تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام

هوية الکتاب

الميرزا علي أكبر صدر الإسلام الهمدانيّ

كان حيّاً سنة (1326 ه-)

ترجمة

الميرزا عليّ الخليليّ

مراجعة وتدقيق

مؤسّسة الذريعة إلى إحياء تراث الشيعة

المتبرع الدیجیتالي : جمعیة المساعدة إمام الزمان (عج) في اصفهان

محرر : خانم شهناز محققیان

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

مؤسّسة الذريعة إلى إحياء تراث الشيعة

النجف الأشرف

الكتاب: تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام

المؤلف: الميرزا علي أكبر صدر الإسلام الهمدانيّ (كان حيّاً سنة 1326 ه-)

المترجم: الميرزا عليّ الخليليّ

مراجعة وتدقيق ونشر: مؤسّسة الذريعة إلى إحياء تراث الشيعة

الطبعة: الأولى؛ شهر شوّال المكرّم 1443 ه- / 2022 م

الكمّيّة: 1000 نسخة

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد (1512) لسنة 2022 م

ردمک: 5-30-675-9922-978

ادعمنا بالتبرع بمبلغ بسيط لنتمكّن من تغطية التكاليف والاستمرار

ص: 4

كلمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم وغاصبي حقوقهم ومُنكِري فضائلهم وناصبي شيعتهم إلى يوم الدين السلام على صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى

أما بعد، فهذا هو الإصدار الأوّل من سلسلة إصدارات مؤسسة (الذريعة إلى إحياء تراث الشيعة)، وهي مؤسّسة مستقلّة تمّ تأسيسها سنة 1443 ه- في ذكرى وفاة الشيخ آقا بزرك الطهرانيّ (ت 1389 ه-)؛ تهتم بتحقيق ونشر التراث الشيعي إلكترونيّاً وورقيّاً.

ول-مّا أردنا أن تكون باكورة أعمالنا خدمةً لصاحب العصر والزمان _ عجّل الله تعالى فرجه الشريف _ اخترنا هذا الكتاب وطلبنا من صديقنا الفاضل المحقّق الميرزا عليّ الخليليّ _ جزاه الله خيراً _ أن يترجمه إلى العربيّة، ونسأل الله أن يتقبّل منّا هذا العمل المتواضع، وأن يوفّقنا للمزيد، إنّه فعّال لما يريد.

أمير بلوكيّ النيسابوريّ

م. مؤسسة الذريعة إلى إحياء تراث الشيعة

7 شهر رمضان 1443 ه-

ص: 5

ص: 6

مقدّمة المترجم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي منّ علينا بمحمّد حبيبه، وكرّمنا بأكرم من دعا إلى سبيله، واستفتح صحيفة الوجود بنوره، الذي خلقه من نور عظمته وقدرته، فأدّبه بنفسه لنفسه، وأكمل تأديبه على كمال إرادته ومشيّته، فسطع نوره واستبق إلى الإقرار بألوهيّته وربوبيّته، فأشهده خلق خلقه، وفوّض إليه أمر خليقته ليسوس عباده إلى معرفته وعبوديّته، واستخلصه في القدم لمرامه، وأقامه في سائر عوالمه مقامه، إذ كان لا تدركه الأبصار، ولا تحويه الأفكار، ولا تمثّله غوامض الظنون والأسرار، لا إله إلّا هو الملك الجبّار.

اللهمّ صلّ وسلّم عليه صلاةً وتسليماً تجاوز رضوانك، ويتّصل اتّصالها ببقائك، ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك، وصلّ وسلّم عليه صلاةً وتسليماً تنتظم صلوات ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك، وتشتمل على صلوات عبادك من جنّك وإنسك وأهل إجابتك، ويجتمع على صلاة كلّ ما ذرأت وبرأت وأنشأت وصوّرت من خلقك.

ص: 7

اللهمّ وصلّ على الأطائب من أهل بيته الراشدين، والأئمّة الاثنى عشر من آل طه ويس، الذين اصطفيتهم بعلمك، وارتضيتهم لغيبك، واخترتهم لسرّك، واجتبيتهم بقدرتك، وأعززتهم بهداك، وخصصتهم ببرهانك، وانتجبتهم لنورك، وأيّدتهم بروحك، ورضيتهم خلفاء في أرضك، وحججاً على بريّتك، وأنصاراً لدينك، وحفظةً لسرّك، وخزنةً لعلمك، ومستودعاً لحكمتك، وتراجمةً لوحيك، وأركاناً لتوحيدك، وشهداء على خلقك، وأعلاماً لعبادك، ومناراً في بلادك، وأدلّاء على صراطك، وطهّرتهم من الرجس الدنس بإرادتك، وجعلتهم الوسيلة إلى رضوانك، والذريعة إلى غفرانك، فصلّ اللهم عليهم صلاةً لا غاية لعددها، ولا انقطاع لعمدها، ولا نفاد لأمدها.

وصلّ اللهم على حجّتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، والداعي إلى سبيلك، والقائم بقسطك، والفائز بأمرك، وليّ المؤمنين ومبير الكافرين، ومجلّي الظلمة ومنير الحقّ، والصادع بالحكمة والموعظة الحسنة والصدق، وكلمتك وعيبتك وعينك في أرضك، المترقّب الخائف، الوليّ الناصح، سفينة النجاة وعلم الهدى، ونور أبصار الورى، وخير من تقمّص وارتدى، ومفرّج الكرب ومزيل الهمّ وكاشف البلوى، الغائب عن الأبصار، والحاضر في القلوب والأمصار، خاتم الأئمّة وقائمهم، الإمام الثاني عشر المهديّ المنتظر فصلّ اللهمّ عليه ما طلعت كواكب الأسحار، وأورقت الأشجار، وأينعت الأثمار، واختلف الليل والنهار، وغرّدت الأطيار.

اللهمّ كن له وليّاً وحافظاً وناصراً وقائداً ودليلاً وعيناً وعوناً ومعيناً، وعجّل

ص: 8

اللهمّ فرجه، وسهّل مخرجه، وأوسع منهجه، واسلك بنا محجّته، واجعلنا من مواليه وشيعته، اللهمّ وأقم به الحقّ، وأدحض به الباطل، وأعزز به أوليائك، وأذلل به أعدائك.

وصِل اللهمّ بيننا وبينه وصلةً تؤدّي إلى مرافقة سلفه، واجعلنا ممّن يأخذ بحجزته، ويمكث في ظلّه، وأعنّا على تأدية حقوقه إليه، والاجتهاد في طاعته، والاجتناب عن معصيته، وامنن علينا برضاه، وهب لنا من رأفته ورحمته ودعائه وخيره ما ننال به سعةً من رحمتك، «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَ مَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا الله»(1)

أمّا بعد: فلا يخفى على ذي مسكة أنّ من جملة معتقدات عصابة الحقّ إنّما هو القول بوجود المترقّب الخائف الموعود الذي سيظهر ويحيي معالم الدين وقواعد الشريعة، وينجّي المجتمعات البشريّة، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وقد ورد في روايات متواترة وأحاديث متظافرة البشارة به، وهو الذي تعتقد طائفة الإماميّة أنّه المنتظر والقائم والمهديّ وينتظرون ظهوره، وغير خفيّ أنّ هذا المعتقد ممّا يستدعي القيام في مقام الطاعة والرقيّة والالتزام بمراسم العبوديّة ابتغاءَ مرضاته، وتأهّلاً لدرك قدس حضوره، وتأهّباً لنصرته في حقبة غيبته وظهوره، فمن هنا عنى بعض أعيان الطائفة وأعلام المذهب _ شكر الله مساعيهم _ بتصنيف كتب ورسائل تنطوي على ذكر تكاليف ممّا ينبغي لكلّ من ينتمي إلى هذه العصابة المحقّة الإتيان به حذراً عن موتة

ص: 9


1- سورة الاعراف: 43

الجاهليّة؛ فإنّ لتلك التكاليف أثر تامّ في تحصيل معرفة الإمام عليه الصلاة والسلام وإنضاج حبّه في القلب، ومن تلك الكتب والرسائل كتاب تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام من تصنيفات العالم الجليل، والحبر النبيل، الميرزا عليّ أكبر صدر الإسلام الهمدانيّ رحمه الله فقد صنّف كتابه هذا في ذكر التكاليف المقرّرة المتلقّاة من مشكاة أنوار أهل بيت العصمة والطهارة علیهم السلام وأحصى فيه 60 تكليفاً، ولقد أجاد فيما أفاد وأتى فيه بما يراد، إلّا أنّه ألّفه بالفارسيّة، فقمنا بعد ما أشرقت شمس التوفيق من أفق الرحمن بتعريب عباراته الرائقة وترجمة كلماته الفائقة تعميماً للفائدة وتتميماً للعائدة رجاء أن يستفيد منه أبناء لسان العرب أيضاً ويتلقّون فيه مأمولهم، نسأل الله سبحانه أن ينوّر بصائر قلوبنا بضياء معرفة حجّته، ويأذن له في إظهار أمره وكشف ستره، ويرينا طلعته الرشيدة وغرّته الحميدة، ويوفّقنا وإيّاكم لكلّ ما فيه صلاحنا ورضاه بحقّ من دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى وآله السادة المنتجبين إنّه سميع الدعاء.

وأرجو من القارئين الكرام والناظرين في عملنا هذا أن يغضّوا أبصارهم عمّا زاغت عنه العين، وأن يعفوا عمّا وقع موقع الخطأ والغلط ويمرّوا عليه مرور الكرام، فإنّ العفو والصفح شيمة الكريم.

19 شعبان المعظّم 1434

النجف الأشرف _ على مشرّفها آلاف التحيّة والتحف _

كلب آستان ولايت (الميرزا عليّ)

ص: 10

السيرة الذاتية للمؤلف بقلمه الشريف

اشارة

*السيرة الذاتية للمؤلف بقلمه الشريف(1)

قد كتب المؤلف سيرته الذاتية مفصلا في كتابه (كاسه درويشان) من الصفحة 124 إلى 132 باللغة الفارسية، وإليك محصل كلامه بالعربية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.

وبعد: فإنّ هذه رسالة معدّة في شرح حال مؤلّف هذا الكتاب المستطاب _ على سبيل الاختصار _ وصورة إجازات العلماء الأعلام والفقهاء الكرام _ دامت بركاتهم _ وإحصاء عدد تأليفات هذا الحقير وتصنيفاته إلى سنة 1325 من الهجرة على مهاجرها آلاف الثناء والتحيّة.

[اسمه ونسبه]

وأمّا اسمي فهو عليّ أكبر بن المرحوم المبرور الحاجّ ميرزا شير محمّد بن

ص: 11


1- وجدنا هذه الترجمة فی الطبعة الاولی من الکتاب التي تصدی لها المرحوم فخر المرحوم فخر الین نصیري رحمة الله علیه، و کان بعض مصنفات المولف في تملکه و منها (کاسه درویشان) المذکور فیه هذه السیرة الذاتیة بقلمه المبارک

الحاجّ گُلمحمّد بن الثقة العادل آقا محمّد طاهر الهمدانيّ، وأمّا والدتي المرحومة المغفورة فهي الحاجّة خورشيد خانم بنت المرحوم المبرور الثقة العادل آقا محمّد شريف الهمدانيّ، وأمّا جدّتي فيعود نسبها إلى خوانين نهاوند.

وقد لبّى والدي المرحوم المبرور دعوة الحقّ في سنة 1309 من الهجرة إثر ما لحق به من ركلة الحصان، وأمّا والدتي المرحومة فقد توفّيت في سنة 1315 من الهجرة في بلدة همدان وذلك بسبب معاناتها من مرض استسقاء البطن، وقد حملتُ جثمانهما إلى النجف الأشرف ودفنتهما في مقبرة وادي السلام عند باب مقام الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الذي عليه قبّة زرقاء إلى اتّجاه بحر النجف.

[منشأه]

وأمّا الحقير فكنت في همدان مشتغلاً بتحصيل العلم وأخذ المقدّمات، وقد أتقنت الكتابة بأنواع الخطوط في 13 و14من عمري، فأكملت مراحل المقدّمات إلى شرح اللمعة، ثمّ أصرّ عليّ والدي المرحوم في تحصيل بعض العلوم الغريبة كالنجوم وعلم الحساب والهندسة والأعداد وغيرها فأجبت طلبته وكرّست قسطاً من أوقاتي في تحصيل هذه العلوم حتّى تبحّرت في علم الحساب وكتابة السياق وعلم الإنشاء والترسلات وأبدعت فيها إبداعاً تامّاً.

[الهجرة إلى كرمانشاهان]

وبالجملة: فقد دعاني المرحوم المبرور محمّد حسين خان حسام الملك أمير تومان والي كرمانشاهان وحدود العراقين _ طاب ثراه _ إلى كرمانشاهان للقرابة التي كانت بيننا فقطنت بها واشتغلت فيها بمدّة سبع سنين ونيّف

ص: 12

بالإنشاء والاستيفاء إلّا أنّي مدّة قيامي في همدان كنت شائقاً إلى تحصيل العلم شوقاً مفرطاً فاستأذنت والدي في الشخوص إلى العتبات العاليّات لغرض تحصيل العلم فلم يأذن لي، بل كانت طويّته أن أصير من أصحاب المناصب الدنيويّة وأبناء الثرى وأصبح كأهل الدنيا من أرباب الشؤون الظاهريّة، فسألت مشاهير العلماء في بلدتي همدان عن الشخوص من دون إذن الوالد، فقالوا: إنّ تحصيل العلم واجبٌ كفايةً وإنّ مخالفة الوالد حرام عيناً، فالحرمة العينيّة محكّمة على الوجوب الكفائيّ.

والحاصل: فقد كنت مدّة إقامتي في كرمانشاهان مع الاشتغال بالتحرير وتحمّل الزحمات والصعوبات كنت أباحث في الليالي مع المرحوم المبرور الحاجّ الشيخ إبراهيم اليزديّ _ طاب ثراه _ وقد كان من مشاهير فضلاء تلك البلدة وأعيان مدّرسيها، ونتذاكر في علم التفسير وغيره من الحوارات العلميّة إلى أن أتيحت لي الولاية والرئاسة على الديوان الحكوميّ في تلك البلدة فاشتدّت بي البلوى إلى أن استأثر الله بالأمير حسام الملك أمير تومان والي كرمانشاهان وذلك في سنة 1308 من الهجرة، ثمّ أتى ابنه الجناب المستطاب الجليل الأجلّ الأكرم، الأمير الأفخم، زين العابدين خان _ دام ظلّه العالي _ واتّكأ على وسادة الحكومة قائماً مقام والده، فاعتلّت صحّتي في تلك السنة ومرضت وبلغ بي المرض مبلغاً لم ترجُ منه العافية والشفاء، وذاب منّي لحمي وجلدي ودمي، وبينما أنا كذلك قد رأيت منامات مفرحة وأتتني بشارات سارّة ممّا لم يكد يخطر ببالي قطّ إلى أن توفّي الوالد الماجد في شهر محرّم الحرام سنة 1309 من الهجرة بهمدان.

ص: 13

[حكاية وفاة والده ومدفنه]

وأمّا حكاية وفاته: فقد كان يتملّك أحصنة عدّة فينفكّ رباط حصان وتقع بين الأحصنة زعزعة وضوضاء فيذهب الوالد قاصداً إلى تفشيش الحال فيركله الحصان ركلتين ركلةٌ على هامّة رأسه وركلةٌ على صفحة جبينه فيفقد الوعي ويطيح مغميّاً عليه، ثمّ يبلغ خبره إلى آخرين فيأتونه مسرعين ويخرجونه عن تحت حوافر الخيول فيؤتى إليه بجميع الأطباء والحذّاقين إلّا أنّه لا جدوى في ذلك، فلا محالة يلبّي بعد مضيّ ثلاثة أيّام دعوة الحقّ فينتقل من دار الغرور إلى دار الخلود، وقد أنشأت في تاريخ وفاته هذه الأبيات التي يلي ذكرها وكتبتها على مضجعه:

دريغا از اين دهر ناپايدار *** كه كس مى نماند در او بر قرار

چو (شيرِ محمّد) محبِّ رسول *** سگ درگه خاندان بَتول

رسيدش سنين تا به نزديك شصت *** از اين خانه با حسرت او رخت بست

سمند قضا زد لگد بر سرش *** به خون اندر آغشته شد پيكرش

سه روزى بجا ماند آن غمزده *** به ماه محرّم شب يازده

به سال نه وسيصد ويكهزار *** بِشُد روح او جفت با هشت وچار

ز آب مژه بر سر گور او *** نوشت اين (على اكبر) پور او

وأعددت له مقبرةً في مقام صاحب العصر والزمان _ عجّل الله فرجه _ الواقع في مقبرة وادي السلام. ثمّ عدت بعد هذه الوقعة الهائلة من كرمانشاهان إلى همدان لغرض ترتيب أمور الورثة.

ص: 14

[الهجرة إلى النجف الأشرف]

وحيث لم يصدّ الله تعالى عليّ الطريق ممّا يمنعني من النيل إلى مناي فاغتنمت الفرصة فحملت جثمان الوالد المرحوم برفقة الأهل والعيال وحمولة من الكتب وعزلت نفسي عن الدنيا وزخارفها، وهاجرت إلى النجف _ على ساكنها آلاف التحية والتحف _ ، واشتغلت مرتاح البال وفارغ الخيال بتحصيل العلوم الدينيّة وتشاغلت بالدراسة والمباحثة والزيارة والطاعة والعبادة، وواصلت سيري المعنويّ في المعارج الروحانيّة ببركة إفاضات مولى المتّقين أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وبلغت مبالغ عظيمة ونلت مقامات عالية ودرجات سامية كما أشير إلى ذلك في هذه الأبيات:

از علم وعمل مرا نَبُد هيچ به كف *** جز نطق به حيوان نَبُدَم هيچ شرف

اندر حرم علي مجاور گشتم *** اين هر دو، كرم كرد به من شاه نجف

[أساتذته وإجازاته]

وبالجملة: قد بتّ مجاوراً ومحصّلاً في النجف الأشرف نحو ما يقرب من ستّ سنوات وتتلمذت على معظم الأساتذة العظام واكستبت الفيوضات الظاهرة والباطنة:

منهم: العالم، العامل، الفاضل، الكامل، المولى المعظّم، الأستاذ الأعظم، أعلم العلماء العاملين، وأكمل الفقهاء المجتهدين، العالم الربّانيّ، والمحقّق الصمدانيّ، أمين الإسلام والمسلمين، وحجّة وصيّ رسول ربّ العالمين، أعني شيخي وأستاذي، ومن إليه في جميع العلوم استنادي، المبرّئ من كلّ درن

ص: 15

وشين، ثالث الطبرسيَّين، الحاجّ ميرزا حسين النوريّ الحائريّ _ أدام الله تعالى ظلّه العالي على مفارق الأداني والأعالي _ وشاهدت من وجوده المقدّس عوالم غريبة ممّا لا يسعه قلم التحرير. وقد أجازني في سنة الثاني عشرة بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة (1312 ه-) إجازةً روائيّةً بخطّه وختمه على ظهر المجلّد الثاني من دار السلام وهو من تأليفاته، وها أنا أورد صورة إجازته في المقام:

[إجازة المحدث النوري له]

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والسلام على محمّد وآله المصطفين الأخيار، وبعد: فإنّ العالم الفاضل الصالح التقيّ الصفيّ الحاجّ ميرزا عليّ أكبر الهمدانيّ النجفيّ _ بلّغه الله تعالى ما يتمنّاه _ سألني أن أجيز له أن يروي هذا الكتاب وسائر مصنّفاتي وكلّ ما أجاز لي مشايخي العظام بروايته عنّي عنهم عن مشايخهم بطرقي المعلومة المثبتة في مواقع النجوم، فاستخرت الله تعالى وأجزته أن يروي جميعها عنّي مشترطاً عليه ما اشترط عليّ من التقوى وسلوك جادّة الاحتياط، فليرو عنّي ما أحبّ كيف أحبّ.

حرّره العبد المسيء حسين بن محمّد تقي النوريّ الطبرسيّ في شعبان سنة 1312 ه-.

محل ختمه المنقوش فيه (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حسين مني وأنا من حسين).

[سفر والدته وإخوانه إلى الحجّ]

وبعد مضيّ برهة من الزمن قد قدمتْ إلى النجف الأشرف الوالدة الماجدة

ص: 16

برفقة بعض إخواني أعني الحاجّ ميرزا أحمد والحاجّ ميرزا حبيب الله قاصدين زيارة بيت الله الحرام، فاتّجهوا عن طريق الجبل نحو مكّة المعظّمة، وأمّا السبب في عدم اصطحابي ومرافقتي لهم فلأنّني قد تشرّفت بزيارة تلك البلدة الآمنة حيث استطعت إليها سبيلاً _ وذلك في سنة العشر والثلاثمائة بعد الألف من الهجرة (1310 ه-) _ ، وهناك تفاصيل في هذا السفر لا يسعها هذه الوجيزة، وقد خرجت برفقة السيّد الجليل النبيل، العالم الربّانيّ، والفقيه الصمدانيّ، الحاجّ ميرزا السيّد محمود شيخ الإسلام في بلدة تبريز _ قدّس سرّه _ ولكنّه قد توفّي بعد الزيارة والإتيان ببعض مناسك الحجّ إثر ابتلائه بمرض الوباء _ رحمة الله عليه _ .

[الرجوع إلى إيران والنزول بهمدان]

ثمّ لمّا انصرفت الوالدة والإخوان عن مكّة المعظّمة ولبثوا برهةً من الزمن حملتني مع الأهل والعيال على الشخوص إلى بلاد العجم قاصدين زيارة الأرض المقدّسة، فحيث لم أجد مفرّاً من ذلك فلا محالة غادرنا ونزلنا بهمدان، فلم يطل الأمر إذ اشتدّ بالوالدة مرض استسقاء البطن فحرمنا من الزيارة.

[الاقامة في طهران]

فبينما الأمر كذلك فاتّجهت اضطراراً نحو دار الخلافة طهران لإصلاح بعض الأمور الحكوميّة، واتّفق ذلك بعد مقتل الشاه الشهيد أي ناصر الدين شاه القاجار إذ كان مقتله في شهر ذي العقدة الحرام سنة ثالث عشرة بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة (1313 ه-) في حرم عبد العظيم علیه السلام إثر إطلاق

ص: 17

الرصاص وكان خروجي من همدان في يوم الأحد السابع من شهر رجب المرجّب سنة (1314 ه-) بعد مروري بقم المشرّفة، وكان خروجي من طهران في يوم الاثنين الخامس من شهر محرّم الحرام سنة (1317 ه-) وكان نزولي بهمدان 22 محرم الحرام من تلك السنة، فلبثت في طهران نحو ما يقرب من ثلاث سنوات حسب ما اقتضت الضرورة، وأُنجزَ من قبل السلطان مظفّر الدين شاه بعض المهام التي كنت بصددها، وأصابتني في تلك الحقبة سوابغ الأنعام وفواضل الإحسان من قبل جلالة السلطان، وكان آنذاك ميرزا عليّ أصغر خان أمين السلطان أتابك الأعظم _ رحمه الله _ متولّياً على الصدارة العظمى، وكان أخوه المرحوم ميرزا إسماعيل خان أمين الملك يتحبّب ويتودّد إلي كثيراً، وقد لقّبني ب-(صدر الإسلام) وذلك بسبب كتاب (خرابات) الذي هو من جملة تأليفات هذا الحقير ويقع في أربعة مجلّدات، وكنت قد قدّمته إليه لغرض الطبع، وكذا قد قرّر لي من الديوان الحكوميّ مائة وعشرة توامين، وهناك تفاصيل لا يكاد يسعها قلم التحرير.

[العودة إلى همدان]

فلمّا عدت إلى همدان أخذت في تأليف التفسير المسمّى ب-(ناسخ التفاسير) وهو إلى الآن لم يتمّ إثر ما أصابني من غوائل العصور ونوائب الدهور، فمرّت الأيّام وأتت عليّ الليالي إلى سنة الواحدة والعشرين بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة (1321 ه-).

ص: 18

[الهجرة إلى النجف الأشرف مرة ثانية]

فعزمت ثانياً على مجاورة العتبات العاليّات برفقة الأهل والعيال، فشددت الرحال إلى اتّجاه النجف الأشرف، ولكن قد اعتلّت صحتّي فمرضت واشتدّ مرضي وبلغ بي مبلغاً قال لي العلماء والأطبّاء: لا محيص عن تغيير المناخ، فصار الشخوص مرجّحاً شرعاً من وجوه شتّى.

وكنت خلال هاتين السنتين أحضر على حجّة الإسلام والمسلمين، وآية الله في الأرضين، الحاجّ الآقا ميرزا حسين الأعلم نجل المرحوم المبرور الحاجّ ميرزا خليل الطهرانيّ، وأستفيد من إفادات وجوده المقدّس، وأستفيض من إفاضاته، وقد منحني إجازةً سيأتي بيانها.

وإذ كنت شائقاً إلى تحصيل علم الجفر على سبيل التفنّن فحضرت على السيّد السند، الجليل النبيل، الأستاذ المعظّم، والفقيه المفخّم، الآقا السيّد محمّد المجتهد النجفيّ الهنديّ _ دام ظلّه العالي _ واستفضت من بركات أنفاسه القدسيّة وأخذت عنه طرائف، فعلّمني من هذا العلم الثمين أسراراً عجيبةً ونكاتٍ غريبةً، وهو ممّن أجازني أيضاً، وقد كتبت في بعض تأليفاتي مختصراً من شرح أحواله سنورده في المقام:

[إجازة السيد محمد الموسوي الهندي له]

وممّن أجازني بلا واسطة حين إقامتي في النجف الأشرف هو السيّد السند، الجليل، العالم الربّانيّ، والحكيم الصمدانيّ، رئيس الفقهاء، وسيّد العلماء، جامع المعقول والمنقول، حاوي الفروع والأصول، المجتهد، البارع،

ص: 19

المسدّد، الثقة، العادل، الممجّد، السيّد محمّد الهنديّ النجفيّ _ دام ظلّه العالي _ في يوم الجمعة الخامس من شهر ربيع الثاني في السنة الثالثة والعشرين والثلاثمائة بعد الألف، وهذه صورتها كتبتها عيناً وسيأتي شرح حالاته:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على تواتر نعمائه وتظافر آلائه، والصلاة والسلام على محمّد سيّد أنبيائه، وعلى آله وأمنائه عليّ وأبنائه، وبعد:

فإنّ نعم الله لا تحصى وآلائه لا تستقصى، وأوّل هاتيك النعم إبرازنا إلى أوج الوجود من حضيض العدم، ثمّ نعمة العقل الذي به للتكليفات الربّانيّة تأهّلنا، وبه للألطاف الرحمانيّة توصّلنا، ولا نعمة بعد ذلك أفضل ولا أكمل ولا أجزل من نعمة العلم بالأحكام ومعرفة الحلال والحرام، وحسب العلماء قول الله تعالى: «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ»(1)، وقال تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»(2)، وأمر عباده بالرجوع إليهم فقال: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، وورد «النظر إلى وجه العالم عبادة»(3) ، و«النظر إلى باب العالم عبادة»(4) ، و«العلماء ورثة الأنبياء»(5) ، و«مداد العلماء كدماء

ص: 20


1- سورة فاطر: 28
2- سور النحل: 43
3- فی نوادر الراوندي باسناده عن موسی بن جعفر عن آبائه علیهم السلام قال: قال صلی الله علیه و اله: «النظر فی وجه العالم حبا له عبادة»
4- لم نعثر علی خبر بهذا النص و المضمون
5- الکافی: 1/ 32، ح 2

الشهداء»(1)، وفي بعض الأخبار «أفضل من دماء الشهداء»(2) ، وأنّ ممّن انتظم بهذا النظام وبحث عن الحلال والحرام وهاجر لطلبه عملاً بالوارد «اطلبوا العلم ولو بالصين»(3) جناب العالم اللوزعيّ، والعارف الألمعيّ، المصباح الأزهر، والكوكب الأنور، صدر الإسلام، الحاجّ ميرزا عليّ أكبر بن الميرزا شير محمّد بن الحاجّ كل محمّد بن محمّد طاهر الهمدانيّ _ وفّقه الله لمرضاته، وجعله من أهل الدين وحماته _ وحيث أنّه يميل إلى طريقة السلف ولا يقنع بقليل الشرف استجازني في الرواية فأجزته أن يروي عنّي جميع مرويّاتي ومصنّفاتي وجميع مسموعاتي ومقرواتي وما رويته عن مشايخي العظام وأساتيذي الكرام _ رضوان الله عليهم أجمعين _ بطرقي المعلومة المثبتة في رجالي المسمّى بنظم اللئال في علم الرجال بأسانيدي المتّصلة بالنبيّ وأهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.

فمنها: عن شيخنا المرتضى الأنصاريّ التستريّ مرجع الإماميّة في دينهم ودنياهم _ قدّس سرّه _ من غير واسطة، وقد أجازني من غير واسطة في الحرم العبّاسيّ على مشرّفه الصلاة والسلام يوم الجمعة في النصف من شعبان سنة ستّ وسبعين بعد الألف والمائتين بعد فراغه من الظهرين عن جميع

ص: 21


1- لم معثر علی خبر بهذا النص نعم هناک ما یقاربه فی المعنی: اذ کان یوم القیامة جمع الله عز و جل الناس في صعید واحد و وضعت الموازین فیوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فیرجح مداد العلما علی دماء الشهداء. من لایحضره الفیه: 4/ 399 ح 5853
2- المصدر نفسه
3- روضة الواعظین: 11

مشايخه بطرقهم المختلفة، وأعلاها عن التقيّ الزكيّ العالم العامل ملّا أحمد النراقيّ _ رحمه الله _ عن السيّد مهديّ الطباطبائيّ بحر العلوم _ قدّس سرّه _ عن شيخيه الشيخ يوسف صاحب الحدائق والأستاذ الأكبر الآغا البهبهانيّ _ قدّس سرّهما _ وطرقهما بعد ذلك معلومة، وله _ قدّس سرّه _ طرق أخر غير هذا الطريق عن السيّد عليّ صاحب الرياض وغيره.

ومنها: عن العالم الربّانيّ، والفقيه الصمدانيّ، المولى عليّ بن الخليل بن محمد إبراهيم بن محمّد عليّ الرازيّ الطهرانيّ، وهو الثقة الجليل، والعالم النبيل، علّامة، ثبت، ورع، محيط بالمعقول والمنقول، سليم الجنبة، له من العلم والفضل ما لا يسعني شرحه، ورأيت صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام مرّتين على صورته الشريفة فانتبهت فعلمت أنّ ذلك لعظم شأنه، وقد أجازني جميع ما يرويه حتّى كتب النحو ونحوها يوم الجمعة رابع صفر سنة ستّ وسبعين بعد الألف والمائتين عن شيخنا الشيخ مرتضى الأنصاريّ _ قدّس سرّه _ عن مشايخه، ومنهم العالم الفاضل المولى أحمد النراقيّ، عن أبيه العالم العامل مولى مهديّ عن مشايخ متعدّدين، وعن شيخنا الشيخ محمّد حسن بن باقر _ قدّس سرّهما _ صاحب التصنيف المشهور المسمّى بجواهر الكلام، والشيخ العالم الثقة الورع التقيّ النقيّ الشيخ جوادين الشيخ تقيّ ملّا كتاب، والشيخ الجليل الشيخ رضا بن زين العابدين، والسيّد محمّد بن السيّد جواد العامليّ جميعاً، عن السيّد جواد العامليّ، عن السيّد مهديّ بحر العلوم، وتتّصل روايته بالمجلسيّ رحمه الله مصنّف بحار الأنوار بطرق مختلفة في

ص: 22

بعضها الشيخ يوسف البحرانيّ، وإجازاته مذكورة في كتابه، وإجازات المجلسيّ أيضاً مذكورة مسطورة في أربعينه وكتاب الإجازات من بحاره تتّصل بالشهيد الثاني وغيره، وعن العالم الفاضل العامل الشيخ عبد العليّ الرشتيّ، عن السيّد مهديّ الطباطبائيّ وهو على طرقه.

ومنها: عن سيّد الفقهاء، وسند العلماء، العالم العامل الكامل السيّد مهديّ القزوينيّ الحلّيّ، والطرق بعد ذلك معلومة لديه _ أفاض البارئ نعمه عليه _ وأوصيه بلزوم التقوى والاحتياط، ومجانبة التفريط والإفراط، وأن لا ينساني من الدعاء في مظانّ استجابة الدعوات، فإنّه قاضي الحاجات، ومنجح الطلبات، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، وكان ذلك في يوم الجمعة الخامس من شهر ربيع الثاني في السنة الثالثة والعشرين بعد الألف والثلاثمائة هجريّةً على مهاجرها آلاف التحيّة في الغريّ على مشرّفه أفضل الصلاة والسلام.

الأقلّ محمّد الموسويّ النجفيّ الهنديّ. عبده محمّد الموسويّ انتهى.

[السيرة الذاتيّة للسيد محمد الموسوي الهندي]

وأمّا شرح حالات هذا السيّد الجليل، والعالم النبيل، وبيان تأليفاته، فقد ورد في كتاب (نظم اللئال في علم الرجال)، فإنّه كتاب في علم الرجال ومن جملة تأليفاته، وقد رأيته في النجف الأشرف بخطّه المبارك، فقد قال في شرح حالاته ما يلي نصّه:

محمّد بن هاشم بن مير شجاعتعليّ الموسويّ الرضويّ الشهير بالهنديّ،

ص: 23

مصنّف هذا الكتاب مرّ مع أخيه بعض أحواله، وولد سنة ألف ومائتين واثنين وأربعين أو في التي بعدها، وذلك في كلمة (مغرب)، وتعلّم القرآن في مدّة يسيرة جدّاً وعمدتها ثلاثة أيّام، وعمدة تلمّذه في الفقه على الشيخ محسن بن خنفر، ثمّ بعد وفاته على الشيخ مرتضى الأنصاريّ شيخ الطائفة في هذا العصر، وله منه إجازة، وله من الكتب كتاب شوارع الأعلام إلى شرائع الإسلام، شرح به شرائع المحقّق الحلّيّ بوجه بين الإطناب والإيجاز، خرج منه العبادات وبعض المعاملات، وكتاب الصراط المستقيم شرح المنهج القويم، والأصل له أيضاً، وكتاب اللآلي الناظمة للأحكام اللازمة، لم يستقص فيه المستحبّات بخلاف الواجبات، وهو متن تامّ في الفقه كلّه، وكتاب حقائق الأصول في أصول الفقه، وكتاب الدرر المنثورة والكنوز المستورة، فيه عمد مسائل أصول الفقه غير مرتّب، وفيه من الرجال وغيره بعض المسائل، وكتاب مختصر العيون الغامزة على خبايا الرامزة في العروض، والعيون للدمامينيّ والرامزة للخزرجيّ، وكتاب السبيكة الذهبيّة في الأعاريض العربيّة، وكتاب التعليق على حجّيّة المظنّة لشيخنا الأنصاريّ _ دام ظلّه العالي _ وتعليق عليها، وعليه بخطّ شيخنا الأنصاريّ _ دام عزّه _ حواشي، وكتاب مختصر مراسم سلّار _ رض _ ، وإذا كان أصله في غاية من الوجازة فما ظنّك بمختصره، وغير ذلك، وقد أحصيت له حين ذكر هذه الترجمة عشرين مجلّداً أكثرها كبار، يبلغ المجلّد الرابع أربعاً وعشرين كرّاساً فصاعداً، ونسأل الله أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم، انتهى ما أردت نقله من الكتاب المذكور.

ص: 24

قلت: وله _ دام ظله _ أيضاً تسع عشرة مجلّدات كبار المسمّاة بكشاكيل في العلوم المتفرّقة، قرأت كلّها في النجف الأشرف، وكلّها بخطّه الشريف، وأكثرها في الطبّ والجفر وعلم الحروف والفقه والأصول وسائر العلوم الغريبة وغيرها.

وبالجملة: هو بحر لا ساحل له، وشأنه أجلّ من تلك التعريفات والتوصيفات، وهو مرادي في بعض تأليفاتي بالسيّد الأستاذ _ دام ظلّه _ ، وتشرّفت بخدمته في السنة الإجازة وعمره حينئذ 81 سنة، وإذ أردت مغادرة النجف الأشرف قاصداً إلى همدان كان قد قطن بالكوفة، وكانت صحّتي آنذاك معتلّة، فحينما وصلت إلى همدان بلغني خبر وفاته من النجف الأشرف، وذلك في الثامن والعشرين من شهر شوّال المعظّم السنة الثالثة والعشرين والثلاثمائة بعد الألف هجريّةً، ودفن في المقبرة التي أعدّها لنفسه في داره _ رضوان الله تعالى عليه.

[بعض أحوال المحدث النوري]

وأمّا تاريخ وفات الأستاذ المعظّم الحاجّ النوريّ _ قدّس سرّه _ فقد كتبت شرح حالاته وتأليفاته وسنة ولادته ووفاته في كتاب فهرست (صدريّة)، وهو كتاب في علم الرجال، وسنشير إلى ذلك في المقام أيضاً:

أمّا تأليفاته:

1. كتاب نفس الرحمن في فضائل سيّدنا سلمان.

ص: 25

2. طومار بمنزلة الشجرة النسبيّة المسمّاة بمواقع النجوم ومرسلة الدرّ المنظوم في سلسلة أسانيد إجازات.

3. كتاب دار السلام فيما يتعلّق بالرؤيا والمنام ويقع في مجلّدين.

4. كتاب فصل الخطاب في مسألة تحريف الكتاب.

5. كتاب معالم العبر في استدراك البحار السابع عشر.

6. كتاب جنة المأوى فيمن فاز بلقاء الحجّة؟ع؟ في الغيبة الكبرى من الذين لم يجمعوا في البحار.

7. رسالة الفيض القدسيّ في أحوال العلّامة المجلسيّ رحمه الله

8. كتاب الصحيفة الثانية العلويّة.

9. كتاب الصحيفة الرابعة السجاديّة.

10. كتاب نجم ثاقب في أحوال امام غائب صلوات الله عليه بالفارسيّة.

11. رسالة ميزان السماء في يقين مولد خاتم الأنبياء بالفارسيّة.

12. كتاب ظلمات الهاوية.

13. رسالة في ردّ بعض الشبهات على كتابه فصل الخطاب.

14. رسالة بدر مشعشع في ذرية موسى مبرقع.

15. كتاب مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل في مجلّدات يقرب من تمام الوسائل.

16. كتاب كشف الأستار عن وجه الغائب من الأبصار عجل الله فرجه.

ص: 26

17. رسالة سلامة المرصاد، رسالة فارسية في ذكر زيارة عاشوراء غير المعروفة واعمال مسجد الكوفة.

18. رسالة مختصرة بالفارسية في مواليد الائمة علیهم السلام

19. كتاب مستدرك مزار البحار ولم يتم.

20. حواش على رجال أبي علي ولم يتم.

21. ترجمة المجلد الثاني من كتاب دار السلام ولم يتم، وغير ذلك من الحواشي والرسائل أيضاً.

22. كتاب كلمة طيبة بالفارسية.

23. كتاب لؤلؤ ومرجان بالفارسية.

24. رسالة تحية الزائر.

25. رسالة شاخه طوبى.

وسائر مؤلّفاته التي لم تخرج من السواد إلى البياض.

وحيث أنّه تعرّض في أغلب تأليفاته إلى بيان شرح حاله فأعرضنا عن إيراد ذكره.

أمّا مولده _ قدّس سرّه _ ففي الثامن عشر من شهر شوّال في السنة الرابعة والخمسين والمائتين بعد الألف من الهجرة في قرية بالو من قرى نور من أعمال بلدة طبرستان المشهورة بمازندران.

وأمّا وفاته _ قدّس سرّه _ ففي ليلة الأربعاء السابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة العشرين والثلاثمائة بعد الألف هجريّةً في النجف الأشرف، ودفن

ص: 27

في الصحن الشريف في الإيوان الثالث منه عن يمين الداخل من جهة باب القبلة للصحن المقدّس _ اللهمّ احشره مع النبيّ وآله الأطهار الأخيار.

[إجازة الحاج ميرزا حسين بن ميرزا خليل الطهراني له]

وممّن أجازني أيضاً الآغا حجّة الإسلام الحاجّ ميرزا حسين الحاجّ ميرزا خليل الطهرانيّ لمّا كنت أحضر عليه بالنجف الأشرف في الفقه والأصول، وصورة إجازته مذكورة على الورقة الأولى من كتاب فهرست صدريّة، وسنذكرها أيضاً في المقام تيمّناً:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي رفع درجات العلماء بأن جعلهم وراث الأنبياء ونوّاب الأوصياء، وفضّل مدادهم على دماء الشهداء، والصلاة والسلام على أشرف الأنام محمّد صلی الله علیه و اله الذي اجتهد في تبليغ الأحكام وعلى آله المعصومين الغرّ الكرام، ما أشرق صبح ودجى ظلام، ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم فصل الخصام.

وبعد: فلا يخفى على من تديّن بدين الإسلام أنّ من عناية الله تعالى على الأنام إحداث العلماء العظام والفقهاء الكرام لإحكام الأحكام، وإرشاد الناس إلى الحلال والحرام في كلّ عصر من الأعصار صوناً لشريعة سيّد الأنام، وممّن سعى في نيل هذا المرام، العالم العامل، والفاضل الكامل، قدوة أرباب التحقيق، ونخبة أهل التدقيق، عمدة العلماء، وزبدة الفقهاء، الحاجّ ميرزا عليّ أكبر صدر الإسلام الهمدانيّ _ أعانه الله ببلوغ الآمال، وأيّده بجنود الإقبال، وأسعده في جميع الأحوال _ قد بذل جهده في إحكام الأحكام

ص: 28

الشرعيّة، وعرّق جبينه في إتقان القواعد الدينيّة والمسائل الفرعيّة، وحضر عندنا وعند العلماء الراشدين والأساتيذ المتبرّعين حتّى بلغ بحمد الله مبلغاً عظيماً، ووقف من هذا الوادي موقفاً جسيماً، فصار بحمد الله عالماً ربّانيّاً، وعلماً روحانيّاً، فحقيق أن يقتدى بأفعاله الدينيّة، وأن يؤخذ بأقواله الشرعيّة، وحيث قد بدا له الرجوع إلى وطنه المأنوس لإحياء ما به من قوات النفوس استجاز منّي تأسّياً بالمتقدّمين وإرشاد المتأخّرين، ولمّا أن وجدته أهلاً لذلك أجزته أن يروي عنّي جميع ما سمع منّي، وسمعته ورويته من مشايخي العظام بطرقي المعلومة في محلّها، موصياً إيّاه بلزوم الاحتياط ومجانبة التفريط والإفراط، وأن لا ينساني من الدعاء في مظانّ استجابة الدعوات، فإنّه وليّ الحسنات، وقد استأذن منّي في مباشرة الأمور الحسبيّة فأذنت له التصدّي لها مع كون المصلحة في تصدّيه والمفسدة في تركه مع مراعاة الاحتياط فإنّه سبيل النجاة، وكان ذلك في السادس والعشرين من رجب الأصمّ من شهور سنة 1323، الراجي عفوّ ربّه الجليل، نجل المرحوم الحاجّ ميرزا خليل _ قدّس سرّه _ (الراجي محمّد حسين).

وهو إلى الآن ونحن في السنة الخامسة والعشرين والثلاثمائة بعد الألف نزيل النجف الأشرف، وإلى وجوده المقدّس يلتجئ الخواصّ والعوامّ، ويقلّده في إيران وغيرها جلّ الخليقة والأنام، وله رسالة وتأليفات غير خفيّة، وطرقه كثيرة منها أخوه المرحوم المبرور الحاجّ ملّا عليّ المجتهد _ قدّس سرّه _ وهو من مشايخي في الإجازات، وقد ذكرت الطرق في كتاب فهرست صدريّة على سبيل التفصيل، من أراد الوقوف عليها فليراجع.

ص: 29

الحاصل: لمّا رجعت بموجب حكم العلماء والأطّباء وبمقتضى الاستخارة ذات الرقاع إلى همدان كنت أعاني من الأوجاع في المفاصل والرأس والصدر معاناةً شديدةً، وقد بلغت بي الأوجاع مبلغاً لم أجد في نفسي قدرةً على المطالعة والمباحثة والكتابة والتكلّم، وكنت أصلّي بالناس تارةً في المسجد الواقع في محلّتنا المسمّى بمسجد خواجه حافظ، وأخرى في المسجد الجامع، ولكن قد منعني من ذلك اعتلال الصحّة واختلال المزاج، وأصبحت منشغلاً بالمعالجة.

[مؤلفاته]

أمّا صورة تأليفات وتصنيفات هذا الحقير في هذه الفترة الزمنيّة مع الاقتران بنوائب الأيّام وغوائل الدهر الغدّار فما لي إلّا التأسّف حيث أنّ سوانح الأيّام لا تسمح لي بالتحصيل والتقرير والتحرير «لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًاً»(1)

وهذا ليس ممّا لا ينبغي التأسّف عليه إذ كنت مدّة مجاورتي للنجف الأشرف في حالة الصحّة وتوفّر الدواعي والأسباب أحرّر في كلّ يوم ما يقرب من ألف ومائتين وعشرين بيت، ولكنّي إلى الآن وقد مضى ما يقارب عشر سنوات لم أستطع على تبييض ناسخ التفاسير، ولا أجد لنفسي في هذه الأوقات قدرةً على تحرير صفحة وقد أتى عليّ ما يتجاوز أربعين سنة، وقد أعوزت قواي واختلّت مشاعري ولا يكاد يسمح لي اعتلال الصحّة واختلال المزاج بإقامة أمر من الأمور.

ص: 30


1- سورة الطلاق: 1

أمّا فهرس تأليفات هذا الحقير فعلى نحو ما يلي بيانه:

1. كتاب ناسخ التفاسير، ويشتمل على تفسير الآيات بالعربيّة والفارسيّة، وفيه كشف الآيات على طرز عجيب، وينطوي على أربعة وعشرين كتاباً، لم يسبقني أحد في مثل ذلك.

2. تفسير توضيح القرآن بالفارسيّة والعربيّة.

3. مثنوي صدريّة في العقائد والمقالات الأصوليّة والشيخيّة والصوفيّة، ويقرب عدد أبياته من ثلاثة آلاف بيت.

4. مثنوي آب حيوة في بيان كيفيّة السلوك الظاهريّ والباطنيّ، وقد تحلّى بحلّة الطبع في طهران.

5. كتاب إخوان الرياء في معرفة الأحبّاء والأعداء.

6. كتاب تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام.

7. كتاب عين تمنّا في كشف مكاشفات يوحنا، ردّاً على الباب عليه اللعنة والعذاب.

8. كتاب كشف الحجاب في الردّ على الباب المرتاب.

9. كتاب دعوة الحسنى في أدعية الحسناء وقد تحلّى بحلّة الطبع في مومباي عدّة مرّات.

10. رسالة في جواز السجود على أعتاب المعصومين المقدّسة علیهم السلام

11. رسالة جواهر الإيمان في آداب تلاوة القرآن.

ص: 31

12. كتاب خرابات، يقع في أربعة مجلّدات، ويقرب عدد أبياته من مائة ألف بيت أو أزيد.

13. رسالة دم عيسوي في أجوبة مسائل النصرانيّ الهمدانيّ.

14. تحفة المظفّريّة، وتمّ إنجاز تأليفها في طهران.

15. شرح على دعاء السمات.

16. شرح على دعاء صنمي قريش لعنهما الله.

17. شرح مختصر على زيارة عاشوراء.

18. رسالة يد بيضاء.

19. رسالة سيف الدين على رقاب المبتدعين في الردّ على رسالة الملّا أبي الفضل الكلبايكانيّ.

20. رسالة إيقاظ النائمين.

21. رسالة تحفة الحجّة في آداب الجمعة.

22. رسالة فهرست صدريّة في الإجازات العليّة.

23. رسالة أنيس النسوان، وهي رسالة مختصرة.

24. كتاب كاسه درويشان.

25. بعض التعاليق والحواشي في علم الأصول والفقه والحكمة والكلام وغيرها.

26. الأسئلة العجيبة عن بلدة كرمان وأجوبتها.

ص: 32

27. بعض ما سئل عنه العالم الربّانيّ، والفقيه الصمدانيّ، الآقا الشيخ عبد الله ابن العالم الفقيه الجليل الشيخ حسن الممقانيّ في النجف الأشرف وأجوبتها.

28. أشعار وقصائد وغزليات في المواعظ والنصائح ومصائب حضرات المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.

وغير ذلك من الرسائل المتفرّقة المكتوبة على قراطيس عتيقة مشقوقة، ولم تسمح لي الفرصة بعدُ في إخراجها عن السواد إلى البياض.

[أولاده]

وأمّا أولاد هذا الحقير إلى الآن ثمانية من الذكور والإناث، وقد رزقني الله تعالى إيّاهم من ثلاث نسوان، وقد توفّي منهم ثلاثة، وأمّا الخمسة الباقون فإنّهم أحياء يرزقون.

وأمّا أكبر أولادي فهو ميرزا عبد الصاحب الشريف، وأمّه العلويّة رباب بيكم بنت المرحوم الآقا السيّد عبّاس القزوينيّ، وهي الآن نزيلة النجف الأشرف، وحيّة ترزق إلّا أنّها مطلّقة.

وأمّا أولادي من زوجتي الكرمانشاهيّة، فقد رزقني الله منها أوّلاً ميرزا كمال الدين، ثمّ فاطمة سلطان، ثمّ ميرزا جمال الدين، ثمّ فاطمة سلطان الملقّبة بخانم آقا، ثمّ ميرزا صدر الدين، ثمّ صديقة خانم _ حفظهم الله تعالى _ .

وأمّا تاريخ مولد نور عيني المكرّم ميرزا عبد الصاحب الشريف المكنّى بميرزا أبي الفضل، ففي يوم الأحد الخامس عشر من شهر ربيع الآخر قبل

ص: 33

طلوع الشمس بنصف ساعة سنة العشرة والثلاثمائة بعد الألف (1310 ه-) من الهجرة في النجف الأشرف، وهو من جملة عبيد صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه، فآمل أن ينظر إليه بنظرته الرحيمة.

وأمّا تاريخ مولد نور عيني ميرزا كمال الدين محمّد _ حفظه الله _ من حليلتي الكرمانشاهيّة، ففي يوم الأحد الخامس عشر من شهر جمادى الآخرة من شهور سنة 1311 ه- قبل الزوال في النجف الأشرف.

وأمّا تاريخ مولد نور عيني فاطمة سلطان، ففي سنة 1313 ه- بهمدان، وقد اختار الله لها دار الخلود بعد سبعة أو ثمانية أشهر.

وأمّا تاريخ مولد نور عيني ميرزا جمال الدين عليّ أصغر، ففي شهر ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1316 ه- في بلدة همدان، وكنت آنذاك بطهران.

وأمّا تاريخ مولد نور عيني فاطمة سلطان الملقّبة بخانم آقا _ حفظها الله تعالى _ ، ففي يوم الثلاثاء السادس عشر من شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1318 ه- قبل غروب الشمس بنصف ساعة بهمدان.

وأمّا تاريخ مولد نور عيني المكرّم ميرزا صدر الدين، ففي ليلة الخميس الخامس والعشرين من شهر شوّال سنة 1321 ه- في النجف الأشرف، وقد توفّي ودفن في مقبرة وادي السلام _ رحمة الله عليه.

وأمّا تاريخ مولد الصبيّة الثالثة فاطمة المسمّاة بصديقة خانم _ حفظها الله تعالى _ ، فقد نزلت نزول الإجلال على دار الملال في ليلة الخميس الثاني من شهر جمادى الأولى من شهور سنة 1323 ه- بعد مضيّ ثلاث ساعات من

ص: 34

تلك الليلة _ جعل الله في قدومها خيراً وبارك الله فيها إن شاء الله _ ، وقد استخرج طالعها في الخامس عشر من برج السرطان ستّة أيّام بقيت إلى تموز، وقد دخل القمر في برج القوس، وأمّهم كرمانشاهيّة.

وأمّا تاريخ مولد نور عيني الصبيّة الرابعة نور الهدى خانم، ففي ليلة الاثنين الرابع من شهر ربيع الأوّل من شهور سنة 1326 ه- عند المغرب بهمدان _ جعل الله في قدومها خيراً، وأدخلها في زمرة المؤمنات الصالحات إن شاء الله.

ص: 35

ص: 36

تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام

ص: 37

ص: 38

يا صاحب الزمان أيِّدْني ووفّقني وسدّدني

كتاب تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على مُحمَّد وآله المعصومين، والصلوات الزاكيات والتّحيَّات الناميات على حجة الله في الأرضين والسموات الغائب عن الأبصار والحاضر في الأمصار والمُطَّلع على الأفكار سيّدي ومولاي وديني وإيماني وصومي وصلاتي وحجّي وجهادي وزكاتي ودنياي وآخرتي أبي القاسم محمَّد بن الحسن العسكريّ إمام الإنسِ والجانِّ صاحب العصر والزمان عليه وعلى آبائه المعصومين صلوات الله الملك المنَّان.

ثُمَّ الصلاة والسلام على أولاده وعترته وذرِّيَّته ونوَّابه وأوتاده وأبداله وخدَّامه وأمنائه وخواصّه وأمرائه وجنوده وعساكره وعلى حججه ورواة أحاديثه الذين هم في غيبته ينفون عن الدين تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين.

ص: 39

اللّهمّ يا خالق قائم آل محمّد صلّى الله عليهم أجمعين أسئلك بحقّ قائم آل محمّد أنْ تصلِّي على قائم آل محمّد وتعجِّل فرج قائم آل محمّد وارزقني رؤية قائم آل محمّد واجعلني من أعوانه وأنصاره والمستشهدين بين يديه ولا تفرّق بيني وبينه طرفة عين أبداً ولا أقلّ من ذلك ولا أكثر يا أرحم الراحمين بمحمّد وآله الطاهرين.

يا سيّدي ومولاي! أنَّك تعلم بُغيتي من تصنيف هذا الكتاب كما تعلم أنّي غير متمكِّن من الوصول إلى قدس حضرتك فلا محالة أحرّر عبائر قلبي عن حبِّك في نمط التحرير، وأنظم تعابير فؤادي عن ودّك في سمط التقرير، وأروم أن أشغل بالي وأستخدم أنامل ولائي في تقرير اسمك السامي، وتذكير ذكرك العالي، وأجعل لساني بذكرك لهجاً، وقلبي بحبّك متيّماً.

ذكر تو از زبان من فكر تو از خيال من *** كى برود كه رفته اى در رگ ودر مفاصلم

يا سيّدي ومولاي! لقد فات الأوان فطرحت بي النوى ووقعت مبتعداً عن وادي الطوى أعني أرض المعالي والعلى النجف الأشرف على مشرّفها آلاف التحيّة والتحف مهجوراً عن عتبة بابه، فبالي فَتر، وظاهري غَبر، وحالتي منقلبة، وأحوالي مضطربة، وحواسّي مرتبكة.

(يكدم نمى رود كه نه در خاطر منى)

يا سيّدي ومولاي! إنّك أحسنت مبتدئاً، وتطوَّلت عليّ بالأَنْعَام متكرِّماً

در عشق تو از جهان گذشتم *** واز جمله جهانيان گذشتم

ص: 40

والحال:

روز وشبم به ياد تو مى گذرد نه اين عجب *** اداوم بذكرك من الغداء الى العشاء

يا للعجب! ما دهاني فأرى نفسي محروماً من طيف وصالك وفرحة تلاقك، ونظري مهجوراً عن رؤية حسن جمالك.

شبى نمى گذرد كاز غمت نمى گذرد *** شرار آهم از اَنجُمْ فغانم از افلاک

فمن فراقك لا أجد بالليل سباتاً ولا بالنهار نشوراً، لا صبر لي على هجران جمال وجهك، ولا طاقة لي على بُعد تلاقك وانتظارك، فلا أملك لنفسي إلّا عيناً باكيةً وجثّة نحيلةً، لا رفيق ولا أنيس، لا شفيق ولا جليس، لا جرأة على إظهار الاشتياق، ولا قدرة على كتمان ألم الفراق.

نه همزبانى كه من زمانى بدو شمارم غمى كه دارم *** نه نيك خواهى كه گاهگاهى ز من بپرسد غمِ كه دارى

إيْ والله يا سيّدي:

أخاف عليك من غيري ومني *** ومنك ومن مكانك والزمان

ولو أنّي جعلتك في عيوني *** إلى يوم القيامة ما كفاني

ومستخبراً عن سرّ ليلى أجبته *** بعمياء من ليلى بلا تعيين

يقولون خبرنا فأنت أمينها *** وما أنا إن خبرتهم بأمين

طلب الحبيب من الحبيب رضاه *** ومنّي الحبيب من الحبيب لقاء

ص: 41

أبداً يلاحظه بعين قلبه *** والقلب يعرف ربّه ويراه

يرضى الحبيب من الحبيب بقربة *** دون العباد فما يريد سواه

سرّ عشقت داشتم پنهان وليک *** ز آه سرد وناله جان سوز من

صحّ عند الناس أنّي عاشق *** غير أن لم يعلموا عشقي لمن

يا حسرة تقلع الأحشاء زفرتها *** على بعاد إمام العصر والزمن

تكاد تنشقّ نفسي لوعة وأسى *** إن خانني فيك دهري وانقضى زمني

ها نور شخصك في عيني يقدّمني *** وحسن ذكرك يحييني ويلزمني

أيّا حجة الله الذي ليس جارياً *** بغير الذي يرضاه سابق أقدار

ويا من مقاليد الزمان بكفّه *** وناهيك من مجد به خصّه البارئ

أغث حوزة الإيمان واعمر ربوعه *** فلم يبق عنها غير دارس آثار

وأنقذ كتاب الله من يد عصبة *** عصوا وتمادوا في عتوّ وإصرار

وانعش قلوبنا في انتظارك قرحت *** وأضجرها الأعداء أيّة إضجار

وخلّص عباد الله من كلّ غاشم *** وطهّر بلاد الله من كلّ كفّار

وعجّل فداك العالمون بأسرهم *** وبادر على اسم الله من غير إنظار

خطاب إلى إخواني الروحانيّين وأخلّائي الإيمانيّين في مشقّة عصر الغيبة ومحنته:

أيّها الأخ الإيمانيّ هلّم إلي وألق سمعك لما أتلو عليك ممّا يكون القلب بمصابه مقروحاً والدمع عند ذكره مسفوحاً.

ص: 42

بیا سوته دلان گرد هم آییم *** که قدر سوته دل، دلسوته دُونُو

نحن معاشر الشيعة الذين خلقنا الله تبارك وتعالى في عصر غيبة صاحب العصر عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه ليبلونا بذلك ويغربلنا، ويميّز الصادق من الكاذب، والمنافق من الموافق، والمخالف من الموالف، كما نطقت به أحاديث أئمّتنا أهل بيت العصمة والرسالة علیهم السلام، فلو تأمّلتَ لعلمتَ أنّ اختبارنا في عصر الغيبة لأشدّ من اختبار سائر الأنام في الأزمنة السالفة والقرون الأولى، ولذلك صرنا أعظم ثواباً وأكرم أجراً من كافّة أهل الإيمان وموالي أئمّة الهدى سلام الله عليهم أجمعين _ كما ورد في نصوص الأحاديث التي لا حاجة إلى إيرادها، وآمل أن تكون على بصيرة من أمرك _ ومع ذلك أنّي لا أعلم ما السبب في غفلتنا عن أمر الدين والشريعة وتغافلنا عن إمام زماننا أرواح العالمين فداه.

هلّا تعتقد أنّ إمامنا عجّل الله فرجه _ وإنْ كان غائباً عن الأبصار، إلّا أنّه حاضر في الأمصار، وناظر إلى الأفكار _ يرى ما تعمل بجوارحك، ويعلم ما تعزم عليه جوانحك، فيعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وإن اعتورك الشكّ في هذه العقيدة والمحبّة والمعرفة في حقّ إمامك فهذا هو القصور والفتور.

روي في كتاب إكمال الدين عن أبي عليّ بن أبي الحسين الأسديّ _ راوي التوقيع الشريف _ عن أبيه رضي الله عنه قال : ورد عليّ توقيع من الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ _ قدّس الله روحه _ ابتداءً لم يتقدّمه سؤال: «بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحلّ من مالنا درهماً».

قال أبو الحسين الأسديّ رضی الله عنه: فوقع في نفسي أنّ ذلك في من استحلّ من

ص: 43

مال الناحية درهماً دون من أكل منه غير مستحلّ له، وقلت في نفسي: إنّ ذلك في جميع من استحلّ محرّماً، فأيّ فضل في ذلك للحجّة علیه السلام على غيره؟ قال: فوالذي بعث محمّداً بالحقّ بشيراً لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما وقع في نفسي: «بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهماً حراماً».

قال أبو جعفر محمّد بن محمّد الخزاعيّ: أخرج إلينا أبو عليّ بن أبي الحسين الأسديّ هذا التوقيع حتّى نظرنا إليه وقرأناه (1).

لقد ذكرتُ هذا الحديث الشريف ليطمئن به قلبك، وإلّا فإنّي أعلم أنّك تعلم أنّ إمامك أرواحنا فداه لا يكون أقلّ منزلةً ولا أخسّ مرتبةً من النبيّين موسى وعيسى على نبيّنا وآله وعليهما أفضل الصلاة والسلام إذ كانا يخبران الناس بما يدّخرون في بيوتهم، كما أنّي أعلم أنّك تعلم أنّ أعمالك تعرض في كلّ يوم الاثنين ويوم الخميس من كلّ أسبوع على سيّد الأنبياء وأهل بيته أئمّة الهدى؟عهم؟، فما تأتي به في أيّام دهرك من الأعمال بأسرها تعرض عليهم سلام الله عليهم، وآمل أن لا يعتريك في ذلك شكّ ولا ريب، كما آمل أن تعتقد أنّ هذه المنزلة الشريفة والمرتبة الجليلة إنَّما هي من أقلّ مراتبهم وأخسّ منازلهم علیهم السلام، فإنَّ عقولنا لا تحتمل في غرائب شؤونهم أكثر من ذلك.

فما تحدّثوا به إنَّما هو على قدر عقولنا، وإلّا فإنَّ غوامض أسرارهم وغرائب شؤونهم وعظم خطرهم وكبر شأنهم سلام الله عليهم أجمعين إنَّما هي كالبحر

ص: 44


1- کمال الدین و تمام النعمة: 522 /51

المحيط، وأنَّ عقولنا كالكأس، ومن البديهي أنَّ اغتراف ماء البحر كلّه بالكأس ممّا لا شكَّ في استحالته، وبالجملة: لا ينبغي لك أن تغفل عن إمامك كما لا يغفل عنك طرفة عين، واعلم أنّه «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقيبٌ عَتيدٌ»(1).

واعلم يقيناً أنَّ هذين الملكين (رقيب وعتيد) من جملة خدّام باب إمامك، وملازمي رحابه عليه صلوات الله تبارك وتعالى، ولا يكون ذلك إلّا من كمال تفضُّل الله وتمام تفقُّده بالنسبة إلى سادتك ومواليك علیهم السلام

فإذا وجدت نفسك معتقداً بهذه العقيدة خالصاً مخلصاً في ذلك فيحقّ لك عندئذ التفاخُر، ويتحتّم عليك أداء شكر هذه النعمة العظمى التي أكرمك بها الله جلَّ شأنه، ويتعيّن دوام الاستمرار في الدعاء لئلا يسلبها جلّ وعلا عنك، فلا أظنُّك حينئذ تغفل عن إمامك عجّل الله فرجه طرفة عين أبداً.

فلمّا نلت هذه المرتبة العظمى، وفزت بهذه الموهبة الكبرى فسوف تسير أمورك الدنيويّة وشؤونك الآخرويّة على وفق ما يرام، وتبلغ مقامات إيمانيّة وحالات رحمانيّة فتعرف قدر نفسك، وتلوح على ظاهرك آثارها، وتبرز في باطنك نتائجها.

فلربّما يحصل لك مقام محمود فوق ما كنت تأمله وتتمنَّاه ولم تكنْ تتوقّع لك حصوله، كما لم تكن ترى نفسك خليقاً بالوصول إليه فلا تتحاشى ولا تستغرب من ذلك ف- «إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُون»(2) ولا يعلمون ولا يفقهون.

ص: 45


1- سورة ق: 18
2- البقرة: 243 غافر: 61

إيقاظ

[طبقات الأنام باعتبار مراتب معرفتهم بالإمام]

اعلم أنّ الذين عاصرت حياتهم غيبةَ إمام العصر الكبرى عجّل الله فرجه وسهَّل مخرجه باعتبار مراتب معرفتهم بالنسبة إلى إمامهم أرواحنا فداه وسائر شؤونهم على طائفتين: طائفة الخواصّ، وطائفة العوامّ، ولكلّ منهما شعب وأصناف، فمنهم ملازمو حضرته، ومنهم أصحاب سرّه، ومنهم خدمه وحشمه، ومنهم أهله وعياله، ومنهم أولاده وذراريه، ومنهم المتآمرون بأوامره والمتناهون بنواهيه، ومنهم تلاميذه وأصحابه، ومنهم رواة أحاديثه ونقلة أخبار آبائه وأجداده المعصومين علیهم السلام، ومنهم المنصوبون من قبله على الحكم والقضاء، ونوَّابه أي المجتهدون والقضاة والفقهاء الذين هم حجج على الخلائق، ومنهم رعاياه _ وقد تشرَّف بعضُهم بحضرته السامية، والآخر لا يعرف منه إلّا اسماً، ومنهم مَنْ يصل إلى باب جنابه بوسائط غيبيّة وأسباب باطنيّة، وتفيض عليه من جنابه فيوضات إلهيّة وأنّه عالم بذلك، ومنهم من يتواصل معه بوسائط ظاهريّة وتبلغه من جنابه فيوضات مخصوصة ظاهراً وباطناً، ومنهم من أذن له بإظهار تلك الفيوضات عند من له الأهليَّة والتأهُّل، ومنهم من مُنِعَ من الإظهار وأُمِرَ بالكتمان، ومنهم صامت، ومنهم ناطق، ومنهم القائلون به والمُصدِّقون بوجوده لساناً في الغيبة الكبرى، ومنهم القائلون به والمصدّقون بوجوده لساناً وقلباً، ومنهم القائلون به والمصدّقون بوجوده لساناً وقلباً وأركاناً، ولكلّ من هذه الشعب والأصناف تكاليف مخصوصة ووظائف

ص: 46

منصوصة لا يسوغ لهم تعدّي حدودها ولا يجوز لهم التخلُّف عن مقاديرها.

فإذا تخلَّفتْ طائفة عن تكاليفها المُخصَّصة ووظائفها المُقرَّرة فلا محالة تعدّ مقصّرة مفرّطة وسوف تُؤَاخَذ بذلك، اللهم إلّا أنْ يرتقي أحد منهم من المنزلة الخسيسة إلى المرتبة الرفيعة، ويعرج من الأدنى إلى الأعلى أو العكس _ نعوذ بالله _ ، ولهذا الكلام شواهد ظاهريّة وباطنيّة ستتّضح وتنقدح _ بعون الله تعالى _ في هذه الوجيزة فانتظر وترقّب.

ولمّا أن رأى الأحقر خادم العلماء ومولى الفقهاء دبير الدين صدر الإسلام عليّ أكبر الهمدانيّ أصلاً، والنَّجفيّ مسكناً ومدفناً _ وفَّقه الله لابتغاء مرضاته وأيَّده بتأييداته _ أنَّ أمر الدين قد آل في هذا العصر والزمان إلى الهرج والمرج، وأنّ أغلب الأنام رقود على فراش الغفلة عن وجود إمامهم، وأنّ أكثرهم قد تغافلوا بل تجاهلوا عن تكاليفهم المُقرَّرة فافترض على ذمّته أن يؤلّف مختصراً في تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه وعلى آبائه المعصومين آلاف التحيّة والسلام، ويعدّد على قدر المستطاع بعض تكاليفهم في هذه الغيبة الكبرى والبلية العظمى بالنسبة إلى إمام العصر أرواح العالمين فداه رجاءَ أن يستيقظ بعض الخواصّ من رقدة تكاهلهم وتجاهلهم، وأن يتنبَّه بعض العوامّ عن سكرة تغافلهم وتساهلهم، ويفقهون تكاليفهم في هذا العصر إلى إشراق شمس صبيحة ظهور مولانا وإمامنا صاحب العصر والزمان علیه السلام، ويعلمون كيفيّة العيشة الراضيّة عند الله سبحانه وتعالى وحجّته في مثل هذا الزمان.

ص: 47

إشارة إجماليّة إلى تكاليف طبقات الأنام في غيبة الإمام

[تكاليف الخواصّ]

أمّا طائفة الخواصّ _ وهم من جملة خصّيصيه وأصحاب سرّه صلّى الله عليه وعلى آبائه المعصومين _ فقد أحصاهم أصحابنا الإماميّة بموجب ما ورد في الأخبار والأحاديث والآثار، وبقضيّة ما تدلّ عليه الشواهد العقليّة والنقليّة وهم رجال عدّة:

أحدهم: الخضر علیه السلام.

والثاني: إلياس علیه السلام.

والثالث: عزرائيل علیه السلام، وأغلب رؤساء ملائكة السموات والأرضين، وجُلّ رؤساء أهل الإسلام والإيمان من طوائف الجنّ.

والرابع: أبو صالح وهو رأس طائفة من الجنّ، وقد وكَّل إليه أمر القِفَار والبراري لهِدَاية الضالِّين.

وقد نقل العلّامة المجلسيّ في كتاب الآداب والسنن من كتابه الكبير بحار الأنوار عن محاسن البرقيّ في أبي صالح إنَّه يُكنَّى أبا الحسين وهو جنّي الذي قال: إنِّي من الجانّ الذين نزلت في شأنهم سورة الجنّ، ولم يبقَ منهم أحد إلّا أنا هادي الضالِّين إلى الطريق.

وقد ذكر أستاذنا الأعظم _ مدَّ ظلّه العالي _ في النجم الثاقب أبا صالح من جملة أسمائه أرواحنا فداه.

ص: 48

والخامس: حمزة، وهو مُوَكَّل على غمرات البحار ولججها كما في المكارم.

والسادس والسابع والثامن: عبد الرحمن، وعبد القادر الجنّيّ، وظلوخوش ملك أهل الإسلام من طائفة الجنّ، _ ومعناه على لغتهم سليم النفس، وقومه يحبّون من الآدميّين مَن يكون على مذهبهم حبَّاً جمَّاً.

والعاشر: فقطس ملك طائفة الجنّ من الهندوس، وخليفته فيقطوس وكان يلازم شيث علیه السلام وأخذ عنه المواثيق.

والحادي عشر: أئمّة الجنّ من المسلمين كأبي فروة والمستور والرياح والقيس وأبي مالك، ومنهم من أقلّ شأناً وأخسّ مرتبةً وهم مجتهدون كأبي العبّاس وعبد الشهاب وغير ذلك، ولكلّ وظائف مقرّرة وتكاليف مخصّصة، وهم بأوامره أرواحنا فداه يؤمرون.

الثاني عشر: أرواح نوّابه الأربعة الذين كانوا في زمن الغيبة الصغرى وسائط بينه وبين الأنام وسفرائه إلى الخلق.

الثالث عشر: أرواح باقي السفراء المتفرّقين في سائر البلاد وأصقاع الأرض، منهم مستورٌ ومنهم ظاهرٌ مشهورٌ، وقد كانوا وسائط بينه وبين الخلق، وذرائع إلى قضاء الحوائج، ومراجع في أخذ الوجوهات والعرائض وغيرها.

الرابع عشر: الذين تشرّفوا أو يتشرّفون في زمن الغيبة الكبرى بهذه الموهبة العظمى كالشيخ السديد المفيد _ قدّس سرّه _ الذي قد خرجت إليه في هذه الحقبة توقيعات عديدة.

الخامس عشر: الثلاثون نفر الملازمون لحضرته ولا يعرف لهم نسب.

ص: 49

السادس عشر: أولاده وأحفاده ولهم في البلاد المعمورة المشهورة المغمورة حكومةٌ ونيابةٌ عن جنابه جيلاً بعد جيل، ومنهم موسى أخوه وأولاده وأحفاده كقاسم وطاهر وإبراهيم وعبد الرحمن وهاشم وشمس الدين محمّد العالم وغيرهم، ولهم تكاليف معيّنة مخصوصة، وأمّا استكشاف تلك التكاليف واستعلامها بالنسبة إلى الطوائف التي مرتبتها أدنى من مرتبتهم فلا جدوى في ذلك، ولا ضرورة داعية إلى الوقوف والاطّلاع على تكاليفهم فيُعمل بها إذ ليس هناك دونهم من كُلّف بها اللهم إلّا من دخل حوزتهم ونال رتبتهم وحاز درجتهم فلا محالة تتغيّر حينئذ تكاليفه.

[تكاليف العوامّ]

أمَّا طائفة العوامّ فهم على أصناف: فمنهم: الملازمون لحضرته، ومن الواضح أنّ تكاليفهم ممّا لم يكلّف الغائبون بعلمه والعمل به، ومنهم: خدّامه، ومنهم: أهل بيته وعياله وأولاده وذراريه الذين هم من أولاد أبي لهب أو غيره، ومنهم: العاملون بأمره الذين يتربَّصون ويترقَّبون في آناء الليل وأطراف النهار أوامره ونواهيه بالنسبة إلى أنفسهم أو غيرهم من قاطبة الأنام، فإنّ لكلّ منهم تكاليف مخصوصة لم يكلَّف بها من هو دونهم، وربّما يعبّر عنهم بالأبدال والأوتاد ورجال الغيب والنقباء والنجباء، ويقرع صيت شهرتهم بهذه الأسماء أسماع الأصقاع، وقد اختلفت أسمائهم في لسان الشرع فتارةً يقال لهم: الأبدال، وأخرى الأوتاد، وثالثةً السُّيَّاح، ورابعةً العُبَّاد، وخامسةً المخلصون، وسادسةً الزُّهَّاد، وسابعةً أهل الجدّ والاجتهاد، وغير ذلك ممّا ورد في الشريعة الغرَّاء، فإنّ مراتب هؤلاء الرجال

ص: 50

مختلفة، وهناك لأساطين علمائنا الإماميّة في تقرير أوصافهم وتبيين مناقبهم وتعديد عدّتهم بياناتٌ لم نقف حتّى الآن على مستندها.

[تكاليف رواة الأحاديث والحكّام والقضاة والفقهاء]

أمَّا أصناف رواة الأحاديث والحكَّام والقُضاة والفقهاء فإنَّهم مختلفون في المراتب والتكاليف الشَّخصيَّة، فمنهم: من له مقامات يتمكَّن بها من رؤية الإمام ومعرفته وأخذ المسائل عنه من دون ستر وحجاب ويتشرَّف بصحبته في كلّ آنٍ بمجرّد إرادته ذلك _ في المنام أو اليقظة _ ، وهو إن كان مشهوراً معروفاً فلا يجوز له دعوى المشاهدة لبعض دون بعض، وإن كان مستوراً مغموراً وذكره نسيّاً منسيّاً فربّما يجوز له ذلك، كما في التوقيع الرفيع:

«وهم معشر يطلعون بمحائل الذلّة والاستكانة وهم عند الله بررة أعزّاء، يبرزون بأنفس مختلَّة محتاجة وهم أهل القناعة والاعتصام..»(1) .

فقد خاطب أرواحنا فداه إبراهيم بن مهزيار بهذه الكلمات المقدَّسة مشافهةً ثمّ كتبت في التوقيع الشريف، ومنهم من يتوصّل إلى باب جنابه بوساطة الصنف المتقدّم ذكره، ومنهم من يتوصّل إلى حضرته السامية باطناً من دون واسطة، ومنهم من صدّ عليه طريق الوصول إلى جنابه فلا يمكنه التوصُّل إلى حضرته السامية بأيّ وجه من الوجوه لا ظاهراً ولا باطناً فما له من نصيب إلّا التشبّث بحبل ولائه ووثيقة حبّه ومودّته أرواح العالمين له الفداء وهو مكتف بهذا القدر ومُعتكِف في كهفه، ومنهم من لا يحالفه حظّ أبداً من

ص: 51


1- کمال الدین تمام النعمة: 448

هذه الدرجات إلّا أنّه عارف باسمه علیه السلام ومعترف بإمامته ومقرّ بولايته فإنّه أدنى مرتبةً من غيره.

واعلم أنّ درجات أصحاب هذا الصنف ومراتبهم أيضاً مختلفة، ومثلهم مثل الذين أدركوا أمير المؤمنين علیه السلام والصلاة إذ كان منهم من يراه أشجع الناس وأشدّهم بأساً وأكثرهم شهامةً، ومنهم من كان يرى أنّه لا يدانيه أحد في السخى والجود، ومنهم من كان يرى أنّه أعلم الصحابة وأورعهم وأزهدهم، ومنهم من كان يعتقد أنّه وليّ العوالم الكونيّة وأمير الأكوان الوجوديّة، ومنهم من كان يظنّ أنّه خالق السموات والأرضين وأنّه ربّ العالمين وهلّم جرّاً.

فالذين أدركوا الغيبة الكبرى أيضاً مختلفون في درجات معرفتهم ومراتب إيمانهم بالإمام، ولكلّ من أصحاب هذه الطائفة والأصناف المزبورة الذين جعلناهم في قبال طائفة الخواصّ وأصنافهم تكاليف من الواجبات والمندوبات يجب عليهم العمل بها لئلا يتيهون في تيه التغافل والتجاهل رجاءَ أن تتلقّاهم بركات توجّهاته القدسيّة ومكرمات ألطافه الربّانيّة ومواهب أعطافه الرحمانيّة صلوات الله وسلامه عليه، فلذا أبيِّن في المقام ما يستحسن الإتيان به بل يستوجب من التكاليف في هذه الحقبة الزمنيّة أي زمن غيبته الكبرى عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه مستقصياً لذلك التماس أن تثمر هذه المذاكرة تذكّرهم وتنبّههم، وتورث ارتقاء درجاتهم، وتوجب نجاتهم الأبديّة عن شفا جرف الهلكات.

ص: 52

تكليف 1 في معرفة إمام العصر عليه الصلاة والسلام

اعلم أنّ من جملة التكاليف الواجبة عليك في زمن غيبة إمام العصر الكبرى أرواح العالمين فداه هو أنْ تعلم أنَّ الله قد نصَّبَ للناس بمفاد آية «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَة»(1) منذ يوم خلق آدم إلى قيام يوم القيامة أو أربعين يوماً قبل قيامه خليفةً ومن يقوم مقامه في الأرض، ولم تخلُ الأرض من حجّة ظاهراً ومشهوراً، أو خائفاً مغموراً حتّى تتمّ حجّته على الناس، ولئلا يقولوا إنّك لم تجعل لنا إماماً هادياً نأخذ عنه تكاليفنا ونرفع به عنّا الجهالة، بل إنّ حجّة الله _ عزَّ سبحانه وبهر برهانه _ إنّما هي الحجّة البالغة؛ إذ له عزّ وجلّ أن يقول: «إنّي جعلت عليكم في كلّ عصر ومصر حجّةً لائحةً وبرهاناً مبرهناً وأمرتكم بأن تأخذوا عنه معالم دينكم وقواعد مذهبكم من تكاليفكم الدينيّة والدنيويّة والآخرويّة، والظاهريّة والباطنيّة، والصوريّة والمعنويّة وألّا تتغافلوا عن أمره وألّا تتساهلوا في حقّه».

ص: 53


1- البقرة: 30

فإنْ قال قائل من أهل عصرنا هذا: «إنّه ليست عندنا حجّة ظاهرة ناطقة مشهودة ملموسة» فكلامه باطلٌ ومن درجة الاعتبار والاعتماد عاطلٌ؛ إذ أمر رسول الله عند وفاته بتكاليف لا بُدَّ لأمَّته المرحومة من امتثالها، وكذا أمير المؤمنين _ صلوات الله عليه _ وسائر أوصيائه المطهّرين _ صلوات الله عليهم _ الذين كان كلّ واحد منهم حجّة الله الباهرة القاهرة في عصره على الخلائق أجمعين لمّا حضرته الوفاة أمر قومه وأناسه بتكاليفهم لا محيص لهم عن اتّباعها إلى أن انتهى الأمر إلى الإمام الهمام وحجّة الحقّ على الخلق أعني الإمام الحسن العسكريّ عليه الصلاة والسلام فلمّا حضرته الوفاة أيضاً أمر أناسه وقومه بتكاليفهم وعرّفهم حجّة الله في أرضه وخليفته على عباده من بعده أعني ولده محمّد بن الحسن العسكريّ الذي بلغ _ حسب الظاهر _ رتبة الإمامة والولاية وهو ابن أربع سنين كعيسى ويحيى علیهماالسلام حيث جعل الله كلّاً منهما نبيَّاً صبيّاً.

كما روي عن الشيخ الثِّقة محمَّد بن عثمان العمريّ قدس سره بسند صحيح أنّه قال:

عرض علينا أبو محمّد الحسن بن عليّ علیهماالسلام ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أمّا إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا، قالوا: فخرجنا من عنده فما مضت إلّا أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمّد علیه السلام(1)

ص: 54


1- کمال الدین و تمام النعمة: 435

وقد تتوّج امام الإنس والجانّ صاحب العصر والزمن محمد بن الحسن صلّى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين عندئذ بتاج الإمامة واستودع ودائع النبوّة والولاية، وصار خليفة الله في أرضه وحجّته على عباده وكان يواري نفسه عن جبابرة الكفر وسلاطين الجور مخافة القتل والهلاك وكان من مواليه ومحبّيه وشيعته من يتشرّف بحضرته خُفيةً وسرّاً، ومنهم من لم يجد إليه سبيلاً فكان يتوصّل إلى من له درك الحضور فيعرض عليه حوائجه ومطالبه ويتلقّى الجواب ولم يزل الأمر على هذا النمط حتّى خرج إليهم من الناحية المقدّسة:

وأمّا الآن فقد اشتدّت البليّة، وقد جعلت لكم من ترجعون إليه في حوائجكم وتقبلون منه، فما يقوله فعنّي يقول، وما يؤدّيه فعنّي يؤدّي، وهو الشيخ الثقة المعتمد عثمان بن سعيد العمريّ، وقد كان وكيل الإمام عليّ النقيّ والإمام الحسن صاحب العسكر علیهماالسلام

وقام الشيخ الثقة المزبور قدس سره مقام الحجّة عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه وكان قد تولّى هذا الأمر [6] سنة حتّى استأثر به الله جلّ شأنه وذلك في سنة [267 ه-]، ثمّ تولّى خلفه الأكبر الثقة الجليل القدر محمّد بن عثمان القيام به وجُعل الأمر كلّه مردوداً إليه، وكان مرجع الطائفة وملجأ الأمّة نحواً من خمسين سنة إلى أن اختار الله له دار الخلود وذلك على رواية العوالم في سلخ جمادى الأولى سنة 305 ه-، وسنة 304 ه- على رواية غيره.

ثمّ انتقل الأمر إلى جناب الشيخ الجليل النبيل حسين بن روح النوبختي، وكان متولّياً على منصب الوكالة نحو ما يقرب من إحدى وعشرين سنة إلى أن

ص: 55

أسكنه الله فسيح جنانه وذلك في شعبان من سنة 326 ه-، وهو النائب الثالث.

ثمّ فُوّض الأمر إلى أبي الحسن محمّد بن عليّ السمريّ قدس سره فلمّا اقتربت ساعة وفاته خرج إليه من الناحية المقدّسة أرواحنا فداه هذا التوقيع الرفيع:

كما في الاحتجاج: «بسم الله الرحمن الرحيم، يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي إلى شيعتي مَنْ يدَّعي المشاهدة، ألا فمن ادَّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذَّاب مفترٍ، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله العليّ العظيم»(1) .

وقد كان حال عليّ بن محمّد السمريّ كما قال؟ع؟، فقضى نحبه _ قدّس الله روحه _ بعد مضيّ ستّة أيَّام في شهر شعبان سنة 329ه- على رواية ابن طاوس قدس سره، وفي منتصف شهر شعبان سنة 329ه- على رواية صاحب العوالم _ رحمه الله _ أو سنة 328ه- على رواية صاحب مدينة المعاجز رحمه الله، وقد كتب محمّد بن عليّ السمريّ _ بناءً على رواية محمّد بن يعقوب الكلينيّ إلى الناحية المقدّسة وطلب منه علیه السلام الكفن ليَعلم متى تقع وفاته، فخرج إليه التوقيع أنّك ستحتاج إليه في سنة 81ه-، وقد وصل إليه الكفن قبل وفاته بشهر، ومات السمريّ في يومه الذي أخبره به الإمام علیه السلام

ص: 56


1- الاحتجاج: 2/ 297

وقد طالت الغيبة الصغرى 74 سنة، وقد خرجت من الناحية المقدّسة خلال هذه المدّة تكاليف كافية شافية تدريجاً لكلّ من سيُولَد في زمن غيبته التامّة _ إلى إشراق شمس ظهوره صلوات الله عليه من أفق الرحمن _ كما أمر بتكاليف مخصوصة مضافاً إلى ما خرج من آبائه المعصومين علیهم السلام من وظائف لا مفرّ من الإتيان بها لمن يدرك زمن غيبته الكبرى.

ومنها: ما أمر به آباؤه الكرام صلّى الله عليهم أجمعين ما رواه في الاحتجاج عن عليّ بن محمّد أنّه قال: «لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم علیه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شبّاك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلّا ارتدَّ عن دين الله، ولكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ»(1)

ومنها: ما أمَر الإمام عجّل الله تعالى فرجه به الناس من التزامهم بقواعد دينهم من الأصول والفروع وكيفيّة العمل بها في زمن الغيبة التامّة في التوقيع الذي خرج إلى محمّد بن عثمان _ رضي الله عنهما _ في الجواب عن مسائل إسحاق بن يعقوب _ رحمه الله _ المروي في الاحتجاج وغيره من الكتب المعتبرة عند الإماميّة: «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنّهم حجَّتي عليكم وأنا حجَّة الله»(2)

ص: 57


1- الاحتجاج: 2/ 260
2- الاحتجاج: 2/ 283. الخرائج و الجرائح: 3/ 114. الغیبة (الطوسي): 291

فكما ترى أنّه علیه السلام قد أمرنا في الحوادث الواقعة في زمن غيبته التامّة بالرجوع إلى رواة أحاديثهم الذين يعرفون معاريض كلامهم ويفقهون معارف مرامهم سلام الله عليهم وقد جعلهم حجّةً علينا، فمن رجع إليهم في أمر دينه نجى، ومن خالفهم هوى، ومن أعرض عنهم أعرض عن حجّة الله فلا يجد نفسه إلّا هالكاً.

ص: 58

تكليف 2 في معرفة العلماء الأبرار، والفقهاء الأخيار --- كثّرهم الله تعالى --- .

فمن جملة تكاليف الأنام بعد معرفة شخص الإمام عليه الصلاة والسلام هي معرفة رواة أحاديثه وحملة أخبار آبائه أهل البيت المعصومين علیهم السلام واتّباعهم، ولا شكّ أنّ مراتبهم مختلفة ودرجاتهم متفاوتة، وأنَّ الإيمان والإقرار بهم فرض لازم، وأنَّ تقليد أحدهم واتّباعه ممّا لا مفرَّ منه، وإن أردنا في المقام استقصاء الكلام في بيان صفاته أعني صفات الراوي لأحاديثهم، الفقيه لمعاريض كلماتهم، والمتفقِّه لمعارف أخبارهم عِلماً وعَملاً خرجنا عمَّا وضع له الكتاب بل إنّما ذلك يستدعي وضع كتاب مستقلّ يبلغ عدد أبياته الآلاف، وناهيك في المقام الإشارة إلى ذلك المرام فنقول: إنّه ينبغي للمؤمن ألّا يتّبع كلّ ناعق وينخدع بمن ينتحل هذا المنصب العظيم أعني منصب الفضل والتقوى بل لا بُدَّ أنْ يكون من يريد اتّباعه عالماً بما يعمل، عاملاً بما يعلم، وعادلاً ومخلصاً لله ديناً _ وإن كان المخلصون في خطر عظيم _ وسالكاً سبيل محمّد وآل محمّد لا موافقاً لسيرة الملوك وأبناء الدنيا كما ترى كثيراً

ص: 59

منهم على هذه الوتيرة سائرون، وسيأتي منّا في آخر الرسالة بسط الكلام في هذا المرام إنْ شاء الله.

فإنَّ مثله مثل قطعة ألماس بين قراضة بلّورات منكسرة حيث لا يمكنك تمييزها عن غيرها إلّا بالرجوع إلى أحد أهل الخبرة، فإنّه بسبب خبرويّته متمكّن من تمييزها بمجرّد إلقاء النظر إليها، بل يمكنه تقييمها بالدراهم والقناطير، فيا أيّها الأخ العزيز إنْ لم تكن من أهل الخبرة «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون»(1)

ص: 60


1- النحب: 43 الانبیاء: 7

تكليف 3 في تحصيل حالة المراقبة تجاه إمام العصر أرواحنا فداه

فاعلم أنَّ من أصعب التكاليف المقرّرة وأحمزها في عصر غيبة إمام العصر عجّل الله فرجه إنّما هي حالة مراقبة النفس مع الله جلّ جلاله، وكيفيّتها في الرياضات الشرعيّة مدوّنة في كتب أصحابنا الإماميّة، وقد بسطنا الكلام في ذلك في كتابنا الموسوم ب-: (خرابات) بسطاً عظيماً، ونظير ذلك المراقبة لجانب إمام العصر أرواحنا فداه، ومعنى هذه المراقبة هو أنْ تراقب إمامك عجّل الله فرجه في جميع تصرّفاتك وأفعالك، وكافّة أعمالك وأقوالك، وأنْ تعلم علم اليقين أنَّه علیه السلام معك أينما كنت، وليس غافلاً عن حالك طرفة عين أبداً كما سبقت إليه الإشارة، فافترض أنَّ لك شيخاً مرشداً نال بكثرة الرياضات الشَّاقَّة مقامات إلهيّة بحيث إنَّه اطّلع على أغلب شوؤنك الخياليّة والباطنيّة وقد جالَسته وآنسته برهة من الزمن فأنشدك بالله لاحِظ كيف تراقبه في أعمالك وأقوالك _ ظاهراً وباطناً _ وكيف تماسك نفسك لئلا يصدر منك ما يخالف الآداب أو ما يناقض العادات من قعودك وقيامك وفعالك وشرابك

ص: 61

وطعامك وصلاتك وطاعتك وحضور قلبك ظاهراً وباطناً غياباً وشهوداً، وكيف تتكلّف في اختيار محاسن الأخلاق ومصالح الأعمال والمجانبة عن مَساوي الأفعال طوعاً أو كُرهاً مخافة أن لا يقع منك خلاف ميوله ظاهراً أو باطناً، فيصيبك ملامته وشناعته، ويزهد فيك فيترك مصاحبتك ومجالستك، أو تنحطّ مرتبتك لديه.

شهد الله أنّ جلّ الناس في عصرنا هذا لا يرون لإمام زمانهم أرواح العالمين فداه ما يرون لهذا المرشد من الشوؤن، ويزعمون أنَّه عجَّل الله فرجه غير مطّلع على أحوالهم الظاهريّة وحالاتهم الباطنيّة لأنّه عن أنظارهم الكثيفة محجوبٌ ووراء ستر الغيبة محبوسٌ، والحال أنّه حاضر في الأمصار، وناظر في الأفكار، وغائب عن الأبصار.

وقد قال في التوقيع الرفيع إلى الشيخ السديد المفيد رضوان الله تعالى عليه: «فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم»(1) ، وفي موضع آخر: «وإنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم البلاء واصطلمتكم الأعداء..»(2) .

وقد خاطبه المعصوم في دعاء اليوم الثالث عشر من شهر رمضان المبارك بقوله: «اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد وادفع عن وليّك وخليفتك ولسانك والقائم بقسطك والمعظِّم لحرمتك والمعبِّر عنك والناطق بحكمك وعينك

ص: 62


1- الاحتجاج: 2/ 323
2- المصدر نفسه

الناظرة وأذنك السامعة وشاهد عبادك وحجّتك على خلقك..»(1) .

ويظنّون أنّ إمامهم عجَّل الله فرجه لا يعلم أنّهم بأيّ عمل مشتغلون، وكيف يقضون أيّام دهرهم ولياليه، وبأيّ لعب ولهو آنسون مستأنسون، فتراهم كيف يفرّطون في جنبه أرواحنا فداه تفريطاً، ويقصرّون في حقّه تقصيراً، فيعصونه بكافّة أنواع المعاصي، بل يؤذونه بأقسام الأذى، فيأتون بما يوجب إعراضه صلوات الله وسلامه عليه ويستدعي اشمئزازه، فيصدر منهم في كلّ ساعة وآنٍ ما يورث همّ إمامهم وغمّه من قبائح الأعمال وشنائع الأفعال ورذائل الأخلاق، ومع ذلك كلّه يعتبرون أنفسهم من زمرة أتباعه وشيعته وأهل محبّته وولايته، ويدّعون الحبّ والمودّة والتشيّع والفداء، ولا يستحيون عن الله والرسول والأئمّة وإمام زمانهم سلام الله عليهم، ويزعمون أنّ إمامهم غافلٌ عن أفعالهم القبيحة راضٍ عن تصرّفاتهم الشنيعة.

وبالجملة: لو راعيت هذه المراقبة في جانب إمامك وفي كلِّ شأن من شؤونك لنلت مقامات لم يخطر على قلب بشر فلا يصدر منك عندئذ إلّا ما هو فيه رضاه فإنّ رضاه رضى الرحمن جلَّ جلاله.

