فاطنهم، ومنها قول الشاعر مالک بن أسماء الفزاري:
وحديث ألذّه هو ممّا ***ينعت الناعتون يُوزَنُ وَزناً
مَنطقُ رائع ، وتلحن أحيا***ناً، وخيرُ الحديث ما کان لَحنا
وقوله تعالي:﴿ ولتعرفنّهم في لحن القول﴾(2) يريد في فحواه ومعناه(3). ومن هذا قال عليّ للأشتر : «ولا تعوَّلَنَّ عليّ لحنِ قولٍ بعد التأکيد والتوثِقة»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عمرو بن العاض: «يَسال فيُلحِف»(5).
الإلحاف : شدّة الإلحاح في المسألة.
ألحف ، ومنه قول الشاعر:
الحر يلحي والعصا للعبد*** وليس للملحف مثل الردّ(6).
ومنه حديث الباقر (عليّه السلام) ، عنه (صلي الله عليّه وآله): «إنّ الله يبغض الفاحش البذي والسائل المُلحِف»(7). واللحف : تغطيتک الشئ باللحاف ، لحفتُ فلاناً : وهو جعلک له لحافاً. وتلحّفته ، والتحفته ، والمِلحَفَةُ :المُلاءَة (8).ومنه حديث زرارة : عن الباقر (عليّه السلام ) قال : «درع وملحفة تنشرها عليّ رأسها وتتَجلل به». وحديث الصادق (عليّه السلام) : «يکون عليّها ملحفة تضمّها عليّها»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ومُختَبأُ البَعُوض بَين سَوقِ الأشجَارِ وألحيَتهَا» (10).
اللَّحاء : قِشر کلَّ شئ ، ولحاء الشجرة : قشرها ، والجمع الحيةُ ولُجِيَّ ولِحيّ بالکسر. وألحوتُ العودَ ألحوه وألحاه، إذا قشرته. ولاحي فلان فلاناً ملاحاةً ولِحاءً، إذا استقصي عليّه . ويُحکي عن الأصمعي أنّه قال : الملاحاة الملاومَة والمباغضة، ثمّ کثر. ذلک حتّي جُعلت کلَّ ممانعة ومدافعة ملاحاة . واللحاء : العذل ، واللواحِي: العواذل (11)ومنه يُفسّر خبر بن أبي يعفور
ص: 753
قال : کنّا بالمدينة فلاحَاني زرارة في نتف الابط وحلقه (1).
والتلحّي : جعل بعض العمامة تحت الحَنَک، والاقتعاط بخلاف ذلک(2). ومنه حديث النبي(صلي الله عليّه وآله) : «الفرق بين المسلمين والمشرکين التلحّي بالعمائم»(3). واللّحيُ مَنبِتُ اللّحية من الإنسان وغيره ، وهما لَحيان وثلاثة ألحٍ، عليّ أفعُلٍ ، والکثير لُحِيُ ولِحيُ ، عليّ فُعول، ولحاء. ورجل ألحي ولحياني : طويل اللَّحية، والتحي : صار ذا لِحية. واللّحيان: حائطا الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم من کلَّ ذي لَحي. ولحياة الغدير: جانباه تشبيهاً باللحيين اللذين هما جانبا الفم ، واللحيان : خدود في الأرض ممّاخدّها السيلُ ، الواحدة لحيائة. واللحيان : الوَشَل والصَّديعُ في الأرض يَخِرّ فيه الماء ، وبه سُمّيت بنو لِحيان، وليست تثنية اللَّحي(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن رؤيته رسول الله(صلي الله عليّه وآله) في المنام : «فقلتُ : يارسولَ الله، ماذا لَقِيت من أُمّتک من الأَوَدِ واللَّدَد»(5) .
اللدد: شدّة الخصومة. والرجل ألدُّ والقوم لُدُّ. يقال : لا لَدَّ يَلَدُّدة لدداً ، والمرأة لدّاء (6) ولدَّ الرجلُ خَصمه لدّاً: شدّد خصومته، ولدود مبالغة(7)ولديد الوادي : أحد جانبيه ، وهما لديدان »(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «واللهِ لا أکُو نُ کالضَّبُع تَنامُ علي طُولِ اللَّدم، حتّي يِصَلَ إلَيهَا طَالِبُهَا ، ويَختِلَهَا راصِدُها»(9).
اللدم : صوتُ الشي يقع في الأرض من الحجر ونحوه ليس بالشديد.
وقيل : اللدم اللطمُ والضرب بشي ثقيل يُسمعُ وَقعُه . واللدم واللطم واحد ، والالتدام : الاضطراب . مراده (عليّه السلام) أنَّ الصياد يجئ إلي جحر الضبُع فيضرب بحجر أو بيده فتخرج وتحسبه شيئاً تصيده لتأخذه فيأخذها، وهي من أحمق الدوابّ . أي لا أُخدع کما تُخدع الضبع بالدم (10) وفي حديث الزبير يوم أُحد
ص: 754
فخرجت ُأسعي إليها، يعني أمّه، فأدرکتها قبل أنّ تنتهي الي القتلي، فَلَدَمت في صدري
وکانت امرأة جَلدَة. أي ضربت ودفعت(1).
ومن معني لَطم الحزين و ضربه قال عليّ (عليّه السلام) :«واللهِ لا أکُونُ کَمُستَمِع اللَّدم ، يَسمَعُ النَّاعِي ويَحضُرُ البَاکِيَ، ثُمَّ لايَعتَبِرُ»(2)ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «وتَلتَدِمُونَ عَلي أنفُسکُم»(3).وأراد من اللدم : ضرب المرأة صدرها . ولدمت المرأةُ وجهها : ضربته .
ولدمت خُبزَ الملَّة ، إذا ضربته (4) وفي الحديث: «جاءت أُمّ مِلدَم تَستأذن» أم ومِلدَم هي کنية الحُمَّي . والميم الأولي مکسورة زائدة. وألدمت عليه الحُمَّي ، أي دامت ، وبعضهم يقولها بالذال المعجمة (5).
في حديث عليّ : «والأبدَان صَحيحَةُ، والأَعضَاءُ لَدنَةُ ، والمُنقَلَبُ فسِيح»(6).
اللَّدن : الليِّن من کلّ شئ ، من عود أو حبل أو خَلُق ، والأُنّثي لَدانةُ ، والجمعُ لِدان ولُدن. وامرأة لدنّةُ : ريّا الشّباب ناعمةُ(7). وطعام لَدنُ : ليس بجيّد الخَبز والطَّبخ . وتلدّن في الأمر تمکّت و تلبّث (8)، وفي الحديث : أنّ رجلاً من الأنّصار أناخَ ناضحاً فرکبه ، ثمّ بعثه فتلدَّن عليه بعض التلدّن (9) أراد أنّه تلکّا عليه ولم ينبعث.
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ولاطها بالبَلّةِ حتّي لَزَبَت»(10) .
اللزوب: يقال لَزَبَ الشي ءُلُزوباً، من باب قعد: اشتَدَّ، وطين لازِبُ يَلزَقُ باليدِ لاشتدادِه (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الزَمُوا الأرضَ، واصبُروا علِي البَلاءِ » (12).
اللزوم : يقال : لَزِمتُ الشئ ألزَمه لَزماً
ص: 755
ولزوماً، إذا لم تفارقه ، ولازمته ملازمةً ولِزاماً (1)ولزوم الأرض کناية عن الصبر في مواطنهم ، وقعودهم عن النهوض لجهاد الظالمين ، في زمن عدم قيام الإمام الحقّ بعده (عليّه السلام)(2).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «المَرأَةُ عَقرَبُ حُلوَة اللّسبَةِ» (3).
اللّسب : يقال : لَسَبته الحيّة والعَقربُ والزُّنبور، بالفتح ، تَلسِبُه وتَلسَبُه لَسباً: الدغته، وأکثر ما يُستعمل في العقرب. واللَّسب واللّسع واللّدغ بمعني واحد(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ لِسَان المؤمِن من وَرَاء قَلبه، وإنَّ قَلبَ المُنَافِقِ من ورَاء لِسَانِه »(5).
اللسان: الجارحة وقوّتها، وقوة اللسان هي النطق. ويقال لکلَّ قوم لسان ، أي لغة(6). ويوضع اللسان موضع القول علي الاستعارة ،لأنَّ القول يکون به . والعرب تسمّي اللغة الساناً (7).
واستعار(عليّه السلام )لفظ الوراء للسان المؤمن باعتبار أنّ قوله مؤخّر عن فکر قلبه،ولقلب المنافق باعتبار أنّ فکره مؤخّر عن کلّامه (8). وقد وصف( عليّه السلام )عن القرآن بقوله: «ناطق لايعيا لسانه» (9) واستعار (عليّه السلام )لفظ اللسان لمدح الناس بقوله: «ولِسَانُ الصَّدقِ يَجعَلُهُ الله للمرِء في الناسِ خَيرُ له من المال يَرِثه غَيرُهُ» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) مشيراً لقوله تعالي: «﴿وقَليلُ من عِبادي الشَّکور﴾(11) فأهطعوا بأسماعکم إليها، وألظَّوا بجدَّ کُم عليّها ...وارحضوا بها ذنوبکم» (12) .
الالظاط : يقال لظّ به لظّاً، وألظّ به إلظاظاً إذا لزمه. و تلاظّ القوم الظاظاً وملاظّة ، إذا لَزِم بعضهم بعضاً فلم يفترقوا في حرب أو غيرها. وفي الحديث : «ألظّوا بيا ذا الجَلال
ص: 756
والإکرام»(1) ويقال : ألظّ المطرُ وألثَّ. وألظّ
بالمکان: أقام (2)
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وصَار دِينُ أَحدکُم لُغقَةًعليّ لِسانه»(3).
اللّعقة: الشي القليل. ولَعِقَ الشئ يَلعَقُه العقاً : لحسه . واللَّغقةُ ، بالفتح: المرّة الواحدة.
والمِلعقَةُ مالُعِقَ به واحدة الملاعق . واللُّعقة اسم ما تأخذه المِلعقَةُ . واللُّعاق : ما بقي في
فيک من طعام لَعِقته. ولَعِق فلان إصبعه ، أي مات، وهو کناية. واللَّعوقةُ : سرعة الإنسان
فيما أخذ فيه من عمل في خفّةٍ ونَزَق. ورجل وَعِقُ لَعِق ، أي حريص ، وهو إتباع له(4) وصف دينهم بالنَّرَارَةِ والقلّة کتلک اللعقة ، ولم يقنع بأن جعله لُعقة حتّي جعله علي ألسنتهم فقط، أي ليس في قلوبهم (5) وباعتبار ضالة حرب الجمل وحقارتها کتب عليّ(عليّه السلام)لأهل البصرة: «لأوقعنَّ بکم وَقعة لايکون يَوم الجَمَل إليها إلّا کَلَعقةِ لاعِق»(6) ومن هذا المعني جاءت کنايته (عليّه السلام) عن حکم مروان :«إنَّ له إمرَةً کلَغقة الکَلبِ أدنفَه»(7). معبّراً عن
قصر المدّة وسرعة انقضائها.
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لمن يستعمله عليّ( عليّه السلام) الصدقات: «غَيرَ مُغنِفٍ ولا مُجحِفٍ، ولامُلغِبٍ ولامُتعِبٍ.. وَليُرَفّه عَلَي اللّاغِبِ»(8).
اللَّغَبُ : التعب والإعياء ، يقال : لَغِبَ يَلغَبُ لَغَباً، ولَغَب لُغوباً(9) ومن المجاز : رياح لواغبُ ، کما قيل: مرضي. قال ذو الرمّة:
بريحِ الخزامي حرّکتها بسحرة ***من الليلِ أنّفاس الرياح اللواغب
واکفف عنّا لَغبَکَ ، أي فاسد کلّامک وقبيحه(10).
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «أحبّ الصحابة إلي
ص: 757
الله أربعة، ومازادَ قومُ علي سبعة إلا کَثُر لَغَطهُم»(1).
اللَّغط : يقال : لَغَط القومُ لَغطا ولَغَطاً ولغيطا، وألغطوا: صاحوا بما لا يُفهم (2).
کأنّ الکلام فيه جَلَبة واختلاط، ولا يتبيّن(3) ومن هذا کتب عليّ (عليّه السلام) معاوية واصفاً إيّاه بمن لابصر له : «فهجر لاغِطاً، وضلَّ خَابِطاً»(4).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وسلم ): «اللفوت: ذات الولد من غيرک »(5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «فَمَا اشتَبه عَلَيکَ عِلمُهَ فَالِفظهُ، وما أيقَنتَ بِطيب وُجُوهه فَنَل مِنهُ»(6).
اللفظ: أنّ ترمي بشيء کان في فيک ،والفعل لفَظَ الشيء ، يقال : لفظتُ الشئ من فمي ألفَظهُ لفظاً رميته ، وذلک الشئ لُفاظة (7).
ومن هذا جاء قول فاطمة (عليّها السلام) : «أصبحتُ -واللهِ - عائفةً لِدنياکم، قالية لرجالکم ،لفظتهم قبل أنّ عجمتهم» (8) ولفظ فلان ، إذا مات. وبقي عليهم لفاظة ، أي بقيّة(9). ويقال: ما بقي إلّا فظاظة ولاعة ولفاظة (10). ومن أمثالهم : «جاء فلان وقد لفظ لجامه» أي: کاد يموت(11)واللفظ معروف، لَفظَ يَلفِظ لَفظاً ، وهو الکلام بعينه، وکذلک فسّر في التنزيلقوله تعالي: ﴿وما يَلفَظُ من قول﴾(12)ولفظ بقول حَسَن: تکلّم به ، وتلفّظ به کذلک. واستعمل المصدر اسماً وجُمِع علي ألفاظ ،مثل فَرخ وأفراخ (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الملائکة وخلقهم ودنوّهم من العرش: «مُتَلَفَعُون تَحتَه بأَجِنِحَتِهم، ومَضرُوبَةُ بَينهم وبَينَ مَن دُونَهُم حُجُبُ العِزّةِ، وأستَار القُدرَة»(14).
التلفّع : الالتحاف بالثوب ، وهو أن
ص: 758
يشتمل به حتّي يجلل جسده. وتلفّع الرجل بالثوب والشجر بالورق ، إذا اشتمل به و تغطّي
به (1)ومنه الحديث : کُنّ نساء من المؤمنات يشهدن مع النبي (صلي الله عليّه وآله) الصبح ، ثمّ يرجعن متلفَّعات بمروطهنَّ، لايعرفن من الغَلَس. متلفعات : أي متلففات بأکسيتهنّ واللفاع: ثوب يُجلل به الجسد کلّه، کتّان کان أو غيره. ومنه حديث عليّ وفاطمة (عليّها السلام): «وقد دَخَلنا في إفاعنا» أي لحافنا (2). وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس کأنّه متلفّع بمِغجَر أَسحَمَ»(3)علِ المجاز والاستعارة.
في حديث عليّ (عليّه السلام): «وأَعجَبُ من ذلک طارِقُ طَرَقَنا بَمَلفُوفَةٍ في وِعَائِها، ومَعجُونَةٍ شَنِئتُها»(4).
اللف: يقال : لفّ الشئ يَلُفّه لَفّاً ، إذا خلطه وطواه . ومنه قولهم : لقفت الکتيبة بالأخري ،
.. إذا خلطت بينهما في الحرب (5)وکنّي بالملفوفة في وعائها عن الهديّة. وقيل: کان شيئاً من الحلواء. ونبّه بقوله (عليّه السلام )«شنئتها»
عليّ بغضه للأمور اللذيذة الدنيويّة ونفرته عنها زهداً فيها(6)وکنّي (عليّه السلام)عن الاجتماع والاختلاط عليّ الأمر بقوله : «قد ثَارَتَ مَعهُم عِندَ انُکُم، والتَقَّت إليهم أعرَابُکُم(7) .
ومن هذه قال عليّ (عليّه السلام): «وعَن قَلِيلٍ تَلتفُّ القُرونُ بالقُرون»(8)أشار إلي اجتماعهم في بطن الأرض(9) وکنّي عن کثرة البناء والعمارة في وصف البيت الحرام بقوله: «ولو أراد سبحانه أنّ يضع بيته الحرام، ومشاعره العظام ، بين جنَّات وأنهار.. ملتفّ البُنَي ، مَتّصل القري» (10)وامرأة لفّاء : غليظة الفخذين (11).
الثوبَ الفِقُه لَفقاً: هو أنّ تضمّ شقة إلي أخري فتخيطهما. واللَّفق ، بکسر اللام: أحد لفقَي
المُلاءة. ويقال للرجلين لا يفترقان هما الفقان. وأحاديث مُلَفَّقة، أي أکاذيب مُزَخرفة (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن بعثته (صلي الله عليّه وآله) :«أر سَلَه بِحُجّةٍ کَافَيِةٍ ، ومَوعِظَةٍ شَافِيَةٍ، ودَعوَةٍ مُتَلافِية»(2).
التلافي: يقال : تلافيته: تدارکته(3) ودعوة متلافية، أي تتلافي مافسد في الجاهليّة من أديان البشر. وفسّر قول الشاعر:
تخبرني أنّي به ذوقرابة*** وأنبأته أنّي به متلافي
معناه أنّي لأدرک به ثأري(4) وقول عليّ (عليّه السلام ) للحسن (عليّه السلام) : «وَتَلَافِيکَ مافَرَطَ مِن صَمتِکَ أيسَرُ من إدرَاکِکَ مافات مِن
مَنطِقِکَ» (5) من ذلک . واللَّفَي : الشئ المطروح، کأنّه من ألفيتُ و تلافيتُ ، والجمع ألفاء. وکلّ شئ صغير يسير فهو لَفاء ، يقال : رضي فلان من الوفاء باللَّفاء ، أي من حقَّه الوافي بالقليل (6) وألفيته : لقيته و وجدته (7). وفي الحديث النبوي: «لا ألفينَّ منکم رَجُلاً مَاتَ له ميّتُ لَلاً فانتَظَر به الصُبح» (8) أي وجدته عليّ تلک الحالة(9)). ومن هذا قال
عليّ (عليّه السلام) في خطبته الشقشقية: «ولَالفَيتُم دُنيَاکُم هذهِ أزهَدَ عِندي من عَفطَةِ عَنزٍ» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَهِيجُوا إلي الجِهَاد فَوَلِهُوا وَلَةَ اللَّقَاح إلي أولَادِهَا»(11).
اللَّقاح: ذوات الألبان من النوق، واحدها لَقوح ولِقحَة، والقوح إنّما تکون لَقوحاً أوّل نتاجها شهرين ثمَّ ثلاثة أشهر، ثمَّ يقع عنها اسم اللقوح فيقال: لبون، وجمعها لِقاح ولُقُح ولقائح (12) ومنه الحديث : «ألبان اللقاح شفاء من کلَّ داء»(13). واللقاح: اسم لماء الفحل. واللَّقَاح: مصدر لقِحت الناقة لَقَاحاً إذا حملت. وإذا استبان حَملُها قيل: استبان لقاحها ، فهي لاقح(14)وأصل اللقاح للإبل
ص: 760
ثمّ استُعير في النساء، فيقال: لَقِحت إذا حَمَلت. قال ابن الأعرابي : ناقة لاقح وقارح يوم تحملُ ، فإذا استبان حملها فهي خَلِفَةُ(1) .وفي حديثه عليّه السلام عن الملاحم: «واستَراحَ قومُ إلي الفِتن وأشَالُوا عن لَقَاحِ حَربِهِم» (2).
استعار لفظ اللقاح ، بفتح اللام، لإثارة الحرب ملاحظة لشبهها بالناقة (3) والملاقِح: الإناث الحوامل، الواحدة ملقحة، اسم مفعول من ألقحها(4) ومنه استعير للکّبر في حديث عليّ (عليّه السلام) بقوله: «ملَاقِحُ الشَنَانِ، ومَنَافِخُ الشَّيطَان»(5) وَرِياحُ لواقِح: تُلقح السحاب بالماء، وتُلقح الشجر(6) وقد استعار منها( عليّه السلام) لأحاسيس ومشاعر الکبر التي تعصف بالإنسان بقوله: «استَعِيذُوا باللهِ مِن لَوَاقِح الکِبر»(7).
وجاء في الخبر عنه (صلي الله عليّه وآله): «نَهَي عن الملاقيح والمضامين»(8) أي عن بيع مافي البطون، ومافي أصلاب الفحُول، جمع ملقوح ومضمون ، يقال:لَقِحت النَّاقة وولدها ملقوحُ به، إلاّ أنّهم استعملوه بحذف الجار، قال الشاعر:
وَعِدَةَ العامِ وعامٍ قابلِ*** مَلقُوحةً في بطن ناب حائل
وضَمِن الشيء بمعني تضمّنه واستسرّه، يقال: ضَمِن کتابُه کذا وهو في ضِمنِه ، وکان
مضمون کتابه کذا(9). فالملقوحةُ هي الأجنّة التي في بطونها ، وکانوا يبيعون الجنين في البطن الناقة، وما يضرب الفحل في عامه أو في أعوام. قال أبو عبيد: وأمّا حديثه (صلي الله عليّه وآله) أنّه نهي عن حَبَل الحَبلة. فإنّه ولد ذلک الجنين الذي في بطن الناقة. قال ابن عليّة: هو نتاج النتاج (10).
فتأخذه ، وکذلک المنبوذ من الصبيان لُقطةُ.
وأمّا اللُّقَطةُ، بفتح القاف ، فهو الرجل اللقّاط يتبع اللُّقطات يلتقطها(1) وباعتبار کون جيش معاوية مجمع الأشرار والأوغاد قال عليّ (عليّه السلام) في وصفهم : «تُلُقّطُوا مِن کُلَّ شَوبٍ»(2) وکلُّ نثارة من سنبل أو ثمّر لقطُ، والواحدة لَقطةُ. ولَقَط الثوبَ لَقطاً: رقعه، واللقط: الرَّفو المتقارب. يقال : ثوب لقيط ، ويقال: القُط ثوبَک، أي اژفأه، وکذلک نَمَّل ثوبک. وقال شمر : سمعتُ حميرية تقول الکلمة أعَدتُها عليّها: قد لقَطتُها بالمِلقاطِ ، أي کتبتها بالقلم(3) واللّقطُ: قِطَعُ ذَهب أو فضّة أمثال الشَّذرِ توجد في المعادن، ذَهبُ لقط(4).واللقيط: البئر إذا التُقِطت التقاطاً، أي: وُقِع عليّها بَغتَةِ (5)ومن الکناية قول العرب: إنّ عندک ديکاًيلتقط الحصي، يقال ذلک للنمّام. ولاقطة الحصي، يقال لقانصة الطير يجتمع فيها الحصي(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «نَقتُل آبَاءنَا وأَبنَاءَنا وإخواننا وأعمَامَنا، مايَزيدُنَا ذلک إلاّ إيمَاناً وتَسليماً، ومُضيّاً علي اللَّقَم»(7).
اللقَم: وسط الطريق، بفتح القاف. واللقم، بالتسکين: مصدر قولک: لقَم الطريق وغير
الطريق، يَلقُمه لقماً سدّ فمه، ولُقيم اسم رجل يجوز أنّ يکون تصغير لُقمان علي تصغير الترخيم، ويجوز أنّ يکون تصغير اللقم. واللقمُ: سرعة الأکلّ والمبادرة إليه. يقال: لَقِمه لَقماً والتقمه وألقمه إيّاه، ولقّمت اللقُمة ألقمُها لَقماً، إذا أخذتها بقيک ، وألقمت غيري لقمةً فَلَقِمها، والتقمتُ اللقمةَ ألتقمها التقاماً ، إذا ابتلعتها في مُهلة، ولقّمتها غيري تلقيماً، ولقّم البعيرُ إذا لم يأکلّ حتّي يناوله بيده (8) ومنه حديث زرارة قال: رأيتُ دَايةَ أبي الحسن( عليّه السلام) تلقمه الأرزّ»(9) والداية: الحاضنة وقيل للغراب : ابن داية(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لکميل: «إنّ ها هُنا
ص: 762
لَعِلماً جَمّاً - وأشار بيده إلي صدره - لو أصَبتُ له حَمَلَةً؛ بلًي أًصَبتُ لَقِناً غير مأمون عَلَيه، مُستَعمِلاً آلة الدّين للدنيا»(1).
اللّقن: يقال : غلام لَقِن: سريع الفهم. واللّقن مصدر لَقِنَ الشيء يَلقَنُه لَقناً، وکذلک الکلّام، وتَلَقّنه : فَهِمه ، والتلقين : کالتفهيم (2). ومنه الحديث النبوي: «لَقّنوا موتاکم لاإله إلاّ الله، فإنّ من کان آخر کلّامه «لا إله إلّا الله» دخل الجنّة»(3).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصفه تعالي: «لَم يَعتَرِض دُونَه رَئثُ المُطيء، ولا أَناةُ المتکّيء»(4).
المتلکيء: يقال: تلکّأ عليّه: اعتلّ وأبطأ. وتلکأت عن الأمر تلکّواً تباطأت عنه وتوقّفتُ واعتللتُ عليه وامتنعتُ (5).ومنه حديث الصادق(عليّه السلام) : «إنّ فطرس ملک کان يطوف بالعرش فتلکأ في شيء من أمر الله نقصّ جناحه ورُمي به عليّ جزيرة من جزائر البحر»(6) ومن المجاز جاء حديث عليّ (عليّه السلام ) عن خلق السماوات: «دَعَاهُنَّ فَأَجَبنَ طائعاتٍ مُذعِنَات، غَيرَ مُتَلَکّئاتٍ، ولا مبطِئَاتٍ»(7).
في حديث الصادق عن آبائه (عليّه السلام) ،عنه(صلي الله عليّه وآله) قال: «يَأتي عليّ الناس زَمانُ يکون أسعد الناس بالدُّنيا لُکع بن لُکع، خير الناس يومئذٍ مؤمن بين کريمين» .
اللّکع: العبد اللئيم، وقد قيل: إنّ اللکع الصغير. وقد قيل: إنه الرديّ. ومؤمن بين کريمين، أي بين أبوين مؤمنين کريمين. وقد قيل بين الحجّ والجهاد، وقد قيل: بين الفرسين يغزو عليهما. وقيل بين بعيرين يستقي عليّهما ويُعتزل الناس(8).
واللّکَع عند العرب: العبد ، ثمّ استُعمل الحمق والذمّ ويقال للرجل لُکَع وللمرأة لکاع، وقد لَکِع الرجلُ يَاکع لکعاً فهو الکَعُ وأکثر ما يقع في النداء. وفي حديث أهل البيت: «لايُحبُّنا اللّکِعُ والمحيوس»(9) والمحيوس: الذي أبوه عبد وأمّه أمة، کأنّه مأخوذ من الحيس(10) أي خُلِط کما يُخلط
ص: 763
الحَيس. وقيل: المحيوس، إذا کانت أمّه وجدّته أمَتين وقيل الحواسة الجماعة المختلطة
من الناس، والحُواسات الإبل المجتمعة(1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن حکومته: «اللّهُمّ إنّک تَعلَمُ أنّه لَم يَکُن الذي کان مِنّا مُنَافَسَةً في سُلطان، ولا التِمَاسَ شَيء من فُضُول الحُطَام»(2).
اللماسة: الطَّلِبة والحاجة(3) واللمس:أصله باليد، ثمّ کثر ذلک في کلّامهم حتّي صارکلّ طالبٍ ملتمساً (4) ويُکنّي بالملامسة عن الجماع (5) وقول عليّ (عليّه السلام) : «فإذا نظر أحدکم إلي امرأة تُعجبه فَليُلَامس أهله»(6)من هذه الکناية، ومنه جاء قوله تعالي : ﴿وأو لامَستُم النَّسَاء ﴾(7) وفسّر الخبر بأنَّ رجلاً قال له (صلي الله عليّه وآله): «إنّ امرأتي لاتردّيد لامس». قيل: هو إجابتها لمن أرادها. وقيل: إنّها تُعطي من ماله مَن يطلب منها (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنَّ الإيمان يَبدُو لُفظَةً في القَلبِ، کلّما ازدادَ الإيمَان ازدَادَت اللُّفظَةُ »(9).
اللمظة: مثل النکتة أو نحوها من البياض. ومنه قيل: فرس ألمظ، إذا کان بجحفلته شيء
من البياض(10)وأکثر ما يُستعمل إذا کان في السفلي، فإذا کان في العليّا فهو رَثَم (11) ولفظ اللَمظة مستعار للتصديق القلبيّ(12) ولَمَظَ
الرجلُ يَلمُظُ و تَلَمّظَ، إذا تتبّع بلسانه بقيّة الطعام بعد الأکلّ أو مسح به شفتيه ، واسم
تلک البقيّة: الاُّماظة (13). وقد استعارها (عليّه السلام) للدنيا بقوله: «ألا حُرُّ يَدَعُ هذه اللَّمَاظَةَ لأَهلِها»(14). باعتبار قلّتها وحقارتها (15).
في حديث عليّ (عليّه السلام)عن السحاب: «ألّف غَمَامَها بَعدَ افتِرَاق لَمَعِهِ، وتَبَايُنِ قَرَعِه» (16).
ص: 764
اللُّمعَةُ: الطائفة ، وجمعها لُمَعُ ولِماع. واللامعة واللُّمَاعه: اليافوخ من الصبيّ مادامت رطبةً ليّنةً، وجمعها اللوامع، فإذا اشتدّت وعادت عَظماً فهي اليافوخ. ويقال: ذهبت نفسه لِماعاً، أي قطعة قطعةً(1) ومنه الخبر : أنّه رأي عبدالله بن مسعود رجلاً شاخصاً بصره إلي السماء في الصلاة فقال: مايدري هذا لعلّ بصره سيُلتمع قبل أنّ يرجع إليه. قال أبو عمرو: يلتمع مثل يُختَلَس ،يقال: التمعنا القوم، أي ذهبنا بهم، قال القَطَامي:
زمانَ الجاهليّة کلُّ حيّ ***أَبَرونا من فصيلتهم لِماعاً
قال أبو عبيد: ومن هذا قيل: قد التمع لونُه، إذا ذهب ، ومثله انتُقِع، وامتُقِع.
واللمعة في غير هذا هو الموضع لايصيبه الماء في الغسل والوضوء من الجسد (2).ومنه حديث أبي عبدالله( عليّه السلام) قال: «اغتسل أبي من الجنابة فقيل له: قد أبقيتَ لمعةً في ظهرک لم يصبها الماء»(3) وهي في الأصل قطعة من النَّيت إذا أخذت في اليُبس (4) استُعيرت للموضع الذي لا يصيبه الماء في الغسل والوضوء في الجسد حيث خالفت ماحولها في بعض الصفات (5) ومن هذا جاء معني المُلَمَّع من الخيل: الذي يکون في جسمه بُقَع تخالف سائر لونه(6). ولَمِع الضَّرعُ لَمَعاً وتَلمَّع : تلوَّن ألواناً عند الإنزال. وشيء مُلَمَّعُ فيه لُمَعُ من ألوانٍ شَتّي. ورجل يَلمَعِيُّ وألمعِيُّ ويَلمَعُ وألمَعُ: حافظُ لما يسمع، ولمع بيده وألمع: أشار، ومنه يقال للجَناح: المِلمَع وألمعت الأرضُ: صار بها لُمعَةُ من الکلاِ واللُمعةُ من العيش والکلاِ : ما کفي. وقيل: لايقال للکلا لُمعَةُ حتّي يبيَضَّ. ويَلمَعُ: اسمُ بَرقِ الخُلَّب (7). وفيه المثل : «أکذَبُ من يَلمَع». هو السراب، وقيل: حجر يَبرُق من بعيد فيظنُّ ماء(8) والقزع: قطع من السحاب رقاق کأنّها ظلّ إذا مرّت من تحت السحابة الکبيرة، وقيل: القزع السحاب المتفرق، واحدتها قَزَعة(9).
عن أبي عبدالله (عليّه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليّه السلام): «لمّتان: لمّة من الشيطان ولمّة
ص: 765
من المَلَک، فلمّة الملک: الرقّة والفهم. ولمّة الشيطان: السَّهو والقَسوة»(1).
اللمّة: الهمّة والخطرة تقع في القلب (2). واللمم: المقاربة، يقال: ألممت بکذا، أي نزلتُ به وقاربته من غير مواقعة(3) واللُمة: الجماعة من الناس، والجمع لمات (4). ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا وإنَّ مُعَاوِية قَادَ لُمَةً من الغواة وعَمَّسَ عَلَيهم الخَبَر» (5).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وآله) لزيد بن ثابت: «لا تزوّجن شَهبرة ولا لَهبرة ولا نَهبرة ولا هَيدرة ولا لَفوتاً، فسأله( صلي الله عليّه وآله) عن المعني فقال (صلي الله عليّه وآله):« أمّا الشهيرة فالزرقاءُ البذيّة. وأمّا اللهبرة فالطويلة المهزولة، وأمّا النهبرة فالقصيرة الدميمة ، وأمّا الهيدرة فالعجوز المُدبِرة، وأمّا اللفوت فذات الولد من غيرک »(6).
الشهبرة: ويقال الشَّهرَية، والشّيهبورکالشهيبرة، وجمعها شهابر، وشيخ شَهرَب و شَهبَر، وفيه قال شِظاظ الضّبي:
ربَّ عجوز من نُمَيرٍ شَهبَرة ***عَلَّمتُها الانقاض بعد القرقرة (7).
الشهبرة والشهربة: الکبيرة الفانية(8) وقد تُزاد النون فيها فيقال: شنهبرة(9) والنهبرة:
أصلها من النهابر، المهالک، وأصلها جبال من رمل صعبة المرتُقي . والنّهابر والنهابير الحُفرَ بين الأکام، وقيل : النهابر جهنّم وشُبّهت الأمور الشّداد بالنهابير، لأنّ المشي فيها يصعب عليّ من رکبها(10)والهيدرة: عجوز أدبرت حرارتها وشهوتها. وقيل: هو بالذال المعجمة من الهَذر ، وهو الکلّام الکثير، والياء زائدة (11) اللفوت: التي لها ولد من زوج آخر
فهي لا تزال تلتفت إليه، وتشتغل به عن الزوج (12). واللفوت، يقال أيضاً للتي تُکثر التلفّت. وقال ثعلب: اللفوت التي عينها لا تُثبت في موضع واحد، إنّما همّها أن تغفل عنها، فتغمز غيرک. وقيل: هي التي فيها التواءوانقباض. وقيل: اللفوت التي إذا سمعت کلام
ص: 766
الرّجل التفتت إليه(1).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «أَيُّها اليَفَنُ الکَبِيرالذي قَد لَهَزَةُ القَتيرُ» (2).
اللهز: يقال: لهزه لهزاً: ظهر فيه. ولهزه القتير، أي خالطه الشيب(3)واللّهاز : ميسم من مياسم الإبل، بعير ملهوز. واللهز أيضاً، أن تلهز الرجل بيدک تدفعها في صدره (4)
واللهزمة، بکسر اللام والزاي: عظمُ ناتي ءُ في اللَّحي تحت الأُذن، وهما لِهِزمتان، والجمع لهازم(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأَنتُم لَهَا مِيمُ العَربِ»(6).
اللهاميمُ: جمعُ لُهمومٍ، الجواد من الناس والخيل واللُّهموم من النوق، الغزيرة اللبن،وکذلک إذا کانت کثيرة المشي. واللَّهَمُّ العظيم. ورجل لِهَمُّ: کثير العطاء، مثل خِضَمُّ وبحر لهِمُّ: کثير الماء. واللَّهمُ ، بتسکين الهاء، المُسِنَّ من کلَّ شيء، والجمع لُهوم. والإلهام مايُلقي في الرَّوع، والهمه الله خيراً لقَّنه إيّاه ، واستلهمه إيّاه : سأله أنّ يُلهِمَه إيّاه (7).
وفي الحديث : «أسألک رحمةً من عندک تُلهِمني بها رُشدي» الإلهام: أنّ يُلقي الله في النفس أمراً يبعثه علي الفعل أو الترک يَخُصُّ الله به من يشاء من عباده (8) واللَّهمُ: الابتلاع، يقال: لَهِمتُ الشيء. ولَهِمَ الشيءَ لَهِماً ولَهَماً وتلَهّمَه والتهمه: ابتلعه بِمرَّة. ورجل لَهِمُ ولُهم ولَهُوم: أکول. والمِلهَمُ. الکثير الأکل. والتهم الفصيل مافي الضّرع: استوفاه.. ولَهِمَ الماءً لَهماً: جرعه. وجَيشُ لُهام: کثير يَلتَهِمُ کلَّ شيء ويَغتَمِر من دخل فيه، أي يُغَيَّبُهُ ويَستغرِقُه (9) ورجلُ لِهَمُ: يعلو الخُصُوم(10). وأمُّ اللُّهَيم کنية الموت لأنّه يلتَهِمُ کلَّ أحدٍ، واللُّهَيم وأُمُّ اللُّهيم: الحَمَّي ، کلّاهما عليّ التشبيه بالمنية (11). واللُهَيمُ: الواسعةُ من القُدُور (12).
من کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي بعض عمّاله واصفاً
ص: 767
إيّاه: «وأَقنع بِه نَخوَة الأَثِيم، وأسُدُّ به لَهَاةَ الثَّغرِ المَخُوفِ فاستَعِن بِاللهِ عَلَي ما أَهَمَّکَ، واخلِطِ الشَّدَّةِ بِضِغث من اللّين، وارفُق مَا کانَ الرَّفقُ أَرفَقَ»(1).
اللّهاةُ: اللحمة المُشرفَةُ علي الحَلقِ في أقصي الفم، والجمع لَهيً ، ولًهيات ، مثل وحَصياة حَصيً وحصيات، ولهوات أيضاً علي الأصل (2) وجاء قوله: لهاة الثغر، علي المجاز، قال زهير :
متّي تُشدد به لهواتُ ثغرٍ*** يشار إليه جانبه سقيم (3). واستعار لفظ اللهاة لما عساه ينفتح من مفاسد الثغر فيحتاج إلي سدِه بالعسکر والسلاح ملاحظة لشبهه بالأسد الفاتح فاه للافتراس(4) وباعتبار نفي الصفات البشرية عنه تعالي قال (عليّه السلام) في التوحيد: «يُخبر لا بسلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات» (5). واللُّهوةُ، بالضم: العطيَّةُ من أيَّ نوعٍ کان. واللُّهوة أيضاً: ما يُلقيه الطاحِنُ بيده من الحبَّ في الرَّحي، والجمع فيهما لُهيً مثل غرفة وغرّف (6)وألهّيت الرَّحي: ألقيتُ اللُّهوة في فمها(7) ومنه قولهم: «عظام اللُّهي، أي کثير و الخير» (8) واللّهو: کلّ شيء شغلک عن شيء، فقد ألهالک (9) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «فَمَا خُلِقَ امرؤُ عَبَثاً فَيَلهُوَ» (10).ولهيتُ عن الشيء ومنه لهياً ولِهياناً : غفلتُ عنه (11) وحديث الصادق (عليّه السلام) : «لايُسأل في القبر إلّا من محض الإيمان، أو محض الکفر محضاً، والباقون ملهوُ عنهم إلي يوم القيامة» (12) من هذا. وکلُّ شيء ترکته فقد لهيت عنه، حصاة وأنشد الکسائي : إلةَ منها فقد أصابک منها (13).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) لما أجمع أبو بکر وعمر علي منع فاطمة (عليّها السلام) فدکاً وبلغها ذلک لاتت خمارها عليّ رأسها ، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها(14).
اللَّوث: الطي، ولاث الشيء لوثاً: أداره
ص: 768
مرّتين کما تُدار العمامة والازار. ومنه اللائث واللاث من الشجر والنبات: ماقد التبس بعضه عليّ بعضٍ، تقول العرب : نبات لائث ولاثٍ(1) واللُّوث بضم اللام: الضعف والاسترخاء ، يقال: رجل به لُوثة ، أي ضعف.وربّما قبل ذلک في ضعف العقل أيضاً. فهو الوث والأُنّثي لرثاء والجمع لوث(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ومَن لَهِج قَلبُه بِحبَّ الدُّنيا التاط قَلبُه منها بِثَلاثٍ : هَمًّ
لايُغبَّه، وحِرصٍ لايَترُکُه، وأَمَل لايُدرِکُه»(3).
اللوط: لاط الشيء لوطاً: أخفاه وألصقه، قال الکسائي: لاط الشيء بقلبي يلوط ويليط، ويقال : هو ألوط بقلبي وأليط، وإنّي لأجد له في قلبي لؤطاً وليطاً، يعني الحبّ اللازق بالقلب. وکلُّ شيء لَصِق بشيء فقد لاط به پلوط لوطاً (4) ومنه فُسّر حديث السجّاد «المُستَلاطُ لايَرِث» بأنّه اللقيط المستلحق النسب ، من اللوط اللصوق (5).
يعني الذي لغير رِشدة(6) ومنه يقال: ألاط القاضي فلاناً بفلان، أي ألحقه به (7). ومن هذا يفسّر ماجاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولَقَد نَظَرتُ ما وَجَدتُ أَحَداً من العَالَمِينَ يتعصّبُ الشيء من الأَشيَاءِ الّا عن عِلّةٍ تَحتَمِلُ تَمويه الجُهَلاءِ، أو حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعقُوُلِ السُّفَهَاء غَيرَ کم»(8).ومنه کتابه (صلي الله عليّه وآله) لثقيف لمّا أسلموا «وأنّ ما کان لهم من دين إلي أجل فبلغ أجله، فإنّه لياط مُبَّرأُ من الله». أراط باللياط الرّبا، لأنّ کلّ شيء أُلصِق بشيء وأضيف إليه فقد أُليط به. والرَّبا مُلصَقُ برأس المال (9) وحديث عليّ (عليّه السلام) : «والقُبُورَ اللّاطِئَةَ المُلحَدَةَ»(10). أراد أُلصقت بالأرض ومُدرت بالطين. وفي حديث عليّ (عليّه السلام)في خلق آدم : «ثُمَّ جَمَعَ سُبحانه مِن حَزن الأرضِ وسهلها، وعَذبِها وسَبَخها تُريةً سَنَّها بالماءِ حتّي خلصت ، ولاطَهَا بالبَلّة حتّي لَزَبَت»(11).
لاطها بالبلَّة: أي ملطها، أو ألصقها بالنداوة حتّي التصقت، يقال: لطتُ الحوض بالطين ،
ص: 769
أي ملطته وطينته (1). واللَوط مَدر الحوض
لئلّا ينشَف الماء، لُطت الحوض لوطاً.
والتاط حوضاً، إذا لاطه لنفسه. واللياط: مايُلاط به المکان من طين. واللياط : الکِلس
والجَصّ (2)واللّزبَةُ : الشَّدّة والصلابة ، لَزَب يَلزُب لُزُوباً. والطين اللازب: اللازق (3).ومنه قوله تعالي: ﴿إنّا خَلَقنَاهُم مِن طينٍ لازِبٍ﴾ (4) وقريء لازب ولاتب و المعني واحده(5) .والمراد لزج، والعرب تقول: طين لازب ولازم، واللازب أفصح من لازم(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام )لأصحابه في صفّين (عليّه السلام ): « والهَلَکَةُ للمُتَلَوَّم» (7).
التلوّمُ: الانتظار والتلبُّث. وتَلَوّم في الأمر: تمکّث وانتظر(8)
واللومُ عذل الإنسان و بنسبته إلي ما فيه لوم(9). ومراده (عليّه السلام) الذي لايبادر الأعمال الصالحة في دنياه ومنها الجهادوالمقاتلة.
من کلّام لعليّ (عليّه السلام) في حثَّ أصحابه عليّ القتال: «والتَووا في أَطراف الرّمَاحِ، فإنّه أموَرُ للأسنّة» (10).
الالتواء: يقال: لوي برأسه: أماله (11).والميل والانعطاف مع أطراف الرماح إذا کان في حال إرساله يکون الرمي به أشدّ، وإذا کان في حال الانتقاء منه ينزلق ولاينفذ في المقاتل، فمزاده (عليّه السلام )لصفحتّي الدفاع والهجوم. واللَّوَي من الرمل: مَستَرقُّ الرمل (12).
وسُمّي بذلک لأنّ الريح تلويه کيف شاءت. وألوي القومُ، إذا بلغوا لِوَي الرمل (13) ومنه جاء الشاهد الذي ذکره عليّ (عليّه السلام) في خطبته: أمرتُکُم أمري بمُنعَرج اللَّوَي*** فلم تَستبينوا النُّصح إلّاضُحي الغَد(14).
واللواء: لواء الجيش (15). وسُمّي لأنّه يُلوي عليّ رمحه(16) ومنه جاء خبره (عليّه السلام) : «ولِکُلَّ
ص: 770
غَادِرٍ لِوَاءُ يُعرَفُ به يَومَ القِيَامة»(1) وفي خبرالأصبغ بن نباتة قال: قضي عليّ (عليّه السلام) في الرجل يلتوي عليّ غرمائه أنّه يُحبس، ثمّ يأمر به فيُقسم ماله بين غُرمائه بالحصص، فإنّ أبي باعه فقسّمه بينهم (2)لوي مدينه، أي: ماطله(3) من باب رمي، ولوي لَيَّا ولَيّاناً (4) .ورجل ألوي: عَسِر يلتوي عليّ خصمه(5).وفيه قوله (صلي الله عليّه وآله ): «لَيّ الواجد يحلّ عقوبته وعَرضه». قال ذو الرمَّة :
تُطيلينَ لَيَّا نِي وأنتِ مَليِّةُ*** وأُحسِنُ ياذاتَ الوشاح التقاضايا(6)
وقول عليّ (عليّه السلام )في التوحيد: «لا يَلويه شَخصُ عَن شخص»(7) أراد لا يصرفه ولا يُشغله.
کان رسول الله(صلي الله عليّه وآله) إذا أراد أنّ يتزوّج امرأة بعث إليها من ينظر إليها وقال: «شمّي لِيتها، فإنّ طاب ليتها طاب عَرفها، وإنّ دَرم کعبها عَظُم کَعثَبُها» .
الليت: صفحة العُنق. والعَرف: الريح الطيّبة، قال الله عزّ وجلّ : ﴿ويدخلهم الجنّةعرّفها لهم ﴾(8)أي طيّبها لهم، وقد قيل: إنّ العَرف العود الطيّب الريح . وقوله : «درم کعبها» أي کثر لحمُ کعبها، ويقال: امرأة درماءاذا کانت لحم القدم والکعب.
والکعثب: الفرج (9) ومنه قولهم: کدمت الأُتُنّ لِيتَي الحمار:صفحتّي عُنقه. والقُرطان يتذبذبان في لِيتَيها (10).قال الراغب: لات وألاتَ بمعني نقص ، وأصله رَدُّ الليتِ. أي صفحة العُنُق (11).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في صفة الملائکة: «ولا سَلَبتهُم الحَيرَةُ مالاقَ مِن مَعرِفته بِضَمَائِرهِم»(1).
لاقَ: يقال: لاق الشيء بقلبي لَيقا ولَياقاً ولَيقاناً، والتاق، کلّاهما: لَزِق.
ومالاقَ ذلک بصفري، أي: ماثبت في جوفي، وما يليق هذا الأمر بفلان، أي : ليس أهلاً أنّ يُنسب إليه، وهو من ذلک. والتاق قلبي بفلان، أي لصِق به وأحبِه. ويقال: التاق به واستغني به. والعرب تقول: هذا أمر لا يليق بک، معناه لايُحسن بک حتّي يلصَق بک، وتقول:لا يليق بک، معناه أنّه ليس يوفّق لک. واللَّيقةُ الطينة اللزِجةُ يُرمي بها الحائط فتلزق به (2).
واللّيقَةُ : لِيقةُ الدَّواة، ألَقتُ الدَّواة أُليقُها إلاقَةً إذا ألزقت المِداد بالصَّوف، ولِقتّها ليقةً وليقاً (3). ومنه قوله (عليّه السلام) لکاتبه عبيد الله بن أبي رافع: «ألِق دَواتَک، وأطِل جِلفَة قَلَمِک»(4). والليق: شيء أسود يُجعل في دواء الکحل (5).
ووجهُ مُلتَاقُ: أي حَسَن نضيرُ پلتاق به کلُّ من رآه ويألفه . والأصل مُلتاق به(6).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لمحمد بن أبي بکر: «فَاخفِض لَهُم جَناحَکَ، وألِن لَهُم جَانِبَکَ» (7).
اللين: ضدّ الخشونة، وفلان مَليَنة، أي ليّن الجانب(8) ومنه جاء حديث وصفه (صلي الله عليّه وآله) : «ليّن الجانب، ليس بفظ ولاغليظ»
(9)أي سهل القرب(10) وهو کناية عن التواضع. وقول عليّ (عليّه السلام) : «من لان عودُه کَثُفت أغصانه»(11) هو کالمثل يُضرب لمن يتواضع للناس فيألفونه ويُحبّونه فيکثر بهم ويقوي اجتماعهم عليّه (12).
وفي قوله : «مَن تَلِن حَاشِيتُه يَستدِم مِن قَومِه المَوَدَّة» (13)قد حُمل لفظ الحاشية علي الأتباع والخدم(14)
ص: 772
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف الخفّاش عند إشراق الشمس: «أطبَقَتِ الأجفَان علي مَآقيها»(1).
الموق: مُؤق العين ومُوقُها ومُؤقِها ومَأقِيها: مؤخّرها، وقيل: مقدمها، وجمع المُؤق والموت والماق: آماق(2)وأهل اللغة مجمعون عليّ أنّ المُوق والمأق حرف العين الذي يلي الأنّف، وأنّ الذي يلي الصدغ يقال له اللّحاظ (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذکر أهل البصرة: «لايَمُتّان إلي الله بِحَبل، ولا يَمُدّان إليه بِسَببٍ»(4).
الماتّةُ الحُرمةُ والوسيلة، وجمعها مواتّ، بالتشديد. يقال: فلان يَمُتُّ إليک بقرابةٍ.
ورحم ماتّة: قريبة. والمت ُّکالمدّ، إلاّ أنّ المتَّ يُوصَل بقرابةٍ ودالةٍ يُمَتُّ بها. ومتُّ: اسم. ومَتّي أبو يونس عليّه السلام ، سُريانيّ، علس وزن فَعلي (5).
بقوله: «لأفِرطَنَّ لَهُم حَؤضاً أنّا مَاتِحُه»(1).
وکنّي به عن کونه هو المتولّي لذلک بنفسه(2)
والإبل تتمتّح في سيرها: تُراوح أيديها. وبيننا فَرسَخُ مَتحاً، أي مَدّاً. وفرسخ ماتح. ومتّاح: مُمتد. قال الأصمعي: يقال: متح النهار ومنح الليلُ إذا طالا. ويوم متّاح: طويل تامّ (3)وقد جاءت الاستعارة منها للتزوّد لمن لم يخُدِع بالدنيا في حديث عليّ (عليّه السلام) للاهتداء به : «وامتَاحُوا مِن صَفوِ عَينٍ قدرُوَّقَت من الکَدَر» (4). وهو نهجه( عليّه السلام) ومن المجاز جاء وصفه (عليّه السلام )للقرآن: «عُيُونُ لايُنضُبهَا المَاتِحونَ، وَمَناهِلُ لا يَغِيضُهَا الوَارِدُون» (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عبادة الإنسان الله: «ولِمَا في ذلک مِن تَغفير عِتاقِ الوُجُوه بالتُّرابِ تَوَاضُعاً، والتِصَاقِ کَرائِمِ الجَوَارِحِ بالأَرضِ تَصَاغُراً، ولُحُوق البُطَونِ بِالمُتُون
من الصَّيِامِ تَذَلُلاً»(6).
المتن: الظهرُ، يُذکّر ويُؤنّث. والمتنُ من کلّ شيء: ماصَلُب ظهره، والجمعُ مُتون ومِتَان. والمتن: ما ارتفع من الأرض واستوي. ويقال: جلدها. ومتن المزادة: وجهُها البارز. ومَتَن بالمکان متوناً: أقام (7).
وحديث عليّ (عليّه السلام) عن الجبال: «وأَسَاخَ قَوَاعِدَهَا في مُتُونِ أَقطَارِهَا ومَوَاضِع أَنصَابِها»(8). من ذلک المعني اعتباراً بثباتها في الأرض. والمتين: من أسماء الله، وهو الشديد القوّة الذي لا يعتريه وهن، ولا يمسّه لغوب، ولا يلحقه في أفعاله مشقّة (9)والمماتنة: المباعدة في الغاية. وسير مُاتِن: بعيد. وسار سيراً مماتنا، أي شديداً بعيداً(10) و مَتَن به متناً: سار به يومَه أجمع(11). ومنه جاء الخبر: «متن بالناس يومَ کذا». ومتن في
ص: 774
الأرض، إذا ذهب(1).
في حديث عليّ(عليّه السلام)في نعمة الله وامتنانه علي عباده بمحمد (صلي الله عليّه وآله): «تَخويفاً بالمَثُلاثِ»(2).
المُثلة والمَثُلات: العقوبة والتنکيل، مَثلتُ به أمثُلُ، ومنه قوله عزِ وجلّ: ﴿وقد خَلَت من
قبلهم المَثُلات﴾(3)وقريء المثلات بضم الميم والثاء، وبضم وبتسکين الثاء (4) وبفتح الميم وسکون الثاء، والمثلات جمع مثلة کرکبة ورکبات (5) ومنه الحديث: «انّه نهي عن المُثلة». يقال: مَثَلتُ بالحيوان أمثُل به مَثلاً، إِذا قطعت أطرافه وشوّهت به، ومثلت بالقتيل، إذا جدعت أنّفه، أو أذنه. أو مذاکيره، أو شيئاً من أطرافه، والاسم المثلة، فأمّا مثّل بالتشديد، فهو للمبالغة(6) وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ أشدّ الناس بلاءً الأنّبياء ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الأمثل فالأمثل» (7). الأمثل: أي الأشرف فالأشرف، والأعلي فالأعلي في الرتبة والمنزلة، وأماثل الناس: خيارهم (8).والمثيل: الفاضل، وقد مَثلَ الرجل مَثالةً، أي صار فاضلاً(9) والذين يلونهم: أي يقربون منهم ويکونون بعدهم (10) وفي حديث الصادق (عليّه السلام )في صلاة الخوف: «فيصلّي بهم الإمام رکعة ثمّ يقوم ويقومون معه فيمثل قائماً ويصلون هم الرکعة الثانية»(11). ومَثل الشيء يمثُل مُثُولاً ومَثُل: قام منتصباً، ومثل بين يديه مثولاً، أي انتصب قائماً. وفي الحديث: من سرّه أنّ يَمثُل له الناس قياماً فليتبوّأ مقعده من النار، أي يقوموا له قياماً وهو جالس (12). وفي الحديث: قال أبو عبدالله (عليّه السلام ): «مَن مثّل مِثالأً أو اقتني کلّباً فقد خرج من الإسلام. فقيل له: هلک إذاً کثيرُ من الناس! فقال: ليس حيث ذهبتم، إنِما عنيت بقولي: «مَن مثّل مثالاً» من نصب ديناً غير دين الله ودعا الناس إليه، وبقولي: «من اقتني کلباً » عنيت مبغضاً لنا أهل البيت اقتناه فأطعمه وسقاه من فعل ذلک فقد خرج من
ص: 775
الإسلام»(1) وقول عليّ عليّه السلام مذکّراً بالله: «وتمثّل في حال تولّيک عنه »(2) وباعتبار الأشباه والمتشابهات قال عليّ (عليّه السلام) : «وعَلي کِتَابِ اللهِ تُعرَضُ الأمثَالُ»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «قد دَارَستُکُم الکِتَابَ، وفَاتحتُکُمُ الحِجَاجَ، وعَرَّفتُکُم
مَاأَنکَرتُم، وسَوَّغتُکُم مامَجَجتُم»(4).
المجّ: مجّ الشرابَ والشيء من فيه يمُجّه مجّاً ومَجّ به: رماه، ومجّ بريقه يَمُجُّه ، إذا لفظه. ومجّ الشيء: صبّه . ومابقي في الإناء إلّا مّجّةُ، أي قدر مايُتمَجُّ.
والمُجاج: مامجّه من فيه. والمُجاجة:الريق الذي تمجّه من فيک. ومجاجةُ الشيء: عُصارته. ومُجاج العنب: ماسال من عصيره. ومُجاج النحل: عَسَلُها ، وقد مجّته تمجُّه (5).
ومنه جاء الخبر: أنّه کان( صلي الله عليّه وآله) يأکلّ القثاء والفند بالمُجاج أي بالعسل، لأنّ النحل تمجّه،وکلّ ماتحلَّب من شيء فهو مجاجه ومجاجته(6)ويقال للمطر: مُجاج المزن، والماجُّ من الناس والإبل: الذي لا يستطيع أنّ يمسک ريقه من الکبر، وجمع الماج من الإبل مَجَجةُ، وجمع الماجَّ من الناس ماجوّن ، والأنُّثي منهما بالهاء. والمجج:بلوغُ العِنَب ،إذا طاب وصار حُلواً (7). ومنه جاء الخبر :از «لاتبع العِنَب حتّي يظهر مَججه» أي:نُضجه(8) والمَجمجَةُ: تخليطُ الکتاب وإفسادُه بالقلم. و مجمجتُ الکتابَ، إذا ثبّجته ولم تبيّن الحروف. ومجمج الرجلُ في خبره: لم يبيّنه (9) والأذن تمُجُّ الکلّام: لاتقبله(10) وجاء في خبر الزهري : «الأذُن مجّاجةُ وللنفس حَمضةُ» يعني أنّها تُلقيه فلا تقبله إذا وُعظت بشيء أو نُهيت عنه (11) ومن هذا جاء حديث فاطمة ضمن خطبتها المشهورة: «فمججتم ماوعيتم»(12).
وتسويفهم مامجّوه في حديثه (عليّه السلام) استعارة، إمّا لإعطائه لهم العطيّات والأرزاق
ص: 776
التي کانوا يُحرمونها من يد غيره لو کان کمعاوية ، وإمِا لإدخاله العلوم في أفواه أذهانهم.
وکذلک لفظ المجّ إمّا لحرمانهم من يد غيره، أو لعدم العلوم عن أذهانهم ونبوَّ أفهامهم عنها فکانّهم ألقوها لعدم صلوحها للإساغة(1).
في الحديث : «نهي (صلي الله عليّه وآله) عن المَجر».
المجر: هو أنّ يُباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة. ويقال منه: أمجرتُ في البيع إمجاراً(2) ويجوز أنّ يکون سُکّي بيع المَجر مَجراً اتساعاً ومجازاً، وکان من بياعات الجاهلية، يقال: أمجرت إمجاراً، وماجرت مهاجرةً، ولا يقال لما في البطن مَجرُّ، إلّا إذا أثقلت الحامل، فالمجر: اسم للحمل في بطن الناقة، وحَمل الذي في بطنها: حَبَل الحَبلة (3).
