مناسك الحج آية الله العظمى الواعظي

هویة الکتاب

اسم الكتاب: مناسك الحج

المؤلف : آية الله العظمى الشيخ شمس الدين الواعظي

الناشر: مكتب المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

الكمية : 1000 نسخة

الطبعة الأولى

المطبعة:

ص: 1

اشارة

صورة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله اعلاء لكلمته ولا اله الا الله اخلاصاً لوحدانيته وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله المنتجبين من خلقهأما بعد.

فهذه رسالة بسيطة سهلة الفهم والحفظ والمراجعة الموسومة بمناسك الحج، لما يبتلي به الحاج والمعتمر هذا وارجو الله تبارك وتعالى ان يجعلها ذخراً ليوم فقري وفاقتي انه سميع الدعاء.

شمس الدين

ص: 3

المقدمة

والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه الغر الميامين

وبعد

فهذه رسالة مناسك الحج طبقا لفتوى آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدينالواعظي وتكون جامعة للمسائل التي هي محل لابتلاء الحاج مع المسائل المستحبة، وبما ان الحج هو من الأمور العبادية فينال الحاج خير الدارين، وقد ذكروا للحج فوائد منها أنه يعد من أكبر المؤتمرات بحيث يجتمع فيه الشريف والوضيع والغني والفقير، إذاً لابد ان تجري بينهم أحاديث والتفكر لحلول مشاكل المسلمين دنيوياً كان أو اخروياً فاذا رأى المسلم من أخيه عدم سلوك الطريق الحق فلا بد من ارشاده وإيصاله الى السعادة بلسان لين (وإنك لعلى خلق عظيم) مع الاسف يجتمع المسلمون كأن لم يكن دينهم واحد ورسولهم واحد وكتابهم واحد فهناك من يريد تمزيق المسلمين ولذا تراهم ينسبون الى بعض الفرق الكفر أو

ص: 4

الزندقة والخروج من الدين مع ان الكل مجتمعون تحت راية لا إله الا الله محمد رسول الله فلا بد لنا من توحيد الصف وإلقاء الخلافات حتى نكون كالبنيان المرصوص امام العدو المشترك اللهم الف بين قلوب المسلمين ووحد كلمتهم وفي الختام الحمد لله رب العالمين.

مکتب سماحة المرجع الدیني آیة العظمی الشیخ شمس الدین ألواعظي

ص: 5

ص: 6

الحج

والحج على قسمين واجب ومستحب فالأول يكون على ثلاثة اقسام

الاول حجة الإسلام: وهي واجبة على على توفرت عند شروطه على الرجل والمرأة والخنثى ولا يجب هذا في العمر إلا مرة واحدة.

الثاني الوجوب بالنذر.

الثالث بالاستئجار كالنيابة.

وماعدا هذه تكون مستحبة وهناك أمور لا بد ان تذكر

أولاً: ان الحج من الضرويات واركان الدين الحنيف يعد تركه من المعاصي الكبيرة بل تركه يعد في سلك اليهودي او النصراني اذا مات.

ثانياً: بعد وفور الشرائط يكون فورياً فيجب الاتيان به في سنة الاستطاعة فاذا عصى ولم يأت به لابد من اتيانه في السنة الثانية.

ثالثاً: فاذا حصلت له الاستطاعة وهو متمكن من الاتيان ولو توقف على تهيئة الوسائل فيجب له

ص: 7

المبادرة في تحصيلها ولا يجوز له التأخير مع تعدد الرفقة ولو احتمل الإدراك إذا ولو عصى وأخر ولم يتمكن من المسير فأصبح الحج عليه مستقراً.

شرائط وجوب حجة الإسلام

الشرط الأول: البلوغ.

فلا يجب على غير البالغ وإن كان مراهقاً، ولو حج متعدد لم يكن مجز عن حجة الإسلام وان كان حجه واجداً لبقية الشرائط.

( مسألة 1 ) : إذا خرج الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يحرم من الميقات، وكان مستطيعاً، فلا إشكال في أن حجه حجة الإسلام. وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه لم يجز له إتمام حجه ندباً، ولا عدوله إلى حجة الإسلام، بل يجب عليه الرجوع الى أحد المواقيت، والإحرام منه لحجة الإسلام، فإن لم يتمكن من الرجوع إليه ففي محل إحرامه تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في حكم من تجاوز الميقات جهلا أو نسياناً ولم يتمكن من الرجوع إليه ( في المسألة 169).

( مسألة 2 ) : إذا حج ندباً معتقداً بأنه غير بالغ فبان بعد أداء الحج أنه كان بالغاً اجزأه عن حجة الإسلام.

ص: 8

( مسألة 3 ) : يستحب للصبي المميز أن يحج، ولا يشترط في صحته إذن الولي. الا في بعض الموارد وهو ما اذا استلزم حجه التصرف في ماله الموقوف على اذن الولي.

( مسألة 4 ) : يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز، ذكراً كان أم أنثى. وذلك بأن يلبسه ثوبي الإحرام ويأمره بالتلبية ويلقنه إياها إن كان قابلا للتلقين، وإلاّ لبّي عنه، ويجنّبه عما يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن يؤخر تجريده عن الثياب إلى فَخّ، إذا كان سائراً من ذلك الطريق، ويأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه من أفعال الحج، وينوب عنه فيما لا يتمكن، ويطوف به ويسعى به بين الصفا والمروة، ويقف به في عرفات والمشعر، ويأمره بالرمي إن قدر عليه، وإلاّ رمى عنه، وكذلك صلاة الطواف، ويحلق رأسه، وكذلك بقية الأعمال.

( مسألة 5 ) : نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر على الولي لا على الصبي، نعم إذا كان حفظالصبي متوقفاً على السفر به، أو كان السفر مصلحة له، جاز الانفاق عليه من ماله.

( مسألة 6 ) : ثمن هدي الصبي على الولي، وكذلك كفارة صيده، وأما الكفارات التي تجب عند الاتيان

ص: 9

بموجبها عمداً فالظاهر انها لا تجب بفعل الصبي، لا على الولي ولا في مال الصبي. وان كان الاحوط انها على الولي.

الشرط الثاني: العقل.

فلا يجب الحج على المجنون وإن كان أدوارياً، نعم إذا أفاق المجنون في أشهر الحج وكان مستطيعاً ومتمكناً من الاتيان بأعمال الحج وتهيئة مقدماته اللازمة وجب عليه، وإن كان مجنوناً في بقية الأوقات.

الشرط الثالث: الحرية.

فلا يجب الحج على المملوك وإن كان مستطيعاً ومأذوناً من قبل المولى، ولو حج بإذن مولاه صح ولكن لا يجزيه عن حجة الإسلام، فتجب عليه الاعادة إذا كان واجداً للشرائط بعد العتق.

( مسألة 7 ) : إذا أتى المملوك المأذون من قبل مولاه في الحج بما يوجب الكفارة فكفارته على مولاه في غير الصيد، وعلى نفسه فيه.

( مسألة 8 ) : إذا حج المملوك بإذن مولاه وانعتق قبل ادراك المشعر أجزأه عن حجة الإسلام، بل الظاهر كفاية اداركه الوقوف بعرفات معتقاً وإن لم

ص: 10

يدرك المشعر، ويعتبر في الإجزاء الاستطاعة حين الانعتاق، فإن لم يكن مستطيعاً لم يجزئ حجه عن حجة الإسلام. ولا فرق في الحكم بالإجزاء بين أقسام الحج من الإفراد والقران والتمتع إذا كان المأتي به مطابقاً لوظيفته الواجبة.

( مسألة 9 ) : إذا انعتق العبد قبل المشعر في حج التمتع فهديه عليه، وإن لم يتمكن فعليه أن يصوم بدل الهدي على ما يأتي، وإن لم ينعتق فمولاه بالخيار، فإن شاء ذبح عنه، وإن شاء أمره بالصوم.

الشرط الرابع: الاستطاعة.

ويعتبر فيها أمور:

الأول: السعة في الوقت: ومعنى ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب الى مكة والقيام بالأعمال الواجبة هناك، وعليه فلا يجب الحج إذا كان حصول المال في وقت لا يسع للذهاب والقيام بالأعمال الواجبة فيها. أو أنّه يسع ذلك ولكن بمشقة شديدة لاتتحمل عادة او مع المزاحمة بما هو اهم منه من ترك واجب او فعل حرام على مايأتي. وفي مثل ذلك

ص: 11

يجب عليه التحفظ على المال إلى السنة القادمة، فإن بقيت الاستطاعة إليها وجب الحج فيها، وإلا لم يجب.

الثاني: الأمن والسلامة: وذلك بأن لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض ذهاباً وإياباً وعند القيام بالأعمال، كما أن الحج لا يجب مباشرةً على مستطيع لا يتمكن من قطع المسافة لهرم أو مرض أو لعذر آخر ولكن تجب عليه الاستنابة على ما سيجيء تفصيله.

( مسألة 10 ) : إذا كان للحج طريقان أحدهما مأمون والآخر غير مأمون لم يسقط وجوب الحج، بل وجب الذهاب من الطريق المأمون، وإن كان أبعد.

( مسألة 11 ) : إذا كان له في بلده مال معتد به وكان ذهابه إلى الحج مستلزماً لتلفه لم يجب عليه الحج، وكذلك إذا كان هناك ما يمنعه عن الذهاب شرعاً، كما إذا استلزم حجه ترك واجب أهمّ من الحج، كانقاذ غريق أو حريق، أو توقف حجه على ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه أهم من الحج.

( مسألة 12 ) : إذا حج مع استلزام حجه ترك واجب أهم أو ارتكاب محرم كذلك فهو وإن كان عاصياً منجهة ترك الواجب أو فعل الحرام إلاّ أن الظاهر أنه

ص: 12

يجزئ عن حجة الإسلام إذا كان واجداً لسائر الشرائط، ولا فرق في ذلك بين مَن كان الحج مستقراً عليه ومَن كان أول سنة استطاعته.

( مسألة 13 ) : إذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه إلاّ ببذل مال معتد به، بحيث يكون مضراً بحاله لم يجب بذله ويسقط وجوب الحج.

( مسألة 14 ) : لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط وجوب الحج، إلاّ مع خوف الغرق أو المرض، ولو حج مع الخوف صح حجه على الأظهر.

الثالث: الزاد والراحلة: ومعنى الزاد هو وجود ما يتقوّت به في الطريق من المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج إليه في سفره، أو وجود مقدار من المال (النقود وغيرها) يصرفه في سبيل ذلك ذهاباً وإياباً، ومعنى الراحلة هو وجود وسيلة يتمكن بها من قطع المسافة ذهاباً وإياباً، ويلزم في الزاد والراحلة أن يكونا مما يليق بحال المكلف.

( مسألة 15 ) : لا يختص اشتراط وجود الراحلة بصورة الحاجة إليها، بل يشترط مطلقاً ولو مع عدم الحاجة إليها، كما إذا كان قادراً على المشي من دون مشقة ولم يكن منافياً لشرفه.

ص: 13

( مسألة 16 ) : العبرة في الزاد والراحلة بوجودهما فعلا، فلا يجب على من كان قادراً على تحصيلهما بالاكتساب ونحوه، ولا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب والبعيد.

( مسألة 17 ) : الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج إنّما هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فإذا ذهب المكلف إلى المدينة مثلا للتجارة أو لغيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج به من الزاد والراحلة أو ثمنهما وجب عليه الحج، وان لم يكن مستطيعاً من بلده.

( مسألة 18 ) : إذا كان للمكلف ملك ولم يوجد من يشتريه بثمن المثل وتوقف الحج على بيعه بأقل منه بمقدار معتد به لم يجب البيع، وأما إذا ارتفعت الأسعار فكانت أجرة المركوب مثلا في سنة الاستطاعة أكثر منها في السنة الآتية لم يجز التأخير. الا اذا كان الغلاء مجحفاً فلا يجب الحج هذه السنة.

( مسألة 19 ) : إنّما يعتبر وجود نفقة الاياب في وجوب الحج فيما إذا أراد المكلف العود إلى وطنه. وأما إذا لم يرد العود وأراد السكنى في بلد آخر غير

ص: 14

وطنه، فلابد من وجود النفقة إلى ذلك البلد، ولا يعتبر وجود مقدار العود إلى وطنه.نعم إذا كان البلد الذي يريد السكنى فيه أبعد من وطنه لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان، بل لابد من وجوب النفقة الى بلد السكنى اذا لم يرد الرجوع الى وطنه ولم يتمكن من الإعاشة في وطنه مع عدم وجود الكسب فيه.

الرابع: الرجوع إلى الكفاية: وهو التمكن بالفعل أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع. وبعبارة واضحة يلزم أن يكون المكلف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العَوَز والفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحج، وعليه فلا يجب على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحج وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة عائلته، مع العلم بأنه لا يتمكن من الاعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه، فبذلك يظهر أنه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه من أمواله فلا يجب بيع دار سكناه اللائقة بحاله وثياب تجمله وأثاث بيته، ولا آلات الصنائع التي يحتاج إليها في معاشه، ونحو ذلك مثل الكتب بالنسبة إلى أهل العلم مما لابد منه في سبيل تحصيله، وعلى الجملة كل ما يحتاج

ص: 15

إليه الإنسان في حياته وكان صرفه في سبيل الحج موجباً للعسر والحرج لم يجب بيعه. نعم لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقةالحج، بل من كان عنده دار قيمتها ألف دينار - مثلاً - ويمكنه بيعها وشراء دار أخرى بأقل منها من دون عسر وحرج لزمه ذلك إذا كان الزائد وافياً بمصارف الحج ذهاباً واياباً وبنفقة عياله. نعم لو كان الدار الثاني غير لائق بشأنه فلا يجب بيع دار الاول.

( مسألة 20 ) : إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحج لحاجته إليه، ثم استغنى عنه وجب عليه بيعه لاداء فريضة الحج، مثلا إذا كان للمرأة حلي تحتاج إليه ولابد لها منه ثم استغنت عنه لكبرها أو لأمر آخر، وجب عليها بيعه لأداء فريضة الحج.

( مسألة 21 ) : إذا كانت له دار مملوكة وكانت هناك دار أخرى يمكنه السكنى فيها من دون حرج عليه كما إذا كانت موقوفة تنطبق عليه، بحيث كان لائقاً بشانه وجب عليه بيع الدار المملوكة إذا كانت وافية بمصارف الحج ولو بضميمة ما عنده من المال، ويجري ذلك في الكتب العلمية وغيرها مما يحتاج إليه في حياته.

ص: 16

( مسألة 22 ) : إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج وكان بحاجة الى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك مما يحتاج إليه، فإن كان صرفذلك المال في الحج موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحج، وإلاّ وجب عليه.

( مسألة 23 ) : إذا كان ما يملكه ديناً على ذمة شخص وكان الدين حالاًّ وجبت عليه المطالبة، فإن كان المدين مماطلا وجب اجباره على الأداء، وإن توقف تحصيله على الرجوع الى المحاكم العرفية كما اذا لم يكن الرجوع حرج عليه لزم ذلك، كما تجب المطالبة فيما إذا كان الدين مؤجّلا ولكن المدين يؤديه لو طالبه، وأمّا إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً ولا يمكن اجباره أو كان الاجبار مستلزماً للحرج، أو كان الدين مؤجلاً والمدين لا يسمح بأداء ذلك قبل الأجل، ففي جميع ذلك إن أمكنه بيع الدين بما يفي بمصارف الحج ولو بضميمة ما عنده من المال ولم يكن في ذلك ضرر ولا حرج وجب البيع، وإلاّ لم يجب.

( مسألة 24 ) : كل ذي حرفة كالحدّاد والبنّاء والنجّار وغيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم، يجب عليهم الحج إذا حصل لهم مقدار من

ص: 17

المال بإرث أو غيره وكان وافياً بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدة الذهاب والاياب.

( مسألة 25 ) : من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس والزكاة وغيرهما وكانت نفقاته بحسب العادةمضمونة من دون مشقة، لا يبعد وجوب الحج عليه فيما إذا ملك مقداراً من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته، وكذلك من قام أحد بالانفاق عليه طيلة حياته، وكذلك كل من لا يتفاوت حاله قبل الحج وبعده من جهة المعيشة إن صرف ما عنده في سبيل الحج.

( مسألة 26 ) : لا يعتبر في الاستطاعة الملكية اللازمة بل تكفي الملكية المتزلزلة أيضاً. فلو صالحه شخص ما يفي بمصارف الحج وجعل لنفسه الخيار الى مدة معينة وجب عليه الحج، وكذلك الحال في موارد الهبة الجائزة.

( مسألة 27 ) : لا يجب على المستطيع أن يحج من ماله، فلو حج متسكعاً أو من مال شخص آخرولو غصباً اجزأه، ولو صرفه كان ضامناً للمال نعم إذا كان ثوب طوافه أو ثمن هديه مغصوباً لم يجزئه ذلك الا اذا اشترى كلياً في الذمة.

ص: 18

( مسألة 28 ) : لا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره، فلو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله، لم يلزمه القبول، وكذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه، نعم لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج واستطاع بذلك، وجب عليه الحج.

(مسألة 29 ) : إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج واستطاع بمال الإجارة، قدم الحج النيابي إذا كان مقيداً بالسنة الحالية، بل حتى اذا كان مطلقاً فإن بقيت الاستطاعة الى السنة القادمة وجب عليه الحج، وإلاّ فلا. وإن لم يكن الحج النيابي مقيداً بالسنة الفعلية قدم الحج عن نفسه.

( مسألة 30 ) : إذا اقترض مقداراً من المال يفي بمصارف الحج وكان قادراً على وفائه بعد ذلك وجب عليه الحج.

( مسألة 31 ) : إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج وكان عليه دين ولم يكن صرف ذلك في الحج منافياً لأداء ذلك الدين وجب عليه الحج وإلاّ فلا، ولا فرق في الدين بين أن يكون حالا أو مؤجلاً الا اذا كان الدين مؤجلاً بأجل طويل او كان الدائن قابلاً لذهابه

ص: 19

الى الحج وبين أن يكون سابقاً على حصول ذلك المال أو بعد حصوله.

( مسألة 32 ) : إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أدّاهما وجب عليه أداؤهما، ولم يجب عليه الحج، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخمس والزكاة في عين المال أو يكونا في ذمته .

( مسألة 33 ) : إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها ولم يجز له تأخيره لأجل السفر إلى الحج، ولو كان ثياب طوافه وثمن هديه من المال الذي قد تعلق به الحق لم يصح حجه. الا اذا اشتراهما في الذمة ثم دفع المبلغ الذي فيه الخمس.

( مسألة 34 ) : إذا كان عنده مقدار من المال ولكنه لا يعلم بوفائه بنفقات الحج لم يجب عليه الحج، ولا يجب عليه الفحص، وإن كان الفحص أحوط.

( مسألة 35 ) : إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج منفرداً أو منضماً الى المال الموجود عنده، فإن لم يكن متمكناً من التصرف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك لم يجب عليه الحج، وإلاّ وجب.

ص: 20

( مسألة 36 ) : إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج وجب عليه الحج، ولم يجز له التصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة ولا يمكنه التدارك، كما انه لايجوز له تعجيز نفسه ولا فرق في ذلك بين تصرفه بعد التمكن من المسير وتصرفه فيه قبله، بل الظاهر عدم جواز التصرف فيه قبل أشهر الحج أيضاً، في هذه السنة اذا لم يتمكن في السنة الاتية نعم إذا تصرففيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحة التصرف، وإن كان آثماً بتفويته الاستطاعة.

( مسألة 37 ) : الظاهر أنّه لا يعتبر في الزاد والراحلة ملكيتهما، فلو كان عنده مال يجوز له التصرف فيه وجب عليه الحج إذا كان وافياً بنفقات الحج مع وجدان سائر الشروط.

( مسألة 38 ) : كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد والراحلة حدوثاً كذلك يعتبر بقاء إلى إتمام الأعمال، بل الى العود الى وطنه، فلا بد له من مال يتمكن من الرجوع به الى وطنه فلو تلف المال الذي يوصله الى وطنه في اثناء العمل او عند الذهاب الى الحج فحجه صحيح كذا لو تلف مايوصله الى وطنه بعد اتمام العمل فإن تلف المال في بلده لم يجب عليه الحج وكشف ذلك عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر،

ص: 21

ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري، كما إذا أتلف مال غيره خطأ ولم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحج، نعم الاتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحج بل يبقى الحج في ذمته مستقراً فيجب عليه أداؤه ولو متسكعاً، هذا كله في تلف الزاد والراحلة، واما تلف ما به الكفاية من ماله في بلده،فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر بل يجتزئ حينئذ بحجه، ولا يجب عليه الحج بعد ذلك.

( مسألة 39 ) : إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج لكنه معتقد بعدمه أو كان غافلا عنه، أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة عذر لم يجب عليه الحج، وأما إذا كان شاكاً فيه، أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة ناشئة عن التقصير ثم علم أو تذكر بعد أن تلف المال فلم يتمكن من الحج، فالظاهر استقرار وجوب الحج عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده.

( مسألة 40 ) : كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد والراحلة تتحقق بالبذل، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدداً، وإذا عرض عليه الحج والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله وجب عليه الحج، نعم لو وهبه مالاً لا للحج ولو يكفي للحج فلا

ص: 22

يجب القبول وكذلك لو اعطي مالا ليصرفه حتى في الحج وكان وافياً بمصارف ذهابه وايابه وعياله. ولا فرق في ذلك بين الاباحة والتمليك، ولا بين بذل العين وثمنها.

( مسألة 41 ) : لو أوصي له بمال ليحج به وجب الحج عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافياًبمصارف الحج ونفقة عياله، وكذلك لو وقف شخص لمن يحج أو نذر أو أوصى بذلك وبذل له المتولي أو الناذر أو الوصي وجب عليه الحج.

( مسألة 42 ) : لا يجب الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية، الا اذا ادى الى العسر والحرج نعم لو كان له مال لا يفي بمصارف الحج وبذل له ما يتمم ذلك وجب عليه القبول، ولكن يعتبر حينئذ الرجوع إلى الكفاية.

( مسألة 43 ) : إذا أعطي مالا هبة على أن يحج وجب عليه القبول، وأمّا لو خيّره الواهب بين الحج وعدمه، أو أنّه وهبه مالا من دون ذكر الحج لا تعييناً ولا تخييراً لم يجب عليه القبول.

( مسألة 44 ) : لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية، نعم إذا كان الدين اعم من ان يكون حالا او

ص: 23

مؤجلاً وكان الدائن مطالباً والمدين متمكناً من أدائه إن لم يحج لم يجب عليه الحج.

( مسألة 45 ) : إذا بذل مال لجماعة ليحج أحدهم فإن سبق أحدهم بقبض المال المبذول سقط التكليف عن الآخرين، ولو ترك الجميع مع تمكن كل واحد منهم من القبض استقر الحج على جميعهم.

( مسألة 46 ) : لا يجب بالبذل إلاّ الحج الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حج التمتع فبذل له حج القرآن أو الإفراد لم يجب عليه القبول وبالعكس، وكذلك الحال لو بذل لمن حج حجة الإسلام، وأما من استقرت عليه حجة الإسلام وصار معسراً فبذل له وجب عليه ذلك، وكذلك من وجب عليه الحج لنذر أو شبهه ولم يتمكن منه.

( مسألة 47 ) : لو بذل له مال ليحج به فتلف المال أثناء الطريق سقط الوجوب، نعم لو كان متمكناً من الاستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحج وأجزأه عن حجة الإسلام، إلاّ أن الوجوب حينئذ مشروط بالرجوع إلى الكفاية.

ص: 24

( مسألة 48 ) : لا يعتبر في وجوب الحج البذل نقداً فلو وكله على أن يقترض عنه فلا يجب الاقتراض نعم لو اقترض يجب.

( مسألة 49 ) : الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل فلو لم يبذله وبذل بقية المصارف لم يجب الحج على المبذول له إلا إذا كان متمكناً من شرائه من ماله، نعم إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول، وأما الكفارات فالظاهرأنها واجبة على المبذول له دون الباذل بلا فرق بين ان يصدر منه ما يوجب الكفارة عمداً ام لا.

( مسألة 50 ) : الحج البذلي يجزئ عن حجة الإسلام، ولا يجب عليه الحج ثانياً إذا استطاع بعد ذلك.

( مسألة 51 ) : يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام أو بعده، لكن إذا رجع بعد الدخول في الإحرام وجب على المبذول له إتمام الحج إذا كان مستطيعاً فعلا أي له الرجوع في البذل ولكن لابد له إعطاء مصارف الحج وعلى الباذل ضمان ما صرفه للاتمام، وإذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود.

ص: 25

( مسألة 52 ) : إذا اعطي من الزكاة من سهم سبيل الله على أن يصرفها في الحج وكان فيه مصلحة عامة وجب عليه ذلك، وإن اعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم الفقراء واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحج لم يصح الشرط، فلا يجب عليه الحج إلا إذا أصبح بذلك مستطيعاً.

( مسألة 53 ) : إذا بذل له مال فحج به ثم انكشف أنه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجة الإسلام حتى ولو قال : حجّ وعلي نفقتك، وللمالك أن يرجع الى الباذل أوالى المبذول له، لكنه إذا رجع الى المبذول له رجع هو الى الباذل إن كان جاهلا بالحال، وإلاّ فليس له الرجوع.

( مسألة 54 ) : إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعاً أو بإجارة لم يكفه عن حجة الإسلام، فيجب عليه الحج إذا استطاع بعد ذلك.

( مسألة 55 ) : إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندباً قاصداً امتثال الأمر الفعلي أو لم يقصد ثم بان أنه كان مستطيعاً أجزأه ذلك، ولا يجب عليه الحج ثانياً.

( مسألة 56 ) : لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إذا كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن الحج الواجب عليها، نعم يجوز له منعها

ص: 26

من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت اذا خالف حق الزوج وأمكن الخروج مع القافلة الثانية، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة.

( مسألة 57 ) : لا يشترط في وجوب الحج على المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، ومع عدم الأمن لزمها استصحاب محرم لها ولو بأجرة إذا تمكنت من ذلك، وإلا لم يجب الحج عليها.

( مسألة 58 ) : إذا نذر أن يزور الحسين(عليه السلام)في كل يوم عرفة مثلا واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحج وانحلّ نذره، وكذلك كل نذر يزاحم الحج.

( مسألة 59 ) : يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان متمكناً من ذلك، ولا يجزئ عنه حج غيره تبرعاً أو بإجارة.

( مسألة 60 ) : إذا استقر عليه الحج ولم يتمكن من الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجاً عليه ولم يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج وجبت عليه الاستنابة، وكذلك من كان موسراً ولم يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية، ووجوب الاستنابة كوجوب الحج فوري.

ص: 27

( مسألة 61 ) : إذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر اجزأه حج النائب وإن كان الحج مستقراً عليه، وأما إذا اتفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأقوى أن يحج هو بنفسه عند التمكن، وإذا كان قد ارتفع العذر بعد أن أحرم النائب وجب على المنوب عنه الحج مباشرة، ولا يجب على النائب إتمام عمله.

( مسألة 62 ) : إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة سقط الوجوب بلافرق بين عدم وجود النائب او وجودهمع عدم رضاه الا بأخذ مال كثير يبلغ الاجحاف أو الضرر الزائد، ولكن يجب القضاء عنه بعد موته إن كان الحج مستقراً عليه، وإلاّ لم يجب، ولو أمكنه الاستنابة ولم يستنب حتى مات وجب القضاء عنه.

( مسألة 63 ) : إذا وجبت الاستنابة ولم يستنب ولكن تبرع متبرع عنه لم يجزئه ذلك، ووجبت عليه الاستنابة.

( مسألة 64 ) : يكفي في الاستنابة، الاستنابة من الميقات، ولا تجب الاستنابة من البلد، لاطلاق الصحيحة ( أن يجهز رجلا ليحج عنه وان يحج عنه من ماله )

ص: 28

( مسألة 65 ) : من استقر عليه الحج إذا مات بعد الإحرام في الحرم اجزأه عن حجة الإسلام، سواء في ذلك حج التمتع والقران والإفراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتع أجزأ عن حجه أيضاً ولا يجب القضاء عنه، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء حتى إذا كان موته بعد الإحرام وقبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام، والظاهر اختصاص الحكم بحجة الإسلام فلا يجري في الحج الواجب بالنذر أو الافساد، بل لا يجري في العمرة المفردةأيضاً، فلا يحكم بالإجزاء في شيء من ذلك، ومَن مات بعد الإحرام مع عدم استقرار الحج عليه فإن كان موته بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجة الإسلام، وأما إذا كان قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه أيضاً.

