منتخب مدينة المعاجز

هویة الکتاب

منتخب مدينة المعاجز

تأليف :السيّد هاشم بن سليمان البحراني المتوفى (1107 ه-)

تحقیق :السيّد مؤيد الموسوى

نشر :مؤسسة المعارف الإسلامية

ص: 1

اشارة

ص: 2

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

ص: 3

مدینة المعاجز برگزیده

منتخب مدينة المعاجز / هاشم بن سليمان البحراني : تحقيق مؤيد

الموسوی - قم بنیاد معارف اسلامي ، 1385،

462 ص ISBN: 964 - 7777-57-2

فهرست نویس بر اساس اطلاعات فیبا

عربی

کتابنامه به صورت زیرنویس

1 . ائمه اثنا عشر - معجزات 2 . احادیث شیعه - قرن 11 .ق.

الف . موسوی ، مؤيد ب . بنیاد معارف اسلامی ، ج . عنوان د . عنوان: مدينة المعاجر برگزیده

407م 3 ب /36/5 BP 297/95

1385

کتابخانه ملی ایران

85 -16532

هوية الكتاب

اسم الكتاب : منتخب مدينة المعاجز

تأليف : السيد هاشم بن سليمان البحراني (رحمه الله)

تحقيق : السيّد مؤيد الموسوي

نشر: مؤسّسة المعارف الإسلامية

الطبعة : الأولى 1427 ه- . ق

المطبعة : عترت

العدد : 3000 نسخة

شابك : 2-57-7777-964

isbn : 964-7777-57-2

كافة حقوق الطبع والنشر محفوظه لمؤسسة المعارف الإسلامية - قم

ص. ب 37185/768 - تلفن 7732009 - فاکس 7743701

www.maaref islami.com

E-mail:info@maaref islami.COM

ص: 4

مُقدِّمة :

عملنا في الكتاب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد وآله الطيبين الطاهرين

و بعد

الوجيز الذي بين يديك قارئي الكريم هو منتخب مدينة المعاجز لمؤلّفه العلامة الحبر السيد هاشم البحراني المتوفى (1107 ه-)، والذي يشتمل على ألفي وسبعمائة معجزة أو كرامة لأئمة أهل البيت عليهم السلام إبتداءً من الإمام أمير المؤمنين وإنتهاء بالامام المهدي (عجّل الله تعالی فرجه ) ، انتخبت منها خمسمائة وأربعين معجزة، وأعتقد أنها تعطي صورة واضحة من الكتاب الأصل دون الإخلال بأهدافه ومضامينه.

و لا شك أن للإختصار في عصرنا هذا أهمية كبيرة، خاصة إختصار الكتب المبسوطة المرتبطة بسيرة أهل البيت عليهم السلام فتوضع زبدتها بين يدي القارىء المعاصر لينتفع بها بأقصر وقت وأيسر طريق ، حتّی لا يصيبه الملل ولا تختلط عليه الأفكار.

و من هذه الكتب القيمة هو كتاب (مدينة معاجز الائمة الإثني عشر المترامي الأطراف، والذي يضم بين دفتيه آلاف الروايات المتشابهة في المضمون والمتكرّرة بأسانيد مختلفة، قد لا ينتفع بها من لا شأن له بعلم الحديث والدراية، وإن كانت ضرورية لذوي الاختصاص من طلبة العلم والمحققين.

و من هنا بدأ عملي في هذا الكتاب.

ص: 5

1 - حذفت الروايات المتشابهة من حيث المضمون أو المتكرّرة بأسانيد مختلفة ومن مصادر متعدّدة، ساعياً أن لا يحدث هذا الحذف خللاً في هدف الكتاب الذي اهتم به المؤلّف الجليل.

2- انتخبت (540) معجزة من بين أكثر من (2700) معجزة، اختص بمئة منها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وبالمتبقّي منها للائمة من ولده لكل إمام أربعون معجزة.

3- لمّا كانت النسخة المعتمدة غير خالية من الأغلاط المطبعية والإملائية فقد قمت بتقويم نصه، وإصلاح أخطائه، وتعديل عباراته، لتنسجم مع قواعد اللغة العربية.

4- لم أضف شيئاً من عندي إلا ما دعت الحاجة إليه من زيادة كلمة أو حرف مع الالتزام بالمحافظة على معانيه ومقاصده.

و في الختام أسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا هذا القليل، وأن يجعله من كرائم الذخر لي ولوالدي يوم لا ينفع مال ولا بنون إنه ولي القصد والسداد

قم المقدسة - 1425ه-

السيد مؤيد السيد مهدي الموسوي

البحراني المتوفى (1107ه)

ص: 6

المؤلف في سطور

إسمه ونسبه: السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن السيد ناصر الحسيني البحراني التوبلي الكتكاني (رحمه الله). وكان من أولاد السيد المرتضى - رضوان الله عليه - ويعود نسب السيد المرتضى إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم علیه السلام.

حياته وسيرته: ولد السيد هاشم في قرية كتكان (1) في النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري، ثمّ إرتحل إلى النجف الأشرف وأقام فيها مدة طلباً للعلم، ثم عاد الى البحرين، و أقام فيها حتّی توفّى (رحمه الله) في سنة (1107 أو 1109) من الهجرة النبويّة المباركة في قرية نعيم، ثمّ نقل إلى قرية توبلي(2)، ودفن في مقبرة ماتيني، وقبره اليوم مزار معروف فيها.

و قد وصفه الرجاليّون (الإمامي، الفاضل ،العالم ، الماهر، المدقق، الفقيه ، العارف بالتفسير والعربية والرجال ، المحدث، الجامع ،المتتبع للأخبار مما لم يسبق إليه سوى شيخنا المجلسي (رحمه الله) الصالح ، الورع، العابد، الزاهد، الثقة...)

و يكفي في نزاهته وقداسته مقالة المحدّث القمي (رحمه الله) فيه، حيث قال: «و بلغ في القدس والتقوى بمرتبة، قال صاحب الجواهر فى بحث العدالة: لو كان معنى العدالة الملكة دون حسن الظاهر ، لا يمكن الحكم بعدالة شخص أبداً إلا في مثل المقدّس الأردبيلي السيد هاشم على ما نقل من أحوالهما».

ص: 7


1- كتكان قرية من قرى البحرين
2- توبلي: من أعمال البحرين

مشايخه وأساتذته:

1 - السيد عبد العظيم الأسترآبادي، وكان من أبرز تلاميذ الشيخ البهائي (رحمه الله) .

2 - الشيخ فخر الدين الطريحي، الفقيه الأصولي اللغوي المحدّث.

تلامذته والراوون عنه:

1 - الشيخ شمس الدين سليمان الماحوزي (المحقق البحراني).

2 - الشيخ علي بن عبدالله بن راشد المقابي البحراني.

3 - الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي (صاحب كتاب وسائل الشيعة).

4 - السيّد محمّد العطار بن السيد علي البغدادي.

5 - الشيخ محمود بن عبد السلام المُعني البغدادي.

6 - الشيخ هيكل الجزائري بن عبد العلي الأسدي.

مؤلّفاته :

قال صاحب رياض العلماء: إن كتبه تبلغ خمسة وسبعين مؤلفاً بين صغير ووسيط وكبير أذكر بعضها للمثال لا الحصر:

1 - إثبات الوصية.

2 - إحتجاج المخالفين على إمامة أمير المؤمنين (علیه السّلام) .

3 - البرهان في تفسير القرآن.

4 - تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب.

5 - تعریف رجال من لا يحضره الفقيه.

ص: 8

6 - سير الصحابة.

7 - فضل الشيعة.

8 - مدينة معاجز الأئمة الإثنى عشر.

9 - روضة العارفين.

10 - سلاسل الحديد وتقييد أهل التقليد.

ص: 9

ص: 10

معاجز أمير المؤمنين الإمام علي (علیه السّلام)

معاجز مولده (علیه السّلام)

ص: 11

ص: 12

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1 - الشيخ الطوسي في كتاب المجالس قال: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن أحمد ابن شاذان، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن أيّوب، قال: حدّثنا عمر بن الحسن القاضي، قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد، قال حدّثنی أبو حبيبة، قال: حدّثنی سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عائشة.

قال محمّد بن أحمد بن شاذان: وحدّثنی سهل بن أحمد، قال: حدّثني أحمد بن عمر الزبيقي، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة عن أنس بن مالك عن العبّاس بن عبد المطلب.

قال ابن شاذان: وحدّثني إبراهيم بن علي بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد السلام عن آبائه (علیهما السّلام) قال : كان العبّاس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة (علیها السّلام) بنت أسد بن هاشم أمّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) وكانت حاملةً بأمير المؤمنين (علیه السّلام) لتسعة أشهر،

ص: 13

وكان يوم التّمام.

قال: فوقفت بإزاء البيت الحرام وقد أخذها الطّلق فرمت بطرفها نحو السماء وقالت: أي ربّ إنّي مؤمنة بك، وبما جاء به من عندك الرسول، بكل نبي من أنبيائك، وكلّ كتاب أنزلته، وإنّي مصدقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل، وإنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت ومن بناه، وبهذا المولود الذي في أحشائي، الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه، وأنا موقنة أنه إحدى آياتك ودلائلك لما يسرت عليّ ولادتي.

قال العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب: فلمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء رأينا البيت قد انفتح من ظهره، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا، ثمّ عادت الفتحة والتزقت بإذن الله، فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا فلم ينفتح الباب، فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيّام قال: وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك وتتحدّث المخدّرات في خدورهنّ.

قال: فلما كان بعد ثلاثة أيّام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة وعلي (علیه السّلام) على يديها، ثمّ قالت: معاشر الناس إنّ الله عزّ وجلّ اختارني من خلقه، وفضّلني على المختارات ممّن مضى قبلي، وقد اختار اللّه آسية بنت مزاحم، فإنّها عبدت الله سرّاً في موضع لا يحبّ الله أن يعبد فيه إلّا اضطراراً، وأن مريم بنت عمران هانت ويسرت عليها ولادة عيسى فهزّت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتّى تساقط عليها رطباً جنّياً .

و أنّ الله اختارني وفضّلني عليهما وعلى كلّ من مضى قبلي من نساء العالمين، لإني ولدت في بيته العتيق، وبقيت فيه ثلاثة أيام أكل من ثمار الجنّة وأرزاقها.

فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف هتف بي هاتف وقال: يا فاطمة سمّيه عليّاً

ص: 14

فأنا العليّ الأعلى، وإنِّي خلقته من قدرتي وعزّ جلالي وقسط عدلي، واشتققت اسمه من اسمي، وأدّبته بأدبي، وفوّضت إليه أمري، ووقفته على غامض علمي، وولد في بيتي، وهو أوّل من يؤذّن فوق بيتي، ويكسر الأصنام ويرميها على وجهها، ويعظّمني ويمجّدني يهلّلني، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيّي وخيرتي من خلقي محمّد رسولي ووصيّه، فطوبى لمن أحبّه ونصره، والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه (الخبر) (1).

سماعه لوطأة جبرائيل

2 - من طريق المخالفين عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن عبد الله بن الحسن الحرّاني، قال: حدّثنا سويد بن سعيد ، عن حسين، عن ابن عباس قال: ذكر عنده علي بن أبي طالب (علیه السّلام) فقال : إنّكم لتذكرون رجلاً كان يسمع وطء جبرئيل فوق بيته (2).

حديث ردّ الشمس

3 - ابن شهر آشوب قال: روت أمّ سلمة وأسماء بنت عميس وجابر الأنصاري أبوذر وابن عباس والخدرى وأبو هريرة والصادق (علیه السّلام) أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) صلّى بكراع الغميم، فلمّا سلّم نزل عليه الوحي، وجاء علي (علیه السّلام) وهو على تلك الحال، فأسنده إلى ظهره، فلم يزل على تلك الحال حتّى غابت الشّمس، والقرآن ينزل على النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فلمّا تمّ الوحي قال: يا عليّ صلّيت؟ قال: لا، وقصّ عليه. فقال: أدع اللّه ليردّ عليك الشمس، فسأل الله فردّت عليه الشمس بيضاء نقية (3).

ص: 15


1- أمالي الطوسي: ج 317/2؛ أمالي الصدوق 114 ، ح 9؛ مناقب إبن المغازلي 6، ح 3؛ الفصول المهمة 30 كفاية الطالب 405 ، ب 7 .
2- فضائل الصحابة لابن حنبل 653/2 ح 1112.
3- مناقب ابن شهر آشوب ،317/2 ، مشكل الأثار 388/4 .

رد الشمس مرة أخرى

4 - أبو علي الطبرسي في كتاب إعلام الورى، والشيخ المفيد في الإرشاد: عن أمّ سلمة زوج النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري في جماعة من الصحابة أنّ النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كان ذات يوم في منزله وعلي بين يديه إذ جاء جبرئيل يناجيه عن الله عزّ وجلّ، فلمّا تغشاه الوحي توسّد فخذ أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فلم يرفع رأسه عنه حتّی غابت الشمس، وصلّى صلاة العصر جالساً بالإيماء.

فلما أفاق قال له: أدع الله ليردّ عليك الشمس، فإنّ الله يجيبك لطاعتك الله ورسوله، فسأل الله عزّ وجلّ أمير المؤمنين في ردّ الشمس، فردّت عليه حتّی صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلّى أمير المؤمنين (علیه السّلام) الصلاة في وقتها، ثم غربت.

و قالت أسماء بنت عميس: أما والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً كصرير المنشار في الخشب . (1)

إحياء أبي اليهودي

5 - البرسي: عن الرضا (علیه السّلام) عن آبائه الطاهرين (علیهم السّلام) أن يهودياً جاء إلى أبي بكر في ولايته، وقال له: إنّ أبي قد مات، وقد خلّف كنوزاً، ولم يذكر أين هي فإن أظهرتها كان لك ثلثها، وللمسلمين ثلث آخر، ولي ثلث، وأدخل في دينك.

فقال أبو بكر: لا يعلم الغيب إلا اللّه. فجاء إلى عمر، فقال له مقالة أبي بكر، ثمّ دلّه على علي (علیه السّلام)، فجاء فسأله.

فقال له: رُح إلى بلد اليمن واسأل عن وادي برهوت بحضرموت، فإذا حضرت الوادي فاجلس هناك إلى غروب الشمس ، فسيأتيك غرابان سود مناقيرهما تنعب فاهتف باسم أبيك وقل له: يا فلان أنا رسول وصيّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إليك كلّمني، فإنّه يكلمك، فاسأله

ص: 16


1- الإرشاد للمفيد : 182، إعلام الورى: 180 .

عن الكنوز، فإنّه يدلّك على أماكنها.

فمضى اليهودي إلى اليمن وإستدلّ على الوادي وقعد هناك، وإذا بالغرابين قد أقبلا فنادى أباه، فأجابه وقال: ويحك ما أقدمك على هذا الموطن، وهو من مواطن أهل النّار؟ فقال: جئت أسألك عن الكنوز أين هي ؟

فقال: في موضع كذا وكذا في حائط كذا وقال له: يا ويلك اتبع دين محمّد تسلم فهو النّجاة، ثم انصرف الغرابان، ورجع اليهودي فوجد كنزاً من ذهب وكنزاً من فضّة، فأوقر بعيراً وجاء به إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّداً رسول الله، وأنك وصيّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وأخوه ،وأمير المؤمنين حقاً كما سمّيت، وهذه الهدية فاصرفها حيث شئت، فأنت وليّه في العالمين(1) .

مسخ رجل سلحفاة

6 - عيون المعجزات: عن أبي التحف يرفعه برجاله إلى عمّار بن ياسر ذي الفضل و المآثر - رفع الله درجته - قال: كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين (علیه السّلام) إذ دخل عليه رجل وقال: يا أمير المؤمنين إليك المفزع والمشتكى، فقد حلَّ بي ما أورثني سقماً وألماً.

فقال الله : ما قصّتك ؟

قال: ابن عليّ بن دوالب الصّيرفي غصبني زوجتي، وفرّق بيني وبين حليلتي، وأنا من حزبك وشيعتك، فقال: ائتني بالفاسق الفاجر. فخرجت إليه وهو يعرض أصحابه في سوق يُعرف بسوق بني الحاضر، فقلت: أجب من لا يجوز عليه بهرجة الصرف (2)، فنهض قائماً وهو يقول: إذا نزل التقدير بطل التّدبير، حتّی أوقفته بين يدي أمير المؤمنين (علیه السّلام)

ص: 17


1- مشارق أنوار اليقين 81 .
2- بهرجة الصرف الرّديء والباطل من الدّراهم.

و رأيت بيد مولاي قضيباً من العوسج .

فلمّا وقف الصيرفي بين يديه قال: يا من يعلم مكنون الأشياء وما في الضمائر والأوهام، ها أنا ذا واقف بين يديك وقوف الذّليل المستسلم إليك، فقال: يا لعين ابن اللعين، والزّنيم ابن الزّنيم أما تعلم أني أعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، وأني حجة الله في أرضه بين عباده، تفتك بحرم المؤمنين أتراك أمنت عقوبتي عاجلاً، وعقوبة الله آجلاً.

ثمّ قال: يا عمّار جرّده من ثيابه .ففعلت ما أمرني به مولاي، فقام إليه وقال: والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لا يأخذ قصاص المؤمن غيري ، ثمّ قرعه بالقضيب على كبده وقال: اخسأ لعنك الله.

فقال النّقة الأمين عمّار: فرأيته واللّه قد مسخه الله سلحفاة.

ثم قال له : رزقك الله في كل أربعين يوماً شربة من الماء، ومأواك القفار والبراري، هذا جزاء من أعار طرفه وقلبه وفرجه، ثمّ ولّى وتلا:

وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (1).

قال: ثمّ قال عمّار : ثم جعل (علیه السّلام) يقول شعراً:

يقول قلبي لطرفي : *** أأنت كنت الدَّليلا

قال طرفي لقلبي: *** أأنت كنت الرَّسولا

فقلت: كفّا جميعاً *** تركتماني قتيلا (2)

ص: 18


1- البقرة 65 - 66 .
2- عيون المعجزات: 39 .

خبر الأسْوَد ويده المقطوعة

7 - البرسي: في حديث طويل عن الأصبغ بن نباتة: قال: ابن الكواء: فدخلت إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقلت يا سيدي رأيت عجباً. قال: وما رأيت؟

قلت صادفت أسوداً وقد قطعت يمينه، وقد أخذها بشماله وهي تقطر دما، فقلت له: يا أسود من قطع يمينك؟

قال: سيّدي أمير المؤمنين، فأعدت عليه القول، وقلت له: ويحك قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كلّه ؟

فقال: ما لي لا أثني عليه وقد خالط حبّه لحمي ودمي والله ما قطعها إلا بحق أوجبه الله تعالى .

قال: فالتفت أمير المؤمنين (علیه السّلام) إلى ولده الحسن وقال له : قم هات عمّك الأسود.

قال : فخرج الحسن (علیه السّلام) في طلبه فوجده في موضع يقال له كندة ، فأتى به إلى أمير المؤمنين فقال له: يا أسود قطعت يمينك وأنت تثني عليّ؟

فقال : يا مولاي يا أمير المؤمنين ما لي لا أنني عليك وقد خالط حبّك لحمي ودمي؟ فوالله ما قطعتها إلا بحق كان عليّ مما ينجي من عاهات الآخرة.

فقال (علیه السّلام) : هات يدك، فناوله إيّاها، فأخذها ووضعها في الموضع الذي قطعت منه، ثمّ غطّاها بردائه، وقام فصلى (علیه السّلام) ودعا بدعوات لم تردّ، وسمعناه يقول في آخر دعائه: آمين، ثمّ شال الرداء وقال: اضبطي أيتها العروق كما كنت اتّصلي.

قال: فقام الأسود وهو يقول : آمنت بالله وبمحمّد رسول الله، وبعليّ الّذي ردّ اليد القطعاء بعد تخليتها من الزند، ثم انكب على قدميه وقال: بأبي أنت وأمي يا وارث علم النبوة (1).

ص: 19


1- الروضة 42 ؛ الفضائل 172 .

نقصان الفرات بدعائه

8- ابن شهر آشوب: قال : واستفاض بين الخاصّ والعامّ أنّ أهل الكوفة فزعوا إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) من الغرق لما زاد الفرات، فأتى (علیه السّلام) بشاطىء الفرات، وأسبغ الوضوء صلّى منفرداً، ثمّ دعا اللّه ، ثمّ تقدّم إلى الفرات متوكئاً على قضيب بيده حتّى ضرب به صفحة الماء، وقال: أنقص بإذن الله ومشيئته، فغاض الماء حتّی بدت الحيتان، فنطق كثير منها بالسّلام عليه بإمرة المؤمنين، ولم ينطق منه أصناف من السّمك، وهي الجرّيّ والمارماهيّ والزّمّار ، فتعجب الناس لذلك وسألوه عن علّة ما نطق وصمت ما صمت.

فقال (علیه السّلام) : أنطق الله لي ما طهر من السموك، وأصمت عنّي ما حرمه ونجّسه وأبعده (1).

علمه بالغيب

9 - محمّد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمّد والحسن بن علي ابن النعمان، عن أبيه علي بن النعمان، عن محمّد بن سنان يرفعه قال: إنّ عائشة قالت: التمسوا لي رجلاً شديد العداوة لهذا الرّجل حتّی أبعثه إليه.

قال: فأتيت به، فمثل بين يديها، فرفعت إليه رأسها، فقالت له: ما بلغ من عداوتك لهذا الرّجل ؟

قال: فقال لها: كثيراً ما أتمنّى على ربي أنه هو وأصحابه في وسطي فضربت ضربة بالسيف يسبق السيف الدم.

قالت: فأنت له، فاذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعناً رأيته أو مقيماً، أما إنّك إن

ص: 20


1- المناقب لابن شهر آشوب 330/2؛ الإرشاد: 183؛ إعلام الورى : 182 .

رأيته راكباً على بغلة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) متنكّباً قوسه، معلّقاً كنانته على قربوس سرجه، وأصحابه خلفه كأنهم طير صوافّ، فتعطيه كتابي هذا ، وإن عرض عليك طعامه وشرابه فلا تناولن منه شيئا، فإنّ فيه السِّحر !

قال: فاستقبلته راكباً كما قالت فناولته الكتاب، ففض خاتمه ثم قرأه، فقال: تبلغ إلى منزلنا فتصيب من طعامنا وشرابنا فنكتب جواب كتابك.

فقال : هذا والله ما لا يكون!

قال: فسار خلفه فأحدق به أصحابه، ثمّ قال له: أسألك؟ قال: نعم، قال: وتجيبني؟ قال: نعم

قال: فنشدتك اللّه هل قالت: التمسوا لي رجلاً شديد العداوة لهذا الرجل فأتي بك ،فقالت لك ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل؟

فقلت: كثيراً ما أتمنّى على ربّي أنه وأصحابه في وسطي، وإنّي ضربت ضربة بالسّيف يسبق السّيف الدّم؟

قال: اللّهم نعم .

قال: فنشدتك الله، أقالت لك: اذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعناً كان أو مقيماً، أما إنّك إن رأيته راكباً بغلة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) متنكّباً قوسه، معلّقاً كنانته بقربوس سرجه، وأصحابه خلفه كأنهم طير صواف فتعطيه كتابي هذا؟

قال: اللّهم نعم.

قال: فنشدتك بالله هل قالت لك : إن عرض عليك طعامه وشرابه فلا تناولنّ منه شيئاً فإنّ فيه السحر؟

قال: اللّهم نعم .

قال: فمبلّغ أنت عني؟

ص: 21

فقال: اللّهم نعم، فإنّي قد أتيتك وما في الأرض خلق أبغض إليَّ منك، وأنا السّاعة ما في الأرض خلق أحبّ إليَّ منك، فمر لي بما شئت.

قال: ارجع إليها بكتابي هذا، وقل لها: ما أطعت الله ولا رسوله حيث أمرك اللّه بلزوم بيتك، فخرجت تردّدين في العساكر، وقل لهما ما أنصفتها الله ولا رسوله حبي خلّفتم حلائلكم في بيوتكم وأخرجتم حليلة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

قال: فجاء بكتابه فطرحه إليها وأبلغها مقالته، ثم رجع إليه فأصيب بصفّين.

فقالت ما نبعث إليه بأحد إلّا أفسده علينا (1).

علمه بما يكون

10 - الشيخ المفيد في الإختصاص: أحمد وعبد اللّه ابنا محمّد بن عيسى و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب وعن أبي حمزة الثمالي ، عن سويد بن غفلة، قال: كنت أنا عند أمير المؤمنين (علیه السّلام) إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين جئتك من وادي القرى وقد مات خالد بن عرفطة، فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) : إنه لم يمت فأعاد عليه الرّجل، فقال (علیه السّلام) له: لم يمت ،وأعرض عنه بوجهه، فأعاد عليه الثالثة، فقال: سبحان الله أخبرك أنه قد مات فتقول: لم يمت؟

فقال علي (علیه السّلام) : والذي نفسي بيده لا يموت حتّی يقود جيش ضلالة يحمل رايته حبيب بن جمّاز .

قال: فسمع ذلك حبيب بن جماز فأتى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال له: أنشدك اللّه فيّ، فإنّي لك شيعة، وقد ذكرتني بأمر لا والله لا أعرفه من نفسي.

فقال له علي (علیه السّلام) : ومن أنت؟

ص: 22


1- بصائر الدرجات 243، ح 4 ؛مناقب ابن شهر آشوب 260/2 .

قال: أنا حبيب بن جماز

فقال له علي (علیه السّلام) : إن كنت حبيب بن جماز فلا يحملها غيرك أو فلتحملتها. فولّى عنه حبيب وأقبل أمير المؤمنين (علیه السّلام) يقول: إن كنت حبيباً، لتحملتها.

قال أبو حمزة: فوالله ما مات خالد بن عرفطة حتّی بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي (علیه السّلام) وجعل خالد بن عرفطة على مقدّمته، وحبيب بن جمّاز صاحب رايته (1).

معرفته بحال المرأة

11 - محمّد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن أيوب، عن عمرو بن شمر ، عن جابر، عن أبي جعفر(علیه السّلام) قال: بينا أمير المؤمنين (علیه السّلام) في مسجد الكوفة إذ جاءته امرأة تستعدي على زوجها، فقضى لزوجها عليها، فغضبت وقالت: لا والله لا الحق فيما قضيت، وما تقضي بالسّويّة، ولا تعدل في الرعيّة، ولا قضيّتك عند الله بالمرضيّة.

فنظر إليها ملّياً، ثمّ قال لها: كذبت يا جريّة (2)، يا بذيّة (3) ، يا سلع (4)، يا الّتي : لا تحبل من حيث تحبل النّساء قال: فولّت المرأة هاربة وهي تولول وتقول: ويلي ويلي - ثلاثاً - لقد هتكت سرّاً يا بن أبي طالب كان مستوراً.

قال: فلحقها عمرو بن حريث فقال: يا أمة الله لقد استقبلت عليّاً بكلام سررتني به، ثمّ نزعك بكلمة فوليت عنه هاربة تولولين!

فقالت: إنّ عليّاً (علیه السّلام) والله أخبرني بالحقّ، وبما أكتم من زوجي منذ ولي عصمتي

ص: 23


1- الاختصاص 280 ؛ الخصائص 52 الإصابة 409/1؛ الإستيعاب 413/1.
2- الجريّة : خَرَجَ في جسدها ما يشبه الصغير من الثّمار.
3- البذيّة: بذيئة اللسان.
4- السلعة: زيادة تحدث في الجسد كالغدّة.

ومن أبويّ، فرجع عمرو إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فأخبره بما قالت له المرأة، وقال له فيما :يقول: ما أعْرَفَكَ بالكهانة.

قال له (علیه السّلام) : يا عمرو ويلك إنها ليست بالكهانة شيء منّي، ولكن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام فلما ركب الأرواح فى أبدائها كتب بين أعينهم مؤمن أو كافر، وما هم به مبتلون وما هم عليه من سَيّىء عملهم وحسنه في قدر أذن الفأرة، ثمّ أنزل بذلك قرآناً على نبيّه.

فقال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فكان رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) هو المتوسّم، ثمّ أنا من بعده والأئمة من بعدي من ذرّيتى هم المتوسمون ، فلمّا تأملتها عرفت ما هي عليها بسيماها (1) .

طاعة الباب له

12 - الشيخ المفيد في الاختصاص: روي أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام) كان قاعداً في المسجد وعنده جماعة من أصحابه، فقالوا له: حدّثنا يا أمير المؤمنين.

فقال لهم: ويحكم إن كلامي صعب مستصعب، لا يعقله إلّا العالمون.

قالوا: لابدّ من أن تحدّثنا.

قال: قوموا بنا، فدخل الدار، فقال: أنا الذي علوت فقهرت، أنا الذي أحيي وأميت، أنا الأوّل والآخر والظاهر والباطن، فغضبوا وقالوا: كفر ! فقاموا.

فقال علي (علیه السّلام) : يا باب أمسك عليهم، فاستمسك عليهم الباب، فقال: ألم أقل لكم: إنّ كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلّا العالمون؟ تعالوا أفسّر لكم.

ص: 24


1- بصائر الدرجات 354 ح 2 ، الإختصاص 302 .

أما قولي: أنا الذي علوت فقهرت، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتّى آمنتم باللّه ورسوله.

و أما قولي: أنا أحبي وأميت، فأنا أحيي السّنة، وأميت البدعة.

و أما قولي أنا الأوّل، فأنا أول من آمن بالله وأسلم.

و أما قولي: أنا الآخر، فأنا آخر من سجى على النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ثوبه ودفنه.

و اما قولي: أنا الظاهر والباطن، فإنّ عندي علم الظاهر والباطن.

قالوا: فرّجت عنا فرّج الله عنك (1).

جزاء من يسبّه

13 - السيّد الرّضي في المناقب الفاخرة : أخبرنا المبارك بن سرور قراءة عليه، قلت: أخبركم القاضي أبو عبدالله، عن أبيه (علیهم السّلام) قال : حدّثنا أبوبكر بن طاوان، عن القاضي أبي الفرج الخيوطي، قال: حدّثنا القاضي أبو علي إسماعيل بن محمّد كما يرى الفقيه الحنفي، عن أبي بكر بن سهل بن ندى الواسطي، أبو غالب بن أحمد بإسناده عن سعد بن طهمان الفقراني، قال: سمعت أبا معاوية يقول: أدركت خطباء أهل الشام بواسط في زمن بني أميّة، وكان إذا مات لهم ملك، وقام مقامه آخر، قام خطيبهم فذكر القائم فيهم، ثم يذكر عليّاً (علیه السّلام) ويسبّه.

فحضرت يوماً معهم في مسجد الجامع وقد قام خطيبهم، فحمد اللّه وأثنى عليه وذكر طاعتهم لوليهم وذكر عليّاً (علیه السّلام) فسبّه، فدخل علينا ثور من باب المسجد، فشقّ الصفوف حتّی صعد المنبر، فوضع قرونه في صدر الخطيب وألزقه بالحائط وعصره فقتله - لعنة الله عليه والملائكة والناس أجمعين - ثمّ نزل راجعاً وشقّ الصفوف شقاً وخرج، فتبعه

ص: 25


1- الإختصاص 163.

العالم إلى أن وصل دجلة فنزلها وعبرها، فنزلوا في السّفن ليعاينوه أين يمضي، فصعد من الماء وفقدوه، وسمعت هذا الخبر من الإمام كامل الدين بن وزير الواسطي ببغداد (1).

هروب إبليس عنه يوم بدر

14 - إبن شهر آشوب: من تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح عن ابن عباس أنه لمّا تمثّل إبليس لكفّار مكة يوم بدر على صورة سراقة بن مالك، وكان سائق عسكرهم إلى قتال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فأمر الله تعالى جبرئيل (علیه السّلام) فهبط على رسوله ومعه ألف من الملائكة، فقام جبرئيل عن يمين أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، فكان إذا حمل علي (علیه السّلام) حمل معه جبرئيل، فَبَصَر به إبليس - لعنه الله - فولّى هارباً، وقال: (إِنِّى أَرى ما لا تَرَوْنَ) (2).

قال ابن مسعود: والله ما هرب إبليس إلا حين رأى أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، فخاف أن يأخذه ويستأسره ويعرفه الناس فهرب ، فكان أول منهزم، وقال: «إني أرى ما لا ترون من صولته - إني أخاف الله - في قتاله - والله شديد العقاب» لمن حارب أمير المؤمنين (3).

المائل في طريق الغريّ

15 - الشيخ في مجالسه: قال أخبرنا أبو الحسن، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد المذاري، قال: حدّثني محمّد بن جعفر قال: حدّثني محمّد بن عيسى، قال: حدّثني يونس بن عبد الرحمان عن عبد الله بن مسكان عن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) قال: سألته عن القائم المائل في طريق الغريّ.

ص: 26


1- مناقب آل أبي طالب 344/2.
2- الأنفال: 48 .
3- مناقب آل أبي طالب 235/2 .

فقال: نعم، إنّهم لمّا جازوا بسرير أمير المؤمنين علي (علیه السّلام) انحنى أسفاً وحزناً على أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، كذلك سرير أبرهة لما دخل عليه عبد المطلّب انحنى ومال (1) .

غيبته عن قبره

16 - الشيخ في التهذيب: عن محمّد بن أحمد بن داود القمي، قال: أخبرني محمِد بن علي بن الفضل، قال: حدِثني علي بن الحسين بن يعقوب من بني خزيمة قراءة عليه، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن يوسف الأزدي، قال: حدّثنا علي بن بزرج الخيّاط، قال: حدّثنا عمرو، قال: جاءني سعد الإسكاف فقال : يا بُنَيَّ تحمل الحديث؟

فقلت: نعم.

فقال : حدّثني أبو عبد الله (علیه السّلام) قال: إنه لما أصيب أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال للحسن والحسين (علیهما السّلام) : غسّلاني وكفّناني وحنّطاني واحملاني على سريري، واحملا مؤخّره تكفيان مقدّمه، فإنكما تنتهيان إلى قبر محفور، ولحد ملحود، ولبن موضوع، فألحداني وأشرجا اللّبنة علىّ وارفعا لبنة ممّا يلي رأسي فانظرا ما تسمعان.

فأخذا اللّبنة من عند الرأس بعدما أشرجا عليه فإذا ليس في القبر شيء، وإذا هاتف يهتف: أمير المؤمنين (علیه السّلام) كان عبداً صالحاً فألحق الله بنبيّه، وكذلك يفعل بالأوصياء بعد الأنبياء حتّی لو أنّ نبيّاً مات في المغرب، ومات وصيّه في المشرق لألحق الله الوصيّ بالنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم)ّ (2).

تنزّل الملائكة عليه

17 - محمّد بن يعقوب في الكافي: عن أبي عبد الله (علیه السّلام) : قال : كان علي (علیه السّلام)

ص: 27


1- أمالي الشيخ 295/2.
2- التهذيب 106/6، ح 3 ؛خصائص الأئمة 64.

كثيراً ما يقول: ما اجتمع التيميّ والعدوي عند رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وهو يقرأ (إنا أنزلناه في ليلة القدر) بتخشّع وبكاء فيقولان: ما أشدّ رقتك لهذه السورة؟

فيقول لهما رسول الله(صلّی الله علیه و آله و سلّم): لما رات عيني ووعى قلبي ولما يرى قلب هذا بعدي.

فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يرى؟

قال: فيكتب لهما في التراب :

(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾(1).

قال: ثم يقول لهما: هل بقي شيء بعد قوله عزّ وجلّ من كل أمر ؟

فيقولان: لا.

فيقول: هل تعلمان من المنزّل إليه بذلك؟

فيقولان: أنت يا رسول الله، فيقول: نعم.

فيقول: هل تكن ليلة القدر من بعدي؟

فيقولان: نعم .

قال: فيقول: فهل ينزّل ذلك الأمر فيها ؟

فيقولان: نعم.

قال: فيقول : إلى مَن؟

فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي.

قال: وإنّهما كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من شدّة ما يداخلهما من الرّعب في تلك الليلة (2).

ص: 28


1- القدر: 4.
2- أصول الكافي 249/1 ح5 .

توحيده في بطن أمه

18 - الراوندي: إنّ أبا طالب قال لفاطمة بنت أسد وكان علي (علیه السّلام) صبيّاً: رأيته يكسّر الأصنام، فخفت أن تعلم كبار قريش ذلك. فقالت: يا عجباً أنا أخبرك بأعجب من هذا، وهو أنّي اجتزت بالموضع الذي كانت أصنامهم فيه منصوبة وعليٌّ في بطني فوضع رجليه في جوفي شديداً لا يتركني أن أقرب من ذلك الموضع الذي فيه أصنامهم، وأنا كنت أطوف بالبيت لعبادة الله تعالى لا للأصنام (1).

نزول الملائكة على صورته

19 - المفيد في العيون والمحاسن: وقد جاء في الآثار من طرق شتّى بأسانيد مختلفة عن زيد بن وهب قال: سمعت عليّاً (علیه السّلام) يقول وقد ذكر حديث بدر: قتلنا من المشركين سبعين، وأسرنا سبعين، وكان الذي أسر العباس بن عبد المطلب رجل قصير من الأنصار، فأدركته فألقى العباس علىَّ عمامته لئلا يأخذها الأنصارى، وأحب أن أكون أنا الذي أسرته، وجاء به الأنصارى إلى رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فقال الأنصاري: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قد رسول قد جئت بعمّك العباس أسيراً.

فقال العباس: كذبت، ما أسرني إلا ابن أخي علي بن أبي طالب (علیه السّلام).

فقال له الأنصاري: يا هذا أنا أسرتك .

فقال: والله يا محمّد ما أسرني إلا ابن أخي على بن أبي طالب (علیه السّلام)، ولكأنّي بحجلته في النَّقع (2) تبين لي.

فقال له رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : صدق عمّي ذاك ملك كريم .

ص: 29


1- الخرائج 741/2 ح 57 .
2- حجلته في النقع : عظمته تميّزه عن غيره.

فقال :العبّاس : يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لقد عرفته بحجلته وحسن صورته ووجهه.

فقال له: إنّ الملائكة الذين أيّدني الله بهم على صورة علي بن أبي طالب (علیه السّلام) ليكون ذلك أهيَب لهم في صدور الأعداء.

قال: فهذه عمامتي على رأس علي (علیه السّلام) فمره فليردّها عليّ.

فقال له : ويحك إن يعلم اللّه فيك خيراً يعوّضك أحسن العوض.

أفلا ترون أنّ هذا الحديث يؤيّد ما تقدّم ويؤكد من القول بأنّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) كان أشجع البرية، وأنه بلغ من بأسه وخوف الأعداء منه (علیه السّلام) أن جعل الله عزّوجل الملائكة على صورته، وليكون ذلك أرعب لقلوبهم، وأنّ هذا المعنى لم يحصل لبشر قبله

ولا بعده.

و يؤيّد ما رويناه ما جاء من الأثر عن أبي جعفر محمّد بن علي (علیهما السّلام) في حديث بدر قال: لقد كان يُسأل الجريح من المشركين فيقال له: مَن جَرَحَك فيقول: علي بن أبي طالب، فإذا قالها مات في الحال (1) .

استجابة دعائه

20 - الحضيني في هدايته: عن محمّد بن جابر، عن عبد الله بن خالد بن الحذّاء، عن محمّد بن جعفر الطوسي، عن محمّد بن صدقة العنبري، عن محمّد بن سنان الزهري، عن الحسن بن جهم بن المضاعن أبي الصامت، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر (علیه السّلام) قال : بينا أمير المؤمنين (علیه السّلام) يتجهّز إلى معاوية ويحرّض الناس على قتاله إذ اختصم إليه رجلان في فعل، فعجّل أحدهما في الكلام وزاد فيه، فالتفت إليه أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقال له: اخساً، فإذا رأسه رأس كلب ، فبهت من حوله، وأقبل الرجل

ص: 30


1- العيون والمحاسن 238 .

بإصبعه المسبّحة يتضرّع إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) ويسأله الإقالة.

فنظر إليه أمير المؤمنين (علیه السّلام) وحرّك شفتيه فعاد كما كان خلقاً سويّاً. فوثب بعض أصحابه فقال له: يا أمير المؤمنين هذه القدرة لك كما رأينا وأنت تجهز إلى معاوية! فما بالك لا تكفيناه ببعض ما أعطاك الله من هذه القدرة؟

فأطرق قليلاً ورفع رأسه إليهم وقال: والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو شئت أن أضرب برجلي هذه القصيرة في طول هذه الفيافي والجبال والأودية والفلوات حتّی أضرب صدر معاوية على سريره فأقلبه على أمّ رأسه لفعلت، ولو أقسمت على الله عزّ وجلّ أن أوتى به قبل أن أقوم من مجلسي هذا أو قبل أن يرتد إلى أحدكم طرفه لفعلت، ولكنّا كما وصف الله عزّ وجلّ في قوله:

(بَلْ عِبَادُ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ(1)) (2).

سلام الملائكة عليه في يوم قليب

21 - من طريق المخالفين ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي، قال: حدّثنا سعد بن الصلت، قال: حدّثنا أبو الجارود الرحبي، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث، عن علي (علیه السّلام) قال : لما كانت ليلة بدر قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): من يستقيل لنا من الماء؟ فأحجم الناس، فقام علي (علیه السّلام) فاحتضن قربةً ثم أتى بئراً بعيدة القعر مظلمة فانحدر فيها، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل: تأهَّبوا لنصر محمّد وحزبه، فهبطوا من السماء لهم لغط (3) يذعر من سمعه، فلما حاذوا البئر سلّموا على علي (علیه السّلام) من عند ربهم

ص: 31


1- الأنبياء: 26 .
2- الهداية : 20 .
3- اللَّغط : الأصوات المبهمة المختلفة.

عن آخرهم إكراماً وتبجيلاً (1).

الهاتف يوم بدر

22 - إبن المغازلي الشافعي قال: حدّثنا أبو موسى عيسى بن خلف بن محمّد بن الربيع الأندلسي، قدم علينا واسط سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، قال: حدّثنا أبو الحسين علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران المعدّل قال: قرأ عَلَيَّ: أبو علي إسماعيل الصفّار النحوي، قال: حدّثني الحسن بن عرفة، قال: حدّثنی عمّار بن محمّد، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر محمّد بن علي قال: نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (2).

معرفته لجبرائیل

23 - البرسي وغيره: روي عن علي (علیه السّلام) أنّه كان ذات يوم على منبر البصرة إذ قال: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن طرق السماوات، فإنّي أعرف بها من طرق الأرض. فقام إليه رجل من وسط القوم ، فقال له: أين جبرئيل في هذه الساعة؟ فرمق بطرفه إلى السماء، ثمّ رمق بطرفه إلى الأرض، ثمّ رمق بطرفه إلى المشرق، ثمّ رمق بطرفه إلى المغرب، فلم يجد موضعاً، فالتفت إليه فقال له يا ذا الشيخ أنت جبرئيل.

قال: فصفق طائرٌ من بين الناس، فضجّ عند ذلك الحاضرون وقالوا نشهد أنّك خليفة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حقاً حقاً (3).

ص: 32


1- فضائل أحمد بن حنبل 613/2 ح 1049.
2- مناقب ابن المغازلي 198 ح 235 .
3- فضائل إبن شاذان .98 .

الأرض تحدّثه

24 - السيد علي بن موسى بن طاووس (قدّس سرّه) في كتاب الإقبال بالإسناد المتصل عن أسماء بنت واثلة بن الأسقع، قالت: سمعت أسماء بنت عميس الخثعمية تقول: سمعت سيدتي فاطمة (علیها السّلام) تقول : ليلة دخل بي عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) أفزعنى في فراشي قلت فيما فزعت يا سيدة النساء !؟

قالت: سمعت الأرض تحدّثه ويحدّثها فأصبحت وأنا فزعة، فأخبرت والدي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فسجد سجدة طويلة ثمّ رفع رأسه وقال: يا فاطمة أبشري بطيب النّسل، فإنّ الله فضّل بعلك على سائر خلقه، وأمر الأرض أن تحدثه بأخبارها وما يجري على وجهها من شرقها إلى غربها(1).

كلامه مع الثّعبان

25 - محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : بينا أمير المؤمنين (علیه السّلام) على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد، فهم الناس أن يقتلوه، فأرسل أمير المؤمنين (علیه السّلام) أن كفّوا فكفّوا، وأقبل التعبان ينساب حتّی انتهى إلى المنبر، فتطاول فسلم على أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، فأشار أمير المؤمنين (علیه السّلام) إليه أن يقف حتّی يفرغ من خطبته.

فلما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجنّ، وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك واستطلع رأيك، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تامرني به و ماترى؟

ص: 33


1- الإقبال 585 - 586 .

فقال له أمير المؤمنين: أوصيك بتقوى الله وأن تتصرف فتقوم مقام أبيك في الجنّ. فإِنّك خليفتي عليهم، قال: فودّع عمرو أمير المؤمنين (علیه السّلام) وانصرف. فهو خليفته على الجنّ. فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه قال: نعم (1).

حديث الجام

26 - إبن بابويه في أماليه: قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله) ، قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدّثنا جعفر بن سلمة الأهوازي، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا همام، قال: حدّثنا علي بن جميل الرقي، قال: حدّثنا ليث، عن مجاهد، عن عبدالله بن عباس قال: كنّا جلوساً في محفل من أصحاب رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فرأينا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقد أشار بطرفه إلى السماء، فنظرنا فرأينا سحابة قد أقبلت فقال لها: أقبلي، فأقبلت، ثمّ قال لها أقبلي ،فأقبلت ، فرأينا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقد قام قائماً على قدميه فأدخل يده إلى السّحاب حتّى استبان لنا بياض إبطي رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فاستخرج من السحاب جامة بيضاء مملوءة رطباً، فأكل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من الجام وسبّح الجام في كف رسول الله، فناوله عليّاً (علیه السّلام) ، فأكل عليّ من الجام فسبّح الجام في كف علي (علیه السّلام) . فقال الرجل: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أكلت من الجام وناولته علي بن أبي طالب .(علیه السّلام) فأنطق الله عز وجل الجام وهو يقول: لا إله إلا الله خالق الظلمات والنور، إعلموا معاشر الناس إنّي هدية الصادق إلى نبيه الناطق لا يأكل منّي إلّا نبي أو وصيّ (2).

ص: 34


1- الكافي 396/1 ح 6 ، بصائر الدرجات 97/ ح 7.
2- الأمالي للشيخ الصدوق 398 ح 1.

حدیث السطل والمنديل

27 - من طريق المخالفين رواه موفق بن أحمد وهو من عظماء علماء الجمهور في كتاب مناقب أمير المؤمنين قال أنبأني مهذب الأئمة هذا، أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن محمّد بن علي بن أبي عثمان ويوسف الدقاق، حدّثنا أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي، حدّثنا أبو الحسن علي بن يوسف بن محمّد بن الحجاج الطبري بسارية ،طبرستان، حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن جعفر بن محمّد الجرجاني، حدّثنا أبو عيسى إسماعيل بن إسحاق بن سليمان النصيبي، حدّثنا محمّد بن علي الكفرثوثي، حدّثنا حميد بن زياد الطويل، عن أنس بن مالك قال: صلّى بنا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) صلاة العصر، فأبطأ في ركوعه في الركعة الأولى حتّی ظننا أنه قَدْ سَها وغفل، ثمّ رفع رأسه وقال: سمع اللّه لمن حمده، ثمّ أوجز في صلاته وسلّم، ثمّ أقبل علينا بوجهه كأنه القمر ليلة البدر في وسط النجوم، ثمّ جثا على ركبتيه وبسط قامته حتّی تلألأ المسجد بنور وجهه - صلوات الله عليه - ثم رمى بطرفه إلى الصف الأول من أصحابه رجلاً رجلاً، ثمّ رمى بطرفه إلى الصف الثاني، ثمّ رمى بطرفه إلى الصف الثالث يتفقدهم رجلاً رجلاً، ثم كثرت الصفوف على رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ثم قال: ما لي لا أرى إبن عمي علي بن أبي طالب؟ يابن عمّي، فأجابه عليّ - كرّم الله وجهه - من آخر الصفوف وهو يقول: لبيك لبيك يا رسول الله، فنادى النّبي بأعلى صوته: أدن منّي يا علي .

قال: فما زال عليّ يتخطّى الصفوف وأعناق المهاجرين والأنصار ممتدة إليه حتّى دنا من المصطفى، فقال له النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم): يا علي ما الذي خلّفك عن الصف الأول؟

قال كنت على غير طهور فأتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن یا حسین یا فضة فلم يجبني أحد، فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادي: يا أبا الحسن يا ابن عم النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) التفت فالتفتُّ فإذا أنا بسطل من ذهب وفيه ماء وعليه منديل، فأخذت المنديل ووضعته

ص: 35

على منكبي الأيمن، وأومأت إلى الماء فإذا الماء يفيض على كفّي، فتطهرت وأَسْبَغْتُ الطهر، ولقد وجدته في لين الزّبد وطعمة الشهد ورائحة المسك، ثمّ التفتُ ولا أدري من وضع السطل والمنديل، ولا أدري من أخذه .

فتبسم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في وجهه وضمّه إلى صدره وقبل ما بين عينيه ثم قال: يا أبا الحسن ألا أبشرك أنّ السطل من الجنّة، والمنديل والماء من الفردوس الأعلى، والذي هيّأك للصلاة جبرئيل، والّذي مندلك ميكائيل.

يا عليّ والذي نفس محمّد بيده ما زال إسرافيل قابضاً بيده على ركبتي حتّى لحقت معي الصلاة، أتلومنى الناس على حبّك ؟ والله تعالى وملائكته يحبّونك من فوق السماء(1) .

حديث البساط وتكليمه (علیه السّلام) لأصحاب الكهف

28 - ومن طريق المخالفين ما رواه إبن المغازلي الشافعي: قال: أخبرنا أبوطاهر محمّد بن علي بن محمّد البيع البغدادي قدم علينا واسطاً، أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن محمّد بن عبدالله بن خالد الكاتب قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمّد ابن سلم الختّلى، قال: حدّثنا عمر بن أحمد، قال: حدّثنا الحسن بن يحيى أبي الربيع الجرجاني، قال: حدّثنا عبد الرزاق بن همام السمعاني، قال: حدّثنا معمر ، عن أبان، عن أنس بن مالك.

قال: أهدي لرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بساط من بُهُندف، فقال لي: يا أنس ابسطه فبسطته، ثمّ قال: أدع العشرة، فدعوتهم. فلما دخلوا عليه أمرهم بالجلوس على البساط، ثم دعا عليّاً فناجاه طويلاً، ثم رجع عليّ فجلس على البساط، ثمّ قال: يا ريح إحملينا، فحملتنا

ص: 36


1- مناقب الخوارزمي 216 .

الرّيح. قال: فإذا البساط يدف بنا دفّاً، ثمّ قال: يا ريح ضعينا، ثمّ قال علي: أتدرون في أيّ مكان أنتم؟ قلنا: لا. قال: هذا موضع أصحاب الكهف والرّقيم، قوموا فسلّموا على إخوانكم.

قال أنس: فقمنا رجلاً رجلاً فسلّمنا عليهم، فلم يردّوا علينا السلام. فقام علي بن أبي طالب (علیه السّلام) فقال: السلام عليكم معاشر الصديقين والشهداء. قال: فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قال: فقلت ما بالهم ردّوا عليك ولم يردُّوا علينا؟ قال: فقال: ما بالكم لم تردّوا على إخواني؟ فقالوا: إنا معاشر الصدّيقين والشهداء لانكلّم بعد الموت إلّا نبيّاً أو وصيّاً. ثمّ قال: يا ريح إحملينا، فحملتنا تدفُّ بنا دفّاً. ثمّ قال: يا ريح ضعينا، فإذا نحن بالحرّة. قال: فقال علي: ندرك النّبي في آخر ركعة. فطوينا وأتينا وإذا النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يقرأ في آخر ركعة (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً (1)) (2).

رد للشمس ببابل

29 - السيد الرضي في الخصائص: قال: روى أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبداللّه عن الحسين بن المختار عن أبي بصير، عن عبدالواحد المختار الأنصاري، عن أبي المقدام الثقفي قال: قال لي جويرية بن مسهر: قطعنا مع أمير المؤمنين جسر الصراط في وقت العصر، فقال: إنَّ هذه أرض معذبة لا ينبغي لنبي ولا وصى نبى أن يصلّى فيه، فمن أراد منكم أن يصلّى فليصل.

قال: فتفرق الناس يصلّون يمنة ويسرة وقلت أنا لأقلدنَّ هذا الرجل ديني، ولا أصلّي حتّى يصلّي. قال: فسرنا وجعلت الشمس تستقل. قال: وجعل يدخلني من ذلك

ص: 37


1- الكهف: 9 .
2- مناقب إبن المغازلي 232 ح 280.

أمر عظيم حتّی وجبت الشمس وقطعت الأرض، قال: فقال: يا جويريّة أذّن.

فقلت: تقول لي أذن وقد غابت الشمس؟! قال: فأذنت. ثمّ قال لي: أقم فأقمت فلمّا قلت: قد قامت الصلاة، رأيت شفتيه تتحرّكان، وسمعت كلاماً كأنه كلام العبرانية. قال: فرجعت الشمس حتّی صارت في مثل وقتها في العصر فصلّى، فلما انصرف هوت إلى مكانها واشتبكت النجوم (1) .

تكليم الشمس له

30 - ثاقب المناقب: عن عبداللّه بن مسعود قال: كنا مع النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذ دخل علي بن أبی طالب (علیه السّلام) ، فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يا أبا الحسن أتحبّ أن نريك كرامتك على الله ؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: فإذا كان غداً فانطلق إلى الشمس معي، فإنّه ستكلّمك بإذن الله تعالى، فماجت قريش والأنصار بأجمعها، فلما أصبح صلّى الغداة وأخذ بيد علی بن أبی طالب (علیه السّلام) وانطلقا ثم جلسا ينتظران طلوع الشمس، فلما طلعت الشمس قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يا علي كلّمها فإنّها مأمورة وإنّها ستكلّمك.

فقال (علیه السّلام): السلام عليك ورحمة الله وبركاته أيها الخلق السامع المطيع فقالت الشمس: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا خير الأوصياء لقد أعطيت في الدنيا والأخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. فقال علي (علیه السّلام) : ماذا أعطيت.

فقالت: ولم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن الناس، ولكن هنيئاً لك العلم والحكمة في الدنيا، وأما فى الأخرة فأنت ممن قال الله تعالى:

(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (2).

ص: 38


1- الخصائص 56.
2- السجدة: 17 .

و أنت ممن قال الله تعالى فيه:

(أَ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (1)

فأنت المؤمن الذي خصك الله بالإيمان.

و روي أن الشمس كلمته ثلاث مرات (2).

كلام الجمجمة معه

31 -ثاقب المناقب عن محمّد بن أبي عمير، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله قال: لمّا صلّى أمير المؤمنين (علیه السّلام) صلاة الظهر بأرض بابل التفت إلى جمجمة ملقاة وكلّمها وقال أيتها الجمجمة من أنت ؟ فقالت أنا فلان بن فلان ملك بلد فلان. قال علي (علیه السّلام): أنا أمير المؤمنين فقصّ عليَّ الخبر وما كنت وما كان في عمرك. فأقبلت الجمجمة وقصت خبرها وما كان في عصرها من خير أو شرّ.

قال مصنف هذا الكتاب (رحمه الله) : إن مسجد الجمجمة معروف بأرض بابل، وقد بُني مسجد على الموضع الذي كلمته الجمجمة فيه، وهو إلى اليوم باقي معروف، ويزوره أكثر من يمرّ من الحجّاج وغيرهم (3).

إحياء سام بن نوح

32 - إبن شهر اشوب فى المناقب من كتاب العلوي البصري أنّ جماعة من اليمن أتوا إلى النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقالوا: نحن بقايا الملك المقدّم من آل نوح، وكان لنبينا وصيّ اسمه سام، وأخبر في كتابه أنه لكل نبي معجزاً، وله وصيّ يقوم مقامه، فمن وصيّك؟ فأشار

ص: 39


1- السجدة 18 .
2- الثاقب في المناقب 255 ح 3.
3- الثاقب في المناقب 227 ح 3.

(صلّی الله علیه و آله و سلّم) بيده نحو علي. فقالوا: يا محمّد إن سألناه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن يرينا سام بن نوح فيفعل؟

فقال (صلّی الله علیه و آله و سلّم): نعم بإذن الله ، وقال : يا عليّ قم معهم إلى داخل المسجد واضرب برجلك الأرض عند المحراب فذهب على وبأيديهم صحف إلى أن دخل إلى محراب رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) داخل المسجد فصلى ركعتين ثمّ قام وضرب برجله على الأرض، فانشقت الأرض وظهر لحد وتابوت ، فقام من التابوت شيخ يتلألأ نور وجهه مثل القمر ليلة البدر ينفض التراب من رأسه، وله لحية إلى سرته، وصلّى على عليّ وقال: أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) سيّد المرسلين، وأنك عليّ وصيّ محمّد سيّد الوصيين، أنا سام بن نوح، فنشروا أولئك صحفهم فوجدوه كما وصفوه في الصحف. ثمّ قالوا: نريد أن من صحفه سورة، فأخذ في قرائته حتّی تمّم السّورة، ثمّ سلّم على علي ونام كما كان، فانضمّت الأرض وقالوا بأسرهم:

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ) وآمنوا وَأَنزِلَ اللَّهِ «أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (1)» (2)

إحياء ميّت

33 - محمّد بن العباس : عن محمّد بن سهل العطار قال: حدّثنا أحمد بن عمرو الدهقان، عن محمّد بن كثير الكوفي، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن إبن عباس قال: جاء قوم إلى النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) علل الله فقالوا : يا محمّد إن عيسى بن مريم (علیه السّلام) كان يحيي الموتى؟ فأحي لنا الموتى.

ص: 40


1- الشورى: 9 - 10 .
2- مناقب ابن شهر اشوب 339/2 .

فقال لهم: من تريدون؟

قالوا: نريد فلاناً وأنه قريب عهد بموت . فدعا عليّ بن أبي طالب، فأصغى إليه بشيء لا نعرفه، ثمّ قال له : إنطلق معهم إلى الميت فادعه باسمه واسم أبيه .

فمضى معهم حتّی وقف على قبر الرجل ثمّ ناداه يا فلان بن فلان، فقام الميت فسألوه ثم اضطجع في لحده، فانصرفوا وهم يقولون: إنّ هذا من أعاجيب بني عبد المطلب أو نحوها، فأنزل الله عزّ و جلّ .

(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ - أي يضجّون (1)) (2).

إحياء أم فروة

34 - ثاقب المناقب: عن الأعمش، عن شمر بن عطيّة، عن سلمان (رضي الله عنه) في حديث طويل الخّصُ لك فائدته، قال إن امرأة من الأنصار قُتلت تجنّياً بمحبة علي (علیه السّلام) يقال لها : أمّ فروة. وكان علي (علیه السّلام) غائباً، فلمّا وافى ذهب إلى قبرها ورفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم يا محيي النفوس بعد الموت، ويا منشىء العظام الدارسات بعد الفوت، أحي لنا أمّ فروة، واجعلها عبرة لمن عصاك، فإذا بهاتف قال: يا أمير المؤمنين امض لما سألت، فرفس قبرها وقال: يا أمة الله قومي بإذن الله تعالى، فخرجت أم فروة من القبربكت وقالت: أرادوا إطفاء نورك فأبى الله عزّ و جلّ لنورك إلّا ضياءاً ، ولذكرك إلّا ارتفاعاً ولو كره الكافرون فردّها أمير المؤمنين إلى زوجها، وولدت بعد ذلك ولدين غلامين، وعاشت بعد أمير المؤمنين ستة أشهر (3).

ص: 41


1- الزخرف: 57 .
2- تأويل الآيات 568/2 ح 40.
3- الثاقب في المناقب 226 ح 2 .

طاعة الأسد له

35 - ثاقب المناقب وابن شهراشوب واللفظ له: عن الباقر (علیه السّلام): قال أمير المؤمنين لجويرية بن مسهر وقد عزم على الخروج أما أنه سيعرض لك الأسد في طريقك. قال: فما الحيلة؟ قال: تقرؤه منّي السلام وتخبره أني أعطيتك منه الأمان فبينما هو يسير إذ أقبل نحوه أسد فقال : يا أبا الحارث إنّ أمير المؤمنين يقرؤك السلام وإنّه قد آمنني منك. قال: فولّى وهمهم خمساً فلمّا خمساً فلما رجع حكى ذلك لأمير المؤمنين. فقال: فإنّه قال لك: فاقرأ وصى محمّد منّي السلام وعقد بيده خمساً.

و ذكر أبو المفضّل الشيباني نحو ذلك عن جويريّة (1).

كلام الوزّ

36 - ابن شهر اشوب: عن محمّد بن وهبان الذهلي في معجزات النبوة عن البراء بن عازب في خبر عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) أنه عبر في السماء خيط من الإوزّ طائر على رأس أمير المؤمنين فصرصرن وصرخن، فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : وقد سلّمن عليّ وعليكم، فتغامَزَ أهل النفاق بينهم. فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : يا قنبر ناد بأعلى صوتك: أيها الإوز أجيبوا أمير المؤمنين وأخا رسول ربّ العالمين فنادى قنبر بذلك، فإذا الطير ترفرف على رأس أمير المؤمنين (علیه السّلام). فقال : قل لها: انزلن.

فلمّا قال لها رأيت الأوز وقد ضربت بصدورها إلى الأرض حتّی صارت معنا في صحن المسجد على الأرض واحدة فجعل أمير المؤمنين يخاطبها بلغة لا نعرفها، يلوون بأعناقهنّ إليه ويصر صرن، ثمّ قال لهنّ: أنطقن بإذن الله العزيز الجبّار، فإذا هنّ يقلن بلسان عربي مبين: السلام عليك يا أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين، وهذا لقوله تعالى:

ص: 42


1- الثاقب في المناقب 250 ح 2 . مناقب لابن شهر اشوب 304/2.

« يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ (1)»(2).

حديث الطائر المشوي

37 - ومن طريق المخالفين ما رواه موفّق بن أحمد، قال: أخبرنا القاضي الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد ابن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو علي الحسين بن محمّد بن علي الروذباري، أخبرنا أبوبكر محمّد بن هرويه بن عباس بن سنان الرازي، أخبرنا أبو حاتم الرازي، حدّثنا عبيد الله بن موسی، حدّثنا إسماعيل الأزرق، عن أنس بن مالك، قال: أهدي لرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) طير من السماء فقال: اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معى من هذا الطير، فقلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء علي (علیه السّلام) فقلت: إن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) على حاجة.

قال: فذهب، قال: ثمّ جاء، فقلت: إن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) على حاجة. قال: قد ذهب . ثمّ جاء، فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : إفتح الباب ففتحت، فقال له: ما حديثك يا علي؟

فقال: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) هذا آخر ثلاث مرّات قد أتيت ويردّني أنس، ويزعم أنك على حاجة.

قال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : ما حملك على ما صنعت يا أنس؟

قال سمعت دعاءك، فأحببت أن يكون في رجل من قومي الأنصار. فقال النّبيّ (صلّی الله علیه و آله و سلّم): إنّ الرجل ليحبّ قومه (3).

ص: 43


1- سبأ: 10.
2- مناقب آل أبي طالب 305/2 .
3- المناقب للخوارزمي: 65 .

إخراج الرمّان من الشجر اليابس

38 - ثاقب المناقب: عن عبدالله بن عبدالجبار، عن أبيه، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) عن آبائه، عن الحسين بن علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه - قال: كنا قعوداً عند مولانا أمير المؤمنين (علیه السّلام) فى دار له وفيها شجرة رمّانة يابسة، إذ دخل عليه قوم من مبغضيه، وعنده قوم من محبّيه، فسلّموا وأمرهم بالجلوس، فجلسوا مجلساً، فقال - صلوات الله عليه - إنّي أريكم اليوم آية فيكم تكون بمثل المائدة في بني إسرائيل إذ قال الله تعالى (إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ )(1).

ثمّ قال - صلوات الله عليه - أنظروا إلى الشجرة، فرأيناها قد جرى الماء من عودها، ثمّ أخضرّت وأورقت وعقدت، وتدلّى حملها على رؤوسنا، ثم التفت (علیه السّلام) إلى النفر الذين هم محبّوه، وقال: مدّوا أيديكم وتناولوها وقولوا بسم الله وكلوا. قال: فقلنا: بسم الله الرحمن الرحيم، وتناولنا وأكلنا رمانة لم نأكل قط شيئاً أعذب منها وأطيب. ثم قال - صلوات الله عليه - للنفر الّذين هم مبغضوه مدّوا أيديكم وتناولوها. فكلّما مد رجل يده إلى رمانة ارتفعت، فلم ينالوا شيئاً، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما بال إخواننا مدّوا أيديهم وتناولوها، ومددنا أيدينا فلم تنل؟!

فقال - صلوات الله عليه - لهم كذلك - والذي بعث محمّداً (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بالحق نبيّاً -الجنّة، لا ينالها إلّا أولياؤنا، ولا يبعد عنها إلا أعداؤنا ومبغضونا (2).

ص: 44


1- المائدة: 115 .
2- الثاقب في المناقب 244 ح 2.

تحفة من الجنّة يوم الأحزاب

39 - من طريق المخالفين ما رواه ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس :قال حدّثنا عبدالرزاق، قال: حدّثنا معمر ، عن الزهري عن عروة بن الزبير، عن ابن عباس ((رضي الله عنه) قال : لما قتل علی بن أبی طالب (علیه السّلام) عمرو بن عبدود العامري ودخل على النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و سيفه يقطر دماً، فلمّا راه رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كبّر وكبّر المسلمون.

فقال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : اللّهم أعط عليّاً فضيلة لم تعطها أحداً قبله، ولا تعطها أحداً بعده. فهبط جبرئيل (علیه السّلام) ومعه أترجة من أترج الجنّة، فقال له: إنَّ الله عزّو جلّ يقرؤك السلام، ويقول: حَيّ بهذه عليّ بن أبي طالب، فدفعها إليه، فانفلقت في يده فلقتين، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة: تحفة من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب (1).

كلام النّخيل

40 - السيد الرضي في المناقب الفاخرة: قال: روي عن الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن جدّه الحسين، عن علي بن أبي طالب (علیهم السّلام) قال: خرجت مع رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)ذات يوم نمشي في طرق المدينة، فمررنا بنخل من نخلها، فقالت نخلة لأخرى: هذا محمّد المصطفى وعلي المرتضى، فجزناهما، فصاحت ثالثة الرابعة هذا موسى وأخوه هارون، وصاحت خامسة بسادسة هذا نوح وإبراهيم وصاحت سابعة بثامنة : هذا محمّد سيد المرسلين، وهذا عليّ سيّد الوصيين.

فتبسّم النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ثم قال : يا علي إنّما سمّي نخل المدينة صيحاناً لكونه صاح بفضلي وفضلك.

و روى هذا الحديث من طريق المخالفين موفّق بن أحمد في كتاب مناقب

ص: 45


1- لسان الميزان (317/1؛ میزان الاعتدال 161/1 .

أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال : أخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرني أبي شيرويه بن شهردار الديلمي، أخبرني أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون الباقلاني الأمين الله فيما أجازه إليّ، أخبرني أبو علي الحسن بن الحسين ابن دوما ببغداد، أخبرنا أحمد بن نصر بن عبدالله بن الفتح الذراع بالنهروان، حدّثنا صدقة بن موسى بن تميم بن ربيعة أبو العباس، حدّثنا أبي، قال: حدّثنا الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب - صلوات الله عليهم - قال: خرجت مع رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ذات يوم نتمشى في طرقات المدينة؛ إذ مررنا بنخل من نخلها، فصاحت نخلة بنخلة أخرى: هذا النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) المصطفى وأخوه علي المرتضى، وساق الحديث إلى آخره (1).

عليّ والعقيق

41 - ومن طريق المخالفين أيضاً موفق بن أحمد في كتاب مناقب أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال : أخبرني شهردار هذا إجازة ، أخبرني أبي ،شيرويه أخبرنا أبو طالب أحمد بن محمّد الريحاني الصوفي بقراءتي عليه من أصل سماعه في مسجد الشونيزية، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبدالرحمن بن محمّد بن طلحة الصيداوي بها، حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الحلبي بمصر، حدّثنی أبو أحمد العباس بن المفضّل بن جعفر العكي، حدّثنا علي بن العباس المقانعي، حدّثنا سعيد بن مزيد الكندي، حدّثنا عبید الله بن حازم الخزاعي ، عن إبراهيم بن موسى الجهني عن سلمان الفارسي عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أنه قال : يا علي تختّم باليمين تكن من المقربين. قال: يا رسول الله ومن المقرّبون؟ قال: جبرائيل وميكائيل .

ص: 46


1- مناقب الخوارزمی 221، فرائد السمطين .137/1.

قال: فبم أتختّم يا رسول الله؟ قال: بالعقيق الأحمر ، فإنّه جبل أقرّ لله بالوحدانيّة، ولي بالنبوة، ولك بالوصيّة، ولولدك بالإمامة، ولمحبّيك بالجنّة، ولشيعتك وولدك بالفردوس (1) .

صيرورة الحجر ذهباً

42 - البرسي: عن عمّار بن ياسر، قال: أتيت مولاي يوماً فرأى في وجهي كآبة، فقال: مالك ؟ فقلت دين أتى مطالب به، فأشار إلى حجر ملقى وقال: خذ هذا واقض منه دينك.

فقال عمّار: إنّه لحجر. فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) : أدع الله بي يُحوّل لك ذهباً.

قال عمّار: فدعوت باسمه، فصار الحجر ذهباً فقال لي: خذ منه حاجتك. فقلت: وكيف تلين؟ فقال: يا ضعيف اليقين أدع الله بي حتّى تلين، فإنّ باسمي ألان الله الحديد لداود .

قال عمّار: فدعوت الله باسمه فلان، فأخذت منه حاجتي، ثمّ قال: أدع الله باسمي حتّی يصير باقيه حجراً كما كان (2).

أخذه شعرة من لحية معاوية وسقوط معاوية عن سريره

43 - عيون المعجزات: قال روت الشيعة من طرق شتّى، أنّ قوما اجتمعوا على أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقالوا: قد أعطاك الله تعالى هذه القدرة الباهرة وأنت تستنهض الناس إلى قتال معاوية ؟!

فقال: إنّ الله تعالى تعبّدهم بمجاهدة الكفّار والمنافقين والناكثين والقاسطين

ص: 47


1- مناقب الخوارزمي :233 ؛مناقب لابن المغازلي 281 ، ح 326 .
2- مشارق انوار اليقين 173 .

والمارقين، فوالله لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في أرضكم هذه الطويلة وضربت بها صدر معاوية بالشام، وأخذت بها من شاربه - أو قال: من لحيته - فمد يده الا وردّها فإذا فيها شعرات كثيرة ، فقاموا وتعجبوا من ذلك.

ثمّ اتصل الخبر بعد مدة طويلة بأن معاوية سقط عن سريره في اليوم الذي كان مدّ يده فيه أمير المؤمنين (علیه السّلام) وغشي عليه ، ثم أفاق وافتقد من شاربه ولحيته شعرات.

و روي أنه (علیه السّلام) لما تعجب الناس قال: ولا تعجبوا من أمر الله سبحانه، فإنّ آصف بن برخيا كان وصيّاً، وكان عنده علم من الكتاب على ما قصه الله تعالى في كتابه، فأتى بعرش بلقيس من سبأ إلى بيت المقدس قبل أن يرتد إلى سليمان طرفُه.

أنا أكبر قدرة منه، فإنّ عندي علم الكتاب كلّه.

قال الله تعالى: (وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) (1) ما عنى به إلّا عليّاً وصيّ رسول الله الا (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لو طرحت لي الوسادة لقضيت لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل الزبور بزبورهم ولأهل القرآن بقرآنهم بقضاء يصعد إلى الله تعالى.

و هذا الفصل من كلامه - صلوات الله عليه - فقد ذكره في مواطن كثيرة، وهو معروف مشهور في الموافق والمخالف (2).

إخراج الماء ومعرفة الراهب له

44 - ابن بابويه في الفقيه: عن عليّ بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن جعفر بن أحمد، عن عبدالله بن الفضل، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري،

ص: 48


1- رعد: 43.
2- عيون المعجزات: 37؛ نوادر المعجزات للطبري 44 / ح 17 .

أنّه قال: صلّى بنا علي (علیه السّلام) ببراثا بعد رجوعه من قتال الشّراة (1)، ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته، فقال: من عميد هذا الجيش ؟ فقلنا هذا، فأقبل إليه وسلّم عليه فقال: يا سيّدي أنت نبي ؟ فقال : لا ، النّبيُّ سيّدي قد مات قال: فأنت وصيّ نبي؟ قال: نعم.

ثمّ قال له: إجلس كيف سألت عن هذا؟ قال: بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأتُ في الكتب المنزلة أنه لا يصلّي في هذا الموضع بهذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي، وقد جئت أسلم فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة.

فقال له علي (علیه السّلام) : أفأخبرك من صلّى ها هنا؟ قال: نعم، قال: الخليل (علیه السّلام).

و رواه الشيخ في التهذيب عن جابر بن عبدالله الأنصاري (2) .

إخراج الصخرة التى عليها أسماء الأنبياء

45 - عيون المعجزات قال: وحدّثنی أبو التحف، قال: حدّثنی الحسن بن أبي الحسن السورائي يرفعه إلى عمّار بن ياسر، قال: كنت عند أمير المؤمنين (علیه السّلام) إذ خرج من الكوفة ، إذ عبر بالضّيعة التي يقال لها : النّخيلة على فرسخين من الكوفة، فخرج منها خمسون رجلاً من اليهود، وقالوا: أنت عليّ بن أبي طالب الإمام؟ فقال: أنا ذا. فقالوا: لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم سنّة من الأنبياء، وها نحن نطلب الصخرة فلا نجدها فإن كنت إمامًا فأوجدنا الصخرة. فقال (علیه السّلام) : إتبعوني.

قال عمّار فسار القوم خلف أمير المؤمنين إلى أن استبطن بهم البر وإذا بجبل من رمل عظيم، فقال (علیه السّلام) : أيتها الرّيح انسفي الرمل عن الصخرة. فما كان إلا ساعة حتّی

ص: 49


1- الشراة: الخوارج .
2- من لا يحضره الفقيه: 232/1، ح 198؛ أمالي الطوسي 202/1.

نسفت الرّمل عن الصخرة وظهرت الصخرة. فقال (علیه السّلام) : هذه صخر تكم. فقالوا عليها اسم سنّة أنبياء على ما سمعناه وقرأناه فى كتبنا، ولسنا نرى عليها الأسماء.

فقال (علیه السّلام) : الأسماء التي عليها وفيها فهي على وجهها الذي على الأرض فاقلبوه، فا عصو صب عليها ألف رجل فما قدروا على قلبها . فقال(علیه السّلام): تنحوا عنها. فمد يده إليه وهو راكب فقلبها فوجدوا عليها اسم سنّة من الأنبياء أصحاب الشريعة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى - عليهم أفضل السلام - ومحمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) . فقال نفر من اليهود نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّداً رسول الله، وأنك أمير المؤمنين وسيّد الوصيين، وحجّة الله في أرضه من عرفك سعد ونجا، ومن خالفك ضلّ وغوى، وإلى الجحيم هوى، جلت مناقبك عن التحديد، وكثرت آثار نعمك عن التعديد.

و روى البرسي هذا الحديث مرّتين في كتابه عن عمّار بن ياسر. وفي بعض الروايتين زيادة بما تؤكد المطلوب (1).

طبعه في حصاة حبّابة الوالبيّة

46 - محمّد بن يعقوب عن علي بن محمّد، عن أبي علي محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أحمد بن القاسم العجلي عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمّد بن خداهي، عن عبدالله بن هاشم عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن حبّابة الوالبيّة، قالت: رأيت أمير المؤمنين (علیه السّلام) في شرطة الخميس ومعه درّة لها سبابتان يضرب بها بيّاعي الجرّي والمارماهيّ والزمّار والطافيّ ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل، و جند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أميرالمؤمنين وما جند بني مروان؟

قالت: فقال له: أقوام حلقوا اللّحى، وفتلوا الشّوارب فمسخوا فلم أر ناطقاً أحسن

ص: 50


1- عيون المعجزات ،31 نوادر المعجزات للطبري: 40 ح 15 .

نطقاً منه، ثمّ اتِّبعته لم أزل أقفوا أثره حتّی قعد في رحبة المسجد، فقلت له: يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟ قالت: فقال : ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثمّ قال لي: يا حبّابة إذا ادعى مدّع الإمامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده.

قالت: ثم انصرفت حتّی قبض أمير المؤمنين عليلا ، فجئت إلى الحسن (علیه السّلام) و هو في مجلس أمير المؤمنين (علیه السّلام) والناس يسألونه، فقال: يا حبّابة الوالبيّة.

فقلت: نعم يا مولاي. فقال: هاتي ما معك. قالت: فأعطيته الحصاة، فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين (علیه السّلام).

قالت: ثم أتيت الحسين (علیه السّلام) وهو في مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقرّب ورحّب، ثمّ قال لي: إن في الدلالة دليلاً على ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟

فقلت: نعم يا سيّدي، فقال: هات ما معك : فناولته الحصاة فطبع لي فیها.

قالت: ثمّ أتيت علي بن الحسين (علیهما السّلام) وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعدّ يومئذٍ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعاً وساجداً ومشغولاً بالعبادة، فيئست من الدلالة - فأومأ إليَّ بالسبابة فعاد إلي شبابي قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي منها ؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا.

قالت: ثمّ قال لي هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها.

ثم أتيت أبا جعفر (علیه السّلام) فطبع لي فيها.

ثم أتيت أبا عبد الله (علیه السّلام) فطبع لي فيها .

ثم أتيت أبا لحسن موسى (علیه السّلام) فطبع لي فيها.

ثم أتيت الرضا (علیه السّلام) فطبع لي فيها .

ص: 51

و عاشت حبّابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر عبدالله بن هشام (1).

طبعه في حصاة أمّ أسلم

47 - محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا ذكر إسمه، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم، قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب، قال: حدّثنی جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه، عن آبائه (علیهم السّلام) : قالوا: جاءت أم أسلم يوماً إلى النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وهو في منزل أم سلمة، فسألتها عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فقالت : خرج في بعض الحوائج والساعة يجيء، فانتظرته عند ند أم سلمة حتّی جاء (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

فقالت أمّ أسلم: بأبي أنت وأمى يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إنّي قد قرأت الكتب وعلمت كل نبيّ و وصيّ، فموسى كان له وصيّ في حياته ووصي بعد موته ، وكذلك عيسى، فمن وصيّك يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟!

فقال لها: يا أمّ أسلم وصبي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها : يا أمّ أسلم من فعل فعلي هذا هو وصيّي، ثمّ ضرب بيده إلى حصاة من الأرض، ففركها بإصبعه، فجعلها شبه الدقيق، ثمّ عجنها، ثمّ طبعه بخاتمه، ثمّ قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيّي في حياتي و بعد مماتي.

فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقلت : بأبي أنت وأمي أنت وصيّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟ قال: نعم يا أمّ أسلم، ثمّ ضرب بيده إلى حصاة، ففركها كهيئة الدقيق، ثمّ عجنها، وختمها بخاتمه، ثمّ قال: يا أمّ أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصييّ.

فأتيت الحسن (علیه السّلام) وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا أمّ

ص: 52


1- الأصول من الكافي 346/10 ، ح 3 كمال الدين 536/2، ح 1.

أسلم، ثمّ ضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهم.

فخرجت من عنده، فأتيت الحسين (علیه السّلام) وإني أستصغره لسنه فقلت له: بأبي أنت وأمّي أنت وصيّ أخيك ؟ فقال : نعم يا أم أسلم ائتيني بحصاة، ثمّ فعل كفعلهم.

فعمّرت أمّ أسلم حتّی لحقت بعلي بن الحسين (علیهما السّلام) بعد قتل الحسين (علیه السّلام) في منصرفه، فسألته: أنت وصيّ أبيك ؟ فقال: نعم، ثمّ فعل كفعلهم الله ، فخرجت من عنده (1).

إخراج النّاقة من الصخرة

48 - السيد الرضي في الخصائص: وروي بإسناد أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) كان جالساً في مجلسه والناس مجتمعون عليه بالمدينة بعد وفاة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حتّی وافئ رجل من العرب فسلّم عليه، وقال: أنا رجل لي على رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وعد، وقد سألت عن قاضي دينه، ومنجز وعده بعد وفاته، فأرشدت إليك، أفهو كما قيل لي؟ فقال أمير المؤمنين: نعم، أنا منجز وعده، وقاضي دينه من بعده، فما الذي وعدك به؟ قال: مائة ناقة حمراء، وقال لي: إنّي إذا قبضت فائت قاضي ديني وخليفتي من بعدي، فإنّه يدفعه إليك، و ما كذب (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فإن يكن ما ادعيته حقاً فَعَجِّلْ عَلَيَّ بها ، ولم يكن النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خلّفها ولا بعضها، فأطرق أمير المؤمنين (علیه السّلام) ملّياً، ثمّ قال لابنه الحسن (علیه السلام): يا حسن قم، فنهض إليه، فقال له إذهب فخذ قضيب رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الفلاني، وصر إلى البقيع فاقرع به الصخرة الفلانية ثلاث قرعات، فانظر ما يخرج منها فادفعه إلى هذا الرجل، وقل له يكتم ما رأى.

فصار الحسن(علیه السّلام) إلى الموضع والقضيب معه، ففعل ما أمره، فطلع من الصخرة

ص: 53


1- أصول الكافي 1 / 355 ، ح 15؛ مناقب ابن شهر اشوب 289/2 .

رأس ناقة بزمامها، فجذبه الحسن (علیه السّلام) فظهرت الناقة، ثمّ ما زال تتبعها ناقة ثمّ ناقة حتّی انقطع القطار على مائة، ثمّ انضمّت الصخرة فدفع النوق إلى الرجل، وأمره بالكتمان لما رأى.

فقال الأعرابي: صدق رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وصدق أبوك (علیه السّلام) هو قاضي دينه، ومنجز وعده، والإمام من بعده، (رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (1) )(2).

ركوبه السحاب

49 - في اختصاص الشيخ المفيد: عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران أو غيره، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(علیه السّلام) قال : إن عليّاً (علیه السّلام) ملك ما فوق الأرض وما تحتها، فعرضت له سحابتان إحداهما الصّعبة والأخرى الذُّلول، وكان في الصَّعبة ملك ما تحت الأرض، وفي الذلول ملك ما فوق الأرض، فاختار الصّعبة على الذلول فدارت به سبع أرضين، فوجد ثلاثاً خراباً وأربع عوامر (3) .

علمه بما يكون

50 - البرسي: إنّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال لمروان بن الحكم يوم الجمل وقد بايعه: خفت يابن الحكم أن ترى رأسك في هذه البقعة، كلّا لا يكون ذلك حتّی يكون من صلبك

ص: 54


1- هود: 73 .
2- الخصائص : 49 .
3- الإختصاص: 199، بصائر 409 ح 2 ، الخرائج 192/1 ح 28 .

طواغيت يملكون هذه الأمّة (1).

كلام النخلة

51 - في عيون المعجزات قال: حدّثنی أبو التحف، قال: حدّثنی عبدالمنعم بن سلمة يرفعه إلى جابر بن عبدالله الأنصاري - رفع الله درجته - قال: كان لي ولد وقد حصل له علة صعبة، فسألت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن يدعو له، فقال: سل عليّاً فهو منّي وأنا منه، فتداخلني قليل ريب، وقيل لي: إنّ أمير المؤمنين بالجبانة، فجئته وهو يصلّي، فلما فرغ من صلاته سلّمت عليه وحدّثته بما كان من حديث رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فقال لي: نعم.

ثمّ قام ودنا من نخلة كانت هناك وقال: أيتها النخلة من أنا؟ فسمعت منها أنيناً كأنين النّساء الحوامل إذا أرادت تضع حملها، ثمّ سمعتها تقول: يا أنزع البطين أنت أمير المؤمنين، ووصيّ رسول ربّ العالمين، أنت الآية الكبرى، وأنت الحجة العظمى وسكتت، فالتفت صلوات الله عليه إلى وقال : يا جابر قد زال الآن الشك من قلبك وصفا ذهنك، أكتم ما سمعت ورأيت عن غير أهله (2).

شفاء المريض

52 - ثاقب المناقب والراوندي في الخرائج: عن عبدالواحد بن زید، قال: كنت حاجّاً إلى بيت الله الحرام، فبينا أنا في الطّواف إذ رأيت جاريتين، عند الركن اليماني تقول إحداهما للأخرى: لا وحق المنتجب للوصيّة، والحاكم بالسويّة، والعادل في القضيّة، بعل فاطمة الزكيّة الرضيّة المرضيّة ما كان كذا.

فقلت من هذا المنعوت؟

ص: 55


1- مشارق انوار اليقين: 76 .
2- عيون المعجزات: 38 .

قالت: هذا أمير المؤمنين علی بن أبی طالب (علیه السّلام) علم الأعلام، وباب الأحكام، قسيم الجنة والنار، ربّانيّ الأمة.

فقلت من أين تعرفينه؟

قالت: وكيف لا أعرفه، وقد قتل أبي بين يديه بصفّين، ولقد دخل على أمي لمّا رجع، فقال: يا أم الأيتام كيف أصبحت؟ قالت: بخير، ثمّ أخرجتني وأختي هذه إليه، وكان قد ركبني من الجدري ما ذهب به بصري، فلما نظر علي (علیه السّلام) إلى تأوّه وقال:

ما إن تأوّهت من شيء رزيت به *** كما تأوّهت للأطفال في الصغر

قد مات والدهم من كان يكفلهم *** في النائبات وفي الأسفار والحضر

ثمّ مدّ يده المباركة على وجهي، فانفتحت عيني لوقتي وساعتي فوالله إنّي لأنظر إلى الجمل الشّارد في الليلة الظلماء ببركته - صلوات الله عليه وعلى أبنائه المعصومين - (1)

شفاء المرضى

53 - ثاقب المناقب: عن عمر بن أذينة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال: دخل الأشتر على علي (علیه السّلام) فسلّم فأجابه، ثمّ قال: ما أدخلك عليَّ في هذه الساعة؟ قال: حبّك يا أمير المؤمنين. فقال: هل رأيت ببابي أحداً؟ قال: نعم، أربعة نفر.

فخرج والأشتر معه وإذا بالباب أكمه ومكفوف وأبرص ومقعد، فقال (علیه السّلام) : ما تصنعون ها هنا؟

قالوا: جئناك لما بنا، فرجع ففتح حُقّاً له، فأخرج رفاً أبيض، فيه كتاب أبيض فقرأ عليهم، فقاموا كلّهم من غير علّة (2).

ص: 56


1- الثاقب في المناقب 204 ح 11 ، الخرائج 543/2 ح 5.
2- الثاقب في المناقب 204 ح 181.

تسكين الزّلازل

54 - ابن بابويه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، قال: حدّثنا أبو عبد الله الرّازي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن روح بن صالح، عن هارون بن خارجة، رفعه عن فاطمة (علیها السّلام) قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر وعمر، و فزع الناس إلى أبي بكر وعمر، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي (علیه السّلام) ، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي (علیه السّلام) ، فخرج إليهم علي(علیه السّلام) غير مكترث لما هم فيه فمضى فأتبعه الناس حتّی انتهى إلى تلعة، فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتجّ جائية ،وذاهبة، فقال لهم علي (علیه السّلام) : كأنكم قد هالكم ما ترون؟

قالوا: وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قطّ ؟!

قالت: فحرّك شفتيه ثمّ ضرب الأرض بيده، ثمّ قال: مالك أسكني، فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أوّلاً حيث خرج إليهم قال لهم: فإنّكم قد تعجبتم من صنيعي؟

قالوا: نعم. قال: أنا الرجل الذي قال الله تعالى ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَها - فأنا الإنسان الذي يقول لها: مالك - يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) (1) إيَّاى تحدّث (2).

علمه بنهاية الخوارج

55 - من طريق المخالفين ما رواه موفق بن أحمد بإسناده :أحمد بإسناده عن أحمد بن الحسين هذا، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن علي بن المؤمل، حدّثنا أبو أحمد

ص: 57


1- زلزلة 1 - 4.
2- علل الشرائع 556/2 ح 8.

الحافظ، حدّثنا أبو عروبة، حدّثنا إسماعيل بن يعقوب، حدّثنا عقبة بن مكرم، حدّثنا عبدالله بن عيسى، حدّثنا يونس إبن عبيد، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، إنّ عليّاً (علیه السّلام) خطب أهل الكوفة فقال: يا أهل الكوفة، لولا أن تبطروا لحدّثتكم بما وعدكم الله على لسان نبيّه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، الذي تقتلونه منهم : المُخْدَجُ اليد (1)، وهو صاحب القدية، فوالله لا يقتل منكم عشرة ولا يفلت منهم عشرة، فاطلبوه فطلبوه، فلم يقدروا عليه.

ثمّ قال: أطلبوه فوالله ما كذبت ولا كذبت، فطلبوه فوجدوه منكبّاً على وجهه في جدول من تلك الجداول، فأخذوا برجله وجرّوه وأتوا به إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، فكبّر وحمد الله وخرّ ساجداً ومن معه من المسلمين (2).

علمه بنهاية ابنه عبدالله

56 - الراوندي: روي عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: جمع أمير المؤمنين (علیه السّلام) بنيه وهم إثنا عشر ذكراً فقال لهم: إنّ الله أحبّ أن يجعل فِيَّ سنّة من يعقوب إذ جمع بنيه - وهم إثنا عشر ذكراً فقال لهم: إنّي أوصي إلى يوسف فاسمعوا له وأطيعوا، وإنّي أوصي إلى الحسن والحسين، فاسمعوا لهما وأطيعوا.