والمجر: الجيش العظيم، شُبّه في کثرته وقلّة سيره بإمجاز الناقة(4).
ومنه الحديث : أنّه( صلي الله عليّه وآله) نهي عن بيع حَبَل الحَبلة. ومعناه الجنين الذي في بطن الناقة.
وقيل : هو نتاج النتاج، وذلک غرر (5).الحَبل، بالتحريک : مصدر سُمّي به المحمول، کما سُکّي بالحمل، وإنما دخلت عليه التاء للإشعار بمعني الأُنّوثة فيه.
فالحبل الأول يُراد به مافي بطون النوق من الحَمل. والثاني حَبَل الذي في بطون النوق. وإنّما نُهي عنه لمعنيين ، أحدهما أنّه غرر وبيع شيء لم يُخلُق بَعدُ، وهو أنّ يبيع ماسوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة، عليّ تقدير أنّ تکون أنّثي، فهو بيع نتاج النتاج. وقيل: أراد بحبل الحَبلة أنّ يبيعه إلي أجل يُنتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة، فهو أجل مجهول و لا يصحّ (6) وقيل: حَبل الحبَلة حملُ الکرمة قبل أنّ تبلغ . وأصل الحبل الامتلاء، ورجل حَبلان وامرأة حَبلي: ممتلئان من الشراب، والحَبال : انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ والماء وغيره، ومنه حَبلُ المرأة، وهو امتلاء رَحِمها. والحَبل يکون مصدراً واسماً ، والجمع أحبَال »(7).
روي أنّ أمير المؤمنين (عليّه السلام) قال لرجل من
ص: 777
بني سعد: «ألا أحدّثک عنّي وعن فاطمة الزهرا الزهراء ،أنّها کانت عندي فاستقت بالقربة حتّي أثّر في صدرها، وطحنت بالرحي حتّي مجلت يداها، وکسحت البيت حتّي اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتّي دکنت ثيابها فأصابها من ذلک ضرّ شديد»(1).
المجل: هو أثر العمل في الکفَّ يعالج بها الإنسان الشيء حتّي يغلظ جلدها(2).
ومنه قولهم: خرجت عليّ يده مجَلة ومَجلُ کثير (3). ويجمع أيضاً مِجالاً، وهي جلدة رقيقة يُجتمع فيها ماء من أثر العمل.ويقال: مَجِلَت يده تَمجل ، وتَمجُل، مَجَلاً ومَجلاً(4).
في حديث عليّ عليّه السلام) في الاعتبار بالماضين: «کيف کانوا في حال التمحيص
والبلاء» (5).
المحص: التخليص والتنقية. ومحصتُ الذهب بالنار، إذا خلّصته ممّا يشوبه. وفي حديث عليّ (عليّه السلام) وذکر فتنة فقال: «يُمحَصُ الناسُ فيها کما يُمحَصُ ذهب المعدن» أي يُخلّصون بعضهم من بعضٍ کما يُخلَّص ذهب المعدن من التراب. وقيل يُختبرون کما يُختبر الذهب لتُعرف جودته من رداءته.
والمُمَحّص: الذي مُحَّصَت عنه ذنوبه، وتمحيصُ الذنوب : تطهيرها. والممحّص: الشديد الخلق، والأنّثي مُمحّصة. وتأويل قول الناس: محّص عنّا ذنوبنا ، أي أذهب ما تعلّق بنا من الذنوب(6).
في الحديث : عن أبي عبد الله قال:«من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرأي سلبه الله عزّ وجلّ رأيه»(7).
المحض: يقال: محضته الوُدَّ مَحضاً ، من باب نفع، صَدَقتُه. وأمحضته بالألف مثله(8) قال ابن دريد: محضتُ الرجلَ وأمحضته، إذا سقيته اللبن المحض، وکلّ شيء أخلصته فقد أمحضته. ومحضتُ الرجل الود إمحاضاً، لاغير ، إذا أخلصته له (9). ومنه جاء حديث فاطمة (عليّها السلام) : «حتّي تفرّي الليلَ عن صُبحه،
ص: 778
وأسفر الحقُّ عن مَحضِه»(1)وکتاب عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) : «وصَرَّح لي مَحضَ أمري» (2).
من ذلک، وقوله : «أَحمِلهُم مِنَ الحَقَّ علي مَحضه»(3). أراد عدله وسنة نبيِّه.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أوحي الله عزّوجلّ إلي بعض أنّبيائه: يابن آدم اذکرني في غضبک أذکرک في غضبي لاأمحقک فيمن أمحق، وارض بي منتصراً فإنّ انتصاري لک خيرُ من انتصارک لنفسک»(4).
المحق: النقصان، ومنه المحاق لأخرالشهر إذا انمحَقَ الهلالُ وامتحق وانمحق ، يقال: محقه إذا نقصه وأذهب برکته (5).
وباعتبار الموت والفناء قال الشاعر:
يزداد حتّي إذا ماتمّ أعقبه***کَرَّالجديدين نَقصاً ثمّ يَنمَحِقُ(6).
وحديث عليّ (عليّه السلام) : «وکيف مَحَق مَن مَحَق بالمَثُلاتِ»(7). أراد العقوبات النازلة بالقرون الماضية، وإفنائهم (8) وبه کنّي عليّه السلام عن الطغيان والعتوّبکتابه إلي مصقلة: «ولا تُصلِع دُنياک بِمَحقِ دييِکَ، فَتَکُونَ مِن الأخسرِينَ أغمَالاً»(9).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) الأشتر: «ثمّ اختَر للحُکمِ بَينَ النَّاس أَفضَلَ رَعيّتکَ في نَفسِکَ، مِمَّن لاتَضِيقُ به الأُمُورُ، ولا تَمَحَّکُهُ الخُصُوم» (10)
المَحک: التَمادي واللَّجاج. وتماحک الخصمان: تلاجَّا(11)ورجل مَحِک: لجوج عَسِر (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «يأتي عَلي الناس زَمَانُ لايُقرب فيه إلِا المَاحِلُ، ولا يُظرّف فيه إلّا الفَاجِرُ» (13).
الماحل: من قولهم: رجل مَحل لا ينتفع به. والماحل: الساعي، يقال: محلتُ بفلان أمحَلُ، إذا سعيت به إلي ذي سلطان حتّي توقعه في وَرطة ووشيت به. والمَحلُ: المکر
ص: 779
والکيد ، والمماحلة: المماکرة والمکايدة(1).
ومنه حديثه (عليّه السلام) : «ومَن مَحَل به القُرآن يُومَ القِيَامَةِ صُدَّق عَلَيهِ»(2)وکانّه شبّه شهادة القرآن عليّ من أنّکره وخالف أحکامه بالساعي الذي يسعي إلي السلطان. وفي حديث الباقر(عليّه السلام) قال: «رخص رسول الله (صلي الله عليّه وآله) في قطع عُودَي المحالة - وهي البکرة التي يُستقي بها - من شجر الحرم والإذخر»(3).
وحديثه( صلي الله عليّه وآله) : «حرّمت شجر المدينة إلّا مسد محالة»(4) المسد: الحبل الممدود، أي المفتول من بناتٍ أو لحِاء شجرة. وقيل: المسدُ : مِروَدُ البکرة الذي تدور عليّه (5).
ومنه قوله تعالي: ﴿في جيدها حَبلُ من مَسَد﴾(6) من ليف کان أو جلد، أوغيرهما (7). وفي حديث التبية في وصف النخيل: «الرايسيات في الوَحل، المُطعِمات في المحل»(8).
المحل: ضدّ الخِصب ، أرض مَحل وأرضون مُحول، وقالوا: أرضون مَحل ، الواحد والجمع فيه سواء ، وأمحلها الله إمحالاً(9) ومَحَل الزمان قَحَط (10) والوَحل الطين الرطب خاصّة. والمَوحِل: الموضع الذي فيه الوَحل (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الأولياء: «قد اختبَرهُم اللهُ بالمَخمَصةِ، وابتَلاهُم بالمَجهَدَةِ، وامتَحَنهُم بالمَخِاوِفِ، وَمَخَضَهُم بالمَکارِه» (12).
المَخاضُ: وجع الولادة. وکلّ حامل ضريها الطلقُ، فهي ماخِضُ، من النساءوالإبل والشاء، والجمع مواخِضُ ومَخّض. ومَخَض اللبن يَمخَضُه ويَمخِضُه ويَمخُضُه مَخضاً، ثلاث لغات، فهو ممخوض ومَخيض: أنّ أخذ زُبده. وقد يکون المخضُ في أشياء کثيرة، فالبعير يمخُضُ بِشقشِقَته، والسحابُ يمخُضُ بمائه ويتمخّض، والدهر يتمخّض بالفتنة،وتمخضت الليلةُ عن يوم سَوءٍ، إذا کان صباحها صباح سوء، وکذلک تمخّضت المنون وغيرها(13). وأراد (عليّه السلام) و «مخضهم»
ص: 780
أي حرکهم وأخلصهم. وروي «محضهم» أي طهّرهم(1) وحديثه (عليّه السلام) عن الرياح والماء:«فَمخَضَته مَخضَ السَّقَاء»(2)کناية عن حرکة الرياح لأمواج الماء. وفي الحديث عنهما (عليّه السلام) : «في صدقة الإبل في کلَّ خمسٍ شاةُ إلي أنّ تبلغ خمساً وعشرين ، فإذا بلغت ذلک ففيها ابنة مخاض»(3) المخاض اسم للنوق الحوامل، واحدتها خليفة . وبنت المخاض وابن المخاض: مادخل في السنة الثانية، لأنّ أُمّة قد لحقت بالمخاض: أي الحوامل، وإنّ لم تکن حاملاً. وقيل: هو الذي حملت أمّه، أو حملت الإبل التي فيها أمّه وإنّ لم تَحمِل هي ، وهذا هو معني ابن مخاض وبنت مخاض، لأنّ الواحد لا يکون ابن نوق، وإنّمايکون ابن ناقة واحدة. والمراد أنّ تکون وَضَعَتها أمّها في وقتٍ ما، وقد حملت النوق التي وضعن مع أمّها ، وإنّ لم تکن أمّها حاملاً فنسبها إلي الجماعة بحکم مجاورتها أمّها، وإنّما سُمّي ابن مخاض في السنة الثانية لأنّ العرب إنّما کانت تحمل الفحول علي الإناث بعد وضعها بسنة ليشتد ولدها، فهي تحمل في السنة الثانية وتمخض(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن وضع البيت الحرام في مکّة: «أَقَلَّ نَتَائِقِ الدُّنيَا مَدَراً» (5).
المدر: قطع الطين اليابس، وقيل: الطين العِلک الذي لا رمل فيه، واحدته مَدَرة.والعرب تسمّي القرية المبنية بالطين واللّبن المّدَرة، وکذلک المدينة الضخمة يقال لها المدرة(6)وکون مکّة أقلّ بقاع الأرض مّدراً لأنّ الحجريّة أغلب عليّها»(7)وقوله (عليّه السلام) عن ظلم بني أُميّة: «حتّي لا يَبقي بَيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلّا دَخَلهُ ظُلمُهُم ونَبَا به سُوهُ رَعيِهِم»(8) أراد أنّه يعم الحضر والريف والبادية لکثرته وشموله
ص: 781
ومن المجاز ماجاء في کتابه (عليّه السلام) بقوله:«حَتَّي تَخرُج المَدَرَةُ من بَينِ حَبَّ
الحِصِيدِ»(1). أراد به إخراج المبدعين من بين المؤمنين (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن فساد الزمان «عَالِمُهُم مُنَاِفقُ وقَارنُهُم مُمَاذِقُ»(3).
المُمادقة في الودّ: ضد المخالصة، ومَذَقَ الوُدَّ: لم يخلصه .
ورجل مذّاق: کذوب. والمَذيق: اللبنُ الممزوج بالماء. ومَذَق اللبن يَمذُقه مَذقاً ،فهو معذوق ومَذيق ومَذِق: خَلطه. والأخيرة علي النسب . والمذقة: الطائفة منه(4). وامتدق فلانُ: شربَ المذيق (5).
واستعارت فاطمة (عليّها السلام) منه لضعف العرب، بقولها: «وکنتم عليّ شفا حفرةٍ من النار، مُذقة الشارِب، ونُهزَرة الطَّامِع»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَنثَارَةِ الدُّرَّ وحَصِيد المَرجَانِ» (7).
المرجان: اللؤلؤ الصَّغاز أو نحوه ، واحدته مرجانة، وقال بعضهم: المَرجان البُسَّذ، وهو. . جوهر أحمر، قال امرؤ القيس:
فأعزِلُ مرجانها جانباً*** وآخذمن درّها المستجادا
وقال أبو حنيفة: المرجان بقلة ربعيّة ترتفع قيسَ الذراع، لها أغصان حمر، وورق مدوّر عريض. والمارج: اللهب المختَلِط بسواد النار. والمرج. الفضاء، وقيل: المرج أرضُ ذات کلا ترعي فيها الدوابِ، والجمع مروج. وأمرجت الناقة وهي مُمرِج، إذا ألقت ولدها بعدما صار غِرساً ودماً. ومرج الرجلُ المرأة مرجاً: نکحها(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «وسَننِ مِراحِه»(9) المَرَح: شدّة الفرح والنشاط حتّي يجاوز قَدره، وقد أمرَحَه غيره، والاسم المراح، بکسر الميم، وقيل: المَرَح: التبختر والاختيال. وسُمّيت الخمر المروح لأنّها
ص: 782
تمرح في الإناء، قال أبو ذؤيب:
مُصَفَّقَةُمُصَفّاة عُقارُ*** شاميةُ، إذا جُليِت ، مروح
أي: لها مِراحُ في الرأس وسَورَةُ يَمرَحُ من يشربها. ومَرِحَت الأرض بالنبات مَرَحاً: أخرجته. وإذا رمي الرجل فأصاب قيل: مَرحَي له! وهو تعجّب من جودة رميه(1).
ومنه قوله تعالي: ﴿ولا تمشِ في الأرض مَرَحاً﴾(2) والسَنن : مأخوذ من سَنن الطريق و سُننَه وسِننه: نهجه ، يقال: خدعک سَنَنُ الطريق وسُنَّته، أي جهته (3).
في حديث فاطمة (عليّه السلام) عن أبيها (صلي الله عليّه وآله):« مُني بِبُهَم الرجال ، وذوبان العرب، ومَردة أهل الکتاب»(4).
المارد: الذي قد أعيا خبثاً ، والجمع مردة. ومنه شيطان مَريد، وکذلک هو من الناس، ورجل مرّيد، فعيل من ذلک (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الموت والحياة: «وجَعَلهُ خَالِجاً لأِشطَانِها وقَاطِعاً لمرائر
أَقِرَانِها»(6).
المرائر: الحبال المفتولة عليّ أکثر من طاق ، واحدها مرير ومريرة، والمَرُّ، بفتح الميم: الحَبل، ومِرَّة الحبل: طاقته، وهي المريرة ، وکلُّ مفتول مُمَرُّ، وکلّ قوّةٍ من قوي الحبل مِرَّةُ ، وجمعها مِرَر. وفلان لذو مِرَّة، أي عقل وأصالة وإحکام ، وهو علي المثل،والمِرّة: القوة ، وجمعها المِرَرُ: قال الله عزّ وجلّ: ﴿ذو مرّة فاستوي﴾(7).
وقيل في قوله :﴿ذو مرّة ﴾ هو جبريل ،خلقه الله تعالي قَويّاً ذا مِرّة شديدةٍ ، وفي الحديث: «لا تحلّ الصدقة الغني، ولا لذي مِرَّة شديد» والمريرة: عِزّة النفس ، والمرير، بغير هاء: الأرض التي لاشيء فيها، وجمعها مرائر. وقِربة ممرورة: مملوءة. والمَرُّ؛المِسحاة، وقيل: مَقبضُها ، وکذلک هو من المحراث. والمِرَّةُ: مِزاج من أمزجة البدن. والممرور: الذي غلبت عليّه المِرَّة (8) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ الله عزَّ وجل لم
ص: 783
يبعث نبيّاً قطّ إلّا صاحب مِرّة سَودَاء صَافية»(1). والمَرار جمع المرارة، وهي التي في جوف الشاة وغيرها يکون فيها ماءأخضر مرُّ. قيل: هي لکلَّ حيوان إلّا الجمل. والمُرَّيُّ، الذي يؤتدم به کأنّه منسوب إلي المرارة ، والعامّة تخففه (2). قال المجلسي: يُسمّي بالفارسية آبکامه، قال البغدادي : هو اسم نبطيُّ، وقيل: بل عربيُّ مشتقُّ من معني المرارة، وقيل: بل أصله الممري لکن غلب استعماله بميم واحدة (3).
ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «أين يوسف (عليّه السلام) کان يکثر عنده الخبز اليابس، فامر أنّ يُجعل الخبز اليابس في خابية ويصبّ عليه الماء والملح فصار مرياً فجعل يتأدّم به»(4).وفي خبر ابن عبّاس : «کان الوحي إذا نزل سَمِعت الملائکة صَوت مِرَار السلسِلة علي الصَّفا»، أي صوت انجرارها واطَّرادها عليّ الصّخر، وأنشد أبو عبيدة قول غيلان الربعي:
تَکُرُّ بعد الشَّؤطِ من مِرارها*** کَرَّ مسنيح الخَصل في قِمَارها
قال: سألت أعرابياً عن مِرارها، فقال: مِرَاحُها واطَّرادها، قال: وإذا اطّرد الرجلان في الحرب فهما يتمارّان ، وکلُّ واحدٍ منهما يمارّ صاجبه ، أي يطارده. وقد جاء في حديث آخر: کامرار الحديد عليّ الطّشتِ الجديده(5). وعبّر عبد الله بن مسعود عن إمساک الإنسان في الحياة وتبذيره في الممات في الوصيّة بقوله: هما المُرَّيان. أي هما الخلصتان المرّتان، والواحدة منهما المُرَّي ، وهذا کقولک في الکلّام: الجارية الصُغري والکُبري، وللثنتين: الصغريان والکبريان، فکذلک المُرُيان. وإنّما نسبهما إلي المرارة لما فيهما من المأثمّ(6).
وفي حديث عليّ عن حال الماضين: «وجَرَّعُوهُم المُرَارَ»(7) المُرار: شجر مُرّ. وقيل: المُراد حَمضُ. وقيل: المُرار شجر إذا أکلّته الإبل قلصت عنه مشافرها، واحدتها مُرارة ، هو المُرار، بضم الميم. والمرُّ: دواءُ والجمع أمرار(8) ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) الدنيا بقوله: «أمرّ فيها مَا کان حُلواً»(9).
ص: 784
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأفسَدتُم عَلي رَأيي بالعِصيَانِ والخِذلاَن ، حتّي لَقَد قَالت قُرَيش: إنّ ابن أبي طَالِبٍ رَجُلُ شجُاَعُ، ولکن لا عِلمُ لَهُ بالحَرب. لله أبُوهُم؛ وهل أحَدُ مِنهُم أشَدُّ لَها مِرَاساً، وأقدَمُ فيها مَقَاماً مِنّي!»(1).
المِراس والمَرَس: الممارسةُ وشدّة العلاج، يقال: مَرِسَ مَرَساً، فهو مَرِس، ومارس مُمَارسةً ومِراساً (2).وتمارسَ القوم في الحرب، إذا تضاربوا. ورجل ممارسَ للأمور: مزاول لها. ورجل مَرِس وممارس: صبور علي مِراس الأمور. والمَرس: الحبل، والجمع أمراس(3)وقد استُعير لمعالم الدين و أسسه في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله):« أَقَام أَعلامَ الاهتِدَاءِ، ومَنَارَ الضَّيَاء، وجَعَلَ أمرَاس الإسلام مَتِينَةً، وعُري الإيمان وَثِيقَةً» (4).
والمريس مثل المريد، يقال للتمر إذا مرسته في ماء أو لبن: مريس و مريد، يقال: مردته أمرده مَرداً، ومرسته أمرُسه مرساً(5).
وتمرّس بالطيب: تلطّخ به.والبعيرُ يتمرّس بالشجرة: يأکلها وقتاً بعد وقت. وفي الحديث : «من اقتراب الساعةِ أنّ يتمرّس الرجلُ بدينه کما يتمرّس البعيرُ بالشجرة»(6).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام) : «المذيع لما أراد الله ستره مارقُ من الدين»(7).
المَرق: مصدر مَرَق السَهمُ من الرّميّة يمرّق مّرقاً ومروقاً، إذا خرج من الرميّة، ولذلک سُمّيت الخوارج مارقة لمروقهم کما يمرُق السهم(8)أي خروجهم عن الاستقامة. ومن هذا جاء حديثه(صلي الله عليّه وآله)في عليّ(عليّه السلام):«وقاتل الناکثين والمارقين والقاسطين». وقال (صلي الله عليّه وآله): «المارقون: أصحاب النّهروان»(9).
وقول عليّ (عليّه السلام )في رسالته (صلي الله عليّه وآله): «وخَلَّفَ فِينَا رَايَةَ الحَقّ، مَن تَقدَّمَهَا مَرَقَ»(10)أي ضلّ وتاه.
في حديث عليّ في وصف المؤمنين:
ص: 785
«مُرهُ العُيونِ من البُکاءِ، خُمصُ البُطون مِن الصَّيَامِ، ذُبُلُ الشّفَاهِ مِن الدُّعَاءِ»(1) .
المَرَه:ضدّ الکَحَل.
والمَرهةُ: البياضُ الذي لا يخالطه غيرُه، وإنّما قيل للعين التي ليس فيها کَحَل مَرهاء لهذا المعني. وعين مرهاء: خَلَت من الکُحل. وامرأة مرهاء: لاتتعهّد عينيها بالکُحل، والرجل أمره، والجمع مُره. و سَحاب أمره: أي: أبيض ليس فيه شيء من السواد. والمرهاء من العاج: التي ليس بها شِيَة. وهي نعجة يققة. والمرهاء: القليلة الشجر، سَهلةً کانت أو حَزنة(2).
سأل عبد الرحمن بن الحجّاج أبا إبراهيم( عليّه السلام) عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنّ الإنسان إذا لم يجد سکّيناً. فقال: «إذا فري الأوداج فلا بأس بذلک»(3)المرو: حجارة بيض برّاقة تکون فيها النار وقدح منها النار، واحدتها مَروَة، وبها سُمّيت المروة بمکّة (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن السحاب: «تمريه الجَنوبُ»(5).
والمري:مسحُ ضَرع الناقة لِتدِرَّ، مري الناقة مرياً: مسحَ ضَرعَها للِدّرّة، والاسم المِرية، وأمريت هي: درّ لېنها. والمَرِيُّ: الناقة التي تدرُّ علي مَن يمسح ضروعها، وقيل: هي الناقة الکثيرة اللبن، وقد أمرَت وجمعها مرايا. ومَرايا الشيءَ وامتراه: استخرجه. والريح تَمري السحاب وتمتريه: تستخرجه وتستدرّه. ويقال للمناظرة مُمارأة لأنَّ کلَّ واحدٍ منهما يستخرج ماعند صاحبه ويمتريه کما يمتري الحالبُ اللبن من الضرَّع. ومِريَةُ الفرس: ما استُخرِج من جَربه فَدَرَّ لذلک عَرَقُه، وقد مراهُ مَرياً. ومَرَي الفرس مَرياً: إذا جعل يمسح الأرض بيده أو رجله ويجرّها من کسر أو ظلع(6) والمِريةُ والمُريَةُ، بکسر الميم وضمّها: الشّکُّ في الأمر، ومنه الامتراءُ والتَّماري،وکذلک المماراة بين الناس، والمصدرُ المِرَاءُ، ومَري في الأمر وامتري :
ص: 786
شکَّ وأمريتُ فلاناً، إذا کذّبته(1). وقول عليّ: الشک عليّ أربع شُعَب: «علي التماري، والهول، والتردد، والاستسلام»(2).
من هذا. ومنه حديث أبي عبدالله (عليّه السلام ): «لاتُمّارينَّ حليماً ولا سفيهاً، فإنَّ الحليم يُقليک والسفيهُ يؤذيک»(3). وباعتبار أنّ المراء لا يکون إلِا اعتراضاً قال عليّ (عليّه السلام): «فمن جعل المراء ديدناً لم يُصبح لَيلُه»(4). قال الراغب: المِرية: التردّد في الأمر، وهو أخصُّ من الشکَّ، قال تعالي: ﴿ولا يَزال الذين کَفَروا في مِزيةٍ منه﴾ (5) والامتراء والمماراة : المحاجّة فيما فيه مِزيِةُ ، قال تعالي:﴿وقول الحقّ الّذي فيه يَمتَرُونَ﴾ (6).
والمُروءةُ کمال المرء ، کما أنّ الرُّجونية کمال الرجل والمَريء: رأس المعِدة والکَرس
الرجال. اللاصق بالحُلقوم. ومَرُؤَ الطعام وأمرأ: إذا تخصص بالمريء لموافقة الطبع(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «لَو تمزّزها الصَّديَانُ لم يَنقَع»(8).
التمزز: شرب الشراب قليلاً قليلاً، ومزّه يَمُزُّهُ مزّاً: أي مصّه. وتمززت الشيء: تمصصته. والمُزّ والمُزَّة والمُزاء: الخمر اللذيذة الطعم، سُميت بذلک للذعها اللسان(9) ومن هذا يُفسّر حديث أنّس : «ألا أنّ المُزات حرام»، وهي جمع مُزّة، وهي
الخمر التي فيها حموضة(10). والمِز بالکسر: الفَضل(11)والصديان: العطشان ، يقال: صَدِي « يَصدي فهو صديان وصادٍ(12).
وعليّ ظاهرهما(1) والمسيح : العَرقُ، وإنّما سُمّي به لأنّه يُمسَح. والمسيح: الدرهم الأطلس، کأنّ نقشه قد مُسح. والمسحاء المرأة الرسحاء، کأنها مُسِحَ اللحم عنها. وعليّ فلان مسحة من جمال، کأنّ وجهه مُسِح بالجمال مَسحاً. ولذلک سُمّي المسيح (عليّه السلام) مسيحا، کأن عليّه مسحة من جمال، ويقولون : کأنّ عليّه مسحةً من مَلک (2) وجاء في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الزاهدين: «ثُمَّ قَرضَوُا الدنيا قَرضاً عليّ مِنهَاجِ المَسِيح»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن عظمته تعالي: «وأَرانَا مِن مَلَکُوتِ قُدرَتِه، وعَجَائِبِ
مانَطَقَت به آثارُ حِکمَتِه، واعتِرافِ الحَاجَة مِن الخَلقِ إلي أنّ يُقيِمَهَا بمِسَاکِ قُوَّتِه»(4).
الإمساک: القبض باليد، واستعاره (عليّه السلام) لقدرته تعالي المطلقة، يقال: أمسکت الشيء أمسکه إمساکاً. وما بفلان مُسکة ولا تماسک ولا مِساک ، إذا لم يکن فيه خيرُ يُرجي(5).
والمسک : الجلد والجمع مُسوک، مثل فَلس وفلوس(6) والمَسَک، بفتحتّين: السوار، الواحدة مسَکة (7)واستعار لفظ النطق للسان حال آثاره تعالي المفصحة عن کمال الحکمة، ووجه المشابهة ما اشترک فيه النطق وحال مصنوعاته من ذلک الإفصاح والبيان (8).
وفي حديث عليّ(عليّه السلام) :«ومَحَطَّ الأمشَاج من مَسَارِب الأضلاب»(9).
الأمشاج: أي أخلاط من الدم، وذلک عبارة عمّا جعله الله تعالي بالنطفة من القوي المختلفة (10) والمشار إليها بقوله تعالي: «انّا خَلَقنا الإنسَانَ مِن نُطفَةٍ أَمشَاج»(11) والواحد مَشج ومَشَج، وهي طبائع الجسد نحو الدم والمِرَّة، وإذا خالط الدمُ زبداًأو غيره فهو مشيج، قال الشاعر:
کأنّ النَّصلَ والفوقين منه*** خلال الرَّيش سيط به مَشيجُ (12).
ص: 788
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لمن يستعمله علي الصدقات عن نعم الصدقة: «ولايمصُرَ لَبَنَها فَيَضُرّ ذلِکَ بِوَلَدِهَا»(1).
المَصر: الحلب بأطراف الأصابع، وقد مصّرتُها وتمصّرتها وامتصرتها. وناقة مَصُورُ: بطيئةُ خروج الدَّرّلاتحلب إلاّ مصراً(2) ومنه قيل: لهم غلّةُ
يمتصرونَها، أي يحتلبون منها قليلاً قليلاً(3).
وجاءت الإبل إلي الحوض متمصَّرة، إذا جاءت متفرقة (4). والمِصر: اسم لکلَّ بلدٍ ممصور، أي محدود، يقال: مَصَرتُ مَصراً، أي بَنَيتُهُ. والمِصرُ: الحدُّ، قال الشاعر:
وجاعلُ الشمس مِصراً لاخفاء به***بين النهار وبين الليل قد فَصَلا(5).
والمصران: البصرة والکوفة(6) وکتاب عليّ (عليّه السلام) جواباً لمعاوية: «ونزلتُ بَين المِصرَين»(7) إلي ذلک قد أشار. ويقال للطين الأحمر: المِصر. وثوبُ مُمَصّر: مصبوغ بالطين الأحمر أو بحُمرةٍ خفيفة»(8) وقيل: الثياب المُمصَّرة التي فيها شيء من صُفرة وليس
بالکثير(9)والمصيرُ: المِعَي، وجمعه مُصران(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أشهد أنّ لا إله إلّا الله وَحدَه لاشَرِيکَ له، شهادةً مُمتَحَنا إخلاصُها، مُعتَقَداً أمُصاصُها» (11).
المصاص: خالص کلّ شيء. وفلان مصاص قومه ومصاصتهم ، أي أخلصهم نسباً. ومصاص الشيء: سرّه ومَنبته. ومصمص الاناء والثوب: غسلهما، ومَصمَصَ فاه ومضمضه بمعني واحد(12). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام): «ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلّا القوت» (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وصَبراَ عَلي
ص: 789
مَضَضِ الألَم»(1).
المضض: وجع المصيبة، وقد مضضتَ يارجل منه، بالکسر، تَمَضُّ مَضَضاً، ومضيضاً ومضاضةً. والمضّ: الحرقة. يقال: مضّني الهمُّ والحزنُ والقولُ يمضّني مضاً ومضيضاً وأمضّني : أحرقني وشقَّ عليّ. وقال ابن الأعرابي: مضّض إذا شرب المضاض، وهو الماء الذي لا يُطاق ملوحةً وضدّه من المياه القطيع(2). ومنه حديث السجاد في وصف الفاسقين: «ولو کانوا أحياء لوجدوا مضض حرّ النار»(3)ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «أو تَري المُبتَلي بِألَمٍ يُمِضُّ جَسَده»(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) يستنهض أصحابه للجهاد: «وسَأَلتُموني التَّطوِيلَ دِفاع َذي الدَّين المَطُول» (5).
المطل: يقال: مطلته أمطُله مَطلاً فهو ممطول، إذا لويته دَينه، والفاعل ماطل ومماطل (6) ويقال: رجل مطّال ومطول(7).
وقول عليّ (عليّه السلام) تحليل لشريح: «سمعت رسول الله( صلي الله عليّه وآله) يقول : مَطلُ المُسلِم الموسِر ظلم للمسلم.»(8)من ذلک. ولمّا کان المطل يدلّ عليّ مدَّ الشيء وإطالته ، کأصل للمعاني المستعارة منه،استعار منه عليّ (عليّه السلام) ، لمّا فارق النبي الدنيا، لملازمة الحزن، کأنّه لملازمته مماطل ، فقال (عليّه السلام) : «ولکان الداءُ مُماطِلاً، والکَمَدُ مُحالفِاً، وقلّا لک»(9) قال ابن ميثمّ: کأنّ الحزن وألمه لثباته وتمکنّه لايکاد يفارق (10).
في حديث الصادق (عليّه السلام) : قال النبي (صلي الله عليّه وآله): «إذا مشت أُمّتي المُطيطاء وخدمتهم فارس والرُّوم کان بأسهم بينهم».
المطيطاء: التبختر ومدّ اليدين (11) والتمطّي من ذلک ، لأنّه إذا تمطّي مدّ يديه. ويُروي في تفسير قوله تعالي : ﴿ ثُمَّ ذَهَبَ
ص: 790
إلي أَهِله يَتُمَطّي﴾(1)أنّه: التبختر. ويقال للماء الخاثر في أسفل الحوض المطيطة، لأنّه يتمطط ، أي يتمدد، وجمعه مطائط (2) يقال: مطوتُ ومططتُ، بمعنئ مددتُ(3). ومطوتُ بالقوم مَطواً، إذا مددت بهم في السير. وکلّ شيء مددته فقد مطوته، ومنه المطو في السَّير. ومطا الرجل يمطو، إذا سار سيراً حسَناً. والمطيّة من الدواب التي تمطر في سيرها، وجمعها مطايا ومَطِيّ. والمطيّة البعيرُ يُمتطي ظهره، وجمعه المطايا(4) وباعتبار الحرکة في المطايا قال عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) :«واعلَم يابُنيّ أنَّ مَن کَانَت مطِيّتُهُ الليلَ والنَّهارَ، فإنّه يُسار به وإنّ کان واقِفاً »(5).
ووصف عليّ (عليّه السلام) العبدَ الصالح بقوله: «جَعَلَ الصَّبرَ مَطِئَّةَ نَجاتِه»(6) استعار لفظ المطيّة للصبر باعتبار أنّ لزومه سبب للنجاة کظهر المطيّة (7).
واستعار لفظ المطيّةً لمن عمل بالکتاب بقوله: «وَمطيّةً لمن أَعمَلَه» (8). لأدائه بصاحبه في سبيل الله إلي الجنّة(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في استنفار الناس إلي الجهاد: «تُکَادُونَ ولا تَکِيدُونَ، وتُنتَقَصُ أطرافُکُم فلاتَمتَعِضُون»(10).
الامتعاض: يقال : مَعِض من ذلک الأمر، يمعَضُ مَعضاً ومَعَضاً وامتعض منه: غَضِب وشقَّ عليه وأوجعه؛ قال ثعلب: وکلّام العرب امتعض(11). ومنه خبر إدريس( عليّه السلام) لما قال الملک الموت: «مالي أراک قاطباً؟ قال: العجب إنّي تحت ظلَّ العرش حيث أُمرت أنّ أقبض رُوحَ آدمي بين السماء الرابعة والخامسة، فسمع إدريس فامتعض فخرّ من جَناح المَلَک فقبض روحه مکانه» (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها علِي الماء: «وَذَلَّ مُستَحذياً ، إذ تَمعّکَت عَليه بِکَوَاهِلهَا، فأصبَحَ بَعدَ اضطِخاب أَموَاجِه، سَاجياً مَقهُوراً»(13).
ص: 791
المعک: الدلکُ ، يقال: معکه في التراب يمعَکُه مَعکاً: دلکه، ومعّکه تمعيکاً: مرّغه فيه. والتمعّک التقلّب فيه(1) ومنه حديث الصادق(عليّه السلام) أنّ عمار بن ياسر أصابته جنابة فتمعّک کما تتمعّک الدابّة فقال له رسول الله (صلي الله عليّه وآله) : «ياعمّار تمعّکت کما تتمعّک الدابّة» (2).
والمراد أنّه ماسّ التراب بجميع بدنه، فکأنّه لمّا رأي التيمّم في موضع الغُسل ظنَّ انّه مثله في استيعاب جميع البدن(3). ووقع في مَعکُوکاء: أي شَرَّ وجَلبة، وتُضمُّ الميم أيضاً. ورجلُ مَعِکُ: شديدُ الخصومة (4) .
ورجل مَعِکُ ومِمعک ومُماعِکُ: مَطُول. والمَعک: المِطالُ واللّيّ بالدين، يقال: معکه بدينه يَمعَکه معکاً . ودافعه ، وما عکه و دالکه: ماطله. ومعکتُ الرجل أمعَکُه، إذا ذلّلته وأهنته (5) ومنه قول عليّ (عليّه السلام) لشريح: «انظر إلي أهل المغک والمَطل»(6)وفي حديث ابن مسعود: «لو کان المعکُ رجُلاً کان رجلَ سوء»(7)ومن معني المعک فسر حديثه (صلي الله عليّه وآله) لما سئل: «أيدالِک الرَّجلُ امرأته؟ قال: نعم إذا کان مُلفَجاً» (8) والملفج، بفتح الفاء: الفقير، يقال: ألفج الرجلُ فهو مُلفج، علي غير قياس. ولم يجيء إلّا في ثلاثة أحرف: أسهب فهو مُسهَب ، وأحصن فهو مُخصَن ، وألفَج فهو مُلفج. الفاعل والمفعول سواء(9).
معن في حديث عليّ (عليّه السلام) محذّراً : «أَلاّ وَقَد أَمعَنتُم في البَغي، وأفسَدتُم في الأرضِ»(10).
المَعنُ: الجحُودُ والکفر للنعم. وأمعنتم : بالغتُم. وأمعنوا في بند العدوَّ وفي الطلب، أي جدّوا وأبعدوا. وأمعن الرجلُ: هرب وتباعد(11). ومنه قول عنترة: ومُدَجّج کَرِه الکماةُ نِزالَه ***لامُمعنٍ هَرَباً ولا مُستسلِم (12)
والماعون في الجاهلية : المنفعة والعطية، وفي الإسلام: الطاعة والزکاةوالصدقة الواجبة وکلّه من السهولة
ص: 792
والتيسّر (1)والمروي عن الصادق( عليّه السلام ): «هو القرض يقرضه، والمعروف يصطنعه ، ومتاع البيت يُعيره، ومنه الزکاة»(2) قال قطرب: أصل الماعون من القلّة. والمعنُ الشيء لقليل، تقول العرب: ماله سَعنة ولا مَعنَة، أي شيء قليل. فسمّي الله تعالي الزکاة والصدقة ونحوهما من المعروف ماعوناً ؛ لأنّه قليل من کثير(3).
وقيل: الماعون مفعول من أعان يُعين، والعون: هو الإمداد بالقوة والآلة والأسباب الميسّرة للأمر (4) ومن هذا قوله تعالي: ﴿ويَمنَعُونَ المَاعُون ﴾(5). والماعون: المطر، لأنّه يأتي من رحمة الله عَفو اًبغير علاجٍ کما تعالج
الآبار ونحوها. ومن الناس من يقول: الماعون أصله معونة، والألف عوض من الهاء. والمَعانُ: العباءةُ والمنزل. ومعان القوم: منزلهم. يقال: الکوفة مَعانُ منّا، أي منزل منا(6) ومنه يُفسّر خبرُ أنّس: بلغ مُصعَب بن الزبير من عريف الأنّصار أمرُ، فبعث إليه وهمّ به. قال أنّس: فقلتُ له: أنّشُدُک الله في وصيّة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ، فنزل عن فراشه وقعد علي بساطه و تمعّن عليه. هو من المعان، وهو المکان، وجمعه مُعن. أي نزل عن دَسته وتمکّن علي بساطه تواضعاً أو من قولهم للأديم: مَعن ومَعين، أي انبطح ساجداً علي بساطه کالنّطع الممدود. کقولهم: رأيته کانّه جلس من خشية الله. أو من المعين، وهوالماء الجاري علي وجه الأرض. وقد مَعن، إذا جري. أومن أمعن بحقّه وأذعن ، إذا أقرَّ أي انقاد وخشع انقياد المعترف. أو من المعنِ، وهو الشيء اليسير، أي تصاغر وذلَّ (7) .
وحکي الأخفش عن أعرابي فصيح: لو قد نزلنا لصنعتُ بناقتک صنيعاً تُعطيک الماعون، أي تنقاد لک وتطيعک. وأمعن بحقّي: ذهب.
ص: 793
وأمعن لي به: أقرّ بعد جَحدٍ. (1).
في حديث عليّ(عليه السلام) : «مِن مَطَاعِم العَلقَمِ، ومَشَارِبِ الصّبِرِ والمَقِر» (2).
المَقِرُ: شبيه بالصَّبِر وليس به. وقيل: هو الصبر نفسه، وقيل: المقر: السم. وقال أبو عمرو: المَقِر: شجر مُرّ. قال ابن السکّيت: أُمقَرَالشيءُ، فهو منقِرُ إذا کان مَرّاً. ومَقِر الشيء،بالکسر، يَمقَرُ مَقراً، أي صار مرّاً. وأمقر الشراب: مرّرهُ. قال أبو زيد : المُرُّ والمُمقِرُ: اللبن الحامض الشديد الحموضة ، وقد أمقرإمقاراً. والمقر: انقاع السمک المالح في الماء، ومقر السمکة المالحة مقراً: أنّقعها في الخلَّ(3) ومقرتُ عُنُقَه بالعصا: ضربتها بها(4).
ومن معني المرارة يُفسّر ما جاء في کتاب عليّ (عليّه السلام) واصفاً الدنيا: «ولهي في عَيني أو هي وأهونُ من عَفصَةٍ مَقِرَةٍ»(5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في ذم الدنيا والتزهيد فيها: «فَلَم يَبقَ مِنها إلّا سَمَلةُ کَسَملَةِ الإدارةِ، أو جُرعةُ کَجُرعَةِ المَقلَةِ، لو تَمزّزَها الصَّديَان لم يَنقَع»(6).
المقلة: بالفتح، حصاة القسم تُوضع في لإناء ليُعرف قدر مايُسقَي کلُّ واحدٍ منهم، وذلک عند قلّة الماء في المفاوز. ومقل المقلة: ألقاها في الإناء وصبّ عليها ما يغمرها من الماء. ومَقَله في الماء يَمقُله مَقلا: غمسه وغطّه. ومَقَلَ الشيء في الشيء يمقله مَقلاً، غَمَسه (7). ومنه الحديث: «إَذا وقع الذباب في الطعام، فامقلوه»، وروي «في الشراب»، أي أغمسوه فيه(8) والتماقل: التغاطّ في الماء حتّي يجيءً بالمَقل معه، وهو الحصي والطين. ومقلة العين: سوادها وبياضها(9).
وقد استعار عليّ (عليّه السلام )المقلة للعقل باعتبارإدراک العقل وبصيرته للصواب في قوله: «الحَمدُ لله الّذي أَظهَرَ من آثارِ سُلطَانِه.. ماحَيَّرَ مُقَلَ العُقُولِ مِن عَجَائِبِ قُدرَتِه» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عبر عن راية الهدي وصاحبها: «دَلِيلُها مَکِيثُ الکَلَام، بَطِيءُ
ص: 794
القِيَام»(1).
المکث: المقام، مَکَثَ يَمکُث مَکثاً ومُکوثاً ، وهو ماکث (2).
ويتعدّي بالهمزة فيقال: أمکثه وتمکّث في أمره، إذا لم يعجل فيه (3) و مکيث الکلّام کناية عن التروّي والتأنّي.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إنّ هؤلاء قَد تَمَالؤوا علي سَخطَةِ إمَارَتي»(4).
الممالأة: يقال : مالأته ، عاونته وصرتُ من مَلَئه، أي جمعه، نحو شايعته، أي: صرت من شيعته(5) والملا: أشراف القوم، سُمّوا بذلک لملاء تهم بما يُلتَمَسُ عندهم من المعروف وجودة الرأي، أو لأنّهم يملَئُون العين أُبّهةًوالصدور هيبةً والجمع أملاء(6) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) في الاعتبار بالماضين: «فَانظُروا کَيفَ کَانوا حَيثُ کَانَت الأَملاءُ مُجتَمعةً» (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنبما أنّتُم کالمَرأةِ الحَامِلِ حَملَت، فَلمَّا أتمَّت أَملَصَت ومَاتَ قَيَّمُها، وطال تأيُّمُهَا وَوَرِثَها أَبعَدُها»(8).
أملصت: ملصت المرأةُ والناقة، وهي مملص: رمت ولدها لغير تمام، والجمع مماليص، فإذا کان عادة لها فهي مملاص، والولد مَملَص ومَليص. والمَلَص: الزلق. وکلُّ ما زَلِق من اليد أو غيرها، فقد مَلِصَ مَلَصاً. والتملّص: التخلّص. يقال: ما کدت أتملص من فلان. و سيرُ إمليص: سريع(9) وإنّما سُمّي إملاصاً لأنّ المرأة تزلقه قبل الولادة (10).
مّسک أذفر» وفي خبر وصف الأحنف: کان أملَطَ. أي لاشعر عليّ بدنه، إلاّ في رأسه. وفي حديث الشجاج: «في المِلطَي نصف دِيَةُ الموضِحَة»، المِلطَي، بالقصر، والمِلطَاة:
القشرةُ الرقيقة بين عظم الرأس ولحمه، تمنع الشَّجَّة أنّ تُوضِح، وهي من لطيت بالشيء،
أي: لَصِقتُ، فتکون الميم زائدة وقيل: هي أصلية، والألف للإلحاق، کالتي في مِعزي.
واللطاة کالعزهاه، وهو أشبه، وأهل الحجاز يسمونها السَّمحاق(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إذا أَملَقتُم فَتَاجِرُوا اللهَ بالصَّدَقَةِ» (2).
الإملاق: الافتقار. يقال: أملق الرجل فهو مُملِق. وأصل الإملاق الإنفاق. يقال: أملق ما معه إملاقاً، ومَلَقه مَلقاً إذا أخرجه من يده ولم يحبسه، والفقر تابع لذلک، فاستعملوا لفظ
السبب في موضع المسبَّب حتّي صار به أشهر (3) ومنه حديث ابن عبّاس: «فسألته امرأة: أنّفِقُ من مالکِ ماشئتُ؟ قال: نعم، أملِقي من مالکِ ماشئتِ»(4).
ومنه قوله تعالي:﴿ ولاتَقتُلُوا أولاَدَکُم مِن إملاقٍ﴾(5)
في حديث ضرار في وصف عليّ (عليّه السلام) : «لقد رأيته في بعضِ مَواقِقِه وقد أَرخي الليلُ ال سُدولَه، وهو قائمُ في محرابه قابض علي لحيته يتململ تململَ السليم»(6).
يتململ: يقال : فلان يتململ علي فِراشه و يتملّل، إذا لم يستقرّ من الوجع کأنّه عليّ مَلّة. والمِلّة: الرماد الحار والجَمر، ويقال:أکلنا خَبزَ مَلّة، ولا يقال: أکلّنا مَلَّة. وتملل اللحمُ علي النار: اضطرب. وتململ الرجلُ أصله تملل فَفُکَّ بالتضعيف(7) والسليم :الذي لدغته الحيّة، ويقال له مسلُوم(8)وقيل للملدوغ سليم عليّ التفاؤل بشفائه. وإنّما سُمّي اللديغ سليماً لأنّهم تطيّروا من اللديغ فقلبوا المعني، کما قالوا للحبشي: أبو البيضاء، وکما قالوا للفلاة: مفازة، تفاءلوا بالفوز، وهي مهلکة، فتفاءلوا له بالسلامة. وقيل: إنّما سُمي
ص: 796
اللديغ سليماً لأنّه مُسلَمُ لِما به أو أُسلِمَ لما به.
وقيل: السليم الجريح المُشفي علي الهلکة(1).
في حديث عليّ ثلا: «وما ابتَلَي اللهُ سُبحَانه أحداً بِمثل الإملاء لَه»(2).
الإملاء: الإسهال والتأخير وإطالة العمر.
وأخذ الإملاء من الملا، وهو ما اتسع من الأرض (3). والملاوة: ملاوة العيش، أي قد أُملي له. ومنه تملّي فلان العيش ، أي طال
أمده. والمَلَوان: الليل والنهار، الواحد مَلاً والملاوة: الحين. وأمليت للناقة القيد: إذا أرخيت (4) ومنه قوله تعالي: ﴿انّمَا نُملي لَهُم لِيَزدَادُوا إثماً ولَهُم عَذَابُ مُهين ﴾(5).
أي نطيل أعمارهم ونترک المعاجلة العقوبتهم(6)والملا: الجماعةُ يجتمعون علي رأي فَيَملَئون العُيونَ رِوَاءً ومَنظراً والنفوس بهاءً وجلالاً(7). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «فانظُروا کَيفَ کَانُوا حَيثُ کَانَت الأَملَاء، مُجتمِعةً»(8).
في حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «من منحه المشرکون أرضاً فلا أرض له»(9).
المنيحة: العارية ليزرعها، يقال : منحه مالاً: وهبه، ومنحه: أقرضه. ومنحه: أعاره (10).
وأصل المنح أنّ يعطي الرجلُ الرجلَ ناقةً أو شاةً فيشرب لبنها ثمّ يردُّها إذا ذهب دَرُّها،
والناقة منيحة وکذلک الشاة، وکثر ذلک حتّي صار کلّ من أعطي شيئاً فقد منح(11) ومن ذلک قول عليّ (عليّه السلام )لأصحابه: «فَعَلي ضَامِنُ لِفَلجکُم آجِلاً، إنّ لم تَمنَحوه عَاجِلاً»(12).
القوة، والمنّة الضعف، ومنه حبل منين، أي ضعيف، وقال ذو الرُّمَّة.
تري الناشيء الغرّيد يُضحي کانّه*** علي الرحل ممّا منّهَ السيرُ عاصدُ
أي ممّا أضعفه. والمنون الدهر، لأنّه يُبلي ويُضعف ويذهب بمنّه الأشياء. والمنون: المنيّة أيضاً، وهما تکون واحدة وجمعاً (1).
ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «فَنَحنُ أَعوَا نُ المَنُونِ، وأنفُسُنا نَصبَ الحُتوُفِ» (2). والمنون يذکّر ويؤنّث، فمن انّث حمل علي المنيّة ، ومن ذکّر حمل علي الموت والدهر (3).وقيل له: ريب المنون من جهة وقته، لا من جهة کونه(4) وسُمّي الاعتداد بالنعمة منّاً لأنّه يقطع الشکر عليها(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الدُّنيا دَارُ مُنِيَ لَها الفَنَاءُ، ولاهلِهَا مِنها الجَلاء»(6).
المنَي: القدر، يقال: مناه الله يمنيه : قُدَّره. والمني والمنية: الموتُ، لأنّه قدر عليّنا، وقد مني الله له الموت، يَمني، ومني له، أي قُدَّر.
ومنه سُمّيت مِني بمکة، لما يُمني فيها من الدماء، أي يُراق . وقال ثعلب: من قولهم: مني الله عليّه الموت، أي قدّره ، لأنّ الهدي يُنحر هنالک (7) وقيل : سُمّيت بذلک لأنّها تتسع للناس. ومُني بکذا، أي بُلي به. يقال: مناه الله
بحبّها يَمنُوه، ويَمنيه(8) ومنه قوله : «فَمُني الناسُ - لعمر الله - بِخَبطٍ وشِمَاس»(9).
والجَلاء: أنّ يجلو قومُ عن بلادهم، و يتحولون عنها ويدعونها، يقال: أجليناهُم عن بلادهم فَجَلَوا وأجلَوا: أي تنحّوا. وجلا الغيم والشرَّ: إذا تکشف وانجلي. والجلا مقصور: الإثمّد، سُمّي به لأنّه يجلو البصر. وامرُ جَلي واضح. والجلاء: البيان والأمر الواضح والجَلاء: الأمر البين (10) ومنه قوله (صلي الله عليّه وآله) : «تذاکروا وتلاقوا وتحدّثوا فإنّ الحديث جلاء للقلوب ، إنَّ القلوب لترين ، کما يرين السيف، جلاؤها الحديث»(11).
والرين: الحجاب الکثيف ، کالصدأ يَغشَي
ص: 798
القلب، وهو سواده(1) وأصل الرين الطبع والتغطية، يقال: رين بالرجل ريناً، إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولا أرضُ ذاتُ مِهَاده»(3).
المِهاد: الفِراش، ويقال للفِراش: مِهاد الوثارته. قد مَهّدتُ الفِراش مهداً: بَسَطتُه ووطّأتُه. والمهاد أجمع من المهد، والمهد مهد الصبيّ ، موضعه الذي يُهيّأ له ويوطا لينام. وتمهيد الأمور: تسويتها وإصلاحها(4)ومنه قوله تعالي : ﴿ ومَن عَمِلَ صَالِحاً فلأنّفُسِهم يَعهَدُون﴾ (5)ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): «لم يَمهَدوا في سَلامة الأبدان»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «فَمَن أشعَرَ التَّقوَي قَلبَةَ برَّز مَهَلُه »(7).
المَهَلُ والتمهُّلُ: التقدّم.
وفلان ذو مَهَل، أي ذو تقدّم في الخير، ولا يقال في الشرَّ ، قال ذو الرمة:
کم فيهم من أشَمَّ الأنّف ذي مَهَلَ*** يأبي الظلامةُ منه الضيغمُ الضاري
ويقال: خُذ المُهلة في أمرک ، أي خذ العُدَّة. ومَهلُ الرجل: أسلافه الذين تقدّموه.والمهَلُ: بالتحريک: التؤدّة والتباطؤ ، والاسم المُهلة(8) ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «اتقوا الله تقيّة، من شمّر تجريداً، وجدّ تشميراً، وکمّش في مَهَل»(9). أي أسرع إلي العمل في مهلة الحياة الدنيا(10) وروي عن عليّ( عليّه السلام) أنّه لما لَقي الشُّراةَ قال لأصحابه: «أقلُّوا البطنَة وأعذِبوا، إذا سِرتم إلي العدوَّ فَمَهلاً مهلاً. أي رِفقاً رِفقاً. وإذا وقعت العينُ علي العين فَمَهَلاً مَهَلاً. أي تقدُّما تقدُّماً»(11).
قال ابن الأثير: مَهلاً، الساکن: الرفق. والمتحرّک: التقدّم. ويقال: مَهلاً للواحد والاثنين والجمع والمؤنَّث ، بلفظ واحد(12).
وتمهّل في کذا، إذا تقدّم فيه (13). والمُهل:
ص: 799
خُثارَة الزّيت ، والنحاس الذائب. والصديد والقيح. والمُهلَةُ أيضاً. والمهلَةُ: صديد الميتِ
-فتحتّين - وفي الحديث : «إنّما هو للمَهلة والتراب»(1) وفي خبر آخر: «للمُهل والتراب»، قال أبو عبيد : في هذا الحديث
الصديد والقيح (2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) لما تثاقل أهل العراق عن الجهاد: «اللّهُمّ مِث قُلُوبَهُم کَمَا يُماثُ المِلحُ في الماءِ» (3).
الميث: ماث الشيء ميثاً؛ مرسه وماث الملحَ في الماء: أذابه ، وکذلک الطين.
قال ابن السکّيت: ماث الشيء يموثه ويعيثه ، لغةً، إذا دافه (4).
ومنه حديث الصادق( عليّه السلام) : «إنَّ الخلق الحسن يُميث الخطيئة کما تميث الشمسُ الجليد»(5). ومن معني الذوبان فزعاً وخشيةً يفسّر حديث عليّ (عليّه السلام) : «لو انمَاثَت قُلوبُکُم انمِيَاثاً»(6)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله):«ابتَعثَهُ والنَّاسُ يَضرِبُونَ فِي غَمرةٍ ويمُوجُون في حَيرَةٍ »(7).
الموج: ماج الناس يموجون ، إذا اضطربوا، وماج أمرهم ومَرِجَ: اضطرب.
والموجُ : موجُ البحر سُمّي لاضطرابه(8)ومنه استعير لهياج الفتنة واضطرابها بقوله : «شقّوا أموَاجِ الفِتنِ بسُفُنِ النَّجاةِ»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يصف الضالّين: «قد ماروا في الحَيرة، وذَهَلُوا في السَّکرُةِ» (10).
المَؤر: يقال : مار الشيء يمور مَؤراً، إذا جاء وذهب کالمضطرب(11)، ومار الدم علي وجه الأرض يمور: انصبّ وتردّد. والمور: الطريق لأنّ الناس يمورون فيه، أي يترددون (12). والمورُ: الترابُ المتردّدُ به الريح والجريان السريع (13) والمور: الموج(14).
ص: 800
وحديث عليّ (عليّه السلام) عن عظمة الله وحمده:« وکيفَ مَدَدتَ عَلي مَورِ المَاءِأَرضَک» (1).
من ذلک. وباعتبار التموّج والاضطراب قام قال عليّ(عليّه السلام )عن السماء: «وأَمسَکَها مِن أنّ تَمُورَ في خَرقِ الهَواءِ بِأيدِهِ، وأَمَرَهَا أَن تَقِف مُستسلِمَةً لأَمرِهِ» (2).
وباعتبار حرکة الکواکب قال (عليّه السلام ): «سَقفٍ سَائِر، ورَقِيمٍ مَائِر»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «لاتَضحَب المَايِقَ فَإنّه يُزيّن لَکَ فِعلَهُ، ويُوَدُّ أنّ تَکُونَ مِثلَهُ»(4).
الموق: حُمق في غباوة، يقال: أحمقُ مائق، والنعت مائق ومائقة (5)وماق البيعُ يموق: رَخُص(6) والموق: الخفّ. معرّب ، والجمع أمواق»(7) وجاء في الخبر: «لما
قدم صلي الله عليّه وآله الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره، ونزع مُوقَيه، وخاض الماء». موقيه: أي خُفَّيه (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «تَنزِلُ المَعُونَةُ علي قَدرِ المَؤَونَةِ»(9).
المؤونة: الثقل، وفيها لغات، إحداها علي فعولة، بفتح الفاء وبهمزة مضمومة، والجمع
مؤونات علي لفظها. والثانية مؤنة بهمزة ساکنة، والجمع مُؤَن ، مثل غُرفة وغُرف.والثالثة مُونة ، بالواو، والجمع مُوَن مثل سورة وسُوَر (10) ويقال منها: مانه يمونه: أي بکفاية أمره(11) وقول الصادق (عليّه السلام) : «المؤمنُ في المؤونة» (12) أراد أنّه لا يشقّ علي الناس ولا يبهظهم.
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وتَختّفِرُون ولاتُمِيهُونَ»(13). تميهون: من قولهم: أماه الحافر، أي أنبط الماء. وحفر البئر حتّي أماه وأموه، أي بلغ
الماء، وموّه الموضع صار فيه الماء. وأماهت الأرض: کثر ماؤها وظهر فيها النَّزّ. وموّهت السماء أسالت ماء کثيراً. وأصل الماء ماه،
ص: 801
والواحدة ماهة وماءة والهمزة فيه مبدلة من الهاء(1)ومنه الخبر : «کان موسي( عليّه السلام) يغتسل عند مُوَيهِ»، مويه: تصغير ماء(2).