فاعلم يقيناً أنّه لم ينل أحد من الأولياء درجة الولاية ولا أحد من الصدّيقين رتبة الصدّيقيّة ولا أحد من المخلصين مرتبة الإخلاص إلّا ببركة المراقبة فمن الحريّ بك والجدير أن تعرف ما هو عليك من التكاليف، وأنْ تراعي نفسك في جميع تصرّفاتك الباطنيّة والظاهريّة، وتعلم علم اليقين أنَّ الإمام علیه السلام شاهدٌ

ص: 63


1- اقبال الاعمال: 1/ 287

على جميع أعمالك وأفعالك وأقوالك، ولا تأخذه غفلةٌ عن حالك طرفة عين أبداً.

مضافاً إلى أنّه يتمّ عرض أعمالك طيلة الأسبوع على إمامك في كلّ يومَي الاثنين والخميس، وكذا على النبيّ وباقي أئمّة الهدى وأكثر ملائكة الرحمن سلام الله عليهم، فيطّلعون على حسنات أعمالك وسيّئاتها كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

ص: 64

تكليف 4 في تحصيل مقام الصدق واليقين بالنسبة إلى الإمام أرواحنا فداه

لمَّا ألزمتَ نفسك بالمراقبة فالتزمت، وسلكت مسالكها فاستقمت، فلا محالة يحصل لك مقام الأنس والاستغراق ويُشرِب قلبُك بحبّ إمامك وسيّدك ومولاك عجّل الله فرجه ولا بُدَّ حينئذ أن يكون حبّك من صميم قلبك، وليكن عشقك على سبيل الحقيقة لا على طريق المجاز، وأنْ تفنى في حبّ إمامك وولائه أرواح العالمين فداه بمثابة الحديدة المحماة التي تظهر منها آثار النار ببركة مصاحبتها ومماسّتها، وألّا تكون كاذباً في حبّك له، وإيَّاك أنْ تكون في حبّك كمَنْ ذكره السيّد ابن طاوس _ قدّس سرّه _ في كشف المحجَّة حيث قال لولده:

وأوصيك يا ولدي محمّد وأخاك ومن يقف على كتابي هذا بالصدق في معاملة الله جلّ جلاله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم وحفظ وصيّتهما بما بشرا به من ظهور مولانا المهدي علیه السلام فإنني وجدت القول والفعل من كثير من الناس في حديثه علیه السلام مخالفاً للعقيدة من وجوه كثيرة .

ص: 65

منها: انّني وجدت انّه لو ذهب من الذي يعتقد إمامته عبد أو فرس أو درهم أو دينار تعلّق خاطره وظاهره بطلب ذلك الشيء المفقود وبذل في تحصيله غاية المجهود، وما رأيت لتأخر هذا المحتشم عظيم الشأن عن اصلاح الاسلام والايمان وقطع دابر الكفّار وأهل العدوان مثل تعلّق الخاطر بتلك الأشياء المحقّرات ! فكيف يعتقد من يكون بهذه الصفات انّه عارف بحقّ الله جلّ جلاله، وحقّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ومعتقداً إمامته على الوجه الذي يدّعي المغالاة والموالاة لشريف معاليه .

ومنها : انّني وجدت من يذكر انّه يعتقد وجوب رياسته والضرورة إلى ظهوره وانفاذ احكام إمامته لو واصله بعض من يدّعي انّه عدو لإمامته من سلطان وشمله بأنعامه كان قد تعلّق خاطره ببقاء هذا السلطان المشار إليه وشغله ذلك عن طلب (المهدي) علیه السلام وعمّا يجب عليه من التمني لعزل الوالي المنعم عليه .

ومنها : انّني وجدت من يدّعي وجوب السرور بسروره والتكدّر بتكدّره صلوات الله عليه يقول : انّه يعتقد انّ كلّ ما في الدنيا قد أخذ من يد (المهدي) علیه السلام وغصبه الناس والملوك من يديه ومع هذا لا أراه يتأثر بذلك النهب والسلب كتأثره لو أخذ ذلك السلطان منه درهماً أو ديناراً أو ملكاً أو عقاراً، فأين هذا من الوقار ومعرفة الله جلّ جلاله ورسوله صلی الله علیه و اله ومعرفة الأوصياء؟!

فلمّا حصل لك ذلك المقام _ أعني مقام الأنس والاستغراق _ فلا ينبغي التساهل في أمرك والتغافل عن شأنك لئلّا يسبِّب بعض الأسباب الظاهريّة والباطنيّة الانفصال والانفكاك عن تلك الحالة فيزول عنك ذلك المقام، بل لا

ص: 66

بدّ لك من الاستقامة والاعتدال لكي تحصل لديك ملكة قدسيّة راسخة، فلمّا حصلت لديك تلك الملكة تكون مخلصاً له أرواحنا فداه في حبِّك بحيث تفنى وتضمحلّ في حبِّه، فإنَّ هذه الحالة لن تحصل بمجرّد القول واللسان، بل لا بدّ في حصولها من تخلية قلبك عن حبّ غيره وتحليته بحبّه لئلا تعدّ من زمرة هؤلاء الذين قال إمامك علیه السلام في شأنهم ما مضمونه:

والله لو بلوناكم لما وجدنا منكم من أخلص لنا حبّه.

بل تكون من جملة هؤلاء الذين قال الإمام علیه السلام في شأنهم:

لو ضربت المؤمن على خيشومه ما أبغضني، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضّة ما أحبّني(1) .

وبعدما ألزمت نفسك بالمراقبة فالتزمت وتنعّمت بها _ وما أحسنها نعمة المراقبة _ وصرت في حبّك له أرواحنا فداه خالصاً مخلصاً فلا محالة يسري هذا الأكسير الأحمر ويجري هذا الكبريت الأعظم في جوارحك الظاهرة وجوانحك الباطنة بحذافيرها فيجعلك كالذهب المصفّى، وحينئذ فعليك أنْ ترتقي وتعرج إلى مقام اليقين، وتبذل قصارى جهدك في سبيل تحصيل هذا المقام ولو بقدر شعرة ووبرة.

ولا يكاد يتمّ المقام السابق إلّا بانضمام درجة اليقين إليه، فكما أنَّ الشكّاك مردود مرغوب عنه كذلك من شكّ في مقام الولاء فلا يكون ممّن يحبّه الله عزّ وعلا ورسوله والأئمّة المعصومين علیهم السلام الذين هم خاصّة الله وخواصّه.

ص: 67


1- شرح الاخبار: 1/ 163

ص: 68

تكليف 5 في تمرّن محبّته وموالاته علیه السلام

اعلم أنَّه لو كان لديك ذوق سليم وفهم مستقيم إلّا أنّك لا تجيد العربيّة ولا تتقنها فمن جملة تكاليفك أن تمارس مشق محبّته وولائه علیه السلام بمختلف الأسباب، وأنْ تقرأ بعض كلمات العلماء العاملين وعبائر المحبّين الصادقين الذين كتبوا بعض مكنوناتهم القلبيّة على صحائف الأوراق، وخلّفوا بعض عوالم المحبّة ومعاني المودّة على هيأة الكتابة والترقيم كالأستاذ الأعظم(1) أدام الله ظلّه العالي على رؤوس الأداني والأعالي حيث قال في النجم الثاقب:

فلا يكون الانسان صادقاً بادّعائه بالوصول إلى درجة الإيمان هذه بمجرّد القول باللسان إلّا أن تكون محبّته لمواليه علیهم السلام كما قال رسول الل صلی الله علیه و آله_ على ما نقله الشيخ الصدوق في الأمالي، والشيخ الطوسيّ في الأمالي، وابن شيرويه في الفردوس _ :

ص: 69


1- و هو المحدث الجلیل المیرزا حسین النوري قدس سره

لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، وأهلي أحبّ إليه من أهله، وعترتي أحبّ إليه من عترته، وذاتي أحبّ إليه من ذاته.

قال: فقال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن! ما تزال تجيء بالحديث يحيي الله به القلوب(1) .

ولعلّ هذا المقام هو أوّل درجة الإيمان عندما تكون محبّته لمواليه علیهم السلام مثل محبّته لأخصّ أولاده وأقربهم وأكملهم عنده.

فالعارف بخصائصهم الذاتيّة وكمالاتهم النفسانيّة ونعمهم وإحسانهم اللامتناهي للعباد يصل _ بمقدار علمه ومعرفته _ أنّه لا يستحقّ أحد الحبّ في الخلق إلّا اُولئك المعظّمين علیهم السلام، وإذا كانت رؤيته لانتسابه وعلاقته _ وإن كانت جزئيّة _ بآل بيت الرحمة والعظمة . . وإذا شرب الإنسان في الواقع جرعة من شراب المحبّة السائغ لإمامه، وتعلّق قلبه بالفطرة والرياضة بوجوده المقدّس، فطبيعتاً سوف يكون مهموماً لفراقه بحيث يسلب النوم من عينه، وتسلب لذّة الطعام والشراب من فمه، وقد روي في الخصال ومن لا يحضره الفقيه عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال:

«خمسة لا ينامون _ إلى انّ عدّ منها _ والمحبّ حبيباً يتوقّع فراقه»(2).

وبالطبع فإنّ مثل هذا الشخص إذا ابتلي بالفراق فسوف يزداد همّه، ويكون قلقه غير محدود، ويزداد اضطرابه، وينسى لذّة النوم بالمرّة لفراق ذلك

ص: 70


1- الامالي (الشیخ الصدوق): 414
2- من لایحضره الفیقه: 1/ 503

الشخص الذي هو بهذه العظمة والجلالة والكثير الرأفة، والإحسان، والعطف، والذي هو أرحم من ألف أب حاضر وناظر، ولكنّه أخفي في ستر وحجاب من الحجب الإلهيّة بحيث لا تصل إلى أذياله يد، ولا تقع على جماله عين، ولا يأتي خبر من مقرّ سلطنته، ولا أثر عن محلّ اقامته ورحله، ويُرى كلّ دان ورذيل إلّا ذلك الذي لولاه لا يُرى أحدٌ، ويسمع كلّ لغو غير لائق وكلّ منكر إلّا ذلك الكلام الذي لولاه ما سُمِع كلام.

وروي في عيون أخبار الرضا علیه السلام في خبر متعلّق به علیه السلام أنّه قال علیه السلام: «كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسّف حيران حزين عند فقدان الماء المعين»(1) يعني الحجّة علیه السلام

وقد أشير إلى هذا المقام في فقرات شريفة من دعاء الندبة المعروف الذي يقرأ في الأعياد الأربعة ويوم الجمعة وليلته، ومحصّل مضمون بعضها بعد أن ذكر بعض أوصافه ومناقبه أرواحنا فداه:

ليت شعري أين استقرّت بك النوى، بل أيُّ أرض تقلّك أو ثرى، أبِرَضوَى أو غيرها أم ذي طوى . .

عزيز عليّ أن أرى الخلق ولا ترى، ولا أسمع لك حسيساً ولا نجوى..

عزيز عليّ أن تحيط بك دوني البلوى، ولا ينالك منّي ضجيج ولا شكوى..

بنفسي أنت من مغيّب لم يخل منّا..

بنفسي أنت من نازح ما نزح عنّا..

ص: 71


1- عیوم الخبار الرضا علیه السلام: 2/ 10

بنفسي أنت أمنيّة شائق يتمنّى من مؤمن ومؤمنة ذكر فحنّا..

عزيز عليّ أن أبكيك ويخذلك الورى ..

عزيز عليّ أن يجري عليك دونهم ما جرى ..

هل من معين فاُطيل معه العويل والبكاء ..

هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا..

هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى ..

هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى ..

هل يتّصل يومنا منك بغده فنحظى..

متى نرد مناهِلك الرويّة فنروى..

متى ننتقع من عذب مائك فقد طال الصدى..

متى نغاديك ونراوحك فنقرّ عيناً..

متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر.. إلى آخر الدعاء(1)

وهو نموذج لشكوى ألَم القلب الذي شرب كأساً من عين محبّته علیه السلام، وينبغي أن يُشتكى بأمثال هذه الكلمات، ويُصبُّ على نار هجرانه كفّ من ماء الوجد(2)

ص: 72


1- المزار (محمد بن جعفر المشهدي): 580
2- النجم الثاقب: 2/ 434

تكليف 6 في سهر ليالي الدهر تأسّياً به أرواحنا فداه نجوى المحبَّة ونغمة المودَّة

اعلم أنَّ من جملة تكاليف الأنام في عصر غيبته عليه الصلاة والسلام لمن تجرَّع من كأس حبِّه جرعة، وارتدى رداء رِقّيّته، وغضَّ بصره عمّا سواه إنّما هو أن يسهر لياليه ويداوم على ذكر إمامه، ويتَّكأ على سرير مناجاته بما يختبئ في ضميره من المكنونات القلبيّة والأسرار الباطنيّة.

فانتبه أيُّها النائم الغافل، وتنبَّه أيُّها السكران الجاهل، وتذكّر غيبة إمام العصر والزمان، وتدبَّر بُعدك من حضرة ذلك السلطان، وتأمّل في مدّة الفرقة والهجران، وقُلْ ما قال بعض المحبّين العاشقين بل الكاملين الواصلين في بعض تدويناته لهجعة النائمين وبهجة العاشقين في كتابه المسمّى ب-: (دار السلام) _ على مؤلّفه آلاف التحيّة والسلام _ ثمّ يرى أن لا طريق له إلى مولاه الذي إليه ينتهي المكارم ومنه يبتدأ الفوائد والغنائم، ولا سبيل له إلى مقدّس

ص: 73

حضرته، ولا علم له بموضع ضعنه وإقامته، قد ضربت بينه وبين مستقرّه المطهَّر أستار لا تهتك، وحيل بينهما بحار وقفار لا تسلك، أسدلت دون حمى حرمه الشريف الحجب الإلهيّة لا ترتفع بالأماني والآمال، وأُرخيت دون ظلال قصره المنيع كلل تقصر عن الوصول إليها الأيدي ويكل الخبال، فهيهات من لقيا حبيب تعرّضت لنادون لقياه مهامةٌ، بيد هذا والجور قد مدّ باعه، وأسفر الظلم ذراعه، وعطّلت الحدود والأحكام، وأُخفيت معالم الدين وشرائع الإسلام، هجمت جنود الأبالسة على ثغور الشريعة، وصارت أذلّ الطوائف عصابة الشيعة، تعضّهم من كلّ ناحية كلاب عاويات، وترضّهم عساكر الكفر والنفاق بخيول عاديات، صار المعروف أشدّ المنكرات والمنكر معروفاً لا قبح فيه عند البريّات، أقبلت الفتن من كلّ جانب، وأظلمت نور الحقّ شبهات الأجانب، لا يمكن تحصيل ما بقي من الدين إلّا بجهد كثير وعناء، وصار حفظ ما وجد منه أصعب من استمساك جمر الغضاء

تكشف تلك الكروب لو بدى نور وجهه من حجب الغيوب، وتحترق جموع الشياطين وشبهات المعاندين لو أشرقت بضياء طلعته المباركة ظلمات الأرضين، لكاد يتفتّت قلبه ويطير لبّه ويتشعّب فكره، فكيف بأن يسلتذّ طيب المنام وتهجع عينه ونار الفراق كلّ يوم في اضطرام، وفي الإكمال عن سدير الصيرفيّ قال:

« دخلت أنا والمفضّل بن عمر، وأبو بصير، وأبان بن تغلب على مولانا أبى عبد الله الصادق علیه السلام فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا

ص: 74

جيب، مقصّر الكمّين، وهو يبكي بكاء الوالهة الثكلى، ذات الكبد الحريّ، قد بان الحزن وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأملت الدموع محجريه وهو يقول: سيّدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد بفناء الجمع والعدد، فما أحسن بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلّا مثل لعيني عن غوائل أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها ونوائب مخلوطة بقضائك، ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظنّنا أنّه أسمت لمكروهة قارعة، أو حلّت به من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك من أيّة حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك، وأيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم.

قال: فزفر الصادق علیه السلام زفرةً انتفخ منها جوفه، واشتدّ عنها خوفه، وقال: ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خصّ الله به محمّداً والأئمّة من بعده علیهم السلام، وتأمّلت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله تقدّس ذكره: «وَ كُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ»(1) يعني الولاية، فأخذتني

ص: 75


1- سوره الاسراء: 13

الرقّة، واستولت عليّ الأحزان(1) .

فإذا كان هذا حال الإمام علیه السلام في حزنه على ما يرد على الشيعة في غيبته فبالحريّ للمؤمن المبتلى بتلك الهلكة أن يطول حزنه، ولا ينام في ليلته، ويتأسّف دائماً في غيبة إمامه، ويتحسّر لفراقه في آناء ليله وأطراف أيّامه، ويناجي ربّه تارةً ويقول: اللهم أنت كشّاف الكروب والبلوى، وإليك أستعدي فعندك العدوى، وأنت ربّ الآخرة والأولى، فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك، وأره سيّده يا شديد القوى، وأزل عنه به الأسى والجوى، وبرّد غليله يا من على العرش استوى، ويخاطب إمامه أخرى ويقول: ليت شعري أين استقرّت بك النوى، بل أيّ أرض تقلّك أو ثرى، أبرضوى أو غيرها أو ذي طوى .. إلى أن قال أدام الله ظله:

نرى يدك ابتلت بقائمة الغصب *** فحتى م حتى م انتظارك بالضرب

اطلت النوى فاستنامت مكرك العدى *** وطالت علينا فيك السنة النصب

الى م لنا في كل يوم شكاية *** نثج بها الاصوات ثجىً من الندب

هلم فقد ضاقت بنا سعة الفضاء *** من الضيم والاعداء امنة السرب

وفيت وعهدي ان عزمك لا يني *** ولكنما قد يربض الليث للوثب

احاشيك من غض الجفون على القذاء *** وان تملأ العينين نوما على الغلب

متى ينجلي ليل النوى عن صبيحة *** نرى الشمس فيها طالعتنا من الغرب

وفيلقك الجرار غصت بخيله *** رحاب الفيا في الملس والاكم الحرب

ص: 76


1- کمال الدین و تمام النعمة: 353

عليها كماة عيدها الحرب افزعت *** سوابغ داود على اسد غلب

فديناك ادركنا فان قلوبنا *** تلظى الى سلسال منهلك العذاب

متى تشتفي منك القلوب بسطوة *** تدير على اعدائك ارحية الحرب

فقم واملأ الدنيا فدائك اهلها *** بعدل تقيل الشاة فيه مع الذئب

واعطف علينا برد عطفك سائسا *** امور جميع الخلق بالعزل والنصب

ودم قاضيا حق العل بعزائم *** تهب هبوب الريح في المشرق والغرب

ولاحت فارضت من يواليك وانثنت *** بسخط على من يواليك منصب

أقول: هذه القصيدة من الشيخ العالم الفاضل الشيخ عبد الحسين الأعصم علیه السلام فهي قصيدة طويلة.

ويخاطب نفسه مرّة ويقول: ويحك يا نفس إن كنت قد حرمت من النظرة إلى تلك الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة، ومنعت عن الاقتباس من أنوار علومه الإلهيّة وحكمته المحمّديّة بمرأى من الناس ومسمع منهم ومحضر من الخلق ومشهد لهم لمصالح وحكم يدور عليها نظام العالم، لكن أبواب الوصول إليه مفتوحة، ومناهل الظماء لديه مترعة، دخلها قوم لم يسلكوا غير طريقهم، وشرب منها زمرةٌ لم يشربوا من غير إنيّتهم، فأرجعي البصر كرّتين تراهم بين الناس مختفين، وقد أشرنا إلى بعضهم في مطاوي هذا الكتاب، ولعلّ الله يوفّقنا لاستقصاء جماعة منهم في رسالة منفردة تحنّ إليها قلوب أولي الألباب.

فلو شابهتهم في الأعمال والأقوال وصرت كأحدهم في الأفعال والأحوال

ص: 77

كنت معهم عند تقسيم هذا النوال، لكنّك تدثّرت بجلباب أعدائه وأنخت راحلتك بغير فنائه، تصبحين وتمسين ولا يجري ذكره على قلبك ولسانك وتبتغين مرضاة ربّ العالمين وفضله ولا تقدّمه في أمامك فاتّخذته ورائك ظهريّاً فكأنّه علیه السلامصار نسيّاً منسيّاً، فصرت محرومة من خصائص لطفه ونفحات رحمته، فابك طويلاً فقط عظم المصاب وطال العذاب وإلى الله المشتكى من اتّصال الغفلة وسوء المآب.

ص: 78

تكليف 7 في المسألة من الله تعالى الثبات والاستقامة على العقائد الحقّة، وعلى سائر المقامات والحالات تجاه الإمام عليه الصلاة والسلام

فاعلم أنّك لمَّا نلت هذا المقام واستقررت على هذا المرام فعليك بدوام التضرّع والابتهال على باب حضرة الأحديّة جلَّ جلاله، تسأله برحمته الواسعة أنْ يوفّقك لثبات قدمك في هذه المقامات، بل يمنحك الرسوخ في أمرك، وألّا يسلب عنك هذه النعمة العظمى والموهبة الكبرى، وأن يسدّدك في نصرة إمامك علیه السلام في غياهب ظلمات غيبته ومشارق صبيحة ظهوره عجّل الله فرجه لئلا يستبدلك بغيرك كما في دعاء زمن الغيبة وغيره: «ولا تستبدل بنا غيرنا فإنَّ استبدالك بنا غيرنا عليك يسير وهو علينا كبير»، فتكون بمنزلة مَن مرق من دينه كما يمرق السهم من الرميّة فإنّ استبدالنا بغيرنا على الله يسير وعلينا كبير، فنرجو الله سبحانه وتعالى أنْ يثبّت قدمك ببركة وجوده ووجود آبائه الكرام سلام الله عليهم، بهم يمحو الله ما يشاء وبهم يثبت.

ولا أظنُّ أنَّ من كان خالصاً مخلصاً لإمامه في العقيدة والولاء، وعلم الله

ص: 79

تعالى منه الصدق والوفاء أنْ يسلب عنه هذه النعمة العظمى، اللهم إلّا أنْ يكون في عقيدته خلل وخطل، وأنْ يكون إيمانه بالله ورسوله والأئمّة صلّى الله عليهم مستودعاً غير مستقرّ.

والذي برأ النسمة وفلق الحبّة أنَّك لو تدبّرت في هذه المسألة بعين الحقيقة لحرم عليك الطعام والمنام، ولخرجت إلى الفلوات والصحاري النائية عن أغيار الأنام، ولألقيت التراب على رأسك، ولقلت ما قال أعاظم دينك من قولهم: يا ليتنا كنّا طيوراً نطير في الأفضيّة أو أغناماً نرتع في المراتع والأوديّة، ويا ليتنا لم تلدنا أمّهاتنا لئلا نقصّر في هذه التكاليف المُقرَّرة.

ص: 80

تكليف 8 في تجديد الميثاق مع الله والرسول والأئمّة الطاهرين صلّى الله عليهم أجمعين

اعلم أنَّ من جملة تكاليف الأنام في كلّ يوم من أيّام عصر غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنَّما هو تجديد ما أُخذ عليهم من الميثاق على وحدانيّة الله عزّ وعلا ونبوّة خاتم الأنبياء وولاية أئمّة الهدى سلام الله عليهم، وعرض العقائد الحقّة على الله ورسوله والأئمّة الميامين سلام الله عليهم أجمعين، والثناء عليهم بالطهارة عن الأرجاس والأدناس، وطلب الاستدامة والاستقامة على تلك العقائد، فإنَّ مسألة تجديد العهد والميثاق وعرض العقائد في كلِّ يوم مضافاً إلى كونها من المُستحبَّات التي حثّ عليها في الشريعة الغرّاء إنّما لها محسّنات ظاهريّة وباطنيّة لا حاجة ماسّة إلى بيانها، نعم نذكر في المقام كيفيّة سلوك هذا الأمر وطريقته لتكون على بصيرة في أمرك رجاءَ أنْ يحصل لك ببركة هذه الأسباب والوسائط والطرق المقرَّرة التقرُّب إلى الله والزلفة لديه، وأنْ تنال بصدق الإخلاص وزاد العلم والتقوى منزلك الحقيقي.

فألق السمع جيّداً إلى ما أتلو عليك: اعلم أنَّك لمَّا عرفتَ واستيقنتَ أنَّك

ص: 81

لم تزل ولا تزال تكون في مرأى إمامك أرواحنا فداه ومسمع منه وإنْ لم تستشعر حسب الظاهر بحضورك بمقدّس حضرته ولا تراه بعينك ولا تطّلع على أحواله عجّل الله فرجه إلّا أنَّه علیه السلام يراك وأنت بحضرته الساميّة في كلّ آنّ ومكان، ولا يعزب عنه شيء من أمورك الظاهرة وشؤونك الباطنة، فعليك بعد تحصيل معرفته علیه السلام أنْ تكون في خدمته دائماً وتظهر له بمختلف الأسباب والوسائط حسن خدمتك، وتبرز له الرقّيّة والعبوديّة قلباً ولساناً وجناحاً ومالاً، وينقسم هذا التكليف إلى أقسام سنبيّن كلّاً منها تحت عنوان تكاليف عديدة بحول الله تعالى وقوّته.

ص: 82

تكليف 9 في ترك اتّباع كبوات الهوى وعدم الاستبداد بالرأي

اعلم أنَّ من معاني المراقبة والمعاهدة هو أنْ لا يتّبع العبد كبوات هوى نفسه، بل يؤثر هوى مولاه على هوى نفسه، ألا ترى أنَّه لو أرسله مولاه إلى تنفيذ أمر من أوامره وقد كلَّفه بتكاليف عدّة وأمره بعدم مخالفته لها بل فرض عليه الالتزام التامّ بتلك التكاليف في آناء ليله وأطراف نهاره عند توطّنه في أيّ موطن تستقرّ به النوى العمل على مقتضاها ثمّ حذّره بأنَّك لو خالفت تلك التكاليف وسلكت سبيل هواجسك النفسانيّة وخيالاتك الواهية سيضيق خناقك بمصائب عظيمة وتبتلى برزايا أليمة وتشرف على شفا جرف المهالك، وتصير نفسك ومالك في عرضة الإبادة والفناء، فتخسر آخِرتَك ودنياك، لا ينبغي له أن يستغلّ غيبة مولاه ويتّبع هوى نفسه ويتغافل عمّا كلّفه به مولاه ويستبدّ برأيه في جميع أموره وشؤونه لما يرى نفسه من أولي الألباب وذوي الأصول والآداب، فلا يبالي بما يأتي به من قبائح الأفعال وشنائع الأقوال ضرورة أنّ هذا الاغترار لا يورث إلّا خسارة الدارين ولا يخلّف إلّا الندامة في

ص: 83

النَّشْأَتَيْنِ، فإذن لا محيص له من أنْ يترك الاستبداد بالرأي، ويمسك يده عن العمل بمقتضى استنباطاته التي لا منشأ لها إلّا الهواجس النفسانيّة، وبموجب اجتهاداته التي لا مأخذ لها إلّا الوساوس الشيطانيّة، ويتآمر بما أمره به مولاه ويتناهى بما نهاه عنه، ويقدّم إرادة مولاه في جميع أحواله وشؤونه حذو النعل بالنعل رجاءَ النيل إلى منتهى مناه، والفوز بمرضاة المولى في منقلبه ومثواه.

ص: 84

تكليف 10 في عدم الخلود إلى النوم شوقاً إلى فرحة تلاقه ورؤية طلعته الرشيدة أرواحنا فداه

إذا عرفتَ ما تلوناه عليك وعزمت أن تسلك في جميع أحوالك وشؤونك سبيل ميول مولاك وتُؤْثِر هوى نفسك على هواه وألّا تتغافل في جميع آناء ليلك وأوقات نهارك عن حضرة مولاك وألّا تتجاهل ما افترضه عليك وتجعل هذه الكلمة أعني: «مقدِّمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كلِّ أحوالي وأموري»(1) نصب عينيك، وأنْ تنشده بالله أنْ يجعل أوقاتك في الليل والنهار بذكره معمورة، وبخدمته موصولة، وأعمالك عنده مقبولة، حتّى تكون أعمالك وأورادك كلّها ورداً واحداً، وحالك في خدمته سرمداً.

فاعلم أنَّك لمَّا عزمتَ على الخلود إلى مضجعك عليك أنْ تقرأ بعض الدعوات والأذكار والسور القرآنيَّة التي دوَّنها أصحابنا الإماميّة قدّس الله أسرارهم في كتبهم التي صنّفوها في الآداب والسُّنن وأنْ تنتخب من تلك

ص: 85


1- زیارة الجامعة الکبیرة المزار (محمد بن عفر المشهدي): 531. و مفاتیح الجنان (عربي): 788

الأدعيّة والأذكار والأوراد ما ورد فيه اسم مولانا وسيّدنا بقيّة الله في الأرضين والسموات أرواحنا فداه تلويحاً أو تصريحاً وإنْ كان وجوده كآبائه المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين تمام روح الكتاب والسنّة ففي زيارة السرداب المقدّس: «أشهد أنَّ بولايتك تقبل الأعمال وتُزكَّى الأفعال وتُضَاعَف الحسنات وتمحى السيِّئات الدعاء»(1) ، وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام: «إنّ الله تجلّى لعباده في كلماته ولكن أنتم لا تبصرون»(2)

ومن تلك الأدعيّة ما روي عن أمير المؤمنين علیه السلام في الخصال وسائر الكتب المعتبرة أنّه قال: «إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليقل: بسم الله وضعت جنبي لله على ملّة إبراهيم ودين محمّد وولاية من افترض الله طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن»، ثمّ قال: «فمن قال ذلك عند منامه حفظ من اللص والمغير والهدم، واستغفرت له الملائكة»(3)

وفي ثواب الأعمال عن عن جابر قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام(4) يقول: «من قرأ بالمسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم علیه السلام، وإنْ مات كان في جوار النبيّ صلی الله علیه و آله»(5)

ومن البيّن أنَّ من تكون طاعته مفترضة في أيّام الغيبة الكبرى إنَّما هو

ص: 86


1- المزار (محمد بن جعفر المشهدي) 587 و مفاتیح الجنان (عربي): 757
2- التوحید: 45 ضمن ح 4 باسناده عن اسحاق بن غالب
3- الخصال: 631 تحف العقول عن آل الرسول: 120
4- في الاصل: «عن الامام الصادق» و ما اثبتناه یوافق المصدر
5- ثواب الاعمال: 119 ثواب قراءة سورة التغابن

إمامك إمام العصر أرواحنا فداه فلا بدّ أن تقصد إليه ظاهراً وباطناً في كافّة شؤونك حتّى منامك، فليكن ذلك أيضاً بإذنه ورضاه.

وكذا ادعُ بما رواه ابن طاوس قدس سره في فلاح السائل عن الإمام أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام: «من قال إذا آوى إلى فراشه: اللهم إني أشهدك انك افترضت عليّ طاعة علي بن أبي طالب والأئمة من ولده ويسمّيهم واحدا بعد واحد حتى ينتهى إلى الإمام الذي في عصره علیه السلام ثم مات في تلك الليلة دخل الجنة»(1)

ومن الواضح أنَّ إمامك في هذا الزمان إنّما هو الحجّة الثاني عشر الغائب عن الأنظار عجّل الله فرجه فعليك أن تسمّي الأئمّة كلّهم واحداً تلو آخر إلى أن تنتهي إلى إمام العصر والزمان صلّى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وأنْ تكون حينئذ متذكّراً بافتراض طاعتهم ومعترفاً بوجوب اتّباعهم علیهم السلام حيَّاً وميِّتاً، وأن تُشهد الله على أنَّك تأوي إلى فراشك مطيعاً لسيّدك ومولاك عجّل الله فرجه فإنَّ طاعته طاعتك فقل: يا إلهي إنْ قدّرت لروحي المماة أو منحتها الحياة تكن مطيعةً لك، معترفةً بولايته صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين.

ص: 87


1- فلاح السائل: 275

ص: 88

تكليف 11 في آداب الاستيقاظ من الرقدة على ذكره أرواحنا فداه

لمّا استيقظت من النوم فاقتد بالنبيّ واسجد لله سجدة الشكر على أنَّه منحك من مراحمه ومكرماته وبيمن وجود إمام العصر علیه السلام حياة مستجدّة ولم يقبض روحك في منامك، بل بعثك من مرقدك على حبّك وولائك لمواليك، وقد كنت ناوياً أن تقضي نهارك وليلك على حبّهم وولائهم علیهم السلام، ولا شكّ أنَّ هذه التفضّلات إنَّما هي تفيض عليك من الفيَّاض المطلق ببركة وجود إمام العصر أرواحنا فداه.

ثمّ ارفع رأسك عن السجود فادع الله بما روي في الكافي وغيره عن الإمام أبي عبد الله علیه السلام: «الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي لأحمده وأعبده»(1) ، وفي رواية أخرى أنّه قال علیه السلام: «كان رسول الله صلی الله علیه و اله إذا قام من نومه قال: الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور»(2)

ص: 89


1- الکافی: 2/ 538 ب الدعاء عند النوم والانتباه ح 12
2- الکافی: 2/ 539 ب الدعاء عند النوم والانتباه ح 16

ثمّ تتوجّه نحو إمام العصر عجّل الله فرجه وتقول ثلاثاً: «صلّى الله عليك يا صاحب الزمان ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي أحياني بولايتك وولاية آبائك الطاهرين».

وإذا سمعت صوت الديك توجّه إلى إمامك أرواحنا فداه وقُل ما ورد من ذكره في الحديث من أنَّه ينادي: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً سيّد النبيّين وأنّ وصيّه سيّد الوصيّين وأنّ الله سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح»(1) ، فلا تتثاقل في ذلك ولا تتكاسل، ولا تكن أقلّ منزلةً وأدنى مرتبةً من الديك، فلا ينبغي أنْ يذكر الله ورسوله وأئمّة الهدى صلّى الله عليهم أجمعين وأنت غافل غير مدّكر.

ثمّ تنظر في آفاق السماء وتتوجّه إلى إمامك وتدعو الله بما روي عن الإمام أبي عبد الله علیه السلام:

«سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً، وَ جَعَلَ فِيها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراً، وَ جَعَلَ لَنَا نُجُوماً قِبْلَةً نَهْتَدِي بِهَا إِلَى التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ؛ اللَّهُمَّ! كَمَا هَدَيْتَنَا إِلَى التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ وَ إِلَى قِبْلَتِكَ الْمَنْصُوبَةِ لِخَلْقِكَ، فَاهْدِنَا إِلَى نُجُومِكَ الَّتِي جَعَلْتَهَا أَمَاناً لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ حَتَّى نَتَوَجَّهَ بِهِمْ إِلَيْكَ، فَلَا يَتَوَجَّهُ الْمُتَوَجِّهُونَ إِلَيْكَ إِلَّا بِهِمْ، وَ لَا يَسْلُكُ الطَّرِيقَ إِلَيْكَ مَنْ سَلَكَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَ لَا لَزِمَ الْمَحَجَّةَ مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُم»(2)

ومن المعلوم أنَّ النجوم التي هي أمان لأهل الأرضين والسموات إنَّما هم

ص: 90


1- التوحید: 282 بیانه في ادلة توحید الصانع ح 10
2- بحار الانوار: 84/ 186 الباب الحادی عشر آداب القیام الی صلاة اللیل والدعاء عند ذلک ح 1

أئمّة الهدى سلام الله عليهم أجمعين، ويؤيّد ذلك ما ورد في التوقيع الرفيع الذي خرج على يد محمّد بن عثمان العمريّ رضوان الله عليه في الجواب عن مسائل إسحاق بن يعقوب كما رواه صاحب الاحتجاج رحمه الله عن شيخ مشايخنا الكلينيّ قدس سره: «وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء»(1)

ثمّ تستاك وتتوضّأ وتتعطّر ليتضاعف أجر صلاتك أضعافاً مضاعفةً، ولا بُدَّ أنْ تتوجّه إلى إمامك أرواحنا فداه في جميع آداب السواك والوضوء وسننهما وأدعيّتهما.

لمؤلّفه:

ايا سلاله طه نتيجه لولاک *** منم كه كمترم اندر بَرَت زچوب اراک

چرا که نام من اندر زبان نمی آری *** ولیک در دهن توست روز وشب مسواک

ثمّ تقوم إلى صلاة الليل وتقول: «بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَإِلَى اللَّهِ وَ مِنَ اللَّهِ وَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ زُوَّارِكَ وَ عُمَّارِ مَسَاجِدِكَ وَ افْتَحْ لِي يَا رَبِ بَابَ تَوْبَتِكَ وَأَغْلِقْ عَنِّي بَابَ مَعْصِيَتِكَ وَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي جَعَلَنِي مِمَّنْ يُنَاجِيهِ اللَّهُمَّ أَقْبِلْ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ جَلَّ ثَنَاؤُك»(2)

ومن الواضح أنَّ المراد من إقبال الله بوجهه إنَّما هو وجه الله تعالى أعني

ص: 91


1- الاحتجاج: 2/ 284
2- تهذیب الاحکام: 2/ 123 باب کیفیتة الصلاة و صفتها و شرح الاحدی و خمسین رکعة و ترتیبها و القراءة فیها و التسبیح في رکوعها و سجودها و القنوت فیها و المفروض من ذلک و المسنون ح 235

أنوار محمّد وآل محمّد الطيّبة كما تواترت به الروايات، فإنَّ التوجُّه إليهم علیهم السلام إنَّما هو التوجُّه إلى الله سبحانه وتعالى، ولا تقبل طاعة عبد ولا عبادته إلّا بالتوجّه إلى تلك الأنوار المقدّسة علیهم السلام وإلّا فغير ذلك مطرود مردود.

ويؤيّد ذلك دعاء التوجّه المرويّ في فقه الرضا علیه السلام، ويستحبّ قراءته قبل الإتيان بصلاة الليل:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَ بِالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ آلِ طه وَيَاسِينَ وَ أُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي كُلِّهَا فَاجْعَلْنِي بِهِمْ وَ جِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي بِهِمْ وَلَا تُعَذِّبْنِي بِهِمْ وَارْزُقْنِي بِهِمْ وَ لَا تَحْرِمْنِي بِهِمْ وَاهْدِنِي بِهِمْ وَ لَا تُضِلَّنِي بِهِمْ وَارْفَعْنِي بِهِمْ وَ لَا تَضَعْنِي وَاقْضِ حَوَائِجِي بِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيم (1)

ثمّ تدعو بما روي في الكافي عن الإمام أبي عبد الله علیه السلام:

«إذا قام أحدكم فليقل: سُبْحَانَ رَبِّ النَّبِيِّينَ وإِلَه الْمُرْسَلِينَ ورَبِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، والْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وهُوَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فإنَّه إذا قال ذلك يقول الله تبارك وتعالى: صدق عبدي وشكر»(2)

وقد فسَّر العلَّامة المجلسي عليه الرحمة والرضوان قوله: «المستضعفين» بالأئمّة علیهم السلام، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: «وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ»(3)

ص: 92


1- فقه الرضا: 138
2- الکافة: 2/ 538 باب الدعاء عند النوع والانتباه ح 11
3- سورة القصص: 5 لاحظ: بحار الانوار: 84/ 187

تكليف 12 في كيفيّة إقامة صلاة الليل والإقبال عليه أرواحنا فداه بالجنان

ومن جملة التكاليف المقرّرة عند إقامة صلاة الليل إنّما هو أنْ تتوجّه نحو إمامك عجَّل الله فرجه عند افتتاح واختتام كلّ ركعتين منها، وتدعو بما ورد من الأدعيّة الماثورة منها ما روي في مصباح المتهجّد: «اللهم إنِّي أسألك ولم يُسأل مثلك» إلى قوله: «و أنْ تُعجِّل فَرَجَ وليّك وابن وليّك و تُعجِّل خزي أعدائه»(1)

فينبغي أنْ تتوجَّه إليه أرواحنا فداه وتسأل الله تعجيل فرجه وتلعن أعدائه، وكذا في قيامك وركوعك وقعودك وسجودك، وتصلِّي عليه حين اشتغالك بالأدعيّة والمناجاة، وتقدِّمه علیه السلام في الدعاء على أقاربك وجيرانك وعلى طلب حوائجك الدنيويّة ومآربك الأخرويّة، وتجعله أحبّ الخلق إليك وأعزَّهم لديك، وتختم دعواتك بالدعاء له، وتلتفت إليه بأنَّه حين إقامتك صلاة الليل يكون مشتغلاً بالصلاة والتضرّع والابتهال في أيِّ بقعة من بقاع الأرض، وتداوم

ص: 93


1- مصباح المتهد: 140

بالصلاة والسلام عليه، وتستشفع به إلى الله عزّ سبحانه وبهر برهانه في قضاء حوائجك الدنيويّة والأخرويّة، وألّا تكون كمن تحجب صلاته وسلامه منه علیه السلام فلا يعرّج ويمرّ بك مرور الكرام _ معاذ الله _ فإنَّه يسمع مناجاتك، ولا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه شيء من حمدك وثنائك وصلواتك وسلامك.

إي والله إنّه سامع السرّ والنجوى، وهو الذي قال في التوقيع الذي خرج إلى الشيخ السديد المفيد رضوان الله عليه: «فقد كنّا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه»(1)

وتدعو في قنوت الوتر بما يتضمّن الصلاة والسلام عليه، والدعاء لتعجيل فرجه واللعن على أعدائه، من قبيل القنوت الذي رواه الشيخ الصدوق عليه الرحمة في مجالسه عن الإمام مُحمَّد بن عليّ الباقر علیه السلام:

«اللَّهُمَّ تَمَ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ جْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ وَ جِهَتُكَ خَيْرُ الْجِهَاتِ وَعَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِيَّاتِ وَأَهْنَؤُهَا تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ وَ تُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تَشْفِي السَّقِيمَ وَ تُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ لَا يَجْزِي بِآلَائِكَ أَحَدٌ وَ لَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ وَنُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ دُعِيتَ بِالْأَلْسُنِ وَ تُحُوكِمَ إِلَيْكَ فِي الْأَعْمَالِ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَافْتَحْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ خَلْقِكَ بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نَشْكُو غَيْبَةَ نَبِيِّنَا وَ شِدَّةَ

ص: 94


1- الاحتجاج: 2/ 324

الزَّمَانِ عَلَيْنَا وَ وُ قُوعَ الْفِتَنِ [الْفِتْنَةِ] وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا فَافْرِجْ ذَلِكَ يَا رَبِّ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ _ إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِينَ»(1)

ثمّ تدعو بما روي في فقه الرضا علیه السلام، وحيث كان هذا الدعاء _ كالأدعيّة السابقة واللاحقة _ طويلاً فطوينا عن ذكره في هذه الرسالة رَوْمَاً للاختصار، فمن أراده أخذه عن الجوامع الحديثيّة كبحار الأنوار وغيره، نعم لنا كتاب أسميناه ب-: (دعوة الحسنى) فقد أوردنا فيه هذه الأدعيّة بأسرها، وهذا أوَّل الدُّعاء:

«لا إله إلا الله الحليم الكريم» إلى أنْ قال: «اللهم اظهر الحقّ وأهله، واجعلني ممن أقول به وأنتظره، اللهم قوّم قائم آل محمد، واظهر دعوته برضا من آل محمد، اللهم اظهر رايته، وقوِّ عزمه، وعجِّل خروجه، وانصر جيوشه، واعضد أنصاره، وابلغ طلبته، وانجح أمله، واصلح شأنه، وقرِّب أوانه»(2) الدعاء.

ثمّ تدعو بما أمر الإمام الحسن العسكري علیه السلام أهل قُمْ بقراءته وهو مُشتمِل على الدعاء لحصانة وجوده علیه السلام عن بأس المعتدين، وهو دعاء مضامينه عالية، وفيه ما تعمى به عيون أعدائه وتقرّ به أعين أوليائه، وإذا لم تسمح لك الفرصة فاكتفِ بما ورد في أوَّله من قوله علیه السلام ملتفتاً إلى حضرة إمامك وداعياً له من صميم قلبك: «اللهم والداعي إليك والقائم بقسطك من عبادك»(3) الدعاء.

ص: 95


1- الامالی (للصدوق): 474
2- فقه الرضا: 405
3- مصباح المتهجد: 159 بحارالانوار: 82/ 231 الباب الثالث و الثلاثون في القنوتات المرویة عن اهل البیت علیهم السلام قنوت الامام الحسن بن علي العسکري علیهماالسلام و امر به اهل قم

ثمّ تدعو بما أمر الإمام الحسن العسكريّ علیه السلام أهل قم بقراءته، وهو مشتمل على الدعاء لحصانة وجوده علیه السلام عن بأس المعتدين، وهو دعاء مضامينه عالية، وفيه ما تعمى به عيون أعدائه وتقرّ به أعين أوليائه، وإذا لم تسمح لك الفرصة فاكتفِ بما ورد في أوّله من قوله علیه السلام:

«اللهم والداعي اليك والقائم بقسطك من عبادك»(1)

ص: 96


1- مصباح المتهجد: 159 بحار الانوار: 82/ 231 الباب الثلث و الثلاثون في القنوتات المرویة عن اهل البیت علیهم السلام قنوت الامام الحسن بن علي العسکري علیهماالسلام و امر به اهل قم

تكليف 13 في كيفيّة إقامة صلاة الفجر، وعرض التحيّة والسلام عليه أرواحنا فداه، وبيان سائر ما ورد عقيب صلاة الغداة من الآداب والسنن

ولمّا فرغت عن نافلة الليل والدعاء بما ورد من الأدعيّة المأثورة في القنوت والتعقيبات فعليك بإقامة نافلة الفجر وفقاً لما ورد من الآداب والسنن، وقد أوردنا في كتابنا الموسوم ب-: دعوة الحسنى في أدعيّة الحسناء آداب صلاة الليل ومسنوناتها على سبيل الإيجاز والاختصار، ولربّما يكون فيه غنية وكفاية للطالبين والعاملين.

وإذا طلع الفجر تصعد ملائكة الليل وتهبط ملائكة النهار، وقد فسّر قوله تعالى: «وَ قُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا»(1) بصلاة الفجر، أي تحضر ملائكة الليل والنهار وتشهد صلاة الفجر فإذا قام أحد إلى صلاة فجره مقارناً لطلوعه تكتبها ملائكة الليل الصاعدون إلى آفاق السماء كما تسجّلها ملائكة النهار

ص: 97


1- سورة الاسرار: 78

الهابطون إلى الأرض، ولربّما أدرك وشهد بعض أصحاب النفوس القدسيّة زمن صعود الملائكة وهبوطها، فيجب أن تعلم يقيناً أنّ هؤلاء الملائكة يعرضون أعمالك على إمام العصر أرواحنا فداه ويهبطون بإذنه كما يصعدون بأمره.

فينبغي لك أن تتأهّب عند طلوع الفجر لإجابة دعوته كما روي عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم علیه السلام:

«ما من يوم يأتي على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم: يا ابن آدم أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد، فقل خيراً واعمل فيّ خيراً، أشهد لك به يوم القيامة، فإنّك لن تراني بعدها أبداً»(1)

ومن هنا قال الإمام عليّ بن الحسين السجّاد علیه السلام في دعائه عند الصباح والمساء:

«وَ هَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ، وَ هُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ عَتِيدٌ، إِنْ أَحْسَنَّا وَ دَّعَنَا بِحَمْدٍ، وَ إِنْ أَسَأْنَا فَارَقَنَا بِذَمٍّ»(2) الدعاء.

وتسأل الله تعالى أن يوفّقك في يومك الحادث للطاعات والعبادات والخيرات، وأن يعصمك عن السيّئات والعثرات والآفات.

ثمّ توذّن لصلاتك، وبعد ذلك تدعو لتعجيل فرجه أرواحنا فداه كما هو ديدن شيعة جزيرة الخضراء، وسيرتهم جارية على ذلك.

ثمّ تتوجّه نحو إمام زمانك عجّل الله فرجه وتدعو بما ورد من الأدعيّة

ص: 98


1- الکافی: 2/ 523 و فیه: عن ابي عبدالله علیه السلام
2- الصحیفة السجادیة: 50 من دُعَائهُ علیه السلام عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ

الماثورة المشتملة على الدعاء له والثناء عليه أرواحنا فداه، نحو ما روى الكلينيّ في الكافي بسند معتبر عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام، وكذا روي في مصباح المتهجّد عنه علیه السلام باختلاف يسير، ونحن ننقل في المقام عبارة المصباح:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أَسْتَغْفِرُكَ فِي هَذَا الصَّبَاحِ وَ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِأَهْلِ رَحْمَتِكَ وَ أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ أَهْلِ لَعْنَتِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أَبْرَأُ إِلَيْكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ فِي هَذَا الصَّبَاحِ مِمَّنْ نَحْنُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ _ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ بَرَكَةً عَلَى أَوْلِيَائِكَ وَ عَذَاباً عَلَى أَعْدَائِكَ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاكَ وَ عَادِ مَنْ عَادَاكَ اللَّهُمَّ اخْتِمْ لِي بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ كُلَّمَا طَلَعَتْ شَمْسٌ أَوْ غَرَبَتْ اللَّهُمَ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَ وَارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَهُمْ وَ مَثْوَاهُمْ اللَّهُمَّ احْفَظْ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً وَاجْعَلْ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ لَدُنْك سُلْطاناً نَصِيراً اللَّهُمَّ الْعَنِ الْفِرَقَ الْمُخَالِفَةَ عَلَى رَسُولِكَ وَالْمُتَعَدِّيَةَ لِحُدُودِكَ وَالْعَنْ أَشْيَاعَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَسْأَلُكَ الزِّيَادَةَ مِنْ فَضْلِكَ وَالِاقْتِدَاءَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ وَالتَّسْلِيمَ لِأَمْرِكَ وَالْمُحَافَظَةَ عَلَى مَا أَمَرْتَ لَا أَبْغِي بِهِ بَدَلًا وَ لَا أَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَ لَا يُقْضَى عَلَيْكَ لَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ وَ لَا يَذِلُّ مَنْ وَ الَيْتَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ سُبْحَانَكَ رَبَّ الْبَيْتِ تَقَبَّلْ مِنِّي دُعَائِي وَ مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ مِنْ خَيْرٍ فَضَاعِفْهُ لِي أَضْعَافاً

ص: 99

وَ آتِنِي مِنْ لَدُنْكَ أَجْراً عَظِيماً رَبِّ مَا أَحْسَنَ مَا أَبْلَيْتَنِي وَ أَعْظَمَ مَا آتَيْتَنِي وَ أَطْوَلَ مَا عَافَيْتَنِي وَ أَكْثَرَ مَا سَتَرْتَ عَلَيَّ فَلَكَ الْحَمْدُ كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً عَلَيْهِ مِلْ ءَ السَّمَاوَاتِ وَ مِلْ ءَ الْأَرْضِ وَ مِلْ ءَ مَا شَاءَ رَبِّي وَ كَمَا يُحِبُّ رَبِّي وَ يَرْضَى وَ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَ عِزِّ جَلَالِهِ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرام»(1)

وإذا بلغت هذه العبارة أعني قوله: «اللَّهُمَّ احْفَظْ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ» تقصد إمامك أرواحنا فداه وتتوجّه إليه، وتمعن النظر وتتأمّل في معانيها، وإيّاك ولقلقة اللسان، وغفلة القلب وتشتّت الجِنان، ثمّ تسلّم عليه وتجدّد له العهد كما يأتي تفصيل ذلك إن شاء الله.

ثمّ تسلّم على يومك الجديد، وترحّب بالملكين الكاتبين والملكين الحافظين على نحو ما أمرك به أوليائك علیهم السلام

ثمّ تسلّم على الأنبياء والمرسلين والأولياء والكمّلين والشهداء والصدّيقين والصلحاء والمخلصين من مؤمني الإنس والجانّ، وتخلص حبّك لهم، وتظهر حسن عقيدتك، وتبرز إيمانك القلبيّ، ضرورة أنّهم في أيّ طبقة كانوا إنّما هم من شيعة إمامك ومواليّه المقرّين له بالرقّ والطاعة، والمعترفين له بالإمامة والولاية، ولا شكّ أنّهم أعلى منزلةً منك في المعرفة، وأعظم مرتبةً منك في الإيمان، فإنّهم يبلّغون سلامك، ويسمعون كلامك، ويردّون إحسانك بالصلاة والسلام عليك لأنّك من شيعة إمامهم ومواليّه، ولهذا الأمر محاسن عدّة وفوائد شتّى لا مجال لاستقصاءها.

ص: 100


1- مصباح المتهجد: 1/ 214

تكليف 14 في طريقة تجديد العهد وكيفيّة المبايعة مع الحجج الطاهرين في اليوم الحادثوقراءة الدعوات المأثورة بشرائطها المقرّرة

قد أسلفنا وقلنا إنّ من جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو تجديد الميثاق في كلّ يوم وليلة، وذكرنا بعض معاني تجديد الميثاق، فلمّا أصبحت ودخلت في يوم جديد تجدّد له الميثاق والبيعة، ولا تظنّه مستوراً وراء حجب الاختفاء، بل أعلم يقيناً أنّه جالسٌ على سرير أمارته، متّكأٌ على أريكة سلطنته، وأنّك واقف بين يدي سلطانه مطأطأَ الرأس والعين، خاشعَ القلب وخافضَ الجناحين، فتتكلّم بالكلمات المأثورة من آبائه الكرام علیهم السلام، وتسلّم أوّلاً على النبيّ صلی الله علیه و اله وفقاً لما روي في قرب الإسناد وغيره من الكتب المعتبرة بسند صحيح عن البزنطيّ عن الإمام عليّ بن موسى الرضا علیه السلام:

قال: قلت له : كيف الصلاة على رسول الله صلی الله علیه و اله في دبر المكتوبة، وكيف السلام عليه؟ فقال علیه السلام تقول:

ص: 101

«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ، وَ عَبَدْتَهُ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، فَجَزَاكَ اللَّهُ _ يَا رَسُولَ اللَّهِ _ أَفْضَلَ مَا جَزَى نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»(1)

وهناك زيارة مختصرة أخرى تقرء عقيب فريضة الفجر يوم الجمعة سنذكرها في محلّها إن شاء الله تعالى.

ثمّ تسلّم على إمامك أرواحنا فداه بما ورد عنه وعن آبائه الأئمّة المعصومين علیهم السلام، وسنذكره في الباب الذي عقدناه لإيراد أنواع الصلاة والسلام والتحيّة عليه علیه السلام إن شاء الله تعالى.

ثمّ تتقرّب إلى الله وإلى رسوله وإلى الأئمّة علیهم السلام بما ورد منهم الموسوم ب-: دعاء التقرّب:

قال في دعائم الإسلام: «وروينا عن الأئمّة صلوات الله عليهم أنّهم أمروا بالتقرّب بعد كلّ صلاة فريضة، إذا سلّم المصلّي بسط يديه ورفع باطنهما، ثمّ قال:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ بِوَصِيِّهِ عَلِيٍّ وَ لِيِّكَ

ص: 102


1- قرب الاسناد: 382

وَ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ الطَّاهِرِينَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ يُسَمِّي الْأَئِمَّةَ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى إِمَامِ عَصْرِهِ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِهِمْ وَ أَتَوَلَّاهُمْ وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَ أَشْهَدُ اللَّهُمَّ بِحَقَائِقِ الْإِخْلَاصِ وَ صِدْقِ الْيَقِينِ إِنَّهُمْ خُلَفَاؤُكَ فِي أَرْضِكَ وَ حُجَجُكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ الْوَسَائِلُ إِلَيْكَ وَ أَبْوَابُ رَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ احْشُرْنِي مَعَهُمْ وَ لَا تُخْرِجْنِي مِنْ جُمْلَةِ أَوْلِيَائِهِمْ وَ ثَبِّتْنِي عَلَى عَهْدِهِمْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي بِهِمْ عِنْدَكَ وَ جِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ اللَّهُمَّ ثَبِّتِ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي وَ زِدْنِي هُدًى وَ نُوراً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْطِنِي مِنْ جَزِيلِ مَا أَعْطَيْتَ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مَا آمَنُ بِهِ مِنْ عِقَابِكَ وَأَسْتَوْجِبُ بِهِ رِضَاكَ وَ رَحْمَتَكَ وَاهْدِنِي إِلَى مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَقِيَنِي عَذَابَ النَّار»(1)

ثمّ تدعو بما روي في الكافي:

«إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل:

رَضِيتُ بِاللَّه رَبّاً و بِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً و بِالإِسْلَامِ دِيناً و بِالْقُرْآنِ كِتَاباً و بِفُلَانٍ وفُلَانٍ أَئِمَّةً اللَّهُمَّ وَ لِيُّكَ فُلَانٌ فَاحْفَظْه مِنْ بَيْنِ يَدَيْه و مِنْ خَلْفِه و عَنْ يَمِينِه و عَنْ شِمَالِه و مِنْ فَوْقِه و مِنْ تَحْتِه و امْدُدْ لَه فِي عُمُرِه واجْعَلْه الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ والْمُنْتَصِرَ لِدِينِكَ وأَرِه مَا يُحِبُّ و مَا تَقَرُّ بِه عَيْنُه فِي نَفْسِه و ذُرِّيَّتِه و فِي أَهْلِه و مَالِه و فِي

ص: 103


1- دعائم الاسلام: 172

شِيعَتِه و فِي عَدُوِّه و أَرِهِمْ مِنْه مَا يَحْذَرُونَ وأَرِه فِيهِمْ مَا يُحِبُّ و َقَرُّ بِه عَيْنُه واشْفِ صُدُورَنَا و صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ».

قَالَ وكَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و اله يَقُولُ _ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِه _ :

«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ و مَا أَخَّرْتُ ومَا أَسْرَرْتُ و مَا أَعْلَنْتُ وإِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي و مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِه مِنِّي اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ و أَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ و بِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْراً لِي فَأَحْيِنِي و تَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي السِّرِّ والْعَلَانِيَةِ و كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ و الرِّضَا و الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ و الْغِنَى و أَسْأَلُكَ نَعِيماً لَا يَنْفَدُ و قُرَّةَ عَيْنٍ لَا يَنْقَطِعُ و أَسْأَلُكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ و بَرَكَةَ الْمَوْتِ بَعْدَ الْعَيْشِ و بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ولَذَّةَ الْمَنْظَرِ إِلَى وَجْهِكَ و شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِكَ و لِقَائِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ و لَا فِتْنَةٍ مَضَلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ واجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرَّشَادِ والثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ والرُّشْدِ و أَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وحُسْنَ عَافِيَتِكَ وأَدَاءَ حَقِّكَ و أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ قَلْباً سَلِيماً و لِسَاناً صَادِقاً وأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ وأَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا تَعْلَمُ وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ و لَا نَعْلَمُ وأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ»(1).

وإذا بلغت قوله: «اللهم وليّك فلان فاحفظه»، قل: «اللهم احفظ وليّك القائم الحجّة صلواتك عليه وعلى آبائه الطاهرين»، ثمّ أقبل على إمامك بقلبك وأتمم عبارات الدعاء.

ص: 104


1- الکافي: 2/ 548 ب الدعاء في ادبار الصلوات ح 6

ثمّ تتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى وتأخذ عنده عهداً حديثاً وميثاقاً جديداً، كما تجدّد له ما في عنقك من عهده وميثاقه ممّا ألزمك به على ما روى الكفعميّ والشيخ الطبرسيّ أعلى الله مقامهما وغيرهم من أساطين علمائنا الإماميّة قدّس الله أرواحهم ونوّر مضاجعهم عن النبيّ صلی الله علیه السلام أنّه قال لأصحابه ذات يوم:

«أيعجز أحدكم أن يتّخذ كلّ صباح ومساء عند الله عهداً؟ قالوا: وكيف ذاك قال: يقول:

«اللَّهمّ فاطر السّموات والأرض عالم الغيب والشّهادة إني أعهد إليك بأنّى أشهد أن لا إله إلَّا أنت وحدك لا شريك لك وأنّ محمّدا صلی الله علیه و اله عبدك ورسولك وأنّك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشرّ وتباعدني من الخير، وأنّى لا أثق إلَّا برحمتك، فاجعل لي عندك عهدا توفينه يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد.

فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع وضع تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين لهم عند الله عهد فيدخلون الجنّة»(1)

ثمّ تتوجّه إلى الله عزّ سبحانه وبهر برهانه وتعاهده عهداً آخر تفلح به في الدارين، فتقرء ما رواه ابن طاوس في مهجه وغيره في غيره من كتب الأدعيّة والمزار عن جابر بن يزيد الجعفيّ قال: قال الإمام أبو جعفر علیه السلام:

«من دعا بهذا الدعاء مرّةً واحدةً في دهره كتب في رقّ ورفع في ديوان القائم علیه السلام، فإذا قام قائمنا ناداه باسمه واسم أبيه، ثمّ يدفع إليه هذا الكتاب

ص: 105


1- جوامع الجامع: 278

ويقال له: خذ هذا الكتاب العهد الذي عاهدتنا في الدنيا، وذلك قوله عزّ وجلّ: «إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً»(1) وادع به وأنت طاهر تقول:

«اللَّهُمَّ يَا إِلَهَ الْآلِهَةِ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا آخِرَ الْآخِرِينَ يَا قَاهِرَ الْقَاهِرِينَ يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى عَلَوْتَ فَوْقَ كُلِّ عُلْوٍ هَذَا يَا سَيِّدِي عَهْدِي وَ أَنْتَ مُنْجِزٌ وَعْدِي فَصِلْ يَا مَوْلَايَ عَهْدِي وَ أَنْجِزْ وَعْدِي آمَنْتُ بِكَ أَسْأَلُكَ بِحِجَابِكَ الْعَرَبِيِّ وَ بِحِجَابِكَ الْعَجَمِيِّ وَ بِحِجَابِكَ الْعِبْرَانِيِّ وَ بِحِجَابِكَ السُّرْيَانِيِّ وَ بِحِجَابِكَ الرُّومِيِّ وَ بِحِجَابِكَ الْهِنْدِيِّ وَ أَثْبِتْ مَعْرِفَتَكَ بِالْعِنَايَةِ الْأُولَى _ فَإِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا تُرَى وَأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ الْمُنْذِرِ صلی الله علیه و آله وَ بِعَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْهَادِي وَ بِالْحَسَنِ السَّيِّدِ وَ بِالْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَ بِفَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ذِي الثَّفِنَاتِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَنْ عِلْمِكَ وَ بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الَّذِي صَدَّقَ بِمِيثَاقِكَ وَ بِمِيعَادِكَ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْحَصُورِ الْقَائِمِ بِعَهْدِكَ وَ بِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا الرَّاضِي بِحُكْمِكَ وَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحِبْرِ الْفَاضِلِ الْمُرْتَضَى فِي الْمُؤْمِنِينَ وَ بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الْمُؤْتَمَنِ هَادِي الْمُسْتَرْشِدِينَ وَ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الطَّاهِرِ الزَّكِيِّ خِزَانَةِ الْوَصِيِّينَ وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ الْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ الْمَهْدِيِّ إِمَامِنَا وَابْنِ إِمَامِنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ يَا مَنْ جَلَّ فَعَظُمَ وَ [هُوَ] أَهْلُ ذَلِكَ فَعَفَا وَ رَحِمَ يَا مَنْ قَدَرَ فَلَطُفَ أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفِي وَ مَا قَصُرَ عَنْهُ أَمَلِي مِنْ تَوْحِيدِكَ وَ كُنْهِ مَعْرِفَتِكَ وَ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِالتَّسْمِيَةِ الْبَيْضَاءِ

ص: 106


1- سورة مریم: 87

وَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ الْكُبْرَى الَّتِي قَصُرَ عَنْهَا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى _ وَ آمَنْتُ بِحِجَابِكَ الْأَعْظَمِ وَ بِكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي خَلَقْتَ مِنْهَا دَارَ الْبَلَاءِ وَ أَحْلَلْتَ مَنْ أَحْبَبْتَ جَنَّةَ الْمَأْوَى وَ آمَنْتُ بِالسَّابِقِينَ وَ الصِّدِّيقِينَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً أَلَّا تُوَلِّيَنِي غَيْرَهُمْ _ وَ لَا تُفَرِّقَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ غَداً إِذَا قَدَّمْتَ الرِّضَا بِفَصْلِ الْقَضَاءِ آمَنْتُ بِسِرِّهِمْ وَ عَلَانِيَتِهِمْ وَ خَوَاتِيمِ أَعْمَالِهِمْ فَإِنَّكَ تَخْتِمُ عَلَيْهَا إِذَا شِئْتَ يَا مَنْ أَتْحَفَنِي بِالْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ حَبَانِي بِمَعْرِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَ خَلَّصَنِي مِنَ الشَّكِّ وَالْعَمَى رَضِيتُ بِكَ رَبّاً وَ بِالْأَصْفِيَاءِ حُجَجاً وَ بِالْمَحْجُوبِينَ أَنْبِيَاءَ وَ بِالرُّسُلِ أَدِلَّاءَ وَ بِالْمُتَّقِينَ أُمَرَاءَ وَ سَامِعاً لَكَ مُطِيعاً»(1)

ثمّ تتوجّه نحو إمام العصر أرواحنا فداه وتعهده إليه بعهد آخر وتجدّد له الميثاق في يومك الحادث، ولا بدّ أن تكون ملتفتاً إلى مضامين هذا الدعاء العالية ومنتبهاً إلى عباراته الساميّة فإنّه دعاء عظيم قدره جليل شأنه، وهو من المكنونات الإلهيّة والمخزونات الغيبيّة السرمديّة، فلا بدّ في أدائه من القلب الواعي والالتفات التامّ لئلا يقع نعوذ بالله كذباً ورياءً.

وروى السيّد بن طاوس والكفعميّ أعلى الله مقامهما وغيرهما من أساطين علمائنا الإماميّة رضوان الله عليهم في المصابيح وغيره من الكتب المعتبرة عن الإمام الصادق علیه السلام:

من دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا علیه السلام، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره، وأعطاه الله بكلّ كلمة ألف حسنة، ومحا

ص: 107


1- مهج الدعوات و منهج العبادات: 335

عنه ألف سيّئة، وهو:

«اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظِيمِ وَ رَبَّ الكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ وَ رَبَّ البَحْرِ المَسْجُورِ وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ رَبَّ الظِّلِّ وَ الحَرُورِ وَ مُنْزِلَ القُرْآنِ العَظِيمِ وَ رَبَّ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ وَالأَنْبِياءِ وَ المُرْسَلِينَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ وَ بِنُورِ وَجْهِكَ المُنِيرِ وَ مُلْكِكَ القَدِيمِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّماواتُ وَ الاَرَضُونَ وَ بِاسْمِكَ الَّذِي يَصْلَحُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، يا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ وَ يا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ وَ يا حَيّاً حِينَ لاحَيَّ يا مُحْيِيَ المَوْتى وَ مُمِيتَ الاَحْياءِ يا حَيُّ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، اللّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلانا الإمام الهادِيَ المَهْدِيَّ القائِمَ بِأَمْرِكَ صَلواتُ الله عَلَيْهِ وَ عَلى آبائِهِ الطَّاهِرِينَ عَنْ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ فِي مَشارِقِ الاَرْضِ وَ مَغارِبِها سَهْلِها وَ جَبَلِها وَ بَرِّها وَ بَحْرِها وَ عَنِّي وَ عَنْ وَ الِدَيَّ مِنَ الصَّلَواتِ زِنَةَ عَرْشِ الله وَ مِدادَ كَلِماتِهِ وَ ما أحْصاهُ عِلْمُهُ وَ أَحاطَ بِهِ كِتابُهُ، اللّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبيحةِ يَوْمِي هذا وَ ما عِشْتُ مِنْ أيّامِي عَهْداً وَ عَقْداً وَ بَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لا أَحُولُ عَنْها وَ لا أَزُولُ أَبَداً، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ وَالذَّابِّينَ عَنْهُ وَالمُسارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضاء حَوائِجِهِ وَالمُمْتَثِلِينَ لاَوامِرِهِ وَالمُحامِينَ عَنْهُ وَالسَّابِقِينَ إِلى إِرادَتِهِ وَالمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، اللّهُمَّ إِنْ حالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ المَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْما مَقْضِيّا فَأخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي شاهِراً سَيْفِي مُجَرِّداً قَناتِي مُلَبِّيا دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الحاضِرِ وَالبادِي، اللّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالغُرَّةَ الحَمِيدَةَ وَاكْحُلْ ناظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَ سَهِّلْ مَخْرَجَهُ وَ أَوْسِعْ مَنْهَجَهُ وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ

ص: 108

وَ اشْدُدْ أَزْرَهُ، وَاعْمُرِ اللّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ وَأَحْيِ بِه عِبادَكَ فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الحَقُّ: ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ فَأَظْهِرِ اللّهُمَّ لَنا وَلِيَّكَ وَابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ المُسَمّى بِاسْمِ رَسُولِكَ حَتّى لا يَظْفَرَ بِشَيٍْ مِنَ الباطِلِ إِلاّ مَزَّقَهُ وَ يَحِقَّ الحَقَّ وَ يُحَقِّقَهُ، وَ اجْعَلْهُ اللّهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبادِكَ وَ ناصِراً لِمْن لا يَجِدُ لَهُ ناصِراً غَيْرَكَ وَ مُجَدِّداً لِما عُطِّلَ مِنْ أَحْكامِ كِتابِكَ وَ مُشَيِّداً لِما وَ رَدَ مِنْ أَعْلامِ دِينِكَ وَ سُنَنِ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و اله، وَاجْعَلْهُ، اللّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ المُعْتَدِينَ اللّهُمَّ وَ سُرَّ نَبِيِّكَ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله بِرُؤْيَتِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ عَلى دَعْوَتِهِ وَارْحَم اسْتِكانَتَنا بَعْدَهُ اللّهُمَّ اكْشِفْ هذِهِ الغُمَّةَ عَنْ هذِهِ الاُمَّةِ بِحُضُورِهِ وَ عَجِّلْ لَنا ظُهُورَهُ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».

ثمّ تضرب على فخذك الأيمن بيدك ثلاث مرّات وتقول كلّ مرّة: «العَجَلَ العَجَلَ يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ (1)

ثمّ تقرأ التماس لقيا إمامك أرواح العالمين فداه ورجيّة تلاقه في اليقظة أو المنام على خلوص عقيدة واعتقاد، وعن كمال حبّ ووداد الدعاء العظيم القدر المرويّ عن الصادق علیه السلام حيث قال:

من قرأ بعد كلّ فريضة هذا الدعاء فإنّه يرى الإمام محمّد بن الحسن عليه وعلى آبائه السلام في اليقظة أو في المنام:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَ بَلِّغْ مَوْلَانَا صَاحِبَ الزَّمَانِ أَيْنَمَا كَانَ وَ حَيْثُمَا

ص: 109


1- المزار (محمد بن جعفر المشهدي): 665 المصباح جنة الامان الواقیة و جنة الایمان الباقیة: 550

كَانَ مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا عَنِّي وَ عَنْ وَالِدَيَّ وَ عَنْ وُلْدِي وَ إِخْوَانِي التَّحِيَّةَ وَالسَّلَامَ عَدَدَ خَلْقِ اللَّهِ وَ زِنَةَ عَرْشِ اللَّهِ وَ مَا أَحْصَاهُ كِتَابُهُ وَ أَحَاطَ عِلْمُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ هَذَا الْيَوْمِ وَ مَا عِشْتُ فِيهِ مِنْ أَيَّامِ حَيَاتِي عَهْداً وَ عَقْداً وَ بَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لَا أَحُولُ عَنْهَا وَ لَا أَزُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَ نُصَّارِهِ الذَّابِّينَ عَنْهُ وَالْمُمْتَثِلِينَ لِأَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِيهِ فِي أَيَّامِهِ وَ الْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ اللَّهُمَّ فَإِنْ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي شَاهِراً سَيْفِي مُجَرِّداً قَنَاتِي مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الْحَاضِرِ وَالْبَادِي اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ وَ اكْحُلْ بَصَرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ اللَّهُمَّ اشْدُدْ أَزْرَهُ وَ قَوِّ ظَهْرَهُ وَ طَوِّلْ عُمُرَهُ اللَّهُمَّ اعْمُرْ بِهِ بِلَادَكَ وَأَحْيِ بِهِ عِبَادَكَ فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُ ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ فَأَظْهِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَ لِيَّكَ وَ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ الْمُسَمَّى بِاسْمِ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَتَّى لَا يَظْفَرَ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْبَاطِلِ إِلَّا مَزَّقَهُ _ وَ يُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يُحَقِّقُهُ اللَّهُمَّ اكْشِفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِظُهُورِهِ _ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِه»(1)

ثمّ تعرض ما تعتقد به من العقائد الحقّة الساطعة أنوارها من مشكاة أنوار أهل بيت العصمة والطهارة علیهم السلام، والنابعة من عيونها الصافية على الملائكة

ص: 110


1- بحار الانوار: 83/ 61 الباب الثامن و الثلاثون سائر ما یستحب عقیب کل صلاة الدعاء الذي من قرءه بعد کل فریضة یری مولانا صاحب العصر علیه السلام في الیقظة او في المنام

الهابطين إليك والموكّلين عليك حتّى يكتبوها في جريدة أعمالك اليوميّة ويأخذوها معهم حينما يصعدون، ومن أحسن الأدعيّة التي تشتمل على الشهادة بوحدانيّة الله وبنبوّة خاتم الأنبياء صلی الله علیه و اله وبوصاية جميع الأوصياء علیهم السلام، وتنطوي على الشهادة بأغلب العقائد الحقّة وفقاً لمذهب الطائفة المحقّة أنار الله براهينها، وتتضمّن ما تمسّك الحاجة إليه في الآخرة والدنيا هو ما رواه السيّد بن طاوس قدّس الله نفسه الزكيّة في مهج الدعوات عن الإمام موسى بن جعفر علیه السلام، ونقله مولانا المجلسيّ في بحار الأنوار عن كتاب العتيق وهو موسوم بدعاء الاعتقاد، وكذا قد رواه السيّد بن طاوس رحمه الله في مهجه عن الإمام عليّ بن موسى الرضا علیه السلام نقلاً عن أصل ابن بكير حيث سأله علیه السلام أن يعلّمه دعاءً يدعو به الله عند الشدائد، وأنّ هناك في عبارتهما ومضمونهما اختلافاً من أراد الوقوف على ذلك راجع مهج الدعوات:

«إِلَهِي إِنَّ ذُنُوبِي وَك َثْرَتَهَا قَدْ غَبَّرَتْ وَجْهِي عِنْدَكَ وَ حَجَبَتْنِي عَنِ اسْتِيهَالِ رَحْمَتِكَ وَ بَاعَدَتْنِي عَنِ اسْتِنْجَازِ مَغْفِرَتِكَ وَ لَوْ لَا تَعَلُّقِي بِآلَائِكَ وَ تَمَسُّكِي بِالرَّجَاءِ لَمَا وَ عَدْتَ أَمْثَالِي مِنَ الْمُسْرِفِينَ وَأَشْبَاهِي مِنَ الْخَاطِئِينَ بِقَوْلِكَ «يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»(1) ، وَ حَذَّرْتَ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِكَ فَقُلْتَ «وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ»(2) ثُمَّ نَدَبْتَنَا بِرَحْمَتِكَ إِلَى دُعَائِكَ فَقُلْتَ «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ

ص: 111


1- سورة الزمر: 53
2- سورة الحجر: 56

الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ»(1) إِلَهِي لَقَدْ كَانَ ذُلُّ الْإِيَاسِ عَلَيَ مُشْتَمِلًا وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ بِي مُلْتَحِفاً إِلَهِي قَدْ وَ عَدْتَ الْمُحْسِنَ ظَنَّهُ بِكَ ثَوَاباً وَ أَوْعَدْتَ الْمُسِي ءَ ظَنَّهُ بِكَ عِقَاباً اللَّهُمَّ وَقَدْ أَسْبَلَ دَمْعِي حُسْنُ ظَنِّي بِكَ فِي عِتْقِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَتَغَمُّدِ زَلَلِي وَإِقَالَةِ عَثْرَتِي وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ لَا خُلْفَ لَهُ وَلَا تَبْدِيلَ _ «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ»(2) ذَلِكَ يَوْمُ النُّشُورِ «فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ وَ بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ»(3) اللَّهُمَّ إِنِّي أُقِرُّ وَ أُشْهِدُ وَأ َعْتَرِفُ وَ لَا أَجْحَدُ وَأُسِرُّ وَأُظْهِرُ وَأُعْلِنُ وَأُبْطِنُ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ وَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَ وَارِثُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَ قَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَ مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ وَ مُجَاهِدُ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ إِمَامِي وَ مَحَجَّتِي وَ مَنْ لَا أَثِقُ بِالْأَعْمَالِ وَ إِنْ زَكَتْ وَ لَا أَرَاهَا مُنْجِيَةً لِي وَ إِنْ صَلَحَتْ إِلَّا بِوَلَايَتِهِ وَالِايتِمَامِ بِهِ وَالْإِقْرَارِ بِفَضَائِلِهِ وَالْقَبُولِ مِنْ حَمَلَتِهَا وَالتَّسْلِيمِ لِرُوَاتِهَا اللَّهُمَّ وَ أُقِرُّ بِأَوْصِيَائِهِ مِنْ أَبْنَائِهِ أَئِمَّةً وَ حُجَجاً وَ أَدِلَّةً وَسُرُجاً وَ أَعْلَاماً وَمَنَاراً وَ سَادَةً وَ أَبْرَاراً وَ أَدِينُ بِسِرِّهِمْ وَ جَهْرِهِمْ وَ بَاطِنِهِمْ وَ ظَاهِرِهِمْ وَ حَيِّهِمْ وَ مَيِّتِهِمْ وَ شَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ وَ لَا ارْتِيَابَ وَ لَا تَحَوُّلَ عَنْهُ وَ لَا انْقِلَابَ اللَّهُمَّ فَادْعُنِي يَوْمَ حَشْرِي وَ حِينَ نَشْرِي بِإِمَامَتِهِمْ وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ وَاكْتُبْنِي فِي أَصْحَابِهِمْ وَ اجْعَلْنِي مِنْ إِخْوَانِهِمْ وَ أَنْقِذْنِي بِهِمْ يَا مَوْلَايَ مِنْ حَرِّ النِّيرَانِ فَإِنَّكَ إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْهَا كُنْتُ مِنَ الْفَائِزِينَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ أَصْبَحْتُ فِي

ص: 112


1- سوة غافر: 60
2- سورة السراء: 71
3- سورة المومنون: 101

يَوْمِي هَذَا لَا ثِقَةَ لِي وَ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مُلْتَجَأَ غَيْرَ مَنْ تَوَسَّلْتُ بِهِمْ إِلَيْكَ مِنْ آلِ رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَلَى سَيِّدَتِي فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِمْ وَالْحُجَّةِ الْمَسْتُورَةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ الْمَرْجُوِّ لِلْأُمَّةِ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ خِيَرَتِكَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ اللَّهُمَّ فَاجْعَلْهُمْ حِصْنِي مِنَ الْمَكَارِهِ وَ مَعْقِلِي مِنَ الْمَخَاوِفِ وَ نَجِّنِي بِهِمْ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ طَاغٍ وَ فَاسِقٍ بَاغٍ وَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْرِفُ وَ مَا أُنْكِرُ وَ مَا اسْتَتَرَ عَلَيَّ وَ مَا أُبْصِرُ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ رَبِّي آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ اللَّهُمَّ بِوَسِيلَتِي إِلَيْكَ بِهِمْ وَ تَقَرُّبِي بِمَحَبَّتِهِمْ افْتَحْ عَلَيَّ أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَ مَغْفِرَتِكَ وَ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِكَ وَ جَنِّبْنِي عَدَاوَتَهُمْ وَ بُغْضَهُمْ _ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ وَ لِكُلِّ مُتَوَسِّلٍ ثَوَابٌ وَ لِكُلِّ ذِي شَفَاعَةٍ حَقٌّ فَأَسْأَلُكَ بِمَنْ جَعَلْتَهُ إِلَيْكَ سَبَبِي وَ قَدَّمْتَهُ أَمَامَ طَلِبَتِي أَنْ تُعَرِّفَنِي بَرَكَةَ يَوْمِي هَذَا وَ عَامِي هَذَا وَ شَهْرِي هَذَا اللَّهُمَّ فَهُمْ مُعَوَّلِي فِي شِدَّتِي وَ رَخَائِي وَ عَافِيَتِي وَ بَلَائِي وَ نَوْمِي وَ يَقَظَتِي وَ ظَعْنِي وَإِقَامَتِي وَ عُسْرِي وَ يُسْرِي وَ صَبَاحِي وَ مَسَائِي وَ مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ اللَّهُمَّ فَلَا تُخْلِنِي بِهِمْ مِنْ نِعْمَتِكَ وَ لَا تَقْطَعْ رَجَائِي مِنْ رَحْمَتِكَ وَ لَا تَفْتِنِّي بِإِغْلَاقِ أَبْوَابِ الْأَرْزَاقِ وَانْسِدَادِ مَسَالِكِهَا وَ افْتَحْ لِي مِنْ لَدُنْكَ فَتْحاً يَسِيراً وَ اجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ ضَنْكٍ مَخْرَجاً وَ إِلَى كُلِّ سَعَةٍ مَنْهَجاً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ وَاجْعَلِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُخْتَلِفَيْنِ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ وَ مُعَافَاتِكَ وَ مَنِّكَ وَ فَضْلِكَ وَ لَا تُفْقِرْنِي إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ _ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ وَ حَسْبُنَا الله»(1)

ص: 113


1- مهج الدعوات و منهج العبادات: 234

ثمّ تدعو بما ورد في تعقيب صلاة الفجر، وقد رواه الكفعميّ كالشيخ في مصباحه، والسيّد بن طاوس في فلاح السائل، والشيخ الطبرسيّ في مكارم الأخلاق، والعلّامة المجلسيّ في بحار الأنوار، وغيرهم في زبرهم المعتمدة المنبثّة في هذا المضمار بأسانيد صحيحة عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام، وهو دعاء عظيم شأنه يشتمل على الشهادة بوحدانيّة البارئ عظم شأنه وبهر برهانه، وبنبوّة خاتم الأنبياء صلی الله علیه و اله، وبوصاية جميع الأوصياء علیهم السلام، ويتضمّن عرض العقائد الحقّة وذكر الأمم، وينطوي على ذكر مولاك أرواحنا فداه، وعلى ذكر حوائج الدنيا والآخرة وغير ذلك:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ الْأَتْقِيَاءِ الْأَبْرَارِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ كَثِيراً كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ مُسْتَحِقُّهُ وَ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَ عِزِّ جَلَالِهِ عَلَى إِدْبَارِ اللَّيْلِ وَ إِقْبَالِ النَّهَارِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَذْهَبَ بِاللَّيْلِ مُظْلِماً بِقُدْرَتِهِ وَ جَاءَ بِالنَّهَارِ مُبْصِراً بِرَحْمَتِهِ خَلْقاً جَدِيداً وَنَحْنُ فِي عَافِيَتِهِ وَسَلَامَتِهِ وَ سَتْرِهِ وَ كِفَايَتِهِ وَ جَمِيلِ صُنْعِهِ مَرْحَباً بِخَلْقِ اللَّهِ الْجَدِيدِ وَ الْيَوْمِ الْعَتِيدِ وَالْمَلَكِ الشَّهِيدِ مَرْحَباً بِكُمَا مِنْ مَلَكَيْنِ كَرِيمَيْنِ وَ حَيَّاكُمَا اللَّهُ مِنْ كَاتِبَيْنِ حَافِظَيْنِ أُشْهِدُكُمَا فَاشْهَدَا لِي وَ اكْتُبَا

ص: 114

شَهَادَتِي هَذِهِ مَعَكُمَا حَتَّى أَلْقَى بِهَا رَبِّي أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَ أَنَّ الدِّينَ كَمَا شَرَعَ وَالْإِسْلَامَ كَمَا وَ صَفَ وَ الْقَوْلَ كَمَا حَدَّثَ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ وَ الرَّسُولَ حَقٌّ وَ الْقَبْرَ حَقٌّ وَ الْقُرْآنَ حَقٌّ وَالْمَوْتَ حَقٌّ وَ مُسَاءَلَةَ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ فِي الْقَبْرِ حَقٌّ وَ الْبَعْثَ حَقٌّ [وَ النُّشُورَ حَقٌ] وَالصِّرَاطَ حَقٌّ وَالْمِيزَانَ حَقٌّ وَالْجَنَّةَ حَقٌّ [وَ النَّارَ حَقٌ] وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ بَاعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اكْتُبِ اللَّهُمَّ شَهَادَتِي عِنْدَكَ مَعَ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ بِكَ وَمَنْ أَبَى أَنْ يَشْهَدَ لَكَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَ زَعَمَ أَنَّ لَكَ نِدّاً أَوْ لَكَ وَلَداً أَوْ لَكَ صَاحِبَةً أَوْ لَكَ شَرِيكاً أَوْ مَعَكَ خَالِقاً أَوْ رَازِقاً [فَإِنِّي بَرِي ءٌ مِنْهُمْ] لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً فَاكْتُبِ اللَّهُمَّ شَهَادَتِي مَكَانَ شَهَادَتِهِمْ وَأَحْيِنِي عَلَى ذَلِكَ وَأَمِتْنِي عَلَيْهِ [وَ ابْعَثْنِي عَلَيْهِ] وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ صَبِّحْنِي مِنْكَ صَبَاحاً صَالِحاً مُبَارَكاً مَيْمُوناً لَا خَازِياً وَ لَا فَاضِحاً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ اجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمِي هَذَا صَلَاحاً وَأَوْسَطَهُ فَلَاحاً وَ آخِرَهُ نَجَاحاً وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهُ فَزَعٌ وَأَوْسَطُهُ جَزَعٌ وَ آخِرُهُ وَجَعٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَارْزُقْنِي خَيْرَ يَوْمِي هَذَا وَ خَيْرَ مَا فِيهِ وَ خَيْرَ مَا قَبْلَهُ وَ خَيْرَ مَا بَعْدَهُ [وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَ شَرِّ مَا بَعْدَهُ] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَافْتَحْ لِي بَابَ كُلِّ خَيْرٍ فَتَحْتَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَ لَا تُغْلِقْهُ عَنِّي أَبَداً وَ أَغْلِقْ عَنِّي بَابَ كُلِّ شَرٍّ فَتَحْتَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ وَ لَا تَفْتَحْهُ عَلَيَّ أَبَداً اللَّهُمَّ

ص: 115

صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَاجْعَلْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَ مَشْهَدٍ وَ مَقَامٍ وَ مَحَلٍّ وَ مُرْتَحَلٍ وَف ِي كُلِّ شِدَّةٍ وَ رَخَاءٍ وَ عَافِيَةٍ وَ بَلَاءٍ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً عَزْماً جَزْماً لَا تُغَادِرُ [لِي] ذَنْباً وَ لَا خَطِيئَةً وَ لَا إِثْماً اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ثُمَّ عُدْتُ فِيهِ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا أَعْطَيْتُكَ مِنْ نَفْسِي ثُمَّ لَمْ أَفِ لَكَ بِهِ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ فَخَالَطَهُ مَا لَيْسَ لَكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَاغْفِرْ لِي يَا رَبِّ وَ لِوَالِدَيَّ وَ مَا وَ لَدَا وَ مَا وَلَدْتُ وَ مَا تَوَالَدَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي قَضَى عَنِّي صَلَاةً كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً وَ لَمْ يَجْعَلْنِي مِنَ الْغَافِلِينَ»(1)

ص: 116


1- مصباح المتهجد: 219 مکارم الاخلاق: 302 بحارالانوار: 83/ 163

تكليف 15 في زيارة مولانا أمير المؤمنين علیه السلام المخصوصة ممّا يزار به من طلوع الفجرإلى طلوع الشمس

ثمّ تتوجّه إلى زيارة جدّ إمامك عجّل الله فرجه أعني مولانا أمير المؤمنين صلّى الله عليه وعلى أولاده المعصومين ضرورة أنّ هذه الساعة أعني ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وفقاً لتقسيم ساعات النهار إلى اثني عشرة ساعة على حسب عدد أئمّتنا المعصومين علیهم السلام تخصّ أمير المؤمنين علیه السلام، فمن الجدير أن تتوجّه نحو جنابه علیه السلام وتقبل بوجهك إلى بابه، وتستشفع به علیه السلام لإنجاح مطالبك الدنيويّة، وتبتغيه إلى ربّك وسيلةً للنيل إلى مآربك الأخرويّة، وتزوره وتدعو الله بما رواه ابن الباقي كالشيخ الطوسيّ والكفعميّ في مصباحه وأكثر علمائنا الإماميّة نوّر الله مضاجعهم كالشيخ بهاء الدين العامليّ رحمه الله في مفتاح الفلاح، والمجلسيّ رضوان الله عليه في صلاة البحار وغيرهم، وقد ذكره هذا الحقير في كتابه الموسوم بدعوة الحسنى فلاحظ:

ص: 117

«اللَّهُمَ رَبَ الظَّلَامِ وَ الْفَلَقِ وَ الْفَجْرِ وَ الشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَ ما وَ سَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ خَالِقَ الْإِنْسَانِ مِنْ عَلَقٍ أَظْهَرْتَ قُدْرَتَكَ بِبَدِيعِ صَنْعَتِكَ وَ خَلَقْتَ عِبَادَكَ لِمَا كَلَّفْتَهُمْ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ هَدَيْتَهُمْ بِكَرَمِ فَضْلِكَ إِلَى سَبِيلِ طَاعَتِكَ وَ تَفَرَّدْتَ فِي مَلَكُوتِكَ بِعَظِيمِ السُّلْطَانِ وَ تَوَدَّدْتَ إِلَى خَلْقِكَ بِقَدِيمِ الْإِحْسَانِ وَ تَعَرَّفْتَ إِلَى بَرِيَّتِكَ بِجَسِيمِ الِامْتِنَانَ يَا مَنْ يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ الَّذِي نَزَلَتِ الرُّوحُ عَلَى قَلْبِهِ لِيَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنِ عَمِّ الرَّسُولِ وَ بَعْلِ الْكَرِيمَةِ الْبَتُولِ الَّذِي فُرِضَتْ وَ لَايَتُهُ عَلَى الْخَلْقِ وَ كَانَ يَدُورُ حَيْثُ دَارَ الْحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَقَدْ جَعَلْتُهُمْ وَ سِيلَتِي وَ قَدَّمْتُهُمْ أَمَامِي وَ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي أَنْ تَغْفِرَ ذَنْبِي وَ تُطَهِّرَ قَلْبِي وَتَسْتُرَ عَيْبِي وَ تُفَرِّجَ كَرْبِي وَ تُبَلِّغَنِي مِنْ طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ غَايَةَ أَمَلِي وَ تَقْضِيَ لِي حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ»(1)

ودعاء آخر يستحبّ قرائته في هذه الساعة:

«اللَّهُمَّ رَبَّ الْبَهَاءِ وَ الْعَظَمَةِ وَ الْكِبْرِيَاءِ وَ السُّلْطَانِ أَظْهَرْتَ الْقُدْرَةَ كَيْفَ شِئْتَ وَ مَنَنْتَ عَلَى عِبَادِكَ بِمَعْرِفَتِكَ وَ تَسَلَّطْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَرُوتِكَ وَ عَلَّمْتَهُمْ شُكْرَ نِعْمَتِكَ اللَّهُمَّ فَبِحَقِ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى لِلدِّينِ وَالْعَالِمِ بِالْحُكْمِ وَ مَجَارِي التُّقَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ وَ أُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذا..»(2)

ص: 118


1- المصباح (الفعمي): 134
2- مصباح المتجد: 2/ 512

وقد نقله الكفعميّ بهذه الزيادة:

«وَ أَنْ تَنْتَقِمَ لِي مِمَّنْ ظَلَمَنِي وَبَغَى عَلَيَّ وَ اكْفِنِي مَؤُنَةَ مَنْ يُرِيدُنِي بِسُوءٍ أَوْ ظُلْمٍ يَا نَاصِرَ الْمَظْلُومِ [المبغي] الْمَبْغِيِّ عَلَيْهِ يَا عَظِيمَ الْبَطْشِ يَا شَدِيدَ الِانْتِقَامِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ»(1)

ثمّ تطلب حاجتك، وهي مقضية إن شاء الله تعالى.

ص: 119


1- المصباح (الکفعمي): 133

ص: 120

تكليف 16 في كيفيّة زيارة أئمّتنا المعصومين علیهم السلام في أيّام الأسبوع

ثمّ تلاحظ يومك الحادث أنّه أيّ يوم من أيّامك، وبم يسمّى، وإلى أيّ حجّة من الحجج الطاهرين علیهم السلام ينسب لتتشبّث بذيل عنايته، وتتمسّك بحبل ولائه، وتستشفع به لإنجاح مطالبك الدنيويّة والنيل إلى مآربك الآخرويّة، وتعتصم به في تفريج الغموم وتنفيس الهموم، وتستعذ به لدفع همزات أبالسة الجانّ ولمزات شياطين الإنس.

وقد ذكر السيّد ابن طاوس رضوان الله عليه في كتابه جمال الأسبوع نسبة أيّام الأسبوع تفصيلاً بإسناده إلى الإمام عليّ بن محمّد النقيّ الهادي علیه السلام:

أمّا السبت فرسول الله صلی الله علیه و اله، والأحد أمير المؤمنين علیه السلام، والاثنين الحسن والحسين علیهما السلام، والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد، والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا عليّ بن

ص: 121

محمّد، والخميس ابني الحسن(1) ، و[الجمعة صاحب العصر والزمان روحي وأرواح العالمين فداه].

