المَجَالِسُ الحُسَینِیَّةُ
تأليف: العَلَّامَةِ الكَبِيرِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ الحُسَينِ آلِ كَاشِفِ الغِطَاءِ
المُتُوَفَّى سَنَة 1373ه-
تحقِيقُ: أَحمَدَ عَلَى مَجيدِ الحِلِّي
رَاجَعَهُ وَضَبَطَهُ وَوَضَعَ فَهَارِسَهُ
وحْدَةُ تحقِيقِ
مَكتَبَةِ العَتَبَةِ العَبَّاسِيَّةِ المُقَدَّسَةِ
كربلاء: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، 1431 ق.= 2010م.
ص: 1
العَتَبَةُ العَبَّاسِيَّةِ المُقَدَّسَةِ
قسم الشؤون الفكرية والثقافية/ شعبة المكتبة
كربلاء المقدسة/ ص.ب (233) / هاتف: 222600، داخلي: 251
www.alkafeel.net
library@alkafeel.net
abbas_library@yahoo.com
کاشف الغطاء، محمّد حسین، 1877 - 1954 م
المجالس الحسينية / تأليف محمّد حسين آل كاشف الغطاء ؛ تحقيق أحمد علي مجيد الحلي ؛ [راجعه ووضع فهارسه وحدة التحقيق في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة].- طبقة منقحة ومزيدة. - كربلاء: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، 1431 ق.= 2010م.
[207 ] ص. - (تصوير) ؛ (مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة ؛ 2).
المصادر: ص: 191 - 201 ؛ و كذلك في الحاشية.
1. الحسين بن علي (ع)، الإمام الثالث، من 4 - 61 ق. الشهادة. 2. الحسين بن علي (ع)، الإمام الثالث، من 4 - 61 ق. - أصحاب - الشهادة. 3. واقعة كربلاء، 61 ق. ألف. الحلي، أحمد علي مجيد، 1971 - م.، محقق ب وحدة التحقيق في دار و مخطوطات العتبة العباسية المقدسة. ج. عنوان
تصنيف وحدة الفهرسة حسب النظام العالمي (L.CC)
في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة
الكتاب: المجالس الحسينية.
المؤلف: الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء.
راجعه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة.
المحقق: أحمد علي مجيد الحلي.
الناشر: مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة.
الإخراج الفني: عدي فاضل الأسدي.
المدقق اللغوي: الأستاذ على حبيب العيداني.
المطبعة: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/ كربلاء المقدسة - العراق / بيروت - لبنان.
الطبعة: الثانية.
عدد النسخ: 3000 نسخة.
التاريخ: شهر رجب 1431 ه- / حزيران 2010 م.
ص: 2
الصورة
صورة المؤلف
العلّامة الكبير الإمام
محمّد الحسين آل كاشف الغطاء
رحمه اللّه
ص: 3
ص: 4
إلى من آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه
إلى من أبدله اللّه بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة
إلى من له منزلة عند اللّه يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة
إلى سليل بيت الوحي والرسالة، ورييب بيت الإمامة والعدالة
إلى غصن الواحة الهاشمية وفرع الشجرة العلوية
سيدنا أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين الذي أنعم اللّه علينا بجواره طيلة تحقيق هذا الكتاب وآخرة
فأغدق علينا من بره وإحسانه، وآوانا مكرمين في حماه
فسلام اللّه عليه تحية وافرة، وصلاته عليه متواترة، وحشرنا اللّه معه دنيا و آخرة
فإلى ساحته المقدسة أهدي تحقيق هذا الكتاب
أحمد علي مجيد الحلي
ص: 5
ص: 6
قالَ الإمامُ جعفرُ بن مُحمّدِ بن عليٍّ بن الحسين علیهم السلام في زيارتِهِ لجدِّهِ الإمامِ الحسين علیه السلام:
أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ، وَاقشَعَرَّتْ لَهُ أَظِلَّةُ العَرْشِ، وبَكَى لَهُ جَميعُ الخَلائِقِ، وَبَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرضُونَ السَّبعُ، ومَا فيهنَّ ومَا بينهنَّ ومَنْ يَتقلَّب فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلقِ ربَّنَا، ومَا يُرى ومَا لا يُرى».(1)
ص: 7
ص: 8
بسم اللّه الرحمن الرحیم
ص: 9
ص: 10
بعد أداء واجب الحمد لواجب الوجود، وله الشكر على ما أفاض علينا من فيض الإنشاء للوجود، والصلاةُ والسلام على أفضل مخلوق وموجود محمّد صلی اللّه علیه و آله، وعلى أه-ل بيته الطيبين الأنجبين علیهم السلام، واللعن الدائم على أعدائهم، ومن سار بركبهم إلى يوم الدین.
وبعد، فلا يخفى على كل ذي لب أهمية دراسة وتحليل ونشر الثقافة الإسلامية، وتيسير إيصالها، وتداولها بين أيدي طالبي الحقيقة والباحثين عنها، لا سيما ونحن نعيش العولمة بمختلف أحوالها - ولا أقول نعيش عصرها -، سواء كنا مهيئين فكرياً وثقافياً وأخلاقياً أم لم نكن، وسواء شئنا أم لم نشأ!
لذا فقد شمّرت مكتبة ودار مخطوطات العتبة العبّاسية المشرفة على صاحبها آلاف التحية والسلام مستعينة باللّه تعالى، ومتوكلة عليه، ومتنسمة ألطاف المولى أبي الفضل العباس علیه السلام العزم على البدء بمشروع تحقيق ودراسة لعدد من كنوز المخطوطات، للمؤلَّفات الإسلامية لكبار علماء المذهب والملَّة، ممَّن أفنَوا زهرة أعمارهم، وجادوا بعصارة ألبابهم في تسليط الضوء وكشف غبار الجهل والعصبية، عن قضية هنا، ومبحث من المباحث هناك، والغور في أعماقه وإخراجه للقارئ والباحث في صورة الواضح والسهل القريب، وفاءً منهم، وشكراً لباريهم، على ما أنعم عليهم من نعمة الهداية والعلم.
ولمّا كانت أسباب التحقيق والدراسة والطبع في تلك الأحايين صعبة وغير متاحة -كما لا يخفى -، فقد ارتأت مكتبة العتبة العباسية المطهرة إخراج هذه النفائس إلى النور، وإفادة أكثر عدد من المؤمنين منها
ص: 11
وقد كان كتاب (المجالس الحسينية) للعلامة المجتهد آية اللّه والمصلح الكبير الإمام الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء - قدست نفسه الزكية - الوليد البِكر لهذا المشروع، ولربَّما التفتَ غير واحد ممَّن عملوا في إخراج هذا السَّفر العظيم، أنَّ الاختيارَ في أن يكون هذا المؤلَّف هو أول ما يصدر عن المكتبة من مخطوطات، إنَّما كان بعناية ورعاية إلهية محضة، وبنظرة لطفٍ من مقام مولانا أبي الفضل العَبّاس قمر بني هاشم علیه السلام، وذلك بأن يكون أول عنوان حاملا القضيّة الحسينية عنواناً له.
ولا يفوتنا - وما أكثر الفوات(1) - أن نتوجّه بوافر الشكر والامتنان لعائلة الإمام الأكبر الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء، وبخاصةٍ نجله جناب الشيخ الشريف محمّد شريف، وحفيده الشيخ أمير كاشف الغطاء - دام عزهما - الأمين العام لمكتبة الإمام كاشف الغطاء العامة في النجف الأشرف، في رفد مكتبة العتبة العباسيّة بالنسخة الخطية الأصلية للكتاب.
كما ونشيد بجهود المحقق الشاب الشيخ أحمد علي مجيد الحلي، الذي بذل جهوداً استثنائية في تحقيق المخطوط وضبطه، فجزى اللّه الجميع ممَّن ذكرنا ومَن نذكر خير الجزاء، والحمد لله أولاً وآخراً.
إدارة
مكتبة ودار مخطوطات
العتبة العباسية المقدسة
ص: 12
وصلّى اللّه على أفضل خلقه أجمعين، المعصوم من الزلات، المُبرّأ من العيوب والآفات، المحمود الأحمد المصطفى الأمجد صلی اللّه علیه و آله، وعلى أهل بيته الأبرار المطهرين علیهم السلام، وبعد ...
حين أُشعرنا في إدارة مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة بنفاد الطبعة الأولى من كتاب (المجالس الحسينية)، للإمام الكبير العلّامة الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء قدّس سرّه خلال فترة قصيرة نسبياً من إصداره، والإقبال على طلب المزيد منه، داخلنا شعور بالفرح الممزوج بالفخر، والمغمور بالامتنان، والشكر على هذا التوفيق، وهذه المنّة الإلهية التي تفضل بها علينا.
فشمّر الإخوة في وحدة التحقيق - أيدهم اللّه - عن سواعدهم، مدفوعين بهمة ونشاط؛ لمراجعة الكتاب، والوقوف على مواضع السهو والخطأ التي عوينت في الطبعة السابقة؛ لتداركها وتصحيحها، وإضافة بعض الاستدراكات الجديدة، وليس ذلك إلا طمعاً في رضا من تفضّل علينا، ووفّقنا للعمل على هذه المؤلِّفات القيّمة، وتزلّفاً من صاحب المقام الرفيع، أعني سيدي ومولاي أبي الضيم سيد الشهداء، الذي بكته الأرض والسماء صلوات اللّه عليه كما ورد في الخبر.(1)
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى كل من تناول هذا الكتاب بالرعاية والاهتمام، أو أبدى رأياً أو ملحوظة من قراّء، ومحققين، ومهتمين...، ونسأله تعالى التوفيق والتسديد لما يحب ويرضى.
إدارة
مكتبة ودار مخطوطات
العتبة العباسية المقدسة
ص: 13
ص: 14
سماحة الشيخ شريف آل كاشف الغطاء
بسمه تعالى، وله الحمد والمنّة.
بين يديّ القارئ الكريم هذا الكتاب أو (المقتل الحسيني)، وهو مجموعة من المجالس الحسينية التي اختارها الإمام الراحل المجاهد الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه اللّه من بين عشرات الكتب التي دوّنت فاجعة الطف قديماً وحديثاً، وحيث إن هذا المقتل الذي جمعه الشيخ رحمه اللّه من كتب التأريخ والسير اعتمد أصدق الروايات وأصحها فيما كُتب عن مقتله (سلام اللّه عليه)، حيث إنَّ المدونات التي سجلت المقاتل الحسينية، كانت تُتلى على الناس في المحافل والمناسبات العزائية، وكان الكثير من العلماء والفضلاء الذين يقيمون شعيرة مقتل الحسين (سلام اللّه عليه) في شهر محرم الحرام، يفضلون الوجيز والمؤثر في تصوير الحادثة ويقرؤونها على السامعين، ومن بينهم كان الإمام الراحل قدّس سرّه دوّن مقتلاً اختاره؛ ليقرأه بنفسه على الحشد الغفير من الناس ممن يحضر دار جدّه الكبير في أيام شهر محرم الحرام، وقد طُبع المجلس الثالث منه من قبل بعنوان (مقتل الحسين)، وهو مقتل صغير معدّ لقراءته في يوم عاشوراء، وضُمّ إليه مجلسين في كتابنا هذا فأسميناه ب- (المجالس الحسينية).
وحيث إن إدارة العتبة العباسيّة المطهرة التي يديرها سماحة العلّامة الجليل السيد الشريف أحمد الصافي الموسوي - وفقه اللّه ورعاه -، قد بذلت أقصى ما لديها من جهد وإخلاص في تجديد وتنظيم روضة العتبة العباسيّة من جميع المتطلبات التي تليق بمكانة العتبة، ورعاية الزائرين بتلك البقعة المطهرة، وأهم ما أنجزته وقامت به ه-و إعادة المكتبة العباسية بعد ما أصابها من دمار، ونُهبَ ما فيها من مخطوط ومطبوع في
ص: 15
السنوات العجاف، وشيّدت لها بناية جميلة تجمع ما تبقّى من بعض الكتب الخطية والمطبوعة، وشراء الكتب الخطية النفيسة النادرة والمطبوعات، وخلال مدة لا تزيد على سنة واحدة إذ جُمع فيها من المطبوع ما يربو على ثلاثة عشر ألف، ومن المخطوطات النفيسة النادرة بما يربو على ألف كتاب مخطوط، وفتحُ أبوابها للمطالعين والباحثين، كل هذا وغيره كان بسعي وجهد ومثابرة؛ لإبراز هذه المؤسسة الجليلة، وقد تخطّت ذلك بأن تقوم بطبع ونشر الكتب الخطية مما حوته-ا المكتبة وغيره-ا مبتدئةً بكتاب يناسب مجريات واقعة الطف.
وقد اطلع سماحته - السيد الصافي وفقه اللّه ورعاه - على مجموعة خطية للإمام الراحل كاشف الغطاء في وفيات الأئمة علیهم السلام، ومنها مجالس حسينية كان يقرؤها بنفسه كما ذكرنا، وقد تصدّى لمشروع إحياء هذا الكتاب وطبعه فضيلة العلّامة السيد ليث الموسوي - وفقه اللّه ورعاه -، وفضيلة السيد نور الدين الموسوي - وفقه اللّه ورعاه - المدير والمشرف على المكتبة، وبإشراف وتحقيق الأخ الكريم الباحث الشيخ أحمد علي مجيد الحلي حيث تصدّى لتحقيقه وتخريج مصادره التاريخية، شكر اللّه سعيهم لهذا العمل النافع.
نجل المؤلف
شريف محمّد الحسين آل كاشف الغطاء
ص: 16
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد الأمين صلی اللّه علیه و آله، و آله الطيبين الطاهرين علیهم السلام
وبعد، فلا يخفى ما لأبي عبد اللّه علیه السلام من عظيم المنزلة، وجليل الشأن عند اللّه جلّ جلاله وعند رسوله صلی اللّه علیه و آله، حتى قال فيه صلی اللّه علیه و آله:
«حسين منّي وأنا من حسين، أحب اللّه من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط»(1)
وقال صلی اللّه علیه و آله:
«الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة»(2)
وقال صلی اللّه علیه و آله:
«الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»(3)
ولكن هذه الأمّة لم ترعَ هذه الوصية ففي يوم عاشوراء تجلّت أعظم مصيبة، وأجلّ رزيّة، حيث قُتل سيدنا ومولانا أبو عبد اللّه علیه السلام والصفوة المنتجبة من أهل بيته، والنخبة المنتقاة من صالحي شيعته، الأقمار التي ليس لها على وجه الأرض مثيل، قُتلوا أبشع قتلة، ومثّلوا - بأبي وأمي - أفظع مثلة، فكانت أسوأ ما يمكن أن يصل إليه البشر من الفواحش المنكرة، وأحطّ درجة يسفّ إليها ابن آدم.
ص: 17
فلا عجب إذ بكتهم الأرض والسماء دماً عبيطاً، وبكاه-م كل ما خلق اللّه من شيء، واهتزّت له أظلّة العرش، وبكته الأنبياء من لدن أبينا آدم علیه السلام إلى سيدنا ونبينا الخاتم صلی اللّه علیه و آله، من قبل أن يبشّر بولادته.
وفي الرواية عن الإمام الرضا علیه السلام:
«إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلَّ عزيزنا، بأرض كرب وبلاء أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون، فإنَّ البكاء يحطُّ الذنوب العظام».
ثمّ قال علیه السلام:
كان أبي علیه السلام إذا دخل شهر المحرَّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قُتل فيه الحسين علیه السلام.(1)
و قال علیه السلام:
«يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب علیهما السلام، فإنه ذُبح كما يُذبح الكبش، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً، ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السَّماوات السبع والأرضون لقتله».(2)
فشرع أهل البيت علیهم السلام يعقدون المآتم على الإمام الحسين علیه السلام، وحثّوا شيعتهم على عقدها وحضورها، والبكاء أو التباكي، ورووا في ذلك من - عظيم الثواب وعميم النفع - ما يذهل العقول ويدهش الألباب.
ص: 18
فقام الصالح من سلف الشيعة بهذه الوصايا خير قيام، وما فتئت المآتم تقام على أبي عبد اللّه صلى اللّه عليه وسلم في يوم مقتله، وفي الأربعين، بل في كل أسبوع، بل كل يوم قربة إلى اللّه جلّ جلاله؛ وصلة لرسوله صلی اللّه علیه و آله، وسروراً لأهل بيته علیهم السلام، وغيظاً لعدوهم، وحرقة على جليل رزيّتهم وعظيم مصيبتهم.
وانبرى الشعراء ينظمون اللآلىء، ويفيضون بالخيال الخصب على أبي عبد اللّه علیه السلام، وتلاهم الأدباء ينثرون العقيق، ويأخذون بمجامع القلوب في تصوير مصاب سيد الشهداء علیه السلام، فاجتُمع من ذلك ثروة عظيمة وكنز لا ينفد، وكوّن مادة للخطباء الحسينيين، فيرتقون المنابر، ويبثّون المواعظ، ويظهرون مظلومية سيد الشهداء علیه السلام وأهل البيت علیهم السلام، ويستنزلون عليهم سحائب الدموع في مختلف الأصقاع والربوع، وسميت هذه المآتم مجالس أبي عبد اللّه علیه السلام، حيث يجلس فيها الخطيب، ويتلو على الحاضرين ما أعدّه لهذا اليوم من منشور ومنظوم، ثمّ تطوّر مدلول كلمة (مجالس)، فأُطلق على هذه المادة التي يقدّمها الخطيب لسامعيه، أو يكتبها الكاتب لتلقى في مثل هذه الأمور.
وما برحت الكتابة في المجالس الحسينية تشهد نموّاً وازدهاراً، وتطوراً وارتقاءً، على أيدي أفاضل العلماء والخطباء، حتّى وصلت النوبة إلى شيخنا المقدّم والفقيه المعظّم آية اللّه الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه اللّه، فأدلي بدلوه وأبلى بلاءً حسناً.
وبين يديك - أيها القارئ العزيز - مجالس، سطّرها قلمه الشريف في أوائل عمره بعبارة موجزة ومعنى وافٍ.
وأجد لزاماً عليّ - إتباعاً لما تعارف عليه المحققون - أن أتبع هذه المقدمة ببيان موجز عن حياة المؤلف رحمه اللّه، ثمّ أردف ذلك بالحديث عن مَن كتب في (المجالس الحسينية)، ومَن قرأ فيها من العلماء، إلى أمور أخرى ستوافيك.
ص: 19
هو الشيخ محمّد الحسين ابن العلّامة الكبير الشيخ علي - صاحب الحصون المنيعة - ابن الحجّة الشيخ محمّد رضا ابن المصلح بين الدولتين الشيخ الأفقه الشيخ موسى ابن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر ابن العلّامة الشيخ خضر بن يحيى بن سيف الدين المالكي الجناجي النجفي.
أشهر مشاهير علماء الإسلام في الشرق، وأبعدهم صيتاً، وأغزرهم علماً في العالم الإسلامي، بل هو من عظماء المجتمع الإنساني، وكبراء العالم البشري، ومن الشخصيات الفذة، وأكابر شيوخ الإسلام، وأعاظم فقهاء الشيعة الأعلام، وأحد أركان الدين المجددين، ورواد النهضة ودعاة الإصلاح، ورث زعامة الدين عن آبائه الفطاحل، واجتمعت فيه خصال الكمال والفضائل، وقام بالأعمال الجلائل.
وُلد في النجف الأشرف سنة (1295 ه-)، نشأ في بيته الجليل - الطافح بالعلم والعلماء وعباقرة الفقه والاجتهاد - نشأة طيبة، وتربّى في حجر الفطاحل بالسؤدد والشرف والعزة والترف، ولمّا بلغ العاشرة من عمره الشريف، شرع بدراسة العلوم العربيّة، ثمّ قرأ علوم البلاغة: كالمعاني، والبيان، والبديع.
ومع العبقرية الفذّة، والثقافة الأدبية في بيئته التي نشأ فيها، فإن في بيته تسلسل العلماء والأدباء منذ قرنين، وهو يتعلم الأدب بين أظهرهم منذ ترعرعه وشبابه، ثمّ درس الرياضيات من الهيئة والحساب وأضرابهما، وأنهى دراسة سطوح الفقه والأصول وهو بعد شاب، ثمّ أخذ بالحضور عند الأساتذة الكبار في حلقات العلم، وحضر دروس الطبقات العليا كالمحقق الأصولي المولى محمّد كاظم الخراساني رحمه اللّه، فقد حضر بحثه في عدة دورات في أصول الفقه.