( مسألة 66 ) : إذا أسلم الكافر المستطيع وجب عليه الحج، وأما لو زالت استطاعته ثم أسلم لم يجب عليه.

( مسألة 67 ) : المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه حال ارتداده، فإن تاب صح منه وإن كان

ص: 29

مرتداً فطرياً على الأقوى. وان لم يتب حتى مات لاينوب عنه

( مسألة 68 ) : إذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب عليه إعادة الحج إذا كان ما أتى به صحيحاً في مذهبه وإن لم يكن صحيحاً في مذهبنا. وان كانت الإعادة بالنسبة إليه مستحبة.

( مسألة 69 ) : إذا وجب الحج، وأهمل المكلف في أدائه حتى زالت الاستطاعة وجب الاتيان به بأي وجه تمكن ولو متسكعاً ما لم يبلغ حد العسر والحرج وإذا مات وجب القضاء من تركته، ويصح التبرع عنه بعد موته من دون أجرة.

ص: 30

الوصية بالحج

( مسألة 70 ) : تجب الوصية على من كانت عليه حجة الإسلام وقرب منه الموت، فإن مات تقضى من أصل تركته، وإن لم يوص بذلك ، وكذلك إن أوصى بها ولم يقيدها بالثلث، وإن قيدها بالثلث فإن وفى الثلث بها وجب إخراجها منه، وتقدم على سائر الوصايا، وإن لم يف الثلث بها لزم تتميمه من الأصل.

( مسألة 71 ) : من مات وعليه حجة الإسلام وكان له عند شخص وديعة، واحتمل أن الورثة لا يؤدونها إن ردّ المال إليهم وجب عليه أن يحجّ بها عنه حتى ولو ظن انهم يودونها لانه بمنزلة الشك والروايةمطلقة، كما لايحتاج الى الاذن من الحاكم الشرعي ولا فرق بين وجود المال وعدمه .

فإذا زاد المال من أجرة الحج ردّ الزائد إلى الورثة، ولا فرق بين أن يحج الودعي بنفسه أو يستأجر شخصاً آخر، ويلحق بالوديعة كل مال للميت عند شخص بعارية أو اجارة أو غصب أو دين أو غير ذلك.

( مسألة 72 ) : من مات وعليه حجة الإسلام وكان عليه دين وخمس وزكاة وقصرت التركة، فإن كان

ص: 31

المال المتعلق به الخمس أو الزكاة موجوداً بعينه لزم تقديمهما وإن كانا في الذمة يتقدم الحج عليهما، كما يتقدم على الدين .

( مسألة 73 ) : من مات وعليه حجة الإسلام لم يجز لورثته التصرف في تركته قبل استئجار الحج سواء كان مصرف الحج مستغرقاً للتركة أم لم يكن مستغرقاً على الأحوط. نعم إذا كانت التركة واسعة جداً والتزم الوارث بأدائه جاز له التصرف في التركة، كما هو الحال في الدين.

( مسألة 74 ) : من مات وعليه حجة الإسلام ولم تكن تركته وافية بمصارفها وجب صرفها في الدين أو الخمس أو الزكاة إن كان عليه شيء من ذلك، وإلاّفهي للورثة، ولا يجب عليهم تتميمها من مالهم للاستيجار للحج.

( مسألة 75 ) : من مات وعليه حجة الإسلام لا يجب الاستيجار عنه من البلد، بل يكفي الاستيجار عنه من الميقات، بل من أقرب المواقيت الى مكة إن أمكن وإلاّ فمن الأقرب فالأقرب، والأحوط الأولى الاستيجار من البلد إذا وسع المال، لكن الزائد عن أجرة الميقات لا يحسب على الصغار من الورثة.

ص: 32

( مسألة 76 ) : من مات وعليه حجة الإسلام تجب المبادرة إلى الاستيجار عنه في سنة موته، فلو لم يمكن الاستيجار في تلك السنة من الميقات لزم الاستيجار من البلد، ويخرج بدل الايجار من الأصل، ولا يجوز التأخير إلى السنة القادمة، ولو مع العلم بإمكان الاستيجار فيها من الميقات.

( مسألة 77 ) : من مات وعليه حجة الإسلام إذا لم يوجد من يستأجر عنه إلاّ بأكثر من أجرة المثل يجب الاستيجار عنه، ويخرج من الأصل، ولا يجوز التأخير إلى السنة القادمة توفيراً على الورثة وإن كان فيهم الصغار.

( مسألة 78 ) : من مات وأقرّ بعض ورثته بأن عليه حجة الإسلام، وأنكره الآخرون فالظاهر أنّه يجب على المقرّ الاستيجار للحج ولو بدفع تمام مصرف الحج من حصته، غاية الأمر أن له إقامة الدعوى على المنكرين ومطالبتهم بحصته من بقية التركة، ويجرى هذا الحكم في الاقرار بالدين أيضاً، نعم إذا لم يف تمام حصته بمصرف الحج لم يجب عليه الاستيجار بتتميمه من ماله الشخصي.

( مسألة 79 ) : من مات وعليه حجة الإسلام وتبرع متبرع عنه بالحج لم يجب على الورثة الاستيجار

ص: 33

عنه، بل يرجع بدل الاستيجار إلى الورثة . نعم إذا اوصى الميت بإخراج حجة الإسلام من ثلثه لم يرجع بدله الى الورثة، بل يصرف في وجوه الخير أو يتصدق به عنه.

( مسألة 80 ) : من مات وعليه حجة الإسلام واوصى بالاستيجار من البلد وجب ذلك، ولكن الزائد على أجرة الميقات يخرج من الثلث، ولو أوصى بالحج ولم يعين شيئاً اكتفى بالاستيجار من الميقات، إلا إذا كانت هناك قرينة على إرادة الاستيجار من البلد، كما إذا عين مقداراً يناسب الحج البلدي.

( مسألة 81 ) : إذا اوصى بالحج البلدي، ولكن الوصي أو الوارث استأجر من الميقات بطلت الاجارة إن كانت الإجارة من مال الميت، ولكن ذمة الميت تفرغ من الحج بعمل الأجير.

( مسألة 82 ) : إذا أوصى بالحج البلدي من غير بلده، كما إذا أوصى أن يستأجر من النجف - مثلاً - وجب العمل بها ويخرج الزائد عن أجرة الميقاتية من الثلث.

( مسألة 83 ) : إذا أوصى بالاستيجار عنه لحجة الإسلام وعيّن الأجرة لزم العمل بها، وتخرج من

ص: 34

الأصل إن لم تزد على أجرة المثل، وإلاّ كان الزائد من الثلث.

( مسألة 84 ) : إذا أوصى بالحج بمال معين وعلم الوصي أن المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجه أولاً وصرف الباقي في سبيل الحج، فإن لم يف الباقي بمصارفه لزم تتميمه من أصل التركة، إن كان الموصى به حجة الإسلام، وإلا صرف الباقي في وجوه البر.

( مسألة 85 ) : إذا وجب الاستيجار للحج عن الميت بوصية أو بغير وصية، وأهمل من يجب عليهالاستيجار فتلف المال ضمنه ويجب عليه الاستيجار من ماله.

( مسألة 86 ) : إذا علم استقرار الحج على الميت وشك في أدائه وجب القضاء عنه ، ويخرج من أصل المال.

( مسألة 87 ) : لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستيجار، فلو علم أن الأجير لم يحج لعذر أو بدونه وجب الاستيجار ثانياً، ويخرج من الأصل وإن أمكن استرداد الأجرة من الأجير تعين ذلك، إذا كانت الأجرة مال الميت.

ص: 35

( مسألة 88 ) : إذا تعدّد الاجراء فالأحوط استيجار أقلهم أجرة، إذا كانت الإجارة بمال الميت، وإن كان الأظهر جواز استيجار المناسب لحال الميت من حيث الفضل والشرف، فيجوز استئجاره بالأزيد.

مسألة 89 ) : العبرة في وجوب الاستيجار من البلد أو الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده ولكن قلنا بما ان الحج كان واجبا عليه من البلد فلو استوجر من الميقات وجوب الحج يسقط ولكن لا يفرغ ذمّة الميت من جهة انه كان واجبا من البلد، لا بتقليد الميت أو اجتهاده، فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي والوارث يعتقد جواز الاستيجار من الميقات لم يلزم علىالوارث الاستيجار من البلد. مع ذلك لو اُتي من الميقات سقط وجوب الحج ولكن لم يبرأ ذمة الميت بعد أن كان الواجب عليه اتيانه من البلد.

( مسألة 90 ) : إذا كانت على الميت حجة الإسلام ولم تكن له تركة لم يجب الاستيجار عنه على الوارث، نعم يستحب ذلك على الولي.

( مسألة 91 ) : إذا أوصى بالحج فإن علم أن الموصى به هو حجة الإسلام أخرج من أصل التركة إلاّ فيما إذا عين إخراجه من الثلث، وأما إذا علم أن

ص: 36

الموصى به غير حجة الإسلام، أو شك في ذلك فهو يخرج من الثلث.

( مسألة 92 ) : إذا أوصى بالحج، وعين شخصاً معيناً لزم العمل بالوصية، فإن لم يقبل إلا بازيد من أجرة المثل أخرج الزائد من الثلث ، فإن لم يمكن ذلك أيضاً استؤجر غيره بأجرة المثل.

( مسألة 93 ) : إذا أوصى بالحج، وعين أجرة لا يرغب فيها أحد، فإن كان الموصى به حجة الإسلام لزم

تتميمها من أصل التركة، وإن كان الموصى به غيرها فالاحوط الإعطاء من بقية الثلث مع رضا الورثة.

( مسألة 94 ) : إذا باع داره بمبلغ - مثلاً - واشترط على المشتري أن يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من التركة، فإن كان الحج حجة الإسلام لزم الشرط ووجب صرفه في أجرة الحج، إن لم يزد على أجرة المثل وإلاّ فالزائد يخرج من الثلث، وإن كان الحج غير حجة الإسلام لزم الشرط أيضاً، ويخرج تمامه من الثلث وإن لم يف الثلث لم يلزم البقية الزائدة بل يصرف في الأقرب فالأقرب كالعمرة أو الطواف.

ص: 37

( مسألة 95 ) : إذا صالحه على داره مثلاً أن يحج عنه بعد موته صح ولزم، وخرجت الدار عن ملك المصالح الشارط، ولا تحسب من التركة، وإن كان الحج ندبياً، ولا يشملها حكم الوصية، وكذلك الحال إذا ملكه داره بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحج عنه بعد موته. فجميع ذلك صحيح لازم، وإن كان العمل المشروط عليه ندبياً، ولا يكون للوارث حينئذ حق في الدار، ولو تخلف المشروط عليه عن العمل بالشرط لم ينتقل الخيار الى الوارث، وليس له اسقاط هذا الخيار الذي هو حق للميت وإنّما يثبت الخيار للحاكم الشرعي وبعد فسخه يصرف المال فيما شرط على المفسوخ عليه، فإن زاد شيء صرف في وجوه الخير.

( مسألة 96 ) : لو مات الوصي ولم يعلم أنه استأجر للحج قبل موته وجب الاستيجار من التركة، فيما إذا كان الموصى به حجة الإسلام، ومن الثلث إذا كان غيرها. وإذا كان المال قد قبضه الوصي وكان موجوداً أخذ، وإن احتمل أن الوصي قد استأجر من مال نفسه وتملك ذلك بدلا عما أعطاه، وإن لم يكن المال موجوداً فلا ضمان على الوصي، لاحتمال تلفه عنده بلا تفريط .

ص: 38

( مسألة 97 ) : إذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط لم يضمنه ووجب الاستيجار من بقية التركة، إذا كان الموصى به حجة الإسلام، ومن بقية الثلث إن كان غيرها فإن كانت البقية موزعة على الورثة استرجع منهم بدل الايجار بالنسبة، وكذلك الحال إن استؤجر أحد للحج ومات قبل الاتيان بالعمل، ولم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من تركته.

( مسألة 98 ) : إذا تلف المال في يد الوصي قبل الاستيجار، ولم يعلم أن التلف كان عن تفريط لم يجز تغريم الوصي .

( مسألة 99 ) : إذا أوصى بمقدار من المال لغير حجة الإسلام، واحتمل أنه زائد على ثلثه لم يجز صرف جميعه .

فصل في النيابة

( مسألة 100 ) : يعتبر في النائب أمور:

الأول: البلوغ على الاحوط، فلا يجزئ حج الصبي من غيره في حجة الإسلام وغيرها من الحج

ص: 39

الواجب، وإن كان الصبي مميزاً، نعم لا يبعد صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي.

الثاني: العقل، فلا تجزئ استنابة المجنون، سواء في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقاً، أم كان أدوارياً إذا كان العمل في دور جنونه، وأما السفيه فلا بأس باستنابته.

الثالث: الإيمان فلا عبرة بنيابة غير المؤمن، وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا.

الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه في عام النيابة إذا تنجز الوجوب عليه، ولا بأس باستنابته فيما إذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلاً عنه. وهذا الشرط شرط في صحة الإجارة لا في صحة حج النائب، فلو حج - والحالة هذه - برئت ذمة المنوب عنه، ولكنه لا يستحق الاجرة المسماة، بل يستحق أجرة المثل ويمكن أن يقال بلافرق بين ان يكون عملهمستحقا للغير فالحج يكون باطلا وبين ان يكون واجبا عليه فيصح.

( مسألة 101 ) : يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه إحراز عمل النائب، والاتيان به صحيحاً، فلابد من معرفته بأعمال الحج وأحكامه، وإن كان ذلك بإرشاد

ص: 40

غيره عند كل عمل، كما لابد من الوثوق به، وإن لم يكن عادلا.

( مسألة 102 ) : لا بأس بنيابة المملوك عن الحر، إذا كان بإذن مولاه.

( مسألة 103 ) : لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز اذا كانت عباداته شرعية اما اذا كانت تمرينية فيكون حكمه حكم المجنون اذا حصل على المال في حال الجنون، لا تكليف عليه حتى يقال يجوز الاستنابه، كما لا بأس بالنيابة عن المجنون، بل يجب الاستيجار عنه إذا استقر عليه الحج في حال إفاقته ومات مجنوناً اما اذا لم يستقر عليه الحج فمحل اشكال.

( مسألة 104 ) : لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه، فتصح نيابة الرجل عن المرأة، وبالعكس.

( مسألة 105 ) : لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلا أو امرأة. نعم المشهور أنه يكره استنابة الصرورة، ولا سيما إذا كان النائب امرأة والمنوب عنه رجلاً، ويستثنى من ذلك ما إذا كان المنوب عنه رجلاً حياً ولم يتمكن من حجة الإسلام، فإن الأحوط فيه لزوماً استنابة الرجل الصرورة.

ص: 41

( مسألة 106 ) : يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصح النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعاً، وكان الوارث مسلماً لم يجب عليه استيجار الحج عنه. والناصب كالكافر، إلا أنّه يجوز لولده المؤمن أن ينوب عنه في الحج ولا يجوز نيابته في الحج عن طرف الام ولا يمكن التعدي الى غير الناصب بل لا يمكن التعدي الى غير الحج لعدم معرفة الملاك.

( مسألة 107 ) : لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب تبرعاً كان أو بإجارة، وكذلك في الحج الواجب إذا كان معذوراً عن الاتيان بالعمل مباشرة على ما تقدم ولا تجوز النيابة عن الحي في غير ذلك. وأمّا النيابة عن الميت فهي جائزة مطلقاً، سواء كانت بإجارة، أو تبرع وسواء كان الحج واجباً أو مندوباً.

( مسألة 108 ) : يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، ولا يشترط ذكر اسمه، كما يعتبر فيها قصد النيابة.

( مسألة 109 ) : كما تصح النيابة بالتبرع وبالاجارة تصح بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.

ص: 42

( مسألة 110 ) : من كان معذوراً في ترك بعض الأعمال، أو في عدم الاتيان به على الوجه الكامل لا يجوز استيجاره، بل لو تبرع المعذور وناب عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله، نعم إذا كان معذوراً في ارتكاب ما يحرم على المحرم كمن اضطر إلى التظليل فلا بأس باستيجاره واستنابته، ولا بأس لمن دخل مكة بعمرة مفردة أن ينوب عن غيره لحج التمتع مع العلم أنّه لا يستطيع الإحرام إلاّ من أدنى الحل، كما لا بأس بنيابة النساء أو غيرهن ممن تجوز لهم الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر، والرمي ليلا للحج عن الرجل أو المرأة.

( مسألة 111 ) : إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمة المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية في ما تجب الاستنابة فيه، وإن مات بعد الإحرام أجزأ عنه وإن كان موته قبل دخول الحرم على الأظهر،ولا فرق في ذلك بين حجة الإسلام وغيرها، ولا بين أن تكون النيابة بأجرة أو بتبرع.

( مسألة 112 ) : إذا مات الأجير بعد الإحرام استحق تمام الأجرة إذا كان أجيراً على تفريغ ذمة الميت، وأمّا إذا كان أجيراً على الاتيان بالأعمال استحق الأجرة بنسبة ما أتى به، وإن مات قبل

ص: 43

الإحرام لم يستحق شيئاً. نعم إذا كانت المقدمات داخلة في الإجارة بنحو الجزئية لا القيدية او الشرطية استحق من الأجرة بقدر ما أتى به منها.

( مسألة 113 ) : إذا استأجر للحج البلدي ولم يعين الطريق، كان الأجير مخيراً في ذلك، وإذا عين طريقاً لم يجز العدول منه إلى غيره، فإن عدل وأتى بالأعمال، فإن كان اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية استحق الأجير تمام الأجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى أجرة المثل وإن كان اعتباره على نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضاً، فإن لم يفسخ استحق من الأجرة المسماة بمقدار عمله، ويسقط بمقدار مخالفته.

( مسألة 114 ) : إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة لم تصح إجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضاً، وتصح الاجارتانمع اختلاف السنتين، أو مع عدم تقيد إحدى الاجارتين أو كلتيهما بالمباشرة.

( مسألة 115 ) : إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يجز له التأخير ولا التقديم. ولكنه لو قدّم أو أخّر

ص: 44

برئت ذمة المنوب عنه، ولا يستحق الأجرة إذا كان التقديم أو التأخير بغير رضى المستأجر.

( مسألة 116 ) : إذا صُدّ الأجير، أو أُحصر فلم يتمكن من الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى، وانفسخت الإجارة إذا كانت مقيدة بتلك السنة، ويبقى الحج في ذمته إذا لم تكن مقيدة بها.

( مسألة 117 ) : إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرع.

( مسألة 118 ) : إذا استأجره للحج بأجرة معينة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها كما أنها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد والشرط غير مفيد لأنه مجهول.

( مسألة 119 ) : إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فأفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر وجب عليه اتمامه وأجزأ المنوب عنه ، وعليه الحجمن قابل وكفارة بدنة والظاهر أنّه يستحق الأجرة، وإن لم يحج من قابل لعذر أو غير عذر، وتجري الأحكام المذكورة في المتبرع أيضاً غير أنّه لا يستحق الأجرة.

ص: 45

( مسألة 120 ) : الأجير وإن كان يملك الأجرة بالعقد، ولكن لا يجب تسليمها اليه إلاّ بعد العمل إذا لم يشترط التعجيل، ولكن الظاهر جواز مطالبة الأجير للحج الأجرة قبل العمل، وذلك من جهة القرينة على اشتراط ذلك، فإن الغالب أن الأجير لا يتمكن من الذهاب الى الحج، أو الاتيان بالأعمال قبل أخذ الأجرة.

( مسألة 121 ) : إذا آجر نفسه للحج فليس له أن يستأجر غيره إلاّ مع إذن المستأجر .

( مسألة 122 ) : إذا استأجر شخصاً لحج التمتع مع سعة الوقت، واتفق أن الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن عمرة التمتع الى حج الإفراد وأتى بعمرة مفردة بعده برئت ذمة المنوب عنه، لكن الأجير لا يستحق الأجرة إذا كانت الإجارة على نفس الأعمال. نعم إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمة الميت استحقهااما إستئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج وكان وظيفتهالعدول الى الافراد عمن عليه حج التمتع من الاول لا يجوز.

( مسألة 123 ) : لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج المندوب، وأمّا الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين وما زاد، حتى إذا كان وجوبه

ص: 46

عليهما أو عليهم على نحو الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما مع الآخر في الاستيجار في الحج، فحينئذ يجوز لهما أن يستأجرا شخصاً واحداً للنيابة عنهما لأن النيابة كهذه خلاف الاصل.

( مسألة 124 ) : لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميت أو حي تبرعاً أو بالإجارة فيما إذا كان الحج مندوباً، وكذلك في الحج الواجب، فيما إذا كان متعدداً، كما إذا كان على الميت أو الحي حجان واجبان بنذر مثلا أو كان أحدهما حجة الإسلام وكان الآخر واجباً بالنذر، فيجوز حينئذ استيجار شخصين أحدهما لواجب والآخر لآخر، وكذلك يجوز استيجار شخصين عن واحد أحدهما للحج الواجب والآخر للمندوب، بل لا يبعد استيجار شخصين لواجب واحد، كحجة الإسلام من باب الاحتياط، لاحتمال نقصان حج أحدهما بل مع العلم أيضا لان الامر مع عدم الاتيان بالمأمور به يكون باقياً حتى لو علم باناحدهما يتم، نعم لو كان اكمال العمل يكشف عدم وجود الأمر فأتيانه الآخر محل اشكال.

ص: 47

( مسألة 125 ) : الطواف مستحب في نفسه، فتجوز النيابة فيه عن الميت، وكذا عن الحي إذا كان غائباً عن مكة أو حاضراً فيها ولم يتمكن من الطواف مباشرة.

( مسألة 126 ) : لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره، كما لا بأس أن يطوف عن نفسه أو عن غيره وما ورد من الفصل إنما هو اذا كان بعمرتين مفردتين عن نفسه لا العمرة المفردة والتمتع.

الحج المندوب

( مسألة 127 ) : يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج وإن لم يكن مستطيعاً، أو أنه أتى بحجة الإسلام، ويستحب تكراره في كل سنة لمن يتمكن من ذلك.

( مسألة 128 ) : يستحب نية العود على الحج حين الخروج من مكة.

( مسألة 129 ) : يستحب احجاج من لا استطاعة له، كما يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك، ويستحب كثرة الانفاق في الحج.

ص: 48

( مسألة 130 ) : يستحب اعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.

( مسألة 131 ) : يشترط في حج المرأة إذن الزوج، إذا كان الحج مندوباً، وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية ولا يعتبر ذلك في البائنة وفي عدة الوفاة.

أقسام العمرة

( مسألة 132 ) : العمرة كالحج، فقد تكون واجبة وقد تكون مندوبة، وقد تكون مفردة، وقد تكون متمتعاً بها وقد يكون واجبا أصليا وقد يكون عرضيا.

( مسألة 133 ) : تجب العمرة كالحج على كل مستطيع واجد للشرائط، ووجوبها كوجوب الحج فوري، فمن استطاع لها - ولو لم يستطع للحج - وجبت عليه. نعم الظاهر عدم وجوبها على من كانت وظيفته حج التمتع ولم يكن مستطيعاً ولكنه استطاعلها، وعليه فلا تجب على الأجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة وإن كان مستطيعاً من الاتيان بالعمرة

ص: 49

المفردة، لكن الاتيان بها أحوط، وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الاتيان بالعمرة المفردة جزماً.

( مسألة 134 ) : يستحب الاتيان بالعمرة المفردة مكرراً، والأولى الاتيان بها في كل شهر، والأظهر جواز الاتيان بعمرة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في أوله، ولا يجوز الاتيان بعمرتين في شهر واحد فيما إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر وإن كان لا بأس بالاتيان بالثانية رجاءً، ولا يعتبر هذا فيما إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره، كما لا يعتبر هذا بين العمرة المفردة وعمرة التمتع فمن اعتمر عمرة مفردة جاز له الاتيان بعمرة التمتع بعدها ولو كانت في نفس الشهر. وكذلك الحال في الاتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ من أعمال الحج ولا يجوز الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج.

( مسألة 135 ) : كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب بالنذر، أو الحلف أو العهد أوغير ذلك ولافساد فإنه موجب لفعلها ثانيا وبفوت الحج فيجب التحلل منه بالعمرة المفردة.

ص: 50

( مسألة 136 ) : تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها، وسيأتي بيان ذلك، وتفترق عنها في أمور:

1 - ان العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب ذلك لعمرة التمتع.

2 - أن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وتصح العمرة المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب وبعده شهر رمضان.

3 - ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة التمتع بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الإحرام في العمرة المفردة قد يكون بالتقصير وقد يكون بالحلق.

4 - يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة المفردة، فمن وجب عليه حج الإفراد والعمرة المفردة جاز له أن يأتي بالحج في سنة والعمرة في سنة اُخرى.

5 - أن من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال ووجبتعليه الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم

ص: 51

فيعيدها فيه، وأما من جامع في عمرة التمتع ففي فساد عمرته إشكال، والأظهر عدم الفساد كما يأتي.

( مسألة 137 ) : يجوز الإحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع - ويأتي بيانها - وإذا كان المكلف في مكة وأراد الاتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يخرج من الحرم ويحرم، ولا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت والإحرام منها، والأولى أن يكون إحرامه من الحديبية أو الجعرانة، أو التنعيم.

( مسألة 138 ) : تجب العمرة المفردة لمَن أراد أن يدخل مكة، فإنه لا يجوز الدخول فيها إلاّ محرما نعم الاحرام وحده لا يكفي الا مع قصد العمرة ويستثنى من ذلك من يتكرّر منه الدخول والخروج كالحطّاب والحشّاش ونحوهما، وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال الحج أو بعد العمرة المفردة، فإنه يجوز له العود إليها، من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدّى نسكه فيه، ويأتي حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج.

( مسألة 139 ) : مَن أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي اتفاقاً في مكة إلى أوان الحج جاز لهأن

ص: 52

يجعلها عمرة التمتع ويأتي بالحج، ولا فرق في ذلك بين الحج الواجب والمندوب.

أقسام الحج

( مسألة 140 ) : أقسام الحج ثلاثة: تمتع، وإفراد، وقران، والأول فرض من كان البعد بين أهله والمسجد الحرام أكثر من ستة عشر فرسخاً، والآخران فرض من كان أهله حاضري المسجد الحرام، بأن يكون البعد بين أهله والمسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخاً.

( مسألة 141 ) : لا بأس للبعيد أن يحج حج الإفراد أو القران ندباً، كما لا بأس للحاضر أن يحج حج التمتع ندباً، ولا يجوز ذلك في الفريضة، فلا يجزي حج التمتع عمن وظيفته الإفراد أو القران، وكذلك العكس، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الإفراد، كما يأتي.

( مسألة 142 ) : إذا أقام البعيد في مكة، فإن كانت إقامته بعد استطاعته ووجوب الحج عليه وجب عليه حج التمتع، وأما إذا كانت استطاعته بعد إقامته في

ص: 53

مكة وجب عليه حج الإفراد أو القران بعد الدخول في السنة الثالثة، وأما إذا استطاع قبل ذلك وجب عليه حج التمتع، هذا إذا كانت إقامته بقصد المجاورة، وأما إذا كانت بقصد التوطن فوظيفته حج الإفراد أو القران من أول الأمر إذا كانت استطاعته بعد ذلك، وأما إذا كانت قبل قصد التوطن في مكة فوظيفته حج التمتع، وكذلك الحال فيمن قصد التوطن في غير مكة من الأماكن التي يكون البعد بينها وبين المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخاً.

( مسألة 143 ) : إذا أقام في مكة، وكانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه الى حج الإفراد أو القران، فالأظهر جواز إحرامه من أدنى الحل وإن كان الأحوط أن يخرج إلى أحد المواقيت والإحرام منها لعمرة التمتع، بل الأحوط أن يخرج الى ميقات أهل بلده.