فقال له عبدالله إبنه : أدون محمّد بن علي - يعني: محمّد بن الحنفية ؟ فقال له: أجرأة عليّ في حياتي؟! كأني بك قد وجدت مذبوحاً في فسطاطك لا يدرى من قتلك.

فلمّا كان في زمان المختار أتاه فقال له: ولّني عملاً، قال: لست هناك، فغضب فذهب إلى مصعب بن الزبير وهو بالبصرة، فقال: ولّني قتال أهل الكوفة، فكان على مقدّمة

ص: 58


1- مُخْدَجُ :اليد: ناقص اليد وسُمّى ذو الثّدية لأن يده كانت قصيرة مقدار الثَّدي.
2- مناقب للخوارزمي: 185.

مصعب، فالتقوا بحروراء، فلما حجز الليل بينهم أصبحوا وقد وجدوه مذبوحاً في فسطاطه لايدرى من قتله (1).

علمه بنهاية براء

57 - ابن شهر اشوب: عن أحمد بن صبيح، عن يحيى بن المساور العابد، عن إسماعيل بن أبي زياد، قال: إن عليّاً (علیه السّلام) قال للبراء بن عازب يا براء يقتل ابني الحسين (علیه السّلام) وأنت حتي لا تنصره.

فلمّا قتل الحسين (علیه السّلام) كان البراء يقول: صدق والله أمير المؤمنين (علیه السّلام) وجعل يتلهّف (2).

علمه بما يكون

58 - إبن شهر اشوب عن مستند العشرة عن أحمد بن حنبل أنه قال أبو الرضا غياث: كنّا عامدين إلى الكوفة مع عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) ، فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء شدّ أناس كثير ، فذكرنا ذلك لأمير المؤمنين (علیه السّلام).

فقال: لا يهولنّكم أمرهم، فإنّهم سيرجعون كفّاراً ، فكان كما قال (علیه السّلام) (3).

خبر أصحاب الضّبّ

59 - الراوندي: عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين، عن أبيه، قال: لما أراد علي (علیه السّلام) أن يسير إلى النهروان استنفر أهل الكوفة، وأمرهم أن يعسكروا بالمداين، فتأخر عنه شبث بن ربعي وعمرو بن حريث والأشعث بن قيس وجرير بن عبدالله البجلي وقالوا:

ص: 59


1- الخرائج 1 / 184 ح 17 .
2- مناقب آل أبي طالب: 270/2 .
3- مناقب آل أبي طالب: 262/2.

إئذن لنا أياماً نتخلّف عنك في بعض حوائجنا ونلحق بك.

فقال لهم: قد فعلتموها، سوءة لكم من مشايخ ، فوالله ما لكم من حاجة تتخلّفون عليها، وإنّي لأعلم ما في قلوبكم، وسأبين لكم تريدون أن تثبّطوا عنّي الناس، وكأني بكم بالخورنق وقد بسطتم سفركم للطعام إذ يمرّ بكم ضبّ فتأمرون صبيانكم فيصيدونه فتخلعوني وتبايعونه.

ثم مضى إلى المدائن وخرج القوم إلى الخورنق وهيّأوا طعاماً، فبيناهم كذلك على سفرتهم وقد بسطوها إذ مرّ بهم ضبّ، فأمروا صبيانهم فأخذوه وأوثقوه ومسحوا أيديهم على يده كما أخبر علي (علیه السّلام) وأقبلوا على المدائن.

فقال لهم أمير المؤمنين (علیه السّلام) : بئس للظالمين بدلاً ليبعثنّكم الله يوم القيامة مع إمامكم الضبّ الّذي بايعتم، لكأني أنظر إليكم يوم القيامة وهو يسوقكم إلى النار.

ثمّ قال: لئن كان مع رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) منافقون فإن معي منافقون فإنّ معي منافقين، أما والله يا شبث و یا ابن حريث لتقاتلان إبني الحسين، هكذا أخبرني رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) (1).

عاقبة من يشتم عليّاً

60 - ثاقب المناقب: عن أبي جعفر محمّد بن عمر الجرجاني، قال حدّثنی إبن البواب، عن الحسن بن زيد، وحدّثنیه ابن أبي سلمى قال قال ابن أبي غاضية : طلبنا نشتم أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - فهربت فبعث إلى محمّد بن صفوان من ولد أبي بن خلف الجمحي أن أعرني بغلتك .

فقلت: لئن أعرتك بغلتي إنّى لكم شبه.

قال: فمشى والله على رجليه أربعة أميال فوافي خالد عامل هشام بن عبدالملك

ص: 60


1- الخرائج 1 / 225 ح 70 ، الاختصاص: 283.

على المدينة يشتم أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - على المنبر فقال لابن صفوان قم يا ابن صفوان، فقام فصعد مرقاة من المنبر ، ثم استقبل القبلة بوجهه وقال: اللهم من كان يسبّ عليّاً لترة (1) يطلبها عنده أو لذحل (2) فإنّى لا أسبّه إلّا فيك، ولقد كان صاحب القبر يأتمنه وهو يعلم أنه خائن. فكان في المسجد رجل فغلبته عينه، فرأى أنّ القبر انفرج وخرجت منه كفّ قائل وهو يقول: إن كنت كاذباً فلعنك الله، وإن كنت كاذباً فأعماك الله.

فنزل الجمحى من المنبر فقال لابنه وهو جالس إلى ركن البيت: قم، فقام إليه. فقال: أعطني يدك أتّكئُ عليها، فمضى به إلى المنزل، فلما خرجا من المسجد نحو المنزل قال لابنه : هل نزل بالناس شرّ أو غشيهم ظلمة ؟

قال: وكيف ذلك ؟

قال: لأنى لا أبصر شيئاً.

قال: ذلك والله بجرأتك على اللّه، وقولك الكذب على منبر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فما زال أعمى حتّی مات - لعنة الله عليه (3).

خبر وفاة سلمان

61 - ابن شهر اشوب: روى حبيب بن الحسن العتكي عن جابر الأنصاري قال: صلى بنا أمير المؤمنين علي صلاة الصبح، ثمّ أقبل علينا فقال: معاشر الناس أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان، فقالوا في ذلك، فلبس عمامة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ودراعته وأخذ قضيبه و سيفه وركب على العضباء (4) .

ص: 61


1- الترة: العداوة والحقد .
2- الذَّحل : الثأر.
3- الثاقب في المناقب: 271 ح 235 .
4- العضباء: إسم ناقة النّبي.

و قال يا قنبر! عُد عشراً، قال: ففعلت فإذا نحن على باب سلمان قال زاذان: فلمّا أدركت سلمان الوفاة قلت له: من المغسّل لك؟

قال: من غسّل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

فقلت: إنّك بالمدائن وهو بالمدينة !

فقال: يا زاذان إذا شددت لحيتي تسمع الوجبة، فلمّا شددت لحيته سمعت الوجبة و أدركت الباب فإذا أنا بأمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال : يا زاذان، قضى أبو عبداللّه سلمان.

فقلت: نعم يا سيّدي، فدخل وكشف الرداء عن وجهه، فتبسم سلمان إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقال له: مرحباً يا أبا عبد الله إذا أتيت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقل له ما مرّ على أخيك من قومك، ثم أخذ في تجهيزه، فلمّا صلّى عليه كنّا نسمع من أمير المؤمنين (علیه السّلام) تكبيراً شديداً، وكنت رأيت معه رجلين فقال أحدهما جعفر أخي والآخر الخضر (علیهما السّلام) ومع كل واحد منهما سبعون صفّاً من الملائكة، في كلِّ صفّ ألف ألف ملك (1).

سقوط النّجم في داره

62 - ومن طريق المخالفين ما رواه ابن الغازلي الشافعي في المناقب: قال: أخبرنا أبو البركات إبراهيم بن محمّد خلف الحماري السقطي، قال: أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن أحمد، قال حدّثنا أبو الفتح أحمد بن الحسن بن سهل المالكي المصري الواعظ بواسط في القراطيسيين، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد الملطي، قال: حدّثنا أبو قضاعة ربيعة بن محمّد الطائي، حدّثنا ثوبان ذوالنون عن داود، حدّثنا مالك بن غسّان النهشلي، حدّثنا ثابت، عن أنس قال: انقض كوكب على عهد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : أنظروا إلى هذا الكوكب، فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي.

ص: 62


1- مناقب ابن شهر اشوب 301/2 .

فنظروا فإذا هو قد انقض في منزل عليّ، فأنزل الله تعالى ﴿وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحى (1)) (2).

إخباره عن الرّضا

63 - إبن بابويه في أماليه: بإسناده قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام) : سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسّم ظلماً، إسمه إسمي، وإسم أبيه إسم موسى بن عمران (علیه السّلام) ، ألا فمن زاره في غربته غفر الله ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار (3).

علمه بأجله

64 - المفيد في إرشاده: بإسناده عن الحسن البصري قال: سهر علي بن أبی طالب (علیه السّلام) في الليلة التي قتل في صبيحتها ولم يخرج إلى المسجد لصلاة الليل على عادته، فقالت له إبنته أم كلثوم (علیها السّلام) : ما هذا الذي أسهرك؟

قال: فإنّي مقتول لو قد أصبحت، فأتاه ابن النباح فأذنه بالصلاة. فمشى غير بعيد ثمّ رجع.

فقالت له أم كلثوم: مر جعدة فليصلّ بالناس.

قال: نعم، مروا جعدة فليصلّ بالناس، ثمّ قال: لا مفرّ من الأجل، فخرج إلى المسجد فإذا هو برجل قد سهر ليلته كلّها يرصده، فلمّا برد السحر نام فحرّكه

ص: 63


1- النجم 1 - 4 .
2- مناقب ابن المغازلي 266 .
3- الأمالي الصدوق 104 ح 5.

أمير المؤمنين (علیه السّلام) برجله وقال له: الصلاة،فقام إليه فضربه (1).

معرفته بقاتله

65 - إبن شهر اشوب قال: روى الشاذ كوني عن حمّاد، عن يحيى، عن ابن عتيق، عن ابن سيرين، قال: إن كان أحد عرف متى أجله فعلی بن أبی طالب (علیه السّلام) .

و عن الصادق (علیه السّلام) : أن علياً (علیه السّلام) أمر أن يكتب له من يدخل الكوفة، فكتب له أُناس و رفعت أسماؤهم في صحيفة فقرأها، فلمّا مرّ على إسم إبن ملجم وضع إصبعه على إسمه، ثمّ قال: قاتلك الله، ولمّا قيل له : فإذا علمت أنه يقتلك فلم لا تقتله ؟ فيقول: إن الله تعالى لا يعذّب العبد حتّی تقع منه المعصية، وتارة يقول: فمن يقتلني؟ (2).

معرفته بنهايته

66 - من طريق المخالفين ما رواه موفق بن أحمد في حديث صفّين: قال قتل الأشتر من قوم عكّ (3) خلقاً كثيراً، وفقد أهل العراق أمير المؤمنين (علیه السّلام) وساءت الظنون وقالوا: لعلّه قتل، وعلا البكاء والنحيب، ونهاهم الحسن من ذلك وقال : إن علمت الأعداء منكم ذلك اجترؤا عليكم، وإن امير المؤمنين (علیه السّلام) أخبرني بأنّ قتله يكون بالكوفة، وكانوا على ذلك إذ أتاهم شيخ كبير يبكي وقال قتل أمير المؤمنين عاللا ، وقد رأيته صريعاً بين القتلى فكثر البكاء والانتحاب؟

فقال الحسن: يا قوم إنّ هذا الشيخ يكذب فلا تصدّقوه، فإنّ أمير المؤمنين (علیه السّلام)

ص: 64


1- الإرشاد المفيد: 15 .
2- المناقب آل أبي طالب: 271/2 .
3- عكّ : إسم قبيلة .

قال: يقتلني رجل من مراد في كوفتكم هذه (1).

إخباره عن مدفنه

67 - الشيخ في التهذيب: عن محمّد بن أحمد بن داود، قال: حدّثنی أبي، قال: حدّثنی الحسن بن عليّ بن فضال، قال: حدّثنا عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حماد، عن عبدالله بن حسان، عن المالي، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في حديث حدث به أنه كان في وصيّة أمير المؤمنين أن أخرجوني إلى الظّهر، فإذا تصوّتت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني،هو أول طور سينا، ففعلوا ذلك (2).

إخباره عن الحسين

68 - لوط بن يحيى في تاريخه: قال عبدالله قيس قال: كنت مع من غزا مع أمير المؤمنين (علیه السّلام) في صفّين وقد أخذ أبو أيوب السلمي الماء وحرزه عن الناس، فشكي المؤمنون العطش، فأرسل فوارس على كشفه فانحرفوا خائبين، فضاق صدره، فقال له ولده الحسين (علیه السّلام) : أنا أمضى إليه يا أبتاه. فقال له : إمض يا ولدي، فمضى مع فوارس فهزم أبا أيوب عن الماء وبنى خيمته وحطّ فوارسه وأتى إلى أبيه فأخبره، فبكى علي (علیه السّلام) ، فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين وهذا أول فتح بوجه الحسين (علیه السّلام)؟

قال: صحيح يا قوم، ولكن سيقتل عطشاناً بطفٌ كربلاء حتّی ينفر فرسه ويحمحم ويقول: الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيّها (3).

ص: 65


1- مناقب الخوارزمي: 170.
2- تهذيب الأحكام 34/6، ح 13 .
3- العوالم 149/17 ح 10.

علمه بما يكون

69 - الراوندي: قال: روي عن جابر الجعفي عن الباقر (علیه السّلام) قال: خرج علي (علیه السّلام) بأصحابه إلى ظهر الكوفة، فقال: أرأيتم إن قلت لكم لا تذهب الأيام حتّی يحفر هاهنا نهر يجري فيه الماء والسفن ما قلتم؟ أكنتم مصدقي فيما قلت؟

قالوا: يا أمير المؤمنين، ويكون هذا؟

قال: إي والله لكأني أنظر إلى نهر في هذا الموضع ، وقد جرى فيه الماء وجرت فيه السفن، تكون عذاباً على أهل هذه القرية أوّلاً ورحمة عليهم آخراً.

قال: فلم تذهب الأيام حتّی حفر نهر الكوفة، فكان عذاباً على أهل الكوفة أوّلاً، ورحمة عليهم آخراً، فكان فيه الماء واستمرّ وانتفع به، وكان كما قال (علیه السّلام) (1).

إخباره عن نهاية رشيد الهجري

70 - الحضيني في هدايته بإسناده عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (علیه السّلام) قال: خرج أمير المؤمنين (علیه السّلام) ذات يوم إلى بستان البري ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة، ثمّ أمر بنخلة فلقطت، فأنزل منها رطب فوضع بين أيديهم فأكلوا.

فقال رشيد الهجري يا أمير المؤمنين، ما أطيب هذا الرطب؟

فقال: يا رشيد، أمّا إنك تصلب على جذعها.

قال رشید: فكنت أختلف إليها طرفي النهار وأسقيها، ومضى أميرالمؤمنين (علیه السّلام) فجئتها يوماً وقد تقطّعت وذهب نصفها، فقلت: قد اقترب أجلي.

ثم جئت اليوم الآخر فإذا النصف الثاني قد جعل زرنوقاً (2) يسقى عليه الماء،

ص: 66


1- الخرائج 754/2 ح 73 .
2- الزرنوق: دعامة البئر وهي خشبة توضع على شفير البئر.

فقلت والله ما كذبني خليلي، فأتاني العريف وقال: أجب الأمير، فأتيته، فلمّا وصلت القصر إذا أنا بخشب ملقى وفيه الزرنوق وجئت حتّی ضربت الزرنوق برجلي، ثم قلت: لك عدت وإليك أنبتُ.

ثمّ أدخلت على عبيد الله بن زياد - لعنه الله - فقال: هات من كذب صاحبك. فقلت: والله ما كان يكذب، ولقد أخبرني أنك تقطع يديّ ورجليّ ولساني، قال: إذا والله ما أكذبه، إقطعوا يديه ورجليه واتركوا واطرحوه .

فلمّا حمل إلى أهله أقبل يحدّث الناس ويعظهم وهو يقول: أيها الناس سلوني، فإنّ للقوم عندي طلبة ولم يقبضوها، فدخل رجل على عبيد الله بن زياد - لعنه الله - فقال: بئس ما صنعت قطعت يده ورجله وتركت اللّسان فهو يحدّث النّاس بالعظائم.

فقال: ارددوه وقد بلغ باب داره فردوه، فأمر بقطع لسانه وصلبه (1).

عليّ في الخيبر

71 - الشيخ المفيد في إرشاده: قال: روى محمّد بن يحيى الأزدي، عن مسعدة بن اليسع وعبدالله بن عبد الرحمن، عن عبدالملك بن هشام ومحمّد بن إسحاق وغيرهم من أصحاب الآثار قالوا لما دنا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من خيبر قال للناس: فوقف الناس، فرفع يديه إلى السماء وقال:

اللّهمّ ربّ السماوات السبع وما أظللن، وربّ الأرضين السبع وما أقللن، وربّ الشياطين وما أظللن، أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها.

و جاء في الحديث أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) لما قال: أنا علي بن أبي طالب. قال حبر

ص: 67


1- هداية الحضيني: 33.

من أحبار القوم غُلبتم وما أنزل على موسى، فدخل في قلوبهم من الرعب ما لم يمكنهم معه الاستيطان به.

و لما قتل أمير المؤمنين (علیه السّلام) مرحباً رجع من كان معه وأغلقوا باب الحصن عليهم دونه، فمضى أمير المؤمنين (علیه السّلام) إليه فعالجه حتّی فتحه وأكثر الناس من جانب الخندق ولم يعبروا معه، فأخذ أمير المؤمنين (علیه السّلام) باب الحصن فجعله على الخندق جسراً لهم حتّى عبروا وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم، فلما انصرفوا من الحصون أخذه أمير المؤمنين (علیه السّلام) بيمناه فدحا به أربعين ذراعاً من الأرض، وكان الباب يغلقه عشرون منهم.

ولما فتح أمير المؤمنين (علیه السّلام) الحصن وقتل مرحباً، وأغنم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أموالهم استأذن حسّان بن ثابت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن يقول فيه شعراً، فقال له: قل.

قال: فأنشا يقول:

فكان عليّ أرمد العين يبتغي *** دواءً فلما لم يحس مداويا

شفاه رسول الله منه بتفلة *** فبورك مرقياً وبورك راقيا

و قال سأعطى الراية اليوم فارساً *** كريماً محباً للرسول مواليا

يحبّ إلهي والإله يحبّه *** به يفتح الله الحصون الأوابيا

فأصفى به دون البريّة كلّها *** عليّاً وسمّاه الوزير المؤاخيا

الشيخ أبو علي الطبرسي في كتاب أعلام الورى: قال أبان: وحدّثنی زرارة، قال: قال الباقر (علیه السّلام) : انتهى إلى باب الحصن وقد أغلق في وجهه، فاجتذبه اجتذاباً و تترس به، ثم حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره. قال: فوالله ما لقي عليّ من الناس تحت الباب أشدّ ممّا لقي من الباب، ثمّ رمى بالباب رمياً (1).

ص: 68


1- إرشاد المفيد 65 - 66 ،إعلام الورى 108 .

الكلب الذي خرق ثوب الناصبيّ

72 - في عيون المعجزات قال: حدّث محمّد بن عثمان، قال: حدّثنا أبوزيد النميري، قال: حدّثنا عبدالصمد بن عبد الوارث، قال: حدّثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، قال : حدّثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال صلّيت الغداة مع النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فلما فرغ من صلاته وتسبيحه أقبل علينا بوجهه الكريم أخذ معنا في الحديث، فأتاه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كلب فلان الأنصاري خرق ثوبي، وخمش ساقي، منعني من الصلاة معك في الجماعة، فأعرض عنه، ولمّا كان من اليوم الثاني جاء رجل البيع قال: كلب أبي رواحة الأنصاري خرق ثوبي، وخمش ساقي، ومنعني من الصلاة معك.

فقال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : قوموا بنا إليه، فإنّ الكلب إذا كان عقوراً وجب قتله، فقام (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ونحن معه حتّی أتى منزل الرجل، فبادر أنس بن مالك إلى الباب فدقّه، وقال: النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بالباب، فأقبل الرجل مبادراً حتّی فتح بابه وخرج إلى النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقال : فداك أبي وأمي ما الذي جاء بك، ألا وجهت إلى فكنت أجيئك؟

فقال له النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : أخرج إلينا كلبك العقور، فقد وجب قتله، وقد خرق ثياب فلان و عرق ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان بن فلان.

فبادر الرجل إلى كلبه وطرح في عنقه حبلاً، وأخرجه إليه وأوقفه بين يديه، فلمّا نظر الكلب إلى النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) واقفاً قال: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ما الذي جاء بك ولم تقتلني؟ فأخبره الخبر .

فقال: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إن القوم منافقون نواصب ،مبغضون لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولولا أنهم كذلك ما تعرّضت لسبيلهم، فأوصى به النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خيراً، وتركه

ص: 69

وانصرف (1).

كلام البقرة باسمه (علیه السّلام)

73 - محمّد بن الحسن الصفار عن أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله الله قال: ثلاثة من البهائم تكلّموا على عهد النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : الجمل والذئب والبقرة، وذكر كلام الجمل والذئب - إلى أن قال - وأما البقرة فإنّها آمنت بالنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و دلت عليه، وكانت في نخل أبى سالم فقال: يا آل ذريح عمل نجيح، صائح يصيح بلسان عربي فصيح بأن لا إله إلا الله ربُّ العالمين، ومحمّد رسول الله سيّد النّبيين، وعلي سيد الوصيين.

و في الاختصاص روى هذا الحديث عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليّ بن حسّان، عن عبدالرحمان بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) مثله (2).

الرطب الذي نزل على النّبيّ والوصيّ

74 - ابن بابويه في أماليه: قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن زياد بن جعفر الهمداني - رحمة الله عليه - قال: حدّثنا جعفر بن سلمة الأهوازي، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الكوفي، قال: حدّثنا همام، قال: حدّثنا علي بن جميل الرقّي، قال: حدّثنا ليث، عن مجاهد، عن عبدالله بن عباس، قال: كنا جلوساً في محفل من أصحاب رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و رسول الله فينا، فرأينا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقد أشار بطرفه إلى السماء، فنظرنا فرأينا سحابةً قد أقبلت، فقال لها: أقبلى فأقبلت، ثمّ قال لها ،أقبلي، فأقبلت، فرأينا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقد قام قائماً على قدميه، فأدخل يده إلى

ص: 70


1- عيون المعجزات 18 ؛نوادر المعجزات للطبري 23، ح 8 .
2- بصائر الدرجات 351، ح 513؛ الإختصاص 296 ، الخرائج 496/2 ح 10.

السحاب حتّی استبان لنا بياض إبطي رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فاستخرج من ذلك السحاب جامةً بيضاء مملوءةً رطباً، فأكل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من الجام، وسبّح الجام في كف رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، وناوله عليّاً فأكل علي (علیه السّلام) من الجام، فسبّح الجام في كفّ عليّ (علیه السّلام).

فقال الرجل: يا رسول الله أكلت من الجام وناولته عليّ بن أبي طالب فأنطق الله عزّو جلّ الجام وهو يقول: لا إله وهو يقول: لا إله إلا الله خالق الظلمات والنور، إعلموا معاشر الناس أنّي هدية الصادق إلى نبيّه الناطق، ولا يأكل منّي إلا نبي أو وصيّ نبي (1).

السّفرجلة والحورية

75 - من طريق المخالفين موفّق بن أحمد قال: أخبرني الشيخ الثّقة العدل الحافظ أبوبكر محمّد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد البافِزجي، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي بن بندار، حدّثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمّد بن شاذان، حدّثنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدّثنا أحمد بن عامر بن سليمان، حدّثنا أبوالحسن علي بن موسى الرضا (علیه السّلام) ، حدّثنی أبي موسى بن جعفر، حدّثنی أبي جعفر بن محمّد، حدّثنی أبي محمّد بن عليّ، حدّثنی أبي عليّ بن الحسين، حدّثنی أبي الحسين بن عليّ، حدّثنی أبي علي بن أبي طالب، عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قال : لما أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل (علیه السّلام) بيدي، وأقعدني على درنوك (2) من درانيك الجنّة، وناولني سفرجلة، وأنا أقلّبها، إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء، لم أر أحسن منها، فقالت السلام عليك يا محمّد.

ص: 71


1- أمالي الصدوق 398، ح 10.
2- الدرنوك: البساط.

قلت: من أنت؟

قالت: أنا الرضيّة المرضيّة، خلقني الجبّار من ثلاثة أصناف، أسفلي من مسك، ووسطي من كافور، وأعلاي من عنبر، عجنني من ماء الحيوان، ثمّ قال لي الجبّار: كوني: فكنت، خلقني لأخيك وابن عمّك علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

و روى ابن بابويه في أماليه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن حمدان المكتب، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن عبدالرحمان الصفّار، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى الدامغاني قال: حدّثنا يحيى بن المغيرة، قال: حدّثنا جرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ليلة أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي، فأدخلني الجنّة، وأجلسني على درنوك من درانيك الجنّة، فناولني سفرجلة فانفلقت بنصفين، فخرجت منها حوراء كأنّ أشفار عينيها مقاديم النّسور، فقالت: السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا رسول الله، السّلام عليك يا محمّد.

فقلت: من أنت يرحمك الله ؟

قالت: أنا الرضيّة المرضيّة، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع، أسفلي من المسك وأعلاي من الكافور، ووسطي من العنبر، وعجنت بماء الحيوان قال الجليل كوني فكنت، خلقت لابن عمّك ووصيّك ووزيرك علي بن أبي طالب (علیه السّلام).

ورواه ايضاً ابن بابويه في عيون أخبار الرضا (علیه السّلام) : بإسناده عن داود بن سليمان الفراء، عن الرضا (علیه السّلام) نحو رواية موفّق بن أحمد (1).

ص: 72


1- مناقب الخوارزمي 210؛ ربيع الأبرار الزمخشري 286/1 ، أمالي الصدوق 154 ، ح 12 عيون الأخبار الرضا 26/2 ، ح 7 .

الحجر الساقط على رأس النعمان بن الحارث

76 - في عيون المعجزات قال: حدّث أبو عبدالله محمّد بن أحمد، قال: حدّثنی عليّ بن فروخ السمّان، قال: حدّثنی يحيى بن زكرياء المنقري، قال: حدّثنا سفيان بن عينية، قال: حدّثنی عمر بن أبي سليم العيسي، عن جعفر بن محمّد الصادق عن أبيه (علیهما السّلام) قال : لما نصب رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عليّاً (علیه السّلام) يوم غديرخم، وقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وأنصر من نصره، واخذل من خذله ،وطار ذلك في البلاد .

ثمّ قام على رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) النعمان بن الحارث الفهري على قعود له وقال: يا محمّد أمرتنا بالزكاة فقبلناها منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه منك، وأمرتنا بالجهاد فقبلناه منك، ثمّ لم ترض حتّی نصبت هذا الغلام وقلت من كنت مولاه فهذا مولاه، هذا شيء منك أو من الله عزّوجل؟ فقال (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : من الله تعالى.

ثمّ قال للنعمان: والله الذي لا إله إلا هو إنّ هذا من عند الله جل اسمه فولى النعمان بن الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتّی أمطره الله عزّ وجلّ بحجر على رأسه فقتله، فأنزل الله تعالى (سأل سائل بعذابٍ واقع) .

قلت : قد ذكرت في معنى هذا الحديث رواية المفضّل بن عمر الجعفي، عن الصادق (علیه السّلام) في كتاب البرهان في تفسير القرآن بالرواية عن أهل البيت في قوله تعالى:

(قل فللّه الحجّةُ البالغة) من سورة الأنعام.

و في سورة المعارج في قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع) رواية أخرى (1).

ص: 73


1- عيون المعجزات 19؛ البرهان 382/4، ح 6 نور الثقلين 151/2 ، ح 80 411/5 ح 4.

کلام الجمل بالثناء عليه

77 - عيون المعجزات قال: حدّثنی نجيح بن اليهودي الصائغ الحلبي، عن جبر بن شقاوة، عن عبد المنعم بن الأحوص يرفعه برجاله، عن عمار بن ياسر(رضي الله عنه) قال: كنت بين يدي أمير المؤمنين (علیه السّلام) وإذا بصوت قد أخذ بمجامع الكوفة، فقال: يا عمّار ائت بذي الفقار الباتر الأعمار، فجئته بذي الفقار، فقال: أخرج يا عمّار وامنع الرجل عن ظلامة المرأة، فإن انتهى والا منعته بذي الفقار.

قال عمّار فخرج وإذا أنا برجل وامرأة قد تعلّقا بزمام ،جمل والمرأة تقول الجمل لي والرجل يقول: الجمل لي فقلت: إنّ أمير المؤمنين ينهاك عن ظلم هذه المرأة. فقال: يشتغل عليّ بشغله، ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة، يريد أن يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة !

قال عمار: فرجعت لأخبر مولاي وإذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه، وقال: ويلك خلّ جمل المرأة. فقال: هو لي. فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) كذبت يا لعين. قال: فمن يشهد أنّه للمرأة يا عليّ .

فقال (علیه السّلام) : الشاهد الذي لا يكذبه أحد من أهل الكوفة. فقال الرجل: إذا شهد شاهد وكان صادقاً سلّمته لمرأة .

فقال (علیه السّلام) : أيها الجمل لمن أنت ؟ فقال بلسان فصيح: يا أمير المؤمنين، ويا سيّد الوصيين، أنا لهذه المرأة منذ بضع عشرة سنة .

فقال (علیه السّلام) : خذي جملك، وعارض الرجل فضربه نصفين (1).

ص: 74


1- عيون المعجزات 29 ؛ الفضائل 64 .

تسبيح الحصى في كفّه

78 - الشيخ في أماليه قال: حدّثنا أبو محمّد الفحام، قال: حدّثنی عم عمر بن يحيى، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن سليمان بن عاصم، قال: حدّثنا أبوبكر أحمد بن محمّد العبدي، قال: حدّثنا علي بن الحسن الأموي، عن الجعفر الأموي، عن العبّاس بن عبدالله عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، وعن أبي مريم، عن سلمان، قال: كنا جلوساً عند النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذا أقبل علي بن أبي طالب فناوله النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حصاة فما استقرت الحصاة في كفّ عليّ حتّى نطقت، وهي تقول: لا إله إلا الله محمّد رسول الله رضيت بالله ربّاً، وبمحمّد نبياً، وبعلي بن أبي طالب وليّاً .

ثم قال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من أصبح منكم راضياً بالله بولاية على بن أبي طالب فقد أمن خوف الله وعقابه (1).

سكون وجعه ليلة مبيته على الفراش

79 - السيّد الرضي في الخصائص: بإسناد مرفوع قال: قال ابن الكوّاء لأمير المؤمنين: أين كنت حيث ذكر الله نبيه وأبا بكر فقال:

(ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) ؟

فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : ويلك يا بن الكوّاء كنت على فراش رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقد طرح علیّ ريطته (2)، فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة (3) فيها شوكها، فلم يبصروا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حيث خرج فأقبلوا عليّ يضربوني بما في أيديهم حتّى تنفّط (4)

ص: 75


1- أمالي الطوسي 289/1؛ مناقب ابن شهر اشوب 326/2.
2- ريطة : الثوب اللّيِّن الدقيق.
3- الهراوة : العصا.
4- تنفط : تَقَرَّح.

جسدي و صار مثل البيض، ثمّ انطلقوا بي يريدون قتلي، فقال بعضهم: لا تقتلوه الليلة ولكن أخروه واطلبوا محمّداً.

قال: فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيتٍ، واستوثقوا مني ومن الباب بقفل، فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتاً من جانب البيت يقول: يا علي، فسكن الوجع الذي كنت أجده، و ذهب الورم الذي كان في جسدي، ثمّ سمعت صوتاً آخر يقول: يا علي، فإذا الحديد الّذي في رجلي قد تقطّع، ثمّ سمعت صوتاً آخر يقول: يا علي، فإذا الباب قد تساقط ما عليه وفتح فقمت وخرجت وقد كانوا جاؤا بعجوز كمهاء (1) لا تبصر ولا تنام تحرس الباب فخرجت عليها فإذا هي لا تعقل من النوم (2).

تعليمه القرآن في آنٍ واحد

80 - الراوندي: قال: روي عن رميلة أن علياً (علیه السّلام) مرّ برجل يخيط وهو يغنّي، فقال له: يا شاب لو قرأت القرآن لكان خيراً لك.

فقال: إنّي لا أحسنه، ولوددت إنّي أحسن منه شيئاً.

فقال: أدن منّي فدنا منه فتكلّم في فتكلّم في أذنه بشيء خفيّ، فصوّر الله القرآن كله في قلبه، يحفظه كلّه .

إخراج الجنّة لأصحابه

81 - المفيد في الاختصاص: عن الحسين بن الحسن بن أبان، قال: حدّثنی الحسين بن سعيد وكتبه لي بخطه بحضر أبي (الحسن بن أبان) قال: حدّثنی محمّد بن

ص: 76


1- التي أصابها العمى منذ الولادة.
2- الخصائص 58 ؛الخرائج 1 / 215 ، ح 58.

سنان عن حمّاد البطيخي، عن رميلة وكان من أصحاب أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال: إن نفراً من أصحابه قالوا: يا أمير المؤمنين إنَّ وصي موسى (علیه السّلام) كان يريهم العلامات بعد موسى، وإن وصيّ عيسى (علیه السّلام) كان يريهم العلامات بعد عيسى فلولا أريتنا .

قال: لا تقروّن فألحّوا عليه وقالوا يا أمير المؤمنين، فأخذ بيد تسعة منهم وخرج بهم قِبَل أبيات الهجرييّن حتّى أشرف على السبخة، فتكلم بكلام خفي، ثم قال بيده اكشفي غطاءك، فإذا كلّ ما وصف الله في الجنّة نصب أعينهم مع روحها وزهرتها، فرجع أربعةيقولون : سحراً سحراً، وثبت رجل منهم بذلك ما شاء الله، ثم جلس مجلساً فتفلّت منه شيء من الكلام في ذلك، فتعلّقوا به فجاؤا به إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقالوا: يا أمير المؤمنين اقتله ولا تداهن في دين الله قال وما له ؟

قالوا: سمعناه يقول كذا وكذا. فقال له: ممّن سمعت هذا الكلام؟ قال: سمعته من فلان بن فلان .

فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : رجل سمع من غيره شيئاً فأداه، لا سبيل على هذا فقالوا: داهنت في دين الله، والله لنقتلنّه فقال: والله لا يقتله منكم رجل إلّا أبرتُ عترته (1).

قصّة العلقة التي في الجارية

82 - عيون المعجزات قال: حدّثنی هذا الشيخ - يعني أبا الحسن علي بن محمّد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيّب المصري المعروف بأبي التحف - قال: حدّثنی العلاء بن طيّب بن سعيد المغازلي البغدادي ببغداد قال حدّثنی نصر بن مسلم بن صفوان بن الجمال المكّي، قال: حدّثنی أبوهاشم المعروف بابن أخي طاهر بن زمعة، عن أصهب بن جنادة، عن بصير بن مدرك، قال: حدّثنی عمّار بن ياسر ذوالفضل والمآثر قال:

ص: 77


1- الاختصاص 326 .

كنت بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من صفر، وإذا بزعقة قد ملأت المسامع ، وكان علي (علیه السّلام) على دكة القضاء، فقال: يا عمّار ائت بذي الفقار - وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا مَنٍّ بالمكي - فجئت به، فصاح من غمده وتركه، وقال: يا عمّار هذا يوم أكشف فيه لأهل الكوفه جميعاً الغمّة، ليزداد المؤمن وفاقاً، والمخالف نفاقاً، يا عمّار ائت بمن على الباب.

قال عمّار: فخرجت وإذا بالباب إمرأة في قبّة على جمل.

إلى أن قال: وحولها ألف فارس بسيوفٍ مسلولةٍ، قوم لها، وقوم عليها، فقلت: أجيبوا أمير المؤمنين (علیه السّلام) فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد، فوقعت المرأة بين يدي أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقالت: يا علي إياك قصدت، فاكشف ما بي من غمّة، إنّك ولي ذلك ،والقادر عليه. فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : يا عمّار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين (علیه السّلام) .

قال عمّار : فناديت فاجتمع الناس حتّی صار القدم عليه أقدام كثيرة، ثمّ قام أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقال: سلوا عمّا بدا لكم يا أهل الشام ، فنهض من بينهم شيخ أشيب عليه بردة أتحميّة، وحلّة عدنيّة، وعلى رأسه عمامة خزّ سويّة، فقال: السّلام عليك ياكنز الضعفاء، ويا ملجأ اللهفاء، يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما قرّبتها ببعل قطّ، وهي عاتق(1) حامل، وقد فضحتني في عشيرتي .

فاكشف هذه الغمّة، فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها.

فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك؟

قالت: أما قوله إني عاتق فقد صدق فيما يقول وأما قوله إني حامل، فوالله ما أعلم من نفسي خيانة قطّ يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به مني، وتعلم أني ما كذبت فيما قلت،

ص: 78


1- عاتق الفتاة البالغة الغير المتزوّجة.

ففرّج عنِّي غمّي يا عالم السرّ وأخفى.

فصعد أمير المؤمنين (علیه السّلام) المنبر وقال: الله أكبر (جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقاً) فقال (علیه السّلام) على بداية الكوفة، فجاءت امرأة يقال لها : لبنا، وكانت قابلة نساء أهل الكوفة، فقال: إضربي بينك وبين النساء حجاباً، وانظري هذه الجارية أعاتق حامل؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين (علیه السّلام) وقالت: نعم يا أمير المؤمنين، عاتق حامل.

فقال: هل فيكم من يقدر على قطعة من الثّلج ؟ فقال أبو الغضب: الثلج في بلادنا كثير .

قال أمير المؤمنين(علیه السّلام):بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً. قال: نعم يا أمير المؤمنين.

قال عمّار : فمدّ (علیه السّلام) يده وهو على منبر الكوفة، وردّها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماءً، ثمّ قال لداية الكوفة : ضعي هذا الثلج ممّا يلي فرج هذه الجارية، سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهماً ودانقان.

قال: فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها ، فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال (علیه السّلام) ، وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين. فقال أهل الكوفة: استسق لنا يا أمير المؤمنين، فأشار بيده قِبَل السماء فدمدم الجوّ وأسجم وحمل مزناً، وسال الغيث، وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه.

فقال: وزنتيها؟ فقالت نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت فقال (علیه السّلام) .

(و إنْ كانَ مثقالَ حَبَّةٍ مِنْ خردلٍ أتينا بِها وَ كَفَى بِنَا حاسِبينَ).

ثمّ قال: يا أبا الغضب خذ ابنتك فوالله مازنت، ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها

ص: 79

هذه العلقة وهي بنت عشر سنين فربت في بطنها إلى وقتنا هذا ، فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر (1).

علمه بلغات الملائكة

83 - ابن شهر آشوب روي سعد بن طريف عن الصادق (علیه السّلام) ، وروى أبو أمامة الباهلي كلاهما عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في خبر طويل واللفظ لأبي أمامة: أن الناس دخلوا على النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وهنّؤوه بمولوده، ثمّ قام رجل في وسط الناس فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله رأينا من علي عجباً في هذا اليوم.

قال: وما رأيتم منه؟

قال: أتيناك لنسلّم ونهنّيك بمولودك الحسين (علیه السّلام) فحجبنا عنك وأعلمنا أنه هبط عليك مائة ألف ملك وأربعة وعشرون ألف ملك، فعجبنا من إحصائه عدة الملائكة، فقال النّبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وأقبل بوجهه إليه متبسماً: ما علمك أنه هبط على مائة وأربعة وعشرون ألف ملك.

قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمعت مائة ألف لغة وأربعة وعشرين ألف لغة فعلمت أنهم مائة وأربعة وعشرون ألف ملك.

قال: زادك الله علماً وحكماً يا أبا الحسن (2) .

علمه بما يكون

84 - ابن شهر اشوب: عن النضر بن شميل عن عوف، عن مروان الأصغر، قال: قدم راكب من الشام وعلي (علیه السّلام) بالكوفة فنعى معاوية ، فأدخل علي (علیه السّلام) ، فقال له

ص: 80


1- عيون المعجزات 21 - 24 .
2- مناقب آل أبي طالب 55/2 .

على (علیه السّلام) أنت شهدت موته؟

قال نعم ، وحثوت التراب عليه.

قال: أنه كاذب، فقيل له وما يدريك يا أمير المؤمنين إنّه كاذب؟

قال: أنه لا يموت حتّى يعمل كذا وكذا أعمالاً عملها في سلطانه. فقيل له: ولم تقاتله وأنت تعلم هذا؟

قال: للحجّة (1) .

إخباره أنّ ميثم التّمار يقتل

85 - السيد الرضي في الخصائص: بإسناد إلى ابن ميثم التمار قال: سمع أبي يقول: دعاني أمير المؤمنين (علیه السّلام) يوماً، فقال لي: يا ميثم كيف أنت إذا دعاك دعيّ بني أمية عبیدالله بن زياد إلى البراءة منّي ؟

قلت: إذا والله أصبر، وذلك في اللّه قليل.

قال: يا ميثم إذاً تكون معي في درجتي.

فكان ميثم يمرّ بعريف قومه فيقول: يا فلان كأني بك قد دعاك دعي بني أمية وابن دعيّها فيطلبني منك، فتقول: هو بمكّة، فيقول: لا أدري ما تقول، ولابد لك أن تأتي به، فتخرج إلى القادسية فتقيم بها أياماً، فإذا قدمت عليك ذهبت بي إليه حتّی يقتلني على باب عمرو بن حريث، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخري دم عبيط .

قال: وكان ميثم يمرّ في السبخة بنخلة فيضرب بيده عليها، ويقول يا نخلة ما غذيت إلّا لى، وكان يقول لعمرو بن حريث إذا جاورتك فأحسن جواري، فكان عمرو يرى انّه يشتري عنده داراً أو ضيعة له بجنب ضيعته، فكان عمرو يقول: سأفعل. فأرسل

ص: 81


1- مناقب لابن شهر آشوب 259/2؛ الخرائج 198/1، ح 37.

الطاغية عبيد الله بن زياد إلى عريف ميثم يطلبه منه، فأخبره أنه بمكّة، فقال له: إن لم تأتني به لأقتلنك، فأجله أجلاً، وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثماً. فلما قدم ميثم أخذ بيده فأتى به عبیدالله بن زياد، فلما دخل عليه، قال له: ميثم؟ قال: نعم.

قال: إبرأ من أبي تراب .

قال: لا أعرف أبا تراب .

قال: إبرأ من على بن أبي طالب (علیه السّلام).

قال: فإن لم أفعل ؟

قال: إذا والله لأقتلنّك.

قال: أما إنّه قد كان يقال لي: إنّك ستقتلني وتصلبني على باب عمرو بن حريث، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخري دم عبيط .

:قال فأمر بصلبه على باب عمرو بن حريث قال للناس: سلوني، سلوني - وهو مصلوب - قبل أن أموت فوالله لأحدتنّكم ببعض ما يكون من الفتن، فلمّا سأله الناس وحدثهم أتاه رسول من ابن زياد - لعنه الله - فالجمه بلجام من شريط، فهو أوّل من ألجم بلجامٍ وهو مصلوب، ثمّ أنفذ إليه من وجأ جوفه حتّی مات، فكانت هذه من دلائل أمير المؤمنين (علیه السّلام)(1).

إخباره بإحداث مدينة بغداد

86 - ابن شهر :اشوب قال أبو الجوائز الكاتب : حدّثنا علي بن عثمان، قال: حدّثنا المظفّر بن الحسن الواسطي السلال، قال الحسن بن ذكر دان - وكان ابن ثلاثمائة وخمسة و عشرين سنة قال: رأيت عليّاً (علیه السّلام) في النوم وأنا في بلدي، فخرجت إليه إلى المدينة.

ص: 82


1- الخصائص 55-54 ؛ الإرشاد مع اختلاف، والخضيني في هدايته: 22.

فأسلمت على يده وسمّاني الحسن، وسمعت منه أحاديث كثيرة، وشهدت معه مشاهده كلّها، فقلت له يوماً من الأيّام يا أمير المؤمنين أد(علیه السّلام) لي.

فقال: يا فارسي إنّك ستعمّر، وتحمل إلى مدينة يبنيها رجل من ولد عمي العباس، تسمّى في ذلك الزمان ،بغداد، ولا تصل إليها، تموت بموضع يقال له المدائن، فكان كما قال (علیه السّلام) ليلة دخل المدائن مات.

مسعدة بن اليسع عن الصادق (علیه السّلام) فى خبر أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) مرّ بأرض بغداد، فقال: ما تدعى هذه الأرض؟

قالوا: بغداد ؟ قال نعم تبنى ها هنا مدينة، وذكر وصفها.

و يقال: إنه وقع من يده سوط، فسأل عن أرضها، فقالوا: بغداد، فأخبر أنه تبنى ثُمَّ مسجد يقال له مسجد السّوط (1).

إخباره الأشعث أنه يذلّه الحجّاج

87 - الراوندي: أنّ الاشعث بن قيس استاذن على علي (علیه السّلام) فردّه قنبر، فأدمى أنفه، فخرج علي (علیه السّلام) فقال: ما لي ولك يا أشعث؟ أما والله لو بعبد ثقيف تمرّست لا قشعرت شعيرات استك.

قال: ومن غلام ثقيف؟

قال: غلام يليهم لا يبقي بيتاً من العرب إلّا أدخلهم الذلّ.

قال: كم يلي؟

قال : عشرين إن بلغها .

ص: 83


1- مناقب آل أبي طالب 263/2 - 264 : إثبات الهداة 520/2 ح 467.

قال الراوي فولي الحجّاج سنة خمس وسبعين ومات سنة خمس وتسعين (1).

معرفة الرجلين المحب والمبغض

88 - المفيد في الاختصاص: عن أحمد بن محمّد بن عيسى وابراهيم بن هشام، عن محمّد بن خالد بن حماد، عن سعد بن طريف إسكاف، عن الأصبغ بن نباتة: أن أمير المؤمنين (علیه السّلام) صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه.

ثمّ قال: يا أيها الناس إنّ شيعتنا من طينة مخزونة قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام لا يشدّ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل، وإنّي لأعرفهم حين أنظر إليهم، لأنّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لما نقل في عيني وكنت أرمد، قال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، وأبصره صديقه من عدوّه - فلم يصبني رمد ولا حرّ ولابرد، وإنّي لأعرف صديقي من عدوّي.

فقام رجل من الملأ فسلّم، ثمّ قال: والله يا أمير المؤمنين إنِّي لأدين الله بولايتك، وإنِّي لأحبّك في السرّ كما أظهر لك في العلانية.

فقال له علي (علیه السّلام): كذبت فوالله لا أعرف إسمك في الأسماء، ولا وجهك في الوجوه، وإنّ طينتك لمن غير تلك الطّينة، فجلس الرجل قد فضحه الله وأظهر عليه.

ثمّ قال آخر فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي لأدين الله بولا يتك، وإنّي لأحبّك في السرّ كما أحبّك في العلانية.

فقال له صدقت طينتك من تلك الطينة، وعلى ولايتنا أخذ ميثاقك، وإن روحك من أرواح المؤمنين، فاتخذ للفقر جلباباً، فوالذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)ا يقول: إنّ الفقر أسرع إلى محبّينا من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله.

و رواه الصفار في بصائر الدرجات قال: حدّثنی إبراهيم بن هاشم، عن أبي

ص: 84


1- الخرائج 199/1، ح 38 .

عبدالله البرقي، عن خلف بن حماد ،سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة: أنّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه - وساق الحديث إلى آخره -

المفيد في الاختصاص: قال بعد سابقه وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه فأتاه رجل فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، والله إنِّي لأحبك في الله وأحبك في السركما أحبك في العلانية، وأدين الله بولايتك في السركما أدين بها في العلانية، وبيد أمير المؤمنين (علیه السّلام) عود، فطأطأ رأسه، ثمّ نكت بالعود ساعة في الأرض، ثمّ رفع رأسه إليه.

فقال: إنّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حدّثنی بألف حديث، لكل حديث ألف باب، وإن أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشتمّ وتتعارف، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وبحق الله لقد كذبت، فما أعرف في الوجوه وجهك، ولا اسمك في الأسماء.

ثم دخل عليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين إنِّي لأحبّك في الله، وأحبّك في السركما أحبّك في العلانية.

قال: فنكت الثانية بعوده في الأرض، ثمّ رفع رأسه، فقال له: صدقت، إن طينتنا طينة مخزونة، أخذ الله ميثاقنا من صلب آدم فلم يشدّ منها شاذ، ولم يدخل فيها داخل من غيرها، اذهب فاتخذ للفقر جلباباً، فإنِّي سمعت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يقول: يا علي بن أبي طالب، والله للفقر أسرع إلى محبّينا من السيل إلى بطن الوادي.

و رواه الصفّار في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت مع أمير المؤمنين (علیه السّلام) فأتاه رجل فسلّم عليه - وساق الحديث - إلّا أنّ فيه وإن أرواح

ص: 85

المؤمنين لتلتقي في الهواء وتسام (1) .

معرفته جاسوس معاوية

89 - ابن شهر اشوب عن جميع بن عمير، قال: أنّهم علي (علیه السّلام) رجلاً يقال له : العيزار ، يرفع أخباره إلى معاوية، فأنكر ذلك ، وجحده ، فقال (علیه السّلام) : أتحلف بالله يا هذا إنك ما فعلت؟

قال: نعم، وبدر وحلف .

فقال له أميرالمؤمنين (علیه السّلام) : إن كنت كاذباً فأعمى الله بصرك، فما دارت الجمعة حتّی أخرج أعمى يقاد (2).

إخباره بالحجاج وعلّة موته

90 - الطبرسي في الاحتجاج عن الصادق (علیه السّلام) في حديث، قال: قام إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس، وكان ذا عارضة ولسان شدیدفقال: يا أمير المؤمنين، والله ما قسمت بالسوية، ولا عدلت بالرعيّة!!

فقال: ولم ويحك ؟

قال: لأنك قسمت ما في العسكر ، وتركت الأموال والنساء والذريّة.

فقال(علیه السّلام): أيها الناس من كانت به جراحة فليداوها بالسّمن.

قال عبّاد: جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات .

فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) له : إن كنت كاذباً فلا أماتك الله حتّی يدركك غلام ثقيف.

فقيل : ومن غلام ثقيف؟

ص: 86


1- الإختصاص 310 و 311؛ بصائر الدرجات 391 ح 2.
2- مناقب آل أبي طالب 279/22؛ الخرائج 207/1 - 48.

فقال: رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها.

فقيل: أفيموت أو يقتل؟

فقال : يقصمه قاصم الجبارين بموت فاحش يحترق منه دبره، لكثرة ما يجري من بطنه !! (1).

ما يلقاه أعداؤه

91 - ابن شهر اشوب: قال: روى البلاذري والفلكي والنطنزي والسمعاني والمامطيري أنه مرّ سعد بن مالك برجل يشتم عليّاً (علیه السّلام) فقال: ويحك ما تقول؟

قال: أقول ما تسمع.

قال : اللهم إن كان كاذباً فأهلكه، فخبطه الجمل حتّی قتله.

إبن شهر اشوب: عن الأعمش وعن رواته عن حكيم بن جبير، وعن عقمة الهجري، عن عمته، عن أبي يحيى قال : شهدت عليّاً (علیه السّلام) يقول على منبر الكوفة: أنا عبدالله، وأخو رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وورثت نبي الرحمة، وتزوجت سيدة نساء أهل الجنة. وأنا سيد الوصيين، وآخر أوصياء النّبيين، لا يدعي ذلك غيرى إلا أصابه الله بسوءٍ.

فقال رجل من عبس كان بين القوم جالساً: من لا يحسن أن يقول: أنا عبدالله وأخو رسول الله، فلم يبرح مكانه حتّی تخبطه الشيطان، فجر برجله إلى باب المسجد.

ابن شهر اشوب: عن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیه السّلام) : كان إبراهيم بن هاشم المخزومي والياً على المدينة، وكان يجمعنا كل يوم جمعة قريباً من المنبر ويشتم عليّاً، فلصقت بالمنبر فأغفيت، فرأيت القبر وقد انفرج وخرج منه رجل عليه ثياب بيض، فقال لي: يا أبا عبد الله، ألا يحزنك ما يقول هذا؟

ص: 87


1- الاحتجاج 168 .

قلت: بلى والله.

قال: افتح عينيك أنظر ما يصن(علیه السّلام) به، وإذا هو قد ذكر عليا فرمي به من فوق المنبر فمات.

ابن شهر اشوب: عن عثمان بن عفان السجستاني، أنّ محمّد بن عباد قال: كان في جواري رجل صالح، فرأى النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في منامه على شفير الحوض، والحسن والحسين يسقيان الأمّة، فاستسقيت أنا فأبى عليّ، فأتيت النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أسأله، فقال: لا تسقوا فلان في جواره رجلاً يلعن عليّاً فلم يمنعه، فدفع إلي سكيناً، وقال: أذهب فاذبحه.

فقال: ياحسين اسقه، فسقاني وأخذت الكأس بيدي، ولا أدري أشربت أم لا فانتبهت فإذا أنا بولولة ويقولون: فلان ذبح على فراشه ، وأخذ الشرط الجيران، فقمت إلى الأمير وقلت أصلحك الله هذا أنا فعلته والقوم براء، وقصصت عليه الرؤيا.

فقال: اذهب جزاك الله خيراً.

و رواه صاحب ثاقب المناقب بزيادة، والمقصود ما ذكره ابن شهر اشوب وهو الّذي ذكرنا عنه.

ثاقب المناقب: عن عمّار بن الحضرمي عن زاذان أبي عمير: أن رجلاً حدّث عليّاً - صلوات الله عليه - بحديث، فقال: ما أراك إلا كذبتني.

فقال: لم أفعل.

فقال: أدعو الله عليك إن كنت كذبتني.

قال: أدع، فدعا عليه، فما برح حتّی أعمى الله عينيه (1) .

ص: 88


1- مناقب آل أبي طالب 343/2 و 345؛ الثاقب في المناقب 239 ح 203 و 270 ح 233 .

علمه بعدد من يبايعه

92 - ثاقب المناقب: عن عبدالله بن عباس قال: جلس أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - لأخذ البيعة بذي قار، وقال: يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون ولا ينقصون، فجزعت لذلك، وخفت أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه فيفسد الأمر علينا، حتّى ورد أوائلهم، فجعلت أحصيهم واستوفيت عددهم تسعمائة رجل وتسع وتسعين رجلاً، ثمّ انقطع مجيء القوم، قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا حمله على ما قال .

فبينا أنا متفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل حتّى دنا، وإذا هو رجل على قباء صوف معه سيفه وقوسه وأدواته، فقرب من أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - وقال : أمدد يدك أبا يعك.

فقال له أمير المؤمنين: وعلى ما تبايعني؟

قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتّى أموت أو يفتح الله على يدك.

قال: وما اسمك؟

فقال: أويس القرني.

قال: أنت أويس القرني؟!

قال :نعم

قال: الله أكبر، أخبرني حبيبي رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : أنّني أدرك رجلاً من أمته يقال له : أويس القرني، يكون من حزب الله وحزب رسوله يموت على الشهادة، ويدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر.

قال ابن عباس: فسرى ذلك عنّي(1) .

ص: 89


1- الثاقب في المناقب 266، ح 6 الإرشاد 166 .

خدمة الملائكة له

93 - ثاقب المناقب عن الباقر - صلوات الله عليه - قال: حدّثنی نجد مولى أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - قال: رأيت أمير المؤمنين (علیه السّلام) يرمي نصالاً، ورأيت الملائكة يردّون عليه أسهمه، فعميت فذهبت إلى مولاي الحسين بن عليّ - صلوات الله عليهما - فذكرت ذلك إليه، فقال: لعلّك رأيت الملائكة تردّ على أمير المؤمنين أسهمه؟

فقلت: أجل، فمسح بيده على عيني، فرجعت بصيراً بقوّة الله تعالى (1).

اسمه مكتوب على الشجر

94 - ابن شهر اشوب: عن كليب بن وائل قال: رأيت ببلاد الهند شجراً له ورد أحمر فيه مكتوب: محمّد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عليّ أخوه، وكثيراً ما يوجد على الأشجار والأحجار نقش محمّد وعليّ (2) .

الّذي خاصمه وأراه رسول الله في مسجد قبا

95 - السيد الرضي في الخصائص: بإسناده عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) قال : لما قبض رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خاصم أمير المؤمنين (علیه السّلام) بعض الصحابة في حق له ذهب به وجرى بينهما فيه كلام، فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) : بمن ترضى ليكون بيني وبينك حكماً؟

قال: اختر .

قال: أترضى برسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بيني وبينك؟

قال: وأين رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقد دفناه؟

ص: 90


1- الثاقب في المناقب 344 ، ح 1 .
2- لسان الميزان 490/4 .

قال: ألست تعرفه إن رأيته؟

قال: نعم. فانطلق به إلى مسجد قباء فإذا هما برسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فاختصما إليه، فقضى لأمير المؤمنين (علیه السّلام)، فرجع الرجل مصفرّ اللون فلقى بعض أصحابه، فقال: مالك؟ فأخبره الخبر .

فقال: أما عرفت سحر بني هاشم؟(1).

علامة يوم قبضه

96 - ابن شهر اشوب عن أبي حمزة، عن الصادق (علیه السّلام) - وقد رواه أيضاً عن . سعيد بن المسيب أنه لما قبض أمير المؤمنين (علیه السّلام) لم يرفع من وجه الأرض حجر إلّا وجد تحته دم عبيط (2) .

خبر السيّد الحميري

97 - الشيخ في أماليه قال أخبرنا ،جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا يحيى بن علي بن عبدالجبار السدوسي ،بشرجان، قال: حدّثنی عمي محمّد بن عبدالجبار، قال: حدّثنا علي بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه الحسين بن عون، قال: دخلت على السيد بن محمّد الحميري عائداً في علّته التي مات فيها، فوجدته يساق ،به ووجدت عنده جماعة من جيرانه وكانوا عثمانيّة، وكان السيّد جميل الوجه رحب الجبهة، عريض ما بين السالفتين (3) ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثمّ لم تزل تزيد و تنمي حتّی طبقت وجهه يعني اسوداداً - فاغتم لذلك من حضره

ص: 91


1- الخصائص 59 .
2- مناقب آل أبي طالب 346/2.
3- السالفتين: طرفي العنق.

من الشيعة، وظهر من الناصبة سرور وشماتة، فلم يلبث بذلك إلا قليلاً حتّی بدت في ذلك المكان في وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً وتنمي حتّی أسفر وجهه وأشرق، وأفتر السيد ضاحكاً وأنشأ يقول:

كذب الزاعمون أن علياً *** لن ينجي محبّه من هناة (1)

قد وربّي دخلت جنة عدن *** وعفا الي الإله، عن سيئات

فابشروا اليوم أولياء عليّ *** وتولّوا عليّاً حتّی الممات

ثم من بعده تولّوا بنيه *** واحداً بعد واحد بالصفات

ثمّ أتبع قوله هذا: أشهد أن لا إله إلا الله حقاً حقاً، وأشهد أن محمّداً رسول الله حقاً حقاً، وأشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً حقاً، وأشهد أن لا إله إلا الله، ثمّ أغمض عينيه لنفسه، فكأنما كانت روحه زبالة طفيت، أو حصاة سقطت.

قال عليّ بن الحسين: قال لي أبي الحسين بن عون: وكان أذينة حاضراً فقال: الله أكبر ما مَنْ شهد كمن لم يشهد أخبرني - وإلا فصمّتا - الفضيل بن يسار عن أبي جعفر وعن جعفر (علیهما السّلام) أنهما قالا : حرام على روح أن تفارق جسدها حتّی ترى الخمسة، حتّى ترى محمّداً عليّاً وفاطمة والحسن والحسين بحيث تقرّ عينها. أو تسخن عينها فانتشر هذا القول في الناس، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق (2).

استجابة دعائه

98 - الراوندي: أنه (علیه السّلام) قال له خارجي ما قسمت بالعدل، فدعا عليه فسقطت محاسن الخارجي، فبكى وتضرّع وسأله أن يدعو الله حتّی يردّها، فدعا فصار كما كان (3).

ص: 92


1- الهناة: الدّواهي والبلايا.
2- أمالي الطوسي 240/2.
3- الخرائج 932/2.

لين الحديد له

99 - ثاقب المناقب عن بعض موالي أمير المؤمنين (علیه السّلام) أنه دخل عليه، فرأى بين يديه حديداً وهو يأخذ بيده منه ويدقّقه ويجعله حلقاً يسرده كأنه الشمعة في يده، قال : فسألته عنه ؟

فقال: أصنع الدرع (1).

إنطاق المسوخ له

100 - الحضيني في هدايته: بإسناده عن محمّد بن إبراهيم، عن جعفر بن زيد القزويني، عن زيد الشحام ، عن أبي هارون عن ميثم التمار، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء نفر إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فقالوا: إنّ المعتمد يزعم أنك تقول: هذا الجرّي مسخ.

فقال: مكانكم حتّى أخرج إليكم فتناول ثوبه، ثمّ خرج إليهم، فمضى حتّی انتهى إلى الفرات بالكوفة، فصاح يا جرّي، فأجابه: لبيك لبيك.

قال: من أنا؟

قال: أنت إمام المتقين وأمير المؤمنين.

فقال له أمير المؤمنين (علیه السّلام) : فمن أنت؟

قال: ممّن عرضت عليّ ولايتك فجحدتها ولم أقبلها، فمسخت جرّيّاً، وبعض هؤلاء الذين معك يمسخون جرّيّاً.

فقال: یا امیرالمؤمنين، فهل من توبة ؟

فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) الأجل هو يوم القيامة، وهو الوقت المعلوم.

ص: 93


1- الثاقب في المناقب 166 ، ح 3 .

﴿ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ (1).

قال الأصبغ بن نباتة: فسمعنا والله ما قال ذلك الجرّي ووعيناه وكتبناه وعرضناه على أمير المؤمنين (علیه السّلام) (2).

ص: 94


1- يوسف 64 .
2- هداية الحضيني 30 ؛إرشاد القلوب 282 .

معاجز الإمام الحسن (علیه السّلام)

معجزات مولده

ص: 95

ص: 96

معاجز الإمام الحسن (علیه السّلام)

1 - في عيون المعجزات قال: قام المولى أبو محمّد الحسن (علیه السّلام) بأمر الله واتّبعه المؤمنون، وكان مولده بعد مبعث رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بخمس عشرة سنة وأشهر، وولدت فاطمة (علیها السّلام) أبا محمّد (علیه السّلام) ولها إحدى عشرة سنة كاملة. وكانت ولادته مثل ولادة جده وأبيه (علیه السّلام)، وكان طاهراً مطهّراً. يسبّح ويهلّل في حال ولادته ويقرأ القرآن، على ما رواه أصحاب الحديث عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن جبرائيل ناغاه في مهده.

قال السّيد

و روي أنّ فاطمة (علیها السّلام) ولدت الحسن والحسين من فخذها الأيسر.

و روي أن مريم (علیها السّلام) ولدت المسيح (علیه السّلام) من فخذها الأيمن.

قال: وحديث هذه الحكاية في كتاب الأنوار وفى كتب كثيرة (1).

تلبية النخلة له

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: أخبرنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد البلوي ثمّ الأنصاري قال: قال عمارة بن زيد: سمعت إبراهيم بن سعد يقول: سمعت محمّد

ص: 97


1- عيون المعجزات / 59 العوالم 16 / 19 ح 6 و 77، حلية الابرار 1 / 13 ح 1 و 2.

بن إسحاق يقول: كان الحسن والحسين(علیهما السّلام) طفلين يلعبان، فرأيت الحسن وقد صاح بنخلة فأجابته بالتلبية، وسعت إليه كما يسعى الولد إلى والده (1).

إخراجه من الصخرة عسلاً

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في كتاب الامامة: وكلّ ما في هذا عنه فهو منه. قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان ، عن أبيه قال: أخبرنا الأعمش، عن كثير بن سلمة، قال: رأيت الحسن بن علي الا في حياة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قد أخرج من صخرة عسلاً ماذياً (2) ، فأتيت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فأخبرته قال: أتتنكرون لابني هذا، وإنّه سيّد ابن سيّد ، يصلح الله به بين الفئتين، وتطيعه أهل السماء في سمائه وأهل الأرض في أرضه (3).

الطير ظلّ له

4 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد قال: حدّثنا سلمة بن محمّد قال: أخبرنا محمّد بن علي الجاشي قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن أبي عروبة سعيد بن ابي سعيد، عن أبي سعيد الخدري قال: رأيت الحسن بن علي (علیه السّلام) هو طفل والطير تُظلّلُه، ورأيته يدعو الطّير فتجيبه (4)

ص: 98


1- دلائل الامامة 63 .
2- ماذياً. أبيضاً ليناً.
3- دلائل الامامة 63.
4- دلائل الامامة 63.

إتيانه بالمطر والبرد وغيره

5 - محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد بن سفيان، عن أبيه، عن الأعمش عن إبراهيم عن منصور، قال: رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وقد خرج مع قوم يستسقون فقال للناس: أيما أحبّ إليكم المطر، أم البرد، أم اللؤلؤ ؟

فقالوا: يابن رسول الله ما أحببت.

فقال: على أن لا يأخذ أحد منكم لدنياه شيئاً، فأتاهم بالثلاث، ورأيناه يأخذ الكواكب من السماء ثمّ يرسلها فتطير كالعصافير إلى مواضعها (1).

المائدة في السماء

6 - محمّد بن جرير الطبري: قال أبو جعفر: حدّثنا أبو محمّد سفيان، قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا أبو موسى، قال: حدّثنا قبيصة بن اياس، قال: كنت مع الحسن بن علي وهو صائم، نحن نسير معه إلى الشام وليس معه زاد ولا ماء ولا شيء إلا ما هو عليه راكب، فلمّا أن غاب الشفق وصلّى العشاء فتحت أبواب السماء، وعلّق فيها القناديل، ونزلت الملائكة ومعهم الموائد والفواكه وطسوت وأباريق وموائد تنصب، نحن سبعون رجلاً، فنقل من كلّ حار وبارد حتّی أملينا وامتلىء، ثمّ رفعت على هيئتها لم تنقص (2).

ص: 99


1- دلائل الامامة 64.
2- دلائل الامامة 64.

إخراجه البحور والسفن

7 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن مورق عن جابر، قال: قلت للحسن بن علي (علیهما السّلام) : أحب أن تريني معجزة نتحدّث بها عنك ونحن في مسجد رسول الله، فضرب برجله الأرض حتّی أراني البحور ما يجري فيها من السفن، ثمّ أخرج من سمكها فأعطانيه.

فقلت لابني محمّد: احمله إلى المنزل، فحمله فأكلنا منه ثلاثاً (1) .

رفعه البيت فى الهواء

8 - محمّد بن جرير الطبري: حدّثنا سفيان، عن أبيه ، عن الأعمش عن القاسم بن إبراهيم الكلابي، عن زيد بن أرقم ، قال: كنت بمكّة والحسن بن علي (علیهما السّلام) ، فسألناه أن يرينا معجزة تتحدّث بها عندنا بالكوفة، فرأيته وقد تكلّم ورفع البيت حتّی علا به في الهواء، وأهل مكة يومئذٍ معتمرون مكبّرون، ثمّ ردّنا إلى الموضع، فمن قائل يقول: ساحر، و من قائل يقول: أعجوبة، فجاء خلق كثير تحت البيت، والبيت في الهواء ثمّ ردّه (2) .

رفعه مسجد الكوفة

9 - محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا سفيان عن أبيه، عن الأعمش، عن سويد الأزرق، عن سعد بن منقذ قال: رأيت الحسن بن علي بمكة وهو يتكلم بكلام وقد رفع البيت بنا، فتعجبنا وكنا نتحدّث بذلك فلا نكاد نصدق حتّی رأيناه في المسجد الأعظم بالكوفة، فقلنا له وحدّثناه يابن رسول الله ألست فعلت كذا وكذا؟

ص: 100


1- دلائل الامامة 65.
2- دلائل الامامة 65.

فقال: لو شئت لحوّلت مسجدكم هذا إلى قم (بقمة)، وهو ملتقى النهرين نهر الفرات و نهر الأعلى، فقلنا: افعل، ففعل ذلك ثمّ ردّه، فكنا نصدق بعد ذلك بالكوفة بمعجزاته (1).

إخراج الماء من سارية (الاسطوانة) المسجد

10 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد بن عبدالله بن محمّد والليث بن محمّد بن موسى الشيباني، قالا: أخبرنا إبراهيم بن كثير بن محمّد بن جبرائيل، قال: رأيت الحسن بن علي وقد استسقى ماءً فأبطأ عليه السؤال، فاستخرج من سارية المسجد مقابل الروضة الّتي فيها قبر فاطمة (علیها السّلام) ماءً، فشرب وسقى أصحابه ثمّ قال: لو شئت نسقيكم لبناً و عسلاً.

فقلنا : فاسقنا لبناً وعسلاً، فسقانا لبناً وعسلاً من سارية المسجد (2).

إجابة الحيات له

11 - محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر بن كثير، قال: حدّثنا محمّد بن محرز بن يعلي، عن أبي أيوب الواقدي، عن محمّد بن هامان، قال: رأيت الحسن بن علي (علیه السّلام) ينادي الحيات فتجيبه ، ويلفّها على يده وعنقه ويرسلها.

قال: فقال رجل من ولد عمر أنا أفعل ذلك، فأخذ حيّة فلقها على يده فهزمته حتّى مات (3).

ص: 101


1- دلائل الامامة 66.
2- دلائل الامامة 66.
3- دلائل الامامة 66.

حبسه الرّيح في كفّه

12 - محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد، عن وكيع عن الأعمش، عن سهل بن أبي إسحاق بن كدير بن أبي كدير قال: شهدت الحسن بن علي وهو يأخذ الريح فيحبسها في كفّه، ثمّ يقول: أين تريدون أن أرسلها؟

فيقولون: نحو بيت فلان وفلان فيرسلها، ثمّ يدعوها فترجع (1).

إخباره بما في بطن البقرة الحبلى

13 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد البلوي قال: حدّثنا عمّار بن زيد المدني، حدّثنی إبراهيم بن مسعر كلاهما عن محمّد بن إسحاق صاحب المغازي، عن عطاء بن يسار عن عبدالله بن عباس قال: مرّت بالحسن بن علي (علیه السّلام) بقرة فقال: هذه حبلى بعجلة أنثى غرّة في جبهتها ورأس ذنبها أبيض ، فانطلقنا مع القصّاب حتّی ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها.

فقلنا له: أو ليس الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَ يعلمُ ما في الأرحام ﴾ (2).

فكيف علمت هذا ؟

فقال (علیه السّلام) : إنا نعلم المكنون المخزون المكتوم الذي لم يطلع عليه ملك مقرّب ولا نبي مرسل غير محمّد وذرِّيّته (علیهم السّلام) (3).

ص: 102


1- دلائل الامامة 6.
2- لقمان 34 .
3- دلائل الامامة 67.

إحياء ميّت

14 - محمّد بن جرير الطبري: قال: روى عليّ بن أبي حمزة، عن علي بن معمر، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر الله قال: جاء الناس إلى الحسن فقالوا له: أرنا ما عندك من عجائب أبيك التي كان يريناها.

قال: وتؤمنون بذلك؟ قال كلّهم: نعم نؤمن به والله.

قال: فأحيا لهم ميتاً بإذن الله تعالى .

فقالوا بأجمعهم: نشهد بأنك إبن أمير المؤمنين حقاً، وأنه كان يرينا مثل هذا کثیراً (1).

معرفته بصاحب الدّهن

15 - محمّد بن يعقوب: عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد ،عن محمّد بن علي بن النعمان، عن صندل، عن أبي أسامة، عن أبى عبدالله (علیه السّلام) قال: خرج الحسن بن علي إلى مكة سنة ماشياً فورمت قدماه، فقال له بعض :مواليه لو ركبت أمسك عنه هذه الورمة.

فقال: كلّا إذا أتينا هذا المنزل فإنّه يستقبلك أسود ومعه دهن، فاشتر منه ولا تماكسه .

فقال له :مولاه بأبي أنت وأمي ما قدّامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء.

فقال: بلى إنّه أمامك دون المنزل، فسار ميلاً فإذا هو بالأسود.

ص: 103


1- دلائل الامامة 68.

فقال الحسن (علیه السّلام) لمولاه : دونك الرّجل فخذ منه الدّهن وأعطه الثّمن .

فقال الأسود: يا غلام لمن أردت هذا الدّهن؟

فقال: للحسن بن علي.

فقال: انطلق بي إليه، فأدخله إليه فقال له بأبي أنت وأمي لم أعلم أنك تحتاج إلى هذا أو ترى ذلك ولست آخذ له ثمناً، إنّما أنا مولاك، ولكن أد(علیه السّلام) أن يرزقني ذكراً سوياً يحبّكم أهل البيت فإنّي خلّفت أهلي وهي تمحض.

فقال: انطلق إلى منزلك فقد وهب الله لك ذكراً سوياً، وهو من شيعتنا (1).

إخراج الرّطب من النّخلة اليابسة

16 - محمّد بن يعقوب: عن محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن القاسم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن الكناسي، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) :قال خرج الحسن بن علي (علیهما السّلام) في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، ففرش للحسن (علیه السّلام) تحت نخلة، وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة أخرى.

قال: فقال الزبيري ورفع رأسه لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه.

فقال له الحسن (علیه السّلام) : وإنك لتشتهى الرطب ؟

فقال الزبيري: نعم، فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النّخلة ثمّ صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطباً.

ص: 104


1- الكافي 12 / 463، ح 6: الخرائج 1 / 239، ح 4 العوالم 89/16، ح 3.

فقال الجمّال الذي اكتر وا منه سحر واللّه.

قال: فقال الحسن (علیه السّلام) : ويلك ليس بسحر، ولكن دعوة ابن نبي مستجابة.

قال: فصعدوا إلى النخلة فصر موا ما كان فيها فكفاهم (1).

أرى أصحابه أباه بعد موته

17 - الراوندي في الخرائج: بإسناده عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: جاء ناس إلى الحسن بن علي (علیهما السّلام) فقالوا: أرنا بعض ما عندك من أعاجيب أبيك التي كان يريناها .

فقال: أتؤمنون بذلك؟

قالوا: نعم نؤمن به واللّه .

قال: أليس تعرفون أمير المؤمنين (علیه السّلام) ؟

قالوا: بلى، كلّنا نعرفه.

قال فرفع لهم جانب الستر فقال : اتعرفون هذا الجالس؟

قالوا بأجمعهم: هذا والله أمير المؤمنين، ونشهد أنك إينه، وأنه كان يرينا مثل ذلك کثیراً (2).

ص: 105


1- الكافي 12 / 46، ح 4 بصائر 256 ح 10 .
2- الخرائج 2/ 810 ، ح 18 .

إخباره بما يرسله معاوية

18 - ثاقب المناقب عن داود الرّقى، عن أبي عبدالله عن آبائه (علیهم السلام) قال: إنّ الحسن بن علي (علیه السّلام) قال لولده عبد الله: يا بني إذا كان في عامنا هذا يدفع إليّ هذا الطاغي جارية تسمّى أنيس، فتسمّني بسم قد جعله الطاغي تحت فصّ خاتمها.

قال له عبدالله : فلم لا تقتلها قبل ذلك.

قال: يا بني جفّ القلم وأبرم الأمر بعقد، فأحلّ لعقد الله المبرم.

فلمّا كان في العام القابل أهدي إليه جارية إسمها أنيس، فلما دخلت عليه ضرب بيده على منكبها ثمّ قال: يا أنيس دخلت النار بما تحت فصّ خاتمك (1).

حديث البرقة

حديث البرقة(2)

19 - من طريق المخالفين ما رواه السمعاني في كتاب فضائل الصحابة :بإسناده عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: كان الحسن (علیه السّلام) عند النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وكان يحبّه حبّاً شديداً فقال: إذهب إلى أمك. فقلت: أذهب معه ؟

قال: لا، فجاءت برقة من السماء فمشى في ضوئها حتّی وصل إلى أمّه (3).

صيرورة الرجل امرأة وعوده رجلاً

20 - الراوندي: قال: روي أنّ عمرو بن العاص قال لمعاوية: إنّ الحسن بن علي

ص: 106


1- الثاقب في المناقب 314، ح 1 الخرائج 241/1، ح 1 .
2- البرقة : المقدار من برق السّحاب.
3- مناقب آل أبي طالب 390/30؛ روضة الواعظين 133.

(علیه السّلام) لرجل حييّ (1)، وأنه إذا صعد المنبر ورمقوه الناس بأبصارهم خجل وانقطع، لو اذنت له.

فقال له معاوية : يا ابا محمّد لو صعدت المنبر ووعظتنا .

فقام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وذكر جدّه فصلّى عليه ثمّ قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، وابن سيّدة النساء فاطمة بنت رسول الله... إلى أن قال ...

فخشي معاوية أن يفتتن به الناس فقال: يا أبا محمّد إنزل فقد كفى ما جرى، فنزل فقال له معاوية: ظننت أن ستكون خليفة وما أنت وذاك.

فقال الحسن (علیه السّلام) : إنما الخليفة من سار بكتاب الله وسنّة رسول الله، ليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنة، واتخذ الدنيا أباً وأمّاً، مَلَكَ ملكاً مُتّع به قليلاً، ثمّ ينقطع لذته و تبقى تبعته.

و حضر المحفل رجل من بني أمية وكان شاباً، فأغلظ للحسن كلامه، وتجاوز الحدّ في السّبّ والشّتم له ولأبيه، فقال الحسن (علیه السّلام) : اللهم غيّر ما به من النعمة، واجعله أنثى ليعتبر به. فنظر الأموي في نفسه وقد صار إمرأة، قد بدل الله له فرجه بفرج النساء، وسقطت لحيته. ثمّ قال له الحسن (علیه السّلام) : أغربي مالك بمحفل الرجال، فانّك إمرأة . ثمّ إنّ الحسن سكت ساعة ثم نفض ثوبه ونهض ليخرج، فقال له ابن العاص إجلس فإنّي أسألك مسائل.

فقال (علیه السّلام) : سل عما بدا لك.

ص: 107


1- حَيي: صاحب حياء.

قال عمرو: أخبرني عن الكرم والنجدة والمروءة.

فقال (علیه السّلام) : أما الكرم فالتبرع بالمعروف، والإعطاء قبل السؤال. وأما النجدة فالذب عن المحارم، والصبر في المواطن والمكاره وأما المروءة فحفظ الرجل دينه، وإحرازه نفسه من الدنس، وقيامه بأداء الحقوق وإفشاء السلام، ونهض فخرج.

فعذل معاوية عمراً وقال له: أفسدت أهل الشام.

فقال عمرو: إليك عنّي، إنّ أهل الشام لم يحبّوك محبّة إيمان ودين، إنّما أحبّوك للدنيا ينالونها منك، والسّيف والمال بيدك، فما يغني عن الحسن كلامه. ثم شاع أمر الشاب الأموي، وأتت زوجته إلى الحسن (علیه السّلام) ، فجعلت تبكي وتتضرّع، فَرقَ لها ودعا له فجعله الله تعالى كما كان (1) .

علوّه في الهواء

21 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: وحدّثنا أبو محمّد، قال: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن مروان، عن جابر، قال: رأيت الحسن بن علي وقد علا في الهواء، و غاب في السماء، فأقام بها ثلاثاً ثم نزل بعد الثلاث، وعليه السكينة والوقار، فقال: بروح آبائي نلت ما نلت (2) .

أرى أصحابه معاوية وعمراً و هما في دمشق ومصر

22 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: وحدّثنا أبو محمّد، قال: حدّثنا

ص: 108


1- الخرائج 1 / 236: العوالم 225/16، ح 1.
2- دلائل الإمامة 64 .

عمارة بن زيد قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد، قال حدّثنا محمّد بن جرير قال أخبرنا ثقيف البكاء، قال: رأيت الحسن بن علي (علیه السّلام) عند منصرفه من معاوية، وقد دخل عليه حجر بن عدي، فقال: السّلام عليك يا مذلّ المؤمنين !

فقال: مَۀ ما كنت مذلّهم، بل أنا معزّ المؤمنين، وإنّما أردت الإبقاء عليهم، ثمّ ضرب برجله في فسطاطه فإذا أنا في ظهر الكوفة، وقد خرق إلى دمشق ومضى حتّی رأينا عمرو ابن العاص بمصر ومعاوية بدمشق، فقال: لو شئت لنزعتهما ، ولكن هاه هاه ومضى محمّد علي الله على منهاج، وعلي (علیه السّلام) على منهاج، وأنا أخالفهما، لا يكون ذلك منّي (1) .

الملك النازل من السّماء

23 - ابن شهر اشوب عن كتاب المعالم: إنّ ملكاً نزل من السماء على صفة الطير، فقعد على يد النبيّ (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فسلّم عليه بالنبوّة، وعلى يد على فسلم عليه بالوصيّة، وعلى يد الحسن والحسين فسلّم عليهما بالخلافة.

فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : لم لَمْ تقع على يد فلان؟

فقال: أنا لا أقعد أرضاً عُصي عليها الله، فكيف أقعد على يد عصت الله (2) .

الملك المبشّر بأنّه سيّد شباب أهل الجنّة

24 - ومن طريق المخالفين ما ذكره في الجزء الثالث من حلية الأولياء أبو نعيم: بالإسناد قال عن حذيفة بن اليمان قال قالت لي أمّي : متى عهدك بالنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ؟

ص: 109


1- دلائل الإمامة 64 .
2- مناقب آل أبي طالب 392/3 .

قلت: ما لي به عهد منذ كذا وكذا.

فنالت منّي، فقلت لها : دعيني فإنّي آتيه فأصلّي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي و لك.

قال: فأتيته وهو يصلّي المغرب، فصلّى حيث صلّى العشاء ثم انصرف وخرج من المسجد، فسمعت بعرض عرض له في الطريق، فتأخّرت ثمّ دنوت، فسمع النّبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) نقيضي من خلفه، فقال: من هذا؟

قلت: حذيفة فقال: ما جاء بك يا حذيفة؟ فأخبرته.

فقال: غفر الله لك ولأمك، يا حذيفة أما رأيت العارض الذي عرض لي؟

قلت: بلى.

قال: ذلك ملك لم يهبط إلى الأرض قبل الساعة، فاستأذن الله في السّلام عليّ، وبشرني أنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، وأن فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة (1).

إنّه عنده ديوان الشيعة

25 - محمّد بن الحسن الصفّار: عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن فضالة بن أيوب، عن أحمد بن سليمان، عن عمر بن أبي بكر، عن رجل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لمّا وادع الحسن بن علي (علیه السّلام) معاوية وانصرف إلى المدينة صحبته في منصرفه، وكان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجّه فقلت له ذات یوم: جعلت فداك يا أبا محمّد هذا الحمل لا يفارقك حيث ما توجهت.

ص: 110


1- حلية الأولياء 4/ 190 ؛ أمالي المفيد 22، ح 4.

فقال: يا حذيفة أتدري ما هو ؟

قلت: لا.

قال: هذا الديوان !

قلت: دیوان ماذا؟

قال: دیوان شيعتنا فيه اسماؤهم.

قلت: جعلت فداك فأرني إسمي .

قال: أغد بالغداة.

قال: فغدوت إليه ومعي إبن أخ لي وكان يقرأ، ولم أكن أقرأ، فقال لي ما غدا بك ؟

قلت: الحاجة التي وعدتني.

قال: من ذا الذي معك؟

قلت: إبن أخ لي وهو يقرأ ولست إقرأ.

قال: فقال لي: إجلس فجلست ثمّ قال : عليّ بالديوان الأوسط.

قال: فأتى به قال فنظر الفتى فإذا الأسماء تلوح قال فبينما هو يقر يقرأ إذ قال: هو يا عمّاه هو ذا إسمي.

قلت: ثكلتك أمك أنظر أين إسمي؟

قال: فصفّح ثمّ قال: هو ذا إسمك.

ص: 111

قال: فاستبشرنا واستشهد الفتى مع الحسين بن علي - صلوات الله عليه -(1).

خبر الأعرابي

26 - ثاقب المناقب: عن الباقر (علیه السّلام) عن آبائه - صلوات الله عليهم - عن حذيفة :قال بينا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) على جبل في جماعة من المهاجرين والأنصار إذ أقبل الحسن بن علي (علیه السّلام) يمشي على هَدْي ووقار، فنظر إليه رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فرمقه من كان معه فقال له بلال: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أما ترى أخذه عنك - صلوات الله عليه وآله ؟

فقال: إنّ جبرائيل يهديه، وميكائيل يسدّده، وهو ولدي. والطّاهر من نفسي وضلع من أضلاعي، وهذا سبطي، وقرة عيني، بأبي هو.

و قام وقمنا معه وهو يقول: أنت تفاحتي، وأنت حبيبي ومهجة قلبي، وأخذ بیده نحن نمشي حتّی جلس وجلسنا ،حوله، فنظرنا إلى رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وهو لا يرفع بصره عنه.

قال: إنّه سيكون بعدي هاديا مهديّاً، هدية من ربّ العالمين إليّ، ينبيء عنّي ويعرّف الناس آثاري، ويحيي سنتي، ويتولّى أموري في فعله، ينظر الله إليه ويرحمه، رحم الله من عرف ذلك وبرّني، وأكرمني فيه، فما قطع كلامه - صلوات الله عليه وآله - حتّی أقبل علينا أعرابي يجرّ هراوة (2) له، فلما نظر إليه - صلوات الله عليه وآله - قال: قد جاءكم رجل يتكلّم بكلام غليظ، تقشعر منه جلودكم، وإنّه ليسألكم عن الأمور، إلَّا إنّ لكلامه جفوة.

ص: 112


1- بصائر الدرجات 172 ، ح 6 .
2- الهراوة: العصا.

فجاء الأعرابي فلم يسلّم، فقال: أيّكم محمّد ؟

قلنا: وما تريد؟

فقال (علیه السّلام) : مهلاً .

فقال : يا محمّد أبغضك ولم أرك، والآن قد ازددت بغضاً.

صر فتبسم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وغضبنا لذلك، فأردنا الأعرابي إرادة، فأومأ إلينا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن أمسكوا.

فقال الأعرابي: إنّك تزعم أنك نبي، وإنك قد كذبت على الأنبياء، وما معك من دلالتهم شيء.

قال له: يا أعرابي وما يدريك ؟

قال: فخبّرني ببراهينك !

قال: إن أحْبَبْتَ أخبرتك كيف خرجت من منزلك، وكيف كنت في نادي قومك، وإن أردت أخبرك عضو منّى، فيكون ذلك أوكد لبرهاني.

قال: أو يتكلّم العضو ؟

قال (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : قم يا حسن.

فازدرى الأعرابي نفسه فقال: هو ما يأتي ويأمر صبيّاً يكلمني.

قال: إنك ستجده عالماً بما تريد، فابتدر الحسن وقال: مهلاً يا أعرابي :

و عيبك ما سألت، وأين عيبي *** فقيهاً بل إذا جهل الجهول

ص: 113

فإن تك قد جهلت فإنّ عندي *** شفاء الجهل ما سأل السؤول

و بحراً لا تقسّمه الدوالي *** تراثاً كان أورثه الرّسول

لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعت نفسك، غير أنك لا تبرح حتّی تؤمن إن شاء الله تعالى.

فتبسّم الأعرابي وقال: هيه .

فقال الحسن - صلوات الله عليه - قد اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكر تم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، وزعمتم أنّ محمّداً صنبور (1)، والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثأره. وزعمت أنك قاتله، وكافٍ قومك مؤنته، فحملت على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تريمه وتريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلا ذلك خوفاً من أن يستهزؤا بك، وإنما جئت لخير يراد بك.

أنبئك عن سفرك، خرجت في ليلة ضحياء (2)، إذ عصفت ريح شديدة اشتدّ منها ظلماؤها، وأطبقت سماؤها، وأعصر سحابها، وبقيت محر نجما (3) كالأشقر (4)، إن تقدّم نُحر، وإن تأخّر، عُقر لا تسمع لواطيء حسّاً، ولا لنافخ خرساً، تدالت عليك غيومها وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع ولا بعلم لامع، تقطع محجّة (5) تهبط لجّة (6) ، بعد لجة، في ديمومة قفر(7) بعيدة القعر، مجحفة (8) بالسّفر، إذا علوت مصعداً أرادت

ص: 114


1- صُنبور: لا عقب له ولا ناصر
2- ليلة ضحياء: مضيئة لا غيم فيها ومُقمرة.
3- محر نجماً: مجتمعاً بعضه على بعض.
4- الأشقر: الأحمر من الإبل.
5- المحجة: الطريق.
6- لُجّة: ظلمة وسواد.
7- القَفْر : الخَلاء من الأرض.
8- مُجْحفة: مضرّة بالأنفس والأموال.

الريح تخطفك والشوك تخبطك، في ريح عاصفٍ وبرق خاطف، قد أوحشتك قفارها، وقطعتك سلامها (1)، فانصرفت فإذا أنت عندنا، فقرّت عينك، وظهرت زينتك، وذهب أنينك.

قال: من أين قلت يا غلام هذا؟ كأنك قد كشفت عن سويداء قلبي، وكأنك كنت شاهدي، وما خفي عليك من أمري شيء، وكأنك عالم الغيب يا غلام، لقّني الإسلام.