ص: 20
وحضر عند الفقيه الأكبر السيد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي رحمه اللّه من سنة 1312 ه- إلى وفاة السيد رحمه اللّه في سنة 1337 ه-، واختص به مع أخيه الفقيه المتبحّر الشيخ أحمد كاشف الغطاء رحمه اللّه، وكان السيد يعوّل عليه وعلى أخيه في أكثر مهمّاته ويثق بهما ويرجع إليهما مرافعاته، وحضر الشيخ الإمام رحمه اللّه أيضاً عند الفقيه الحاج آقا رضا الهمداني رحمه اللّه صاحب (مصباح الفقيه) عشر سنوات، وعند المحقق الأصولي السيد محمّد الإصفهاني رحمه اللّه ثلاث سنوات، وعند الفقيه الورع التقي ميرزا محمّد تقي الشيرازي رحمه اللّه سنتين.
وحضر في الحكمة والكلام عند العلّامة الحكيم الشيخ محمّد باقر الأصطهباناتي رحمه اللّه، وعلى العلّامة الأصولي الحكيم الشيخ أحمد الشيرازي رحمه اللّه، والعلّامة الشيخ علي محمّد النجف آبادي رحمه اللّه - وكان هؤلاء من فحول الحكماء والرياضيين ومن أبطال الحكمة والكلام -. وحضر في الحديث والرجال عند العلّامة المحدّث النوري رحمه اللّه صاحب (المستدرك) وروى عنه، وعن الفقيه الحاج ميرزا حسين الطهراني رحمه اللّه، وعن الشيخ الجليل الشيخ علي الخاقاني رحمه اللّه وغيرهم.
وشرع بالتدريس فكانت له حوزة تتألف من الفضلاء وروّاد العلم، وكان تدريسه في مسجد الهندي تارة، والصحن المرتضوي في طرف الباب الطوسي، أو مقبرة الإمام الميرزا الشيرازي رحمه اللّه أخرى.
كان فقيهاً قوي الحجة والبرهان، مجتهداً في المباني لا مقلداً في المبنى، واسع الإطلاع، حراً في آرائه ونظرياته، كان ينتزع كثيراً من الفروع من ذوق عربي سليم، قد ارتكز على فهم نصوص الأخبار والروايات التي يُبتنى عليها المذهب الجعفري، ويمتاز بالجرأة في إبداء الرأي الذي يراه قد ارتكز على الحجّة وسانده العقل، فكتابه (تحرير المجلّة) - وهو من أهم آثاره - دليل قوي على تضلّعه في الفقه، وجلالة مؤلّفه وعظمته في مقام الاستنباط.
ص: 21
والحديث عن مقامه الشامخ في العلم والفقاهة لا يحتاج إلى بسط، فإنّ آثاره العلمية التي طُبعت والتي ما تزال مخطوطة - وهي كثيرة - تكشف عن سعة اطلاعه، وغزارة علمه المتدفق، وكان يجمع إلى علمه قوة البيان، واللباقة، والجرأة المفرطة مع صوت جهوري، وكان يسترسل في حديثه كأنّه حفظه عن ظهر الغيب، أو يكتب فكأنّه ينقل شيئاً مسطوراً دون أن يمرّ عليه أو يقرأه ثانياً.
كان رجلاً متوقداً نشيطاً في العمل، يقضي القسم الأكبر من وقته في العمل، فقد كان يستيقظ عند طلوع الفجر وقت الأذان قبل طلوع الشمس بساعة ونصف، فيصلّي ويقرأ الأدعية، ثمّ يقرأ ويكتب. وكان له في جوف الليل مناجاة وتضرّع وابتهال إلى اللّه تعالى بعد صلاة الليل، قلّما يتفق نظيرها للعبّاد والزهّاد إلا للمستغرقين في محبة اللّه وخشيته، والخائفين من نقمته والراجين لرحمته.
وعند طلوع الشمس يتناول الفطور، وبعده يعود إلى المطالعة والكتابة حتى وقت الضحى، وقبل الظهر بثلاث ساعات يخرج إلى الديوان - مدرسته العلمية - لمقابلة الناس والوافدين عليه وذوي المصالح؛ لقضاء حوائجهم، ويفصل بين المتخاصمين. وقرب الظهر يعود إلى البيت، وعند الظهر يؤدي فريضة الظهر والعصر في الدار أو الحرم العلوي الشريف، ثمّ يعود فيتناول طعام الغداء. وقد ينام أقل من ساعة واحدة تقريباً، ثمّ يستيقظ ويعود إلى الكتابة والمطالعة وقراءة الرسائل والمسائل وكتابة الأجوبة، ولا سيّما أجوبة المسائل التي ترده من أنحاء العالم، ويستمر إلى قبيل الغروب بساعة فيخرج إلى الديوان لمواجهة المراجعين والزائرين حتى وقت الغروب، فيخرج إلى الصحن العلوي لأداء الفريضة جماعة.
ص: 22
وبعد أداء صلاة الجماعة كان يلقي درساً خارجاً في الفقه على تلامذته وهو جالس على المنبر، والتلاميذ جالسون على الأرض، ويستمر درسه ساعتين، وبعد الانتهاء يعود إلى البيت، ويزور بعض العلماء والوجهاء في النجف أو القادمين من خارج النجف، وحينما يعود إلى داره يستريح مع أهله مدة قليلة، ثمّ يتناول العشاء، وبعده يعود إلى الكتابة والمطالعة إلى نصف الليل أو قبله بساعة فينام.
وهذه الأعمال لا يستطيع أن يقوم بها جسم الشاب القوي فضلاً عن الشيخ الناهز
على السبعين، غير أنه يصدق عليه قول القائل:
وإذا حلّت الهداية قلباً *** نشطت للعبادة الأعضاء
1 إخماد فتنة الحصّان عام 1351 ه:
حينما أصدر عبد الرزاق الحصّان كتابه (العروبة في الميزان) - الذي طعن فيه العلويين وشيعتهم، ومجّد الأمويين ودولتهم - حدث هياج في بغداد والعتبات المقدّسة، وبعض مدن العراق، وخاصة في النجف الأشرف، فخطب الشيخ الإمام في الصحن العلوي، ونصح فيها أهالي النجف، فانصاع الناس إلى كلامه مباشرة، وفُتحت أسواق النجف في الحال ونال الجاني عقابه.
2. إبطال العادات المؤذية في العراق عام 1353 ه:
في العشرة الأولى من شهر ربیع الأول، اعتاد العوام والصبيان في النجف، وكثير من مدن العراق الشيعية، أن يقوموا في كل سنة بأفظع المنكرات، فيرمون الطَرقات والمفرقعات في الطرق، وفي أثر اهتمامه في إبطال هذه المنكرات، بطلتتلك العادات ذلك الحين حتى الوقت الحاضر، وأنقذ الناس من شر عظيم.
ص: 23
3. إخماد ثورة عشائر الفرات عام 1353 ه .
4. منع الشغب والمظاهرات التي حدثت في وزارة نور الدين محمود.(1)
5. موقفه من مؤتمر بحمدون:
في أواخر شهر آذار عام 1954م، ورد إلى الشيخ الإمام المترجم كتاب من کارلند ابفا نزهو بكنز نائب رئيس جمعية أصدقاء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية من نيويورك، يدعوه إلى حضور مؤتمر لعلماء الدين من المسلمين والمسيحيين، ينعقد في مدينة بحمدون بتاريخ 22 نيسان 1954 للمداولة في:
أ- القيم الروحية للديانتين.
ب- موقف الديانتين من الشيوعية.
ج- الطرق الكفيلة في الديانتين لنقل القيم الروحية إلى الجيل الحديث، فرفض الشيخ الإمام حضور المؤتمر، مبيناً رأيه في مواضيع البحث في كتاب باسم:
(المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون).
مؤلفاته المطبوعة في الحكمة والكلام والأخلاق والفقه وغيرها:
1. الآيات البيّنات: تشتمل على أربع مسائل في الرد على الفرق الضالة.
2. الأرض والتربة الحسينية: طُبعت ترجمتها أيضاً.
ص: 24
3. أصل الشيعة وأصولها: تكرر طبعه، وتُرجم إلى اللغات المختلفة.
4. التوضيح فيما هو الإنجيل ومن هو المسيح: جزءان وطُبعت ترجمتهما بالفارسية أيضاً.
5. جنّة المأوى.
6. الخطب الأربع.
7. خطبة الاتحاد والاقتصاد: ألقاها في مسجد الكوفة عند رجوعه من المؤتمر الإسلامي بفلسطين، وهي من أعظم الخطب
8. خطبة الباكستان: وترجمتها بالفارسية أيضاً، مطبوعة.
9. الخطبة التاريخية في القدس.
10. الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية: جزءان طُبعا في صيدا.
11. عين الميزان.
12. الفردوس الأعلى: طُبع في النجف، وتبريز، ولبنان.
13. مبادئ الإيمان: دروس دينية جمعها من رشحات قلمه الشريف بعد وفاته نجله الأستاذ الشيخ عبد الحليم، وقدّم لها وطبعها سنة 1378 ه- .
14. المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون: وقد لاقى هذا الكتاب رواجاً عجيباً، وأُعيد طبعه مراراً في ظرف قصير، كما تُرجم إلى الفارسية، وطبع في إيران.
15. المحاورة مع السفيرين: طبع في العراق، والأرجنتين.
16. مختارات من شعر الأغاني.
ص: 25
17. المراجعات الريحانية: جزءان تكرر طبعهما في الشرق والغرب في صيدا، وبيروت، وبغداد، والأرجنتين.
18. الميثاق العربي الوطني.
19. نبذة من السياسة الحسينية.
20. نقد ملوك العرب للريحاني.
21. تحرير المجلة: خمسة أجزاء من جلائل الكتب.
22. حاشية على التبصرة: للعلامة الحلي رحمه اللّه.
23. حاشية على العروة الوثقى: للسيد الشريف الطباطبائي اليزدي رحمه اللّه، وفيها فوائد جليلة.
24. حاشية على مجمع الرسائل: فارسي، مطبوعة مع حواشي السيد الزعيم المرجع الأعلى حسين الطباطبائي البروجردي رحمه اللّه في النجف الأشرف سنة 1367ه .
25. حواشي على سفينة النجاة: لأخيه الشيخ أحمد، أربعة مجلدات، دورة فقه كاملة، وفيها مسائل نادرة وفوائد جليلة.
26. حواشي على عين الحياة- ترجمة سفينة النجاة -: بالفارسية - جزءان - مطبوعة مع (عين الحياة) في بومبي.
27. زاد المقلّدين: فارسي.
28. سؤال وجواب.
ص: 26
29. المسائل القندهارية.
30. مناسك الحج.
31. وجيزة الأحكام.
32. تعاليق على نهج البلاغة، ونقود على شرح الشيخ محمّد عبده ومؤاخذات عليه .
33. تعليقات على (الكلم الجامعة والحكم النافعة).
34. تعليقات على ديوان السيد سعيد الحبوبي رحمه اللّه.
35.عليقات على معالم الإصابة.
36. تعليقات على الوساطة بين المتنبي وخصومه.
37. تعليقات وتراجم على ديوان السيد جعفر الحلي رحمه اللّه: المعروف ب( سحر بابل وسجع البلابل).
38. المجالس الحسينية: وهو هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ العزيز.(1)
39. العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية في ترجمة عائلته.
ص: 27
40. الجزء الثالث والرابع من (الدين والإسلام).
41. حاشية على رسالة العرشية لصدر المتألهين رحمه اللّه.
42. حاشية على رسالة الوجود لصدر المتألهين رحمه اللّه.
43. حاشية على كتاب الأسفار لصدر المتألهين رحمه اللّه.
44. دائرة المعارف العليا: وقد جمع في هذا الكتاب بعض ما ورد من الأسئلة مع أجوبتها في الفقه، والحكمة، والتفسير، وغيره-ا يحتوي على ثلاثة مجلدات.
45. تنقيح المقال في مباحث الألفاظ.
46. حاشية على رسائل الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه اللّه.
47. حاشية على القوانين.
48. حاشية على الكفاية للشيخ الآخوند الخراساني رحمه اللّه.
49. رسالة في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.
50. شرح العروة الوثقى للسيد الطباطبائي اليزدي رحمه اللّه: خمسة مجلدات.
51. تعاليق على أدب الكاتب لابن قتيبة.
ص: 28
52. تعاليق على أمالي السيد المرتضى علم الهدى رحمه اللّه.
53. تعاليق على الفتنة الكبرى لطه حسين.
54. تعاليق على الوجيز في تفسير القرآن العزيز.
55. تعريب قسم من رحلة (ناصر خسرو) الحكيم المشهور.
56. تعريب كتاب (حجّة السعادة في حجّة الشهادة).
57. تعریب کتاب فارسي (هيئت).
58. ديوان شعره الذي أسماه: (الشعر الحسن من شعر الحسين).
59. رسالة عن الاجتهاد عند الشيعة.
60. صحائف الأبرار في وظائف الأسحار: طُبع بعد وفاة المؤلّف رحمه اللّه
61.عقود حياتي: ترجمة حياته مفصّلاً بقلمه، تشتمل على أهم الحوادث والتواريخ في تلك العقود، ومعه المجموع من شعره الذي نظمه في الكبر بعد سن الخمسين.
62. مغني الغواني عن الأغاني: مختصر الأغاني.
63. منتخبات من الأحاديث والأخبار والتراجم وغيرها.
64. منتخبات من الشعر القديم مجموعة كبيرة.
65. نزهة السمر ونهزة السفر: رحلته الأولى إلى سوريا ومصر.
ص: 29
لمّا مرض المؤلّف رحمه اللّه مرضه الذي قضى على حياته الغالية، ويئس من شفائه على أيدي أطباء النجف الأشرف، سافر إلى بغداد للمعالجة، وأُدخل في مستشفى الكرخ، فباشره جمع من حذّاق الأطباء مدة لا تقل عن شهر، ولم تتقدم صحته ولم يتحسن مزاجه، بل زادت آلامه، فانتقل رحمه اللّه إلى قرية كرند - وهي قرية جبلية واقعة بین خانقين وكرمانشاه في الأراضي الإيرانية - ؛ طلباً للراحة، وبعد وصوله إليه-ا لم تستقر به النوى و اختطفه ريب المنون، وانتقل من دار الفناء إلى دار البقاء إلى جوار ربه الكريم بعد أدائه لفريضة الفجر صباح يوم الإثنين 18 ذي القعدة سنة 1373 ه-.
ولما أُشيع خبر وفاته انهالت الناس إلى تلك القرية من كل فج عميق؛ لتشييع جثمان بطل العلم والفضيلة، فقيد الإسلام والمسلمين، وأُذيع إثر وفاته خبر رحيله من معظم محطات العالم، وشيّعت جثمانه الطاهر مئات السيارات وسرب من الطائرات الإيرانية، وجيء بجثمانه من القرية إلى الحدود العراقية، وهناك استُقبل الجثمان من قبل العراقيين، واستلمته أيدي جماهير الناس من مختلف طبقات الفريقين، ومن كبار
رجال الدولة، ثمّ أُخذ جثمانه إلى بغداد، ثمّ إلى حرم الإمامين الجوادين علیهما السلام، ثمّ إلى كربلاء إلى حرم أبي عبد اللّه الحسين علیه السلام، وحرم أخيه البار أبي الفضل العباس علیه اسلام، ثمّ إلى النجف الأشرف إلى حرم الأمن، حرم العلم وبابه، حرم مولى الكونين والثقلين أمير المؤمنين علیه السلام اللّه الشهيد أبي الشهداء الأحرار؛ للطواف بجثمان الراحل رحمه اللّه حول مراقدهم وأن يجدد عهده مع الأئمة علیها السلام، ثمّ إلى وادي السلام إلى مقرّه الأخير - مقبرته الخاصة التي أعدّها بنظره من قبل سنين لنفسه - .
ص: 30
وأقيمت مجالس الفاتحة في النجف الأشرف من قبل أسرة الفقيد والعلماء والجمعيات، ومن قبل مختلف الطبقات، كما أقيمت مئات الفواتح في العراق، وإيران، وباكستان والهند وسوريا ولبنان.
وأقيمت له في النجف بعد مرور أربعين يوماً حفلة تأبينية في مدرسة الصدر، حضرتها وفود الدول وغيرها ممثلين لحكوماتهم، ووردت إلى النجف مئات البرقيات بمختلف اللغات من الشرق والغرب، من الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الأديان والشخصيات تعزي أسرة الفقيد والعلماء؛ لأن وفاة المؤلّف الراحل كانت ثلمة كبيرة في الدين، وخسارة عظيمة على الطائفة، لا يعرف مدى تأثيرها إلا الأوحدي من العلماء، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.(1)
لا ينبغي المشاحّة في أنّ الكتابة في المجالس الحسينية ليس بالأمر الميسور، وليس مبتذلاً لكل من هبّ ودبّ، ولقد تصدّى للكتابة فيها جملة من علماء الطائفة الإمامية - أنار اللّه برهانهم -، وطائفة من الخطباء ذوي الجدارة والاقتدار.
ويحسن بنا أن نورد فهرساً، نستعرض من خلاله بعض ما كُتب فيها، مرتبة بحسب التسلسل الهجائي لأسماء الكتب:
1. إرشاد الخطيب للخطيب السيد جاسم السيد حسن الشبّري الموسوي في عدة مجالس، مطبوع.(2)
ص: 31
2. الأعواد المنبرية: للسيد علي الهاشمي البهبهاني، في أحوال الإمام الشهيد، شبيه بالمجالس السنية، في جزأين، مطبوع.(1)
3. إكسير العبادات في أسرار الشهادات: للشيخ آقا بن عابد الدربندي الحائري رحمه اللّه (ت 1286 ه-)، مرتَّب على أربعة وأربعين مجلساً، مطبوع.(2)
4. الأمالي للشيخ الصدوق رحمه اللّه (ت 381 ه-)، وهو مرتّب على مجالس، بعضها في مقتل الإمام الحسين علیه السلام.(3)
5. بشارة الباكين وأنيس الذاكرين: للشيخ حسين التبريزي الواعظ، في مقدمة
وخاتمة وبينهما خمسون مجلساً.(4)
6. التحفة: للشيخ عبد المحسن بن محمّد اللويمي الأحسائي رحمه اللّه (ت 1250 ه-)، مقتل كبير في عشرين مجلساً.(5)
7. تحفة المجالس: للعلوية أم زهراء البدري، مطبوع.
8. تسلية المجالس: للسيد محمّد بن أبي طالب الموسوي رحمه اللّه (ت ق 10)، مطبوع.
9. ثمرات الأعواد: للسيد علي بن حسين الهاشمي، مطبوع.(6)
ص: 32
10. جامع المصائب: للشيخ محمّد محسن ابن الشيخ محمّد رفيع الإصفهاني، مجلدين.(1)
11. الخصائص الحسينية: للشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-)، مطبوع.(2)
12. دموع وآلام من مجالس العزاء: للسيد أحمد شكر الحسيني، مطبوع.
13. روضة الخطباء في مجالس عاشوراء: للشيخ فؤاد يونس العاملي، مطبوع.
14. روضة الواعظين: للشيخ محمّد بن الحسن بن علي الفتّال رحمه اللّه، الشهيد في (ت 508 ه-)، وهو مرتّب على مجالس بعضها في مقتل الإمام الحسين علیه السلام مطبوع.(3)
15. رياض المؤمنين: للمولى محمّد علي بن الحسين البهشتي، في مقتل الحسين الشهيد علیه السلام، رتّبه على مقدمة واثنتي عشرة روضة وخاتمة، وفي كل روضة مجالس.(4)
16. رياض المصائب: للمولى حسين بن محمّد الجمّي رحمه اللّه المعروف ب- (فاضل جمّ) (ت 1319 ه-)، في المواعظ والمصائب.(5)
17. زاد الخطباء في أيام عاشوراء: للشيخ مهدي تاج الدين، مطبوع.
18. سفينة الحسين الناجية وما يُتلى في مجالس ذكره السامية: آية اللّه اللواساني، مطبوع.
ص: 33
19. الطريق إلى منبر الحسين: من مجالس الخطيب الشيخ عبد الوهاب الكاشي، مطبوع.
20. العشرية: للدرمكي، في عشرة مجالس تُقرأ في كل ليلة من ليالي العشر الأولى من شهر المحرَّم.(1)
21. فوائد المشاهد: للشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-)، مجالس حسينية، مطبوع.
22. الفوادح الحسينية: للشيخ نمربزه، في ستة مجالس، مطبوع.(2)
23 الفوادح الحسينية والقوادح البينية: للشيخ حسين بن محمّد آل عصفور الدرازي البحراني رحمه اللّه (ت 1216 ه-) - مقتل آل عصفور - وهو على نهج منتخب الطريحي، مطبوع.(3)
24. قبسات الأحزان للشيخ درويش علي بن الحسين البغدادي الحائري رحمه اللّه (ت 1277 ه-)، مقتل، مبوّب، كل باب منه على ثلاثة مجالس.(4)
25. الكبريت الأحمر في شرائط أهل المنبر: للشيخ محمّد باقر القائيني، معرّب، مطبوع.