حج التمتع

(مسألة 144 ) : يتألف هذا الحج من عبادتين تسمّى أولاهما بالعمرة، والثانية بالحج، وقد يطلق حج

ص: 54

التمتع على الجزء الثاني منهما، ويجب الاتيان بالعمرة فيه قبل الحج .

( مسألة 145 ) : تجب في عمرة التمتع خمسة أمور:

الأمر الأول: الإحرام من أحد المواقيت، وستعرف تفصيلها.

الأمر الثاني: الطواف حول البيت.

الأمر الثالث: صلاة الطواف.

الأمر الرابع: السعي بين الصفا والمروة.

الأمر الخامس: التقصير، وهو أخذ شيء من الشعر أو الأظفار، فإذا أتى المكلف بهذه الأعمال الخمسة خرج من إحرامه، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام.

( مسألة 146 ) : يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام، وواجبات الحج ثلاثة عشر وهي كما يلى:

1 - الإحرام من مكة، على تفصيل يأتي.

ص: 55

2 - الوقوف في عرفات بعد مضي ساعة من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام، أو من نفس الظهر إلى المغرب، وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.

3 - الوقوف في المزدلفة يوم العيد الأضحى من الفجر الى طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة .

4 - رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد فرسخ واحد من مكة تقريباً.

5 - النحر أو الذبح في منى يوم العيد.

6 - الحلق أو أخذ شيء من الشعر أو الظفر في منى، وبذلك يحل له ما حرم عليه من جهة الإحرام ما عدا النساء والطيب، بل الصيد على الأحوط.

7 - طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.

8 - صلاة الطواف.

9 - السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحل الطيب أيضاً.

10 - طواف النساء.11 - صلاة طواف النساء، وبذلك تحل النساء أيضاً.

ص: 56

12 - المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، بل ليلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.

13 - رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، بل في اليوم الثالث عشر أيضاً، فيما إذا بات المكلف هناك على الأحوط.

( مسألة 147 ) : يشترط في حج التمتع أمور:

1 - النية بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه، فلو نوى غيره أو تردد في نيته لم يصح حجه.

2 - أن يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.

3 - أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع، ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة الى السنة القادمة وأن يرجع إلى أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحلّ من إحرامه بالتقصير وأن يبقى محرماً إلى السنة القادمة.4 - أن يكون إحرام حجه من نفس مكة مع الاختيار وأفضل مواضعه المقام أو الحجر، وإذا لم يمكنه

ص: 57

الإحرام من نفس مكة أحرم من أي موضع تمكن منه.

5 - أن يؤدّي مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو حي أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يصح ذلك، وكذلك لو حج شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم يصح.

( مسألة 148 ) : إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة التمتع وجب عليه الاتيان بأعمال الحج، ولا يجوز له الخروج من مكة لغير الحج، إلاّ أن يكون خروجه لحاجة ولم يخف فوات أعمال الحج، فيجب والحالة هذه أن يحرم للحج من مكة ويخرج لحاجته أي يجب ان يخرج مع الاحرام، ثم يلزمه أن يرجع الى مكة بذلك الإحرام ويذهب منها الى عرفات، وإذا لم يتمكن من الرجوع الى مكة ذهب الى عرفات من مكانه، وكذلك لا يجوز لمن أتى بعمرة التمتع أن يترك الحج اختياراً ولو كان الحج استحبابياً، نعم إذا لم يتمكن من الحج فالأحوط أن يجعلها عمرة مفردة ويأتي بطواف النساء.

( مسألة 149 ) : كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة بعد تمام عمرته بلا فرق بين ان يكون بمقدار

ص: 58

المسافة أو اقل كذلك لا يجوز له الخروج منها في أثناء العمرة، فلو علم المكلف قبل دخوله مكة باحتياجه الى الخروج منها - كما هو شأن الحملدارية - فله أن يحرم أولا بالعمرة المفردة لدخول مكة فيقضي أعمالها، ثم يخرج لقضاء حوائجه، ويحرم ثانياً لعمرة التمتع، ولا يعتبر في صحته مضي شهر من عمرته الأولى كما مرّ.

( مسألة 150 ) : المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة أو أثنائها إنّما هو الخروج عنها الى محل آخر، ولا بأس بالخروج الى أطرافها وتوابعها بل الى الطائف وكل مكان قريب من مكة، وعليه فلا بأس للحاج أن يكون منزله خارج البلد فيرجع الى منزله أثناء العمرة، أو بعد الفراغ منها.

( مسألة 151 ) : إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون إحرام، وتجاوز المواقيت ففيه صورتان:

الأولى: أن يكون رجوعه قبل مضي شهر عمرته، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكة بدون إحرام ، فيحرم منها للحج، ويخرج الى عرفات.الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي شهر عمرته، ففي هذه الصورة تلزمه إعادة العمرة.

ص: 59

( مسألة 152 ) : من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له العدول الى غيره من إفراد أو قران، ويستثنى من ذلك من دخل فى عمرة التمتع ثم ضاق وقته فلم يتمكن من إتمامها وإدراك الحج، فإنه ينقل نيته الى حج الإفراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحج، وحدّ الضيق المسوّغ لذلك خوف فوات الركن من الوقوف الاختياري في عرفات.

( مسألة 153 ) : إذا علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحج قبل أن يدخل في العمرة، لم يجز له العدول من الأول، بل وجب عليه تأخير الحج إلى السنة القادمة.

( مسألة 154 ) : إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة الوقت، وأخّر الطواف والسعي متعمداً الى زمان لا يمكن الاتيان فيه بهما وإدراك الحج، بطلت عمرته ، ولا يجوز له العدول الى الإفراد على الأظهر، لكن الأحوط أن يعدل إليه ويتمها بقصد الأعم من حج الإفراد والعمرة المفردة.

حج الإفراد

ص: 60

مرّ عليك أن حج التمتع يتألف من جزئين، هما: عمرة التمتع والحج، والجزء الأوّل منه متصل بالثاني، والعمرة تتقدم على الحج.

أما حج الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه واجب كما علمت على من يكون الفاصل بين منزله وبين المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخاً، وفيما إذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً.

وعليه، فإذا تمكّن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصة، وإذا تمكن من أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت، وإذا تمكن منهما في وقت واحد وجب عليه حينئذ الاتيان بهما، والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحج على العمرة المفردة وهو الأحوط.

( مسألة 155 ) : يشترك حج الافراد مع حج التمتع في جميع أعماله، ويفترق عنه في أمور:أولاً : يعتبر اتصال العمرة بالحج في حج التمتع ووقوعهما في سنة واحدة كما مر، ولا يعتبر ذلك في حج الإفراد.

ص: 61

ثانياً: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع كما مر ولا يعتبر شيء من ذلك في حج الإفراد.

ثالثاً: لا يجوز تقديم الطواف والسعي على الوقوفين في حج التمتع مع الاختيار، ويجوز ذلك في حج الإفراد.

رابعاً: إن إحرام حج التمتع يكون بمكة، وأما الإحرام في حج الإفراد فهو من أحد المواقيت الآتية.

خامساً: يجب تقديم عمرة التمتع على حجه، ولا يعتبر ذلك في حج الإفراد.

سادساً: لا يجوز بعد إحرام حج التمتع الطواف المندوب على الأحوط الوجوبي، ويجوز ذلك في حج الإفراد.

( مسألة 156 ) : إذا أحرم لحج الإفراد ندباً جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتع، إلا فيما إذا لبّى بعد السعي، فليس له العدول حينئذ إلى التمتع.

( مسألة 157 ) : إذا أحرم لحج الإفراد ودخل مكة جاز له أن يطوف بالبيت ندباً، ولكن يجب عليهالتلبية ، بعد الفراغ من صلاة الطواف على الأحوط.

ص: 62

حج القران

( مسألة 158 ) : يتّحد هذا العمل مع حج الإفراد في جميع الجهات، غير أن المكلّف يصحب معه الهدي وقت الإحرام، وبذلك يجب الهدي عليه والإحرام في هذا القسم من الحج، كما يكون بالتلبية يكون بالإشعار أو بالتقليد، وإذا أحرم لحج القران لم يجز له العدول الى حج التمتع.

مواقيت الإحرام

هناك أماكن خصصتها الشريعة الإسلامية المطهرة للإحرام منها، ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن ويسمّى كلّ منها ميقاتاً، وهي عشرة:1 - مسجد الشجرة، ويقع قريباً من المدينة المنورة وهو ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحج عن طريق المدينة، ويجوز الإحرام من خارج المسجد محاذياً له من اليسار أو اليمين، والأحوط الإحرام من نفس المسجد مع الإمكان.

ص: 63

( مسألة 159 ) : لا يجوز تأخير الإحرام من مسجد الشجرة الى الجحفة إلا لضرورة، من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع اما اذا اصبح حرجياً فيجوز ذلك.

2 - وادي العقيق، وهو ميقات أهل العراق ونجد، وكل من مرّ عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة:

المسلخ وهو اسم لأوله، والغمرة وهو اسم لوسطه، وذات عرق وهو اسم لآخره، والأحوط الأولى أن يحرم المكلف قبل أن يصل ذات عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.

( مسألة 160 ) : يجوز الإحرام في حال التقية قبل ذات عرق سراً من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل ذات عرق نزع ثيابه.3 - الجُحفة، وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب وكل من يمر عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.

4 - يلملم، وهو ميقات أهل اليمن وكل من يمرّ من ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.

ص: 64

5 - قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف وكل من يمرّ من ذلك الطريق ولا يختص بالمسجد فأي مكان يصدق عليه أنه من قرن المنازل جاز له الإحرام منه، فإن لم يتمكن من إحراز ذلك فله أن يتخلص بالإحرام قبلا بالنذر كما هو جائز اختياراً.

6 - مكة القديمة على الاحوط في زمان الرسول(صلى الله عليه وآله)والتي حدّها من عقبة المدنيين إلى ذي طوى، وهي ميقات حج التمتع.

7 - المنزل الذي يسكنه المكلف، وهو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكة، فإنه يجوز له الإحرام من منزله، ولا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت.

8 - الجعرانة: وهي ميقات أهل مكة لحج القران والإفراد، وفي حكمهم من جاور مكة بعد السنتين فإنهبمنزلة أهلها، وأما قبل ذلك فحكمه كما تقدم في المسألة (146) .

9 - محاذاة مسجد الشجرة، فإنّ من أقام بالمدينة شهراً أو نحوه وهو يريد الحج، ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة، ويحرم من محل المحاذاة، وفي التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة إلى محاذاة

ص: 65

غيره من المواقيت بل عن خصوص المورد المذكور إشكال، بل الظاهر عدم التعدي إذا كان الفصل كثيراً.

10 - أدنى الحلّ وهو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة أي يكون الاحرام فيها من المواقيت لمن اراد الاعتمار من بعيد، والأفضل أن يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم.

y

أحكام المواقيت

( مسألة 161 ) : لا يجوز الإحرام قبل الميقات ولا يكفي المرور عليه محرماً، بل لابد من الإحرام من نفس الميقات، ويستثنى من ذلك موردان:

1 - أن ينذر الإحرام قبل الميقات، فإنه يصح ولا يلزمه التجديد في الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى مكة من طريق لا يمرّ بشيء من المواقيت، ولا فرق في ذلك بين الحج الواجب

ص: 66

والمندوب والعمرة المفردة، نعم إذا كان إحرامه للحج فلابد من أن يكون إحرامه في أشهر الحج كما تقدم ولايجب تجديده اذا مر بالميقات وان كان الاحوط.

2 - إذا قصد العمرة المفردة في رجب وخشي عدم إدراكها إذا أخّر الإحرام إلى الميقات جاز له الإحرام قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى ببقية الأعمال في شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة والمندوبة.

( مسألة 162 ) : يجب على المكلف اليقين بوصوله الى الميقات والإحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة شرعية، ولا يجوز له الإحرام عند الشك في الوصول الى الميقات.

( مسألة 163 ) : لو نذر الإحرام قبل الميقات وخالف وأحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفارة مخالفة النذر، إذا كان متعمداً.

( مسألة 164 ) : كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة، أن يتجاوز الميقات اختياراً إلا محرماً، حتى إذا كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع الإمكان، نعم إذا لم يكن المسافر قاصداً لما ذكر لكن لما وصل حدود

ص: 67

الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الإحرام من أدنى الحل.

( مسألة 165 ) : إذا ترك المكلف الإحرام من الميقات عن علم وعمد حتى تجاوزه، ففي المسألة صور:

الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع والإحرام منه سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه، فإن أتى بذلك صح عمله من دون إشكال.

الثانية: أن يكون المكلف في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم،ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع إلى خارج الحرم والإحرام من هناك.

الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات أو إلى خارج الحرم ولو من جهة خوفه فوات الحج، وفي هذه الصورة يلزمه الإحرام من مكانه.

الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، وفي هذه الصورة يلزمه الإحرام من مكانه أيضاً.

ص: 68

وقد حكم جمع من الفقهاء بفساد العمرة في الصور الثلاث الأخيره، ولكن الصحة فيها لا تخلو من وجه وإن ارتكب المكلف محرماً بترك الإحرام من الميقات، لكن الأحوط مع ذلك إعادة الحج عند التمكن منها، وأما إذا لم يأت المكلف بوظيفته في هذه الصور الثلاث وأتى بالعمرة فلا شك في فساد حجه.

( مسألة 166 ) : إذا ترك الإحرام عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات فللمسألة كسابقتها صور أربع:

الصورة الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات، فيجب عليه الرجوع والإحرام من هناك.الصورة الثانية: أن يكون في الحرم، ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم وعليه حينئذ الرجوع إلى الخارج والإحرام منه، والأولى في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الإحرام من هناك.

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه وإن كان قد دخل مكة.

ص: 69

الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من محله .

وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الإحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل أو نسيان.

( مسألة 167 ) : إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم، فعليها كغيرها الرجوع إلى الخارج والإحرام منه إذا لم تتمكن من الرجوع إلى الميقات، بل الواجب لها في هذه الصورة أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم على أن لا يكون ذلك مستلزماً لفوات الحج،وفيما إذا لم يمكنها انجاز ذلك فهي وغيرها على حد سواء.

مسألة 168 ) : إذا فسدت العمرة وجبت إعادتها مع التمكن، ومع عدم الاعادة ولو من جهة ضيق الوقت يفسد حجه. وعليه الاعادة في سنة أخرى.

( مسألة 169 ) : قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما إذا أتى المكلف بها من دون إحرام لجهل أو نسيان، ولكن هذا القول لا يخلو من إشكال،

ص: 70

والأحوط في هذه الصورة الاعادة على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكن منها وهذا الاحتياط لا يترك البتة.

( مسألة 170 ) : قد تقدم أن النائي يجب عليه الإحرام لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأولى، فإن كان طريقه منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمر بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث إن الحجاج يردون جدة ابتداءً، وهي ليست من المواقيت فلا يجزي الإحرام منها حتى إذا كانت محاذية لأحد المواقيت على ما عرفت فضلا عن أن محاذاتها غير ثابتة، بل المطمأن به عدمها، فاللازم على الحاج حينئذ أن يمضي إلى أحد المواقيت مع الإمكان، أو ينذر الإحرام من بلده أو من الطريق قبل الوصول إلىجدة بمقدار معتد به، ولو في الطائرة فيحرم من محل نذره، ويمكن لمَن ورد جدة بغير إحرام أن يمضي الى (رابغ) الذي هو في طريق المدينة المنورة ويحرم منه بنذر باعتبار أنه قبل الجحفة التي هي أحد المواقيت، وإذا لم يمكن المضي إلى أحد المواقيت ولم يحرم قبل ذلك بنذر لزمه الإحرام من جدة بالنذر، ثم يجدد إحرامه خارج الحرم قبل دخوله فيه.

ص: 71

(مسألة 171 ) : تقدم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجه من مكة، فلو أحرم من غيرها عالماً عامداً لم يصح إحرامه وإن دخل مكة محرماً، بل وجب عليه الاستيناف من مكة مع الإمكان، وإلاّ بطل حجه.

( مسألة 172 ) : إذا نسي المتمتع الإحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الإمكان، وإلا أحرم في مكانه ولو كان في عرفات وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم .

( مسألة 173 ) : لو نسي إحرام الحج ولم يذكر حتى أتى بجميع أعماله صح حجه، وكذلك الجاهل.

كيفية الإحرام

واجبات الإحرام ثلاثة أمور:الأمر الأول: النية، ومعنى النية أن يقصد الاتيان بما يجب عليه في الحج أو العمرة متقرباً به الى الله تعالى. وفيما إذا لم يعلم المكلف به تفصيلا وجب عليه قصد الاتيان به إجمالا، واللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئاً فشيئاً من الرسائل العملية

ص: 72

أو ممن يثق به من المعلمين، فلو أحرم من غير قصد بطل إحرامه، ويعتبر في النية أمور :

1 - القربة، كغير الإحرام من العبادات.

2 - أن تكون مقارنة للشروع فيه.

3 - تعيين أن الإحرام للعمرة أو للحج، وأن الحج تمتع أو قران أو إفراد، وأنه لنفسه أو لغيره، وأنه حجة الإسلام أو الحج النذري أو الواجب بالافساد أو الندبي، فلو نوى الإحرام من غير تعيين بطل إحرامه.

( مسألة 174 ) : لا يعتبر في صحة النية التلفظ ولا الاخطار بالبال، بل يكفي الداعي كما في غير الإحرام من العبادات.

( مسألة 175 ) : لا يعتبر في صحة الإحرام العزم على ترك محرماته حدوثاً وبقاءً إلاّ الجماع والاستمناء فانهما ولو لم يكونا في الاحرام حتى يكون الاحرامعباره عن تركهما بل لاجل انهما دخيلان في الحج الصحيح، فلو عزم من أول الإحرام في الحج على أن يجامع زوجته أو يستمني قبل الوقوف بالمزدلفة أو تردّد في ذلك بطل إحرامه على وجه، وأما لو عزم على الترك من أول الأمر ولم

ص: 73

يستمر عزمه، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الاتيان بشيء منهما لم يبطل إحرامه.

الأمر الثاني: التلبية، وصورتها أن يقول: «لبيك اللهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك»، والأحوط الأولى إضافة هذه الجملة: «إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك»، ويجوز إضافة «لك» الى الملك، بأن يقول: «والملك لك لا شريك لك لبيك».

( مسألة 176 ) : على المكلف أن يتعلّم ألفاظ التلبية ويحسن أداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الإحرام في الصلاة، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين يجب عليه التلفظ بها بالمقدار الميسور، والأحوط في هذه الصورة الجمع بين الاتيان بالمقدار الذي يتمكن منه والاتيان بترجمتها والاستنابة لذلك بل اذا لم يتمكن اصلاً ان يأتي بالترجمة والاستنابة ان لم تقل بسقوط الحج.

( مسألة 177 ) : الأخرس يشير الى التلبية بإصبعه مع تحريك لسانه، والأولى أن يجمع بينها وبين الاستنابة.

( مسألة 178 ) : الصبي غير المميز يلبّى عنه.

ص: 74

( مسألة 179 ) : لا ينعقد إحرام حج التمتع، وإحرام عمرته، وإحرام حج الإفراد، وإحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية، وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار أو التقليد، والاشعار مختص بالبدن، والتقليد مشترك بين البدن وغيرها من أنواع الهدي، والأولى

الجمع بين الاشعار والتقليد في البدن، والأحوط التلبية على القارن، وإن كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد، ثم إن الاشعار هو شق السنام الأيمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي ويشق سنامه من الجانب الأيمن ويلطخ صفحته بدمه، والتقليد هو أن يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقاً قد صلى فيها.

( مسألة 180 ) : لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر في صحة الإحرام، فيصح الإحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.

( مسألة 181 ) : التلبية بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا يتحقق الإحرام إلا بها، أو بالاشعار أو التقليد لخصوص القارن، فلو نوى الإحرام ولبس

ص: 75

الثوبين وفعل شيئاً من المحرمات قبل تحقق الإحرام لم يأثم وليس عليه كفارة.

( مسألة 182 ) : الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء، ولمن حج عن طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلا، ولمن حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء، ولكن الأحوط التعجيل بها مطلقاًويؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة، والبيداء بين مكة والمدينة على ميل من ذي الحُليفة نحو مكة، والرقطاء موضع يسمّى مدعى دون الردم.

( مسألة 183 ) : يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة، ولمَن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكة لإحرامها، ولمَن حج بأي نوع من أنواع الحج قطعها عند الزوال من يوم عرفة والقطع الوارد في هذه الموارد يكون على نحو العزيمة.

( مسألة 184 ) : إذا شك بعد لبس الثوبين، وقبل التجاوز من الميقات في أنّه قد أتى بالتلبية أم لا بنىعلى عدم الاتيان، وإذا شك بعد الاتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحةً أم لا بنى على الصحة.

ص: 76

الأمر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه، يتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، ويستثنى من ذلك الصبيان، فيجوز تأخير تجريدهم الى فخّ، كما تقدم.

( مسألة 185 ) : لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي وليس شرطاً في تحقق الإحرام على الأظهر، والأحوط أن يكون لبسهما على الطريق المألوف.

( مسألة 186 ) : يعتبر في الازار أن يكون ساتراً من السُّرّة إلى الركبة، كما يعتبر في الرداء أن يكون ساتراً للمنكبين على الاحوط ، والأحوط كون اللبس قبل النية والتلبية، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده.

( مسألة 187 ) : لو أحرم في قميص جاهلا أو ناسياً نزعه وصح إحرامه، بل الأظهر صحة إحرامه حتى فيما إذا أحرم فيه عالماً عامداً، وأما إذا لبسه بعد الإحرام فلا إشكال في صحة إحرامه، ولكن يلزم عليه شقه وإخراجه من تحت.

( مسألة 188 ) : لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.

ص: 77

( مسألة 189 ) : يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي، فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، ولا من المذهب، ويلزم طهارتهما كذلك. نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة.

( مسألة 190 ) : يلزم في الازار أن يكون ساتراً للبشرة، غير حاك عنها. والأحوط اعتبار ذلك في الرداء أيضاً.

( مسألة 191 ) : الأحوط في الثوبين أن يكونا من المنسوج، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبد.

( مسألة 192 ) : يختص وجوب لبس الأزار والرداء بالرجال دون النساء فيجوز لهن أن يحرمن في ألبستهن العادية على أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة.

( مسألة 193 ) : إن حرمة لبس الحرير وإن كانت تختص بالرجال ولا يحرم لبسه على النساء إلا أنه لا يجوز للمرأة أن يكون ثوباها من الحرير، والأحوط أنلا تلبس شيئاً من الحرير الخالص في جميع أحوال الإحرام.

ص: 78

( مسألة 194 ) : إذا تنجس أحد الثوبين، أو كلاهما بعد التلبس بالإحرام، فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو التطهير.

( مسألة 195 ) : لا تجب الاستدامة في لباس الإحرام فلا بأس بالقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس بتبديله على أن يكون البدل واجداً للشرائط .

تروك الإحرام

اشارة

قلنا في ما سبق: إن الإحرام يتحقق بالتلبية أو الاشعار أو التقليد، ولا ينعقد الإحرام بدونها وإن حصلت منه نية الإحرام، فإذا أحرم المكلف حرمت عليه أمور وهي خمسة وعشرون كما يلي:

(1) الصيد البرّي (2) مجامعة النساء (3) تقبيل النساء (4) لمس المرأة (5) النظر إلى المرأة (6) الاستمناء (7) عقد النكاح (8) استعمال الطيب (9) لبس المخيط للرجال (10) التكحل (11) النظر في المرآة (12) لبس الخف والجورب للرجال (13)الكذب والسبّ (14) المجادلة (15) قتل القمل ونحوه من الحشرات التي تكون على جسد الإنسان

ص: 79

(16) التزيين (17) الادّهان (18) إزالة الشعر من البدن (19) ستر الرأس للرجال وهكذا الارتماس في الماء حتّى على النساء (20) ستر الوجه للنساء (21) التظليل للرجال (22) إخراج الدم من البدن (23) التقليم (24) قلع السن (25) حمل السلاح .

1 - الصيد البرّي

اشارة

( مسألة 196 ) : لا يجوز للمحرم سواء كان في الحل أو الحرم صيد الحيوان البرّي أو قتله سواء كان محلل الأكل أم لم يكن، كما لا يجوز له قتل الحيوان البرّي وإن تأهّل بعد صيده. ولا يجوز صيد الحرم مطلقاً وإن كان الصائد محلا.

( مسألة 197 ) : كما يحرم على المحرم صيد الحيوان البري تحرم عليه الاعانة على صيده ولو بالإشارة، ولا فرق في حرمة الإعانة بين أن يكون الصائد محرماً أو محلا.

( مسألة 198 ) : لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البرّي والاحتفاظ به وإن كان اصطياده له قبلإحرامه، ولا يجوز له أكل لحم الصيد، وإن كان الصائد محلا، ويحرم الصيد الذي ذبحه المحرم على

ص: 80

المحل أيضاً، وكذلك ما ذبحه المحل في الحرم، والجراد ملحق بالحيوان البرّي، فيحرم صيده وإمساكه وأكله.

( مسألة 199 ) : الحكم المذكور إنّما يختصّ بالحيوان البرّي، وأما صيد البحر كالسمك فلا بأس به، والمراد بصيد البحر ما يعيش فيه فقط، وأمّا ما يعيش في البر والبحر كليهما فملحق بالبري، ما يشك في كونه برياً فالاحوط ترك اكله، وكذلك لا بأس بذبح الحيوانات الأهليّة، كالدجاج والغنم والبقر والإبل، والدجاج الحبشي وإن توحّشت، كما لا بأس بذبح ما يشك في كونه أهلياً.

( مسألة 200 ) : فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحيوانات البرية والبحرية، والأهلية، وبيضها تابعة للأصول في حكمها.

( مسألة 201 ) : لا يجوز للمحرم قتل السباع إلا فيما إذا خيف منها على النفس ، وكذلك إذا آذت حمام الحرم ، ولا كفارة في قتل السباع حتى الأسد على الأظهر بلا فرق بين ما جاز قتلها وما لم يجز.

( مسألة 202 ) : يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى والأسود الغدر وكل حية سوء والعقرب والفارة، ولا كفارة في قتل شيء من ذلك.

ص: 81

( مسألة 203 ) : لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب والحدأة، ولا كفارة لو أصابهما الرمي وقتلهما واما مطلق القتل فمحل اشكال والاحوط تركه.

كفارات الصيد

( مسألة 204 ) : في قتل النعامة بدنة، وفي قتل بقرة الوحش بقرة، وفي قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة، وفي قتل الظبي والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط .

( مسألة 205 ) : من أصاب شيئاً من الصيد فإن كان فداؤه بدنة ولم يجدها فعليه إطعام ستين مسكيناً، ولو لم يكن قيمة البدنة وافية بذلك لكل مسكين مدّ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، وإن كان فداؤه بقرة ولم يجدها فليطعم ثلاثين مسكيناً، فإن لم يقدر صام تسعة أيام، وإن كان فداؤه شاة ولم يجدها فليطعم عشرة مساكين، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام.

( مسألة 206 ) : إذا قتل المحرم حمامة ونحوها في خارج الحرم فعليه شاة، وفي فرخها حمل أو جدي، وفي كسر بيضها درهم على الأحوط ، وإذا قتلها

ص: 82

المحل في الحرم فعليه درهم، وفي فرخها نصف درهم وفى بيضها ربعه، وإذا قتلها المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين، وكذلك في قتل الفرخ وكسر البيض، وحكم البيض إذا تحرك فيه الفرخ حكم الفرخ .

( مسألة 207 ) : في قتل القطاة والحَجَل والدُرّاج ونظيرها حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر، وفي العُصفور والقُبَّرة والصُّعوة مد من الطعام على المشهور، والأحوط فيها حمل فطيم، وفي قتل جرادة واحدة تمرة، وفي أكثر من واحدة كف من الطعام، وفي الكثير شاة .