وکُنّي به عن المني في الحديث: «الغسل من الماء الأکبر»(3) قال الشيخ : يدلّ علي وجوب الغسل في الماء الأکبر سواء أنزل بشهوة أو بغير شهوةٍ في النوم أو اليقظة (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «لَقَد رأَيتُ عَقِيلاً وقد أَملَقَ حتّي استَماحَنِي مِن بُرَّکُم
صَاعاً»(5).
الميحُ: يجري مَجري المنفعة . وکلُّ من أعطي معروفاً، فقد ماحَ. ومحتُ الرجلَ أعطيته. واستمحنه: سألته العطاء، ومِحتُه عند السلطان شفعتُ له. والامتياح: مثل المَيح. والسائل : مُمتَاحُ ومُشتَمِيح، والمسؤول : مُستماح(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام) مزهّداً بالدُّنيا:«تَمِيدُ بأَهلِهَا مَيدَانَ السَّفِينَةِ تَقصِفُها العواصفُ في لُجَج البحار ، فَمنهُمُ الغَرِق الوَبِقُ، ومِنهُم النَّاجِي عليّ بُطُونِ الأمواجِ، تَحفِزُهُ الرَّيَاحُ
بِأذيَالِهَا، وتَحمِلُه عَلي أَهوالِهَا»(7).
الميد: يقال: مَادَ يَميد مَيداً، إذا تمايل، وغصنُ ماند و ميّاد. وأصاب الإنسان المَيد، إذا أصابه الدُّوار عن رکوب البحر(8) والفرق بين الميل والميد أنَّ الميل يکون في جانب واحد، والميد هو أنّ يميل مرّة يمنة ومرّةيسرة(9)وماده يميده ميداً، أعطاهُ، والمائدة مشتقّة من ذلک، وهي فاعلة بمعني مفعولة، لأنّ المالک مادها للناس، أي أعطاهم إياها، وقيل: مشتقّةُ من ماد يميد، إذا تحرک فهي اسم فاعل. والمَيدان من ذلک لتحرّک جوانبه عند السباق، والجمعُ ميادين(10) وباعتبار الاضطراب والتمايل قال عليّ (عليّه السلام) عن الأرض: «فَسَکَنَت مِنَ المَيَدَانِ لِرُسُوبِ الجِبَالِ في قِطَعِ أدِيمِهَا»(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس
ص: 802
«يَختَالُ بِألوَانِه، ويَمِيسُ بِزَيَفَانِهِ »(1).
الميسُ: التبخترُ، ماسَ يميس مَيساً و ميساناً: تبختر واختال. وغصن ميّاس : مائل. والميسون: الميّاسة من النساء، وهي المختالة. والميسون من الغلمان الحسَن الوجه و الحسن القدّ. والميس: شجر عظام شبيه في نباته و ورقه بالغَرَب. والمياسين: النجوم الزاهرة . قال ابن الأعرابي: ميسان کوکب يکون بين المعرّة والمجرّة(2).
و ميسان، بالفتح ثمّ السکون: اسم کورة واسعة کثيرة القري والنخل بين البصرة و واسط. وفي هذه الکورة قرية فيها قبر عزير النبيّ (عليّه السلام)(3)وماسَ رأسه مَوساً ، من باب قال: حَلَقه. والموسَي آلة الحديد، قيل الميم زائدة و وزنه مُفَعل من أوسي رأسه بالألف(4).
في حديث عليّ( عليّه السلام ): «و لاتَقتَحمُوا مَا استَقبَلتُم مِن فَؤرِ نَارِ الفِتنَةِ، وَأمِيطُوا عن سَنَنِهَا»(5).
الميط: الجور، ماط يميط ميطاً، إذا جار. و مطتُ الأذي عن الطريق، إذا نحّيته عنه، يقال: مِطتُه وأمطتُه إماطةً ومَيطاً (6) ومن هذا .جاء حديثه (عليّه السلام): «إذا أُخذت منک قَذاة فقل:«أماط الله عَنک ماتَکره»(7)وباعتبار دفع النفس عن المعاصي والمزالق قال عليّ( عليّه السلام) في العظة بالتقوي. «واستَفتَحَ التَّؤبَةَ، وأَمَاطَ الحَوبَة» (8) قال ابن ميثمّ: إماطة الحوبةإزالة الإثمّ عن لوح نفسه بتوبته (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام )يصف أصحابه: «وما أَنتُم برُکنٍ يُمَالُ بِکُم، ولا زَوَافِرُ يُفَتَقَرُ إليکم» (10).
الميل: العدول عن الوسط إلي أحد الجانبين(11) وقد استعارا عليّه السلام منه إلي معني المعاونة والمقاتلة. ومال عن الطريق يميل مَيلاً، ترکه و حاد عنه، ومال الحاکم في حکمه ميلاً، جار و ظلم، فهو مائل وميّال.ومال عليهم الدهرُ : أصابهم بحوائجه. والمَيَل، بفتحتين: الاعوجاجُ خلقةً. والمِيل بکسر الميم، عند العرب: مقدار مدي البصر من
ص: 803
الأرض(1) ومال الرجل فهو يَمال ويَمول، إذا صار ذا مالٍ، ومِلتُ و مُلتُ(2) وفي الحديث :«والمائلات المميلات» المائلات: اللّاتي يَمِلنَ خُيلاء. المميلات: اللاتي يُمِلنَ قلوب الرجال إلي أنفسهنّ. أو يُملنَ المقانع عن رؤوسهن ، لتظهر وجوههن وشعورهن، قال أبو النجمُ:
مائلةِ الخمرةِ والکلّام*** باللّغوِ بين الحِلَّ والحرام
ومن المشطة المَيلاء، وهي مِشطةُ معروفة عندهم، کأنّهنّ يُمِلنَ فيها العِقاص .
قال الزمخشري: تعضده رواية من روي أنّ امرأة قالت : کنتُ أسأل رسول الله صلي الله عليّه وآله؟ عن مَيلِ رأسي، فقال: الکاسيات.. وقال الشاعر:
تقول لي مسائلة الذّوائب*** کيف أخي في العُقَب النوائِب
أو أراد بالمائلاتِ المميلات اللاتي يَمِلنَ إلي الهوي والغيَّ عن العفاف، وهو أحبّهنّ کذلک. کقولهم : فلان خبيث مخبث(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «المَائِنَةُ الخَوُونُ» (4).
المينُ: الکذب، وجمع المين مُيُون.
ومان يَمينُ مَيناً: کذب، فهو مائن. ورجل ميُون و ميّان: کذّاب. ووُدُّ فلان مُتماينُ، إذا کان غير صادق الخُلَّةِ(5) والميناءُ: الجوهرُ ، ويُقصرُ أيضاً. والميناء، ممدود: الموضع الذي ترفأ إليه السُفُن في البحر(6)أي تجمع وتُربَط فيه. قيل: هو مفعال من الوَني: الفتور، لأنّ الريح يَقِلُّ فيه هبوبها. وقد يُقصر فيکون علي ومِفعل، والميم زائدة (7).
ص: 804
في حديث الصادق (عليّه السلام ): «إذا بَعدت بأحَدِکُم الشُقَّة ونَأَت به الدارُ فليَصعَد أعلي مَنزِله فليُصلَّ رِکعَتين وليؤمَّ بالسّلام إلي قبورنا فإنّ ذلک يَصل إلينا»(1).
النأي: يقال : تناءوا عنّي، وانتأوا، ونأيتُ عنه ونأيته، وناء يته: باعدته (2) والنأيُ: البعدُ، والنائي البعيد، وناي يَناي نأياً، إذا بَعدُ(3) وبعدت عليهم الشقّة: الطريق(4) قال ابن السکّيت: والشَّقةَ والشُقة: للسفر البعيده(5) وباعتبار الانفصال عن الشيء قال عليّ (عليّه السلام )في التوحيد: «لَم يَحلُل في الأشيَاءِ فَيُقاَل: هو کَائِنُ، وَلَم يَنأَعِنهَا فَيُقَالَ: هُو مِنها بَائِنُ»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لسليمان بن صُرَد: «تَنأنأت وتربّصتَ فکيف رأيتَ اللهَ صَنع»(7).
تنأنأت: ضعفت واسترخيت. والنانأة،کما قال الأصمعي، هي مهموزة، ومعناها اوّل الإسلام. وإنّما سُمّي بذلک لأنّه کان قبل أن يقوي الإسلام ويکثر أهله وناصره، فهو عند الناس ضعيف. وأصل النأنأة الضعف ، ومنه قيل: رجل نأنأ، إذا کان ضعيفاً»(8) قال ابن القطاع، والتأنأة مثل النَّهنهة، الکفّ والزجر، وهي الضعف أيضاً(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وکَيفَ يُرَاعِي
ص: 805
النَّبأَةَ مَن أصَمَّتهُ الصَّيحةُ»(1).
النبأة: الصوت الخفيّ ، والنبأةُ صوتُ الکلّاب. وقيل: الجزس أيّاً کان (2) وسيلُ نابيء: أتي من بلدٍ إلي بلدٍ، ورجل نابيء مثله. والنبأ: الخبر، لأنّه يأتي من مکان إلي مکان (3).
في الحديث : «نهي( صلي الله عليّه وآله )عن المنابذة والملامسة وبيع الحصاة».
المنابذة: أنّ يقول الرجل لصاحبه: انبذ إليّ الثوب أو غيره من المتاع أو أنّبذه إليک وقد وجب البيع بکذا وکذا. ويقال: إنّما هو أنّ يقول الرجل: إذا نبذت الحصاة فقد وجب
البيع، وهو معني قوله أنّه نهي عن بيع الحصاة. والملامسة: أنّ تقول: إذا لمست ثوبي أو
لمست ثوبک فقد وجب البيع بکذا وکذا. ويقال: هو أنّ يلمس المتاع من وراء الثوب ولا ينظر إليه فيقع البيع علي ذلک. وهذه بيوع کان أهل الجاهلية يتبايعونها فنهي رسول الله (صلي الله عليّه وآله) عنها لأنّها غررَ کلّها(4).
والنبذ طرحک الشيء من يدک، نبذتُ الشيء أنّبذه نَبذاً، إذا ألقيته من يدک. يقال: نَبَذَ
يَنبِدُ نبذاً.(5) وفي حديث عَدِيّ بن حاتم : «أُمر له لمّا أتاه بِمنبذَةٍ». أي وسادة. سُميت بها لأنّها تُنبذ،أي تُطرح(6). ومنه نبذ العَهد، إذا و نقضه (7) وباعتبار الوعيد بالحرب کتب عليّ (عليّه السلام) إلي جرير لمّا أرسله لمعاوية: «فإن اختارَ الحَرب فَانبِد إليه»(8).
من قولهم: نابذتُهم الحربَ ، کاشفتُهم إيّاها وجاهرتُهُم بهار (9)ونابذ فلان فلاناً، إذا فارقهُ عن قِليَّ(10)وجاء وصف عليّ (عليّه السلام) لما يأتي من الزمان: «فَقَد نَبَذَ الکِتَابَ حَمَلَتُهُ وتَنَاسَاهُ حَفَظتُهُ» (11) وقوله (عليّه السلام) : «ونَبِدتمُ الثَّقلَ الفَادِحَ عن الأغنَاقِ»(12) أراد ألقيتم ثقل الأوزار في الآخرة عن أعناق نفوسکم (13). وفي حديث أبي عبدالله قال: «المنبوذ حرُّ إنّ شَاءَ جَعَل ولاءه للذين ربّوه وإنّ شاء
ص: 806
لغيرهم »(1) المنبوذ: هو الصبيّ الذي تلقيه أمّه (2) ومنه سُمّي النبيذُ لانّه يُنبذ، أي يُترک حتّي يشتدّ (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن أصناف الناس: «أو مِنبَرٍ يَفرَعُهُ»(4).
النبر: ارتفاع الشيء من الأرض، يقال: نبرته أَنبره نَبراً، أي رفعته(5)ونبر الغلام صاح أوّل مايترعرع. ورجل نبّار: فصيح جهير. وسُمّي المنبر لانّه مرتفع ويُرفع الصوت عليّه، والنبر في الکلّام: الهمزُ أو قريب منه(6)وسُمّيت الأنبار، وهي مدينة علي الفرات في غربي بغداد، لأنّه کان يُجمع بها أنّابير الحنطة والشعير (7) ودهاقين الأنّبار الذين جاءت الإشارة لهم في الخبر من هذه المدينة (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة المتقّين: «لايُنَابِزُ بالألقَابِ»(9).
النبز: التلقيب: قال الله تعالي: ﴿لا تَنَابَزوا بالألقابِ﴾ (10).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام )في وصف الکاظم (عليّه السلام) : «إنّه نَبعَةُ نُبوّة» (11).
النبع: شجر تُتخذ منه القِسِيّ، فإذا کان في رؤوس الجبال فهو نبع، وإذا کان في السهل فهو شوحط. ونبع الماء ينبعُ نَبعاً، إذا خرج من عين أو غيرها، ومنابع الماء: مخارجه من الأرض، واليَنبوع: الجدول الکثير الماء (12).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن الأرض:«فَجَّر يَنَابيعَ العُيُون من عَرَانينِ أُنّوفِها» (13) وقوله عليّه السلام في وصفه( صلي الله عليّه وآله): «اختَارَهُ من شَجَرةِ الأنّبِيَاءِ، ومِشکَاۃِ الضَّياءِ، وَذَوابَةِ العَليَاءِ وسُرَّة البَطحَاءِ، ومَصَابِيحِ الظُّلمَةِ، ويَنَابِيعِ الحِکمَةِ» (14). ألفاظ مستعارة ، واختار لفظ
ص: 807
الينابيع لکثرة علمه وتفجرّه من أصل الحکمة والصواب ، وقوله (عليّه السلام) عن القرآن: «يَنَابِيعُ العِلم»(1)من هذا المجاز.
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذکر عمرو العاص: «عَجَباً لابنِ النَّابِغَةِ»(2).
النابغة: يقال: نبغ فلان بِتُوسه إذا خرج بطبعه. ونبغ الشيء: ظهر. ونبغت المزادةُ إذا کانت کتوماً فصارت سَرِبة. وسُمّي النابغة، الشاعر المعروف، لظهوره. والنوابغ: إناث الثعالب (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام):في ذَمّ أَهل البَصرَةِ:«فأنتمُ غَرَض لِنَابِلٍ، وأَکلَةُ لآکِلِ»(4).
النابل: صاحب النَّبل ، والنابل: الذي يرمي بالنبل والنابل: الحاذق بالأمره(5). والنَّبل: اسم للسهام العربية. وصاحبها نابل ونبّالُ وحرفته النبالة(6).ولا واحد لها من لفظها. وغرض لنابل، استعارة أراد بها (عليّه السلام )أنّ کلّ خارجي يأتي إليکم ليتقوي بکم(7). وفي الحديث : «أعدّوا النُّبَل» هي الحجارة
الصغار التي يُستنجي بها، واحدتها نُبلة، کغرفة وغُرَف(8) والنَّبَل بفتح النون: عُظام المَدَر والحجارة، الواحدة نَبَلة. وصغارها بالضم(9) يقال: تنبّل الرجلُ، إذا استنجي ويقال للرجل: نبّلني أحجاراً، أي: أعطني أحجاراً استعملها في ذلک المکان(10). ومنه المثل: اختلط الحابل بالنابل. أي، ناصب بن الحبالة بالرامي بالنَّبل، وقيل: السدي باللحمة. يُضرب في اشتباک الأمر وارتباکه (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) ليلة الهرير: «وَعضُّوا ا عَلي النَّوَاجِذ، فإنّه أَنبي للسُّيوفِ عن
الهَامِ»(12).
النبوة: يقال : نبا السهمُ عن الهدف نبواً قصّر. ونبا عن الشيء نبواً ونبوةً؛ زايله. وإذا
ص: 808
لم يستمکن السرجُ أو الرحلُ من الظهر قيل: نبا. ونبا حدُّ السيف. إذا لم يقطع(1). قال ابن ميثمّ: علّته أنَّ العضّ علي الناجذ يستلزم تصلّب العضلات والأعصاب المتّصلة بالدماغ فيقاوم ضربة السيف ويکون نکايته أقلّ (2) ونبا به منزله: لم يوافقه ، وکذا فراشه (3) ومنه قوله( عليّه السلام) عن ظلم بني أُميّة : «ونَبا به سُوءُ رَغيِهِم»(4) أي أوجب سوء رعيهم الجفاء والرَّحيل لهذه الديار. وکتاب عليّ (عليّه السلام) للحسن: «إنّما مَثَلُ مَن خَبرَ الدُّنيا کَمَثل قَوم سَفر نَبَا بِهِم مَنزِلُ جَديبُ فَأمّوا مَنزِلاً خَصِيباً»(5) من هذا المعني، کأنها غيرموافقة لهم.
والنبوة والنباوة والنبيّ: ماارتفع من لأرض ومنه اشتقاق النبيّ لأنّه أرفع خلق الله . وقال أبو معاذ النحوي: سمعتُ أعرابياً يقول: من يُدلّني عليّ النبيّ ؟ أي علي الطريق. قال الکسائي: النبيّ : الطريق، والأنّبياء طرق الهدي(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام )عن البيت الحرام:«وَضَعهُ بأَوعَرِ بِقَاع الأرضِ حَجَراً، وأَقلَّ نتَائِقِ الدُّنيا مَدًراً، وأَضيَقِ بُطُونِ الأودِيَةِ قُطراً»(7).
النّثق: الزعزعة والهزّ والجذب والنَّفض. والنتائق جمع نتيقة، فعيلة بمعني مفعولة من النتق، وأراد (عليّه السلام) ههنا البلاد لرفع بنائها وشهرتها في موضعها. ونتقَ الشيء ينيِقُه ويَنتقُه، بالضم، نتقاً: جذبه واقتلعه (8) قال الراوندي: استُعمل النتق عليّ وجوهٍ أليقها بهذا الموضع أنّ تکون الأرض مثاراًللزراعة، وهي - أعني أرض مکّة - أقلّ الأرضين مدراً، يُرفع ويُزرع فيه، لأنَّ تلک الأرض ذات حجارة،ومدرها المستصلح للزراعة قليل (9). ومن هذا جاء قوله تعالي :﴿ وإذ نَتقنَا الجَبَل فَوقَهُم ﴾ (10) أي رفعنا. وقد استعير للمرأة الولود أيضاً، کما في حديث النبي (صلي الله عليّه وسلم) : «عليکم بالأبکار، فإنّهن أعذبُ
ص: 809
أفواهاً، وأنت أرحاماً، وأرضي باليسير» .
النتق: النفض، يقال: نتقَ الجرَابَ، إذا نفضها ونثر ما فيها. ومنه : فلان لا ينتق ولاينطق.
وقيل کثيرة الأولاد: ناتق (1) قال الشاعر:
أخذتها وهي بطانُ نَتّقُ*** فأصبحت وهي ما خُفّقُ
وزندُ ناتق: وارٍ (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «بين نَثيِله ومُعتَلَفِه»(3).
النثيل: رَوثُ الدابّة(4) والمُعتلف: الموضع الذي يأکلّ منه. والعَلف للدوابّ والجمع عِلاف، يقال: علفها يَعلفها عَلفاً فهي معلوفة وعليف (5). ومنه الحديث : «ويأکلّون عِلافها»(6)ونَثَلت کنانتي نَثلاً، إذا استخرجت ما فيها من النَّبل. وکذلک نثلثُ
البئرَ، إذا استخرجت ترابَها، واسم ذلک التراب النَّيلة(7)ويقال : نثَل دِرعَهُ، إذا ألقاها عنه، ولايقال نثرها(8).
في حديث وصف النبي (صلي الله عليّه وآله )وصف مجلسه (صلي الله عليّه وآله): «لا تؤُبَن فيه الحُرم، ولا تُنثَي فَلَتاته»(9).
النَّثا: يقال: نئوتُ الکلّام أنثوه نَثواً، إذا أظهرته (10). وقال بعض أهل اللغة: الثناءلا يکون في الخير والشرَّ، والنثا لا يکون إلّا في
الذکر الجميل (11) والفلتة: الخلسة، وکلّ شيءفُعِل من غير رويّة(12).
ووصفه (عليّه السلام) للنبي (صلی الله علیه وآله وسلم) بقوله: «من الشجرة التي صدع مِنها أَنبيَاءه، وانتَجَبَ مِنها أُمناءَهُ» (1) من هذا المعني. ونجبتُ الشجرة:أخذتُ نجيها: قشرها(2). وعود منجوب: إذا قُشرت عنها لحاؤه. وأديم منجوب ، إذا دُبغ بالنَّجَب ، وهو لحاء الشجر. والمِنجاب : النّصل الضعيف من نِصال السهام (3).
في حديث عليّ( عليّه السلام )في عظة الناس: «أو يَستَنجِحَ حَاجَة إلي الناس بإظهَارِ بِدعَةٍ» (4).
النُّجحُ والنَّجاح: الظَّفرُ بالشيء. وتنجّحتُ الحاجة واستنجحتها، إذا تنجّزتها. ورجل نجيح: مُنجَحُ الحاجات . ورأيُ نجيح صواب. ويقال: أنجحَ بک الباطلُ، أي غَلَبک الباطلُ. وکلّ شيء غلبک ، فقد أنجحَ بک، وإذا غَلَبتَهُ. فقد أنّجحتَ به. والنَّجاحةُ : الصبر (5).
ومنه جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «عليّکم بالدعاء فإنَّ المسلمين لم يدرکوا نجاح الحوائج عند ربّهم بأفضل من الدعاء . والرغبة»(6).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء: «اللهم سُقياً مِنمَ تُعشِبُ بِهَا نِجَادُنَا»(7).
النَّجد من الأرض: ماغَلُظ منها وأشرف وارتفع واستوي. وأنجدَ الشيء: ارتفع ، وأنجد خرج إلي بلاد نجد. ونجدُ من بلاد العرب: ماکان فوق العالية، والعالية ماکان فوق نجدٍ إلي أرض تِهامةَ إلي ما وراء مکّة، فما کان دون ذلک إلي أرض العراق، فهو نجدوالنَّجد:مکان لاشجر فيه. والنَّجد: مايُنضَّدُ به البيت من البسُط والوسائد والفُرُش، والجمع نجُود ونِجادُ ، وبيت مُنَجَّدُ، إذا کان مُزَيّناً بالثياب والفرش، ونجوده ستوره التي تُعلّق علي حيطانه يُزيّن بها. والنَّجد: شجر يُشبه الشُبُرم في لونه ونبته و شوکه. والنَّجود من الأُتُنّ والإبل: الطويلة العُنُق ، وقيل : هي من الأُتن خاصّة التي لاتحمل.
والنَّجاد: ماوقع علي العاتق من حمائل السيف، ورجلُ تَجُدُ ونَجِد، أي شديد البأس(8) .
ومنه حديث عليّ : «أمّا نحن بَنو
ص: 811
هَاشم فأنجَاد أمجَاد». الأنّجاد جمع نجدة بضم الجيم وکسرها: الشجاع، والأمجاد : جمع ماجد، کشاهد وأشهاد(1). وفي حديث عليّ الا عنه (صلي الله عليّه وآله): «ولَقَد واسَيتُه بِنَفسي في المَوَاطِن التي تَنکُص فيها الأبطِالُ، وتَتأخّرُ فيها الأقدَامُ، نَجدَةً أکرَمَني اللهُ بِها»(2).
النجدة: الشجاعة تقول منه: نَجُد الرجلُ، بالضم، فهو نَجِد ونجُد ونَجيدُ(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لمحمد بن الحنفية: «تَزُولُ الجِبَال و لاتَزُل! عَضَّ عليّ نَاجِذِکَ ، أعِر اللهَ جُمجُمَتکَ، تِذ في الأرضِ قَدَمَکَ»(4).
النواجذ: أقصي الأضراس، وهي أربعة في أقصي الأسنان بعد الأرحاء، وتَسمّي ضرس الحُلم لأنّه ينبت بعد البلوغ وکمال العقل، وقيل: التواجد التي تلي الأنّياب .
وقيل: هي الأضراس کلّها نواجذ (5). قال بعض الشارحين: عض الناجذ کناية عن تسکين القلبِ وطرَّد الرَّعدة ، وليس المراد حقيقته (6)وتد في الأرض قدمک: من قولهم: وتَد فلان رِجله في الأرض، إذا ثبّتها)(7) وتد: فعل الأمر منه. وأعر: من الإعارة، أي جُد برأسک في حفظ دين الله معيراً له تَعالي جُمجُمَتَکَ فإنّه يَردّ العَارية سَالِمة(8).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «واختَلَف النَّجرُ وتشتّتَ الأثر»(9).
النجر: الطبع والأصل. قال ابن الأعرابي:النجر شکل الإنسان و هيئته(10).
ومراده(عليّه السلام)مافُطِر عليّه الإنسان من طاعة الله وعبادته. وفي حديث النجاشي لمّا دخل عليّه عمرو بن العاص والوفد، قال لهم: نجّروا. نجّروا : أي سوقوا الکلام. قال أبو موسي: والمشهور بالخاء (11) أي تکلّموا مأخوذ من النخير: الصوت (12)والنجر: السوق الشديد ، ومنه رجل مِنجَر، أي: شديد السوق
ص: 812
للإبل(1). وفي حديث الصادق (عليّه السلام) عن النبي
(صلي الله عليّه وسلم) قال: «شرّ اليهود يَهود بيسان، وشرّ النّصاري نَصاري نَجران»(2) ونجران موضع بحوران من نواحي دمشق. ونجران موضع بالبحرين، وقيل: نجران من مخاليف اليمن في ناحية مکّة. وکعبة نجران: يقال بيعة
بناها بنو عبدالمدان بن الديّان الحارثي عليّ بناء الکعبة وعظموها مضاهاةً لِلکعبةوسمّوها کعبة نجران، وکان فيها أساقفة معنمون. وهم الذين جاءوا إلي النبي (صلي الله عليّه وآله) ودعاهم إلي المباهلة(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عذاب الإنسان في الآخرة: «لاقُوَّة حَاجِزَةُ، ولا مَؤتَةُ نَاجِزَةُ»(4).
الناجز: الحاضر، وبعته ناجزاً بناجز ، أي : يداً بيدٍ(5) وهو کقولک: عاجلاً بعاجل. وأنجزتهُ وأنجزت به، أي عجّلتُ ووفيت به، ونجز هو، أي وفي به، کما تقول: حضرت المائدة، وإنّما أُحضرت، والتنَجُّزُ: طلب شيء قد وُعِدُته(6) ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): «واستَحِقُّوا منه مَا أعَدَّ لکُم بالتنجُّز لِصِدقِ مِيعَادِه»(7) وجاء في الخبر: أنّه (صلي الله عليّه وآله )قال لعليّ (عليّه السلام) : «أتنجز عِداتِ محمّد وتقضي دَينه ؟» (8)وتناجز القومُ في الحرب، إذا تسافکوا دماءهم کأنهم أسرعوا فيها(9). ومنه المثل: المحاجزة قبل المناجزة(10).
قال رسول الله (صلي الله عليّه وآله): «لا تناجشوا ولا تدابروا».
لا تناجَشوا: هو تفاعُل، من النجش. معناه أنّ يزيد الرجلُ الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ، ولکن ليسمعه غيره فيزيد الزيادته. والناجش: الخائن(11).
أو يمدح السلعة ليُنفقها ويروّجها، وهو لا يريد شراءها ، ليقع غيره فيها (12).
ص: 813
وأصل النجش البحث ، وهو استخراج الشيء ، والنجش: الاستثارة. والناجش: الذي يثير الصيد ليمرّ عليّ الصياد. ونَجَش الإبل يَنجُشُها نجشاً: جمعها بعد تفرقة (1).
والتدابر: المصارمة والهجران، مأخوذ من أنّ يولّي الرجل دُبرَه ويعرض عنه بوجهه (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وأُحذّرُکُم الدُّنيا فإنّها مَنزِلُ قُلعَةٍ ولَيسَت بِدَارِ نُجعَةِ» (3).
النُجعة: أصل النجعة طلب الکلأ، ثمّ صار کلُّ طالب حاجةٍ منتجعاً. وماء ناجع ونجيع،
إذا کان مريئاً(4) ونجعتُ البلدَ: أتيته ، ونجعَ الدَّواءُ والعَلَفُ والوعظُ: ظهر أثره(5).
قال أبو عبدالله (عليّه السلام) : «يُنتظر بالمُکَاتب ثلاثة أنّجم فإن هو عجز رُدَّرقيقاً»(6).
النجم: الکوکب ، والجمع أنّجم ونجوم. وکانوا يُسمّون الوقت الذي يحلّ فيه الأداء نجماً تجوّزاً، لأنّ الأداء لايُعرف إلّا بالنجم ، ثمّ توسُعوا حتّي سمّوا الوظيفة نجماً لوقوعها في الأصل في الوقت الذي يطلع فيه النجم، واشتقّوا منه فقالوا: نجمت الدين بالتثقيل إذا
جعلته نجوماً»(7) والنَّجم: مانجم من البقل عليّ غير ساق، والفصل بين النجم والشجر أنّ النجم يُذهبه الصيف فلا يبقي له أثر، والشجر يبقي له ساق(8). قال الخليل: ما نجم من العروق أيّام الرَّبيع، تري رؤوسها أمثال المسالَّ تشُقُّ الأرض شِقّاً(9).
وحديث عليّ (عليّه السلام )عن الخوارج: «کُلَّمَا نَجَمَ مِنهُم قَرنُ قُطِع»(10). مستعار منه. وقوله الابن مسهر الطائي جواباً له: «حتّي إذا نَعَر البَاطِلُ نَجَمتَ نُجومَ قَرنِ الماعِز»(11).
أي انّه طلع بلاشرف ولا شجاعة ولاقدم بل علي غفلة ، کما ينبت قَرن الماعز. وهذامن باب البديع، وهو أن يُشبّه الأمرُ يراد إهانته بالمهين ، ويُشبّه الأمرُ يُراد إعظامه بالعظيم، ولو کان قد تکلّم في شأن ناجم يريد تعظيمه ، لقال: نجَم نَجمَ الکوکب من
ص: 814
تحت الغمام، نجوم نَور الربيع من الأکمام، ونحو ذلک (1).
ومن هذا جاء قوله : «کَسَرتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبيَعةَ ومُضَرَ»(2) وقرن الشيطان في حديث فاطمة هو لواء الکفر والنفاق والذي جاء بقولها: «کلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نَجَم قَرَن الشيطان، أو فَغَرت فاغرةُ من المشرکين قذف أخاه في لهواتها فلا ينکفيء حتّي يطأ جناحها بأخمصه، ويخمد لهبها بسيفه»(3). وباعتبار الهرج والمرج عند ظهور الفتنة قال عليّ عليّه السلام :«تَلتَبِس الآراء عِند نُجُومِهَا»(4)وقوله :
«وما أمَّ نَجمُ في السماءِ نَجماً»(5) أي قصد نجمُ نجماً، عني به السيّارة. ويقال النجوم للسيّارة، والکواکب للثوابت (6).
وباعتبار ظهور النجم وبروزه استعار منه عليّ الجلاء الحال وتبيّنه في قوله: «فَنجَمَتِ الحَالُ مِنَ السّرَّ الخَفِيَّ إلي الأَمرالجَليَّ» (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التحذير من الشَّيطَان: «نَفَثَ في الآذانِ نَجِيّاً فَأَضَلً وأَردَي»(8).
النَجوي والنَّجيُّ: السَّرّ. يقال: نجوته نجواً، أي : ساررته، وکذلک ناجيته. قال الفراء: وقد يکون النجيّ والنجوي اسماً ومصدراً. والنجيُّ، علي فعيل: الذي تسارُّه،والجمع الأنّجية(9) ومعني قول عليّ (عليّه السلام )في أصحابه: «ولا إخوَانُ ثِقَةٍ عِندَ النَّجَاءِ»(10) أي غير مأمونين علي حفظ الأسرار ومنه قوله تعالي: ﴿إنّما النَّجوَي مِن الشَّيطَان لِيحزَنَ الذين آمَنُوا﴾ (11). وباعتبار کون عليّ (عليّه السلام) موضع سرّ الله ورسوله جاء الخبر عنه: «دَعَاه رسول الله (صلي الله عليّه وآله) يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طَالَ نَجواه، فقال: ماانتجيته ، ولکنَّ الله انتجاه»(12). والنجو: ما يخرج من البطن من ريح وغائط ، وقد نجا الإنسان والکلبُ نجو، والاستنجاء: استخراج النّجو من البطن، وقيل: هو إزالته عن بدنه بالغسل
ص: 815
والمسح. وقيل: هو من نجوت الشجرة وأنجيتها إذا قطعتها، کانّه قطع الأذي عن نفسه. وقيل: هو من النّجوة، وهو ما ارتفع من الأرض کأنّه يطلبها ليجلس تحتها، لأنّه إذا أراد قضاء الحاجة استتر بها. والنّجا: ماسلخ عن الشاة أو البعير، والنجا أيضاً: ما أُلقي عن الرّجل من اللباس، يقال: نجوت الجلد إذا ألقيته عن البعير وغيره. ويقال: نجا فلان ، إذا أحدث ذنباً أو غير ذلک.(1) وباعتبار لباس العافية والهداية في الإسلام استُعير منه في حديث فاطمة( عليّها السلام )بقولها: «ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعيتم ، ودسعتم الذي تسوّغتم»(2)لخلعهم لباس الهداية والرشاد. ونجا من الأمر، إذا خلص ، وأنجاه غيره. والنجاء: السُّرعة . يقال: نَجاءًينجو نَجاءً إذا أسرع، ومنه الحديث: «إنّما يأخذ الذئبُ القاصيةَ والشاذَّة والناجية». أي السريعة (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن حال الإنسان بعد موته: «فَهَل دَفَعتِ الأقَارِبُ، أو نَفَعت النواحِبُ»(4).
النحيب: تردد البکاء في الصدر (5). والنواحب علي صيغة فواعل وهي جمع ناحبة. وقضي فلان نحبه: مات أو قُتل في سبيل الله، وأصله الوفاء بالنّذر(6). واستُعير النّحب مکان الأجل، لأنّ الأجل وقع بالنحب، وکان النتحب سبباً له، وأصله أنّ رجالاً من أصحاب النبي (صلي الله عليّه وآله )نذروا إنّ لقوا العدو ليصدقُنّ القتال أو ليقتلُنّ (7)وجاء في قوله تعالي:﴿فَمِنهُم مَن قَضَي نَحبَه ومِنهُم مَن يَنتَظِرُ ﴾(8) .حاکياً ذلک. والنّحب: الخطرالعظيم. وناحب الرجلُ الرجلَ، إذا خاطره. والنحب يقال لأطول يوم يشتدّ فيه الحرّ(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا وإنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً من الغُوَاةِ، وعَمَّسَ عَلَيهم الخَبَر، حَتَّي جَعَلُوانُحُورَهُم أَغراضَ المَنِيّةِ»(10).
النحر: موضع القلادة من الصدر والجمع نحور، وتُطلق النحور عليّ الصدور، والمَنحَرُ:موضع النّحر من الحلق، ويکون مصدراً أيضاً (11). ونحرته: أصبتُ نحره، ومنه نحر
ص: 816
البعير، وانتحروا عليّ کذا، تقاتلوا، تشبيهاً بنحر البعير(1)لأنّک تطعنه في نحره. والنواحر: عروق تُقطع من نحر البعير کالفصد، الواحد ناحر، وقالوا ناحرة. ودار بني فلان تَنحَرُ الطريقَ، أي تقابله وأقبل فلان في نَحر الجيش، أي في أوّله (2) ونَحرةُ الشهر ونحيره أوّلهُ، وقيل: آخر يوم من الشهرکأنّه ينحر الذي قبله(3). وقول عليّ (عليّه السلام) :
«حَتَّي تَدعَقَ الخُيُولُ في نَوَاحِرِ أَرضِهِم»(4).
مستعار منه لآخر أرضهم وأبعدها. والنِحريرُ: العالم بالشيء والحاذقُ به (5). قال ابن فارس: بمعني أنّه ينحر العلم نحراً ، کقولک: قتلت هذا الشيء عِلماً(6).
في حديث عليّ : «کَذَبَ العَادِلُونَ بِکَ، إذ شَبَّهرکَ بِأصنَامِهِم، ونَحَلوکَ حِليَةَ المَخلُوقِينَ بأَوهَامِهِم»(7):
النّحلة:هي النّسبة بالباطل. والنّحلة: الدّعوي، ونحله القولَ يَنحَله نَحلاً: نسبه إليه. ونحلته القولَ أنحلُه نَحلاً، بالفتح: إذا أضفت إليه قولاً قاله غيره وادّعيته عليه(8). أراد(عليّه السلام ) أنّه تعالي ليس بصفة الجسم فيحتاج إلي وصفهم. ومنه الخبر: «کان بشير بن أبَيرق يقول الشّعر، ويهجو به أصحاب النبي (صلي الله عليّه وآله) وينحله بعض العرب». أي : ينسبه إليهم(9).
ومن هذا جاء حديث الصادق (عليّه السلام) : «فإنّ فيناأهلَ البيت في کلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»(10) والنّحل، بالضم: إعطاؤک الإنسان شيئاً بلا استعاضة. ونُحل المرأة : مَهرُها، والاسم. النّحلة، تقول: أعطيتها مهرها نحِلةً، بالکسرة، إذا لم ترُد منها عوضاً (11).
ومنه قوله تعالي: ﴿وآتوا النساء صَدُقَاتِهنَّ نِحلَةً ﴾(12).
من نحله کذا، إذا أعطاه إيّاه ووهبه له عن الطيبة من نفسه نحلة ونحلاً(13).
وجاء في حديث الصادق(عليّه السلام)حين سُئل
ص: 817
عن قوله تعالي:﴿ وأَذَانُ مِنَ اللهِ وَرَسُولِه إلي النَّاسِ يَوم الحَجّ الأکبَرِ ﴾(1).قال: «اسم نحله الله عزّ وجلّ عليّاً صلوات الله عليّه من السماء لأنّه هو الذي أدّي عن رسول الله براءة»(2) والنُّحول: الهُزال، وأنحله الهمُّ وجمل ناحل: مهزول دقيق. والنواحل السيوف التي رقّت ظُباها من کثرة الاستعمال (3).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في الحث عليّ الآخرة:«وصَارَتِ الأجسَادُ شَحِبَةً بَعدَ بَضَّتِهَا، والعِظَامُ نَخِرَةً بَعدً قُوَّتِها»(4).
نخرة: يقال : نَخِر العظمُ، فهو نخِرُ، إذا بَليَ ورمّ(5).
ومنه قوله تعالي : ﴿ إذا تا عِظَاماً نَخِرة﴾ (6). والناخر من العظام التي لم تنخر بعد، أي لم تبلَ، ولابدّ أنّ تنخر. وقيل: الناخرة المجوفة»(7)وقال الفرّاء: الناخرة والنخرة سواء في المعني ، بمنزلة الطامع والطمِع والباخِل والبخِل(8).
والنّخور: الناقة التي لاتَدرُّ حتّي تدخل إصبعک في أنفها. والنَّخوار: الجبان من الرجال. ونخرتا الأنّف: خرقاه. والمِنخرُوالمَنخر: لُغتان. ونخر الحمارُ نخيراً: هو مدّ النّفس في الخياشيم(9).
ومنه حديث الصادق( عليّه السلام) : «کان عابد من بني إسرائيل لم يشارف من أمر الدنيا شيئاً فنخر إبليس نخرةً فاجتمع إليه جنوده، فقال: «مَن لي بفلان؟»(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «ونَخَلتُ لَکُم مَخزُونَ رَأيِي، لَو کَان يُطاعُ لِقَصِيرٍ أمرُّ» (11).
النخل: يقال: نخل الشيء ينخلُه نخلاً وتنخله وانتخله: صفّاه واختاره. وانتخلتُ الشيء : استقصيت أفضله، وتنخّلتهُ: تخيّرته. ورجل ناخِل الصَّدر: أي ناصح (12).
وقوله (عليّه السلام) : «لو کان يُطاع لقصير أمرُ» عليّ المثل قاله قصير حين لم يقبل جذيمة رأيه، ويُضرب في اتهام النّصيح (13) والنخل
ص: 818
اسم جمع الواحدة نخلة، وکلّ جمع بينه وبين واحده الهاء(1)ويُذکّر ويؤنّث، وقد جاءا في التنزيل: ﴿نَخلٍ خَاويةٍ﴾ (2) و ﴿نخلٍ مُنقَعِر﴾ (3) وکنّي عليّ (عليّه السلام) عن فسيل النخل بالأولاد من باب التوسع والمجاز في وصيته بقوله: «وألّا يَبيعَ مِن أَولَادِ نَخِيلَ هذهِ القُرَي وَدِيَّةً» (4).
في حديث الصادق( عليّه السلام): «مَن تنخّم في المسجد، ثمّ ردّها في جَوفه لم تَمرّ بداءٍ إلّا أبرأته»(5).
النُخامة: هي النُخاعة وزناً ومعني . والنُخاعة: مايُخرجه الإنسان من خَلقِه. و تنخّم رمي بنخامته (6) ويقال أيضاً: نخم نَخماً (7) قال ابن دريد: ليس للخاء والميم والنون أصل في العربية إلّا النُخامة، وهي النخاعة. وفي الحديث : أنّ النبي (صلي الله عليّه وآله) لما حصَّب المسجد قال: «إنّه أغفر للنخامة» أي يغطّي البُصاق ونحوه(8). وباعتبار مافي النخامة من فضلات وأوساخ استعار عليّ (عليّه السلام) منها لخلافة بني أميّة بقوله: «فَاسِمَ، ثُمَّ أُقسِمَ، لتَنَخَمَنَّها أُميّةُ مِن بَعدِي کَمَا تُلفَظُ النُّخَامَة»(9) قال ابن ميثمّ : وصف التنخّم الزوال الخلافة عنهم، فکأنّهم قذفوها من أفواههم کالنخامة(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «وذِي نَخوَةٍ قَدرَدّثه ذَلِيلاً» (11).
النَّخوة: العظمة والکِبر والفخرُ، يقال: نخا ينخو وانتخي ونُخي، وهو أکثر (12). ومنه حديثه (صلي الله عليّه وآله): «إنّ الله تبارک وتعالي قد ذهب عنکم بنخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها» (13).
وقال عليّ عن العصبية وأحقاد الجاهلية: «تکونُ في المُسلِمِ من خَطَراتِ الشَّيطَانِ
ونَخَوَاتِه»(14). وفي حديث أبي الحسن (عليّه السلام):
ص: 819
«من أراد أکلّ الماست ولايضرّه فليصبّ عليّها الهاضوم، قلت له: وما الهاضوم؟ قال:
النانخواه»(1).وهو الثُفاء کما في الخبر الموري عن ابن عبّاس عنه( صلي الله عليّه وآله): «الثُفّاء دواء لکلَّ داء، ولم يداو الورمُ والضربان بمثله» الثُفاء: النانخواه. ويقال: الخردل، ويقال: حبَّ الرشاد(2).
في حديث أم سلمة رضي الله عنها أنّها کتبت لعائشة حين خرجت إلي البصرة: «قد
جمع القرآن ذيلکِ فلا تندحيه»(3).
الندح: السعة والفسحة. إنّک لفي نُدحة من الأمر ومندحة. وأرض مندوحة: واسعة بعيدة (4) ولا تندحيه، أي لا تفرّقيه بالخروج إلي البصرة، والهاء للذيل. ويروي : لاتبدحيه ، بالباء، أي لاتفتحيه من البَدح ، وهو العلانية (5)أي لاتوسعيه بالحرکةِ والخروج.(6).
وأرادت قوله تعالي: ﴿وقَرنَ في بُيوتِکُنَّ ولا تَبرَّجنَ تَبرُّجَ الجَاهِليّة الأُولي﴾(7).
وفيه: «إنَّ في المعاريض لمندوحة عن الکذب». أي سعة وفسحة. يعني أنّ في التعريض بالقول من الاتساع ما يُغني الرجلً عن تعمّد الکذب »(8) ومن ذلک قيل للرجل إذا عظم بطنه واتسع: قد انداح بطنه واندحي(9). وفي حديث عليّ عن الأولياء: «يَسألُون مَن لاتَضيق عليّه المَنَادِحُ» (10) أراد العطايا والهبات الواسعة . ومن هذا کتب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي: ولاتَبجَحَنَّ بَعُقُوبَةٍ، ولا تُسرِعَنَّ إلي بَادِرَةٍ، وَجَدتَ مِنهَا مَندُوحَةً»(11) أي سعة وبُدُّ(12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في أصل الخلق و تناسل الخليقة: «واتَّخَدُوا الأَندَادَ مَعَهُ،
واجتَالَتهُمُ الشَّيَاطِينُ عَن مَعرِفَتهِ، واقتَطعتهُم عن عِبَادَتِه، فَبَعَث فيهم رُسُلَه، وَوَاترَ إلَيهِم
ص: 820
أنبَياءَةُ» (1).
الأنّداد: جمع ند: وهو المثل والعِدل، قال حسان بن ثابت :
أتهجوه ولستَ له بندًّ*** فَشَرُّ کُما لخيرما الفِداء
وقيل: الندّ: الضدّ(2). ومنه قوله تعالي:
﴿وجَعَلوا لِله أَندَاداً لِيُضِلُّوا عن سَبيلِه﴾(3).
واجتالتهم الشياطين: أي استخفّتهم فجالوا معهم في الضّلال(4)وفي الحديث القدسي: «خَلقتُ عبادي حُنَفاء فأتتهم الشياطينُ فاجتالتهم »(5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الراغبين في الله: «فَهُم بَينَ شَرِيدٍ نَادًّ، وخَائِفٍ
مَقمُوعٍ»(6). نادّ: هو من ندّ البعير نِداداً ، أي : شَرد. ومنه يقال: ذهب القوم يَناديدَ وأناديدَ، إذا تفرّقوا في کلَّ وجه (7)أي ذاهب لوجهه مشُرَّد.
وفسّر قوله تعالي: ﴿يَومَ التَّنَادّ﴾(8). بقراءة التشديد هو أنّ يندّ بعضهم من بعض(9) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «إنّ أفلتک شيء من الصيد، أوندَّ فارمه بسهمک» (10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وضرب يَفلِقُ الهَامَ، ويُطيح العِظَامَ، ويُندُزُ السَّوَاعِدَ ، والأقدَامَ» (11).
النُدور: يقال: نَدَرَ الشيء يَندُرُ نُدُوراً: سَقَط، وأندره غيرُه: أي أسقطه.
وأندر من الحساب کذا وکذا، وضرب يده بالسيف فأندرَها. ونوادرُ الکلام: ماشذَّ وخرج من الجمهور (12) والنادرُ من الحديث في الاصطلاح: ما ليس له أخ، أو يکون لکنّه قليل جدّاً، ويِسلَم من المعارض، ولا کلّام في صحّته، بخلاف الشاذّ فإنّه غير صحيح، أوله معارض(13). ولقيته النَّدَرَي والنَّدَرة والنَّدرةً وفي النَّدَري: إذا لقيتَه بعد أيّامٍ. وتزوّج فلانةً علي عشر من الإبل ندَراً: أي نقداً، يُندِرُها إنداراً، ونقدتهُ نَدَري(14).
ص: 821
وجاء في الخبر أنّه : «أقبل عليّ (عليّه السلام) وعليّه أندر وَرديّة» قيل : هي فوق التُبّان ودون السراويل، تُغطّي الرُّکبة، منسوبة إلي صانع ومکان(1).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) ضمن خطبتها المشهورة : « أهضم تراث أبي؟ وأنتم بمرأًي منّي ومسمع، ومنتدي ومجمع!»(2).
المنتدي: يقال : ندا القوم نُدُوّاً: اجتمعوا ومنه النادي، وهو مجلس القوم ومُتحدَّثُهُم،والنديُّ مُثقَّلُ والمنتدي مثله. ولا يقال فيه ذلک إلّا والقوم مجتمعون فيه، فإذا تفرّقوا زال عنه هذه الأسماء. والندَّوةُ المرّةُ من الفعل(3).
ومنه اشتقاق دار النَّدوة(4) وقد نَدَوتُ القومَ، إذا أتيت ناديهم (5) وقول عليّ عليّه السلام : «فلا أحرارُ صِدقٍ عند النداء»(6) المراد به الجهاد والأمر بالمعروف والنَّدي عن المنکر. والنَّدي أصله المطر، ويطلق لمعانٍ متعددة(7) ومنها جاءت الکناية عن طيور الماء في حديث عليّ (عليّه السلام): «فالطَّيرُ مُسَخَّرةُ لأمرِه، أحصَي عَدَد الرَّيشَ مِنها والنَّفَسَ، وأَرسَي قَوائِمَهَا علي النَّدَي واليَبَسِ»(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الملائکة: «وَلَم تَرمِ الشُّکُوکُ بِنَوَازِعِها عَزَيمَةَ إيمَانِهم»(1).
نوازعها: شهواتها النازعة المحرّکة، ورُوي «نوازعها» بالغين المعجمة، من نزغ بينهم ، أي: أفسد(2) ونازعتني نفسي إلي هواها نِزاعاً: غالبتني. ونزعتها أنّا: غلبتها . ويقال للإنسان إذا هوِي شيئاً وناز عته نفسه إليه: هو يَنزِع إليه نِزاعاً. وأصل النزع الجَذب والقَلعُ، و منه نزع الميت روحه. ونزع القوس، إذا جذبها. والنّزيعُ والنازعُ: الغريب ، و هو أيضاً البعيد. ونُزّاع القبائل: غرباؤهم الذين يجاورون قبائل ليسوا منهم. وفي الحديث :« طُوبَي للغرباء! قيل: من هُم يارسولَ الله؟ قال: النُزّاع من القبائل»، وهو الذي نزع عن أهله وعشيرته، أي : بَعُد وغاب، وقيل: لأنّه نزع إلي وطنه، أي ينجذب ويميل (3). ومنه خبر إسماعيل بن جابر: قال: کنتُ فيما بين مکِة والمدينة أنّا وصاحب لي فتذاکرنا الأنّصار فقال أحدنا: هم نُزّاع من قبائل، وقال أحدنا: هم من أهل اليمن قال: فانتهينا إلي أبي عبدالله( عليّه السلام) الخبر.(4)والنزعةُ: الطريق في الجبل. وما انحسر عنه الشعر من أعلي
الجبين، وقد نَزِعَ الرّجلُ ، وهو أنّزعُ (5). ومنه صفة عليّ (عليّه السلام) : «البطين الأنّزعُ». کان (عليّه السلام) أنزع الشعر، له بطن، وقيل: معناه الأنزع من الشرک المملوء البطن من العلم والإيمان(6).
وقيل : نزعت نفسه عن ارتکاب و الشهوات فاجتنبها، ونزعت إلي اجتناب السيئات فسدّ عليها مذهبها، ونزعت إلي اکتساب الطاعات فأدرکها حين طلبها، ونزعت إلي استصحاب الحسنات فارتدي بها و تجلبها. وامتلا علماً فلُقّب بالبطين، وأظهر بعضاً وأبطن بعضاً، حسب ما اقتضاه علمه الذي عرّف به الحقّ المبين(7). وبئر نزوع ونزيع: قريبة القعر تُنزع دلاؤها بالأيدي نزعاً لقربها، ونزوع هنا للمفعول مثل رکوب، والجمع نِزاع. وفي الحديث أنّه (صلي الله عليّه وآله) قال: «رأيتُني أنزِعُ علي قليب». معناه رأيتُني
ص: 823
في المنام أستقي بيدي من قليب. يقال: نزع بيده إذا استقي بدَلوٍ عُلَّق فيها الرَّشاء. وجمل نزوع يُنزع عليّه الماءُ من البئر وحده(1). ومنه جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) :« وکلّت النَزَعَةُ بأشطان الرّکي»(2) والمنزعةُ رأس البئر الذي يُنرَعُ عليّه. والمَنزَعَة: القوسُ الفَجواء: ونزع في القوس يَنزِع نَزعاً: مدَّ بالوتَر، وقيل: جذب الوتر بالسهم. والنَّزعةُ : الرُّماة ، واحدهم نازعُ(3) ومنه المثل «عاد السَّهمُ إلي النَّزَعِة»، أي: رجع الحقُّ إلي أهله .والنَّزع: الرُّماة، من نزع في قوسه، أي: رمي،فإذا قالوا: عاد الرَّمي عليّ النَّزَعة، کان المعني عاد عاقبة الظلم عليّ الظالم، ويکني بها عن الهزيمة تقع علي القوم (4).
ونازعتُ الرجلَ في الأمر منازعةً ونِزاعاً، إذا جادلته. والنَّزعُ: عَلَزُ الموتِ. والعَلز: الحرکة المتدارکة المؤلمة عند حضوره. والنَّزعُ: نَزعُک الشيء حتّي يباينه، نزعته أنزِعه نَزعاً، ونَزَعَ الرجلُ في قوسه، إذا جذب الوتر بالسهم، وانتزع للصيد سهماً فرماه به (5)ومن هذا استعار عليّ (عليّه السلام) لوساوس الشيطان ومکائده بقوله: «فَلَعَمري لَقَد فَوَّقَ لَکُم سَهمَ الوَعِيدِ، وأغرَق إليکُم بالنَّزعِ الشَّديد، ورَمَاکُم من مَکَان قَرِيب»(6). وجاء القوله لا اقتباساً من قوله تعالي: ﴿والنَّازِعَاتِ غَرقاً ﴾(7). وغرقاً: أي غرقت نفسه في صدره(8) وأغرق في الشيء إغراقاً إذا جاوز الحدّ فيه، وأصله من النزع في السهم حتّي يخرجه عن کبد القوس(9).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن العصبيّة وأحقاد الجاهلية: «فَانَّما تِلکَ التي تکُونُ في المُسلِم مِن خَطَراتِ الشَّيطَانِ ونَخَواتِه ونَزغاتِه ونَفَثَاتِه»(10).
النَّزغ: دخولُ في أمر لإفساده(11)ونَزَغ الشيطانُ في قلبه، إذا ألقي فيه سوءاً (12).
وکتاب عليّ (عليّه السلام) إلي زياد بن أبيه عن استلحاقه بأبي سفيان بقوله: «وَقَد کان مِن
ص: 824
أبي سُفيانَ، في زَمَنِ عُمَرَ بن الخَطّابِ، فَلتَةُ من حديث النفس، ونزغةً من نَزَغات الشَّيطَانِ» (1)من هذا.
في حديث عليّ( عليّه السلام) في صفة الأرض ودحوها عليّ الماء: «فَهَمَدَ بَعد نَزَقَاتِه» (2) .
النَّزق: خفّة في کلّ أمرٍ وعجلة في جهل وحُمق. يقال: نَزِق ، بالکسر، يَنزَقُ نزقاً، فهو ! نَزِق ، والأنّثي نَزِقةُ، وهو من الطيش والخفّة.
وأنزق الرجل، إذا فيه بعد چلم. وتنازق الرجلان تنازُقاً ونِزاقاً ومُنازقة: تشاتما. والمنازق : الکثير الکلّام. ونزّق الفرسَ وأنزقه تنزيقاً، إذا ضربه حتّي ينزو ويَنزَق. والنَّزقُ: مَلءُ السَّقاء والاناء إلي رأسه . ونَزِقت النَّهاءُ امتلأت . ويقال: مُطِر مکانُ کذا وکذا حتّي نَزِقت نِهاؤه، أي : امتلأت غُدرانه(3). ومنه حديث عليّ( عليّه السلام) في صفة المؤمن: «وإنّ غَضِب لم يَنزَق»(4).
في حديث فاطمة (عليّها السلام )لمّا ذکرت موته (صلي الله عليّه وآله): «فتلک، والله، النازلة الکبري، والمصيبة العظمي لامثلها نازلة، ولا بائقة عاجلة، أعلن بها کتاب الله جلّ ثناؤه، في أفنيتکم ، وفي ممسّاکم ومصبحکم، يهتف في أفنيتکم هتافاً وصراخاً، وتلاوةً وألحاناً ولقبله ماحلّ بأنبياء الله ورسله، حکم فصل وقضاء حتم »(5).
النازلة: الشديدة من شِدائد الدهر تنزلُ بالناس، والجمع النوازل(6). ومنه حديث عليّ (عليّه السلام): «کانّي بِکِ ياکُوفةُ تُمَدّيَن مَدَّ الأَدِيمِ و العُکَاظِيّ، تُعرَکِينَ بالنَّوازِل»(7).
والنزال في الحرب: أنّ يتنازل الفريقان بأن ينزلا عن إيلها إلي خيلهما فيتضاربوا(8).
يُبَاعِدُ نَفسَه عنها، ويقال: تنزّهوا بِحُرَ مِکُم، أي تباعدوا(1) وسقيتُ إيلي ثمّ نزّهتها عن الماء باعدتها . ومکان نزيه وَنزِه: بعيد من الغَمَق ونحوه، وقد نَزُه نزاهة. وفي الحديث : «إنَّ الأردُنَّ أرض غَمِقَةُ وإنَّ الجابية أرضُ نَزِهةُ»(2). وأرض غَمِقة: کثيرةُ الأنّداء وبئة، يقال: غَمِق الزرعُ: خمّت رائحتهُ من کثرة الأنّداء، وأصابنا غَمَقُ البحر فَمَرِضنا(3).
أبو عبيد في شرح الخبر: وأمّا النزهة فالبعيدة من الأنداء والوباء، ولم يرد النزهة من
الخضرة والبساتين، وإنّما أراد البعد من الوباء (4).
وتنزّه القومُ، إذا بعدوا من الريف إلي البدو. قال ابن دريد: فأمّا النزهة في کلّام العامّة فإنّها موضوعة في غير موضعها لأنّهم يذهبون إلي أنّ النزهة حضور الأرياف والمياه، وليس کذلک، وإنّما يقال لحضور البساتين: الأرياف(5) وتريّف القومُ، إذا دَنوا من الريف(6).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن الجرادةِ: «وجَعَلَ لَها الحِسَّ القويَّ، وَنابَين بِهِما تَفرِضُ،
ومِنجَلَينِ بهما تَقبِضُ، يَرهَبُها الزُرّا عُ في زَرعِهم، ولا يستطيعون ذَبَّها، ولو أجلَبُوا بِجَمعِهِم، حتّي تَرِدَ الحَرثَ في نَزَوَاتِها(7).
النَّزو: يقال : نزا ينزو نزواً ونُزاءً ، وأصله الوثب، ثمّ کثر ذلک في کلّامهم حتّي قالوا: الفحل ينزو نَزواً. والنُّزاء : داء يصيب الغنم فتنزو، أي تيِب حتّي تموت»(8)ومن المجاز : قلبه ينزو إلي کذا: يُنازع إليه. وهو يتنزّي إلي الشرَّ: يتسرّع إليه(9) وأراد بالمنجل رجلي الجرادة لاعوجاجهما وخشونتهما (10).