ثمّ يذكر قدّس الله روحه ما يخصّ كلّ إمام من أئمّتنا المعصومين علیهم السلام من الزيارات المخصوصة على نحو ما يلي بيانه:

زيارة رسول الله صلی الله علیه و اله في يوم السبت:

«أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاتِ رَبِّكَ وَ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ أَدَّيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ وَ أَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ غَلُظْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ فَبَلَغَ اللَّهُ بِكَ أَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنَا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَ صَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ وَ أَنْبِيَائِكَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ مَنْ سَبَّحَ لَكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ أَمِينِكَ وَ نَجِيبِكَ وَ حَبِيبِكَ وَ صَفِيِّكَ وَ صَفْوَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ وَ خَالِصَتِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضِيلَةَ وَالْوَسِيلَةَ وَ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَ ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً إِلَهِي فَقَدْ أَتَيْتُ نَبِيَّكَ مُسْتَغْفِراً تَائِباً مِنْ ذُنُوبِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ

ص: 122


1- جمال الاسبوع: 36

وَ آلِهِ وَ اغْفِرْهَا لِي يَا سَيِّدَنَا أَتَوَجَّهُ بِكَ وَ بِأَهْلِ بَيْتِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَبِّكَ وَ رَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ثُمَّ اسْتَرْجِعْ ثَلَاثاً وَ قُلْ أُصِبْنَا بِكَ يَا حَبِيبَ قُلُوبِنَا فَمَا أَعْظَمَ الْمُصِيبَةَ بِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ عَنَّا الْوَحْيُ وَ حَيْثُ فَقَدْنَاكَ فَإِنَّا لِلهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ يَا سَيِّدَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ هَذَا يَوْمُ السَّبْتِ وَ هُوَ يَوْمُكَ وَ أَنَا فِيهِ ضَيْفُكَ وَ جَارُكَ فَأَضِفْنِي وَأَجِرْنِي فَإِنَّكَ كَرِيمٌ تُحِبُّ الضِّيَافَةَ وَ مَأْمُورٌ بِالْإِجَارَةِ فَأَضِفْنِي وَ أَحْسِنْ ضِيَافَتِي وَ أَجِرْنَا وَأَحْسِنْ إِجَارَتَنَا بِمَنْزِلَةِ اللَّهِ عِنْدَكَ وَ عِنْدَ آلِ بَيْتِكَ وَ بِمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَهُ وَ بِمَا اسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِين».

زيارة أمير المؤمنين علیه السلام وفاطمة الزهراء علیهاالسلام في يوم الأحد:

«السَّلَامُ عَلَى الشَّجَرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَ الدَّوْحَةِ الْهَاشِمِيَّةِ الْمُضِيئَةِ الْمُثْمِرَةِ بِالنُّبُوَّةِ الْمُونِقَةِ بِالْإِمَامَةِ وَ عَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَ نُوحٍ علیهماالسلامالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ وَالْحَافِّينَ بِقَبْرِكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَوْمُ الْأَحَدِ وَ هُوَ يَوْمُكَ وَ بِاسْمِكَ وَ أَنَا ضَيْفُكَ فِيهِ وَ جَارُكَ فَأَضِفْنِي يَا مَوْلَايَ وَأَجِرْنِي فَإِنَّكَ كَرِيمٌ تُحِبُّ الضِّيَافَةَ وَ مَأْمُورٌ بِالْإِجَارَةِ فَافْعَلْ مَا رَغِبْتُ إِلَيْكَ فِيهِ وَ رَجَوْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزِلَتِكَ وَ آلِ بَيْتِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَكُمْ وَ بِحَقِّ ابْنِ عَمِّكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ».

زيارة الزهراء علیهاالسلام:

«السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ

ص: 123

صَابِرَةً أَنَا لَكِ مُصَدِّقٌ صَابِرٌ عَلَى مَا أَتَى بِهِ أَبُوكِ وَ وَصِيُّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ أَنَا أَسْأَلُكِ إِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنِي بِتَصْدِيقِي لَهُمَا لِتُسَرَّ نَفْسِي فَاشْهَدِي أَنِّي ظَاهِرٌ بِوَلَايَتِكِ وَ وَلَايَةِ آلِ بَيْتِكِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ».

أقول: ووجدت في هذه الزيارة زيارة برواية أخرى وهي:

«السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ وَ كُنْتِ لِمَا امْتَحَنَكِ بِهِ صَابِرَةً وَ نَحْنُ لَكِ أَوْلِيَاءُ مُصَدِّقُونَ وَ لِكُلِّ مَا أَتَى بِهِ أَبُوكِ صلی الله علیه و اله وَأَتَى بِهِ وَصِيُّهُ علیه السلام مُسَلِّمُونَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ إِذْ كُنَّا مُصَدِّقِينَ لَهُمْ أَنْ تُلْحِقَنَا بِتَصْدِيقِنَا بِالدَّرَجَةِ الْعَالِيَةِ لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِهِمْ علیهم السلام».

زيارة السبط الأكبر الإمام الحسن المجتبى علیه السلام في يوم الاثنين:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَفْوَةَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صِرَاطَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَيَانَ حُكْمِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَاصِرَ دِينِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا السَّيِّدُ الزَّكِيُّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْبَرُّ الْوَفِيُّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْقَائِمُ الْأَمِينُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَالِمُ بِالتَّأْوِيلِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْهَادِي الْمَهْدِيُّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الطَّاهِرُ الزَّكِيُّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْحَقُّ الْحَقِيقُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ».

ص: 124

زيارة السبط الشهيد الإمام الحسين علیه السلام في يوم الاثنين:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً وَ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ فَعَلَيْكَ السَّلَامُ مِنِّي مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَنَا يَا مَوْلَايَ مَوْلًى لَكَ وَ لِآلِ بَيْتِكَ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَ جَهْرِكُمْ وَ ظَاهِرِكُمْ وَ بَاطِنِكُمْ لَعَنَ اللَّهُ أَعْدَاءَكُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَ أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمْ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ وَ هُوَ يَوْمُكُمَا وَ بِاسْمِكُمَا وَ أَنَا فِيهِ ضَيْفُكُمَا فَأَضِيفَانِي وَ أَحْسِنَا ضِيَافَتِي فَنِعْمَ مَنِ اسْتُضِيفَ بِهِ أَنْتُمَا وَ أَنَا فِيهِ مِنْ جِوَارِكُمَا فَأَجِيرَانِي فَإِنَّكُمَا مَأْمُورَانِ بِالضِّيَافَةِ وَ الْإِجَارَةِ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمَا وَ آلِكُمَا الطَّيِّبِينَ».

زيارة الإمام عليّ بن الحسين، والإمام محمّد بن عليّ، والإمام جعفر بن محمّد صلوات الله عليهم أجمعين في يوم الثلاثاء:

«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا تَرَاجِمَةَ وَحْيِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَئِمَّةَ الْهُدَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَعْلَامَ التُّقَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا عَارِفٌ بِحَقِّكُمْ مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ مُعَادٍ لِأَعْدَائِكُمْ مُوَالٍ لِأَوْلِيَائِكُمْ بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَالَى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَالَيْتُ أَوَّلَهُمْ وَ أَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَ لِيجَةٍ دُونَهُمْ وَ أَكْفُرُ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَ الْعُزَّى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يَا مَوَالِيَّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْعَابِدِينَ وَ سُلَالَةَ

ص: 125

الْوَصِيِّينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَاقِرَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَادِقاً مُصَدَّقاً فِي الْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ يَا مَوَالِيَّ هَذَا يَوْمُكُمْ وَ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ وَ أَنَا فِيهِ ضَيْفٌ لَكُمْ وَ مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ فَأَضِيفُونِي وَ أَجِيرُونِي بِمَنْزِلَةِ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَ آلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ»

زيارة الإمام موسى بن جعفر، والإمام عليّ بن موسى، والإمام محمّد بن عليّ، والإمام عليّ بن محمّد صلوات الله عليهم أجمعين في يوم الأربعاء:

«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا حُجَجَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا نُورَ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي لَقَدْ عَبَدْتُمُ اللَّهَ مُخْلِصِينَ وَ جَاهَدْتُمْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاكُمُ الْيَقِينُ فَلَعَنَ اللَّهُ أَعْدَاءَكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَجْمَعِينَ وَ أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنْهُمْ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ أَنَا مَوْلًى لَكُمْ مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَ جَهْرِكُمْ مُتَضَيِّفٌ بِكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا وَ هُوَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ وَ مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ فَأَضِيفُونِي وَ أَجِيرُونِي بِآلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ».

زيارة الإمام الحسن بن عليّ صاحب العسكر في يوم الخميس:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ خَالِصَتَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثَ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةَ رَبِّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍ أَنَا مَوْلًى لَكَ

ص: 126

وَ لِآلِ بَيْتِكَ وَ هَذَا يَوْمُكَ وَ هُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَ أَنَا ضَيْفُكَ فِيهِ وَ مُسْتَجِيرٌ بِكَ فِيهِ فَأَحْسِنْ ضِيَافَتِي وَ إِجَارَتِي بِحَقِّ آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ».

زيارة إمامنا وسيّدنا صاحب العصر والزمان محمّد بن الحسن صلوات الله عليه في يوم الجمعة:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَ يُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخَائِفُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَلِيُّ النَّاصِحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَفِينَةَ النَّجَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ الْحَيَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ عَجَّلَ اللَّهُ لَكَ مَا وَ عَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَ ظُهُورِ الْأَمْرِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ أَنَا مَوْلَاكَ عَارِفٌ بِأُولَاكَ وَأُخْرَاكَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَ وَ بِآلِ بَيْتِكَ وَأَنْتَظِرُ ظُهُورَكَ وَ ظُهُورَ الْحَقِّ عَلَى يَدَيْكَ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لَكَ وَالتَّابِعِينَ وَالنَّاصِرِينَ لَكَ عَلَى أَعْدَائِكَ وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي جُمْلَةِ أَوْلِيَائِكَ يَا مَوْلَايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ بَيْتِكَ هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَوْمُكَ الْمُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ وَالْفَرَجُ فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى يَدِكَ وَ قَتْلُ الْكَافِرِينَ بِسَيْفِكَ وَ أَنَا يَا مَوْلَايَ فِيهِ ضَيْفُكَ وَ جَارُكَ وَأَنْتَ يَا مَوْلَايَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلَادِ الْكِرَامِ وَ مَأْمُورٌ بِالضِّيَافَةِ وَالْإِجَارَةِ فَأَضِفْنِي وَأَجِرْنِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِين»(1)

ص: 127


1- جمال الاسبوع: 36-42

وأمّا صلاة الهدية لكلّ إمام من الأئمّة الهداة علیه السلام فسوف نتعرّض لإيرادها في مقام يناسب ذلك فترقّب.

ص: 128

تكليف 17 في التوجّه والإقبال عليه أرواحنا فداه قبل الإتيان بالصلاة

اعلم يقيناً أنّ حقيقة الصلاة والصيام والحجّ والجهاد وكافّة الأعمال من المفروضات والمندوبات وجميع التكاليف من الفرائض والسنن إنّما هي ولاية أهل بيت العصمة والطهارة علیهم السلام، ولا تقبل طاعة عبد إلّا بولايتهم علیهم السلام كما سبقت إليه الإشارة في زيارة صاحب العصر والزمان علیه السلام: أشهد أنّ بولايتك تقبل الأعمال وتزكّى الأفعال وتضاعف الحسنات.

فمن أخلص لهم المحبّة والمودّة، واعتقد بولايتهم وفرض طاعتهم كان من السابقين في التقرّب إلى الله وإلى رسوله وإلى الأئمّة الطاهرين علیهم السلام، فإذن عليك أن تتوجّه قبل الإتيان بالصلاة نحو إمامك عجّل الله فرجه فإنّه حقيقة العبادة وروحها، وبيمن وجوده زرقت ورزق الورى، ووفّقت لامتثال الصلاة وأدائها، وبولايته تقبل الطاعات ولولاها لم تقبل طاعة عبد وإن عبد الله إلى أن يصير كالشن البالي: أشهد أنّكم صلاتي وصومي وحجّي وجهادي.

ص: 129

وروي عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عزّ وجلّ، ونحن الزكاة، ونحن الصيام، ونحن الحجّ، ونحن الشهر الحرام، ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله، ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله، قال الله تعالى: «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ»(1)

فتقرء في افتتاح صلاتك ما ورد عن الناحية المقدّسة في التوقيع الشريف في جواب مسائل الحميريّ، وهو من السنن المؤكّدة المجمع عليها بلا خلاف:

«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ دِينِ مُحَمَّدٍ وَهُدَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْلِمِين»(2)

فلا بدّ أن تتوجّه نحو جنابه علیه السلام وتتّجه إلى بابه معتصماً بحبل ولايته وولاية آبائه الكرام البررة علیهم السلام، وتدعو له في قنوت صلاتك وتقنت بما روي عن أئمّتك الهداة علیهم السماء سيّما ما يختصّ به علیه السلام، نحو ما روي في المهج وغيره من كتب الأدعيّة:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَكْرِمْ أَوْلِيَاءَكَ بِإِنْجَازِ وَ عْدِكَ وَبَلِّغْهُمْ دَرْكَ مَا يَأْمُلُونَهُ مِنْ نَصْرِكَ وَ اكْفُفْ عَنْهُمْ بَأْسَ مَنْ نَصَبَ الْخِلَافَ عَلَيْكَ وَ تَمَرَّدَ بِمَنْعِكَ عَلَى رُكُوبِ مُخَالَفَتِكَ وَ اسْتَعَانَ بِرِفْدِكَ عَلَى فَلِّ حَدِّكَ وَ قَصَدَ لِكَيْدِكَ

ص: 130


1- سورة البقرة: 115 بحار النوار: 24/ 303
2- الاحتچاچ: 2/ 486

بِأَيْدِكَ وَ وَسِعْتَهُ حِلْماً لِتَأْخُذَهُ عَلَى جَهْرَةٍ وَ تَسْتَأْصِلَهُ عَلَى عِزَّةٍ فَإِنَّكَ اللَّهُمَّ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ _ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَ قُلْتَ فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَ إِنَّ الْغَايَةَ عِنْدَنَا قَدْ تَنَاهَتْ وَ إِنَّا لِغَضَبِكِ غَاضِبُونَ وَ إِنَّا عَلَى نَصْرِ الْحَقِّ مُتَعَاصِبُونَ وَ إِلَى وُرُودِ أَمْرِكَ مُشْتَاقُونَ وَ لِإِنْجَازِ وَ عْدِكَ مُرْتَقِبُونَ وَ لِحُلُولِ وَ عِيدِكَ بِأَعْدَائِكَ مُتَوَقِّعُونَ اللَّهُمَّ فَأَذِّنْ بِذَلِكَ وَافْتَحْ طُرُقَاتِهِ وَسَهِّلْ خُرُوجَهُ وَ وَطِّئْ مَسَالِكَهُ وَ اشْرَعْ شَرَائِعَهُ وَ أَيِّدْ جُنُودَهُ وَأَعْوَانَهُ وَ بَادِرْ بَأْسَكَ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَابْسُطْ سَيْفَ نَقِمَتِكَ عَلَى أَعْدَائِكِ الْمُعَانِدِينَ وَ خُذْ بِالثَّارِ إِنَّكَ جَوَادٌ مَكَّار»(1)

أو تدعو بما ورد في أعمال ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وفي الشهر كلّه، وكيف ما أمكنك، ومتى حضر من دهرك:

«اللَّهُمَ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ الْحُجَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَ لِيّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً وَ دَلِيلًا وَ مُؤَيِّداً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فِيهَا طُولًا وَ عَرْضاً وَ تَجْعَلَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْوَارِثِينَ اللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ وَاجْعَلِ النَّصْرَ [مِنْكَ] لَهُ وَ عَلَى يَدِهِ وَالْفَتْحَ عَلَى وَجْهِهِ وَ لَا تُوَجِّهِ الْأَمْرَ إِلَى غَيْرِهِ اللَّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ حَتَّى لَا يَسْتَخْفِيَ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ تُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَ أَهْلَهُ

ص: 131


1- مهج الدعوات: 67

وَ تَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ وَالْقَادَةِ إِلَى سَبِيلِكَ وَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ وَ اجْمَعْ لَنَا خَيْرَ الدَّارَيْنِ وَاقْضِ عَنَّا جَمِيعَ مَا تُحِبُّ فِيهِمَا وَ اجْعَلْ لَنَا فِي ذَلِكَ الْخِيَرَةَ بِرَحْمَتِكَ وَ مَنِّكَ فِي عَافِيَةٍ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ زِدْنَا مِنْ فَضْلِكَ وَ يَدِكَ الْمَلْأَى فَإِنَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنْقُصُ مِنْ مِلْكِهِ وَ عَطَاؤُكَ يَزِيدُ فِي مِلْكِك»(1)

ص: 132


1- لقبال الاعمال: 1/ 85

تكليف 18 في طريقة الإتيان بالصلاة، ومعنى تذكّره أرواحنا فداه

ولا بدّ أن تعبد الله كأنّك تراه وترى حجّته علیه السلام ناظراً إليك لئلا تعدّ صلاتك كصلاة حمّاد الذي أتى عليه عصر من الدهر ولم يستطع على الإتيان بصلاة صحيحة بحضرة إمامه، فإيّاك وأن يعتريك الذهول وتأخذك الغفلة في أفعال صلاتك من القيام والقعود والركوع والسجود عن إمامك أرواحنا فداه فقل في تشهّدك ما روي في فقه الرضا علیه السلام:

«بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلهِ وَالْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى كُلُّهَا لِلهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ التَّحِيَّاتُ لِلهِ وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ الزَّاكِيَاتُ الْغَادِيَاتُ الرَّائِحَاتُ التَّامَّاتُ النَّاعِمَاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّالِحَاتُ لِلهِ مَا طَابَ وَ زَكَا وَ طَهُرَ وَ نَمَا وَ خَلَصَ فَلِلهِ وَ مَا خَبُثَ فَلِغَيْرِ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّكَ نِعْمَ الرَّبُّ وَ أَنَّ مُحَمَّداً نِعْمَ الرَّسُولُ وَ أَنَّ عَلِيّاً نِعْمَ الْمَوْلَى وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ الْبَعْثَ

ص: 133

حَقٌ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ وَ سَلَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ مِنْ آلِ طه وَ يَاسِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نُورِكَ الْأَنْوَرِ وَ عَلَى حَبْلِكَ الْأَطْوَلِ وَ عَلَى عُرْوَتِكَ الْأَوْثَقِ وَ عَلَى وَجْهِكَ الْأَكْرَمِ وَ عَلَى جَنْبِكَ الْأَوْجَبِ وَ عَلَى بَابِكَ الْأَدْنَى وَ عَلَى مَسْلَكِ الصِّرَاطِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ الْفَاضِلِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ الْأَبْرَارِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَبْرَائِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ عِزْرَائِيلَ وَ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَ رُسُلِكَ أَجْمَعِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ أَكْتَعِينَ وَ اخْصُصْ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله بِأَفْضَلِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِين»(1)

وإذا بلغت قولك: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ مِنْ آلِ طه وَ يَاسِينَ» تذكّر إمام زمانك.

وإذا بلغت قولك: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ الْفَاضِلِينَ

ص: 134


1- فقه الرضا علیه السلام: 108

الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ الْأَبْرَارِ» تذكّر إمام العصر وآبائه الكرام صلّى الله عليهم أجمعين.

وإذا بلغت قولك: «السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِين» تذكّر إمام زمانك.

وإذا أردت التسليم بقولك: «السَّلَامُ عَلَيْكُم وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُه» تذكّر محمّد وآل محمّد سيّما إمام زمانك، وكذا سائر أهل الإيمان من الجنّ والإنس، وإيّاك ثمّ إيّاك وأن يقع سلامك موقع اللغو.

ثمّ تسجد شكراً لله وتدعو له؟ علیه السلام في سجودك كما ورد عن الإمام الصادق علیه السلام، وسنورده بأسره إن شاء الله تعالى.

ص: 135

ص: 136

تكليف 19 في الدعاء لإمام العصر أرواحنا فداه عقيب كلّ صلاة بما ورد من الدعوات المخصوصة

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام علیه السلام إنّما هو الدعاء له أرواحنا فداه عقيب كلّ صلاة، والاستشفاع بجنابه ليشفع لك في قبول صلاتك عند الله جلّ جلاله وعمّ نواله والتضرّع إلى بابه لتصحيح ما يعرض عليه في كلّ حين من أعمالك وصلواتك فاجعل عمدة ما تتعقّب به صلاتك الدعاء لسلامة وجوده علیه السلام من الآفات والعاهات بما ورد من الأدعيّة المأثورة أو الدعوات المنشأة المنشدة سيّما ما يتضمّن السلام والصلوات عليه وعلى آبائه الأئمّة الطاهرين علیهم السلام كما هو ديدن أهل الإسلام وسيرة أهل الإيمان.

أمّا التعقيبات المخصوصة الواردة عن الأئمّة المعصومين علیهم السلام عقيب كلّ صلاة المشتملة على الدعاء لسلامة وجوده أرواحنا فداه من الآفات والعاهات فإنّها في غاية الكثرة منها ما ورد في تعقيب صلاة الليل وصلاة الشفع والوتر وفي قنوتاتها، ومنها ما ورد في تعقيب نافلة الفجر وعقيب فريضته، وقد أوردنا

ص: 137

شطراً منها فيما أسلفنا وطوينا عن إيراد بعض منها مخافة الإطالة _ فمن أراد ذلك أخذه عن مظانّه _ وعليك بالدوام والاستمرار وعدم التغافل والتكاسل.

ومن جملة الأدعيّة التي لا ينبغي تركها عقيب صلاة الظهر ما ذكره السيّد ابن طاوس _ قدّس الله روحه _ في فلاح السائل حيث قال:

من المهمّات عقيب صلاة الظهر الاقتداء بالصادق علیه السلام في الدعاء للمهديّ علیه السلام الذي بشّر به محمّد رسول الله صلی الله علیه و اله أمّته في صحيح الروايات، ووعدهم أنّه يظهر في أواخر الأوقات، كما رواه أبو محمّد وهبان الدنبليّ [الدُّبَيْلِيُ] عن أبي عليّ محمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور العمّيّ عن أبيه عن أبيه محمّد بن جمهور عن أحمد بن الحسين السكريّ عن عباد بن محمّد المدائنيّ قال: دخلت على أبي عبد الله علیه السلام بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر وقد رفع يديه إلى السماء وهو يقول:

«أَيْ سَامِعَ كُلِ صَوْتٍ أَيْ جَامِعَ كُلِّ فَوْتٍ أَيْ بَارِئَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ بَاعِثُ أَيْ وَارِثُ أَيْ سَيِّدَ السَّادَةِ أَيْ إِلَهَ الْآلِهَةِ أَيْ جَبَّارَ الْجَبَابِرَةِ أَيْ مَلِكَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ أَيْ رَبَّ الْأَرْبَابِ أَيْ مَلِكَ الْمُلُوكِ أَيْ بَطَّاشُ أَيْ ذَا الْبَطْشِ الشَّدِيدِ أَيْ فَعَّالًا لِمَا يُرِيدُ أَيْ مُحْصِيَ عَدَدِ الْأَنْفَاسِ وَ نَقْلِ الْأَقْدَامِ أَيْ مَنِ السِّرُّ عِنْدَهُ عَلَانِيَةٌ أَيْ مُبْدِئُ أَيْ مُعِيدُ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَى خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ بِحَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَى نَفْسِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ السَّاعَةَ بِفَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَأَنْجِزْ لِوَلِيِّكَ وَ ابْنِ نَبِيِّكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ وَأَمِينِكَ فِي خَلْقِكَ وَعَيْنِكَ فِي عِبَادِكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى

ص: 138

خَلْقِكَ عَلَيْهِ صَلَوَاتُكَ وَ بَرَكَاتُكَ وَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِنَصْرِكَ وَانْصُرْ عَبْدَكَ وَ قَوِّ أَصْحَابَهُ وَ صَبِّرْهُمْ وَ افْتَحْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَ أَمْكِنْهُ مِنْ أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ قَالَ أَ لَيْسَ قَدْ دَعَوْتَ لِنَفْسِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ قَدْ دَعَوْتُ لَنُورِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَابِقِهِمْ وَالْمُنْتَقِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ قُلْتُ مَتَى يَكُونُ خُرُوجُهُ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ إِذَا شَاءَ مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ قُلْتُ فَلَهُ عَلَامَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ عَلَامَاتٌ شَتَّى قُلْتُ مِثْلُ مَا ذَا قَالَ خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ رَايَةٍ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ فِتْنَةٌ تُظِلُّ أَهْل»(1)

وفي بعض النسخ «يا» بدل «أي».

ومن جملة الأدعيّة التي ذكرها السيّد _ قدّس الله روحه _ في فلاح السائل أيضاً هو ما رواه بإسناده عن جميل بن درّاج عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام:

دخل رجل على أبي عبد الله علیه السلام، فقال له يا سيّدي، علّت سني، ومات أقاربي، وأنا خائف أن يدركني الموت، وليس لي من آنس به وارجع إليه، فقال له: إنّ من إخوانك المؤمنين، من هو أقرب نسباً أو سبباً، وأنسك به خير من أنسك بقريب، ومع هذا فعليك بالدعاء، وأن تقول عقيب كلّ صلاة:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ إِنَّ رَسُولَكَ الصَّادِقَ الْمُصَدَّقَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: إِنَّكَ قُلْتَ مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى

ص: 139


1- فلاح السائل: 170

مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَجِّلْ لِأَوْلِيَائِكَ الْفَرَجَ وَالنَّصْرَ وَالْعَافِيَةَ وَ لَا تَسُوؤُنِي فِي نَفْسِي وَلَا في أَحَدٍ مِنْ أَحَبَّتي»(1)

إن شئت أن تسمّيهم واحداً واحداً فافعل، وإن شئت متفرّقين، وإن شئت مجتمعين، قال الرجل: والله لقد عشت حتّى سئمت الحياة(2)

قال المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في المقباس: إنّ هذا الدعاء معتبر جدّاً، ومنقول في جميع كتب الأدعيّة.

فلمّا بلغت هذه العبارة أعني قوله: «عجّل لوليّك الفرج والعافية والنصر..» تذكّر إمام العصر أرواحنا فداه، واسأل الله له الفرج والعافية والنصرة.

ومن جملة الأدعيّة التي ينبغي المداومة عليها هو ما ورد في عقيب فريضة العصر، وقد ذكره السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ وغيره من أساطين علمائنا الإماميّة _ قدّس الله أسرارهم _ في كتبهم، قال السيّد _ رحمه الله _ :

ومن المهمّات بعد صلاة العصر الاقتداء بمولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليهما في الدعاء لمولانا المهديّ صلوات الله عليه كما رواه محمّد بن بشير الأزديّ، عن أحمد بن عمر الكاتب، عن الحسن بن محمّد بن جمهور العميّ، عن أبيه محمّد بن جمهور، عن يحيى بن الفضل النوفليّ قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر علیهماالسلام ببغداد حين فرغ من صلاة العصر، فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول:

ص: 140


1- مکارم الاخلاق: 284
2- مستدرک الوسائل: 5/ 77

«أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ إِلَيْكَ زِيَادَةُ الْأَشْيَاءِ وَ نُقْصَانُهَا وَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَ الْخَلْقَ بِغَيْرِ مَعُونَةٍ مِنْ غَيْرِكَ وَ لَا حَاجَةٍ إِلَيْهِمْ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ مِنْكَ الْمَشِيَّةُ وَ إِلَيْكَ الْبَدْءُ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ قَبْلَ الْقَبْلِ وَ خَالِقُ الْقَبْلِ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ بَعْدَ الْبَعْدِ وَ خَالِقُ الْبَعْدِ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَ تُثْبِتُ وَ عِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ غَايَةُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ وَارِثُهُ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ لَا يَعْزُبُ عَنْكَ الدَّقِيقُ وَ لَا الْجَلِيلُ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ اللُّغَاتُ وَ لَا تَتَشَابَهُ عَلَيْكَ الْأَصْوَاتُ كُلَّ يَوْمٍ أَنْتَ فِي شَأْنٍ لَا يَشْغَلُكَ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَأَخْفَى دَيَّانُ الدِّينِ مُدَبِّرُ الْأُمُورِ بَاعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ مُحْيِي الْعِظَامِ وَهِيَ رَمِيمٌ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْمَخْزُونِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي لَا يَخِيبُ مَنْ سَأَلَكَ بِهِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ الْمُنْتَقِمِ لَكَ مِنْ أَعْدَائِكَ وَأَنْجِزْ لَهُ مَا وَعَدْتَهُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ».

قال يحيى بن الفضل النوفليّ: قلت: من المدعوّ له؟ قال: ذاك المهديّ من آل محمّد صلى الله عليه وآله، ثمّ قال: بأبي المنتدح البطن، المقرون الحاجبين، أحمش الساقين، بعيد ما بين المنكبين، أسمر اللون، يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً، بأبى من لا يأخذه في الله لومة لائم، مصباح الدجى، بأبى القائم بأمر الله، قلت: ومتى خروجه؟ قال: إذا رأيت العساكر بالأنبار على شاطئ الفرات والضراة، ودجلة وهدم قنطرة الكوفة، وإحراق بعض بيوتات الكوفة فإذا رأيت ذلك فإنّ

ص: 141

الله يفعل ما يشاء، لا غالب لأمر الله ولا معقّب لحكمه(1)

ومن جملة الأدعيّة التي ينبغي المواظبة عليها عقيب كلّ صلاة أو في كلّ يوم المشتملة على المسئلة من حضرة الربوبيّة سبحانه وتعالى رؤية طلعة قائم آل محمّد صلی الله علیه و آله الرشيدة وغرّته الحميدة هو ما ذكره السيّد ابن طاوس في مهج الدعوات فيما عقده لإيراد أحراز زين العابدين وسيّد الساجدين علیه السلام:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ يَا خَالِقَ الْمَخْلُوقِينَ يَا رَازِقَ الْمَرْزُوقِينَ يَا نَاصِرَ الْمَنْصُورِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا دَلِيلَ الْمُتَحَيِّرِينَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ أَغِثْنِي يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ أَنْتَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ الْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عَلَى عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى وَالْحَسَنِ الْمُجْتَبَى وَالْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ بِكَرْبَلَاءَ وَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاظِمِ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ التَّقِيِّ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّقِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ وَالْحُجَّةِ الْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ وَ الِ مَنْ وَالاهُمْ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُمْ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُمْ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَ الْعَنْ مَنْ ظَلَمَهُمْ وَ عَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ وَانْصُرْ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ

ص: 142


1- فلاح السائل: 200

وَ أَهْلِكْ أَعْدَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْزُقْنِي رُؤْيَةَ قَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْنِي مِنْ أَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ»(1)

ومن الأدعيّة الواردة في السجود عقيب كلّ صلاة ما رواه السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه خرّ ساجداً لا يسمع منه إلّا النفس ساعة طويلة، وهو يشتمل على الدعاء للفرج:

«لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ خالِقَ الْخَلْقِ بِلا حاجَةٍ فِيكَ إِلَيْهِمْ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُبْدِئَ الْخَلْقِ لا يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِكَ شَيْ ءٌ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُدَبِّرُ الأُمُورِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ دَيَّانَ الدِّينِ وَ جَبَّارَ الْجَبابِرَةِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُجْرِي الْماءِ فِي الصَّخْرَةِ الصَّمّاءِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُجْرِي الْماءِ فِي النَّباتِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُكَوِّنَ طَعْمِ الثِّمارِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُحْصِيَ عَدَدِ الْقَطْرِ وَ ما تَحْمِلُهُ السَّحابُ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُحْصِيَ عَدَدِ ما تَجْرِي بِهِ الرِّياحُ فِي الْهَواءِ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُحْصِيَ ما فِي الْبِحارِ مِنْ رَطْبٍ وَ يابِسٍ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ مُحْصِيَ ما يَدُبُّ فِي ظُلُماتِ الْبِحارِ وَ فِي أَطْباقِ الثَّرى، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّاكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ، مِنْ نَبِيٍّ أَوْ صِدِّيقٍ أَوْ شَهِيدٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ مَلائِكَتِكَ، وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَ إِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ وَ بَرَكاتُكَ، وَ بِحَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ، وَأَنَلْتَهُمْ بِهِ فَضْلَكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ

ص: 143


1- مهج الدعوات: 16

وَ رَسُولِكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ وَ سِراجِكَ السَّاطِعِ بَيْنَ عِبادِكَ، فِي أَرْضِكَ وَ سَمائِكَ، وَ جَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، وَ نُوراً اسْتَضاءَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، فَبَشَّرَنا بِجَزِيلِ ثَوابِكَ، وَ أَنْذَرَنا الْأَلِيمَ مِنْ عَذابِكَ، أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ جاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ وَ صَدقَ الْمُرْسَلِينَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ ذائِقُوا الْعَذابَ الْأَلِيمَ، أَسْأَلُكَ يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ، يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي، يا مَوْلايَ يا مَوْلايَ يا مَوْلايَ، أَسْأَلُكَ فِي هذِهِ الْغَداةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبادِكَ وَ سائِلِيكَ نَصِيباً، وَ أَنْ تَمُنَ عَلَيَّ بِفَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَ أَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما سَأَلْتُكَ وَ ما لَمْ أَسْأَلُكَ مِنْ عَظِيمِ جَلالِكَ، ما لَوْ عَلِمْتُهُ لَسَأَلْتُكَ بِهِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ أَنْ تَأْذَنَ لِفَرَجِ مَنْ بِفَرَجِهِ فَرَجُ أَوْلِيائِكَ وَأَصْفِيائِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ بِهِ تُبِيدُ الظَّالِمِينَ وَ تُهْلِكُهُمْ، عَجِّلْ ذلِكَ يا رَبَّ الْعالَمِين»(1)

ص: 144


1- اقبال الاعمال: 1/ 367

تكليف 20 في الدعاء لظفره ونصرته وتظاهره أرواحنا فداه على أعادي الدين

ومن التكاليف المقرّرة على الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو المدوامة على الدعاء لظفره وانتصاره في عهد غيبته وزمن ظهوره على أعاديه من الجنّ والإنس ضرورة أنّ أعدى عدوّه في كلّ عصر وزمان إنّما هو الشيطان الملعون وأتباعه لعنهم الله الذين يمهّدون بوسائط مختلفة طرائق عداوته وعناده، ويظهرون بأسباب عديدة وثائق خصومته ولداده، فعلى كلّ عبد من العباد أن يسأل البارئ سبحانه وتعالى في كلّ وقت من أوقاته تعجيل نصرته وفتحه وظفره على أعادي الدين عاجلاً وآجلاً، وألّا يظنّ أنّه علیه السلام اختار الانزواء مخافة الأعادي، ولم يؤمر بالذبّ عن حريم الشريعة والدين بدفع الأجانب ورفع المبغضين، بل إنّه علیه السلام قائم في كلّ يوم وليلة آناً فآناً يداً ولساناً ومالاً وقلماً وقدماً على محاربة أعداء الدين المبين ومجادلتهم من أعاديه الظاهرة والباطنة من دون سأمة إلى أن يحين موعد ظهوره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

ص: 145

أوما قرع سمعك ما نقله في بحار الأنوار من وقعة حدثت بين طائفة الإماميّة وفرقة العامّة في زمن الغيبة الكبرى؟

وملخّص ذلك: قال محيي الدين الإربليّ:

«إنّه حضر عند أبيه ومعه رجل فنعس فوقعت عمامته عن رأسه فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها، فقال له: هي من صفّين، فقيل له: وكيف ذلك ووقعة صفّين قديمة؟ فقال: كنت مسافراً إلى مصر فصاحبني إنسان من غزة فلمّا كنّا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفّين، فقال لي الرجل: لو كنت في أيّام صفّين لرويت سيفي من عليّ وأصحابه، فقلت: لو كنت في أيّام صفّين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه، وها أنا وأنت من أصحاب عليّ علیه السلام ومعاوية لعنه الله فاعتركنا عركة عظيمة، واضطربنا فما أحسست بنفسي إلّا مرمياً لما بي، فبينما أنا كذلك وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه، ففتحت عيني فنزل إليّ ومسح الضربة فتلاءمت فقال: البث هنا، ثمّ غاب قليلاً وعاد ومعه رأس مخاصمي مقطوعاً والدواب معه، فقال لي: هذا رأس عدوّك، وأنت نصرتنا فنصرناك، ولينصرنّ الله من نصره، فقلت: من أنت؟ فقال: فلان بن فلان يعني صاحب الأمر علیه السلام، ثمّ قال لي: وإذا سئلت عن هذه الضربة، فقل: ضربتها في صفّين»(1)

ولو أردنا استقصاء معاوناته ومعاضداته اللسانيّة والبدنيّة والسيفيّة والقلميّة والنفسيّة والماليّة في الغيبة الكبرى لصار كتاباً كبيراً.

ص: 146


1- بحار الانوار: 52/ 75

تكليف 21 في الدعاء لحفظ وجوده المبارك علیه السلام من الشرور والآفات

قال الأستاذ الأعظم _ دام ظلّه العالي على رؤوس الأعالي والأداني _ في النجم الثاقب في جملة كلام له في تبيين التكاليف المقرّرة في زمن الغيبة:

من التكاليف الدعاء لحفظ وجود امام العصر علیه السلام المبارك من شرّ شياطين الإنس والجنّ، والدعاء بطلب التعجيل لنصرته وظفره وغلبته على الكفّار والملحدين والمنافقين، وهذا أيضاً نوع من إظهار العبوديّة والرضا بما وعد الله تعالى إنّ هذا الجوهر الثمين يصنع في خزانة قدرته ورحمته وأسدل على وجهه حجاب العظمة والجلالة إلى اليوم الذي يرى المصلحة بإظهار ذلك الجوهر الثمين وإضاءة الدنيا من شعاع نوره، ولا يظهر أثر من الدعاء في مثل هذا الوعد المنجز الحتميّ إلّا أداء مراسم العبوديّة وإظهار الشوق وزيادة المحبّة والثواب، والرضا بمواهب الله تعالى الكبرى، ولو أنّهم علیهم السلام أكّدوا بالغاية وحرصّوا بالشدة على الدعاء له صلوات الله عليه في أغلب الأوقات.

ص: 147

قال السيّد الجليل عليّ بن طاوس في الفصل الثامن من كتاب فلاح السائل بعد أن ذكر الترغيب في الدعاء للإخوان:

إذا كان هذا كلّه فضل الدعاء لإخوانك فكيف فضل الدعاء لسلطانك الذي كان سبب إمكانك، وأنت تعتقد أن لولاه ما خلق الله نفسك ولا أحداً من المكلّفين في زمانه وزمانك، وأنّ اللطف بوجوده صلوات الله عليه سبب لكلّ ما أنت وغيرك فيه، وسبب لكلّ خير تبلغون إليه، فإيّاك ثمّ إيّاك أن تقدّم نفسك أو أحداً من الخلائق في الولاء، والدعاء له بأبلغ الإمكان، وأحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن، وإيّاك أن تعتقد أنّني قلت هذا لأنّه محتاج إلى دعائك هيهات هيهات، إن اعتقدت هذا فأنت مريض في اعتقادك وولائك، بل إنّما قلت هذا لما عرّفتك من حقّه العظيم عليك وإحسانه الجسيم إليك، ولأنّك إذا دعوت له قبل الدعاء لنفسك ولمن يعزّ عليك كان أقرب إلى أن يفتح الله جلّ جلاله أبواب الإجابة بين يديك؛ لأنّ أبواب قبول الدعوات قد غلقتها أيّها العبد بأغلاق الجنايات، فإذا دعوت لهذا المولى الخاصّ عند مالك الأحياء والأموات يوشك أن يفتح أبواب الإجابة لأجله فتدخل أنت في الدعاء لنفسك ولمن تدعو له في زمرة فضله، وتتّسع رحمة الله جلّ جلاله لك وكرمه وعنايته بك لتعلّقك في الدعاء بحبله.

ولا تقل فما رأيت فلاناً وفلاناً من الذين تقتدي بهم من شيوخك بما أقول يعملون، وما وجدتهم إلّا وهم عن مولانا الذي أشرت إليه صلوات الله عليه غافلون وله مهملون، فأقول لك: أعمل بما قلت لك فهو الحقّ الواضح، ومن

ص: 148

أهمل مولانا وغفل عمّا ذكرت عنه فهو والله الغلط الفاضح(1)

وفي كتاب المضمار في عمل شهر رمضان المبارك بعد ذكره أدعيّة السحر:

ومن وظائف كلّ ليلة أن يبدأ العبد في كلّ دعاء مبرور، ويختم في كلّ عمل مشكور بذكر من يعتقد أنّه نائب الله جلّ جلاله في عباده وبلاده، وأنّه القيّم بما يحتاج إليه هذا القائم من طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده من سائر الأسباب التي هي متعلّقة بالنائب عن ربّ الأرباب، وأن يدعو له هذا الصائم بما يليق أن يدعى به لمثله، ويعتقد أنّ المنّة لله جلّ جلاله ولنائبه، كيف أهّلاه لذلك، ورفعاه به في منزلته ومحلّه.

ويظهر من هذه الكلمات الشريفة أنّ أحد أسباب الدعاء له علیه السلام هو أداء مراسم العبوديّة والتبعيّة ووفاء الحقّ العظيم والجليل، وهو أيضاً لرفع موانع القول وموانع الإجابة، وموانع فتح أبواب اللطف والعناية(2)

يقول الحقير: سيأتي في هذا المطلب مزيد بيان في مطاوي التكاليف الآتية.

ص: 149


1- فلاح السائل: 44
2- النجم الثاقب: 2/ 454

ص: 150

تكليف 22 في الدعاء له أرواحنا فداه بالدعوات المخصوصة المأثورة

وإذا عرفت أنّ من جملة التكاليف الدعاء له في أكثر الأوقات المخصوصة والأزمنة المنصوصة، بل جعل جلّ دعواتك له أرواحنا فداه وتقديمه أمام جميع الدعوات والمقاصد فاعلم أنّ هناك دعوات مخصوصة جليلة القدر قد وردت عن أهل البيت المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين فإنّهم قد أمروا شيعتهم ومواليهم بالدعاء له والمسائلة من الله سبحانه في أن يجعله واسطةً بينه وبينهم لإيصال الفيوضات الظاهرة والباطنة لينالوا به الفوز والفلاح في الدارين، والنجاة والنجاح في النشأتين.

ومن جملة تلك الدعوات ما ذكره السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ نقلاً عن كتاب ابن أبي قرّة بإسناده عن عليّ بن حسن بن عليّ بن فضّال، عن محمّد بن عيسى بن عبيد بإسناده عن الصالحين علیهم السلام أنّهم قالوا:

كرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً، وعلى كلّ حال،

ص: 151

والشهر كلّه، وكيف أمكنك ومتى حضرك في دهرك تقول بعد تمجيد الله تعالى، والصلاة على النبيّ وآله علیهم السلام:

«اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ، الْقائِمِ بِأَمْرِكَ، الْحُجَّةِ، مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ، عَلَيْهِ وَ عَلى آبائِهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَ السَّلامِ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَ فِي كُلِّ ساعَةٍ، وَ لِيّاً وَ حافِظاً وَ قاعِداً، وَ ناصِراً وَ دَلِيلًا وَ مُؤَيِّداً، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَ تُمَتِّعَهُ فِيها طُولًا وَ عَرْضاً، وَ تَجْعَلَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْوارِثِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ مِنْكَ لَهُ وَ عَلى يَدِهِ، وَالْفَتْحَ عَلى وَجْهِهِ، وَ لا تُوَجِّهِ الْأَمْرَ إِلى غَيْرِهِ، اللَّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتَّى لا يَسْتَخْفى بِشَيْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ، تُعِزُّ بِها الإِسْلامَ وَ أَهْلَهُ، وَ تُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَ أَهْلَهُ، وَ تَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ إِلى سَبِيلِكَ، وَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَ قِنا عَذابَ النَّارِ، وَ اجْمَعْ لَنا خَيْرَ الدَّارَيْنِ، وَ اقْضِ عَنَّا جَمِيعَ ما تُحِبُّ فِيهِما، وَ اجْعَلْ لَنا فِي ذلِكَ الْخِيَرَةَ بِرَحْمَتِكَ وَ مَنِّكَ فِي عافِيَةٍ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ، وَ زِدْنا مِنْ فَضْلِكَ وَ يَدِكَ الْمَلِي ءِ، فَانَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِهِ، وَ عَطاؤُكَ يَزِيدُ فِي مُلْكِك»(1)

وقد نقله الكفعميّ _ عليه الرحمة _ في المصباح على نحو ما يلي:

«اَللّهُمَّ كُنْ لِوَليِّكَ محُمَّدِ بِنِ الحَسَنِ المَهدِيّ فِي هذِهِ الساعَةِ وَ فِي كُلِّ ساعَةِ وَ لِيّاً وَ حافِظاً وَ قائِداً وَ ناصِراً وَ دَليلاً وَ عَيْناً حَتَّى تُسْكِنَه أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فِيها طَوِيلاً».

ص: 152


1- اقبال الاعمال: 1/ 191

وقد رواه في الكافي أيضاً باختلاف يسير فلاحظ.

ومنها: ما رواه السيّد _ قدّس سرّه _ في جمال الأسبوع بأسانيد معتبرة صحيحة عن يونس بن عبد الرحمن عن الرضا عليه الصلاة والسلام أنّه أمر بقراءة هذا الدعاء لصاحب الأمر:

«اللَّهُمَ ادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَ خَلِيفَتِكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ لِسَانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإِذْنِكَ النَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ وَ عَيْنِكَ النَّاظِرَةِ عَلَى بَرِيَّتِكَ وَ شَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ الْجَحْجَاحِ الْمُجَاهِدِ الْعَائِذِ بِكَ عِنْدَكَ وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَ بَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَ صَوَّرْتَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ آبَاءَهُ أَئِمَّتَكَ وَ دَعَائِمَ دِينِكَ وَاجْعَلْهُ فِي وَ دِيعَتِكَ الَّتِي لَا تَضِيعُ وَ فِي جِوَارِكَ الَّذِي لَا يُحْقَرُ وَ فِي مَنْعِكَ وَ عِزِّكَ الَّذِي لَا يُقْهَرُ وَ آمِنْهُ بِأَمَانِكَ الْوَثِيقِ الَّذِي لَا يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ وَاجْعَلْهُ فِي كَنَفِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ مَنْ كَانَ فِيهِ وَ أَيِّدْهُ وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ الْعَزِيزِ وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغَالِبِ وَ قَوِّهِ بِقُوَّتِكَ وَ أَرْدِفْهُ بِمَلَائِكَتِكَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَأَلْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ وَ حُفَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ حَفّاً اللَّهُمَّ وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ مَا بَلَّغْتَ الْقَائِمِينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِّينَ اللَّهُمَّ اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ وَ أَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ وَ زَيِّنْ بِطُولِ بَقَائِهِ الْأَرْضَ وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَ انْصُرْهُ بِالرُّعْبِ وَ قَوِّ نَاصِرِيهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَ دَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَ دَمِّرْ عَلَى مَنْ غَشَّهُ وَ اقْتُلْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْرِ وَ عُمُدَهُ وَ دَعَائِمَهُ وَاقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلَالَةِ وَ شَارِعَةَ الْبِدَعِ وَ مُمِيتَةَ السُّنَّةِ وَ مُقَوِّيَةَ الْبَاطِلِ وَ ذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِينَ وَأَبِرْ بِهِ

ص: 153

الْكَافِرِينَ وَ جَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا حَتَّى لَا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً وَ لَا تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً اللَّهُمَّ طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلَادَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبَادَكَ وَأَعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ وَ دَارِسَ حِكْمَةِ النَّبِيِّينَ وَ جَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينِكَ وَ بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ حَتَّى تُعِيدَ دِينَكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّاً مَحْضاً صَحِيحاً لَا عِوَجَ فِيهِ وَ لَا بِدْعَةَ مَعَهُ وَ حَتَّى تُنِيرَ بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ وَتُطْفِئَ بِهِ نِيرَانَ الْكُفْرِ وَ تُوضِحَ بِهِ مَعَاقِدَ الْحَقِّ وَ مَجْهُولَ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَاصْطَفَيْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ وَاصْطَفَيْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ وَ ائْتَمَنْتَهُ عَلَى غَيْبِكَ وَ عَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَ بَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَ سَلَّمْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ فَإِنَّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْباً وَ لَا أَتَى حُوباً وَ لَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً وَ لَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طَاعَةً وَ لَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً وَ لَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَرِيضَةً وَ لَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَرِيعَةً وَ أَنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ الطَّاهِرُ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ أُمَّتِهِ وَ جَمِيعِ رَعِيَّتِهِ مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ وَ تَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمَمْلَكَاتِ كُلِّهَا قَرِيبِهَا وَ بَعِيدِهَا وَ عَزِيزِهَا وَ ذَلِيلِهَا حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ وَ يَغْلِبَ بِحَقِّهِ كُلَّ بَاطِلٍ اللَّهُمَّ اسْلُكْ بِنَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَاجَ الْهُدَى وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَى وَالطَّرِيقَةَ الْوُسْطَى الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْغَالِي وَ يَلْحَقُ بِهَا التَّالِي وَ قَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ وَ ثَبِّتْنَا عَلَى مُشَايَعَتِهِ وَ امْنُنْ عَلَيْنَا بِمُتَابَعَتِهِ وَ اجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِهِ الصَّابِرِينَ مَعَهُ الطَّالِبِينَ رِضَاكَ بِمُنَاصَحَتِهِ حَتَّى تَحْشُرَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ وَ مُقَوِّيَةِ سُلْطَانِهِ اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ ذَلِكَ

ص: 154

لَنَا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَ شُبْهَةٍ وَ رِيَاءٍ وَ سُمْعَةٍ حَتَّى لَا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ وَ لَا نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَ جْهَكَ وَ حَتَّى تُحِلَّنَا مَحَلَّهُ وَ تَجْعَلَنَا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ وَ أَعِذْنَا مِنَ السَّأْمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ وَ تُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَ لِيِّكَ وَ لَا تَسْتَبْدِلْ بِنَا غَيْرَنَا فَإِنَّ اسْتِبْدَالَكَ بِنَا غَيْرَنَا عَلَيْكَ يَسِيرٌ وَ هُوَ عَلَيْنَا عَسِيرٌ اللَّهُمَ نَوِّرْ بِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ وَ هُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ وَ اهْدِمْ بِعِزِّهِ كُلَّ ضَلَالَةٍ وَاقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ وَأَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ وَأَهْلِكْ بِعَدْلِهِ جَوْرَ كُلِّ جَائِرٍ وَأَجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حَاكِمٍ وَأَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ اللَّهُمَّ أَذِلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَاهُ وَأَهْلِكْ كُلَّ مَنْ عَادَاهُ وَامْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ وَاسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَاسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ وَ سَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ وَأَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَالْحَسَنِ الرَّضِيِّ وَالْحُسَيْنِ الْمُصَفَّى وَ جَمِيعِ أَوْصِيَاءِ مَصَابِيحِ الدُّجَى وَأَعْلَامِ الْهُدَى وَ مَنَارِ الْتُّقَى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَالْحَبْلِ الْمَتِينِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَ صَلِّ عَلَى وَ لِيِّكَ وَ وُ لَاةِ عَهْدِكَ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَ مُدَّ فِي أَعْمَارِهِمْ وَزِدْ فِي آجَالِهِمْ وَ بَلِّغْهُمْ أَقْصَى آمَالِهِمْ دِيناً وَ دُنْيَا وَ آخِرَةً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

وقد رواه السيّد _ قدّس سرّه _ في جمال الأسبوع بطريق آخر عن الرضا عليه الصلاة والسلام باختلاف في بعض المضامين، وفي بعض النسخ بعد كلمة وهو علينا كبير:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وُ لَاةِ عَهْدِهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ وَ بَلِّغْهُمْ آمَالَهُمْ وَزِدْ فِي آجَالِهِمْ وَأَعِزَّ نَصْرَهُمْ وَ تَمِّمْ لَهُمْ مَا أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ فِي أَمْرِكَ لَهُمْ وَ ثَبِّتْ دَعَائِمَهُمْ وَاجْعَلْنَا

ص: 155


1- بحار الانوار: 99/ 113

لَهُمْ أَعْوَاناً وَ عَلَى دِينِكَ أَنْصَاراً فَإِنَّهُمْ مَعَادِنُ كَلِمَاتِكَ وَ أَرْكَانُ تَوْحِيدِكَ وَ دَعَائِمُ دِينِكَ وَ وُلَاةُ أَمْرِكَ وَ خَالِصَتُكَ مِنْ عِبَادِكَ وَ صَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ أَوْلِيَاؤُكَ وَ سَلَائِلُ أَوْلِيَائِكَ وَ صَفْوَةُ أَوْلَادِ رُسُلِكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه»(1)

وقد نقله الكفعميّ أيضاً في المصباح بهذه الزيادة، فيستحسن قراءة ذلك برمّته.

ومنها: ما نقله السيّد بن طاوس في المضمار، والمجلسيّ _ قدّس سرّه _ في البحار، وهو ممّا يدعى به في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان المبارك، ويستحسن قراءته في كلّ الأوقات، فإنّ الدعاء حسن في كلّ حال:

«اللَّهُمَ إِنِّي أَدِينُكَ بِطَاعَتِكَ وَ وَلَايَتِكَ وَ وَلَايَةِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَبِيبِ نَبِيِّكَ وَ وَلَايَةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ جَنَّتِكَ وَأَدِينُكَ يَا رَبِّ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ صَاحِبِ الزَّمَانِ أَدِينُكَ يَا رَبِّ بِطَاعَتِهِمْ وَ وَلَايَتِهِمْ وَ بِالتَّسْلِيمِ بِمَا فَضَّلْتَهُمْ رَاضِياً غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلَا مُتَكَبِّرٍ عَلَى مَعْنَى مَا أَنْزَلْتَ فِي كِتَابِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَارْفَعْ عَنْ وَ لِيِّكَ وَ خَلِيفَتِكَ وَ لِسَانِكَ وَالْقَائِمِ بِقِسْطِكَ وَالْمُعَظِّمِ لِحُرْمَتِكَ وَالْمُعَبِّرِ عَنْكَ وَالنَّاطِقِ بِحُكْمِكَ وَ عَيْنِكَ النَّاظِرَةِ وَأُذُنِكَ السَّامِعَةِ وَ شَاهِدِ عِبَادِكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِكَ وَالْمُجْتَهِدِ فِي طَاعَتِكَ وَاجْعَلْهُ فِي وَدِيعَتِكَ

ص: 156


1- جمال الاسبوع: 507

الَّتِي لَا تَضِيعُ وَ أَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغَالِبِ وَ أَعِنْهُ وَ أَعِنْ عَنْهُ وَاجْعَلْنِي وَ وَالِدَيَّ وَ مَا وَلَدَا وَ وُلْدِي مِنَ الَّذِينَ يَنْصُرُونَهُ وَ يَنْتَصِرُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اشْعَبْ بِهِ صَدْعَنَا وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنَا اللَّهُمَّ أَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ وَ دَمْدِمْ بِمَنْ نَصَبَ لَهُ وَاقْصِمْ رُءُوسَ الضَّلَالَةِ حَتَّى لَا تَدَعَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً»(1)

ومنها ما رواه الشيخ الكلينيّ _ قدّس سرّه _ في الكافي وغيره في الكتب المعتبرة عن زرارة أنّه قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أيّ شيء أعمل؟ قال: يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء:

«اللَّهُمَ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي»(2)

ومنها: ما رواه الشيخ الكلينيّ _ رضوان الله تعالى عليه _ في الكافي، والصدوق في كمال الدين، والشيخ الطوسيّ في كتاب الغيبة بأسانيد معتبرة أنّ الشيخ أبا عمرو العمريّ _ قدّس سرّه _ وهو النائب الأوّل من نوّاب صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه، واسمه عثمان بن سعيد العمريّ قد أملى على أبي عليّ محمّد بن همّام، وعلّمه هذا الدعاء، وأمره أن يدعو به في غيبة القائم عليه الصلاة والسلام، وقد رواه السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه العزيز _ في

ص: 157


1- بحارالانوار: 95/ 37 فصل یختص بالیوم الثالث عشر من دعوات غیر متکردة
2- الکافی: 1/ 337 ب في الغیبة کمال الدین و تمام النعمة: 2/ 342 ب ما روي عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام من النص علی القائم علیه السلام و ذکر غیبته و انه الثنی عشر من الائمة علیهم السلام

جمال الأسبوع عن جماعة بإسنادهم جميعاً عن الشيخ الطوسيّ، عن جماعة، عن التلعكبريّ، عن أبي عليّ محمّد بن همّام، وقد نقله المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتاب الدعاء من بحار الأنوار عن هذين الكتابين.

قال السيّد بن طاوس في جمال الأسبوع:

«وهو ممّا ينبغي إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة فإيّاك أن تهمل الدعاء به فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جلّ جلاله الذي خصّنا به فاعتمد عليه»(1)

قال المؤلّف: كان السيّد ممّن يراوده أرواحنا فداه ظاهراً وباطناً، ويلتقي معه في اليقظة والمنام، كما كانت بينه وبين الذين كانوا يتشرّفون بحضرته أرواحنا فداه معاشرة ومراودة، وكان يعرض تأليفاته على جنابه، وبينهما مراسلات وتوقيعات، وظنّي أنّه قد سمع هذا التخصيص من جنابه أرواحنا فداه بلا واسطة إلّا أنّه لم يصرّح بذلك اتّقاءً وتقيّةً كما هو دأبه وديدنه، ولا يخفى أنّ مقامات السيّد _ قدّس الله روحه _ أجلّ وأرفع ممّا ذكر.

فمن الجدير بمحبّيه ومواليه عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه ألّا يتركوا عقيب صلاة العصر يوم الجمعة هذا الدعاء والصلواة الآتي ذكرها، وقد أصرّ السيّد قدس سره وأكّد في قرائتهما عقيب فريضة العصر يوم الجمعة، وإن لم يرد فيه رواية، وأن يواظبوا على قرائتهما عقيب صلاة العصر في يوم الجمعة خصوصاً، وفي سائر الأيّام عموماً مواظبةً تامّةً ليكون ذلك من أسباب جلب الفيوضات

ص: 158


1- جمال الاسبوع: 522

الظاهرة والباطنة للداعي، «ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»(1).

وقد أشار الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ في كتبه إلى هذا المعنى أيضاً فلاحظ:

«اللَّهُمَ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْكَ وَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي اللَّهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي لِوَلَايَةِ مَنْ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُلَاةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَتَّى وَالَيْتُ وُ لَاةَ أَمْرِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ جَعْفَراً وَ مُوسَى وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَ لَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ وَ عَافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ وَ ثَبِّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَ لِيِّ أَمْرِكَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَبِإِذْنِكَ غَابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ وَأَنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهَارِ أَمْرِهِ وَ كَشْفِ سِرِّهِ وَ صَبِّرْنِي عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَ لَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ وَ لَا أَكْشِفَ عَمَّا سَتَرْتَ وَ لَا أَبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَ وَ لَا أُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ وَ لَا أَقُولَ لِمَ وَ كَيْفَ وَ مَا بَالُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لَا يَظْهَرُ وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ وَأُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّهَا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظَاهِراً نَافِذَ الْأَمْرِ مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطَانَ

ص: 159


1- سورة المائده: 54

وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ وَالْحُجَّةَ وَالْمَشِيَّةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَ بِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَلِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ وَاضِحَ الدَّلَالَةِ هَادِياً مِنَ الضَّلَالَةِ شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ وَأَبْرِزْ يَا رَبِّ مُشَاهَدَتَهُ وَ ثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تُقِرُّ عَيْنَهُ بِرُؤْيَتِهِ وَأَقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَ بَرَأْتَ وَ ذَرَأْتَ وَ أَنْشَأْتَ وَ صَوَّرْتَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ وَصِيَّ رَسُولِكَ علیه السلام اللَّهُمَّ وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ وَزِدْ فِي أَجَلِهِ وَأَعِنْهُ عَلَى مَا وَلَّيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ وَزِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ فَإِنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ وَالْقَائِمُ الْمُهْتَدِي الطَّاهِرُ التَّقِيُّ الزَّكِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ الصَّابِرُ الشَّكُورُ الْمُجْتَهِدُ اللَّهُمَّ وَ لَا تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُولِ الْأَمَدِ فِي غَيْبَتِهِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ عَنَّا وَ لَا تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالْإِيمَانَ بِهِ وَ قُوَّةَ الْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُقَنِّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ قِيَامِهِ وَ يَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و اله وَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَ تَنْزِيلِكَ وَ قَوِّ قُلُوبَنَا عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَاجَ الْهُدَى وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَى وَالطَّرِيقَةَ الْوُسْطَى وَ قَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ وَ ثَبِّتْنَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَنْصَارِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ وَ لَا تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا وَ لَا عِنْدَ وَ فَاتِنَا حَتَّى تَتَوَفَّانَا وَ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ لَا شَاكِّينَ وَ لَا نَاكِثِينَ وَ لَا مُرْتَابِينَ وَ لَا مُكَذِّبِينَ اللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِرِيهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَ دَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ وَأَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ

ص: 160

الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الذُّلِّ وَانْعَشْ بِهِ الْبِلَادَ وَاقْتُلْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكَفَرَةِ [الْكُفْرِ] وَ اقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلَالَةِ وَ ذَلِّلِ الْجَبَّارِينَ وَالْكَافِرِينَ وَ أَبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَ جَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا حَتَّى لَا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً وَ لَا تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً وَ طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلَادَكَ وَ اشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ وَ جَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينِكَ وَأَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ وَ غُيِّرَ مِنْ سُنَّتِكَ حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لَا عِوَجَ فِيهِ وَ لَا بِدْعَةَ مَعَهُ حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرِينَ فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ دِينِكَ وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ وَ عَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَ بَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَأَطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَ نَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ وَ عَلَى شِيعَتِهِ الْمُنْتَجَبِينَ وَ بَلِّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أَفْضَلَ مَا يَأْمُلُونَ وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَ شُبْهَةٍ وَ رِيَاءٍ وَ سُمْعَةٍ حَتَّى لَا نُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ وَ لَا نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا وَ فَقْدَ وَلِيِّنَا وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا وَ وُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا اللَّهُمَّ فَفَرِّجْ ذَلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامٍ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهَارِ عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ وَ قَتْلِ أَعْدَائِكَ فِي بِلَادِكَ حَتَّى لَا تَدَعَ لِلْجَوْرِ يَا رَبِّ دِعَامَةً إِلَّا قَصَمْتَهَا وَ لَا بَقِيَّةً إِلَّا أَفْنَيْتَهَا وَ لَا قُوَّةً إِلَّا أَوْهَنْتَهَا وَ لَا رُكْناً إِلَّا هَدَمْتَهُ [هَدَدْتَهُ] وَ لَا حَدّاً إِلَّا فَلَلْتَهُ وَ لَا سِلَاحاً إِلَّا أَكْلَلْتَهُ وَ لَا رَايَةً إِلَّا نَكَّسْتَهَا وَ لَا شُجَاعاً إِلَّا قَتَلْتَهُ وَ لَا جَيْشاً إِلَّا خَذَلْتَهُ وَارْمِهِمْ يَا رَبِّ بِحَجَرِكَ

ص: 161

الدَّامِغِ وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِعِ وَبَأْسِكَ الَّذِي لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ وَ عَذِّبْ أَعْدَاءَكَ وَأَعْدَاءَ دِينِكَ وَ أَعْدَاءَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِيَدِ وَ لِيِّكَ وَ أَيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اكْفِ وَ لِيَّكَ وَ حُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَ كَيْدَ مَنْ كَادَهُ وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً وَاقْطَعْ عَنْهُمْ مَادَّتَهُمْ وَارْعَبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ وَ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ وَ خُذْهُمْ جَهْرَةً وَ بَغْتَةً وَ شَدِّدْ عَلَيْهِمْ عَذَابَكَ وَ أَخْزِهِمْ فِي عِبَادِكَ وَالْعَنْهُمْ فِي بِلَادِكَ وَ أَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نَارِكَ وَ أَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذَابِكَ وَ أَصْلِهِمْ نَاراً وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ فَإِنَّهُمْ أَضَلُّوا وَ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَأَضَلُّوا عِبَادَكَ اللَّهُمَّ وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ وَ أَرِنَا نُورَهُ سَرْمَداً لَا ظُلْمَةَ فِيهِ وَ أَحْيِ الْقُلُوبَ الْمَيِّتَةَ وَ اشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ وَاجْمَعْ بِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقِّ وَأَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ وَالْأَحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ حَتَّى لَا يَبْقَى حَقٌّ إِلَّا ظَهَرَ وَ لَا عَدْلٌ إِلَّا زَهَرَ وَاجْعَلْنَا يَا رَبِّ مِنْ أَعْوَانِهِ وَ مُقَوِّيَةِ سُلْطَانِهِ وَالْمُؤْتَمِرِينَ لِأَمْرِهِ وَ الرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ وَالْمُسَلِّمِينَ لِأَحْكَامِهِ وَ مِمَّنْ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ أَنْتَ يَا رَبِّ الَّذِي تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ وَ تُنَجِّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ فَاكْشِفِ الضُّرَّ عَنْ وَ لِيِّكَ وَاجْعَلْهُ خَلِيفَتَكَ [خَلِيفَةً] فِي أَرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ اللَّهُمَّ وَلَا تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ فَأَعِذْنِي وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً

ص: 162

عِنْدَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِين»(1)

ومنها: ما ذكره السيّد الجليل ابن طاوس _ قدّس سرّه _ في مهج الدعوات قال:

حدّثني صديقنا الملك مسعود _ ختم الله جلّ جلاله له بإنجاز الوعود _ أنّه رأى في منامه شخصاً يكلّمه من وراء حائط، ولم ير وجهه، ويقول:

«يَا صَاحِبَ الْقَدَرِ وَ الْأَقْدَارِ وَالْهِمَمِ وَ الْمَهَامِّ عَجِّلْ فَرَجَ عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَالْحُجَّةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ فِي خَلْقِكَ وَاجْعَلْ لَنَا فِي ذَلِكَ الْخِيَرَةَ»(2)

وفي هذا المختصر دقائق شريفة ينبغي بملاحظتها أن يجعل من الأوراد المستدام عليها.

ومنها: ما رواه السيّد _ قدّس سرّه _ أيضاً في الكتاب المزبور بإسناده عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم الجعفيّ من جملة حديث بإسناده، ولم يعلم أنّ سنده ينتهي إلى أيّ إمام، وإليك نصّ عبارته التي نقلها عنه:

قلت: كيف تصنع شيعتك؟ قال: عليكم بالدعاء وانتظار الفرج، فإنّه سيبدو لكم علم، فإذا بدا لكم فاحمدوا الله وتمسّكوا بما بدا لكم، قلت: فما ندعو به؟ قال: تقول:

«اللَّهُمَّ أَنْتَ عَرَّفْتَنِي نَفْسَكَ وَ عَرَّفْتَنِي رَسُولَكَ وَ عَرَّفْتَنِي مَلَائِكَتَكَ وَ عَرَّفْتَنِي نَبِيَّكَ وَ عَرَّفْتَنِي وُ لَاةَ أَمْرِكَ اللَّهُمَّ لَا آخُذُ إِلَّا مَا أَعْطَيْتَ وَ لَا وَاقِىَ إِلَّا مَا وَقَيْتَ اللَّهُمَّ

ص: 163


1- جماع الاسبوع: 522
2- مهج الدعوات العبادات: 333

لَا تُغَيِّبْنِي عَنْ مَنَازِلِ أَوْلِيَائِكَ وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِوَلَايَةِ مَنِ افْتَرَضْتَ طَاعَتَه»(1)

ومنها: ما أورده السيّد _ قدّس سرّه _ في الكتاب المزبور أيضاً قال:

«وَ رَأَيْتُ أَنَا فِي الْمَنَامِ مَنْ يُعَلِّمُنِي دُعَاءً يَصْلُحُ لِأَيَّامِ الْغَيْبَةِ وَ هَذِهِ أَلْفَاظُهُ يَا مَنْ فَضَّلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ إِسْرَائِيلَ عَلَى الْعَالَمِينَ بِاخْتِيَارِهِ وَأَظْهَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عِزَّةَ اقْتِدَارِهِ وَأَوْدَعَ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله وَ أَهْلَ بَيْتِهِ غَرَائِبَ أَسْرَارِهِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَعْوَانِ حُجَّتِكَ عَلَى عِبَادِكَ وَأَنْصَارِه»(2)

ومنها: ما في الكافي، المسمّى بالغريق، وقد نقله السيّد _ قدّس سرّه _ في المهج عن غيبة الصدوق _ رضوان الله عليه _ :

قال عبد الله بن سنان: قال أبو عبد اللّه علیه السلام: سيصيبكم شبهة فتبقون بلا علم ولا إمام هدى، ولا ينجو فيها إلّا من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال علیه السلام: تقول:

«يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقُلْتُ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فقال علیه السلام: إنّ اللّه عزّ وجلّ مقلّب القلوب والأبصار و لكن قل كما أقول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك»(3)

ص: 164


1- منهج الدعوات و منهج العابادات: 332
2- مهج الدعوات و منهج العبادات: 333
3- مهج العوات و منهج العبادات: 332 کمال الدین و تمام النعمة: 2/ 352 ب ما روي عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام من النص علی القائم علیه السلام و ذکر عیبته و انه الثاني عشر من الائمة علیهم السلام

قال السيّد _ قدّس سرّه _ بعد نقل هذا الحديث:

«أقول: لعلّ معنى قوله الأبصار لأنّ تقلّب القلوب والأبصار يكون يوم القيامة من شدّة أهواله، وفي الغيبة إنّما يخاف من تقلّب القلوب دون الأبصار»(1)

قال المؤلّف: وعن المجلسيّ في حاشية مهج الدعوات وهي تحضرني الآن: الخبر صحيح، ويدلّ على لزوم التأسّي في عبارة الدعوات، والذي ذكره السيّد رضي الله عنه محتمل، ويحتمل أن يكون الغرض الأمر بالتأسّي فقط، أو يكون له وجوه أخر لا يصل عقولنا إليها، والله تعالى يعلم.

ومنها: ما يسمّى بدعاء الحريق، وقد أوردته في دعوة الحسنى، وقد ورد بعبارات ثلاث فيها سقطات، ولم أعلم أنّها من الناسخين أو من المؤلّفين.

الأولى: ما في مصابيح الشيخ والكفعميّ والعلّامة الحلّيّ _ رضوان الله تعالى عليهم _ ، وقد نقله عنهم المجلسيّ في صلاة البحار، ومقباس المصابيح متعرّضاً لشرح مضامينه.

الثانية: من أوّل الدعاء إلى قوله: أهل المغفرة التي يقولها ثلاثاً، وقد احتمل المجلسيّ _ قدّس الله روحه العزيز _ في البحار أنّ الدعاء ينتهي عند قوله: «إنّي كنت من الظالمين»(2)

الثالثة: ما أخرجه المجلسيّ عن كتاب عتيق من أصول أصحابنا في كتاب الدعاء من بحار الأنوار، وهو من أوّل الدعاء إلى آخره أعني قوله: «فقل

ص: 165


1- المصدر نفسه
2- ینظر: بحار الانوار: 83/ 171

حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم».

وقال في صلاة البحار: «أقول: ووجدت هذا الدعاء مسنداً في كتاب عتيق من أصول أصحابنا بالشرح الذي ذكره الكفعميّ رحمه الله إلى قوله: فإن تولّوا فقل حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم، ولم يذكر ما بعده»(1)

قال الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ في النجم الثاقب:

«روى الشيخ النعمانيّ _ رحمه الله _ بإسناده عن عبد الله بن سنان قال: دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله علیه السلام فقال : كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدىً، ولا عَلَماً يرى، فلا ينجو من تلك الحيرة إلّا مَن دعا بدعاء الحريق».

قال المؤلّف: قد رأيت هذا الحديث في سالف الأيّام بعبارة تغاير ما ذكر إلّا أنّي بسبب تطاول الزمن وتقادم العهد لا أتذكّر المصدر، وهذه هي العبارة: ولا ينجو من تلك الحيرة إلّا من دعا بدعاء الغريق بالغين المعجمة، والمراد به غاية التأكيد في الإخلاص والاضطرار وصدق العقيدة وحسن النيّة وغير ذلك، كما يؤيّده بعض الأخبار الواردة في هذا المضمار.

وكيفما كان فإنّ تطبيق هذه الأحاديث والتوفيق بينها في غاية الإشكال والله أعلم.

ص: 166


1- بحار الانوار: 83/ 175

«فقال أبي: هذا والله البلاء، فكيف نصنع جعلت فداك حينئذ؟ قال: إذا كان ذلك _ ولن تدركه _ فتمسّكوا بما في أيديكم حتّى يتّضح لكم الأمر».

يعني: أن لا تتزلزلوا في دينكم بذلك الزمان ولا تتحيّروا ولا تنقلبوا، وتمسّكوا بما جاءكم من الأئمّة السابقين في الأصول والفروع، ولا تتركوا العمل بها، ولا ترتدّوا، ولا تؤمنوا بمن يدّعي الإمامة والقائميّة ما لم تتّضح لكم إمامته بتحقّق المعجزات البيّنات.

ويتّضح من عدم سؤال سنان والد عبد الله عن دعاء الحريق ما هو؟ بأنّ هذا الدعاء كان معهوداً ومعروفاً عند الأصحاب.

والذي يقتضيه النظر أنّه الدعاء المعروف الذي نقله جماعة من العلماء في أدعيّة الصباح والمساء، وقال الشيخ الطبرسيّ صاحب مجمع البيان في كتاب عدّة السفر: ومن الأدعيّة التي جلالتها وفضيلتها كثيرة، وقد جمعت فيها شروط الكمال بشكل جيّد للغاية وقراءتها مختصّة بالصباح والمساء، الدعاء المشهور بدعاء الحريق المرويّ عن الإمام زين العابدين علیه السلام، والدعاء هو: «اللهمّ إنّي أصبحت أشهدك وكفى بك شهيداً..» إلى آخر الدعاء وهو طويل.

وروي هذا الدعاء في كتاب المقال وغيره عن الإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام وآخره: «يا أهل التقوى والمغفرة»، فليراجع.

وقال في آخر كلامه: وممّا خرج عن صاحب الأمر علیه السلام التوقيع إلى محمّد بن الصلت القمّيّ _ عليه الرحمة _ بهذا الدعاء، وفيه زيادة وتتمّة وهي: «اللهمّ ربّ النور العظيم..» إلى آخره، وهو معروف.

ص: 167

وبالجملة: فلعدم اطمئناني أنّ المقصود منه هو هذا الدعاء، ولأنّه طويل أيضاً، وموجود في كثير من كتب الأدعيّة مثل مصباح الشيخ والكفعميّ والمقباس والبحار _ فلهذا _ لم ننقله(1)

ص: 168


1- النجم الثاقب: 2/ 487

تكليف 23 في كيفيّة الصلاة عليه أرواحنا فداه بما ورد من الصلوات المخصوصة

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو الصلوات على جنابه أرواحنا فداه خصوصاً، وعلى آبائه المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين وجدّه المطهّر صلی الله علیه و اله عموماً.

ولا يخفى أنّ هناك مضافاً إلى الأخبار المتظافرة والأحاديث المتواترة في الصلوات عليهم كتب مبسوطة قد صنّفت في هذا المضمار وهي منتشرة بين الفريقين.

أمّا خصوص الصلوات على إمام العصر وناموس الدهر أرواحنا فداه، وهو في كلّ موضع مشارك مع أجداده الطاهرين صلّى الله عليهم أجمعين إلّا في مواضع عدّة فسنبيّن بعضاً منها ممّا ورد في كلمات المعصومين علیهم السلام تيمّناً.

منها: «اللَّهُمَ صَلِ عَلَى وَلِيِّكَ الْمُحْيِي سُنَّتَكَ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ الدَّلِيلِ عَلَيْكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ وَ شَاهِدِكَ عَلَى

ص: 169

عِبَادِكَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ وَزَيِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ اللَّهُمَّ اكْفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ وَ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ وَادْحَرْ عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِينَ وَتَخَلَّصْهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَّارِينَ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ رَعِيَّتِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ وَ عَدُوِّهِ وَ جَمِيعِ أَهْلِ الدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ أَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

ومنها: «اللَّهُمَ صَلِ عَلَى حُجَّتِكَ فِي أَرْضِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي بِلَادِكَ الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ وَالْقَائِمِ بِقِسْطِكَ وَالْفَائِزِ بِأَمْرِكَ وَ لِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَ مُبِيرِ الْكَافِرِينَ وَ مُجَلِّي الظُلْمَةِ وَ مُنِيرِ الْحَقِ وَالصَّادِعِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالصِّدْقِ وَ كَلِمَتِكَ وَ عَيْبَتِكَ وَ عَيْنِكَ فِي أَرْضِكَ الْمُتَرَقِّبِ الْخَائِفِ الْوَلِيِّ النَّاصِحِ سَفِينَةِ النَّجَاةِ وَ عَلَمِ الْهُدَى وَ نُورِ أَبْصَارِ الْوَرَى وَ خَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَ ارْتَدَى وَالْوِتْرِ الْمَوْتُورِ وَ مُفَرِّجِ الْكَرْبِ وَ مُزِيلِ الْهَمِّ وَ كَاشِفِ الْبَلْوَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ وَالْقَادَةِ الْمَيَامِينِ مَا طَلَعَتْ كَوَاكِبُ الْأَسْحَارِ وَأَوْرَقَتِ الْأَشْجَارُ وَأَيْنَعَتِ الْأَثْمَارُ وَاخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَ غَرَّدَتِ الْأَطْيَارُ اللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِحُبِّهِ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَ تَحْتَ لِوَائِهِ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلَى وَ لِيِّ الْحَسَنِ وَوَصِيِّهِ وَ وَارِثِهِ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ وَالْغَائِبِ فِي خَلْقِكَ وَالْمُنْتَظِرِ لِإِذْنِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ قَرِّبْ بُعْدَهُ وَأَنْجِزْ وَعْدَهُ وَأَوْفِ عَهْدَهُ وَاكْشِفْ عَنْ بَأْسِهِ حِجَابَ الْغَيْبَةِ وَأَظْهِرْ بِظُهُورِهِ صَحَائِفَ

ص: 170


1- الغیبة (للطوسی): 279 فصل اخبار بعض من رای صاحب الزمان علیه السلام و هو لا یعرفه او عرفه فیما بعد

الْمِحْنَةِ وَ قَدِّمْ أَمَامَهُ الرُّعْبَ وَ ثَبِّتْ بِهِ الْقَلْبَ وَ أَقِمْ بِهِ الْحَرْبَ وَ أَيِّدْهُ بِجُنْدٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وَ سَلِّطْهُ عَلَى أَعْدَاءِ دِينِكَ أَجْمَعِين»(1)

ومنها: «اللَّهُمَ صَلِ عَلَى إِمَامِنَا وَابْنِ أَئِمَّتِنَا وَ سَيِّدِنَا وَابْنِ سَادَتِنَا الْوَصِيِّ الزَّكِيِّ التَّقِيِّ النَّقِيِّ الْإِمَامِ الْبَاقِي ابْنِ الْمَاضِي حُجَّتِكَ فِي الْأَرْضِ عَلَى الْعِبَادِ وَ غَيْبِكَ الْحَافِظِ فِي الْبِلَادِ وَالسَّفِيرِ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَالْقَائِمِ فِيهِمْ بِحَقِّكَ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ وَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ بَرَكَاتِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْهُ الْقَائِمَ الْمُؤَمَّلَ وَالْعَدْلَ الْمُعَجَّلَ وَ حُفَّهُ بِمَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَيِّدْهُ مِنْكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ يَا رَبَّ الْعَالَمِين»(2)

ومنها: ما خرج إلى أبي الحسن الضرّاب الإصفهانيّ من مكّة، وهو مشتمل على الصلواة على النبيّ والأئمّة سيّما صاحب العصر صلّى الله عليهم أجمعين، وقد ذكره في مصباح المتهجّد وجمال الأسبوع وغيرهما من الكتب المعتبرة، ففي المصباح مرويّ عن صاحب الزمان علیه السلام، خرج إلى أبي الحسن الضرّاب الإصفهانيّ بمكّة، وقد رواها في جمال الأسبوع وغيره بسند متّصل عن أبي الحسن المذكور _ اسمه يعقوب بن يوسف _ أرسلها علیه السلام إليه بمكّة في سنة إحدى وثمانين ومائتين، وله حكاية عجيبة.

وروى الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ في النجم الثاقب عن غيبة

ص: 171


1- بحار الانوار: 99/ 101 ب 7 زیارة الامام المستتر عن الابصار الحاضر في قلوب الاخیار المنتظر في اللیل و النهار الحجة بن الحسن صلوات الله علیهما في السرداب و غیره
2- بحا الانوار: 99/ 227 ب السلام و الصلاة علی الامام الخلف القائم بالحق ابن افضل السلف

الطوسيّ _ قدّس سرّه _ عن حسين بن محمّد بن عامر الأشعريّ أنّه قال: حدّثني يعقوب بن يوسف الضرّاب الغسانيّ _ في منصرفه من إصفهان _ قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين.

ونقل المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتاب الدعاء من البحار هذه الصلاة مع شرحها وحكايتها عن جمال الأسبوع، عن يعقوب بن يوسف الغانيّ على وزن الفانيّ، وأمّا الغسانيّ بالسين المهملة فهو بدل الغانيّ في نسخة أخرى، وكذا نقلها عن كتاب العتيق الذي نسخ من كتاب الشيخ أبي الحسن عليّ بن محمّد بن يوسف الحرانيّ في جمادى الآخرة سنة أربعمائة قال: نسخت من كتاب الشيخ أبي الحسن عليّ ابن حمزة بن أحمد الكاتب بخطّه في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة حدّث الحسن بن محمّد بن عامر الأشعريّ القمّيّ بقاشان في سنة ثمان وثمانين ومائتين منصرفه من إصبهان قال: حدّثه يعقوب بن يوسف الصوّاف بأصبهان قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين. ثمّ ذكر الخبر إلى آخره، وهو يطابق ما في جمال الأسبوع.

فكما ترى أنّ نسب هذا الرجل أي يعقوب بن يوسف في هذه النسخ العديدة مجهول، فهل هو الغسانيّ بالغين المعجمة والسين المهملة على وزن الشداد وهو منسوب إلى ماء نزلت عليه قبيلة أزد أو اسم قبيلة تنسب إليه أو الغانيّ على وزن الفانيّ وهو مصحّف الغسانيّ، على أن يكون أصله من الغسان إلّا أنّه ترعرع في إصفهان؟ وهل هو الضرّاب أو الصرّاف أو الصوّاف؟ وكيفما كان فلا محيص في ذلك عن الرجوع إلى كتب الرجال إلّا أنّ الفرصة لا تسمح لنا بذلك.

ص: 172

والمقصود (أنّ سند هذه الصلوات صحيح لا غمز فيه) إثبات صحّة سند هذه الصلوات، والحقير أرويها عن الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي على رؤوس الأداني والأعالي _ بإسنادي المضبوط، وإجازتي المحصّلة على نحو ما في النجم الثاقب فمن أرادها أخذها من هناك.

قال الأستاذ الأعظم بعد ما ذكر هذه الصلوات: «ولم يعيّن وقت لقراءة هذه الصلوات والدعاء في خبر من الأخبار إلّا ما قاله السيّد رضيّ الدين عليّ بن طاوس في جمال الأسبوع بعد ذكره التعقيبات المأثورة لصلاة العصر من يوم الجمعة، قال: .. إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر فلا تتركها أبداً لأمر أطلعنا الله جلّ جلاله عليه»(1)

ثمّ قال الأستاذ الاعظم: «ويستفاد من هذا الكلام الشريف أنّه حصل له من صاحب الأمر صلوات الله عليه شيء في هذا الباب، ولا يستبعد منه ذلك، كما صرّح هو أنّ الباب إليه علیه السلام مفتوح، وقد تقدّم في الباب السابق»(2)

يقول الأحقر: قد سبقت الإشارة إلى هذا المطلب، وسيأتي مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى.

وهذه نسخة الدفتر الذي خرج:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُنْتَجَبِ فِي الْمِيثَاقِ الْمُصْطَفَى فِي الظِّلَالِ

ص: 173


1- النجم الثاقب: 2/ 469 جمال السبوع: 494
2- النجم الثاقب: 2/ 469

الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ الْبَرِي ءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجَاةِ الْمُرْتَجَى لِلشَّفَاعَةِ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ دِينُ اللَّهِ اللَّهُمَ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ وَ أَفْلِجْ حُجَّتَهُ وَ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَ أَضِئْ نُورَهُ وَ بَيِّضْ وَ جْهَهُ وَأَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ وَالْوَسِيلَةَ الرَّفِيعَةَ وَ ابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ وَ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ إِمَامِ الْهُدَى وَ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِينَ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ دَعَائِمِ دِينِكَ وَ أَرْكَانِ

ص: 174

تَوْحِيدِكَ وَ تَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ وَ حُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ خُلَفَائِكَ فِي أَرْضِكَ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَ اصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عِبَادِكَ وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ وَ خَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ وَ جَلَّلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ وَ غَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ وَ رَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ وَ غَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ وَ أَلْبَسْتَهُمْ نُورَكَ وَ رَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ وَ حَفَفْتَهُمْ بِمَلَائِكَتِكَ وَ شَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اللَّهُمَّ صَلِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ صَلَاةً كَثِيرَةً دَائِمَةً طَيِّبَةً لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا أَنْتَ وَ لَا يَسَعُهَا إِلَّا عِلْمُكَ وَ لَا يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ اللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ الْمُحْيِي سُنَّتَكَ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ الدَّلِيلِ عَلَيْكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ وَ شَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ وَزَيِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ اللَّهُمَّ اكْفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ وَ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ وَ ازْجُرْ عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِينَ وَ خَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَّارِينَ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ رَعِيَّتِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ وَ عَدُوِّهِ وَ جَمِيعِ أَهْلِ الدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ مَا أَمَّلَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ [امْتَحَى] بِهِ مِنْ دِينِكَ وَ أَحْيِ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ كِتَابِكَ وَ أَظْهِرْ بِهِ مَا غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً خَالِصاً مُخْلَصاً لَا شَكَّ وَ لَا شُبْهَةَ مَعَهُ وَ لَا بَاطِلَ عِنْدَهُ وَ لَا بِدْعَةَ لَدَيْهِ اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ وَ هُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ وَاهْدِمْ بِغُرَّتِهِ كُلَّ ضَلَالَةٍ وَ اقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ وَ أَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ وَأَهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جَبَّارٍ وَأَجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حَكَمٍ وَ أَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ اللَّهُمَّ أَذِلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَاهُ وَ أَهْلِكْ كُلَّ مَا عَادَاهُ وَ امْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ وَاسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَاسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ

ص: 175

وَ سَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ وَ أَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَالْحَسَنِ الرِّضَا وَالْحُسَيْنِ الْمُصَفَّى وَجَمِيعِ الْأَوْصِيَاءِ مَصَابِيحِ الدُّجَى وَأَعْلَامِ الْهُدَى وَ مَنَارِ التُّقَى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَالْحَبْلِ الْمَتِينِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَ صَلِّ عَلَى وَ لِيِّكَ وَ وُلَاةِ عَهْدِكَ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَزِدْ فِي أَعْمَارِهِمْ وَزِدْ فِي آجَالِهِمْ وَ بَلِّغْهُمْ أَفْضَلَ آمَالِهِمْ دِيناً وَ دُنْيَا وَ آخِرَةً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

ص: 176


1- جمال الاسبوع: 500 ذکر صلوات علی النبی و آله صلوات الله علیهم مرویة عن مولانا المهدي صلوات الله علیه

تكليف 24 في كيفيّة السلام عليه أرواحنا فداه في كلّ أيّام الدهر

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام عرض التحيّة والسلام عليه في كلّ يوم سيّما في يومي الاثنين والخميس، فإنّ في هذين اليومين تعرض عليه أعمال قاطبة الخلائق.

وقد سبقت الإشارة فيما سلف إلى أنّ تكليف العبد بالنسبة إلى مولاه اتّباعه عنه في جميع حركاته وسكناته وطاعته له في جميع أوامره ونواهيه، بل عليه أن يستكمل درجة المراقبة له بحيث يحصل له مقام الأنس والاستغراق، وألّا يتغافل ولا يتساهل آناً مّا ظاهراً وباطناً في توجّهاته القلبيّة والجوارحيّة، وألّا يظنّ أنّ مولاه وسيّده غائب عن الأنظار وغير مطّلع على أعمال عبده وأفعاله، بل يعلم يقيناً أنّ مولاه حاضر وناظر إليه وعالم بما يضمره في قلبه ومستحضر على جميع حركاته وسكناته وحالاته ومقاماته الظاهرة والباطنة.

فمن جملة تكاليف العباد وفرائضهم بالنسبة إلى إمامهم المفترض الطاعة

ص: 177

إنّما هو عرض العبوديّة والرقيّة وإيثار النفوس على السطان الحقيقي في كلّ يوم بأن يسلّموا عليه أرواحنا فداه، ويظهروا له عبوديّتهم ورقيّتهم، ويبرزوا له الإخلاص والصدق في محبّتهم القلبيّة، ويعبّروا عمّا يكمن في ضمائرهم بلسان حالٍ وقالٍ، ويخاطبوه بهذا الخطاب: يا سيّدنا ومولانا إنّك وإن حجبت وسترت عنّا جمال وجهك حسبما اقتضت المصلحة، وصددت علينا طريق الوصول إلى حظيرة عظمتك وجلالتك، ولكن نشهد أنّا في مقام العبوديّة والرقيّة لمن الحازمين والجازمين، وحقّ علينا بمقتضى هذه العبوديّة أن نستجدّ أنفسنا كلّ يوم في قدس حضورك صافّين الأقدام على عتبتك المقدّسة لغرض التسليم وإظهار الرقيّة، نعم يا مولانا لو كان هؤلاء عبادك التائهون يتأهّلون لإدراك قدس حضورك لرفعت عنهم الحجب والأستار ولأنعمت بذلك عليهم متكرّماً، إلّا أنّا على يقين بقصورنا في مراتب العبوديّة وفتورنا في مراسم الرقيّة والفدويّة وبعدم وصولنا إلى درجة نتأهّل لإدراك محضرك المبارك والتشرّف بحضرتك الساميّة كما أنّا على يقين بأنّ هؤلاء عبادك وإن كانوا مبتعدين عن عتبة بابك المختلف الملائكة إلّا أنّ أعمالهم وأفعالهم تسجّل كلّ يوم في ديوان سلطنتك، كما أنّا على يقين بأنّ مثلنا في كلّ يوم مثل هؤلاء الذين أتوا الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام ستّين مرّة وفي نهاية المطاف رجعوا خائبين إذ صدّ عليهم بابه ولم يأذن لهم بالدخول، ومع ذلك كلّه لم ينزعوا عن رقابهم طوق العبوديّة ولم يخلعوا عن كواهلهم خلعة الرقيّة فنحن كذلك نزحف إليك في كلّ شهر ألف مرّة وإن صددت علينا

ص: 178

الباب ولم نسمع منك الجواب ولكنّا لن نتخلّى عن مراكزنا ولن نمسك يد عبوديّتنا عن حجزة ولايتك وأنّي على يقين بأنّا لو كنّا من شعيتك لفتحت في المرّة الأولى الباب علينا ورحّبت لنا إلّا أنّا حيث كنّا من محبّيك ولم نطأ موطأ شعيتك فحرمنا عن النظر إلى جمال وجهك ومنعنا من إدراك قدس حضرتك.

فمن الفرائض على ذمم العباد أن يجتمعوا في كلّ يوم وليلة لغرض التسليم على ذاته المقدّسة وإظهار العبوديّة والرقيّة رجاءَ أن يردّ على أحدهم السلام.

ص: 179

ص: 180

تكليف 25 في كيفيّة السلام عليه بما ورد من المأثور وغيره

قد أسلفنا الكلام وقلنا إنّ من المستحبّات التي تتعقّب بها فريضة الفجر وسائر الفرائض إنّما هي الصلواة والسلام على إمام العصر أرواحنا فداه، وتجديد العهد والبيعة والميثاق له، وإظهار العبوديّة والرقيّة، وقد مضى بيان ذلك إجمالاً.

وأمّا هذا المقام فسنذكر فيه نبذة من الفقرات المتضمنّة للتحيّة والسلام الواردة عنه وعن آبائه الكرام سلام الله عليهم أجمعين في موارد مخصوصة ومواضع منصوصة ترجع إليها فيما إذا أردت أن تسلّم عليه وتزوره، وتظهر له العبوديّة والرقيّة، وتتذرّع به في مطالبك ومآربك، فلعلّه يردّ عليك السلام متكرّماً متفضّلاً إن كان سلامك عن إخلاص وصميم قلب فتفلح بذلك في النشأتين، فطوبى لمن نظر إليه إمام العصر أرواحنا فداه نظرةً رحيمةً استوجب بها الكرامة في الدارين.

ص: 181

ومن جملة تلك الفقرات التي على عهدة العبد أن يأتي بها في كلّ يوم ويتوجّه بها إلى الله ورسوله والأئمّة وإليه صلّى الله تعالى عليهم أجمعين ما أسلفنا ذكره من السلام الذي تقرئه في تشهّد الفرائض اليوميّة فقد سبق به التصريح في عدّة مواضع.