فقال الحسن - صلوات الله عليه - الله أكبر قل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمّداً عبده ورسوله .

و أسلم وحسن إسلامه، وسر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، وسرّ المسلمون، وعلّمه رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) شيئاً من القرآن.

فقال: يا رسول الله أرجع إلى قومي وأعرفهم ذلك.

فأذن له رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فانصرف، ثم رجع ومعه جماعة من قومه فدخلوا في الإسلام. وكان الحسن - صلوات الله عليه - إذا نظر إليه الناس قالوا: لقد أعطي هذا ما لم يُعط أحد من العالمين.

علمه بالغائب

27 - ما روي عن عبد الغفّار الحارثي عن أبي عبدالله (علیه السّلام) قال: إنّ الحسن بن علي (علیه السّلام) كان عنده رجلان فقال لأحدهما : إنّك حدثت البارحة فلاناً بحديث كذا وكذا.

فقال الرجل الآخر: إنّه ليعلم ما كان وعجب من ذلك.

ص: 115


1- سلام: جمع سلامة، وهي شجرة ذات شوك.

فقال (علیه السّلام): إنا لنعلم ما يجري بالليل والنّهار، ثمّ قال: إن الله تبارك وتعالى علّم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الحلال والحرام والتنزيل والتأويل، فعلّم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) علياً علمه كلّه (1).

إنّ السّم لا يؤثّر فيه مراراً

28 - ومن طريق المخالفين ما رواه أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء في الجزء الأول: بالأسناد عن عمر بن إسحاق، قال: دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي (علیهما السّلام) نعوده، فقال: يا فلان ،سلني، فقال: لا والله لا نسألك حتّى يعافيك الله، ثمّ أسألك.

قال: ثم دخل الخلاء ثم خرج إلينا فقال: سلني قبل أن لا تسألني.

قال: بل يعافيك الله ثم أسألك.

قال: قد ألقيت طائفة من كبدي وإنّي قد سقيت السمّ مراراً، فلم أسق مثل هذه المرّة.

ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين (علیهما السّلام) عند رأسه وقال: يا أخي من تتّهم؟

قال : لِمَ؟ لتقتله ؟

قال: نعم .

قال: إن يكن الذى أظنّ فالله أشدُّ بأساً وأشدّ تنكيلاً، وإن لا يكن فما أحب أن تقتل بي بريئاً، ثمّ قضى - صلوات الله عليه وآله-(2).

ص: 116


1- الخرائج 573/2 ، ح 3 بصائر 290 ، ح 2 .
2- حلية الأولياء 38/2 .

علمه بما يكون

29 - ابن بابويه في أماليه: بإسناده عن مفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده (علیهم السّلام) إن الحسين بن علي بن أبي طالب(علیه السّلام) دخل يوماً إلى أخيه الحسن (علیه السّلام)، فلما نظر إليه بكى، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟

قال: أبكي لما يصنع بك.

فقال له الحسن (علیه السّلام) : إن الذي يؤتى إلي سمّ يدسّ إليّ فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبدالله يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدّعون أنهم من أمّة جدّنا محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك وأخذ ثقلك ، فعندها تحلّ ببنى أميّة اللعنة، وتمطر السماء رماداً ودماً، يبكي عليك كلّ شيء حتّی الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار (1) .

استجابة دعائه في الاستسقاء

30 - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: بإسناده عن أبي البختري: وهب بن وهب القرشي، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه (علیهم السّلام) قال : اجتمع عند علي بن أبي طالب(علیه السّلام) قوم فشكوا إليه قلة المطر وقالوا: يا أبا الحسن أدع لنا بدعوات في الاستسقاء.

قال: فدعا عليّ الحسن والحسين (علیهما السّلام)، ثم قال للحسن (علیه السّلام) : أدع لنا بدعوات في الإستسقاء.

فقال الحسن(علیه السّلام) : اللهم هيّج لنا السحاب بفتح الأبواب، بماء عباب(2) رباب(3)،

ص: 117


1- أمالي الصدوق 101، ح 3.
2- عُباب: كثير ومتدافق.
3- رباب: عذب.

ص: 118

ص: 119

خبر حصاة أمّ أسلم

34 - محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا ذكر إسمه قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم، قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عبدالله بن العباس ابن علي بن أبي طالب، قال: حدّثنی جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه، عن آبائه (علیهم السّلام) :قالوا: جاءت أمّ أسلم إلى النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وهو في منزل أم سلمة، فسألتها عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فقالت: خرج في بعض الحوائج والساعة يجيء، فانتظرته عند أم سلمة حتّی جاء (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

فقالت أمّ أسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنّي قد قرأت الكتب، وعلمت كل نبي و وصيّ، فموسى كان له وصيّ في حياته وصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيّك يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟

فقال لها: يا أمّ أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد. ثم قال لها: يا أمّ أسلم من فعل فعلي فهو وصيّي، ثمّ ضرب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها بإصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثمّ عجنها، ثمّ طبعها بخاتمه، ثمّ قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي بعد مماتي.

فخرجت من عنده عنده فأتيت أميرالمؤمنين (علیه السلام) فقلت: بأبي أنت وأمي أنت وصيّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ؟

قال: نعم يا أمّ أسلم، ثمّ ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثمّ عجنها وختمها بخاتمه، ثمّ قال: يا أمّ أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصييّ .

فأتيت الحسن (علیه السّلام) وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصيّ أبيك ؟

فقال: نعم يا أمّ أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما (1).

ص: 120


1- الكافي 355/1ح 15.

معرفته باللغات

35 - محمّد بن يعقوب: عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير، عن رجاله، عن أبى عبد الله (علیه السّلام) قال : إنّ الحسن بن علي (علیهما السّلام) قال : إن الله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد، وعلى كل واحد منهما ألف ألف مصراع، وفيهما ألف ألف لغة، يتكلّم كلّ لغة بخلاف صاحبها، وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي.

و رواه محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) يرفع الحديث إلى الحسن بن علي (علیهما السّلام)- أنه قال: إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، وذكر الحديث .

و رواه سعد بن عبدالله في بصائر الدرجات: عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) رفعه إلى الحسن بن علي (علیهما السّلام) قال: إنّ لله عزّوجلّ مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد وذكر الحديث.

و رواه الشيخ المفيد في كتاب الإختصاص: عن يعقوب بن زيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (علیه السّلام) مثله (1).

استشهاده رسول الله بعد موته

36 - ثاقب المناقب عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حدّثوا عن

ص: 121


1- الكافي 46/12 ، ح 5 بصائر الدرجات 339؛ الاختصاص 291 .

بني إسرائيل ولا حرج، فإنّه قد كانت فيهم الأعاجيب. ثم أنشأ يحدث (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقال: خرجت طائفة من بني إسرائيل حتّی أتوا مقبرة لهم وقالوا: لو صلّينا فدعونا الله تعالى فأخرج لنا رجلاً ممّن مات نسأله عن الموت، ففعلوا، فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر بين عينيه أثر السجود، قال: يا هؤلاء ما أردتم مني، لقدمت منذ سبعمائة عام ما كان سكنت حرارة الموت منّي حتّی كان الآن، فأدعوا الله أن يعيدني كما كنت.

قال جابر بن عبدالله الأنصاري: ولقد رأيت - و حق الله وحق رسوله - من الحسن بن علي (علیهما السّلام) أفضل وأعجب منها، أما الذي رأيته من الحسن (علیه السّلام) فهو أنه لما وقع عليه من أصحابه ما وقع، وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية، فصالحه واشتدّ ذلك على خواص أصحابه، فكنت أحدهم، فجئته وعذلته.

فقال: يا جابر لا تعذلني وصدق رسول الله في قوله: إنّ ابني هذا سيّد، وأنّ الله تعالى يصلح به بین فئتين عظيمتين من المسلمين، فكأنه لم يشف ذلك صدري.

فقلت: لعلّ هذا شيء يكون بعد، وليس هذا هو الصّلح مع معاوية، فإنّ هذا هلاك المؤمنين وإذ لا لهم، فوضع يده على صدري، وقال: شككت وقلت كذا؟

قال: أتحب ان أستشهد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الآن حتّی تسمع منه، فعجبت من قوله، إذ سمعت هدّة وإذا الأرض من تحت أرجلنا قد انشقت وإذا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وعلي وجعفر حمزة - عليهم أفضل السلام - قد خرجوا منها ، فوثبت فزعاً مذعوراً، فقال الحسن يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) هذا جابر وقد عذلني بما قد علمت .

فقال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : يا جابر إنك لا تكون مؤمناً حتّی تكون لأئمتك مسلّماً، ولا تكن عليهم برأيك معترضاً، سلّم لابني الحسن ما فعل، فإنّ الحق فيه أنه دفع عن خيار المسلمين الاصطلام بما فعل، وما كان ما فعله إلّا عن أمر الله تعالى وأمري.

فقلت: قد سلّمت يا رسول الله، ثم ارتفع في الهواء هو وحمزة وجعفر وعليّ،

ص: 122

فمازلت أنظر إليهم حتّی انفتح لهم باب في السماء ودخلوها ثم باب السماء الثانية إلى سبع سماوات يقدمهم سيّدنا ومولانا محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم)(1).

انفلاق الصخرة عن إنسانين

37 - ثاقب المناقب: عن عليّ بن رئاب قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يحدّث عن الحسن بن علي (علیهما السّلام) أنه أتى آتٍ االحسن بن علي (علیهما السّلام) فقال: ما أعجز عنه موسى من مسائلة الخضر (علیهما السّلام)؟ فقال : من الكنز الأعظم، ثمّ ضرب بيده على منكب الرجل فقال: إيه، ، ثمّ ركض ما بين يديه فانفلق عن إنسانين على صخرة يرتفع منهما غبار أشدّ نتنا من الخيال، وفي عنق كلّ واحد منهما سلسلة وشيطان مقرون به وهما يقولان يا محمّد يا محمّد، والشيطانان يردان عليهما كذبتما.

ثمّ قال: انطبقي عليهم إلى الوقت المعلوم الذي لا يقدم ولا يؤخَّر، وهو خروج القائم المنتظر (علیه السّلام) .

فقال الرجل: سحر، ثمّ ولّى وهو يريد أن يخبر بضدّ ذلك، فخرس لسانه ولم يقدر ينطق (2).

انقلاب الرجل أنثى وبالعكس

38 - ثاقب المناقب: وجدت في بعض كتب أصحابنا الثقاة - رضي الله عنهم - أنّ رجلاً من أهل الشام أتى الحسن (علیه السّلام) ومعه زوجته فقال: يابن أبي تراب و ذكر بعد ذلك كلاماً نزهت عن ذكره إن كنتم في دعواكم صادقين فحوّلني امرأة وحوّل امرأتي رجلاً،

ص: 123


1- الثاقب في المناقب 306 ح 1 .
2- الثاقب في المناقب 310، ح 1 .

كالمستهزىء في كلامه، فغضب (علیه السّلام) ونظر إليه شزراً (1) وحرّك شفتيه ودعا بما لم نفهمه، ثمّ نظر إليهما وأحدّ النظر، فرجع الشامي إلى نفسه وأطرق خجلاً ووضع يده على وجهه، ثمّ ولّى مسرعاً، وأقبلت امرأته وقالت: إنّي صرت رجلاً.

و ذهبا حيناً من الزمان، ثمّ عادا إليه وقد ولد لهما مولود، وتضرعا إلى الحسن (علیه السّلام) تائبين ومعتذرين ممّا فرّطا فيه، وطلبا منه انقلابهما إلى حالهما الأوّل، فأجابهما إلى ذلك و رفع يديه وقال: اللّهمّ إن كانا صادقين في توبتهما فتب عليهما وحوّلهما إلى ما كانا عليه، فرجعا إلى ذلك لا شكّ فيه ولا شبهة (2).

ردّه لسؤال الخضر (علیه السّلام)

39 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنی أبو الفضل محمّد بن عبدالله، قال: حدّثنی أبو النجم بدر بن الطبرستاني، قال: روي عن أبي جعفر محمّد بن علي الثاني (علیه السّلام) بأنه قال: أقبل أمير المؤمنين (علیه السّلام) ومعه ابنه أبو محمّد الحسن وسلمان ودخل المسجد فجلس واجتمع الناس حوله، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلّم على أمير المؤمنين وجلس ثمّ قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أجبتني عنهنّ علمت أنّ القوم قد ركبوا منك ما حظر عليهم، وارتكبوا إثماً يوبقهم في دنياهم لأحرقهم وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء.

فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) : سلني عمّا بدا لك.

قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه، وعن الرجل كيف يذكر وينسى و عن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟

فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمّد (علیه السّلام) فقال: يا أبا محمّد أجبه.

ص: 124


1- شَزراً: بمؤخّر عينه.
2- الثاقب في المناقب 1 ) 311، ح 1.

فقال الحسن (علیه السّلام) : أما ما سألت من أمر الرجل أين تذهب روحه إذا نام، فإنّ روحه معلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله بردّ روحها على صاحبها جذبت تلك الروح الريح، وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها. وإن لم يأذن الله بردّ تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح، فجذب الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان فإنّ قلب الرجل في حقٌّ، وعلى الحقِّ طبق، فإن صلّى عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق، فانفتح القلب وذكر الرجل ما كان نسي، وإن لم يصلّ على محمّد وآل محمّد وانتقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق، فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكر.

و أما ما ذكرت من أمر المولود يشبه أعمامه وأخواله، فإنّ الرجل إذا أتى أهله يجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب ، انسكبت تلك النطفة فوقعت في جوف الرحم، وخرج الولد يشبه أباه وأمه. وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة ووقعت في اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.

فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهدأن محمّداً (صلّی الله علیه و آله و سلّم) رسوله و لم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيّ رسوله القائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) - و لم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّ ابنك هو القائم بحجتك، وأشار إلى الحسن (علیه السّلام) ، وأشهد أن الحسين بن علي ابنك والقائم بحجته بعد أخيه، وأشهد أن علي بن الحسين القائم بأمر الحسين، وأشهد أنّ محمّد بن علي، القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد أنّ جعفر بن محمّد القائم بأمر محمّد بن علي وأشهد أن موسى بن جعفر القائم بأمر جعفر بن محمّد، وأشهد أنّ على بن موسى القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد أن محمّد بن

ص: 125

علي القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد أنّ عليّ بن محمّد القائم بأمر محمّد بن علي، وأشهد أنّ الحسن بن علي القائم بأمر علي بن محمّد، وأشهد أن رجلاً من ولد الحسين بن علي لا يسمّى ولا يكنّى حتّی يظهر أمره، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، هو القائم بالحجّة، والسّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثمّ قام فمضى.

فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) للحسن (علیه السّلام): اتبعه فانظر أين يقصد ؟

قال: فخرج الحسن (علیه السّلام) في أثره، قال: فما كان إلا أن وضع رجله في الركاب خارج المسجد، فما أدري أين أخذ من الأرض فرجعت إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فأعلمته ،فقال لي: يا أبا محمّد أتعرفه؟

قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم.

قال : هو الخضر (علیه السّلام) (1).

معرفته مکنون العلم

40 - روي أنّ الحسن (علیه السّلام) وإخوته وعبد الله بن العباس كانوا على مائدة فجاءت جرادة فوقعت على المائدة، فقال عبد الله للحسن عليها : أي شيء مكتوب على جناح الجرادة؟

فقال (علیه السّلام): مكتوب: أنا الله لا إله إلا أنا، ربّما أبعث الجراد رزقاً لقوم جياع ليأكلوه، وربّما أبعثها نقمة على قوم فتأكل أطعمتهم.

فقام عبدالله وقبل رأس الحسن وقال: هذا من مكنون العلم (2).

ص: 126


1- دلائل الإمامة 68 الكافي 525/1 ، ح 1 کمال الدین 313 ح 1 : غيبة النعماني 58 ، ح 2 .
2- صحيفة الرضا 259 ، ح 194؛ دعوات الراوندي 145 ، ح 376.

معاجز الإمام الحسين (علیه السّلام)

نزول الملائكة عليه

ص: 127

ص: 128

معاجز الإمام الحسين (علیه السّلام)

1 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الأعمش قال: قال لي أبو محمّد الواقدي وزرارة بن خلج لقينا الحسين بن علي (علیه السّلام) قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث ليال، فأخبرناه بضعف الناس في الكوفة، وأنّ قلوبهم معه وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السماء، ففتحت أبواب السماء ونزلت من الملائكة عدد لا يحصيهم إلا الله، فقال (علیه السّلام) : لولا تقارب الأشياء وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم علماً أن هناك مصرعي ومصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي عليّ (1).

علمه بمن يحمل رأسه

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير قال: حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد البلوي قال: حدّثنا عمارة بن زيد، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعيد، قال: أخبرني أنه كان مع زهير بن القين حين صحب الحسين (علیه السّلام) كما أخبر، قال: قال الحسين له: يا زهير، اعلم أنّ هاهنا مشهدي، ويحمل هذا من جسدي - يعني رأسه زحر بن قيس، فيدخل به على يزيد يرجو نائله، فلا يعطيه شيئاً (2).

ص: 129


1- دلائل الامامة 74 .
2- دلائل الامامة 74 .

كلام أسد عقور

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا محمّد بن جيّد، عن أبيه جيّد بن سالم بن جيّد، عن راشد بن مزيد قال: شهدت الحسين بن علي (علیهما السّلام) وصحبته من مكة حتّى أتينا القطقطانة، ثمّ استاذنته في الرجوع فأذن لي، فرأيته قد استقبله سبع عقور، فوقف له فقال له: ما حال الناس بالكوفة؟

قال: قلوبهم معك وسيوف وسيوفهم عليك.

قال: ومن خلّفت بها ؟

فقال: ابن زیاد وقد قتل ابن عقیل .

قال: وأين تريد؟ قال: عدن .

قال: أيّها السبع هل عرفت ماء الكوفة؟

قال: ما علمنا من علمك إلّا ما زوّدتنا، ثم انصرف وهو يقول:

(وَ ما رَبُّكَ بظَلام للعبيد) (1) قال: كرامة من ولي وابن ولي (2).

إخراج العنب من سارية المسجد

4 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد.قال: حدّثنا سعيد بن شرفي بن القطامي عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان، قال: هدت الحسين بن علي(علیهما السّلام) قد اشتهى عليه ابنه علي الأكبر عنباً في غير أوانه، فضر بيده إلى سارية المسجد، فأخرج له عنباً وموزاً فأطعمه، فقال: ما عند الله لأوليائه أكثر (3).

ص: 130


1- فصّلت 46 .
2- دلائل الامامة 75 .
3- دلائل الامامة 75 .

إخباره حول بني أمية

5 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الأعمش، قال: سمعت أعمش، قال: سمعت أبا صالح التمار، يقول: سمعت حذيفة يقول: سمعت الحسين بن علي الله يقول: والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية، ويقدمهم عمر بن سعد، وذلك في حياة النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) .

فقلت له : أنبأك بهذا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟

فقال: لا، فقال: فأتيت النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وأخبرته، فقال: علمي علمه وعلمه علمي، إنّه لأعلم بالكائن قبل كينونته (1).

علمه بما يكون

6 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: روى هارون بن خارجة عن أبي عبدالله (علیه السّلام) قال: قال الحسين بن علي (علیهما السّلام) لغلمانه: لا تخرجوا يوم كذا وكذا اليوم سمّاه واخرجوا يوم الخميس، فإنّكم إن خالفتموني قطع عليكم الطريق وقتلتم وذهب ما معكم، وكان قد أرسلهم إلى ضيعة له.

فخالفوه وأخذوا طريق الحرّة، فاستقبلهم لصوص فقتلوهم كلّهم، فدخل عليه والي المدينة من ساعته فقال له: قد بلغنى قتل غلمانك ومواليك، وآجرك الله فيهم .

فقال أما أنّي أدلك على من قتلهم فاشدد يدك بهم. قال: أو تعرفهم؟

قال: نعم، كما أعرفك وهذا منهم.

فقال الرجل: يابن رسول الله كيف عرفتني أنا منهم؟

قال: إن صدقتك تصدّق؟ قال: نعم والله لأفعلنّ.

ص: 131


1- دلائل الإمامة 75 .

قال: أخرجت ومعك فلان وفلان، وسمّاهم بأسمائهم كلهم، فيهم الأربعة من موالي الأسود، والبقية من سائر أهل المدينة؟

فقال الوالي: وربّ القبر والمنبر لتصدقن أو لأنثرن لحمك بالسياط.

فقال: والله ما كذب الحسين، فكأنه كان معنا.

قال: فجمعهم الوالي جميعاً، فأقروا أجمعون، فأمر بهم فضربت أعناقهم.

و روى هذا الحديث الراوندي في كتاب الجرائح وصاحب ثاقب المناقب والحضيني في هدايته عن الصادق (علیه السّلام) ببعض الاختلاف اليسير (1) .

كلام رأسه الشريف

7 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: وأخبرني أبوالحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمّد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدّثنا أحمد بن الحسين الهاشمي، قدم علينا من مصر.

قال: حدّثنی القاسم بن منصور الهمداني بدمشق، عن عبدالله بن محمّد التميمي، سعدان بن أبى طيران عن الحارث بن وكيدة قال: كنت فيمن حمل رأس الحسين (علیه السّلام) فسمعته يقرأ سورة الكهف، فجعلت أشكّ في نفسي، وأنا أسمع نغمة أبي عبدالله (علیه السّلام).

فقال لي: يا ابن وكيدة أما علمت أنا معشر الأئمة أحياء عند ربنا نرزق؟ فقلت في نفسي استرق رأسه.

فناداني: يا بن وكيدة ليس لك إلى ذلك سبيل سفكهم دمي أعظم عندالله من

ص: 132


1- دلائل الإمامة 76 الخرائج 246/1؛ الثاقب في المناقب 342 ، ح 266 هداية الحضيني ص 43.

تسييرهم رأسي، «...فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (1)»(2).

استجابة دعائه في الاستسقاء

8- في عيون المعجزات عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق (علیه السّلام) عن أبيه، عن جده (علیهم السّلام) قال: جاء أهل الكوفة إلى علي (علیه السّلام) فشكوا إليه إمساك المطر وقالوا له: استق لنا.

فقال للحسين (علیه السّلام) : قم واستسق، فقام وحمد الله وأثنى عليه وصلّى على :وقال: اللّهمّ معطي الخيرات، ومنزل البركات أرسل الماء علينا مدراراً، واسقنا غيثاً مغزاراً واسعاً غدقاً مجللاً سحاً سفوحاً ثجّاجاً (3)، تنفس به الضعف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، آمين رب العالمين.

فما فرغ (علیه السّلام) من دعائه حتّی غان الله غيثاً ببركته (علیه السّلام) ، وأقبل أعرابي من بعض نواحي الكوفة، فقال: تركت الأودية والآكام يموج بعضها في بعض (4).

استجابة دعائه في ابن أبي جويرية

9 - ابن بابويه في أماليه : بإسناده عن الصادق (علیه السّلام) في حديث مقتله (علیه السّلام) : إن الحسين (علیه السّلام) قال لأصحابه : قوموا فاشربوا من الماء يكون آخر زادكم وتوضأوا واغتسلوا واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم. ثمّ صلّى بهم الفجر وعبّأهم تعبئة الحرب، وأمر

ص: 133


1- غافر : 70-71
2- دلائل الإمامة 78 .
3- مجلّلاً: يعمّ الأرض بمائه؛ سحاً متتابعاً؛ سفوحاً مرسلاً تجاجاً : منصبّاً .
4- عيون المعجزات 64 .

بحفيرته التي حول عسكره. فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد، وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد - لعنه الله - على فرس له يقال له: ابن أبي جويرية المزني.

فلمّا نظر إلى النار تتقد صفق بيده ونادى يا حسين وأصحاب الحسين، أبشروا بالنار، فقد تعجّلتموها في الدنيا.

فقال الحسين (علیه السّلام): مَنِ الرجل ؟

فقيل: ابن أبي جويرية المزني.

فقال الحسين (علیه السّلام): اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا. فنفر به فرسه، فألقاه في تلك النار فاحترق (1).

استجابة دعائه على تمیم بن حصین

10 - ابن بابويه في أماليه: بإسناده عن الصادق (علیه السّلام في حديث المقتل: ثم خرج رجل آخر يقال له : تميم بن الحصين الفزاري، فنادى يا حسين ويا أصحاب الحسين، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات، والله لا ذقتم منه قطرة واحدة حتّی تذوقوا الموت جرعاً.

فقال الحسين (علیه السّلام) : مَن الرجل؟

فقيل : تميم بن الحصين .

فقال الحسين (علیه السّلام) : هذا وأبوه من أهل النار. اللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم.

قال: فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها فمات (2)

ص: 134


1- أمالي الصدوق 134 ح 1.
2- أمالي الصدوق 134 مناقب آل أبي طالب 57/4 .

استجابة دعائه على محمّد بن الأشعث

11 - ابن شهر اشوب: روي أنّ الحسين دعا وقال: اللهم إنا أهل بيت نبيّك وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا، إنك سميع قريب.

فقال محمّد بن الأشعث: وأي قرابة بينك وبين محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟

فقرأ الحسين:

(إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرّية بعضها من بعض ﴾ (1)، ثمّ قال: اللهم أره في هذا اليوم ذلّاً عاجلاً.

فبرز ابن الأشعث للحاجة، فلسعته عقرب على ذكره، فسقط وهو يستغيث يتقلّب على حدثه (2).

استجابة دعائه على رجل من بني دارم

12 - ثاقب المناقب: عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال: حدّثنی من شهد عسكرالحسین (علیه السّلام) أن الحسين (علیه السّلام) لمّا غلب على عسكره العطش، ركب المسنّاة (3) يريد الفرات، فقال رجل من بني أبان بن دارم حُولُوا بينه وبين الماء، ورمى بسهم فأثبته في حنكه .

فقال (علیه السّلام) : أللهم أظمئه، اللهم أظمئه، فوالله مالبث الرجل إلا يسيراً حتّی صبّ الله عليه الظمأ .

قال القاسم بن أصبغ : لقد رأيته وبين يديه قلال فيها الماء وأنه يقول: ويلكم أسقوني قتلني الظمأ، فيعطى القلة أو العش الذي كان أحدهما يروي أهل بيت، فيشربه ثمّ

ص: 135


1- آل عمران 33 .
2- مناقب آل أبي طالب 57/4 .
3- المسنّاة : سدّ يبنى لحجز ماء السيل.

يقول: ويلكم أستوني قتلني الظماً .

قال : فوالله ما لبث إلا يسيراً حتّی انقد بطنه انقداد بطن البعير.

و في رواية أخرى: النار توقد من خلفه والثلج موضوع من قدامه، وهو يقول: أسقونى إلى آخر الكلام (1).

استجابة دعائه على عبد الله بن حصين

13 - ابن شهر اشوب عن ابن بابويه وتاريخ الطبري: قال أبو القاسم الواعظ: نادى رجل يا حسين إنك لن تذوق من الفرات قطرة حتّی تموت أو تنزل على حكم الأمير.

فقال الحسين (علیه السّلام) : اللهم اقتله عطشاً، ولا تغفر له أبداً. فغلب عليه العطش، فكان يعبّ المياه ويقول: واعطشاً حتّى تقطّع.

تاريخ الطبري: أنه كان هذا المنادي عبد الله بن الحصين الأزدي، رواه حميد بن مسلم. وفي رواية كان رجلاً من دارم (2).

استجابة دعائه على عمر بن سعد

14 - قال ابن شهر اشوب: روي أنّ الحسين بن علي (علیهما السّلام) قال لعمر بن سعد: إنّ ممّا يقرّ لعينى أنك لا تأكل من برّ العراق بعدي إلا قليلاً.

فقال مستهزءاً: يا أبا عبدالله في الشعير خلف.

فكان كما قال (علیه السّلام) ، لم يصل إلى الرّى وقتله المختار.

شعر:

ص: 136


1- الثاقب في المناقب 341 ح 287 .
2- مناقب آل أبي طالب 56/4 ، تاريخ الطبري 412/5.

هذا ابن سعد لم يطع الإمامه *** وأطاع من بعد الحسين يزيداً

تبت يداه سوف يصلى في غدٍ *** ناراً عذاباً لا يزال جديداً (1)

إخراج الماء لأصحابه

15 - ثاقب المناقب: من كتاب البستان عن الرضا (علیه السّلام) قال: هبط على الحسين (علیه السّلام) الملك وقد شكا أصحابه إليه العطش فقال: إنّ الله تعالى يقرؤك السلام ويقول: هل لك من حاجة؟

فقال الحسين (علیه السّلام) : و هو السلام و من ربي السلام، وقال: قد شكا إلي أصحابي ما هو أعلم به منّي من العطش. فأوحى الله تعالى إلى الملك: قل للحسين: خطّ لهم بإصبعك خلف ظهرك يرووا. فخطّ الحسين (علیه السّلام) بإصبعه السبّابة، فجرى نهر أبيض من اللبن وأحلى من العسل، فشرب منه هو وأصحابه.

فقال الملك: يابن رسول الله أتاذن لي أن أشرب منه؟ فإنّه لكم خاصة، وهو الرّحيق المختوم الذي (ختامه مسك وفى ذلك فَليَتنافَس المُتَنافِسون ﴾(2).

فقال الحسين (علیه السّلام) : إن كنت تحبّ أن تشرب منه فدونك (3) .

كلام الرضيع

16 - ابن شهر اشوب: عن صفوان بن مهران قال سمعت الصادق (علیه السّلام) يقول: رجلان اختصما في زمن الحسين (علیه السّلام) في امرأة ،وولدها، فقال هذا: لي، وقال هذا: لي. فمّر بهما الحسين فقال لهما فيماذا تمرجان؟

ص: 137


1- مناقب آل أبي طالب 55/4 .
2- مطففين: 26.
3- الثاقب في المناقب 327 ح 2.

قال أحدهما : إنّ الامرأة لي، وقال الآخر: إنّ الولد لي.

فقال للمدعي الأول: أقعد، فقعد، وكان الغلام رضيعاً، فقال الحسين للمرأة: يا هذه اصدقي من قبل أن يهتك الله سترك.

فقالت: هذا زوجي والولد له، ولا أعرف هذا.

فقال (علیه السّلام) : يا غلام ما تقول هذه؟ أنطق بإذن الله تعالى .

فقال له: ما أنا لهذا ولا لهذا، وما أبي إلا راع لآل فلان، فأمر (علیه السّلام) برجمها.

قال جعفر (علیه السّلام) : فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها (1).

تخليصه يد الرجل من ذراع المرأة

17 - الشيخ في التهذيب: بإسناده عن أيّوب بن أعين، عن أبي عبدالله الصادق (علیه السّلام) قال: إنّ امرأة كانت تطوف وخلفها ،رجل، فأخرجت ذراعها فبادر بيده حتّی وضعها على ذراعها، فأثبت الله يده في ذراعها حتّی قطع الطواف.

و أرسل إلى الأمير واجتمع الناس فأرسل إلى الفقهاء، فجعلوا يقولون: إقطع يده، فهو الذي جنى الجناية، فقال: ها هنا أحد من ولد محمّد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ؟

فقالوا: نعم، الحسين بن علي (علیه السّلام) قدم الليلة.

فأرسل إليه، فدعاه فقال: أنظر ما لقيا ذان، فاستقبل القبلة ورفع يده، فمكث طويلاً يدعو، ثمّ جاء إليها حتّی خلص يده من يدها، فقال الأمير: ألا نعاقبه بما صنع؟

فقال : لا (2).

ص: 138


1- مناقب آل أبي طالب 51.
2- تهذيب الأحكام 470/5 ح 293 .

إحياء ميّت

18 - الراوندي وغيره: عن أبي خالد الكابلي، عن يحيى بن أمّ الطويل قال: كنّا عند الحسين (علیه السّلام) إذ دخل عليه شاب يبكي، فقال له الحسين (علیه السّلام) : ما يبكيك؟

قال: إنّ والدتي توفّيت في هذه الساعة، ولم توص ولها مال، وكانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها شيئاً حتّی أعلمك خبرها.

فقال الحسين (علیه السّلام) : قوموا بنا حتّی نصير إلى هذه الحرّة ، فقمنا معه حتّی انتهينا إلى باب البيت الذي توفّيت فيه المرأة وهى مسجّاة، فأشرف على البيت ودعا الله ليحييها حتّی توصي بما تحبّ من وصيّتها، فأحياها الله فإذا المرأة قد جلست وهي تتشهد ، ثمّ نظرت إلى الحسين (علیه السّلام) فقالت: أدخل البيت يا مولاي ومرني بأمرك.

فدخل، وجلس على مخدة ، ثمّ قال لها : أوصي رحمك اللّه.

فقالت: يابن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إنّ لي من المال كذا وكذا، في مكان كذا وكذا، وقد جعلتُ ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من مواليك وأوليائك، والثلثان لابني هذا إن علمت أنه من مواليك وأوليائك، وإن كان مخالفاً فخذه إليك، فلا حق للمخالفين في أموال المؤمنين.

ثم سألته أن يصلى عليها وأن يتولى أمرها، ثم صارت المرأة مينة كما كانت (1).

علمه بما يكون

19 - الراوندي والحضيني - واللفظ له - بإسناده عن سيف بن عميرة التمّار، عن أبي عبدالله الصادق (علیه السّلام) قال: جاء رجل من موالى أبى عبد الله الحسين (علیه السّلام) يستشيره في امرأة يتزوج بها، فقال له (علیه السّلام): لا أحب لك أن تتزوج بها، فإنّها مشؤومة. وكان محباً لها، وكان كثير المال.

ص: 139


1- الخرائج 245/1، ح 1؛ الثاقب في المناقب 344، ح 2 .

فخالف الحسين (علیه السّلام) وتزوّجها، فلم يلبث معها إلّا يسيراً حتّى أذهب الله ماله وركبه ،دين، ومات والده وأخ له، وكان أحبّ الناس إليه.

فقال له الحسين (علیه السّلام) : أما لقد أشرت عليك، ولو كنت أطعتني ما أصابك ما أصابك، فخل سبيلها، فإنّ الله يخلف عليك ما هو خير لك منها وأعظم بركة.

فخلّى سبيلها، فقال له: عليك بفلانة، فتزوّجها، فما خرجت سنة حتّى أخلف الله عليه ماله وحاله، وولدت له غلاماً، ورأى منها ما فقد فى تلك السنة (1).

شفاء الأعمى

20 - ثاقب المناقب: عن الباقر (علیه السّلام) قال : حدّثنی نجاد مولى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) قال: رأيت أمير المؤمنين (علیه السّلام) يرمي نصالاً، ورأيت الملائكة يردّون عليه أسهمه فعميت فذهبت إلى مولاي الحسين (علیه السّلام) فذكرت ذلك إليه فقال: لعلّك رأيت الملائكة تردّ على أمير المؤمنين (علیه السّلام) أسهمه ؟

فقلت: أجل، فمسح بيده على عيني، فرجعت بصيراً بقوة الله تعالى (2).

تعریضه بابن الزبير

21 - ابن شهر اشوب: عن كتاب الإبانة : قال بشر بن عاصم: سمعت ابن الزبير يقول: قلت للحسين بن علي (علیهما السّلام) إنك تذهب إلى قوم قتلوا أباك وخذلوا أخاك.

فقال، لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلى من أن يستحل بي مكة، عرض به (3).

ص: 140


1- هداية الحضيني 43 ؛الخرائج 248/1 .
2- الثاقب في المناقب 344 ، ح 1.
3- مناقب آل أبي طالب 52/4.

اسوداد الشعر بعد ما ابيض

22 - ثاقب المناقب: عن أبي خالد الكابلي ، قال : سمعت عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) يقول: دخلت نظرة الأزدية على الحسين (علیه السّلام) فقال لها : يا نظرة ما الذي بطّأ بك عليّ؟

فقالت له: يابن رسول الله شيء عرض لي في مفرق رأسي، وكثر منه غمّي، وطال منّه همي.

فقال: أدني منّي، فدنت منه ، فوضع إصبعه على أصل البياض، فصار كالقار، فقال: ائتوها بمرأة، فأتيت بها فنظرت فى المرآة، فإذا البياض قد اسود، فسرّت بذلك، وسرّ الحسين (علیه السّلام) بسرورها (1).

الانتقام من قاتليه

23 - ابن طاووس عن هلال بن نافع قال: إنّي لواقف مع أصحاب عمر بن سعد - لعنة الله عليه إذ صرخ صارخ أبشر أيها الأمير فهذا شمر قد قتل الحسين (علیه السّلام) إلى أن قال .

ثمّ أقبلوا على سلب الحسين (علیه السّلام)، فأخذ قميصه إسحاق بن حويّة الحضرمي، فلبسه فصار أبرص وامتعط (2) شعره. وروي أنه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة: ما بين رمية وطعنة سهم وضربة.

وقال الصادق (علیه السّلام) وجد بالحسين (علیه السّلام) ثلاث وثلاثون طعنة، وأربعة وثلاثون ضربة. وأخذ سراويله بحر بن كعب التميمي. وروي أنه صار زَمِناً مقعداً من رجليه. وأخذ عمامته أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي، وقيل: جابر بن يزيد الأودي - لعنهما الله -

ص: 141


1- الثاقب في المناقب 326 ح 1 .
2- امتعط: تساقط.

فاعتمّ بها فصار معتوها (1).

و أخذ نعليه الأسود بن خالد - لعنه الله - وأخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي- لعنه الله - وقطع إصبعه (علیه السّلام) مع الخاتم ، وهذا الملعون أخذه المختار، وقطع يديه ورجليه ،وتركه يتشحط في دمه، حتّى هلك لا رحمه الله (2).

انتقام آخر

24 - إبن شهر اشوب: عن تاريخ الطبري قال أبو مخنف: حدّثنی عمرو بن شعیب، عن محمّد بن عبدالرحمان أنّ يدي أبحر بن كعب كانتا في الشّتاء تنضحان الماء. وفي الصيف تيبسان كأنهما عودان.

و في رواية غيره كانت يداه تقطران في الشّتاء دماً. وكان هذا الملعون سلب الحسين (علیه السّلام).

و في رواية ينضحان قيحاً ودماً في الشّتاء (3) .

الجمل والزّعفران

25 - إبن شهر اشوب: أحاديث إبن الحاشر، قال أبو عبداللّه:كان عندنا رجل خرج على الحسين (علیه السّلام)، ثمّ جاء بجمل وزعفران، فكلما دقوا الزّعفران صار ناراً، فلطّخت امرأته على يديها فصارت برصاً. وقال: ونحروا الجمل، فكلّما جزوا بالسكين صار ناراً، قال: فقطعوه فخرج منه النار.

قال: فطبخوه فصارت القدر ناراً.

ص: 142


1- معتوهاً: اختلط عقله.
2- اللهوف في قتلى الطفوف 55 .
3- مناقب آل أبي طالب 57/4 .

و يروى عن سفيان بن عيينة ويزيد بن هارون الواسطى أنهما قالا: نحر إبل الحسين (عليه السلام) فإذا لحمه يتوقّد ناراً.

تاريخ النسوي: قال حمّاد بن زيد قال جميل بن مرّة لما طبخوها صارت مثل العلقم (1).

انتقام آخر

26 - إبن شهر اشوب: عن القاسم بن الأصبغ قلت لرجل من بني دارم: ما غيّر صورتك؟

قال: قتلت رجلاً من أصحاب الحسين (علیه السّلام) ، وما نمت ليلة منذ قتلته إلا أتاني في منامي آتٍ فينطلق بي إلى جهنّم، فيقذف بي فيها حتّی أصبح.

قال: فسمعت بذلك جارة له، فقالت: ما يدعنا تنام الليل من صياحه (2).

انتقام آخر

27 - إبن شهر اشوب قال: وسئل عبدالله بن رباح القاضي الأعمى عن عماه ،فقال: كنت حضرت كربلاء وما قاتلت فنمت فرأيت شخصاً هائلاً، فقال لي: أجب رسول الله.

فقلت: لا أطيق، فجرني إلى رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، فوجدته حزيناً، وفي يده حربة، وبُسِطَ قدامه نطع، وملك قِبَلَهُ قائم، في يده سيف من النّار، يضرب أعناق القوم، وتقع النّار فيهم فتحرقهم، ثم يحيون ويقتلهم أيضاً هكذا. فقلت: السّلام عليك يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ما ضربت بسيف، ولا طعنت ،برمح، ولارميت سهماً .

ص: 143


1- مناقب آل أبي طالب 57/4 .
2- مناقب آل أبي طالب 58/4.

فقال النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : الست كثرت السواد ؟؟ فشدّني وأخذ من طشت فيه دم، فكحّلني من ذلك الدّم فاحترقت عيناي، فلما انتبهت كنت أعمى (1).

نور يسطع من رأسه

28 - تاريخ البلاذري والطبري: أنّ الحضرمية امرأة خولّى بن يزيد الأصبحي قالت: وضع خولّى رأس الحسين تحت إجّانة (2) في الدار، فوالله مازلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجّانة، ورأيت طيراً يرفرف حولها (3).

انتقام آخر

29 - الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمّد بن محمّد يعني المفيد قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال : حدّثنا علي بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضر مى قال: حدّثنا عباد بن يعقوب قال: حدّثنا الوليد بن أبي ثور، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدّثنی عمّي، قال: لمّا خفنا أيام الحجاج، خرج نفر منّا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم، فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخاً على شاطيء الفرات، وقلنا: نأوي إليه، فبينا نحن فيه إذ جاءنا رجل غريب، فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة، فإنّي عابر سبيل، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به .

فلما غربت الشمس وأظلم الليل ، أشعلنا فكنا نشعل بالنفط، ثمّ جلسنا نتذاكر أمر

ص: 144


1- مناقب آل أبي طالب 58/4 .
2- الإجانة: هى المِرْكَنُ الذي يُتخذ لغسل الثّياب ونحوها.
3- تاريخ البلاذري 206/3 ؛تاريخ الطبري 454/4 .

الحسين بن علي (علیهما السّلام) ومصيبته وقتله ومن توّلاه فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين (علیه السّلام) رماه الله يبليّة فى بدنه .

فقال ذلك الرّجل: فأنا كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء وإنّكم يا قوم تكذبون، فأمسكنا عنه، وقلّ ضوء النفط، فقام ذلك الرّجل ليصلح الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار كفّه، فخرج ناداً (1) حتّى ألقى نفسه في الفرات يتغوّث به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنّار على وجه الماء، فإذا خرج رأسه سرت النار إليه، فتغوصه إلى الماء ثم تخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك (2).

علامة يوم قتل الحسين

30 - إبن قولويه قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن علي الناقد بإسناده قال: قال: عمر بن سعد، قال: حدّثنی أبو معشر ، عن الزهري، قال: لما قتل الحسين علي (علیه السّلام) لم يبق ببيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط.

و عليّ بن عيسى في كشف الغمّة عن الزهري قال: قال لي عبدالملك بن مروان: أيّ واحد أنت إن أخبرتني، أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين ؟

قال: قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط . فقال عبدالملك: إنى وإيّاك في هذا الحديث لغريبان.

و عن عيسى بن الحارث الكندي قال لمّا قتل الحسين (علیه السّلام) مكثنا سبعة أيام، إذا صلّينا العصر فنظرنا إلى الشمس على الحيطان كأنّها ملاحف مُعَصْفَرَة من شدّة حمرتها، وضربت الكواكب بعضها بعضاً (3).

ص: 145


1- ناداً: شارداً.
2- أمالي الشيخ الطوسي 163/1 .
3- كامل الزيارات 76 ح 3 كشف الغُمّة 56/2 .

شفاؤه من الوضح في حبّابة الوالبية

شفاؤه من الوضح (1) في حبّابة الوالبية

31 - محمّد بن جرير الطبري قال: روى محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن صباح المزني، عن صالح بن ميثم الأسدي قال: دخلت أنا وعباية بن ربعي على امرأة في بني والبة قد احترق وجهها من السجود، فقال لها عباية: يا حبّابة هذا إبن أخيك.

قالت: وأي أخ؟

قال: صالح بن ميثم.

قالت: إبن أخي والله حقاً، يابن أخي ألا أحدثك بحديث سمعته من الحسين بن علي (علیهما السّلام)؟

قال: قلت بلى يا عمّة .

قالت كنت زوّارة لحسين بن علي لال : قالت فحدث بين عيني وضح فشق ذلك عليّ، فإحتبست عنه أياماً، فسأل عنّي فقال: ما فعلت حبّابة الوالبيّة ؟

فقالوا: إنّها حدث بين عينها وضح.

فقال لأصحابه : قوموا بنا حتّی ندخل عليها ، فدخل عليّ في مسجدي هذا فقال : يا حبّابة ما أبطأ بك عليّ؟ قلت: يابن رسول الله ما منعني إلا ما اضطررت به إلى التخلّف وهو هذا الذي حدث بي، وكشفت القناع، فتفل عليه الحسين علل وقال: يا حبّابة أحدثي لله شكراً فإنّ الله قد درأه عنك .

قال: فخرّت ساجدةً .

قال: يا حبّابة إرفعي رأسك وأنظري في مرآتك.

قالت: فرفعت رأسي فلم أجد منه شيئاً، قالت: فحمدت الله، وقال لي: يا حبّابة

ص: 146


1- الوَضَح البرَص. وهو بياض يصيب الأعضاء.

نحن وشيعتنا على الفطرة ، وسائر الناس منها براء.

و روى هذا الحديث صاحب ثاقب المناقب (1).

طبعه في حصاة حبّابة الوالبيّة

32 - محمّد بن يعقوب: (إلى أن قال) قالت: ثم انصرفت حتّی قبض أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فجئت إلى الحسن (علیه السّلام) وهو في مجلس أمير المؤمنين (علیه السّلام) والناس يسألونه، فقال: يا حبّابة الوالبيّة.

فقلت: نعم يا مولاي

فقال: هاتي ما معك.

:قالت: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين (علیه السّلام) . قالت: ثم أتيت الحسين عالم المالية و هو في مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقرب ورحب، ثمّ قال لي: إنّ في الدلالة دليلاً على ما تريدين أفتريدين دلالة الإمامة ؟

فقلت: نعم يا سيدي.

فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها (2).

خبر حصاة أم أسلم

33 - محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا ذكر إسمه قال حدّثنا محمّد بن إبراهيم، قال: أخبرنا موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عبيد الله بن العباس بن عليّ بن أبي طالب قال: حدّثنی جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه، ، عن آبائه (علیهم السّلام) قالوا: جاءت أمّ أسلم يوماً إلى النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وهو في منزل أم سلمة، فسألتها عن

ص: 147


1- دلائل الإمامة 77 الثاقب في المناقب 324، ح 267 .
2- الكافي 346/1.

رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقالت: خرج في بعض الحوائج، والساعة يجي. - إلى أن قالت:-

فخرجت من عنده، فأتيت الحسين الله وإني لمستصغرة لسنّه، فقلت له: بأبي أنت و أمي أنت وصى أخيك ؟

فقال: نعم يا أمّ أسلم إنتيني بحصاة، ثمّ فعل كفعلهم. فعمّرت أمّ أسلم حتّی لحقت بعلي بن الحسين (علیه السّلام) بعد قتل الحسين في منصرفه، فسألته أنت وصيّ أبيك ؟

فقال: نعم، ثمّ فعل كفعلهم - صلوات الله عليهم أجمعين - (1) .

استجابة دعائه على ابن حوزة

34 - إبن شهر اشوب عن إبن بطة في الإبانة وابن جرير في التاريخ أنه نادى الحسين (علیه السّلام) ابن حوزة فقال: يا حسين أبشر فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة .

قال: ويحك أنا؟

قال: نعم.

قال: ولي ربِّ رحيم وشفاعة نبي مطاع كريم، اللهم إن كان عندك كاذباً فجرّه إلى النار .

قال: فما هو إلّا أن ثنى عنان فرسه فوثب به فرمی به وبقيت رجله في الركاب ونفر الفرس، فجعل يضرب برأسه كل حجر وشجر حتّی مات.

و في رواية غيرهما: اللّهمّ جرّه إلى النّار، وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره ره إلى الآخرة، فسقط عن فرسه في الخندق، وكان فيه نار، فسجد الحسين(علیه السّلام) (1).

ص: 148


1- مناقب آل أبي طالب 56/4؛ تاريخ الطبري 412/5.

النور الذي خرج من قبر جده

35 - إبن بابويه في أماليه بإسناده عن الصادق (علیه السّلام) في حديث المقتل: أنّ عتبة بن أبي سفيان كتب إلى يزيد - لعنه الله -

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين من عتبة بن أبي سفيان .

أما بعد: فإنّ الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة، ولا بيعة، فرأيك في أمره والسلام.

فلمّا ورد الكتاب إلى يزيد - لعنه الله كتب الجواب إلى عتبة:

أما بعد: فإذا أتاك كتابي هذا فعجل عليّ بجوابه، وبين لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها، وليكن مع الكتاب رأس الحسين بن علي.

فبلغ ذلك الحسين (علیه السّلام) ، فهم بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق، فلمّا أقبل الليل راح إلى قبر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ليودع القبر، فَلَمّا وصل القبر سطح له نور من القبر، فعاد إلى موضعه (1).

تربته المودعة عند أم سلمة

36 - ثاقب المناقب: عن الباقر (علیه السّلام) قال : لما أراد الحسين (علیه السّلام) الخروج إلى العراق، بعثت إليه أم سلمة - و هي التي كانت ربّته، وكان أحبّ الناس إليها، وكانت أرقّ الناس عليه، وكان تربة الحسين عندها في قارورة، دفعها إليها رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)- فقالت: یا بني إلى أين تريد أن تخرج؟

فقال لها: يا أُمه أريد أن أخرج إلى العراق.

ص: 149


1- أمالي الصدوق 130 .

فقالت: إنى أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق.

قال: ولم ذاك يا أُمّه ؟

قالت: سمعت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يقول : يقتل إبني الحسين بالعراق، وعندي يا بُنَيّ تربتك في قارورة مختومة دفعها إليّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

فقال: يا أمّاه والله إنّى لمقتول، وإنّي لا أفرّ من القدر المقدور، والقضاء المحتوم، والأمر الواجب من الله تعالى.

فقالت: واعجباه فأين تذهب وأنت مقتول؟

فقال: يا أماه إن لم أذهب اليوم ذهبت غداً، وإن لم أذهب غداً ذهبت بعد غد، وما من الموت يا أُمَّه والله بد، وإنّي لأعرف اليوم والموضع الذي أقتَلُ فيه، والسّاعة الّتي أقتل فيها، والحفرة التي أدفن فيها، كما أعرفكِ وأنظر إليها كما أنظر إليكِ.

قالت: قد رأيتها؟

قال: نعم، وإن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت .

قالت: أرنيها، فما زاد أن تكلّم ببسم الله. وفي رواية أخرى: بسم الله الرحمن الرحيم، فخفضت له الأرض حتّی أراها مضجعه ومكانه ومكان أصحابه وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت معها. ثم خرج الحسين - صلوات الله عليه - وقد قال لها : إنّي مقتول يوم عاشوراء.

فلمّا كانت تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي (علیه السّلام) فيها أتاها رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في المنام أشعث مغبراً باكياً، فقالت: يا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) مالي أراك أشعث أغبر باكياً؟

فقال: دفنت إبني الحسين وأصحابه الساعة. فانتبهت أم سلمة - رضي الله عنها - فصرخت بأعلى صوتها، فقالت: وا إيناه فاجتمع أهل المدينة وقالوا لها: ما الذي دهاك؟

فقالت: قتل إبني الحسين بن علي - صلوات الله عليهما

ص: 150

فقالوا لها: وما علمك بذلك؟

قالت: أتاني في المنام رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) باكياً أشعث أغبر، فأخبرني انه دفن الحسين و أصحابه الساعة.

فقالوا: أضغاث أحلامٍ.

قالت: مكانكم فإنّ عندي تربة الحسين (علیه السّلام) ، فأخرجت لهم القارورة فإذا هي دم عبيط (1).

شفاؤه المريض

37 - إبن شهر اشوب عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) ، يحدث عن آبائه (علیهم السّلام) أن مريضاً شديد الحمّى عاده الحسين (علیه السّلام) ، فلما دخل من باب الدار طار الحمّى عن الرجل، فقال له رضيت بما أوتيتم به حقاً حقاً، والحمّى تهرب عنكم.

فقال له الحسين (علیه السّلام) : والله ما خلق الله شيئاً إلّا وقد أمره بالطاعة لنا.

قال: فإذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول: لبيك.

قال: أليس أمير المؤمنين أمرك أن لا تقربي إلا عدواً أو مذنباً لتكوني كفارة لذنوبه، فما بال هذا ؟ فكان المريض عبدالله بن شداد بن الهادي الليثي (2).

انتقام من عدوّه

38 - عن أبي الحصين قال: رأيت شيخاً مكفوف البصر، فسألته عن السبب، فقال لي: إنّي من أهل الكوفة، وقد رأيت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في المنام، وبين يديه طشت فيه دم عظيم من دم الحسين (علیه السّلام) ، وأهل الكوفة كلّهم يعرضون عليه فيلطّخهم بالدم دم

ص: 151


1- الثاقب في المناقب 330، ح 272؛ الحضيني 42 عيون المعجزات 69 .
2- مناقب آل أبي طالب 51/4 .

الحسين (علیه السّلام) ، حتّی انتهيت إليه وعرضت عليه، فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا رميت بسهم، ولا كثرت السواد عليه.

فقال لي: صدقت ألست من أهل الكوفة؟ فقلت: بلى.

فقال: فلم لانصرت ولدي ؟ ولم لا أجبت دعوته؟ ولكنّك هويت قتلة الحسين (علیه السّلام) ، وكنت من حزب إبن زياد.

ثمّ إنّ النّبي أو ما إلي بإصبعه، فأصبحت أعمى، فوالله ما يسرني أن يكون لي حمر النّعم، ووددت أن أكون شهيداً بين يدي الحسين (علیه السّلام) (1).

كلام الرأس مع الراهب

39 - إبن شهر اشوب: عن النطنزي في الخصائص: لما جاؤا برأس الحسين (علیه السّلام) ، نزلوا منزلاً يقال له: قنسرين، اطّلع راهب من صومعته على الرأس، فرأى نوراً ساطعاً يخرج من فيه، ويصعد إلى السماء فأتاهم بعشرة آلاف درهم، وأخذ الرأس وأدخله صومعته، فسمع صوتاً ولم ير شخصاً قال: طوبى لك وطوبى لمن عرف حرمتك.

فرفع الراهب رأسه وقال: يا ربّ بحق عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلّم معي، فتكلّم الرأس وقال: يا راهب أي شيء تريد؟

قال: من أنت؟

قال: أنا ابن محمّد المصطفى، وأنا ابن علي المرتضى، وأنا ابن فاطمة الزهراء، وأنا المقتول بكربلاء، أنا المظلوم، أنا العطشان، فسكت.

فوضع الراهب وجهه على وجهه فقال: لا أرفع وجهي عن وجهك حتّی تقول: أنا شفيعك يوم القيامة، فتكلّم الرأس وقال: إرجع إلى دين جدي محمّد(صلّی الله علیه و آله و سلّم).

ص: 152


1- منتخب الطريحي 320 .

فقال :الراهب أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمّداً رسول الله، فقبل له الشفاعة.

فلما أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم، فلما بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة (1).

نوح الجن وبكاؤها عليه

40 - أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه: قال: حدّثنی محمّد بن جعفر القرشيّ الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن عمر و بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة زوجة النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، قالت: ما سمعت نوح الجنَّة منذ قبض الله نبيّه إلّا ،الليلة ولا أراني إلا وقد أصبت بابني الحسين (علیه السّلام) قالت: وجاءت الجنّية منهم وهي تقول:

ألا ياعين فانهملي بجهد *** فمن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا *** إلى مستجبّر في ملك عبدٍ

و ابن قولويه: قال: حدّثنی حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطّاب، قال: وحدّثنی عمر بن سعد قال: حدّثنی عمرو بن ثابت، عن أبي زياد القندي، قال: كان الجصاصون يسمعون نوح الجن حين قتل الحسين بن علي (علیه السّلام) في السحر بالجبانة، وهم يقولون:

مسح النبی جبينه *** فله له بریق (2)في الخدود

أبواه في عليا قريش *** جدّه خیر الجدود

و ابن قولويه قال: حدّثنی حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطّاب، قال:

ص: 153


1- مناقب آل أبي طالب 60/4.
2- بريق: لُمعة.

قال عمر بن سعد: حدّثنی الوليد بن غسّان، عمّن حدثه، قال: كانت الجن تنوح على الحسين بن علي (علیهما السّلام) وتقول:

لمن الأبيات بالطفٌ على كرهٍ بنينه *** تلك أبيات حسين يتجاوبن الرنينة

و عنه:قال: حدّثنی حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة، قال: حدّثنی أيوب بن سليمان بن أيوب الفزاري، عن علي بن الحزور قال: سمعتُ ليلى وهي تقول: سمعت نوح الجنّ على الحسين بن علي (علیهما السّلام) وهي تقول:

ياعين جودي بالدموع فإنّما *** يبكي الحزين بحرقة وتوجع

يا عين ألهاك الرقاد بطيبه *** عن ذكر آل محمّد بتفجع

باتت ثلاثاً بالصعيد جُسومهم *** بين الوحوش وكلهم في مصرع

و عنه: قال: حدّثنی أبي - رحمه الله - عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن نصر بن مزاحم، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي ليلى الواسطي، عن عبد الله بن حسّان الكناني، قال: بكت الجنّ على الحسين بن علي (علیهما السّلام) فقالت:

ماذا تَقُولُون إذ قال النَّبِيُّ لكم *** ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم؟

بأهل بيتي وإخواني ومكرمتي *** من بين أسرى وقتلى ضُرَّجُوا بدمٍ (1)

ص: 154


1- كامل الزيارات 93- 95 .

معاجز الإمام علي بن الحسين (علیه السّلام)

ركوبه السحاب

ص: 155

ص: 156

معاجز الإمام زين العابدين (علیه السّلام)

1 - أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد البلوي ،قال: سمعت عمارة بن يزيد قال حدّثنی إبراهيم بن سعد قال لمّا كانت وقعة الحرّة، وأغار الجيش على المدينة وأباحها ثلاثاً، وجّه بردعة الحمار صاحب يزيد بن معاوية في طلب علي بن الحسين (علیه السّلام) ليقتله أو يسمّه، فوجدوه في منزله، فلما دخلوا عليه ركب السحاب وجاء حتّی وقف فوق رأسه وقال: أيما أحبّ إليك تكف أو أمر الأرض أن تبلعك ؟

قال: ما أردت إلّا إكرامك والإحسان إليك. ثمّ نزل عن السحاب فجلس بين يديه، فقرّب إليه أقداحاً فيها ماء ولبن وعسل، فاختار علي بن الحسين (علیه السّلام) لبناً وعسلاً، ثمّ غاب من بين يديه حيث لا يعلم (1).

شفاؤه للمرضى

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع عن الأعمش، قال: قال إبراهيم بن الأسود اليمني، قال: رأيت عليّ بن الحسين (علیه السّلام) و قد أوتي بطفل مكفوف، فمسح عينيه فاستوى بصره، وجاؤا إليه بأبكم فكلّمه وأجابه، فجاؤا إليه بمقعد فمسحه وسعى ومشى (2).

ص: 157


1- دلائل الإمامة 84 .
2- دلائل الإمامة 84 .

الدرهم والرغيف

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أحمد بن سليمان بن أيوب الهاشمي، قال: حدّثنا محمّد بن بكير، قال: أخبرنا سليمان بن عيسى، قال: لقيت عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) فقلت له: يابن رسول الله إنّي معدم، فأعطاني درهماً ورغيفاً، فأكلت أنا وعيالي من الرّغيف والدرهم أربعين سنة (1).

طبعه بخاتمه في الحجر

4 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنی خليفة بن هلال، قال: حدّثنا أبو نمير علي بن يزيد، قال: كنت مع علي بن الحسين (علیهما السّلام) عندما انصرف من الشام إلى المدينة، فكنت أحسن إلى نسائه، وأتوارى عنهم عند قضاء حوائجي، فلما نزلوا المدينة بعثوا إليّ بشيء من حليّهنّ فلم اخذه وقلت: فعلت هذا الله عزّوجلّ، فأخذ علي ابن الحسين (علیهما السّلام) حجراً أسوداً ،صمّاء، فطبعه بخاتم ثمّ قال: خذه وسل كل حاجة لك منه، فوالذي بعث محمّداً بالحق، لقد كنت أجعله في البيت المظلم فيسرج لي، وأضعه على الأقفال فتنفتح لي وآخذه بيدي وأقف بين يدي السلاطين فلا أرى إلا ما أحب (2).

الطير تحمله وتحفّ به

5 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد، قال: حدّثنا عمارة بن زيد قال: حدّثنا ،ثابت عن أنس بن مالك، قال: لقيت عليّ بن الحسين (علیه السّلام) وهو خارج إلى ينبع ماشياً فقلت: يابن رسول الله لو ركبت.

فقال: ههنا ما هو أيسر، فانظر، فحملته الريح وحقت به الطير من كل جانب، فما

ص: 158


1- دلائل الإمامة 85 .
2- دلائل الإمامة 86 .

رأيت مرفوعاً أحسن منه يرقد إلى الطير لتناغيه، والريح تكلّمه (1).

كلام الظبيّة

6 - قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: روى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الله قال : بينا علي بن الحسين الجالس مع أصحابه، إذ أقبلت ظبية من الصحراء، حتّى قامت بین یدیه و ضربت بذنبها وحمحمت فقال بعض القوم: يابن رسول الله ما تقول الظبية ؟

قال: تقول: إن فلان بن فلان القرشي أخذ خشفها بالأمس، ولم ترضعه منذ أمس، فوقع في قلب الرجل من ذلك شكّ.

قال: فأرسل على القرشي وقال له: هذه الظبية تشكوك وتزعم أنك أخذت خشفها أمس في وقتها كذا وكذا، وأنه لم يرضع منذ أمس شيئاً، وقد سئلتني أن تبعث به إليها أن ترضعه وتردّه إليك.

قال: والذي بعث محمّداً بالرسالة لقد صدقت، فقال له: أرسل إلى الخشف، فلمّا رأته حمحمت فضربت بذنبها ورضع منها.

فقال له: بحقي عليك يا فلان إلا وهبته لي فوهبه لعلي بن الحسين (علیهما السّلام)، ووهبه علي بن الحسين لها، وكلّمها، بمثل كلامها فحمحمت وضربت بذنبها، وانطلقت مع الخشف.

فقالوا: یابن رسول الله ما قالت؟

قال: دعت الله وجزتكم خيراً (2) .

ص: 159


1- دلائل الإمامة 86 .
2- دلائل الإمامة 86 ؛الإختصاص 299 ؛الهداية الكبرى.

إخباره عن عمر بن عبد العزيز

7 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، قال: روى الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد بن دينار، عن عبدالله بن عطا التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين (علیهما السّلام) في المسجد، فمر عمر بن عبد العزيز، وعليه نعلان شراكهما فضة، وكان من أمجن (1) الناس وهو شابّ، فنظر إليه عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) ثم قال : يا عبد الله بن عطا أترى هذا المترف ؟ إنّه لا يموت حتّی يلي الناس.

قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون هذا الفاسق ؟

فقال: نعم، ولا يلبث عليهم إلا يسيراً حتّى يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء، وبكى عليه أهل الأرض (2).

شهادة الحجر الأسود

8 - محمّد بن يعقوب عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عبيدة وزرارة، جميعاً، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : لما قتل الحسين (علیه السّلام) أرسل محمّد بن الحنفية إلى علي بن الحسين (علیهما السّلام) فخلا به فقال له يابن أخي قد علمت أن رسول اللّه دفع (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، ثم إلى الحسن (علیه السّلام) ، ثمّ إلى الحسين (علیه السّلام) ، وقد قتل أبوك - رضي الله عنه وصلّى على روحه ولم يوص وأنا عمّك وصنو أبيك، وولادتي من علي (علیه السّلام) ، وفي سنّي وقديمي، وأنا أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصيّه والإمامة ولا تحاجني.

فقال له علي بن الحسين (علیه السّلام): يا عم اتق الله، ولا تدع ما ليس لك بحق، إني

ص: 160


1- الماجن: هو الذي لا يبالي ما قال أو ما قيل له.
2- دلائل الإمامة 88 بصائر الدرجات 170 ، ح 1 .

أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبى أوصى إلى قبل أن يتوجة إلى العراق، وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عندي، فلا تتعرّض لهذا، فإنّي أخاف عليك نقص العمر، وتشتت الحال، إنّ الله عزّ وجلّ جعل الوصيّة والإمامة في عقب الحسين (علیه السّلام)، فإذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتّی نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك.

قال أبو جعفر (علیه السّلام) : وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتّی أتيا الحجر الأسود، فقال علي بن الحسين (علیهما السّلام) لمحمّد بن الحنفية إبدأ أنت فابتهل إلى الله عزّ وجلّ وسله أن ينطق لك الحجر، ثمّ سل، فابتهل محمّد بن الحنفية في الدعاء، وسأل الله، ثم دعا الحجر، فلم يجبه، فقال علي بن الحسين (علیهما السّلام) : يا عم لو كنت وصيّاً وإماماً لأجابك.

فقال له محمّد : فادع الله أنت يا بن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين (علیهما السّلام) بما أراد ثمّ قال: أسألك بالله الذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين، لما أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين بن علي (علیهما السّلام) ؟

قال: فتحرّك الحجر حتّی كاد أن يزول عن موضعه، ثمّ أنطقه الله عزّوجل بلسان عربي مبين .

فقال: اللهم إنّ الوصيّة والإمامة بعد الحسين بن علي إلى عليّ بن الحسين بن علي ابن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

قال: فانصرف محمّد بن عليّ وهو يتولّى عليّ بن الحسين (علیهما السّلام)(1).

ردّ شباب حبّابة الوالبيّة

9 - محمّد يعقوب بإسناده عن موسى بن جعفر عن الباقر (علیه السّلام) قال : إنّ

ص: 161


1- الكافي 1 / 348 ، ح 9 دلائل الإمامة 89 بصائر الدرجات: 502، ح 3 .

حبّابة الوالبيّة دعا لها عليّ بن الحسين ال فردّ الله عليها شبابها، فأشار إليها بإصبعه فحاضت لوقتها، ولها يومئذٍ مائة سنة وثلاث عشر سنة (1).

إخباره عن ابنه زيد

10 - ابن بابويه قال: حدّثنا على بن أحمد بن محمّد بن عمران (رضي الله عنه) قال : حدّثنا علي بن الحسين القاضي العلوي العبّاسي، قال: حدّثنا الحسن بن علي الناصر - قدس الله روحه قال أحمد بن رشد، عن عمه: أبي معمر سعيد بن خيثم، عن أخيه معمّر :قال: كنت جالساً عند الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السّلام)، فجاء زيد بن علي بن الحسين (علیهما السّلام) فأخذ بعضادتي الباب، فقال له الصادق (علیه السّلام) : يا عم أعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة.

فقالت أم زيد: والله ما يحملك على هذا القول إلّا الحسد لابني.

فقال (علیه السّلام): يا ليته حسداً، يا ليته حسداً، يا ليته حسداً، حدّثنی أبي، عن جدّي (علیهم السّلام) أنه يخرج من ولده رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة، ويصلب بالكناسة، يخرج من قبره حين نبشأ، يفتح لروحه أبواب السماء، يتبهج به أهل السموات يجعل روحه في حوصلة طير أخضر، يسرح في الجنّة حيث يشاء (2).

طيّ الأرض تحت قدميه

11 - إنّ حمّاد بن حبيب الكوفي العطار قال: انقطعت عن القافلة عند زبالة، فلمّا أن أجنّني الليل آويت إلى شجرة عالية، فلمّا أن اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل عليه أطمار بيض يفوح منه رائحة المسك، فأخفيت نفسي ما استطعت فتهيأ للصلاة، ثمّ

ص: 162


1- أصول الكافي 1 / 347، ح 3 كمال الدين 537 ، ح 2 .
2- أمالي الصدوق 42 ، ح 11؛ عيون الأخبار 1 / 250 ، ح 4؛ عوالم 252/18 ، ح 1 .

وثب قائما وهو يقول:

يا من حاز كلّ شيء ملكوتاً، وقهر كلّ شيء جبروتاً، ولج قلبي فرح الإقبال عليك، ألحقني بميدان المطيعين لك. ثم دخل في الصلاة. فلمّا رأيته وقد هدأت أعضاؤه و سكنت حركاته، قمت إلى الموضع الذي تهيّأ فيه للصلاة، فإذا أنا بعين تنبع، فتهيأت للصلاة، ثمّ قمت خلفه، فإذا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت، فرأيته كلما مر بالآية التي فيها الوعد والوعيد يردّدها بانتحاب وحنين ، فلمّا أن تقسّع الظلام وثب قائماً، و هو يقول: يا من قصده الضالون فأصابوه مرشداً، وأمّه الخائفون فوجدوه معقلاً، ولجأ إليه العائدون فوجدوه موئلاً، متى راحة من نصب لغيرك بدنه، ومتى فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد تقشع الظلام، ولم أقض من حياض مناجاتك صدراً، صلّ على محمّد وآله و افعل بي أولى الأمرين بك يا أرحم الرّاحمين .

فخفت أن يفوتني شخصه، شخصه، وأن يخفى على أمره، فتعلقت به فقلت: بالّذي أسقط عنك تملال التعب، ومنحك شدّة لذيذ الرهب، إلا ما لحقتني منك جناح رحمة وكنف رقّة، فإنّي ضالّ.

فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالاً، ولكن اتبعني واقف أثري، فلما أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي، وتخيّل لي أن الأرض تميد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: أبشر فهذه مكة، فسمعت الضجة، ورأيت الحجة.

فقلت له: بالّذي ترجوه يوم الآزفه يوم الفاقة من أنت؟

فقال: إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السّلام)(1).

ص: 163


1- مناقب آل أبي طالب 1142/4 فتح الأبواب لابن طاووس 245 الخرائج 265، ح 9 .

ما أخرجه لعبد الملك بن مروان

12 - الراوندي: عن الباقر (علیه السّلام) أنه قال : كان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت وعليّ بن الحسين - صلوات الله عليهما - يطوف بين يديه ولا يلتفت إليه، ولم يكن عبد الملك يعرفه يعرفه بوجهه.

فقال: من هذا الّذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟

فقيل: هذا علي بن الحسين (علیهما السّلام).

فجلس مكانه، وقال: ردّوه إليّ، فردّوه.

فقال له: يا علي بن الحسين (علیه السّلام) إني لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إليّ ؟!

فقال (علیه السّلام) : إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو فكن.

فقال: كلّا ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا.

فجلس زين العابدين وبسط رداءه، فقال: اللهم أره حرمة أوليائك عندك، فإذا رداؤه مملوء درّراً يكاد شعاعها يخطف الأبصار.

فقال له: من يكون هذه حرمته عند ربّه يحتاج إلى دنياك؟! ثم قال: اللهم خذها فما لي فيها حاجة .

و رواه ثاقب المناقب عن الباقر (علیه السّلام) أيضاً (1).

علمه بما يكون

13 - الراوندي: قال روي عن أبي الصباح الكناني ، قال : سمعت الباقر (علیه السّلام) يقول:

ص: 164


1- الخرائج 255/1 ، ح 1؛ الثاقب المناقب 365 ح 1 .

إنّ الكابلي خدم عليّ بن الحسين (علیه السّلام) برهة من الزمان، ثمّ شكا شوقه إلى والديه، وسأله الإذن في الخروج إليهما، فقال له (علیه السّلام) يا كنكر إنه يقدم علينا غداً رجل من أهل الشّام، له قدر وجاه ومال، وابنة له قد أصابها عارض من الجنّ، وهو يطلب من يعالجها، ويبذل في ذلك ماله، فإذا قدم فصر إليه في أوّل الناس، وقل له: أنا أعالج ابنتك بعشرة آلاف درهم. فإنّه يطمئن إلى قولك، ويبذل لك ذلك.

فلمّا كان من الغد قدم الشّامي ومعه ابنته، وطلب معالجاً.

فقال له أبو خالد: أنا أعالجها على أن تعطيني عشرة آلاف درهم، وعلى أن لا يعود إليها أبداً، فضمن أبوها له ذلك.

فقال زين العابدين (علیه السّلام) لأبي خالد: إنه سيغدر بك، ثمّ قال: قد ألزمته المال.

قال: فانطلق فخذ بأذن الجارية اليسرى وقل يا خبيث يقول لك علىّ بن الحسين (علیهما السّلام): أخرج من بدن هذه الجارية، ولا تعد إليها.

ففعل كما أمره فخرج عنها، وأفاقت الجارية من جنونها، وطالبه بالمال فدافعه، فرجع إلى زين العابدين (علیه السّلام) فعرفه فقال: يا أبا خالد ألم أقل لك إنّه يغدر بك؟ ولكن سيعود عليها غداً، فإذا أتاك فقل: إنّما عاد إليها لأنك لم تف بما ضمنت لي، فإن وضعت عشرة آلاف درهم على يد علي بن الحسين (علیهما السّلام) فإنّي أبرؤها، ولا يعود إليها أبداً.

فلمّا كان بعد ذلك أصابها من الجنّ عارض، فأتى أبوها إلى أبي خالد، فقال له أبو خالد: ضع المال على يد علي بن الحسين (علیهما السّلام) ، فإنّي أعالجها على أن لا يعود إليها أبداً. فوضع المال على يدي علي بن الحسين (علیهما السّلام)، وذهب أبو خالد إلى الجارية، وقال فى أذنها كما قال أولاً، ثمّ قال: إن عدت إليها أحرقتك بنار الله.

فخرج وأفاقت الجارية ولم يعد إليها، فأخذ أبو خالد المال وأُذن له في الخروج إلى

ص: 165

والديه، ومضى بالمال حتّی قدم على والديه (1).

تخليصه الفرزدق من الحبس

14 - الراوندي: إنّ عليّ بن الحسين(علیهما السّلام) حج في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبدالملك وهو خليفة، فإستجهر الناس منه (علیه السّلام) وتشوفوا له وقالوا لهشام: من هو ؟

فقال هشام: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه.

فقال الفرزدق وكان حاضراً: أنا والله أعرفه:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحل والحرم

و أنشد القصيدة إلى آخرها .

فأخذه هشام وحبسه ومحا إسمه من الدّيوان، فبعث إليه علي بن الحسين (علیهما السّلام) دنانير فردّها، وقال: ما قلت ذلك إلا ديانة.

فبعث بها إليه أيضاً وقال : قد شكر الله لك ذلك.

فلمّا أطال الحبس عليه وكان يوعده بالقتل، شكا إلى الإمام عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) فدعا له، فخلصه الله فجاء إليه، وقال: يابن رسول الله إنّه محا إسمي من الديوان.

فقال له : كم كان عطاؤك ؟

قال: كذا. فأعطاه لأربعين سنة، وقال (علیه السّلام) : لو علمت أنك تحتاج إلى أكثر من هذا لأعطيتك. فمات الفرزدق لما انتهت الأربعين سنة (2).

ص: 166


1- الخرائج 1 / 262، ح : مناقب آل أبي طالب 4 / 145؛ هداية الحضيني 46.
2- الخرائج 1 / 267 ح 10 .

هدايا الجنّ إليه

15 - الحضيني في هدايته بإسناده عن أبي خالد عبدالله بن غالب الكابلي، قال: جاء الناس إلى أبي الحسن عليّ بن الحسين سيّد العابدين (علیه السّملام) قالوا: يابن رسول الله نريد الحج إلى مكة، فخارج أنت معنا فنشكر الله ؟

قال: نعم، فوعدهم بالخروج يوم الخميس، فلما نزلوا بعسفان بين مكة والمدينة وإذا غلمانه قد سبقوا فضربوا فسطاطه في موضع ، فلما دنا من ذلك الموضع، قال لغلمانه: كيف ضربتم في هذا الموضع، وهذا موضع قوم من الجنّ، لنا أولياء وشيعة، قد أضررتم بهم ضيّقتم عليهم ؟

فقالوا: يابن رسول الله ما علمنا أنّ هذا هيهنا، فإذا بهاتف من جانب الفسطاط، يسمع الناس كلامه ولا يرون شخصه، وهو يقول: يابن رسول الله لا تحوّل فسطاطك، فإنّا نحتمل ذلك، ونرى ذلك علينا فرضاً، وطاعتك طاعة الله، وخلافك خلاف على الله . هذه ألطافنا قد أهديناها لك، فنحبّ أن تأكل منها.

فنظر - صلوات الله عليه - وإذا بطبق عظيم بجانب الفسطاط وأطباق أخر دونه فيها عنب ورطب ورمان وموز ومن سائر الفواكه، فدعا (علیه السّلام) بكل من كان عنده فأكل وأكلوا عنده معه تلك الهدايا، وقال لهم : هذه إخوانكم من الجن المؤمنين، ثمّ رحل (1) .

المسخ الذي أراه للرّجل

16 -الحضيني في هدايته: بإسناده عن أبي عبدالله الصادق (علیه السّلام) ، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن جده علي بن الحسين - صلوات الله عليهم - أنّ رجلاً من شيعته دخل عليه فقال : يابن رسول الله بما فُضّلنا على أعدائنا ونحن وهم سواء، بل منهم من هو

ص: 167


1- الهداية الكبرى 46.

أجمل منّا ، و أحسن ريّاً، وأطيب رائحة، فما لنا عليهم من الفضل؟

قال (علیه السّلام): تريد أريك فضلك عليهم؟

قال: نعم.

قال: أُدنُ منّى، فدنا منه، فأخذ يده ومسح عينيه، ورَوَّح بكفّه عن وجهه، وقال: أنظر ما ترى؟

فنظر إلى مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، وما رأى فيها إلا قرداً أو خنزيراً، أو دبّاً وضبّاً.

فقال: جعلت فداك ردّني كما كنت ، فإنّ هذا منظر صعب.

قال: فمسح عينيه فردّه كما كان (1).

علمه بما يكون

17 - الحضيني في هدايته: بإسناده عن أبى عبد الله (علیه السّلام) ، قال : لمّا كان في الليلة التي توفّي فيها سيد العابدين (علیه السّلام) قال لابنه محمّداً (علیه السّلام) : بنيّ إنتني بوضوء، فأتاه بوضوء في إناء، فقال له قبل أن يقبل إليه: أردده وكُبّه ، فإنّ فيه ميتة .

قال: فدعا بالمصباح، فإذا فيه فأرة، فأتاه بوضوء غيره.

فقال: يا بني في هذه الليلة وعدت فيها لحوقي بجدي أمير المؤمنين وجدتي فاطمة وعمّي الحسن وأبي الحسين - صلوات الله عليهم أجمعين - فإذا توفّيت وواريتني، فخذ ناقتي واجعل حظاراً وأقم لها علفاً، فإنّها تخرج إلى قبري وتضرب بجرانها (2) الأرض حول قبري ترغو (3)، فأقمها وردّها إلى موضعها، فإنّها تطيعك وترجع إلى موضعها ثم تعاود الخروج، فتفعل مثل ما فعلت أولاً، فارفق بها، وردّها ردّاً رفيقاً، فإنّها

ص: 168


1- الهداية الكبرى 47 .
2- جران الناقة: مقدّم عنقها من مذبحها إلى منحرها.
3- ترغو: تصوّت فتضجّ.

تنفق (1)بعد ثلاثة أيام.

فلما قبض (علیه السّلام) فعل بالناقة أبو جعفر علي (علیه السّلام) ما أوصاه ، فخرجت الناقة إلى القبر، فضربت على الأرض بجرانها حوله ورغت، فأتاه أبو جعفر (علیه السّلام) فقال لها قومي يا مباركة، فارجعي إلى مكانك، فرجعت ثمّ مكنت قليلاً وخرجت إلى القبر، ففعلت مثل ما فعلت أولاً ، فأتاها أبو جعفر (علیه السّلام) فقال لها: قومي الآن، فلم تقم فصاح بها من حضر.

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : دعوها فإنّ أبى أخبر بأنها تنفق بعد ثلاثة أيام، ونفقت. فقال أبو عبد الله (علیه السّلام): كان جدّي علي بن الحسين (علیهما السّلام) يحج عليها إلى مكة، فيعلّق السوط بالرّحل، فلا يقرعها به حتّى يرجع عليها إلى داره بالمدينة (2).

استقرار الحجر الأسود بيده

18 - الراوندي: أنّ الحجاج بن يوسف لما خرّب الكعبة بسبب مقاتلة عبدالله بن الزبير، ثمّ عمروها، فلما أعيد البيت وأرادوا أن ينصبوا الحجر الأسود، فكلّما نصبه عالم من علمائهم، أو قاض من قضاتهم، أو زاهد من زهادهم، تزلزل ويقع ويضطرب، ولا يستقر الحجر في مكانه .

فجاء الإمام علي بن الحسين (علیهما السّلام) وأخذه من أيديهم، وسمّى الله ثم نصبه فاستقرّ في مكانه ، وكبّر الناس، ولقد الهم الفرزدق في قوله :

یکاد یمسکه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم (3)

ص: 169


1- تنفق: تموت .
2- الهداية الكبرى 47 .
3- الخرائج 1 / 278؛ العوالم 18/ 78، ح 1 .

طاعة درع الرّسول له

19 - ثاقب المناقب: عن أبي خالد الكابلي، قال: لما قتل أبو عبد الله الحسين (علیه السّلام) و بقيت الشيعة متحيّرة ، ولزم عليّ بن الحسين - صلوات الله وسلامه عليه -منزله، واختلفت الشيعه إلى الحسن بن الحسن، وكنت فيمن يختلف إليه، وجعلت الشيعة تسأله عن مسألة ولا يجيب فيها. وبقيت لا أدري من الإمام متحيراً؟ وإني سألته ذات يوم: فقلت له: جعلت فداك عندك سلاح رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟ فغضب ثم قال:

يا معشر الشيعة تعنتوننا، فخرجت من عنده حزيناً كئيباً لا أدري أين أتوجه؟ فمررت بباب عليّ بن الحسين زين العابدين - عليه الصلاة والسلام - قائم الظهيرة ، فإذا أنا به في دهليزه قد فتح بابه فنظر ،لي، فقال يا كنكر، فقلت له: جعلت فداك والله إنّ هذا الإسم ما عرفه أحد إلا الله عزّ وجلّ وأنا وأمي كانت تلقبني به تناديني وأنا صغير.

قال: فقال لي: كنت عند الحسن بن الحسن؟

قلت: نعم.

قال: إن شئت حدّثتك، وإن شئت حدّثنی ؟

فقلت : بأبي أنت وأُمِّي فحدّثنی؟

قال: سألته عن سلاح رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فقال : يا معشر الشيعة تعنتوننا.

قال: فقال: جعلت فداك كذا والله كانت القضيّة.

فقال للجارية: إبعثى إلى بالسّفط ، فأخرجت إليه سفطاً مختوماً، ففض خاتمه ثمّفتحه ثمّ قال: هذه درع رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، ثم أخذها فلبسها، فإذا هي إلى نصف ساقه.

قال فقال لها: أسبغي فإذا هي تنجرّ في الأرض، ثمّ قال: تقلصي، فرجعت إلى حالها. ثمّ قال - صلوات الله عليه وآله - إن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كان إذا لبسها قال لها هكذا،

ص: 170

وفعلت هكذا (1).

إخباره بملك بني العباس

20 - الراوندي: قال: روي عن أبي بصير قال كنت مع الباقر (علیه السّلام) في مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قاعداً حدثان ما مات على بن الحسين (علیهما السّلام) إذ دخل الدوانيقي وداود بن سليمان قبل أن أفضى الملك إلى ولد العباس، وما قعد إلى الباقر (علیه السّلام إلا داود.

فقال (علیه السّلام) : ما منع الدوانيقي أن يأتي ما منع الدوانيقي أن يأتي؟

قال: فيه جَفاء.

فقال الباقر (علیه السّلام) : لا تذهب الأيام حتّی يلي أمر هذا الخلق، ويطأ أعناق الرجال، ويملك شرقها وغربها، ويطول عمره فيها، حتّی يجمع من كنوز الأموال ما لم يجتمع لأحد قبله.

فقام داود وأخبر الدوانيقي بذلك، فأقبل إليه الدوانيقي، وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلّا إجلالك، فما الذي أخبرني به داود؟

فقال (علیه السّلام) : هو كائن .

قال : وملكنا قبل ملككم؟

قال: نعم.

قال: ويملك بعدي أحد من ولدي؟!

قال: نعم.

قال: فمدة بني أمية أكثر أم مدتنا؟

قال (علیه السّلام): مدتكم أطول، ولتلقفنّ هذا الملك صبيانكم ويلعبون به كما يلعبون

ص: 171


1- الثاقب في المناقب 363 ، ح 302 .

بالكرة، هذا ما عهده إلى أبي (علیه السّلام) ، فلما ملك الدوانيقي تعجب من قول الباقر (علیه السّلام) (1).

صريمة الظّباء

21 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان بن وكيع، عن الأعمش، عن قدامة بن عاصم، قال: كان على بن الحسين (علیهما السّلام) رجلاً أسمر ضخماً من الرجال، وكان ينظر إلى صريمة فيها ظباء فيسبق أوائلها ، ويردّها على أواخرها (2) .

تكبير أهل السماء والأرض يوم دفنه

22 - ابن شهر اشوب: عن اختيار الرجال للطوسي وعن المسترشد لابن جرير بالإسناد عن عليّ بن زيد عن الزهري، وثاقب المناقب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب وعبد الرزاق عن معمر عن علي بن زيد قال: قلت لسعيد بن المسيب: إنّك أخبرتني أنّ عليّ بن الحسين - صلوات الله عليهما - النفس الزكية، وأنك لا تعلم له نظيراً؟

قال: كذلك، وما هو مجهول ما أقول فيه، والله ما رؤي مثله.

قال: عليّ بن زيد فقلت: والله إنّ هذه الحجّة الوكيدة عليك يا سعيد! فلم لم تصلّ على جنازته ؟

فقال: سمعته يقول: يقول: أخبرني أبي الحسين، عن عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، عن جبرئيل، عن الله تعالى إنّه قال: ما من عبد من عبادي آمن بي وصدق بك، وصلّى في مسجدك ركعتين على خلاء من الناس إلا غفرت له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فلم أر شاهداً أفضل من علي بن الحسين حيث حدّثنی بهذا الحديث.

فلمّا أن مات شهد جنازته البرّ والفاجر ، وأثنى عليه الصالح والطالح، وانهال الناس

ص: 172


1- الخرائج 1 / 274، ح 4 ؛الفصول المهمه 199 .
2- دلائل الإمامة 84 .

يتبعونه حتّی وضعت الجنازة، فقلت: إن أدركت الركعتين يوماً من الدهر فاليوم هو، ولم يبق إلّا رجل وامرأة، ثمّ خرجا إلى الجنازة، فوثبت لأصلّي، فجاء تكبير من السماء فأجابه تكبير من الأرض، ففزعت وسقطت على وجهي، فكبّر من في السماء سبعاً، وكبّر من في الأرض سبعاً، وصلّي على علي بن الحسين - صلوات الله عليهما -ودخل المسجد الناس، فلم أدرك الركعتين ولا الصّلاة عليه. فقلت: يا سعيد لوكنت أنا لم أختر إلّا الصلاة على عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) ، إن هذا لهو الخسران المبين.

قال: فيكي سعيد وقال : ما أردت إلا خيراً، ليتني كنت صليت عليه، فإنه ما رؤي مثله.

إخباره الرّجل بما أكل وما ادخر

23 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري بإسناده إلى أبي خالد الكابلي أنّ رجلاً أتى علي بن الحسين (علیه السّلام) وعنده أصحابه فقال له: من أنت؟

قال: أنا فلان منجّم وعرّاف.

فنظر إليه وقال: هل أدلك على رجل قد مرّ منذ دخلت علينا في أربعة عشر ألف عالم؟

قال: من هو ؟

قال له: أنا، وإن شئت أنبأتك بما أكلت وما ادخرت في بيتك، فقال له: أنبئني.

فقال له: أكلت في هذا اليوم حسيساً، وأما ما في بيتك فعشرون ديناراً منها ثلاثة دنانير وازنة.

فقال له الرجل: أشهد أنك الحجّة العظمى والمثل الأعلى، وكلمة التقوى.

ص: 173

فقال له: وأنت صِدِّيق امتحن الله قلبك (1).

إخباره بجعفر الكذاب

24 - ابن بابويه في الغيبة : قال : حدّثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي، عن عبدالله بن موسى، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه) قال: حدّثنی صفوان بن يحيى، عن إبراهيم بن أبي زياد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على سيّدي علي بن الحسين زين العابدين (علیه السّلام) فقلت له: يابن رسول الله ! من الذين فرض الله عزّوجل طاعتهم ومودتهم، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟

فقال لي: يا كابلي إنّ أولى الأمر الذين جعلهم الله أئمة للناس وأوجب عليهم طاعتهم: أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام) ، ثم الحسن ثم الحسين إبنا علي بن أبي طالب، ثمّ انتهى الأمر إلينا ثم سكت.

فقلت: يا سيدي روي لنا عن أمير المؤمنين علي (علیه السّلام) : إن الأرض لا تخلو من حجة الله على عباده، فمن الإمام والحجة بعدك ؟

فقال: ابني محمّد، واسمه في التوراة باقر، يبقر العلم بقراً هو الحجّة والإمام ،بعدي و من بعد محمّد إبنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له: يا سيّدى فكيف صار اسمه الصادق وكلّكم صادقون؟

د الله فقال: حدّثنی أبي عن أبيه (علیهما السّلام) أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قال : إذا ولد إبني جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السّلام) فسموه، الصادق فإنّ الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعى الإمامة اجتراء على الله عزّوجلّ وكذباً عليه، فهو عند الله

ص: 174


1- دلائل الإمامة 91 فرج المهموم 11 .