في حديث عليّ(عليّه السلام): «مُجَالَسَةُ أَهل الهَوي مَنسأَةُ للإيمانِ، ومَحضَرةُ لِلشَّيطانِ» (11).
ص: 826
النَّساء: التأخير، والإنساء أيضاً. يقال: نسأ الله في أجله، وأنسأ الله أجله، أي أخّره.وأراد(عليّه السلام) أنّ مجالسهم فيها غفلة وعزوب عن ذکر الله، ومنه تقول: انتسأتُ عنک انتساءً، إذا تباعدت(1)والنَّسيء الذي کانت العربُ تفعله هو تأخير بعض الأشهر الحرم إلي شهرٍ آخر. وألمِنساُ، عصاً يُنسَاُ به الشيء ، أي يُؤخّر (2) کأنّه يُبعدُ بها الشيء ويُدفع. والنَّسيء : الحليب يُصبُّ عليّه الماء (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبي( صلي الله عليّه وآله): «کُلّمَا «نَسَخَ اللهُ الخَلقَ فِرقَتَينِ جَعَلَهُ في خَيرِ هِمَا»(4).
النسخ: نقلُ الشيء من مکانٍ إلي مکانٍ وهو هو، والأشياء تناسخ: تداول فيکون بعضها مکان بعضٍ کالدول والمُلک.(5). و تناسخ الأزمنة والقرون تتابعها وتداولها(6). ومعني النسخ هذا يعني أنّ محمداً (صلي الله عليّه وآله)کان في ظهر إبراهيم (عليّه السلام )، فلّما وُلِد لإبراهيم (عليّه السلام) إسماعيل وإسحاق کان محمد (صلي الله عليّه وآله) في ظهر أفضلهما، وهو إسماعيل أبو العرب إلي أنّ کان في ظهر عبدالله خير إخوته (7) وباعتبار الانتقال وبقاء أصل النور کما هو وصف عليّ (عليّه السلام) الأنّبياء: «تَنَاسَخَهُم کَرَائِم الأضلابِ إلي مُطهّرات الأرحَامِ»(8).
والنسخُ إزالة شيء بشيء يتعقّبه، فتارة يُفهم منه الإزالة، وتارة يُفهم منه الإثبات، وتارة يُفهم منه الأمران، ونسخ الکتاب نقل صورته المجرّدة إلي کتاب آخر، وذلک الايقتضي إزالة الصورة الأولي، بل يقتضي إثبات مثلها في مادّة أخري(9).
ومنه تناسخُ الورثةِ ، لأنّ الميراث لايُقسم علي حکم الميت الأوّل، بل علي حکم الثاني ، وکذا ما بعده(10).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «کُلَّما أَطَلَّ عليکُم
ص: 827
مَنسِرُ مِن مَنَاسِرِ أهل الشَّام أَغلَقَ کُلُّ رَجُل مِنکُم بَابَهُ، وانجَحَر انجِحَار الضَّنبَّةِ في جُحرِها والضّبُع في وجارها»(1).
المِنسر: قطعة من الجيش تمرّ قدام الجيش الکبير، والميم زائدة، والمنسِر. مثال المجلِس، لغة فيه. والمنسر من الخيل ما بين الثلاثة إلي العشرة ، وقيل مابين الثلاثين إلي الأربعين، وقيل: مابين الأربعين إلي الخمسين، وقيل: مابين الأربعين إلي الستَّين، وقيل : ما بين المائة إلي المائتين (2) وقوله (عليّه السلام )
في حثّ أصحابه: «حتّي يَرمَوا بالمَنَاسِر تَتبَعُها المَنَاسِر» (3). من هذا. والمِنسَرُ، بکسر الميم، لسباع الطير بمنزلة المنقار لغيرها.
والنَّسر : نتف اللحم بالمنقار. ونَسَر الطائرُ اللحمَ ينسِرهُ نسراً: نتفه (4) ويقال له من السَّباع: الخطم والخرُطوم(5)والنَّسر: طائر معروف ، والجمع أنّسُرُ ونُسُو رُمثل فَلس وأفلُس و فُلوس. والنَّسر: کوکبُ وهما اثنان ،يقال لأحدهما النَّسرُ الطائر وللآخر النّسر الواقع. ونَسر : صَنم(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ومِن تَمَام الأُضحِيَةِ استِشرَافُ أُذُنِها وسَلَامَةُ عَينِها، فإذا سَلِمَت الأُذُنُ والعَينُ سَلِمَتِ الأضحِيَةُ وتَمَّت ، ولَو کانَت عَضبَاء القَرنِ تَجُرُّ رِجلهُا إلي المَنسَکِ»(7).
المَنسک: المذبح(8) بفتح السين وکسرها،وقد نسک ينسُک نسکاً، إذا ذبح(9) وقد فُسّر قوله تعالي: ﴿ولِکل أُمَّةٍ جَعلنا مَنسَکاًهُم نَاسِکُوهُ﴾ (10) بأنّه النسک في هذا الموضع يدلّ علي معني النحر، کأنّه قال: جعلنا لکلَّ أُمّة أنّ تتقرّب بأن تذبح الذبائح لله (11). والمنسک في کلّام العرب: الموضع الذي تعتاده و تألفه، ويقال : إنَّ لفلاناً منسکاً يعتاده في خبر کان أو غيره. قال الفرّاء: سُمّيت المناسک بذلک لترداد الناس عليها بالحجّ والعمرة(12). والنسک الذبيحة، واسم الذبيحة: النسيکة وجمعها نسائک. والنسک: العبادةُ
ص: 828
ورجل ناسک: عابد. ونسک ثوبه: غسلهُ(1). وکأنّ الناسک غسل نفسه وصفّاها من الذنوب فسمّي بذلک.
في حديث يحيي بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبو عبدالله (عليّه السلام ): «سيروا وانسلوا فإنّه أخفّ عليکم»(2).
النسلان: يقال : نَسَل في مَشيه يَنسِلُ نَسلاناً: أسرع(3). وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «نَسَلَتُ القُرُونُ ومَضَتِ الدُّهُورُ، و سَلَفتِ الآباء، وخَلَفَتِ الأبناهُ»(4) نسلت القرون: أسرعت والنَّسلان. مِشية الذئب إذا أسرع(5). ومنه قوله تعالي: ﴿وَهُم مِن کُلَّ حَذبٍ يَنسِلُون﴾ (6) ونسل وعسل: أسرع(7). والنّسل: الوَلَدُ، ونَسَل نَسلاً، کَثر نَسله، ويتعدّي إلي مفعول فيقال: نَسَلتُ الولد نَسلاً، أي وَلَدتُه، وأنسلته بالألف لغةً، ونسلت الناقةُ بولدٍ کثيرٍ. وتَنَاسلوا: تَوالَدوا. ونَسَل الثوبُ عن صاحبه نُسولاً سقط. ونسل الوَبَرُ والريشُ نُسولاً سقط أيضاً. واسم الشعر الذي يسقُط عند القطع نُسَالة(8).
وجاء في حديثه (عليّه السلام) في وصف الصالحين: «يَتنَسَّمون بِدُعَائه رَوحِ التَجاوِز» (9).
التنسّم: طلب النسيم واستنشاقه.وناسمه، أي شامّه. وتنسّم النِسيم: تشتمَّه. وتنسّم منه عِلماً، علي المثل(10) أي ينتظرون من الله تعالي بدعائهم روح التجاوز عنهم وراحة المغفرة لهم(11). وقوله (عليّه السلام):
«إنّهُم لَن يَزُولُوا عَن مَوَاقِفِهِم دُونَ طَعنٍ دِرَاکٍ: يَخرُجُ مِنهُمُ النَّسِيمُ» (12) أراد الروح والنفس. في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الدنيا: «وَوَطِئتهُم بِالمَناسِمِ»(13).
المنسم: الطريق والممر،والمذهب والوجه منه، يقال: أين مَنسِمُک ، أي أين مذهبک ومتوجّهُک؟ وکذلک النَّيسَمُ:ما وجدتَ من الآثار في الطريق، وليست
ص: 829
بجادّة بيّنة. قال أوس بن حجر:
العمري ! لقد بيّنت يوم سُوَيقةٍ*** لِمَن کان ذا رأي بوِجهةِ منسِم
أي: بوجه بيان، والأصل فيه مَنسِماً خُفَّ البعير، وهما کالظُفرين في مُقدّمه بهما
يُستبان أثر البعير الضالُ، ولکلَّ خُفَّ مَنسِمان(1)والنَّسمةُ والنسيم: نَفَسُ الريح، ثمّ سُمّيت بها النفس، والجمع نسم، والله باريء النسَم: أي خالق النفوس(2).
ومنه قال عليّ (عليّه السلام) «أَمَا والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرأ النَّسَمةَ»(3).
في حديث التميمي عن أبيه قال: کنّا عند رسول الله( صلي الله عليّه وآله) فنشأت سحابة فقالوا: يا رسول الله هذه سحابة ناشئة...الحديث (4).
النشأة: نشأ الشيء نَشأً، من باب نفع، حدث و تجدّد، وأنشأته، أحدثته،والاسم النشأة (5) .ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) عن الملائکة: «وأنشَأَهُم عَلَي صُورٍ مُختَلِفاتٍ»(6). ونشأ تُ في بني فلان نشئأً: ربيتُ فيهم، والاسم النُّشءُ مثل قفل(7) قال الخليل: والناشيء: الشاب ، يقال : فتي ناشيء، ولم أسمع هذا النعت في الجارية (8).
وسحابة ناشئة: أوِّل ما ينشأ من السحاب ويرتفع . ونشأ السحابُ نشأً ونُشوءاً: ارتفع ووبدا. وفي الحديث : «کان إذا رأي ناشِئاً في أُفق السماء» أي سحاباً لم يتکامل اجتماعه واصطحابه. ومنه نشأ الصبيّ يَنشأ، فهو ناشيء، إذا کبر و شبَّ ولم يتکامل(9).
ومن هذا حديث عليّ : «ونَاشِئَةِ الغُيوم ومُتَلَاحِمِهَا»(10). ومنه جاء قوله تعالي: ﴿وهو الّذي يُريکُم البَرقَ خَوفاً وطمَعاً ويُنشِيءُ السَّحَابَ الثَّقَال﴾ (11).
وفي حديث خديجة (عليّها السلام) «دخَلت عليها مُستنشِئةُ من مُولَّدات قريش». المستنشئة: الکاهنة، وتُروي بالهمز وغير الهمز. يقال: هو يستنشيء الأخبار: أي يبحث عنها ويتطلَّبُها، وقيل: هو من الإنشاء: الابتداء والکاهنة
ص: 830
تستحدث الأُمور ، و تُجدّد
الأخبار (1) ونشأ الليلُ: ارتفع، وأنشأ فلان حديثاً، أي ابتدأ حديثاً ورفعه(2) ومنه قوله تعالي:﴿ وإنَّ نَاشِئَةَ اللّيل هي أَشَدَّ وطأً وأَقوَمُ قيلاً ﴾(3) وذهب الزمخشري إلي أنّها النفس الناشئة بالليل ، من نشأ من مکانه ونشز، إذا نهض (4)والنشأة الأخري هي بعث الإنسان بعد موته، والنشأة الأُولي خلق
الإنسان للحياة الدنيا وفيها قال عليّ (عليّه السلام ): «عَجِبتُ لِمَن أنّکَرَ النّشأَةَ الأُخرَي، وَهُوَ يَرَي النَّشأَةَ الأُولَي»(5).
في حديث الصادق (عليّه السلام ): « غَسل الرأس بالخِطمي نُشرَة»(6).
النُشرة: رُقية يعالج المريض بها (7) .
ونشرت عن العليّل نَشراً ونشّرت عنه تنشيراً، إذا رقيته بالنُشرة، کأنّک تفرّق عنه العلّة. وله نَشر طيّب، وهو ما انتشر من رائحته (8)وأکثر ما تُخَصّ الرائحة الطيّبة. والنّشر: مصدر نشرتُ الثوبَ وغيره أنّشُره نشراً، ونشرتُ الحديث، إذا أذعته. ونشرت العودَ بالمنشار نشراً، ووشرتُه وَشراًو أشرته أشراً. والنَّشر: النَّضح إذا صببت الماء من إناءٍ في إناءٍ أو صببت عليّک فانتشر (9)، ونشر الأرض : هو ماخرج من نباتها. ومنه جاء خبر معاذ بن جبل: «و إنَّ کلّ أرض يُسلم عليّها صاحبها فإنّه يُخرج منها ما أعطي نَشرُها رُبعَ المَسقَوِيَ وعشر المظمِئي. المَستويّ الذي يُسقي بالسَّيح. والمَظمئيء:الذي تسقيه السماء»(10). والنَّشرُ: الغيمُ المنتشر. وانتشار الناس: تصرّفهم في الحاجات ، و تفرّقهم(11). وقد استعير انتشار الحبل للفرقةوالاختلاف في حديث عليّ (عليّه السلام) لأهل
البصرة: «وقد کان من انتِشَارِ حَبلِکُم، وشِقَاقِکُم مالَم تَغبَوا عَنه »(12). وقول عليّ (عليّه السلام) : «نَشَر الرياح برحمته»(13)أراد الرياح التي
ص: 831
تنشر السحاب.
في حديث الصادق عن النبي (صلي الله عليّه وآله):« ثمّانية لايقبل الله لهم صلاة: منهم الناشزة عن زوجها وهو عليها ساخط»(1).
الناشز: يقال : نشرت المرأةُ تنشُزُ نشوزاً استعصت عليّ زوجها وأبغضته (2) کانّها ارتفعت عليّه. وباعتبار الارتفاع والعلوّ قال عليّ عليّه السلام عن الأرض: «وجَبَل جَلاَمِيدَها، ونُشُوزَ مُتونها»(3). واشتقاق النشوز من النَّشر، وهو ما ارتفع من الأرض. ودابة تشيزة، إذا لم يکد يستقرّ السرج والراکب علي ظهرها، ويقال إنّها لنَشزَةُ(4)ومنه جاء قوله تعالي: ﴿واللاتي تَخَافون نُشُوزَهُن﴾ (5)ويقال: نشزت. بالشين والزاي، ونشصت بالشين والصاد(6)ومنه يقال : نشصت سِنُّه، إذا ارتفعت من موضعها والنشاصُ: غيم أبيض مرتفع، وحکي أبو عمرو : نشَصناهُم عن منزلهم، أي أزعجناهم (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ تَقِيَّةَ ذِي لُبًّ شَغَلَ التَّفکُّرُ قَلبَهُ، وأنصَبَ الخَوفُ بَدَنَهُ» (8).
النَّضب: الإعياء من العناء، والفعل نَصِبَ الرجلُ، بالکسر، نَصَباً: أعيا و تَعِب، وأنصبه هو، وأنصبني هذا الأمر، وهم نَاصِبُ مُنصِب: اذو نَصَب، مثل تامر ولابن، وهو فاعل بمعني مفعول، لأنّه يُنصَب فيه ويتعَب. وعيش ناصب: فيه کَدُّ وجَهدُ(9). ومنه قوله (عليّه السلام) في وصف الدهر: «مَن ظَفِرَ به نَصِبَ»(10). وفي الحديث: «فاطمة بَضعَة منّي، يُنصبني ما أنّصبها» أي يُتعبني ما أتعبها (11). والنّصُب: حجر کان يُنصَب فيُعبد، والجميع الأنّصاب. وهي العَلَم أيضاً، وواحدتها نصيبة(12). وقد اسُتعير أعلام الفتنة وراياتها في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فلا تَکُونَوا أنَصابَ الفِتَنِ، وأعلامَ البِدَعِ» (13)وناصَبتُ فلاناً العداوة والحرب،
ص: 832
ونصبنا لهم (1) إذا قَصَد له، وعاداه، وتجرّد له (2)وقد فسّر ابن إدريس الحِلّي حديث الصادق( عليّه السلام) : «خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس». بأنّهم أهل الحرب لأنّهم ينصبون الحرب للمسلمين، وإلاّ فلا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمّي علي وجه من الوجوه(3) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام ): «إذا ابتُليت بأهل النصب ومجالستهم فکن کأنِک علي الرّضَفِ حتّي تقوم»(4). واختُلِف في تحقيق الناصبيّ، فزعم البعضُ أنّ المراد: من نصب العداوة لأهل البيت (عليّهم السلام) ، وزعم آخرون أنّه من نصب العداوة لشيعتهم. وفي الأحاديث مايصرّح بالثاني، فعن الصادق( عليّه السلام) : «أنّه ليس الناصب من نَصَب لنا أهل البيت ، لأنّه لا تجد رجلاً يقول: أنّا أبغُضُ محمداً وآل محمد، ولکن الناصب من نصب لکم، وهو يعلم أنّکم تتولّونا أو تتبرؤون من من أعدائنا»(5). وفي حديث الصادق (عليّه السلام) : «إذا کان يوم القيامة دِعي بالنبيّ( صلي الله عليّه وآله) وبأمير المؤمنين(عليّه السلام) والأئمة من ولده (عليّها السلام) فينصبون للناس، فإذا رأتهم شيعتنا قالوا:«الحمدلله الذي هدانا لهذا وما کنّا لنهتدي لولا أنّ هدانا الله»(6). يُنصبون: أي يُقامون(7) وينصبون للناس، أي لحساب الخلق وشفاعتهم وقسمة الجنّة والناربينهم(8) والنَّصب: رفعک شيئاً تنصبه قائماً منتصباً . وأصل کلّ شيء : نِصابه، وکذلک المَنصب(9)وسمّي نِصاباً لأنَّ نصله إليه يُرفع وفيه يُنصب ويرکب، کنصاب السکّين وغيره، والنصيب من هذا(10).ومنه قول عليّ (عليّه السلام) عن الناکثين البيعته: «ويِرجعَ البَاطِلُ إلي نِصَابِه» (11) أراد أصله ومنبعه. وقوله عن آل محمد: «بِهِم عَادَ الحَقُّ إلي نِصَابِه» (12)من ذلک.
في حديث أُمّ سلمة رضي الله عنها
ص: 833
العائشة: «ما کنتِ قائلة لو أنّ رسول الله (صلي الله عليّه وآله) عَارضک ببعض الفلوات ، ناصّةً قَلوصأ من منهل إلي آخر»(1).
النَّصُّ والنَّصِيص: السير الشديد والحثُّ. ولهذا قيل: نصصت الشيء رفعته، ومنه مِنصَّة
العروس. وأصل النصّ أقصي الشيء وغايته، ثمّ سَمّي به ضربُ من السير سريع (2).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «إذا بَلَغَ النَّسَاءُ نَصَّ الحِقَاقِ فالعَصَبة أوليَ»(3). أي إذا بلغت غاية البلوغ من سنّها الذي يَصلُح أنّ تَحاقِق و تُخاصِم عن نفسها، فعَصبتُها أولي بها من أمّها(4)إذا کانوا محرماً، مثل الإخوة والأعمام، وبتزويجها إنّ أرادوا ذلک (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يشکو أصحابه: «ومَن رَمَي بِکُم فَقَد رَمَي بأَفوقَ نَاصِلٍ» (6).
النَّصل: نصل السهم ونصل السيف و نصل الرمح. وکلُّ شيء أخرجته من شيء فقد أنصلته (7) سُمّي به لبروزه وصفائه وجلائه (8)وسهم ناصل، إذا خرج منه نَصلُه وکذلک ذو نَضل، جاء بمعنيين متضادّين .ونَصَلَ السهمُ إذا ثبت نَصلُه في الشيء فلم يخرج(9) ونصل من بين الجبال نُصولاً : خرج وظهر (10)وتنصّلت الشيء:أخرجته (11).
وکان رجب يُسمّي في الجاهلية مُنصِل الأسِنَّة (12) وأراد (عليّه السلام) بقوله: إنّهم لافائدة فيهم في الحرب و لاغناء بهم.
في کتاب عليّ( عليّه السلام) إلي عثمّان بن حنيف: «ولأَدَعنَّ مُقلَتي کَعَينِ مَاءٍ نَضَبَ مَعِينُها»(13).
النضوب: يقال: نضب الماءُ نُضوباً، من باب قعد، غار في الأرض، ويَنضِب ، بالکسر لغة(14). وأراد عليّه السلام : لأبکين حتّي أستفرغ دموعي وأريقها جميعاً(15). ومن المجاز: نضب القوم: بعدوا، ونضبت المفازة. ونضبَ ماءُ
ص: 834
وجهه، إذا لم يستحي. وإنَّ فلاناً لناضب الخير، وقد نَضَبَ خَيره(1).
في الحديث: سأل عليّ بن جعفر أخاه موسي بن جعفر (عليّه السلام) عن الرجل وقع ثوبه
عليّ کلّب ميّت، قال: «ينضحه ويصلّي فيه، ولا بأس» (2).
النضح: يقال : نضحتُ البيتَ أنضحه، إذا رششته بالماء رشّاً خفيفاً (3) والنضح والنضخ متقاربان ، وکأنّ النضح أکثر من ذلک.
والنضيح: الحوض الصغير، والبعير الذي يُسقي عليّه يقال له: ناضح، والجمع نواضح (4).
وقول عليّ( عليّه السلام )لابن عبّاس: «مَايُريدُ عثمّانُ إلِا أنّ يَجعَلَني جَمَلاً ناضِحاً بالغَرب» (5).مستعار منه للانقياد غاية الانقياد، وأصله مثل يُضرب ، قال العبّاس بن مرداس:
أراک إذا قد صرتَ للقوم ناضحاً*** يقال له بالغَرب أقبل وأدبر(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في وصف الطاووس:« نَضَّدَ أَلوانَهُ في أَحسَنِ تَنضيدٍ، بجَنَاحٍ أَشرَجَ قصَبَهُ، وذَنَبٍ أطَالَ مَسحَبَه »(7).
التنضيد: يقال : نضد الشيء: جعل بعضه عليّ بعض مُتَّسقاً أو بعضه عليّ بعضٍ.
والنَّضد: ما نضد من متاع البيت. والنَّضد: السرير، والنَّضد: السحابُ المتراکمُ. والنضيد:
شِبه مِشجَب نُضّدت عليّه الثياب. ونصائد الديباج: الوسائد ، واحدها نضيدة، وهي الوسادة وما حُشي من المتاع(8) وأشرج قصبه: المراد بالقصب هاهنا عروق الجناح وأشرجها، رکّب بعضها في بعض کما تُشرج العيبة، أي يداخِلُ بين أشراجها ، وهي عُراها، واحدها شَرَج ، بالتحريک(9).
في حديث عليّ( عليّه السلام) في أصناف الناس: مِنهُم من لايَمنَعُهُ الفَسَادَ في الأرضِ إلّا مَهَانَةُ نَفسِه، وکَلالَةُ حَدَّهِ، ونَضِيضُ وَفرِهِ»(10).
النُّضاضة: القليل.والنَّضيضة: المطر الضعيف القليل، والنضيضةُ: السحابة
ص: 835
الضعيفةُ. ونضَّ الماءُ يَنِضُّ نَضّا ونضيضاً سال قليلاً قليلاً، وقيل: خرج رَشحاً. ومنه قيل: نضّ من معروفک نُضاضة ، وهو القليل منه (1)ومافي يدي إلّا نضيضةُ: أي شيء يسير. وعليهم نضائضُ من أموالهم ونَضِيضَاتُ: أي بقايا. وکذلک النُّضاضةُ.والناضّ من المال: مالَه مادّةُ وبقاء(2). ومنه الحديث : «خذ صدقة ما قد نضّ من أموالهم» أي ماحصل وظهر من أثمّان أمتعتهم وغيرها، ذهباً أو فضّة (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام)يصف الملائکة: «ولا تَنتَضِلُ في هِمَمِهم خَدَائِعُ الشَّهَواتِ» (4).
الانتضال: استعارة من النضال، وهو المراماة بالسّهام (5) کأنَّ سهام الشهوة الاتصيبهم ولا تغلبهم. يقال: ناضله مناضلةً ونِضالاً ونِيضالاً: باراه في الرّمي. وناضلت فلاناً فنضلته، إذا غلبته. وخرج القوم ينتضلون ، إذا استبقوا في رَمي الأغراض ومنه قيل: انتضلوا بالکلّام والأشعار. وفلانُ يناضِل عن فلان، إذا نصح عنه ودافع وتکلّم عنه بعذره وحاجج(6) ومن هذا قال الصادق عليّه السلام لهشام بن الحکم: «أفهمتَ ياهشام فهماً تدفع به وتناضل به أعداءنا المتخّذين مع الله عزّ وجلّ غيره» (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وتَثَاقَلتُم تَثَاقُلَ النَّضو الأدبر»(8).
النّضوء من الإبل: الذي قد أنّضته الأسفار، والأنّثي نِضوة(9)، وقيل : هو المهزول من جميع الدوابَّ ، وهو أکثر، والجمع أنضاء، وقد يُستعمل في الإنسان، من باب الاستعارة قال الشاعر:
إنا من الدرب أقبلنا نؤُمَّکُم***أنضاءَ شوقٍ عليّ أنّضاء أسفار
والنَّضِيُّ: کالنَّضو. والنَّضي من السّهام والرماح: الخَلَقُ. والنَّضو من الثياب: الخَلَق (10) ومنه الحديث: «إنّ المؤمن لَينضي شيطانه کما يُنضي أحدکم بعيره». أي يُهزله ويجعله نِضواً. وفي حديث عليّ (عليّه السلام):
ص: 836
«کلّمات لو رَحَلتمُ فيهنّ المَطِيَّ لأنّضيتموهنّ»، وفي حديث جابر: «جعلت ناقتي تنضو الرقاق». أي تخرج من بينها، يقال: نضت تنضووا نُضُواً، ونُضِيّاًونضا السيفُ من غِمده وانتضاه، إذا أخرجه(1)والأدبر : من قولهم : دَبِر ظهرُ الدابّة : أي قَرِحَ. وبعير أدبر وناقة دَبراء. وأدبر الرجلُ: دَبِرت دابّته، فهو مُدبِرُ (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وقَد رَأَيتُ أَن أَقطَعَ هَذه النُّطفَةَ إلي شِرذَمةٍ مِنکُم، مُوَطَّنِين أکنَافَ دَجلَةَ» (3).
النطفة: ماء الفرات(4) والنُّطفة: الماء الصافي ، قلَّ أو کثر، والجمع نُطَف ونِطاف.
وقد فرّق الجوهري بين اللفظين في الجمع، فقال: النّطفة الماء الصافي، والجمع نِطاف. والنُّطفة: ماء الرجل، والجمع نُطَف (5) ومن هذا جاء قوله (عليّه السلام )عن الخوارج: «إنّهُم نُطَفُ في أصلاب الرِجالِ، وقَرَارَاتِ النَّسَاء»(6).
وقرارات النساء کناية عن الأرحام. ونطفان الماء: سيلانه. ونطف الماءُ ينطُف وينطِف، إذا قطر قليلاً قليلاً. والنَّطف: الصبُّ . وفي الحديث : «أن رجلاً أتاه فقال: يارسول الله رأيتُ ظُلّة تنطِف سمنا وعسلاً» أي تقطرُ. وليلة نطوف: قاطرة تمطر حتّي الصباح(7) ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «ولا بالنطاف»(8) وأراد معني النهر عليّ (عليّه السلام) ، في قوله: لمّا عزم علي حرب الخوارج، وقيل له: إنّ القوم عبروا جسر النهروان: «مصِارِعُهُم دُونَ النُّطفَةِ، والله لايُفلِتُ مِنهُم عَشَرةُ، ولايَهلِکُ مِنکُم عَشَرَةُ»(9)
وفي حديث مناجاة موسي (عليّه السلام) : «ياموسي الدّنيا نُطفة، ليست بثواب للمؤمن» (10)کنّي بها من قلّة بقائها ودوامها للعبد کالماء القليل في القربة أو الدلو أو الادارة لا يتبلّغ بها. ومنه الحديث : «قال لأصحابه: هل من وضوء؟ فجاء رجلٍ بنُطفةٍ في إداوةٍ» أراد بها الماء القليل. وبه سُمّي
ص: 837
المنيُّ نُطفةَ لقلّته(1) والماء القليل تُسمّيه العرب النُطفة، ثمّ کثر استعمال النُطفة في المنيِّ حتّي صار لايُعرف بإطلاقه غيره(2)
والنَّطِف لقب حِطِان من رجال بني سليط، و سُمّي النَّطِف لأنّه کان فقيراً، فکان يَستقي
الماء بالأجر فتقطرُ القِربة عليّ إزاره وثوبه ولما أغارت بنو يربوع عليّ عير خارجة من
اليمن إلي کسري، کان النطف فيهم فأخذ بعيراً مهزولاً عليه خَصَفة، فقال لبني يربوع: دعوا ليّ هذا بنصيبي من الفيء، فأُعطي إيّاه، فلمّا شُقّت الخَصَفةُ، کانت ملأي جوهراً فضربت به العرب مثلاً فقالوا: «کنز النَّطِف»(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کُلُّ مَعَاجَلٍ يَساَلُ: الإنظَارَ»(4).
الإنظار: يقال: نظرته وانتظرته وأنظرته ،أي: أخرّته(5) ومنه حديث أبي جعفر (عليّه السلام) عن البيت الحرام: «لو عطّلوه سنةً لم
يُناظروا»(6) وأصل النظر تأمّل الشيء ومعاينته، ثمّ يُستعار منها المعاني مختلفة ، ومن ذلک نظر الربَّ لعبده فهو کناية عن إفاضة الرحمة واللطف، ومنه قول الباقر (عليّه السلام) : «إذا أحبّ اللهُ عَبداً نَظَر إليه»(7). وکني عليّ(عليّه السلام) عن الموت بالغائب المنتظر بقوله: «قَبلَ قُدُوم الغَائِبِ المُنتَظر»(8)ومن المجاز: نظر إليک الجبل، أي قابلک. ونظر الدهر إليهم أهلکهم(9) وکنّي عليّه السلام عن المُتقّين بقوله: «أَبلَغ في عَوَاقِب الأمُور نَظَراً» (10) أي تفکّراً. وقوله عليّه السلام : «ونظر في کَرَّة الموئِل» (11) من،ذلک.
من کلّام العليّ( عليّه السلام )قاله لابن مسهر الطائي حين قال: لاحکم إلّا لله: «قَبَّحَکَ اللهُ يا أَثرَمُ فَوَ اللهِ لَقَد ظَهَرَ الحَقُّ فَکنتَ فيه ضَئيلاً شَخصُک. خَفِيّاً صَؤتُک حتَّي إذا نَعَرَ البَاطِلُ نَجَمت نُجُومَ قَرنِ المَاعِزِ»(12).
النعير: الصراخُ في حربٍ أو شرًّ. وامرأة نَعارةُ:صخّابة فاحشة . ويقال: غَيرَي نَعرَي
ص: 838
للمرأة. قال شمر : النّاعِرُ عليّ وجهين: الناعر: المصوَّتُ، والناعر: العِرِق الذي يسيل دَماً.
ونعَر عِرقُه يَنعِرُنُعوراً ونعيراً، فهو نعّار ونعورُ: صوّت لخروج الدم(1).
واستعار (عليّه السلام) لفظ النعير لظهور الباطل ملاحظةً لشبهه في قوته وظهوره بالرجل
الصائل الصائح بکلّامه عن جرأة وشجاعة(2) ومنه حديث الحسن: «کلّما نعَرَ بهم ناعِرُ اتّبعوه». أي ناهِضُ يدعوهم إلي الفتنة ويصيح بهم إليها. وفي حديث ابن عباس:«أعوذ بالله من شرَّ عِرق نعّار»(3).
وقيل للدولاب: النَّاعور، لنعيره (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولَکُم عَلَينا العَمَلُ بِکِتَابِ اللهِ تَعالي وسِيرَه رَسُولِ الله (صلي الله عليّه وآله) والقِيَامُ بِحَقّهِ، والنَّعش لِسُنَّتهِ» (5).
النَّعش:البقاء والارتفاع. يقال: نعشه الله، وأنعشه أي رفعه الله وجبره. وانتعش: ارتفع .
والانتعاش : رفع الرأس. والنعشُ سرير الميت منه، سُمّي بذلک لارتفاعه، فإذا لم يکن عليّه ميّت فهو سرير. والنَّعش: إذا مات الرجلُ فهم يَنعَشونه، أي يذکرونه ويرفعون ذِکره(6) وهي تفيد معني التدارک والخلاص. ومن هذا جاء دعاؤه (عليّه السلام) في الاستسقاء: «تُنعِشُ بِهَا الضَّعيفَ مِن عِبَادک» (7) وفي الدعاء عنهم( عليّه السلام) : «أَسألکُ نعمةً تَنعَشُني بها
وعيالي» (8) وبناتُ نَعشٍ: کواکبُ أربعُ، الواحد ابن نعش . ونُعيش : اسم للسُّهي(9)
شبّهت بحملة النعش في تربيعها(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الهمج الرعاع: «أَتَبَاعُ کُلُّ نَاعِقٍ» (11).
النعيق: دعاء الراعي الشاء، يقال: انعِق بضأنک، أي ادعُها، قال الأخطل:
أنّعِق بضأنِک ، ياجرير، فإنّما ***مَنّتک نفسُک في الخلاء ضلالا(12).
وأراد (عليّه السلام) بقوله: «ناعق» علي المجاز تشبيهاً لجهّال الناس ورعاعهم بالأغنام التي ينعِق بها الراعي حين يدعوها. ومنه قوله
ص: 839
تعالي: ﴿وَمَثلُ الذين کَفَرُوا کَمَثَل الذي يَنعِقُ بمَا لايَسمَعُ إلّا دُعاءً وَنِدَاءً ﴾(1). والمعني أنّهم لايسمعون من الدعاء إلّا جرس النغمة ودَوي الصوت، من غير إلقاء أذهان ولا استبصار، کمثل الناعق بالبهائم التي لا تسمع إلّا دعاء الناعق ونداءه الذي هو تصويت بها وزَجرُ لها(2) والنعيق يُطلق علي صوت الغراب من الطير يقال: نَعَقَ الغرابُ ونَغَقَ، بالعين والغين، وهو بالغين المعجمة أعلي وأفصح(3)ويقال: نَعَبَ يَنعَبُ نعيباً (4)وهو صياحه، ومن معني الصياح استعار عليّ( عليّه السلام) نداء التوحيد في ذهن الإنسان بقوله: «ونَعَقَت في أَسمَاعِنا دَلائِلُهُ علي وَحدَانِيّته»(5).
قال النبي (صلي الله عليّه وآله): «إذا ابتلّت النَّعالُ فالصّلاةُ في الرَّحال»(6).
النَّعل: ما ارتفع من الأرض وغَلَظَ، وواحد النَّعال نَعل. والمناعل أرضون غِلاظ، الواحدة مَنعل فإذا وصفت أرضاً غليظة قلت: مَنعَلَة. قال الشاعر:
إذا ماعَلَونا ظَهرَ نَعلٍ عَريضةٍ*** تخال علينا قَيضَ بَيضٍ مُفلَّق (7)
وقال الخليل: النَّعلُ من الأرض، شبه أکمة، صلب يبرق حصاه، لا ينبت شيئاً ويجمع النّعال، ونعلها غِلَظُها، قال الشاعر:
کأنهم حَرشفُ مبثوث*** بالجوَّ إذ تبرُقُ النَّعال
يعني نعال الحرّة(8) وأنعلتُ الخُفَّ بالألف ونعّلته، بالتثقيل: جعلت له نَعلاً، وهي جلدَة علي أسفله، تکون له کالنعل للقدم (9)، وقول عليّ( عليّه السلام) عن بيعته: «حَتّي انقطعت النَّغلُ وسَقَطَ الرَّداء» (10) من هذا. والنَّعل: الذليل من الرجال الذي يُوطأ کما تُوطأ الأرض. ونَعل الفَرَس: ما أصاب الأرض من حافره، و فرس مُنعَل: شديد الحافر. وانتعل الرجلُ الأرض، إذا سافر راجلاً. والنَّعلُ: الحديدة التي في أسفل جَفن السيف(11). وکنّي عليّ (عليّه السلام) عمّن يُنکب ويُصاب بقوله: «فَإنّ زَلَّت بِه النَّعلُ
ص: 840
يَوماً» (1).وخُصَّ النّعال، في الحديث ، لأنَّ أدني ندوةٍ يبلّها ، بخلاف الرخوة فإنّها تنشف (2). وکُنّي بالرحال عن المنزل
والمسکن(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في شکواه من أصحابه: «وجَرَّعتُمُونُغَبَ التَّهمَامِ أنفَاساً (4).
نغب التّهمام: النَّغبة والنُّغبة بالضم: الجَرعة، وجمعها نُغَب(5). قال ابن السکّيت: نَغِبتُ من الإناء بالکسر ، نَغباً، إذا جرِعت منه جرعاً (6)والتهمام: الاغتمام (7). بفتح التاء:
الهم ، وکذلک کلّ «تَفعال» کالتَّرداد، والتَّکرار، والتَّجوال، إلّا التبيان والتَّلقاء، فإنّهما بالکسر (8)وأنفاساً: جرعةً بعد جرعة. يقال : أکرع في الإناء نَفَساً أو نفسين ، أي جُرعةً أو جُرعتين، والجمع أنفاس ، مثل سبب وأسباب. وکلّ تروّح بين شربتين نفَس(9).
في الخبر: قال عليّ( عليّه السلام) لامرأة جاءته وذکرت أنّ زوجها يأتي جاريتها: «إنّ کُنتِ صِادقةً رَجَمناه ، وإنّ کنتِ کَاذِبة جَلَدنَاک، وإن أحببتِ أقلناک». قالت المرأة: ردّوني إلي أهلي غَيري نَغِرة.
غيري نغرة: أي أنَّ جوفها يغلي من الغيظ والغيرة(10)يقال : نَغَرت القِدرُ تنغر، بفتح الغين وکسرها، إذا غلت. ونغِر الرجل: اغتاظ. وجرح نغّار: جيّاش بالدم (11) ونغرت
الناقة: ضمّت مُؤَخّرها ومضت، کأنّها اغتاظت من شيء فمضت لوجهها (12) والنُّغَر، وزانُ رُطَب: فرخ العُصفور، وقيل: ضربُ من العصافير أحمَرُ المِنقار. وقيل: يُسمّي البُلبُل.ويقال: إنَّ أهل المدينة يُسمّون البلبل النَغَرَةَ والحُمرَّة. ويَصغّر عليّ نُغير والأُنّثي نُغَرَة والجمع نِغران (13). قال ابن فارس: فراخ العصافير يقال لها النَّغر ولعلّ ذلک لصوتها المتدارک (14).
ص: 841
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَأَطفِئوا مَاکَمَنَ في قُلُوبِکُم مِن نِيران العَصَبيِّة وأَحقاد الجاهليّة، فإنّما تلک الحَميّة تکون في المُسلم من خَطَراتِ الشَّيطَان ونَخَواتِه ونَزَغاتِه
ونَفَثاتِه»(1).
النَّفث: قذف الريق القليل، وهو أقلّ من التّفل(2). يقال: نفث الراقي ريقه، والساحرة تَنفِت (3). ومنه جاء قوله تعالي:﴿ ومِن شرَّ النفَّاثَاتِ في العُقَد ﴾(4). ونفث الشيطان مستعار لما يلقيه في القلب من وساوس.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إلي أنّ قَام ثَالِثُ القَومِ نَافِجاً حِضنَيه»(5).
نافجاً حضنيه: کلّ شيء ارتفع يقال: انتفج ، حتّي يقال: منتفج الجنبين. ونفجت الشيء فانتفج، أي أعظمته. ورجل نفّاج ذو تَفج، يقول ما لم يفعل، نَفَج يَنفِجُ ويَنفِجُ نَفجاً. ونَفجت الفروجة من بيضتها ، إذا خرجت (6). وکنّي به (عليّه السلام )عن التعاظم والتکبّر والخُيلاء(7). قال الخليل: والنوافجُ مؤخّرات الضّلوع، الواحد نافج ونافجة، ونفجت الريحُ ، جاءت بغتة»(8). وريح نافجة: سريعة الهبوب. وکانت العرب تقول للرجل إذا وُلدت له بنت : لتَهنِئکَ النافجةُ، أي يأخذ صداقها فيضمّه إلي ماله فينتفج (9).
في کتاب عليّ (عليّه السلام ) إلي محمّد بن أبي بکر:«فَأنَتَ مَحقُوقُ أنّ تُخَالِفَ عَلَي نَفسکَ، وأَن تُنَافِحَ عَن دِينِکَ» (10).
المنافحة: المُدافعة والمضاربة. ونفحت الرجلَ بالسيف: تناولته به(11). وفي حديث عليّ (عليّه السلام )في صفّين: «نَافِحُوا بالظُّبَي»(12) أي :قاتلوا بالسيوف، وأصله أنّ يَقرُبَ أحد المقاتلين من الآخر بحيث يصل نفحُ کلّ واحد منهما إلي صاحبه، وهي ريحه ونَفَسُه(13) وإذا قيل للرجل: إنّه نفّاح فمعناه
ص: 842
الکثير العطايا(1) وقد يُستعار ذلک للشرَّ ويقال : نفحته الدابّة ، ضربته بحدَّ حافرها وأصابه لَفح من حَرًّ و نَفحُ من بَرد(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام)في الثناء عليّ الله تعالي وحمده: «لايَثلِمُهُ العَطَاءُ، ولايَنقُصُه الحِبَاءُ، ولا يستنَفِدُهُ سَائِلُ، ولايَستَقصيه نَائِلُ، ولا يَلوِيهِ شَخصُ عَن شَخصٍ»(3).
النفاد: الفناء، يقال: نَفِدَ يَنفَدُ ،(4)وأنفدوا ماعندهم واستنفدوه و أنّتفدوه. ورجل منافد: يحاجُّ الخَصمَ حتّي يقطع حجّته وينفدها(5). ويستقصيه: من استقصي فلان في المسألة، أي بلغ أقصاها(6). وکأنّه أتي عليّ آخر ما عنده.
في حديث عليّ (عليّه السلام): «عَرِّجُوا عَن طَريقِ المُنَافَرَةِ» (7).
المُنافرة: المفاخرة والمحاکمة في قطعة منه الحنب، بأن يفتخر الرجلان کلّ واحد منهما عليّ صاحبه، ثمّ يُحکّما بينهما رجلاً والمنفور : المغلوب، والنافر: الغالب، يقال: نافره فنفره يَنفُرُه، وقيل: نفره يَنفُره ويره نفراً، إذا غلبه. ونفّر الحاکم أحدهما عليّ صاحبه تنفيراً، أي قضي عليه بالغلبة(8).
وباعتبار الوحدة المطلقة لله تعالي قال عليّ (عليّه السلام )واصفاً: «ولا شَرِيکٍ مُکَاثِرٍ، ولَاضِدًّ مُنَافِرٍ»(9). التعريج عن الطريق : الميل عنه. ويقال للطريق إذا مال: قد أنعرج. وانعرج الوادي، وانعرج القوم عن الطريق: مالوا عنه(10) وفي الحديث : روي عن الصادق (عليّه السلام ) أنّه قال: «اضربوها عليّ العِثار، ولا تضربوها علي النَّفار فإنّها تَري مالا تَرُون»(11) النّفر: التفرّق ، يقال: نفر ينفر نُفوراً ونفاراً ، إذا فرَّ وذهب. وکلّ جازع من شيء نفور (12).
ويقال: نفرت العينُ وغيرها من الجسد تنفرُنفوراً، إذا هاجت و ورمت ، وکذلک العضو من الأعضاء، إذا ورم(13).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «وإنّما هِي نَفسِي
ص: 843
أَرُوضُها بالتَّقوَي»(1).
النَّفس: الروح، والنَفَس: الريحُ الداخل والخارج في البدن من الفم والمِنخر، وهو کالغذاء للنفس وبانقطاعه بطلانها، ويقال للفَرَج نَفَس(2) ومن هذا جاء قوله عليّه و آله الصلاة والسلام : «لا تسُبّوا الريح فإنّها من نَفَس الرَّحمن». يريد أنّه تعالي يفرّج بها الکروب، ويطرد بها الجدوب(3). وقولهم: اللهم نفّس عنّي، أي فرّج عنّي (4) .
ومنه قوله (صلي الله عليّه وآله) أيضاً: «أجد نَفَسَ ربّکم من قبل اليمن». أراد أنّ غوث الله ونصره يأتيان من قبل اليمن، يعني القبيلة لا البلدة، والقبيلة هم الأنّصار الذين نفّس الله بهم خناق الدين، وکشف بأيديهم کرب المؤمنين (5) ومن المجاز ماجاء في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وأَنتُم في نَفَسِ البقاءِ»(6) أي سعة البقاء، من قولهم: أنت في نفس من أمرک: أي في سعة(7).
والنَّفس: الماء، سُمّي نفساًلأنّ به قوام النفس(8) ولکون النَّفس داخل في جوف الإنسان استعاره عليّ (عليّه السلام)للمعادن التي حوتها بطون الأرض والجبال بقوله عن جوده تعالي: «ولَؤ وَهَبَ مَاتَنَفّست عَنهُ مَعَادِنُ الجِبَالِ، وَضَحِکَت عنه أَصدَافُ البحار»(9)واستعار لفظ الضحک للأصداف (10) وباعتبار الروح و معني الفيض جاءت الاستعارة في حديث عليّ(عليّه السلام) : «ولقد قُبِضَ رَسُولُ الله (صلي الله عليّه وآله )وإنّ رَأسَهُ لَعَليَ صَدرِي، ولَقَد َسالَت نَفسُهُ في کَفّي ، فَأَمرَرتُهَا علي وَجهِي»(11) والنَّفس: العين، يقال : أصابت فلاناً نفسُ، أي عين (12) والنَّفس: الإرادة، من قولهم نفسُ فلان في کذا، أي إرادته. والنفس: الغيب ، يقول القائل: إنّي لا أعلم نَفسَ فُلان، أي غيبه (13). والنَّفس:القليل من الدَّباغ، يقال: هَب لي نفًسا من دِبِاغ (14).
ص: 844
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «أو نُفَاضَةُ کَنُفاضَةِ العِکمِ»(1).
النُّفاضة والنُّفاضُ بالضم: ماسقط من الشيء إذا نُفِض ، وکذلک هو من الورق والنَّفضُ، بالفتح: ماتساقط من غير نَفضٍ في أُصول الشجر من أنّواع الثمّر، وأنفضَت جلّةُ التمر: نُفِض جميع مافيها. والمِتفضُ: وعاء يُنفض فيه التّمر. والنُّفضةُ : الرَّعدة. والنّافض: حُمَّي الرَّعدَةِ، مذکّر، وقد نفضته وأخذته حُمَّي نافضٍ وحُمَّي نافِضُ وحُمَّي بنافضٍ. وفي حديث الإفک : «فأخذتها حُمَّي بنافضٍ». أي برِعدة شديدة کأنّها نفضتها، أي حرّکتها. وأنفض القومُ: نَفِد طعامهُم، وزادهم ،مثل أرمَلو(2) ومنه الخبر : «کُنّا في سَفَرٍ فأنفضنا». أي فَنِي زادنا، کأنّهم نفضوا مزاودَهُم لخلوّها (3) وثوبُ نافض، نفضَ صِبغُه نفوضاً: أي ذَهَب. والنُّفضةُ: المطرةُ تُصيب القطعةَ من الأرض وتُخطِيءُ القطعة. والنُفَّاض: شجرة إذا أکَلتها الغنم ماتت عنه، وفي الحديث: «کنفّاض. الغنم» والنُّفَاضُ: الفقرُ وخفَّةُ الزّاد(4). ومنه المثل : «النُّفاض يُقطَّر الجَلَب». النفاض: اسم من الإنفاض کالخراج من الاخراج والعطاء من الإعطاء ويقطّر، أي يجعلها قطاراًقطاراً لأنّهم إذا أجدبوا جلبوها للبيع في الامتيار. وقيل: هو من قطّره إذا ألقاه عليّ أحد قطريه، أي يحمل صاحبه علي تقطير الإبل للنحر، لأنّها تموت . هَزلاً، يُضرب في شدّة الحال (5). والعِکم العِدل ما دام فيه المتاع، وجمعها عُکوم وأعکام. قال الفرّاء: يقول الرجل لصاحبه: أعکُمني واکمني، فمعني اعکُمني،بالوصل: أي اعکُم لي، ويجوز بکسر الکاف، وأمّا أعکمني، بقطع الألف فمعناه أعنّي علي العکم، ومثله احلبني أي احلُب لي، وأَحلبني أي أعنّي علي الحلب. وعَکَم البعيرَ يعکمه عکماً : شدَّ عليّه العِکمَ(6).
في الخبر: «أيما رجل تَکَاري دابّة نأخذتها الذئبة فشقّت عَينِها فنَفَقت فهو لها ضَامن(7).
النفوق: نَفَقت الدابّةُ نفوقاً: ماتت. ونَفقَ
ص: 845
الشيء: فني، يقال: نفِقَت نفقةُ القوم. وأنفق الرجلُ: افتقرَ أي ذَهَب ماعنده. والنَّفق: سَرَبُ
في الأرض له مَخلَصُ إلي مکان. والنافقاء: موضع يرقَّقه اليربوعُ من جُحره فإذا أُتِيَ من
قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانتفق، أي خرج، ومنه اشتقاق النفاق ، لأنّ صاحبه
يکتم خلاف مايُظهر(1)ومن هذا الاعتبار قال عليّ (عليّه السلام )في وصفه: «رجَلُ مُنَافِقُ ، مُظهِرُ للإيمان، مُتَصَنَّع بالإسلامِ»(2).
في الحديث : روي أنّ الصَّادِق (عليّه السلام) ذکر الدجّال فقال: «لايبقي منها سَهل إلّا وطئه إلّا مکّة والمدينة فإنَّ عليّ کلَّ نقب من أنّقابهما مَلَک يحفظهما من الطاعون والدجّال»(3).
النقب: النَّقب في الحائط والجلد کالثَّقب في الخشب، والمنقَب : المکان الذي يُنقب ، ونقب الحائط. والمنقَبة: طريق مُنفذ فييالجبال(4). وفي الحديث: «لاشُفعة في بئر ولا فحل ولا مَنقبة» فسّروا المنقبة الحائط (5).
وروي عن الصادق عن أبيه (عليهم السلام) قال:«المحرفة لاتتنقّب لأنّ إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه»(6). تنتقب: يقال تنقّبت المرأة وانتقبت : غطّت وجهها بالنقاب (7). والنقاب: نقاب المرأة إذا رفعت المِقنعة عليّ أنّفها حتّي يوصوص عينيها(8) وإذا کان النقاب لا يبدو منه إلا العينان قطّ فذلک الوصوصة، واسم ذلک الشيء الوَصواص، وهو الثوب الذي يُغطّي به الوجه، قال الشاعر:
ياليتها قد لَبِست وَصواصاً
قال أبو عبيد: النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه المَحجِر، فإذا کان عليّ طرف الأنّف
فهو اللفام، وإذا کان عليّ الفم فهو اللثام، ولهذا قيل: فلان يَلثم فلاناً، إذا قبّله علي فمه (9) .
والمحجر مثال مجلس ماظهر من النّقاب من الرجل والمرأة من الجفّن الأسفل، وقديکون من الأعلي. وقال بعض العرب: هو ما دار بالعين من جميع الجوانب وبدا من البرقع والجمع المحَاجِرُ (10) وفي حديث فاطمة (عليّها السلام) :
ص: 846
«يا معشر النقيبة وأعضاد الملّة»(1) النقيبة: مأخوذ من النقيبة من النوق المؤتزرة بضرعها حُسناً وعِظماً. وناقة نقيبة: عظيمة الضرع (2). و نقيب القوم: عريقهم. والنقبة: اللون، يقال :
جاء فلان حسن النقبة، أي اللون: ونقبة کلّ شيء لونه(3)والمنقَبة ، بفتح الميم: الفعل الکريم(4) ويقال : فلان ميمون النقيبة، إذا کان ميمون الأمر ينجحُ فيما حاول به ويَظفُر به (5).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «فلاَنقُبَقَّ البَاطِلَ حَتَّي يَخرُجَ الحَقَّ من جَنبِه»(6). النَّقب: الثّقب في أيَّ شيءٍ کان، نَقَبه يَنقُبه نَقباً. من باب قتل و نقب البيطار بطن الدابّة کذلک، ونقب الخُفُّ، من باب تعب، رقّ(7). وأراد(عليّه السلام) أنّ الباطل قد غطي عليّ الحقّ فالحقّ مستور به، ونقبه : شقّه و إزالته ليظهر الحقّ المستور بين جنبيه.
وجاء في کتاب عليّ (عليّه السلام) لمن يستعمله عليّ الصدقات: «و ليَستانِ بالنَّقِب والظَالِع »(8).
و هو البعير الذي أصابته النُقبة. والنُّقبة: ابتداء الجرب، والجمع نُقَب(9). والناقبة: قرحة(10).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «کَنَاقِشِ الشَّؤکَةِ بالشَّوکَةِ، وهُو يَعلَمُ أَنَّ ضَلعَهَا مَعَها»(11).
النقش: يقال : نقش الشوکة ينقُشّها نقشاً وانتقشها: أخرجها من رجله، وإنّما سُمّي :
المنقاشُ مثقاشاً لأنّه ينقشُ به، أي يُستخرج به الشوک. والنقشُ النتفُ بالمنقاشُ، وهو م کالنتش سواء. وانتقش الشيء: اختاره.ويقال للرجل إذا تخيّر لنفسه شيئاً: جادما انتقشه لنفسه. ويقال للرجل إذا اتخذ لنفسه خادماً أو غيره: اننقش لنفسه. ونقشه ينقُشُه نَفشاً وانتقشه: نَمنَمَهُ ، فهو منقوش، ونقّشه تنقيشاً. والنقّاش صانعة، وحرفته النقاشة.والمنقوشة الشجّة التي تُنقَش منها العظامُ، أي تُستخرجُ. قال أبو تراب: سمعتُ الغَنويّ يقول:المنقّشة المُنَقّلةُ من الشجاج التي تنقَّل منها العظام (12) وجاء في الخبر: «من نوقُشَ الحساب عُذَّب». يقال : ناقشه الحساب، إذا
ص: 847
عاسره فيه واستقصي، فلم يترک قليلاً ولا کثيراً. وأصل المناقشة من نقش الشوکة، وهو
استخراجها کلّها. ومنه: انتقشتُ منه جميع حقّي(1). وقول عليّ عليّه السلام «وذلِکَ يَومُ يَجمَعُ اللهُ فِيهِ الأوُّلين والآخِرينَ لِنقَاشِ الحِسَابِ، وجَزَاءِ الأعمَالِ» (2). أراد به يوم القيامة.
قال عليّ (عليّه السلام) لما استشاره عمر بن الخطّاب في الشخوص لقتال الفرس:
«فإنّک إنّ شخَصيتَ من هذه الأرضِ انَتَقَضَت عَليکَ العَربُ من أطرَافها وأقطارها»(3).
الانتقاض: الانتکاث. والنقض نقض البناء والحبل والعهد(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أو جُرعَةُ کَجُرعَةِ المَقلَةِ لو تَمَزَّزَها الصَّديَانُ لَم يَنقَع» (5).
النّقع: الري، يقال: شرِب حتّي نَقَع ، أي: شَفي غليله وَرويَ. ونقع الماءُ العطشَ ينقَعُه نَقعاً ونُقوعاً: أذهبه و سکّنه(6) ومنه جاء وصف المتهالک عليّ الدنيا بقوله (عليّه السلام) :«شَارِبُ لايَنقَع»(7) والنّقع: مَحبِس الماء والنَّقع : الماء الناقع، أي المجتمع. ونقع البئر: الماء المجتمع فيها قبل أنّ يُستَقي(8)ومنه الحديث : «نهي أنّ يمنع نقعَ البئر». أي فضل مائها، لأنّه يُنفع به العطش ، أي يُروي (9)وفي حديث عليّ
( عليّه السلام) : «أو نُقَاعَددَمٍ ومُضغَة» (10). دم ناقع: أي طرِيّ. واستنقع الماء في الغدير، أي اجتمع و ثبت ويقال: طال انقاع الماءُ واستنقاعه حتّي اصفرّ والمنقع ، بالفتح: الموضع يستنقع فيه الماء، والجمع مناقع(11)ومنه الخبر: «إذا استنقعت نفس المؤمن جاءه مَلَک فقال: السلام عليّک وَلِيَّ الله». أي اجتمعت نفسه في فيه کاستقاع الماء في مکان (12)واستعار (عليّه السلام) نقاعة دم الدم الحيض، أو لمراحل نشأة الإنسان وهو جنين في بطن أمّه فأوّله دم و نطفة. والنقيع : شراب يُتّخذ من الزبيب من غير طبخ. والنقيعةُ والنّقعةُ: العبيطة من الإبل
ص: 848
تُوفّر أعضاؤها فتُنقَع في أشياء عِلاجاً لها. ونقعوها وانستقعوها وأنقعوها: نحروها. والمِنقَعُ والمِنقَعةُ والنَّقَاعُ: إنا ءُأو نحوه يُنقَعُ فيه الشيء، والقديرةُ الصغيرةُ من الحجارة.
فأمّا مُنقَعُ البُرَم فتَورُ صغير، وهو الدّنُّ أيضأ. والنقيعةُ: المحضُ من اللبن (1) والنقيعة: الطعام يصنعه الرجل عند قدومه من سفره، قال الشاعر:
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم*** ضرب القُدار نقيعة القُدّام
والقُدار: الجزّار، والقدّام: القادمون من سفر، واحدهم قادم. وقد يقال: القدام الملک ههنا (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فإنّ الکَلَامَ کالشَّارِدَةِ، يَنقُفُها هذا، ويُخطِئُها هذا»(3).
النقف: نقفک رأس الرجل بعصاً أو رمح، نقفته أنّقفه نقفاً. ومنقاف الطائر: منقاره في
بعض اللغات(4). واستُعير للحفظ والإدراک . وأراد (عليّه السلام) أنّ الکلام يلقطه ويحفظه هذا کما ينقف الطائر الحبّ.
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «وَمِن العَنَاءِ أنَّ المَرء يَجمَعُ مَا لايأکُلُ، ويَبنِي مالايَسکُنُ، ثُمَّ يَخرُجُ إلي الله تَعَالي لا مالأً حَمَل، ولابِنَاءً نَقَل»(5).
النقل: يقال: نقلته نَقلاً، من باب قتل: حوّلته من موضع إلي موضع.
وانتقل : تحوّل، والاسم النُّقلة، ونقّلته بالتشديد، مبالغة و تکثير. ومنه المُنَقَّلة وهي الشجّة التي تخرجُ منها العظام(6) ونقل الأقدام، حرکتها في المشي، ودعاء عليّ (عليّه السلام) إذا لقي العدو محارباً: «اللّهُمَّ إليک أَفضَتِ القُلُوبُ.. ونُقِلَتِ الأقدَامُ» (7)من ذلک. وباعتبار حرکة الکواکب المنظّمة والدائبة قال( عليّه السلام) : «جَعَل شَمسَها آيَةً مُبصرةً لِنَهارِهَا.