ومنها: ما خرج عن الناحية المقدّسة بأسانيد صحيحة معتبرة:

في الاحتجاج: خرج من الناحية المقدّسة إلى محمّد الحميريّ بعد الجواب عن المسائل التي سألها:

بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حمكة بالغة فما تغن النذر عن قوم لا يؤمنون السلام على عباد الله الصالحين. إذا أردتم التوجّه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى:

«سَلَامٌ عَلَى آلِ يس السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللَّهِ وَ رَبَّانِيَّ آيَاتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللَّهِ وَ دَيَّانَ دِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ وَ نَاصِرَ خَلْقِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ دَلِيلَ إِرَادَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللَّهِ وَ تَرْجُمَانَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مِيثَاقَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ وَ وَكَّدَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللَّهِ الَّذِي ضَمِنَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَ عْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَ تُبَيِّنُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَ تَقْنُتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُكَبِّرُ وَ تُهَلِّلُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَ تَسْتَغْفِرُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمْسِي وَ تُصْبِحُ

ص: 182

السَّلَامُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ السَّلَامِ، أُشْهِدُكَ يَا مَوْلَايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ لَا حَبِيبَ إِلَّا هُوَ وَأَهْلُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ وَالْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَالْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ أَنْتُمُ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَ أَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا يَوْمَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً وَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَأَنَّ نَاكِراً وَنَكِيراً حَقٌّ وَأَشْهَدُ أَنَّ النَّشْرَ وَالْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ الصِّرَاطَ وَالْمِرْصَادَ حَقٌّ وَالْمِيزَانَ وَالْحِسَابَ حَقٌّ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ بِهِمَا حَقٌّ يَا مَوْلَايَ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ وَسَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ فَاشْهَدْ عَلَى مَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَأَنَا وَلِيٌّ لَكَ بَرِي ءٌ مِنْ عَدُوِّكَ فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَبِأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَبِكُمْ يَا مَوْلَايَ أَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ وَمَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِين».

ثمّ الدُّعَاءُ عَقِيبَ هَذَا الْقَوْلِ:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَ كَلِمَةِ نُورِكَ وَ أَنْ تَمْلَأَ قَلْبِي نُورَ الْيَقِينِ وَ صَدْرِي نُورَ الْإِيمَانِ وَ فِكْرِي نُورَ

ص: 183

الثَّبَاتِ وَ عَزْمِي نُورَ الْعِلْمِ وَ قُوَّتِي نُورَ الْعَمَلِ وَ لِسَانِي نُورَ الصِّدْقِ وَ دِينِي نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَ بَصَرِي نُورَ الضِّيَاءِ وَ سَمْعِي نُورَ وَ عْيِ الْحِكْمَةِ وَ مَوَدَّتِي نُورَ الْمُوَالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ علیه السلام حَتَّى أَلْقَاكَ وَ قَدْ وَ فَيْتُ بِعَهْدِكَ وَ مِيثَاقِكَ فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ فِي أَرْضِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي بِلَادِكَ وَالدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ وَالْقَائِمِ بِقِسْطِكَ _ وَالثَّائِرِ بِأَمْرِكَ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَ بَوَارِ الْكَافِرِينَ وَ مُجَلِّي الظُلْمَةِ وَ مُنِيرِ الْحَقِّ وَالسَّاطِعِ بِالْحِكْمَةِ وَالصِّدْقِ وَكَلِمَتِكَ التَّامَّةِ فِي أَرْضِكَ الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ وَالْوَلِيِّ النَّاصِحِ سَفِينَةِ النَّجَاةِ وَعَلَمِ الْهُدَى وَ نُورِ أَبْصَارِ الْوَرَى وَ خَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى وَ مُجَلِّي الْعَمَى الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَ ابْنِ أَوْلِيَائِكَ الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَ أَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً اللَّهُمَّ انْصُرْ وَ انْتَصِرْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ وَ أَوْلِيَاءَهُ وَشِيعَتَهُ وَأَنْصَارَهُ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ كُلِّ بَاغٍ وَ طَاغٍ وَ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ احْرُسْهُ وَ امْنَعْهُ مِنْ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ آلَ رَسُولِكَ وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِرِيهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَاقْصِمْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْرِ وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَ جَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ حَيْثُ كَانُوا فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ امْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلًا وَأَظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ وَاجْعَلْنِي اللَّهُمَّ مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ أَرِنِي فِي آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَأْمَلُونَ وَ فِي عَدُوِّهِمْ

ص: 184

مَا يَحْذَرُونَ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين»(1)

ومنها: ما خرج عن الناحية المقدّسة إلى عبد الله بن جعفر الحميريّ وهو المعروف بزيارة الندبة، وهي غير ما اشتهر بدعاء الندبة، وقد أخرجها المجلسيّ قدّس سرّه في كتاب الدعاء من بحار الأنوار عن خطّ الشيخ محمّد عليّ الجباعيّ جدّ شيخنا البهائيّ قدّس سرّهما بإسناده المضبوط عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ الذي خرج إليه التوقيع المبارك وفيه:

«سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ التَّوَجُّهَ قَدْ آتَاكُمُ اللَّهُ يَا آلَ يَاسِينَ خِلَافَتَهُ وَ عَلَّمَ مَجَارِيَ أَمْرِهِ فِيمَا قَضَاهُ وَ دَبَّرَهُ وَ رَتَّبَهُ وَ أَرَادَهُ فِي مَلَكُوتِهِ فَكَشَفَ لَكُمُ الْغِطَاءَ وَ أَنْتُمْ خَزَنَتُهُ وَ شُهَدَاؤُهُ وَ عُلَمَاؤُهُ وَأُمَنَاؤُهُ سَاسَةُ الْعِبَادِ وَ أَرْكَانُ الْبِلَادِ وَ قُضَاةُ الْأَحْكَامِ وَ أَبْوَابُ الْإِيمَانِ وَ مِنْ تَقْدِيرِهِ مَنَائِحُ الْعَطَاءِ بِكُمْ إِنْفَاذُهُ مَحْتُوماً مَقْرُوناً فَمَا شَيْ ءٌ مِنْهُ إِلَّا وَ أَنْتُمْ لَهُ السَّبَبُ وَ إِلَيْهِ السَّبِيلُ خِيَارُهُ لِوَلِيِّكُمْ نِعْمَةٌ وَ انْتِقَامُهُ مِنْ عَدُوِّكُمْ سَخْطَةٌ فَلَا نَجَاةَ وَ لَا مَفْزَعَ إِلَّا أَنْتُمْ وَ لَا مَذْهَبَ عَنْكُمْ يَا أَعْيُنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ وَ حَمَلَةَ مَعْرِفَتِهِ وَ مَسَاكِنَ تَوْحِيدِهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ وَ أَنْتَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ بَقِيَّتَهُ كَمَالُ نِعْمَتِهِ وَ وَارِثُ أَنْبِيَائِهِ وَ خُلَفَائِهِ مَا بَلَغْنَاهُ مِنْ دَهْرِنَا وَ صَاحِبُ الرَّجْعَةِ لِوَعْدِ رَبِّنَا الَّتِي فِيهَا دَوْلَةُ الْحَقِّ وَ فَرَحُنَا وَنَصْرُ اللَّهِ لَنَا وَ عِزُّنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ

ص: 185


1- الاحتجاج علی اهل اللجاج: 2/ 493 ذکر طرف مما خرج ایضا عن صاحب الزمان علیه السلام من المساو الفقیة و غیرها في التوقیعات علی ایدي الابواب الاربعة و غیرهم

السَّلَامُ عَلَيْكَ صَاحِبَ الْمَرْأَى وَالْمَسْمَعِ الَّذِي بِعَيْنِ اللَّهِ مَوَاثِيقُهُ وَ بِيَدِ اللَّهِ عُهُودُهُ وَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ سُلْطَانُهُ أَنْتَ الْحَلِيمُ الَّذِي لَا تُعَجِّلُهُ الْعَصَبِيَّةُ وَ الْكَرِيمُ الَّذِي لَا تُبَخِّلُهُ الْحَفِيظَةُ وَ الْعَالِمُ الَّذِي لَا تُجَهِّلُهُ الْحَمِيَّةُ مُجَاهَدَتُكَ فِي اللَّهِ ذَاتُ مَشِيَّةِ اللَّهِ وَ مُقَارَعَتُكَ فِي اللَّهِ ذَاتُ انْتِقَامِ اللَّهِ وَ صَبْرُكَ فِي اللَّهِ ذُو أَنَاةِ اللَّهِ وَ شُكْرُكَ لِلهِ ذُو مَزِيدِ اللَّهِ وَ رَحْمَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَحْفُوظاً بِاللَّهِ نُورُ أَمَامِهِ وَ وَرَائِهِ وَيَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ وَ فَوْقِهِ وَ تَحْتِهِ يَا مَحْرُوزاً فِي قُدْرَةِ اللَّهِ نُورُ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَيَا وَ عْدَ اللَّهِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَ يَا مِيثَاقَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ وَ وَكَّدَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللَّهِ وَ رَبَّانِيَّ آيَاتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللَّهِ وَ دَيَّانَ دِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ وَ نَاصِرَ حَقِّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ دَلِيلَ إِرَادَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللَّهِ وَ تَرْجُمَانَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَ أَطْرَافِ نَهَارِكَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَ تُبَيِّنُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَ تَقْنُتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَعَوَّذُ وَ تُسَبِّحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَ تُكَبِّرُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَ تَسْتَغْفِرُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمَجِّدُ وَ تَمْدَحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمْسِي وَ تُصْبِحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَالْآخِرَةِ وَالْأُولَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا حُجَجَ اللَّهِ وَ رُعَاتَنَا وَ هُدَاتَنَا وَ دُعَاتَنَا وَ قَادَتَنَا وَ أَئِمَّتَنَا وَ سَادَتَنَا وَ مَوَالِيَنَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ نُورُنَا وَ أَنْتُمْ جَاهُنَا أَوْقَاتِ صَلَاتِنَا وَ عِصْمَتُنَا بِكُمْ لِدُعَائِنَا وَ صَلَاتِنَا وَ صِيَامِنَا وَاسْتِغْفَارِنَا وَسَائِرِ أَعْمَالِنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ

ص: 186

السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ السَّلَامِ أُشْهِدُكَ يَا مَوْلَايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ لَا حَبِيبَ إِلَّا هُوَ وَ أَهْلُهُ وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَنْتَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ دُعَاةٌ وَ هُدَاةُ رُشْدِكُمْ أَنْتُمُ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ خَاتِمَتُهُ وَ أَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا يَوْمَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً وَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ نَاكِراً وَ نَكِيراً حَقٌّ وَ أَنَّ النَّشْرَ وَ الْبَعْثَ حَقٌّ وَ أَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَ الْمِرْصَادَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْمِيزَانَ وَ الْحِسَابَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌّ وَالْجَزَاءَ بِهِمَا لِلْوَعْدِ وَ الْوَعِيدِ حَقٌّ وَ أَنَّكُمْ لِلشَّفَاعَةِ حَقٌّ لَا تُرَدُّونَ وَ لَا تَسْبِقُونَ مَشِيَّةَ اللَّهِ وَ بِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَ لِلهِ الرَّحْمَةُ وَالْكَلِمَةُ الْعُلْيَا وَ بِيَدِهِ الْحُسْنَى وَ حُجَّةُ اللَّهِ النُّعْمَى خَلَقَ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ لِعِبَادَتِهِ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ عِبَادَتَهُ فَشَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ قَدْ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ وَ سَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ وَ أَنْتَ يَا مَوْلَايَ فَاشْهَدْ بِمَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ تَخْزُنُهُ وَ تَحْفَظُهُ لِي عِنْدَكَ أَمُوتُ عَلَيْهِ وَ أَنْشُرُ عَلَيْهِ وَ أَقِفُ بِهِ وَلِيّاً لَكَ بَرِيئاً مِنْ عَدُوِّكَ مَا قِتاً لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ وَادّاً لِمَنْ أَحَبَّكُمْ فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ وَ الْقَضَاءُ الْمُثْبَتُ مَا اسْتَأْثَرَتْ بِهِ مَشِيَّتُكُمْ وَالْمَمْحُوُّ مَا اسْتَأْثَرَتْ بِهِ سُنَّتُكُمْ فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ الْحَسَنُ

ص: 187

حُجَّتُهُ الْحُسَيْنُ حُجَّتُهُ عَلِيٌّ حُجَّتُهُ مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ جَعْفَرٌ حُجَّتُهُ مُوسَى حُجَّتُهُ عَلِيٌّ حُجَّتُهُ مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ عَلِيٌّ حُجَّتُهُ الْحَسَنُ حُجَّتُهُ أَنْتَ حُجَّتُهُ أَنْتُمْ حُجَجُهُ وَ بَرَاهِينُهُ أَنَا يَا مَوْلَايَ مُسْتَبْشِرٌ بِالْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَي شُرَطِهِ قِتَالًا فِي سَبِيلِهِ اشْتَرَى بِهِ أَنْفُسَ الْمُؤْمِنِينَ فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِكُمْ يَا مَوْلَايَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ وَ مَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ وَ بَرَاءَتِي مِنْ أَعْدَائِكُمْ أَهْلِ الْحَرَدَةِ وَ الْجِدَالِ ثَابِتَةٌ لِثَأْرِكُمْ أَنَا وَلِيٌّ وَ حِيدٌ وَاللَّهُ إِلَهُ الْحَقِّ يَجْعَلُنِي كَذَلِكَ آمِينَ آمِينَ مَنْ لِي إِلَّا أَنْتَ فِيمَا دَنَتْ وَ اعْتَصَمْتُ بِكَ فِيهِ تَحْرُسُنِي فِيمَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ يَا وِقَايَةَ اللَّهِ وَ سِتْرَهُ وَ بَرَكَتَهُ أَغِثْنِي أَدْنِنِي أَعِنِّي أَدْرِكْنِي صِلْنِي بِكَ وَ لَا تَقْطَعْنِي اللَّهُمَّ إِلَيْكَ بِهِمْ تَوَسُّلِي وَ تَقَرُّبِي اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَصِلْنِي بِهِمْ وَ لَا تَقْطَعْنِي بِحُجَّتِكَ وَ اعْصِمْنِي وَ سَلَامُكَ عَلَى آلِ يس مَوْلَايَ أَنْتَ الْجَاهُ عِنْدَ اللَّهِ رَبِّكَ وَ رَبِّي إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ الدُّعَاءُ بِعَقِبِ الْقَوْلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي خَلَقْتَهُ مِنْ كُلِّكَ فَاسْتَقَرَّ فِيكَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى شَيْ ءٍ أَبَداً يَا كَيْنُونُ أَيَا مَكْنُونُ أَيَا مُتَعَالُ أَيَا مُتَقَدِّسُ أَيَا مُتَرَاحِمُ أَيَا مُتَرَئِّفُ أَيَا مُتَحَنِّنُ أَسْأَلُكَ كَمَا خَلَقْتَهُ غَضّاً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَ كَلِمَةِ نُورِكَ وَ وَالِدِ هُدَاةِ رَحْمَتِكَ وَ امْلَأْ قَلْبِي نُورَ الْيَقِينِ وَ صَدْرِي نُورَ الْإِيمَانِ وَ فِكْرِي نُورَ الثَّبَاتِ وَ عَزْمِي نُورَ التَّوْفِيقِ وَ ذَكَائِي نُورَ الْعِلْمِ وَ قُوَّتِي نُورَ الْعَمَلِ وَ لِسَانِي نُورَ الصِّدْقِ وَ دِينِي نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَ بَصَرِي نُورَ الضِّيَاءِ وَ سَمْعِي نُورَ وَ عْيِ الْحِكْمَةِ وَ مَوَدَّتِي نُورَ الْمُوَالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ علیه السلام وَ يَقِينِي قُوَّةَ الْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَلْقَاكَ

ص: 188

وَ قَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ فَيَسَعَنِي رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ بِمَرْآكَ وَ مَسْمَعِكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ دُعَائِي فَوَفِّنِي مُنَجِّزَاتِ إِجَابَتِي أَعْتَصِمُ بِكَ مَعَكَ مَعَكَ مَعَكَ سَمْعِي وَ رِضَاي»(1)

وقد نقل في كتاب المزار من بحار الأنوار عن السيّد بن طاوس هذه الزيارة المعروفة بزيارة الندبة التي خرجت عن الناحية المقدّسة إلى محمّد بن عبد الله الحميريّ وأمر بقرائتها في السرداب المقدّس، وذكر هذه الزيارة بعينها ثمّ نقلها عن مؤلّف المزار الكبير الذي هو بزعمه قدس سره محمّد المشهديّ رحمة الله عليه مضافاً إلى اثنتي عشر ركعة في أوّلها، ونسب ذلك إلى محمّد بن عثمان من نوّابه أرواحنا فداه، وتفصيل ذلك على نحو ما يلي:

أحمد بن إبراهيم قال: شكوت إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولانا علیه السلام، فقال لي: مع الشوق تشتهي أن تراه؟ فقلت: نعم، فقال لي: شكر الله لك شوقك، وأراك وجهه في يسر وعافية، لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه، فإنّ أيّام الغيبة تشتاق إليه ولا تسأل الاجتماع معه، إنّها عزائم الله والتسليم لها أولى، ولكن توجّه إليه بالزيارة، وأمّا كيف يعمل وما أملاه عند محمّد بن عليّ فانسخوه من عنده، وهو التوجّه إلى الصاحب علیه السلام بالزيارة بعد صلاه اثنتي عشرة ركعة، تقرأ قل هو الله أحد في جميعها ركعتين ركعتين، ثمّ تصلّي على محمّد وآله وتقول قول الله جلّ اسمه: «سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ ذَلِكَ

ص: 189


1- بحار الانوار: 91/ 37 ب الاستشفاع بمحمد و آل محمد في الدعاء و ادعیة التوجه الیهم و الصلوات علیهم و التوسل بهم صلوات الله علیهم

هُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ، إِمَامُهُ مَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَ قَدْ آتَاكُمُ اللَّهُ خِلَافَتَهُ يَا آلَ يَاسِين»(1)

ويفهم من هذه الرواية أنّ اثنتي عشر ركعة إنّما يوتى بها قبل الزيارة، ونحن نورد في المقام ما ذكره في كتاب الدعاء من بحار الأنوار وهو غير مشتمل على هذه الاثنتي عشر الركعة:

«سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ التَّوَجُّهَ قَدْ آتَاكُمُ اللَّهُ يَا آلَ يَاسِينَ خِلَافَتَهُ وَ عَلَّمَ مَجَارِيَ أَمْرِهِ فِيمَا قَضَاهُ وَ دَبَّرَهُ وَ رَتَّبَهُ وَ أَرَادَهُ فِي مَلَكُوتِهِ فَكَشَفَ لَكُمُ الْغِطَاءَ وَ أَنْتُمْ خَزَنَتُهُ وَ شُهَدَاؤُهُ وَ عُلَمَاؤُهُ وَ أُمَنَاؤُهُ سَاسَةُ الْعِبَادِ وَ أَرْكَانُ الْبِلَادِ وَ قُضَاةُ الْأَحْكَامِ وَ أَبْوَابُ الْإِيمَانِ وَ مِنْ تَقْدِيرِهِ مَنَائِحُ الْعَطَاءِ بِكُمْ إِنْفَاذُهُ مَحْتُوماً مَقْرُوناً فَمَا شَيْ ءٌ مِنْهُ إِلَّا وَ أَنْتُمْ لَهُ السَّبَبُ وَ إِلَيْهِ السَّبِيلُ خِيَارُهُ لِوَلِيِّكُمْ نِعْمَةٌ وَ انْتِقَامُهُ مِنْ عَدُوِّكُمْ سَخْطَةٌ فَلَا نَجَاةَ وَ لَا مَفْزَعَ إِلَّا أَنْتُمْ وَ لَا مَذْهَبَ عَنْكُمْ يَا أَعْيُنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ وَ حَمَلَةَ مَعْرِفَتِهِ وَ مَسَاكِنَ تَوْحِيدِهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ وَأَنْتَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ بَقِيَّتَهُ كَمَالُ نِعْمَتِهِ وَ وَارِثُ أَنْبِيَائِهِ وَ خُلَفَائِهِ مَا بَلَغْنَاهُ مِنْ دَهْرِنَا وَصَاحِبُ الرَّجْعَةِ لِوَعْدِ رَبِّنَا الَّتِي فِيهَا دَوْلَةُ الْحَقِّ وَ فَرَحُنَا وَ نَصْرُ اللَّهِ لَنَا وَ عِزُّنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَ عْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ صَاحِبَ الْمَرْأَى وَالْمَسْمَعِ الَّذِي بِعَيْنِ اللَّهِ مَوَاثِيقُهُ و َبِيَدِ اللَّهِ

ص: 190


1- بحار الانوار: 99/ 97 ب زیارة الامام المستتر عن الابصار الحاضر في قلوب الاخیار المنتظر فی اللیل و النهار الحجة بن الحسن صلوات الله علیهما في السرداب و غیره

عُهُودُهُ وَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ سُلْطَانُهُ أَنْتَ الْحَلِيمُ الَّذِي لَا تُعَجِّلُهُ الْعَصَبِيَّةُ وَالْكَرِيمُ الَّذِي لَا تُبَخِّلُهُ الْحَفِيظَةُ وَ الْعَالِمُ الَّذِي لَا تُجَهِّلُهُ الْحَمِيَّةُ مُجَاهَدَتُكَ فِي اللَّهِ ذَاتُ مَشِيَّةِ اللَّهِ وَ مُقَارَعَتُكَ فِي اللَّهِ ذَاتُ انْتِقَامِ اللَّهِ وَ صَبْرُكَ فِي اللَّهِ ذُو أَنَاةِ اللَّهِ وَ شُكْرُكَ لِلهِ ذُو مَزِيدِ اللَّهِ وَ رَحْمَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَحْفُوظاً بِاللَّهِ نُورُ أَمَامِهِ وَ وَرَائِهِ وَ يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ وَ فَوْقِهِ وَ تَحْتِهِ يَا مَحْرُوزاً فِي قُدْرَةِ اللَّهِ نُورُ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ وَيَا وَ عْدَ اللَّهِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَ يَا مِيثَاقَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ وَ وَكَّدَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللَّهِ وَ رَبَّانِيَّ آيَاتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللَّهِ وَ دَيَّانَ دِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ وَ نَاصِرَ حَقِّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ دَلِيلَ إِرَادَتِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللَّهِ وَ تَرْجُمَانَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَ أَطْرَافِ نَهَارِكَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَ تُبَيِّنُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَ تَقْنُتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَ تَسْجُدُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَعَوَّذُ وَ تُسَبِّحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَ تُكَبِّرُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَ تَسْتَغْفِرُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمَجِّدُ وَ تَمْدَحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ حِينَ تُمْسِي وَ تُصْبِحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا حُجَجَ اللَّهِ وَ رُعَاتَنَا وَ هُدَاتَنَا وَ دُعَاتَنَا وَ قَادَتَنَا وَ أَئِمَّتَنَا وَ سَادَتَنَا وَ مَوَالِيَنَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ نُورُنَا وَ أَنْتُمْ جَاهُنَا أَوْقَاتِ صَلَاتِنَا وَ عِصْمَتُنَا بِكُمْ لِدُعَائِنَا وَ صَلَاتِنَا وَ صِيَامِنَا وَ اسْتِغْفَارِنَا وَ سَائِرِ أَعْمَالِنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ بِجَوَامِعِ السَّلَامِ أُشْهِدُكَ يَا مَوْلَايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ

ص: 191

وَحْدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ لَا حَبِيبَ إِلَّا هُوَ وَ أَهْلُهُ وَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ وَ أَنْتَ حُجَّتُهُ وَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ دُعَاةٌ وَ هُدَاةُ رُشْدِكُمْ أَنْتُمُ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَ خَاتِمَتُهُ وَ أَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا يَوْمَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً وَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ نَاكِراً وَ نَكِيراً حَقٌّ وَ أَنَّ النَّشْرَ وَ الْبَعْثَ حَقٌّ وَ أَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَالْمِرْصَادَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْمِيزَانَ وَ الْحِسَابَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌّ وَالْجَزَاءَ بِهِمَا لِلْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ حَقٌّ وَأَنَّكُمْ لِلشَّفَاعَةِ حَقٌّ لَا تُرَدُّونَ وَ لَا تَسْبِقُونَ مَشِيَّةَ اللَّهِ وَ بِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَ لِلهِ الرَّحْمَةُ وَالْكَلِمَةُ الْعُلْيَا وَ بِيَدِهِ الْحُسْنَى وَ حُجَّةُ اللَّهِ النُّعْمَى خَلَقَ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ لِعِبَادَتِهِ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ عِبَادَتَهُ فَشَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ قَدْ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ وَ سَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ وَأَنْتَ يَا مَوْلَايَ فَاشْهَدْ بِمَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ تَخْزُنُهُ وَ تَحْفَظُهُ لِي عِنْدَكَ أَمُوتُ عَلَيْهِ وَ أَنْشُرُ عَلَيْهِ وَ أَقِفُ بِهِ وَلِيّاً لَكَ بَرِيئاً مِنْ عَدُوِّكَ مَاقِتاً لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ وَادّاً لِمَنْ أَحَبَّكُمْ فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ وَالْقَضَاءُ الْمُثْبَتُ مَا اسْتَأْثَرَتْ بِهِ مَشِيَّتُكُمْ وَالْمَمْحُوُّ مَا اسْتَأْثَرَتْ بِهِ سُنَّتُكُمْ فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ الْحَسَنُ حُجَّتُهُ الْحُسَيْنُ حُجَّتُهُ عَلِيٌّ حُجَّتُهُ مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ جَعْفَرٌ حُجَّتُهُ مُوسَى حُجَّتُهُ

ص: 192

عَلِيٌّ حُجَّتُهُ مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ عَلِيٌّ حُجَّتُهُ الْحَسَنُ حُجَّتُهُ أَنْتَ حُجَّتُهُ أَنْتُمْ حُجَجُهُ وَ بَرَاهِينُهُ أَنَا يَا مَوْلَايَ مُسْتَبْشِرٌ بِالْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَي شُرَطِهِ قِتَالًا فِي سَبِيلِهِ اشْتَرَى بِهِ أَنْفُسَ الْمُؤْمِنِينَ فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ بِكُمْ يَا مَوْلَايَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ وَ مَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ وَ بَرَاءَتِي مِنْ أَعْدَائِكُمْ أَهْلِ الْحَرَدَةِ وَ الْجِدَالِ ثَابِتَةٌ لِثَأْرِكُمْ أَنَا وَلِيٌّ وَحِيدٌ وَ اللَّهُ إِلَهُ الْحَقِّ يَجْعَلُنِي كَذَلِكَ آمِينَ آمِينَ مَنْ لِي إِلَّا أَنْتَ فِيمَا دَنَتْ وَ اعْتَصَمْتُ بِكَ فِيهِ تَحْرُسُنِي فِيمَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ يَا وِ قَايَةَ اللَّهِ وَ سِتْرَهُ وَ بَرَكَتَهُ أَغِثْنِي أَدْنِنِي أَعِنِّي أَدْرِكْنِي صِلْنِي بِكَ وَ لَا تَقْطَعْنِي اللَّهُمَّ إِلَيْكَ بِهِمْ تَوَسُّلِي وَ تَقَرُّبِي اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ صِلْنِي بِهِمْ وَ لَا تَقْطَعْنِي بِحُجَّتِكَ وَاعْصِمْنِي وَ سَلَامُكَ عَلَى آلِ يس مَوْلَايَ أَنْتَ الْجَاهُ عِنْدَ اللَّهِ رَبِّكَ وَ رَبِّي إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ الدُّعَاءُ بِعَقِبِ الْقَوْلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي خَلَقْتَهُ مِنْ كُلِّكَ فَاسْتَقَرَّ فِيكَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى شَيْ ءٍ أَبَداً يَا كَيْنُونُ أَيَا مَكْنُونُ أَيَا مُتَعَالُ أَيَا مُتَقَدِّسُ أَيَا مُتَرَاحِمُ أَيَا مُتَرَئِّفُ أَيَا مُتَحَنِّنُ أَسْأَلُكَ كَمَا خَلَقْتَهُ غَضّاً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَ كَلِمَةِ نُورِكَ وَ وَالِدِ هُدَاةِ رَحْمَتِكَ وَ امْلَأْ قَلْبِي نُورَ الْيَقِينِ وَ صَدْرِي نُورَ الْإِيمَانِ وَ فِكْرِي نُورَ الثَّبَاتِ وَ عَزْمِي نُورَ التَّوْفِيقِ وَ ذَكَائِي نُورَ الْعِلْمِ وَ قُوَّتِي نُورَ الْعَمَلِ وَ لِسَانِي نُورَ الصِّدْقِ وَ دِينِي نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَ بَصَرِي نُورَ الضِّيَاءِ وَ سَمْعِي نُورَ وَعْيِ الْحِكْمَةِ وَ مَوَدَّتِي نُورَ الْمُوَالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ علیه السلام وَ يَقِينِي قُوَّةَ الْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَلْقَاكَ وَ قَدْ وَ فَيْتُ بِعَهْدِكَ وَ مِيثَاقِكَ فَيَسَعَنِي رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ بِمَرْآكَ وَ مَسْمَعِكَ يَا

ص: 193

حُجَّةَ اللَّهِ دُعَائِي فَوَفِّنِي مُنَجِّزَاتِ إِجَابَتِي أَعْتَصِمُ بِكَ مَعَكَ مَعَكَ مَعَكَ سَمْعِي وَ رِضَايَ»(1)

ومنها: ما أوصى به السيّد بن طاوس في كشف المحجّة ولده محمّد على سبيل الإجمال: وقدّم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات، كما ذكرناه في كتاب المهمّات والتتمّات، والصدقة عنه قبل الصدقة عنك وعمن يعزّ عليك، والدعاء له قبل الدعاء لك، وقدّمه في كلّ خير يكون وفاء له، ومقتضياً لإقباله عليك وإحسانه إليك، فأعرض حاجاتك عليه كلّ يوم الاثنين ويوم الخميس من كلّ أسبوع، لما يجب له من أدب الخضوع، وقل عند خطابه بعد السّلام عليه بما ذكرناه في أواخر الأجزاء من كتاب المهمّات من الزيارة التي أوّلها: سلام اللّه الكامل..»(2)

قال المؤلّف: نقل المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في المجلّد التاسع عشر من بحار الأنوار وفي المجلّد الثاني والعشرين أي كتاب المزار شرحاً لهذه الزيارة عن كتاب قبس المصابيح تصنيف الصهرشتيّ من تلامذة الشيخ الطوسيّ _ رضوان الله عليه _ وإليك نصّه:

سمعت الشيخ أبا عبد الله الحسين بن الحسن بن بابويه رضي الله عنه بالري سنة أربع وأربعمائة يروي عن عمّه أبي جعفر محمّد بن عليّ بن

ص: 194


1- بحارالانوا: 91/ 37 ب الاستشفاع بمحمد و آل محمد في الدعاء و ادعیة التوجه الیهم و الصلوات علیهم و التوسل بهم صلوات الله علیهم
2- کشف المجة لثمرة المهجة: 209 الفصل بیان بعض الامور المتعلقة بالامام المهدي علیه السلام و طرح الشبهات في غیبته

بابويه رحمه الله قال: حدّثني مشايخي القمّيّين قال: كربني أمر ضقت به ذرعاً ولم يسهل في نفسي أن أفشيه لأحد من أهلي وإخواني، فنمت وأنا به مغموم، فرأيت في النوم رجلاً جميل الوجه، حسن اللباس، طيّب الرائحة، خلتُه بعض مشايخنا القمّيّين الذين كنت أقرأ عليهم، فقلت في نفسي: إلى متى أكابد همّي وغمّي ولا أفشيه لأحد من إخواني، وهذا شيخ من مشايخنا العلماء، أذكر له ذلك فلعلّي أجد لي عنده فرجاً، فابتدأني من قبل أن أبتدئه وقال لي: ارجع فيما أنت بسبيله إلى الله تعالى واستعن بصاحب الزمان علیه السلام، واتّخذه لك مفزعاً فإنّه نعم المعين، وهو عصمة أوليائه المؤمنين، ثمّ أخذ بيدي اليمنى ومسحها بكفّه اليمنى، وقال: زره وسلّم عليه واسأله أن يشفع لك إلى الله تعالى في حاجتك، فقلت له: علّمني كيف أقول؟ فقد أنساني ما أهمني بما أنا فيه كلّ زيارة ودعاء، فتنفّس الصعداء وقال: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، ومسح صدري بيده، وقال: حسبك الله لا بأس عليك، تطهّر وصلّ ركعتين ثمّ قم وأنت مستقبل القبلة تحت السماء وقل:

«سَلَامُ اللَّهِ الْكَامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ الْعَامُّ وَ صَلَوَاتُهُ الدَّائِمَةُ وَ بَرَكَاتُهُ الْقَائِمَةُ عَلَى حُجَّةِ اللَّهِ وَ وَلِيِّهِ فِي أَرْضِهِ وَ بِلَادِهِ وَ خَلِيفَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ عِبَادِهِ سُلَالَةِ النُّبُوَّةِ وَ بَقِيَّةِ الْعِتْرَةِ وَ الصَّفْوَةِ صَاحِبِ الزَّمَانِ وَ مُظْهِرِ الْإِيمَانِ وَ مُعْلِنِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مُطَهِّرِ الْأَرْضِ وَ نَاشِرِ الْعَدْلِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ الْحُجَّةِ الْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ وَ الْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ الْمَرْضِيِّ الطَّاهِرِ ابْنِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ الْوَصِيِّ أَوْلَادِ الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ الْهَادِي الْمَعْصُومِ ابْنِ الْهُدَاةِ الْمَعْصُومِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ

ص: 195

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَ مُسْتَوْدَعِ حِكْمَةِ الْوَصِيِّينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عِصْمَةَ الدِّينِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُعِزَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْكَافِرِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ الظَّالِمِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا ابْنَ الْأَئِمَّةِ الْحُجَجِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ سَلَامَ مُخْلِصٍ لَكَ فِي الْوَلَاءِ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ قَوْلًا وَ فِعْلًا وَأَنَّكَ الَّذِي تَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا فَعَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَكَ وَ سَهَّلَ مَخْرَجَكَ وَ قَرَّبَ زَمَانَكَ وَ أَكْثَرَ أَنْصَارَكَ وَ أَعْوَانَكَ وَ أَنْجَزَ لَكَ مَوْعِدَكَ وَ هُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ يَا مَوْلَايَ حَاجَتِي كَذَا وَ كَذَا فَاشْفَعْ لِي فِي نَجَاحِهَا وَ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ قَالَ فَانْتَبَهْتُ وَ أَنَا مُوقِنٌ بِالرَّوْحِ وَالْفَرَجِ وَ كَانَ عَلَيَّ بَقِيَّةٌ مِنْ لَيْلِي وَاسِعَةٌ فَقُمْتُ فَبَادَرْتُ فَكَتَبْتُ مَا عَلَّمَنِيهِ خَوْفاً أَنْ أَنْسَاهُ ثُمَّ تَطَهَّرْتُ وَ بَرَزْتُ تَحْتَ السَّمَاءِ وَ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ قَرَأْتُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْحَمْدِ كَمَا عُيِّنَ لِي إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً وَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْحَمْدِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَأَحْسَنْتُ صَلَاتَهُمَا فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُمْتُ وَ أَنَا مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ زُرْتُ ثُمَّ دَعَوْتُ بِحَاجَتِي وَاسْتَغَثْتُ بِمَوْلَايَ صَاحِبِ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ سَجَدْتُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ وَأَطَلْتُ فِيهَا الدُّعَاءَ حَتَّى خِفْتُ فَوَاتَ صَلَاةِ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْتُ وَ صَلَّيْتُ وَ عَقَّبْتُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِفَرِيضَةِ الْغَدَاةِ وَ جَلَسْتُ فِي مِحْرَابِي أَدْعُو فَلَا وَاللَّهِ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى جَاءَنِي الْفَرَجُ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ وَ لَمْ يَعُدْ إِلَىَّ مِثْلُ ذَلِكَ بَقِيَّةَ عُمُرِي وَ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مَا كَانَ

ص: 196

ذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي أَهَمَّنِي وَإِلَى يَوْمِي هَذَا وَالْمِنَّةُ لِلهِ وَ لَهُ الْحَمْدُ كَثِيراً»(1)

قال المؤلّف: قد روى الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ في النجم الثاقب هذه الزيارة بالشرح المذكور ثمّ قال: «ونقل السيّد ابن طاوس هذه الزيارة في مصباح الزائر باختلاف قليل وبدون تعيين السورة، ونقلها الشيخ الكفعميّ في البلد الأمين مع السورة وذكر الغسل أيضاً قبل الصلاة والزيارة»(2)

وقال العالم النحرير المرحوم الشيخ محمود العراقيّ أعلى الله مقامه _ وهو ممّن عاصرناه _ في دار السلام بعد ذكر هذه الزيارة ما محصّل ترجمته:

إنّ هذا العمل أيضاً كسابقه الذي تقدّم بيانه في ذيل المعجزة الرابع والأربعين وهو من مجربات الحقير وقد رأيت منه غرائب الآثار منها ما اتّفق في رحلتي الثانية المصادفة لسنة 1275 ه- متّجهاً من النجف الأشرف إلى دار الخلافة طهران برفقة أحد الأعلام _ طاب ثراه _ وكان يرى ذلك من مجرّباته في المهام الكلّيّة وكان يضايق تعليمه لمن ليست له الأهليّة إلّا أنّ العمل المتقدّم صار باعثاً له إلى تعليمه إيّاي إذ اطّلع على ذلك وسألني عنه فأجبت طلبته ثمّ سألته عن ذلك فأجاب طلبتي إلّا أنّه لم يستند فيه إلى ما تسكن إليه النفس بل استند _ على سبيل الإجمال _ إلى رؤيا بعض الصلحاء وذكر أنّه ممّا وصل إلينا من بعض الأخبار كما أنّه ممّا جُرّب مراراً عديدة.

ص: 197


1- بحار الانوار: 91/ 31 ب الاستفاع بمحمد و آل محمد في الدعاء و ادعیة التوجه الیهم و الصلوات علیهم و التوسل بهم صلوات الله علیهم
2- النجم الثاقب: 2/ 507

والحقير حيث لم أكن أعرف له مأخذاً ومستنداً فكنت في قضاء الحاجات أعتمد كثيراً على العمل الغاول حتّى اطّلعت في النجف الأشرف على هذا المأخذ. والظاهر أنّ هذا المأخذ كما مرّ هو تعيين سورتي الفتح والنصر كما قد عيّنهما أيضاً.

وقال أيضاً:

بل لا يبعد في خصوص الوقت تعيين النصف الأخير من الليل، وذلك لأنّ الراوي قد أمر في تلك الساعة بامتثال هذا العمل، وليس هناك إطلاق يمكن أن يستند إليه في تعيين غير هذا الوقت فهو القدر المتيقّن.

بل قد نقل الفاضل المذكور عن كتاب البلد الأمين أنّه ذكر _ مضافاً إلى السورتين _ الغسل قبل الإتيان بالصلاة والزيارة وإن نقل أيضاً عن مصباح الزائر عدم تعيين السورة، وأمّا ما ذكره الكفعميّ من الغسل فلعلّ مستنده لفظ التطهير الوارد في كلام الراوي أو له مستند آخر غير ما ذكر كما لعلّ مستند إطلاق السورة في كلام ابن طاوس إطلاق الفقرة الأولى من كلام الراوي وإن كان كلامه في الفقرة الثانية مقيّداً فإنّ قضيّة التقييد الثاني التقييد الأوّل فالأظهر تعيين السورة كما أنّ تعيين الوقت أحوط إن لم نقل إنّه أقوى.

ومنها: ما مضى في زيارة يوم الجمعة وأوّله: «السلام عليك يا حجّة الله..»، فاقرأ هذا السلام أيّما وجدت لقلبك إقبالاً، واطلب حاجتك فإنّها مقضية إن شاء الله، وسيأتي مزيد بيان في هذا المضمار عند الكلام في التكليف الثاني والثلاثين إن شاء الله.

ص: 198

تكليف 26 في التوجّه والإقبال عليه أرواحنا فداه في عصيرة كلّ يومي الاثنين والخميس، فإنّ في تلك الساعة تُعرض عليه الأعمال

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو التوجّه نحو جنابه في عصيرة يومي الاثنين والخميس، فقد سبقت الإشارة إلى أنّ في عصيرة هذين اليومين تعرض عليه أعمال الخلائق، وقد عقد المجلسي؟ق؟ في المجلّد السابع من بحار الأنوار باباً لبيان عرض الأعمال على الحجج الطاهرين عليهم الصلاة والسلام فلاحظ.

وهناك أحاديث متظافرة متكاثرة قد وردت في بيان هذا الأمر مع الاختلاف في مضامينها ففي بعضها أنّ الأعمال إنّما تعرض في كلّ يوم الاثنين ويوم الخميس من كلّ أسبوع على الحجج الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وفي بعضها أنّها تعرض في كلّ يوم الخميس من كلّ أسبوع على الرسول والأئمّة الطاهرين صلّى الله عليهم، وفي بعضها أنّ أعمال كلّ برّ وفاجر تعرض

ص: 199

في صبيحة كلّ يوم من الأسبوع على النبيّ والأئمّة سلام الله عليهم، وفي بعضها أنّها تعرض في كلّ جمعة عليه.

وفي بصائر الدرجات بإسناده عن أبي عبد الله قال:

«إنّ الأعمال تعرض عليّ في كلّ خميس فإذا كان الهلال أكملت فإذا كان النصف من شعبان عرضت على رسول الله وعلى عليّ علیه السلام ثمّ ينسخ في الذكر الحكيم»(1)

وفي الآداب والسنن من البحار عن رياض الجنان أنّ النبيّ صلی الله علیه و اله قال:

«يا عليّ أعمال شيعتك تعرض عليّ في كلّ جمعة فأفرح بصالح أعمالهم وأستغفر لسيّئاتهم»(2)

وفيه عن بشارة المصطفى:

«يا عليّ أنّ أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كلّ جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم وأستغفر لسيّئاتهم»(3)

ويمكن توجيه ما في هذه الأحاديث من الاختلاف بوجوه شتّى إلّا أنّه يحتاج إلى تحقيقات وتحريرات لا يسعها هذه الوجيزة، وللأحقر في كتاب ناسخ التفاسير في ذيل تفسير هذه الآية الشريفة أعني قوله تعالى: «وَ قُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُوله وَالْمُؤمِنُون»(4) بيانات تبرّر بعض أقاويل القوم فلاحظ.

ص: 200


1- بصائر الدجات: 444
2- بحار الانوار: 39/ 308
3- المصدر نفسه
4- سورة التوبة: 105

وبالجملة: أنّ المقصود إثبات عرض الأعمال على الحجج الطاهرين صلّى الله عليهم أجمعين سيّما إمام العصر وناموس الدهر أرواحنا فداه سيّما في يومي الاثنين والخميس كما جاء التصريح بأنّ هذين اليومين بمقتضى الأخبار المستفيضة هما يوما عرض الأعمال سيّما عصيرتهما.

قال الأستاذ الأعظم _ دام ظلّه العالي _ : «وعلى رواية الشيخ الطوسي في الغيبة: يعرض أوّلاً على الحجّة علیه السلام ثمّ على واحد واحد من الأئمّة ثمّ على رسول الله صلوات الله عليهم ثمّ يعرض على الله تعالى، وهو بحسب تقسيم ساعات اليوم مختصّ به علیه السلام»(1)

وقد صار الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ إلى أنّ الأعمال إنّما تعرض في عصيرة يومي الاثنين والخميس على إمام العصر أرواحنا فداه فحسب.

وإليك صريح كلماته في غيبته: «وفي هذا الوقت تعرض أعمال العباد على إمام العصر علیه السلام، كما أنّها في عصر كلّ إمام كانت تعرض عليه علیه السلام، وكذلك في زمان رسول الله صلی الله علیه و آله، والأخبار في هذا الباب كثيرة، وفي أغلبها لم يصرّح بالعصر، ولكن يوافق ما أشير إليه بالبعض الآخر، مع أنّ الشيخ الطبرسيّ قال في تفسير مجمع البيان في ذيل الآية الشريفة: «وَ قُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُوله وَالْمُؤمِنُون»(2)

وروى أصحابنا أنّ أعمال الأمّة تعرض على النبيّ علیه السلام في كلّ اثنين

ص: 201


1- النجم الثاقب: 2/ 538. ینظر: لغیبة (للطوسي): 387
2- سورة التوبة: 105

وخميس فيعرفها، وكذلك تعرض على أئمّة الهدى علیهم السلام فيعرفونها، وهم المعنيّون بقوله: «وَالْمُؤمِنُون»(1)

ومن الغريب ما قاله الشيخ أبو الفتوح الرازيّ في تفسيره: إنّه جاء في الأخبار أنّ أعمال الأمّة تعرض في ليلة كلّ اثنين وخميس على رسول الله صلی الله علیه و آله والأئمّة علیهم السلام، والمراد من المؤمنين هم الأئمّة المعصومين.

ثمّ بعد إيراد عدّة أخبار قال نقلاً عن ابن طاوس _ قدّس سرّه _ : ويقول السيّد الجليل عليّ بن طاوس في رسالة محاسبة النفس:

«إنّي رأيت ورويت في روايات متّفقات عن الثقات أنّ يوم الاثنين ويوم الخميس تعرض فيها الأعمال على الله جلّ جلاله، وروي عن أهل البيت علیهم السلام: أنّ في يوم الاثنين [والخميس] تعرض الأعمال على الله جلّ جلاله، وعلى رسوله صلی الله علیه و آله وعلى الأئمّة علیهم السلام»(2)

ثمّ أورد عدّة أحاديث وقال: فقال السيّد: «فينبغي أن يكون الإنسان في يوم الاثنين والخميس متحفّظاً بكلّ طريق في طلب التوفيق، وإيّاه أن يكون في هذين اليومين مهملاً للاستظهار في الطاعة بغاية الإمكان، فإنّ العقل والنقل يقتضيان أنّ زمان عرض العبد على السلطان يكون مستعدّاً ومستحفظاً بخلاف غيره من الأزمان»(3)

ص: 202


1- ینظر: مجمع البیان: 6/ 135
2- محاسة النفس: 16
3- محاسبة النفس: 20

وقال أيضاً في الفصل السابع من كتاب جمال الأسبوع: «ومن مهمّات يوم الاثنين أنّه يوم عرض الأعمال على الله وعلى رسوله وخاصّته صلوات الله عليهم»(1)

ثمّ نقل جملة من أخبار الخاصّة والعامّة وقال: «وروي من طريق الخاصّة أنّ وقت عرض الأعمال في هذين اليومين عند انقضاء نهارهما، فينبغي للعبد العارف بحرمة مَنْ تعرض أعماله عليه أن يتفقّدها ويصلحها بغاية ما ينتهي جهده إليه، ويتذكّر أنّها تعرض على الله جلّ جلاله أوّلاً العالم بالسرائر، ثمّ على خواصّه أهل المقام الباهر، وتحضر تلك الصحف بين يدي الله جلّ جلاله وبين أيديهم، وفيها فضائح الذنوب الكبائر والصغائر، فكيف يهون هذا عند عبد مصدّق بالله الملك الأعظم العزيز القاهر، وباليوم الآخر»(2)

ثمّ قال: «وبالجملة فآخر هذين اليومين _ وبمقتضى الأخبار المستفيضة _ يوم عرض الأعمال، وهو بحسب تقسيم ساعات اليوم مختصّ به علیه السلام، وهو وقت تبدّل الملائكة فتعرج الملائكة الحفظة الموكّلون بالنهار، ويهبط الموكّلون بالليل، فلا بدّ أن يراقب وينتبه جدّاً في إصلاح الأعمال وتدارك ما فات ورفع ما يشغل ويمنع من التوجه والتضرّع والإنابة، وأن يقوم من مجالس أهل الغفلة، وأن يتوسّل بإمام العصر علیه السلام بما أشرنا إليه سابقاً، وطلب الشفاعة منه علیه السلام لإصلاح صحائف أعماله وتبديل سيّئاته حسنات، وإتمام حسناته

ص: 203


1- جمال السوع: 172
2- جمال الاسبوع: 172- 174

وتوقيرها وتجليلها بفاضل حسناته، حسب الدعاء المشهور عنه علیه السلام الذي دعا به لشيعته وقد طلب من الله تعالى أن يفعل لهم ذلك، واسعَ أن تعمل عملاً خالصاً في ليلة ونهار الاثنين والخميس فلعلّ ببركة ذلك أن يعفى عن المفاسد الباقية، وخصّ هذين اليومين ببعض الأعمال، كما جاء في الأخبار، مثل استحباب قراءة ألف مرّة سورة إنّا أنزلناه في إحداهما، وقراءة سورة هل أتى في صلاة الصبح باليومين، والسورتان مختصّتان الآن بإمام العصر علیه السلام .. وكنس المسجد فيهما، وقراءة الاستغفار المأثور في آخر يوم الخميس، وغير ذلك من الأعمال المذكورة في محلّها»(1)

قال المؤلّف: لا أعلم بحالك وأنت ممّن وقع في عصر غيبة إمام العصر أرواحنا فداه هل حصل لك اليقين بأنّ إمامك عليه الصلاة والسلام مطّلع على جميع حركاتك وسكناتك وأقوالك وأفعالك وأفكارك قبل أن تعرض عليه أرواحنا فداه أعمالك أو لا؟ وأيم الله أنّك لو كنت بدرجة اليقين فائزاً ولحالة المراقبة محصّلاً لظهرت تأثيراته وظهوراته وبروزاته في ظاهرك وباطنك، ولا أظنّك ممّن خرقت حجب الحياء وأستاره وارتقيت معارج الوقاحة والتهتّك بحيث صرت لا تعتني بأنّ الله والرسول والأئمّة عليهم الصلاة والسلام مطّلعون على قباحة أفعالك وشناعة أعمالك وردائة أفكارك وأحوالك وأنت مع ذلك تصرّ عليها ولا تتنبّه وتبرمها ولا تتذكّر، اللهم إلّا أن تكون _ نعوذ بالله _ غير معتقد بالله والرسول والأئمّة عليهم الصلاة والسلام المتّصفين

ص: 204


1- ینظر: النجم الثاقب: 2/ 533

بالصفات المقرّرة المعيّنة، بل تعتقد بإله أو رسول أو إمام لا تعترف به الشيعة الاثنا عشريّة، أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه وظنّ أنّ النبيّ والأئمّة بشر مثل سائر الخلائق ولم يبال بهذه الأحاديث والأخبار والنصوص المعتبرة وكلمات الحجج الإلهيّة وذرّ هذه الحكايات والقصص والبيانات في بقعة الكذب والاستنكار، فإن لم تكن هذه عقيدتك وحقيقة سرّك وباطنك فلِم لا تكفّ عن طاعة الشيطان واتّباع كبوات الهوى، ولا تستحيي من الله والرسول والأئمّة أرواحنا فداهم، ولا تستبدل ما أنت عليه بالتي هي أحسن، ولا ترضي قلب إمامك، فلِم لم يعهد منك في صحيفة أعمالك من ريعان الصبا ومستهلّ حياتك إلى الآن وأنت يوشك أن تدعى فتلبّي دعوة الحقّ حين عرض الأعمال عمل خالص عارٍ عن شوائب الرياء والسمعة يرضى به الله والرسول والأئمّة؟عهم؟، بل تأتي في كلّ آنٍ وأوان بما يثقل كاهلك من أعباء المعاصي وأثقال الذنوب منخدعاً بالخدع الشيطانيّة وتقول: الله كريم! ولكن اعلم أنّ الله عادلٌ كما هو حكيمٌ ولطيفٌ وخبيرٌ فلا ينخدع بخبيثٍ كذّابٍ قسيِّ القلب مطيعِ الشيطان ومتّبعِ الهوى ومراءٍ وفاسدِ العقيدة وعديمِ الإخلاص مثلك، ولا يفتح لك بهذه التسويلات القوليّة والتدليسات الفعليّة الشيطانيّة أبواب جنانه التي من دخلها كان خالداً.

نعم، عليك أن تجد مفرّاً ممّا كان منك قبل فوات الأوان فلا تمهل بعد ذلك لمحة بصر أبداً.

وأنا عندي مقترح خطر ببالي القاصر إلّا تلقي السمع وتعمل به خالصاً

ص: 205

لوجه الله الكريم وهو:

لا يخفى أنّ أفعالنا وأعمالنا ونحن بمكان من الضعف والذلّة ليست ممّا يرضى به الله والرسول والأئمّة علیهم السلام، بل في كلّ نفس نتنفّس به معصيتان حين دخوله إذ هو مخرّب الذات، وعند خروجه فإنّه ممدّ الظلمات، كما لا يخفى أنّا نقضي أيّام دهرنا وليالينا وأوقاتنا كلّها بالمعاصي والمناهي والملاهي غفلةً وجهالةً ونحن على يقين بأنّها مكتوبة ومحفوظة في صحائف أعمالنا وفي مثل هذا اليوم وهو يوم الاثنين عند المغرب تعرض على إمام العصر وناموس الدهر أرواحنا فداه فهي إمّا توجب همّه وغمّه أو _ معاذ الله _ تورث سخطه وغضبه وعندئذ فلا مفرّ هذا من جهة ومن أخرى إنّا لا نرى الملائكة الكرام الكاتبين حتّى نصدّهم عن عرض الصحائف عليه، ولم يؤمروا بطاعتنا أو كتمان صحائفنا أو ردّها إلينا، بل إنّهم جنود مجنّدة قد أمروا أن يترصّدوا أحوالنا ليلاً ونهاراً من دون تغافل وتجاهل ولو طرفة عين، وأن يكتبوا حسنات أعمالنا وسيّئاتها، ويعرضوها على قادتهم وسادتهم.

فمن الجدير أنّ نجد لنا من مطاوي كلمات موالينا سلام الله عليهم أجمعين مفرّاً يسدّ مسدّ الاطّلاع على ما كتب في تلك الدفاتر والصحائف من أعمالنا القبيحة وأفعالنا الشنيعة لئلا نذلّ في النشأتين ونخزى.

وأمّا المفرّ فهو تعقيب فريضة العصر في يوم الاثنين أو الخميس بالاستغفار المرويّ عن الشيخ الطوسيّ عليه الرحمة والرضوان والسيّد بن طاوس قدس سره وجمع من أعيان العلماء وأساطين الفقهاء والمحدّثين من

ص: 206

المتقدّمين والمتأخّرين بأسانيد معتبرة عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام عن رسول الله صلی الله علیه و آله أنّه قال:

«من قال بعد صلاة العصر في كلّ يوم مرّةً واحدةً: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ تَوْبَةَ عَبْدٍ ذَلِيلٍ خَاضِعٍ فَقِيرٍ بِائِسٍ مِسْكِينٍ مُسْتَكِينٍ مُسْتَجِيرٍ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعاً وَ لَا ضَرّاً وَ لَا مَوْتاً وَ لَا حَيَاةً وَ لَا نُشُوراً، أمر الله تعالى بتخريق صحيفته كائنةً ما كانت»(1)

فمن الأحرى والأجدر بنا قراءة هذا الاستغفار في كلّ يوم عقيب صلاة العصر عن صميم القلب وكمال خلوص النيّة حتّى يخرّق الملكان صحائف أعمالنا ولا يعرضان قبائح أفعالنا وشنائع أعمالنا على موالينا، ونصير بذلك من الصاغرين الخاسئين في الدارين.

ثمّ بعد أن قرأنا هذا الاستغفار مع شرائطه عن إخلاص وصميم القلب نترصّد حركاتنا وسكناتنا وأفعالنا وأعمالنا إلى آخر النهار لئلا يقع منّا خلاف ومعصية إذ من المعلوم أنّ الملكين يخرّقان صحائفنا ما دمنا مشغولين بقراءة هذا الاستغفار وليس هذا بمعنى غفلتهم عنّا، بل إنّهما يكتبان ويضبطان أعمالنا إلى آخر النهار، فليس الأمر كما قد يتوهّم من أنّهما يدعاننا وشأننا، بل غاية ما في الأمر أنّهما يخرّقان صحائف أعمالنا التي كتب فيها ما صدر عنّا من المعاصي والذنوب من طلوع الفجر إلى حين قراءة هذا الاستغفار، وأنّ الله

ص: 207


1- فلاح السائل و نجاح المسائل: 201 الفصل الحادي والعشرون في صلاة العصر و مانذکره من الاشارة الی شرحها و تعقیبها و مصباح المتهجد و سلاح المتعبد: 1/ 257

تعالى قد عفى وصفح عنّا بذلك، فكما أنّه تعالى عزّ سبحانه وبهر برهانه كان عالماً بها قبل تسجيلها وصفح عنّا كذلك الرسول والأئمّة عليهم الصلاة والسلام فقد صفحوا عنّا مع سبق علمهم بها، فإذن لا مؤاخذة عليها إلّا أنّ هذا الملك عبد قد أُمر ووُكّل على أمرنا إلى غروب الشمس فلا يذرنا، بل يظلّ معنا ويكتب ما يصدر عنّا من السيّئات كصاحبه الذي يكتب ما يقع منّا إلى آخر النهار من الحسنات ثمّ يدعنا وشأننا ويأخذ بصحائف حسناتنا ويعرضها على الإمام أرواح العالمين له الفداء ثمّ على كلّ من أُمر بعرضها عليه، وعند ذلك ينتهي واجبه.

فمن الجدير أن نجدّ ونجتهد بعد قراءة هذا الاستغفار بشرائطه المقرّرة ألّا تقع منّا إلى آخر النهار صغيرةٌ ولا كبيرةٌ لئلا نكون لدى الإمام أرواحنا فداه من الصاغرين والخاسئين، فلعلّه حين عرض الأعمال يدعو لنا بما فيه صلاحنا، ولربّما تكون حسنات أعمالنا بمرتبة من الكثرة والثقالة توجب مسرّة قلبه وتورث بهجة فؤاده، فيسدّد ما قد يقع منّا خلال هذه الفترة القصيرة غفلةً من العثرات والزلّات والصغائر ويبدّلها بالحسنات، ويتمّم نواقص حسناتنا بفواضل حسناته فتتضاعف حسناتنا ببركة حسناته أرواحنا فداه أضعافاً مضاعفةً إن كانت خالصة من شوائب الشكّ والشبهة والرياء والسمعة وإلّا تردّ علينا.

هذا ما خطر ببالي القاصر ولاح في خاطري الفاتر فهاتِ إن كان لديك ما هو أحسن من ذلك.

ولا تظنّنّ أنّ هذه المطالب من المجازفات والتُرهات فقد تمّت الحجّة

ص: 208

عليك، وسيظهر القائم عليه الصلاة والسلام وأنت تقول: وأمّا الآن فقد تندّمت وما ينفع الندم، وتحدّث نفسك عندئذ بهذا المضمون الذي ورد في زيارته: وأنّ رجعتكم حقّ لا ريب فيها، يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.

ص: 209

ص: 210

تكليف 27 في المسألة من الله أن يدخلنا في زمرة مواليه، ويجعلنا من أعوانه وأنصاره

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هي المسألة من الله تعالى أن يجعلك من زمرة مواليه ومحبّيه وشيعته وملازمي ركابه أرواحنا فداه في زمن الرجعة وعصر الظهور كما مرّ عليك في العهد المتقدّم ذكره المرويّ عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام، ومن جملة فقراته:

«اللَّهُمَ فَإِنْ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي شَاهِراً سَيْفِي مُجَرِّداً قَنَاتِي مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الْحَاضِرِ وَالْبَادِي..»(1)

فلا بدّ أن تكون في هذه الدعاوي صادقاً غير كاذب، وإيّاك ولقلقة اللسان وتنميق العبارات وتحلية البيان من دون جوهرة الصدق والإيمان، فلا محيص

ص: 211


1- البلد الامین و الدرع الحصین: 83

من صدق السريرة والطويّة في هذه الدعوى بل في جميع الدعاوي كما أوصى السيّد بن طاوس قدس سره في كشف المحجّة ولده فقال:

«ومنها أنّني قلت لبعض من يدّعي مغالي في موالاته علیه السلام لو أنفذ إليك وقال لك: إنّ سلطان بلادك يعطيك بعد هذا اليوم كلّ يوم ألف دينار، ثمّ أعطاك السلطان مستمرّاً على التكرار كلّ يوم جملة هذا المقدار، وقال علیه السلام: هو لك حلال زمن الغيبة، ثمّ نفذ إليك علیه السلام وقال: أنا قد أذن لي في الظهور، وهذا العطاء ما كان بإذني ولا تستحقّه إلّا مع غيبتي، فأيّما أحبّ إليك أظهر وأقطع بهذا العطاء وأحاسبك على كلّ ما فضل عن مؤونتك وأجعل هذا الإدرار لبعض من بينك وبينه عداوة دنيويّة ممّن منزلته في الظاهر دون منزلتك فأيّما كان أحبّ إليك أن تطول غيبته وتأخذ العطاء كلّ يوم ألف دينار أو يتعجّل ظهوره ويحاسبك عليها ويقطعها ويردّها إلى عدوّك؟ عرفنا ما يكون في قلبك من الاختيار وأعرف من الوجوه غير ما ذكرته الآن، وقلت لبعض الإخوان: إنّ رجال المهديّ علیه السلام من يريده للوجه الذي أراده الله جلّ جلاله له سواء كان نفعاً بهذا المريد أو غير نافع في العاجلة له وأن يكون الاختيار فيهم جلّ جلاله وله»(1)

قال الحقير: إنّك وإن لم تعرف من نفسك هذا الاعتقاد والإخلاص ولكن مع ذلك ليس لك أن تقنط وتيأس فتترك هذه الآداب والأعمال، بل عليك المسألة من الله تعالى أن يجعلك في زمرة أولئك الذين رضوا وسلّموا أمرهم

ص: 212


1- کشف المحجة: 151

إلى الحجّة أرواحنا فداه وإن كان ذلك بمجرّد لقلقة اللسان مع فقد درجات المعرفة، فلربّما هذه الكلمات النورانيّة من التوسّلات والدعوات والبيانات المأثورة فيما إذا قمت في مقام الدعاء والثناء والعبوديّة

در دل دوست به صد حيله رهى بايد كرد

أثّرت في قلبك وفؤادك، وعلى إثر ذلك تتكامل فيك حالة المراقبة وتتعاظم مراتب المعرفة واليقين والإخلاص، اطلبوا العلم ولو لغير الله فإنّه ينجرّ إلى الله.

ص: 213

ص: 214

تكليف 28 في ملاحظة بعض حالاته علیه السلام حين عرض المطالب والمآرب

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو تفقّد حالاته أرواحنا فداه ودوام ملاحظتها ليلاً ونهاراً، والتوجّه في بعض الأوقات المخصوصة والأزمنة المنصوصة التي يستريح ويفرغ فيها ظاهراً وباطناً لأجل الطاعة والعبادة عن كلفة بعض المشاغل والشواغل كإعانة الملهوفين، وإغاثة المظلومين، وتدبير أمور عامّة الخلق الدينيّة والدنيويّة نحو جنابه بسلام ودعاء وتحيّة وغير ذلك كالثلث الأخير من الليل فإنّه مشغول فيه بالتهجّد والدعاء والتضرّع والابتهال والإنابة والاستغفار، ولو أنّ المستفاد من بعض الأخبار الواردة في خصائصه أرواحنا فداه أنّه لا منام له، بل هو مشغول بالعبادة والطاعة في جميع آناء الليل كآبائه الكرام علیهم السلام كما قد سلف أنّ من جملة صفاته اصفرار وجهه الكريم، وذلك لكثرة السهر وتحمّل أعباء الطاعة والعبادة، وقد وصفه به الإمام علیه السلام، رجاءَ أن يدعو لك في مثل هذه الساعة التي هو أرواحنا فداه مشغول بصلاة الليل ونافلة الشفع والوتر في

ص: 215

قنوت نافلة الوتر، وينظر إليك نظرةً رحيمةً فيدعو لك إن كنت من المسلمين، فلعلّك ممّن تشمله هذه الفقرة أعني قوله: اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات.

أو حين طلوع الفجر فإنّ في مثل هذه الساعة تختلف الملائكة وتتردّد، وفيها تبسط وتنشر الفيوضات الظاهرة والباطنة.

أو بعد صلاة الصبح وأوّل الزوال، وبعد الظهرين وعند المغرب فإنّه من الأوقات المختصّة به وفيه نزول الملائكة وصعودها.

وحين خلودك إلى النوم فإنّ في المنام تعرج روحك إلى العوالم العلويّة وتسير في الآفاق والأنفس فلعلّه يلتقط روحك وينظر إليها نظرةً رحيمةً ويكرّمها تكريماً.

أو يوم عرفة فإنّه لا شكّ في اشتغاله أرواحنا فداه بالدعاء والمناجاة في عرفات، وأنّ من المستحبّات المخصّصة في هذا اليوم الدعاء في حقّ أخيك المؤمن، وتقديم ذلك على حوائجك الشخصيّة.

أو في ليالي القدر فإنّ فيها تنزّل الملائكة والروح عليه من كلّ أمر حكيم فوجاً بعد آخر وزمرةً تلو أخرى.

أو في يوم عاشوراء وليلته فإنّ أرواح جميع الأنبياء من لدن آدم إلى الخاتم في هذا اليوم مشغولة بالزيارة والمصافحة مع المؤمنين من الملائكة والإنس والجانّ، وكذا في ليلة النصف من شعبان فإنّها كسابقتها بالإضافة إلى حدوث مولده السعيد فيها وإلى شؤون أخر تختصّ به.

ص: 216

وليلة الجمعة فإنّ فيها تعرج روحه المقدّسة إلى السماء حتّى تنتهي عند العرش وتكسب الجديد من الفيوضات والشؤون والعلوم.

ويوم الجمعة فإنّه مختصّ بجنابه ومسمٍّ باسمه ومتعلّق به أرواحنا فداه.

وأمّا باقي الأزمنة والأوقات فأمرها بمرتبة من الوضوح.

فلا بدّ أن تتوسّل إليه في جميع تلك الموارد والأزمنة والأوقات وتسأله مع كمال الخضوع والخشوع الشفاعة عند الله تعالى في قضاء حوائجك الدنيويّة والأخرويّة، وفي تقرّبك إلى الله تعالى عزّ سبحانه وبهر برهانه وإليه عجّل الله تعالى فرجه ومخرجه، وإصلاح أمورك الدينيّة والدنيويّة والأخرويّة، ودخولك في زمرة أصحابه وأحبابه في الرجعة وقيام سلطنته ودولة أجداده المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين، فلعلّه لا يحجب عنه سلامك وصلواتك ومناجاتك ودعواتك وتحيّاتك، وينظر إليك نظرةً رحيمةً، ويتفضّل ويتصدّق عليك ويتفقّدك ويشفع لك عند الله تعالى فإنّ دعائه ليستجاب وليوجب لك الفوز في الدنيا والبرزخ، والفلاح في الرجعة والآخرة.

تنبيه: أنّ الأزمنة والأوقات المتعلّقة بإمام العصر عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه قد حصرها الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ في النجم الثاقب في الأزمنة الثمانية التي يلي ذكرها:

الأوّل: ليلة القدر، بل ليالي القدر الثلاث أي ليلة التاسع عشر، وليلة الواحد والعشرين، وليلة الثالث والعشرين.

الثاني: يوم الجمعة وليلته.

ص: 217

الثالث: يوم عاشوراء.

الرابع: حين اصفرار الشمس إلى غروبها من كلّ يوم.

الخامس: عصر يوم الاثنين.

السادس: عصر يوم الخميس.

السابع: ليلة ويوم النصف من شعبان.

الثامن: يوم النيروز.

وذكر لكلّ من هذه الأزمنة والأوقات شواهد ودلائل عدّة، والحقير يورد في المقام ملخّص ما أفاده هناك اقتداءً وتيمّناً في مطاوي تكاليف عديدة لغرض توفيق إخواني الإيمانيّين وأخلّائي الروحانيّين وتذكّرهم وتنبّههم ليراعوها ويعملوا بها كباقي تكاليفهم لئلا يعدّوا من المقصّرين.

فإنّ من جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام المحافظة على حدود ومراتب هذه الأزمنة والأوقات، وذلك بأن يتذكّروا إمامهم أرواحنا فداه ويُعدِّوا أسباب التقرّب إليه، وألّا يقضوا هذه الأوقات المباركة بالغفلة والعطلة.

ص: 218

تكليف 29 في أعمال ليلة القدر، والإقبال والتوجّه نحو جنابه أرواحنا فداه في تلك الليلة المباركة فإنّها ليلة تخصّه

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام في ليالي القدر وهي ليلة تجلّي وظهور القدر، ومنزلة ويمن وسلطة وعظمة وجلال إمام العصر أرواحنا فداه لنزول الروح والملائكة عليه علیه السلام بما تضيق عليه الأرض لتقدير أمور سنة العباد، كما جاء في أخبار كثيرة.

منها: ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره بعدّة أسانيد معتبرة عن الباقر والصادق والكاظم عليهم الصلاة والسلام أنّهم قالوا في تفسير الآية المباركة: «فِيهَا يفرق كُلُّ أَمْر حَكِيم»(1)، يقدّر الله كلّ أمر من الحقّ، ومن الباطل، وما يكون في تلك السنة وله فيها البداء والمشيّة، يقدّم ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء من الآجال، والأرزاق، والبلايا، والأعراض، والأمراض، ويزيد فيها ما يشاء، وينقص ما

ص: 219


1- سورة الدخان:5

يشاء، ويلقيه إلى رسول الله صلی الله علیه و اله، ويلقيه رسول الله إلى أمير المؤمنين علیه السلام، ويلقيه أمير المؤمنين علیه السلام إلى الأئمّة علیهم السلام حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان علیه السلام، ويشترط له ما فيه البداء والمشيّة، والتقديم والتأخير(1) .

وروى أيضاً: إنّ الله يقدّر فيها الآجال والأرزاق، وكلّ أمر يحدث من موت وحياة أو خصب أو جدب أو خير أو شرّ.. إلى أن قال: تنزّل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان، ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور(2).

وروى الشيخ الصفّار في بصائر الدرجات عن داود بن فرقد أنّه قال: «سألته عن قول الله عزّ وجلّ: «اِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَا أَدْريكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ»(3) ؟ قال: نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من موت أو مولود. قلت له: إلى مَنْ؟ فقال: إلى من عسى أن يكون؟ أنّ الناس في تلك الليلة في صلاة، ودعاء، ومسألة، وصاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة إليه بأمور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها»(4)

وقال العلّامة المجلسيّ في زاد المعاد: «يظهر من بعض الأحاديث أنّ الليالي الثلاث هي ليالي قدر، وتقدّر الأمور في الليلة الاُولى، وقد تغيّر بعضها في الليلة الثانية بكثرة الدعاء والعبادة، وتختم في الليلة الثالثة ولا تغيّر أو تغيّر تغييراً قليلاً جدّاً.

ص: 220


1- ینظر: تفسیر علی بن ابراهیم: 2/ 290
2- ینظر: تفسیر علی بن ابراهیم: 2/ 431
3- سورة القدر: 2 و 3
4- بصائر الدرجات: 220 ج 5 ب 3 ح 2

وبلا تشبيه فإنّها مثل أوامر الملوك، ففي البداية تكون معلّقة ومن السهل تغييرها، وبعد أن تسجّل في السجلات فسوف يكون تغييرها أصعب، وما لم تختم بختم الآثار فمن الممكن أن يطرأ عليها التغيير، ولكن عندما تختم بالختم الأشرف فهو بمنزلة الختم، ويكون تغييره صعباً جدّاً»(1)

وقال أيضاً في ذكر الترغيب للعبادة في ليلة القدر: «وبما أنّ صاحب الأمر علیه السلام محشور في جميع هذه الليلة مع الملائكة المقرّبين، وتأتيه فوج فوج، وتسلّم عليه، ويعرضون عليه ما قدّر عليه وعلى باقي الخلق؛ أَلاَ ينبغي التأسّي بإمامه، ويجتنب الغفلة.

وعدّ من قواعد عبادة هذه الليلة: بما أنّه في هذه الليلة تقدّر جميع الأمور من العمر والمال والولد والعزّة والصحّة والتوفيق لأعمال الخير وسائر الأمور، فسوف يكون إصلاح جميع أحوال سنته في هذه الليلة، وقد يكون اسمه قد كتب في ديوان الأشقياء، فيغيّر ويكتب في زمرة السعداء، كما ورد هذا المضمون في أكثر الأدعية والأحاديث المعتبرة»(2)

وعلى ما ذكر في الباب السابق أنّ الدعاء له مقدّم على الدعاء لنفس الإنسان، وهو مشغول في هذه الليلة بهذا الأمر الإلهيّ العظيم فأحسن دعاء هو طلب النصرة له، والإعانة، والحفظ الإلهيّ، كما تقدّم في دعاء الليلة الثالثة والعشرين أن تقرأ على جميع الحالات في الركوع وفي السجود وقائماً وقاعداً،

ص: 221


1- ینظر: زاد المعاد: 181
2- ینظر: زاد المعاد: 182

بل في كلّ الأوقات هذا الدعاء الذي مضمونه بعد الحمد والصلاة:

«اللهمّ كن لوليّك الحجّة بن الحسن المهديّ علیهماالسلام ..» إلى آخره.

ثمّ تتوسّل وتستغيث به وتطلب الإعانة والشفاعة لأداء ما يريده وما يجري على يديه وتنتهي إلى نظره الأنور، والتضرّع والإنابة أن لا يرفع نظر لطفه ورأفته عنه؛ وأن يذكر عنده بالحسنى، فيتعامل معه بما يليق بالعظمة فزمام الأمور في هذه الليلة بيد قدرته الإلهيّة(1)

ص: 222


1- ینظر: النجم الثاقب: 2/ 512

تكليف 30 في آداب وأعمال ليلة الجمعة ويومه وحفظ مراتبهما فإنّه يوم يُوذَن فيه لإظهار أمره وكشف ستره أرواحنا فداه

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام في كلّ يوم الجمعة وليلته وهو مختصّ ومتعلّق به أرواحنا فداه من عدّة وجوه:

أحدها: أنّه كان مولده السعيد في طلوع الفجر هذا اليوم.

والآخر: أنّ ظهوره سوف يكون في ذلك اليوم، بل أنّ اعتبار يوم الجمعة عيداً من الأعياد الأربعة حقيقةً بسبب وجوده المبارك، بل أنّ الجمعة من أسمائه المقدّسة صراحةً وكنايةً، كما في بعض الأخبار والأحاديث وسيأتي إيرادها عند بيان صلاة الهدية وصلاة يوم الجمعة، فينبغي للمؤمن أن يتوجّه في هذا اليوم المبارك وهذه الليلة المباركة إلى إمام العصر أرواحنا فداه توجّهاً تامّاً.

أمّا ليلة الجمعة فبأن يحييها إن تمكّن من ذلك فإنّ له عليه الصلاة والسلام في هذه الليلة شأن مخصوص مغاير لسائر شؤونه في باقي الليالي

ص: 223

حيث تعرج روحه المقدّسة إلى السماء وتجتمع مع أرواح جميع الأنبياء والأوصياء فرحين بما آتاهم الله من فضله ثمّ تعود روحه أرواحنا فداه وهي تحمل علوماً غزيرة وأسراراً غفيرة فلاحظ، فإنّك إن أحييت هذه الليلة المباركة بالطاعة والعبادة والتوجّه والسلام والصلوات والتحيّات على إمامك وعلى آبائه الطاهرين صلّى الله عليهم أجمعين فلربّما يقع عملك حين اشتغاله أرواحنا فداه عند عرش الله بالعبادة ويصادف عملك عمله فمن هناك يردّ عليك السلام، أو يصلّي عليك كما صلّيت عليه ويدعو لك خيراً.

والله إن سلّم وصلّى عليك مثل هذا الوجود الأقدس في مثل هذا المجمع المقدّس ومن مثل هذا الموضع المبارك ودعا لك خيراً فمن اليقين أنّ دعائه مستجاب، وأنّك تصير منظوراً لنظرة ربّ الأرباب الرحيمة، ومستغرقاً في خضم ألطافه وأعطافه، ولجّة مراحمه ومكارمه الخفيّة والجليّة.

وليت شعري هل قيام الأمير علیه السلام في كلّ ليلة بألف ركعة عند أبناء الظواهر المتقشّرين عجيبٌ أو قيام الحجّة أرواحنا فداه عند قوائم عرش الله وهي ثلاثمائة وستّون قائمة بسبعمائة وعشرين ألف ركعة في ساعات قلائل من ليلة الجمعة؟

ثبّتنا الله جميعاً على الرضا والتسليم والمعرفة بموالينا، ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا بمحمّد وآله الطاهرين.

وأمّا يوم الجمعة فبأن يقيمه من طلوع الفجر إلى آخر النهار بالأعمال والآداب الواردة المخصّصة بهذا اليوم، وقد صنّف علمائنا الأعلام ورواة

ص: 224

أحاديث أئمّتنا الكرام صلّى الله عليهم أجمعين في أعمال وآداب ليلة الجمعة ويومه كتباً كثيرة قد ملئت بها بحمد الله تعالى أصقاع العالم وأقطارها فلا حاجة في تحصيلها إلى تحمّل الأعباء وضرب البلاد ككتاب الصلاة من بحار الأنوار وربيع الأسابيع والمصابيح وغيرها، ونحن نذكر في المقام ما يختصّ بوجوده المبارك أرواحنا فداه من الآداب والأعمال والوظائف الواردة في هذا اليوم المبارك تصريحاً أو تلويحاً على ترتيب خاصّ ليعمل بها بعض إخواننا الإيمانيّين وأخلّائنا الروحانيّين ويسلكوا سبيلها حتّى تتمّ عليهم الحجّة ويسلّم عليهم الحجّة، فتكليفك أنّه لمّا طلعت شمس صبيحة يوم الجمعة من غياهب ظلمات الليل فبعد أداء نافلة الفجر وفريضته ورعاية الأعمال والآداب والنكات والدقائق التي تقدّم ذكرها أن تعمل على وفق الدستور الذي وضعه لك سادة الدنيا والآخرة المشتمل على الآداب والرسوم والسنن والواجبات والمستحبّات والدعوات والأذكار والزيارات والقرائات والأوراد والصلوات والتحيّات الواردة عن أهل البيت المعصومين سلام الله عليهم أجمعين فمنها ما يؤتى به قبل صلاة الصبح وبعدها، ومنها قبل فريضة الظهر وبعدها، ومنها قبل صلاة العصر وبعدها، ومنها قبل غروب الشمس، فعليك أن تعمل بها على وفق شرائطها المقرّرة، وتقدّم في جميع تلك الموارد سيّما في أغلب أورادك ودعواتك وأذكارك وتحيّاتك الصلاة على محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وعليهم عموماً وعلى صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه خصوصاً، وسنذكر شطراً من آداب الجمعة في مطاوي التكاليف الآتي بيانها على سبيل الإجمال فتربّص.

ص: 225

فمن الجدير أن تبتدأ بعد فريضة الفجر بهذه الشهادة والصلاة المشتملة على مضامين عالية وعبارات فائقة وإشارات رائقة فقلّما تجد دعاء يشتمل على مثل هذه المضامين اللامعة والمطالب الجامعة.

وقد نقله المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتاب الصلاة من البحار عن أصل قديم مؤلّفات قدمائنا العظام، فإذا صلّيت الفجر يوم الجمعة فابتدئ بهذه الشهادة، ثمّ بالصلاة على محمّد وآله صلّى الله عليهم أجمعين وهذا أوّله:

«اللَّهُمَ أَنْتَ رَبِّي وَ رَبُّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ خَالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ آمَنْتُ بِكَ وَ بِمَلَائِكَتِكَ وَ كُتُبِكَ وَ رُسُلِكَ وَ بِالسَّاعَةِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَ بِلِقَائِكَ وَالْحِسَابِ وَ وَعْدِكَ وَ وَعِيدِكَ وَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْعَذَابِ وَ قَدَرِكَ وَ قَضَائِكَ وَ رَضِيتُ بِكَ رَبّاً وَ بِالْإِسْلَامِ دِيناً وَ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و اله نَبِيّاً وَ بِالْقُرْآنِ كِتَاباً وَ حِكَماً وَ بِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَ بِحُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ حُجَجاً وَ أَئِمَّةً وَ بِالْمُؤْمِنِينَ إِخْوَاناً وَ كَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى وَ بِجَمِيعِ مَا يَعْبُدُ دُونَكَ وَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَأَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ لَدُنْ عَرْشِكَ إِلَى قَرَارِ الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ سِوَاكَ بَاطِلٌ _ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ كُنْتَ قَبْلَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَ قَبْلَ الْأَزْمَانِ وَالدُّهُورِ قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ إِذْ أَنْتَ حَيٌّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ وَحَيٌّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ فِي عَلْيَائِكَ وَ تَقَدَّسْتَ فِي أَسْمَائِكَ _ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَ لَا رَبَّ سِوَاكَ وَ أَنْتَ حَيٌّ قَيُّومٌ مَلِكٌ قُدُّوسٌ مُتَعَالٍ أَبَداً _ لَا نَفَادَ لَكَ وَ لَا فَنَاءَ وَ لَا زَوَالَ وَ لَا غَايَةَ وَ لَا مُنْتَهَى _ لَا إِلَهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ إِلَّا أَنْتَ تَعَظَّمْتَ حَمِيداً وَ تَحَمَّدْتَ كَرِيماً وَ تَكَبَّرْتَ رَحِيماً وَ كُنْتَ عَزِيزاً قَدِيماً قَدِيراً مَجِيداً تَعَالَيْتَ

ص: 226

قُدُّوساً رَحِيماً قَدِيراً وَ تَوَحَّدْتَ إِلَهاً جَبَّاراً قَوِيّاً عَلِيّاً عَلِيماً عَظِيماً كَبِيراً وَ تَفَرَّدْتَ بِخَلْقِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ فَمَا خَالِقٌ بَارِئٌ مُصَوِّرٌ مُتْقِنٌ غَيْرَكَ وَ تَعَالَيْتَ قَاهِراً مَعْبُوداً مُبْدِئاً مُعِيداً مُنْعِماً مُفْضِلًا جَوَاداً مَاجِداً رَحِيماً كَرِيماً فَأَنْتَ الرَّبُّ الَّذِي لَمْ تَزَلْ وَ لَا تَزَالُ وَ تُضْرَبُ بِكَ الْأَمْثَالُ وَ لَا يُغَيِّرُكَ الدُّهُورُ وَ لَا يُفْنِيكَ الزَّمَانُ وَ لَا تُدَاوِلُكَ الْأَيَّامُ وَ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اللَّيَالِي وَ لَا تُحَاوِلُكَ الْأَقْدَارُ وَ لَا تُبْلِغُكَ الْآجَالُ _ لَا زَوَالَ لِمُلْكِكَ وَ لَا فَنَاءَ لِسُلْطَانِكَ وَ لَا انْقِطَاعَ لِذِكْرِكَ وَ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِكَ وَ لَا تَحْوِيلَ لِسُنَّتِكَ وَ لَا خُلْفَ لِوَعْدِكَ وَ لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لَا نَوْمٌ وَ لَا يَمَسُّكَ نَصَبٌ وَ لَا لُغُوبٌ: فَأَنْتَ الْجَلِيلُ الْقَدِيمُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ الْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْقُدُّوسُ عَزَّتْ أَسْمَاؤُكَ وَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ لَا إِلَهَ سِوَاكَ وَ صَفْتَ نَفْسَكَ أَحَداً صَمَداً فَرْداً لَمْ تَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً لَمْ تَلِدْ وَ لَمْ تُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ _ أَنْتَ الدَّائِمُ فِي غَيْرِ وَصَبٍ وَ لَا نَصَبٍ لَمْ تَشْغَلْكَ رَحْمَتُكَ عَنْ عَذَابِكَ وَ لَا عَذَابُكَ عَنْ رَحْمَتِكَ خَلَقْتَ خَلْقَكَ مِنْ غَيْرِ وَحْشَةٍ بِكَ إِلَيْهِمْ وَ لَا أُنْسٍ بِهِمْ وَ ابْتَدَعْتَهُمْ لَا مِنْ شَيْ ءٍ كَانَ وَ لَا بِشَيْ ءٍ شَبَّهْتَهُمْ _ لَا يُرَامُ عِزُّكَ وَ لَا يُسْتَضْعَفُ أَمْرُكَ _ لَا عِزَّ لِمَنْ أَذْلَلْتَ وَ لَا ذُلَّ لِمَنْ أَعْزَزْتَ أَسْمَعْتَ مَنْ دَعَوْتَ وَأَجَبْتَ مَنْ دَعَاكَ اللَّهُمَّ اكْتُبْ شَهَادَتِي هَذِهِ وَ اجْعَلْهَا عَهْداً عِنْدَكَ تُوَفِّنِيهِ يَوْمَ تَسْأَلُ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُكَ _ لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله وَ بِإِيمَانِي بِهِ وَ بِطَاعَتِي لَهُ وَ تَصْدِيقِي بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ فَنَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ مِنْ وَحْيِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ الْقَائِدِ إِلَى الرَّحْمَةِ الَّذِي بِطَاعَتِهِ تُنَالُ الرَّحْمَةُ وَ بِمَعْصِيَتِهِ تُهْتَكُ الْعِصْمَةُ صلی الله علیه و آله وَ رَحَّمَ وَ كَرَّمَ يَا

ص: 227

دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ وَ يَا بَانِيَ الْمَسْمُوكَاتِ وَ يَا مُرْسِيَ الْمُرْسَيَاتِ وَ يَا جَبَّارَ السَّمَاوَاتِ وَ خَالِقَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا شَقِيِّهَا وَ سَعِيدِهَا وَ بَاسِطَ الرَّحْمَةِ لِلْمُتَّقِينَ اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ وَ نَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ وَ رَأْفَةَ تَحَنُّنِكَ وَ عَوَاطِفَ زَوَاكِي رَحْمَتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ الْفَاتِحِ لِمَا أَغْلَقَ وَالْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَ مُظْهِرِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ وَ دَامِغِ الْبَاطِلِ كَمَا حَمَلْتَهُ فَاضْطَلَعَ بِأَمْرِكَ مُحْتَمِلًا لِطَاعَتِكَ مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِكَ غَيْرَ نَاكِلٍ فِي قَدَمٍ وَ لَا وَاهِنٍ فِي عَزْمٍ حَافِظاً لِعَهْدِكَ مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ الْقَابِسِ وَ بِهِ هَدَيْتَ الْقُلُوبَ بَعْدَ خَوْضَاتِ الْفِتَنِ وَ أَقَامَ مُوضِحَاتِ الْأَعْلَامِ وَ مُنِيرَاتِ الْإِسْلَامِ وَ نَائِرَاتِ الْأَحْكَامِ فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ وَ خَازِنُ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ وَ بَعِيثُكَ نِعْمَةً وَ رَسُولُكَ رَحْمَةً فَافْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِي عَدْلِكَ وَاجْزِهِ مُضَعَّفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ مُهَنَّآتٍ غَيْرَ مُكَدَّرَاتٍ مِنْ فَوْزِ فَوَائِدِكَ الْمَحْلُولِ وَ جَزِيلِ عَطَائِكَ الْمَوْصُولِ اللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَهُ وَ مَثْوَاهُ وَ أَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ وَ أَرِنَاهُ بِابْتِعَاثِكَ إِيَّاهُ مَرْضِيَّ الْمَقَالَةِ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ ذَا مَنْطِقِ عَدْلٍ وَ خُطَّةِ فَصْلٍ وَ حُجَّةٍ وَ بُرْهَانٍ عَظِيمَ الْجَزَاءِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا شَافِعِينَ مُخْلِصِينَ وَ أَوْلِيَاءَ مُطِيعِينَ وَ رُفَقَاءَ مُصَاحِبِينَ أَبْلِغْهُ مِنَّا السَّلَامَ وَ أَوْرِدْنَا عَلَيْهِ وَ أَوْرِدْ عَلَيْهِ مِنَّا السَّلَامَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ وَالشَّهَادَةُ حَظِّي وَالْحَقُّ عَلَيَّ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ وَ نَبِيُّكَ وَ صَفِيُّكَ وَ نَجِيُّكَ وَ أَمِينُكَ وَ نَجِيبُكَ وَ حَبِيبُكَ وَ صَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ خَلِيلُكَ وَ خَاصُّكَ وَ خَالِصَتُكَ وَ خِيَرَتُكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ _ النَّبِيُّ الَّذِي هَدَيْتَنَا بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ عَلَّمْتَنَا بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ وَ بَصَّرْتَنَا بِهِ مِنَ الْعَمَى وَأَقَمْتَنَا بِهِ عَلَى

ص: 228

الْمَحَجَّةِ الْعُظْمَى وَ سَبِيلِ التَّقْوَى وَ أَخْرَجْتَنَا بِهِ مِنَ الْغَمَرَاتِ وَ أَنْقَذْتَنَا بِهِ مِنْ شَفَا جُرُفِ الْهَلَكَاتِ أَمِينُكَ عَلَى وَ حْيِكَ وَ مُسْتَوْدَعُ سِرِّكَ وَ حِكْمَتِكَ وَ رَسُولُكَ إِلَى خَلْقِكَ وَ حُجَّتُكَ عَلَى عِبَادِكَ وَ مُبَلِّغُ وَ حْيِكَ وَ مُؤَدِّي عَهْدِكَ وَ جَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَ نُوراً يَسْتَضِي ءُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ يُبَشِّرُ بِالْجَزِيلِ مِنْ ثَوَابِكَ وَ يُنْذِرُ بِالْأَلِيمِ مِنْ عِقَابِكَ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِكَ وَ عَبَدَكَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ مِنْ وَعْدِكَ وَأَنَّهُ لِسَانُكَ فِي خَلْقِكَ وَ عَيْنُكَ وَالشَّاهِدُ لَكَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْكَ وَالدَّاعِي إِلَيْكَ وَالْحُجَّةُ عَلَى بَرِيَّتِكَ وَالسَّبَبُ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ وَ أَنَّهُ قَدْ صَدَعَ بِأَمْرِكَ وَ بَلَّغَ رِسَالَتَكَ وَ تَلَا آيَاتِكَ وَ حَذَّرَ أَيَّامَكَ وَ أَحَلَّ حَلَالَكَ وَ حَرَّمَ حَرَامَكَ وَ بَيَّنَ فَرَائِضَكَ وَ أَقَامَ حُدُودَكَ وَ أَحْكَامَكَ وَ حَضَّ عَلَى عِبَادَتِكَ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِكَ وَائْتَمَرَ بِهَا وَ نَهَى عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَانْتَهَى عَنْهَا وَ دَلَّ عَلَى حُسْنِ الْأَخْلَاقِ وَ أَخَذَ بِهَا وَ نَهَى عَنْ مَسَاوِي الْأَخْلَاقِ وَ اجْتَنَبَهَا وَ وَالَى أَوْلِيَاءَكَ قَوْلًا وَ عَمَلًا وَ عَادَى أَعْدَاءَكَ قَوْلًا وَ عَمَلًا وَ دَعَا إِلَى سَبِيلِكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَاحِراً وَ لَا مَسْحُوراً وَ لَا شَاعِراً وَ لَا مَجْنُوناً وَ لَا كَاهِناً وَ لَا أَفَّاكاً وَ لَا جَاحِداً وَ لَا كَذَّاباً وَ لَا شَاكّاً وَ لَا مُرْتَاباً وَ أَنَّهُ رَسُولُكَ وَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ جَاءَ بِالْوَحْيِ مِنْ عِنْدِكَ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ _ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ ذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَفْضَلَ وَ أَشْرَفَ وَ أَكْمَلَ وَ أَكْبَرَ وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَتَمَّ وَأَعَمَّ وَأَزْكَى وَأَنْمَى وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْثَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ حَيّاً وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ مَيِّتاً وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ مَبْعُوثاً وَ صَلِّ عَلَى رُوحِهِ