( مسألة 208 ) : في قتل اليربوع والقُنفُذ والضَّب وما أشبهها جدي، وفي قتل العظاية كف من الطعام.

( مسألة 209 ) : في قتل الزنبور متعمداً إطعام شيء من الطعام، وإذا كان القتل دفعاً لايذائه فلا شيء عليه .

( مسألة 210 ) : يجب على المحرم أن ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد، فإن لم يتمكن فلا بأس بقتلها.

ص: 83

( مسألة 211 ) : لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة .

( مسألة 212 ) : كفارة أكل الصيد ككفارة الصيد نفسه، فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفارتان .

( مسألة 213 ) : من كان معه صيد ودخل الحرم يجب عليه إرساله، فإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء، بل الحكم كذلك بعد إحرامه، وإن لم يدخل الحرم على الأحوط.

( مسألة 214 ) : لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد وأكله بين العمد والسهو والجهل زيادة للاثم في العمد.

( مسألة 215 ) : تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسياناً أو خطأ، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم، أو من المحرم مع تعدد الإحرام، وأما إذا تكرر الصيد عمداً من المحرم في إحرام واحد لم تتعدد الكفارة بل ينتقم الله منه.

2 - مجامعة النساء

( مسألة 216 ) : يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة التمتع، وأثناء العمرة المفردة، وأثناء الحج،

ص: 84

قبلاً كان او دبراً وبعده قبل الاتيان بصلاة طواف النساء.

( مسألة 217 ) : إذا جامع المتمتع أثناء عمرته قبلاً أو دبراً عالماً عامداً، فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته، ووجبت عليه الكفارة، وهي على الأحوط جزور، ومع العجز عنه بقرة، ومع العجز عنها شاة، وإن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدم، ولا تفسد عمرته أيضاً على الأظهر ، والأحوط إعادتها قبل الحج مع الإمكان، وإلاّ أعاد حجه في العام القابل.

( مسألة 218 ) : إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو دبراً عالماً عامداً قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة والاتمام وإعادة الحج من عام قابل، سواء كان الحج فرضاً أو نفلا، وكذلك المرأة إذا كانت محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له على الجماع، ولو كانت المرأة مكرهة على الجماع لم يفسد حجها، وتجب على الزوج المكره كفارتان، ولا شيء على المرأة، وكفارة الجماع بدنة مع اليسر، ومع العجزعنها شاة، ويجب التفريق بين الرجل والمرأة في حجتهما، وفي المعادة إذا لم يكن معهما ثالث إلى أن يرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه

ص: 85

الجماع، وإذا كان الجماع بعد تجاوزه من منى الى عرفات لزم استمرار الفصل بينهما من ذلك المحل إلى وقت النحر بمنى، والأحوط استمرار الفصل إلى الفراغ من تمام أعمال الحج ولاتتحمل الزوجة عن الرجل الكفارة لو اكرهته.

( مسألة 219 ) : إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولكن لا تجب عليه الاعادة، وكذلك إذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء، وأما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضاً.

( مسألة 220 ) : من جامع امرأته عالماً عامداً في العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، واما اذا كان قبله بطلت عمرته ايضاً وعليه الكفارة، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت ويحرم منه للعمرة المعادة، والأحوط اتمام العمرة الفاسدة أيضاً.

( مسألة 221 ) : مَن أحلّ من إحرامه إذا جامع زوجته المحرمة وجبت الكفارة على زوجته، بلا فرق بين اكراهها والمطاوعة له والكفارة بدنةً.

ص: 86

( مسألة 222 ) : إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسياناً صحت عمرته وحجه، ولا تجب عليه الكفارة، وهذا الحكم يجري في بقية المحرمات الآتية التي توجب الكفارة، بمعنى أن ارتكاب أيّ عمل على المحرم لا يوجب الكفارة، إذا كان صدوره منه ناشئاً عن جهل أو نسيان، ويستثنى من ذلك موارد:

1 - ما إذا نسى الطواف في الحج وواقع أهله، أو نسي شيئاً من السعي في عمرة التمتع فأحلّ لاعتقاده الفراغ من السعي، وما إذا أتى أهله بعد السعي وقبل التقصير جاهلا بالحكم.

2 - من أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثاً فسقطت شعرة أو شعرتان.

3 - ما إذا دهن عن جهل، ويأتي جميع ذلك في محالّها.

3- تقبيل النساء

( مسألة 223 ) : لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبلها وخرج منه المني فعليه كفارة بدنة

ص: 87

أو جزور، وكذلك إذا لم يخرج منه المني على الأحوط، وأما إذا لم يكن التقبيل عن شهوة فكفارته شاة.

( مسألة 224 ) : إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء أمرأته المحرمة فالأحوط أن يكفر بدم شاة.

4- مس النساء

مسألة 225 ) : لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته عن شهوة، فإن فعل ذلك لزمه كفارة شاة، فإذا لم يكن المسّ عن شهوة فلا شيء عليه .

5 - النظر إلى المرأة وملاعبتها

( مسألة 226 ) : إذا لاعب المحرم امرأته حتى يمني لزمته كفارة بدنة، وإذا نظر إلى امرأة اجنبية عن شهوة أو غير شهوة فأمنى وجبت عليه الكفارة، وهي بدنة أو جزور على الموسر، وبقرة على المتوسط وشاة على الفقير، وأما إذا نظر إليها ولو عنشهوة ولم يُمن فهو وإن كان مرتكباً لمحرم إلا أنه لا كفارة عليه.

( مسألة 227 ) : إذا نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة فأمنى وجبت عليه الكفارة، وهي بدنة أو

ص: 88

جزور، وأما إذا نظر إليها بشهوة ولم يمن، أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا كفارة عليه وان فعل المحرم ان كان عن عمدٍ.

( مسألة 228 ) : يجوز استمتاع المحرم من زوجته في غير ما ذكر على الأظهر ، إلا أن الأحوط ترك الاستمتاع منها مطلقاً .

6 - الاستمناء

( مسألة 229 ) : إذا عبث المحرم بذكره فأمنى فحكمه حكم الجماع، وعليه فلو وقع ذلك في إحرام الحج قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت الكفارة، ولزم إتمامه وإعادته في العام القادم، كما أنه لو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي بطلت عمرته ولزمه الاتمام والاعادة على ما تقدم، وكفارة الاستمناء كفارة الجماع، ولو استمنى بغير ذلك كالنظر والخيال، وما شاكل ذلك فأمنى لزمته الكفارة، ولا تجب إعادةحجه ولا تفسد عمرته على الأظهر، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط.

7 - عقد النكاح

ص: 89

( مسألة 230 ) : يحرم على المحرم التزويج لنفسه أو لغيره، سواء أكان ذلك الغير محرماً أم كان محلاً، وسواء أكان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، بلا فرق بين ان يجري الصيغة بنفسه أو يوكل شخصا في اجراء الصيغة ويفسد العقد في جميع هذه الصور.

( مسألة 231 ) : لو عقد المحرم أو عقد المحلّ للمحرم امرأة ودخل الزوج بها وكان العاقد والزوج عالمين بتحريم العقد في هذا الحال، فعلى كل منهما كفارة بدنة، وكذلك على المرأة إن كانت عالمة بالحال.

( مسألة 232 ) : المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد والشهادة عليه، وهو الأقوى، وذهب بعضهم إلى حرمة أداء الشهادة على العقد السابق أيضاً، ولكن دليله غير ظاهر .

( مسألة 233 ) : الأحوط أن لا يتعرّض المحرم لخطبة النساء، نعم لا بأس بالرجوع إلى المطلقةالرجعية، وبشراء الاماء وإن كان شراؤها بقصد الاستمتاع، والأحوط أن لا يقصد بشرائه الاستمتاع حال الإحرام، والأظهر جواز تحليل أمته، وكذا قبوله التحليل.

ص: 90

8 - استعمال الطيب

( مسألة 234 ) : يحرم على المحرم استعمال الزعفران وان استهلك والعود والمسك والورس والعنبر بالشّم والدلك والأكل، وكذلك لبس ما يكون عليه أثر منها، والأحوط الاجتناب عن كل طيب.

( مسألة 235 ) : لا باس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح والسفرجل، ولكن يمسك عن شمها حين الأكل على الأحوط.

( مسألة 236 ) : لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة، إذا كان هناك من يبيع العطور، ولكن الأحوط لزوماً أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال، ولا بأس بشم خلوق الكعبة وهو نوع خاص من العطر .

( مسألة 237 ) : إذا استعمل المحرم متعمداً شيئاً من الروائح الطيبة فعليه كفارة شاة على المشهور، ولكنفي ثبوت الكفارة في غير الأكل إشكال، وإن كان الأحوط التكفير.

ص: 91

( مسألة 238 ) : يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة. نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص من ذلك.

9 - لبس المخيط للرجال

(مسألة 239 ) : يحرم على المحرم أن يلبس القميص والقباء والسروال والثوب المزرور مع شد أزراره والدرع، وهو كل ثوب يمكن أن تدخل فيه اليدان، والأحوط الاجتناب عن كل ثوب مخيط، بل الأحوط الاجتناب عن كل ثوب يكون مشابهاً للمخيط، كالملبد الذي تستعمله الرعاة والدرع المنسوج، ويستثنى من ذلك (الهميان)، وهو ما يوضع فيه النقود للاحتفاظ بها ويشدّ على الظهر أو البطن، فإن لبسه جائز وإن كان من المخيط، وكذلك لا بأس بالتحزم بالحزام المخيط الذي يستعمله المبتلى بالفتق لمنع نزول الامعاء في الانثيين، ويجوز للمحرم أن يغطي بدنه ما عدا الرأس باللحاف ونحوه من المخيط حالة الاضطجاع للنوم وغيره.

(مسألة 240 ) : الأحوط أن لا يعقد الأزار في عنقه، بل لا يعقده مطلقاً ولو بعضه ببعض، ولا يغرزه بأبرة

ص: 92

ونحوها، والأحوط أن لا يعقد الرداء أيضاً، ولا بأس بغرزه بالأبرة وأمثالها.

(مسألة 241 ) : يجوز للنساء لبس المخيط مطلقاً عدا القفازين وهو لباس خاص يلبس لليدين.

(مسألة 242 ) : إذا لبس المحرم متعمداً شيئاً مما حرم لبسه عليه فكفارته شاة، والأحوط لزوم الكفارة عليه ولو كان لبسه للاضطرار.

10 - الاكتحال

(مسألة 243 ) : الاكتحال على صور:

1 - أن يكون بكحل أسود، مع قصد الزينة وهذا حرام على المحرم قطعاً، وتلزمه كفارة شاة على الأحوط الأولى.

2 - أن يكون بكحل أسود، مع عدم قصد الزينة.

3 - أن يكون بكحل غير أسود مع قصد الزينة، والأحوط الاجتناب في هاتين الصورتين، كما أن الأحوط الأولى التكفير فيهما.

4 - الاكتحال بكحل غير أسود، ولا يقصد به الزينة، ولا بأس به، ولا كفارة عليه بلا إشكال.

ص: 93

11 - النظر في المرآة

(مسألة 244 ) : يحرم على المحرم النظر في المرآة للزينة رجلاً كان الناظر أو امراة، وكفارته شاة على الأحوط الأولى، وأما إذا كان النظرفيها لغرض آخر غير الزينة كنظر السائق فيها لرؤية ما خلفه من السيارات فلا بأس به، ويستحب لمن نظر فيها للزينة تجديد التلبية، أما لبس النظارة فلا بأس به للرجل أو المرأة إذا لم يكن للزينة، والأولى الاجتناب عنه، وهذا الحكم لا يجري في سائر الأجسام الشفافة، فلا بأس بالنظر إلى الماء الصافي أو الأجسام الصقيلة الأخرى.

12 - لبس الخف والجورب

(مسألة 245 ) : يحرم على الرجل المحرم لبس الخف والجورب، وكفارة ذلك شاة على الأحوط، ولا بأس بلبسهما للنساء، والأحوط الاجتناب عن لبس كل ما يستر تمام ظهر القدم، وإذا لم يتيسر للمحرم نعل أو شبهه ودعت الضرورة إلى لبس الخف فالأحوطالأولى خرقه من المقدم، ولا بأس بستر تمام ظهر القدم من دون لبس.

ص: 94

13 - الكذب والسب

(مسألة 246 ) : الكذب والسب محرّمان في جميع الأحوال، لكن حرمتهما مؤكدة حال الإحرام والمراد من الفسوق في قوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) هو الكذب والسب.

أمّا التفاخر وهو إظهار الفخر من حيث الحسب أو النسب، فهو على قسمين:

الأول: أن يكون ذلك لاثبات فضيلة لنفسه مع استلزام الحطّ من شأن الآخرين، وهذا محرم في نفسه. الثاني: أن يكون ذلك لاثبات فضيلة لنفسه من دون أن يستلزم إهانة الغير، وحطاً من كرامته، وهذا لا بأس به، ولا يحرم لا على المحرم ولا على غيره.

14 - الجدال

(مسألة 247 ) : لا يجوز للمحرم الجدال، وهو قول: «لا والله»، و«بلى والله» ولو كان في مورد غيرالمخاصمة والأحوط ترك الحلف حتى بغير هذه الألفاظ.

(مسألة 248 ) : يستثنى من حرمة الجدال أمران:

ص: 95

الأول: أن يكون ذلك لضرورة تقتضيه من إحقاق حق أو إبطال باطل.

الثاني: أن لا يقصد بذلك الحلف بل يقصد به أمراً آخر كإظهار المحبة والتعظيم كقول القائل: لا والله لا تفعل ذلك.

(مسألة 249 ) : لا كفارة على المجادل فيما إذا كان صادقاً في قوله، ولكنه يستغفر ربّه، هذا فيما إذا لم يتجاوز حلفه المرة الثانية، وإلا كان عليه كفارة شاة، وأما إذا كان الجدال عن كذب فعليه كفارة شاة للمرة الأولى، وشاة أخرى للمرة الثانية، وبقرة للمرة الثالثة.

15 - قتل هوام الجسد

(مسألة 250 ) : لا يجوز للمحرم قتل القمل ولا إلقاؤه من جسده واذا ألقاه يدفع كفاً من طعام ، ولا بأس بنقله من مكان إلى مكان آخر، آمن بحيث لايكون معرضاً للتلف أو السقوط وإذا قتله فالأحوط التكفيرعنه بكف من الطعام للفقير، أما البق والبرغوث وأمثالهما فالأحوط عدم قتلهما إذا لم يكن

ص: 96

هناك ضرر يتوجه منهما على المحرم، وأما دفعهما فالأظهر جوازه وإن كان الترك أحوط.

16 - التزين

(مسألة 251 ) : يحرم على المحرم التختم بقصد الزينة على الاحوط، ولا بأس بذلك بقصد الاستحباب، بل يحرم عليه التزين مطلقاً، وكفارته شاة على الأحوط الأولى.

(مسألة 252 ) : يحرم على المحرم استعمال الحناء فيما إذا عد زينة خارجاً وإن لم يقصد به التزين، نعم لا بأس به إذا لم يكن زينة، كما إذا كان لعلاج ونحوه.

(مسألة 253 ) : يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي للزينة، ويستثنى من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل إحرامها ولكنها لا تظهره لزوجها ولا لغيره من الرجال.

17 - الادّهان

(مسألة 254 ) : لا يجوز للمحرم الادهان ولو كان بما ليست فيه رائحة طيبة، ويستثنى من ذلك ماكان

ص: 97

لضرورة أو علاج وهي تتقدر بقدرها فاذا أمكن العلاج بما ليس فيه الرائحة جاز والا فلا.

(مسألة 255 ) : كفارة الادهان شاة إذا كان عن علم وعمد، وإذا كان عن جهل فإطعام فقير، على الأحوط في كليهما.

18 - إزالة الشعر عن البدن

(مسألة 256 ) : لا يجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدنه أو بدن غيره المحرم أو المحل، وتستثنى من ذلك حالات أربع: 1 - أن يتكاثر القمل على جسد المحرم ويتأذى بذلك. 2 - أن تدعو الضرورة الى إزالته. كما إذا أوجبت كثرة الشعر صداعاً أو نحو ذلك. 3 - أن يكون الشعر نابتاً في أجفان العين ويتألم المحرم بذلك. 4 - أن ينفصل الشعر من الجسد من غير قصد حين الوضوء أو الاغتسال.

(مسألة 257 ) : إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة فكفارته شاة، وإذا حلقه لضرورة فكفارته شاة، أو صوم ثلاثة أيام، أو اطعام ستة مساكين، لكلّ واحد مدّان من الطعام، وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت ابطيه فكفارته شاة، وكذا إذا نتف أحد أبطيه على الأحوط، وإذا نتف شيئاً من شعر لحيته

ص: 98

وغيرهافعليه أن يطعم مسكيناً بكف من الطعام واذا شك في انه كان من الاول او نتفه هو فلا شيء عليه، ولا كفارة في حلق المحرم رأس غيره محرماً كان أم محلا.

(مسألة 258 ) : لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يسقط الشعر عن رأسه وما لم يدمه، وكذلك البدن، وإذا أمرّ المحرم يده على رأسه أو لحيته عبثاً فسقطت شعرة أو شعرتان فليتصدق بكف من طعام، وأما إذا كان في الوضوء ونحوه فلا شيء عليه.

19 - ستر الرأس للرجال

(مسألة 259 ) : لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه حتى عند النوم، ولوجزء منه بأي ساتر كان حتى مثل الطين، بل وبحمل شيء على الرأس على الأحوط، نعم لا بأس بستره بحبل القربة، وكذلك تعصيبه بمنديل ونحوه من جهة الصداع، وكذلك لا يجوز ستر الأذنين.

(مسألة 260 ) : يجوز ستر الرأس بشيء من البدن كاليد، والأولى تركه.

ص: 99

(مسألة 261 ) : لا يجوز للمحرم الارتماس في الماء، وكذلك في غير الماء على الأحوط، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.

(مسألة 262 ) : إذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة على الأحوط، والظاهر عدم وجوب الكفارة في موارد جواز الستر والاضطرار.

20 - ستر الوجه للنساء

(مسألة 263 ) : لا يجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبرقع أو النقاب أو ما شابه ذلك، والأحوط أن لا تستر وجهها بأي ساتر كان، كما أن الأحوط أن لا تستر بعض وجهها أيضاً. نعم يجوز لها أن تغطي وجهها حال النوم، ولا بأس بستر بعض وجهها مقدمة لستر الرأس في الصلاة، والأحوط رفعه عند الفراغ منها.

(مسألة 264 ) : للمرأة المحرمة أن تتحجب من الاجنبي بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه إلى ما يحاذي أنفها أو ذقنها، والأحوط أن تجعل القسم النازل بعيداً عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها.

ص: 100

(مسألة 265 ) : كفارة ستر الوجه شاة على الأحوط لكل يوم.

21 - التظليل للرجال

(مسألة 266 ) : لا يجوز للرجل المحرم التظليل حال مسيره بمظلة أو غيرها ولو كان بسقف المحمل أو السيارة أو الطائرة ونحوها، ولابأس بالسير في ظل جبل أو جدار أو شجر ونحو ذلك من الأجسام الثابتة، كما لابأس بالسير تحت السحاب المانعة من شروق الشمس، والاولى تركه إلا اذا وقع في الحرج ولا فرق في حرمة التظليل بين الراكب والراجل على الأحوط، والأحوط بل الأظهر حرمة التظليل بما لا يكون فوق رأس المحرم بأن يكون ما يتظلل به على أحد جوانبه، نعم يجوز للمحرم أن يتستر من الشمس بيديه، والاولى تركه الا اذا ةقع في الحرج ولا بأس بالاستظلال بظل المحمل حال المسير، وكذلك لا بأس بالإحرام في القسم المسقوف من مسجد الشجرة.

(مسألة 267 ) : المراد من الاستظلال التستر من الشمس أو البرد أو الحر أو المطر أو الريحونحو

ص: 101

ذلك، فإذا لم يكن شيء من ذلك بحيث كان وجود المظلة كعدمها فلا بأس بها، ولا فرق فيما ذكر بين الليل والنهار على الاحوط.

(مسألة 268 ) : لا بأس بالتظليل تحت السقوف للمحرم بعد وصوله إلى مكة وإن كان بعد لم يتخذ بيتاً، كما لا بأس به حال الذهاب والاياب في المكان الذي ينزل فيه المحرم، وكذلك فيما إذا نزل في الطريق للجلوس أو لملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك، والأظهر جواز الاستظلال في هذه الموارد

بمظلة ونحوها أيضاً وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.

(مسألة 269): لا بأس بالتظليل للنساء والأطفال، وكذلك للرجال عند الضرورة والخوف من الحر أو البرد.

(مسألة 270 ) : كفارة التظليل شاة ولا فرق في ذلك بين حالتي الاختيار والاضطرار، وإذا تكرر التظليل فالأحوط التكفير عن كل يوم، وإن كان الأظهر كفاية كفارة واحدة في كل إحرام.

22 - إخراج الدم من البدن

ص: 102

لا يجوز للمحرم إخراج الدم من جسده وإن كان ذلك بحك بل بالسواك على الأحوط، ولا بأس به مع الضرورة أو دفع الأذى، وكفارته شاة على الأحوط الأولى.

23 - التقليم

لا يجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه سواء كان بالمقص أو غيره إلا أن يتضرر المحرم ببقائه، كما إذا انفصل بعض ظفره وتألم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه، ويكفر عن كل ظفر بقبضة من الطعام.

(مسألة 271 ) : كفارة تقليم كل ظفر مدّ من الطعام، وكفارة تقليم أظافير اليد جميعها في مجلس واحد شاة، وكذلك الرجل، وإذا كان تقليم أظافير اليد وأظافير الرجل في مجلس واحد فالكفارة أيضاً شاة، وإذا كان تقليم أظافير اليد في مجلس وتقليم أظافير الرجل في مجلس آخر فالكفارة شاتان هذا اذا كان متعمداً أما في صورة النسيان أو كان غافلاً أوجاهلاً فلا شيء عليه.

(مسألة 272 ) : إذا قلم المحرم أظافيره فأدمى اعتماداً على فتوى من جوّزه وجبت الكفارة على المفتي على الأحوط.

ص: 103

24 - قلع الضرس

(مسألة 273 ) : ذهب جمع من الفقهاء الى حرمة قلع الضرس على المحرم وإن لم يخرج منه الدم، وأوجبوا له كفارة شاة، ولكن في دليله تأملاً بل لا يبعد جوازه.

25 - حمل السلاح

(مسألة 274 ) : لا يجوز للمحرم حمل السلاح كالسيف والرمح وغيرهما مما يصدق عليه السلاح عرفا، وذهب بعض الفقهاء إلى عموم الحكم لآلات التحفظ أيضاً كالدرع والمغفر وهذا القول أحوط.

(مسألة 275 ) : لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم يكن حاملا له. ومع ذلك فالترك أحوط.

(مسألة 276 ) : تختص حرمة حمل السلاح بحال الاختيار، ولا بأس به عند الاضطرار.

(مسألة 277 ) : كفارة حمل السلاح شاة على الأحوط.

إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على المحرم.

ص: 104

الصيد في الحرم وقلع شجره ونبته

وهناك ما تعم حرمته على المحرم في المحل وهو أمران:

أحدهما: الصيد في الحرم، فإنّه يحرم على المحل والمحرم كما تقدم.

ثانيهما: قلع كل شيء نبت في الحرم أو قطعه من شجر وغيره، ولا بأس بما يقطع عند المشي على النحو المتعارف، كما لا بأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه، ويستثنى من حرمة القلع أو القطع موارد:

1 - الأذخر وهو نبت معروف.

2 - النخل وشجر الفاكهة.

3 - الأعشاب التي تجعل علوفة للإبل.

4 - الأشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار نفس الشخص أو في ملكه أو يكون الشخص هو الذي غرس ذلك الشجر أو زرع العشب، وأما الشجرة التي كانت موجودة في الدار قبل تملكها فحكمها حكم سائر الأشجارفلا يجوز له قلعها.

ص: 105

(مسألة 278 ) : الشجرة التي يكون أصلها في الحرم وفرعها في خارجه أو بالعكس حكمها حكم الشجرة التي يكون جميعها في الحرم.

(مسألة 279 ) : كفارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة، وفي القطع منها قيمة المقطوع، ولا كفارة في قلع الأعشاب وقطعها وان كان محرماً.

أين تذبح الكفارة وما مصرفها

(مسألة 280 ) : إذا وجبت على المحرم كفارة لأجل الصيد في العمرة فمحل ذبحها مكة المكرمة، وإذا كان الصيد في إحرام الحج فمحل ذبح الكفارة منى.

(مسألة 281 ) : إذا وجبت الكفارة على المحرم بسبب غير الصيد فالأظهر جواز تأخيرها إلى عودته من الحج، فيذبحها أين شاء، والأفضل إنجاز ذلك في حجه، ومصرفها الفقراء، ولا بأس بالأكل منها قليلاً مع الضمان.

شرائط الطواف

الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع ويفسد الحج بتركه عمداً سواء أكان عالماً بالحكم أو كان

ص: 106

جاهلا به أو بالموضوع وكذا يفسد لوطاف في مكان آخر يتخيل أنه البيت، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لا يمكنه إدراك الركن من الوقوف بعرفات،ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الأظهر، والأحوط الأولى حينئذ العدول إلى حج الإفراد، وعلى التقديرين تجب إعادة الحج في العام القابل، ويعتبر في الطواف أمور:

الأول: النية، فيبطل الطواف إذا لم يقترن بقصد القربة.

الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلا أو نسياناً لم يصح طوافه هذا في الواجب اما في المستحب فلا يشترط الوضوء.

(مسألة 282 ) : إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور:

الأولى: أن يكون ذلك قبل بلوغه النصف، ففي هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة.

الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهر ويتمه من حيث قطعه.

ص: 107

الثالثة: أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام الشوط الرابع، أو يكون بعد تمامه مع صدور الحدث عنه بالاختيار، والأحوط في هذين الفرضين أن يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع ثم يعيده، ويجزئ عنالاحتياط المذكور أن يأتي بعد الطهارة بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام. ومعنى ذلك أن يقصد الاتيان بما تعلق بذمته، سواء أكان هو مجموع الطواف، أم هو الجزء المتمم للطواف الأول، ويكون الزائد لغواً.

(مسألة 283 ) : إذا شك في الطهارة قبل الشروع في الطواف أو في أثنائه، فإن علم أنّ الحالة السابقة كانت هي الطهارة وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك، وإلاّ وجبت عليه الطهارة والطواف أو استينافه بعدها.

(مسألة 284 ) : إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشك، وإن كانت الاعادة أحوط، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطواف.

(مسألة 285 ) : إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء يتيمم ويأتي بالطواف لأن التيمم مطهر، وإذا لم يتمكن من التيمم أيضاً جرى عليه حكم من لم يتمكن من أصل الطواف، فإذا حصل له اليأس من التمكن

ص: 108

لزمته الاستنابة للطواف، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة.

(مسألة 286 ) : يجب على الحائض والنفساء بعد انقضاء أيامهما وعلى المجنب الاغتسال للطواف،ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم، والأحوط الأولى حينئذ الاستنابة أيضاً، ومع تعذر التيمم تتعين الاستنابة.

(مسألة 287 ) : إذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حال الإحرام أو بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت فللمسألة صورتان:

الأولى: أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن تحرم، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الإفراد، وبعد الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكنت منها.

الثانية: أن يكون حيضها بعد الإحرام، ففي هذه الصورة يجب الاتيان بحج الإفراد ايضاً كما في الصورة الاولى.

(مسألة 288 ) : إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها، فالمشهور على أن طروء الحيض إذا كان قبل تمام

ص: 109

أربعة أشواط بطل طوافها، وإذا كان بعده صح ما أتت به ووجب عليها اتمامه بعد الطهر والاغتسال، والأحوط في كلتا الصورتين أن تأتي بطواف كامل تنوي به الأعم من التمام والاتمام، هذا فيما إذا وسع الوقت، وإلا سعت وقصرت وأحرمتللحج ولزمها الاتيان بقضاء طوافها بعد الرجوع من منى وقبل طواف الحج على النحو الذي ذكرناه.