26. كفاية الخطيب: للسيد مهدي السويج، مطبوع.
27 مثير الأحزان: للشيخ شريف بن عبد الحسين الجواهري رحمه اللّه (ت 1314 ه-)، مقتل ومناقب، مرتّب على عشرة مجالس.(5)
ص: 34
28. المجالس: للشيخ يوسف ابن الشيخ حسن البلادي، مقتل، نظير منتخب الطريحي.(1)
29. مجالس الأحزان: للميرزا علي أكبر بن محسن الأردبيلي في مصائب الخمسة، في نيف وسبعين مجلساً.(2)
30. مجالس البكاء: للشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-)، مطبوع.
31. مجالس الحسين علیه السلام: للشيخ علي محمّد علي دخيل، مطبوع.
32. المجالس الحسينية: للعلّامة الفقيه محمّد جواد مغنية، مطبوع.
33. المجالس الحيدرية في التعزية الحسينية للسيد حيدر ابن السيد إبراهيم الحسيني رحمه اللّه (ت 1265 ه-)، فيه ثلاثون مجلساً.(3)
34. المجالس السنية: للسيد محسن الأمين العاملي رحمه اللّه (ت 1371 ه-)، في خمسة أجزاء، الجزء الأول منها في وقعة الطف، مطبوع.(4)
35. مجالس الشهداء: لعلي بن عبد الباقي خان زنگنه، في ذكر مصائب آل العباء.(5)
36. مجالس عاشوراء: للخطيب الشيخ عبد الوهاب الكاشي، مطبوع.
37. مجالس العزاء في مآتم عاشوراء: للشيخ أبي علي البصري، مطبوع.
38. المجالس الفاخرة: للسيد عبد الحسين شرف الدين، مطبوع.
ص: 35
39. المجالس في أيام عاشوراء: للشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-)، وهو ثلاثة عشر مجلساً، أملاها عنه بعض الفضلاء.(1)
40. المجالس في أيام عاشوراء: للفقيه الشيخ محمّد حسن آل ياسين الكاظمي رحمه اللّه (ت 1308 ه-)، جمعه ورتّبه وكان يقرأ فيه أيام عاشوراء.(2)
41. مجالس ليالي عاشوراء: للشيخ فيصل الكاظمي، مطبوع.
42. مجالس المآتم: للمولى هاشم المعلّم السامرائي الربيعي رحمه اللّه (ت 1360 ه-).(3)
43. المجالس المرضية: للشيخ كاظم حمد الأحسائي، مطبوع.
44. مجالس المفجعة: للسيد حسين ابن السيد دلدار علي النصير آبادي رحمه اللّه (ت1273 ه-)، مطبوع.(4)
45. المجالس النسائية في المصائب الحسينية: للسيد محمّد علي الحسيني، مطبوع.
46. مجالس الوعظ والعزاء: للشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-)، مطبوع.
47. مجمع مصائب أهل البيت علیهم السلام: للشيخ محمّد الهنداوي، مطبوع.
48. محاضرات من المجالس الحسينية: للخطيب الشيخ عبد الوهاب الكاشی، مطبوع.
49. المحاضرات المنبرية في المجالس العاشورية: للشيخ أبي علي البصري، مطبوع.
ص: 36
50. مصائب الشهداء: للشيخ علي أكبر مروّج الإسلام ابن الحاج غلام علي الكرماني نزيل مشهد خراسان، مرتّب على مجالس.(1)
51. مصباح الزاهر: للشيخ مهدي بن الحسن بن إسماعيل آل خضر النجفي رحمه اللّه (ت 1347 ه-)، نظير (المجالس السنية).(2)
52. المعارف الإسلامية في المجالس الحسينية: للشيخ محمّد علي الزهيري النجفي. (3)
53. معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين علیهما السلام: للشيخ محمّد مهدي الحائري، مطبوع.
54. مقتل الحسين علیه السلام: لآية اللّه محمّد تقي آل بحر العلوم، مرتب على مجالس، مطبوع.
55. مقرح الأكباد: تأليف الأخوين: الشيخ علي أكبر والشيخ محمد علي ابني الآخوند المولى عباس اليزدي الحائري، في مقتل المعصومين علیهم السلام، يقع في خمسين مجلساً.(4)
56. المناهج الحسينية: للشهيد السيّد جواد شبّر، عدّة مجالس، مطبوع.
57. المنتخب في تواريخ أحوال المعصومين ومصائبهم: (ق 13)، مبوّب، منه باب في ذكر الإمام الحسين علیه السلام في مجالس.(5)
ص: 37
58. المنتخب في جمع المراثي والخطب: للشيخ فخر الدين بن محمد الطريحي النجفي رحمه اللّه (ت 1085 ه-)، مرتّب على عشرين مجلساً.(1)
59. المنح الإلهية في المجالس العاشورية: لعبد المجيد ابن الشيخ علي بن جعفر القطيفي البحراني، مطبوع.(2)
60. من مجالس عاشوراء: للشيخ كاظم الأحسائي النجفي، مطبوع.
61. منية الخطيب: للشيخ محمّد شعاع فاخر، مطبوع.
62. مهيج الأحزان: للسيد عبد اللّه شبّر الكاظمي رحمه اللّه (ت 1242 ه-)، مرتّب على تسعة وعشرين مجلساً، بعضها في مقتل الإمام الحسين علیه السلام، مطبوع.(3)
63. مهيج الأحزان: للمولى حسن بن محمّد علي اليزدي الحائري، مرتب على مقدمة في آداب التعزية وأربعة عشر مجلساً.(4)
64. نيف وستون مأتماً في مصائب ليالي وأيام شهر المحرم: لأحمد الشيخ نعمة الخفاجي، مطبوع.
إن علماءنا الأعلام وعلى مرّ التاريخ وفي مختلف الأصقاع، دأبوا على إقامة المجالس الحسينية، يرتقون الأعواد، ويفطرّون الأكباد، بوصفهم لما جرى على العترة الطاهرة، والصفوة الزاكية، وما كانوا يضنون على ذلك بالنفيس من أوقاتهم، ولا
ص: 38
يزاحمهم العزيز من أشغالهم التزاماً منهم بوصية أئمتهم، وانتهاجاً منهم لمنهاجهم صلوات اللّه وسلامه عليهم، حيث كانوا يترحّمون على من يحيي أمرهم، وينشر ذكرهم، ويوصون بالإبكاء والبكاء والتباكي على جليل ما أصابهم، وعظيم ما دهاهم؛ فإنّه يحطّ الذنوب العظام، والأوزار الجسام.
وإحياءً منّا لذكر هؤلاء الأعلام، حاولت أن أدرج في هذه العجالة بعض من تصدّى لهذا الأمر، من العلماء السابقين أو المعاصرين، على نحو الإجمال لا على نحو التفصيل؛ وذلك خوف الإطالة، وذكرتهم بحسب تاريخ وفياتهم، أو تاريخ ولادتهم، وإليك أسماءهم:
1- الشيخ الأقدم والمحدث الأكبر أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمّي - الصدوق - رحمه اللّه (ت 381 ه):
فلقد أملى على حاضري مجلسه عدّة مجالس في مقتل الإمام الحسين علیه السلام، بلغت الخمسة، أملاها في العشرة الأولى من المحرّم.(1)
2- الورع التقي السيد علي بن موسى بن جعفر بن طاووس رحمه اللّه (ت 664 ه-):
فلقد صرّح في كتابه (إقبال الأعمال) بقراءته لمقتل الإمام الحسين علىه السلام الحاضرين، وأدرج في كتابه هذا مقتله الذي سمّاه بكتاب (اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف).
أوله: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطاووس: اللّهم إنّنا نقرأ هذا المقتل عليك».
1)
ص: 39
وآخره: «وأحسن عزاكم أيّها الحاضرون، وإنا للّه وإنا إليه راجعون».(1)
وهو يقع في سبع صفحات، وحبّذا لو أُفرد من قِبل أه-ل التحقيق، وطُبع على حِدة.(2)
كما ذكر رحمه اللّه في كتابه (مصباح الزائر: 286)، ما نصه:
«ومن عمل يوم عاشوراء المشار إليه قراءة مقتل الحسين علیه السلام، وسنذكر الغرض من ذلك آخر هذا الكتاب على الوجه الذي تقرر من الصواب، إن شاء اللّه».
3- العلّامة الشيخ آغا بن عابد الشيرواني الحائري المعروف ب- (الفاضل الدربندي) (ت 1285 ه-):
ذكر مجلسه السيد الأمين رحمه اللّه في (أعيانه) فقال ما نصه:
«... وكان يعظ في طهران، ويرقى المنبر في العاشوراء، ويذكر خبر مقتل الحسين ويبكي ويلطم على رأسه ويظهر أشد الجزع، ويبكي الناس لبكائه».(3)
4- الفقيه الحجّة المولى علي الخليلي رحمه اللّه (ت 1297 ه-):
ذكر قراءته للمجالس الشيخ علي آل كاشف الغطاء في كتابه (الحصون المنيعة)،
إذ قال ما نصه:
ص: 40
«وكان يرقى المنبر في كل ليلة جمعة وخميس؛ ليذكر الأخبار في فضل أه-ل البيت، وليلقي المسائل الشرعية والمواعظ الأخلاقية، ثمّ يختم المجلس بذكر مصاب الحسين علیه السلام.(1)
5- الفقيه الشيخ جعفر بن الحسين التستري (الشوشتري) النجفي رحمه اللّه:
المتوفى في كرند من طريق العتبات، راجعاً من مشهد الرضا علیه السلام،ليلة الأربعين التي تناثرت فيها النجوم، وشوهد ذلك في جميع البلاد، وهي ليلة العشرين من صفر سنة 1303 ه-.
وقد حدّثني الخطيب الشيخ شاكر ابن الشيخ محمّد القرشي:
«أن الشيخ جويدة حدّثه - وكان مؤذّن السيد أبي الحسن الإصفهاني رحمه اللّه، وكان معمّراً -: أن الشيخ جعفراً الشوشتري رحمه اللّه كان إذا قرأ في الجهة الشمالية من الصحن العلوي، كان المكان يُشترى بالمال من قِبل الأعيان والتجار، وأنه رأى تناثر الكواكب والنجوم في يوم وفاته في وضح النهار».
وطُبعت مجالسه الحسينية كما ذكرت سابقاً.(2)
6 - الفقيه الشيخ محمّد حسن آل ياسين الكاظمي رحمه اللّه (ت 1308 ه-):
ذكره السيد حسن الصدر في (التكملة)، وذكر له كتاب المجالس في أيام عاشوراء، جمعه ورتّبه، وكان يقرأ فيه أيام عاشوراء.(3)
7 - الشيخ الميرزا عبد الوهاب الطهراني رحمه اللّه (ت حدود 1312 ه-):
ذكر مجلسه الشيخ الطهراني رحمه اللّه في (نقباء البشر ) فقال ما نصه:
ص: 41
«وكان له في كل جمعة مجلس تعزية مختصر في بيته، يرقى المنبر فيه، ويقرأ المصيبة في الكتاب، ويبكي بكاء شديداً».(1)
8 - الميرزا الشيخ حسين بن محمّد تقي النوري رحمه اللّه (ت 1320 ه-):
فقد تحدّث البعض عن مجلسه وهيبته فيه، وكيف يختلف الناس إلى مجلسه في يوم الجمعة زرافات زرافات.
فإليك ما قاله ثلاثة من أساطين العلماء عن مجلسه، ودقّة ما يذكره الشيخ النوري رحمه اللّه فيه، فلعلّ البعض يأخذ العبرة بذكري لقولهم رحمهم اللّه، وهم:
أ - السيد محسن الأمين العاملي رحمه اللّه (ت 1371 ه-):
إذ قال في (أعيانه) ما نصه:
«وكان يقرأ بنفسه في مجالس الذكرى التي يقيمها في داره لوفيات أهل البيت علیهم السلام، وحضرتُ يوماً في بعض تلك المجالس، فسمعته يقول: إن الكلام المنسوب إلى الأصبغ بن نباتة أنه خاطب به أمير المؤمنين علیه السلام، - لما ضربه ابن ملجم - الذي فيه «إن البرد لا يزلزل الجبل الأشم، ولفحة الهجير لا تجفّف البحر الخضم، والليث يضرى إذا خُدش والصلّ يقوى إذا ارتعش لا أصل له، ولم يرو في كتاب. وتذكّرت ما سمعته من بعض علماء جبل عامل، الذين درسوا في العراق(2)، وسمعوا
ص: 42
هذا الكلام من أفواه الخطباء، فظنّوه حقاً لما فيه من التزويق والتسجيع الفارع، ولم يعلموا أنّه موضوع؛ لبعدهم عن الاطلاع على التاريخ والآثار وتقصيرهم في ذلك، فكان يعجب بهذا الكلام، ويكرّر تلاوته، ثمّ إنّي حينما ألّفت في سيرة أمير المؤمنين علی علیه السلام فتّشت فلم أجد له أثراً».(1)
ب- الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه اللّه (ت 1373 ه-):
إذ قال رحمه اللّه في كتابه المخطوط (عقود حياتي) واصفاً المجالس البهية لأستاذه الميرزا الشيخ النوري رحمه اللّه، ما نصه:
«... وكان يرقى المنبر كل صباح جمعة ويبقى أكثر[...](2)، يملي على السامعين تفسير بعض الآيات، ويبقى عدة أسابيع بل أشهر في تفسيرها، مثل آيات: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا...)... إلى آخر سورة الفرقان، وكتبتُ جملةً من تلك الإملاءات...».(3)
وأضاف الشيخ كاشف الغطاء رحمه اللّه أيضاً في كتابه (العبقات العنبرية) -الجزء الذي لم يطبع بعد - ما نصه:
«ويلقي على المستمعين من السالكين من فوق منبره الذي يرقاه في داره صبح كل جمعة بعض المطالب التي هي بنفحات القدس ونشأة ماء الرضوان معجونة، كتفسير بعض الآيات الشريفة والكشف عن أسرارها، أو شرح بعض الروايات وبيان
ص: 43
بعض ما هو من وراء طور العقول من أطوارها، وطريقته أيّده اللّه في منبره أن يتلو آية من الكتاب العزيز بعد الخطبة، ثمّ يشرع في ذكر المقام المتعلق بتلك الآية، ويبقى في شرحه وشرح أسرار كل كلمة من تلك الآية، وبيان ما يناسبها من حكاية أو رواية، وبيان الوجوه الباطنة، والدقائق التي هي في البطون كامنة، ويبقى مدة أسابيع في ذلك.
وأول رجوعه من سامراء إلى النجف بعد وفاة إمام عصره السيد ميرزا حسن الشيرازي قدس سرّه ورجوع أهل العلم إلى الغري شرع في تفسير قوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا...)(1)...الآيات إلى آخر السورة المباركة، وبقى فيما يتعلق بثلاث آيات من أولها مدة ثلاث سنين، ثمّ شرع بآية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السّبِيل...)...الآية (2)، ثمّ ذكر أولاً فضل هذه الآية وعظمة شأنها؛ لما فيها من بيان الحقوق التي يلزم على الإنسان مراعاتها بجميع أنواعها التي ذُكرت في الآية، وهي ما کان بین الحق والخلق، وما هو بين الخلق والخلق، وهذا إمّا مع العالي أو مع المساوي أو مع الداني، ولكل واحد أحكام خاصة ومراتب عديدة، ثمّ ذكر كل واحد منه-ا إجمالاً، وقال: إن المقصود الآن بيان حق الجار على الجار وهو على مراتب: أدناها كفّ الأذى عنه، وأوسطها دفع الأذى عنه، وأقصاها تحمل الأذى فيه وذكر في كل واحد منه-ا علوماً جمّة ومطالب عديدة يتخلص فيها إلى بيان آداب مجاورة مشاهد الأئمة علیهاالسلام، وما يلزم على المجاور من استعمال الوظائف الروحانية والآداب الجسمانية، التي لا يحصل الغرض من المجاورة، والمقصد المهم من التغرب والمهاجرة إلا بالقيام بها
ص: 44
والنهوض لأداء واجبها، فإن النتيجة عظمى والغاية قصوى، وهي بلوغ المراتب العالية والاستمداد من روحانية تلك النفوس المقدّسة الزاكية.
وقد وفّقنا اللّه تعالى لكتابة عدة من مجالسه أيّده اللّه في هذا المقام، ونقلنا كلامه الشريف الفارسي إلى أبلغ عبارة من العربية وأعذب كلام، وإذا يسّر اللّه تعالى لنا رتّبنا تلك المجالس التي استفدناها من شريف بيانه، وسمعناها من بارع إملائه المنيف الذي نفث به روح القدس على لسانه، وجعلناها إن شاء اللّه رسالة مستقلة في آداب المجاورة، وقد وقع أكسير نظره الشريف على ما جمعنا من كلماته، فاستحسنها ووقع عليها بقلمه الشريف إصلاح بعض عثرات الفكر وهفواته».(1)
ج- الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه اللّه (ت 1389 ه-):
إذ وصف مجلسه بما نصه: «أما في يوم الجمعة فكان يغيِّر منهجه، ويشتغل بعد الرجوع من الحرم الشريف بمطالعة بعض كتب الذكر والمصيبة؛ لترتيب ما يقرؤه على المنبر بداره، ويخرج من مكتبته بعد الشمس بساعة إلى مجلسه العام، فيجلس ويحيي الحاضرين، ويؤدي التعارفات، ثمّ يرقى المنبر فيقرأ ما رآه في الكتب بذلك اليوم، ومع ذلك يحتاط في النقل بما لم يكن صريحاً في الأخبار الجزمية، وكان إذا
قرأ المصيبة تنحدر دموعه على شيبته».(2)
ص: 45
9 - الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه اللّه - مؤلف كتابنا هذا - (ت 1373 ه-):
فقد ذكر لي نجله الشيخ محمّد الشريف:
«أن والده كان يرتقي المنبر في اليوم العاشر، ويقرأ ما كتبه بنفسه من مجالس حسينية، وكان جهوري الصوت عند قراءته، ويغصّ مجلسه بالناس من عامتهم وخاصّتهم.»
10- الشيخ محمّد علي الخراساني النجفي (ت 1383 ه-):
ذكر مجلسه الشيخ الطهراني رحمه اللّه في (نقباء البشر) فقال ما نصه:
«... وقد حظى بقسط وافر من العلم والفضل إلا أنّ همه كان منصرفاً إلى الوعظ والخطابة، وكان توجهه إلى ذلك أكثر من ملازمة الأبحاث والمذاكرة العلمية، وطالما حوّل البحث العلمي ومجلس المذاكرة والدرس إلى مأتم حسيني يسرد فيه قصة الطف، فيحمل الحاضرين على البكاء ويصرفهم عمّا هم فيه...، وكان يتنقل بين كربلاء والكاظمية وسامراء ويقيم في كل منها مدة، يعقد فيها مجالس الوعظ والإرشاد والعزاء...، وكان حسينياً يتكلم بلهجة الموتور دوماً، ويعرب عمّا كمن في قلبه من ضرام تركه الحادث الفادح يوم الطف، ولم ينسَ ذلك أو يتناساه ولا يوماً واحداً، فقد قضى في قراءة التعزية وسرد قصة الحسين أكثر من ثلاثة أرباع القرن، لكنّه كان يسردها في كل مرة وكأنها حادثة ابنة يومها، حيث كان يستولي عليه الحزن ويبكي قبل حضّار منبره».(1)
11- الورع التقي السيد جعفر ابن السيد حبيب الشيرازي رحمه اللّه:
ص: 46
كان يقرأ مصاب الإمام الحسين علیه السلام في كتاب لأهله وعياله، وكان المرحوم آية اللّه السيد عبد الهادي الشيرازي يعتمد عليه كثيراً، كذا حدّثني به سماحة الخطيب السيد مهدي الشيرازي.
12- السيد عبد الرزاق بن محمّد المقرّم رحمه اللّه (ت 1391 ه-):
صاحب التصانيف المشهورة في تاريخ آل محمّد صلی اللّه علیه و آله، فإنّه كان يرتقي المنبر لذكر مصاب الإمام الحسين علیه السلام في اليوم العاشر من شهر محرّم الحرام في حسينية النجفيين الواقعة في كربلاء المقدّسة، وكانت قراءته مؤثرة للغاية في نفوس الحاضرين، كذا حدّثني جماعة حضروا المجلس.
13 - السيد محمّد تقي ابن السيد حسن آل بحر العلوم رحمه اللّه (ت 1393 ه-): كان يرتقي المنبر لذكر مصاب الإمام الحسين علیه السلام في العشرة الأولى من شهر محرّم في بيته، ويقرأ فيه ما كتبه لنفسه كذا حدّثني جماعة ممّن عاصروه وحضروا مجلسه، و تاريخ تأسيس مجلسه المبارك هو سنة 1931م، ومجالسه طُبعت بعنوان (مقتل الحسين علیه السلام)، واستمرّ على نهجه نجله آية اللّه الحسين آل بحر العلوم رحمه اللّه (ات 1421 ه-)، وحضرت مجلس نجله المرحوم منذ طفولتي ولعدة سنوات.