جعفر الكذاب المفتري على الله، والمدعي ما ليس له بأهل، المخالف على أبيه، والحاسد لأخيه، ذلك الّذي يروم كشف سرّ الله عند غيبة ولى الله عزّوجلّ.

ثم بكى علي بن الحسين (علیهما السّلام) بكاء شديداً، ثمّ قال: كأني بجعفر الكذاب، وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله، والمغيب في حفظ الله، والموكّل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته وحرصاً منه على قتله إن ظفربه، طمعاً فى ميراث أخيه حتّى يأخذه بغير حق.

قال أبو خالد فقلت له: يابن رسول الله وإن ذلك لكائن؟

فقال: إي وربّي إنّه لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

قال أبو خالد فقلت يابن رسول الله ثم ماذا يكون؟

قال تمتد الغبيبة بولي الله عزّوجل، الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) والأئمّة بعده (علىهم لسلام ) (1).

الأسدان اللذان خرجا على اللصّ

25 - الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الزبير القرشي، قال: أخبرنا علي بن الحسن ابن فضال، قال: حدّثنا العباس بن عامر قال: حدّثنا أحمد بن زرق العمشاني، عن يحير ابن أبي العلاء، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول: خرج علی بن الحسین (علیهما السّلام) إلى مكة حاجاً حتّی انتهى إلى وادٍ بين مكة والمدينة، فإذا هو برجل يقطع الطريق.

قال: فقال لعلى بن الحسين (علیه السّلام) : إنزل.

ص: 175


1- اكمال الدين ،319، ح 2 .

قال: تريد ماذا؟

قال: أريد أن أقتلك وآخذ ما معك.

قال: فأنا أقاسمك ما معي وأحلّلك .

قال: فقال اللّص : لا .

قال: دع معي ما أتبلغ به فأبى عليه.

قال: فأين ربّك ؟ قال: نائم .

قال: فإذا أسدان مقبلان بين يديه، فأخذ هذا برأسه وهذا برجليه.

:قال فقال: زعمت أنّ ربك عنك نائم ؟!! (1).

إخباره بكتاب عبدالملك بن مروان

26 - المفيد في الاختصاص: عن أبي الحسن موسى بن جعفر بن و البغدادي، عن علي بن سعيد، عن عليّ بن الحسن بن رباط، عن علي بن عبدالعزيز، عن أبيه، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) لمّا ولي عبد الملك بن مروان فاستقامت له الأشياء، كتب إلى الحجاج كتاباً وخطه بيده، كتب فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبدالملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف، أما بعد، فجنّبني دماء بني عبد المطلب، فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا بعدها إلا قليلاً، والسّلام.

وكتب الكتاب سرّاً لم يعلم به أحداً وبعث به مع البريد، وورد خبر ذلك من ساعته على علی بن الحسین (علیهما السّلام) ، وأخبر أن عبد الملك قد زيد في ملكه برهة من دهره، لكفّه عن بني هاشم، وأمر أن يكتب إلى عبدالملك، ويخبره بأنّ رسول الله أتاه في منامه ،

ص: 176


1- أمالي الطوسي 2 / 285 .

فأخبره بذلك، فكتب علی بن الحسین (علیهما السّلام) بذلك إلى عبدالملك بن مروان (1).

معرفة الزّهري له وقد اختلط عقله

27 - محمّد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وابن بكير، وغير واحد، قالوا: كان عليّ بن الحسين (علیه السّلام) في الطواف فنظر في ناحية المسجد إلى جماعة.

فقال: ما هذه الجماعة؟

فقالوا: هذا محمّد بن شهاب الزهري اختلط ،عقله، فليس يتكلّم، فأخرجه أهله لعلّه إذا رأى الناس أن يتكلّم فلما قضى علی بن الحسین (علیهما السّلام) الطوافه خرج حتّی دنا منه، فلمّا رآه محمّد بن شهاب عرفه.

فقال له: عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) ما لك؟

فقال: وُلّيت ،ولاية، فأصبت دماً، فقتلت رجلاً، فدخلني ماترى فقال له عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) : لأني عليك من يأسك من رحمة الله أشدّ خوفاً منّي عليك مما أتيت، ثمّ قال له: أعطهم الدّية.

قال: قد فعلت فأبوا.

فقال: اجعلها صرراً ثمّ أنظر مواقيت الصلاة فألقها في دارهم .

استجابة دعائه

28 - المفيد في إرشاده قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه قال: حدّثنی داود بن القاسم قال: حدّثنا الحسين بن زيد عن عمه: عمر بن علي، عن أبيه عليّ

ص: 177


1- الاختصاص 314 .

ابن الحسين (علیهما السّلام) أنه كان يقول : لم أر شيئاً مثل التقدّم في الدعاء، فإنّ العبد ليس تحضره الإجابة في كل وقت.

وكان ممّا حفظ عنه من الدّعاء حين بلغه توجه مسرف بن عقبة إلى المدينة: ربّ كم من نعمة أنعمت بها عليّ قل لك عندها شكري، وكم من بليّة ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فيا من قلّ عند نعمته شكري فلم يحرمني، وقلّ عند بلائه صبري فلم يخذلني يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً، ويا ذا النّعماء التي لا تحصى عدداً، صلّ على محمّد وآل محمّد، وادفع عنّي شرّه، فإنّي أدرء بك في نحره، واستعيذ بك من شره. فقدم مسر عقبة إلى المدينة، وكان يقال: إنّه لا يريد غير علی بن الحسین (علیهما السّلام)، فسلم منه، وأكرمه وحياه ووصله.

و جاء الحديث من غير وجه أنّ مسرف بن عقبة لما قدم المدينة أرسل إلى علي بن الحسين (علیهما السّلام) فأتاه ، فلما صار إليه قربه وأكرمه، وقال له: وصاني أمير المؤمنين ببرّك و تمييزك من غيرك، فجزاه خيراً، ثمّ قال لمن حوله أسرجوا له بغلتي، وقال له: انصرف إلى أهلك فإنّي أرى أن قد أفزعناهم، وأتعبناك بمشيك إلينا، ولو كان بأيدينا ما نقوى به على صلتك بقدر حقك لوصلناك.

فقال له علي بن الحسين (علیهما السّلام) : ما أعذرني للأمير وركب فقال لجلسائه هذا الخير الذي لا شرّ فيه، مع موضعه من رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ومكانه منه (1).

حجبه عن الأعين

29 - ابن شهر آشوب عن الروضة: سأل ليث الخزاعي سعيد بن المسيب عن : انتهاب المدينة، قال: نعم شدّوا الخيل إلى أساطين مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ورأيت الخيل

ص: 178


1- الإرشاد للمفيد 259 ؛کشف الغمه 2/ 88 .

حول القبر، وانتهب المدينة ثلاثاً، فكنت أنا وعلي بن الحسين (علیهما السّلام) تأتي قبر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ،فيتكلّم علي بن الحسين (علیهما السّلام) بكلام لم أقف عليه، فيحال ما بيننا وبين القوم، ونصلّي ونرى القوم وهم لا يروننا.

وقام رجل عليه حلل خضر على فرس محذوف (1)أشهب بيده حربة مع عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) ، فكان إذا أومأ الرّجل إلى حرم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يشير شير ذلك الفارس بالحربة نحوه فيموت قبل أن يصيبه .

فلمّا أن كفّوا عن النهب دخل علي بن الحسين (علیهما السّلام) على النساء، فلم يترك قرطاً في أذن صَبِيّ ولا حليّاً على امرأة ولا ثوباً إلّا أخرجه إلى الفارس .

فقال: يابن رسول الله إنّي ملك من الملائكة من شيعتك وشيعة أبيك لمّا أن ظهر القوم بالمدينة استأذنت ربّي في نصرتكم آل محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فأذن لي لأن أدخرها يداً عند الله تبارك وتعالى وعند رسوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وعندكم أهل البيت إلى يوم القيامة (2).

تسبيح الشجر والمدر معه

30 - ابن الفارسي في روضة الواعظين والكشي في الرجال، وابن شهر آشوب في المناقب، واللفظ لابن الفارسي، قال سعيد بن المسيب كان القوم لا يخرجون من مكة حتّى يخرج علي بن الحسين زين العابدين (علیهما السّلام) ، فخرج وخرجت معه، فنزل في بعض المنازل، فصلى ركعتين، وسبّح في سجوده، فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبحوا معه، ففزعنا منه فرفع رأسه، ثمّ قال: يا سعيد أفزعت؟

فقلت: نعم يابن رسول الله.

ص: 179


1- محذوف: مقطوع الذنب أشهب لونه بياض يتخلّله سواد.
2- مناقب آل أبي طالب 143/4 .

قال: هذا التسبيح الأعظم (1).

معرفته بليلة وفاته

31 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: روى فضاله: بن أيوب، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبي عبدالله ر، عن أبي عبد الله بن سليمان، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) قال : لما حضر عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) الموت فقال لولده يا محمّد أيّ ليلة هذه؟

قال: ليلة كذا وكذا.

قال : وكم مضى من الشهر؟

قال: كذا وكذا

قال: وكم بقي.

قال كذا وكذا .

قال: إنّها الليلة التي وعِدتُها.

قال: ودعا بوضوء، فقال: إنّ فيه فأرة.

فقال: بعض القوم: إنّه ليهجر.

فقال: هاتوا المصباح، فنظروا فإذا فيه فأرة، فأمر بذلك الماء فأهريق الماء، فأتوه بماء آخر، ثم توضاً وصلّى حتّی إذا كان آخر الليل توفّى - صلوات الله عليه (2).

أرى أبا خالد الجنّة

32 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون، قال: حدّثنی أبي، قال: حدّثنی أبو علي محمّد بن همام، قال: حدّثنی بن العلاء،

ص: 180


1- رجال الكشى 108 ؛مناقب 136/4 .
2- دلائل الإمامة 90 .

قال: حدّثنی محمّد بن الحسن بن شمون قال: حدّثنا عبد الله بن يزيد بن حماد الكاتب، أبيه يزيد بن حماد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن جبير بن الطحان، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : إن أول ما استدل به أبو خالد الكابلي عليه من علامات علي بن الحسين (علیهما السّلام) ، أنه دق عليه ،بابه، فخرج الغلام إليه، فقال له: من أنت؟

قال: أنا أبو خالد الكابلي .

فقال على (علیه السّلام) : أدخل يا كنكر !

قال: أبو خالد، فارتعدت فرائصي ودخلت فسلمت، وقال لي: يا أبا خالد أريد أن أريك الجنّة، وهي مسكني الذي إذا شئت دخلت فيه.

فقلت: نعم، أرنيه.

فمسح يده على عيني فصرت في الجنّة ، فنظرت إلى قصورها وأنهارها، وماشاء الله أن أنظر، فمكث ما شاء الله، ثمّ نظرت بعد فإذا أنا بين يديه (1).

ختمه على حصاة غانم

32 - ابن شهر :اشوب عن العامري في الشيصبان وأبي علي الطبرسي في إعلام الورى، عن عبدالله بن سليمان الحضرمي، في خبرٍ طويل: إنّ غانم بن أم غانم دخل المدينة ومعه أمه، وسأل هل تحسّون رجلاً من بني هاشم إسمه عليّ؟

قالوا: نعم، هو ذاك.

قال: فدلّوني على عليّ بن عبدالله بن العباس.

فقلت له: معي حصاة ختم عليها علي والحسن والحسين الله ، وسمعت أنه يختم عليها رجل إسمه عليّ. قالوا: نعم هو ذلك.

ص: 181


1- دلائل الإمامة 90 - 91 .

فقال عليّ بن عبدالله بن العباس: يا عدوّ الله كذبت على عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين (علیهم السّلام) ، وصار بنو هاشم يضربونني حتّى أرجع عن مقالتي، ثمّ سلبوا منّي الحصاة، فرأيت في ليلتي في منامي الحسين (علیه السّلام) وهو يقول لي: هاك الحصاة يا غانم وامض إلى عليّ ابني فهو صاحبك فانتبهت والحصاة في يدي، فأتيت إلى عليّ بن الحسين الله ختمها ، وقال لي: إنّ في أمرك لعبرة، فلا تخبر به أحداً (1).

استجابة دعائه على حرملة

34 - الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمّد بن محمّد المفيد، قال: أخبرني المظفّر بن محمّد البلخي، قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همام الإسكافي، قال: حدّثنا عبدالله جعفر الحميري، قال: حدّثنی داود بن عمر النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن يونس عن المنهال بن عمرو قال: دخلت على عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) في منصر في من مكة فقال لي: يا منهال ما صنع حرملة بن كاهلة الأسدي؟

فقلت: تركته حيّاً بالكوفة.

قال: فرفع يديه جميعاً ثم قال الله : اللهم أذقه حرّ الحديد، اللهم أذقه حرّ الحديد، اللهم أذقه حرّ النّار.

قال المنهال: فقدمت الكوفة وقد ظهر المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وكان لي صديقاً، قال: فكنت في منزلي أياماً حتّی انقطع الناس عني، وركبت إليه فلقيته خارجاً من داره، فقال: یا منهال ألم تأتنا في ولايتنا هذه، ولم تهنئنا بها، ولم تشركنا فيها؟

فأعلمته أنى كنت بمكة وأنى قد جئتك الآن، وسايرته ونحن نتحدث حتّی أتى الكناس، فوقف وقوفاً كأنه ينتظر شيئاً، وقد كان أخبر بمكان حرملة بن كاهلة، فوجه في

ص: 182


1- مناقب آل أبي طالب 136/4.

طلبه، فلم يلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشتدّون، حتّى قالوا: أيها الأمير البشارة، قد أخذ حرملة ابن كاهلة، فما لبثنا أن جيء به، فلما نظر إليه المختار قال لحرملة : الحمد لله الذي مكنني منك، ثمّ قال: الجزار الجزار ، فأتي بجزار فقال له: إقطع يديه، فقطعتا، ثمّ قال له: إقطع رجليه، فقطعتا، ثمّ قال: النّار النار، فأتي بنار وقصبٍ فألقي عليه، فاشتعل فيه النار.

فقلت: سبحان الله.

فقال لي: يا منهال إنّ التسبيح لحسن ففيم سبحت؟

فقلت: أيها الأمير دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكة على عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) فقال لي: يا منهال ما فعل حرملة بن كاهلة الأسدي؟

فقلت : تركته حيّاً بالكوفة. فرفع يديه جميعاً فقال: اللهم أذقه حرّ الحديد، اللهم أذقه حرّ الحديد، اللهم أذقه حرّ النّار.

فقال لي المختار: أسمعت عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) يقول هذا؟

فقلت: والله لقد سمعته يقول هذا.

قال: فنزل عن دابته وصلّى ركعتين فأطال السجود، ثمّ قام فركب وقد احترق حرملة، وركبت معه وسرنا فحاذيت داري، فقلت: أيها الأمير إن رأيت أن تشرفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرِّم بطعامي.

فقال: يا منهال تعلمني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه على يدي ثمّ تأمرني أن آكل ؟ هذا يوم صوم، شكراً لله عزّوجلّ على ما فعلته بتوفيقه، وحرملة هو الذي حمل رأس الحسين (علیه السّلام) (1).

ص: 183


1- امالي طوسي 243/1؛ مناقب آل أبي طالب 133/4 .

استجابة دعائه على عبيد الله بن زیاد

35 - الشيخ في أماليه قال: أخبرني محمّد بن محمّد يعني: المفيد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنی محمّد بن إبراهيم، قال: حدّثنا الحرث بن أبي أسامة، قال: حدّثنا المدائني عن رجاله: أنّ المختار بن أبي عبيدة الثقفي (رحمه الله) ظهر بالكوفة ليلة الأربعاء لأربع عشرة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ست وستين، فبايعه الناس على كتاب الله وسنة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، والطلب بدم الحسين بن علي (علیهما السّلام) ، ودماء أهل بيته - رحمة الله عليهم - والدفع عن الضعفاء، إلى أن قال:

و قدموا بالكتاب والرؤوس عليه، فبعث برأس ابن زياد - لعنه الله - إلى عليّ بن الحسين (علیهما السّلام)، فأُدخل عليه وهو يتغدى.

فقال علي بن الحسين (علیهما السّلام): أدخلت على ابن زياد - لعنه الله وهو يتغدى ورأس أبي بين يديه، فقلت: اللهم لا تُمِتني حتّی تريني رأس ابن زياد وأنا أتغدى، فالحمد لله الذي أجاب دعوتي. ثمّ أمر فرمي به فحمل إلى ابن الزبير، فوضعه ابن الزبير على قصبة فحرّكتها الريح فسقط، فخرجت حيّة من تحت الستار فأخذت بأنفه، فأعادوا القصبة فحرّكتها الريح، فسقط فخرجت الحيّة، فأزمت (1) بأنفه، ففعل ذلك ثلاث مرّات، فأمر إين الزبير فالقي في بعض شعاب مكة (2).

انحلال القيود وذهابه من الشام إلى المدينة

36 - ثاقب المناقب وابن شهر اشوب عن حلية الأولياء، ووسيلة الملا، وفضائل أبي السعادات بالإسناد عن ابن شهاب الزهري، قال: شهدت عليّ بن

ص: 184


1- أزمت: عضت بشدة.
2- امالي الطوسي 245/1.

الحسين (علیهما السّلام) يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشّام، فأثقله حديداً، ووكل به حفاظاً في عدّةٍ وجمع، فاستأذنتهم في الدخول عليه والتوديع له، فأذنوا لي، فدخلت عليه وهو في قبة الأقياد في رجليه والغلّ في يده، فبكيت وقلت: وددت أني مكانك وأنت سالم .

فقال: يا زهري أو تظنُّ هذا بما ترى عليَّ وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئتُ ما كان، فإنّه وإن بلغ بك ومن أمثالك ليذكرني عذاب الله، ثمّ أخرج يديه من الغلّ ورجليه من القيد، ثمّ قال: يا زهري لا جزت معهم على ذا منزلين من المدينة.

فما لبثنا إلّا أربع ليال حتّی قدم الموكَّلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه، وكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنا لنراه متبوعا (1)، إنّه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديدة.

فقال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبدالملك، فسألني عن عليّ بن الحسين فأخبرته، فقال لي: إنّه قد جاء في يوم فقده الأعوان فدخل عليَّ فقال: ما أنا وأنت؟!

فقلت: أقم عندى .

فقال: لا أُحبّ، ثم خرج، فوالله لقد امتلأ ثوبي خيفة.

و في رواية ثاقب المناقب: لقد امتلأت في ثوبي خيفة. قال الزهري: فقلت: يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين (علیهما السّلام) حيث تظن! إنّه مشغول بنفسه.

فقال: حبّذا شغل مثله فنعم ما شغل به .

قال : وكان الزهري إذا ذكر عليّ بن الحسين - صلوات الله عليه - بكى وقال زين العابدين .

ص: 185


1- متبوع: له جنية تتبعه.

و روى ذلك أبو نعيم الإصفهاني الحافظ في كتاب حلية الأولياء، وهو من رجال العامة (1).

اللؤلؤتان في جوف السمكة

37 - ابن بابويه في أماليه قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الاسترابادي، قال: حدّثنا جعفر بن أحمد، قال حدّثنا أبو يحيى محمّد بن عبدالله بن يزيد المقري قال حدّثنا سفیان بن عيينة، عن الزهري، قال: كنت عند عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) ، فجاءه رجل من ،أصحابه، فقال على بن الحسين (علیهما السّلام): ما خبرك أيّها الرّجل؟

قال: يابن رسول الله إنّي أصبحت وعليَّ أربعمائة دينار دين لا قضاء قضاء عندي ،لها ولي عيال ثقال، ليس لي ما أعود عليهم به.

قال: فبكى عليّ بن الحسين البكاء شديداً، فقلت له: ما يبكيك يابن رسول الله ؟

فقال: هل يُعدّ البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار؟!

قالوا: كذلك يابن رسول الله.

قال: فأيّة محنةٍ ومصيبة أعظم على حرّ مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها ؟

قال: فتفرّقوا عن مجلسهم ذلك فقال بعض المنافقين وهو يُطعن على عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) : عجباً لهؤلاء يدعون مَرَّةً أنّ السماء والأرض وكلّ شيء يطيعهم، وأنّ الله لا يردّهم عن شيءٍ من طلباتهم، ثمّ يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم.

ص: 186


1- ثاقب المناقب 353، ح 393؛ مناقب آل أبي طالب 4/ 132؛ حلية الأولياء 135/3 .

فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصّة فجاء إلى عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) ، فقال : يابن رسول الله بلغني عن فلان كذا وكذا ، وكان ذلك أغلظ عليّ من محنتي.

فقال عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) : فقد أذن الله في فرجك يا فلانة إحملي سَحُوري وفَطوري، فحملت قرصين.

فقال علي بن الحسين (علیهما السّلام) للرجل : خذهما ، فليس عندنا غيرهما، فإنّ الله يكشف عنك بهما، وينيلك خيراً واسعاً منهما، فأخذهما الرجل، ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما، يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله، ويوسوس إليه الشيطان أين موقع هاتين من حاجتك ؟ فمرّ بسماك قد بارت عليه سمكة قد أراحت (1) ، فقال : سمكتك هذه بائرة عليك، وإحدى قرصتي هاتين بائرة عليَّ، فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قرصتي هذه البائرة؟

فقال: نعم، فأعطاه السمكة، وأعطاه القرصة.

ثمّ مرّ برجل معه ملح قليل مزهود فيه، فقال له: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه، بقرصتي هذه المزهود فيها؟

قال: نعم، ففعل، فجاء الرّجل بالسَّمكة والملح، فقال: أصلح هذه بهذا. فلمّا شق بطن السّمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين، فحمد الله عليهما، فبينما هو في سروره ذلك إذ قرع بابه، فخرج ينظر من بالباب؟ فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا، يقول كلّ واحد منهما له: يا عبد الله جهدنا أن نأكل نحن أو واحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا وما نظنّك إلّا وقد تناهيت عن سوء الحال، ومرنت على الشقاء، وقد رددنا إليك هذا الخبز وحلّلنا لك ما أخذته منّا، فأخذ القرصين منهما فلمّا استقرّ بعد إنصرافهما عنه قُرِعَ ،بابه، فإذا رسول عليّ بن الحسين (علیهما السّلام)، فدخل فقال: إنّه

ص: 187


1- أراحت: تغيّرت رائحتها.

(علیه السّلام) يقول لك: إنّ الله قد أتاك بالفرج فأردد إلينا طعامنا، فإنه لا يأكله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه، وحسنت بعد ذلك حاله.

فقال بعض المنافقين ما أشدّ هذا التفاوت بينا علي بن الحسين (علیهما السّلام) لا يقدر أن يسدّ منه فاقة إذ أغناه هذا الغناء العظيم؟ كيف يكون هذا؟ وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الغنى العظيم ؟!

فقال علي بن الحسين (علیهما السّلام): هكذا قالت قريش للنبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة، ويرجع إليها في ليلة واحدة، من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في إثني عشر يوماً؟! وذلك حين هاجر منها.

ثمّ قال علي بن الحسين (علیهما السّلام): جَهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لا تُنالُ إلّا بالتسليم لله جل ثناؤه وترك الاقتراح عليه، والرّضا بما يدبّرهم به، وإنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عن ذلك، بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم (1).

خبر إبليس معه

38 - الحضيني في هدايته: بإسناده عن عليّ بن موسى، عن موسى بن جعفر (علیهما السّلام) ، قال : دَخَلَت عليه طائفة من شيعة الكوفة، فقالوا: يابن رسول الله كلّكم عبیدالله، فكيف سُمِّي جَدُّك عليّ بن الحسين (علیهما السّلام) زين العابدين؟

قال لهم الصادق (علیه السّلام) : ويحكم أما سمعتم الله عزّوجل يقول:

ص: 188


1- أمالي الصدوق 367، ح 3 مناقب ابن شهر اشوب 146/4؛ روضة الواعظين 196.

«هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ »(1) ويقول ﴿نَرفَعُ دَرَجات مَن نَشاءُ)(2) ﴿و لَقَد فَضَّلنا بَعضَ النَّبِيِّينَ عَلى بعضٍ) (3).

فقالوا: بلى يابن رسول الله.

قال: فما أنكرتم؟

قالوا: جئنا أن نعلم ما سألنا عنه.

قال: ويحكم إنّ إبليس لعنه الله ناجى رَبَّه، فقال: ربّي إني رأيت العابدين لك من عُبّادك منذ أوَّل الدَّهر إلى عهد علي بن الحسين (علیهما السّلام)، فلم أر منهم أعبد لك ولا أخشع منه، فأئذَنْ لي يا إلهي أن أكيده وأبتليه لأعلم كيف صبره؟ فنهاه الله عنه فلم ينته، وتصوّر لعلي بن الحسين وهو يصلّي في صورة أفعى لها عشرة رؤوس محدّدة الأنياب، منقلبة الأعين بالجمرة، وطلع عليه من الأرض من موضع سجوده، ثمّ تطاول في قبلته، فلم يرعه ذلك، و لم يكسر طرفه إليه ، فانخفض إلى الأرض إبليس - لعنه الله في صورة الأفعى وقبض أنامل رجلي علي بن الحسين (علیهما السّلام، فأقبل يكدمها (4) بأنيابه، وينفخ عليها من نار جوفه، وكلُّ ذلك لا يكسر طرفه إليه، ولا يحوّل قدميه عن مقامه، ولا يختلجه شكٍّ ولا وهم في صلاته ولا قراءته.

فلم يلبث إبليس - لعنه الله حتّی انقض عليه شهاب محرّق من السماء، فلمّا أحسّ به صرخ، وقام إلى جانب عليّ بن الحسين (علیهما السّلامفي صور في صورته الأولى، ثمّ قال: يا سيّد العابدين كما سُمّيت، وأنا إبليس - لعنه الله - والله لقد شهدت عبادة النبیين والمرسلين من عهد أبيك آدم إليك، فما رأيت مثلك، ولا مثل عبادتك، ولوددت أنك

ص: 189


1- آل عمران 163 .
2- انعام 83 .
3- إسراء 55 .
4- يكدمها : يَعُضُّها.

استغفرت لي الله، فإن كان يغفر لي، ثمّ تركه وولّى وهو في صلاته، ولا يشغله كلامه حتّى قضى صلاته على تمامها (1).

إخباره وردان باسمه

39 - ثاقب المناقب عن أبي الجارود، عن أبي جعفر قال صلوات الله عليه: لمّا دخل كنكر الكابلي على عليّ بن الحسين - صلوات الله عليهما فقال له: يا وردان!

فقال :کنكر ليس إسمي وردان .

فقال له علي بن الحسين (علیهما السّلام) بل تكذب، يوم ولدتك أمك سمتك وردان، فجاء أبوك فسمّاك كنكر.

فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله، وأنك وصيّه من بعده، وأشهد أنّ أمّي حدثتني بهذا الحديث بعد ما عقلت (2).

حسن صوته الذي يصعق منه

40 - الطبرسي في الاحتجاج: عن أبي الحسن موسى (علیه السّلام) : روي أنه (علیه السّلام) كان حسن الصوت وحسن القراءة.

قال يوماً من الأيام: إن على بن الحسين (علیهما السّلام) كان يقرأ القرآن، وربما مر به المارّ فصعق من حسن صوته، وإنّ الإمام لو أظهر في ذلك شيئاً لما احتمله الناس قيل له: ألم يكن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟

فقال: إنّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كان يُحمّلُ من خلفه ما يطيقون .

ص: 190


1- الهداية 45 .
2- الثاقب في المناقب 360، ح 2/299.

معاجز الإمام محمّد بن عليّ (علیه السّلام)

إخراج المائدة من اللبنة

ص: 191

ص: 192

معاجز الإمام الباقر (علیه السّلام)

1 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش قال: قال قيس بن الربيع كنت ضيفاً لمحمّد بن علي (علیه السّلام)، وليس في منزله غير لبنة، فلما حضر العشاء قام فصلى وصليت معه، ثمّ ضرب بيده إلى اللبنة، فأخرج منها منديلاً مثقلاً، ومائدة مستوى عليها كل حار وبارد، فقال لي: كل فهذا ما أعد الله للأولياء، فأكل وأكلت، ثمّ رفعت المائدة في اللبنة، فخالطني الشكّ حتّى إذا خرج لحاجته قلبت اللبنة فإذا هي لبنة صغيرة، فدخل وعلم ما في قلبي، فأخرج من اللبنة أقداحاً وكيزاناً جرّة فيها ماء، فسقانا وشرب هو ثم أعاده إلى موضعه وقال: مثلك معي مثل اليهود مع المسيح (علیه السّلام) حين لم يثقوا به، ثم أمر اللبنة أن تنطق، فتكلّمت (1).

علمه بما يكون

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري حدّثنا سفيان، عن وكيع، عن الأعمش قال: قال لي منصور - يعني: أبا جعفر الدوانيقي - كنت هارباً من بني أمية أنا وأخى أبو العباس فمررنا بمسجد المدينة ومحمّد بن علي الباقر جالس، فقال لرجل إلى جانبه:كانّي بهذا الأمر وقد صار إلى هذين، فأتى الرّجل فبشرنا به، فملنا إليه وقلنا : يابن رسول الله ما الذي قلت؟ فقال: هذا الأمر صائر إليكم عن قريب ولكنّكم تسوؤن إلى ذرّيتي

ص: 193


1- دلائل الإمامة 95-96 .

وعترتي، فالويل لكم عن قريب، فما مضت الأيام حتّی تملك أخي وتملكتها (1).

طاعة الجن له

3 - محمّد بن يعقوب: عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن علي، عن يحيى بن مساور، عن سعد الإسكاف قال : أتيت أبا جعفر (علیه السّلام) في بعض ما أتيته فجعل يقول: لا تعجل حتّی حميت الشمس عليَّ وجعلت أتتبع الأفياء، فما لبثت أن خرج عليَّ قوم كأنهم الجراد الصفر، عليهم البتوت (2)، قد انتهكتم العبادة، قال: فوالله لأنساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال: أراني قد شققت عليك؟

قلت: أجل والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مرّوا بي لم أر قوماً أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد كأنّ ألوانهم الجراد الصفر، قد انتهكتهم العبادة

فقال: يا سعد رأيتهم؟

قلت: نعم قال : أولئك إخوانكم من الجن. قال: فقلت: يأتونك؟

قال: نعم يأتونا ليسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم (3).

ارتداد بصر أبي بصير

4 - محمّد بن الحسن الصفار قال: حدّثنی أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم عن مثنی الحنّاط، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله وأبي جعفر (علیهم السّلام) فقلت لهما: أنتم ورثة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟

قالا: نعم. قلت: فرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وارث الأنبياء، علم كلّ ما علموا ؟

ص: 194


1- دلائل الإمامة 96 .
2- البُتوت: جمع (بَتٌ)، وهو كساءٌ غليظ مربّع .
3- الكافي 1 /394 . ح 1.

فقالا لي: نعم. فقلت: أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرؤا الأكمه والأبرص؟ فقالا لي: نعم بإذن الله ؛ ثمّ قال: أدن منّي يا أبا محمّد، فمسح يده على عيني ووجهي، فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت وكلّ شيء في الدار، قال: ثم قال لي: أتحبّ أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة؟ أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصاً؟

قلت: أعود كما كنت.

قال: فمسح على عيني فعدت كما كنت.

قال عليّ: فحدثت ابن أبي عمير به فقال: أشهد أنّ هذا حق كما أنّ النهار حق (1).

علمه بأجله

5 - سعد بن عبدالله عن يعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم عن محمّد بن أبى عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : مرض أبو جعفر (علیه السّلام) مرضاً شديداً فخفنا عليه، فقال: ليس عليَّ من مرضي هذا بأس، قال: ثم مكث ما شاء الله، ثمّ اعتل علّة خفيفة فجعل يوصينا.

ثمّ قال: يا بني أدخل علي نفراً من أهل المدينة حتّی أشهدهم، فقلت: يا أبة ليس عليك بأس، فقال: يا بُنَيَّ إنّ الذي جائني وأخبرني أني لست بميت في مرضي ذلك هو الذي أخبرني أني ميت في مرضي هذا (2).

علمه بوقت وفاته

6 - الفضل بن الحسن بن الطبرسي في إعلام الورى قال: روى حمّاد بن

ص: 195


1- بصائر الدرجات 269 ، ح 1 .
2- مختصر البصائر 7 - 8 .

عثمان، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول: إنّ أبي قال لي ذات يوم: إنّما بقي من أجلي خمس سنين، فحسبت فما زاد ولا نقص (1).

إخباره عن قتل إسماعيل بن عبدالله

7 - محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن زنجويه، عن عبدالله بن الحكم الأرمني، عن عبدالله بن إبراهيم بن محمّد الجعفري في حديث طويل قال: فقال إسماعيل بن عبدالله بن جعفر لأبي عبد الله (علیه السّلام) : أنشدك الله هل تذكر يوماً أتيت أباك محمّد بن علي (علیهما السّلام) وعلي حلتان صفراوان ، فأدام النظر إليّ ثمّ بكي؟

فقلت له: ما يبكيك؟

فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنّك ضياعاً، لا ينتطح في دمك عنزان. قال: فقلت: متى ذاك؟

قال : إذا دعيت إلى البيت فأبيته، وإذا نظرت إلى الأحول مشئوم قومه يتمنّى من آل الحسن على منبر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، يدعو إلى نفسه ، قد تسمّى بغير إسمه، فأحدث عهدك اكتب وصيّتك، فإنّك مقتول من يومك أو من غد.

فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : نعم، وهذا وربّ الكعبة لا يصوم من شهر رمضان إلّا أقلّه، فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك، وأحسن الله الخلافة على من خلّفت (وإنا لله وإنا إليه راجعون) .

قال : ثمّ احتمل إسماعيل، وردّ جعفر إلى الحبس.

قال: فوالله ما أمسينا حتّی دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر

ص: 196


1- اعلام الورى 262 .

فتوطَّؤوه حتّى قتلوه، وبعث محمّد بن عبد الله إلى جعفر فخلّى سبيله (1) .

علمه بالاسم الأعظم

8- محمّد بن الحسن الصفار عن الحسن بن علي بن الحسن بن على بن عبدالله عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن داود بن أبي يزيد عن بعض أصحابنا، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): إنّى أظنّ أنّ لى عندك منزلة، قال: أجل قال: قلت: فإنّ لي إليك حاجة .

قال: وما هي؟

قال: قلت: تعلّمني الإسم الأعظم.

قال: وتطيقه؟

قلت: نعم. قال: فادخل البيت. قال: فدخلت فوضع أبو جعفر (علیه السّلام) يده على الأرض فاظلم البيت، فأرعدت فرائص عمر، فقال: ما تقول؟ أعلمك ؟

قال فقلت: لا. قال فرفع يده فرجع البيت كما كان (2).

عدم إحراق النار له

9 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو المفضل محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن يحيى بن زكريا، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: مررت بعبد الله بن الحسن، فلمّا رآني سبني وسب الباقر (علیه السّلام) ، فجئت إلى أبى جعفر (علیه السّلام) فلما أبصر بي تبسم وقال: يا جابر مررت بعبد الله بن حسن فسبّك وسبّني؟

ص: 197


1- الكافي 1/ 364 ، ح 17 .
2- بصائر الدرجات 210 ، ح 1 .

قال: قلت: نعم يا سيّدي، ودعوت الله عليه، فقال لي: أوّل داخل يدخل عليك هو، فإذا هو قد دخل! فلما جلس قال له الباقر (علیه السّلام) : ما جاء بك يا عبدالله؟ قال: أنت الذي تدّعي ما تدّعي؟

قال له الباقر (علیه السّلام) : ويلك قد أكثرت فقال: يا جابر قلت: لبيك. قال: إحفر في الدار حفيرة. قال: فحفرت. ثم قال لي: ائتني بحطب كثير وألقه فيها. ففعلت. ثمّ قال: أضرمه ناراً، ففعلت.

ثم قال: يا عبد الله بن حسن قم وادخلها واخرج منها إن كنت صادقاً.

قال عبدالله: قم فادخل أنت قبلي فقام أبو جعفر (علیه السّلام) ودخلها، فلم يزل يدوسها برجله ويدور فيها حتّى جعلها رماداً، ثمّ خرج فجاء وجلس، وجعل يمسح العرق عن وجهه، ثمّ قال: قم قبّحك الله ، فما أقرب ما يحلّ بك كما حلّ بمروان بن الحكم وبولده (1).

إخباره بأن دار هشام تهدم

10 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى قال: حدّثنا أبي قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن أحمد بن الوليد قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن فروخ عن عبد الله بن الحجّال، عن ثعلبة، عن أبي حازم يزيد غلام عبد الرحمن قال: كنت مع أبي جعفر (علیه السّلام) بالمدينة، فنظر إلى دار هشام بن عبد الملك التي بناها على أحجار الزيت، فقال: أما والله لتهدمن، أما والله لتبدون أحجار الزيت، أما والله إنّه لموضع النفس الزكيّة.

فسمعت هذا منه وتعجبت وقلت من يهدم هذه الدار ؟ وهشام بناها وهو أمير المؤمنين ! فلما مات هشام بعث الوليد من يهدمها، فهدمها ونقلها حتّی بدرت أحجار

ص: 198


1- دلائل الإمامة 109 .

الزیت (1).

إحياء ميت

11 - الحضيني: بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر الباقر (علیه السّلام) قال: خرجنا معه من مكّة في عدّة من أصحابنا، فبينا نحن نسير ونحن معه إذ وقف على رجل قد نفق حماره وبيده رحله، فقال له الرّجل: يابن رسول الله ادع الله أن يحيي لي حماري فقد قطع بي، قال جابر: فحرّك أبو جعفر (علیه السّلام) شفتيه بما لم يسمعه أحد منه فإذا نحن بالحمار، وقد انتفض فأخذه صاحبه، وحمل عليه رحله، وسار معنا حتّی دخل مكّة (2).

ارتعاد فرائص عكرمة

12 - ابن شهر اشوب عن أبي حمزة الثمالي في خبر : لمّا كانت السنة التي حجّ فيها أبو جعفر محمّد بن علي (علیهما السّلام) رأيت عبد الملك أقبل الناس ينثالون عليه، فقال عكرمة من هذا عليه سيماء زهرة العلم ؟ لأجربته.

فلمّا مثل بين يديه ارتعدت فرائصه وأسقط في يدي أبي جعفر (علیه السّلام) وقال: يابن رسول الله لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره، فما أدركني ما أدركني آنفاً فقال له أبو جعفر (علیه السّلام) : ويلك يا عبيد أهل الشام إنك بين يدي بيوت أذن الله أنْ ترفع ويذكر فيها اسمه (3).

ص: 199


1- دلائل الإمامة 110 .
2- الهداية الكبرى 51 .
3- مناقب ابن شهر اشوب 182/4 .

علمه بالغائب

13 - ابن شهر اشوب: عن جابر بن يزيد الجعفي قال: مررت بمجلس عبداللّه بن الحسن، فقال: بماذا فضّلني محمّد بن عليّ؟ ثم أتيت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) فلمّا بصربي ضحك إليّ ثم قال: يا جابر أقعد، فإنّ أوّل داخل يدخل عليك في هذا الباب عبد الله بن الحسن. فجعلت أرمق ببصري نحو الباب وأنا مصدق لما قال سيدي، إذ أقبل يسحب أذياله، فقال له:

يا عبد الله؛ أنت الذي تقول: بماذا فضلني محمّد بن علي، إنّ محمّداً وعليّاً ولداه، قد ولداني؟!

ثمّ قال: يا جابر أحفر حفيرة واملأها حطباً جزلاً، وأضرمها ناراً.

قال :جابر ففعلت، فلمّا أنْ رأى النار قد صارت ،جمراً، أقبل عليه بوجهه، فقال : إن كنت حيث ترى فادخلها لن تضرك، فقطع بالرجل، فتبسم في وجهي ثم قال: يا جابر (فبهت الذي كفر (1)) (2).

علمه بما يكون

14 - ابن شهر اشوب: عن علي بن أبي حمزة وأبي بصير قالا: كان لنا موعداً على أبي جعفر (علیه السّلام) فدخلنا عليه أنا وأبو ليلى، فقال: يا سكينة هلمي المصباح فأتت بالمصباح، ثمّ قال: هلمّي بالسفط الذي في موضع كذا وكذا.

قال: فأتته بسفط هندي أو سندي، ففض خاتمه، ثمّ أخرج منه صحيفة صفراء، فقال عليّ: فأخذ يدرجها من أعلاها، وينشرها من أسفلها، حتّى إذا بلغ ثلثها أو ربعها نظر

ص: 200


1- البقرة 258 .
2- مناقب ابن شهر اشوب 185/4 .

إليّ، فارتعدت فرائصي، حتّى خفت على نفسي؛ فلما نظر إليّ في تلك الحال وضع يده على صدري، فقال: أبَرِأتَ أنت؟ قلت: نعم جعلت فداك. قال: ليس عليك بأس، ثمّ قال: أدن. فدنوت منه. فقال لي: ما ترى؟

قلت: إسمي واسم أبي وأسماء أولادي لا أعرفهم.

فقال: يا عليّ لولا أنّ لك عندي ما ليس لغيرك ما اطلعتك على هذا، أما إنّهم سيزدادون على عدد ما هاهنا.

قال عليّ بن أبي حمزة فمكثت - والله - بعد بعد ذلك عشرين سنة، ثمّ ولد لي الأولاد بعدد ما رأيت بعيني في تلك الصحيفة (1).

العنب النازل عليه

15 - ثاقب المناقب: عن الليث بن سعد قال كنت على جبل أبي قبيس أدعو، فرأيت رجلاً يدعو الله عزّ وجلّ وقال في دعائه: اللهمّ إنّي أريد العنب فارزقنيه، فنزلت غمامة أظلّته، ودنت من رأسه، رأسه، فرفع يده إليها، فأخذ منها سلة من عنب، ووضعها بين يديه .

ثم رفع يده بعد فقال: اللهم إنّي عريان فاكسني، فدنت الغمامة منه ثانية، فرفع يده ثانية فأخذ منها شيئاً ملفوفاً في ثوب، ثم جلس يأكل العنب، وما ذلك في زمان العنب. وأنا قريب منه، فمددت يدي إلى السلة وتناولت حبّات، فنظر إلي وقال: ما تصنع ؟

قلت: أنا شريكك في العنب.

قال: من أين؟

قلت: لأنك كنت تدعو وأنا أؤمن على دعائك، والداعي والمؤمن شريكان. فقال:

ص: 201


1- مناقب ابن شهر اشوب 1934.

أجلس وكُل، فجلست وأكلت معه، فلمّا اكتفينا ارتفعت السلّة.

فقام وقال لي: خذ أحد التّوبين. فقلت: أما القوب فلا أحتاج إليه.

فقال: إنحرف عنّى حتّى ألبسه فانحرفت عنه، فاتَّزَر بأحدهما وارتدى بالآخر عليه، وطواه ورفعه بكفّه، وقد نزل عن أبي قبيس فلمّا وصل قريباً من الصفا استقبله إنسان فأعطاه، فسألت عنه وقلت لبعض من كان: من هذا؟ قال: هذا ابن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السلام) (1).

حدیث الورشان

16 - الراوندي وثاقب المناقب: روى جابر بن يزيد الجعفي قال: خرجت مع أبي جعفر (علیه السّلام) إلى الحج وأنا زميله، إذ أقبل ورشان فوقع على عضادة محمله فترنّم، فذهبت لآخذه فصاح بي مه يا جابر، فإنّه قد استجار بنا أهل البيت. قلت: وما الذي شكا إليك ؟

فقال: شكا إليّ أنه يفرّخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين، وأنّ حيّة تأتيه فتأكل فراخه، فسألني أن أدعو الله عليها ليقتلها ففعلت، وقد قتلها الله.

ثمّ سرنا حتّی إذا كان وقت السحر قال لى إنزل يا جابر، فنزلت فأخذت بخطام الجمل، ونزل فتنحى يمنة عن الطريق، ثمّ عمد إلى روضة من الأرض ذات رمل فأقبل فكشف الرّمل يمنة ويسرة وهو يقول: اللّهمّ أسقنا وطهّرنا ، إذ بدا حجر مربّع أبيض بين الرمل فاقتلعه فنبع له عين ماء صافٍ فتوضينا وشربنا منه. ثم ارتحلنا فأصبحنا دون قريات ونخل، فعمد أبو جعفر الالها إلى نخلة يابسة فيها فدنا منها وقال أيّتها النّخلة أطعمينا ممّا خلق الله فيك، فلقد رأيت النخلة تنحني حتّی جعلنا نتناول من ثمرها ونأكل

ص: 202


1- الثاقب في المناقب 375 ، ح 1 .

وإذا أعرابي يقول: ما رأيت ساحراً كاليوم.

فقال أبو جعفر (علیه السّلام): يا أعرابي لا تكذبنّ علينا أهل البيت، فإنه ليس منا ساحر ولا كاهن ، ولكن علّمنا أسماءً من أسماء الله تعالى نسأل بها فنعطى، وندعو فنجاب (1).

علمه بالغائب

17 - الراوندي قال: روي عن عبد الله بن معاوية الجعفري قال: سأحدثكم بما سمعته أذناي ورأته عيناي من أبي جعفر (علیه السّلام) إنه كان على المدينة رجل من آل مروان، وأنه أرسل إلي يوماً فأتيته وما عنده أحد من الناس .

فقال لي: يابن معاوية إنّما دعوتك لثقتي بك، وإنّي قد علمت أنه لا يبلغ عنّي غيرك، فأحببت أن تلقى عمّيك محمّد بن علي وزيد بن الحسن (علیهما السّلام) وتقول لهما:

يقول لكما الأمير لتكفّان عمّا يبلغني عنكما ، أو لتنكران.

فخرجت من عنده متوجهاً إلى أبي جعفر (علیه السّلام) ، فاستقبلته متوجها إلى المسجد، فلما دنوت منه تبسّم ضاحكاً وقال بعث إليك هذا الطاغية ودعاك وقال لك: ألق عمّيك وقل لهما كذا ، قال : فأخبرني أبو جعفر (علیه السّلام) بمقالته كأنه كان حاضراً.

ثمّ قال: يابن عمّ قد كفينا أمره ،بغد، فإنّه معزول ومنفي إلى بلاد مصر، و والله ما أنا بساحر ولا كاهن ولكنّي أتيت وحدثت. قال: فوالله ما أتى عليه اليوم الثاني حتّى ورد عليه عزله ونفيه إلى مصر، وولّي المدينة غيره (2).

البصیر لايراه و غیره یراه

18 - الراوندي عن أبي بصير قال: دخلت المسجد مع أبي جعفر (علیه السّلام) والناس

ص: 203


1- خرائج 2 / 604 ، ح 12 .
2- خرائج 2/ 599 ، ح 10 .

يدخلون ويخرجون، فقال لي: سل الناس هل يرونني؟ فكل من لقيته قلت له: أرأيت أبا جعفر ؟

فيقول: لا وهو واقف، حتّی دخل أبو هارون المكفوف.

فقال (علیه السّلام) : سل هذا.

فقلت: هل رأيت أبا جعفر (علیه السّلام) ؟

فقال: أليس هو قائم ؟!

قلت: وما علمك ؟

قال: وكيف لا أعلم وهو نور ساطع .

قال : وسمعته يقول لرجل من أهل الإفريقية ما حال راشد؟

قال: خلّفته حيّاً صالحاً يقرؤك السلام.

قال: رحمه الله.

قال: مات؟ قال: نعم.

قال: ومتى؟

قال: بعد خروجك بيومين.

قال: والله ما مرض ولا كان به علة .

قال: وإنّما يموت من يموت من مرض وعلّة!

قلت: من الرجل ؟

قال: رجل لنا موال ومحبّ .

ثمّ قال: لئن ترون أنه ليس لنا معكم أعين ناظرة وأسماع سامعة لبئس ما رأيتم والله ما يخفى علينا شيء من أعمالكم فاحضرونا جميعاً، وعوّدوا أنفسكم الخير ، وكونوا

ص: 204

من أهله تعرفوا به، فإنّي بهذا آمر ولدي وشيعتي (1).

إقبال النخلة

19 - الراوندي عن عبّاد بن كثير قال: قلت للباقر (علیه السّلام) ما حق المؤمن على الله ؟ فصرف وجهه، فسألته عنه ثلاثاً.

فقال (علیه السّلام) : من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت.

قال عبّاد: فنظرت - والله - إلى النخلة التي كانت هناك قد تحرّكت مقبلة، فأشار إليها: قرّي فلم أعنكِ (2).

علمه بما في النفس

20 - الكشّي عن طاهر بن عيسى قال: حدّثنی جعفر بن أحمد قال: حدّثنی الشجاعي، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن حمزة بن الطيار، عن أبيه محمّد قال: جئت إلى باب أبي جعفر (علیه السّلام) أستأذن عليه، فلم يأذن لي وأذن لغيري، فرجعت إلى منزلي وأنا مغموم فطرحت نفسي على سريري في الدار وذهب عنّي النّوم، فجعلت أُفكِّر وأقول: أليس المرجئة تقول كذا والقدرية تقول كذا، والحرورية تقول كذا، والزيدية تقول كذا، فيفسد عليهم قولهم ، وأنا أفكر في هذا حتّى نادى المنادي، فإذا الباب يدق فقلت من هذا ؟

فقال: رسول لأبي جعفر (علیه السّلام) يقول لك أبو جعفر (علیه السّلام): أجب، فأخذت ثيابي على مضيت معه فدخلت عليه فلما رآني قال: يا محمّد لا إلى المرجئة، ولا إلى القدرية و لا إلى الحروريّة، ولا إلى الزيدية، ولكن إلينا، إنّما حجبتك لكذا وكذا، فقبلت وقلت به (3).

ص: 205


1- خرائج 2 / 595 ، ح 7.
2- خرائج 1/ 272، ح 1.
3- رجال الكشي 348، ح 649 .

العرجونة الناطقة

21 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في كتاب الإمامة: قال: حدّثنا الحسن بن عرفة العبدى قال : حدّثنا عبد الرزاق قال: حدّثنا العلاء بن محرز قال: شهدت محمّد بن علي الباقر (علیه السّلام) وبيده عرجونة - يعني قضيباً دقيقاً - يسأله عن أخبار بلدة بلدة فيجيبه ويقول : زاد الماء بمصر كذا، ونقص بالموصل كذا، ووقعت الزلزلة بأرمينية، والتقى حارث وجويبر في موضع يعني جبلين، ثمّ رأيته يكسرها ويرمي بها، فتجتمع فتصير قضيباً (1).

الخاتم الذي يوقف الزّوارق

22 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: وحدّثنا سفيان، عن وكيع قال: حدّثنا الأعمش قال: حدّثنا منصور قال كنت أريد أن أركب البحر، فسألت الباقر (علیه السّلام) فأعطاني خاتماً، فكنت أطرحه في الزورق إذا شئت فيقف، وإن شئت أطلقه.

و إني جئت الدور فسقط لأخ لي كيس في الدجلة، فألقيت ذلك الخاتم، فخرج وأخرج الكيس بإذن الله تعالى (2).

إخراج التفاحة من الحجارة

23 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدّثنا عدة من أصحابنا، عن جابر بن يزيد (رحمه الله) قال : خرجت مع أبي جعفر(علیه السّلام) وهو يريد .. فلما أشرفنا على كربلاء قال لي: يا جابر هذه روضة من رياض الجنّة لنا ولشيعتنا، وحفرة من حفر جهنّم لأعدائنا ، ثمّ إنّه إلتفت إليّ وقال : يا جابر. قلت: لبيك سيدي.

قال لي: تأكل شيئاً؟

ص: 206


1- دلائل الإمامة 96 .
2- دلائل الإمامة 97 .

قلت: نعم يا سيدي، فأدخل يده بين الحجارة فأخرج لي تفاحة لم أشمّ قطّ رائحة مثلها، لا تشبه رائحة فاكهة الدنيا، فعلمت أنها من الجنّة فأكلتها، فعصمني من الطعام أربعين يوماً لم آكل ولم أحدث (1).

تساقط الرطب من النخلة اليابسة

24 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال وروى موسى بن الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم عن خاله عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : نزل أبو جعفر الله بواد فضرب خباءه، ثم خرج يمشي حتّی أتى نخلة يابسة فحمد الله عزّوجلّ عندها، ثمّ تكلّم بكلام لم أسمع مثله، ثمّ قال: أيتها النخلة أطعمينا مما جعله الله جل ذكره فيك، فتساقط منها رطباً أحمر وأصفر، فأكل الله وأكل معه أبو أمية الأنصاري، فقال: يا أبا أمية الآية فينا كالآية في مريم إذ هزّت إليها بجذع النخلة فتساقط عليها رطباً جنيّاً (2).

و رواه ابن شهر اشوب عن عبد الرحمن بن كثير .

خبر جابر بن يزيد الجعفي

25 - المفيد في الاختصاص: عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن انصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن البرقى، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن النعمان بن بشیر قال زاملت جابر بن يزيد الجعفي إلى الحج ، فلما خرجنا إلى المدينة ذهب إلى أبي جعفر الباقر (علیه السّلام) فودّعه، ثم خرجنا فما زلنا معه حتّى نزلنا الأُخَيْرَجَة، فلمّا

ص: 207


1- دلائل الإمامة 97 .
2- دلائل الإمامة 97 ؛مناقب آل أبي طالب 4 / 188.

صلّينا الأولى ورحلنا واستوينا على المحمل إذ دخل رجل طوال آدم شديد الأدمة (1)، ومعه كتاب طينه رطب من محمّد بن على الباقر (علیهما السّلام) إلى جابر بن يزيد الجعفي، فتناوله جابر وأخذه وقبله، ثمّ قال: متى عهدك بسيدي قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟

قال: بعد الصلاة الساعة. قال: ففكّ الكتاب وأقبل يقرؤه ويقطب وجهه (2)، فما ضحك ولا تبسّم حتّى وافينا الكوفة، وقد كان قبل ذلك يضحك ويتبسّم ويحدّث. فلمّا نزلنا الكوفة دخل البيت، فأبطأ ساعة ثم خرج علينا قد علّق الكتاب في عنقه، وركب القصب، ودار في أزقة الكوفة وهو يقول : منصور بن جمهور أمير غير مأمور، ونحو هذا من الكلام، وأقبل يدور فى أزقّة الكوفة والناس يقولون: جنّ جابر جنّ جابر! فلمّا كان بعد ثلاثة أيام ورد كتاب هشام بن عبدالملك على يوسف بن عمر بأن أنظر رجلاً من جعف يقال له: جابر بن يزيد فاضرب عنقه، وابعث إلى برأسه. فلمّا قرأ يوسف بن عمر الكتاب التفت إلى جلسائه فقال: من جابر بن يزيد ؟ فقد أتاني من أمير المؤمنين يأمرني بضرب عنقه وأن أبعث إليه برأسه؟

فقالوا: أصلح الله الأمير هذا رجل علامة صاحب حديث وورع وزهد، وأنه جنّ وخولط في عقله، وها هو ذا في الرّحبة يلعب مع الصّبيان فكتب إلى هشام بن عبد الملك: إنّك كتبت إليّ في أمر هذا الرّجل الجعفي، وأنه قد جنّ، فكتب إليه: دعه.

قال: فما مضت الأيام حتّی جاء منصور بن جمهور فقتل يوسف بن عمر، وصنع ما صنع (3).

ص: 208


1- آدم: أسمر شديد الأدمة: شديد السَّمرة.
2- قطَّب وجهه: عَبَسَ وغَضَبٌ .
3- الاختصاص 67؛ الكافي 396/1، ح 7.

خبر شرائه حميدة (أم الكاظم)

26 - محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد الحسين بن محمّد الأشعري عن معلى بن محمّد، عن عليّ بن السندي القمي قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: دخل ابن عكاشة بن محصن الأسدي على أبي جعفر (علیه السّلام) ، وكان أبو عبد الله (علیه السّلام) قائما عنده، فقدم إليه عنباً، فقال: حبّة حبّة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعاً يأكله من يظنّ أنّه لا يشبع، وكله حبتين حبّتين، فإنّه يستحبّ .

فقال لأبي جعفر (علیه السّلام): لأي شيء لا تزوّج أبا عبد الله (علیه السّلام) فقد أدرك التزويج ؟

قال: وبين يديه صرّة مختومة، فقال: أما إنّه سيجيء نخّاس من أهل بربر فينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرّة جارية. قال: فأتى لذلك ما أتى، فدخلنا يوماً على أبي جعفر الا فقال: ألا أخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم قد قدم؟ فاذهبوا فاشتروا بهذه الصّرة منه جارية.

قال: فأتينا النحاس فقال : قد بعت ما كان عندي إلا جاريتين مريضتين، إحداهما أمثل (1) من الأخرى.

قلنا فأخرجهما حتّى تنظر إليهما. فأخرجهما فقلنا: بكم تبيعنا هذه المتماثلة؟

قال: بسبعين ديناراً قلنا أحسن (وقنا أحسن) قال لا أنقص من سبعين ديناراً.

قلنا له: نشتريها منك بهذه الصرّة ما بلغت ولاندري ما فيها. وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية.

قال: فكّوا وزنوا .

فقال النخّاس: لا تفكّوا، فإنّها إن نقصت حبّة من السبعين ديناراً لم أبايعكم. فقال الشيخ: أدنوا، فَدَنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير، فإذا هي سبعون سبعون ديناراً لا تزيد ولا

ص: 209


1- تماثل العليل: قارب البُرء، فصار أشبه بالصحيح من العليل.

تنقص، فأخذنا الجارية، فأدخلناها على أبي جعفر (علیه السّلام) و جعفر (علیه السّلام) قائم عنده.

فأخبرنا أبا جعفر (علیه السّلام) بما كان، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال لها : ما اسمك؟

قالت: حميدة .

قال : حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة ، أخبريني عنك، أبكر أنت أم ثيّب؟

قالت: بكر.

قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شيء إلّا أفسدوه؟

فقالت: قد كان يجيئنى فيقعد منّى مقعد الرجل من المرأة، فيسلّط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية، فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي ، وفَعَلَ بي مراراً، وفعل الشيخ مراراً.

فقال: يا جعفر خذها إليك، فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر (علیه السّلام)(1).

علمه بالغائب

27 - محمّد بن الحسن الصفار قال: حدّثنی يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن

عليّ الوشا، عن عبدالله، عن موسیٰ بن بكر، عن عبدالله بن عطاء المكي، قال: اشتقت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) وأنا بمكة، فقدمت المدينة، وما قدمتها إلّا شوقاً إليه، فأصابني تلك الليلة مطر و برد شديد، فانتهيت إلى بابه نصف الليل، فقلت ما أطرقه هذه الساعة وأنتظر حتّی أصبح، فإنّي لأُفكر في ذلك، إذ سمعته يقول: يا جارية! إفتحي الباب لابن عطاء، فقد أصابه في هذه الليلة برد وأذى.

ص: 210


1- الكافي 1 / 476 ، ح 1 ؛دلائل الإمامة 148 .

قال: فجاءت وفتحت الباب فدخلت عليه (علیه السّلام) (1).

علمه بالغائب

28 - الحضيني: بإسناده عن ميسر بياع القياب الزطية قال: أقمت على باب أبي جعفر ال فطرقته، فخرجت إلي جارية خماسيّة (2)، فوضعتُ يدي على رأسها وقلت لها: قولى لمولاكِ هذا ميسر بالباب.

فناداني من أقصى الدار: أدخل لا أباً لك؛ ثمّ قال: أما والله يا ميسر لو كانت هذه الجدران تحجب أبصارنا عما تحجب عنه أبصاركم، لكنا نحن وأنتم سواء.

فقلت : والله ما أردت إلّا لأزداد بذلك إيماناً (3).

إخباره بالغائب

29 - الراوندي: قال: روى عاصم، عن أبي حمزة قال: ركب الباقر (علیه السّلام) يوماً إلى حائط له وكنت أنا وسليمان بن خالد ،معه، فما سرنا إلا قليلاً فاستقبلنا رجلان.

فقال (علیه السّلام) : هما سارقان خذوهما ، فأخذناهما. وقال لغلمانه استوثقوا منهما. وقال السليمان: انطلق إلى ذلك الجبل - مع هذا الغلام - إلى رأسه، فإنك تجد في أعلاه كهفاً، فادخله، وصر إلى وسطه، فاستخرج ما فيه، وادفعه إلى هذا الغلام يحمله بين يديك، فإنّ فيه لرجل سرقة، ولآخر سرقة.

فمضى واستخرج عيبتين وحملها على ظهر الغلام، فأتى بهما إلى الباقر (علیه السّلام) فقال: هما لرجل حاضر ، وهناك عيبة أخرى لرجل غائب سيظهر فيما بعد، فذهب

ص: 211


1- بصائر 252، ح 7.
2- جارية خماسيّة : بلغ طولها خمسة أشبار .
3- الهداية الكبرى 51 .

واستخرج العيبة الأخرى من موضع آخر من الكهف. فلما دخل الباقر (علیه السّلام) المدينة فإذا صاحب العيبتين إدعى على قوم، وأراد الوالي أن يعاقبهم ، فقال الباقر (علیه السّلام) لا تعذبهم ، وردّ العيبتين إلى صاحبهما، ثمّ قطع السارقين، فقال أحدهما : لقد قطعنا بحق، والحمد لله الذي جعل إجراء قطعي وتوبتي على يد إبن رسول الله.

فقال الباقر (علیه السّلام) : لقد سبقتك يدك التي قطعت إلى الجنة بعشرين سنة، فعاش الرجل عشرين سنة ثمّ مات قال: فما لبثنا إلّا ثلاثة أيام حتّی حضر صاحب العيبة الأخرى، فجاء إلى الباقر (علیه السّلام) ، فقال له الباقر (علیه السّلام) : أخبرك بما في عيبتك وهي بختمك؟ فيها ألف دينار لك، و ألف أخرى لغيرك، وفيها من التّياب كذا وكذا.

قال: فإن أخبرتني بصاحب الألف دينار من هو؟ وما اسمه؟ وابن من هو؟ علمت أنك الإمام المنصوص عليه المفترض الطاعة.

قال: هي لمحمّد بن عبد الرحمن، وهو صالح كثير الصدقة، كثير الصلاة، وهو الآن على الباب ينتظرك.

فقال الرجل: (و هو بربري نصراني): آمنت بالله الذي لا إله إلا هو، وأن محمّداً عبده ورسوله، وأنك الإمام المفترض الطاعة ، وأسلم (1).

علمه بمنطق الطير

30 - الحسين بن حمدان الحضيني في هدايته: بإسناده عن محمّد بن مسلم - الثقفي، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال : كنت عنده ذات يوم إذ وقع عليه ورشانان وهدلا هديلهما ، فردّ عليهما أبو جعفر (علیه السّلام) بمثله، فلمّا طارا على الحائط هدل الذكر على الأنثى، فردّ عليه أبو جعفر (علیه السّلام) هديلاً لا تعرفه الناس، ثمّ نهضا، فقلت له: جعلت فداك ما قال هذا

ص: 212


1- الخرائج 1/ 276، ح 8 .

الطائر ؟

قال: يابن مسلم كلّ شيء خلقه الله من بهيمة أو طائر وما فيه الروح أسمع لنا وأطوع من بني آدم، إنّ هذا الورشان أتاني وشكا لي من زوجته، وقد كان ظنّ منها ظنّ سوء، فَحَلَفَتْ له فلم يقبل.

فقالت له: بمن ترضى؟

فقال: بمحمّد بن علي فقالت: رضيت فأقبلا إلي فأخبراني بقصتهما ، فسألتها عمّا ذكر، فحلفت لي بالولاية أنها ما خانته ، فصدّقتها فنهيته عن تهمة زوجته وأعلمته أنه ظالم لها، فإنّه ليس من بهيمة ولا طائر يحلف بولايتنا إلّا أبر إلا بني آدم، فإنّه حلاف مهين، لا يعرفنا حق معرفتنا إذا حلف بحقنا كاذباً (1).

إخراج الماء من الصخرة

31 - أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد قال: حدّثنا حكم بن سعد قال: لقيت أبا جعفر محمّد بن على الباقر (علیه السّلام) وبيده عصا يضرب به الصخر، فينبع منه الماء

فقلت: یا بن رسول الله ما هذا؟

قال: نبعة من عصا موسى التي يتعجّبون منها (2) .

إخباره بالغائب

32 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: روى الحسن، عن مثنى، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : كان أبو جعفر (علیه السّلام) في مجلس له ذات يوم، إذ أطرق

ص: 213


1- الهداية الكبرى 50 .
2- دلائل الإمامة 96 .

إلى الأرض ينكث فيها مليّاً، ثمّ رفع رأسه وقال: كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم في مدينتكم هذه في أربعة آلاف حتّی يسبقونكم بسيفه ثلاثة أيام، فيقتل مقاتليكم، وتلقون منه ذلاً لا تقدرون أن تدفعوا ذلك، فخذوا حذركم، واعلموا أنّ الذي قلت لكم كائن لا بد منه.

فلم يلتفت أهل المدينة إلى هذا الكلام من أبي جعفر (علیه السّلام)، فقالوا: لا يكون هذا أبداً! و لم يأخذوا حذرهم إلا بنوهاشم خاصة، لعلمهم أنَّ كلامه حق من الله عزّ وجلّ. فلما كان من قابل حمل أبو جعفر (علیه السّلام) عياله وبني هاشم فخرجوا من المدينة، وأصابوا ما قال أبو جعفر (علیه السّلام) في المدينة فأصيبت أهلها فقالوا: والله ما نردّ على أبي جعفر بعد شيئاً نسمعه أبداً منه، سمعنا ما رأينا.

وقال بعضهم: إنّما القوم من أهل بيت النبوّة ينطقون بالحق، ما يتعلّق أحدكم على أبي جعفر بكلمة لم ير تأويلها يقول: هذا غلط (1).

توسّل الذئب به

33 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال وروى محمّد بن الحسين، عن موسیٰ بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر (علیه السّلام) بين مكة والمدينة نسير، وأنا على حمار لي، وهو على بغلة له، إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتّی انتهى إلى أبي جعفر (علیه السّلام) ، فحبس له البغلة حتّى دنا منه، فوضع يده على قربوس السّرج ومدَّ عنقه إليه، فأدنى أبو جعفر (علیه السّلام) أذنه منه ساعة، ثمّ قال له: إمض فقد فعلت؛ فرجع مهرولاً.

فقلت: جعلت فداك ما هذا لقد رأيت عجباً؟

ص: 214


1- دلائل الإمامة :98 مناقب ابن شهر آشوب 192/4؛ الخرائج 1/ 289، ح 23 .

فقال : هل تدري ما قال ؟

فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

فقال: هذا الذئب ذكر لي أن زوجته في هذا الجبل، وقد عسر عليها ولادتها ، فادع الله عزّوجلّ أن يخلّصها، وأن لا يسلّط نسلي على شيءٍ من شيعتكم أهل البيت.

فقلت: قد فعلت.

ورواه ابن شهر اشوب، عن محمّد بن مسلم قال كنت مع أبي جعفر (علیه السّلام).

و رواه الشيخ المفيد في الاختصاص: عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم الحضرمي، عن هشام بن سالم الجواليقي عن محمّد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر (علیه السّلام) بين مكة والمدينة وأنا أسير على حمار لى، وهو على بغلة له، إذ أقبل ذئب من رأس الجبل، وذكر الحديث بعينه.

و رواه الحضيني في هدايته: بإسناده عن محمّد بن مسلم قال: سرت مع أبي جعفر (علیه السّلام) من مكة إلى المدينة، وهو على بغلة له، وأنا على حمار لي، إذ أقبل ذئب يهوي من رأس الجبل حتّی دنا من أبي جعفر (علیه السّلام) ، فحبس البغل، و دنا الذئب حتّی وضع يده على قربوس سرجه، وتطاول يخاطبه، وأصغى إليه أبو جعفر (علیه السّلام) بأذنه ملياً ثم قال: إذهب فقد فعلت ما سألت، فرجع وهو يهرول، و ساق مثله (1).

ما أخرجه للكميت

34 - المفيد في الاختصاص: عن عليّ بن إبراهيم الجعفري قال: حدّثنی الحسين بن أحمد بن سلمة اللؤلؤي عن محمّد بن المثنّى، عن أبيه، عن عثمان بن يزيد، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: دخلت عليه فشكوت إليه الحاجة، فقال: يا

ص: 215


1- دلائل الإمامة 98 مناقب آل أبي طالب 189/4 ؛ الاختصاص 300 هداية الحضيني 51 .

جابر ما عندنا در هم .

قال: فلم ألبث أن دخل عليه الكميت، فقال له: جعلت فداك أرأيت أن تأذن لي في أن أنشدك قصيدة؟ فقال: أنشد. فأنشد ،قصيدة، فقال: يا غلام أخرج له من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت فقال له جعلت فداك أرأيت أن تأذن لى أن أنشدك أخرى؟ فقال: أنشد فأنشده أخرى فقال يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، فأخرج الغلام بدرة فدفعها إليه.

فقال: جعلت فداك أرأيت أن تأذن لي أن أنشدك ثالثة؟ فقال له: أنشد. فأنشده، فقال: يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، فقال له الكميت: والله ما مدحتكم لغرض من الدنيا أطلبه منكم، وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، وما أوجب الله لكم عليّ من الحق.

قال: فدعا له أبو جعفر (علیه السّلام) ثمّ قال: يا غلام ردّها مكانها، قال جابر: فوجدت في نفسي وقلت: قال لي: ليس عندي درهم، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم فقال: يا جابر قم فادخل ذلك البيت، فلم أجد فيه شيئاً، فخرجت إليه فقال لي: يا جابر! ما سترنا عنكم أكثر ممّا أظهرنا لكم، ثمّ أخذ بيدي فأدخلني البيت فضرب برجله فإذا شبيه بعنق البعير قد خرج من ذَهَب فقال: يا جابر أنظر إلى هذا ولا تخبر به أحداً إلا ممن تثق به من إخوانك إنَّ الله قد أقدرنا على ما نريد فلو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها (1).

إحياء الشامي

35 - الشيخ في أماليه: أخبرنا الشيخ المفيد أبو على الطوسي (رضي الله عنه) ، قال الشيخ السعيد الوالد: قرأ عليّ أبو القاسم بن شبل بن أسد الوكيل وأنا أسمع في منزله ببغداد في

ص: 216


1- الاختصاص 271 ؛دلائل الإمامة 99 ؛بصائر الدرجات 375 ، ح 5.

الربض بباب محول في صفر سنة عشر وأربعمائة ، حدّثنا ظفر بن حمدون علي بن أحمد بن شداد البادرائي أبو منصور البادرائي في شهر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري قال: حدّثنی محمّد بن سليمان، عن ابیه قال :

كان رجل من أهل الشّام - وكان مركزه بالمدينة - يختلف إلى مجلس أبي جعفر (علیه السّلام) يقول له: يا محمّد! ألا ترى إنّي إنّما أغشي مجلسك حبّاً منّي لك، ولا أقول إن حداً في الأرض أبغض إلي منكم أهل البيت، وأعلم أنّ طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أميرالمؤمنين في بغضكم، ولكن أراك رجلاً فصيحاً، لك أدب وحسن لفظ، وإنما اختلافي إليك لحسن أدبك !

و كان أبو جعفر (علیه السّلام) يقول له خيراً، ويقول : لن تخفى على الله خافية، فلم يلبث الشّامي إلا قليلاً حتّی مرض واشتدَّ وجعه، فلما ثقل دعا وليه وقال له: إذ أنت مددت عليّ الثّوب في النّعش فائت محمّد بن عليّ وسله أن يصلي عليَّ وأعلمه أنّي أنا الذي أمرتك بذلك.

قال: فلمّا أنْ كان في نصف الليل ظنّوا أنه قد برد، وسجّوه. فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد، فلمّا أن صلّى محمّد بن على (علیهما السّلام) وتورّك، - وكان إذا صلّى عقب في مجلسه - قال له :

يا أبا جعفر إنّ فلاناً الشّامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلّي عليه.

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : كلاً إنّ بلاد الشّام بلاد صرد والحجاز بلاد حرّ ولحمها شديد فانطلق فلا تعجلن على صاحبك حتّى آتيكم.

ثمّ قام (علیه السّلام) من مجلسه فأخذ وضوء، ثمّ عاد فصلى ركعتين، ثمّ مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله، ثمّ خرّ ساجداً حتّی طلعت الشمس ، ثم نهض (علیه السّلام) فانتهى إلى منزل

ص: 217

الشّامي، فدخل عليه. فدعاه، فأجابه، ثمّ أجلسه وأسنده ، ثم أتى له بسويق فسقاه وقال لأهله: إملؤا جوفه، وبردوا صدره بالطعام البارد.

ثم انصرف (علیه السّلام) ، فلم يلبث إلا قليلاً حتّی عوفي الشامي فأتى أبا جعفر (علیه السّلام) فقال: أخلني فأخلاه، ثمّ قال: أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتى منه، فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضلّ ضلالاً بعيداً.

فقال له أبو جعفر (علیه السّلام) : ما بدا لك؟

قال: أشهد أني عهدت بروحي وعاينت بعيني، فلم يتفاجأني إلا ومنادٍ ينادي - أسمعه بأذني ينادي، وما أنا بالنائم - ردوا عليه روحه، فقد سألنا ذلك محمّد بن عليّ. .

فقال له أبو جعفر: أما علمت أنّ الله يحبّ العبد ويبغض عمله، ويبغض العبد ويحبّ علمه ؟

قال: فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر (علیه السّلام) (1).

إخباره بالغائب

36 - ابن شهر اشوب: عن مشمعل الأسدي، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (علیه السّلام) يقول لرجل من أهل خراسان كيف أبوك ؟

قال: صالح .

قال: هلك أبوك بعد ما خرجت وجئت إلى جرجان، ثمّ قال ما فعل أخوك؟

قال: خلّفته صالحاً،

قال: قد قتله جاره صالح يوم كذا وكذا، فبكى الرجل ثمّ قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ممّا أصبت به.

ص: 218


1- امالي الطوسي 24/2 .

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : أسكت فإنك لا تدري ما صنع اللهبهم قد صاروا إلى الجنّة، والجنة خير لهما ممّا كانا فيه فقال له الرجل: جعلت فداك إنِّي خلّفت إبني وَجِعَاً شديد الوجع، ولم تسألني عنه كما سألتني عن غيره؟

قال: قد برىء، وقد زوّجه عمّه بنته وأنت تقدم، وقد ولد له غلام، وإسمه عليّ، وهو لنا شيعة، وأمّا إبنك فليس لنا شيعة، بل هو لنا عدوّ (1) .

إخباره بما فى الضمير

37 - الراوندي: روى عن الحلبي، عن الصادق (علیه السّلام) قال: دخل ناس على أبي (علیه السّلام) فقالوا: ما حدّ الإمام؟

قال: حدّه عظيم، إذا دخلتم عليه فوقروه وعظموه وآمنوا بما جاء به من شيء، وعليه أن يهديكم، وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملأ عينه منه إجلالاً وهيبة، لأنَّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) كذلك كان، وكذلك يكون الإمام.

قال: فيعرف شيعته؟

قال: نعم ساعة يراهم.

قالوا: فنحن لك شيعة؟

قال: نعم، كلّكم.

قالوا: أخبرنا بعلامة ذلك.

قال: أخبركم بأسمائكم وأسماء آبائكم وأسماء قبائلكم؟

قالوا: أخبرنا. فأخبرهم قالوا: صدقت. قال: وأخبركم عمّا أردتم أن تسألوا عنه

ص: 219


1- مناقب ابن شهراشوب 194/4 ؛ الخرائج 595/2، ح ، 59، ح 6 ؛ الثاقب في المناقب 382، ح 4 ،الهداية 52 .

هي قوله تعالى: (كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) (1).

قالوا: صدقت.

قال: نحن الشجرة التى قال الله تعالى :(أصلها ثابت وفرعها أصلها ثابت وفرعها في السماء ) نحن نعطي شيعتنا ما نشاء من العلم.

ثم قال: هذا يقنعكم؟

قالوا: ما دون هذا مقنع.

و رواه الحضيني في هدايته: بإسناده عن محمّد بياع السابري عن الحلبي قال: إن أبا عبدالله (علیه السّلام) قال: دخل ناس على أبي جعفر (علیه السّلام) فقالوا: ما حد الإمام أصلحك الله ؟ قال: حدّه عظيم، وساق الحديث إلى آخره (2).

إخباره بما كان

38 - الراوندي: عن أبي بصير قال: حدّثنا علي بن درّاج عند الموت أنه دخل على أبي جعفر (علیه السّلام) وقال : إن المختار استعملني على بعض أعماله، فأصبت مالاً ، فذهب بعضه و أكلت وأعطيت بعضاً، وأحبّ أنْ تجعلني في حِلّ من ذلك، قال: أنت منه في حِلّ.

فقلت: وإن فلاناً حدّثنی أنه سأل الحسن بن علي (علیهما السّلام) أن يقطعه أرضاً في الرحبة.

فقال له الحسن (علیه السّلام) : أنا أصنع بكل ما هو خير من ذلك، أضمن لك الجنَّة عليَّ وعلى آبائی، فهل كان هذا؟ قال: نعم.

فقلت لأبي جعفر (علیه السّلام) عند ذلك : إضمن لي الجنّة - عليك وعلى آبائك السلام كما ضمن الحسن (علیه السّلام) لفلان قال: ضمنت.

ص: 220


1- إبراهيم 24 .
2- الخرائج 596/2، ح 8 ؛ الهداية 52 ؛ اثبات الهداة 54/3 ، ح 48 .

قال أبو بصير: حدّثنی هو بهذا ثم مات، وما حدثت بهذا أحداً، ثم خرجت ودخلت إلى المدينة، فدخلت على أبي جعفر (علیه السّلام)، فلما نظر إليّ قال: مات عليّ؟

قلت: نعم، ورحمه اللّه.

فقال: حدثك كذا وكذا، ولم يدع شيئاً مما حدّثنی علي إلا وحدّثنیؤ به.

فقلت : والله ما كان عندي حين حدّثنی بهذا أحد ولا خرج من فمي إلى أحدٍ، فمِنْ أین علمت هذا؟! فغمز فخذي بيده وقال: هيه هيه أسكت الآن (1).

علمه بالغائب

39 - الكشي: عن حمدويه، عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن سلام بن سعيد الجمحي، عن أسلم مولى محمّد بن الحنفية قال: قال أبو جعفر (علیه السّلام) : أما إنّه - يعني محمّد بن عبدالله بن الحسن - سيظهر ويقتل في حال مضيعة.

ثمّ قال: يا أسلم لا تحدّث بهذا الحديث أحداً، فإنّه عندك أمانة. قال: فحدثت به معروف بن خربوذ، وأخذت عليه مثل ما أخذ عليّ. فسأله معروف عن ذلك، فالتفت إلى أسلم، فقال له أسلم: جعلت فداك إني أخذت عليه مثل الذي أخذته عليّ. .

قال: فقال (علیه السّلام) : لو كان الناس كلّهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم شكاكاً، والربع الآخر أحمق (2).

علمه بالغائب

40 - محمّد بن يعقوب: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن

ص: 221


1- الخرائج 1729/22، ح 36؛ البصائر 248، ح 14 .
2- رجال الكشي 204، ح 359 .

عبدالرحمن بن أبي هاشم عن عنبسة بن بجاد العابد، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال: كنا عنده وذكروا سلطان بني أمية ، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : لا يخرج على هشام أحد إلا قتله.

قال و ذکر ملکه عشرين سنة، قال: فجزعنا .

فقال: ما لكم ؟ إذا أراد الله عزّ و جلّ أن يهلك سلطان قوم من الملك فأسرع بسير الفلك، فقدر على ما يريد.

قال: فقلت لزيد عن هذه المقالة، فقال: إنّي شهدت هشاماً ورسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) يُسَبُّ عنده، فلم ينكر ذلك ولم يغيّره، فوالله لو لم يكن إلّا أنا وابني لخرجت عليه (1).

ص: 222


1- الكافي 394/8، ح 593 .

معاجز الإمام جعفر بن محمّد (علیه السّلام)

ما فعله بالمنصور

ص: 223

ص: 224

معاجز الإمام الصادق (علیه السّلام)

1 - محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن علي، عن عليّ بن ميسر قال : لما قدم أبو عبد الله (علیه السّلام) على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له: إذا دخل عليّ فاضرب عنقه .

فلما دخل أبو عبد الله (علیه السّلام) نظر إلى أبي جعفر وأسر شيئاً فيما بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو ، ثمّ أظهر: يا من يكفي خلقه كلّهم، ولا يكفيه أحد، اكفني شرّ عبد الله بن علي.

قال: فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه، وصار مولاه لا يبصره، فقال أبو جعفر : يا جعفر بن محمّد لقد عيّبتك في هذا الحرّ فانصرف، فخرج أبو عبدالله (علیه السّلام) من عنده، فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟

فقال: لا والله ما أبصرته، ولقد جاء شيء فحال بيني وبينه، فقال أبو جعفر له: والله لئن حدثت بهذا الحديث أحداً لأقتلنّك (1).

التنّين الذي أخرجه للمنصور

التنين(2) الذي أخرجه للمنصور

2 - ابن شهر اشوب: قال ربيع الحاجب أخبرت الصادق (علیه السّلام) بقول المنصور: لأقتلنّك، ولأقتلنّ أهلك حتّی لا أبقى على الأرض منكم قامة سوط، ولأخربنَّ المدينة

ص: 225


1- الكافي 2/ 559 ، ح 12 .
2- التّنّين: ضرب من الحيّات ومن أعظم أنواعها .

حتّی لا أترك فيها جداراً قائماً، فقال: لا ترُع من كلامه، ودعه في طغيانه، فلما صار بين السترين سمعت المنصور يقول: أدخلوه إلى سريعاً، فأدخلته عليه فقال: مرحباً بابن العمّ النسيب، وبالسيّد القريب، ثمّ أخذ بيده وأجلسه على سريره، وأقبل عليه، ثم قال: أتدري لم بعثت إليك؟

فقال: وأنّى لي علم بالغيب!؟ فقال: أرسلت إليك لِتُفَرِّق هذه الدنانير في أهلك، وهي عشرة الآف دينار فقال: ولّها غيري. فقال: أقسمت عليك يا أبا عبد الله لتفرّقها على فقراء أهلك، ثمّ عانقه بيده وأجازه وخلع عليه وقال لي: يا ربيع أصحبه قوماً يردّونه إلى المدينة قال: فلما خرج أبو عبد الله (علیه السّلام) قلت له: يا أمير المؤمنين لقد كنت من أشد الناس عليه غيظاً فما الذي أرضاك عنه ؟!

قال: يا ربيع لمّا حضرت الباب رأيت تنينا عظيماً يقرّض أنيابه وهو يقول بألسنة الآدميين: إن أسأت لابن رسول الله لأفصلن لحمك من عظمك، فأفزعني ذلك، وفعلت به ما رأيت (1).

إبطاله سحر السحرة

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همام قال: حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد الحميري، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن محمّد بن هذيل، عن محمّد بن سنان قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلاً من أهل كابل ، فدعاهم، فقال لهم: ويحكم إنّكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى (علیه السّلام)، وأنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وإنّ أبا عبدالله جعفر بن محمّد (علیه السّلام) ساحر مثلكم، فاعملوا شيئاً من السحر .

ص: 226


1- مناقب ابن شهر اشوب 231/4 .

فإنّكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل. فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور، وصوّروا له سبعين صورة من صور السباع لا يأكلون ولا يشربون، وإنّما كانت صور، جلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره، ووضع إكليله على رأسه، ثمّ قال لحاجبه:

إبعث إلى أبى عبد الله (علیه السّلام) . قال : فدخل عليه، فلمّا أن نظر إليه وإليهم وبما قد استعدوا له رفع يده إلى السماء ثمّ تكلّم بكلام بعضه جهراً وبعضه خفيّاً، ثمّ قال: ويحكم أنا الذي أبطل سحركم، ثمّ نادى برفيع صوته: قسورة خذهم، فوثب كل سبع منها على صاحبه فافترسه في مكانه، ووقع المنصور عن سريره وهو يقول: يا أباعبد الله أقلني فو الله لا عدت إلى مثلها أبداً، فقال له: قد أقلتك.

قال: يا سيدي فردّ السباع إلى ما أكلوا، قال(علیه السّلام) : هيهات إن عادت عصا موسى فستعود السباع (1).

ما شُبّه للجلاد

4 - الراوندي: إنّ أبا خديجة روى عن رجل من كندة وكان سياف بني العباس - قال: لما جاء أبوالدوانيق بأبي عبد الله (علیه السّلام) و إسماعيل، أمر بقتلهما وهما محبوسان في بيت، فأتى - عليه اللعنة - إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) ليلاً، فأخرجه وضربه بسيفه حتّى قتله، ثمّ أخذ إسماعيل ليقتله فقاتله ساعة ثمّ قتله، ثمّ جاء إليه فقال له: ما صنعت ؟ قال لقد قتلتهما وأرحتك منهما.

فلما أصبح إذا أبو عبد الله (علیه السّلام) وإسماعيل جالسان فاستئذنا. فقال أبوالدوانيق للرجل: ألست زعمت أنك قتلتهما ؟

ص: 227


1- دلائل الإمامة 144 .

قال: بلى، لقد عرفتهما كما أعرفك، قال: فاذهب إلى الموضع الذي قتلتهما فيه فانظر، فجاء بجزورتين منحورتين.

قال: فبهت ورجع فأخبره، فنكس رأسه وعرّفه ما رآى قال: لا يسمعنّ منك هذا أحد، فكان كقوله تعالى في عيسى (و ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم) (1).

و رواه صاحب ثاقب المناقب (2).

علمه بالغائب

5 - الطبرسي في إعلام الورى قال: وذكر ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة قال: حدّثنا أصحابنا أنّ محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال لأبي عبدالله (علیه السّلام) : والله إنّي لأعلم منك وأسخى منك وأشجع منك، فقال: أما ما قلت إنّك أعلم منّي، فقد أعتق جدي وجدك ألف نسمة من كدّ يده، فسمّهم لي، وإن أحببت أن أسميهم لك إلى آدم فعلت .

وأما ما قلت: إنك أسخى منّي، فوالله ما بتّ ليلة ولله عليَّ حق يطالبني به. وأما ما قلت إنك أشجع، فكأني أرى رأسك وقد جيء به ووضع على حجر الزنابير، يسيل منه الدّم إلى موضع كذا وكذا. قال: فصار إلى أبيه فقال: يا أبه كلَّمت جعفر بن محمّد بكذا فردَّ عليَّ كذا. فقال أبوه: يا بُنَيّ آجرني الله فيك، إن جعفراً أخبرني أنك صاحب حجر الزّنابير (3).

ص: 228


1- النساء 157 .
2- الخرائج 2 / 626، ح 27 ؛ الثاقب في المناقب 218 ، ح 21 .
3- إعلام الورى 273 .

إخراج الذهب من الأرض

6 - في عيون المعجزات: عن يونس بن ظبيان وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير والمفضّل بن عمر رفع الله درجته قال: كنا عند أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق (علیه السّلام) قال: أعطينا خزائن الأرض ومفاتيحها، ولو أشاء أن أقول بإحدى رجلي الأرض أخرجي ما فيك من ذهب، وفحص بإحدى رجليه فخط في الأرض، ثمّ مدّ يده فأخرج سبيكة من ذهب قدر شبر فناولناها، ثمّ قال: أنظروا بها حسناً حتّى لا تشكوا ونظروا في الأرض وإذا فيها سبائك كثيرة بعضها على بعض، فقال له بعضهم: يابن رسول الله أَعطيتم كلّ هذا وشيعتكم محتاجون، فقال (علیه السّلام): إن الله سبحانه سيجمع لشيعتنا الدنيا والآخرة، ويدخلهم جنات النعيم، ويدخل أعداءنا نار جهنم، ثمّ فحص رجله في الأرض فعادت كما كانت (1).

استجابة دعائه

7 - محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السّلام) فلان يقرؤك السلام، وفلان وفلان.

فقال: وعليهم السلام .

قلت : يسألونك الدعاء.

فقال: وما لهم ؟

قلتُ: حبسهم أبو جعفر.

فقال: وما لهم؟ وما له؟

ص: 229


1- عيون المعجزات 86-85 .

قلت استعملهم ، فحبسهم، فقال: وما لهم؟ وما له؟ ألم أنههم؟ ألم أنههم؟ ألم أنههم؟ هم النّار، هم النّار، هم النار قال : ثمّ قال: اللّهمّ إخدع عنهم سلطانهم. قال: فانصرفنا من مكة فسألنا عنهم ، فإذا هم قد أخرجوا بعد هذا الكلام بثلاثة أيام (1).

علمه بما في النفس

8 - الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمّد بن محمّد - يعني المفيد - قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عائذ الأحمسي قال: دخلت على سيّدي أبي عبد الله (علیه السّلام) فقلت : السلام عليك يابن رسول الله. فقال: وعليك السلام، إنّا والله لولده وما نحن بذوي قرابته. ثم قال لي: يا عائد إذا لقيت الله عزّ وجلّ بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك الله عما سوى ذلك. قال: فقال له أصحابنا: أي شيء كانت مسألتك حتّی أجابك بهذا؟ قال: ما بدأتُ بسؤال، ولكنّي رجل لا يمكنني قيام الليل، وكنت خائفاً أنْ أُوخذ بذلك فأهلك، فابتدأني (علیه السّلام) بجواب ما كنت أريد أن أسأله عنه (2).

إحياء ميت

9 - محمّد بن الحسن الصفّار: عن عبداللّه بن محمّد، عبدالله بن محمّد، وعن محمّد بن إبراهيم قال: حدّثنا أبو محمّد بريد، عن داود بن كثير الرقي قال: حجّ رجل من أصحابنا، فدخل على أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال : فداك أبي وأمي إن أهلي قد توفيت وبقيت وحيداً.

فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) أوَكُنتَ تحبّها ؟

قال: نعم، جعلت فداك .

