بيانات العلامة المجلسي في شرح الحديث المهدوي

هوية الکتاب

بيَانات العَلّامة المَجلِسِي

فِي شَرحِ الحَدِيثِ المَهدَوِي

اِعْدَادَ وتحقيق

الشَیخُ حُسَینُ عَبدُ الرِضَا الاَسَدِي

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي (عليه السلام)

ديوان الوقف الشيعي

اسم الكتاب :بيانات العلامة المجلسي في شرح الحديث المهدوي

إعداد وتحقيق: الشَیخُ حُسَینُ عَبدُ الرِضَا الاَسَدِي

رقم الإصدار:239

الطبعة:الأولى 1441ه

ص: 1

اشارة

اسم الكتاب :بيانات العلامة المجلسي في شرح الحديث المهدوي

إعداد وتحقيق: الشَیخُ حُسَینُ عَبدُ الرِضَا الاَسَدِي

رقم الإصدار:239

الطبعة:الأولى 1441ه

عدد النسخ:1000

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة للمركز

-العراق- النجف الأشرف

هاتف: 07809744474

www.m-mahdi.com

info@m-mahdi.com

ص: 2

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم

يُمثِّل التراث المكتوب الكنز الوفير لكل أُمَّة من الأُمم، حيث ينقل للأجيال اللاحقة تاريخ وحقائق ووثائق عن ماضيها، ليتم الارتباط الجذري للاحق مع السابق.

وهذا التراث يُوفِّر مادة علمية وأثريَّة ضخمة، تنطلق منها الأُمة لبناء حضارتها، وتأسيس القواعد المختلفة لمسيرة حياتها.

إنَّ كلام أهل البيت علیهم السلام في الوقت الذي يُمثل السُّنَّة النبوية الشريفة، هو يُمثِّل تراثاً عظيماً لأتباعهم.

يأخذون منه ما يُشبع مطالبهم العلميَّة في مختلف مجالاته - العقائدية والفقهية والأخلاقية وغيرها -، وهو من العظمة بحيث وُصف بأنه صعب مستصعب(1)، لا بدَّ من معايشته لفترات زمنية طويلة، وإتقان العديد من العلوم المتعلّقة، ليتم الوصول بعدها إلى ارتشاف بعض حقائقه، مما يروي الظمأ المعرفي.

ولقد بذل علماء الطائفة وأفذاذها الكثير من الجهود والوقت لجمع ذلك التراث العظيم، ودوّنوه في مجاميعهم الحديثيَّة التي مرت بالعديد من المراحل كان من أواخرها الكُتُب الأربعة للمحمَّدين الثلاثة حيث جمعوا فيها ما وصل إليهم من الأصول الأربعمائة، واستمرت جهود علمائنا في جمع تراث المعصومين علیهم السلام عبر السنين الطوال.

ص: 3


1- راجع الكافي (ج 1 ص 449 و 450 / باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب / ح 1 - 5)

وإنّ موسوعة (بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار) لمؤلّفها العلّامة الشيخ محمد باقر المجلسي الله لهي من الموسوعات العظيمة التي جمعت الكثير من شتات تراثنا الحديثي بين دفَّتيها.

وإِنَّ الذي يطالعها أو بعض أجزائها ليجد بكل وضوح أنَّ مؤلّفها لم يقف عند حدود الجمع فحسب، وإنّما بذل الجهد العظيم في تبويبها موضوعيا، وهذا ما يحتاج إلى ذهن ثاقب وذاكرة وقادة في زمن لم تكن تتوفّر فيه التقنيات العلمية التي نشهدها اليوم.

فكبر حجم الموسوعة، واختلاف مضامينها، وكثرة مواردها، لا يتاح لأيِّ أحد أنْ يتوفّق لجمعها كما فعل المجلسي رحمه الله ، ف_ لله دره من عالم جهبذ، حاز من التوفيق الإلهي ما نرى بعضه في مؤلفاته المختلفة.

وكان من أهم مميزات هذه الموسوعة أنَّ العلامة رحمه الله كان يُبين الروايات غير البينة بشرحها، وبيان الكلمات الغامضة فيها، وتوضيح المصطلحات الغريبة منها .

وقد اعتمد العلّامة رحمه الله فيها على العديد من كتب اللغة بالإضافة إلى الاستفادة من الأخبار التي تصلح أن تكون شارحة ومبينة لبعض الروايات الأُخرى.

إنَّ مركز الدراسات التخصُّصيَّة في الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف يقدم في هذا الكتاب ما بينه وشرحه العلامة المجلسي رحمه الله فيما يتعلّق بالروايات المهدوية، إذ إنَّها تُمثَّل مادة علميَّة وروائيّة مهمة في فهم القضيَّة المهدويّة، ومصدراً ثرًا بالمعلومات تنفع الباحث في هذه القضية حيث يجد فيها الروايات التي تحتاج إلى بيان مع ذكر توضيح العلّامة فيها، ولو كان بعضها محتاجاً إلى تعليق معيَّن فقد جعل في الهامش.

ص: 4

وختاماً نُقدِّم الشكر الجزيل لرئيس ديوان الوقف الشيعي السيد علاء الدِّين الموسوي لاهتمامه بطباعة هذا الكتاب.

نسأل الله تعالى أن ينفع به المؤمنين، وأن يكون في عين الرضا من صاحب العصر والزمان عجل الله تعالی فرجه الشریف.

والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

مركز الدراسات التخصصية

في الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف

ص: 5

ص: 6

مقدمة رئيس ديوان الوقف الشيعي

بسم الله الرحمن الرحيم

العلامة المجلسي رحمه الله ترك في أرجاء المذهب الحقِّ بصمات علمية لا تزول، وما أنجزه الله في «بحار الأنوار» الذي جمع فيه شتات الآلاف من الروايات والآثار عن المعصومين ، والتي جمعها مما وصل إليه من أصول وكُتُب قديمة وصلته عن الأصحاب في الأزمنة المختلفة، يُعَدُّ إنقاذاً لذلك التراث العظيم من الضياع والتشتت، حيث عادت تلك البحار وعاءً كبيراً لآثار المعصومين عليهم السلام وبياناتهم على اختلاف مصادرها وتنوُّع مضامينها.

وهو عمل عظيم مكّن الباحثين من تناول ذلك التراث والبحث فيه والتنقيب في أعماقه عن جواهر كلام المعصومين عليهم السلام .

ولم يقتصر رحمه الله على جمع الآثار، بل بوَّبها بشكل بارع يسهل وصول الباحث إلى مراده، وافتتح كل باب منها بما يناسبه من الآيات القرآنية الكريمة، وأردفه بشرح وبيان كشف فيه عن تضلّعه في فقه القرآن والحديث، وبراعته في العلوم العقلية والشرعيّة.

وما نجده اليوم في هذا الكتاب هو خصوص الأحاديث المهدوية الواردة في (بحار الأنوار) مع شروحها والبيانات اللاحقة بها، والذي نعتقد بأنه سيكون مصدراً نافعاً للباحثين في القضيَّة المهدويّة، ومعيناً لهم على مراجعة المطالب المرتبطة بذلك في كتاب مفرد يسهل مراجعته ويفتح آفاق الفوائد في صفحاته.

ص: 7

وإنَّه لشرف لديوان الوقف الشيعي أن يبادر لطبع هذا المجموع المفيد بعد جهد مشكور بذله مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف في جمعه وترتيبه وإعداده بهذه الحلة الجميلة.

شکر الله سعيهم، وبارك في عملهم، وأخص بالذكر منهم العلامة المتضلع في الشأن المهدوي سماحة السيد محمد القبانجي (دامت توفيقاته).

السيّد علاء الدِّين الموسوي

ص: 8

بيانه في معنى: ( لا تُحدِّث به السفلة فيذيعونه)

بحار الأنوار (ج 2 / ص 70 و 71/ ح 29):

رجال الكشّي: آدَمُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبَلْخِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ اَلْمُفَضَّل، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ تَفْسِيرِ جَابِرٍ.

قَالَ: «لَا تُحَدِّثْ بِهِ السَّفِلَةً فَيُذِيعُونَهُ، أَمَا تَقْرَأُ فِي كِتَابِ اللهِ : «فَإِذَا نُقِرَ في النَّاقُورِ» [المدثر: 8] ، إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَثَ فِي قَلْبِهِ فَظَهَرَ فَقَامَ بِأَمْرِ الله».(1)

بيان: لعل المراد أنَّ تلك الأسرار إنَّما تظهر عند قيام القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف ورفع التقية. ويحتمل أن يكون الاستشهاد بالآية لبيان عسر فهم تلك العلوم التي يُظهرها القائم ال وشدتها على الكافرين، كما يدلُّ عليه تمام الآية وما بعدها.(2)

بيانه في معنى: (الصوت) :

بحار الأنوار (ج 2 /ص 201/ ح 70):

بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ ضُرَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الصَّوْتُ الَّذِي قُلْنَا لَكُمْ: إِنَّهُ يَكُونُ، مَا أَنْتَ صَانِعُ ؟».

قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَهِي فِيهِ وَاللَّهِ إِلَى أَمْرِكَ.

ص: 9


1- اختيار معرفة الرجال (ج 2 ص 437/ ح 338)
2- «فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ»«فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمُ عَسِيرٌ»«عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ» (المدثِّر : 8 - 10)

فَقَالَ: «هُوَ وَالله اَلتَّسْلِيمُ، وَإِلَّا فَالذَّبْحُ - وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ-».(1)

بيان: الصوت هو الذي يُنادى به من السماء عند قيام القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف،ولعلَّ المراد أنَّه إنْ أبطأ عليكم هذا الصوت الذي تنتظرونه عن قريب ما أنتم صانعون؟ هل تخرجون بالسيف بدون سماع ذلك الصوت؟ فقال الراوي: أنتهي فيه إلى أمرك، فقال علیه السلام: هو - أي الانتهاء إلى أمري أو الأمر الواجب اللازم - التسليم، وإن لم تفعلوا وتعجلوا في طلب الفرج قبل أوانه فهو موجب لذبحكم أو لذبحنا.

بيانه في معنى : (اختلاف أصحابي لكم رحمة)

بحار الأنوار (ج 2 /ص 236/ ح 23):

علل الشرائع اِبْنُ الْوَلِيدِ ، عَنِ الصَّفَارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْخَزَّازِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ علیه السلام، قَالَ: «اِخْتِلَافُ أَصْحَابِي لكُمْ رَحمَةٌ».

وَقَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ جَمَعْتُكُمْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ».

وَسُئِلَ عَنِ اِخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا ، فَقَالَ علیه السلام : «أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكُمْ، لَوِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ لَأُخِذَ بِرِقَابِكُمْ».(2)

بيان: إذا كان ذلك أي ظهور الحق وقيام القائم

بيانه في معنى: «سِيرُوا فِيها لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ»:

بحار الأنوار (ج 2 /ص 292 - 295 / ح 13):

علل الشرائع: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدِ، عَنِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ شُعَيْبٍ(3)

ص: 10


1- بصائر الدرجات ( ص 542/ ج 10 / باب 20/ ح 16)
2- علل الشرائع (ج 2 /ص 395/ باب 131/ ح 15)
3- في المصدر: (شبيب)

ابْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام(1)، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ غُلَامُ عِنْدَةَ فَاسْتَفْتَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ، فَأَفْتَاهُ فِيهَا، فَعَرَفْتُ الْغُلَامَ وَاَمَسْأَلَةَ، فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا ذَاكَ الْغُلَامُ بِعَيْنِهِ يَسْتَفْتِيهِ في تِلْكَ المَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا ، فَأَفْتَاهُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا أَفْتَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَيْلَكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ، إِنِّي كُنْتُ الْعَامَ حَاجًا، فَأَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لا مُسَلَّماً عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُ هَذَا الْغُلَامَ يَسْتَفْتِيهِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، فَأَفْتَاهُ بِخِلَافَ مَا أَفْتَيْتَهُ.

فَقَالَ: وَمَا يَعْلَمُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ؟ أَنَا أَعْلَمُ مِنْهُ، أَنَا لَقِيتُ الرِّجَالَ وَسَمِعْتُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ صُحُفِيٌّ [أَخَذَ الْعِلْمَ مِنْ الْكُتُبِ].(2)

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَالله لَأَحُجَنَّ وَلَوْ حَبْواً.

قَالَ: فَكُنْتُ فِي طَلَبِ حَجَةٍ، فَجَاءَتْنِي حَجَّةٌ، فَحَجَجْتُ، فَأَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام ، فَحَكَيْتُ لَهُ الْكَلَامَ، فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: [عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهُ](3)، أَمَّا فِي قَوْلِهِ: إِنِّي رَجُلٌ صُحُفِيٌّ فَقَدْ صَدَقَ، قَرَأْتُ صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى».

فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ لَهُ بِمِثْلِ تِلْكَ الصُّحُفِ؟

قَالَ: فَمَا لَبِثْتُ أَنْ طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ

لِلْغُلَامِ: «انْظُرْ مَنْ ذَا».

فَرَجَعَ الْغُلَامُ، فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ.

قَالَ: «أَدْخِلْهُ».

فَدَخَلَ، فَسَلَّمَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَتَأْذَنُ لِي فِي الْقُعُودِ؟

ص: 11


1- في المصدر : (عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله )
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر

فَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ يُحَدِّتُهُمْ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَجَلَسَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَما عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ جَلَسَ الْتَفَتَ إِلَيْهِ

فَقَالَ: «أَيْنَ أَبُو حَنِيفَةَ».

فَقَالَ: هُوَ ذَا أَصْلَحَكَ اللهُ.

فَقَالَ: «أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْعِرَاقِ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَبِمَا تُفْتِيهِمْ؟».

قَالَ: بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ.

قَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ ، تَعْرِفُ كِتَابَ الله حَقَّ مَعْرِفَتِهِ؟ وَتَعْرِفُ النَّاسِخَ وَالمَنْسُوخ ؟».

قَالَ: نَعَمْ .

قَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، وَلَقَدْ اِدَّعَيْتَ عِلْماً ، وَيْلَكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ ، وَيْلَكَ وَلَا هُوَ إِلَّا عِنْدَ الْخَاصٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّنَا صلی الله علیه و آله وسلم، وَمَا وَرَّثَكَ اللهُ مِنْ كِتَابِهِ حَرْفاً ، فَإِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ وَلَسْتَ كَمَا تَقُولُ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله عزوجل: «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ»[سبأ: 18]، أَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَرْضِ؟».

قَالَ: أَحْسَبُهُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ.

فَالْتَفَتَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام إلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: «تَعْلَمُونَ أَنَّ النَّاسَ يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ بَيْنَ المَدِينَةِ وَمَكَةَ فَتُؤْخَذُ أَمْوَاهُمْ وَلَا يَأْمَنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَيُقْتَلُونَ؟».

قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ : فَسَكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ .

فَقَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله عزوجَل : «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» [آل عمران: 97]، أَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَرْضِ؟».

ص: 12

قَالَ: اَلْكَعْبَةُ.

قَالَ: «أَفَتَعْلَمُ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حِينَ وَضَعَ الْمُنْجَنِيقَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْكَعْبَةِ فَقَتَلَهُ كَانَ آمِناً فِيهَا؟».

قَالَ: فَسَكَتَ.

ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْءٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَمْ تَأْتِ بِهِ الْآثَارُ وَالسُّنَّةُ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟».

فَقَالَ : أَصْلَحَكَ اللهُ، أَقِيسُ وَأَعْمَلُ فِيهِ بِرَأْيِي.

قَالَ: «يَا أَبا حَنِيفَةَ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ الْمُلْعُونُ، قَاسَ عَلَى رَبِّنَا تَبَارَكَ

وَتَعَالَى، فَقَالَ: «أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» [الأعراف: 12]»، فَسَكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ.

فَقَالَ: «يَا أَبا حَنِيفَةَ، أَيُّها أَرْجَسُ الْبَوْلُ أَوِ الْجَنَابَةُ؟».

فَقَالَ: الْبَوْلُ.

فَقَالَ: [فَما بَالُ](1) النَّاسِ يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَا يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْبَوْلِ؟»،فَسَكَتَ.

فَقَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، أَيُّهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةُ أَمِ الصَّوْمُ؟».

قَالَ: الصَّلَاةُ.

فَقَالَ: «فَمَا بَالُ اَلْخَائِضِ تَقْضِي صَوْمَهَا وَلَا تَقْضِي صَلَاتَهَا؟»، فَسَكَتَ.

قَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَهُ مِنْهَا ابْنَةٌ، وَكَانَتْ لَهُ حُرَّةٌ لَا تَلِدُ، فَزَارَتِ الصَّبِيَّةُ بِنْتُ أُمَّ الْوَلَدِ أَبَاهَا، فَقَامَ الرَّجُلُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَوَاقَعَ أَهْلَهُ الَّتِي لَا تَلِدُ وَخَرَجَ إِلَى اخْتَمَامِ، فَأَرَادَتِ الْحُرَّةُ أَنْ تَكِيدَ

ص: 13


1- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي

أُمَّ اَلْوَلَدِ وَابْنَتَهَا عِنْدَ الرَّجُلِ، فَقَامَتْ إِلَيْهَا بِحَرَارَةِ ذَلِكَ الَمَاءِ فَوَقَعَتْ إِلَيْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ، فَعَالَجَتْهَا كَمَا يُعَالِجُ الرَّجُلُ الْمُرْأَةَ فَعَلِقَتْ، أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ فِيهَا؟».

قَالَ: لَا وَاللَّهُ مَا عِنْدِي فِيهَا شَيْءٌ.

فَقَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ، أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَزَوَّجَهَا مِنْ مَمْلُوكِ لَهُ وَغَابَ المَمْلُوكُ، فَوُلِدَ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ مَوْلُودٌ، وَوُلِدَ لِلْمَمْلُوكِ مَوْلُودٌ مِنْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَسَقَطَ الْبَيْتُ عَلَى الْجَارِيَتَيْنِ وَمَاتَ اَلَمَوْلَى، مَنِ الْوَارِثُ؟».

فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَا وَاللَّهُ مَا عِنْدِي فِيهَا شَيْءٌ.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَصْلَحَكَ اللهُ، إِنَّ عِنْدَنَا قَوْماً بِالْكُوفَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَأْمُرُهُمْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ [وَفُلَانٍ].

فَقَالَ: «وَيْلَكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَكُنْ هَذَا، مَعَاذَ الله» .

فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنَّهُمْ يُعَلِّمُونَ الْأَمْرَ فِيهِمَا.

قَالَ: «فَمَا تَأْمُرُنِي؟»

قَالَ: تَكْتُبُ إِلَيْهِمْ.

قَالَ: «بَمَاذَا؟».

قَالَ: تَسْأَهُمْ الْكَفَّ عَنْهُمَا.

قَالَ: «لَا يُطِيعُونِّي».

قَالَ: بَلَى أَصْلَحَكَ اللهُ ، إِذَا كُنْتَ أَنْتَ الْكَاتِبَ وَأَنَا الرَّسُولُ أَطَاعُونِي.

قَالَ: «يَا أَبَا حَنِيفَةَ ، أَبَيْتَ إِلَّا جَهْلاً، كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْكُوفَةِ مِنَ الْفَرَاسِخ؟».

قَالَ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ، مَا لَا يُحْصَى.

فَقَالَ: «كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ؟».

قَالَ: لَا شَيْءَ.

قَالَ: «أَنْتَ دَخَلْتَ عَلَيَّ فِي مَنْزِلِي، فَاسْتَأْذَنْتَ فِي الْجُلُوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ

ص: 14

آذَنْ لَكَ، فَجَلَسْتَ بِغَيْرِ إِذْنِي خِلَافَاً عَلَيَّ، كَيْفَ يُطِيعُونِّي أُولَئِكَ وَهُمْ ثَمَّ (1)، وَأَنَا هَاهُنَا ؟».

قَالَ: فَقَنَّعَ(2) رَأْسَهُ وَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: أَعْلَمُ النَّاسِ، وَلَمْ نَرَهُ عِنْدَ عَالِمِ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، اَلْجَوَابُ فِي المَسْأَلَتَيْنِ [الْأَوَّلَتَيْنِ].(3)

فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ ، «سِيرُوا فِيها لَيالي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»، فَقَالَ: «مَعَ قَائِمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» ، فَمَنْ بَايَعَهُ وَدَخَلَ مَعَهُ وَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ وَدَخَلَ فِي عَقْدِ أَصْحَابِهِ كَانَ آمِناً».(4)

بیان قوله علیه السلام : ولست كما تقول جملة حالية اعتُرِضَت بين الشرط والجزاء لرفع توهم أنَّ هذا الشرط والتقدير محتمل الصدق.

وأما قوله تعالى:«سِيرُوا فِيها لَيالي وَأَيَّاماً آمِنِينَ» فهو في القرآن مذكور بين الآيات التي أُوردت في ذكر قصة أهل سبأ، حيث قال: «وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فيها قُرى ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ» ، فعلى تأويله علیه السلام تكون هذه الجملة معترضة بين تلك القصَّة لبيان أنّ هذا الأمن الذي كان لهم في تلك القرى وقد زال عنهم بكفرانهم سيعود في ليالي وأيام زمان القائم علیه السلام ؛ ولذا قال تعالى: «وَقَدَّرْنا» .

وأما قوله تعالى: «وَمَنْ دَخَلَهُ» فعلى تأويله علیه السلام يكون المراد الدخول في ذلك الزمان مع بيعته ليلا في الحرم، أو أنه لما كانت حرمة البيت مقرونة بحرمتهم علیهم السلام راجعة إليها، فيكون الدخول فيها كناية عن الدخول في بيعتهم ومتابعتهم على هذا البطن من الآية...

ص: 15


1- في المصدر: (هناك)
2- في المصدر : (فقبَّل)
3- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
4- علل الشرائع (ج 1 /ص 89 – 91/ باب 81/ ح 5)

بيانه في معنى: (وإنّي لأنا الذي يُحدِّث الأرض أخبارها أو رجل منّي)

بحار الأنوار (ج 7 /ص 112 /ح 45):

تفسير فرات بن إبراهيم: أَبُو الْقَاسِمِ الْعَلَوِيُّ مُعَنْعَنَا، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: بَيْنَا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام لا إِذَا تَحَرَّكَتِ الْأَرْضُ فَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا لَكِ؟»، فَلَمْ تُحِبْهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا لَكِ؟»، فَلَمْ تُحِبْهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا وَالله لَوْ كَانَ(1) هِيَهْ حَدَّثَتْنِي، وَإِنِّي لَأَنَا الَّذِي يُحَدِّثُ الْأَرْضَ أَخْبَارَهَا أَوْ رَجُلٌ مِنّي».(2)

بيان: المراد بالرجل القائم علیه السلام، ولعلَّ هذا للتبهيم لنوع من المصلحة، أو كلمة (أو) بمعنى الواو.

بيانه في معنى: (الْقُرَى الَّتِي بارَكْنَا فِيها):

بحار الأنوار (ج 10 /ص 145 و 146/ ح 1):

الاحتجاج : عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّالِيَّ، قَالَ: دَخَلَ قَاضِ مِنْ قُضَاةِ الْكُوفَةِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، فَقَالَ لَهُ: جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عزوَجل : «وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فيها قُرى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ»[سبأ: 18].

قَالَ لَهُ: «مَا يَقُولُ اَلنَّاسُ فِيهَا قَبْلَكُمْ [بِالْعِرَاقِ](3)؟».

قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّهَا مَكَهُ.

فَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَ السَّرَقَ فِي مَوْضِع أَكْثَرَ مِنْهُ بِمَكَّةَ؟».

ص: 16


1- في المصدر: (كانت)
2- تفسير فرات الكوفي (ص 589 / ح 757)
3- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر

قَالَ: فَمَا هُوَ؟

قَالَ: «إِنَّمَا عَنَى الرِّجَالَ».

قَالَ: وَأَيْنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهُ؟

فَقَالَ: «أَوَمَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ»[الطلاق: 8] ،وَقَالَ: «وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْنَاهُمْ»[الكهف: 59] وَقَالَ: «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فيها»[يوسف: 82]،فَلْيَسْأَلِ(1) الْقَرْيَةَ أَوِ الرِّجَالَ أَوِ الْعِيرَ؟».

قَالَ: وَتَلَا علیه السلام آيَاتٍ فِي هَذَا المَعْنَى.

قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَنْ هُمْ؟

قَالَ (علیه السلام): «نَحْنُ هُمْ، وَقَوْلُهُ(2): «سِيرُوا فِيها لَيالي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»،قَالَ:«آمِنِينَ مِنَ الزَّيْغِ».(3)

بيان: هذا أحد بطون الآية الكريمة، فالمراد ب_«الْقُرَى الَّتِي بارَكنا فّيها»الأئمة علیه السلام ، إمَّا بتأويل: (أهل القرى)، أو كُنّي عنهم بها لأنهم مجمع العلوم، كما قال النبي صلی الله علیه و آله وسلم:«أنا مدينة العلم وعلي بابها».(4)

وب_(القرى الظاهرة) سفراؤهم وخواص أصحابهم الذين يوصلون علومهم إلى من دونهم كما صُرّح به في بعض الأخبار.(5)

وروي في بعضها أنَّ سير الشيعة آمنين في زمن القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف.(6)

ص: 17


1- في المصدر: (أفيسأل)
2- في المصدر : (نحن هم، فقال: أوما تسمع إلى قوله)
3- الاحتجاج (ج 2 /ص 41 - 43)
4- حديث متواتر رواه الخاصة والعامة، راجع: شرح إحقاق الحقِّ (ج 5 /ص 468 / باب في أنَّ النبي مدينة العلم و علي بابها)
5- راجع الاحتجاج (ج 2 /ص 63)
6- راجع: علل الشرائع (ج 1 /ص 89 - 91 /باب 81 ح 5)

بيانه في معنى: (نثلة)

بحار الأنوار (ج 1 /ص 391/ ح 3):

قال السيد المرتضى : أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَ(دَامَ اللَّهُ عِزَّهُ) مُرْسَلاً عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدِ الْيَقْطِينِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ علیه السلام : نُمْتُ وَأَنَا أَفَكِّرُ فِي بَيْتِ اِبْنِ أَبِي حَفْصَةَ :

أَنَّى يَكُونُ وَ لَيْسَ ذَاكَ بِكَائِنٍ***لِبَنِي الْبَنَاتِ وِرَاثَةُ الْأَعْمَام

فَإِذَا إِنْسَانُ يَقُولُ لِي:

قَدْ كَانَ إِذْ نَزَلَ الْقُرْآنُ(1) بِفَضْلِهِ وَمَضَى***الْقَضَاءُ بِهِ مِنَ الْحُكّام(2)

أَنَّ ابْنَ فَاطِمَةَ الْمُنَوَّهَ بِاسْمِهِ***حَازَ الْوِرَاثَةَ عَنْ بَنِي الْأَعْمَامِ

وَبَقِيَ ابْنُ نَثلَةَ وَاقِفاً مُتَحَيَّراً***يَبْكِي وَيُسْعِدُهُ ذَوُو الْأَرْحَامِ»(3)

بيان: (نثلة) اسم أم العبّاس ويقال : نثيلة .

ولعل المراد ب_(ابن فاطمة) أمير المؤمنين علیه السلام، ويحتمل أن يكون المراد ب_(فاطمة) البتول ، وب_(ابنها) جنس الابن، أو القائم علیه السلام، والأول أظهر.

بيانه في معنى: (قوة القائم، والركن الشديد):

بحار الأنوار (ج 12 /ص 170 ح 30):

تفسير العياشي: عَنْ صَالِحٍ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : في قَوْلِ الله : «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ»[هود: 80]، قَالَ: «قُوَّةُ الْقَائِمِ،وَالرُّكْنُ الشَّدِيدُ ثَلَاثُمائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ أَصْحَابُهُ».(4)

ص: 18


1- في المصدر : (الكتاب)
2- في المصدر : (الأحكام)
3- الفصول المختارة (ص 96)
4- تفسير العياشي (ج 2 /ص 156 و 157 / ح 55)

بيان: يحتمل أن يكون المعنى أنه تمنّى قوَّة مثل قوة القائم وأصحاباً مثل أصحابه، أو مصداقها في هذه الأمة القائم وأصحابه، مع أنه لا يبعد أن يكون تمني إدراك زمان القائم علیه السلام وحضوره وأصحابه عنده؛ إذ لا يلزم في المتمنّي(1) إمكان الحصول.

بيانه في معنى: (لا عرفه الله قبيحاً من عمله)

بحار الأنوار (ج 13 /ص 242 - 244/ ح 50):

رجال الكشي : خَلَفُ(2) بْنُ حَامِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام.

وَحَدَّثَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ(3) بْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَا: قُلْنَا لِأَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَجْلَانَ مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَا أَمُوتُ مِنْ مَرَضِي هَذَا.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام:«أَيْهَاتَ أَيْهَاتَ ، أَنَّى ذَهَبَ إِبْنُ عَجْلَانَ؟ لَا عَرَفَهُ اللهُ قَبِيحاً مِنْ عَمَلِهِ ، إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ إِخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِينَ رَجُلاً، فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ كَانَ مُوسَى أَوَّلَ مَنْ قَامَ مِنْهَا ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَقَالَ: يَا مُوسَى، إِنِّي أُبْدِلُكَ مِنْهُمْ خَيْراً، قَالَ رَبِّ إِنِّي وَجَدْتُ رِيحَهُمْ وَعَرَفْتُ أَسْمَاءَهُمْ، قَالَ ذَلِكَ ثَلاثاً، فَبَعَتَهُمُ اللهُ أَنْبِيَاءَ».(4)

تفسير العيّاشي: مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بَيَّاعُ الْقَصَبِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مِثْلَهُ؛

ص: 19


1- كذا في البحار؛ والصحيح: (المتمنّى)
2- في المصدر: (خالد)
3- في المصدر : (علي بن الحسن)
4- اختيار معرفة الرجال (ج 2 /ص 512 و 513 / ح 445)

وَفِيهِ: «لَا عَرَفَهُ(1) اللَّهُ شَيْئاً مِنْ ذُنُوبِهِ»، وَفِيهِ: «إِنِّي أُبْدِلُكَ بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُمْ».(2)

تفسير العياشي: عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَارِثِ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ : «فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ» ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّجْفَةَ.(3)

بیان قوله: «لا عرفه الله» دعاء له بالمغفرة؛ إذ بالعذاب وبذكر القبائح له على وجه اللوم يعرفها.

ولعل ابن عجلان إنّما حكم بعدم موته في ذلك المرض لما سمع منه علیه السلام من كونه من أنصار القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف ونحو ذلك ، فأشار علیه السلام إلى أنه لم يعرف معنى كلامنا، بل إنّما يحصل ذلك له في الرجعة، كما أنَّ السبعين ماتوا ثم رجعوا بدعاء موسیٰ علیه السلام.

ولعلّ ما صدر عنهم أيضاً كان سؤالاً من قبل القوم لا اقتراحاً منهم، لئلَّا ينا في صيرورتهم أنبياء ، أو يكون المراد كونهم تالين للأنبياء في الفضل، أو يكون النَّبيُّ هنا بمعناه اللغوي، أي رجعوا مخبرين بما رأوا، أو يقال: إنه يكفي عصمتهم بعد الرجعة، وفيه إشكال، ويأبى عن أكثر الوجوه ما سيأتي في ب-اب أحوال سلمان الله أنه قال في خطبة له: (فقد ارتدَّ قوم موسى عن الأسباط ويوشع وشمعون وابني هارون شبّر وشبير والسبعين الذين اتهموا موسى على قتل هارون، فأخذتهم الرجفة من بغيهم، ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين وغير مرسلين).(4)

ص: 20


1- في المصدر : (لا غفر الله)
2- تفسير العياشي (ج 2 /ص 30/ ح 83)
3- تفسير العياشي (ج 2 /ص 30 ح 84)
4- بحار الأنوار (ج 22 /ص 388/ ح 28)، عن اختيار معرفة الرجال (ج 1 / ص 86 و 87/ ح 47)

بيانه في معنى: (فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته)

بحار الأنوار (ج 14 /ص 349 و 350 /ح 13):

تفسير علي بن إبراهيم: أَبي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ المنقرِيِّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ لِي الْحَجَّاجُ : [يَا شَهْرُ](1) ، آيةٌ في كِتَاب الله قَدْ أَعْبَتْنِي.

فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أَيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟

فَقَالَ : قَوْلُهُ: «وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ»[النساء: 159]، وَالله إِنِّي لَآمُرُ بِالْيَهُودِي وَالنَّصْرَانِي فَتُضْرَبُ عُنْقُهُ ثُمَّ أَرْمَقُهُ بِعَيْنِي فَمَا أَرَاهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ حَتَّى يَخْمُدَ.

فَقُلْتُ: أَصْلَحَ الله الأمير، لَيْسَ عَلى ما تَأَوَّلتَ.

قَالَ: كَيْفَ هُوَ؟

قُلْتُ: إِنَّ عِيسَى علیه السلام يَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَى الدُّنْيَا، فَلَا يَبْقَى أَهْلُ مِلَّةٍ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ إِلَّا آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيُصَلِّي خَلْفَ المُهْدِي .

قَالَ: وَيْحَكَ أَنَّى لَكَ هَذَا؟ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهِ؟

فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام.

فَقَالَ: جِئْتَ وَالله بِهَا مِنْ عَيْنٍ صَافِيَةٍ.(2)

بيان: قال الطبرسي الله : (اختلف فيه على أقوال:

أحدها: أنَّ كلا الضميرين يعودان إلى المسيح، أي ليس يبقى أحد من أهل الكتاب من اليهود والنصارى إلا ويؤمننَّ بالمسيح قبل موت المسيح إذا أنزله الله

ص: 21


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- تفسير القمي (ج 1 /ص 158)

إلى الأرض وقت خروج المهدي في آخر الزمان لقتل الدجال، فتصير الملل كلّها ملة الإسلام الحنيفية دين إبراهيم علیه السلام ، عن ابن عباس وأبي

ملة واحدة، وهي مالك، والحسن ،وقتادة وابن زيد، وذلك حين لا ينفعهم الإيمان، واختاره الطبري، قال: والآية خاصة لمن يكون منهم في ذلك الزمان(1)).

ثم ذكر رواية علي بن إبراهيم، وقال: (وذكر أبو القاسم البلخي مثل ذلك، وضعف الزجاج هذا الوجه، قال: إنَّ الذين يبقون إلى زمن عيسى علیه السلام من أهل الكتاب قليل، والآية تقتضي عموم إيمان أهل الكتاب إلَّا أنْ تُحمل على أن جميعهم يقولون: إنّ عيسى الذي ينزل في آخر الزمان نحن نؤمن به.

وثانيها أنَّ الضمير في «بِهِ» يعود إلى المسيح، والضمير في «مَوْتِهِ» إلى الكتابي، ومعناه لا يكون أحد من أهل الكتاب يخرج من الدنيا إلا ويؤمن بعيسى علیه السلام قبل موته إذا زال تكليفه وتحقق الموت ولكن لا ينفعه الإيمان...

وثالثها: أن يكون المعنى : ليؤمنن بمحمد صلی الله علیه و آله وسلم قبل موت الكتابي، عن عكرمة، ورواه أيضاً أصحابنا)(2)انتهى.

أقول: يمكن أن يكون الوجه الأوّل مبنيا على الرجعة، فلا يكون مختصا بأهل الكتاب الموجودين في ذلك الزمان.

بيانه في معنى: (للقرآن تأويل)

بحار الأنوار (ج 2 /ص 79 /ح 13):

الغيبة للنعماني : عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَهُمْدَانِيُّ، [عَنْ مُوسَى بِنْ سَعْدَانِ](3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ [عَنْ عَمَّارِ بنْ

ص: 22


1- راجع تفسير الطبري (ج 6 /ص 30)
2- تفسير مجمع البيان (ج 3 /ص 235 و 236)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموارد التالية

مَرْوَانِ] ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام : رَجُلٌ يَتَوَالَى عَلِيًّا وَيَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَيَقُولُ كُلَّ شَيْءٍ يَقُولُ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: [إِنَّهُم] قَدِ اخْتَلَفُوا [فِيمَا](1) بَيْنَهُمْ وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْقَادَةُ ، فَلَسْتُ أَدْرِي أَيُّهُمُ الْإِمَامُ، وَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ أَخَذْتُ بقَوْلِهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمْ.

قَالَ: «إِنْ مَاتَ هَذَا عَلَى ذَلِكَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةٌ»، ثُمَّ قَالَ: «لِلْقُرْآنِ تَأْوِيلٌ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَكَمَا تَجْرِي اَلشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَإِذَا جَاءَ تَأْوِيلُ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَعَ، فَمِنْهُ مَا قَدْ جَاءَ وَ مِنْهُ مَا [لَمْ] يَجِي».(2)

بیان: قوله علیه السلام : القرآن تأويل، لعل المعنى أنَّ ما نعلمه من بطون القرآن وتأويلاته لا بدَّ من وقوع كل منها في وقته، فمن ذلك اجتماع الناس على إمام واحد في زمان القائم، وليس هذا أوانه أو أنَّه دلَّ القرآن على عدم خلو الزمان من الإمام، ولا بد من وقوع ذلك، فمنهم من مضى ومنهم من يأتي.

بيانه في معنى (المراد بالنبيين... والصالحين حمزة)

بحار الأنوار (ج 2 /ص 336 - 337/ ح 4 و 5):

مناقب ابن شهر آشوب : قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ [صلی الله علیه و آله وسلم](3) فِي قَوْلِهِ: «أُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ» (3) أَنَا، «وَالصَّدِّيقِينَ» عَلِيٌّ ، [«وَالشُّهَداءِ» الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ]، «وَالصَّالِحِينَ» حَمْزَةٌ، «وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» الْأَئِمَّةُ الإِثْنَا عَشَرَ بَعْدِي».

وَعَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام : «اَلْمُرَادُ بِالنَّبِيِّينَ المُصْطَفَى، وَبِالصِّدِّيقِينَ اَلْمُرْتَضَى،

ص: 23


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- الغيبة للنعماني (ص 133 /باب 7/ ح 17)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي

وَبِاَلشُّهَدَاءِ اَلْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ علیهما السلام ، وَبِالصَّالِحِينَ تِسْعَةٌ مِنْ أَوْلَادِ اَلْحُسَيْنِ علیهم السلام(1)«وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً»[النساء: 69]، اَلمَهْدِيُّ علیه السلام».(2)

بيان: لعلَّ المراد أنَّ المذكورين أفضل أفراد كل من الفقرات.

وقوله : «والصالحين حمزة» ، أي هو أيضاً داخل فيهم، وفي بيان معنى اسم الإشارة أشار إلى دخول بقيَّة الأئمة أيضاً فيهم، وإن كان ظاهره أنَّ المقصودين باسم الإشارة غير المذكورين قبله؛ لبعده عن سياق الآية.

وأما قوله: «وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً»، فيحتمل أن يكون المراد أنَّ أوَّل وفاقتهم علیهم السلام لهم في زمانه علیه السلام في الرجعة.

بيانه في معنى «بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ»

بحار الأنوار (ج 24 /ص 211 و 212/ ح 1):

مناقب ابن شهر آشوب : أَبو عَبْدِ الله علیه السلام في خَبَرٍ: «وَنَحْنُ كَعْبَةُ الله ، وَنَحْنُ قِبْلَةُ الله».

قَوْلُهُ تَعَالَى: «بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ» نَزَلَتْ فِيهِمْ علیهم السلام.(3)(4)

بيان: فسَّر أكثر المفسرين «بَقِيَّتُ اللهِ» بما أبقاه الله لهم من الحلال بعد التنزه عما حُرِّم عليهم من تطفيف المكيال والميزان، أو إبقاء الله نعمته عليهم، أو ثواب الآخرة الباقية.

وأما الخبر، فالمراد به من إبقاء في الأرض من الأنبياء والأوصياء عليهم السلام لهداية الخلق، أو الأوصياء والأئمة الذين هم بقايا الأنبياء في أُممهم، والأخبار في

ذلك كثيرة أوردناها في مواقعها.

ص: 24


1- في المصدر: (وبالصادقين من أولاد الحسين)
2- مناقب آل أبي طالب (ج 1 /ص 243)
3- في المصدر: (نزلت فيه وفي أولاده)
4- مناقب آل أبي طالب (ج 2 /ص 297 و298)

منها : ما ذُكِرَ في (الاحتجاج) في خبر الزنديق المدعي للتناقض في القرآن، حيث قال أمير المؤمنين علیه السلام وقد ذكر الحجج والكنايات التي وردت لهم في القرآن: «هُمْ بَقِيَّةُ الله يَعْنِي المَهْدِيَّ [علیه السلام](1) الَّذِي يَأْتِي عِنْدَ اِنْقِضَاءِ هَذِهِ النَّظِرَةِ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطَاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ [ظُلْماً] وَجَوْراً».(2)

ومنها: ما سيأتي إن شاء الله نقلاً عن الكافي، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَن الْقَائِم علیه السلام يُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: «لَا، ذَاكَ اِسْمٌ سَمَّى اللَّهُ بِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَلَا يَتَسَمَّى بِهِ بَعْدَهُ إِلَّا كَافِرٌ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ؟

قَالَ: «يَقُولُونَ اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ الله»، ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ.(3).

ومنها: ما سيأتي أيضاً في كتاب (الغيبة) أَنَّ الْقَائِمَ علیه السلام قَالَ: «أَنَا بَقِيَّةُ الله فِي أَرْضِهِ».(4)

وفي خبر آخر: «إِذَا خَرَجَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا بَقِيَّةُ الله [وَخَلِيفَتُهُ](5) وَحُجَّتُهُ.....» إِلَى أَنْ قَالَ: «لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسَلَّمٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ الله فِي أَرْضِهِ».(6)

ص: 25


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموردان التاليان
2- بحار الأنوار (ج 90 /ص 119) عن الاحتجاج (ج 1 /ص 375)
3- بحار الأنوار (ج 52 /ص 373 ح 165) ، ولكن نقله عن تفسير فرات الكوفي (ص 193/ ح 3/249)؛ والرواية في الكافي (ج 1 ص 411 و 412 / باب نادر/ ح 2)
4- بحار الأنوار (ج 52 /ص 24 / ح 16) ، عن كمال الدين (ص 384/ باب 38/ ح 1)
5- ما بين المعقوفتين من المصدر
6- كمال الدين (ص 331 /باب 32 /ح16)

وفي حديث ولادة الرضا علیه السلام أَنَّ الْكَاظِمَ علیه السلام أَعْطَاهُ أُمَّهُ نَجْمَةَ، وَقَالَ: «خُذِيهِ فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ اللَّهِ عزوَجَلَ فِي أَرْضِهِ».(1)

وسيأتي أيضاً إن شاء الله في باب ذهاب الباقر علیه السلام إلى الشام بأسانيد جمة أَنَّ أَهْلَ مَدْيَنَ لَمَّا أَغْلَقُوا عَلَيْهِ الْبَابَ صَعِدَ جَبَلاً يُشْرِفُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، أَنَا بَقِيَّةُ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»».(2)

وسيأتي جميع ذلك في محلِّها إن شاء الله تعالى.

بيانه في معنى: (يعني أعداءنا... يعني بالفترة)

(بحار الأنوار /ج 24 ص 214/ ح 1):

إكمال الدِّين : أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ وَابْنُ مَسْرُورٍ وَابْنُ شَاذَوَيْهِ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ اَلْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي اَلْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْفَضْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ الصَّادِقَ [جَعْفَرَ بِنْ مُحَمَّدِ]علیه السلام(3)عَنْ قَوْلِ الله عزوجل: «وَالْعَصْرِ»«إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ»[العصر: 1 و 2] ، قَالَ علیه السلام : «الْعَصْرِ» عَصْرُ خُرُوج الْقَائِمِ علیه السلام «إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ» يَعْنِي أَعْدَاءَنَا، «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» يَعْنِي بِآيَاتِنَا، «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» يَعْنِي بِمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ، «وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ» يَعْنِي بِالْإِمَامَةِ، «وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ»[العصر: 3]، يَعْنِي بِالْفَتْرَةِ».(4)

بیان: قوله علیه السلام : يعني أعداءنا » ، أي الباقون بعد الاستثناء أعداؤنا، فلا ينافي كون الاستثناء متصلاً.

ص: 26


1- عيون أخبار الرضا (ج 1 /ص 29 و 30/ ح 2)
2- بحار الأنوار (ج 46 / ص 264/ ضمن الحديث 63)، عن مناقب آل أبي طالب (ج 3 /ص 323)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر
4- كمال الدين (ص 656 / باب 58/ ح 1)

قوله تعالى:«وَتَواصَوْا» أي وصّى بعضهم بعضاً.

قوله: «يعني بالفترة»، أي بالصبر على ما يلحقهم من الشُّبَه والفتن والحيرة والشدة في غيبة الإمام علیه السلام.

بيانه في معنى: (البدوا ما لبدنا)

بحار الأنوار (ج 24 /ص 218 /ح 13):

تفسير العياشي : عَنْ بُرَيْدِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فِي قَوْلِهِ : «اصْبِرُوا يَعْنِي بذلك عن المَعَاصِي «وَصابِرُوا» يَعْنِي التَّقِيَّةَ، «وَرابِطُوان» يَعْنِي [عَلَى] (1)«الْأَئِمَّةِ»، ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرِي مَا مَعْنَى الْبُدُوا مَا لَبَدْنَا، فَإِذَا تَحَرَّكْنَا فَتَحَرَّكُوا، وَاتَّقُوا

اللَّهَ مَا لَبَدْنَا رَبَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّمَا نَقْرَؤُهَا: «وَاتَّقُوا اللهَ»، قَالَ: «أَنْتُمْ تَقْرَءُونَها كَذَا، وَنَحْنُ نَقْرَؤُهَا كَذَا».(2)

بيان: ... المعنى لا تستعجلوا في الخروج على المخالفين وأقيموا في بيوتكم ما لم يظهر منا ما يوجب الحركة من النداء والصيحة وعلامات خروج القائم علیه

بيانه في معنى (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) :

بحار الأنوار (ج 24 /ص 311 - 313 /ح 17):

الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَفْتَرُونَ وَيَقْذِفُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ.

ص: 27


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- تفسير العياشي (ج 1 /ص 213 و 214 / ح 184)

فَقَالَ [لي](1):«اَلْكَفُّ عَنْهُمْ أَجْمَلُ» ، ثُمَّ قَالَ: وَالله يَابَا حَمْزَةَ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَوْلَادُ بَغَايَا مَا خَلَا شِيعَتَنَا».

قُلْتُ: كَيْفَ لِي بِالمَخْرَجِ مِنْ هَذَا؟

فَقَالَ لِي:«يَابَا حَمْزَةَ كِتَابُ اللَّهِ الْمُنْزَلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ سِهَاماً ثَلَاثَةٌ فِي جَمِيعِ الْفَيْءِ، ثُمَّ قَالَ عزوجل: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامَى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ»[الأنفال: 41] ، فَنَحْنُ أَصْحَابُ اَلْخُمُسِ وَالْفَيْءِ وَقَدْ حَرَّمْنَاهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مَا خَلَا شِيعَتَنَا. وَالله يَابَا حَمْزَةَ مَا مِنْ أَرْضِ تُفْتَحُ وَلَا خُمْسٍ يُخَمَّسُ فَيُضْرَبُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا كَانَ حَرَامَاً عَلَى مَنْ يُصِيبُهُ فَرْجاً كَانَ أَوْ مَالاً، وَلَوْ قَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ لَقَدْ بِيعَ الرَّجُلُ الْكَرِيمَةُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَنْ لَا يَزِيدُ(2) حَتَّىٰ إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَفْتَدِي بِجَمِيعِ مَالِهِ وَيَطْلُبُ النَّجَاةَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَصِلُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْرَجُونَا وَشِيعَتَنَا مِنْ حَقْنَا ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ وَلَا حَقٍّ وَلَا حُجَّةٍ».

قُلْتُ: قَوْلُهُ عزوجل:« هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ»[التوبة : 52]. قَالَ: «إِمَّا مَوْتُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، أَوْ إِدْرَاكُ ظُهُورِ إِمَامٍ، وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِهِمْ مَعَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ أَنْ يُصِيبَهُمُ «اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ»، قَالَ: «هُوَ الَمَسْخُ أَوْ بِأَيْدِينَا وَهُوَ الْقَتْلُ، قَالَ اللَّهُ عزوجل مَا لِنَبِيِّهِ صلی الله علیه و آله وسلم: «قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ»[الطور : 31] ، وَالتَّرَبُّصُ انْتِظَارُ وُقُوعِ الْبَلَاءِ بِأَعْدَائِهِمْ».(3)

بیان: ... قوله تعالى: «هَلْ تَرَبَّصُونَ بنا» أي تنتظرون، «إِلَّا إِحْدَى

ص: 28


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- في هامش المصدر : (في نسخة: فيمن لا يريد)
3- الكافي (ج 8 /ص 285 - 287 /ح 431)

الْحُسْنَيَيْنِ» أي إلَّا إحدى العاقبتين اللتين كلّ منهما حسنى العواقب، وذكر المفسّرون أنَّ المراد بهما النصرة والشهادة.(1)

ولعلَّ الخبر محمول على أنَّ ظاهر الآية متوجّه إلى هؤلاء، وباطنها إلى الشيعة في زمان عدم استيلاء الحقِّ، فإنّهم أيضاً بين إحدى الحسنيين: إما الموت على الحقِّ، أو إدراك ظهور الإمام وغلبته.

ويحتمل أن يكون المراد أنَّ نظير مورد الآية وشبيهها جارٍ في الشيعة وما يقاسون من الشدائد من المخالفين.

قوله تعالى: «وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ» أي نحن أيضاً ننتظر فيکم إحدى السوئتين، «أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ» أي بقارعة ونازلة من السماء، وعلى تأويله علیه السلام المسخ ، «أَوْ» بعذاب «بأَيْدِينا» وهو القتل في زمن استيلاء الحقِّ.

بيانه في معنى بعض الآيات، وفي معنى: (ذهبت دولة الباطل)

بحار الأنوار (ج 24 /ص 313 و 314/ ح 18):

الكافي: بِهَذَا الْإِسْنَادِ (2)، عَنْ أَبِي جَعْفَرِ علیه السلام فِي قَوْلِهِ عزوجل: «قُلْ ماأَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ»«إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ». )

ص: 29


1- راجع تفسير مجاهد (ج 1 /ص 281؛ تفسير الطبري (ج 10 /ص 194)؛ تفسير ابن أبي حاتم (ج 6 /ص 1812)؛ تفسير السمرقندي (ج 2 /ص 65)؛ تفسير ابن زمنين (ج 2 /ص 210)؛ تفسير الثعلبي (ج 5 /ص 53 ) ؛ تفسير الواحدي (ج 1 /ص 163)؛ تفسير السمعاني (ج 2 /ص 317)؛ تفسير البغوي (ج 1 /ص 188)؛ تفسير النسفي (ج 1/ ص 103)؛ تفسير الكشاف (ج 2 /شرح ص 195)؛ وغيرها من التفاسير
2- أي (عليُّ بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر علیه السلام)

[ص: 86 و 87]، قَالَ: «هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عاليا ، «وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» [ص: 88]»، قَالَ: «عِنْدَ خُرُوجِ الْقَائِم علیه السلام».

وَفِي قَوْلِهِ عزوجل: «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ»[هود: 110]، قَالَ: «اِخْتَلَفُوا كَمَا اِخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِي الْكِتَابِ، وَسَيَخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَ الْقَائِمِ الَّذِي يَأْتِيهِمْ بِهِ حَتَّى يُنْكِرَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ ، فَيُقَدِّمَهُمْ ، فَيَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ».

وَأَمَّا قَوْلُهُ عزوجل: «وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ»[الشورى: 21]، قَالَ: «لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ فِيهِمْ مِنَ الله (عَزَّ ذِكْرُهُ) مَا أَبْقَى الْقَائِمُ مِنْهُمْ وَاحِداً».

وَفِي قَوْلِهِ عزوجل: «وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ»[المعارج: 26]، قَالَ:«بِخُرُوج القائم علیه السلام».

وَ قَوْلُهُ عزوجل: «وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ»[الأنعام: 23]، قَالَ: «يَعْنُونَ بِوَلَايَةِ عَلَى علیه السلام».

وَقَوْلُهُ عزوجل: «وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ»[الإسراء: 81]، قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ علیه اسلام ذَهَبَتْ دَوْلَةُ الْبَاطِلِ».(1)

بیان: قوله تعالى : ... «بَعْدَ حِينٍ» أي بعد الموت، أو يوم القيامة، أو عند ظهور الإسلام، وعلى تفسيره علیه السلام: عند خروج القائم (صلوات الله عليه).

قوله تعالى: «وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ» ، قال البيضاوي: (القضاء السابق بتأجيل الجزاء، أو العدة بأنَّ الفصل يكون يوم القيامة، «لقُضِيَ بَيْنَهُمْ» بين الكافرين والمؤمنين، أو المشركين وشركائهم).(2)

ص: 30


1- الكافي (ج 8 /ص 287/ ح 432)
2- تفسير البيضاوي (ج 5 /ص 80)

قوله علیه السلام : «لولا ما تقدَّم فيهم» ، أي بأنَّه سيجزيهم يوم القيامة، أو يُولد منهم أولاد مؤمنون، لقتلهم القائم علیه السلام أجمعين.

ويحتمل أن يكون (ما أبقى القائم علیه السلام) بياناً لما تقدَّم فيهم، أي لولا أنْ قدر الله أن يكون قتلهم على يد القائم لأهلكهم الله وعذَّبهم قبل ذلك ولم يمهلهم، ولكن لا يخلو من بُعد.

قوله علیه السلام : «بخروج القائم علیه السلام»، اعلم أن أكثر الآيات الواردة في القيامة الكبرى دالَّة بباطنها على الرجعة الصغرى، ولما كان في زمن القائم علیه السلام يردُّ بعض المشركين والمخالفين والمنافقين ويجازون ببعض أعمالهم، فلذلك سُمّي بيوم الدِّين، وقد يُطلَق (اليوم) على مقدار من الزمان وإن كانت أياماً كثيرة.

ويحتمل أن يكون المراد يوم رجعتهم.

قوله علیه السلام : ذهبت دولة «الباطل، فعلى تفسيره التعبير بصيغة الماضي

لتأكيد وقوعه وبيان أنَّه لا ريب فيه، فكأنه قد وقع.

بيانه في معنى: (انقلاب البصرة)

بحار الأنوار (ج 24 /ص 365 و 366/ ح 92):

الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي

بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام .... قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ عزوجل: «وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى» :[النجم : 53] ، قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ هِيَ اَلْمُؤْتَفِكَةُ».

قُلْتُ: «وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ»[التوبة: 70].

قَالَ: «أُولَئِكَ قَوْمُ لُوطٍ، اِثْتَفَكَتْ عَلَيْهِمُ : انْقَلَبَتْ عَلَيْهِمْ».(1)

بيان: انقلاب البصرة إمَّا حقيقةً كقرى قوم لوط، وإما مجازاً بالغرق والبلايا التي نزلت عليهم.

ص: 31


1- الكافي (ج / ص 179 – 181/ ح 202)

ويُؤيّد الأوّل ما رواه علي بن إبراهيم حيث قال: (قد ائتفكت البصرة بأهلها مرتين، وعلى الله تمام الثالثة، وتمام الثالثة في الرجعة).(1)

بيانه في معنى تأويله علیه السلام ليلة القدر بفاطمة:

بحار الأنوار (ج 25 /ص 97 - 99 ح 70):

وَرَوَى أَيْضاً(2)عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه علیه السلام عَمَّا يُفْرَقُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، هَلْ هُوَ مَا يُقَدِّرُ اللَّهُ فيها؟

قَالَ: «لَا تُوصَفُ قُدْرَةُ اللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»[الدخان: 4]، فَكَيْفَ يَكُونُ حَكِيا إِلَّا مَا فُرِقَ، وَلَا تُوصَفُ قُدْرَةُ الله سُبْحَانَهُ

لِأَنَّهُ يُحْدِثُ مَا يَشَاءُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» یَعنِي فَاطِمَةَ سلام الله علیها، وَقَوْلُهُ: «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها» ، وَالمَلَائِكَةُ فِي هَذَا

عَلَيْهَا المَوْضِعِ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ عِلْمَ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام ، وَالرُّوحُ رُوحُ الْقُدُسِ، وَهُوَ فِي فَاطِمَةَ سلام الله علیها، «مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»«سَلامٌ» ، يَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مُسَلَّمَةٍ «حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ»[القدر: 3 - 5] ، يَعْنِي حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ علیه السلام».(3)

بيان ... وأمَّا تأويله علیه السلام ليلة القدر بفاطمة سلام الله علیها فهذا بطن من بطون الآية وتشبيهها بالليلة إما لسترها وعفافها، أو لما يغشاها من ظلمات الظلم والجور.

وتأويل الفجر بقيام القائم بالثاني أنسب ، فإنَّه عند ذلك يسفر الحق وتنجلي عنهم ظلمات الجور والظلم، وعن أبصار الناس أغشية الشُّبَه فيهم.

ص: 32


1- راجع: تفسير القمي (ج 2 /ص 340)
2- أي السيد شرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي في كتابه (تأويل الآيات الظاهرة)
3- تأويل الآيات الظاهرة (ج 2 /ص 818/ ح 3)

ويحتمل أن يكون طلوع الفجر إشارة إلى طلوع الفجر من جهة المغرب الذي هو من علامات ظهوره.

والمراد بالمؤمنون الأئمة علیهم السلام ، وبيَّن علیه السلام أنهم إِنَّما سمُّوا ملائكة لأنَّهم يملكون علم آل محمد صلی الله علیه و آله وسلم ويحفظونها . ونزولهم فيها كناية عن حصولهم منها موافقاً لما ورد في تأويل آية سورة الدخان أنَّ الكتاب المبين أمير المؤمنين علیه السلام والليلة المباركة فاطمة سلام الله علیها.(1)

«فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» أي حكيم بعد حكيم، وإمام بعد إمام.

وقوله: «مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»«سَلامٌ هِيَ» ، على هذا التأويل «هي» مبتدأ، و «سَلامٌ» خبره، أي ذات سلامة، و«مِنْ كُلِّ أَمْرٍ» متعلق بسلام، أي لا يضرُّها وأولادها ظلم الظالمين ، ولا ينقص من درجاتهم المعنوية شيئاً، أو العصمة محفوظة فيهم، فهم معصومون من الذنوب والخطأ والزلل إلى أن تظهر دولتهم ويتبيَّن لجميع الناس فضلهم.

بيانه في معنى: (الخماسي)

بحار الأنوار (ج 25 /ص 102 و 103/ ح 5):

الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ ، عَنْ سَهْلِ ، عَنِ ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُصْعَبٍ، عَنْ مَسْعَدَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام، قَالَ أَبُو بَصِيرٍ : دَخَلْتُ إِلَيْهِ وَمَعِي غُلَامٌ خُمَاسِيٌّ لَمْ يَبْلُغ ، فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا أَحْتُجَّ عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ سِنْهِ [أَوْ قَالَ : سَيَلي عَلَيْكُم بِمِثْلِ سِنهِ](2)».(3)

ص: 33


1- بحار الأنوار (ج 24 /ص 319 و 320 /ح 28) عن الكافي (ج 1 / ص 479 / باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر علیهما السلام / ح 4)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- الكافي (ج 1 /ص 383 باب حالات الأئمة في السنِّ/ ح 4 )

بيان: الخماسي: من كان طوله خمسة أشبار كما ذكره اللغويون، وقد يُطلق في العرف على من له خمس سنين. فعلى الأوَّل إشارة إلى الجواد علیه السلام ، وعلى الثاني إلى القائم علیه السلام، أَنَّه مع يكون التشبيه في محض عدم البلوغ.

بيانه في معنى: (وأقل من خمس سنين)

بحار الأنوار (ج 25 /ص 103 ح 6):

الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ - يعني أَبا جَعْفَرٍ علیه السلام - عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ، فَقُلْتُ: يَكُونُ الْإِمَامُ ابْنَ أَقَلَّ مِنْ سَبْعَ سِنِينَ؟

فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأَقَلَّ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ».(1)

بيان: إشارة إلى القائم علیه السلام ؛ لأنَّه علیه السلام على أكثر الروايات كان ابن أقل من خمس سنين بأشهر، أو بسنة وأشهر.

بيانه في معنى: (ويستوي عليه درع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم):

بحار الأنوار( ج 25 /ص 116 - 120 / ح 1):

معاني الأخبار، الخصال، عيون أخبار الرضا علیه السلام : الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ أَلْهُمْدَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ [بْنِ عليٍّ](2) بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي اَحْسَنِ عَلِيِّ ابْنِ مُوسَى الرّضَا علیه السلام ، قَالَ: «لِلْإِمَامِ عَلَامَاتٌ : يَكُونُ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَأَحْكَمَ النَّاسِ، وَأَتْقَى النَّاسِ ، وَأَحْلَمَ النَّاسِ ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَسْخَى النَّاسِ، وَ أَعْبَدَ اَلنَّاسِ، وَيلد مَختُوناً، وَيَكُونُ مُطَهَّراً، وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ ظِلٍّ، وَإِذَا وَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَقَعَ عَلَى رَاحَتَيْهِ رَافِعًا صَوْتَهُ

ص: 34


1- الكافي (ج 1 /ص 384 / باب حالات الأئمة علیهم السلام في السن/ ح 5)
2- ما بين المعقوفتين من المعاني والعيون

بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَلَا يَحْتَلِمُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَيَكُونُ مُحَدَّثاً، وَيَسْتَوِي عَلَيْهِ دِرْعُ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم...».(1)

بیان: ... «ويستوي عليه درع رسول الله»، كأن هذه غير الدرع ذات الفضول التي استواؤها من علامات القائم علیه السلام كما سيأتي في محله(2)، أو المعنى أنَّ هذه من علامات الأئمة علیهم السلام ، وإن كان بعضها مختصًّا ببعضهم، و والأوَّل أظهر...

بيانه في معنى: (بدأ الإسلام غريباً)

بحار الأنوار (ج 25 /ص 134 - 137 / ح 6):

عيون أخبار الرضا علیه السلام : تميم القُرَشِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلي الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ: ... فَقَالَ المَأْمُونُ: يَا أَبَا [اَلْحَسَنِ](3)، فَمَا تَقُولُ فِي الرَّجْعَةِ؟

فَقَالَ الرِّضَا علیه السلام: «إِنَّهَا اَلْحَقُّ (4)، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَنَطَقَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وسلم : يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي الْأُمَمِ اَلسَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ. وَقَالَ علیه السلام : إِذَا خَرَجَ المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي نَزَلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ علیه السلام فَصَلَّى خَلْفَهُ. وَقَالَ علیه السلام : بَدَأَ الْإِسْلَامُ(5) غَرِيباً

ص: 35


1- معاني الأخبار (ص 102 و 103 /باب معنى الإمام المبين / ح 4)؛ الخصال (ص 527 و 528 / ح 1)؛ عيون أخبار الرضا (ج 1 / ص 192 و 193/ ح 1)
2- بحار الأنوار( ج 26 /ص 201 و 202 / ح 1) عن الإرشاد (ج 2 /ص 187 و 188)،والاحتجاج (ج 2 /ص 133 و 134)
3- ما بين المعقوفتين قد سقط من المصدر
4- في المصدر: (لحقِّ)، وهو الأصح
5- في المصدر : (إِنَّ الإسلام بدأ)

وَسَيَعُودُ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ يَكُونُ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يَرْجِعُ اَلْقُ إِلَى أَهْلِهِ...».(1)

بيان: ... «بدأ الإسلام غريباً»، أي في زمان شاع الكفر ويُعَدُّ مستغرباً ويقل أهله ومن يقبله، وسيعود كذلك في زمان القائم علیه السلام عند انقطاع الإسلام والإيمان، فطوبى للتابعين للحقِّ في ذلك الزمان أو في الزمانين.

قال في النهاية : (فيه: «إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء»: أي إنَّه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده، لقلّة المسلمين يومئذٍ. وسيعود غريباً كما كان أي يقلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء، فطوبى للغرباء: أي الجنّة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوَّل الإسلام ويكونون في آخره، وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكُفَّار أوَّلاً وآخراً، ولزومهم دين الإسلام).(2)

بيانه في معنى: (وأنا صاحب الكرات ودولة الدُّوَل)

بحار الأنوار (ج 26 /ص 148 /ح 32):

بصائر الدرجات : أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ يَزْدَادَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «عِنْدِي عِلْمُ المَنَايَا وَالْبَلَايَا وَالْوَصَايَا وَالْأَنْسَابِ وَالْأَسْبَابِ وَفَضْلُ اَلْخِطَابِ وَمَوْلِدُ الْإِسْلَامِ وَمَوْلِدُ الْكُفْرِ، وَأَنَا صَاحِبُ الْكَرَاتِ وَدَوْلَةِ الدُّوَلِ، فَاسْأَلُونِي عَمَّا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».(3)

بيان: «وأنا صاحب الكرات ودولة الدُّوَل»، أي الحملات في الحروب

ص: 36


1- عيون أخبار الرضا (ج 2 /ص 216 - 21/ ح 1)
2- النهاية لابن الأثير (ج 3 /ص 348)
3- بصائر الدرجات (ص 222 /ج 4 / باب 9/ ح 6)

والغلبة فيها، أو صاحب الغلبة على أهل الغلبة فيها، أو صاحب علم كل كرة ودولة، أو المعنى: أرجع إلى الدنيا مرّات شتّى، وكانت غلبة الأنبياء على أعاديهم ونجاتهم من المهالك بسبب التوسل بنوري، أو يكون دولة الدُّوَل أيضاً إشارة إلى الدولات الكائنة في الكرّات والرجعات له علیه السلام، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى.(1)

بيانه في أن القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف يحكم بعلمه لا بالبينَّة

بحار الأنوار (ج /26 ص 176 - 178 ح 55):

بصائر الدرجات: يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ فُضَيْلِ الْأَعْوَرِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَاءِ، قَالَ: كُنَّا زَمَانَ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام حِينَ مَضَى نَتَرَدَّدُ كَالْغَنَمِ لَا رَاعِيَ لَهَا ، فَلَقِينَا سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ، فَقَالَ : يَابَاعُبَيْدَةَ، مَنْ إِمَامُكَ؟

قُلْتُ: أَئِمَّتِي آل مُحَمَّدٍ.

فَقَالَ: هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ، أَمَا سَمِعْتُ أَنَا وَ أَنْتَ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْا وَهُوَ يَقُولُ:

مَنْ مَاتَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةٌ»؟

قُلْتُ: بَلَى لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ ذَلِكَ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ أَوْ نَحْوِهَا دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام فَرَزَقَ اللَّهُ لَنَا المَعْرِفَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: لَقِيتُ سَالِاً فَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَقُلْتُ لَ-هُ كَذَا وَكَذَا.

فَقَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا وَيْلُ لِسَالِمٍ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -، أَمَا يَدْرِي سَالِمٌ مَا مَنْزِلَةُ الْإِمَامِ؟ اَلْإِمَامُ أَعْظَمُ مِمَّا يَذْهَبُ إِلَيْهِ سَالِمٌ وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ. يَابَا عُبَيْدَةَ إِنَّهُ لَمْ

ص: 37


1- بحار الأنوار (ج 39/ ص 346/ ذيل الحديث 17)

يَمُتْ مِنَّا مَيِّتٌ حَتَّى يُخَلَّفَ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَعْمَلُ بِمِثْل عَمَلِهِ وَيَسِيرُ بِمِثْلِ سِيرَتِهِ وَيَدْعُو إِلَى مِثْلِ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ. يَابَا عُبَيْدَةَ، إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعِ اللَّهُ مَا أَعْطَى [دَاوُدَ أَنْ أَعْطَى](1) سُلَيْمَانَ أَفْضَلَ مِمَّا أَعْطَى [دَاوُدَ] ، ثُمَّ قَالَ: «هذا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ»[ص: 39]».

:قَالَ: قُلْتُ: مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟

قَالَ: «نَعَمْ يَابَا عُبَيْدَةَ، إِنَّهُ إِذَا قَامَ قَائِمٌ آلِ مُحَمَّدٍ حَكَمَ بِحُكْمِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ بَيْنَةً».(2)

بيان ... ثم اعلم أنَّ الظاهر من الأخبار أنَّ القائم علیه السلام إذا ظهر يحكم بما يعلم في الواقعة لا بالبينة ، وأمَّا من تقدَّمه من الأئمة علیهم السلام فقد كانوا يحكمون بالظاهر، وقد كانوا يُظهرون ما يعلمون من باطن الأمر بالحيل، كما كان أمير المؤمنين علیه السلام يفعله في كثير من الموارد.

وقال الشيخ المفيد في كتاب المسائل : (للإمام علیه السلام أن يحكم بعلمه كما يحكم بظاهر الشهادات ومتى عرف من المشهود عليه ضدَّ ما تضمنته الشهادة أبطل بذلك شهادة من شهد عليه وحكم فيه بما أعلمه الله تعالى، وقد يجوز عندي أن تغيب عنه بواطن الأمور فيحكم فيها بالظواهر، وإن كانت على خلاف الحقيقة عند الله تعالى، ويجوز أن يدلَّه الله تعالى على الفرق بين الصادقين من الشهود وبين الكاذبين فلا تغيب عنه حقيقة الحال، والأمور في هذا الباب متعلّقة بالألطاف والمصالح التي لا يعلمها على كلِّ حالٍ إِلَّا الله عزوجل.

ولأهل الإمامة في هذه المقالة ثلاثة أقوال:

فمنهم من يزعم أن أحكام الأئمة على الظواهر دون ما يعلمونه على كل حالٍ.

ص: 38


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي
2- بصائر الدرجات (ص 530 /ج 10 / باب 18 / ح 15)

ومنهم من يزعم أنَّ أحكامهم إنّما هي على البواطن دون الظواهر التي يجوز فيها الخلاف.

ومنهم من يذهب إلى ما اخترته أنا من المقال، ولم أرَ لبني نوبخت فيه ما أقطع على إضافته إليهم على يقين بغير ارتياب).(1)

بيانه في أن عندهم علیهم السلام درعين

بحار الأنوار (ج 26 /ص 201 - 203/ ح 1):

الإرشاد، الاحتجاج : مُعَاوِيَةُ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ السَّمَانِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ، فَقَالَا لَهُ: أَفِيكُمْ إِمَامٌ مُفْتَرَضٌ طَاعَتُهُ؟

قَالَ : فَقَالَ: «لَا».

فَقَالَا لَهُ: وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَنْكَ اَلثَّقَاةُ أَنَّكَ تَقُولُ بِهِ - سَمَّوْا قَوْماً - ، وَقَالُوا: هُمْ أَصْحَابُ وَرَع وَتَشْمِيرٍ، وَهُمْ مِنْ لَا يَكْذِبُ.

فَغَضِبَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام وَقَالَ: «مَا أَمَرْتُهُمْ بِهَذَا»، فَلَمَّا رَأَيَا الْغَضَبَ بِوَجْهِهِ خَرَجَا.

فَقَالَ لِي: «تَعْرِفُ هَذَيْنِ؟».

قُلْتُ: نَعَمْ هُمَا مِنْ أَهْلِ سُوقِنَا، وَهُمَا مِنَ الزَّيْدِيَّةِ، وَهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ سَيْفَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم عِنْدَ عَبْدِ الله بن الحسن [بن الحسن](2).

فَقَالَ: «كَذَبَا لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وَالله مَا رَآهُ عَبْدُ الله بْنُ الْحَسَنِ بِعَيْنَيْهِ وَلَا بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيْهِ وَلَا رَاهُ أَبُوهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ عِنْدَ عَلِي بن الحَسَيْنِ علیهما السلام، فَإِنْ كَانَا

ص: 39


1- أوائل المقالات (ص 66/ الرقم 39)
2- ما بين المعقوفتين من الإرشاد

صَادِقَيْنِ فَمَا عَلَامَةٌ فِي مَقْبِضِهِ؟ وَمَا أَثَرٌ فِي مَوْضِع مَضْرَبِهِ ؟ وَإِنَّ عِنْدِي لَسَيْفَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَإِنَّ عِنْدِي لَرَايَةَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَدِرْعَهُ وَلَأُمَتَهُ وَمِغْفَرَهُ، فَإِنْ كَانَا صَادِقَيْنِ فَمَا عَلَامَةٌ فِي دِرْعِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم؟ وَإِنَّ عِنْدِي لَرَايَةَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم المِغْلَبَةَ، وَإِنَّ عِنْدِي أَلْوَاحَ مُوسَى وَعَصَاهُ ، وَإِنَّ عِنْدِي خَاتَمَ سُلَيْمانَ بْنِ دَاوَدَ علیه السلام ، وَإِنَّ عِنْدِي الطَّسْتَ الَّذِي كَانَ مُوسَى يُقَرِّبُ بِهَا الْقُرْبَانَ، وَإِنَّ عِنْدِيَ الإِسْمَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم إِذَا وَضَعَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ لَمْ يَصِلْ مِنَ المُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ نُشَّابَةٌ، وَإِنَّ عِنْدِي مِثْلَ التَّابُوتِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ، وَمَثَلُ اَلسَّلَاح فِينَا كَمَثَلِ اَلتَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، [كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ](1) فِي أَيِّ بَيْتٍ وُجِدَ التَّابُوتُ عَلَى أَبْوَابِهِمْ أُوتُوا النُّبُوَّةَ، وَمَنْ سَارَ إِلَيْهِ السَّلَاحُ مِنَّا أُوتِيَ اَلْإِمَامَةَ. وَلَقَدْ لَبِسَ أَبِي دِرْعَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم فَخَطَّتْ عَلَى الْأَرْضِ خِطَطاً، وَلَبِسْتُهَا أَنَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ(2)، وَقَائِمُنَا مَنَ إِذَا لَبِسَهَا مَلَأَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ».(3)

بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن معاوية، عن سعید، مثله.(4)

بصائر الدرجات جعفر عن فضالة، عن أيوب وغير واحد، عن معاوية ابن عمار، عن سعيد الأعرج، عنه علیه السلام ، مثله.