14 - المحقق آية اللّه السيد حسن ابن السيد عبد الهادي الخرسان رحمه اللّه (ت 1405 ه-):
قرأ مجلساً في بيت الشيخ البهائي رحمه اللّه بجوار الإمام الرضا علیه السلام، وحضر مجلسه هذا ثلّة من أعيان العلماء أمثال: العلّامة الأميني رحمه اللّه ، والسيد ضياء الدين آل بحر العلوم رحمه اللّه وغيرهم من الذين تزامن سفرهم لغرض أداء الزيارة حينه، وقرأ بكتاب (مثیر الأحزان) الذي استعاره نجله سماحة السيد محمّد مهدي دام ظله من مكتبة الإمام الرضا علیه السلام، وكان له في بيته مجلس عزاء في صباح كل يوم خميس أسبوعياً، وفي أيام
ص: 47
وفيات الأئمة علیهم السلام، وفي شهري المحرم وصفر، وكان يقرأ له المرحوم الشيخ حسن سبتي. حدّثني بذلك نجله سماحة آية اللّه السيد محمّد مهدي دام ظله، علماً أنّ سكرات الموت جاءته أول ما ارتقى الخطيب المنبر ببيته، في يوم (11) من جمادى الأولى في الأيام الفاطمية، وتوفي بعدها بيوم واحد.
15 - المحقق الشيخ باقر بن شريف القرشي دام ظله (وُلد سنة 1344 ه-):
فإنّه كتب إليّ: أنه تشرّف بقراءة المقتل الحسيني في يوم عاشوراء لعدّة سنوات في بيت آل نصّار في محلة العمارة، كما ذكر لي ذلك جماعة ممن حضروا مجلسه
ذلك(1)، ونص ما كتبه إليّ هو:
«بسم اللّه الرحمن الرحيم، من دواعي الاعتزاز والشرف القيام بخدمة سيد الشهداء وأبي الأحرار الإمام الحسين علیه السلام، و من بنود الخدمة قراءة المقتل الحسيني في أيام العشرة الأولى من المحرّم، ومن المجالس التي كانت معقودة في النجف الأشرف مآتم آل نصّار، وهو من المجالس القديمة، وكان يقرأ فيه الأعلام والفضلاء، وقد توفّقتُ فقرأت فيه زهاء أربع سنين وللّه الحمد، وكانت معظم المجالس يقرأ المقتل فيه بعض المجتهدين أمثال آية اللّه العظمى السيد محمّد تقي آل بحر العلوم، وغيره من الأعلام، وهو توفيق من اللّه تعالى يمنحه الصالحين من عباده».
باقر شريف القرشي 20 رجب 1428ه-
16- المحقق آية اللّه السيد محمّد مهدي السيد حسن الخرسان دام ظله، (ولد سنة 1347 ه-):
ص: 48
يقيم في بيته مجلس عزاء في العشرة الأولى من شهر المحرّم وإلى يوم الثالث عشر، وفي أيام وفيات المعصومين عليهم السلام، وفي سائر شهر رمضان، وفي كل يوم جمعة على مدار السنة، ويقرأ هو بنفسه فيه - حفظه اللّه ومدّ في عمره - ، وربّما قرأ فيه من مؤلَّفاته علينا، ولازمت مجلسه هذا منذ نيف وعشر سنين، وإذا رمتُ أن أصف هذا السيد ومجلسه، فإن قلمي يعجز عن البيان، ولساني يكلّ عن وصف ذلك الإنسان، وكم له من الفضل علينا في هذا المجلس وغيره في بيان ما استبهم من خفي العلوم وفي ردّ ضالّ إلى هداه وو... إلخ.
وهو دام ظلّة فيه واضح الأسلوب في كلامه، فخم العبارة، ويعبّر عن ضميره بأحلى العبارات الحسان، فيبلغ بكلامه كنه القلوب من خواصَ الناس وعوامهم، يخاطب كلاً منهم بما يتناسب مع شعوره، ويتفق مع مبلغه من الفهم والعلم، بكلام هو أندى على الأفئدة من زلال الماء، وإذا انبرى للوعظ والإرشاد، فجّر اللّه على لسانه ينابيع الحكمة، فملك أعنّة القلوب، وردّ شوارد الأهواء، وقوّم زيغ النفوس، فخشعت الأبصار، و خفقت الأفئدة خشيةً ورقّة. وما أرى نفسي إلا صنيع ذلك المجلس، الذي أساسه ذلك السيد المعطّر بأريج الولاء لآل محمّد صلی اللّه علیه و آله. (1)
17 - الفقيه المرجع آية اللّه الشيخ الوحيد الخراساني - حفظه اللّه ومدّ في عمره - (معاصر):
تشرّف بقراءة مصاب الإمام الحسين علیه السلام كما هو مذكور في كتابه (مقتطفات ولائية)، ويمتاز بيانه في ذكر الواقعة بأروع تجسيد ليوم الطف (2)
ص: 49
18 - الفقيه المرجع آية اللّه السيد محمّد سعيد بن محمّد علي الحكيم - حفظه اللّه ومدّ في عمره - (ولد سنة 1354 ه-):
تشرّف بقراءة المقتل الحسيني في يوم عاشوراء لعدّة سنوات في بيته، كما ذكر لي جماعة ممن حضروا مجلسه ذاك، وأشار هو إلى ذلك في رسالة له أسماها (رسالة أبوّية)(1)
19 - الشهيد السعيد آية اللّه السيد محمّد باقر ابن السيد محسن الحكيم قدّس سرّه (ت1424 ه-):
كان رحمه اللّه من ديدنه قراءة مقتل الإمام الحسين علیه السلام في يوم عاشوراء.(2)
ممّا ينبغي التنبيه عليه أن المؤلّف رحمه اللّه لم يضع عنواناً للكتاب، بل طُبع المجلس الثالث من هذا الكتاب مرتين - كما أسلفنا - باسم (مقتل الحسين علیه السلام)، وأرى أنّ هذه التسمية غير موفقة، وإن كان هذا العنوان مطابقاً لمضمون الكتاب، ولقد عثرت على مجلس غير معنون، ويتلوه مجلس آخر عنونه المؤلّف رحمه اللّه ب- (المجلس الثاني)، وبعده بقليل مجلس مبدوء بعبارة (مجلس في اليوم العاشر من المحرّم، اختصرناه من مقتلِ لنا صغير، أوسع مما كتبناه هنا). فوجدت - واضحاً جلياً - أنّ هذه المجالس تشكّل بمجموعها كتاباً، آثرت أن أسمّيه (المجالس الحسينية)، حيث إنّ هذه التسمية أقرب إلى مراد المؤلّف رحمه اللّه.
ص: 50
صرّح المؤلّف في أول المجلس الثالث من كتابنا هذا، بأنه مختصر من مقتلٍ له صغيرٍ. وبعد تتبعي لآثار المؤلف رحمه اللّه المخطوطة في الإمام الحسين علیه السلام، وجدت أنّ له مخطوطاً لم يُطبع، وهو ترجمة لكتاب فارسي اسمه (حجّة السعادة في حجّة الشهادة)، وبعد قراءته،بإمعان، تبيّن لي أنّه المقصود بقوله: «مقتلٍ لنا صغير...»؛ لأن الكثير من عبارات المجلس الثالث مطابقة لهذا الكتاب، وبهذا أكون أوّل مَن نوّه بهذا الأمر، ولقد أشرت في هامش المجلس الثالث من كتابنا هذا إلى موضع النقل من كتاب (ترجمة حجّة السعادة)(1)
طُبع المجلس الثالث من هذا الكتاب وحده - كما ذكرنا آنفاً - وباسم (مقتل الحسين علیه السلام)، مع مراثي المؤلف رحمه اللّه له في الإمام الحسين علیه السلام، ضمن منشورات المكتبة الحيدرية في النجف الأشرف سنة (1384 ه- / 1964 م)، بحجم الكف، في 128 صفحة، وبتقديم نجل المؤلّف الشيخ محمّد الشريف حفظه اللّه، ولكن هذه الطبعة فيه-ا الکثیر من السقط،والتصحيف، والأخطاء المطبعية.
زوَّدتني بنسخة مصوّرة لهذه الطبعة - مشكورة - إدارة مكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف.
ص: 51
طُبع المجلس الثالث من هذا الكتاب وحده أيضاً، وباسم (مقتل الحسين علیه السلام)، بتحقيق الأخ هادي الهلالي، ضمن منشورات المكتبة الحيدرية في قم المقدّسة سنة (1419 ه-)، وبحجم الرقع، في 76 صفحة، ولكن هذه الطبعة فيها الكثير من السقط، والتصحيف، والأخطاء المطبعية، زيادة على طبعته الأولى - رغم ما ادّعاه محققه من خلوّ طبعة الكتاب من التصحيف، والتحريف، والأخطاء - وجلّ مَن لا يُخطىء.
وطُبع المجلس الثالث أخيراً ضمن (موسوعة مقتل الإمام الحسين علیه السلام) ضمن
منشورات دار المرتضى في بيروت سنة (1429 ه- / 2008 م)، (ص 447 - ص 480).
هي نسخة الأصل، والموجودة في مكتبة المؤلِّف رحمه اللّه، وهي بخطّه، تفضّل به-ا عليّ - مشكوراً - نجله سماحة الشيخ محمّد الشريف حفظه اللّه، وتقع في 24 صفحة، من القطع الكبير، وتتراوح أسطر صفحاتها من 23 إلى 26، وهي منضمّة إلى كتاب (ترجمة حجّة السعادة)، فرغ من تأليفها سنة 1334 ه- على ما جاء في فهرس المكتبة.
ص: 52
1. ضبط الآيات القرآنية، وتخريجها، وجعلها بين قوسين مزهّرین.
2. إرجاع الأحاديث الشريفة والأقوال التي في الأصل إلى مصادرها، وربّما استخدمتُ أسلوب التلفيق بين المصدر والأصل، مع الإشارة إلى مورد الاختلاف في الهامش؛ لأن المؤلِّف انتهج الاختصار أحياناً.
3. جعلتُ لكل زيادة منّي في أصل الكتاب - اقتضاها السياق، أو لملء السقط - بين معقوفين [].
4. وحيث إن الأصل يخلو من وجود أيّ عنوان سوى العنوان الرئيسي للمجلس الثاني منه، وضعت عناوين - عند تقطيعي - لنصوص الكتاب، ولم أجعلها بين معقوفين؛ لكثرتها، ولعدم تشويه الكتاب بكثرة الأقواس.
5. ترجمت لمن نقل المؤلّف أقوالهم في الكتاب، مع ترجمة إضافية للكتب المنقول عنها، ولم أترجم لأعلام الكتاب؛ خوف الإطالة، ولئلا يثقل الكتاب بكثرة الهوامش.
6. أوضحتُ ما استُبهم من غريب اللغة مع ذكر المصدر.
7. أشرتُ في هامش المجلس الثالث من الكتاب إلى ما اختصره المؤلف رحمه اللّه من كتابه (ترجمة حجّة السعادة)، باعتبار أن هذا المجلس مختصر له على ما بيَّناه.
ص: 53
ص: 54
الصورة
ص: 55
الصورة
ص: 56
الصورة
ص: 57
الصورة
ص: 58
أتقدّم بوافر الشكر وجزيل العرفان إلى كل من:
1. سماحة الشيخ محمّد شريف كاشف الغطاء - نجل المؤلّف - حيث زوّدني بنسخة الأصل المخطوطة.
2. إدارة العتبة العباسيّة المقدسة المتمثلة بسماحة العلّامة السيد أحمد الصافي الموسوي - دام عزه -، وإدارة قسم الشؤون الفكرية فيها المتمثلة بفضيلة السيد ليث الموسوي حفظه اللّه، وإدارة المكتبة فيها المتمثلة بفضيلة السيد نور الدين الموسوي حفظ اللّه؛ لتبني مشروع تحقيق هذا الكتاب ونشره.
3. إدارة مكتبة الإمام الحكيم قدّس سرّه المتمثلة بالأستاذ مجيد نجل الشيخ عبد الهادي حموزي رحمه اللّه، ومكتبة الروضة الحيدرية؛ لتوفير بعض مصادر التحقيق.
4. سماحة الشيخ عبد اللّه أحمد العكري البحريني حفظه اللّه؛ لمراجعته الكتاب.
5. زملائي في العمل - في وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة-: الأخ محمّد محمّد حسن الوكيل، والأخ عدي فاضل الأسدي، والأخ علي كاظم خضير، والأخ علي حبيب العيداني.
هذا وأرجو أن تُغفر زلاّتي في كتابة هذه السطور؛ فإنّ كبوة الجواد معلومة، والمرء عرضة للعثرات، والمعصوم مَن عصمه اللّه، والحمد للّه أولاً وآخراً.
النجف الأشرف
أحمد علي مجيد الحلي
ص: 59
ص: 60
ص: 61
ص: 62
قال السيد [ابن طاووس قدّس سرّه](1): فمن الأحاديث عن أئمة المعقول، مارويناه بعدة طرق إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه من (أماليه) بإسناده، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضا علیه السلام:
إنَّ المحرَّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه القتال، فاستُحلّت فيه دماؤنا، وهُتكت فيه حرمتنا، وسُبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأُضرمت النيران في مضاربنا، وانتُهب ما فيها من ثقلنا، ولم تُرعَ لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حرمة في أمرنا. إنَّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلَّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء(2)، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحطُّ الذنوب العظام.
ثمّ قال علیه السلام:
كان أبي - صلوات اللّه عليه - إذا دخل شهر المحرَّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة(3) تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر
ص: 63
كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم(1) الذي قتل فيه الحسين صلوات اللّه عليه.(2)
وقال الرضا علیه السلام لابن شبيب في الحديث المعروف:
یابن شبيب، إن المحرّم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال(3)؛ لحرمته، فما عرفت هذه الأمّة حرمة شهرها ولا حرمة نبيّها صلی الله علیه و آله، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر اللّه لهم ذلك أبداً.
يابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي بن أبي طالب علیهما السلام فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً، ما له-م في الأرض شبيهون(4)، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله.(5)
وقال السيد [ابن طاووس قدّس سرّه]: وروي عن آل الرسول علیهم السلام أنّهم قالوا:
ص: 64
مَن بكى وأبكى فينا مائة فله الجنة، ومَن بكى وأبكى خمسين فله الجنة، ومَن بكى وأبكى ثلاثين فله الجنة، ومَن بكى وأبكى عشرين فله الجنة، ومَن بكى وأبكى عشرة فله الجنة، ومَن بكى وأبكى واحداً فله الجنة، ومَن تباكى فله الجنة.(1)
وقال السيد [ابن طاووس قدّس سرّه]:
كان مولد الحسين علیه السلام لخمس ليالٍ خلونَ من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقيل: في اليوم الثالث منه، وقيل: غير ذلك.(2)
وقال الشيخ المفيد رحمه اللّه(3) - وغيره من أساطين الدين وعظماء الشيعة، وما سيأتي من الكلام ملخص من كلام جملة منهم، حذفنا أسماءهم وأسانيدهم اختصاراً -:
ص: 65
وكانت إمامة الحسين علیه السلام بعد وفاة أخيه بما قدمناه ثابتة(1)، وطاعتُه - لجميع الخلق - لازمة، وإن لم يدعُ إلى نفسه؛ للتقية التي كان عليها، والهُدنة الحاصلة بينه وبين معاوية بن أبي سفيان، فالتزم الوفاء بها، وجرى في ذلك مجرى أبيه أمير المؤمنين علیه السلام في ثبوت إمامته بعد النبي صلی الله علیه و آله مع الصموت، وإمامة أخيه الحسن علیه السلام بعد الهدنة مع الكفِّ والسكوت، فكانوا في ذلك على سَنن نبيّ اللّه صلی الله علیه و آله وهو في الشّعب محصور، وعند خروجه من مكة مهاجراً، مستخفياً في الغار، وهو من أعدائه مستور.(2)
ولمّا مات الحسن بن علي علیه السلام تحرّكت الشيعة بالعراق، وكتبوا إلى الحسين علیه السلام في خلع معاوية والبيعة له، فامتنع عليهم، وذكر(3) أنَّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه، حتّى تمضي المدّة.(4)
وقال [الشيخ الصدوق رحمه الله]:
ص: 66
...عن عبد اللّه بن منصور - وكان رضيعاً لبعض ولد زيد بن علي علیهما السلام قال: سألت جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين علیهما السلام، فقلت(1): حدثني عن مقتل ابن رسول اللّه، فقال: حدثني أبي علیه السلام، عن أبيه علیه السلام، قال: لمّا حضرت معاوية الوفاة دعا ابنه يزيد لعنه الله فأجلسه بين يديه، فقال له: يا بني، إني قد ذلّلتُ لك الرقاب الصعاب، ووطّدتُ لك البلاد، وجعلت الملك وما فيه لك طُعمة، وإنّي أخشى عليك من ثلاثة نفر - وفي رواية أربعة - يخالفون عليك بجهدهم، و هم: عبد اللّه بن عمر بن الخطاب، وعبد اللّه بن الزبير، (وعبد الرحمان بن أبي بكر)(2)، والحسين بن علي.
فأمّا عبد اللّه بن عمر فهو معك فالزمه ولا تدعه (وهو زاهد، ويبايعك إذا لم يبقَ غيره)، وأمّا عبد اللّه بن الزبير فقطّعه إن ظفرتَ به إربا إرباً، فإنّه يجثو لك كما يجثو الأسد لفريسته، ويواربك مواربة(3) الثعلب للكلب، (وأما عبد الرحمان بن أبي بكر فإنّه مولع بالنساء واللّهو)، وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول اللّه، وهو من لحم رسول اللّه ودمه، وقد علمت لا محالة أن أه-ل العراق سيخرجونه إليهم، ثمّ يخذلونه ويضيّعونه(4)، فإن ظفرت به فاعرف حقه
ص: 67
ومنزلته من رسول اللّه، ولا تؤاخذه بفعله، ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة ورحماً(1) وإيّاك أن تناله بسوء، أو يرى منك مكروهاً(2).
قال [الشيخ المفيد رحمه الله وغيره من أساطين الدين]:
فلمّا مات معاوية - وذلك للنصف من رجب سنة ستين من الهجرة - كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - وكان على المدينة من قبل معاوية - أن يأخذ الحسين علیه السلام بالبيعة له، ولا يرخّص له في التأخر عن ذلك، ثمّ من باقي الأربعة، وكتب إليه: مَن أبى عليك منهم فاضرب عنقه، وابعث إليّ برأسه.
فأحضر الوليد مروان واستشاره في أمر الحسين علیه السلام، فقال: إنّه لا يقبل، ولو كنتُ مكانك لضربتُ عنقه، فقال الوليد: ليتني لم أكُ شيئاً مذكوراً.
ص: 68
ثمّ أنفذ الوليد إلى الحسين علیه السلام في الليل فاستدعاه، فعرف الحسين الذي أراد، فدعا جماعة من مواليه وأهل بيته وأمرهم بحمل السلاح، وقال لهم: إنّ الوليد قد استدعاني في هذا الوقت، ولست آمن أن يكلّفني فيه أمراً لا أُجيبه إليه، وهو غير مأمون، فكونوا معى، فإذا دخلتُ إليه فاجلسوا على الباب، فإن سمعتم قد علا فادخلوا عليه؛ لتمنعوه عني، ولا تقتلوا أحداً، (ولا تثيروا الفتنة)(1) ثمّ إلى صار الحسين علیه السلام إلى الوليد مع ثلاثين رجلاً من أهل بيته ومواليه، فوجد عنده مروان بن الحكم، فنعى الوليد إليه موت معاوية، ثمّ قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من أخذ البيعة منه له.
فقال له الحسين علیه السلام: إنّي لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرّاً حتّى أُبايعه جهراً، فيعرف ذلك الناس.
فقال له الوليد: أجل.
فقال الحسين علیه السلام: تصبح وترى رأيك في ذلك.
فقال له الوليد: انصرف على اسم اللّه تعالى حتّى تأتينا مع جماعة الناس.
فقال له مروان: واللّه لئن فارقك الحسين، ولم يبايع الساعة، لا قدرتَ منه على مثلها أبداً، حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل، ولا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه.
فوثب(2) الحسين علیه السلام عند ذلك، وقال: ويل لك يابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي، كذبت واللّه ولؤمت، ثمّ أقبل على الوليد، فقال: أيها الأمير، إنّا
ص: 69
أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح اللّه، وبنا ختم اللّه، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحق بالخلافة والبيعة. ثمّ خرج يمشي علیه السلام ومعه مواليه حتّى أتى منزله.