ص: 230


1- الكافي 5 / 107 ، ح 8.
2- أمالي الشيخ 1/ 232.

قال: إرجع إلى منزلك، فإنّك سترجع إلى المنزل وهي تأكل شيئاً.

قال: فلما رجعتُ من حجّتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة وهي تأكل (1).

إحياء الطيور المذبوحة

10 - ثاقب المناقب: عن يونس بن ظبيان قال: كنا عند أبي عبد الله (علیه السّلام) أنا والمفضّل بن عمر وأبو سلمة السراج والحسين بن ثوير بن أبي فاختة، فسألنا أبا عبدالله (علیه السّلام) عن قول إبراهيم (علیه السّلام) (رَبِّ أرني كيف تُحيي الموتى - إلى قوله - فَخُذْ أربَعَةٌ مِنَ الطَّير فَصُرهُنَّ إليك )(2).

قال أبو عبد الله (علیه السّلام): أتريدون أن أريكم ما أرى إبراهيم (علیه السّلام) ؟

فقلنا: نعم.

فقال: يا طاووس یا باز یا غراب یا ديك، فإذا نحن بطاووس وباز وغراب وديك ،فقطعهنّ وفرّق لحمهنّ على الجبال، ثم دعاهن فإذا العظام تتطاير بعضها إلى بعض، واللحم إلى اللحم، والعصب إلى العصب حتّی عادت كما كانت بإذن الله تعالى.

قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : قد أريتكم ما أرى إبراهيم ،قومه، وقد أعطينا من الكرامة ما أُعطي (3).

استجابة دعائه

11 - ابن شهر اشوب قال: بلغ الصادق (علیه السّلام) قول الحكيم بن العباس الكلبي:

صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة *** ولم أر مهديّاً على الجذع يُصلب

ص: 231


1- بصائر الدرجات 274، ح 5.
2- البقرة 260 .
3- الثاقب في المناقب 139، ح 3.

و قستم بعثمان عليّاً سفاهة *** و عثمان خير من عليّ وأطيب

فرفع الصادق (علیه السّلام) يديه إلى السماء وهما يرعشان فقال: اللهم إن كان عبدك كاذباً فسلّط عليه كلبك، فبعثه بنو أمية إلى الكوفة. فبينما هو يدور في سككها إذ افترسه الأسد، و اتصل خبره بجعفر (علیه السّلام) فخّر لله ساجداً ثمّ قال: الحمد الله الذي أنجزنا وعدنا (1).

علمه بالغائب

12 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري عن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن عليّ بن محمّد، عن صندل، عن سورة بن كليب قال: قال لي أبو عبدالله (علیه السّلام) يا سورة كيف حججت العام؟

قال: قلت: استقرضت حجتي والله إنّي لأعلم أنّ الله سيقضيها عنِّي، وما كان أعظم حجتي إلّا شوقاً إليك بعد المغفرة وإلى حديثك، قال: أمّا حجتك فقد قضاها الله من عندي، ثمّ رفع مصلّى تحته، فأخرج دنانير وعد عشرين ديناراً وقال: هذه حجّتك، وعدّ عشرين دينارا وقال: هذه معونة إليك تكفيك حتّی تموت .

قلت: جعلت فداك أخبرني أن أجلي قد دنا.

قال: يا سورة أترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان؟

قلت: نعم.

قال صندل: فما لبث إلّا بقيّة الشهر حتّی مات (2).

استجابة دعائه

13 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: عن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن

ص: 232


1- مناقب ابن شهر اشوب 234/4 .
2- دلائل الإمامة 118 .

محمّد، عن محمّد بن علي، عن عليّ بن محمّد، عن عبد الحميد قال: كان صديقاً لمحمّد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وأخذه أبو جعفر فحبسه زماناً في المطبق فحج فلمّا كان يوم عرفة لقيه أبو عبد الله (علیه السّلام) في الموقف فقال : يا محمّد ما فعل صديقك عبد الحميد؟

قال: حبسه أبو جعفر في المطبق منذ زماناً، فرفع أبو عبد الله (علیه السّلام) يده فدعا ساعة، ثم التفت إليّ فقال: يا محمّد قد والله خُلّي سبيل صاحبك.

قال محمّد : فسألت عبد الحميد أي ساعة أخرجك أبو جعفر ؟

قال: أخرجني يوم عرفة بعد العصر.

و رواه ابن شهر اشوب في المناقب (1).

إخراج اللبن من شاة عجفاء

14 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم بن وهب قال: أتي أبو عبدالله بشاة حائل عجفاء، فمسح ظهرها فَدَرَّت اللبن فاستوت (2).

علمه بالغائب

15 - محمّد بن جرير الطبري: عن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن عن أبيه، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) إذ قال : يا أبا محمّد هل تعرف إمامك؟

قلت: إي والله الذي لا إله إلا هو وإنّك هو، ووضعتُ يدي على ركبتيه.

فقال: يا أبا محمّد صدقت قد عرفت فاستمسك به.

ص: 233


1- دلائل الإمامة 118 - 119؛ مناقب ابن شهر اشوب 234/4 .
2- دلائل الإمامة 113 .

قلت: جعلت فداك أعطني علامة الإمامة.

قال: ليس بعد المعرفة علامة.

قلت: أزداد يقيناً وأمناً ويطمئن قلبي.

قال: يا أبا محمّد ترجع إلى الكوفة ويولد لك عيسى، وبعد عيسى محمّد، وبعدهما إبنين، واعلم أنّ اسمك مثبت عندنا في الصحيفة الجامعة مع أسماء الشيعة وأسماء آبائهم و أجدادهم وأبنائهم وما يلدون إلى يوم القيامة.

قال: وإنما هي صحيفة صفراء متَوَّجةُ (1).

ركوبه على الأسد

16 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: عن أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه قال: حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا أبو علي محمّد بن همام، عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم عن أبيه أبيه، عن بعض رجاله عن الحسن بن علي بن يقطين، عن سعدان بن مسلم، عن المفضّل بن عمر قال كان المنصور قد وفد بأبي عبدالله (علیه السّلام) إلى الكوفة، فلمّا أذن له قال لي: يا مفضّل هل لك في مرافقتي؟

فقلت : نعم جعلت فداك.

قال: إذا كان الليلة فصر إلي. فلمّا كان في نصف الليل خرج وخرجت معه، فإذا أنا بأسدين مسرّجين ملجمين. قال: فخرجتُ فضرب بيده على عيني فشدّها ثم حملني رديفاً فأصبح بالمدينة وأنا معه، فلم يزل في منزله حتّی قدم عياله (2).

ص: 234


1- دلائل الإمامة 121_122 .
2- دلائل الإمامة 125 -126 .

إخراج البحر والسفن

17 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: أخبرني أبوالحسين محمّد بن هارون بن موسى قال حدّثنا أبي قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن همام الكاتب قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال: أخبرنا أحمد بن مَدين، عن محمّد بن عمّار، عن أبيه، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) فركض الأرض برجله، فإذا بحر وفيه سفن من فضّة، قال: فركب وركبتُ معه حتّی انتهى إلى موضع فيه خيم من فضّة فدخلها ثم خرج فقال لي: رأيت الخيمة التي دخلتها أولاً؟

قلت: نعم.

قال: تلك خيمة رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، والأخرى خيمة أمير المؤمنين، والثالثة خيمة فاطمة، والرابعة خيمة خديجة، والخامسة خيمة الحسن والسادسة خيمة الحسين والسابعة خيمة جدّي، والثامنة خيمة أبي، وهي التي يكتب فيها، والتاسعة خيمتي، وليس أحد منا يموت إلّا وله خيمة يسكن فيها (1).

إخراج الرطب من الجذع

18 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد ابن عليّ، عن إدريس، عن عبدالرحمن، عن داود بن كثير الرقي قال: خرجت مع أبي عبد الله (علیه السّلام) إلى الحج، فلمّا كان أوان الظهر قال لي في أرض قفر: يا داود قد كانت الظهر فاعدل بنا عن الطريق حتّی نأخذ أُهبَةَ (2) الظهر، فعد لنا عن الطريق، فنزل في أرض قفر لا

ص: 235


1- دلائل الإمامة 135 .
2- أُهْبَة : عدّة: تأهَّب للشيء: استعدَّ له.

ماء فيها، فركضها برجله فنبعت لنا عين ماء من ماء كأنه قطع التلج، فتوضأ وتوضأت وصلينا، فلما هممنا بالمسير التفتُ فإذا بجذع نخلة، فقال: يا داود أتحب أن أطعمك رطباً؟

فقلت: نعم، فضرب بيده إليه، ثمّ هزّه، فاخضر من أسفله إلى أعلاه، ثمّ جذبه الثانية ، فأطعمني منه اثنين وثلاثين نوعاً من أنواع الرطب، ثمّ مسح بيده عليه فقال: عُد جذعاً بإذن الله تعالى، فعاد كذا كسيرته الأولى (1).

شفاء المريض

19 - الشيخ في أماليه: بإسناده عن إبراهيم الأحمر، عن محمّد بن أبي عمير، عن سدير الصيرفي قال: جاءت إمراة إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) فقالت له: جعلت فداك إنّي وأبي وأمي وأهل بيتي نتو لاكم، فقال لها أبو عبد الله(علیه السّلام) : صدقت فما الذي تريدين؟

قالت له المرأة: جعلت فداك يابن رسول الله أصابني وضح في عضدي، فادع الله أن يذهب به عنّي.

قال أبو عبد الله (علیه السّلام): اللهم إنك تبرئ الأكمه والأبرص، وتحيي العظام وهي رميم ألبسها من عفوك وعافيتك ما ترى أثر إجابة دعائي؟

فقالت المرأة: والله لقد قمتُ، وما بي منه قليل ولا كثير (2).

علمه بالغائب

20 - الشيخ في مجالسه: بإسناده عن إبراهيم بن صالح، عن محمّد بن الفضيل وزياد بن النعمان وسيف بن عميرة، عن هشام بن أحمر قال:

ص: 236


1- دلائل الإمامة 143 - 144 .
2- أمالي الطوسي 21/2.

أرسل إليّ أبو عبد الله (علیه السّلام) في يوم شديد الحرّ فقال لي: إذهب إلى فلان الافريقي فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا وكذا فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: عد إليه فإنّها عنده.

فرجعتُ إلى الافريقي فحلف لي ما عنده شيء إلا وقد عرضه عليّ. ثمّ قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليس ممّا يعترض، فقلت له: أعرضها عليَّ، فجاء بها متوكئة على جاريتين تخطّ برجليها الأرض، فأرانيها فعرفتُ الصفة، فقلت: بكَم هي؟ فقال لي: إذهب بها إليه فيحكم فيها.

ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها فما قدرت عليها، وأخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنها نظرت إلى القمر وقع في حجرها.

فأخبرت أبا عبدالله (علیه السّلام) بمقالتها ، فأعطاني مائتي دينار، فذهبت بها إليه، فقال الرّجل: هي حرّة لوجه الله تعالى إن لم يكن بعث إليّ بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبد الله (علیه السّلام) بمقالته.

فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : يابن الأحمر أما أنها تلد مولوداً ليس بينه وبين اللّه حجاب (1).

إخراج الفرسان من الأرض

21 - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن أحمد بن المؤدّب من ولد الأشتر ، عن محمّد بن عمّار الشعراني، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبدالله (علیه السّلام) وعنده رجل من أهل خراسان وهو يكلمه بلسان لا أفهمه، ثم رجع إلى شيء فهمته، فسمعت أبا عبد الله (علیه السّلام) يقول : إركض برجلك الأرض

ص: 237


1- أمالي الطوسي 331/2 .

فإذا بحر تلك الأرض على حافّتيه فُرسان قد وضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : هؤلاء من أصحاب القائم (علیه السّلام) (1).

طاعة الجبال له

22 - المفيد في الاختصاص أيضاً عن الحسن بن علي الزيتوني، ومحمّد بن أحمد بن أبي قتادة عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن عطية، :قال كان أبو عبد الله (علیه السّلام) واقفاً على الصفا، فقال له عبّاد البصري: حديث يروى عنك.

قال: ما هو ؟

قال: قلت حرمة المؤمن أعظم من حرمة هذه البنية.

قال: قد قلت ذلك، إنّ المؤمن لو قال لهذه الجبال أقبلى أقبلت .

قال: فنظرت إلى الجبال قد أقبلت فقال لها : على رسلك إني لم أردك (2).

طاعة الجبال له

23 - ثاقب المناقب: عن عبدالرحمان بن الحجاج، قال: كنت مع أبي عبدالله (علیه السّلام) بين مكة والمدينة وهو على بغلة وأنا على حمار وليس معنا أحد، فقلت: يا سيدي، ما يجب من عظم حق الإمام؟

فقال: يا عبد الرحمن ، لو قال لهذا الجبل: سر لسار ،فنظرت والله إلى الجبل يسير ،فنظر والله إليه، فقال: والله إنّي لم أعنك، فوقف (3).

ص: 238


1- الاختصاص 325 .
2- الاختصاص 325 .
3- الثاقب في المناقب 156، ح 5 الخرائج 621/2 ، ح 20.

إحياء ميّت

24 - الراوندي: عن محمّد بن راشد عن جدّه، قال: قصدت إلى جعفر بن محمّد (علیهم السّلام) أسأله عن مسألة، فقالوا: مات السيّد الحميري الشاعر، وهو في جنازته ،فمضيت إلى المقابر واستفتيته، فأفتاني، فلما أن قمت أخذ بثوبي وجذبه إليه ثمّ قال: إنكم معاشر الأحداث تركتم العلم.

فقلت: أنت إمام هذا الزمان؟

قال: نعم.

فقلت: دليل أو علامة؟

فقال: سلني عمّا شئت أخبرك به إن شاء الله.

قلت: إنّي قد أصبت بأخ لي قد دفنته في هذه المقابر، فأحيه لي بإذن الله.

قال: ما أنت بأهل لذلك، ولكن أخوك مؤمناً، واسمه عندنا أحمد، ثم دنا إلى قبره ودعا، فانشق عنه قبره، وخرج إلي والله وهو يقول: يا أخي اتبعه ولا تفارقه، ثم عاد إلى قيره، واستحلفني على أن لا أخبر أحداً به (1).

استجابة دعائه

25 - الراوندي: قال: إنّ رجلاً روى للمنصور فحلّفه.

فقال الصادق (علیه السّلام) للرجل: قل: إن كنت كاذباً عليك فقد برئت من حول الله وقوّته، ولجأت إلى حولي وقوتي، فقالها الرجل.

فقال الصادق (علیه السّلام) : اللهم إن كان كاذباً فأمته، فما استتم كلامه حتّی سقط الرجل ميّتاً ،واحتمل وأقبل المنصور على الصادق (علیه السّلام) وسأله عن حوائجه، فقال(علیه السّلام) : ما لي

ص: 239


1- الخرائج 742/2 ح 60.

حاجة إلّا إلى الله والإسراع إلى أهلي، فقلوبهم بي متعلّقة.

فقال المنصور: ذلك إليك، فافعل ما بدا لك، فخرج من عنده مكرّماً قد تحيّر فيه المنصور، فقال قوم: رجل فاجأه الموت ما أكثر ما يكون هذا، وجعل الناس يخوضون في أمر ذلك الميت وينظرون إليه.

فلما استوى على سريره جعل الناس يخوضون في أمره، فمن ذام له وحامد إذ قعد على سريره، وكشف عن وجهه، فقال: يا أيها الناس إنّي لقيت ربّي بعدكم فتلقاني بالسخط واللعنة، واشتد غضب زبانيته عليَّ على الذي كان مني إلى جعفر بن محمّد الصادق (علیه السّلام) ، فاتقوا الله ولا تهلكوا فيه كما قد هلكت.

ثمّ أعاد كفنه على وجهه وعاد في موته، فرأوه لا حراك فيه وهو ميت، فدفنوه، وبقوا حائرين في ذلك (1).

شكوى الشاة له

26 - ثاقب المناقب: عن سدير الصيرفي، قال: مرّ أبو عبد الله (علیه السّلام) على حمار له يريد المدينة، فمرّ بقطيع من الغنم ، فتخلّفت شاة عن القطيع واتبعت حماره، فتعبت الشاة، فحبس (علیه السّلام) الحمار عليها حتّی دنت منه الشاة، فأومأ برأسه نحوها، فقالت له: يابن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)أنصفني من راعيي هذا.

قال ويحكِ ما بالكِ تريدين الإنصاف من راعيكِ ؟!

قالت: يابن رسول الله، يفجر بي، فوقف عليها حتّى دنا منه الراعي، ثمّ قال له: ويلك، تفجر بها؟!

قال: فالتفت الراعي إليه يقول: أمن الشياطين أنت، أو من الجن، أو من الملائكة، أو

ص: 240


1- الخرائج 764/2 ، ح 84 .

من النبیين، أو من المرسلين؟

فقال: ويلك، ما أنا بشيطان ولا جنّي، ولا ملك مقرّب، ولا نبي مرسل، ولكنّي إبن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فإن تبت استغفرت لك، وإن أبيت دعوت الله عليك بالسّخط واللعنة في ساعتك هذه.

فقال: يابن رسول الله إنّي تائب ممّا كنت فيه، فاستغفر الله لي. فقال للشاة: أيتها الشاة ارجعي إلى قطيعك ومرعاك، فإنّه قد ضمن أن لا يعود إلى ذلك، فمرّت الشاة وهي تقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمّداً رسول الله، وأنك حجّة الله على خلقه، فلعن الله من ظلمكم وجحد ولايتكم (1).

غرس النّوى وإخراجه الرطب من ساعته

27 - ثاقب المناقب: عن أبي هارون العبدي، قال: كنت عند أبي عبدالله (علیه السّلام) إذ الله دخل عليه رجل وقال: بماذا تفخرون علينا ولد أبي طالب؟ قال: وكان بين يديه طبق فيه رطب، فأخذ (علیه السّلام) رطبة ففلقها واستخرج نواها، ثمّ غرسها في الأرض وتفل عليها، فخرجت من ساعتها، وربت حتّی أدركت وحملت واجتنى منها رطباً، فقدم إليه في طبق، فأخذ واحدة ففلقها فأكل، فإذا على نواها مكتوب: لا إله إلا الله، محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) رسول الله ، أهل بيت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خزّان الله في أرضه.

ثمّ قال أبو عبد الله (علیه السّلام) ، أتقدرون على مثل هذا؟

قال الرجل: والله لقد دخلت عليك وما على بسيط الأرض أحد أبغض إليّ منك، قد خرجت وما على بسيط الأرض أحبّ إليّ منك (2).

ص: 241


1- الثاقب في المناقب 425، ح 10.
2- الثاقب في المناقب 126 ، ح 3.

نزول العذاب على المرأة

28 - ثاقب المناقب: حدّث صالح بن الأشعث البزّاز الكوفي، قال: كنت بين يدي المفضّل إذ وردت عليه رقعة من مولانا الصادق (علیه السّلام) فنظر فيها، فنهض قائماً واتكاً عليّ، ثم تسايرنا إلى باب حجرة الصادق (علیه السّلام) فخرج إليه عبدالله بن وشّاح، فقال: أسرع يا مفضّل في خطواتك أنت وصاحبك هذا.

فدخلنا فإذا بالمولى الصادق (علیه السّلام) قد قعد على كرسي وبين يديه امرأة، فقال: يا مفضّل خذ هذه الامرأة وأخرجها إلى البرية في ظاهر البلد، وانظر ما يكون من أمرها، وعد إلىّ مسرعاً.

قال المفضّل: فامتثلت ما أمرني به مولاي (علیه السّلام) وسرت بها إلى برّيّة البلد، فلمّا توسطتها سمعت منادياً ينادي: إحذر يا ،مفضّل فتنحّيت عن المرأة، وطلعت غمامة سوداء ثم أمطرت عليها حجارة حتّی لم أر للمرأة حسّاً ولا أثراً، فهالني ما رأيتها ورجعت مسرعاً إلى مولاي (علیه السّلام)، و هممت أن أحدثه بما رأيت، فسبق إلي الحديث، وقال (علیه السّلام) : يا مفضّل أتعرف المرأة؟

فقلت: لا يا مولاي .

قال: هذه إمرأة الفضّال بن عامر، وقد كنت سيرته إلى فارس ليفقه أصحابي بها، فلمّا كان عند خروجه من منزله قال لامرأته : هذا مولاي جعفر شاهد عليك، لا تخونيني في نفسك.

فقالت: نعم إن خنتك في نفسي أمطر الله عليّ من السماء عذاباً واقعاً، فخانته في نفسها من ليلته، فأمطر الله عليها ما طلبت.

يا مفضّل إذا هتكت المرأة سترها وكانت عارفة بالله هتكت حجاب الله

ص: 242

وقصمت ظهرها، والعقوبة إلى العارفين والعارفات أسرع (1).

علمه بما يكون

29 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: أخبرني أبو عبدالله الحسين بن عبدالله الحرمي، قال: حدّثنا أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدّثنا أبوهاشم عبيد بن خارجة، عن عليّ بن عثمان، عن فرات بن أحنف، قال: كنت مع أبي عبد الله (علیه السّلام) و ذكر حديثاً طويلاً، قال: مضيت معه حتّی انتهى إلى موضع، فنزل وصلى ركعتين، وقال: ها هنا قبر أمير المؤمنين (علیه السّلام)، أما إنه لا تذهب الأيام حتّى يبعث الله رجلاً ممتحناً في نفسه في القتل، يبني عليه حصناً فيه سبعون طاقاً.

قال حبيب بن الحسين: سمعت هذا الحديث قبل أن يبنى على الموضع شيء، ثمّ إنّ محمّد بن زيد وجه فبني عليه، فلم تذهب الأيام حتّی امتحن محمد في نفسه بالقتل (2).

خبره مع المفضّل بن عمر

30 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: بإسناده عن يونس بن ظبيان، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله الصادق (علیه السّلام) قال: دخلت عليه وهو جالس على بساط أحمر في وسط داره وأنا أقول: اللهم إنّي لا أشك في أن حجتك على خلقك وإمامنا جعفر بن محمّد الصادق (علیه السّلام) ، فلقني منه ما يزيدني ثباتاً ويقيناً.

فرفع رأسه إليّ وقال: قد أوتيت سؤلك يا موسى (علیه السّلام) ، يا مفصل ناولني تلك النواة، و أشار بيده إلى نواة في جانب الدار ، فأخذتها وناولته إياها، فقبضها ونصبها على

ص: 243


1- الثاقب في المناقب 160 ح 10 .
2- دلائل الإمامة 244 .

الأرض، ووضع سبابته عليها، وغمزها فغيّبها في الأرض، ودعا بدعوات سمعت منها: اللهم فالق الحبّ والنّوى، ولم أسمع الباقي، فإذا تلك النّواة قد نبتت نخلة وأخذت تعلو حتّی صارت بإزاء علوّ الدار ، ثم حملت حملاً حسناً، وتهدّلت وبسرت ورطبت رطباً وأنا أنظر إليها، فقال لي أهززها یا ،مفضّل فهززتها فنثرت علينا رطباً في الدار جنّياً ليس ممّا رأى الناس وعرفوه، وأصفى من الجوهر وأعطر من روائح المسك والعنبر، توري الرطبة مثل ما توري المرأة وقال لي: إلتقط وكل فإلتقطت وأكلت وأطعمت، فقال لي: ضم كلّما يسقط من هذا الرطب وإهد إلى مخلصي شيعتنا الذين أوجب الله لهم الجنّة فلا يحلّ هذا الرطب إلّا لهم فإهدي إلى كلّ نفس منهم واحدة.

قال: المفضّل: فضممت ذلك الرطب وظننت إنّي لا أطيق حمله إلى منزلي فخفّ على حتّى حملته وفرّقته فيمن أمرني به منهم في الكوفة فخرج بأعدادهم لا يزيد رطبة ولا ينقص رطبة فرجعت إليه، فقال لي: إعلم يا ،مفضّل أنّ هذه النخلة تطاولت وإنبسطت في الدنيا، فلم يبق مؤمن ولا مؤمنة من شيعتنا بالكوفة بمقدار مضيّك إلى منزلك و رجوعك إلينا، فهذا من فضل الله أعظم ممّا أعطي داود وإن كنّا قد أعطيناه وأعطينا ما لم يعط كرامة من الله لحبيبه جدنا محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وإن كنت من شيعتنا سترد إلينا وإليك من طول الدنيا عرضها بأنّ النخلة وصلت إليهم فطرحت إلى كل واحد منهم رطبة.

قال المفضّل : فلم تزل الكتب تردّ إليه وإلى من سائر الشّيعة في سائر الدنيا بذلك، فعرفت والله عددهم من كتبهم (1).

انقلاب الحائط ذهباً

31 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أحمد بن منصور الرشادي

ص: 244


1- الهداية 54 .

قال: حدّثنا عبدالرزاق قال: حدّثنا مهلب بن قيس قال: قلت للصادق (علیه السّلام) : بأي شي يعرف العبد إمامه ؟

قال: إن فعل كذا، ووضع يده على حائط فإذا الحائط ذَهَبٌ، ثمّ وضع يده على أسطوانة، فأورقت من ساعتها ، فقال : بهذا يعرف الإمام (1).

علمه بالغائب

32 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: عن أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن أبي عثمان أو غيره، عن محمّد بن سنان، عن أبان عن حذيفة بن منصور، عن مرازم قال: بعثني أبو جعفر عبدالله الطويل - وهو المنصور - إلى المدينة، وأمرني إذا دخلت المدينة أن أفضّ الكتاب الذي دفعه إلى وأعمل بما فيه ، قال : فما شعرت إلّا بركب قد طلعوا على حين قربت من المدينة، وإذا رجل قد صار إلى جانبي، فقال: يا مرازم إنّق الله ولا تشرك في دم آل محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم). قال: فأنكرت ذلك.

فقال لي: دعاك صاحبك نصف الليل، وخاط رقعة في جانب قبائك، وأمرك إن صرت إلى المدينة تفضّها وتعمل ما فيها، قال: فرميت بنفسي من المحمل وقبلت رجليه وقلت ظننت أنّ ذلك صاحبي وأنت سيّدي وصاحبي، فما أصنع؟

قال: إرجع إليه واذهب بين يديه وتعال، فإنه رجل نساء، وقد أنسي ذلك فليس یسألك عنه. قال: فرجعت إليه فلم يسألني عن شيء.

قلت صدق مولاي (علیه السّلام)(2).

ص: 245


1- دلائل الإمامة 114.
2- دلائل الإمامة 129.

كان النار عليه برداً وسلاماً

33- محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن عبدالله بن القاسم عن المفضّل بن عمر قال وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد - و هو واليه على الحرمين - أن أحرق على جعفر بن محمّد (علیه السّلام) داره، فألقى النّار في دار أبي عبد (علیه السّلام)، فأخذت النار في الباب والدهليز فخرج أبو عبد الله (علیه السّلام) يتخطّى النار ويمشي فيها ويقول: أنا ابن أعراق الثّرى أنا ابن إبراهيم خليل الله (علیه السّلام) .

و في ثاقب المناقب: أنه لما أمر الدوانيقي الحسن بن زيد - وهو واليه على المدينة - بإحراق دار أبي عبد الله (علیه السّلام) بأهلها ، فأضرم فيها النار وقويت، خرج (علیه السّلام) من البيت ودخل النار ووقف ساعة في معظمها، ثمّ خرج منها وقال: «أنا ابن أعراق الثّرى» وعرق الثّرى لقب إبراهيم (علیه السّلام)(1).

و رواه ابن شهر اشوب عن المفضل بن عمر.

وفاؤه بضمان الجنّة

34 - محمّد بن يعقوب: عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد ،عن بعض أصحابه، عن أبي بصير قال: كان لي جار يتبع السّلطان فأصاب مالاً، فأعدّ قياناً، فكان يجمع الجميع إليه ويشرب المسكر ويؤذيني، فشكوته إلى نفسه غَيْرَ مرَّةٍ فلم ينته، فلمّا أَنْ ألححتُ عليه قال لي: يا هذا أنا رجلٌ ،مبتلى، وأنت رجل معافى، فلو عرضتني لصاحبك رجوت أن ينقذني الله بك، فوقع ذلك له في قلبي، فلما صرت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) ذكرت له حاله، فقال لى: إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له يقول لك جعفر بن محمّد (علیه السّلام):

ص: 246


1- الكافي 473/1 ، ح 2؛ الثاقب في المناقب 137؛ مناقب ابن شهر اشوب 236/4.

دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنّة.

فلما رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى، فاحتبسته عندي حتّی خلا منزلي، ثمّ قلت له: يا هذا إنّي ذكرتك لأبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (علیهما السّلام) فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمّد (علیه السّلام) : دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنّة، قال: فبكى ثمّ قال لي: اللّه لقد قال لك أبو عبدالله (علیه السّلام) هذا؟

قال: فحلفت له أنه قد قال لي ما قلت .

فقال لي: حسبك ومضى، فلمّا كان بعد ثلاثة أيام بعث إليَّ فدعاني وإذا هو خلف داره عريان، فقال لي: يا أبابصير لا والله ما بقي لي شيء إلا وقد أخرجته وأنا كما ترى. قال: فمضيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به، ثمّ لم تأت عليه أيّام يسيرة حتّی بعث إليَّ أَنِّي عليل ،فائتني، فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتّى نزل به الموت، فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه، فغشي عليه غشية ثمّ أفاق، فقال لي: يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا، ثمّ قبض - رحمة الله عليه -

فلما حججت أتيت أبا عبد الله (علیه السّلام) ، فاستأذنت عليه، فلما دخلت قال لي ابتداءً من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والأخرى في دهليز داره: يا أبا بصيرا قد وفينا لصاحبك.

إخباره بالغائب

35 - محمّد بن الحسن الصفّار: عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن إبراهيم بن مهزم قال: خرجت من عند أبي عبد الله (علیه السّلام) ليلة ممسياً، فأتيتُ منزلي بالمدينة، وكانت أمي معي فوقع بيني وبينها كلام فأغلظت لها، فلمّا أن كان من الغد صليت الغداة ، وأتيتُ أبا عبد الله (علیه السّلام) ، فلما دخلتُ عليه قال لي مبتدئاً: يا بن مهزم مالك للوالدة أغلظت لها البارحة، أما علمت أن بطنها منزل

ص: 247

قد سَكَنتَهُ، وأن حجرها مهد قد غمرته، وثديها وعاء قد شربته؟

قال: قلت: بلى، قال: فلا تغلظ لها (1).

إخباره بالغائب

36 - محمّد بن الحسن الصفّار: عن محمّد بن الحسين، عن حرب الطحّان قال: أخبرني أحمد - وكان من أصحاب أبي الجارود - عن الحارث بن حضيرة الأسدي قال: قدِمَ رجل من أهل الكوفة إلى خراسان، فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمّد (علیه السّلام) ، قال: ففرقة أطاعت وأجابت وفرقة جَحَدتْ وأنْكَرَتْ، وفرقة ورعت ووقفت. قال: فخرج من كلّ فرقة رجل، فدخلوا على أبي عبد الله (علیه السّلام).

قال: فكان المتكلّمُ منهم الذي ورع ووقف، وقد كان مع بعض القوم جارية، فخلا بها الرجل ووقع عليها، فلمّا دخل على أبي عبد الله (علیه السّلام) كان هو المتكلّم فقال له: أصلحك الله قَدِمَ علينا رجل من أهل الكوفة، فدعا الناس إلى طاعتك وولايتك، فأجاب قوم، وأنكر قوم، وورع قوم فوقفوا.

قال (علیه السّلام) : فَمِنْ أىّ الثلاث أنت؟

قال: أنا من الفرقة التي ورعت ووقفت قال: فأين كان ورعك ليلة نهر بلخ يوم كذا و كذا؟

قال: فارتاب الرجل (2).

ص: 248


1- دلائل الإمامة 130 .
2- بصائر الدرجات 244، ح 5: الخرائج 723/2 ، ح 27 دلائل الإمامة 130 ؛الثاقب في المناقب 410 ، ح 9 .

إخباره بالغائب

37 - محمّد بن الحسن الصفار: عن محمّد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمّار السجستاني قال: كان عبدالله النجاشي منقطعاً إلى عبدالله بن الحسن، يقول بالزيدية، فقضي أني خرجت وهو إلى مكة، فذهب هذا إلى عبدالله بن الحسن، وجئت أنا إلى أبي عبد الله (علیه السّلام)، قال : فلقيني بعد فقال لي: استأذن لي على صاحبك.

فقلت لأبي عبد الله (علیه السّلام): إنه سئلني الإذن له عليك. قال: فقال: إنذن له، قال: فدخل عليه فسأله.

فقال له أبو عبد الله (علیه السّلام) : ما دعاك إلى ما صنعت؟ تذكر يوم مررت على باب قوم فسَالَ عليك ميزاب من الدار، فسألتهم فقالوا: إنّه قذر؛ فطرحت نفسك في النهر مع ثيابك وعليك مصبغة، فاجتمعوا عليك الصبيان يضحكونك ويضحكون منك!

قال عمّار فالتفت الرّجل إليّ فقال: ما دعاك إلى أن تُخبر بذا أبا عبدالله؟! فقلت: لا والله ما أخبرته، هو ذا قدامي يسمع كلامي. قال: فلما خرجنا قال لي: يا عمّار هذا صاحبي دون غيره .

و رواه ابن شهر اشوب في المناقب: عن عمّار السجستاني قال: دخل عبدالله النجاشي على الصادق (علیه السّلام) ، وكان زيديّاً منقطعاً إلى عبدالله بن الحسن، وذكر الحديث.

و رواه صاحب ثاقب المناقب، إلّا أنَّ في روايته: فاجتمع عليك الصبيان يضحكون منك ويضحكون عليك؟

قال عمّار : فالتفت إلى وقال: ما دعاك إلى أن تخبر به أبا عبد الله ؟

فقلت: لا والله ما أخبرته، وها هو ذا قدامي يسمع كلامي. قال: فلما خرجنا قال

ص: 249

لي يا عمّار هذا صاحبي دون غيره (1).

علمه أنّ أبا بصير جنب

38 - أبو علي الطبرسي في إعلام الورى: وابن بابويه في دلائل الأئمة ومعجزاتهم، والمفيد في الإرشاد قالوا:

روى أبو بصير قال: دخلت المدينة وكانت معي جويرية لي فأصبت منها، ثمّ خرجت إلى الحمام، فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجّهون إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فخفت أن يسبقوني ويفوتني الدخول عليه، فمشيت معهم حتّی دخلت الدار معهم فلمّا مثلت بين يدي أبي عبدالله (علیه السّلام) نظر إلي ثمّ قال لي: يا أبا بصير أما علمت أنَّ بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب ؟ فَاسْتَحْيَيْتُ وقلتُ له: يا ابن رسول الله إني لقيت أصحابنا فخفت أن يفوتني الدخول معهم، ولن أعود إلى مثلها، وخرجت (2).

عدم حرق النار من أمره (علیه السّلام) بدخولها

39 - ابن شهر :اشوب قال: حدّث إبراهيم، عن أبي حمزة ، عن مأمون الرقّي قال: كنت عند سيدي الصادق (علیه السّلام) إذ دخل عليه سهل بن حسن الخراساني، فسلّم عليه، ثمّ جلس، فقال له: يابن رسول الله لكم الرأفة والرّحمة، وأنتم أهل بيت الإمامة، ما الّذي يمنعك أن يكون لك حقّ تقعد عنه، وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف؟

ص: 250


1- بصائر الدرجات 245، ح 6 مناقب ابن شهر اشوب 4/ 220؛ الثاقب في المناقب 411 ،ح 10.
2- إعلام الورى 269؛ مناقب ابن شهر اشوب 226/4 إرشاد المفيد 273؛ بصائر الدرجات 241، ح 23؛ دلائل الإمامة 123.

فقال له (علیه السّلام): إجلس يا خراساني رعى الله حقّك، ثمّ قال: يا حنفية أسجري التنّور، فسجرته حتّی صار كالجمرة وابيض علوّه، ثمّ قال: يا خراساني، قم :قال یا خراساني قم فاجلس في التنور .

فقال الخراساني: يا سيدي، يابن رسول الله، لا تعذبني بالنار أقلني أقالك الله.

قال: قد أقلتك، فبينما نحن كذلك إذ أقبل هارون المكي ونعله في سبابته، فقال: السلام عليك يابن رسول الله.

فقال له الصادق (علیه السّلام) : ألق النعل من يدك، واجلس في التنور.

قال: فألقى النعل من سبّابته، ثمّ جلس في التنور وأقبل الإمام (علیه السّلام) يحدث الخراساني حديث خراسان حتّی كأنه شاهد لها، ثمّ قال: قم ياخراساني، وانظر ما التنور.

قال: فقمت إليه فرأيته متربعاً، فخرج إلينا وسلّم علينا ، فقال له الإمام (علیه السّلام) : كم تجد بخراسان مثل هذا؟

فقال: والله ولا واحداً.

فقال : لا والله ولا واحداً، فقال: أما إنا لا نخرج في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن أعلم بالوقت (1).

علمه بما يكون

40 - الحضيني في هدايته: بإسناده عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السّلام) يوماً جالساً إذ قال: يا أبا محمّد، هل تعرف إمامك؟

قلت: إي والله الذي لا إله إلا هو أنت هو، ووضعت يدي على ركبتيه وفخذه.

ص: 251


1- مناقب ابن شهر اشوب 137/4 .

فقال: يا أبا محمّد، ليس هذه المعرفة والإقرار للإمام بما جعله الله له وفيه تطالبه بعلامة ودلالة.

قلت له: يا سيدي، قولك الحق، ولكنّي أحبّ أن أزداد علماً ويقيناً، ويطمئن قلبي. قال: يا أبا محمّد ترجع إلى الكوفة ويولد لك إبن وتسمّيه عيسى، ويولد لك ولد وتسمّيه محمّداً، ويولد لك بعدهما بنتان في ثلاث سنين، واعلم أن ابنيك عندنا في الصحيفة الجامعة الوسطى مثبتان مسمّيان مع أسماء شيعتنا وأسماء آبائهم وأمهاتهم وقبائلهم وعشائرهم، مصوّرين محليين وأجدادهم وأولادهم وما يلدون إلى يوم م القيامة، رجلاً رجلاً وامرأة امرأة. وهي صحيفة صفراء مدرّجة مخطوطة بالنور، لا بحبرٍ ولا مداد .

قال أبو بصير: فرحلت من المدينة ودخلت الكوفة، فولد والله الإبنان، وسمّيت الإبنين كما قال، وكانت مواليدهم في الوقت كما قال (1).

ص: 252


1- الهداية 53 .

معاجز الإمام موسى بن جعفر (علیه السّلام)

الأفعى التي خرجت للرشيد

ص: 253

ص: 254

معاجز الإمام الكاظم (علیه السّلام)

1 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان، قال: حدّثنا وكيع عن الأعمش، قال: رأيت كاظم الغيظ (علیه السّلام) عند الرشيد وقد خضع له، فقال له عيسى بن أبان: يا أمير المؤمنين، لم تخضع له؟

قال: رأيت من ورائي أفعى تضرب بأنيابها وتقول: أجبه بالطاعة وإلا بلعتك ففزعت منها، فأجبته (1).

حجبه عن الأعين

2 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد بن سفيان، قال:

حدّثنا وكيع، قال: حدّثنا الأعمش، قال: لحقت موسى بن جعفر الكاظم علا وهو في حبس الرشيد، فرأيته يخرج من حبسه ويغيب، ثمّ يدخل من حيث لا يرى (2).

إثمار الشجرة المقطوعة

3 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان، عن وكيع، قال: قال الأعمش رأيت موسى بن جعفر (علیه السّلام) وقد أتى شجرة مقطوعة موضوعة فمسّها

ص: 255


1- دلائل الإمامة 157 .
2- دلائل الإمامة 157 .

بيده فأورقت، ثمّ اجتنى منها ثمراً وأطعمنى (1).

العين التي نبعت

4 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد البلوي قال: حدّثنا غالب بن مرّة ومحمّد بن غالب قالا كنا في حبس الرشيد إذ دخل موسى بن جعفر (علیه السّلام) فأنبع الله له عيناً وأنبت له شجرة، فكان منها يأكل ويشرب ونُهنّيه، وكان إذا دخل بعض أصحاب الرّشيد غابت حتّى لا ترى (2).

علمه بما في النفس

5- محمّد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الحسن بن زياد الميثمي، قال: حدّثنا الحسن الواسطي، عن هشام بن سالم، قال: لما دخلت على عبدالله بن أبي عبد الله (علیه السّلام) فسألته فلم أر عنده شيئاً، فدخلني من ذلك ما الله أعلم به، ّ و خفت أن لا يكون أبو عبد الله (علیه السّلام) ترك خلفاً، فأتيت قبر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فجلست عند رأسه أدعو الله أستغيث به، ثمّ فكّرت فقلت: أصير إلى قول الزنادقة، ثمّ فكرت فيما يدخل عليهم ورأيت قولهم يفسد ، ثمّ قلت لا بل قول الخوارج وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأضرب بسيفي حتّى أموت، ثمّ فكرت في قولهم، وما يدخل عليهم، فوجدته يفسد.

ثمّ قلت: أصير إلى القدرية، ثمّ فكّرت فيما يدخل عليهم، فإذا قولهم يفسد. فبينا أنا أفكّر فى نفسي، وأمشي إذ مربي بعض موالي أبي عبد الله (علیه السّلام) فقال لي: أتحب أن أستأذن

ص: 256


1- دلائل الإمامة 157 - 158 .
2- دلائل الإمامة 157

لك على أبي الحسن (علیه السّلام) ؟

قلت نعم فذهب فلم يلبث إلى أن عاد إلى فقال : قم وادخل عليه فلمّا نظر إلى أبو الحسن (علیه السّلام) قال لي مبتدئاً يا هشام: لا إلى الزنادقة، ولا إلى الخوارج، ولا إلى المرجئة، ولا إلى القدريّة، ولكن إلينا.

قلت: أنت صاحبي. ثم سألته فأجابني عما أردت (1).

علمه بما في النفس

6 - محمّد بن يعقوب عن أحمد بن مهران (رحمه الله) ، عن محمّد بن علی، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار، قال سمعت العبد الصالح (علیه السّلام) ينعى إلى رجل نفسه، فقلت في نفسي: وإنّه ليعلم متى يموت الرّجل من شيعته، فالتفت إلي شبه المغضب فقال: يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا، والإمام أولى بعلم ذلك.

ثمّ قال: يا إسحاق، إصنع ما أنت صانع، فإنّ عمرك قد فني، وإنك تموت إلى سنتين، و إخوتك وأهل بيتك لا يلبثون بعدك إلّا يسيراً حتّی تتفرّق كلمتهم، ويخون بعضهم بعضاً، حتّی يشمت بهم عدوّهم، فكان هذا في نفسك.

فقلت: فإنّي أستغفر الله ممّا عرض في صدري. فلم يلبث إسحاق بعد هذا المجلس إلّا يسيراً حتّى مات، فما أتى عليهم إلا قليل حتّی قام بنوعمّار بأموال الناس فأفلسوا (2).

ص: 257


1- بصائر الدرجات 251، ح 4.
2- الكافي 484/1 ، ح 7 .

علمه بالغائب

7 - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الاسناد عن الحسن بن علي بن النعمان، عن عثمان بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: كتب إلي أبو الحسن - قال عثمان بن عيسى وكنت حاضراً بالمدينة - تحوّل عن منزلك، فاغتم من ذلك، وكان منزله منزلاً وسطاً بين المسجد والسوق، فلم يتحوّل، فعاد إليه الرّسول تحوّل عن منزلك، فبقي، ثم عاد إليه الثالثة: تحوّل عن منزلك، فذهب وطلب منزلاً وكنت في المسجد ولم يجىء إلى المسجد إلا عتمة (1) .

فقلت له: ما خلفك ؟

فقال: ما تدري ما أصابني اليوم؟

قلت: لا.

قال: ذهبت أستقي الماء من البئر لأتوضأ، فخرج الدلو مملوءاً خرءاً، وقد عجنّا وخبزنا بذلك الماء، فطرحنا خبزنا وغسلنا ثيابنا، فشغلني عن المجيء، ونقلت متاعي إلى المنزل الذي اكتريته، فليس بالمنزل إلا الجارية، الساعة أنصرف وآخذ بيدها.

فقلت : بارك الله لك، ثمّ افترقنا، فلمّا كان سحر تلك الليلة خرجنا إلى المسجد فجاء فقال: ما ترون ما حدث في هذه اليلة؟

قلت: لا.

قال: سقط والله منزلي السفلي والعلوي (2).

ص: 258


1- العَتَمَة : وقت صلاة العشاء الأخيرة.
2- قرب الاسناد 145 .

كلامه في المهد

8 - ثاقب المناقب قال: روى يعقوب السراج، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمّد - صلوات الله عليهما - فسلمت عليه، فقال: سلم على مولاك، وأشار إلى مهد في ضفّة أخرى فيه موسى بن جعفر - صلوات الله عليهما - فمشيت إليه، وقلت: السلام عليك يا مولاي.

قال: وعليك السلام يا يعقوب، إنّه قد ولد لك البارحة بنت فسميتها باسم يبغضه الله تعالى فغيّره (1).

استجابة دعائه

9 - المفيد في الاختصاص: قال: حدّثنا جعفر بن الحسين المؤمن . عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى قال دخلت على أبي الحسن الأول (علیه السّلام) فقلت له: جعلت فداك، أدع الله لي أن يرزقني داراً وزوجة وولداً وخادماً والحج في كل سنة.

فقال: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وأرزقه داراً وزوجة وولداً وخادماً والحجّ خمسين سنة.

قال حماد: فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحجّ أكثر من خمسين سنة.

قال حمّاد وحججت ثمان وأربعين حجّة، وهذه داري قد رزقتها، وهذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي، وهذا إبني، وهذه خادمتي قد رزقت كل ذلك، فحجّ بعد هذا الكلام حجّتين تمام ،الخمسين، ثمّ خرج بعد الخمسين ،حاجاً، فزامل أبا العبّاس النوفلي

ص: 259


1- الثاقب في المناقب 200 ، ح 5 .

القصير، فلمّا صار في موضع الإحرام دخل يغتسل في الوادي فَحَمله فغرّقه الماء (رحمه الله)، وأتاه قبل أن يحجّ زيادة على خمسين عاش إلى وقت الرضا (علیه السّلام) ، وتوفّي سنة تسع ومائتين.

و روي انه عاش نيف وتسعين سنة، وكان من جهينة (1).

علمه بالآجال

10 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: روى الحسن قال أخبرنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن عن الأخطل الكاهلي، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي، قال: حججت فدخلت عليه فقال لي: إعمل خيراً في سنتك هذه فقددنا أجلك، ،فبكيت فقال: ما يبكيك؟

قلت: جعلت فداك، نعيت إلى نفسي .

فقال لي: أبشر فإنّك من شيعتنا، وإنك إلى خير.

قال الأخطل : فما لبث عبد الله بعد ذلك إلّا يسيراً حتّى مات (2).

علمه بما في النفس

11 - عبدالله بن جعفر الحميري عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عيسى شلقان قال: دخلت على أبي عبد الله (علیه السّلام) وأنا أريد أن أسأله عن أبي الخطاب، فقال لي مبتدئاً قبل أن أجلس يا عيسى، ما منعك أن تلقى إبني فتسأله عن جميع ما تريد؟

ص: 260


1- الإختصاص 205 .
2- دلائل الإمامة .163 - 164 .

قال عيسى: فذهبت إلى العبد الصالح (علیه السّلام) وهو قاعد في الكتّاب، وعلى شفتيه أثر المداد، فقال لي مبتدئاً: يا عيسى، إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبیين على النبوّة فلم يتحوّلوا عنها أبداً، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصيّة فلم يتحولوا عنها أبداً، وأعار قوماً الإيمان زماناً، ثمّ سلبهم إيَّاه، وإنّ أبا الخطاب ممّن أعير الإيمان، ثمّ سلبه الله تعالى، فضممته إليّ وقبلت بين عينيه، ثمّ قلت بأبي أنت وأُمِّي (ذُريَّةً بَعْضُها مِن بَعض والله سَمِيع عليم (1) )

ثم رجعت إلى أبي عبد الله (علیه السّلام) ، فقال لي: ما صنعت يا عيسى؟

قلت له: بأبي أنت وأمي أتيته فأخبرني مبتدئاً من غير أن أسأله جميع ما أردت قبل أن أسأله عنه، فعلمت والله عند ذلك أنه صاحب هذا الأمر.

فقال: يا عيسى، إنّ ابني هذا الذي رأيت لو سألته عمّا بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلمه، ثمّ أخرجه ذلك اليوم من الكتّاب، فعلمت ذلك اليوم أنه صاحب هذا الأمر (2).

علمه بما يكون

12 - الطبرسي في إعلام الورى قال: روى محمّد بن جمهور، عن بعض أصحابنا، عن أبي خالد الزبالي، قال: ورد علينا أبو الحسن موسى (علیه السّلام) وقد حمله المهدي، فلما خرج ودّعته وبكيت فقال: ما يبكيك يا أبا خالد؟

فقلت: جعلت فداك، قد حملك هؤلاء ولا أدري ما يحدث؟ فقال: أما في هذه المرّة فلا خوف عليّ منهم، وأنا عندك يوم كذا، في شهر كذا في ساعة كذا، فانتظرني عند

ص: 261


1- آل عمران 34 .
2- قرب الإسناد 143؛ دلائل الإمامة 164 .

أوّل ميل، ومضى.

قال: فلمّا أن كان في اليوم الذي وصفه لي خرجت أوّل ميل فجلست أنتظره حتّى اصفرّت الشمس ، وخفت أن يكون قد تأخّر عن الوقت، فقمت فانصرفت فإذا أنا بالسواد قد أقبل ومنادٍ ينادي من خلفي، فأتيته فإذا هو أبو الحسن (علیه السّلام) على بغلة له، فقال لي: إيهاً يا أبا خالد .

فقلت: لبيك يا بن رسول الله الحمد لله الذي خلّصك من أيديهم.

فقال لي: يا أبا خالد، أما إنّ لي إليهم عودة لا أتخلّص من أيديهم (1).

علمه بالغائب

13 - محمّد بن يعقوب عن أحمد بن مهران ، عن محمّد بن علي، عن الضحّاك بن الأشعث، عن داود بن زربي، قال: جئت إلى أبي إبراهيم (علیه السّلام) بمال ، فأخذ بعضه وترك بعضه، فقلت: أصلحك الله لأي شيءٍ تركته عندي؟

قال: إنّ صاحب هذا الأمر يطلبه منك، فلما جاءنا نعيه بعث إلي أبو الحسن (علیه السّلام) إبنه فسألني ذلك المال، فدفعته إليه (2).

علمه بالآجال

14 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: روی محمّد بن الحسن عن عبدالله بن سعيد الرعشي، عن الحسن بن موسى، قال: اشتكى عمّي محمّد بن جعفر حتّی خفت عليه الموت، قال: فكنا مجتمعين عنده إذ دخل أبو الحسن (علیه السّلام) فقعد إلى ناحية،

ص: 262


1- اعلام الوری 295 .
2- الكافي 313، ح 3 .

وإسحاق عمّي عند رأسه يبكي، ثمّ قام فتبعته فقلت: جعلت فداك، يلومك إخوتك و أهل بيتك ويقولون : دخلت على عمّك وهو في الموت، ثم خرجت، فقال: إذن أخبرك، أرأيت هذا الباكي؟ سيموت وسيبكي عليه هذا.

قال: فبرأ محمّد بن جعفر، واشتكى إسحاق، فبكى عليه محمّد .

طاعة الجنّ له

15 - عبدالله بن جعفر الحميري عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنی عليّ بن حسان الواسطي، عن موسى بن بكر، قال: دفع إلي أبو الحسن الأول (علیه السّلام) رقعة فيها

حوائج و قال لي: إعمل بما فيها.

فوضعتها تحت المصلّى، وتوانيت عنها، فمررت فإذا الرقعة في يده. بده، فسألني عن الرقعة، فقلت: في البيت.

فقال: يا موسى، إذا أمرتك بالشيء فاعمله، وإلّا غضبت عليك، فعلمت أنّ الذي دفعها إليه بعض صبيان الجن (1).

إحياء الميت

16 - محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبدالله بن المغيرة قال: مرّ العبد الصالح (علیه السّلام) بامرأة بمنى، وهي تبكي وصبيانها حولها يبكون ، وقد ماتت لها بقرة، فدنا منها ثم قال لها : ما يبكيك يا أمة الله ؟

قالت: يا عبد الله إن لنا صبياناً يتامى، وكانت لي بقرة، معيشتي ومعيشة صبياني

ص: 263


1- قرب الإسناد 142 .

كان منها، وقد ماتت وبقيت منقطعاً بي وبولدي لا حيلة لنا.

فقال: يا أمة الله، هل لك أن أحببها لك ؟ فألهمت أن قالت: نعم، يا عبدالله. فتنحى وصلّى ركعتين، ثمّ رفع رأسه هنيئة وحرّك شفتيه، ثمّ قام فصوّت بالبقرة، فنخسها نخسة أو ضربها برجله فاستوت على الأرض قائمة، فلما نظرت المرأة إلى البقرة صاحت وقالت عیسی بن مریم وربّ الكعبة، فخالط الناس وصار بينهم ومضى (علیه السّلام) (1).

علمه بما يكون

17 - الراوندي في الخرائج: إنّ عليّ بن يقطين كتب إلى الإمام موسى بن جعفر(علیهما السّلام) : اختلف عليّ الوضوء فهل أمسح على الرّجلين أم أغتسل؟ فإن رأيت أن تكتب ما يكون عملي عليه فعلت فكتب الإمام (علیه السّلام) : الذي آمرك به أن تتمضمض ثلاثاً، وتستنشق ثلاثاً، وتغسل وجهك ثلاثاً، وتخلّل شعر لحيتك، وتغسل يدك ثلاثاً، وتمسح رأسك كلّه، و تمسح ظاهر أذنيك وباطنهما، وتغسل رجليك ثلاثاً، ولا تخالف ذلك إلى غیره فامتثل أمره وعمل عليه.

فقال الرشيد يوماً: أُحبّ أن أستبرىء أمر علي بن يقطين، فإنّهم يقولون إنه رافضي، و الرافضة يُخَفِّفون في الوضوء فطلبه، فناطه بشيء من الشغل في الدار، حتّی دخل وقت الصلاة، ووَقَفَ الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى عليّ بن يقطين ولا يراه هو، وقد بعث إليه بالماء للوضوء، فتوضأ كما أمره الإمام (علیه السّلام) ، فدخل عليه الرشيد وقال: كَذَبَ من زعم أنك رافضي فورد على عليّ بن يقطين بعد ذلك كتاب الإمام موسى بن جعفر (علیهما السّلام): وتوضأ من الآن كما أمر الله إغسل وجهك مرّة فريضةً، وأخرى إسباغاً،

ص: 264


1- الكافي 1 / 484، ح 6: بصائر الدرجات 272 ، ح 2 .

إغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح بمقدّم رأسك، وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك، فقد زال ما يخاف عليك (1).

انحلال القيود والأبواب

18 - البرسي قال: روى أحمد البزّاز قال: إنّ الرّشيد - لعنه الله - لما أحضر موسى (علیه السّلام) إلى بغداد فكّر في قتله، فلمّا كان قبل قتله بيومين قال للمسيب، وكان من الحرّاس عليه، لكنّه كان من أوليائه، وكان الرشيد - لعنه الله - قد سلّم موسى (علیه السّلام) إلى السندي بن شاهك - لعنه الله - وأمره أن يقيّده الله - وأمره أن يقيّده بثلاثة قيود من الحديد وزنها ثلاثون رطلاً.

قال: فاستدعى المسيب نصف الليل وقال: إنّي ظاعن عنك في هذه الليلة إلى المدينة لأعهد إلى من بها عهدا يعمل به بعدي .

فقال :المسيب يا مولاي كيف أفتح لك الباب والبوّاب والحرس قيام؟

فقال: ما عليك، ثمّ أشار بيده إلى القصور المشيّدة والأبنية العالية، والدور المرتفعة .فصارت أرضاً، ثمّ قال لي: يا مسيب كن على هيئتك فإنّي راجع إليك بعد ساعة.

فقلت: يا مولاي، ألا أقطع لك الحديد؟

قال: فنفضه فإذا هو ملقى. قال: ثمّ خطا خطوة فغاب عن عيني، ثم ارتفع البنيان كما كان .

قال المسيّب: فلم أزل قائماً على قدمي حتّی رأيت الأبنية والجدران قد خرّت ساجدة إلى الأرض، وإذا بسيدي قد أقبل وقد دخل إلى محبسه وأعاد الحديد إليه، فقلت: يا سيّدي، أين قصدت؟

ص: 265


1- الخرائج 335/1، ح .26 .

فقال: كلّ محبّ لنا في الأرض شرقاً وغرباً حتّی الجن في البر ومختلف الملائكة (1).

عدم إحراق النار له

19 - الراوندي: إنّ المفضّل بن عمر قال: لمّا مضى الصادق (علیه السّلام) كانت وصيته في الإمامة لموسى (علیه السّلام) ، فادعى عبد الله أخوه الإمامة، وكان أكبر ولد جعفر (علیه السّلام) في وقته ذلك، وهو المعروف بالأفطح، فأمر موسى (علیه السّلام) بجمع حطب كثير في وسط داره، فأرسل إلى أخيه عبد الله ليسأله أن يصير إليه، فلما صار عنده ومع موسى (علیه السّلام) جماعة من وجوه الإماميّة، فلمّا جلس إليه أخوه عبدالله أمر موسى (علیه السّلام) أن تضرم النار في ذلك الحطب فأضرمت، ولا يعلم الناس ما سبب ذلك، حتّی صار الحطب كله جمراً، ثمّ قام موسى (علیه السّلام) و جلس بثيابه في وسط النّار، وأقبل يحدّث الناس ساعة، ثمّ قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس فقال لأخيه عبدالله : إنك كنت تزعم أنك الإمام بعد أبيك، فاجلس في ذلك المجلس .

قالوا: فرأينا عبدالله قد تغيّر لونه، ثمّ قام يجُرُّ رداءه حتّی خرج من دار موسى (علیه السّلام) (2).

علمه بالغائب

20 - ثاقب المناقب: عن خالد بن نجيح، قال: قلت لأبي الحسن(علیه السّلام) : إنّ أصحابنا قدموا من الكوفة فذكروا أن المفضّل شديد الوجع، فادع الله له، فقال: قد استراح،

ص: 266


1- مشارق أنوار اليقين 94-95 .
2- الخرائج 308/1، ح 2.

وكان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام (1).

المائدة التي تنزل عليه

21 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا علقمة بن شريك بن أسلم، عن موسى بن هامان، قال: رأيت موسى بن جعفر (علیه السّلام) في حبس الرشيد وتنزل عليه المائدة من السماء، ويطعم أهل السجن كلّهم، ثمّ يصعد بها من غير أن ينقص منها شي (2) .

العصا التي صارت أفعى

22 - أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا هشام بن منصور، عن رشيق مولى الرشيد، قال: وجّهني الرشيد في قتل موسى بن جعفر، فأتيته لأقتله فهز عصا كانت في يده فإذا هي أفعى، وأخذ هارون الحمّى، ووقعت الأفعى في عنقه حتّی وجه إليّ بإطلاقه، فأطلقت عنه (3).

نطق السباع بالإمامة

23 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد البلوي، قال: حدّثنا عمارة بن زيد، قال: قال لي إبراهيم بن سعد: أدخل إلى موسى بن جعفر بسباع لتأكله، فلما دخلت بها فجعلت تلوذ به و تبصبص له وتدعو له بالإمامة، و تعوذ به من شرّ الرشيد.

ص: 267


1- الثاقب في المناقب 435 ح 3 .
2- دلائل الإمامة 157 .
3- دلائل الإمامة 158 .

فلما بلغ ذلك الرشيد أطلق عنه، وقال: أخاف أن يفتنني ويفتن الناس ومن معي (1).

حديث الدراعة المشهور

24 - الطبرسي في إعلام الورى، والشيخ المفيد في الإرشاد، قالا: روى عبدالله بن إدريس، عن ابن سنان وابن شهر اشوب عن ابن سنان، وثاقب المناقب عن عبدالله بن سنان، قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى عليّ بن يقطين ثياباً أكرمه بها، وكان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، فأنفذ عليّ بن يقطين جلّ تلك الثياب إلى موسى بن جعفر (علیه السّلام) ، وأنفذ في جملتها تلك الدراعة، وأضاف إليها مالاً كان أعده على رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله.

فلما وصل ذلك إلى أبي الحسن ا(علیه السّلام) قَبِلَ ذلك المال والثياب، وردّ الدرّاعة على يد الرسول إلى عليّ بن يقطين، وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك، فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه، فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه، ولم يدر ما سبب ذلك، واحتفظ بالدرّاعة .

فلمّا كان بعد أيام تغيّر عليّ بن يقطين على غلام له كان يختص به فصرفه من خدمته، وكان الغلام يعرف ميل عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن موسى (علیه السّلام)، ويقف على ما يحمله إليه في كل وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك، فسعى به إلى الرشيد، فقال له: إنّه يقول بإمامة موسى بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله فى كل سنة، وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا ، فاستشاط الرشيد لذلك وغضب غضباً شديداً وقال: لأكشفن عن هذه الحال، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه.

ص: 268


1- دلائل الإمامة 158 .

و أنفذ في الوقت بإحضار علي بن يقطين، فلمّا مثل بين يديه قال له: ما فعلت بالدرّاعة التي كسوتك بها؟

قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سَفَط مختوم فيه طيب، قد احتفظت بها، فما أصبحت إلّا وفتحت السفط ونظرت إليها تبرّكاً بها وقبلتها ورددتها إلى موضعها، وكلّما أمسيت صنعت مثل ذلك.

فقال: أحضرها الساعة.

قال نعم يا أمير المؤمنين واستدعى بعض خدمه فقال له : إنت البيت الفلاني من داري فخذ مفتاحه من جاريتي وافتحه، ثمّ افتح الصندوق الفلاني فجئني بالسفط الّذي فيه بختمه، فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوماً، فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بكسر ختمه وفتحه .

فلمّا فتح نظر إلى الدراعة فيه بحالها، مطوّية مدفونة في الطيب، فسكن الرشيد من غضبه، ثمّ قال لعليّ بن يقطين أرددها إلى مكانها وانصرف راشداً، فلن أصدّق عليك بعدها ساعياً، وأمر أن يتبع بجائزة سنيّة، وتقدّم بضرب الساعي به ألف سوط، فضرب نحو خمسمائة سوط فمات في ذلك (1).

طاعة الشجرة

25 - محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن فلان الرافعي قال كان لي إبن عمّ يقال له الحسن بن عبدالله، وكان زاهداً، وكان من أعبد أهل زمانه، وكان يتقيه السلطان لجدّه في الدين واجتهاده، وربما استقبل السلطان بكلام

ص: 269


1- اعلام الورى :293؛ الإرشاد :293 مناقب ابن شهر آشوب 289/4؛ الثاقب في المناقب 449، ح 3.

صعب يعظه، ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتّی كان يوم من الأيام إذ دخل عليه أبو الحسن موسى (علیه السّلام) وهو في المسجد، فرآه فأومأ إليه فأتاه فقال له: يا أبا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرّني به، إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة.

قال: جعلت فداك فما المعرفة ؟

قال: إذهب فتفقه في الدين واطلب الحديث.

قال: عمّن؟

قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثمّ اعرض عليّ الحديث.

قال: فذهب فكتب ثمّ جاءه فقرأه عليه، فأسقطه كلّه، ثمّ قال له: إذهب فاعرف المعرفة، وكان الرجل معنيّاً بدينه.

قال: فلم يزل يترصد أبا الحسن (علیه السّلام) حتّی خرج إلى ضيعة له فلقيه في الطريق، فقال له: جعلت فداك إنّي أحتج عليك بين يدي الله، فدلّني على المعرفة.

قال: فأخبره بأمير المؤمنين (علیه السّلام) ، وما كان بعد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وأخبره بأمر الرجلين، فقبل منه، ثمّ قال له فمن كان بعد أمير المؤمنين (علیه السّلام) ؟

قال: الحسن (علیه السّلام) ، ثم الحسين (علیه السّلام) ، حتّی انتهى إلى نفسه، ثم سكت.

قال: فقال له: جعلت فداك، فمن هذا اليوم؟

قال: إذا أخبرتك تقبل ؟

قال: بلى جعلت فداك .

قال: أنا هو.

قال: فشيء أستدل به .

قال: إذهب إلى تلك الشجرة - وأشار بيده إلى أم غيلان - وقل لها يقول لك موسى

ص: 270

بن جعفر: أقبلي.

قال: فأتيتها فرأيتها والله تخرّ الارض خدّاً حتّی وقفت بين يديه، ثمّ أشار إليها فرجعت

قال: فأقرّ به، ثمّ لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلّم بعد ذلك أبداً (1).

حديث الأسد والمغرم

26 - ابن بابويه في أماليه وعيون الأخبار: قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار وسعد بن عبدالله جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، قال: استدعى الرشيد رجلاً يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر (علیه السّلام) و يقطعه ويخجله في المجلس، فانتدب له رجل مغرم، فلمّا أحضرت المائدة عمل ناموساً على الخبز ، فكان كلّما رام أبو الحسن (علیه السّلام) تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه ،استفزّ هارون الفرح والضحك لذلك، فلم يلبث أبو الحسن (علیه السّلام) أن رفع رأسه إلى أسد مصوّر على بعض الستور ، فقال له يا أسد الله خذ عدوّ الله.

قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المغرم، فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشياً عليهم، وطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه، فلما أفاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لأبي الحسن (علیه السّلام): أسألك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل.

فقال : إن كانت عصا موسى ردّت ما ابتلعت من حبال القوم وعصيّهم، فإنّ هذه

ص: 271


1- الكافي : 352/1، ح 8 الثاقب في المناقب 455، ح 1.

الصورة تردّ ما ابتلعه من هذا الرجل، فكان ذلك أعمل الأشياء في إفاقة نفسه (1).

علمه بما في النفس

27 - الشيخ في التهذيب: بإسناده عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين أنّ بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي (علیه السّلام) يسأله عن الصلاة على الزجاج.

قال: فلما نفذ كتابي إليه تفكرت وقلت هو ممّا أنبتت الأرض، وما كان لي أن أسأل عنه. فكتب إليه: لا تصلّ على الزجاج وإن حدثتك نفسك أنه ممّا أنبتت الأرض، ولكنّه من الملح والرمل، وهما ممسوخان (2).

علمه بالآجال

28 - ثاقب المناقب: عن خالد بن نجيح، قال: قال لي أبو الحسن (علیه السّلام) : افرغ فيما بينك وبين الناس في سنة أربع وسبعين ومائة حتّی يجيئك كتابي، فاخرج وانظر ما عندك و ابعث إليّ، ولا تقبل من أحد شيئاً، وخرج إلى المدينة، وبقي خالد بمكة، فبقى خالد بعد المدة خمسة عشر يوماً ثم مات (3).

علمه بالآجال

29 - ثاقب المناقب: عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن هشام قال أردت شراء جارية بمنى، فكتبت إلى أبي الحسن ع(علیه السّلام) أستشيره في ذلك، فأمسك ولم يخبر.

قال: فإنّي من الغد عند مولى الجارية إذ مرّ بي وهي جالسة عند جوارٍ تتحدث مع جارية، فنظر إليها، ثم رجع إلى منزله وقال لي: لا بأس، إن لم يكن في عمرها قلّة

ص: 272


1- أمالي الصدوق (127، ح 19؛ عيون الأخبار الرضا 95/1 ، ح 1.
2- تهذيب الأحكام 304/2، ح 87 .
3- الثاقب في المناقب 434 ، ح 2؛ بصائر 265، ح 12 .

فأمسكت عن شرائها، فلم أرجع من مكة حتّى ماتت (1).

الجواب قبل السؤال

30 - ثاقب المناقب: عن علي بن يقطين قال: أردت أن أكتب إلى أبي الحسن موسیٰ (علیه السّلام) : أيتنوّر الرجل وهو جنب؟

فكتب إليّ أشياء ابتداءً منه أولها : النورة تزيد الرجل نظافة، ولكن لا يجامع الرجل و هو مختضب، ولا تجامع المرأة وهي مختضبة (2).

علمه بمنطق الطير

31 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: روى أحمد بن محمّد المعروف ،بغزال، قال: كنت جالساً مع أبي الحسن (علیه السّلام) في حائط له إذ جاء عصفور فوقع بين يديه، وأخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب، فقال لي: أتدري ما يقول هذا العصفور ؟

قلت: الله ورسوله ووليه أعلم.

فقال: يقول: يا مولاي إنّ حيّةً تريد أن تأكل فراخي في البيت، فقم بنا ندفعها عنه و عن فراخه، فقمنا ودخلنا البيت فإذا حيّة تجول في البيت فقتلناها (3).

علمه بما يكون

32 - محمّد بن يعقوب عن علىّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن موسى بن القاسم البجلي، عن عليّ بن جعفر قال: جاءني محمّد بن إسماعيل وقد اعتمر عمرة رجب ونحن يومئذٍ بمكة. فقال: يا عمّ إني أريد بغداد، وقد أحببت أن أودّع عمّي

ص: 273


1- الثاقب في المناقب 435 ، ح 6 ؛بصائر 263 ، ح 4 .
2- الثاقب في المناقب 438 ، ح 3.
3- دلائل الإمامة 172 .

أبا الحسن، يعني موسى بن جعفر (علیه السّلام) ، وأحببت أن تذهب معي إليه، فخرجت معه نحو أخي وهو في داره التي بالحوبة، وذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب، فأجابني أخي، فقال: من هذا؟

فقلت: عليّ .

فقال: هو ذا أخرج، وكان بطيء الوضوء.

فقلت: العجل.

قال: وأعجل، فخرج وعليه إزار ممشّق (1) قد عقده في عنقه حتّی قعد تحت عتبة الباب، قال علي بن جعفر: فانكببت عليه فقبلت رأسه وقلت: قد جئتك في أمر إن تره صواباً فالله وفّق له، وإن يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطىء.

قال: وما هو ؟

قلت: هذا ابن أخيك يريد أن يودعك، ويخرج إلى بغداد.

فقال لي: أدعه، فدعوته وكان متنحياً، فدنا منه، فقبل رأسه، وقال: جعلت فداك، أوصني.

فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي.

فقال مجيباً له: من أرادك بسوءٍ فعل الله به، وجعل يدعو على من يريده بسوء، ثمّ عاد فقبّل رأسه، ثمّ قال: يا عمّ أوصني؟

فقال: أوصيك أن تتقي الله فى دمى.

فقال: من أرادك بسوءٍ فعل الله به وفعل، ثمّ عاد فقبل رأسه، ثمّ قال: يا عمّ، أوصني.

فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي، فدعا على من أراده بسوء، ثمّ تنحى عنه ومضيت معه، فقال لي أخي فقال لي أخي يا علي مكانك فقمت مكاني، فدخل منزله، ثم دعاني

ص: 274


1- المَشق: طينُ يُصبغ به الثّوب، فيقال: ثوبُ مُمَشَّق .

فدخلت إليه، فتناول صرّة فيها مائة دينار فأعطانيها، وقال: قل لابن أخيك يستعين بها على سفره.

قال علي: فأخذتها فأدرجتها في حاشية ردائي، ثم ناولني مائة أخرى، وقال: إعطه أيضاً، ثم ناولني صرّة أخرى فقال: إعطه أيضاً.

فقال: إذا وصلته وقطعني قطع الله أجله، ثمّ تناول مخدة آدم فيها ثلاثة آلاف درهم وضح فقال: إعطه هذه أيضاً .

قال: فخرجت إليه فأعطيته المائة الأولى، ففرح بها فرحاً شديداً، ودعا لعمّه، أعطيته المائة الثانية والثالثة، ففرح بها حتّی ظننتُ أنه سيرجع ولا يخرج، ثمّ أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضى على وجهه حتّی دخل على هارون، فسلّم عليه بالخلافة، وقال: ما ظننت أنّ في الأرض خليفتين حتّی رأيت عمّي موسى بن جعفر يسلّم عليه بالخلافة، فأرسل إليه هارون بمائة ألف درهم فرماه الله بالذَّبحة (1)، فما نظر منها إلى درهم ولا مسّه (2).

الأسودُ الّذي ظهر للرشيد

33 - محمّد بن علي بن بابويه في عيون الأخبار: قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال : حدّثنی علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبدالله بن صالح، قال: حدّثنا صاحب الفضل بن الربيع عن الفضل بن الربيع قال: كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض الجواري، فلمّا كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة، فراعني ذلك، فقالت الجارية: لعلّ هذا من الريح.

ص: 275


1- الذُّبحَة: داءٌ يأخذ فى الحلق فيقتل.
2- الكافي 1 / 485، ح 8 رجال الكشي 263، ح 478.

فلم يمض إلّا يسير حتّی رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح، وإذا مسرور الكبير قد دخل عليّ، فقال لي: أجب الأمير، ولم يسلّم عليَّ، فيئست من نفسي وقلت: هذا مسرور دخل على بلا إذن ولم يسلّم ما هو إلا القتل وكنت جنباً فلم أجسر أن أسأله إنظاري حتّی أغتسل، فقالت لي الجارية لمّا رأت تحيّري وتبلدي: ثق بالله عزّوجلّ وانهض فنهضت ولبست ثيابي، وخرجت معه حتّی أتيت الدار فسلمت على المؤمنين وهو في مرقده، فردّ عليّ السلام فسقطت، فقال: تداخلك رعب ؟

قلت نعم يا أمير المؤمنين، فتركني ساعةً حتّى سكنت، ثمّ قال لي: صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر بن محمّد (علیه السّلام)، وادفع إليه ثلاثين ألف درهم، واخلع عليه خمس خلع، واحمله على ثلاثة مراكب، وخيّره بين المقام معنا أو الرحيل عنا إلى أي بلاد أراد وأحبّ.

فقلت: يا أمير المؤمنين، تأمر بإطلاق موسى بن جعفر ؟

قال لي: نعم، فكرّرت ذلك عليه ثلاث مرّات.

فقال لي: نعم، ويلك أتريد أن أنكث العهد؟

فقلت: يا أمير المؤمنين، وما العهد؟

قال: بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني اَسْوَد ما رأيت من السودان أعظم منه، فقعد على صدري، وقبض على حلقي ، وقال لي: حبست موسى بن جعفر ظالماً له؟

فقلت: وأنا أطلقه وأهب له، وأخلع عليه، فأخذ عليّ عهد الله عزّوجل وميثاقه، وقام عن صدري، وقد كادت نفسي تخرج.

فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر (علیه السّلام) وهو في حبسه، فرأيته قائماً يصلّي، فجلست حتّى سلّم، ثمّ أبلغته سلام أمير المؤمنين، وأعلمته بالذي أمرني به في أمره، وأني قد أحضرت ما وصله به .

ص: 276

فقال : إن كنت أمرت بشيء غير هذا فافعله؟

فقلت: لا، وحق جدك رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ما أمرت إلا بهذا، فقال: لا حاجة لي في الخلع والحملان والمال إذا كانت فيه حقوق الأُمّة.

فقلت: ناشدتك بالله أن لا تردّه فيغتاظ .

فقال: إعمل به ما أحببت فأخذت بيده (علیه السّلام) وأخرجته من السجن، ثمّ قلت له: يابن رسول الله، أخبرني ما السبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل، فقد وجب حقّي عليك لبشارتي إيّاك، ولما أجراه الله تعالى على يدي من هذا الأمر، فقال (علیه السّلام) :رأيت النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ليلة الأربعاء في النوم، فقال لي: يا موسى، أنت محبوس مظلوم؟

فقلت: نعم يا رسول الله محبوس مظلوم، فكرّر على ذلك ثلاثاً، ثمّ قال: ﴿ وإنْ أدري لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتَاعُ إلى حين)(1) أصبح غداً صائماً، وأتبعه بصيام الخميس والجمعة، فإذا كان وقت الإفطار فصل إثنتي عشرة ركعة، تقرأ في كل ركعة الحمد مرّة وإثنتي عشرة مرّة قل هو الله أحد، فإذا صليت منها أربع ركعات فاسجد، ثم قل: يا سابق الفوت، ويا سامع كل صوت ويا محيي العظام وهي رميم بعد الموت، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلّي على محمّد عبدك ورسولك، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وأن تُعجل لي الفرج ممّا أنا فيه، ففعلت، فكان الذي رأيت (2).

تعليم الثعبان من الجنّ

34 - السيد الرضي في المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة: قال: روى أحمد بن حنبل، قال: دخلت في بعض الأيام على الإمام موسى بن جعفر (علیه السّلام) حتّی أقرأ عليه

ص: 277


1- الأنبياء 111 .
2- عيون أخبار الرضا 73/1، ح 4.

وإذا بثعبان قد وضع فمه على أذن موسى (علیه السّلام) كالمحدث له، فلما فرغ حدّثه موسى حديثاً لم أفهمه، ثمّ انساب الثعبان، فقال: يا أحمد، هذا رسول من الجنّ قد اختلفوا في مسألة، فجاءني يسألني عنها، فأخبرته، فبالله عليك يا أحمد، لا تخبر بهذا إلا بعد موتي، فما أخبرت به حتّی مات.

قطع المسافة البعيدة في الوقت القصير

3 - في عيون المعجزات: عن محمّد بن علي الصوفي، قال: استأذن إبراهيم الجمال (رضي الله عنه) على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه، فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر (علیه السّلام) فحجبه، فرآه ثاني يومه، فقال عليّ بن يقطين يا سيدي، ما ذنبي ؟

فقال: حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال، وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال فقلت يا سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟

فقال: إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك و غلمانك، واركب نجيباً (1) هناك مسرّجاً.

قال: فوافئ البقيع، وركب النجيب، ولم يلبث أن أناخه عليّ بباب إبراهيم الجمال بالكوفة، فقرع الباب، وقال: أنا علي بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليّ بن يقطين الوزير ببابي؟

فقال علي بن يقطين: يا هذا، إنّ أمري عظيم ، وآلى عليه الإذن له، فلما دخل قال: يا إبراهيم، إنّ المولى (علیه السّلام) أبى أن يقبلني أو تغفر لي.

ص: 278


1- النجيب من الفرس: خيارها وكريمها.

فقال: يغفر الله لك، فآلئ علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خدّه، فامتنع إبراهيم من ذلك، فالى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدّه وعلى بن يقطين يقول: أللهم اشهد ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر (علیه السّلام) بالمدينة، فأذن له ودخل عليه، فقبله (1).

علمه بما دبّر له فى الطعام

36 - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محمّد بن بشار قال: حدّثنی شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممّن كان ينقل عنه قال: قال لي: قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه، فقلت له: من وكيف رأيته؟

:قال جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلاً من الوجوه المنسوبين إلى الخير فأدخلنا على موسى بن جعفر (علیه السّلام) ، فقال لنا السندي يا هؤلاء، أنظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث؟ فإنّ الناس يزعمون أنه قد فعل به ويكثرون في ذلك، وهذا منزله وفراشه موسّع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءاً، وإنما ينتظر به أن يقدم فيناظر أميرالمؤمنين، وهذا هو صحيح موسّع عليه في جميع أموره فاسألوه.

قال: ونحن ليس لنا همّ إلّا النظر إلى الرجل وإلى فضله وسمته.

فقال موسى بن جعفر(علیه السّلام): أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر غير أني أخبركم أيها النفر إنّي قد سقيت السمّ في سبع تمرات، وأنا غداً أخضر، وبعد غدٍ أموت .

قال: فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة (2).

ص: 279


1- عيون المعجزات 100 ؛ الثاقب في المناقب 458 ، ح 4.
2- الكافي 258/1، ح 2.

علمه بالآجال

37 - ثاقب المناقب والراوندي، قالا: قال إسحاق بن منصور: سمعت أبي يقول: سمعت موسى بن جعفر (علیه السّلام) يقول ناعياً إلى رجل من الشيعة نفسه، فقلت في نفسي: وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته !

فالتفت إليّ فقال: إصنع ما أنت صانع، فإنّ عمرك قد فني، وقد بقي منه دون سنتين وكذلك أخوك لا يمكث بعدك إلّا شهراً واحداً حتّی يموت ، وكذلك عامة أهلك، وتشتت كلمتهم، ويتفرّق جمعهم، ويشمت بهم أعداؤهم و هم يصيرون رحمة لإخوانهم، أكان هذا في صدرك ؟

فقلت: أستغفر الله ممّا عرض في صدري منكم. فلم يستكمل منصور سنتين حتّی مات، ومات بعده بشهر أخوه، ومات عامّة أهل بيته، وأفلس بقيتهم وتفرّقوا حتّی احتاج من بقي منهم إلى الصدقة (1).

علمه بما يكون

38 - الراوندي: قال: روي عن المعلى بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن بكّار القمّي، قال: حججت أربعين حجة، فلمّا كان في آخرها أُصبت بنفقتي بجمع، فقدمت مكّة فأقمت حتّی يصدر الناس، ثمّ قلت: أصير إلى المدينة فأزور رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وأنظر إلى سيدي أبي الحسن موسى (علیه السّلام) وعسى أن أعمل عملاً بيدي فأجمع شيئاً فأستعين به على طريقي إلى الكوفة، فخرجت حتّی صرت إلى المدينة، فأتيت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فسلّمت عليه، ثمّ جئت إلى المصلّى إلى الموضع الذي يقوم فيه الفعلة، فقمت فيه رجاء أن يسبب الله لي عملاً أعمله، إلى أن قال .

ص: 280


1- الثاقب في المناقب 461 ح 8 ؛الخرائج 310/1، ح 3.

ثمّ قال الإمام: أخرج غداً قلت نعم، جعلت فداك، ولم أستطع أن أردّه، ثم ذهب وأتاني رسوله، فقال: إنّ أبا الحسن (علیه السّلام)، قال : إنتنى غداً قبل أن تذهب .

فقلت: سمعاً وطاعة، فلمّا كان من الغد أتيته فقال: أخرج الساعة حتّی تصير إلى فيد، فإنك توافي قوماً يخرجون إلى الكوفة، وخذ هذا الكتاب فادفعه إلى عليّ بن أبي حمزة.

قال: فانطلقت فلا والله ما تلقاني خلق حتّی صرت إلى فيد، فإذا قوم قد تهيأوا للخروج إلى الكوفة من الغد، فاشتريت بعيراً، وصحبتهم إلى الكوفة فدخلتها ليلاً، فقلت: أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه، ثم أغد و بكتاب مولاي إلى علي بن أبي حمزة، فأتيت منزلي فأخبرت أنّ اللصوص دخلوا إلى حانوتي قبل قدومي بأيام.

فلمّا أن أصبحت صليت الفجر، فبينا أنا جالس متفكّر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع عليَّ الباب، فخرجت وإذا هو علي بن أبي حمزة، فعانقته وسلّمت عليه، ثمّ قال لي: يا بكار هات كتاب سيدي.

قلت: نعم، وإنني قد كنت على عزم المجيء إليك الساعة. قال: هات قد علمت أنك أتيت ممسياً، فأخرجت الكتاب وسلّمته إليه، فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وبكى. فقلت: ما يبكيك؟

قال: شوقاً إلى سيّدي، ففضّه وقرأه، ثمّ رفع رأسه إليّ وقال: يا بكار دخل عليك اللّصوص؟

قلت: نعم.

قال: فأخذوا ما كان في حانوتك؟

قلت: نعم.

فقال: إنّ الله قد ردّ عليك، قد أمرني مولاي ومولاك أن أخلف عليك ما ذهب

ص: 281

منك، وأخرج صرّة فيها أربعون ديناراً، فدفعها إلي. قال: فقومت ما ذهب منّي فإذا قيمته أربعون ديناراً، فقرأ عليّ الكتاب وإذا فيه إدفع إلى بكار قيمة ما ذهب من حانوته، وهو أربعون دينارا (1).

الخروج من السجن وعلمه بما يكون

39 - ابن شهر اشوب: عن أبي الأزهر ناصح بن عليّة البرجمي في حديث طويل جمعني مسجد بإزاء دار السندي بن شاهك وابن السكيت، فتفاوضنا في العربيّة ومعنا رجل لا نعرفه، فقال: يا هؤلاء، أنتم إلى إقامة دينكم أحوج منكم إلى إقامة ألسنتكم ، وساق الكلام إلى إمام الوقت وقال: ليس بينكم وبينه غير هذا الجدار.

قلنا: تعني هذا المحبوس موسى؟

قال: نعم.

قلنا: سترنا عليك، فقم من عندنا خيفة أن يراك أحد جليسنا فنؤخذ بك.

قال: والله لا يفعلون ذلك أبداً، والله ما قلت لكم إلا بأمره، وإنّه ليرانا و یسمع كلامنا، ولو شاء أن يكون ثالثنا لكان.

قلنا: فقد شئنا فادعه إلينا، فإذا قد أقبل رجل من باب المسجد داخلا كادت لرؤيته العقول أن تذهل، فعلمنا أنه موسى بن جعفر (علیه السّلام) ، ثم قال: أنا هذا الرجل، وتركنا وخرج من المسجد مبادراً، فسمعنا وجيباً شديداً وإذا السندي بن شاهك يعدو داخلاً إلى المسجد معه جماعة، فقلنا: كان معنا رجل فدعانا إلى كذا وكذا، ودخل هذا الرجل المصلي، وخرج ذاك الرجل ولم نره، فأمر بنا فأمسكنا.

ثمّ تقدّم إلى موسى وهو قائم في المحراب، فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال:

ص: 282


1- الخرائج 1 / 319، ح 13؛ الثاقب في المناقب 211، ح 15 .

يا ويحك كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراء الأبواب والأغلاق والأقفال وأردّك ،فلو كنت هربت كان أحبّ إليَّ من وقوفك هاهنا أتريد يا موسى أن يقتلني الخليفة؟

قال: فقال موسى ونحن والله نسمع كلامه كيف أهرب ولله في أيديكم موقت لي يسوق إليها أقداره وكرامتي على أيديكم - في كلام له - قال: فأخذ السندي بيده ومشى، ثمّ قال للقوم: دعوا هذين واخرجوا إلى هذا الطريق، فامنعوا أحداً يمر من الناس حتّی أمر أنا وهذا إلى الدار(1) .

خبر الجارية التي أهديت إليه في السّجن

40 - ابن شهر اشوب قال: في كتاب الأنوار: قال العامري: إنّ هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية خصيفة (2)، لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن، فقال: قل له: (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) (3) لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها.

قال: فاستطار هارون غضباً وقال: إرجع إليه، وقل له: ليس برضاك حبسناك ولا برضاك أخدمناك، واترك الجارية عنده وانصرف.

قال: فمضى ،ورجع، ثمّ قام هارون عن مجلسه وأنفذ الخادم إليه ليتفحّص عن حالها، فرآها ساجدة لربّها لا ترفع رأسها تقول: قدوس سبحانك سبحانك.

فقال هارون: سحرها والله موسى بن جعفر بسحره، عليَّ بها، فأتي بها وهي ترعد شاخصة نحو السماء بصرها، فقال: ما شأنك؟

قالت: شأني الشأن البديع، إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلّي ليله ونهاره، فلمّا انصرف عن صلاته بوجهه وهو يسبّح الله ويقدسه قلت: يا سيدي هل لك حاجة

ص: 283


1- مناقب ابن شهر اشوب 296/4 .
2- خصيفة: بيضاء.
3- النمل 36.

أُعطيكها ؟

قال: وما حاجتي إليك؟

قلت: إنّي أدخلت عليك لحوائجك.

قال : فما بال هؤلاء؟

قالت: فالتفت فإذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري، ولا أولها من آخرها، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج وعليها وصفاء (1) ووصائف لم أر مثل وجوههم حسناً، ولا مثل لباسهم ،لباساً، عليهم الحرير الأخضر، والأكاليل والدرّ والياقوت و فى أيديهم الأباريق والمناديل، ومن كلّ الطعام، فخررت ساجدة حتّی أقامني هذا الخادم فرأيت نفسي حيث كنت .

قال: فقال هارون يا خبيثة، لعلّك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك.

قالت: لا والله يا سيّدي إلا قبل سجودي رأيت، فسجدت من أجل ذلك.

فقال الرشيد: إقبض هذه الخبيئة إليك، فلا يسمع هذا منها ، أحد فأقبلت في الصلاة ،فإذا قيل لها في ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح (علیه السّلام) فسئلت عن قولها .

قالت: إنّي لما عاينت من الأمر نادتني الجواري يا فلانة، إبعدي عن العبد الصالح حتّی ندخل عليه، فنحن له دونك فما زالت كذلك حتّی ماتت، وذلك قبل موت موسى بأيام يسيرة (2).

ص: 284


1- الوصيف والوصيفة: الخادم والخادمة .
2- مناقب ابن شهر اشوب .297/4 .

معاجز الإمام علي بن موسى (علیه السّلام)

يده كأنها عشرة مصابيح

ص: 285

ص: 286

معاجز الإمام الرضا (علیه السّلام)

1 - محمّد بن يعقوب عن أحمد بن مهران (رحمه لله) ، عن محمّد بن عليّ عن الحسن بن منصور، عن أخيه قال:

دخلت على الرّضا (علیه السّلام) في بيت داخل في جوف بيت ليلاً، فرفع يده، فكانت كأنّفي البيت عشرة مصابيح واستأذن عليه رجل فخلّى يده ثم أذن له.

وهذا الحديث ذكره صاحب ثاقب المناقب وابن شهر اشوب (1).

علمه بما يكون

2 - محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا (علیه السّلام):

إنه خرج من المدينة - في السنة التي حجّ فيها هارون يريد الحج، فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق - وأنت ذاهب إلى مكّة - يقال له: فارع ، فنظر إليه أبو الحسن (علیه السّلام)

ص: 287


1- الكافي / 47 ، ح 3: الثاقب في المناقب 153 ، ح 140 مناقب ابن شهر اشوب 348/4 .