وقَمَرهَا آيةً مَمحُوَّةً من لَيلِها، وأجرَاهُمَا في مَنَاقِل مَجراهُما»(8). وهي بروجهما ومنازلهما.(9).
وباعتبار نفي الصفات البشرية عنه تعالي
ص: 849
قال (عليّه السلام) في التوحيد: «ولا کانَ في مَکَانٍ فَيجُوزَ عَلَيهِ الانتِقَالُ»(1) والنّقل: بالضم والفتح، مايُتنَقَّل به (2).
والنَّقيل: الطريق، لأنّه لا يسلکه إلّا منتقل. والمَنقلُة: المرحلة . وضرب من السير يقال
اله: نقيل: وکأنّه المداومة علي السير (3) .
وباعتبار النعيم الدائم والکرامة الدائمة في جنّات الخلود، وصف عليّ (عليّه السلام) أهلها بقوله: «وأمِنُوا نُقلَةَ الأسفَارِ»(4). والمَنقَلُ وزان جَعفر: الخُفّ، ويقال: الخُفُّ الخَلَق (5).
والنَّقَلُ: المجادلةُ، وتناقل القومُ الکلّام بينهم ، إذا تنازعوا(6) والنُّقل: ما يأکله الشاربُ علي شرابه(7). قال ابن دريد: لايقال إلّا
بفتح النون. والنَّقَلُ: ما يبقي من هَدم البيت أو الحصن. وأرض مَنقَلة، ذات نَقَل، أي
حجارة(8).
في حديث الباقر(عليّه السلام) : «يُحشر الناسُ علي مثل قِرصة البُرّ النَّقيّ»(9).
قرصة البرّالنقّي:الخبز الحوّاري(10) .
والحوّاري أجود الدقيق . وأخلصه. والقُرصُ: من الخبز وما أشبهه، وجمعه قِرَصةُ(11) والبُرُّ: الحنطة، واحدته بُرّة(12). وکأن أراد(عليّه السلام) بياض وجوه المؤمنين. أو بياض الأرض التي يُحشر عليّها الناس، کما في الحديث: «يُحشر الناس يوم القيامة علي أرض بيضاء عفراءَ کقُرصة النّقيّ»(13). ومنه حديث الباقر( عليّه السلام ): «وقرّب قابيل من زرعه ما لم ينقّ» (14)النُّقاوة أفضل ما انتقيت من الشيء، وجمعه نُقاوي. والنُّقاوة: مصدر الشيء النّقيّ، والنقاء أيضاً، وقد نَقي يَنقي نَقَاوَةً
ص: 850
و نَقَاءً: وأنقيته إنقاءً. والانتقاء: تجوُّدُه(1).
وفي حديث الصادق( عليّه السلام) : «ربّما أمرتُ بالنقيّ فيُلتّ بالزيت فأتدلّک به»(2)النِقيُ، بکسرالنون: مخ العظام وشحمها وشحم العين من السّمَن، والجمع أنّقاء. والنّقو والنّقا: عظم العَضُد، وقيل : کلّ عظم فيه مخُّ، والجمع أنقاء وکلّ عظم من قصب اليدين والرجلين نِقوُ عليّ حياله(3). ورجّح الطريحي أنَّ المراد في الحديث الدقيق المنخول (4) وفي وصيّة عليّ (عليّه السلام) ما کان يکتبها لمن يستعمله علي الصدقات عن نعم الصدقة: «حتّي تَأتِيَنَا بإذنِ اللهِ بُدّناً مُنقِيَاتٍ، غَير مُتعَبَاتٍ ولا مَجهُودَاتٍ »(5) المُنقِياتُ: ذواتُ الشحم والنَّفي: الشحم. يقال: ناقةُ مُنقِية، إذا کانت سمينة. وأنقي العودُ: جري فيه الماءُ وابتلَّ وانقي البُرُّ جري فيه الدقيق(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «يکَاد ُأَصلَبُهُم عُوداً تَنکَوُهُ اللّحظَةُ وتَستَحِيلُه الکَلِمَةُ الوَاحِدَةُ»(7).
النکء: نکأتُ القُرحةَ أنّکَوُها: إذا قَرَفتَها، وقد نکيتُ في العدو أُنکِي نِکايةً، أي هزمته وغَلبتُه (8) . ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) لما جاءوه برجلٍ أصاب حدّاً و به قروح في جسده: «أقرّوه حتّي يبرأ، لاتنکؤوها عليّه فتقتلوه»(9). قال الشاعر:
ولم تُنسني أوفي المصيبات بعده*** ولکن نَکء القَرح بالقرح أَوجَع(10).
أراد أشدّهم في الله وأقواهم في طاعته يؤثَّر فيه اللحظة، أي ممّن ينظر إليه نظر الهبية وتستحيله الکلمة الواحدة منه فتغيّره عن الحقّ (11).
والنَّکَبُ: داء يأخذ الإبل في مناکبها فَتَظلَعُ منه. والمَنکِبُ : عون العريف، مُشَبّه بمنکب
الإنسان - فهو مجتمع رأس العضد والکَتَفِ -کأنّه يقوّي أمر العريف ، کما يتقوّي بمنکبه الإنسان(1) وباعتبار أنّ حرکة المنکب جزء من حرکة الإنسان جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للحجاج لبيته الحرام: «حَتَّي يَهُزُّوا مَنَاکِبَهُم ذُلُلاً يُهَلَّلُونَ للهِ حَؤلَه»(2). کنّي عن حرکاتهم في الطواف(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الثالث : «إلي أنّ انتَکثَ عَلَيه فَتلُهُ، وأَجهَزَ عَلَيه عَمَلهُ»(4).
النَّکث: النقض، نقض ما تعقده و تُصلحه من بيعة وغيرها. والنکث، بالکسر: الخيط
الخَلق من صوف أو شعر أو وبر، وسُمّي به لأنّه يُنقض ثمّ يُعاد فَتله. ومن هذا نکث العهد، وهو نقضه بعد إبرامه (5) ومنه قوله تعالي: ﴿ولا تَکونوا کالّتي نَقَضَت غَزلَها من بَعدِ قُوّةٍ أنّکّاثاً﴾(6). أنکاثاً: جمع نکث، وهو
مايُنکث فَتله (7). وأجهز عليه عمله: من قولهم: جهز علي الجريح وأجهز: أثبت قتله. قال الأصمعي: أجهزت علي الجريح ، إذا أسرعتُ قتله وقد تممتُ. وموت مُجهز وجهيز: أي سريع»(8) وفي حديث عليّ( عليّه السلام ): «فلمّا نَهَضتُ بالأمرِ نَکَثَت طَائِفَةُ ومَرَقت أُخري، وقَسَطَ آخَرُوَن»(9). الناکثون : أصحاب الجمل، والمارقون: أصحاب النهروان. والقاسطون: أصحاب صفّين، سمّاهم رسول الله (صلي الله عليّه وآله) القاسطين (10) وسمّي با أصحاب الجمل الناکثين لأنّهم نکثوا بيعتهم. والقاسطين أهل صفين لأنّهم جاروا في حکمهم و بغوا عليّه. والمارقين الخوارج لانّهم مرقوا من الدين کما يمرّق السهم من الرَّمية(11).
عن الصادق (عليّه السلام) قال: «العقل ما عُبِد به الرحمن واکتُسِب به الجِنان» .
قيل له: فالذي کان في معاوية؟ قال: تلک النّکراء، تلک الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل،
ص: 852
وليست بعقل(1) النکراءة النُّکر الدهاء والقطنة، يقال: رَجَلُ منکَرُ من قوم مناکير، ونَکِرُ ونَکُرُ ونُکُرُ، وامرأة نکراء. والمناکرةُ المحاربة. وناکره: قاتله، لأنّ کلّ واحدٍ من المتحاربين يُناکر الآخر، أي يُداهيه ويُخادعه(2) وأنکرته إنکاراً، خلاف عَرَفتُه، و نکرته مثال تَعبتُ کذلک، غير أنّه لا يَتصرّف(3). ومنه قول عليّ (عليّه السلام) : « واللهِ ما فَجَأنِي مِنَ المَوتِ وَارِدُ کَرِهتُهُ، ولا طَالِعُ أَنکَرتُه»(4). والنکير والإنکار والنّکراء،
بمعني المنکر، والنُّکر مثله، وهو الأمر القبيح، وأنکرتُ عليه فِعلَه إنکاراً ، إذا عِبتَهُ ونَهيتَه.
وأنکرت حقّه: جحدته، ونکّرته تنکيراً فتنکّر: مثل غيّر ته تغييراً فتغيّر، وزناً ومعني (5). ومنه حديث عليّ(عليّه السلام) في وصف الأموات:« ولايَحزُنُهُم تَنکُّر الأحوَالِ»(6).
وباعتبار النفي والجحود قال عليّ (عليّه السلام)في التوحيد: «فلا عَينُ مَن لم يَرَه تُنکِرُهُ» (7). وباعتبار التبدّل والانتقال من السرور إلي ما يُکره قال عليّ (عليّه السلام )في وصف الدنيا: «آذَنَت بانقِضَاءِ، وتَنَکّر مَعرُوفُها، وأَدبَرَت حَذَّاءَ»(8) أي إنّ الأُمور التي تقع لذيذة فيها، ويجدها الإنسان في بعض أوقاته صافية حلوة خالية عن کدورات الأمراض ومرارة التنغيص بالعوارض الکريهة ، هي في معرض التغيّر والتبدّل (9)والمنکر الذي أوجب الدين تغييره والنهي عنه هو کلّ فعل تحکم العقول الصحيحة بقبحه إضافةً للکتاب والسنّة، وقدندب له عليّ عليّه السلام بقوله:«الجِهَادُ عليّ أَربَعِ شُعَبٍ: عليّ الأمرِبالمَعرُوفِ، والنَّهي عَنِ المُنکَرِ ، والصَّدق في المَوَاطِنِ، وشَنَانِ الفَاسِقينَ» (10).
فيُجعل أعلاه أسفله، ويقال للمائق: إنّه لَنِکسُ، تشبيهاً بذلک (1) ومن هذا کتب عليّ( عليّه السلام) لمعاوية واصفاً طاعته: «يَرِدُهَا
الأکيَاسُ، ويُخالِفُها الأنکَاسُ» (2)ونُکِس المريضُ نکساً، بالبناء للمفعول، عاوده المرضُ، کأنّه قُلِب إليه (3) والقلبُ المنکوس: الذي لايعي شيئاً من الخير، وهو قلب الکافر، کما قال الباقر(عليّه السلام)(4).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) مع القوم: «تنکصون عند النزال، وتفرّون من القتال»(5).
النکوص: الإحجام والانتداع عن الشيء. يقال: نَکَصَ عن الأمر ينکِص وينکُص نکصاً ونکوصاً أحجم(6) ونَکَصَ هو وأنکَصَهُ غَيرُهُ(7) وکتاب عليّ (عليّه السلام) لعقيل
جواباً لکتابه عمّن خرج عليّه : «و نَکَصَ نَادِماً» (8) من ذلک. وحديث عليّ (عليّه السلام): «قدّم للوَثبَةِ يَداً وأخَّر للنکوص رِجلا». النکوص معني الرجوع إلي الوراء، وهو کناية عن المکيدة في الحرب(9).
وقوله تعالي:﴿فَکَنتُم عَلي أَعقَابِکُم تَنکِصُون﴾(10) أي تدبرون وتستأخرون
وترجعون القَهقَري(11). وباعتبار الشکّ والتردد قال عليّ (عليّه السلام): «ومَن هَاله مَابَينَ يَدَيَه نَکَصَ عَلَي عَقبَيهِ» (12) لأنّ الشکّ والتردد يستلزم الفزع والخوف من الإقدام عليها، وثمرتها النکوص والرجوع علي
الأعقاب (13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ولا مُستَنکَفٍ عَن عِبَادَتِه»(14).
الاستنکاف: الاستکبار. يقال : نَکِف الرجلُ عن الأمر، بالکسر، نَکفَا واستنکف: أنِّف وامتنع ، وهو من النَّکفَ والوکَف. يقال: ماعليه من ذلک الأمر نَکَف ولا وَکَف. والنکف: أنّ يقال له سوء، واستنکف ونکِف ،
ص: 854
إذا دفعه(1) ومنه قوله تعالي:﴿لَن يَستَنکِفَ المَسيحُ أنّ يَکُونَ عَبداً لله ﴾ (2). والنَّکَف: بفتح الکاف، جمع نکَفة، وهي غدّة في أصل
اللّحي (3).
في حديث عليّ(عليّه السلام ) في صفة النبي (صلي الله عليّه وآله): «غيرَ نَاکِلٍ عن قُدُمٍ»(4).
النکول: يقال: نَکَل الرجلُ عن الأمر يَنکُل نُکولاً ، إذا جَبُن عنه، ولغة أخري نَکل،
بالکسر، يَنکَل، والأُولي أجود. ومنه يقال: نکل عن العدوّ وعن اليمين يَنکُل، بالضم، أي
جَبُن (5) وامتنع. وقوله (عليّه السلام) واصفاً الأشتر:
«لا يَنکُلُ عَن الأعدَاءِ»(6).أراد أنّه شجاع صامد. ونکلّه عن الشيء: صرفه. ونکّلتُ بفلان: إذا عاقبته في جُرم أجرمه عقوبةً تُنَکّل غيره عن ارتکاب مثله (7). ومنه قوله تعالي:﴿فأخذه الله نَکال الآخرة والأُولي ﴾(8). وهو ناکل عن الأُمور ، أي ضعيف عنها(9). وباعتبار التراخي جاء کتاب عليّ (عليّه السلام )المعاوية: «متي ألفيت بني عبدالمطلب عن الأعداء ناکلين» (10). والنَّکلّ: القيدُ، والجمع أنکال. والنَّکل أيضاً: جديدة اللّجام (11). وذهب ابن فارس إلي أنّ النکول أصله من هذا، لأنّه ينکُل ، أي يمنع (12).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) لابن عباس: «وَقَد بَلَغني تَنَمُّرک لِبنَي تَمِيمٍ، وغِلظَتُک عَلَيهِم»(13).
التّنمّر: يقال تنمّر لي الرجلُ ، إذا تهدّدني (14)وهو أنّ يصير الإنسان کالنَّمِر(15) قال ابن فارس: تحقيقه لَبِس لي جلد النَّمِر.
ومن النمر اشتُقّ لون السحاب النُّمر، وکذلک النَّعم النُمر فيها سواد وبياض، وکذلک النَّمِرة إنّما هي کساءُ ملوَّن مُخطَّط (16). وطيرُ مُنَمَّر ، فيه نقط سود. وأسد أثمّر ولبؤة نمراء، إذا کان فيهما نُمرة ، وهي غَبرةُ وسواد. وماء نمير:
ص: 855
ناجع في الشاربة، أي يوافق الذي يشربه(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «نَحنُ النُّمرُقَةُ الوُسطَي، بها يَلحَقُ التَّالِي، وإلَيها يَرجِعُ
الغَالي»(2).
النمرقة: بضم النون والراء، وبکسرهما، وبغير هاء، الوسادة و الجمع نمارق (3).
ومن هذا جاء قوله تعالي: ﴿ونَمَارِقُ مَصفُوفَةُ﴾ (4)وربّما سمّوا الطنفسة التي
فوق الرحل نمرقة (5). واستعار عليّه السلام لفظها، بصفة الوسطي، له ولأهل بيته (عليّه السلام) ، باعتبار کونهم أئمّة العدل يستند الخلق إليهم (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «لعن رسول الله (صلي الله عليّه وآله) النامصة والمنتمصة، والواشرة والمستوشرة، والواصلة والمستوصلة . والواشمة والمستوشمة»(7).
النمص: نتف الشعر. ورقّة الشعر ودقّته حتّي تراه کالزَّغَب، ونَمصَ شعره يَنمِصُه نمصاً: نتفه. وتنمّصت المرأة: أخذت شعر جبينها بخيط لتنتفه، والنامصة: التي تزيّن النساء بالنّمص. ومنه قيل للمنقاش: مِنماص لأنّه يُنتف به. والمُتَنَمَّصة: هي التي تفعل ذلک
بنفسها(8) وبعضهم يرويه: «المنتمصة» بتقديم النون علي التاء(9) ومنه يقال: نبت نميص، إذا نتفته الماشية بأفواهها(10).
في حديث الباقر (عليّه السلام) : «محرّمة الجنّة عليّ القتّاتين المَشّائين بالنَّميمة»(11).
النميمة: الوِشاية، والنمُّ إظهار الحديث بالوشاية، ورجل نَمّام (12) ويقال: نَمُّ أيضاً، نَمَّ ينُمُّ نَمّاً (13). وأصل النميمة الهمسُ والحرکة الخفيفة، ومنه أسکتَ الله نامّته، أي مايَنِمُّ عليه من حرکته ، والنمّام نبت ينمُّ عليه رائحته (14) والنملةُ الصغيرة في بعض اللغات تُسمَّي النَّمَّة (15)
ص: 856
في الحديث : سئل رسول الله (صلي الله عليّه وآله ): ما الحدث؟ قال: «من قَتل نفساً... أو انتهب نُهبةً ذات شرف .. الحديث»(1).
النَّهب: الشيء المُنتَهَب، وهو النُّهبَي والنَّهاب(2). وهو الغارة والسَّلب، والنَّهب هو المنهوب تسمية بالمصدر. ويقال له النُّهَيبي النُّهبة أيضاً(3)وقول عليّ (عليّه السلام) في الخطبة الشقشقية: «أَرَي تُرَاثِي نَهباً»(4) من ذلک.
في الحديث: «من جمع مالاً من نهاوش أذهبه الله في نهار».
النهابر: المهالک (5)ونها وش ضبطه ابن
دريد ب- «تهاوش» بالتاء، وقال: أصحاب الحديث يقولون: نهاوش بالنون وهَواشا خطأ.
وقال: سُمّي مايُنتهب في الغارة هواشا. والهوش: القوم المجتمعون في حرب أو صخب، وهم متهاوشون، أي: مختلطون، وجاءوا بالهوش والبَوش ، إذا جاءوا بالجمع الکثير (6)والهوشة: الفتنة والاختلاط (7).
قال الزمخشري: جمع مالاً من مهاوش و تهاوش. وهاش الشيء و هوّشه: خلطه و جمعه من هنا وهناک (8) قال الشريف الرضي:نهاوش مأخوذ من نهش الحية، کأنها تنهش من هنا ومن هنا، لانتقي منهشاً ولا تجتنب ملبساً. وذلک ضد قوله (صلي الله عليّه وآله): «اطلبوا المال من حسانالوجوه» أي من وجوه المکاسب الطيّبة التي يحسُن الطلب منها، ولا يُذمّ التعرّض لها.
ونهابر: أي في الوجوه المحرمة التي يضيع الإنفاق فيها، ولا يعود إليه نفع بها، وذلک مأخوذ من نهابر الرمل، واحدتها نهبورة، و وهي و هدات تکون بين الرمال المستعظمة إذا وقع البعير فيها استرخت قوائمه، ولم يکند يتخلّص منها. ويقال: حفر بين الاکام يصعب السلوک بها وتکثر المعاثر فيها، فکأنّه عليّه . الصلاة والسلام شبّه ما يکسب من الحرام، ويُنفق في الحرام بالشيء الواقع في عجمة الرمل لايُرجي وجوده، ولا يُنشد مفقوده(9).
وجاء في حديث النبي( صلي الله عليّه وآله): «النهبرة:
ص: 857
القصيرة الدميمة»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في عظة الناس: «اعمَلُوا رَحِمَکُم اللهُ، عليّ أَعلام بَيّتنةٍ
فالطَّرِيقُ نَهجُ يدعو إلي دَارِ السَّلَامِ»(2).
النَّهج: الطريق الواضح، والمَنهَجُ والمِنهَاجُ مِثلُه، ونَهَج الطريقُ يَنهَجُ نهوجاً: وَضُحَ واستبان، وأنهجَ ، بالألف مِثلُهُ، ونَهَجتُهُ وأنهجتُهُ: أوضحته(3) والجمع نهوج ونِهاج وأنهج الثوبُ يُنهج إنهاجاً ، إذا أخلق (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن صنعة الکون «فأنهَدَ جِبَالهَا عن سُهُولِهَا، وأَسَاخَ قَوَاعِدَهَا في مُتُونِ أَقطَارِهَا ومَوَاضِعِ أَنصَابِهَا فأَشهَق قِلالها، وأطال أَنشَازَهَا»(5).
النَّهد: کلُّ مرتفع نَهد، والنَّهد في نَعت الخيل الجسيم المشرف، ونَهدَ الثديُ يَنهدَ بالضم، نُهوداً ، إذا کَعَبَ وانتبر وأشرف. وأنهدتُ الحوض: ملاتُه ، وهو حَوض نَهدان، وقد نَهدان، إذا امتلأ ولم يفض بعد. والنّهداء: الرملةُ المشرفةُ. والمناهدة في الحرب: المُناهضَةُ، ونَهَد إلي العدوّ يَنهدَ: نهض (6). والنَّهيدَةُ الزُّبدَةُ الضخمة الغليظةُ
وإذا کانت صغيرةً نُهيَّدَةُ. وهي العصيدةُ من إل لُباب الهبيد (7). وتناهَدَ القومُ مُناهدةً: أخرج کلُّ منهم نَفقَةً ليشتروا بها طَعَاماً يشترکون في أکلّه (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الإنسان في قبره: «قَد هَتَکَت الهَوَامُّ جِلدَتَهُ ، وأَبلَت النَّوَاهِکُ جِدَّتَهُ»(9).
النّهک: التنقض . ونهکته الحَمّي نَهکاً ونَهَکاً ونهاکةً ونهکةً جهدته وأضنته ونقصت لحمه ، فهو منهوک ، رُوي أثر الهُزال عليه منها. ونهکت الإبلُ ماءَ الحوض، إذا شربت جميع ما فيه، قال ابن مقبل يصف إبلاً:
نواهِک بيوتِ الحياض إذا غَدَت ***عليه، وقد ضمَّ الضريبُ الأفاعيا
ص: 858
والنَّهک: المبالغة في کلَّ شيء، والناهک والنهيک: المبالغ في جميع الأشياء(1). ومنه حديث السجاد: «لاتنهکوا العظام فإنّ للجنّ فيها نصيباً» (2) قال الأصمعي: النهک أنّ تبالغ
في العمل، فإنّ شتمتَ وبالغتَ في شتم العِرض قيل: انتهک عِرضه(3). ومنه حديث الصادق( عليّه السلام) البريد بن معاوية: «والله مابَقيت الله حرمة إلاّ انتُهکت، ولا عمل بکتاب الله ولا سنّة نبيّه في هذا العالم، ولا أُقيم في هذا الخلق حدُّ منذ قبض الله أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليّه»(4). ورجل نهيک: أي شجاع کالأسد النّهيک. وسيف نهيک: ماضٍ. والنُّهيک: الحُرقُوص: الواحدة نُهَيکةُ. ومررت برجل ناهيک من رَجُل: أي انتهي في
کماله إلي الغاية(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفات المتّقين:« فَشَرِب نَهَلاً، وسَلَکَ سَبيلاً جَدَداً »(6).
النَّهَل: أوّل الشُرب ، والناهل الريّان ، والذي قد شرب حتّي روي ، والأنّثي ناهلة.
والمنهل: المشرب، ثمّ کثر ذلک حتّي سُمّيت منازل السفّار علي المياه مناهل (7)وقول أم سلمة لعائشة: «نَاصّة قلوصاً من منهل إلي آخر» (8) من هذا. وأنهلتُ الإبل، هو أوّل سقيها، ونَهِلت هي، إذا شربت في أوّل الوزد، نهلت الإبلُ نهِلاً ، وإيل نواهل ونهال ونَهل ونُهُول ونهِلة ونَهلي. يقال: إيل نَهلي وعلّي للتي تشرب النَّهَل والعلَل. وجمع الناهِل نَهَل مثل طالب وطَلَب ، وجمع النَّهَل نِهال مثل جبل وجِبال. قال الأصمعي: إذا أورد إيله الماء فالسقية الأُولي النَّهَل، والثانية العَلَل(9)وأراد (عليّه السلام) من معني النهل سبقه وفوزه لما أَعَدَّ نفسه من صالح الأعمال، ومنه حديث الحوض : «لايظمأ والله ناهله». يريد من روِي منه لم يَعطش بَعده أبداً(10) والنهل من الأضداد، يقولون للعطشان ناهل وکذلک للريّان، وإنّما قيل للعطشان ناهل علي التفؤَّل ، کما يقال المفازة للتهلکة عليّ التفؤل (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن حاکم المسلمين:
ص: 859
«فَتَکُونَ في أَموَالِهم نَهمَتُهُ»(1).
النَّهمة: الحاجة، وقيل: بلوغ الهمّة والشهوة في الشيء. والمنهوم: الرغيب الذي يَمتَليء بطنه ولا تنتهي نفسه، وقد نُهِم بکذا فهو منهوم، أي مُولَع به(2). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) : «منهومان لايشبعان: منهوم علم ومنهوم مال»(3) والنَّهم والنَّهيم: صوتُ وتَوَعُّدُ وزَجرُ، وقد نَهَم يَنهِم. والناهم : الصارخُ. والنَّهيمُ، مثل النَّحيم ومثل النئيم : وهو صوت الأسد والفيل . يقال: نَهَمَ الفيلُ يَنهِمُ نَهماً ونهيماً، وأنشد ابن برّي:
إذا سمعتَ الزَّأرَ والنّهيما*** أبأتَ منها هَرَباً عزيما
والنَّهامي، بکسر النون: الراهب لأنّه ينهم، أي يدعو. والنَّهامي : الحدّاد، وقيل: النَّهامي: النجّار . وقيل : النَّهامي : الطريق المَهيَعُ الجَدَدُ. وهو النَّهّام أيضاً. وطريق نِهامي ونهّام: بَيّن واضح. والنَّهم: الخذف بالحصي ونحوه. ونَهَم الحصي ونحوه ينهَمُه نهماً: قذفه. ونِهم، بالکسر: بطن من هَمدان(4)والهام. بالضم :ضربُ من الطير (5).
في حديث (عليّه السلام) لفاطمة (عليّها السلام) : «نهنهي عن وجدک، يا ابنة الصفوة، وبقيّة النبوة ، فما ونيت عن ديني ، ولا أخطأت مقدوري» (6).
النهنهة: الکفّ والزجر. تقول: نهنهتُ فلاناً، إذا زجرته، فتتهنه، أي کففته فکفّ (7) ومنه کلّام عليّ (عليّه السلام) لمّا بلغه خروج طلحة إلي البصرة للطلب بدم عثمّان: «ولَئِن کَانَ مَظلوُماً لَقَد کان يَنبغي له أنّ يکون من المُنَهنِهين عَنه» (8).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن عظمته تعالي وقدرته: «و مُذِلُّ نَاواهُ، وغَالِبُ مَن عَادَاه» (9).
المناوءة: ناوأتُ الرجلَ: عاديته، ومعناه ناهضته للعداوة(10) ومنه قال (صلي الله عليّه وآله) عن أهل بيته (عليّه السلام) : «مَن ناوأهم فقد ناوأني ، ومن جَفاهم فقد جفاني»(11)والنوء:النجم إذا مال للمغيب (12) وناء النوء نوءاً، طلع، وأيضاً
ص: 860
سقط، وهو من الأضداد(1) ومن هذا جاء حديث الباقر (عليّه السلام )عليّ ثلاثة من عمل الجاهلية:«الفَخر بالأنّساب ، والطَّعن في الأحساب، والاستسقاء بالأنواء»(2).وإنّما سُمَّي النجم نوءاً لأنّه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناءَ الطالع بالمشرق بالطلوع ، وهو ينوء نوءاً، وذلک النهوض هو النوء، فسُمّي النجم به. وکذلک کلّ ناهض بثقل وإيطاء فإنّه ينوء عند نهوضه، وقد يکون النَّوء السقوط. قال الله تعالي:﴿ وما إنّ مَفَاتِحَه لَتَنُو هُ بالعُصبَةِ و﴾ (3)
وقال ذو الرَّمة يذکر امرأة بالعِظَم:
تنوء بأخراها فلاياً قيامُها *** وتمشي الهوينا من قريب فتبهر(4)
ومنه قال عليّ (عليّه السلام): «وماتَسقُطُ مُن وَرَقَةٍ تُزِيلُهَا عَن مَسقَطِهَا عَوَاصِفُ الأَنوَاءِ،
وانهِطَلُا السَّمَاءِ»(5). وإنّما أضاف العواصف إلي الأنّواء، لأنّ العرب تضيف الآثار العلويّة من الرياح والأمطار والحرّ والبرد إليها(6).
في الحديث: سُئل الحسن(عليّه السلام) عن المروءة، فقال: «العَفاف في الدَّين، وحُسنُ
التقدير في المعيشة، والصّبرُ عليّ النَائِبة»(7).
النائبة: المصيبة، واحدة نوائب الدهر. وهي ماينوب الإنسان، أي ينزل به من المهمّات والحوادث(8) وقد نابه ينوبه نوباً وانتابه، إذا قصده مرّةً بعد مرّةٍ، و منه الدعاء «يا أَرحَم من انتابه المسترحمون»(9) وقول عليّ عليّه السلام : «نُومِنُ به إيمَاَن مَن رَجَاه مُوقِناً، وأَنَابَ إلَيه ُمؤمِناً» (10)من هذا. وقال لي واصفاً نفسه : «اللّهُمَّ إنّي أوَّلُ مَن أَنَابَ، وسَمِعَ وأَجَابَ» (11) وباعتبار العودة والرجوع إلي دين الله قال : «فَمَن تَعَمَّقَ لَم يُنِب إلي الحَقِّ»(12)
باعتبار أنّ الغلو ّيذهب بالإنسان شططاً. والنُّوب: النَّحل، وسمّيت به لرعيها ونوبها إلي مکانها(13).
في حديث عليّ(عليّه السلام) واصفاً ذَنَب
ص: 861
الطاووس: «کأنّه قِلعُ داريَّ عَنَجه نُوتيُّهُ»(1).
النّواتي: الملّاحون في البحر ، وهو من کلّام أهل الشام، واحدهم نوتيُّ. وقد نات ينوتُ إذا تمايلَ من النَّعاس، کأنَّ النُّوتي يُميلُ السفينة من جانب إلي جانب (2) وکأنّه مخصوص بملّاحي البحر دون الأنّهر(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «أَنتَمُ مَعشَرَ العَرَبِ عَلَي شَرَّ دِينٍ، وفي شَرَّ دار مُنيخُونَ بَينَ حِجَارَةٍ خُشنٍ، وحَيّاتٍ صُمًّ » (4).
منيخون: من النوخة : الإقامة. ومن قولهم: أنّخت البعير فاستناخ ونوَّخته فتنوَّخ وأناخ الإبل: أبرکها فبرکت ، والمُناخ: الموضع الذي تُناخ فيها الإبل (5) وقد استُعير منه لمکان الفتنة واستقرارها بقوله : «ومُنَاخِ رِکَابِهَا»(6). وبين حجارة خُشن وحيّات صمًّ المراد أنّ البادية بالحجاز ونجد وتِهامة وغيرها من أرض العرب ذات حيّات وحجارة خشن، وقد يعني بالحجارة الخُشن الجبال أيضاًأو الأصنام (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الأرض بعد سقيها بالمطر: «فَهِيَ تَبهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا،
وتَزدَهِي بِمَا أُلبِسَتهُ مِن رَيطُ أزاهيرها وحِليَةِ ماسُمِطَت به من ناضِر أنوارِهَا»(8).
النَّور والنَّورةُ، جميعاً: الزَّهُر، وقيل : النّورُ الأبيض والزّهر الأصفر، وذلک أنّه يبيضُّ ثمّ يصفرّ. وجمع النَّور أنّوار، والفعل التنوير ، وتنوير الشجرة إزهارها. وفي حديث خزيمة: «لما نزل (صلي الله عليّه وآله) تحت الشجرة أنوَرَت»، أي حسنت خضرتها ، من الإنارة ، وقيل: إنّها أطلعت نَورها، وهو زهرها، يقال: نوّرت الشجرةُ وأنارت. والنُّورُ: حُسن النبات وطوله، وجمعه نِورَةُ. وأثار النبتُ وأنوَرَ: ظَهر وحَسُنَ. والأنورُ: الظاهر الحُسن، ومنه في صفته (صلي الله عليّه وآله): «کان أنوّر المُتَجَرَّدِ»(9) معناه نيّر الجسد الذي تجرّد من الثياب (10) يقال للحَسن المشرف اللّون: أنّوَرُ، وهو أفعل من النور. يقال : نَارَ فهو نيَّر، وأنار فهو مُنير.
ص: 862
وفي حديث مواقيت الصلاة: «أنّه نوّر بالفجر». أي صلّاها وقد استتار الأفق کثيراً.
وفي حديث عليّ (عليّه السلام )«نائرات الأحکام، ومُنيرات الإسلام». النائرات:الواضحات البيَّنات، والمُنيرات کذلک. فالأُولي من نار، والثانية من أنار، وأنار لازم و مُتَعَدًّ(1). ومنه قال عليّ(عليّه السلام )عن الإسلام : «مُشرَفُ المَنَارِ» (2) استعار لفظ المنار، وهي الأعلام والمصابيح ، لأئمّة الدين، والمشرف لعلوّهم (3) وفيه : «لاتستضيئوا بنارالمشرکين». أراد بالنار هاهنا الرأي، أي لاتُشاوَروهم. فجعل الرأي مثلاً للضّوء عند الحيرة (4) وباعتبار الوضوح والدلالة في الوجود عليه جلّ وعلا قال عليّ (عليّه السلام) : «نَحمَدُهُ عَلي عَظِيمِ إحسَانِه، ونَيّرِ بُرهَانِه»(5).
وفي أسمائه تعالي النور، والنور معناه المنير، ومنه قوله تعالي:﴿والله نُورُ السَّماواتِ والأرضِ ﴾ (6)أي منير لهم و آمرهُم وهاديهم ، فهم يهتدون به في مصالحهم کما يهتدون في النُّور والضياء. وهذا توسّعُ إذ النور الضياء والله عزّ وجلّ مُتعالٍ عن ذلک عُلُواً کبيراً، لأنّ الأنّوار مُحدثةُ ومُحدِثُها قديم لايُشبهه شيءُ وعلي سبيل التوسّع قيل: إنّ القرآن نورُلأنّ الناس يهتدون به في دينهم کما يهتدون بالضياء في مسالکهم ، ولهذا المعني کان النبي (صلي الله عليّه وآله) منير (7)ولما کان أهل البيت (عليّهم السلام) عالي ورثة الهدي جاء قول عليّ (عليّه السلام) مشيراًلآل النبيّ: «المَنَارُ مَنصُوبَةُ»(8)من ذلک. وجاء في الخبر عن عليّ (عليّه السلام) : «کان الله تعالي ولا شيء فأوّل ماخلق نور حبيبه قبل أنّ يخلق الماء والعرش والکرسي واللوح والقلم والجنّة والنار والحجاب والسحاب...»(9). ومن هذا الخبر جاء قول الحافظ رجب البرسي: إنّ الحيّ القيوم جلّ اسمه فضّل الحضرة المحمدية أنّ جعل نورها هو الفيضُ الأوّل، وجعل سائر الأنّوار تشرق منها وتتشعشع عنها... إلي أنّ قال: محمّدُ وعليُّ نور واحد قديم، وإنّما انقسما تسميةً ليمتاز النبي عن الوليّ کما امتاز الواحد عن الأحد، فکلّ أحدٍ واحد ولا ينعکس، وکذا کلّ نبيّ وليّ
ص: 863
ولا ينعکس(1). وامرأة نَوَارُ: نافِرَةُ من الشرَّ عفيفةُ تکره الرجال، والجمع نورُ، وبقرة نوار: تنفُرُ من الفحل، نارَت، نَفَرت ، تنور. نُرتُه: إذا نفّرته، ومنه سُمّيت نواراً. ومصدره النَّور. يقال: مايُنيرک عنّي؟ أي مايُنَرُک. وناورتُ القومَ: أي شاتمتهم. والنائرةُ: الکائنة تقع بين القَومَ ، عليهم نائرَةً، أُنور(2). وکتاب عليّ (عليّه السلام) لأهل الأمصار عمّا جري بينه وبين أهل صفّين: «تَعَالَوا نُدَاوِ مالا يُدرَکُ اليَومَ بإطفَاءِ النَّائِرَةِ» (3) من هذا. واطفاؤها بنبذ الفرقة وقمع الفتنة. ومنه الحديث المروي عن الصادق (عليّه السلام ): «أطفؤوا نائرة الضغائن باللحم والثَّريد»(4). وإطفاء النائرة هنا هو تسکين الفتنة وإخمادها بالإطعام والديات. والنُّورةُ: هي حَجَرُ الکِلس، ثمّ غلبت علي أخلاطٍ تُضاف إلي الکِلس، من زرنيخ وغيره، تُستعمل لإزالة الشعر (5) وفيها قال الرضا (عليّه السلام) : «أربع من أخلاق الأنّبياء: التطيّب، والتنظيف بالموسي، وحلق الجسد بالنورة، وکثرة الطروقة»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) بعد تلاوته قوله تعالي: ﴿ألهاکُم التکاثر﴾(7): «لَقَد استَخلَوا مِنهم أي مُدَّکرٍ، وَتَنَاوَشُوهُم من مَکَانٍ بَعِيد» (8).النوش: التناول. وتناوش القومُ کذا ،تناولوه(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام )محذراً من عاقبة الخلق: «أُولي الأَبصَارِ والأسمَاعِ، والعَافِيَةِ والمَتَاع، هَل مِن مَناصٍ أو خَلَاصٍ» (10).
المناص: المهرب، والمناص: الملجأ والمفرّ. يقال: ناص عن قِرنه ينوصُ نؤصاً ومناصاً: أي فر َّو راغ. قال ابنّ برينننّ التوص،بضم النون: الهرب. نَّوالوص ف کلّام العرب التأخّر، والبوص: التقدّم يقال: نُضته، واستناص : أي تأخّر، ومناص مفعل مثل مقام (11) ومنه قوله تعالي :﴿ وولَات حِينَ
ص: 864
مَنَاصٍ﴾(1) أي : وليس حين مناص (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام : «ونَحنَ الأَعلَونَ نَسَباً، والأَشَدُّونَ بِرَسُولِ الله( صلي الله عليّه وآله) ما نَؤطاً»(3).
النَّوط: الالتصاق (4) والنّوطُ: مابين العَجُز والمَتن. وکلُّ ماعُلَّقَ من شيء، فهو نَوط. والأنّواط : المعاليق . وانتاط به : تعلّق .وناط الشيء ينوطه نوطاً. عَلَّقه، والنّوط: ماعُلَّق، سُمّي بالمصدر. قال سيبويه : وقالوا: هو منّي مَناط الثُريّا، أي في البُعد ، وقيل: أي بتلک المنزلة فحذف الجارّ وأوصل کذهبت الشام ودخلتُ البيتَ، ونياطَ کلَّ شيء: مُعَلَّقه، کنياط القَوسِ والقريةِ. ونياط القوس معلقها. تقول: نطتُ القِربةِ بنياطها نؤطاً. والنياط: الفؤاد . والنياط: عرق علق به القلبُ من الوتين، فإذا قُطِع مات صاحبه، وهو النَّيطُ أيضاً. ومنه قولهم: رماه اللهُ بالنيط ، أي بالموت (5). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «لَوَدَّ مُعَاويةُ أنّه مابَقيَ من بني هاشم نافِخ ضَرَمَهٍ إلّاطُعِن في نيطه» أي إلّا مات . قال ابن الأثير القياس النّوط، لأنّه من ناط ينوط، إذا عُلَّق، غير أنّ الواو تعاقب الياء في حروف کثيرة(6).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) عن السماء: «ثُمَّ عَلَّقَ في جَوّها فَلَکَها، ونَاطَ بِهَا زِينَتَها، مِن خَفِيّاتِ دَرَائَّهَا، ومَصَابِيحِ کَواکِبِهَا» (7). أراد
التنظيم والترتيب الهندسي الدقيق لها بما يظهر من عجائب الأفلاک وجمالها. وفي کتاب عليّ عليّ إلي زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية کتب إليه يريد خديعته باستلحاقه: «المُتعَلَّق بِهَا کَالوَاغِلِ المُدَفَّعِ، والنَّؤطِ المُذَبذَبِ»(8)أراد عليّه السلام : مايناط برَحل الراکب من قعب أو غيره، فهو أبداً يتحرّک (9). ويقال للدعي ينتمي إلي قوم: منوطُ مذبذبُ ؛ لأنّه لا يدري إلي من ينتمي فالريح تذبذبه يميناً وشمالا(10). والواغل: هو الذي يهجم علي ا لشّرب ليشرب معهم، وليس منهم، فلا يزال مدفّعاً محاجزاً (11) والنَّوط: جُلّة صغيرة يُکنزفيها التمر (12). والنَّوطة: المکان الکثير الطّلح، وجمعها نياط، وذات أنّواط: شجرة کانت
ص: 865
تُعبد في الجاهلية(1) کانت للمشرکين ينوطون بها سلاحهم، أي يعلّقونه بها، ويعکفون حولها (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وإيّاکَ والاتّکالَ عليّ المُنَي فإنّها بَضَائِعُ النَّوکَي»(3).
النُّوک: الحُمق ، رجلُ أنوَکُ وامرأةُ نَؤکاءُ من قَومٍ نُوکٍ وو ، والاسم النّواکة (4).
في حديث عليّ(عليّه السلام) : «مَن نَالَ استَطَالَ» (5).
النوال : العطاء، والنائل مثله. وأناله معروفه و نوّله: أعطاه معروفه، والنال والمنالة والمنال. مصدر نلت أنّال. ويقال : نُلت له بشيء ، أي جدت ، وما نُلته شيئاً ، أي ما أعطيته . وقال أبو محجن : التنوّل لا يکون إلّا في الخير، والتطوّل قد يکون في الخير والشرَّ
جميعاً (6). وقال عليّ (عليّه السلام) : عن جوده عزّ وعلا:
«ولايَستقصيه نَائِل» (7). الإستطالة: من الطَّول والطائل والطائلة، وهي الفضل والقدرة والغِني والسَّعة والعلُوّ. يقال: إنّه ليتطوّل علي الناس بفضله وخيره. وأصل الطائل النفع والفائدة ، ومنه حديث ابن مسعود في قتل أبي جهل : «ضربته بسيف غير طائل» أي غير ماضٍ ولا قاطع(8) ومنه الحديث : «أنّه قال (صلي الله عليّه وآله )لأزواجه: أوّلکن لحوقاً بي أطولکنَّ يداً، فاجتمعن يتطاولن ، فطالتهن سودة، فماتت زينب أوّلهن». أراد أمدّکن يداً بالعطاء، من الطَّول، فظنه من الطُّول. وکانت زينب تعمل بيدها وتتصدّق به(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «طُوبَي لِعَبدٍ نُوَمَة»(10). النُومة، يوزن الهُمزة:الخامل الذَّکر الذي لايُؤبه له. وقيل: الغامض في الناس الذي لايعرف الشرَّ وأهله. وقيل: النومة بالتحريک : الکثير النوم. وأمّا الخامل الذي لا يؤبه له، فهو بالتسکين. ومن الأوّل حديث ابن عبّاس:« أنّه قال لعليّ: ما النُّوَمة؟ قال: الذي يَسکَتُ في الفتنة ، فلا يبدو منه شيء». وفي حديث
ص: 866
عليّ (عليّه السلام ): «دخل عليّ رسول الله وأنا علي المنامة». هي هاهنا الدُّکّان التي يُنام عليها، وفي غير هذا هي القطيفة، والميم الأولي زائدة(1) وقد وصف عليّ (عليّه السلام) النومة لمن سألهُ: «الذي لايدري الناس ما في نفسه»(2).
وقوله (عليّه السلام )عن آخر الزمان: «لا ينجو فيه إلّا کُلُّ مُؤمِنٍ نُوَمَةٍ»(3) يُفسّر من ذلک. وباعتبار الغفلة قال (عليّه السلام) : «أَيقَاظاً نُوَّماً»(4) وباعتبار الطمأنينة والثقة کتب( عليّه السلام) للأشتر في اختيار العمال:« ثمُّ لايَکُن اختِيَارُکَ إيَّاهُم عَلَي فِرَاسَتِکَ، واستِنَامَتِکَ، وحُسنِ الظَّنَّ مِنکَ» (5). من قولهم: استنام إلي فلان ، إذا اطمأنَّ إليه و سکن (6) وباعتبار أنَّ العقل ملاک الأمور، و تصرف العقلاء هو وضع الشيء موضعه قال عليّ (عليّه السلام) : «حَبَّذَا نَؤم الأکياسِ وإفطَارُهُم» (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «يَعلَمُ عَجِيجَ الوُحُوشِ في الفَلَواتِ، وَمَعاصِيَ العِبَاد فِي الخَلَواتِ، واختِلَافَ النَّينَانِ في البِحَارِ الغَامِرَاتِ»(8).
النون : الحوت، والجمع النينان(9) وسُمّي يونس( عليّه السلام) ذا النون لأنّ النون کان قد التقمه (10).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) علي المغيرة بن الأخنس: «اخرُج عَنّا أبعَدَ اللهُ نَوَاکَ»(11).
النّوي: الدارُ، والنّوي التحوّل من مکان إلي مکان آخر، أو من دار إلي غيرها، کما تنتوي الأعراب في باديتها، وانتوي القوم إذا انتقلوا من بلدٍ إلي بلدٍ. والناوي: الذي أزمع عليّ التحوّل. والنّوي والنيّة جميعاً: البُعد، والنيّة والنوي : الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بُعدٍ (12). ويُروي قوله : «نوءک»بدل نواک، وهو من أنّواء النجوم التي کانت. العرب تنسب المطر إليها، وکانوا إذا دعوا علي إنسان قالوا: أبعد الله نوءک، أي خيرک (13). والنيِّة: هي القصد والعزم علي
ص: 867
الفعل، اسم من نويتُ نيّةً ونواةً، أي قَصَدتُ و عزمتُ والتخفيف لغة، ثمّ خُصّت في غالب
الاستعمال بعزم القلب عليّ أمرٍ من الأمور(1).
ومنه يفسّر حديث الصادق( عليّه السلام) عنه (صلي الله عليّه وآله):« نيّة المؤمن خيرُ من عمله، ونيّة الکافر شرُّ من عمله، وکلُّ عاملٍ يعمل عليّ نيّته»(2).
والنّوي: جمع نواة التمر، وهو يذکّر ويؤنث. والنواة عَجَمةُ التمر والزبيب وغيرها. ونوّت البُسرَةُ وأنوَت: عقد نواها. وأکلتُ التمرَ و نويتُ النّوي وأنويته: رميته. وقيل: نويتُ
النّوي وأنويته، أکلتُ التمرَ وجمعت نواه. وجملُ نِوٍاءُ وجمال نِواءُ، مثل جائع وجياع، وإيل نَوَويّةُ إذا کانت تأکلّ النّوي. نَوت الناقهُ تنوي نيّاً ونَوايةً ونِوايةً، فهي ناويةُ، من نُوقٍ نِواء: سَمِنَت، وکذلک المرأة والجمل والرجل والفرس. وقال ابن الأنّباري: النّيُّ الشّحم، من نوت الناقةُ، إذا سَمِنَت. والنّيء، بکسر النون والهمزة اللحم الذي لم يَنضَج (3).
وجاء في الخبر : أنّ عبد الرحمن بن عوف قال: تزوّجتُ امرأة من الأنّصار علي نَواةٍ من ذهب. النواة: اسم لخمسَة دراهم، کما قيل للأربعين: أوقيّة ، وللعشرين: نشّ. وقيل: أراد قَدرَ نواه من ذهب کان قيمتُها خمسة دراهم (4) قال أبو عبيد : ولم يکن ثمّ ذهب، إنّما هي خمسة دراهم تُسمّي نواة(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «وَایمُ اللهِ لَتَجِدُنّ بني أُميّة لَکُم أربابَ سُو ءٍبعدي، کالنّاب الضّرُوسِ»(6).
الناب من الإبل: المسنّة، يُجمع نيباً و نيُو باً، وناقة ناب ونيُوب، بفتح النون، ولا يقال للذکر نيب (7) ونيّبت الناقةُ: صارت ناباً. ومن المجاز: هو ناب قومه: سيّدهم(8)والنابُ من الأسنان هو الذي يلي الرّبَاعيات (9).
ص: 868
في حديث عليّ (عليّه السلام) عمّن همّ باللحاق بالخوارج: «أمَا لو أُشرِعَتِ الأسِنَّةُ إليهم،
و صُبَّتِ السُّيُوفَ علي هَامَاتِهم ، لقد نَدِمُوا عَلي مَا کَانَ مِنهُم» (1).
الهامة: الرأس، والجمع هامُ وهامات. وسيّد القوم: هامةُ، عليّ التشبيه(2) وباعتبار أنّ الرأس سيد الإنسان ومدبّر أحواله کنّي عليّه السلام عن طيش الخوارج وجهلهم بقوله: «أَخِفَّاءُ الهَامِ، سُفَهَاء الأَحلامِ»(3) ولمّا کان مآل الإنسان إلي تراب الأرض قال عليّه السلام : «ذَهَبتُمّ في أعقَابِهِم جُهَّالاً، تَطَوُونَ في هَامِهِم، وتَستَبتُونَ في أجسَادِهِم»(4) فکأنّ وطأ الأرض هو وطأ لهامات الموتي التي استحالت بتعاقب الأيام إلي ذرّات تراب.
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «إنّ أنّصار هذهِ الفُحُولِ طَوَامِحُ، وإنَّ ذلِکَ سَبَبُ هَبَابِها، فإذا نَظَر أحَدُکُم إلي امرأةٍ تُعجِبُهُ فَليُلاَ مِس أَهلَه»(5).
الهِبّة: بالکسر: هياج الفَحلِ. يقال: هَبَّ التَّيسُ يهِبُّ هَبّاً وهِباباً وهبيباً، وهَبهَبَ: هاج، ونبَّ للسَّفاد(6) وهبّ البعيرُ في السَّير: نَشِط ، هباباً ، ويقال: الهَهَبيُّ: الراعي، والفتي السريع في الخدمة هَهبيّ(7)
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ومِنَ العَجَبِ بَعثُهُم
ص: 869
إليّ أنّ أَبرُزَ للطَّعَانِ ؛ وأن أصبِرَ للجِلادِ! هَبَلتهُم الهَبُول ! لقد کُنتُ وما أُهدّد بالحَرب ،
ولا أُرهَبُ بالضَّربِ!» (1).
الهيل: الثُکلّ، هبلته أُمَّه ثَکِلته . وهبلتهم الهُبول : ثَکلتهم الثکول. والهَبول : التي لايبقي لها ولد، واهتبل، إذا ثَکِل (2). وفي الحديث :من اهتبل جَوعَة مؤمن کان له کَيت وکَيت» أي تحيّنها واغتنمها ، من الهبالة: الغنيمة. ومنه جاء حديث أبي ذرّ: «فاهتبلتُ غَفلَته» (3).
وفي حديث عليّ (عليّه السلام) في عظة الناس: «فاهتَبِلُوا هَبَلَها، واعمَلُوالِلجَنَّةِ عَمَلَها»(4).
الاهتبال: الاغتنام والاحتبال والاقتناص. واهتبل الصيدَ: بغاه وتکسّبه . ورجل مُهتَبِل
وهبال ، وهبّل لأهله و تهبّل واهتبل: تکسّب . واهتبل هَبَلک ، أي اشتغل بشأنک (5) ومنه المثل: «ماله هابل ولا آبل» الهابل: المحتال.
والآبل: الحسَنُ الرَّعيَةِ، يقال: ذئب هِبِلّ ، أي محتال (6) وسُمّي الذئب بذلک لأنّه يحتال الصيده ويهتبله (7)يُضرب لما لا يکون له أحد يهتمّ بشأنه (8). والهِبلُّ الضَّخم المسنَّ من الرجال والنَّعام والإبل: والمهبَّلَ : الکثيراللحم المورّم الوجه (9). ومن هذا جاء حديثُ الإفک : «والنساء يومئذٍ لم يُهبَّلهُنَّ اللحمُ».
يقال: هبّله اللحمُ، إذا کَثُر عليّه وَرکب بعضه بعضاً، ويقال للمُهَبَّج المُرَبَّل: مُهَبَّل، کأنّ به
ورماً من سمنه (10) وجاء في الحديث: «إنّ الخير والشرَّ قد خُطّا لابن آدم وهو في المَهبِل». المَهبل: هو الرحم(11) وهُبَل: صنم کانت تعبده قريش في الجاهلية (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في صفة الملائکة: «لَا يَقطَعُونَ أمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِه، ولايَرجِعُ بِهم الاستِهتَارُ بِلُزُوم طَاعَتهِ» (13).
الاستهتار: هو الولوع بالشيء والإفراط فيه حتّي کأنّه أُهتِرَ ، أي خَرِف. والمُستَهتَرون : المولعون بالذکر والتسبيح. يقال: استُهتِرَ بأمر کذا وکذا، أي: أولِعَ به
ص: 870
لا يتحدّث بغيره ولا يفعل غيره. واستُهتر فلان فهو مُستَهتَرُ، إذا ذهب عقله فيه وانصرفت هممه إليه حتّي أکثر القول فيه بالباطل. (1).
ورجل مُستَهتَر : لايُبالي بما قيل له. ورجلُ هِترُ : کثير الکلّام في حُمق وسَقَطٍ، وجمعه
هِترَةُ(2) ومنه المثل: «إنّه لَهِترُ أهتار»
يُضرب للرجل الداهي المنکر، أي من دهائه يعرض الباطل في معرض الحقّ(3).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن أهل الذکر: «فَلَم تَشغَلهُم تِجَارَةُ ولا بَيعُ عَنهُ، يَقطَعُون بِه أيّامَ الحَيَاةِ، ويَهتِفُونَ بالزَّواجر عَن مَحَارِمِ اللهِ، في أسمَاعِ الغَافِلينَ»(4).
الهتف: يقال : هَتفتُ بالرجل أهتِف هَتفاً وهُتافاً. إذا صُحت به. وهتف الحَمامُ هُتافاً ، إذا صوّت ، وکلّ مصوَّت هاتف (5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : « کَم أُدَارِيکُم کَمَا تُدارَي البِکَارُ العَمِدَةُ والثَّيَابُ المُتَداعِيَةُ
کُلَّمَا حِيصَت مِن جَانِبٍ تهتّکَت مِن آخَرَ» (6).
الهتک: هتکت السَّترَ وغيره أهتکه هَتکاً، إذا انتزعته. وهتکت المرأة جيبها، إذا خرّقته،
وکذلک. هتک الفارسُ بالرمح قلب الرجل(7).. ومنه: رجل مهتوک السَّتر: مُتَهَتّکُه. ورجل
مُستَهتِکُ: لايُبالي أنّ يُهتک سِترُه عن عورته (8). ومنه حديثه( صلي الله عليّه وآله): «إنّ الله تبارک وتعالي قسّم الأرزاق بين خلقه حلالاً ولم يقسّمها حراماً، فمن اتقي الله عزّ وجلّ وصبر أتاه الله برزقه من حلّه، ومن هتک حجاب الستر وعجّل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال وحُوسِب عليّه يوم القيامة»(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في ذمّ الدنيا: «ولم تَطُلَّهُ فيها دِيمَةُ رَخَاهٍ، الّا هَتَنَت عَلَيه مُزنَةُ بَلاءٍ»(10).
الهتون: يقال : هتنت السماءُ تَهتِنُ هَتناً وهُتوناً وهتناناً وتهتاناً وتها تنت: صبّت .
ص: 871
وقيل: هو من المطر فوق الهَطل، وقيل: الهتنان المطر الضعيف الدائم. وقيل: التهتان:
مطرُ ساعةٍ ثمّ يفتر ثمّ يعود(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فاتقُوا الله عِبَاد اللهِ تَقيَّةَ ذِي لُبًّ شَغَل التَّفکُّرُ قَلبَهُ، وأَنصَبُ الخَوف بَدَنُه، وأَشَهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَومِه»(2).
الهجود: الهاجد النائم ، وإنّ صلّي ليلاً فهو متهجّد کأنّه بصلاته ترک الهجود عنه، کما
يقال: رجل آثمّ، فإذا کره الإثمّ، وانتفي منه قيل: متأثّم(3)وهو من الأضداد.
قوله تعالي: ﴿ ومِنَ الليلّ فَتَهَجَّد بِه نَافِلَهً لَکَ ﴾(4). فمعناه فأسهر به(5).
روي أنّ أمير المؤمنين عليّ (عليّه السلام) : «کان يخرج في الهاجرة في الحاجة قد کُفيها يريد أنّ يَراهُ الله تَعالي يُتعب نَفسَهُ في طلب الحَلالِ»(6).
الهاجرة: الهجير والهاجرة والهَجر،انتصاف النهار (7) والهجير والهاجرة الساعةُ التي يُمتنع فيها من السَّير کالحرَّ، کأنّها هجرت الناس وهُجرت لذلک (8) وفيها قال عليّ( عليّه السلام) : «فاتّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ تَقيّةَ ذِي لُبًّ.. أَظمَاَ الرَّجَاءُ هَواجِرَ يَؤمِه»(9). وهذا کناية عن کثرة صيامه في أشدَّ أوقاته حرارةً
وإنّما جعل الهواجر مفعولاً إقامة لظرف مقام المظروف. وهو من وجوه المجاز (10)والظمأ العطش، ويتعدّي بالتضعيف والهمزة(11).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن بعثته (صلي الله عليّه وآله):«أَرسَلَهُ عَلَي حِينِ فَترَةٍ منَ الرُّسُل، وطُولِ هَجعَةٍ مِنَ الأُمَمِ، وانتِقَاضٍ مِنَ المُبرَمِ»(12).
الهجوع: يقال: هَجَعَ الرَّجُلُ يَهجَعُ هُجوعاً، إذا نام. ولقيته بعد هجعةٍ من الليل، أي بعد ساعةٍ منه، وقال أبو الخطّاب الأخفش: رجلُ هُجَعُ ، إذا کان ضعيف و العقل (13) وکني (عليّه السلام )عن غفلة الأمم وسبا تها
في جهالات الظلام بالنوم في ظلام الليل، لأنّ
ص: 872
الهجوع لايُطلق إلّا علي نوم الليل(1).