بيان: ... ويظهر من الأخبار أنَّ عندهم علیهم السلام درعين: أحدهما علامة الإمامة تستوي على كلّ إمام، والأخرى علامة القائم علیه السلام لا تستوي إلَّا عليه (صلوات الله عليه).

ص: 40


1- ما بين المعقوفتين من المصدرين
2- في الاحتجاج : (ولبستها أنا وكانت تخطُّ على الأرض - يعني طويلة – مثل ما كانت على أبي)
3- الإرشاد (ج 2 /ص 187 و 188) ، والاحتجاج (ج 2 /ص 133 و 134)
4- بصائر الدرجات (ص 194 و 195/ ج 4 / باب 4/ ح 2)

بيانه في معنى: (كان أبو جعفر ألحم منّي)

بحار الأنوار (ج 26 /ص 205 و 206/ ح 6):

بصائر الدرجات: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الله بْنُ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ : بَيْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام فِي ثَقِيفَةٍ(1) إِذَا اِسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَأَذِنَ هُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الله، إِنَّ أُناساً يَأْتُونَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ فِيكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِمَامَ مُفْتَرَضِ الطَّاعَةِ.

فَقَالَ: «مَا أَعْرِفُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي».

فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَزْعُمُونَ أَنَّكَ أَنْتَ هُوَ .

قَالَ: «مَا قُلْتُ هُمْ ذَلِكَ».

قَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ أَصْحَابُ تَشْمِيرٍ وَأَصْحَابُ خَلْوَةٍ وَأَصْحَابُ ورع، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ أَنتَ هُوَ .

قَالَ: «هُمْ أَعْلَمُ وَمَا قَالُوا».

قَالَ : فَلَمَّا رَأَوْهُ أَنَّهُمْ قَدْ أَغْضَبُوهُ قَامُوا فَخَرَجُوا.

فَقَالَ: «يَا سُلَيمانُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟».

قَالَ: أُنَاسٌ مِنَ الْعِجْلِيَّةِ.

قَالَ: «عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّه».

قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَّ سَيْفَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَقَعَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ.

قَالَ: «لَا وَالله مَا رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَلَا أَبُوهُ الَّذِي وَلَدَهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ عِنْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلَى علیه السلام(2)، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فَاسْأَلُوهُمْ عَمَّا فِي مَيْسَرَتِهِ وَعَمَّا فِي مَيْمَنَتِهِ ، فَإِنَّ فِي مَيْسَرَةِ سَيْفِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم وَفِي مَيْمَنَتِهِ عَلَامَةً».

ص: 41


1- كذا في البحار والمصدر ؛ ولعله مصحف: (سقيفة)
2- في المصدر : ( علي بن الحسين )

ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهُ عِنْدَنَا لَسَيْفُ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَدِرْعُهُ وَسِلَاحُهُ وَلَأُمَتُهُ، وَاللَّهُ إِنَّ عِنْدَنَا الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم يَضَعُهُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالمُسْلِمِينَ فَلَا يَخْلُصُ إِلَيْهِمْ نُشَابَةٌ، وَاللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا لَتْلَ التَّابُوتِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُهُ، وَاللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا لِمَثْلَ اَلطَّشْتِ الَّذِي كَانَ مُوسَى يُقَرِّبُ فِيهَا الْقُرْبَانَ، وَاللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا لَأَلْوَاحَ مُوسَى وَعَصَاهُ، وَإِنَّ قَائِمَنَا مَنْ لَبِسَ دِرْعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم فَمَلَأَهَا، وَلَقَدْ لَبِسَهَا أبو جَعْفَرٍ علیه السلام فَخَطَّتْ عَلَيْهِ».

فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَلحْمُ أَمْ أَبو جَعْفَرٍ؟

قَالَ: «كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَ مِنِّي ، وَلَقَدْ لَبِسْتُهَا أَنَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ - وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَقَلَبَهَا ثَلَاثَاً -».(1)

بيان: ... وكان غرض السائل عن كونه أكثر لحماً أو أبوه علیهما السلام استعلام استوائه على قامته علیه السلام أم لا، ظنا منه أنَّ هذا تابع اللحم وطول القامة، فأجاب علیه السلام بما يظهر منه أنَّه ليس كذلك بأن بيّن أنَّ مع كون أبي ألحم منّي كانت على قامتي أقرب إلى الاستواء منه لأنّي إلى الكون قائماً أقرب.

ولعلَّ بيان ذلك لقوَّة رجائهم وعدم يأسهم من تعجيل الفرج.

بيانه في معنى: (أما ابن أبي حمزة فإنَّه رجل تأول تأويلاً لم يُحسنه...)

بحار الأنوار (ج /26 ص 223 - 225/ ح3):

قرب الإسناد : اِبْنُ عِيسَى، عَنِ الْبَزَنْطِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ الرِّضَا علیه السلام فِي اَلْوَقْفِ عَلَى أَبِيهِ علیه السلام : «أَمَّا اِبْنُ أَبِي حَمْزَةَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ تَأَوَّلَ تَأْوِيلاً لَمْ يُحْسِنُهُ وَلَمْ يُؤْتَ عِلْمَهُ فَأَلْقَاهُ إِلَى النَّاسِ، فَلَجَّ فِيهِ وَكَرِهَ إِكْذَابَ نَفْسِهِ فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِ بِأَحَادِيثَ تَأَوَّهَا وَلَمْ يُحْسِنْ تَأْوِيلَهَا وَلَمْ يُؤْتَ عِلْمَهَا، وَرَأَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقَ آبَائِي [إِيَّايَ خ ل]

ص: 42


1- بصائر الدرجات (ص 195 و 196/ ج 4 / باب 4/ ح 4)

بِذَلِكَ لَمْ يَدْرِ لَعَلَّهُ مَا خُبّرَ عَنْهُ مِثْلُ السُّفْيَانِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ [ كَائِنٌ خ ل] لَا يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ هُمْ: لَيْسَ يُسْقِطُ قَوْلَ آبَائِهِ شَيْءٌ [ بِشَيْءٍ خ ل]، وَلَعَمْرِي مَا يُسْقِطْ قَوْلَ آبَائِي شَيْءٌ [بِشَيءٍ خ ل] وَلَكِنْ قَصُرَ عِلْمُهُ عَنْ غَايَاتِ ذَلِكَ وَحَقَائِقِهِ، فَصَارَتْ فِتْنَةٌ لَهُ وَشُبْهَةٌ عَلَيْهِ وَفَرَّ مِنْ أَمْرٍ فَوَقَعَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنَ الْأَمْرِ فَقَدْ كَذَبَ، لِأَنَّ لله عزوجل وَ المَشِيَّةَ فِي خَلْقِهِ، يُحْدِثُ مَا يَشَاءُ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، وَقَالَ:« ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ»[آل عمران: 34]، فَآخِرُهَا مِنْ أَوَّلِهَا وَأَوَّهَا مِنْ آخِرِهَا ، فَإِذَا حُبِّرَ عَنْهَا بِشَيْءٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ كَائِنٌ فَكَانَ فِي غَيْرِهِ مِنْهُ فَقَدْ وَقَعَ اَلْخَبَرُ عَلَى مَا أَخْبَرُوا أَلَيْسَتْ فِي أَيْدِيهِمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام قَالَ: إِذْ قِيلَ فِي المَرْءِ شَيْءٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ثُمَّ كَانَ فِي وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَدْ كَانَ فِيهِ؟».(1)

بيان: لعل المراد أنَّ ابن أبي حمزة روى للناس أحاديث كقول الصادق علیه السلام: «إنَّ ولدي القائم» أو «من ولدي القائم» ولم يعرف معنى ذلك وتأويله، إذ كان المراد الولد بواسطة، أو القائم بأمر الإمامة، فلما لم يعرف معنى الحديث وألقى إلى الناس ما فهمه وظنَّ أنَّ القول بموت الكاظم علیه السلام وبإمامة من بعده تكذيب لنفسه فيما رواه أو تكذيب للإمام علیه السلام فلج في باطله، ولم يعلم أنَّه مع صحة ما فهمه أيضاً كان يحتمل إخبارهم البداء أو التأويل بأن يقال في الرجل شيء يكون في ولده مجازاً.

ثمّ بيَّن أنَّ بعض ما أخبروا علیهم السلام به من أخبار السفياني وغيره يحتمل البداء إن لم يقيدوه بالحتم، ومع قيد الحتم لا يحتمل البداء.

والحاصل أنَّه ينبغي أنْ يُحمَل بعض الكلام على التنزل والمماشاة تقوية للحجة كما لا يخفى على المتأمّل.

وقوله علیه السلام : «وفرَّ من أمر»، أي فرَّ من تكذيب الأئمة في بعض الأخبار

ص: 43


1- قرب الإسناد (ص 351 و 352 /ح 1260)

المأوَّلة، فوقع تكذيبهم في النصوص المتواترة الدالة على الأئمة الاثني عشر علیه السلام والنصوص الواردة على الخصوص في الرضا علیه السلام وغيرها.

بيانه في معنى: (أيأتي الرُّسُل عن الله بشيء ثم تأتي بخلافه)

بحار الأنوار (ج 26 / ص 225 و 226/ ح 5):

قصص الأنبياء: بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَن ابْنِ أُورَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام : أَيَأْتِي الرُّسُلُ عَن اللَّه بِشَيْءٍ ثُمَّ تَأْتِي بِخِلَافِهِ؟

قَالَ: «نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتُكَ بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: «ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ...» الْآيَةَ [المائدة: 21] ، فَمَا دَخَلُوهَا وَدَخَلَ أَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ.

وَقَالَ عِمْرَانُ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يَهَبَ ِلي غُلَامًا نَبِيَّا فِي سَنَتِي هَذِهِ وَشَهْرِي هَذَا. ثُمَّ غَابَ وَوَلَدَتِ امْرَأَتُهُ مَرْيَمَ «وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا»[آل عمران: 37]، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: صَدَقَ نَبِيُّ اللهِ، وَقَالَتِ الْآخَرُونَ كَذَبَ ، فَلَمَّا وَلَدَتْ مَرْيَمُ عِيسَى، قَالَتِ اَلطَّائِفَةُ الَّتِي أَقَامَتْ عَلَى صِدْقٍ عِمْرَانَ: هَذَا الَّذِي وَعَدَنَا اللَّهُ».(1)

بيان: حاصل الحديث أنه قد تحمل المصالح العظيمة الأنبياء (صلوات الله عليهم) على أنْ يتكلموا على وجه التورية والمجاز وبالأُمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والإثبات، ثمّ يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأول، فيجب أنْ لا يحملوه على الكذب ويعلموا أنَّه كان المراد منه غير ما فهموه كمعني مجازي أو كان وقوعه مشروطاً بشرط لم يذكروه، ومن تلك الأمور زمان قيام القائم علیه السلام وتعيينه من بين الأئمة له، لئلا ييئس الشيعة وينتظروا الفرج ويصبروا.

ص: 44


1- قصص الأنبياء للراوندي (ص 216 و 217 / ح 281)

«فإذا قلنا لكم في الرجل منا شيئاً»، أي بحسب فهم السائل وظاهر اللفظ، أو قيل فيه حقيقةً وكان مشروطاً بأمر لم يقع فوقع فيه البداء ووقع في ولده. وعلى هذا ما ذُكِرَ في أمر عيسى إنَّما ذُكِرَ على ذكر النظير، مع أنَّه يحتمل أن يكون أمر عيسى علیه السلام أيضاً من البداء.

ويحتمل المثل ومضربه وجهاً آخر وهو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيًا بوجه آخر، ففي المثل أطلق الذكر على مريم لأَنَّه سبب وجود عيسى علیهما السلام إطلاقاً لاسم المسبّب على السبب، وكذا في المضرب أُطلق القائم على من في صلبه القائم، إما على هذا الوجه أو إطلاقاً لاسم الجزء على الكل.

بيانه في معنى: (وينتظر عاقبتي)

بحار الأنوار (ج 2 /ص 89 و 90 /ح 41):

المحاسن: أبي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ بْن(1)عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ رَزِينٍ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام، قَالَ: «سِتُ خِصَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ بَيْنَ یَدَيِ اللَّه وَعَنْ يَمِينِهِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المَرْهَ الْمُسْلِمَ الَّذِي يُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ، وَيُنَاصِحُهُ الْوَلَايَةَ، وَيَعْرِفُ فَضْلِي، وَيَطَأُ عَقِبِي، وَيَنْتَظِرُ عَاقِبَتِي».(2)

بيان: لعلّ المراد بالعاقبة دولته ودولة ولده علیه السلام في الرجعة أو في القيامة، كما قال تعالى: «وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»[الأعراف: 128].

ويحتمل أن يكون المراد بالعاقبة هنا الولد أو آخر الأولاد، فإنَّ العاقبة تكون بمعنى الولد وآخر كل شيء كما ذكره الفيروزآبادي(3)، فيكون المراد انتظار الفرج بظهور القائم علیه السلام.

ص: 45


1- في المصدر : (عن)
2- المحاسن (ج 1 /ص 9 و 10 / ح 28)
3- القاموس المحيط (ج 1 /ص 106)

بيانه في معنى (الروح، الفلاح، النجاة و النجاح...)

بحار الأنوار (ج 27 /ص 92 و 93/ ح 52):

المحاسن : عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «الرَّوْحُ وَالرَّاحَةُ وَالْفَلْجُ وَالْفَلَاحُ وَالنَّجَاحُ وَالْبَرَكَةُ وَالْعَفْوُ وَالْعَافِيَةُ وَالْمُعَافَاةُ وَالْبُشْرَى وَالنُّصْرَةُ وَالرِّضَا وَالْقُرْبُ وَالْقَرَابَةُ وَالنَّصْرُ وَالظَّفَرُ وَالتَّمْكِينُ وَالسُّرُورُ وَالمَحَبَّةُ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مَنْ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ علیه السلام [وَوَالَاهُ وَائتم بهوَأَقَرَّ بِفَضْلِهِ وَتَوَلَّى الْأَوْصِيَاءَ مِنْ بَعْدِهِ](1) ، وَحَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أُدْخِلَهُمْ فِي شَفَاعَتِي، وَحَقٌّ عَلَىٰ رَبِّيٌّ أَنْ يَسْتَجِيبَ لي فِيهِمْ ، وَهُمْ أَتْبَاعِي، «وَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي»[إبراهيم: 36] ، جَرَى فِيَّ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ لا وَفِي الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِي؛ لِأَنِّي مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ مِنِّي، دِينُهُ دِينِي وَسُنَتَهُ سُنَّتِي، وَأَنَا أَفْضَلُ مِنْهُ، وَفَضْلِي مِنْ فَضْلِهِ وَفَضْلُهُ مِنْ فَضْلِي، وَيُصَدِّقُ قَوْلِي قَوْلُ رَبِّ: «ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»[آل عمران 34]».(2)

بيان الروح الرحمة والفلاح: الفوز والنجاة والنجاح الظفر بالمطلوب.

وقال في النهاية : (فيه): «سلوا الله العفو والعافية والمعافاة»، فالعفو محو الذنوب، والعافية: أن يسلم من الأسقام والبلايا .... والمعافاة هي أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك، أي يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ويصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم ، وقيل : هي م مفاعلة من العفو، وهو أن يعفو عن الناس ويعفوا هم

عنه)(3)انتهى .

ص: 46


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- المحاسن (ج 1 /ص 152 / ح 74)
3- النهاية لابن الأثير (ج 3 /ص 265)

والبشرى في الدنيا على لسان أئمتهم، وعند الموت، وفي القيامة. والنصرة بالحجّة . والرضا من الله ورضى الله عنهم. والقرب من الله . والقرابة من الأئمة والنصر في الرجعة والظفر على الأعادي في الدنيا والآخرة. وكذا التمكين في الرجعة والسرور عند الموت وفي الآخرة.

بيانه في معنى: (يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى...)

بحار الأنوار (ج 31 /ص 549 - 554 / ح 51):

نهج البلاغة مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِي ذِكْرِ المَلَاحِم: «يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا اهْدَى عَلَى الْهَوَى ...» ، مِنْهَا : «حَتَّى تَقُومَ الحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاقٍ،بَادِياً نَوَاجِذْهَا، مَمْلُوءَةً أَخْلَافُهَا، حُلُوا رَضَاعُهَا ، عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا ، أَلَا وفِي غَدٍ - وَسَيَأْتِي غَدْ بِمَا لَا تَعْرِفُونَ - يَأْخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرِهَا عُمَّاهَا عَلَى مَسَاوِي أَعْمَاهِ-ا، وَتُخْرِجُ لَه الأَرْضُ أَفَالِيذَ كَبِدِهَا، وَتُلْقِيَ إِلَيْهِ سِلْماً مَقَالِيدَهَا(1) ...» ، مِنْهَا: «كَأَنِّي بِه قَدْ نَعَق بِالشّام، وَفَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ، فَعَطَفَ عَلَيْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ، وَفَرَشَ الأَرْضَ بِالرُّؤُوسِ، قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَثَقُلَتْ فِي الْأَرْضِ وَطأته، بَعِيدَ الْجُوْلَةِ، عَظِيمَ الصَّوْلَةِ، وَاللَّهُ لَيُشَرِّ دَنَّكُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا قَلِيلٌ كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ، فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّىٰ تَؤُوبَ إِلَى الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلَامِهَا، فَالْزَمُوا السُّنَنَ الْقَائِمَةَ وَالآثَارَ الْبَيِّنَةَ والْعَهْدَ الْقَريب الَّذِي عَلَيْهِ بَاقِي النُّبُوَّةِ ، واعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُسَنِّى لَكُمْ طُرُقَه لِتَتَّبِعُوا عَقِبه».(2)

إيضاح : لعلَّ أوَّل الكلام إشارة إلى ظهور القائم علیه السلام ، وكذا قوله : «وسيأتي غد» وما قبله، إلى الفترة التي تظهر قبل القائم علیه السلام...

ص: 47


1- وتمامها : (فَيُرِيكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ، وَيُحْيِي مَيِّتَ الْكِتَابِ والسُّنَّةِ)
2- نهج البلاغة (ص 195 و 196/ الخطبة 138)

قوله علیه السلام : «ألا وفي غد ، قال ابن أبي الحديد: (تمامه [قوله علیه السلام:](1) «يأخذ الوالي»، وبين الكلام جملة اعتراضية.... [و](2) قد كان تقدم ذكر طائفة من الناس كانت ذات ملك وافرة (3)، فذكر علیه السلام أن الوالي يعني القائم(4)يأخذ عُمال هذه الطائفة على سوء أعمالهم ، و (على) هاهنا متعلقة ب_(يأخذ)، وهي بمعنى يؤاخذ...، والأفاليذ: جمع أفلاذ، وهي جمع فلذة، وهي القطعة من الكبد، كناية عن الكنوز التي تظهر للقائم علیه السلام(5)، وقد فُسِّر قوله تعالى: «وَأَخْرَجَتِ الأَرضُ أَثْقالَهَا»[الزلزلة : 2] ، بذلك في بعض التفاسير).(6)

وقوله علیه السلام : «سلما» مصدر سد مسد الحال أو تمييز.

قوله علیه السلام : كأنّي به الظاهر أنه إشارة إلى السفياني...

بيانه في معنى: (ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا، أما إنّه لم يبق إلا الزمهرير من شتائم)

بحار الأنوار (ج 32/ ص 41 - 43/ ح - 27):

تفسير عليِّ بن إبراهيم : أَبي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) بَعْدَمَا بُويعَ لَهُ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ خُطْبَةً، فَقَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ لِكُلِّ حَقٌّ طَالِباً، وَلِكُلِّ دَم ثَائِراً، وَالطَّالِبُ (بِحَقِّنَا) كَقِيَّامِ الثَّائِرِ بِدِمَائِنَا، وَالْحَاكِمُ فِي حَقٌّ نَفْسِهِ هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَحِيفُ، وَالْحَاكِمُ الَّذِي لَا يَجورُ، وَهُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. وَاعْلَمُوا أَنَّ عَلَى كُلِّ شَارِعٍ بِدْعَةٍ وِزْرَهُ وَوِزْرَ كُلِّ مُقْتَدٍ

ص: 48


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- في المصدر: (وإمرة)
4- في المصدر : (يعني الإمام الذي يخلقه الله تعالى في آخر الزمان)
5- في المصدر : (للقائم بالأمر)
6- راجع شرح نهج البلاغة (ج 9 /ص 42 و 46)

بِهِ مِنْ بَعْدِهِ [إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ](1) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِ الْعَامِلِينَ شَيْئاً،وَسَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنَ الظُّلَمَةِ مَأْكَلٍ بِمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ بِمَشْرَبٍ مِنْ لُقَمِ الْعَلْقَمِ وَمَشَارِبِ الصَّبِرِ الْأَدْهَمِ ، فَلْيَشْرَبُوا الصُّلْبَ(2) مِنَ الرَّاحَ السَّمَّ المُذَاف (3)، وَلْيَلْبَسُوا دِثَارَ اَلْخَوْفِ دَهْراً طَوِيلاً، وَهُمْ بِكُلِّ مَا أَتَوْا وَعَمِلُوا مِنْ أَفَارِيقِ(4) اَلصَّبِرِ الْأَدْهَم فَوْقَ مَا أَتَوْا وَعَمِلُوا، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الزَّمْهَرِيرُ مِنْ شِتَائِهِمْ، وَمَا هُمْ مِنَ الصَّيْفِ إِلَّا رَقْدَةٌ، وَيَحْبِسُهُمْ مَا تَوَازَرُوا(5)وَجَمَعُوا عَلَى ظُهُورِهِمْ مِنَ الْآثَامِ. فَيَا مَطَايَا الْخَطَايَا وَيَا زَوْرَ الزَّوْرِ وَأَوْزَارَ الْآثَامِ مَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا، اِسْمَعُوا وَاعْقِلُوا وَتُوبُوا وَابْكُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَ_«سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»[الشعراء: 227] ...».(6)

إيضاح : ... لعلَّ المعنى أنَّ في قتلنا حقًا لنا وحقا الله تعالى حيث قتلوا حجته ووليه، والقائم يطلب حقنا، والله العادل يحكم في حقٌّ نفسه أنَّ على كل شارع بدعة وزره...

«إِلَّا الزمهرير من شتائهم أي لم يبقَ من شدائد الدنيا إلا ما أصابهم من تلك الشدَّة وليس لهم في ذلك أجر...

والحاصل أنه لم يبقَ لهم من راحة الدنيا إلّا راحة قليلة ذهبت عنهم...

ص: 49


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- في المصدر: (بالصب)
3- في المصدر : (المذاق)
4- في المصدر: (أفاويق)
5- في المصدر: (ويحهم ما تزوَّدوا)
6- تفسير القمي (ج 1 /ص384) ؛ وتتمَّة الحديث: «فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ لَتَحْمِلَنَّهَا بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ بَعْدِي، وَلَيَعْرِفُنَّهَا فِي دَارِ غَيْرِهِمْ عَمَّا قَلِيلٍ، فَلَا يُبَعدُ اللهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ وَعَلَى الْبَادِي (يَعْنِي الْأَوَّلَ) مَا سَهَّلَ لَهُمْ مِنْ سَبِيلِ اَلْخَطَايَا مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ وَ أَوْزَارِ كُلِّ مَنْ عَمِلَ بِوِزْرِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، «أَلا سَاءَ ما يَزِرُونَ»[الأنعام: 31]»

بيانه في معنى: (ابن خيرة الإماء، يسومهم خسفاً ...)

بحار الأنوار (ج 3 /ص 365 - 368 / 599):

كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ الثَّقَفِيُّ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ المَنْصُورِ بْنِ عُمَرَ(1)، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ .

وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرٌ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : خَطَبَ عَليٌّ علیه السلام بِالنَّهْرَوَانِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ: ... فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ : ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ هَذَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللهَ [تَعَالَى](2) يُفَرِّجُ الْفِتَنَ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ كَتَفْرِيج الأديم بِأَبِي إِبْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ ، يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةِ، فَلَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا اَلسَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً ...».(3)

ص: 50


1- في المصدر : (عمرو)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- الغارات (ج 1 /ص 1 - 13)؛ وتمام ما ذكره في البحار : كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ / الثَّقَفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانِ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ المَنْصُورِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ زِرّ بْنِ حُبَيْشٍ وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : خَطَبَ عَلِيٌّ اللام بِالنَّهْرَوَانِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ ، أَمَّا بَعْدُ، أَنَا فَقَأْتُ عَيْنَ الْفِتْنَةِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا غَيْرِي - وَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى : (لَمْ يَكُنْ لِيَفْقَأَهَا أَحَدٌ غَيْرِي) - ، وَلَوْ لَمْ أَكُ فِيكُمْ مَا قُوتِلَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَأَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَايْمُ الله لَوْلَا أَنْ تَتَّكِلُوا وَتَدَعُوا الْعَمَلَ حَدَّثْتُكُمْ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ الله مَنْ قَاتَلَهُمْ مُبْصِراً لِضَلَالَتِهِمْ، عَارِفاً لِلْهُدَى الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ». ثُمَّ قَالَ: «سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، إِنِّي مَيِّتُ أَوْ مَقْتُولٌ، بَلْ قَتْلاً، مَا يَنتَظِرُ أَشْقَاهَا أَنْ يَخْضِبَهَا مِنْ فَوْقِهَا بِدَمِ؟ - وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى خِيَتِهِ -. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونِّي عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّاعَةِ وَلَا عَنْ فِئَةٍ تُضِلُّ مِائَةَ أَوْ تَهْدِي مِائَةً إِلَّا نَبَّأْتُكُمْ بنَاعِقِهَا وَ سَائِقِهَا ». فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ: حَدِّثْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْبَلَاءِ. قَالَ: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ إِذَا سَأَلَ سَائِلٌ فَلْيَعْقِلْ، وَإِذَا سُئِلَ مَسْئُولٌ فَلْيَتَبَّتْ أَلَا وَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً أَتَتْكُمْ جَلَلاً مُزَوَّجاً وَبَلَاءَ مُكْلِحاً مُلِحًا، وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ أَنْ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي وَنَزَلَتْ بِكُمْ كَرَاهِيَةُ الْأُمُورِ وَحَقَائِقُ الْبَلَاءِ، لَقَدْ أَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ، وَفَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسْئُولِينَ، وَذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ وَشَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ، وَكَانَتِ الدُّنْيَا بَلَاءَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِي حَتَّىٰ يَفْتَحَ اللهُ لِبَقِيَّةِ اَلْأَبْرَارِ، فَانْصُرُوا أَقْوَاماً كَانُوا أَصْحَابَ رَايَاتٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ تُنْصَرُوا وَتُؤْجَرُوا، وَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَصْرَ عَكُمُ الْبَلِيَّةُ». فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثْنَا عَنِ الْفِتَنِ. قَالَ: «إِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ ، وَإِذَا أَدْبَرَتِ اسْتَقَرَّتْ، يُشْبِهُنَ مُقْبِلَاتٍ وَيُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ، إِنَّ الْفِتَنَ تَحُومُ كَالرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً، وَيُخْطِعْنَ أُخْرَى أَلَا إِنَّ [أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةٌ بَنِي أُمَيَّةَ، إِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ مُطَيَّنَةٌ، عَمَّتْ فِيْتُهَا وَخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا، وَأَصَابَ الْبَلاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا وَأَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا، يَظْهَرُ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقَّهَا حَتَّى تُمْلَأَ الْأَرْضُ عُدْوَاناً وَظُلْماً وَبِدَعاً. أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يَضَعُ جَبَرُوتَهَا وَيَكْسِرُ عَمَدَهَا وَيَنْزِعُ أَوْتَادَهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَايْمُ الله لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَيَّةَ أَرْبَابَ سَوْءٍ لَكُمْ بَعْدِي كَالنَّابِ الضَّرُوسِ تَعَضُّ بِفِيهَا وَتَخْبِطُ بِيَدَيْهَا وَتَضْرِبُ بِرِجْلَيْهَا وَتَتَنَعُ دَرَّهَا، لَا يَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّى لَا يَتْرُكُوا فِي مِصْرِكُمْ إِلَّا تَابِعاً لَهُمْ أَوْ غَيْرَ ضَارٍ، وَلَا يَزَالُ بَلاؤُهُمْ بِكُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلَ انْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ إِذَا رَآهُ أَطَاعَهُ وَإِذَا تَوَارَى عَنْهُ شَتَمَهُ. وَأَيْمُ الله لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ جَمَعَكُمُ اللهُ لِشَرِّ يَوْمٍ هُمْ. أَلَا إِنَّ مِنْ بَعْدِي جُمَاعَ شَتَّى ، أَلَا إِنَّ قِبْلَتَكُمْ وَاحِدَةٌ، وَحَجَّكُمْ وَاحِدٌ، وَعُمْرَتَكُمْ وَاحِدَةٌ، وَالْقُلُوبَ مُختلِفَةٌ - ثُمَّ أَدْخَلَ [علیه السلام] أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ-». فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ: «هَذَا هَكَذَا، يَقْتُلُ هَذَا هَذَا وَيَقْتُلُ هَذَا هَذَا، قِطَعاً جَاهِلِيَّةً لَيْسَ فِيهَا هُدًى وَلَا عَلَمْ يُرَى، نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ، وَلَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ». فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا نَصْنَعُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: «أَنْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا، وَإِنِ اسْتَصْرَ خُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ تُؤْجَرُوا ، وَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَصْرَ عَكُمُ الْبَلِيَّةُ». فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ هَذَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ يُفَرِّجُ الْفِتَنَ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ كَتَفْرِيحِ الْأَدِيمِ، بِأَبِي اِبْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ، يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ، فَلَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً، يَضَعُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَدَّتْ قُرَيْسٍ عِنْدَ ذَلِكَ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنِي مَقَاماً وَاحِداً قَدْرَ حَلْبٍ شَاةٍ أَوْ جَزْرِ جَزُورٍ، لأَقْبَلَ مِنْهُمْ بَعْضَ الَّذِي يَرُدُّ عَلَيْهِمْ ، حَتَّى تَقُولُ قُرَيْضٌ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا، فَيُغْرِيهِ اللهُ ببَنِي أُمَيَّةَ، فَيَجْعَلُهُمْ «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا [أُخِذُوا] وَقُتَّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً»[الأحزاب: 61 و 62]»

ص: 51

بیان: (الجلل) محرَّكة: الأمر العظيم.

مزوجاً): أي مقروناً بمثله.

و(الكلوح): العبوس، يقال: كلح وأكلح.

و(قلصت) بالتشديد أي انضمت واجتمعت وبالتخفيف أي كثر وتزايدت من قلصت البئر ) إذا ارتفع ماؤها.

و(شمَّرت عن ساق): أي كشفت عن شدة.

و(حام الطائر وغيره حول الشيء): دار.

(مطيَّنة) : أي مخفيَّة.

و(الناب): الناقة المسنة.

و(الضروس): السيئة الخلق تعضُّ حالبها.

و(جماع الناس) كرمان: أخلاطهم من قبائل شتى، وكلما تجمع وانض--م بعضه إلى بعض.

و(لبَّد) كنصر وفرح أقام ولزق.

كتفريج الأديم: أي الجلد عن اللحم.

و (ابن خيرة الإماء) القائم علیه السلام.

(يسومهم خسفاً) أي يُولّيهم ذلَّا.

و(كأس مصبّرة ممزوجة بالصُّبّر.

ص: 52

وفي النهاية: فيه بين يدي الساعة هرج أي قتال واختلاط...، وأصل الهرج : الكثرة في الشيء والاتِّساع).(1)

بيانه في معنى (لشرِّ يوم)

بحار الأنوار (ج 34 /ص 107 و 108/ ح 947):

نهج مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِي خِطَابِ أَصْحَابِهِ : «وقَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ الله [تَعَالَى لَكُمْ](2) مَنْزِلَةٌ تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ، وَتُوصَلُ بِهَا جِيرَانُكُمْ، وَيُفَظَلُكُمْ(3) مَنْ لَا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَدَ لَكُمْ عِنْدَه، ويَهَابُكُمْ مَنْ لَا يَخَافُ لَكُمْ سَطوَةً وَلَا لَكُمْ عَلَيْهِ إِمْرَةٌ، وَقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللهُ مَنْقُوضَةً فَلَا تَغْضَبُونَ، وَأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْتَفُونَ. وَكَانَتْ أُمُورُ الله عَلَيْكُمْ تَرِدُ ، وَعَنْكُمْ تَصْدُرُ، وَإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ، فَمَكَّنْتُم الظُّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ، وَأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ أَزِمَّتَكُمْ، وَأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللهِ فِي أَيْدِيهِمْ يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ، وَيَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ. وآيمُ الله لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُل كَوْكَبٍ جَمَعَكُمُ اللهُ لِشَرِّ يَوْمٍ لَهُمْ».(4)

بيان (الوصل): ضدِّ القطع والهجران.

[والمراد من قوله]: (جيرانكم) : أي أهل الذمة والمعاهدين، ويحتمل المجاورين في المسكن.

قوله علیه السلام : «من لا فضل لكم عليه كتعظيم الروم والحبشة مسلمي العرب.

قوله علیه السلام : «من لا يخاف لكم سطوة»: كالملوك في أقاصي البلاد، لما شاع

ص: 53


1- النهاية لابن الأثير (ج 5 /ص 257)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- في المصدر: (ويُعمكم)
4- نهج البلاغة (ص 154/ الخطبة 106)

وذاع من أنَّهم قوم صالحون ، إذا دعوا الله استجاب لهم، وينصرهم بملائكته كما قيل

قوله علیه السلام : «وأنتم» الواو للحال.

و(الذمة): العهد والأمان والضمان والحرمة والحقُّ.

و(أنف) كفرح: استنكف.

والغرض توبيخهم على تركهم إنكار المنكرات.

والمراد بنقض العهود ما ظهر من الناكثين والقاسطين والمارقين وغيرهم من نقض البيعة وقتل المسلمين والإغارة عليهم، ولا ريب أن السكوت عن إنكار تلك المنكرات مع الاستنكاف عن نقض ذمم الآباء يدلُّ على أنَّ عهود الله أضعف عندهم من عهود آبائهم، وهو في حدِّ الكفر.

[ قوله علیه السلام]: « وكانت أُمور الله عليكم ترد»: أي وأنتم المخاطبون بالأوامر والنواهي، أو كنتم قبل ذلك في أيام الرسول الله صلی الله علیه و آله سلم، موارد أُمور الله ومصادرها، مطيعين له منكرين للمنكرات.

وكأنَّ المراد ب_(الورود السؤال، وب_(الصدور) الجواب، وب_(الرجوع) التحاكم.

ويمكن تعميم الورود والصدور، فالمراد بالرجوع رجوع النفع والضر في الدارين.

وقيل : أي «كانت أمور الله عليكم ترد»: أي بتعليمي لكم، و«عنكم تصدر» إلى من تُعلَّمونه إيَّاها ، ثمّ «إليكم ترجع» بأنْ يتعلّمها بنوكم وإخوتكم منهم.

قوله : «الشر يوم»: أي يوم ظهور المسودة، أو خروج المهدي علیه السلام.

والجمع : في الرجعة، أو المراد جمع صنفهم.

ص: 54

بيانه في معنى: (فأنا فقأت عين الفتة...، ما أطلب اليوم بعضه وفيه إيضاح عن ابن أبي الحديد في المهدي علیه السلام)

بحار الأنوار (ج 34 /ص 116 - 123 / ح 951):

نهج : [وَ] مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام : «أَمَّا بَعْدَ [حَمدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ] (1)أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنِّي فَقَأْتُ عَيْنَ الْفِتْنَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا واشْتَدَّ كَلَبُهَا، فَاسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وبَيْنَ السَّاعَةِ وَلَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِائَةً وتُضِلُّ مِائَةٌ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا وَمُنَاخ رِكَاتِهَا وَحَطَّ رِحَالِهَا وَمَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلًا وَمَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً. وَلَوْ قَذَ فَقَدْتُمُونِي وَنَزَلَتْ [بِكُمْ (خ)] كَرَائِهِ الأُمُورِ وَحَوَازِبُ الخُطُوبِ لأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ، وَفَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسْئُولِينَ، وَذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ، وَشَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ، وَضَاقَتِ [وكانت (خ)] الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ

ضِيقاً تَسْتَطِيلُونَ مَعَه أَيَّامَ الْبَلَاءِ عَلَيْكُمْ ، حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ لِبَقِيَّةِ الأَبْرَارِ مِنْكُمْ.

[أَلَا](2) إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ، يُنْكَرْنَ مُقْبِلَاتٍ وَيُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ، يَحُمْنَ حَوْمَ الرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَيُخْطِعْنَ بَلَداً، أَلَا [وَ] إِنَّ أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةٌ بَنِي أُمَيَّةَ ، فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ، عَمَّتْ خُطَّتُهَا، وَخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا، وَأَصَابَ الْبَلاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا، وَأَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا.

وَاَيْمُ الله لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِي، كَالنَّابِ الضَّرُوسِ، تَعْدِمُ بِفِيهَا ، وَتَخْبِطُ بِيَدِهَا ، وَتَزْيِنُ بِرِجْلِهَا، وَتَمْنَعُ دَرَّهَا. لَا يَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّى لَا يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلَّا نَافِعاً هُمْ، أَوْ غَيْرَ ضَائِرِ بِهِمْ. وَلَا يَزَالُ بَلَاؤُهُمْ [عَنْكُمْ](3)

ص: 55


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- ما بين المعقوفتين من المصدر

حَتَّى لَا يَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلَ انْتِصَارِ(1)الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ وَالصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ، تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَحْشِيَّةً، وقِطَعاً جَاهِلِيَّةً، لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدًى وَلَا عَلَمٌ يُرَى - نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ، وَلَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ.

ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللهُ عَنْكُمْ كَتَفْرِيحِ الأَدِيمِ، بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَيَسُوقُهُمْ عُنْفاً، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ، لَا يَعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يُخْلِسُهُمْ إِلَّا الْخَوْفَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْسٍ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنِي [يرونني (خ)] مَقَاماً وَاحِداً وَلَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ ، لأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْيَوْمَ بَعْضَه فَلَا يُعْطُونَنِي(2)». (3)

إيضاح: قال ابن أبي الحديد (هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السيرة،وهي متداولة منقولة مستفيضة، خطب بها علي علیه السلام بعد انقضاء أمر النهروان، وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي) .

ثم ذكر بعض الألفاظ المتروكة: (... ومنها : فَانْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ لَبَدُوا فَالْبَدُوا، وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ، فَلِيَفْر جَنَّ الله [الْفِتْنَةَ](4) بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، بِأَبِي ابْن خِيَرَةِ الْإِمَاءِ، لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً، مَوْضُوعاً عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ ، حَتَّى تَقُولَ قُرَيْضٌ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا، يُغْرِيهِ اللهُ بِبَني أُمَيَّةَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ حُطَاماً وَرُفَاتاً، «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتَلُوا تَقْتِيلاً»«سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً». [الأحزاب: 61 و 62]).

ثمّ قال [ابن أبي الحديد]: فإن قيل : فمن هذا الرجل الموعود به...؟!

ص: 56


1- في المصدر : (إِلَّا كانتصار)
2- في المصدر: (يُعطوننيه)
3- نهج البلاغة (ص 137 و 138/ الخطبة 93)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر

قيل : أمَّا الإماميَّة فيزعمون أنَّه إمامهم الثاني عشر، وأنه ابن أمة اسمها نرجس. وأما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يُولد في مستقبل الزمان، لأُمّ ولد وليس بموجود الآن.

فإن قيل : فمن يكون من بني أُميَّة في ذلك الوقت موجوداً حتّى ينتقم منهم ...؟(1)

قيل : أما الإمامية فتقول بالرجعة، ويزعمون أنه سيُعاد قوم بأعيانهم من بني أميّة وغيرهم، إذا ظهر إمامهم المنتظر ، وأنه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم، ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوماً آخرين، وينتقم من أعداء آل محمد غلیهم السلام المتقدمين [منهم](2) والمتأخِّرين. وأما أصحابنا فيزعمون أنه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلاً من ولد فاطمة سلام الله علیها .... يستولي على السفياني وأشياعه من بني أمية).(3)

قال: (فإن قيل : لماذا خصَّ أهل الجمل وأهل النهروان بالذكر، ولم يذكر [أهل](4) صفِّين؟

قيل : لأنَّ الشبهة كانت في أهل الجمل وأهل النهروان ظاهرة الالتباس.... أما أهل الجمل ف الحسن ظنّهم بطلحة والزبير، وكون عائشة زوجة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم معهم.

وأمَّا أهل النهروان، فكانوا أهل قرآن وعبادة واجتهاد، وعزوف عن الدنيا ... ، وهم كانوا قُرّاء [أهل](5) العراق وزُهّادها.

ص: 57


1- في المصدر : (حتّى يقول ليلا في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- في المصدر: (يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أُميّة، وهو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن أُميَّة، وأنَّ الإمام الفاطمي يقتله ويقتل أشياعه من بني أُميَّة)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
5- ما بين المعقوفتين من المصدر

وأمَّا معاوية، فكان فاسقاً مشهوراً بقلَّة الدِّين والانحراف عن الإسلام، وكذلك ناصره ومظاهره على أمره عمرو بن العاص ومن اتبعهما من طغام أهل الشام وأجلافهم وجُهّال الأعراب، فلم يكن أمرهم خافياً في جواز قتالهم ومحاربتهم)(1) انتهى.

ولعلّ المراد ب_(بقيَّة الأبرار)، أولادهم وإن لم يكونوا أبراراً في أنفسهم ، إن كان [ الكلام] إشارة إلى دولة بني العباس، والأظهر أنَّه [علیه السلام] أراد القائم ...علیه السلام

قوله علیه السلام : «ما أطلب اليوم بعضه» أي الطاعة والانقياد، أي يتمنون أن يروني فيطيعوني إطاعة كاملة، وقد رضيت منهم اليوم بأن يطيعوني إطاعة ناقصة فلم يقبلوا.

وقد روي في [كُتُب] السِّير : أنَّ مروان بن محمد وهو آخر ملوك بني أُميّة، قال يوم الزابِّ - لما شاهد عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس بإزائه في صفّ خراسان - : (لوددت أنَّ عليَّ بن أبي طالب تحت هذه الراية بدلاً من هذا الفتى).(2)

ويحتمل أن يكون التمني عند قيام القائم علیه السلام

بيانه في معنى: (قد لبس للحكمة جنّتها)

بحار الأنوار (ج 34 /ص 124 - 131 / ح 953):

نهج : مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام : رُوِيَ عَنْ نَوْفٍ اَلْبَكَالِيُّ، قَالَ: خَطَبَنَا [بِ__] هَذِهِ اَلْخُطْبَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [علیه السلام] وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى حِجَارَةٍ نَصَبَهَا لَهُ جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ اَلمَخْرُومِيُّ، وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ، وَحَمَائِلُ سَيْفِهِ لِيفٌ [مِنْ لِيفٍ (خ)]، وَفِي

ص: 58


1- راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 2 /ص 57 - 60 )
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 7/ ص 57)

رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ لِيفٍ، وَكَأَنَّ جَبِينَهُ ثَفِنَهُ بَعِيرِ، فَقَالَ:... [وَ]مِنْهَا: «أُوصِيكُمْ عِبَادَ الله بِتَقْوَى الله، الَّذِي أَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمُ المَعَاشَ ، وَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إِلَى الْبَقَاءِ سُلَّاً أَوْ لِدَفْعِ المَوْتِ سَبِيلًا، لَكَانَ ذَلِكَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ [علیه السلام] الَّذِي سُخَّرَ لَه مُلْكُ الْجِنَّ وَالإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَعَظِيمِ الزُّلْفَةِ، فَلَمَّا اسْتَوْفَى طُعْمَتَه، وَاسْتَكْمَلَ مُدَّتَه، رَمَتْه قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ المَوْتِ ، وَأَصْبَحَتِ الدِّيَارُ مِنْه خَالِيَةٌ، وَالمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةٌ، وَوَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ.

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً، أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وأَبْنَاءُ الْعَالِقَةِ؟ أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وَأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ؟ أَيْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسُ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ وَأَطْفَتُوا سُنَنَ المُرْسَلِينَ وَأَحْيَوْا سُنَنَ الجَبَّارِينَ؟ أَيْنَ الَّذِينَ سَارُوا بِالْجُيُوشِ وَهَزَمُوا الأُلُوفَ وَعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ وَمَدَّنُوا المَدَائِنَ».

[وَ]مِنْهَا: «قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا، وَأَخَذَهَا بِجَمِيعِ أَدَبِهَا مِنَ الإِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالمَعْرِفَةِ بِهَا، وَالتَّفَرُّعَ لَهَا، فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِه ضَالَّته الَّتِي يَطْلُبُهَا، وَحَاجَتُه الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا، فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ الإِسْلَامُ، وَضَرَبَ بِعَسِيبٍ ذَنَبِه، وَأَلْصَقَ الأَرْضَ بِجِرَانِه بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِه، خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ أَنْبِيَائِه ...».(1)

تبيان ... وقال [ابن الأثير] في [كتاب] (النهاية) (الرياش والريش ما ظهر من اللباس وقيل : الرياش جمع الريش ويقع الرياش على الخصب والمعاش والمال المستفاد).(2)

و (أسبغ) : أي أكمل وأوسع.

و (المعاش) و (المعيشة) : مكسب الإنسان الذي يعيش به.

و (السُّلَّم کسُكَّر : ما يُرتقى عليه، واستُعمل هنا في الوسيلة.

ص: 59


1- نهج البلاغة (ص 260 - 264/ الخطبة 182)
2- راجع النهاية لابن الأثير (ج 2 /ص 288)

وكون النبوَّة والزلفة - أي القرب والمنزلة - من الوسائل إلى البقاء، لاستجابة الدعاء معهما، فهما مظنتان للتوصل إلى البقاء في الباطن، كما أنَّ السلطنة الكاملة مظنَّة لأن تكون وسيلة إليه في الظاهر.

و (الطعمة): الرزق المقدَّر.

و (القسي): جمع القوس.

و (النبل): السهام العربيَّة، لا واحد من لفظها.

وقال ابن أبي الحديد: (نبال الموت أسبابه).(1)

والإضافة البيانية للمبالغة بعيدة.

و (العمالقة ) : أولاد عمليق أو عملاق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح.

و (الفراعنة) : ملوك مصر .

وقد مضى ذكر أصحاب الرس.(2)

و (عسكروا [العساكر]) : أي جمعوها .

و (مدَّنوا المدائن) : أي بنوها .

قوله علیه السلام : «قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا»: إشارة إلى القائم علیه السلام كما ذكره ابن أبي الحديد نقلاً عن الإمامية.(3)

و (التفرُّغ لها) : أي عن العلائق والشواغل .

قوله علیه السلام : «ضالَّته» إشارة إلى قوله : «الحكمة ضالة المؤمن».(4)

ص: 60


1- لم نجده في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد؛ ولكن في شرح ابن میثم (ج 3 /ص 390): (والنبال استعارة لمرامي الأمراض وأسبابها التي هي نبال الموت)
2- بحار الأنوار (ج 14 /ص 148 قصَّة أصحاب الرس وحنظلة)
3- راجع شهر نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 10 /ص 96)
4- عوالي اللئالي (ج 4 /ص 1/ ح 82)؛ ورواه الكليني في الكافي (ج 8/ ص 167/ ح 168) عن أبي عبد الله

قوله علیه السلام: «فهو مغترب أي هذا الشخص يخفي نفسه ويحملها إذا ظهر الفسق والجور واغترب الإسلام باغتراب العدل والصلاح، وهو إشارة إلى غيبة القائم علیه السلام ...

بيانه في معنى: (العدّة)

بحار الأنوار (ج 34 ص 211 - 214 / ح 989):

نهج : [وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ [علیه السلام] فِي المَلَاحِم: «أَلَا بِأَبِي وَأُمِّي [هُمْ](1) مِنْ عِدَّةٍ أَسْمَاؤُهُمْ فِي السَّمَاءِ مَعْرُوفَةٌ وَفِي الْأَرْضِ جَهُولَةٌ. أَلَا فَتَوَفَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ وَانْقِطَاعِ يُصَلِكُمْ واسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ، ذَاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَهْوَنَ مِنَ الدَّرْهَمِ مِنْ حِلَّه، ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ المُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ الْمُعْطِي، ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ غَيْرِ شَرَابٍ، بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ وَالنَّعِيمِ، وَتَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ، وَتَكْذِبُونَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجِ، ذَاكَ إِذَا عَضَكُمُ الْبَلَاةَ كَمَا يَعَضُّ الْقَتَبُ غَارِبَ الْبَعِيرِ ، مَا أَطْوَلَ هَذَا الْعَنَاءَ وأَبْعَدَ هَذَا الرَّجَاءَ.

أَيُّهَا النَّاسُ، أَلْقُوا هَذِهِ الأَزِمَّةَ الَّتِي تَحْمِلُ ظُهُورُهَا الأَنْقَالَ مِنْ أَيْدِيكُمْ، وَلَا تَصَدَّعُوا عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذْمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ، وَلَا تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ الْفِتْنَةِ، وَأَمِيطُوا عَنْ سَنَيْهَا وَخَلُّوا قَصْدَ السَّبِيلِ لَهَا، فَقَدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي هَبِهَا المُؤْمِنُ وَيَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ المُسْلِم.

إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاج فِي الظُّلْمَةِ، يَسْتَضِيءُ بِه مَنْ وَجَهَا، فَاسْمَعُوا أَيُّهَا النَّاسُ وَعُوا وَأَحْضِرُ وا أَذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا».(2)

إيضاح: قال ابن أبي الحديد (قالت الإمامية : هذه العدة هم الأئمَّة الأحد

ص: 61


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- نهج البلاغة (ص 277 و 278/ الخطبة 187)

عشر من ولده علیه السلام . وقال غيرهم: إنَّه عنى الأبدال الذين ه-م أولياء الله(1) انتهى.

[أقول]: وظاهر أنَّ ذكر انتظار فرج الشيعة - كما اعترف به بعد هذا((2) - لا ارتباط له بحكاية الأبدال.

وأمَّا كون أسمائهم في الأرض مجهولة، فلعل المراد به أنَّ أكثر الناس لا يعرفون قدرهم ومنزلتهم، فلا ينافي معرفة الخواص لهم وإن كانوا أيضاً لا يعرفونهم حقّ معرفتهم. أو أراد به جهالة أسمائهم في وقت إيراد [هذا ] الكلام والتخصيص في الاحتمال الأخير أقل منه في الأوّل.

قوله علیه السلام : «وَانْقِطَاعِ يُصَلِكُمْ جمع وصلة، أي تفرُّق أُموركم المنتظمة.

والمراد باستعمال الصغار تقديمهم على المشايخ وأرباب التجارب في الأعمال والولايات.

قوله علیه السلام : «حَيْثُ يَكُونُ المُعْطَى» على بناء المجهول «أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ المُعْطِي على بناء الفاعل، لأنَّ أكثر الأموال في ذلك الزمان يكون من الحرام، وأيضاً لا يعطونها على الوجه المأمور به [بل] للأغراض الفاسدة. وأمَّا المعطى فلما كان فقيراً يأخذ المال لسدّ خلَّته، لا يلزمه البحث عن المال وحلّه وحرمته، فكان أعظم أجراً من المعطي. وقيل: لأنَّ صاحب المال لما كان يصرفه في أغلب الأحوال في الفساد، فإذا أخذه الفقير فقد فوّت عليه صرفه في القبائح، فقد كفَّه بأخذ المال من ارتكاب القبيح(3) . ولا يخلو من بعد.

والنعمة - بالفتح -: غضارة العيش. وفي بعض النُّسَخ بالكسر : أي الخفض والدعة والمال.

ص: 62


1- راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 13 /ص 96)
2- راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 13 /ص 97)
3- راجع المصدر السابق

قوله علیه السلام : «مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجٍ» أي من غير اضطرار إلى الكذب، وروي بالواو.

قوله علیه السلام : «إِذَا عَضَّكُمُ الْبَلَاءُ»، يقال: عزّ اللقمة - كسمع ومنع - : أي أمسكها بأسنانه، وعضَّ بصاحبه أي لزمه وعضَّ الزمان والحرب: شدَّتها.

والقَتَب - بالتحريك - معروف.

والغارب : ما بين العنق والسنام.

وقال ابن أبي الحديد : (هذا الكلام غير متّصل بما قبله كما هو عادة الرضي.... وقد [كان علیه السلام] ذكر بين ذلك ما ينال من شيعته من البؤس والقنوط ومشقة انتظار الفرج . [و] قوله علیه السلام : «مَا أَطْوَلَ هَذَا الْعَنَاءَ وأَبْعَدَ هَذَا الرَّجَاءَ» حكاية كلام شيعته علیه السلام)(1)انتهى .

فيكون المراد بالرجاء رجاء ظهور القائم علیه السلام.

وقال ابن ميثم: ( ويحتمل أن يكون الكلام متصلاً، ويكون قوله علیه السلام : «مَا أَطْوَلَ هَذَا الْعَنَاءَ» كلاماً مستأنفاً في معنى التوبيخ لهم على إعراضهم عنه وإقبالهم على الدنيا وإتعابهم أنفسهم في طلبها، وتنفير لهم عنها بذكر طول العناء في طلبها وبعد الرجاء لما يُرجى منها)(2)

قوله ليلا : «ألقوا» أي ألقوا من أيديكم أزمة الآراء الفاسدة والأعمال الكاسدة التي هي كالنوق والمراكب في حمل التبعات والآثام.

«وَلَا تَصَدَّعُوا» أَي لا تتفرَّقوا.

والسلطان الأمير والإمام.

وغبُّ كلِّ شيء: عاقبته.

ص: 63


1- راجع: المصدر السابق
2- شرح نهج البلاغة لابن ميثم (ج 4 / ص 185 و 186)

وفور نار الفتنة وهجها وغليانها.

و«أَمِيطُوا» أي تنخوا.

والسُّنَن: الطريقة.

قوله علیه السلام : «وَخَلَّوا» أي دعوها تسلك طريقها ولا تتعرّضوا لها تكونوا حبطاً(1)لنارها.

بيانه في معنى: (من يجمعكم، الصنائع)

بحار الأنوار (ج 34 /ص 214 - 219 / ح 990):

نهج : [وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام]: «الْحَمْدُ لله النَّاشِرِ فِي الْخَلْقِ فَضْلَه، وَالْبَاسِطِ فِيهِمْ بِالجُودِ يَدَه، نَحْمَدُه فِي جَميع أُمُورِه ، وَنَسْتَعِينُه عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِه ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه غَيْرُه، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُولُه ، أَرْسَلَه بِأَمْرِهِ صَادِعاً وَبِذِكْرِه نَاطِقاً، فَأَدَّى أَمِيناً ومَضَى رَشِيداً ، وَخَلَّفَ فِينَا رَايَةَ الْحَقِّ مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا زَهَقَ وَمَنْ لَزِمَهَا حَقَ . دَلِيلُهَا مَكِيثُ الْكَلَام بَطِيءُ الْقِيَامِ سَرِيعُ إِذَا قَامَ، فَإِذَا أَنتُمْ لَه رِقَابَكُمْ وَأَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِكُمْ جَاءَهُ الْمَوْتُ فَذَهَبَ بِهِ، فَلَبِثْتُمْ بَعْ-دَه مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللَّهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ وَيَضُمُّ نَشْرَكُمْ، فَلَا تَطْمَعُوا فِي غَيْرِ مُقْبِلِ، وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ مُدْبِرٍ، فَإِنَّ المُدْبِرَ عَسَى أَنْ تَزِلَّ بِهِ إِحْدَى قَائِمَتَيْهِ، وَتَثْبُتَ الأُخْرَى فَتَرْجِعَا حَتَّى تَثْبُنَا جَمِيعاً.

أَلَا إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّد صلی الله علیه و آله وسلم كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ إِذَا خَوَىٰ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ ، فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ الله فِيكُمُ الصَّنَائِعُ، وَأَرَاكُمْ مَا كُنتُمْ تَأْمُلُونَ».(2) (2)

توضيح: (النشر) : التفريق والبسط .

ص: 64


1- كذا في البحار؛ ولعله أنَّه مصحَّف (حطاً)
2- نهج البلاغة (ص 145 و 146 / الخطبة 100)

و (بسط اليد) : كناية عن العطاء ، وقيل : اليد هنا النعمة.

(في جميع أموره): أي ما صدر منه من النعم والبلايا.

و (رعاية حقوق الله): شكره وطاعته.

[قوله علیه السلام]: بأمره صادعاً»: أي مظهراً مجاهراً.

و (الرشد): إصابة الصواب، وقيل: الاستقامة على طريق الحقِّ مع تصلُّب فیه.

و (راية الحقِّ): الثقلان المخلّفان.

و (مرق السهم من الرمية): إذا خرج عن المرمي به، والمراد هنا خروج من تقدمها ولم يعتد بها من الدين.

و (زهق) الشيء كمنع بطل وهلك.

واللحوق : إصابة الحقِّ.

وأراد بالدليل نفسه علیه السلام ، والضمير راجع إلى الراية.

[و] (مكيث الكلام) أي بطيئه، أي لا يتكلم من غير رويَّة.

و (بطئ القيام) كناية عن ترك العجلة والطيش .

و (إلانة الرقاب): كناية عن الإطاعة.

والإشارة بالأصابع [كناية] عن التعظيم والإجلال.

قال ابن أبي الحديد: (نُقِلَ أنَّ أهل العراق لم يكونوا أشدّ اجتماعاً عليه من الشهر الذي قُتِلَ علال فيه، اجتمع له مائة ألف سيف، وأخرج مقدمت-ه ي-ري-د الشام، فضربه اللعين وانفضت تلك الجموع كالغنم فقدت رعاتها).(1)

وأشار [علیه السلام] بمن يجمعهم إلى المهدي علیه السلام.

و (النشر): المنشور التفرُّق .

ص: 65


1- راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 7 /ص 93 و 94)

قوله : «فلا تطمعوا» أي من لم يقبل على طلب هذا الأمر ممَّن هو أهله فلا تطمعوا فيه، فإنّ ذلك لاختلال بعض شرائط الطلب، كما كان شأن أكثر أئمَّتنا علیه السلام.

وقيل: أراد بغير المقبل: من انحرف عن الدين بارتكاب منكر، فإنَّه لا يجوز الطمع في أن يكون أميراً لكم.

وفي بعض النُّسَخ : «فلا تطعنوا في عين»: أي من أقبل على هذا الأمر من أهل البيت فلا تدفعوه عما يريد.

وقوله [علیه السلام]: «ولا تيأسوا» أي من أدبر عن طلب الخلافة ممن هو أهل لها فلا تيأسوا من عوده وإقباله على الطلب، فإنَّ إدباره يكون لفقد بعض

الشروط كقلَّة الناصر .

وزوال إحدى القائمتين كناية عن اختلال بعض الشروط، وثبات الأُخرى [كناية] عن وجود بعضها.

وقوله: «فيرجعان حتّى يثبتا»: [كناية ] عن استكمال الشرائط، ولا ينافي النهي عن الإياس النهي عن الطمع، لأنَّ عدم اليأس هو التجويز، والطمع فوق التجويز. أو لأنّ النهي عن الطمع في حال عدم الشروط والإعراض عن الطلب لذلك، والنهي عن الإياس لجواز حصول الشرائط.

وقيل [في تفسير قوله علیه السلام]: «ولا تيأسوا من مدبر» أي إذا ذهب من بينكم إمام وخلفه إمام آخر فاضطرب أمره، فلا تشكوا فيهم، فإنَّ المضطرب الأمر سينتظم أُموره. وحينئذ يكون قوله علیه السلام : «أَلَا إنَّ مثل آل محمد صلی الله علیه و آله وسلم» كالبيان لهذا.

[قوله علیه السلام]: «إذا خوى نجم» أي مال للمغيب.

و(الصنائع): جمع صنيعة وهي الإحسان، أي لا تيأسوا عسى أن يأتي الله

ص: 66

بالفرج عن قريب، والمتحقق الوقوع قريب وإن كان بعيداً. ويمكن أن يكون [أراد] إراءة المخاطبين ما يأملون في الرجعة.

بيانه في معنى: (الأمر)

بحار الأنوار (ج 34 /ص 214 - 219/ ح 991):

نهج : [وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام] : «أَيُّهَا الْغَافِلُونَ(1)غَيْرُ المَغْفُولِ عَنْهُمْ، وَالتَّارِكُونَ المَأْخُوذُ مِنْهُمْ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ اللَّهِ ذَاهِبِينَ وَإِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ؟! كَأَنَّكُمْ نَعَمْ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعَى وَبِيٍّ ومَشْرَب دَوِيٌّ،[و] إِنَّمَا هِيَ كَالمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى، لَا تَعْرِفُ مَا ذَا يُرَادُ بِهَا، إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا وَشِبَعَهَا أَمْرَهَا.وَالله لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَخْرَجِه وَمَوْجِهِ وَجَمِيعِ شَأْنِهِ لَفَعَلْتُ، وَلَكِنَّ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِي بِرَسُولِ الله الله ، ألا وإِنِّي مُفْضِيهِ إِلَى الْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْه، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ وَاصْطَفَاهَ عَلَى الْخَلْقِ، مَا أَنْطِقُ إِلَّا صَادِقاً، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِذَلِكَ كُلَّهُ وَبِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ وَمَنْجَى مَنْ يَنْجُو وَمَالِ هَذَا الْأَمْرِ، وَمَا أَبْقَىٰ شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي إِلَّا أَفْرَغَهُ فِي أُذُنَيَ وَأَفْضَى بِهِ إِلَيَّ. أَيُّهَا النَّاسُ، [إِنِّي](2) وَالله مَا أَحُثُّکُم عَلَى طَاعَةٍ إِلَّا وَأَسْقُكُمْ إِلَيْهَا، وَلَا أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلَّا وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا».(3)

بیان [قوله علیه السلام]: «أيُّها الغافلون»: الظاهر أنَّ الخطاب لعامة المكلَّفين، أي الذين غفلوا عما يُراد بهم ومنهم [وهم] غير المغفول عنهم، فإنَّ أعمالهم محفوظة مكتوبة.

[قوله]: «والتاركون»: أي لما أمروا به المأخوذ منهم بانتقاص أعمارهم وقواهم واستلاب أحبابهم وأموالهم.

ص: 67


1- في المصدر : (الناس)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- نهج البلاغة (ص 250 /الخطبة 175)

و(الذهاب عن الله) التوجُّه إلى غيره والإعراض عن جنابه.

و(النَّعَم) بالتحريك : جمع لا واحد له من لفظه، وأكثر ما يقع على الإبل.

[قوله علیه السلام] : «أراح بها سائم»: شبههم بالنَّعَم التي تتبع نَعَماً أُخرى.

(سائمة): أي راعية.

وإنما قال ذلك لأنّها إذا اتبعت أمثالها كان أبلغ في ضرب المثل بجهلها من الإبل التي يسيمها راعيها.

وما يظهر من كلام ابن ميثم من أنَّ السائم بمعنى الراعي(1)، ففه ما لا يخفى.

و (المرعى الوبئ) : ذو الوباء والمرض، وأصله الهمز.

و(الدوي): ذو الداء، والأصل في الدوي دوي - بالتخفيف - ولكنَّه شُدِّد للازدواج . قال الجوهري : رجل دو - بكسر الواو -: أي فاسد الجوف من داء).(2)

و (المدى) بالضمِّ: جمع مدية، وهي السكين.

قوله : «تحسب يومها»: أي تظنُّ أنَّ ذلك العلف كما هو حاصل لها في هذا اليوم حاصل لها أبداً، أو نظرها مقصور على يومها تحسب أنه دهرها.

و (شبعها أمرها) : أي تظنُّ انحصار شأنها وأمرها في الشبع.

قوله علیه السلام : «والله لشئت أنْ أُخبر»: قال ابن أبي الحديد : ([و] هذا كقول المسیح علیه السلام : «وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ»[آل عمران: 49] ، [ولكن] قال علیه السلام : إلَّا أنّي أخاف عليكم الغلو في أمري، وأن تُفضّلوني على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بل أخاف عليكم أنْ تدَّعوا في الإلهية كما ادعت النصارى ذلك في المسيح علیه السلام لما أخبرهم بالأمور الغائبة).

ص: 68


1- راجع: شرح نهج البلاغة لابن ميثم (ج 3/ 3 ص 347)
2- الصحاح للجوهري (ج6 /ص 2342 / مادَّة دوى)

[ثمّ قال ابن أبي الحديد]: (ومع كتمانه علیه السلام فقد كفر [فيه] كثير منهم، وادَّعوا فيه النبوَّة، وأنَّه شريك الرسول في الرسالة، وأنَّه هو الرسول ولكنَّ الملك غلط، وأنَّه هو الذي بعث محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم ، وادعوا فيه الحلول والاتحاد).(1)

ويحتمل أن يكون كفرهم فيه بإسناد التقصير إليه علیه السلام في إظهار شأنه وجلالته .

و (المهلك) - بفتح اللام وكسرها -: يحتمل المصدر، واسم الزمان والمكان.

والمراد بالهلاك إمَّا الموت والقتل أو الضلال والشقاء، وكذلك النجاة.

والمراد بالأمر: الخلافة، أو الدين وملك الإسلام.

ومآله: انتهاؤه بظهور القائم علیه السلام وما يكون في آخر الزمان.

و(أفرغه) كفرغه: صبه.

بيانه في معنى: «وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ»

بحار الأنوار (ج 36 /ص 109 و 110/ ح 58):

مناقب ابن شهر آشوب ... أبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ»[النحل: 38]، قَالَ: لِعَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ [علیه السلام].(2)

بيان: أي أقسموا أنَّ عليا علیه السلام لا يبعث في الرجعة، أو لا يُبعث الناس له فيها.

ص: 69


1- راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 10 /ص 12 و 13)
2- مناقب آل أبي طالب (ج 3 /ص 25)

بيانه في معنى: (عُد اثني عشر من بني كعب بن لؤي ثم يكون النقف والنقاف)

بحار الأنوار (ج 36/ ص 237 و238/ ح 31):

غيبة الشيخ الطوسي : بِهَذَا الْإِسْنَادِ (1)، عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ عَفَّانَ وَيَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ الصَّالِحِينِي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ (2)، عَنْ أَبِي الطِّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: (يَا أَبَا الطُّفَيْلِ عُدَّ اثْنَيَّ عَشَرَ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُوَيّ، ثُمَّ يَكُونُ اَلنَّقْفُ وَالنّقَافُ(3)).(4)

أقول : إشارة إلى ما يحدث بعد القائم علیه السلام من الفتن.

بيانه في معنى (المنصور):

بحار الأنوار (ج 3 ص 48 ح 25):

الإرشاد: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: قَالَ: (لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ سَبْعُ خِصَالٍ مَا مِنْهُنَّ خَصْلَةٌ فِي النَّاسِ : مِنَا النَّبِيُّ [صلی الله علیه و آله وسلم] ، وَمِنَّا الْوَصِيُّ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب علیه السلام ، وَمَنَّا حَمْزَةٌ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ وَسَيّدُ الشُّهَدَاءِ، وَمِنَّا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي

ص: 70


1- أي(أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أبي الحسين محمد بن علي الشجاعي الكاتب، عن أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم المعروف بابن أبي زينب النعماني الكاتب، عن محمد بن عثمان بن علان الذهبي البغدادي)
2- في المصدر: (عثمان)
3- قال الجزري في النهاية (ج 5 /ص 109): (في حديث عبد الله بن عمر: «اعدد اثني عشر - من بني كعب بن لؤي، ثمّ يكون النقف والنقاف أي القتل والقتال والنقف هشم الرأس، أي: تهيج الفتن والحروب بعدهم)
4- الغيبة للطوسي (ص 131 و 132 / ح 95)

طَالِبِ المُزَيَّنُ بِالْجَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَيَّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اَلْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَمِنَّا قَائِمٌ آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ، وَمِنَّا المَنْصُورُ).(1)

بيان: لعلَّ المراد بالمنصور أيضاً القائم علیه السلام بقرينة أنَّ بالقائم يتم السبع.

ويحتمل أن يكون المراد به الحسين علیه السلام فإنَّه منصور في الرجعة، وسيأتي ما يُؤيّده.(2)

بيانه في معنى: (ترون أيامي ويكشف الله عن سرائري)

بحار الأنوار (ج 42 ص 206 - 212 / ح 11):

الكافي: الحُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ الحَسَنِيُّ رَفَعَهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِي رَفَعَهُ، قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام حَفٌ بِهِ الْعُوَّاد، وَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْصِ.

فَقَالَ: «اِثْنُوا لِي وِسَادَةً»، ثُمَّ قَالَ: «اَلْحَمْدُ اللهُ حَقَّ قَدْرِهِ، مُتَّبِعِينَ أَمْرَهُ، أَحْمَدُهُ كَمَا أَحَبَّ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ كَمَا انْتَسَبَ. أَيُّهَا النَّاسُ، كُلُّ اِمْرِئٍ لَاقٍ فِي فِرَارِهِ مَا مِنْهُ يَفِرُّ ، وَالْأَجَلُ مَسَاقُ اَلنَّفْسِ إِلَيْهِ، وَأَهْرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ، كَمْ أَطْرَدْتُ الْأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الْأَمْرِ فَأَبَى اللَّهُ (عَزَّ ذِكْرُهُ) إِلَّا إِخْفَاءَهُ، هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَكْنُونٌ. أَمَّا وَصِيَّتِي فَأَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) شَيْئًا، وَمُحَمَّداً صلی الله علیه و آله وسلم فَلَا تُضَيَّعُوا سُنَتَهُ ، أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُوَدَيْنِ وَأَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وَخَلَاكُمْ ذَمِّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا، عُمَلَ كُلُّ اِمْرِي مِنْكُمْ جَهَودَهُ، وَ خُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ، رَبُّ رَحِيمٌ وَإِمَامٌ عَلِيمٌ وَدِينُ قَوِيمٌ، أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَ[أَنَا](3) الْيَوْمَ

ص: 71


1- الإرشاد (ج 1 /ص 37)
2- بحار الأنوار (ج 53 /ص 146 و 147 / ح 5) ، عن تفسير العياشي (ج 2 /ص 326 ح 24)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر

عِبْرَةٌ لَكُمْ وَغَداً مُفَارِقُكُمْ إِنْ تَثْبَتِ الْوَطْأَةُ فِي هَذِهِ الْمَزَلَّةِ فَذَاكَ الْمُرَادُ، وَإِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ أَغْصَانٍ وَذَرَى رِيَاحٍ وَتَحْتِ ظِلِّ غَمَامَةٍ اِضْمَحَلَّ فِي اَلجوِّ مُتَلَفَقُهَا وَعَفَا فِي الْأَرْضِ مَحَطَّهَا، وَإِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً، وَسَتَعْقَبُونَ مِنِّي جُمَّةٌ خَلَاءٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَ حَرَكَةٍ، وَكَاظِمَةٌ بَعْدَ نُطْقِ، لِيَعِظُكُمْ هُدُوِّي وَخُفُوتُ إِطْرَاقِي وَسُكُونُ أَطْرَافِي، فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لَكُمْ مِنَ النَّاطِقِ الْبَلِيعْ، وَدَّعْتُكُمْ وَدَاعَ مُرْصِدِ لِلتَّلَاقِي غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي وَيَكْشِفُ اللهُ عزوجل عَنْ سَرَائِرِي، وَتَعْرِفُوني بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وَقِيَام غَيْرِي مَقَامِي إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي، وَإِنْ أَعْفُ فَالْعَفْرُ لِي قُرْبَةٌ وَلَكُمْ حَسَنَةٌ ، فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ؟ فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةٌ، أَوْ يُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى شِقْوَةٍ، جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لَا يَقْصُرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ رَغْبَةٌ، أَوْ تَحلُّ بِهِ بَعْدَ المَوْتِ نَقِمَةٌ، فَإِنَّمَا نَحْنُ لَهُ وَبِهِ».