ص: 229

فِي الْأَرْوَاحِ الطَّيِّبَةِ وَصَلِّ عَلَى جَسَدِهِ فِي الْأَجْسَادِ الزَّاكِيَةِ اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ وَ كَرِّمْ مَقَامَهُ وَ أَضِئْ نُورَهُ وَأَبْلِغْهُ الدَّرَجَةَ [وَ] الْوَسِيلَةَ عِنْدَكَ فِي الرِّفْعَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَأَعْطِهِ حَتَّى يَرْضَى وَ زِدْهُ بَعْدَ الرِّضَا وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ بِكُلِّ مَنْقَبَةٍ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَ مَوْقِفٍ مِنْ مَوَاقِفِهِ وَ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِ رَأَيْتَهُ لَكَ فِيهَا نَاصِراً وَ عَلَى مَكْرُوهِ بَلَائِهِ صَابِراً صَلَاةً تُعْطِيهِ بِهَا خَصَائِصَ مِنْ عَطَائِكَ وَ فَضَائِلَ مِنْ حِبَائِكَ تُكْرِمُ بِهَا وَجْهَهُ وَ تُعَظِّمُ بِهَا خَطَرَهُ وَ تُنْمِي بِهَا ذِكْرَهُ وَ تُفْلِجُ بِهَا حُجَّتَهُ وَ تُظْهِرُ بِهَا عُذْرَهُ حَتَّى تُبْلِغَ بِهِ أَفْضَلَ مَا وَ عَدْتَهُ مِنْ جَزِيلِ جَزَائِكَ وَأَعْدَدْتَ لَهُ مِنْ كَرِيمِ حِبَائِكَ وَ ذَخَرْتَ لَهُ مِنْ وَاسِعِ عَطَائِكَ اللَّهُمَّ شَرِّفْ فِي الْقِيَامَةِ مَقَامَهُ وَ قَرِّبْ مِنْكَ مَثْوَاهُ وَأَعْطِهِ أَعْظَمَ الْوَسَائِلِ وَأَشْرَفَ الْمَنَازِلِ وَ عَظِّمْ حَوْضَهُ وَ أَكْرِمْ وَارِدِيهِ وَ كَثِّرْهُمْ وَ تَقَبَّلْ فِي أُمَّتِهِ شَفَاعَتَهُ وَ فِيمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْأُمَمِ وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ فِي خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ وَبَلِّغْهُ فِي الشَّرَفِ وَالتَّفْضِيلِ أَفْضَلَ مَا بَلَّغْتَ أَحَداً مِنَ الْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ قَامُوا بِحَقِّكَ وَ ذَبُّوا عَنْ حَرَمِكَ وَأَفْشَوْا فِي الْخَلْقِ إِعْذَارَكَ وَ إِنْذَارَكَ وَ عَبَدُوكَ حَتَّى أَتَاهُمُ الْيَقِينُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً أَفْضَلَ خَلْقِكَ مِنْكَ زُلْفَى وَأَعْظَمَهُمْ عِنْدَكَ شَرَفاً وَأَرْفَعَهُمْ مَنْزِلًا وَأَقْرَبَهُمْ مَكَاناً وَ أَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ جَاهاً وَأَكْثَرَهُمْ تَبَعاً وَأَمْكَنَهُمْ شَفَاعَةً وَأَجْزَلَهُمْ عَطِيَّةً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَاةً يُثْمِرُ سَنَاهَا وَ يَسْمُو أَعْلَاهَا وَ تُشْرِقُ أُولَاهَا وَ تَنْمِي أُخْرَاهَا نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَالْقَائِدِ إِلَى الرَّحْمَةِ الَّذِي بِطَاعَتِهِ تُنَالُ الرَّحْمَةُ وَ بِمَعْصِيَتِهِ تُهْتَكُ للعصمة [الْعِصْمَةُ] وَ سَلِّمْ عَلَيْهِ سَلَاماً عَزِيزاً يُوجِبُ كَثِيراً وَ يُؤْمِنُ ثُبُوراً أَبَداً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَ عَلَى آلِهِ مَصَابِيحِ الظَّلَامِ وَ مَرَابِيعِ الْأَنَامِ وَ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ إِذَا قَالُوا صَدَقُوا

ص: 230

وَ إِذَا خَرِسَ الْمُغْتَابُونَ نَطَقُوا آثَرُوا رِضَاكَ وَ أَخْلَصُوا حُبَّكَ وَاسْتَشْعَرُوا خَشْيَتَكَ وَ وَ جِلُوا مِنْكَ وَ خَافُوا مَقَامَكَ وَ فَزِعُوا مِنْ وَ عِيدِكَ وَ رَجَوْا أَيَّامَكَ وَ هَابُوا عَظَمَتَكَ وَ مَجَّدُوا كَرَمَكَ وَ كَبَّرُوا شَأْنَكَ وَ وَكَّدُوا مِيثَاقَكَ وَأَحْكَمُوا عُرَى طَاعَتِكَ وَاسْتَبْشَرُوا بِنِعْمَتِكَ وَانْتَظَرُوا رَوْحَكَ وَ عَظَّمُوا جَلَالَكَ وَ سَدَّدُوا عُقُودَ حَقِّكَ بِمُوَالاتِهِمْ مَنْ وَالاكَ وَ مُعَادَاتِهِمْ مَنْ عَادَاكَ وَ صَبْرِهِمْ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ فِي مَحَبَّتِكَ وَ دُعَائِهِمْ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ إِلَى سَبِيلِكَ وَ مُجَادَلَتِهِمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مَنْ عَانَدَكَ وَ تَحْلِيلِهِمْ حَلَالَكَ وَ تَحْرِيمِهِمْ حَرَامَكَ حَتَّى أَظْهَرُوا دَعْوَتَكَ وَ أَعْلَنُوا دِينَكَ وَ أَقَامُوا حُدُودَكَ وَاتَّبَعُوا فَرَائِضَكَ فَبَلَغُوا فِي ذَلِكَ مِنْكَ الرِّضَا وَ سَلَّمُوا لَكَ الْقَضَاءَ وَ صَدَّقُوا مِنْ رُسُلِكَ مَنْ مَضَى وَ دَعَوْا إِلَى سَبِيلِ كُلِّ مُرْتَضًى الَّذِينَ مَنِ اتَّخَذَهُمْ مَآباً سَلِمَ وَ مَنِ اسْتَتَرَ بِهِمْ جُنَّةً عُصِمَ وَ مَنْ دَعَاهُمْ إِلَى الْمُعْضِلَاتِ لَبَّوْهُ وَ مَنِ اسْتَعْطَاهُمُ الْخَيْرَ آتَوْهُ صَلَاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً زَاكِيَةً نَامِيَةً مُبَارَكَةً صَلَاةً لَا تُحَدُّ وَ لَا تُبْلَغُ نَعْتُهَا وَ لَا تُدْرَكُ حُدُودُهَا وَ لَا يُوصَفُ كُنْهُهَا وَ لَا يُحْصَى عَدَدُهَا وَ سَلَامٌ عَلَيْهِمْ بِإِنْجَازِ وَ عْدِهِمْ وَ سَعَادَةِ جَدِّهِمْ وَإِسْنَاءِ رِفْدِهِمْ كَمَا قُلْتَ سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ اللَّهُمَّ اخْلُفْ فِيهِمْ مُحَمَّداً أَحْسَنَ مَا خَلَفْتَ أَحَداً مِنَ الْمُرْسَلِينَ فِي خُلَفَائِهِمْ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِمْ حَتَّى تُبَلِّغَ بِرَسُولِكَ وَ بِهِمْ كَمَالَ مَا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِمَّا لَا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَاجْعَلْهُمْ فِي مَزِيدِ كَرَامَتِكَ وَ جَزِيلِ جَزَائِكَ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَأَعْطِهِمْ مَا يَتَمَنَّوْنَ وَزِدْهُمْ بَعْدَ مَا يَرْضَوْنَ وَ عَرِّفْ جَمِيعَ خَلْقِكَ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مَنْزِلَتَهُمْ مِنْكَ حَتَّى

ص: 231

يُقِرُّوا بِفَضْلِكَ فَضْلَهُمْ وَ شَرَفَهُمْ وَ يُعَرِّفُوا لَهُمْ حَقَّهُمُ الَّذِي أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَرْضِ طَاعَتِهِمْ وَ مَحَبَّتِهِمْ وَ اتِّبَاعِ أَمْرِهِمْ وَ اجْعَلْنَا سَامِعِينَ لَهُمْ مُطِيعِينَ وَ لِسُنَّتِهِمْ تَابِعِينَ وَ عَلَى عَدُوِّهِمْ مِنَ النَّاصِرِينَ وَ فِيمَا دَعَوْا إِلَيْهِ وَ دَلُّوا عَلَيْهِ مِنَ الْمُصَدِّقِينَ اللَّهُمَّ فَإِنَّا قَدْ أَقْرَرْنَا لَهُمْ بِذَلِكَ وَ بِمَا أَمَرْتَنَا بِهِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ وَ نَشْهَدُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِكَ فَبِرِضَاهُمْ نَرْجُو رِضَاكَ وَ بِسَخَطِهِمْ نَخْشَى سَخَطَكَ اللَّهُمَّ فَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِمْ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِمْ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِهِمْ وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُمْ وَاسْقِنَا بِكَأْسِهِمْ وَأَدْخِلْنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَهُمْ فِيهِ وَأَخْرِجْنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ حَتَّى نَسْتَوْجِبَ ثَوَابَكَ وَ نَنْجُوَ مِنْ عِقَابِكَ وَ نَلْقَاكَ وَأَنْتَ عَنَّا رَاضٍ وَ نَحْنُ لَكَ مَرْضِيُّونَ صَلَوَاتُ اللَّهِ رَبِّنَا الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْمَوْصُوفِينَ بِمَعْرِفَتِكَ تَقَرُّباً إِلَيْكَ بِالْمَسْأَلَةِ وَ هَرَباً مِنْكَ غَيْرَ بَالِغٍ فِي مَسْأَلَتِي لَهُمْ مِعْشَارَ مَا بِرَحْمَتِكَ أَعْتَقِدُ لَهُمْ إِلَّا الْتِمَاسَ الْمُنَاصَحَةِ لَهُمْ وَ ثَوَابَ مَوْعُودِكَ وَالتَّوَجُّهَ إِلَيْهِمْ بِهِمْ وَالشَّفَاعَةَ لَنَا مِنْهُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لِآلِ مُحَمَّدٍ الْمَاضِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى أَفْضَلَ الْمَنَازِلِ عِنْدَكَ وَأَحَبَّهَا إِلَيْكَ مِنَ الشَّرَفِ الْأَعْلَى وَالْمَكَانِ الرَّفِيعِ مِنَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَا شَدِيدَ الْقُوَى نَفْحَةً مِنْ عَطَائِكَ الَّتِي لَا مَنَّ فِيهَا وَلَا أَذَى خَصَّهُمْ مِنْكَ بِالْفَوْزِ الْعَظِيمِ فِي النَّظْرَةِ وَالنَّعِيمِ وَالثَّوَابِ الدَّائِمِ الْمُقِيمِ الَّذِي لَا نَصَبَ فِيهِ وَ لَا يَرِيمُ اللَّهُمَّ أَسْكِنْهُمُ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى الْفُرُشِ الْمَرْفُوعَةِ وَالسُّرُرِ الْمَصْفُوفَةِ _ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ _ لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ ارْفَعْ مُحَمَّداً فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فَوْقَ مَنَازِلِ الْمُرْسَلِينَ

ص: 232

وَ مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ بِشُكْرِ نِعْمَتِكَ وَ تَعْظِيمِ حُرْمَتِكَ جَزَاءً لَا جَزَاءَ فَوْقَهُ وَ عَطَاءً لَا عَطَاءَ مِثْلَهُ وَ خُلُوداً لَا خُلُودَ يُشَاكِلُهُ وَ لَا يَطْمَعُ أَحَدٌ فِي مِثْلِهِ وَ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ وَ لَا تَهْتَدِي الْأَلْبَابُ إِلَى طَلَبِهِ نِعْمَةً لِمَا شَكَرُوا مِنْ أَيَادِيكَ وَ إِرْصَاداً لِمَا صَبَرُوا عَلَى الْأَذَى فِيكَ: اللَّهُمَّ وَ عَلَى الْبَاقِي مِنْهُمْ فَتَرَحَّمْ وَ مَا وَعَدْتَهُمْ مِنْ نَصْرِكَ فَتَمِّمْ وَأَشْيَاعَهُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ سَلِّمْ وَ بِهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ جَنَاحَ الْكُفْرِ فَحَطِّمْ وَ أَمْوَالَ الظَّلَمَةِ وَ لِيَّكَ فَغَنِّمْ وَ كُنْ لَهُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَ نَاصِراً وَاجْعَلْهُمْ وَالْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرَ نَفِيراً وَ أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةً أَنْصَاراً وَ ابْعَثْ لَهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لِدِمَاءِ أَسْلَافِهِمْ ثَاراً وَ لَا تَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً وَ لَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً اللَّهُمَّ مُدَّ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَ أَشْيَاعِهِمْ فِي الْآجَالِ وَ خُصَّهُمْ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ وَ لَا تَجْعَلْنَا مِمَّنْ تَسْتَبْدِلُ بِهِمُ الْأَبْدَالَ يَا ذَا الْجُودِ وَالْفَعَالِ اللَّهُمَّ خُصَّ آلَ مُحَمَّدٍ بِالْوَسِيلَةِ وَأَعْطِهِمْ أَفْضَلَ الْفَضِيلَةِ وَاقْضِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِأَحْسَنِ الْقَضِيَّةِ وَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّهِمْ بِالْعَدْلِ وَالْوَفَاءِ وَاجْعَلْنَا يَا رَبِّ لَهُمْ أَعْوَاناً وَ وُزَرَاءَ وَ لَا تُشْمِتْ بِنَا وَ بِهِمُ الْأَعْدَاءَ اللَّهُمَّ احْفَظْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَوْلِيَاءَ هُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ أَهْلِ الْجَحْدِ وَالْإِنْكَارِ وَاكْفِهِمْ حَسَدَ كُلِّ حَاسِدٍ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ وَ سَلِّطْهُمْ عَلَى كُلِّ نَاكِثٍ خَتَّارٍ حَتَّى يَقْضُوا مِنْ عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمُ الْأَوْطَارَ وَاجْعَلْ عَدُوَّهُمْ مَعَ الْأَذَلِّينَ وَالْأَشْرَارِ وَ كُبَّهُمْ رَبِّ عَلَى وُجُو هِهِمْ فِي النَّارِ إِنَّكَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ فِي خَلْقِكَ وَلِيّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ مِنْهَا طَوْلًا وَ تَجْعَلَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ فِيهَا الْأَئِمَّةَ

ص: 233

الْوَارِثِينَ وَاجْمَعْ لَهُ شَمْلَهُ وَأَكْمِلْ لَهُ أَمْرَهُ وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ وَ ثَبِّتْ رُكْنَهُ وَأَفْرِغِ الصَّبْرَ مِنْكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْتَقِمَ فَيَشْتَفِيَ وَ يَشْفِيَ حَزَازَاتِ قُلُوبٍ نَغِلَةٍ وَ حَرَارَاتِ صُدُورٍ وَ غِرَةٍ وَ حَسَرَاتِ أَنْفُسٍ تَرِحَةٍ مِنْ دِمَاءٍ مَسْفُوكَةٍ وَأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَ طَاعَةٍ مَجْهُولَةٍ قَدْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ الْبَلَاءَ وَ وَسَّعْتَ عَلَيْهِ الْآلَاءَ وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ النَّعْمَاءَ فِي حُسْنِ الْحِفْظِ مِنْكَ لَهُ اللَّهُمَّ اكْفِهِ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَأَنْسِهِمْ ذِكْرَهُ وَأَرِدْ مَنْ أَرَادَهُ وَ كِدْ مَنْ كَادَهُ وَ امْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ اللَّهُمَّ فُضَّ جَمْعَهُمْ وَ فُلَّ حَدَّهُمْ وَأَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ وَ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ وَاصْدَعْ شَعْبَهُمْ وَ شَتِّتْ أَمْرَهُمْ فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ وَاجْتَنَبُوا الْحَسَنَاتِ فَخُذْهُمْ بِالْمَثُلَاتِ وَ أَرِهِمُ الْحَسَرَاتِ _ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ وَالنَّبِيِّينَ الَّذِينَ بَلَغُوا عَنْكَ الْهُدَى وَاعْتَقَدُوا لَكَ الْمَوَاثِيقَ بِالطَّاعَةِ وَ دَعَوُا الْعِبَادَ بِالنَّصِيحَةِ وَصَبَرُوا عَلَى مَا لَقُوا فِي جَنْبِكَ مِنَ الْأَذَى وَالتَّكْذِيبِ وَ صَلِّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَ ذَرَارِيِّهِمْ وَ جَمِيعِ أَتْبَاعِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ صَلَاةً زَاكِيَةً نَامِيَةً طَيِّبَةً وَ خُصَّ آلَ نَبِيِّنَا الطَّيِّبِينَ السَّامِعِينَ لَكَ الْمُطِيعِينَ الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ أَنْصَاراً وَجَعَلْتَهُمْ حَفَظَةً لِسِرِّكَ وَ مُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِكَ وَ تَرَاجِمَةً لِوَحْيِكَ وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ وَأَعْلَاماً لِعِبَادِكَ وَ مَنَاراً فِي بِلَادِكَ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ الْمُكَرَّمُونَ الَّذِينَ لَا يَسْبِقُونَكَ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِكَ يَعْمَلُونَ يَخَافُونَ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ بِصَلَوَاتٍ

ص: 234

كَثِيرَةٍ طَيِّبَةٍ زَاكِيَةٍ مُبَارَكَةٍ نَامِيَةٍ بِجُودِكَ وَ سَعَةِ رَحْمَتِكَ مِنْ جَزِيلِ مَا عِنْدَكَ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَاخْلُفْ عَلَيْهِمْ فِي الْغَابِرِينَ اللَّهُمَّ اقْصُصْ بِنَا آثَارَهُمْ وَاسْلُكْ بِنَا سُبُلَهُمْ وَأَحْيِنَا عَلَى دِينِهِمْ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِمْ وَأَعِنَّا عَلَى قَضَاءِ حَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلَيْنَا لَهُمْ وَ تَمِّمْ لَنَا مَا عَرَّفْتَنَا مِنْ حَقِّهِمْ وَالْوَلَايَةَ لِأَوْلِيَائِهِمْ وَالْبَرَاءَةَ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَالْحُبَّ لِمَنْ أَحَبُّوا وَالْبُغْضَ لِمَنْ أَبْغَضُوا وَالْعَمَلَ بِمَا رَضُوا وَالتَّرْكَ لِمَا كَرِهُوا وَ كَمَا جَعَلْتَهُمُ السَّبَبَ إِلَيْكَ وَالسَّبِيلَ إِلَى طَاعَتِكَ وَالْوَسِيلَةَ إِلَى جَنَّتِكَ وَالْأَدِلَّاءَ عَلَى طُرُقِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ _ تَقُولُهُ أَلْفَ مَرَّةٍ إِنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ _ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَلَّمَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَرَجِي مَعَهُمْ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ قُلْ مِائَةَ مَرَّةٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جَمِيعِ خَلْقِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِ مُحَمَّدٍ _ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ»(1)

فيفتتح هذا الدعاء بالشهادة إلى أن تقول: «اللهم اكتب شهادتي هذه ..» فإذا بلغت هذه الفقرة انتبه إلى من تتحدّث معه وإلى ما تحدّثت به فإنّه سيكتب في الدفتر الإلهيّ ويثبت، فإيّاك ثمّ إيّاك ولقلقة اللسان وعدم الاطّلاع والإيقان فإنّه لا يورث إلّا الخزي والخسران. ثمّ التوجّه والإقبال إلى محمّد وآل محمّد صلّى الله عليهم أجمعين، ثمّ الشهادة برسالة رسول الله وآله بتحيّات لا نهاية لأمدها ولا انقطاع لعددها، واللعن على أعدائهم إلى أن تبلغ هذه العبارة أعني قوله: إنّك الواحد القهّار، ثمّ التوجّه التامّ إلى إمام العصر وناموس الدهر

ص: 235


1- بحار الانوار: 86/ 333

أرواح العالمين فداه والدعاء والسلام والصلاة عليه فتقول:

«اللَّهُمَّ وَ كُنْ لِوَلِيِّكَ فِي خَلْقِكَ وَلِيّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فِيهَا طَوْلًا وَ تَجْعَلَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ فِيهَا الْأَئِمَّةَ الْوَارِثِينَ وَاجْمَعْ لَهُ شَمْلَهُ وَأَكْمِلْ لَهُ أَمْرَهُ وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ وَ ثَبِّتْ رُكْنَهُ وَأَفْرِغِ الصَّبْرَ مِنْكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْتَقِمَ فَيَشْتَفِي وَ يَشْفِيَ حَزَازَاتِ قُلُوبٍ نَغِلَةٍ وَ حَرَارَاتِ صدوره [صُدُورٍ] وَ غِرَةٍ وَحَسَرَاتِ أَنْفُسٍ تَرِحَةٍ مِنْ دِمَاءٍ مَسْفُوكَةٍ وَأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَ طَاعَةٍ مَجْهُولَةٍ قَدْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ الْبَلَاءَ وَ وَسَّعْتَ عَلَيْهِ الْآلَاءَ وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ النَّعْمَاءَ فِي حُسْنِ الْحِفْظِ مِنْكَ لَهُ اللَّهُمَّ اكْفِهِ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَأَنْسِهِمْ ذِكْرَهُ وَأَرِدْ مَنْ أَرَادَهُ وَكِدْ مَنْ كَادَهُ وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ اللَّهُمَّ فُضَّ جَمْعَهُمْ وَفُلَّ حَدَّهُمْ وَأَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ وَ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ وَاصْدَعْ شَعْبَهُمْ وَ شَتِّتْ أَمْرَهُمْ فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ وَاجْتَنَبُوا الْحَسَنَاتِ فَخُذْهُمْ بِالْمَثُلَاتِ وَأَرِهِمُ الْحَسَرَاتِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ وَالنَّبِيِّينَ الَّذِينَ بَلَّغُوا عَنْكَ الْهُدَى وَاعْتَقَدُوا لَكَ الْمَوَاثِيقَ بِالطَّاعَةِ وَ دَعَوُا الْعِبَادَ بِالنَّصِيحَةِ وَ صَبَرُوا عَلَى مَا لَقُوا فِي جَنْبِكَ مِنَ الْأَذَى وَالتَّكْذِيبِ وَ صَلِّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَ ذَرَارِيِّهِمْ وَ جَمِيعِ أَتْبَاعِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ صَلَاةً زَاكِيَةً نَامِيَةً طَيِّبَةً وَ خُصَّ آلَ نَبِيِّنَا الطَّيِّبِينَ السَّامِعِينَ لَكَ الْمُطِيعِينَ الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِكَ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ أَنْصَاراً وَ جَعَلْتَهُمْ

ص: 236

حَفَظَةً لِسِرِّكَ وَ مُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِكَ وَ تَرَاجِمَةً لِوَحْيِكَ وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِكَ وَأَعْلَاماً لِعِبَادِكَ وَ مَنَاراً فِي بِلَادِكَ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ الْمُكَرَّمُونَ الَّذِينَ لَا يَسْبِقُونَكَ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِكَ يَعْمَلُونَ يَخَافُونَ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ بِصَلَوَاتٍ كَثِيرَةٍ طَيِّبَةٍ زَاكِيَةٍ مُبَارَكَةٍ نَامِيَةٍ بِجُودِكَ وَ سَعَةِ رَحْمَتِكَ مِنْ جَزِيلِ مَا عِنْدَكَ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَاخْلُفْ عَلَيْهِمْ فِي الْغَابِرِينَ اللَّهُمَّ اقْصُصْ بِنَا آثَارَهُمْ وَاسْلُكْ بِنَا سُبُلَهُمْ وَ أَحْيِنَا عَلَى دِينِهِمْ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِمْ وَأَعِنَّا عَلَى قَضَاءِ حَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلَيْنَا لَهُمْ وَ تَمِّمْ لَنَا مَا عَرَّفْتَنَا مِنْ حَقِّهِمْ وَالْوَلَايَةِ لِأَوْلِيَائِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَالْحُبِّ لِمَنْ أَحَبُّوا وَالْبُغْضِ لِمَنْ أَبْغَضُوا وَالْعَمَلِ بِمَا رَضُوا وَالتَّرْكِ لِمَا كَرِهُوا كَمَا جَعَلْتَهُمُ السَّبَبَ إِلَيْكَ وَالسَّبِيلَ إِلَى طَاعَتِكَ وَالْوَسِيلَةَ إِلَى جَنَّتِكَ وَالْأَدِلَّاءَ عَلَى طُرُقِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ تَقُولُهُ أَلْفَ مَرَّةٍ إِنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَرَجِي مَعَهُمْ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ قُلْ مِائَةَ مَرَّةٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جَمِيعِ خَلْقِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَع َلَيْهِمْ وَعَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه»(1)

ثمّ اللعن على أعدائه، ثمّ الصلاة والسلام على جميع الأنبياء والأوصياء وعلى أزواجهم و ذراريهم وأتباعهم من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ثمّ على الملائكة وجميع المطيعين لأمر البارئ تعالى فعند ذلك ينتهي الدعاء فتصلّي على النبيّ وآله: «اللهم صلّ على محمّد و آل

ص: 237


1- بحار الانوار: 99/ 314

محمّد وعجّل فرجهم» وتقوله ألف مرّة إن قدرت عليه، ثمّ تقول مائة مرّة:

«صَلَواتُ اللهِ وَ مَلائِكَتِه وَ رُسُلِه وَ جَميعِ خَلْقِه عَلى مُحَمَّدٍ النبيِّ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَالسَّلامُ عَليه وَ عَلَيهِم وَعَلى أَرْواحِهِم وَأَجْسادِهِم وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُه».

ثمّ تقرأ بعض الأذكار والأوراد والدعوات الواردة عقيب فريضة الصبح كما سيأتي بيان ذلك.

ص: 238

تكليف 31 في الآداب المأثورة قبل صلاة الغداة يوم الجمعة، وهو يوم يتعلّق به

قد ذكرنا فيما سلف آداب الاستيقاظ من النوم وكيفيّة التوجّه إلى الله ورسوله وأئمّة الهدى وصاحب الزمان أرواحنا فداه في مطاوي بعض التكاليف _ التكليف الحادي عشر _ وسنذكر في المقام ما وعدناك هناك:

منها: دعوات وردت قبل صلاة الصبح يوم الجمعة، ففي كتاب الصلاة من البحار عن أنس عن رسول الله صلی الله علیه و اله أنّه قال:

«من قال قبل صلاة الغداة يوم الجمعة ثلاث مرّات: أستغفر الله الذي لا إله هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر»(1)

منها: دعاء ذكره الكفعميّ _ قدّس سرّه _ وكان أمير المؤمنين يدعو به عقيب صلاة الغداة وقال:

«من قرأ هذا الدعاء قبل الصلاة يوم الجمعة غفر الله له ذنوبه وإن ملأت ما

ص: 239


1- بحار الانوار: 86/ 359 الباب الرابع اعمال یوم الجمعة و آدابه و وظائفه ضمن ح 36

بين السماء والأرض ودخل الجنة بغير حساب وكان في جوار الأنبياء، ومن كتبه وعلّقه عليه أمن من كلّ شرّ».

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا مُدْرِكَ الْهَارِبِينَ وَ يَا مَلْجَأَ الْخَائِفِينَ وَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَ مُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ وَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ الْكَبِيرِ الْأَكْبَرِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ الْقُدُّوسِ الْمُبَارَكِ وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ يَا اللَّهُ عَشْراً يَا رَبَّاهْ عَشْراً يَا مَوْلَاهْ يَا غَايَةَ رَغْبَتَاهْ يَا هُوَ يَا مَنْ هُوَ يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلَّا هُوَ وَلَا كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْإِفْضَالِ وَالْإِنْعَامِ يَا ذَا الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ يَا ذَا الْعِزِّ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَالْجَبَرُوتِ يَا حَيُّ لَا يَمُوتُ يَا مَنْ عَلَا فَقَهَرَ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ يَا مَنْ عُبِدَ فَشَكَرَ يَا مَنْ عُصِيَ فَسَتَرَ يَا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ يَا مَنْ لَا تُحِيطُ بِهِ الْفِكَرُ يَا رَازِقَ الْبَشَرِ يَا مُقَدِّرَ الْقَدَرِ يَا مُحْصِيَ قَطْرِ الْمَطَرِ يَا دَائِمَ الثَّبَاتِ يَا مُخْرِجَ النَّبَاتِ يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ يَا مُنْجِحَ الطَّلِبَاتِ يَا جَاعِلَ الْبَرَكَاتِ يَا مُحْيِيَ الْأَمْوَاتِ يَا رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ يَا رَاحِمَ الْعَبَرَاتِ يَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ يَا كَاشِفَ الْكُرُبَاتِ يَا نُورَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ يَا صَاحِبَ كُلِّ غَرِيبٍ وَ يَا شَاهِداً لَا يَغِيبُ يَا مُونِسَ كُلِّ وَحِيدٍ يَا مَلْجَأَ كُلِّ طَرِيدٍ يَا رَاحِمَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ يَا مُغْنِيَ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ يَا فَاكَّ الْعَانِي الْأَسِيرِ يَا مَنْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّفْسِيرِ يَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ خَبِيرٌ يَا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ يَا عَالِيَ الْمَكَانِ يَا شَدِيدَ الْأَرْكَانِ يَا مَنْ لَيْسَ لَهُ تَرْجُمَانٌ يَا نِعْمَ الْمُسْتَعَانِ يَا قَدِيمَ الْإِحْسَانِ يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي

ص: 240

شَأْنٍ يَا مَنْ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا يَدَ الْوَاثِقِينَ يَا ظَهْرَ اللَّاجِينَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ يَا جَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ يَا رَبَّ الْأَرْبَابِ يَا مُسَبِّبَ الْأَسْبَابِ يَا مُفَتِّحَ الْأَبْوَابِ يَا مُعْتِقَ الرِّقَابِ يَا مُنْشِئَ السَّحَابِ يَا وَهَّابُ يَا تَوَّابُ يَا مَنْ حَيْثُ مَا دُعِيَ أَجَابَ يَا فَالِقَ الْإِصْبَاحِ يَا بَاعِثَ الْأَرْوَاحِ يَا مَنْ بِيَدِهِ كُلُّ مِفْتَاحٍ يَا سَابِغَ النِّعَمِ يَا دَافِعَ النِّقَمِ يَا بَارِئَ النَّسَمِ يَا جَامِعَ الْأُمَمِ يَا ذَا الْجُودِ وَالْكَرَمِ يَا عِمَادَ مَنْ لَا عِمَادَ لَهُ يَا سَنَدَ مَنْ لَا سَنَدَ لَهُ يَا عِزَّ مَنْ لَا عِزَّ لَهُ يَا حِرْزَ مَنْ لَا حِرْزَ لَهُ يَا غِيَاثَ مَنْ لَا غِيَاثَ لَهُ يَا حَسَنَ الْبَلَاءِ يَا جَزِيلَ الْعَطَاءِ يَا جَمِيلَ الثَّنَاءِ يَا حَلِيماً لَا يَعْجَلُ يَا عَلِيماً لَا يَجْهَلُ يَا جَوَاداً لَا يَبْخَلُ يَا قَرِيباً لَا يَغْفُلُ يَا صَاحِبِي فِي وَحْدَتِي يَا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي يَا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ وَ تَخْذُلُنِي الْأَقَارِبُ وَ يُسَلِّمُنِي كُلُّ صَاحِبٍ يَا رَجَائِي فِي الْمَضِيقِ يَا رُكْنِيَ الْوَثِيقَ يَا إِلَهِي بِالتَّحْقِيقِ يَا رَبَّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ يَا شَفِيقُ يَا رَفِيقُ اكْفِنِي مَا لَا أُطِيقُ وَ فُكَّنِي مِنْ حَلَقِ الضِّيقِ إِلَى فَرَجِكَ الْقَرِيبِ وَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَ مَا لَمْ يُهِمَّنِي مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين»(1)

قال المؤلّف: أمّا وقت قراءته أنّه قبل الصلاة المخصوصة في يوم الجمعة أو قبل جميع الفرائض فغير معلوم، وليعلم أنّ هذا الدعاء مغاير لما رواه محمّد بن هارون التعلكبريّ في مجموع الدعوات عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام ممّا يقرأ عند الصباح:

ص: 241


1- البلد الامین: 361

«اللَّهُمَّ يَا مُدْرِكَ الْهَارِبِينَ وَ يَا مَلْجَأَ الْخَائِفِينَ وَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ يَا مُنْتَهَى رَغْبَةِ السَّائِلِينَ وَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ يَا حَقُّ يَا مُبِينُ يَا ذَا الْكَيْدِ الْمَتِينِ وَ يَا مُنْصِفَ الْمَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ يَا مُؤْمِنَ أَوْلِيَائِهِ مِنْ عَذَابٍ مُهِينٍ يَا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ خَفِيَّاتِ لَحْظِ الْجُفُونِ وَ سَرَائِرَ الْقَلْبِ الْمَكْنُونِ وَ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ يَا رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ يَا شَاهِداً لَا يَغِيبُ يَا غَالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ يَا مَنْ هُوَ عَلَى كُلٍّ قَدِيرٌ وَ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ حَسِيبٌ وَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ قَرِيبٌ يَا إِلَهَ الْمَاضِينَ وَالْغَابِرِينَ وَ رَبَّ الْمُقِرِّينَ وَالْجَاحِدِينَ وَ إِلَهَ الصَّامِتِينَ وَ النَّاطِقِينَ وَ رَبَّ الْأَحْيَاءِ وَالْمَيِّتِينَ يَا اللَّهُ يَا رَبَّاهْ يَا عَزِيزُ يَا حَلِيمُ يَا غَفُورُ يَا رَحِيمُ يَا أَوَّلُ يَا قَدِيمُ يَا شَكُورُ يَا عَلِيمُ يَا سَمِيعُ يَا بَصِيرُ يَا لَطِيفُ يَا خَبِيرُ يَا قَاهِرُ يَا غَفَّارُ يَا جَبَّارُ يَا خَالِقُ يَا رَازِقُ يَا فَاتِقُ يَا رَاتِقُ يَا صَادِقُ يَا وَاجِدُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ يَا حَيُّ يَا مَوْجُودُ يَا مَعْبُودُ يَا طَالِبُ يَا غَالِبُ يَا مُدْرِكُ يَا مُهْلِكُ يَا جَلِيلُ يَا جَمِيلُ يَا كَرِيمُ يَا مُتَفَضِّلُ يَا جَوَادُ يَا سَمْحُ يَا فَارِجَ الْهَمِّ يَا كَاشِفَ الْغَمِّ يَا مُنْزِلَ الْحَقِّ يَا قَابِلَ الصِّدْقِ يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ يَا نُورَهُمَا يَا عِمَادَهُمَا يَا فَاطِرَهُمَا يَا مُمْسِكَهُمَا يَا ذَا الْبَلَاءِ الْجَمِيلِ وَالطَّوْلِ الْجَلِيلِ يَا ذَا السُّلْطَانِ الَّذِي لَا يُرَامُ وَالْعِزِّ الَّذِي لَا يُضَامُ يَا ذَا الْآلَاءِ وَالِامْتِنَانِ يَا مَعْرُوفاً بِالْإِحْسَانِ يَا ظَاهِراً بِلَا مُشَافَهَةٍ يَا بَاطِناً بِلَا مُلَامَسَةٍ يَا سَابِقَ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِهِ يَا أَوَّلًا بِلَا غَايَةٍ يَا آخِراً بِلَا نِهَايَةٍ يَا فَاعِلًا بِلَا انْتِصَابٍ يَا عَالِماً بِلَا اكْتِسَابٍ يَا ذَا الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْمُثْلَى وَالْمَثَلِ الْأَعْلَى يَا مَنْ قَصُرَتْ عَنْ وَصْفِهِ أَلْسُنُ الْوَاصِفِينَ وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ أَفْكَارُ الْمُتَفَكِّرِينَ وَ عَلَا

ص: 242

وَ تَكَبَّرَ عَنْ صِفَاتِ الْمُلْحِدِينَ وَ جَلَّ وَ عَزَّ عَنْ عَبَثِ الْعَابِثِينَ وَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَنْ كَذِبِ الْكَاذِبِينَ وَأَبَاطِيلِ الْمُبْطِلِينَ وَأَقَاوِيلِ الْعَادِلِينَ يَا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ وَ ظَهَرَ فَقَدَرَ وَأَعْطَى فَشَكَرَ وَ عَلَا فَقَهَرَ يَا رَبَّ الْعَيْنِ وَالْأَثَرِ وَالْجِنِّ وَالْبَشَرِ وَالْأُنْثَى وَالذَّكَرِ وَالْبَحْثِ وَالنَّظَرِ وَالْغَيْمِ وَالْمَطَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يَا شَاهِدَ النَّجْوَى يَا كَاشِفَ الْغَمِّ يَا دَافَعَ الْبَلْوَى يَا غَايَةَ كُلِّ ذِي شَكْوَى يَا نِعْمَ النَّصِيرُ وَالْمَوْلَى يَا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى يَا مَنْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّرَى يَا مُنْعِمُ يَا مُحْسِنُ يَا مُجْمِلُ يَا مُفْضِلُ يَا كَافِي يَا شَافِي يَا مُغِيثُ يَا مُقِيتُ يَا مُحْيِي يَا مُمِيتُ يَا مَنْ يَرَى وَ لَا يُرَى وَ لَمْ يَسْتَعِنْ بِسَاطِعِ الضِّيَاءِ لِإِحْصَاءِ عَدَدِ الْأَشْيَاءِ يَا عَالِيَ الْجِدِّ يَا غَالِبَ الْجُنْدِ يَا مَنْ لَهُ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ أَيْدٍ وَ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ كَيْدٌ يَا مَنْ لَا يَشْغَلُهُ كَبِيرٌ عَنْ صَغِيرٍ وَلَا خَطِيرٌ عَنْ حَقِيرٍ وَ لَا عَسِيرٌ عَنْ يَسِيرٍ يَا فَعَّالًا بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَ عَلَّاماً بِغَيْرِ مُعَاشَرَةٍ وَ قَادِراً بِغَيْرِ مُكَاثَرَةٍ يَا مَنْ بَدَأَ بِالنِّعْمَةِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا وَالزِّيَادَةِ قَبْلَ اسْتِيهَالِهَا وَالْفَضِيلَةِ قَبْلَ اسْتِيجَابِهَا يَا مَنْ أَنْعَمَ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَاسْتَصْلَحَ الصَّالِحَ وَالْفَاسِدَ عَلَيْهِ وَ رَدَّ الْمُعَانِدَ وَالشَّارِدَ عَنْهُ إِلَيْهِ يَا مَنْ أَهْلَكَ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَأَخَذَ بَعْدَ قَطْعِ الْمَعْذِرَةِ وَأَقَامَ الْحُجَّةَ وَ دَرَأَ عَنِ الْقُلُوبِ الشُّبْهَةَ وَأَقَامَ الدَّلَالَةَ وَ قَادَ إِلَى مُعَايَنَةِ الْآيَةِ يَا بَارِئَ الْجَسَدِ وَ مُوسِعَ الْبَلَدِ وَ مُجْرِيَ الْقُوتِ وَ مُنْزِلَ الْغَيْثِ وَ سَامِعَ الصَّوْتِ وَ سَابِقَ الْفَوْتِ وَ مُنْشِرَ الْعَظْمِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَا رَبَّ الْمُعْجِزَاتِ مَطَرٍ وَ نَبَاتٍ وَ آبَاءٍ وَأُمَّهَاتٍ وَ بَنِينَ وَ بَنَاتٍ وَ ذَاهِبٍ وَ آتٍ وَ لَيْلٍ دَاجٍ وَ سَمَاءٍ ذَاتِ أَبْرَاجٍ وَأَرْضٍ ذَاتِ فِجَاجٍ وَ بَحْرٍ عَجَّاجٍ وَ نُجُومٍ مُنَوَّرَةٍ وَ رِيَاحٍ تَدُورُ وَ مِيَاهٍ تَفُورُ وَ مِهَادٍ مَوْضُوعٍ وَ سَقْفٍ مَرْفُوعٍ وَ بَلَاءٍ

ص: 243

مَدْفُوعٍ وَ كَلَامٍ مَسْمُوعٍ وَيَقَظَةٍ وَ مَنَامٍ وَ سِبَاعٍ وَأَنْعَامٍ وَ دَوَابٍّ وَ عَوَامٍ وَغَمَامٍ وَ رُكَامٍ وَأُمُورٍ ذَاتِ نِظَامٍ وَ مِنْ شِتَاءٍ وَ مصيف [صَيْفٍ] وَ رَبِيعٍ وَخَرِيفٍ وَ يَانِعٍ وَقَطِيفٍ وَ مَاضٍ وَ خَلِيفٍ أَنْتَ خَلَقْتَ هَذَا فَأَحْسَنْتَ وَ سَوَّيْتَ فَأَحْكَمْتَ وَ نَبَّهْتَ عَلَى الطَّاعَةِ فَأَنْعَمْتَ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا شُكْرِي وَالِانْقِيَادُ لِطَاعَتِكَ وَ ذِكْرُ مَحَامِدِكَ فَإِنْ عَصَيْتُكَ فَلَكَ الْحُجَّةُ وَ إِنْ أَطَعْتُكَ فَلَكَ الْمِنَّةُ يَا مَنْ يُمْهِلُ وَ لَا يَعْجَلُ وَ يَعْلَمُ وَلَا يَجْهَلُ وَ يُعْطِي وَ لَا يَبْخَلُ يَا أَحَقَّ مَنْ حُمِدَ وَ عُبِدَ وَسُئِلَ وَ رُجِيَ وَاعْتُمِدَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ مُقَدَّسٍ مُطَهَّرٍ مَكْنُونٍ اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ _ وَ بِكُلِّ ثَنَاءٍ عَالٍ رَفِيعٍ كَرِيمٍ رَضِيتَ بِهِ مِدْحَةً لَكَ وَ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ وَ عِزِّكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَفْوِكَ وَ امْتِنَانِكَ وَ بِحَقِّكَ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ حُقُوقِ خَلْقِكَ يَا اللَّهُ يَا رَبَّاهْ يَا اللَّهُ يَا رَبَّاهْ يَا اللَّهُ يَا رَبَّاهْ وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ أَوَّلًا وَ آخِراً وَ خَاصّاً وَ عَامّاً بِحَقِّ مُحَمَّدٍ الْأُمِّيِّ رَسُولِكَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ نَبِيِّكَ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَ بِالرِّسَالَةِ الَّتِي أَدَّاهَا وَالْعِبَادَةِ الَّتِي اجْتَهَدَ فِيهَا وَالْمِحْنَةِ الَّتِي صَبَرَ عَلَيْهَا وَالدِّيَانَةِ الَّتِي حَضَّ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا مُنْذُ وَقْتِ خَلْقِكَ إِيَّاهُ إِلَى أَنْ تَوَفَّيْتَهُ وَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِهِ الْحَكِيمَةِ وَأَفْعَالِهِ الْكَرِيمَةِ وَ مَقَامَاتِهِ الْمَشْهُودَةِ وَ سَاعَاتِهِ الْمَحْمُودَةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ كَمَا وَ عَدْتَهُ مِنْ نَفْسِكَ وَ تُعْطِيَهُ أَفْضَلَ مَا أَمَّلَ مِنْ ثَوَابِكَ وَ تُزْلِفَ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ تعلم [تُعْلِيَ] عِنْدَكَ دَرَجَتَهُ وَ تَبْعَثَهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَ عَدْتَهُ وَ تُورِدَهُ حَوْضَ الْكَرَمِ وَالْجُودِ وَ تُبَارِكَ عَلَيْهِ بَرَكَةً عَامَّةً تَامَّةً نَامِيَةً سَامِيَةً زَاكِيَةً عَالِيَةً فَاضِلَةً طَيِّبَةً مُبَارَكَةً لَا انْقِطَاعَ لِدَوَامِهَا وَ لَا نَقِيصَةَ فِي كَمَالِهَا وَ لَا مَزِيدَ إِلَّا فِي قُدْرَتِكَ عَلَيْهَا وَأَنْ تَزِيدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ وَ أَوْسَعُ لَهُ وَ تُرِيَنِي ذَلِكَ حَتَّى أَزْدَادَ فِي الْإِيمَانِ بِهِ بَصِيرَةً

ص: 244

وَ فِي مَحَبَّتِهِ ثَبَاتاً وَ حُجَّةً وَ عَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيَارِ الْمُنْتَجَبِينَ الْأَصْفِيَاءِ الْأَتْقِيَاءِ الْأَبْرَارِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَ لَا نَفْعاً وَ لَا حَيَاةً وَ لَا مَوْتاً وَ لَا نُشُوراً قَدْ ذَلَّ مَصْرَعِي وَ اسْتَكَانَ مَضْجَعِي وَ ظَهَرَ ضُرِّي وَانْقَطَعَ عُذْرِي وَ قَلَّ نَاصِرِي وَأَسْلَمَنِي أَهْلِي وَ وَالِدَيَّ وَ وُلْدِي بَعْدَ قِيَامِ حُجَّتِكَ عَلَيَّ وَ ظُهُورِ بَرَاهِينِكَ عِنْدِي وَ وُضُوحِ أَدِلَّتِكَ لِي اللَّهُمَّ وَ قَدْ أَكْدَى الطَّلَبُ وَأَعْيَتِ الْحِيَلُ وَ تَغَلَّقَتِ الطُّرُقُ وَ ضَاقَتِ الْمَذَاهِبُ وَ دَرَسَتِ الْآمَالُ إِلَّا مِنْكَ وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ إِلَّا مِنْ جِهَتِكَ وَأُخْلِفَتِ الْعِدَاتُ إِلَّا عِدَتَكَ اللَّهُمَّ وَ إِنَّ مَنَاهِلَ الرَّجَاءِ لَكَ مُتْرَعَةٌ وَ أَبْوَابَ الدُّعَاءِ لِمَنْ دَعَاكَ مُفَتَّحَةٌ وَالِاسْتِغَاثَةَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِكَ مُبَاحَةٌ وَأَنْتَ لِدَاعِيكَ بِمَوْضِعِ إِجَابَةٍ وَ لِلْقَاصِدِ إِلَيْكَ قَرِيبُ الْمَسَافَةِ وَ لِلصَّارِخِ إِلَيْكَ وَ لِيُّ الْإِغَاثَةِ اللَّهُمَّ وَ إِنَّ فِي مَوْعِدِكَ عِوَضاً عَنْ مَنْعِ الْبَاخِلِينَ وَ مَنْدُوحَةً عَمَّا فِي أَيْدِي الْمُسْتَأْثِرِينَ وَ دَرَكاً مِنْ حِيَلِ الْمُؤَارِبِينَ وَالرَّاحِلَ نَحْوَكَ يَا رَبِّ قَرِيبٌ مِنْكَ لِأَنَّكَ لَا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلَّا أَنْ تَحْجُبَهُمُ الْأَعْمَالُ السَّيِّئَةُ دُونَكَ وَ إِنِّي لِنَفْسِي لَظَلُومٌ وَ بِعُذْرِي لَجَهُولٌ إِلَّا أَنْ تَرْحَمَنِي وَ تَعُودَ بِحِلْمِكَ عَلَيَّ وَ تَدْرَأَ عِقَابَكَ وَ تَلْحَظَنِي بِالْعَيْنِ الَّتِي هَدَيْتَنِي بِهَا مِنْ حَيْرَةِ الشَّكِّ وَ رَفَعْتَنِي بِهَا مِنْ هُوَّةِ الْجَهْلِ وَ نَعَشْتَنِي بِهَا مِنْ فِتْنَةِ الضَّلَالَةِ اللَّهُمَّ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَفْضَلَ زَادِ الرَّاحِلِ إِلَيْكَ عَزْمُ إِرَادَةٍ وَ إِخْلَاصُ نِيَّةٍ وَ صَادِقُ طَوِيَّةٍ وَ هَا أَنَا مِسْكِينُكَ بَائِسُكَ أَسِيرُكَ سَائِلُكَ مُنِيخٌ بِفِنَائِكَ قَارِعٌ بَابَ رَجَائِكَ اللَّهُمَّ وَأَنْتَ آنَسُ الْآنَسِينَ لِأَوْلِيَائِكَ وَأَحْرَى بِكِفَايَةِ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ وَأَوْلَى بِنَصْرِ الْوَاثِقِ بِكَ سِرِّي إِلَيْكَ مَكْشُوفٌ وَ أَنَا فِي سُؤَالِكَ مَلْهُوفٌ لِأَنَّنِي عَاجِزٌ وَ أَنْتَ قَدِيرٌ وَ أَنَا صَغِيرٌ وَ أَنْتَ كَبِيرٌ وَأَنْتَ غَنِيٌّ وَ أَنَا فَقِيرٌ إِذَا

ص: 245

أَوْحَشَتْنِي الْغُرْبَةُ آنَسَنِي ذِكْرُكَ وَ إِذَا أَضَبَّتْ عَلَيَّ الْأُمُورُ اسْتَجَرْتُ بِكَ وَ إِذَا تَلَاحَكَتْ عَلَيَّ الشَّدَائِدُ أَمَّلْتُكَ وَ أَيْنَ تَذْهَبُ بِي عَنْكَ يَا مَوْلَايَ وَ أَنْتَ أَقْرَبُ مِنْ وَرِيدِي وَأَحْضَرُ مِنْ عَدِيدِي وَأَوْجَدُ فِي مَعْقُولِي وَأَصَحُّ فِي مَكَانِي وَ أَزِمَّةُ الْأُمُورِ كُلِّهَا بِيَدِكَ صَادِرَةٌ عَنْ قَضَائِكَ مُذْعِنَةٌ بِالْخُضُوعِ لِقُدْرَتِكَ ذَاتُ فَاقَةٍ إِلَى عَفْوِكَ فَقِيرَةٌ إِلَى رَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ شَمِلَتْنِي الْخَصَاصَةُ وَ عَلَتْنِي الْحَاجَةُ وَ تَوَسَّمْتُ بِالذِّلَّةِ وَ غَلَبَتْنِي الْمَسْكَنَةُ وَ هَذَا الْوَقْتُ الَّذِي وَ عَدْتَ أَوْلِيَاءَكَ فِيهِ الْإِجَابَةَ اللَّهُمَّ فَامْسَحْ مَا بِي بِيَمِينِكَ الشَّافِيَةِ وَ انْظُرْ إِلَيَّ بِعَيْنِكَ الرَّاحِمَةِ وَأَقْبِلْ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَإِنَّكَ إِذَا أَقْبَلْتَ بِهِ عَلَى أَسِيرٍ فَكَكْتَهُ وَ عَلَى ضَالٍّ هَدَيْتَهُ وَ عَلَى حَائِرٍ آوَيْتَهُ وَ عَلَى ضَعِيفٍ قَوَّيْتَهُ وَ عَلَى فَقِيرٍ أَغْنَيْتَهُ اللَّهُمَّ لَا تُخَلِّنِي مِنْ يَدِكَ وَلَا تَتْرُكْنِي لَقًا لِعَدُوِّكَ وَ لَا تُوحِشْنِي مِنْ لَطَائِفِكَ الْخَفِيَّةِ وَ كِفَايَتِكَ الْجَمِيلَةِ وَ إِنْ شَرَدْتُ عَلَيْكَ فَارْدُدْنِي إِلَيْكَ فَإِنَّكَ تَرُدُّ الشَّارِدَ وَ تُصْلِحُ الْفَاسِدَ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ تَوَلَّنِي وَ لَايَةً تُغْنِينِي بِهَا عَمَّا سِوَاهَا وَ أَعْطِنِي عَطِيَّةً لَا أَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ مَعَهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِنُكْرٍ مِنْ عَطِيَّتِكَ وَ لَا بِبِدْعٍ مِنْ وَلَايَتِكَ اللَّهُمَّ ارْفَعْ بِفَضْلِكَ سَقْطَتِي وَنَجِّنِي مِنْ وَرْطَتِي وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي يَا مُنْتَهَى رَغْبَتِي وَ غِيَاثِي فِي كُرْبَتِي وَ صَاحِبِي عِنْدَ شِدَّتِي وَ رَحْمَانِي وَ رَحِيمِي فِي دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتَجِبْ دُعَائِي وَ لَا تَقْطَعْ رَجَائِي بِجُودِكَ وَ كَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَأَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

وقد نقله المجلسيّ في البحار وغيره في غيره.

ص: 246


1- بحار الانوار: 83/ 315

تكليف 32 في الآداب الواردة عقيب صلاة الفجر يوم الجمعة وزيارة الرسول وزيارته صلّى الله عليهما وآلهما، والإشارة إلى بعض التوسّلات الشريفة

ومن جملة آداب يوم الجمعة ما يؤتى به بعد فريضة الغداة من الآداب والأوراد والأذكار:

منها: ما رواه السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ بأسانيد معتبرة عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: «من قال يوم الجمعة حين يصلّي الغداة قبل أن يتكلّم كان كفّارة من جمعة إلى جمعة»(1). وفي رواية أخرى: «ومن قالها في كلّ جمعة أو في كلّ سنة كانت كفّارة لما بينهما»(2)، وهو:

«اللَّهُمَّ مَا قُلْتُ فِي جُمُعَتِي هَذِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ حَلَفْتُ فِيهَا مِنْ حَلْفٍ أَوْ نَذَرْتُ فِيهَا مِنْ نَذْرٍ فَمَشِيَّتُكَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَمَا شِئْتَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَانَ

ص: 247


1- جمال الاسبوع: 151
2- جمال الاسبوع: 151

وَ مَا لَمْ تَشَأْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ تَجَاوَزْ عَنِّي اللَّهُمَّ مَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ فَصَلَوَاتِي عَلَيْهِ وَ مَنْ لَعَنْتَ فَلَعْنَتِي عَلَيْه»(1)

وفي رواية أخرى: «من قال يوم الجمعة بعد صلاة الغداة: اللهم اجعل صلوات ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك وسمائك وأرضك وأنبيائك ورسلك على محمّد وآل محمّد لم يكتب عليه ذنب سنة»(2)

ومنها: ما رواه في المتهجّد والكفعميّ في المصباح بإسناده عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: «من قال بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر: اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم، لم يمت حتّى يدرك القائم من آل محمّد صلی الله علیه و اله»(3)

وأيضاً فيهما عن الإمام الصادق علیه السلام: «من قال بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الجمعة: اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك ورسلك على محمّد وآل محمّد لم يكتب عليه ذنب سنة»(4)

ومنها: التوجّه التامّ وحضور القلب إلى زيارة الرسول صلی الله علیه و آله بما ورد عقيب كلّ فريضة خاصّةً كما سبق ذكره عند بيان التكليف الرابع عشر، وبما ورد في يوم الجمعة خاصّةً.

وقد روى الشيخ الطوسي والسيد _ قدّس سرّهما _ عن الصادق جعفر بن

ص: 248


1- جمال الاسبوع: 227
2- بحارالانوار: 86/ 354
3- بحار الانوار: 83/ 77
4- المصباح (للکفعمي): 422

محمّد علیهماالسلام أنّه قال: من أراد أن يزور قبر رسول الله صلی الله علیه و آله، وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج علیهم السلام، وهو في بلده، فليغتسل في يوم الجمعة، وليلبس ثوبين نظيفين، وليخرج إلى فلاة من الأرض، ثمّ يصلّي أربع ركعات يقرأ فيهنّ ما تيسّر من القرآن، فإذا تشهّد وسلّم فليقم مستقبل القبلة، وليقل:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُ الْمُرْسَلُ وَالْوَصِيُّ الْمُرْتَضَى وَالسَّيِّدَةُ الْكُبْرَى وَالسَّيِّدَةُ الزَّهْرَاءُ وَالسِّبْطَانِ الْمُنْتَجَبَانِ وَالْأَوْلَادُ وَالْأَعْلَامُ وَالْأُمَنَاءُ الْمُنْتَجَبُونَ الْمُسْتَخْزَنُونَ جِئْتُ انْقِطَاعاً إِلَيْكُمْ وَ إِلَى آبَائِكُمْ وَ وَلَدِكُمُ الْخَلَفِ عَلَى بَرَكَةِ حَقٍّ فَقَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بِدِينِهِ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ إِنِّي لَمِنَ الْقَائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ مُقِرٌّ بِرَجْعَتِكُمْ لَا أُنْكِرُ لِلهِ قُدْرَةً وَ لَا أَزْعُمُ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ يُسَبِّحُ اللَّهَ بِأَسْمَائِهِ جَمِيعُ خَلْقِهِ وَالسَّلَامُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَأَجْسَادِكُمْ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ»(1)

وفي رواية أخرى: «افعل ذلك على سطح دارك»(2)

وروي بسند صحيح عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: «إذا بعدت بأحدكم الشقة، ونأت به الدار فليعل أعلى منزله، ويصلّي ركعتين، وليؤم بالسلام إلى قبورنا، فإنّ ذلك يصل إلينا»(3)

ص: 249


1- مصباح المتهجد: 289
2- المصدر نفسه
3- الکافي: 4/ 587

قال المؤلّف: وبما أنّ الأعمال على وفق ما ورد في بعض الأحاديث تعرض في كلّ جمعة على الرسول صلی الله علیه و آله كما روينا فيما سبق عن بشارة المصطفى ورياض الجنان أنّ رسول الله قال لأمير المؤمنين: «يا عليّ أعمال شيعتك تعرض عليّ في كلّ جمعة فأفرح بصالح أعمالهم وأستغفر لسيّئاتهم»(1) ، فمن الحريّ أنّ تقول بعد زيارته:

يا سيّدي ومولاي! إنّ هذا لكلامك، أمّا أنا وإن لم أكن من شيعتك وشيعة أخيك أمير المؤمنين علیه السلام ولم أبلغ هذه المرتبة العظمى إلّا أنّي محسوب من جملة محبّيكم ومن أهل الإسلام، ومعدود في زمرة طائفة الشيعة الاثني عشريّة، فأنشدك بأهل بيتك المعصومين سلام الله عليهم أجمعين أن تصفح عمّا كان منّي في هذا الأسبوع من السيّئات والمعاصي، وتستغفر لعبدك عند ربّك وتسأله أن يخرّق صحيفة أعمالي ولا يثبّت آثامي، ثمّ اذكر حوائجك فإنّها مقضية إن شاء الله.

وفي حديث معتبر عن سليمان بن عيسى عن أبيه قال: «قلت لأبي عبد الله علیه السلام: كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك؟ قال: قال لي: يا عيسى إذا لم تقدر على المجيء فإذا كان في يوم جمعة فاغتسل أو توضّأ، واصعد إلى سطحك وصلّ ركعتين، وتوجّه نحوي فإنّه من زارني في حياتي فقد زارني في مماتي، ومن زارني في مماتي فقد زارني في حياتي»(2).

ص: 250


1- الامالی (للصدوق): 657
2- بحار الانوار: 98/ 366

قال المجلسيّ _ قدّس سرّه _ بعد ذكر هذه الأحاديث: «بيان: هذا الخبر يدلّ على أنّ زيارة الإمام الحيّ أيضاً تجوز بهذا الوجه، فهذا مستند لزيارة القائم صلوات الله عليه في أيّ مكان أراد، ويتوجّه إلى السرداب المقدّس»(1)

قال الأحقر: لمّا وفّقت لزيارة الرسول صلی الله علیه و اله وصعدت سطح الدار أو خرجت إلى الصحراء وزرته وأيقنت بمضامين هذه الأحاديث من دون اعتراء شكّ وشبهة فلا تكن عن الفيوضات الربّانيّة والعطيّات السبحانيّة نوّاماً ولا منها على نفسك بخيلاً واغتنم الفرص فإنّها تمرّ مرّ البرق الخاطف فزر الإمام أبا عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام أيضاً بهذه الزيارة المختصرة المرويّة بأسانيد معتبرة عن سدير الصرّاف قال:

«قال لي أبو عبد الله صلوات الله عليه: يا سدير! تزور قبر الحسين صلوات الله عليه في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك لا، قال: ما أجفاكم فتزوره في كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزوره في كلّ سنة؟ قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير! ما أجفاكم بالحسين صلوات الله عليه، أما علمت أنّ لله تبارك وتعالى ألف ألف ملك شعث غبر يبكون ويزورون ولا يفترون، وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين صلوات الله عليه في كلّ جمعة خمس مرّات أو في كلّ يوم مرّة؟ قلت: جعلت فداك بيننا وبينه فراسخ كثيرة فقال لي: اصعد فوق سطحك ثمّ التفت يمنة ويسرة ثمّ ارفع رأسك إلى السّماء ثمّ تنحو نحو القبر فتقول: السّلام عليك يا أبا عبد الله السّلام عليك ورحمة الله وبركاته يكتب لك بذلك

ص: 251


1- المصدر نفسه

زورة والزّورة حجّة وعمرة، قال سدير: فربّما فعلت ذلك في الشّهر أكثر من عشرين مرّة»(1).

ثمّ تتذكّر إمام العصر أرواح العالمين فداه وتتوجّه نحو جنابه وتزوره بما ورد في يوم الجمعة خاصّةً، وهو ما رواه السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ في جمال الأسبوع حيث قال: يوم الجمعة، وهو يوم صاحب الزمان صلوات الله عليه وباسمه، وهو اليوم الذي

يظهر فيه عجّل الله فرجه، أقول متمثّلاً وأشير إليهم صلوات الله عليهم:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَ يُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخَائِفُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَلِيُّ النَّاصِحُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَفِينَةَ النَّجَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ الْحَيَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ عَجَّلَ اللَّهُ لَكَ مَا وَ عَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَ ظُهُورِ الْأَمْرِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ أَنَا مَوْلَاكَ عَارِفٌ بِأُولَاكَ وَأُخْرَاكَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَ وَ بِآلِ بَيْتِكَ وَ أَنْتَظِرُ ظُهُورَكَ وَ ظُهُورَ الْحَقِّ عَلَى يَدَيْكَ وَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لَكَ وَالتَّابِعِينَ وَالنَّاصِرِينَ لَكَ عَلَى أَعْدَائِكَ وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي جُمْلَةِ أَوْلِيَائِكَ يَا مَوْلَايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ يَوْمُكَ الْمُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ وَالْفَرَجُ فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ

ص: 252


1- الکافي: 4/ 589

عَلَى يَدِكَ وَ قَتْلُ الْكَافِرِينَ بِسَيْفِكَ وَ أَنَا يَا مَوْلَايَ فِيهِ ضَيْفُكَ وَ جَارُكَ وَأَنْتَ يَا مَوْلَايَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلَادِ الْكِرَامِ وَ مَأْمُورٌ بِالضِّيَافَةِ وَ الْإِجَارَةِ فَأَضِفْنِي وَأَجِرْنِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِين»(1)

وقد تقدم إيراد هذه الزيارة برمّتها في ذيل زيارات أيّام الأسبوع _ في مطاوي التكليف السادس عشر _ فلاحظ.

ولا بدّ أن تلتفت _ حين قرائتها _ إلى مضامينها، وتتفطّن لمطالبها وتتأمّل في نكاتها ودقائقها لئلا تكون مع إمامك أرواحنا فداه من الكذّابين.

ومن جملة فقراتها: «صلّى الله عليك وعلى آل بيتك الطاهرين..»، ويلزمك الاعتقاد بأنّ له آل وأهل أعني له أهل وعيال وذراري وأولاد وأحفاد وأصحاب منهم الخضر وإلياس والخصّيصون والأبدال والأوتاد والنجباء والنقباء وأهل الجدّ والاجتهاد وقد وصفوا جميعاً بهذين الوصفين كما سبقت إليه الإشارة.

ومن فقراتها: «والمستشهدين بين يديك من جملة أوليائك..»، ولا بدّ أن تكون في هذه الدعوى صادق القول والقلب بحيث تجد نفسك فيما إذا أمرك أرواحنا فداه بتفدية روحك له وإيثار نفسك على نفسه مستعدّاً غير متأنٍّ فتفدي له مالك وأهلك وعيالك ودولتك وثروتك.

ومن فقراتها: «أنا يا مولاي فيه ضيفك وجارك..»، فاعرف مكانتك منه فإنّك ضيفه ولائذ وعائذ به فلا تسيء الظنّ به إذا أصابك شيء من الشدّة والرخاء أو لحق بك شيء من البؤس والنعماء فلا تجرّد عليه لسان اللوم والملامة بدعوى

ص: 253


1- جمال الاسبوع: 37

أنّه لم يدفع عنك هذا البلاء أو تشكو عليه وتقول: هل يرضى صاحب البيت بإيذاء ضيفه وتأذّيه؟ ذلك ظنّ الذين كفروا بربّهم فويلٌ للظالمين من عذاب يوم بئيس.

ثمّ تسلّم عليه بما مضى بيانه وأوّله: «سلام على آل يس»، وقد رواه محمّد بن عبد الله الحميريّ رحمه الله عن الناحية المقدّسة.

ثمّ تتوسّل إليه بما ذكره المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتاب الدعاء من بحار الأنوار ذيل قصّة أبي الوفاء الشيرازيّ وتوسّله إلى الحجج الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين سيّما صاحب الزمان أرواحنا فداه وإليك نصّه:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ وَلِيِّكَ وَ حُجَّتِكَ صَاحِبِ الزَّمَانِ إِلَّا أَعَنْتَنِي بِهِ عَلَى جَمِيعِ أُمُورِي وَ كَفَيْتَنِي بِهِ مَئُونَةَ كُلِّ مُوذٍ وَ طَاغٍ وَ بَاغٍ وَأَعَنْتَنِي بِهِ فَقَدْ بَلَغَ مَجْهُودِي وَ كَفَيْتَنِي كُلَّ عَدُوٍّ وَ هَمٍّ وَ غَمٍّ وَ دَيْنٍ وَ وُلْدِي وَ جَمِيعَ أَهْلِي وَإِخْوَانِي وَمَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ وَ خَاصَّتِي آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ»(1)

وأمّا ما يتوسّل به إليه أرواحنا فداه فقد ذكره في كتاب المزار من بحار الأنوار:

«وَ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِحَقِّ وَ لِيِّكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى عِبَادِكَ وَ بَقِيَّتِكَ فِي أَرْضِكَ الْمُنْتَقِمِ لَكَ مِنْ أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِكَ بَقِيَّةِ آبَائِهِ الطَّاهِرِينَ وَ وَارِثِ أَسْلَافِهِ الصَّالِحِينَ صَاحِبِ الزَّمَانِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ الْكِرَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَخْيَارِ إِلَّا تَدَارَكْتَنِي بِهِ وَ نَجَّيْتَنِي مِنْ كُلِّ كَرْبٍ وَ هَمٍّ وَ حَفِظْتَ عَلَيَّ قَدِيمَ

ص: 254


1- بحارالانوار: 91/ 35

إِحْسَانِكَ إِلَيَّ وَ حَدِيثَهُ وَأَدْرَرْتَ عَلَيَّ جَمِيلَ عَوَائِدِكَ عِنْدِي يَا رَبِّ أَعِنِّي بِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْمَخَافَةِ وَ مِنْ كُلِّ شِدَّةٍ وَ عَظِيمَةٍ وَ هَوْلٍ وَ نَازِلَةٍ وَ غَمٍّ وَ دَيْنٍ وَ مَرَضٍ وَ سُقْمٍ وَ آفَةٍ وَ ظُلْمٍ وَ جَوْرٍ وَ فِتْنَةٍ فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ آخِرَتِي بِمَنِّكَ وَ رَأْفَتِكَ وَ رَحْمَتِكَ وَ كَرَمِكَ وَ تَفَضُّلِكَ وَ تَعَطُّفِكَ يَا كَافِيَ مُوسَى علیه السلام فِرْعَوْنَ وَ يَا كَافِيَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا أَهَمَّهُ وَ يَا كَافِيَ عَلِيٍّ علیه السلام مَا أَهَمَّهُ يَوْمَ صِفِّينَ وَ يَا كَافِيَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیه السلام يَوْمَ الْحَرَّةِ وَ يَا كَافِيَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبَا الدَّوَانِيقِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَاكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ كُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا قَاضِيَ الْحَوَائِجِ يَا وَ هَّابَ الرَّغَائِبِ يَا مُعْطِيَ الْجَزِيلِ يَا فَكَّاكَ الْعُنَاةِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ قَادِرٌ عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ عَجِّلْ يَا رَبِّ فَرَجَ وَ لِيِّكَ وَابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَاقْضِ يَا اللَّهُ حَوَائِجَ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِ لِي يَا رَبِّ بِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ صَغِيرَهَا وَ كَبِيرَهَا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ وَ تَمِّمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ وَ هَنِّئْنِي بِهِمْ كَرَامَتَكَ وَأَلْبِسْنِي بِهِمْ عَافِيَتَكَ وَ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَ كُنْ لِي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَلِيّاً وَحَافِظاً وَ نَاصِراً وَكَالِئاً وَ رَاعِياً وَ سَاتِراً وَ رَازِقاً مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ لَا يُعْجِزُ اللَّهَ شَيْ ءٌ طَلَبَهُ فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ هُوَ كَائِنٌ هُوَ كَائِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»(1)

أقول _ وأنا أقلّ الأنام، طائف بیت الله الحرام، أبو المکارم صدر الإسلام دبیر الدین علي أکبر الهمداني أصلا والنجفي مسکنا ومدفنا _ : وجدتُ صحیفةً

ص: 255


1- بحار الانوار: 99/ 252

قدیمةً عتیقةً مهذّبةً جیّدةً مشتملةً علی المطالب الجلیلة، والدعوات النبیلة- والحقائق المخزونة، والدقائق المکنونة، وفیها هذا التوسّل العظیم الجلیل النبیل، فأحببتُ إیرادها في هذا المقام لقراءة الأنام في غیبة الإمام علیه آلاف التحیة والسلام، تیمّنًا وتبرّکًا لقضاء الحاجات ونیل الطلبات، فواظبها لیلًا ونهارًا وسرًّا وجهارًا، ولا یزید الظالمین إلًا خسارًا.

توسّلٌ جلیل القدر:

«بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ، حَسبُنا الله و نِعمَ الوَکیل، نِعمَ المولی و نِعمَ النَصِیر، وَ لا حَولَ وَ لا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ العَليِّ العَظیم، لا إله إلّا الله وَحدَه لا شَریكَ لَه، محمّدٌ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله، عَليٌّ وَلِيُّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَیهِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَی النَّبِيِّ الأُمِّيِّ العَرَبِيِّ القُرَشِيِّ المَکِّيِّ المَدَنِيّ الهاشِمِيِّ الأبطَحِيِّ مُحَمَّد، اللّهُمَّ صَلِّ علی المُرتَضَی وَ آلِه وأولادِه، اللّهُمَّ إنَّا نَسألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ المُصطَفَی سَیِّدِ العَالمَینَ، اللّهُمَّ إنّا نَسألُكَ بِحَقِّ المرتَضی عَلِيٍّ أمِیرِ المُؤمِنینَ، إلهِي بِصِدقِ عَلِيٍّ وَ صَدَاقَتِه، وَ رِفقِ عَلِيٍّ وَ رَفَاقَتِه، وَسِلمِ عَلِيٍّ وَ سَلامَتِه، وَ عِلمِ عَلِيٍّ وَ إمامَتِه، وَ قُوَّةِ عَلِيٍّ وَ خَلافَتِه، وَ صِیامِ عَلِيٍّ وَ صَلاتِه، وَ کَرَمِ عَلِيٍّ وَ کَرَامَتِه، وَ عِزِّ عَلِيٍّ وَ شَجَاعَتِه، وَ صَبرِ عَلِيٍّ وَ طاعَتِه، وَ حُکمِ عَلِيٍّ وَ عَدَالَتِه، وَ زُهدِ عَلِيٍّ وَ عِبادَتِه، وَ شُکرِ عَلِيٍّ وَ شَهادَتِه، وَعِصمَةِ عَلِيٍّ وَ طَهَارَتِه، وَ قُربَ عَلِيٍّ وَ سِیَادَتِه، وَ هُدَی عَلِيٍّ وَ هِدَایَتِه، وَح ُبِّ عَلِيٍّ وَ وَلایَتِه، وَ تَوَکُّلِ عَلِيٍّ و کِفَایَتِه، وَ فُتُوَّةِ عَلِيٍّ و رَعَایَتِه، وَ مُرُوَّةِ عَلِيٍّ و حِمَایَتِه، وَ فَصاحَةِ عَلِيٍّ و مَلاحَتِه، وَ صَفوَةِ عَلِيٍّ وَ صَفَاوَتِه، وَ عَفوَ عَلِيٍّ وَ وَفائِه، وَ تَجرِیدِ عَلِيٍّ وَ تَفَرُّدِه، و تَمجِیدِ عَلِيٍّ وَ تَوحِیدِه، و تَسبِیحِ عَلِيٍّ وَ تَهلِیلِه،

ص: 256

وَ تَحمِیدِ عَلِيٍّ وَ تَکبِیرِه، وَ تَعظِیمِ عَلِيٍّ وَ تَفضِیلِه، و تَکرِیمِ عَلِيٍّ وَ تَبجِیلِه، وَ وَرَعِ عَلِيٍّ و تَقوَاه، و مِلَّةِ عَلِيٍّ وَ فَتوَاه، وَ خَوفِ عَلِيٍّ وَ رَجاه، وَ تَنبِیهِ عَلِيٍّ وَ هُجُوعِه، وَ خُشُوعِ عَلِيٍّ وَ خُضُوعِه، و قُنُوعِ عَلِيٍّ وَ جُوعِه، وَ استِقَامَةِ عَلِيٍّ وَ رُجُوعِه، وَ کَشفِ عَلِيٍّ وَ شُهُودِه، وَ عَطفِ عَلِيٍّ وَ جُودِه، وَ وَاجدِ عَلِيٍّ وَ وُ جُودِه، وَ قِیامِ عَلِيٍّ وَ قُعُودِه، وَ رُکُوعِ عَلِيٍّ وَ سُجُودِه، وَ صَلَواتِ عَلِيٍّ وَ صَلاتِه، وَ صِیامِ عَلِيٍّ وَ زَکاتِه، وَ حَجِّ عَلِيٍّ وَ عُمرَتِه، وَ فَرَحِ عَلِيٍّ وَ زُمرَتِه، وَ بَسطِ عَلِيٍّ وَ قَضِيَّتِه(1)، و نَقلِ عَلِيٍّ و سِیاسَتِه، وَ کِتابِ عَلِيٍّ وَ کُرَّاسَتِه، وَ عَقلِ عَلِيٍّ وَ کِیَاسَتِه، وَ جَمالِ عَلِيٍّ وَ جَلالِه، وَ کَمالِ عَلِيٍّ وَ نَوَالِه، وَ فَضلِ عَلِيٍّ و إفضَالِه، وَ فَصْلِ عَلِيٍّ و إجمَالِه، وَأسماءِ عَلِيٍّ و أفعَالِه، وَ آثارِ عَلِيٍّ و سِماتِه، وَ ذاتِ عَلِيٍّ وَ صِفاتِه، أنْ تَجعَلَني في الدِّینِ والدُّنیا عَزِیزًا مُهِیبًا فِي أعیُنِ الخَلائِقِ أجمَعِینَ، وَ أنْ تَقضِيَ لِي حَوَائِجِي وَ حَوَائِجِ المُؤمِنِینِ وَالمُؤمِناتِ، وَاعصِمنِي مِنْ کُلِّ هَلَکَةٍ، وَ نَجِّنِي مِنْ کُلِّ بَلِیَّةٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ و إهَانَةٍ وَ کُربَةٍ وَ ضِیقٍ وَ ذِلَّةٍ وَ عِلَّةٍ وَ قِلَّةٍ وَ مَرَضٍ وَ بَرَصٍ وَ فَقرٍ وَ فاقَةٍ وَ وَباءٍ وَ بَلاءٍ وَ زَلزَلةٍ وَ غَرقٍ وَ حَرَقٍ وَ صَرعٍ وَ حَرٍّ وَ بَردٍ وَ جُوعٍ وَ عَطَشٍ وَ غَيٍّ وَ ضَلالَةٍ وَ غُصَّةٍ وَ مِحنَةٍ وَ شِدَّةٍ في الدارَینِ، إنَّكَ لا تُخلِفُ المِیعَادِ، یَا مَالِكَ یَومِ الدِّینِ إیَّاكَ نَعبُدُ وَ إیَّاكَ نَستَعِینُ، وَ صَلَّی اللهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِه أجمَعِینَ الطَیِّبِینَ الطاهِرینَ، یا أبا الغَوْثِ أغِثْنِي، یا عَلِيُّ أدرِکنِي، یا اللهُ یا صَمَدِي مِنْ عِندِكَ مَدَدِي وَ عَلَیكَ مُعتَمَدِي، نَادِ عَلِيًّا مَظهَرَ العَجَائِب، تَجِدْهُ عَوْنًا لَكَ فِي النَوَائِب، کُلُّ هَمٍّ وَ غَمٍّ سَیَنجَلِي بِوِلایَتِكَ یا عَلِيُّ یا عَلِيُّ.

ص: 257


1- في نسخة بدل: (و قبضته)

ثمّ تدعو بما ورد في تعقيب صلاة الغداة يوم الجمعة خاصّةً وهو ما رواه الشيخ الطوسيّ _ قدّس سرّه _ وأوّله:

«اللَّهُمَ إِنِّي تَعَمَّدْتُ إِلَيْكَ بِحَاجَتِي وَ أَنْزَلْتُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ فَقْرِي وَفَاقَتِي وَ مَسْكَنَتِي فَأَنَا لِمَغْفِرَتِكَ أَرْجَى مِنِّي لِعَمَلِي وَ لَمَغْفِرَتُكَ وَ رَحْمَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي فَتَوَلَّ قَضَاءَ كُلِّ حَاجَةٍ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهَا وَ تَيْسِيرِ ذَلِكَ عَلَيْكَ وَ لِفَقْرِي إِلَيْكَ فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ خَيْراً قَطُّ إِلَّا مِنْكَ وَ لَمْ يَصْرِفْ عَنِّي سُوءاً قَطُّ أَحَدٌ سِوَاكَ وَ لَيْسَ أَرْجُو لآِخِرَتِي وَ دُنْيَايَ وَ لَا لِيَوْمِ فَقْرِي يَوْمَ يُفْرِدُنِي النَّاسُ فِي حُفْرَتِي وَأُفْضِي إِلَيْكَ بِذَنْبِي سِوَاكَ»(1)

إذ هناك فئات من الملائكة بالإضافة إلى الحفظة الكتبة تهبط في يوم الجمعة إلى الأرض لإحصاء الصلاة على محمّد وآل محمّد كما روى المجلسيّ _ قدّس سرّه _ عن دعائم الإسلام عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يبعث ليلة كلّ جمعة ملائكة فإذا انفجر الفجر من يوم الجمعة لم يكتبوا إلّا الصلاة على محمّد وعلى آل محمّد حتّى تغرب الشمس»(2)

وفي حديث آخر عنه علیه السلام: «إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذرّ في أيديهم أقلام الذهب، وقراطيس الفضّة، لا يكتبون إلى ليلة السبت إلّا الصلاة على محمّد وعلى آل محمّد»(3)

ص: 258


1- مصباح المتهجد: 1/ 285
2- دعائم الاسلام: 1/ 179
3- الکافي: 3/ 416

وعنه علیه السلام أيضاً: «إذا كانت عشيّة الخميس ليلة الجمعة نزلت الملائكة من السماء معها أقلام الذهب، وصحف الفضّة، لا يكتبون عشيّة الخميس، وليلة الجمعة، ويوم الجمعة، إلى أن تغيب الشمس، إلّا الصلاة على محمّد وآل محمّد»(1)

فينبغي أن تسلّم على هؤلاء الملائكة مخلصاً لهم المحبّة والمودّة فتقول:

«السَّلامُ عَلَيكُم يا مَلائِكَةَ اللهِ الذينَ يَكْتُبُونَ الصَلواتِ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِه الطاهِرينَ أَسْأَلُ اللهَ الذي خَلَقَني وَ خَلَقَكُم أنْ يُوَفِّقَني لِطاعَتِه وَ عِبادَتِه وَ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّه وَأوصِيائِه المعصومينَ أُكْتُبوا رَحَمَكُم اللهُ اللَّهُمَّ صَلَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أفضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى إبراهيمَ و آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ اللَّهُمَّ صَلَّ عَلى مُحَمَّدٍ بنِ الحَسَنِ صاحِبِ العَصْرِ وَالزَّمانِ وَ عَجِّل فَرَجَه وَسَهِّل مَخْرَجَه بِمُحَمَّدٍ وَ آلِه الطاهِرينَ».

وإن كنت أعجميّاً غير عربيّ فلك إنشاء ذلك وتأديته بلسانك فإنّهم يكتبون صلواتك وسلامك عليهم في سجّل أعمالك ويعرضون ذلك على المعصومين علیهم السلام

ص: 259


1- مستدرک الوسائل: 6 /70

ص: 260

تكليف 33 في الآداب المأثورة حين طلوع الشمس يوم الجمعة وقراءة الدعوات المخصوصة

ثمّ تتوجّه إلى إمام العصر عجّل الله فرجه بعد طلوع الشمس فتسلّم حسب الظاهر على هذا اليوم الحادث الجديد وعلى إمامك أرواحنا فداه حسب الباطن والمعنى بما علّمه موسى بن جعفر الكاظم عليه الصلاة والسلام لمحمّد بن سنان، فقد رواه السيّد بن طاوس في جمال الأسبوع عنه علیه السلام أنّه قال لمحمّد في يوم الجمعة: يا محمّد بن سنان هل دعوت في هذا اليوم بالواجب من الدعاء وكان يوم الجمعة، فقلت: وما هو يا مولاي؟ قال: تقول:

«السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْيَوْمُ الْجَدِيدُ الْمُبَارَكُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ عِيداً لِأَوْلِيَائِهِ الْمُطَهَّرِينَ مِنَ الدَّنَسِ الْخَارِجِينَ مِنَ الْبَلْوَى الْمَكْرُورِينَ مَعَ أَوْلِيَائِهِ الْمُصَفَّيْنَ مِنَ الْعَكَرِ الْبَاذِلِينَ أَنْفُسَهُمْ فِي مَحَبَّةِ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ تَسْلِيماً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَاماً دَائِماً أَبَداً»(1)

ص: 261


1- جمال الاسبوع: 229

ثمّ تلتفت إلى الشمس وتقول:

«السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ وَالنُّورُ الْفَاضِلُ الْبَهِيُّ أُشْهِدُكِ بِتَوْحِيدِي لِلهِ لِتَكُونِي شَاهِدَتِي إِذَا ظَهَرَ الرَّبُّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ فِي الْعَالَمِ الْجَدِيدِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُشَوِّهَ خَلْقِي وَ أَنْ تُرَدِّدَ رُوحِي فِي الْعَذَابِ بِنُورِكَ الْمَحْجُوبِ عَنْ كُلِّ نَاظِرٍ نَوِّرْ قَلْبِي فَإِنِّي أَنَا عَبْدُكَ وَ فِي قَبْضَتِكَ وَ لَا رَبَّ لِي سِوَاكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِقَلْبٍ خَاضِعٍ وَ إِلَى وَلِيِّكَ بِبَدَنٍ خَاشِعٍ وَ إِلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ بِفُؤَادٍ مُتَوَاضِعٍ وَإِلَى النُّقَبَاءِ الْكِرَامِ وَالنُّجَبَاءِ الْأَعِزَّةِ بِالذُّلِّ وَأَرْغُمُ أَنْفِي لِمَنْ وَحَّدَكَ وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَ لَا خَالِقَ سِوَاكَ وَ أُصَعِّرُ خَدِّي لِأَوْلِيَائِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْفِي عَنْكَ كُلَّ ضِدٍّ وَ نِدٍّ فَإِنِّي أَنَا عَبْدُكَ الذَّلِيلُ الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي وَأَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي حَطَّهَا عَنِّي وَ تَخْلِيصِي مِنَ الْأَدْنَاسِ وَالْأَرْجَاسِ إِلَهِي وَ سَيِّدِي قَدِ انْقَطَعْتُ عَنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَاسْتَغْنَيْتُ بِكَ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا مُتَعَرِّضاً لِمَعْرُوفِكَ أَعْطِنِي مِنْ مَعْرُوفِكَ مَعْرُوفاً تُغْنِينِي بِهِ عَمَّنْ سِوَاك»(1)

وقد نسبه المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في ربيع الأسابيع إلى الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام فمنشأ هذا الترديد إنّما هو التعبير عنه بلفظ العالم علیه السلام

فذلكة الكلام:

قال المؤلّف: ولعلّ المراد بعبارة «إذا ظهر الربّ» ظهور الحجّة أرواح

ص: 262


1- جمال الاسبوع: 229

العالمين فداه؛ فإنَّ رَبَّ الأرضِ إمامُ الأرض، «وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا»(1) أي بنور الإمام.

وفي البحار بإسناده عن أمير المؤمنين علیه السلام وساق الحديث إلى أن قال: «أنا الفاروق الذي أفرّق بين الحقّ والباطل، أنا أدخل أوليائي الجنّة وأعدائي النار، أنا الذي قال الله: «هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ»»(2)

وقد بيّنا في ناسخ التفاسير وتوضيح القرآن في ذيل تفسير هاتين الآيتين الشريفتين كلمات ترفع الاستغراب والاستعجاب عن أبناء الظواهر المتقشّرين.