وانتقاض المبرم: إشارة إلي ما أُحکم من شرائع وأديان قد قوضها (صلي الله عليّه وآله) ونسخها بشريعة الإسلام الغرّاء.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ألا فالحَذر الحَذَرَ مِن طَاعَةِ سَادَاتِکُم و کُبَرائِکُم؛ الّذين تکَبَّرُوا عن حَسَبهِم، وتَرَفّعوا فَوقَ نَسَبهم، وألقوا الهَجِينَةَ عَلَي رَبَّهم» (2).
تهجين الأمر: تقبيحُه. والهجنةُ في الکلام: ما يَلزمُک منه العيبُ. تقول: لاتفعل کذا
فيکون عليّک هُجنة. والهِجان: البيضُ، وهو أحسنُ البياض وأعتقه في الإبل والرجال
والنساء، ويقال: خيار کلّ شيء هجانه. وبعيرهجان: کريم. وقال الأصمعي في قول عليّ (عليّه السلام) : «هذا جَناي وهِجانُه فيه إذ کلّ جان ٍيده إلي فيه»، يعني خياره وخالصه. والهُجنة في الناس والخيل إنّما تکون من قبل الأم (3)ومن الناس الذي أُمّه أَمة (4). والمراد باحتقار غيرهم من الناس قبحوا خلق الله لهم(5).
وجاء في حديث الهجرة: «مرّا بِعَبد يَرعَي غنماً، فاستسقاه من اللبن، فقال: والله مالي شاة حلب غير عناق حملت أوّل الشتاء فما بها لبن وقد اهتُجِنَت فقال رسول الله( صلي الله عليّه وآله): ائتنا بها». اهتُجنت: أي تبيّن حَملُها. والهاجن: التي حَمَلت قبل وقت حملها (6). واهتُجنت الشاة: إذا حُمل عليّها في صغرها، وکذلک الصّبيّة الحَدَثة، إذا زُوّجَت قبل بلوغها. وربّما سُمّيت النخلةُ إذا حملت وهي صغيرة مهتجنة(7).
ومنه حديث عليّ (عليّه السلام )في الاستسقاء:« وفاضَ فانصاع به سَحابُه، وجَري آثارُ هَيدَبه جنابه، سُقيأً منک مُحييَةً مُروِيَةً»(1). والهيدبُ ثديُ المرأة وَرَکَبُها إذا کان مسترخِياً، لاانتصابَ له، شبّه بهيدب السحاب. والهُدبةُ والهُدُبةُ: الشّعرَةُ النابتة عليّ شُفُر العين، والجمع هُدبُ وهُدُبُ، والهَدبُ: کالهُدب،واحد ته هَدَبةُ. ورجل أهدَبُ: طويلُ أشفارالعين، النابت کثيرها. وفي صفته (صلي الله عليّه وآله): «کان أهدَبَ الأشفار». وفي رواية: «هَدِب الأشفار»، أي طويل شعر الأجفان. وهَدِبت العينُ هَدَباً، وهي هَدباء: طال هُدبُها، وکذلک أُذُنُ هَدباء، ولحية هَدباء. ونَسر أهدَبُ: سابغ الريش. وفرسُ هَدِبُ: طويل شعر الناصية .
وهَدَبُ الشجرةِ: طولُ أغصانها وتدلّيها، وقد هَدِبت هَدَباً، فهي هَدباء. وهُدّاب النخل: سَعَفُه. والهُدّاب والهدب: أغصان الأرطي و نحوه ممّا لا وَرَق له، واحدته هَدَبةُ، والجمع
أهدابُ. وهدبَ الناقة يَهدِبُها هَدباً: احتلبها.وهدّب الثمّرة تهديياً، واهتديها: جَناها(2).
ومنه حديث خبّاب (رضي الله) قال: «هاجرنا مع رسول الله (صلي الله عليّه وآله) فوقع أجرنا عليّ الله، فمنّا من خرج من الدنيا لم يُصب منها شيئاً، ومنّا من أينعت له ثمّرتُه فهو يَهدِ بُها»(3). وفي الحديث : «ما من مؤمن يَمرضُ إلاّ حَطّ اللهزهُدبَةُ من خطاياه» أي قطعة منها وطائفة(4) ومنه هُديةُ الثوب. وهُدب الثوب: خَملُه. والهيدَبُ والهُدُبَّ من الرجال: العَييُّ الثقيل،وقيل: الأحمق، وقيل: الهَيدَبُ الضعيف(5)وأَمَةُ هَيدابةُ: سَوداء. ومنه اسم أبي هَيدابَة الشاعر، ورجل هَيدبيُّ الکلّام وهَيدَبُه: أي کثيره وجَشبُه. وهي السُرعةُ أيضاً في السّير، من قولهم: فَرَسُ هَدِبُ وهُدّاب: سريع(6).
الهَدج. وقال الأصمعي : الهَدجُ: المشيُ الرُّوَيد، ويکون السريع(1).
في کلّام العليّ (عليّه السلام) وقد رأي الحسن (عليّه السلام) يتسرّع إلي الحرب: «املِکُوا عَنّي هذا الغُلَامَ لايَهُدّني»(2).
الهدّ: من قولهم: هددتُ الحَائِطَ، إذا هدمته. وسمعنا هدّةً مُنکَرةً، أي صوتاً، وفلان يَهُدُّ الأرضَ في مشيه، إذا جاء يَطَأ وطاً شديداً (3).
في حديث عليّ(عليّه السلام)لابن عباس:«تِلکَ شِقشِقة هَدَرت ثُمَّ قرّت»(4).
الشقشقة: شقشق الفحل شقشقة: هدر، والعصفورُ يشقشق في صوته، وإذا قالوا للخطيب ذو شِقشقة فإنّما يُشبّه بالفحل(5).
وهدر البعير هديراً، أي ردّد صوته في حَنجرته (6).
ومنه المثل: کالمُهدّر في العَنّة. هو البعير الکثير التهدار، والعُنّة: الحظيرة. يُضرب للمتوعد من بعيد من غير قدرة(7).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله) : «الهيدرة: العجوز المدبرة» (8).
في حديث عليّ( عليّه السلام : «وَدَعَوتُم بِهَدِيلِ الحَمَام»(9). الهديل:هدلت الحمامة تهدِل هديلاً، وهو صوتها عند نواحها (10). ويقال: إنّ الهديل الذّکَر من الحمام بعينه. وبعير أهدل وناقةهدلاء من جمال هُدل، إذا کان مسترخي المشافر. وتَهدّلَ البنتُ، إذا تثنّي من نَعمةٍ، وهو الهَدال. وقيل: ضربُ من الشجر (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «عَمٍ بمَا في عَقد الهُدنَةِ»(12).
الهُدنَة والهُدُون والمَهدنةُ: الدّعة والسکون. وهَدَن يهدنُ هُدوناً: سکن،
ص: 875
وهادنه مهادنةً. صالحه، الاسم منهما الهُدنة (1) ومنه قوله : « عُمياناً في غيب الهُدنة»، أي لا يعرفون ما في الفتنة من الشرَّ، ولا ما في السکون من الخير. وفي حديث سلمان لغة : «مَلغاة أوِّل الليل مهدنة لآخره».
معناه إذا سهر أوّل الليل ولغا في الحديث لم يستيقظ في آخره للتهجّد والصلاة، أي نومه
في آخر الليل بسبب سَهره في أوّله. والملغاة والمهدنة: مفعلة، من اللغو والهدون، أي مَظِنّة لهما (2) وفي الحديث : أنّ النبي (صلي الله عليّه وآله) ذکر الفِتن فقال: «يکون بعدها هُدنَةُ عليّ دَخَنٍ وجماعةُ علي أقذاء» . يقال للصلح بعد القتال والموادعة بين المسلمين والکفّار وبين کلّ متحاربين: هدنة ، وربّما جُعِلت للهدنة مدّة معلومة ، فإذا انقضت المدّة عادوا إلي القتال .والمعني سکون علي غلّ(3). أي علي فساد واختلاف، تشبيهاً بدُخان الحَطَب الرَّطب لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر. وجاء تفسيره في الحديث : أنّه لا ترجع قلوب قومٍ عليّ ما کانت عليّه، أي لايصفو بعضها البعضٍ ولا يَنصَعُ حبّها کالکُدُورةِ التي في لون الدّابّة (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التزهيد من الدنيا: «أَلَا فَاذکُروا هَاذِمَ اللّذّاتِ ، ومُنَغَّص الشَّهَوَاتِ، وَقَاطِعَ الأُمنِيَاتِ، عِندَ المُسَاوَرَةِ للأعمَالِ القَبِيحَةِ» (5).
الهذم: القطع، و الهذم: الأکلّ، کلّ ذلک في سرعةٍ، وهَذَمَ يَهذِمُ هَذماً ، وهي سرعة الأکل والقطع. وسکّين هذوم: تهَذِمُ اللحمَ، أي تُسرع قطعه فتأکلّه(6) وسيفُ مِهذَمُ وهُذام: قاطع حديد(7) وهذَّ الشيء يهذّه هذّاً، إذاقطعه قطعاً سريعاً. ومنه هذَّ القرآن يهُذُّه ، إذا أسرع قراءته (8)وحديث عليّ (عليّه السلام) في قراءة القرآن: «بيّنه تبييناً، ولاتَهذُّه هذَّ الشعر، ولاتنثره نثر الرمل» (9)من هذا المعني، أي الترسّل والتأنّي في القراءة. وأکثر نسخ النهج «هادم» بالدال المهملة، وفي شرح عبده «هازم» بالزاي بدل الدال، وفي کلّ الوجوه يکنّي به عن الموت، فهو هاذم وهادم لآمال
ص: 876
الإنسان، وجوّ النصَّ يرشّح معني القطع أکثر من الهدم.
في حديث فاطمة (عليّها السلام ): «وهَدَأت دَعوةُ الهَرج»(1).
الهزج: يقال: هذا زمن الهرج، أي الفتنة. وهرّج في حديثه خلّط(2). وهرّجتُ السَّبُع: صِحتُ به (3). وهَرَج القومُ في الحديث يَهرِجون، إذا أکثروا فيه (4).
في وصيّة عليّ( عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) عن الدنيا وأهلها: «فإنّما أهلُها کِلابُ عَاوِيَةُ، وسِباع ضَارية، يَهِرُّ بَعضُها عَلي بَعضٍ»(5).
الهرير : هرير الکلب: صوته دون النباح من قلّة صبره علي البرد، يقال: هرَّ الکلبُ يَهِرُّ
هريراً فهو هارُّ وهرّار، إذا نبح وکشر أنّيابه.
وهرَّ الشَّبرق والبُهمَي والشوک هرّاً اشتدَّ يُبسه و تنَفّش فصار کأظفار الهرَّ و أنّيابه(6).
في حديث علي (عليّه السلام): «الهَمُّ نِصفُ الهَرَمِ» (7).
الهَرمُ: بلوغ الغاية في السنَّ ، هَرِمَ يَهرَم هَرَماً(8) وکتابه (عليّه السلام) لمن يستعمله علي الصدقات : «ولا تأخُذنَّ عَوداً ولا هَرِمةً» (9).
من هذا المعني، والهَرم، بسکون الراء: ضرب من الهدم. من الحمض، و جمل هارم من إبل هوارم، إذا أکلّت الهَرم (10) وابن هِرمَة: آخر وَلَدِ الرجل(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «إيّاکُم وتَهزِيعَ الأَخلَاق وتَصرِيفَها»(1).
التهزيع: التفريق ، يقال: هزعه يهزَعه هزعاً وهزّعه تهزيعاً کسّره فانهزع ، أي انکسر واندقّ ، والمِهزَع: المِدَقّ. والتهزّع: شِبه العُبوس والتنکّر. يقال: تهزّع فلان لفلان. واشتقاقه من هزيع الليل، وتلک ساعة وحشيّة (2). ومضي هريعُ من الليل: أي طائفة منه، ثلثه أو ربعه(3). والهَزَعُ والتّهزُّع: الاضطراب. وتهزّع الرمُح : اضطرب واهتزّ، وهَزَع الظبيّ يهَزعُ هَزعاً : عدا عدواً شديداً . ومرّ فلان يّهزَعُ ويقرع، أي يعرُجُ. والأهزعُ من السهام: الذي يبقي في الکنانة وحده، وهو أردؤها. ويقال له: سهم هِزاع (4).
ومراده (عليّه السلام) من تهزيع الأخلاق وتصريفها:تغييرها عن محاسنها إلي مساوئها (5).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي عثمان بن حنيف: «لأرُوضنَّ نَفسي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَها إلي القُرص إذا قَدَرتُ عَلَيهِ مَطعُوماً »(6).
الهشاشة: يقال : هشَّ يهِشُّ هَشّاً وهشاشة ، إذا استبشر. ورجل هش، إذا کان بهلولا ضحاکة. وهش عليّ غنمه يهش هاي إذا نقض لها ورق الشجر لتأکله. وخُبزَةُ هَشَّةُ
إذا کانت رِخوة المَکسِر (7). وناقة هشوش: ليّنة غزيرة اللبن. وفرس هشوش: ضّدّ الصَّلُود. والصَّلود الذي لا يکاد يَعرَقُ(8).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن السحاب: «تَمرِيهِ الجَنُوبُ دِرَرَ أهَاضِيبِه ودُفَعَ شَآبِيبِه »(9).
الهَضبة: المطرةُ الدائمة، العظيمة القَطر، وقيل: الدُّفعةُ منه، والجمع هِضَب.والأهاضيب واحدها هِضاب، وواحد الهِضاب هَضب ، وهي جَلبات القطر ، بعد القطر، وتقول : أصابتهم أُهضوبة من المطر، والجمع الأهاضيب. وهضبتهم السماءُ، أي :مطرتهُم. وفي حديث لقيط بن عامر: فأرسل السماءَ بهضب. أي مطر ، ويُجمع عليّ أهضاب ثمّ أهاضيب کقولٍ وأقوال وأقاويل. وهَضَب فلانُ في الحديث، إذا اندفع فيه،
ص: 878
فأکثر ، قال الشاعر:
لا أُکثر القولَ فيما يَهضِبون به ***من الکلّام، قليلُ منه يکفيني(1)
والهَضبةُ: کلُّ جبلٍ خُلِق من صخرةٍ واحدة، والجميع الهضاب (2) ومنه وصيّة عليّ (عليّه السلام) وصّي بها جيشاً بعثه إلي العدو: «وَاجعَلُوا لَکُم رُقباءَ في صَيَاصِي الجِبَال، وَمَنَاکِبِ الهِضَاب»(3) والهِضَبّ: الشديد الصُّلُب والهِضَبُّ من الخيل: الکثير العَرَق.
وغنم هَضيبُ: قليلةُ اللَّبن (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في تخويف أهل النهروان: «فَأنا نَذيرُ لَکُم أنّ تُصبِحُوا صَرعَي بِأَثتَاءِ هذا النَّهَر، وبأهضَام هذا الغَائِط »(5).
الهضم والهِضم، بالکسر: المطمئنُّ من الأرض، والجمع أهضام وهُضوم. وقيل: هي أسافل الأودية. وقال ابن شميل: مسقط الجبل، وهو ما هضم عليّه، أي دنا من السهل من أصله. وما هضم عليّه، أي ما دنا منه. ويقال: هضم فلان عليّ فلان. أي هبط عليه (6).
وفي الخبر : «أنّ امرأة رأت سَعداً متجرّداً وهو أمير الکوفة، فقالت : إنّ أميرکم هذا
الأهضم الکَشحين». أي مُنضَهُّما. الهَضم بالتحريک: انضمام الجنبين. ورجل أهضم وامرأة هضماءُ. والهضم: التواضع. ومنه خبرالحسن: «المؤمن يهضم نفسه» أي يضع من
قدره تواضعاً (7) وفُسّر قوله تعالي: ﴿ ونَخلٍ طَلعُها هَضيم﴾ (8) بأنّه اللطيف الدقيق، مأخوذ من النساء اللطيفة الکشحين. وقيل: بأنّه فعيل بمعني فاعل أي هنيء مريء من انهضام الطعام (9).وأصل الهضم من هضم الدواء الطعام، إذا نهکه (10) وهضمتُ لک من حقّي طائفة : ترکته. والمتهضَّم : الظالم(11).
وحديث فاطمة (عليّها السلام) : « أأُهضَمُ تُراث أبي؟»(12) من ذلک.
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف البعث والنشور: «سِرَاعاً إلي أمرِه مُهطِعينَ إلي
ص: 879
مَعَادِه» (1).
مهطعين: مُسرِعين في العَدو، وأهطع البعيرُ في سيره و استهطع، إذا أسرع. والمُهطِع:
الذي ينظر في ذلًّ وخشوع، والمقنع : الذي يرفع رأسه ينظر في ذلًّ. يقال: هَطَع يهطَعُ
هطوعاً وأهطَعَ: أقبل عليّ الشيء ببصره فلم يرفعه عنه(2). ومنه قوله تعالي: ﴿ومُقطِعينَ إلي الدّاعِ﴾ (3)وقد استعار (عليّه السلام) منها في سماع الموعظة والنصيحة والاعتبار بقوله : «فأَهطِعُوا بأَسمَاعِکُم»(4). أي صوّبوا بأعناقکم منقادين للواعظ.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وماتَسقطُ من وَرَقَةٍ تُزيلُهَا عن مَسقَطِها عَواصِفُ الأَنواءِ،
وانهِطَالُ السَّمَاءِ»(5).
الهطل: يقال: هَطَلَ الماءُ يهطِل هَطلاً، وکذلک السحاب إذا سال(6) ومراده (عليّه السلام) بالسماء هو المطر. وباعتبار البرکة والخصب في هطول المطر أستعار منه (عليّه السلام) للرحمة والفيض الإلهي للمتّقي والطائع بقوله: « وهَطَلَت عَلَيه الکَرَامَةُ بَعدَ قُحُوطِهَا، وتَحَدَّبَت عليه الرَّحمةُ بَعدَ نُفُورِها» (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام ): «لو أَحبَّني جَبَلُ لَتَهافَتَ»(8).
الهفت: تساقط الشيء قِطعة بعد قطعة کما يهفت الثلج والرذاذ. وتهافت الفراش في النار: تساقط. وتهافت القومُ تهافتاً، إذاتساقطوا مَوتاً(9) وفيه: «يتهافتون في النار». أي يتساقطون، وأکثر ما يُستعمل التهافت في الشرَّ(10) ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام )في خلق الأرض: «وحَصَّنَها مِنَ الأَوَدِوالاعوِجَاج، ومَنَعَها من التَّهَافُتِ والانفِرَاجِ» (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن وصف الملائکة وعبادتهم للله: «فَهِيَ کَرَايَاتٍ بِيضٍ قَد نَفَذَت في مَخَارِقِ الهَوَاءِ، وتَحتَها رِيحُ هَفَّافَةُ»(12).
ص: 880
هفيف الريح: يقال: هفّت الريحُ تَهِفُّ هَفّاً و هَفيفاً، إذا سمعتَ صوت هبوبها(1) وريح هفّافة: سريعة المرَّ، ولها هَفهَةُ وهفاهف (2).
وسحابةُ هِفَّةُ وهِفُّ: لا ماء فيها (3). ورجلُ هِفُّ: خفيف، وامرأة مُهَفهَفَةُ: ضامرةُ (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن محذّراً من الدنيا والاطمئنان لها: «عَاشَ في هَفوَتهِ يَسِيراً»(5) .
الهفوة: السقطة والزلّة، وقد هفا يهفو هَفواً وهَفوةً. وهذا الطائرُ ، إذا طار ، والرّيح إذا هبّت. والهفون الذهاب في الهواء، والهفو: الجوع. و رجل هافٍ: جائع، و فلان جائع يهفو فؤاده، أي يخفق (6).
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن مال الإنسان إلي الموت: «وتَوَارَثنا الوَحشة، وتهکَّمَت عَلَينا الرُّبوعُ الصُّمُوتُ» (7).
التهکّم: التهدّم، يقال: تهکّمت البئرُ: تهدّمت(8) وتهکّم عليه، إذا اشتدَّ غضبه. والمستَهکَم: المتکبّرُ، وهو أيضاً الذي يتهدّم عليک من الغيظ والحُمق (9) وانهدام الربوع الصُّموت : هي المقابر والمحال الصامتة الخالية(10). واستعار( عليّه السلام) الصمت للمقابر لکونها لاحياة فيها ولا أصوات.
في وصيّة عليّ( عليّه السلام) کان يکتبها لمن يستعمله علي الصدقات: «ولا تأخُذَنَّ عَوداً، ولا هَرِمِةً، ولا مَکسورَةً، ولا مَهلُوسَةً، ولا ذاتَ عَوَارٍ»(11).
الهلس: يقال: رجل به هَلس وهُلاس ، وهو السَّلّ بعينه، وهُلِس الرجلُ هُلاساً فهو مهلوس (12). وهَلَسه المرضُ: أذابه. وهَلَس الشيخُ هَلساً يبس من الکِبرَ. وهُلِس عقله: سُلِبَه. وأهلسَ الضحکَ: أخفاه ، وإلي الإنسان: أسرَّ إليه حديثاً (13).
ص: 881
ومن المجاز کتاب عليّ(عليّه السلام) لمعاوية:«وأُقسِمُ باللهِ إنِه لَؤلا بَعضُ الاستِبقَاءِ لَوَصَلَت إليک مِنّي قَوارع تَقرَعُ العَظمَ، وتَهلِسُ اللّحمَ»(1).
قال أمير المؤمنين( عليّه السلام) : «ما من مهلًّ يهلُّ في التلبية إلّا أهلَّ من عن يمينه من شيء إلي مقطع التراب، ومن عن يساره إلي مقطع التراب. وقال له الملکان: أبشر يا عبداللهُ ومايبشّر الله عبداً إلّا بالجنّة»(2).
الإهلال: يقال : أهل المُحرِمُ: رفع صوته بالتلبية عند الإحرام، وکلّ مَن رفع صوته فقد
أهلّ إهلالاً. وأهل الرجلُ: رفع صوته بذکرالله تعالي عند نعمةٍ أو رؤيةِ شيء يعجبه (3).
ومن هذا جاء حديثه (عليّه السلام) عن حجّاج بيت الله: « ذُللاً يُهَلّلُونِ للهِ حَؤلَه»(4)وأصل الاهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال، ثمّ استعمل لکلَّ صوت، و به شبّه إهلال الصبيّ وقيل : الإهلال والتهلل أنّ يقول: لا إله إلّا الله، ومن هذه الجملة رکّبت هذه اللفظة کقولهم: التبسمل والبسملة والتحولق والحوقلة (5). ومنه حديث الصادق (عليّه السلام) في المرأة التي استعدت علي أعرابي قد أفزعها فألقت جنيناً، فقال الأعرابي: لم يُهل ولم يصح ومثله يُطلّ(6). ومن هذا يفسّر الخبر « المروي عن سُحَيم، لما نافر غالباً ونحروا الإبل، بأنّ عليا نادي: «لا تأکلوا من لحومها وإنّما أُهلّ بها لغير الله»(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) :«الناسُ ثلاثة: فَعالم رَبَّاني، ومُتَعلّمُ عليّ سَبيل نَجاةٍ، وهَمَجُ رَعَاع أتباعُ کُلَّ ناعق »(8). الهَمَج: جمع هَمَجة، وهي ذباب صغير کالبعوض يسقط عليّ وجوه الغنم والحُمُرُ والإبل وأعينها. وقال الليث: الهمج : کلّ دود ينفقي ءُ عن ذُباب أو بعوض، ويقال لرُذالة الناس: همج. قال ابن خالويه: الهَمَجَ الجوع و به سُمّي البعُوض، لأنّه إذا جاع عاش، وإذاشبع مات. وقيل : الهمج: الأخلاط، وقيل: هم الهَمَلُ الذين لا نظام لهم، وکلّ شيء تُرِک
ص: 882
بعضه يموج في بعض، فهو هامج، وقالوا: هَمَجُ هامِج(1)وکذا فسر محمد بن عليّ (عليّه السلام ) حديثه حين سُئِل عن معني سائر الناس همج أوهبج. قال: «الهمج: الذباب. والهيج البقّ»(2). ومنه الهبَّيج: الذي لا خير فيه (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن السحاب: «أَخرَجَ به مِن هَوامدِ الأرضِ النَّباتَ»(4).
الهامدة: الأرضُ المُستنّة، وهمودها: أن لا يکون فيها حياة ولا نَبت ولا عود، ولم يصبها مطر. والهامد من الشجر: اليابس.وهَمَد الثوبُ يَهمُدُ هُمود اًو هَمداً: تقطّع وبَلي. وَرماد هامد: قد تغيّر وتلبَّد. والهَمدةُ السکتةُ (5). وباعتبار السکون والهدوء وصف عليّ (عليّه السلام) دحو الأرض عليّ الماء بقوله: «وکَعَمَتهُ عَلَي کِظّة جَويَتِه، فَهَمَدَ بَعدَ نَزَقَاتِه»(6). ومنه قوله تعالي:﴿ وتَرَي الأرضَ هَامِدَةً فَإذا أنَزَلنا عَلَيها الماءَ اهتَزَّت وَرَبَت﴾(7) ومن هذا المعني يُفسّر حديث صحيفة السجّاد( عليّه السلام )في الزهد في الدنيا والتحذير منها: «المقبلون عليها وعليّ حطامها الهامد وهشيمها البائد» (8)وهَمدان: قبيلة من اليمن (9).وفيها قال عليّ (عليّه السلام) کما نُسب إلي شعر السيِّد الحميري:
ياحارِ همدان مَن يَمُت يَرَني*** من مؤمن أو منافق قُبلا
يعرفني طرفه وأعرفه*** بنعته واسمه وماعملا(10).
غميزة ولا غميز ولا مَغمَز، أي: مافيه مايُغمزُ فيُعاب به ولا مطعن (1). قال ابن الأثير : وبعضهم فسّر الغمز في بعض الأحاديث بالاشارة کالرَّمز بالعين أو الحاجب أو اليد(2).
وفسّر قوله تعالي: ﴿وإذا مَرُّوا بِهِم يَتَغَامَزُونَ﴾ (3) بأن يغمز بعضهم بعضاً،
ويشيرون بأعينهم(4) وقيل: نزلت في عليّ بن أبي طالب(عليّه السلام) وذلک أنّه کان في نفرٍ من المسلمين جاءوا إلي النبي (صلي الله عليّه وآله) فسخر منه المنافقون وضحکوا وتغامزوا ثمّ رجعوا إلي أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع فضحکنا منه، فنزلت الآية(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علم الله و إحاطته بالأمور: «وهَمسِ الأَقدَامِ»(6).
همس الأقدام: أخفي ما يکون من صوت الوطء، ومنه سُمّي الأسد هموساً لأنّه يهمِس هِمساً، أي يمشي مشياً بُخفيَة فلا يُسمَع صوت وطئه (7).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) للاستسقاء: «ووَحشِکَ المُهمَلَة»(8).
الهُمَلَة: ضوالُّ الإبل، واحدها هامل. قال ابن الأعرابي: إيل هَملي : مُهمَلة، وإبل هوامل: مسيّبة راعي لها، وأمر مهمل متروک، قال الشاعر:
إنّا وجدنا طَردَ الهواملِ*** خيراً من التأنسان والمسائل
وأهملت الشيء: خلّيت بينه وبين نفسه. والمهمل من الکلّام: خلاف المستعمل(9) ومنه خبر سُراقة: أتيته (صلي الله عليّه وآله )يوم حُنين فسألته عن الهَمَل (10) وفي حديث الحوض : «فلا يَخلُصُ منهم إلّا مثل هَمَل النَّعَم» . أي: إنّ الناجي منهم قليل في قلّة النَّعَم الضّالّة(11).
والهماميلُ: البقايا من الکلّأِ. والضعاف من المطر ، وليس له واحد (12). وإلي البهيمة الهاملة أشار عليّ(عليّه السلام) في کتابه إلي عثمّان بن حنيف بقوله: «قَرَّت إذاً عَينُهُ إذا اقتَدَي بغد السَّنِينَ المُتَطَاوِلَة بالبَهِيمَةِ الهَامِلَةِ والسَّائِمَةِ
ص: 884
المَرعِيّةِ» (1)معرّضاً بالولاة الذين لايهتمون برعيتم
في حديث عليّ(عليّه السلام) في خلق الله العالم: «ولا هَمَامَةِ نَفسٍ اضطَرَبَ فِيها»(2).
الهَمامة: الهوي، وهمَّ بالشيء يهمُّ هَمّاً نواه وأراده و عزم عليه (3)ويقال: الهِمَّةُ ، بفتح الهاء وکسرها، ماهممت به من أمرٍ لتفعله، والمهمّات من الأمور: الشَّداد ، والهُمام: الملک، لعظم هِمّته. والهمّام: النمّام ، لأنّه يهِمُّ بالنميمة ، أي يدبّ (4). والفرق بين الهمَّ بالشيء والقصد إليه أنّه قد يهُمّ بالشيء قبل أنّ يريده ويقصده ؛ بأنّه محدّث نفسه به وهو مع ذلک مقبل عليّ فعله. وفي صفاته تعالي :«لايُدر که بُعد الهمم»(5) أي : الهمم البعيدة، وبعدها: تعلّقها بِعَليّات الأمور دون محقراتها، أي: لاتدرک النفوس ذوات الهمم البعيدة وإنّ اتسعت في الطلب، کنه حقيقته(6) ومن معني ما تقدّم جاء حديثه (عليه السلام) عنه جلّ وعلا: «مُتَکَلمُ لا بِرَوِيّةٍ، مُرِيدُ لا بِهِمَّةٍ، صَانِعُ لا بِجَارِحَةٍ، لَطيفُ لايُوصَفُ بالخَفاء، کَبير لايُوصَف بالجَفَاء» (7) وقد جاء حديثه عليّه السلام مناراً للعارفين، وضياءً للسالکين بقوله: «عَرفتُ الله سبُحَانه بِفَسخ العَزائِم ، وحَل العُقُودِ، ونَقضِ الهِمَمِ»(8) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) عن علمه تعالي: «و هَمُاهِم کُلّ نَفسٍ هَامّةٍ»(9).
تعالي الهَمهَمةُ: الکلّام الخفيّ، وقيل: الهَمهَمةُ تَرَدُّد الزئير في الصدر من الهمَّ والحزن، وقيل:ترديد الصوت في الصدر، وقيل: هو صوت معه بحح. وهمهم الرعدُ إذا سمعت له دويّاً ، والهماهم: من أصوات الرَّعد نحو الزَّمازِم.وأصل الهَمهَمة صوت البقرة. وقصب هُمهوم: مُصوَّت عند تهزيز الرَّيح. والهميمة: المطرُالضعيف، وقيل : الهميمة من المطر الشيء الهيَّن، والهميمة من اللبن: ماحُقِن في السَّقاء الجديد ثمّ شرِب ولم يُمخض. والهَموم: البئرُ الکثيرةُ الماء. وسحابة هموم : صبوب للمطر. و تهمّم رأسه: فلّاه. وهمّمت المرأة في رأس الصبي، وذلک إذا نوّمته بصوت تُرَقَّقُه له(10)
ص: 885
وهامّة: من قولهم: همَّ بالشيء يهُمُّ هماً، إذا عزم عليّه أو حدّث به نفسه. وهمّه الحزنُ
والمرض، إذا أذابه، وهو من قولهم: هَمَمتُ الشحمةَ في النار، إذا أذَبتَها ، فماخرج منها فهو الهاموم. ويقال لما ذاب من البرَد: الهُمَام. ومن ذلک قولهم للشيخ: هِمُّ ، کأنّهم أرادوا تحوله من الکبر. وأهمّني الشيء يُهِمُّني ، إذا أحزنني ، فأنا مُهَمُّ، بفتح الهاء، والشيء مُهِمُّ ،بکسر الهاء. قال ابن دريد: فأمّا الهِمّة التي يجيلها الإنسان في خِلَده، وهو اتساع هَمَّه وبُعد موقعه فمن هذا اشتقاقها(1). وأهمّني کذا، أي حملني عليّ أنّ أهمَّ به (2) والهامة: أعلي الرأس (3) ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «لو أَشرَعَت الأسِنّة إليهم، وصُبّت السُّيوفُ عَلي هَامَاتِهم»(4) والهوام: حشرات الأرض، سُمّيت لهميها، أي دبيبها(5). وفيها جاء حديثه (عليّه السلام) : «عَالِمُ السَّرّ مِن ضَمَائِر المُضمِرينَ.. ومَصَائِفُ الذّرَّ ، وَمَشَايِي الهَوَامَّ»(6) وقوله (عليّه السلام) في الشکوي:
«جرّعتموني نُغَب التهمام(7). أراد بها الهمّ والغمّ المضاعف(8)وقوله في وصف الملائکة: «وَلَا اقتسمتهم أخياف الهمم» (9) من إضافة الصفة إلي الموصوف. أي: أخذتهم الهمم. وروي الهم (10).
في کتاب عليّ (عليه السلام) إلي أهل مصر: «أمّابَعد، فَإنَّ اللهَ سُبحَانَه بَعثَ مُحمَّداً(صلي الله عليّه وآله) نَذيراً لِلعَالَمِينَ، ومُهَيمناً علي المُرسَلِينَ»(11).
المهيمن: الشّهيدُ والرقيب (12) وهو کقوله تعالي: ﴿ومُهَيمناً عَلَيه﴾ (13) و معني ثانٍ له أنّه اسم مبنيُ من الأمين ، والأمين اسم من أسماء الله، ثمّ بُني کما بُني المبيطر من البيطَرِ والبيطار. وکأنّ الأصل فيه مؤيمن فَقلبت الهمزة هاء کما قُلبت همزة أرقت وأيهات، فقيل: هرقت وهيهات (14).
وکان (صلي الله عليّه وآله )شاهداًعلي کلَّ نبيًّ کان قبله بالإرسال لأنّه علم
ص: 886
ذلک بالدلالة (1) وفي حديث عکرمة: «کان عليّ (عليه السلام) أعلم بالمُهَيمنات» أي: القضايا، من الهيمنة، وهي القيام عليّ الشيء، جعل الفعل لها وهو لأربابها القوّامين بالأمور (2) وقال الزمخشري : المهيمنات: القضاء. وقيل: إنّما هي من المُهَيَّمات، وهي المسائل الدقيقة التي تُهَيّم ، أي تُحيّر(3). وجاء في الخبر : قال يعقوب بن سالم : قلت لأبي عبدالله (عليّه السلام) :«تکون مَعي الدَّراهِمُ فيها تَماثيلُ وأنا مُحرِم فأًجعَلُها في هِمياني وأشُدُّه في وسطي؟ قال: لا بأس» (4) الهِميَان: کيس يُجعل فيه النفقة ويُشدُّ علي الوسط، وجمعه همايين، ووزنه فعيال، وعکس بعضهم فجعل الياء أصلاً والنون زائدة فوزنه فِعلان (5).
في دعاء عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء: «اللّهُمّ سُقياً مِنکَ مُحيِيَةً مُروِيَةً، تَامّةً عَامّةً، طَيّبَةً مُبَارَکَةً، هَنِيئَةً مَرِيعَةً»(6).
الهَنء:العطيّة الهِنءُ،بالکسر وهو العطاء. وهنأتُ القومَ، إذا علتهم وکفيتهم وأعطيتهم. وهنئتُ الطعام ، أي تَهنّأتُ به، وأکلّنا من هذا الطعام حتّي هنئنا منه، أي :شبعنا ، وکلّ ما أتالي بلا مشقّة فهو هنيء ومَهنا (7) ومنه قوله تعالي:﴿فَکلُوه هَنيئاً مريئاً﴾(8) وقول فاطمة (علیهالسلام) : «ليتني متَّ قبل هنيئتي»(9) أرادت ما أعطاها الله من فدک و مانحلها رسوله( صلي الله عليّه وآله). والهِناء: ضربُ من القطران ، يقال: هنأتُ الإبل فهي مهنوءة (10) قال ابن فارس: ممکنَ أنّ يُسمّي بذلک لما فيه من الشَّفاء (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الناس يوم البعث والنشور: «و خَشَعت الأَصوَاتُ
مُهَينِمَةً »(12) الهينمة: الکلّام الخفي لايُفهم ، وهو شِبه قراءة غير بيّنة، والياء زائدة، قال رؤبة:
لم يسمع الرَّکبُ بها رَجع الکَلِم*** إلّا وساويس هَيانيم الهَنَم
والهَينَم والهَينمَة والهَينام والهَينوم والهينمان، کله: الکلام الخفي، وقيل : الصوت
ص: 887
الخفي، وقد هينم. والمهينم: النَّمَّام(1) وقد جاءت صلاة الملائکة عليّ النبيّ (صلي الله عليّه وآله) عند رحيله (صلي الله عليّه وآله) عليّ وجه الحقيقة في قوله (عليّه السلام): «ومَا فَارَقَت سَمِعي هَينمَةُ مِنهُم»(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أمّا الظُّلم الذي يُغفَرُ فَظُلمُ العَبدِ نَفسَهُ عِندَ بَعضِ الهَنَاتِ» (3).
الهنات: يقال : في فلان هناةُ ، أي خلال من الشرَّ(4) والهنة کناية عن الصغيرة من الزلّات (5) وتقول العرب: هذا هنوک. وهنُ کلّمة يُکنّي بها عن اسم الانسان، تقول: أتاني هنّ، والأنُّثي هَنَه، إذا وقفت عندها، فإذا وصلت قلت: هذه هَنَةُ مُقبلة(6) وهنُ کنايةُ عن الفرج وغيره ممّا يُستقبح ذکره(7). وقوله (عليّه السلام) في خطبته الشقشقية: «ومال الآخر الصِهره، مع هَنٍ، وهن»(8)يريد أنّ ميله لم يکن لمجرّد المصاهرة، بل لأسباب أُخري کنفاسة عليه، أو حسد له فکني بهن وهن عنها(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ومَابَينَ اللهِ وبَينَ أَحَدٍ مِن خَلقه هَوَادَةُ في إبَاحَة حِميً حَرَّمَةُ عَلَي العَالَمِين»(10).
الهوادة: السکون والرُّخصة والمحاباة. والهوادة: الحرمة والسبب، والصلح والميل. والمها ودة : الموادعَة ، والتهويد: الإبطاء في السير واللين والترفّق. والتهويد: النوم. وهوّده الشرابُ، إذا فتّره فأنا مه. وهوّد الرجلُ، إذا سکن، ويقال: هوّد إذا غنّي . والهَود: التوبة، هاد يهودُ هوداً و تَهَوَّد: تاب ورجع إلي الحق، فهو هاند. و قومُ هود، مثل حائک وحوک.
وبازل وبُزل . وسُمّيت اليهود اشتقاقاً من هادوا، أي تابوا، وأرادوا باليهود اليهوديين ولکنهم حذفوا ياء الإضافة کما قالوا: زِنجي و زنج(11) وکان اسمُ اليهود لليهود اسم مَدحٍ، ثمّ صار بعد نسخ شريعتهم لازماً لهم، وإنّ لم يکن فيه معني المدح. کما أنّ النصاري في الأصل من قوله:﴿مَن أنّصَاري إلي اللهِ ﴾ (12) ثمّ صار لازماً لهم بعد نسخ
ص: 888
شريعتهم. ويقال: هاد فلان: إذا تحرّي طريقة اليهود في الدين، قال الله عزّ وجلّ:﴿ وإنَّ
الذين آمَنُوا والّذينَ هَادُوا﴾ (1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عبر عن حال الإنسان في الدنيا: «فَانَّ النَّازِلَ بِهذا المَنزِلِ نَازِلُ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ، يَنقُلُ الرَّدَي عَلَي ظَهرِهِ مِن مَوضِع إلي مَوضِعٍ»(2).
الهور: تقول : هُرت البناء أهوره هَوراً وهوّرته تهويراً ، إذا هدمته، ومنه قولهم: تهوّر الليلُ، إذا أدبر(3).کأنّه تهدّم ومرَّ (4). البناء، إذا سقط، نحو النهار، ورجل هارٍ وهائر: ضعيف في أمره تشبيهاً بالبئر الهائر (5).
في الحديث: «مَن جَمعَ مالاً من نهاوش أذهبه الله في نهابر»(6).
قال أبو عبد الله (عليّه السلام) : «إنّ المؤمن ليُهوّل عليه في نومه فيُغفر له ذنوبه، وإنّه ليُمتهن في بدنه فيغفر له ذنوبه»(7)
الهول: ليهوّل عليه: من الهول ، وهي المخافة من الأمر لا يدري علي ما يهجم منه، والبحر، وهالني هذا الأمر وهو يهولني، وأمر هائل(8)وهالني الشيء هولاً من باب قال: أفزعني فهو هائل، ولا يقال مهول إلاّ في المفعول. وموضع مهيل بفتح الميم و مهال أيضاً، أي مخوف ذو هول(9). وباعتبار العظمة والقدرة قال عليّ (عليّه السلام) عن عظيم قدرته تعالي: «سُبحَائنَک مَا أَعظَمَ مَا نَري مِن خَلقِکَ!... وماأَهوَلَ مانَري مِن مَلَکُوتِکَ ! (10).
في کتاب عليّ (عليّه السلام )إلي أبي موسي الأشعري: «ومَاهِيَ بالهُوَينَي الّتي تَرجو، لکنّها الدَّاهِيَةُ الکُبرَي»(11)الهويني: التُؤَدة والرّفق والسکينة
ص: 889
والوقار. يقال: أخذ أمره بالهوني ، تأنيث الأهون، وأخذ فيه بالهُوينا. وفرّق بعضهم بين
الهيّن والهين فقال: الهيّن من الهوان، والهين من اللين (1). وفي حديث عليّ( عليّه السلام): «لَدُنياکُم هذهِ أَهوَ نُ في عَينِي مِن عِرَاق خِنزِيرٍ في يَدٍ مَجذُوم»(2). الهَوان: من قولهم: هان يهون هُونا ، بالضم، وهواناً. ذلَّ وحَقُرَ(3) ورجلُ أهون وهيّن ومَهين. والهون: السکون، وجاء علي هُونه ، أي: علي سکونه، کما قالوا: جاء علي هينته(4). وقد جاء في الکتاب العزيز الهُون بمعني الهوان في قوله تعالي: ﴿ أيُمسِکُهُ عَلَي هُونٍ﴾(5).
في حديث عليّ(عليّه السلام)في وصف الناس في البعث والنشور: «وَهَوتِ الأَفئِدَةُ کَاظِمَةً» (6).
الهواء: يقال: هَوَي صدره يَهوِي هَواءً إذا خلا، قال جرير:
ومُجاشع قَصَبُ هوت أجوافُه*** لويُنفَخُون من الخؤورةِ طاروا
أي هم بمنزلة قصَب جوفه هواء، أي خالٍ لأفؤاد لهم. والهواء: الجبان، لأنّه لاقلب له، فکأنّه فارغ، الواحد والجمع في ذلک سواء . وقلبُ هواء: فارغ، وکذلک الجمع(7). ومنه قوله تعالي: ﴿ وأَفئِدَتُهُم هَوَاءُ﴾(8) أي صفر من الخير خاوية منه(9) وفي حديث عاتکة: فَهُنَّ هَوَاءُ والحلُوم عَوازبُ.
أي خالية بعيدة العقول (10)وکذلک يُطلق الهواء علي الجَوّ. وهوي فلان: إذا مات (11) ومنه وصيّته (عليّه السلام )لابنه محمد بن الحنفية: «کم من دنفٍ قد نَجا، وصحيح قد هَوي»(12). والهوي: هوي النفس ، إذا أضفته إليک قلت: هوايَ. والهوي: العشق. يقال: هَوِيَ يَهوَي هَويَ، أي: أحبّ. ورجل هَوٍ: ذو هوَي مخامِره ، وامرأة هوية(13)ومنه قوله تعالي: ﴿ فلا تَتّبِعُوا الهَوي﴾ (14). وفي حديث هشام بن الحکم: أمّا القلب فإنّما سلطانه علي الهواء
ص: 890
فهو يدرک جميع مافي الهواء ويتوهّمه.(1).
فُسّر الهواء بأنّه الفضاء الخالي عمّا يمنع من نفوذ الغير حتّي الشعاع. ومعني إدراک القلب مافي الهواء: أي البعد الذي يسمّونه حيّزاً فهو يدرک جميع مافي الهوي من المتحيّزات بذواتها أو صورها(2). من جهة الجسمية، والمراد أنّ القلب متمکّن من إدراک الأجسام، ولا يتمکّن من إدراک ما ليس بجسم ولاجسماني، وتمکّنه من إدراک عالم الأجسام علي وجه التخييل والتمثيل(3).ومنه قد يفسّر حديث الصادق (عليّه السلام): «أعوذ بک من الذنوب التي تظلم الهواء» (4). وفسّر حديث عليّ (عليّه السلام) في التوحيد: «ولا أنَّ الأشياءَ تحويه فَتُقِلَّهُ أو تُهويَهَ»(5) بأنّه ليس بذي مکان يحويه فيرتفع بارتفاعه وينخفض بانخفاضه لما أنّ ذلک من لواحق الجسمية(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فاتّقوا البِدَع، والزَمُوا المَهيَع»(7).
المَهيَع: الطريقُ الواسع المنبسط، والميم زائدة. وهاعَ الشيء يَهيع هِياعاً: اتسَعَ وانتشرَ. وأرض هَيعةُ: واسعة مبسوطة. وطريقُ مَهيَعُ: واضحُ بيِن وجمعه مَهايعُ والهيعة: سيلان الشيء المصبوب علي وجه الأرض مثل المَيعة، وقد هاعَ يَهيع هَيعاً.
وهاع الشيءُ يهيع هيعاناً: ذاب، وخصَّ بعضهم به ذوبان الرَّصاص. وهاعت الإبل إلي الماء تهيع ، إذا أرادته ، فهي هائعة. والهيعة:کالحيرة، ورجلُ مُتَهَيّعُ: متحيّرُ. والهائعةُ الصوت الشديد(8).
قال أبو عبيدة: الهيعةُ الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدوَّ، وأصل هذا من الجزع، يقال: هذا رجلُ هاعُ لاعُ وهائعُ ولائعُ، إذا کان جباناً ضعيفاً، وقد ها عَ يهيعُ هُيُوعاً وهيَعاناً (9)ومنه جاء الحديث: «خيرُ الناس رجلُ مُمسِکُ بِعنانِ فرسِه في سبيل الله ، کلما سَمِع هَئعَةً طار إليها» (10).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَتَدَکُّاوا عَليَّ تَداکَّ
ص: 891
الإبِلِ الهِيمِ يَوم وِردِهَا»(1).
الهيم: الإبل العِطاش. وقال قوم: بل الهيم جمع هيماء، وهو داء يصيب الإبل فتشرب
ولا تَروي. قال الشاعر:
بيَ اليأسَ أو داء الهُيام أصابني*** فإيّاک عتي أُصبک بدائيا
وأرض هَيماء ، هي أرض مَضِلَّة، وکذلک يَهماء أيضاً، إلّا أنّ يتيماء أکثر استعمالاً في کلّامهم من الهيماء (2). والهُيام، بالضم: أشدّ العطش. والهيام، بالکسر: الإبل العطاش، الواحد هيمان. ومن العرب من يقول: هائم، والأُنّثي هائمة، ثمّ يجمعونه علي هيم. ورجل مهيوم وأهيم :شديدالعطش، والأنّثي هيماء قال الأصمعي: الهُيام للإبل داء شبيه بالحُمّي تسخُن عليّه جلودُها ، وقيل: إنّها لا تَروي إذا کانت کذلک. والهيام، بالفتح ، من الرمل: ما کان تُراباً دُقاقاً يابساً، وقيل : هو التراب أو الرمل الذي لا يتمالک أنّ يسيل من اليد اللينه(3)ومنه قوله تعالي: ﴿فَشَارِبُون عَليه مِنَ الحَميم * فَشَاربُونَ شُربَ الهِيم﴾(4). وقد قريء بالحرکات الثلاث (5) ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء: «هَامَت دَوَابُّنا، وتَحَيَّرَت في مَرَابِضِها»(6)وقد فسّر الرضي قوله: هَامَت دو ابّنا: أي عطِشت (7). وبداء الهيام سُمّي العاشق الهَيمان، کأنّه جُنَّ من العشق فذهب عليّ وجهه علي غير قصد(8).
ص: 892
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن حال الماضين:« من بناتٍ مَووودَةٍ، وأَصنام مَعبودَةٍ، وأَرحَام مَقطُوعةٍ، وغَارَاتٍ مَشنُونةٍ»(1).
الواد: يقال: وأدَ ابنته وأداً، من باب وعد: دفنها حيّةً فهي موءودة (2) وذلک أنّ رجال الجاهلية کانوا يفعلون ذلک ببناتهم في الجاهلية، وکان أحدهم ربّما ولدت له الابنة فيدفنها وهي حيّة حين تولد، ولهذا کانوا يسمّون القبر صهراً، قال الشاعر:
سمّيتها إذ وُلِدت تَموتُ ***والقبر صِهرُ ضامن زميتُ (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «ونَظَر في کَرَّة المَوئِلِ وعَاقِبَةِ المَصدَرِ، ومَغَبَّةِ المَرجِع»(4).
المَوئل: المنجي، وهو الملجأ . والعرب تقول: إنّه ليوائل إلي موضعه، بريدون يذهب إلي موضعه وحِرزه (5) وايلة الرجل: أصله الذين يؤول إليهم ، وکان أصله إولةُ فقلبت الواو ياءً، وقيل : قرابته وعشيرته. وأيلَة قرية عربيّة کأنّها سُمّيت أيلة لأنّ أهلها يؤولون إليها(6). وقيل : سمّيت بأيلة بنت مدين بن إبراهيم (عليّه السلام) (7).
وباعتبار الفوز والنجاة قال عليّه السلام عن قدرته تعالي: «إنّه لايَضِلُّ من هَدَاهُ ولا يَئِلُ مَن عَادَاهُ» (8) والکرّة: البعث وتجديد الخلق بعد الفناء. والکرّة: المرّة، والجمع
ص: 893
الکرّات، وکرر الشيء وکرکره: أعاده(1)ومن ذلک قوله تعالي: ﴿ ثمّ رددنا لکم الکرّةعليّهم﴾ (2).
ومنه حديثه (عليّهم السلام) : «وإني لصاحب الکرات ودولة الدول» (3). وحديثه الآخر: وإنّ لي الکرّة بعد الکرّة، والرجعة بعد الرجعة، وأنا صاحب الرجعات والکرّات ،وصاحب الصولات والنقمات » (4). وأراد بقوله (عليّه السلام) : نظر، أي تفکّر في رجعته (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللّهم اغفر لي مَا وَأنَتُ من نَفسي، ولم تَجِد لَهُ وفَاءً عِندي»(6).
الوأيُ: الوعد. وقد وَأَي وَأياً: وَعَد. وأصل الرأي الوعد الذي يوثَقهُ الرجلُ علي نفسه ويَعزِم عليّ الوفاء به (7). ومنه حديث وهب : قرأت في الحکمة أنّ الله تعالي يقول: إنّي وأيتُ علي نفسي أنّ أذکر من ذکَرني» عدّاه بعلي ، لأنّه أعطاه معني: جعلتُ علي نفسي. وقيل: الوأيُ: التعريض بالعِدة من غير تصريح»(8)والوَأي: الفرس الصّلب، کذلک الحمار الوحشي، وفرسُ وأَي مثل وَعَي(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمَّ الدنيا: «وَإن جَانِبُ مِنها اعذَؤذَبَ واحلَولَي، أَمَرَّ مِنها جَانِبُ فَأَوبَي» (10).
الوَبَأ: الطاعون، وکلّ مرضٍ عامٍ، وأرضُ وَبِئَة ووبيئة، علي فَعِلَةٍ وفعِيلَةٍ، واستو باها: وجدها وبئة، ووَبُوَت وباءةً : کثُرت أمراضها(11). ومنه الحديث : «السواکُ في الحمام يورث وباء الأسنان» (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن ظلم بني أُميِّة:« وحَتّي لا يَبقَي بَيتُ مَدَرٍ ولا وَبَر إلّا دَ خَلَهُ ظُلمُهُم ونَبَا بِهِ سُوءُرَعيِهِم» (13).
الوَبَر: الوبر للبعير کالصُّوف للغنم، وبعيرُ وَبِرُ ، بالکسر : کثير الوَبَر، وناقة وَبَرَةُ، والجمع
ص: 894
أوبار (1). والوَبر: دويبة أصغر من السِنّور، وقولهم: ما بالدار وابُر، أي مابها أحد. وبناتُ أوبر: ضربُ من الکَمأةِ صغار رديء (2).
وکنّي( عليّه السلام) عن الجمال ومصاحبة العرب لها بقوله : «إخوَانَ دَبَرٍ ووبَرٍ، أذلّ الأممِ دَاراً» (3).
يشير إلي فقرهم وجهلهم قبل بزوغ فجر الإسلام.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الدُّنيا دَارُ مَمرّ لا دَارُ مَقَرًّ، والنَّاش فيها رَجُلان: رَجُلُ بَاعَ فيها نَفسَه فأوبَقَها، ورَجُلُ ابتَاعَ نَفسَه فَأعتَقَها» (4).
الوبق: يقال: وَبِق الرجلِ يَبِقُ وَبقاً ووبوقاً: هلک، وأوبقها: أهلکها. قال الفرّاء: يقال: أوبقت فلاناً ذنوبه، أي أهلکته فوَبِق يَؤبَقُ وبَقاً ومَوبقاً، إذا هلک. وفي الحديث : ولو فعل الموبقات» أي بالذنوب المهلکات . وفي حديث عليّ (عليّه السلام): «فمنهم الغَرِق الوَبقِ» (5). وقوله (عليّه السلام) : «أَوبَقَ ودِينَه لِحُطَامٍ يَنتَهِزُه»(6) أراد نفسه ، لبيعه دينه والتهاون به. وابتاع نفسه: اشتراها، أي خلّصها من مايوبقها. وهو من الأضداد ،يقال: بعتُ الشيء وابتعته إذا بعته وإذا اشتريته(7).
في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «لتجدن - والله -محمله ثقيلاً، وغِبّه وبيلاً» (8)
الوبيل: الوبيل من المرعي: الوخيم ، وَبُل المَرتَع وَبالة ووبالاً ووَبَلاً، وأرض وبيلة :وخيمة المرتع، وجمعها وَبُل. والوبال الفساد، اشتقاقه من الوبيل. قال شمر: معناه . شرِه ومضرّته (9)ومنه حديث الصادق( عليّه السلام) :«کلّ بناء ليس بکفاف، فهو وبال عليّ صاحبه يوم القيامة» (10) باعتبار شدّته وهلاکه لصاحبه، ومن هذا الاعتبار وصف عليّ (عليّه السلام) الکافر بالإسلام بقوله: «يَکُن مَابُهُ إلي الحُزن الطَّويل والعَذَابِ الوَبِيل» (11) والوبال في الأصل: الثَّقَل والمکروه(12)ومن هذا المعني کتب (عليّه السلام) للحسن : «فَلتَکُن مَسألَتُکَ فِيمَا يَبقَي
ص: 895
لَکَ جَمَالُه، ويُنفَي عَنکَ وَبَالُه»(1)والمراد في الحديث العذاب في الآخرة(2). وفي هذا قال عليّ (عليّه السلام) : «وکَفَي بالنّار عِقَاباً ووُبالاً»(3). أي عذاباً . والوبل والوابل: المطر الشديد (4).
ودعاء عليّ (عليّه السلام) للاستسقاء: «سَحّاً وَابِلاً»(5)
هذا المطر أراد.
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «ووتَّدَ بالصُّخُورِ مَيَدانَ أَرضهِ» (6).
الوتدُ: يقال وَتَدَ الوَتِد وُتداً وتِدَدةً، ووتّد: کلّاهما ثبت، ووتدتُه: أثبته. والوَتد والوَدُّ، والأوّل بالکسر والفتح: مارُزّ في الحائط أو الأرض من الخشب، والجمع أوتاد(7) ومنه قوله تعالي:﴿ والجبال أوتادا﴾ (8). أي: لتسکن ولا تتکفأ ولا تميل (9). ووتّد فلان رجلَه في الأرض: إذا ثبّتها (10)ومنه قول عليّ( عليّه السلام) لمحمد بن الحنفية في الحرب: «تِد في الأَرضِ قَدَمَکَ»(11) يقال: وَتَدتُ الوَتِدَ أَتِدُه وَتداً، من باب وعد، أثبتُّه بحائط أو بالأرض، وأؤتَدتُهُ، بالألف لغة(12). واستعار عليّ (عليّه السلام) لفظ الأوتاد لشرائط الذمم بقوله: «اعتَصِمُوا بالذّممِ في أَوتَادِهَا»(13) والذمم هي العهود والعقود والأيمان، و استعار لفظ الأوتاد لشرائطها باعتبار أنّها سبب حفظها کالوتد لما يحفظ به (14) .
في حديث أبي بصير عن الباقر (عليّه السلام) قال : «إنّ رسول الله( صلي الله عليّه وآله) قال: الموتور أهله وماله من ضيّع صلاة العصر». وفسّره الباقر: لايکون له أهل ولا مال في الجنّة(15).
الوتر:النقص، يقال: وترته، إذا نقصته، فکأنّک جَعَلته وِ تراً بعد أنّ کان کثيراً (16).
ومنه جاء قوله تعالي:﴿ واللهُ مَعَکُم ولَن يترکُم أَعمَالَکُم ﴾ (17)وقول عليّ( عليّه السلام) في حثّ اصحابه علي الحرب والجهاد: «والله معکم
ص: 896
ولن يَتِرکُم أعمالکم»(1). اقتباس من هذه الآية، وبمعناها. والموتور: من الوِتر، الجناية التي يجنيها الرجلُ علي غيره، من قتل أو نهب أو سَبي ، فَشبّه من فاتته صلاة العصر بمن قُتل حميمه أو سُلب أهله وماله. ومنه الحديث: «من جلس مجلساً لم يذکر الله فيه کان عليّه تِرَةً» أي نقصاً، والهاء عوض من الواو المحذوفة (2)وباعتبار مصائب الإنسان في الحياة الدنيا في المال والأهل جاء وصف
عليّ (عليّه السلام) للدهر بقوله: «مُؤتِرُ قَوسَهُ» (3)شبّهه بمن أوتر قوسه ليرمي بها(4). وقوله(عليّه السلام) ناقلاً قول عبدالله بن قيس: «فَقَطّعُوا أَوتَارَ کُم»(5) المراد أوتار القِسي، وقوله کناية عن وضع أوزار الحرب والموادعة. والتواتر: هو تتابع الأشياء وبينها فجوات وفترات(6). ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) : «فَبَعثَ فيهم رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إلَيهِم أَنبِياءَه»(7). والمتواتر: الشيء يکون هُنيهَةً، ثمّ يجيء الآخر، فإذا تتابعت فليست متواترةً، إنّما هي متدارکة ومتابعة. وقول عليّ( عليّه السلام) في وصف ريش الطاووس: «فَيسقُطُ تَترَي، وَينبُتُ تِبَاعاً»(8).