فقال مروان للوليد: عصيتني! لا واللّه لا يُمكّنك مثلها من نفسه أبداً.
فقال الوليد: ويحك، إنك أشرت لي بذهاب ديني ودنياي، واللّه ما أحبُّ أنَّ مُلك الدنيا بأسرها لي وإنّي قتلتُ حسيناً لمّا أن قال: لا أبايع، واللّه ما أظنُّ أنَّ أحداً يلقى اللّه بدم الحسين علیه السلام إلا وهو خفيف الميزان، لا ينظر اللّه إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.(1)
[قال السيد ابن طاووس قدس سره]:
فلمّا أصبح الحسين علیه السلام خرج من منزله يستمع الأخبار، فلقيه مروان، فقال له: يا أبا عبد اللّه إنّي لك ناصحٌ، فأطعني ترشد.
فقال الحسين علیه السلام: وما ذاك؟ قل حتّى أسمع.
فقال مروان: إنّي آمرك ببيعة يزيد، فإنّه خيرٌ لك في دينك ودنياك.
فقال الحسين علیه السلام: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بُليَت الأُمّة براعٍ مثل يزيد! ولقد سمعت جدي رسول اللّه صلی الله علیه و آله يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان.(2)
ص: 70
[قال الشيخ المفيد رحمه الله]:
فلمّا كان آخر نهار يوم السبت، بعث الرجال إلى الحسين علیه السلام ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسين علیه السلام: أصبحوا ثمّ ترون ونرى، فكفّوا تلك الليلة عنه ولم يلحّوا عليه.
فخرج علیه السلام من تحت ليلة - وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب - متوجهاً نحو مكة، ومعه بنوه وبنو إخوته وإخوته، وجلّ أهل بيته إلا محمّد بن الحنفية رحمه الله، فإنّه لمّا علِم عزمه على الخروج عن المدينة لم يدرِ أين يتوجه، فقال له: يا أخي، أنت أحبُّ الناس إليّ، وأعزّهم عليّ، ولستُ أدّخر النصيحة لأحد من الخلق إلا لك، وأنت أحقُّ بها، تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثمّ ابعث رسلك إلى الناس، ثمّ ادعهم إلى نفسك، فإن بايعك الناس وبايعوا لك حمدت اللّه على ذلك، وإن اجتمع الناس على غيرك لم ينقص اللّه بذلك دينك ولا عقلك، ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك، إنّي أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار، فيختلف الناس بينهم، فمنهم طائفة معك وأخرى عليك، فيقتتلون، فتكون إذاً لأول الأسنّة غرضاً، فإذا خير هذه الأمة كلها نفساً وأباً وأماً أضيعها دماً وأذلها أهلاً !
فقال له الحسين علیه السلام: فأين أذهب يا أخي؟
قال: انزل مكة، فإن اطمأنّت بك الدار بها فستنل ذلك، وإن نبت بك(1) الحقتَ
ص: 71
بالرمال وشعف(1) الجبال، وخرجت من بلد إلى بلد، حتّى تنظر ما يصير أمر الناس إليه، فإنّك أصوب ما تكون رأياً حين تستقبل الأمر استقبالاً.
فقال علیه السلام: يا أخي قد نصحت وأشفقت، وأرجو أن يكون رأيك سديداً موفّقاً.(2)
وقال محمّد بن أبي طالب الموسوي:
لمّا ورد الكتاب على الوليد بقتل الحسين علیه السلام عظم ذلك عليه، ثمّ قال: واللّه لا يراني اللّه أقتل ابن بنت نبيّه، ولو جعل يزيد لي الدنيا بما فيها.
قال: وخرج الحسين علیه السلام من منزله ذات ليلة، وأقبل إلى قبر جده صلی الله علیه و آله فقال: السلام عليك يا رسول اللّه، أنا الحسين بن فاطمة، فرخك وابن فرختك، وسبطك الذي خلفتني في أُمتك، فاشهد عليهم يا نبي اللّه أنّهم قد خذلوني، وضيّعوني، ولم يحفظوني، وهذه شكواي إليك حتى ألقاك، قال: ثمّ قام فصفّ قدميه، فلم يزل راكعاً ساجداً.
قال: وأرسل الوليد إلى منزل الحسين علیه السلام، لينظر أخرج من المدينة أم لا؟ فلم يصبه في منزله، فقال: الحمد لله الذي خرج، ولم يبتلني بدمه!
ص: 72
قال: ورجع الحسين علیه السلام إلى منزله عند الصبح، فلمّا كانت الليلة الثانية، خرج إلى القبر أيضاً وصلّى ركعات، فلمّا فرغ من صلاته جعل يقول: اللّهم هذا قبر نبيك محمد، وأنا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللّهم إنّي أُحبّ المعروف، وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام، بحق القبر ومن فيه، إلا اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى.
قال: ثمّ جعل يبكي عند القبر، حتّى إذا كان قريباً من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى(1)، فإذا هو برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله وبين يديه، حتّى ضمّ الحسين إلى صدره، وقبّل بين عينيه، وقال: حبيبي یا حسين، كأنّي أراك عن قريب مرمّلاً بدمائك، مذبوحاً بأرض كرب وبلاء، من عصابة من أمّتي، و أنت ذلك عطشان لا تُسقى، وظمآن لا تُروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة، حبيبي يا حسين، إن أباك وأمك وأخاك قدِموا عليّ، وهم مشتاقون إليك، وإنّ لك في الجنان لدرجات لن تنالها إلا بالشهادة.
قال: فجعل الحسين علیه السلام في منامه ينظر إلى جدّه، ويقول: يا جدّاه، لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا فخذني إليك، وادخلني معك في قبرك، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: لابدّ لك من الرجوع إلى الدنيا، حتّى تُرزق الشهادة، وما قد كتب اللّه لك فيها من الثواب العظيم.(2)
ص: 73
[ثمّ قال الشيخ المفيد رحمه الله]:
فسار الحسين إلى مكة وهو يقرأ: {فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّني مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(1) ولزم الطريق الأعظم، فقال له أهل بيته: لو تنكّبت عن الطريق كما فعل ابن الزبير؛ كي لا يلحقك الطلب، فقال: لا واللّه لا أُفارقه حتّى يقضي اللّه ما هو قاض، ولمّا دخل الحسين علیه السلام مكة، كان دخوله إياها يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان، دخلها وهو يقرأ: {وَلَمَا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيل}.(2)(3)
ثمّ نزلها وأقبل أهلها يختلفون إليه، ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة، وهو قائم يصلّي عندها ويطوف، ويأتي الحسين فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، ويأتيه بين كل يومين مرّة، وهو علیه السلام أثقل خلق اللّه على ابن الزبير؛ لأنّه قد عرف أنّ أهل الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين علیه السلام فی البلد، وأن الحسين أطوع في الناس منه وأجلُّ.
ص: 74
وبلغ أهل الكوفة هلاك معاوية، فأرجفوا بيزيد، وعرفوا خبر الحسين وامتناعه من بيعته، وما كان من أمر ابن الزبير في ذلك وخروجهما إلى مكّة، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صُرَد الخزاعي، فذكروا هلاك معاوية، فحمدوا اللّه وأثنوا عليه، فقال سليمان: إن معاوية قد هلك، وإنّ حسيناً قد نقض(1) على القوم بيعته، وقد خرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاه-دو عدوّه، فاكتبوا إليه، فإن خفتم الفشل والوهن فلا تغرّوا الرجل في نفسه، قالوا: لا، بل نقاتل عدوّه، ونقتل أنفسنا دونه.
فكتبوا: «بسم اللّه الرحمن الرحيم... للحسين بن علي من سليمان بن صُرَد، والمسيب بن نَجَبة، ورفاعة بن شداد البجليّ، وحبيب بن مُظاهر، وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة، سلام عليك، فإنّا نحمد إليك اللّه الذي لا إله إلا هو، أمّا بعد، فالحمد للّه الذي قصم عدوّك الجبّار العنيد، الذي انتزى على هذه الأُمة فابتزّها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمّر عليها بغير رضىً منها، ثمّ قتل خيارها، واستبقى شرارها، وجعل مال اللّه دُولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبُعداً له كما بَعِدَت ثِمود، إنّه ليس علينا إمام، فأقبل لعلّ اللّه أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة، لسنا
ص: 75
نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنّك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتّى نلحقه بالشام إن شاء اللّه».
ثمّ سرّحوا بالكتاب مع عبد اللّه بن مسمع الهمداني وعبد اللّه بن وأل وأمروهما بالنجا(1)، فخرجا مسرعين حتّى قدما على الحسين بمكة لعشر مضين من شهر رمضان
ثمّ لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب، وأنفذوا قيس بن مُسهر الصيداوي وعبد اللّه وعبد الرحمان ابني عبد اللّه بن زياد الأرحبي(2)، وعمارة بن عبد اللّه السلولي إلى الحسين علیه السلام ومعهم نحو مائة وخمسين صحيفة، من الرجل الواحد والاثنين والأربعة.(3)
وقال السيد [ابن طاووس قدس سره]:
وهو مع ذلك يتأبّى ولا يجيبهم، فورد عليه في يوم واحد ستمائة كتاب، وتواترت الكتب حتّى اجتمع عنده في نُوَب متفرِّقة اثنا عشر متفرقة اثنا عشر ألف كتاب.(4)
ص: 76
[وقال الشيخ المفيد رحمه الله]:
ثمّ لبثوا يومين آخرين، وسرّحوا إليه هانئ بن هانئ السبيعي، وسعيد بن عبد اللّه الحنفي، وكتبوا إليه: «بسم اللّه الرحمن الرحيم... إلى الحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين، أما بعد، حيّهلا، فإنّ الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل، ثمّ العجل العجل والسلام».
ثمّ كتب شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث بن رويم، وعروة ابن قيس، وعمر بن حجّاج الزبيدي، ومحمّد بن عمرو التيمي: «أمّا بعد فقد اخضرّ الجناب(1)، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فإذا شئت فأقبل(2) على جندٍ لك مجنّدة، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته، وعلى أبيك من قبلك».
و تلاقت الرُسل كلّها عنده، فقرأ الكتب، وسأل الرسل عن الناس، ثمّ كتب مع هانئ بن هانئ، وسعيد بن عبد اللّه، وكانا آخر الرُّسل: «بسم اللّه الرحمن الرحیم...
ص: 77
من الحسين بن علي، إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين، أمّا بعد، فإنّ هانئاً وسعيداً قدِما عليّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم عليّ من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم،وذكرتم، ومقالة جلّكم أنّه ليس علينا إمام، فأقبل لعلَّ اللّه أن يجمعنا بك على الحق والهدى، وأنا باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إليّ بأنّه قد اجتمع رأي ملَئِكم، وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدِمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، فإنّي أقدِم إليكم وشيكاً، إن شاء اللّه، فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذات اللّه، والسلام».(1)
ص: 78
ص: 79
ص: 80
قال [الإمام العسكري علیه السلام في (تفسيره) المشهور]:قال رسول اللّه عليه واله - لما نزلت: {وإذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُوُنَ دِماءَكُمْ... }(1)... الآية، في اليهود الذين نقضوا عهد اللّه، وكذَّبوا رسل اللّه، وقتلوا أولياء اللّه -: أفلا أنبِّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأُمّة؟
قالوا: بلى يا رسول اللّه.
قال: قوم من أمّتي، ينتحلون بأنّهم(2) من أهل ملّتي، يقتلون أفاضل ذريّتي وأطائب أُرومتي، ويبدِّلون شريعتي وسُنّتي، ويقتلون ولديّ الحسن والحسين، كما قتلَ أسلاف هؤلاء اليهود زكريا ويحيى، ألا وإنّ اللّه يلعنهم كما لعنهم، ويبعث على بقايا ذراريهم - قبل يوم القيامة - هادياً مهدياً من ولد الحسين علیه السلام المظلوم، يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم، ألا ولعن اللّه قتلة الحسين ومحبّيهم، وناصريهم، والساكتين عن لعنهم من غير تقيّة تسكتهم، ألا وصلى اللّه على الباكين على الحسين رحمة وشفقة، واللاعنين لأعدائهم والمُمتلئين عليهم غيظاً وحنقاً... إنّ اللّه ليأمر الملائكة المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين علیه السلام إلى الخُزّان في الجنان، فيمزجوها بماء الحَيَوان(3)، فتزيد عذوبتها وطيبها ألف ضعفها.(4)
ص: 81
[قال علي بن إبراهيم رحمه الله في تفسيره عن أبيه]، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر علیه السلام، قال:
كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أَيُّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي علیهما السلام دمعة حتّى تسيل على خدّه، بوَّأه اللّه بها في الجنّة غُرَفاً يسكنها،أحقاباً، وأيّما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتّى يسيل على خدِّه؛ لأذىً مسَّنَا من عدوِّنا في الدنيا، بوَّأه اللّه مُبوَّاً صدقٍ في الجنّة، وأيّما مؤمن مسَّه أذىً فينا، فدمعت عيناه حتّى يسيل دمعه على خدَّيه من مَضاضة(1) ما أوذي فينا، صرفَ اللّه عن وجهه الأذى، وآمنه يوم القيامة من سخطه ومن النار.(2)
قال الشيخ المفيد والسيد [ابن طاووس] رضی الله عنها:
ثمّ دعا الحسين بن علي علیهما السلام مسلم بن عقيل، فسرّحه مع قيس بن مُسهر الصيداوي وعمارة بن عبد اللّه السلولي وعبد الرحمان بن عبد اللّه الأرحبي(3)، وأمره بتقوى اللّه وكتمان أمره،واللطف فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين(4) عجّل إليه بذلك.
ص: 82
فأقبل مسلم رحمه الله حتّى أتى المدينة، فصلّى في مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله ركعتين، وودّع من أحبّ من أهله، واستأجر دليلين من قيس، فأقبلا به يتنكّبان الطريق فضلّا، وأصابهم(1) عطش شديد، فعجزا عن السير، فأومئا له إلى سَنن الطريق بعد أن لاح لهما ذلك، فسلك مسلم ذلك السَنن، ومات الدليلان عطشا.(2)
ثمّ أقبل حتّى دخل الكوفة، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة، وأقبلت الشيعة تختلف إليه، فكلّما اجتمع إليه منهم جماعة(3)، قرأ عليهم كتاب الحسين علیه السلام
و هم يبكون، وبايعه الناس حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلى الحسین علیه السلام يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفاً ويأمره بالقدوم.
وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم بن عقيل رحمه الله حتّى عُلم مكانه، فبلغ النعمان بن بشير ذلك - وكان والياً على الكوفة من قبل معاوية، فأقرّه يزيد عليها - فصعد المنبر خطب الناس وهدّدهم وتوعدهم.(4) فقام إليه عبد اللّه بن مسلم بن ربيعة الحضرمي - حليف بني أُمية - فقال له: إنّه لا يصلح ما ترى أيها الأمير إلا الغَشْم(5)، وإن هذا الذي أنت عليه - فيما بينك وبين عدوّك - رأي المستضعفين.
ص: 83
فقال له النعمان: لأن أكون من المستضعفين في طاعة اللّه، أحبُّ إليَّ من أن أكون من الأعزّين في معصية اللّه، ثمّ نزل.
فكتب الحضرمي، وعمر بن سعد، وغيرهما إلى يزيد بن معاوية: «أمّا بعد، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة، وبايعته الشيعة للحسين علیه السلام، فإن يكُ لك في الكوفة حاجة، فابعث إليها رجلاً قوّياً ينفّذ أمرك، ويعمل مثل عملك في عدوّك، فإن النعمان ابن بشیر رجل ضعيف أو هو يتضعّف»
فلمّا وصلت الكتب إلى يزيد دعا سرجون مولى معاوية فاستشاره، وكان يزيد عاتباً على عبيد اللّه بن زياد، فقال له سرجون: أرأيت معاوية لو نُشِرَ لك حيّاً، أما كنت تأخذ برأيه؟ قال: بلى.
قال: فأخرج سرجون عهد معاوية لابن زياد على الكوفة، وقال: هذا رأي معاوية حين مات، وقد أمرَ بهذا الكتاب، فضُم المصرين إليه.
وكتبَ له مع مسلم بن عمرو الباهلي: «أمّا بعد، فإنّه كتب إليّ شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أنّ ابن عقيل فيها، يجمع الجموع ليشقّ عصا المسلمين، فسر حين تقرأ كتابي هذا حتّى تأتي الكوفة، فتطلب ابن عقيل طلب الخرزة حتّى تثقفه، فتوثقه أو تقتله أو تنفيه والسلام».
ص: 84
فخرج الباهلي حتّى قدم البصرة، وسلّم الكتاب والعهد لابن زياد، فاستخلف ابن زياد أخاه عثمان على البصرة، وخرج مع حشمه وأهله، حتّى دخل الكوفة، وهو متلثمّ وعليه عمامة سوداء، والناس قد بلغهم إقبال الحسين علیه السلام والیهم و هم ينتظرونه، فظنّوه الحسين علیه السلام، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلا سلّموا عليه، وقالوا: مرحباً بك يابن رسول اللّه، قدمت خیر مقدم، فرأى من تباشرهم بالحسين علیه السلام ما ساءه، فقال لهم مسلم بن عمرو - لمّا أكثروا -: تأخّروا، هذا الأمير عبيد اللّه بن زياد، فسار حتّى وافي القصر ليلاً، ومعه جماعة قد التفّوا به، لا يشكّون أنه الحسين علیه السلام، فأغلق النعمان بن بشير عليه وعلى حامّته، فناداه بعض من كان معه ليفتح لهم الباب، فاطّلع إليه النعمان وهو يظنه الحسين علیه السلام، فقال: أنشدك اللّه إلا تنحّيت، واللّه ما أنا بمسلّم إليك أمانتي، وما لي في قتالك أرب، فقال له ابن زياد: افتح لا فتحت(1)، فقد طال ليلك، فسمعها إنسان خلفه، فنكص إلى القوم الذين اتّبعوه من أهل الكوفة على أنه الحسين علیه السلام، فقال: أي قوم! ابن مرجانة والذي لا إله غيره.
ودخل ابن زياد القصر وبات فيه، وخرج الغداة وصعد المنبر وتوعّدهم على معصيته، ووعدهم مع الطاعة بالإحسان، وقال: سوطي وسيفي على من ترك أمري وخالف عهدي، فليتّق امرؤ على نفسه، الصدق ينبي عنك لا الوعيد(2)، ثمّ نزل فأخذ
ص: 85
الناس والعُرفاء(1) أخذاً شديداً.(2)
ولمّا سمع مسلم بذلك خاف على نفسه الاشتهار، فخرج من دار المختار، وقصد دار هانئ بن عروة، فآواه فدخلها، وكثر اختلاف الشيعة إليه في دار ه-انئ على تستّر واستخفاء من عبيد اللّه، وتواصوا بالكتمان.
فدعا ابن زياد مولى له يُقال له: معقل، فقال له: خذ ثلاثة آلاف درهم، ثمّ اطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه، فإذا ظفرت بواحد منهم أو جماعة، فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم، وقل لهم: استعينوا بها على حرب عدوّكم، واعلمهم أنّك منهم، فإنّك لو قد أعطيتها إياهم اطمأنّوا إليك، ووثقوا بك، ولم يكتموك شيئاً من أخبارهم، ثمّ اغْدُ عليهم ورُح حتّى تعرف مستقر مسلم بن عقيل، وتدخل عليه.
ففعل ذلك، وجاء حتّى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم وهو يصلّي، فسمع قوماً يقولون: هذا يبايع للحسين علیه السلام، فما زال به يتلطّف بأنواع اللطایف والحيل، حتّى أدخله على مسلم بن عقيل بعد أخذ المواثيق المغلّظة عليه
ص: 86
لينا صحنّ وليكتمنّ، ولمّا دخل على مسلم بن عقیل رحمه الله بايعه، وأخبره بالدراهم، فأمر مسلم أبا ثمامة الصائدي بقبض المال منه، وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضاً، ويشتري لهم السلاح، وكان بصيراً، ومن فرسان العرب، ووجوه الشيعة.
وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم، وهو أول داخل و آخر خارج، حتى فهم ما احتاج إليه ابن زياد من أمرهم، وكان يخبره به وقتاً فوقتاً.
وخاف هانئ بن عروة عبيد اللّه بن زياد على نفسه، فانقطع من حضور مجلسه و تمارض، فقال ابن زياد لجلسائه: ما لي لا أرى هانئاً؟ فقالوا: شاكٍ، فقال: لو علمت بمرضه لعدته، ودعا محمّد بن الأشعث، وأسماء بن خارجة، وعمرو بن الحجاج
الزبيدي - وكانت رويحة بنت عمرو تحت هانئ بن عروة - فقال له-م: ما يمنع هاني ابن عروة من إتياننا؟
فقالوا ما ندري، وقد قيل: إنّه يشتكي.