وأمّا المراد بالعالم الجديد فهو أيضاً بمرتبة من الوضوح فإنّ العالم سيتجدّد بظهوره ورجعته «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ»(3) :

نفس باد صبا مشک فشان خواهد شد *** عالم پير دگر باره جوان خواهد شد

ثمّ تدعو بما ورد في ملحقات الصحيفة الكاملة وهو من مختصّات يوم الجمعة وأوّله:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِنْشَاءِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْآخِرِ بَعْدَ فَنَاءِ الْأَشْيَاءِ الْعَلِيمِ الَّذِي لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ وَ لَا يَنْقُصُ مَنْ شَكَرَهُ وَ لَا يُخِيِّبُ مَنْ دَعَاهُ وَ لَا يَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَجَاهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ كَفَى بِكَ شَهِيداً وَأُشْهِدُ جَمِيعَ

ص: 263


1- سورة الزمر: 69
2- سورة البقرة: 210
3- سورة ابراهیم: 48

مَلَائِكَتِكَ وَ رُسُلِكَ وَ سُكَّانَ سَمَاوَاتِكَ وَ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَ مَنْ بَعَثْتَ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَأَنْشَأْتَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ لَا عَدِيلَ لَكَ وَ لَا خُلْفَ لِقَوْلِكَ وَ لَا تَبْدِيلَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ أَدَّى مَا حَمَّلْتَهُ إِلَى الْعِبَادِ وَ جَاهَدَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَقَّ الْجِهَادِ وَ أَنَّهُ بَشَّرَ بِمَا هُوَ حَقٌّ مِنَ الثَّوَابِ وَأَنْذَرَ بِمَا هُوَ صِدْقٌ مِنَ الْعِقَابِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ مَا أَحْيَيْتَنِي وَ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَشْيَاعِهِ وَ شِيعَتِهِ وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِ وَ وَفِّقْنِي لِأَدَاءِ فَرْضِ الْجُمُعَاتِ وَ مَا أَوْجَبْتَ عَلَيَّ فِيهَا مِنَ الطَّاعَاتِ وَ قَسَمْتَ لِأَهْلِهَا مِنَ الْعَطَاءِ فِي يَوْمِ الْجَزَاءِ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»(1)

ثمّ بما روي عن موسى بن جعفر عليه الصلاة والسلام ما يخصّ هذا اليوم:

«مَرْحَباً بِخَلْقِ اللَّهِ الْجَدِيدِ وَ بِكُمَا مِنْ كَاتِبَيْنِ وَ شَاهِدَيْنِ اكْتُبَا بِسْمِ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ الْإِسْلَامَ كَمَا وَ صَفَ وَالدِّينَ كَمَا شَرَعَ وَ أَنَّ الْكِتَابَ كَمَا أَنْزَلَ وَالْقَوْلَ كَمَا حَدَّثَ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ حَيَّا اللَّهُ مُحَمَّداً بِالسَّلَامِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ عَلَى آلِهِ أَصْبَحْتُ وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ وَالْكِبْرِيَاءُ وَالْعَظَمَةُ وَالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَ مَا يَكُونُ فِيهِمَا لِلهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَوَّلَ هَذَا النَّهَارِ صَلَاحاً وَأَوْسَطَهُ نَجَاحاً وَ آخِرَهُ فَلَاحاً وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لِي ذَنْباً إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمّاً إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَ لَا دَيْناً إِلَّا قَضَيْتَهُ وَ لَا غَائِباً إِلَّا حَفِظْتَهُ وَأَدَّيْتَهُ وَ لَا مَرِيضاً

ص: 264


1- المصباح (للکفعمي): 98

إِلَّا شَفَيْتَهُ وَ عَافَيْتَهُ وَ لَا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَكَ فِيهَا رِضًى وَلِي فِيهَا صَلَاحٌ إِلَّا قَضَيْتَهَا اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ وَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَجْهُكَ خَيْرُ الْوُجُوهِ وَ عَطِيَّتُكَ أَنْفَعُ الْعَطِيَّةِ فَلَكَ الْحَمْدُ تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ وَ تُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ وَ تَشْفِي السَّقِيمَ وَ تُنَجِّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ لَا يَجْزِي بِآلَائِكَ أَحَدٌ وَ لَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ أَحَدٌ رَحْمَتُكَ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أَنَا شَيْ ءٌ فَارْحَمْنِي وَ مِنَ الْخَيْرَاتِ فَارْزُقْنِي تَقَبَّلْ صَلَاتِي وَاسْمَعْ دُعَائِي وَ لَا تُعْرِضْ عَنِّي يَا مَوْلَايَ حِينَ أَدْعُوكَ وَ لَا تَحْرِمْنِي إِلَهِي حِينَ أَسْأَلُكَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَايَ وَ لَا تَحْرِمْنِي لِقَاءَكَ وَاجْعَلْ مَحَبَّتِي وَ إِرَادَتِي مَحَبَّتَكَ وَ إِرَادَتَكَ وَاكْفِنِي هَوْلَ الْمُطَّلَعِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَاناً لَا يَرْتَدُّ وَ نَعِيماً لَا يَنْفَدُ وَ مُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ الْعَفَافَ وَالتُّقَى وَالْعَمَلَ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالنَّظَرَ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ اللَّهُمَّ لَقِّنِّي حُجَّتِي عِنْدَ الْمَمَاتِ وَ لَا تُرِنِي عَمَلِي حَسَرَاتٍ اللَّهُمَّ اكْفِنِي طَلَبَ مَا لَمْ تُقَدِّرْ لِي مِنْ رِزْقٍ وَمَا قَسَمْتَ لِي فَأْتِنِي بِهِ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَوْبَةً نَصُوحاً تَقْبَلُهَا مِنِّي تَبْقَي عَلَيَّ بَرَكَتُهَا وَ تَغْفِرُ بِهَا مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي وَ تَعْصِمُنِي بِهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَأَهْلَ الْمَغْفِرَةِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد»(1)

ثمّ بما نقل في متهجّد الشيخ الطوسيّ _ قدّس سرّه _ وهو ممّا يختصّ بهذا اليوم:

ص: 265


1- البلد الامین: 109

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَ إِنِّي أَحْمَدُكَ وَأَنْتَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ بِمَحَامِدِكَ الْكَثِيرَةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي اسْتَوْجَبْتَهَا عَلَيَّ بِحُسْنِ صَنِيعِكَ إِلَيَّ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا فَإِنَّكَ قَدِ اصْطَنَعْتَ عِنْدِي بِأَنْ أَحْمَدَكَ كَثِيراً وَأُسَبِّحَكَ كَثِيراً _ إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً وَفِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَاقِياً وَ عَنِّي مُدَافِعاً تُوَاتِرُنِي بِالنِّعَمِ وَالْإِحْسَانِ إِذْ عَزَمْتَ خَلْقِي إِنْسَاناً مِنْ نَسْلِ آدَمَ الَّذِي كَرَّمْتَهُ وَ فَضَّلْتَهُ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ تَعَالَى ذِكْرُكَ وَ إِذِ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي أَهْلَكْتَ حَتَّى أَخْرَجْتَنِي إِلَى الدُّنْيَا أَسْمَعُ وَأَعْقِلُ وَأُبْصِرُ وَ إِذْ جَعَلْتَنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله الْمَرْحُومَةِ الْمُثَابِ عَلَيْهَا وَ رَبَّيْتَنِي عَلَى ذَلِكَ صَغِيراً وَ لَمْ تُغَادِرْ مِنْ إِحْسَانِكَ إِلَيَّ شَيْئاً فَتَحْمَدَكَ نَفْسِي بِحُسْنِ الْفَعَالِ فِي الْمَنَازِلِ كُلِّهَا عَلَى خَلْقِي وَ صُورَتِي وَ هِدَايَتِي وَ رَفْعِكَ إِيَّايَ مَنْزِلَةً بَعْدَ مَنْزِلَةٍ حَتَّى بَلَغْتَ بِي هَذَا الْيَوْمَ مِنَ الْعُمُرِ مَا بَلَغْتُ مَعَ جَمِيعِ نِعَمِكَ وَالْأَرْزَاقِ الَّتِي أَنْتَ عِنْدِي بِهَا مَحْمُودٌ مَشْكُورٌ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَ عَلَى مَا جَعَلْتَهُ لِي بِمَنِّكَ قُوتاً فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَ عَلَى مَا رَفَعْتَ عَنِّي مِنَ الِاضْطِرَارِ وَاسْتَجَبْتَ لِي مِنَ الدُّعَاءِ فِي الرَّغَبَاتِ وَأَحْمَدُكَ عَلَى حَالِي هَذِهِ كُلِّهَا وَ مَا سِوَاهَا مِمَّا أُحْصِي وَ مِمَّا لَا أُحْصِي هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُهَلِّلًا مَادِحاً تَائِباً مُسْتَغْفِراً مُتَعَوِّذاً ذَاكِراً لِتَذْكُرَنِي بِالرِّضْوَانِ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا تَوَلَّيْتَ الْحَمْدَ بِقُدْرَتِكَ وَاسْتَخْلَصْتَ الْحَمْدَ لِنَفْسِكَ وَ جَعَلْتَ الْحَمْدَ مِنْ خَاصَّتِكَ وَ رَضِيتَ بِالْحَمْدِ مِنْ عِبَادِكَ وَ فَتَحْتَ بِالْحَمْدِ كِتَابَكَ وَ خَتَمْتَ بِالْحَمْدِ قَضَاءَكَ وَ لَمْ يَعْدِلْ إِلَى غَيْرِكَ وَ لَمْ يَقْصُرِ الْحَمْدُ دُونَكَ فَلَا مَدْفَعَ لِلْحَمْدِ عَنْكَ وَلَا مُسْتَقَرَّ لِلْحَمْدِ إِلَّا عِنْدَكَ وَ لَا يَنْبَغِي الْحَمْدُ إِلَّا لَكَ حَمْداً عَدَدَ مَا أَنْشَأْتَ وَمِلْ ءَ مَا ذَرَأْتَ وَ عَدَدَ مَا حَمِدَكَ بِهِ جَمِيعُ

ص: 266

خَلْقِكَ وَكَمَا رَضِيتَ بِهِ لِنَفْسِكَ وَ رَضِيتَ بِهِ عَمَّنْ حَمِدَكَ وَ كَمَا حَمِدْتَ نَفْسَكَ وَاسْتَحْمَدْتَ إِلَى خَلْقِكَ وَ كَمَا رَضِيتَ لِنَفْسِكَ وَ حَمِدَكَ جَمِيعُ مَلَائِكَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ وَأَكْثَرَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ وَأَطْيَبَهُ لَدَيْكَ حَمْداً يَكُونُ أَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ وَأَشْرَفَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ وَأَسْرَعَ الْحَمْدِ إِلَيْكَ حَمْداً عَدَدَ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْتَ وَ مِلْ ءَ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْتَهُ وَ وَزْنَ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْتَهُ وَ لَكَ الْحَمْدُ مِثْلَهُ وَ مَعَهُ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً كُلُّ ضِعْفٍ مِنْهُ عَدَدَ كُلِّ شَيْ ءٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ مِلْ ءَ كُلِّ شَيْ ءٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ زِنَةَ كُلِّ شَيْ ءٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ يَا ذَا الْعِلْمِ الْعَلِيمِ وَالْمُلْكِ الْقَدِيمِ وَالشَّرَفِ الْعَظِيمِ وَالْوَجْهِ الْكَرِيمِ حَمْداً دَائِماً يَدُومُ مَا دَامَ سُلْطَانُكَ وَ يَدُومُ مَا دَامَ وَجْهُكَ وَ يَدُومُ مَا دَامَتْ جَنَّتُكَ وَ يَدُومُ مَا دَامَتْ نِعْمَتُكَ وَ يَدُومُ مَا دَامَتْ رَحْمَتُكَ حَمْداً مِدَادَ الْحَمْدِ وَ غَايَتَهُ وَ مَعْدِنَهُ وَ مُنْتَهَاهُ وَ قَرَارَهُ وَ مَأْوَاهُ حَمْداً مِدَادَ كَلِمَاتِكَ وَ زِنَةَ عَرْشِكَ وَ سَعَةَ رَحْمَتِكَ وَ زِنَةَ كُرْسِيِّكَ وَ رِضَا نَفْسِكَ وَ مِلْ ءَ بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ حَمْداً سَعَةَ عِلْمِكَ وَ مُنْتَهَاهُ وَ عَدَدَ خَلْقِكَ وَ مِقْدَارَ عَظَمَتِكَ وَ كُنْهَ قُدْرَتِكَ وَ مَبْلَغَ مِدْحَتِكَ حَمْداً يَفْضُلُ الْمَحَامِدَ كَفَضْلِكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ حَمْداً عَدَدَ خَفَقَانِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ وَالدُّنْيَا مُنْذُ كَانَتْ وَ إِذْ عَرْشُكَ عَلَى الْمَاءِ حِينَ لَا أَرْضَ وَ لَا سَمَاءَ وَ حَمْداً يَصْعَدُ وَ لَا يَنْفَدُ يَبْلُغُكَ أَوَّلُهُ وَ لَا يَنْقَطِعُ آخِرُهُ حَمْداً سَرْمَداً لَا يُحْصَى عَدَداً وَ لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً حَمْداً كَمَا تَقُولُ وَ فَوْقَ مَا نَقُولُ حَمْداً كَثِيراً نَافِعاً طَيِّباً وَاسِعاً مُبَارَكاً فِيهِ حَمْداً يَزْدَادُ كَثْرَةً وَ طِيباً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَرَحَّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ

ص: 267

مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَأَعْطِهِ الْيَوْمَ أَفْضَلَ الْوَسَائِلِ وَأَشْرَفَ الْأَعَاطِي وَأَعْظَمَ الْحِبَاءِ وَأَكْرَمَ الْمَنَازِلِ وَأَسْرَعَ الْحُدُودِ وَأَقَرَّ الْأَعْيُنِ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالرَّكَانَةَ وَالسَّعَادَةَ وَالرِّفْعَةَ وَالْغِبْطَةَ وَ شَرَفَ الْمُنْتَهَى وَالنَّصِيبَ الْأَوْفَى وَالْغَايَةَ الْقُصْوَى وَالرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَأَعْطِهِ حَتَّى يَرْضَى وَ زِدْهُ بَعْدَ الرِّضَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ الْأُمِّيِّ الَّذِي خَلَقْتَهُ لِنُبُوَّتِكَ وَأَكْرَمْتَهُ بِرِسَالَتِكَ وَ بَعَثْتَهُ رَحْمَةً لِخَلْقِكَ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ أَقْبِلْ عَلَيْهِ رَاضِياً بِوَجْهِكَ وَأَظِلَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِكَ وَاجْعَلْهُ فِي الْمَحَلِّ الرَّفِيعِ مِنْ جَنَّتِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَ قَائِدِ الرَّحْمَةِ وَ إِمَامِ الْهُدَى وَالدَّاعِي إِلَى سَبِيلِ الْإِسْلَامِ وَ رَسُولِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَ نَجِيِّ الرُّوحِ الْأَمِينِ وَ رَضِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَصَفِيِّ الْمُصْطَفَيْنَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا تَلَا كِتَابَكَ وَ بَلَّغَ رِسَالاتِكَ وَ عَمِلَ بِطَاعَتِكَ وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ وَ نَصَحَ لِعِبَادِكَ وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ وَ ذَبَّ عَنْ حُرُمَاتِكَ وَ أَقَامَ حُدُودَكَ وَأَظْهَرَ دِينَكَ وَ وَفَى بِعَهْدِكَ وَأُوذِيَ فِي جَنْبِكَ وَ دَعَا إِلَى كِتَابِكَ وَ عَبَدَكَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفاً رَحِيماً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَكْرِمْهُ كَرَامَةً تَبْدُو فَضِيلَتُهَا عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ _ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله أَحَبَّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ حُبّاً وَأَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ شَرَفاً وَأَقْدَمَهُمْ لَدَيْكَ نَصِيباً وَأَعْظَمَهُمْ عِنْدَكَ زُلْفَى وَأَقَرَّهُمْ بِرُؤْيَتِكَ عَيْناً وَأَطْلَقَهُمْ لِسَاناً وَأَكْرَمَهُمْ مَقَاماً

ص: 268

وَأَدْنَاهُمْ مِنْكَ مَجْلِساً وَأَقْرَبَهُمْ إِلَيْكَ وَسِيلَةً وَأَكْبَرَهُمْ وَارِدَةً وَأَكْثَرَهُمْ تَبَعاً وَأَشْرَقَهُمْ وَجْهاً وَأَتَمَّهُمْ نُوراً وَأَنْجَحَهُمْ طَلِبَةً وَأَعْلَاهُمْ كَعْباً وَأَوْسَعَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلًا إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي الْمُنْتَجَبِينَ كَرَامَتَهُ وَ فِي الْأَكْرَمِينَ مَحَبَّتَهُ وَ فِي الْأَفْضَلِينَ مَنْزِلَتَهُ وَ فِي الْمُصْطَفَيْنَ مَحَبَّتَهُ وَ فِي الْمُقَرَّبِينَ مَوَدَّتَهُ وَ فِي الْأَعْلَيْنَ ذِكْرَهُ وَ فِي عِلِّيِّينَ دَارَهُ وَأَعْطِهِ أُمْنِيَّتَهُ وَ غَايَتَهُ وَ رِضَا نَفْسِهِ وَ مُنْتَهَاهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ وَ ثَقِّلْ مِيزَانَهُ وَ كَرِّمْ نُزُلَهُ وَأَحْسِنْ مَآبَهُ وَأَجْزِلْ ثَوَابَهُ وَ تَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ وَ قَرِّبْ وَسِيلَتَهُ وَبَيِّضْ وَجْهَهُ وَأَتِمَّ نُورَهُ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَأَحْيِنَا عَلَى سُنَّتِهِ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَخُذْ بِنَا مِنْهَاجَهُ وَ لَا تُخَالِفْ بِنَا عَنْ سَبِيلِهِ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَلِيهِ وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَ عَرِّفْنَا وَجْهَهُ كَمَا عَرَّفْتَنَا اسْمَهُ وَ أَقْرِرْ عُيُونَنَا بِرُؤْيَتِهِ كَمَا أَقْرَرْتَهَا بِذِكْرِهِ _ وَ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُ كَمَا آمَنَّا بِهِ وَاسْقِنَا بِكَأْسِهِ وَاجْعَلْنَا مَعَهُ وَ فِي حِزْبِهِ وَ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَنَالُهُ شَفَاعَتُهُ صلی الله علیه و اله كُلَّمَا ذُكِرَ السَّلَامُ فَعَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ مِنَّا رَحْمَةٌ وَ سَلَامٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ _ نُورِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وَ كَلِمَاتِكَ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ وَ بِسُلْطَانِكَ الْعَظِيمِ وَ قُرْآنِكَ الْحَكِيمِ وَ فَضْلِكَ الْكَبِيرِ وَ مَنِّكَ الْكَرِيمِ وَ مُلْكِكَ الْقَدِيمِ وَخَلْقِكَ الْعَظِيمِ وَ بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ وَ بِإِحْسَانِكَ وَ رَأْفَتِكَ الْبَالِغَةِ وَ بِعَظَمَتِكَ وَ كِبْرِيَائِكَ وَ جَبَرُوتِكَ وَ بِفَخْرِكَ وَ جَلَالِكَ وَ مَجْدِكَ وَ كَرَمِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بِحُرْمَةِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ وَ ضَمِنْتَ الْإِجَابَةَ وَ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ وَأَدْعُوكَ لِذَلِكَ إِلَهِي وَأَرْغَبُ

ص: 269

إِلَيْكَ لِذَلِكَ إِنِّي لَا أَبْرَحُ مِنْ مَقَامِي هَذَا وَ لَا تَنْقَضِي مَسْأَلَتِي حَتَّى تَغْفِرَ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ تَرَكْتَهُ مِمَّا أَمَرْتَنِي بِهِ وَكُلَّ شَيْ ءٍ أَتَيْتُهُ مِمَّا نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ كَرِهْتَ مِنْ أَمْرِي وَ عَمَلِي وَ كُلَّ شَيْ ءٍ تَعَدَّيْتُهُ مِنْ أَمْرِكَ وَ حُدُودِكَ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ عَدْتُ فَأَخْلَفْتُ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ عَهِدْتُ فَنَقَضْتُ وَ كُلَّ ذَنْبٍ فَعَلْتُهُ وَ ظُلْمٍ ظَلَمْتُهُ وَكُلَّ جَوْرٍ جُرْتُهُ وَ كُلَّ زَيْغٍ زُغْتُهُ وَكُلَّ سَفَهٍ سَفِهْتُهُ وَ كُلَّ سُوءٍ أَتَيْتُهُ قَدِيماً أَوْ حَدِيثاً صَغِيراً أَوْ كَبِيراً دَقِيقاً أَوْ جَلِيلًا مِمَّا أَعْلَمُ مِنْهُ وَ مِمَّا لَا أَعْلَمُ وَ مَا نَظَرَ إِلَيْهِ بَصَرِي وَأَصْغَى إِلَيْهِ سَمْعِي أَوْ نَطَقَ بِهِ لِسَانِي أَوْ سَاغَ فِي حَلْقِي أَوْ وَ لَجَ فِي بَطْنِي أَوْ وَسْوَسَ فِي صَدْرِي أَوْ رَكَنَ إِلَيْهِ قَلْبِي أَوْ بَسَطْتُ إِلَيْهِ يَدِي أَوْ مَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلَايَ أَوْ بَاشَرَهُ جِلْدِي أَوْ أَفْضَى إِلَيْهِ فَرْجِي أَوْ لَانَ لَهُ طَوْرِي أَوْ قَلَبْتُ لَهُ شَيْئاً مِنْ أَرْكَانِي مَغْفِرَةً عَزْماً جَزْماً لَا تُغَادِرُ لِي ذَنْباً وَ لَا أَكْتَسِبُ بَعْدَهَا خَطِيئَةً وَ لَا إِثْماً مَغْفِرَةً تُطَهِّرُ بِهَا قَلْبِي وَ تُخَفِّفُ بِهَا ظَهْرِي وَ تُجَاوِزُ بِهَا عَنْ إِصْرِي وَ تَضَعُ بِهَا عَنِّي وِزْرِي وَ تُزَكِّي بِهَا عَمَلِي وَ تُجَاوِزُ بِهَا عَنْ سَيِّئَاتِي وَ تُلَقِّنِّي بِهَا عِنْدَ فِرَاقِ الدُّنْيَا حُجَّتِي وَأَنْظُرُ بِهَا إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ عَلَيَّ مِنْكَ نُورٌ وَ كَرَامَةٌ يَا فَعَّالَ الْخَيْرِ وَالنَّعْمَاءِ يَا مُجَلِّيَ عَظَائِمِ الْأُمُورِ يَا كَاشِفَ الضُّرِّ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ يَا رَاحِمَ الْمَسَاكِينِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ إِلَيْكَ جَارَتْ نَفْسِي وَأَنْتَ مُنْتَهَى حِيلَتِي وَ مُنْتَهَى رَجَائِي وَ إِلَيْكَ مُنْتَهَى رَغْبَتِي وَ ذُخْرِي أَنْتَ الْغَنِيُّ وَ أَنَا الْفَقِيرُ وَ أَنْتَ السَّيِّدُ وَ أَنَا الْعَبْدُ وَ إِنَّمَا يَسْأَلُ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ إِلَهِي فَلَا تَرُدَّ دُعَائِي وَ لَا تَقْطَعْ رَجَائِي وَ لَا تَجْبَهْنِي بِرَدِّ مَسْأَلَتِي وَ اقْبَلْ مَعْذِرَتِي وَ تَضَرُّعِي وَ لَا تَهُنْ عَلَيْكَ شَكْوَايَ فَبِكَ الْيَوْمَ أَنْزَلْتُ حَاجَتِي وَ رَغْبَتِي وَ إِلَيْكَ وَ جَّهْتُ وَجْهِي

ص: 270

لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ سُئِلَ وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى وَأَرْحَمُ مَنْ قَدَرَ وَأَحَقُّ مَنْ رَحِمَ وَ غَفَرَ وَ عَفَا وَ تَجَاوَزَ وَ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ تَابَ عَلَيَّ وَ قَبِلَ الْعُذْرَ وَالْمَلَقَ وَ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ أَعَاذَ وَ خَلَّصَ وَ نَجَا وَ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ أَغَاثَ وَ سَمِعَ وَاسْتَجَابَ لِأَنَّهُ لَا يَرْحَمُ رَحْمَتَكَ أَحَدٌ وَ لَا يُنْجِي نَجَاتَكَ أَحَدٌ اللَّهُمَّ فَأَرْشِدْنِي وَ سَدِّدْنِي وَ وَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى مِنَ الْأَعْمَالِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ أَسْتَلْطِفُ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ اللَّطِيفَ لِمَا يَشَاءُ فِي تَيْسِيرِ مَا أَخَافُ عُسْرَهُ فَإِنَّ تَيْسِيرَ الْعَسِيرِ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ _ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

ثمّ تقرأ ما يختصّ يوم الجمعة من التسبيح:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَ فَازَ بِهِ سُبْحَانَ مَنْ تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ وَ تَكَرَّمَ بِهِ سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ سُبْحَانَ مَنْ أَحْصَى كُلَّ شَيْ ءٍ بِعِلْمِهِ سُبْحَانَ ذِي الطَّوْلِ وَالْفَضْلِ سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالنِّعَمِ سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَ مُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ وَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ وَ ذِكْرِكَ الْأَعْلَى وَ بِكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ وَ تَمَّتْ كَلِمَاتُكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَسْأَلُكَ بِمَا لَا يَعْدِلُهُ شَيْ ءٌ مِنْ مَسَائِلِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَأَنْ تُوَسِّعَ عَلَيَّ رِزْقِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ سُبْحَانَ الْحَيِّ الْحَلِيمِ سُبْحَانَ الْحَلِيمِ الْكَرِيمِ سُبْحَانَ الْبَاعِثِ الْوَارِثِ

ص: 271


1- مصباح المتهچد: 2/ 491

سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ سُبْحَانَهُ وَ بِحَمْدِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»(1)

ثمّ تقرأ عوذة يوم الجمعة على ما نقلها الشيخ الطوسيّ _ رحمه الله _ وإن لم يظهر منه ما يدلّ على الاختصاص:

«بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ كُفَ عَنِّي بَأْسَ الْأَشْرَارِ وَأَعْمِ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ وَاجْعَلْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً إِنَّكَ رَبُّنَا وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ _ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ عَائِذٍ بِهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ رَبِّي آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُوءٍ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً»(2)

ثمّ تدعو بما كان أمير المؤمنين علیه السلام يدعو به في يوم الجمعة خاصّةً:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَا مِنْ شَيْ ءٍ كَانَ وَ لَا مِنْ شَيْ ءٍ كَوَّنَ مَا قَدْ كَانَ مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ وَبِمَا وَسَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَ بِمَا اضْطَرَّهَا إِلَيْهِ مِنَ الْفَنَاءِ عَلَى دَوَامِهِ لَمْ يَخْلُ مِنْهُ مَكَانٌ فَيُدْرَكَ بِأَيْنِيَّتِهِ وَ لَا لَهُ شَبَحُ مِثَالٍ فَيُوصَفَ بِكَيْفِيَّةٍ وَ لَمْ يَغِبْ عَنْ شَيْ ءٍ فَيُعْلَمَ بِحَيْثِيَّتِهِ مُبَايِنٌ لِجَمِيعِ مَا أَحْدَثَ فِي الصِّفَاتِ وَ مُمْتَنِعٌ عَنِ الْإِدْرَاكِ بِمَا ابْتَدَعَ مِنْ تَصَرُّفِ الذَّوَاتِ وَ خَارِجٌ بِالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ مِنْ جَمِيعِ تَصَرُّفِ الْحَالاتِ مُحَرَّمٌ عَلَى بَوَارِعِ

ص: 272


1- مصباح المتهجد: 2/ 498
2- مصباح المتهجد: 2/ 441

نَاقِبَاتِ الْفِطَنِ تَحْدِيدُهُ وَ عَلَى عَوَامِقِ ثَاقِبَاتِ الْفِكَرِ تَكْيِيفُهُ وَ عَلَى غَوَائِصِ سَابِحَاتِ النَّظَرِ تَصْوِيرُهُ وَ لَا تَحْوِيهِ الْأَمَاكِنُ لِعَظَمَتِهِ وَ لَا تَذْرَعُهُ الْمَقَادِيرُ لِجَلَالِهِ وَلَا تَقْطَعُهُ الْمَقَايِيسُ لِكِبْرِيَائِهِ مُمْتَنِعٌ عَنِ الْأَوْهَامِ أَنْ تَكْتَنِهَهُ وَ عَنِ الْأَفْهَامِ أَنْ تَسْتَغْرِقَهُ وَ عَنِ الْأَذْهَانِ أَنَّ تُمَثِّلَهُ قَدْ يَئِسَتْ عَنِ اسْتِنْبَاطِ الْإِحَاطَةِ بِهِ طَوَامِحُ الْعُقُولِ وَنَضَبَتْ عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ بِالاكْتِنَاهِ بِحَارُ الْعُلُومِ وَ رَجَعَتْ بِالصُّغْرِ مِنَ السُّمُوِّ إِلَى وَ صْفِ قُدْرَتِهِ لَطَائِفُ الْخُصُومِ وَاحِدٌ لَا مِنْ عَدَدٍ وَ دَائِمٌ لَا بِأَمَدٍ وَ قَائِمٌ لَا بِعَمَدٍ لَيْسَ بِجِنْسٍ فَتُعَادِلَهُ الْأَجْنَاسُ وَ لَا بِشَبَحٍ فَتُضَارِعَهُ الْأَشْبَاحُ وَ لَا كَالْأَشْيَاءِ فَتَقَعَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ قَدْ ضَلَّتِ الْعُقُولُ فِي أَمْوَاجِ تَيَّارِ إِدْرَاكِهِ وَ تَحَيَّرَتِ الْأَوْهَامُ عَنْ إِحَاطَةِ ذِكْرِ أَزَلِيَّتِهِ وَ حَصِرَتِ الْأَفْهَامُ عَنِ اسْتِشْعَارِ وَ صْفِ قُدْرَتِهِ وَ غَرِقَتِ الْأَذْهَانُ فِي لُجَجِ أَفْلَاكِ مَلَكُوتِهِ مُقْتَدِرٌ بِالْآلَاءِ مُمْتَنِعٌ بِالْكِبْرِيَاءِ وَ مُتَمَلِّكٌ عَلَى الْأَشْيَاءِ فَلَا دَهْرٌ يُخْلِقُهُ وَ لَا وَ صْفٌ يُحِيطُ بِهِ قَدْ خَضَعَتْ لَهُ رِقَابُ الصِّعَابِ فِي مَحَلِّ تُخُومِ قَرَارِهَا وَأَذْعَنَتْ لَهُ رَوَاصِنُ الْأَسْبَابِ فِي مُنْتَهَى شَوَاهِقِ أَقْطَارِهَا مُسْتَشْهَدٌ بِكُلِّيَّةِ الْأَجْنَاسِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَ بِعَجْزِهَا عَلَى قُدْرَتِهِ وَ بِفُطُورِهَا عَلَى قِدْمَتِهِ وَ بِزَوَالِهَا عَلَى بَقَائِهِ فَلَا لَهَا مَحِيصٌ عَنْ إِدْرَاكِهِ إِيَّاهَا وَ لَا خُرُوجٌ عَنْ إِحَاطَتِهِ بِهَا وَ لَا احْتِجَابٌ عَنْ إِحْصَائِهِ لَهَا وَ لَا امْتِنَاعٌ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا كَفَى بِإِتْقَانِ الصُّنْعِ لَهُ آيَةً وَ بِتَرْكِيبِ الطَّبْعِ عَلَيْهِ دَلَالَةً وَ بِحُدُوثِ الْفَطْرِ عَلَيْهِ قِدْمَةً وَ بِإِحْكَامِ الصَّنْعَةِ عَلَيْهِ عِبْرَةً فَلَا إِلَيْهِ حَدٌّ مَنْسُوبٌ وَ لَا لَهُ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ وَ لَا شَيْ ءٌ عَنْهُ بِمَحْجُوبٍ تَعَالَى عَنْ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ لَهُ وَالصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ عُلُوّاً كَبِيراً وَ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الدُّنْيَا لِلْفَنَاءِ وَالْبُيُودِ وَالْآخِرَةَ لِلْبَقَاءِ وَالْخُلُودِ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي لَا يَنْقُصُهُ مَا أَعْطَى فَأَسْنَى وَ إِنْ جَازَ

ص: 273

الْمُدَى فِي الْمُنَى وَ بَلَغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى وَ لَا يَجُورُ فِي حُكْمِهِ إِذَا قَضَى وَ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي لَا يُرَدُّ مَا قَضَى وَ لَا يُصْرَفُ مَا أَمْضَى وَ لَا يَمْنَعُ مَا أَعْطَى وَ لَا يَهْفُو وَلَا يَنْسَى وَ لَا يُعَجِّلُ بَلْ يُمْهِلُ وَ يَعْفُو وَ يَغْفِرُ وَ يَرْحَمُ وَ يَصْبِرُ وَ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الشَّاكِرُ لِلْمُطِيعِ لَهُ الْمُمْلِي لِلْمُشْرِكِ بِهِ الْقَرِيبُ مِمَّنْ دَعَاهُ عَلَى حَالٍ بَعْدَهُ وَالْبَرِّ الرَّحِيمِ لِمَنْ لَجَأَ إِلَى ظِلِّهِ وَاعْتَصَمَ بِحَبْلِهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمُجِيبُ لِمَنْ نَادَاهُ بِأَخْفَضِ صَوْتِهِ السَّمِيعُ لِمَنْ نَاجَاهُ لِأَغْمَضِ سِرِّهِ الرَّءُوفُ بِمَنْ رَجَاهُ لِتَفْرِيجِ هَمِّهِ الْقَرِيبُ مِمَّنْ دَعَاهُ لِتَنْفِيسِ كَرْبِهِ وَ غَمِّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ عَمَّنْ أَلْحَدَ فِي آيَاتِهِ وَانْحَرَفَ عَنْ بَيِّنَاتِهِ وَ دَانَ بِالْجُحُودِ فِي كُلِّ حَالاتِهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ الْقَاهِرُ لِلْأَضْدَادِ الْمُتَعَالِي عَنِ الْأَنْدَادِ وَالْمُتَفَرِّدُ بِالْمِنَّةِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ الْمُحْتَجِبُ بِالْمَلَكُوتِ وَالْعِزَّةِ الْمُتَوَحِّدُ بِالْجَبَرُوتِ وَالْقُدْرَةِ الْمُتَرَدِّي بِالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ الْمُتَقَدِّسُ بِدَوَامِ السُّلْطَانِ وَالْغَالِبُ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ وَ نَفَاذِ الْمَشِيَّةِ فِي كُلِّ حِينٍ وَ أَوَانٍ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَأَعْطِهِ الْيَوْمَ أَفْضَلَ الْوَسَائِلِ وَأَشْرَفَ الْعَطَاءِ وَأَعْظَمَ الْحِبَاءِ وَالْمَنَازِلِ وَأَسْعَدَ الْجُدُودِ وَأَقَرَّ الْأَعْيُنِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْطِهِ الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالْمَكَانَ الرَّفِيعَ وَالْغِبْطَةَ وَ شَرَفَ الْمُنْتَهَى وَالنَّصِيبَ الْأَوْفَى وَالْغَايَةَ الْقُصْوَى وَالرَّفِيعَ الْأَعْلَى حَتَّى يَرْضَى وَ زِدْهُ بَعْدَ الرِّضَى اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمْ وَأَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَلْهَمْتَهُمْ عِلْمَكَ وَاسْتَحْفَظْتَهُمْ كِتَابَكَ وَ اسْتَرْعَيْتَهُمْ عِبَادَكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ حَبِيبِكَ وَ خَلِيلِكَ وَ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ من

ص: 274

الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَ عَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمْ وَ أَوْجَبْتَ عَلَيْنَا حَقَّهُمْ وَ مَوَدَّتَهُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ مَسْأَلَتِي وَ حَاجَتِي وَأَسْتَشْفِعُ بِهِمْ عِنْدَكَ أَمَامَ طَلِبَتِي وَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ سُؤَالَ وَ جِلٍ مِنِ انْتِقَامِكَ حَاذِرٍ مِنْ نَقِمَتِكَ فَزِعٍ إِلَيْكَ مِنْكَ لَمْ يَجِدْ لِفَاقَتِهِ مُجِيراً غَيْرَكَ وَ لَا لِخَوْفِهِ أَمْناً غَيْرَ فِنَائِكَ وَ تَطَوُّلِكَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ عَلَيَّ مَعَ طُولِ مَعْصِيَتِي لَكَ أَقْصِدُ إِلَيْكَ وَ إِنْ كَانَتْ سَبَقَتْنِي الذُّنُوبُ وَ حَالَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ لِأَنَّكَ عِمَادُ الْمُعْتَمِدِ وَ رَصَدُ الْمُرْتَصِدِ لَا تَنْقُصُكَ الْمَوَاهِبُ وَ لَا تَغِيضُكَ الْمَطَالِبُ فَلَكَ الْمِنَنُ الْعِظَامُ وَالنِّعَمُ الْجِسَامُ يَا كَثِيرَ الْخَيْرِ يَا دَائِمَ الْمَعْرُوفِ يَا مَنْ لَا تَنْقُصُ خَزَائِنُهُ وَ لَا يَبِيدُ مُلْكُهُ وَ لَا تَرَاهُ الْعُيُونُ وَ لَا تَعْزُبُ مِنْهُ حَرَكَةٌ وَلَا سُكُونٌ لَمْ تَزَلْ وَ لَا تَزَالُ وَ لَا يَتَوَارَى عَنْكَ مُتَوَارٍ فِي كَنِينِ أَرْضٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا تُخُومٍ وَ لَا قَرَارٍ تَكَفَّلْتَ بِالْأَرْزَاقِ يَا رَزَّاقُ وَ تَقَدَّسْتَ عَنْ أَنْ تَتَنَاوَلَكَ الصِّفَاتُ وَ تَعَزَّزْتَ عَنْ أَنْ يُحِيطَ بِكَ تَصَارِيفُ اللُّغَاتِ وَ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحْدَثاً فَتُوجَدَ مُتَنَقِّلًا عَنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ بَلْ أَنْتَ الْفَرْدُ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالْبَاطِنُ وَالظَّاهِرُ ذُو الْعِزِّ الْقَاهِرِ جَزِيلُ الْعَطَاءِ جَلِيلُ الثَّنَاءِ سَابِغُ النَّعْمَاءِ دَائِمُ الْبَقَاءِ أَحَقُّ مَنْ تَجَاوَزَ وَ عَفَا عَمَّنْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ بِكُلِّ لِسَانٍ إِلَهِي تُمَجَّدُ وَ فِي كُلِّ الشَّدَائِدِ عَلَيْكَ يُعْتَمَدُ فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ لِأَنَّكَ الْمَالِكُ الْأَبَدُ وَالرَّبُّ السَّرْمَدُ أَتْقَنْتَ إِنْشَاءَ الْبَرَايَا فَأَحْكَمْتَهَا بِلُطْفِ التَّقْدِيرِ وَ تَعَالَيْتَ فِي ارْتِفَاعِ شَأْنِكَ عَنْ أَنْ يُنْفَذَ فِيكَ حُكْمُ التَّغْيِيرِ أَوْ يُحْتَالَ مِنْكَ بِحَالٍ يَصِفُكَ بِهَا الْمُلْحِدُ إِلَى تَبْدِيلٍ أَوْ يُوجَدَ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مَسَاغٌ فِي اخْتِلَافِ التَّحْوِيلِ أَوْ تَلْتَثِقَ سَحَائِبُ الْإِحَاطَةِ بِكَ فِي بُحُورِ هِمَمِ الْأَحْلَامِ أَوْ تَمَثَّلَ لَكَ مِنْهَا جِبِلَّةٌ تَصِلُ إِلَيْكَ فِيهَا رَوِيَّاتُ الْأَوْهَامِ

ص: 275

فَلَكَ مَوْلَايَ انْقَادَ الْخَلْقُ مُسْتَخْذِئِينَ بِإِقْرَارِ الرُّبُوبِيَّةِ وَ مُعْتَرِفِينَ خَاضِعِينَ بِالْعُبُودِيَّةِ سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ وَأَعْلَى مَكَانَكَ وَأَنْطَقَ بِالصِّدْقِ بُرْهَانَكَ وَأَنْفَذَ أَمْرَكَ وَأَحْسَنَ تَقْدِيرَكَ سَمَكْتَ السَّمَاءَ فَرَفَعْتَهَا وَ مَهَّدْتَ الْأَرْضَ فَفَرَشْتَهَا وَأَخْرَجْتَ مِنْهَا مَاءً ثَجَّاجاً وَ نَبَاتاً رَجْرَاجاً فَسَبَّحَكَ نَبَاتُهَا وَ جَرَتْ بِأَمْرِكَ مِيَاهُهَا وَ قَامَا عَلَى مُسْتَقَرِّ الْمَشِيَّةِ كَمَا أَمَرْتَهُمَا فَيَا مَنْ تَعَزَّزَ بِالْبَقَاءِ وَ قَهَرَ عِبَادَهُ بِالْفَنَاءِ أَكْرِمْ مَثْوَايَ فَإِنَّكَ خَيْرُ مُنَتَجِعٍ لِكَشْفِ الضُّرِّ يَا مَنْ هُوَ مَأْمُولٌ فِي كُلِّ عُسْرٍ وَ مُرْتَجًى لِكُلِّ يُسْرٍ بِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ حَاجَتِي وَ إِلَيْكَ أَبْتَهِلُ فَلَا تَرُدَّنِي خَائِباً مِمَّا رَجَوْتُ وَ لَا تَحْجُبْ دُعَائِي عَنْكَ إِذْ فَتَحْتَهُ لِي فَدَعَوْتُ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَكِّنْ رَوْعَتِي وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ رِزْقاً وَاسِعاً سَائِغاً حَلَالًا طِيباً هَنِيئاً مَرِيئاً لَذِيذاً فِي عَافِيَةٍ اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ وَاغْفِرْ لِي خَطَايَايَ فَقَدْ أَوْحَشَتْنِي وَ تَجَاوَزْ عَنْ ذُنُوبِي فَقَدْ أَوْبَقَتْنِي فَإِنَّكَ مُجِيبٌ مُثِيبٌ رَقِيبٌ قَرِيبٌ قَادِرٌ غَافِرٌ قَاهِرٌ رَحِيمٌ كَرِيمٌ قَيُّومٌ وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ وَأَنْتَ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ افْتَرَضْتَ عَلَيَّ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ حُقُوقاً فَعَظَّمْتَهُنَّ وَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ حَطَّ الْأَوْزَارَ وَ خَفَّفَهَا وَأَدَّى الْحُقُوقَ عَنْ عَبِيدِهِ فَاحْتَمِلْهُنَّ عَنِّي إِلَيْهِمَا وَاغْفِرْ لَهُمَا كَمَا رَجَاكَ كُلُّ مُوَحِّدٍ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَأَلْحِقْنَا وَ إِيَّاهُمْ بِالْأَبْرَارِ وَ أَبِحْ لَنَا وَلَهُمْ جَنَّاتِكَ مَعَ النُّجَبَاءِ الْأَخْيَارِ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ الطَّيِّبِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً»(1)

ص: 276


1- بحار الانوار: 87/ 139

ثمّ بما كانت السيّدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها تدعو به في هذا اليوم:

«اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَقْرَبِ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ وَ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ وَأَنْجَحِ مَنْ سَأَلَكَ وَ تَضَرَّعَ إِلَيْكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ كَأَنَّهُ يَرَاكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّذِي فِيهِ يَلْقَاكَ وَ لَا تُمِتْنَا إِلَّا عَلَى رِضَاكَ اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ أَخْلَصَ لَكَ بِعَمَلِهِ وَأَحَبَّكَ فِي جَمِيعِ خَلْقِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لَنَا مَغْفِرَةً جَزْماً حَتْماً لَا نَقْتَرِفُ بَعْدَهَا ذَنْباً وَ لَا نَكْتَسِبُ خَطِيئَةً وَ لَا إِثْماً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَاةً نَامِيَةً دَائِمَةً زَاكِيَةً مُتَتَابِعَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَرَادِفَةً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين»(1)

ثمّ بهذا الدعاء:

«بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ أَخَذْتُ الْأَوَّلِينَ وَأَخَذْتُ الْآخِرِينَ وَأَخَذْتُ الْقَائِمِينَ وَأَخَذْتُ الْقَاعِدِينَ تَغْشَى أَبْصَارَهُمْ ظُلْمَةٌ وَ تُرْسِلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ لَهَباً وَالْأَرْضُ شُهُباً فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ اللَّهُ يَرْعَانِي وَ يُقَوِّينِي عَلَى الْخَلْقِ بِنُورِ اللَّهِ أَسْتَبْصِرُ وَ بِقُوَّةِ اللَّهِ الْقُدُّوسِ أَسْتَعِينُ اللَّهَ يُعْطِينِي وَاللَّهُ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ يَرْفَعُنِي عَلَى أَجْنِحَةِ الْكَرُوبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّافِّينَ وَالْمُسَبِّحِينَ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو وَأَنْتَ اللَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهَ الْكَوَاكِبِ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ لَكَ اللَّهُ أَدْعُو إِلَهاً مُقَدَّساً أَنْتَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْوَاسِعَةُ رَحْمَتُهُ

ص: 277


1- بحارالانوار: 87/ 339

الْخَالِقُ كُرْسِيَّ عَظَمَتِهِ الْعَزِيزُ الْعَظِيمُ الْجَلِيلُ تَبَارَكَ اسْمُ اللَّهِ مَلِكُ الْمُلُوكِ تَكُونُ أَسْمَاؤُكَ هَذِهِ لِي عَضُداً وَنَصْراً وَ فَتْحاً وَ هَيْبَةً وَ نُوراً وَعَظَمَةً أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي وَتَكُونُ لِي حِفْظاً وَخَلَاصاً وَ نَجَاحاً أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ تَغْشَانِي رَحْمَتُكَ وَ يَغْشَانِي عِقَابُكَ بِعِزَّتِكَ وَ هَيْبَتِكَ نَجِّنِي مِنَ الْآفَاتِ كَمَا نَجَّيْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَكَ مِنَ النَّارِ وَ كَمَا كَبَسَ مُوسَى كَلِيمُكَ فِرْعَوْنَ وَ بِأَسْمَائِكَ هَذِهِ فَنَجِّنِي بِهَا وَكَمَا الْأَرْضُ مَكْبُوسَةٌ تَحْتَ السَّمَاءِ وَ كَمَا بَنُو آدَمَ مَكْبُوسُونَ تَحْتَ السَّمَاءِ وَ تَحْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ كَمَا مَلَكُ الْمَوْتِ مَكْبُوسٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَذَلِكَ يَكُونُ الْخَلَائِقُ مَكْبُوسِينَ تَحْتَ قَدَمَيَّ أَبَداً مَا أَحْيَيْتَنِي يَا نَاصِرَ الْمُسْلِمِينَ وَيَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ لِي حِرْزٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ مِنْ بَنِي آدَمَ وَ بَنَاتِ حَوَّاءَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنْ لَا يَسْطُوَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَزَّ جَارُكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ تَمَسَّكْتُ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى الَّتِي لَا انْفِصامَ لَها الَّتِي لَا يُجَاوِزُهَا بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ اللَّهِ الْمَتِينِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَ مِنْ شَرِّ مَنْ يُرِيدُ بِي سُوءً أَوْ يُرِيدُ بِي شَرّاً تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً حَسْبِيَ اللَّهُ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ أُومِنُ وَ بِاللَّهِ أَثِقُ وَ بِاللَّهِ أَتَعَوَّذُ وَ بِاللَّهِ أَعْتَصِمُ وَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ أَسْتَجِيرُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ مِمَّا ذَرَأَ وَ بَرَأَ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَا يَطْرُقُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ عَيْنٍ نَاظِرَةٍ وَ أُذُنٍ سَامِعَةٍ وَ مِنْ شَرِّ

ص: 278

كُلِّ مَارِدٍ وَ جَبَّارٍ عَنِيدٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ وَ تَوَكَّلْتُ فِي أُمُورِي عَلَيْكَ أَنْتَ وَ لِيِّي وَ مَوْلَايَ إِلَهِي فَلَا تُسَلِّمْنِي وَ لَا تَخْذُلْنِي وَ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِذُنُوبِي وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي وَأَعِنِّي عَلَى شُكْرِ نِعْمَتِكَ يَا مُحْسِنُ يَا جَبَّارُ اجْعَلْنِي عَبْداً شَكُوراً لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ أَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا فَوْقَهُنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ حَتَّى لَا يَكُونَ لِي فِي قَلْبِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ غِلْظَةٌ وَ لَا يُعَارِضُونِّي وَاجْعَلْهُمْ يَسْتَقْبِلُونِّي بِوُجُوهٍ بَسِيطَةٍ وَ يَقْضُونَ حَوَائِجِي وَ يَطْلُبُونَ مَرْضَاتِي وَ يَخْشَوْنَ سَخَطِي بِاسْمِكَ الْقُدُّوسِ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ أَدْعُوكَ يَا اللَّهُ يَا نُوراً فِي نُورٍ وَ نُوراً إِلَى نُورٍ وَ نُوراً فَوْقَ نُورٍ وَ نُوراً تَحْتَ نُورٍ وَ نُوراً يُضِي ءُ بِهِ كُلُّ نُورٍ وَ كُلُّ ظُلْمَةٍ وَيُطْفَى بِهِ شِدَّةُ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ سُلْطَانٍ وَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ وَ بِهِ يَذِلُّ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ يَكُونُ [الْخَلَائِقُ] تَحْتَ قَدَمَيَّ بِاسْمِكَ الَّذِي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ وَاسْتَقْرَرْتَ بِهِ عَلَى عَرْشِكَ وَ عَلَى كُرْسِيِّكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ يَكُونُ لِي نُوراً وَهَيْبَةً عِنْدَ جَمِيعِ الْخَلْقِ بِأَسْمَائِكَ الْمُقَدَّسَةِ الْمُبَارَكَةِ أَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الْعَظِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا رَبَّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ وَارِثَهُ يَا اللَّهُ أَنْتَ الْمَحْمُودُ فِي كُلِّ فِعَالِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الرَّفِيعُ فِي جَلَالِهِ يَا اللَّهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا رَحْمَانَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ رَاحِمَهُ يَا مُمِيتَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ وَارِثَهُ يَا حَيُّ حِينَ لَا حَيَّ فِي دَيْمُومِيَّةِ مُلْكِهِ وَ بَقَائِهِ يَا رَافِعُ الْمُرْتَفِعُ فَوْقَ سَمَائِهِ بِقُدْرَتِهِ يَا قَيُّومُ

ص: 279

لَا يَفُوتُهُ شَيْ ءٌ مِنْ خَلْقِهِ يَا آخِرُ يَا بَاقِي يَا أَوَّلَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ آخِرَهُ يَا دَائِمُ بِغَيْرِ فَنَاءٍ وَ لَا زَوَالٍ لِمُلْكِهِ يَا صَمَدُ مِنْ غَيْرِ شَبِيهٍ فَلَا شَيْ ءَ كَمِثْلِهِ يَا مُبْدِئَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ مُعِيدَهُ يَا مَنْ لَا يَصِفُ الْوَاصِفُونَ كُنْهَ جَلَالِهِ فِي مُلْكِهِ وَ عِزِّهِ وَ جَبَرُوتِهِ يَا كَبِيرُ أَنْتَ الَّذِي لَا تَهْتَدِي الْعُقُولُ لِصِفَتِهِ فِي عَظَمَتِهِ يَا بَاعِثُ يَا مُنْشِئُ بِلَا مِثَالٍ يَا زَاكِي الطَّاهِرُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ يَا كَافِي الْمُتَوَسِّعُ لِمَا خَلَقَ مِنْ عَطَايَا فَضْلِهِ الَّذِي لَا يَنْفَدُ يَا نَقِيُّ [نَقِيّاً] مِنْ كُلِّ سُوءٍ لَمْ يُخَالِطْهُ فِعَالُهُ يَا جَبَّارُ أَنْتَ الَّذِي وَ سِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَتُهُ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَنْتَ الَّذِي قَدْ عَمَّ الْخَلَائِقَ مَنُّهُ وَ فَضْلُهُ يَا دَيَّانَ الْعِبَادِ وَ كُلٌّ يَقُومُ خَاضِعاً لِهَيْبَتِهِ يَا خَالِقَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَ كُلٌّ إِلَيْهِ مِيعَادُهُ يَا رَحِيمَ كُلِّ صَرِيخٍ وَ مَكْرُوبٍ يَا صَادِقَ الْوَعْدِ فَلَا تَصِفُ الْأَلْسُنُ جَلَالَ مُلْكِهِ وَ عِزِّهِ يَا مُبْدِئَ الْبَدَائِعِ لَمْ يَبْتَغِ فِي إِنْشَائِهَا عَوْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ يَا عَالِمَ الْغُيُوبِ فَلَا يَفُوتُهُ شَيْ ءٌ مِنْ خَلْقِهِ يَا مُعِيدَ مَا أَفْنَى إِذَا بَرَزَ الْخَلَائِقُ لِدَعْوَتِهِ مِنْ مَخَافَتِهِ يَا حَلِيماً ذَا أَنَاةٍ فَلَا شَيْ ءَ يُعَادِلُهُ مِنْ خَلْقِهِ يَا حَمِيدَ الْفِعَالِ فِي خَلْقِهِ بِلُطْفِهِ يَا عَزِيزُ الْغَالِبُ عَلَى أَمْرِهِ فَلَا شَيْ ءَ يُعَادِلُهُ يَا ظَاهِرَ [قَاهِرَ] الْبَطْشِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُطَاقُ انْتِقَامُهُ يَا عَالِي الْقَرِيبُ فِي عُلُوِّهِ وَارْتِفَاعِهِ وَ دَوَامِهِ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ فَلَا شَيْ ءَ يَقْهَرُ سُلْطَانَهُ يَا نُورَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدَاهُ أَنْتَ الَّذِي أَضَاءَتِ الظُّلْمَةُ بِنُورِهِ يَا قُدُّوسُ الطَّاهِرُ فَلَا شَيْ ءَ كَمِثْلِهِ يَا قَرِيبُ الْمُجِيبُ الْمُتَدَانِي دُونَ كُلِّ شَيْ ءٍ يَا عَالِي الشَّامِخُ فِي السَّمَاءِ فَوْقَ كُلِّ شَيْ ءٍ عُلُوُّهُ وَ ارْتِفَاعُهُ يَا بَدِيعَ الْبَدَائِعِ وَ مُعِيدَهَا بَعْدَ فَنَائِهَا بِقُدْرَتِهِ يَا مَلِكُ يَا مُتَكَبِّرُ يَا مَنِ الْعَدْلُ أَمْرُهُ وَالصِّدْقُ وَ عْدُهُ يَا مَحْمُوداً فِي أَفْعَالِهِ فَلَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ جَلَالِهِ

ص: 280

فِي مُلْكِهِ وَ عِزِّهِ يَا كَرِيمَ الْعَفْوِ أَنْتَ الَّذِي مَلَأَ كُلَّ شَيْ ءٍ عَدْلُهُ وَ فَضْلُهُ يَا عَظِيمَ الْمَفَاخِرِ وَالْكِبْرِيَاءِ فَلَا يُدْرَكُ عِزُّ مُلْكِهِ يَا عَجِيبُ فَلَا تَنْطِقُ الْأَلْسُنُ بِكُلِّ آلَائِهِ وَ ثَنَائِهِ أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ أَمَاناً مِنْ عُقُوبَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَسْأَلُكَ نُوراً وَ نَصْراً وَرِفْعَةً عِنْدَ جَمِيعِ خَلْقِكَ مِنْ بَنِي آدَمَ وَ بَنَاتِ حَوَّاءَ رَبَّ الْأَرْوَاحِ الْفَانِيَةِ وَالْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْأَرْوَاحِ الْمُرْتَفِعَةِ وَأَسْأَلُكَ بِطَاعَةِ الْعُرُوقِ الْمُلْتَئِمَةِ إِلَى أَمَاكِنِهَا وَ بِطَاعَةِ الْقُبُورِ الْمُتَشَقِّقَةِ عَنْ أَهْلِهَا وَ بِدَعْوَتِكَ الصَّادِقَةِ فِيهِمْ وَ أَخْذِكَ الْحَقَّ مِنْهُمْ إِذَا بَرَزَ الْخَلَائِقُ فَهُمْ مِنْ مَخَافَتِكَ وَ شِدَّةِ سُلْطَانِكَ يَنْتَظِرُونَ قَضَاءَكَ وَ يَخَافُونَ عَذَابَكَ وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَكَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ الْفَائِزِينَ وَأَلْقِ عَلَيَّ مَحَبَّةً وَ نُوراً وَنِعْمَةً وَهَيْبَةً وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُسْمَعُ قَوْلِي وَ يُرْفَعُ أَمْرِي عَلَى كُلِّ أَمْرٍ أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ الْفَقِيرُ إِلَى رَحْمَتِكَ اجْعَلْنِي اللَّهُمَّ عَالِياً مُتَعَالِياً يَا نُورَ النُّورِ يَا مِصْبَاحَ النُّورِ أَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِهِمْ وَأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَيْهِمْ فَاكْفِنِي أَمْرَهُمْ بِلَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ يَا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ يَا دَائِمَ الْبَقَاءِ أَسْأَلُكَ بِالاسْمِ الَّذِي أَحَطْتَهُ بِحِجَابِ النُّورِ نُورِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ تُضِي ءُ بِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ عُذْتُ بِرُبُوبِيَّتِكَ يَا اللَّهُ بِاسْمِكَ الَّذِي تَقُولُ بِهِ لِلشَّيْ ءِ كُنْ فَيَكُونُ إِلَّا قَضَيْتَ حَاجَتِي وَأَنْجَحْتَ طَلِبَتِي وَ يَسَّرْتَ أَمْرِي وَ سَتَرْتَ عَوْرَتِي وَ آمَنْتَ رَوْعَتِي وَ رَزَقْتَنِي نُوراً وَ عِزّاً وَهَيْبَةً وَ قَبُولًا وَ رِفْعَةً عِنْدَ جَمِيعِ خَلْقِكَ بِحَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ وَ بِاسْمِكَ الَّذِي وَسِعَ كُلَّ

ص: 281

شَيْ ءٍ وَ هُوَ أَوْسَعُ مِنْهُ يَا دَائِمَ الْبَقَاءِ أَدِمْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ نِعْمَتِكَ وَ عَافِيَتِكَ وَاجْعَلْ أُمُورِي أَوَّلَهَا صَلَاحاً وَ آخِرَهَا فَلَاحاً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ ادْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْخَيِّرِينَ الْفَاضِلِينَ الْحَاكِمِينَ الْعَادِلِينَ الزُّهْرِ الْغُرِّ الْمَيَامِينِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً»(1)

فإنّ له شرح غريب ومضمون عجيب طوينا عن بيانه مخافة الإطالة.

ص: 282


1- جمال الاسبوع: 349

تكليف 34 في قراءة دعاء الندبة في ليلة الجمعة ويومه، والإشارة إلى بعض دقائقه الشريفة

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام قراءة دعاء الندبة وإطالة العويل والبكاء على ألم فراقه وفرحة لقائه.

وقد رواه السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ عن بعض الأصحاب وقال: «قال محمّد بن عليّ ابن أبي قرّة نقلت من كتاب محمّد بن الحسين بن سفيان البزوفريّ _ رضي الله عنه _ دعاء الندبة، وذكر أنّه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه، ويستحبّ أن يدعى به في الأعياد الأربعة»(1)

وقال المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتاب المزار من بحار الأنوار: «قال محمّد بن المشهديّ في المزار الكبير: قال محمّد بن عليّ بن أبي قرّة: نقلت من كتاب أبي جعفر محمّد بن الحسين بن سفيان البزوفريّ . .».

أقول: وذكر مثل ما ذكره السيّد سواء، وأظنّ أنّ السيّد أخذه منه إلّا أنّه لم

ص: 283


1- بحارالانوار: 99/ 104

يذكر الصلاة في آخره»(1) ، ولم يذكر سنده في زاد المعاد إلّا أنّه يرويه عن الإمام الصادق علیه السلام وإليك محصّل ترجمة ما قال: «وأمّا دعاء الندبة المشتمل على العقائد الحقّة والتأسّف على غيبة القائم صلوات الله عليه فإنّه منقول عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام بسند معتبر، ويستحبّ أن يدعى به في الأعياد الأربعة أي الفطر والأضحى والغدير والجمعة».

قال المؤلّف: إنّ هذا الدعاء من كثرة الاشتهار كالشمس في رابعة النهار، فمن الحريّ أن يدعو به محبّوه أرواحنا فداه من المرء والمرأة في كلّ جمعة مجتمعين في مسجد من المساجد أو معبد من المعابد فيقرئونه في كمال التضرّع والخشوع والاستغاثة والابتهال وفي نهاية الحزن والكآبة والحرقة والانفعال، ويرفعون أصواتهم بالبكاء والعويل، ويضجّون على غيبة شمسه اللامعة وفقدان ذاته القائمة، ويتنفّسون الصعداء، ولا يفرّطون في مثل هذه المصيبة العظمى، ولا يستهترون بمثل هذه الداهية الكبرى، فقد انهدمت معالم الإسلام بغيبته ولم يبق منه إلّا اسم، ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدينا، وملئت الأرض من الكفر والفسق والفجور، وانطمست آثار الإسلام والإيمان واستعلت آثار الشيطان، والناس حائرون في وادي الغفلة وتائهون في بيداء الجهالة والضلالة، يتّبعون جنود الشيطان ويعصون ويطغون على صاحب العصر والزمان، اللهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه بمحمّد وآله الطاهرين.

ص: 284


1- بحارالانوار: 99/ 110

دعاء الندبة:

«بسم الله الرحمن الرحيم اللَّهُمَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ قَضَاؤُكَ فِي أَوْلِيَائِكَ، الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَ دِينِكَ، إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ وَ لَا اضْمِحْلَالَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي زَخَارِفِ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَ زِبْرِجِهَا، فَشَرَطُوا لَكَ ذَلِكَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفَاءَ بِهِ، فَقَبِلْتَهُمْ وَ قَرَّبْتَهُمْ، وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّنَاءَ الْجَلِيَّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَتَكَ، وَ كَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ، وَ رَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَ جَعَلْتَهُمُ الذَّرَائِعَ إِلَيْكَ، وَالْوَسِيلَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ، فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلَى أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْهَا، وَ بَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَ نَجَّيْتَهُ وَ مَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَ بَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ خَلِيلًا، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فَأَجَبْتَهُ، وَ جَعَلْتَ ذَلِكَ عَلِيّاً، وَ بَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً، وَ جَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً وَ وَزِيراً، وَ بَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، وَ آتَيْتَهُ الْبَيِّنَاتِ وَ أَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وَ كُلًّا شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً، وَ نَهَجْتَ مِنْهَاجاً، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِيَاءَ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةٍ إِلَى مُدَّةٍ، إِقَامَةً لِدِينِكَ، وَ حُجَّةً عَلَى عِبَادِكَ، وَ لِئَلَّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ، وَ يَغْلِبَ الْبَاطِلُ عَلَى أَهْلِهِ، وَ لَا يَقُولَ أَحَدٌ لَوْ لَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا مُنْذِراً، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى، إِلَى أَنِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلَى حَبِيبِكَ وَ نَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله، فَكَانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ، وَ صَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ، وَ أَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ، وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ، قَدَّمْتَهُ عَلَى أَنْبِيَائِكَ، وَ بَعَثْتَهُ إِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبَادِكَ، وَ أَوْطَأْتَهُ مَشَارِقَكَ وَ مَغَارِبَكَ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُرَاقَ، وَ عَرَجْتَ بِهِ إِلَى سَمَائِكَ،

ص: 285

وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ مَا يَكُونُ إِلَى انْقِضَاءِ خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَ حَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، وَ وَ عَدْتَهُ أَن تُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّءَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ، وَ جَعَلْتَ لَهُ وَ لَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً، وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ، مَقامُ إِبْراهِيمَ، وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، وَ قُلْتَ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتَابِكَ، فَقُلْتَ: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا، فَكَانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ إِلَى رِضْوَانِكَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ أَقَامَ وَ لِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمَا وَ آلِهِمَا هَادِياً، إِذْ كَانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فَقَالَ وَالْمَلَأُ أَمامَهُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَ الِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ أَنَا وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ، وَ قَالَ: أَنَا وَ عَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّى، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، فَقَالَ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا حَلَّ لَهُ، وَ سَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَ حِكْمَتَهُ، فَقَالَ: أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وَارِثِي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي، وَ دَمُكَ مِنْ دَمِي، وَ سِلْمُكَ سِلْمِي، وَ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَالْإِيمَانُ مُخَالِطٌ لَحْمَكَ وَ دَمَكَ، كَمَا خَالَطَ لَحْمِي وَ دَمِي، وَأَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ مَعِي، وَ أَنْتَ خَلِيفَتِي، وَ أَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَ تُنْجِزُ عِدَاتِي، وَ شِيعَتُكَ

ص: 286

عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَ هُمْ جِيرَانِي، وَ لَوْ لَا أَنْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي، فَكَانَ بَعْدَهُ هُدًى مِنَ الضَّلَالَةِ، وَ نُوراً مِنَ الْعَمَى، وَحَبْلَ اللَّهِ الْمَتِينَ وَ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، لَا يُسْبَقُ بِقَرَابَةٍ فِي رَحِمٍ، وَ لَا بِسَابِقَةٍ فِي دِينٍ، وَ لَا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَنَاقِبِهِ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ آلِهِمَا، وَ يُقَاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، قَدْ وَ تَرَ فِيهِ صَنَادِيدَ الْعَرَبِ، وَ قَتَلَ أَبْطَالَهُمْ، وَ نَاهَشَ ذُؤْبَانَهُمْ، وَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقَاداً بَدْرِيَّةً وَ خَيْبَرِيَّةً وَ حُنَيْنِيَّةً وَ غَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلَى عَدَاوَتِهِ، وَأَكَبَّتْ عَلَى مُنَابَذَتِهِ، حَتَّى قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ، وَ لَمَّا قَضَى نَحْبَهُ وَ قَتَلَهُ أَشْقَى الْآخِرِينَ، يَتْبَعُ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ الرَّسُولِ صلی الله علیه و آله فِي الْهَادِينَ بَعْدَ الْهَادِينَ، وَالْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلَى مَقْتِهِ، مُجْمِعَةٌ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمِهِ وَإِقْصَاءِ وُلْدِهِ، إِلَّا الْقَلِيلَ مِمَّنْ وَ فَى لِرِعَايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ، فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ، وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ، وَ جَرَى الْقَضَاءُ لَهُمْ بِمَا يُرْجَى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، إِذْ كَانَتِ الْأَرْضُ لِلهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ الصَّالِحِينَ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا، وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَعَلَى الْأَطَائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ آلِهِمَا، فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ، وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ، وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتُدَرَّ الدُّمُوعُ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ، وَ يَضِجَّ الضَّاجُّونَ، وَ يَعِجَ الْعَاجُّونَ، أَيْنَ الْحَسَنُ أَيْنَ الْحُسَيْنُ، أَيْنَ أَبْنَاءُ الْحُسَيْنِ، صَالِحٌ بَعْدَ صَالِحٍ، وَ صَادِقٌ بَعْدَ صَادِقٍ، أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ، أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ، أَيْنَ الشَّمُوسُ الطَّالِعَةُ، أَيْنَ الْأَقْمَارُ الْمُنِيرَةُ، أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ، أَيْنَ أَعْلَامُ الدِّينِ

ص: 287

وَ قَوَاعِدُ الْعِلْمِ، أَيْنَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهَادِيَةِ، أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دَابِرِ الظَّلَمَةِ، أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقَامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ، أَيْنَ الْمُرْتَجَى لِإِزَالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوَانِ، أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ، أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعَادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّرِيعَةِ، أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْيَاءِ الْكِتَابِ وَحُدُودِهِ، أَيْنَ مُحْيِي مَعَالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ، أَيْنَ قَاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ، أَيْنَ هَادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ، أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الْفِسْقِ وَالْعِصْيَانِ، أَيْنَ حَاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقَاقِ، أَيْنَ طَامِسُ آثَارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْوَاءِ، أَيْنَ قَاطِعُ حَبَائِلِ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ، أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالْمَرَدَةِ، أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِيَاءِ وَمُذِلُّ الْأَعْدَاءِ، أَيْنَ جَامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَى التَّقْوَى، أَيْنَ بَابُ اللَّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى، أَيْنَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ تَتَوَجَّهُ الْأَوْلِيَاءُ، أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، أَيْنَ صَاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَنَاشِرُ رَايَةِ الْهُدَى، أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلَاحِ وَالرِّضَا، أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَبْنَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلَاءَ، أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلَى مَنِ اعْتَدَى عَلَيْهِ وَافْتَرَى، أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذِي يُجَابُ إِذَا دَعَا، أَيْنَ صَدْرُ الْخَلَائِفِ ذُو الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، أَيْنَ ابْنُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى، وَابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى، وَابْنُ خَدِيجَةَ الْغَرَّاءِ، وَابْنُ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي لَكَ الْوِقَاءُ وَالْحِمَى، يَا ابْنَ السَّادَةِ الْمُقَرَّبِينَ، يَا ابْنَ النُّجَبَاءِ الْأَكْرَمِينَ، يَا ابْنَ الْهُدَاةِ الْمَهْدِيِّينَ، يَا ابْنِ الْخِيَرَةِ الْمُهَذَّبِينَ، يَا ابْنَ الْغَطَارِفَةِ الْأَنْجَبِينَ، يَا ابْنَ الْأَطَائِبِ الْمُطَهَّرِينَ، يَا ابْنَ الْخَضَارِمَةِ الْمُنْتَجَبِينَ، يَا ابْنَ الْقَمَاقِمَةِ الْأَكْرَمِينَ، يَا ابْنَ الْبُدُورِ الْمُنِيرَةِ، يَا ابْنَ السُّرُجِ الْمُضِيئَةِ، يَا ابْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، يَا ابْنَ الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةِ، يَا ابْنَ السُّبُلِ الْوَاضِحَةِ، يَا ابْنَ الْأَعْلَامِ

ص: 288

اللَّائِحَةِ، يَا ابْنَ الْعُلُومِ الْكَامِلَةِ، يَا ابْنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ، يَا ابْنَ الْمَعَالِمِ الْمَأْثُورَةِ، يَا ابْنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمَوْجُودَةِ، يَا ابْنَ الدَّلَائِلِ الْمَشْهُورَةِ، يَا ابْنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، يَا ابْنَ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، يَا ابْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَى اللَّهِ عَلِيٌّ حَكِيمٌ، يَا ابْنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، يَا ابْنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَاتِ، يَا ابْنَ الْبَرَاهِينِ الْبَاهِرَاتِ، يَا ابْنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَاتِ، يَا ابْنَ النِّعَمِ السَّابِغَاتِ، يَا ابْنَ طه وَالْمُحْكَمَاتِ، يَا ابْنَ يس وَالذَّارِيَاتِ، يَا ابْنَ الطُّورِ وَالْعَادِيَاتِ، يَا ابْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى، دُنُوّاً وَاقْتِرَاباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، لَيْتَ شِعْرِي، أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوَى، بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى، أَ بِرَضْوَى أَوْ غَيْرِهَا مِنْ ذِي طُوَى، عَزِيزٌ عَلَيَ أَنْ أَرَى الْخَلْقَ وَأَنْتَ لَا تُرَى، وَ لَا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَ لَا نَجْوَى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَن تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ الْبَلْوَى، وَ لَا يَنَالَكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَ لَا شَكْوَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَازِحٍ مَا نَزَحَ عَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شَائِقٍ يَتَمَنَّى، مِنْ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ ذَكَرَا فَحَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لَا يُسَامَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ أَثِيلِ مَجْدٍ لَا يُجَازَى، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ تِلَادِ نِعَمٍ لَا تُضَاهَى [يضاهى]، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَصِيفِ شَرَفٍ لَا يُسَاوَى، إِلَى مَتَى أَحَارُ فِيكَ يَا مَوْلَايَ، وَ إِلَى مَتَى، وَ أَيَّ خِطَابٍ أَصِفُ فِيكَ وَ أَيَّ نَجْوَى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَابَ دُونَكَ وَأُنَاغَى، عَزِيزُ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَ يَخْذُلَكَ الْوَرَى، عَزِيزُ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَى، هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ الْعَوِيلَ وَالْبُكَاءَ، هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُسَاعِدَ جَزَعَهُ إِذَا خَلَا، هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَسَاعَدَتْهَا عَيْنِي عَلَى الْقَذَى، هَلْ إِلَيْكَ يَا ابْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقَى، هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنَا

ص: 289

مِنْكَ بِعِدَةٍ فَنَحْظَى، مَتَى نَرِدُ مَنَاهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوَى، مَتَى ننتقع [نَنْتَفِعُ] مِنْ عَذْبِ مَائِكَ فَقَدْ طَالَ الصَّدَى، مَتَى نُغَادِيكَ وَ نُرَاوِحُكَ فَتُقِرَّ عُيُونَنَا، مَتَى تَرَانَا وَنَرَاكَ وَ قَدْ نَشَرْتَ لِوَاءَ النَّصْرِ تُرَى، أَ تَرَانَا نَحُفُّ بِكَ وَأَنْتَ تَؤُمُّ الْمَلَأَ، وَ قَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَأَذَقْتَ أَعْدَاءَكَ هَوَاناً وَعِقَاباً، وَأَبَرْتَ الْعُتَاةَ وَ جَحَدَةَ الْحَقِّ، وَ قَطَعْتَ دَابِرَ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَاجَتَثَثْتَ أُصُولَ الظَّالِمِينَ، وَ نَحْنُ نَقُولُ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ كَشَّافُ الْكُرَبِ وَالْبَلْوَى، وَ إِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ الْعَدْوَى، وَ أَنْتَ رَبُّ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، فَأَغِثْ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلَى، وَأَرِهِ سَيِّدَهُ يَا شَدِيدَ الْقُوَى، وَأَزِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسَى وَالْجَوَى، وَ بَرِّدْ غَلِيلَهُ يَا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، وَ مَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعَى وَالْمُنْتَهَى، اللَّهُمَّ وَ نَحْنُ عَبِيدُكَ التَّائِقُونَ إِلَى وَ لِيِّكَ، الْمُذَكِّرِ بِكَ وَ بِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنَا عِصْمَةً وَ مَلَاذاً، وَ أَقَمْتَهُ لَنَا قِوَاماً وَ مَعَاذاً، وَ جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَّا إِمَاماً، فَبَلِّغْهُ عَنَّا تَحِيَّةً وَ سَلَاماً، وَ زِدْنَا بِذَلِكَ يَا رَبِّ إِكْرَاماً، وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنَا مُسْتَقَرّاً وَ مُقَاماً، وَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ أَمَامَنَا، حَتَّى تُورِدَنَا جِنَانَكَ وَ مُرَافَقَةَ الشُّهَدَاءِ مِنْ خُلَصَائِكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ جَدِّهِ رَسُولِكَ السَّيِّدِ الْأَكْبَرِ، وَ عَلَى أَبِيهِ السَّيِّدِ الْأَصْغَرِ، وَ جَدَّتِهِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، وَ عَلَى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبَائِهِ الْبَرَرَةِ، وَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ، وَ أَتَمَّ وَأَدْوَمَ، وَأَكْبَرَ وَ أَوْفَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ صَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً لَا غَايَةَ لِعَدَدِهَا، وَلَا نِهَايَةَ لِمَدَدِهَا، وَ لَا نَفَادَ لِأَمَدِهَا، اللَّهُمَّ وَ أَقِمْ بِهِ الْحَقَّ، وَأَدْحِضْ بِهِ الْبَاطِلَ، وَأَدِلْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ، وَأَذْلِلْ بِهِ أَعْدَاءَكَ، وَ صِلِ اللَّهُمَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ وُ صْلَةً

ص: 290

تُؤَدِّي إِلَى مُرَافَقَةِ سَلَفِهِ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَ يَمْكُثُ فِي ظِلِّهِمْ، وَأَعِنَّا عَلَى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي طَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنَا بِرِضَاهُ، وَهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ وَ رَحْمَتَهُ، وَ دُعَاءَهُ وَ خَيْرَهُ، مَا نَنَالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَ فَوْزاً عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ صَلَاتَنَا بِهِ مَقْبُولَةً، وَ ذُنُوبَنَا بِهِ مَغْفُورَةً، وَ دُعَاءَنَا بِهِ مُسْتَجَاباً، وَاجْعَلْ أَرْزَاقَنَا بِهِ مَبْسُوطَةً، وَ هُمُومَنَا بِهِ مَكْفِيَّةً، وَ حَوَائِجَنَا بِهِ مَقْضِيَّةً، وَأَقْبِلْ إِلَيْنَا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنَا إِلَيْكَ، وَانْظُرْ إِلَيْنَا نَظْرَةً رَحِيمَةً، نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرَامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لَا تَصْرِفْهَا عَنَّا بِجُودِكَ، وَاسْقِنَا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صلی الله علیه و اله، بِكَأْسِهِ وَ بِيَدِهِ، رَيّاً رَوِيّاً، هَنِيئاً سَائِغاً، لَا أَظْمَأُ بَعْدَهَا، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ»(1)

قال الأستاذ الأعظم _ أطال الله بقاه _ : «ويستحبّ أيضاً دعاء الندبة المعروف وهو متعلّق به علیه السلام، وفي الحقيقة أنّ مضامين هذا الدعاء تحرق قلوب وتقطّع أكباد وتجري الدماء من آماق الذين شربوا قليلاً من شراب محبّته علیه السلام ووصلت مرارة سمّ فراقه إلى حلوقهم. ويستحبّ ذلك في يوم الجمعة بل في ليلته كذلك، كما هو مرويّ في إحدى المزارات القديمة الذي عاصر مؤلّفه الشيخ الطبرسيّ صاحب الاحتجاج، في أنّه لابدّ أن يقرء»(2)

قال المؤلّف: ومن جملة أسرار هذا الدعاء المبارك هو أنّه لو قرء في أيّ موضع مع حضور القلب والإخلاص الكامل والالتفات إلى مضامينه العالية

ص: 291


1- المزار الکبیر (لابن المشهدي): 574
2- النجم الثاقب: 2/ 522

الفائقة وعباراته النامية وإشاراته الرائقة لنظر إليه صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه نظرةً رحيمةً بل لحضر فيه كما اتّفق في بعض المواضع والموارد منها: حضوره في السرداب المطهّر حين قراءة هذا الدعاء، ومجمل الحكاية ما نقله الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ عن أحد الثقات عن أمّه وهي من الصالحات قالت: كنت يوماً في السرداب الشريف، مع أهل بيت العالم الربّانيّ والمؤيّد السبحانيّ المولى زين العابدين السلماسيّ _ أعلى الله مقامه _ وكان يوم الجمعة، والمولى المذكور يقرأ دعاء الندبة، وكنّا نقرؤها بقراءته، وكان يبكي بكاء الواله الحزين، ويضجّ ضجيج المستصرخين، وكنّا نبكي ببكائه، ولم يكن معنا فيه غيرنا، فبينا نحن في هذه الحالة، وإذا بشرق مسك ونفحته قد انتشر في السرداب وملاء فضاءه وأخذ هواءه واشتدّ نفاحه، بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة فسكتنا كأنّ على رؤوسنا الطير، ولم نقدر على حركة وكلام، فبقينا متحيّرين إلى أن مضى زمان قليل، فذهب ما كنّا نستشمّه من تلك الرائحة الطيّبة ورجعنا إلى ما كنّا فيه من قراءة الدعاء فلمّا رجعنا إلى البيت سألت المولى _ رحمه الله _ عن سبب ذلك الطيب، فقال: مالك والسؤال عن هذا وأعرض عن جوابي.

وحدّثني الأخ الصفيّ العالم المتّقيّ الآغا عليّ رضا الإصفهانيّ _ أطاب الله ثراه _ وكان صديقه وصاحب سرّه، قال: سألته يوماً عن لقائه الحجّة علیه السلام وكنت أظنّ في حقّه ذلك كشيخه السيّد المعظّم العلّامة بحر العلوم _ رحمه الله _ ، فأجابني بتلك الواقعة حرفاً بحرف.

ص: 292

ثمّ تقرأ ما يختصّ بأيّام الغيبة من الأدعيّة المأثورة كدعاء اللهم عرّفني نفسك وغيره كما تقدّم إيراد الدعوات الصحيحة المعتبرة في مطاوي ما عقدناه لبيان تكليف الدعاء لوجوده المقدّس أرواحنا فداه أيّاً ما تدعو فله الأسماء الحسنى.

ص: 293

ص: 294

تكليف 35 في الآداب والأعمال الواردة قبل زوال الشمس يوم الجمعة والتوجّه إليه أرواحنا فداه

ومن جملة التكاليف في هذا اليوم المبارك المواظبة على الأعمال والآداب والأذكار والدعوات والأوراد الواردة قبل الزوال وبعده وما بين الظهرين وبعد العصر.

منها: قراءة ما ورد بعد زوال الشمس عن محمّد بن مسلم عن الإمام محمّد الباقر علیه السلام.

«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيرا»(1)

والإتيان باثنتي عشر ركعة، وعلى رواية بعشرين ركعة، وقراءة الأدعيّة المخصوصة التي تدعى بها بين كلّ ركعتين.

وقراءة الأدعيّة المأثورة قبل الزوال والأدعيّة المخصوصة بعد فريضة الظهر

ص: 295


1- مصباح المتهجد: 1/ 31

والصلوات المخصوصة ما بين الظهرين وسائر الصلوات والدعوات الواردة، وتمام آدابها يتطلّب من كتب العبادات من مصنّفات فقهائنا الإماميّة _ رضوان الله تعالى عليهم _ أجمعين ككتاب الصلاة من البحار وكتب ابن طاوس _ قدّس سرّه _ وغير ذلك كربيع الأسابيع من تصانيف المجلسيّ _ قدّس سرّه _ بالفارسيّة وإذ لم يكن يسعها هذه الوجيزة برمّتها مضافاً إلى أنّ الغرض من وضع الكتاب ليس إحصاء هذه الأمور واستيفائها فلا محالة طوينا عن إيرادها برمّتها واكتفينا بذكر نبذة منها:

فمنها: ما نقله ابن إدريس عن جامع البزنطيّ عن أبي بصير أنّه قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول : الصلاة على محمد وآل محمد فيما بين الظهر والعصر تعدل سبعين ركعة، ومن قال بعد العصر يوم الجمعة:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه كان له مثل ثواب عمل الثقلين في ذلك اليوم»(1)

ومنها: ما يختصّ تعقيب صلاة الظهر يوم الجمعة:

«اللَّهُمَ يَا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَى وَ يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَ يَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْآخِرِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْمُرْسَلِينَ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً وَ آلَهُ الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالرِّفْعَةَ وَالدَّرَجَةَ الْكَبِيرَةَ اللَّهُمَّ إِنِّي

ص: 296


1- مسترفات السرائر: 112

آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و اله وَ لَمْ أَرَهُ فَلَا تَحْرِمْنِي فِي الْقِيَامَةِ رُؤْيَتَهُ وَارْزُقْنِي صُحْبَتَهُ وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِ وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِ مَشْرَباً رَوِيّاً سَائِغاً هَنِيئاً لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و اله وَ لَمْ أَرَهُ فَعَرِّفْنِي فِي الْجِنَانِ وَجْهَهُ اللَّهُمَّ بَلِّغْ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله مِنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَ سَلَاما»(1)

ومنها: ما يختصّ تعقيب صلاة الظهر يوم الجمعة:

«اللَّهُمَ اشْتَرِ مِنِّي نَفْسِيَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْكَ الْمَحْبُوسَةَ لِأَمْرِكَ بِالْجَنَّةِ مَعَ مَعْصُومٍ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله مَخْزُونٍ لِظُلَامَتِهِ مَنْسُوبٍ بِوِلَادَتِهِ تَمْلَأُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً وَ لَا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَرَقَ أَوْ تَأَخَّرَ فَمُحِقَ وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ لَزِمَ فَلَحِقَ وَاجْعَلْنِي شَهِيداً سَعِيداً فِي قَبْضَتِكَ يَا إِلَهِي سَهِّلْ لِي نَصِيباً جَزْلًا وَ قَضَاءً حَتْماً لَا يُغَيِّرُهُ شَقَاءٌ وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ هَدَيْتَهُ فَهَدَى وَ زَكَّيْتَهُ فَنَجَا وَ وَالَيْتَ فَاسْتَثْنَيْتَ فَلَا سُلْطَانَ لِإِبْلِيسَ عَلَيْهِ وَ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ وَ مَا اسْتَعْمَلْتَنِي فِيهِ مِنْ شَيْ ءٍ فَاجْعَلْ فِي الْحَلَالِ مَأْكَلِي وَ مَلْبَسِي وَ مَنْكَحِي وَ قَنِّعْنِي يَا إِلَهِي بِمَا رَزَقْتَنِي وَ مَا رَزَقْتَنِي مِنْ رِزْقٍ فَأَرِنِي فِيهِ عَدْلًا حَتَّى أَرَى قَلِيلَهُ كَثِيراً وَ أَبْذُلَهُ فِيكَ بَذْلًا وَ لَا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ طَوَّلْتَ لَهُ فِي الدُّنْيَا أَمَلَهُ وَ قَدِ انْقَضَى أَجَلُهُ وَ هُوَ مَغْبُونٌ عَمَلُهُ أَسْتَوْدِعُكَ يَا إِلَهِي غُدُوِّي وَ رَوَاحِي وَ مَقِيلِي وَأَهْلَ وَلَايَتِي مَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَوْ هُوَ كَائِنٌ زَيِّنِّي وَ إِيَّاهُمْ بِالتَّقْوَى وَالْيُسْرِ وَاطْرُدْ عَنِّي وَ عَنْهُمُ الشَّكَّ وَالْعُسْرَ وَامْنَعْنِي وَ إِيَّاهُمْ مِنْ ظُلْمِ الظَّلَمَةِ وَأَعْيُنِ الْحَسَدَةِ وَاجْعَلْنِي وَ إِيَّاهُمْ مِمَّنْ حَفِظْتَ وَاسْتُرْنِي وَ إِيَّاهُمْ فِي مَنْ سَتَرْتَ وَاجْعَلْ آلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ

ص: 297


1- المصباح (للکفعمي): 423

وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَئِمَّتِي وَ قَادَتِي وَ آمِنْ رَوْعَتَهُمْ وَ رَوْعَتِي وَاجْعَلْ حُبِّي وَ نُصْرَتِي وَ دِينِي فِيهِمْ وَ لَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ وَ كَلْتَنِي إِلَى نَفْسِي زَلَّتْ قَدَمِي مَا أَحْسَنَ مَا صَنَعْتَ بِي يَا رَبِّ إِذْ هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ وَ بَصَّرْتَنِي مَا جَهِلَهُ غَيْرِي وَ عَرَّفْتَنِي مَا أَنْكَرَهُ غَيْرِي وَأَلْهَمْتَنِي مَا ذَهِلُوا عَنْهُ وَ فَهَّمْتَنِي قَبِيحَ مَا فَعَلُوا وَ صَنَعُوا حَتَّى شَهِدْتُ مِنَ الْأَمْرِ مَا لَمْ يَشْهَدُوا وَ أَنَا غَائِبٌ فَمَا نَفَعَهُمْ قُرْبُهُمْ وَ لَا ضَرَّنِي بُعْدِي وَ أَنَا مِنْ تَحْوِيلِكَ إِيَّايَ عَنِ الْهُدَى وَ جِلٌ وَ مَا تَنْجُو نَفْسِي إِنْ نَجَتْ إِلَّا بِكَ وَ لَنْ يَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ إِلَّا عَنْ بَيِّنَةٍ رَبِّ نَفْسِي غَرِيقُ خَطَايَا مُجْحِفَةٍ وَ رَهِينُ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ وَ صَاحِبُ عُيُوبٍ جَمَّةٍ فَمَنْ حَمِدَ عِنْدَكَ نَفْسَهُ فَإِنِّي عَلَيْهَا زَارٍ وَ لَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِإِحْسَانٍ وَ لَا فِي جَنْبِكَ سَفْكُ دَمِي وَ لَمْ يُنْحِلِ الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ جِسْمِي فَبِأَيِّ ذَلِكَ أُزَكِّي نَفْسِي وَأَشْكُرُهَا عَلَيْهِ وَأَحْمَدُهَا بِهِ بَلِ الشُّكْرُ لَكَ اللَّهُمَّ لِسَتْرِكَ عَلَيَّ مَا فِي قَلْبِي وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ فِي دِينِي وَ قَدْ أَمَتَّ مَنْ كَانَ مَوْلِدُهُ مَوْلِدِي وَ لَوْ شِئْتَ لَجَعَلْتَ مَعَ نَفَادِ عُمُرِهِ عُمُرِي مَا أَحْسَنَ مَا فَعَلْتَ بِي يَا رَبِّ لَمْ تَجْعَلْ سَهْمِي فِيمَنْ لَعَنْتَ وَ لَا حَظِّي فِيمَنْ أَهَنْتَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِلْتُ بِهَوَايَ وَ إِرَادَتِي وَمَحَبَّتِي فَفِي مِثْلِ سَفِينَةِ نُوحٍ علیه السلام فَاحْمِلْنِي وَ مَعَ الْقَلِيلِ فَنَجِّنِي وَ فِيمَنْ زَحْزَحْتَ عَنِ النَّارِ فَزَحْزِحْنِي وَ فِيمَنْ أَكْرَمْتَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام فَأَكْرِمْنِي وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ وَ رَحْمَتُكَ وَ رِضْوَانُكَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّارِ فَأَعْتِقْنِي»(1)

ومنها: ما في الصحيفة الكاملة عقيب صلاة الجمعة وأوّله:

ص: 298


1- مصباح المتهجد: 1/ 375

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَذا يَومٌ مُبارَكٌ وَالمُسْلِمُونَ مُجْتَمِعُونَ..».

ومنها: ما في الصحيفة الكاملة أيضاً بعد صلاة الظهر يوم الجمعة:

«يَا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُهُ الْعِبَادُ، وَ يَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لَا تَقْبَلُهُ الْبِلَادُ، وَ يَا مَنْ لَا يَحْتَقِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَ يَا مَنْ لَا يُخَيِّبُ الْمُلِحِّينَ عَلَيْهِ، وَ يَا مَنْ لَا يَجْبَهُ بِالرَّدِّ أَهْلَ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، وَ يَا مَنْ يَجْتَبِي صَغِيرَ مَا يُتْحَفُ بِهِ، وَ يَشْكُرُ يَسِيرَ مَا يُعْمَلُ لَهُ، وَ يَا مَنْ يَشْكُرُ عَلَى الْقَلِيلِ وَ يُجَازِي بِالْجَلِيلِ، وَ يَا مَنْ يَدْنُو إِلَى مَنْ دَنَا مِنْهُ، وَ يَا مَنْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ، وَ يَا مَنْ لَا يُغَيِّرُ النِّعْمَةَ، وَ لَا يُبَادِرُ بِالنَّقِمَةِ، وَ يَا مَنْ يُثْمِرُ الْحَسَنَةَ حَتَّى يُنْمِيَهَا، وَ يَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ حَتَّى يُعَفِّيَهَا، انْصَرَفَتِ الْآمَالُ دُونَ مَدَى كَرَمِكَ بِالْحَاجَاتِ، وَامْتَلَأَتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أَوْعِيَةُ الطَّلِبَاتِ، وَ تَفَسَّخَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِكَ الصِّفَاتُ، فَلَكَ الْعُلُوُّ الْأَعْلَى فَوْقَ كُلِّ عَالٍ، وَالْجَلَالُ الْأَمْجَدُ فَوْقَ كُلِّ جَلَالٍ، كُلُّ جَلِيلٍ عِنْدَكَ صَغِيرٌ، وَ كُلُّ شَرِيفٍ فِي جَنْبِ شَرَفِكَ حَقِيرٌ، خَابَ الْوَافِدُونَ عَلَى غَيْرِكَ، وَ خَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إِلَّا لَكَ، وَ ضَاعَ الْمُلِمُّونَ إِلَّا بِكَ، وَأَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ إِلَّا مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ، بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ، وَ جُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلِينَ، وَ إِغَاثَتُكَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُسْتَغِيثِينَ، لَا يَخِيبُ مِنْكَ الْآمِلُونَ، وَ لَا يَيْأَسُ مِنْ عَطَائِكَ الْمُتَعَرِّضُونَ، وَ لا يَشْقَى بِنَقِمَتِكَ الْمُسْتَغْفِرُونَ، رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ، وَ حِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ نَاوَاكَ، عَادَتُكَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيئِينَ، وَ سُنَّتُكَ الْإِبْقَاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ حَتَّى لَقَدْ غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ الرُّجُوعِ، وَ صَدَّهُمْ إِمْهَالُكَ عَنِ النُّزُوعِ، وَ إِنَّمَا تَأَنَّيْتَ بِهِمْ لِيَفِيئُوا إِلَى أَمْرِكَ، وَأَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ

ص: 299

خَتَمْتَ لَهُ بِهَا، وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ لَهَا، كُلُّهُمْ صَائِرُونَ، إِلَى حُكْمِكَ، وَ أَمُورُهُمْ آئِلَةٌ إِلَى أَمْرِكَ، لَمْ يَهِنْ عَلَى طُولِ مُدَّتِهِمْ سُلْطَانُكَ، وَ لَمْ يَدْحَضْ لِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ، حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لَا تُدْحَضُ، وَسُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لَا يَزُولُ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ، وَالْخَيْبَةُ الْخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ، وَالشَّقَاءُ الْأَشْقَى لِمَنِ اغْتَرَّ بِكَ، مَا أَكْثَرَ تَصَرُّفَهُ فِي عَذَابِكَ، وَ مَا أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ فِي عِقَابِكَ، وَ مَا أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ الْفَرَجِ، وَ مَا أَقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ الْمَخْرَجِ، عَدْلًا مِنْ قَضَائِكَ لَا تَجُورُ فِيهِ، وَ إِنْصَافاً مِنْ حُكْمِكَ لَا تَحِيفُ عَلَيْهِ، فَقَدْ ظَاهَرْتَ الْحُجَجَ، وَأَبْلَيْتَ الْأَعْذَارَ، وَ قَدْ تَقَدَّمْتَ بِالْوَعِيدِ، وَ تَلَطَّفْتَ فِي التَّرْغِيبِ، وَ ضَرَبْتَ الْأَمْثَالَ، وَأَطَلْتَ الْإِمْهَالَ، وَأَخَّرْتَ وَ أَنْتَ مُسْتَطِيعٌ لِلمُعَاجَلَةِ، وَ تَأَنَّيْتَ وَ أَنْتَ مَلِي ءٌ بِالْمُبَادَرَةِ، لَمْ تَكُنْ أَنَاتُكَ عَجْزاً، وَ لَا إِمْهَالُكَ وَهْناً، وَلَا إِمْسَاكُكَ غَفْلَةً، وَ لَا انْتِظَارُكَ مُدَارَاةً، بَلْ لِتَكُونَ حُجَّتُكَ أَبْلَغَ، وَ كَرَمُكَ أَكْمَلَ، وَ إِحْسَانُكَ أَوْفَى، وَ نِعْمَتُكَ أَتَمَّ، كُلُّ ذَلِكَ كَانَ وَ لَمْ تَزَلْ، وَ هُوَ كَائِنٌ وَ لَا تَزَالُ، حُجَّتُكَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُوصَفَ بِكُلِّهَا، وَ مَجْدُكَ أَرْفَعُ مِنْ أَنْ يُحَدَّ بِكُنْهِهِ، وَ نِعْمَتُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى بِأَسْرِهَا، وَ إِحْسَانُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ عَلَى أَقَلِّهِ، وَ قَدْ قَصَّرَ بِيَ السُّكُوتُ عَنْ تَحْمِيدِكَ، وَ فَهَّهَنِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ تَمْجِيدِكَ، وَ قُصَارَايَ الْإِقْرَارُ بِالْحُسُورِ، لَا رَغْبَةً _ يَا إِلَهِي _ بَلْ عَجْزاً، فَهَا أَنَا ذَا أَؤُمُّكَ بِالْوِفَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ الرِّفَادَةِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَاسْمَعْ نَجْوَايَ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَ لَا تَخْتِمْ يَوْمِي بِخَيْبَتِي، وَ لَا تَجْبَهْنِي بِالرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِي، وَأَكْرِمْ مِنْ عِنْدِكَ مُنْصَرَفِي، وَ إِلَيْكَ مُنْقَلَبِي، إِنَّكَ غَيْرُ ضَائِقٍ بِمَا تُرِيدُ، وَ لَا عَاجِزٍ عَمَّا تُسْأَلُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ

ص: 300

شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ»(1)

ومنها: الصلاة على النبيّ وآله:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُم».

وقد روي: «فمن قال ذلك لم يمت حتّى يدرك صاحب الأمر علیه السلام»(2)

ومنها: قراءة هذه الصلاة بعد صلاة الجمعة مرّةً واحدةً:

«اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَ صَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَ أَنبيائِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ».

وقد روي: «فمن قال ذلك لم يكتب عليه ذنب سنة»(3)

ومنها: قراءة هذه الصلاة بعد صلاة الجمعة سبع مرّات:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَجِّل فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ».

فيكون من أصحاب القائم علیه السلام.

ومنها: ما ذكره الكفعميّ ممّا يختصّ عقيب صلاة الجمعة من الصلاة المخصوصة:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَبْقَى صَلَاةٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَبْقَى بَرَكَةٌ، اللَّهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى سَلَامٌ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّداً حَتَّى لَا تَبْقَى رَحْمَة»(4)

ص: 301


1- الصحیفة السجادیة: 206 من دعائه علیه السلام في یوم الفطر
2- مسترک الوسائل: 6/ 93
3- مستدرک الوسائل: 6/ 93
4- الامالی (للطوسي): 127

قال الصادق علیه السلام:

«إنّه من صلّى على النبيّ وآله بهذه الصلوات مُحيت خطاياه، وأعين على عدوّه وهيّئ له أسباب الخير، وأعطي أمله، وبسط في رزقه، وكان من رفقاء محمّد صلی الله علیه و اله في الجنّة»(1)

ص: 302


1- بحار الانوار: 87/ 67

تكليف 36 في الآداب والأعمال الواردة عقيب فريضة العصر يوم الجمعة والتوجّه إليه أرواحنا فداه

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هي المواظبة على الأعمال والأذكار والأوراد المأثورة فمنها ما يختصّ بتعقيب صلاة العصر يوم الجمعة، ومنها ما يختصّ بعصيرة هذا اليوم، ومنها ما يختصّ باصفرار الشمس إلى الغروب، ومنها ما يختصّ بغروب الشمس، وسنذكر جلّ هذه الدعوات في مطاوي تكاليف عدّة.

فيجب على كلّ عبد من العباد أن ينتهز الفرصة في هذه الأوقات المحمودة التي هي أفضل من سائر الأوقات، ويجدّ ويجتهد في أن يجعل نفسه ممّن يذكره إمامه أرواحنا فداه ويعتصم بحجزة ولائه وولاء آبائه الكرام عليهم الصلاة والسلام ويسأله مقاصده ومطالبه فإنّها ستقترن بالإنجاح والإنجاز إن شاء الله.