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْحَسَنِ علیه السلام ، فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، ضَرْبَةً مَكَانَ ضَرْبَةٍ وَلَا تَأْثَمْ».(1)

بيان ... و(يوم التلاقي) يوم القيامة، ويحتمل شموله للرجعة أيضاً. وقوله : «غداً» ظرف الأفعال الآتية.

ويحتمل تلك الفقرات وجوهاً من التأويل:

الأوّل: أن يكون المعنى بعد أن أفارقكم يتولّى بنو أمية وغيرهم أمركم ترون وتعرفون فضل أيام خلافتي، وأني كنت على الحقِّ.

«ويكشف الله لكم عن سرائري» أي إنّي ما أردت في حروبي وسائر ما أمرتكم به إلَّا الله تعالى، أو ينكشف بعض حسناتي المروي-ة إل-ي-ك-م وكنت أسترها عنكم وعن غيركم، وتعرفون عدلي وقدري بعد قيام غيري مقامي بالخلافة.

ص: 72


1- الكافي (ج 1 /ص 299 و 300 باب الإشارة والنصّ على الحسن بن علي / ح6)

الثاني: أن يكون المراد بقوله: «غداً» أيام الرجعة والقيامة، فإنَّ فيهما تظهر شوكته ورفعته ونفاذ حكمه في عالم الملك والملكوت، فهو علیه السلام في الرجعة وليُّ الانتقام من المنافقين والكُفَّار، وممكن المتقين والأخيار في الأصقاع والأقطار وفي القيامة ولي الحساب وقسيم الجنة والنار، فالمراد بخلو مكانه خلو قبره عن جسده بحسب ما يظنّه الناس في الرجعة، ونزوله عن منبر الوسيلة وقيامه على شفير جهنّم يقول للنار: خذي هذا واتركي هذا في القيامة.

ثمّ اعلم أنَّ في أكثر نُسَخ الكافي: «وقيامي غير مقامي» وهو أنسب بهذا المعنى، وعلى الأوّل يحتاج إلى تكلّف، كأن يكون المراد قيامه عند الله تعالى في السماوات وتحت العرش وفي الجنان في الغرفات وفي دار السلام، كما دلَّت عليه الروايات.

وفي نُسَخ النهج وبعض نُسَخ الكافي : «وقيام غيري مقامي»، فهو بالأوّل أنسب، وعلى الأخير لا يستقيم إلا بتكلُّف، كأن يكون المراد بالغير القائم علیه السلام فإنَّه إمام زمان في الرجعة، وقيام الرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم مقامه للمخاصمة في القيامة، كذا خطر بالبال، وإن ذكرا مجملاً منه بعض المعاصرين في مؤلّفاتهم.

الثالث: ما خطر بالبال أيضاً وهو الجمع بين المعنيين، بأن يكون «ترون أيامي ويكشف الله عن سرائري» في الرجعة والقيامة، لاتصاله بقوله: «وداع مرصد للتلاقي»، وقوله: «وتعرفوني»... إلى آخره إشارة إلى المعنى الأوّل غير متعلقة بالفقرتين الأوليين، وهو أسد وأفيد وأظهر ، لاسيما على النسخة الأخيرة ...

بيانه في معنى: (إنَّما هي طاعة الإمام)

بحار الأنوار (ج 44 /ص 25 و 26/ ح 9):

الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاح بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «وَالله

ص: 73

الَّذِي صَنَعَهُ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیه السلام كَانَ خَيْراً هِذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَوَاللَّهُ لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الْإِمَامِ، [وَلَكِنَّهُمْ](1) طَلَبُوا الْقِتَالَ، «فَلَمَّاكُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ» مَعَ الْحُسَيْنِ علیه السلام، «قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»[النساء : 77]، «نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ»[إبراهيم: 44]، أَرَادُوا تَأْخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِم علیه السلام».(2)

توضيح: قوله علیه السلام: إنَّما هي طاعة «الإمام» أي المقصود في الآية طاعة الإمام الذي ينهى عن القتال، لعدم كونه مأموراً به، ويأمر بالصلاة والزكاة وسائر أبواب البرِّ.

والحاصل أنَّ أصحاب الحسن علیه السلام كانوا بهذه الآية مأمورين بطاعة إمامهم في ترك القتال، فلم يرضوا به، وطلبوا القتال، فلما كُتِبَ عليهم القتال الحسين علیه السلام «قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْ لَا أَخَرْتَنا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» أي قيام القائم علیه السلام

بيانه في سبب وصف القائم علیه السلام بصاحب القيامة

بحار الأنوار (ج 44 /ص 266 - 268/ ح 25):

فِي الدِّيوَانِ المَنْسُوبِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: ...

سَقَى اللَّهُ قَائِمَنَا صَاحِبَ***الْقِيَامَةِ وَالنَّاسُ فِي دَأْبِهَا

هُوَ المُدْرِكُ الثَأْرِ لِي يَا حُسَيْنُ***بَلْ لَكَ فَاصْبِرْ لِأَتعَابِهَا

لِكُلِّ دَم ألفُ أَلْفٍ وَمَا***يُقَصِّرُ في قَتْلِ أَحْزَابِهَا

ص: 74


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- الكافي (ج 8 /ص 330/ ح 506)

هُنَالِكَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ***قَوْلٌ بِعُذْرٍ وَإِعْتَابِهَا

حُسَيْنُ فَلَا تَضْجَرَنْ لِلْفِرَاقِ***فَدَيْنَاكَ أَضْحَتْ لِتَخْرَابِهَا

سَلِ الدُّورَ تُخْبَرْ وَ أَفْصِحُ بِهَا***بأَنْ لَا بَقَاءَ لِأَرْبَابِهَا

أَنَا الدِّينُ لَا شَكَّ لِلْمُؤْمِنِينَ***بِآيَاتِ وَحْي وَإِيجَابِهَا

لَنَا سِمَةُ الْفَخْرِ فِي حُكْمِهَا***فَصَلَّتْ عَلَيْنَا بِإِعْرَابِهَا

فَصَلِّ عَلَى جَدِّكَ المُصْطَفَى***وَسَلَّمْ عَلَيْهِ لِطُلَّابِهَا(1)

بيان: (ولو عمل): (لو) للتمنّي.

وقال الجوهري: (العيمة - بالكسر - : خيار المال، واعتام الرجل إذا أخذ العيمة).(2)

وقال: (حرّقت الشيء حرقاً برَّدته وحككت بعضه ببعض، ومنه قولهم:

حرق نابه يحرقه ويحرقه أي سحقه حتى سمع له صريف).(3)

وقال: (عذيرك من فلان: أي هلم من يعذرك منه، بل يلومه ولا يلومك).(4)

وقال الرضي: (معنى من فلان من أجل الإساءة إليه وإيذائه، أي أنت ذو عذر فيما تعامله به من المكروه).(5)

وإضافة الدنيا إلى المخاطب للإشعار بأن لا علاقة بينه علیه السلام وبين الدنيا.

ص: 75


1- ديوان إمام علي ( ص 44 و 45)
2- الصحاح للجوهري (ج 5/ ص 1995/ مادَّة عيم)
3- الصحاح للجوهري (ج 4 /ص 1457 / مادَّة حرق)
4- الصحاح للجوهري (ج 2 /ص 738 مادة عذر)
5- شرح الرضي على الكافية (ج 1 /ص 342)

وقال الجوهري : (الطاب الطيب).(1)

وقال: (المرح شدَّة الفرح).(2)

وقال : (الوصب المرض).(3)

وقوله: (سعي) إمَّا مفعول به لقوله : (لا تبتغي)، أو مفعول مطلق من غير اللفظ.

و(المحراب): محل الحرب.

و (العروس) : نعت يستوي فيه الرجل والمرأة.

و(المنتاب) مصدر ميمي، من قولهم: (انتاب فلانٌ القومَ) أي أتاهم مرَّة بعد أُخرى.

ووصف القائم علیه السلام بصاحب القيامة لاتصال زمانه بها، أو لرجعة بعض الأموات في زمانه...

بيانه في معنى: (فلو قد قتلوني لم يصلوا جميعاً أبداً، ولم يأخوا عطاء في سبيل الله جميعاً أبداً)

بحار الأنوار (ج 45 /ص 88/ ح 25):

كامل الزيارة: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ الرَّزَّازُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [علیه السلام]، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَليّ علیه السلام ، قَالَ : قَالَ : «وَالَّذِي نَفْسُ حُسَيْنٍ بِيَدِهِ لَا يَهْنِيُّ(4) بَنِي أُمَيَّةَ مُلْكُهُمْ حَتَّى يَقْتُلُونّي، وَهُمْ قَاتِلِيَّ، فَلَوْ قَدْ قَتَلُونِي لَمْ يُصَلُّوا جَمِيعاً أَبَداً، وَلَمْ

ص: 76


1- الصحاح للجوهري (ج 1 /ص 173/ مادَّة طيب)
2- الصحاح للجوهري (ج 1/ ص 404/ مادَّة مرح)
3- الصحاح للجوهري (ج 1 /ص 233 / مادَّة وصب)
4- في المصدر: (لا ينتهي)

يَأْخُذُوا عَطَاءً فِي سَبِيلِ الله جَمِيعاً أَبَداً، إِنَّ أَوَّلَ قَتِيلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي، وَالَّذِي نَفْسُ حُسَيْنِ بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ وَعَلَى الْأَرْضِ هَاشِمِيٌّ يَطْرِفُ».

كامل الزيارة : أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز عن طلحة، عن جعفر علیه السلام ، مثله.(1)

بيان: لعلَّ المعنى: لم يُوفّق الناس للصلاة جماعة مع إمام الحق ولا أخذ الزكاة وحقوق الله على ما يُحِبُّ الله إلى قيام القائم علیه السلام .

وآخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان.

بيانه في معنى: (والرابع هو القائم)

بحار الأنوار (ج 46 /ص 194 - 196 / ح 67):

رجال الكشي: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ الشَّاذَانِيُّ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكِيمِ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي الصَّبَاحِ، قَالَ: جَاءَنِي سَدِيرٌ، فَقَالَ لِي: إِنَّ زَيْداً تَبَرَّأَ مِنْكَ.

قَالَ: فَأَخَذْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي.

قَالَ: وَكَانَ أَبُو الصَّبَّاحَ رَجُلاً ضَارِياً.

قَالَ : فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا اَلْحَسَن(2)، بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ : اَلْأَئِمَّةُ أَرْبَعَةٌ، ثَلَاثَةٌ مَضَوْا، وَالرَّابِعُ [وَ](3) هُوَ الْقَائِمُ؟

قَالَ زَيْدٌ: هَكَذَا قُلْتُ

قَالَ : فَقُلْتُ لِزَيْدِ : هَلْ تَذْكُرُ قَوْلَكَ لي بِالمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام وَأَنْتَ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَضَى فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ «مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ

ص: 77


1- كامل الزيارات (ص 156 /باب 23 / ح 192/ 17) و (18/193)
2- في المصدر: (الحسين)
3- كذا في البحار ؛ والظاهر أنَّها زائدة كما جاء في بيانه

سُلطاناً»[الإسراء: 33] ، وَإِنَّمَا الْأَئِمَّةُ وَلَاةُ الدَّمِ، وَأَهْلُ الْبَابِ، فَهَذَا أَبُو جَعْفَرٍ الْإِمَامُ، فَإِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ فَإِنَّ فِينَا خَلَفَاً؟

وَقَالَ: وَكَانَ يَسْمَعُ مِنِّي خُطَبَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام وَأَنَا أَقُولُ:

فَلَا تُعَلَّمُوهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ.

فَقَالَ لِي: أَمَا تَذْكُرُ هَذَا الْقَوْلَ؟

فَقُلْتُ : [بَلَى](1) فَإِنَّ مِنْكُمْ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ.

[ثُمَّ](2) قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَتَهَيَّأْتُ وَهَيَّأْتُ رَاحِلَةٌ، وَمَضَيْتُ إِلَى عَبْد الله علیه السلام ، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ زَيْدٍ.

فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِبْتَلَى زَيْداً فَخَرَجَ مِنَّا سَيْفَانِ آخَرَانِ، بِأَيِّ شَيْءٍ تَعْرِفُ أَيُّ السُّيُوفِ سَيْفُ اَلْحَقِّ وَالله مَا هُوَ كَمَا قَالَ، وَ لَئِنْ خَرَجَ لَيُقْتَلَنَّ».

قَالَ: فَرَجَعْتُ فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، فَاسْتَقْبَلَنِي الْخَبَرُ بِقَتْلِهِ .

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَلْحَكَمِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ.(3)

بیان: ... قوله : (والرابع هو القائم)، ليس (القائم) في بعض النسخ ، وإنْ لم يكن فهو المراد.

وإلزام الكناني عليه باعتبار أنه أقر بإمامة الباقر علیه السلام، وهو ينا في الحصر الذي ادعاه.

ثمّ أراد زيد أن يلزم عليه القول بإمامته بما قال له الكناني سابقاً إما تواضعاً

ص: 78


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر ؛ وكذلك المورد التالي
3- اختیار معرفة الرجال (ج 2: 639 و 640 / ح 656 و 657)

أو مطايبةً أو مدافعةً، فأجاب بأنَّه كان مرادي أنَّ فيكم من هو كذلك، بل يمكن أن يكون غرضه في ذلك الوقت أن يعلم زيد أنَّه ليس في تلك المرتبة؛ لأنَّه يحتاج إلى التعلم.

وحاصل كلامه علیه السلام أنَّ محض الخروج بالسيف من كل من انتسب إلى هذا البيت ليس دليلاً على حقيته، وأنَّه القائم بل لا بد لذلك من علامات ودلالات ومعجزات، ولو كان كذلك فإذا فُرِضَ أَنَّه خرج في هذا الزمان رجلان أيضاً من أهل هذا البيت بالسيف معارضين له، فكيف يعرف أيهم على الحقِّ، فظهر أنَّ الخروج بالسيف فقط ليس علامة للحقية، ولزوم الغلبة ووجوب متابعة الناس له، وكونه المهدي والقائم، وفرض السيفين لكثرة الاشتباه، فيكون أتمُّ في الدلالة على المراد.

بيانه في معنى: (إنَّ عبد الله بن عجلان قال في مرضه الذي مات فيه: إنه لا يموت فمات)

بحار الأنوار (ج 47 /ص 347 و 348/ ح 45):

تفسير العياشي : عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَجْلَانَ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: إِنَّهُ لَا يَمُوتُ، فَمَاتَ.

فَقَالَ: «لَا أَعْرَفَهُ اللَّهُ(1) شَيْئاً مِنْ ذُنُوبِهِ ، أَيْنَ ذَهَبَ ؟ إِنَّ مُوسَى [علیه السلام] اخْتَارَ سَبْعِينَ [رَجُلاً](2) مِنْ قَوْمِهِ ، فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ: رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي

قَالَ: إِنِّي أبْدِلكَ بهم مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُمْ.

فَقَالَ: إِنِّي عَرَفْتُهُمْ وَوَجَدْتُ رِيحَهُمْ».

ص: 79


1- في المصدر : (لا غفر الله)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر

[قَالَ]: «فَبَعَثَهُمُ اللَّهُ لَهُ أَنْبِيَاءَ».(1)(2)

بيان لعله إنّما قال ذلك لما سمع منه للا أنه يكون من أنصار القائم، فبيَّن علیه السلام أنَّه إنَّما يكون ذلك في الرجعة لما ذكر من القصَّة، فتفهم.

بيانه في معنى (تركة صاحبنا)

بحار الأنوار (ج 48 /ص 262/ ح 16):

رجال الكشي : جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيكَ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَحْتَجُ عَلَيْكَ عِنْدَ الْجَبَّارٍ أَنَّكَ أَمَرْتَنِي بِتَرْكِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّكَ قُلْتَ : أَنَا إِمَامٌ؟

فَقَالَ: «نَعَمْ، فَمَا كَانَ مِنْ إِثْمِ فَفِي عُنُقِي».

فَقَالَ: وَإِنِّي أَحْتَجُ عَلَيْكَ بِمِثْلِ حُجَّةِ أَبِي عَلَىٰ أَبِيكَ، فَإِنَّكَ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ أَبَاكَ قَدْ مَضَى، وَأَنَّكَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ؟

فَقَالَ: «نَعَمْ».

فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي لَمْ أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى كَادَ يَتَبَيَّنُ لِي الْأَمْرُ ، وَ ذَلِكَ أَنَّ فُلاناً أَقْرَأَنِي كِتَابَكَ يَذْكُرُ أَنَّ تَرِكَةَ صَاحِبِنَا عِنْدَكَ.

فَقَالَ: «صَدَقْتَ وَصَدَقَ ، أَمَا وَالله مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى لَمْ أَجِدْ بُدًا، وَلَقَدْ قُلْتُهُ عَلَى مِثْلِ جَدْعِ أَنْفِي، وَلَكِنِّي خِفْتُ اَلضَّلَالَ وَالْفُرْقَةَ».(3)

بيان: (تركة صاحبنا) أي ما تركه عليٌّ علیه السلام من علامات الإمامة، كالسلاح والجفر وغير ذلك. ويحتمل القائم علیه السلام على الإضافة إلى المفعول...

ص: 80


1- تفسير العياشي (ج 2 /ص 30/ ح 83)
2- مرَّ مثله في (ص 19)، فراجع
3- اختیار معرفة الرجال (ج 2 /ص 225 - 727 /ح 801)

بيانه في معنى: «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتَّلُوا تَقْتِيلاً»

بحار الأنوار (ج 48 /ص 264 و 265/ ح 23):

رجال الكشي : خَلَفٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي اَحْسَنُ [بْنُ عَلِيِّ](1) ، عَنْ سُلَيْمَانَ [بْنِ] اَلْجَعْفَرِيَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ علیه السلام بِالمَدِينَةِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْوَاقِفَةِ.

فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام : «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتَلُوا تَقْتِيلاً»«سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً»[الأحزاب: 61 و 62]، وَاللهُ إِنَّ اللهَ لَا يُبَدِّها حَتَّىٰ يُقْتَلُوا عَنْ آخِرِهِمْ».(2)

بيان: لعل المراد قتلهم في الرجعة.

بيانه في معنى: (ولو كان الله يمد في أجل أحد من بني آدم لحاجة الخلق إليه لمد الله في أجل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم):

بحار الأنوار (ج 48 /ص 265 /ح 25):

رجال الكشي: مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ البَرَانِيُّ، عَنْ أَي عَلِيٌّ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَوْمٌ قَدْ وَقَفُوا عَلَى أَبِيكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ .

[قَالَ](3): قَالَ : «كَذَبُوا وَهُمْ كُفَّارٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عزوجل عَلَى مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم، وَلَوْ كَانَ اللَّهُ يَمُدُّ فِي أَجَلِ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ لِحَاجَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ لَمدَّ اللهُ فِي أَجَلِ رَسُول الله صلی الله علیه و آله وسلم».(4)

ص: 81


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر ؛ وكذلك المورد التالي
2- اختيار معرفة الرجال (ج 2 /ص 758/ ح 865)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر
4- اختيار معرفة الرجال (ج 2 /ص 759/ ح 867)

بيان: لعلهم كانوا يستدلُّون على عدم موته علیه السلام بحاجة الخلق إليه فأجابهم بالنقض برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فلا ينا في المد في أجل القائم علیه السلام لمصالح أُخَر . أو يكون المراد المدُّ بعد حضور الأجل المقدّر.

بيانه في معنى: (فوهب لمريم عيسى وعيسى من مريم)

بحار الأنوار (ج 48 /ص 271 و 272/ ح 31):

رجال الكشي : إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ الْقُمِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهْدِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: دَخَلَ اِبْنُ الْمُكَارِي عَلَى الرِّضَا علیه السلام ، فَقَالَ لَهُ: بَلَغَ اللَّهُ مِنْ قَدْرِكَ أَنْ تَدَّعِيَ مَا اِدَّعَى أَبُوكَ؟

فَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَكَ وَأَدْخَلَ بَيْتَكَ مِنَ الْفَقْرِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ (جَلَّ وَعَلَا) أَوْحَى إِلَى عِمْرَانَ أَنِّي أَهَبُ(1) لَكَ ذَكَراً، فَوَهَبَ لَهُ مَرْيَمَ، فَوَهَبَ مَرْيَمَ عِيسَى، وَعِيسَى مِنْ مَرْيَمَ»، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ: «أَنَا وَأَبِي شَيْءٌ وَاحِدٌ».(2)

بيان لعلهم لما تمسكوا في نفي إمامته بما رووا عن الصادق علیه السلام : إنَّ من ولدي القائم، أو إنَّ موسى علیه السلام هو القائم، فبيَّن لا بأنَّ المعنى أَنَّه يكون منه القائم، لا أنَّه هو القائم.

بيانه في معنى: (إنَّ هذا الأمر لم يأتِ وقته):

بحار الأنوار (ج 49 /ص 50/ ح 50):

الخرائج : رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الرِّضَا علیه السلام وَقَدْ

ص: 82


1- في المصدر: (واهب)
2- اختيار معرفة الرجال (ج 2 /ص 766 / ح 885)

مَالَ(1)بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ كَأَنَّهُ يَكْشِفُ شَيْئاً ، فَظَهَرَتْ سَبَائِكُ ذَهَبٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ(2)فَغَابَتْ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَوْ أَعْطَانِي وَاحِدَةً مِنْهَا .

قَالَ: «لَا، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَمْ يَأْتِ وَقْتُهُ».(3)

بيان: يعني خروج خزائن الأرض وتصرُّفنا فيها إنَّما هو في زمن القائم علیه السلام .

بيانه في معنى : ( ورأى أنَّه إذا لم يُصدِّق)

بحار الأنوار (ج 49 /ص 265 - 268/ ح 8):

قرب الإسناد : ابْنُ عِيسَى، عَنِ الْبَزَنْطِيُّ، عَنِ الرّضَا علیه السلام ، قَالَ : «... وَأَمَّا ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ تَأَوَّلَ تَأْوِيلاً لَمْ يُحْسِنُهُ وَلَمْ يُؤْتَ عِلْمَهُ، فَأَلْقَاهُ إِلَى النَّاسِ، فَلَجَّ فِيهِ، وَكَرِهَ إِكْذَابَ نَفْسِهِ فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِ بِأَحَادِيثَ تَأَوَلَهَا وَلَمْ يُحْسِنْ تَأْوِيلَهَا وَلَمْ يُؤْتَ عِلْمَهَا، وَرَأَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُصَدَّقُ آبَائِي بِذَلِكَ لَمْ يُدْرَ لَعَلَّ مَا خُبِّرَ عَنْهُ مِثْلَ اَلسُّفْيَانِي وَغَيْرَهُ أَنَّهُ كَانَ(4) لَا يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ هُمْ: لَيْسَ يُسْقَط قَوْلُ آبَائِهِ بِشَيْءٍ، وَلَعَمْرِي مَا يُسْقِطُ قَوْلَ آبَائِي شَيْءٌ، وَلَكِنْ قَصُرَ عِلْمُهُ عَنْ غَايَاتِ ذَلِكَ وَحَقَائِقِهِ، فَصَارَ فِتْنَةٌ لَهُ وَشُبُهَةً عَلَيْهِ، وَفَرَّ مِنْ أَمْرِ فَوَقَعَ فِيهِ... ».(5)(6)

بیان: قوله : «ورأى أنه إذا لم يُصدِّق أي قال: إنَّه إِنْ لم أُصدِّق الأئمة فيما أخبروا به من كون موسى علیه السلام هو القائم فيرتفع الاعتماد عن أخبارهم، فلعل ما أخبروا به من السفياني وغيره لا يقع شيء منها.

ص: 83


1- في المصدر: (قال)
2- في المصدر : (عليها)
3- الخرائج والجرائح (ج 1 /ص 340/ ح 4)
4- في المصدر: (كائن)
5- قرب الإسناد (ص 351 و 352 / ح 1260)
6- مرَّ مثله في (ص 42 و 43)، فراجع

وحاصل جوابه علیه السلام يرجع تارةً إلى أنه مما وقع فيه البداء، وتارةً إلى أنه مأوّل بأنَّه يكون ذلك في نسله، وقد مرَّ تأويل آخر لها حيث قال علیه السلام : «كلُّنا قائمون بأمر الله».(1)

وقوله علیه السلام: «وفرّ من أمر فوقع فيه» إشارة إلى أنَّه بعد هذا القول لزمه طرح كثير من الأخبار المنافية لكون موسى علیه السلام هو القائم.

بيانه في معنى: (بيع جعفر الكذاب للعلويات)

بحار الأنوار (ج 50/ ص 232/ ح 8):

الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: بَاعَ جَعْفَرٌ فِيمَنْ بَاعَ صَبِيَّةٌ جَعْفَرِيَّةٌ كَانَتْ فِي اَلدَّارِ يُرَبُّونَهَا، فَبَعَثَ بَعْضَ الْعَلَوِيِّينَ وَأَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ خَبَرَهَا ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي : قَدْ طَابَتْ نَفْسِي بِرَدَّهَا ، وَأَنْ لَا أَرْزَأَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئاً، فَخُذْهَا، فَذَهَبَ الْعَلَوِيُّ، فَأَعْلَمَ أَهْلَ اَلنَّاحِيَةِ اَلْخَبَرَ، فَبَعَثُوا إِلَى الْمُشْتَرِي بِأَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَاراً، فَأَمَرُوهُ بِدَفْعِهَا إِلَى

صَاحِبِهَا».(2)

بیان: (جعفر) هو الكذاب.

(فيمن باع أي من مماليك أبي محمد علیه السلام.

(جعفريَّة) أي من أولاد جعفر الطيار.

(خبرها) : أي كونها حُرَّة علويَّة.

( وأنْ لا أرزأ) الواو للحال، أو بمعنى (مع) ، والفعل على بناء المجهول، أي بشرط أنْ لا أُنقص من ثمنها الذي أعطيت جعفراً شيئاً.

ص: 84


1- راجع: بحار الأنوار (ج 23 /ص 189 /ح4) ، عن تأويل الآيات الظاهرة (ج 1 ص 432/ ح 13)
2- الكافي (ج 1 /ص 524 و 525 / باب مولد الصاحب / ح 29)

(فأمروه) أي العلوي بدفعها، أي الصبيَّة.

(إلى صاحبها) أي وليها من آل جعفر .

أقول: قد أوردنا بعض أخبار ذمّ جعفر في باب علل أسماء الصادق.(1)

بيانه في الجمع بين ما ورد من أن ولادة المهدي علیه السلام سنة (255ه) أو (256ه)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 4 / ح 4):

إكمال الدين : جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ : خَرَجَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ علیه السلام حِينَ قُتِلَ الزُّبَيْرِيُّ: «هَذَا جَزَاءُ مَنِ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَوْلِيَائِهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي وَلَيْسَ لِي عَقِبٌ، فَكَيْفَ رَأَى قُدْرَةَ الله عزوجل؟» ، وَوُلِدَ لَهُ وَسَمَّاهُ ( م ح م د) سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ.(2)

غيبة الشيخ الطوسي: الكليني، عن الحسين بن محمد، عن المعلّى، عن أحمد بن محمد، قال: خرج عن أبي محمد علیه السلام ، وذكر مثله.(3)

بيان: ربَّما يُجمع بينه وبين ما ورد من خمس وخمسين بكون السنة في هذا الخبر ظرفاً ل_(خرج) أو (قُتِلَ). أو إحداهما على الشمسيّة والأُخرى على القمرية.

بيانه في معنى: (إنَّما يكون هذا إذا قام قائمنا) وفي عدم منافاة حكم المهدي بالتوراة وبين كونه لا يقبل أحداً إلا بالإسلام:

بحار الأنوار (ج 51 /ص 29/ ح 2):

علل الشرائع : أَبِي، عَنْ سَعْدِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

ص: 85


1- بحار الأنوار (ج 47 ص 8)
2- كمال الدين (ص 430 /باب 42 ح 3)
3- الغيبة للطوسي (ص 231 / ح 198)

الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام وَأَنَا حَاضِرٌ ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، اقْبِضْ هَذِهِ اَلْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَضَعْهَا فِي مَوَاضِعِهَا، فَإِنَّهَا زَكَاةً مَالِي.

فَقَالَ لَهُ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : «بَلْ خُذْهَا أَنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ وَالْأَيَّتَامِ وَالمَسَاكِينِ وَفِي إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا إِذَا قَامَ قَائِمُنَا، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَعْدِلُ فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِرِ، فَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ فَإِنَّمَا سُمِّيَ المَهْدِي لِأَنَّهُ يُهْدَى لِأَمْرِ خَفِيَّ، يَسْتَخْرِجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللَّهُ مِنْ غَارِ بِأَنْطَاكِيَّةَ، فَيَحْكُمُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِالْإِنْجِيلِ ، وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّبُورِ بِالزَّبُورِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْفُرْقَانِ بِالْفُرْقَانِ، وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ أَمْوَالُ الدُّنْيَا كُلُّهَا مَا فِي بَطْنِ الْأَرْضِ وَظَهْرِهَا، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ : تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الْأَرْحَامَ ، وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدِّمَاءَ، وَرَكِبْتُمْ فِيهِ تَحَارِمَ اللَّهُ، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطِ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ».

قَالَ: «وَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه وآله وسلم : هُوَ رَجُلٌ مِنِّي، اِسْمُهُ كَاسْمِي، يَحْفَظُنِي اللهُ فِيهِ، وَيَعْمَلُ بِسُنَّتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً وَنُوراً بَعْدَ مَا تَمْتَلِيُّ ظُلْماً وَجَوْراً وَسُوءاً».(1)

بیان: قوله علیه السلام : إنَّما يكون هذا أي وجوب دفع الزكاة إلى الإمام.

وقوله : يحكم بين أهل التوراة بالتوراة لا ينافي ما سيأتي من الأخبار في أنَّه علیه السلام لا يقبل من أحد إلَّا الإسلام ، لأنَّ هذا محمول على أنه يقيم الحجة

عليهم بكتبهم، أو يفعل ذلك في بدو الأمر قبل أن يعلو أمره ويتم حجته.

قوله : «يحفظني الله فيه» أي يحفظ حق-ي وحرمتي في شأنه فيعينه وينصره، أو يجعله بحيث يعلم الناس حقه وحرمته لجدِّه.

ص: 86


1- علل الشرائع (ج 1 /ص 161 باب 129 / ح 3)

بيانه في معنى: (وسُمي القائم لأنَّه يقوم بعدما يموت)

بحار الأنوار (ج 51 ص 30/ ح 6):

غيبة الشيخ الطوسي: الْفَضْلُ ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْقَاسِمِ اَلْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام : المَهْدِيُّ وَالْقَائِمُ وَاحِدٌ؟

فَقَالَ: «نَعَمْ».

فَقُلْتُ: لِأَيِّ شَيْءٍ سُمِّيَ المَهْدِيَّ؟

قَالَ: «لأَنَّهُ يُهْدَى إِلَى كُلِّ أَمْرٍ خَفِي، وَسُمِّيَ الْقَائِمَ لِأَنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ، إِنَّهُ يَقُومُ بِأَمْرِ عَظِيمٍ».(1)

بیان قوله علیه السلام: «بعدما يموت» أي ذكره، أو يزعم الناس.

بيانه في معنى: (يخفى على الناس ولادته، ولا يحل لهم تسميته)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 32 /ح 5):

إكمال الدين : الهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِ الْقَائِمِ علیه السلام: «يَخْفَى عَلَى النَّاسِ وِلَادَتُهُ، وَلَا يَحِلُّ هُمْ تَسْمِيَتُهُ، حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ عزوجل فَيَمْلَاً [بِهِ](2) اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً».(3)

بيان هذه التحديدات مصرحة في نفي قول من خص ذلك بزمان الغيبة الصغرى تعويلاً على بعض العلل المستنبطة والاستبعادات الوهميّة.

ص: 87


1- الغيبة للطوسي (ص 471 / ح 489)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- كمال الدين (ص 368 و 369/ باب 34/ ح 6)

بيانه في معنى: (قد أمكنت الحشوة من أُذُنيك)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 34 ح 2):

إكمال الدِّين : أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ وَابْنُ شَاذَوَيْهِ وَابْنُ مَسْرُورٍ وَجَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ.

وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ(1)، وَوَالله مَا فِي أَهْلِ الْبَيْتِ مِثْلُكَ، كَيْفَ لَا تَخْرُجُ ؟

فَقَالَ: «يَا عَبْدَ الله بْنَ عَطَاءٍ قَدْ أَمْكَنْتَ الْحِشْوَةَ(2) مِنْ أُذُنَيْكَ، وَالله مَا أَنَا بِصَاحِبِكُمْ».

قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟

قَالَ: «انْظُرُوا مَنْ تَخْفَى عَلَى اَلنَّاسِ وِلَادَتُهُ فَهُوَ صَاحِبُكُمْ».(3)

بيان: قال الجوهري : (فلان من حشوة بني فلان بالكسر ، أي من رُذّالهم).(4)

أقول: أي تسمع كلام أراذل الشيعة وتقبل منهم في توهمهم أنَّ لنا أنصاراً كثيرة، وأنَّه لا بدَّ لنا من الخروج، وأنّي القائم الموعود.

بيانه في معنى: (الموتور بوالده، المكنّى بعمه):

بحار الأنوار (ج 51 /ص 37 و 38 /ح 9):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنِ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ

ص: 88


1- في المصدر : (كثيرون)
2- في المصدر : (الحشو)
3- كمال الدين (ص 325 /باب 32 /ح 2)
4- الصحاح (ج 6/ ص 2313 / مادَّة حشا)

عَبْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حُصَيْنِ الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَليَّ علیه السلام فِي حَجَّ أَوْ عُمْرَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: كَبِرَتْ سِنِّي، وَدَقَ عَظْمِي، فَلَسْتُ أَدْرِي يُقْضَى لِي لِقَاؤُكَ أَمْ لَا فَاعْهَدْ إِلَيَّ عَهْداً وَأَخْبِرْنِي مَتَى الْفَرَجُ.

فَقَالَ: «إِنَّ الشَّرِيدَ الطَّرِيدَ الْفَرِيدَ الْوَحِيدَ، اَالْفَرْدَ(1) مِنْ أَهْلِهِ، اَلمَوْتُورَ بِوَالِدِهِ ، اَلْكَنَّى بِعَمِّهِ، هُوَ صَاحِبُ الرَّايَاتِ، وَاِسْمُهُ اِسْمُ نَبِيٍّ».

فَقُلْتُ: أَعِدْ عَلَيَّ، فَدَعَا بِكِتَابٍ أَدِيمٍ أَوْ صَحِيفَةٍ، فَكَتَبَ [لي](2)فِيهَا.(3)

بيان: «الموتور بوالده أي قُتِلَ والده ولم يُطلب بدمه، والمراد بالوالد إما العسكري علیه السلام، أو الحسين، أو جنس الوالد ليشمل جميع الأئمة علیهم السلام.

قوله: «المكنّى بعمِّه لعل كنية بعض أعمامه أبو القاسم، أو هو علیه السلام مكنى بأبي جعفر، أو أبي الحسين، أو أبي محمد أيضاً . ولا يبعد أن يكون المعنى لا يُصرَّح باسمه، بل يُعبّر عنه بالكناية خوفاً من عمه جعفر. والأوسط أظهر كما مرَّ في خبر حمزة بن أبي الفتح(4)وخبر عقيد(5)تكنيته علیه السلام بأبي جعفر وسيأتي

ص: 89


1- في المصدر: (المفرد)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- الغيبة للنعماني (ص 183 و 184 / باب 10 فصل 4 ح 22)
4- بحار الأنوار (ج 51 /ص 15 / ح 18) ، عن كمال الدين (ص 432 / باب 42 / ح 11)؛ ونصه: إكمال الدين: ماجيلويه ، عن محمد العطار، عن الحسن بن عليّ النيسابوري، عن الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح، قال: جاءني يوماً، فقال لي: البشارة، وُلِدَ البارحة في الدار مولود لأبي محمد ا ، وأمر بكتمانه، قلت: وما اسمه؟ قال: سُمّي بمحمّد، وكُنّي بجعفر
5- بحار الأنوار ج 51 /ص 16 و 17 /23) ، عن كمال الدين (ص 474 /باب 43 / 25)؛ ونصه: إكمال الدين: علي بن محمد بن حباب، عن أبي الأديان، قال: قال عقيد الخادم. قال أبو محمد ابن خيرويه البصري، وقال حاجز الوشّاء، كلّهم حكوا عن عقيد. وقال أبو سهل ابن نوبخت قال :عقید وُلِدَ وليُّ الله الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين) ليلة الجمعة من شهر رمضان من سنة أربع وخمسين ومأتين للهجرة، ويكنى أبا القاسم، ويقال: أبو جعفر، ولقبه المهدي، وهو حجة الله في أرضه، وقد اختلف الناس في ولادته، فمنهم من أظهر، ومنهم من كتم ، ومنهم من نهى عن ذكر خبره، ومنهم من أبدى ذكره، والله أعلم

أيضاً، ولا تنافي التكنية بأبي القاسم أيضاً.

قوله علیه السلام: «اسم نبيٍّ» يعني نبیُّنا صلی الله علیه و آله وسلم

بيانه في معنى (المشرف الحاجبين، ورحم الله موسى)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 40 /ح 20):

الغيبة للنعماني : أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنِ النَّهَا وَنْدِي، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَمَّادٍ، عَن ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي قَدْ دَخَلْتُ المَدِينَةَ وَفِي حَقْوَيَّ هِمْيَانٌ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَقَدْ أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْداً أَنَّنِي أُنْفِقُهَا بِبَابِكَ دِينَاراً دِينَاراً ، أَوْ تُجِيبَنِي فِيمَا أَسْأَلُكَ عَنْهُ.

فَقَالَ: «يَا حُمْرَانُ، سَلْ تُجَبْ، وَلَا تُبَعضُ(1)دَنَانِيرَكَ».

فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ الله [صلی الله علیه و آله وسلم] أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ وَالْقَائِمُ بِهِ؟

قَالَ: «لَا » .

قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ بِأَي أَنْتَ وَأُمِّي؟

فَقَالَ: «ذَاكَ المُشْرَبُ حُمْرَةَ ، اَلْغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، اَلمُشَرَّفُ الحَاجِبَيْنِ، عَرِيضٌ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، بِرَأْسِهِ حَزَانٌ، وَبِوَجْهِهِ أَثَرُ ، رَحِمَ اللهُ مُوسَى».(2)

ص: 90


1- في المصدر : (ولا تنفقنَّ)
2- الغيبة للنعماني (ص 223 و 224 / باب 13 ح 3)

بيان: «المشرف الحاجبين» أي في وسطهما ارتفاع من الشرفة.

والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة.

وقوله علیه السلام : «رحم الله موسى العلَّه إشارة إلى أنَّه سيظنُّ بعض الناس أَنَّه القائم وليس كذلك، أو أنه قال (فلاناً) كما سيأتي(1) ، فعبّر عنه الواقفية بموسى.

بيانه في معنى: (ابن الأرواع)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 40 و 41/ ح 21):

الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمَ بْنِ عَمْرِو اَلْخَثْعَمِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَرِيزِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام ، فَقُلْتُ: أَنْتَ الْقَائِمُ؟

قَالَ: «قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، وَأَنِّي لِلطَّالِبِ بِالدَّمِ، «وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ»[إبراهيم: 27].

ثُمَّ أَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ حَيْثُ تَذْهَبُ، صَاحِبُكَ الْمُدَبَّحُ الْبَطْنِ، ثُمَّ اَخْزَازُ بِرَأْسِهِ، اِبْنُ الْأَرْوَاعِ، رَحِمَ اللهُ فُلاناً».(2)

ص: 91


1- بحار الأنوار (ج 51 /ص 42 / ح 24) ، عن الغيبة للنعماني (ص 233 / باب 13 / ح 9)؛ ونصه : الغيبة للنعماني: عبد الواحد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحكم بن عبد الرحيم القصير، قال: قلت لأبي جعفر : قول أمير المؤمنين : «بأبي ابن خيرة الإماء»، أهي فاطمة ؟ قال: «فاطمة خير الحراير»، قال: «المبدح بطنه، المشرب حمرةً، رحم الله فلاناً»
2- بحار الأنوار (ج 51 /ص 40 و 41 / ح 21) عن الغيبة للنعماني (ص 224 / باب 13 / 4)؛ونصه: الغيبة للنعماني: عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحكم بن عبد الرحيم القصير، قال: قلت لأبي جعفر : قول أمير المؤمنين : «بأبي ابن خيرة الإماء»، أهي فاطمة؟ قال: «فاطمة خير الحراير»، قال: «المبدح بطنه، المشرب حمرة، رحم الله فلاناً»

بیان: (ابن الأرواع) لعله جمع الأروع، أي ابن جماعة هم أروع الناس أو جمع الروع، وهو من يُعجبك بحسنه وجهارة منظره أو بشجاعته. أو جمع الروع،

بمعنى الخوف.

بيانه في معنى: (ابن ستّة)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 41 ح 22):

الغيبة للنعماني : بِهَذَا الْإِسْنَادِ(1) ، عَنِ الْحُسَيْنِ(2)بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الله الْخَثعَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3)، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَوْ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام - الشَّكُ مِن ابْنِ عِصَامِ -: «يَابَا مُحَمَّدٍ، بِالْقَائِمِ عَلَامَتَانِ شَامَةٌ فِي رَأْسِهِ ، وَدَاءُ الْخَزَازِ بِرَأْسِهِ، وَشَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ، تَحْتَ كَتِفَيْهِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الْآسِ ابْنُ سِتَّةٍ، وَابْنُ خِيَرَةِ الإماء](4)».(5)

بيان: لعلَّ المعنى ابن ستَّة أعوام عند الإمامة، أو ابن ستّة بحسب الأسماء، فإن أسماء آبائه الا محمد وعلي وحسين وجعفر وموسى وحسن، ولم يحصل ذلك في أحد من الأئمة لي قبله ، مع أنَّ بعض رواة تلك الأخبار من الواقفية، ولا تُقبَل رواياتهم فيما يوافق مذهبهم.(6)

ص: 92


1- أي (عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن الحميري)
2- في المصدر: (الحسن)
3- في المصدر : (عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي قال: حدثني محمد بن عصام)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
5- الغيبة للنعماني (ص 224 /باب 13 / ح 5)
6- ويحتمل أنَّ الرواية كانت بلفظ : (ابن سبية)، فصُحفت من قبل النسّاخ إلى (ابن ستّة)

بيانه في معنى: (إنَّ هذا سيفضي إلى من يكون له الحمل)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 43 ح 30):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَا بُنْدَادَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هُلَيْلٍ(1)، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ صَبَّاحٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ هَذَا سَيُفْضَى إلى مَنْ يَكُونُ لَهُ الحَملِّ».(2)

بيان: لعل المعنى أنه يحتاج أن يُحمل لصغره. ويحتمل أن يكون بالخاء المعجمة ، يعني يكون خامل الذكر.

بيانه فى معنى (خراب البصرة)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 68 - 71/ ح 11):

إكمال الدين: اِبْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، [عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ](3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِيَاسٍ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ، يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي عزوجل أَتَانِي النَّدَاءُ : ... :

وَأَعْطَيْتُكَ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ صُلْبِهِ(4) أَحَدَ عَشَرَ مَهْدِيًا كُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ، وَآخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَما مُلِئَتْ مِنْهُم ظُلْماً وَجَوْراً، أُنْجِي بِهِ مِنَ اهْلَكَةِ، وَأُهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأُبْرِئُ بِهِ الْأَعْمَى(5) ، وَأَشْفِي بِهِ المَرِيضَ.

فَقُلْتُ: إِلهِي وَسَيِّدِي، مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟

ص: 93


1- في المصدر: (هلال)
2- الغيبة للنعماني (ص 340 /باب 23 / ح 4)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي
4- أي الإمام علي
5- في المصدر : (من العمى)

فَأَوْحَى اللَّهُ عزوجل: يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ ... وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الذُّنُوجُ ، وَخُرُوجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَظُهُورُ اَلدَّجَّالِ يَخْرُجُ مِنَ المَشْرِقِ مِنْ سِجِسْتَانَ، وَظُهُورُ السُّفْيَانِي.

فَقُلْتُ: إِلهِي مَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَنِ؟

فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ وَأَخْبَرَنِي بِبَلَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ [لَعَنَهُمُ اللَّهُ](1) ، وَمِنْ فِتْنَةِ وُلْدِ عَمِّي، وَمَا [يَكُونُ وَمَا](2) هُوَ كَائِنْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَأَوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمِّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ ، وَأَدَّيْتُ الرِّسَالَةَ، وَلِلَّهِ اَلْحَمْدُ عَلَىٰ ذَلِكَ كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ وَكَمَا حَمِدَهُ كُلَّ شَيْءٍ قَبْلِي وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ».(3)

بیان: قوله تعالى: «فيما اختصم الملأ الأعلى»، إشارة إلى قوله تعالى : «ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَا الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ [ص: 69] ، والمشهور بين المفسرين أنَّه إشارة إلى قوله تعالى: «إنّي جَاعِلٌ فِي الْأَرضِ خَلِيفَةً»[البقرة: 30]، وسؤال الملائكة في ذلك(4)، فلعله تعالى سأله أوّلاً عن ذلك، ثمّ أخبره به وبيَّن أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة وخليفة، ثمّ سأله عن خليفته وعين له الخلفاء بعده ولا يبعد أن يكون الملائكة سألوا في ذلك الوقت عن خليفة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم، فأخبره الله بذلك، وقد مضى في باب المعراج بعض القول في ذلك.(5)

قوله تعالى: «وخراب البصرة» إشارة إلى قصَّة صاحب الزنج الذي خرج

ص: 94


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر ؛ وكذلك المورد التالي
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- كمال الدين ( 25 - 252/ باب 23/ ح 1)
4- راجع: تفسير الطبري (ج 23 /ص 218)؛ تفسير ابن أبي حاتم (ج 10/ ص 3247)؛ تفسير الثعلبي (ج 8 /ص 215)؛ وغيرها من التفاسير
5- بحار الأنوار (ج 18 /ص 282)

في البصرة سنة ستّ أو خمس وخمسين ومأتين، ووعد كلّ من أتى إليه من السودان أن يعتقهم ويكرمهم، فاجتمع إليه منهم خلق كثير، وبذلك علا أمره، ولذا لقبَ: صاحب الزنج، وكان يزعم أنَّه علي بن أنَّه على بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام.

وقال ابن أبي الحديد: (وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصاً الطالبيون، وجمهور النسابين [اتَّفقوا](1) على أنَّه من عبد القيس، وأنّه علي بن محمد بن عبد الرحيم، وأُمه أسديَّة من أسد بن خزيمة، جدها محمّد بن الحَكَم(2)الأسدي من أهل الكوفة).(3)

ونحو ذلك قال ابن الأثير في الكامل ، والمسعودي في مروج الذهب(4).

ويظهر من الخبر أن نسبه كان صحيحاً .

ثمّ أعلم أنَّ هذه العلامات لا يلزم كونها مقارنة لظهوره علیه السلام ؛ إذ الغرض بيان أنَّ قبل ظهوره علیه السلام يكون هذه الحوادث كما أن كثيراً من أشراط الساعة التي روتها العامَّة والخاصة ظهرت قبل ذلك بدهور وأعوام، وقصة صاحب الزنج كانت مقارنة لولادته علیه السلام، ومن هذا الوقت ابتدأت علاماته إلى أن يظهر ليلا . على أنه يحتمل أن يكون الغرض علامات ولادته علیه السلام لكنَّه بعيد.

بيانه في معنى: «وَقَضَيْنَا إِلى بَنِي إِسْرَائِيلَ»

بحار الأنوار (ج 51 /ص 45 و 46/ ح 3):

تفسير علي بن إبراهيم: «وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ» أَيْ

ص: 95


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- في المصدر : (حكيم)
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 8 /ص 126 و 127)
4- راجع : الكامل في التاريخ (ج 7 /ص 205 و 206؛ مروج الذهب (ج 4 / ص 108)

أَعْلَمْنَاهُمْ، ثُمَّ انْقَطَعَتْ مُخَاطَبَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَاطَبَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ: «لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرضِ مَرَّتَيْنِ» يَعْنِي فُلاناً وَفُلاناً وَأَصْحَابَهُما وَنَقْضَهُمُ الْعَهْدَ، «وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً» يَعْنِي مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْخِلَافَةِ، «فَإِذا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُما» يَعْنِي يَوْمَ الْجُمَلِ، «بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ» يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) وَأَصْحَابَهُ، «فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيارِ» أَي طَلَبُوكُمْ وَقَتَلُوكُمْ، «وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً» يَعْنِي يَتِمُّ وَيَكُونُ، «ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ» يَعْنِي لِبَنِي أُمَيَّةَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، «وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً» مِنَ [الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَبْنَاءِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِمَا، فَقَتَلُوا](1) الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَأَصْحَابِهِ وَسَبَوْا نِسَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ، «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ» يَعْنِي الْقَائِمَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) وَأَصْحَابَهُ، «لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ» يَعْنِي تَسَوُّدَ وُجُوهِهِمْ، «وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ» يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ [صلی الله علیه و آله وسلم] وَأَصْحَابَهُ [وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَصْحَابِهِ]، «وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتبِيراً» ، أَيْ يَعْلُو عَلَيْكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ.

ثُمَّ عَطَفَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، فَقَالَ: «عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ» أَيْ يَنصُرَكم على عَدُوِّكمُ.

ثُمَّ خَاطَبَ بَنِي أُمَيَّةَ ، فَقَالَ : «وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا»[الإسراء: 4 - 8] ، يَعْنِي إِنْ عُدْتُمْ بِالسُّفْيَانِي عُدْنَا بِالْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ).(2)

بيان: على تفسيره معنى الآية: أوحينا إلى بني إسرائيل أنَّكم يا أُمَّة محمد تفعلون كذا وكذا.

ص: 96


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموردان التاليان
2- تفسير القمي (ج 2 /ص 14)

ويحتمل أن يكون الخبر الذي أخذ عنه التفسير محمولاً على أنَّه لما أخبر النبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أنَّ كلَّ ما يكون في بني إسرائيل يكون في هذه الأمة نظيره، فهذه الأمور نظاير تلك الوقايع، وفي بطن الآيات إشارة إليها.

وبهذا الوجه الذي ذكرنا تستقيم كثير من الأخبار الواردة في تأويل الآيات.

قوله: «وَعْدُ أُولاهُما» أي وعد عقاب أولاهما.

و (الكرّة): الدولة والغلبة.

و (النفير): من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع (نفر) ، وهم المجتمعون للذهاب إلى العدوِّ.

قوله تعالى: «وَعْدُ الْآخِرَةِ» أي وعد عقوبة المرَّة الآخرة.

قوله تعالى: «وَلِيُتَبّرُوا» أي وليهلكوا ، ما «عَلَوْا» أي ما غلبوه واستولوا عليه، أو مدَّة علوهم.

بيانه في معنى: (أنا سيد الشيب، واستدارة الفلك)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 111 و 112/ ح 6):

الإرشاد: رَوَى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام يَقُولُ : «خَطَبَ النَّاسَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ الشِّيبِ، وَفِي سُنَّةٌ مِنْ أَيُّوبَ، وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ لِي أَهْلِي كَمَا جَمَعَ لِيَعْقُوبَ [شَمْلَهُ](1) ، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، وَقُلْتُمْ: ضَلَّ أَوْ هَلَكَ، ألَا فَاسْتَشْعِرُ وا قَبْلَهَا بِالصَّبْرِ ، وَبُوءُوا(2) إِلَى الله بِالذَّنْبِ، فَقَدْ نَبَذْتُمْ قُدْسَكُمْ، وَأَطْفَاتُمْ مَصَابِيحَكُمْ، وَقَدَّدْتُمْ هِدَايَتِكُمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لَكُمْ سَمْعاً

ص: 97


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- في المصدر: (توبوا)

وَلَا بَصَراً، ضَعُفَ وَالله الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ، هَذَا وَلَوْ لَمْ تَتَوَاكَلُوا أَمْرَكُمْ، وَلَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نُصْرَةِ الْحَقِّ بَيْنَكُمْ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينَ الْبَاطِل لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ، وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ ، وَعَلَى هَضْمِ الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا فِيكُمْ، تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى، وَبِحَقِّ أَقُولُ : لَيُضَعَّفَنَّ عَلَيْكُمُ اللّيهُ مِنْ بَعْدِي - بِاضْطِهَادِكُمْ وُلْدِي - ضِعْفَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ نَهَلاً، وَامْتَلاتُمْ عَلَلاً عَنْ سُلْطَان الشَّجَرَةِ المَلْعُونَةِ فِي الْقُرْآن، لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى نَاعِقِ ضَلَالٍ، وَلَأَجَبْتُمُ الْبَاطِلَ رَكْضَاً، ثُمَّ لَغَادَرْتُمْ دَاعِيَ الْحَقِّ، وَقَطَعْتُمُ الْأَدْنَى مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ، أَلَا وَلَوْ ذَابَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، لَقَدْ دَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ، وَكُشِفَ الْغِطَاءُ، وَانْقَضَتِ المُدَّةُ، وَأَزِفَ الْوَعْدُ ، وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ مِنْ قِبَل المَشْرِقِ ، وَأَشْرَقَ لَكُمْ قَمَرُكُمْ كَمِلْءِ شَهْرهِ وَكَلَيْلَةٍ تَمَّ، فَإِذَا اسْتَبَانَ(1) ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ وَخَالِعُوا الْحَوْبَةَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنْ أطَعْتُمْ طَالِعَ المَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ رَسُولِ الله صلی الله علیه وآله وسلم، فَتَدَارَيْتُمْ(2) مِنَ الصَّمَم ، وَاسْتَشْفَيْتُمْ مِنَ الْبَكَم وَكُفِيتُمْ مَدُّونَةَ التَّعَسُّفِ وَالطَّلَبِ، وَنَبَذْتُمُ الثَّقَلَ الْفَادِحَ عَنِ الْأَعْنَاقِ، فَلَا يُبْعِدُ اللهُ إِلَّا مَنْ أَبَى الرَّحْمَةَ وَفَارَقَ الْعِصْمَةَ، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»[ شعراء: 227].(3)

بيان: (الشيب) بالكسر ،وبضمتين، جمع الأشيب، وهو من ابيض شعره.

و (استدارة الفلك) كناية عن طول مرور الأزمان، أو تغير أحوال الزمان وسيأتي خبر في باب أشراط الساعة يُؤِيد الثاني.(4)

ص: 98


1- في المصدر: (استتم)
2- في المصدر : (فتداويتم)
3- الإرشاد (ج 1 /ص 290 و 291)
4- في المصدر : (فتداويتم)

قوله : (هذا) فصل بين الكلامين، أي خذوا هذا.

و (النهل) محرَّكة : أوَّل الشرب.

و (العلل) محرَّكة : الشربة الثانية، والشرب بعد الشرب تباعاً.

قوله: (كملء شهره) أي كما يملأ في شهره في الليلة الرابع عشر، فيكون ما بعده تأكيداً. أو كما إذا فرض أنه يكون نامياً متزايداً إلى آخر الشهر.

وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من الكافي(1)، وهي كالشرح لهذه، ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلّة بالمعنى.

بيانه في معنى: (فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 113 ح 9):

نهج البلاغة في حَدِيثِهِ علیه السلام : «فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِه، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ فَزَعُ الْخَرِيفِ»، قَالَ السَّيِّدُ : (يَعْسُوبُ الدِّينِ السَّيِّدُ الْعَظِيمُ المَالِكُ لِأُمُور النَّاسِ يَوْمَئِذٍ. وَالْقَزَعُ: قِطَعُ الْغَيْمِ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا).(2)

بيان: قالوا هذا الكلام في خبر الملاحم الذي يذكر فيه المهدي علیه السلام،وقال في النهاية: (أي فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض ذاهباً في أه-ل دي-ن-ه وأتباعه الذين يتَّبعونه على رأيه وهم الأذناب. وقال الزمخشري : الضرب بالذنب هاهنا مثل للإقامة والثبات، يعني أنَّه يثبت هو ومن يتبعه على الدِّين).(3)

ص: 99


1- بحار الأنوار (ج 74 /ص 343 - 347 / ح 29) ، عن الكافي (ج 8 /ص 63 - 66 / ح 22)
2- نهج البلاغة (ص 517/ فصل في غريب كلامه.../ ح )
3- النهاية لابن الأثير (ج 3 /ص 235)

بيانه في معنى: (فهو مغترب وعسيب ذنبه)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 113 و 114/ ح 10):

نهج البلاغة: قَالَ علیه السلام فِي بَعْض خُطَبِهِ : «قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا، وَأَخَذَهَا بجميع أدبهَا مِنَ الإقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالمَعرِفَةِ بِهَا وَالتَّفرغ لها، وَهِيَ عِنْدَ نَفْسِه ضَالَّتُه الَّتِي يَطْلُبُهَا، وَحَاجَتُهُ الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا ، فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ الْإِسْلَامُ، وَضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنْبِهِ، وَأَلْصَقَ الْأَرْضَ بِجِرَانِهِ، بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِه، خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ أَنْبِيَائِه».(1)

بیان: قال ابن أبي الحديد: (قالت الإماميَّة: إنَّ المراد به القائم علیه السلام المنتظر، والصوفيَّة يزعمون أنه ولي الله، وعندهم أنَّ الدنيا لا يخلو عن الأبدال وه- أربعون، وعن الأوتاد وهم سبعة، وعن القطب وهو واحد...، والفلاسفة يزعمون أنَّ المراد به العارف وعند أهل السُّنَّة هو المهدي الذي سيُخلَق، وقد وقع اتفاق الفِرَق بين المسلمين على أنَّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا على المهدي).(2)

قوله علیه السلام : «فَهُوَ مُعْتَرِبٌ» أي هذا الشخص يُخفي نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، واغترب الإسلام باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدل على ما ذهبت إليه الإمامية.

و (العسيب) عظم الذنب، أو منبت الشعر منه.

وإلصاق الأرض بجرانه كناية عن ضعفه وقلّة نفعه، فإنَّ البعير أقل ما يكون نفعه حال بروكه.

ص: 100


1- نهج البلاغة (ص 263/ الخطبة 182)
2- راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 10 /ص 96)

بيانه في ذكر كلام لابن أبي الحديد في شرح خطبة أوردها السيد الرضي في نهج البلاغة، وهي مشتملة على ذكر بني أمية

بحار الأنوار (ج 51 /ص 120 - 122 ح 23):

نهج البلاغة : فِي بَعْضِ خُطَبِهِ علیه السلام : «فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ - يَعْنِي نَفْسَهُ علیه السلام - مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ، وَيَضُمُّ نَشْرَكُمْ...» إلى آخر ما مرَّ في كتاب الفتن.(1)

وقال ابن میثم : ( قد جاء في بعض خُطبه علیه السلام ما يجري مجرى الشرح لهذا الوعد، قال علیه السلام : «اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أنَّ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ قَائِمَنَا مِنْ أَمْر جَاهِلِيَّتِكُمْ [لَيْسَ بِدُونِ مَا اسْتَقْبَلَ الرَّسُولُ مِنْ أَمْرِ جَاهِلِيَّتِكُمْ](2) ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهَا يَوْمَئِذٍ جَاهِلِيَّةٌ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ، فَلَا تَعْجَلُوا فَيَعْجَلَ الخَوْفُ (3) بِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الرِّفْقَ يُمْنٌ، وَالْأَنَاةَ رَاحَةٌ وَبَقَاءُ، وَالْإِمَامَ أَعْلَمُ بِمَا يُنْكَرُ [وَيُعْرَفُ](4)، [وَلَعَمْرِي](5) لَيَنْزَعَنَّ عَنْكُمْ قُضَاةَ السَّوْءِ، وَلَيَقْبِضَنَّ عَنْكُمُ الْمُرَاضِينَ، وَلَيَعْزَلَنَّ عَنْكُمْ أُمَرَاءَ الْجُوْرِ، وَلَيُطَهَّرَنَّ الْأَرْضَ مِنْ كُلِّ غَاسٍ، وَلَيَعْمَلَنَّ فِيكُمْ بِالْعَدْلِ، وَلَيَقُومَنَّ فِيكُمْ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيم، وَلَيَتَمَنَّيَنَّ أَحْيَاؤُكُمْ رَجْعَةَ الْكَرَّةِ عَمَّا قَلِيلٍ، فَتَعَيَّشُوا إِذَنْ فَإِنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ.

اللهَ أَنْتُمْ بِأَحْلَامِكُمْ، كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَكُونُوا مِنْ وَرَاءِ مَعَايِشِكُمْ، فَإِنَّ

ص: 101


1- بحار الأنوار (ج 34 /ص 214 و 215 ح 990)، عن نهج البلاغة (ص 145 و 146 / الخطبة 100)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- في المصدر : (الخرق)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
5- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي

الحِرْمَانَ سَيَصِلُ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ صَبَرْتُمْ وَاحْتَسَبْتُمْ وَاسْتَيْقَنْتُمْ(1) أَنَّهُ طَالِبٌ وَتَرَكُمْ وَمُدْرِكُ آثَارَكُمْ وَآخِذُ بِحَقِّكُمْ، وَأُقْسِمُ بِالله قَسَماً حَقًّا إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ»).(2)

أقول: وقال ابن أبي الحديد في شرح خطبة أوردها السيد الرضي في (نهج البلاغة) مشتملة على ذكر بني أميَّة: (هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السِّيَر، وهي متداولة منقولة مستفيضة، وفيها ألفاظ لم يورد دها الرضي).

ثمّ قال: (ومنها:«فَانْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبَدُوا، وَإِن اسْتَنْصَرُ وكُمْ فَانْصُرُوهُمْ لَيَفْر جَنَّ اللهُ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، بِأَبِي ابْن خِيَرَةِ الْإِمَاءِ، لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً، مَوْضُوعاً عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةً حَتَّى تَقُولَ قُرَيْسٌ : لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا، فَيُغْرِيهِ اللهُ بِبَني أُمَيَّةَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ حُطَامًا وَرُفَاتاً،«مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتَّلُوا تَقْتِيلاً»«سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً» [الأحزاب: 61 و 62]».

ثمّ قال ابن أبي الحديد: (فإن قيل: من هذا الرجل الموعود؟

قيل : أمَّا الإماميّة فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر، وأنه ابن أمة اسمها نرجس.

وأما أصحابنا فيزعمون أنَّه فاطمي يُولد في مستقبل الزمان لأُمّ ولد، وليس بموجود الآن.

فإن قيل: فمن يكون من بني أُميَّة في ذلك الوقت موجوداً حتّى يقول علیه السلام أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم ؟

ص: 102


1- في المصدر: (وائتلفتم)
2- راجع شرح نهج البلاغة لابن ميثم (ج 3 /ص 9)

قيل : أمَّا الإماميَّة فيقولون بالرجعة، ويزعمون أنه سيُعاد قوم بأعيانهم من أميَّة وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر، وأنَّه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم، ويسمل عيون بعضهم، ويصلب قوماً ،آخرين، وينتقم من أعداء آل محمّد علیهم السلام المتقدمين والمتأخرين.

وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلاً من ولد فاطمة سلام الله علیها ليس موجوداً الآن، وينتقم (به) ، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً من الظالمين، ويُنكّل بهم أشدّ النكال، وأنَّه لأُمّ ولد كما قد ورد في هذا الأثر وفي غيره من الآثار، وأنَّ اسمه كاسم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، وأنه يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أُميّة، وهو السفياني الموعود به في الصحيح، من ولد أبي سفيان بن حرب بن أُميّة، وأنَّ الإمام الفاطمي يقتله وأشياعه من بني أمية وغيرهم، وحينئذ ينزل المسيح علیه السلام السماء، وتبدو أشراط الساعة، وتظهر دابَّة الأرض، ويبطل التكليف، ويتحقق قيام الأجساد عند نفخ الصور، كما نطق به الكتاب العزيز).(1)

بيانه في معنى : (ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 122 - 130/ ح 24):

الكافي : أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ الله المُحَمَّدِيّ، عَنْ أبي رَوْحٍ فَرَج بْن قُرَّةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْن عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: «خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام [بِالمَدِينَةِ](2)، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ، ثُمَّ قَالَ: ... وَلَعَلَّ اللهَ يَجْمَعُ شِيعَتِي بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ يَوْمٍ هِؤُلَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّه عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِيَرَةُ، بَلْ اللَّه الْخِيَرَةُ وَالْأَمْرُ جَمِيعاً أَيُّهَا

ص: 103


1- راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 2 /ص 57 - 59)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي

النَّاسُ، إِنَّ المُنتَحِلِينَ لِلْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا كَثِيرٌ وَلَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ مُرِّ الْحَقِّ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينَ الْبَاطِلِ، لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ، عَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا ، لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى [بْنِ عِمْرَانَ] علیه السلام . وَلَعَمْرِي لَيُضَاعَفَنَّ عَلَيْكُمُ التَّيْهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَلَعَمْرِي أَنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِي مُدَّةَ سُلْطَان بَني أُمَيَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى سُلْطَان الدَّاعِي إِلَى الضَّلَالَةِ وَأَحْيَيْتُمُ الْبَاطِلَ وَأَخْلَفْتُمُ الحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَقَطَعْتُمُ الْأَدْنَى مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وَلَعَمْرِي أَنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ لَدَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ، وَقَرُبَ الْوَعْدُ، وَانْقَضَتِ المُدَّةُ، وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَل المَشْرِقِ، وَلَاحَ لَكُمُ الْقَمَرُ المنيرُ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ المَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى وَالصَّمَم وَالْبَكَم وَكُفِيتُمْ مَتُونَةَ الطَّلَبِ وَالتَّعَسُّفِ، وَنَبَذْتُمُ الثَّقَلَ الْفَادِح عَنِ الْأَعْنَاقِ، وَلَا يُبَعدُ اللهُ إِلَّا مَنْ أَبَى وَظَلَمَ وَاعْتَسَفَ، وَأَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»[الشعراء: 227]».(1)

بيان: ... ( ولعلَّ الله يجمع) إشارة إلى زمن القائم علیه السلام

(لدنا التمحيص للجزاء) أي قرب قيام القائم، والتمحيص الابتلاء والاختبار، أي يبتلي الناس ويمتحنون بقيامه علیه السلام ليخزي الكافرين ويُعذِّبهم في الدنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم. ويمكن أن يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إن خيراً فخيراً وإن شرًّا فشرًا.

(وقرب الوعد) أي وعد الفرج.

(وانقضت المدَّة) أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل.

ص: 104


1- الكافي (ج 8: 63 - 66/ ح 22)

(وبدا لكم النجم) هذا من علامات ظهور القائم علیه السلام كما سيأتي(1) ...

(ولاح لكم القمر المنير) الظاهر أنَّه استعارة للقائم علیه السلام ، ويُؤيده ما مرَّ بسند آخر: (وأشرق لكم قمركم)(2)، ويحتمل أن يكون من علامات قيامه علیه السلام ظهور قمر آخر أو شيء شبيه بالقمر.

(إِنْ اتَّبعتم طالع المشرق) أي القائم علیه السلام، وذكر المشرق إما لترشيح الاستعارة السابقة، أو لأنَّ ظهوره علیه السلام من مكة وهي شرقية بالنسبة (إلى المدينة)، أو لأنَّ اجتماع العساكر عليه وتوجهه علیه السلام إلى فتح البلاد إنَّما يكون من الكوفة وهي شرقية بالنسبة إلى الحرمين وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل (أنار الله برهانه) بعيد.

(والتعسُّف) أي لا تحتاجون في زمانه الله إلى طلب الرزق والظلم على الناس لأخذ أموالهم.

(ونبذتهم الثقل الفادح) أي الديون المثقلة ومظالم العباد، أو إطاعة أهل

الجور وظلمهم.

(ولا يُبعِّد الله) أي في ذلك الزمان، أو مطلقاً.

(إِلَّامن أبى) أي عن طاعته لا ، أو طاعة الله.

و (ظلم) أي نفسه، أو الناس.

(واعتسف) أي مال عن طريق الحق، أو ظلم غيره.

بيانه في ما نقله عن ابن أبي الحديد في معنى: (وبنا يختم لا بكم)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 130 - 132 ح 25):

نهج البلاغة: مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) فِي ذِكْرِ المَلَاحِمِ: يَعْطِفُ

ص: 105


1- بحار الأنوار (ج 52 /ص 267 و 268 ح 155) ، عن كفاية الأثر (ص 213 - 219)
2- بحار الأنوار 0ج 51 /ص 111 / ح 6)، عن الإرشاد (ج 1 /ص 290 و 291)

الهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهْوَى، وَيَعْطِفُ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْي».

منها: «حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاقٍ، بَادِياً نَوَاجِذْهَا، مَمْلُوءَةً أَخْلَافُهَا، حُلُوا رَضَاعُهَا، عَلْقَا عَاقِبَتُهَا، أَلَا وَفِي غَدٍ وَسَيَأْتِي غَدْ بِمَا لَا تَعْرِفُونَ، يَأْخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرِهَا عُمَّا لَهَا عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا، وَتُخْرِجُ لَه الْأَرْضُ أَفَالِيذَ كَبِدِهَا، وَتُلْقِي إِلَيْهِ سلْماً مَقَالِيدَهَا ، فَيُرِيكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ، وَيُحْيِي مَيِّتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ».(1)(2)...

إيضاح : ... وقال ابن أبي الحديد في شرح بعض خُطبه (صلوات الله عليه): (قال شيخنا أبو عثمان وقال أبو عبيدة : وزاد فيها في رواية جعفر بن محمد علیهما السلام عن آبائه علیهم السلام : «أَلَا إِنَّ أبرار عترتي وأطائب أُرومتي أحلم الناس صغاراً وأعلم الناس كباراً ، ألا وإنّا أهل بيت من علم الله علمنا وبحكم الله حكمنا ومن قول صادق سمعنا، فإنْ تتَّبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، معنا راية الحقِّ من تبعها لحق ومن تأخر عنها غرق، ألا وبنا يدرك ترة كل مؤمن، وبنا تُخلع ربقة الذل عن أعناقكم، وبنا فُتِحَ لا بكم، وبنا يُختم لا بكم») .

ثمّ قال ابن أبي الحديد: (وبنا يُختم لا بكم: إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان، وأكثر المحدثين على أنَّه من ولد فاطمة سلام الله عليها ، وأصحابنا المعتزلة لا يُنكرونه، وقد صرَّحوا بذكره في كتبهم، واعترف به شيوخهم، إلّا أنَّه عندنا لم يُخلَق بعد وسيُخلَق، وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضاً. [و](3)روى قاضي القضاة، عن كافي الكفاة [أبي القاسم] إسماعيل بن عبّاد

ص: 106


1- نهج البلاغة (ص 195 و 196/ الخطبة 138)
2- تقدَّم مثله في (ص 47) ، فراجع
3- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي

بإسناد متصل بعليٍّ علیه السلام أنه ذكر المهدي وقال: «إنَّه من ولد الحسين علیه السلام»، وذكر حليته فقال: «رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، أبلج الثنايا بفخذه اليمنى شامة». وذكر هذا الحديث بعينه عبد الله ابن قتيبة في كتاب غريب الحديث)(1)انتهى...

بيانه في معنى: (أمّا الأولى فستَّة أيام وستة أشهر وست سنين)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 134 و 135/ ح 1):

إكمال الدين : ابْنُ عِصَامٍ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَن الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيِّ ، (عَنْ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيلَ) ، عَن ابْن حُمَيْدِ، عَن ابْنِ قَيْسٍ، عَن الثَّمَالِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْن علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: «فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ»[الأنفال: 75]، وَفِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ»[الزخرف: 28]، وَالْإِمَامَةُ فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ بْن عَلَيَّ بن أبي طَالِبٍ علیه السلام إلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى، أَمَّا الْأُولَى فَسِتَةَ أَيَّامٍ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ وَسِتُّ سنينَ(2)، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَيَطُولُ أَمَدُهَا حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ أَكْثَرُ مَنْ يَقُولُ بِهِ، فَلَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ قَويَ يَقِينُهُ وَصَحَتْ مَعْرِفَتُهُ وَلَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْنَا، وَسَلَّمَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».(3)

بیان: قوله علیه السلام: «فستَّة أيام» لعله إشارة إلى اختلاف أحواله علیه السلام في غيبته، فستّة أيام لم يطلع على ولادته إلَّا خاص الخاص من أهاليه علیه السلام ، ثم بعد ستّة أشهر اطّلع عليه غيرهم من الخواص، ثم بعد ست سنين عند وفاة والده علیه السلام ظهر أمره لكثير من الخلق.