(مسألة 289 ) : إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الاتيان بصلاة الطواف صح طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها، وإن ضاق الوقت سعت وقصرت وقضت الصلاة قبل طواف الحج.

(مسألة 290 ) : إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت بالحيض ولم تدر أنه كان قبل الطواف أو قبل الصلاة أو في أثنائها أو أنه حدث بعد الصلاة، بنت على صحة الطواف والصلاة، وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة وضاق الوقت سعت وقصرت وأخرت الصلاة إلى أن تطهر وقد تمت عمرتها.

(مسألة 291 ) : إذا دخلت المرأة مكة وكانت متمكنة من أعمال العمرة ولكنها أخرتها إلى أن حاضت حتى ضاق الوقت مع العلم والعمد فالظاهر

ص: 110

فساد عمرتها، والأحوط أن تعدل الى حج الإفراد، ولابد لها من إعادة الحج في السنة القادمة.

(مسألة 292 ) : الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة، فيصح بغير طهارة، ولكن صلاته لا تصح إلا عن طهارة.

(مسألة 293 ) : المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور والمسلوس، أما المبطون فالأحوط أن يجمع مع التمكن بين الطواف بنفسه والاستنابة، وأما المستحاضة فالأحوط لها أن تتوضأ لكل من الطواف وصلاته إن كانت الاستحاضة قليلة، وأن تغتسل غسلا واحداً لهما وتتوضأ لكل منهما إن كانت الاستحاضة متوسطة، وأما الكثيرة فتغتسل لكل منهما والاولى الاتيان بالوضوء إن لم تكن محدثة بالأصغر، وإلاّ فالأحوط ضم الوضوء إلى الغسل.

الثالث: من الأمور المعتبرة في الطواف: الطهارة من الخبث، فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن وفي اللباس على الاحوط، والنجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الأقل من الدرهم لا تكون معفواً عنها في الطواف على الأحوط.

(مسألة 294 ) : لا بأس بدم القروح والجروح فيما يشق الاجتناب عنه، ولا تجب إزالته عن الثوب

ص: 111

والبدن في الطواف، كما لا بأس بالمحمول المتنجس، وكذلك نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه.

(مسألة 295 ) : إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه، فلا حاجة إلى إعادته، وكذلك تصح صلاة الطواف إذا لم يعلمبالنجاسة إلى أن فرغ منها والاحوط الاعادة اذا تذكر بعد الصلاة.

(مسألة 296 ) : إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه صح طوافه على الأظهر، وإن كانت إعادته أحوط، وإذا تذكرها بعد صلاة الطواف أعادها.

(مسألة 297 ) : إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه وعلم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من الطواف فإن كان معه ثوب طاهر مكانه طرح الثوب النجس وأتم طوافه في ثوب طاهر، وإن لم يكن معه ثوب طاهر فإن كان ذلك بعد إتمام الشوط الرابع من الطواف قطع طوافه ولزمه الاتيان بما بقي منه بعد إزالة النجاسة، وإن كان العلم بالنجاسة أو طروها عليه قبل إكمال الشوط الرابع قطع طوافه وأزال النجاسة ويأتي بطواف كامل بقصد الأعم من التمام والاتمام على الأحوط.

ص: 112

الرابع: الختان للرجال، والأحوط بل الأظهر اعتباره في الصبي المميز أيضاً إذا أحرم بنفسه. وأما إذا كان الصبي غير مميز أو كان إحرامه من وليّه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر وإن كان الاعتبار أحوط.

(مسألة 298 ) : إذا طاف المحرم غير مختون بالغاً كان أو صبياً مميزاً فلا يجتزى بطوافه، فإن لم يعده مختوناً فهو كتارك الطواف يجري فيه ماله من الأحكام الآتية.

(مسألة 299 ) : إذا استطاع المكلف وهو غير مختون فإن أمكنه الختان والحج في سنة الاستطاعة وجب ذلك، وإلا أخر الحج إلى السنة القادمة، فإن لم يمكنه الختان أصلا لضرر أو حرج أو نحو ذلك فاللازم عليه الحج، لكن الأحوط أن يطوف بنفسه في عمرته وحجه ويستنيب أيضاً من يطوف عنه ويصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.

الخامس: ستر العورة حال الطواف على الأحوط، ويعتبر في الساتر الاباحة. والأحوط اعتبار جميع شرائط لباس المصلي فيه دون بقية شرائط الصلاة كالتكلم والقهقة وغيرها.

ص: 113

واجبات الطواف

تعتبر في الطواف أمور سبعة:

الأول: الابتداء من الحجر الأسود، والأحوط الأولى أن يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر، ويكفي في الاحتياط أن يقف دون الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي تتحقق فيه المحاذاة واقعاً على أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية.

الثاني: الانتهاء في كل شوط بالحجر الأسود ويحتاط في الشوط الأخير بتجاوزه عن الحجر بقليل على أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية.

الثالث: جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره أو ألجأه الزحام الى استقبال الكعبة أو

ص: 114

استدبارها أو جعلها على اليمين فذلك المقدار لا يعد من الطواف، والظاهر أن العبرة في جعل الكعبة على اليسار بالصدق العرفي كما يظهر ذلك من طواف النبي (صلى الله عليه وآله) راكباً، والأولى المداقة فيذلك ولا سيما عند فتحي حجر إسماعيل وعند الأركان.

الرابع: إدخال حجر إسماعيل في المطاف بمعنى أن يطوف حول الحجر من دون أن يدخل فيه.

الخامس: خروج الطائف عن الكعبة وعن الصفة التي في أطرافها المسماة بشاذروان.

السادس: أن يطوف بالبيت سبع مرات متواليات عرفاً، ولا يجزئ الأقل من السبع، ويبطل الطواف بالزيادة على السبع عمداً كما سيأتي.

(مسألة 300 ) : اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة ومقام ابراهيم(عليه السلام)، ويقدّر هذا الفاصل بستة وعشرين ذراعاً ونصف ذراع، وبما أن حجر إسماعيل داخل في المطاف فمحل الطواف من الحجر لا يتجاوز ستة أذرع ونصف ذراع، والاحوط عدم الزائد مع القدرة نعم يكفي الزائد لمن لا يقدر على الطواف في الحد المذكور أو أنه حرج عليه، ورعاية الاحتياط مع التمكن لا يترك.

ص: 115

y

الخروج عن المطاف الى الداخل أو الخارج

(مسألة 301 ) : إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة بطل طوافه ولزمته الاعادة، والأولى إتمام الطواف ثم إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف.

(مسألة 302 ) : إذا تجاوز عن مطافه إلى الشاذروان بطل طوافه بالنسبة إلى المقدار الخارج عن المطاف، والأحوط اتمام الطواف بعد تدارك ذلك المقدار ثم إعادته، والأحوط وجوباً أن لا يمد يده حال طوافه من جانب الشاذروان إلى جدار الكعبة لاستلام الأركان أو غيره.

(مسألة 303 ) : إذا دخل الطائف حجر اسماعيل بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه فلابد من إعادته،

ص: 116

والأولى إعادة الطواف بعد إتمامه، هذا مع بقاء الموالاة، وأما مع عدمها فالطواف محكوم بالبطلانوإن كان ذلك عن جهل أو نسيان، وفي حكم دخول الحجر التسلق على حائطه على الأحوط، بل الأحوط أن لا يضع الطائف يده على حائط الحجر أيضاً.

(مسألة 304 ) : إذا خرج الطائف من المطاف الى الخارج قبل تجاوزه النصف من دون عذر بطل طوافه ولزمته اعادته، وإن كان خروجه بعد تجاوز النصف فالأحوط إتمام الطواف ثم إعادته.

(مسألة 305 ) : إذا أحدث أثناء طوافه جاز له أن يخرج ويتطهر ثم يرجع ويتم طوافه على ما تقدم، وكذلك الخروج لإزالة النجاسة من بدنه أو ثيابه، ولو حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها قطعه والخروج من المسجد الحرام فوراً، وقد مرّ حكم طواف هؤلاء في شرائط الطواف.

(مسألة 306 ) : إذا التجأ الطائف الى قطع طوافه وخروجه عن المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك، فإن كان ذلك قبل إتمامه الشوط الرابع بطل طوافه ولزمته إعادته، وإن كان بعده فالأحوط أن يستنيب للمقدار الباقي، ويحتاط بالإتمام والإعادة بعد زوال العذر.

ص: 117

(مسألة 307 ) : يجوز للطائف أن يخرج من المطاف لعيادة مريض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحدإخوانه المؤمنين، ولكن تلزمه الاعادة إذا كان الطواف فريضة وكان ما أتى به شوطاً أو شوطين، وأما إذا كان خروجه بعد ثلاثة أشواط فالأحوط أن يأتي بعد رجوعه بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام.

(مسألة 308 ) : يجوز الجلوس أثناء الطواف للاستراحة، ولكن لابد أن يكون مقداره بحيث لا تفوت به الموالاة العرفية، فإن زاد على ذلك بطل طوافه ولزمه الاستيناف.

النقصان في الطواف

(مسألة 309 ) : إذا نقص من طوافه عمداً، فإن فاتت الموالاة بطل طوافه، وإلا جاز له الاتمام ما لم يخرج من المطاف، وقد تقدم حكم الخروج من المطاف متعمداً.

(مسألة 310 ) : إذا نقص من طوافه سهواً، فإن تذكره قبل فوات الموالاة ولم يخرج بعد من المطاف، أتى بالباقي وصح طوافه، وأما إذا كان تذكره بعد

ص: 118

فوات الموالاة أو بعد خروجه من المطاف، فإن كان المنسي شوطاً واحداً أتى به وصح طوافهأيضاً، وإن لم يتمكن من الاتيان به بنفسه ولو لأجل أن تذكره كان بعد إيابه إلى بلده استناب غيره، وإن كان المنسي أكثر من شوط واحد وأقل من أربعة رجع وأتم ما نقص، والأولى إعادة الطواف بعد الاتمام، وإن كان المنسي أربعة أو أكثر فالأحوط الاتمام ثم الاعادة.

الزيادة في الطواف

للزيادة في الطواف خمس صور:

الأولى: أن لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف الذي

بيده أو لطواف آخر، ففي هذه الصورة لا يبطل الطواف بالزيادة.

الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف أو في أثنائه الاتيان بالزائد على أن يكون جزءاً من طوافه الذي بيده، ولا إشكال في بطلان طوافه حينئذ ولزوم إعادته.

ص: 119

الثالثة: أن يأتي بالزائد على أن يكون جزءاً من طوافه الذي فرغ منه بمعنى أن يكون قصد الجزئيةبعد فراغه من الطواف، والأظهر في هذه الصورة أيضاً البطلان.

الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ويتم الطواف الثاني، والزيادة في هذه الصورة وإن لم تكن متحققة حقيقة إلاّ أن الأحوط بل الأظهر فيها البطلان، وذلك من جهة القران بين الطوافين في الفريضة.

الخامسة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ولا يتم الطواف الثاني من باب الاتفاق، فلا زيادة ولا قران إلاّ أنه قد يبطل الطواف فيها لعدم تأتي قصد القربة، وذلك فيما إذا قصد المكلف الزيادة عند ابتدائه بالطواف أو في أثنائه مع علمه بحرمة القران وبطلان الطواف به، فإنه لا يتحقق قصد القربة حينئذ وإن لم يتحقق القران خارجاً من باب الاتفاق.

(مسألة 311 ) : إذا زاد في طوافه سهواً، فإن كان الزائد أقل من شوط قطعه وصح طوافه، وإن كان شوطاً واحداً أو أكثر فالأحوط أن يتم الزائد ويجعله طوافاً كاملا بقصد القربة المطلقة ثم يعيد الطواف من جديد.

ص: 120

الشك في عدد الأشواط

(مسألة 312 ) : إذا شك في عدد الأشواط بعد الفراغ من الطواف والتجاوز من محله لم يعتن بالشك، كما إذا كان شكه بعد دخوله في صلاة الطواف.

(مسألة 313 ) : إذا تيقن بالسبعة وشك في الزائد كما إذا احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن لم يعتن بالشك وصح طوافه، إلا أن يكون شكه هذا قبل تمام الشوط الأخير،

فإن الأظهر حينئذ بطلان الطواف. والأحوط إتمامه رجاءً وإعادته.

(مسألة 314 ) : إذا شك في عدد الأشواط كما إذا شك بين السادس والسابع أو بين الخامس والسادس وكذلك الأعداد السابقة حكم ببطلان طوافه، وكذلك إذا شك في الزيادة والنقصان معاً كما إذا شك في أن شوطه الأخير هو السادس أو الثامن.

(مسألة 315 ) : إذا شك بين السادس والسابع وبنى على السادس جهلا منه بالحكم وأتم طوافه لزمه الاستيناف، وإن استمر جهله إلى أن فاته زمان التدارك لم تبعد صحة طوافه.

ص: 121

(مسألة 316 ) : يجوز للطائف أن يتكل على احصاء صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين من عددها.

(مسألة 317 ) : إذا شك في الطواف المندوب يبني على الأقل وصح طوافه.

(مسألة 318 ) : إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمداً مع العلم بالحكم أو مع الجهل به ولم يتمكن من التدارك قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته وعليه إعادة الحج من قابل، وقد مرّ أن الأظهر بطلان إحرامه أيضاً، وإذا ترك الطواف في الحج متعمداً ولم يمكنه التدارك بطل حجه ولزمته الإعادة من قابل وإذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضاً.

(مسألة 319 ) : إذا ترك الطواف نسياناً وجب تداركه بعد التذكر، فإن تذكره بعد فوات محله قضاه وصح حجه، والأحوط إعادة السعي بعد قضاء الطواف، وإذا تذكره في وقت لا يتمكن من القضاء أيضاً كما إذا تذكره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة، والأحوط أن يأتي النائب بالسعي أيضاً بعد الطواف.

ص: 122

(مسألة 320 ) : إذا نسي الطواف حتى رجع إلى بلده وواقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف الحج، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة، ويكفي في الهدي أن يكون شاة.

(مسألة 321 ) : إذا نسي الطواف وتذكره في زمان يمكنه القضاء قضاه بإحرامه الأول من دون حاجة الى تجديد الإحرام، نعم إذا كان قد خرج من مكة ومضى عليه شهر أو أكثر لزمه الإحرام لدخول مكة كما مرّ.

(مسألة 322 ) : لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفاً عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه.

(مسألة 323 ) : إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه لمرض أو كسر وأشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير في طوافه ولو بأن يطوف راكباً على متن رجل آخر، وإذا لم يتمكن من ذلك أيضاً وجبت عليه الاستنابة فيطاف عنه، وكذلك الحال بالنسبة إلى صلاة الطواف فيأتي المكلف بها مع التمكن ويستنيب لها مع عدمه، وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطواف.

صلاة الطواف

ص: 123

وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع، وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف، وصورتها كصلاة الفجر ولكنه مخير في قرائتها بين الجهر والاخفات، ويجب الاتيان بها قريباً من مقام إبراهيم(عليه السلام)، والأحوط بل الأظهر لزوم الاتيان بها خلف المقام، فإن لم يتمكن فيصلي في أي مكان من المسجد مراعياً الأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط هذا في طواف الفريضة، أما في الطواف المستحب فيجوز الإتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختياراً.

(مسألة 324 ) : من ترك صلاة الطواف عالماً عامداً بطل حجه لاستلزامه فساد السعي المترتب عليها.

(مسألة 325 ) : تجب المبادرة الى الصلاة بعد الطواف بمعنى أن لا يفصل بين الطواف والصلاة عرفاً نعم لو عارضت الفريضة فتقدم عليه اذا تضايق وقتها.

(مسألة 326 ) : إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد السعي أتى بها، ولا تجب إعادة السعي بعدها وإن كانت الاعادة أحوط، وإذا ذكرها في أثناء السعي قطعه وأتى بالصلاة في المقام ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع، وإذا ذكرها بعد خروجه من مكةلزمه

ص: 124

الرجوع والاتيان بها في محلها، فإن لم يتمكن من الرجوع أتى بها في أي موضع ذكرها فيه، نعم إذا تمكن من الرجوع الى الحرم رجع إليه وأتى بالصلاة فيه على الأحوط الأولى وحكم التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي، ولا فرق في الجاهل بين القاصر والمقصر.

(مسألة 327 ) : إذا نسي صلاة الطواف حتى مات وجب على الوليّ قضاؤها وكذا الجاهل مطلقاً.

(مسألة 328 ) : إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن متمكناً من تصحيحها فلا إشكال في اجتزائه بما يتمكن منه في صلاة الطواف وغيرها، وأما إذا تمكن من التصحيح لزمه ذلك، فإن أهمل حتى ضاق الوقت عن تصحيحها فالأحوط أن يأتي بصلاة الطواف حسب إمكانه وأن يصليها جماعة ويستنيب لها أيضاً.

(مسألة 329 ) : إذا كان جاهلا باللحن في قراءته وكان معذوراً في جهله صحت صلاته ولا حاجة إلى الإعادة حتى إذا علم بذلك بعد الصلاة، وأما إذا لم يكن معذوراً فاللازم عليه إعادتها بعد التصحيح، ويجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسياناً.

ص: 125

السعي

وهو الرابع من واجبات عمرة التمتع، وهو أيضاً من الأركان، فلو تركه عمداً بطل حجه سواء في ذلك العلم بالحكم والجهل به، ويعتبر فيه قصد القربة، ولا يعتبر فيه ستر العورة ولا الطهارة من الحدث أو الخبث، والأولى رعاية الطهارة فيه.

(مسألة 330 ) : محل السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته، فلو قدّمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الاعادة بعدهما، وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد سعيه.

(مسألة 331 ) : يعتبر في السعي النية، بأن يأتي به عن العمرة إن كان في العمرة، وعن الحج إن كان في الحج، قاصداً به القربة إلى الله تعالى.

(مسألة 332 ) : يبدأ بالسعي من أوّل جزء من الصفا ثم يذهب بعد ذلك إلى المروة، وهذا يعد شوطاً واحداً، ثم يبدأ من المروة راجعاً الى الصفا الى أن يصل إليه، فيكون الاياب شوطاً آخر، وهكذا يصنع الى أن يختم السعي بالشوط السابع في المروة، والأحوط لزوماً اعتبار الموالاة بأن لا يكون فصل معتد به بين الأشواط.

ص: 126

(مسألة 333 ) : لو بدأ بالمروة قبل الصفا فإن كان في شوطه الأوّل ألغاه وشرع من الصفا، وإن كان بعده ألغى ما بيده واستأنف السعي من الأول على الاحوط.

(مسألة 334 ) : لا يعتبر في السعي المشي راجلا فيجوز السعي راكباً على حيوان أو على متن إنسان أو غير ذلك، ولكن يلزم على المكلف أن يكون ابتداء سعيه من الصفا واختتامه بالمروة.

(مسألة 335 ) : يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه فيما بين الصفا والمروة من الطريق المتعارف، فلا يجزئ الذهاب أو الاياب من المسجد الحرام أو أيّ طريق آخر، نعم لا يعتبر أن يكون ذهابه وإيابه بالخط المستقيم.

(مسألة 336 ) : يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها، كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه، فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الاياب من المروة لم يجزئه ذلك، ولا بأس بالالتفات الى اليمين أو اليسار أو الخلف عند الذهاب أو الإياب.

(مسألة 337 ) : يجوز الجلوس على الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة، وإن كان الأحوط

ص: 127

ترك الجلوس فيما بينهما ولا يجب الصعود الى الصفا.

أحكام السعي

تقدم أن السعي من أركان الحج، فلو تركه عمداً عالماً بالحكم أو جاهلا به أو بالموضوع الى زمان لا يمكنه التدارك قبل الوقوف بعرفات بطل حجه ولزمته الإعادة من قابل، والأظهر أنه يبطل إحرامه أيضاً.

(مسألة 338 ) : لو ترك السعي نسياناً أتى به حيث ما ذكره، وإن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج، فإن لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج ومشقة لزمته الاستنابة ويصح حجه في كلتا الصورتين.

(مسألة 339 ) : من لم يتمكن من السعي بنفسه ولو بحمله على متن إنسان أو حيوان ونحو ذلك استناب غيره، فيسعى عنه ويصح حجه.

(مسألة 340 ) : الأحوط أن لا يؤخر السعي عن الطواف وصلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة كشدة الحر أو التعب، وإن كان الأقوى جوازتأخيره

ص: 128

الى الليل، نعم لا يجوز تأخيره الى الغد في حال الاختيار.

(مسألة 341 ) : حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف، فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد على ما تقدّم في الطواف، نعم إذا كان جاهلا بالحكم فالأظهر عدم بطلان السعي بالزيادة وإن كانت الإعادة أحوط.

(مسألة 342 ) : إذا زاد في سعيه خطأً صحّ سعيه، ولكن الزائد إذا كان شوطاً كاملا يستحب له أن يضيف إليه ستة أشواط ليكون سعياً كاملا غير سعيه الأوّل، فيكون انتهاؤه الى الصفا، وإذا كان الزائد أكثر من شوط واحد فلا يجب الاتمام ولكن لا بأس بالاتمام رجاءً.

(مسألة 343 ) : إذا نقص من أشواط السعي عامداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به ولم يمكنه تداركه إلى زمان الوقوف بعرفات فسد حجه ولزمته الإعادة من قابل. وأما إذا كان النقص نسياناً، فإن كان بعد الشوط الرابع وجب عليه تدارك الباقي حيث ما تذكر ولو كان ذلك بعد الفراغ من أعمال الحج، وتجب عليه الاستنابه لذلك إذا لم يتمكن بنفسه من التدارك أو تعسّر عليه ذلك ولو لأجل أن تذكره كان بعد رجوعه

ص: 129

الىبلده، والأحوط حينئذ أن يأتي النائب بسعي كامل ينوي به فراغ ذمة المنوب عنه بالاتمام أو بالتمام، وأما إذا كان نسيانه قبل تمام الشوط الرابع فالأحوط أن يأتي بسعي كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام، ومع التعسر يستنيب لذلك.

(مسألة 344 ) : إذا نقص شيئاً من السعي في عمرة التمتع نسياناً فأحل لاعتقاده الفراغ من السعي فالأحوط بل الأظهر لزوم التكفير عن ذلك ببقرة، ويلزمه إتمام السعي على النحو الذي ذكرناه.

الشك في السعي

لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي بعد التقصير، وذهب جمع من الفقهاء الى عدم الاعتناء بالشك بعد انصرافه من السعي وإن كان الشك قبل التقصير، ولكن الأظهر لزوم الاعتناء به حينئذ.

(مسألة 345 ) : إذا شك وهو على المروة في أن شوطه الأخير كان هو السابع أو التاسع فلا اعتبار بشكه ويصح سعيه، وإذا كان هذا الشك أثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف.

ص: 130

(مسألة 346 ) : حكم الشك في عدد الأشواط من السعي

حكم الشك في عدد الأشواط من الطواف، فإذا شك في عددها بطل سعيه.

التقصير

وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع، ومعناه أخذ شيء من ظفر يده أو رجله أو شعر رأسه أو لحيته أو شاربه، ويعتبر فيه قصد القربة ولا يكفي النتف عن التقصير.

(مسألة 347 ) : يتعين التقصير في إحلال عمرة التمتع، ولا يجزئ عنه حلق الرأس فلو خالف فلا بد من التقصير ولو بأخذه من مكان اخر، بل يحرم الحلق عليه، وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالماً عامداً بل مطلقاً على الأحوط.

(مسألة 348 ) : إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير جاهلاً بالحكم فعليه كفارة بدنة على الأحوط.

(مسألة 349 ) : يحرم التقصير قبل الفراغ من السعي، فلو فعله عالماً عامداً لزمته الكفارة اما الجاهل والناسي فلا شي عليه .

ص: 131

(مسألة 350 ) : لا تجب المبادرة الى التقصير بعد السعي، فيجوز فعله في أيّ محل شاء سواء كان في المسعى أو في منزله أو غيرهما.

(مسألة 351 ) : إذا ترك التقصير عمداً فأحرم للحج بطلت عمرته، والظاهر أن حجه ينقلب الى الإفراد، فيأتي بعمرة مفردة بعده والأحوط اعادة الحج في السنة القادمة.

(مسألة 352 ) : إذا ترك التقصير نسياناً فأحرم للحج صحت عمرته، والأحوط التكفير عن ذلك بشاة.

(مسألة 353 ) : إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حلّ له جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه ما عدا الحلق، أما الحلق ففيه تفصيل: وهو أن المكلف إذا أتى بعمرة التمتع في شهر شوال جاز له الحلق الى مضي ثلاثين يوماً من يوم عيد الفطر، وأما بعده فالأحوط أن لا يحلق، وإذا حلق فالأحوط التكفير عنه بشاة إذا كان عن علم وعمد وان كان جاهلاً فلا شيء عليه.

(مسألة 354 ) : لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع، ولا بأس بالاتيان به رجاءً، وقد نقل شيخنا الشهيد(قدس سره)وجوبه عن بعض العلماء.

ص: 132

واجبات الحجّ

تقدّم في المسألة (146) أن واجبات الحج ثلاثة عشر ذكرناها مجملة، وإليك تفصيلها:

الأول: الإحرام، وأفضل أوقاته يوم التروية، ويجوز التقديم عليه بثلاثة أيام، ولا سيما بالنسبة الى الشيخ الكبير والمريض إذا خافا من الزحام، فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس، وتقدم جواز الخروج من مكة محرماً بالحج لضرورة بعد الفراغ من العمرة في أيّ وقت كان.

(مسألة 355 ) : كما لا يجوز للمعتمر إحرام الحج قبل التقصير لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل إتمام أعمال الحج، نعم لا مانع منه بعد إتمام النسك قبل طواف النساء.

(مسألة 356 ) : يتضيق وقت الإحرام فيما إذا استلزم تأخيره فوات الوقوف بعرفات يوم عرفة.

(مسألة 357 ) : يتحد إحرام الحج وإحرام العمرة في كيفيته وواجباته ومحرّماته، والاختلاف بينهما إنما هو في النية فقط.

ص: 133

(مسألة 358 ) : للمكلف أن يحرم للحج من مكة القديمة من أيّ موضع شاء، للشك في كفاية الاحرام في الجديدة ويستحب له الإحرام من المسجد الحرام في مقام إبراهيم أو حجر إسماعيل.

(مسألة 359 ) : من ترك الإحرام نسياناً أو جهلاً منه بالحكم الى أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه الرجوع الى مكة، ولو من عرفات والإحرام منها، فإن لم يتمكن من الرجوع لضيق الوقت أو لعذر آخر يحرم من الموضع الذي هو فيه، وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات، فإنه يحرم منه وإن تمكن من العود الى مكة والإحرام منها ولو لم يتذكر ولم يعلم بالحكم الى أن فرغ من الحج صح حجه.

(مسألة 360 ) : من ترك الإحرام عالماً عامداً لزمه التدارك، فإن لم يتمكن منه قبل الوقوف بعرفات فسد حجه ولزمته الاعادة من قابل.

(مسألة 361 ) : الأحوط أن لا يطوف المتمتع بعد إحرام الحج قبل الخروج الى عرفات طوافاً مندوباً، فلو طاف جدّد التلبية بعد الطواف على الأحوط.

ص: 134

الوقوف بعرفات

الثاني من واجبات حج التمتع الوقوف بعرفات بقصد القربة، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون فرق بين أن يكون راكباً أو راجلاً ساكناً أو متحركاً.

(مسألة 362 ) : حدّ عرفات من بطن عرفة وثوية ونمرة الى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه حدود عرفات وخارجة عن الموقف.

(مسألة 363 ) : الظاهر أن الجبل موقف، ولكن يكره الوقوف عليه، ويستحب الوقوف في السفح من ميسرة الجبل.

(مسألة 364 ) : يعتبر في الوقوف أن يكون عن اختيار، فلو نام أو غشي عليه هناك في جميع الوقت لم يتحقق منه الوقوف نعم يكفي بعض الوقت لو أفاق أو انتبه بعد ما كان الواجب الركني مسمى الوقوف.