ص: 303

أمّا التعقيبات والدعوات المخصوصة الواردة بعد فريضة عصر يوم الجمعة:

فمنها: ما رواه الشيخ الطوسيّ وابن طاوس _ قدّس سرّهما _ والكفعميّ _ رحمه الله _ بسند معتبر عن الإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام في عمل يوم الجمعة الدعاء بعد العصر:

«اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْهَجْتَ سَبِيلَ الدَّلَالَةِ عَلَيْكَ بِأَعْلَامِ الْهِدَايَةِ بِمَنِّكَ عَلَى خَلْقِكَ وَأَقَمْتَ لَهُمْ مَنَارَ الْقَصْدِ إِلَى طَرِيقِ أَمْرِكَ بِمَعَادِنِ لُطْفِكَ وَ تَوَلَّيْتَ أَسْبَابَ الْإِنَابَةِ إِلَيْكَ بِمُسْتَوْضَحَاتٍ مِنْ حُجَجِكَ قُدْرَةً مِنْكَ عَلَى اسْتِخْلَاصِ أَفَاضِلِ عِبَادِكَ وَ حَظّاً لَهُمْ عَلَى أَدَاءِ مَضْمُونِ شُكْرِكَ وَ جَعَلْتَ تِلْكَ الْأَسْبَابَ بِخَصَائِصَ مِنْ أَهْلِ الْإِحْسَانِ عِنْدَكَ وَ ذَوِي الْحِبَاءِ لَدَيْكَ تَفْضِيلًا لِأَهْلِ الْمَنَازِلِ مِنْكَ وَ تَعْلِيماً أَنَّ مَا أَمَرْتَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مُبَرَّأٌ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِكَ وَ شَاهِداً فِي إِمْضَاءِ الْحُجَّةِ عَلَى عَدْلِكَ وَ قِوَامِ وُجُوبِ حُكْمِكَ اللَّهُمَّ وَ قَدِ اسْتَشْفَعْتُ الْمَعْرِفَةَ بِذَلِكَ إِلَيْكَ وَ وَ ثِقْتُ بِفَضِيلَتِهَا عِنْدَكَ وَ قَدَّمْتُ الثِّقَةَ بِكَ وَسِيلَةً فِي اسْتِنْجَازِ مَوْعُودِكَ وَالْأَخْذِ بِصَالِحِ مَا نَدَبْتَ إِلَيْهِ عِبَادَكَ وَانْتِجَاعاً بِهَا مَحَلَّ تَصْدِيقِكَ وَالْإِنْصَاتِ إِلَى فَهْمِ غَبَاوَةِ الْفِطَنِ عَنْ تَوْحِيدِكَ عِلْماً مِنِّي بِعَوَاقِبِ الْخِيَرَةِ فِي ذَلِكَ وَاسْتِرْشَاداً لِبُرْهَانِ آيَاتِكَ وَاعْتَمَدْتُكَ حِرْزاً وَاقِياً مِنْ دُونِكَ وَاسْتَنْجَدْتُ الِاعْتِصَامَ بِكَ كَافِياً مِنْ أَسْبَابِ خَلْقِكَ فَأَرِنِي مُبَشِّرَاتٍ مِنْ إِجَابَتِكَ تَفِي بِحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ وَ تَنْفِي عَوَارِضَ التُّهَمِ لِقَضَائِكَ فَإِنَّهُ ضَمَانُكَ للمجتدين [لِلْمُجْتَهِدِينَ] وَ وَفَاؤُكَ لِلرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ _ اللَّهُمَّ وَ لَا أَذِلَّنَّ عَلَى التَّغَزُّزِ بِكَ وَ لَا أَسْتَقْفِيَنَّ نَهْجَ الضَّلَالَةِ عَنْكَ وَ قَدْ أَمَّتْكَ رَكَائِبُ طَلِبَتِي وَانْتَحَتْ نَوَازِعُ

ص: 304

الْآمَالِ مِنِّي إِلَيْكَ وَنَاجَاكَ عَزْمُ الْبَصَائِرِ لِي فِيكَ اللَّهُمَّ وَلَا أُسْلَبَنَّ عَوَائِدَ مِنَنِكَ غَيْرَ مُتَوَسِّمَاتٍ إِلَى غَيْرِكَ اللَّهُمَّ وَ جَدِّدْ لِي وُصْلَةَ الِانْقِطَاعِ إِلَيْكَ وَاصْدُدْ قُوَى سَبَبِي عَنْ سِوَاكَ حَتَّى أَفِرَّ عَنْ مَصَارِعِ الْهَلَكَاتِ إِلَيْكَ وَأَحُثَّ الرِّحْلَةَ إِلَى إِيْثَارِكَ بِاسْتِظْهَارِ الْيَقِينِ فِيكَ فَإِنَّهُ لَا عُذْرَ لِمَنْ جَهِلَكَ بَعْدَ اسْتِعْلَاءِ الثَّنَاءِ عَلَيْكَ وَ لَا حُجَّةَ لِمَنِ اخْتَزَلَ عَنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ بِكَ مَعَ إِزَاحَةِ الْيَقِينِ مَوَاقِعَ الشَّكِ فِيكَ وَ لَا يُبْلَغُ إِلَى فَضَائِلِ الْقِسَمِ إِلَّا بِتَأْيِيدِكَ وَ تَسْدِيدِكَ فَتَوَلَّنِي بِتَأْيِيدٍ مِنْ عَوْنِكَ وَ كَافِنِي عَلَيْهِ بِجَزِيلِ عَطَائِكَ اللَّهُمَّ أُثْنِي عَلَيْكَ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ لِأَنَّ بَلَاءَكَ عِنْدِي أَحْسَنُ الْبَلَاءِ أَوْقَرْتَنِي نِعَماً وَأَوْقَرْتُ نَفْسِي ذُنُوباً كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَسْبَغْتَهَا عَلَيَّ لَمْ أُؤَدِّ شُكْرَهَا وَ كَمْ مِنْ خَطِيئَةٍ أَحْصَيْتَهَا عَلَيَّ أَسْتَحْيِي مِنْ ذِكْرِهَا وَأَخَافُ جَزَاءَهَا إِنْ تَعْفُ لِي عَنْهَا فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنْتَ وَ إِنْ تُعَاقِبْنِي عَلَيْهَا فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنَا اللَّهُمَّ فَارْحَمْ نِدَائِي إِذَا نَادَيْتُكَ وَأَقْبِلْ عَلَيَّ إِذَا نَاجَيْتُكَ فَإِنِّي أَعْتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبِي وَأَذْكُرُ لَكَ حَاجَتِي وَأَشْكُو إِلَيْكَ مَسْكَنَتِي وَ فَاقَتِي وَقَسْوَةَ قَلْبِي وَ مَيْلَ نَفْسِي فَإِنَّكَ قُلْتَ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ وَ هَا أَنَا ذَا يَا إِلَهِي قَدِ اسْتَجَرْتُ بِكَ وَ قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَكِيناً مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ رَاجِياً لِمَا عِنْدَكَ تَرَانِي وَ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَ تَسْمَعُ كَلَامِي وَ تَعْرِفُ حَاجَتِي وَ مَسْكَنَتِي وَ حَالِي وَ مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَبْتَدِئَ فِيهِ مِنْ مَنْطِقِي وَالَّذِي أَرْجُو مِنْكَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِي وَأَنْتَ مُحْصٍ لِمَا أُرِيدُ التَّفَوُّهَ بِهِ مِنْ مَقَالَتِي جَرَتْ مَقَادِيُرَك بِأَسْبَابِي وَ مَا يَكُونُ مِنِّي فِي سَرِيرَتِي وَ عَلَانِيَتِي وَ أَنْتَ مُتِمٌ لِي مَا أَخَذْتَ عَلَيْهِ مِيثَاقِي وَ بِيَدِكَ لَا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيَادَتِي وَ نُقْصَانِي فَأَحَقُّ مَا أُقَدِّمُ إِلَيْكَ قَبْلَ ذِكْرِ

ص: 305

حَاجَتِي وَالتَّفَوُّهِ بِطَلِبَتِي شَهَادَتِي بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ إِقْرَارِي بِرُبُوبِيَّتِكَ الَّتِي ضَلَّتْ عَنْهَا الْآرَاءُ وَ تَاهَتْ فِيهَا الْعُقُولُ وَ قَصُرَتْ دُونَهَا الْأَوْهَامُ وَ كَلَّتْ عَنْهَا الْأَحْلَامُ وَانْقَطَعَ دُونَ كُنْهِ مَعْرِفَتِهَا مَنْطِقُ الْخَلَائِقِ وَ كَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ غَايَةِ وَ صْفِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْلُغَ شَيْئاً مِنْ وَ صْفِكَ وَ يَعْرِفَ شَيْئاً مِنْ نَعْتِكَ إِلَّا مَا حَدَدْتَهُ وَ وَصَفْتَهُ وَوَقَفْتَهُ عَلَيْهِ وَ بَلَّغْتَهُ إِيَّاهُ فَأَنَا مُقِرٌّ بِأَنِّي لَا أَبْلُغُ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنْ تَعْظِيمِ جَلَالِكَ وَ تَقْدِيسِ مَجْدِكَ وَ تَمْجِيدِكَ وَ كَرَمِكَ وَالثَّنَاءِ عَلَيْكَ وَالْمَدْحِ لَكَ وَالذِّكْرِ لِآلَائِكَ وَالْحَمْدُ لَكَ عَلَى بَلَائِكَ وَالشُّكْرُ لَكَ عَلَى نَعْمَائِكَ وَ ذَلِكَ مَا تَكِلُّ الْأَلْسُنُ عَنْ صِفَتِهِ وَ تَعْجِزُ الْأَبْدَانُ عَنْ أَدْنَى شُكْرِهِ وَ إِقْرَارِي لَكَ بِمَا احْتَطَبْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْ مُوبِقَاتِ الذُّنُوبِ الَّتِي قَدْ أَوْبَقَتْنِي وَأَخْلَقَتْ عِنْدَكَ وَجْهِي وَ لِكَثِيرِ خَطِيئَتِي وَعَظِيمِ جُرْمِي هَرَبْتُ إِلَيْكَ رَبِّي وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مَوْلَايَ وَ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ سَيِّدِي لَأُقِرُّ لَكَ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَ بِوُجُودِ رُبُوبِيَّتِكَ وَ أُثْنِي عَلَيْكَ بِمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَأَصِفُكَ بِمَا يَلِيقُ بِكَ مِنْ صِفَاتِكَ وَأَذْكُرُ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَ أَعْتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبِي وَأَسْتَغْفِرُكَ لِخَطِيئَتِي وَأَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ مِنْهَا إِلَيْكَ وَالْعَوْدَ مِنْكَ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ لَهَا فَإِنَّكَ قُلْتَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً وَ قُلْتَ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ إِلَهِي إِلَيْكَ اعْتَمَدْتُ لِقَضَاءِ حَاجَتِي وَ بِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي الْتِمَاساً مِنِّي لِرَحْمَتِكَ وَرَجَاءً مِنِّي لِعَفْوِكَ فَإِنِّي لِرَحْمَتِكَ وَ عَفْوِكَ أَرْجَى مِنِّي لِعَمَلِي وَ رَحْمَتُكَ وَ عَفْوُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي فَتَوَلَّ الْيَوْمَ قَضَاءَ حَاجَتِي بِقُدْرَتِكَ عَلَى ذَلِكَ وَ تَيْسِيرِ ذَلِكَ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ خَيْراً قَطُّ إِلَّا مِنْكَ وَ لَمْ يَصْرِفْ عَنِّي

ص: 306

سُوءاً أَحَدٌ غَيْرُكَ فَارْحَمْنِي سَيِّدِي يَوْمَ يُفْرِدُنِي النَّاسُ فِي حُفْرَتِي وَأَقْضِي إِلَيْكَ بِعَمَلِي وَ قَدْ قُلْتُ سَيِّدِي _ وَ لَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ أَجَلْ وَ عِزَّتِكَ سَيِّدِي لَنِعْمَ الْمُجِيبُ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الْمَدْعُوُّ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الرَّبُّ أَنْتَ وَلَنِعْمَ الْقَادِرُ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الْخَالِقُ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الْمُبْدِئُ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الْمُعِيدُ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الْمُسْتَغَاثُ أَنْتَ وَ لَنِعْمَ الصَّرِيخُ أَنْتَ فَأَسْأَلُكَ يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ وَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ وَالْفَعَّالَ لِمَا يُرِيدُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ أَنْ تُكْرِمَنِي فِي مَقَامِي هَذَا وَ فِيمَا بَعْدَهُ كَرَامَةً لَا تُهِينُنِي بَعْدَهَا أَبَداً وَ أَنْ تَجْعَلَ أَفْضَلَ جَائِزَتِكَ الْيَوْمَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَأَنْ تَصْرِفَ عَنِّي شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَ شَرَّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ وَ شَرَّ كُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ شَدِيدٍ وَ شَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ وَ شَرَّ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَهُ وَ بَرَأْتَهُ وَ أَنْشَأْتَهُ وَ ابْتَدَعْتَهُ وَ مِنْ شَرِّ الصَّوَاعِقِ وَالْبَرْدِ وَالرِّيحِ وَالْمَطَرِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَةَ الشُّكْرِ وَادْعُ فِيهَا وَ بَعْدَهَا بِمَا أَحْبَبْتَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَ تُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ فَإِذَا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقِفْ عَلَى الْبَابِ وَ قُلِ اللَّهُمَّ أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَ أَدَّيْتُ فَرِيضَتَكَ وَانْتَشَرْتُ فِي أَرْضِكَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِين»(1)

ومنها: الصلوات المتقدّم ذكرها الواردة عن الناحية المقدّسة والمرويّة بأسانيد

ص: 307


1- مصباح المتهجد: 1/ 397

صحيحة معتبرة عن أبي الحسن الضرّاب الإصفهانيّ _ رحمه الله _ وهي:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُنْتَجَبِ فِي الْمِيثَاقِ الْمُصْطَفَى فِي الظِّلَالِ الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ الْبَرِي ءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجَاةِ الْمُرْتَجَى لِلشَّفَاعَةِ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ دِينُ اللَّهِ اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُ وَ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَ أَضِئْ نُورَهُ وَ بَيِّضْ وَ جْهَهُ وَأَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ وَالْوَسِيلَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ و َصَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ _ وَ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلِّ

ص: 308

عَلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الْمَهْدِيِّينَ الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِينَ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ دَعَائِمِ دِينِكَ وَ أَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ وَ تَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ وَ حُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ خُلَفَائِكَ فِي أَرْضِكَ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَاصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عِبَادِكَ وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ وَ خَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ وَ جَلَّلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ وَ غَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ وَ رَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ وَ غَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ وَ أَلْبَسْتَهُمْ نُورَكَ وَ رَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ وَ حَفَفْتَهُمْ بِمَلَائِكَتِكَ وَ شَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ صَلَاةً كَثِيرَةً دَائِمَةً طَيِّبَةً لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا أَنْتَ وَ لَا يَسَعُهَا إِلَّا عِلْمُكَ وَ لَا يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ الْمُحْيِي سُنَّتَكَ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ الدَّلِيلِ عَلَيْكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ وَ شَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ وَ زَيِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ اللَّهُمَّ اكْفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ وَادْحَرْ عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِينَ وَ تَخَلَّصْهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَّارِينَ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ رَعِيَّتِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ وَ عَدُوِّهِ وَ جَمِيعِ أَهْلِ الدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ أَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِنْ دِينِكَ وَأَحْيِ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ كِتَابِكَ وَأَظْهِرْ بِهِ مَا غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً خَالِصاً مُخْلَصاً لَا شَكَّ فِيهِ وَ لَا شُبْهَةَ مَعَهُ وَ لَا بَاطِلَ عِنْدَهُ وَ لَا بِدْعَةَ لَدَيْهِ اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ وَ هُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ وَاهْدِمْ بِعِزَّتِهِ كُلَّ ضَلَالَةٍ وَاقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ وَأَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ وَأَهْلِكْ

ص: 309

بِعَدْلِهِ كُلَّ جَبَّارٍ وَأَجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ وَأَذِلَّ لِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ اللَّهُمَّ أَذِلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَاهُ وَ أَهْلِكْ كُلَّ مَنْ عَادَاهُ وَامْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ وَاسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَاسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ وَ سَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ وَأَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَالْحَسَنِ الرِّضَا وَالْحُسَيْنِ الْمُصْطَفَى وَ جَمِيعِ الْأَوْصِيَاءِ مَصَابِيحِ الدُّجَى وَأَعْلَامِ الْهُدَى وَ مَنَارِ التُّقَى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَالْحَبْلِ الْمَتِينِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَ صَلِّ عَلَى وَ لِيِّكَ وَ وُلَاةِ عَهْدِهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَ مُدَّ فِي أَعْمَارِهِمْ وَأزد [زِدْ] فِي آجَالِهِمْ وَ بَلِّغْهُمْ أَقْصَى آمَالِهِمْ دِيناً دُنْيَا وَ آخِرَةً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

وذكرنا فيما أسلفنا ما قال السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ : «وهو ممّا ينبغي إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة فإيّاك أن تهمل الدعاء به فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جلّ جلاله الذي خصّنا به فاعتمد عليه»(2)

ومنها: ما يدعى به عقيب صلاة العصر يوم الجمعة، وقد روى السيّد بن طاوس في الجمال والشيخ الطوسيّ في الغيبة والصدوق في الكمال بأسانيد معتبرة صحيحة: حدّثنا أبو محمّد الحسين بن أحمد المكتّب قال: حدّثنا أبو عليّ بن همّام بهذا الدعاء، وذكر أنّ الشيخ العمريّ _ قدّس الله روحه _ أملاه عليه وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم علیه السلام:

«اللَّهُمَ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ اللَّهُمَّ

ص: 310


1- الغیبة (للطوسي): 278
2- جنال الاسبوع: 522

عَرِّفْنِي نَبِيَّكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي اللَّهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلَايَةِ مَنَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُ لَاةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صلی الله علیه و اله حَتَّى وَالَيْتَ وُ لَاةَ أَمْرِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَ مُوسَى وَ عَلِيّاً وَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَ لَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ وَعَافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ وَ ثَبِّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَبِإِذْنِكَ غَابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ وَأَنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهَارِ أَمْرِهِ وَ كَشْفِ سِتْرِهِ فَصَبِّرْنِي عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَ لَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ وَ لَا أَكْشِفَ عَمَّا سَتَرْتَهُ وَ لَا أَبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَهُ وَ لَا أُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ وَ لَا أَقُولَ لِمَ وَ كَيْفَ وَ مَا بَالُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لَا يَظْهَرُ وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ وَأُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّهَا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظَاهِراً نَافِذاً لِأَمْرِكَ مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطَانَ وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ وَالْحُجَّةَ وَالْمَشِيئَةَ وَالْإِرَادَةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَ بِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَ لِيِّكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ وَاضِحَ الدَّلَالَةِ هَادِياً مِنَ الضَّلَالَةِ شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ أَبْرِزْ يَا رَبِّ مَشَاهِدَهُ وَ ثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ وَأَقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَ بَرَأْتَ وَ ذَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَ صَوَّرْتَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يَضِيعُ

ص: 311

مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ اللَّهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمُرِهِ وَزِدْ فِي أَجَلِهِ وَأَعِنْهُ عَلَى مَا أَوْلَيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ وَ زِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ فَإِنَّهُ الْهَادِي وَالْمُهْتَدِي وَالْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ الطَّاهِرُ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الزَّكِيُّ الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ الصَّابِرُ الْمُجْتَهِدُ الشَّكُورُ اللَّهُمَّ وَلَا تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُولِ الْأَمَدِ فِي غَيْبَتِهِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ عَنَّا وَ لَا تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالْإِيمَانَ وَ قُوَّةَ الْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُقَنِّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ ظُهُورِهِ وَ قِيَامِهِ وَ يَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَامِ رَسُولِكَ صلی الله علیه و آله وَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَ تَنْزِيلِكَ وَ قَوِّ قُلُوبَنَا عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدِهِ مِنْهَاجَ الْهُدَى وَالْحُجَّةَ الْعُظْمَى وَالطَّرِيقَةَ الْوُسْطَى وَ قَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ وَ ثَبِّتْنَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَنْصَارِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ وَ لَا تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا وَ لَا عِنْدَ وَ فَاتِنَا حَتَّى تَتَوَفَّانَا وَ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ شَاكِّينَ وَ لَا نَاكِثِينَ وَ لَا مُرْتَابِينَ وَ لَا مُكَذِّبِينَ اللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِرِيهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَ دَمِّرْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ وَأَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ وَأَمِتْ بِهِ الْبَاطِلَ وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الذُّلِّ وَ انْعَشْ بِهِ الْبِلَادَ وَاقْتُلْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْرِ وَاقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلَالَةِ وَ ذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِينَ وَالْكَافِرِينَ وَأَبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَ جَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا حَتَّى لَا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً وَ لَا تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً وَ تُطَهِّرَ مِنْهُمْ بِلَادَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ وَ جَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينِكَ وَأَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ وَ غَيِّرْ مِنْ سُنَّتِكَ حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لَا عِوَجَ فِيهِ وَ لَا بِدْعَةَ مَعَهُ حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرِينَ فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ

ص: 312

لِنَفْسِكَ وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ نَبِيِّكَ وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ وَ عَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَ بَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَأَطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَ نَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى شِيعَتِهِمُ الْمُنْتَجَبِينَ وَ بَلِّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أَفْضَلَ مَا يَأْمُلُونَ وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِيَاءٍ وَ سُمْعَةٍ حَتَّى لَا نُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ وَ لَا نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا وَغَيْبَةَ وَلِيِّنَا وَشِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ عَلَيْنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا اللَّهُمَّ فَافْرُجْ ذَلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهَارِ عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ وَ قَتْلِ أَعْدَائِكَ فِي بِلَادِكَ حَتَّى لَا تَدَعَ لِلْجَوْرِ يَا رَبِّ دِعَامَةً إِلَّا قَصَمْتَهَا وَ لَا بِنْيَةً إِلَّا أَفْنَيْتَهَا وَ لَا قُوَّةً إِلَّا أَوْهَنْتَهَا وَ لَا رُكْناً إِلَّا هَدَدْتَهُ وَ لَا حَدّاً إِلَّا فَلَلْتَهُ وَ لَا سِلَاحاً إِلَّا أَكْلَلْتَهُ وَ لَا رَايَةً إِلَّا نَكَّسْتَهَا وَ لَا شُجَاعاً إِلَّا قَتَلْتَهُ وَ لَا جَيْشاً إِلَّا خَذَلْتَهُ وَارْمِهِمْ يَا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِعِ وَ بِبَأْسِكَ الَّذِي لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ وَ عَذِّبْ أَعْدَاءَكَ وَ أَعْدَاءَ دِينِكَ وَأَعْدَاءَ رَسُولِكَ بِيَدِ وَ لِيِّكَ وَأَيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَ كِدْ مَنْ كَادَهُ وَ امْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً وَاقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ وَ أَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ وَ زَلْزِلْ لَهُ أَقْدَامَهُمْ وَ خُذْهُمْ جَهْرَةً وَ بَغْتَةً وَ شَدِّدْ عَلَيْهِمْ عِقَابَكَ وَأَخْزِهِمْ فِي عِبَادِكَ وَالْعَنْهُمْ فِي بِلَادِكَ وَأَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نَارِكَ وَأَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذَابِكَ وَأَصْلِهِمْ نَاراً وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَ أَذَلُّوا عِبَادَكَ اللَّهُمَّ وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ وَ أَرِنَا نُورَهُ سَرْمَداً لَا

ص: 313

ظُلْمَةَ فِيهِ وَأَحْيِ بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيْتَةَ وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ وَاجْمَعْ بِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقِّ وَ أَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ وَالْأَحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ حَتَّى لَا يَبْقَى حَقٌّ إِلَّا ظَهَرَ وَ لَا عَدْلٌ إِلَّا زَهَرَ وَ اجْعَلْنَا يَا رَبِّ مِنْ أَعْوَانِهِ وَ مُقَوِّي سُلْطَانِهِ وَالْمُؤْتَمِرِينَ لِأَمْرِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ وَالْمُسَلِّمِينَ لِأَحْكَامِهِ وَ مِمَّنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ أَنْتَ يَا رَبِّ الَّذِي تَكْشِفُ السُّوءَ وَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ وَ تُنَجِّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ فَاكْشِفْ يَا رَبِّ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ وَاجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ اللَّهُمَّ وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ فَأَعِذْنِي وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ»(1)

وقد ذكرناه برمّته في الدعوات المخصوصة، كما سبقت الإشارة إلى ما قال السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ في جمال الأسبوع حول هذا الدعاء: «وهو ممّا ينبغي إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة فإيّاك أن تهمل الدعاء به فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جلّ جلاله الذي خصّنا به فاعتمد عليه»(2)

ومنها: الصلوات الكبيرة الواردة بعد صلاة العصر يوم الجمعة، وقد رواها الشيخ الطوسيّ والسيّد _ قدّس سرّهما _ وغيرهم عن الإمام الصادق عليه

ص: 314


1- کمال الدین و تمام النعمة: 512
2- جمال الاسبوع: 522

الصلاة والسلام أنّه قال: إنّه يستحبّ أن يصلّى على النبيّ صلی الله علیه و اله بعد العصر يوم الجمعة بهذه الصلاة:

«اللَّهُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله كَمَا وَ صَفْتَهُ فِي كِتَابِكَ حَيْثُ تَقُولُ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَأَنَّكَ لَمْ تَأْمُرْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ أَنْتَ وَ مَلَائِكَتُكَ وَ أَنْزَلْتَ فِي مُحْكَمِ قُرآنِكَ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً لَا لِحَاجَةٍ إِلَى صَلَاةِ أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ بَعْدَ صَلَاتِكَ عَلَيْهِ وَ لَا إِلَى تَزْكِيَتِهِم إِيَّاهُ بَعْدَ تَزْكِيَتِكَ بَلِ الْخَلْقُ جَمِيعاً هُمُ الْمُحْتَاجُونَ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّكَ جَعَلْتَهُ بَابَكَ الَّذِي لَا تَقْبَلُ لِمَنْ أَتَاكَ إِلَّا مِنْهُ وَ جَعَلْتَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ قُرْبَةً مِنْكَ وَ وَسِيلَةً إِلَيْكَ وَ زُلْفَةً عِنْدَكَ وَ دَلَلْتَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ وَأَمَرْتَهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيَزْدَادُوا بِهَا أَثَرَةً لَدَيْكَ وَ كَرَامَةً عَلَيْكَ وَ وَكَّلْتَ بِالْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ مَلَائِكَتَكَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَ يُبَلِّغُونَهُ صَلَاتَهُمْ وَ تَسْلِيمَهُمْ اللَّهُمَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَا عَظَّمْتَ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وَأَوْجَبْتَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ تُطْلِقَ لِسَانِي مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى وَ بِمَا لَمْ تُطْلِقْ بِهِ لِسَانَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَ لَمْ تُعْطِهِ إِيَّاهُ ثُمَّ تُؤْتِيَنِي عَلَى ذَلِكَ مُرَافَقَتَهُ حَيْثُ أَحْلَلْتَهُ عَلَى قُدْسِكَ وَ جَنَّاتِ فِردَوْسِكَ ثُمَّ لَا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْدَأُ بِالشَّهَادَةِ لَهُ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَا أَبْلُغُ مِنْ ذَلِكَ رِضَى نَفْسِي وَ لَا يُعَبِّرُهُ لِسَانِي عَنْ ضَمِيرِي وَ لَا أُلَامُ عَلَى التَّقْصِيرِ مِنِّي لِعَجْزِ قُدْرَتِي عَنْ بُلُوغِ الْوَاجِبِ عَلَيَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَظٌّ لِي وَ حَقٌّ عَلَيَّ وَأَدَاءٌ لِمَا أَوْجَبْتَ لَهُ فِي عُنُقِي إِذْ قَدْ بَلَّغَ رِسَالاتِكَ غَيْرَ مُفَرِّطٍ فِيمَا

ص: 315

أَمَرْتَ وَ لَا مُجَاوِزٍ لِمَا نَهَيْتَ وَ لَا مُقَصِّرٍ فِيمَا أَرَدْتَ وَلَا مُتَعَدٍّ لِمَا أَوْصَيْتَ وَتَلَا آيَاتِكَ عَلَى مَا أَنْزَلْتَهُ إِلَيْهِ مِنْ وَحْيِكَ وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ وَ فَى بِعَهْدِكَ وَ صَدَّقَ وَعْدَكَ وَ صَدَعَ بِأَمْرِكَ لَا يَخَافُ فِيكَ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ بَاعَدَ فِيكَ الْأَقْرَبِينَ وَ قَرَّبَ فِيكَ الْأَبْعَدِينَ وَأَمَرَ بِطَاعَتِكَ وَائْتَمَرَ بِهَا سِرّاً وَعَلَانِيَةً وَ نَهَى عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَانْتَهَى عَنْهَا سِرّاً وَعَلَانِيَةً مَرْضِيّاً عِنْدَكَ مَحْمُوداً فِي الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الْمُصْطَفَيْنَ وَ أَنَّهُ غَيْرُ مُلِيمٍ وَلَا ذَمِيمٍ وَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ وَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَاحِراً وَ لَا سُحِرَ لَهُ وَ لَا كَاهِناً وَ لَا تُكُهِّنَ لَهُ وَ لَا شَاعِراً وَ لَا شُعِرَ لَهُ وَ لَا كَذَّاباً وَ أَنَّهُ رَسُولُكَ وَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ _ جاءَ بِالْحَقِ مِنْ عِنْدِكَ الْحَقِ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ ذَائِقُو الْعَذابِ الْأَلِيمِ أَشْهَدُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ عِنْدِكَ وَ أَخْبَرَنَا بِهِ عَنْكَ أَنَّهُ الْحَقُّ الْيَقِينُ لَا شَكَّ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ وَ لِيِّكَ وَ نَجِيِّكَ وَ صَفِيِّكَ وَ صَفْوَتِكَ وَ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ الَّذِي انْتَجَبْتَهُ لِرِسَالاتِكَ وَاسْتَخْلَصْتَهُ لِدِينِكَ وَاسْتَرْعَيْتَهُ عِبَادَكَ وَائْتَمَنْتَهُ عَلَى وَحْيِكَ عَلَمِ الْهُدَى وَ بَابِ التُّقَى وَالنُّهَى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ خَلْقِكَ الشَّاهِدِ لَهُمْ الْمُهَيْمِنِ عَلَيْهِمْ أَشْرَفَ وَ أَفْضَلَ وَ أَزْكَى وَ أَطْهَرَ وَ أَنْمَى وَ أَطْيَبَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ وَالْمُخْلِصِينَ مِنْ عِبَادِكَ اللَّهُمَّ وَ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَغ ُفْرَانَكَ وَ رِضْوَانَكَ وَ مُعَافَاتَكَ وَ كَرَامَتَكَ وَ رَحْمَتَكَ وَ مَنَّكَ وَ فَضْلَكَ وَ سَلَامَكَ وَ شَرَفَكَ وَ إِعْظَامَكَ وَ تَبْجِيلَكَ وَ صَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَنْبِيَائِكَ وَ الْأَوْصِيَاءِ وَ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً وَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ

ص: 316

وَالْأَرَضِينَ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا فَوْقَهُمَا وَ مَا تَحْتَهُمَا وَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ وَ مَا بَيْنَ الْهَوَاءِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالْجِبَالِ وَ الشَّجَرِ وَالدَّوَابِّ وَ مَا سَبَّحَ لَكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَ فِي الظُّلْمَةِ وَالضِّيَاءِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَ أَطْرَافِ النَّهَارِ وَ سَاعَاتِهِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ وَلِيِّ الْمُسْلِمِينَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْأَعْجَمِينَ وَالشَّاهِدِ الْبَشِيرِ الْأَمِينِ النَّذِيرِ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ _ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَوَّلِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي الْآخِرِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الدِّينِ _ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا هَدَيْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا اسْتَنْقَذْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَنْعَشْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَحْيَيْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَعْزَزْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا فَضَّلْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ اجْزِ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله أَفْضَلَ مَا أَنْتَ جَازٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ وَ رَسُولًا عَمَّنْ أَرْسَلْتَهُ إِلَيْهِ اللَّهُمَّ اخْصُصْهُ بِأَفْضَلِ قِسَمِ الْفَضَائِلِ وَ بَلِّغْهُ أَعْلَى شَرَفِ الْمَنَازِلِ مِنَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّدا صلی الله علیه و آله حَتَّى يَرْضَى وَ زِدْهُ بَعْدَ الرِّضَا وَاجْعَلْهُ أَكْرَمَ خَلْقِكَ مِنْكَ مَجْلِساً وَأَعْظَمَهُمْ عِنْدَكَ جَاهاً وَ أَوْفَرَهُمْ عِنْدَكَ حَظّاً فِي كُلِّ خَيْرٍ أَنْتَ قَاسِمُهُ بَيْنَهُمْ اللَّهُمَّ أَوْرِدْ عَلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَ أَزْوَاجِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَذَوِي قَرَابَتِهِ وَ أُمَّتِهِ مَنْ تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ وَ أَقْرِرْ عُيُونَنَا بِرُؤْيَتِهِ وَ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ

ص: 317

عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْوَسِيلَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالشَّرَفِ وَالْكَرَامَةِ مَا يَغْبِطُهُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُرْسَلُونَ وَالْخَلْقُ أَجْمَعُونَ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ وَ أَعْلِ كَعْبَهُ وَ أَفْلِجْ حُجَّتَهُ وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ وَ ابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَ عَدْتَهُ وَ أَكْرِمْ زُلْفَتَهُ وَأَجْزِلْ عَطِيَّتَهُ وَ تَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ وَشَرِّفْ بُنْيَانَهُ وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ وَ نَوِّرْ نُورَهُ وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ وَ اسْقِنَا بِكَأْسِهِ وَ تَقَبَّلْ صَلَاةَ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ وَ اقْصُصْ بِنَا أَثَرَهُ وَ اسْلُكْ بِنَا سَبِيلَهُ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَ اسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِهِ وَابْعَثْنَا عَلَى مِنْهَاجِهِ وَاجْعَلْنَا نَدِينُ بِدِينِهِ وَ نَهْتَدِي بِهُدَاهُ وَ نَقْتَدِي بِسُنَّتِهِ وَ نَكُونُ مِنْ شِيعَتِهِ وَ مَوَالِيهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَ أَحِبَّائِهِ وَخِيَارِ أُمَّتِهِ وَ مُقَدَّمِ زُمْرَتِهِ وَ تَحْتَ لِوَائِهِ نُعَادِي عَدُوَّهُ وَ نُوَالِي وَلِيَّهُ حَتَّى تُورِدَنَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَمَاتِ مَوْرِدَهُ غَيْرَ خَزَايَا وَ لَا نَادِمِينَ وَ لَا مُبَدِّلِينَ وَ لَا نَاكِثِينَ اللَّهُمَّ وَ أَعْطِ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله مَعَ كُلِّ زُلْفَةٍ زُلْفَةً وَ مَعَ كُلِّ قُرْبَةٍ قُرْبَةً وَ مَعَ كُلِّ وَسِيلَةٍ وَسِيلَةً وَ مَعَ كُلِّ فَضِيلَةٍ فَضِيلَةً وَ مَعَ كُلِّ شَفَاعَةٍ شَفَاعَةً وَ مَعَ كُلِّ كَرَامَةٍ كَرَامَةً وَ مَعَ كُلِّ خَيْرٍ خَيْراً وَمَعَ كُلِّ شَرَفٍ شَرَفاً وَ شَفِّعْهُ فِي كُلِّ مَنْ يَشْفَعُ لَهُ فِي أُمَّتِهِ وَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ حَتَّى لَا يُعْطَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا عَبْدٌ مُصْطَفًى إِلَّا دُونَ مَا أَنْتَ مُعْطِيهِ مُحَمَّداً صلی الله علیه و اله يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُ الْمُقَدَّمَ فِي الدَّعْوَةِ وَالْمُؤْثَرَ بِهِ فِي الْأَثَرَةِ وَالْمُنَوَّهَ بِاسْمِهِ فِي الشَّفَاعَةِ إِذَا تَجَلَّيْتَ بِنُورِكَ وَجِي ءَ بِالْكِتَابِ وَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ _ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ _ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ ذَلِكَ يَوْمُ الْحَسْرَةِ ذَلِكَ يَوْمُ الْآزِفَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ لَا تُسْتَقَالُ فِيهِ الْعَثَرَاتُ وَ لَا تُبْسَطُ فِيهِ التَّوْبَاتُ وَ لَا يُسْتَدْرَكُ فِيهِ مَا فَاتَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ

ص: 318

كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَ رَحِمْتَ وَ بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ وَ امْنُنْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا مَنَنْتَ عَلى مُوسى وَ هارُونَ اللَّهُمَّ وَ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا سَلَّمْتَ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ وَ الْآخِرِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً اللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِكْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَأَزْوَاجِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيَارِ الطَّاهِرِينَ الْمُطَهَّرِينَ الْهُدَاةِ الْمَهْدِيِّينَ غَيْرِ الضَّالِّينَ وَ لَا الْمُضِلِّينَ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَوَّلِينَ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي الْآخِرِينَ وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ أَبَدَ الْآبِدِينَ صَلَاةً لَا مُنْتَهَى لَهَا وَلَا أَمَدَ دُونَ رِضَاكَ آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ الْعَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا دِينَكَ وَ كِتَابَكَ وَ غَيَّرُوا سُنَّةَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ سَلَامُكَ وَأَزَالُوا الْحَقَّ عَنْ مَوْضِعِهِ أَلْفَيْ أَلْفِ لَعْنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ غَيْرِ مُؤْتَلِفَةٍ وَالْعَنْهُمْ أَلْفَيْ أَلْفِ لَعْنَةٍ مُؤْتَلِفَةٍ غَيْرِ مُخْتَلِفَةٍ وَالْعَنْ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ وَ مَنْ رَضِيَ بِفَعَالِهِمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ اللَّهُمَّ يَا بَارِئَ السَّمَاوَاتِ وَ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ وَ قَاصِمَ الْجَبَابِرَةِ وَ رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَ رَحِيمَهُمَا تُعْطِي مِنْهُمَا مَا تَشَاءُ وَ تَمْنَعُ مِنْهُمَا مَا تَشَاءُ أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله أَعْطِ مُحَمَّداً حَتَّى يَرْضَى وَ بَلِّغْهُ الْوَسِيلَةَ الْعُظْمَى

ص: 319

اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً فِي السَّابِقِينَ غَايَتَهُ وَ فِي الْمُنْتَجَبِينَ كَرَامَتَهُ وَ فِي الْعَالَمِينَ ذِكْرَهُ وَأَسْكِنْهُ أَعْلَى غُرَفِ الْفِرْدَوْسِ فِي الْجَنَّةِ الَّتِي لَا تَفُوقُهَا دَرَجَةٌ وَلَا يَفْضُلُهَا شَيْ ءٌ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ وَأَضِئْ نُورَهُ وَ كُنْ أَنْتَ الْحَافِظَ لَهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً أَوَّلَ قَارِعٍ لِبَابِ الْجَنَّةِ وَ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَ أَوَّلَ شَافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْوُلَاةِ السَّادَةِ الْكُفَاةِ الْكُهُولِ الْكِرَامِ الْقَادَةِ الْقَمَاقِمِ الضِّخَامِ اللُّيُوثِ الْأَبْطَالِ عِصْمَةً لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ وَإِجَارَةً لِمَنِ اسْتَجَارَ بِهِمْ وَالْكَهْفِ الْحَصِينِ وَالْفُلْكِ الْجَارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغَامِرَةِ الرَّاغِبُ عَنْهُمْ مَارِقٌ وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْهُمْ زَاهِقٌ وَاللَّازِمُ لَهُمْ لَاحِقٌ رِمَاحُكَ فِي أَرْضِكَ وَصَلِّ عَلَى عِبَادِكَ فِي أَرْضِكَ الَّذِينَ أَنْقَذْتَ بِهِمْ مِنَ الْهَلَكَةِ وَأَنَرْتَ بِهِمْ مِنَ الظُّلْمَةِ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعِ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَلَفِ الْمَلَائِكَةِ وَ مَعْدِنِ الْعِلْمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ الْمُسْتَكِينِ وَأَبْتَغِي إِلَيْكَ ابْتِغَاءَ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ تَضَرُّعَ الضَّعِيفِ الضَّرِيرِ وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ الْخَاطِئِ مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ نَفْسُهُ وَ رَغِمَ لَكَ أَنْفُهُ وَ سَقَطَتْ لَكَ نَاصِيَتُهُ وَانْهَمَلَتْ لَكَ دُمُوعُهُ وَ فَاضَتْ لَكَ عَبْرَتُهُ وَاعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ وَ قَلَّتْ عَنْهُ حِيلَتُهُ وَأَسْلَمَتْهُ ذُنُوبُهُ أَسْأَلُكَ الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَوَّلًا وَآخِراً وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ الْمَعِيشَةِ مَا أَبْقَيْتَنِي مَعِيشَةً أَقْوَى بِهَا فِي جَمِيعِ حَالاتِي وَأَتَوَصَّلُ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إِلَى آخِرَتِي عَفْواً لَا تُتْرِفْنِي فَأَطْغَى وَ لَا تُقْتِرْ عَلَيَّ فَأَشْقَى أَعْطِنِي مِنْ ذَلِكَ غِنًى عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ بَلِّغْهُ إِلَى رِضَاكَ وَ لَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا لِي سِجْناً وَ لَا تَجْعَلْ فِرَاقَهَا عَلَيَّ حُزْناً أَخْرِجْنِي مِنْهَا وَ مِنْ فِتْنَتِهَا مَرْضِيّاً عَنِّي مَقْبُولًا فِيهَا

ص: 320

عَمَلِي إِلَى دَارِ الْحَيَوَانِ وَ مَسَاكِنِ الْأَخْيَارِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَزْلِهَا وَ زِلْزَالِهَا وَ سَطَوَاتِ سُلْطَانِهَا وَ سَلَاطِينِهَا وَ شَرِّ شَيَاطِينِهَا وَ بَغْيِ مَنْ بَغَى عَلَيَّ فِيهَا اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنِي فأرده وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ وَافْقَأْ عَنِّي عُيُونَ الْكَفَرَةِ وَاعْصِمْنِي مِنْ ذَلِكَ بِالسَّكِينَةِ وَأَلْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ وَاجْعَلْنِي فِي سِتْرِكَ الْوَاقِي وَأَصْلِحْ لِي حَالِي وَ بَارِكْ لِي فِي أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي وَ حُزَانَتِي وَ مَنْ أَحْبَبْتُ فِيكَ وَ أَحِبَّنِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَ مَا أَخَّرْتُ وَ مَا أَعْلَنْتُ وَ مَا أَسْرَرْتُ وَ مَا نَسِيتُ وَ مَا تَعَمَّدْتُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَنِي كَمَا أَرَدْتَ فَاجْعَلْنِي كَمَا تُحِبُّ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ تَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ _ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ تَقُولُ ذَلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ تَقُولُ سَبْعِينَ مَرَّةً أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه»(1) .

ومنها: ما علّمه الإمام الحسن صاحب العسكر عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن محمّد عابد من الصلوات الكبيرة، وهي وإن لم تختصّ بيوم الجمعة إلّا أنّا قد ذكرناها في المقام تمسّكاً بإطلاق الأخبار الواردة في صلوات ليلة الجمعة ويومه المأثورة مضافاً إلى أفضليّتها من سائر الدعوات والأعمال.

ومنها: ما ذكره المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في زاد المعاد قال:

ويستحبّ قراءة هذه الصلوات في كلّ يوم من أيّام هذا الشهر الفضيل، وفي كلّ جمعة كلّ أيّام السنة:

«إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا

ص: 321


1- مصباح المتهجد: 387

تَسْلِيماً لَبَّيْكَ يَا رَبِّ وَ سَعْدَيْكَ وَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ كَمَا رَحِمْتَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا سَلَّمْتَ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ امْنُنْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مَنَنْتَ عَلَى مُوسَى وَ هَارُونَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا هَدَيْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ السَّلَامُ كُلَّمَا طَلَعَتْ شَمْسٌ أَوْ غَرَبَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ السَّلَامُ كُلَّمَا طَرَفَتْ عَيْنٌ أَوْ بَرَقَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ السَّلَامُ كُلَّمَا ذُكِرَ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ السَّلَامُ كُلَّمَا سَبَّحَ اللَّهَ مَلَكٌ أَوْ قَدَّسَهُ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْآخِرِينَ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَ حِينٍ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَ رَبَّ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَ رَبَّ الْحِلِّ وَالْحَرَامِ أَبْلِغْ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله عَنَّا السَّلَامَ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله مِنَ الْبَهَاءِ وَالنَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ وَالْكَرَامَةِ وَالْغِبْطَةِ وَالْوَسِيلَةِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالْمَقَامِ وَالشَّرَفِ وَالرِّفْعَةِ وَالشَّفَاعَةِ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَفْضَلَ مَا تُعْطِي أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ وَأَعْطِ مُحَمَّداً وَ آلَهُ فَوْقَ مَا تُعْطِي الْخَلَائِقَ مِنَ الْخَيْرِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً لَا يُحْصِيهَا غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَزْكَى وَأَنْمَى وَأَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَ عَلَى

ص: 322

أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ وَ شَرِكَ فِي دَمِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلَامُ وَالْعَنْ مَنْ آذَى نَبِيَّكَ فِيهَا اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهَا وَ عَادِ مَنْ عَادَاهَا وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِمَامَيِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُمَا وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُمَا وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِمَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامٍ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَوَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ

ص: 323

وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ عَجِّلِ اللَّهُمَّ فَرَجَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الطَّاهِرِ وَالْقَاسِمِ ابْنَيْ نَبِيِّكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى رُقَيَّةَ وَ أُمِ كُلْثُومَ بِنْتَيْ نَبِيِّكَ وَالْعَنْ مَنْ آذَى نَبِيَّكَ فِيهِمَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْخِيَرَةِ مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكَ اللَّهُمَّ اخْلُفْ نَبِيَّكَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ اللَّهُمَّ مَكِّنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عَدَدِهِمْ وَ مَدَدِهِمْ وَأَشْيَاعِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ وَأَنْصَارِهِمْ عَلَى الْحَقِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ اللَّهُمَّ اطْلُبْ بِذَحْلِهِمْ وَ وَتْرِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ وَ كُفَّ عَنَّا وَ عَنْهُمْ وَ عَنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ بَأْسَ كُلِّ بَاغٍ وَ طَاغٍ وَكُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّكَ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا»(1)

ومنها: ما رواه ابن إدريس وغيره بسند صحيح عن الإمام جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام أنّه قال: الصلاة على محمّد وآل محمّد فيما بين الظهر والعصر تعدل سبعين ركعة، ومن قال بعد العصر يوم الجمعة: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه» كان له مثل ثواب عمل الثقلين في ذلك اليوم(2)

وروى ابن بابويه _ قدّس سرّه _ بسند معتبر عن الإمام محمّد الباقر علیه السلام أنّه قال: إذا صلّيت العصر يوم الجمعة، فقل: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه»؛ فإنّ من قالها بعد

ص: 324


1- زاد المعاد: 111
2- مستطرفات السرائر: 112

العصر كتب الله عزّ وجلّ له مائة ألف حسنة، ومحا عنه مائة ألف سيّئة، وقضى له بها مائة ألف حاجة، ورفع له بها مائة ألف درجة(1)

ورواها أيضاً في ثواب الأعمال مع الاختلاف في هذه الألفاظ: «والسلام عليه وعليهم».

ورواها ابن طاوس _ قدّس سرّه _ بهذا النصّ في جمال الأسبوع عن أماليه (ابن بابويه _ قدّس سرّه _ ) عن الإمام محمّد الباقر صلوات الله عليه.

ومنها: ما رواه السيّد _ قدّس سرّه _ أيضاً بسند معتبر عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: من صلّى على محمّد وآله عليه وعليهم السلام حين يصلّى العصر يوم الجمعة قبل أن ينفتل من صلاته عشر مرّات يقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ وَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَعَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَ أَجْسَادِهِمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه» صلّت عليه الملائكة من تلك الجمعة إلى الجمعة المقبلة في تلك الساعة(2)

وفي معتبرة أخرى عنه علیه السلام: إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِيَاءِ الْمَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَ بَارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكَاتِكَ وَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه» يقول ذلك سبعاً(3)

ص: 325


1- الامالی (للصدوق): 484 ح 16
2- جمال الاسبوع: 275
3- المصدر نفسه

وفيهما: «عليه وعليهم السلام وعلى أرواحهم».

وهناك عدّة صلوات قد وردت بعد فريضة العصر من يوم الجمعة، وهي مدوّنة في كتب الأصحاب.

ومنها: الاستغفار بعد عصيرة يوم الجمعة، فقد روى ابن طاوس _ قدّس سرّه _ في جمال الأسبوع بإسناده عن أبي عبد الله علیه السلام أنّه قال: من يستغفر الله تعالى يوم الجمعة بعد العصر سبعين مرّة يقول: «أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» غفر الله له عزّ وجلّ ذنبه فيما سلف وعصمه فيما بقي فإن لم يكن له ذنب غفر له ذنوب والديه»(1)

ومنها: قراءة سورة القدر بعد عصيرة هذا اليوم مائة مرّة، وقد روى ابن بابويه بسند معتبر عن موسى بن جعفر علیهماالسلام: «لله تعالى يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته يعطي كلّ عبد منها ما شاء فمن قرأ بعد العصر يوم الجمعة إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مائة مرّة وهب الله تعالى له تلك الألف ومثلها».

ومنها: دعاء العشرات وهو دعاء عظيم الشأن، وقد رواه ابن طاوس _ قدّس سرّه _ بستّ طرق مختلفة كما قال في مهج الدعوات: «واعلم أنّ هذا دعا عظيم من أسرار الدعوات، ووجدت به ستّ روايات مختلفات ذكرنا منها روايتين واحدة في أدعيّة الغروب، وواحدة في تعقيب الصبح من كتاب عمل اليوم والليلة من المهمّات، ورواية في تعقيب العصر من يوم الجمعة في الجزء الرابع من المهمّات، ورواية في آخر كتاب إغاثة الداعي وإعانة الساعي،

ص: 326


1- جمال الاسبوع: 456

ونذكر في هذا الكتاب الخامسة والسادسة»(1)

ثمّ أورد الدعاء في الرواية الأولى، وهو ممّا يدعى به في كلّ صباح مرّةً واحدةً وبعد العصر مرّةً واحدةً، ولم يعيّن وقت في الرواية الثانية، وقد ذكره المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتابي الصلاة والدعاء من البحار بسند آخر.

والحاصل: يعلم من شرح هذا الحديث أنّ لهذا الدعاء ثلاثة أوقات: أحدها في الصبح، وثانيها في الليل، وأفضلها بعد فريضة العصر يوم الجمعة، فإنّه أفضل من جهة اليوم والوقت من سائر الأيّام والأوقات.

ولما كان هذا الدعاء المبارك وشرحه مدوّن في أكثر كتب الدعوات من المشهورة وغير المشهورة فطوينا عن إيراده واكتفينا في المقام بذكر تنبيه.

تنبيه: من جملة فقرات شرح هذا الدعاء أنّ أمير المؤمنين علیه السلام قال للامام الحسين صلوات الله عليه: «فعاهدني يا بني أنّه لا تلفظ بكلمة ممّا أسرّ به إليك حتّى أموت وبعد موتي باثني عشر شهراً»(2) ، والذي يقتضيه نظري القاصر في بيان تعليل هذه المعاهدة أن يقال: قد وقع استشهاد أمير المؤمنين علیه السلام على وفق ما ورد في التواريخ والأخبار المعتبرة ككتاب الكافي وغيره في سنة الأربعين من الهجرة، وقد عارض معاوية عليه اللعنة بعد ذلك الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام في دعوى الخلافة وأرسل مائة وخمسين ألف من جنود عسكره على وفق ما ورد في ضمن حديث طويل عن المفضّل عليه الرحمة

ص: 327


1- مهج العوات و منهج العبادات: 145
2- بحارالانوار: 87/ 73

بقيادة زياد بن أبيه عليه اللعنة إلى الكوفة ليلقوا القبض على الإمامين الحسن والحسين علیهماالسلام وسائر أهل بيتهما وشيعتهما ومحبّيهما، ويأخذوا عنهم البيعة له، ويقطعوا ممّن يأبى ذلك ما فيه عيناه ويرسلوه إليه، فلمّا بلغ الإمام الحسن علیه السلام هذا الخبر صعد المنبر وأعلم الناس بذلك واستنصرهم فقال: «لو وجدت أربعين ناصراً لقاتلته تأسيّاً بجدّي رسول الله صلی الله علیه و آله»(1)

والحاصل: قد بايع [علیه السلام] معاوية في السنة الحادية والأربعين من الهجرة مع تلك الشرائط المقرّرة تقيّةً وصيانةً لنفوس شيعته ومحبّيه وأموالهم وأعراضهم ودينهم ودنياهم عن التلف والهلاك.

ومن هنا اشترط أمير المؤمنين علیه السلام كتمان هذا السرّ وعدم إفشائه إلّا بعد مضيّ اثني عشر شهراً من استشهاده فإنّ مراده بذلك ارتفاع حظر التقيّة وانقضاء أزمة مداهنة الإمام الحسن علیه السلام لمعاوية عليه اللعنة إذ كان يعلم أنّ هذا الدعاء من حيث اشتماله على الشهادة بإمامته وإمامة أولاده المعصومين سلام الله عليهم أجمعين وانطوائه على ذكر فضائلهم ومناقبهم ممّا يوجب _ إن وقفوا عليه قبل وقعة المصالحة _ إيذاء شيعته وتأذّيهم، بل يورث ذهاب أنفسهم وأموالهم، فلذا علّق أمره على مضيّ هذه المدّة المعيّنة. وممّا يلوح من عبارة شرح هذا الدعاء هو عدم جواز إظهاره ما لم تنصرم هذه الفترة المحدّدة.

وقال في موضع آخر: «فعاهدني يا بني أن لا تعلّم هذا الدعاء لأحد إلى محلّ

ص: 328


1- و هم مضمون ما رواه الطبرسي في الاحتجاج: 2/ 12 حیث قال علیه السلام: «والله ما سلمت الامر الیه الا انی لم اجد انصارا و لو وجدت انصارا لقاتلته لیلي و نهاري»

منيّتك»(1)، ومن المحتمل أنّ ذلك إمّا كان من جهة ما ذكرنا، أو من جهة إخباره باستشهاد سيّد الشهداء علیه السلام حيث قال: «ولا تموت إلا وأنت شهيد، وتكون حياتك ما حييت وأنت سعيد»(2) ، فلم يرد أن يطّلع أحد على هذا الأمر العظيم، ولعلّه بعد مضيّ حول كامل أبرز هذا الدعاء إلّا أنّه لم يعلّمه لأحد إلى حين وفاته، ولمّا حان موعده وحضرته الوفاة كان هذا الدعاء من جملة ودائع الإمامة وأسرارها التي علّمها لسيّد الساجدين عليه الصلاة والسلام وسلّمها إليه.

وأنّي لأعجب عن بعض الأسرار المودعة في هذا الدعاء العظيم القدر وأمثاله من الدعوات المجرّبة الصحيحة المكرّر والمعدّ فيها جملة من الأذكار وبعض أسماء الله تعالى، وهناك أناس من الجاهلين والمقصّرين والمسلوب عنهم التوفيق يعرضون عن قراءة مثل هذه الأدعيّة تكاسلاً وبطالةً وبطراً وأشراً بدعوى أنّ تكرّر هذه الأسماء والأذكار والدعوات ممّا يوجب صرف قسط وافر من الوقت، ويكتفون بالأدعيّة المختصرة، ولكن من المجرّب أنّ من أعرض وتولّى عن تلك الدعوات صرف أوقاته التي كان يمكنه فيها قراءة هذه الأدعيّة في اقتراف المعاصي مع كمال الميل النفسانيّ وعدم إعراض الطبع واشمئزازه.

وقد جرّب هذا الأمر في أكثر الأفعال والأعمال الخيريّة وغيرها، وقد استوفى فيه الكلام الأستاذ الأعظم أدام الله ظلّه في دار السلام في مسألة الراجح والمرجوح فليراجع.

ص: 329


1- بحار الانوار: 87/ 74
2- بحارالانوار: 87/ 74

ص: 330

تكليف 37 في الآداب الواردة حين غروب الشمس يوم الجمعة، وذكر بعض الدعوات المخصوصة المتعلّقة به أرواحنا فداه

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام المواظبة على الأعمال والآداب المقرّرة من حين اصفرار الشمس يوم الجمعة إلى الغروب، وهذه الساعة تتعلّق وتختصّ اختصاصاً تامّاً بالحجّة أرواحنا فداه، وينبغي لك فيها كمال المراقبة والمواظبة التامّة والتوجّهات القلبيّة كأنّك ترى إمامك عجّل الله فرجه حاضراً ناظراً إليك وتجعله ذريعتك إلى إنجاز مقاصدك وإنجاح مطالبك ومآربك، فتزوره بما ذكره ابن طاوس قدس سره العزيز في كتاب الجمال وذكر فيه كيفيّة زيارته في يوم الجمعة بهذه الزيارة، وقد تقدّم ذكرها في مطاوي الآداب والأعمال الواردة عقيب فريضة الصبح يوم الجمعة، وقراءة الدعاء والسلام الذي بمثابة زيارته المخصوصة، وقد ذكره جمع من أساطين العلماء الذينهم الحجج الإلهيّة فتقرئه في الساعة الاثني عشر.

ص: 331

الدعاء الأوّل:

«يَا مَنْ تَوَحَّدَ بِنَفْسِهِ عَنْ خَلْقِهِ يَا مَنْ غَنِيَ عَنْ خَلْقِهِ بِصُنْعِهِ يَا مَنْ عَرَّفَ نَفْسَهُ خَلْقَهُ بِلُطْفِهِ يَا مَنْ سَلَكَ بِأَهْلِ طَاعَتِهِ مَرْضَاتَهُ يَا مَنْ أَعَانَ أَهْلَ مَحَبَّتِهِ عَلَى شُكْرِهِمْ يَا مَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِدِينِهِ وَ لَطُفَ لَهُمْ بِنَائِلِهِ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْخَلَفِ الصَّالِحِ علیه السلام وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ بِهِ وَأُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمْ وَأُولِي الْأَرْحَامِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِصِلَتِهِمْ وَ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ وَالْمَوَالِي الَّذِينَ أَمَرْتَ بِعِرْفَانِ حَقِّهِمْ وَأَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا».

ثمّ يطلب حاجته ويقول:

«وَ أَنْ تُدَارِكَنِي بِهِ وَ تُنْجِيَنِي مِمَّا أَخَافُهُ وَ أَحْذَرُهُ وَأَلْبِسْنِي بِهِ عَافِيَتَكَ وَ عَفْوَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَ كُنْ لَهُ وَ لِيّاً وَ حَافِظاً وَ نَاصِراً وَ قَائِداً وَ كَالِياً وَ سَاتِراً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فِيهَا طَوِيلًا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدِ [أُولِي الْأَمْرِ] الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمْ وَأُولِي الْأَرْحَامِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِصِلَتِهِمْ وَ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ وَالْمَوَالِي الَّذِينَ أَمَرْتَ بِعِرْفَانِ حَقِّهِمْ وَ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً أَسْأَلُكَ بِهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبِي كُلَّهَا يَا غَفَّارُ وَتَتُوبَ عَلَيَّ يَا تَوَّابُ

ص: 332

وَ تَرْحَمَنِي يَا رَحِيمُ يَا مَنْ لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِير»(1)

الدعاء الثاني _ ويدعى به في الساعة المعهودة من يوم الجمعة وغيره _ :

«اللَّهُمَّ يَا خَالِقَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْمِهَادِ الْمَوْضُوعِ وَ رَازِقَ الْعَاصِي وَالْمُطِيعِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لَا شَفِيعَ أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الَّتِي إِذَا سُمِّيَتْ عَلَى طَوَارِقِ الْعُسْرِ عَادَتْ يُسْراً وَ إِذَا وُضِعَتْ عَلَى الْجِبَالِ كَانَتْ هَباءً مَنْثُوراً وَ إِذَا رُفِعَتْ إِلَى السَّمَاءِ تَفَتَّحَتْ لَهَا الْمَغَالِقُ وَ إِذَا هَبَطَتْ إِلَى ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ اتَّسَعَتْ بِهَا الْمَضَايِقُ وَ إِذَا دُعِيَتْ بِهَا الْمَوْتَى انْتَشَرَتْ مِنَ اللُّحُودِ وَإِذَا نُودِيَتْ بِهَا الْمَعْدُومَاتُ خَرَجَتْ إِلَى الْوُجُودِ وَ إِذَا ذُكِرَتْ عَلَى الْقُلُوبِ وَجِلَتْ خُشُوعاً وَ إِذَا قُرِعَتِ الْأَسْمَاعُ فَاضَتِ الْعُيُونُ دُمُوعاً أَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِكَ الْمُؤَيَّدِ بِالْمُعْجِزَاتِ الْمَبْعُوثِ بِمُحْكَمِ الْآيَاتِ وَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي اخْتَرْتَهُ لِمُؤَاخَاتِهِ وَ وَصِيَّتِهِ وَاصْطَفَيْتَهُ لِمُصَافَاتِهِ وَ مُصَاهَرَتِهِ وَ بِصَاحِبِ الزَّمَانِ الْمَهْدِيِّ الَّذِي تَجْمَعُ عَلَى طَاعَتِهِ الْآرَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ وَ تُؤَلِّفُ لَهُ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ وَ تَسْتَخْلِصُ بِهِ حُقُوقَ أَوْلِيَائِكَ وَ تَنْتَقِمُ بِهِ مِنْ شِرَارِ أَعْدَائِكَ وَ تَمْلَأُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ إِحْسَاناً وَ تُوَسِّعُ عَلَى الْعِبَادِ بِظُهُورِهِ فَضْلًا وَامْتِنَاناً وَ تُعِيدُ الْحَقَّ مِنْ مَكَانِهِ عَزِيزاً حَمِيداً وَ يَرْجِعُ الدِّينُ عَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَقَدِ اسْتَشْفَعْتُ بِهِمْ إِلَيْكَ وَ قَدَّمْتُهُمْ أَمَامِي وَ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي وَ أَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَ نِعْمَتِكَ فِي التَّوْفِيقَ لِمَعْرِفَتِهِ وَالْهِدَايَةِ إِلَى طَاعَتِهِ وَ تَزِيدَنِي قُوَّةً فِي التَّمَسُّكِ بِعِصْمَتِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِسُنَّتِهِ وَالْكَوْنِ فِي زُمْرَتِهِ وَ شِيعَتِهِ

ص: 333


1- المصباح (للکفعمي): 147

إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ»(1)

ومنها: دعاء السمات ويدعى به في الساعات الأخيرة من يوم الجمعة وهو من الأدعيّة العظيمة القدر الجليلة الشأن، بل من الأسرار المكنونة والودائع المخزونة ولكنّه الآن للأسف الشديد ضاع قدره وطاحت منزلته إثر إشاعته وإذاعته بين يدي من لا مسكة له من المعرفة، وقد كتب عليه الحقير في المجلّد الثالث من كتاب خرابات شرحاً مبسوطاً، فمن أراد الاطّلاع على بعض أسراره ودقائقه وحقائقه ونكاته الظاهرة والباطنة المستنبطة من آثار أهل البيت المعصومين سلام الله عليهم فليراجع ذلك الكتاب.

والحاصل: لمّا اقتربت ساعة غروب الشمس ينبغي لك تمهيد أسباب التقرّب إلى الله والرسول والأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم بالتشبّث بهذا الدعاء وابتغائه وسيلةً إلى المأمول والمنى، فتقرأ هذا الدعاء وأنت في كمال الخشوع والخضوع، وتجعل إمامك مع نهاية الإلحاح شفيعاً فعسى أن ينجح البارئ تعالى ويقضي _ ببركة هذا الدعاء المبارك وشفاعة إمام الزمان أرواحنا فداه _ مطالبك الدنيويّة ومآربك الأخرويّة بالعافية والخيريّة.

وإيّاك والغفلة عن هذه الساعة فإنّ اليوم يومه والساعة ساعته أرواحنا فداه، وعندها تصعد ملائكة النهار وتهبط ملائكة الليل، ويشتغل إمامك بالدعاء والتضرّع والبكاء، فعليك التأسّي به فإن قضيت _ معاذ الله _ ساعاتك السالفة بالغفلة والعطلة وصرفت أوقاتك الماضية في المشاغل والشواغل

ص: 334


1- المصباح (للکفعمي): 148

فبادر إلى اقتناص هذه الساعة، وقم بصدد الإصلاح والجبر وتدارك ما فات عنك فإنّ الأوان تقترب الفوات وأنّ الفرصة تنصرم وأنّ حالة حضور القلب تمرّ مرّ البرق الخاطف.

وإذ كان الدعاء المزبور وصحّة سنده من كثرة الانتشار والاشتهار في كافّة الأعصار والأمصار كالشمس في رابعة النهار فطوينا عن ذكر ذلك.

ولكن يا أخي جدّ واجتهد أن تقرأ هذا الدعاء بوجه صحيح، وتتفطّن لمضامينه أو ترجمته حذراً عن الاشتباه والغلط، وإلّا فلا يستجاب دعائك ويذهب ما تحمّلت فيه من المشاقّ هباءً منثوراً.

ص: 335

ص: 336

تكليف 38 في آداب يوم عاشوراء، وهو يوم ظهوره أرواحنا فداه

قد أسلفنا الكلام وقلنا: إنّ من جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هي المحافظة على حدود بعض الأزمنة والأوقات التي تتعلّق وتنسب إليه أرواحنا فداه، ومنها يوم عاشوراء الذي هو على وفق ما ورد في الأحاديث يوم ظهوره وفرجه لإظهار أمره ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، والانتقام وطلب الثأر من قتلة سيّد الشهداء صلواة الله وسلامه عليه، «وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا»(1) .

فعليك في هذا اليوم انتظار ظهوره وترقّب قدومه الموفور السرور وزيارة سيّد الشهداء أرواح العالمين له الفداء والالتفات إلى ما ورد في تلك الزيارة من المطالب والمضامين فمنها اسمه السامي أرواحنا فداه، ثمّ قراءة دعاء العلقمة واختيار ما يخصّ زمن الغيبة من سائر الدعوات المتعلّقة بما ورد في

ص: 337


1- سورة الاسراء: 33

عاشوراء من الزيارات العديدة المختلفة المدوّنة في كتب الزيارات كما مضى بيان ذلك، بل قراءة زيارة الندبة ودعاء الندبة قاصداً بهما القربة المحضة وأنت في كمال الحزن والكآبة، فإنّ مصيبة الغيبة لمصيبةٌ عظمى على الشيعة ولاختبارٌ شديدٌ لهم، فلا ترتفع هذه البلايا والمِحَن ولا تنحسم هذه الرزايا والحَزن إلّا بظهوره عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه بمحمّد وآله الطاهرين.

وقد كتب الفاضل، اللوزعيّ، الألمعيّ، الموفّق بالتوفيقات السبحانيّة، أعني أخي في نشأتي الروحانيّة والجسمانيّة، المؤيّد من عند الله الحاجّ الميرزا حبيب الله وفّقه الله تعالى شرحاً مختصراً على زيارة عاشوراء ينبغي لكلّ أحد موالي أهل البيت المعصومين صلواة الله عليهم أجمعين دراسته، اللهم وفّقه بمحمّد وآله.

ص: 338

تكليف 39 في آداب ليلة النصف من شعبان، وهي ليلة ولادته أرواحنا فداه

ومن جملة الأزمنة والأوقات التي تختصّ بصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه ليلة ويوم النصف من شعبان وذلك لوجوه:

أوّلها: كان فيها مولده السعيد أرواح العالمين فداه على الأصحّ.

ثانيها: أنّها ليلة تثبيت الآجال وتقسيم الأرزاق على العباد، وليلة تقدير وفود الحجّاج كما في ليلة القدر، وقد احتمل السيّد بن طاوس قدس سره في كتاب الإقبال وجوهاً في هذا المضمار فليلاحظ. وكيفما كان فإنّ تثبيت الآجال وتقسيم الأرزاق وغير ذلك إنّما هو ممّا يخصّ وجود إمام العصر أرواحنا فداه، فإنّه حافظ لوح المحو والإثبات بهم يمحو الله ما يشاء ويثبت وأنّهم أمّ الكتاب.

وثالثها: أنّه ممّا يقضي به ما رواه في بصائر الدرجات عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام أنّه قال: «إنّ الأعمال تعرض علي في كلّ خميس فإذا كان الهلال أكملت، فإذا كان النصف من شعبان عرضت على رسول الله صلی الله علیه و آله

ص: 339

وعلى عليّ ثمّ ينسخ في الذكر الحكيم»(1) . ومن الواضح أنّ مثل هذا الأمر العظيم لا يكاد يتمشّى في هذه الليلة المباركة إلّا بوجود إمام العصر أرواحنا فداه، وأنّ هذا لهو المنصب العظيم والأمر الجسيم والشأن الفخيم، وهو ممّا يختصّ بين أهل السموات والأرضين بذلك الوجود المقدّس المبارك.

ورابعها: أنّه تبهط فيها أرواح قاطبة الأنبياء سيّما أولو العزم منهم: (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد) صلّى الله عليهم أجمعين قاصدين زيارة سيّد الشهداء صلی الله علیه و اله، وأنت تعلم أنّ من جملة زوّاره علیه السلام في هذه الليلة إنّما هو الحجّة عجّل الله فرجه، ولا يكاد يخفى أنّ ملاقاته ومصافحته معهم لأمرٌ عظيمٌ لا يحتمله لسان التقرير ولا يسعه بيان التحرير، وأنّ مصافحة تلك الأرواح المعظّمة مع ذلك السلطان الأعظم وهو وليّ الكائنات والحجّة على كافّة أهل الأرضين والسموات ليست كالمصافحة معك ومع سائر الخلائق الذين يزورون أبا عبد الله أرواح العالمين فداه في تلك الليلة إذ لا تُعلم كيفيّة هذه المصافحة، بل ولربّما تأوّلها تأويلاً بارداً أو تكون ممّن لا يعتقد بها رأساً.

والحاصل: لا ينبغي في هذه الليلة المباركة التكاهل عن الطاعة والعبادة والتساهل في إحيائها على قدر المستطاع حذراً من أن تعدّ _ معاذ الله _ في عداد الأشقياء، فقد ورد في الأخبار: فلا يضعف عن قيام تلك الليلة إلّا شقيّ.

وتزور الحجّة أرواحنا فداه بما يخصّ هذه الليلة وأوّله:

«اللَّهُمَ بِحَقِ لَيْلَتِنا هذِهِ وَ مَوْلُودِها، وَ حُجَّتِكَ وَ مَوْعُودِهَا، الَّتِي قَرَنْتَ الى

ص: 340


1- بصائر الدرجات: 444

فَضْلِها فَضْلًا، فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَ لا مُعَقِّبَ لآياتِكَ، نُورُكَ الْمُتَأَلِّقُ وَ ضِياؤُكَ الْمُشْرِقُ، وَالْعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْياءِ الدَّيْجُورِ، الْغائِبُ الْمَسْتُورُ، جَلَّ مَوْلِدُهُ وَ كَرُمَ مَحْتَدُهُ، وَالْمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ، وَ اللَّهُ ناصِرُهُ وَ مُؤَيِّدُهُ إِذا آنَ مِيعادُهُ وَالْمَلائِكَةُ أَمْدادُهُ، سَيْفُ اللَّهِ الَّذِي لا يَنْبُو، وَ نُورُهُ الَّذِي لا يَخْبُو، وَ ذُو الْحِلْمِ الَّذِي لا يَصْبُو، مَدارُ الدَّهْرِ وَ نَوامِيسُ الْعَصْرِ وَ وُلاةُ الامْرِ وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ ما يَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَصْحابُ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، تَراجِمَةُ وَحْيِهِ وَ وُلاةُ امْرِهِ وَ نَهْيِهِ، اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتَمِهِمْ وَ قائِمِهِمْ، الْمَسْتُورِ عَنْ عَوالِمِهِمْ، وَادْرِكْ بِنا أَيَّامَهُ وَ ظُهُورَهُ وَ قِيامَهُ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَنْصارِهِ، وَ اقْرِنْ ثارَنا بِثأرِهِ، وَاكْتُبْنا فِي أَعْوانِهِ وَ خُلَصائِهِ، وَأَحْيِنا فِي دَوْلَتِهِ ناعِمِينَ وَ بِصُحْبَتِهِ غانِمِينَ، وَ بِحَقِّهِ قائِمِينَ، وَ مِنَ السُّوءِ سالِمِينَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَ عَلى اهْلِ بَيْتِهِ الصَّادِقِينَ وَ عِتْرَتِهِ النَّاطِقِينَ، وَالْعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ، وَاحْكُمْ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُمْ يا احْكَمَ الْحاكِمِين»(1).

وتأتي بما ورد فيها من الأوراد والأذكار والصلوات والدعوات، وتكثر الدعاء لسلامة وجود إمام العصر أرواحنا فداه، وتقرأ دعاء كميل والصلوات المأثورة والأذكار المدوّنة في كتب العبادات المؤلّفة بالعربيّة والفارسيّة على سبيل التفصيل رجاءَ أن يضبط اسمك في الذكر الحكيم في زمرة السعداء.

ص: 341


1- اقبال الاعمال (ط ج): 3/ 331

ص: 342

تكليف 40 في أعمال يوم النيروز، وهو يوم ظهوره أرواحنا فداه

ومن جملة الأزمنة والأوقات التي تخصّ به إنّما هو يوم النيروز، وأنّ الأستاذ الأعظم أدام الله ظلّه العالي وإن أفاد في المقام شرحاً شافياً وتقريراً وافياً إلّا أنّه لا دلالة فيه على تعيين هذا اليوم بخصوصه فإنّه ممّا اشتبه علينا، نعم قال المجلسيّ قدس سره في زاد المعاد: إنّ يوم النيروز هو هذا اليوم الذي اشتهر بين الناس، وينبغي الإتيان ببعض الأعمال الواردة في هذا اليوم على طريقة الاحتياط.

قال الحقير: وإن اشتغل في يوم النيروز وعند حوؤل الحول وحولان السنة ببعض الزيارات الواردة سيّما زيارة أمير المؤمنين والحجّة صلّى الله عليهما كان حسناً، بل الأفضل زيارة إمام العصر أرواحنا فداه والتوجّه نحو جنابه عند دخول الشمس إلى برج الحمل.

ص: 343

ص: 344

تكليف 41 في كيفيّة الإهداء إلى قدس حضرته أرواحنا فداه، وطريقة صلاة الهدية على وفق التقسيم

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة إمام العصر عليه الصلاة والسلام إهداء المثوبات إلى حضرته أرواحنا فداه إذ من وظائف العبد تجاه مولاه إهداء ما يملك من الأمتعة النفيسة إظهاراً لخصوصيّة الرقيّة، وحفظاً لمرتبة العبوديّة، أو لفتاً لنظر المولى إلى نفسه لينظر إليه نظرةً رحيمةً، أو طمعاً في فواضل نعمائه وسوابغ آلائه، أو رفعاً لتكدّر خاطره، أو حبّاً ومودةً له فلا يريد بذلك إلّا تحصيل ازدياد المحبّة والمودّة بينهما وظهور مراتب العبوديّة والفدويّة والرضى، وغير خفيّ أنّ مثل هذه الهدية التي عارية عن شوائب الطمع وجلب المنفعة وما شابه ذلك أفضل وأعظم، وأنّ قبولها من المولى أحلى وأتمّ.

فنحن معاشر العبيد الذين عاصرنا غيبة مولانا وسيّدنا أرواحنا فداه وقصرت أقدامنا عن وطيء قدس حضرته ينبغي لنا أن نبتغي إليه في بعض الأوقات

ص: 345

وسيلةً وذريعةً من الهدايا العارية عن الرياء والسمعة، ونظهر له بذلك العبوديّة والرقيّة رجاءَ أن ينظر إلينا نظرةً رحيمةً نستوجب بها الكرامة عنده، وبما أنّ جميع الموجودات مقهورة تحت يد قدرته وهو مالك الملوك الحقيقي، وأنّ معيشتنا وتقلّبنا في البلاد بيمن قدس وجوده وهو مولى الكائنات، ولا نملك ما هو خليق لحضرته وحقيق بساحته، فإنّ العبد وما في يده كان لمولاه إلّا بعض الأعمال الخيريّة من قبيل الصلاة والصيام والحجّ والصدقات وغيرها هذا من جانب، ومن آخر أنّا بعد ما تفحّصنا لم نجد هناك ما يليق برتبة سلطانه ويجدر بعظم شأنه _ كلّ يوم هو في شأن _ من الأمتعة الدنيويّة إلّا ما كان من جنس نورانيّته ومن سنخ عوالمه الملكوتيّة جلّ جلاله: «لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَ لَا دِمَاؤُهَا وَ لَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ..»(1) ، و«الصلاة قربان كلّ تقيّ»(2) .

وغير خفيّ أنّ أفضل أعمال العبد الصلاة، وأنّ الهدية التي تليق بحضرة سلطانه لا بدّ أن تكون من أعلى النفائس وأغلاها التي يمتلكها العبد، ومن هنا قرّروا لنا صلاة الهدية بأن نأتي بها مع الآداب والأعمال المقرّرة ونهدي ثوابها إلى حضرة سلطانه المعظّم أرواح العالمين فداه.

فمن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو التوسّل بحضراتهم المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين بصلاة الهدية، فعلينا أن نأتي في كلّ يوم يتعلّق بهم على وفق تقسيم الشارع القويم بهذه

ص: 346


1- سورة الحج: 37
2- الکافي: 3/ 265 ح 6

الصلاة مع كمال الخضوع والخشوع على ترتيب ما قرّروه لنا وتقسيم ما قدّروه قاصدين بها التقرّب الصرف والقربة المحضة مخلصين في إيقاعها، ثمّ تقديمها إلى سموّ جلالته وشموخ نبالته تحفةً وهديةً رجاءَ أن يتلقّوها بالقبول وتقع في حظيرة قدسهم موقع مرضاتهم صلوات الله عليهم فيصير صاحبها بذلك ممّن تناله ألطافهم الظاهرة وأعطافهم الباطنة.

وأمّا طريقة إيقاع هذه الصلاة فهي على ضربين:

الأوّل: إيقاعها بحسب تقسيم أيّام الأسبوع، والثاني: إيقاعها في أيّ يوم من الأيّام وفي أيّ وقت من الأوقات فهو مخيّر في ذلك.

وأمّا الأوّل: ففي كتب علمائنا الأعلام وفقهائنا الكرام _ رضوان الله عليهم _ على وفق ما ورد في روايات أئمّتنا المعصومين سلام الله عليهم أجمعين المعتبرة على نحو ما يلي بيانه:

أمّا يوم الجمعة: فيستحبّ له الإتيان بثمان ركعات بتسليمة بعد كلّ ركعتين، وإهداء أربع ركعات منها إلى الرسول صلی الله علیه و آله وأربع منها إلى السيّدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.

أمّا يوم السبت: فيستحبّ له الإتيان بأربع ركعات وإهدائها إلى أمير المؤمنين علیه السلام.

وأمّا باقي الأيّام فيستحبّ له الإتيان في كلّ يوم بأربع ركعات وإهدائها إلى صاحب ذلك اليوم إلى يوم الخميس فيأتي بأربع ركعات ويهديها إلى الإمام جعفر الصادق علیه السلام، ثمّ يأتي في يوم الجمعة بثمان ركعات ويهدي أربع

ص: 347

ركعات منها إلى السيّدة فاطمة عليها السلام، وفي يوم السبت بأربع ركعات ويهديها إلى الإمام موسى بن جعفر علیه السلام، ثمّ يأتي في كلّ يوم بأربع ركعات ويهديها إلى أحد الأئمّة إلى يوم الخميس فيأتي فيه بأربع ركعات ويهديها إلى صاحب الزمان أرواحنا فداه، ويدعو بعد كلّ ركعتين بما يلي: «اللهم أنتَ السَلامُ ومِنكَ السَلامُ وإليكَ يَعودُ السَلامُ حينا رَبّنا مِنكَ بالسَلامِ اَللهُمَ هذه الركعات هِديّةٌ مِنِّي إلى وَليِّكَ فلانِ بن فلانِ (ويذكر بدل قوله: «فلان» اسم الإمام الذي قصده بهذه الصلاة) فَصلِّ عَلى محمّدٍ وَآلِ محمّدٍ وبَلِّغهُ إيّاها وأعطِني أفضَلَ أمَليِ ورَجائِي فيكَ وَفي رَسُولِكَ صُلواتُكَ عَليهِ وَآلِه وفيه» ثمّ يدعو بما يشاء فإنّه مستجاب إن شاء الله، وأمّا عدد ركعات هذه الصلاة فهي أربع وستّون ركعة يوتى بها خلال الأسبوعين.

وأمّا الثاني: فسيأتي بيانه في مطاوي التكليف الآتي ذكره.

ص: 348

تكليف 42 في إهداء ثواب الطاعات والعبادات إلى الحجج الطاهرين علیهم السلام وطريقة صلاة الهدية من دون ذكر التقسيم

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو إهداء ثواب الطاعات والعبادات الواجبة والمستحبّة إليه وإلى آبائه الكرام صلّى الله عليهم أجمعين فإنّه كما يوجب تقبّل عبادات العبد كذلك يورث تضاعف طاعاته وتكاثرها كما روى السيّد بن طاوس _ قدّس سرّه _ في جمال الأسبوع مرفوعاً إلى الأئمّة علیهم السلام أنّهم قالوا:

من جعل ثواب صلاته لرسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وسلّم، أضعف الله له ثواب صلاته أضعافاً مضاعفةً حتّى ينقطع النفس، ويقال له قبل أن يخرج روحه جسده: يا فلان! هديتك إلينا وألطافك لنا فهذا يوم مجازاتك ومكافاتك، فطب نفساً وقرّ عيناً بما أعدّ الله لك وهنيئاً لك بما صرت إليه، قال: قلت: كيف يهدي صلاته ويقول؟ قال: ينوي ثواب صلاته لرسول الله صل الله علیه و اله، ولو أمكنه أن يزيد على صلاة

ص: 349

الخمسين شيئاً ولو ركعتين في كلّ يوم ويهديها إلى واحد منهم، يفتتح الصلاة في الركعة الأولى مثل افتتاح صلاة الفريضة بسبع تكبيرات أو ثلاث مرّات أو مرّة في كلّ ركعة، ويقول بعد تسبيح الركوع والسجود ثلاث مرّات: صلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، في كلّ ركعة، فإذا شهد وسلّم قال:

«اللَّهُمَ أَنْتَ السَّلَامُ وَ مِنْكَ السَّلَامُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ وَأَبْلِغْهُمْ مِنِّي أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلَامِ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ الرَّكَعَاتِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ رَسُولِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْهَا مِنِّي وَ أَبْلِغْهُ إِيَّاهَا عَنِّي وَأَثِبْنِي عَلَيْهَا أَفْضَلَ أَمَلِي وَ رَجَائِي فِيكَ وَ فِي نَبِيِّكَ علیه السلام وَ وَصِيِّ نَبِيِّكَ وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ابْنَةِ نَبِيِّكَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَأَوْلِيَائِكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ علیه السلام يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ».

قال المؤلّف: إنّ هذا الدعاء إنّما يدعى به فيما إذا أتيت بأربع ركعات أو أزيد وأهديتها إلى الرسول صلی الله علیه و اله أو ضممت إليها ما ذكر من خمسين ركعة فإذا صلّيت ركعتين قلت: اللهم إنّ هاتين الركعتين .. وتثّني الضمير في قوله: تقبلها وعليها، كما تدعو به عقيب كلّ ركعتين لسائر المعصومين علیهم السلام

ثمّ تصلّي ركعتين هديةً إلى أمير المؤمنين علیه السلام وتقرء الدعاء المزبور إلى قولك: التحيّة والسلام ثمّ تقول:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ عَمِّ نَبِيِّكَ وَ وَصِيِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْهَا مِنِّي وَأَبْلِغْهُ إِيَّاهُمَا

ص: 350

عَنِّي وَ أَثِبْنِي عَلَيْهِمَا أَفْضَلَ أَمَلِي وَرَجَائِي فِيكَ وَ فِي نَبِيِّكَ وَ وَصِيِّ نَبِيِّكَ وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ابْنَةِ نَبِيِّكَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَأَوْلِيَائِكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى السيّدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ الطَّيِّبَةِ الزَّكِيَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْهَا مِنِّي وَ أَبْلِغْهَا إِيَّاهُمَا عَنِّي وَأَثِبْنِي عَلَيْهِمَا أَفْضَلَ أَمَلِي وَ رَجَائِي فِيكَ وَ فِي نَبِيِّكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ وَصِيِّ نَبِيِّكَ وَالطَّيِّبَةِ الطَّاهِرَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى الإمام الحسن علیه السلام قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَابْنِ وَ لِيِّكَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْهُمَا مِنِّي وَأَبْلِغْهُ إِيَّاهُمَا وَأَثِبْنِي عَلَيْهِمَا أَفْضَلَ أَمَلِي وَ رَجَائِي فِيكَ وَ فِي نَبِيِّكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى الإمام الحسين علیه السلام قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَ لِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ الطَّيِّبِ الطَّاهِرِ الزَّكِيِّ الرَّضِيِّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُجْتَبَى وَيَأْتِي بِالدُّعَاءِ إِلَى آخِرِهِ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى الإمام عليّ بن الحسين علیهماالسلام قلت:

ص: 351

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیه السلام، و تأتي بالدعاء إلى آخره يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى الإمام محمّد الباقر علیه السلام قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عِلْمَكَ علیه السلام، و تأتي بالدعاء إلى آخره يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى الإمام جعفر الصادق علیه السلام قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام، وتقول الدعاء إلى آخره يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً».

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى موسى بن جعفر علیهماالسلام قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام وَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، والدعاء إلى آخره يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً».

و إذا صلّيت ركعتين هديةً إلى عليّ بن موسى الرضا علیهماالسلام قلت:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ابْنِ الْمَرْضِيِّينَ علیه السلام، والدعاء إلى آخره يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً».

ص: 352

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى محمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ علیهم السلام دعوت بما مضى بيانه على الطريقة المزبورة.

وإذا صلّيت ركعتين هديةً إلى صاحب الزمان أرواحنا فداه فادع بالدعاء إلى قولك:

«اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ فِي أَرْضِكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً»(1)

وفي البحار: عن عليّ بن المغيرة عن أبي الحسن علیه السلام قال: قلت له: إنّ أبي سأل جدّك علیه السلام عن ختم القرآن في كلّ ليلة، فقال له: «في شهر رمضان»، قال: أفعل فيه ما استطعت، فكان أبي يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان ثمّ ختمته بعد أبي فربّما زدت وربّما نقصت، وإنّما يكون ذلك على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي، فإذا كان يوم الفطر جعلت لرسول الله صلی الله علیه و اله ختمة ولفاطمة علیهاالسلام ختمة وللأئمّة علیهم السلام ختمة _ حتّى انتهيت إليه _ فصيرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحالي فأيّ شيء لي بذلك؟ قال: «لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة»، قلت: الله أكبر! فلي بذلك؟ قال: «نعم ثلاث مرات»(2).

ص: 353


1- جمال الاسبوع: 30
2- بحار الانوار: 95/ 5

ص: 354

تكليف 43 في تقديمه علیه السلام أمام كافّة الدعوات والحاجات وعامّة الخيرات والمبرّات

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو تقديمه في جميع الدعوات والخيرات والمبرّات والاستشفاع بالحجج الطاهرين في إنجاح جميع المطالب والحوائج كما تقرأ في زيارة الجامعة الكبيرة: ومقدّمكم أمام طلبتي وحوائجي، وقد أوصى ابن طاوس _ قدّس سرّه _ في كشف المحجّة ولده فقال:

«فقدّم حوائجه على حوائجك، فإيّاك ثمّ إيّاك أن تقدّم نفسك أو أحداً من الخلائق في الولاء والدعاء له بأبلغ الإمكان، وأحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن، وإيّاك أن تعتقد أنّني قلت هذا لأنّه محتاج إلى دعائك هيهات هيهات إن اعتقدت هذا فأنت مريض في اعتقادك وولائك بل إنّما قلت هذا لما عرّفتك من حقّه العظيم عليك وإحسانه الجسيم إليك، ولأنّك إذا دعوت له قبل الدعاء لنفسك ولمن يعزّ عليك كان أقرب إلى أن يفتح الله جلّ جلاله أبواب الإجابة بين يديك لأنّ أبواب قبول الدعوات قد

ص: 355

غلقتها أيّها العبد بإغلاق الجنايات فإذا دعوت لهذا المولى الخاصّ عند مالك الأحياء والأموات يوشك أن يفتح أبواب الإجابة لأجله فتدخل أنت في الدعاء لنفسك ولمن تدعو له في زمرة فضله وتتّسع رحمة الله جلّ جلاله لك وكرمه وعنايته بك لتعلّقك في الدعاء بحبله»(1).

وقد ذكرنا جملة من كلامه في مطاوي التكاليف المتقدّم ذكرها.

تكاليف عديدة:

اعلم أنّه قد ذكر الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ في كتاب النجم الثاقب ثمانية تكاليف ممّا ينبغي للعباد في غيبة الحجّة أرواحنا فداه الالتزام به مذيّلاً كلّ تكليف ببيان، ونحن نذكر في المقام مجمل ما أفاد:

ص: 356


1- فلاح السائل: 45

تكليف 44 في الكون على هيأة المهموم والمغموم إثر ألم فراقه أرواحنا فداه

التكليف الأوّل من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب :هو أن يكون مهموماً له علیه السلام في أيّام الغيبة والفراق، وأسبابه متعدّدة:

الأوّل: لمستوريّته ومحجوبيّته وعدم الوصول إلى أذيال وصاله، والعيون لم تقرّ بالنظر إلى نور جماله مع وجوده بين الأنام، واطّلاعه علیه السلام على خفايا أعمال العباد في آناء الليل والأيّام.

الثاني: لمنعه ذلك السلطان العظيم الشأن عن لباس الخلافة والسلطة الظاهريّة على جميع العالم التي ما خيطت لأحد إلّا له بقامته المعتدلة، فله الرتق والفتق وإجراء الأحكام والحدود وتبليغ الأوامر الإلهيّة ومنع الاعتداء والجوار، وإعانة الضعيف، وإغاثة المظلوم، وأخذ الحقوق، وإحقاق الحقّ، وإبطال الباطل وغير ذلك.

الثالث: ولعدم الحصول على الطريق الواسع المستقيم الواضح للشريعة

ص: 357

المطهّرة وانحصار الطريق للوصول إليه بطرق ضيقة ظلماء في كلّ مضيق منها كمن مجموعة من اللصوص الداخليين للدين المبين، يدخلون دائماً الشكوك والشبهات في قلوب العامّة بل الخاصّة حتّى يكذب ويلعن ويشتم أصحاب هذه الفرقة القليلة والعصابة المهتدية الإماميّة بعضهم البعض الآخر، ويتسلّط عليهم أعداؤهم، ويخرجون من الدين أفواجاً أفواجاً، ويعجز العلماء الصالحون عن إظهار علمهم، ويصدق وعد الصادقين علیهم السلام، وسيأتي زمان على المؤمن حفظ دينه أشدّ من القبض على جمرة نار في اليد إلى آخر كلماته الشريفة.

ص: 358

تكليف 45 في انتظار فرجه وترقّب ظهوره أرواحنا فداه

التكليف الثاني من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: من التكاليف القلبيّة انتظار فرج آل محمّد علیهم السلام في كلّ آنٍ، وترقّب ظهور وقيام الدولة القاهرة والسلطنة الظاهرة لمهديّ آل محمّد علیهم السلام، وامتلاء الأرض قسطاً وعدلاً، وانتصار الدين القويم على جميع الأديان إلى أن قال: عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد علیهماالسلام أنّه قال: «من مات منكم على هذا الأمر منتظراً كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائم علیه السلام»(1)

وروى الشيخ الصدوق في الكمال عن أمير المؤمنين علیه السلام أنّه قال: «المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله»(2)

وكذا قال الإمام جعفر الصادق علیه السلام: «من دين الأئمّة، الورع والعفّة والصلاح وانتظار الفرج»(3)، إلى آخر كلماته الشريفة.

ص: 359


1- الماسن: 1/ 173
2- کمال الدین و تمام النعمة: 645 ح 6
3- بحار الانوار: 52/ 123 ح 1

ص: 360

تكليف 46 في الدعاء لحفظ وجوده المبارك أرواحنا فداه

التكليف الثالث من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: هو الدعاء لحفظ وجود إمام العصر علیه السلام المبارك من شرّ شياطين الإنس والجنّ، والدعاء بطلب التعجيل لنصرته وظفره وغلبته على الكفّار والملحدين والمنافقين، كما أشرنا إليه سابقاً.

ص: 361

ص: 362

تكليف 47 في دفع الصدقة لسلامة وجوده المبارك أرواحنا فداه

التكليف الرابع من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: هو التصّدق بما يتيسّر في كلّ وقت لحفظ الوجود المبارك لإمام العصر علیه السلام، بما أنّه ثبت ببراهين العقل والنقل أنّه لا شيء أعزّ وأغلى من وجود إمام العصر المقدّس علیه السلام، بل أنّه أحبّ إليه من نفسه وإن لم يكن كذلك فهو ضعف ونقص في الإيمان وضعف وخلل في الاعتقاد، كما روي بأسانيد معتبرة عن رسول الله صلی الله علیه و آله أنّه قال: «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، وأهلي أحبّ إليه من أهله»(1)

وكيف لا يكون كذلك وجميع الوجوه والحياة والدين والعقل والصحّة والعافية وكلّ النعم الإلهيّة الظاهريّة والباطنيّة لكلّ الموجودات إنّما هي فيض ذلك الوجود المقدّس وأوصيائه صلوات الله عليهم.

ص: 363


1- علل الشرائع: 1/132 ح 1 و 3

وبما أنّ ناموس العصر، ومدار الدهر، ومنير الشمس والقمر، وصاحب هذا القصر والحرم، وسبب سكون الأرض، وحركة الأفلاك، ورونق الدنيا من الأسفل إلى الأعلى، الحاضر في قلوب الأخيار، والغائب عن الإنس الأغيار في هذه الأعصار، هو الحجّة بن الحسن صلوات الله عليهما ولباس الصحّة والعافية مقدّرة بتناسق قامته المقدّسة، ومتناسبة للقدّ المعتدل لذاته المقدّسة، بينما كلّ همّة واهتمام الذين يعبدون ذواتهم هي في حفظ وحراسة وسلامة أنفسهم، فكيف بأولئك الذين لا يرون أحداً يستحقّ الوجود والعافية والصحّة غير ذلك الوجود المقدّس؛ فمن اللازم عليهم والمحتّم أن يكون هدفهم الأوّليّ وغايتهم الأولى التشبّث بكلّ وسيلة وسبب لبقاء صحّته وتحصيل عافيته وقضاء حاجته ودفع البلاء الذي نزل به، مثل الدعاء، والتضرّع والتصدّق والتوسّل ليكون وجوده المقدّس سالماً ومحفوظاً إلى آخر كلماته الشريفة وإفاداته المنيفة.

ص: 364

تكليف 48 في إقامة مناسك الحجّ بالنيابة عنه أرواحنا فداه

التكليف الخامس من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: هو الحجّ عن إمام العصر علیه السلام والاستنابة بالحجّ عنه، كما هو معروف بين الشيعة في القديم، وأقرّه علیه السلام، فقد روى القطب الراونديّ _ رحمه الله _ في كتاب الخرائج:

«أنّ أبا محمّد الدعلجيّ كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا، وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن كان يغسّل الأموات، وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، ودفع إلى أبي محمّد حجّة يحجّ بها عن صاحب الزمان علیه السلام وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذ، فدفع شيئاً منها إلى ابنه المذكور بالفساد، وخرج إلى الحجّ.

فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفاً بالموقف، فرأى إلى جانبه شابّاً حسن الوجه، أسمر اللون، بذؤابتين، مقبلاً على شأنه في الدعاء والابتهال والتضرّع وحسن

ص: 365

العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ وقال: يا شيخ ما تستحي؟ قلت: من أيّ شيء يا سيّدي؟

قال: يدفع إليك حجّة عمّن تعلم، فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر، ويوشك أن تذهب عينك هذه، وأومأ إلى عيني [وأنا من ذلك إلى الآن على وجل ومخافة، وسمع منه أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ذلك، قال:] فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده حتّى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت»(1) .