ص: 107


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 1 /ص 276 و 281 و 282)
2- في المصدر : (أو ستة أشهر، أو ست سنين)
3- كمال الدين (ص 323 و 324 /باب 31/ ح)

أو إشارة إلى أنَّه بعد إمامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحد، ثم بعد ستّة أشهر انتشر أمره ، وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء.

والأظهر أنَّه إشارة إلى بعض الأزمان المختلفة التي قُدِّرت لغيبته، وأنَّه قابل للبداء.

ويُؤيده ما رواه الكليني بإسناده عن الأصبغ في حديث طويل قد مرَّ بعضه في باب إخبار أمير المؤمنين علیه السلام، ثمّ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، وكم تكون

الحيرة والغيبة؟

فقال: «ستّة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين».

فقلت : وإن هذا لكائن؟

فقال: «نعم، كما أنَّه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ؟ أُولئك خي هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة».

فقلت: ثمّ ما يكون بعد ذلك؟

فقال: «ثمّ يفعل الله ما يشاء، فإنَّ له بداءات وإرادات وغايات ونهايات»(1)، فإنَّه يدلّ على أنَّ هذا الأمر قابل للبداء، والترديد قرينة ذلك، والله يعلم.

بيانه في معنى: (لم يُدر أيٌّ من أيّ)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 136 و 137/ ح3):

إكمال الدين : عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو اللَّيْثِيِّ (2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أَحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَر بْن وَهْبِ الْبَغْدَادِيِّ وَيَعْقُوبَ بْن يَزِيدَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن الْحَسَن، عَنْ سَعْدِ بْن أَبِي خَلَفٍ، عَنْ مَعْرُوفِ ابْن خَرَّبُونَ، قَالَ: قُلْتُ لأبي جَعْفَر علیه السلام: أخْبِرْنِي عَنكُمْ.

ص: 108


1- الكافي (ج 1 /ص 338 باب في الغيبة / ح 7)
2- في المصدر : (الكشّي)

قَالَ: «نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ إِذَا خَفِيَ نَجْمٌ بَدَا نَجْمٌ [مِنَّا](1)، مَأْمَنٌ(2) وَأَمَانٌ وَسِلْمٌ وَإِسْلاَمٌ وَفَاتِحٌ وَمِفْتَاحُ ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَى بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّ مِنْ أَيِّ أظْهَرَ اللهُ عزوجل [لَكُم] صَاحِبَكُمْ، فَاحْمَدُوا اللهَ عزوجل، وَهُوَ يُخَيَّرُ الصَّعْبَ عَلَى الذُّلُولِ».

فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَتَهُما يَخْتَارُ؟

قَالَ: «يَختَارُ الصَّعْبَ عَلَى الذُّلُولِ».(3)

بيان: (لم يُدْرَ أَيُّ من أيٍّ) : لا يُعرَف أَيُّهم الإمام، أو لا يتميزون في الكمال تميزاً بيناً، لعدم كون الإمام ظاهراً بينهم.

والصعب والذلول إشارة إلى السحابتين اللتين خُيّر ذو القرنين بينهما، فاختار الذلول، وترك الصعب للقائم علیه السلام.

بيانه في معنى: (إلا مات غيظاً أو حتف أنفه)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 138/ ح ):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ بِإِسْنَادِ لَهُ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ ، وَوَالله مَا فِي بَيْتِكَ مِثْلُكَ، فَكَيْفَ لَا تُخرَجُ؟

فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ، قَدْ أَخَذْتَ تَفْرُشُ أُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى، لَا وَالله مَا أَنَا بِصَاحِبِكُمْ».

قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟

فَقَالَ: «انْظُرُوا مَنْ غُيِّبَ عَن النَّاسِ وِلادَتُهُ، فَذَلِكَ صَاحِبُكُمْ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ وَيُمْضَعُ بِالْأَلْسُنِ إِلَّا مَاتَ غَيْظاً أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ».

ص: 109


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك المورد التالي
2- في المصدر: (أمن)
3- كمال الدين (ص 329 و 330 /باب 32 ح /13)

الغيبة للنعماني: الكليني، عن الحسن بن محمّد وغيره، عن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين عن العبّاس بن عامر(1)، عن موسى بن هليل(2)العبدي، عن عبد الله بن عطاء، مثله.(3)

بيان: الأظهر ما مرَّ في رواية ابن عطاء أيضاً: (إلَّا مات قتلاً)(4)، ومع قطع النظر عمَّا مرَّ يحتمل أن يكون الترديد من الراوي، ويحتمل أن يكون الموت غيظاً كناية عن القتل، أو يكون المراد بالشق الثاني الموت على غير حال شدة وألم، أو يكون الترديد لمحض الاختلاف في العبارة، أي إن شئتَ قل هكذا وإن شئتَ هكذا.

بيانه في معنى: (وإنَّ صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللبن مني)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 140 و 141 / ح 14):

الكافي: الْعِدَّةُ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَم عَنْ زَيْدِ أَبِي الحَسَن،

ص: 110


1- في المصدر : (عن جعفر بن محمد، عن علي بن العبّاس بن عامر)
2- في المصدر: (هلال)
3- الغيبة للنعماني (ص 171 و 172 / باب 10 فصل 3 /ح 7)
4- بحار الأنوار (ج 51 /ص 36 ح 7) ، عن الغيبة للنعماني ( ص 172 /باب 10 فصل 3 / ح8)؛ ونصّه : الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن علي بن الحسين عن العبّاس بن عامر ، عن موسى بن هلال، عن عبد الله بن عطاء قال خرجت حاجا من واسط، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي الكلا، فسألني عن الناس والأسعار، فقلت: تركت الناس مادين أعناقهم إليك لو خرجت لاتبعك الخلق، فقال: «يا بن عطا أخذت تفرش أُذُنيك للنوكى، لا والله ما أنا بصاحبكم، ولا يُشار إلى رجل منا بالأصابع ويمطّ إليه بالحواجب إلا مات قتيلاً أو حتف أنفه» ، قلت : وما حتف أنفه ؟ قال: «يموت بغيظه على فراشه حتَّى يبعث الله من لا يؤبه لولادته، قلت ومن لا يؤبه لولادته؟ قال: «انظر من لا يدري الناس أنَّه وُلِدَ أم لا؟ فذاك صاحبكم». ثم قال المجلسي: بيان النوكى الحمقى، وقال الجوهري: مطّ حاجبيه أي مدهما. قوله: (قلت: ومن لا يؤبه): أي ما معناه، ويحتمل أن يكون سقط لفظة (من) من النسّاخ لتوهم التكرار

عَن الحكم بن أبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرِ علیه السلام وَهُوَ بِالمَدِينَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: عَلَيَّ نَذْرُ بَيْنَ الرُّكْن وَالمُقَام إِذَا أَنَا لَقِيتُكَ أنْ لَا أَخْرُجَ مِنَ المَدِينَةِ ن أَعْلَمَ أَنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْ لَا.

فَلَمْ يُجبْني بِشَيْءٍ، فَأَقَمْتُ ثَلَاثِينَ يَوْماً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَنِي فِي طَرِيقِ، فَقَالَ: «يَا حَكَمُ، وَإِنَّكَ هَاهُنَا بَعْدُ؟».

فَقُلْتُ: إِنِّي أَخْبَرْتُكَ بِمَا جَعَلْتُ اللهِ عَلَيَّ، فَلَمْ تَأْمُرْنِي وَلَمْ تَنْهَنِي عَنْ شَيْءٍ وَلَمْ تُجِبْني بِشَيْءٍ.

فَقَالَ: «بَكَّرْ عَلَيَّ غُدْوَةً المَنْزِلَ».

فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ علیه السلام : «سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ».

فَقُلْتُ: إِنّي جَعَلْتُ اللَّه عَلَيَّ نَدْراً وَصِيَاماً وَصَدَقَةً بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ إِنْ أَنَا لَقِيتُكَ أنْ لَا أَخْرُجَ مِنَ المَدِينَةِ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْ لَا، فَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ رَابَطْتُكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَنْتَ سِرْتُ فِي الْأَرْضِ فَطَلَبْتُ المَعَاشَ.

فَقَالَ: «يَا حَكَمُ كُلْنَا قَائِمٌ بِأمر الله»

قُلْتُ: فَأَنْتَ المَهْدِيُّ؟

قَالَ: «كُلُّنَا يُهْدَي إِلَى الله».

قُلْتُ : فَأَنْتَ صَاحِبُ السَّيْفِ؟

قَالَ: «كُلُّنَا صَاحِبُ السَّيْفِ، وَوَارثُ السَّيْفِ».

قُلْتُ: فَأَنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ أعْدَاءَ الله، وَيَعِزُّ بِكَ أَوْلِيَاءُ اللهِ، وَيَظْهَرُ بِكَ دِينُ الله؟

فَقَالَ: «يَا حَكَمُ، كَيْفَ أَكُونُ أَنَا [وَلَقَدْ](1) بَلَغْتُ خَمْساً وَأَرْبَعِينَ [سَنَةٍ]، وَإِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ أَقْرَبُ عَهْداً بِاللَّبَن مِني وَأَخَفٌ عَلَى ظَهْر الدَّابَّةِ».(2)

ص: 111


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموردان التاليان
2- الكافي (ج 1 /ص 536 / باب أنَّ الأئمة كلهم قائمون بأمر الله .../ ح 1)

بيان: (أقرب عهداً باللبن) أي بحسب المرأى والمنظر، أي يحسبه الناس شابًّا، لكمال قوته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه.

وقيل : أي عند إمامته، فذكر الخمس والأربعين لبيان أنه كان عند الإمامة أسنّ، لعلم السائل أنَّه لم يمض من إمامته حينئذ إلا سبع سنين، فسنه عندها كانت ثماناً وثلاثين.

والأول أوفق بما سيأتي من الأخبار، فتفطّن.

بيانه في تعليق النعماني على رواية: «ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره ودرهمه موضعاً»

بحار الأنوار (ج 51 /ص 146 و 147 / ح 17):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَابَنْدَادَ، [عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ](1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْكَاهِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: تَوَاصَلُّوا وَتَبَارُّوا وَتَرَاحَمُوا، فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ وَقْتُ لَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ لِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مَوْضِعاً ، يَعْنِي لَا يَجِدُ لَهُ عِنْدَ ظُهُورِ الْقَائِم علیه السلام مَوْضِعاً يَصْرِفُهُ فِيهِ لاِسْتِغْنَاءِ النَّاسِ جَمِيعاً بِفَضْل الله وَفَضْل وَلِيِّهِ.

فَقُلْتُ: وَأَنَّىٰ يَكُونُ ذَلِكَ؟

فَقَالَ: «عِنْدَ فَقْدِكُمْ إِمَامَكُمْ، فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَطْلُعَ عَلَيْكُمْ كَمَا يَطْلُعُ الشَّمْسُ أَيْنَمَا تَكُونُونَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشَّكَ وَالْاِرْتِيَابَ انْفُوا عَنْ نُفُوسِكُمْ الشُّكُوكَ، وَقَدْ حُدِّرْتُمْ فَاحْذَرُوا ، وَمِنَ الله أَسْأَلُ تَوْفِيقَكُمْ وَإِرْشَادَكُمْ».(2)

بيان: الظاهر أنَّ (يعني) كلام النعماني، والظاهر أنَّه أخطأ في تفسيره،

ص: 112


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- الغيبة للنعماني ( ص 152 و 153 / باب 10 / ح 8)

لأنَّه وصف لزمان الغيبة لا لزمان ظهوره علیه السلام كما يظهر من آخر الخبر، بل المعنى أنَّ الناس يكونون خونة لا يوجد من يؤتمن على درهم ولا دينار.

بيانه في معنى: (وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي... سمي جدي.... ،عليه جلابيب النور...)

بحار الأنوار (ج 51/ ص 152 - 154/ ح 2):

عيون أخبار الرضا علیه السلام: أبي عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن هِلَالٍ، عَن ابْنِ مَحْبُوبِ، عَنْ أَبِي الحَسَن الرَّضَا علیه السلام، قَالَ : قَالَ لِي: «لَا بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشَّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي، يَبْكِي عَلَيْهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ وَكُلُّ حَرَّىٰ وَحَرَّانَ، وَكُلُّ حَزِينِ لَهفَانَ».

ثُمَّ قَالَ: «بِأَبِي وَأُمَّي سَمِيُّ جَدِّي وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ علیه السلام ، عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّور، تَتَوَقَدُ بِشُعَاع ضِيَاءِ الْقُدْس ، كَمْ مِنْ حَرَّى مُؤْمِنَةٍ، وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأَسِّفٍ حَيْرَانُ حَزِينٌ عِنْدَ فِقْدَانِ المَاءِ المَعِين، كَأَنِّي بِهِمْ آيَسٌ مَا كَانُوا [قَدْ](1) نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُ مَنْ قَرُبَ، يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرِينَ.(2)

بيان: ... والمراد بالثالث الحسن العسكري، والظاهر رجوع الضمير في (عليه) إليه، ويحتمل رجوعه إلى إمام الزمان المعلوم بقرينة المقام. وعلى التقديرين المراد بقوله: «سمي جدي» القائم علیه السلام

قوله علیه السلام: «عليه جيوب «النور» لعلَّ المعنى أنَّ جيوب الأشخاص النورانيَّة من كمل المؤمنين والملائكة المقربين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن

ص: 113


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- عيون أخبار الرضا (ج 2 /ص 9 و 10 / ح 14)

على غيبته وحيرة الناس فيه، وإنَّما ذلك لنور إيمانهم الساطع من شموس عوالم القدس.

ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة إلى النور والتي يسطع منها أنوار فيضه وفضله تعالى.

والحاصل أنّ عليه (صلوات الله عليه) أثواب قدسيّة وخلع ربّانية تتَّقد من جيوبها أنوار فضله وهدايته تعالى.

ويُؤيّده ما مرَّ في رواية محمّد بن الحنفية عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم: «جلابیب النور».(1)

ويحتمل أن يكون ( على ) تعليليَّة، أي ببركة هدايته وفيضه علیه السلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم والمعارف الربانية...

بيانه في معنى (فقال: لا أين)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 156 و 157/ ح 2):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْن عَليَّ الْقَيْسِي، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلَيٍّ الرِّضَا علیه السلام : مَن الْخَلَفُ بَعْدَكَ؟

قَالَ: «ابْني عَلِيٌّ، ابْنِي عَلِيٌّ»(2)، ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيَّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ حَيْرَةٌ».

قُلْتُ : فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَإِلَى مَنْ(3)؟

فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ: «لَا أَيْنَ - حَتَّى قَالَهَا ثَلاثاً -».

ص: 114


1- بحار الأنوار (ج 36 /ص 336 و 337 / ح 200 ) ، عن كفاية الأثر: (156 - 159)
2- في المصدر: (وابنا علي)
3- في المصدر: (أين)

فَأَعَدْتُ [عَلَيْهِ](1) ، فَقَالَ: «إِلَى المَدِينَةِ».

فَقُلْتُ : أَيِّ المُدُنِ؟

فَقَالَ: «مَدِينَتِنَا هَذِهِ، وَهَلْ مَدِينَةٌ غَيْرُهَا؟».

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ بَزِيعٍ أَنَّهُ حَضَرَ أُمَيَّةَ بْنَ عَلِيٍّ الْقَيْسِيَّ وَ هُوَ يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ بِهَذَا الْجَوَابِ.

الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن هلال، عن أُمية بن علي القيسي، وذكر مثله.(2)

بیان: (فقال : لا أين) أي لا يُهتدى إليه، وأين يُوجَد ويُظفر به.

أشار علیه السلام إلى أنه يكون في بعض الأوقات في المدينة، أو يراه بعض الناس فيها.

بيانه في معنى: (يسير الصم الصلاب)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 157 ح 3):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ(3)، عَنْ أَبِي سَعْدٍ(4) سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرّضَا علیهما السلام أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِذَا مَاتَ ابْنِي عَلِيٌّ بَدَا سِرَاجٌ بَعْدَهُ، ثُمَّ خَفِيَ فَوَيْلٌ لِلْمُرْتَابِ، وَطُوبَى لِلْعَرب) الْفَارٌ بِدِينِهِ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْدَاثٌ تَشِيبُ فِيهَا(5)النَّوَاصِي ، وَيَسِيرُ الصُّمُّ اَلصِّلاَبُ».(6) (6).

ص: 115


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- الغيبة للنعماني (ص 191 و 192 باب 10 /فصل 4/ ح 36)
3- في المصدر : (عصام)
4- في المصدر: (سعيد)
5- في المصدر : (وطوبى للغريب)؛ والظاهر أنه هو الصحيح
6- الغيبة للنعماني (ص/192 باب 10 /فصل 4 /ح 37)

بيان: سير الصم الصلاب كناية عن شدَّة الأمر وتغير الزمان حتَّى كأنَّ الجبال زالت عن مواضعها ، أو عن تزلزل الثابتين في الدِّين عنه.

بيانه في معنى: (إذا رفع علمكم من بين أظهر كم)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 159 و 160 / ح 4):

إكمال الدين : أَبِي عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ(1) بْنِ أَبِي غَانِمٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: كُنتُ أَنَا [وَنُوحُ](2) وَأَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَنَزَلْنَا عَلَى وَادِي زُبَالَةَ، فَجَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ، فَجَرَى ذِكْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبَعُدَ الْأَمْرُ عَلَيْنَا، فَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ كَتَبْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَذْكُرُ شَيْئاً مِنْ هَذَا، فَكَتَبَ (إِلَيَّ ): «إِذَا رُفِعَ عَلَمُكُمْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَتَوَفَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِكُمْ».(3)

بيان: (عَلَمكم) بالتحريك، أي مَنْ يُعلَم به سبيل الحقِّ، وهو الإمام علیه السلام . أو بالكسر، أي صاحب عِلْمكم، فرجع إلى الأوّل. أو أصل العلم بأن تشيع الضلالة والجهالة في الخلق.

وتوقع الفرج من تحت الأقدام كناية عن قربه وتيسر حصوله، فإن من كانت قدماه على شيء فهو أقرب الأشياء به ويأخذه إذا رفعهما، فعلى الأولين المعنى أنَّه لا بد أن تكونوا في تلك الأزمان متوقعين للفرج كذلك، غير آيسين منه.

ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ظهور الإمام، أي يحصل لكم فرج إمَّا بالموت والوصول إلى رحمة الله، أو ظهور الإمام، أو رفع شر الأعادي بفضل الله .

وعلى الوجه الثالث الكلام محمول على ظاهره، فإنَّه إذا تمت جهالة الخلق

ص: 116


1- في المصدر: (عبد الله)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- كمال الدين (ص 381 /باب 37 ح 4)

وضلالتهم لا بدَّ من ظهور الإمام علیه السلام كما دلّت الأخبار وعادة الله في الأُمم الماضية عليه.

بيانه في معنى: (إن صاحب هذا الأمر فيه سُنَّة من يوسف: ابن أمة سوداء)

بحار الأنوار (ج 51 /ص 218 و 219/ ح 8):

إكمال الدِّينِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرِ اللَّيْثِيُّ(1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ(2) الْقُمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ [بْنِ أَحْمَد](3) بْنِ يَحْيَى، عَنْ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْأَزْدِيِّ، عَنْ ضُرَيْسِ الْكُنَاسِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام لا يَقُولُ: «إِنْ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ فِيهِ سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ : اِبْنُ أَمَةٍ سَوْدَاءَ، يُصْلِحُ اللهُ [عزوجل] أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ».(4)

الغيبة للنعماني: ابن عقدة عن محمّد بن المفضَّل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسن(5) [و محمّد بن أحمد بن الحسن القطواني](6) جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم عن الكناسي، مثله .(7)

بیان: قوله علیه السلام: «ابن أمة سوداء» يخالف كثيراً من الأخبار التي وردت في وصف أُمّه علیه السلام ظاهراً ، إِلَّا أَنْ يُحمل على الأُم بالواسطة أو المربّية.

ص: 117


1- في المصدر : (عن أبي عمرو الكشي)
2- في المصدر : ( علي بن محمد)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي
4- كمال الدين : 329 باب 32 /ح 12
5- في المصدر: (الحسين)
6- ما بين المعقوفتين من المصدر
7- الغيبة للنعماني (ص 166 /باب 10 فصل 3 /ح 3)

بيانه في معنى: (السفتجة والغريم)

بحار الأنوار (ج 51/ ص 297 - 299 / ح 15):

الكافي، الإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ : لَمَّا مَاتَ أَبِي وَصَارَ اَلْأَمْرُ إِلَيَّ، كَانَ لِأَبِي عَلَى النَّاسِ سَفَاتِجُ مِنْ مَالِ الْغَرِيم - يَعْنِي صَاحِبَ الْأَمْرِ علیه السلام ، قَالَ الشَّيْخُ الْفِيدُ: وَهَذَا رَمُزٌ كَانَتِ الشَّيعَةُ تَعْرِفُةَ قَدِيماً بَيْنَهَا، وَيَكُونُ خِطَابُهَا عَلَيْهِ لِلتَّقيَّة -.

قَالَ: فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ أُعْلِمُهُ.

فَكَتَبَ إِلَيَّ : «طَالِبُهُمْ وَاسْتَقْص(1) عَلَيْهِمْ».

فَقَضَانِي النَّاسُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ سُفْتَجَةٌ بِأَرْبَعِيائَةِ دِينَارٍ، فَجِئْتُ إِلَيْهِ أَطْلُبُهُ، فَمَطَلَنِي وَاسْتَخَفَّ بِي ابْنُهُ وَسَفِهَ عَلَيَّ، فَشَكَوْتُهُ إِلَى أَبِيهِ، فَقَالَ: وَكَانَ مَاذَا؟

فَقَبَضْتُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَأَخَذْتُ بِرِجْلِهِ وَسَحَبْتُهُ إِلَى وَسَطِ الدَّارِ (وَرَكَلْتُهُ رَكْلاً كَثِيراً)(2)، فَخَرَجَ إِبْنُهُ مُسْتَغِينَا(3) بِأَهْلِ بَغْدَادَ يَقُولُ: قُمِّيٌّ رَافِضِي قَدْ قَتَلَ وَالِدِي. وَالِدِي.

فَاجْتَمَعَ عَلَيَّ مِنْهُمْ خَلْقٌ [كَثِيرٌ](4) ، فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَقُلْتُ: أَحْسَنْتُمْ يَا أَهْلَ بَغْدَادَ تَميلُونَ مَعَ الظَّالِم عَلَى الْغَرِيبِ المَظْلُوم ، أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَمَذَانَ(5) مِنْ أَهْل اَلسُّنَّةِ، وَ هَذَا يَنْسُبُنِي إِلَى ثُمَّ وَيَرْمِينِي بِالرَّفْضَ(6) لِيَذْهَبَ بِحَقِّي وَمَالِي.

ص: 118


1- في الكافي: (واستقض)
2- ما بين القوسين لا يوجد في الإرشاد
3- في الإرشاد (مستعيناً)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في الكافي
5- في الكافي: (همدان)
6- في الكافي: (وهذا ينسبني إلى أهل قم والرفض)

قَالَ: فَمَالُوا عَلَيْهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوا إِلَى حَانُوتِهِ حَتَّى سَكَنْتُهُمْ، وَطَلَبَ إِلَيَّ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ [أَنْ آخُذَ مَا فِيهَا](1) ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُوَفِّينِي مَالِي فِي اَلْحَالِ، فَاسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ(2)(3).

بيان في القاموس : (السفتجة كقرطقة أنْ تُعطي مالاً لآخذ(4)وللآخذ مال في بلد المعطي فيُوفِّيه إيَّاه ثَمَّ ، فيستفيد أمن الطريق، وفعله السفتجة بالفتح(5)، وقال: (الغريم: المديون والدائن ضدٌّ)(6)انتهى.

وأقول : تكنيته علیه السلام به تقيَّة يحتمل الوجهين أمَّا على الأوَّل فيكون على التشبيه؛ لأنَّ من عليه الديون يُخفي نفسه من الناس ويستتر منهم، أو لأنَّ الناس يطلبونه لأخذ العلوم والشرائع منه وهو يهرب منهم تقيَّةً، فهو غريم مستتر محق (صلوات الله عليه) . وأما على الثاني فهو ظاهر؛ لأنَّ أمواله علیه السلام في أيدي الناس وذممهم لكثيرة، وهذا أنسب بالأدب..

بيانه حول ما يظهر من سفارة البزوفري وما يستظهره منها:

بحار الأنوار (ج 51 /ص 323 - 325 - ح 43):

غيبة الشيخ الطوسي: ... قَالَ(7) : وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ عَتِيقِ كُتِبَ بِالْأَهْوَازِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمائَةٍ : أَبو عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ

ص: 119


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في الكافي
2- في الكافي : (وحلف بالطلاق أنْ يُوفِّيني مالي حتَّى أخرجتهم عنه)
3- الكافي (ج 521/1 و 522/ باب مولد الصاحب /ح 15)؛ الإرشاد (ج 2 /ص 362 و 363)
4- في المصدر : (الآخر)؛ وكذلك المورد التالي
5- القاموس المحيط (ج 1 /ص 194)
6- القاموس المحيط (ج 4 /ص 156 ، وفيه: (الدائن والمديون ضدٌّ)
7- أي (ابن نوح)

عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [بْنِ عُمَرَ](1) بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اَلْجُرْجَانِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ بِمَدِينَةِ ثُمَّ ، فَجَرَى بَيْنَ إِخْوَانِنَا كَلَامٌ فِي أَمْرِ رَجُلٍ أَنْكَرَ وَلَدَهُ، فَأَنْفَذُوا رَجُلاً إِلَى الشَّيْخ (صَانَهُ اللَّهُ) ، وَكُنْتُ حَاضِراً عِنْدَهُ (أَيَّدَهُ اللَّهُ)، فَدُفِعَ إِلَيْهِ الْكِتَابُ، فَلَمْ يَقْرَأَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَوْفَرِيٌّ (أَعَزَّهُ اللَّهُ) لِيُجِيبَ عَنِ الْكِتَابِ، فَصَارَ إِلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَوَاقَعَهَا فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَقُلْ لَهُ : فَيَجْعَلُ اِسْمَهُ مُحَمَّداً، فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَى الْبَلَدِ وَعَرَّفَهُمْ وَوَضَحَ عِنْدَهُمُ الْقَوْلَ، وَوُلِدَ الْوَلَدُ وَسُمِّيَ مُحَمَّداً (2)...

بيان: يظهر منه أن البزوفري هل كان من السفراء ولم يُنقَل ، ويمكن أن يكون وصل ذلك إليه بتوسط أو بدون توسطهم في خصوص الواقعة.

بيانه في ما يستظهره من أن مدة زمان الغيبة من ابتداء إمامته عجل الله تعالی فرجه الشریف.

بحار الأنوار (ج 51 /ص 364 - 366 /ح 13):

إعلام الورى : ... فَانْظُرْ كَيْفَ قَدْ حَصَلَتِ الْغَيْبَتَانِ لِصَاحِبِ الْأَمْرِ علیه السلام عَلَى حَسَبٍ مَا تَضَمَّنَهُ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ لِوُجُودِهِ عَنْ آبَائِهِ وَجُدُودِهِ علیهم السلام . أَمَّا غَيْبَتُهُ الْقُصْرَى(3)مِنْهُما فَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سُفَرَاؤُهُ فِيهَا مَوْجُودِينَ وَأَبْوَابُهُ مَعْرُوفِينَ، لَا تَخْتَلِفُ الْإِمَامِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِإِمَامَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٌّ فِيهِمْ. فَمِنْهُمْ: أَبُو هَاشِمٍ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الجَعْفَرِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ، وَأَبُو عَمْرو عثمان بن سَعِيد السَّمانُ،

ص: 120


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- الغيبة للطوسي (ص 308 /ح 260)
3- في المصدر : (الصغرى)

وَابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ ، وَعُمَرُ الْأَهْوَازِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزِيَارَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي جَمَاعَةٍ أَخَرَ رُبَّمَا يَأْتِي ذِكْرُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ [إِلَيْهِم فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُمُ](1) . وَكَانَتْ مُدَّةُ هَذِهِ الْغَيْبَةِ أَرْبَعاً وَسَبْعِينَ سَنَةً (2)...

بيان الظاهر أنَّ مدَّة زمان الغيبة من ابتداء إمامته علیه السلام إلى وفاة السمري، وهي أقل من سبعين سنة؛ لأنَّ ابتداء إمامته علیه السلام على المشهور لثمان خلون من ربیع الأول سنة ستين ومائتين، ووفاة السمري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

وعلى ما ذكره في وفاة السمري تنقص سنة أيضاً، حيث قال: (تُوفّي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة).

ولعلّه جعل ابتداء الغيبة ولادته علیه السلام، وذكر الولادة في سنة خمس وخمسين ومائتين، فيستقيم على ما ذكره الشيخ من وفاة السمري(3)، وعلى ما ذكره ينقص سنة أيضاً. ولعل ما ذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه.

بيانه في معنى: (ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 1 - 3/ ح 1):

غيبة الشيخ الطوسي : جَمَاعَةٌ ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلْعُكْبَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الرَّازِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ وَرَدَ الرَّيَّ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ الْأَسَدِيِّ، فَرَوَى لَهُ حَدِيثَيْنِ فِي صَاحِبِ الزَّمَانِ وَسَمِعْتُهُمَا مِنْهُ كَمَا سَمِعَ ،

ص: 121


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- إعلام الورى (ج 2 /ص 259 و 260)
3- الغيبة للطوسي (ص 394 / 364): عن أبي عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد، قال: (... ومضى أبو الحسن الاسمري وبعد ذلك في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة)

وَأَظُنُّ ذَلِكَ قَبْلَ سَنَةِ ثَلَاثِمائَةٍ أَوْ قَرِيباً مِنْهَا ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَدَكِيُّ، قَالَ: قَالَ الْأَوْدِيُّ: بَيْنَا أَنَا فِي الطَّوَافِ قَدْ طُفْتُ سِتَةَ وَأُرِيدُ أَنْ أَطُوفَ السَّابِعَةَ، فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَشَابٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، هَيُوبٌ، وَمَعَ هَيْبَتِهِ مُتَقَرِّبُ إِلَى النَّاسِ ، فَتَكَلَّمَ فَلَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْ كَلاَمِهِ، وَلَا أَعْذَبَ مِنْ مَنْطِقِهِ فِي حُسْنِ جُلُوسِهِ، فَذَهَبْتُ أُكَلِّمُهُ، فَزَبَرَنِي النَّاسُ، فَسَأَلْتُ بَعْضَهُمْ: مَنْ هَذَا؟

فَقَالَ: اِبْنُ رَسُولِ الله [صلی الله علیه و آله وسلم](1) ، يَظْهَرُ لِلنَّاسِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمَا خَوَاصِهِ فَيُحَدِّثُهُمْ (وَيُحَدِّثُونَهُ).

فَقُلْتُ: (يَا سَيِّدِي)(2)، مُسْتَرْشِدٌ أَتَاكَ، فَأَرْشِدْنِي هَدَاكَ اللَّهُ.

قَالَ: فَنَاوَلَنِي حَصَاةً، فَحَوَّلْتُ وَجْهِي، فَقَالَ لِي بَعْضُ جُلَسَائِهِ: مَا الَّذِي دَفَعَ إِلَيْكَ إِبْنُ رَسُولِ اللَّهِ؟

فَقُلْتُ: حَصَاةٌ، فَكَشَفْتُ عَنْ يَدِي، فَإِذَا أَنَا بِسَبِيكَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَذَهَبْتُ، فَإِذَا أَنَا بِهِ قَدْ لَحِقَنِي، فَقَالَ: ثَبَتَتْ عَلَيْكَ الْحُجَّةُ، وَظَهَرَ لَكَ اَلْحَقُّ، وَذَهَبَ عَنْكَ الْعَمَى، أَتَعْرِفُنِي؟».

فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: «أَنَا المَهْدِيُّ، أَنَا قَائِمُ الزَّمَانِ، أَنَا الَّذِي أَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ (ظُلْماً وَ) جَوْراً، إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ، وَلَا يَبْقَى النَّاسُ فِي فَتْرَةٍ أَكْثَرَ مِنْ تِيهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ ظَهَرَ أَيَّامُ خُرُوجِي، فَهَذِهِ أَمَانَةٌ فِي رَقَبَتِكَ، فَحَدِّثْ بِهَا إِخْوَانَكَ مِنْ أهل الحقِّ».(3)

ص: 122


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك المورد التالي
2- ما بين القوسين لا يوجد في المصدر
3- الغيبة للطوسي (ص 253 و 254/ ح 223)

الخرائج عن الفدكي، مثله.(1)

إكمال الدِّينِ: اَلطَّالَقَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْخَدِيجِيِّ الْكُوفِيُّ، عَنِ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي الطَّوَافِ.... إِلَى قَوْلِهِ : «وَلَا يَبْقَى النَّاسُ فِي فَتْرَةٍ، وَهَذِهِ أَمَانَةٌ تَحدَّثْ بِهَا إِخْوَانَكَ مِنْ أَهْل اَلْحَقِّ».(2)

بيان: لعلّ هذا مما فيه البداء، وأخبر علیه السلام بأمر حتمي معلق بشرط، أو المراد بالخروج ظهور أمره لأكثر الشيعة بالسفراء، والأظهر ما في رواية الصدوق.(3)

بيانه في معنى: (واجتمع الشمس والقمر، واستدار بهما الكواكب والنجوم)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 9 - 13/ ح 6):

غيبة الشيخ الطوسي: جَمَاعَةٌ ، عَنِ التَّلْعُكْبَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ الرَّازِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ قَزْوِينَ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَهُ، عَنْ حَبِيبٍ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ بْنِ شَاذَانَ الصَّنْعَانِي، قَالَ : دَخَلْتُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ الْأَهْوَازِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آلِ أَبِي مُحَمَّد علیه السلام ، قَالَ : يَا أَخِي لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ أَمْرِ عَظِيمٍ، حَجَجْتُ عِشْرِينَ حَجَّةً كُلَّا أَطْلُبُ بِهِ عِيَانَ الْإِمَامِ، فَلَمْ أَجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً...

فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي ، مَتَى يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ؟

فَقَالَ: «إِذَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ سَبِيلِ الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ،

ص: 123


1- الخرائج والجرائح (ج 2 /ص 784 و 785/ ح 110)
2- كمال الدين (ص 444 و 445 / باب 43 / ح 18)
3- وهو قوله:«أنا المهدي [و] أنا قائم الزمان، أنا الذي أملأها عدلاً كما ملئت جوراً، إنَّ الأرض لا تخلو من حجة، ولا يبقى الناس في فترة، وهذه أمانة لا تُحدّث بها إلَّا إخوانك من أهل الحقِّ»

وَاسْتَدَارَ بِمَا الْكَوَاكِبُ وَالنُّجُومُ ...».(1)

دلائل الإمامة للطبري: عن محمد بن سهل الجلودي، عن أحمد بن محمد ابن جعفر الطائي، عن محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي، عن علي بن إبراهيم بن مهزیار، مثله على وجه أبسط مما رواه الشيخ، والمضمون قريب.(2)

بيان ... أقول: ولا يبعد أن يكون الشمس والقمر والنجوم كنايات عن الرسول وأمير المؤمنين والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين).

ويحتمل أن يكون المراد قرب الأمر بقيام الساعة التي يكون فيها ذلك.

ويمكن حمله على ظاهره.

بيانه في معنى: (أما إنَّكم لا ترونه)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 25 و 26/ ح 19):

إكمال الدِّين : مَا جِيلَوَيْهِ ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَنْ جَعْفَرِ الْفَزَارِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمانَ الْعَمْرِي ، قَالُوا: عَرَضَ عَلَيْنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ عَليَّ عليها السلام ابْنَهُ وَ نَحْنُ فِي مَنْزِلِهِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ رَجُلاً، فَقَالَ: «هَذَا إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي ، وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ، أَطِيعُوا وَلَا تَتَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِي فَتَهْلِكُوا فِي أَدْيَانِكُمْ، أَمَا إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَهُ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا».

قالُوا: فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَمَا مَضَتْ إِلَّا أَيَّامٌ قَلَائِلُ حَتَّى مَضَى أَبو مُحَمَّدٍ علیه السلام.(3)

ص: 124


1- الغيبة للطوسي (ص 263 - 267 / ح 228)
2- دلائل الإمامة (ص 539 - 542 / ح 126/522)
3- كمال الدين (ص 435/ باب 43 / ح 2)

بیان: قوله علیه السلام : «أما إنَّكم لا ترونه أي أكثركم، أو عن قريب، فإنَّ الظاهر أنَّ محمّد بن عثمان كان يراه في أيام سفارته، وهو الظاهر من الخبر الآتي(1)، مع أنَّه يحتمل أن يكون في أيام سفارته تصل إليه الكتب من وراء حجاب أو بوسائط، وما أخبر به في الخبر الآتي يكون إخباراً عن هذه المرة لكنَّهما بعيدان.

بيانه في معنى: (الشيصبان، وقعة صيلمة، ماهان...)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 42 - 47 / ح 32):

إكمال الدين : حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : وَجَدْتُ فِي كِتَابٍ أَبِي : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوَالُ، عَنْ أَبِيهِ، عَن اَلحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الطَّبَرِيِّ، عَنْ أَبي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ [الحَسَنِ بْنِ](2)عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ جَدِّي عَلِيَّ بْنَ [إِبْرَاهِيمِ بْنِ] مَهْزِيَارَ يَقُولُ: كُنْتُ نَائِماً فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَائِلاً يَقُولُ لِي: حُجَّ فِي هَذِهِ اَلسَّنَةِ فَإِنَّكَ تَلْقَى صَاحِبَ زَمَانِكَ...

فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ مَهْزِيَارَ، كَيْفَ خَلَّفْتَ إِخْوَانَكَ بِالْعِرَاقِ؟».

قُلْتُ: فِي ضَنْكِ عَيْشِ وَهَنَاةٍ، قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِمْ سُيُوفُ بَنِي الشَّيْصَبَانِ.

ص: 125


1- وهو: (إكمال الدين : ابن الوليد، عن الحميري قال: قلت لمحمّد بن عثمان العمري : إني أسألك سؤال إبراهيم ربه لا حين قال: «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبي»[البقرة: 260] ، أخبرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته؟ قال: نعم، وله رقبة مثل ذي - وأشار بيده إلى عنقه - ) . (بحار الأنوار: ج 52 ص 26 / ح 20)، عن كمال الدين: ص 435 باب 43/ ح 3)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي

فَقَالَ: «قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»[المنافقون: 4]، كَأَنِّي بِالْقَوْمِ [وَ](1) قَدْ قُتِلُوا فِي دِيَارِهِمْ وَأَخَذَهُمْ أَمْرُ رَبِّهِمْ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً».(2)

فَقُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ؟

فَقَالَ: «إِذَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَبِيلِ الْكَعْبَةِ بِأَقْوَامٍ لَا خَلَاقَ هُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ، وَظَهَرَتِ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ ثَلَاثَاً فِيهَا أَعْمِدَةٌ كَأَعْمِدَةِ اللُّجَيْنِ تَتَلَالُأُ نُوراً، وَيَخْرُجُ الشروسي مِنْ أَرْمِنْيَةَ وَآذَرْبِيجَ-انَ يُرِيدُ وَرَاءَ الرَّيِّ الْجِبَلَ الْأَسْوَدَ المُتلاحِمَ بِالْجُبَلِ الْأَحْمَرِ، لَزِيقُ جِبَالِ(3) طَالَقَانَ، فَتَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْوَزِيٌّ وَقْعَةٌ صَيْلَمَانِيَّةٌ، يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ، وَيَهْرَمُ مِنْهَا الْكَبِيرُ، وَيَظْهَرُ الْقَتْلُ بَيْنَهُمَا. فَعِنْدَهَا تَوَقَعُوا خُرُوجَهُ إِلَى الزَّوْرَاءِ، فَلَا يَلْبَثُ بِهَا حَتَّى يُوَافِيَ مَاهَانَ(4)، ثُمَّ يُوَافِي وَاسِطَ الْعِرَاقِ، فَيُقِيمُ بِهَا سَنَةً أَوْ دُونَهَا، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى كُوفَانَ، فَتَكُونُ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ مِنَ النَّجَفِ إِلَى اَلْحِيرَةِ إِلَى الْغَرِي، وَقْعَةٌ شَدِيدَةٌ تَذْهَلُ مِنْهَا الْعُقُولُ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ بَوَارُ الْفِئَتَيْنِ، وَعَلَى اللَّه حَصَادُ الْبَاقِينَ ...».(5)

بيان ... والشيصبان: اسم الشيطان، أي بني العباس الذين هم شرك شيطان.

والصيلم الأمر الشديد، ووقعة صيلمة مستأصلة.

وماهان الدينور و نهاوند

وقوله: (متى يكون ذلك) يحتمل أن يكون سؤالاً عن قيامه علیه السلام

ص: 126


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- في المصدر : (ليلاً ونهاراً)
3- في المصدر: (جبل)
4- في المصدر : (باهات)
5- كمال الدين: (465 - 470 / باب 43 / ح 23)

وخروجه، ولو كان سؤالاً عن انقراض بني العباس، فجوابه علیه السلام محمول على ما هو غرضه الأصلي من ظهور دولتهم علیهم السلام.

ثم اعلم أنَّ اختلاف أسماء رواة هذه القصَّة يحتمل أن يكون اشتباهاً من الرواة، أو يكون وقع لهم جميعاً هذه الوقائع المتشابهة، والأظهر أنَّ عليَّ بن مهزيار هو علي بن إبراهيم بن مهزيار نُسِبَ إلى جده، وهو ابن أخي علي بن مهزيار المشهور، إذ يبعد إدراكه لهذا الزمان.

ويُؤيِّده ما في سند هذا الخبر من نسبة محمد إلى جده إنْ لم يسقط الابن بين الكنية والاسم.

وأما خبر إبراهيم فيحتمل الاتحاد والتعدُّد، وإن كان الاتحاد أظهر باشتباه النساخ والرواة.

والعجب أنَّ محمّد بن أبي عبد الله عدَّ فيما مضى محمد بن إبراهيم بن مهزیار ممن رآه علیه السلام، ولم يعد أحداً من هؤلاء.

ثمّ أعلم أنَّ اشتمال هذه الأخبار على أنَّ له علیه السلام أخاً مسمّى بموسى غريب

بيانه في معنى: (الحقية)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 50 و 51/ ح 35):

غيبة الشيخ الطوسي : جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بن أَحمدَ الأَنْصَارِي، قَالَ: وَجَّه قوم من المفوضة والمقصرة مِنَ وَالمُقَصَّرَةِ كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ المَدَنِيَّ إِلَى أَبي مُحَمَّدٍ علیه السلام.

قَالَ كَامِلٌ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَسْأَلُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَ مَعْرِفَتِي

ص: 127


1- في المصدر : (محمد بن جعفر بن عبد الله)

وَقَالَ بِمَقَالَتِي.

قَالَ : فَلَما دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ علیه السلام نَظَرْتُ إِلَى ثِيَابِ بَيَاضِ نَاعِمَةٍ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : وَلِيُّ اللَّه وَحُجَّتُهُ يَلْبَسُ النَّاعِمَ مِنَ الشَّيَابِ، وَيَأْمُرُنَا نَحْنُ بمُوَاصَاةِ الْإِخْوَانِ، وَيَنْهَانَا عَنْ لُبْسِ مِثْلِهِ.

فَقَالَ مُتَبَسِّاً : «يَا كَامِلُ»، وَحَسَرَ (عَنْ) ذِرَاعَيْهِ، فَإِذَا مِسْحٌ أَسْوَدُ خَشِنٌ عَلَى جِلْدِهِ، فَقَالَ: «هَذَا الله، وَهَذَا لَكُمْ».

فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ إِلَى بَابٍ عَلَيْهِ سِتْرٌ مُرْخَى، فَجَاءَتِ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ طَرَفَهُ، فَإِذَا أَنَا بِفَتِّى كَأَنَّهُ فِلْقَةً قَمَرِ مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ مِثْلِهَا.

فَقَالَ ِلي: «يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ» ، فَاقْشَعْرَرْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَهُمْتُ أَنْ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي.

فَقَالَ: «جِئْتَ إِلَى وَلِيُّ اللَّه وَحُجَّتِهِ وَبَابِهِ تَسْأَلُهُ: هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَ مَعْرِفَتَكَ وَقَالَ بِمَقَالَتِكَ؟».

فَقُلْتُ: إِي وَالله.

قالَ: «إِذَنْ وَالله يَقِلَّ دَاخِلُهَا، وَاللهِ إِنَّهُ لَيَدْخُلُهَا قَوْمٌ يُقَالُ لَهم: اَلْحَقِّيَّةُ».

قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، وَمَنْ هُمْ؟

قَالَ: «قَوْمٌ مِنْ حُبِّهِمْ لِعَلِيِّ يَحْلِفُونَ بِحَقِّهِ وَلَا يَدْرُونَ مَا حَقَّهُ وَفَضْلُهُ».

ثُمَّ سَكَتَ علیه السلام عَنِّي سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: وَجِئْتَ تَسْأَلُهُ عَنْ مَقَالَةِ الْمُفَوِّضَةِ، كَذَبُوا بَلْ قُلُوبُنَا أَوْعِيَةٌ لَشِيَّةِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ شِئْنَا، وَاللَّهُ يَقُولُ: «وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ

يَشَاءَ اللهُ»[الإنسان : 30] .

ثُمَّ رَجَعَ اَلسِّتْرُ إِلَى حَالَتِهِ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ كَشْفَهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام

ص: 128

مُتَبَسَّاً، فَقَالَ: «يَا كَامِلُ مَا جُلُوسُكَ وَ قَدْ أَنْبَأَكَ بِحَاجَتِكَ اَلْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِي؟».

فَقُمْتُ وَخَرَجْتُ، وَلَمْ أُعَايِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَلَقِيتُ كَامِلاً، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِي بِهِ.

الغيبة للشيخ الطوسي: أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن علي، عن عليٍّ ابن عبد الله بن عائذ، عن الحسن بن وجناء، قال: سمعت أبا نعيم محمد بن أحمد الأنصاري، وذكر مثله.(1)

دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون التلعكبري، عن أبيه، عن محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد، مثله.(2)

بيان: يحتمل أن يكون المراد بالحقية المستضعفين من المخالفين، أو من الشيعة، أو الأعم.

وسيأتي تحقيق القول في ذلك في كتاب الإيمان والكفر.(3)

بيانه في معنى : (خرج من الدار قبل الحادث):

بحار الأنوار (ج 52 /ص 66 / ح 52):

الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَمَّنْ رَآهُ علیه السلام : [أَنَّه](4) خَرَجَ مِنَ الدَّارِ قَبْلَ الْحَادِثِ بِعَشَرَةِ أَيَّام، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهَا أَحَبُّ الْبِقَاعِ لَوْلَا الطَّرْدُ» ، أَوْ كَلاَمٌ نَحْو هَذَا.(5)

بيان: لعل المراد بالحادث وفاة أبي محمد علیه السلام.

ص: 129


1- الغيبة للطوسى (ص 246 - 248/ ح 216)
2- دلائل الإمامة (ص 505 و 506 / ح 95/491)
3- راجع بحار الأنوار( ج 64 /ص 2)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك المورد التالي
5- الكافي (ج 1 /ص 331 باب في تسمية من رآه / ح 10)

والضمير في (أنّها) راجع إلى سامراء.

بيانه في توثيق سعد بن عبد الله القمي:

بحار الأنوار (ج 52 /ص 77 - 89/ ح 1):

إكمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمِ النَّوْفَيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرِ الْقُمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَحْرِ بْنِ سَهْلِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ مَسْرُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْقُمِّيِّ، قَالَ : كُنْتُ اِمْرَأَ هَجاً بِجَمْع الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى غَوَامِضِ الْعُلُومِ وَدَقَائِقِهَا، كَلِفَاً بِاسْتِظْهَارِ مَا يَصِحُ مِنْ حَقَائِقِهَا، مُغْرَماً بِحِفْظِ مُشْتَبِهِهَا وَمُسْتَغْلِقِهَا، شَحِيحاً عَلَى مَا أَظْفَرُ بِهِ مِنْ مَعَاضِلِهَا(1)وَمُشْكِلاتِهَا، مُتَعَصِّباً لِذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ ، رَاغِباً عَنِ الْأَمْنِ وَالسَّلَامَةِ، فِي انْتِظَارِ اَلتَّنَازُع وَالتَخَاصُم وَالتَّعَدِّي إِلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّشَاتُم، مُعَيِّباً لِلْفِرَقِ ذَوِي الْخِلَافِ، كَاشِفَا عَنْ مَثَالِبِ أَئِمَّتِهِمْ ، هَتَاكَاً لِحُجُبِ قَادَتِهِمْ، إِلَى أَنْ يُلِيتُ بِأَشَدَّ النَّوَاصِبٍ مُنَازَعَةٌ، وَأَطْوَلِهِمْ مُخَاصَمَةٌ، وَأَكْثَرِهِمْ جَدَلاً، وَأَشْنَعِهِمْ سُؤَالاً ، وَأَثْبَتِهِمْ عَلَى الْبَاطِل قَدَماً....(2)

دلائل الإمامة للطبري: عن عبد الباقي بن يزداد، عن عبد الله بن محمد الثعالبي، عن أحمد بن محمد العطّار، عن سعد بن عبد الله، مثله.(3)

الاحتجاج عن سعد، مثله مع اختصار في إيراد المطالب.(4)

بيان: ... أقول : قال النجاشي بعد توثيق سعد والحكم بجلالته: (لقي مولانا أبا محمد علیه السلام ، ورأيت بعض أصحابنا يُضعفون لقاءه لأبي محمد علیه السلام

ص: 130


1- في المصدر: (معضلاتها)
2- كمال الدين (ص 454 - 465 / باب 43 / ح 21)
3- دلائل الإمامة (ص 506 - 517 / ح 96/492)
4- الاحتجاج (ج 2 /ص 268 - 277)

ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه).(1)

أقول : الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يُعرف حاله، وردُّ الأخبار التي تشهد متونها بصحتها بمحض الظن والوهم مع إدراك سعد زمانه علیه السلام - وإمكان ملاقاة سعد له علیه السلام إذ كان وفاته بعد وفاته علیه السلام بأربعين سنة تقريباً - ليس إلا للإزراء بالأخبار، وعدم الوثوق بالأخيار، والتقصير في معرفة شأن الأئمة الأطهار، إذ وجدنا أنَّ الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم، فهم إما يقدحون فيها أو في راويها، بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجال إلا نقل مثل تلك الأخبار.

بيانه في معنى:(ويستضيئون بنور ولايته في غيبت-ه، كانتفاع الناس بالشمس وإنْ جلَّلها السحاب)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 2 - 94/ ح):

إكمال الدِّينِ : غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنِ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنِ ابْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، عَنْ جَابِرِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم: هَلْ يَنْتَفِعُ الشَّيعَةُ بِالْقَائِمِ علیه السلام في غَيْبَتِهِ ؟

فقال صلی الله علیه و آله وسلم : «إي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ، إِنَّهُمْ لَيَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَسْتَضِيئُونَ بِنُورِ وَلَايَتِهِ فِي غَيْبَتِهِ (2)، كَانْتِفَاعِ النَّاسِ بِالشَّمْسِ وَإِنْ جَلَّلَهَا السَّحَابُ».(3)

ص: 131


1- رجال النجاشي (ص 177/ الرقم 467)
2- في المصدر : (يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته)
3- راجع: كمال الدين (ص 253 و 254/ باب 23/ ح 3)

أقول: تمامه في باب نص الرسول عليهم علیهم السلام.(1)

بيان: التشبيه بالشمس المجللة بالسحاب يومى إلى أمور:

الأوّل: أنَّ نور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسطه علیه السلام ؛ إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنَّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم(2)، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم، فلولاهم لاستحق الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالى: «وَما كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ»[الأنفال: 33] ، ولقد جرَّبنا مراراً لا نحصيها أنَّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل، والبعد عن جناب الحقِّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض، لما استشفعنا ،بهم وتوسَّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت، تنكشف تلك الأمور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.(3)

الثاني: كما أنَّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها، ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيام غيبته علیه السلام ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره، في كل وقت وزمان ولا ييأسون منه.

الثالث: أنّ منكر وجوده علیه السلام مع وفور ظهور آثاره کمنکر وجود

ص: 132


1- بحار الأنوار (ج 36 /ص 249 - 251 / ح 67)
2- راجع: كفاية الأثر (ص 69 - 73)؛ إرشاد القلوب (ج 2 /ص 415 و 416)؛ بحار الأنوار (ج 36 /ص 301 - 303 /ح 140)
3- بحار الأنوار (ج 23 /ص 19 /ح 14) ، عن علل الشرائع (ج 1 /ص 123 و 124 / باب 103/ ح 1)

الشمس إذا غيَّبها السحاب عن الأبصار.

الرابع:أنَّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد، من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته علیه السلام أصلح لهم في تلك الأزمان،فلذا غاب عنهم .

الخامس: أنَّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة، عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدَّسة

وبما يكون ظهوره أضر لبصائرهم ، ويكون سبباً لعماهم عن الحق وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.

السادس: أنَّ الشمس قد يخرج من السحاب وينظر إليه واحد دون واحد، فكذلك يمكن أن يظهر علیه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.

السابع : أنَّهم علیهم السلام كالشمس في عموم النفع، وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فُسِّر به في الأخبار قوله تعالى: «مَنْ كانَ فِي هَذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً»[الإسراء: 72].

الثامن: أنَّ الشمس كما أنَّ شعاعها تدخل البيوت بقدر ما فيه-ا م-ن الروازن والشبابيك، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية والعلائق الجسمانية، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانيَّة إلى أنْ ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب.

فقد فتحت لك من هذه الجنَّة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله عليَّ بفضله ثمانية أُخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في

ص: 133

معرفتهم ألف باب يُفتح من كل باب ألف باب.

بيانه في معنى: (إنَّ الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 102 و 103/ ح 4):

غيبة الشيخ الطوسي: رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبو اَلْحَسَنِ علیه السلام : «[يَا عَلِيُّ] ، إِنَّ الشَّيعَةَ تُرَبَّى بِالْأَمَانِيِّ مُنْذُ مِائَتَيْ سَنَةٍ».

وَقَالَ يَقْطِينُ لاِبْنِهِ عَلِيٌّ: مَا بَالُنَا قِيلَ لَنَا فَكَانَ، وَقِيلَ لَكُمْ فَلَمْ يَكُنْ؟

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : إِنَّ الَّذِي قِيلَ لَكُمْ وَلَنَا مِنْ تَخْرَجَ وَاحِدٍ، غَيْرَ أَنَّ أَمْرَكُمْ حَضَرَكُمْ فَأَعْطِيتُمْ مَحْضَهُ وَكَانَ كَمَا قِيلَ لَكُمْ، وَإِنَّ أَمْرَنَا لَمْ يَحْضُرْ فَعُلَّلْنَا بِالْأَمَانِيِّ، وَلَوْ قِيلَ لَنَا: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَكُونُ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ أَوْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ لَقَسَتِ الْقُلُوبُ وَلَرَجَعَتْ عَامَّةُ النَّاسِ عَنِ الْإِسْلَام وَلَكِنْ قَالُوا: مَا أَسْرَعَهُ وَمَا أَقْرَبَهُ، تَأَلُّفاً لِقُلُوبِ النَّاسِ وَتَقْرِيباً لِلْفَرَج.(1)

الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمد أحمد، عن السياري عن الحسن بن عليّ، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، مثله.(2)

بیان: قوله : «تُربّى بالأماني» أي يُربيهم ويُصلحهم أئمتهم بأنْ يُمَنُّوهم تعجيل الفرج وقرب ظهور الحقِّ لئلا يرتدوا وييأسوا.

والمائتان مبنيٌّ على ما هو المقرّر عند المنجمين والمحاسبين من إتمام الكسور إن كانت أكثر من النصف، وإسقاطها إن كانت أقل منه، وإنما قلنا

ص: 134


1- الغيبة للطوسي (ص 341 - 343 /ح 292)
2- الغيبة للنعماني (ص 305 و 306/ باب 16 / ح 14)

ذلك لأنَّ صدور الخبر إن كان في أواخر حياة الكاظم علیه السلام كان أنقص من المائتين بكثير، إذ وفاته علیه السلام كان في سنة ثلاث وثمانين ومائة، فكيف إذا كان قبل ذلك، فذكر المائتين بعد المائة المكسورة صحيحة لتجاوز النصف كذا خطر بالبال.

وبدا لي وجه آخر أيضاً، وهو أن يكون ابتداؤهما من أوَّل البعثة، فإنَّ من هذا الزمان شُرِعَ بالإخبار بالأئمة علیهم السلام ومدة ظهورهم وخفائهم، فيكون على بعض التقادير قريباً من المائتين، ولو كان كسر قليل في العشر الأخير، يتم على القاعدة السالفة.

ووجه ثالث وهو أن يكون المراد التربية في الزمان السابق واللاحق معاً ولذا أتى بالمضارع، ويكون الابتداء من الهجرة فينتهي إلى ظهور أمر الرضا علیه السلام

وولاية عهده، وضرب الدنانير باسمه، فإنّها كانت في سنة المائتين.

ورابع وهو أن يكون (تُربّى) على الوجه المذكور في الثالث شاملاً للماضي والآتي، لكن يكون ابتداء التربية بعد شهادة الحسين علیه السلام ، فإنها كانت الطامة الكبرى، وعندها احتاجت الشيعة إلى أنْ تُربّى، لئلا يزلُّوا فيها، وانتهاء المائتين أوَّل إمامة القائم علیه السلام ، وهذا مطابق للمائتين بلا كسر.

وإنَّما وُقِّتت التربية والتنمية بذلك، لأنهم لا يرون بعد ذلك إماماً يُمَنِّيهم، وأيضاً بعد علمهم بوجود المهدي علیه السلام يقوى رجاؤهم، فهم مترقبون بظهوره، لئلا يحتاجون إلى التنمية، ولعلّ هذا أحسن الوجوه التي خطر بالبال ، والله أعلم بحقيقة الحال.

ويقطين كان من أتباع بني العباس، فقال لابنه علي الذي كان من خواص الكاظم علیه السلام:ما بالنا وعدنا دولة بني العباس على لسان الرسول والأئمة (صلوات الله عليهم)، فظهر ما قالوا ووعدوا وأخبروا بظهور دولة أئمتكم

ص: 135

فلم يحصل؟

والجواب متين ظاهر [أنَّه] مأخوذ عن الإمام كما سيأتي.(1)

بيانه في معنى: (وقد مضت السبعون ولم نر رخاءً)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 105و 106/ ح 11):

غيبة الشيخ الطوسي: الفَضْلُ، عَنِ الحَسَن بن محبوب، عَنْ أبي حمزة الثمالي، اَلثَّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : إِنَّ عَلِيًّا علیه السلام كَانَ يَقُولُ: «إِلَى السَّبْعِينَ بَلَاءٌ»، وَكَانَ يَقُولُ: «بَعْدَ الْبَلَاءِ رَخَاءُ»، وَقَدْ مَضَتِ السَّبْعُونَ وَلَمْ نَرَ رَخَاءً؟

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «يَا ثَابِتُ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى كَانَ وَقَتَ هَذَا الْأَمْرَ فِي السَّبْعِينَ، فَلَمَّا قُتِلَ اَلْحَسَيْنُ اِشْتَدَّ غَضَبُ اللَّه عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَخَرَهُ إِلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأَذَعْتُمُ الْحَدِيثَ، وَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السِّتْرِ(2) ، فَأَخَرَهُ اللهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا وَ «يَمْحُوا اللهُ ما يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ»[الرعد: 39].

قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: وَقُلْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام فَقَالَ: «قَدْ كَانَ ذَاكَ ».(3)

الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمد ومحمّد بن الحسن، عن سهل ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن الثمالي، عن أبي

ص: 136


1- بحار الأنوار (ج52 /ص 111 /ح 18) عن علل الشرائع (ج 2 /ص 581 /باب 385 ،/ح 16) ؛ ونصّه : علل الشرائع أبي، عن الحميري بإسناده يرفعه إلى علي بن يقطين، قال: قلت لأبي الحسن موسى علیه السلام : ما بال ما روي فيكم من الملاحم ليس كما روي، وما روي في أعاديكم قد صح ؟ فقال (صلى الله عليه): «إِنَّ الذي خرج في أعدائنا كان من الحق فكان كما قيل، وأنتم علَّلتم بالأماني فخرج إليكم كما خرج»
2- في المصدر: (السر)
3- الغيبة للطوسي (ص 428 / ح 417)

جعفر علیه السلام ، قال : «إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ [كَانَ] وَقَّتَ...» إلى آخر الخبر .(1)

بيان: قيل : السبعون إشارة إلى خروج الحسين علیه السلام، والمائة والأربعون إلى خروج الرضا علیه السلام إلى خراسان.(2)

أقول: هذا لا يستقيم على التواريخ المشهورة، إذ كانت شهادة الحسين علیه السلام في أوَّل سنة إحدى وستين، وخروج الرضا ع في سنة مائتين من الهجرة.

والذي يخطر بالبال أنه يمكن أن يكون ابتداء التاريخ من البعثة، وكان ابتداء إرادة الحسين علیه السلام للخروج ومباديه قبل فوت معاوية بسنتين، فإنَّ أهل الكوفة - خذلهم الله - كانوا يراسلونه في تلك الأيام، وكان علیه السلام على الناس في المواسم كما مرَّ. ويكون الثاني إشارة إلى خروج زيد، فإنَّه كان في سنة اثنتين وعشرين ومائة من الهجرة، فإذا انضم ما بين البعثة والهجرة إليها يقرب مما في الخبر. أو إلى انقراض دولة بني أُمية، أو ضعفهم واستيلاء أبي مسلم إلى خراسان، وقد كتب إلى الصادق علیه السلام كتباً يدعوه إلى الخروج، ولم يقبله علیه السلام لمصالح، وقد كان خروج أبي مسلم إلى خراسان في سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة فيوافق ما ذُكِرَ في الخبر من البعثة.

وعلى تقدير كون التاريخ من الهجرة يمكن أن يكون السبعون لاستيلاء المختار، فإنَّه كان قتله سنة سبع وستين، والثاني لظهور أمر الصادق علیه السلام في هذا الزمان وانتشار شيعته في الآفاق

مع أنَّه لا يحتاج تصحيح البداء إلى هذه التكلُّفات.

ص: 137


1- الغيبة للنعماني (ص 303 و 304 /باب 16/ ح 10)
2- ربَّما يقال بأنه مستقيم، ولكن بما أنَّ الإمام الحسين لا قتل سنة (61) للهجرة، فإنَّ الأمر الذي كان سوف يحدث سنة (70) للهجرة، فإنَّه تأخر إلى زمن وتاريخ آخر

بيانه في معنى: (إنَّه يملك من ولد العباس اثنا عشر تقتل بعد الثامن منهم أربعة تصيب أحدهم الذبحة)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 106 - 109/ ح 13):

تفسير العياشي: أَبو لَبِيدِ المَخْزُومِيُّ ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «يَا بَا لَبِيدٍ، إِنَّهُ يَمْلِكُ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاسِ إِثْنَا عَشَرَ تُقْتَلُ بَعْدَ الثَّامِنِ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ، تُصِيبُ أَحَدَهُمُ الذُّبَحَةُ فَيَذْبَحُهُ، هُمْ فِئَةٌ قَصِيرَةٌ أَعْمَارُهُمْ، قَلِيلَةٌ مُدَّتُهُمْ، خَبِيثَةٌ سِيرَتُهُمْ، مِنْهُمُ الْفُوَيْسِقُ المُلَقَّبُ بِالْهَادِي وَالنَّاطِقِ وَالْغَاوِي. يَابَا لَبِيدِ، إِنَّ فِي حُرُوفِ الْقُرْآنِ الْمُقَطَّعَةِ لَعِلْماً جَمَّا، إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَ : «الم»«ذلِكَ الْكِتابُ»[البقرة: 1 و 2]، فَقَامَ مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله وسلم حَتَّى ظَهَرَ نُورُهُ، وَثَبَتَتْ كَلِمَتُهُ، وَوُلِدَ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الْأَلْفِ السَّابِعَ مِائَةُ سَنَةٍ وَثَلَاثُ سِنِينَ».

ثُمَّ قَالَ: وَتِبْيَانُهُ فِي كِتَابِ اللهِ فِي الْحُرُوفِ اَلْمُقَطَّعَةِ إِذَا عَدَدْتَهَا مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ، وَلَيْسَ مِنْ حُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ حَرْفٌ يَنْقَضِي(1) إِلَّا وَ[قِيَامُ](2) قَائِمٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ عِنْدَ

اِنْقِضَائِهِ».

ثُمَّ قَالَ: «الْأَلِفُ وَاحِدٌ، وَاللَّامُ ثَلاثُونَ، وَاَمِيمُ أَرْبَعُونَ، وَالصَّادُ تِسْعُونَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ، ثُمَّ كَانَ بَدْوُ خُرُوجِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٌّ علیهما السلام «الم»« الله»[آل عمران: 1 و 2 ] ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مُدَّتُهُ قَامَ قَائِمُ وُلْدِ الْعَبَّاسِ عِنْدَ «المص»[الأعراف: 1]، وَيَقُومُ قَائِمُنَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا ب_«الر»[يونس: 1]، فَافْهَمْ ذَلِكَ وَعِهِ وَاكْتُمْهُ».(3)

بيان الذبحة كهمزة وجع في الحلق.

ص: 138


1- في المصدر : (يقنضي أيام)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- تفسير العياشي (ج 2 /ص 3 /ح 3)

أقول: الذي يخطر بالبال في حل هذا الخبر الذي هو من معضلات الأخبار ومخبيّات الأسرار، هو أنَّه علیه السلام بيَّن أنَّ الحروف المقطعة التي في فواتح السور إشارة إلى ظهور ملك جماعة من أهل الحقِّ وجماعة من أهل الباطل، فاستخرج علیه السلام ولادة النبي صلی الله علیه و آله وسلم من عدد أسماء الحروف المبسوطة بزبرها وبيناتها، كما يُتلفظ بها عند قراءتها بحذف المكرّرات، كأن تعدَّ (ألف لام ميم) تسعة، ولا تعد مكرّرة بتكرُّرها في خمس من السور، فإذا عددتها كذلك تصير مائة وثلاثة أحرف، وهذا يوافق تاريخ ولادة النبي صلی الله علیه و آله وسلم؛ لأنه كان قد مضى من الألف السابع من ابتداء خلق آدم علیه السلام مائة سنة وثلاث سنين، وإليه أشار بقوله: «وتبيانه»، أي تبيان تاريخ ولادته علیه السلام .

ثمّ بيَّن علیه السلام أنَّ كلَّ واحدة من تلك الفواتح إشارة إلى ظهور دولة من بني هاشم ظهرت عند انقضائها ، ف_«الم» الذي في سورة البقرة إشارة إلى ظهور دولة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم، إذ أول دولة ظهرت في بني هاشم كانت في دولة

عبد المطلب، فهو مبدأ التاريخ، ومن ظهور دولته إلى ظهور دولة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم وبعثته كان قريباً من أحد وسبعين الذي هو عدد «الم»، ف_«الم»« ذلك» إشارة إلى ذلك.

وبعد ذلك في نظم القرآن الم الذي في آل عمران، فهو إشارة إلى خروج الحسين علیه السلام ؛ إذ كان خروجه علیه السلام في أواخر سنة ستين من الهجرة، وكان بعثته صلی الله علیه و آله وسلم قبل الهجرة نحواً من ثلاث عشر سنة، وإنما كان شيوع أمره صلی الله علیه و آله وسلم وظهوره بعد سنتين من البعثة.

ثمّ بعد ذلك في نظم القرآن «المص» وقد ظهرت دولة بني العباس عند انقضائها، ويشكل هذا بأن ظهور دولتهم وابتداء بيعتهم كان في سنة اثنتين وثلاثين

ومائة، وقد مضى من البعثة مائة وخمس وأربعون سنة، فلا يوافق ما في الخبر.

ص: 139

ويمكن التفضي عنه بوجوه:

الأوّل: أن يكون مبدأ هذا التاريخ غير مبدأ «الم»، بأن يكون مبدؤه ولادة النبي صلی الله علیه و آله وسلم مثلا ، فإن بدو دعوة بني العبّاس كان في سنة مائة من الهجرة، وظهور بعض أمرهم في خراسان كان في سنة سبع أو ثمان ومائة، ومن ولادته صلی الله علیه و آله وسلم إلى ذلك الزمان كان مائة وإحدى وستين سنة.

الثاني: أن يكون المراد بقيام قائم ولد العبّاس استقرار دولتهم وتمكنهم، وذلك كان في أواخر زمان المنصور ، وهو يوافق هذا التاريخ من البعثة.

الثالث: أن يكون هذا الحساب مبنيا على حساب الأبجد القديم، الذي يُنسَب إلى المغاربة، وفيه: (صعفض قرست ثخذ ظغش)، فالصاد في حسابهم ستون، فيكون مائة وإحدى وثلاثين، وسيأتي التصريح بأن حساب «المص» مبني على ذلك في خبر رحمة بن صدقة في كتاب القرآن(1)، فيوافق تاريخه تاريخ «الم» ؛ إذ في سنة مائة وسبع عشرة من الهجرة ظهرت دعوتهم في خراسان فأُخذوا وقُتِلَ بعضهم.

ويحتمل أن يكون مبدأ هذا التاريخ زمان نزول الآية، وهي إن كانت مكيَّة كما هو المشهور فيحتمل أن يكون نزولها في زمان قريب من الهجرة فيقرب من بيعتهم الظاهرة، وإن كانت مدنيَّة فيمكن أن يكون نزولها في زمان ينطبق على بيعتهم بغير تفاوت.

وإذا رجعت إلى ما حققناه في كتاب القرآن في خبر رحمة بن صدقة ظهر لك أنَّ الوجه الثالث أظهر الوجوه، ومؤيَّد بالخبر، ومثل هذا التصحيف كثيراً ما يصدر من النسّاخ ، لعدم معرفتهم بما عليه بناء الخبر، فيزعمون أنَّ ستّين غلط

ص: 140


1- بحار الأنوار (ج 89 /ص 376 و 377 /ح 7)، عن معاني الأخبار (ص 28/ باب معنى الحروف المقطعة ... / ح 5) ، وتفسير العياشي (ج 2 /ص 2 و 3/ ح 2)

لعدم مطابقته لما عندهم من الحساب، فيُصفونها على ما يوافق زعمهم.

قوله: «فلما بلغت مدَّته» أي كملت المدة المتعلقة بخروج الحسين علیه السلام فإنّ ما بين شهادته (صلوات الله عليه إلى خروج بني العبّاس كان من توابع خروجه، وقد انتقم الله من بني أُميّة في تلك المدة إلى أن استأصلهم.

قوله علیه السلام: «ويقوم قائمنا عند انقضائها ب_«الر»، هذا يحتمل وجوهاً:

الأوّل: أنْ يكون من الأخبار المشروطة البدائية، ولم يتحقق لعدم تحقق شرطه، كما تدلّ عليه أخبار هذا الباب.

الثاني: أن يكون تصحيف «المر»، ويكون مبدأ التاريخ ظهور أمر النبي صلی الله علیه و آله وسلم قريباً من البعثة ك_(الم) ، ويكون المراد بقيام القائم قيامه بالإمامة تورية، فإنّ إمامته علیه السلام كانت في سنة ستين ومائتين، فإذا أضيف إليه أحد عشر سنة قبل البعثة يوافق ذلك.

الثالث: أن يكون المراد جميع أعداد كل «الر» يكون في القرآن، وهي خمس، مجموعها ألف ومائة وخمسة وخمسون(1). ويُؤيده أنَّه علیه السلام عند ذكر لتكرره ذكر ما بعده ليتعيَّن السورة المقصودة ويتبيَّن أنَّ المراد واحد منها، بخلاف «الر» ؛ لكون المراد جميعاً، فتفطّن.

الرابع: أن يكون المراد انقضاء جميع الحروف مبتدئاً ب_«الر»، بأن يكون الغرض سقوط «المص» من العدد، أو «الم» أيضاً. وعلى الأوّل يكون ألفاً وستمائة وستة وتسعين، وعلى الثاني يكون ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرين، وعلى حساب المغاربة يكون على الأوّل ألفين وثلاثمائة وخمسة وعشرين، وعلى الثاني ألفين ومائة وأربعة وتسعين، وهذه أنسب بتلك القاعدة الكلية، وهي قوله: «وليس من حرف ينقضي»؛ إذ دولتهم علیهم السلام آخر الدُّوَل، لكنَّه بعيد لفظاً،

ص: 141


1- اتضح أنَّ هذا ليس مراداً، لأنَّ التاريخ هذا انقضى ولم تقم دولة القائم

ولا نرضی ،به رزقنا الله تعجیل فرجه علیه السلام.