قال: قد بلغني أنّه قد برئ، وهو يجلس على باب داره، فالقوه ومروه ألا يدع ما عليه من حقنا، فإنّي لا أحبُّ أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب.
فأتوا هانئاً وأقسموا عليه أن يركب معهم، فركب معهم، فجاء هانئ حتّى دخل على ابن زياد ومعه القوم، فلمّا طلع قال ابن زياد: أتتك بحائن رجلاه(1)، فلمّا دنا من ابن زیاد - وعنده. شريح القاضي - التفت نحوه فقال:
ص: 87
أريد حباءه ويريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد(1)
وقد كان أول ما دخل عليه مكرماً له،ملطفاً، فقال له هانئ وما ذلك أيها الأمير؟ فقال: إيهِ يا هانئ بن عروة، ما هذه الأمور التي تُربَّص في دارك لأمير المؤمنين
وعامة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل، فأدخلته دارك، وجمعت له السلاح والرجال فی الدور حولك، وظننت أنَّ ذلك يخفى عليَّ!
فقال: ما فعلت وما مسلم عندي.
قال: بلى، قد فعلت.
فلمّا كثر ذلك بينهما، وأبى هانئ إلا مجاحدته ومناكرته، دعا ابن زیاد معقلاً - ذلك العين(2) - فجاء حتى وقف بين يديه، فقال: أتعرف هذا ؟
قال: نعم، وعلم هانئ عند ذلك أنه كان عيناً عليهم، وأنه قد أتاه بأخبارهم، فأسقط في يده ساعة، ثمّ راجعته نفسه، فقال: اسمع مني وصدّق مقالتي، فواللّه لا كذبت، واللّه ما دعوته إلى منزلي، ولا علمت بشيء من أمره حتّى جاءني يسألني النزول، فاستحييت من ردّه، ودخلني من ذلك ذمام فضيّفته و آويته، وقد كان من أمره ما كان بلغك، فإن شئت أن أعطيك الآن موثقاً مغلّظاً ألا أبغيك سوءاً ولا غائلة ولآتينّك حتى أضع يدي في يدك، وإن شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك آتيك، وانطلق إليه فآمره أن يخرج من داري، وأخرج من ذمامه وجواره.
ص: 88
فقال له ابن زياد واللّه لا تفارقني أبداً حتى تأتيني به.
قال: لا واللّه لا آتيك به أبداً، أجيئك بضيفي تقتله؟!
قال: واللّه لتأتينّي به.
قال: لا واللّه، لا آتيك به.
فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي - وليس بالكوفة شامي ولا بصري غيره- فقال: أصلح اللّه الأمير، خلِّني وإياه حتى أُكلِّمه، فقام فخلا به ناحية من ابن زیاد، وهما منه بحيث يراهما، وإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان، فقال له مسلم الباهلي: يا هانئ إني أنشدك اللّه أن تقتل(1) نفسك، وأن تدخل البلاء على عشيرتك، فواللّه إنّي لأنفس بك عن القتل، إن هذا الرجل ابن عم القوم، وليسوا قاتليه ولا ضائريه، فادفعه إليه، فإنّه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة إنّما تدفعه إلى السلطان.
فقال هانئ: واللّه إنَّ عليّ في ذلك الخزي والعار، أنا أدفع جاري وضيفي، وأنا حيّ صحيح، أسمع وأرى شديد الساعد، كثير الأعوان؟ واللّه لو لم أكن إلا واحداً ليس لي ناصر، لم أدفعه حتى أموت دونه، فأخذ يناشده وهو يقول: واللّه لا أدفعه أبداً. فسمع ابن زياد ذلك فقال: ادنوه منّي، فأُدني منه، فقال: واللّه لتأتينّي به أو لأضربنّ عنقك.
فقال هانئ: إذاً واللّه تكثر البارقة(2) حول دارك، وهو يظن أنَّ عشيرته سيمنعونه.
فقال ابن زياد والهفاه عليك! أبالبارقة تخوّفني؟ ثمّ قال: ادنوه مني، فأُدني فاعترض وجهه بالقضيب، فلم يزل يضرب وجهه، وأنفه، وجبينه، وخده، حتى كسرَ
ص: 89
أنفه، وسالت الدماء على ثيابه، ونُثر لحم خدّه وجبينه على لحيته، وضرب ه-انئ يده على قائم سيف شرطي فمنعه.
فقال عبيد اللّه: أحروري سائر اليوم؟ قد حلّ لنا دمك، جرّوه فجرّوه فألقوه في بيت من بيوت الدار، وأغلقوا عليه،بابه فقال: اجعلوا عليه حرساً، ففُعِلَ ذلك به.
فقام إليه حسان بن أسماء - وهو الذي جاء بهانىء - فقال له: أرُسُل غدر سائر اليوم؟ أمرتنا أن نجيئك بالرجل، حتى إذا جئناك به هشمت وجهه، وسيَّلت دماءه على لحيته، وزعمتَ أنّك تقتله.
فقال له عبيد اللّه: وإنّك لهاهنا، فأمر به فلُهز(1)، وتُعتع(2)، ثمّ أُجلس ناحية.
فقال محمّد بن الأشعث: قد رضينا بما رأى الأمير، لنا كان أو علينا، إنّما الأمير مؤدِّب.
وبلغ عمرو بن الحجاج أنَّ هانئاً قد قُتل، فأقبل في مذحج حتّى أحاط بالقصر، ومعه جمع عظيم، ثمّ نادى: أنا عمرو بن الحجاج، وهذه فرسان مذحج ووجوهها، لم تخلع طاعة، ولم تفارق جماعة، وقد بلغهم أن صاحبهم قد قُتل، فأعظموا ذلك. فقيل لعبيد اللّه بن زياد: هذه مذحج بالباب، فقال لشريح القاضي: ادخل على صاحبهم فانظر إليه، ثمّ اخرج واعلمهم أنّه حيّ لم يُقتل، فدخل فنظر شريح إليه، فقال هانئ لما رأى شريحاً: يا اللّه! يا للمسلمين! أهلكت عشيرتي؟ أين أهل الدين؟! أين أهلُ المصر؟ والدماء تسيل على لحيته، إذ سمع الضجة على باب القصر، فقال: إنّي لأظنها أصوات مذحج وشيعتي من المسلمين، إنّه إن دخل عليّ عشرة نفر أنقذوني، فلمّا سمع كلامه شريح خرج إليهم، فقال لهم: إنّ الأمير لمّا بلغه مكانكم، ومقالتكم
ص: 90
في صاحبكم، أمرني بالدخول إليه، فأتيته فنظرت إليه، فأمرني أن ألقاكم، وأن أعلمكم أنّه حي، وأنّ الذي بلغكم من قتله باطل، فقال عمرو بن الحجاج وأصحابه: أمّا إذ لم يُقتل فالحمد للّه، ثمّ انصرفوا.
وبلغ الخبر إلى مسلم بن عقيل فنادى في أصحابه - وكان قد ملأ بهم الدور حوله، وكانوا فيها أربعة آلاف رجل -، ونادى مناديه: يا منصور أمت، فتنادى أهل الكوفة، واجتمعوا عليه، فعقد مسلم لرؤوس الأرباع على القبائل كندة، ومذحج، وأسد وتميم وهمدان، وغيرهم وتداعى الناس واجتمعوا، فما لبثوا إلا قليلاً، حتّى امتلأ المسجد من الناس والسوق، وكان ابن زياد يخطب فيه ويتوعد الناس، فانهزم ودخل القصر، وضاق به أمره، وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر، وليس معه في القصر إلا ثلاثون رجلاً من الشرط، وعشرون رجلاً من أشراف الناس، وأهل بيته وخاصته فدعا ابن زياد كثير بن شهاب، ومحمّد بن الأشعث، وشبث بن ربعي التميمي، وحجّار بن أبجر العجلي، وشمر بن ذي الجوشن العامري، فأمرهم برد الناس عن مسلم، وتخويفهم السلطان، ففعلوا، واجتمع إليهم عدد كثير من قومهم وغيرهم، فأشاروا على ابن زياد أن يحارب بهم فأبى، وأقام الناس مع مسلم يتكاثرون حتى المساء، وأمرهم شديد.
وعقد ابن زياد لشبث بن ربعي وكثير بن شهاب لواء فخرجا، وقالا: أيها الناس الحقوا بأهاليكم، ولا تعجّلوا الشر، ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل، فهذه جنود يزيد من الشام قد أقبلت، ولئن لم تنصرفوا من عشيّتكم ليحر منّ الأمير ذريتكم من العطاء،
ص: 91
ويأخذ البرئ بالسقيم والشاهد بالغائب، ومن أشباه ذلك من التهديد والوعيد، وتكلّم سائر الأشراف بنحو من ذلك.
فلمّا سمع الناس مقاتلهم اخذوا یتفرقون، وكانت المرأة تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول: غداً يأتيك أهل الشام، فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف، فيذهب به فينصرف. فما زالوا يتفرقون عن مسلم بن عقيل حتّى صلّى المغرب وما معه إلا ثلاثون نفساً في المسجد(1)، فلمّا رأى أنّه قد أمسى وما معه إلا أولئك النفر، خرج من المسجد متوجِّهاً نحو أبواب كندة، فما بلغها إلا ومعه منهم عشرة، ثمَّ خرج من الباب فإذا ليس معه إنسان، فالتفت فإذا هو لا يحسّ أحداً يدلّه على الطريق، ولا يدلّه على منزله، ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدو.
فمضى على وجهه متلدِّداً(2) فى أزقَة الكوفة، لا يدري أين يذهب، فمشى حتّى انتهى إلى باب امرأة يقال لها: طوعة، أمّ ولد كانت للأشعث بن قيس فأعتقها، فتزوّجها أسيد الحضرمي، فولدت له،بلالاً، وكان بلال قد خرج مع الناس، فأمّه قائمة تنتظره، فسلّم عليها ابن عقيل، فردّت عليه.
ص: 92
فقال لها: يا أمة اللّه اسقيني ماءً.
فسقته وجلس، وأدخلت الإناء، ثمّ خرجت فقالت: يا عبد اللّه ألم تشرب؟
قال: بلی.
قالت: فاذهب إلى أهلك.
فسكت، ثمّ أعادت مثل ذلك، فسكت.
ثمّ قالت له في الثالثة: سبحان اللّه! يا عبد اللّه قم عافاك اللّه إلى أهلك، فإنّه لا
يصلح لك الجلوس على باب داري، ولا أحلّه لك.
فقام وقال: يا أمة اللّه ما لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة، فه-ل لك إلى أجر ومعروف، لعلّي مكافئك بعد اليوم؟
فقالت یا عبد اللّه، وما ذاك؟
قال: أنا مسلم بن عقيل، كذّبني هؤلاء القوم وغرّوني وأخرجوني.
قالت: أنت مسلم؟
قال: نعم.
قالت: ادخل.
فدخل بيتاً في دارها، غير البيت التي هي فيه، وفرشت له، وعرضت عليه العشاء فلم يتعشّ، ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها، فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه، فقال لها: واللّه إنّه ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه، إنَّ لك لشأناً.
قالت: يا بُنيّ إِلهُ عن هذا.
قال: واللّه لتخبرينني.
قالت: أقبل على شأنك، ولا تسألني عن شيء، فألحّ عليها.
ص: 93
فقالت: يا بني لا تخبرنَّ أحداً من الناس بشيءٍ مما أخبرك به.
قال: نعم.
فأخذت عليه الأيمان فحلف لها، فأخبرته، فاضطجع و وسكت.
وأمّا ابن زياد وأصحابه، فلمّا لم يسمعوا لأصحاب ابن عقيل صوتاً كما كانوا يسمعون، دلّوا القناديل من القصر إلى المسجد، فلم يجدوا شيئاً، فأخبروا ابن زياد بتفرّق القوم، ففتح باب السدّة التي في المسجد، وأمر فنودي: ألا برئت الذمة من رجل من الشُّرَط والعرفاء صلّى العتمة إلا في المسجد، فلم يكن إلا ساعة حتّى امتلأ المسجد من الناس، فأقام الصلاة، وأقام الحرس خلفه خوف الغيلة.(1)
ثمّ صعد المنبر، وقال فيما قال: برئت الذمة من رجل وجدنا ابن عقيل في داره ومن جاء به فله ديته. يا حصين بن نمير، ثكلتك أمك إن ضاع باب سكة من سكك الكوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلَطتك على دور أهل الكوفة، فاستبرئها وجس خلالها(2)، ولمّا أصبح جلس مجلسه، وأذِن للناس فدخلوا عليه، وأقبل محمّد بن الأشعث، فقال مرحباً بمن لا يُستغشّ ولا يُتّهم، ثمّ أقعده إلى جنبه.
وأصبح ابن تلك العجوز فغدا إلى عبد الرحمان بن محمّد بن الأشعث، فأخبره بمكان مسلم بن عقيل عند أمّه، فأقبل عبد الرحمان حتّى أتى أباه، وه-و عند ابن زياد فسارّه فعرف ابن زیاد سراره، فقال له ابن زياد والقضيب في جنبه: قم فائتني به الساعة.
ص: 94
فقام وبعث معه عبيد اللّه السلمي في سبعين رجلاً، حتى أتوا الدار التي فيها مسلم ابن عقيل، فلما سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال، علِم أنَّه قد أُتي، فخرج إليهم بسيفه، واقتحموا عليه الدار، فشدّ عليهم يضربهم بسيفه، حتّى أخرجهم من الدار، ثمّ عادوا إليه، فشدّ عليهم كذلك، فاختلف هو وبكر بن حمران الأحمري، فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العليا وأسرع السيف في السفلى، وضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة، وثنّاه بأخرى على حبل عاتقه كادت تطلع على جوفه، فلمّا رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت(1)، وجعلوا يرمونه بالحجارة، ويلهبون النار في أطنان القصب، ثمّ يلقونها عليه من فوق البيت، فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتاً بسيفه في السكّة، فقال له محمّد بن الأشعث لك الأمان، لا تقتل نفسك، وهو يقاتلهم ويقول:
أقسمت لا أُقتل إلا حرًا *** إنِّي رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا
کل امرىءٍ يوماً ملاقٍ شرًا *** أخافُ أن أكذب أو أغرًا
ص: 95
فقال له ابن الأشعث: إنّك لا تُكذب ولا تُغرّ فلا تجزع، إنَّ القوم بنو عمّك وليسوا بقاتليك، وكان قد أُثخن بالحجارة، وعجز عن القتال، فأسند ظهره إلى الحائط، فأعاد
ابن الأشعث عليه القول: لك الأمان.
فقال: آمن أنا؟
قال: نعم.
فقال للقوم الذين معه: الذين معه: لي الأمان؟
فقال القوم له: نعم.
فقال مسلم: أما لو لم تؤمنوني ما وضعتُ يدي في أيديكم.
و أُتي ببغلة فحُمِل عليها، فاجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه، فكأنّه عند ذلك أيس من نفسه، ودمعت عيناه، ثمّ قال: هذا أول الغدر.
قال له محمّد بن الأشعث لعنه اللّه: أرجو ألا يكون عليك بأس.
فقال: وما هو إلا الرجاء، أين أمانكم؟ إنّا للّه وإنّا إليه راجعون! وبكى.
فقال له عبيد اللّه بن العبّاس السلمي: إنّ من يطلب مثل الذي تطلب، إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبكِ.
قال: إنّي واللّه ما لنفسي بكيت، ولا لها أرثي من القتل، وإن كنت لا أحبّ لها طرفة عين تلفاً، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إليّ، أبكي للحسين علیه السلام وآل الحسين. ثمّ أقبل على محمّد بن الأشعث فقال: يا هذا إنّي أراك واللّه ستعجز عن أماني، فهل عندك خير؟ تستطيع أن تبعث من عندِكَ رجلاً على لساني أن يُبلّغ حسيناً؟ فإنّي لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم مقبلاً إليكم، أو هو خارج غداً هو وأه-ل بيته، ويقول له:
ص: 96
إنّ ابن عقيل بعثني إليك وهو أسير في أيدي القوم، لا يرى أنّه يُمسي حتّى يُقتل، وهو يقول: ارجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك، ولا يغررك أهل الكوفة، فإنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل، إنّ أهل الكوفة قد كذبوك وليس لكذوبٍ رأي.
فقال ابن الأشعث: واللّه لأفعلنّ، ولأعلمنّ ابن زياد أنّي قد آمنتك.
وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر، فاستأذن فأذن له، فدخل على ابن زياد، فأخبره خبر ابن عقيل، وضرب بكر إياه، وما كان من أمانه له.
فقال له عبيد اللّه: وما أنت والأمان، كأنّا أرسلناك لتؤمنه! إنّما أرسلناك لتأتينا به.
فسكت ابن الأشعث، وانتُهي بمسلم إلى باب القصر، وعليه جماعة ينتظرون الإذن، وفيهم عمارة بن أبي معيط، وعمرو بن حريث، ومسلم بن عمرو الباهلي الشامي، وكثير بن شهاب، وإذا بِقُلّة باردة موضوعة على الباب، فقال مسلم: اسقوني من هذا الماء.
فقال له الباهلي: أتراها ما أبردها؟! لا واللّه لا تذوق منها قطرة أبداً، حتى تذوق الحميم في نار جهنم.
فقال له ابن عقيل رضی الله عنه: ويلك مَن أنت؟
قال: أنا من عرف الحق إذ أنكرته، ونصح لإمامه إذ غششته، وأطاعه إذ خالفته، أنا مسلم بن عمرو الباهلي.
ص: 97
فقال له مسلم بن عقيل: لأمك الثكل، ما أجفاك وأفظّك وأقسى قلبك؟! أنت يابن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم منّي.
ثمّ جلس فتساند إلى حائط، وبعث عمرو بن حريث غلاماً له، فجاءه بقُلّة ماء عليها منديل وقدح، فصبّ فيه ماءً، فقال له: اشرب.
فأخذ كلما شرب امتلأ القدح دماً من فيه، فلا يقدر أن يشرب، ففعل ذلك مرّة ومرّتين، فلمّا ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح، فقال: الحمدُ لله، لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته.
و خرج رسول ابن زياد، فأمر بإدخاله إليه، فلمّا دخل لم يُسلّم عليه بالإمرة، فقال له الحرسي: ألا تسلّم على الأمير؟
فقال مسلم رضی اللّه عنه له: اسكت ويحك ما هو لي بأمير.
فقال ابن زياد: لا عليك سلّمت أم لم تسلّم، فإنك مقتول.
قال: فدعني أُوص إلى بعض قومي.
قال: افعل.
فنظر مسلم إلى جلساء ابن زياد، وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، قال: يا عمر، إنّ بيني وبينك قرابة، ولي إليك حاجة وهي سر.
فامتنع عمر أن يسمع منه، فقال له عبيد اللّه: لِمَ تمتنع أن تسمع حاجة ابن عمك؟ فقام معه فجلس حيث ينظر إليهما ابن زياد، فقال له: إنّ عليّ ديناً بالكوفة استدنته منذ قدمتُ الكوفة سبعمائة درهم، فبع سيفي ودرعي واقضها عنّي(1)، وإذا قُتلت
ص: 98
فاستوهب جثّتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الحسين مَن يردّه، فإني قد كتبتُ إليه أُعلمه أن الناس معه، ولا أراه إلا مقبلاً.
فقال عمر لابن زياد: أتدري أيّها الأمير ما قال لي؟ إنّه ذكر كذا وكذا.
فقال له ابن زياد إنّه لا يخونك الأمين، ولكن قد يؤتمن الخائن! أمّا ماله فهو له يصنع به ما أحب، وأمّا جثّته فإنّا لا نبالي إذا قتلناه ما صُنع بها، وأمّا حسين فإن هو لم يردنا لم نرده.
ثمّ قال ابن زياد لعنه اللّه: يا عاق، يا شاق، خرجتَ على إمامك، وشققت عصا المسلمين، وألقحت الفتنة؟!
فقال مسلم: كذبت يابن زياد، إنمّا شقَّ عصا المسلمين معاوية وابنه يزيد، وأمّا الفتنة فإنّما ألقحها أنت وأبوك زياد، عبد بني علاج من ثقيف، وأنا أرجو أن يرزقني اللّه الشهادة على أيدي شر البريّة.
فقال ابن زياد: منّتك نفسك أمراً حال اللّه دونه وجعله لأهله.
فقال مسلم ومن أهله يابن مرجانة؟
قال: يزيد بن معاوية.
فقال مسلم: الحمد اللّه، رضينا باللّه حكماً بيننا وبينكم.
فقال ابن زياد: أتظن أنّ لك شيئاً من الأمر؟
قال: واللّه ما هو الظن وإنّما هو اليقين.