ص: 366


1- الخرائج و الجرائح: 1/ 480

تكليف 49 في القيام عند سماع اسمه المبارك تعظيماً وتفخيماً سيّما اسمه المخصوص _ أي القائم _ أرواحنا فداه

التكليف السادس من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: هو القيام تعظيماً لسماع اسمه المبارك علیه السلام، وبالأخصّ إذا كان باسمه المبارك (القائم) علیه السلام، كما استقرّت عليه سيرة الإماميّة _ كثّرهم الله تعالى _ في جميع بلاد العرب والعجم والترك والهند والديلم، وهذا كاشف عن وجود مصدر وأصل لهذا العمل، ولو أنّي لم أعثر لحدّ الآن عليه، ولكنّ المسموع من عدّة من العلماء وأهل الصلاح أنّهم رأوا خبراً في هذا الباب.

ونقل بعض العلماء أنّه سأل عن هذا الموضوع العالم المتبحّر الجليل السيّد عبد الله سبط المحدّث الجزائريّ، وقد أجاب هذا المرحوم في بعض تصانيفه أنّه رأى خبراً مضمونه أنّه ذكر يوماً اسمه المبارك عله السلام في مجلس الإمام الصادق علیه السلام، فقام علیه السلام تعظيماً واحتراماً له إلى آخر كلماته الشريفة.

ص: 367

قال المؤلّف: ولعلّ ذلك ما رواه الشيخ محمّد بن عبد الجبّار في كتاب مشكاة الأنوار ومحصّل مضمونه: أنّه لمّا أنشد دعبل _ عليه الرحمة _ قصيدته على الرضا علیه السلام وانتهى إلى ذكر الحجّة عجّل الله فرجه وضع الرضا علیه السلام يده فوق رأسه وقام على رجليه متواضعاً له ودعا لفرجه.

وهناك في توجيه هذه السيرة واستقرارها في الأعصار السابقة واللاحقة على القيام عند سماع اسمه المبارك (القائم) وجوه محتملة:

منها: عدم التصريح في هذه الأعصار حتّى المقدور باسمه الذي سمّي به أي محمّد بن الحسن صلوات الله عليهما، والاكتفاء بباقي أساميه وألقابه المقدّسة المباركة، فمن هنا اتّجه القيام عند ذكر هذا الاسم (القائم) عجّل الله فرجه، فمتى يذكره أرواحنا فداه أحد بهذا الاسم يقوم هو والذي يسمعه عن مكانهما طوعاً وكرهاً، وأنّي لم أر إلى الآن من الإماميّة من يتثاقل في ذلك إلّا غافل شقيّ.

وأنّ هذا القيام إمّا هو تعبير عن عدم التثاقل في نصرته، أو أنّه تكريم وتبجيل له فإنّه يحضر أيّما يذكر.

فإنّ ذلك من خصائص قدس وجوده المبارك، فكلّ من يذكره في أيّ مكان وفي أيّ مجلس ومحفل برّاً وبحراً، برّاً وفاجراً، بأسمائه المباركة أرواحنا فداه سيّما القائم فعسى أن يكون ممّن ينظر إليه نظرةً رحيمةً يستوجب بها الكرامة والرضوان، وإن كانت الأشياء كلّها حاضرة لدى وجوده المبارك وهو ناظر إليها، كما أنّ جميع الكائنات إنّما هي كدرهم في كفّه، ولا يخفى

ص: 368

أنّ ذلك من أخسّ صفات ذلك الوجود المبارك وأدنى خصائصه.

وكيف لا؟ وأنّ ذلك من صفات الخضر علیه السلام وهو من جملة أتباعه وخدّامه والمطيعين لأوامره، فإذ كان التابع متّصفاً بهذه الصفة فما ظنّك بالمتبوع فإنّ اتّصافه بها أولى، وقد روى المظفّر العلويّ عن الإمام الرضا علیه السلام أنّه قال:

«إنّ الخضر علیه السلام شرب من ماء الحياة فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، وأنّه ليأتينا فيسلّم فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وأنّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، وأنّه ليحضر الموسم كلّ سنة فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين، وسيؤنّس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته»(1) .

وروى الشيخ النعمانيّ _ رحمه الله _ في غيبته: سئل الإمام الصادق علیه السلام: هل ولد القائم؟ فقال: «لا، ولو أدركته لخدمته أيّام حياتي»(2) .

وغير خفيّ أنّ من هو أفضل من الخضر ومع ذلك يتمنّى إدراك خدمة القائم عجّل الله فرجه فإنّ الخضر علیه السلام إنّما يباهي ويفتخر بمتابعته ومشايعته وخدمته له وكيف لا؟ وهو أرواحنا فداه سيّده ومولاه في الدنيا والآخرة، وأنّ حياته لمن زلال ماء ولائه ومحبّته وولاء آبائه المعصومين ومحبّتهم سلام الله عليهم.

ص: 369


1- کمال الدین تمام النعمة: 390
2- الغیبة: 252

ص: 370

تكليف 50 في التضرّع والإنابة لحفظ جوهرة الإيمان والدين

التكليف السابع من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: هو التضرّع والمسألة من الله تبارك وتعالى لحفظ الإيمان والدين من تطرّق شبهات الشياطين وزنادقة المسلمين فإنّ زندقتهم متخفية بلباس ببعض الكلمات الحقّة مثل الحبّة الحسنة الهيأة واللون التي يخفي الصيّاد تحتها الفخّ ويصيد بها الضعاف دائماً، ويدخل أباطيله في القلوب بتلك الكلمات الحقّة إلى آخر كلماته.

ص: 371

ص: 372

تكليف 51 في الاستمداد والاستغاثة والاستعانة به في شدائد العصر ونوائب الدهر ومهام الأمور

التكليف الثامن من التكاليف المذكورة في كتاب النجم الثاقب: هو الاستمداد والاستعانة والاستنجاد والاستغاثة به علیه السلام حين الشدائد والأهوال والبلايا والأمراض وعند تقادم الشبهات والفتن من الجهات والجوانب، ومن الأقارب والأجانب، وعند عدم مشاهدة طريق الخلاص، وانتهاء الطرق في مضائق ضيقة، فحينها يطلب منه علیه السلام حلّ الشبهات ورفع الكربات ودفع البليّات وسدّ الخلاّت والإرشاد على الطريق إلى المقصود بما يراه صلاحاً، ويوصل المتوسّل المستغيث إليه بحسب القدرة الإلهيّة والعلوم اللدنيّة الربّانيّة التي لديه، وكلّ حسب حاله وبمقدار ما يعلم، وقادر على إجابة مسؤوله، بل إنّ فضله وصل ويصل دائماً إلى كلّ أحد بمقدار أهليّته واستعداده، بملاحظة مصلحة نظام العباد والبلاد، ولم يغفل ولن يغفل عن النظر بأمور رعاياه، المطيع منهم والعاصي، والعالم والجاهل، والشريف والدنيّ، والقويّ والضعيف إلى آخر كلماته الشريفة.

ص: 373

قال المؤلّف: وهذا مجمل ما أفاده الأستاد الأعظم _ مدّ ظلّه العالي _ وقد ذكرناه تيمّناً، وهناك مضافاً إلى ما ذكر تكاليف أخر لا بدّ من إيرادها في هذه الوجيزة.

ص: 374

تكليف 52 في بيان انفتاح الطريق إلى ساحة قدس إمام العصر أرواحنا فداه

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو الاعتقاد بانفتاح الطريق إلى قدس حضرته أرواحنا فداه وإن كان باب العلوم الظاهرة منسدّاً على جماعة، قال ابن طاوس _ قدّس سرّه _ في فرج الهموم: قد أدركت في وقتي جماعة يذكرون أنّهم شاهدوا المهديّ صلی الله علیه و آله وفيهم من حملوا عنه علیه السلام رقاعاً ورسائل عرضت عليه إلى آخر ما قال.

هذا أوّلاً، وثانياً الاعتقاد بأنّ إمامهم عجّل الله فرجه ليس بغائب بل هو محبوس في إحدى البلاد البعيدة أو في جزيرة من الجزائر النائية أو في سجن من سجون سلاطين الجور ومن الناس من يتشرّف بحضرته، ومنهم من لا سبيل له إلى ذلك، ومنهم من يعرض عليه مقاصده وحاجاته عبر المكاتبات، ومنهم من يرجع في ذلك إلى من له طريق الوصول إلى بابه.

وبالجملة: أنّه لا فرق بيننا وبين محبّيهم ومواليهم الذين كانوا يعيشون في

ص: 375

عصر كلّ إمام من أئمّة الهدى، فقد كانوا علیهم السلام يصدّون طريق الوصول إلى حضراتهم على بعضهم ويفسحون لآخر، ويأمرون بعضهم بالهجرة، وكانوا لا يردّون على بعض المكاتبات كما لا يجيبون عن بعض المسائل ويحيلونها إلى وكلائهم ونوّابهم وفقهائهم، إذن فلا تفاوت بين حالنا في هذا العصر وبين حالهم في تلك الأعصار، أتظنّ أنّ إمامك أرواحنا فداه غافل عنك؟ حاشا وكلّا! أما قرأت ما خاطب به الشيخ السديد المفيد _ قدّس سرّه _ في التوقيع المبارك حيث قال:

«نحن وإن كنّا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أرانا الله من الصلاح لنا ولشيعتنا المؤمنين في ذلك، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالأذى الذي أصابكم »(1) .

فعليك بإكمال مراتب المعرفة ودرجاتها الباطنة والظاهرة لتبلغ درجة أولئك الذين كان يستجاب دعائهم بمجرّد تحريك الشفاه، وإن كانت لك حاجة كتبتها في رقعة ووضعتها تحت مصلّاك تجد جوابك موقعاً فيها في لمحة بصر أو أقلّ من ذلك.

تو به تقصير خود افتادى از اين در *** از كه مینالى وفرياد چرا مى دارى

فإنّ الطريق إلى الإمام أرواحنا فداه مفتوحة ظاهراً وباطناً، نعم أنّه منسدّ بحسب الظاهر على الشكّاكين والمستضعفين وبعض مواليه أرواحنا فداه

ص: 376


1- خاتمة المستدرک: 3/ 225

ممّن فيه قصور، فإنّ انفتاحيّة الطريق إلى قدس حضرته درجةٌ لا ينالها كلّ مدّعٍ كذّاب، وكلّ مفتٍ حيّال، وكلّ مرشد فتّان.

و كلّ يدّعي و صلاً بليلى *** وليلى لا تقرّ لهم بذاكا

إذ انبجست دموع في خدود *** تبيّن من بكى ممّن تباكا

وقد أوصى ابن طاوس _ قدّس سرّه _ في كشف المحجّة ولده محمّد فقال: «وممّا أقول لك يا ولدي محمّد _ ملأ الله جلّ جلاله عقلك وقلبك من التصديق لأهل الصدق والتوفيق في معرفة الحقّ _ إنّ طريق تعريف الله جلّ جلاله لك بجواب مولانا المهديّ صلوات الله وسلامه على قدرته جلّ جلاله ورحمته، فمن ذلك ما رواه محمّد بن يعقوب الكلينيّ في كتاب الرسائل عمّن سمّاه، قال: كتبت إلى أبي الحسن علیه السلام أنّ الرجل يجب أن يفضي إلى إمامه ما يجب أن يفضي به إلى ربّه، قال: فكتب: «إن كانت لك حاجةٌ فحرّك شفتيك فإنّ الجواب يأتيك»(1)

ومن ذلك ما رواه هبة الله بن سعيد الراونديّ في كتاب الخرائج عن محمّد بن الفرج قال: قال لي عليّ بن محمّد علیهماالسلام: «إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها وضع الكتاب تحت مصلّاك ودعه ساعة ثمّ أخرجه وانظر فيه»، قال: ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه موقعاً فيه»(2)

وقد اقتصرت لك على هذا التنبيه والطريق مفتوحة إلى إمامك علیه السلام لمن

ص: 377


1- ینظر: بحارالانوار: 50/ 155
2- الخرائج و الجرائح: 1/ 419

يريد الله جلّ شأنه عنايته به وتمام إحسانه إليه»(1) ، انتهى ما أردت نقله.

قال الحقير: فيا أيّها المفتقر المسكين! إن كنت بهذه المقامات والكلمات مصدّقاً فمتى تجدّ وتجهد في النيل إلى هذه الدرجة وتحصيل هذا المقام؟

ص: 378


1- کشف المحجة لثمرة المهجة: 153

تكليف 53 في طريقة الرجوع في المعاضل والمهام، وفي أمر الدين والدنيا والآخرة عبر المكاتبات والعرائض وطرق أخر إلى الإمام أرواحنا فداه

قد ذكرنا فيما سلف أنّ من جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام الاستعانة والاستغاثة والاستكفاء به في الشدائد والنوائب وعرض المطالب الدنيويّة والمآرب الأخرويّة عليه، فاعلم أنّ الرجوع إلى الإمام أرواحنا فداه في معضلات أمر الدين وغوائل الدنيا والآخرة في زمن الغيبة الكبرى عبر المكاتيب يتمّ بوجوه:

الأوّل: نحو ما يكتبه العوامّ من محبّيه ومواليه أرواحنا فداه.

الثاني: نحو ما يكتبه الخواصّ وهم الأعلون في معارج المعرفة.

أمّا الأوّل فهو على عدّة طرق: رميه في بئر أو حفرة عميقة أو غدير ماء أو بحر، أو وضعه في سرداب الغيبة أو المشاهد المشرّفة والضرائح المقدّسة.

وأمّا الثاني فهو على أنحاء:

ص: 379

الأوّل: التوجّه إلى قدس حضرته وتحريك الشفاه.

الثاني: كتابة الحاجة في رقعة ووضعها تحت المصلّى.

الثالث: التشرّف بحضرته السامية يقظةً أو مناماً.

والآن فانظر إلى مرتبتك في مراتب المعرفة ودرجتك في درجات التقرّب إلى مولاك أرواحنا فداه فهل تجد نفسك ممّن يأتيه الجواب بمجرّد تحريك الشفاه، أو ممّن يكتب حاجته في رقعة ويضعها تحت مصلّاه، أو ممّن يدرك قدس حضرته _ رزقنا الله تعالى _ يقظةً أو مناماً فهنيئاً لأرباب النعيم نعيمها، وأنّي أعلم أنّك إذا كنت في زمرة هؤلاء لن تكشف سرّك أبداً، وإذا لم تكن منهم فلا يؤشك يتوقّع منك أحد الوصول إلى هذه الدرجة والمرتبة، «ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»(1)

فإن لم تبلغ مراتب قربك ومعرفتك هذه المرتبة فعليك أن تتشبّث عند هجوم الشدائد والنوائب وعرض المطالب والمآرب بما ورد عن مواليك صلّى الله عليهم، ولا يخفى أنّ فيه طرائق كثيرة وهي منضبطة في كتب علمائنا الأبرار ومدوّنة في دواوين فقهائنا الأخيار، وللحقير في المقام طريقان نذكرهما للخلّان ثمّ نتعرّض لبيان سائر طرق الاستغاثة، فمنها ما يتضمّن الكتابة، ومنها ما لا يتضمّن.

الطريق الأوّل: أنّه كلّما عرضت لك حاجة فاخرج إلى صحراء وبيداء أو إلى أيّ مكان تأمن فيه من الفوضى والضوضاء بحيث لا تَرى ولا تُرى، واغتسل أو

ص: 380


1- سورة الحدید: 21

توضّأ إن استطعت واكشف عن رأسك وارفع كمّك وامتثل ذنوبك وآثامك وما وقع منك بالنسبة إلى مولاك من التقصير في شرائط العبوديّة ومستلزمات الرقيّة وحُثّ التراب على رأسك وأجهش بالبكاء والعويل واصرخ صراخ المستصرخين وقل: واويلتاه واغوثاه وا إماماه ثمّ توجّه من صميم القلب نحو جنابه وسلّم عليه بما أوّله: «سلام على آل يس».

ثمّ اقرأ ما ورد عقيبه من الدعاء، ثمّ تضرّع وابتهل وابك وانتحب وقل:

«اللّهُمَّ عَظُمَ البَلاُء، وَ بَرِحَ الخَفاءُ، وَ انْكَشَفَ الغِطاءُ، وَ ضاقَتِ الاَرْضُ بِما وَسِعَتِ السَّماء، وَإِلَيْكَ يا رَبِّ المُشْتَكى، وَ عَلَيْكَ المُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ. اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَمَرْتَنا بِطاعَتِهِمْ، وَ عَجِّلِ اللّهُمَّ فَرَجَهُمْ بِقائِمِهِمْ، وَأَظْهِرْ إِعزازَهُ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، انْصُرانِي فَإِنَّكُما ناصِرايَ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ إِحْفَظانِي فَإِنَّكُما حافِظايَ».

ثمّ قل ثلاثاً:

«يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ، يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ، الغَوْثَ الغَوْثَ الغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي، الاَمانَ الاَمانَ الاَمانَ».

وقد رواه مع شرحه الأستاذ الأعظم في دار السلام عن كتاب كنوز النجاح تصنيف الشيخ الطبرسيّ _ رحمه الله _ عن الحجّة أرواحنا فداه بهذا النصّ:

«اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَولِي الأَمْرِ الَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ وَ عَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَفَرِّجْ عَنَّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً قَرِيباً كَلَمْحِ

ص: 381

البَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ إكْفِيانِي فَإنَّكُما كافِيايَ، وَانْصُرانِي فَإنَّكُما ناصِرايَ، يا مَوْلانا يا صاحِبَ الزَّمانِ الغَوْثَ الغَوْثَ الغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي»، كذا رواه الأستاذ _ مدّ ظله _ .

ثمّ امتثله بين يديك واعرض عليه مطالبك بما يكون أقرب من لسان تملّق وتخضّع وتخشّع وناشده بحقّ آبائه الكرام علیهم السلام أن يقضي حاجتك، وبغيتي أن تنقضي ضرّتك وتشفى علّتك. وهذا من الأسرار المكنونة والمطالب المخزونة خلّفته المتاع وكشفت عنه القناع.

عن السيّد السند الأستاذ، العالم الربّانيّ، والحكيم الصمدانيّ، الفقيه، المجتهد، البارع، السيّد محمّد الهنديّ النجفيّ _ دام ظلّه _ عن العالم السيّد حسن القزوينيّ، عن السيّد حسين الشوشتريّ _ من أئمّة الجماعة _ عن أساتيذه: تقول مكشوف الرأس واقفاً مستقبلاً: «يا حجّة القائم» خمسمائة وسبعين مرّة مجرّب.

وعنه _ دام ظلّه العالي _ بإسناده عن السيّد عليخان شارح الصحيفة السجّاديّة علیه السلام: تصلّي ركعتين تحت السماء في السطح مكشوف الرأس ليلة الخميس أو الجمعة وتقول بعدهما: «يا حجّة القائم» بعدده وأنت مكشوف الرأس فإنّه مجرّب.

قلت: وعددها (40 بالإضافة إلى 1 بالإضافة إلى 100 بالإضافة إلى 30 بالإضافة إلى 1 بالإضافة إلى 400 بالإضافة إلى 3 بالإضافة إلى 8 بالإضافة إلى 1 بالإضافة إلى 10) والمتحصّل: 595، فاحفظه فإنّه من المكنونات وأنّي جرّبته مراراً.

ص: 382

الطريق الثاني: وهو ممّا لم أره في كتاب ولا سمعته عن أستاذ، فإنّه من الأسرار المكنونة المخزونة أيضاً، وسأخلّفه لمحبّيه أرواحنا فداه تذكاراً وأستودعه إيّاهم وأسترعيه، وهو أنّه كلّما عُرضت لك حاجةٌ اكتب إلى النبيّ وأئمّة الهدى سيّما إمام العصر صلّى الله عليهم أجمعين ووكّل الملكين الشريفين في الإيصال فسلّم عليهما إذا شئت وقل لهما أوّلاً: السلام عليكما أيّها الملكين الموكّلين على تسجيل أعمالي وأقوالي، الشاهدين على أحوالي فإنّي أعلم أنّكما مأموران بضبط ما أقوله وما أعمله، كما أعلم أنّكما تراقبانني وتواظبان عليّ بحيث إن عزمت على اجتراح سيّئة استشممتما رائحته، وإن قصدت إلى اقتناص حسنة استطلعتما عليه، كما أعلم جيّداً أنّكما تترقّبانني وتترصّدانني إلّا أنّي بما لم أكن معصوماً فلا محالة أعترف بأنّ كلّ نفس من أنفاسي من حين استيقاظي من النوم إلى خلودي إليه إن هو إلّا معصية مقترفة، وأنّي في غاية الغفلة عن شأنكما فلربّما تثبتان ما لو عُرض على النبيّ وأئمّة الهدى صلّى الله عليه وعليهم أجمعين لأوجب لهم الملامة والاشمئزاز فلا محالة يظهر سوء آثاره في ظاهري وباطني، ولكن غاية ما هناك إنّما هو حسن ظنّي واستظهاري بهذه الآية الكريمة أعني قوله: «فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ»(1)، ورجائي ما قال لأخيه أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: «يا عليّ أعمال شيعتك تعرض عليّ في كلّ جمعة فأفرح بصالح أعمالهم وأستغفر لسيّئاتهم» (2)

ص: 383


1- سورة الفرقان: 70
2- الامانی (للصدوق): 657

وثانياً أنّكما هابطان إليّ وواردان عليّ ونحن في يوم جديد ولي حاجة أسألكما إيصالها إلى النبيّ وأئمّة الهدى صلّى الله عليهم أجمعين.

ثمّ تذكر حوائجك، فمن المتيقّن أنّها تقع موقع الاستجابة، خذ هذا وكن من الشاكرين.

وأمّا طريق كتابة رقاع الاستغاثة والاستشفاع والاستكفاء والاستعانة بالله عزّ وعلا وبخاتم الأنبياء وبأئمّة الهدى صلّى الله عليهم أجمعين فهو مدوّن في الكتب المعتبرة كمصباح الكفعميّ ومصباح الشيخ الطوسيّ وقبس المصباح للشيخ أبي عبد الله سلمان بن الحسن الصهرشتيّ تلميذ الشيخ الطوسيّ _ قدّس سرّه _ ودعوات السيّد فضل الله بن عليّ بن عبد الله الراونديّ وكتاب المزار والدعاء من بحار الأنوار للمجلسيّ _ قدّس سرّهما _ ودار السلام للأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي على رؤوس الأداني والأعالي _ وغيرها بطرق شتّى، وقد أورد المجلسيّ أكثرها في تحفة الزائر المؤلّف بالفارسيّة، وبما أنّ الكتاب المزبور كالشمس في لمعان أنواره واشتهار صيته فطوينا عن إيراد تلك الطرق برمّتها ما عدا ثلاثة منها ممّا يختصّ بالحجّة أرواحنا فداه:

أمّا الطريق الأوّل: فهو ما أرويه عن الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ عن كتاب أنيس العابدين تأليف الشيخ العالم محمّد بن محمّد الطيّب عن كتاب السعادات وهو دعاء التوسّل لكلّ مهمة وحاجة:

«بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم، تَوَسَّلْتُ إلَيكَ يا أبا القاسم محمَّد بنَ الحسنِ بْنِ عَليِّ بْنِ محمَّدِ بْنِ عَليِّ بْنِ موسى بْنِ جَعفَرِ بْنِ محمَّدِ بْنِ عَليِّ بْنِ الحسينِ بْنِ

ص: 384

عَليِّ بْنِ أبي طالبٍ، النَبَأِ العَظيمِ وَالصِرَاطِ المستقيمِ، وَ عِصمَةِ اللّاجِين، بِأُمِّكَ سَيِّدةِ نِساءِ العالمين، وَ بِآبائِك الطاهرين، و بِأُمِّهاتِك الطاهرات، بِيَاسِينَ وَالقرآنِ الحكيمِ، وَالجبروتِ العَظيمِ، وَ حَقيقَةِ الإيمانِ، وَ نورِ النورِ، وَ كِتابٍ مَسطورٍ، أنْ تَكُونَ سَفيري إلى اللهِ تَعالى في الحاجَةِ لفلان، أو هَلاك فلان بن فلان».

ثمّ يطوي هذه الرقعة ويضعها في طين طاهر ويرميها في ماء جارٍ أو في بئر ويقول: «يا سعيد بن عثمان ويا عثمان سعيد أوْصِلا قِصَّتي إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه».

قال الأستاذ الأعظم _ دام ظلّه _ : وقد أثبتناه على ما في النسخة، ولكن بملاحظة الروايات وطريقة بعض الرقاع لا بدّ أن يكون على نحو ما يلي: «يا عثمان بن سعيد ويا محمّد بن عثمان..».

قال المؤلّف: وبما أنّ لفظ سعيد يشابه لفظ محمّد في رسم الخطّ والكتابة شباهةً مّا فلا محالة آل الأمر إلى اشتباه الناسخ، فضبط محمّد بن عثمان بدل سعيد بن عثمان، فإنّ هذه التصحيفات غير عزيزة في كتب الرجال كما لا يخفى على المتتبّع بحمد الله تعالى، فقد حدثت أغلب هذه التصحيفات بعد تهجير الخطّ الكوفي إلى النسخ وغيره، كما وقع التصحيف في «بريد» و«يزيد»، وفي «جنان» و«حيان» وغير ذلك من الأمثلة في الأسماء والكلمات والتواريخ المدوّنة والمنضبطة في كتب الرجال فتأمّل.

وأمّا الطريق الثاني: فهو ما أرويه عن الأستاذ الأعظم _ أطال الله بقاه _ عن

ص: 385

مفاتيح النجاة للسبزواريّ وتحفة الزائر للمجلسيّ _ قدّس سرّهما _ : من له حاجة فليكتب في رقعة ما سيأتي ويطرحها على قبر من قبور الأئمّة أو يشدّها ويختمها ويعجن طيناً نظيفاً ويضعها فيه ويطرحها في نهر أو بئر عميقة أو غدير ماء فإنّها تصل إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه وهو يتولّى قضاء حاجته بنفسه.

نسخة الرقعة المذكورة:

«بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، كَتَبْتُ يا مَوْلايَ صَلَواتُ الله عَلَيكَ مُستَغِيثًا، وَشَكَوتُ ما نَزَلَ بِي مُستَجِيرًا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ بِكَ، مِن أَمرٍ قَد دَهَمَنِي، وَأَشْغَلَ قَلْبِي، وَأَطالَ فِكرِي، وَ سَلَبَنِي بَعْض لُبِّي، وَ غَيَّرَ خَطِيرَ نِعْمَةِ اللهِ عِنْدِي، أَسْلَمَنِي عِنْدَ تَخَيُّلِ وُرُودِه الخَلِيل، وَ تَبَرَّأَ مِنِّي عِنْدَ تَرَائِي إِقْبالِه إِلَيَّ الحَمِيم، وَ عَجَزتْ عَن دِفاعِه حِيلَتِيْ، وَ خانَنِي فِي تَحَمُّلِه صَبْرِي وَ قُوَّتِي، فَلَجَأتُ فِيهِ إِلَيكَ، وَ تَوَكَّلتُ فِي المَسْأَلَة للهِ جَلَّ ثَناؤُهُ عَلَيهِ وَ عَلَيكَ فِي دِفاعِه عَنِّي، عِلْماً بِمَكانكَ مِن اللهِ رَبِّ العالِمَيْنَ، وَلِيِّ التَدْبِير، وَ مالِك الأُمُور، واثِقًا بِكَ فِي المُسارَعَة فِي الشَفاعَةِ إِلَيهِ جَلَّ ثَناؤُهُ فِي أَمْرِي، مُتَيَقِّنًا لِإِجابَتِه تَباركَ وَ تَعالَى إِيّاكَ بِإِعْطاء سُؤْلِي، وَأَنْتَ يا مَوْلايَ جَدِيرٌ بِتَحْقِيق ظَنِّي، وَ تَصْدِيقِ أَمَلِي فِيكَ فِي أَمَرِ كَذا وَ كَذا (ويذكر حاجته بدل قوله كذا وكذا) فِيمَا لَا طَاقَةَ لِي بِحَمْلِهِ، وَ لَا صَبْرَ لِي عَلَيْهِ، وَ إِنْ كُنْتُ مُسْتَحِقّاً لَهُ و لأضعَافِه، بِقَبِيحِ أَ فعَالِي، وَ تَفْرِيطِي فِي الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لِله عَزَّ وَجَلَّ، فَأَغِثْنِي يَا مَوْلَايَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْكَ عِنْدَ اللَهفِ وَ قَدِّم المَسْأَلَةَ لِله عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْرِي قَبْلَ حُلُولِ التَّلَفِ، وَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، فبك بَسَطْتْ النِّعْمَةُ عليَّ

ص: 386

وَأَسْأَلُ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ لِي نَصْراً عَزِيزاً، وَ فَتْحاً قَرِيباً، فِيهِ بُلُوغُ الْآمَالِ وَ خَيْرُ المبادئِ وَخَوَاتِيمُ الْأَعْمَالِ، وَالْأَمْنُ مِنَ المَخَاوِفِ كُلِّهَا فِي كُلِّ حَالٍ، إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِ-مَا يَشَاءُ فَعَّالُ، وَ هُوَ حَسْبِي وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فِي المَبْدَأ والمآل.

ثمّ يقصد النهر أو الغدير ويعمد بعض الأبواب إمّا عثمان بن سعيد العمريّ أو ولده محمّد بن عثمان أو الحسين بن روح أو عليّ بن محمّد السمريّ فهؤلاء كانوا أبواب المهديّ علیه السلام فينادي بأحدهم ويقول:

«يَا فُلَان بْن فُلَان سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَشْهَدُ أَنَّ وَفَاتَكَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَنَّكَ حَيُّ عِنْدَ اللهِ مَرْزُوقٌ، وَ قَدْ خَاطَبتُكَ فِي حَيَاتِكَ الَّتِي عِنْدَ اللهِ جَلَّ وَ عَزَّ، وَ هَذِهِ رُقعَتِي وَ حَاجَتِي إِلَى مَوْلَانَا علیه السلام فَسَلِّمْهَا إِلَيْهِ وَ أَنْتَ الثِّقَةُ الْأَمِينُ».

ثمّ يرميها في النهر أو البئر أو الغدير تقضى حاجته إن شاء الله تعالى.

وأمّا الطريق الثالث وهو غير الكتابة: فهو ما أرويه عن الأستاذ الأعظم _ أدام الله ظلّه العالي _ عن بحار الأنوار للمجلسيّ _ قدّس سرّه _ عن قبس المصباح للشيخ الحسن الصهرشتيّ _ رحمه الله _ أنّه قال: سمعت الشيخ أبا عبد الله الحسين بن الحسن بن بابويه _ رضي الله عنه _ بالري سنة أربع وأربعمائة يروي عن عمّه أبي جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه _ رحمه الله _ قال: حدّثني مشايخي القمّيّين قال: كربني أمر ضقت به ذرعاً إلى آخر ما قال.

وقد بيّناه مفصّلاً في مطاوي ما عقدنا لبيان التحيّات الواردة بعدّة طرق وأوّله: «سلام الله الكامل التامّ ..»، وذيّلناه بما ذكره بعض من عاصرناه وهو العالم النحرير المرحوم الشيخ محمود العراقيّ _ رحمه الله _ في دار السلام فلاحظ.

ص: 387

ص: 388

تكليف 54 في الحضور عند المحتضرين، وتشييع الجنائز، ومجالس مصائب خامس آل العباء علیه السلام، وحلقات الدرس وغيرها

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو الحضور في المشاهد المشرّفة والبقاع المطهّرة سيّما في الأيّام والليالي المباركة، وكذا الحضور في تشييع الجنائز، والحضور عند المحتضرين سيّما إذا كان من الصلحاء، والحضور في مجلس الدرس، والحضور في مجالس مصائب أهل البيت المعصومين علیهم السلام، والحضور في محافل زواج ونكاح العلماء والسادة سيّما أهل العلم والزهد والتقى، فإنّ ذلك الشخص المقدّس والوجود الأقدس أعني صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه يحضر تلك المجالس وينظر إلى محبّيه ومواليه نظرةً رحيمةً ويعطف عليهم بألطافه الخفيّة والجليّة ويفيض عليهم بفيوضاته الظاهريّة والباطنيّة، وهناك شواهد ودلائل على ذلك ولا حاجة إلى إقامة البرهان وإطالة البيان.

ص: 389

ص: 390

تكليف 55 في لزوم الجري على سيرته والسلوك على محجّته في عصر غيبته أرواحنا فداه وفّقنا الله تعالى

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو السلوك على محجّة الإمام أرواحنا فداه وترك بعض حالات أبناء الدنيا وسيرهم، فاعلم أنّ الصحابة الكبار والتابعين العظام كانوا يسلكون محجّة النبيّ وأئمّة الهدى وينهجون نهجهم، وكانوا يجدّون ويجهدون على قدر المستطاع ألّا يتخلّفوا عن سيرة أهل البيت المعصومين سلام الله عليهم، وألّا يتخطّئوا حدودها، فلم تزل حالتهم في زمن حياة رسول الله صلی الله علیه و اله على هذا النمط إلى أن قبض الله روحه باختياره، وأمّا في زمن أمير المؤمنين علیه السلام فقد ظلّ هولاء الذين استقرّ الإيمان في قلوبهم يسلكون سيرة أهل البيت المعصومين علیهم السلام ويقضون أيّام دهرهم في كمال الفقر والفاقة وشدّة الزهادة والعبادة، وكانوا لا يعتنون بالدنيا وأهلها، وأمّا الذين كان إيمانهم مستودعاً غير مستقرّ انحرفوا عن محجّته علیه السلام فآثروا الحياة الدنيا على الآخرة ومالوا إلى أهلها

ص: 391

فسار الأمر في أعصار الخلفاء الراشدين والأئمّة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين على هذا المنوال إلى زمن الغيبة الصغرى، فأخذ خواصّ أصحاب صاحب الزمان أرواحنا فداه يسلكون محجّة أئمّة أهل البيت فكانوا يقضون جميع أوقاتهم في الطاعات والعبادات والرياضات الشرعيّة ويغضّون أبصارهم عن الزخارف الدنيويّة ويجتثّون حشائش حبّ الدنيا من قلوبهم، ويشتغلون في آناء الليالي والأيّام بعبادة ربّهم كما في الكافي:

عن أبي جعفر علیه السلام قال: صلّى أمير المؤمنين علیه السلام بالناس الصبح بالعراق، فلمّا انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله، ثمّ قال: «أما والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلی الله علیه و اله وإنّهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربّهم سجّداً وقيّاماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربّهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون»(1)

وفي الاختصاص في حقّ عمرو بن عبد الله السبيعيّ: أنّه صلّى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة، وكان يختم القرآن في كلّ ليلة، ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاصّ والعامّ، وكان من ثقات عليّ بن الحسين علیهماالسلام(2)

كما يقال إنّ عليّ بن مهزيار كان يسجد حين طلوع الفجر ولم يرفع رأسه

ص: 392


1- الکافي: 2/ 236 ح 21
2- الاختصاص: 83

حتّى يسأل الله سبحانه في ألف نفر من إخوانه المؤمنين ما سأله في نفسه، وكان على جبهته مثل ركبة البعير من كثرة السجود.

وفي الإقبال لابن طاوس قدس سره: كان محمّد بن ذكوان من أصحاب أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام وكان يعرف بالسجّاد من كثرة سجوده، وقالوا: سجد وبكى في سجوده حتّى عمي(1)

وفي رجال الكشّيّ _ رحمه الله _ عن فضل بن شاذان أنّه قال: دخلت على محمّد بن أبي عمير، وهو ساجد فأطال السجود، فلمّا رفع رأسه وذكر له طول سجوده، قال: كيف ولو رأيت جميل بن درّاج؟ ثمّ حدّثه أنّه دخل على جميل بن درّاج فوجده ساجداً فأطال السجود جدّاً فلمّا رفع رأسه: قال محمّد بن أبي عمير أطلت السجود، فقال: لو رأيت معروف بن خرّبوذ(2)

وفيه أيضاً عن فضل بن شاذان: إنّ حسن بن عليّ بن فضّال كان يخرج إلى الصحراء للعبادة فيسجد السجدة فتجيء الطير فتقع عليه فما يظنّ إلّا أنّه ثوب أو خرقة، وأنّ الوحوش لترعى حوله فلا تنفر منه لما قد آنست به.

وروي أيضاً: أنّ ابن أبي عمير كان يسجد بعد صلاة الصبح فلا يرفع رأسه إلّا عند الظهر.

وبالجملة: لقد كانت سيرة وديدن أسلافنا من العلماء والفقهاء والعبّاد على هذا النمط، ولو أردنا استقصاء ما كانوا يتحمّلونه من مشاقّ العبادات

ص: 393


1- ینظر: الاقبال: 3/ 211
2- اختیار معرفة الرجال: 2/ 471

وغصص الرياضات الشرعيّة والمجاهدات النفسانيّة لصار كتاباً كبيراً، وما زالت هذه السيرة مستمرّة حتّى أشرقت شمس صبيحة الغيبة الكبرى فكان علمائنا الأعلام وفقهائنا الكرام _ رضوان الله تعالى عليهم _ يسلكون مسالك أهل البيت المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين ولم ينصرفوا إلى زهرة رغبات الدنيا ولم ينجذبوا إلى غضارة نعيمها ولم يفتتنوا بأبنائها، ولم يرفعوا ألوية الرئاسة والسلطنة على رؤوس الأشهاد، بل إنّهم لم يزالوا مشتغلين بتحصيل العلم وتحسين العمل وتقدير الرياضات النفسانيّة وتهذيب الأخلاق وتكميل الصفات الإنسانيّة إلى أن ظهر قوم من المتشبّهين بالعلماء والمتلبّسين بالفقهاء، وجماعة من أراذل الناس والأشرار الأرجاس، وطائفة من أهل الكسالة والبطالة، وعصابة من أرباب الجهالة والرذالة، المتظاهرين بالخضوع وسرائرهم في الخبث والدهاء كالذئاب، (المتسمّين بالعلم) الأصاغر في العلم والفضل وعمائمهم في الكبر والثقل كالسحاب، المتّخذين الصوف شعاراً وهم من الصفاء كالأرض من السماء، فطفقوا في تحصيل العلوم الصوريّة حبّاً للرئاسات الدنيويّة وطمعاً في الذخائر الأخرويّة، فتلبّسوا بألبسة العلماء وتقمّصوا بأقمصة الفقهاء والعرفاء، فتعلّموا كلمات قلائل من رؤوس مسائل الأواخر والأوائل وظنّوا بأنفسهم أعلم العلماء وأفقه الفقهاء وأعرف العرفاء وطمّعوا شرذمة من الأنام كالأنعام وثلّة من الهمج الرعاع الذين ينعقون وراء كلّ ناعق فباتت تنفق سوقهم وتزدهر من زحام هؤلاء واجتماعهم حيث باحوا لهم أنّهم من العلماء الربانيّين ومن الحكماء الصمدانيّين وكرسّوا

ص: 394

أوقاتهم وصرفوا أيّام دهرهم في لبس الألبسة الفاخرة والأطعمة السائغة والخيول العتيقة والعمارات العالية والبساتين والأملاك الغالية والقصور المشيّدة والفروش الممهّدة، ومتى يقال لهم: يا معشر العرفاء الربّانيّين، ويا أيّها السادة الصمدانيّين! أنّ سيرتكم هذه إنّما هي سيرة السلاطين، وأنّ وتيرتكم هذه وتيرة أبناء الملوك! يخزرون أبصارهم، ويغلّظون أصواتهم، وتحمرّ وجوههم وترتعد فرائصهم ويتشبّثون بهذه الآية الكريمة أي قوله تعالى: «مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ»(1)

فكيف لا؟ وقد أخبر النبيّ صلی الله علیه و آله أسامة بن زيد باستدلالهم بهذه الآية وما شابهها، وكذّبهم في دعواهم، كما روى ابن فهد _ قدّس سرّه _ في كتاب التحصين: عن سعيد زيد بن عمرو ابن نفيل قال: سمعت النبيّ صلی الله علیه و آله وأقبل على أسامة بن زيد فقال:

«يا أسامة بطريق الحقّ وإيّاك أن تختلج دونه بزهرة رغبات الدنيا وغضارة نعيمها، وبائد سرورها وزائل عيشها»، فقال أسامة: يا رسول الله ما أيسر ما يقطع به ذلك الطريق؟ قال: «السهر الدائم، والظمأ في الهواجر، وكفّ النفس الشهوات، وترك اتّباع الهوى، واجتناب أبناء، يا أسامة عليك بالصوم فإنّه قربة إلى الله، وشيء أطيب عند الله من ريح فم صائم ترك الطعام والشراب لله ربّ العالمين، وآثر الله على ما سواه، وابتاع آخرته بدنياه، فإن استطعت أن يأتيك الموت وجائع وكبدك ظمآن فافعل، فإنّك تنال بذلك أشرف المنازل وتحل

ص: 395


1- سورة الاعراف: 32

مع الأبرار والشهداء والصالحين، يا أسامة عليك بالسجود فإنّه أقرب ما يكون العبد من ربّه كان ساجداً، وما من عبد سجد لله سجدة إلّا كتب له بها حسنة ومحا عنه سيّئة ورفع له بها درجة، وأقبل الله عليه بوجهه وباهى به ملائكته، يا أسامة عليك بالصلاة فإنّها أفضل أعمال العباد، لأنّ الصلاة رأس الدين وعموده وذروة سنامه، واحذر يا أسامة دعاء عباد الله أنهكوا الأبدان وصاحبوا الأحزان وأزالوا اللحوم وأذابوا الشحوم وأظمأوا الكبود وأحرقوا الجلود بالأرياح والسمائم حتّى غشيت منهم الأبصار شوقاً الواحد القهّار فإنّ الله إذا نظر إليهم باهى بهم الملائكة وغشاهم بالرحمة بهم يدفع الله الزلازل والفتن»، ثمّ بكى رسول الله صلی الله علیه و آله حتّى علا بكاؤه واشتدّ نحيبه وزفيره وشهيقه وهاب القوم أن يكلّموه فظنّوا لأمر قد حدث من السماء، ثمّ إنّه رفع رأسه فتنفّس الصعداء ثمّ قال: «اوه اوه بؤساً لهذه الأمّة ما ذا يلقى من أطاع الله؟ كيف يطردون ويضربون ويكذبون؟ أجل إنّهم أطاعوا الله فأذلّوهم بطاعة الله، ألا ولا تقوم الساعة حتّى يبغض الناس من أطاع الله ويحبّون من عصى»، فقال عمر: يا رسول الله! والناس يومئذ الإسلام؟ قال: «وأين الإسلام يومئذ يا عمر، أنّ المسلم يومئذ كالغريب الشريد، ذلك زمان يذهب فيه الإسلام ولا يبقى إلّا اسمه، ويندرس فيه القرآن فلا يبقى إلّا رسمه»، قال عمر: يا رسول الله! وفيما يكذبون من أطاع ويطردونهم ويعذّبونهم؟ فقال: «يا عمر ترك القوم الطريق، وركنوا إلى الدنيا، ورفضوا الآخرة، وأكلوا الطيّبات، ولبسوا الثياب المزيّنات، وخدمتهم أبناء فارس والروم، فهم يغتذون في طيب الطعام ولذيذ الشراب وزكى الريح ومشيّد

ص: 396

البنيان ومزخرف البيوت ومجد المجالس، يتبرّج الرجل منهم كما تتبرّج الزوجة لزوجها، وتتبرّج النساء بالحلي والحلل المزيّنة، رأيتهم يومئذ بزي الملوك الجبابرة يتباهون بالجاه وأولياء الله عليهم العناء مشحبة ألوانهم السهر ومنحنية أصلابهم من القيام قد لصقت بطونهم بظهورهم طول الصيام قد أذهلوا أنفسهم وذبحوها بالعطش طلباً لرضى الله وشوقاً إلى جزيل ثوابه وخوفاً أليم عقابه، فإذا تكلّم منهم متكلّم بحقّ أو تفوّه بصدق قيل له اسكت فأنت قرين الشيطان ورأس الضلالة، يتأوّلون الله على غير تأويله ويقولون: من حرّم زينة التي أخرج لعباده والطيّبات من الرزق، واعلم أسامة أنّ أكثر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة وأجزلهم ثواباً وأكرمهم مآباً من طال في حزنه وكثر فيها همّه ودام فيها غمّه وكثر جوعه وعطشه أولئك الأبرار الأتقياء الأخيار، إن شهدوا يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، يا أسامة أولئك تعرفهم بقاع وتبكي إذا فقدتهم محاريبها، فاتّخذهم لنفسك كنزاً وذخراً لعلّك تنجو بهم من زلازل الدنيا وأهوال القيامة، وإيّاك أن تدع ما هم فيه وعليه فتزلّ قدمك وتهوى في النار فتكون من الخاسرين، واحذر يا أسامة أن تكون من الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون»(1)

أوه أوه من هذه الزلازل الراهنة في يومنا هذا! والله لا أعلم كيف غشيت هذه الزلازل الدنيويّة ورئاستها أبصار بعض الخلائق وأعمت بصائرهم بحيث لا يختلج في بالهم شيء من الزهادة والعبادة والسير والسلوك على محجّة أهل البيت المعصومين سلام الله تعالى عليهم أجمعين.

ص: 397


1- التحصین: 20

بلى! أنّهم يفارقون الملوك وأبنائهم في الألبسة، ويماثلونهم ويشاركونهم في هذه الزلازل الدنيويّة.

ولا أعلم هل هذه هي سيرة أصحاب صاحب العصر والزمان أرواح العالمين فداه وطريقة سلوكهم؟ لا والله أنّه لن يرضى بهذه السيرة، ولن يرتضي ملازمة مثل هؤلاء له، فليست سيرة أهل البيت المعصومين علیهم السلام هذه التي ينهج عليها الأنام في هذه الأزمنة والأيّام سيّما معظم أصحاب العمامة والخرقة والكساء وأرباب الرداء والطيلسان والعباء المدّعين محبّة إمامهم ومودّته والنيابة عنه.

فإن أردت الوقوف والاطّلاع على سيرة إمام العصر أرواحنا فداه وطريقة سلوكه فعليك السير في كتب أحاديث الأئمّة الأطهار والصحابة الكبار والسبر في صحف أخبارهم ومكارم أخلاقهم وآثارهم لتتبصّر في طريقته وسيرة أصحابه أرواحنا فداه.

وقد أخرج العالم الجليل، والعامل النبيل، الشيخ عبد الله بن نور الله _ طاب ثراهما _ وهو من مشاهير علمائنا المعاصرين، بل من تلامذة المجلسيّ _ قدّس سرّه _ في كتاب الغيبة، والأستاذ الأعظم _ مدّ ظلّه _ في النجم الثاقب أخباراً سيلي ذكرها:

منها: ما رواه الشيخ الكلينيّ _ رحمه الله _ عن حمّاد بن عثمان عن الإمام الصادق علیه السلام وفي آخر الخبر: «أنّ قائمنا أهل البيت علیهم السلام إذا قام لبس ثياب عليّ علیه السلام وسار بسيرة أمير المؤمنين عليّ علیه السلام»(1) .

ص: 398


1- الکافي: 6 / 444

منها: ما رواه الشيخ النعمانيّ عنه علیه السلام: «ما تستعجلون بخروج القائم، فوالله ما لباسه إلّا الغليظ، ولا طعامه إلّا الجشب، وما هو إلّا السيف، والموت تحت ظلّ السيف»(1) .

وفي رواية أخرى: «وما طعامه إلّا الشعير الجشب»(2)

ومنها: ما رواه أيضاً عن معمّر ابن خلّاد أنّه قال: ذكر القائم عند أبي الحسن الرضا علیه السلام، فقال: «أنتم اليوم أرخى بالاً منكم يومئذ، قالوا: وكيف؟ قال: لو قد خرج قائمنا علیه السلام لم يكن إلّا العلق والعرق والنوم على السروج، وما لباس القائم علیه السلام إلّا الغليظ، وما طعامه إلّا الجشب»(3) .

ومنها: ما عن دعوات الراونديّ: قال المعلّى بن خنيس: قلت لأبي عبد الل علیه السلام: لو كان هذا الأمر إليكم لعشنا معكم، فقال: «والله لو كان هذا الأمر إلينا لما كان إلّا أكل الجشب ولبس الخشن»(4)

وقال علیه السلام للمفضّل بن عمر: «لو كان هذا الأمر إلينا لما كان إلّا عيش رسول الله صلی الله علیه و آله وسيرة أمير المؤمنين علیه السلام»(5)

ومنها: ما رواه عن المفضّل أنّه قال: كنت عند أبي عبد الله علیه السلام بالطواف، فنظر إلي، وقال: «يا مفضّل، ما لي أراك مهموماً متغيّر اللون؟» قال: فقلت له:

ص: 399


1- الغیبة (للنعماني): 239 ح 20
2- الغیبة (للنعماني): 239 ح 21
3- الغیبة (للنعماتي): 296 ح 5
4- الدعوات: 296
5- الدعوات: 296

جعلت فداك، نظري إلى بني العبّاس وما في أيديهم من هذا الملك والسلطان والجبروت، فلو كان ذلك لكم لكنّا فيه معكم، فقال: «يا مفضّل، أمّا لو كان ذلك لم يكن إلّا سياسة الليل، وسباحة النهار، وأكل الجشب، ولبس الخشن، شبه أمير المؤمنين علیه السلام وإلّا فالنار، فزوى ذلك عنّا فصرنا نأكل ونشرب، وهل رأيت ظلامة جعلها الله نعمة مثل هذا؟!»(1)

ومنها: ما رواه عن عمرو بن شمر أنّه قال: كنت عند أبي عبد الله علیه السلام في بيته والبيت غاص بأهله، فأقبل الناس يسألونه، فلا يسأل عن شيء إلّا أجاب فيه، فبكيت من ناحية البيت، فقال: «ما يبكيك يا عمرو؟»، فقلت: جعلت فداك، وكيف لا أبكي، وهل في هذه الأمّة مثلك، والباب مغلق عليك، والستر لمرخى عليك، فقال: لا تبك يا عمرو نأكل أكثر الطيب، ونلبس اللين، ولو كان الذي تقول لم يكن إلّا أكل الجشب، ولبس الخشن، مثل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام، وإلّا فمعالجة الأغلال في النار»(2)

با دو قبله در ره توحيد نتوان رفت *** يا رضاى دوست بايد يا هواى خويشتن

ص: 400


1- الغیبة (للنعماني): 297 ح 7
2- الغیبة (للنعماني): 297 ح 8

تكليف 56 في دراسة وقراءة الكتب المتضمّنة لتقرير حالاته، والمشتملة على تبيين أوصافه المقدّسة أرواحنا فداه

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هي دراسة الكتب والدواوين المشتملة على ذكر أوصافه الحميدة ونعوته الجميلة وصفاته المقدّسة وسماته المطهّرة وشمائله وخصائله وخصائصه ودلائل وجوده المقدّس أرواح العالمين فداه وإن كان ممّن يعرف العربيّة فعليه بقراءة ما كتب في الغيبة كغيبة الطوسيّ وغيبة النعمانيّ وغيبة الصدوق وكتاب الغيبة من بحار الأنوار وجنّة المأوى في من فاز بلقاء الحجّة علیه السلام في الغيبة الكبرى وسائر الكتب المؤلّفة في هذا الباب فإنّ عددها يتجاوز المائة، وأمّا إن لم يكن يعرف العربيّة فعليه بقراءة ما كتب بالفارسيّة كترجمة المجلّد الثالث عشر من بحار الأنوار وترجمة كمال الدين للصدوق والنجم الثاقب للأستاذ الأعظم أدام الله ظلّه العالي فإنّه يمتاز عن سائر الكتب بما يتضمّنه من الأحاديث والأخبار ودار السلام للشيخ محمود العراقيّ المعاصر طاب ثراه

ص: 401

فإنّه ملتقط ومقتبس من كتاب دار السلام بالعربيّة وسائر كتب الأستاذ الأعظم وغيرها.

فأيّما حصل لك فراغ فكرّس أكثر أوقاتك في مطالعة مثل هذه الكتب ومذاكرتها فإنّها تزيد في البصيرة وتهيّج المحبّة والمودّة، وتوجب رسوخ العقيدة وخلوصها، وتشدّ لك الموالاة الظاهرة والباطنة وأنّ المراقبة والمداومة على قراءتها إنّما ثؤثّر في قلبك وفؤادك ولحمك وجلدك ودمك وأعضائك وجوارحك بل ستتخمّر سريرتك بمحبّته ومودّته أرواحنا فداه وتظهر في ظاهرك وباطنك عجائب الآثار وغرائب الأطوار والعلائم الظاهرة.

واعلم يقيناً أنّ تأثير ذكر فضائله ومناقبه وآثاره وأحواله أرواح العالمين فداه لا يقلّ شيئاً من تأثير كتاب شاهنامه وشهنشهنامه وسائر الكتب المؤلّفة في هذا المضمار التي قرائتها تهيّج شجاعتك وبسالتك كما أنّ قراءة خمسة النظاميّ وليلى ومجنون لملّا الجاميّ وغزليات السعديّ وما شابهها توجب لك الفرح والانبساط والبهجة والنشاط وتؤثّر أراجيفهم وأباطيلهم في ظاهرك وباطنك فكيف لا تؤثّر فيك كلمات الأئمّة المعصومين وبياناتهم صلوات الله عليهم أجمعين المدّونة في كتب العلماء المبرزّين ودواوين الأساطين المتقدّمين والمتأخّرين ممّا ألفّوه في أحوال ذلك السيّد الدنيا والدين.

بل يجب على آحاد المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في مثل هذا العصر والزمان أن يشتروا مجلّدات من هذه الكتب العربيّة والفارسيّة ويحفظوها في بيوتهم، ويداوموا على مطالعتها ومذاكرتها ويقرئوها في كلّ يوم

ص: 402

على أهاليهم بأعلى أصواتهم ليترقّوا في مراتب معرفة إمام زمانهم أرواحنا فداه وليصيروا في عقيدتهم بوجوده المقدّس المبارك من الخالصين والراسخين والجازمين وليطّلعوا على نبذة من فضائله وخصائله وشمائله ومناقبه ومعجزاته الباهرة وخصائصه ودلالاته الزاهرة أرواح العالمين فداه لئلا يموتوا ميتةَ الجاهلين والغافلين، بل شهد الله أنّه لو كنت متمكّناً، وكان الله تعالى يمكّنني لغيّرت هذا الدأب الذي اعتاد عليه المسلمون بل صار جبلّتهم منذ خمسمائة عام إلى يومنا هذا في إيران وتوران وكافّة بلاد المسلمين ولجعتلهم ينبذون كتاب كلستان وبوستان وجهل طوطي وحسين كرد وسائر ما يتضمّن الأراجيف والأباطيل من كتب القصص التي يدعون أولادهم في المعاهد والمدارس يدرسونها وراء ظهورهم ويستبدلونها بالكتب المؤلّفة في غيبة صاحب العصر والزمان أرواح العالمين فداه ولكن ما الحيلة عند فقد الأسباب وعوز الأعوان وعدم القدرة والمكنة على هذه التغييرات والتبديلات، وآمل أن يبعث الله قريباً قبل ظهور مولانا وإمامنا أرواحنا فداه من يروّج معالم الشريعة والطريقة والحقيقة «لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا»(1).

ص: 403


1- سورة الطلاق: 1

ص: 404

تكليف 57 في تعظيم اسمه المبارك وتكريمه عند سماعه والتكلّم به وترقيمه وغير ذلك

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام تعظيمه وتفخيمه أرواحنا فداه عند سماع اسمه المبارك وألقابه وكناه، وحين قراءة أسمائه المقدّسة وذكرها وكتابتها وترقيمها، فإنّ جميع هذه التعظيمات والتفخيمات ومراعاة هذه الآداب من فروع ولايته وغصون شجرة محبّته أرواحنا فداه، ولا يخفى أنّ من يحبّ أحداً ويتولّاه إنّما يستمتع من سماع اسمه البتّة:

آن زليخا از سپندان تا به عود *** نام جمله چيز يوسف كرده بود

كما يتمتّع من كتابة اسمه ولن يسأم من مذاكرة حالاته ولن يملّ من ملاحظة صفاته وعلاماته بل إنّه يبتهج بذلك:

از هر جه بگذرى سخن دوست خوشتر است

ذكر تو از زبان من فكر تو از خيال *** چون برود كه رفته اى در رگ ودر مفاصلم

ص: 405

وأمّا التصريح باسمه المطابق لاسم خاتم النبيّين صلی الله علیه و اله فقد اختلفت فيه كلمة علمائنا الأعلام وتضاربت فيه أقوالهم، وهناك أدلّة يدلّ بعضها على الحرمة، والآخر على عدمها، ولكلّ منها دلائل وشواهد مضبوطة وغير مضبوطة، إلّا أنّ إيرادها في المقام أجنبيّ عمّا نحن فيه.

إلّا أنّ سيرة طائفة الإماميّة _ كثّرهم الله تعالى _ وديدنهم في هذه الأعصار والأزمان جارية على عدم التصريح باسمه الحقيقي أي (م ح م د) أرواحنا فداه والاكتفاء بسائر أسمائه وألقابه وكناه المقدّسة.

وأمّا ترسيم أسمائه وألقابه وكناه المقدّسة وترقيمها فما يظهر من بعض الأخبار أنّ ديدن علمائنا المتقدّمين _ رضوان الله عليهم أجمعين _ كان مستمرّاً على كتابة هذا الاسم (م ح م د) على هيأة الحروف المقطّعة، وذلك إمّا اقتداءً بالتوقيعات، أو تقيّةً فكانوا متعمّدين في ذلك.

وأمّا في هذه الأعصار والأزمان التي يصرّح فيها باسمه المقدّس وأسماء أجداده الطاهرين صلوات الله عليهم فوق المنارات وعلى مأذنة المساجد والمنابر في كافّة أصقاع الأرض وأقطارها التي يقطن بها المسلمون سواء في بلاد الإسلام أو بلدان الأجانب من دون خوف وتقيّة فلا ضرورة داعية إلى التقيّة كما كان الأمر في زمن خلفاء الجور وعهد أهل الخلاف على هذا النمط، فمن الأحرى والأجدر بمن يكتب أسماء كلّ واحد من الحجج الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين أن يعقّبها بألفاظ الصلاة والسلام والتحيّات الواردة المعمول عليها ك: (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، و(صلوات الله عليه)، و(صلوات الله وسلامه عليه)، و(سلام الله عليه)، و(عليه الصلاة والسلام)، و(أرواحنا فداه)

ص: 406

وغير ذلك، ويكفّ عن استبدالها ببعض الرموز والإشارات والمخترعات المتداولة في فنّ الكتابة، فإنّ فيها غاية الإساءة والإهانة، ك: (صلعم) بدل (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، و(ص) بدل (صلّى الله عليه وآله)، و(ع) بدل (عليه السلام) وغير ذلك، فإنّ في ذلك نوع استخفاف واستهانة، وقد روى المحدّث الجزائريّ بإسناده عن النبيّ صلی الله علیه و آله أنّه قال: «من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب»(1)

قال المؤلّف: وقد أخرج هذا الحديث الشيخ شهاب الدين أحمد الأبشيهيّ _ حشره الله مع محبوبه _ أيضاً في خاتمة كتاب المستطرف بعد إيراد أربعين حديثاً في فضيلة الصلوات قال:

الحديث الحادي والعشرون: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: «من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما لم يندرس اسمي من ذلك الكتاب»(2) .

وقال الشهيد الثاني _ قدّس سرّه _ في الآداب: ولا يختصر الصلاة في الكتاب، ولا يسأم من تكريرها ولو وقعت في السطر مراراً كما يفعل بعض المحرومين المتخلّفين من كتابة (صلعم)، أو (صلم)، أو (صم)، أو (صلسم)، أو (صله)، فإنّ ذلك كلّه خلاف الأولى والمنصوص(3)

ثمّ قال: بل قال بعض العلماء: إنّ أوّل من كتب (صلعم) قطعت يده(4)

ص: 407


1- ینظر: منیة المرید: 347 و عنه في بحار الانوار: 91/ 71
2- المسترف في کل مستظرف: 2/ 879
3- منیة المرید: 349
4- منیة المرید: 346 ینظر: فتح الباقي: 2/ 132 و تدریب الرواي: 2/ 77

قال المؤلّف: وقد بسطنا القول في هذا المضمار في المجلّد الثاني من كتابنا الموسوم ب-: خرابات لا بأس في المقام بالإشارة إلى مجمله:

اعلم أنّه قد نسخت هذه الآداب والقواعد والمراسم في هذه الأعصار في مقام التكلّم والكتابة والترقيم وغيرها بالمرّة، أمّا العوامّ فلا جناح عليهم لجهالتهم ببعض الآداب والأحكام، وأمّا الخواصّ فقد رئي أنّ أكثرهم حين التكلّم والتلفّظ باسم البارئ تعالى جلّ سبحانه وبهر برهانه وأسماء النبيّ والأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين لا يعقبّونها بالصلاة والرحمة ويتركون الإجلال والإعظام ويكتفون في المكاتبات والمراسلات بالرموز والإشارات فيتكبون اسم الله المقدّس برمز (اه) أو (ه) ويذكرون أسماء المعصومين علیهم السلام في غاية الإساءة ونهاية الإهانة.

وعلى سبيل المثال: أنّهم يكتبون في المكاتبات عن النبيّ (صلی الله علیه و آله)، عن عليّ (علیه السلام)، عن الباقر (علیه السلام)، عن الصادق (علیه السلام)، فيرمزون إلى الصلاة والرحمة بهذه الرموز، ويعتذرون عن ذلك بأنّه لغرض الاختصار، وفعلهم لا يصدّق قولهم، فإنّهم يسوّدون عشرات الأوراق مراعين فيها أساليب الفصاحة والبلاغة وفنون البديع والبراعة مدّعين التبحّر في البيان والتمهّر في التبيان، وتتجاوز كلماتهم ألف بيت ممّا لا يجديهم ولا غيرهم نفعاً لا في الدين ولا في الدنيا، ولكنّهم يقتصرون في كتابة الصلاة على محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وعليهم أجمعين أو كتابة اسم الله جلّت عظمته على الرموز والإشارات، وأنت تعلم بنفسك وإنّيتك كما تعلم من أين أتيت وما كنت وما صرت، والآن تزعم

ص: 408

أنّك فوق كلّ مخلوق فإن ذكر اسمك لفظاً أو كتابةً على سبيل الاختصار انقلبت حالتك وتزعزعت عيناك وعاديت الذاكر والكاتب وقمت بصدد توهينه وتحقيره، اللهم إلّا أن يكتب لك ألقاباً وأوصافاً ويملأ بها كتابه حتّى يأمن من شرّك، بل إنّه إذا كتب لك ألقاباً وأوصافاً ممّا لا واقع لها لا في وجودك ولا في وجود آبائك وأجدادك سررت وابتهجت وصدّقته حماقةً وسفاهةً وتباهيت وتبختّرت بنفسك وتوهّمت قائلاً: إنّي لو لم أكن خليقاً لهذه الألقاب والأوصاف، ولا حقيقاً بهذه الشؤون فلِم كتب لي مثل هذه الأوصاف أو أثنى بها عليّ فوق المنابر.

هيهات هيهات فقد آل أمر تلك الألقاب والأوصاف إلى عدم التفريق فيها بين العالم والجاهل، والمجنون والعاقل، والصالح والطالح، فترى هذه السيرة جارية وهذه القاعدة متّبعة في أراضي إيران وغيرها، فكلّ عالم وجاهل، وكلّ غني وفقير في كتابة هذه الألقاب المتداولة والأوصاف المتعارفة المهملة الشائعة مصرّ، وفي تمويهها واختلاقها لساناً وخطّاً جاهدٌ غاية الجهد ومبرمٌ نهاية الإبرام، كما ترى أصحاب المكاتيب وهؤلاء الذين تقوّل عليهم بتلك الألقاب المجعولة والأوصاف المجهولة في تقبّلها واستقبالها من المصرّين والمبرمين، ولا يستحيي أحدهما (المتقوّل والمتقبّل المستقبل) من هذه الأكاذيب والأراجيف، ولا يستنكف من هذه النعوت المجعولة والأوصاف المجهولة، «لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً»(1) ، ولا قوّة إلّا بالله.

ص: 409


1- سورة الطلاق: 1

ص: 410

تكليف 58 في ترقيم اسمه المبارك علیه السلام في أوّل الدفاتر والمكاتيب، وتصريح باسمه في بعض الموارد المعيّنة

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام كتابة اسمه المقدّس في بدء الدفاتر والكتب والمكاتبات، وتوقير اسمه المبارك في الكتابة والمقالة، والحفاظ على القراطيس والخواتيم والطلسمات والألواح والدراهم والدنانير التي كُتب وضُرب عليها اسمه المقدّس وأسماء أجداده الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ولمسّها بالطهارة وعدم وضعها في المواضع غير المطهّرة، وذكره في بداية المواعظ والخطب والدروس والمباحثات والمطالعات والتعازي، وفي بدء الأذان وختمه، وفي فاتحة القرآن وخاتمته، وفي أوّل الدعوات وآخرها، وعند إجراء عقد النكاح وسائر العقود والإيقاعات، وحين الأكل والشرب، والقيام والقعود، والذهاب والإياب، والسفر والحضر، والبرّ والبحر، وغير ذلك ممّا لا حاجة فيه إلى إقامة الدلائل والشواهد، فما قلناه إنّما هو على قدر فهمك: «قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ..»(1) .

ص: 411


1- سورة الکهف: 109

ص: 412

تكليف 59 في اختيار العزلة والانزواء، وترك الخروج وعدم القصد إلى الجهاد في عصر الغيبة

ومن جملة تكاليف الأنام في غيبة الإمام عليه الصلاة والسلام إنّما هو اختيار العزلة والانزواء، وعضّ نواجذ التحسّر وبنان التحيّر، وترك الخروج والجهاد على أهل الباطل، والصبر على مشاقّ الغصص ومحن القصص والفتن القاسية والمحذورات الدينيّة والإيمانيّة وتخبئتها في خزينة القلب، والحفاظ على الدين والإيمان من مكائد شياطين الإنس ومصائد أبالسة الجانّ، والتوسّل إلى الله القهّار والرسول المختار والأئمّة الأبرار الأطهار عليهم صلوات الله الملك الجبّار، ولزوم البيت وعدم الاستنفاض، والدعاء لظهوره عجّل الله فرجه والتأهّب لاستقبال الأجل والرحيل إلى دار الخلود.

وفي الصحيفة الكاملة عن أبي عبد الله علیه السلام: ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفع ظلماً أو ينعش حقّاً إلّا اصطلمته البلية، وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا(1).

ص: 413


1- الحیفة السجادیة: 20

والمستفاد من كلمة منّا أهل البيت وإن كان بحسب الظاهر أنّ الإمام أو أولاده علیهم السلام سيصطلمون بالبلية فيما إذا قصد إلى الخروج وإحقاق الحقّ وإبطال الباطل، فإنّ أهل الحقّ لمغمورون ولمستورون إلى ظهور الدولة الحقّة، وأنّ الدولة ستبقى إلى ظهور بقيّة الله في الأرضين والسموات صاحب العصر والزمان أرواح العالمين فداه تحت سلطان أهل الكفر والباطل كما في الأحاديث المتظافرة، إلّا أنّ بملاحظة ما ورد في تفسير بعض الآيات وتأويل بعض الأحاديث المرويّة عن أهل البيت المعصومين سلام الله عليهم أجمعين كقولهم: سلمان منّا أهل البيت، يمكن عدّ واحتساب مواليهم وشيعتهم علیهم السلام من أهل البيت أيضاً، فضلاً عن العلماء والفقهاء الذينهم نوّاب الإمام عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا فلو قصد شيعيّ _ كان من العلماء والفقهاء والحكماء والعرفاء والأمراء والأعيان والأشراف والرعايا والبرايا أو لم يكن _ في هذه الأزمنة التي غاب فيها الحجّة عجّل الله فرجه غيبةً تامّة الخروج، وإقامة معالم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترويج المذهب الجعفريّ، وتفضيل الملّة الشيعيّة الاثني عشريّة على سائر الملل والأديان حتّى على أهل التسنّن وغيره لما أتى بما فيه السداد والرشاد، ولاصطلم _ بناءً على هذا الحديث وسائر الأحاديث المتظافرة _ بالبلية، ولصار مخذولاً مقهوراً، بل إنّه يجد نفسه في عرضة التلف والهلاك، وعلى هذا فالإمساك والسكوت في هذه الأزمنة متعيّن والتقيّة واجبة.

قال العالم العامل المرحوم حجّة الإسلام وكهف الأنام الحاجي الأشرفيّ _

ص: 414

رضوان الله تعالى عليه _ في بعض مدوّناته ما محصّل ترجمته: يمكن تأويل هذه الآية المباركة أي قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(1) إلى باطن الباطن، وإدخال جميع أهل الإيمان في بيت النبوّة، وحصول الطهارة التامّة وقابليّة البقاء الأبدي ببركة التوسّل بهم سلام الله عليهم.

وقد نقلنا نصّ كلامه _ برّد الله مضجعه _ تأييداً لما قلنا من دعوى إمكان عدّ موالي أهل البيت وشيعتهم سلام الله عليهم أجمعين من أهل البيت أيضاً لدفع استبعاد بعض أهل الظواهر المتقشّرين.

إذن فلا يكاد يصحّ من أحد في مثل هذه الأعصار والأزمنة التي هي دولة أهل الكفر والضلال القصد إلى الخروج لإقامة الأمت والعوج، ولغرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان من العلماء والفقهاء والحكماء والعرفاء والأمراء والأمناء أو لم يكن، أو الخروج إلى إشعال نائرة القتال والنضال إلّا في بعض الموارد التي يتحتّم فيها الجهاد على عامّة الناس وذلك أيضاً ممّا يتوقّف أمره على فتوى المجتهد الجامع للشرائط وحكمه، وتتطلّب تفاصيل أحكامه من كتاب الجهاد في كتب الفروع والفقه.

فيجب على موالي الملّة الحقّة الاثني عشريّة ومحبّيها بناءً على ما أمرهم به الإمام علیه السلام أن يلزموا بيوتهم، ويكمدوا بالصبر والسلوان، ويسألوا الواحد الأحد عزّ سبحانه وبهر برهانه تعجيل ظهور الحجّة أرواح العالمين فداه وفرجه

ص: 415


1- سورة الاحزاب: 33

ويداوموا على بعض الدعوات الواردة في غيبته أرواحنا فداه ويحافظوا على دينهم وإيمانهم من خدع شياطين الإنس ومكائد أبالسة الجانّ.

از حال خود آگه نيم، ليک آن قدر *** هر گه به خاطر بگذرى اشكم ز دامان بگذرد

ص: 416

تكليف 60 خاتمة شاتمة في بعض المطالب المتعلّقة بعقائد عصابة الحقّ، والمرتبطة بمعتقدات أهل الباطل

اعلم أنّ هذه التكاليف التي ذكرت والعقائد التي يجب عليك الإذعان بها تجاه ذوات مواليك علیهم السلام وأشخاصهم المطهّرة ممّا لا يتطرّق إليه استغراب ولا يعتريه استعجاب فإنّ قوام جميع الأرضين والسموات باتّفاق الموالف والمخالف ببركة وجوداتهم المقدّسة المطهّرة المنوّرة وليس ذلك من الممتنعات ضرورة أنّ أهل السنّة والجماعة إنّما يثبتون هذه العقائد لأدنى مخلوق من مخلوقاته تعالى يعتقدون أنّه رئيسهم وكبيرهم، فقد أذعنوا بمثل هذه عقائدك الحقّة وأثبتوها لمن يدّعيها لنفسه من دون استحقاق فوضعوا الشيء في غير ما وضع له إذن فأنت أولى بأن تعتقد بهذه العقائد الحقّة وتثبتها لمواليك فإنّها من لوازم شؤونهم علیهم السلام، وألّا تعتني بمعارضات الخصم ومناولاته، وأن تمعن النظر وتتأمّل في هذه البيانات التي مرّت عليك،

ص: 417

وتتفطّن لما استظهرناه من الخصم من خرافاته وجزافاته لتعلم أنّ إثبات هذه الشؤون والدرجات والعوالم الظاهرة والباطنة وتأكيد هذا الحقير وإصراره في حفظ المراتب والمقامات، والأزمنة والأوقات، والدقائق والساعات، والأيّام والليالي، والتكاليف المقرّرة والعقائد الحقّة والتوجّهات التامّة الكاملة إلى إمام العصر وناموس الدهر والغوث الأعظم وقطب دائرة العالم صاحب العصر والزمن محمّد بن الحسن صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطيّبين الطاهرين إنّما هو قليلٌ من الكثير، وضئيلٌ من الغفير وقطرةٌ من البحار وخردلةٌ من القنطار.

فشهد الله الواحد الأحد أنّا لو أردنا استقصاء التكاليف المقرّرة المعيّنة الصوريّة والمعنويّة والظاهرة والباطنة بالنسبة إلى إمامك أرواحنا فداه واستيفائها على سبيل البسط والإسهاب كما ينبغي لنزعت الحذاء والقلنسوة ولخرجت إلى الفلوات والجبال ذات الأوتاد ولرفعت لواء الجنون على رؤوس الأشهاد إلّا أنّ ما ذكرناه إنّما هو على قدر فهمك، بل على حسب وسعك:

پس بيا وهوش خود را جمع كن *** واين عناد از باطن خود قمع كن

وألق السمع إلى ما يتلى عليك من اختلاق الخصم حيال مواليك المراتب والشؤون، وانظر إلى الهمج الرعاع كيف آمنوا بهم بمجرّد هذه الدعاوي الباطلة الواهية فوجاً بعد فوج وفئة تلو الأخرى واستمعوا لخرافاتهم وبذلوا لهم أنفسهم وأموالهم وشردوا من حضرات مواليك وأعدّوا لهم بساط المخالفة والمعاندة وفعلوا ما فعلوا من موجبات الحسد الظاهرة والباطنة وسمعوا ما سمعوا ورأوا ما رأوا من العذاب جزاءً بما قدّمت أيديهم.

ص: 418

قال الشيخ عبد القادر الجيلانيّ: كلّ وليّ على قدم نبيّ، وأنا على قدم جدّي، ما أرفع المصطفى قدماً إلّا وضعت في الموضع الذي رفع منه الأقدام من أقدام النبوّة، فإنّه لا سبيل إلّا أن يناله غير نبيّ.

ومن كلماته أيضاً: أنا نار الله الموقدة، أنا سالب الأحوال، بحر لا ساحل له، أنا المحفوظ، أنا الملحوظ، يا قوّام، يا صوّام، يا أهل الجبال دكّت جبالكم، يا أهل الصوامع هدمت صوامعكم، اقبلوا أمراً من الله، أنا أمر من الله، يا رجال، يا أوتاد، يا أبدال، يا أطفال، هلّموا وخذوا عن البحر الذي لا ساحل له، أنا الناظر في اللوح المحفوظ، أنا الغائص في بحار علم الله ومشاهداته، أنا حجّة الله، أنا نائب رسول الله ووارثه في الأرض.

ومن كلماته أيضاً: أنا أفضل مشايخ الجنّ والإنس جميعاً، بيني وبين الخلق بعد بعيد كما بين السماء والأرض.

ومن كلماته أيضاً: أنا من وراء أمور الخلق وعقولهم، رجال الله إذا وصلوا إلى القدر أمسكوا فإذا وصلت إليه دخلت فيه فنازعت اقدار الحقّ بالحقّ للحقّ.

ومن كلماته أيضاً: سلّمت لي الأرض شرقاً وغرباً، سكنى وغير سكنى، برّاً وبحراً، سهلاً وجبلاً كلّهم يخاطبوني بالقطبيّة.

ومن كلماته أيضاً: أنا سيّاف، أنا قتّال، أنا أعلم ما في بطنكم وظاهركم، وأنتم في نظري بين يدي كالقوارير.

ومن كلماته أيضاً: أعطيت الآن سبعين باباً من العلم اللدنيّ سعة ما بين السماء والأرض.

ص: 419

قال الشيخ ابوالحسن الخرقانيّ: صعدت ظهيرة على العرش لأطوف به فطفت عليه ألف طوفة.

أو كما قال: ورأيت حواليه قوماً ساكنين مطمئنين فتعجّبوا من سرعة طوافي وما أعجبني طوافهم، فقلت: من أنتم وما هذه البرودة في الطواف؟ فقالوا: نحن ملائكة، ونحن أنوار، وهذا طبعنا لا نقدر أن نتجاوزه، فقالوا: ومن أنت وما هذه السرعة في الطواف؟ فقلت: بل أنا آدميّ وفي نور ونار، وهذه السرعة من نتائج نور الشوق.

للشيخ محيي الدين في فتوحاته:

أنا ختم الولاية دون شكّ *** يورث الهاشميّ مع المسيح(1)

وفيها أيضاً:

ولمّا أتاني الحقّ ليلاً مبشّرا *** بأنّي ختام الأمر في غرّة الشهر

وقال لمن قد كان في الوقت حاضرا *** من الملأ الأعلى من عالم الأمر

ألا فانظروا فيه فإنّ علامتي *** على ختمه في موضع الضرب بالظهر

أنا وارث لا شكّ علم محمّد *** وحالته في السرّ منّي وفي الجهر(2)

ومن كلماته:

الله أكبر والكبير ردائي *** والنور بدري والضياء ذكائي

والشرق غربي والمغارب مشرقي *** وحقائق الخلق الجديد أماني

ص: 420


1- الفتوحات المکیة: 1/ 244
2- ینظر: شرح فصوص الحکم (لموید الدین الجندي): 251

والنار غربي والجنان شهادتي *** والبعد قربي والدنوّ تنائي

وإذا أردت تنزّهاً في روضتي *** أبصرت كلّ الخلق في مرائي

وإذا انصرفت أنا الإمام وليس لي *** أحد أخلَّفه يكون ورائي

وفي كتاب مقامع الفضل لابن الآقا _ طاب ثراه _ ما محصّل ترجمته: قال الشيخ محيي الدين في الفصوص والفتوحات:

من عبد صنماً فقد عبد الله، ولمّا صنع السامري ما صنع من خطب العجل حثّ الناس على عبادته، ولم يمنح الله هارون قوّة على إرداعه بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل ليُعبد في كلّ صورة (1)

وقال أيضاً: قد نسب الله تعالى النصارى إلى الكفر، وليس ذلك لأنّهم قد اتّخذوا عيسى علیه السلام إلهاً، بل لأنّهم قد قصروا الألوهيّة فيه كما قال عزّ شأنه: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ»(2)

ورأى نفسه خاتم الأولياء قائلاً: قد خُتمت بي الولاية، وقد أتاني الأنبياء والرسل مهنّئين لي بذلك.

وكذا قال: إنّ عامّة الأنبياء والرسل إنّما يقتبسون العلم من مشكاة خاتم الأنبياء، وأنّ قاطبة الأوصياء إنّما يقتبسون العلم من مشكاة خاتم الأولياء.

وقال أيضاً: إنّ خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء في الولاية، كما أنّ خاتم الأنبياء في الرسالة أفضل من عامّة الأنبياء والرسل.

ص: 421


1- ینظر: فصوص الحکم: 1/ 194
2- سورة المائده: 17 ینظر: الفتوحات المکیة: 1/ 652

وكذا قال: إنّ أهل النار يتنعّمون فيها، ويجدون ما تسكن إليه أنفسهم وتلذّ به أعينهم، وأنّ العذاب إنّما يزول عن الكافر، فإنّ العذاب مأخوذ من العذب بمعنى الحلاوة انتهى كلامه في كتابه المذكور.

وفي شرح ديوان الميبديّ: قال مؤيّد الدين الجنديّ في شرح الفصوص: والمحرّم من المشهور اختصّ بهذه المبشّرة لأنّه _ رضي الله عنه _ فتح له في أوائل فتحه في المحرّم أيضاً على ما رويناه عن الشيخ _ رضي الله عنه _ الخد الخلق أوّل مبشّرة في إشبيليّة من بلاد أندلس _ إشبيليّة من قواعد الأندلس ولها خمسة عشر باباً _ تسعة أشهر لم يظهر فيها، دخل في غرّة المحرّم، وأُمر بالخروج يوم عيد الفطر، وبُشّر بأنّه خاتم الولاية المحمّديّة، وأنّه وارثه الأكمل في العلم والحال والمقام(1)

وقال أيضاً: ومن دلائل ختميّته _ رضي الله عنه _ أيضاً أنّه كان بين كتفيه في مثل الموضع الذي كان لنبيّنا خاتم النبيّين _ صلَّى الله عليه وسلَّم _ علامة مثل زرّ الحجلة، ثابتة لهذا الخاتم أيضاً تقعير يسع مثل زرّ الحجلة، إشارة إلى أنّ ختميّة النبوّة ظاهرة عليّة فعليّة، وختميّته _ رضي الله عنه _ باطنة انفعاليّة خفيّة(2).

إلى أن قال: وقد بالغ بعض الناس في تكفير الشيخ وتضليله بل قالوا إنّه أكفر الكفرة، فلا جواب لهم في غيابهم إلّا النسيان والذهول وفي تواجدهم إلّا السكوت.

ص: 422


1- شرح فصوص الحکم (لموید الدین الجندي): 125
2- شرح فصوص الحکم (لموید الدین الجندي): 251

يقول المؤلّف _ وفّقه الله تعالى _ : وفي كشف الظنون لكاتب الجلبيّ، قال: كتاب المناقب محيي الدين بن العربيّ الأندلسيّ من تأليفات السيّد عليّ بن ميمون المغربيّ المتوّفى سنة 917 ه- وأسماه تنبيه الغبي في تنزيه ابن العربيّ، وللسيوطيّ أيضاً المتوّفى سنة 911 ه-، وللشيخ إبراهيم بن محمّد الحلبيّ وأسماه تنبيه الغبي في تكفير ابن العربيّ وأجاب عن الذي أورده السيوطيّ وتوفّي سنة 956 ه- .

يقول المؤلّف _ وفّقه الله _ : ولا يخفى على العارف البصير وأهل الإنصاف المبرّين من الجزاف والاعتساف أنّ جميع هذه الأقوال لا منشأ لها سوى الكذب والبهتان، والغرور والطغيان، واتّباع هوى النفس والمراء، وحبّ الشهرة بين الأنام وتضليل العوام كالأنعام، وأنّ أكثر هذه الكلمات لم يتفوّه بها صاحبها إلّا لمجرّد اللجاجة والعناد، والخصومة واللداد، والضديّة والنديّة، والمعارضة والمناوبة مع طائفة الشيعة الاثني عشريّة إذ قرع أسماعهم أنّ الشيعة تقول: لقد خُتمت الولاية بوجود بقيّة الله عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه، فقام محيي الدين في مقام المعارضة فادّعى الولاية والخاتميّة.

كما سمعوهم يقولون: قال أمير المؤمني علیه السلام وهو على المنبر «سلوني قبل أن تفقدوني»(1) ، فصعد مقاتل بن سليمان المنبر وادّعى قائلاًً: سلوني قبل أن تفقدوني، وسلوني عمّا دون العرش، فسئل عن أوّل حجّة حجّها آدم من حلق رأسه؟ فتورّط في الجواب وبهت وسكت، كما صعد ابن الجوزيّ المنبر

ص: 423


1- نهج البلاغة: 2/ 130

وادّعى مثل هذه الدعوى، فجعل الله على سبيله امرأةً أفحمت وجهه وأرغمت أنفه وأبطلت دعواه.

وممّن ادّعى هذه الدعوى قتادة في مسجد الكوفة، فسئل عن النملة التي تكلّمت مع سليمان علیه السلام كانت من الذكور أم من الإناث؟ فعجز عن الجواب، وقد ورد في القرآن ما يدلّ على التأنيث وهو قوله تعالى: «قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لَا يَشْعُرُونَ»(1)، كما قال عمر بن الخطّاب:

تصدّقت بخاتمي أربعين مرّة ولم تنزل في حقّي آيةٌ كما أنزلت في عليّ أمير المؤمنين علیه السلام.

وأعجب من ذلك ما عن صاحب كتاب الخصائص محمّد بن جرير الطبريّ _ وهو من مشاهير علماء أهل السنّة والجماعة _ حيث أنّه مع إتيان إمامه عمر بن الخطّاب بهذا العمل مرّةً بعد الأولى وكرّةً بعد الأخرى وعدم نزول آية في شأنه قال:

قد تصدّقت بخاتمي في سبيل ربّي وأنا في الركوع أربعين مرّة بتمنّي أن تنزل في آيةٌ ولكن لم تنزل.

وكذا سمعوهم يقولون: لقد رأى النبيّ صلی الله علیه و آله في ليلة أُسري به إلى السماء أمير المؤمنين علیه السلام في كلّ مؤطأ وطأه كما أقرّ بذلك أهل السنّة أيضاً، وفي خلاصة المناقب وبحر المعارف أنّ رسول الله صلی الله صلی الله علیه و آله قال: «لمّا عُرج بي إلى السماء دنوت من ربّي عزّ وجلّ حتّى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، فقال: يا محمّد،

ص: 424


1- سورة النمل: 18

من تحبّ من الخلق؟ قلت: يا ربّ عليّاً، قال: التفت يا محمّد؟ فالتفت عن يساري، فإذا عليّ بن أبي طالب علیه السلام»(1)

قال أهل السنّة قبالة هذا القول: لقد عُرج بملّا الروميّ صاحب المثنوي إلى السماء وهو ابن ستّ سنين، كما ورد في سفينة الأولياء من تصانيف محمّد دارا شكوه القادريّ.

وقال الشيخ أبو الحسن الخرقانيّ: قد عُرج بي إلى العرش، وطفت حوله ألف مرّة.

وقال آخر: قد عُرج بي إلى السماء ورأيت منزلة عليّ علیه السلام من الله، وقد كان أدنى مرتبةً من الخلفاء.

وكذا سمعوهم يقولون: إنّ أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام كان إمام الجنّ والإنس، وقد بعثه النبيّ صلی الله علیه و اله لمحاربة الجنّ، ولقد كانت له السلطة والهيمنة على الثقلين.

فقال أهل السنّة في قبالهم: كان الشيخ عبد القادر الجيلانيّ إمام الجنّ والإنس، وكان الجنّ والملائكة كالإنس يختلفون إليه، ويلقون السمع إلى كلماته، وكان يقضي بينهم، ومن هنا يقال له غوث الثقلين إذ كان إمام الإنس والجنّ والملائكة.

وكذا سمعوهم يقولون: كانت الشمس تسلّم على أمير المؤمنين علیه السلام قائلةً: السلام عليك يا أوّل يا آخر يا ظاهر يا باطن.

ص: 425


1- و قد رواه الشیخ الطوسي-رحمه الله- في الامالي: 352

فقال الشيخ أبو السعود: كان الغوث _ أي الشيخ عبد القادر _ يقول: إنّ الشمس والقمر لا طلوع لهما ما لم يسلّما عليّ.

وكذا سمعوهم يقولون: إنّ السنة والشهر وأيّام الأسبوع كلّها مؤوّلة إلى الأئمّة الأطهار سلام الله عليهم، وإنّما الأعمال تعرض عليهم.

فقال أهل السنّة: قال الشيخ عبد القادر: إنّ السنة والشهر والأسبوع واليوم يأتينّي جميعاً ويسلّمنّ عليّ ويخبرنّني بما قُدّر فيهن من الخير والشرّ، كما أورد محمّد دارا شكوه القادريّ في كتاب سفينة الأولياء وهو يحضرني الآن بخطّ أحد أهالي شاه جهان آباد، وكان تأليفه في سنة التاسعة والأربعين بعد الألف من الهجرة (1049 ه-) وفيه: قال الشيخ سيف الدين عبد الوهّاب نجل الغوث الأعظم: لم يكن شهر من شهور السنة إلّا كان يأتي والدي قبل هلاله، فإن كان قد قُدّر فيه شيء من الضرّاء والبأساء كان يتمثّل بهيأة قبيحة كريهة، وإن كان قد قُدّر فيه شيء من الخير كان يتمثّل بهيأة حسنة جميلة.

وقد اجتمع جماعةٌ من المشايخ في الجمعة الأخيرة سلخ جمادى الآخرة سنة خمسمائة وستّين عند والدي، فإذا بشابّ وسيم حسن المنظر أقبل وقال: السلام عليك يا وليّ الله، أنّي شهر رجب أتيتك مهنّئاً لك، ولم يُقدّر فيّ من البأساء والضرّاء شيء، فلم يصب الناس في ذلك الشهر إلّا ما كان خيراً، وإذ أتاه في يوم الأحد سلخ شهر رجب وهو على هيأة رجل كريه المنظر قال: السلام عليك يا وليّ الله، أنّي شهر شعبان أتيتك مهنّئاً لك، فقد قُدّر فيّ من الموت والفناء في بغداد، ومن الغلاء في الحجاز، ومن القتل والقتال في خراسان، فلمّا هلّ هلاله وقع كلّ ما أخبره به، وقد اعتلّت صحّة الشيخ عبد

ص: 426

القادر ومرض في أيّام قلائل من شهر رمضان فوفد إليه في يوم الاثنين التاسع والعشرين جمعٌ من المشايخ منهم الشيخ عليّ الهيبتيّ والشيخ نجيب الدين السهروديّ وغيرهما، وبينما هم جلوسٌ قد أقبل رجل في غاية البهاء والوقار وقال: السلام عليك يا وليّ الله، أنّي شهر رمضان أتيتك معتذراً عمّا لحق بك ممّا قُدّر فيّ ومودّعاً لك، فإنّ هذا آخر لقائي معك ثمّ خرج راجعاً، وقد توفّي الشيخ في شهر ربيع الآخر من عامّه المقبل ولم يدرك شهر رمضان.

وكذا سمعوهم يقولون: قد قال أئمّتنا سلام الله عليهم أجمعين: إنّ أسماء شيعتنا مكتوبة ومحفوظة في صحيفة لدينا وكذا أسماء أعادينا.

فقال أهل السنّة: قال الشيخ عبد الرزّاق نجل الشيخ عبد القادر: أُعطيتُ رقعةً طولها مدى قوّة البصر فرأيت فيها أسماء أصحابي وكلّ من ينتمي إلي ممّن عبر وممّن يغبر إلى قيام القيامة، فقيل لي: قد غُفر لهم وصُفح عنهم.

قال الشيخ: وأيم الله وعزّته وجلاله لا أخطونّ خطوةً في الموقف من عند ربّي ما لم يخلّ سبيل أصحابي إلى الجنّة.

وسمعوهم يقولون: إنّ أئمّتنا سلام الله عليهم أجمعين مماتهم وحياتهم سيّان، فإنّهم كما كانوا قد تصرّفوا حال حياتهم الظاهريّة في عوالم الإمكان كذلك يتصرّفون حال مماتهم الظاهريّة في جميع العوالم والأكوان.

فقال أهل السنّة: كان الشيخ عبد القادر في أيّام حياته يتصرّف في جميع العالم فكذلك قد منحه الله بعد وفاته وفي مضجعه القدرة والمكنة على ذلك.

ص: 427

وكذا قد قرع أسماعهم أنّ طائفة الشيعة يدفنون موتاهم في الروضات المتبرّكة والمشاهد المشرّفة لأئمّتهم المعصومين سلام الله عليهم أجمعين قائلين: إنّ العذاب يرفع عنهم، فقال الشيخ أبو بكر البطائحيّ: لقد أخذت عن الحقّ تعالى الميثاق على أن يخرج جسدي عن روضتي، وألّا يصله ناراً، وأن يرفع العذاب عنه. وقبر أبي بكر البطائحي في البطائح.

وبالجملة: إن أردنا استقصاء معارضات أهل السنّة والجماعة ومناولاتهم وضديّتهم حيال عصابة الشيعة الاثني عشريّة في كلّ من هذه المقالات والدرجات لصار كتاباً.

شهد الله تعالى أنّ جميع ما نسبوه قبالة أئمّتنا صلوات الله عليهم أجمعين إلى أنفسهم أو ينسبه إليهم الآخرون إن هي إلّا كذب محض ومحض كذب وشهرة ورياء وسمعة وغرور وطغيان وعدوان، ولا مقصود لهم من هذه الخرافات والجزافات إلّا إطفاء أنوار مصابيح الهدى عليهم صلوات الله تبارك وتعالى: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»(1).

تمّت في صبيحة يوم الأربعاء من شهر ربيع الثاني في بلدة همدان _ صانها الله تعالى عن الآفات والحدثان _ على يد مؤلّفه وكاتبه أذل الأنام طائف بيت الله الحرام، أبي المكارم، صدر الإسلام، دبير الدين، علي أكبر الهمداني أصلًا والنجفي مسكنًا، في سنة ألف وثلاثمائة وسبعة عشر (1317) من الهجرة المقدّسة، حامدًا مصلّيًا منيبًا إلى الله تعالى.

ص: 428


1- سورة الصف: 8

فهرس المحتويات

كلمة المؤسسة...5

مقدّمة المترجم...7

السيرة الذاتية للمؤلف بقلمه الشريف...11

تكليف 1...53

تكليف 2...59

تكليف 3...61

تكليف 4...65

تكليف 5...69

تكليف 6...73

تكليف 7...79

تكليف 8...81

تكليف 9...83

تكليف 10...85

تكليف 11...89

ص: 429

تكليف 12...93

تكليف 13...97

تكليف 14...101

تكليف 15...117

تكليف 16...121

تكليف 17...129

تكليف 18...133

تكليف 19...137

تكليف 20...145

تكليف 21...147

تكليف 22...151

تكليف 23...169

تكليف 24...177

تكليف 25...181

تكليف 26...199

تكليف 27...211

تكليف 28...215

تكليف 29...219

تكليف 30...223

تكليف 31...239

تكليف 32...247

ص: 430

تكليف 33...261

تكليف 34...283

تكليف 35...295

تكليف 36...303

تكليف 37...331

تكليف 38...337

تكليف 39...339

تكليف 40...343

تكليف 41...345

تكليف 42...349

تكليف 43...355

تكليف 44...357

تكليف 45...359

تكليف 46...361

تكليف 47...363

تكليف 48...365

تكليف 49...367

تكليف 50...371

تكليف 51...373

تكليف 52...375

تكليف 53...379

ص: 431

تكليف 54...389

تكليف 55...391

تكليف 56...401

تكليف 57...405

تكليف 58...411

تكليف 59...413

تكليف 60...417

فهرس المحتويات...429

ص: 432

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.