ثم قال: باني فارع وهادمه يُقطع إربا إرباً.

فلم ندر ما معنى ذلك. فلمّا ولّى وافى هارون، ونزل بذلك الموضع، صعد جعفر بن يحيى ذلك الجبل، وأمر أن يُبنى له ثَمَّ ،مجلس ، فلمّا رجع من مكة صعد إليه فأمر بهدمه، فلما انصرف إلى العراق قُطَّعَ إربا إرباً (1).

علمه بما يكون

3 - محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن مسافر وعن الوشّاء، عن مسافر قال: لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمّد بن جعفر، قال لي أبو الحسن الرضا (علیه السّلام) اذهب إليه وقل له: لا تخرج غداً، فإنَّك إن خرجت غداً هُزمتَ وقتل أصحابك، فإن سألك مِن أينَ علمت هذا؟ فقل: رأيت في النوم.

قال: فأتيته فقلت له: جعلت فداك، لا تخرج غداً، فإنك إن كنت خرجت هُزمت وقُتل أصحابك، فقال لي: من أين علمت هذا؟ فقلت: رأيت في النوم.

فقال : نام العبد ولم يغسل إسته، ثمّ خرج فانهزم وقتل أصحابه (2).

الذهب يسيل من بين أصابعه

4 - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن محمّد القاساني قال: أخبرني بعض أصحابنا، أنه حمل إلى أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) مالاً له خطر، فلم أره سرّ به.

ص: 288


1- الكافي 1 / 488 ، ح 5.
2- الكافي 491/1 ، ح 9 .

قال: فاغتممت لذلك وقلت في نفسي: قد حملت مثل هذا المال ولم يسرّ به، فقال: یا غلام الطست والماء. قال: فقعد على كرسي وقال بيده للغلام: صبّ علىَّ الماء. قال: فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذَهَبٌ، ثم التفت إليَّ فقال لي: مَنْ كان هكذا لا يبالي بالّذي حملته إليه (1).

إخراج الماء من صخرة

5- أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا وكيع، قال: رأيت علي بن موسى الرّضا (علیهما السّلام) في آخر أيامه، فقلت: يا بن رسول الله أريد أن أحدّث عنك معجزة فأرنبها، فرأيته أخرج لنا ماءً من صخرة فأسقانا فشرينا (2).

تحويل التبن ذهباً

6 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد البلوي قال: قال عمارة بن زيد: رأيت عليّ بن موسى الرضا (علیهما السّلام) ، فكلمته في رجل أن يصله بشيء، فأعطاني مخلاة تبن، فاستحيت أن أراجعه، فلمّا وصلت باب الرّجل فتحتها فإذا كلّها دنانير، فاستغنى الرّجل وعقبه ، فلمّا كان من الغد أتيته فقلت: يابن رسول الله إن ذلك التِّين تحوّل ذهباً. قال: لهذا دفعناه إليك (3).

ص: 289


1- الكافي 491/1 ، ح 10.
2- دلائل الإمامة 186 .
3- دلائل الإمامة 186 .

إحياء ميّت

7 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا معلى بن فرج، قال: حدّثنا معبد بن حنبل الشامي، قال: دخلت على عليّ بن موسى الرّضا (علیه السّلام) فقلت له: قد كثر الخوض فيك وفي عجائبك، فلو شئت أنبأتني بشيء أحدثه عنك؟

فقال: وما تشاء؟

فقلت: تحيي لي أبي وأمي.

فقال لي: إنصرف إلى منزلك فقد أحييتهما لك. فانصرفت والله وهما في البيت أحياء، فأقاما عندي عشرة أيام، ثمّ قبضهما الله تبارك وتعالى (1).

إخراج الفواكه

8 - أبو جعفر محمّد جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد، قال: حدّثنا عمارة بن زيد، قال: صَحبْتُ عليّ بن موسى الرضا (علیهما السّلام) إلى مكة ومعي غلام لي، فاعتل في الطريق فاشتهى العنب ونحن في مفازة (2)، فوجه إليّ الرّضا (علیه السّلام) فقال : إن غلامك يشتهي العنب فانظر أمامك، فنظرت وإذا أنا بكرم لم أر أحسن منه وأشجار ،رمان، فقطعت عنباً ورماناً وأتيت به الغلام فتزوّدنا منه إلى مكة ورجعت منه إلى بغداد، فحدثت الليث بن سعد وإبراهيم بن سعيد الجوهري، فأتيا الرّضا (علیه السّلام) فأخبراه.

فقال لهما الرضا (علیه السّلام): وما هي ببعيد منكما ها هو ذا، فإذا هم ببستان فيه من كلِّ

ص: 290


1- دلائل الإمامة 186-187 .
2- المفازة: البرية القفر الخالية من الماء.

نوع، فأكلنا وادخرنا (1).

علمه بالغائب

9 - محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد ،محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، قال: أتيت خراسان وأنا واقف، فحملت معي متاعاً، وكان معي ثوب وشي(2) في بعض الرّزم (3) ولم أشعر به ولم أعرف مكانه، فلما قدمت مرو ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض مولّديها فقال لي:

إنّ أبا الحسن الرّضا (علیه السّلام) يقول لك: إبعث إليّ الثوب الوشي الذي عندك .

قال: فقلت: ومن أخبر أبا الحسن بقدومي، وأنا قدمت آنفاً؟ وما عندي ثوب وشي، فرجع إليه وعاد إليَّ ، فقال : يقول لك: بلى هو في موضع كذا وكذا ورزمة كذا وكذا.

فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرّزمة، فبعثت به إليه (4).

علمه بما في النفس

10 - محمّد بن يعقوب بإسناده يعقوب بإسناده عن إبن فضال، عن عبد الله بن المغيرة قال: كنت واقفاً وحججت على تلك الحال، فلمّا صرت بمكة خلج في صدري شيء، فتعلقت بالملتزم، ثم قلت :

اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي، فأرشدني إلى خير الأديان.

ص: 291


1- دلائل الإمامة 187 .
2- وشّى الثّوب: حسَّنَه بالألوان ونمنعه ونَقَشَه.
3- الرّزمة: التّياب المشدودة في ثوب واحد.
4- الكافي 1 / 354، ح 12 .

فوقع في نفسي أن آتي الرّضا، فأتيت المدينة فوقفت ببابه، وقلت للغلام: قل لمولاك: رجلٌ من أهل العراق بالباب.

قال: فسمعت نداءه (علیه السّلام) وهو يقول: أدخل يا عبد الله بن المغيرة، أدخل يا عبد الله ابن المغيرة فدخلت، فلما نظر إليَّ قال لي:

قد أجاب الله دعاءك، وهداك لدينه، فقلت: أشهد أنك حجّة الله وأمينه على خلقه (1).

علمه بالغائب

11 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال أخبرني أبو الحسين، عن أبيه، عن أبي عليّ محمّد بن همام قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن مسعود الربعي السمرقندي قال: حدّثنی عبيدالله بن الحسن ، عن الحسن بن علي الوشّاء قال: وجّه إليَّ أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا (علیهما السّلام) و نحن بخراسان - ذات يوم بعد صلاة العصر، فلما دخلت إليه قال لي يا حسن، توفّى عليّ بن أبي حمزة البطائني في هذا اليوم، وأدخل قبره في هذه الساعة، فأتياه ملكا القبر فقالا له: من ربك؟.

فقال: الله ربّي.

قالا: فمن نبيّك ؟

قال : محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

قالا: فما دينك ؟

ص: 292


1- الكافي 1/ 355، ح 3 .

قال: الإسلام.

قالا: فما كتابك

قال: القرآن

قالا: فمن وليك؟

قال: علي(علیه السّلام).

قالا: ثم من؟

قال : ثم الحسن (علیه السّلام).

قالا: ثم من؟ ، قال : ثم الحسين (علیه السّلام)

قالا: ثمّ مَنْ؟ قال: ثمّ علي بن الحسين (علیهما السّلام).

قالا: ثم من؟ قال: ثم محمّد بن علي (علیهما السّلام) .

قالا: ثمّ مَنْ؟ قال: ثم جعفر بن محمّد (علیهما السّلام).

قالا: ثم من؟ قال: ثم موسى بن جعفر ع(علیه السّلام).

قالا: ثم من؟ فتلجلج لسانه، فأعادا عليه، فسكت .

قالا :له أفموسى بن جعفر (علیه السّلام) أمرك بهذا ؟

ضرباه بمرزبة (1) ألقياه على قبره، فهو يلتهب إلى يوم القيامة.

قال الحسن بن عليّ: فلما خرجت كتبت اليوم ومنزلته في الشهر، فما مضت الأيام حتّی وردت علينا كتب الكوفيين بأنّ عليّ بن أبي حمزة توفّي في ذلك اليوم، وأدخل قبره

ص: 293


1- المِرْزَبَةُ: المطرقة الكبيرة التي تكون للحدّاد.

في الساعة التي قال أبو الحسن (علیه السّلام) (1).

خبر رؤيا التمر

12 - ابن بابویه: قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى، عن أبي حبيب النباجي أنه قال:

رأيت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في المنام، وقد وافي النباج ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج في كلّ سنة، وكأني مضيت إليه وسلّمت عليه ووقفت بين يديه، ووجدت عنده طبقاً من خوص المدينة فيه تمر صيحاني، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه، فعددته فكان ثمانية عشر ،تمرة، فتأوّلت أنّى أعيش بعدد كلّ تمرة سنة.

فلما كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض بين يدي تعمر للزراعة، حتّی جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرّضا (علیه السّلام) من المدينة ونزوله ذلك المسجد، ورأيت الناس يسعون إليه.

فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، و تحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني، فسلّمت عليه، فردّ السّلام عليّ واستدناني، فناولني قبضة من ذلك التّمر ، فعددته فإذا عدده مثل ذلك العدد الذي ناولني رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم).

فقلت له: زدني منه يابن رسول الله. فقال الله : لو زادك رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لزدناك (2).

ص: 294


1- دلائل الإمامة 188- 189 .
2- عيون أخبار الرضا 2/ 210 ، ح 15؛ إعلام الورى 310 .

علمه بما يكون

13 - ابن بابویه قال: حدّثنی علي بن عبد الله الورّاق (رضي الله عنه) قال : حدّثنی سعد بن عبد الله ،عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن محمّد بن الفضيل قال: نزلت ببطن مرّ، فأصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي، فدخلت على الرّضا (علیه السّلام) بالمدينة، فقال: ما لي أراك متوجعاً؟

لت: إنّي لمّا أتيت بطن مرّ أصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي، فأشار (علیه السّلام) إلى الذي في جنبي تحت الإبط وتكلم بكلام وتفل عليه.

ثم قال (علیه السّلام) : ليس عليك من هذا بأس، ونظر إلى الذي في رجلي فقال:

قال أبو جعفر (علیه السّلام) : من بلي من شيعتنا ببلاء فصبر كتب الله تعالى له مثل أجر ألف شهید .

فقلت في نفسي: لا أبرأ والله من رجلي أبداً.

قال الهيثم: فما زال يعرج منها حتّی مات (1).

علمه بالآجال

14 - الطبرسي في إعلام الورى وابن شهراشوب في المناقب، قالا روي من طريق العامة، قالا: روى الحاكم أبو عبد الله الحافظ عن سعد بن سعد أنه قال: نظر الرّضا (علیه السّلام) إلى رجل فقال له: يا عبد الله أوص بما تريد، واستعد لما لابد منه.

فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيام (2).

ص: 295


1- عيون أخبار الرضا 221/2، ح 39 .
2- إعلام الورى 3110 ؛مناقب آل ابي طالب 341/4.

علمه بما في الرحم

15 - ابن شهر اشوب في المناقب: من كتاب الجلاء والشفاء عن محمّد بن عبد الله بن الحسن في خبر طويل قال المأمون قلت للرّضا عالي : الزاهرية حظيّتي (1) ومن لا أُقدّم عليها أحداً من جواري، وقد حملت غير مرة كلّ ذلك تسقط، فهل عندك في ذلك شيء ينتفع به؟ فقال: لا تخش من سقطها، ستسلم وتلد غلاماً صحيحاً مليحاً أشبه الناس بأمّه، وقد زاده الله مزيدتين في يده اليمنى خنصر.

وفي رجله اليمنى خنصر. فقلت في نفسي: هذه - والله - فرصة إن لم يكن الأمر على ما ذكر خلعته. فلم أزل أتوقع أمرها حتّی أدركها المخاض، فقلت للقيمة : إذا وضعت فجيئيني بولدها ذكراً كان أو انثى. فما شعرت إلّا والقيمة قد أتتنى بالغلام كما وصفه، زائد اليد والرجل كأنه كوكب درّي، فأردت أن أخرج من الأمر يومئذٍ وأسلم وأسلم ما في يدي إليه، فلم تطاوعني نفسي لكنّى دفعت إليه الخاتم فقلت:

دبّر الأمر، فليس عليك مني خلاف، وأنت المقدّم (2).

علمه بالغائب

16 - ثاقب المناقب: عن عليّ بن محمّد الشيرواني، عن عليّ بن أحمد الوشّاء الكوفي قال: خرجت من الكوفة إلى خراسان، فقالت لي إبنتي: خذ هذه الحلة فبعها واشترلي بثمنها فيروزجا.

قال: فأخذتها وشددتها في بعض متاعي، وقدمت مرو فنزلت في بعض الفنادق، فإذا غلمان على بن موسى المعروف بالرّضا (علیه السّلام) قد جاؤا فقالوا: نريد حلّة نكفّن فيها

ص: 296


1- حظيتي : أحبّ نسائي وأقربهن إلى قلبي .
2- مناقب ابن شهر اشوب 333/4 .

غلاماً مات.

فقلت: ما هي عندي، فمضوا وعادوا وقالوا: مولانا يقرؤك السلام ويقول معك حلّة في السَّفط الفلاني قد دفعتها إليك إبنتك، فقالت: إشتر لي بثمنها فيروزجاً وهذا ثمنها. فدفعتها إليهم وقلت :

والله لأسألته عن مسائل، فإن أجابني عنها فهو إمامي، فكتبتها وغدوت إلى بابه، فلم أصل إليه لكثرة إزدحام الناس، فبينا أنا جالس إذ خرج إليَّ خادم فقال لي: يا علي بن أحمد هذا جواب مسائلك التي معك ، فأخذتها فإذا ، جواب مسائلي بعينها (1).

الماء النابع والأثر الباقي

17 - ابن بابویه قال: حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الأنصاري، قال: حدّثنا عبدالسلام بن صالح الهروي، قال: لما خرج علي بن موسى الرضا (علیه السّلام) من نيسابور إلى المأمون، فبلغ قرب القرية الحمراء، قيل له: يابن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قد زالت الشمس أفلا تصلّى ؟ فنزل (علیه السّلام) فقال : إئتونى بماءٍ، فقيل: ما معنا ماء، فبحث (علیه السّلام) بيده الأرض فنبع من الماء ما توضّأ به هو وأصحابه ومن معه ، وأثره باقٍ إلى اليوم، فلما بلغ إلى سناباد استند إلى الجبل الذي تنحت منه القدور فقال:

اللّهمّ أنفع به، وبارك فيما يجعل فيه وفيما ينحت منه.

ثم أمر (علیه السّلام) فنحن له قدور من الجبل، وقال: لا يطبخ ما آكله إلّا فيها.

و كان (علیه السّلام) خفيف الأكل قليل الطعم، فاهتدى الناس إليه من ذلك اليوم، وظهرت بركة دعائه (علیه السّلام) فيه ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي، ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد، ثمّ خَطّ بيده إلى جانبه ثمّ قال (علیه السّلام) :

ص: 297


1- الثاقب في المناقب 479 ، ح 2 .

هذه تربتي، وفيها أُدفن، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبّتي ،والله ما يزورني منهم زائر ولا يسلّم عليَّ منهم مسلّم إلا وجب له غفران الله تعالى ورحمته بشفاعتنا أهل البيت.

ثم استقبل القبلة فصلى ركعات ودعا بدعوات، فلما فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها، فأحصيت له فيها خمسمائة تسبيحة، ثم انصرف (1).

إخراج الذهب من الأرض

18 - ثاقب المناقب: عن عليّ بن أسباط قال: ذهبتُ إلى الرّضا (علیه السّلام) في يوم عرفة، فقال لي: أسرج لي حماري، فأسرجت له حماره، ثمّ خرج من المدينة إلى البقيع يزور فاطمة (علیها السّلام) ، فزار وزرت معه، فقلت: سيدي على من أُسلّم؟

فقال لي: سلّم على فاطمة الزهراء البتول (علیها السّلام)، و على الحسن والحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى محمّد بن عليّ، وعلى جعفر بن محمّد، وعلى موسى بن جعفر عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيّات، فسلّمت على ساداتي ورجعت .

فلمّا كان في بعض الطريق قلت: سيّدي إنِّي ،معدم، وليس عندي ما أنفقه في عيدي هذا، فحكّ الأرض بسوطه، ثمّ ضرب بيده فتناول سبيكة ذهب فيها مائة دينار، فقال لي خذها، فأخذتها فأنفقتها في أمورى (2).

تمییزه شعر رسول الله من غيره

19 - ابن شهر اشوب: قال: وأتى رجل من ولد الأنصار بحقّة فضّة مقفل عليها وقال: لم يتحفك أحد بمثلها، ففتحها وأخرج منها سبع شعرات وقال:

ص: 298


1- عيون أخبار الرضا 2/ 136، ح 1.
2- الثاقب في المناقب 473 ، ح 1 .

هذا من شعر النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فميز الرضا (علیه السّلام) الأربع طاقات منها وقال:

هذا شعره، فقبل في ظاهره دون باطنه.

ثمّ إنّ الرّضا (علیه السّلام) أخرجه من الشّبهة، بأن وضع الثلاثة على النار فاحترقت، ثمّ وضع الأربعة فصارت كالذّهب (1).

تعليمه للسندي العربية

20 - ثاقب المناقب: عن أبي إسماعيل السندي قال: سمعت بالسند أنّ للّه تعالى في العرب حجة، فخرجت منها في الطلب، فدللت على الرّضا (علیه السّلام) فقصدته، فدخلت عليه و أنا لا أُحسن من العربية كلمة، فسلّمت عليه بالسنديّة، فردّ عليّ بها، فجعلت أُكلّمه بالسنديّة، وهو يجيبني بها.

فقلت له: إنّي سمعت بالسند أن الله في العرب حجة، فخرجت في الطلب.

فقال: أنا هو.

ثمّ قال : فسل عما تريد. فسألته عمّا أردت، فلمّا أردت القيام من عنده عنده قلت: إنّي لا أحسن من العربية شيئاً، فادع الله أن يلهمنيها لأتكلم بها مع أهلها، فمسح يده على شفتيّ فتكلمت بالعربية من وقتي ببركته (2).

نطق الجماد بإمامته

21 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا علي بن قنطرة الموصلي قال: حدّثنا سعد بن سلام، قال: أتيت عليّ بن موسى الرّضا (علیهما السّلام) وقد جاش الناس فيه وقالوا: لا يصلح للإمامة، فإنّ أباه لم يوص إليه، فقعد منّا عشرة رجال فَكَلَّمُوهُ، فسمعت

ص: 299


1- مناقب آل ابي طالب: 347/4 - 348.
2- الثاقب في المناقب 498 ، ح 6.

الجماد الذي من تحته يقول: هو إمامي وإمام كلّ شيء، وإنّه دخل المسجد الذي في المدينة - يعني: مدينة أبي جعفر - فرأيت الحيطان والخشب تكلّمه وتسلّم عليه ! (1).

علمه بما يكون

22 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: أخبرني أبوالحسين محمّد بن هارون، عن أبيه، عن محمّد بن الوليد، عن أبي محمّد الكوفي، قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، قال : فأقبل يحدّثنی ويسألني، إذ قال يا أبا محمّد، ما ابتلى الله عبداً مؤمناً ببليّة فصبر عليها إلّا كان له مثل أجر ألف شهيد.

قال: ولم يكن ذلك في ذكر شيء من العلل والمرض والوجع فأنكرت ذلك من قوله، وقلت: ما أخجل هذا - فيما بيني وبين نفسي - رجل أنا معه في حديث قد عنيت به إذ حدّثنی بالوجع في غير موضعه.

قال: فسلمت عليه وودعته، ثم خرجت من عنده، فلحقت بأصحابي وقد رحلوا، فاشتكيت رجلي من ليلتي قال فقلت: هذا مما تعنّيتُ .

فلما كان من الغد تورّمت، قال: ثمّ أصبحت وقد اشتد الورم، وضرب عليّ في الليل، فذكرت قوله (علیه السّلام) ، فلما وصلت إلى المدينة جرى منه القيح، وصار جرحاً عظيماً لا أنام ولا أقيم، فعلمت أنه حدّثنی لهذا المعنى، وبقي بضعة عشر شهراً صاحب فراش ثمّ أفاق ثم نكس منها فمات (2).

علمه بموت أبيه

23 - محمّد بن يعقوب: عن علىّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى عن مسافر

ص: 300


1- دلائل الإمامة 186 .
2- دلائل الإمامة 188؛ الهداية : 59 .

قال: أمر أبو إبراهيم (علیه السّلام) حسين أخرج به أبا الحسن (علیه السّلام)، أن ينام على بابه في كل ليلة أبداً ما كان حيّاً إلى أن يأتيه خبره.

قال: فكنّا في كلّ ليلة نفرش لأبي الحسن ع (علیه السّلام) في الدهليز، ثمّ يأتي بعد العشاء فينام، فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين.

فلما كان في ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له، فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال وذعروا، ودخلنا أمر عظيم من إبطائه. فلمّا كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى أمّ أحمد فقال لها : هاتي الذي أودعك أبي، فصرخت ولطمت وجهها و شقت جيبها وقالت مات والله سيدي فكفّها وقال لها: لا تتكلمي بشيء، ولا تظهريه حتّی يجيء الخبر إلى الوالي.

فأخرجت إليه سفطاً وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره، وقالت: إنّه قال لي فيما بيني وبينه - وكانت أثيرة (1) عنده : احتفظي هذه الوديعة عندكِ لا تطلعي عليها أحداً حتّی أموت فإذا مضيتُ فمَنْ أتاكِ من ولدي فطلبها منكِ فادفعيها إليه، واعلمي أني قدمت، وقد جاءني والله علامة سيّدي.

فقبض ذلك منها وأمرهم بالإمساك جميعاً إلى أن ورد الخبر وانصرف فلم يعد لشيء من المبيت كما كان يفعل، فما لبثنا إلّا أياماً يسيرة حتّی جاءت الخريطة (2) بنعيه ، فعددنا الأيام وتفقدنا الوقت، فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبو الحسن (علیه السّلام) ما فعل من تخلّفه عن المبيت وقبضه لما قبض (3).

ص: 301


1- أثيرة : مقدّمة على غيرها ومفضّلة.
2- الخريطة : هنة مثل الكيس تكون من الخِرَق، ومنه خرائط كتب السلطان.
3- الكافي 1/ 381، ح 6.

علمه بما يكون

24 - ابن بابویه قال: حدّثنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي(رحمه الله) ، قال : حدّثنی أبي وعليّ بن محمّد بن ماجيلويه جميعاً، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن الحسين بن موسى بن جعفر بن محمّد العلوي قال: كنّا حول أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) ونحن شبّان من بني هاشم، إذ مرّ علينا جعفر بن عمر العلوي و هو رتّ الهيئة، فنظر بعضنا إلى بعض وضحكنا من هيئته، فقال الرّضا (علیه السّلام) : لترونه عن قریب كثير المال كثير التبع.

فما مضى إلّا شهر أو نحوه حتّی ولي المدينة وحسنت حاله، فكان يمر بنا ومعه الخصيان والحشم، وجعفر هذا هو جعفر بن عمر بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب (علیهم السّلام) (1).

العين التي ظهرت

25 - ابن بابويه قال: حدّثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان (رحمه الله) ، قال : أخبرنا أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن حفص قال: حدّثنی مولى العبد الصالح أبي الحسن موسى بن جعفر (علیه السّلام) قال: كنت في جماعة مع الرّضا (علیه السّلام) في مفازة فأصابنا عطش شديد ودوابنا حتّى خفنا على أنفسنا.

فقال لنا الرّضا (علیه السّلام) : إئتوا موضعاً وصفه لنا، فإنّكم ستصيبون الماء فيه.

قال: فأتينا الموضع فأصبنا الماء وسقينا دوابنا حتّی روينا ورويت ومن معنا من القافلة، ثم رحلنا فأمرنا (علیه السّلام) بطلب العين، فطلبناها فما أصبنا إلا بعر الإبل، ولم نجد

ص: 302


1- عيون الأخبار 208/2 ، ح 11 .

للعين أثراً، فذكرت ذلك لرجل من ولد قنبر كان يزعم أن له مائة وعشرين سنة، فأخبرني القنبري بمثل هذا الحديث سواء.

قال: أنا كنت أيضاً معه في خدمته، وأخبرنى القنبري أنه كان في ذلك مصعداً إلى خراسان (1).

علمه بما يكون

26 - ابن بابويه قال أخبرنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه) قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطة قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن موسى بن عمر بن بزيع قال: كان عندي جاريتان حاملتان، فكتبت إلى الرّضا (علیه السّلام) أُعلمه ذلك، وأسأله أن يدعو الله تعالى أن يجعل ما في بطونهما ذكرين وأن يهب لي ذلك.

قال: فوقّع (علیه السّلام) : أفعل إن شاء الله تعالى، ثم ابتدأني (علیه السّلام) بكتاب مفرد نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم، عفانا الله وإياك بأحسن عافية في الدنيا والآخرة برحمته الأمور بيدالله عزّوجلّ، يمضي فيها مقاديره على ما يحبّ، يولد لك غلام وجارية إن شاء الله تعالى قسم الغلام محمّداً والجارية فاطمة على بركة الله تعالى.

قال: فولد لي غلام وجارية على ما قاله (علیه السّلام)(2).

الجواب قبل السؤال

27 - ابن بابويه قال: حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدّثنی سعد بنعبدالله، عن عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: تمنيت في نفسي إذا دخلت على أبى الحسن الرضا (علیه السّلام) أن أسأله كم أتى عليك من السنّ؟ فلمّا

ص: 303


1- عيون الأخبار 2 / 216، ح 25.
2- عيون أخبار الرضا 218/2 ، ح 20 .

دخلت علیه و جلست بين يديه جعل ينظر إليَّ ويتفرّس في وجهي، ثمّ قال: كم أتى لك؟

فقلت: جعلت فداك كذا وكذا.

قال: فأنا أكبر منك وقد أتى عليّ إثنتان وأربعون سنة. فقلت: جعلت فداك والله قد أردت أن أسألك عن هذا، فقال: قد أخبرتك (1).

استجابة دعائه

28 - محمّد بن يعقوب: عن علي، عن أبيه، عن داود النهدي، عن بعض أصحابنا قال: دخل إبن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) فقال له: أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك؟

فقال له: مالك أطفأ الله نورك وأدخل الفقر بيتك، أما علمت أنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكراً، فوهب له مريم، ووهب لمريم عيسى (علیهم السّلام) ، فعيسى من مريم، ومريم من عيسى، ومريم وعيسى (علیهم السّلام) شيء واحد. وأنا من أبي، وأبي منّي، وأنا و أبي شيء واحد!

فقال له إبن أبي سعيد: وأسألك عن مسألة؟

فقال: لا أخالك تقبل منّي ولست من غنمي، ولكن هلمها.

فقال: قال رجل عند موته: كلّ مملوك لي قديم فهو حرّ لوجه الله.

قال: نعم، إنّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه (حتّی عاد كالعرجون القديم )(2) فما كان من ممالكيه أتى عليه ستة أشهر فهو قديم حرّ.

قال: فخرج من عنده وافتقر حتّی مات ولم يكن عنده مبيت ليلة لعنه الله (3).

ص: 304


1- عيون الأخبار 220/2 ، ح 34 .
2- یس 39 .
3- الكافي /6 / 195، ح 6؛ التهذيب 231/8 ، ح 68 .

تعليمه الجن

29 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنی أبو المفضل محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا محمّد بن همام قال: حدّثنی أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم قال : حدّثنی أبي، عن بعض رجاله عن الهيثم بن واقد قال: كنت عند الرضا (علیه السّلام) بخراسان، وكان العبّاس يحجبه، فدعاني وإذا عنده شيخ أعور يسأله، فخرج الشيخ فقال لي: ردّ عليّ ،الشيخ، فخرجت إلى الحاجب فسألته.

فقال: لم يخرج علىَّ أحد.

فقال الرضا (علیه السّلام) : أتعرف الشيخ؟

فقلت: لا.

فقال: هذا رجل من الجنّ سألني عن مسائل، وكان فيما سألني عنه: مولودان ولدا في بطن ملتزقين مات أحدهما كيف يصنع به؟

قلت: ينشر الميت عن الحيّ (1) .

خبر الشجرة

30 - ابن بابویه: قال: حدّثنا أبو واسع محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسحاق النيسابوري قال: سمعت جدتي خديجة بنت حمدان بن پسنده قالت: لما دخل الرّضا (علیه السّلام) النيسابور نزل محلّة الغربي ناحية تعرف (بلاش آباد) في دار جدّي (پسنده)، وإنّما سمّى (پسنده) لأنّ الرّضا (علیه السّلام) ارتضاه من بين الناس.

و (پسنده) هي كلمة فارسية معناها (مرضيّ).

فلما نزل (علیه السّلام) دارنا زرع لوزة في جانب من جوانب الدار، فنبتت وصارت شجرة

ص: 305


1- دلائل الإمامة 195 .

وأثمرت في سنة، فعلم الناس بذلك، فكانوا يستشفون بلوز تلك الشجرة، فَمَن أصابته علّة تبرك بالتناول من ذلك اللوز مستشفياً به فعوفي، ومن أصابه رمد جعل ذلك اللوز على عينه فعوفي، وكانت الحامل إذا عسر عليها ولادتها تناولت من ذلك اللوز، فتخفّ عليها الولادة، وتضع من ساعتها.

و كان إذا أخذ دابة من الدواب القولنج أخذ من قضبان تلك الشجرة فأمرّ على بطنها فتعافى، ويذهب عنها ريح القولنج ببركة الرّضا (علیه السّلام) .

فمضت الأيّام على تلك الشجرة فيبست فجاء جدّي حمدان وقطع أغصانها فعمي، وجاء إبن حمدان - يقال له : أبو عمرو - فقطع تلك الشجرة من وجه الأرض فذهب ماله كله بباب ،فارس وكان مبلغه سبعين ألف درهم إلى ثمانين درهم إلى ثمانين ألف درهم، ولم يبق له شيء، وكان لأبي عمرو هذا إينان كاتبان، وكانا يكتبان لأبي الحسن محمّد بن إبراهيم بن مسجور، يقال لأحدهما أبو القاسم، وللآخر أبو صادق فأرادا عمارة تلك الدار، وأنفقا عليها عشرين ألف درهم وقلعا الباقى من أصل تلك الشجرة ، وهما لا يعلمان ما يتولّد عليهما من ذلك.

فولي أحدهما ضياعاً لأمير خراسان، فرُدَّ إلى نيسابور في محمل قد اسودّت رجله اليمنى، فشرحت (1) رجله، فمات من تلك العلة بعد شهر.

و أما الآخر - و هو الأكبر - فإنّه كان في ديوان السلطان بنيسابور يكتب كتاباً، على رأسه قوم من الكتاب وقوف، فقال واحد منهم: دفع الله عين السوء عن كاتب هذا الخط ، فارتعشت يده من ساعته وسقط القلم من يده وخرجت بيده بثرة (2) ورجع إلى منزله ، فدخل إليه أبو العبّاس الكاتب مع جماعة فقالوا له:

ص: 306


1- شُرحت: قطعت.
2- البُثْرة: خراج صغار في البدن.

هذا الذي أصابك من الحرارة فيجب أن تفتصد، فافتصد ذلك اليوم، فعادوا إليه من الغد وقالوا له: يجب أن تفتصد اليوم أيضاً، ففعل فاسودّت يده فشرحت ومات من ذلك، وكان موتهما جميعاً في أقل من سنة.

و السّلام على من اتبع الهدى (1).

علمه بالغائب

31 - محمّد بن الحسن الصفّار عن معاوية بن حكيم، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال:

كنت عند أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) بالحمراء في مشربة مشرفة على الأرض والمائدة بين أيدينا، إذ رفع رأسه فرأى رجلاً مسرعاً، فرفع يده من الطعام، فما لبث أن جاء فصعد إليه فقال : البشرى جعلت فداك مات الزبيري.

فأطرق إلى الأرض وتغيّر لونه واصفر وجهه، ثمّ رفع رأسه فقال: إنّي أحسبه قد ارتكب في ليلته هذه ذنباً ليس بأكبر ذنوبه، قال الله: (ممّا خَطِيئاتهم أُغرِقُوا فأُدْخِلُوا نارا) (2) ثمّ مدّ يده فأكل، فلم يلبث أن جاء رجل - مولى له - فقال له: جعلت فداك مات الزبيريّ.

فقال: وما كان سبب موته؟ فقال: شرب الخمر البارحة ، فغرق فيه فمات (3).

علمه بالغائب

32 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: روى أبو حامد السندي بن محمّد

ص: 307


1- عيون الأخبار الرضا 132/2، ح 1.
2- نوح: 25.
3- بصائر الدرجات: 247 ، ح 12؛ الخرائج : 727/2 ، ح 31.

قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) أسأله دعاء، فدعا لي بشيءٍ من هذا ولم يطلع عليه أحد إلّا الله. قال أبو حامد: فدعا لي وقال: لا تؤخّر صلاة العصر ولا تحبس الزكاة.

قال أبو حامد وما كتبت إليه بشيء من هذا، ولم يطلع عليه أحد إلا الله.

قال أبو حامد: وكنتُ أصلّي العصر في آخر ،وقتها، فكنت أدفع الزكاة بتأخير الدراهم من أقلّ وأكثر بعد ما تحلّ، فابتدأني بهذا (1).

علمه بما في النفس

33 - ابن بابویه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم قال: حدّثنی الريّان بن الصلت قال لمّا أردت الخروج إلى العراق، عزمت على توديع الرّضا (علیه السّلام) ، فقلت في نفسي: إذا ودعته سألته قميصاً من ثیاب جسده الشريف لأكفّن فيه، ودراهم من ماله الحلال الطيب لأصوغ منها لبناتي خواتيم.

فلما خرجت من بين يديه صاح بي يا ريان ارجع فرجعت، فقال لي: أما تحبّ أن أدفع إليك قميصاً من ثياب جسدي تكفن فيه إذا فنى أجلك؟ أو ما تحبّ أن أدفع إليك دراهم تصوغ بها لبناتك خواتيم؟

فقلت: يا سيدي قد كان في نفسي أن أسألك ذلك، فمنعني الغمّ بفراقك. فرفع (علیه السّلام) الوسادة وأخرج قميصاً فدفعه إليَّ، ورفع جانب المصلّى فأخرج دراهم فدفعها إليَّ، فعددتها فكانت ثلاثين درهماً (2).

ص: 308


1- دلائل الإمامة: 191.
2- العيون 2: 211 ، ح 17؛ إثبات الهداة: 3/ 267، ح 55؛ العوالم : 85/22، ح 30 ورواه في اثبات الوصية: 180 .

علمه بالغائب

34 - ابن بابویه قال: حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: كنت شاكاً في أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) فكتبت إليه كتاباً أسأله فيه الإذن عليه، وقد أضمرت في نفسي إذا دخلت عليه أن أسأله عن ثلاث آيات قد عقدت قلبي عليها. قال: فأتاني جواب ما كنت كتبت به إليه عافانا الله وإياك، أما ما طلبت من الإذن عليَّ فإنّ الدخول عليَّ صعبٌ، وهؤلاء قد ضيّقوا عليّ في ذلك، فلست تقدر عليه الآن، وسيكون إن شاء الله.

وكتب (علیه السّلام) بجواب ما أردتُ أن أسأله عنه من الآيات الثلاث في الكتاب ولا والله ما ذكرت له منهنَّ شيئاً، ولقد بقيت متعجّباً لما ذكرها في الكتاب، ولم أدر أنه جوابي إلا بعد ذلك، فوقفت على معنى ما كتب به (علیه السّلام) .

و رواه صاحب ثاقب المناقب: عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: كنت شاكّاً في أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، وذكر الحديث إلى آخره (1).

علمه بالغائب

35 - ابن بابویه: قال: حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال: حدّثنا جرير بن حازم، عن أبي مسروق قال: دخل على الرّضا (علیه السّلام) جماعة من الواقفة فيهم: علي بن أبي حمزة البطائني ومحمّد بن إسحاق بن عمّار والحسين بن مهران والحسين بن أبي سعيد المكاري، فقال له عليّ بن أبى حمزة: جعلت فداك أخبرنا عن أبيكم (علیه السّلام) ما حاله ؟ فقال له (علیه السّلام) : إنه قد مضى (علیه السّلام)،

ص: 309


1- عيون الأخبار: 212/2 ، ح 18؛ الثاقب في المناقب : 477 ح 4؛ مناقب ابن شهر اشوب 336/4 .

فقال له: فإلى مَنْ عهد ؟ فقال : إليَّ .

فقال له: إنك لتقول قولاً ما قاله أحد من آبائك علي بن أبي طالب (علیه السّلام) فمن دونه. قال: لكن قد قاله خير آبائي وأفضلهم رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقال له: أما تخاف هؤلاء على نفسك ؟

فقال: لو خفت عليها كنت عليها معيناً، إنّ رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أتاه أبو لهب فتهدّده، فقال له رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : إن خُدشتُ من قِبلك خدشةً فأنا كذّاب، فكانت أول آية نزع بها رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، وهي أوّل آية أنزع بها لكم إن خُدشتُ خدشة من قبل هارون فأنا كذَّاب.

فقال له الحسين بن مهران: قد أتانا ما نطلب إن أظهرت هذا القول !

قال: فتريد ماذا؟ أتريد أن أذهب إلى هارون فأقول له: إني إمام وأنت لست في شيء؟ ليس هكذا صنع رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) في أوّل أمره، إنما قال ذلك لأهله ومواليه ومن يثق به، فقد خصهم به دون الناس وأنتم تعتقدون الإمامة لمن كان قبلي من آبائي وتقولون: إنّه إنّما يمنع عليّ بن موسى الرضا (علیه السّلام) أن يخبر أن أباه حيّ تقيّة، فإنّي لا أتقيكم في أن أقول: إني إمام، فكيف أتقيكم في أن ادعي أنه حتي لو كان حيّاً؟!

قال ابن بابويه عقيب ذلك: إنّما لم يخش الرشيد لأنه قد كان عهد إليه أنّ صاحبه المأمون دونه (1).

علمه بالآجال

36 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: أخبرني أبو الحسين محمّد بن

ص: 310


1- عيون أخبار الرضا 213/2 ، ح 108؛ اثبات الهداة 1 / 267، ح 108: العوالم 60/22، ح 2.

هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي عليّ محمّد بن همام قال: حدّثنی أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم قال: حدّثنی أبو الحسن بن علي الحرّاني، عن محمّد بن حمران عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي الحسن (علیه السّلام) في السنة التي مات فيها هارون: إنّه قد دخل في الأربع والعشرين وأخاف أن يطول عمره، فقال: كلّا واللّه إن أيادي الله عندي وعند آبائي (علیهم السّلام) قديمة، لن يبلغ الأربع والعشرين سنة (1).

استجابة دعائه على المأمون

37 - ابن بابویه: قال: حدّثنا علي بن عبدالله الورّاق والحسن بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وحمزة بن محمّد العلوي وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله عنهم - قالوا: أخبرنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن عبدالسلام بن صالح الهروي.

حدّثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان شاذان (رضي الله عنه) عن أحمد بن إدريس، وعن إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي :قال رفع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى (علیهما السّلام) يعقد مجالس الكلام والناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمّد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون، فطرد الناس عن مجلسه وأحضره، فلما نظر إليه المأمون زَبَرَه (2) و استخف به.

فخرج أبو الحسن الرضا (علیه السّلام) من عنده من عنده مغضباً وهو يدمدم شفتيه ويقول وحق المصطفى (صلّی الله علیه و آله و سلّم) والمرتضى (علیه السّلام) وسيدة النساء (علیها السّلام) لأستنزلنّ من حول الله - عزّوجل - بدعائي عليه ما يكون سبباً لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه، واستخفافهم به وبخاصته وعامّته.

ص: 311


1- دلائل الإمامة: 192؛ اثبات الهداة : 310/3، ح 186 .
2- زبره : اغلظ عليه القول .

ثمّ إنّه (علیه السّلام)انصرف إلى مركزه واستحضر الميضاة، وتوضأ وصلّى ركعتين، وقنت في الثانية فقال: اللهم يا ذا القدرة الجامعة، والرحمة الواسعة والمنن المتتابعة، والآلاء المتوالية، والأيادي الجميلة، والمواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل، ولا يمثل بنظير، و لا يُغلب بظهير ، يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق، وابتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدّر فأحسن وصوّر ،فأتقن واحتج فأبلغ وأنعم ،فأسبغ، وأعطى فأجزل .

يا من سما في العزّ ففات خواطف الأبصار، ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار ، يا من تفرّد بالملك فلاند له في ملكوت سلطانه، وتوحد بالكبرياء فلا ضدّ له في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وحسرت دون إدراك عظمته خطائفُ أبصار الأنام يا عالم خطرات قلوب العالمين، وياشاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لجلالته، ووجلت القلوب من خيفته، وارتعدت الفرائص من فرقه.

يا بديء، يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع صل على من شرّفت الصلاة بالصلاة عليه، وانتقم لي ممّن ظلمني واستخفّ بي وطرد الشيعة عن بابي وأذقه مرارة الذلّ والهوان كما أذاقنيها، واجعله طريد الأرجاس وشريد الأنجاس.

قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي فما استتم مولاي الرضا (علیه السّلام) دعاءه حتّی وقعت الرجفة في المدينة، وارتجّ البلد، وارتفعت الزّعقة والضجّة، واستحلفت النعرة، وثارت الغبرة، وهاجت القاعة، فلم أزايل مكاني إلى أن سلّم مولاي (علیه السّلام) فقال لي:

يا أبا الصلت إصعد السطح، فإنّك سترى إمرأة بغيّة عثّة رثّة (1) مهيّجة الأشرار متّسخة الأطمار يسمّيها أهل هذه الكورة «سمانة» لغباوتها وتهتّكها، وقد أسندت مكان الرّمح إلى نحرها قصباً، وقد شدّت وقايةً لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود

ص: 312


1- العَثّة: المرأة المحقورة الخاملة، الرثّة: المرأة الحمقاء.

جيوش القاعة، وتسوق عساكر الطّغام إلى قصر المأمون ومنازل قوّاده، فصعدت السطح فلم أر إلا نفوساً تتزعزع بالعصيّ وهامات ترضخ بالأحجار ، ولقد رأيت المأمون متدرّعاً قد برز من قصر الشاهجان متوجهاً للهرب .

فما شعرت إلّا بشاجرد الحجام، قد رمى من بعض أعالي السطوح بلبنةٍ ثقيلة، فضرب بها رأس المأمون، فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته.

فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون ويلك هذا أمير المؤمنين، فسمعت سمانة تقول: أسكت لا أم لك، ليس هذا يوم التميّز والمحاباة، ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم، فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلّط ذكور الفجّار على فروج الأبكار، وطرد المأمون وجنوده أسوأ طرد بعد إذلال واستخفاف شديد (1).

خبر أبي الصلت الهروي في وفاة الرّضا (علیه السّلام)

38 - ابن بابویه قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ومحمّد بن موسى بن المتوکّل وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وأحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم بن ناتانه والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبدالله الورّاق - رضى الله عنهم قالوا: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي قال:

بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن علي بن موسى الرضا (علیه السّلام) إذ قال لي: يا أبا الصلت أدخل هذه القبة التي فيه قبر هارون و آتني بتراب من أربعة جوانبها.

قال: فمضيت فأتيت به فلمّا مثلت بين يديه قال لي: ناولني هذا التراب وهو من عند الباب، فناولته فأخذه وشمّه ثمّ رمى به.

ص: 313


1- عيون أخبار الرضا: 172/2 ، ح 1: حلية الأبرار: 449/4 ، ح 4 العوالم : 163/22 ، ح 4.

ثمّ قال: سيحفر لي هاهنا فتظهر صخرة لو جمع عليها كلّ معول بخراسان لم يتهيّاً قلعها .

ثمّ قال: في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك، ثمّ قال ناولني هذا التراب فهو من تربتِي .

ثمّ قال: سيحفر لي في هذا الموضع ، فتأمرهم أن يحفروا لي سبعة مراقي إلى أسفل و أن تشق لى ضريحة، فإن أبوا إلا أن يلحدوا، فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبراً، فانّ الله سيوسعه لي ما يشاء، فإذا فعلوا ذلك فإنك سترى عند رأسي نداوةً ، فتكلّم بالكلام الذي أُعلمك، فإنّه ينبع الماء حتّی يمتلىء اللحد، وترى فيه حيتاناً صغاراً فتفتت لها الخبز الذي أعطيك، فإنّها تلتقطه كلّه، فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتّی لا يبقى منها شيء، ثمّ تغيب، فإذا غابت فضع يدك على الماء، ثمّ تكلّم بالكلام الذي أعلمك ، فإنّه ينضب الماء ولا يبقى منه شيء، ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون.

ثم قال (علیه السّلام) : يا أبا الصلت غداً أدخل على هذا الفاجر، فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلّم أكلّمك، وإن خرجت وأنا مغطّى الرأس فلا تكلمني.

قال أبو الصلت : فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس فجعل في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون ، فقال له أجب أمير المؤمنين، فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه، حتّی دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه.

فلمّا أبصر بالرّضا (علیه السّلام) وثب إليه فعانقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه : معه، ثمّ ناوله العنقود وقال: يابن رسول الله ما رأيت عنباً أحسن من هذا!

قال له الرضا (علیه السّلام): ربما يكون عنباً حسناً يكون من الجنة.

ص: 314

فقال له: كل منه، فقال له الرّضا (علیه السّلام) : تعفيني منه، فقال: لابد من ذلك، وما يمنعك منه لعلّك تتّهمنا بشيء، فتناول العنقود فأكل منه، ثمّ ناوله فأكل منه الرضا (علیه السّلام) ثلاث حبّات ثم رمى به وقام.

فقال المأمون: إلى أين؟

قال: إلى حيث وجهتني ، وخرج (علیه السّلام) مغطّى الرأس، فلم أكلّمه حتّی دخل الدار فأمر أن يغلق الباب فغلق، ثم نام (علیه السّلام) على فراشه فمكثت واقفاً في صحن الدار مغموماً محزوناً، فبينا أنا كذلك إذ دخل علىَّ شابّ حسن الوجه قطط (1) الشعر أشبه الناس بالرّضا (علیه السّلام) ، فبادرت إليه وقلت له من أين دخلت والباب مغلق ؟

فقال: الّذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق.

فقلت له: ومن أنت؟

فقال لي: أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت أنا محمّد بن عليّ، إلى أن قال:

ثمّ قال لي: يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون، ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكياً حزيناً قد شق جيبه ولطم رأسه وهو يقول:

يا سيّداه فجعت بك يا سيّدي، ثم دخل وجلس عند رأسه فقال: خذوا في تجهيزه، فأمر بحفر القبر، فحفرت الموضع، فظهر كلّ شيء على ما وصفه الرضا (علیه السّلام) .

فقال له بعض جلسائه: ألست تزعم أنه إمام؟ قال: بلى، قال: لا يكون الإمام إلّا مقدّم الناس، فأمر أن يحفر له في القبلة، فقلت له: أمرني أن أحفر له سبع مراقي، وأن أشق له ضريحة .

فقال: انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح، ولكن يحفر له ويلحد.

ص: 315


1- قَطَطَ : تَجَعُد الشعر .

فلمّا رأى ما ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون: لم يزل الرّضا (علیه السّلام) يرينا عجائبه في حياته حتّى أراناها بعد وفاته أيضاً، فقال له وزير كان معه: أتدري ما أخبرك به الرّضا (علیه السّلام) ؟ قال : لا .

قال: إنّه قد أخبرك أنّ ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان، حتّى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلّط الله تعالى عليكم رجلاً منا فأفناكم عن آخركم، قال له: صدقت.

ثمّ قال لي: يا أبا الصلت علّمني الكلام الذي تكلّمت به، قلت: والله لقد نسيت الكلام من ساعتي وقد كنت صدقت، فأمر بحبسى ودفن الرّضاع (علیه السّلام)، فحبست سنة، فضاق عليَّ الحبس، وسهرت الليلة ودعوت الله تبارك وتعالى بدعاء ذكرت فيه محمّداً وآل محمّد - صلوات الله وسلامه عليهم- وسألت الله تعالى بحقهم أن يفرّج عنِّي.

فلم أستتمّ الدعاء حتّی دخل عليّ أبو جعفر محمّد بن علي (علیهما السّلام) فقال لي:

يا أبا الصلت ضاق صدرك ؟

فقلت: إي والله، قال: قم فاخرج، ثمّ ضرب يده إلى القيود التي كانت عليَّ ففكّها، و أخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمان يرونني، فلم يستطيعوا أن يكلّموني، و خرجت من باب الدار، ثمّ قال لي: إمض في ودائع الله تعالى، فإنّك لن تصل إليه، ولا يصل إليك أبداً.

فقال أبو الصلت: فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت (1).

علمه بمنطق الظبي

39 - الراوندي: قال: روي عن عبد الله بن سوقة قال: مرّ بنا الرّضا (علیه السّلام)

ص: 316


1- العيون 242:2، ح 1؛ الأمالي 526 ، ح 17 .

فاختصمنا في إمامته، فلما خرج خرجت أنا وتميم بن يعقوب السراج من أهل برقة، ونحن مخالفون له نرى رأى الزيديّة .

فلما صرنا في الصحراء وإذا نحن بظباء، فأومأ أبو الحسن (علیه السّلام) إلى خشف منها، فإذا هو قد جاء حتّی وقف بين يديه، فأخذ أبو الحسن (علیه السّلام) يمسح رأسه ودفعه إلى غلامه، فجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه، فكلّمه الرّضا الله بكلام لا نفهمه، فسكن.

ثمّ قال: يا عبدالله أوَلَم تؤمن؟

قلت: بلى يا سيدي أنت حجة الله على خلقه، وأنا تائب إلى اللّه، ثمّ قال للظبي:

إذهب إلى مرعاك، فجاء الظّبي وعيناه تدمعان، فتمسّح بأبي الحسن (علیه السّلام) ورغا.

فقال أبو الحسن (علیه السّلام) : أتدرون ما يقول؟

قلنا : الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

قال: يقول: دعوتني فرجوت أن تأكل من لحمي فأجبتك وأحزنتني حين أمرتني بالذهاب (1).

و رواه صاحب ثاقب المناقب عن عبدالله بن سوقة.

علمه بما يكون

40 - ابن شهر اشوب: قال: ذكر أبو جعفر الطوسي في كتاب الغيبة أنه مات أبو إبراهيم (علیه السّلام)، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار، وعند حمزة بن بزيع سبعون ألف دينار، وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وخمس جوار، وعند أحمد بن

ص: 317


1- الخرائج والجرائح 1 / 364 ، ح 21؛ الثاقب في المناقب: 176 ، ح 5؛ اثبات الهداة: 301/3 .ح 140؛ العوالم : 22 / 148 ، ح 1.

أبي بشر السرّاج عشرة آلاف دينار، وكان ذلك سبب وقفهم، فكتب الرضا (علیه السّلام) إليهم يطلب المال فأنكروا وتعلّلوا .

فقال الرّضا (علیه السّلام): هم اليوم شكاك، لا يموتون غداً إلا على الزندقة.

الله قال صفوان: بلغنا عن رجل منهم أنه قال عند موته: هو كافرٌ بربّ أماته (1).

ص: 318


1- مناقب آل أبي طالب : 36/4؛ الغيبة للطوسي: 65 و 69 .

معاجز الإمام محمّد بن عليّ (علیه السّلام)

الجواب قبل السّؤال ونطق العصا

ص: 319

ص: 320

معاجز الإمام الجواد (علیه السّلام)

1 - محمّد بن يعقوب: عن محمّد بن يحيى بن يحيى وأحمد بن بن محمّد، عن محمّد بن الحسن عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن الطيب عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمّد بن أبي العلاء قال:

سمعت يحيى بن أكثم - قاضي سامراء - بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته وسألته عن علوم آل محمّد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقال :

بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، فرأيت محمّد بن علي الرضا (علیه السّلام) يطوف به فناظرته في مسائل عندي، فأخرجها إليَّ.

فقلت له : والله إني أريد أن أسألك مسألة وإنّي والله لأستحي من ذلك .

فقال لي: أنا أُخبرك قبل أن تسألني تسألني عن الإمام؟

فقلت: هو والله هذا.

فقال: أنا هو .

فقلت: علامة ؟ فكان في يده عصا فنطقت وقالت: إنّ مولاي إمام هذا الزمان، وهو الحجّة (1).

يبس يد المغنّي

2 - محمّد بن يعقوب: عن علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن

ص: 321


1- الكافي 353/1 ، ح 9 .

الرّيان قال: احتال المأمون على أبي جعفر (علیه السّلام) بكل حيلة، فلم يمكنه فيه شيء، فلمّا اعتل و أراد أن يبني عليه (1) إبنته دفع إليَّ مائتي وصيفة من أجمل ما يكون، إلى كل واحدة منهنّ جاماً فيه جوهر يستقبلن أبا جعفر (علیه السّلام) إذا قعد في موضع الأخيار، فلم يلتفت إليهنّ، وكان رجل يقال له: مخارق صاحب صوت وعود وضرب طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال:

يا أمير المؤمنين إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا أكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي جعفر الالها فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار، وجعل يضرب بعوده ويغنّي، فلمّا فعل ساعة وإذا أبو جعفر (علیه السّلام) لا يلتفت إليه لا يميناً ولا شمالاً، ثمّ رفع إليه رأسه فقال:

إتّق الله يا ذا العثنون (2).

قال: فسقط المضراب من يده والعود، فلم ينتفع يبديه إلى أن مات.

قال: فسأله المأمون حاله ؟

قال: لمّا صاح بي أبو جعفر (علیه السّلام) فزعت فزعة لا أفيق منها أبداً (3).

استجابة دعائه

3- محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله، عن محمّد بن سنان قال: دخلت على أبي الحسن (علیه السّلام) فقال: يا محمّد حَدَثَ بآل فرج حدث؟

فقلت: مات عمر .

فقال: الحمد لله، حتّى أحصيت له أربعاً وعشرين مرّة.

ص: 322


1- يبنى عليه إبنته: يزفّها إليه.
2- العثنون: اللحية.
3- الكافي 1 / 496، ح 4 ، بصائر الدرجات 237، ح 9 .

فقلت: يا سيّدي لو علمت أنّ هذا يسرك لجئت حافياً أعدوا إليك.

قال: يا محمّد أو لا تدري ما قال - لعنه الله - لمحمّد بن على عليّ أبي ؟

قال قلت: لا.

قال: خاطبه في شيء فقال: أظنّك سكران!

فقال أبي (علیه السّلام) : اللهم إن كنت تعلم أني أمسيت لك صائماً فأذقه طعم الحرب (1) وذلّ الأسر، فوالله ما ذهبت الأيّام حتّی حُرب ماله وما كان له، ثم أخذ أسيراً وهو ذا قد مات - لا رحمه الله - وقد أدال الله عزّ وجلّ منه، وما زال يديل أولياءه من أعدائه (2).

علمه بما في النفس

4 - محمّد بن الحسن الصفّار: عن أحمد بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عيسى القمّي قال: بعث إليَّ أبو جعفر (علیه السّلام) رسولاً ومعه كتابه يأمرني أن أصير إليه، فأتيته وهو بالمدينة نازل في دار ،بزيع فدخلت عليه وسلّمت فذكر صفوان وابن سنان وغيرهما، وقد سمعه غير واحد.

فقلت في نفسي: أستعطفه على زكريا بن آدم، لعله يسلم ممّا قال في هؤلاء.

ثم رجعت إلى نفسي فقلت: من أنا حتّى أتعرّض في هذا وشبهه لمولاي، هو أعلم بما يصنع .

فقال لي: يا أبا علي ليس على مثل أبي يحيى يعجل، وقد كان لأبي من خدمته -صلوات الله عليه (3).

ص: 323


1- نهب مال الانسان.
2- الكافي 496/1 ، ح 9.
3- بصائر الدرجات 237 ، ح 9 .

تلوين الشّعر

5 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا عمارة بن زید قال: حدّثنی إبراهيم بن سعيد قال: رأيت محمّد بن علىّ الرّضا (علیه السّلام) له شعرة أو قال وفرة (1) مثل حلك الغراب مسح يده عليها فاحمرت، ثمّ مسح عليها بظاهر كفّه فابيضت، ثمّ مسح عليها بباطنها فعادت سوداء كما كانت .

فقال لي: يابن سعيد هكذا تكون آيات الإمام؟

فقلت: رأيت أباك على ما لا أشكّ يضرب بيده إلى التراب فيجعله دنانير ودراهم.

فقال: في مصرك قوم يزعمون أنّ الإمام يحتاج إلى مالٍ، فضرب بيده لهم ليبلغهم أن كنوز الأرض بيد الإمام (2).

علمه بما فى الرّحم

6 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد قال حدّثنا عمارة بن زيد قال: قال إبراهيم بن سعيد كنت جالساً عند محمّد بن علي (علیه السّلام) إذ مرّت بنا فرس أنثى فقال:

هذه تلد الليلة فَلُوّاً (3) أبيض الناصية في وجهه غرّة، فقمت وانصرفت مع صاحبها، فلم أزل أحدثه إلى الليل حتّی أتت بفلو كما وصف، فعدت إليه.

فقال: یابن سعيد شككت فيما قلت لك بالأمس؟

إنّ التي في منزلك حبلى بابن أعور، فولد لي والله محمّد وكان أعور (4).

ص: 324


1- الوفرة: الشعر المجتمع على الرأس؛ حلك الغراب: سواده.
2- دلائل الإمامة 210 .
3- الفَلُوّ: المهر الصغير .
4- دلائل الإمامة 210 .

تحویل ورق الزّيتون دراهم

7 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد قال: حدّثنا عمارة بن زید قال قال إبراهيم بن سعيد :

رأيت محمّد بن علي الله يضرب بيده إلى ورق الزيتون فيصير في كفّه ورقاً، فأخذت منه كثيراً وأنفقته في الأسواق، فلم يتغيّر (1).

تخليصه أبا الصلت في السجن

8 - ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ومحمّد بن موسى بن المتوكّل و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وأحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم بن ناتانه والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الورّاق - رضي الله عنهم - قالوا: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي قال: أمر المأمون بحبسي بعد دفن الرّضا (علیه السّلام)، فحُبست سنة فضاق عليَّ الحبس سهرت الليلة ودعوت الله تبارك وتعالى بدعاء ذكرت فيه محمّداً وآل محمّد - صلوات الله وسلامه عليهم - وسألت الله تعالى بحقهم أن يفرّج عنّي، فلم أستتم الدعاء حتّی دخل عليّ أبو جعفر محمّد بن (علیهما السّلام).

فقال لي: يا أبا الصلت ضاق صدرك ؟

فقلت: إي والله .

قال: قم فاخرج، ثمّ ضرب بيده إلى القيود التي كانت عليَّ، ففكها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمان يرونني، فلم يستطيعوا أن يكلموني، وخرجت من باب الدار.

ص: 325


1- دلائل الإمامة 210 .

ثمّ قال لي: إمض في ودائعالله تعالى، فإنّك لن تصل إليه، ولا يصل إليك أبداً.

فقال أبو الصلت فلم ألتق المأمون إلى هذا الوقت (1).

زوال الصّمم

9 - ابن شهر اشوب: عن أبي سلمة قال: دخلت على أبي جعفر (علیه السّلام) وكان الله بي صمم شديد فخُبّر بذلك لما أن دخلت عليه، فدعاني إليه فمسح يده على أُذني ورأسي ثمّ قال: إسمع وعه!

فو الله إني لأسمع الشيء الخفي عن أسماع الناس من بعد دعوته (2).

خبر النّبقة

10 - المفيد في الإرشاد، والطبرسي في إعلام الورى، وابن شهر اشوب في المناقب، وصاحب ثاقب المناقب رواه عن الريّان بن شبيب.

قال المفيد في الإرشاد: لمّا توجّه أبو جعفر (علیه السّلام) من بغداد منصرفاً من عند المأمون، و معه أُمّ الفضل ، قاصداً بها إلى المدينة، صار إلى شارع باب الكوفة ومعه الناس يشيّعونه، فانتهى إلى دار المسيب عند غروب الشمس نزل ودخل المسجد، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد.

فدعا بكوز فيه ماء، فتوضأ في أصل النبقة ، وقام (علیه السّلام)، فصلّى بالناس صلاة المغرب، فقرأ في الأولى منها (الحمد) و (إذا جاء نصرالله والفتح)، وقرأ في الثانية (الحمد) و (قل هو الله أحد) وقنت قبل ركوعه فيها، وصلّى الثالثة وتشهّد وسلّم، ثمّ جلس هنيئة يذكر الله جلّ إسمه، وقام من غير أن يعقب، فصلّى النوافل الأربع، وعقّب

ص: 326


1- عيون أخبار الرضا 242/2، ح 1.
2- مناقب آل أبي طالب 390/4 .

بعدها أربع ركعات، وسجدتي الشكر، ثمّ خرج.

فلما انتهى إلى النّبقة رآها الناس وقد حملت حملاً حسناً، فتعجبوا من ذلك، فأكلوا منها فوجدوه نبقاً حلواً لا عجم له وودّعوه (1).

كلامه في المهد

11 - الراوندي: عن محمّد بن ميمون قال: كنت مع الرّضا (علیه السّلام) بمكة قبل خروجه إلى خراسان، فقلت:

إنّي أريد أن أتقدّم إلى المدينة، فاكتب معي كتاباً إلى أبي جعفر (علیه السّلام) ، فتبسّم وكتب صرت إلى المدينة، وقد كان ذهب بصري، فأخرج الخادم أبا جعفر (علیه السّلام) إلينا فحمله في المهد فناولته الكتاب.

فقال لموفّق الخادم: فضه وانشره ففضّه و نشره بين يديه، فنظر فيه، ثمّ قال لي:

یا محمّد ما حال بصرك؟

قلت: يا بن رسول الله اعتلت عيناي فذهب بصري كما ترى.

فقال: أدن منّي، فدنوت منه، فمد يده فمسح بها على عيني، فعاد إليَّ بصري كأصحّ ما كان .

فقبّلت يده ورجله وانصرفت من عنده وأنا بصير.

و رواه صاحب ثاقب المناقب عن محمّد بن ميمون قال: كنت مع الرضا (علیه السّلام) بمكة قبل خروجه إلى خراسان، قال: فقلت له:

إنِّي أريد أن أقدم إلى المدينة، فاكتب معي كتاباً إلى أبي جعفر (علیه السّلام) ، فتبسم وكتب

ص: 327


1- إرشاد المفيد 323-324؛ إعلام الورى 338 مناقب آل ابي طالب 390/4: الثاقب في المناقب 512 ، ح 1.

وصرت إلى المدينة، وقد كان ذهب بصري، فأخرج الخادم أبا جعفر (علیه السّلام) إلينا فحمله من المهد وتناول الكتاب، وساق الحديث إلى آخره (1).

طيّ الأرض تحت قدمه

12 - الراوندي :قال روى أحمد بن محمّد، عن معمر بن خلاد، عن أبي جعفر (علیه السّلام) قال لى بالمدينة : يا معمّر إركب.

قلت: إلى أين؟

قال : إركب كما يقال لك.

فركبت معه ، فانتهينا إلى وادٍ وإلى وهدة وإلى تلّ فوقفت، ومضى، ثمّ أتاني، فقلت: جعلت فداك أين كنت ؟

قال: دفنت أبي الساعة، وكان بخراسان (2).

علمه بالغائب

13 - الراوندي: عن داود بن محمّد النهدي، عن عمران بن محمّد الأشعري قال: دخلت على أبي جعفر الثاني (علیه السّلام) وقضيت حوائجي، وقلت له:

إنّ أُمّ الحسن تقرؤك السلام، وتسألك ثوباً من ثيابك تجعله كفناً لها.

قال: قد استغنت عن ذلك. فخرجت ولست أدري ما معنى ذلك. فأتاني الخبر بأنها قد ماتت قبل ذلك بثلاثة عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً.

و رواه في عيون المعجزات عن عمران بن محمّد الأشعري قال:

ص: 328


1- الخرائج 1 / 372، ح 1 ؛ الثاقب في المناقب 200، ح 6.
2- الخرائج 2 / 666 ، ح 6 .

دخلت على أبي جعفر (علیه السّلام) لمّا قضيت حوائجي، وذكر الحديث (1).

علمه بالغائب

14 - ابن شهر اشوب قال: اجتاز المأمون بابن الرّضا (علیه السّلام) وهو بين الصّبيان فهربوا سواه.

فقال: عليّ به .

فقال له: ما لك ما هربت في جملة الصّبيان ؟

قال: ما لي ذنب فأفرّ منه، ولا الطّريق ضيّق فأوسعه عليك، مرّ من حيث شئت.

فقال: مَنْ تكون أنت؟

قال له: أنا محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السّلام). فقال: ما تعرف من العلوم؟

قال: سلني عن أخبار السماوات فودعه ومضى، وعلى يده باز أشهب يطلب به الصيد.

فلمّا بَعُد عنه نهض عن يده الباز، فنظر يمينه وشماله لم ير صيدا، والباز يثب عن يده، فأرسله وطار يطلب الأفق، حتّى غاب عن ناظره ساعة، ثم عاد إليه وقد صاد حيّة، فوضع الحيّة في بيت الطعم وقال لأصحابه:

قد دنا حتف ذلك الصبي في هذا اليوم على يدي. ثم عاد وابن الرضا (علیه السّلام) في جملة الصّبيان.

فقال: ما عندك من أخبار السماوات والأرض؟

فقال: نعم يا أمير المؤمنين حدّثنی أبي، عن آبائه، عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عن جبرئيل ،

ص: 329


1- الخرائج 2 / 667 ، ح 9 عيون المعجزات 124 .

عن ربّ العالمين أنه قال: بين السماء والهواء بحر عجاج يتلاطم به الأمواج، فيه حيّات خضر البطون ، رقط الظهور (1)، يصيدها الملوك بالبزاة الشهب يمتحن به العلماء.

فقال: صدقت وصدق آباؤك، وصدق جدك، وصدق ربّك. فأركبه ثمّ زوّجه أمّ الفضل (2).

علمه بمنطق الشاة

15 - ثاقب المناقب: عن عليّ بن أسباط قال: خرجت مع أبي جعفر (علیه السّلام) من الكوفة وهو راكب على حمارٍ، فمرّ بقطيع من الغنم فتركت شاة القطيع وعدت إليه وهي ترعى، فاحتبس (علیه السّلام) وأمرني أن أدعو الراعي إليه، ففعلت، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : أيها الراعي إنّ هذه الشاة تشكوك وتزعم أنّ لها رجلين وأنك تحيف عليها بالحلب، فإذا رجعت إلى صاحبها بالعشي لم يجد معها لبناً، فإن كففت من ظلمها وإلا دعوت الله تعالى أن يبتر عمرك.

فقال الراعي: إنّي أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمّداً رسول الله، وأنك وصيه و أسألك لما أخبرتني من أين علمت هذا الشأن؟

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : نحن خزان الله على علمه وغيبه وحكمته، وأوصياء أنبيائه، وعباد مكرمون (3).

علمه بما يكون

16 - ثاقب المناقب: عن صالح بن عطيّة الأضخم قال: حججتُ فشكوت إلى

ص: 330


1- الرُّقطة: سواد يشوبه نُقط بياض أو بياض يَشوبه نُقط سواد.
2- مناقب ابن شهر اشوب 389-388/4 .
3- الثاقب في المناقب 522 ، ح 3.

أبي جعفر (علیه السّلام) الوحدة، فقال لي: إنك لا تخرج من الحرم حتّى تشتري جارية ترزق منها إبنا، فقلت: تشير إليَّ ؟

قال: نعم، وركب إلى النخّاس ونظر إلى جارية فقال: إشترها، فاشتريتها، فولدت محمّداً (1).

علمه بوقت وفاته

17 - أبو علي الطبرسي في إعلام الورى: عن محمّد بن أحمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة، عن حمدان بن سليمان، عن أبي سعيد الأرمني، عن محمّد بن عبدالله بن مهران قال: قال محمّد بن الفرج كتب إليَّ أبو جعفر (علیه السّلام) : إحملوا إلي الخمس، فإنّي لستُ آخذه منكم سوى عامي هذا، فقبض (علیه السّلام) في تلك السنة (2).

استجابة دعائه

18 - في عيون المعجزات قال: إنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (علیه السّلام) ، وأشار إلى إبنة المأمون زوجته بأنّها تسمه، لأنه وقف على إنحرافها عن أبي جعفر (علیه السّلام) وشدّة غيرتها عليه، لتفضيله أُمّ أبي الحسن إبنه عليها، ولأنه لم يرزق منها ولد، فأجابته إلى ذلك، وجعلت سمّاً في عنب رازقي ووضعته بين يديه (علیه السّلام) ، فلما أكل منه ندمت وجعلت تبكي.

فقال (علیه السّلام) : ما بكاؤك والله ليضر بنكِ الله بفقر لا ينجبر وبلاءٍ لا ينستر، فماتت بعلّةٍ في أغمض المواضع من جوارحها صارت ناصوراً ، فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك

ص: 331


1- الثاقب في المناقب 524 ، ح 7.
2- إعلام الورى 335؛ الثاقب في المناقب 522 ، ح 4.

العلّة، حتّى احتاجت إلى الاسترفاد (1).

وروي أنّ الناصور كان في فرجها (2).

علمه بما في النفس

19 - ابن بابویه قال: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه) قال: حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي قال: حدّثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني قال: دخلت على سيّدي محمّد بن عليّ بن موسى وأنا أُريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره؟ فابتدأني فقال لي: يا أبا القاسم إنّ القائم منا هو المهدي (علیه السّلام) الذي يجب أن يُنتظر في غيبته ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي.

و الذي بعث محمّداً (علیه السّلام) بالنبوة وخصنا بالإمامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّی يخرج فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، وإن الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى (علیه السّلام) إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً، فرجع وهو رسول نبي ، ثم قال (علیه السّلام) : أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج (3).

علمه وهو ابن عشر سنين

20 - محمّد يعقوب: عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: استأذن على أبى بن جعفر (علیه السّلام) قوم من أهل النواحي من الشيعة فأذن لهم، فدخلوا فسألوه في مجلس واحد

ص: 332


1- الرّفد: العطاء.
2- عيون المعجزات 129 .
3- كمال الدين 377 ح 1.

عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب (علیه السّلام) وله عشر سنين (1) .

التقاء طرفَي دجلة

21 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا سفيان عن أبيه قال: قال محمّد بن يحيى: لقيت محمّد بن عليّ الرّضا (علیه السّلام) على شط الدجلة، فالتقى له طرفاه (2).

وقوف السّفن فى البحر

22 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا عبد الله بن الهيثم أبو قبيصة الضرير قال: حدّثنا أحمد بن موسى قال: أخبرنا حكيم بن حمّاد قال :

رأيت سيدي محمّد بن علي (علیه السّلام) وقد ألقى في الدجلة خاتماً، فوقفت كلّ سفينة صاعداً وها بطاً، وأهل العراق يومئذ يتزايدون.

ثمّ قال لغلامه أخرج الخاتم، فسارت الزوارق (3).

طيّ الأرض تحت قدمه

23 - محمّد بن جرير الطبري قال حدّثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي قال : حدّثنا هشام بن محمّد قال: قال محمّد بن العلاء:

رأيت محمّد بن علي (علیه السّلام) يحجّ بلا راحلة ولا زاد من ليلته ويرجع وكان لي أخ بمكّة لي معه خاتم فقلت له تأخذ لي منه علامة، فرجع من ليلته ومعه الخاتم

(4).

ص: 333


1- الكافي 496/12 ، ح 7 .
2- دلائل الإمامة 210 .
3- دلائل الإمامة 210 .
4- دلائل الإمامة 211 .

طبعه في الصخرة

24 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد قال: قال عمارة بن زيد: رأيت محمّد بن علي (علیه السّلام) فقلت له:

یابن رسول الله ما علامة الإمام؟

قال: إذا فعل هكذا، فوضع يده على صخرة فبان أصابعه فيها.

و رأيته يمد الحديد من غير نار، ويطبع الحجارة بخاتمه (1).

كلام الثور

25 - محمّد بن جرير الطبري: حدّثنا قطر بن أبي قطر قال: حدّثنا عبدالله بن سعيد قال: قال لي محمّد بن سعيد قال قال لي محمّد بن علي بن عمر التنوخي :

رأيت محمّد بن علي (علیه السّلام) وهو يكلم ثوراً، فحرك الثور رأسه.

فقلت: لا، ولكن تأمر النور أن يكلّمك.

فقال: وعلّمنا منطق الطير وأوتينا من كلِّ شيء .

ثم قال للتّور: قل (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ومسح بكفه على رأسه.

فقال الثّور: لا إله إلا الله وحده لا شريك له (2).

زوال الأذى بمسحه

26 - أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري قال: وروى العباس بن السندي الهمداني، عن بكر قال: قلت له: إنّ عمتي تشتكي من ريح بها.

فقال: إئتنى بها. قال: فأتيته بها ، فدخلت عليه فقال لها:

ص: 334


1- دلائل الإمامة 211 .
2- دلائل الإمامة 211 .

ممّا تشكين؟ قالت من ركبتي جعلت فداك.

قال: فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب وتكلم بكلام، فخرجت ولا تجد شيئاً من الوجع (1).

طاعة المیّت له

27 - الراوندي قال: قال أبوهاشم الجعفري: جاء رجل إلى محمّد بن علي بن موسى (علیهم السّلام) فقال:

يابن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إنّ أبي مات وكان له مال ففاجأه الموت، ولست أقف على ماله لي عيال كثيرون، وأنا من مواليكم فأغثنى .

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : إذا صليت العشاء الآخرة فصلّ على محمّد وآل محمّد، فإنّ أباك يأتيك في النوم ويخبرك بأمر المال.

ففعل الرجل ذلك، فرأى أباه في النوم فقال:

يا بُنَي مالي في موضع كذا، فخذه وامض إلى ابن رسول الله، فأخبره أني دللتك على المال.

فذهب الرجل وأخذ المال وأخبر الإمام (علیه السّلام) بأمر المال.

فقال: الحمد الله الذي أكرمك واصطفاك (2) .

علمه بالغائب

28 - ابن شهر اشوب: عن أحمد بن عليّ بن كلثوم السرخسي قال:

قال أبو زينبة كان في حلق الحكم بن يسار المروزي شبه الخط كأنه أثر الذبح،

ص: 335


1- دلائل الإمامة 213؛ الثاقب في المناقب 521 ، ح 1.
2- الخرائج 2/ 665، ح 5.

فسألته عن ذلك فقال: كنّا سبعة نفر في حجرة واحدة ببغداد في زمان أبي جعفر الثاني (علیه السّلام) فغاب عنّا الحكم عند العصر ولم يرجع تلك الليلة.

فلمّا كان جوف الليل جاءنا توقيع من أبي جعفر (علیه السّلام) : إن صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبدٍ في مزبلة كذا وكذا، فإذهبوا فداووه بكذا وكذا، فذهبنا فحملناه وداويناء بما أمرنا به قبراً من ذلك (1).

علمه بما يكون

29 - ابن شهر اشوب عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: كتب إليَّ أبو جعفر (علیه السّلام) كتاباً وأمرني أن أفكه حين يموت يحيى بن عمران.

قال: فمكث الكتاب عندي سنين ، فلمّا كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن عمران فككته فإذا فيه: قم بما كان يقوم به، أو نحو هذا من الأمر.

قال: فقرأ إبراهيم هذا الكتاب في المقبرة يوم مات يحيى بن عمران، وكان إبراهيم يقول: كنت لا أخاف الموت ما كان يحيى حيّاً (2) .

خبر الشّامي

30 - محمّد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان عن عليّ بن خالد قال محمّد - وكان زيديّاً - قال: كنت بالعسكر فبلغني أنّ هناك رجل محبوس أُتى به من ناحية الشّام مكبولاً وقالوا: إنّه تنبّاً.

قال عليّ بن خالد: فأتيت الباب وداريت البوابين والحجبة حتّی وصلت إليه فإذا رجل له فهم .

ص: 336


1- مناقب آل ابی طالب 397/4.
2- مناقب آل ابی طالب 397:4 ؛الثاقب في المناقب 515 ، ح 1 .

فقلت: يا هذا ما قصتك وما أمرك؟

قال: إني كنت رجلاً بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال له: موضع رأس الحسين (علیه السّلام) ، فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي: قم بنا، فقمت معه، فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الكوفة.

فقال لي: تعرف هذا المسجد ؟

فقلت : نعم هذا مسجد الكوفة .

قال: فصلّى وصلّيت معه، فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بالمدينة، فسلم على رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و سلّمت، وصلّى وصليت معه وصلّى على رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فبينا أنا معه إذ أنا بمكة، فلم أزل معه حتّی قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه .

فبينا أنا معه إذ أنا في الموضع الذي كنت أعبد الله فيه بالشّام، ومضى الرّجل.

فلمّا كان العام القابل إذا أنا به ففعل مثل فعلته الأولى.

فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له: سألتك بالحقّ الذي أقدرك على ما رأيتُ إلا أخبرتني من أنت؟

فقال: أنا محمّد بن علي بن موسى (علیه السّلام). قال : فتراقى الخبر حتّی انتهى إلى محمّد بن عبدالملك الزيات، فبعث إلي وأخذني وكبّلني في الحديد وحملني إلى العراق، فجلست كما ترى، وادّعى علىّ المحال .

قال: فقلت له : فادفع القصّة إلى محمّد بن عبدالملك، ففعل وذكر في قصته ما كان فَوَقَّع في قصته: قل للذي أخرجك من الشّام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وردّك من مكة إلى الشّام: أن يخرجك من حبسك هذا.

قال عليّ بن خالد فغمّنى ذلك من أمره، ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر.

قال: ثمّ بكّرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله.

ص: 337

فقلت: ما هذا؟

فقالوا: المحمول من الشّام الذي تنبأ ، افتقد البارحة، فلا يدرى أخسفت به الأرض أو اختطفته الطّير (1).

إنبات العود اليابس

31 - محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا موسى بن عمران بن كثير قال حدّثنا عبد الرزاق قال : حدّثنا محمّد بن عمر قال: رأيت محمّد بن علي (علیه السّلام) يضع يده على منبر فتورق كلّ شجرة من فروعها وإنّي رأيته يكلّم شاة فتجيبه .

إبراء الأعمى

32 - محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن محمّد قال:

قال لي عمارة بن زيد رأيت امرأة قد حملت إبناً لها مكفوفاً إلى أبي جعفر محمّد ابن علي (علیه السّلام)، فمسح يده عليه فاستوى قائماً يعدو كأن لم يكن في عينه ضرر (2).

ذوب القصعة بيده

33 - محمّد بن جرير الطبري: قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد قال: قال عمارة بن زید رأیت محمّد بن علي (علیهما السّلام) وبين يديه قصعة صيني، فقال لي:

یا عمارة أترى من هذا عجباً؟

قلت: نعم، فوضع يده عليها فذابت حتّی صارت ماءً، ثمّ جمعه فجعله في قدح

ص: 338


1- الكافي: 492/1 ، ح 1؛ بصائر الدرجات: 402 ، ح 1؛ الاختصاص 320 دلائل الإمامة 214؛ مناقب ابن شهر اشوب: 393/4؛ الثاقب في المناقب 510 ، ح 2 .
2- دلائل الإمامة : 211؛ اثبات الهداة: 3346/3، ح 64.

ردّها بعد مسحها كما كانت قصعة صينيّة وقال: مثل هكذا فلتكن القدرة (1).

تجهيزه والده وما فى ذلك من المعجزات

34 - ابن بابويه: قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ومحمّد بن موسى بن المتوکّل وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وأحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم ناتانه والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب وعليّ بن عبدالله الورّاق - رضي الله عنهم قالوا:

حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي في حديث وفاة أبي الحسن الرضا (علیه السّلام)، و وساق الحديث بطوله إلى أن قال:

و مضى الرّضا (علیه السّلام) فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : قم يا أبا الصلت إئتني بالمغتسل والماء من الخزانة.

فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء.

فقال لي إنته إلى ما آمرك به فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء، فأخرجته وشمّرت ثيابي لأغسله معه، فقال لي: تنح يا أبا الصلت، فإنّ لي من يعينني غيرك، فغسله.

ثمّ قال لي: أدخل إلى الخزانة فأخرج إليَّ السفط الذي فيه كفنه وحنوطه، فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط، فحملته إليه، فكفّنه وصلّى عليه ثمّ قال لي: إئتني بالتابوت

فقلت: أمضي إلى النجّار حتّی يصلح التابوت.

قال: قم فإنّ في الخزانة تابوتاً، فدخلت الخزانة فإذا تابوت لم أر مثله قط، فأتيت به، فأخذ الرضا (علیه السّلام) بعد ما صلّى عليه، فوضعه في التابوت وصف قدميه وصلى ركعتين،

ص: 339


1- دلائل الإمامة : 211 - 212 ؛ إثبات الهداة: 346/3، ح 66.

لم يفرغ منهما حتّی علا التابوت فانشق السقف فخرج منه التابوت ومضى. فقلت: يابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا (علیه السّلام) فما نصنع؟

فقال لي: أسكت فإنّه سيعود يا أبا الصّلت ما من نبي يموت بالمشرق ويموت وصيّه بالمغرب إلّا جمع الله تعالى بين أرواحهما وأجسادهما، فما أتم الحديث حتّی انشق السقف ونزل التابوت، فقام (علیه السّلام) من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسل ولم

يكفّن.

ثمّ قال لي: يا أبا الصّلت قم فافتح الباب للمأمون، ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان على الباب، وساق الحديث بطوله (1).

خبره مع يحيى بن أكثم

35 - الشيخ المفيد في الإرشاد قال: روى الحسن بن محمّد بن سليمان، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب قال:

لما أراد المأمون أن يزوّج إبنته أُمّ الفضل أبا جعفر محمّد بن علي (علیهما السّلام) بلغ ذلك العباسيّين فغلظ عليهم واستنكروه، وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى إليه مع الرضا (علیه السّلام) ، فخاضوا في ذلك ، واجتمع منهم أهل بيته الأدنون منه.

فقالوا: إنّ هذا الفتى وإن راقك منه هديه ، فإنّه صبي لامعرفة له ولا فقه، فأمهله ليتأدب ويتفقه في الدين، ثم اصنع ما تراه بعد ذلك.

فقال لهم: ويحكم إنّي أعرف بهذا الفتى منكم ، وإنّ هذا من أهل بيت علمهم من الله ومواده وإلهامه، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر (علیه السّلام) بما يتبيّن لكم به ما قد وصفت لكم من

ص: 340


1- عيون أخبار الرضا: 2/ 243 - 244، ح 1: الأمالي: 526، ح 17 ؛ العوالم: 22 / 494 ، ح 2 .

حاله.

قالوا له: رضينا لك يا أمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه، فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة، فإن أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره، وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين، وإن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه.

فقال لهم المأمون شأنكم وذاك متى أردتم.

فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسائلة يحيى بن أكثم - وهو يومئذ قاضي الزمان - على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها، ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار لهم يوماً للاجتماع، فأجابهم إلى ذلك.

فاجتمعوا في اليوم الّذي اتفقوا عليه، وحضر معهم يحيى بن أكثم، وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر (علیه السّلام) دست و يجعل له فيه مسورتان، ففعل ذلك، وخرج أبو جعفر (علیه السّلام) وهو يومئذ إبن تسع سنين وأشهر، فجلس بين المسورتين، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه، وقام الناس في مراتبهم، والمأمون جالسٌ في دست متصل بدست أبي جعفر (علیه السّلام) .

فقال يحيى بن أكثم للمأمون: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسال أبا جعفر ؟

فقال له المأمون: استأذنه في ذلك.

فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال: أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : سل إن شئت.

قال يحيى: ما تقول جعلت فداك في مُحْرِمٍ قتل صيداً؟

فقال له أبو جعفر (علیه السّلام): قتله في حلّ أو في حرم؟ عالماً كان المحرم أو جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حراً كان المحرم أو عبداً؟ صغيراً كان أم كبيراً؟

مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذواتِ الطير كان الصيد أم من غيرها؟

ص: 341

من صغار الصيد كان أم من كباره؟ مصرّاً على ما فعل أو نادماً؟ في الليل كان قتل الصيد أم نهاراً؟

محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرماً؟

فتحيّر يحيى بن أكثم، وبان في وجهه العجز والانقطاع، ولجلَج حتّی عرف جماعة أهل المجلس أمره.

فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي.

ثمّ نظر إلى أهل بيته وقال لهم: أعرفتم ألآن ما كنتم تنكرونه؟

فلما تفرّق الناس وبقي من الخاصة من بقي قال المأمون لأبي جعفر (علیه السّلام): إن رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لتعلمه ونستفيده.

فقال أبو جعفر (علیه السّلام): نعم، إن المحرم إذا قتل صيداً في الحلّ وكان الصيد من ذوات الطير، وكان من كبارها، فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً.

و إذا قتل فرخاً في الحل فعليه حمل قد فُطم من اللبن.

و إذا قتله في الحرم، فعليه الحمل وقيمة الفرخ .

و إن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة.

و إن كان نعمة فعليه بدنة.

و إن كان ظبياً فعليه شاة.

فإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم، فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة.

و إذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه بالحج نحره بمنى.

و إن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة. وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء وفي العمد له المأثم، وهو موضوع عنه في الخطأ. والكفّارة على الحرّ في نفسه، وعلى

ص: 342

السيّد في عبده والصغير لا كفّارة عليه. وهي على الكبير واجبة. والنادم يسقط عنه بندمه عقاب الآخرة. والمصرّ يجب عليه العقاب في الآخرة.

فقال له المأمون: أحسنت يا أبا جعفر أحسن الله إليك، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك.

فقال أبو جعفر (علیه السّلام) ليحيى: أسألك ؟

قال: ذلك إليك جعلت فداك، فإن عرفت جواب ما تسألني عنه وإلّا استفدته منك.

فقال له أبو جعفر (علیه السّلام) : أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أوّل النهار، وكان نظره إليها حراماً عليه، فلما ارتفع النّهار حلّت له، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه، فلمّا كان وقت العصر حلّت له، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل عليه وقت العشاء الآخرة حلّت له، فلمّا كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلمّا طلع الفجر حلّت له، ما حال هذه المرأة؟ وبماذا حلّت له؟ وبماذا حرمت عليه؟

فقال له يحيى بن أكثم: لا والله ما أهتدي إلى جواب هذا السؤال، ولا أعرف الوجه فيه، فإن رأيت أن تفيدناه.

فقال له أبو جعفر (علیه السّلام) : هذه أمةٌ لرجل من الناس ، نظر إليها أجنبي في أوّل النهار، فكان نظره إليها حراماَ عليه.

فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها، فحلّت له .

فلمّا كان عند الظهر ، أعتقها، فحرمت عليه.

فلمّا كان وقت العصر تزوّجها، فحلّت له.

فلمّا كان وقت المغرب ظاهر منها ، فحرمت عليه.

فلما كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار، فحلّت له.

فلمّا كان فى نصف الليل طلّقها ،واحدة، فحرمت عليه.

ص: 343

فلمّا كان عند الفجر راجعها، فحلّت له.

قال: فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته، فقال لهم:

هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدّم من السؤال؟

قالوا: لا والله إنّ أمير المؤمنين أعلم بما رأى.

فقال لهم: ويحكم ! إنّ هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال.

أما علمتم أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وهو ابن عشر سنين، وقبل منه الإسلام وحكم له به، ولم يدع أحداً في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين (علیهما السّلام) وهما ابنا دون ست سنين، ولم يبايع صبيّاً ،غيرهما، أفلا تعلمون الآن ما اختصّ الله به هولاء القوم ، وإنّهم ذريّة طيّبة بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأوّلهم؟!

قالوا: صدقت يا أمير المؤمنين، ثمّ نهض القوم (1).

إخراجه سبيكة الذهب من التراب

36 - الراوندي: عن إسماعيل بن عبّاس الهاشمي: قال:

جئت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) يوم عيد، فشكوت إليه ضيق المعاش.

فرفع المصلّى وأخذ من التراب سبيكةً من ذهب فأعطانيها.

فخرجت بها إلى السّوق فكان فيها ستة عشر مثقالاً من ذهب

ص: 344


1- إرشادالمفيد: 319 -323؛ كشف الغمة : 353/2 - 358 ؛حلية الأبرار: 553/4 ، ح 1؛ الإحتجاج: 446-443 .

و رواه صاحب ثاقب المناقب عن إسماعيل بن عبّاس الهاشمي قال: جئت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) يوم عيد ، وساق الحديث إلى آخره (1).

استجابة دعائه

37 - الرواندي: قال: روي عن أين أرومة أنه قال:

إنّ المعتصم دعا جماعة من وزرائه فقال:

إشهدوا لي على محمّد بن علي بن موسى (علیهما السّلام) زوراً، واكتبوا كتاباً إنه أراد أن يخرج، ثم دعاه فقال له:

إنك أردت أن تخرج عليّ؟

فقال: والله ما فعلت شيئاً من ذلك.