فقال ابن زياد: إيه يابن عقيل، لماذا أتيت الناس وهم جميع فشتّتّ بينهم، وفرّقتّ كلمتهم؟
ص: 99
قال مسلم: كلا، ما لهذا أتيت، ولكنّكم أظهرتم المنكر، ودفنتم المعروف، وتأمّرتم على الناس بغير رضى، وحملتوهم على غير ما أمركم اللّه، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر، وزعم أهل المصر أنّ أباك قتل خيارهم، واستبقى شرارهم، فجئناهم لنأمر بالعدل، وندعو إلى حكم الكتاب والسنّة، وكنّا أهل لذلك.
فجعل ابن زياد يشتمه وعلياً والحسن والحسين علیهما السلام، فقال مسلم: أنت وأبوك أحقّ بالشتيمة، فاقضِ ما أنت قاضٍ يا عدو اللّه.
فقال ابن زياد: قتلني اللّه إن لم أقتلك قتلة لم يُقتلها أحد في الإسلام.
فقال له مسلم: أما إنّك أحق مَن أحدث في الإسلام ما لم يكن، وإنك لا تدع سوء القتلة، وقبح المثلة، وخبث السيرة، ولؤم الغلبة لأحد أولى بها منك.
فعاد ابن زياد يشتمه والحسين وعلياً وعقيلاً علیهما السلام، ويعتدي عليه ويقول له: يا فاسق، يا شارب الخمر.
وأخذ مسلم لا يكلّمه.
ودعا ابن زياد بكر بن حمران الذي ضربه مسلم على رأسه، فقال له: اصعد به أعلى القصر وكن أنت الذي تتولّى ضرب عنقه، وأتبع جسده رأسه. فصعد بمسلم، وهو يسبِّح اللّه ويكبّر ويستغفر اللّه ويصلّي على رسوله، فضرب عنقه، وأتبع جسده رأسه.
ص: 100
وكلّم محمّد بن الأشعث ابن زياد في أمر هانئ، واستوهبه منه، فوعده في الحال، ثمّ بدا له فأمر في الحال بإخراج هانئ، وضرب عنقه.
فأُخرج إلى السوق مكتوفاً وه-و يقول: وامذحجاه! ولا مذحج لي اليوم، وامذحجاه! وأين عنّي مذحج؟ واعشيرتاه! وأين عشيرتي؟! فلمّا رأى أنّ أحداً لا ينصره جذب يده، فنزعها من الكتاف، ثمّ قال: أما من عصاً أو سكّين أو حجر أو عظم يحاجز به رجل عن نفسه؟
ووثبوا إليه، فشدّوه وثاقاً، ثمّ قيل له: امدد عنقك.
فقال: ما أنا به-ا بسخي، وما أنا بمعينكم على نفسي، فضربه مولى لابن زياد - تركي - بالسيف فلم يصنع شيئاً.
فقال هانئ: إلى اللّه المعاد، اللّهم إلى رحمتك ورضوانك.
ثمّ ضربه فقتله.
وفي مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة رحمه اللّه يقول عبد اللّه بن الزبير الأسدي:
إن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري *** إلى هانئ في السوق وابن عقيل
إلى بطل قد هَشّم السيف وجهَهُ *** و آخر یهوی من طَمَارِ(1) قتیلِ
اصابهما أمر الأمیر فأصبحا *** أحاديث من يسري بكل سبيلِ
ص: 101
ترى جسداً قد غيّر الموت وجهه *** ونضح دم قد سال كل مسيلِ
فتىً كان أحيى من فتاة حَيِيّةً *** وأقطع من ذي شفرتين صقيلِ(1)
ثمّ إنّ ابن زياد لعنه اللّه بعث برأسي مسلم وهانىء إلى يزيد لعنه اللّه كتاب له.
فكتب إليه يزيد: «أمّا بعد، فإنّك لم تعدُ أن كنتَ كما أحب، عملت عمل الحازم، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش وقد أغنيت وكفيت، وصدّقت ظني بك ورأيي فيك، وإنّه قد بلغني أنَ حسيناً قد توجّه إلى العراق، فضع المناظر والمسالح واحترس، واحبس على الظنة، واقتل على التهمة، وقد بلغني أنّ حسيناً قد سار إلى الكوفة، وقد ابتلى به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به من بين العمال، وعندها تُعتق أو تعود عبداً، والسلام».(2)
ألا لعنة اللّه على الظالمين.
ص: 102
ص: 103
ص: 104
عن الإمام [العسكري] علیه السلام في (تفسيره) | المشهور:(1)
إنّ الحسين علیه السلام قال لعسكره ليلة العاشر: أنتم في حل من بيعتي، فالحقوا بعشائركم ومواليكم، وقال لأهل بيته: قد جعلتكم في حل من مفارقتي، فإنّكم لا
تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم(2)، وما المقصود غيري، فدعوني والقوم، فإنّ اللّه يعينني، ولا يخليني من حسن نظره، كعادته في أسلافنا الطيبين.
قال الإمام العسكري علیه السلام: فأمّا عسكره ففارقوه، وأمّا أهله والأدنون من أقربائه فأبوا، وقالوا لا نفارقك، ويحلّ بنا ما يحلّ بك، ويحزننا ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك، وإنّا أقرب ما نكون إلى اللّه إذا كنا معك.
فقال لهم علیه السلام: فإن كنتم وطّنتم أنفسكم على ما وطّنت نفسي عليه، فاعلموا أنّ اللّه تعالى إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده، لصبرهم باحتمال المكاره، وإنّ اللّه تعالى وإن كان قد خصّني - مع مَن مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاءً في الدنيا - من الكرامات بما يسهل عليّ معه-ا احتمال المكروهات، فإنّ لكم شطر ذلك من كرامات اللّه، واعلموا أنّ الدنيا حلوها ومرّها حُلم، والانتباه في الآخرة، والفائز مَن فاز فيها، والشقي مَن شقي فيها.(3)
ص: 105
قال السيد [ابن طاووس قدس سره]:
وبات الحسين علیه السلام وأصحابه تلك الليلة ولهم دويٌّ كدويّ النحل، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر عليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلاً.(1)
ثمّ لمّا انشق أديم الليل عن صبحه، كان مؤذّن الحسين علیه السلام الحجّاج بن مسروق الجعفي، ولكنّه علیه السلام قال لولده علي الأكبر علیه السلام: يا بني، قم أنت في ه-ذا اليوم فأذِّن.(2)
ص: 106
ثمّ تيمّم هو وأصحابه سلام اللّه عليهم(1)، فأدوا السنّة، وأقاموا الفرض جماعة ولمّا سلّم الإمام علیه السلام رفع يديه بالدعاء، وقال: اللّهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدّة... إلى آخره.(2)
وقبل أن يتمّوا تعقيبهم ارتفعت أصوات الطبول والمزامير من عسكر أهل الكوفة، وأقبلوا إلى ناحية المعسكر الحسين علیه السلام يجولون عدّة عدّة، زرافات ووحداناً، رجّالة وفرساناً، فقام سيد أهل الإبا، وخامس أصحاب العبا، فعبّاً أصحابه، وانتظمت الصفوف من الجانبين ميمنة وميسرة.(3)
ص: 107
وقد اختلف في عدد أصحابه علیه السلام بين مكثر مفرط، ومقلّ مفرِّط، فأكثر ما قيل فيهم ما ذكره المسعودي في (مروجه): أنّهم ألف فارس ومائة راجل.(1)
وأقلّ ما قيل: إنّهم لا يزيدون عن اثنين وسبعين.(2)
ولكن ورد النص المعتبر عن الباقر علیه السلام برواية السيد [ابن طاووس] رضی اللّه عنه:
أنّهم مائة راجل وخمسة وأربعون فارساً.(3)
كما أنّ عدد أصحاب ابن سعد لعنه اللّه - على رواية الصادق علیه السلام - ثلاثون ألفاً(4)، وقيل: سبعون ألفاً.(5)
و كان الإمام علیه السلام أمر أن يُحفر تلك الليلة خندق وراء الخيام، ويُلقى فيه الحطب والقصب، وتُشعل فيه النار؛ كي لا يبقى للعدو مجال للاقتحام من وراء الخيام، ويكون
ص: 108
القتال من وجه واحد، ولا يكون سبيل للهجوم على حرم الرسالة، فإن أنصار اللّه صفّوا صفوفهم أمام البيوت المطهّرة.(1)
وأقبل عسكر ابن سعد ليستديروا على معسكر الحسين علیه السلام ويحيطوا بهم، فلمّا رأوا النار تضطرم نادی شمر لعنه اللّه: يا حسين، تعجّلتَ بالنار قبل يوم القيامة؟
فقال علیه السلام: يا بن راعية المعزى، أنت أولى بها [منّي] صِليّا.
وأخذ مسلم بن عوسجة سهماً ليرميه [به]، فقال له الحسين علیه السلام: لا ترمه، فإنّي أكره أن أبدأهم بقتال.(2)
ونادى ابن أبي جويرية المزني(3): يا حسين، ابشروا بالنار، فقد تعجّلتموها في الدنيا.
فقال الحسين علیه السلام: اللّهم اذقه عذاب النار في الدنيا.
فما مضى غير خطوات حتّى حرنت به فرسه، ثمّ نزت به(4) وألقته من فوق ظهرها، وبقيت إحدى رجليه في الركاب، والأخرى مرفوعة، ومرّ الفرس يضرب برأسه الأرض، حتّى ألقته في الخندق والنار تضطرم فيه، فكبّر عسكر الحسين علیه السلام
ص: 109
ونادوا: يا لها من دعوة ما أسرع إجابتها، فلتهنك الإجابة يابن رسول اللّه.
قال مسروق بن وائل(1): كنت في عسكر عمر بن سعد، فلمّا رأيت ذلك رجعت ناكصاً عن الحرب، فقال لي ابن سعد: ما لك تركت القتال؟
فقلت له: رأيت من أهل هذا البيت ما لم تره عين، وواللّه ما أنا بمقاتل أحداً منهم أبداً.(2)
قال تميم بن حصين الفزاري: يا حسين ويا أصحاب الحسين، أما ترون ماء الفرات يلوح كبطون الحيّات؟ واللّه لا ذقتم منه قطرة، حتّى تذوقوا الموت جرعاً.
فقال الحسين علیه السلام: اللّهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم.
فاشتد به العطش من ساعته، وذهب ليشرب، فألقته الفرس تحت حوافر الخيل حتّى هلك لعنه اللّه.(3)
ص: 110
وقال له محمّد بن الأشعث الكندي لعنه اللّه: يا حسين بن فاطمة، أي رسول اللّه ليست لغيرك؟
فتلا علیه السلام: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}(1)، وإنّ محمداً لمن آل إبراهيم، والعترة الهادية من آل محمد.
ثمّ قال علیه السلام: مَن السائل؟
فقيل له: ابن الأشعث.
فرفع يديه، وقال: اللّهم ارِ محمّد بن الأشعث في هذا اليوم ذلاً لا تعزّه بعده.
فذهب يبول، فسلّط اللّه عليه عقرباً فلسعته في دبره، فولّى يصيح وهو مكشوف العورة بين الجموع.(2)
ولم تزل أمثال تلك الآيات الباهرة منه علیه السلام في ذلك اليوم تترى، وتشع كرامة وفخراً، ولكن كانت قد حقّت عليهم كلمة العذاب، فلم ينتفعوا بعظة بالغة، ولا بمعجزة دامغة.
ثمّ إنّ الحسين علیه السلام بعد التئام الصفوف، وجُلّهم سامعون وقوف، ركب راحلته، واستنصتهم فأنصتوا له، فنادى بأعلى صوته: يا أه-ل العراق، اسمعوا قولي ولا
ص: 111
تعجلوا، حتّى أعظكم بما يحق لكم علىّ، وحتّى أُعذَر فيكم، فإن أعطيتموني النَصَفَ من أنفسكم، وإلا (فاجمعوا أمركم، ثمَّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون)(1)، {إِنَّ وَليِّیَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}.(2)
ثمّ قال: أمّا بعد، فانسبوني وانظروا من أنا؟ ثمّ راجعوا أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يصلح لكم قتلي؟ وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم؟ وابن وصيّه وابن عمّه؟ وأول مصدّق به؟ أوَليس حمزة سيد الشهداء عمّي؟(3) أوَليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمّي؟ أوَلم يبلغكم قول رسول اللّه صلی الله علیه و آله لی ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟
فإن صدّقتموني فيما أقول وهو الحق، واللّه ما تعمّدت الكذب منذ علمت أن اللّه يمقت عليه أهله، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم مَن إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا تلك المقالة من رسول اللّه لي ولأخي، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟
ثمّ قال علیه السلام: فإن كنتم تشكّون في ذلك، أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟ واللّه ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم، ولا في غيركم، ويحكم أتطلبونني بقتيل منكم قتلته؟ أو بمال استهلكته؟ أو بقصاص [من](4) جراحة؟
ص: 112
فأخذوا لا يكلّمونه.
فنادی علیه السلام: یا شبث بن ربعي، ويا حجّار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إليّ أن أقدم فقد أينعت الثمار، واخضرّ الجناب، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة؟
فقال ابن الأشعث: ما ندري ما تقول، ولكن انزل على حكم بني عمّك، فإنّهم لن يروك إلا ما تحب.
فقال له الحسين علیه السلام: لا واللّه، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرُّ فرار العبيد(1)، ثمّ إنّه أناخ راحلته، وأمر عُقبة بن سمعان أن يعقلها فعقلها.(2)
وذكر العلّامة التستري قدّس سرّه:(3)
إنّ تلك الناقة بقيت معقولة حتّى قُتِل الحسين علیه السلام، فلم تزل تضرب برأسها الأرض حتّى ماتت!!(4)
ص: 113
وابن سمعان هذا هو الذي نقل عنه ابن الأثير أنّه قال:
كنت ملازماً لخدمة الحسين علیه السلام من حين خروجه من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى الكوفة، ولم أفارقه إلى حين شهادته، وسمعت جميع محاوراته وكلماته وكتبه، فوالذي نفسي بيده إنّي لم أسمع منه قطّ أنّه قال لأهل الكوفة: أضع يدي في يد يزيد، أو أمضي إلى ثغر من ثغور المسلمين. نعم، كان يقول: [دعوني] حتّى أرجع إلى المكان الذي جئت منه، أو أمضي في أرض اللّه الواسعة، حتّى أرى ما يكون من أمر الناس، وهم لم يجيبوه إلى شيء من الأمرين.(1)
ثمّ إنه علیه السلام دعا بفرس رسول اللّه صلیه الله علیه و آله المرتجِز(2)، وركبها وتوجّه نحو عسكر ابن سعد، وبين يديه جماعة من أصحابه فيهم برير بن خضير، فلمّا قربوا منهم ناداهم برير: یا،قوم اتقوا اللّه فإنّ ثقل محمّد صلی اللّه علیه و آله أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذريته وعترته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما تريدون أن تصنعوا بهم.
ص: 114
فقالوا: نريد أن نأتي بهم الأمير عبيد اللّه بن زياد.
فقال لهم: أفلا تقبلون أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم اللّه عليها؟ ويلكم يا أه-ل الكوفة، دعوتم أهل بيت نبيّكم، وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم! حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، ومنعتموهم عن ماء الفرات! بئس ما خلفتم نبيّكم في عترته، ما لكم لا سقاكم اللّه يوم القيامة، فبئس القوم أنتم.
فقالوا: اكفف یا برير، فما ندري ما تقول؟
فقال: الحمد لله الذي زادني بصيرة فيكم، اللّهم إنّي أبرأ إليك من أفعال ه-ؤلاء القوم، اللّهم الق بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان.(1)
ثمّ دنا الحسين، وخطب خطبته الثانية التي يقول في أولها: أنشدكم اللّه، هل تعرفونني من أنا؟
قالوا: نعم، أنت ابن بنت رسول اللّه وسبطه... إلى آخرها.
وكان آخر جوابهم في هذه الخطبة: قد علمنا كل ذلك، ونحن غير تاركيك (أبا عبد اللّه حتى تذوق الموت عطشاً، فلمّا سمع ذلك دمعت عيناه، وضرب على لحيته المقدّسة، وقال: اشتدّ غضب اللّه على اليهود حين قالوا: عزير ابن اللّه، وعلى النصارى إذ قالوا: المسيح ابن اللّه، وعلى المجوس إذ عبدوا النار دونه، واشتدّ
ص: 115
غضبه على هذه العصابة التي قد اجتمعت على قتل ابن بنت نبيّهم، أما واللّه لا أجيبهم إلى شيء ممّا يريدون، حتّى ألقى اللّه وأنا مخضَّبٌ بدمي.(1)
فلمّا أيس الحسين علیه السلام من نزوعهم عن بغيهم، ورجوعهم عن غيّهم وطّن نفسه على الشهادة، والفوز بتلك السعادة، فأراد أن يعزّي نساءَه وأهل بيته قبل فوته.
قالت زينب علیها السلام: لمّا رجع الحسين علیه السلام من محاورته مع القوم، جاء فدخل خيمتي، وكنت خلف الخيمة فنادى: أين زينب؟
فقلت: لبّيك.
فقال: احضري رقيّة، وأمّ كلثوم، وصفيّة، وسكينة، وفاطمة، وباقي بنات رسول اللّه صلی الله علیه و آله.
فلمّا حضرنَ قلنَ: فديناك ما حاجتك؟
قال حاجتي أن أوصيكنّ إذا أنا قُتلت فلا تشققن على جيباً، ولا تلطمن عليّ خدّاً، ولا تخمشن عليّ وجهاً.
فقالت زينب: يا أخي، هذا كلام مَن أيقن بالموت.
فقال لها: نعم يا أختاه.
ص: 116
فصاحت: واثكلاه، وامحمداه، واعلياه، واضعفاه، واغربتاه، واقلّة ناصراه.
فقال لها الحسين علیه السلام: يا أختاه تعزّي بعزاء اللّه، فإنّ أهل الأرض يموتون، وسكّان السماء لا يبقون، ولا يبقى إلا وجهه، فلا يذهبنّ بحلمك الشيطان.
فقالت: جُعلت فداك، ردّنا إلى حرم جدّنا، فاختنق (صلوات اللّه عليه) بعبرته، وقال: هيهات، لو تُرك القطا لغفا ونام.(1)
ثمّ رجع الحسين علیه السلام إلى الميدان فنظر إلى تلك الصحراء وقد غصّت بجنود الشيطان، كأنّها السحاب المتراكم وقد أظلم الجو، وانسدّت الأقطار بالغبار.
فتقدّم الإمام - وزهير بن القين أمامه - فنادى: أيّها الناس، إنّ من حق المسلم على المسلم النصيحة، ونحن وأنتم على دين واحد، وقد ابتلانا اللّه بذريّة نبينا، لينظر ما نحن وأنتم صانعون؟ وأنا أدعوكم إلى نصرته، وخذلان الطغاة؟
فقالوا: نحن لا ندع صاحبك وأتباعه حتّى يكونوا عرضة للسيوف، أو يبايعون یزید و ابن زیاد.
فقال: ويحكم إنّ الحسين علیه السلام أولى بالنصرة والمودّة من ابن هند وابن سميّة، فإن کنتم غیر ناصريه ولا مؤدّين حق اللّه فيه، فلا تعينوا على قتله
ص: 117
فأخذ الشمر سهماً ورماه، وقال: قد أكثرت يا زهير في كلامك فاكفف.(1)
ثمّ تقدّم الحسين علیه السلام وخطب خطبته الثالثة، فقال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرّته، والشقي من فتنته، فلا تغرنّكم هذه الدنيا، فإنّها تقطع رجاء مَن ركن إليها، وتخيّب طمع مَن طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمرٍ قد أسخطتم اللّه فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنّبكم رحمته، فنِعمَ الربُّ ربّنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول(2)، ثمّ زحفتم إلى ذرّيته وعترته تريدون قتلهم، قد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذِكر اللّه العظيم، فتبّاً لكم ولما تريدون، إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم، فبعداً للقوم الظالمين.
فخشي ابن سعد لعنه الله أن تقع الفتنة في عسكره، وترجع إلى الحق عزائمهم، فقطع على الحسين علیه السلام كلامه، وقال له-م: ه-ذا ابن أبي طالب، أُقسم باللّه لو وقف فيكم سحابة يومه خطيباً، ما كلّ ولا انقطع.
فتقدّم شمر لعن اللّه وقال: ما تقول يا حسين؟ أفهمنا ما تريد؟
ص: 118
فقال علیه السلام: أقول: اتقوا اللّه ربكم ولا تقتلوني، فإنّه لا يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي، وأنا ابن بنت نبيّكم.(1)
وكان علیه السلام في جميع خطبه يتدرج في اللين والشدّة من درجة إلى أُخرى، ومن مرتبة إلى أشدّ منها، وكل غرضه إتمام الحجّة وقطع المعذرة، وسوق من سبقت له العناية إلى جانبه.