(مسألة 365 ) : الأحوط للمختار أن يقف في عرفات من أوّل ظهر التاسع من ذي الحجة الى الغروب، والأظهر جواز تأخيره الى بعد الظهر بساعة تقريباً، والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجباً يأثم المكلف بتركه إلا أنه ليس منالأركان،

ص: 135

بمعنى أن من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجه، نعم لو ترك الوقوف رأساً باختياره فسد حجه، فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.

(مسألة 366 ) : من لم يدرك الوقوف الاختياري (الوقوف في النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه أو لغيرهما من الأعذار لزمه الوقوف الاضطراري (الوقوف برهة من ليلة العيد) وصح حجه، فإن تركه متعمداً فسد حجه.

(مسألة 367 ) : تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً، لكنها لا تفسد الحج، فإذا ندم ورجع إلى عرفات فلا شيء عليه، وإلا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها في منى، فإن لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوماً، والأحوط أن تكون متواليات، ويجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلا منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو التذكر، فإن لم يرجع حينئذ فعليه الكفارة على الأحوط.

(مسألة 368 ) : إذا ثبت الهلال عند قاضي أهل السنة وحكم على طبقه ولم يثبت عند الشيعة، ففيه صورتان:

ص: 136

الأولى: ما إذا احتملت مطابقة الحكم للواقع، فعندئذ وجبت متابعتهم والوقوف معهم وترتيب جميع آثار ثبوت الهلال الراجعة إلى مناسك حجه من الوقوفين وأعمال منى يوم النحر وغيرها، ويجزئ هذا في الحج على الأظهر، ومن خالف ما تقتضيه التقية بتسويل نفسه أن الاحتياط في مخالفتهم ارتكب محرماً وفسد وقوفه.

والحاصل أنه تجب متابعة الحاكم السني تقية، ويصح معها الحج، والاحتياط حينئذ غير مشروع، ولا سيما إذا كان فيه خوف تلف النفس ونحوه، كما قد يتفق ذلك في زماننا هذا.

الثانية: ما إذا فرض العلم بالخلاف، وأن اليوم الذي حكم القاضي بأنه يوم عرفة هو يوم التروية واقعاً، ففي هذه الصورة لا يجزئ الوقوف معهم لأن الجواز مختص في صورة الاحتمال للواقع، فإن تمكن المكلف من العمل بالوظيفة والحال هذه ولو بأن يأتي بالوقوف الاضطراري في المزدلفة دون أن يترتب عليه أي محذور ولو كان المحذور مخالفته للتقية عمل بوظيفته، وإلا بدّل حجه بالعمرة المفردة، ولا حجّ له، فإن كانت استطاعته من السنة الحاضرة ولم

ص: 137

تبق بعدها، سقط عنه الوجوب، إلاّ إذا طرأت عليه الاستطاعة من جديد.

الوقوف في المزدلفة

وهو الثالث من واجبات حج التمتع، والمزدلفة اسم لمكان يقال له المشعر الحرام وحد الموقف من المأزمين الى الحياض الى وادي محسّر، وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام وضيق الوقت، فيرتفعون الى المأزمين، ويعتبر فيه قصد القربة.

(مسألة 369 ) : إذا أفاض الحاج من عرفات فالأحوط أن يبيت ليلة العيد في المزدلفة وإن كان لم يثبت وجوبها.

(مسألة 370 ) : يجب الوقوف في المزدلفة من طلوع فجر يوم العيد إلى طلوع الشمس، لكن الركن منه هو الوقوف في الجملة، فإذا وقف مقداراً ما بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو متعمداً صح حجّه وإن ارتكب محرماً.

ص: 138

(مسألة 371 ) : من ترك الوقوف فيما بين الفجر وطلوع الشمس رأساً فسد حجه، ويستثنى من ذلك النساء والصبيان والخائف والضعفاء كالشيوخ والمرضى فيجوز لهم حينئذ الوقوف في المزدلفة ليلة العيد والافاضة منها قبل طلوع الفجر إلى منى.

(مسألة 372 ) : من وقف في المزدلفة ليلة العيد وأفاض منها قبل طلوع الفجر جهلا منه بالحكم صح حجه على الأظهر، وعليه كفارة شاة.

(مسألة 373 ) : من لم يتمكن من الوقوف الاختياري (الوقوف فيما بين الطلوعين) في المزدلفة لنسيان أو لعذر آخر أجزأه الوقوف الاضطراري (الوقوف وقتاً ما) بعد طلوع الشمس إلى زوال يوم العيد، ولو تركه عمداً فسد حجه.

إدراك الوقوفين أو أحدهما

تقدم أن كلاً من الوقوفين (الوقوف في عرفات والوقوف في المزدلفة) ينقسم إلى قسمين: اختياري واضطراري، فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين كليهما فلا إشكال، وإلا فله حالات:

ص: 139

الأولى: أن لا يدرك شيئاً من الوقوفين الاختياري منهما والاضطراري أصلا، ففي هذه الصورة يبطل حجه

ويجب عليه الاتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج، ويجب عليه الحج في السنة القادمة فيما إذا كانت استطاعته باقية أو كان الحج مستقراً في ذمته.

الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات والاضطراري في المزدلفة.

الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات والاختياري في المزدلفة، ففي هاتين الصورتين يصح حجه بلا إشكال.

الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من عرفات والمزدلفة، والأظهر في هذه الصورة صحة حجه، وإن كان الأحوط إعادته في السنة القادمة إذا بقيت شرائط الوجوب أو كان الحج مستقراً في ذمته.

الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط، ففي هذه الصورة يصح حجه أيضاً.

السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة

فقط، ففي هذه الصورة لا تبعد صحة الحج، إلا أن الأحوط أن يأتي ببقية الأعمال قاصداً فراغ ذمتهعما

ص: 140

تعلق بها من العمرة المفردة أو اتمام الحج، وأن يعيد الحج في السنة القادمة.

السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات فقط، ولكن في صحة هذه الصورة تردد

الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات فقط، ففي هذه الصورة يبطل حجه فيقلبه الى العمرة المفردة.

مِنى وواجباتها

اشارة

إذا أفاض المكلف من المزدلفة وجب عليه الرجوع الى

منى لأداء الأعمال الواجبة هناك، وهي كما نذكرها تفصيلاً ثلاثة:

1 - رمي جمرة العقبة

الرابع من واجبات الحج: رمي جمرة العقبة يوم النحر، ويعتبر فيه أمور:

1 - نية القربة.

2 - أن يكون الرمي بسبع حصيات ولا يجزئ الأقل من ذلك كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.

ص: 141

3 - أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة، فلا يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.

4 - أن تصل الحصيات الى الجمرة.

5 - أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزئ وضعها عليها، والظاهر جواز الاجتزاء بما إذا رمى فلاقت الحصاة في طريقها شيئاً ثم أصابت الجمرة، نعم إذا كان ما لاقته الحصاة صلباً فطفرت منه فأصابت الجمرة لم يجزئ ذلك بل لابد من الاعادة على الاحوط.

6 - أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها، ويجزئ للنساء وسائر من رخص لهم الافاضة من المشعر في الليل أن يرموا بالليل (ليلة العيد)، لكن يجب عليهم تأخير الذبح والنحر الى يومه، والأحوط تأخير التقصير أيضاً، ويأتون بعد ذلك أعمال الحج إلاّ الخائف على نفسه من العدو، فإنه يذبح ويقصر ليلا كما سيأتي.

(مسألة 374 ) : إذا شك في الاصابة وعدمها بنى على العدم، إلا أن يدخل في واجب آخر مترتب عليه أو كان الشك بعد دخول الليل.

(مسألة 375 ) : يعتبر في الحصيات أمران:

ص: 142

1 - أن تكون من الحرم، والأفضل أخذها من المشعر.

2 - أن تكون أبكاراً على الأحوط، بمعنى أنها لم تكن مستعملة في الرمي قبل ذلك ويستحب فيها أن تكون

ملوّنة، ومنقطة، ورخوة، وأن يكون حجمها بمقدار أنملة، وأن يكون الرامي راجلا، وعلى طهارة.

(مسألة 376 ) : إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال، فالأحوط أن يرمي المقدار الذي كان سابقاً، فإن لم يتمكن من ذلك رمي المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصاً آخر لرمي المقدار المزيد عليه، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي.

(مسألة 377 ) : إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلا منه بالحكم لزمه التدارك إلى اليوم الثالث عشر حسبما تذكر أو علم، فإن علم أو تذكر في الليل لزمه الرمي في نهاره إذا لم يكن ممن قد رخص له الرمي في الليل، وسيجيء ذلك في رمي الجمار، ولو علم أو تذكر بعد اليوم الثالث عشر فالأحوط أن يرجع إلى منى ويرمي ويعيد الرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه، وإذا علم أو تذكر بعد الخروج من مكة لم

ص: 143

يجب عليه الرجوع، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الأحوط.

(مسألة 378 ) : إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلا فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف، وإن كانت الاعادة أحوط، وأما إذا كان الترك مع العلم والعمد فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي.

2 - الذبح أو النحر في منى

اشارة

وهو الخامس من واجبات حج التمتع، ويعتبر فيه قصد القربة والايقاع في النهار، ولا يجزيه الذبح أو النحر في الليل وإن كان جاهلا، نعم يجوز للخائف الذبح والنحر في الليل، ويجب الاتيان به بعد الرمي، ولكن لو قدّمه على الرمي جهلا أو نسياناً صح ولم يحتج إلى الاعادة، ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى، وإن لم يمكن ذلك كما قيل إنه كذلك في زماننا لأجل تغيير المذبح وجعله في وادي محسّر، فإن تمكن المكلف من التأخير والذبح أو النحر في منى ولو كان ذلك إلى آخر ذي الحجة حلق أو قصر وأحلّ بذلك وأخَّر ذبحه أو نحره وما يترتب عليهما من

ص: 144

الطواف والصلوة والسعي، وإلا جاز له الذبح في المذبح الفعلي ويجزئه ذلك.

(مسألة 379 ) : الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد، ولكن إذا تركهما يوم العيد لنسيان أو لغيره من الأعذار أو لجهل بالحكم لزمه التدارك إلى آخر أيام التشريق، وإن استمر العذر جاز تأخيره إلى آخر ذي الحجة، فإذا تذكر أو علم بعد الطواف وتداركه لم تجب عليه اعادة الطواف وإن كانت الاعادة أحوط، وأما إذا تركه عالماً عامداً فطاف فالظاهر بطلان طوافه، ويجب عليه أن يعيده بعد تدارك الذبح.

(مسألة 380 ) : لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص واحد.

(مسألة 381 ) : يجب أن يكون الهدي من الابل أو البقر أو الغنم ولا يجزئ من الابل إلا ما أكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا ما أكمل الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، ولا يجزئ من الضأن إلا ما أكمل الشهر السابع ودخل في الثامن، والأحوط أن يكون قد أكمل السنة الواحدة ودخل في الثانية وإذا تبين له بعد الذبح في الهدي أنه لم يبلغ السن المعتبر فيه لم يجزئه ذلك ولزمته

ص: 145

الاعادة، ويعتبر في الهدي أن يكون تام الأعضاء، فلا يجزئ الأعور، والأعرج، والمقطوع أذنه والمكسور قرنه الداخل ونحو ذلك، والأظهر عدم كفاية الخصيأيضاً. ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولا عرفاً، والأحوط الأولى أن لا يكون مريضاً ولا موجوءاً ولا مرضوض الخصيتين ولا كبيراً لا مخّ له، ولا بأس بأن يكون مشقوق الاذن أو مثقوبها وإن كان الأحوط اعتبار سلامته منهما، والأحوط الأولى أن لا يكون الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته.

(مسألة 382 ) : إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته فبان معيباً ، فالظاهر عدم جواز الاكتفاء به.

(مسألة 383 ) : ما ذكرناه من شروط الهدي إنّما هو في فرض التمكن منه، فإن لم يتمكن من الواجد للشرائط أجزأه الفاقد وما تيسر له من الهدي.

(مسألة 384 ) : إذا ذبح الهدي بزعم أنه سمين فبان مهزولا أجزأه سواء علم قبل الذبح أو بعده ولم يحتج إلى الاعادة.

(مسألة 385 ) : إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجداً للشرائط حكم بصحته إن احتمل أنه كان محرزاً للشرائط حين الذبح، ومنه ما إذا شك بعد الذبح أنه كان بمنى أم كان في محل آخر، وأما إذا شك في أصل

ص: 146

الذبح فإن كان الشك بعد الحلق أو التقصير لم يعتن بشكه، وإلا لزم الاتيان به، إذا شكفي هزال الهدي فذبحه امتثالاً لأمر الله تبارك وتعالى ولو رجاءً ثم ظهر سمنه بعد الذبح أجزأه ذلك.

(مسألة 386 ) : إذا اشترى هدياً سليماً فمرض بعدما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب أجزأه أن يذبحه ولا يلزمه إبداله.

(مسألة 387 ) : لو اشترى هدياً فضلّ اشترى مكانه هدياً آخر، فإن وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول وهو بالخيار في الثاني إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه، وهو كسائر أمواله،

والأحوط الأولى ذبحه أيضاً، وإن وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الأول أيضاً على الأحوط.

(مسألة 388 ) : لو وجد أحد هدياً ضالاً عرَّفه إلى اليوم الثاني عشر، فإن لم يوجد صاحبه ذبحه في عصر اليوم الثاني عشر عن صاحبه ويجزي عنه.

(مسألة 389 ) : من لم يجد الهدي وتمكن من ثمنه أودع ثمنه عند ثقة ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجة، فإن مضى الشهر لا يذبحه إلا في السنة القادمة.

ص: 147

(مسألة 390 ) : إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه صام بدلا عنه عشرة أيام: ثلاثة في الحج في اليومالسابع والثامن والتاسع من ذي الحجة وسبعة إذا رجع إلى بلده، والأحوط أن تكون السبعة متوالية، ويجوز أن تكون الثلاثة من أوّل ذي الحجة بعد التلبس بعمرة التمتع، ويعتبر فيها التوالي، فإن لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك.

(مسألة 391 ) : المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج إذا لم يتمكن من الصوم في اليوم السابع صام الثامن والتاسع ويوماً آخر بعد رجوعه من منى، ولو لم يتمكن في اليوم الثامن أيضاً أخَّرَ جميعها إلى ما بعد رجوعه من منى، والأحوط أن يبادر إلى الصوم بعد رجوعه من منى، ولا يؤخّره من دون عذر، وإذا لم يتمكن بعد الرجوع من منى صام في الطريق أو صامها في بلده أيضاً، ولكن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة في الطريق أو بلده، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهلَّ هلال محرم سقط الصوم وتعين الهدي للسنة القادمة.

ص: 148

(مسألة 392 ) : من لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه وصام ثلاثة أيام في الحج ثم تمكن منه وجب عليه الهدي على الأحوط وجوباً.

(مسألة 393 ) : إذا لم يتمكن من الهدي باستقلاله وتمكن من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط الجمع بين الشركة في الهدي والصوم على الترتيب المذكور.

(مسألة 394 ) : إذا اعطى الهدي أو ثمنه أحداً فوكّله في

الذبح عنه ثم شك في أنه ذبحه أم لا بنى على عدمه، نعم إذا كان ثقة وأخبره بذبحه اكتفى به.

(مسألة 395 ) : ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر فيما يذبح كفارة، وإن كان الأحوط اعتبارها فيه.

(مسألة 396 ) : الذبح الواجب هدياً أو كفارة لا تعتبر المباشرة فيه، بل يجوز ذلك بالاستنابة في حال الاختيار أيضاً، ولابد أن يكون الذابح مسلماً، وأن تكون النية مستمرة من صاحب الهدي إلى الذبح، ولا يشترط نية الذابح وإن كانت أحوط وأولى.

مصرف الهدي

ص: 149

الأحوط أن يعطي ثلث الهدي إلى الفقير المؤمن صدقة ويعطي ثلثه إلى المؤمنين هدية، وأن يأكل من الثلث الباقي له، ولا يجب إعطاء ثلث الهدي إلى الفقير نفسه، بل يجوز الاعطاء إلى وكيله وإن كان الوكيلهو نفس من عليه الهدي، ويتصرف الوكيل فيه حسب إجازة موكله من الهبة أو البيع أو

الاعراض أو غير ذلك، ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى اذا لم يكن للناس حاجة فيه لكثرة اللحم.

(مسألة 397 ) : لا يعتبر الافراز في ثلث الصدقة ولا في ثلث الهديّة، فلو تصدق بثلثه المشاع وأهدى ثلثه المشاع وأكل منه شيئاً أجزأه ذلك.

(مسألة 398 ) : يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء، فلا بأس بتمليكه غير المؤمن أو غير المسلم بعد أن أصبح ملكاً له.

(مسألة 399 ) : إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب عليه قهراً قبل التصدق والاهداء فلا ضمان على صاحب الهدي، نعم لو أتلفه هو باختياره ولو باعطائه لغير أهله ضمن الثلثين على الأحوط.

ص: 150

3 - الحلق والتقصير

وهو الواجب السادس من واجبات الحج، ويعتبر فيه

قصد القربة وإيقاعه في النهار على الأحوط من دون فرق بين العالم والجاهل، والأحوط تأخيره عن الذبحوالرمي، ولكن لو قدمه عليهما أو على الذبح نسياناً أو جهلا منه بالحكم أجزأه، ولم يحتج الى الاعادة.

(مسألة 400 ) : لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعين عليهن التقصير.

(مسألة 401 ) : يتخير الرجل بين الحلق والتقصير، والحلق أفضل، ومن لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمل، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه ولفه فالأحوط وجوباً له اختيار الحلق، ومن كان صرورة فالأحوط له أيضاً اختيار الحلق، وإن كان تخييره بين الحلق والتقصير لا يخلو من قوة والحلق أفضل.

(مسألة 402 ) : من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح رأسه فعليه أن يقصّر أوّلاً ثم يحلق.

(مسألة 403 ) : الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا

ص: 151

لم يكن ملبداً أو معقوصاً، وإلا جمع بين التقصير والحلق ويقدّم التقصير على الحلق على الأحوط.

(مسألة 404 ) : إذا حلق المحرم أو قصّر حل له جميع ما حرم عليه الإحرام، ما عدا النساء والطيب بلالصيد أيضاً على الأحوط ولا يتحلل من جهة الصيد إلا بعد الظهر من اليوم الثالث عشر.

(مسألة 405 ) : إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلا منه بالحكم الى أن خرج من منى رجع وقصر أو حلق فيها، فإن تعذر الرجوع أو تعسّر عليه قصر أو حلق في مكانه وبعث بشعر رأسه الى منى إن أمكنه ذلك.

(مسألة 406 ) : إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلا فذكره، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج وتداركه تجب عليه إعادة الطواف على الأظهر، بل الأحوط وجوباً إعادة السعي أيضاً، ولا يترك الاحتياط بإعادة الطواف مع الإمكان فيما إذا كان تذكره أو علمه بالحكم قبل خروجه من مكة.

طواف الحج وصلاته والسعي

ص: 152

الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج: الطواف وصلاته والسعي، وكيفيتها وشرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها.

(مسألة 407 ) : يجب تأخير الطواف عن الحلق أو التقصير في حج التمتع، فلو قدمه عالماً عامداً وجبت إعادته بعد الحلق أو التقصير ولزمته كفارة شاة.

(مسألة 408 ) : الأحوط عدم تأخير طواف الحج عن اليوم الحادي عشر وإن كان جواز تأخيره إلى ما بعد أيام التشريق بل الى آخر ذي الحجة لا يخلو من قوة وأما تأخيره الى مابعد ذي الحجة فلا يجوز قطعاً.

(مسألة 409 ) : لا يجوز في حج التمتع تقديم طواف الحج وصلاته والسعي على الوقوفين، ويستثنى من ذلك الشيخ الكبير والمرأة التي تخاف الحيض، فيجوز لهما تقديم الطواف وصلاته على الوقوفين والاتيان بالسعي في وقته، والأحوط تقديم السعي أيضاً وإعادته في وقته، والأولى إعادة الطواف والصلاة أيضاً مع التمكن في أيام التشريق أو بعدها الى آخر ذي الحجة.

(مسألة 410 ) : يجوز للخائف على نفسه من دخول مكة على الاطلاق بأن يقدم الطواف وصلاته والسعي

ص: 153

على الوقوفين، بل لا بأس بتقديمه طواف النساء أيضاً فيمضي بعد أعمال منى الى حيث أراد.

(مسألة 411 ) : من طرأ عليه العذر فلم يتمكن من الطواف كالمرأة التي رأت الحيض أو النفاس ولميتيسر لها المكث في مكة لتطوف بعد طهرها لزمته الاستنابة للطواف ان لم يمكنه البقاء الى آخر ذي الحجة ثم السعي بنفسه بعد طواف النائب.

(مسألة 412 ) : إذا طاف المتمتع وصلى وسعى حل له الطيب، وبقي عليه من المحرمات النساء بل الصيد أيضاً على الأحوط، والظاهر جواز العقد له بعد طوافه وسعيه، ولكن لا يجوز له شيء من الاستمتاعات المتقدمة على الأحوط استحباباً وإن كان الأظهر اختصاص التحريم بالجماع.

(مسألة 413 ) : من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير.

طواف النساء

ص: 154

الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج: طواف النساء وصلاته، وهما وإن كانا من الواجبات إلا أنهما ليسا من نسك الحج، فتركهما ولو عمداً لا يوجب فساد الحج.

(مسألة 414 ) : كما يجب طواف النساء على الرجال يجب على النساء، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء، ولو تركته المرأة حرم عليها الرجال، والنائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه.

(مسألة 415 ) : طواف النساء وصلاته كطواف الحج وصلاته في الكيفية والشرائط.

(مسألة 416 ) : من لم يتمكن من طواف النساء باستقلاله لمرض أو غيره استعان بغيره فيطوف ولو بأن يحمل على متن حيوان أو إنسان، وإذا لم يتمكن منه أيضاً لزمته الاستنابة عنه، ويجري هذا في صلاة الطواف أيضاً.

(مسألة 417 ) : من ترك طواف النساء سواء أكان متعمداً مع العلم بالحكم أو الجهل به أو كان نسياناً حرمت عليه النساء إلى أن يتداركه، ومع تعذر المباشرة أو تعسرها جاز له الاستنابة، فإذا طاف

ص: 155

النائب عنه حلت له النساء، فإذا مات قبل تداركه فالأحوط أن يقضى من تركته.

(مسألة 418 ) : لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي، فإن قدمه وكان عن علم وعمد لزمته إعادتهبعد السعي، وكذلك إن كان عن جهل أو نسيان على الأحوط.

(مسألة 419 ) : من قدم طواف النساء على الوقوفين لعذر لم تحل له النساء حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق.

(مسألة 420 ) : إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة، والأحوط حينئذ أن تستنيب لطوافها ولصلاته، وإذا كان حيضها بعد تجاوز النصف من طواف النساء جاز لها ترك الباقي والخروج مع القافلة، والأحوط استحباباً الاستنابة لبقية الطواف ولصلاته.

(مسألة 421 ) : نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف الحج (وقد تقدم حكمه في المسألة (326)).

ص: 156

(مسألة 422 ) : إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلت له النساء، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حل لها الرجال، فتبقى حرمة الصيد الى الظهر من اليوم الثالث عشر على الأحوط، وأما قلع الشجر وما ينبت في الحرم وكذلك الصيد في الحرم فقد ذكرنا في المسألة (206) أن حرمتهما تعم المحرم والمحل.

المبيت في منى

الواجب الثاني عشر من واجبات الحج:

المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، ويعتبر فيه قصد القربة، فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في منى، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً، وكذلك من أتى النساء على الأحوط، وتجوز لغيرهما الافاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر ولكن إذا بقي في منى الى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً.

ص: 157

(مسألة 423 ) : إذا تهيأ للخروج وتحرك من مكانه ولم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه فإن أمكنه المبيت وجب ذلك، وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجياً جاز له الخروج، وعليه دم شاة على الأحوط.

(مسألة 424 ) : من وجب عليه المبيت بمنى لا يجب عليه المكث فيها نهاراً بأزيد من مقدار يرمي فيه الجمرات ولا يجب عليه المبيت في مجموع الليل، فيجوز له المكث في منى من أوّل الليل الى ما بعدمنتصفه أو المكث فيها قبل منتصف الليل الى الفجر والاحوط المكث في النصف الأول ، والأولى لمن بات النصف الأول، ثم خرج أن لا يدخل مكة قبل طلوع الفجر.

(مسألة 425 ) : يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدّة طوائف:

1 - المعذور، كالمريض والممرّض ومن خاف على نفسه أو ماله من المبيت بمنى.

2 - من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو تمام الباقي من ليلته إذا خرج من منى بعد دخول الليل، ما عدا الحوائج الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما.

ص: 158

3 - من طاف بالبيت وبقي في عبادته ثم خرج من مكة وتجاوز عقبة المدنيين، فيجوز له أن يبيت في الطريق دون

أن يصل الى منى ويجوز لهؤلاء التأخير في الرجوع إلى منى الى ادراك الرمي في النهار.

(مسألة 426 ) : من ترك المبيت بمنى فعليه كفارة شاة عن كل ليلة، والأحوط التكفير فيما إذا تركه نسياناً أو جهلا منه بالحكم أيضاً، والأحوط التكفير للمعذورمن المبيت ولا كفارة على الطائفة الثانية والثالثة ممّن تقدّم.

(مسألة 427 ) : مَن أفاض من منى ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشر لحاجة لم يجب عليه المبيت بها.

رمي الجمار

الثالث عشر من واجبات الحج: رمي الجمرات الثلاث: الأولى، والوسطى، وجمرة العقبة، ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإذا

ص: 159

بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضاً على الأحوط،

ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة، فلا تجوز الاستنابة اختياراً.

(مسألة 428 ) : يجب الابتداء برمي الجمرة الاولى، ثم الجمرة الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولو خالف وجب الرجوع إلى ما يحصل به الترتيب، ولو كانت المخالفة عن جهل أو نسيان، نعم إذا نسي فرمى جمرةبعد أن رمى سابقتها أربع حصيات أجزأ إكمالها سبعاً، ولا يجب عليه إعادة رمي اللاحقة.

(مسألة 429 ) : ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة في منى وواجباتها (1) رمي جمرة العقبة يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها.

(مسألة 430 ) : يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار، ويستثنى من ذلك العبد والراعي والمديون الذي يخاف أن يقبض عليه وكل من يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله، ويشمل ذلك الشيخ والنساء والصبيان والضعفاء الذين يخافون على أنفسهم من كثرة الزحام، فيجوز لهؤلاء الرمي

ص: 160

ليلة ذلك النهار، ولكن لا يجوز لغير الخائف من المكث أن ينفر ليلة الثانية عشر بعد الرمي حتى تزول الشمس من يومه.

(مسألة 431 ) : من نسي الرمي في اليوم الحادي عشر وجب عليه قضاؤه في الثاني عشر، ومن نسيه في الثاني عشر قضاه في اليوم الثالث عشر، والأحوط أن يفرّق بين الأداء والقضاء، وأن يقدّم القضاء على الأداء، وأن يكون القضاء أوّل النهار والأداء عند الزوال.

(مسألة 432 ) : من نسي الرمي فذكره في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها، وإذا كان يومين أو ثلاثة فالأحوط أن يفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بساعة، وإذا ذكره بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع بل يقضيه في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الأحوط.

(مسألة 433 ) : المريض الذي لا يرجى برؤه الى المغرب يستنيب لرميه، ولو اتفق برؤه قبل غرب الشمس رمى بنفسه أيضاً على الأحوط.

(مسألة 434 ) : لا يبطل الحج بترك الرمي ولو كان متعمداً، ويجب قضاء الرمي بنفسه أو بنائبه في العام القابل على الأحوط.

ص: 161

أحكام المصدود

(مسألة 435 ) : المصدود هو الممنوع عن الحج أو العمرة بعد تلبسه بإحرامهما.

(مسألة 436 ) : المصدود عن العمرة يذبح في مكانه ويتحلل به، والأحوط ضم التقصير أو الحلق إليه، بلالأحوط اختيار الحلق إذا كان ساق معه الهدي في العمرة المفردة.