قال: إنّ فلاناً وفلاناً وفلاناً شهدوا عليك بذلك وأحضروا.

فقالوا: نعم ، هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك.

قال: وكان جالساً في نهر فرفع أبو جعفر (علیه السّلام) يده وقال: اللهم إن كانوا كذبوا علىّ فخذهم.

قال: فنظرنا إلى ذلك النهر كيف يزحف ويذهب ويجيء، وكلما قام واحد وقع.

فقال المعتصم : يابن رسول الله إنّي تائب ممّا قلت، فادع ربّك أن يسكنه.

فقال: اللهم سكنه، إنّك تعلم أنهم أعداؤك وأعدائي، فسكن.

و رواه صاحب ثاقب المناقب: عن ابن أرومة قال: إنّ المعتصم دعا جماعة من وزرائه، وذكر الحديث (2).

ص: 345


1- الخرائج و الجرائح: 383/1، ح 12؛ الثاقب في المناقب: 526 ، ح 12؛ كشف الغمّة: 368/2 ؛الصراط المستقيم : 2 / 200، ح 8 .
2- الخرائج والجرائح: 2/ 670 ، ح 18؛ الثاقب في المناقب: 534 ، ح 59 ؛إثبات الهداة : 340/3، ح 33 .

علمه بالغائب

38 - ثاقب المناقب عن محمّد بن القاسم، عن أبيه وعن غير واحدٍ من أصحابنا انه قد سمع عمر بن الفرج أنه قال: سمعتُ من أبي جعفر (علیه السّلام) شيئاً لو رآه محمّد أخي لكفر، فقلت: وما هو أصلحك الله ؟ قال : إني كنت معه يوماً بالمدينة إذ قرب الطعام فقال: أمسكوا .

فقلت: فداك أبي قد جاءكم الغيب؟

فقال: عليَّ بالخبّاز فجيء به وعاتبه وقال: من أمرك أن تسمّني في هذا الطعام؟ فقال له: جعلت فداك فلان، ثم أمر بالطعام فرفع وأُتي بغيره (1).

استجابة دعائه

39 - ثاقب المناقب: عن محمّد بن عمير بن واقد الرازيّ قال: دخلت على أبي جعفر محمّد الجواد بن الرّضا (علیه السّلام) ومعي أخي به بهق (2) شدید ،فشكى إليه من البهق، فقال: عافاك الله ممّا تشكو، فخرجنا من عنده وقد عوفي، فما عاد إليه ذلك البهق إلى أن مات .

قال محمّد بن عمير: وكان يصيبني وجع في خاصرتي في كلّ أُسبوع فيشتد ذلك لي أيّاماً، فسألته أن يدعو لي بزواله عنّي، فقال: وأنت عافاك الله. فما عاد إلى هذه الغاية (3) .

ص: 346


1- الثاقب في المناقب: 517 ، ح 2.
2- البهق : بياض يعتري الجسد دون البرص .
3- الثاقب في المناقب: 525 ، ح 11 كشف الغمة : 367/2 الخرائج : 1/ 377، ح 5.

علمه بحال الإنسان

40 - الحسين بن حمدان الحضيني: بإسناده عن موسى بن جعفر الرازي قال: وردنا جماعة من أهل الريّ إلى بغداد نريد أبا جعفر (علیه السّلام) ، فدخلنا عليه ومعنا رجل من أهل الرّيّ زيديّ يظهر لنا الإمامة، فلمّا جلسنا سألناه عن مسائل قصدناها، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) لبعض غلمانه: خذ بيد هذا الرجل الزيدي وأخرجه، فقام الرجل على قدميه وقال: أنا أشهد أنْ لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسولُ الله، وأن عليّاً أمير المؤمنين، وأن آباءك الأئمّة، أنك حجة الله في هذا العصر.

فقال له: أجلس قد استحققت بترك الضلال الّذي كنت عليه، وتسليمك الأمر إلى من جعله الله له أن تسمع ولا تمنع، فقال له الرجل: والله يا سيدي إنِّي لأدين الله بإمامة زيد بن عليّ منذ أربعين سنة، ولا أظهر للناس غير مذهب الإماميّة، فلمّا علمت منّي ما لم يعلمه إلا الله شهدت أنك الإمام والحجة (1).

ص: 347


1- الهداية: 61 اثبات الهداة 344/3 ، ح 48.

ص: 348

معاجز الإمام علي بن محمّد (علیه السّلام)

علمه بالغائب

ص: 349

ص: 350

معاجز الإمام الهادي (علیه السّلام)

1 - محمّد بن يعقوب: عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشّاء، عن خيران الأسباطي قال: قدمت على أبي الحسن (علیه السّلام) المدينة، فقال لي: ما خبر الواثق عندك ؟

قلت: جعلت فداك خلفته فى عافية، أنا من أقرب الناس عهداً به، عهدي به منذ عشرة أيام قال: فقال لي: إنّ أهل المدينة يقولون إنه قد مات. فقلت: أنا أقرب الناس به عهداً. قال: فقال: إنّ الناس يقولون لي: إنّه مات. فلما أن قال لي: الناس، علمت أنه هو ، ثمّ قال لي: ما فعل جعفر ؟

قلت: تركته أسوأ الناس حالاً في السجن. قال: فقال: أما إنه صاحب الأمر، ما فعل ابن الزيّات؟

قلت: جعلت فداك الناس معه والأمر أمره. قال: فقال: أما إنّه شوم عليه.

قال: ثم سكت وقال لي: لابد أن تجري مقادير الله وأحكامه، يا خيران مات الواثق، وقد قعد المتوکّل جعفر، وقد قتل إبن الزيّات.

فقلت: متى جعلت فداك ؟

قال : بعد خروجك بستة أيام (1).

ص: 351


1- الكافي 1/ 498 ، ح 1.

خبر خان الصّعاليك

2 - محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبد عن محمّد بن يحيى، عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن (علیه السّلام) فقلت له: جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتّی أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصّعاليك، فقال: ها هنا أنت يا بن سعيد! ثمّ أومأ بيده وقال: ، نظر ، فنظرت فإذا أنا بروضات آنقات، وروضات باسرات ، فيهنّ خيرات عطرات وولدان كأنّهنّ اللؤلؤ المكنون، وأطيار وظباء، وأنهار تفور، فحار بصري، وحسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد، لسنا في خان الصعاليك (1).

علمه بالغائب

3- الشيخ في أماليه: عن أبي محمّد الفحام قال: حدّثنی المنصوري، عن عم، أبيه. و حدّثنی عمّي، عن كافور الخادم بهذا الحديث قال: كان في الموضع مجاور الإمام من أهل الصنائع صنوف من الناس، وكان الموضع كالقرية، وكان يونس النقاش يغشي سيّدنا الإمام ويخدمه، فجاءه يوماً يرعد، فقال له: يا سيّدي أوصيك بأهلي خيراً، قال: وما الخبر؟ قال: عزمت على الرحيل . قال : ولم يا يونس ؟ وهو (علیه السّلام) يتبسم. قال: قال يونس: ابن بغا وجّه إليَّ بفص ليس له قيمة أقبلت أنقشه فكسرته بإثنين، وموعده غداً، وهو موسیٰ بن بغا إما ألف سوط أو القتل.

قال: إمض إلى منزلك، إلى غد فرج، فما يكون إلا خيراً. فلمّا كان من الغد وافي بكرة يرعد، فقال: قد جاء الرّسول يلتمس الفصّ. قال: إمض إليه فما ترى إلا خيراً قال: وما أقول له يا سيّدي؟ قال: فتبسّم وقال: إمض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون إلّا

ص: 352


1- الكافي 498/1 ، ح 2 .

خيراً.

قال: فمضى وعاد يضحك. قال: قال لي: يا سيّدي الجواري اختصمن، فيمكنك أن تجعله فصّين حتّی نغنيك؟

فقال سيّدنا الإمام: اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممّن يحمدك حقاً، فأيش قلت له؟ قال: قلت له: أمهلني حتّی أتأمل أمره كيف أعمله فقال : أصبت (1).

ارتفاعه في الهواء

4 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد قال: حدّثنا عمارة بن زيد، قال: قلت لأبي الحسن الله : أتقدر أن تصعد إلى السماء حتّى تأتي بشيء ليس في الأرض لنعلم ذلك؟ فارتفع في الهواء وأنا أنظر إليه حتّی غاب، ثم رجع ومعه طير من ذهب في أذنيه أشنقة من ذهب، وفي منقاره درّة وهو يقول: لا إله إلّا الله ،محمّد رسول الله ،عليّ ولي الله ، قال: هذا طير من طيور الجنّة، ثمّ سيّبه فرجع (2).

إخراج البر والدقيق من الأرض

5 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد قال: أخبرنا محمّد بن يزيد قال كنت عند علي بن محمّد (علیه السّلام) إذ دخل عليه قوم يشكون الجوع، فضرب يده إلى الأرض وكان لهم بُرّاً ودقيقا (3).

ص: 353


1- أمالي الطوسي 1 / 294 - 295 .
2- دلائل الإمامة 218 .
3- دلائل الإمامة 218 .

تعليمه اللغات بحصاة واحدة

6 - أبو علي الطبرسي: بإسناده قال: قال: أبو عبد الله بن عياش: وحدّثنی عليّ بن حبشي بن قوني قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدّثنا أبوهاشم الجعفري قال: دخلت على أبي الحسن (علیه السّلام) فكلمني بالهنديّة، فلم أحسن أن أرد عليه، وكان بين يديه ركوة ملأ حصاً، فتناول حصاة واحدة ووضعها في فيه ومصها مليّاً، ثمّ رمى بها إليّ فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتّی تكلّمت بثلاثة وسبعين لساناً أوّلها الهندية (1).

علمه بالغائب

7 - الحسن بن محمّد بن جمهور العمّي قال: وحدّ بن جمهور العمي: قال: وحدّثنی سعيد أيضاً قال: اجتمعنا أيضاً في وليمة لبعض أهل سرّ من رأى، وأبو الحسن الله معنا، فجعل رجل يعبث و يمزح ولا يرى له جلالة، فأقبل على جعفر فقال: أما إنّه لا يأكل من هذا الطعام وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عليه عيشه، قال: فقدّمت المائدة.

قال جعفر: ليس بعد هذا خبر قد بطل قوله، فوالله لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام، فإذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي، وقال له: إلحق أمّك فقد وقعت من فوق البيت وهي بالموت.

قال :جعفر فقلت: والله لا وقفت بعد هذا وقطعت عليه (2).

إبراء الأكمه وخلقه من الطين كهيئة الطير

8 - في عيون المعجزات أيضاً: عن أبي جعفر بن جرير الطبري، عن عبد الله بن

ص: 354


1- إعلام الورى 343 .
2- إعلام الورى 347 .

محمّد البلوي، عن هاشم بن زيد قال: رأيت عليّ بن محمّد صاحب العسكر وقد أتي بأكمه فأبرأه، ورأيته يهيّىء من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيطير، فقلت له: لا فرق بينك وبين عيسى (علیه السّلام) ، فقال: أنا منه وهو مني (1).

علمه بالغائب

9 - في عيون المعجزات: عن الحسن بن إسماعيل شيخ من أهل النهرين قال: خرجت أنا ورجل من أهل قريتي إلى أبي الحسن (علیه السّلام) بشيء كان معنا، وكان بعض أهل القرية قد حمّلنا رسالة ودفع إلينا ما أوصلناه، وقال: تقرؤنه مني السلام، وتسألونه عن بيض الطائر الفلاني من طيور الاجام هل يجوز أكلها أم لا؟

فسلّمنا ما كان معنا إلى جارية، وأتاه رسول السلطان فنهض ليركب وخرجنا من عنده ولم نسأله عن شيء، فلما صرنا في الشارع لحقنا (علیه السّلام) وقال لرفيقي بالنبطية: إقرأه منّي السلام وقل له بيض الطائر الفلاني لا تأكله، فإنّه من المسوخ (2).

الأسد الذي ابتلع اللّاعب

10 - البرسي: قال: روى محمّد بن الحسن الحضيني قال: حضر مجلس المتوکّل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحقِّ فأعجبه فقال له المتوكّل : يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف، فإذا حضر فالعب عنده بما يخجله.

قال: فلما حضر أبو الحسن (علیه السّلام) المجلس لعب الهندي فلم يلتفت إليه، فقال له: يا شريف ما يعجبك لعبي؟ كأنك جائع، ثمّ أشار إلى صورة مدوّرة في البساط على شكل الرّغيف، وقال: يا رغيف مر إلى هذا الشريف، فارتفعت الصورة، فوضع أبو الحسن ع(علیه السّلام).

ص: 355


1- عيون المعجزات 131 .
2- عيون المعجزات 132 .

يده على صورة سبع في البساط وقال : قم فخذ هذا، فصارت الصورة سبعا وابتلع الهندي و عاد إلى مكانه في البساط، فسقط المتوكّل لوجهه، وهرب من كان قائماً (1).

خبر الطّيور

11 - الراوندي: قال: قال أبو هاشم الجعفري إنّه كان للمتوكل مجلس بشبابيك كيما تدور الشمس في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوّت، فإذا كان يوم السّلام جلس في ذلك المجلس فلا يسمع ما يقال له، ولا يسمع ما يقول من اختلاف أصوات تلك الطيور، فإذا وافاه عليّ بن محمّد بن الرّضا (علیه السّلام) سكتت تلك الطيور فلا يسمع منها صوت واحد إلى ان يخرج من عنده، فإذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها.

قال: وكان عنده عدّة من القوابج في الحيطان وكان يجلس في مجلس له عال ويرسل تلك القوابج تقتتل وهو ينظر إليها ويضحك منها ، فإذا وافى عليّ بن محمّد (علیه السّلام) إليه فى ذلك المجلس لصقت تلك القوابج بالحيطان، وكانت لا تتحرّك من مواضعها حتّی ينصرف، فإذا انصرف عادت في القتال (2) .

خبر زينب الكذّابة

12 - ثاقب المناقب: عن علي بن مهزيار قال: إنّه صار إلى سرّ من رأى وكانت زينب الكذابة ظهرت وذكرت أنها زينب بنت علي بن أبي طالب (علیه السّلام) ، فأحضرها المتوکّل و سألها: فانتسبت إلى علي بن أبي طالب و فاطمة الله ، فقال لجلسائه: كيف بنا بصحّة أمر هذه وعند من نجده؟

ص: 356


1- مشارق أنوار اليقين 99 .
2- الخرائج 1 / 404 ، ح 10 .

فقال الفتح بن خاقان ابعث إلى ابن الرّضا (علیه السّلام) فأحضره حتّی يخبرك بحقيقة أمرها، فأحضره(علیه السّلام) فرحّب به المتوكّل وأجلسه معه على سريره وقال: إنّ هذه تدّعي كذا فما عندك ؟

فقال (علیه السّلام): المحنة في هذه قريبة، إنّ الله تعالى حرّم لحم جميع من ولدته فاطمة وعلي من ولد الحسن والحسين (علیهما السّلام) على السباع، فألقها للسباع، فإن كانت صادقة لم تتعرّض لها، وإن كانت كاذبة أكلتها، فعرض عليها فكذبت نفسها، وركبت حمارها في طريق سرّ من رأى تنادي على نفسها وجاريتها على حمار آخر بأنها زينب الكذّابة، وليس بينها وبين رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و علي وفاطمة - صلوات الله عليمهم أجمعين - قرابة، ثمّ رحلت إلى الشام.

فلمّا أن كان بعد ذلك بأيام ذكر عند المتوکّل أبو الحسن (علیه السّلام) وما قال في زينب، فقال علي بن الجهم: يا أمير المؤمنين لو جربت قوله على نفسه فعرفت حقيقة قوله، فقال: أفعل، ثمّ تقدّم إلى قوام السباع فأمرهم أن يجوعوها ثلاثة ويحضروها القصر، فترسل في صحنه، فنزل وقعد هو في المنظر، وأغلق أبواب الدرجة، وبعث إلى أبي الحسن (علیه السّلام) فأحضر وأمره أن يدخل من باب القصر فدخل، فلمّا صار في الصحن أمر بغلق الباب وخلّي بينه وبين السباع في الصحن.

قال علي بن يحيى: وأنا في الجماعة وابن حمدون، فلما حضر (علیه السّلام) وعليه سواد وشقة، فدخل وأغلق الباب والسباع قد أصمّت الآذان من زئيرها، فلما مشى في الصحن يريد الدّرجة مشت إليه السّباع وقد سكنت من زئيرها، ولم نسمع له حسّاً حتّى تمسحت به ودارت حوله، وهو يمسح رؤوسها بكُمِّهِ، ثمّ ضربت بصدورها الأرض، فما مشت ولا زئرت حتّی صعد الدرجة ، وقام المتوکّل فدخل، فارتفع أبو الحسن (علیه السّلام) وقعد طويلاً ثمّ قام فانحدر ، ففعلت السباع به كفعلها في الأوّل، وفعل هو بها كفعله الأوّل، فلم تزل رابضة

ص: 357

حتّی خرج من الباب الذي دخل منه وركب وانصرف وأتبعه المتوکّل بمال جزيل صلة له.

و قال ابن الجهم فقمت وقلت: يا أمير المؤمنين أنت إمام فافعل كما فعل ابن عمّك، فقال: والله لئن بلغني ذلك من أحد من الناس لأضربنّ عنقك وعنق هذه العصابة كلّهم، فوالله ما تحدّثنا بذلك حتّی مات وبلغ إلى ما يستحقّ (1).

خبر تلّ المخالي

13 - ثاقب المناقب والراوندي وغيرهما، واللفظ للراوندي قال: ومنها حديث تل المخالي، وذلك أن المتوکّل - وقيل: الواثق - أمر العسكر وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأى أن يملأ كل واحد منهم مخلاة فرسه من الطين الأحمر ويجعلوا بعضه على بعض في وسط برية واسعة هناك، فلما فعلوا ذلك صار مثل جبل عظيم، واسمه تلّ المخالي، صعد فوقه واستدعى أبا الحسن (علیه السّلام) واستصعده وقال: استحضرتك لنظارة خيول عسكري، وقد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف ويحملوا الأسلحة، وقد عرضوا بأحسن زينة وأتمّ عدّة وأعظم هيبة، وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه، وكان خوفه من أبي الحسن (علیه السّلام) أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج على الخليفة.

فقال له أبو الحسن (علیه السّلام) : وهل تريد أن أعرض عليك عسكري؟ قال: نعم، قال: فدعا الله سبحانه تعالى فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون، فغشي على الخليفة ، فقال له أبو الحسن (علیه السّلام) لمّا أفاق من غشيته: نحن لا

ص: 358


1- الثاقب في المناقب 545 ، ح 5.

تنافسكم في الدنيا، نحن مشتغلون بأمر الآخرة، فلا عليك منّي ممّا تظنّ بأس(1).

الشجرة والعين

14 - ثاقب المناقب: عن يحيى بن هر ثمة قال: أنا أشخصت أبا الحسن (علیه السّلام) من المدينة إلى سرّ من رأى في خلافة المتوكّل، فلمّا صرنا ببعض الطريق عطشنا عطشاً شديداً، فتكلّمنا وتكلّم الناس في ذلك، فقال أبو الحسن (علیه السّلام) : أما بعد فإنّا بعد فإنّا نصير إلى ماء عذب نشربه، فما سرنا إلا قليلاً حتّی سرنا إلى تحت شجرة عظيمة ينبع منها ماء عذب بارد فنزلنا عليه وارتوينا وحملنا معنا وارتحلنا، وكنت علّقت سيفي على الشجرة فنسيته.

فلما صرت غير بعيد في بعض الطريق ذكرته فقلت لغلامي: إرجع حتّی تأتيني بالسيف، فمرّ الغلام ركضاً فوجد السيف وحمّله ورجع دهشاً متحيّراً، فسألته عن ذلک فقال لي: إنّي رجعت إلى الشجرة فوجدت السيف معلّقاً عليها إذ لا عين ولا ماء ولا شجر فعرفت الخبر، فصرت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) فأخبرته بذلك، فقال: إحلف أن لا تذكر ذلك لأحد، فقلت: نعم (2).

إخراج الفضّة من الأرض

15 - ثاقب المناقب عن أبي هاشم قال: حججت سنة حجّ فيها بغا، فلما صرت إلى المدينة صرت إلى باب أبي الحسن (علیه السّلام)، فوجدته راكباً في استقبال بغا، فسلّمت عليه فقال: إمض بنا إذا شئت فمضيت معه حتّی خرجنا من المدينة، فلما أصحرنا التفت إلى غلامه وقال: إذهب فانظر في أوائل العسكر ، ثمّ قال: إنزل بنا يا أبا هاشم.

ص: 359


1- الثاقب في المناقب 557، ح 17؛ الخرائج 414/1 ، ح 19.
2- الثاقب في المناقب 531 ، ح 1 .

قال: فنزلت وفي نفسي أن أسأله شيئاً وأنا أستحي منه وأُقدِّم وأُؤَخِّر، قال: فعمل بسوطه في الأرض خاتماً سليماً، فنظرت فإذا في آخر الأحرف مكتوب: خذ، وفي الآخر: اكتم، وفي الآخر: اعذر، ثمّ اقتلعه بسوطه و ناولنيه ، فنظرت فإذا نقرة صافية فيها أربعمائة مثقال، فقلت: بأبي أنت وأمي لقد كنت شديد الحاجة إليها وأردت كلامك وأَقَدِّموأُؤَخِّر، والله أعلم حيث يجعل رسالته، ثم ركبنا (1).

علمه بما تحت الأرض

16 - ثاقب المناقب: عن المنتصر بن المتوکّل قال: زرع والدي الآس في بستان أكثر منه، فلما استوى الآس كلّه ،وحسن أمر الفرّاشين أن يفرشوا له على دكّان في وسط البستان، وأنا قائم على رأسه، فرفع رأسه إليَّ وقال: يا رافضي سل ربّك الأسود عن هذا الأصل الأصفر ما له من بين ما بقى من هذا البستان قد اصفر؟ فإنّك تزعم أنه يعلم الغيب فقلت: يا أمير المؤمنين إنّه ليس يعلم الغيب.

فأصبحت وغدوت إلى أبي الحسن (علیه السّلام) من الغد وأخبرته بالأمر، فقال: يا بُنَيَّ إمض أنت واحفر الأصل الأصفر، فإنّ تحته جمجمة نخرة واصفراره لبخارها ونتنها، قال: ففعلت ذلك فوجدته كما قال (علیه السّلام) ، ثم قال (علیه السّلام لي : يا بُنَيَّ لا تخبرنّ لأحد بهذا الأمر إلا لمن يحدِّثك بمثله (2).

علمه بما يكون

17 - ابن شهر اشوب من كتاب المعتمد في الأصول، قال: قال علي بن مهزيار: وردت على أبي الحسن وأنا شالاً في الإمامة، فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم

ص: 360


1- الثاقب في المناقب 532 ، ح 2 .
2- الثاقب في المناقب 538 ، ح 1 .

من الربيع إلّا أنه صائف، والناس عليهم ثياب الصيف، وعلى أبي الحسن (علیه السّلام) لبّادة ، و على فرسه تجفاف لبود، وقد عقد ذنب الفرس والناس يتعجّبون منه ويقولون: ألا ترون إلى هذا المدني وما قد فعله بنفسه ؟

فقلت في نفسي: لو كان هذا إماماً ما فعل هذا.

فلمّا خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا إلّا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلا ابتل حتّی غرق بالمطر ، وعاد (علیه السّلام) وهو سالم من جميعه، فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الإمام، ثمّ قلت: أريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب، فقلت في نفسي: إن كشف وجهه فهو الإمام.

فلمّا قرب منّي كشف وجهه ثمّ قال: إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه، وإن كان جنابته من حلال فلابأس، فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة (1).

علمه بما في النفس

18 - ثاقب المناقب: عن موسى بن جعفر البغدادي قال: كانت لي حاجة أحببت أن أكتب إلى العسكري (علیه السّلام) ، فسأل محمّد بن علي بن مهزيار أن يكتب في كتابه إليه حاجتي، فإنّي كتبت إليه كتاباً ولم أذكر فيه حاجتي، بل بيضت موضعها، فورد الكتاب في حاجتي مفسّراً في كتابة محمّد بن إبراهيم الحمصي (2).

الشاب الذي اتهم بموالاته

19 - ثاقب المناقب: عن الحسن بن محمّد بن علي قال: جاء رجل إلى عليّ بن

ص: 361


1- مناقب آل أبي طالب 413/4 - 414.
2- الثاقب في المناقب 540 ، ح 6.

محمّد بن علي بن موسى (علیهم السّلام) وهو يبكي وترتعد فرائصه، فقال: يابن رسول الله إن فلاناً :يعني الوالي - أخذ إبني واتهمه بموالاتك، فسلّمه إلى حاجب من حجابه، وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا فيرميه من أعلى جبل هناك، ثم يدفنه في أصل الجبل.

فقال عالم (علیه السّلام) : فما تشاء؟ فقال: ما يشاء الوالد الشفيق لولده. فقال: إذهب فإنّ ابنك يأتيك غداً إذا أمسيت، ويخبرك بالعجب من أمره فانصرف الرجل فرحاً، فلمّا كان عند ساعة من آخر النهار غداً إذا هو بابنه قد طلع عليه في أحسن صورة، فسره وقال: ماخبرك يا بني ؟

فقال: يا أبت إن فلاناً - يعني الحاجب - صار بي إلى أصل ذلك الجبل، فأمسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك، ثم يصعدني من غداة إلى أعلى الجبل ويدهدهني لبئر حفر لي قبراً في هذه الساعة، فجعلت أبكي وقوم موكلون بي يحفظونني، فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم وجوهاً وأنظف منهم ثياباً وأطيب منهم روائح، والموكلون بي لا يرونهم، فقالوا لي: ما هذا البكاء والجزع والتطاول والتضرّع؟

فقلت: ألا ترون قبراً محفوراً وجبلاً شاهقاً، وموكلون لا يرحمون يريدون أن يدهدهوني منه ويدفنوني فيه؟

قالوا: بلى أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب، فدهدهناه من الجبل، ودفّناه في القبر ، أتحترز بنفسك فتكون خادماً لقبر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؟

قلت: بلى والله فمضوا إلى الحاجب فتناولوه وجرّوه وهو يستغيث ولا يسمعون به أصحابه ولا يشعرون به، ثمّ صعدوا به إلى الجبل ودهدهوه منه ، فلم يصل إلى الأرض حتّى تقطعت أوصاله، فجاء أصحابه وضجّوا عليه بالبكاء واشتغلوا عنّي، فقمت وتناولني العشرة فطاروا بي إليك في هذه الساعة، وهم وقوف ينتظرونني ليمضوا بي إلى قبر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لأكون خادماً، ومضى. وجاء الرجل إلى عليّ بن محمّد (علیه السّلام) فأخبره، ثم لم

ص: 362

يلبث إلا قليلاً حتّی جاء الخبر بأنّ قوماً أخذوا ذلك الحاجب فدهدهوه من ذلك الجبل، ودفنه أصحابه في ذلك القبر، وهرب ذلك الرجل الذي كان أراد أن يدفنه في ذلك القبر، فجعل علي بن محمّد (علیه السّلام) يقول للرّجل: إنهم لا يعلمون ما نعلم، ويضحك (1).

علمه بما في النفس

20 - الشيخ في التهذيب: عن أبي عبد الله بن عيّاش قال: حدّثنی أحمد بن زياد الهمداني وعليّ بن محمّد التستري قالا: حدّثنا محمّد بن الليث المكّي قال: حدّثنی أبو إسحاق بن عبدالله العلوي العريضي قال: وحك في صدري ما الأيام التي تصام؟ فقصدت مولانا أبا الحسن عليّ بن محمّد (علیهم السّلام) وهو بصريا ، ولم أَبدِ ذلك لأحد من خلق الله، فدخلت عليه فلمّا بصر بي (علیه السّلام) قال : يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهن؟ وهي أربعة:

أوّلهن يوم السابع والعشرين من رجب، يوم بعث الله تعالى محمّداً (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إلى خلقه رحمة للعالمين. ويوم مولده (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ، وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة، فيه دحيت الكعبة. ويوم الغدير، فيه أقام رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أخاه عليّاً (علیه السّلام) علماً للناس وإماماً من بعده.

قلت: صدقت جعلت فداك، لذلك قصدت ، أشهد أنك حجة الله على خلقه (2).

خبر إسحاق الجلاب

21 - محمّد بن يعقوب: عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبداللّه، عن عليّ بن محمّد، عن إسحاق الجلّاب قال: اشتريتُ لأبي الحسن

ص: 363


1- الثاقب في المناقب 543 ، ح 3 مناقب آل أبي طالب 416/4 .
2- التهذيب: 305/4 ح 4 ، وعنه الوسائل: 324/7 ح 3 ، واثبات الهداة: 25/2 ح 101 .

(علیه السّلام) غنماً كثيرة فدعاني فأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه، فجعلت أفرّق تلك الغنم فيمن أمرني به، فبعثت إلى أبي جعفر (علیه السّلام) وإلى والدته وغيرهما ممن ،أمرني، ثمّ استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي، وكان ذلك يوم التروية، فكتب إليَّ : تقيم غداً عندنا ثم تنصرف.

قال: فأقمت، فلمّا كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الأضحى في رواق له، فلمّا كان في السحر أتاني فقال لي: يا إسحاق قم ، قال : فقمت ففتحت عيني فإذا أنا على بابي ببغداد. قال: فدخلت على والدي وأنا في أصحابي فقلت لهم: عرّفت بالعسكر وخرجت ببغداد إلى العيد.

و رواه المفيد في الاختصاص عن المعلى بن محمّد البصري، عن أحمد بن محمّد بن عبدالله، عن عليّ بن محمّد، عن إسحاق الجلاب قال: اشتريت لأبي الحسن (علیه السّلام) غنماً كثيرة فدعاني وأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه، وساق الحديث إلى آخره (1).

علمه بما يكون

22 - محمّد بن يعقوب: عن الحسين بن الحسن الحسني قال: حدّثنی أبو الطيب المثنّى يعقوب بن ياسر قال: كان المتوکّل يقول : وَيحَكُم قد أعياني أمر إبن الرّضا، أبى أن يشرب معي أو ينادمني أو أجد منه فرصة في هذا، فقالوا له: فإن لم تجد منه فهذا أخوه موسیٰ قصّاف عزّاف يأكل ويشرب ويتعشّق، قال: إبعثوا إليه فجیئوا به حتی نموّه به علی الناس ونقول: إبن الرّضا.

فكتب إليه وأشخص مكرماً، وتلقاه جميع بني هاشم والقوّاد والناس على أنه إذا

ص: 364


1- الكافي 1 / 48 ، ح 3؛ الاختصاص 325.

وافی أقطعه قطيعة وبنى له فيها، وحوّل الخمّارين والقيّان إليه، ووصله وبرّه، وجعل له منزلاً سرياً حتّى يزوره هو فيه.

فلمّا وافى موسى تلقاه أبو الحسن (علیه السّلام) في قنطرة وصيف، وهو موضع يتلقى فيه القادمون، فسلّم عليه ووافاه حقه ثمّ قال له: إنّ هذا الرّجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك، فلا تقرّ له أنك شربت نبيذاً قطّ .

فقال له موسى: فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي ؟ قال : فلا تضع من قدرك ولا تفعل فإنّما أراد هتكك، فأبى عليه فكرّر عليه، فلما رأى أنه لا يجيب قال: أما إنّ هذا مجلس لا نجتمع أنت وهو عليه أبداً، فأقام ثلاث سنين يبكر كلّ يوم فيقال له: قد تشاغل اليوم، فرُح فيروح، فيقال: قد سكر فبكّر، فيبكر فيقال: شرب دواءً، فما زال على هذا ثلاث سنين حتّی قتل المتوکّل، ولم يجتمع معه عليه (1).

إشالة السّتور

23 - الشيخ في أماليه قال: قال أبو محمّد الفحّام: حدّثنی أبو الطيب أحمد بن محمّد بن بطة قال : حدّثنی خير الكاتب قال : حدّثنی سليمة الكاتب، وكان قد عمل أخبار سرّ من رأى، قال: كان المتوکّل يركب إلى الجامع ومعه عدد ممّن يصلح للخطابة، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمّد يلقب بهريسة، وكان المتوکّل يحقره، فتقدّم إليه أن يخطب يوماً فخطب ،وأحسن فتقدّم المتوکّل يصلّي، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر، فجاء فجذب منطقته من ورائه وقال: يا أمير المؤمنين من خطب يصلّي، فقال المتوکّل أردنا أن نخجله فأخجلنا، وكان أحد الأشرار، فقال يوماً للمتوكّل :

ما يعمل أحد بك أكثر ممّا تعمله بنفسك في عليّ بن محمّد، فلا يبقى في الدّار إلا

ص: 365


1- الكافي 502/1، ح 8 .

من يخدمه، ولا يتبعونه بشيل ستر ولا فتح باب ولا شيء، وهذا إذا علمه الناس قالوا: لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة، فتقدم الا يخدم ولا يشال بين يديه ستر، وكان المتوکّل ما رأى أحداً ممن يهتم بالخبر مثله.

قال: فكتب صاحب الخبر إليه أنّ عليّ بن محمّد دخل الدار ، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه ستراً، فهبّ هواء رفع الستر له. فدخل فقال : إعرفوا خبر خروجه، فذكر صاحب الخبر أنّ هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتّی خرج، فقال: ليس نريد هواء يشيل الستر، شيلوا الستر بين يديه (1).

علمه بالغائب

24 - الشيخ في أماليه قال: قال أبو محمّد الفحام: حدّثنی أبوالحسن محمّد بن أحمد قال: حدّثنی عمّ أبي قال: قصدت الإمام (علیه السّلام) يوماً، فقلت: يا سيدي إنّ هذا الرّجل قد أطرحني وقطع رزقي ومللني، وما أنّهم في ذلك إلا علمه بملازمتي لك، فإذا سألته شيئاً منه يلزمه القبول منك، فينبغي أن تتفضّل عليَّ بمسألته، فقال: تكفى إن شاء الله.

فلمّا كان في الليل طرقني رسل المتوکّل رسول يتلو رسولاً، فجئت والفتح على البابِ قائم، فقال: يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل؟ كدني هذا الرجل مما يطلبك، فدخلت وإذا المتوکّل جالس في فراشه فقال: يا أبا موسى نُشغل عنك وتنسينا نفسك، أيّ شيء لك عندي؟ فقلت: الصلة الفلانيّة والرّزق الفلاني، وذكرت أشياء، فأمر لي بها وبضعفها.

فقلت للفتح: وافى عليّ بن محمّد إلى هاهنا ؟

ص: 366


1- أمالي الطوسي 292/1 .

فقال : لا . فقلت: كتب رقعة ؟

فقال: لا. فولّيت منصرفاً، فتبعني فقال لي: لست أشكّ أنك سألته دعاءً لك، فالتمس لي منه دعاء. فلما دخلت إليه (علیه السّلام) قال لي: يا أبا موسى هذا وجه الرّضا! فقلت: ببركتك يا سيّدي ولكن قالوا لي: إنّك ما مضيت إليه ولا سألته فقال: إنّ الله تعالى علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلّا إليه، ولا نتوكّل في الملمّات إلا عليه، وعوّدنا إذا سألناه الإجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا.

قلت: إنّ الفتح قال لي كيت وكيت قال: إنّه يوالينا بظاهره، ويجانبنا بباطنه الدعاء لمن يدعو به، إذا أخلصت في طاعة الله، واعترفت برسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وبحقنا أهل البيت، وسألت الله تبارك وتعالى شيئاً لم يحرمك. قلت: يا سيدي فتعلّمني دعاءً أختصّ به من الأدعية.

قال: هذا الدعاء كثيراً ما أدعو الله به، وقد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو :

يا عدّتي عند العدد، ويا رجائى والمعتمد ويا كهفى والسند ويا واحد يا أحد، يا قل هو الله أحد، أسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً، أن تصلي عليهم وتفعل بي كيت وكيت (1).

علمه بموت أبيه

25 - محمّد بن جرير الطبري: قال: روى محمّد بن جعفر الملقب بسجادة، عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: حدثتني أم محمّد مولاة أبي الحسن الرضا (علیه السّلام) بالحيرة، وهي مع الحسن بن موسى قالت دنا أبو الحسن عليّ بن محمّد من الباب وهو يرعد،

ص: 367


1- أمالي الطوسي 291/1 .

فدخل وجلس في حجر أم أيمن بنت ،موسى فقالت له فديتك مالك؟ قال لها: مات أبي والله الساعة، قال فكتبنا ذلك اليوم، فجاءت وفاة أبي جعفر الله ، وأنه توفى في ذلك اليوم الذي أخبر (1).

إبراء الأذى

26 - محمّد بن جرير الطبري قال: قال أحمد بن عليّ: دعانا عيسى بن الحسن أنا وأبا علي وكان أعرج فقال لنا: أدخلني إبن عمّي أحمد بن إسحاق على علي أبي الحسن ، فرأيته وكلّمه بكلام لم أفهمه، فقال له: جعلني الله فداك هذا إبن عمّي عيسى بن الحسن، وبه بياض في ذراعه وشيء قد تكتل كأمثال الجوز، قال: فقال لي: تقدّم يا عيسى، فتقدمت، فقال لي: أخرج ذراعك، فأخرجت ذراعي، فمسح عليها وتكلّم بكلام خفي طوّل فيه، ثمّ قال: بسم الله الرّحمن الرحيم، ثمّ التفت إلى أحمد بن إسحاق فقال: يا أحمد بن إسحاق كان عليّ بن موسى يقول:بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الإسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها، ثمّ قال: يا عيسى، قلت: لبيك قال: أدخل يدك في كمّك ثمّ أخرجها فأدخلها ثمّ أخرجها وليس في يده قليل ولا كثير (2).

صيرورة الرّمل ذهباً

27 - أبو علي الطبرسي بإسناده قال: قال ابن عياش: وحدّثنی عليّ بن محمّد المقعد قال: حدّثنی يحيى بن زكريا الخزاعي، عن أبي هاشم قال: خرجت مع أبي الحسن (علیه السّلام) إلى ظاهر سر من رأى نتلقى بعض الطالبين، فأبطأ حرسه، فطرح لأبي الحسن (علیه السّلام)غاشية السّرج، فجلس عليها، ونزلت عن دابتي وجلست بين يديه وهو يحدّثنی،

ص: 368


1- دلائل الإمامة 218 .
2- دلائل الإمامة 222 ؛ اثباة الهداة 3/ 385، ح 82 .

وشكوت إليه قصور يدي، فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالساً، فناولي منه أكفّاً وقال: اتسع بهذا يا أبا هاشم واكتم ما رأيت ،فخبّأته معي، فرجعنا فأبصرته، فإذا هو يتقّد كالنيران ذهباً أحمر .

فدعوت صائغاً إلى منزلي وقلت له: أسبك لي هذا، فسبكه وقال: ما رأيت ذهباً أجود منه وهو كهيئة الرّمل، فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه ؟

قلت: هذا شيء عندنا قديماً تدّخره لنا عجائزنا على طول الأيام (1).

خبر برذون أبي هاشم

28 - أبو علي الطبرسي بإسناده عن ابن عيّاش قال: وحدّثنی أبو القاسم عبدالله بن عبدالرحمن الصالحي من آل إسماعيل بن صالح - وكان أهل بيته بمنزلة من السادة عليهم السلام ومكاتبين لهم - أن أبا هاشم الجعفري شكا إلى مولانا أبي الحسن علي بن محمّد (علیهم السّلام) ما يلقى من الشّوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد، وقال له يا سيّدي أدع الله لي فما لي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه، فقال: قواك الله يا أبا هاشم وقَوّى برذونك.

قال: فكان أبوهاشم يصلّي الفجر ببغداد ويسير على البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك عسكر سر من رأى، ويعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على ذلك البرذون بعينه. فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت (2).

علمه بالآجال

29 - الحسن بن محمّد بن جمهور أيضاً في كتاب الواحدة قال: وحدّثنی

ص: 369


1- إعلام الورى 343 .
2- إعلام الورى 334 .

أبو الحسين سعيد بن سهيل البصري وكان يلقب بالملاح قال: وكان يقول بالوقف جعفر بن القاسم الهاشمي البصري، وكنت معه بسرّ من رأى إذ رآه أبو الحسن (علیه السّلام) في بعض الطّرق، فقال له : إلى كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها؟

فقال لي جعفر : سمعت ما قال لي عليّ بن محمّد ؟ قد والله قدح في قلبي شيئاً. فلمّا كان بعد أيام حدث لبعض أولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها، ودعا أبا الحسن معنا، فدخلنا، فلما رأوه أنصتوا إجلالاً له، وجعل شاب في المجلس لا يوقره، وجعل يلفظ ويضحك، فأقبل عليه فقال له يا هذا أتضحك ملء فيك وتذهل عن ذكر الله وأنت بعد ثلاثة أيام من أهل القبور ؟ قال: فقلنا: هذا دليل حتّی ننظر ما يكون.

قال: فأمسك الفتى وكفّ عما هو عليه، وطعمنا وخرجنا ، فلمّا كان بعد يوم اعتل الفتى، ومات في اليوم الثالث من أوّل النهار، ودفن في آخره (1).

استجابة دعائه

30 - صاحب ثاقب المناقب والراوندي قالا: قال: أبوهاشم الجعفري: إنّه ظهر برجل من أهل سرّ من رأى ،برص، فَتتَغَصَ عليه عيشه فجلس يوماً إلى أبي علي الفهري فشكا إليه حاله، فقال له: لو تعرّضت يوماً لأبي الحسن علي بن محمّد بن الرّضا (علیهم السّلام) فسألته أن يدعو لك لرجوت أن يزول عنك هذا.

قال: فتعرّض له يوماً في الطريق وقت منصرفه من دار المتوکّل، فلمّا رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك، فقال له: تنح عافاك الله، وأشار إليه بيده: تنح عافاك الله وأشار إليه بيده: تنح عافاك الله، ثلاث مرّات، فرجع الرجل ولم يجسر أن يدنو منه وإنصرف، فلقى الفهري فعرفه الحال وما قال فقال له: قد دعا لك قبل أن تسأله، فامض فإنّك ستعافى

ص: 370


1- اعلام الورى 346 .

فانصرف الرجل إلى بيته، فبات تلك الليلة، فلمّا أصبح لم ير على بدنه شيئاً من ذلك (1).

علمه بما يكون

31 - محمّد بن جرير الطبري قال: روى المعلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عبدالله، عن عليّ بن محمّد النوفليّ قال: قال عليّ بن محمّد (علیه السّلام) لمّا بدأ الموسوم بالمتوکّل بعمارة سُرِّ من رأى والحفرية قال: يا عليّ إنّ هذا الطاغية يبتلي ببناء مدينة لاتتم، ويكون حتفه فيها قبل تمامها على يد فرعون من فراعنة ،الأتراك ثمّ قال: يا علي إنّ الله عزّ وجلّ اصطفى محمّداً (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بالنبوة والبرهان، واصطفانا بالمحبة والبيان، وجعل كرامة الصفوة لمن ترى يعني نفسه.

قال: وسمعته (علیه السّلام) يقول: إسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، وإنما كان عند آصف منه حرف واحد، فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتّی صيّره إلى سليمان (علیه السّلام) ، ثم بسطت الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه إثنان وسبعون حرفاً، وحرف عند الله عزّوجلّ استأثر به في علم الغيب (2).

التوقير له الذي لا يملك تركه

32 - أبو علي الطبرسي بإسناده قال: قال ابن عياش: وحدّثنی أبوطاهر الحسن بن عبدالقاهر الطاهري قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن الأشتر العلوي قال: كنت مع أبي على باب المتوکّل، وأنا صبي في جمع من الناس ما بين طالبي إلى عباسي وجعفري إلى جنديّ، وكان إذا جاء أبو الحسن (علیه السّلام) ترجل الناس كلهم حتّی دخل.

فقال بعضهم لبعض: لم نترجل لهذا الغلام ؟ وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سناً والله لا

ص: 371


1- الثاقب في المناقب 554 . ح 14: الخرائج 399/1، ح 5 .
2- دلائل الإمامة: 218 - 219 اثبات الهداة: 3/ 385، ح 78.

ترجّلنا له. فقال : أبوهاشم الجعفري: والله لتترجّلنّ له صغرة إذا رأيتموه، فما هو إلا أن أقبل وبصروا به حتّی ترجّل له الناس كلّهم ، فقال لهم أبو هاشم الجعفري: أليس زعمتم أنكم لا ترجّلون له ؟

فقالوا له: والله ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا (1).

علمه بما فى النفس واستجابة دعائه

33 - الراوندي: قال: حدّث جماعة من أهل إصفهان منهم أبو العباس أحمد بن النضر وأبو جعفر محمّد بن علوية قالوا: كان بإصفهان رجل يقال له: عبد الرحمن - وكان شيعيّاً - قيل له: ما السبب الذى أوجب عليك القول بإمامة على النقي (علیه السّلام) دون غيره من أهل الزمان، قال: شاهدت ما أوجب ذلك عليَّ، وذلك أني كنت رجلاً فقيراً وكان لي لسان و جرأة، فأخرجني أهل إصفهان سنة من السنين، فخرجت مع قوم آخرين إلى باب المتوكّل متظلّمين، فكنا بباب المتوکّل يوماً، إذ خرج الأمر بإحضار علي بن محمّد بن الرّضا (علیه السّلام) ، فقلت لبعض من حضر من هذا الرجل الذي قد أمر بإحضاره؟

فقيل: هذا رجل علويّ تقول الرافضة بإمامته، ثمّ قال: وقدّرت أن المتوکّل يحضره للقتل، فقلت: لا أبرح من هاهنا حتّی أنظر إلى هذا الرّجل أي رجل هو ؟ قال: فأقبل راكباً على فرس وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفّين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبّه في قلبي، فجعلت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شرّ المتوکّل، فأقبل يسير بين الناس و هو ينظر إلى عرف دابته لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا أكرّر في نفسي الدعاء له، فلما صار بإزائي أقبل بوجهه إلى وقال: استجاب الله دعاءك وطوّل عمرك، وكنّر مالك وولدك.

ص: 372


1- إعلام الورى : 343 - 344 إثبات الهداة : 369/3 ، ح :32 الخرائج: 675/2 ، ح : كشف الغمة : 398/2؛ مناقب آل أبي طالب : 407/4 الثاقب في المناقب : 542 ، ح 2 .

قال: فارتعدت من هيبته ووقعت بين أصحابي، فسألوني وهم يقولون: ما شأنك؟ فقلت: خير، ولم أخبر بذلك، فانصر فنا بعد ذلك إلى إصفهان، ففتح الله عليَّ الخير بدعائه و وجوهاً من المال، حتّی أنا اليوم أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم سوى مالي خارج داري، ورزقت عشرة من الأولاد قد بلغت الآن من عمري نيفاً وسبعين سنة، وأنا أقول بإمامة ذلك الرّجل الذي علم ما كان في نفسي، واستجاب الله دعاءه في أمري.

و رواه صاحب ثاقب المناقب عن جماعة من أهل إصفهان، منهم العيّاشي محمّد بن النضر وأبو جعفر محمّد بن علويّة قالوا: كان بإصفهان رجل يقال له: عبد الرحمن وكان شيعياً - قيل له: ما السبب الذي أوجب عليه القول بإمامة علي النقي دون غيره من أهل زمانه؟ وساق الحديث إلى آخره (1).

خبر حمار النصراني

34 - الثاقب في المناقب وخرائج الراوندي: عن هبة الله بن أبي منصور الموصلي قال: كان بديار ربيعة كاتب لنا نصراني - وكان من أهل كفر توتا يسمّى يوسف بن يعقوب، وكان بينه وبين والدي صداقة. قال: فوافى فنزل عند والدي، فقال: ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟ قال: دعيت إلى حضرة المتوکّل، ولا أدري ما يراد منّي إلا أني اشتريت نفسی من الله بمائة دينار، وقد حملتها لعلي بن محمّد الرضا (علیهما السلام) معي .

فقال له والدي: قد وفقت في هذا قال: وخرج إلى حضرة المتوکّل وانصرف إلينا بعد أيام قلائل فرحاً مستبشراً، فقال له والدي: حدّثنی حديثك، قال: سرت إلى سرّ من رأى وما دخلتها قط، فنزلت فى دار وقلت أحب أن أوصل المائة دينار إلى أبي الحسن

ص: 373


1- الخرائج : 392/1 ح 1؛ الثاقب في المناقب: 549 ح 11؛ إثبات الهداة: 371/3، ح 37؛ كشف الغمّة : 389/2- 390 .

علي بن محمّد بن الرّضا (علیهم السّلام) قبل مصيري إلى باب المتوکّل، وقبل أن يعرف أحد قدومي. قال: فعرفت أنّ المتوکّل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره، فقلت: كيف أصنع ؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا (علیه السّلام) ، لا أمن أن ينذر بي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره .

قال: ففكّرت ساعة في ذلك الوقت، فوقع في نفسي أن أركب حماري وأخرج في البلد، ولا أمنعه من حيث يذهب لعلّي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحداً. قال: فجعلت الدنانير في كاغدة وجعلتها في كمّي، وركبت فكان الحمار يتخرّق الشوارع والأسواق ويمرّ حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب ،دار فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار ؟ فقيل: هذه دار عليّ بن محمّد بن الرّضا (علیمه السّلام) فقلت : الله أكبر دلالة والله مقنعة .

قال: وإذا خادم أسود قد خرج من الدار، فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم. قال: إنزل. فنزلت فأقعدني في الدهليز ودخل فقلت في نفسي: وهذه دلالة أُخرى، من أين عرف هذا الخادم إسمي وإسم أبي وليس في هذا البلد من يعرفني ولا دخلته قطّ ؟! قال فخرج الخادم فقال المائة الدينار التي معك في كمّك في الكاغدة، هاتها، فناولته إياها، فقلت: وهذه ثالثة ثم رجع إليَّ فقال: أدخل، فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده.

فقال: يا يوسف أما آن لك أن تسلم؟

فقلت يا مولاي قد بان لي من البراهين ما فيه كفاية لمن اكتفى فقال: هيهات أما إنك لا تسلم ، ولكن سيسلم ولدك فلان، وهو من شيعتنا فقال: يا يوسف إنّ أقواماً يزعمون أنّ ولايتنا لا تنفع أمثالك، كذبوا والله إنّها لتنفع أمثالك، إمض فيما وافيت له، فإنك سترى ما تحبّ، سيولد لك رجل مبارك. قال: فمضيت إلى باب المتوکّل فقلت كلّ ما

ص: 374

أردت وانصرفت.

قال هبة الله فلقيت إبنه بعد موت أبيه وهو مسلم حسن التشيع، فأخبرني أنّ أباه مات على النصرانية، وأنه أسلم بعد موت والده، وكان يقول: أنا بشارة مولاي (علیه السّلام)(1).

خبر الفرس

35 - الراوندي قال: إن أحمد بن هارون قال: كنت جالساً أُعلّم غلاماً من غلمانه في فازة (2) داره - فيها بستان - إذ دخل علينا أبو الحسن (علیه السّلام) راكباً على فرس له، فقمنا إليه فسبقنا، فنزل قبل أن ندنو منه، وأخذ عنان فرسه بيده، فعلّقه في طنب من أطناب الفازة، ثمّ دخل وجلس معنا، فأقبل عليَّ وقال : متى رأيك أن تنصرف إلى المدينة؟

فقلت: الليلة.

قال: فأكتب إذا كتاباً معك توصله إلى فلان التاجر ؟

قلت: نعم.

قال: یا غلام هات الدواة والقرطاس، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار أخرى.

فلمّا غاب الغلام صهل الفرس وضرب بذنبه فقال له - بالفارسية ما هذا القلق؟ فصهل الثانية وضرب بذنبه، فقال له - بالفارسية -لي حاجة أريد أن أكتب كتاباً إلى المدينة، فاصبر حتّی أفرغ فصهل الثالثة وضرب بذنبه ، فقال له - بالفارسية إقلع وامض إلى ناحية البستان وبل هناك ورث وارجع واقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه وأخرج العنان من موضعه، ثمّ مضى إلى ناحية البستان حتّی لا نراه في ظهر الفازة، فبال وراث وعاد إلى مكانه.

ص: 375


1- الثاقب في المناقب: 553 ، ح 13؛ الخرائج : 396/1، ح 3: إثبات الهداة: 373/3، ح 39 ؛كشف الغمة: 2/ 392 - 33 .
2- الفازة: مِظَلَّة تُمدّ بعمود .

فدخلني من ذلك ما الله به عليم، ووسوس الشيطان في قلبي فأقبل إليَّ فقال: يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت، إنّ ما أعطى الله محمّداً وآل محمّد أكثر ممّا أعطى داود وآل داود.

قلت صدق ابن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فما قال لك ؟ و ما قلت له ؟ فما فهمته .

فقال: قال لي الفرس: قم فاركب إلى البيت حتّی تفرغ عنّي قلت ما هذا القلق ؟ قال: قد تعبت .

قلت: لي حاجه أريد أن أكتب كتاباً إلى المدينة فإذا فرغت ركبتك. قال: إني أريد أن أروث وأبول، وأكره أن أفعل ذلك بين يديك. فقلت له: إذهب إلى ناحية البستان فافعل ما أردت، ثمّ عُد إلى مكانك، ففعل الذي رأيت.

ثم أقبل الغلام بالدواة والقرطاس - وقد غابت الشمس - فوضعها بين يديه،فأخذ في الكتابة حتّى أظلم الليل فيما بيني وبينه، فلم أر الكتاب وظننت أنه أصابه الذي أصابني.

فقلت للغلام قم فهات بشمعة من الدار حتّی يبصر مولاك كيف يكتب، فهمّ الغلام ليمضي، فقال للغلام: ليس لي إلى ذلك حاجة.

ثم كتب كتاباً طويلاً إلى أن غاب الشفق، ثمّ قطعه فقال للغلام: أصلحه، فأخذ الغلام الكتاب وخرج من الفازة ليصلحه، ثم عاد إليه وناوله ليختمه، فختمه من غير أن ينظر في ختمه هل الخاتم مقلوب أو غير مقلوب ؟ فناولني الكتاب فأخذت، فقمت لأذهب فعرض في قلبي - قبل أن أخرج من الفازة - أصلّي قبل أن آتي المدينة، قال: يا أحمد صلّ المغرب و العشاء الآخرة في مسجد رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، ثم اطلب الرجل في الروضة، فإنك توافيه إن شاء الله.

قال: فخرجت مبادراً فأتيت المسجد وقد نودي للعشاء الآخرة، فصليت المغرب

ص: 376

ثمّ صلّيت معهم العتمة، وطلبت الرجل حيث أمرني فوجدته، فأعطيته الكتاب فأخذه وفضّه ليقرأه، فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعا بسراج فأخذته فقرأته عليه في السراج في المسجد، فإذا خط مستو ليس حرفاً ملتصقاً بحرف، وإذا الخاتم مستوٍ ليس بمقلوب.

فقال لي الرّجل: عد إليَّ غداً حتّی أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فجئت به إليه، فقال: أليس قد وجدت الرجل حيث قلت لك ؟

فقلت نعم قال: أحسنت (1).

علمه بالآجال

36 - الراوندي قال : روي عن أبي سليمان قال: حدّثنا ابن أرومة قال خرجت أيّام المتوکّل إلى سرّ من رأى، فدخلت على سعيد الحاجب قد دفع المتوکّل أبا الحسن (علیه السّلام) إليه ليقتله، فلما دخلت عليه قال: أتحب أن تنظر إلى إلهك ؟ قلت: سبحان الله إلهي لاتدركه الأبصار، قال: هذا الذي تزعمون أنه إمامكم!

قلت ما أكره ذلك، قال: قد أمرني المتوکّل بقتله وأنا فاعله غداً وعنده صاحب البريد فإذا خرج فادخل إليه، فلم ألبث أن خرج فقال لي: أدخل، فدخلت الدار التي كان فيها محبوساً، فإذا هو ذا بحيالة قبر يحفر، فدخلت وسلّمت وبكيت بكاء شديداً، فقال: ما يبكيك؟ قلت: لما أرى.

قال: لا تبك لذلك، فإنّه لا يتم لهم ذلك، فسكن ما كان بي، فقال: إنّه لا يلبث أكثر من يومين حتّى يسفك الله دمه ودم صاحبه الذي رأيته. قال: والله ما مضى غير يومين

ص: 377


1- الخرائج والجرائح: 408/1 ، ح 14 : إثبات الهداة : 376/3، ح 44؛ الصراط المستقيم: 204/2، ح 12 .

حتّی قتل وقتل صاحبه فقلت لأبي الحسن (علیه السّلام) : حديث رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) : لا تعادوا الأيّام فتعاديكم؟ قال: نعم، إن لحديث رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) تأويلاً، أمّا السبت فرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، و الأحد أمير المؤمنين (علیه السّلام) ، والإثنين: الحسن والحسين (علیهما السّلام)، والثلاثاء: علي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد (علیهم السّلام) ، والأربعاء: موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا عليّ بن محمّد، والخميس: إبني الحسن والجمعة القائم منّا أهل البيت (علیهم السّلام)(1).

خبره مع المتوکّل

37 - ثاقب المناقب: عن أبي العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب والراوندي، واللفظ له، قال: روى أبو سعيد سهل بن زياد قال: حدّثنا أبو العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب ونحن في داره بسر من رأى، فجرى ذكر أبي الحسن (علیه السّلام) فقال: يا أبا سعيد إنّي إنِّي أُحدثك بشيء حدّثنی به أبي قال: كنا مع المعتز وكان أبي كاتبه، قال: فدخلنا الدار وإذا المتوکّل على سريره ،قاعد فسلم المعتز ووقف خلفه، وكان عهدي به إذا دخل عليه رحّب به وأصرّه بالقعود، ونظرت إلى وجهه يتغيّر ساعة بعد ساعة، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول:

هذا الذي تقول فيه ما تقول، ويردّد القول والفتح مقبل عليه يسكنه ويقول: مكذوب عليه يا أمير المؤمنين، وهو يتلظَّى ويشطط ويقول: والله لأقتلنّ هذا المرائي الزنديق، وهو الذي يدعي الكذب ويطعن في دولتي، ثمّ قال: جئني بأربعة من الخزر الجلاف لا يفقهون، فجيء بهم ودفع إليهم أربعة أسياف، وأمرهم أن يرطنوا (2) بألسنتهم إذا

ص: 378


1- الخرائج 1 / 12، ح 17؛ اثبات الهداة ،377/3، ح 45 كشف الغمة 394/2 .
2- يرطنوا: يتكلموا بالعَجَميّة.

دخل أبو الحسن (علیه السّلام) ، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبّطوه ويعلّقوه، وهو يقول: والله لأحرقنّه بعد القتل وأنا منتصب قائم خلف المعتزّ من وراء الستر.

فما علمت إلّا بأبي الحسن (علیه السّلام) قد دخل، وقد بادر الناس قدامه وقالوا: قد جاء، والتفت ورائي فإذا أنا به وشفتاه يتحرّكان، وهو غير مكترث ولا جازع، فلمّا بصر به المتوکّل رمى بنفسه عن السرير إليه وهو يسبقه، فانكبّ عليه يقبل بين عينيه ويديه وسيفه بيده، وهو يقول: يا سيّدي يابن رسول الله أي خير خلق الله يابن عمّي يا مولاي يا أبا الحسن! وأبو الحسن (علیه السّلام) يقول: أعيذك يا أمير المؤمنين بالله أعفني من هذا.

فقال: ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟

قال: جاءني رسولك فقال : المتوکّل يدعوك.

فقال: كذب إبن الفاعلة إرجع يا سيدي من حيث أتيت يا فتح يا عبيدالله! يا معتز شيعوا سيّدكم وسيّدي، فلمّا بَصَر به الخزر خروا سجداً مذعنين، فلما خرج دعاهم المتوکّل وقال للترجمان: أخبرني بما يقولون، ثمّ قال لهم: لِمَ لَمْ تفعلوا ما أمرتكم به؟

قالوا: شدّة هيبته، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك عما أمرت به وامتلأت قلوبنا من ذلك رعباً .

فقال المتوکّل : يا فتح هذا صاحبك - وضحك في وجه الفتح، وضحك الفتح في وجهه - وقال : الحمد لله الذي بيض وجهه، وأنار حجّته.

ثم قال صاحب ثاقب المناقب عقيب هذا الحديث ولا أبعد أن يكون من أمر المتوکّل بقتله من الغلمان الخزرية وإحياء أبي الحسن (علیه السّلام) إياهم، هؤلاء الذين خرّوا له سجداً في ذلك اليوم، والله أعلم (1).

ص: 379


1- الثاقب في المناقب 556، ح 16؛ الخرائج 417/1، ح 21.

إحياء أموات

38 - ثاقب المناقب عن محمّد بن حمدان، عن إبراهيم بن بلطون، عن أبيه قال: كنت أحجب المتوکّل فأهدي له خمسون غلاماً من الخزر، وأمرني أن أتسلمهم وأحسن إليهم، فلمّا تمّت سنة كاملة كنت واقفاً بين يديه، إذ دخل عليه أبو الحسن عليّ بن محمّد النقي ، فلما أخذ مجلسه أمرني أن أخرج الغلمان من بيوتهم، فأخرجتهم، فلمّا بصروا بأبي الحسن (علیه السّلام) اسجدوا له بأجمعهم، فلم يتمالك المتوکّل أن قام يجرّ رجليه حتّی توارئ خلف الستر، ثم نهض أبو الحسن (علیه السّلام)، فلما علم المتوکّل بذلك خرج إليَّ وقال: ويلك يا بلطون ما هذا الّذي فعل هؤلاء الغلمان؟

فقلت: لا والله ما أدري. قال: سلهم. فسألتهم عما فعلوه، فقالوا: هذا رجل يأتينا كلّ سنة فيعرض علينا الدين، ويقيم عندنا عشرة أيام، وهو وصيّ نبي المسلمين، فأمرني بذبحهم، فذبحتهم عن آخرهم. فلمّا كان وقت العتمة صرت إلى أبى الحسن (علیه السّلام) فإذا خادم على الباب، فنظر إلى فقال لمّا بصر بي: أدخل، فدخلت فإذا هو الا جالس، فقال: يا بلطون ما صنع القوم؟

فقلت: يابن رسول الله ذُبحوا والله عن آخرهم. فقال لي: كلّهم؟ فقلت: إي والله. فقال (علیه السّلام): أتحب أن تراهم ؟

قلت: نعم يابن رسول الله، فأومأ بيده أن أدخل الستر، فدخلت فإذا أنا بالقوم قعود و بين أيديهم فاكهة يأكلون (1).

علمه بما يكون

39 - ثاقب المناقب: عن عبدالله بن طاهر قال: خرجت إلى سرّ من رأى لأمر

ص: 380


1- الثاقب في المناقب: 529 ، ح 1.

أحضرني المتوکّل، فأقمت سنة ثمّ ودّعت وعزمت على الانحدار إلى بغداد، فكتب إلى أبو الحسن (علیه السّلام) أستأذنه في ذلك وأُودِّعه، فكتب لي: فإنك بعد ثلاث يحتاج إليك وسيحدث أمران، فانحدرت واستحسنته، فخرجت إلى الصيد وأنسيت ما أشار إليَّ أبو الحسن (علیه السّلام) ، فعدلت إلى المطيرة وقد صرت إلى مصري وأنا جالس مع خاصتي، إذا بمائة فارس يقولون: أجب أمير المؤمنين المنتصر. فقلت: ما الخبر؟

قالوا: قتل المتوكّل ، وجلس المنتصر ، واستوزر أحمد بن الخضيب، فقمت من فوري راجعاً (1).

علمه بالآجال

40 - الحضينى في الهداية بإسناده عن عبد الله بن جعفر، عن المعلى بن محمّد قال: قال: أبو الحسن علي بن محمّد (علیهم السّلام) : إن هذا الطاغية يبني مدينة بسر من رأى يكون حتفه فيها على يد إبنه المسمّى بالمنتصر، وأعوانه عليه الترك. قال: وسمعته يقول: إسم الله على ثلاثة وسبعين حرفاً، وإنما كان عند آصف بن برخيا حرف واحد، فتكلم به فرقت له الأرض فيما بينه وبين مدينة سبأ، فتناول عرش بلقيس فأحضره سليمان (علیه السّلام) قبل أن يرتد إليه طرفه، ثمّ بسطت الأرض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه إثنان وسبعون حرفاً، والحرف الذي كان عند آصف بن برخيا وكتب إليه رجل من شيعته من المدائن يسأله عن سنىّ المتوکّل، فكتب إليه:

(بسم الله الرّحمن الرحيم تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ » (2)

ص: 381


1- الثاقب في المناقب: 539 ، ح 4 .
2- يوسف 47 - 49

فقتل بعد خمسة عشر سنة.

ثم كان من أمر بناء المتوکّل الجعفري وما أمر به بني هاشم وغيرهم من الأبنية هناك ما تحدّث به، ووجه إلى أبي الحسن (علیه السّلام) بثلاثين ألف درهم وأمره أن يستعين بها على بناء دار وركب المتوکّل يطوف على الأبنية، فنظر إلى دار أبي الحسن (علیه السّلام لم ترتفع إلا قليلاً، فأنكر ذلك وقال لعبيد الله بن يحيى بن خاقان: عليَّ وعليّ يميناً - وأكدها لئن ركبت ولم ترتفع دار أبي الحسن (علیه السّلام) لأضربن عنقه، فقال له عبيد الله : يا أمير المؤمنين لعله في إضاقة، فأمر له بعشرين ألف درهم، فوجه بها إليه مع أحمد إبنه وقال له: تحدثه بما جرى، فصار إليه وأخبره بما جرى، فقال: إن ركب فليفعل ذلك.

و رجع أحمد إلى أبيه عبيد الله فعرّفه ذلك، فقال عبيد الله ليس والله يركب فلمّا كان في يوم الفطر من السنة التي قتل فيها أمر بني هاشم بالترجل والمشي بين يديه، وإنّما أراد بذلك أبا الحسن (علیه السّلام) ، فترجل بنو هاشم وترجّل أبو الحسن اللا ، فاتكأ على رجل من مواليه، فأقبل عليه الهاشميون فقالوا: يا سيّدنا ما في هذا العالم أحد يدعوا الله فيكفينا مؤنته ؟

فقال أبو الحسن (علیه السّلام) : في هذا العالم مَنْ قلامة ظفره أعظم عند الله من ناقة صالح لما عقرت وضجّ الفصيل إلى الله، فقال الله عزّ من قائل: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب)(1) فقتل في اليوم الثالث خلق كثير من بني هاشم.

و روي أنه قال - وقد أجهده المشي - اللهم إنّه قطع رحمي قطع الله أجله.

و مضئ المتوکّل في اليوم الرابع من شوّال سنة سبع وأربعين ومائتين في سنة سبع و عشرين من إمامة أبي الحسن (علیه السّلام) وبويع لابنه محمّد بن جعفر المنتصر؛ فكان من

ص: 382


1- هود: 65 .

معاجز الإمام الحسن بن عليّ (علیه السّلام)

علمه بما في النفس

ص: 383

ص: 384

معاجز الإمام العسكري (علیه السّلام)

1 - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن إبراهيم المعروف بابن الكرديّ، عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال: ضاق بنا الأمر، فقال لي أبي : إمض بنا حتّی نصير إلى هذا الرجل - يعني: أبا محمّد (علیه السّلام) - فإنه قد وصف عنه سماحة، فقلت: تعرفه؟ فقال: ما أعرفه ولا رأيته قط. قال: فقصدناه فقال لي أبي وهو في طريقه ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمسمائة درهم مائتا درهم للكسوة، ومائتا درهم للدّقيق، مائة درهم للنفقة.

فقلت في نفسي: ليته أمر لي بثلاث مائة درهم مائة أشتري بها حماراً، ومائة للنفقة، ومائة للكسوة وأخرج إلى الجبل قال: فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه فقال: يدخل عليّ بن إبراهيم ومحمّد إبنه، فلما دخلنا عليه وسلّمنا قال لأبي : يا على ما خَلَفَ- خَلَّفَك عنا إلى هذا الوقت؟

فقال: يا سيّدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال.

فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبى صرّة فقال : هذه خمسمائة درهم مائتان للكسوة، ومائتان للدقيق، ومائة للنفقة. وأعطاني صرّة فقال: هذه ثلاث مائة درهم إجعل مائة في ثمن ،حمار، ومائة للكسوة، ومائة للنفقة، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء. فصار إلى سوراء وتزوّج بإمرأة فدخله اليوم ألف دينار، ومع هذا يقول بالوقف. فقال محمّد بن إبراهيم فقلت له: ويحك أتريد أمراً أبين من هذا؟ قال: فقال: هذا

ص: 385

أمر قد جرينا عليه(1).

علمه بما في النفس

2 - محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد ومحمّد بن عبدالله، عن إسحاق قال: حدّثنی الحسن بن ظريف قال: اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمّد (علیه السّلام) ، فكتبت أسأله عن القائم (علیه السّلام) إذا قام بما يقضي؟ وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس؟ وأردت أن أسأله عن شيءٍ لحُمّى الربع فأغفلت خبر الحمّى، فجاء الجواب : سألت عن القائم وإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود (علیه السّلام) ، لا يسأل البيئة، وكنت أردت أن تسأل لحمّى الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلّقه على المحموم، فإنّه يبرأ بإذن الله إن شاء الله:

(یا نار کونی برداً وسلاماً على إبراهيم)(2) فعلقنا عليه ما ذكر أبو محمّد (علیه السّلام) فأفاق (3).

علمه بما يكون

3 - محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد ومحمّد بن عبدالله، عن إسحاق قال: حدّثنی إسماعيل بن محمّد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب قال: قعدت لأبي محمّد (علیه السّلام) على ظهر الطريق، فلمّا مرّ بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أنه ليس عندي درهم فما فوقه ولا غداء ولا عشاء، قال: فقال: تحلف بالله كاذباً! وقد دفنت مائتي دينار، وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك،

ص: 386


1- الكافي 506/1 ، ح 3.
2- الأنبياء: 69.
3- الكافي 509/1، ح 13 .

فأعطاني غلامه مائة دينار، ثمّ أقبل عليَّ فقال لي: إنّك تحرمها أحوج ما تكون إليها، يعني الدنانير التي دفنت و وصدق (علیه السّلام) وكان كما قال، دفنت مائتي دينار وقلت يكون ظهراً وكهفا لنا، فاضطررت ضرورة شديدة إلى شيء انفقه، وانغلقت عليّ ابواب الرّزق، فنبشت عنها فإذا إبن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب، فما قدرت منها على شيء (1).

علمه بالغائب

4 - أبو عبد الله بن عيّاش وحدّثنا أحمد بن يحيى قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر قال: حدّثنا أبوهاشم قال: سأل الفهفكي أبا محمّد (علیه السّلام) ما بال المرأة المسكينة تأخذ سهماً واحداً، ويأخذ الرجل سهمين؟

فقال: إنّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا عليها معقلة، إنما ذلك على الرّجال .

فقلت في نفسي: قد كان قيل لي: إنّ ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله (علیه السّلام) عن هذه المسألة، فأجابه بمثل هذا الجواب، فأقبل أبو محمّد (علیه السّلام) علىّ فقال: نعم، هذه مسألة إبن أبى العوجاء والجواب منا واحد إذا كان معنى المسألة واحداً، جرى لآخرنا ما جرى لأوّلنا، وأوّلنا وآخرنا في العلم والأمر سواء، ولرسول الله وأمير المؤمنين - صلوات الله عليهما فضلهما (2).

علمه بما في النفس

5 - أبو عبد الله بن عيّاش: وحدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر قال: حدّثنا أبوهاشم قال: كتب إليه - يعني أبا محمّد (علیه السّلام)- بعض مواليه يسأله أن يعلّمه دعاءً، فكتب إليه: أُدع بهذا الدعاء: يا أسمع السامعين، ويا أبصر المبصرين، ويا

ص: 387


1- الكافي 509/1، ح 14.
2- إعلام الورى 355 .

أنظر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الرّاحمين، ويا أحكم الحاكمين، صلّ على محمّد وآل محمّد، وأوسع لي في رزقي ومدّ لي في عمري، وامنن عليّ برحمتك، واجعلنى ممّن تنتصر به لدينك، ولا تستبدل به غيري .

قال أبو هاشم: فقلت في نفسي: اللهم اجعلني في حزبك وفي زمرتك، فأقبل عليّ أبو محمّد (علیه السّلام) فقال: أنت في حزبه وفي زمرته، إذ كنت بالله مؤمناً، ولرسوله مصدّقاً وبأوليائه عارفاً، ولهم تابعاً، فأبشر ثمّ أبشر (1).

فتح الأبواب له

6 - قال أبو جعفر: رأيت الحسن بن علي السراج (علیه السّلام) وهو يمر بأسواق سرّ من رأى، فما مربباب مقفّل إلا انفتح ، ولا دار إلا انفتح، وأنه كان ينبّئنا بما كنا نعمله بالليل سراً و جهراً (2).

استجابة دعائه

7 - أبو جعفر الطبري قال: قال علي بن محمّد الصيمري: دخلت على أبي أحمد عبیدالله بن عبدالله بن طاهر وبين يديه رقعة، قال: هذه رقعة أبي محمّد (علیه السّلام) فيها : إنّي نازلت الله عزّوجل في هذا الطاغي - يعني: الزبير بن جعفر - وهو آخذه بعد ثلاث، فلمّا كان اليوم الثالث قتل(3).

ص: 388


1- إعلام الورى 355 .
2- دلائل الإمامة 225 .
3- دلائل الإمامة 225 .

كتابة القلم بلا كاتب

8 - في عيون المعجزات: عن أبي هاشم رفع الله درجته قال: دخلت على أبي محمّد (علیه السّلام) وكان يكتب كتاباً، فحان وقت الصّلاة الأولى، فوضع الكتاب من يده وقام (علیه السّلام) إلى الصلاة، فرأيت القلم يمرّ على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتّی انتهى إلى آخره، فخررت له ساجداً (1)، فلما انصرف من الصَّلاة أخذ القلم بيده وأذن للناس (2) .

خروجه من الحبس متى شاء

9 - السيد المرتضى قال: وحدّثنی أبو التحف المصري يرفع الحديث برجاله إلى أبي يعقوب إسحاق بن أبان (رضي الله عنه) قال : كان أبو محمّد (علیه السّلام) يبعث إلى أصحابه وشيعته: صيروا إلى موضع كذا وكذا، وإلى دار فلان بن فلان العشاء والعتمة في ليلة كذا، فإنّكم تجدوني هناك، وكان الموكّلون به لا يفارقون باب الموضع الذي حبس فيه (علیه السّلام) بالليل والنّهار، وكان يعزل في كل خمسة أيام الموكَّلون به ويولّى آخرون بعد أن يجدّد عليهم الوصيّة بحفظه والتوفّر على ملازمة بابه.

فكان أصحابه وشيعته يصيرون إلى الموضع ، وكان (علیه السّلام) قد سبقهم إليه، فيرفعون حوائجهم إليه، فيقضيها لهم على منازلهم وطبقاتهم، وينصرفون إلى أماكنهم بالآيات والمعجزات، وهو (علیه السّلام) في حبس الأضداد (3).

علمه بما في الرحم

10 - في كتاب الرّجال للنجاشي قال: قال أبو محمّد هارون بن موسى: قال

ص: 389


1- المقصود: سجدت شاكراً الله على هذه الكرامة.
2- عيون المعجزات 134 - 135.
3- عيون المعجزات 137 .

أبو علي محمّد بن همام: كتب أبي إلى أبي محمّد الحسن بن علي العسكري (علیه السّلام) يعرفه أنه ما صح له حمل بولد، ويعرّفه أن له حملاً، ويسأله أن يدعو الله في تصحيحه وسلامته، وأن يجعله ذكراً نجيباً من مواليهم، فوقع (علیه السّلام) على رأس الرقعة بخط يده: قد فعل الله ذلك، وصح الحمل ذكراً.

قال هارون بن موسى: أراني أبو علي بن همام الرقعة والخطّ ، وكان محققاً (1).

علمه بما في النفس

11 - الكشيّ: عن أبي علي أحمد بن عليّ بن كلثوم السرخسي قال: حدّثنی إسحاق بن محمّد بن أبان البصري قال: حدّثنی محمّد بن الحسن بن شمّون أنه قال: كتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) أشكو إليه الفقر، ثمّ قلت في نفسي: أليس قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : الفقر معنا خير من الغنى مع عدوّنا، والقتل معنا خير من الحياة مع عدوّنا، فرجع الجواب: إن الله عزّوجلّ يمحّص أولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر، وقد يعفو عن كثير، وهو كما حدثتك نفسك: الفقر معنا خيرٌ من الغنى مع عدوّنا، ونحن كهف لمن التجأ إلينا، ونور لمن استضاء بنا، وعصمة لمن اعتصم بنا، من أحبّنا كان معنا في السنام الأعلى ومن انحرف عنا فإلى النار.

قال : قال أبو عبد الله (علیه السّلام) : تشهدون على عدوّكم بالنار، ولا تشهدون لوليّكم بالجنّة ما يمنعكم من ذلك إلّا الضعف.

و قال محمّد بن الحسن لقيت من علّة عيني شدّة، فكتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) أسأله أن يدعو لي، فلمّا نفذ الكتاب قلت في نفسي: ليتني كنت سألته أن يصف لي كحلاً أكحلها، فوقّع بخطه يدعو لي بسلامتها إذ كانت إحداهما ذاهبة، وكتب بعده: أردت أن

ص: 390


1- رجال النجاشي 380 .

أصف لك كحلاً عليك بصبر مع الإثمد وكافوراً وتوتيا، فإنّه يجلو ما فيها من الغشا و یبس الرطوبة، قال: فاستعملت ما أمرني به فصحت والحمد الله (1).

علمه بالغائب

12 - الراوندي: عن عليّ بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن عليّ قال: صحبت أبا محمّد (علیه السّلام) من دار العامة إلى منزله، فلمّا صار إلى الدار وأردت الانصراف قال: أمهل فدخل، ثمّ أذن لي، فدخلت فأعطاني مائة دينار وقال: إصرفها في ثمن جارية، فإنّ جاريتك فلانة ماتت، وكنت خرجت من المنزل وعهدي بها أنشط ما كانت، فمضيت فإذا الغلام قال: ماتت جاريتك فلانة الساعة .

قلت: ما حالها ؟ قال شربت ماء، فشرقت فماتت (2).

علمه بما يكون

13 - الراوندي قال: روى أبو سليمان داود بن عبد الله قال: حدّثنا المالكي عن ابن الفرات، قال: كنت بالعسكر قاعداً مفكراً في الشارع، وكنت أشتهي الولد شهوة شديدة، فأقبل أبو محمّد (علیه السّلام) فارساً.

فقلت: ترى أني أرزق ولداً؟

فقال برأسه: نعم.

فقلت: ذكراً؟

فقال برأسه: لا، فرزقت إبنة (3).

ص: 391


1- اختيار معرفة الرجال 533، ح 1018 .
2- الخرائج 426/1، ح 5.
3- الخرائج 1/ 438، ح 16 .

خبر استسقاء الراهب

14 - ثاقب المناقب والراوندي قالا: روي عن عليّ بن الحسن بن سابور قال: قحط الناس بسر من رأى في زمن الحسن الأخير (علیه السّلام) ، فأمر الخليفة الحاجب وأهل المملكة أن يخرجوا إلى الاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام متوالية إلى المصلّى يستسقون ويدعون فما سقوا، فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء ومعه النّصارى والرهبان وكان فيهم ،راهب، فلمّا مدّ يده هطلت السماء بالمطر، وخرج في اليوم الثاني فهطلت السماء بالمطر، فشكّ أكثر الناس وتعجبوا وصبوا إلى دين النصرانية، فأنفذ الخليفة إلى الحسن (علیه السّلام) وكان محبوساً، فاستخرجه من حبسه وقال: إلحق أمّة جدّك فقد هلكت .

فقال له: إنّي خارج في الغد ومزيل الشكّ إن شاء الله. فخرج الجائليق في اليوم الثالث والرهبان معه ، وخرج الحسن (علیه السّلام) في نفر من أصحابه، فلمّا نفر من أصحابه، فلمّا بصر بالراهب - وقد مد يده - أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى ويأخذ ما بين إصبعيه، ففعل وأخذ من بين سبّابته والوسطى عظماً ، أسود، فأخذه الحسن (علیه السّلام) بيده ثمّ قال له: استسق الآن ،فاستسقى، وكانت السماء متغيّمة فتقسّعت وطلعت الشمس بيضاء، فقال الخليفة: ما هذا العظم يا أبا محمّد ؟

قال (علیه السّلام) : هذا رجل مرّ بقبر نبي من أنبياء الله، فوقع في يده هذا العظم، وما كشف عن عظم نبيّ إلّا هطلت السماء بالمطر (1).

علمه بما يكون

15 - ثاقب :المناقب: عن ابن الفرات قال كان لي على ابن عمّ لي عشرة آلاف درهم، فكتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) أشكو إليه وأسأله الدعاء وقلت في نفسي: لا أبالي أن

ص: 392


1- الخرائج 1 / 441 ، ح 23؛ الثاقب في المناقب 575 ، ح 7 .

يذهب مالي بعد أن أهلكه الله تعالى. قال: فكتب إلىّ : إنّ يوسف (علیه السّلام) شكا إلى ربِّه السجن فأوحى الله إليه: أنت اخترت لنفسك ذلك حيث قلت: (ربّ السجن أحبّ إليَّ مما يدعونني إليه)(1).

و لو سألتني أن أعافيك لعافيتك، إنّ ابن عمّك لرادّ عليك مالك، وهو ميت بعد جمعة .

قال: فردّ علي إبن عمّي مالي فقلت: ما بدا لك في ردّه وقد منعتني إياه؟ قال: رأيت أبا محمّد (علیه السّلام) في المنام فقال لي: إنّ أجلك قد دنا، فردّ على ابن عمّك ماله (2).

علمه بما في النفس

16 - ابن شهر اشوب: عن محمّد بن صالح الخثعمي قال عزمت أن أسأل في كتابي إلى أبي محمّد (علیه السّلام) عن أكل البطّيخ على الريق وعن صاحب الزنج فنسيت، فورد عليّ جوابه: لا تأكل البطيخ على الرّيق، فإنه يورث الفالج، وصاحب الزنج ليس منا أهل البيت (3).

علمه بما فى النفس

17 - ابن شهر اشوب: عن محمّد بن الربيع الشيباني قال: ناظرت رجلاً من الثنوية، فقويت في نفسي حجّته هذا وأنا بالأهواز، ثمّ قَدِمْتُ سامراء، فحين رأيت أبا محمّد (علیه السّلام) أو ما بسبابته أحداً فوحده فخررت مغشياً عليّ (4).

ص: 393


1- يوسف 33 .
2- الثاقب في المناقب 568 ، ح 12 .
3- مناقب آل أبي طالب 428/4 .
4- مناقب آل ابی طالب 4م 429 .

عدم أكل السباع له

18 - ابن شهر اشوب :قال: روي أنه (علیه السّلام) سلّم إلى تحرير، وكان يضيّق عليه، فقالت له امرأته إنّق الله فإنّي أخاف عليك منه، قال: والله لأرمينه بين الشباع ثم استأذن في ذلك فأذن له فرمى به إليها، ولم يشكوا في أكلها إيّاه، فنظروا إلى الموضع فوجدوه قائماً يصلّى، فأمره بإخراجه إلى داره (1) .

علمه بالآجال

19 - ابن شهر آشوب قال: في غيبة أبي جعفر الطوسي قال أبوهاشم الجعفري كنت محبوساً مع الحسن العسكري (علیه السّلام) في حبس المهتدي بن الواثق، فقال لي: في هذه الليلة يبتر الله عمره، فلما أصبحنا شعب الأتراك وقتل المهتدي، وولي المعتمد مكانه (2) .

علمه بما في النفس

20 - ابن شهر آشوب: محمّد بن عيّاش قال تذاكرنا آيات الإمام فقال ناصبيّ: إن أجاب عن كتاب أكتبه بلا مداد علمت أنه حق، فكتبنا مسائل وكتب الرّجل بلا مداد على ورق وجعل في الكتب وبعثنا إليه، فأجاب عن مسائلنا، وكتب على ورقة إسمه وإسم أبويه، فدهش الرّجل ، فلما أفاق إعتقد الحق(3) .

خبر البغل

21 - محمّد بن يعقوب: عن علي بن محمّد، عن أبي علي محمّد بن علي ب-ن إبراهيم قال: حدّثنی أحمد بن الحارث القزويني قال: كنت مع أبي بسر من رأى، وكان أبي

ص: 394


1- مناقب آل ابي طالب 430/4 .
2- مناقب آل ابي طالب 430/4 .
3- مناقب آل ابي طالب 430/4 .

يتعاطئ البيطرة في مربط أبي محمّد (علیه السّلام) ، قال : وكان عند المستعين بغل لم ير مثله حسناً وكبراً، وكان يمنع ظهره واللجام والسرج، وقد كان جمع عليه الرّاضة فلم يمكن لهم حيلة في ركوبه، قال: فقال له بعض ندمائه: يا أمير المؤمنين ألا تبعث إلى الحسن بن الرّضا حتّی يجيء، فإما أن يركبه، وإما أن يقتله فتستريح منه.

قال: فبعث إلى أبي محمّد ومضى معه أبي، فقال أبي : لما دخل أبو محمّد الدار كنت معه ، فنظر أبو محمّد إلى البغل واقفاً في صحن الدار ، فعدل إليه فوضع يده على كفله، قال: فنظرت إلى البغل وقد عرق حتّی سال العرق منه، ثمّ صار إلى المستعين فسلّم عليه، فرحب به وقرب، فقال: يا أبا محمّد الجم هذا البغل، فقال أبو محمّد لأبي ألجمه يا غلام فقال المستعين ألجمه أنت، فوضع طيلسانه ثمّ قام فألجمه، ثم رجع إلى مجلسه وقعد.

فقال له: يا أبا محمّد أسرجه، فقال لأبى يا غلام أسرجه، فقال: أسرجه أنت، فقام ثانية فأسرجه ورجع، فقال له: ترى أن تركبه؟

فقال: نعم، فركبه من غير أن يمتنع عليه، ثمّ ركّضه في الدار، ثمّ حمله على الهملجة (1)، فمشى أحسن مشي يكون، ثم رجع فنزل، فقال له المستعين: يا أبا محمّد كيف رأيته؟ فقال له: يا أمير المؤمنين ما رأيت مثله حسناً وفراهة (2)، وما يصلح أن يكون مثله إلّا لأمير المومنين قال: فقال : يا أبا محمّد فإنّ أمير المؤمنين قد حملك عليه، فقال أبو محمّد لأبي: يا غلام خذه، فأخذه أبي فقاده (3).

ص: 395


1- الهَمْلَجَة : حُسن سير الدابة في سرعة.
2- فراهة : نشاط وقوّة .
3- الكافي 507/1، ح 4.

علمه بما يكون

22 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن إسحاق قال: حدّثنی أبوهاشم الجعفري قال: شكوت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) الضيق الحبس وكلب القيد، فكتب إليَّ: أنت تصلّي اليوم الظهر في منزلك، فأخرجت في وقت الظهر، فصلّيت في منزلي كما قال (علیه السّلام)(1).

علمه باللّغات

23 - محمّد بن يعقوب بإسناده السابق عن إسحاق، عن أحمد بن محمّد بن الأقرع قال: حدّثنی أبو حمزة نصير الخادم قال: سمعت أبا محمّد (علیه السّلام) غير مرة يكلّم غلمانه بلغاتهم ترك وروم وصقالبة (2)، فتعجبت من ذلك وقلت: هذا ولد بالمدينة، ولم يظهر لأحد حتّى مضى أبو الحسن ولارآه أحد، فكيف هذا؟ أُحدث نفسي بذلك، فأقبل عليَّ فقال: إن الله تبارك وتعالى بين حجّته من سائر خلقه بكلّ شيء، ويعطيه اللغات ومعرفة الأنساب والآجال والحوادث، ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق (3).

علمه بما في النفس

24 - محمّد بن يعقوب بإسناده السابق، عن إسحاق، عن الأقرع قال: كتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) أسأله عن الإمام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي بعد ما فصل الكتاب: الاحتلام شيطنة، وقد أعاذ الله تبارك وتعالى أولياءه من ذلك، فورد الجواب: حال الأئمّة في المنام حالهم في اليقظة، لا يغيّر النوم منهم شيئاً، وقد أعاذ الله أولياءه من لَمَّةِ الشيطان

ص: 396


1- الكافي 1/ 508، ح 10.
2- صقالبة : هم الخَزَر .
3- الكافي 1/ 509، ح 11.

كما حدثتك نَفسك (1).

علمه بالآجال

25 - محمّد بن يعقوب: بإسناده عن إسحاق قال: حدّثنی محمّد بن الحسن بن شمون قال: حدّثنی أحمد بن محمّد قال: كتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) حين أخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيدي الحمد لله الذي شغله عنا، فقد بلغني أنه يتهدّدك ويقول: والله لأجلينهم عن جديد الأرض؛ فوقع أبو محمّد (علیه السّلام) بخطه: ذلك أقصر لعمره، عد من يومك هذا خمسة أيّام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمر به فكان كما قال (علیه السّلام).(2).

علمه بالغائب

26 - محمّد بن يعقوب بإسناده عن إسحاق قال: حدّثنی عمر أنّ أبي مسلم قال: وحدّثنی سيف بن الليث هذا قال: خلّفت إبناً لي عليلاً بمصر عند خروجي عنها وإيناً لي آخر أسنُّ منه كان وصيّي وقيمي على عيالي وفي ضياعي، فكتبت إلى أبي محمّد (علیه السّلام) أسأله الدعاء لابني العليل، فكتب إليَّ : قد عوفي إبنك المعتل ومات الكبير وصيّك وقيمك، فاحمد الله ولا تجزع فيحبط أجرك. فورد عليَّ الخبر أن ابني قد عوفي من علته ومات الكبير يوم ورد عليَّ جواب أبي محمّد (علیه السّلام)(3).