هذا ما سمحت به قريحتي بفضل ربي في حل هذا الخبر المعضل وشرحه، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين، وأستغفر الله من الخطأ والخطل، في القول والعمل، إنَّه أرحم الراحمين.

بيانه في معنى : (كونوا كالنحل في الطير)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 115 و 116/ ح 37):

الغيبة للنعماني: أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ(1) أَبِي هَرَاسَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ صَبَّاح المُزَنِ، عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «كُونُوا كَالنَّحْلِ فِي الطَّيْرِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ عَلِمَتِ الطَّيْرُ مَا فِي أَجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ يَفْعَلْ بِهَا ذَلِكَ(2) ، خَالِطُوا النَّاسَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَأَبْدَانِكُمْ وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّىٰ يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ ، وَحَتَّى يُسَمِّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَحَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ - أَوْ قَالَ: مِنْ شِيعَتِي - [إِلَّا](3) كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ وَالمِلْح فِي الطَّعَام، وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلاً، وَهُوَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ، فَنَقَّاهُ وَطَيِّبَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَيْنَا وَتَرَكَهُ فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ [أَصَابَهُ السُّوسُ، فَأَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ إِلَى الْبَيْتِ فَتَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ] أَصَابَ(4) طَائِفَةً مِنْهُ اَلسُّوسُ ، فَأَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيِّبَهُ وَأَعَادَهُ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ

ص: 142


1- في المصدر: (بن)
2- في المصدر :(لم تفعل)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر
4- في المصدر : (أصابته)

رِزْمَةٌ كَرِزْمَةِ الْأَنْدَرِ لَا يَضُرُّهُ اَلسُّوسُ شَيْئاً، وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ تُيِّزُونَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا عِصَابَةٌ لَا تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ شَيْئاً».

الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن [الحسن](1) التيملي عن محمد وأحمد ابني ،الحسن عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي كهمس وغيره رفع الحديث إلى أمير المؤمنين علیه السلام، وذكر مثله.(2)

بیان: قوله علیه السلام : «كالنحل في الطير أمر بالتقيَّة، أي لا تُظهروا لهم ما أجوافكم من دين الحقِّ كما أنَّ النحل لا يُظهر ما في بطنها على الطيور، وإلا لأفنوها.

و(الرزمة) بالكسر : ما شُدَّ في ثوب واحد.

و(الأندر) البيدر.

بيانه في معنى: (فإذا قلنا في الرجل منا شيئاً فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 119 - 121 / ح 49):

الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ جَميعاً، عَنِ ابْنِ تَحْبُوبِ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام . قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ [تَعَالَى](3) أَوْحَى إِلَى عِمْرَانَ: أَنِّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَرا سَوِيًّا مُبَارَكاً، يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ، وَجَاعِلُهُ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَحَدَّثَ عِمْرَانُ امْرَأَتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ، وَهِيَ أُمَّ مَرْيَمَ. فَلَمَّا حَمَلَتْ كَانَ حَمْلُهَا

ص: 143


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- الغيبة للنعماني (ص 217 و 218 /باب 12 /ح 17)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر

بِهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غُلَامٌ، «فَلَمَّا وَضَعَتْها قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنثى ... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى» ، أَي لا تَكُونُ الْبِنْتُ رَسُولاً، يَقُولُ اللهُ عزوجل: «وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ»[آل عمران: 36]، فَلَمَّا وَهَبَ اللَّهُ لِرْيَمَ عِيسَىٰ كَانَ هُوَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِمْرَانَ وَوَعَدَهُ إِيَّاهُ ، فَإِذَا قُلْنَا فِي الرَّجُلِ مِنَّا شَيْئاً فَكَانَ فِي وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلَا تُنْكِرُوا ذَلِكَ».(1)

بيان حاصل هذا الحديث وأضرابه أنه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء والأوصياء علیهم السلام على أنْ يتكلموا في بعض الأمور على وجه المجاز والتورية وبالأُمور البدائيّة على ما سُطِرَ في كتاب المحو والإثبات، ثمّ يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأوَّل، فيجب عليهم أن لا يحملوه على الكذب، ويعلموا أنَّ المراد منه غير ما فهموه كمعنى مجازي، أو كان وقوعه مشروطاً بشرط لم يتحقق.

ومن جملة ذلك زمان قيام القائم علیه السلام وتعيينه من بينهم علیهم السلام ؛ لئلا ييأس الشيعة ويسلّوا أنفسهم من ظلم الظالمين بتوقع قرب الفرج، فربَّما قالوا فلان القائم، ومرادهم القائم بأمر الإمامة، كما قالوا «كلنا قائمون بأمر الله»(2)، وربَّما فهمت الشيعة أنَّه القائم بأمر الجهاد والخارج بالسيف، أو أرادوا أنَّه إن أذن الله له في ذلك يقوم به، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر وكتمان السر وطاعة الإمام يقوم به، أو كما روي عن الصادق علیه السلام أنه قال: «ولدي هو القائم»(3) والمراد به السابع من ولده، لا ولده بلا واسطة.

ص: 144


1- الكافي (ج 1 /ص 535 / باب في أنَّه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه.../ ح 1)
2- راجع بحار الأنوار (ج 2 /ص 189 /ح 4) ، عن تأويل الآيات الظاهرة (ج 1 /ص 432/ ح 13)
3- راجع: الغيبة للطوسي (ص 47 و 48 / ح 33 و 34)

ثمّ مثل ذلك بما أوحى الله سبحانه إلى عمران: أنّي واهب لك ذكراً، وكان المراد ولد الولد، وفهمت حنة أنَّه الولد بلا واسطة، فالمراد بقوله علیه السلام: «فإذا قلنا...» إلى آخره، أي بحسب فهم الناس، أو ظاهر اللفظ، أو المراد أنه قيل فيه حقيقةً ولكن كان مشروطاً بأمر لم يقع فوقع فيه البداء بالمعنى الذي حققناه في بابه(1) ووقع في ولده.

وعلى هذا ما ذُكِرَ في أمر عيسى علیه السلام إِنَّا ذُكِرَ على التنظير وإن لم تكن بينهما مطابقة تامة، أو كان أمر عيسى أيضاً كذلك بأنَّه كان قُدِّر في الولد بلا واسطة وأخبر به ثمّ وقع فيه البداء وصار في ولد الولد.

ويحتمل المثل ومضربه معاً وجهاً آخر، وهو أن يكون المراد فيهما معنىً مجازيًا على وجه آخر، ففي المثل أُطلِقَ الذكر السويّ على مريم علیها السلام لأنها سبب وجود عيسى علیه السلام إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، وكذا في المضرب أُطلِقَ القائم على من في صلبه القائم إما على الوجه المذكور، أو إطلاقاً لاسم الجزء على الكلّ، وإنْ كانت الجزئية أيضاً مجازيَّة، والله يعلم مرادهم علیهم السلام

بيانه في معنى : (وسيسفر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران لتمام: «الم» و«طه» و (الطواسين) من السنين)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 121 /ح 50):

كتاب المحتضر للحسن بن سليمان تلميذ الشهيد (رحمة الله عليها)، قال: رُوِيَ أَنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ مَوْلَانَا أَبي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيّ علیه السلام مَا صُورَتُهُ: «قَدْ صَعِدْنَا ذُرَى الْحَقَائِقِ بِأَقْدَامِ النُّبُوَّةِ وَالْوَلَايَةِ ...» وَسَاقَهُ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَسَيَسْفِرُ هُمْ يَنَابِيعُ

ص: 145


1- راجع: بحار الأنوار (ج 4 / ص 122 - 134)

الْحَيَوَانِ بَعْدَ لَظَى النِّيرَانِ لِتَمَامِ: «الم» وَ«طه» وَ(الطَّوَاسِينِ) مِنَ السِّنِينَ».(1)

بيان يحتمل أن يكون المراد كل «الم» وكل ما اشتمل عليها من المقطعات أي «المص» ، والمراد جميعها مع طه والطواسين ترتقي إلى ألف ومائة وتسعة وخمسين، وهو قريب من أظهر الوجوه التي ذكرناها في خبر أبي لبيد(2)، ويُؤيده كما أومأنا إليه.

ثمّ إنَّ هذه التوقيتات على تقدير صحة أخبارها لا ينافي النهي عن التوقيت، إذ المراد بها النهي عن التوقيت على الحتم، لا على وجه يحتمل البداء كما صُرّح في الأخبار السالفة(3). أو عن التصريح به، فلا ينافي الرمز والبيان على وجه يحتمل الوجوه الكثيرة أو يُخصَّص بغير المعصوم علیه السلام . وينافي الأخير بعض الأخبار(4)، والأوّل أظهر .

وغرضنا من ذكر تلك الوجوه إبداء احتمال لا ينافي ما مرَّ من هذا الزمان فإِنْ مرَّ هذا الزمان ولم يظهر الفرج والعياذ بالله كان ذلك من سوء فهمنا، والله

المستعان

مع أنَّ احتمال البداء قائم في كلِّ من محتملاتها كما مرت الإشارة إليه في خبر ابن يقطين والثمالي وغيرهما(5)، فاحذر من وساوس شياطين الإنس والجانِّ، وعلى الله التكلان.

ص: 146


1- لم نعثر عليه في المحتضر المطبوع
2- بحار الأنوار (ج 52 / ص 106 و 107 / ح 13) ، عن تفسير العياشي (ج 2 /ص 3/ ح 3)
3- راجع بحار الأنوار (ج 52 /ص 101 / باب التمحيص والنهي عن التوقيت وحصول البداء في ذلك)
4- راجع: المصدر السابق
5- بحار الأنوار (ج 52 /ص 102 و 105/ ح 4 و 11)، عن الغيبة للطوسي (ص 341و342 و 428 / ح 292 و 417)

بيانه في معنى: (إذا كان ذلك فتمسّكوا بالأمر الأول حتّى يتبين لكم الآخر)، وأشباهه

بحار الأنوار (ج 52 /ص 132 و 133 / ح 37):

الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ(1) بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَبَّاسِ(2) بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ،

قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله عليه السلام : يَكُونُ فِتْرَةٌ لَا يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ إِمَامَهُمْ فِيهَا؟

فَقَالَ: «يُقَالُ ذَلِكَ».

قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟

قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَتَمَسَّكُوا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْآخِرُ».

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّيْقَلِ، عَنْ أَبِيهِ مَنْصُورٍ :[قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله عليه السلام : «إِذَا أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ يَوْماً لَا تَرَى إِمَاماً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، فَأَحِبَّ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأَبْغِضُ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، وَوَالِ مَنْ كُنْتَ تُوَالِي، وَانْتَظِرِ الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً».

محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن الحسين بن عليٍّ العطّار، عن جعفر بن محمد، عن [محمّد بن](3)منصور]، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام ، مثله.

مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَن الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْنِ بْن طَريفِ(4)جَمِيعاً ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الله بن سِنَانٍ، قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي

ص: 147


1- في المصدر : (الحسن)
2- في المصدر : (عبيس)
3- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
4- في المصدر : (ظريف)؛ وكذلك المورد التالي

عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقَالَ : «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لَا يَكُونُ فِيهَا إِمَامٌ هُدًى، وَلَا عَلَمْ يُرَى، فَلَا يَنْجُو مِنْ تِلْكَ الْخَيْرَةِ إِلَّا مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَرِيقِ».

فَقَالَ أَبِي هَذَا وَالله الْبَلَاءُ ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ - جُعِلْتُ فِدَاكَ - حِينَئِذٍ ؟

قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ - وَلَنْ تُدْرِكَهُ - ، فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ حَتَّى يَصِحَ(1)لَكُمُ الْأَمْرُ».

وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن بْن طَرِيفِ، عَنِ الْحَارِثِ بْن المُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَرْوِي بِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يُفْقَدُ زَمَاناً، فَكَيْفَ نَصْنَعُ عِنْدَ ذَلِكَ؟

قَالَ: «تَمَسَّكُوا بِالْأَمْرِ اَلْأَوَّل الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمْ».(2)

بيان: المقصود من هذه الأخبار عدم التزلزل في الدين والتحير في العمل، أي تمسكوا في أُصول دينكم وفروعه بما وصل إليكم من أئمتكم، ولا تتركوا

العمل ولا ترتدوا حتَّى يظهر إمامكم.

ويحتمل أن يكون المعنى: لا تؤمنوا بمن يدَّعي أنَّه القائم حتَّى يتبيَّن لكم بالمعجزات، وقد مرّ كلام في ذلك عن سعد بن عبد الله في باب الأدلة التي ذكرها الشيخ.(3)

بيانه في معنى : (كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 134 و 135 / ح 38):

ص: 148


1- في المصدر : (يتّضح)
2- الغيبة للنعماني (ص 161 و 162 / باب 10/ فصل 2/ ح 2 - 5)
3- بحار الأنوار (ج 51 /ص 212) عن الغيبة للطوسي (ص 224 / ح 189)

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ بِإِسْنَادِهِ [يَرْفَعُهُ] إِلَى أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُصِيبُهُمْ فِيهَا سَبْطَةٌ، يَأْرِزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأْرِزَ اَلْخَيَّةُ فِي جُحْرِهَا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ نَجْمٌ» .

قُلْتُ : فَمَا اَلسَّبْطَةُ؟

قَالَ: «اَلْفَتْرَةَ».

قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ؟

قَالَ: «كُونُوا عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، حَتَّى يُطْلِعَ اللَّهُ لَكُمْ نَجْمَكُمْ».

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا وَقَعَتِ السَّبْطَةُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ، تَأْرِزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأْرِزُ الْخَيَّةُ فِي جُحْرِهَا، وَاخْتَلَفَتِ الشَّيعَةُ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَيَتْفُلُ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بعضٍ؟».

فَقُلْتُ : مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ .

قَالَ: «اَلْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ - يَقُولُهُ ثَلَاثَاً - وَقَدْ قَرُبَ الْفَرَجُ(1)».

الكليني، عن عدة من رجاله عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن الحسين(2)، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله علیه السلام أنَّه قال: كيف أنت إذا وقعت السبطة(3)» ، وذكر مثله بلفظه.(4)

بيان ... وفي الكافي في خبر [أبان] بن تغلب: «كيف أنت إذا وقعت

ص: 149


1- في المصدر : (ويريد قرب الفرج)
2- في المصدر : (الحسن)
3- في المصدر : (البطشة)
4- الغيبة للنعماني (ص 162 و 163 / باب 10/ فصل 2/ ح 6 و 7)

البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم»(1) ، فيكون إشارة إلى جيش السفياني واستيلائهم بين الحرمين.

وعلى ما في الأصل لعل المعنى: يأرز العلم بسبب ما يحدث بين المسجدين، أو يكون خفاء العلم في هذا الموضع أكثر بسبب استيلاء أهل الجور فيه...

بيانه في معنى: (المحاضير الحصن على أوتادها، أحلاس بيوتكم الفتنة على من أثارها)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 138 /ح 43):

الغيبة للنعماني : اِبْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أَحْمَدَ(2) بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الصَّبَّاح بْنِ اَلضَّحَاكِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ سَيْفِ النَّمَارِ، عَنْ أَبِي الْمُرْهِفِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «هَلَكَتِ المَحَاضِيرُ».

[قَالَ:](3) قُلْتُ : وَمَا المَحَاضِيرُ؟

قَالَ: «اَلْمُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا اَلْمُقَرِّبُونَ، وَثَبَتَ الحِصْنُ عَلَى أَوْتَادِهَا، كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ الْفِتْنَةَ عَلَى مَنْ أَثَارَهَا، وَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَكُمْ بِحَاجَةٍ(4) إِلَّا أَتَاهُمُ اللهُ بِشَاغِلِ لِأَمْرِ يُعْرَضُ لَهُمْ(5)».(6)

ص: 150


1- الكافي (ج 1 /ص 340/ باب في الغيبة / ح 17)
2- في المصدر: (حميد)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر
4- في المصدر: (بجائحة)
5- في المصدر: (إِلَّا من تعرَّض لهم)
6- الغيبة للنعماني (ص 203 /باب 11/ ح 5)

إيضاح: (المحاضير) جمع المحضير ، وهو الفرس الكثير العدو.

و(المقرَّبون) بكسر الراء المشدّدة، أي الذين يقولون: الفرج قريب ويرجون قربه، أو يدعون لقربه. أو بفتح الراء، أي الصابرون الذين فازوا بالصبر بقربه تعالى.

قوله علیه السلام: «وثبت الحصن» أي استقرَّ حصن دولة المخالفين على أساسها، بأن يكون المراد بالأوتاد الأساس مجازاً، وفي الكافي «وثبتت الحصا على أوتادهم»(1)، أي سهلت لهم الأُمور الصعبة، كما أن استقرار الحصا على الوتد صعب. أو أنَّ أسباب دولتهم تتزايد يوماً فيوماً، أي لا تُرفع الحصا عن أوتاد دولتهم، بل يدق بها دائماً. أو المراد بالأوتاد الرؤساء والعظماء، أي قدر ولزم نزول حصا العذاب على عظمائهم.

قوله علیه السلام : «الفتنة على من أثارها» أي يعود ضرر الفتنة على من أثارها أكثر من غيره، كما أنَّ بالغبار يتضرر مثيرها أكثر من غيره.

بيانه في معنى : (ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر)

بحار الأنوار (ج 52 /ص 151 /ح 1):

الاحتجاج : خَرَجَ التَّوْقِيعُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ السَّمُرِيِّ : «يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيَّ، [اِسْمَعْ](2) ، أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَاجْمَعْ أَمْرَكَ ، وَلَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ يَقُومُ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ، فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ الله (تَعَالَى ذِكْرُهُ)، وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ،

ص: 151


1- الكافي (ج 294:8 / ح 450)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر

وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَاِمْتِلَاءِ الْأَرْضِ جَوْراً، وَسَيَأْتِي مِنْ(1) شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ ، أَلَا فَمَنِ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِي وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيُّ الْعَظِيمِ».(2)

إكمال الدِّين: الحسن بن أحمد المكتَّب، مثله.(3)

بیان لعلَّه محمول على من يدَّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه علیه السلام إلى الشيعة على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي

فيمن رآه علیه السلام،والله يعلم.

بيانه في معنى: (يرجع في إحداهما):

بحار الأنوار (ج 52 /ص 156/ ح 16):

الغيبة للنعماني: بِهَذَا الْإِسْنَادِ(4) ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ(5) وَيَحْيَى بْنِ المُثَنَّى ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْنِ يَرْجِعُ فِي إِحْدَاهُمَا ، وَ[فِي](6) الْأُخْرَى لَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ، يَشْهَدُ المَوَاسِمَ، يَرَى النَّاسَ وَلَا يَرَوْنَهُ».(7)

بيان: لعلَّ المراد برجوعه رجوعه إلى خواص مواليه وسفرائه، أو وصول خبره إلى الخلق.

ص: 152


1- في المصدر : (إلى)
2- الاحتجاج (ج 2 / ص 297)
3- كمال الدين (ص 516/ باب 45 / ح 44)
4- أي (عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن)
5- في المصدر : (ابن بكير)
6- ما بين المعقوفتين من المصدر
7- الغيبة للنعماني (ص181 / باب 10 / فصل 4 / ح 15)

بيانه في معنى (العزلة طيبة)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 157 و 158/ ح 20):

الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ [عَليِّ بْن](1) أَبِي حَمزَةَ، [عَنْ أَبِي بَصِيرٍ]، عَنْ أَن أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لا بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ، وَلَا بُدَّ لَهُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ عُزْلَةٍ، وَنِعْمَ المنزل طبيبةُ، وَمَا بِثَلاثِينَ مِنْ وَحْشَةِ».

الغيبة للنعماني: الكليني، عن عليٍّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، مثله.(2)

بيان في الكافي في السند الأوّل عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير.(3)

والعُزلة - بالضم - اسم الاعتزال.

والطيبة اسم المدينة الطيبة.

فيدلُّ على كونه علیه السلام غالباً فيها وفي حواليها، وعلى أن معه ثلاثين من مواليه وخواصه إن مات أحدهم قام آخر مقامه.

بيانه في معنى: (خلع فيه صاحب خراسان...)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 182 و 183/ ح 7):

قرب الإسناد : بِالْإِسْنَادِ(4)، قَالَ: سَمِعْتُ الرّضَا علیه السلام يَقُولُ: «يَزْعُمُ اِبْنُ

ص: 153


1- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي
2- الظاهر أنَّ هذا خطأ، فإنَّ هذا السند راجع إلى رواية أُخرى رواها النعماني في غيبته (ص /194 / باب 10 / فصل 4 / ح 42)
3- الكافي (ج 1 / ص 340/ باب في الغيبة/ ح 16)
4- أي (أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر)

أَبِي حَمْزَةَ أَنَّ جَعْفَراً زَعَمَ أَنَّ أَبِي الْقَائِمُ، وَمَا عَلِمَ جَعْفَرٌ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَحْكِي لِرَسُولِهِ(1) صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحَى إِلَيَّ»[الأحقاف: 9].

وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام يَقُولُ: «أَرْبَعَةُ أَحْدَاثٍ تَكُونُ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ تَدلُّ عَلَى خُرُوجِهِ، مِنْهَا أَحْدَاتٌ قَدْ مَضَى مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ وَاحِدٌ».

قُلْنَا : جُعِلْنَا فِدَاكَ، وَمَا مَضَى مِنْهَا؟

قَالَ: «رَجَبٌ خُلِعَ فِيهِ صَاحِبُ خُرَاسَانَ ، وَرَجَبْ وَثَبَ فِيهِ عَلَى ابْنِ زُبَيْدَةَ، وَرَجَبٌ يخرج فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكُوفَةِ».

قُلْنَا لَهُ: فَالرَّجَبُ الرَّابِعُ مُتَّصِلَ بِهِ؟

قَالَ: «هَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ».(2)

بيان أي أجمل أبو جعفر علیه السلام ولم يُبيّن اتصاله.

وخلع صاحب خراسان كأَنَّه إشارة إلى خلع الأمين المأمون عن الخلافة وأمره بمحو اسمه عن الدراهم والخُطب.

والثاني إشارة إلى خلع محمّد الأمين.

والثالث إشارة إلى ظهور محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن علیه السلام المعروف بابن طباطبا بالكوفة لعشر خلون من جمادى

الآخرة في قريب من مائتين من الهجرة.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: «هكذا قال أبو جعفرعلیه السلام» تصديق اتصال الرابع بالثالث، فيكون الرابع إشارة إلى دخوله اللي خراسان، فإنه كان بعد خروج محمد بن إبراهيم بسنة تقريباً. ولا يبعد أن يكون دخوله علیه السلام خراسان في رجب.

ص: 154


1- في المصدر: (عن رسوله)
2- قرب الإسناد (ص 374 و 375/ ح 1330)

بيانه في معنى: (أول علامات الفرج، ولقد خُبِّرت بمكانكم، ويُقتل فلان)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 183 و 184 / ح 8) :

قرب الإسناد: بِالْإِسْنَادِ(1)، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ قُرْبِ هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ: «قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام ، حَكَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ : أَوَّلُ عَلَامَاتِ الْفَرَجِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي سَنَةِ سِتَّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ تَخْلَعُ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا، وَفِي سَنَةِ سَبْعِ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْفَنَاءُ، وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْجَلَاءُ».

فَقَالَ: «أَمَا تَرَىٰ بَنِي هَاشِمٍ قَدِ انْقَلَعُوا بِأَهْلِيهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ؟».

فَقُلْتُ : لَهُمُ (2) اَلْجَلَاءُ؟

قَالَ: «وَغَيْرُهُمْ، وَفِي سَنَةِ تِسْعِ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكْشِفُ اللَّهُ الْبَلَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ».

فَقُلْنَا لَهُ: جُعِلْنَا فِدَاكَ، أَخْبِرْنَا بِمَا يَكُونُ فِي سَنَةِ الْمَائَتَيْنِ.

قَالَ: «لَوْ أَخْبَرْتُ أَحَداً لَأَخْبَرْتُكُمْ، وَلَقَدْ حُبِّرْتُ بِمَكَانِكُمْ، فَمَا كَانَ هَذَا مِنْ رَأْيِ أَنْ يَظْهَرَ هَذَا مِنِّي إِلَيْكُمْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَادَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِظْهَارَ شَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ لَمْ يَقْدِرِ الْعِبَادُ عَلَى سَتْرِهِ».

فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّكَ قُلْتَ لِي فِي عَامِنَا الْأَوَّلِ حَكَيْتَ عَنْ أَبِيكَ أَنَّ اِنْقِضَاءَ مُلْكِ آلِ فُلَانٍ عَلَى رَأْسِ فَلَانٍ وَفُلَانٍ لَيْسَ لِبَنِي فُلَانٍ سُلْطَانٌ بَعْدَهُمَا .

قَالَ: «قَدْ قُلْتُ ذَاكَ لَكَ».

فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِذَا انْقَضَى مُلْكُهُمْ يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ؟

ص: 155


1- أي (عن أحمد بن محمد بن أبي نصر)
2- في المصدر : (فهم)

قَالَ: «لَا».

قُلْتُ: يَكُونُ مَاذَا؟

قَالَ: «يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ».

قُلْتُ: تَعْنِي خُرُوجَ السُّفْيَانِيِّ؟

فَقَالَ: «لَا» .

فَقُلْتُ: فَقِيَامَ الْقَائِمِ.

قَالَ: «يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ».

قُلْتُ: فَأَنْتَ هُوَ؟

قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه».

وَقَالَ: «إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الْأَمْرِ عَلَامَاتٍ، حَدَثٌ يَكُونُ بَيْنَ الْخَرَمَيْنِ».

قُلْتُ: مَا الْحَدَثُ؟

قَالَ: «عَصْبَةٌ(1) تَكُونُ، وَيَقْتُلُ فُلَانٌ مِنْ آلِ فُلَانٍ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً».(2)

بيان: قوله: «أوّل علامات الفرج» إشارة إلى وقوع الخلاف بين الأمين والمأمون، وخلع الأمين المأمون عن الخلافة؛ لأنَّ هذا كان ابتداء تزلزل أمر بني العباس، وفي سنة ست وتسعين ومائة اشتدَّ النزاع وقام الحرب بينهما، وفي السنة التي بعده كان فناء كثير من جندهم، وفيما بعده كان قتل الأمين وإجلاء أكثر بني العباس.

وذكر بني هاشم كان للتورية والتقيَّة، ولذا قال علیه السلام : «وغيرهم».

وفي سنة تسع وتسعين كشف الله البلاء عن أهل البيت علیهم السلام لخذلان معانديهم، وكتب المأمون إليه علیه السلام يستمد منه ويستحضره.

ص: 156


1- في المصدر: (عصبة)؛ وفي هامش البحار العضب القطع، ويقال: (سيف عضب) أي قاطع ويقال : (ما له عضبه الله) دعاء عليه بقطع يديه ورجليه ، و (عضب فلاناً بلسانه) تناوله بلسانه وشتمه، و(بالعصا) ضربه ، و (بالرمح) طعنه . فالمراد من العضبة : الهلاك والاستئصال
2- قرب الإسناد (ص 370 - 372 / ح 1326)

وقوله: «وفي سنة مائتين يفعل الله ما يشاء» إشارة إلى شدَّة تعظيم المأمون له ،وطلبه، وفي السنة التي بعده أعني سنة إحدى ومائتين دخل خراسان، وفي شهر رمضان عقد مأمون له البيعة.

قوله علیه السلام : «ولقد خُبّرت بمكانكم» أي بمجيئكم في هذا الوقت، وسؤالكم منّي هذا السؤال، والمعنى: أنّي عالم بما يكون من الحوادث، لكن ليست المصلحة في إظهارها لكم.

وقوله علیه السلام : «ويقتل فلان» إشارة إلى بعض الحوادث التي وقعت على بني العبّاس في أواخر دولتهم، أو إلى انقراضهم في زمن هلاكوخان.

بيانه حول الخسف في البيداء

بحار الأنوار (ج 52 / ص 185 - 17 / ح 11):

تفسير علي بن إبراهيم: في رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ» ، قَالَ: «مِنَ الصَّوْتِ، وَذَلِكَ اَلصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ»، وَقَوْلِهِ: «وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ»[سبأ: 51]، قَالَ: «مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ خُسِفَ بِهِمْ».(1)

بيان: ... أقول: قال صاحب الكشّاف: (روي عن ابن عبّاس أنها نزلت في خسف البيداء).(2)

وَقَالَ الشَّيْخُ َأمِينُ الدِّينِ الطَّبْرسِيُّ : قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثَّمَالِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ ابْنَ الْحُسَيْنِ وَالْحَسَنَ بْنَ الحَسَن بن عليّ علیهم السلام يَقُولان: «هُوَ جَيْشُ الْبَيْدَاءِ، يُؤْخَذُونَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ».

قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَحُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُهَاجِراً المَكَّيَّ

ص: 157


1- تفسير القمّي (ج 2 / ص 205 و 206)
2- تفسير الكشاف (ج 3/ شرح ص 296)

يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم : «يَعُوذُ عَائِدٌ بِالْبَيْتِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ جَيْشُ(1)حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ - بَيْدَاءِ المَدِينَةِ - خُسِفَ بِهِمْ».

وَرُويَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَان أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله وسلم ذَكَرَ فِتْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَ أَهْلِ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، قَالَ: «فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس فِي فَوْر ذَلِكَ حَتَّى يَنْزِلَ دِمَشْقَ فَيَبْعَثُ جَيْشَيْن جَيْساً إِلَى المَشْرِقِ وَآخَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْزِلُوا بِأَرْضِ بَابِلَ مِنَ المَدِينَةِ المَلْعُونَةِ - يَعْنِي بَغْدَادَ ، فَيَقْتُلُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلافٍ، وَيَفْضَحُونَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ امْرَأَةِ، وَيَقْتُلُونَ [بِهَا ] ثَلَاثَمِائَةِ كَبْسٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاس.

ثُمَّ يَنْحَدِرُونَ إِلَى الْكُوفَةِ فَيُخَرِّبُونَ مَا حَوْلَهَا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى الشَّام، فَتَخْرُجُ رَايَةُ هُدًى مِنَ الْكُوفَةِ، فَتَلْحَقُ ذَلِكَ الْخَيْشَ فَيَقْتُلُونَهُمْ، لَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ مُخْبِرُ، وَيَسْتَنْقِذُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ وَالْغَنَائِمِ، وَيَحُلُّ الْخَيْشُ الثَّانِي بِالمَدِينَةِ فَيَنْتَهِبُونَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا.

ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى مَكَّةَ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ بَعَثَ اللَّهُ جَبْرَئِيلَ، فَيَقُولُ : يَا جَبْرَئِيلُ اذْهَبْ فَابِدُهُمْ، فَيَضْرِبُهَا بِرجْلِهِ ضَرْبَةً يَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ عِنْدَهَا وَلَا يُفْلِتُ مِنْهَا إِلَّا رَجُلاَن مِنْ جُهَيْنَةَ، فَلِذَلِكَ جَاءَ الْقَوْلُ : (وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ الْيَقِينُ)، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ...» إلى آخرها، أورده الثعلبي في تفسيره.(2)

وروى أصحابنا في أحاديث المهدي علیه السلام ، عن أبي عبد الله وأبي جعفر علیهما السلام مثله.

ص: 158


1- في المصدر : (فيبعث الله إليه جيشاً)
2- راجع تفسير الثعلبي (ج 8 / ص 94 و 95)

«وَقالُوا» أي ويقولون في ذلك الوقت وهو يوم القيامة، أو عند رؤية البأس، أو عند الخسف، في حديث السفياني، «آمَنَّا بِهِ وَأَنَّا لَهُمُ التَّناوُشُ» أَي ومن أين لهم الانتفاع بهذا الإيمان الذي الجئوا إليه، بيَّن سبحانه أنهم لا ينالون به نفعاً كما لا ينال أحد التناوش «مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ».(1)

بيانه في معنى: (إنَّهم طلبوا المهدي علیه السلام من حيث لا ينال)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 187 / ح 12):

تفسير علي بن إبراهيم: اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ المُعَلَّى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنِ ابْنِ مَحبُوبِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ : «وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ»[سبأ: 52]، قَالَ: «إِنَّهُمْ طَلَبُوا المَهْدِيَّ علیه السلام مِنْ حَيْثُ لَا يُنَالُ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ مَبْذُولاً مِنْ حَيْثُ يُنَالُ».(2)

بیان: قوله: «من حيث لا يُنال» أي بعد سقوط التكليف وظه-ور آثار القيامة، أو بعد الموت، أو عند الخسف والأخير أظهر من جهة الخبر.

بيانه في معنى «سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ»

بحار الأنوار (ج 52 / ص 188 / ح 14):

تفسير علي بن إبراهيم: «سَأَلَ سائِلُ بِعَذابٍ واقعٍ»[المعارج: 1]، قَالَ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ مَعْنَى هَذَا ، فَقَالَ: «نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ المَغْرِبِ، وَمَلَكٌ يَسُوقُهَا مِنْ خَلْفِهَا، حَتَّى يَأْتِيَ مِنْ جِهَةِ دَارِ بَنِي سَعْدِ بْنِ هَمَّامٍ، عِنْدَ مَسْجِدِهِمْ،

ص: 159


1- تفسير مجمع البيان (ج 8 / ص 228 و 229)
2- تفسير القمي (ج 2 / ص 206)

فَلَا تَدَعُ دَاراً لِبَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا أَحْرَقَتْهَا وَأَهْلَهَا، وَلَا تَدَعُ دَاراً فِيهَا وَتُرٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقَتْهَا، وَذَلِكَ اَلمَهْدِيُّ اعلیه السلام».(1)

بيان أي من علاماته، أو عند ظهوره علیه السلام.

بيانه في معنى: (إنَّه لمجهود في عقله، والهينمة، و ...):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 191 / ح 23):

إكمال الدين : المُظَفَرُ الْعَلَوِيُّ ، عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ(2)، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».(3)

بيان: قال الجزري: (فيه: «إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء» أي إنَّه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده، لقلّة المسلمين يومئذ، و«سيعود غريباً كما كان» أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء. «فطوبي للغرباء» أي الجنَّة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوَّل الإسلام، ويكونون في آخره، وإنَّما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أوَّلاً وآخراً ولزومهم دين الإسلام).(4)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 192 - 195/ ح 26):

إكمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنِ الْجُلُودِيٍّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُعَادٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ

ص: 160


1- تفسير القمي (ج 2 / ص 385)
2- في المصدر : (عن جعفر بن أحمد العمركي بن علي البوفكي)
3- كمال الدين (ص 201 / باب 20/ ح 45)
4- النهاية لابن الأثير (ج 3 / ص 348)

حَفْصٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ ، عَنْ أَبِي سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الضَّحَاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب علیه السلام ، فَحَمِدَ الله [عزوجل](1)وَأَثْنَى عَلَيْهِ، [وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ] ، ثُمَّ قَالَ: «سَلُونِي أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي - ثَلاثاً -».

فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ؟

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ علیه السلام : «أُقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ كَلَامَكَ وَعَلِمَ مَا أَرَدْتَ، وَاللَّهُ مَا اَلمَسْؤُولُ عَنْهُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ لِذَلِكَ عَلَامَاتٌ وَهَيْئَاتُ يَتْبَعُ بَعْضَهَا بَعْضاً كَحَذْوِ النَّعْل بِالنَّعْلِ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأَتُكَ بِهَا».

قَالَ: نَعَمْ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ علیه السلام : «اِحْفَظْ فَإِنَّ عَلَامَةَ ذَلِكَ : إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا اَلْأَمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا اَالْكَذِبَ، وَأَكَلُوا الرِّبَا، وَأَخَذُوا الرِّشَا، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَ بَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَعْمَلُوا اَلسُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَقَطَّعُوا الْأَرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُوا بِالدِّمَاءِ، وَكَانَ اَلْحِلْمُ ضَعْفاً، وَالظُّلْمُ فَخْراً، وَكَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةٌ، وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةٌ، وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةٌ، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةٌ، وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ النُّورِ، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَقَوْلُ الْبُهْتَانِ، وَالْإِثْمُ وَالطُّغْيَانُ، وَحُلِّيَتِ المَصَاحِفُ، وَزُخْرِفَتِ المَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ المَنَارُ(2) ، وَأُكْرِمَ الْأَشْرَارُ ، وَازْدَحَمَتِ اَلصُّفُوفُ، وَاِخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ، وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ(3)، وَاقْتَرَبَ المَوْعُودُ، وَشَارَكَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَعَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ،

ص: 161


1- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموردان التاليان
2- في المصدر: (المنارات)
3- في المصدر : (واختلفت القلوب، ونُقِضَت العهود)

وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَهُمْ، وَاتَّقِيَ الْفَاجِرُ تَخَافَةَ شَرِّهِ، وَصُدِّقَ الْكَاذِبُ، وَاؤْتُمِنَ اَلْخَائِنُ، وَاتَّخِذَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازِفُ ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّهَا، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ، وَتَشَبَّةَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَالرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ أَنَّ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْرِ حَقٌّ عَرَفَهُ، وَتُفْقُهَ لِغَيْرِ الدِّينِ، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذَّتَابِ، وَقُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْحِيَفِ، وَأَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا اَلْوَحَا، ثُمَّ الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ [ وَ الَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَمَنَّىٰ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَانِهِ».

فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَصْبَعُ بْنُ نُبَاتَةَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الدَّجَّالُ؟

فَقَالَ: «... يَخْرُجُ فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ، تَحْتَهُ حِمَارٌ أَقْمَرُ، خُطْوَةُ حِمَارِهِ مِيلٌ، تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ مَنْهَلاً مَنْهَلاً، وَلَا يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلَّا غَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يُنَادِي بِأَعْلَىٰ صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالشَّيَاطِينِ، يَقُولُ: إِلَيَّ أَوْلِيَائِي، أَنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، وَكَذَبَ عَدُوٌّ الله إِنَّهُ اَلْأَعْوَرُ، يَطْعَمُ الطَّعَامَ، وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عزوجل وَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَلَا يَطْعَمُ وَلَا يَمْشِي وَلَا يَزُولُ [تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيراً].

أَلَا وَإِنَّ أَكْثَرَ أَشْيَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْلَادُ الزِّنَا ، وَأَصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْرِ، يَقْتُلُهُ اللهُ عزوجل بِالشَّامِ عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أَفِيقٍ لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، عَلَى يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي المَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ [علیه السلام] خَلْفَهُ ...».

إكمال الدِّين: محمد بن عمرو(1) بن عثمان العقيلي، عن محمد بن جعفر بن المظفّر وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وعبد الله بن محمد بن موسى جميعاً(2) ومحمد بن عبد الله بن صبيح جميعاً، عن أحمد بن المثنّى الموصلي، عن عبد الأعلى،

ص: 162


1- في المصدر: (عمر)
2- كذا في البحار ؛ والظاهر أن لفظة (جميعاً) زائدة

عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر ، عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، مثله سواء.(1)

توضيح: قال الجزري: (العرفاء: جمع عرّيف، وهو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل).(2)

و(الزعيم) سيِّد القوم ورئيسهم، أو المتكلم عنهم.

و(القنية) الأمة المغنّية.

و (المعازف) الملاهي كالعود والطنبور.

و(الذِّمام) بالكسر الحقُّ والحرمة.

وقال الفيروزآبادي: (القمرة - بالضَّم - لون إلى الخضرة، أو بياض فيه كدرة، حمار أقمر وأتان قمراء).(3)

قوله (لعنه الله) : ( إليَّ أوليائي) أي أسرعوا إلي يا أوليائي.

وفسَّر السيوطي وغيره الطيلسان بأنه شبه الأردية يُوضع على الرأس والكتفين والظهر(4)، وقال ابن الأثير في (شرح مسند الشافعي): (الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف).(5)

وقال الفيروزآبادي : (الأفيق قرية بين حوران والغور، ومنه عقبة أفيق).(6)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 195 - 202 ح 27):

إكمال الدِّين: مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ(7)، عَنْ مَشَايِخِهِ، عَنْ

ص: 163


1- كمال الدين (ص 525 - 528 / باب 47 / ح 1)
2- النهاية لابن الأثير (ج 3 / ص 218)
3- القاموس المحيط (ج 2 / ص 121)
4- راجع مطالع الأنوار (ج 3 / ص 291)
5- شرح مسند الشافعي (ج 2 / ص 331)
6- القاموس المحيط (ج 3 / ص 209)
7- أي (أبو عمر(و) محمّد بن جعفر بن المظفر ، وعبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن الرازي، وأبو سعيد عبد الله بن محمد بن موسى بن كعب الصيداني، وأبو الحسن محمد بن عبد الله بن صبيح الجوهري)

أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم صَلَّى ذَاتَ يَوْمِ بِأَصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ قَامَ مَعَ أَصْحَابِهِ حَتَّى أَتَى بَابَ دَارٍ بِالمَدِينَةِ، فَطَرَقَ الْبَابَ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ اِمْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ؟

فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «يَا أَمَّ عَبْدِ اللَّهِ، اِسْتَأْذِنِي لِي عَلَى عَبْدِ اللَّهِ».

فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَمَا تَصْنَعُ بِعَبْدِ اللَّهِ ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَجْهُودٌ فِي عَقْلِهِ، يُحْدِثُ فِي ثَوْبِهِ، وَإِنَّهُ لَيُرَاوِدُنِي عَلَى الْأَمْرِ الْعَظِيمِ.

فَقَالَ: «اِسْتَأْذِنِي [لي](1) عَلَيْهِ».

فَقَالَتْ: أَعَلَى ذِمَّتِكَ؟

قَالَ: «نَعَمْ».

قَالَ[تِ]: اُدْخُلْ .

فَدَخَلَ، فَإِذَا هُوَ فِي قَطِيفَةٍ يُهيْنِمُ فِيهَا ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اسْكُتْ وَاجْلِسْ ، هَذَا(2)مُحَمَّدٌ قَدْ أَتَاكَ، فَسَكَتَ وَجَلَسَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم:«مَا لَهَا (لَعَنَهَا اللهُ) لَوْ تَرَكَتْنِي لَأَخْبَرْتُكُمْ أَهُوَ هُو».

ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا تَرَى؟».

قَالَ: أَرَى حَقًّا وَبَاطِلاً، وَأَرَى عَرْشاً عَلَى المَاءِ .

فَقَالَ: «إشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله، وأني رَسُولُ الله».

فَقَالَ: بَلْ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَمَا جَعَلَكَ اللَّهُ بِذَلِكَ

ص: 164


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- الهينمة: الصوت الخفي والكلام الذي لا يُفهم . وفي بعض النسخ: (يهمهم فيها ) . (هامش المصدر)

أَحَقَّ مِنِّي.

فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى صلی الله علیه و آله وسلم بِأَصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضُوا مَعَهُ حَتَّى طَرَقَ الْبَابَ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اُدْخُلْ .

فَدَخَلَ، فَإِذَا هُوَ فِي نَخْلَةٍ يُغَرِّدُ فِيهَا ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: اسْكُتْ وَانْزِلْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أَتَاكَ، فَسَكَتَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم : «مَا لَا (لَعَنَهَا اللَّهُ) لَوْ تَرَكَتْنِي لَأَخْبَرْتُكُمْ أَهُوَ هُوَ؟».

فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ صَلَّى صلی الله علیه و آله وسلم بِأَصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ نَبَضَ فَنَهَضُوا مَعَهُ حَتَّىٰ أَتَى ذَلِكَ اَلَمَكَانَ، فَإِذَا هُوَ فِي غَنَمِ يَنْعِقُ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: أَسْكُتُ وَاجْلِسْ ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أَتَاكَ، [فَسَكَتَ وَجَلَسَ].(1)

قَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ آيَاتٌ مِنْ سُورَةِ الدُّخَانِ، فَقَرَأَهَا بِهِمُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلمفِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ ثُمَّ قَالَ: «اِشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ الله».

فَقَالَ: بَلْ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَمَا جَعَلَكَ اللَّهُ بِذَلِكَ أَحَقَّ مِنِّي.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خِبَاءٌ، [فَمَا هُوَ]؟».

فَقَالَ: الدَّخُ الدَّخُ.

فَقَالَ النَّبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «اِحْسَأَ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْدُ وَ أَجَلَكَ، وَلَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَلَنْ تَنال إلا ما قُدْرَ لَكَ».

ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَعَثَ اللَّهُ [عزوجل] نَبِيًّا إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنَّ الله لا قَدْ أَخْرَهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، فَمَها تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِهِ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، إِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى حِمَارٍ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ مِيلٌ، يَخْرُجُ وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، وَجَبَلٌ مِنْ خُبْزِ وَنَهَرٌ مِنْ مَاءٍ ، أَكْثَرُ أَتْبَاعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ وَالْأَعْرَابُ، يَدْخُلُ

ص: 165


1- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك الموردان التاليان

آفَاقَ الْأَرْضِ كُلِّهَا إِلَّا مَكَّةَ وَلَا بَتَيْهَا(1)، وَالمَدِينَةَ وَلَا بَتَيْهَا».(2)

بيان: قولها: (إنَّه لمجهود في عقله) أي أصاب عقله جهد البلاء فهو مخبط، يقال: جهد المرض فلاناً هزله.

وكأنَّ مراودته إياها كان لإظهار دعوى الألوهية أو النبوة، ولذا كانت تأبى عن أنْ يراه النبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم.

و(الهينمة) الصوت الخفي، وفي أخبار العامة : (يهمهم).

قوله: «أهو هو» أي إمَّا تقولون بألوهيَّة إله أم لا.(3)

أقول: روى الحسين بن مسعود الفرّاء في شرح السُّنَّة بإسناده عن أبي سعيد الخدري أنَّ في هذه القصة قال له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «ما ترى؟»، قال: أرى عرشاً على الماء، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: «ترى عرش إبليس على البحر»، [فقال:](4)«ما ترى؟»، قال : أرى صادقين وكاذباً أو كاذبين وصادقاً، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : لُبِّسَ عليه ، دعوه».(5)

ويقال : غرَّد الطائر كفرح وغرد تغريداً وأغرد وتغرّد، رفع صوته وطرب به.

قوله: «قد خبّأت لك خباءً أي أضمرت لك شيئاً أخبرني به، قال الجزري: (فيه أنَّه قال لابن صياد: خبّأت لك خبيئاً، قال: هو الدخ. الدخ بضمّ الدال وفتحها الدخان، قال: عند رواق البيت يغشى الدخان. وفُسّر [في] الحديث أَنَّه أراد بذلك: «يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ»[الدخان: 10].

ص: 166


1- لابتا المدينة: حرَّتاه؛ واللابة : الحرّة، وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها. (هامش المصدر)
2- كمال الدين (ص 528 و 529 / باب 47 / ح 2)
3- في هامش البحار (لم نعرف له معنى محصلاً)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
5- شرح السُّنَّة (ج 15 ص 71/ ذيل الحديث 4270)

وقيل : إنَّ الدجّال يقتله عيسى بجبل الدخان، فيحتمل أن يكون المراد تعريضاً بقتله، لأنّ ابن الصيّاد كان يظنُّ أَنَّه الدجّال).(1)

قوله صلی الله علیه و آله وسلم: «اخسأ » ، يقال : خسأت الكلب، أي طردته وأبعدته.

قوله: «فإنَّك لن تعدو أجلك»، قال في شرح السُّنَّة : (قال الخطابي يحتمل :وجهين أحدهما أنَّه لا يبلغ قدره أن يطالع الغيب من قِبَل الوحي الذي يُوحى به إلى الأنبياء، ولا من قِبَل الإلهام الذي يُلقى في روع الأولياء، وإنَّما كان الذي جرى على لسانه شيئاً ألقاه الشيطان حين سمع النبي صلی الله علیه و آله وسلم يراجع به أصحابه قبل دخوله النخل والآخر : أنك لن تسبق قدر الله فيك وفي أمرك).(2)

وقال أبو سليمان: (والذي عندي أنَّ هذه القصَّة إنَّما جرت أيام مهادنة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم اليهود وحلفاءهم، وكان ابن الصياد منهم، أو دخيلاً في جملتهم، وكان يبلغ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم خبره وما يدعيه من الكهانة، فامتحنه بذلك، فلما كلّمه علم أنَّه مبطل، وأنَّه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رئي الجنّ أو يتعاهده شيطان فيُلقي على لسانه بعض ما يتكلم به ، فلما سمع منه قوله : (الدخ) زبره وقال «اخسأ فلن تعدو قدرك»، يريد أنَّ ذلك شيء ألقاه إليه الشيطان، وليس ذلك من قبل الوحي وإنَّما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها، وذلك معنى قوله : (يأتيني صادق وكاذب)، فقال له عند ذلك: «خُلِطَ عليك». والجملة من أمره أنَّه كان فتنة قد امتحن الله به عباده، «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيِي مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»[الأنفال : 42]، وقد افتتن قوم موسیٰ في زمانه بالعجل فافتتن به قوم وأهلكوا ونجا من هداه الله وعصمه)(3)انتهى.

ص: 167


1- النهاية لابن الأثير (ج 2 / ص 107)
2- راجع شرح السُّنَّة (ج 15 / ص 71 و 72)
3- راجع معالم السُّنَن (ج 4 / ص 349)

كلامه.

أقول: اختلفت العامة في أنّ ابن الصيّاد هل هو الدجّال أو غيره، فذهب جماعة منهم إلى أنَّه غيره، لما روي أنه تاب عن ذلك، ومات بالمدينة، وكشفوا عن وجهه حتى رأوه الناس ميتاً، ورووا عن أبي سعيد الخدري أيضاً ما يدلُّ على أنَّه ليس بدجّال وذهب جماعة إلى أنَّه هو الدجّال، رووه عن ابن عمر وجابر الأنصاري.

أقول: قال الصدوق بعد إيراد هذا الخبر: (إنَّ أهل العناد والجحود يُصدّقون بمثل هذا الخبر، ويروونه في الدجّال وغيبته وطول بقائه المدة الطويلة وبخروجه في آخر الزمان، ولا يُصدّقون بأمر القائم علیه السلام وأنَّه يغيب مدة طويلة ثمّ يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً، بنص النبي والأئمة بعده (صلوات الله عليهم وعليه) باسمه وعينه(1)ونسبه، وبإخبارهم بط-ول غيبته إرادةً لإطفاء نور الله [عزوجل](2)وإبطالاً لأمر ولي الله ، ويأبى الله إلَّا أَنْ يُتِمَّ

نوره ولو كره المشركون.

وأكثر ما يحتجون به في دفعهم لأمر الحجّة علیه السلام أنهم يقولون: لم نرو هذه الأخبار التي تروونها في شأنه ولا نعرفها، وكذا يقول من يجحد نبوَّة نبينا صلی الله علیه و آله وسلم من الملحدين والبراهمة واليهود والنصارى والمجوس]: إنَّه ما صح عندنا شيء ممَّا تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة ، ومتى لزمنا ما يقولون لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهم أكثر عدداً منهم.

ويقولون أيضاً : ليس في موجب عقولنا أنْ يُعمّر أحد في زماننا هذا عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان، فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل

ص: 168


1- في المصدر: (وغيبته)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموارد التالية

الزمان.

فنقول لهم : أتصدقون على أنَّ الدجّال في الغيبة يجوز أن يُعمر عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان، وكذلك إبليس، ولا تصدقون بمثل ذلك لقائم آل محمّد عليهم السلام ؟ مع النصوص الواردة فيه في الغيبة، وطول العمر، والظهور بعد ذلك للقيام بأمر الله عزوجل، وما روي في ذلك من الأخبار التي قد ذكرتها في هذا الكتاب ومع ما صح عن النبي ما صح عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم أَنه قال: «كلُّ ما كان في الأُمم السالفة يكون في هذه الأُمَّة مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذَّة»، وقد كان فيمن مضى من أنباء الله عزوجل وحُجَجه علیهم السلام معمرون.

أمَّا نوح علیه السلام فإنَّه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة، ونطق القرآن بأنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وقد روي في الخبر الذي [قد] أسندته في هذا الكتاب أنَّ في القائم [علیه السلام] سُنَّة من نوح، وهي طول العمر، فكيف يُدفَع أمره ولا يُدفَع ما يشبهه من الأمور التي ليس شيء منها في موجب العقول، بل لزم الإقرار بها لأنّها رُويت عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم وهكذا يلزم الإقرار بالقائم علیه السلام من طريق السمع.

وفي موجب أي عقل من العقول أنه يجوز أن يلبث أصحاب الكهف ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً؟ هل وقع التصديق بذلك إلّا من طريق السمع، فلِمَ لا يقع التصديق بأمر القائم لالا أيضاً من طريق السمع ؟

وكيف يُصدِّقون بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبه وعن كعب الأحبار في المحالات التي لا يصح منها شيء في قول الرسول [صلی الله علیه و آله وسلم]، ولا في موجب العقول، ولا يُصدقون بما يرد عن النبي [صلی الله علیه و آله وسلم] والأئمة عليه في القائم وغيبته، وظهوره بعد شكٍّ أكثر الناس في أمره، وارتدادهم عن القول به، كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم علیهم السلام، هل هذا إلا مكابرة في دفع الحقِّ وجحوده؟

ص: 169

وكيف لا يقولون : إنَّه لمّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سُنَّة الأَوَّلين بالتعمير في أشهر الأجناس تصديقاً لقول صاحب الشريعة علیه السلام ، ولا جنس أشهر من جنس القائم علیه السلام؛ لأنَّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرّين [به] وألسنة المنكرين له، ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمة مع الروايات الصحيحة عن النبي أنَّه صلی الله علیه و آله وسلم أخبر بوقوعها به علا بطلت نبوته ؛ لأنه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بمن لم يقع به، ومتى صح كذبه في شيء لم يكن نبيًّا.

وكيف يصدق [علیه السلام] في أمر عمار [بن ياسر] أنه تقتله الفئة الباغية، وفي أمير المؤمنين علیه السلام أنه تخضب لحيته من دم رأسه، وفي الحسن بن علي عليهما السلام أنَّه مقتول بالسُّمّ، وفي الحسين بن عليٍّ علیهما السلام أنّه مقتول بالسيف، ولا يصدق فيما أخبر به من أمر القائم ووقوع الغيبة به والنصّ(1)عليه باسمه ونسبه؟ بل هو صلی الله علیه و آله وسلم صادق في جميع أقواله، مصيب في جميع أحواله، ولا يصح إيمان عبد حتَّى لا يجد في نفسه حرجاً مما قضى - ويُسلّم له في جميع الأمور تسليماً، لا يخالطه شك ولا ارتياب، وهذا هو الإسلام، والإسلام هو الاستسلام والانقياد، «وَمَنْ يَبْتَغِ الْأَسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»[آل عمران: 85].

ومن أعجب العجب أنَّ مخالفينا يروون أنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ علیهما السلام مَرَّ بِأَرْضِ كَرْبَلَا، فَرَأَى مِنَ الظَّبَاءَ هُنَاكَ مُجْتَمِعَةٌ، فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ وَهِيَ تَبْكِي، وَأَنَّه جَلَسَ وَجَلَسَ الْحَوَارِيُّونَ، فَبَكَى وَبَكَى اَلْحَوَارِيُّونَ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ لِمَ جَلَسَ وَلِمَ بَكَى؟ فَقَالُوا : يَا رُوحَ الله وَكَلِمَتَهُ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَيُّ أَرْضِ هَذِهِ؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ: هَذِهِ أَرْضَ يُقْتَلُ فِيهَا فَرْخُ الرَّسُولِ أَحْمَدَ، وَفَرْخُ الْحُرَّةِ الطَّاهِرَةِ

ص: 170


1- في المصدر: (والتعيين)

الْبَتُولِ شَبِيهَةِ أُمِّي، وَيُلْحَدُ فِيهَا، هِي أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ لِأَنَّهَا طِينَةُ الْفَرْحَ الْمُسْتَشْهَدِ، وَهَكَذَا يَكُونُ طِينَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَهَذِهِ الظَّبَاءُ تُكَلِّمُنِي وَتَقُولُ: إِنَّهَا تَرْعَى فِي هَذِهِ الْأَرْضِ شَوْقاً إِلَى تُرْبَةِ الْفَرْحَ [الْمُسْتَشْهَدِ] الْمُبَارَكِ، وَزَعَمَتْ أَنَّهَا آمِنَةٌ فِي هَذِهِ اَلْأَرْضِ» ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى بَعْرِ تِلْكَ الطَّبَاءِ فَشَمَّهَا، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَبْقِهَا أَبَداً حَتَّى يَشَمَّهَا أَبُوهُ فتَكُونَ لَهُ عَزَاءً وَسَلْوَةً، وإِنَّها بقيت إلى أيام أمير المؤمنين علیه السلام حتَّى شمَّها وبكى [وأبكى](1)، وأخبر بقصَّتها لا مرَّ بكربلاء.

فيُصدِّقون بأنَّ بعر تلك الظباء تبقى زيادة على خمسمائة سنة لم تُغيّرها الأمطار والرياح، ومرور الأيام والليالي والسنين عليها، ولا يُصدقون بأنَّ القائم من آل محمد علیهم السلام يبقى حتَّى يخرج بالسيف فيبير أعداء الله ويُظهر دين الله، مع الأخبار الواردة عن النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) بالنص عليه باسمه ونسبه وغيبته المدَّة الطويلة، وجري سُنَن الأوَّلين فيه بالتعمير، هل هذا إلا عناد وجحود الحقِّ؟).(2)

بيانه في معنى: ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 207 و 208/ ح 45):

غيبة الشيخ الطوسي قَرْقَارَةُ، عَنْ نَضْر(3) بن اللَّيْثِ المَرْوَزِي، عَن ابْن طَلْحَةَ الجُحْدَريِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ ، هَيعَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ [أَبِي](4) عَبْدِ الله بن رَزِينٍ ، عَنْ عَمَّار بن يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ دَوْلَةَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيَّكُمْ فِي آخِرِ الزَّمَان،

ص: 171


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- كمال الدين (ص 529 - 532 / باب 47 / ذيل الحديث 2)
3- في المصدر : (نصر)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر

وَلَهَا أَمَارَاتٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَالْزَمُوا الْأَرْضَ وَكُفُّوا حَتَّىٰ تَجِيءَ أَمَارَاتُهَا.

فَإِذَا اسْتَثَارَتْ عَلَيْكُمُ الرُّومُ وَالتُّرْكُ، وَجُهَزَتِ الجُيُوشُ، وَمَاتَ خَلِيفَتُكُمُ الَّذِي يَجْمَعُ اَلْأَمْوَالَ ، وَاسْتُخْلِفَ بَعْدَهُ رَجُلٌ صَحِيحٌ، فَيُخْلَعُ بَعْدَ سِنِينَ مِنْ بَيْعَتِهِ، وَيَأْتِي هَلاَكُ مُلْكِهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ ...».(1)

بيان: قوله: «من حيث بدا» أي من جهة خراسان، فإنَّ هلاكو توجّه من تلك الجهة، كما أنَّ بدء ملكهم كان من تلك الجهة حيث توجه أبو مسلم منها إليهم.

بيانه في معنى: (كم تعدون بقاء السفياني فيكم)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 216 / ح 74):

غيبة الشيخ الطوسي : قَرْقَارَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ، عَن الْحَسَنِ بْن صَالِحٍ اِبْن الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَارِ الدُّهْنِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «كَمْ تَعُدُّونَ بَقَاءَ السُّفْيَانِي فِيكُمْ؟».

قَالَ: قُلْتُ: حَمْلَ امْرَأَةٍ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ .

قَالَ: «مَا أَعْلَمَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ».(2)

بيان يحتمل أن يكون بعض أخبار مدَّة السفياني محمولاً على التقيَّة؛ لكونه مذكوراً في رواياتهم. أو على أنَّه مما يحتمل أن يقع فيه البداء، فيحتمل هذه المقادير. أو يكون المراد مدَّة استقرار دولته، وذلك مما يختلف بحسب الاعتبار. ويومئ إليه خبر موسى بن أعين الآتي(3)، وخبر محمّد بن مسلم الذي سبق.(4)

ص: 172


1- الغيبة للطوسى ( ص 463 و 464 / ح 479)
2- الغيبة للطوسي (ص 462 / ح 477)
3- بحار الأنوار (ج 52 ص 248 / ح 130)، عن الغيبة للنعماني: ( ص 310/ باب 18/ ح 1)
4- بحار الأنوار (ج 52 ص 215 / ح 71) عن الغيبة للطوسي (ص 449 و 450 / ح 452)

بيانه في معنى: (إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهروي العظيم، وإن فلاناً قتل مظلوماً)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 230 - 233 / ح 96):

الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْنِ مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ نَاراً مِنَ المَشْرِقِ شِبْهَ الْهَرَويّ(1)الْعَظِيم تَطْلُعُ ثَلَاثَةَ أَيَّام أوْ سَبْعَةٌ، فَتَوَقَعُوا فَرَجَ آل مُحَمَّدٍ علیهم السلام إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».

ثُمَّ قَالَ: «الصَّيْحَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي شَهْر رَمَضَانَ [لَأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ](2) شَهْر الله، وَ[الصَّيْحَةُ فِيهِ] هِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ إِلَى هَذَا الْخَلْقِ».

ثُمَّ قَالَ: «يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم القائِم علیه السلام. فَيَسْمَعُ مَنْ بِالمَشْرِقِ وَمَنْ بِالمَغْرِبِ، لَا يَبْقَى رَاقِدٌ إِلَّا اسْتَيْقَظَ وَلَا قَائِمٌ إِلَّا فَعَدَ، وَلَا قَاعِدٌ إِلَّا قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ فَزَعاً مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ ، فَرَحِمَ اللهُ مَن اعْتَبَرَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ فَأَجَابَ، فَإِنَّ الصَّوْتَ اَلْأَوَّلَ هُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوحِ الْأَمِين [علیه السلام] ) .

وَقَالَ علیه السلام : «[ يَكُونُ] الصَّوْتُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَلَا تَشُكُوا فِي ذَلِكَ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَفِي آخِر النَّهَارِ صَوْتُ [المَلْعُونِ] إِبْلِيسَ اللَّعِين يُنَادِي : أَلَا إِنَّ فُلاناً قُتِلَ مَظْلُوماً، لِيُشَكِّكَ النَّاسَ ويُفتِنَهُم...».(3)

ص: 173


1- في المصدر : (الهردي)؛ وفي هامشه (الهردي: المصبوغ بالهرد ، وهو الكركم الأصفر، وطين أحمر، وعروق يُصبغ بها)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموارد التالية
3- الغيبة للنعماني (ص 262 - 265 / باب 14 ح 13)

بيان: لعل المراد ب_(الهروي) الثياب الهرويَّة، شُبِّهت بها في عظمها وبياضها. قوله: «إنَّ فلاناً قُتِلَ مظلوماً» أي عثمان.

بيانه في معنى: (فكيف يقول هذا هذا)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 233 / ح 99)

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَن الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِمٍ، عَن الْبَزَنْطِيِّ، عَنْ أَبِي الحَسَن الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «قَبْلَ هَذَا الأمر السُّفْيَانِيُّ وَالْيَمَانِيُّ وَالمَرْوَانِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ، فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا هَذَا؟».(1)

بيان: أي كيف يقول هذا الذي خرج إنّي القائم، يعني محمد بن إبراهيم أو غيره.(2)

بيانه في معنى :(كأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق...):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 243/ ح 116):

الغيبة للنعماني : ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ بن الحُسَيْن(3)، [عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ](4) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عُمَرَ، عَن الْحُسَيْن بْن مُوسَى، عَنْ مُعَمَّر بن يَحْيَى بْن سَامٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَائِيِّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «كَأَنِّي بِقَوْمٍ قَدْ خَرَجُوا بِالمَشْرِقِ، يَطْلُبُونَ الحَقَّ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، ثُمَّ يَطْلُبُونَهُ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَقُومُوا، وَلَا يَدْفَعُونَهَا إِلَّا إِلَى صَاحِبَكُمْ ، قَتْلَاهُمْ شُهَدَاءُ، أَمَا إِنِّي لَوْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ لأَبْقَيْتُ

ص: 174


1- الغيبة للنعماني (ص 262 / باب 14 / ح 12)
2- هذا من التطبيق الذي لا دليل عليه
3- في المصدر: (الحسن)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر

نَفْسِي لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْر».(1)

بيان: لا يبعد أن يكون إشارة إلى الدولة الصفوية شيدها الله تعالى و وصلها بدولة القائم علیه السلام.(2)

بيانه في معنى (آل مرداس)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 246 و 247 / ح 127):

الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بن الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ(3) بْن يُونُسَ، [عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَرَاسَةَ ، عَنْ أَبِيهِ](4) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْخَزَوَّر، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ : (إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِنَا رَايَةٌ لِآل جَعْفَرٍ، وَأُخْرَىٰ لِآل مِرْدَاسٍ، فَأَمَّا رَايَةُ آل جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَلَا إِلَى شَيْءٍ ...).(5)

بيان: بنو مرداس كناية عن بني العبّاس؛ إذ كان في الصحابة رجل كان يقال له: عباس بن مرداس.

بيانه فى معنى : (إذا كان ذلك فإلينا):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 249 و 250/ ح 135):

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَن الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بن يَعْقُوبَ، عَنْ خَلَّادٍ الصَّائِعَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «السُّفْيَانِي لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي رَجَبٍ».

ص: 175


1- الغيبة للنعماني (ص 281 و 282 / باب 14/ ح 50)
2- وهذا من التطبيق، وقد ثبت بطلانه بالوجدان
3- في المصدر : (عمرو)
4- عبارة (عن أبيه) لا توجد في المصدر
5- الغيبة للنعماني (ص 302 / باب 16 / ح 7)

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِذَا خَرَجَ فَمَا حَالُنَا؟

قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَإِلَيْنَا».(1)

أمالي الطوسي الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن محمد بن إسماعيل بن حيّان، عن محمّد بن الحسين بن حفص عن عبّاد، مثله.(2)

بيان: أي الأمر ينتهي إلينا ويظهر قائمنا أي اذهبوا إلى بلد يظهر منه القائم علیه السلام فإنَّه لا يصل إليه. أو توسلوا بنا.

بيانه في تعدد السفياني أو عدمه

بحار الأنوار (ج 52 / ص 250/ ح 136):

الغيبة للنعماني : أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن حَمَّادِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرُو بْن شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَن السُّفْيَانِيِّ، فَقَالَ: «وَأَنَّى لَكُمْ بِالسُّفْيَانِي؟ حَتَّى يَخْرُجَ قَبْلَهُ الشَّيْصَبَانِيُّ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ كُوفَانَ ، يَنْبُعُ كَمَا يَنْجُعُ المَاءُ، فَيَقْتُلُ وَفْدَكُمْ، فَتَوَفَّعُوا بَعْدَ ذَلِكَ السُّفْيَانِيَّ، وَخُرُوجَ الْقَائِم علیه السلام».(3)

بيان: يظهر منه تعدُّد السفياني، إلا أن يكون الواو في قوله: « وخروج القائم» زائداً من النُّسّاخ.(4)

بيانه في معنى: (هل يبدو لله في المحتوم؟)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 250 و 251 / ح 138):

ص: 176


1- الغيبة للنعماني (ص 313 / باب 18 ح 7)
2- أمالي الطوسي (ص 679 / ح 22/1443)
3- الغيبة للنعماني (ص 313 و 314/ باب 18 / ح 8)
4- لا نرى في الرواية ما يكون سبباً لتعدد السفياني، إذ لا ظهور فيها لذلك

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن [أَحْمَدَ بْن] عَبْدِ اللَّهِ الْخَالَنْجِي، عَنْ دَاوُدَ بْن [أَبِي](1) الْقَاسِمِ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلَيَّ الرَّضَا علیه السلام ، فَجَرَى ذِكْرُ السُّفْيَانِيِّ وَمَا جَاءَ فِي الرَّوَايَةِ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ مِنَ المَحْتُومِ، فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : هَلْ يَبْدُو الله فِي المَحْتُوم؟

قَالَ: «نَعَمْ».

قُلْنَا لَهُ : فَنَخَافُ أَنْ يَبْدُوَ اللَّهِ فِي الْقَائِم.

قَالَ: [إِنَّ](2)الْقَائِمُ مِنَ المِيعَادِ ، [وَاللهُ لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ].(3)

بيان: لعل للمحتوم معانٍ يمكن البداء في بعضها .

وقوله : «من الميعاد» إشارة إلى أنَّه لا يمكن البداء فيه؛ لقوله تعالى: «إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ»[آل عمران: 9].

والحاصل أنّ هذا شيء وعد الله رسوله وأهل بيته، لصبرهم على المكاره التي وصلت إليهم من المخالفين، والله لا يخلف وعده.

ثمّ إنَّه يحتمل أنْ يكون المراد بالبداء في المحتوم البداء في خصوصياته لا في أصل وقوعه كخروج السفياني قبل ذهاب بني العباس، ونحو ذلك.

بيانه في معنى: (إنّي لصاحبكم ؟!):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 280/ ح 5):

قرب الإسناد: ابْنُ سَعْدٍ، عَن الْأَزْدِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِيرٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزيز مَعَنَا، فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : أنتَ صَاحِبُنَا ؟

ص: 177


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- ما بين المعقوفتين من المصدر؛ وكذلك المورد التالي
3- الغيبة للنعماني (ص 314 و 315/ باب 18/ ح 10)

فَقَالَ: «إِنِّي لَصَاحِبكُمْ؟!»، ثُمَّ أَخَذَ جِلْدَةَ عَضُدِهِ فَمَدَّهَا، فَقَالَ: «أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَصَاحِبُكُمْ شَابٌ حَدَثٌ».(1)

إيضاح: قوله: «إنّي لصاحبكم» استفهام إنكاري، ويحتمل أن يكون المعنى: إنّي إمامكم لكن لست بالقائم الذي أردتم.

بيانه في مدة ملكه علیه السلام

بحار الأنوار (ج 52 / ص 280 ح 6):

الاحتجاج : عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبِ الْجُهَنِيِّ، عَن الحَسَن بْن عَلِيّ بْن أبي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِما)، قَالَ: «يَبْعَثُ اللَّهُ رَجُلاً فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَكَلَبٍ مِنَ الدَّهْرِ، وَجَهْلِ مِنَ النَّاسِ، يُؤَيَّدُهُ اللهُ بِمَلَائِكَتِهِ، وَيَعْصِمُ أَنْصَارَهُ، وَيَنْصُرُهُ بِآيَاتِهِ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الْأَرْضِ، حَتَّى يَدِينُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً وَبُرْهَاناً، يَدِينُ لَهُ عَرْضُ الْبِلَادِ وَطُوها ، لَا يَبْقَى كَافِرٌ إِلَّا آمَنَ [بِهِ](2) ، وَلَا طَالِحٌ إِلَّا صَلَحَ، وَتَصْطَلِحُ فِي مُلْكِهِ السِّبَاعُ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبْتَهَا، وَتُنْزِلُ السَّمَاءُ بَرَكَتَهَا، وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ، يَمْلِكُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن ، أَرْبَعِينَ عَاماً، فَطُوبَى لَنْ أَدْرَكَ أَيَّامَهُ وَسَمِعَ كَلَامَهُ».(3)

بيان: الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملكه علیه السلام بعضها محمول على جميع مدة ملكه، وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة، والله يعلم.

بيانه في معنى: (إيّاكم والتنويه، أما والله ليغيبن إمامكم سنيناً من دهر كم...)

ص: 178


1- قرب الإسناد (ص 44 / ح 142)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- الاحتجاج (ج 2 / ص 10 و 11)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 281 - 283/ ح 9):

إكمال الدّين : أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدِ وَالْحِمْيَرِيٌّ وَأَحْمَدَ بْن إِدْرِيسَ جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أَبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّارٍ وَعَبْدِ الله بْن عَامِرٍ، عَن ابْن أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسَاوِرٍ، عَن المُفَضَّل بن عُمَرَ الجُعْفِيَّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويةَ، أمَا وَالله لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْرَكُمْ، وَلَيُمَخَصُ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَتَكْفَونَ كَمَا تُكْفَأُ السُّفْنُ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ، فَلَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةٌ، لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ».

قَالَ: فَبَكَيْتُ.

فَقَالَ [لي]: «مَا يُبْكِيكَ، يَابَا عَبْدِ الله؟».

فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لَا أَبْكِي وَأنْتَ تَقُولُ: «[تُرْفَعُ](1) اثْنَا عَشْرَةَ رَايَةٌ مُشْتَبِهَةٌ لَا یُدْرَى أَيُّ مِنْ أَيُّ»؟ فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟

قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: «يَابَا عَبْدِ اللَّهِ تَرَىٰ هَذِهِ الشَّمْسَ؟».

قُلْتُ : نَعَمْ.

قَالَ: «وَالله لَأَمْرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْس»..(2)

الغيبة للشيخ الطوسي: أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن ابن شاذان،

ص: 179


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- كمال الدين (ص 347 / باب 33 / ح 35)

عن ابن أبي نجران، مثله.(1)

الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب ومحمّد بن عيسى وعبد الله بن عامر جميعاً، عن ابن أبي نجران، مثله.

الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم، عن ابن أبي نجران، مثله.(2)

بيان التنويه: التشهير ، أي لا تشهروا أنفسكم، أو لا تدعوا الناس إلى دينكم، أو لا تشهروا ما نقول لكم من أمر القائم علیه السلام وغيره مما يلزم إخفاؤه عن المخالفين.

وليمحص : على بناء التفعيل المجهول من التمحيص، بمعنى الابتلاء والاختبار، ونسبته إليه علیه السلام على المجاز . أو على بناء المجرَّد المعلوم، من محص الظبي - كمنع - إذا عدا، ومحص منّي: أي هرب.

وفي بعض نُسَخ الكافي على بناء المجهول المخاطب، من التفعيل مؤكّداً بالنون، وهو أظهر.

وقد مرَّ في النعماني: (وليخملنَّ).

ولعلَّ المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق نبيه وأهل بيته، مع ميثاق ربوبيته، كما مرَّ في الأخبار .

«وكتب في قلبه الإيمان» إشارة إلى قوله تعالى: «لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ»

ص: 180


1- الغيبة للطوسي (ص 337 و 338 / ح 285)
2- الغيبة للنعماني (ص 154 / باب 10 / ح 10)

[المجادلة: 22]

والروح هو روح الإيمان كما مرَّ .

(مشتبهة) أي على الخلق، أو متشابهة يشبه بعضها بعضاً ظاهراً.

و(لا يُدرى) على بناء المجهول.

و(أيٌّ) مرفوع ،به أي لا يُدرى أيٌّ منها حق ٌّمتميزاً من أيٍّ منها هو باطل فهو تفسير للاشتباه، وقيل : (أيٌّ) مبتدأ و (من أيٍّ) خبره، أي كلَّ راية منها لا يُعرَف كونه من أي جهة من جهة الحقِّ أو من جهة الباطل. وقيل: لا يُدرى أيُّ رجل من أيّ راية، لتبدو النظام منهم، والأوّل أظهر.

بيانه في معنى: ( لا تُحدِّث به السفلة فيذيعونه، أما تقرأ كتاب الله «فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ»)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 284 / ح 11):

غيبة الشيخ الطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبي المُفَضَّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الحِمْيَريِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن اِبْن أبي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْقَاسِمِ، عَن المُفَضَّل بن عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ علیه السلام عَنْ تَفْسِير جَابِرٍ.

فَقَالَ: «لَا تُحدَّتْ بهِ السَّفِلَةَ(1)فَيُذِيعُونَهُ، أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ الله: «فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ»[المدثر : 8]؟ إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ ، فَظَهَرَ، فَقَامَ بِأَمْرِ الله».(2)(3)

رجال الكشّي : آدم بن محمّد البلخي، عن علي بن الحسن بن هارون

ص: 181


1- في المصدر : (السفل)
2- الغيبة للطوسي (ص 164 / ح 126)
3- وقد مرّ مثله في (ص 9)، فراجع

الدقاق، عن عليِّ بن أحمد، عن [أحمد بن](1) علي بن سليمان، عن ابن فضال، عن علي بن حسّان عن المفضَّل، مثله(2).

بيان: ذكر الآية لبيان أنَّ في زمانه لا يمكن إظهار تلك الأمور، أو استشهاد بأنَّ من تفاسيرنا ما لا يحتمله عامة الخلق مثل تفسير تلك الآية.

بيانه في معنى: (إن ولي الله يعمر عمر إبراهيم الخليل عشرين ومائة سنة)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 287 / ح 22):

غيبة الشيخ الطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكِ، عَنْ عُمَرَ بْن طَرْخَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيّ بْن عُمَرَ بْن عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْن، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ وَليَّ اللهِ يُعَمَّرُ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَيَظْهَرُ فِي صُورَةٍ فَتَى مُوَفَّقِ ابْن ثَلَاثِينَ سَنَةً».(3)

الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، مِثْلَهُ. وَزَادَ فِي آخِرِهِ: «حَتَّى تَرْجِعَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً».(4)

بيان: لعلّ المراد عمره في ملكه وسلطنته، أو هو مما بدا الله فيه.

بيانه في معنى: (يرجع إليهم شاباً موفقاً):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 287 ح / 23 و 24) :

غيبة الشيخ الطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَن الْحَسَن بن عليَّ الْعَاقُولِي، عَن الحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام أَنَّهُ

ص: 182


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- اختيار معرفة الرجال (ج 2 / ص 437/ ح 338)
3- الغيبة للطوسي (ص 420 / ح 397)
4- الغيبة للنعماني (ص195 باب 10 / فصل 4 / ح 44)

قَالَ: «لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ لَقَدْ أَنْكَرَهُ النَّاسُ ، يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابًا مُوَفَّقاً، فَلَا يَلْبَثُ عَلَيْهِ إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرِّ الْأَوَّل».(1)

الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن المَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ الْعَطَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الحَسَن(2)الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَليَّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبِ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَن الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، مِثْلَهُ. وَفِي غَيْر هَذِهِ الرَّوَايَةِ أَنَّهُ لا قَالَ: «وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابًا وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخاً كَبِيراً».(3)

بيان: لعل المراد ب_(الموفّق) المتوافق الأعضاء المعتدل الخلق، أو هو كناية عن التوسط في الشباب بل انتهاؤه، أي ليس في بدء الشباب فإنَّ في مثل ه-ذا السنّ يُوفق الإنسان لتحصيل الكمال.

بيانه في معنى : (والله ليملكن رجل منا أهل البيت ثلاث مائة سنة ويزداد تسعاً)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 298 و 299 / ح 61):

الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْن بْن عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْن(4)، عَن ابْن مَحبُوبِ، عَنْ عَمْرُو بْن ثَابِتٍ، عَنْ جَابِرِ بْن يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلى علیهما السلام يَقُولُ: «وَالله لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثَمَائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً».

قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ: [وَ]مَتَىٰ يَكُونُ ذَلِكَ؟

ص: 183


1- الغيبة للطوسي (ص 420 / ح 398)
2- في المصدر: (حسّان)
3- الغيبة للنعماني (ص 194 و 195/ باب 10/ فصل 4/ ح 43)
4- في المصدر: (الحسن)

قَالَ: «بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم علیه السلام»

قُلْتُ لَهُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ علیه السلام فِي عَامِهِ حَتَّىٰ يَمُوتَ؟

قَالَ: «تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةٌ مِنْ يَوْمٍ قِيَامِهِ إِلَى يَوْمٍ مَوْتِهِ».(1)

بيان: إشارة إلى ملك الحسين علیه السلام أو غيره من الأئمة في الرجعة.

بيانه في معنى: (إن لكل أهل بيت نجيباً)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 313/ ح):

بصائر الدرجات حَمْزَةُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنِ الرَّبْعِيِّ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى إِبْن هُبَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُول الله ، يَسِيرُ الْقَائِمُ بِسِيرَةِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ فِي أَهْلِ السَّوَادِ؟

فَقَالَ: «لَا يَا رُفَيْدُ ، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ سَارَ فِي أَهْلِ السَّوَادِ بِمَا فِي الْجَفْر الْأَبْيَض ، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ فِي الْعَرَبِ بِمَا فِي الْجَفْرِ الْأَحْمَر».

قَالَ: فَقُلْتُ [لَهُ](2): جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَمَا اَلْجَفْرُ الْأَحْمَرُ؟

قَالَ: فَأمَرَّ إِصْبَعَهُ عَلَى حَلْقِهِ، فَقَالَ: «هَكَذَا - يَعْنِي الذَّبْحَ -»، ثُمَّ قَالَ: «يَا رُفَيْدُ ، إِنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ نَجِيباً(3)شَاهِداً عَلَيْهِمْ شَافِعاً لِأَمْثَالِهِمْ».(4)

بيان: المراد بالنجيب كل الأئمة علیهم السلام ، أو القائم علیه السلام، والأول أظهر.

بيانه في معنى: (وإني لبستها فكانت وكانت):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 319 / ح 20):

بصائر الدرجات: اِبْنُ هَاشِمٍ، عَن الْبَرْقِيِّ ، عَن الْبَزَنْطِيُّ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي

ص: 184


1- الغيبة للنعماني (ص 354 / باب 26 / ح 3)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- في المصدر: (مجيباً)
4- بصائر الدرجات (ص 172 و 173/ ج 3 / باب 14 / ح 4)

أَيُّوبَ الحَذَاءِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمَسَّ(1) صَدْرَكَ.

فَقَالَ: «افْعَلْ!».

فَمَسِسْتُ صَدْرَهُ وَمَنَاكِبَهُ، فَقَالَ: «وَلِمَ يَابَا مُحَمَّدٍ؟».

فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ وَهُوَ يَقُولُ: «إِنَّ الْقَائِمَ وَاسِعُ الصَّدْر ، مُسْتَرْسِلُ المَنْكِبَيْنِ، عَرِيضُ مَا بَيْنَهُما».

فَقَالَ: «يَابًا مُحَمَّدٍ إِنَّ أَبِي لَبِسَ دِرْعَ رَسُول الله صلى الله عليه و آله وسلم وَكَانَتْ تُسْحَبُ(2)عَلَى الْأَرْضِ ، وَإِنِّي(3) لَبِسْتُهَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ، وَإِنَّهَا تَكُونَ مِنَ الْقَائِمِ كَمَا كَانَتْ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه و آله وسلم مُشَمَّرَةٌ كَأَنَّهُ تُرْفَعُ نِطَاقُهَا بِحَلْقَتَيْنِ، وَلَيْسَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ جَازَ أَرْبَعِينَ».(4)

الخرائج: عَنْ أَبِي بَصِيرٍ مِثْلَهُ. وَفِيهِ: «وَهِيَ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مُشَمَّرَةٌ كَمَا كَانَتْ عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه و آله وسلم».(5)

إيضاح : قوله علیه السلام : فكانت وكانت أي كانت قريبة من الاستواء، والتقدير وكانت مستوية، و(كانت) زائدة.

قوله علیه السلام : «مشمَّرة» أي مرتفعة أذيالها عن الأرض.

والمراد ب_(نطاقها) ما يُرسل قدّامها، والمعنى أنها كانت قصيرة عليه، بحيث يظنُّ الرائي أنَّه رفع نطاقها وشدَّها على وسطه بحلقتين. وفي بعض

ص: 185


1- في المصدر: (المس)
2- في المصدر: (تستخب)
3- في المصدر: (وأنا)
4- بصائر الدرجات (ص 208 و 209 / ج 4 / باب 4/ ح 56)
5- الخرائج والجرائح (ج 2 / ص 691 / ح 2)

النُّسَخ : (كانت)، ولعل المعنى أنه صلى الله عليه و آله وسلم كان يشدُّها لسهولة الحركات لا لطولها. ويحتمل أن يكون المراد بالنطاق المنطقة التي تُشَدُّ فوق الدرع.

قوله علیه السلام : « من جاز أربعين» أي في الصورة، أي صاحب هذا الأمر يُرى دائماً أنَّه في سنّ أربعين ولا يُؤثر فيه الشيب ولا يُغيّره.

بيانه في أن أصحابه علیه السلام غير منحصرين بالثلاثمائة وثلاثة عشر

بحار الأنوار (ج 52 / ص 323 ح / 33):

إكمال الدين: ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ، عَن اِبْن عِيسَى، عَن الْأَهْوَازِيِّ، عَن اِبْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أبَا عَبْدِ الله علیه السلام : كَمْ يَخْرُجُ مَعَ الْقَائِم علیه السلام ؟ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مَعَهُ مِثْلُ عِدَّةِ أَهْل بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً.

قَالَ: «مَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي أُولِي قُوَّةٍ، وَمَا يَكُونُ أُولُو الْقُوَّةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ».(1)

بيان: المعنى أَنَّه علیه السلام لا تنحصر أصحابه في الثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا العدد هم المجتمعون عنده في بدو خروجه.

بيانه في معنى : (لينصر الله هذا الأمر بمن لا خلاق له):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 329 و 330/ ح 49):

غيبة الشيخ الطوسي : الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيٍّ بن الحَكَم عَن المُثَنَّى ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ بِمَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، وَلَوْ قَدْ جَاءَ أَمْرُنَا لَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ مَنْ هُوَ الْيَوْمَ مُقِيمٌ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَان».(2)

ص: 186


1- كمال الدين (ص 654 / باب 57 / ح 20)
2- الغيبة للطوسي (ص 450 / ح 454)

بيان: لعلَّ المراد أنَّ أكثر أعوان الحقِّ وأنصار التشيع في هذا اليوم جماعة لا نصيب لهم في الدين، ولو ظهر الأمر وخرج القائم يخرج من هذا الدين من يعلم الناس أنه كان مقيماً على عبادة الأوثان حقيقةً أو مجازاً وكان الناس يحسبونه مؤمناً، أو أنه عند ظهور القائم يشتغل بعبادة الأوثان، وسيأتي ما يُؤيده(1)، ولا يبعد أن يكون في الأصل: (لقد خرج معه)، فتأمل.

بيانه في معنى : (إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها أو يجيء إليها، وهو قول أمير المؤمنين علیه السلام)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 330 / ح 51):

غيبة الشيخ الطوسي : الْفَضْلُ، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ وَابْن بَزِيعٍ، عَنْ مَنْصُورٍ ابْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَائِلِيُّ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: «إِذَا دَخَلَ الْقَائِمُ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلَّا وَهُوَ بِهَا أَوْ يَجِيءُ إِلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أمير المؤمِنينَ علیه السلام ، وَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: سِيرُوا بِنَا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ ، فَيَسِيرُ إِلَيْهِ».(2)

إيضاح: «وهو قول أمير المؤمنين» من كلام أبي جعفر علیه السلام، ويحتمل الرواة. وفاعل (يقول) القائم علیه السلام، ولعل المراد ب_(الطاغية) السفياني.

بيانه في معنى :(لو قذفتم بها الجبال فلقتها)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 335/ ح 69):

الخرائج: عَنْ أَبِي بَكْرِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْن أَعْيَنَ، قَالَ: قُمْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، فَاعْتَمَدْتُ عَلَى يَدِي ، فَبَكَيْتُ، وَقُلْتُ : كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُدْركَ هَذَا الْأَمْرَ وَبِي قُوَّةٌ.

ص: 187


1- بحار الأنوار (ج 52 / ص 363 و 364/ ح 137)، عن الغيبة للنعماني (ص 332 / باب 21/ ح 1)
2- الغيبة للطوسي (ص 455/ ح 464)

فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنَّ أَعْدَاءَكُمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَأَنْتُمْ آمِنُونَ فِي بُيُوتِكُمْ؟ إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ أُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، وَجُعِلَ قُلُوبُكُمْ كَزُبَر الْحَدِيدِ، لَوْ قَذَفْتُمْ بِهَا الْجِبَالَ فَلَقَتْهَا(1) ، وَأَنْتُمْ قُوَّامُ الْأَرْضِ وَخُزَّانُهَا».(2)

الكافي محمّد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن الأهوازي، عن فضالة، عن ابن عميرة، عن الحضرمي، مثله.(3)

بيان: قوله علیه السلام : «لو قذفتم بها الجبال» إما ترشيح للتشبيه السابق، أو المراد أنها تكون في قوة العزم بحيث لو عزمت على فلق الجبال لتهيأ لكم.

وفي الكافي (القلعتها).

بيانه في معنى: (لا يستنيب أحداً)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 348 و 349 - 99):

الغيبة للنعماني : أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا، عَنْ يُوسُفَ ابْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنِيِّ، عَن ابْن حُمَيْدِ، عَن الثَّالِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ[ مُحَمَّدَ بْنَ عليٍّ علیه السلام] يَقُولُ: «لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ علیهم السلام لَنَصَرَهُ اللهُ بِالمَلَائِكَةِ الْمُسَوَّمِينَ وَالْمُرْدِفِينَ وَالْمُنْزَلِينَ وَالْكَرُوبيِّينَ... » ، ثُمَّ قَالَ: «يَقُومُ بِأَمْرٍ جَدِيدِ، وَسُنَّة جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءِ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ شَأْنُهُ إِلَّا الْقَتْلَ، وَلَا يَسْتَنِيبُ أحَداً، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لَائِم».(4)

بیان: «لا يستنيب أحداً» أي يتولى الأمور العظام بنفسه، وفي بعض النُّسَخ

ص: 188


1- في المصدر: (الفلقوها)
2- الخرائج والجرائح (ج 2 / ص 839 ح 55)
3- الكافي (ج 8 / ص 294 / ح 449)
4- الغيبة للنعماني ( ص 239 و 240 / باب 13 / ح 22)

بالتاء، أي لا يقبل التوبة ممن علم أن باطنه منطو على الكفر، وقد مرّ مثله(1) ، وفيه: «لا يستبقي أحداً»، وهو أظهر.

بيانه في معنى: (قلت: فمخبوءة هي عندكم حتّى يقوم القائم فيجدها أم يُؤتى بها؟ قال: «لا بل يؤتى بها»)

بحار الأنوار «ج 52 / ص 361 و 362/ ح 130):

الغيبة للنعماني : عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن أَبِي طَلْحَةَ، عَن الثُّمَالِيِّ، قَالَ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «يَا ثَابِتُ، كَأنّي بِقَائِم أَهْل بَيْتِي قَدْ أَشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ هَذَا - وَأَوْمَاً بِيَدِهِ [ إِلَى] نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ -، فَإِذَا هُوَ أَشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ نَشَرَ رَايَةَ رَسُولِ الله [صلی الله علیه و آله وسلم](1)، فَإِذَا هُوَ نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ بَدْرٍ».

قُلْتُ: وَمَا رَايَةُ رَسُول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟

قَالَ: «عُودُهَا(2)مِنْ عُمُدِ عَرْشِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر الله، لَا تهوي بها إلى شَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكَهُ الله».

قُلْتُ: فَمَخْبُوءَةٌ [هِيَ](3) عِنْدَكُمْ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ [علیه السلام](4) فَيَجِدَهَا أَمْ يُؤْتَى بِهَا ؟

قَالَ: «لَا، بَلْ يُؤْتَى بِهَا».

قُلْتُ: مَنْ يَأْتِيهِ بِهَا؟

ص: 189


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- في المصدر : (عمودها)
3- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
4- ما بين المعقوفتين من المصدر

قَالَ: «جَبْرَئِيلُ علیه السلام».(1)

بيان يمكن أن يكون نفي كونها عندهم تقيّة لئلا يطلب منهم سلاطين الوقت، أو بعد الغيبة رفع إلى السماء ثم يأتي بها جبرئيل، أو يكون راية أُخرى غير ما مرَّ .

بيانه في معنى : (بالصفة التي ليس بها أحد)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 366 و 367/ ح 149):

الغيبة للنعماني : وَبِهَذَا الإِسْنَادِ (2)، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكِ الجُهَنيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : إِنَّمَا نَصِفُ [صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَيْسَ

بِهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.

فَقَالَ: «لَا وَالله لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَحْتَجُ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ وَيَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ».(3)

بيان: قوله: (بالصفة التي ليس بها أحد) أي نصف دولة القائم وخروجه على وجه لا يشبه شيئا . الدول ، فقال علیه السلام: لا يمكنكم معرفته كما هي حتى تروه.

ويحتمل أن يكون مراد السائل كمال معرفة أمر التشيع وحالات الأئمة علیهم السلام.

بيانه في معنى: (يعلم أهل مكة أنَّه لم يُخلَق آباؤهم ولا أجدادهم بعد):

بحار الأنوار (ج 52 / ص 369/ ح 155):

الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ ، عَن النَّهَاوَنْدِي، عَنْ عَبْدِ الله بْن حَمَّادٍ، عَن اِبْن بُكَيْرٍ، عَنْ أَبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ علیهم السلام فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ

ص: 190


1- الغيبة للنعماني (ص 321 / باب 20 / ح 3)
2- أي (عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، عن محمد بن جعفر القرشي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمد بن سنان)
3- الغيبة للنعماني (ص 337 / باب 22 / ح 3)

وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، وَقَالَ: «يَا أَبَانُ، سَيَأْتِي اللَّهُ بِثَلَاثِمائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا، يَعْلَمُ أَهْلُ مَكَّةَ أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ آبَاؤُهُمْ وَلَا أَجْدَادُهُمْ بَعْدُ(1) ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ سَيْفِ اسْمُ الرَّجُلِ وَاسْمُ أَبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ، ثُمَّ يَأمُرُ مُنَادِياً فَيُنَادِي : هَذَا المَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمانَ لَا يَسْأَلُ عَلَى ذَلِكَ بينةً».(2)

بیان: قوله علیه السلام : «يعلم أهل مكة» لعله كناية عن أنَّهم لا يعرفونهم بوجه.

بيانه في معنی: (کتاب منشور)

بحار الأنوار (ج 52 / ص 370 / ح 158):

الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن(3)الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليَّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بن الحَكَم عَن الْبَطَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام:«إِنَّ الْقَائِمَ يَهْبِطُ مِنْ ثَنِيَّةِ ذِي طُوًى فِي عِدَّةِ أَهْل بَدْرٍ ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر[الْأَسْوَدِ](4) ، وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْغَالِبَةَ».

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي الحَسَن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ علیهما السلام ، فَقَالَ : «كِتَابٌ مَنْشُورٌ».(5)

بيان: أي هذا مثبت في الكتاب المنشور ، أو معه الكتاب، أو الراية كتاب منشور.

ص: 191


1- الغيبة للنعماني (ص 327 و 328 / باب 20 / ح 5)
2- في كمال الدين (ص 671 / باب 58 / ح 19): (يعلم أهل مكة أنّه لم يلدهم آباؤهم ولا أجدادهم)
3- في المصدر: (حسّان)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر
5- الغيبة للنعماني (ص 329 / باب 20 / ح 9)

بيانه في ما يتعلق بما ورد في تفسير قوله تعالى: «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»

بحار الأنوار (ج 52 / ص 384 و 385/ ح 194):

أَقُولُ: ذَكَرَ السَّيَّدُ ابْنُ طَاوُسٍ (قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ) فِي كِتَابِ (سَعْدِ السُّعُودِ): أَنِّي وَجَدْتُ فِي صُحُفِ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ علیه السلام عِنْدَ ذِكْر سُؤَالَ إِبْلِيسَ وَجَوَابِ اللَّهُ لَهُ: قَالَ: «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» ، قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّكَ «مِنَ الْمُنْظَرِينَ»«إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومٍ»[الحجر: 36 - 38] ، فَإِنَّهُ يَوْمٌ قَضَيْتُ وَحَتَمْتُ أَنْ أُطَهِّرَ الْأَرْضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالمَعَاصِي.

وَانْتَخَبْتُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ عِبَاداً لِي امْتَحَنْتُ قُلُوبَهُمْ لِلْإِيمَان، وَحَشَوْتُها بِالْوَرَعِ(1) وَالْإِخْلَاص وَالْيَقِين وَالتَّقْوَى وَالخُشُوع وَالصِّدْقِ وَالحِلْم وَالصَّبْر وَالْوَقَار وَالتَّقَى(2)وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدِي [بَعْدَ الهُدَى](3) ، وَأَجْعَلُهُمْ دُعَاةَ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَأَسْتَخْلِفُهُمْ فِي الْأَرْضِ، وَأُمَكِّنُ هُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَيْتُهُ هُمْ، ثُمَّ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، يُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ لِحِينَهَا، وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ.

وَأُلْقِيَ فِي تِلْكَ الزَّمَانِ الْأَمَانَةُ عَلَى الْأَرْضِ(4) ، فَلَا يَضُرُّ شَيْءٌ شَيْئاً، وَلَا يَخَافُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ تَكُونُ الْهَوَامُّ وَالمَوَاشِي بَيْنَ النَّاسِ، فَلَا يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَأَنْزِعَ حُمَةٌ كُلِّ ذِي حُمَةٍ مِنَ الْهَوَامٌ وَغَيْرهَا، وَأَذْهِبَ سَمَّ كُلِّ مَا يَلْدَغُ،

ص: 192


1- في المصدر: (بالروح)
2- في المصدر: (والشعار)
3- ما بين المعقوفتين من المصدر
4- في إلزام الناصب (ج 2 / ص 259)، نقلاً عن سعد سعد السعود أيضاً: (وأُلقي في ذلك الزمان الأمان على الأرض)

وَأُنْزِلَ بَرَكَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَتَزْهَرُ الْأَرْضُ بِحُسْن نَبَاتِهَا، وَتُخْرِجُ كُلَّ ثِمَارِهَا وَأَنْوَاعَ طِيبها.

وَأُلْقِيَ الرَّأفَةُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَهُمْ، فَيَتَوَاسَوْنَ وَيَقْتَسِمُونَ بِالسَّويَّةِ، فَيَسْتَغْنِي الْفَقِيرُ، وَلَا يَعْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضاً(1)، وَيَرْحَمُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ، وَيُوَفِّرُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ، وَيَدِينُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَيَحْكُمُونَ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي، اخْتَرْتُ هُمْ نَبِيًّا مُصْطَفَى وَأَمِيناً مُرْتَضَى، فَجَعَلْتُهُ هُمْ نَبِيًّا وَرَسُولاً ، وَجَعَلْتُهُمْ لَهُ أَوْلِيَاءَ وَأَنْصَاراً، تِلْكَ أُمَّةٌ اخْتَرْتُهَا لِنَبِيَّيَ المُصْطَفَى وَأَمِينيَ الْمُرْتَضَى ذَلِكَ وَقْتُ حَجَبْتُهُ فِي عِلْمٍ غَيْبي، وَلَا بُدَّ أَنَّهُ وَاقِعٌ، أُبِيدُكَ(2) يَوْمَئِذٍ وَخَيْلَكَ وَرَجِلَكَ وَجُنُودَكَ أَجْمَعِينَ، فَاذْهَبْ «فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ»«إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ».(3)

بيان: أقول: ظاهر أنَّ هذه الآثار المذكورة مع إبادة الشيطان وخيله ورجله لم تكن في مجموع أيام النبي صلی الله علیه و آله وسلم و أمته ، بل يكفي أن يكون في بعض الأوقات بعد بعثته، وما ذلك إلا في زمن القائم علیه السلام كما مر في الأخبار وسيأتي.(4)

بيانه في معنى: (إنّه من قُتِلَ يُنشر حتَّى يموت، ومن مات يُنشر حتَّى يُقتل)

بحار الأنوار (ج 53/ ص 40 و 41 / ح 8):

منتخب البصائر : سَعْدٌ، عَن ابْن أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ الله بْن الْمُغِيرَةِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِرِ بْن يَزِيدَ ، عَنْ أَبي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ : سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عزوجل : «وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ»[آل عمران: 157].

ص: 193


1- في المصدر : بعضهم على بعض
2- في المصدر: (لُيبيدك)
3- سعد السعود ( ص 34 و 35)
4- بحار الأنوار (ج 52 / ص 376 و 377 / ح 178)، عن منتخب الأنوار المضيئة (ص 357)، و (ج 53 / ص 42 و 43 / ح 12) ، عن مختصر بصائر الدرجات (ص 26 و 27)

فَقَالَ: «يَا جَابِرُ أَتَدْري مَا سَبِيلُ الله؟».

قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا إِذَا سَمِعْتُ مِنْكَ.

فَقَالَ: «الْقَتْلُ فِي سَبيل عليٍّ علیه السلام وَذُرِّيَّتِهِ ، فَمَنْ قُتِلَ فِي وَلَايَتِهِ قُتِلَ فِي سَبِيل الله، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا وَلَهُ قَتْلَةٌ وَمَيْتَةٌ، إِنَّهُ مَنْ قُتِلَ يُنْشَرُ حَتَّى يَمُوتَ ، وَمَنْ مَاتَ يُنْشَرُ حَتَّى يُقْتَلَ».(1)

تفسير العياشي: عن ابن المغيرة ، مثله.(2)

بیان: لعلَّ آخر الخبر تفسير لآخر الآية، وهو قوله: ﴿وَلَئِنْ مُتُمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ»[آل عمران: 158] ، بأن يكون المراد بالحشر الرجعة.

بيانه في معنى: (الذحول، والساهرة)

بحار الأنوار (ج 53/ ص 44 و 45 / ح 17):

منتخب البصائر : بِهَذَا الْإِسْنَادِ(3) ، عَن الحَسَن بن رَاشِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الله بن الحُسَيْن، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام، فَجَرَى بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ، فَقَالَ أَبِي لِأَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام : مَا تَقُولُ فِي الْكَرَّةِ؟

قَالَ: «أَقُولُ فِيهَا مَا قَالَ اللهُ ، وَذَلِكَ أنَّ تَفْسِيرَهَا صَارَ إِلَى رَسُول الله قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا الحَرْفُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَول الله عزوجل:«تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ»[النازعات: 12] ، إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَقْضُوا ذُحُوهُمْ».

فَقَالَ لَهُ أَي يَقُولُ اللهُ عزوجل: «فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةً واحِدَةٌ»«فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ»[النازعات: 13 و 14]، أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَ بِهَذَا؟

ص: 194


1- مختصر بصائر الدرجات (ص 25)
2- تفسير العياشي (ج 1 / ص 202 / ح 162)
3- أي (محمّد بن عيسى بن عبيد عن القاسم بن يحيى)

فَقَالَ: «إِذَا انْتَقَمَ مِنهُم وَبَاتَتْ بَقِيَّةُ الْأَرْوَاح سَاهِرَةً لَا تَنَامُ وَلَا تَمُوتُ».(1)

بيان: (الذحول) جمع الذحل، وهو طلب الثأر، ولعل المعنى أنهم إنَّما وصفوا هذه الكرّة بالخاسرة لأنّهم بعد أن قتلوا وعُذَّبوا لم ينته عذابهم، بل عقوبات القيامة معدة لهم. أو أنَّهم لا يمكنهم تدارك ما يُفعل بهم من أنواع القتل والعقاب.

قوله علیه السلام : «ساهرة» لعل التقدير : فإذا هم بالحالة الساهرة على الإسناد المجازي، أو في جماعة ساهرة.

قال البيضاوي: «قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةً خاسِرَةٌ» ذات خسران أو خاسر أصحابها، والمعنى أنّها إن صحت فنحن إذاً خاسرون لتكذيبنا بها، وهو استهزاء منهم.

«فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ» متعلّق بمحذوف، أي لا تستصعبوها فما هي إلا صيحة واحدة، يعني النفخة الثانية.

«فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ» فإذا هم أحياء على وجه الأرض، بعد ما كانوا أمواتاً في بطنها، و(الساهرة) الأرض البيضاء المستوية، سُمّيت بذلك لأنَّ السراب يجري فيها من قولهم: عين ساهرة للتي يجري ماؤها، وفي ضدّها نائمة، أو لأنَّ سالكها يسهر خوفاً ، وقيل : اسم جهنَّم)(2)انتهى.

أقول: على تأويله علیه السلام قولهم: تِلْكَ إِذا كَرَّةً خاسِرَةً كلامهم في الرجعة على التحقيق لا في الحياة الأولى على الاستهزاء.

ص: 195


1- مختصر بصائر الدرجات (ص 28)
2- تفسير البيضاوي (5 / ص 283)

بيانه في معنى قوله تعالى: «وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ»

بحار الأنوار (ج 53 / ص 52 / ح 29):

تفسير علي بن إبراهيم: قوله: «وَحَرامُ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ»[الأنبياء: 95]، فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ ابْن سِنَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله وَأَبِي جَعْفَرٍ علیهما السلام، قَالَا: «كُلُّ قَرْيَةٍ أَهْلَكَ اللهُ أَهْلَهَا بِالْعَذَابِ لَا يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ»، فَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أَعْظَم الدَّلالَةِ فِي الرَّجْعَةِ، لِأَنَّ أَحَداً مِنْ أَهْل الْإِسْلَام لَا يُنْكِرُ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْقِيَامَةِ، مَنْ هَلَكَ وَمَنْ لَمْ يَهْلِكُ، فَقَوْلُهُ: «لَا يَرْجِعُونَ»[أَيْضاً](1) عَنَى فِي الرَّجْعَةِ، فَأَمَّا إِلَى الْقِيَامَةِ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ.(2)

:بيان قال الطبرسي: (اختلف في معناه على وجوه:

أحدها: أنَّ (لا) مزيدة، والمعنى: حرام على قرية مهلكة بالعقوبة أن يرجعوا إلى [دار ] الدنيا، وقيل: إنَّ معناه: واجب عليها أنها إذا أُهلكت لا ترجع

إلى دنياها، قد جاء الحرام بمعنى الواجب.

وثانيها : أن معناه : حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أن يتقبل منهم عمل، لأنَّهم لا يرجعون إلى التوبة.

وثالثها: أنَّ معناه : حرام أن لا يرجعوا بعد الممات، بل يرجعون أحياء للمجازاة)، ثمّ ذكر رواية محمّد بن مسلم.(3)

ص: 196


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- تفسير القمّي (ج 2 / ص 75 و 76)
3- راجع تفسير مجمع البيان (ج 7 / ص 112 و 113)

بيانه في معنى «رَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ»

بحار الأنوار (ج 53 / ص 56/ ح 36):

تفسير عليِّ بن إبراهيم «رَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ» ... إِلَى قَوْلِهِ: «مِنْ سَبِيلٍ» [غافر: 11]: قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ».(1)

بيان: أي أحد الإحيائين في الرجعة والآخر في القيامة، وإحدى الإماتتين في الدنيا والأخرى في الرجعة، وبعض المفسرين صححوا التثنية بالإحياء في القبر للسؤال والإماتة فيه، ومنهم من حمل الإماتة الأولى على خلقهم ميتين ككونهم نطفة.

بيانه في معنى: «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ»:

بحار الأنوار (ج 53 / ص 56 - 5/ ح 39):

تفسير عليِّ بن إبراهيم: «فَارْتَقِبْ» أَي اصْبِرْ، «يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخان مُبِينٍ» ، قَالَ: ذَلِكَ إِذَا خَرَجُوا فِي الرَّجْعَةِ مِنَ الْقَبْرِ «يَغْشَى النَّاسَ» كُلَّهُمُ الظُّلْمَةُ، فَيَقُولُوا(2): «هذا عَذابٌ أَلِيمٌ»«رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ» ، فَقَالَ اللَّهُ رَدًّا عَلَيْهِمْ «أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرِى» فِي ذَلِكَ الْيَومِ، «وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولُ مُبِينٌ» أي رَسُولٌ قَدْ بَيَّنَ(3)لَهُمْ، «ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ» . قَالَ : قَالُوا ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه و آله وسلم وَأَخَذَهُ الْغَشْيُّ، فَقَالُوا: هُوَ مَجْنُونٌ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ» يَعْنِي إِلَى [يَوْمِ](4) الْقِيَامَةِ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: «يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ

ص: 197


1- تفسير القمي (ج 2 / ص 256)
2- كذا في البحار ؛ والصحيح: ( فيقولون) كما في المصدر
3- في المصدر: (تبيَّن)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر

بِدُخانٍ مُبِينٍ» فِي الْقِيَامَةِ، لَمْ يَقُلْ : «إِنَّكُمْ عائِدُونَ»، لأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْآخِرَةِ وَالْقِيَامَةِ حَالَةٌ يَعُودُونَ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرِى» يَعْنِي فِي الْقِيَامَةِ «إِنَّا مُنْتَقِمُونَ»[الدخان: 10 - 16].(1)

بيان: قال الطبرسي : (إنَّ رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم دعا على قومه لما كذبوه، فقال: «اللَّهُمَّ سنيناً كسني يوسف»، فأجدبت الأرض، فأصابت قريشاً المجاعة، وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وأكلوا الميتة والعظام، ثمّ جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه و آله وسلم، فسأل الله لهم، فكشف عنهم...، وقيل: إنَّ الدخان من أشراط الساعة، تدخل في مسامع الكفار والمنافقين، وهو لم يأتِ بعد، وإنه يأتي قبل قيام الساعة، فيدخل أسماعهم حتَّى أنَّ رؤوسهم تكون كالرأس الحنيذ، ويصيب المؤمن منه مثل الزكمة، وتكون الأرض كلّها كبيت أُوقد فيه، قد فيه، ليس فيه ،خصاص، ويمكث ذلك أربعين يوماً).(2)

بيانه في معنى: (إنَّ بعد الموت هدى وإيماناً ونوراً)

بحار الأنوار (ج 53 / ص 65 / ح 56):

منتخب البصائر : سَعْدٌ، عَنْ ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَم ، عَنْ ابْن عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا اسْتَيْأَسَتْ أُمَّتِي مِنَ المَهْدِيِّ، فَيَأْتِيهَا مِثْلُ قَرْن الشَّمْسِ، يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ؟».

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله بَعْدَ المَوْتِ؟

فَقَالَ: «وَالله إِنَّ بَعْدَ المَوْتِ هُدًى وَإِيمَاناً وَنُوراً».

ص: 198


1- تفسير القمي (ج 2 / ص 290 و 291)
2- راجع تفسير مجمع البيان (ج 9 / ص 104)

قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أيَّ الْعُمُرَيْن أَطْوَلُ؟

قَالَ: «الْآخَرُ بِالضّعَفِ».(1)

بیان: قوله صلى الله عليه و آله وسلم: «إنَّ بعد الموت» أي بعد موت سائر الخلق لا المهدي.

بيانه في معنى قوله تعالى: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ»

بحار الأنوار (ج 53 / ص 65 / ح 57):

منتخب البصائر : سَعْدٌ، عَنْ اِبْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ الله عزوجل: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ»[غافر: 51]، قَالَ: «ذَلِكَ وَاللهِ فِي الرَّجْعَةِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ [فِي] أَنْبِيَاءِ الله كَثِيراً لَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا وَقُتِلُوا، وَأَيَّمَّةٍ قَدْ قُتِلُوا وَلَمْ يُنْصَرُوا، فَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ».

قُلْتُ: «وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ»[ق: 41 و 42]؟

قَالَ: «هِيَ الرَّجْعَةُ».(2)

تفسير عليِّ بن إبراهيم: أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَن ابْن عِيسَى، مِثْلَهُ. وَفِيهِ: «وَالْأَئِمَّةِ [مِنْ](3)بَعْدِهِمْ قُتِلُوا وَلَمْ يُنْصَرُوا [فِي الدُّنْيَا]».(4)

بيان: لا يخفى أنَّ هذا أظهر مما ذكره المفسِّرون: إنَّ النصر بظهور الحجة، أو الانتقام لهم من الكفر في الدنيا غالباً.

ص: 199


1- مختصر بصائر الدرجات (ص 18)
2- مختصر بصائر الدرجات (ص 18 و 19)
3- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي
4- تفسير القمي (ج 2 / ص 258 و 259)

بيانه في معنى: (تلك القدرة ولا يُنكرها إلا القدرية)

بحار الأنوار (ج 53 / ص 72 / ح 71):

منتخب البصائر : سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن عَبْدِ الْجَبَّارٍ وَأَحْمَدَ بْنِ الْحَسَن ابْن فَضَّالٍ جَمِيعاً، عَن الحَسَن بْن عَلِيّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَذَاءِ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاح ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبا جَعْفَرٍ علیه السلام ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَكْرَهُ أَنْ أُسَمَّيَهَا لَهُ.

فَقَالَ لِي هُوَ : «[أَ](1) عَن الْكَرَّاتِ تَسْأَلُنِي؟».

فَقُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ: «تِلْكَ الْقُدْرَةُ وَلَا يُنْكِرُهَا إِلَّا الْقَدَريَّةُ، لَا تُنْكِرْهُ) تِلْكَ الْقُدْرَةُ لَا تُنْكِرْهُ(2)، إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه و آله وسلم أُتِيَ بِقِنَاعَ مِنَ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ عِذْقٌ يُقَالُ لَهُ: سُنَّةٌ، فَتَنَاوَلَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ».(3)

بيان: قوله : «تلك القدرة» أي هذه من قدرة الله تعالى، ولا يُنكرها إلَّا القدريَّة من المعتزلة الذين يُنكِرون كثيراً من قدرة الله تعالى.

و القناع) بالكسر طبق من عسب النخل.

وبعث هذا كان الإعلام النبي صلى الله عليه و آله وسلم انه يقع في أُمَّته ما وقعت في الأُمم السابقة، وقد وقعت الرجعة في الأمم السابقة مرَّات شتّى .

بيانه في معنى: (ويضمحل المحلون):

بحار الأنوار (ج 53 /ص 97 و 98/ ح 113):

الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارٍ

ص: 200


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- في المصدر: (تُنكِرها)؛ وكذلك المورد التالي
3- مختصر بصائر الدرجات (ص 21 و 22)

ابْن مَرْوَانَ، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام في حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي صِفَةِ قَبْض رُوح المُؤْمِن، قَالَ: «ثُمَّ يَزُورُ آلَ مُحَمَّدٍ فِي جِنَان ،رَضْوَى، فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَيَشْرَبُ [مَعَهُمْ](1) مِنْ شَرَابِهِمْ، وَيَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللهُ ، فَأَقْبَلُوا مَعَهُ يُلَبُّونَ زُمَراً زُمَراً، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَيَضْمَحِلُّ الْمُحِلُّونَ ، وَقَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ، هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ مِنْ أَجْلٍ ذَلِكَ ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم لِعَليٍّ علیه السلام : أَنْتَ أَخِي، وَمِيعَادُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَادِي السَّلَام».(2)

بيان: قال الفيروزآبادي: (رجل محلٌّ منتهك للحرام، أو لا يرى للشهر الحرام حرمة)(3)انتهى.

و(المقرّبون) بفتح الراء: أي الذين لا يستعجلون هم المقربون وأهل التسليم، أو بكسر الراء: أي الذين يقولون: الفرج قريب ولا يستبطؤونه.

روى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب (المحتضر) من كتاب القائم للفضل بن شاذان، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن سنان، مثله.(4)

بيانه في معنى (المنتصر، والسفاح)

بحار الأنوار (ج 53 / ص 100/ ح 121):

غيبة الشيخ الطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الحَسَن بن مَحبُوبِ، عَنْ عَمْرُو بْن أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام[يَقُولُ]:

وَالله لَيَمْلِكَنَّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ يَزْدَادُ تِسْعاً».

ص: 201


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
2- الكافي (ج 3 / ص 131 – 132/ باب ما يعاين المؤمن والكافر/ ح 4)
3- القاموس المحيط (ج 3 / ص 360)
4- راجع المحتضر (ص 19 و 20/ ح 9 و 10)

قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ ؟

قَالَ: «بَعْدَ الْقَائِم [علیه السلام]» .

قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِه؟

قَالَ: «تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ المُنتَصِرُ فَيَطْلُبُ بِدَم الحُسَيْن [علیه السلام] وَدِمَاءِ أَصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَاحُ».(1)(2)

بيان: الظاهر أنَّ المراد بالمنتصر الحسين، وبالسفّاح أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) كما سيأتي.(3)

بيانه في معنى : (فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لكم)

بحار الأنوار (ج 53 / ص 116 و 117/ ح 140):

كامل الزيارة: الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن المُعَلَّى، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلَ، عَنْ ابْن صَدَقَةَ، عَن المُفَضَّل بن عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كَأَنِّي بِسَرِيرٍ مِنْ نُورٍ قَدْ وُضِعَ وَقَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، مُكَلَّلَةٍ بِالْجُوْهَرِ، وَكَأَنِّي بالحُسَيْن علیه السلام جَالِساً عَلَى ذَلِكَ السَّرِيرِ، وَحَوْلَهُ تِسْعُونَ أَلْفَ قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، وَكَأَنّي بِالْمُؤْمِنِينَ يَزُورُونَهُ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللهُ عزوجل هُمْ: أَوْلِيَائِي سَلُونِي، فَطَالَما أُوذِيتُمْ وَذُلِّلْتُمْ وَاضْطُهِدْتُمْ ، فَهَذَا يَوْمٌ لَا تَسْأَلُونِي حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا قَضَيْتُهَا لَكُمْ، فَيَكُونُ أَكْلُهُمْ وَشُرْبُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَهَذِهِ وَالله الْكَرَامَةُ».(4)

ص: 202


1- الغيبة للطوسي (ص 478 و 479 / ح 505)
2- مرَّ مثله في (ص 182 و 183)، فراجع
3- بحار الأنوار (ج 53 / ص 100 و 101 / ح 122)، عن الاختصاص (ص 257 و258)
4- راجع كامل الزيارات (ص 258 و 259/ ح 3/390)

بیان: سؤال حوائج الدنيا يدلُّ على أنَّ هذا في الرجعة، إذ هي لا تُسئل في الآخرة.

بيانه وبحثه وتحقيقه حول الرجعة

بحار الأنوار (ج 53 / ص 121 - 142 / ح 161):

كتاب صفات الشيعة للصدوق: عَنْ عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْن عَبْدِ الله بْن أَحْمَدَ بْن أَبِي عَبْدِ الله الْبَرْقِيِّ بِإِسْنَادِهِ(1) ، عَن الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: «مَنْ أَقَرَّ بِسَبْعَةِ(2) أَشْيَاءَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَذَكَرَ مِنْهَا الْإِيمَانَ بِالرَّجْعَةِ.(3)

وَرَوَى أَيْضاً فِيهِ: عَن ابْن عُبْدُوسِ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنِ الْفَضْلِ بْن شَاذَانَ، عَن الرّضَا علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ أَقَرَّ بِتَوْحِيدِ الله ...» ، وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَأَقَرَّ بِالرَّجْعَةِ وَالمُنْعَتَيْن وَآمَنَ بِالْمِعْرَاجِ، وَالمُسَاءَلَةِ فِي الْقَبْرِ، وَالحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ، وَخَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَان، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُور، وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَهُوَ مِنْ شِيعَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».(4)

تذييل : اعلم يا أخي أنّي لا أظنُّك ترتاب بعد ما مهدت وأوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار ، حتَّى نظموها في أشعارهم، واحتجُّوا بها على

ص: 203


1- في المصدر : (علي بن أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عمرو بن شمر عن عبد الله)
2- في المصدر: (بستة)
3- صفات الشيعة (ص 29 و 30) ؛ ونصه: «من أقرَّ بستة أشياء فهو مؤمن : البراءة من الطواغيت، والإقرار بالولاية، والإيمان بالرجعة، والاستحلال للمتعة، وتحريم الجري، وترك المسح الخفين»
4- صفات الشيعة (ص 50 و 51)

المخالفين في جميع أمصارهم، وشنّع المخالفون عليهم في ذلك، وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم، منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما، وقد مرّ كلام ابن أبي الحديد حيث أوضح مذهب الإمامية في ذلك(1)، ولولا مخافة التطويل من غير طائل لأوردت كثيراً من كلماتهم في ذلك.

[ذكر بعض العلماء ممن روى أحاديث الرجعة]:

وكيف يشكُ مؤمن بحقيَّة الأئمة الأطهار علیهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح رواها نيف وأربعون من الثقاة العظام والعلماء الأعلام، في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم، كثقة الإسلام الكليني، والصدوق بن بابويه، والشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيد المرتضى، والنجاشي، والكشي، والعياشي، وعلي بن إبراهيم، وسُليم الهلالي، والشيخ المفيد والكراجكي، والنعماني، والصفّار، وسعد بن عبد الله، وابن قولويه، وعلي ب-ن عبد الحميد، والسيد علي بن طاوس، وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد، و محمّد بن علي بن إبراهيم، وفرات بن إبراهيم، ومؤلّف كتاب التنزيل والتحريف، وأبي الفضل الطبرسي، وإبراهيم بن محمد الثقفي، ومحمد بن العبّاس بن مروان ،والبرقي وابن شهر آشوب والحسن بن سليمان، والقطب الراوندي، والعلّامة الحلّي، والسيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم وأحمد بن داود بن سعيد، والحسن بن علي بن أبي حمزة، والفضل بن شاذان، والشيخ الشهيد محمد بن مكّي، والحسين بن حمدان، والحسن بن محمد بن جمهور العمي مؤلّف كتاب الواحدة، والحسن بن محبوب، وجعفر بن محمد بن مالك الكوفي، وطهر بن عبد الله، وشاذان بن جبرئيل، وصاحب كتاب الفضائل، ومؤلف كتاب العتيق،

ص: 204


1- بحار الأنوار (ج 51 / ص 121)، عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج 7/ ص 59)؛وقد مرَّ في (ص 103)، فراجع

ومؤلف كتاب الخُطَب، وغيرهم من مؤلّفي الكتب التي عندنا ولم نعرف مؤلّفه على التعيين، ولذا لم ننسب الأخبار إليهم وإن كان بعضها موجوداً فيها.

وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ففي أي شيء يمكن دعوى التواتر؟ مع ما روته كافة الشيعة خلفاً عن سلف.

وظنّى أنَّ من يشكُ في أمثالها فهو شاكٌ في أئمة الدين، ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين، فيحتال في تخريب الملة القويمة بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين وتشكيكات الملحدين، «يُرِيدُونَ لِيُطْفِوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»[الصف: 8].

ولنذكر لمزيد التشييد والتأكيد أسماء بعض من تعرّض لتأسيس هذا المدَّعى، وصنَّف فيه، أو احتج على المنكرين، أو خاصم المخالفين، سوى ما ظهر مما قدَّمنا في ضمن الأخبار، والله الموفِّق.

فمنهم أحمد بن داود بن سعيد الجرجاني، قال الشيخ في (الفهرست): (له كتاب المتعة والرجعة).(1)

ومنهم الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة البطائني، وعد النجاشي من جملة كُتُبه كتاب الرجعة.(2)

ومنهم الفضل بن شاذان النيسابوري ، ذكر الشيخ في (الفهرست) والنجاشي أنَّ له كتاباً في إثبات الرجعة.(3)

ومنهم الصدوق محمّد بن علي بن بابويه، فإنَّه عدَّ النجاشي من كتبه كتاب الرجعة.(4)

ص: 205


1- الفهرست (ص 80 و 81 / الرقم (100 / 38)
2- رجال النجاشي (ص 36 و 37 / الرقم 73)
3- الفهرست (ص 197 و 198 / الرقم 1/563) رجال النجاشي (ص 306 و 307/ الرقم 840)
4- رجال النجاشي (ص 389 و 390/ الرقم 1049)

ومنهم محمد بن مسعود ،العياشي ذكر الشيخ والنجاشي في الفهرست كتابه في الرجعة.(1)

ومنهم الحسن بن سليمان على ما روينا عنه الأخبار.(2)

وأمَّا سائر الأصحاب فإنَّهم ذكروها فيما صنفوا في الغيبة، ولم يفردوا لها رسالة.

وأكثر أصحاب الكُتُب من أصحابنا أفردوا كتاباً في الغيبة، وقد عرفت سابقاً من روى ذلك من عظماء الأصحاب وأكابر المحدثين الذين ليس في جلالتهم شك ولا ارتياب.

وقال العلّامة في (خلاصة الرجال) في ترجمة ميسر بن عبد العزيز: (وقال العقيقي: أثنى عليه آل محمد، وهو ممن يجاهد(3)في الرجعة)(4) انتهى.

أقول: قيل: المعنى أنه يرجع بعد موته مع القائم علیه السلام ويجاهد معه، والأظهر عندي أنَّ المعنى أَنَّه كان يجادل مع المخالفين ويحتج عليهم في حقية الرجعة.

[ذكر بعض الأقوال مع الروايات في الرجعة]:

وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي في قوله تعالى: «وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ» : (أي وجب العذاب والوعيد عليهم، وقيل معناه: إذا صاروا بحيث لا يفلح أحد منهم ولا أحد بسببهم، وقيل: إذا غضب الله عليهم، وقيل: إذا نزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة.

ص: 206


1- الفهرست (ص 212 - 214 / الرقم 604 / 19) ؛ رجال النجاشي ( ص 350 - 352/ الرقم 944)
2- في هامش البحار : (كما ألف المحدّث الخبير المحقق العلامة النحرير الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي كتاباً ضخماً كبيراً في ذلك سماه (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة)، وطبعَ أخيراً، فقد استوفى فيه)
3- في المصدر : ( يجاهر)
4- خلاصة الأقوال (ص 278 و 279 / فصل 23 / باب 11 / الرقم 11)

«أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِن الْأَرضِ»تخرج بين الصفا والمروة، فتخبر المؤمن بأنه مؤمن، والكافر بأنه كافر، وعند ذلك يرتفع التكليف ، ولا تقبل التوبة، وهو علم من أعلام الساعة. وقيل: لا يبقى مؤمن إلا مسحته، ولا يبقى منافق إِلَّا خطمته، تخرج ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منين عن ابن عمر.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبِ الْقُرَظِيُّ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ الرَّحْمَن عَلَيْهِ) عَنِ الدَّابَّةِ، فَقَالَ: «أَمَا وَالله مَا لَهَا ذَنَبٌ، وَإِنَّ لَهَا لَلِحْيَةً»، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا

مِنَ الْإِنْسِ.

وروي عن ابن عبّاس أنَّها دابَّة من دواب الأرض لها زغب وريش، ولها أربع قوائم.

وَعَنْ حُذَيْفَةَ، عَن النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم ، قَالَ : «دَابَّةُ الْأَرْضِ طُولُها سِتُّونَ ذِرَاعاً لَا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ، وَلَا يَفُوتُهَا هَارِبٌ، فَتَسِمُ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ : مُؤْمِنٌ، وَتَسِمُ الْكَافِرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ : كَافِرٌ ، وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليهما ، فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِن بِالْعَصَا، وَتَحْطِمُ(1) أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتَم، حَتَّى يُقَالَ: يَا مُؤْمِنُ وَيَا كَافِرُ».

وَرُوِيَ عَن النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ يَكُونُ لِلدَّابَّةِ ثَلَاثُ خَرْجَاتٍ مِنَ الدَّهْرِ : فَتَخْرُجُ خُرُوجاً بِأَقْصَى المَدِينَةِ، فَيَفْشُو ذِكْرُهَا فِي الْبَادِيَةِ، وَلَا يَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ، يَعْنِي مَكَّةَ، ثُمَّ تَكُثُ زَمَاناً طَوِيلاً، ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجَةً أُخْرَىٰ قَريباً مِنْ مَكَّةَ، فَيَفْشُو ذِكْرُهَا فِي الْبَادِيَةِ، وَيَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ، يَعْنِي مَكَّةَ.

ثُمَّ صَارَ النَّاسُ يَوْماً فِي أَعْظَمُ المَسَاجِدِ عَلَى اللَّه حُرْمَةٌ، وَأَكْرَمِهَا عَلَى الله ، يَعْنِي المَسْجِدَ الْحَرَامَ ، لَمْ تَرُعْهُمْ إِلَّا وَهِيَ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، تَدْنُو [وَتَرْغُوا](2) مَا

ص: 207


1- في المصدر: (وتختم)
2- في المصدر: (وتدنو)

بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِلَى بَابِ بَنِي مَحْزُومٍ، عَنْ يَمِين الخارج، فِي وَسَطِ مِنْ ذَلِكَ فَيُرْفَضُ النَّاسُ عَنْهَا، وَتَثْبُتُ لَهَا عِصَابَةٌ عَرَفُوا أَنَّهُمْ لَنْ يُعْجِزُوا اللهَ، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ تَنْفُضُ رَأسَهَا مِنَ التُّرَابِ، فَمَرَّتْ بِهِمْ، فَجَلَّتْ عَنْ وُجُوهِهِمْ، حَتَّىٰ تَرَكَتْهَا كَأَنَّهَا الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ، ثُمَّ وَلَتْ فِي الْأَرْضِ لَا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ، وَلَا يُعْجِرُهَا هَارِبٌ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَقُومُ فَيَتَعَوَّذُ مِنْهَا بِالصَّلَاةِ، فَتَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ : يَا فُلَانُ الْآنَ تُصَلِّي؟ فَيُقْبِلُ عَلَيْهَا بِوَجْهِهِ، فَتَسِمُهُ فِي وَجْهِهِ، فَيَتَجَاوَرُ النَّاسُ فِي دِيَارِهِمْ، وَيَصْطَحِبُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ، وَيَشْتَركُونَ فِي الْأَمْوَالِ، يُعْرَفُ المُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ، فَيُقَالُ لِلْمُؤْمِن: يَا مُؤْمِنُ، وَلِلْكَافِر : يَا كَافِرُ .

وروي عن وهب أنه قال وجهها وجه ،رجل، وسائر خلقها خلق الطير، ومثل ذلك لا يُعرَف إِلَّا من النبوّات الإلهيَّة.

وقوله: «تُكَلِّمُهُمْ» أي تُكلّمهم بما يسوءهم، وهو أنَّهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه. وقيل : تُحدِّثهم بأنَّ هذا مؤمن وهذا كافر. وقيل: بأن تقول لهم: «أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ» ، وهو الظاهر.

«وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ» [النمل: 82 و 83] أي يدفعون، وقيل: يحبس أولهم على آخرهم.

واستُدِلَّ بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية، بأنْ قال: دخول (مِنْ) في الكلام يوجب التبعيض، فدل ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه يُحشَر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: «وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ تُغادِرُ مِنْهُمْ أَحَداً»[الكهف: 47] .

[كثرة الأخبار في الرجعة]:

وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد (عليه وعليهم السلام) بأنَّ الله سيعيد عند قيام القائم قوماً ممن تقدَّم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا

ص: 208

بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم، وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب في القتل على أيدي شيعته، وليبتلوا بالذِّل والخزي، بما يشاهدون من علوِّ كلمته.

ولا يمتري عاقل أنّ هذا مقدور الله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عُزير وغيره على ما فسرناه في موضعه، وَصَحَ عَن النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم قَوْلُهُ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلَ، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٌ لَدَخَلْتُمُوهُ».

[تأويل الرجعة برجوع الدولة لا الأشخاص]:

عَلَى أَنَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ تَأَوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي الرَّجْعَةِ عَلَى رُجُوع الدَّوْلَةِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْي، دُونَ رُجُوع الْأَشْخَاص، لِمَا ظَنُّوا أَنَّ الرَّجْعَةَ تُنَا فِي التَّكْلِيفَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُلْجِيُّ إِلَى فِعْل الْوَاجِبِ، وَالْاِمْتِنَاع مِنَ الْقَبِيحِ، وَالتَّكْلِيفُ يَصِحُ مَعَهَا كَمَا يَصِحُ مَعَ ظُهُور المُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ وَالآيَاتِ الْقَاهِرَةِ، كَفَلْقِ الْبَحْرِ، وَقَلْب الْعَصَا تُعْبَاناً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَمْ يَثْبُتْ بِظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ المَنْقُولَةِ فَيَتَطَرَّقَ التَّأْوِيلُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا المُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى إِجْمَاعِ الشَّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَخْبَارُ تَعْضُدُهُ وَتُؤَيَّدُهُ)(1) انتهى.

[بعض أقوال المخالفين في الدابَّة]:

أقول: استدل الشيخ في تفسيره (التبيان) أيضاً على مذهب القائلين بالرجعة (2)، وإنَّما ذكرنا هذا الكلام بطوله لكثرة ،فوائده، وليُعلم أقوال المخالفين

ص: 209


1- راجع تفسير مجمع البيان (ج 7 /ص 403 - 406)
2- تفسير التبيان (ج 8 /ص 120)

في الدابَّة، وأنَّه يظهر من أخبارهم أيضاً أنَّ الدابَّة تكون صاحب العصا والميسم، وقد رووا ذلك في جميع كُتُبهم، وليُعلم المراد مما استفيض عن أمير المؤمنين علیه السلام أنَّه ذكر في المواطن الكثيرة: «أنا صاحب العصا والميسم».(1)

وروى الزمخشري في (الكشّاف) : (أنّها تخرج من الصفا، ومعها عصا موسیٰ و خاتم سليمان، فتضرب المؤمن في مسجده أو فيما بين عينيه بعصا موسى، فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتّى يضئ لها وجهه كأنَّه كوكب دُرّي وتكتب بين عينيه مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتّى يسود لها وجهه وتكتب بين عينيه كافر.

ثم قال: وقُرئ: (تَكْلِمَهُمْ) من الكلم وهو الجرح، والمراد به الوسم بالعصا والخاتم، ويجوز أنْ يُستَدلَّ بالتخفيف على أنَّ المراد بالتكليم التجريح)(2)انتهى

[كلام الشيخ الصدوق في الرجعة]:

وقال الصدوق في (رسالة العقائد) : (اعتقادنا في الرجعة أنها حقٌّ، وقد قال الله عزوجل: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفُ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ»[البقرة: 243]، كان هؤلاء سبعين ألف بيت، وكان يقع فيهم الطاعون كل سنة، فيخرج الأغنياء لقوتهم، ويبقى الفقراء لضعفهم، فيقل الطاعون في الذين يخرجون ويكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون، ويقول الذين خرجوا لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم، فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون، فخرجوا بأجمعهم، فنزلوا على شط بحر ، فلما وضعوا رحالهم ناداهم

ص: 210


1- بصائر الدرجات (ص 219 - 221/ ج 4 / باب 9/ ح 1 - 3)
2- تفسير الكشاف (ج 3/ شرح ص 160)

الله : موتوا، فماتوا جميعاً، فكنستهم المارَّة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله تعالى.

ثمّ مرَّ بهم نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له: أرميا، فقال: لو شئت يا ربِّ لأحييتهم ، فيُعمروا بلادك، ويلدوا عبادك، وعبدوك مع من يعبدك، فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبَّ أنْ أُحييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم الله له، وبعثهم معه، فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا، ثمّ ماتوا بآجالهم.

وقال الله عزوجل: «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »[البقرة : 259]، فهذا مات مائة سنة، ورجع إلى الدنيا وبقي فيها، ثم مات بأجله، وهو عُزير.

وقال الله تعالى في قصَّة المختارين من قوم موسى لميقات ربِّه: «ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»[البقرة: 56]، [و](1) ذلك [أنَّهم] لما سمعوا كلام الله، قالوا: لا نُصدّق «حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً» ، «فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ بظلمهم»، فماتوا، فقال موسى علیه السلام: «يا ربّ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟»، فأحياهم الله له، فرجعوا إلى الدنيا، فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء ووُلِدَ لهم الأولاد، ثمّ ماتوا بآجالهم.

وقال الله عزوجل لعيسى الله : «وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي»[المائدة: 110]،

ص: 211


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموردان التاليان

وجميع الموتى الذين أحياهم عيسى علیه السلام بإذن الله رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم.

وأصحاب الكهف «وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً»[الكهف: 25] ، ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليسألوا بينهم، وقصَّتهم معروفة.

فإن قال قائل : إِنَّ الله عزوجل قال : «وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودُ»[الكهف: 18].

قيل له : فإنَّهم كانوا موتى، وقد قال الله عزوجل : «قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ»[يس: 52]، وإن قالوا كذلك فإنَّهم كانوا موتى، ومثل هذا كثير.

[وقد صحَّ] أنَّ الرجعة كانت في الأُمم السالفة، وقال النبي صلی الله علیه و آله وسلم : «يكون في هذه الأُمَّة مثل ما يكون في الأُمم السالفة حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذَّة»، فيجب على هذا الأصل أن يكون في هذه الأُمَّة رجعة.

وقد نقل مخالفونا أنّه إذا خرج المهدي نزل عيسى بن مريم فصلى خلفه، ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته، لأنَّ الله تعالى قال: «إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ»[آل عمران: 55].

وقال : «وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ تُغادِرُ مِنْهُمْ أَحَداً»[الكهف: 47]، وقال : «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنا»[النمل: 83]، فاليوم الذي يُحشَر فيه الجميع غير اليوم الذي يُحشَر فيه فوج.

وقال الله عزوجل: «وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ»[النحل: 38]، يعني في الرجعة، وذلك أنَّه يقول: «لِيُبَيَّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ»[النحل: 39] والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة، وسأُجرِّد في الرجعة كتاباً أُبين فيه كيفيتها، والدلالة على صحة كونها إن شاء الله .

ص: 212

والقول بالتناسخ باطل، ومن دان بالتناسخ فهو كافر، لأنَّ في التناسخ إبطال الجنّة والنار).(1)

[كلام الشيخ المفيد في الرجعة في كتابه: أجوبة المسائل العكبريَّة]

وقال الشيخ المفيد (في أجوبة المسائل العكبرية) حين سُئِلَ عن قوله تعالى :«إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»[غافر: 51]، وأجاب بوجوه، فقال: (وقد قالت الإماميَّة : إنَّ الله تعالى يُنجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم والكرَّة التي وعد بها المؤمنين [في العاقبة](2)).(3)

وروى (قدَّس الله روحه) في كتاب (الفصول) عن الحارث بن عبد الله(4) الربعي أنَّه قال: كنت جالساً في مجلس المنصور، وهو بالجسر الأكبر، وسوار القاضي عنده، والسيِّد [الحميري](5) يُنشده:

إنّ الإله الذي لا شيء يشبهه***آتاكم الملك للدنيا وللدين

آتاكم الله ملكاً لا زوال له***حتَّى يُقاد إليكم صاحب الصين

وصاحب الهند مأخوذ برمَّته***وصاحب الترك محبوس على هون

حتَّى أتى على القصيدة والمنصور مسرور ، فقال سوار: إنَّ هذا والله يا أمير المؤمنين يُعطيك بلسانه ما ليس في قلبه، والله إنَّ القوم الذين يُدين بحبهم لغيركم ، وإنَّه لينطوي على عداوتكم.

فقال السيِّد: والله إنَّه لكاذب، وإنَّني في مدحتك لصادق، وإنَّه حمله الحسد

ص: 213


1- الاعتقادات (ص 60 - 63 / باب الاعتقاد في الرجعة)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- المسائل العكبريَّة (ص 74)
4- في المصدر: (عبيد الله)
5- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر

إذ رآك على هذه الحال، وإن انقطاعي إليكم ومودتي لكم أهل البيت لمعرق فينا أبوي، وإنّ هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والإسلام، وقد أنزل الله غزوجل على نبيه صلی الله علیه و آله وسلم في أهل بيت هذا: «إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ»[الحجرات: 4].

فقال المنصور: صدقت.

فقال :سوار يا أمير المؤمنين، إنَّه يقول بالرجعة، ويتناول الشيخين بالسبِّ والوقيعة فيهما.

فقال السيد: أما قوله إنّي أقول ،بالرجعة فإنّي أقول بذلك على ما قال الله تعالى:«وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ»[النمل: 83]، وقد قال في موضع آخر : «وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغَادِرُ مِنْهُمْ أَحَداً»[الكهف: 47] ، فعلمنا أنَّ هاهنا حشرين أحدهما عام والآخر خاصٌّ، وقال سبحانه: «رَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ»[غافر: 11]، وقال تعالى: «فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ»[البقرة: 259]، وقال تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفُ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ»[البقرة: 243]، فهذا كتاب الله.

وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «يُحشَر المتكبرون في صورة الذرّ يوم القيامة»، وقال صلی الله علیه و آله وسلم: «لم يجر في بني إسرائيل شيء إلا ويكون في أُمَّتي مثله، حتّى الخسف والمسخ والقذف، وقال حذيفة: والله ما أبعد أن يمسخ الله عزوجل كثيراً من هذه الأُمة قردة وخنازير.

فالرجعة التي أذهب إليها ما نطق به القرآن، وجاءت به السنة، وإنّي لأعتقد أنَّ الله عزوجل يردَّ هذا - يعني سواراً - إلى الدنيا كلباً أو قرداً أو خنزيراً أو ذرةً، فإنَّه والله متجبّر متكِّبّر كافر.

ص: 214

قال: فضحك المنصور، وأنشأ السيد يقول:

جاثیت سواراً أبا شملة***عند الإمام الحاكم العادل

إلى آخر الأبيات.(1)

وقال الله عزوجل في الكتاب المذكور : (سأل بعض المعتزلة شيخاً من أصحابنا الإمامية وأنا حاضر في مجلس فيهم جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقهة، فقال له: إذا كان من قولك: إنَّ الله عزوجل يردُّ الأموات إلى دار الدنيا قبل الآخرة عند القائم، ليشفي المؤمنين كما زعمتم من الكافرين وينتقم لهم منهم كما فعل ببني إسرائيل فيما ذكرتموه، حيث تتعلقون بقوله تعالى: «ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا»[الإسراء: 6]، فخبّرني ما الذي يُؤمنك أن يتوب يزيد وشمر وعبد الرحمن بن ملجم، ويرجعوا عن كفرهم وضلالهم ويصيروا في تلك الحال إلى طاعة الإمام، فيجب عليك ولايتهم، والقطع بالثواب لهم، وهذا نقض مذاهب الشيعة.

فقال الشيخ المسؤول: القول بالرجعة إنّما قلته من طريق التوقيف، وليس للنظر فيه مجال، وأنا لا أجيب عن هذا السؤال لأنَّه لا نص عندي فيه، وليس يجوز لي أنْ أتكلَّف من غير جهة النصّ الجواب.

فشنَّع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.

فقال الشيخ - أيده الله -: فأقول أنا : إنَّ عن هذا السؤال جوابين:

أحدهما : أنَّ العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممن ذكره السائل، لأنه يكون إذ ذاك قادراً عليه ومتمكناً منه، ولكن السمع الوارد عن أئمة الهدى علیهم السلام بالقطع عليهم بالخلود في النار، والتدين بلعنهم والبراءة منهم إلى آخر الزمان منع من الشكّ في حالهم، وأوجب القطع على سوء اختيارهم، فجروا في هذا

ص: 215


1- راجع الفصول المختارة (ص 93 - 95)

الباب مجرى فرعون وهامان وقارون ومجرى من قطع الله على خلوده في النار، ودلَّ القطع على أنهم لا يختارون أبداً الإيمان ممَّن قال الله تعالى: «وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ»الأنعام: 111]، يريد إِلَّا أَنْ يُلجئهم الله، والذين قال الله تعالى فيهم «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ»«وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ» [الأنفال: 22 و 23].

ثمّ قال (جلَّ قائلاً) في تفصيلهم وهو يُوجّه القول إلى إبليس : «لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ»[ ص: 85]، وقوله تعالى: «وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ»[ ص: 78]، وقوله تعالى: «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ»«ما أَغْنى عَنْهُ مَالُهُ وَما كَسَبَ»«سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ»[المسد: 1 - 3]، فقطع بالنار عليه، وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر على ما وصفناه بطل ما توهمتموه على هذا الجواب.

والجواب الآخر: أنَّ الله سبحانه إذا ردَّ الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجرى فرعون لما أدركه الغرق : قالَ «آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ، قال الله سبحانه له: «الْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ»[يونس: 90 و 91]، فردَّ الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه. وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم، لأنهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأنَّ الحكمة تمنع من قبول التوبة أبداً، ويوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.

وهذا هو الجواب الصحيح على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار

ص: 216

متظاهرة عن آل محمد صلی الله علیه و آله وسلم ، فروي عنهم في قوله تعالى: «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُل انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ»[الأنعام: 158]، فقالوا: إنَّ هذه الآية هو القائم علیه السلام فإذا ظهر لم يقبل توبة المخالف، وهذا يُسقط ما اعتمده السائل.

سؤال: فإن قالوا في هذا الجواب: ما أنكرتم أن يكون الله تعالى على ما أصلتموه قد أغرى عباده بالعصيان وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال، وقد يئسوا من قبول التوبة لم يدعهم داع إلى الكفّ عما في طباعهم، ولا انزجروا عن فعل قبيح يصلون به إلى النفع العاجل، ومن وصف الله تبارك وتعالى بإغراء خلقه بالمعاصي، وإباحتهم الذنوب، فقد أعظم الفرية عليه.

جواب: قيل لهم : ليس الأمر على ما ظنتموه، وذلك أنَّ الدواعي لهم إلى المعاصي ترتفع إذ ذاك، ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب، لأنّهم يكونون قد علموا بما سلف لهم من العذاب وقت الرجعة على خلاف أئمتهم علیهم السلام، ويعلمون في الحال أنَّهم معذبون على ما سبق لهم من العصيان، وأنّهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب، ولا يكون لهم عند ذلك طبع يدعوهم إلى ما يتزايد عليهم به العذاب، بل يتوفر لهم دواعي الطباع والخواطر كلّها إلى إظهار الطاعة، والانتقال عن العصيان.

وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة، وحالهم في إبطال توبتهم وكون ندمهم غير مقبول، فمهما أجاب الموحدون لمن ألزمهم ذلك فهو جوابنا بعينه.

سؤال آخر: وإن سألوا على المذهب الأوّل والجواب المتقدم، فقالوا: كيف يُتوهَّم من من القوم الإقامة على العناد والإصرار على الخلاف، وقد عاينوا فيما

ص: 217

تزعمون عقاب القبور، وحلّ بهم عند الرجعة العذاب على ما تزعمون أنهم مقيمون عليه؟ وكيف يصح أن يدعوهم الدواعي إلى ذلك، ويخطر لهم في فعله الخواطر ما أنكرتم أن تكونوا في هذه الدعوى مكابرين؟

جواب: قيل لهم : يصح ذلك على مذهب من أجاب بما حكيناه من أصحابنا بأن يقول: إنَّ جميع ما عدَّدتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف، لأنَّ القوم يظنُّون أنَّهم إنَّما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم، وليلوا الدنيا كما كانوا، ويظنُّون أنَّ ما اعتقدوه في العذاب السالف لهم كان غلطاً منهم، وإذا حلَّ بهم العقاب ثانيةً توهموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أنَّ ذلك ليس من طريق الاستحقاق، وأنَّه من الله تعالى، لكنَّه كما يكون الدُّوَل، وكما حلّ بالأنبياء علیهم السلام.

ولأصحاب هذا الجواب أن يقولوا : ليس ما ذكرناه في هذا الباب بأعجب من كفر قوم موسى علیه السلام وعبادتهم العجل، وقد شاهدوا منه الآيات، وعاينوا ما حلّ بفرعون وملائه على الخلاف ولا هو بأعجب من إقامة أهل الشرك على خلاف رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتى به من القرآن، ويشهدون معجزاته وآياته ، ويجدون مخبرات أخباره على حقائقها من قوله تعالى: «سَيُهْزَمُ الجُمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ»[القمر: 45]، وقوله عزوجل: «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ»[الفتح: 27]، وقوله :«الم»«غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ»[الروم: 1 - 3 ] ، وما حلّ بهم من العقاب بسيفه علیه السلام وهلاك كل من توعده بالهلاك، هذا وفيمن أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلى أهل الشرك والضلال.

على أنَّ هذا السؤال لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة، لأنّهم يزعمون أنَّ أكثر المخالفين على الأنبياء كانوا من أهل العناد، وأن جمهور

ص: 218

المظهرين الجهل بالله تعالى يعرفونه على الحقيقة، ويعرفون أنبياءه وصدقهم، ولكنّهم في الخلاف على اللجاجة والعناد، فلا يمتنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها على هذا الوصف الذي حكيناه، وقد قال الله تعالى : «وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبَّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»«بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا مَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لكاذِبُونَ [الأنعام: 27 و 28] .

فأخبر سبحانه أنَّ أهل العقاب لو ردَّهم إلى الدنيا لعادوا إلى الكفر والعناد مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال وما ذاقوا من أليم العذاب).(1)

[كلام الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد ]:

وقال رحمه الله في الارشاد عند ذكر علامات ظهور القائم عليه السلام : وأموات

ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون .

[كلام الشيخ في كتابه المسائل السرويَّة]:

وفي (المسائل السرويَّة) أنَّه سُئِلَ الشيخ (قدَّس الله روحه) عما يُروى عن مولانا جعفر بن محمد الصادق علیهما السلام في الرجعة، وما معنى قوله: «ليس منا من يقل بمتعتنا، ويؤمن برجعتنا»، أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمن أو لغيره الظلمة الجبارين قبل يوم القيامة.

فكتب الشيخ بعد الجواب عن المتعة: (وأما قوله علیه السلام: «من لم يقل برجعتنا فليس منا» ، فإنَّما أراد بذلك ما يختصه من القول به في أنَّ الله تعالى يحشر قوماً من أُمَّة محمد صلی الله علیه و آله وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلی الله علیه و آله وسلم، والقرآن شاهد به قال الله عزوجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة:

ص: 219


1- راجع : الفصول المختارة (ص 153 - 157)

«وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ تُغادِرُ مِنْهُمْ أَحَداً»[الكهف: 47]، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ»[النمل: 83]، فأخبر أنَّ الحشر حشران: عامٌّ وخاصٌّ.

وقال سبحانه مخبراً عمَّن يحشر من الظالمين أنه يقول يوم الحشر الأكبر: «رَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ»[غافر: 11].

وللعامَّة في هذه الآية تأويل مردود ، وهو أن قالوا: إنَّ المعني بقوله: «رَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ» أَنَّه خلقهم أمواتاً، ثمّ أماتهم بعد الحياة.

وهذا باطل لا يستمرُّ على لسان العرب، لأنَّ الفعل لا يدخل إلَّا على من كان بغير الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله أمواتاً لا يقال: أماته، وإنَّما يقال ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة، كذلك لا يقال : أحيى الله ميتاً إلَّا أن يكون قد كان قبل إحيائه ميتاً، وهذا بين لمن تأمله.

وقد زعم بعضهم أنَّ المراد بقوله: «رَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ» الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمسألة، فتكون الأولى قبل الإقبار، والثانية بعده ، وهذا أيضاً باطل من وجه ،آخر وهو أنَّ الحياة للمسألة ليست للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله، وندم القوم على ما فاتهم في حياتهم المرَّتين يدلّ على أنَّه لم يرد حياة المسألة، لكنَّه أراد حياة الرجعة التي تكون لتكليفهم [و] الندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك.

فصل

والرجعة عندنا يختصّ بمن محض الإيمان ومحض الكفر، دون من سوى هذين الفريقين فإذا أراد الله تعالى على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء الله عزوجل وعمل أَنَّهم إنَّما ردُّوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله، فيزدادوا عتوا فينتقم الله تعالى منهم

ص: 220

بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرّة عليهم، فلا يبقى منهم إلا من هو مغموم بالعذاب، والنقمة والعقاب، وتصفو الأرض من الطغاة، ويكون الدين الله تعالى.

والرجعة إنَّما هي لممحضي الإيمان من أهل الملة، وممحضي وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية.

فصل:

وقد قال قوم من المخالفين لنا : كيف يعود كُفَّار الملَّة بعد الموت إلى طغيانهم وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ، وتيقنوا بذلك أنَّهم مبطلون؟

فقلت لهم : ليس ذلك بأعجب من الكفار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلُّ بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة، بعد الموافقة لهم والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا، فيقولون: «يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ، فقال الله عزوجل: «بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»[الأنعام: 27 و 28]، فلم يبق للمخالف بعد هذا الاحتجاج شبهة يتعلق بها فيما ذكرناه، والمنَّة لله).(1)

وقال السيد الشريف المرتضى (رضي الله عنه وحشره مع آبائه الطاهرين) في أجوبة المسائل التي وردت عليه من بلد الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة، لأنَّ شُذاذ الإمامية يذهبون إلى أنَّ الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم علیه السلام من دون رجوع أجسامهم.

الجواب اعلم أنَّ الذي تذهب الشيعة الإماميَّة إليه أنَّ الله تعالى يُعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي علیه السلام قوماً ممن كان قد تقدم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته، ويُعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم، فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحقِّ، وعلوِّ كلمة أهله.

ص: 221


1- راجع المسائل السرويَّة (ص 30 - 36/ المسألة الأولى)

والدلالة على صحة هذا المذهب أنَّ الذي ذهبوا إليه مما لا شبهة على عاقل في أنَّه مقدور الله تعالى، غير مستحيل في نفسه، فإنا نرى كثيراً من مخالفينا يُنكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة.

وإذا ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور ، فالطريق إلى إثباتها إجماع الإماميَّة على وقوعها، فإنَّهم لا يختلفون في ذلك، وإجماعهم قد بينا في مواضع من كُتُبنا أنَّه حجّة، لدخول قول الإمام علیه السلام فيه، وما يشتمل على قول المعصوم من الأقوال لا بدَّ فيه من كونه صواباً.

وقد بيّنا أنَّ الرجعة لا تنافي التكليف، وأنَّ الدواعي مترددة معنا(1) حين لا يظنُّ ظانُّ أنَّ تكليف من يعاد باطل، وذكرنا أنَّ التكليف كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة، والآيات القاهرة، فكذلك مع الرجعة، فإنَّه ليس في جميع ذلك ملجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من فعل القبيح.

فأمَّا من تأوَّل الرجعة في أصحابنا على أنَّ معناها رجوع الدولة والأمر والنهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فإنَّ قوماً من الشيعة لما عجزوا عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها، وأنّها تنافي التكليف، عوّلوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة.

وهذا منهم غير صحيح، لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيطرق التأويلات عليها، فكيف يثبت ما هو مقطوع على صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم؟ وإنَّما المعوّل في إثبات الرجعة على إجماع الإمامية على معناها، بأنَّ الله تعالى يُحيي أمواتاً عند قيام القائم علیه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيَّناه، فكيف يطرق التأويل على ما هو معلوم، فالمعنى غير محتمل)(2)انتهى .

ص: 222


1- في المصدر: (معها)
2- راجع: رسائل الشريف المرتضى (ج 1 / ص 125 و 126/ المسألة الثامنة)

[كلام السيّد ابن طاوس في كتاب الطرائف]:

وقال السيد ابن طاوس ( نور الله (ضريحه في كتاب (الطرائف): روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأول بإسناده إلى الجرّاح بن مليح، قال: سمعت جابراً يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر محمد الباقر علیه السلام عن النبي صلی الله علیه و آله وسلم تركوها كلَّها.(1)

ثم ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمد بن عمر(2)الرازي، قال: سمعت حريزاً يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي، فلم أكتب عنه، لأنّه كان يؤمن بالرجعة.(3)

ثمّ قال: انظر ( رحمك الله كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيهم برواية أبي جعفر الكلام الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسُّك بهم.

ثمّ وإنَّ أكثر المسلمين أو كلُّهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا، وحديث إحياء الله تعالى الأموات في القبور للمسألة، وقد تقدَّمت روايتهم عن أصحاب الكهف، وهذا كتابهم يتضمَّن: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفُ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ»[البقرة: 243]، والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى علیه السلام، وحديث العُزير ، ومن أحياه عيسى بن مریم علیهما السلام، وحديث جريج(4)الذي أجمع على صحته أيضاً،وحديث الذين يُحييهم الله تعالى في القبور للمسألة.

ص: 223


1- صحیح مسلم (ج 1 / ص 15)
2- في المصدر وصحیح مسلم: (عمرو)
3- المصدر السابق
4- في المصدر : (جريح)

فأيُّ فرق بين هؤلاء وبين ما رواه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من الرجعة؟ وأيُّ ذنب كان لجابر في ذلك حتّى يسقط حديثه؟(1)

[كلام السيّد ابن طاوس في كتاب سعد السعود]:

وقال أيضاً في كتاب (سعد السعود): (قال الشيخ في تفسيره (التبيان) عند قوله تعالى: «ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»[البقرة: 56]: استدلّ بهذه الآية قوم من أصحابنا على جواز الرجعة، فإن استدلَّ بها على جوازها كان صحيحاً، لأنَّ من منع منه وأحاله فالقرآن يُكذِّبه، وإنْ استدلَّ به على وجوب الرجعة وحصولها فلا).(2)

ثم قال السيِّده : (اعلم أنَّ الذين قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فيهم: «إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتّى يردا على الحوض لا يختلفون في إحياء الله عزوجل قوماً بعد مماتهم في الحياة الدنيا من هذه الأمة تصديقاً لما روى المخالف والمؤالف عن صاحب النبوَّة صلی الله علیه و آله وسلم.

أمَّا المخالف فروى الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : «لتتبعنَّ سُنَن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم»، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟».(3)

وروى الزمخشري في (الكشّاف) عن حذيفة: أنتم أشبه الأُمَم سمتاً ببني إسرائيل، لتركبنَّ طريقهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتّى إنّي لا أدري أتعبدون العجل أم لا(4)؟).

ص: 224


1- راجع: الطرائف (ص 190 و 191)
2- راجع تفسير التبيان (ج 1 / ص 254)
3- الجمع بين الصحيحين (ج 2 / ص 437 / ح 1753)
4- تفسير الكشّاف (ج 1/ شرح ص 616)

قال السيد: (فإذا كانت هذه بعض رواياتهم في متابعة الأمم الماضية، وبني إسرائيل واليهود، فقد نطق القرآن الشريف والأخبار المتواترة أنَّ خلقاً من الأمَم الماضية واليهود لمَّا قالوا: «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً»[البقرة: 55] فأماتهم الله ثم أحياهم، فيكون على هذا في أُمَّتنا من يُحييهم الله في الحياة الدنيا. ورأيت في أخبارهم زيادة على ما تقوله الشيعة من الإشارة إلى أنَّ مولانا عليا يعود إلى الدنيا بعد ضرب ابن ملجم وبعد وفاته كما رجع ذو القرنين:

فمنها ما ذكره الزمخشري في (الكشّاف) في حديث ذي القرنين: وعن عليّ علیه السلام: «سُخّر له السحاب، ومُدَّت له الأسباب، وبسط له النور».

وسُئِلَ عنه، فقال: «أحبّ الله فأحبّه».

وسأل ابن الكوا: ما ذو القرنين؟ أملك أم نبيٌّ؟

فقال: «ليس بملك ولا نبي ، لكن كان عبداً صالحاً ضُرِبَ على قرنه [الأيمن] في طاعة الله فمات، ثمّ بعثه الله فضُرِبَ على قرنه الأيسر فمات، فبعثه الله وسُمّي ذا القرنين، وفيكم مثله».(1)

ورأيت أيضاً في كُتُب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين أنَّهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن، وتكلموا وتحدثوا ثمّ ماتوا، فمن ذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في تاريخه في حديث حسام بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده وكان قاضي نيسابور دخل عليه ،رجل، فقيل له: إنّ عند هذا حديثاً عجباً، فقال: يا هذا، ما هو ؟ فقال : اعلم أنّي كنت رجلاً نباش--اً أنبش القبور، فماتت امرأة، فذهبت لأعرف قبرها، فصليت عليها، فلما جنَّ الليل قال: ذهبت لأنبش عنها، وضربت يدي إلى كفنها لأسلبها، فقالت: سبحان الله رجل من أهل الجنَّة

ص: 225


1- تفسير الكشاف (ج 2/ شرح ص 497)

تسلب امرأة من أهل الجنَّة؟ ثمّ قالت: ألم تعلم أنَّك ممن صليت عليَّ، وأَنَّ الله عزوجل قد غفر لمن صلّى عليَّ(1)؟).

قال السيِّد: (فإذا كان هذا قد رووه ودوّنوه عن نباش القبور، فهلا كان لعلماء أهل البيت علیهم السلام أسوة به، ولأي حالٍ تقابل روايتهم عليهم السلام بالنفور، وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمات الأمور؟

والرجعة التي يعتقدها علماؤنا وأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي صلی الله علیه و آله وسلم ومعجزاته، ولأيّ حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسیٰ وعيسى ودانيال؟ وقد أحيى الله عزوجل على أيديهم أمواتاً كثيرة بغير خلاف عند العلماء لهذه الأمور).(2)

بيانه في معنى: (الظالم العتل)

بحار الأنوار (ج 53 / ص 178 - 180/ ح 9):

الاحتجاج : عَن الشَّيْخ المُوَثَقِ أبِي عُمَرَ الْعَامِرِيِّ(3)(رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ)، قَالَ: تَشَاجَرَ ابْنُ أَبِي غَانِمِ الْقَزْوِينِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشيعَةِ فِي الْخَلَفِ، فَذَكَرَ ابْنُ أَبِي غَانِم أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ علیه السلام مَضَى وَلَا خَلَفَ لَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ كَتَبُوا فِي ذَلِكَ كِتَاباً وَأَنْفَذُوهُ إِلَى النَّاحِيَةِ، وَأَعْلَمُوا بِمَا تَشَاجَرُوا فِيهِ، فَوَرَدَ جَوَابُ كِتَابِهِمْ بِخَطَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ):

«... لَكُنَّا عَنْ مُخَاطَبَتِكُمْ فِي شُغُلٍ مِمَّا قَدِ امْتُحِنَّا [بِهِ] مِنْ مُنَازَعَةِ الظَّالِمِ الْعُتُل الضَّال المتابع فِي غَيْهِ المُضَادَّ لِرَبِّهِ ، المُدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ، الْجَاحِدِ حَقَّ مَنِ افْتَرَضَ اللَّهُ

ص: 226


1- انظر: شُعَب الإيمان (ج 11 / ص 454 / ح 8823)
2- راجع: سعد السعود (ص 64 - 66)
3- في المصدر : (عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمري)

طَاعَتَهُ، الظَّالِمِ الْغَاصِبِ. وَفِي ابْنَةِ رَسُول الله صلی الله علیه و آله وسلم فِي أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَسَيُرَدَّىٰ الْجَاهِلُ رِدَاءَ عَمَلِهِ، وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ مَنْ عُقْبَى الدَّارَ، عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المَهَالِكِ وَالْأَسْوَاءِ، وَالْآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ كُلِّهَا بِرَحْمَتِهِ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ، وَالْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَكَانَ لَنَا وَلَكُمْ وَلِيًّا وَحَافِظاً، وَالسَّلَامُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْصِيَاءِ، وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً».(1)

الغيبة للشيخ الطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن الحسين بن محمد(2)القمي ، عن محمد بن علي بن زبيان(3) الطلحي الآبي، عن عليّ بن محمّد بن عبدة النيسابوري، عن علي بن إبراهيم الرازي، قال: حدثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام قال تشاجر ابن أبي غانم.... إلى آخر الخبر.(4)

بيان ... و (الظالم العتل) جعفر الكذاب، ويحتمل خليفة ذلك الزمان.

بيانه في معنى: (إنَّ خلف المغرب أرضاً بيضاء فيها خلق من خلق الله ...)

بحار الأنوار (ج 54/ ص 349 - 354/ ح 46):

وَرَوَى الْكَفْعَمِيُّ وَالْبُرْمِيُّ فِي فَضْل الدُّعَاءِ المَعْرُوفِ بالجوشنِ الكَبِيرِ بِإِسْنَادَيْهِمَا عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام ، عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: «وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا إِنَّ خَلْفَ المَغْرِبِ أَرْضاً بَيْضَاءَ، فِيهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله يَعْبُدُونَهُ وَلَا يَعْصُونَهُ، وَقَدْ تَمَزَّقَتْ حُومُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ مِنَ الْبُكَاءِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ: لِمَ تَبْكُونَ وَلَمْ تَعْصُونِي طَرْفَةَ عَيْنٍ؟

ص: 227


1- الاحتجاج (ج 2 / ص 277 - 279)
2- في المصدر: (علي)
3- في المصدر: (بنان)
4- الغيبة للطوسي (ص 285 - 287 / ح 245)

قَالَ(1): نَخْشَى أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْنَا وَيُعَذِّبَنَا بِالنَّارِ.

قَالَ عَليٌّ علیه السلام : قُلْتُ يَا رَسُولَ الله لَيْسَ هُنَاكَ إِبْلِيسُ أَوْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيَّا مَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَلَا إِبْلِيسَ، وَلَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ، وَمَسِيرُ الشَّمْسِ فِي بِلَادِهِمْ أَرْبَعُونَ يَوْماً لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ ...» الخبر.(2)

تذنيب: اعلم أنَّ الأخبار الواردة في هذا الباب غريبة، وبعضها غير معتبرة الأسانيد كروايات البرسي وجامع الأخبار والمأخوذ من الكتاب القديم، وبعضها معتبرة مأخوذة من أصول القدماء، وليس ما تتضمنها بعيداً من قدرة الله تعالى.

و (جابلقا) و (جابرسا) ذكر هما اللغويون على وجه آخر قال الفيروزآبادي: (جابلص بفتح الباء واللام أو سكونها: بلد بالمغرب وليس وراءه إنسي)، و (جابلق بلد بالمشرق)(3)انتهى .

ويقال: إنَّ فيهما أو في إحداهما أصحاب القائم علیه السلام

والصوفيَّة والمتألِّهون من الحكماء أوّلوا أكثر هذه الأخبار بعالم المثال...

وأقول: ما أشبه هذه المزخرفات بالخرافات والخيالات الواهية والأوهام الفاسدة، ولا يتوقف تصحيح شيء مما ذكروه على القول بهذا المذهب السخيف، وبسط القول فيه يُؤدّي إلى الإطناب، وأمَّا الأجساد المثالية التي قلنا بها فليس من هذا القبيل كما عرفت تحقيقه في المجلَّد الثالث(4)، وأكثر أخبار هذا الباب يمكن

ص: 228


1- كذا؛ والصحيح: ( قالوا)
2- راجع مهج الدعوات (ص 227 و 228)
3- راجع القاموس المحيط (ج 2 / ص 297 ، وج 3 / ص 217)
4- راجع بحار الأنوار (ج 6 / ص 271)

حملها على ظواهرها، إذ لم يدر أحد سوى الأنبياء والأوصياء ما حول جميع العالم حتَّى يحكم بعدمها، وما قاله الحكماء والرياضيون في ذلك فهو على الخرص والتخمين، والله الهادي إلى الحقِّ المبين.

بيانه في معنى: (وأما الأخرى ففي ابنه نزلت وفينا، ولم يكن الرباط الذي أمرنا به وسيكون ذلك من نسلنا المرابط، ومن نسله المرابط)

بحار الأنوار (ج 55 / ص 24 - 27/ ح 42):

تفسير عليِّ بن إبراهيم: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي الطَّفَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرِ علیه السلام ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي أَيِّ يَوْمٍ نَزَلَتْ وَفِيمَنْ نَزَلَتْ.

فَقَالَ أَبي علیه السلام : سَلْهُ فِيمَنْ نَزَلَتْ : «وَمَنْ كانَ فِي هَذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً»[الإسراء: 72] ، وَ فِيمَنْ نَزَلَتْ: «وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ»[هود: 34]، وَ فِيمَنْ نَزَلَتْ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ورابطوا»[آل عمران: 200].

فَأَتَاهُ الرَّجُلُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا وَاجَهَنِي بِهِ، فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْعَرْشِ مِمَّ خَلَقَهُ اللَّهُ، [وَمَتَى خُلِقَ؟](1) وَكَمْ هُوَ؟ وَكَيْفَ هُوَ؟

فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى أَبِي [علیه السلام] ، فَقَالَ أَبِي [علیه السلام ]: فَهَلْ أَجَابَكَ بِالْآيَاتِ؟

قَالَ: لَا

قَالَ أَبِي لَكِنْ أُجِيبُكَ فِيهَا بِعِلْمٍ وَ نُورٍ غَيْرَ الْمُدَّعَى وَلَا الْمُنْتَحَلِ(2)، أَمَّا قَوْلُهُ: «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُ سَبِيلاً» فَفِيهِ نَزَلَتْ

ص: 229


1- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك الموارد التالية
2- في المصدر : غير مدَّعِ ولا منتحل

وَفِي أَبِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ» فَفِي أَبِيهِ نَزَلَتْ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَفِي ابْنِهِ نَزَلَتْ وَفِينَا(1)، وَ لَمْ يَكُنِ الرِّبَاطُ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ، وَسَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ نَسْلِنَا المُرابط، وَمِنْ نَسْلِهِ الْمُرَابط.

وَأَمَّا مَا سَأَلَ عَنْهُ مِنَ الْعَرْشِ مِمَّ خَلَقَهُ اللَّهُ؟ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ أَرْبَاعاً، لَمْ يَخْلُقُ قَبْلَهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: اَهْوَاءَ، وَالْقَلَمَ، وَالنُّورَ، ثُمَّ خَلَقَهُ مِنْ أَلْوَانِ أَنْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ ذَلِكَ اَلنُّورِ : نُورٍ أَخْضَرَ [وَ]مِنْهُ اِخْضَرَّتِ الخُضْرَةُ، وَنُورٍ أَصْفَرَ مِنْهُ اِصْفَرَّتِ اَلصُّفْرَةُ، وَنُورٍ أَحْمَرَ مِنْهُ اِحْمَرَّتِ اَلْحُمْرَةُ، وَنُورٍ أَبْيَضَ وَهُوَ نُورُ الْأَنْوَارِ، وَمِنْهُ ضَوْءُ النَّهَارِ، ثُمَّ جَعَلَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ طَبَقٍ غِلَظ كُلُّ طَبَقٍ كَأَوَّلِ الْعَرْشِ إِلَى أَسْفَلِ اَلسَّافِلِينَ، [وَ] لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ طَبَقٌ إِلَّا [وَ]يُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهِ وَيُقَدِّسُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَلْسِنَةِ غَيْرِ مُشْتَبِهَةٍ، لَوْ أُذِنَ لِلسَانٍ وَاحِدٍ فَأَسْمَعَ شَيْئًا مِمَّا تَحْتَهُ فَقَدِمَ اَلْجِبَالُ وَالمَدَائِنُ وَالْحُصُونُ، وَكُشِفَ الْبِحَارُ ، وَهَلَكَ مَا دُونَهُن لَهُ ثَمانِيَةُ أَرْكَانٍ، يَحْمِلُ كُلَّ رُكْنٍ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ، يُسَبِّحُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَا يَفْتُرُونَ، وَلَوْ أَحَسَّ حِسَّ شَيْءٍ مِمَّا فَوْقَهُ مَا قَامَ لِذَلِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِحْسَاسِ [حُجُبُ](2) اَلْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَالْقُدْسِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعِلْم وَلَيْسَ وَرَاءَ هَذَا مَقَالٌ، لَقَدْ طَمِعَ الْخَائِرُ فِي غَيْرِ مَطْمَعِ، أَمَا إِنَّ فِي صُلْبِهِ وَدِيعَةً قَدَّ ذُرِئَتْ لِنَارِ جَهَنَّمَ فَيُخْرِجُونَ أَقْوَاماً مِنْ دِينِ الله، وَسَتُصْبَعُ الْأَرْضُ بِدِمَاءِ أَفْرَاخِ(3)مِنْ أَفْرَاحَ آلِ مُحَمَّدٍ تَنْهَضُ تِلْكَ الْفِرَاخُ فِي غَيْرِ وَقْتٍ، وَتَطْلُبُ غَيْرَ مُدْرَكٍ، وَيُرَابِطُ الَّذِينَ آمَنُوا، وَيَصْبِرُونَ وَيُصَابِرُونَ، «حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ»[الأعراف: 87]».(4)

ص: 230


1- في المصدر : ( ففيه أبيه (ابنه ك) نزلت وفينا)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- في المصدر: (فراخ)
4- تفسير القمي (ج 2 / ص 23 و 24)

التوحيد: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ [بْنِ أَحْمَدَ](1) بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ اَلْيَمَانِيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عزوجل خَلَقَ الْعَرْشَ أَرْبَاعاً...» وَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ : «وَ لَيْسَ بَعْدَ(2) هَذَا مَقَالٌ».(3)

الكشّي: عن جعفر بن معروف، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، مثل ما رواه علي بن إبراهيم إلى آخر الخبر.

وقال أيضاً: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، [عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ](4)، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ علیهما السلام ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ.(5)

الاختصاص : عن جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد، مثله.(6)

بيان: ... (في ابنه نزلت) لعلّ الظاهر : (ففي بنيه)، ويمكن أن يُراد به الجنس، أو أوَّل من خرج منهم، أي نزلت في المرابطة والانتظار الذي أمرنا به في دولة ذرّيَّته الملعونة، فقوله علیه السلام : «من نسله المرابط» على التهكُم، أو بزعمهم، فإنّهم كانوا يترقبون الدولة في زمن بني أُميَّة، أو المراد المرابطة اللغوية لا المذكورة في الآية، ويحتمل أن يكون المراد بالمرابط الخارج بالسيف، والمرابط من الأئمة

ص: 231


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- في المصدر: (وراء)
3- التوحيد (ص 324 - 326 باب 51/ ح 1)
4- ما بين المعقوفتين من المصدر
5- اختيار معرفة الرجال (ج 1 / ص 273 - 275/ ح 103 و 104)
6- الاختصاص (ص 71-73)

القائم علیه السلام، ومنهم أولهم أو كلُّهم...، والمراد ب_(الأفراخ) السادات الذين خرجوا وقتلوا، لأنّهم خرجوا في غير وقت الخروج، وعند استقرار دولة المخالفين...

بيانه في معنى: (إذا تقارب الزمان...)

بحار الأنوار (ج 58 / ص 172 و173/ ح 31):

مجالس ابن الشيخ : عَنْ وَالِدِهِ ، عَنِ ابْنِ فَخَلَدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ سَلَّامٍ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ : «إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكْذِبُ رُؤْيَا اَلمُؤْمِنِ(1)، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْياً أَصْدَقُهُمْ حَدِيثاً».(2)

بيان: هذه الرواية رواها من طُرُق المخالفين ، قال في النهاية : (فيه: «إذا تقارب الزمان - وفي رواية : اقترب الزمان - لم تكد رؤيا المؤمن تكذب»، أراد: اقتراب الساعة، وقيل: اعتدال الليل والنهار، وتكون الرؤي-ا في-ه صحيحة لاعتدال الزمان. واقترب : افتعل من القرب، وتقارب: تفاعل منه، ويقال للشيء إذا ولّى وأدبر تقارب، ومنه حديث المهدي : يتقارب الزمان حتّى تكون السنة كالشهر»)(3) انتهى ...

بيانه في معنى: (رأي المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة)ک

بحار الأنوار (ج 58 / ص 177 - 180 / ح 40):

الكافي: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ

ص: 232


1- في المصدر: (لم تكد رؤيا المؤمن تكذب)
2- انظر : أمالي الطوسى (ص 386 - 94/843)
3- النهاية لابن الأثير (ج 4 / ص 33)

سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «رَأْيُّ الْمُؤْمِنِ وَرُؤْيَاهُ فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ عَلَى سَبْعِينَ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ».(1)

بيان: لمَّا غيب الله تعالى في آخر الزمان عن الناس حجتهم، تفضّل عليهم وأعطاهم رأياً في استنباط الأحكام الشرعيَّة مما وصل إليهم من أئمتهم علیهم السلام ، ولا حجب عنهم الوحي وخزانه أعطاهم الرؤيا الصادقة أزيد مما كان لغيرهم، ليظهر عليهم بعض الحوادث قبل حدوثها. وقيل: إنَّما يكون هذا في زمان القائم علیه السلام ...

بيانه في معنى: (لأنَّه يُرجم)

بحار الأنوار (ج 60 / ص 234 و 235 / ح 74):

ومنه(2): في قَوْلِهِ تَعَالَى: «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ»[النحل: 98] ، قَالَ: «الرَّجِيمُ أَخْبَتُ الشَّيَاطِينِ».

فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ سُمِّيَ رَجِياً؟

قَالَ: «لِأَنَّهُ يُرْجَمُ».(3)

بيان: أي يُرجَم بالشُّهُب، أو باللعن، أو في زمن القائم علیه السلام

بيانه في معنى: (فهل ينقلب إذا رجم):

بحار الأنوار (ج 60 / ص 242 و 243/ ح 92):

العلل : عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الْخَلَبِيُّ. قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام : لِمَ سُمِّيَ الرَّجِيمُ رَجِيماً؟

قَالَ: «لِأَنَّهُ يُرْجَمُ».

ص: 233


1- الكافي (ج 8 / ص 90 / ح 58)
2- أي (تفسير علي بن إبراهيم القمي)
3- تفسير القمي (ج 1 / ص 390)

فَقُلْتُ: فَهَلْ يَنْقَلِبُ إِذَا رُحِمَ؟

قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ فِي الْعِلْم مَرْجُوماً».(1)

بیان قوله : (فهل ينقلب) أي يرجع إلى الحياة والبقاء بعد الرجم فقال علیه السلام: «لا»، والاستدراك لأنَّه توهم السائل أنَّ الرجم في هذه الأزمنة،

فرفع علیه السلام وهمه بأنَّه إنَّما يُسمّى الآن رجيماً لأنَّه في علم الله أنَّه يصير بعد ذلك رجيماً عند قيام القائم علیه السلام كما مرَّ في الخبر السابق(2)، ويحتمل أن يكون في الأصل: (فهل ينفلت)، وسيأتي في رواية العياشي ما يُؤيّده.(3)

بيانه في صحة أخذ العهد لأصحاب الكساء في عالم الذر ، وفي معنى: «وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً»

بحار الأنوار (ج 64 / ص 113 - 115/ ح 23):

الكافي : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ دَاوُدَ الْعِجْلِيُّ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيْثُ خَلَقَ الْخَلْقَ ، خَلَقَ مَاءً عَذْباً، وَمَاءً مَالِحاً أَجَاجاً، فَامْتَزَجَ المَاءَانِ، فَأَخَذَ طِيناً مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، فَعَرَكَهُ عَرْكَاً شَدِيداً، فَقَالَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَهُمْ كَالذَّرْ يَدِبُّونَ: إِلَى الْجَنَّةِ بِسَلَامٍ، وَقَالَ لِأَصْحَابِ الشَّمَالِ : إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي، ثُمَّ قَالَ: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هذا غافلينَ»[الأعراف: 172]. ثُمَّ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى النَّبِيِّينَ، فَقَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، وَأَنَّ هَذَا مُحَمَّدٌ رَسُولِي، وَأَنَّ هَذَا عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالُوا: بَلَى، فَثَبَتَتْ هُمُ النُّبُوَّةُ، وَأَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُولَى الْعَزْمِ: أَنَّنِي رَبُّكُمْ، وَمُحَمَّدٌ رَسُولِي، وَعَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ،

ص: 234


1- علل الشرائع (ج 2 / ص 526 / باب 306/ ح 1)
2- أي ما رواه تحت رقم (91)، عن معاني الأخبار (ص 139 / باب معنى الرجيم/ ح 1)
3- بحار الأنوار (ج 60 / ص 255 / ح 122)، عن تفسير العياشي (ج 2 / ص 270/ ح 68)

وَأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَلَاةُ أَمْرِي، وَخُزَانُ عِلْمِي، وَأَنَّ المَهْدِيَّ أَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِي، وَأَظْهِرُ بِهِ دَوْلَتِي، وَأَنْتَقِمُ بِهِ مِنْ أَعْدَائِي، وَأَعْبَدُ بِهِ طَوْعاً وَكَرْهاً، قَالُوا: أَقْرَرْنَا يَا رَبِّ وَشَهِدْنَا، وَلَمْ يَجْحَدْ آدَمُ وَلَمْ يُقِرَّ ، فَثَبَتَتِ الْعَزِيمَةٌ هَؤُلَاءِ اَلْخَمْسَةِ فِي المَهْدِيُّ، وَلَمْ يَكُنْ لِآدَمَ عَزْمٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عزوجل: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً»[ طه : 115]». قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ: (فَتَرَكَ)(1). ثُمَّ أَمَرَ نَاراً فَأُحِجَتْ، فَقَالَ لِأَصْحَابِ الشِّمَالِ : اُدْخُلُوهَا، فَهَابُوهَا، وَقَالَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ: ادْخُلُوهَا، فَدَخَلُوهَا، فَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْداً وَسَلَاماً، فَقَالَ أَصْحَابُ الشِّمَالِ: يَا رَبِّ أَقِلْنَا، فَقَالَ: قَدْ أَقَلْتُكُمْ اِذْهَبُوا فَادْخُلُوهَا ، فَهَابُوهَا، فَثَمَّ ثَبَتَتِ الطَّاعَةُ وَالْوَلَايَةُ وَالمَعْصِيَةُ».(2)

توضيح: ... قيل : ولما كانوا معهودين معلومين، جاز أن يشار إليهم بهؤلاء الخمسة مع عدم ذكرهم مفصَّلاً، وإنّما زاد في أخذ الميثاق على من زاد في رتبته وشرفه؛ لأنَّ التكليف إنّما يكون بقدر الفهم والاستعداد فكلما زاد زاد، وإنما يعرف مراتب الوجود من له حظ منها وبقدر حظه منها، وأما آدم فلما لم يعزم على الإقرار بالمهدي لم يُعدّ من أولي العزم، وإنما عزم على الإقرار بغيره من الأوصياء.

(إنَّما هو فترك) يعني معنى (فنسي) هنا ليس إلَّا (فترك)، ولعل السر في عدم عزمه ا على الإقرار بالمهدي استبعاده أن يكون لهذا النوع الإنساني اتفاق على أمر واحد، انتهى.

ص: 235


1- في هامش المصدر : (أي معنى النسيان هنا الترك، لأنَّ النسيان غير مجوز على الأنبياء الله ، أو كان في قراءتهم عليه : (فترك) مكان (فنسي)، ولعلَّ السِّرَّ في عدم عزم آدم على الإقرار بالمهدي استبعاده أن يكون لهذا النوع الإنساني اتفاق على أمر واحد)
2- الكافي (ج 2 / ص 8 باب آخر من طينة المؤمن والكافر/ ح 1)

وأقول: الظاهر أنَّ المراد بعدم العزم عدم الاهتمام به وبتذكُره، أو عدم التصديق اللساني، حيث لم يكن شيء من ذلك واجباً، لا عدم التصديق ب-ه مطلقاً، فإنَّه لا يناسب منصب النبوَّة، بل ولا ما هو أدون منه.

وقوله: (إنَّما هو فترك) أي معنى النسيان هنا الترك، لأنَّ النسيان غير مجوَّز على الأنبياء علیهم السلام ، أو كان في قرآنهم عليها : ( ترك) مكان (فنسي)، أو المعنى أنَّ العزم إِنَّما هو ما ذُكِرَ أي العزم على الإقرار المذكور فترك آدم علیه السلام، أو كان المطلوب الإقرار التام ولم يأتِ به، أو عزم أولاً ثم ترك، والأوّل كأَنَّه أظهر...

بيانه في معنى : (والذي يُحلف به لينتصرن الله بكم كما انتصر بالحجارة)

بحار الأنوار (ج 65 / ص 43 ح 87): بشارة المصطفى : عَنِ ابْنِ شَيْخ الطَّائِفَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المُفِيدِ، عَنِ الْجِعَابِيِّ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهُ ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ : سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام يَقُولُ: «بِنَا يُبْدَأُ الْبَلاءُ ثُمَّ بِكُمْ، وَبِنَا يُبْدَأُ الرَّخَاءُ ثُمَّ بِكُمْ، وَالَّذِي يُخْلَفُ بِهِ لَيَنْتَصِرَنَّ اللَّهُ بِكُمْ كَمَا انْتَصَرَ بِالْحِجَارَةِ».(1)

مجالس المفيد عن الجعابي، مثله.(2)

بيان: (والذي يُحلف به) أي بالله، أو بكلِّ شيء يُحلف به.

(لينتصرنَّ الله بكم) أي لينتقمنَّ الله من المخالفين بكم في زمن القائم علیه السلام كما انتقم بحجارة من سجيل من أصحاب الفيل. أو لكم كما انتقم لبيته من أصحاب الفيل، والتعبير عن البيت بالحجارة للإشارة إلى أنَّ المؤمن أشرف منه. والأوّل أظهر.

ص: 236


1- بشارة المصطفى (ص 27 و 28 / ح 11)
2- أمالي المفيد (ص 301/ ح 2)

بيانه في معنى:( يا مهزم ، شيعتنا من لا يعدو صوته سمعته ولا شحناؤه بدنه، ولا يمتدح بنا معلناً، ولا يجالس لنا عائباً ...)

بحار الأنوار (ج 65 / ص 180 - 186 / ح 39):

الكافي: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مِهْزَمٍ. وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْكَاهِلِيِّ. وَأَبِي(1) عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مِهْزَمِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا مِهْزَمُ، شِيعَتَنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ، وَلَا شَحْنَاؤُهُ بَدَنَهُ، وَلَا يَمْتَدَحُ بِنَا مُعْلِنَا، وَ لَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً، وَلَا يُخَاصِمُ لَنَا قَالِياً ، إِنْ لَقِيَ مُؤْمِناً أَكْرَمَهُ، وَإِنْ لَقِيَ جَاهِلاً هَجَرَهُ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلاَءِ المُتَشَيْعَةِ؟

قَالَ: «فِيهِمُ التَّمْيِيزُ، وَفِيهِمُ التَّبْدِيلُ ، وَفِيهِمُ التَّمْحِيضُ، تَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ، وَطَاعُونٌ يَقْتُلُهُمْ وَاخْتِلافٌ يُبَدِّدُهُمْ ، شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ، وَلَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ، وَلَا يَسْأَلُ عَدُوِّنَا وَإِنْ مَاتَ جُوعاً».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ؟

قَالَ: «فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ ، أُولَئِكَ اَلْخَفِيضُ عَيْشُهُمْ، اَلْمُنتَقِلَةُ دِيَارُهُمْ، إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا،وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَ مِنَ المَوْتِ لَا يَجْزَعُونَ،وَفِي الْقُبُورِیَتَزَاوَرُونَ، وَإِنْ جَا إِلَيْهِمْ ذُو حَاجَةٍ مِنْهُمْ رَحِمُوهُ، لَنْ تَخْتَلِفَ قُلُوبُهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفَ بِهِمُ الدَّارُ».

ثُمَّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: أَنَا المَدِينَةُ وَعَلِيٌّ الْبَابُ، وَكَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ المَدِينَةَ لَا مِنْ قِبَلِ الْبَابِ، وَكَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُ عَلِيّاً علیه السلام».(2)

ص: 237


1- ينبغي الالتفات إلى أنَّ هذا ليس طريقاً واحداً، بل ثلاثة
2- الكافي (ج 2/ 238 و 239 باب المؤمن وعلاماته وصفاته / ح 27)

تبيين ... أقول: فالكلام يحتمل وجوهاً:

الأوّل: أنْ يكون الظرف متعلقاً ب_(معلناً) كما في نظائره، والامتداح بمعنى المدح، أي لا يمدح معلناً لإمامتنا، فإنَّه لتركه التقية لا يستحق المدح.

الثاني: أن يكون الامتداح بمعنى التمدح كما في بعض النسخ، أي لا يطلب المدح ولا يمدح نفسه بسبب قوله بإمامتنا علانية، وذلك أيضاً لترك التقيَّة، وفيه إشعار بأنَّه ليس بشيعة لنا لتركه أمرنا ، بل يتكلَّف ذلك.

الثالث: أن تكون الباء زائدة، أي لا يمدحنا معلناً، وهو بعيد.

(لنا عائباً) الظرف متعلّق بقوله : (عائباً).

(ولا يخاصم لنا قالياً) أي مبغضاً لنا.

(وإن لقي جاهلاً) كأنَّ المراد به غير المؤمن الكامل، أي العالم العامل بقرينة المقابلة، فيشمل الجاهل والعالم غير العامل بعلمه، بل الهجران عنه أهمّ، وضرر مجالسته أتمّ.

(فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعة) أي الذين يدعون التشيع وليس لهم صفاته وعلاماته، والكلام يحتمل وجهين:

أحدهما : أنَّ المعنى : كيف أصنع بهم حتَّى يكونوا هكذا؟ فأجاب علیه السلام بأنَّ هذا ليس من شأنك، بل الله يُمحصهم ويُبدِّلهم.

والثاني: أنَّ المعنى ما أعتقد فيهم؟ فالجواب أنّهم ليسوا بشيعة لنا، والله تعالى يُصلحهم ويذهب بمن لا يقبل الصلاح منهم.

و(فيهم التمييز) ، قيل : كلمة (في) في المواضع للتعليل، والظرف خبر للمبتدأ، والتقديم للحصر.

واللّام في الثلاثة(1) للعهد إشارة إلى ما روي عن أمير المؤمنين حيث قال:

ص: 238


1- أي (التمييز والتبديل والتمحيص)

«لتُبَلْبُلَنَّ بلبلة، ولتُغَرْبَلُنَّ غربلة حتّى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم...» إلى آخر الخبر.(1)

وأقول: قد روي أيضاً عن أبي عبد الله علیه السلام : «ويل لطغاة العرب من أمر اقترب»، قلت: جعلت فداك، كم مع القائم من العرب؟ قال: «نفر يسير» قلت: والله إنَّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير، قال: «لا بد للناس من أن يُمحصوا ويُميَّزوا ويُغربلوا، ويُستخرج في الغربال خلق كثير».(2)

وذكر علیه السلام أموراً توجب خروجهم من الفرقة الناجية أو هلاكهم بالأعمال والأخلاق الشيعة في الدنيا والآخرة:

أحدها: التمييز بين الثابت الراسخ وغيره في المصباح: (يقال: (مزته ميزاً) من باب باع بمعنى عزلته وفصلته من غيره، والتثقيل مبالغة، وذلك يكون في المشتبهات نحو: «لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ»[الأنفال: 37]، وفي المختلطات نحو: «وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ»[يس: 59] ، وتمييز الشيء انفصاله من غيره).(3)

وثانيها: التبديل، أي تبديل حالهم بحال أخسّ، أو تبديلهم بقوم آخرين لا يكونون أمثالهم كما قال تعالى:«وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ»[محمد: 38].

وثالثها: التمحيص وهو الابتلاء والاختبار والتخليص، يقال: (محَّصت الذهب بالنار) إذا خلصته مما يشوبه.

ورابعها السنون وهي الجدب والقحط، قال الله تعالى: «وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ

ص: 239


1- الكافي (ج 1 / ص 369 / باب التمحيص والامتحان / ح 1)
2- الكافي (ج 1 / ص 370 / باب التمحيص والامتحان / ح 2)
3- راجع المصباح المنير (ج 2 / ص 587)

فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ»[الأعراف: 130]، والواحد السنة، وهي محذوفة اللّام، وفيها لغتان:

إحداهما: جعل اللام هاء والأصل سنهة، وتُجمع على سنهات، مثل سجدة وسجدات، وتُصغَر على سنيهة، وأرض سنهاء أصابتها السنة، وهي الجدب.

والثانية: جعلها واواً، والأصل سنوة، وتُجمع على سنوات، مثل شهوة وشهوات، وتُصفّر على سنية، وأرض سنواء أصابتها السنوة.

وتُجمع في اللغتين كجمع المذكر السالم أيضا، فيقال: سنون وسنين، وتُحذف النون للإضافة، وفي لغة تثبت الياء في الأحوال كلّها، [و] تُجعَل النون حرف إعراب تُنوَّن في التنكير ولا تُحذف مع الإضافة كأنها من أُصول الكلمة، وعلى هذه اللغة قوله صلی الله علیه و آله وسلم: «اللَّهُمَّ اجعلها عليهم سنيناً كسنين يوسف»)، كلُّ ذلك ذكرها في (المصباح).(1)

وخامسها: الطاعون، وهو الموت من الوباء.

وسادسها: اختلاف يُبددهم، أي اختلاف بالتدابر والتقاطع والتنازع يُبددهم ويُفرّقهم تفريقاً شديداً، تقول : (بدَّدتُ الشيء) من باب قتل إذا فرَّقته، والتثقيل مبالغة وتكثير، وقيل: (يأتي عليهم سنون)، إلى هنا دعاء عليهم، ولا يخفى بعده.

(لا يهرُّ هرير الكلب) أي لا يجزع عند المصائب، أو لا يصول على الناس بغير سبب كالكلب قال في (القاموس) : (هرَّ الكلب إليه يهر، أى بكسر الهاء هريراً، وهو صوته دون نباحه من قلة صبره على البرد، وقد هره البرد صوته كأهرَّه، وهرَّ يهر بالفتح ساء خُلْقه).(2)

ص: 240


1- راجع المصباح المنير (ج 1 / ص 292)
2- راجع القاموس المحيط (ج 2 / ص 160)

(ولا يطمع طمع الغراب) طمعه معروف يُضرب به المثل، فإنَّه يذهب إلى فراسخ كثيرة لطلب طعمته.

(وإن مات جوعاً) كأنَّه على المبالغة، أو محمول على إمكان سؤال غير العدو، وإلَّا فالظاهر أنَّ السؤال مطلقاً عند ظنَّ الموت من الجوع واجب، وقيل:

المراد به السؤال من غير عوض، وأمَّا معه كالاقتراض فالظاهر أنه جائز.

(فأين أطلب هؤلاء) أي لا أجد بين الناس من اتّصف بتلك الصفات قال: (في أطراف الأرض) ؛ لأنَّهم يهربون من المخالفين تقيَّةً، أو يستوحشون من الناس لاستيلاء حُبِّ الدنيا والجهل عليهم حذراً من أن يصيروا مثلهم.

وما قيل إنَّ (في) بمعنى (عند) كما قيل في قوله تعالى: «فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ»[التوبة: 38]، و (الأطراف) جمع طريف بمعنى النفيس، والمراد بهم العلماء، فلا يخفى بعده.

(أُولئك الخفيض عيشهم) أي هم خفيفو المؤنة، يكتفون من الدنيا بأقلها، فلا يتعبون في تحصيلها، وترك الملاذ أسهل من ارتكاب المشاق، في (القاموس): (الخفض الدعة، وعيش خافض، والسير اللين، وغضُ الصوت، وأرض خافضة السقيا: سهلة السقي، وخفّض القول يا فلان: لينه، والأمر: هوِّنه).(1)

(المنتقلة ديارهم) لفرارهم من شرار الناس من أرض إلى أرض، أو يختارون الغربة لطلب العلم.

(إنْ شهدوا لم يُعرَفوا) لعدم شهرتهم، وخمول ذكرهم بين الناس، وقيل: لاختيارهم الغربة لطلب العلم.

(وإن غابوا لم يُفتقدوا) أي لم يُطلبوا، لاستنكاف الناس عن صحبتهم، وعدم اعتنائهم بشأنهم ، وقيل : الغربتهم بينهم كما مر . وفي القاموس : (افتقده

ص: 241


1- راجع : القاموس المحيط (ج 2 / ص 329 و 330)

وتفقَّده طلبه عند غيبته، ومات غير فقيد ولا حميد، وغير مفقود: غير مكترث لفقدانه).(1)

(ومن الموت لا يجزعون)؛ لأنَّ أولياء الله يُحِبُّون الموت ويتمنونه، وقيل: (من) للتعليل، والظرف متعلّق بالنفي لا بالمنفي والتقديم للحصر، أي عدم جزعهم من أحوال الدنيا وأهلها وما يصيبه منهم من المكاره إنَّما هو لعلمهم بالموت والانتقام منهم بعده، ولا يخفى بعده.

(وفي القبور يتزاورون) أي إنَّهم لشدَّة التقيّة وتفرقهم قلما يمكنهم زيارة بعضهم لبعض، وإنَّما يتزاورون في عالم البرزخ لحسن حالهم ورفاهيتهم، أو أنهم مختفون من الناس لا يُزارون إلَّا بعد الموت، أو مساكنهم المقابر والمواضع الخربة في تلك المواطن يلقي بعضهم بعضاً ، وقيل : أي يزور أحياؤهم أمواتهم في المقابر، وقيل : القبور عبارة عن مواضع قوم ماتت قلوبهم لترك ذكر الله كما قال تعالى: «وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ»[فاطر: 22]، أي لا تمكنهم الزيارة في موضع تكون فيه جماعة من الضُّلال والجهال الذين هم بمنزلة الأموات والأوَّل أظهر .

(لن تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم الدار) أي هم على مذهب واحد وطريقة واحدة وإن تباعد بعضهم بعضها في الديار فإنَّهم تابعون لأئمة الحقِّ ولا اختلاف عندهم. وقيل: (أي قلب كلِّ واحدٍ منهم غير مختلف ولا متغير من حال إلى حال وإن اختلفت دياره ومنازله لأنسه بالله وعدم تعلقه بغيره فلا يستوحش بالوحدة والغربة واختلاف الديار لأنّ مقصوده وأنيسه واحد حاضر معه في الديار كلّها، بخلاف غيره لأن قلبه لما كان متعلقاً بغيره تعالى يأنس به إذا وجده ويستوحش إذا فقده)(2)، انتهى، ولا يخفى بعده.

ص: 242


1- القاموس المحيط (ج 1 / ص 323)
2- راجع شرح أُصول الكافي للمازندراني (ج 9/ ص 176)

(أنا المدينة) كأنَّ ذكر هذا الخبر لبيان علَّة اتفاق قلوبهم فإنَّهم عاملون بهذا الخبر، أو لبيان أنَّ تلك الصفات إنَّما تنفع إذا كانت مع الولاية، أو لبيان لزوم اختيار تلك الصفات فإنَّها من أخلاق مولى المؤمنين وهو باب مدينة الدين والعلم والحكمة فلا بدَّ لمن ادعى الدخول في الدِّين أنْ يتَّصف بها.

بيانه في معنى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ»

بحار الأنوار (ج 68/ ص 299 و 300/ ح 72):

الكافي: عَنْ عَلِيَّ، عَنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام فِي قَوْلِهِ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ، قَالَ: «یَعْنِي كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ».(1)

بيان: الآية في سورة النساء هكذا «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًاً»[النساء: 77]، وقال المفسرون: «قِيلَ لَهُمْ» أي بمكة، «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» أي أمسكوا عن قتال الكُفَّار فإنّي لم أُؤمر بقتالهم، «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ» بالمدينة خافوا من الناس وقتلهم إياهم، «كَخَشْيَةِ اللهِ» من عقابه «أَوْ أَشَدَّ»، «وَقَالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْ لَا أَخَرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» وهو أن نموت بآجالنا، وكذا في تفسير علي بن إبراهيم أيضاً.(2)

ص: 243


1- الكافي (ج 2 / ص 114 / باب الصمت وحفظ اللسان ح 8)
2- راجع تفسير القمي (ج 1 / ص 144)

وفي بعض الأخبار أنَّ ذلك أمر لشيعتنا بالتقية إلى زمان القائم علیه السلام كما قال الصادق علیه السلام : «أما ترضون أنْ تُقيموا الصلاة، وتُؤتوا الزكاة، وتكفّوا وتدخلوا الجنَّة؟».(1)

وعن الباقر علیه السلام : «أنتم والله أهل هذه الآية».(2)

وفي بعض الأخبار : «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» مع الحسن علیه السلام، «كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ» مع الحسين علیه السلام، «إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ» إلى خروج القائم، فإنَّ معه

لا الظفر(3)، فهذا الخبر إمَّا تفسير لظهر الآية كما ذكرناه أوَّلاً، أو لبطنها بتنزيل الآية على الشيعة في زمن التقيَّة، وهذا أنسب بكفّ الألسن تقيَّةً، فإنَّ أحوال أمير المؤمنين علیه السلام في أول أمره وآخره كان شبيهاً بأحوال الرسول في أوّل الأمر حين كونه بمكة وترك القتال لعدم الأعوان، وأمره في المدينة بالجهاد لوجود الأنصار، وكذا حال الحسن علیه السلام في الصلح والهدنة، وحال الحسين علیه السلام عند وجود الأنصار ظاهراً، وحال سائر الأئمة علیهم السلام في ترك القتال والتقيَّة مع حال القائم، فالآية وإن نزلت في حال الرسول فهي شاملة لتلك الأحوال أيضاً لمشابهتها لها، واشتراك العلل بينها وبينها.

وأمَّا تفسيره علیه السلام كفَّ الأيدي بكفّ الألسن على الوجهين يحتمل وجوهاً:

الأوّل: أنْ يكون المعنى أنَّ المراد بكفِّ الأيدي عن القتال الكفُّ عنها، ومما يوجب بسطها بسط الأيدي وهي الألسنة، فإنَّ مع عدم كف الألسنة ينتهي الأمر إلى القتال شاؤوا أم أبوا، فالنهي عن بسط الأيدي يستلزم النهي عن بسط الألسنة، فالنهي عن القتال في زمن الهدنة يستلزم الأمر بالتقيَّة.

ص: 244


1- الكافي (ج / ص 146 / ح 122)
2- الكافي (ج 8 / ص 289/ ح 434)
3- راجع: تفسير العياشي (ج 1 / ص 257 و 258 / ح 195)

الثاني: أن يكون المراد بكفّ الأيدي كفُّ الألسن إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، أو الملزوم على اللازم.

الثالث: أن يكون المراد بالأيدي في الآية الألسن لتشابههما في القوَّة وكونهما آلة المجادلة. وهذا أبعد الوجوه، كما أنَّ الأوّل أقربها .

بيانه في معنى: (ليُقوِّ شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثُوا سرنا، ولا تذيعوا أمرنا ...)

بحار الأنوار (ج 72 / ص 72 - 74/ ح 21):

الكافي: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَكَم، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَيْهِ جَمَاعَةً، فَقُلْنَا: يَا ابْنَ رَسُولِ الله، إِنَّا نُرِيدُ الْعِرَاقَ، فَأَوْصِنَا .

فَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : «ليُقَوِّ شَدِيدُكُمْ ضَعِيفَكُمْ، وَلْيَعُدْ غَنِيُّكُمْ عَلَى فَقِيرِكُمْ، وَلَا تَبْثُوا سِرَّنَا، وَلَا تُذِيعُوا أَمْرَنَا، وَإِذَا جَاءَكُمْ عَنَّا حَدِيثٌ فَوَجَدْتُمْ عَلَيْهِ شَاهِداً أَوْ شَاهِدَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَخُذُوا بِهِ، وَإِلَّا فَقِفُوا عِنْدَهُ، ثُمَّ رُدُّوهُ إِلَيْنَا، حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُنتَظِرَ هِذَا الْأَمْرِ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَمَنْ أَدْرَكَ قَائِمَنَا فَخَرَجَ مَعَهُ فَقَتَلَ عَدُونَا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ عِشْرِينَ شَهِيداً، وَمَنْ قُتِلَ مَعَ قَائِمِنَا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ شَهِيداً».(1)

بیان: (جماعة) منصوب على الحاليَّة، أي مجتمعين معاً.

(ليُقوِّ شديدكم) أي بالإغاثة والإعانة ورفع الظلم، أو بالتقوية في الدين ودفع الشُبَه عنه .

(وليعد) يقال: (عاد بمعروفه) من باب قال أي أفضل، والاسم العائدة وهي المعروف والصلة.

ص: 245


1- الكافي (ج 2 / ص 222/ باب الكتمان/ ح 4)

(ولا تبثُوا سرَّنا) أي الأحكام المخالفة لمذهب العامَّة عندهم.

(ولا تذيعوا أمرنا) أي أمر إمامتهم وخلافتهم وغرائب أحوالهم ومعجزاتهم عند المخالفين، بل الضعفة من المؤمنين؛ إذا(1) كانوا في زمان شديد، وكان الناس يُفتشون أحوالهم ويقتلون أشياعهم وأتباعهم. وأما إظهارها عند عقلاء الشيعة وأُمنائهم وأهل التسليم منهم، فأمر مطلوب كما مرّ.

(فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله) كأَنَّه محمول على ما إذا كان مخالفاً لما في أيديهم، أو على ما إذا لم يكن الراوي ثقة، أو يكون الغرض موافقته لعمومات الكتاب كما ذهب إليه الشيخ من عدم العمل بخبر الواحد إلَّا إذا كان موافقاً لفحوى الكتاب والسُّنَّة المتواترة على التفصيل الذي ذكره في صدر كتابي الحديث.(2)

(وإلَّا فقفوا) عنده أي لا تعملوا به ولا تردُّوه، بل توقفوا عنده ،اعنده حتّیٰ تسألوا عنه الإمام.

وقيل : المراد أنه إذا وصل إليكم منا حديث يلزمكم العمل به، فإن وجدتم عليه شاهداً من كتاب الله يكون لكم مفرا عند المخالفين إذا سألوكم عن دليله فخذوا المخالفين به وألزموهم وأسكتوهم ولا تتَّقوا منهم، وإن لم تجدوا شاهداً فقفوا عنده أي فاعملوا به سرًّا ولا تُظهروه عند المخالفين، ثمّ ردُّوه إلى العلم بالشاهد إليها أي سلونا عن الشاهد له من القرآن حتَّى نُخبركم بشاهده من القرآن فعند ذلك أظهروه لهم، ولا يخفى ما فيه.

(لهذا الأمر) أي لظهور دولة القائم علیه السلام.

ص: 246


1- كذا في البحار والصحيح: (إذ) كما في مرآة العقول
2- راجع: تهذيب الأحكام (ج 1 / ص 3؛ الاستبصار (ج 1 / ص 3 و 4)

بيانه في معنى: (فكأنَّ الأمر قد وصل إليكم)

بحار الأنوار (ج 2 / ص 77 - 79 / ح27)

الكافي: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَبَى وَأَمْسَكَ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ أَعْطَيْنَاكُمْ كُلَّمَا تُرِيدُونَ كَانَ شَرًّا لَكُمْ، وَأُخِذَ بِرَقَبَةٍ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «وَلَايَةَ اللَّه أَسَرَّهَا إِلَى جَبْرَئِيلَ، وَأَسَرَّهَا [جَبْرَئِيلُ](1) إِلَى مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم، وَأَسَرَّهَا مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله وسلم إِلَى عَليٍّ علیه السلام ، وَأَسَرَّهَا عَلِيٌّ [علیه السلام](2) إِلَى مَنْ شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أَنْتُمْ تُذِيعُونَ ذَلِكَ، مَنِ الَّذِي أَمْسَكَ حَرْفاً سَمِعَهُ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ: يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ مَالِكاً لِنَفْسِهِ، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ، عَارِفاً بِأَهْلِ زَمَانِهِ. فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُذِيعُوا حَدِيثَنَا، فَلَوْلَا أَنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنْ أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْتَقِمُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ، أَمَا رَأَيْتَ مَا صَنَعَ اللهُ بِآلِ بَرْمَكَ؟ وَمَا انْتَقَمَ اللَّهُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ علیه السلام؟ وَقَدْ كَانَ بَنُو اَلْأَشْعَثِ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، فَدَفَعَ اللهُ عَنْهُمْ بِوَلايَتِهِمْ لِأَبِي الْحَسَنِ [علیه السلام، وَ](3) أَنْتُمْ بِالْعِرَاقِ تَرَوْنَ أَعْمَالَ هَؤُلَاءِ الْفَرَاعِنَةِ، وَمَا أَمْهَلَ اللهُ هُمْ ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهُ، وَلَا تَغَرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، وَلَا تَغْتَرُّوا بِمَنْ قَدْ أُمْهِلَ لَهُ، فَكَأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكُمْ».(4)

تبيان: ... والحاصل أنه تعالى قد ينتقم لأوليائه من أعدائه، وقد يُمهلهم إتماماً للحجة عليهم، فاتَّقوا الله في الحالتين، ولا تذيعوا سرنا، ولا تغتروا بالدنيا وحبّها فيصير سبباً للإذاعة للأغراض الباطلة، أو للتوسل بالمخالفين لتحصيل الدنيا، أو باليأس عن الفرج استبطاءً.

ص: 247


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- ما بين المعقوفتين من المصدر
4- الكافي (ج 2: 224 و 225/ باب الكتمان/ ح 10)

(فكأنَّ الأمر قد وصل إليكم) بشارة بقرب ظهور أمر القائم علیه السلام، وبيان لتيقُّن وقوعه.

بيانه في معنى: (نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح ...)

بحار الأنوار( ج 2 / ص 83 و 84/ ح 33):

الكافي: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى جَمِيعاً، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ(1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانِ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «نَفَسُ المَهْمُومِ لَنَا الْمُعْتَمَّ لِظُلْمِنَا تَسْبِيحٌ، وَهَمُّهُ لِأَمْرِنَا عِبَادَةٌ، وَكِتْمَانُهُ لِسِرْنَا جِهَادُ فِي سَبيل الله».

قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ: أَكْتُبْ هَذَا بِالذَّهَبِ ، فَمَا كَتَبْتَ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْهُ.(2)

بيان: نفس المهموم (لنا) أي المتفكّر في أمرنا الطالب لفرجنا، أو المغتم لعدم وصوله إلينا.

(المغتم لظلمنا) أي لمظلوميّتنا.

(تسبيح) أي يُكتب لكلِّ نفس ثواب تسبيح.

(وهمُّه لأمرنا) أي اهتمامه بخروج قائمنا وسعيه في أسبابه ودعاؤه لذلك.

(عبادة) أي ثوابه ثواب المشتغل بالعبادة.

(وكتمانه لسرنا جهاد)؛ لأنه لا يحصل إلا بمجاهدة النفس.

(قال لي) هو كلام محمد بن مسلم.

(اكتب هذا بالذهب) أي بمائه، ولعله كناية عن شدة الاهتمام بحفظه

ص: 248


1- في الكافي: (سعيد)؛ وهو الصحيح كما جاء في ذيل الرواية
2- الكافي (ج 2 / ص 226 / باب المؤمن وعلاماته وصفاته/ ح 16)

والاعتناء به ونفاسته، ويحتمل الحقيقة، ولا منع منه إلا في القرآن كما سيأتي في كتابه.

(فما كتبت) بالخطاب، ويحتمل التكلُّم.

بيانه في معنى: (جعل الدِّين دولتين)

بحار الأنوار (ج 2 / ص 88 و 89/ ح 43):

الكافي: عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ اَلْكُوفِيِّينَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عزوجل جَعَلَ الدِّينَ دَوْلَتَيْنِ : دَوْلَةَ آدَمَ وَهِيَ دَوْلَةُ اللَّهِ ، وَدَوْلَةً إِبْلِيسَ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعْبَدَ عَلَانِيَةٌ كَانَتْ دَوْلَهُ آدَمَ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعْبَدَ فِي السِّرِّ كَانَتْ دَوْلَةٌ إِبْلِيسَ، وَالذِيعُ مَا أَرَادَ اللَّهُ سَتْرَهُ مَارِقٌ مِنَ الدِّينِ».(1)

بيان: (جعل الدِّين دولتين): قيل : المراد ب_(الدين) العبادة، و(دولتين) منصوب بنيابة ظرف الزمان والظرف مفعول ثان ل__(جعل)، والدولة نوبة ظهور حكومة حاكم عادلاً كان أو جائراً.

والمراد ب_(دولة آدم) دولة الحقِّ الظاهر الغالب كما كان لآدم علیه السلام زمانه، فإنَّه غلب على الشيطان وأظهر الحقَّ علانية، فكل دولة الحقِّ غالب ظاهر فهو دولة آدم، وهي دولة الحكومة التي رضي الله لعباده.

و(كانت) في الموضعين تامة، فإذا علم الله صلاح العباد في أن يعبدوه ظاهراً سبّب أسباب ظهور دولة الحقِّ فكانت كدولة آدم، وإذا علم صلاحهم في أنْ يعبدوه سرًا وتقيَّةً وكلهم إلى أنفسهم فاختاروا الدنيا، وغلب الباطل على الحقِّ، فمن أظهر الحقَّ وترك التقيَّة في دولة الباطل لم يرضَ بقضاء الله، وخالف

ص: 249


1- الكافي (ج 2 / ص 372 / باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق / ح 11)

أمر الله، وضيّع مصلحة الله التي اختارها لعباده، فهو (مارق) أي خارج عن الدين غير عامل بمقتضاه، أو خارج عن العبادة غير عامل بها، قال في (القاموس) :(مرق السهم من الرمية مروقاً : خرج من الجانب الآخر، والخوارج مارقة لخروجهم عن الدِّين).(1)

بيانه في معنى: (كلما تقارب هذا الأمر)

بحار الأنوار (ج 72 / ص 434 / ح 97):

الكافي: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالِ، عَنِ ابْنِ

بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كُلَّما تَقَارَبَ هَذَا الْأَمْرُ كَانَ أَشَدَّ لِلتَّقيَّة».(2)

بيان: (كلَّما تقارب هذا الأمر) أي خروج القائم علیه السلام.

بيانه في معنى: (والناس لا بد لبعضهم من بعض، ما داموا على هذه الحال حتى يكون ذلك):

بحار الأنوار (ج 78 / ص 264 و 265/ ح 21):

مجالس المفيد: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ عَلِيٌّ ابْنِ حَدِيدٍ، عَنْ مُرَازِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمَا): «عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي المَسَاجِدِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ لِلنَّاسِ، وَإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، وَحُضُورِ اَلْجُنَائِزِ ، إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ النَّاسِ، إِنَّ أَحَداً لَا يَسْتَغْنِي عَنِ النَّاسِ

ص: 250


1- القاموس المحيط (ج 3 / ص 282)
2- الكافي (ج 2 / ص 220/ باب التقية/ ح 17)

بِجَنَازَتِهِ(1)، فَأَمَّا نَحْنُ نَأْتِي جَنَائِزَهُمْ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَصْنَعُوا مِثْلَ مَا يَصْنَعُ مَنْ تَأْتَتُونَ بِهِ وَالنَّاسُ لاَ بُدَّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضِ، مَا دَامُوا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ حَتَّىٰ يَكُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى أَهْلِ أَهْوَائِهِمْ».

ثُمَّ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الصَّلاَةِ، وَاعْمَلُوا لآخِرَتِكُمْ، وَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّ اَلرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ كَيْساً فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، فَيُقَالُ: مَا أَكْيَسَ فُلاناً؟ إِنَّمَا اَلْكَيْسُ كَيْسُ اَلْآخِرَةِ».(2)

بيان: (حتى يكون ذلك)، أي ظهور دولة الحقِّ، وقيام القائم علیه السلام.

بيانه في معنى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ» و«لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ»

بحار الأنوار (ج 80/ ص 339 - 341):

[8] (باب) (فضل المساجد وأحكامها وآدابها ... تفسير: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ»[البقرة: 114]، في تَفْسِيرِ الْعَسْكَرِيّ علیه السلام : «هِي مَسَاجِدُ خِيَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَكَّةَ ، مَنَعُوهُمْ عَنِ التَّعَبُّدِ فِيهَا بِأَنْ أَلْجُئُوا رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم إلى الخروج عَنْ مَكَّةَ».(3)

وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ عَنِ الصَّادِقِ ععلیه السلام أَنَّهُمْ قُرَيْشُ حِينَ مَنَعُوا رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم دُخُولَ مَكَّةَ وَالمَسْجِدِ الْحَرَامِ.(4)

وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلَيٍّ علیه السلام أَنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ الْأَرْضِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم: جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً».(5)

ص: 251


1- في المصدر: (حياته)
2- أمالي المفيد (ص 185 و 186 / ح 12)
3- تفسير الإمام العسكري (ص 560)
4- تفسير القمي (ج 1 / ص 58)
5- تفسير مجمع البيان (ج 1 / ص 355 و 356)

أقول: اللفظ يقتضي العموم في المسجد والمانع والذكر.

«وَسَعَى فِي خَرابِهَا» : أي في خراب تلك المساجد، لئلَّا تُعمر بطاعة الله .

«أُولئِكَ مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ»: في تفسير الإمام علیه السلام(1) أَنَّه وعد للمؤمنين بالنصرة، واستخلاص المساجد منهم، وقد أنجز وعده بفتح مكة لمؤمني ذلك العصر، وسيُنجزه لعامة المؤمنين حين ظهور القائم علیه السلام .

وقيل: المعنى : كان حقهم بحسب حالهم أن لا يدخلوها إلا خائفين من المؤمنين، فكيف جاز لهم أن يمنعوا المؤمنين.

وقيل: إلَّا خائفين من أنْ ينزل عليهم عذاب، لاستحقاقهم ذلك.

وقيل: ما كان لهم أن يدخلوها إلَّا بخشية وخضوع فضلاً عن أن يجترؤا على تخريبها، فيستفاد منها استحباب دخولها بالخضوع والخشوع والخشية من الله تعالى، كما هو حال العبد الواقف بين يدي سيِّده.

وقيل: معناه النهي عن تمكينهم من الدخول في المساجد.

وروى العيَّاشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى: (يَعْنِي لَا يَقْبَلُونَ الْإِيمَانَ إِلَّا وَالسَّيْفُ عَلَى رُوسِهِمْ).(2)

«لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ» قتل وسبي، أو ذلَّة بضرب الجزية، وقيل: أي بعد قيام القائم، والأولى التعميم بكلِّ ما يصير سبباً لمذلّتهم في الدنيا.

أقول: تدلّ الآية بعمومها على عدم جواز منع ما يُذكر الله به من الصلوات والدعوات وتلاوة القرآن ونشر العلوم الدينيَّة وأمثالها في المساجد، وحرمة السعي في خرابها الصوري بهدمها ، وإدخالها في الملك وغير ذلك، بل تعطيلها، وكل ما يوجب ذهاب رونقها وإحداث البدع فيها، وكل ما ينافي وضعها وحصول الذكر فيها...

ص: 252


1- راجع تفسير الإمام العسكري (ص 554 - 558 / ح 329)
2- تفسير العياشي (ج 1 / ص 56/ ح 79)

بيانه في معنى: (وعليك بهذا المسجد يعني مسجد الكوفة، فإنَّه أحد المساجد الأربعة...)