(مسألة 437 ) : المصدود عن الحج إن كان مصدوداً عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد والتحلل به عن إحرامه، والأحوط ضم الحلق أو التقصير إليه، وإن كان عن الطواف والسعي بعد الموقفين قبل أعمال منى أو بعدها فعنذئذ إن لم يكن متمكناً من الاستنابة فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد، وإن كان متمكناً منها فالأحوط الجمع بين الوظيفتين ذبح الهدي في محله والاستنابة، وإن كان الأظهر جواز الاكتفاء بالذبح إن كان الصد صداً عن دخول مكة، وجواز الاكتفاء بالاستنابة إن كان الصد بعده، وإن

ص: 162

كان مصدوداً عن مناسك منى خاصة دون دخول مكة فوقتئذ إن كان متمكناً من الاستنابة فيستنيب للرمي والذبح ثم يحلق أو يقصّر ويتحلل ثم يأتي ببقية المناسك، وإن لم يكن متمكناً من الاستنابة فالظاهر أن وظيفته في هذه الصورة أن يودع ثمن الهدي عند من يذبح عنه وان لم يتمكن من ثمن الهدي فيصوم ثم يحلق أو يقصّر في مكانه، فيرجع إلى مكة لأداء مناسكها فيتحلل بعد هذه كلها عن جميع ما يحرم عليهحتى النساء من دون حاجة الى شيء آخر، وصح حجه وعليه الرمي في السنة القادمة على الأحوط.

(مسألة 438 ) : المصدود من الحج لا يسقط عنه الحج بالهدي المزبور، بل يجب عليه الاتيان به في القابل إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقراً في ذمته.

(مسألة 439 ) : إذا صدّ عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار فقد تم حجه، ويستنيب للرمي إن أمكنه في سنته، وإلا ففي القابل على الأحوط، ولا يجرى عليه حكم المصدود.

ص: 163

(مسألة 440 ) : من تعذر عليه المضي في حجه لمانع من الموانع غير الصد والحصر فالأحوط أن يتحلل في مكانه بالذبح.

(مسألة 441 ) : لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة، ولو لم يتمكن منه ينتقل الأمر الى بدله، وهو الصيام على الأحوط.

(مسألة 442 ) : من أفسد حجه ثم صدّ هل يجري عليه حكم الصد أم لا؟ وجهان الظاهر هو الأول، ولكن عليه كفارة الافساد زائداً على الهدي.

(مسألة 443 ) : من ساق هدياً معه ثم صدّ كفى ذبح ما ساقه ولا يجب عليه هدي آخر.

أحكام المحصور

(مسألة 444 ) : المحصور هو الممنوع عن الحج أو العمرة بمرض ونحوه بعد تلبسه بالإحرام.

(مسألة 445 ) : المحصور إن كان محصوراً في عمرة مفردة فوظيفته أن يبعث هدياً ويواعد أصحابه

ص: 164

أن يذبحوه أو ينحروه في وقت معين، فإذا جاء الوقت تحلل في مكانه، ويجوز له خاصة أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل، وتحلل المحصور في العمرة المفردة إنما هو من غير النساء، وأما منها فلا تحلل منها إلا بعد إتيانه بعمرة مفردة بعد إفاقته، وإن كان المحصور محصوراً في عمرة التمتع فحكمه ما تقدم إلا أنه يتحلل حتى من النساء، وإن كان المحصور محصوراً في الحج فحكمه ما تقدّم، والأحوط أنه لا يتحلل من النساء حتى يطوف ويسعى ويأتي بطواف النساء بعد ذلك في حج أو عمرة.

(مسألة 446 ) : إذا أحصر وبعث بهديه وبعد ذلك خفّ المرض، فإن ظن أو احتمل إدراك الحج وجب عليه الالتحاق، وحينئذ فإن أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة حسب ما تقدم فقد أدرك الحج، وإلا فإن لم يذبح أو ينحر عنه انقلب حجه الى العمرة المفردة، وإن ذبح عنه تحلل من غير النساء ووجب عليه الاتيان بالطواف وصلاته والسعي وطواف النساء وصلاته للتحلل من النساء أيضاً على الأحوط.

(مسألة 447 ) : إذا أحصر عن مناسك منى أو أحصر من الطواف والسعي بعد الوقوفين، فالحكم

ص: 165

فيه كما تقدم في المصدود، نعم إذا كان الحصر من الطواف والسعي بعد دخول مكة فلا إشكال ولا خلاف في أن وظيفته الاستنابة.

(مسألة 448 ) : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله جاز له أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدّان، ويحلق.

(مسألة 449 ) : لا يسقط الحج عن المحصور بتحلله بالهدي، فعليه الاتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو كان مستقراً في ذمته.

(مسألة 450 ) : المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام على ما تقدّم.

(مسألة 451 ) : يستحب للمحرم عند عقد الإحرام أن يشترط على ربه تعالى أن يحلّه حيث حبسه وإن كان حله لا يتوقف على ذلك، فإنه يحلّ عند الحبس اشترط أم لم يشترط.

إلى هنا فرغنا من واجبات الحج فلنشرع الآن في آدابه، وقد ذكر الفقهاء من الآداب ما لا تسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها.

ص: 166

مستحبات الإحرام

يستحب في الإحرام أمور:

1 - تنظيف الجسد، وتقليم الأظفار، وأخذ الشارب، وإزالة الشعر من الابطين والعانة، كل ذلك قبل الإحرام.

2 - تسريح شعر الرأس، واللحية من أوّل ذي القعدة لمن أراد الحج، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك، وهذا القول وإن كان ضعيفاً إلا أنه أحوط.

3 - الغسل للاحرام في الميقات، ويصح من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر، وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدّمه عليه، فإن وجد الماء في الميقات أعاده، وإذا اغتسل ثم أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم أعاد غسله، ويجزئ الغسل نهاراً إلى آخر الليلة الآتية، ويجزئ الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي.

4 - أن يدعو عند الغسل على ما ذكره الصدوق ويقول:

ص: 167

«بسم الله وبالله، اللَّهُمَّ اجعَلْه لي نوراً وطَهوراً وحِرْزاً وأمْناً من كُلِّ خَوف وشِفاءً من كُلِّ داء وسُقم، اللَّهُمَّ طهِّرْني وطهِّرْ قلبي واشرَح لي صَدْري، وأجْرِ على لساني مَحبَّتك ومِدحَتَك والثناءَ عَلَيك، فإنَّهُ لا قوَّةَ لي إلاّ بك، وقد عَلِمْتُ أنّ قِوام ديني التسليمُ لكَ، والاتِّباعُ لِسُنةِّ نبيِّك صلواتُك عليهِ وآله».

5 - أن يدعو عند لبس ثوبي الإحرام ويقول: «الحمدُ لله الَّذي رَزَقني ما اُواري به عَورَتي واُؤدّي فيه فَرْضي، وأعبُدُ فيه ربِّي، وأنتهي فيه إلى ما أمَرَني، الحمْد لله الّذي قَصَدتُهُ فَبَلَّغَني، وأردْتُهُ فأعانني وقَبِلَني ولمْ يقطَعْ بي، ووَجْهَهُ أردتُ فسلَّمَني فهو حِصْنيوكَهْفي وحِرْزي، وظَهري ومَلاذي، ورجائي ومَنْجاي وذُخْري وعُدَّتي في شِدَّتي ورَخائي».

6 - أن يكون ثوباه للاحرام من القطن.

7 - أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر. فإن لم يتمكن فبعد فريضة أخرى، وإلا فبعد ركعتين أو ست ركعات من النوافل، والست أفضل، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد (سورة الكافرون)، فإذا فرغ حمد الله واثنى عليه، وصلّى على النبي وآله ثم يقول:

ص: 168

«اللّهُمَّ إني اسألُكَ أنْ تجْعَلَني ممَّن استَجابَ لَكَ، وآمَنَ بوَعدِكَ، واتَّبَعَ أمْرَكَ فإنّي عَبْدُكَ وفي قبضَتِك، لا اُوقى إلاّ ما وقَيْتَ، ولا آخُذُ إلاّ ما أعطَيْتَ، وقَد ذكرْتَ الحجَّ، فأسألُكَ أن تَعْزِمَ لي عليهِ على كتابك وسُنَّةِ نبيِّكَ صلّى الله عليه وآله، وتُقوِّيَني على ما ضعُفْتُ عنه، وتُسلِّم مِنِّي مناسِكي في يُسر منكَ وعافية، واجْعَلني من وَفْدكَ الَّذين رَضيتَ وارتَضيتَ وسمَّيْتَ وكَتَبْت، اللّهُمَ إنَّي خَرَجتُ مِن شُقَّة بَعيدَة وأنْفَقتُ مالي ابْتغاءَ مَرْضاتِكَ، اللَّهُمَّ فتَمّم لي حَجّي وعُمرتي، اللَّهُمَّ إنّي اُريدُ التمتّع بالعُمْرةِ إلى الحَجِّ على كتابِكَ وسنَّة نِبيّكَ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإن عَرضَ لي عارضٌ يَحبسُني، فحُلَّني حيثُ حَبسْتَني لِقَدَرِكَ الّذي قدَّرْتَعليَّ، اللَّهُمَّ إنْ لم تَكُنْ حَجَّةٌ فَعمرةٌ، أَحرَم لك شَعري وَبَشري ولَحْمي ودَمي، وعِظامي ومُخّي وعَصَبي من النِّساء والثِّيابِ والطِّيب، أبتغي بذلك وجْهَكَ والدّارَ الآخرةَ».

8 - التلفظ بنية الإحرام مقارناً للتلبية.

9 - رفع الصوت بالتلبية للرجال.

10 - أن يقول في تلبيته:

«لَبَّيكَ ذا المعارج لَبَّيكَ، لَبَّيكَ داعَياً إلى دارِ السّلام لَبَّيكَ، لَبَّيكَ غفّارَ الذُّنوبِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ أهلَ التلبيةِ لَبَّيكَ،

ص: 169

لَبَّيكَ ذا الجلالِ والإكرام لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تُبدِئُ والمعادُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تَستغني ويُفتَقَرُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ مَرهوباً ومرَغوباً إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ إلهَ الحق لَبَّيكَ لَبَّيكَ ذا النَّعْماءِ والفضْلِ الحسنِ الجميلِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ كشّافَ الكُرَبِ العظامِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ عبدُك وابنُ عبدَيكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ يا كريمُ لَبَّيكَ». ثم يقول:

«لَبَّيكَ أتقرّبُ إليك بمحمّد وآل محمّد لَبَّيكَ، لَبَّيكَ بحجّة أو عُمرة لَبَّيكَ، لَبَّيكَ وهذه عُمرةُ متعة إلى الحج لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تلبيةً تمامُها وبلاغُها عليك».

11 - تكرار التلبية حال الإحرام، في وقت اليقظة من النوم، وبعد كل صلاة، وعند الركوب على البعيروالنزول منها، وعند كلّ علوّ وهبوط، وعند ملاقاة الراكب، وفي الأسحار يستحب إكثارها ولو كان جنباً أو حائضاً، ولا يقطعها في عمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكة وفي حج التمتع إلى زوال يوم عرفة.

مكروهات الإحرام

يكره في الإحرام أمور:

ص: 170

1 - الإحرام في ثوب أسود، بل الأحوط ترك ذلك، والأفضل الإحرام في ثوب أبيض.

2 - النوم على الفراش الأصفر، وعلى الوسادة الصفراء.

3 - الإحرام في الثياب الوسخة، ولو وسخت حال الإحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرماً، ولا بأس بتبديلها.

4 - الإحرام في ثياب مخطّطة.

5 - استعمال الحناء قبل الإحرام إذا كان أثره باقياً إلى وقت الإحرام.

6 - دخول الحمام، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده.7 - تلبية من يناديه، بل الأحوط ترك ذلك.

دخول الحرم ومستحباته

يستحب في دخول الحرم أمور:

ص: 171

1 - النزول من المركوب عند وصوله الحرم، والاغتسال لدخوله.

2 - خلع نعليه عند دخوله الحرم، وأخذهما بيده تواضعاً وخشوعاً لله سبحانه.

3 - أن يدعو بهذا الدّعاء عند دخول الحرم:

«اللَّهُمَّ إنّكَ قُلتَ في كتابِكَ، وقولُكَ الحقّ: وإذنْ في النّاسِ بالحجِّ يأتُوكَ رِجالاً وعلى كلِّ ضامر يأتينَ مِنْ كلِّ فَجٍّ عميق، اللَّهُمَّ إنّي أرجو أنْ أكُونَ ممّنْ أجابَ دعوتَك، قَد جئتُ من شُقَّة بَعيدة وفجٍّ عَميق، سامعاً لندائِك ومُستجيباً لَك، مُطيعاً لأمرِك، وكلُّ ذلك بفضلِك عَليَّ وإحسانِك إليَّ، فَلَكَ الحمْدُ على ما وَفّقْتَني لَهُ أبتغي بذلك الزُّلفةَ عِنْدَك، والقُربةَ إليك والمنزلةَ لدَيك، والمغْفِرةَ لدُنوبي، والتَّوْبةَ عليَّ منها بمنِّكَ، اللَّهُمَّ صلِّعلى مُحمد وآل محمَّد وحرِّم بدَني على النّارِ وآمنّي مِن عذابِك بِرَحمتِكَ يا أرحَمَ الراحمين».

4 - أن يمضغ شيئاً من الإذخر عند دخوله الحرم.

آداب دخول مكة المكرّمة والمسجد الحرام

ص: 172

يستحب لمن أراد أن يدخل مكة المكرمة أن يغتسل قبل دخولها، وأن يدخلها بسكينة ووقار، ويستحب لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من أعلاها ويخرج من أسفلها، ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافياً على سكنية ووقار وخشوع، وأن يكون دخوله من باب بني شيبة، وهذا الباب وإن جهل فعلاً من جهة توسعة المسجد إلا أنه قال بعضهم إنه كان بازاء باب السلام، فالأولى الدخول من باب السلام، ثم يأتي مستقيماً إلى أن يتجاوز الأسطوانات، ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول:

«السّلام عليكَ أيّها النّبيُّ ورَحمَةُ الله وبركاتهُ، بسم الله وباللهِ، وَمِن الله وما شاءَ اللهُ، السّلامُ عَلى أنبياءِ اللهِوَرَسُله وَالسَلامُ عَلَى رَسُولْ الله وَالسَلامُ عَلَى إبراهِيمْ خَليلِ اللهِ، والحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين».

ثم يدخل المسجد متوجهاً إلى الكعبة رافعاً يديه إلى السماء ويقول:

اللَّهُمَّ إنّي أسألُكَ في مَقامي هذا، في أوّلِ مناسِكي أن تَقبَلَ تَوبَتي وأن تَجاوَزَ عن خَطيئَتي وتَضَعَ عنِّي وِزْري، الحمْدُ لله الَّذي بَلَّغَني بَيتَهُ الحرامَ، اللَّهُمَّ إنِّي اُشهِدُكَ أنَّ هذا بيتُكَ الحرام الّذي جعلتَهُ مَثابةً للناسِ وأمْناً مُباركاً وهُدىً للعالمين، اللَّهُمَّ إنّي عَبْدُكَ والبلدُ

ص: 173

بلدُك والبيتُ بيتُكَ، وجئتُ أطلبُ رَحْمَتَكَ وأؤُمّ طاعَتَكَ، مُطيعاً لأمرك، راضياً بقَدرك، أسألكَ مسألةَ الفقيرِ إليك، الخائفِ لعُقُوبتِك، اللَّهُمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحمتِكَ، واسْتعمِلني بطاعتِك ومَرْضاتِك».

وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول:

«بسمِ اللهِ وبالله، ومِن اللهِ وَإلى اللهِ وما شاء الله، وعلى ملَّةِ رسولِ الله، صلّى الله عليه وآله، وخيرُ الأسماء لله، والحَمْدُ لله، والسّلامُ على رسُول اللهِ، صلّى الله عليه وآله، السّلام على محمّد بن عبدالله، السلام عليك أيّها النَّبي ورحمة اللهِ وبركاتُه، السّلامُ على أنبيائه ورسله الله، السّلامُ على إبراهيمَ خَليل الرَّحمنِ، السّلامُ على المُرْسَلينَ. والحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ، السّلامُ عليناوعلى عبادِ اللهِ الصّالحينَ، اللَّهُمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، وبارِكْ على محمّد وآل محمّد، وارحَمْ محمَّداً وآلَ محمَّد، كما صلَّيْتَ وبارَكتَ وتَرَحَّمتَ على إبراهيمَ وآل إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيد، اللَّهُمَّ صلّ على مُحمَّد وآل مُحمَّد عبْدِك ورسولِك، واللَّهُمَّ صلّ على إبراهيمَ خَليلِكَ، وعلى أنبيائِكَ ورُسُلِكَ، وسَلّمْ عَلَيهِم، وسَلامٌ على المرْسَلينَ، والحَمْدُ لله ربِّ العالمينَ، اللَّهُمَّ افْتحْ لي أبوابَ رَحمَتِكَ وَاسْتَعْمِلْني في طاعَتِكَ وَمَرْضاتِكَ

ص: 174

واحْفَظْني بِحِفْظِ الإيمان أبَداً ما أبْقَيْتَني جَلَّ ثَناءُ وَجْهِك، الحمدُ للهِ الّذي جَعَلَني مِن وَفْدهِ وَزُوّارِه، وَجَعَلني مِمّن يَعْمُرُ مَساجِدَهُ وَجَعَلني مِمّن يُناجيهِ، اللَّهُمَّ إنّي عّبْدُكَ، وَزائِرُكَ في بَيْتِكَ وَعَلى كُلِّ مأتىّ حقٌ لِمَن أتاهُ وَزارَهُ، وأنتَ خَيْرُ مأتيٍّ وأكرَمُ مَزور، فَأسألُكَ يااللهُ يارَحْمنُ وبأنّكَ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنتَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وبِأنّكَ واحِدٌ أحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَد، وَلَمْ يكُنْ لك كُفواً أحَدٌ، وأنّ محمَّداً عَبدُكَ ورَسُولُكَ صلّى الله عَليهِ وعلى أهْل بيتِه، ياجوادُ ياكريم ياماجدُ ياجبّارُ ياكريمُ، أسأَلُك أن تجْعَلَ تُحْفَتَكَ إيَّايَ بزيارتي إيَّاكَ أوَّلَ شيء تُعطيني فَكاكَ رَقَبتي مِنَ النَّار».

ثم يقول ثلاثاً:«اللَّهُمَّ فُكَّ رَقَبَتي مِنَ النَّار».

ثم يقول:

«وأوسِعْ عليَّ مِن رِزْقِكَ الحَلالِ الطيِّبِ، وادرأ عني شرَّ شياطين الإنسِ والجنِّ، وشرَّ فَسَقَةِ العربِ والعجَمِ».

ويستحبّ عند ما يحاذي الحجر الأسود أن يقول:

ص: 175

«أشْهَدُ أنْ لا إله إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنّ محمَّداً عَبْدُهُ ورسولُه آمنْتُ بالله، وكَفَرْتُ بالطاغوتِ وباللاّت والعُزّى وبعبادةِ الشيطانِ وبعبادةِ كلِّ نِدّ يُدعى من دُونِ اللهِ».

ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول:

«الحَمْدُ للهِ الَّذي هدانا لهذا وما كُنّا لِنَهتَديَ لولا أنْ هَدانا اللهُ، سُبْحانَ الله والحمد للهِ ولا إلهَ إلاّ الله والله أكبرُ، اللهُ أكبرُ مِنْ خَلقهِ، أكبرُ مِمّن أخشى وأحذَرُ ولا إله إلاّ الله وحدهُ لا شريكَ له، له المُلُك ولهُ الحَمْد، يحيي ويُميتُ، ويُميتُ ويُحيي، وهُوَ حيٌّ لا يموتُ بيدِهِ الخَيْرُ، وهوَ على كلِّ شيء قدير».ويصلي على محمد وآل محمد، ويسلم على الأنبياء كما كان يصلي ويسلم عند دخوله المسجد الحرام، ثم يقول:

«إنّي اُؤمِنُ بوعدِكَ واوفي بعهدِكَ».

وفي رواية صحيحة عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك، واحمد الله وأثن عليه، وصلّ على النبي، واسأل الله أن يتقبل منك، ثم استلم الحجر وقبّله، فإن لم تستطع أن تقبله

ص: 176

فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل:

«اللَّهُمَّ أمانتي أدَّيتُها، وميثاقي تعاهَدتُهُ لتشهَدَ لي بالمُوافاة، اللَّهُمَّ تصديقاً بكتابكَ، وعلى سُنَّةِ نبيَّك أشْهَدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأنّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه،

آمنتُ باللهِ وكَفَرتُ بِالجِبْتِ والطّاغوتِ واللاّتِ والعُزّى، وعِبَادَةِ الشَّيْطانِ وعبادةِ كلِّ نِدٍّ يُدعى مِن دونِ اللهِ تَعالى».

فإن لم تستطع أن تقول هذا فبعضه، وقل:

«اللَّهُمَّ إليْكَ بَسَطْتُ يَدي، وَفيما عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتي فَاقْبَلْ سَبْحَتي، وَاغْفِرْ لي وَارْحَمْني، اللَّهُمَّ إنّي أعُوذُبِكَ مِنَ الكُفْرِ والفَقْرِ وَمَوَاقِفِ الخِزْيِ في الدُّنيا وَالآخِرة».

آداب الطواف

روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: تقول في الطواف:

«اللَّهُمَّ إنّي أسألكَ بِاسْمِكَ الّذي يُمْشى بِهِ عَلى طَلل الماءِ كما يُمشى بِه عَلى جَدَدِ الأرض، وأسألُكَ باسْمِكَ

ص: 177

الّذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ، وأسألُك بِاسْمِكَ الّذي تَهْتَزّ لَهُ أقدامُ مَلائكتِكَ، وأسألُكَ باسْمِكَ الّذي دَعاكَ بِهِ مُوسى مِن جانِب الطّور فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وألقَيتَ عليهِ محبَّة مِنْكَ،وأسْألُكَ بِاسْمِكَ الّذي غَفَرتَ بِهِ لُمحمّد ما تَقدّمَ مِن ذَنْبِهِ وَما تأخّرَ، وأتمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ أَنْ تَفْعَلَ بي كذا وكذا» ما أحببت من الدعاء.

وكلّ ما انتهيت إلى باب الكعبة فصلّ على محمّد وآل محمّد، وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود:

«ربّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً وفي الآخرةِ حسَنَةً وقِنا عذابَ النّار».

وقل في الطواف:«اللَّهُمَّ إنّي إليكَ فقيرٌ، وإنّي خائِفٌ مُسْتَجيرٌ، فَلا تُغَيِّر جِسْمي، وَلا تُبَدِّل اسْمي».

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه، ثم يقول وهو ينظر إلى الميزاب:

«اللَّهُمَّ أدْخِلْني الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وأجِرْني بِرَحْمَتِكَ مِنَ النّار، وَعافِني مِنَ السُّقْمِ، وأوسِعْ عَليّ مِنَ الرّزقِ

ص: 178

الحلال، وادْرَأ عَنّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والانس، وشرَّ فَسَقَةِ العَرَبِ والعجَم».

وفي الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه لما انتهى إلى ظهر الكعبة حتى يجوز الحجر قال:

«ياذَا المَنِّ وَالطَّولِ والجُودِ والكرم، إنّ عمَلي ضَعيف فضاعِفْه لي وَتَقبَّلهُ مِني، إنّك أنتَ السَّميعُ العَليمُ».

وعن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)أنه لما صار بحذاء الركن اليماني أقام فرفع يديه ثم قال:

«يااللهُ، ياوَليَّ العافيةِ، وخالقَ العافية، ورازقَ العافية، والمُنعِمُ بالعافية، والمَنّانُ بالعافية والمُتَفَضِّلُ بالعافية علَيّ وعلى جميع خَلْقِكَ يَا رحمنَ الدّنيا والآخرةِ ورحيمَهُما، صلِّ عَلى مُحمّد وآل محمّد وارْزُقناالعافيةَ، ودَوامَ العافية، وتمامَ العافيةَ، وشُكرَ العافِيَة، في الدنيا والآخرةِ يا أرحمَ الرَّاحمين».

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت وألصق بدنك وخدك بالبيت وقل:

«اللَّهُمَّ البَيتُ بيتُك، والعبدُ عبدُك وهذا مكانُ العائذ بك من النّار».

ص: 179

ثمّ أقرَّ لربّك بما عملت، فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله، وتقول:

«اللَّهُمَّ مِن قِبلِكَ الرَّوحُ والفَرَجُ والعافية، اللَّهُمَّ إنّ عملي ضَعيفٌ فضاعِفْه لي، واغْفِر لي ما اطّلَعْتَ عَلَيْهِ منِّي وخَفِيَ على خَلْقِك».

ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء، ثم استلم الركن اليماني.

وفي رواية اُخرى عنه(عليه السلام): ثم استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به وتقول:

اللَّهُمَّ قنِّعْني بِما رَزقتَني، وبارِكْ لي فيما آتيْتَني».ويستحب للطائف في كل شوط أن يستلم الأركان كلها وأن يقول عند استلام الحجر الأسود:

«أمانتي أدَّيْتُها وميثاقي تَعاهدتُهُ لتشهَدَ لي بالمُوافاةِ».

آداب صلاة الطواف

ص: 180

يستحب في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة التوحيد في الركعة الأولى، وسورة الجحد في الركعة الثانية، فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمد وآل محمد، وطلب من الله تعالى أن يتقبل منه.

وعن الصادق(عليه السلام)أنه سجد بعد ركعتي الطواف وقال في سجوده:

«سَجَد وَجْهي لكَ تَعبّداً ورِقّاً، لا إله إلاّ أنتَ حَقّاً حَقّاً، الأوّلُ قَبلَ كُلِّ شيء، والآخِرُ بَعْدَ كلِّ شيء وَهَا أنَا ذا بَيْنَ يَديْكَ، ناصيَتي بِيَدِكَ، واغفِر لي إنّه لا يغفِر الذَّنبَ العظيمَ

غيرُكَ، فاغْفِر لي، فإنِّي مُقرّ بِذُنُوبي عَلى نفسي ولا يَدفَعُ الذَّنْبَ العَظيمَ غيرُكَ».

ويستحب أن يشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج إلى الصفا ويقول:«اللَّهُمَّ اجْعَلهُ عِلماً نافِعاً، ورِزقاً واسعاً وشفاءً مِنْ كلِّ داء وسُقم».

وإن أمكنه أتى زمزم بعد صلاة الطواف وأخذ منه ذنوباً أو ذنوبين، فيشرب منه ويصب الماء على رأسه وظهره وبطنه، ويقول:

ص: 181

«اللَّهُمَّ اجْعَلهُ عِلماً نافِعاً، ورِزقاً واسعاً وشفاءً مِن كُلِّ داء وسُقم».

ثمّ يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.

آداب السعي

يستحب الخروج إلى الصفا من الباب الذي يقابل الحجر الأسود مع سكينة ووقار، فإذا صعد على الصفا نظر إلى الكعبة، ويتوجه إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود، ويحمد الله ويثني عليه ويتذكر آلاء الله ونعمه ثم يقول: «الله أكبر» سبع مرات، «الحمد لله» سبع مرات، «لا إله إلاّ الله» سبع مرات، ويقول ثلاث مرات:«لا إله إلاّ اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمْدُ، يُحْيي ويُميتُ وَهُوَ حيّ لا يَموت، بِيَدِهِ الخَير وَهُوَ على كلّ شيء قَدير».

ثم يصلي على محمد وآل محمد، ثم يقول ثلاث مرات:

«الله أكبرُ على ما هَدانا، والحَمْدُ للهِ على ما أولانا، والحمدُ للهِ الحيِّ القَيّومِ، والحَمْدُ للهِ الحَيِّ الدَّائِم».

ص: 182

ثم يقول ثلاث مرّات:

«أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهدُ أنّ مُحمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لا نعْبُدُ إلا أيِّاه، مُخْلِصينَ لهُ الدِّين، وَلو كَرِهَ المُشْرِكونَ».

ثم يقول ثلاث مرّات:

«اللَّهُمَّ إنّي أسْألُكَ العَفْوَ والعافِيَةَ واليَقين في الدُّنيا والآخِرة».