من ذلک. والوتيرة: الطريقة ، وهو عليّ (عليّه السلام )وتيرة واحدة، وليس في عمله وتيرة، أي: فَترةُ (9). والوتيرة أيضاً، غُزّة الفرس إذا کانت المستديرة (10)ووترتُ العدد وَتراً، من باب وعد، أفردته، وأوترته بالألف مثله، ووترت الصلاةُ وأوترتُها بالألف جعلتها وِتراً(11) وباعتبار الفرد في الوتر، فسّر الحديث : «إذااستجمرت فأوتر» أي استنج بثلاثة أحجار أو خمسة أو سبعة (12) وفسّر الحديث النبويّ : «قلّدوا الخيل ولا تقلّدوها الأوتار» بالنهي عن طلب أوتار الجاهلية علي الخيل. وقيل: المراد النهي عن تقليد الخيل أوتار القِسيّ(13).
والتيّار: الموج(14). ومنه جاء حديث عليّ (عليّه السلام )
ص: 897
عن خلق العالم: «ثُمَّ أنّشأ- سُبحَانَه - فَتقَ الأجوَاءِ، وشَقَّ الأرجَاء، وسَکَائِکَ الهَوَاء فَأَجرَي فِيها مَاءً مُتلاطِماً تَيّارُهُ»(1).
وقوله (عليّه السلام): «وَاعلَمُوا أَنَّ مَجَازَکُم عَلَي الصَّراطِ ومَزَالِقِ دَحضهِ، وأهَاوِيلِ زَللِه، وتَارَاتِ اَهوَالِه» (2) أراد تکرار ذلک تارة بعد أخري (3).
من کتاب عليّ(عليّه السلام) إلي معاوية: «وَإَنَّ البَغيَ والزُّور يُوتِغَان المَرءَ في دِينِه ودُنيَاهُ» (4).
الوَتَغُ، بالتحريک: الهلاکُ. وتِغَ يَوتَغُ وَتَغاء فسد وهلک وأثِمَ، وأوتغه هو. والمَؤتَغةُ: المهلکةُ. والوَتَغُ: الوجع. تقول: والله، و لأوتِغنَّک ، أي لأوجعنّک. ووَتِغَ في حُجّته و تَغا: أخطأ ، والاسم الوتيغة، وقيل: الوَتغ: قلّة العقل في الکلّام ، يقال : أوتغت القول. ووَتِغت المرأة تَيتَغُ وَتغا، فهي َويتِغةُ: ضَيَّعت نفسها في فرجها ، ووَتِغ الرجلُ کذلک(5).
في حديث عليّ(عليّه السلام) في تعليم الحرب . والمقاتلة: «وعَلَيکُم بهذا السَّوَادِ الأعظَمِ،
والرَّوَاق المُطَنَّب، فَاضرِبُوا ثَبَجَهُ، فَإنّ الشَّيطَانَ کَامِنُ في کِسرِه، وقد قَدَّم لِلوَثبَةِ يَداً، وأخّر للنُّکُوصِ رِجلاً »(6) الوثب: الطفر ،وثَب يَثِب وثباً ووثُوباً. والوثب، بلغة حمير: القعود، يسمّون السرير وثاباً، ويسمّون الملک الذي يلزم السرير ولا يغزو مَؤثبان (7). قالرابن ميثمّ: قوله کناية عن تردد معاوية وانتظاره لأمرهم إنّ جبنوا وثب، وإنّ شجعوا نکص وهرب، أو عن الشيطان علي سبيل أو استعارة الوثبة والنکوص واليد والرجل، ويکون تقديم يده للوثبة کناية عن تزيينه لأصحاب معاوية الحرب والمعصية (8).
العهدُ المحکم(1) وکنّي عليّه السلام عمَّن تبعه بالواثق بالماء لکونه في منجاة من الهلاک بقوله: «مَن
وَثِقَ بِمَاءٍ لم يَظمأ» (2) وباعتبار العهد والقيد قال (عليّه السلام) : «فإذا طَاعَتي قَد سَبَقت بَيعَتي، وإذا المِيثَاقُ في عُنُقِي لِغَيري»(3).
قال ابن ميثمّ: ميثاق رسول الله( صلي الله عليّه وآله) وعهده بعدم المشاقّة، وقيل: مالزمه من بيعة أبي بکر بعد إيقاعها (4)وباعتبار الأحکام والإتقان في رؤية عليّ (عليّه السلام) للأمور قال لأصحابه: «أَمَا والله لَو أنّي حين أمَرتُکُم به حَمَلتُکُم عَلَي المَکرُوه الذي يَجعَلُ اللهُ فيه خَيراً، فإن استَقَمتُم هَديتُکُم ، وإنّ اعوَجَجتُم قَوَّمتُکُم ، وإن أَبيتُم تَدارَکتُکُم ، لَکَاَنَتِ الوُثقَي»(5) أي الفعلة المحکمة(6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «فَبعَث اللهُ مُحَمّداً( صلي الله عليّه وآله) بالحَقَّ لِيُخرِجَ عِبَادَهُ مِن عبَادَة الاوثان الي عِبَادَتِه»(7).
الوَثَن: الصنم الصغير، وقالوا: کلّ صنم وثَن. ومنه قولهم: استوثنت الإبلُ : إذا نشأت
أولادها معها. وقال قومُ : وَثَنَ بالمکان، مثل وتن، إذا أقام به (8).
في الحديث : «أحبسوا مواشيکم وأهليکم من حيث تجب الشمس إلي أنّ تذهب فحمة العشاء»(9).الواجب: تجب الشمس ووجبت: إذا غابت(10) ووجب القلبُ وجيباً، اضطرب ، والحق والبيع جبة ووجوباً: لزما. والشيء وَجباً ووجبةً: سقط (11). والوجبُ: الجبان (12).
ومن هذا قال عليّ (عليّه السلام): « وتَجِبُ القُلُوبُ مِن مُخَافَتِه» (13). والوجوب: الثبوت، والواجب يقال علي وجهين، أحدهما أنّ يُراد به اللازم الوجوب فإنّه لا يصحّ أنّ لا يکون موجوداًکقولنا في الله جلَّ جلاله: واجب وجوده.
ص: 899
والثاني: الواجب بمعني أنّ حقّه أنّ يوجد(1).
ومن هذا المعني يُفسّر الحديث المروي عن زرارة قال: قال أبو جعفر( عليّه السلام) :
«لاتنسوا الموجبتين، أو قال: عليّکم بالموجبتين في دبر کلَّ صلاة». قلتُ: وما الموجبتان؟ قال: تسأل الله الجنّة وتتعوّذ به من النار» (2).
ومنه يقال: أوجب فلان: وجبت له الجنّة والنار (3). وفي الحديث قيل له (صلي الله عليّه وآله): «إنّ صاحباً لنا أوجب ، فقال : مروه فليُعتق رقبة».
أوجب ، يعني أنّه رکب کبيرة أو خطيئة موجبة يستوجب بها النار، يقال في ذلک الرجل: قد أوجب ، وکذلک الحسنة يعملها توجب له الجنّة، فيقال لتلک الحسنة وتلک السيئة: موجبة. ومنه حديثه( صلي الله عليّه وآله )في الدعاء:« اللهم إنّي أسألک موجبات رحمتک»(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لفاطمة (عليّها السلام) : «نَهنهي عن وَجدِک، يا ابنة الصفوة وبقيّة النبوّة»(5).
الوجد: الغضب. يقال : وَجَد عليه يَجُدُ ويَجِدُ وجداً وجِدَةً ومَؤجِدةً ووجداناً (6) وقول علي (عليّه السلام): «إنّ في الفرار موجِدَة الله»(7) من هذا المعني. ويقال: وَجَدتُ في المال وُجداً ، بالضم والکسر لغةُ وجِدَةً أيضاً، وأنا وأجدا للشيء قادر عليه، وهو موجود،مقدور عليه (8) ومنه قوله تعالي:﴿من وُجدِکُم﴾(9). أي تمکنکم وغناکم. وفي حديث النبي( صلي الله عليّه وآله) ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه. الواجد يعني الغنيّ الذي يجد ما يقضي به دينه (10).
ويُعبّر عن التمکّن من الشيء بالوجود، و مايُنسبُ إلي الله تعالي من الوجود فبمعني العلم المجرَّد، إذ کان الله تعالي منزّهاً عن الوصف بالجوارح والآلات (11). وقول عليّ( عليّه السلام): «الحَمدُ لِلِه الدّالَّ عَلي وُجُودِه بِخَلقِهِ»(12).إشارة إلي وجوده تعالي الواجب (13) والوَجد: الحُبّ ، وجدتُ به أَجدُ وجداً (14).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يذمّ أصحابه: «کُلَّمَا
ص: 900
أَطَلّ عَلَيکُم مَنسِرُ مِن مَنَاسِرِ أَهلِ الشَّام أَغلَقَ کُلُّ رَجُلٍ مِنکُم بَابَه، وانجَحَر انجِحَار الضَّبَّةِ في جُحرِهَا، والضَّبُعِ في وِجَارِهَا»(1).
الوَجار: سَرَبُ الثعلب والضَّبُع والليوث وما أشبهها، وربّما استُعير لغيرها(2)وقوله (عليّه السلام) عن الموتي: «أخرجهم من ضرائح القبور .. وأوجرة السباع »(3)أراد من أکلته السباع منهم. والوَجور، بفتح الواو: الدواء يُصبُّ في الحَلق، وأوجرتُ المريضَ إيجاراً فعلت به ذلک، و وجرته أجِرُه، من باب وعد، لغة (4). ويقال :
أنّا من هذا الأمر أوجَرُ، في معني أؤجَلُ(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «لَم يُوجِس مُوسَي (عليّه السلام) خِيفةً علي نَفسِه، بَل أَشفَقَ مِن غَلَبَةِ الجُهّالِ ودُوَلِ الضّلال ! اليَوم تَوَاقَفنَا علي سَبيل الحَق والبَاطِلِ»(6). إيجاس الخوف: إضمار شيء منه. (7). وقوله إشارة إلي قوله تعالي: ﴿ فَأَؤجَسَ في نَفسَهِ خيفَةً مُوسَي﴾ (8).
في وصية عليّ( عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) : «وايّاک أنّ تُوجِفَ بِکَ مَطايا الطّمَعِ، فَتُوردَکَ مَنَاهِل الهَلَکَةِ»(9).
الوجيف: سرعةُ السير (10). وهو ضربُ من سير الإبل، وربّما استُعمل في الخيل، وجَفَ البعيرُ يَجفُ وَجفاً و وجيفاً. وأوجفتُ البعير، إذا حملته عليّ الوجيف (11) وقد جاء قوله( عليّه السلام) من باب الاستعارة . ومنه جاء قوله تعالي: ﴿فَمَا أَؤجَفتُم عَلَيه مِن خَيلٍ ولا رِکَابٍ﴾ (12).
ومعني حديث فاطمة (عليّها السلام) عن أبيها( صلي الله عليّه وآله): «يَجف الأصنام وينکث الهام» (13)من قولهم: استوجف الحبُّ فؤاده، إذا ذهب به(14) وأرادت أنّه أبطل عبادتها.
والمسابقة (1).
في دعاء عليّ (عليّه السلام )للاستسقاء: «ولا تَقلِبَنَا وَاجِمِينَ» (2).
الواجم: الذي أسکته الهمُّ وعَلته الکآبة. يقال : وَجَم يَجِم وَجماً ووجوماً. ويوم وجيم: أي شديد الحرَّ ، وهو بالحاء أيضاً. والوجَمُ بالتحريک، واحد الأوجام، وهي علامات وأبنيةُ يُهتدي بها في الصحاري (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «وَلَقد شَفَي وحَاوِحَ صَدرِي أَنّ رَأَيتُکُم بِأخَرَةٍ تَحُوزُونَهُم کَمَا حَازُوکُم» (4).
الوَحوَحةُ: صوتُ مع بَحَح. ووحوَحَ الرجلُ ، إذا نَفخَ في يده من شدّة البرد. والوحوَحُ
والوَحواحُ : المنکمش الحديدُ النَّفسِ(5) وفي شعر أبي طالب يمدح النبيّ (صلي الله عليّه وآله):
حتّي يُجالِدَکُم عنه وَحَاوِحةُ***و شِيبُ صناديدُ لاتَدعرهُمَ الأسَلُ
وحاوحةُ هي جمع وَحوَح، أو وَحواح، وهو السَّيّد، والهاء فيه لتأنيث الجمع(6).
والوَحواحُ: السريعُ، وقيل: الکثير الوَحواحةِ بالصوت. وجاء فلان يُوحو حُ من البرد: أي
يضطرب ويتنفّسُ، والوحوحة الصوتُ، وقيل: التحرّک ، وکذلک الوَحَاة، سمعت وَحي القوم ووحاتهم : أي جَلَبتهم(7) والأصلُ في الوَحوحة الصوت من الحلق؛ وکلّب وَحواحُ ووَحوَحُ(8) وأراد( عليّه السلام)حديث النفس.
والوَخَم: داءُ الناسور يخرُجُ بحياءِ الناقةِ عند الولادة حتّي يُقطع منها(1)واستوخمتُ البلدَ وهو وَخِمُ، بالکسر والسکون، إذا کان غير موافق في السکن. ومنه اشتقاق التُّخَمَة، وأصلها الواو(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) للحسن( عليّه السلام) :«فاستَخلَصتُ لک مِن کلَّ أمرٍ نَخِيلَهُ، وتَوَخّتُي لَکَ جَمِيلَهُ» (3).
الوَخي: الطريق القاصد المستوي. ووخيتُ وتوخّيت بمعني، إذا قصدت للأمر(4) وتعمّدتُه دون ما سِواه(5).
عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم (عليّه السلام) عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنَّ الإنسان إذا لم يجد سکّيناً. فقال : «إذا فري الأوداج فلا بأس بذلک»(6).
الوَدَج: عِرق في العَنُق، وهما ودَجَان ،يقال: هما الوريدان عِرقا الرَّوح اللذان لا يفتران إلا عند الموت(7) والجمع أوداج، يقال: ودجتُ الدابّة ودجاً : قطعت و دجها(8) وفريت الجلد فرياً من باب رمي قطعته علي وجه الإصلاح، وأفريت الأوداج قطعتها(9).وقد ذکر ابن أبي الحديد أنّ قوله (عليّه السلام) :« أبا وذحة»(10).قد روي «أبا و دجة» لأنّ الحجّاج کان قتّالاً يقطع الأوداج بالسيف (11).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله): «إنّ من خير نسائکم الولود الودود»(12).
الودود: المحبّ ، يستوي فيه الذکر والأنّثي(13)ووصف عليّ (عليّه السلام) أهل الضلال بقوله: «وهَجَرُوا السَّبَبَ الّذي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِه» (14) من هذا. وفسّر قوله (عليّه السلام) :«التّودُّدُ نِصفُ العَقلِ»(15) بأنِه ليس علي وجه التقدير والتحديد. والمراد بذلک لکلَّ خصلة من هذه الخصال حظِ وافرّ و نفع تام. وهذا مشهور في
ص: 903
مذهب العرب، فإنّ العرب تقول: من عرف طريقاً فکأنّما سلک نصفه، والمراد أنّ معرفة
الطريق ينفع في سلوکه نفعاً تامّاً(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «مَا أخسَرَ المَشَقّةَ وَرَاءَهَا العِقَابُ، وأربَحَ الدَّعَةَ مَعَها الأمَانُ مِنَ النَّارِ»(2).
الدَعة: الخفضُ في العيش والراحة، والهاء عوض من الواو (3) وقد وصف( عليّه السلام) عذاب الإنسان في الآخرة: «لافترةُ مُريحَةُ ولا دَعَةُ مُزيحَةُ»(4) أراد تزيح التعب وتدفعه عنه. ومنه جاء حديث الصادق( عليّه السلام) : «عليکم بالدَّعة والوقار والسکينة» (5)الدَّاعة: من وقار الرجل الوديع. وودعَ الشيءُ يَدَعُ واتّدعَ، کلاهما سکن. وقولهم: عليک بالمودوع، أي بالسکينة والوقار(6).
والموادعة: المُنَاطَقةُ ، والمصالحة أيضاً (7).
ووصف الصادق (عليّه السلام) الدّعة بقوله: «وأمّا الدعة فموجودة في خفّة الحمل، فمن طلبها في ثقله لم يجدها(8). وأودعته شيئاً أودِعه إبداعاً، فأنت مودع والشيء بعينه مودِع، ويُسمّي الشيء المودَع: وديعة(9) وقد سمّي عليّ( عليّه السلام) آدم( عليّه السلام) وديعة الله بقوله: «واستَأدَي الله سُبحَانه الملائِکَة وَدِيعَتَهُ لَدَيهِم، وعَهدَ وَصِيتّه إليهم، في الإذعَان بالسُّجُودِ لَهُ» (10).
في دعاء عليّ( عليّه السلام) للاستسقاء: «وأَنزِل عَلَينَا سَمَاءً مُخضِلةً، مِدرَاراً هَاطِلَةً، يُدَافِعُ
الوَدقُ مِنهَا الوَدقَ»(11).
الوَدقُ: المطر کُلّه ، شديده وهيُّنه.وسحابة وادقة، وقلّما يقال: وَدَقت تَدِق (12).
و سُمّي المطر بالودق لأنّه يَدِق ، أي يجيء من السماء. والمودِقُ: الماتَي والمکان الذي تقف فيه آنساً، ومنه أتان و ديق، إذا أرادت الفحل ، کأنّها تأنس إليه وتستأنسه (13) ومن المجاز :حربُ ذات وَدقين، شُبّهت بسحابةٍ ذات
ص: 904
مطرتين شديدتين. ويُروَي عن عليّ( عليّه السلام) :
فإنّ بقيتُ فرهنُ ذِمّتي لَکُم*** بذاتِ وَدقَين لايعفو لها أثر(1).
في وصية عليّ( عليّه السلام) بما يُعمل في أمواله والتي کتبها بعد منصرفه من صفّين: «وألّا يَبيعَ مِن أَولادِ نَخِيلَ هذه القُرَي وَدِيَّةً حتّي تُشکِلَ أَراضُهَا غِرَاساً» (2).
الوديُّ: الفسيل ، والواحد ودية (3) .ووديتُ القتيلَ أَدِيه دِيَةُ، إذا أعطيت ديته (4).
والديةُ: المالُ الذي يُعطي إلي ولي القتيل بدل النفس، وفاؤها محذوفة ، والهاء عوض.
وودي الشيءُ، إذا سال ، ومنه اشتقاق الوادي، وهو کلّ مُنفَرَج بين جبال أو آکام يکون منفذاً للسيل والجمع أودية (5) وقال ابن دريد: الوادي أصله واشتقاقه من الوَدي کذا قال بعضُ أهل اللغة، وهو المنِيّ(6).
والوديُ: ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول .
في حديث عليّ( عليّه السلام) مخبراً عن الحجاج :«إيهٍ أبا وَذَحَة» (7).
الوذَحَة: الخُنفسَاء (8) وقال ثعلب: الوَذَح مايتعلّق من القذر بألية الکبش، الواحدة منه وَذحة وقد وَذِحتِ وذَحاً. ويقال منه: وَذِحَت الشاةُ تَوذَح وتيذَحَ وَذَحاً(9).
وکناه (عليّه السلام) بذلک لما يعلم من نجاسته بالمعاصي والذنوب، التي لو شوهدت بالبصر لکانت بمنزلة البعر الملتصق بشعر الشاء ويمکن أنّ يکنيه بذلک لدمامته في نفسه ،وحقارة منظره، وتشويه خلقته. وقد روي قوم هذه اللفظة بصيغة أخري ،فقالوا: «أباودجة» قالوا واحدة الأوداج، کنّاه بذلک لأنّه کان قتالاً بقطع الأوداج بالسيف. ورواه قوم«أباو حرة» وهي دويبة تشبه الحِرباء قصيرة الظهر، شبّهه بها، کما ذکر ذلک ابن أبي الحديد (10). وأيهٍ معناه الأمر، تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل : إيهٍ، بکسرالهاء وهو دعاء عليّهم (11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في ذمّ بني أميّة:
ص: 905
«واللهِ لَئِن بَقيتُ لهم لأنّفُضَنَّهم نَفضَ اللَّحَّامِ الوِذَامَ التَّرِبَةَ»(1).
الوِذام: الکَرِش والأمعاء، الواحدة وَذَمة مثل ثمّرة وثِمار. قال الأصمعي: هو نَفض القصّاب الوِذام التَّربة ، والتربة: التي قد سقطت في التراب فتترّبت ، فالقصّاب يَفُضها.
وأراد بالوِذام الحُزز من الکَرِش والکبد الساقطة في التراب ، والقصّاب يبالغ في نفضها، قال:ومن هذا قيل لسيور الدلاء، الوَذمُ لأنّها مقدّدة طِوال. وقيل: هي غير الکرش من البطون.
والوذمة: التي أخمل باطنها، والکروش وَذَمة لأنّها مُخمَلةُ ويقال لخملها الوذم(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «أَرَي تُراثي نَهباً حتّي مَضَي الأوّلُ لِسَبيله فأَدلَي بها إلي فُلان بَعدَه»(3).
التراث: ترکة الميراث، وتاؤه واو، ولا يجمع کجمع المواريث (4) وأراد بالتراث حقّه من الإمامة وخلافة الرسول( صلي الله عليّه وآله) الذي ورثه عنه (عليّه السلام) بنصّه وإشارته (5)فهو ميراثه من الله. فأدلي بها: أراد تسليمها إلي الثاني.من قولهم: دلوتها وأدليتها ، إذا أرسلتها في البئر لتستقي بها ، أُدليها إدلاءً. ومنه قولهم: جاء فلان بالدَّلو، أي بالداهية، قال الراجز:
حملن عَنقاء وعَنقفيرا*** والدَّلو والدّيلَم والزّفيرا(6).
ومنه الخبر المروي في حديث الاستسقاء: «وقد دلونا به إليک مستشفعين به». دَلونا: أي توسّلنا ، وهو من الدلو لأنّ الدلو يُتوصّل به إلي الماء، والشخص المراد هو العبّاس بن عبدالمطلب (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَدَهِمَتکُم مُفظِعَاتُ الأُمُورِ، والسَّيَاقَةُ إلي الوِرد المَورُودِ» (8).
الوِرد: الحظ من الماء، وکثر ذلک حتّي قيل للقوم الذين يردون الماءً وِرداً(9).
ثمّ يُستعمل في غيره، واستُعمل في النار علي سبيل الفظاعة (10) وأراد هنا هو المحشر. ومفظعات الأُمور إشارة إلي ما يهجم
ص: 906
عليّ الميّت من سکرات الموت وما يتبعها عذاب القبر وأهوال الآخرة(1).وباعتبارضرورة الماء لإدامة الحياة وبدونه الهلاک المحتم قال عليّ (عليّه السلام) عن فضل عترة النبي( صلي الله عليّه وآله): «ورِدُوهُم وَرُودَ الهيم العِطَاش»(2) والورديّ: ماکان بلونِ الوَرد، والمؤنّث ورديّة»(3) ووصف عليّ (عليّه السلام) للطاووس: «وإذا تَصَفّحتَ شَعرَةً مِن شَعَراتِ قَصَبهِ أرَتکَ حُمرةً وَردِيَّةً» (4) من هذا اللون.
في حديث عليّ (عليّه السلام): «الحذَرُوا الذَّنُوبَ المَوَرَّطَةَ، والعُيُوبَ المُسخِطَةَ»(5).
الوَرطة: الأمر تقع فيه من هلکة وغيرها، والورطة: الوحَل والردَغةُ تقع فيها الغنم فلا تقدر عليّ التخلّص منها. يقال: تورّطت الغنم إذا وقعت في وَرطة، ثمّ صار مثلاً لکلَّ شدّة وقع فيها الإنسان. وأورطه وورّطه توريطاً،(6)أي أوقعه في الورطة فتورط هو فيها، وأورطه: أوقعه فيما لاخلاص له منه. وجمع الوَرطة وِراط. والوِراط: الخديعة في الغنم، وهو أنّ يجمع بين متفرَّق أو يفرق بين مجتمع، ووارطه: خادعه (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الزهَادَةُ قِصَرُ من الأَملِ، والشُکرُ عِندَ النَّعَمِ، والتَّوَ رُّعُ عِندَ المَحارِمِ»(8).
الوَرَع: الکفّ عن السيئة. ورجل وَرعُ ما بيَّن الوَرَع من التوقّي. والوَرَع، بفتح الراء:الرجل الجبان (9) وورّعتُ الرجلَ عن الأمر:کففته فتورّع عنه. وورّعت الإبل عن الماء وورّعت المتخاصمين، إذا فَرعتَ بينهما(10).
في الحديث: «بعث رسول الله (صلي الله عليّه وآله) بديل بن ورقاء عليّ جمل أورق»(11).
الوُرقَة: لون يُشبه لون الرّماد، وبعير أورق وحمامة ورقاء، سُمّيت للونها، والرجل کذلک أورق. ويقولون: عام أورق، إذا کان جَدباً، کأنّ لون الأرض لون الرّماد. وسُمّي عام
ص: 907
الرِّمادة لهذا(1)وقد قالوا: ليلُ أورق، يريدون سواده، وليلة ورقاء: سوداء (2).والورق عند العرب المال من الإبل والغنم، والوَرِق:الفضّة (3)وعبّر عليّ (عليّه السلام) عن ظهور أثرها في البناء لمّا بني رجل من عماله بناءً فخماً بقوله: «أطلَعَتِ الوَرِقُ رُؤوسَهَا»(4) والوَرَق:الرجال الضعفاء، سُبّهوا في ضَعفهم بوَرَق الشجر (5). وباعتبار انکسار البرد في آخره .
جاء التشبيه بفعل البرد في الأبدان بالنار الخامدة بقوله (عليّه السلام) : «أَوَّلُه يُحرِقُ وآخِرُه يُورِقُ»(6).
عن الرضا (عليّه السلام) قال: «أوحي الله عزّ وجلّ إلي نبيّ من الأنّبياء: إذا أُطَعتُ رضيتُ، وإذا رضيت بارکت وليس لبرکتي نهاية، وإذا عُصيتُ غضبتُ، وإذا غضبتُ لعنتُ، ولعنتي تبلغ السابع من الوري»(7).
الوري، مثل الحَصَي: الخَلق (8) وهم الأنّام الذين عليّ وجه الأرض، فکأنّهم الذين يسترون الأرض بأشخاصهم (9). من التورية: الستر. يقال: ورّيت الشيء توريةً إذا سترته. وفي الحديث : «کان( صلي الله عليّه وآله) إذا أراد سفراً ورّي بغيره» (10) وفي الحديث: «لأنّ يمتليء جوف أحدکم قيحاً حتّي يَرِيَه خير له من أنّ يمتليء شعراً». الوري: مصدر وراه الحبُّ أو المرض يريه ورياً، وهو فساد الجوف من حزن أو حبّ. ويقال: وُري جوف فلان فهو مَورِيُّ، إذا فسد من داء يصيبه (11) قال أبو عبيدة : هو أنّ يأکلّ القيح جوفه. وفيه قيل.
و راهُنّ ربّي مثل ماقد وَرَينَني*** وأحمي عليّ أکبادهنّ المکاويا
وقيل في الرجز : قالت له وَرياً إذا تنحنح. أي تدعو عليه بالوري (12). والمراد به النهي
ص: 908
عن أنّ يکون حفظ الشعر أغلب علي قلب الإنسان، فيشغله عن حفظ القرآن وعلوم الدين حتّي يکون أحضر حواضره وأکثر خواطره، فشبّهه(صلي الله عليّه وآله) بالإناء الذي يمتليء بنوعٍ من أنّواع المائعات، فلا يکون لغيره فيه مسرب ولا معه مذهب. وقال بعضهم: إنما هذا في الشعر الذي هُجي به النبي (صلي الله عليّه وآله) خصوصاً (1)وفي حديث فاطمة(عليّها السلام) :«ثمّ أخذتم تورون وقدتها،وتهيجون جمرتها» (2).
ورية النار: ما تُوري به عوداً کان أو غيره.يقال: وَرِيَ الزّندُ يَرِي، وَورَي يَرِي ويَورَي وَرياً ووريّاً وړِيةً، وهو وارٍ ووَريُّ: اتقد(3).وأوري، بالألف: إذا أخرج ناره(4). ومن هذا جاء وصف عليّ (عليّه السلام) للنبي (صلي الله عليّه وآله) بقوله: «حَتّي أورَي قَبَسَ القَابِسِ، وأَضَاءَ الطّرِيقَ لِلخَابِطِ »(5). أي قدح زناد الأفکار حتّي أظهرأنّوار العلوم منها للمقتبسين، واستعار لفظ من القبس النور العلم والحکمة، ولفظ الوري لإظهار الرسول لتلک الأنّوار في طريق الله (6).
في حديث عليّ( عليّه السلام) وقد عزي الأشعث بن قيس عن ابن له: «وإنّ جَزِعتَ جَرَي عَلَيکَ القَدَرُ وأنتَ مَازُوزُ»(7).
الوِزر: الحمل الثقيل، والوزر: الذّنب لِثَقله، وجمعهما أوزار. والآثام تُسمّي أوزاراً لأنّها أمال تثقله. ووزَرتُ الشيء أزِرُه و زراً، أي حملته (8) ومن هذا جاء قوله تعالي:﴿لا تَزِرُ واِزرَةُ وِزرَ أُخري ﴾ (9) ومنه سُمّي الوزير، لأنّه يحمل وِزرَ صاحبه، أي: ثقله. والوِزر: ما يُعدُّ للحرب (10). وقوله (صلي الله عليّه وآله) العليّ (عليّه السلام) : «إنّک تَسمَعُ ما أسمَعُ، وتَرَي ما أَري، إلاّ أنّک لستَ بِنَبيّ، ولکنّک لَوَزيرُ، وإنّک لَعَلي خَيرٍ»(11) أراد أنّه معين له وناصره في رسالته.
ويا في حديث عليّ (عليّه السلام) عن أهل التحکيم في صفّين: «قؤمٍ حَيَارَي عَن الحَقّ لا يُبصِرُونه، وَمُوزَعِين بالجَورِ لا يَعدِ لُونَ بِهِ»(12)
ص: 909
الوزوع: الولوع، وقد أوزع به وزوعاً: کأولعَ به وُلُوعاً. يقال: أوزعته بالشيء: أغَريتُه. فأوزع به، فهو مُوزَعُ به، أي مُغريً به.وقد أوزع بالشيء يُوزَعُ، إذا اعتاده وأکثر منه وأُلهِمَ(1) ومنه الحديث: «أنّه کان موزَعاً بالسواک». وقولهم في الدعاء: «اللهم أوزعني شکرَ نعمتک». أي ألهمني وأولعني به(2).
والوزعُ: کف النفس عن هواها. والکفّ والزجر. والوازع: السلطان. ومنه حديث عليّ (عليّه السلام) : «السُّلطَانُ وَزَعَةُ الله فيئأَرضِهِ»(3)والوَزعهُ جمع وازع. وحديث عليّ (عليّه السلام) : «لايحمل الناس عليّ الحقّ إلّا من وَزَعهم عن الباطلِ»(4)المراد به الإمام العادل. ووزعت الرجل أزَعُه وَزعاً، إذا کففته عمّا يريده. ومنه سُمّي الکلّب وازعاً لأنّه يکفّ الذئب عن الغنم ويردّه(5)ووازع العسکر: لمن يزع مَن يتقدّم منهم. ولابدَّ للناس من وزَعة: من کففة عن الشرَّ والبغي»(6) ومن هذا يُفسّر ما جاء في حديث عليّ (عليّه السلام) : «وَ إنّني اليَومَ لأَشکُو حَيفَ رَعِيتّي،کأنّني المَقُودُ وهم القادَةُ، أو المُوزُوع وَهُم الوَزَعَه»(7). وباعتبار الردع والکفّ جاء کتاب عليّ (عليّه السلام) للأشتر النخعي:
«وأَمَرهُ أنّ يَکسِرَ نَفسَه مِنَ الشَّهَوَاتِ ويَزَعَهَا عِندَ الجَمَحَاتِ»(8)والتوزيع: التقسيم: وأوزاع من الناس: أي ضروب. واحدها وَزَع(9).
عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليّه السلام) قال: «مافي الميزان شيء أثقل من الصلاة عليّ محمد وآل محمد، وإنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به فيخرج (صلي الله عليّه وآله) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجح به» (10).
الوزن :معرفة قدر الشيء ، يقال : وزنته وزن وزنه، والمتعارف في الوزن عند العامّة مايَقدّر بالقسط والقبّان (11)والميزان في الحديث والکتاب هو مقياس الأعمال والأعراض فتختلف خفّةً وثقلاً حسب عمل
ص: 910
الإنسان، ويُستعار لمعانٍ عديدة، ومن ذلک حَمدُ عليّ (عليّه السلام) في خطبته: «ولا يَفتَقِرُ من کَفَاهُ فإنّه أَرجَحُ مَا وُزِنَ، وأَفضَلُ ما خُزِنَ»(1) ومنه قوله تعالي:﴿والسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ المِيزَانَ ﴾(2). جاء الميزان من باب المجاز والاستعارة، باعتبار الإحصاء والحساب الدقيق للأشياء، وأصل الميزان المثقال ثمّ کثرذلک في کلّامهم حتّي قالوا: فلان راجح الوزن، إذا نسبوه إلي رجاحة الرأي وشدّة العقل(3) وقولهم: قام ميزان النهار، إذا انتصف النهار(4). وکذلک المکيال؛ فأصله مايُکال به ،ثمّ توسع استخدامه في الحديث، عليّ الاستعارة والمجاز في الطاعات والعبادات وسائر الأعمال، ومنه ماروي عن جعفر( عليّه السلام) :«من أراد أنّ يکتال بالمکيال الأوفي فليقل إذا أراد أنّ يقوم من مجلسه: سبحان ربِّک ربّ العزة عمّا يصفون وسلام عليّ المرسلين والحمد لله ربّ العالمين»(5)وباعتبار أنّ التوحيد والنبوّة من أُصول الدين والوجود، و بهما قيام الأشياء وثقلهما ، قال عليّ (عليّه السلام) : «لايَخِفُّ مِيزَانُ تُوضَعَانِ فيه، ولايثقُل مِيزَانُ تُرفَعَانِ عَنهُ»(6).
في حديث عليّ عن النبي (صلي الله عليّه وآله): «لايُوازي فَضلُه، ولا يُجبرُ فقدُه»(7).
الموازاة : يقال :وازاه موازاة، أي حاذاه ، وربّما أُبدِلت الواو همزة فقيل آزاه»(8) يقال: جلس إزاءَه وبإزائه، أي بِحذائه. ويقال: بنو فلان يُؤازُون بني فلان ، أي يُقاوُمونَهم في کونهم إزاءاً للحرب، وفلان لايؤازيه أحد(9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يناجي رسول (صلي الله عليّه وآله) الله : « فَلَقَد وَسَّدتُک في مَلحُودَةِ قَبرکَ، وفَاضَت بَينَ نَحرِي وصَدرِي نَفسُکَ» (10).
الوساد: کلّ ما يوضع تحت الرأس، وإنّکان من تُراب أو حجر. و توسّد ووسّده، إذا جعله تحت رأسه. وکُنّي بالوساد عن النوم لأنّه مظنّته. والوسادة: المِخدةّ، والجمع
ص: 911
وَسَائِد ووسُد، ويقال للوسادة إلسادة(1).
وقال( عليّه السلام) في وصف النفس المرتاضة: «حَتّي إذا غَلَبَ الکَرَي عَلَيها، افتَرَشَت أَرضَهَا، وتَوَسَّدَت کَفَّها»(2)أي أنَّ يده مِخَدّته.
في حديث محمد بن قيس قال: سمعت أبا جعفر (عليّه السلام)يقول: «يُکره وَسقاً من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر، لأنّ تمر المدينة أجودهما»(3).
الوَسق: ستّون صاعاً بصاع النبي( صلي الله عليّه وآله)،والجمع وسوق وأوساق. ووسقتُ البعير، إذا حملتُ عليّه وسقاً. وقال قوم: أوسقتُ ،والأُولي أعلي. والوسيقة: الطريدة، ورجل
معتاق الوسيقة، إذا کان يُنجي طريدته، واشتقاق الوسيقة من وسقتُ الشيء أسقُه وَسقاً، إذا جمعته(4).ومنه قوله تعالي: ﴿والليلِ وَمَا وَسَقَ﴾ (5) وقولهم: لاأکلّمک ماوسقت عين ماءً، أي ماجمعت وحملت(6).
والاتساق: الانتظام ، واستوسق الأمر، إذا أمکنک منه (7).
ومن هذا جاء حديث عليّ (عليّه السلام) الصحبة: «وحَدَتُکُم بالزَّوَاجِر فلم تَستَوسِقَوا، الله أنّتمُ ! أَتَتَوقّعون إماماً غَيري يَطَاُ بِکُم الطَّريقَ، وَيُزشِدُکُم السَّبِيلَ»(8) وقول فاطمة (عليّها السلام) : «واستوسق نظام الدين» (9) من هذا.
في دعاء عليّ (عليّه السلام) للنبي(صلي الله عليّه وآله): «و آتِهِ الوَسِيلَةَ، وأَعطِه السَّنَاءَ والفَضِيلَةَ»(10).
الوسيلة: التوصُل إلي الشيء برغبة. وحقيقة الوسيلة إلي الله تعالي مراعاة سبيلهبالعلم والعبادة وتحرّي مکارم الشريعة. والواسل: الراغب إلي الله تعالي، وهي کالقُرية(11) وأراد (عليّه السلام) له کمال أعليّ المراتب وقيل: الوسيلة هي درجة عالية من درجات الجنّة(12).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن بعثة محمد (صلي الله عليّه وآله) :
ص: 912
«مَشهُورَةً سِمَاتُهُ، کَرِيماً مِيلَادُهُ»(1).
السمة: العلامة، يقال: إنّه لموسوم بالخير والشرَّ: أي عليه علامته (2). والوَسميُّ: أوّل المطر، لأنّه يَسِمُ الأرض بالنبات(3). ومنه يقال: توسّمت فيه الخير، أي تفرّستُ ،مأخذه من الوَسم، أي عرفت فيه سمته وعلامته (4) وفي صفته صلي الله عليّه وآله: «وسيم قسيم».
الوسامة: الحسن الوضيء الثابت. وفي حديث الحسن والحسين( عليّهم السلام) : «أنهما کانا يخضبان بالوسمة» قيل: هي شجر باليمن، يخضب بورقه الشعر، أسود(5) والوسمة .بکسر السين، وهي أفصح من التسکين (6).والکسر لغة الحجاز ويقال : هو العِظلم (7) وقد استُعير منه لريش الطاووس ، الذي لوَّن تلويناً رائعاً بريشة الخالق جلّ وعلا، في حديث عليّ (عليّه السلام) کفي وصفه: «وَمَخرَجُ عُنُقِه کالابريقِ وَمَغرزُها إلي حَيثُ بَطنُه کَصِبغ الوَسِمَة اليَمَانِيَّةِ، أو کَحَرَيرة مُلبَسَةٍ مِرآةً ذاتَ صِقَالٍ»(8) وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) عن النبي (صلي الله عليّه وآله): «طبَيِبُ دَوَّارُ بِطِبِّهِ، قَد أَحکَمَ مَرَاهِمهُ، وأحمَي مَوَاسِمَهُ»(9) المِيسَم المِکواةُ أو الشيء الذي يُوسَم به الدوابّ، والجمع مواسم و مياسيم، وأصله مِوسَم، فقلبت الواو ياءً لکسرة الميم. والوسمُ: أثرُ کيّةٍ، تقول: موسوم أي قد وُسِم بسمة يُعرَف بها، إمّا کيّة وإما قطعُ في أذن ، أو قزمة تکون علامة له(10). ولمّا کان صاحب الإبل يضع الأثر والمَعلم عليّ إبله باعتباره مالکاً لها، تمييزاً وحيازةً لها ، جاءت الاستعارة في حديث فاطمة (عليّها السلا) لرکوبهم غير مرکبهم بقولها: «فَوَسَمتُم غيرَ إبلکم وَوَرتُم غَيرَ مَشريکم»(11) وسُمّي موسم الحاجّ موسماًلأنّه مَعلَم يجتمع إليه الناس(12)
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن عذاب القبر والسعير: «لا مَؤتَةُ نَاجِزَةُ، ولاسِنَةُ مُسَلَّيَةُ» (13).
ص: 913
السَّنة: النُّعاس من غير نوم. والسّنة: نُعاس يبدأ في الرأس ، فإذا صار إلي القلب فهو نوم. يقال: وَسِنَ يَوسَنُ وَسَناً، فهو وَسِنُّ ووسنان ومِيسان، والأنُّثي وَسِنَةُ ووَسني ومِيسان. وامرأة وَسني و وسنانة: فاترة الطّرف ، عليّ التشبيه. قال ابن الرقاعُ:
وَسنان أقصده النُّعاس فرنَّقَت*** في عينه سِنَةُ ، وليس بنائم(1).
ومنه قوله تعالي:﴿ولاتَأخُذُه سِنَةُ ولا نَومُ﴾ (2) وباعتبار الغفلة والفتور جاءت
الاستعارة في حديث فاطمة (عليّها السلام) : «ما هذه الغميزة في حقّي، والسَّنة عن ظلامتي» (3).
أرادت (عليّه السلام) تغافلهم وتناسيهم حقّها في ميراثها الذي فرضه الله لها.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن السجاد: «ونَظَمَ بِلَا تَعليّقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِهَا، ولاحَمَ صُدُوعَ انِفرَاجِهَا، وَوَشّجَ بَينَهَا وبَينَ أزوَاجِهَا»(4).
الموشّج: الأمرُ المُداخلُ بعضه في بعضٍ، وکلُّ شيء يشتبک فهو واشج، وقد وشَجَ يَشِجُ وشيجاً ، قال الشاعر:
والقراباتُ بيننا واشِجاتُ *** محکمات القوي بعَقد شديده(5)
وأراد بأزواجها نفوسها، التي هي الملائکة السماوية، بمعني قرائنها، وکلّ قرين زوج، أي ربط مابينها وبين نفوسها بقبول کلَّ جرم سماوي لنفسه التي لايقبلها غيره(6) وباعتبار أنَّ خوف الله قد استمکن من دواخل ملائکته قال عليّ واصفاً: «وتَمَکَّنَت مِن سُوَيدَاء قُلُوبِهم وَشِيجَةُ خِيفَيِهِ»(7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) کفي وصف الطاووس:« فَيُقَهقِهُ ضَاحِکاً لِجَمَالِ سِربَالِه، وأَصَابِيغِ وِشَاحِهِ»(8).
الوشاح: والأشاح علي البدل، کما يقال : وکاف وإکاف؛ کلّه حَليُ النساء: کرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان مخالفُ بينهما معطوف من أحدهما عليّ الآخر، تتوشّح المرأة به،
ومنه اشتُق توشَّح الرجلُ بثوبه، والجمع أوشِحة ووشُح ووشائح. وتوشّح الرجلُ بثوبه وسيفه، وقد توشّحت المرأة واتشحت والموشَّحة من الظباء والشاء والطير: التي لها
ص: 914
طرّتان من جانبيها. وديک موشّح ، إذا کان له خطّتان کالوشاح. والوِشاح والوشاحة: السيف، مثل إزار و إزارة. والوشاح : القوس (1) وجاء في الخبر:«کانت للنبيّ( صلي الله عليّه وآله) دِرعُ تُسَمَّي ذاتَ الوشاح»(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام): «لعن رسول الله (صلي الله عليّه وآله) النامِصة والمنتَمِصَة والواشرة والمستوشِرَة والواصلة والمستوصِلة، والواشمة والمستوشمة»(3).
الوشر: من قولهم: أسنان موشّرة حَسَنة الوَشر، وهو التحريز في أطرافها(4). قال الخليل: الوَشرُ لغة في الأشر(5). والواشرة: تحدد أسنانها وترقّق أطرافها ، تفعله المرأة الکبيرة تتشبّه بالشواب. وکأنّه من وشَرتُ الخشبةَ بالميشار(6)واستو شرت: سألت أن . يفعل بها ذلک (7) والواصلة: أنّ تصل المرأة شعرها بشعر آخر زور اً(8)وروي عن عائشة أنّها قالت: ليست الواصلة التي تعنون ، ولابأس أنّ تعري المرأة عن الشعر، فتصل قرناً من قرونها بصوف أسود، وإنّما الواصلة: التي تکون بغيّاً في شبيبتها، فإذا أسنّت وصلتها بالقيادة (9).
في حديث فاطمة(عليّه السلام) : «وطَاَحَ وَشِيظُ النَّفاق» (10).
الوشيظ: الخسيس، والجمع الوشائظ، وهم السفلة، والوشيظة والوشيظ، الدخلاء في القوم ليسوا من صميمهم(11). ومنه قال جرير :
يَخزَي الوشيظ إذا قال الصميم لهم*** عدّوا الحَصي ثمّ قيسوا بالمقاييس(12).
قال أبو الحسن موسي بن جعفر(عليّه السلام) : «ما
ص: 915
مِن بلاء ينزل علي عَبدٍ مؤمنٍ فيلهمه الله عزّوجلّ الدّعاء إلّاکان کشف ذلک البلاءُو شيکاً» (1).
الإيشاک: الإسراع. يقال: وَشُک الأمرُ وَشکاً ووشکانا، وأوشک : أسرع(2)وأمر وشيک، وناقة مواشکة: سريعة، وسيرُ مواشک ،وقد واشکت في سيرها مواشکة ووشاکاً(3). ومنه قال عليّ (عليّه السلام) : «الرَّحِيلُ وَشِيکُ»(4). أراد به السفر إلي الآخرة.
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن مکان البيت الحرام: «بين جِبَالٍ خَشِنَةٍ ، وَرِمَالٍ دَمُثَةٍ وعُيونٍ وَشِلَةٍ»(5).
الوَشَل: الماء القليل، يتحلّب من جبل أو صخرة يقطر منه قليلاً قليلاً، لا يتّصل قَطرُه، والجمع أوشال. يقال: وَشَل يَشِل وَشلاً ووَشَلاناً: سال أو قطر. وناقةُ وَشول: کثيرة اللبن يَشِلُ لَبنُها من کثرته، أي يسيل ويقطرمن الوَشلان. ورأي واشل، ورجلُ واشلُ الرأي: ضعيفه. وفلان واشل الحظّ، أي ناقصُه لأجِدَّ له (6).
في حديث عليّ(عليّه السلام) :«لَعَن رسولُ الله(صلي الله عليّه وآله) الواشمة والمستوشمة» (7).
الوشم: يقال : وشمت المرأةُ يدها وَشماً، غرزتها بإبرة ثمَّ ذرّت عليها النَّئور ، ويُسمَّي النَّيلَجَ، وهو دُخَان الشَّحم حتّي يَخضَرَّ.
واستوشَمت: سألت أنّ يفعل بها ذلک، وجمع الوشم وُشوم ووِشام، مثل بحر وبُحوروبحار(8) کانت تعمله النساء في الجاهلية (9) وفي حديث عليّ (عليّه السلام) : «والله ماکتمتُ وشمةً، ولا کذبتُ کِذبةً»(10) الوشمة: الکلمة. ويقال: بيننا وشيمة، أي کلّام شرّ وعداوة، وماعصاه وشمَةً ، أي طرفة عين (11).
وووشّمتُ فلاناً بک، أي حرّضته علي
ص: 916
ضربِک، توشيماً (1). وقيل في معني قوله (عليّه السلام): إنّ الوشمة غرزة الإبرة في البدن، يعني بمثل هذا المقدار ما کتمت شيئاً من الحق الذي يجب إظهاره(2)ويقال : أوشمت الأرض: إذا رأيت فيها شيئاً من النبات. وأوشمت السماء: بدا منها برق . وأوشم البرق: لمع لمعاناً خفيفاً (3) وأوشم نظر إلي الشيء، کانّه نظر و تأمّل وشمَه (4)والشيَّم من قولک: شِمت السَّحاب ، أي نظرت أين يقصد ، وأين يُمطر (5). وقول عليّ (عليّه السلام ) : «وَشِم بَزقَ النَّجَاةِ»(6) مستعار منه. قال ابن ميثمّ: أي يوُجّه بَصَر عقله إلي استلامه أنّوار الهداية المنجية(7).
في حديث عليّ( عليّه السلام) يصف الطاووس: وإن ضَاهَيته بالمَلَابِسِ فَهُوَ کَمَوشِيّ الحُلَلِ، أو کَمُونِقِ عَصبِ اليَمَنِ»(8).
الوشي: و شيتُ الشيء وَشياً: جعلت فيه أثراً يخالف معظم لونه(9) يقال: وَشَيتُ الثوب بالتشديد والتخفيف، فهو مَوشِيُّ ومُوَشّي، والرجل وشّاء(10).
والحائک واش يشي و شياً: أي نسجاً وتأليفاً. والشية بياض في لون السواد، أو سواد في لون البياض(11).
ومنه جاء قوله تعالي: ﴿ولاشية فيها ﴾ (12). والواشي يُکنّي به عن النمّام، لأنّه
يشي کلّامه بالزور ويزخرفه (13) ومنه جاء حديثه( عليّه السلام): «من أَطَاعَ الوَاشِيَ ضَيَّع الصَّدِيقَ» (14).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «و آجَالٍ تُفنيِهم وأَؤصَابٍ تُهرِ مُهُم » (15).
الأوصاب: الأسقام، الواحد وصب.والوصب: شدّة التَّعَب . يقال: وصِب يَوصَب وَصَباً، فهو وَصِب، وتوصّب ووصّب وأوصب، وأوصبه الله، فهو مُوصَبُ.
ص: 917
والموصّب: الشديد الأوجاع(1) ومن هذا جاء وصفه للإنسان حين يحمل إلي قبره: «ثُمَّ أُلقِيَ عَلَي الأَعوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ، ونِضوَ سَقَمٍ» (2) وفي حديث عائشة: أنّا وصبت رسول الله( صلي الله عليّه وآله) . أي مرّضته في وصّبه، کمرّضته من المرض، أي: دبّرته في مرضه. والوصب. دوام الوجع ولزومه(3). ومنه قوله تعالي: ﴿ولَهُم عَذَابُ وَاصِبُ﴾(4). أي عذاب دائم غير منقطع (5).
في حديث النبي (صلي الله عليّه وآله): «غرّة وصيف عبدأو أمة»(6).
الوصيف: الغُلام دون المراهق، والوصيفة: الجارية کذلک، والجمع وصفاء ووصائف ، مثل کريم وکرماء وکريمة وکرائم (7) قال ابن الأعرابي: أوصف الوصيفُ، إذا تمّ قَدّه، وأوصفت الجارية(8) قال ابن فارس في علّة تسميتهما : لأنّهما يُوصَفان عند البيع(9).والوصف ذکرُ الشيءبحليته وَنَعته ، والصفة الحالة التي عليها الشيء من حِليته ونعته(10)وحديث عليّ( عليّه السلام) في التوحيد: «بَل کُنتَ قَبلَ الوَاصِفِينَ مِن خَلقِکَ»(11)قال ابن ميثمّ:المراد بقبليّته تعالي للواصفين قبليّة وجوده بالعليّة الذاتية، وهو بهذا الاعتبار مستلزمة لتنزيهه تعالي عن الجسمية ولواحقها (12).
ولما کان الحکماء والعلماء يصفونه: بجميل أوصافه، قال( عليّه السلام )في دعائه: «اللّهُمّ أنّتَ أَهلُ الوَصفِ الجَمِيلِ»(13)وقول عليّ عليّه السلام عن الأموات: «فکأنّهم في ارتجال الصَّفة صرعي سُبَاتِ» (14) معناه الواصف لهم بأوّل النظر يظنهم صُرعوا من السبات (15). أي وصف الحال بلا تأمّل.
في حديث عليّ(عليّه السلام) :«لعن رسول الله (صلي الله عليّه وآله) الواصلة والمستوصلة» (16).
ص: 918
الواصلة:هي المرأة التي تصل شعرها بشعر غيرها ليکثر(1)والوصل وصلک الشيء بالشيء نحو الحبل وما أشبهه، وصلته
أصِله وصلاً، والوصل ضد القطع، ثمّ کثر ذلک حتّي قالوا: وصلتُ ذا قرابةٍ بمال (2) ومنه قال علي( عليّه السلام) اعتباراً من العدل: «بالنَّصَفَةِ يَکثرالمُوَاصِلُونَ» (3) والوصيلة التي هي في القرآن: کانوا إذا نُتجت الشاة خمسة أبطن -وقال قوم: عشرة أبطن - فکان الخامس ذکراً ذبحوه لآلهتهم، وإنّ کان ذکراً وأُنثي لم يذبحوه وقالوا: وصلت أخاها فکأن لآلهتهم (4). والوصيلة: الأرضُ الواسعة البعيدة کأنّها وُصِلت بأخري، ويقال: قطعنا وصيلة بعيدة. وروي عن ابن مسعود أنّه قال: إذا کنت في الوصيلة فأعطِ راحلتک حظّها . قيل: لم يُرِد بالوصيلة ههنا الأرض البعيدة ولکنه أراد أرضاً مکلِئة تتّصل بأُخري ذات الحروف. کلّاٍ. قيل: وفي الأولي يقول لبيد:
ولقد قطعتُ وصيلةً مجرودةً*** يبکي الصّدَي فيها لِشَجوِ البومِ
والوصيلة: العمارة والخصب (5) وباعتبار
المداومة والثبات في الحرب قال عليّ (عليّه السلام) لأصحابه في صفين: «وَصِلُوا السُّيُوفَ بالخُطَا»(6). قال الشاعر:
إذا قصرت أسيافنا کان وصلها*** خُطانا إلي أعدائنا فتضارب (7) وفُسّر حديث عليّ (عليّه السلام ): «صلوا السُّيوف بالخُطا، والرّماح بالنّبل». أي إذا قصُرت السيوف عن الضريبة فتَقدّموا تَلحَقوا، وإذا لم تَلحَقهُم الرّماح فارموهم بالنّبل (8).
وصوم الوصال: هو أنّ يجعل عَشاءه سُحُورَه، أو يصوم يومين متتابعين(9) قال الشيخ: إنّه حرام، واستدل بحديث سئل فيه الصادق (عليّه السلام) عنه فقال( عليّه السلام) : «إذا أفطر من الليل فهو فصل»(10). والأوصال: المفاصل، الواحدُ وِصل، وفي صفته( صلي الله عليّه وآله): «أنّه کان فَعم الأوصال»، أي مُمتَليء الأعضاء (11). ومنه حديث الباقر(عليّه السلام): «لو أنّ عبداً عَبَد الله بين
ص: 919
الرُکن والمَقام حتّي تَنقَطع أوصَالُه وهو لايدين الله بحبّنا وولايتنا أهل البيت، ما قبل الله منه»(1).
عن زرارة، عن أبي جعفر عليّ (عليّه السلام) قال: «عليّکم بالوضاء من الظؤورة فإنّ اللبن
يعدي»(2).
الوضاءة: وضؤ الوجه وضاء ةًوزان ضَخُم ضخامةً فهو وضيءُ: الحُسن والبهجة (3) والظؤورة: يقال : ظِئر، بهمزة ساکنة ويجوز تخفيفها: الناقة تعطف علي ولد غيرها، ومنه قيل للمرأة الأجنبية تحضن ولد غيرها: ظئر أيضاً، والجمع أظار مثل حِمل وأحمال، وربّما جمعت المرأة عليّ ظِئار بکسر الظاء وضمّها (4).
في کتاب عليّ( عليّه السلام) للأشتر النخعي:«وتَغَابَ عَن کُلَّ مَالايَضِحُ لَکَ»(5).
الوضوح: يقال : وَضَحَ الشيء يَضِحُ وُضوحاً وَضَحَةً وضِحَة واتضح: أي بان، وهو واضح ووضّاح. وأوضحَ وتوضّح: ظهر.وتوضّح الطريق، أي استبان(6). ووضَحُ الطريق: محجّته، قال جرير: قيسُ علي وَضح الطريق وتغلبُ يترددون تردّد العُميان (7).
والوضح : البياض من کلَّ شيء، ووضح العظام بياضه. ومن هذا قيل: إنّه لواضح الجبين، إذا أبيضّ وحَسُن . ورجل وضّاح: أبيض اللون حسن. ومنه قيل للبن: الوضَح (8)والمُوضِحَة : الشجّة التي تصل إلي العظام فأوضحت عنها(9).
البلاد:
لَعمرو أبيکَ الخيرِ ياعَمرو إنني*** علي وَضَرٍ - من ذا الإناء - قليلِ(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الفاسق: «مُوضِعُ في جُهّالِ الاُمَّةِ»(2).الإيضاع: سير مثل الخبب، يقال: وضع البعيرُ وأوضعه راکبه، إذا حمله عليّ سرعة السير(3) وقوله (عليّه السلام) مستعار من هذا السير . ومنه قوله تعالي: ﴿ولأَوضَعُوا خِلالَکُم يَبغُونَکُم الفِتنَة ﴾(4).اي لأسرعوا في الدخول بينکم بالتضريب والإفساد والنميمة (5). وباعتبار وضع البعير جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام) واصفاً من فرَّ إلي معاوية:«فِرَارُهُم مِنَ الهُدَي والحَقّ، وإيضَاعُهُم إلي العَمَي والجَهلِ»(6) وفي حديث النبي( صلي الله عليّه وآله):«الوضيعة بعد الضمّة حرام»(7) الوضيعة: الخسارة من رأس المال (8) وهي الحطيطة يقال: استوضع منه، إذا استحطّ. ووضع عنه الدين والدم وجميع أنّواع الجنابة يضعه وضعاً أسقطه عنه. ودين وضيع: موضوع. ومنه يقال: وُضِع في تجارته ضَعةً وضِعةً ووضيعةً ، فهو موضوع فيها: غُبن وخسِرفيها (9) والتوضيع: التأنّث والاسترخاء، يقال: في کلّامه توضيع(10) وباعتبار الدناءة والخسارة للعلم الذي ليس معه عمل قال عليّ (عليّه السلام): «أَوضَعُ العِلمِ مَاؤُقِفَ عَلَي اللسَانِ، وأَرفَعُهُ ماظَهَر في الجَوَارح والأرکَانِ»(11).
والعلم الرفيع: هو العلم الراسخ الذي تظهرآثاره في العبادات البدنية عليّ جوارح العبد (12).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن الدنيا: «ولاتَمَکَّنتُم مِن رَضَاعِ أَخلافِهَا إلّا مِن بَعدِ مَاصَادَفتُمُوهَا جَائِلاً خِطَامُها، قَلِقاً وَضِينُهَا» (13).