ص: 397


1- الكافي 509/1 ، ح 12 .
2- الكافي 510، ح 16 .
3- الكافي 511/1 ، ح 18 .

غيبوبته في الأرض

27 - قال أبو جعفر : قلت للحسن بن علي (علیهما السّلام): أرني معجزة خصوصية لك أحدّث بها عنك، فقال يابن جرير لعلّك ترتد! فحلفت له ثلاثاً، فرأيته غاب في الأرض تحت مصلاه، ثم رجع ومعه حوت عظيم، فقال: جئتك به من البحر السابع، فأخذته معي إلى مدينة السلام، وأطعمت جماعة من أصحابنا (1).

علمه بما في النفس

28 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنی أبو عبدالله الحسين بن إبراهيم بن عيسى المعروف بابن الخيّاط القمي قال: حدّثنی أحمد بن محمّد بن عبيدالله بن عيّاش قال: حدّثنی أبو القاسم علي بن حبشي بن قوني الكوفي (رضي الله عنه) قال: حدّثنی العباس بن محمّد بن أبي الخطاب قال: خرج بعض بني البقاح إلى سرّ من رأى في رفقة يلتمسون الدلالة، فلما بلغوا بين الحائطين سألوا الإذن فَلَم يؤذن لهم، فأقاموا إلى يوم الخميس، فركب أبو محمّد (علیه السّلام) ، فقال أحد القوم لصاحبه: إن كان إماماً فإنّه يرفع القلنسوة عنرأسه، قال فرفعها بيده ثمّ وضعها، وكانت سنة.

فقال بعض بني البقاح بينه وبين صاحب له يناجيه: لئن رفعها ثانية لأنظر إلى رأسه هل عليه الإكليل الذي كنت أراه على رأس أبيه الماضي (علیه السّلام) مستديراً كدارة القمر ؟ قال: فرفعها أبو محمّد (علیه السّلام) ثانية وصاح إلى الرّجل القائل ذلك: هلم فانظر، فهل بعد الحق إلا ،الضلال، فأنّى ،تصرفون فتيقنوا بالدلالة، وانصرفوا غير مرتابين بحمد الله ومنه (2).

ص: 398


1- دلائل الإمامة 225 نوادر المعجزات 191 .
2- دلائل الإمامة 227 .

علمه بما في الأرحام

29 - السيد المرتضى: عن جعفر بن محمّد القلانسي قال: كتب محمّد أخي إلى أبي محمّد (علیه السّلام) وامرأته حامل يسأله الدعاء بخلاصها، وأن يرزقه الله ذكراً، وسأله أن يسمّيه، فكتب إليه ونعم الإسم محمّد وعبدالرحمن فولدت له إثنين توأمين، فسمّى أحدهما محمّداً والآخر عبد الرحمن (1).

علمه بما في النفس

30 - الحسين بن حمدان الحضيني في حمدان الحضيني في هدايته: بإسناده عن محمّد بن ميمون الخراساني قال: قدمت من خراسان أريد سر من رأى للقاء مولاي أبي محمّد الحسن (علیه السّلام)، فصادفت بغلته - صلوات الله عليه - وكانت الأخبار عندنا صحيحة أن الحجة والإمام من بعده سيّدنا محمّد المهدي - عليه أفضل الصلاة والسلام - فصرت إلى إخواننا المجاورين له، فقلت لهم: أريد الوصول إلى أبي محمّد (علیه السّلام) .

فقالوا: هذا يوم ركوبه إلى دار المعتز فقلت أقف له في الطريق، فلست أخلو من دلالة بمشيئة الله وعونه ففاتني وهو ماضٍ، فوقفت على ظهر دابتي حتّی رجع، وكان يوماً شديد الحرّ، فتلقيته فأشار إليَّ بطرفه، فتأخّرت وصرت وراءه، وقلت في نفسي: اللهم إنك تعلم أنّي أُومِن وأقر بأنه حجتك على خلقك، وأن مهدينا من صلبه، فسهل لي دلالة منه تقرّبها عيني وينشرح بها صدري، فانثني إليَّ وقال لي:

يا محمّد بن میمون قد أجيبت دعوتك، فقلت: لا إله إلّا الله قد علم سيّدي ناجيت ربي به في نفسي، ثمّ قلت طمعاً في الزيادة، وقد صرت معه إلى الدار ودخلت وتركت بين يديه إلى الدهليز ، فوقفت وهو راكب ووقفت بين يديه وقلت: إن كان يعلم ما

ص: 399


1- عيون المعجزات 135 .

في نفسي فيأخذ القلنسوة من رأسه، قال: فمد يده فأخذها وردّها، فوسوست لي نفسي لعلّه اتفاق وأنه حميت عليه القلنسوة فأخذها ووجد حرّ الشمس فردّها، فإن كان أخذها لعلمه بما في نفسي فليأخذها ثانية ويضعها على قربوس سرجه، فأخذها فوضعها على القربوس. فقلت: فليردّها، فردّها على رأسه، فقلت: لا إله إلّا الله أيكون هذا الاتفاق مرّتين ؟ اللهم إن كان هو الحق فليأخذها ثالثة فيضعها على قربوس سرجه فيردها مسرعاً، فأخذها ووضعها على القربوس وردّها مسرعاً على رأسه، وصاح: يا محمّد بن ميمون إلى كَم؟

فقلت: حسبي يا مولاي (1).

ارتعاد الفرائص عند النظر إليه

31 - ابن يعقوب: عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد، عن عليّ بن عبد الغفار قال: دخل العباسيون على صالح بن وصيف، ودخل صالح بن عليّ وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على صالح بن وصيف عند ما حبس أبا محمّد (علیه السّلام)، فقال لهم صالح وما أصنع قد وكلت به رجلين من أشرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم، فقلت لهما: ما فيه؟

فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كلّه، لا يتكلّم ولا يتشاغل، وإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا، وتداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلما سمعوا ذلك انصرفوا خائبين (2).

ص: 400


1- الهداية الكبرى 67 - 68 .
2- الكافي: 512/12 ، ح :23؛ إثبات الهداة : 406/3 ، ح 27؛ إرشاد المفيد: 344: اعلام الورى 360؛ کشف الغمّة: 414/2 مناقب آل أبي طالب : 429/4 .

علمه بما في النفس

32 - ابن يعقوب: عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق قال: دخلت على أبي محمّد (علیه السّلام) فسألته أن يكتب لأنظر إلى خطه فأعرفه إذا ورد، فقال: نعم، ثمّ قال: يا أحمد إنّ الخطّ سيختلف عليك من بين القلم الغليظ إلى القلم الدقيق فلا تشكّنَّ ، ثم دعا بالدواة فكتب وجعل يستمد إلى مجرى الدواة، فقلت في نفسي وهو يكتب: أستوهبه القلم الذي كتب به، فلما فرغ من الكتابة أقبل يُحدِّثني - وهو يمسح القلم بمنديل الدواة - ساعة، ثمّ قال: هاك يا أحمد فناولينه، فقلت، جعلت فداك إِنِّي مُعْتَمُّ لشيء يصيبني في نفسي، وقد أردت أن أسأل أباك فلم يقض لي ذلك، فقال: وما هو يا أحمد؟

فقلت: سيدي روي لنا عن آبائك أنَّ نوم الأنبياء على أقفيتهم، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم المنافقين على شمائلهم، ونوم الشياطين على وجوهم. فقال (علیه السّلام) : كذلك هو. فقلت: يا سيدي فإنّي أجهد أن أنام على يميني فما يمكنني، ولا يأخذني النوم عليها. فسكت ساعة، ثمّ قال: يا أحمد أدن منّي، فدنوت منه، فقال: أدخل يدك تحت ثيابك فأدخلتها، فأخرج يده من تحت ثيابه وأدخلها تحت ثيابي، فمسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر، وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرّات.

قال :أحمد فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل ذلك بي (علیه السّلام)، وما يأخذني عليها نوم أصلاً (1).

طبعه في حصاة الأعرابي اليماني

33 - ابن يعقوب عن محمّد بن أبي عبدالله وعليّ بن محمّد، وعن إسحاق بن محمّد النخعي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت عند أبي محمّد (علیه السّلام)

ص: 401


1- الكافي: 13/1، ح 27؛ إثبات الهداة: 3/ 407 ، ح 30 و 31.

فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل عليه رجل عبل (1)، طويل جسيم، فسلّم عليه بالولاية، فردّ عليه بالقبول وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقاً لي، فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟

فقال أبو محمّد (علیه السّلام) : هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي (علیهم السّلام) فيها بخواتيمهم فانطبعت، وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها.

ثمّ قال: هاتها، فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبو محمّد(علیه السّلام) ثم أخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع فكأني أرى نقش خاتمه الساعة الحسن بن علي. فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قطّ ؟

قال: لا والله، وإنّي لمنذ دهر حريص على رؤيته حتّی كأنَّ الساعة أتاني شابٌ لست أراه، فقال لي: قم فادخل، فدخلت ، ثمّ نهض اليماني وهو يقول: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ذرّية بعضها من بعض، أشهد بالله أنّ حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين والأئمة من بعده - صلوات الله عليهم أجمعين - ثمّ مضى فلم أره بعد ذلك.

قال إسحاق: قال أبوهاشم الجعفري: وسألته عن اسمه، فقال: إسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أمّ غانم، وهي الأعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين والسبط إلى وقت أبي الحسن (علیه السّلام) (2).

إنزال المطر ورفعه

34 - قال أبو جعفر الطبري: دخل على الحسن بن علي (علیهما السّلام) قوم من سواد العراق يشكون إليه قلّة الأمطار، فكتب لهم كتاباً فأمطروا، ثمّ جاءوا يشكون كثرته، فختم

ص: 402


1- العَبْل : الضّخم.
2- الكافي : 12 / 347 ، ح 4 الوافي: 22 / 144 ، ح :615 غيبة الطوسي 144/2 : 203، ح 171؛ الثاقب في المناقب: 561 ، ح 1.

في الأرض فأمسك المطر (1).

خبر إبن الشّريف

35 - ثاقب المناقب والراوندي: روى أحمد بن محمّد، عن جعفر بن الشريف الجرجاني قال: حججت سنة، فدخلت على أبي محمّد (علیه السّلام) بسر من رأى، وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئاً من المال، فأردت أن أسأله إلى من أدفعه ؟

فقال قبل أن قلت له ذلك: إدفع ما معك إلى المبارك خادمي. قال: ففعلت وخرجت و قلت إن شيعتك بجرجان يقرأون عليك السلام قال: أولست منصرفاً بعد فراغك من الحج؟.

قلت: بلی

قال: فإنّك تصير إلى جرجان من يومك هذا إلى مائة وسبعين يوماً، وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليال مضين من شهر ربيع الآخر في أوّل النهار، فأعلمهم أني أوافيهم في ذلك اليوم آخر النهار، فامض راشداً، فإنّ الله سيسلمك ويسلّم ما معك، فتقدّم على أهلك و ولدك ويولد لولدك الشريف إبن فسمّه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف وسيبلغ الله به، ويكون من أوليائنا.

فقلت: يابن رسول الله إنّ إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني - وهو من شيعتك كثير المعروف إلى أوليائك، يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم، وهو أحد المتقلبين فى نعم الله بجرجان.

فقال: شكر الله لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل صنيعته إلى شيعتنا ، وغفر له ذنوبه ورزقه ذكراً سوياً قائلاً بالحق، فقل له: يقول لك الحسن بن علي (علیه السّلام) سمّ إبنك

ص: 403


1- نوادر المعجزات: 191، ح 2: إثبات الهداة، 432/3 ح 125؛ دلائل الإمامة: 224.

أحمد فانصرفت من عنده وحججت وسلّمني الله تعالى حتّى وافيت جرجان في يوم الجمعة في أوّل النهار من شهر ربيع الآخر على ما ذكره (علیه السّلام) ، وجاءني أصحابنا يهنئوني، فأعلمتهم أنّ الإمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم، فتأهبوا لما تحتاجون إليه، وأعدوا مسائلكم وحوائجكم كلّها ، فلما صلوا الظهر والعصر اجتمعوا كلهم في داري، فوالله ما شعرنا إلا وقد وافانا أبو محمّد (علیه السّلام) فدخل إلينا ونحن مجتمعون، فسلّم هو أوّلاً علينا، فاستقبلناه وقبلنا يده.

ثمّ قال: إني كنت وعدت جعفر بن الشريف أن أُوافيكم في آخر هذا اليوم، فصلّيت الظهر والعصر بسُر من رأى، وسرت إليكم لأجدّد بكم عهداً، وها أنا قد جئتكم الآن، فاجمعوا مسائلكم وحوائجكم كلّها فأوّل من انتدب لمسألته النضر بن جابر، قال: يابن رسول إنّ ابني جابر أصيب ببصره منذ أشهر، فادع -الله له أن يردّ عليه عينيه، قال: فهاته، فحضر فمسح بيده على عينيه فعاد بصيراً، ثمّ تقدّم رجل فرجل يسألونه حوائجهم، و أجابهم إلى كلّ ما سألوه حتّی قضى حوائج الجميع ودعا لهم بخير، وانصرف من يومه ذلك (1).

علمه بما في النفس وبالغائب

36 - الراوندي قال: روي عن عليّ بن زيد بن عليّ بن الحسين بن زيد قال: دخلت يوماً على أبي محمّد (علیه السّلام) وإني جالس عنده إذ ذكرت منديلاً كان معي فيه خمسون ديناراً، فقلقت لها وما تكلّمت بشيء ولا أظهرت ما خطر ببالي، فقال أبو محمّد (علیه السّلام): لا بأس هي مع أخيك الكبير ، سقطت منك حين نهضت فأخذها، وهي محفوظة معه

ص: 404


1- الخرائج 1 / 424، ح 4 الثاقب في المناقب: 214، ح 18؛ کشف الغمّة: 427/2 - 428؛ إثبات الهداة: 3 / 418 ، ح 64: الصراط المستقيم: 206/2، ح 3.

إن شاء الله فأتيت المنزل فردّها إليَّ أخي (1).

علمه بما في النفس

37 - الراوندي قال: قال أبوهاشم ما دخلت قط على أبي الحسن وأبي محمّد (علیه السّلام) إلا رأيت منهما دلالة وبرهاناً، فدخلت على أبي محمّد(علیه السّلام) وأنا أريد أن أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبرك به، فجلست وأنسيت ما جئت له، فلما أردت النهوض رمى إلى بخاتم وقال: أردت فضة فأعطيناك خاتماً، وربحت الفص والكراء هناك الله (2).

الانتقام من عدوّه

38 - ابن شهر اشوب قال: أبو الحسن الموسوي الخيبري، عن أبيه قال: قُدِّمَتْ إِلى أبي محمّد (علیه السّلام) دابة ليركب إلى دار السلطان، وكان إذا ركب يدعو له عامي وهو يكره ذلك، فزاد يوماً في الكلام وألح، فسار حتّی انتهى إلى مفرق الطريقين، وضاق على الرّجل العبور، فعدل إلى الطريق يخرج منه ويلقاه فيه، فدعا (علیه السّلام) ببعض خدمه وقال له: إمض فكفّن هذا، فتبعه الخادم، فلما انتهى (علیه السّلام) إلى السوق خرج الرجل من الدرب ليعارضه، وكان في الموضع بغل واقف، فضربه البغل فقتله، ووقف الغلام فكفّنه (3) .

علمه بما يكون

39 - ابن شهر اشوب قال: خرج أبو محمّد (علیه السّلام) في جنازة أبي الحسن (علیه السّلام)

ص: 405


1- الخرائج 1 / 444 ، ح 27 اثبات الهداة 420/3 ، ح 71 .
2- الخرائج: 2 / 684 ، ح 4 الصراط المستقيم: 209/2 ، ح 27؛ مناقب آل أبي طالب: 437/4 .
3- مناقب آل أبي طالب: 430/4؛ الخرائج : 2 / 783، ح 109؛ واثبات الهداة 412/3، ح 47 ؛غيبة الطوسي : 206، ح 174 .

وقميصه مشقوق، فكتب إليه أبو عون الأبرش في ذلك ، فقال (علیه السّلام) : يا أحمق ما أنت وذاك؟ قد شقّ موسى على هارون، ثمّ قال بعد كلام وإنّك لا تموت حتّی تكفر ويتغيّر عقلك، فما مات حتّی حجبه إبنه عن الناس، حبسوه في منزله في ذهاب العقل عمّا كان عليه (1).

الانتقام له

40 - ابن شهر اشوب قال: كان عروة الدهقان كذب على أبي الحسن علي بن محمّد بن الرّضا وعلى أبي محمّد الحسن بن علي العسكري (علیه السّلام) بعده، ثمّ إنّه أخذ بعض أمواله ، فلعنه أبو محمّد (علیه السّلام) ، فما أمهل يومه ذلك وليلته حتّی قبضه الله إلى النار (2).

ص: 406


1- مناقب آل أبي طالب : 435/4؛ إختيار معرفة الرجال : 572 ، ح 1085 .
2- مناقب آل أبي طالب : 4 / 435 إختيار معرفة الرجال: 573 ، ح 1086.

معاجز الإمام الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف

معجزات مولده

ص: 407

ص: 408

معاجز الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

1 - ابن بابويه عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن الحسين بن رزق الله ، عن موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السّلام) قال : حدثتني حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرّضا قالت بعث إليَّ أبو محمّد الحسن بن علي (علیهما السّلام) فقال : يا عمّة إجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، وإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجّته في أرضه. قالت: فقلت له: ومَن أُمه؟

قال: نرجس .

قلت له: جعلني الله فداك ما بها أثر ؟

فقال: هو ما أقول لك. قالت: فجئت، فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفّي وقالت لي: يا سيدتي وسيدة أهلى كيف أمسيت؟

فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلى.

قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمّة ؟ قالت: فقلت لها: يا بنيّة إنّ الله تبارك و تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة. قالت: فخجلت واستحيت، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصَّلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثم جلست معقبة، ثم اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثمّ قامت فصلّت و نامت.

ص: 409

قالت حكيمة وخرجت أتفقد الفجر فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان وهي نائمة، فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد (علیه السّلام) من المجلس فقال: لا تعجلي يا عمّة فهاك الأمر قد قرب.

قالت: فجلست وقرأت (ألم سجدة) و(يس) فبينما أنا كذلك إذا انتبهت فزعة، فوثبت إليها، فقلت: إسم الله عليك، ثمّ قلت لها : تحسّين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة، فقلت لها اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة: ثم أخذتني فترة وأخذتها فترة، فانتبهت بحس سيدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به (علیه السّلام) ساجداً يتلقى الأرض بمساجده، فضممته (علیه السّلام) إليَّ فإذا أنا به نظيف منظف، فصاح بي أبو محمّد الله : هلمي إليَّ إبني يا عمّة، فجئت به إليه فوضع يديه تحت إليتيه وظهره، ووضع قدميه على صدره، ثمّ أدلى لسانه في فيه، وأمر يده على عينيه و سمعه ومفاصله، ثمّ قال: تكلّم يا بني !.

فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم). ثمّ صلّى على أمير المؤمنين و على الأئمّة (علیهم السّلام) إلى أن وقف على أبيه (علیه السّلام)، ثم أحجم.

ثمّ قال أبو محمّد (علیه السّلام) : يا عمّة إذهبي به إلى أمه ليسلّم عليها وأتيني به، فذهبت به فسلّم عليها ورددته، فوضعته في المجلس، ثمّ قال: يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا. قالت حكيمة: فلما أصبحت جئت لأسلّم على أبي محمّد (علیه السّلام) ، وكشفت الستر ، لأتفقد سيّدي (علیه السّلام) فلم أره، فقلت له جعلت فداك ما فعل سيدي؟ قال: يا عمّة استودعناه الذي استودعته أم موسى (علیه السّلام).

قالت حكيمة: فلمّا كان في اليوم السابع جئت وسلّمت وجلست، فقال: هلمّي إليَّ إبني، فجئت بسيدي (علیه السّلام) وهو في الخرقة، ففعل به كفعلته الأولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه، كأنما يغذيه لبناً أو عسلاً، ثم قال: تكلم يا بني، فقال (علیه السّلام) : أشهد أن لا إله إلا الله، وثنّى

ص: 410

بالصّلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمة الطاهرين - صلوات الله عليهم أجمعين - حتّی وقف على أبيه (علیه السّلام) ، ثم تلا هذه الآية: (بسم الله الرّحمن الرّحيم و نُرِيدُ أنْ نَمُنَّ على الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأرضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلهُمُ الوارثين * ونُمَكِّنَ لهم في الأرضِ ونُرِيَ فِرْعَونَ وهامانَ وجُنُودَهما مِنهُم ما كانوا يَحْذَرُونَ ﴾ (1).

قال :موسی فسألت عقبة الخادم عن هذا، فقال: صدقت حكيمة (2).

خبر أبي الأديان

2 - ابن بابويه قال : حدّثنا أبو الأديان قال: كنت أخدم الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب - صلوات الله عليهم - وأحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت عليه في علّته التى توفّى فيها - صلوات الله عليه، فكتب معي كتباً وقال: إمض إلى المدائن، فإنك ستغيب خمسة عشر يوماً، وتدخل إلى سُرَّ مَنْ رأى يوم الخامس عشر، وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل.

قال أبو الأديان فقلت يا سيّدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي فقلت: زدني، فقال: من يصلّي عليّ فهو القائم بعدي فقلت زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي. ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عما في

الهميان .

و خرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها، ودخلت سُرَّ مَن رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي (علیه السّلام) ، فإذا أنا بالواعية في داره ، وإذا به على المغتسل، وإذا أنا

ص: 411


1- قصص 5 - 6 .
2- كمال الدين 424 ، ح 1.

بجعفر بن علي أخيه بباب الدار، والشيعة من حوله يعزّونه ويهنونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، لأني كنت أعرفه يشرب النبیذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدمت فعزّيت وهنّيت، فلم يسألني عن شيء، ثمّ خرج عقيد فقال: يا سيّدى قد كفّن أخوك فقم للصّلاة عليه، فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمّان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة.

فلما صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي (علیه السّلام) على نعشه مكفّنا، فتقدّم جعفر بن علي ليصلّي على أخيه، فلمّا هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط بأسنانه تفليج، فجذب رداء جعفر بن علي وقال: يا عمّ تأخّر فأنا أحقُّ بالصّلاة على أبى فتأخّر جعفر، وقد اربد وجهه واصفر، فتقدّم الصبي فصلّى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه (علیه السّلام). ثمّ قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك، فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه إثنتان بقي الهميان، ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر، فقال له حاجز الوشّاء: يا سيّدي من الصبي لنقيم عليه الحجة؟

فقال: والله ما رأيته قط ولا أعرفه، فنحن جلوس إذ قدم نَفَر من قُمْ فسألوا عن الحسن بن عليّ - صلوات الله عليه - ، فعرفوا موته فقالوا فمن نعزّي؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي، فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه وقالوا: إنّ معنا كتباً ومالاً فتقول ممّن الكتب؟ كم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: يريدون منا أن نعلم الغيب.

قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان وفلان وهميان فيه ألف دينار ، وعشرة دنانير منها مطليّة، فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا: الذي وجّه بك لأجل ذلك هوالإمام. فدخل جعفر بن علي على المعتمد فكشف له ذلك، فوجه المعتمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية وطالبوها بالصبي، فأنكرته وادعت حملاً بها لتغطي على حال الصبي، فسلّمت إلى إبن أبي الشوارب القاضي وبغتهم موت عبیدالله بن يحيى بن خاقان

ص: 412

فجأة وخروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن أيديهم؛ والحمد لله رب العالمين لا شريك له (1).

جلوسه على الماء

2 ا - الشيخ الطوسي في الغيبة: عن رشيق صاحب المادراي قال بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر، فأمرنا أن يركب كلُّ واحدٍ منا فرساً، ونجنب فرساً آخر، ونخرج مخفّين لا يكون معنا قليل ولا كثير إلا على السرج مصلّى، وقال لنا: الحقوا بسامراء، ووصف لنا محلّة وداراً وقال: إذا أتيتموها تجدوا على الباب خادماً أسود فاكبسوا الدار، ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه.

فوافينا سامراء فوجدنا الأمر كما وصفه، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها ، فسألناه عن الدار ومن فيها؟

فقال: صاحبها، فوالله ما التفت إلينا، وقلّ اكتراثه بنا، فكيسنا الدار كما أمرنا فوجدنا داراً سرّيّة، ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه، كأنّ الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار أحد.

فرفعنا الستر فإذا ببيت كبير كأنَّ بحراً فيه ماء، وفى أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّى، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا.

فسبق أحمد بن عبدالله ليتخطّى البيت فغرق في الماء، ومازال يضطرب حتّی مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته، وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل، فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتا.

ص: 413


1- كمال الدين 475 - 476 .

فقلت لصاحب البيت المعذرة إلى الله وإليك، فوالله ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجيء وأنا تائب إلى الله، فما التفت إلى شيء مما قلنا، وما انقتل عمّا كان فيه، فهالنا ذلك، وانصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا، وقد تقدّم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان.

فوافيناه في بعض الليل، فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر، فحكينا له ما رأينا فقال :ويحكم لقيكم أحد قبلي؟ وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟

قلنا: لا فقال: أنا نفى من جدي، وحلف بأشدّ أيمان له أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا، فما جسرنا أن نحدّث به إلّا بعد موته (1).

علمه بما يكون

4 - محمّد بن يعقوب: عن القاسم بن العلاء قال: ولد لي عدة بنين، فكنت أكتب وأسأل الدعاء فلا يكتب إليَّ لهم بشيء، فماتوا كلّهم، فلما ولد لي الحسن إبني كتبت أسأل الدّعاء، فأجبت: يبقى والحمد لله (2).

علمه بالآجال

5 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنی أبو المفضّل قال : حدّثنی محمّد بن يعقوب قال: كتب عليّ بن محمّد السَّمُريّ يسأل الصاحب (علیه السّلام) كفنا يتبيّن ما يكون من عنده، فورد إنك تحتاج إليه سنة إحدى وثمانين، فمات في الوقت الذي حده وبعث إليه بالكفن قبل أن يموت بشهر (3).

ص: 414


1- غيبه الطوسي 248، ح 218 .
2- الكافي 519/1، ح 9 .
3- دلائل الإمامة 287 - 286 .

علمه بما يكون واستجابة دعائه

6 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: أخبرني أبو المفضّل محمّد ب-ن عبدالله قال: أخبرني محمّد بن يعقوب قال: قال القاسم بن العلاء: كتبت إلى صاحب الزمان (علیه السّلام) ثلاثة كتب في حوائج لي، وأعلمته أنني رجل قد كبر سنّي وأنه لا وند لي فأجابني عن الحوائج، ولم يجبني عن الولد بشيء.

فكتبت إليه في الرابعة كتاباً وسألته أن يدعو الله لى أن يرزقني ولداً، فأجابني وكتب بحوائجي، وكتب: اللهم ارزقه ولداً ذكراً تقر به عينه، واجعل هذا الحمل الذي له وارثاً ، فورد الكتاب وأنا لا أعلم أنّ لي حملاً، فدخلت إلى جاريتي فسألتها عن ذلک ، فأخبرتني أنّ علّتها قد ارتفعت فولدت غلاماً (1).

علمه بالغائب

7 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: حدّثنی أبو المفضّل محمّد بن عبد الله قال: حدّثنی عليّ بن محمّد المعروف بعلان الكليني قال: حدّثنی محمّد بن شاذان بن نعیم بنيسابور، قال: اجتمع عندي للغريم - أطال الله بقاءه وعجل نصره - خمسمائة درهم، فنقصت عشرين درهماً، وأنفت أن أبعث بها ناقصة هذا المقدار قال: فأتممتها من عندي و بعثتُ بها إلى محمّد بن جعفر ، ولم أكتب بما لي منها، فأنفذ إليَّ محمّد بن جعفر القبض وفيه وصلت خمسمائة درهم ولك فيها عشرون درهما.

قلت: - يعني بالغريم - صاحب الزمان (علیه السّلام) (2).

ص: 415


1- دلائل الإمامة 286 .
2- دلائل الإمامة 286 .

علمه بما في النفس

8 - أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري: وحدّثنی عليّ بن السويقاني وإبراهيم بن محمّد بن الفرج الرخجي، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار: أنه ورد العراق شاكاً مرتاداً ، فخرج إليه قل للمهزياري قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم فقل لهم: أما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول:

(يا أيُّها الذين آمَنوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسولَ وأُولى الأمر مِنْكُمْ) (1) ؟! هل أُمروا إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة؟! أو لم تروا أن الله - جل ذكره - جعل لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي (علیه السّلام)، كلّما غاب عَلَم بدا عَلَم، وإذا أفل نجم بدا ،نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أنَّ الله عزّوجلّ قد قطع السبب بينه و بين خلقه، كلّا ما كان ذلك، ولا يكون إلى أن تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم كارهون.

يا محمّد بن إبراهيم لا يدخلك الشكّ فيما قدمت له، فإنّ الله عزّوجل لا يخلى أرضه من حجّة أليس قال لك الشيخ قبل وفاته: إحضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير التي عندي؟ فلمّا ابطي عليه ذلك وخاف الشيخ على نفسه الوحا قال لك: عيّرها على نفسك فأخرج إليك كيساً كبيراً، وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرّة فيها دنانير مختلفة النقد، فعيّرتها، وختم الشيخ عليها بخاتمه، وقال لك: إختم مع خاتمي، فإن أعيش فأنا أحقُ بها، و إن أمت فاتق الله في نفسك أولاً وفي، وكن عند ظنّي بك.

أخرج يرحمك الله الدنانير التي نقصتها من بين النقدين من حسابه، وهي بضعة عشر دينارا (2).

ص: 416


1- النساء: 59 .
2- دلائل الإمامة 287 .

علمه بالغائب

9 - في عيون المعجزات قال: روي عن الحسن بن جعفر القزويني قال مات بعض إخواننا من أهل فانيم من غير وصيّة، وعنده مال دفين لا يعلم به أحد من ورثته، فكتب إلى الناحية يسأله عن ذلك، فورد التوقيع المال في البيت في الطاق في موضع كذا وكذا، وهو كذا وكذا، فقلع المكان وأخرج المال (1).

الجواب قبل السؤال

10 - في عيون المعجزات قال: حدّث محمّد بن جعفر قال: خرج بعض إخواننا يريد العسكر في أمر من الأمور، قال: فوافيت عُكبرا، فبينما أنا قائم أصلي إذ أتاني رجل بصرة مختومة، فوضعها بين يدي وأنا أصلّي ،فلما انصرفت من صلاتي ففضضت خاتم الصرّة وإذا فيها رقعة بشرح ما خرجت له، فانصرفت من عكبرا (2).

علمه بما في النفس

11 - في عيون المعجزات عن أبي محمّد الثمالي قال: كتبت في معنيين وأردت أن أكتب في معنى ثالث، فقلت في نفسي: لعلّه صلوات الله عليه يكره ذلك، فخرج التوقيع في المعنيين وفي المعنى الثالث الذي أسررته في نفسي ولم أكتب به (3).

كلامه في المهد

12 - الراوندي في الخرائج قال: روى علّان عن ظريف أبي نصر الخادم قال: دخلت على صاحب الزمان الله وهو في المهد، فقال لي: عليَّ بالصندل الأحمر، فأتيته

ص: 417


1- عيون المعجزات 144 - 145 .
2- عيون المعجزات 145 .
3- عيون المعجزات 146 .

به فقال: أتعرفني؟

قلت :نعم أنت سيّدي وابن سيّدي، فقال: ليس عن هذا سألتك. فقلت: فسّر لي. فقال: أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي (1).

إرتفاع الجمل فى الهواء

13 - الراوندي قال: روي عن يوسف بن أحمد الجعفري قال: حججت سنة ست وثلاثمائة، ثمّ جاورت بمكة ثلاث سنين، ثم خرجت عنها منصرفاً إلى الشام، فبينا أنا في بعض الطريق، وقد فاتتني صلاة الفجر، فنزلت من المحمل وتهيّأت للصلاة، فرأيت أربعة نفر في محمل، فوقفت أعجب منهم، فقال لي أحدهم: مم تعجب؟ تركت صلاتك.

فقلت: وما علمك بي؟

فقال: أتحبّ أن ترى صاحب زمانك؟

قلت: نعم، فأومأ إلى أحد الأربعة، فقلت: إن له دلائل وعلامات.

فقال: أيما أحب إليك أن ترى الجمل وما عليه صاعداً إلى السماء، أو ترى المحمل مفرداً صاعداً إلى السماء؟

فقلت: أيهما كان فهي دلالة، فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء، وكان الرّجل أوماً إلى رجل به شمرة، وكأنّ لونه الذهب، بين عينيه سجّادة (2).

علمه بالغائب

14 - ابن بابويه: قال: حدّثنی أبي، عن سعد بن عبد الله عن عليّ بن محمّد الرازي قال: حدّثنی جماعة من أصحابنا أنه لال لها بعث إلى أبي عبدالله بن الجنيد - وهو

ص: 418


1- الخرائج 458/1 ، ح 3.
2- الخرائج 466/1. ح 13 .

بواسط - غلاماً وأمر ببيعه، فباعه وقبض ثمنه، فلمّا عيّر الدنانير نقصت في التعيير ثمانية عشر قيراطاً وحبّة، فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطاً وحبّة وأنفذ، فرد عليه ديناراً وزنه ثمانية عشر قيراطاً وحبّة (1).

علمه بالآجال

15 - ابن بابویه قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي الأسود (رضي الله عنه) أن أبا جعفر العمري حفر لنفسه قبراً وسوّاه بالساج، فسألته عن ذلك، فقال: للناس أسباب، ثمّ سألته بعد ذلك، فقال: قد أمرت أن أجمع أمري. فمات بعد ذلك بشهرين (رضي الله عنه) وأرضاه (2).

علمه بما يكون

16 - الراوندي قال: روي عن ابن أبي سورة، عن أبيه - وكان أبوه من مشايخ الزيدية بالكوفة - قال: كنت خرجت إلى قبر الحسين (علیه السّلام) أُعرّف عنده، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة صلّيت وقمت فابتدأت أقرأ الحمد، وإذا شاب حسن الوجه عليه جبّة سيفيّة، فابتدأ أيضاً قبلي وختم قبلي.

فلمّا كان الغداة خرجنا جميعاً من باب الحائر، فلمّا صرنا إلى شاطىء الفرات قال لي الشاب: أنت تريد الكوفة فامض، فمضيت في طريق الفرات، وأخذ الشاب طريق البرّ. قال أبو سورة: ثمّ أسفت على فراقه فاتبعته، فقال لي: تعال، فجئنا جميعاً إلى أصل ،المسنّاة، فنمنا جميعاً ،وانتبهنا، وإذا نحن على الغريّ على جبل الخندق، فقال لي: أنت مضيّق ولك عيال، فامض إلى أبي طاهر الزراري، فيخرج إليك من داره وفي يده الدّم من الأضحيّة، فقل له: شاب من صفته كذا وكذا يقول لك: أعط هذا الرجل صرّة الدنانير

حصن

ص: 419


1- كمال الدين 486 ، ح 7.
2- کمال الدين 502 ، ح 29 .

التي عند رجل السرير مدفونة قال: فلما دخلت الكوفة مضيت إليه وقلت له ما ذكر لي الشاب، فقال: سمعاً وطاعة، وعلى يده دم الأضحية (1).

خبر أبى غالب الزراري

17 - الراوندي قال: روي عن أبي غالب الزراري قال: تزوّجت بالكوفة امرأة من قوم يقال لهم: بنوهلال خزّازون وحصلت لها منزلة من قلبي، فجرى بيننا كلام اقتضى خروجها عن بيتي غضباً، ورمت ،ردّها فامتنعت عليّ، لأنها كانت في أهلها في عزّ وعشيرة ، فضاق لذلك صدري وتروّحت إلى السفر، فخرجت إلى بغداد أنا وشيخ من أهلها، فقدمناها وقضينا الحق في واجب الزيارة، وتوجهنا إلى دار الشيخ أبي القاسم بن روح، وكان مستتراً من السلطان، فدخلنا وسلّمنا.

فقال: إن كان لك حاجة فاذكر إسمك هيهنا وطرح إليّ مدرجة كانت بين يديه فكتبت فيها اسمي واسم أبي، وجلسنا قليلاً، ثمّ ودّعناه، وخرجت إلى سُرّ مَنْ رأى للزيارة، فزرنا وعدنا ، فأتينا دار الشيخ فأخرج المدرجة التي كنت كتبت فيها اسمي وجعل يطويها على أشياء كانت مكتوبة فيها إلى أن انتهى إلى موضع اسمي، فناولنيه فإذا تحته مكتوب بقلم دقيق .

أما الزراري في حال الزوج والزوجة فسيصلح الله بينهما، وكنت عندما كتبت اسمي أردت أن أسأله الدعاء لي بصلاح الحال مع الزوجة، ولم أذكره، بل كتبت اسمي وحده، فجاء الجواب كما كان في خاطري من غير أن أذكره، ثمّ ودّعنا الشيخ وخرجنا من بغداد حتّی قدمنا الكوفة، فيوم قدومي أو من غَدِهِ أتاني إخوة المرأة، فسلّموا عليّ واعتذروا إلى ممّا كان بيني وبينهم من الخلاف والكلام ، وعادت الزوجة على أحسن

ص: 420


1- الخرائج 470/1 ، ح 15 .

الوجوه إلى بيتي ولم يجر بيني وبينها خلاف ولا كلام مدّة صحبتي لها، ولم تخرج من منزلي بعد ذلك إلا بإذنى حتّی ماتت (1).

علمه بما يكون

18 - الراوندي قال: إنّ عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه كان تحته بنت عمّه لم يرزق منها ولداً، فكتب إلى الشيخ أبي القاسم بن الروح أن يسأل الحضرة ليدعو الله أن يرزقه أولاداً فقهاء، فجاء الجواب: إنّك لا ترزق من هذه، وستملك جارية ديلمية ترزق منها ولدين فقيهين، فرزق محمّداً والحسين فقيهين ماهرين، وكان لهما أخ أوسط مشتغل بالزهد لا فقه له (2).

علمه بالغائب

19 - الراوندي قال: روى سعد بن عبدالله قال: حدّثنا علي بن محمّد الرازي المعروف بعلان الكليني قال: سمعت الشيخ العمري يقول: صحبت رجلاً من أهل السواد ومعه مال للغريم (علیه السّلام) فأنفذه، فردّ عليه وقال: أخرج حق ولد عمك منه، وهو أربعمائة! فبقي الرجل باهتاً متعجباً، فنظر في حساب المال فإذا الذي نص عليه من ذلك المال كما قال (علیه السّلام)(3).

علمه بالآجال

20 - ثاقب المناقب عن أبي محمّد الحسن بن أحمد المكتب قال: كنت بالمدينة السنة التي توفّي فيها الشيخ علي بن محمّد السمري (قدّس سرّه)، فحضرته قبل وفاته بأيام،

ص: 421


1- الخرائج 479/1 ، ح 20.
2- خرائج 790/2 ، ح 113 .
3- خرائج 703/2 ، ح 19.

فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمّد السمري أعظم الله أجرك وأجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستة أيّام، فأجمع أمرك، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، ولا ظهور إلا بإذن الله تعالى، وذلك بعد طول الأمد، وقَسْوَة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفترِ ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم.

قال: فنسخنا ذلك التوقيع وخرجنا من عنده، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه قيل له من وصيّك من بعدك ؟

فقال: للّه أمر هو بالغه وقضى رحمه الله، وهذا آخر كلام سمع منه (قدس سرّه) (1).

علمه بما يكون

21 - ثاقب المناقب: قال: وحدّثنی أبو جعفر قال: ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع او الثامن فكتب يخبر بموته، وكتب سيخلف عليك غيره وغيره (2) تسمّيه أحمد ومن بعد أحمد جعفراً، فجاء كما قال (علیه السّلام) (2).

حجبه عن أعين الناس

22 - ابن بابویه قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السّلام) قال : سمعت أبا الحسين الحسن بن وجناء يقول: حدّثنا أبي، عن جده أنه كان في دار الحسن بن علي الأخير (علیهما السّلام) ، فكبستنا الخيل وفيهم

ص: 422


1- الثاقب في المناقب 603، ح 15 .
2- الثاقب في المناقب 611 ، ح 5 .

جعفر الكذاب واشتغلوا بالنهب والغارة، وكانت همّتي في مولاي القائم (علیه السّلام) ، قال : فإذا أنا به قد أقبل وخرج عليهم من الباب، وأنا أنظر إليه وهو (علیه السّلام) ابن ست سنين، فلم يره أحد حتّى غاب (1).

استجابة دعائه

23 - محمّد ابن يعقوب عن عليّ عن النضر بن صباح البجلي عن محمّد بن يوسف الشاشي قال: خرج بي ناسور على مقعدتي فأريته الأطباء وأنفقت عليه مالاً، فقالوا: لا نعرف له دواء، فكتبت رقعة أسأل الدعاء، فوقع (علیه السّلام) إلىّ: ألبسك الله العافية، وجعلك معنا في الدنيا والآخرة. قال: فما أتت عليّ جمعة حتّی عوفيت وصار مثل راحتي، فدعوت طبيباً من أصحابنا وأريته إيَّاه، فقال: ما عرفنا لهذه دواء (2).

علمه بما يكون

24 - محمّد ابن يعقوب: عن عليّ، عن عليّ بن الحسين اليماني قال: كنت ببغداد فتهيّأت قافلة لليمانيين، فأردت الخروج معها، فكتبت ألتمس الإذن في ذلك، فخرج لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة، وأقم بالكوفة. قال: وأقمت وخرجت القافلة، فخرجت عليهم حنظلة فاجتاحتهم، وكتبت أستأذن في ركوب الماء، فلم يؤذن لي، فسألتُ عن المراكب التي خرجت في تلك السنة في البحر فما سلم منها مركب، خرج عليها قوم من الهند يقال لهم: البوارح فقطعوا عليها.

قال: وردت العسكر فأتيت الدّرب مع المَغيب، ولم أكلم أحداً، ولم أتعرّف إلى أحد، وأنا أُصلّي في المسجد بعد فراغي من الزيارة، إذا بخادم قد جاءني فقال لي: قم،

ص: 423


1- كمال الدين 473 ، ح 25 .
2- الكافي 1/ 519 ، ح 11 .

فقلت له : إذن إلى أين؟

فقال لي: إلى المنزل. قلت: ومن أنا؟ لعلك أرسلت إلى غيري؟

فقال: لا ما أرسلت إلّا إليك، أنت عليّ بن الحسين رسول جعفر بن إبراهيم، فمرَّ بي حتّی أنزلني في بيت الحسين بن أحمد ثم سارّه، فلم أدر ما قال له حتّی أتاني جميع ما أحتاج إليه، وجلست عنده ثلاثة أيام، واستأذنته في الزّيارة من داخل، فأذن لي فزرت لیلاً (1).

و رواه الحسين بن حمدان في هدايته قال: حدّثنی أبوالحسن علي بن الحسين اليماني قال: كنت ببغداد، وساق الحديث إلى آخره.

علمه بالغائب

25 - محمّد بن يعقوب: عن الحسين بن الحسن العلوي قال: كان رجل من ندماء روز حسني وآخر معه، فقال له: هو ذا يُجبي الأموال وله وكلاء، وسمّوا جميع الوكلاء في النواحى، وأنهى ذلك إلى عبيد الله بن سليمان الوزير، فهم الوزير بالقبض عليهم، فقال السلطان أطلبوا أين هذا الرجل، فإنّ هذا أمر غليظ، فقال عبیدالله بن سليمان: نقبض على الوكلاء، فقال السلطان: لا ولكن دسوا لهم قوماً لا يعرفون بالأموال، فمن قبض منهم شيئا قبض عليه.

قال: فخرج بأن يتقدّم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً، وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا الأمر، فاندسّ لمحمّد بن أحمد رجل لا يعرفه، وخلا به فقال: معي مال أريد أن أوصله، فقال له :محمّد غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئاً، فلم يزل يتلطّفه

ص: 424


1- الكافي 519/1 ، ح 12.

ومحمّد يتجاهل عليه؛ وبتوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلّهم لما كان تقدّم إليهم (1).

علمه بالغائب

26 - في عيون المعجزات قال: من دلائل صاحب الزمان - صلوات الله عليه - قال: روي عن أبي القاسم الحليسي أنه قال: مرضت بالعسكر مرضاً شديداً - أعنى بسر من رأى - حتّی آيست من نفسي وأشرفت على الموت، فبعث إليَّ من جهته (علیه السّلام) قارورة فيها بنفسج مربّى من غير أن أسأله ذلك، وكنت آكل منها على غير مقدار فعوفيت عند فراغ منها، وفني ما كان فيها (2).

علمه بالغائب

27 - ثاقب المناقب: عن جعفر بن أحمد بن متيل قال: دعاني أبو جعفر محمّد بن عثمان فأخرج لي ثوبين معلمة وصرّة فيها دراهم، فقال لي: تحتاج أن تصير بنفسك إلى واسط في هذا الوقت، وتدفع ما دفعته إليك إلى أوّل رجل يلقاك عند صعودك من المركب إلى السّط بواسط.

قال: فتداخلني من ذلك غمّ شديد وقلت مثلي يرسل في هذا الأمر ويحمل هذا الشيء الوتح؟ قال: فخرجت إلى واسط وصعدت من المركب، فأول رجل لقيته سألته عنالحسن بن قطاة الصيدلاني وكيل الوقف بواسط.

فقال: أنا هو، من أنت؟

فقلت: أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام، ودفع إليَّ هذين الثوبين وهذه الصّرة لأُسلّمها إليك.

ص: 425


1- الكافي /525/12 ، ح 30: الهداية : 71 .
2- عيون المعجزات 144 .

فقال: الحمد لله، فإن محمّد بن عبد الله الحائري قد مات وخرجت لإصلاح كفنه، فحلّ الثّیاب فإذا فيها ما يحتاج إليه من حبر وثياب وكافور، وفي الصرة كرى الحمّالين والحفّار، وقال: فشيّعنا جنازته وانصرفت (1).

و رواه ابن بابويه قال: حدّثنا علي بن محمّد، وساق الحديث.

إخراج الحقة من نهر دجلة

28 - ثاقب المناقب: عن الحسين بن عليّ بن محمّد المعروف بأبي علي البغدادي قال وسألتني امراة عن وكيل مولانا (علیه السّلام) من هو ؟ فقال لها بعض القميّين: إنّه أبو القاسم بن روح وأشار لها إليه، فدخلت عليه وأنا عنده فقالت له: أيّها الشيخ أي شيء معي؟ فقال: ما معك فألقيه فى دجلة، فألقته، تّم رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي (رضي الله عنه) وأنا عنده.

فقال أبو القاسم المملوكة له : أخرجي إلى الحقة، فأخرجت إليه الحقة، فقال للمرأة: هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في الدجلة؟

قالت: نعم. قال: أخبرك بما فيها أم تخبريني؟ فقالت: بل أخبرني أنت. فقال: في هذه الحقة زوج سوار من ذهب، وحلقة كبيرة فيها جوهر، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر، وخاتمان أحدهما فيروزج والآخر عقيق، وكان الأمر كما ذكر لم يغادر منه شيئاً. ثمّ فتح الحقة فعرض على ما فيها، ونظرت المرأة إليه فقالت: هذا الّذي حملته بعينه ورميت به في الدجلة، فغشي عليَّ وعلى المرأة فرحاً بما شاهدنا من صدق الدلالة.

ثم قال الحسين لي بعد ما حدّثنا بهذا الحديث: أشهد عند الله يوم القيامة بما

ص: 426


1- الثاقب في المناقب 598، 6: كمال الدين 504 ، ح 35 .

حدثت به أنه كما ذكرته أنه كما ذكرته لم أزد فيه ولم أنقص منه، وحلف بالأئمة الإ الإثني عشر (علیه السّلام) لقد صدق فيه ومازاد ولا أنقص (1).

و رواه ابن بابویه قال: قال الحسين بن علي بن محمّد المعروف بأبي عليّ البغدادي، وساق الحديث .

علمه بالغائب

29 - الراوندي: عن أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري أنه حمل إلى أبيها من قم ما ينفذه إلى صاحب الأمر (علیه السّلام) ، فأوصل الرسول ما دفع إليه وجاء لينصرف، فقال له أبو جعفر: قد بقي شيء وأين هو؟

قال: لم يبق شيء إلا وقد سلّمته، قال أبو جعفر: إمض إلى فلان القطان الذي حملت إليه العدلين من القطن فافتق أحدهما وهو الذي عليه مكتوب كذا وكذا، فإنّه في جانبه، فتحيّر الرّجل فوجد كما قال.

قال الراوندي: وكان بعد ذلك تحمل الأموال إلى بغداد إلى الأبواب المنصوبة بها، وتخرج من عندهم التوقيعات، وكان توجد العلامات والدلالات على أيديهم، أوّلهم وكيل أبي محمّد (علیه السّلام) الشيخ عثمان بن سعيد العمري، ثمّ ابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان، ثمّ أبو القاسم الحسين بن روح، ثمّ الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري، ثم كانت الغيبة الطّولى، وكانوا كلّ واحد منهم يعرفون كمّية المال جملة وتفصيلاً، ويسمون أربابها بإعلامهم ذلك من القائم (علیه السّلام) (2).

ص: 427


1- الثاقب في المناقب 602 ، ح 14؛ كمال الدين 519 ، ح 47.
2- الخرائج 3/ 1108، ح 25 .

علمه بما في النفس

30 - ابن بابویه قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن محمّد الخزاعي (رضي الله عنه) قال : أنبأنا أبو عليّ بن أبي الحسين الأسدي عن أبيه (رضي الله عنه) قال : ورد عليَّ توقيع من الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري - قدس الله روحه - إبتداءً لم يتقدّمه سؤال: بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من مالنا درهماً.

قال أبو الحسين الأسدي (رضي الله عنه) : فوقع في نفسي أنّ ذلك فيمن استحلّ من مال الناحية درهماً دون من أكل منه غير مستحلّ له، وقلت في نفسي: إنّ ذلك في جميع من استحلّ محرّماً، فأيّ فضل في ذلك للحجة (علیه السّلام) على غيره؟

قال: فوالذي بعث محمّداً بالحق بشيراً لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما وقع في نفسي: بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهما حراماً.

قال أبو جعفر محمّد بن محمّد الخزاعي: أخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي هذا التوقيع حتّی نظرنا إليه وقرأناه (1).

علمه بالغائب

31 - ابن بابويه قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) قال : حدّثنا أبي قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال: حدّثنی محمّد بن إبراهيم الكوفي قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله الطهوي عن حكيمة بنت محمّد الجواد (علیه السّلام) وقد سألها عن حديث مولد القائم (علیه السّلام) قالت فيه : وقد رأيته - يعني: القائم (علیه السّلام) - قبل مضي أبي محمّد بأيام قلائل فلم أعرفه، فقلت لأبي محمّد (علیه السّلام): من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟

ص: 428


1- كمال الدين 522، ح 51؛ الخرائج 3 / 1118، ح 33؛ الاحتجاج 480 .

فقال : (علیه السّلام) هذا إبن ،نرجس وهو خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني، فاسمعي له وأطيعى .

قالت حكيمة: فمضى أبو محمّد (علیه السّلام) بعد ذلك بأيام قلائل، وافترق الناس كما ترى، ووالله إني لأراه صباحاً ومساءً، وإنه لينبئني عمّا تسألوني عنه فأخبركم، ووالله إنِّي لأريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به، وإنه ليرد علي الأمر فيخرج إليَّ منه جوابه من ساعته من غير مسألتي، وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليَّ وأمرني أن أخبرك بالحق.

قال محمّد بن عبدالله: فوالله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلّا الله عزّ وجلّ، فعلمت أنّ ذلك صدق وعدل من الله عزّ وجلّ قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحداً من خلقه (1).

نطقه بدلالة الامامة

32 - ابن بابويه: عن عليّ بن عبد الله الورّاق، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي العسكري وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدأ: يا أحمد بن إسحاق إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (علیه السّلام) ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.

قال: فقلت له: يابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك ؟ فنهض (علیه السّلام) مسرعاً فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين، فقال : يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عزّوجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا إنه سمى رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وكنيه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت

ص: 429


1- كمال الدين: 426 ، ح 2.

جوراً و ظلماً.

يا أحمد بن اسحاق مَثَلُهُ فى هذه الأمة مثل الخضر (علیه السّلام) ، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيه من الهلكة إلّا من ثبّته الله تعالى على القول بإمامته، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه .

قال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي؟ فنطق الغلام بلسان عربي فصيح فقال: أنا بقيّة الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن اسحاق.

قال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسروراً فرحاً، فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له: يابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به عليَّ ،فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد فقلت له: يابن رسول الله وإن غيبته لتطول؟ قال: إي وربي حتّی يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، فلا يبقى إلا من أخذ الله بولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه.

يا أحمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله. فخذ ما آتيتك واكتمه، وكن من الشاكرين تكن معنا غداً في علّييّن (1).

علمه بما في النفس

33 - محمّد بن يعقوب: عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن حمويه السويداوي، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزیار قال: شككت عند مضي أبي محمّد (علیه السّلام) واجتمع عند أبي مال جليل، فحمله وركب السفينة وخرجت معه مشيّعاً، فوعك وعكاً شديداً، فقال: يا بُنَيَّ ردني فهو الموت. وقال لي: اتق الله في هذا المال، وأوصى إليَّ فمات.

ص: 430


1- كمال الدين: 384 ، ح 1 .

فقلت في نفسي: لم يكن أبي ليوصي بشيء غير صحيح، أحمل هذا المال إلى العراق وأكتري داراً على الشط ولا أخبر أحداً بشيء، وإن وضح لي شيء كوضوحه في أيام أبي محمّد (علیه السّلام) نفدته وإلّا قصفت به، فقدمت العراق واكتريت داراً على الشطّ وبقيت أياماً، فإذا أنا برقعة مع رسول فيها : يا محمّد معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا، حتّی قص علي جميع ما معي مما لم أحط به علماً، فسلمته إلى الرسول وبقيت أياماً لا يرفع لي رأس و اغتممت، فخرج إليَّ قد أقمناك مقام أبيك فاحمد الله (1).

علمه بما في النفس

34 - إبن يعقوب: عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن هارون بن عمران الهمداني قال: كان للناحية على خمسمائة دينار فضقت بها ذرعاً، ثمّ قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين ديناراً قد جعلتها للنّاحية بخمسمائة دينار ولم أنطق بها، فكتب إليّ محمّد بن جعفر : إقبض الحوانيت من محمّد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه (2).

استجابة دعائه

35 - ابن بابویه: قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي الأسود قال: سألني علي بن الحسين بن موسیٰ بن بابویه (رضي الله عنه) بعد موت محمّد بن عثمان العمري أن أسأل أباالقاسم الرّوحى أن يسأل مولانا صاحب الزمان (علیه السّلام) أن يدعو الله عزّوجل أن يرزقه

ص: 431


1- الكافي: 518/1، 5 إثبات الهداة: 658/3، ح 4 ؛إرشاد المفيد: 351؛ غيبة الطوسي: 281 ، ح 239؛ إعلام الورى 417 ؛كشف الغمّة: 450/2 ؛الخرائج : 462/1 ، ح 7.
2- الكافي : 1 / 524، ح 28؛ إثبات الهداة : 3 / 664، ح 27؛ كمال الدين: 492 ، ح 17؛ إرشاد المفيد: 356؛ إعلام الورى : 421؛ الخرائج: 472/1. ح 16؛ كشف الغمة: 456/2.

ولداً ذكراً.

قال: فسألته فأنهى ذلك، ثمّ أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعا لعلي بن الحسين، وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به، وبعده أولاد.

قال أبو جعفر محمّد بن علي الأسود: وسألته في أمر نفسي أن يدعو الله لي أن أرزق ولداً ذكراً، فلم يجبني إليه، وقال لي: ليس إلى هذا سبيل. قال: فولد لعلي بن الحسين تلك السنة إبنه محمّد بن على وبعده أولاد ولم يولد لي شي.

قال الشيخ ابن بابويه: كان أبو جعفر محمّد بن علي الأسود (رضي الله عنه) كثيراً ما يقول لي - إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، وأرغب فی كتب العلم وحفظه ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم، وأنت ولدت بدعاء الإمام (علیه السّلام) (1).

علمه بالغائب

36 - ابن بابويه قال: حدّثنا أبو الحسين صالح بن شعيب الطالقاني، عن أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال: حضرت بغداد عند المشايخ - رضي الله عنهم-فقال الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري - قدس الله سره - إبتداءً منه: رحم الله عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.

قال: فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم فورد الخبر أنه توفّي في ذلك اليوم.

و مضئ أبو الحسن السمري (رضي الله عنه) بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (2).

ص: 432


1- كمال الدين: 502 ، ح 31؛ غيبة الطوسي: 320، ح 266 إثبات الهداة: 678/3 ، ح 76 و 77 :الخرائج: 1124/3 ، ح 42 الثاقب في المناقب: 614 ، ح 8.
2- كمال الدين: 503 ح 32؛ إثبات الهداة: 178/3 ح 78 غيبة الطوسي: 394، ح 364: الخرائج: 1128/3، ح 45 ؛ اعلام الورى: 422 - 423: الثاقب في المناقب: 614 ، ح 9 .

خبر القاسم بن علاء

37 - روى الشيخ المفيد: عن أبي عبدالله الصفواني قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة وسبع عشرة سنة، منها ثمانون سنة عشرة سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي العسكريين (علیهما السّلام) وحجب بعد الثمانين، وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام.

و ذلك أني كنت بمدينة «أرّان» من أرض آذربيجان، وكان لا تنقطع توقيعات صاحب الأمر (علیه السّلام) عنه على يد أبي جعفر العمري، وبعده على يد أبي القاسم بن روح، فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين وقلق لذلك.

فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البوّاب مستبشراً، فقال له: فيج العراق ورد - ولا يسمّى بغيره - فسجد القاسم، ثم دخل كهل قصير يرى أثر الشيوخ عليه، وعليه جبّة مضرّبة، وفي رجله نعل محاملي، وعلى كتفه مخلاة.

فقام إليه القاسم فعانقه، ووضع المخلاة، ودعا بطشت وإبريق، فغسل يده وأجلسه إلى جانبه، فتواكلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل وأخرج كتاباً أفضل من نصف الدرج، فناوله القاسم، فأخذه وقبله ودفعه إلى كاتب له يقال له: أبو عبدالله بن أبي سلمة، ففضّه وقرأه وبكى حتّی أحس القاسم ببكائه.

فقال: يا أبا عبد الله خير خرج في شيء مما يكره؟ قال: لا. قال: فما هو ؟ قال: ينعى الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً، وأنه يمرض اليوم السابع بعد وصول الكتاب، وأنّ الله يردّ عليه بصره قبل موته بسبعة أيام، وقد حمل إليه سبعة أثواب .

فقال القاسم على سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك. فضحك وقال ما أؤمل بعد بعد هذا العمر؟! فقام الرّجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً، فأخذه القاسم وكان عنده قميص خلعه عليه علي النقي

ص: 433

(علیه السّلام) وكان للقاسم صديق في أمور الدنيا شديد النصب، يقال له: عبدالرحمن بن محمّد الشيزي وافى إلى الدار، فقال القاسم إقرؤا الكتاب عليه، فإنّي أُحبّ هدايته.

قالوا: هذا لا يحتمله خلق من الشيعة، فكيف عبدالرحمن؟! فأخرج القاسم إليه الكتاب وقال: إقرأه، فقرأه عبد الرحمن إلى موضع النّعي، فقال للقاسم: يا أبا محمّد اتق الله، فإنّك رجل فاضل في دينك، والله يقول: و ما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت وقال: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) فأتم الآية إلّا من ارتضى من رسول ومولاي هذا المرضي من الرسول.

ثمّ قال: إعلم أنك تقول هذا، ولكن أرّخ اليوم، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المورّخ أو مت قبله فاعلم أني لست على شيء، وإن أنا مت في ذلك اليوم فانظر لنفسك. فورّخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا، وحمّ القاسم يوم السابع، واشتدّت العلة به إلى مدة،ونحن مجتمعون يوماً عنده إذ مسح بكمّه عينه وخرج من عينه شبه ماء اللحم، ثمّ مد بطرفه إلى ابنه فقال:

يا حسن إليَّ و يا فلان إليَّ، فنظرنا إلى الحدقتين صحيحتين .

و شاع الخبر في الناس، فانتابه الناس من العامة ينظرون إليه، وركب القاضي إليه - و هو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي، وهو قاضي القضاة ببغداد - فدخل عليه قال: يا أبا محمّد ما هذا الذي بيدي؟ وأراه خاتماً فصه فيروزج فقربه منه، فقال: عليه ثلاثة أسطر لا يمكنني قراءتها، قد قال لما رأى إبنه الحسن في وسط الدار قاعداً: اللهم ألهم الحسن طاعتك، وجنّبه معصيتك ثلاثاً، ثمّ كتب وصيته بيده.

و كانت الضياع التي بيده لصاحب الأمر (علیه السّلام) كان أبوه وقفها عليه، وكان فيما أوصى إبنه إن أهّلْتَ إلى الوكالة فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة ب«فرجيده» وسائرها ملك لمولانا (علیه السّلام). فلمّا كان يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم، فوفاه

ص: 434

عبدالرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح: ياسيداه، فاستعظم الناس ذلك عنه، فقال: اسكتوا فقد رأيت مالم تروا، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه، فلمّا كان بعد مدة يسيرة ورد كتاب صاحب الزمان (علیه السّلام) على الحسن إبنه يقول فيه: ألهمك الله طاعته، وجنّبك معصيته، وهذا الدعاء الذي دعا به أبوك (1).

خبر الهمدانی

38 - الراوندي قال: روى جماعة إنّا وجدنا بهمدان جماعة كلّهم مؤمنون، فسألناهم عن ذلك فقالوا: إنّ جدّنا قد حج ذات سنة ، ورجع قبل القافلة بمدة كثيرة، فقلنا: كأنك انصرفت من العراق؟ قال: لا، إنّما قد حججت مع أهل بلدتنا وخرجنا.

فلمّا كان في بعض الليالي في البادية غلبتني عيناي فنمت فما انتبهت إلّا بعد أن طلع الفجر وخرجت القافلة، فأيست من الحياة، وكنت أمشي وأقعد يومين أو ثلاثة، فأصبحت يوماً فإذا أنا بقصر، فأسرعت إليه ووجدت ببابه أسود، فأدخلني القصر فإذا أنا برجل حسن الوجه والهيئة، فأمر أن يطعموني ويسقوني.

فقلت له: من أنت جعلت فداك ؟

قال: أنا الذي ينكرني قومك وأهل بلدتك.

فقلت: ومتى تخرج؟

قال: ترى هذا السيف المعلّق هيهنا وهذه الراية، فمتى يسلّ السيف من نفسه من غمده وانتشرت الراية بنفسها خرجت .

فلما كان بعد وهن من الليل قال لي: تريد أن تخرج إلى بيتك؟.

ص: 435


1- الخرائج 12 / 467، ح :14 فرج المهموم 249 - 252 غيبة الطوسي 310، ح 263، الثاقب في المناقب: 590 ، ح 2 .

قلت: نعم. فقال لبعض غلمانه خذ بيده وأوصله إلى منزله، فأخذ بيدي، فخرجت معه وكأنّ الأرض تطوى تحت أرجلنا، فلما انفجر الفجر وإذا نحن بموضع أعرفه بالقرب من بلدتنا، قال لي غلامه: هل تعرف الموضع ؟

قلت: نعم أسد آباذ، فانصرف. قال: ودخلت همدان ثم دخل بعد مدة أهل بلدتنا ممّن حجّ معي، وحدّث النّاس بانقطاعي منهم، وتعجبوا من ذلك، فاستبصرنا من ذلك جميعاً (1).

علمه بالغائب

39 - الراوندي قال: روي عن أحمد بن أبي روح قال: خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمّد لأوصله، وأمرني أن أدفعه إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، وأمرني أن لا أدفعه إلى غيره، وأمرني أن أسأله الدعاء للعلة التي هو فيها، وأسأله عن الوبر يحل لبسه؟

فدخلت بغداد وصرت إلى العمري، فأبى أن يأخذ المال، وقال: صر إلى أبي جعفر محمّد بن أحمد وادفع إليه، فإنّه أمره بأخذه، وقد خرج الذي طلبت، فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه، فأخرج إليَّ رقعة فإذا فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم، سألت الدعاء عن العلة التي تجدها، وهب الله لك العافية، ودفع عنك الآفات، وصرف عنك بعض ما تجده من الحرارة، وعافاك وصح لك جسمك، وسألت ما يحلّ أن يصلّى فيه من الوبر والسمّور والسنجاب والفنك والدلق والحواصل ؟

فأما السمور والثعالب فحرام عليك وعلى غيرك الصلاة فيه ويحلّ لك جلود

ص: 436


1- الخرائج 22 / 788 112 ؛ إثبات الهداة : 697/3 ، ح 129 .

المأكول من اللّحم إذا لم يكن لك غيره، فإن لم يكن لك بد فصل فيه. والحواصل جائز لك أن تصلّي فيه والفراء متاع الغنم ما لم يذبح بأرمينيّة يذبحه النصارى على الصّليب، فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك أو مخالف تثق به (1).

خبر إبن الوجناء

40 - ثاقب المناقب: عن أبي محمّد الحسن بن وجناء: قال: كنت ساجداً تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجّة بعد العتمة، وأنا أتضرع في الدعاء إذ حرّكني محرّك فقال: قم یا حسن بن وجناء فرعشت .

قال: فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن، أقول إنّها بنات أربعين فما فوقها فمشت بين يدي وأنا لا أسألها عن شيء حتّی أتت دار خديجة (علیاه السّلام) وفيها بيت بابه في وسط الحائط، وله درج ساج يرتقى إليه، فصعدت الجارية وجاءني النداء: إصعد يا حسن، فصعدت فوقفت بالباب.

فقال لي صاحب الزمان (علیه السّلام): يا حسن أتراك خفيت عليَّ؟! والله ما من وقت في حجّك إلّا وأنا معك فيه، ثمّ جعل يعدّ عليّ أوقاتي، فوقعت على وجهي فحسست بید قد وقعت عليَّ، فقمت فقال لي: يا حسن إلزم بالمدينة دار جعفر بن محمّد (علیه السّلام) ، ولا يهمّنّك طعامك ولا شرابك ولا ما تستر به ،عورتك ثم دفع إليَّ دفتراً فيه دعاء الفرج والصلاة عليه، وقال بهذا فادع وهكذا صلّ على، ولا تعطه إلا أوليائي، فإنّ الله عزّ وجلّ يوقفك، فقلت: يا مولاي لا أراك بعدها؟ فقال: يا حسن إذا شاء الله تعالى.

قال: فانصرفت من حجي ولزمت دار جعفر بن محمّد(علیهما السّلام) ، وأنا لا أخرج منها ولا أعود إليها إلّا لثلاث خصال: لتجديد الوضوء، أو نوم، أو لوقت الإفطار، فإذا دخلت بيتي

ص: 437


1- الخرائج 2 / 702 ، ح 18؛ اثبات الهداة 199/3 ، ح 127 .

وقت الإفطار فأصيب وعاعي مملوءاً دقيقاً على رأسه، عليه ما تشتهي نفسي بالنهار، فآكل ذلك فهو كفاية لي، وكسوة الشتاء في وقت الشتاء، وكسوة الصيف في وقت الصّيف و إني لأخذ الماء بالنهار وأرش به البيت، وأدع الكوز فارغاً، وأتي بالطعام ولا حاجة لي إليه، فأتصدق به لئلا يعلم به من معي .

و رواه ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدّثنا علي بن أحمد الكوفي المعروف بأبي القاسم الخديجي قال: حدّثنا سليمان بن إبراهيم الرقي قال: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن وجناء النصيبي قال: كنت ساجداً تحت الميزاب ، وساق الحديث (1).

ص: 438


1- الثاقب في المناقب: 612، ح 6 كمال الدين: 43/4 ح 17 في الخرائج: 161/2 - 962، إثبات الهداة: 670/3 ، ح 38: إحقاق الحق 705/19؛ ينابيع المودة : 463.

فِهرَسُ الْمُحْتَوَيَاتِ

معاجز الإمام أمير المؤمنين

معاجز مولده (علیه السّلام)... 13

سماعه لوطأة جبرائيل...15

حديث رد الشمس ...15

رد الشمس مرّة أخرى ...16

إحياء أبي اليهودي...16

مسخ رجل سلحفاة ...17

خبر الأسود ويده المقطوعة ...19

نقصان الفرات بدعائه ...20

علمه بالغيب ....20

علمه بما يكون ...22

معرفته بحال المرأة ...23

طاعة الباب له ...24

جزاء من يسبّه ...25

هروب إبليس عنه يوم بدر ...26

ص: 439

المائل في طريق الغري ...26

غيبته عن قبر ...27

تنزّل الملائكة عليه...27

توحيده في بطن أمه ....29

نزول الملائكة على صورته...29

استجابة دعائه....30

سلام الملائكة عليه في يوم قليب...31

الهاتف يوم بدر ...32

معرفته لجبرائيل ...32

الأرض تحدثه ...33

كلامه مع الثّعبان ...33

حديث الجام...34

حديث السطل والمنديل ...35

حديث البساط وتكليمه (علیه السّلام)5 لأصحاب الكهف ...36

رد للشمس ببابل ...37

تكليم الشمس له ...38

كلام الجمجمة معه ....39

إحياء سام بن نوح . ...39

إحياء ميّت ...40

إحياء أم فروة ...41

طاعة الأسد له ....42

كلام الوز ...42

حديث الطائر المشوي...43

ص: 440

إخراج الرمان من الشجر اليابس ...44

تحفة من الجنّة يوم الأحزاب ...45

كلام النخيل ...45

على والعقيق ...46

صيرورة الحجر ذهباً ...47

أخذه شعرة من لحية معاوية وسقوط معاوية عن سريره ...47

إخراج الماء ومعرفة الرّاهب له ...48

إخراج الصخرة الّتي عليها أسماء الأنبياء...49

طبعه في حصاة حبّابة الوالبيّة ....50

طبعه في حصاة أمّ أسلم ...52

إخراج النّاقة من الصخرة ...53

ركوبه السحاب ....54

علمه بما يكون ...54

كلام النخلة ...55

شفاء المريض ...55

شفاء المرضى ...56

تسكين الزلازل ...57

علمه بنهاية الخوارج...57

علمه بنهاية ابنه عبدالله...58

علمه بنهاية براء .... 59

علمه بما يكون ...59

خبر أصحاب الضّب ...59

عاقبة من يشتم عليّاً ...60

خبر وفاة سلمان ...61

ص: 441

سقوط النّجم في داره ...62

إخباره عن الرّضا. ..63

علمه بأجله ...63

معرفته بقاتله ...64

معرفته بنهايته ...64

إخباره عن مدفنه...65

إخباره عن الحسين ...65

علمه بما يكون ....66

إخباره عن نهاية رشيد الهجري ...66

عليّ في الخيبر ...67

الكلب الذي خرق ثوب الناصبي ...69

كلام البقرة باسمه (علیه السّلام)...70

الرّطب الذي نزل على النّبي والوصيّ ...70

السّفرجلة والحوريّة....71

الحجر الساقط على رأس النعمان بن الحارث ...73

كلام الجمل بالتّناء عليه ...74

تسبيح الحصى في كفّه ...75

سكون وجعه ليلة مبيته على الفراش ...75

تعليمه القرآن في آن واحد ...76

إخراج الجنة لأصحابه ...76

قصّة العلقة التي في الجارية...77

علمه بلغات الملائكة ...80

علمه بما يكون ...80

ص: 442

إخباره أن ميثم التمار يقتل ...81

إخباره بإحداث مدينة بغداد ...82

إخباره الأشعث أنه يذله الحجاج ...83

معرفة الرجلين المحبّ والمبغض...84

معرفته جاسوس معاوية ما يلقاه أعداؤه ...87

علمه بعدد من يبايعه ...89

خدمة الملائكة له ...90

اسمه مكتوب على الشجر...90

الّذي خاصمه وأراه رسول الله في مسجد قبا ...90

علامة يوم قبضه ...91

خبر السيد الحميري...91

استجابة دعائه ...92

لين الحديد له ...93

معاجز الإمام الحسن (علیه السّلام)

معجزات مولده ..97

تلسة النخلة له ...97

إخراجه من الصخرة عسلاً ...98

الطّير ظل له ...98

إتيانه بالمطر والبرد وغيره ...99

المائدة في السماء ...99

إخراجه البحور والسفن ..100

رفعه البيت في الهواء ...100

ص: 443

رفعه مسجد الكوفة ...100

إخراج الماء من سارية المسجد...101

إجابة الحيات له ..101

حبسه الريح في كفّه...102

إخباره بما في بطن البقرة الحبلى...102

إحياء ميت ...103

معرفته بصاحب الدّهن...103

إخراج الرّطب من النخلة اليابسة ...104

أرى أصحابه أباه بعد موته ...105

إخباره بما يرسله معاوية ...106

حديث البرقة ...106

صيرورة الرجل امرأة وعوده رجلاً ...106

علوه في الهواء. ...108

أرى أصحابه معاوية وعمراً و هما في دمشق ومصر ...108

الملك المبشّر بأنه سيد شباب أهل الجنة ...109

إنه عنده ديوان الشيعة ....110

خبر الأعرابي ...112

علمه بالغائب ..115

إنّ السّمّ لا يؤثر فيه مراراً. ...116

علمه بما يكون . ...117

استجابة دعائه في الاستسقاء...117

طاعة الوحوش له ...118

إخراج الماء من الصخرة...118

انطباع خاتمه في حصاة حبّابة الوالبيّة...119

ص: 444

خبر حصاة أمّ أسلم....120

معرفته باللغات...121

استشهاده رسول الله بعد موته ..121

انفلاق الصخرة عن إنسانين ...123

انقلاب الرجل أنثى وبالعكس ...123

ردّه لسؤال الخضر (علیه السّلام) ...124

معرفته مكنون العلم ...126

معاجز الإمام الحسين (علیه السّلام)

نزول الملائكة عليه ...129

علمه بمن يحمل رأسه ...129

كلام أسد عقور . ...130

إخراج العنب من سارية المسجد ...130

إخباره حول بني أمية ...131

علمه بما يكون ...131

كلام رأسه الشريف...132

استجابة دعائه في الاستسقاء...133

استجابة دعائه في ابن ابي جويرية ...133

استجابة دعائه على تميم بن حصين ...134

استجابة دعائه على محمّد بن الأشعث ...135

استجابة دعائه على رجل من بني دارم ...135

استجابة دعائه على عبد الله بن حصين ...136

استجابة دعائه على عمر بن سعد ....136

إخراج الماء لأصحابه ....137

ص: 445

كلام الرّضيع ...137

تخليصه يد الرجل من ذراع المرأ ...138

إحياء ميت ...139

علمه بما يكون...139

شفاء الأعمى ....140

تعريضه بابن الزبير....140

اسوداد الشعر بعد ما ابيض...141

الانتقام من قاتليه انتقام آخر ...141

الجمل والزعفران ....142

انتقام آخر ...143

انتقام آخر. ...143

نور يسطع من رأسه....144

انتقام آخر ...144

علامة يوم قتل الحسين....145

شفاؤه من الوضح في حبّابة الوالبية...146

طبعه في حصاة حبّابة الوالبيّة. ..147

خبر حصاة أمّ أسلم. ...147

استجابة دعائه على ابن حوزة ...148

النور الذي خرج من قبر جده ...149

تربته المودعة عند أم سلمة ...149

شفاؤه المريض ...151

انتقام من عدوّه ....151

كلام الرأس مع الراهب...152

ص: 446

نوح الجن وبكاؤها عليه ...153

معاجز الإمام زين العابدين (علیه السّلام)

ركوبه السحاب ...157

شفاؤه للمرضى ...157

الدّرهم والرّغيف. ...158

طبعه بخاتمه في الحجر...158

الطّير تحمله وتحفّ به ...158

كلام الظبية ...159

إخباره عن عمر بن عبدالعزيز ...160

شهادة الحجر الأسود ....160

ردّ شباب حبّابة الوالبيّة ....161

إخباره عن ابنه زيد...162

طيّ الأرض تحت قدميه ...162

ما أخرجه لعبد الملك بن مروان ...164

علمه بما يكون . ...164

تخليصه الفرزدق من الحبس ...166

هدايا الجنّ إليه ....167

المسخ الذي أراه للرّجل ...167

علمه بما يكون . ...168

استقرار الحجر الأسود بيده...169

طاعة درع الرسول له ...170

خباره بملك بني العباس...171

صريمة الظباء ....172

ص: 447

تكبير أهل السماء والأرض يوم دفنه...172

إخباره الرّجل بما أكل وما ادخر ..173

إخباره بجعفر الكذاب...174

الأسدان اللذان خرجا على اللصّ ...175

إخباره بكتاب عبدالملك بن مروان ...176

معرفة الزّهري له وقد اختلط عقله ....177

استجابة دعائه ...177

حجبه عن الأعين....178

تسبيح الشجر والمدر معه ...179

معرفته بليلة وفاته ....180

أرى أبا خالد الجنّة. ...180

ختمه على حصاة غانم ....181

استجابة دعائه على حرملة ...182

استجابة دعائه على عبیدالله بن زیاد ...184

انحلال القيود وذهابه من السّام إلى المدينة ...184

اللؤلؤتان في جوف السمكة ...186

خبر إبليس معه ...188

إخباره وردان باسمه...190

حسن صوته الذي يصعق منه. ..190

معاجز الإمام الباقر (علیه السّلام)

إخراج المائدة من اللبنة ...193

علمه بما يكون ...193

طاعة الجنّ له ....194

ص: 448

ارتداد يصر أبي بصير ...19

علمه باجله ...195

علمه بوقت وفاته...195

إخباره عن قتل إسماعيل بن عبدالله ...196

علمه بالاسم الأعظم ....197

عدم إحراق النار له ....197

إخباره بأنّ دار هشام تهدم ...198

إحياء ميت ...199

ارتعاد فرائص عكرمة ...199

علمه بالغائب ...200

علمه بما يكون ...200

العنب النّازل عليه ..201

حديث الورشان ....202

علمه بالغائب ...203

البصير لا يراه وغيره يراه ...203

إقبال النّخلة. ...205

علمه بما في النفس ...205

العرجونة الناطقة ...206

الخاتم الذي يوقف الزوارق ...206

إخراج التفاحة من الحجارة ...206

تساقط الرطب من النخلة اليابسة ...207

خبر جابر بن يزيد الجعفي ...207

خبر شرائه حميدة (أمّ الكاظم) . ..209

علمه بالغائب ...210

ص: 449

علمه بالغائب ...211

إخباره بالغائب ...211

علمه بمنطق الطير ...212

إخراج الماء من الصخرة ...213

إخباره بالغائب ...213

توسّل الذئب به. ...214

ما أخرجه للكميت ...215

إحياء الشامي ...216

إخباره بالغائب ...218

إخباره بما في الضمير..219

إخباره بما كان ...220

علمه بالغائب ....221

علمه بالغائب ....221

معاجز الإمام الصادق (علیه السّلام)

ما فعله بالمنصور...225

التنين الذي أخرجه للمنصور ...225

إبطاله سحر السحرة ...226

ما شبه للجلاد ....227

علمه بالغائب ...228

إخراج الذهب من الأرض...229

استجابة دعائه ...229

علمه بما في النفس ...230

إحياء ميت ...230

ص: 450

إحياء الطّيور المذبوحة . ..231

استجابة دعائه ...231

علمه بالغائب ..232

استجابة دعائه ...232

إخراج اللبن من شاة عجفاء....233

علمه بالغائب ...233

ركوبه على الأسد...234

إخراج البحر والسفن....235

إخراج الرطب من الجذع...235

شفاء المريض ...236

علمه بالغائب ...236

إخراج الفرسان من الأرض....237

طاعة الجبال له ....238

طاعة الجبال له ...238

إحياء ميت ...239

استجابة دعائه ....239

شكوى الشاة له ...240

غرس النّوى وإخراجه الرطب من ساعته ...241

نزول العذاب على المرأة. ...242

علمه بما يكون ....243

خبره مع المفضّل بن عمر...243

انقلاب الحائط ذهبا ...244

علمه بالغائب ...245

كان النار عليه برداً وسلاماً ...246

ص: 451

وفاؤه بضمان الجنّة ...246

خباره بالغائب ...247

إخباره بالغائب ...248

إخباره بالغائب ...249

علمه أن أبا بصير جنب ...250

عدم حرق النار من أمره (علیه السّلام) بدخولها . ..250

علمه بما يكون ...251

معاجز الإمام الكاظم (علیه السّلام)

الأفعى التي خرجت للرّشيد ...255

حجبه عن الأعين ...255

إثمار الشجرة المقطوعة...255

العين التي نبعت ...256

علمه بما في النفس...256

علمه بما في النفس ...257

علمه بالغائب ...257

كلامه في المهد ...258

استجابة دعائه ...259

علمه بالآجال ...259

علمه بما في النفس ...260

علمه بما يكون ...261

علمه بالغائب ...262

علمه بالأجال ...262

طاعة الجن له ...262

ص: 452

إحياء الميت ...263

علمه بما يكون ...263

انحلال القيود والأبواب ...264

عدم إحراق النار له ..265

علمه بالغائب...266

المائدة التى تنزل عليه ...266

العصا التي صارت أفعى ....266

نطق السباع بالإمامة. ...267

حديث الدراعة المشهور....267

طاعة الشجرة ...269

حديث الأسد والمغرم....271

علمه بما في النفس ....272

علمه بالآجال ...272

علمه بالآجال ...272

الجواب قبل السؤال ...273

علمه بمنطق الطير ...273

علمه بما يكون ...273

الأسوَدُ الّذي ظهر للرشيد ...275

تعليم التعبان من الجن ...277

قطع المسافة البعيدة في الوقت القصير ...278

علمه بما دبّر له فى الطعام. ...279

علمه بالآجال ...280

علمه بما يكون ...280

الخروج من السجن وعلمه بما يكون ...282

ص: 453

خبر الجارية التي أهديت إليه في السّجن ...283

معاجز الإمام الرضاع (علیه السّلام)

يده كأنها عشرة مصابيح...287

علمه بما يكون ...287

علمه بما يكون ...288

الذهب يسيل من بين أصابعه ...288

إخراج الماء من صخرة ...289

تحويل التبن ذهباً ...289

إحياء ميت...290

إخراج الفواكه ...290

علمه بالغائب ...291

علمه بما في النفس...292

علمه بالغائب ...292

خبر رؤيا التمر ...294

علمه بما يكون ...295

علمه بالآجال ...295

علمه بما في الرحم ...296

علمه بالغائب ...296

الماء النابع والأثر الباقي ....297

إخراج الذهب من الأرض ...298

تمییزه شعر رسول الله من غيره ...298

تعليمه للسندي العربيّة ...299

نطق الجماد بإمامته. ...299

ص: 454

علمه بما يكون ...300

علمه بموت أبيه ...300

علمه بما يكون . ...302

العين التي ظهرت ...302

علمه بما يكون ...303

الجواب قبل السؤال ...303

استجابة دعائه ...304

تعليمه الجن ...305

خبر الشجرة ...305

علمه بالغائب ...307

علمه بالغائب ...307

علمه بما في النفس....308

علمه بالغائب ...309

علمه بالغائب ...309

علمه بالأجال ...310

استجابة دعائه على المأمون ...311

خبر أبي الصلت الهروي في وفاة الرّضا (علیه السّلام) ...313

علمه بمنطق الظبي ...316

علمه بما يكون ...317

معاجز الإمام الجواد (علیه السّلام)

الجواب قبل السّؤال ونطق العصا ...321

يبس يد المغنّي ...321

استجابة دعائه ...322

ص: 455

علمه بما في النفس....323

تلوين الشعر ...324

علمه بما في الرّحم ...324

تحویل ورق الزيتون دراهم...325

تخليصه أبا الصلت في السجن ...325

زوال الصمم ...326

خبر الرّقة ...326

كلامه في المهد ...327

طيّ الأرض تحت قدمه ...328

علمه بالغائب ...328

علمه بالغائب ...329

علمه بمنطق الشاة ...330

علمه بما يكون ...330

علمه بوقت وفاته ...331

استجابة دعائه ...331

علمه بما في النفس ...332

علمه وهو ابن عشر سنين. ...332

التقاء طرفَي دجلة ...333

وقوف السفن في البحر ...333

طى الأرض تحت قدمه ...333

طبعه في الصخرة ...334

كلام الثّور ...334

زوال الأذى بمسحه ...334

طاعة الميت له ...335

ص: 456

علمه بالغائب ...335

علمه بما يكون . ...336

خبر الشّامي ...336

إنبات العود اليابس ...338

إبراء الأعمى ...338

ذوب القصعة بيده ...338

تجهيزه والده وما في ذلك من المعجزات ...339

خبره مع يحيى بن أكثم ...340

إخراجه سبيكة الذهب من التراب ...344

استجابة دعائه ...345

علمه بالغائب ...346

استجابة دعائه ...346

علمه بحال الإنسان...347

معاجز الإمام الهادي (علیه السّلام)

علمه بالغائب ...351

خبر خان الصّعاليك ...352

علمه بالغائب ...352

أرتفاعه في الهواء ...353

إخراج البرّ والدقيق من الأرض ...353

تعليمه اللغات بحصاة واحدة ...354

علمه بالغائب ...354

إبراء الأكمه وخلقه من الطين كهيئة الطير ...354

علمه بالغائب ...355

ص: 457

الأسد الذي ابتلع اللاعب ...355

خبر الطيور ...356

خبر زينب الكذابة ...356

خبر تل المخالي ...358

الشجرة والعين ...359

إخراج الفضّة من الأرض ...359

علمه بما تحت الأرض....360

علمه بما يكون . ....360

علمه بما في النفس ....361

الشاب الذي اتهم بموالاته....361

علمه بما في النفس ....3603

خبر إسحاق الجلاب ....363

علمه بما يكون ....364

إشالة الستور ...365

علمه بالغائب ...366

علمه بموت أبيه ...367

إبراء الأذى ...368

صيرورة الرّمل ذهباً ....368

خبر برذون أبي هاشم ...369

علمه بالآجال ...369

استجابة دعائه ...370

علمه بما يكون ...371

التوقير له الذي لا يملك تركه ...371

علمه بما في النفس واستجابة دعائه .. .372

ص: 458

خبر حمار النصراني ...373

خبر الفرس ...375

علمه بالآجال ...377

خبره مع المتوکّل ...378

إحياء أموات ...379

علمه بما يكون ...380

علمه بالآجال ...381

معاجز الإمام العسكري (علیه السّلام)

علمه بما في النفس ...385

علمه بما في النفس ...386

علمه بما يكون ...386

علمه بالغائب ...387

علمه بما في النفس ...387

فتح الأبواب له ...388

استجابة دعائه ...388

كتابة القلم بلا كاتب...389

خروجه من الحبس متى شاء ...389

علمه بما في الرحم ...389

علمه بما في النفس ....390

علمه بالغائب ...391

علمه بما يكون ...392

خبر استسقاء الراهب...392

علمه بما يكون ...392

ص: 459

علمه بما في النفس ...393

علمه بما في النفس. ...393

عدم أكل السباع له ...394

علمه بالآجال ...394

علمه بما في النفس ...394

خبر البغل ...394

علمه بما يكون...396

علمه باللغات ...396

علمه بما في النفس ...396

علمه بالآجال ...397

علمه بالغائب ...397

غيبوبته في الأرض....398

علمه بما في النفس ...398

علمه بما في الأرحام ...399

علمه بما في النفس....399

ارتعاد الفرائص عند النظر إليه ...400

علمه بما في النفس ...401

طبعه في حصاة الأعرابي اليماني ...401

إنزال المطر ورفعه ...402

خبر إبن الشّريف. ...403

علمه بما في النفس وبالغائب ...404

علمه بما في النفس ...405

الانتقام من عدوّه ...405

علمه بما يكون ...405

ص: 460

الانتقام له ...406

معجزات مولده خبر أبي الأديان ...409

جلوسه على الماء ...411

علمه بما يكون ...413

علمه بالأجال ...414

معاجز الإمام المهدي (عج)

علمه بما يكون واستجابة دعائه ...414

علمه بالغائب ...415

علمه بما في النفس...416

علمه بالغائب ...417

الجواب قبل السؤال ...417

علمه بما في النفس ...417

كلامه في المهد ...417

إرتفاع الجمل في الهواء ...418

علمه بالغائب ...418

علمه بالآجال ...419

علمه بما يكون ...419

خبر أبي غالب الزراري....420

علمه بما يكون ...421

علمه بالغائب ...421

علمه بالآجال ...421

علمه بما يكون ...422

ص: 461

حجبه عن أعين الناس ...422

استجابة دعائه ...423

علمه بما يكون ...423

علمه بالغائب ...424

علمه بالغائب ...425

علمه بالغائب ...425

إخراج الحقة من نهر دجلة ...426

علمه بالغائب ...427

علمه بما في النفس ...428

علمه بالغائب ...428

نطقه بدلالة الامامة ...429

علمه بما في النفس ...430

علمه بما في النفس ...431

استجابة دعائه ...431

علمه بالغائب ...432

خبر القاسم بن علاء...433

خبر الهمداني ...435

علمه بالغائب ...436

خبر ابن الوجناء ....437

ص: 462

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.