ثمّ يقول: «الله أكبر» مائة مرة، «لا إله إلاّ الله» مائة مرّة، «الحمد لله» مائة مرّة، «سبحان الله» مائة مرّة، ثم يقول:

«لا إله إلاّ الله وَحْدَهُ وَحْدَهُ، أنجزَ وعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وغَلَبَ الأحزابَ وحْدَهُ، فَلَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وحْدَه وحْدَهُ، اللَّهُمَّ بارِكْ لي في الموتِ وفيما بَعدَ الموت،اللَّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ مِنْ ظُلْمَةِ القَبْرِ ووحْشَتِه، اللَّهُمَّ أظِلَّني في ظِلِّ عَرْشِكَ يوْمَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُكَ».

ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيراً، فيقول: «استَودِعُ اللهَ الرَّحمنَ الرَّحيمَ الَّذي لا تَضيعُ ودائعهُ ديني ونفْسي وأهلي، اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْني على كِتابِكَ وسُنَّةِ نبيِّك، وتوفَّني على مِلَّتِهِ، وأعِذْني من الفِتنَة».

ص: 183

ثم يقول: «الله أكبر» ثلاث مرات، ثم يعيدها مرتين، ثم يكبّر واحدة ثم يعيدها، فإن لم يستطع هذا فبعضه.

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام)أنه إذا صعد الصفا استقبل الكعبة، ثم يرفع يديه ثم يقول:

«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلّ ذَنْب أذْنَبتُهُ قَطّ، فإنْ عُدْتُ فَعُدْ عليَّ بالمَغْفِرَةِ، فإنَّك أنتَ الغَفُورُ الرَّحيم، اللَّهُمَّ افْعَلْ بي ما أنت أهْلهُ، فإنَّكَ إنْ تَفْعَلْ بي ما أنتَ أهلُه تَرحمْني، وإن تعذبْني فأنْت غنيٌ عَنْ عذابي، وأنا محتاجٌ إلى رَحْمَتِكَ، فيامَن أنا محتاجٌ إلى رَحْمتِه ارْحَمْني، اللَّهُمَّ لا تفْعلْ بي ما أنا أهْلُهُ فإنّك إن تفعل بي ما أنا أهلُهُ تعذبني ولمْ تظلِمني، أصْبَحتُ أتَّقي عدْلَك ولا أخافُ جَورَكَ، فيامَن هُوَ عَدلٌ لا يجورُ ارْحمني».

وعن أبي عبدالله(عليه السلام)إن أردت أن يكثر مالك فأكثر من الوقوف على الصفا، ويستحب أن يسعىماشياً وأن يمشي مع سكينة ووقار حتى يأتي محل المنارة الأولى فيهرول إلى محل المنارة الأخرى، ثم يمشي مع سكينة ووقار حتى يصعد على المروة فيصنع عليها كما صنع على الصفا، ويرجع

ص: 184

من المروة إلى الصفا على هذا النهج أيضاً، وإذا كان راكباً أسرع فيما بين المنارتين فينبغي أن يجدّ في البكاء ويدعو الله كثيراً، ولا هرولة على النساء.

آداب الإحرام إلى الوقوف بعرفات

ما تقدم من الآداب في إحرام العمرة يجري في إحرام الحج أيضاً، فإذا أحرم للحج وخرج من مكة يلبّي في طريقه غير رافع صوته، حتى إذا أشرف على الأبطح رفع صوته، فإذا توجه إلى منى قال:

«اللَّهُمَّ إيّاكَ أرجُو، وإيّاكَ أدعو، فَبَلِّغني أملي، وأصْلِحْ لي عَملي».ثم يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلاً بذكر الله سبحانه، فإذا وصل إليها قال:

«الحَمْدُ للهِ الّذي أقْدَمَنيها صالِحاً في عافية، وبلَّغَني هذا المكان».

ص: 185

ثم يقول:

«اللَّهُمَّ هذه مِنى، وهذه مما مَننْتَ به علَينا مِن المَناسِكِ، فأسألكَ أنْ تَمُنَّ عليّ بما مَنَنْتَ به على أنْبيائِكَ، فإنَّما أنا عَبدُك وفي قَبضَتِك».

ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة، يقضيها في طاعة الله تبارك وتعالى، والأفضل أن تكون عباداته ولاسيما صلواته في مسجد الخَيف، فإذا صلى الفجر عقّب إلى طلوع الشمس، ثم يذهب إلى عرفات، ولا بأس بخروجه من منى بعد طلوع الفجر، والأولى بل الأحوط أن لا يتجاوز وادي محسّر قبل طلوع الشمس ويكره خروجه منها قبل الفجر، وذهب بعضهم إلى عدم جوازه إلا لضرورة، كمرض أو خوف من الزحام، فإذا توجه إلى عرفات قال:

«اللَّهُمَّ إلَيْكَ صَمَدتُ، وإيّاكَ اعتَمَدتُ وَوَجْهَكَ أرَدْتُ، فأسألكَ أنْ تُباركَ لي في رحلَتي وأن تَقْضيَ ليحاجتي، وأن تجْعلَني ممَّنْ تُباهي به اليومَ مَنْ هو أفْضَل منِّي». ثم يلبّي إلى أن يصل إلى عرفات.

آداب الوقوف بعرفات

ص: 186

يستحب في الوقوف بعرفات أمور، وهي كثيرة نذكر بعضها، منها:

1 - الطهارة حال الوقوف. 2 - الغسل عند الزوال. 3 - تفريغ النفس للدعاء والتوجه إلى الله. 4 - الوقوف بسفح الجبل فى ميسرته. 5 - الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين. 6 - الدعاء بما تيسر من المأثور وغيره، والأفضل المأثور، فمن ذلك دعاء الحسين(عليه السلام)، ودعاء ولده الإمام زين العابدين(عليه السلام).

ومنه ما فى صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: إنّما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار، فاحمد الله وهلّله ومجّده وأثن عليه، وكبّره مائة مرّة، واحمده مائة مرّة، وسبّحه مائة مرّة، واقرأ قل هو اللهأحد مائة مرّة، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة وتعوّذ بالله من الشيطان فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قبل نفسك، وليكن فيما تقول: اللَّهُمَّ إنّي عبدُك فلا تجعلْني مِن أخْيبِ وَفدِك،

ص: 187

وارحم مَسيري إليك مِنَ الفَج العميق، وليكن فيما تقول:

«اللَّهُمَّ ربَّ المشاعِر كلِّها فُكَّ رَقَبتي مِن النَّار، وَأوسِعْ عَليَّ مِن رِزْقِكَ الحَلال، وادْرَأ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنّ والانس»، وتقول: «اللَّهُمَّ لا تمكُرْ بي ولا تخْدَعْني ولا تَسْتَدْرِجْني» وتقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ بِحَوْلِكَ وَجُودِكَ وكَرَمِكَ ومَنِّكَ وفَضْلِكَ ياأسْمَعَ السامعين ويا أبصَرَ الناظرينَ وياأسْرَعَ الحاسِبينَ وياأرحَمَ الرَّاحِمينَ أنْ تُصلِّيَ على محمّد وآلِ محمَّد، وأن تفعَلَ بي كذا وكذا»، وتذكر حوائجك، وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء: «اللَّهُمَّ حاجتي إلَيْكَ الَّتي إنْ أعطَيتَنيها لمْ يَضُرَّني ما مَنَعْتَني، والَّتي إن مَنَعتَنيها لَمْ يَنْفَعْني ما أعطَيْتَني، أسألُكَ خلاصَ رقَبَتي مِنَ النَّار»، وليكن فيما تقول: «اللَّهُمَّ إنَّي عَبْدُكَ ومِلْكُ يدِكَ، ناصِيَتي بيَدِكَ وأجَلي بِعلمِك، أسألك أن توفّقني لِما يُرضيكَ عنِّي وأن تَسلَّمَ منِّي مَناسكي الّتي أريْتَها خليلَك إبراهيم صلواتك عليه ودلَلتَ عَلَيْها نبيَّك محمّداًصلّى الله عليه وآله». وليكن فيما تقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلني ممّنْ رَضيتَ عَمَلَهُ وأطَلْت عُمْرَهُ وأحييْتَهُ بَعْدَ المَوْتِ حَياةً طيِّبة».

ص: 188

ومن الأدعية المأثورة ما علّمه رسول الله(صلى الله عليه وآله)علياً(عليه السلام)على ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: فتقول:

«لا إله إلاّ الله وَحْدَهُ لا شرَيكَ لَه لهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، يُحيي ويُميتُ ويُميتُ ويحُيي، وَهُو حيٌّ لا يَموتُ، بيدهِ الخَيْرُ وَهُو على كلّ شيء قَدير، اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أنت كما تَقُول، وخير ما يَقولُ القائلون، اللَّهُمَّ لَكَ صلاتي وديني ومَحيايَ ومماتي، ولكَ تُراثي وبكَ حَوْلي ومِنْكَ قوَّتي، اللَّهُمَّ إنَّي أعوذُ بكَ من الفَقْر ومِنْ وسواسِ الصَّدر ومِنْ شَتاتِ الأمرِ وَمِنْ عذابِ النّار ومِنْ عَذابِ القبر، اللَّهُمَّ إنِّي أسألكَ مِنْ خير ما تأتي به الرِّياحُ، وأعوذُ بكَ مِنْ شرِّ ما تأتي بِهِ الرِّياحُ، وأسألكَ خيرَ اللَّيل وخيرَ النَّهار».

ومن تلك الأدعية ما رواه عبدالله بن ميمون، قال: سمعت أباعبدالله(عليه السلام)يقول: إنّ رسول(صلى الله عليه وآله)وقف بعرفات، فلما همت الشمس أن تغيب قبل أن يندفع، قال:«اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذ بِكَ مِنْ الفَقْرِ، ومِنْ تَشتُتِ الأمر، ومِنْ شَرِّ ما يحدثُ بالليل والنَّهار، أمْسى ظُلمي مُستَجيراً بعفوِك، وأمْسى خَوفي مُستجيراً بأمانِك، وأمْسى ذلِّي مسْتجيراً بِعزِّكَ، وأمْسى وجهي الفاني

ص: 189

مُستجيراً بِوجْهِك الباقي، ياخَيْرَ مَنْ سُئِل، وياأجْودَ مَن أعطْى جَلِّلْني برحْمَتِكَ، وألْبِسني عافيتَك، واصْرِفْ عنِّي شرَّ جميع خلقك».

وروى أبوبصير عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل:

«اللَّهُمَّ لا تجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِن هذا المَوْقِف، وارْزُقنيه مِنْ قابل أبداً ما أبقَيْتَني، واقْلِبْني اليَومَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لي مرحوماً مَغْفُوراً لي، بأفْضَل ما يَنْقَلِبُ بِهِ اليَوْمَ أحَدٌ مِن وَفْدِك وحُجاج بيْتِكَ الحرام، واجْعَلني اليَوْمَ مِنْ أكْرَمِ وَفْدِك عَليك، واعْطِني أفضَلَ ما أعْطَيْتَ أحَداً مِنْهُم مِنَ الخَيْرِ والبَركةِ والرَّحمَةِ والرِّضْوانِ والمَغفِرَة، وبارِك لي فيما أرْجَعُ إليه منْ أهل أو مال أو قَليل أو كَثير، وبارِك لَهُمْ فيّ».

آداب الوقوف بالمزدلفة

وهى أيضاً كثيرة نذكر بعضها:1 - الإفاضة من عرفات على سكينة ووقار مستغفراً فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق يقول:

ص: 190

«اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفي، وزِدْ في عَمَلي، وسَلِّم لي ديني وتَقبَّل مَناسِكي».

2 - الاقتصاد في السير.

3 - تأخير العشائين إلى المزدلفة، والجمع بينهما بأذان وإقامتين وإن ذهب ثلث الليل.

4 - نزول بطن الوادي عن يمين الطريق قريباً من المشعر، ويستحب للصرورة وطء المشعر برجله.

5 - إحياء تلك الليلة بالعبادة والدعاء بالمأثور وغيره، ومن المأثور أن يقول:

«اللَّهُمَّ هذه جُمَع، اللَّهُمَّ إنِّي أسألكُ أنْ تَجْمَعَ لي فيها جوامعَ الخَيرِ، اللَّهُمَّ لا تؤْيسني مِنَ الخَيْر الَّذي سألْتُكَ أن تجْمَعَهُ لي في قَلبي، وأطْلبُ إلَيْكَ أنْ تُعرِّفَني ما عَرَّفْتَ أولياءَك، في مَنْزلي هذا، وأنْ تَقِيَني جوامِعَ الشَّر».

6 - أن يصبح على طهر، فيصلي الغداة ويحمد الله عزّوجلّ ويثني عليه، ويذكر من آلائه وبلائه ما قدر عليه، ويصلي على النبي(صلى الله عليه وآله)ثم يقول:«اللَّهُمَّ ربَّ المشْعر الحرامِ فُكَّ رَقَبَتي منَ النار، وأوسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحلال، وادْرَأ عَنّي شرَّ فَسَقَة

ص: 191

الجنِّ والانس، اللَّهُمَّ أنْتَ خيرُ مطلوب إليه وخَيرُ مَدْعُوٍّ وخَيرُ مَسؤول ولكُلِّ وافِد جائزةٌ، فاجعَلْ جائزَتي في مَوطِني هذا أنْ تُقيلَني عَثرَتي، وتَقبَلَ معذِرتي، وأنْ تَجاوزَ عَنْ خَطيئتي، ثمَّ اجْعَل التَّقوى مِنَ الدُّنيا زادي».

7 - التقاط حصى الجمار من المزدلفة، وعددها سبعون.

8 - السعي (السير السريع) إذا مر بوادي محسِّر وقدر للسعي مائة خطوة، ويقول: «اللَّهُمَّ سَلِّمْ لي عَهدي، واقْبَلْ توبَتي، وأجِبْ دَعْوتي، واخلُفْني بخَيْر في مَنْ تَرَكْتُ بَعدي».

آداب رمي الجمرات

يستحب في رمي الجمرات أمور، منها:

1 - أن يكون على طهارة حال الرمي.

2 - أن يقول إذا أخذ الحصيات بيده:

«اللَّهُمَّ هؤلاء حَصياتي فأحصِهِنَّ لي وارفَعْهُنَّ في عمَلي».3 - أن يقول عند كل رمية:

ص: 192

«الله أكبر، اللَّهُمَّ ادْحَرْ عَنِّي الشَّيطان، اللَّهُمَّ تَصديقاً بِكِتابِكَ وعلى سُنَّةِ نبيِّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجّاً مَبروراً وعملاً مَقبولاً وسَعياً مَشكوراً وذَنباً مغفوراً».

4 - أن يقف الرامي على بعد من جمرة العقبة بعشر خطوات، أو خمس عشرة خطوة.

5 - أن يرمي جمرة العقبة متوجهاً إليها مستدبر القبلة، ويرمي الجمرتين الأولى والوسطى مستقبل القبلة.

6 - أن يضع الحصاة على إبهامه، ويدفعها بظفر السبابة.

7 - أن يقول إذا رجع إلى منى:

«اللَّهُمَّ بِكَ وَثِقْتُ، وعَلَيْكَ توكَّلْتُ، فنِعْمَ الربُّ ونِعمَ المولى ونِعمَ النَّصير».

آداب الهدي

يستحب في الهدي أمور منها:

1- أن يكون بدنة، ومع العجز فبقرة، ومع العجز عنها أيضاً فكبشاً.2 - أن يكون سميناً.

ص: 193

3 - أن يقول عند الذبح أو النحر:

«وجَّهْتُ وَجهْيَ لِلّذي فَطَرَ السَّماواتِ والأرض حَنيفاً مُسْلِماً وما أنا مِنَ المُشْركينَ، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحْيايَ ومَماتي للهِ ربِّ العالمين، لا شَريكَ لَهُ وبِذلك اُمِرتُ وأنا مِنَ المُسْلِمين، اللَّهُمَّ مِنْكَ ولكَ، بسم اللهِ واللهُ أكبرُ، اللَّهُمَّ تَقبَّل مِنِّي».

4 - أن يباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتمكن فليضع السكين بيده، ويقبض الذابح على يده، ولا بأس بأن يضع يده على يد الذابح.

آداب الحلق

1- يستحب في الحلق أن يبتدئ فيه من الطرف الأيمن، وأن يقول حين الحلق: «اللَّهُمَّ اعطني بكلِّ شَعرة نوراً يوم القيامة».

2 - أن يدفن شعره في خيمته في منى.

3 - أنْ يأخذ من لحيته وشاربه ويقلِّم أظافيره بعد الحلق.

آداب طواف الحج والسعي

ص: 194

ما ذكرناه من الآداب في طواف العمرة وصلاته والسعي فيها يجري هنا أيضاً، ويستحب الاتيان بالطواف يوم العيد، فإذا قام على باب المسجد يقول:

«اللَّهُمَّ أعِنِّي على نُسُكِكَ وسَلِّمْني لَهُ وسَلِّمْهُ لي، أسألكَ مَسْألَةَ العليل الذَّليل المُعْتَرف بِذَنبه أن تغْفِرَ لي ذُنُوبي، وأن ترجِعَني بحاجتي، اللَّهُمَّ إنِّي عبْدُك والبَلَدُ بَلَدُك والبَيتُ بَيتُك، جِئتُ أطلبُ رَحْمَتك وأؤُمُّ طاعتَك، مُتَّبِعاً لأمْرك راضياً بِقَدَرِكَ أسألكَ مسألةَ المُضْطَرِّ إليك، المُطيعِ لأمرِك، المُشْفِقِ مِنْ عَذابِك، الخائفِ لعُقُوبَتِكَ أنْ تُبَلَّغني عفوَك وتُجيرَني مِنَ النَّار برحمتك».

ثم يأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله، فإن لم يستطع استلم بيده وقبَّلها، وإن لم يستطع من ذلك أيضاً استقبل الحجر وكبّر وقال كما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكة في الدعاء المذكور فآداب الطواف «أمانتي أدَّيْتُها وميثاقي تَعاهدتُهُ لتشهَدَ لي بالمُوافاةِ».

آداب منى

ص: 195

يستحب المقام بمنى أيام التشريق وعدم الخروج منها ولو كان الخروج للطواف المندوب، ويستحب التكبير فيها

بعد خمس عشرة صلاة أولها ظهر يوم النحر، وبعد عشر صلوات في سائر الأمصار، والأولى في كيفية التكبير أن يقول:

«اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إله إلاّ اللهُ واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ ولله الحَمْدُ، الله أكبرُ على ما هدانا، اللهُ أكبرُ على ما رَزَقَنا مِنْ بَهيمة الأنعامِ، والحمْدُ للهِ على ما أبلانا». ويستحب أن يصلي فرائضه ونوافله في مسجد الخيف، روى أبوحمزة الثمالي عن أبي جعفر(عليه السلام)أنه قال: «من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاماً، ومن سبّح الله فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عزّوجلّ».

ص: 196

آداب مكة المعظمة

يستحب فيها أمور منها:

1 - الاكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.

2 - ختم القرآن فيها.

3 - الشرب من ماء زمم ثم يقول:

«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ورزقاً واسعاً وشِفاءً من كلّ داء وسُقم»، ثم يقول: «بسمِ الله، الحَمْدُ لله، الشُّكْرُ لله».

4 - الاكثار من النظر إلى الكعبة.

5 - الطواف حول الكعبة عشر مرات: ثلاثة في أوّل الليل، وثلاثة في آخره، وطوافان بعد الفجر، وطوافان بعد الظهر.

6 - أن يطوف أيام إقامته في مكة ثلاثة وستين طوافاً، فإن لم يتمكن فاثنين وخمسين طوافاً فإن لم يتمكن أتى بما قدر عليه.

7 - دخول الكعبة للصرورة، ويستحب له أن يغتسل قبل دخوله وأن يقول عند دخوله:اللَّهُمَّ إنَّكَ قلت: ومَنْ دخَلَه كان آمِناً، فآمِنّي مِنْ عَذاب النَّار».

ص: 197

ثم يصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء، يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة حم السجدة، وفي الثانية بعد الفاتحة خمساً وخمسين آية.

8 - أن يصلي في كل زاوية من زوايا البيت، وبعد الصلاة يقول:

«اللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأ أوْ تَعَبَّأ أوْ أعَدَّ أوْ اسْتَعَدَّ لِوفادة إلى مخلُوق رَجاءَ رِفْدِه وجائزَتهِ ونَوافِلهِ وفواضِلِه، فإليكَ ياسيدي تهْيئتي وتَعبئَتي وإعدادي واسْتِعدادي رَجاءَ رِفْدِكَ ونوافِلِك وجائزتِك، فلا تُخَيِّب اليومَ رَجائي، يامَنْ لا يَخيبُ عَلَيه سائِلٌ، ولا يَنْقُصُهُ نائلٌ فإنَّي لمْ آتِكَ اليومَ بِعَمَل صالح قَدَّمْتُهُ، ولا شَفاعةِ مَخلُوق رَجَوْتُه، ولكنِّي أتَيْتُكَ مُقِرّاً بالظُّلمِ

والإساءَةِ على نَفْسي، فإنَّهُ لا حُجّةَ لي ولا عُذر، فأسألُكَ يامَنْ هُوَ كذلك أنْ تصلّيَ على محمّد وآله، وتُعطيَني مَسألتي وتُقيلَني عَثرتي وتَقْلِبَني برَغبَتي، ولا ترُدَّني مجبوهاً ممنُوعاً ولا خائباً، ياعَظيمُ ياعَظيمُ ياعظيمُ أرْجوكَ للعظيم، أسألك ياعظيمُ أن تَغْفِرَ لي الذَّنبَ العظيمَ لا إله إلاّ أنت».ويستحب التكبير ثلاثاً عند خروجه من الكعبة وأن يقول:

ص: 198

«اللَّهُمَّ لا تجْهدْ بَلاءنا، ربَّنا ولا تُشمِت بِنا أعداءنا، فانَّكَ أنْتَ الضَّارُّ النَّافع».

ثم ينزل ويستقبل الكعبة، ويجعل الدرجات على جانبه الأيسر، ويصلّي عند الدرجات.

طواف الوداع

يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يطوف طواف الوداع، وأن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط، وأن يأتي بما تقدم في الدعاء المذكور سابقاً (يالله ياولي العافية .... ) من المستحبات عند الوصول إلى المستجار، وأن يدعو الله بما شاء، ثم يستلم الحجر الأسود، ويلصق بطنه بالبيت، ويضع إحدى يديه على الحجر والأخرى نحو الباب، ثم يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي وآله، ثم يقول:

«اللَّهُمَّ صلِّ على محمّد عبْدكَ ورسولكَ ونبيِّكَ وأمينِكَ وحبيبكَ ونجيبكَ وخيرَتِكَ مِن خلقِكَ، اللَّهُمَّ كما بلَّغَ رِسالاتِكَ، وجاهدَ في سبيلِكَ، وصَدَعَ بأمْركَ، وأوذي فيك وفي جَنْبكَ، وعَبَدَكَ حتى أتاهُ اليقينُ، اللَّهُمَّ اقْلِبْنيمُفلِحاً مُنْجِحاً مُسْتجاباً لي بأفْضلِ ما يرجِع به أحدٌ مِنْ وَفْدِكَ مِنَ المَغْفِرة والبركةِ والرِّضوانِ والعافية».

ص: 199

ويستحب له الخروج من باب الحنّاطين، ويقع قبال الركن الشامي، ويطلب من الله التوفيق لرجوعه مرة أخرى، ويستحب أن يشتري عند الخروج مقدار درهم من التمر ويتصدق به على الفقراء.

فهرس الموضوعات

المقدمة 5

الحج 7

شرائط وجوب حجة

الإسلام 6

الشرط الأول: البلوغ 8

الشرط الثاني: العقل 10

الشرط الثالث: الحرية 10

الشرط الرابع: الاستطاعة 11

يعتبر في الاستطاعة أمورالأول: السعة في الوقت 11

ص: 200

الثاني: الأمن والسلامة 12

الثالث: الزاد والراحلة 14

الرابع: الرجوع الى الكفاية 16

حكم المرتزق من الوجوه الشرعية 17

الوصية بالحج 30

كيفية الاستئجار للحج 34

فصل في النيابة 39

احكام الأجير للحج 43

الحج المندوب 47

اقسام العمرة 48

أقسام الحج 51

أولا: حج التمتع 53

واجبات الحج 54

شروط حج التمتع 55

ص: 201

حكم خروج المتمتع من مكة 58

ثانياً: حج الأفراد 59

الفروق الموجودة بين حج التمتع والافراد 60

ثالثاً: حج القران 61

مواقيت الحج

1- مسجد الشجرة62

2- وادي العقيق 62

3- الجُحفة 63

4- يلملم 63

5- قرن المنازل 63

6- مكة القديمة 63

7- منزل الشخص 64

8- الجعرانة 64

9- محاذاة مسجد الشجرة 64

ص: 202

أحكام المواقيت 65

حكم ترك الإحرام من الميقات 66

كيفية الإحرام 71

1- النية 71

2- التلبية 72

3- لبس ثوبي الأحرام 75

شروط ثوبي الإحرام 76

4- تروك الأحرام 77

1. الصيد البري 78

2. مجامعة النساء 83

3. تقبيل النساء 86

4. مس النساء 86

5. النظر الى المرأة وملاعبتها 86

6. الاستمناء 87

ص: 203

7. عقد النكاح 88

8. استعمال الطيب 89

9. لبس المخيط للرجال 90

10. الاكتحال91

11. النظر في المرآة 92

12. لبس الخف أو الجورب 92

13. الكذب والسب 93

14. الجدال93

15. قتل هوام الجسد 94

16. التزين 95

17. الادهان 95

18. إزالة الشعر عن البدن 96

19. ستر الرأس للرجال 97

20. ستر الوجه للنساء 98

ص: 204

21. التظليل للرجال 99

22. اخراج الدم من البدن 100

23. التقليم 101

24. قلع الضرس 101

25. حمل السلاح 102

أحكام الحرم 102

أين تذبح الكفارة 104

شرائط الطواف 104

الاول: النية 105

الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر 105

الثالث: الطهارة من الخبث 105

الرابع: الختان للرجال 110

الخامس: ستر العورة 111

واجبات الطواف 112

ص: 205

الاول: لابتداء من الحجر الأسود 112

الثاني: الانتهاء من كل شوط بالحجر 112

الثالث: هل الكعبة على يساره في كل الاحوال 112

الرابع إدخال حجر اسماعيل في المطاف 113

الخامس: خروج الطائف عن الكعبة 113

السادس: أن يطوف سبع مرات متواليات عرفاً 113

الخروج عن المطاف الى الداخل أو الخارج 114

النقصان في الطواف 116

الزيادة في الطواف 117

الشك في عدد الأشواط 118

صلاة الطواف 121

السعي 123

أحكام السعي 126

حكم الزيادة والنقصان في السعي 127

ص: 206

الشك في السعي 128

التقصير 129

واجبات الحج 130

الأول: الإحرام 131

الثاني: الوقوف في عرفات 132

حد عرفات 133

الثالث: الوقوف في المزدلفة 136

حد المزدلفة 137

ادراك الوقوفين أو احدهما 137

منى وواجباتها 139

الرابع: رمي جمرة العقبة 139

شروط الرمي 139

شروط الحصيات 139

الخامس : الذبح أو النحر في منى 142

ص: 207

مصرف الهدي 147

السادس: الحلق والتقصير 148

السابع: الطواف 150

الثامن: صلاة الطواف 151

التاسع: السعي 152

العاشر: طواف النساء 152

الحادي عشر: صلاة الطواف للنساء 154

الثاني عشر: المبيت في منى 155

الثالث عشر: رمي الجمرات الثلاث 157

أحكام المصدود 159

أحكام المحصور 162

مستحبات الأحرام 164

مكروهات الأحرام 168

دخول الحرم ومستحباته 169

ص: 208

آداب دخول مكة المكرمة والمسجد الحرام 170

آداب الطواف 174

آداب صلاة الصلاة الطواف 177

آداب السعي 179

آدااب الإحرام إلى الوقوف بعرفات 182

آداب الوقوف بعرفات 183

آداب الوقوف بالمزدلفة 187

آداب رمي الجمرات 189

آداب الهدي 190

آداب الحلق 191

آداب طواف الحج والسعي 191

آداب منى 192

آداب مكة المعظمة 193

طواف الوداع 196

ص: 209

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.