الوَضين: حِزام الرحل إذا کان من شَعَر منسوج لأنّه يُوضَن بعضه علي بعضٍ، قال
ص: 921
الأصمعي : لايُسمّي حِزام الرَّحل وضيناً حتّي يکون من أدم مضاعف. يقال: وَضَنت الشيء أضنه وضناً، إذا ثَنَيتَ بعضه عليّ بعض فهو وضين وموضون ، ومنه قوله جلّ شأنه :﴿ علي سُرُرٍ مَوضُونَةٍ﴾(1) فُسَّر بعضها علي بعض. ومن ذلک قولهم: درع موضونة،إذا کانت حلقتين حلقتين (2) شبّه (عليّه السلام) استقرار الإنسان في الدنيا کالراکب الناقة التي لا يستقرّ علي وضينها، لأنّ الراحل والمسافر في قلق وحرکة أبداً. ومنه قال عليّ (عليّه السلام)؛ لما سأله بعضُ أصحابه : کيف دفعکم قومکُم عن هذا المقام وأنتم أحقّ به؟:«يا أخَا بَني أسَدٍ، إنّکَ لَقَلِقُ الوَضِينِ، ترُسِلُ في غَير سَدَدٍ، ولَکَ بَعدُ ذِمَامَةُ الصّهرِ وحَقُّ المَسأَلَةِ»(3)يقال للرجل المضطرب في أموره: إنّه لقلق الوضين، وذلک أنّ الوضين إذا قلق، اضطرب القتَبُ أو الهودَجُ، أو السَّرج ومن عليّه (4).
في حديث عليّ( عليّه السلام) عن الفتن: «کانّي بِه قَد نَعَقَ بالشَّام.. إلي قوله : وثَقُلَت في الأرضِ وَطأَتهُ ، بَعيدَ الجَولَةِ، عَظيم الصَّولَةِ»(5).
الوطأة: موضع القدم، وهي کالضغطة. والوطأة مثل الأخذة وزناً ومعني(6) ووطأته کناية عمّن يکون الناس منه في تعب وعناء(7) ومن هذا جاء حديثه (عليّه السلام) عن الفتنة:« دَاسَتهُم بأَخفَافِها وَوَطِئَتهُم بِأظلَافِهَا» (8).
ووطئته برجلي أطؤه وَطئاً: علوته. ويتعدّي إلي ثانٍ بالهمزة فيقال: أوطأتُ زيداً الأرضَ. ووطيء زوجته وطأً: جامعها، لأنّه استعلاء(9) وفي الحديث: «اللهم اشدد وطأتک علي مُضَرَ». أي: ذلّلهُم(10) ومنه استعار عليّ (عليّه السلام) لشدائد الدنيا بقوله: «وَوَطأَتُها زِلزَال» (11). والمواطأة: الموافقة، وأصله أنّ يطأ الرجلُ بِرِجلِهِ مَؤطِيءَ صاحبه(12) ومن هذا جاءت الاستعارة في حديث عليّ (عليّه السلام )بعد لحاقه بالنبيّ مهاجراً :« فَجَعَلتُ أتبَعُ مَأخَذَ رَسُولِ اللهِ (صلي الله عليّه وآله) فأَطَأُ
ص: 922
ذِکرَه، حتّي انتَهَيتُ إلي العَرج». قال الرضي: «فأطأذکره» من الکلام الذي رمي إلي غايتي الإيجاز والفصاحة. أراد أنّي کنتُ أُعطَي خبره( صلي الله عليّه وآله) من بدء خروجي إلي أنّ انتهيت إلي هذا الموضع، فکني عن ذلک بهذه الکناية العجيبة(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن توحيد الله: «فَمِن شَوَاهِدِ خَلقِهِ خَلقُ السَّماوَاتِ مُوَطَّداتٍ بِلَا عَمَدٍ، قَائِمَاتٍ بِلاسَنَدٍ»(2).
الواطد: الثابت . وطَدَ الشيء يَطِدهُ وَطداً وطِدةً، فهو موطود ووطيد: أثبته وثقله ، والتوطيد: مثله. والوطائد: قواعد البنيان(3).
ويقال: وطّدتُ لک منزلاً ومنزلةً عند فلان، أي أثبتها لک (4) و من المجاز: فلان من وَطَائِدِ الإسلام. قال الشاعر:
فأنت لدين الله فينا وطيدةُ *** وأنت عن الأحساب فينا المُذَبَّبُ (5)
قال أبو الحسن (عليّه السلام) : «کلّ مَنزِلٍ من مَنَازِلک لاتَستَوطِنه فَعليکَ فيه التقصير» (6).
الوَطَن: مکان الانسان ومقرّه ، ومنه قيل لمربِض الغنم وطن. والجمع أوطان. وأوطن الرجلُ البلدَ واستوطنه وتوطّنه: اتخذه وَطَناً (7) ويقال؛ حيث أوطنت من بلدٍ أو دار أو مکان : وطن (8). وفيه قال عليّ (عليّه السلام) : «الفَقرُ في الوَطَنِ غُربَةُ»(9). وقوله (عليّه السلام) : «قد رأَيتُ أنّ أَقطَعَ هذِهِ النُّطفَةَ إلي شِرذِمَةٍمِنکُم، مُوَطَّنينَ، أَکنَافَ دَجلَة» (10) أراد أنّهم جعلوا نواحي دَجلة مقرّاً ومکاناً لهم . وکنّي( عليّه السلام) عن الدار الآخرة للإنسان بأنّها: «مَؤطِنِ فَاقَتِه»(11)باعتبار حاجته فيها للأعمال الصالحة. وفي حديث الحسين (عليّه السلام )في وصفه( صلي الله عليّه وآله): «لاويُوطن الأماکن وينهي عن إيطانها»(12) لا يوطن: أي لا يتّخذ لنفسه مجلساً يُعرف به. والموطن: مَفعِل منه. ويَسمّي به المشهد من مشاهد الحرب
ص: 923
وجمعه مواطن (1).
ومنه قوله تعالي:﴿ ولقد نَصَرَکُم اللهُ في مَوَاطِنَ کَثيرةٍ﴾(2)قال الزمخشري: ويجوز أنّ يُرادبالموطن الوقت کمقتل الحسين (عليّه السلام) (3) ومن ذلک يفسّر حديث عليّ (عليّه السلام ): «الجِهَاد عليّ أربع شُعَب: عَلَي الأمرِ بالمَعرُوفِ ، والنَّهي عَنِ المُنکَرِ، والصَّدقِ في المَوَاطِنِ، وشَنَانِ الفَاسِقينَ»(4)
وکنّي (عليّه السلام) عن انتشار الإسلام و تثبيت دعائمه بقوله: «حتّي استَقَرَّ الإسلَامُ مُلقِياً جِرانَهُ وَمُتَبَوّئاً أو طَانَهُ»(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن رحمة الله وعفوه: «وَوَظَّف لَکُم مُدَداً ، فِي قَرَارِ خِبرَةٍ» (6).
الوظيفة: مايُقدّر له في کلّ يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب، وجمعها الوظائف والوُظف. ووظف الشيء علي نفسه ووظّفه توظيفاً: ألزمها إيّاه. والوظيف لکلَّ ذي أربع: مافوق الرُّسغ إلي مَفصِل الساق. وجاءت الإبل عليّ وظيف واحد، إذا تبع بعضها بعض کأنها قطار، کلّ بعير رأسه عند ذَنَب صاحبه»(7)وقرار خبرة: کناية عن الدنيا.
في حديث عليّ(عليّه السلام)عن علمه تعالي :«ومَا أَؤعَبَتهُ الأصدَافُ» (8).
الوعبُ: إيعابک الشيء في الشيء ، کأنّه يأتي عليّه کلّه. واستوعب المکانُ والوِعاءُ الشيء : وسعه. ووعب الشيء وَعباً، وأوعبه، واستوعبه: أخذه أجمع. وبيت وعيب ووعاء وعيب: واسع يستوعب کلَّ ماجُعل فيه،والوعب: ما اتسع من الأرض. وأوعب القوم: حشدوا وجاءوا موعبين ، أي جمعوا ما استطاعوا من جَمع. وانطلق القوم فأوعبوا، أي لم يَدَعوا منهم أحداً. وفي الحديث : «أوعب المهاجرون والأنّصار مع النبيّ( صلي الله عليّه وآله) يوم الفتح» وفي الحديث الآخر : «أوعب الأنّصارُ مع عليّ إلي صفّين» أي، لم يتخلّف منهم أحدُ عنه (9).
والإيعاب والاستيعاب: الاستئصال والاستقصاء في کلَّ شيء ، ومنه قولهم: أتي الفرس برکض وعَيبٍ، إذا جاء بأقصي
ص: 924
ما عنده. ومنه الحديث : «إنّ النعمة الواحدة تستوعب جميع عمل العبد يوم القيامة»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اللّهُمّ إنّي أَعُوذُ بِکَ مِن وَعثَاءِ السَّفَرِ، وکَآبَةِ المُقَلَبِ»(2).
الوَعث: فساد الأمر واختلاطه، ويجمع علي وعوث. والوعوث: الشدّة والشرّ، ووعثاء السفر، شدّته ومشقّته. وأصل الوعثاء من الوعث ، وهو من الرمال: ماغابت فيه الأرجل والأخفاف (3).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «أَظاَرُکُم عَلَي الحَقَّ وأَنتُم تَنفِرُون عَنهُ نُفورَ المِعزَي مِن وَعوَعَةِ الأسدِ»(4).
الوعوعةُ: صوتُ الذئب(5) في عدوه(6) يقال: وعوع الکلبُ والذئبُ وَعوَعةً ووعواعاً، عوي وصوّت ، وقد يقال في غير الذئب والکلب (7).
في حديث عليّ (عليّه السلام) يعظ الناس : «وُقِر سَمعُ لمَ يَفقَهِ الوَاعِيَةَ» (8).
الواعية: الصارخة عليّ الميت (9) وسمعتُ وعيَ القوم، أي صُراخهم(10).
واستُعير هنا للواعظ والناصح. وقوله (عليّه السلام) دعاء عليّ سمع لايفقه صاحبه بسماعه (11).
والوعيُ: حفظ الحديث ونحوه. يقال: وعيته في نفسه، والإيعاء حفظ الأمتعة في الوعاء(12). وجاء في خطبة له لي في ذمَّ أهل العراق: «وَيلُ امّهِ کَيلاً بِغَيرٍ ثَمَن ! لَو کَانَ لَهُ وِعَاءُ» (13) يريد أنّه يکيل العلوم الجمّة وهو لا يأخذ ثمناً بذلک الکيل، إلّا أنّه لا يصادف واعياً للعلم وحاملاً له بحق (14).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «أَلَّفَ بِه الشَّملَ بَينَ ذَوِي الأرحَامِ، بَعدَ العَدَاوَةِ الوَاغِرَةِ في الصُّدورِ، والضَّغَائِنِ القَادِحَةِ في القُلُوبِ» (15).
ص: 925
الوَغر: يقال: وَغِر صدر الرجلُ يَوغَر وَغَراًووَغراً، وقالوا: وَغَرَ يَغِرُ ، إذا التهب من غَضبٍ أو حقدٍ. والوَغرةُ: وغرة الظهيرة، وهو أشدّ ما يکون من الحرَّ(1). ووغرته الشمس: اشتدّ وقعها عليه(2).
في حديث عليّ( عليّه السلام) إلي زياد لمّاکتب إليه معاوية يخدعه باستلحاقه: «المُتَعَلَّقُ بِهَا کَالوَاغِلِ المُدَفَّعِ»(3).
الواغل: الداخل عليّ القوم وهم يشربون ولم يُدع إليه، کما أنّ الوارش والراش: الداخل علي القوم وهم يأکلون. قال امرؤ القيس:
فاليومَ أشرَب غيرَ مستحقبٍ***إثماً من الله ولا واغل
والوَغل: المدّعي نسَباً ليس بنَسبه ،والجمع أوغال(4) وأوغلوا في السَّير وتوغّلوا: أمعنوا. ويُستعمل في کلّ إمعان. ووَغَل في الشجر وُغُولاً : تواري فيه (5).ووَغِل الصبيُّ وَغَلاً ساء غذاؤه(6).
في کتاب عليّ (عليّه السلام) بن عبّاس عن بني تميم:«وإنّهُم لَم يُسبَقُوا بِوَغمٍ في جَاهِليّةٍ ولا إسلَام»(7).
الوَغمُ: الذَّحلُ والتّرَة، والحقد الثابت في الصدور. ووَغِمَ عليه، بالکسر، أي حَقَد والوَغمُ : القِتال . وتوغَّم القومُ وتواغموا: تقاتلوا ، وقيل: تناظروا شَزراً في القتال(8) وجاء في الخبر: «کلوا الوَغم واطرَحُوا الفغم». الوَغمُ: ما تساقَط من الطعام. وقيل: ما أخرجه الخِلال . والفغُم: ما أخَرجتَه بِطَرَف لسانک من أسنانک(9).
في حديث عليّ لان : «الحَمدُ لِله الّذي لايَفِرُةُ المَنعُ والجُمُودُ» (10) لايَفرُه: أي لا يُکثره، من الوافر: الکثير.
ص: 926
يقال: وَفره يَفِرُه، کوَعَده يَعدُه. ومنه حديثه( عليّه السلام) : «ولا ادّخرتُ من غنائمها وَفراً» والوفرة المال الکثير (1) ومنه قول مالک بن الحارث الأشتر النخعي:
بقّيت وفري وانحرفتُ عن العُلي*** ولقيتُ أضيافي بوجه عبوس
إنّ لم أشُنّ عليّ ابن هندٍ غارةً*** لم تخلُ يوماً من نهابِ نفوس(2).
ووفُر عِرضه: کرم، ووفره عِرضه ووفّره له: لم يشتمه کأنّه أبقاه له کثيراً طيّباً لم ينقصه
بشتم (3)ووفِرت المزادةُ: لم ينقص من أديمها شيء، والأرض لم ينقص من نبتها(4).
وفي الخبر: «کان شعر رسول الله (صلي الله عليّه وآله)وَفرَةً لم يبلغ الفَرق»(5) .الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلي شحمة الأُذن، وقد وَفَرها صاحبها، ثمَّ الجُمّة ثمّ اللَّمَّة. والمراد في الخبر أنّه لم يکن شعره طويلاً حتّي يمکن فرقه.
وبه يُفسّر قول الصادق (عليّه السلام) : «إنّ رسولَ الله (صلي الله عليّه وآله) کان إذا طال شعره کان إلي شحمة أُذُنه». وقال (عليّه السلام) : «مافرق النبيّ (صلي الله عليّه وآله) ولا کانت الأنّبياء (عليّه السلام) من تُمسک الشعر»(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف النبي (صلي الله عليّه وآله): «مستوفراً في مرضاتک»(7).
الو فَزُ والوَفَزةُ : العَجَلة ، والجمع أوفاز والعرب تقول: فلان عليّ أوفاز، أي علي حدَّ عجلة. قال الليث: الوَفَزةُ أنّ تري الإنسانُ مُستوفِزاً. قد استقلَّ عليّ رجليه، ولما يستو قائماً ، وقد تهيأ للأفز والوثوب والمضيّ. يقال له: اطمئنّ فإنّي أراک مستوفزاً (8).
ومنه حديثه (عليّه السلام) : «کونوا منها علي أوفاز»، أي عليّ سفر قد أشخصنا(9).
طاقتها وحاجتها. ووفّقت بينهم: أصلحت ، وکَسبُه وَفقُ عياله: أي مقدارُ کفايتهم(1).
والاتفاق: مطابقة فِعل الانسان القدر، ويقال: ذلک في الخير والشرَّ، بقال: اتّفق الفلان خيرُ، واتّفق له شرّ. والتوفيق نحوه، لکنّه يختصّ في التعارف بالخير دون الشرَّ (2).
وهو عبارة عن توافق أسباب الشيء وشرائطه، ومن ذلک قوله (عليّه السلام) : «لاقائِدَ
کالتَّوفِيقِ» (3)أي إلي المطالب في سرعة وصوله (4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن مالک الأشتر: «لايَرتَقِيهُ الحَافِرُ، ولا يُوفِي عَلَيه الطَّائِرُ»(5).
الميفاة: الموضع الذي يوفي فوقه البازي. وأوفيت عليّ شرف من الأرض، إذا أشرفت عليه،(6)وأوفي الرجل علي الجبل أو العلم، إذا فَرَعه، أي صار في فرعه(7). وکنّي (عليّه السلام) عن علوّ مقام مالک وقوّة دينه.
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «الحَمدُ لِله کُلَّمَا وَقَبَ لَيلُ وغَسَقَ»(8).
الإيقاب: يقال: وقب الظلامُ، إذا أقبل، يقب وقوباً. والإيقاب: إدخال الشيء في الوَقبة. والرقب: کلّ قَلتٍ أو حُفرة في نهر (9).
ومنه تفسّر الاستعارة في حديث عمر بن يزيد المروي عن الصادق (عليّه السلام) : ما للرجل من الحائض ؟ قال( عليّه السلام) : «مابين أليتيها ولايُوقب»(10).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «وَقِر سَکعُ لم يَفقَه الوَاعِيَةَ» (11) الوَفر: ثِقَل في الأُذن ، بالفتح ، وقيل : هو أن يذهب السمع کلّه، والثقل أُخفّ من ذلک. يقال: وَقَرَت أُذُنُه ، بالکسر ، تؤقَر وَقراً، أي صُمّت. ووَقرت وَقراً، ويقال منه: وُقِرت أذُنُه علي ما لم يسم فاعله تُوقر و قراً(12). ومنه قوله تعالي: ﴿ وفي آذانِنا وَقر﴾ (13)والوِقر: الثقل
ص: 928
يُحمل عليّ ظهر أو عليّ رأس. يقال: جاء يحمل وِقرَه، وقيل : الوِفرة الحمل الثقيل. وعمّ
بعضهم به الثقيل والخفيف وما بينهما ، وجمعه أوقار. ومنه يقال: امرأة مُوقرة: ذات وقر، إذا حملت حملاً ثقيلاً، وأوقرت النخلةُ، أي کثر حملها. والتوقير: التعظيم والترزين(1) ومنه حديث الرضا، عن آبائه( عليّه السلام) ، عنه (صلي الله عليّه وآله):«وقّروا کبارکم وارحموا صغارکم»(2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لمّا مرّ بطلحة وعبد الرحمن بن عتاب، وهما قتيلان يوم الجمل: «لَقَد أَتلَعُوا أعنَاقَهُم إلي أمرٍ لَم يَکُونُوا أَهلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ» (3).
الوَقص: يقال: وُقصت عنقه: دُقّت، وهو موقوص العنق، و به وقَص وهو قِصَر العنق.
وهو وهي أوقص ورقصاء (4) وناقة موقوصة ووقيصة، إذا تردّت من عُلوٍ إلي سُفلٍ فاندقّت عنقها، وجمع الوقيصة وقائص(5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «اليَومَ تَوَاقَفنَا عَلَي سَبيلِ الحَقَّ والبَاطِلِ»(6).
المواقفة: يقال : واقفةً مواقفة ووقافاً: وقف معه في حربٍ أو خصومة(7) وقولهم: ما رأيتُ من المرأة إلّا موقفها، إذا رأيتها متبرقعةً أو متنقّبة. ووقيفة الوَعِل: أنّ تُلجئه الکلاب والرُّماة إلي صخرة فلا يمکنه أنّ ينزل حتّي يُصاد(8) ومراده (عليّه السلام) أنّي واقفُ عليّ سبيل الحقّ وهم علي سبيل الباطل(9).
من وصية لعليّ (عليّه السلام) وصّي بها شريح بن هانيء: «فَکُن لِنَفسِکَ مَانِعاً رَادِعاً، ولِنَزوَتِکَ عِندَ الحَفِيظَةِ وَاقِماً قَامِعاً »(10).
الوَقمُ: کسرُ الرجل وتذليله.
ووَقَم الرجلَ وقماً ووقّمه: أذلّه وقهره،وقيل: ردّه أقبح الردّ. ويقال: قِمه عن هواه، أي ردّه. ووقَمَ الدابّة وَقماً: جَذَب عِنانَها لتَکُفَّ. والوِقام: السيف، وقيل: السوطُ، وقيل: العصا. وقيل: الحبلُ(11) الحِفظة والحَفِيظة:
ص: 929
الغضب (1).
في وصية عليّ (عليّه السلام) للحسن (عليّه السلام) : «وحِفظُ مَا في الوِعَاء بِشَدَّ الوِکَاءِ» (2).
الوِکاء: رباط القربة، أوکي يوکي إيکاءً(3)
وقوله (عليّه السلام )إرشاد إلي حفظ اللسان وضبطه عمّا لا ينبغي(4) ومنه قوله( صلي الله عليّه وآله): «العينُ وکاء السّه، فإذا نامت العين استطلق الوکاء». فکأنّه (صلي الله عليّه وآله) شبّه السته بالوعاء، وشبّه العين بالوکاء، فإذا نامت العين انحلّ صرار السته، کما أنّه إذا زال الوکاء دسع بما فيه الوعاء، إلّا أنَّ حفظ العين للسته عليّ خلاف حفظ الوکاء للوعاء، فإنّ العين إذا أشرجت لم تحفظ ستهها، والأوکية إذا حُلّت لم تضبط أوعيتها(5) والسه: حلقة الدُّبر. ويُحکي عن أعرابي أنّه سمع رجلاً يتکلّم فقال: أوکِ حلقک، يعني سدّ فمک واسکت فلا تکلّم(6).
ومنه جاء الحديث: وأوکوا أسقيتکم فإنّ الشيطان لا يکشف غطاءً ولا يحلُ وکاءً(7). ومن المجاز: سألته فأوکي عليّ، أي بخل، کأنّه قد شدّ وقولهم : وتوکأت علي کذا، أي اتکأتُ، لأنّه يتشدّد به ويتقوّي به، وأوکاتُ فلاناً إيکاءً: نصبت له متکأ(8)
في الحديث: «لا وليمة إلاّ في خمس: في عِرس، أو خِرس، أو عِذار، أو وِکار، أو رِکاز».
الوکار: الرجل يشتري الدار(9) والتوکير: أنّ يدعو الناس إلي طعام يتّخذه إذا فرغ من بناء بيته أو داره، وکّر توکيراً، واسم الطعام الوَکيرة(10) ووکرُ الطائر عشّه أين کان، في جبل أو شجر، والجمع وِکَارُ وأو کار، ووکر الطائر يَکرُ: اتخذ وَکراً(11). ومنه حديث عليّ( عليّه السلام) في بعث الموتي: «أَخرَجَهُم مِن ضَرَائِحِ القُبُورِ، وأَوکَارِ الطُّيُورِ» (12) وأراد( عليّه السلام )المعاد الجسماني الکامل للأبدان المفرّقة
ص: 930
سواء کانت أکيلَ طَير أو استحال بعضها إلي ذرّات تراب .
وقوله (صلي الله عليّه وآله): « وتَغرِيدِ ذَوَاتِ المَنطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الأَوکَارِ»(1) أراد عليّه السلام تطريب الطيور في أعماق الأعشاش وأباعدها.
في کتاب عليّ(عليّه السلام) للأشتر النخعي: «في الوَکزَةِ فَمَا فَوقَهَا مَقتَلةُ» (2).
الوکز: الطعن. يقال: وکزه بجمع کفّه (3)
ومن هذا جاء قوله تعالي: ﴿فَوَکَزه مُوسَي فَقَضَي عَلَيه﴾(4) أي جمع أصابعه وقبض عليّها فلکزه لکزةً (5).
في الحديث: «قلب وکيع واع». وکيع: متين صُلب (6) ويقاء وکيع: أي صلب شديد مُحکم الصنعة، واستوکعت مَعِدةُ الرجلُ، إذا اشتدّت. ومنه اشتقاق اسم وکيع(7). والوکع، ويقال منه: رجل أوکع وامرأة وکعاء: مَيَلان في صدر القدم نحو الخِنصر، وربّما کان في إبهام اليد، وأکثر ما يکون ذلک في الاماء اللاتي يَکدُدنَ في العمل(8).
في دعاء الحسين (عليّه السلام) للاستسقاء: «اسقنا الغيث واکفاً مغزاراً» (9).
واکفاً. يقال : وکف البيتُ بالمطر والعين بالدمع وکفاً ووکوفاً ووکيفاً سال قليلاً قليلاً (10)ومنه الحديث: من منح مِنحة وکُوفاً فله کذا وکذا. الوکُوف: الکثيرة الغزيرة الدّرّ ومن هذا قيل: وکف البيت بالمطر، وکذلک وکَفَت العين بالدّمع. وأراد بالمنحة الناقة أو الشاة يدفعها إليه ليحتلبها(11) والتوکّف : التوقّع والانتظار، کما يقال: هو يتوکّف الخير،أي يتوقّعه (12) وحديث فاطمة عليّه السلام قال : «تتربّصون بنا الدوائر، وتتوکّفون الأخبار» (13) من ذلک، إذا انتظر وقوعه وسقوطه، من وکف المطر، إذا وقع (14).
في حديث عليّ (عليّه السلام )عن الزبير وبيعته
ص: 931
بيده دون قلبه: «فقد أقسرّ بالبَيعَةِ، وادَّعَي الوَلِيجَةَ، فَليَأتِ عَلَيهَا بِأمرٍ يُعرَفُ»(1) .
الوليجة: باطن الإنسان وحقيقته ووليجة الرجل: بِطانَتُه ودُخلاؤه وخاصّته. واتّلجَ موالجَ، عليّ افتعل ، أي دخل مداخل(2)ومنه قوله تعالي: ﴿ولم يتّخذوا من دون اللهِ ولارسولِه ولا المؤمنين وَليجةً ﴾(3).
والوليجة فعيلة من ولج، کالدخيلة من دخل (4). وفي حديث ابن مسعود : «إيّاک والمُناخ عليّ( عليّه السلام) ظهر الطريق، فإنّه منزل للوالجة». يعني السباع والحيّات. سُمّيت والجةً لاستتارها بالنهار في الأولاج، وهو ما ولجت فيه من شِعب أوکهف ، وغيرهما(5).
ومن هذا جاء حديث الصادق في وصف النساء: «وامرأة صحابة ولّاجة همّازة»(6) وباعتبار الاستتار في الولوج جاء حديث عليّ (عليّه السلام )في التوحيد: «لَيسَ في الأشياءِ بِوَالِجٍ» (7).
وفيه: رجل خُرَجَة وُلَجَة، مثل هُمَزة ، أي کثير الدخول والخروج(8). وفسّر قوله
تعالي : ﴿ يَعلَمُ مَايَلِجُ في الأَرضِ ومَايَخرُجُ مِنهَا ﴾(9)، أي ما يدخل فيها من مطر أو کنز أو ميّت (10). وباعتبار الکمال الذي لايدخله العيب والنقصان قال عليّ (عليّه السلام )في التوحيد: «ولا وَلَجَت عَلَيهِ شُبهَةُ فِيمَا قَضَي وقَدَّر» (11) وفي دعاء عليّ (عليّه السلام) في الاستسقاء ذاکراً الدوابّ: «اللّهُمَّ فارحَم حَيرَتَهَا فِي مَذَاهِبِهَا، وأنينَهَا في مَوَالِجِهَا»(12)-(13).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن خلق الإنسان: «وَوَلِيداً ويَافِعاً» (14).
الوليد: الصبيُّ المولود والجمع وِلدان. والصبيّة والأمة وليدةُ والجمع ولائد. والوَلد کلّ ما ولده شيءُ، ويطلقُ عليّ الذکر والأنُّثي والمثني والمجموع، فَعَل بمعني مفعول، وجمعه أولاد. والوُلد وزان قُفل لغة فيه. ويقال للصغير مولود لقرب عهده من الولادة، ولا يقال ذلک للکبير لبعد عَهدِه عنها، وهذا کما يقال: لبن
ص: 932
حليب ورُطَبُّ جَنيُّ للطريُّ منهما دون الذي بَعُد من الطراوة. ورجلُ مولد، بالفتح، عربيُّ
غيرُ مَحض. وکلّامُّ مولّد کذلک (1). والتَّلد والتلاد والتليد والأتلاد: ما وُلِد عندک من مال أو نُتِج، ومال تليد و مُتلَد. وأصل هذه التاء واو(2).
في الخبر: أنّ عليّاً (عليّه السلام) قال لأحدهم: «کذبت، والله ، وولقت. ثمّ ضرب بين يديه بالدرّة»(3).
الولقُ: الخفّة والنزق، ومنه أُخِذ الأولق، وهو الجنون، ويقولون: رجل مألوق ومولوق(4) وقال أبو عبيد في تفسيرالحديث : «اللهم إنّا نعوذ بک من الألس والألق والکِبر والسَّخيمَة» لاأحسبه أراد إلّا الأولق، والأولق الجنون، قال الأعشي:
وتُصبح من غبَّ السُّرَي وکأنما*** ألمَّ بها من طائفِ الجنَّ أؤلَقُ
يصف ناقته يقول: هي من سرعتها کأنّها مجنونة ، فإنّ کان أراد الکذب فهو الوَلقُ (5).وولقت مثل کذبت وکذلک ولعت(6).
والإنسان يَلِقُ الکلامَ: يُريده، وقوله تعالي:﴿وإذ تَلَقّونَهُ بِأَلسِنَتِکُم ﴾(7) أي تريدونه. و «تلقّونه» أي يأخذ بعضکم عن بعض (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «فَوَ اللهِ لَو حَنَنتُم حنينَ الوُلَّه العِجَالِ»(9).
الوله: الحزن، وقيل: هو ذهاب العقل و التحيّر من شدّة الوجد أو الحزن أو الخوف ورجل ولهان و واله و آله، عليّ البدل: ثَکلّان وامرأة وَلهي وواله ووالهة وميلاه : شديدة الحزن عليّ ولدها، والجمع الولّه، وکلّ أُنّثي فارقت ولدها فهي واله، قال الأعشي يذکر بقرة أکلّ السباع ولدها:
فأقبلت والها ثکلّي علي عَجَل ***کلّ دهاها، وکلّ عندها اجتمعا (10) والعجول من النساء والإبل: الوالِه التي فقدت ولدها، الثکلي لعجلتها في جيئتها وذهابها جَزَعاً والجمع عُجُل وعجائل
ص: 933
ومعاجيل، والأخيرة عليّ غير قياس (1).
وفي حديث عليّ( عليّه السلام): «وفَرَضَ عَلَيکُم حَجَّ بَيتهِ الحَرَام، الّذي جَعَلَهُ قِبلَةً للأنّام،
يَرِدُونَهُ وُرُودَ الأنّعَامِ، وَيَألَهُونَ إليهِ وُلُوهَ الحَمَام»(2)ولوه الحمام: حنينها.
والوله ذهاب العقل لفقدان الحبيب. يقال: وَلِهَ يَلِه مثل وَرِم يَرِم ويَوله علي القياس(3) .
وفي الحديث : «لاتُوَلَّه والدةُ عن ولدها» أي لا يفرّق بينهما في البيع (4).
ومن هذا جاء وعظ عليّ( عليّه السلام) : «وکُونُوا عن الدُّنيَا نُزَّاهاً، وإلي الآخِرَةِ وُلّاهاً» (5).
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «الوِلَايَاتُ مَضَامِيرُ الرَّجَالِ» (6).
الولاية: کالإمارة وشبهها، والشيء قربت منه. وأوليتک إحساناً، صنعته إليک، وعلي الشيء ولّيتک عليّه(7) واستولي عليه: غلب عليه وتمکّن منه. والمولَي: المَعتِق، والمولي: العتيق والولاء النُصرة، لکنّه خُصّ في الشرعِ بولاء العِتق(8) وهو أنّ يکون ولاؤه لمُعتقه ،کأنّه يکون أولي به في الإرث من غيره إذا لم يکن للمعتّق وارثُ نسب (9)وهو الذي جاء
في الحديث : «نهي عن بيع الولاء وهبته». والموالاة بين الشيئين : المتابعة (10). وفسّر الحديث النبوي عن الإبل : «لا تُقبل إلّا مولّية ولاتُدبر إلّا مولّية» بأنّه کالمثل الذي يقال: إذا أقبلت أدبرت ، وإذا أدبرت أدبرت، وذلک لکثرة آفاتها وسرعة فنائها(11).
في حديث عليّ (عليّه السلام) عن علم الله سرَّ الإنسان وما يخفيه: «ومَسَارِق إيمَاض الجُفُون» (12).
إيماض الجفون: يقال : أومض البرق ُإيماضاً کو مض، وومض البرقُ وغيره، يَمِضُ وَمضاً ووميضاً ورمضاناً : أي لَمع لمعاً خَفيّاً ولم يعترض في نواحي الغيم، فأمّا إذا لمع
واعترض في نواحي الغيم فهو الخَفو، فإنّ استطار في وسط السماء وشقّ الغيم من غير
ص: 934
أن يعترض يميناً وشمالاً فهو العقيقة (1). وفي الحديث : أنّه سَأل عن البرق، فقال : کيف ترون برقها أخفواً أم وميضاً ، أم يشقّ شقّاً (2).
وأومضت المرأة: سارقت النظرَ. ويقال :أومضته فلانة بعينها إذا برقت (3). ومنه الحديث : «هلّا أؤمَضتَ إلئَّ يارسول الله». أي هلا أشرتَ إليّ إشارةً خفيّة (4).
وأراد(عليّه السلام) بالجفون العيون عليّ المجاز. واستعار عليّ( عليّه السلام) منه للسحاب المضطرب بالرعد والبرق بقوله: «ولم يَنَم وميصُه في کَنَهوَرِ رَبَابه»(5).
في حديث عليّ( عليّه السلام ): «لم تَنقَطِع أَسبَابُ الشَّفَقَةِ مِنهُم، فَيَنُوا في جِدَّهِم» (6).
الونا والونية: الفترة في الأعمال ، ومنه التواني. ولايني في أمِره : أي يَعجزُ. ولايني
يَفعلُ کذا، بمعني لا يزال (7).
ومنه قوله تعالي: ﴿واذهَب أنَتَ وأَخُوکَ بآياتِي ولآَتنِيا في ذِکري ﴾(8)وکان( صلي الله عليّه وآله) بوصف عليّ (عليّه السلام) : «غيرَ وانٍ ولا مُقَصَّر»(9).
ووصف (عليّه السلام) الجاهل بقوله: «وکأنَّ مَاوَنَي فِيهِ سَاقِطُ عَنهُ» (10). وقوله (عليّه السلام) : «من أطَاعَ التَّوَانِيَ ضَيَّعَ الحُقُوقَ»(11) أراد يخرجها عن وقت الفرصة الحصولها وذلک يستلزم تضييعها وتفويتها(12).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «الحمدُ لله خَالق العِبادِ، وسَاطِح المِهَاد، وَمُسيل الوِهَاد، ومُخصِب النَّجَادِ» (13).
الوهدة: النُّقرة المنتقرةُ في الأرض أشدُّ دخولاً في الأرض من الغائط وليس لها حرف، وعَرضها رُمحان وثلاثة لا تَنبتُ شيئاً. والوهدُ يکون اسماً للحفرة، والجمع أؤهُدُ وَوهدُ ووِهاد. وأوهد من أسماء يوم الاثنين (14) وفيها جاء الحديث : «فإنِ اغتسل الرجلُ في وَهدةٍ» (15).
الوهازة: الخَطووقد توهّزيتوهّز، إذا وَطِيء وطئاً ثقيلاً(1). وقِصَر الوهازة، أي قصَر الخُطاء ويقال: وهزه بيده أو رجله يَهِزه وَهزاً، إذا دفعه بها. والتوهُّز: التوثُّب. والوَهزُ: الرجلُ القصير، قال الراجز: توهُّز الفهدة إثر الأرنب (2).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في التنفير من الدنيا:«وأَعلَقَتِ المَرءَ أَؤهَاقَ المَنِيَّةِ قَائِدةً له إلي ضَنکِ المَضجَعِ»(3).
الأوهاق: جمع وهق، وقد يُسکّن ، وهو حبل کالطَّوَل تَشدّ به الإبل والخيل لئلّا تَنِدُّ.
وأوهق الدابّة: فعل بها ذلک (4) ومنه استُعير للمصائب بقوله عليّه السلام : «وأَوهَقَتهُم بِالقَوَارِعِ» (5) وروي: أوهنتهم (6) والمواهقة في السير:المواظبة في السير ومدّ الأعناق(7). ومنه حديث جابر: «فانطلق الجمل يواهق ناقته
مُواهَقَةً». أي يباريها في السير ويماشيها (8).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «فإنَّکُم لَو قَدعَايَنتُم مَا قَد عَايَنَ مَن مَات مِنکُم لَجَزِ عتُم وَوهِلتُم»(9).
الوَهَل: الفزع، قد وَهِل يَوهَل فهو وَهِلُ ومُشتَؤهِل. ووَهلت إليه إذا فزعتُ إليه، ووهِلتُ بالکسر ، إذا فزعت منه. والوَهِل والمستوهِل: الفزع النشيط (10). ومنه قوله (عليّه السلام) في أدب الحرب: «أقلّوا الکلام فإنّه أطرد للفشل وأذهب بالوهل»(11). وَوَهَلتُ إليه - بالفتح - أَهِل وَهلاً. إذا ذهَب وهمُک إليه وأنت تريد غيره، مثل وهمتُ(12). ومنه الحديث : کيف أنّت إذا أتاک ملکان فتوهّلاک في قَبرک؟». يقال: توهّلت فلاناً، إذا عرّضته لأنّ يَهِل ، أي يَغلَطَ. يعني في جواب الملکين (13) ولقيته أوّل وهلةٍ ووَهَلةٍ: أي أوّل شيء، وأوّل وأهلة (14).
الوهم: قوّة جسمانية للإنسان محلّها آخر التجويف الأوسط للدماغ، وجوهر الوهم هو جوهر العقل (1). والوهم: من خطرات القلب، والجمع أوهام. وتوهّم الشيءَ: تخيّله و تمثّله، کان في الوجود أو لم يکن، يقال: توهّمت الشيء وتفرّسته وتوسّمته وتبنّته بمعني واحد ، قال زهير:
ووقفت بها من بعد عشرين حجّةً*** فلاياً عرفتُ الدارَ بعد توهّم
وَوَهَمَ إليه يَهِمُ وَهماً : ذهب وهمُه إليه.وَوَهَمتُ إلي الشيء، إذا ذهب قلبُک إليه وأنت تريد غيره، ووهم ، بکسر الهاء، غلط وسها (2). وجاء في حديث عليّ( عليّه السلام) :«ونَحَلُوکَ حِليَةَ المَخلُوقينَ بأَوهَامِهم»(3)وأوهم من الحساب مائة مثل أسقط وزناً ومعني، وأوهم من صلاته رکعة، ترکها(4).
و باعتبار جوهرالوهم هو جوهر العقل قال عليّ (عليّه السلام) : «هُوَ القَادِرُ الّذي إذا ارتَمَتِ الأَوهَامُ لِتُدرِکَ مُنقَطَعَ قُدرَته»(5)وارتماؤها هو استرسالها مجدّةً في المطالعة والتفتيش، منتهاها(6). ومن هذا المعني يُفسّر ما جاء في حديث الرضا(عليّه السلام): «الإمام تحمل اوهام من خلفه إلّا تکبيرة الافتتاح»(7).
والتُهمة: الظنّ، والتهمةُ اصلها الوُهمة من الوهم ، يقال: اتّهمتُ فلاناً، علي بناء افتعلت ، أي : أدخلتُ عليّه التُّهمَة ، والتاء أصلها واو أبدلت منها کما أبدلوها في تخمة. واتّهم الرجلَ وأتهمَه وأوهَمَه: أدخل عليه التُهمة، أي: مايُتَّهَم عليه، واتّهم هو، فهو مُتَّهِمُ و تَهيم. وأتهَم الرجلُ ، علي أفعَل، إذا صارت به الرَّيبة (8) ومنه وصف عليّ (عليّه السلام) للمؤمن يتّهم علي الغيب نفسه»(9) وقوله (عليّه السلام) : «وإن کَانَ کَاذِباً فَقَد لِزَمَتهُ التُهمَةُ»(10) من ذلک.
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ولَعَمري ماعَليَّ مِن قِتَالٍ مَن خَالَفَ الحَقَّ، وخَابَطَ الغَيَّ، من إدهَان ولا إيهَانٍ»(11).
ص: 937
الوهن: ضعفّ من حيث الخَلقُ أو الخُلُق(1).
وأوهنتُ الأمر إيهاناً، إذا ضعّفته. ومضي وَهنُ من الليل ومَؤهِنُ، أي قطعة عظيمة. والوَهنانةُ المرأةُ القليلة الحرکة الثقيلة القيام والقعود(2).
وباعتبار کمال خليقته تعالي قال عليّ( عليّه السلام) :«فَلَم يَهِن مَا بَناه، ولاضَعفُ ما قَوّاهُ» (3) .
في حديث عليّ (عليّه السلام) يستنهض أصحابه:«کَلامُکُم يُوهِي الصُهمَّ الصّلابَ، وفِعلُکُم يُطمِعُ فيکُمُ الأَعداء»(4).
الوهي: يقال : وهي الشيء يَهِي وَهياً، إذا ضَعُف (5) ويتعدّي بالهمزة فيقال: أؤهَيتُه(6).
والسحابُ إذا انبعق بمطر انبعاقاً شديداً قلت: وَهَت عَزَاليه.. وکذلک إذا استرخي رباط الشيء قلت: وَهَي: قال الأعشي:
کناطحِ صَخرةً يوماً لِيَفلِقَها*** فلم يَضرها وأوهي قَرنَهُ الوعِلُ(7).
ووصف عليّ (عليّه السلام) المصطفي (صلي الله عليّه وآله) بقوله: «لا واهٍ في عَزمٍ»(8).
قال عليّ( عليّه السلام)لمن قال له: هذا أنّت في خشونة ملبسک وجشوبة مأکلّک ! «ويحَکَ، إلنّي لَستُ کأنت»(9).
ويح: ويح وويب وويس ، في معني الترحّم وويسَ استصغار (10) قال الخليل: فأمّا ويح فيقال إنّه رحمةُ لمن تنزل به بليّة (11).
الصاد.
في حديث عليّ(عليّه السلام) عن الفتن و الملاحم بالبصرة:«وَيلُ لِسکَکِکُمُ العَامِرَة، والدُّور. المُزَخرَفِة الّتي لَهَا أَجنِحَةُ کأَجنِحَةِ النُّسُورِ» (12). الويل: کلّمة مثل ويح، إلاّ أنّها کلّمةعذاب. قال الفرّاء: الويل کلّمة شتم ودعاء سوء، وقد استعملها العرب استعمال «قاتله الله» في موضع الاستعجاب (13). ومن ذلک قوله (عليّه السلام): «ويلُ امّه کيلاً؟ بغير ثمّن» (14).
ص: 938
في حديث النبيّ (صلي الله عليّه وآله): «اليدُ العليّا خيرُ من اليد السُفلي»(1).
اليدُ العليا: يدُ المعطي. واليد السفلي: يد المستعطي. ولم يرد(صلي الله عليّه وآله) أنّ هناک عالياً وسافلاً وصاعداً ونازلاً، وإنّما أراد أنَّ المعطي في الرتبة فوق الآخذ، لأنّه المُنيل المُفضِل والمُحسِن المجمل. وإنّما کنّي( صلي الله عليّه وآله)باليدين لأنّ الأغلب أنّ يکون بهما الإعطاء والبذل، وبهما القبض والأخذ(2) من قولهم: أسديتُ إليه يداً، أي نعمة ومِنّة(3).وقول عليّ (عليّه السلام) : «مَن يُعطِ بِاليَدِ القَصِيرةِ يُعطَ باليَدِ الطَّويلَةِ»(4) کنّي باليد الطويلة عن العطاء الکثير، وبالقصيرة عن القليل(5). والعطاء الکثير هو عطاء الله، لأنّ يد الله ذات طول وقدرة، وباعتبار المعونة والقوّة في يد الله قال : «أَقيلوا ذَوِي المُرُوءَاتِ عَثَراتِهم ،فَمَا يَعثُر مِنهُم عَاثِرُ إلّا ويَدُ اللهِ بِيَدِه يرفَعُهُ»(6). وفي حديث عليّ( عليّه السلام) يحثّ أصحابه عليّ الجهاد: «وأحُثّکُم عَلَي جِهَادِ أهلِ البَغي فَمَا آتي عَلَي آخِرِ قولي حَتَّي أَرَاکُم مُتَفَرّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا»(7) أيادي سَبا: أي متفرقين ، وهما اسمان جُعلا اسماً واحداً مثل معديکرب، ويقال: أيدي سبأ وأيادي(8).
وهو في الأصل مثل ضرب لرجل من العرب ولد عشرة، تيامن منهم ستّة، وتشاءم منهم
ص: 939
أربعة.. فأمّا الذين تشاء موا فهم الذين أرسل عليّهم سيل العَرِم(1)وجاء في حديثه( عليّه السلام) في ذي الثديّة المقتول بالنهروان أنّه مُودَن اليد أو مُثدَن اليد أو مخدج اليد. قال الکسائي وغيره: المودن اليد: القصير اليد، يقال:
أودنتُ الشيء ، قصرته ، قال أبو عبيد : وفيه لغة أخري: ودنته فهو مودون. وقوله: مثدن
اليد، أخذه من ثُندوة الثدي، وهي أصله، شبّه يده في قصرها واجتماعها بذلک (2).وکنّي (عليّه السلام) عن الجمود والبخل بالعضّ علي : اليد بقوله: «يَأتِي عَلَي النَّاس زَمَانُ عَضُوضُ، يَعَضُّ المُوسِرُ فيه عَلَي ما في يَدَيهِ وَلَم يُؤمَر بِذَلِک»(3) ولمّا کانت المبايعة والمواثقة تجري بالأيدي ، وعليّها معتمدهم، جاء وصف عليّ عليّه السلام کفّ مروان بن الحکم باليهودية بقوله: «إنَّهَا کَفُّ يَهُودِيَّهُ»(4). لأنّ نزاع(5).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «کَالفَالِج اليَاسِرِ الّذي يَنتَظِرُ أَوَّلَ فَوزَةٍ مِن قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ المَغنَمَ»(6).
الياسر: المقامر. من المير، وهو القمار الذي کان أهل الجاهليّة يفعلونه (7). والفالِج: الغالِب في قِماره، وقد فَلَج أصحابه وعلا أصحابه إذا غلبهم، والاسم الفُلج بالضم(8).
والميسرة واليسار يقال للغني، وتيسَّر کذا واستيسر ، أي تسهّل وتهيّأ، ومنه أيسرت المرأة وتيسّرت في کذا، أي سهّلته وهيأته(9) ومنه فسّر الإمام موسي بن جعفر (عليّه السلام) قوله (صلي الله عليّه وآله ): «اعملوا فکلُّ ميسّر لما خُلِق له». بأنّ الله خلق الجنّ و الإنس ليعبدوه، ولم يخلقهم ليعصوه(10) وقول عليّ (عليّه السلام)«تَيسَّر لِسَفَرکَ»(11). أراد الإعداد والتأهّب لدار البقاء.
وفسّر حديثه قال: «اطعَنُوا اليَسر» ، بفتح الياء وسکون السين، هو الطعن حذاء
ص: 940
الوجه(1). وفسّر قوله : «قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليَسَارَين»(2)بأنّ اليسار عليّ وجهين: يسار بکثرة المال، ويسار بقلّة الإنفاق، فمن قلّ عيالُه ، قلّ إنفاقُه، ومن قلّ إنفاقه ما افتقر(3). وشيء يَسُر: قليل حقير، وقد يَسُر مثل حَقُر(4) ومن هذا جاء حديث عليّ( عليّه السلام): «وَاعلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرّيَاءِ شِرکُ»(5). لما في الرياء، وهو إظهار العمل للناس ليروه ويظنّوا به خيراً، من تضليل وخداع.
في حديث عليّ (عليّه السلام) : «فسُبحانَ مَن لايخفي عَليه سَوادُ غَسَقٍ داجٍ، ولا ليلٍ سَاجٍ، في بِقَاع الأرَضِينَ المُتطَاطِئاتِ، ولا في يَفَاعِ السُّفع المُتَجَاوِرَات»(6).
اليَفاعُ: المُشرِفُ من الأرض والجبل، وقيل: هو قطعة منهما فيها غلَظُ، وجبال يَفَعاتُ ويافعات: مُشرِفات. وکلّ شيء مُرتَفع فهو يَفاعُ. واليافعات من الأمر: ما علا وغَلَب منها (7) ومنه جاء وصف الرضاعة للإمام: «الإمام النارُ علي اليفاع ، الحارُّ لمن اصطلي به، والدليل في المهالک»(8) وفي حديث عليّ (عليّه السلام): «وَليداً ويَافِعاً»(9). أيفع الغلام فهو يافع ، إذا شارف الاحتلام ولمّا يحتلم، وهو من نوادر الأبنية. ومنه جاء الخبر: «خرج عبد المطلب ومعه رسول الله (صلي الله عليّه وآله )وقد أيفَعَ أو کَرَب»(10). وکَرَب: بمعني دَنا وقَرُبَ ، فهوکَارِبُ، ومنه : «الکروبيّون: سادة الملائکة» وهم المقرّبون (11).
وتيفّع: ارتفع في الشرف وغيره، وغلام يَقَاعُ ويَفَعُ ويافعُ ويَفَعةُ، ويُجمع اليافع علي اليُقعان، ويقال: غِلمان يَفَعةُ أيضاً وأيفاع وقد تيقفّع وأينع فهو يافع ، ولا يقال: مُؤفِعُ . ويافع الوليدةَ: فجر بها (12) ومن هذا جاء حديث الصادق (عليّه السلام): «لايُحبُّنا أهلَ البيت کذا وکذا،
ولا ولد المُيَافَعَة»(13). والشفع المتجاورات :
ص: 941
الجبال، وسمّاها سفعاً لأنّ السُّفعة سواد مشرب بحمرة ، وکذلک لونها في الأکثر (1).
في حديث عليّ( عليّه السلام) : «أيُّها اليَفَنُ الکَبيرالّذي قَد لَهَزهُ القَتِيرُ»(2).
اليفَنُ: الشيخ الهَرِم. قال الأعشي:
وما إنّ أري الموت فيما خلا***يغادرُ من شارخٍ أو يَفَن (3).
قال الليث: الياء فيه أصلية، وقال بعضهم:عليّ تقدير يَفعَل، لأنّ الدهر فنّه وأبلاه(4).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في وصف الطاووس:«ومع فَتقِ سَمعِه خطُّ کَمُستَدقَّ القَلَم في لونِ الأُقحوان، أبيَضُ يُقَقُ» (5).
اليقق: يقال: أبيض يقق: شديد البياض.واليقق: جُمّار النخل (6).
في حديث عليّ (عليّه السلام )في وصف الملائکة: «ويَمَّموه عِند انقطَاع الخَلق إلي المَخلُوقِين بِرَغبَتِهم »(7).
اليم: يممت کذا و تيممته: قصدته، وتيممته برمحي: قصدته دون غيره. (8). ويقال منه: أممتُ الشيء أؤُمّه أمّا وتأممته وتيممته (9). ومنه جاء قوله تعالي: ﴿فتيمموا صعيداً طيّباً﴾ (10) أي فتعمّدوا إلي تراب نظيف (11). وأصل التيمم، وهو المسح المعروف حسب حدود الشريعة، من هذا۔ قال أبو عبيد : کقولهم : ذهب إلي الغائط، وإنّما الغائط أصله المطمئن من الأرض، وهذا کثير جائز في الکلّام، أنّ يکون الشيء إذا طالت صحبته للشيء يُسمّي به (12). واليمَام: طائر ،يقال: إنّه الطير الذي يُستَفرَخ في البيوت(13).
و به سُمّيت بلدة اليمامة، وهي معدودة من نجد، وقاعدتها حجر (14). وإليها أشار عليّ( عليّه السلام)في کتابه إلي عثمّان بن حنيف :«ولعلَّ بالحجاز أو اليَمامِة من لاطَمَع له في
ص: 942
القُرص، ولا عَهدَ له بالشّبَع»(1).
في حديث عليّ (عليّه السلام): «ميامِينُ الرَّأي»(2).
الميمون: يقال: يُمِنَ ، فهو ميمون، ويمنهم فهو يامِنُ ، وجمعه ميامين، إذا صار مُبارَکاً عليهم. واليُمن: البرکة. واليمينُ : يمين الإنسان وغيره، وتصغير اليمين ِيُمَيَّن ،بالتشديد بلا هاء. واليمين في کلّام العرب علي وجوه: منها اليمين القُوّة والقدرة.
واليمين : المنزلة. واليمين الحَلِف والقسَمُ، أُنّثي، والجمع أيمان وأيمُنُ، واستيمنتُ الرجلَ : أستحلفته. وسُمّيت اليمين بذلک لأنّهم کانوا إذا تحالفوا ضرب کلّ امريء منهم يمينه علي يمين صاحبه. وقيل لناحية اليمن يَمَنُ لأنّها تلي يمين الکعبة، کما قيل لناحية
الشأم شأم لأنّها عن شمال الکعبة (3). ومن هذا جاء قوله (صلي الله عليّه وآله): «الإيمان يمانيُ والحکمة يمانية، ولولا الهجرة لکنتُ امرءاً من أهل اليمن»(4) قيل: إنّما قال ذلک لأنّ الإيمان بدأ من مکّة، وهي من تِهامة، وتِهامة من أرض اليمن، ولهذا يقال الکعبة اليمانية. وقيل: إنّه قال هذا القول وهو بتبوک، ومکّة والمدينة يومئذٍ بينه وبين اليمن ، فأشار إلي ناحية اليمن، وهو يرد مکّة والمدينة. وقيل: أراد بهذا القول الأنّصار لأنّهم يمانون ، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين و آوَؤهم، فنُسب الايمان إليهم (5). ومنه حديثه الآخر : «أتاکم أهل اليمن هم ألينُ قلوباً، وأرقُّ أفئدةً» قيل: هم الأنّصار(6).
في حديث عليّ (عليّه السلام) لما قُبِض رسول الله (صلي الله عليّه وآله)وأرادوا له الخلافة: «هذا مَاءُ آجِن، ولُقمَةُ يَغَصُّ بها آکِلّهُا. ومُجتني الثَّمّرة لِغَير وَقتِ إيناعِها کالزّارعِ يِغَير أرضِه»(7).
إيناع الثمّرة: نضوجها وإدراکها، يقال: يَنَع الثَّمر يَينَع ويَينِع يَنعَاً ويُنعاً ويُنوعاً (8). ومنه قوله تعالي : ﴿انظروا إلي ثمّره إذا أثمّر وَيَنعِه﴾ (9).
في حديث عليّ (عليّه السلام) في صفة الملائکة :
ص: 943
«وفي عِظَم الجِبال الشُّمَّخِ، وفي قَترة الظَّلاَمِ الأيهَم» (1).
الأيهم: يقال: ليل أيهم: نجوم فيه. والأيهم: البلد الذي لا علم به. واليهماء فلاة ملساء ليس بها نبت ، والأرض التي لا أثر فيها ولا طريق ، ولا يُهتدي فيها، وهي أکثراستعمالاً من الهيماء. والأيهم: الأصم، وقيل: الأعمي، وقيل: الشجاع الذي لا يُستطاع دفعه. والأيهمان عند أهل الأمصار: السيل والحريق لأنّه لا يُهتدي فيهما کيف العمل وکذلک يقال للجمل الهائج الصؤول(2) وفي الحديث : «کان النبي (صلي الله عليّه وسلم) يتعوّذ من الأيهمين» هما: السيل والحريق(3)
في کتاب عليّ (عليّه السلام) إلي قثم بن العبّاس: «فَأَقِم لِلنَّاسِ الحَجَّ ، وذَکّرهُم بأيَّام الله، واجلِس لَهُم العَصرَين»(4).
اليوم: يُعبّر به عن وقت طلوع الشمس إلي غروبها. وقد يُعبّر به عن مدّةِ من الزمان أيَّ مدّةٍ کانت (5) وأيّام الله: نعماؤه
وبلاؤه(6) ومن هذا جاء قوله تعالي :﴿وذکّرهم بأيّام الله إنّ في ذلک لآياتٍ لکلَّ صبّار شکور﴾ (7) وإضافة الأيام إلي الله تعالي تشريف لأمرها لما أفاض الله عليّهم من نعمه فيها»(8)والعرب تقول الأيام في معني الوقائع، يقال: هو عالم بأيّام العرب، أي وقائعها، وإنّما خصّوا الأيام دون ذکر الليالي في الوقائع لأنّ حروبهم کانت نهاراً (9)وعبّروا عن الشدّة باليوم، ويقال لمن جدَّ في العمل: هو طويل اليوم. ويوم ذو أيّام، أي شديد، ويقال للمتهجّد: هو طويل اليوم، لأنّه يصل سهر ليله بيومه(10). وقوله صلي الله عليّه وسلم : «ما أَنّقَضَ النَّؤمَ لِعَزائِم اليَومِ»(11)، مثل ، وأصله أنّ الإنسان يعزم في النهار عليّ المسير بالليل التقريب المنزل، فإذا جاء الليل نام إلي الصباح فينتقض عزمه (12).
ص: 944
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام عليّ نبيّه محمّد وعترته الميامين
تمّ الکتاب بيد العبد المحتاج إلي رحمة الله الغني المغني، والمُسمّي
عادل بن عبد الرحمن بن لفتة عليّ البدري عفا الله عنه وعن والديه،
والرجاء ممّن ينتفع بهذا الکتاب أنّ يدعو لنا بالمغفرة .
وقد تم الفراغ منه في عام 1420ه ق في مشهد
الإمام الرضا عليّه آلاف التحية والسلام،
مصلّياً ومسلّماً عليه وعلي آبائه
ومستلهماً وراجياً إفاضات
علومهم
ص: 945
ص: 946
المقدمة....7
حرف الألف..15.
حرف الباء ....49
حرف التاء...95
حرف الثاء...103
حرف الجيم....113
حرف الحاء...159
حرف الخاء...217
حرف الدال ....257
حرف الذال ...289
حرف الراء...299
حرف الزاي....351
حرف السين ....369
حرف الشين ....429
حرف الصاد ....467
حرف الضاد . ....497
حرف الطاء ....509
حرف الظاء ....529
ص: 947
حرف العين...535
حرف الغين. ...603
حرف الفاء...635
حرف القاف ...671
حرف الکاف . ...719
حرف اللام .. ...745
حرف الميم ...773
حرف النون...805
حرف الهاء . ...869
حرف الواو....893
حرف الياء...939
ص: 948