بحار الأنوار (ج 80 / ص 359 و 360 / ح 12):

كتاب الغارات : عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ وَمِيثَمِ التَّمارِ، قَالَا: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ علیه السلام فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ تَزَوَّدْتُ زَاداً وَابْتَعْتُ رَاحِلَةً وَقَضَيْتُ شَأْنِي - يَعْنِي حَوَائِجِي - فَأَرْتَحِلُ إِلَى بَيْتِ الْمُقْدِسِ؟

فَقَالَ لَهُ: «كُلْ زَادَكَ، وَبِعْ رَاحِلَتَكَ، وَعَلَيْكَ بِهَذَا المَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْكُوفَةِ ، فَإِنَّهُ أَحَدُ المَسَاجِدِ الْأَرْبَعَةِ رَكْعَتَانِ فِيهِ تَعْدِلُ عَشْراً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِدِ الْبَرَكَةُ مِنْهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً مِنْ حَيْثُ مَا أَتَيْتَهُ، وَقَدْ تُرِكَ مِنْ أُسهِ أَلْفُ ذِرَاعٍ، وَفِي زَاوِيَتِهِ فَارَ التَّنُّورُ، وَعِنْدَ الْأَسْطُوَانَةِ الْخَامِسَةِ صَلَّى إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ علیه السلام ، وَقَدْ صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍّ وَأَلْفُ وَصِيٍّ، وَفِيهِ عَصَا مُوسَى، وَشَجَرَةُ يَقْطِينٍ، وَفِيهِ هَلَكَ يَغُوتُ وَيَعُوقُ، وَهُوَ الْفَارُوقُ، وَمِنْهُ يَسِيرُ جَبَلُ الْأَهْوَازِ، وَفِيهِ مُصَلَّى نُوحٍ علیه السلام ، وَيُحْشَرُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُونَ أَلْفاً لَا عَلَيْهِمْ حِسَابٌ وَلَا عَذَابٌ، وَوَسَطُهُ عَلَى رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَفِيهِ ثَلَاثُ أَعْيُنٍ يَزْهَرْنَ ، [أَنْبَتَتْ بِالضَّغْثِ](1) ، تُذْهِبُ الرِّجْسَ ، وَتُطَهِّرُ الْمُؤْمِنِينَ: عَيْنٌ مِنْ لَبَنِ، وَعَيْنٌ مِنْ دُهْنِ، وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ، جَانِبُهُ الْأَيْمَنُ ذِكْرٌ وَجَانِبُهُ الْأَيْسَرُ مَكْرُ، لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِيهِ لَأَتَوْهُ وَلَوْ حَبْواً».(2)

بيان: (فيما سواه) أي من المساجد المباركة كمسجد الأقصى ومسجد السهلة فلا ينافي الألف أو الاختلاف باعتبار اختلاف الصلوات والمصلِّين

ص: 253


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- الغارات (ج 2 / ص 413 - 415)

ولعلّ التخصيص بالألف لكونهم من أعاظم الأنبياء والأوصياء، أو هم الذين صلُّوا فيه ظاهراً بحيث اطلع عليه الناس وشاهدوهم وأما سائرهم علیهم السلام فصلُّوا

فيه كما صلّى فيه نبينا صلی الله علیه و آله وسلم.

ولعلّ المراد بكون عصا موسى علیه السلام فيه كونها مدفونة فيه في الأزمان السالفة، حتّى وصل إلى أئمتنا علیهم السلام ، لئلا ينا في الأخبار التي مضت في كتاب الإمامة أنَّها عندهم علیهم السلام مع سائر آثار الأنبياء(1). ويحتمل أن تكون مودعة هناك، وهي تحت أيديهم كلما أرادوا أخذوها.

وأمَّا شجرة يقطين فيمكن أن يكون هناك منبتها؛ إذ يظهر من بعض الأخبار أنه خرج من الفرات.

(ويسير جبل أهواز ) لم أرَه في غير هذا الخبر .

قوله: (ويُحشر منه) أي من جنبه يعني الغري كما صرح به في غيره.(2)

والظاهر أنَّ الأعين يظهرن في زمن القائم علیه السلام.

وكون جانبه الأيسر مكراً لأنَّ فيه كانت منازل الخلفاء والظلمة، كما قال الصدوق في الفقيه : (يعني منازل الشياطين).(3)

وقال في (النهاية): (الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه أو أُسته).(4)

ص: 254


1- راجع بحار الأنوار (ج 26 / ص 201 / باب ما عندهم من سلاح رسول الله / وآثار الأنبياء صلوات الله عليهم)
2- راجع بحار الأنوار (ج 7 / ص /116 / ح 53) ، عن تهذيب الأحكام (ج 6 / ص 37 و 38 / ح 20/76)
3- من لا يحضره الفقيه (ج 1 / ص 231/ ذيل الحديث 693)
4- النهاية لابن الأثير (ج 1 / ص 336)

بيانه في معنى : (صلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد)

بحار الأنوار (ج 80 / ص 377 - 379 ح 45):

جامع الأخبار : ... وَقَالَ علیه السلام(1): «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ المَسَاجِدِ».(2)

بيان سيأتي فضل المساجد المخصوصة في كتاب المزار وكتاب الحج(3)، ولنشر هنا إلى بعض الفوائد: ....

الرابعة: الظاهر أنَّ تلك الفضيلة في المسجدين مختصة بما كان في عهد الرسول، وأما ما زيد فيهما في زمن خلفاء الجور فكسائر المساجد، بل يمكن المناقشة في كونها مسجداً أيضاً لما ورد في كثير من الأخبار أنَّ القائم علیه السلام يردُّها إلى أربابها(4)، وذهب بعض الأصحاب إلى التعميم، وهو بعيد...

بيانه في معنى: (إنَّ الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف):

بحار الأنوار (ج 2 / ص 65 و 66 / ح 55):

الخصال: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَا جِيلَوَيْهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَلْاشِمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «أَتَانِي آتٍ مِنَ الله فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ [عزوجل](5) يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ اَلْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ.

ص: 255


1- أي (أبو عبد الله الصادق علا)
2- جامع الأخبار (ص 178 / ح 16/430)
3- بحار الأنوار (ج 96 / ص 76 / باب فضل مكة وأسمائها، وص 379 / باب مسجد النبي بالمدينة، وج 97 / ص /385 / باب فضل الكوفة ومسجدها ...)
4- راجع : بحار الأنوار (ج 52 / ص 333 / ح 61) ، عن الغيبة للطوسي (ص 475 / ح 498)
5- ما بين المعقوفتين من المصدر ؛ وكذلك المورد التالي

فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، وَسِّعْ عَلَى أُمَّتِي.

فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ [عزوجل] يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ».(1)

بيان الخبر ضعيف، ومخالف للأخبار الكثيرة كما ستأتي، وحملوه على القراءات السبعة، ولا يخفى بعده، لحدوثها بعده صلی الله علیه و آله وسلم، وسنشبع القول في ذلك في كتاب القرآن إن شاء الله ، ولا ريب في أنَّه يجوز لنا الآن أن نقرأ موافقاً لقراءاتهم المشهورة كما دلت عليه الأخبار المستفيضة إلى أن يظهر القائم علیه السلام، ويُظهر لنا القرآن على حرف واحد، وقراءة واحدة، رزقنا الله تعالى إدراك ذلك الزمان.

بيانه في معنى: (ابتغاء اليوم الذي عندك)

بحار الأنوار (ج 2 / ص 256 و 257/ ح 2):

أقول: زَادَ الْكَفْعَمِيُّ فِي الْقُنُوتِ الثَّانِي لِلْعَسْكَرِيّ علیه السلام بَعْدَ قَوْلِهِ: «وَتَحْكُمُ مَا تُرِيدُ» زِيَادَةٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ فِي (الْمِصْبَاحِ الْكَبِيرِ) عِنْدَ ذِكْرِ أَدْعِيَةِ قُنُوتِ الْوَتْرِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُزَادَ الدُّعَاءُ فِي الْوَتْرِ، وَذَكَرَ الْقُنُوتَ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَهِيَ هَذِهِ: «... اَللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا قَائِمينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بِأَحْكَامكَ، حَتَّی تُسْقِطَ عَنَّا مُونَ المَعَاصي.

وَاقْمَع اَلْأَهْوَاءَ أَنْ تَكُونَ مُسَاوَرَةً(2) ، وَهَبْ لَنَا وَطْءَ آثَارِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَاللُّحُوقَ بهِمْ، حَتَّى نَرْفَعَ للدِّينُ أَعْلَامَهُ اِبْتِغَاءَ الْيَوْم الَّذِي عِنْدَكَ، اَللَّهُمَّ فَمُنَّ عَلَيْنَا بِوَطْءِ آثَارِ سَلَفِنَا، وَاجْعَلْنَا خَيْرَ فَرَطٍ مِن اثْتَمَّ بِنَا، فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَذَلِكَ عَلَيْكَ سَهْلْ يَسِيرٌ، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سِيَّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ الْأَبْرَارِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً».(3)

بيان : ... «ابْتِغَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي عِنْدَكَ» أي يوم ظهور دولة القائم علیه السلام.

ص: 256


1- الخصال (ص 358 / ح 44)
2- في المصدر: (مشاورة)
3- مصباح المتهجد (ص 156 - 163 / ح 46/250)

بيانه في معنى: (يُحيي ويميت، ويُميت ويُحيي)

بحار الأنوار (ج 3 / ص 96 - 101/ ح 5):

فلاح السائل: ... وَمِمَّا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِي، بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ مِنْ كِتَابِ (الْكَافِي)، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُضَ رُكْبَتَيْهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَفِي المَغْرِبِ مِثْلَهَا ، لَمْ يَلْقَ اللَّهُ وَ عَبْدٌ بِعَمَلِ أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْل عَمَلِهِ»(1) ...

بيان: ... «يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي» الإحياء الأوّل في الدنيا، وكذا الإماتة أوَّلاً ، والإماتة الثانية في القبر، فتدلَّ ضمناً على إحياء آخر، ولما كانت مدَّة تلك الحياة قليلة لم يذكرها صريحاً، والإحياء ثانياً في الآخرة، ولم يذكر الإحياء والإماتة في الرجعة لعدم عمومها وشمولهما لكلِّ أحد. مع أنه يحتمل أن تكون الإماتة الثانية إشارة إليه. ولا يبعد أن يكون المراد بكل من الفقرتين جنس الإماتة والإحياء، والتكرير لبيان استمرارهما وكثرتهما...

بيانه في معنى (ويرجو أيامك):

بحار الأنوار (ج 83/ ص 143 - 145/ ح 27):

مصباح الشيخ والاختيار : ثُمَّ يَقُولُ: «... اَللَّهُمَّ لَا تَحْضُرْ عَلَيَّ رِزْقِي، وَلَا تَجْعَلْنِي مُحَارَفاً، وَاجْعَلْنِي مَنْ يَخَافُ مَقَامَكَ ، وَيَخَافُ وَعِيدَكَ، وَيَرْجُو لِقَاءَكَ،

ص: 257


1- فلاح السائل (ص 231)، عن الكافي (ج 2 / ص 518 / باب من قال لا إله إلَّا الله .../ ح 2)

وَيَرْجُوا أَیَّامَكَ، وَاجْعَلْني أَتُوبُ إِلَيْكَ تَوْبَةً نَصُم حاً، وَارْزُقْنِي عَمَلاً مُتَقَبَّلاً [وَعَمَلاً](1) نَجِيحاً، وَسَعْياً مَشْكُوراً، وَتِجارَةً لَنْ تَبُورَ».(2)

بيان ... «وَيَرْجُو أَيَّامَكَ» أي الأيام التي وعدت المحسنين فيها الراحة والخير والمثوبة كأيام القائم علیه السلام كما ورد في الخبر، ويوم دخول الجنَّة، أو نِعَمك

ما كما روي عن الصادق علیه السلام في قوله تعالى: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ»[إبراهيم: 5] أنَّ المراد بها نِعَم الله(3) ...

بيانه في دعاء الإمام زين العابدين علیه السلام في سجدة الشكر

بحار الأنوار (ج 3 / ص 238 و 239/ ح 61):

دلائل الإمامة للطبري: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَلِيِّ المُطَّلِبِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ اَلسَّمُرِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ [بْنِ عَلِيِّ](4) بْنِ أَحْمَدَ المَحْمُودِيِّ، عَنِ الْقَائِم علیه السلام ، قَالَ : كَانَ يَقُولُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ علیه السلام عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ : يَا كَرِيمُ مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ يَا كَرِيمُ فَقِيرُكَ زَائِرُكَ، حَقِيرُكَ بِبَابِكَ، يَا كَرِيمُ».(5)

بيان: لعلّ هذا الدعاء لسجدة الشكر بعد صلاة الطواف، أو لمطلق الصلاة فى هذا المكان المناسبة لفظ الدعاء؛ ولأنَّه علیه السلام قال ذلك لجماعة من

الطالبين له بعد فراغه من الطواف عند الكعبة.

ص: 258


1- ما بين المعقوفتين من المصباح
2- مصباح المتهجد (ص 207 و 208 / ح 302 / 40) ؛ اختيار المصباح الكبير لابن الباقي (ج 1/ ص 300)
3- بحار الأنوار (ج 68 / ص 53 / ح 79) عن تفسير العياشي (ج 2 / ص 222 / ح 2)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
5- راجع: دلائل الإمامة (ص 537 - 539 / 125/521)

بيانه في معنى الدعاء: (والمسلمون فيه مجتمعون في أقطار أرضك...)

بحار الأنوار (ج 86 / ص 218 - 221/ ح 65):

الصحيفة السجاديَّة: وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ علیه السلام فِي يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ:«اللَّهُمَّ هَذَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ مَيْمُونٌ، وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطَارِ أَرْضِكَ، يَشْهَدُ السَّائِلُ مِنْهُمْ وَالطَّالِبُ وَالرَّاغِبُ وَالرَّاهِبُ ...».

إِلَى قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا المَقَامَ خُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ، وَمَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا، قَدِ ابْتَرُّوهَا وَأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ ...».

إِلَى قَوْلِهِ: حَتَّى عَادَ صِفْوَتُكَ وَخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا، وَكِتَابَكَ مَنْبُوذا...».

إِلَى قَوْلِهِ علیه السلام : «وَعَجِّلِ الْفَرَجَ وَالرَّوْحَ وَالنُّصْرَةَ وَالتَّمْكِينَ وَالتَّأْبِيدَ لَهُمْ...» إِلَى آخِرِ الدُّعَاءِ.(1)

بيان: لا يخفى على العارف بأساليب البلاغة أنَّ هذا الدعاء يدلُّ على مطلوبية اجتماع المؤمنين في الجمعة والأعياد للصلاة والدعاء، والسؤال والرغبة، وبثَّ الحوائج في جميع الأحوال والأزمان، لأنَّه معلوم أنَّ أدعية الصحيفة الشريفة ممَّا أملاها علیه السلام لتقرأها الشيعة إلى آخر الدهر ، وهي كالقرآن المجيد من البركات المستمرة إلى يوم الوعيد.

ووجه الدلالة أنه ذكر في وصف اليوم وبيان فضله أنَّ المسلمين يجتمعون في أقطار الأرض، ومعلوم أنّ اجتماعهم كان لصلاة الجمعة والعيد، ولم يكونوا مأذونين منه علیه السلام لغاية خوفه واختفائه، وكذا الأزمان بعده إلى زمان القائم فلا بدَّ من مصداق لهذا الاجتماع في زمانه علیه السلام وأكثر الأزمان بعده، حتّى يحسن تعليمهم مثل هذا الدعاء.

ص: 259


1- الصحيفة السجادية (ص 234 - 242 / الرقم 48)

ولمَّا كان في البلاد الذي كان فيه حاضراً فارغاً لم يجز لغيره التقدم عليه أشار إلى خصوص هذا المقام فقال علیه السلام: «إِنَّ هَذَا المَقَامَ لِخُلَفَائِكَ» وشكى إلى الله سبحانه ذلك، أو أنَّه لما كان من الحكم العظيمة للجمعات والأعياد ظهور دولتهم علیهم السلام و تمكنهم ، وأمرهم ونهيهم، وإرشادهم، وكان في تلك الأزمان الأمر بعكس ذلك تظهر فيها دولة المتغلبين والغاصبين، وتقوى فيه-ا ب-دعهم وإضلالهم، فأشار بتلك المناسبة إلى الخلافة الكبرى التي ادعوها وابتزوها

وغصبوها.

فإن قيل: ذكر اجتماعهم لا يدلّ على رجحان، بل هو بيان لأمر واقعي.

قلنا: معلوم من سياق الكلام حيث ذكر لبيان كرامة اليوم وشرافته، ولتمهيد الدعاء وإدخال نفسه المقدَّسة في جملتهم إمَّا تواضعاً أو تعليماً أنَّه في مقام التحسين والتجويز ، ولو كان اجتماعهم كذلك بدعةً وحراماً لكان مثل أن يقول أحد: (اللَّهُمَّ إِنَّ هذا يوم مبارك يجتمع فيه الناس في أقطار الأرض لشرب الخمور وضرب الدفوف والمعازف واللعب بالقمار والملاهي، ويطلبون حوائجهم فأسألك أن تُوفّر حظي ونصيبي منه).

والعجب أنَّ جماعة من المانعين استدلوا بالعبارة الأخيرة على عدم وجوب صلاة الجمعة في أزمنة الغيبة، بل بعضهم على حرمتها، حيث قالوا هذا المقام إشارة إلى إمامة الجمعة والعيد والخطبة، وقوله: «لِخُلَفَائِكَ» يدلّ على الاختصاص بهم، وكذا قوله: «[قد] اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا»، وقوله: «قَدِ ابْتَرُّوهَا»، فإنَّ الابتزاز هو الاستلاب والأخذ قهراً...

ص: 260

بيانه في معنى: (الذي جعله الله عيداً لأوليائه المطهرين من الدنس...، المكرورين مع أوليائه)

بحار الأنوار (ج 86 / ص 331 - 333/ ح 5):

جمال الأسبوع: ... وَمِنْهُ(1): قَالَ حَدَّثَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْجُوْهَرِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ [أَبُو عِيسَى](2) يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ لِي الْعَالِمُ علیه السلام : «يَا مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ، هَلْ دَعَوْتَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِالْوَاجِبِ مِنَ الدُّعَاءِ؟»، وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ، يَا مَوْلَايَ؟

قَالَ: «تَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْيَوْمُ الجديدُ المُتَبَارَكُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ عَيداً لِأَوْلِيائِهِ المُطَهَّرينَ مِنَ الدَّنَسِ الْخارِجِينَ مِنَ الْبَلْوَى المَكْرورينَ مَعَ أَوْلِيائِهِ ، المُصَفِّينَ مِنَ الْعِكَرِ، اَلْباذِلِينَ أَنْفُسَهُمْ فِي مَحَبَّةِ أَوْلِياءِ الرَّحْمَنِ تَسْلِيماً ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكُم سَلَامَاً دَائِماً أَبَداً ...».(3)

بيان لعلَّ المرادب (الأولياء) أولاً الشيعة، أو خواصهم.

و (الدنس) سوء العقايد.

و (البلوى) الافتتان.

و (الكرُّ) الرجوع ، يقال : كرَّه وكرّ بنفسه يتعدى ولا يتعدّى، وهو إشارة إلى الرجعة...

ص: 261


1- أي (كتاب جامع الدعوات)
2- ما بين المعقوفتين من المصدر
3- جمال الأسبوع (ص 152 و 153)

بيانه في معنى: (كوفان كوفان يرد أولها على آخرها)

بحار الأنوار (ج 97/ ص 231/ ح 21):

فرحة الغري: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ فِي كِتَابِ (فَضْلِ الْكُوفَةِ) بِإِسْنَادِ رَفَعَهُ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ أَبِي الْجُنُوبِ، قَالَ: اشْتَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام مَا بَيْنَ الْخَوَرْنَقِ إِلَى الْحِيرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ - وَفِي حَدِيثٍ: مَا بَيْنَ النَّجَفِ إِلَى الْحِيرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ - مِنَ الدَّهَاقِينِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَم وَأَشْهَدَ عَلَى شِرَائِهِ.

قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَشْتَرِي [هَذَا](1) بِهَذَا المَالِ وَلَيْسَ يَنْبُتُ حَظًّا(2)؟

فَقَالَ: «سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم يَقُولُ: كُوفَانَ [كُوفَانَ] يُرَدُّ أَوَّهُا عَلَى آخِرِهَا، يُحْشَرُ مِنْ ظَهْرِهَا سَبْعُونَ أَلْفَاً يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَاشْتَهَيْتُ أَنْ يُحْشَرُوا مِنْ مِلْكِي».(3)

بیان: (يرد أوَّلها على آخرها) بالتشديد على بناء المجهول كناية عن انتظامها وعمارتها، أو إشارة إلى الرجعة فإنَّ أوائل هذه الأُمَّة الذين دفنوا فيها يردون إلى أواخرهم، وهم القائم علیه السلام وأصحابه. أو بالتخفيف على بناء المعلوم بهذا المعنى الأخير ويحتمل على التقديرين أن يكون كناية عن خرابها وحدوث الفتن فيها .

بيانه في معنى : (ولا تذهب الأيام حتى ينصب الحجر الأسود فيه):

بحار الأنوار (ج 97 / ص 389 و 390/ ح 14):

أمالي الصدوق: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ المَعْرُوفِ

ص: 262


1- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر؛ وكذلك المورد التالي
2- في المصدر : (قط) بدل (حظّا)
3- فرحة الغري (ص 58/ ح 5)

العلامة محمد باقر المجلسي الله بِابْنِ التَبَانِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الْمُقْرِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاهِرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ طَرِيفِ، عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ ، قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ حَوْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ إِذْ قَالَ: «يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، لَقَدْ حَبَاكُمُ اللهُ عزوجل بِمَا لَمْ يَحْبُ بِهِ أَحَداً، فَضَّلَ مُصَلَّاكُمْ وَهُوَ بَيْتُ آدَمَ، وَبَيْتُ نُوحٍ، وَبَيْتُ إِدْرِيسَ، وَمُصَلَّى إِبْرَاهِيمَ اَلخَلِيلِ، وَمُصَلَّى أَخِي الخَضِرِ علیهم السلام ، وَمُصَلَّايَ، وَإِنَّ مَسْجِدَكُمْ هَذَا أَحَدُ الْأَرْبَعِ المَسَاجِدِ الَّتِي اِخْتَارَهَا اللَّهُ عزوجل لِأَهْلِهَا، وَكَأَنِّي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي تَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ شَبِيةٌ بِالْمُحْرِمِ يَشْفَعُ لِأَهْلِهِ وَلَنْ صَلَّى فِيهِ، فَلَا تُرَدُّ شَفَاعَتُهُ، وَلَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ حَتَّى يُنْصَبَ الحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِيهِ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ زَمَانٌ يَكُونُ مُصَلَّى المَهْدِيِّ مِنْ وُلْدِي وَمُصَلَّى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَلَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ إِلَّا كَانَ بِهِ أَوْ حَنَّ قَلْبُهُ إِلَيْهِ، فَلَا تَهْجُرُنَّ (1)، وَتَقَرَّبُوا إِلَى الله عزوجل بِالصَّلاَةِ فِيهِ، وَارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ، فَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِيهِ مِنَ الْبَرَكَةِ لَأَتَوْهُ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَلَوْ حَبْوا عَلَى الثَّلْجِ».(2)

بيان: نصب الحجر الأسود فيه كان في زمن القرامطة حيث خرَّبوا الكعبة

ونقلوا الحجر إلى مسجد الكوفة ثمّ ردُّوه إلى موضعه ونصبه القائم علیه السلام بحيث لم يعرفه الناس كما مرَّ ذكره في كتاب الغيبة.(3)

وقال الجزري: (فيه): «لو يعلمون ما في العشاء والفجر لأتوهما ولو حبواً»، الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه أو أسته).(4)

ص: 263


1- في المصدر: (فلا تهجروه)
2- أمالي الصدوق (ص 298 / 8/334)
3- بحار الأنوار (ج 52 / ص 58 و 59 / ح 41) ، عن الخرائج والجرائح (ج 1 / ص 475 - 478 / ح 18)
4- النهاية لابن الأثير (ج 1 / ص 336)

بيانه في ما ورد في مسجد السهلة: (وفيه المعراج، وهو الفاروق الأعظم موضع منه...)

بحار الأنوار (ج 97 / ص 436 و 437/ ح):

كامل الزيارة : أَخِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ(1) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ لأَبي حمزة الثمالي: «يَا أَبَا حمزة هَلْ شَهِدْتَ عَنِّي لَيْلَةَ خَرَجَ ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَهَلْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ سُهَيْلِ؟».

قَالَ: وَأَيْنَ مَسْجِدُ سُهَيْلِ؟ لَعَلَّكَ تَعْنِي مَسْجِدَ السَّهْلَةِ.

قَالَ: «نَعَمْ».

[قَالَ: لَا].(2)

قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَوْ صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَجَارَ اللَّهَ لَأَجَارَهُ سَنَةً».

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَمْزَةَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، هَذَا مَسْجِدُ السَّهْلَةِ؟

قَالَ: «نَعَمْ فِيهِ بَيْتُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى الْعَالِقَةِ، وَفِيهِ بَيْتُ إِدْرِيسَ الَّذِي كَانَ يَخِيطُ فِيهِ، وَفِيهِ مُنَاخُ الرَّاكِبِ، وَفِيهِ صَخْرَةٌ خَضْرَاءُ فِيهَا صُورَةُ جَميعِ النَّبِيِّينَ، وَتَحْتَ الصَّخْرَةِ الطَّيِّنَةُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ وَ مِنْهَا النَّبِيِّينَ، وَفِيهِ الْمِعْرَاجُ ، وَهُوَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ مَوْضِعٌ مِنْهُ، وَهُوَ مَمَرُّ النَّاسِ، وَهُوَ مِنْ كُوفَانَ، وَفِيهِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، وَإِلَيْهِ المَحْشَرُ،

ص: 264


1- كذا في البحار؛ والصحيح كما في المصدر : (أخي علي بن محمد بن قولويه)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر

وَيُحْشَرُ مِنْ جَانِبِهِ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، أُولَئِكَ الَّذِينَ أَفْلَجَ اللهُ حُجَجَهُمْ ، وَضَاعَفَ نِعَمَهُمْ، [فَإِنَّهُم](1) المُسْتَبِقُونَ الْفَائِزُونَ اَلْقَانِتُونَ، يُحِبُّونَ أَنْ يَدْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِهِمُ المَفْخَرَ، وَيَجِلُونَ بِعَدْلِ الله عَنْ لِقَائِهِ، وَأَسْرَعُوا فِي الطَّاعَةِ، فَعَمِلُوا وَعَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ وَلَا عَذَابٌ، يُذْهِبُ الضِّعْنَ يُطَهِّرُ المُؤْمِنِينَ، وَمِنْ وَسَطِهِ سَارَ جَبَلُ الْأَهْوَانِ(2)، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ زَمَانٌ وَهُوَ مَعْمُورٌ».(3)

بيان: قوله علیه السلام : «وفيه المعراج» لعل المراد أنَّ النبيَّ صلی الله علیه و آله وسلم لما نزل ليلة المعراج وصلّى في مسجد الكوفة أتى هذا الموضع وعرج منه إلى السماء، أو المراد أنَّ المعراج المعنوي يحصل فيه للمؤمنين.

قوله علیه السلام : «وهو الفاروق موضع منه أي المعراج وقع من موضع منه وهو المسمّى بالفاروق، أو المراد أنَّ في موضع منه يُفرّق القائم علیه السلام بين الحق والباطل كما ورد في خبر آخر أنّ فيها يظهر عدل الله.(4)

قوله: «وهو ممرُّ» الناس أي إلى المحشر.

وكان الخبر أكثره سقيماً مصحفاً، فأثبتناه كما وجدناه.

بيانه في ما ورد في مسجد السهلة: ( وفيها يكون قائمه، والقوام من بعده...)

بحار الأنوار (ج 97 / ص 440 / ح 17):

كامل الزيارة: أَبي عَنْ سَعْدٍ، عَنِ الْجَامُورَانِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ

ص: 265


1- ما بين المعقوفتين من المصدر
2- في المصدر: (الأهواز)
3- كامل الزيارات (ص 74 - 76 / ح 11/68)
4- كما في الخبر الآتي

أَبِيهِ، عَنِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَيُّ بِقَاعِ الله(1)أَفْضَلُ بَعْدَ حَرَمِ اللَّهِ وَ وَحَرَمٍ رَسُولِهِ صلی الله علیه و آله وسلم؟

فَقَالَ: «الْكُوفَةُ يَا أَبَا بَكْرِ، هِيَ الزَّكِيَّةُ الطَّاهِرَةُ، فِيهَا قُبُورُ النَّبِيِّينَ الْمُرْسَلِينَ وَغَيْرِ الْمُرْسَلِينَ وَالْأَوْصِيَاءِ الصَّادِقِينَ، وَفِيهَا مَسْجِدُ سُهَيْلِ الَّذِي لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَمِنْهُ يَظْهَرُ عَدْلُ اللَّهِ، وَفِيهَا يَكُونُ قَائِمُهُ، وَالْقُوَّامُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهِيَ مَنَازِلُ النَّبِيِّينَ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ».(2)

بیان قوله علیه السلام : «والقوّام من بعده» يدلُّ على أنَّ بعد وفاته علیه السلام يكون قوّام له في الأرض موافقاً للأخبار الدالة على أنَّ الأئمة الذين يكرون في الرجعة يملكون الأرض بعده، وهو مخالف للمشهور.

ويمكن أن يكون المراد: قوّامه في حياته بعد انتقاله عن هذا البلد إلى ساير البلدان.

أو يكون المراد البعديَّة بحسب المرتبة، والله يعلم.

بيانه في معنى: (فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لكم)

بحار الأنوار (ج 98/ ص 65 و 66 / ح 53):

كامل الزيارة: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ المُعَلَّى ، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «كَأَنِّي وَاللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ قَدْ زَاحَمُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَبرِ الْحُسَيْنِ علیه السلام».

قَالَ: قُلْتُ : فَيَتَرَاءَوْنَ هُم؟

ص: 266


1- في المصدر: (الأرض) بدل (الله)
2- كامل الزيارات (ص 76/ ح 12/69)

قَالَ: «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، قَدْ لَزِمُوا وَالله اَلْمُؤْمِنِينَ حَتَّىٰ إِنَّهُمْ لَيَمْسَحُونَ وُجُوهَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ».

قَالَ: «وَيُنْزِلُ اللهُ عَلَى زُوَّارِ الْحُسَيْنِ عُدْوَةً وَعَشِيَّةٌ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ، وَخُدَّامُهُمُ المَلائِكَةُ، لَا يَسْأَلُ اللهَ عَبْدٌ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ».

قَالَ: قُلْتُ: هَذِهِ وَاللَّهِ الْكَرَامَةُ.

قَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، أَزِيدُكَ؟».

قُلْتُ: نَعَمْ سَيِّدِي.

قَالَ: «كَأَنِّي بِسَرِيرِ مِنْ نُورٍ قَدْ وُضِعَ ، وَقَدْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ مُكَلَّلَةٌ بِالجُوْهَرِ، وَكَأَنِّي بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام جَالِسٌ عَلَى ذَلِكَ السَّرِيرِ وَحَوْلَهُ تِسْعُونَ أَلْفَ قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، وَكَأَنِّي بِالْمُؤْمِنِينَ يَزُورُونَهُ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللهُ عزوجل لهُمْ: أَوْلِيَائِي سَلُونِي، فَطَالَما أُوذِيتُمْ وَذُلِّلْتُمْ وَاضْطُهِدْتُمْ، فَهَذَا يَوْمٌ لَا تَسْأَلُونِّي حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا قَضَيْتُهَا لَكُمْ، فَيَكُونُ أَكْلُهُمْ وَشُرْبُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَهَذِهِ وَالله اَلْكَرَامَةُ الَّتِي لَا يُشْبِهُهَا شَيٌ».(1)

بيان: نزول الطعام في البرزخ، وضرب القُبَّة في الرجعة، بقرينة قوله علیه السلام : «من حوائج الدنيا والآخرة».

بيانه في معنى : (وإنَّك ثار الله في الأرض)

بحار الأنوار (ج 98 / ص 148 - 151/ ح 1):

كامل الزيارة: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ الرَّزَّازُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ:

ص: 267


1- كامل الزيارات (ص 258 و 259/ ح 3/390)

«إِذَا دَخَلْتُ اَلْحَيْرَ فَقُل : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَقَامٌ أَكْرَمْتَنِي بِهِ وَشَرَّفْتَنِي بِهِ، اَللَّهُمَّ فَأَعْطني فيه رَغْبَتِي عَلَى حَقيقَة ایمَاني بِكَ وَرُسُلكَ، سَلَامُ الله عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُول

الله، وَسَلَامٌ على مَلَائِكَتِهِ(1) فِيمَا تَرُوحُ وَتَعْتَدِي بِهِ الرَّائِحَاتُ الطَّاهِرَاتُ الطَّيِّبَاتُ لَكَ وَعَلَيْكَ، وَسَلَامٌ عَلَى مَلَائِكَةِ الله المُقَرَّبِينَ ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمُ، النَّاطِقِينَ لَكَ بِفَضْلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، أَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ صِدِّيقٌ، صَدَقْتَ فِيمَا دَعَوْتَ الَيْهِ، وَصَدَقْتَ فَمَا أَتَنْتَ بِهِ، وَأَنَّكَ ثَارُ اللهِ فِي الْأَرْضِ مِنَ الدَّم الَّذِي لَا يُدْرَكُ ثَارُهُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا بِأَوْلِيَائِكَ ...».(2)

بیان: ... قوله علیه السلام : «وَأَنَّكَ ثَارُ الله فِي الْأَرْضِ» الثأر بالهمز الدم وطلب الدم، أي إنَّك أهل ثار الله والذي يطلب الله بدمه من أعدائه، أو ه-و الطالب بدمه ودماء أهل بيته بأمر الله في الرجعة، وقيل: هو تصحيف ثاير، والثاير من لا يُبقي على شيء حتَّى يُدرك ثاره.

ثمّ أعلم أنَّ المضبوط في نُسَخ الدعاء بغير همز، والذي يظهر من كتب اللغة أنّه مهموز ، ولعله خفف في الاستعمال...

بيانه في معنى: (ضمَّن الأرض ومن عليها دمك وثارك...)

بحار الأنوار (ج 98 / ص 168 - 170 / ح 20):

كامل الزيارة : الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَانَا ، عَن أَبي عَبْد الله علیه السلام ، قَالَ: «... ثُمَّ امْش قَليلاً، ثُمَّ قُمْ مُسْتَقْبِل(3)، فَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ [الْأَحَدِ](4) المُتَوَحِدِ بِالْأُمُورِ كُلِّهَا، خَالِقِ

ص: 268


1- في المصدر: (وسلام ملائكته)
2- كامل الزيارات (ص 358 - 362/ 1/617)
3- في المصدر: (ثم تستقبل القبر)
4- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر

الْخَلْقِ فَلَمْ يَعْزُبْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَعَالِم كُلِّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ، ضَمَّنَ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا دَمَكَ وَثَارَكَ يَا ابْنَ رَسُولِ الله ، أَشْهَدُ أَنَّ لَكَ مِنَ الله مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَالْفَتْح ، وَأَنَّ لَكَ مِنَ الله الْوَعْدَ الْحَقَّ فِي هَلَاكِ عَدُوِّكَ وَتَمَامٍ مَوْعِدِهِ إِيَّاكَ، أَشْهَدُ أَنَّهُ قَاتَلَ مَعَكَ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، كَمَا قَالَ اللهُ: «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ»[آل عمران: 146 ] ... ».(1)

بیان: قوله علیه السلام : «ضَمَّنَ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا دَمَكَ»، تضمين الأرض إمَّا

على سبيل المبالغة والمجاز كناية عن تعظيم الأمر وتفخيمه.

أو المراد أنَّ الله يأمر الأرض في القبر بتعذيب قاتليه، وفي الرجعة بخسفهم وغيره.

أو المراد أهل الأرض من الملائكة والجنَّ، فيكون المراد ب_(من عليها) الإنس أو الأعمّ تعميماً بعد التخصيص.

ويحتمل أن يكون المراد أنَّ الله أودع الأرض أجساد قاتليه حتّى ينتقم له منهم في الرجعة وفي القيامة.

أو أنه تعالى لما خرَّب الأرض بعد شهادته، وسُفِكَت فيها الدماء، وقتل الله قاتليه وأشباههم بأيدي من خرج بعده، فكأنّه ضمن الأرض دمه حيث جرى انتقامه عليها أيضاً...

بيانه في معنى: (الثائر بحقك)

بحار الأنوار (ج 98 / ص 352 - 356/ ح 1):

قَالَ المُفِيدُ وَالسَّيِّدُ وَالشَّهِيدُ : إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَتَهُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ فَقِفْ عَلَى بَابِ الْقُبَّةِ وَارْم بِطَرْفِكَ نَحْوَ الْقَبْرِ مُسْتَأْذِنَا، فَقُلْ : «... اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ

ص: 269


1- كامل الزيارات (ص 385 - 390/ ح 17/633)

أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيّكَ وَصَفِيكَ الشَّائِرُ بِحَقِّكَ أَكْرَمْتَهُ بِكَرَامَتِكَ وَخَتَمْتَ لَهُ بِالشَّهادَةِ وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السَّادَةِ وَقائِداً مِنَ القَ-ادَةِ وَأَكْرَمْتَهُ بِطِيبِ الْوِلَادَةِ وَأَعْطَيْتَهُ مَوارِيثَ الْأَنْبِياءِ وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً على خَلْقِكَ مِنَ الْأَوْصِياء، فَأَعْذَرَ فِي الدُّعاءِ وَمَنَحَ النَّصِيحَةَ وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ حَتَّى اسْتَنْقَذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ، وَقَدْ تَوازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا وَباعَ حَظَّهُ مِنَ الْآخِرَةِ بِالْأَدْنَى وَتَرَدَّى فِي هَواهُ وَأَسْخَطَكَ وَأَسْخَطَ نَبِيَّكَ وَأَطاعَ مِنْ عِبادِكَ أُولِي الشَّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَحَمَلَةَ الْأَوْزارِ الْمُسْتَوْجِبِينَ النَّارَ ، فَجَاهَدَهُمْ فِيكَ صابِراً مُحْتَسِباً مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى سُفِكَ فِي طَاعَتِكَ دَمُهُ وَاسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ؛ اللَّهُمَّ العَنْهُمْ لَعْناً وَبِيلاً وَعَذَّبْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ...».(1)

بیان: ... قوله : «الثائر بحقك» أي يطلب دمه ودماء أهل بيته في الرجعة بحقِّك وبحكمك، أو في الأولى أيضاً طلب دم أبيه بالحق، أو قتل الناس بالحقِّ.

ويحتمل أن يكون الثائر بمعنى المقتول، قال الفيروزآبادي: (الثار الدم والطلب به، وقاتل حميمك، والثائر من لا يُبقي على شيء حتّى يُدرك ثاره)(2)انتهى.

ولا يبعد أن يكون مستعملاً في مطلق الطلب، أي الطالب بحقِّك...

بيانه في معنى: (ويردكم في أيامه)

بحار الأنوار (ج 99 / ص 127 - 146 / ح 4):

عيون أخبار الرضاعلیه السلام : الدَّقَّاقُ وَالسِّنَانِيُّ وَالْوَرَّاقُ وَالمُكَتِّبُ جَمِيعاً، عَنِ

ص: 270


1- راجع المزار للمفيد (ص 107 و 108)؛ إقبال الأعمال (ج 3 / ص 101 و 102)؛ المزار للشهيد الأوَّل (ص 154 - 161)
2- راجع القاموس المحيط (ج 1 / ص 381)

اَلْأَسَدِيُّ(1) ، عَنِ الْبَرْمَكِيِّ ، عَنِ النَّخَعِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ) عَلَّمْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ الله قَوْلاً أَقُولُهُ بَلِيغاً كَامِلاً إِذَا زُرْتُ وَاحِداً مِنْكُمْ.

فَقَالَ: «إِذَا صِرْتَ إِلَى الْبَابِ فَقِفْ وَاشْهَدِ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَنْتَ عَلَىٰ غُسْلِ، فَإِذَا دَخَلْتَ وَرَأَيْتَ الْقَبْرَ فَقِفْ وَقُلِ : اللَّهُ أَكْبَرُ [اللَّهُ أَكْبَرُ](2) ثَلَاثِينَ مَرَّةً، ثُمَّ اِمْشِ قَلِيلاً وَعَلَيْكَ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ ، وَقَارِب بَيْنَ خُطَاكَ، ثُمَّ قِفْ وَكَبِّرِ اللَّهَ عزوجل ثَلَاثِينَ مَرَّةً ثُمَّ اُدْنُ مِنَ الْقَبرِ وَكَبِّرِ اللَّهَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً تَمامَ مِائَةِ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ قُلِ : «... وَيَرُدَّكُمْ فِي أَيَّامِهِ وَيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ وَيُمَكِّنكُمْ فِي أَرْضِهِ ...».(3)

بیان: ... (وَيَرُدَّكُمْ فِي أَيَّامِهِ) : إشارة إلى الرجعة، وإلى ما ورد في الأخبار أنَّ المراد بالأيام في قوله تعالى: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ»[إبراهيم: 5]، هي أيام قيام القائم علیه السلام.(4)

بيانه في معنى: (السلام على ولاة عهده)

بحار الأنوار (ج 99 / ص 228 و 229):

(السلام والصلاة على ولاة عهد الحجّة، وعلى الأئمة من ولده، والدعاة لهم): «السَّلَامُ عَلَى وُلَاةِ عَهْدِهِ، وَعَلَى اَلْأَئِمَّةِ مِنْ وِلْدِهِ، اللّهُمَّ صَلَّ عَلَيْهِم، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ فِي آجَالِهِمْ وَأَعِزَّ نَصْرَهُمْ، وَتَمِّمْ لَهُمْ ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِكَ إِلَيْهِم ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلَى دِينِكَ أَنْصَاراً، فَإِنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ،

ص: 271


1- في المصدر : (محمد بن أبي عبد الله الكوفي وأبو الحسين الأسدي)
2- ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر
3- عيون أخبار الرضا (ج 2 / ص 305 - 309/ ح 1)
4- راجع بحار الأنوار (ج 51 / ص 45 / ح 2) ، عن تفسير القمي (ج 1 / ص 367)

وَخُزَّانُ عِلْمِكَ، وَأَرْكانُ تَوْحِيدِكَ، وَدَعَائِمُ دِينِكَ، وَوُلَاةُ أَمْرِكَ، وَخُلَصَاؤُكَ مِنْ عِبادِكَ، وَصَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَوْلِيَاؤُكَ وَسَلَائِلُ أَوْلِيَائِكَ، وَصَفْوَةُ أَوْلَادِ أَصْفِيَائِكَ، وَبَلِّغْهُم مِنَّا التَّحِيَّةَ وَالسَّلَامَ، وَارْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُم التَّحِيَّةَ وَالسَّلَامَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ...».(1)

بيان: ... ولعلَّ المراد بولاة عهد القائم خلفاؤه في زمانه علیه السلام في أقطار الأرض، والله يعلم.

ص: 272


1- انظر: مصباح المتهجد (ص 411 / الرقم 145/535) ؛ وفيه (والأئمة من بعده) بدل (وعلى الأئمة من ولده)

المصادر والمراجع

1 - القرآن الكريم.

2 - الاحتجاج : الطبرسي / تحقيق : محمّد باقر الخرسان/ دار النعمان/ 1386ه.

3 - الاختصاص : الشيخ المفيد ط 2 / 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.

4 - اختيار المصباح الكبير : ابن الباقي / تحقيق : مهدي دليري مكتبة العلّامة المجلسي / مطبعة عمران ط 1/ 1432ه قم.

5 - اختيار معرفة الرجال الشيخ الطوسي / مطبعة بعثت / مؤسسة آل البيت عليهم / /1404ه / قم.

6 - الإرشاد الشيخ المفيد / تحقيق : مؤسسة آل البيت لي / ط 2 / 1414ه- / دارالمفيد بيروت.

7 - إرشاد القلوب الحسن بن محمد الديلمي ط 2 1415ه / مطبعة أمير / انتشارات الشريف الرضي قم.

8 - الاعتقادات: الشيخ الصدوق / تحقيق : عصام عبد السيد/ ط2/ 1414ه / دار المفيد بيروت.

9 - إعلام الورى: الطبرسي / ط 1 / 1417ه / مطبعة ستاره / مؤسسة آل البيت عليهم / قم.

10 - إقبال الأعمال: ابن طاوس / تحقيق : جواد القيّومي/ ط 1/ 1414ه / مكتب الإعلام الإسلامي.

11 - إلزام الناصب : الشيخ علي اليزدي الحائري/ تحقيق : السيد علي عاشور.

12 - :الأمالي الشيخ الصدوق تحقيق: قسم الدراسات/ ط 1 / 1417ه / مؤسسة البعثة.

ص: 273

13 - الأمالي : الشيخ الطوسي / تحقيق : مؤسسة البعثة ط 1 / 1414ه/ دار الثقافة قم.

14 - الأمالي : الشيخ المفيد تحقيق الأستادولي، علي أكبر الغفاري / ط 2/ 1414ه/ دار المفيد / بيروت.

15 - أوائل المقالات : الشيخ المفيد تحقيق الشيخ إبراهيم الأنصاري ط 2/ 1414ه / دار المفيد / بيروت.

16 - بحار الأنوار العلامة المجلسي / ط 2 المصححة/ 1403ه / مؤسسة الوفاء / بيروت.

17 - بشارة المصطفى: محمّد بن عليّ الطبري / تحقيق : جواد القيومي/ ط 1 / 1420ه / مؤسسة النشر الإسلامي قم.

18 - بصائر الدرجات : محمد بن الحسن الصفار / تحقيق: کوچه باغي/ 1404ه / مطبعة الأحمدي / منشورات الأعلمي / طهران.

19 - تأويل الآيات الظاهرة : شرف الدين الحسيني / ط 1 / 1407ه / مطبعة أمير / مدرسة الإمام المهدي / قم .

20 - تفسير ابن أبي حاتم : ابن أبي حاتم الرازي / تحقيق أسعد محمد الطبيب / دار الفكر / بيروت.

21 - تفسير ابن زمنين : ابن أبي الزمنين / تحقيق حسين بن عكاشة ومحمد بن مصطفى الكنز / ط 1 / 1423ه / مطبعة مصر / الفاروق الحديثة.

22 - تفسير الإمام العسكري : المنسوب إلى الإمام العسكري / ط 1 محققة/ 1409ه / مدرسة الإمام المهدي / قم .

23 - تفسير البغوي: البغوي / تحقيق : خالد عبد الرحمن العك/ دار المعرفة / بيروت.

24 - تفسير البيضاوي: البيضاوي/ دار الفكر/ بيروت.

25 - تفسير التبيان الشيخ الطوسي / تحقيق : أحمد حبيب قصير العاملي/ ط 1/ 1409ه / مكتب الإعلام الإسلامي.

ص: 274

26 - تفسير الثعلبي : الثعلبي / تحقيق أبي محمّد بن عاشور / ط 1 / 1422ه / دار إحياء التراث العربي / بيروت.

27 - تفسير السمر قندي: السمرقندي / تحقيق : محمود مطرجي / دار الفكر / بيروت.

28 - تفسير السمعاني : السمعاني / تحقيق : ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عبّاس بن غنيم / ط 1 / 1418ه / دار الوطن / الرياض.

29 - تفسير الطبري : ابن جرير الطبري تحقيق خليل الميس/ 1415ه / دار الفكر/ بيروت.

30 - تفسير العياشي : العياشي / تحقيق هاشم الرسولي المحلّاتي / المكتبة العلمية الإسلامية / طهران.

31 - تفسير القمّي : عليُّ بن إبراهيم القمّي / تحقيق : طيب الجزائري / ط 3 / 1404ه / مؤسسة دار الكتاب/ قم.

32 - تفسير الكشاف : الزمخشري / 1385 ه / شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / مصر.

33 - تفسير الواحدي : الواحدي / تحقيق : صفوان عدنان داوودي/ ط 1/ 1415ه / دار القلم الدار الشامية / دمشق، بيروت.

34 - تفسير فرات : الكوفي فرات بن إبراهيم الكوفي / تحقيق: محمد الكاظم / ط 1 / 1410ه / مؤسسة طبع ونشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي / طهران.

35 - تفسير مجاهد : مجاهد بن جبر / تحقيق : السورتي / مجمع البحوث الإسلامية / إسلام آباد.

40 - تفسير مجمع البيان : الطبرسي / تحقيق: لجنة من العلماء/ ط 1/ 1415ه / مؤسسة الأعلمي/ بيروت.

41 - تهذيب الأحكام : الشيخ الطوسي / تحقيق : حسن الخرسان/ ط 3/ 1364ش / مطبعة خورشيد / دار الكتب الإسلامية/ طهران.

ص: 275

42 - التوحيد : الشيخ الصدوق / تحقيق هاشم الحسيني الطهراني/ جماعة المدرّسين / قم.

43 - جمال الأسبوع : ابن طاوس / تحقيق : جواد القيومي/ ط 1/ 1371ش/ مطبعة أختر شمال / مؤسسة الآفاق.

44 - الجمع بين الصحيحين : الحميدي تحقيق علي حسين البواب/ دار ابن حزم / توزيع: دار الصميعي.

45 - الخرائج و الجرائح : قطب الدين الراوندي / ط 1 / كاملة محققة/ 1409 ه / مؤسسة الإمام المهدي / قم.

46 - الخصال : الشيخ الصدوق / تحقيق : عليّ أكبر الغفاري/ 1403ه / جماعة المدرسين / قم.

47 - خلاصة الأقوال : العلامة الحلّي / ط 1 / 1417ه / مؤسسة نشر الفقاهة.

48 - دلائل الإمامة : الطبري (الشيعي) ط 1 / 1413ه / مؤسسة البعثة/ قم.

49 - ديوان إمام علي : مصطفى زماني / 1368 ش/ انتشارات پیام نور/ مطبعة صدر / قم.

50 - رجال النجاشي: النجاشي / ط 5 / 1416ه- / مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.

51 - رسائل الشريف المرتضى : السيّد المرتضى تقديم السيد أحمد الإشكوري/ إعداد : السيد مهدي الرجائي / 1405ه- / دار القرآن الكريم / مطبعة سيد الشهداء/ قم.

52 - سعد السعود : ابن طاوس / 1363ه / مطبعة أمير / منشورات الشريف الرضي/ قم.

53 - شرح إحقاق الحق : السيّد المرعشي / تحقيق: شهاب الدين المرعشي / مكتبة المرعشي/ قم.

54 - شرح أصول الكافي : المازندراني / تحقيق: الشعراني / ط 1/ 1421ه / دار إحياء التراث العربي/ بيروت.

ص: 276

55 - شرح الرضي على الكافية : رضي الدين الأسترآبادي/ 1395ه- / مؤسسة الصادق / طهران.

56 - شرح السُّنَّة : الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي / تحقيق : شعيب الأرناؤوط / ط 2 / 1403 ه / المكتب الإسلامي / بيروت.

57 - شرح مسند الشافعي : ابن الأثير / تحقيق : أحمد بن سليمان وياسر بن إبراهيم/ ط 1 / 1426ه / مكتبة الرشد / الرياض.

58 - شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد / تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم / ط 1 / 1378ه- / دار إحياء الكتب العربيَّة / بيروت.

59 - شرح نهج البلاغة : ابن ميثم البحراني / ط 1 / 1362 ش/ مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي/ إيران / قم.

60 - شُعَب الإيمان : أبو بكر البيهقي / ط 1 / 1423ه / مكتبة الرشد.

61 - الصحاح : الجوهري / تحقيق : أحمد عبد الغفور العطار/ ط 4 / 1407ه- / دار العلم للملايين / بيروت.

62 - صحيح مسلم : مسلم النيسابوري / دار الفكر / بيروت.

63 - الصحيفة السجادية : أبطحي / ط 1/ 1411ه / مطبعة نمونه/ مؤسسة الإمام المهدي ، مؤسسة الأنصاريان / قم.

64 - صفات الشيعة : الشيخ الصدوق/ كانون انتشارات عابدي / طهران.

65 - الطرائف : ابن طاوس ط 1/ 1399ه / مطبعة الخيام/ قم.

66 - علل الشرائع : الشيخ الصدوق / تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم/ 1385ه / منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها / النجف الأشرف.

67 - عوالي اللئالي : ابن أبي جمهور الأحسائي / تحقيق : مجتبى العراقي / ط 1 / 1403ه- / مطبعة سيد الشهداء / قم.

68 - عيون أخبار الرضا : الشيخ الصدوق/ تحقيق : حسين الأعلمي / 1404ه / مؤسسة الأعلمي/ بيروت.

ص: 277

69 - الغارات : إبراهيم بن محمّد الثقفي / تحقيق جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث.

70 - الغيبة : الشيخ الطوسي / تحقيق عبد الله الطهراني وعلي أحمد ناصح / ط 1/ 1411ه / مطبعة بهمن/ مؤسسة المعارف الإسلامية / قم.

71 - الغيبة: النعماني / تحقيق : فارس حسّون كريم / ط 1 / 1422ه / مطبعة مهر/ أنوار الهدى.

72 - فرحة الغري : عبد الكريم بن طاوس / تحقيق : السيد تحسين آل شبيب الموسوي / ط 1 / 1419ه- / مطبعة محمد/ مركز الغدير.

73 - الفصول المختارة : الشيخ المفيد / ط 2 / 1414ه / دار المفيد / بيروت.

74 - الفهرست : الشيخ الطوسي / تحقيق جواد القيومي/ ط 1/ 1417ه / مؤسسة النشر الإسلامي.

75 - قرب الإسناد : الحميري القمّي / ط 1 / 1413ه / مطبعة مهر/ مؤسسة آل البيت عليهم / قم .

76 - قصص الأنبياء : قطب الدين الراوندي / تحقيق غلام رضا عرفانیان/ ط 1/ 1418ه / الهادي.

77 - الكافي : الشيخ الكليني / تحقيق عليّ أكبر الغفاري / ط 5 / 1363ش / مطبعة حيدري / دار الكتب الإسلامية/ طهران.

78 - كامل الزيارات : ابن قولويه تحقيق جواد القيّومي/ ط 1/ 1417ه / مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي/ مؤسسة نشر الثقافة.

79 - الكامل في التاريخ : ابن الأثير / 1386ه / دار الصادر/ بيروت.

80 - كفاية الأثر : الخزاز القمي / تحقيق عبد اللطيف الكوه كمري الخوئي / 1401ه / مطبعة الخيام / انتشارات بيدار.

81 - كمال الدين : الشيخ الصدوق / تحقيق عليّ أكبر الغفاري/ 1405ه / مؤسسة النشر الإسلامي / قم.

ص: 278

82 - المحاسن : البرقي / تحقيق : جلال الدين الحسيني المحدث/ 1370ه / دار الكُتُب الإسلامية / طهران.

83 - المحتضر : حسن بن سليمان الحلّي / 1424ه / انتشارات مكتبة الحيدرية.

84 - مختصر بصائر الدرجات : الحسن بن سليمان الحلّي/ ط 1 / 1370ه / منشورات المطبعة الحيدرية/ النجف الأشرف.

85 - مروج الذهب : المسعودي / ط 2/ 1404ه / منشورات دار الهجرة / قم.

86 - المزار : الشهيد الأوّل / ط 1 / 1410ه- / مطبعة أمير / مؤسسة الإمام المهدي / قم.

87 - المزار : الشيخ المفيد/ تحقيق : محمّد باقر الأبطحي / ط 2/ 1414ه / دار المفيد / بيروت.

88 - المسائل السرويَّة : الشيخ المفيد/ تحقيق : صائب عبد الحميد/ 1404 ه / دار المفيد / بيروت.

89 - المسائل العكبريَّة : الشيخ المفيد / تحقيق : عليّ أكبر الإلهي الخراساني/ ط 2/ 1414ه / دار المفيد / بيروت.

90 - المصباح المنير : أحمد بن محمد المقري الفيومي/ دار الفكر/ بيروت.

91 - مطالع الأنوار : ابن قرقول/ دار الفلاح / ط 1/ 1433ه / وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية / دولة قطر.

92 - معاني الأخبار : الشيخ الصدوق / تحقيق عليّ أكبر الغفاري/ 1379 ه / مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.

93 - منتخب الأنوار : المضيئة : بهاء الدين النجفي / ط 1 / 1420ه / مطبعة اعتماد/ مؤسسة الإمام الهادي.

94 - من لا يحضره الفقيه : الشيخ الصدوق / تحقيق: علي أكبر الغفاري / ط 2 مؤسسة النشر الإسلامي / قم.

95 - مناقب آل أبي طالب : ابن شهر آشوب / تحقيق : لجنة من أساتذة النجف/ 1376ه / المكتبة الحيدرية / النجف.

ص: 279

96 - مهج الدعوات ومنهج العبادات : ابن طاوس / کتابخانه سنائي.

97 - النهاية في غريب الحديث : ابن الأثير / تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي/ ط 4 / 1364ش / مؤسسة إسماعيليان / قم.

98 - نهج البلاغة : الشريف الرضى / ضبط نصَّه الدكتور صبحي صالح / ط 1 / 1387ه / بيروت.

ص: 280

فهرست الموضوعات

مقدمة المرکز....3

مقدّمة رئيس ديوان الوقف الشيعي....7

بيانه في معنى : (لا تُحدّث به السفلة فيذيعونه)/ بيانه في معنى: (الصوت)....9

بيانه في معنى: (اختلاف أصحابي لكم رحمة) بيانه في معنى: «سِيرُوا فِيها لَيالي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»....10

بيانه في معنى: (وإنّي لأنا الذي يُحدِّث الأرض أخبارها أو رجل مني) بيانه في معنى : «الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فيها»....16

بيانه في معنى: (نثلة) بيانه في معنى : (قوة القائم، والركن الشديد)....18

بيانه في معنى : (لا عرَّفه الله قبيحاً من عمله)....19

بيانه في معنى : (فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته)....21

بيانه في معنى : (للقرآن تأويل)....22

بیانه في معنى : (المراد بالنبيين ... والصالحين حمزة)....23

بيانه في معنى : «بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ»....24

بيانه في معنى : (يعني أعداءنا... يعني بالفترة)....26

بيانه في معنى : (البدوا ما لبدنا)/ بيانه في معنى: «هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الحُسْنَيَيْن»....27

بيانه في معنى : بعض الآيات، وفي معنى : (ذهبت دولة الباطل)....29

بيانه في معنى : (انقلاب البصرة)....31

بيانه في معنى : تأويله الكلام ليلة القدر بفاطمة....32

بيانه في معنى : (الخماسي)....33

ص: 281

بيانه في معنى : (وأقل من خمس سنين) بيانه في معنى: (ويستوي عليه درع رسول الله)....34

بيانه في معنى : (بدأ الإسلام غريباً)....35

بيانه في معنى : (وأنا صاحب الكرّات ودولة الدُّوَل)....36

بيانه في أنَّ القائم يحكم بعلمه لا بالبينة....37

بيانه في أنَّ عندهم درعين....39

بيانه في معنى : (كان أبو جعفر ألحم مني)....41

بيانه في معنى : (أمَّا ابن أبي حمزة فإنَّه رجل تأوَّل تأويلاً لم يُحسنه ...)....42

بيانه في معنى : (أيأتي الرُّسُل عن الله بشيء ثم تأتي بخلافه)....44

بيانه في معنى : (وينتظر عاقبتي)....45

بيانه في معنى : (الروح، الفلاح، النجاة والنجاح ...)....46

بيانه في معنى : (يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى ...)....47

بيانه في معنى : (ولهم بكلِّ ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا، أما إنَّه لم يبق إلا الزمهرير من شتائم)....48

بيانه في معنى : (ابن خيرة الإماء، يسومهم خسفاً ...)....50

بيانه في معنى : (الشرِّ يوم)....53

بيانه في معنى : (فأنا فقأت عين الفتة...، ما أطلب اليوم بعضه) ، وفيه إيضاح عن ابن أبي الحديد في المهدي....55

بيانه في معنى : (قد لبس للحكمة جنّتها)....58

بيانه في معنى : (العدة)....61

بيانه في معنى : (من يجمعكم، الصنائع)....64

بيانه في معنى : (الأمر)....67

بيانه في معنى: «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ»....69

بيانه في معنى: (عُدَّ اثني عشر من بني كعب بن لؤي ثم يكون النقف والنقاف) / بيانه في معنى: (المنصور)....70

ص: 282

بيانه في معنى : (ترون أيامي ويكشف الله عن سرائري)....71

بيانه في معنى : ( إنَّما هي طاعة الإمام)....73

بيانه في سبب وصف القائم على بصاحب القيامة....74

بيانه في معنى : (فلو قد قتلوني لم يصلُّوا جميعاً أبداً، ولم يأخوا عطاء في سبيل الله جميعاً أبداً)....76

بيانه في معنى : (والرابع هو القائم)....77

بيانه في معنى : (إنَّ عبد الله بن عجلان قال في مرضه الذي مات فيه: إنَّه لا يموت فمات)....79

بيانه في معنى : (تركة صاحبنا)....80

بيانه في معنى : «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتَّلُوا تَقْتِيلاً» / بيانه في معنى: (ولو كان الله يمدُّ في أجل أحد من بني آدم لحاجة الخلق إليه لمد الله في أجل رسول الله)....81

بيانه في معنى : (فوهب لمريم عيسى وعيسى من مريم) بيانه في معنى : (إِنَّ هذا الأمر لم يأتِ وقته)....82

بيانه في معنى : (ورأى أنه إذا لم يُصدِّق)....83

بيانه في معنى : (بيع جعفر الكذاب للعلويات)....84

بيانه في الجمع بين ما ورد من أنَّ ولادة المهدي سنة (255ه) أو (256ه) / بيانه في معنى: (إنَّما يكون هذا إذا قام قائمنا) وفي عدم منافاة حكم المهدي بالتوراة وبين كونه لا يقبل أحدا إلا بالإسلام....85

بيانه في معنى : (وسُمّي القائم لأنه يقوم بعدما يموت) / بيانه في معنى : (يخفى على الناس ولادته، ولا يحلُّ لهم تسميته)....87

بيانه في معنى: (قد أمكنت الحشوة من أُذنيك) / بيانه في معنى (الموتور بوالده المكنّى بعمه)....88

بيانه في معنى : (المشرف الحاجبين، ورحم الله موسى)....90

بيانه في معنى : (ابن الأرواع)....91

بيانه في معنى : (ابن ستّة)....92

بيانه في معنى : (إنّ هذا سيفضي إلى من يكون له الحمل) / بيانه في معنى : (خراب البصرة) ....93

ص: 283

بيانه في معنى: «وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ»....95

بيانه في معنى : (أنا سيّد الشيب واستدارة الفلك)....97

بيانه في معنى : (فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف)....99

بيانه في معنى : (فهو مغترب، وعسيب ذنبه)....100

بيانه في ذكر كلام لابن أبي الحديد في شرح خطبة أوردها السيد الرضي في نهج البلاغة، وهي مشتملة على ذكر بني أُميّة....101

بيانه في معنى : (ولعلَّ الله يجمع شيعتي بعد التشتُت)....103

بيانه في ما نقله عن ابن أبي الحديد في معنى وبنا يختم لا بكم....105

بيانه في معنى : أمَّا الأولى فستَّة أيّام وستة أشهر وست سنين)....107

بيانه في معنى : (لم يُدرَ أيّ من أيّ)....108

بيانه في معنى : (إلا مات غيظاً أو حتف أنفه)....109

بيانه في معنى : (وإنَّ صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللبن مني)....110

بيانه في تعليق النعماني على رواية: «ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره و در همه موضعاً»....112

بيانه في معنى : (وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي...، سمي جدّي...، عليه جلابيب النور ... )....113

بيانه في معنى : (فقال: لا أين)....114

بيانه في معنى : (يسير الصم الصلاب)...115

بيانه في معنى : (إذا رفع علمكم من بين أظهركم)....116

بيانه في معنى : (إِنَّ صاحب هذا الأمر فيه سُنَّة من يوسف: ابن أَمَة سوداء)....117

بيانه في معنى : (السفتجة ، والغريم)....118

بيانه حول ما يظهر من سفارة البزوفري وما يستظهره منها....119

بيانه في ما يستظهره من أنَّ مدَّة زمان الغيبة من ابتداء إمامته....120

ص: 284

بيانه في معنى : ( ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل)....121

بيانه في معنى : (واجتمع الشمس والقمر ، واستدار بهما الكواكب والنجوم)....123

بيانه في معنى : (أَمَا إِنَّكم لا ترونه)....124

بيانه في معنى : (الشيصبان، وقعة صيلمة، ماهان...)....125

بيانه في معنى : (الحقيَّة)....127

بيانه في معنى : (خرج من الدار قبل الحادث) / بيانه في توثيق سعد بن عبد الله القمي ....129

بيانه في معنى : (ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وإن جلَّلها السحاب)....131

بيانه في معنى : (إِنَّ الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة)....133

بيانه في معنى : (وقد مضت السبعون ولم نر رخاءً)....136

بيانه في معنى : (إنَّه يملك من ولد العبّاس اثنا عشر تقتل بعد الثامن منهم أربعة تصيب أحدهم الذبحة)....137

بيانه في معنى : (كونوا كالنحل في الطير)....141

بيانه في معنى : (فإذا قلنا في الرجل منا شيئاً فكان في ولده أو ولد ولده فلا تُنكروا ذلك)....143

بيانه في معنى : (وسيسفر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران لتمام «الم» و «طه» و(الطواسين) من السنين)....145

بيانه في معنى : ( إذا كان ذلك فتمسكوا بالأمر الأوّل حتَّى يتبيَّن لكم الآخر)، وأشباهه....146

بيانه في معنى : (كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم)....148

بيانه في معنى : (المحاضير الحصن على أوتادها ، أحلاس بيوتكم الفتنة على من أثارها )....149

بيانه في معنى : (ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر) بيانه في معنى : (يرجع في إحداهما)....151

بيانه في معنى : (العزلة، طيبة)....152

بيانه في معنى : (خلع فيه صاحب خراسان...)....153

بيانه في معنى : (أوّل علامات الفرج، ولقد خُبّرت بمكانكم، ويُقتل فلان)....154

ص: 285

بيانه حول خسف البیداء....156

بيانه في معنى : (إنّهم طلبوا المهدي لا من حيث لا ينال)...158

بيانه في معنى: «سَأَلَ سائِلُ بِعَذابٍ واقعٍ» / بيانه في معنى : ( إنّه لمجهود في عقله، والهينمة، و ...)....159

بيانه في معنى : (ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ)....170

بيانه في معنى : (كم تعدّون بقاء السفياني فيكم)....171

بيانه في معنى : (إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهروي العظيم، وإنَّ فلاناً قُتِلَ مظلوماً)....172

بيانه في معنى : (فكيف يقول هذا هذا)/ بيانه في معنى : (كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق....)....173

بيانه في معنى : (آل مرداس) / بيانه في معنى : (إذا كان ذلك فإلينا)....174

بيانه في تعدّد السفياني أو عدمه....175

بيانه في معنى : (هل يبدو الله في المحتوم؟)/ بيانه في معنى: (إنّي لصاحبكم؟!)....176

بيانه في مدة ملكه....177

بيانه في معنى : (إيّاكم والتنويه، أما والله ليغيبنَّ إمامكم سنيناً من دهركم....)....178

بيانه في معنى : (لا تُحدّث به السفلة فيذيعونه، أما تقرأ كتاب الله «فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ»....180

بيانه في معنى : (إِنَّ ولي الله يُعمر عمر إبراهيم الخليل عشرين ومائة سنة)/ بيانه في معنى: (يرجع إليهم شاباً موفقاً)....181

بيانه في معنى : (والله ليملكنَّ رجل منا أهل البيت ثلاث مائة سنة ويزداد تسعاً)....182

بيانه في معنى : (إنَّ لكلِّ أهل بيت نجيباً) / بيانه في معنى: (وإني لبستها فكانت وكانت)....183

بيانه في أنَّ أصحابه الا غير منحصرين بالثلاثمائة وثلاثة عشر / بيانه في معنى : (لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له)....185

بيانه في معنى: (إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها أو يجيء إليها، وهو قول أمير المؤمنين) بيانه في معنى : (لو قذفتم بها الجبال فلقتها)....186

بيانه في معنى : (لا يستنيب أحداً)....187

بيانه في معنى : (قلت : فمخبوءة هي عندكم حتّى يقوم القائم فيجدها أم يُؤتى بها؟ قال: «لا بل يؤتى بها»)....188

ص: 286

بيانه في معنى: (بالصفة التي ليس بها أحد)/ بيانه في معنى : (يعلم أهل مكة أنَّه لم يُخلق آباؤهم ولا أجدادهم بعد)....189

بيانه في معنى : (كتاب منشور)....190

بيانه في ما يتعلق بما ورد في تفسير قوله تعالى: «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»....191

بيانه في معنى : ( إنَّه من قُتِلَ يُنشَر حتَّى يموت، ومن مات يُنشَر حتَّى يُقتل)....192

بيانه في معنى : (الذحول، والساهرة)....193

بيانه في معنى ک قوله تعالى: «وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ»....195

بيانه في معنى: نرَبَّنا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ» / بيانه في معنى: «فَارْتَقِبُ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ»....196

بيانه في معنى : (إنَّ بعد الموت هدى وإيماناً ونوراً)....197

بيانه في معنى قوله تعالى: «إِنَّا لَتَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ»....198

بيانه في معنى : (تلك القدرة ولا يُنكرها إلا القدريَّة) بيانه في معنى: (ويضمحل المحلُّون)....199

بيانه في معنى: 0المنتصر، والسفّاح)....200

بيانه في معنى : (فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لكم)....201

بيانه وبحثه وتحقيقه حول الرجعة....202

بيانه في معنى : (الظالم العتل)....225

بيانه في معنى : (إِنَّ خلف المغرب أرضاً بيضاء فيها خلق من خلق الله...)....226

بيانه في معنى : (وأما الأخرى ففي ابنه نزلت وفينا، ولم يكن الرباط الذي أمرنا به، وسيكون ذلك من نسلنا المرابط، ومن نسله المرابط)....228

بيانه في معنى : (إذا تقارب الزمان ...) / بيانه في معنى (رأي المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوَّة)....231

بيانه في معنى : (لأنَّه يُرجَم) / بيانه في معنى : (فهل ينقلب إذا رُجِمَ)....232

بيانه في صحة أخذ العهد لأصحاب الكساء في عالم الذر، وفي معنى: «وَلَمْ تَجِدْ لَهُ عَزْماً»....233

ص: 287

بيانه في معنى : (والذي يُحلف به لينتصرنَّ الله بكم كما انتصر بالحجارة)....235

بيانه في معنى : (يا ،مهزم شيعتنا من لا يعدو صوته سمعته ولا شحناؤه بدنه، ولا يمتدح بنا معلناً، ولا يجالس لنا عائباً...)....236

بيانه في معنى : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُوا أَيْدِيَكُمْ»....242

بيانه في معنى : (ليقو شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثُوا سرنا ، ولا تذيعوا أمرنا ...)....244

بيانه في معنى : (فكأنَّ الأمر قد وصل إليكم)....246

بيانه في معنى : (نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح...)....247

بيانه في معنى : (جعل الدين دولتين)....248

بيانه في معنى : (كلَّما تقارب هذا الأمر) / بيانه في معنى : (والناس لا بد لبعضهم من بعض، ما داموا على هذه الحال حتّى يكون ذلك)....249

بيانه في معنى : «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ» و «لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌّ»....250

بيانه في معنى : (وعليك بهذا المسجد يعنى مسجد الكوفة، فإنَّه أحد المساجد الأربعة ...)....252

بيانه في معنى : (صلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد) بيانه في معنى: (إِنَّ الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف)....254

بيانه في معنى : (ابتغاء اليوم الذي عندك)....255

بيانه في معنى : (يُحيي ويميت، ويُميت ويُحيي) / بيانه في معنى: (ويرجو أيامك).... 256

بيانه في دعاء الإمام زين العابدين في سجدة الشكر....257

بيانه في معنى الدعاء : (والمسلمون فيه مجتمعون في أقطار أرضك...)....258

بيانه في معنى : (الذي جعله الله عيداً لأوليائه المطهرين من الدنس .... المكرورين مع أوليائه)....260

بيانه في معنى : (كوفان كوفان يرد أوّلها على آخرها) / بيانه في معنى : (ولا تذهب الأيام حتَّى ينصب الحجر الأسود فيه)....261

بيانه في ما ورد في مسجد السهلة : (وفيه المعراج، وهو الفاروق الأعظم موضع منه...)....263

بيانه في ما ورد في مسجد السهلة : (وفيها يكون قائمه، والقوّام من بعده...)....264

ص: 288

بيانه في معنى : (فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها لكم)....265

بيانه في معنى : (وإنَّك ثار الله في الأرض)....266

بيانه في معنى : (ضمَّن الأرض ومن عليها دمك وثارك ...)....267

بيانه في معنى : (الثائر بحقك)....268

بيانه في معنى : (ويردّكم في أيامه)....269

بيانه في معنى : (السلام على ولاة عهده)....270

المصادر والمراجع....273

فهرست الموضوعات....281

ص: 289

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.