ولمّا رأى ابن سعد أنّ كلماته وخطبه صلوات اللّه عليه كادت أن تلين لها الصخور، نادى بعسكره فأحاطوا بالإمام وجعلوه في مثل الدائرة، وأُحدقت به الخيل والأعنّة، وأُشرعت نحوه السيوف والأسنّة، وأرادوا أن يناجزوه القتال.
فقال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إليَّ وتسمعوا قولي، وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من الفائزين، ومن عصاني كان من الهالكين.
فتلاوم العسكر ما بينهم، وقال بعضهم لبعض: ما عليكم لو سمعتم ما يقول؟(2)
فخطب سلام اللّه عليه خطبته الرابعة في ذلك اليوم، وهي أشدّ خطبة في تقريعهم، وبيان غدرهم ونفاقهم وكفرهم ومكرهم، التي يقول في أولها:
ص: 119
تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحا(1)، أحين استصرختمونا واله-ين(2) فأصرخناكم موجِفين(3)، سللتم علينا سيوفاً كانت لنا في أيمانكم، وحششتم(4) علينا ناراً اقتدحناها على عدونا وعدوكم، فأصبحتم إلباً(5) لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم... إلى أن قال علیه السلام: فسحقاً لكم يا عبيد الأمَةِ(6)، وشذّاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرّفي الكلم، وعصبة الآثام(7)، ونفثة الشيطان(8)، ومطفئي السنن.
ثمّ ختم خطبته هذه بالدعاء عليهم، فقال: اللّهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسنيِّ يوسف(9)، وسلّط عليهم غلام ثقيف(10) يسقيهم كأساً مصبّرة(11)، فإنّهم كذَبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكّلنا، وإليك أنبنا
ص: 120
وإليك المصير.(1)
ثمّ دعا بعمر بن سعد لعنه اللّه، فجاءه على كراهية منه فقال: يا عمر، أنت تقتلني، وتزعم أن يولّيك الدّعي ابن الدّعي بلاد الري(2) وجُرجان(3)! واللّه لا تهنأ بذلك بعدي أبداً عهداً معهوداً، فاصنع ما أنت صانع، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأنّي برأسك على قصبة، قد نُصب في الكوفة، يتراماه الصبيان، [ويتخذونه غرضاً بينهم].
فصرف اللعين وجهه الخبيث عنه، وقد امتلأ غيظاً وغضباً(4)، ثمّ صاح بغلامه يا درید ادنُ رايتك، فأدناها.
ثمّ وضع سهماً في كبد قوسه، ثمّ رمى وقال: اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل من رمى، ثمّ أقبلت السهام من تلك الجموع كأنها الليل.(5)(6)
ص: 121
قال العلّامة التستري (أعلى اللّه مقامه):
قُتل بهذه السهام التي انصبّت كالمطر ما يقرب النصف من عسكر الحسين علیه السلام الواقفين في الميمنة والميسرة.(1)
وكانت كل تلك الخطب المتقدّمة قبل الشروع في الحرب لا للإعذار والإنذار وإتمام الحجّة فقط، ولا تفادياً من الحرب، وخوفاً من الموت، وركوناً إلى حب الحياة (معاذ اللّه)! ولكنّه (سلام اللّه عليه) بما أنّه باب الوسيلة، ومفتاح خزائن الرحمة، وينبوع مجاري النجاة، لا جرم أنّ غرائز الحنان والرحمة كانت تدفعه إلى مدافعة ذلك الخلق المتعوس عمّا حاولوه، وصمّموا عليه من قتله، الذي فيه هلاكهم المؤبّد!
وغير بعيد أنّ أكثر تلك الرقة والاستعبار والطلب والإصرار في أن يتركوه ولا يقتلوه، كان إشفاقاً عليهم من ارتكاب تلك الجرائم الفظيعة، التي ما ارتكب واحدة منها أشقى أُمّة من الأمم، ولعلّ هذا هو السر أيضاً في تكرر الاستغاثة وطلب الناصر والمعين، فإنّه ليس حرصاً في البُقيا على نفسه المقدّسة، بل للبقيا عليهم، وطلباً لنجاة بعضهم على الأقل، بعد أن تعذّرت نجاة كلّهم!(2)
ص: 122
فأول استغاثة صدرت منه استغاثته عندما رأى تصميم القوم على قتاله، وعدم انتفاعهم بتلك المواعظ والخطب، فلمّا أقبلت السهام منهم كقطع الغمام، وقُتل من أصحابه مَن قُتل، نادى: أما من مغيث يغيثنا؟ أما من ذابّ يذبّ عنّا؟
فأثّرت هذه الاستغاثة في ثلاثة نفر ممّن سبقت لهم العناية، وأدركتهم السعادة، وهم الحر، وولده علي، وأخوه مصعب.(1)
ص: 123
ص: 124
فجاء الحر إلى ابن سعد، وقال له: أمُقاتِلُ أنت هذا الرجل؟
فقال: إي واللّه قتالاً أيسره أن تطير الرؤوس، وتطيح الأيدي.(1)
فقال: أما لكم فيما عرضه عليكم رأي؟
فقال: لو كان الأمر إليّ لفعلتُ، ولكن أميرك قد أبى.
فمضى الحر ووقف ناحية وأخذه مثل الأفكَل(2)، وهذه هى الإنابة إلى اللّه والهزّة الإلهية! فقال له المهاجر بن أوس: واللّه إن أمرك لمريب، ولو قيل: مَن أشجع أهل الكوفة لما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟
فقال: واللّه إنّي أخيّر نفسي بين الجنة والنار؟ ولا واللّه لا أختار على الجنة شيئاً، ولو قُطّعت وأُحرقت، ثمّ التفت إلى ولده علي، وقال: يا بني، لا صبر لي على النار، فسر بنا إلى الحسين علیه السلام لننصره، ونقاتل بين يديه، لعلّ اللّه يرزقنا الشهادة، والسعادة التي لا انقطاع لها.
ص: 125
ثمّ ضرب فرسه، وأقبل نحو عسكر الحسين علیه السلام واضعاً يده على رأسه وهو يقول: اللّهم إليك أنَبْتُ فتُب عليّ، فقد أرعبتُ قلوب أوليائك.
فلمّا قرب من الحسين وقف قريباً منه مطأطئاً رأسه، فقال علیه السلام: مَن أنت؟ ارفع رأسك.
فرفع رأسه وقال: سيّدي، أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع، وجعجع بك(1) فی هذا المكان الموحش، وما ظننت أن القوم يبلغون بك ما أرى، وأنا تائب إلى اللّه، فهل ترى لي من توبة؟
فقال علیه السلام: نعم، يتوب اللّه عليك، انزل.
فقال الحر: أنا فارساً خير لك منّي راجلاً.(2)
أنفسكم دونه، ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكَلكَلِه(1)، وأحطتم به من كل جانب؛ لتمنعوه التوجّه إلى بلاد اللّه العريضة، فصار كالأسير في أيديكم، لا يملك لنفسه نفعاً، ولا يدفع عنها ضراً، وحَلاتُموه(2) ونساءه وصبيته عن ماء الفرات الجاري، تشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتُمرّغ فيه خنازير السواد(3) وكلابه، وه-ا هم قد صرعهم العطش، فبئسما خلفتم محمداً في ذريته، فلا سقاكم اللّه يوم الظمأ.
فقطعوا كلامه برشق النبال، ورمي النصال(4)، فرجع ووقف أمام الحسين علیه السلام ينتظر الرخصة.(5)
وكانت الوجوه والقُوّاد والأعيان من عسكر ابن سعد لعنه اللّه متثاقلين عن المبارزة؛ لأنّهم أجمع ممّن كتب إلى الحسين علیه السلام، وألحّ عليه بالتوجّه، وإعطاء البيعة؛ لذا بقي الحال برهة من النهار على المصافّ، والترامي بالنبال، دون المكافحة والنزال.
ص: 127
ولكن أول من تقدّم - من عسكر ابن سعد - يسار غلام زياد، فطلب المبارزة، فتقدّم إليه عبد اللّه بن عمير الكلبي، فسأله يسار عن نسبه، فانتسب له، فقال له يسار: لا أعرفك، ارجع وليبرز [إليّ] زهير بن القين، أو حبيب بن مظاهر، فإن هؤلاء أقراني لا أنت.
فقال له عبد اللّه: يابن الفاعلة أوَ بك رغبة من مبارزتي؟
ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد، وإنّه لمشتغل بضربه إذ شدّ عليه سالم مولى زياد أيضاً، فصاحوا به قد رهقك [العبد]، فلم يشعر به، حتّى بدره بضربة اتّقاها ابن عمیر بكفّه اليسرى، فأطارت أصابعه، ثمّ شدّ عليه حتّى قتله، وأقبل ابن عمير وقد قتلهما [جميعاً] - وهو يرتجز ويقول:
إن تنكروني فأنا ابن كلب *** [حسبي ببيتي في عليم حسبي](1)
وعندها أتى الحر إلى الحسين علیه السلام، وقال: يابن رسول اللّه، إنّي حين خرجت من الكوفة مع عسكر هذا الطاغي، سمعت منادياً ينادي من خلفي: أبشر يا حر بخير، فالتفتُّ فلم أرَ أحداً، فقلت: واللّه ما هي ببشارة، أخرج إلى حرب ابن رسول اللّه وأُبشَّر
ص: 128
بخير؟ والآن علمت صواب ذلك القول، ولمّا كنت أول خارج عليك، فاذن لي [أن] أكون أول شهيد بين يديك.
والصحيح أنّه لم يكن قد قُتل من أصحاب الحسين علیه السلام أحد، نعم، قد أُصيب بالجراحات جماعة، فأذن له الحسين علیه السلام، فحمل حملة الليوث المغضبة، فلم يُحصَ عدد من قتله الحر.(1)
أما ولده علي فقتلَ - برواية أبي مخنف - سبعين فارساً، ثمّ استشهد، فلمّا رآه أبوه الحر قال: الحمد لله الذي رزقك الشهادة، وكان مصعب أخو الحر حينئذٍ في عسكر ابن سعد، فلمّا رأى حملات الحر وتكالب القوم عليه، وشهادة ابن أخيه، كرّ على الحر بفرسه، فحسبوه قد حمل على أخيه ليقاتله، فلمّا وصل إليه عانقه وبكي، وجاء به إلى الحسين علیه السلام فتاب،وأناب، ورجع إلى الميدان، فقاتل حتّى قتل.
وبقي الحر يدير رحى الحرب وحده، يحصد الرؤوس، ويخمد النفوس، حتّى قتلَ في حملته الأخيرة ثمانين فارساً من أبطالهم، فضجّ العسكر وصعب عليهم أمره، فنادی ابن سعد بالرماة والنّبالة، فأحدقوا به من كل جانب حتّى صار درعه كالقنفذ،
ص: 129
هنالك اتّقدت نار الغيرة في كانون فؤاده، ووقف وقفة المستميت، فنزل عن فرسه وعقرها؛ لأنّها لم تستطع الاقتحام من كثرة السهام.
وأخذ يكرّ عليهم راجلاً إلى أن سقط على الأرض وبه رمق، فكرّ عليه أصحاب الحسين علیه السلام واحتملوه حتى ألقوه بين يدي الحسين علیه السلام، فجعل [الحسين] يمسح الدم والتراب عن وجهه، وهو يقول: ما أخطأت أمّك إذ سمّتك حراً، أنت الحر في الدنيا والحر في الآخرة، ثمّ استعبر علیه السلام.(1)
وكان للحر غلام اسمه عروة، تخلّف في جيش ابن سعد، فلمّا رأى شهادة مولاه وابنه وأخيه، وتفانيهم في الحرب، أخذه مثل الجنون والحيرة، لا بل الإيمان والغيرة، فجعل يضارب ويقاتل في وسط عسكر ابن سعد، وقيل: إنّه قتل مَن عن يمينه ويساره، حتّى أتى الحسين علیه السلام فاستأذنه، فأذن له فقاتل حتّى قُتل. هنالك استعرت نار الحرب، وألقت بأمراسها، وعضّت بأضراسها.(2)
المجلس الثالث
ص: 130
ص: 131
ص: 132
فتقدّم برير بن خضير، وكان سيد القرّاء، ومن أعبد أهل زمانه، فاستأذن الحسین علیه السلام، فأذن له، فحمل كالليث الضاري والصاعقة النازلة، ففرّوا من بين يديه، فجعل يناديهم: اقتربوا منّي يا قتلة المؤمنين، اقتربوا منّي يا قتلة أولاد النّبيين، فبرز إليه يزيد بن معقل، فتباهلا أن يقتل اللّه المبطل منهما على يد المحقّ فتجالدا، ولم يلبث برير أن ضرب يزيد بالسيف على المغفر، فقدَّ المغفر، وفلق هامته نصفين، حتّى سال مخ دماغه وسقط إلى الأرض، فكبّر العسكران. وحمل رضيّ بن منقذ بن مرّة العبدي على برير فاعتنقا وتصارعا، فصرعه برير، وجلس على صدره، ولم يكن معه سيف ليقتله، فشدّ عليه من ورائه كعب بن جابر، فطعن بريراً في ظهره، فلمّا أحسّ بحرّ السنان عضّ أنف رضي بن منقذ فقطعه، وقام عنه، فوجد كعب بن جابر فرصة، فعلاه بالسيف، ففاضت نفسه الطيبة(1)، وولّى رضي بن منقذ منهزماً.(2)
ص: 133
قال ابن الأثير(1): لمّا رجع ابن جابر لعنه اللّه إلى زوجته، قالت له أعنت على ابن فاطمة، وقتلت بريراً سيّد القرّاء، لا كلّمتك بعدها أبداً.(2)
ص: 134
ثمّ خرج وهب بن عبد اللّه الكلبي، وكانت معه أمه وزوجته - ويظهر مِن [بعض الأخبار] أنّ في أصحاب الحسين علیه السلام رجلاً آخر يسمّى وهب بن وهب - وكان نصرانيّاً أسلم على يد الحسين علیه السلام في الطريق.(1)
وكانت أم وهب تحثّه على القتال، وتقول له: قم يا بني، فانصر ابن بنت رسول اللّه، فاستأذن الحسين علیه السلام، وانحدر إلى المعركة، فقاتل حتّى قَتل جماعة، ورجع إلى أُمّه، وقال: أرضيتِ يا أمّاه؟
فقالت: لا أرضى حتّى تُقتل بين يدي أبي عبد اللّه.
فرجع من فوره وقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً.
وفي (ناسخ التواريخ): أنّهم قطعوا يمينه، فصار يُقاتل بشماله، فقطعوا شماله، فأخذت زوجته عموداً من حديد، وانحدرت إلى المعركة تُقاتل، فقال لها وهب: الآن كنت تنهينني عن القتال، وتقولين لي: لا تفجعني بنفسك، فما بدا لكِ؟
فقالت: سمعت من الحسين علیه السلام، كلاماً قطّع نياطَ جناني وهدّ أركاني، ورغبت معه عن الحياة، سمعته ينادي: واغربتاه، واقلّة،ناصراه، واوحدتاه، أما من مجير يجيرنا، أما من ذابٍّ يذبّ عنّا، وسمعت أصوات نسائه قد ارتفعت بالبكاء في الخيمة، وخرجت لأُقتل معك، وأنال السعادة.
ص: 135
يقول صاحب (الناسخ)(1): ولمّا لم تكن له يدان عضّ بأسنانه على ثيابها(2)؛ ليرجعها إلى الخيمة، فأفلتت نفسها منه، وعادت إلى الحرب، فاستغاث وهب بالحسين علیه السلام، فقال: جُزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي إلى النساء بارك اللّه فيكِ، فإنّه
ليس عليكنّ قتال.
ولم يزل بها حتّى أرجعها، فوقفت تنظر ما يكون من زوجها حتّى قُتل، فجاءت وجعلت تخضب شعرها بدمه، وتمسح جبينها بنحره، فأمر الشمر لعنه اللّه غلاماً له - يقال له: رستم - فضربها بعمود من حديد، فصُرعت إلى جنب زوجها (رحمة اللّه عليهما). قال: وهي أول امرأة قُتلت في عسكر الحسين علیه السلام، ويظهر من هذا أنَّه قُتل في عسكره علیه السلام عدّة نساء.
وحُمِل جسد وهب إلى ابن سعد لعنه اللّه، فجعل ينظر إليه ويقول: ما أشدّ صولتك! وأمر فقُطع رأسه، ورُمي به إلى معسكر الحسين علیه السلام، فأخذته أُمّه، وجعلت تمسح الدم والتراب عنه، وتقول: الحمد للّه الذي بيّض وجهي بشهادتك بين يدي أبي عبد اللّه علیه السلام
ص: 136
ثمّ قالت: الحكم للّه يا أُمّة السوء، إنَّ النصارى في كنايسها، واليهود في بِيعها لخير منكم، ثمّ رمت برأس ولدها [نحو] عسكر ابن سعد.
يقول صاحب (الناسخ): فمن عجيب الاتفاق أنّه أصاب صدر قاتل وهب فقتله، ثمّ أخذت عمود خيمة، وتوجّهت إلى المعركة فقتلت نفرين، وجاء الحسين علیه السلام وردّها إلى الخيمة.(1)
وبرز مسلم بن عوسجة ونافع بن هلال، فلم يبرز إليهما رجلٌ إلا قتلاه، فنادى عمرو بن الحجّاج بأصحابه: يا حمقاء، أتدرون مَن تقاتلون؟ هؤلاء شجعان العصر، وفرسان المصر، إنهم قوم مستميتون، فلا يبرز إليهم منكم أحد، وإنّهم لقليل وقلّ ما يبقون، واللّه لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم، فقال ابن سعد: الرأي ما رأيت.
ثمّ دنا ابن الحجاج إلى صف السعداء بأصحابه الأشقياء، وهو يحرّضهم على الصبر ورشق النبل، ويقول لهم: لا تخرجوا عن طاعة إمامكم، ولا تفرّقوا الحوزة المجتمعة، ولا یکن خروج هذه الشرذمة القليلة عن الدين وعصيانهم للإمام يدخل بالشك عليكم.
فقال له الحسين علیه السلام: يا بن الحجّاج، أعليّ تحرِّض الناس؟ وأنا الخارج عن الدين - زعمت - وأنت الثابت عليه؟ أُقسم باللّه لتعلمنّ مَن المارق من الدين، إذا انتزع ملك الموت نفسك.
ص: 137
ثمّ حمل ابن الحجّاج بالميمنة من جانب الفرات على أصحاب الحسين علیه السلام فاقتتلوا ساعة، ثمّ انجلت الغبرة، وإذا بمسلم بن عوسجة صريع في المعركة(1)، فجاء الحسين علیه السلام و الحبيب وجلسا عنده، وتكلّموا بما هو معروف.(2)
وصرخت جارية مسلم: واسيداه، يابن عوسجتاه، فعلم أصحاب ابن سعد قتلوا مسلماً فتباشروا.
فقال شبث بن ربعي لعنه اللّه: ثكلتكم أمهاتكم، تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتفرحون لذلك! أوَ يفرح مسلم بقتل مسلم؟ أُقسم لقد رأيت له مع جيوش المسلمين في حروب المشركين مواقف عظيمة، ومقامات كريمة.(3)
ثمّ حمل الشمر لعنه اللّه بالميسرة على أصحاب الحسين علیه السلام، فثبتوا رضوان اللّه عليهم،
ص: 138
وقاتلوا بقلب ثابت وجأش(1) رابط، وهم مع ذلك لم يكونوا بأكثر من اثنين وثلاثين فارساً، وقد ذكرهم أرباب المقاتل بهذه العبارة، قالوا: فلا يحملون على جانب من خيل الكوفة إلا كشفوه.(2)
وأرسل عروة بن قيس - وكان أميراً على فرسان أهل الكوفة - إلى ابن سعد يقول: أما ترى إلى ما تلقى خيلي [منذ اليوم] من هذه العدّة اليسيرة! ابعث إليهم الرجّالة والرماة. (فقال ابن سعد لشبث - وكان أميراً على الرماة - : ألا تذهب إليهم وتكفينا أمرهم! فأظهر شبث الكراهية، ولم تزل آثار كراهية القتال ظاهرة عليه، فقال: سبحان اللّه، أكبر قبائل مضر وشيخ كافة أهل الكوفة، ألم تجد في جملة هذه الشجعان، ومشاهير الفرسان، وسائر الرماة، والنبّالة أشجع ولا أقوى منّي.(3)
فعندها نادى ابن سعد الحصين بن نمير، وانتخب له خمسمائة من الرماة، فرموا أصحاب الحسين علیه السلام، فثبتوا لرشق النبال، وشقّ النصال، وقد تتابعت كالقطر والمطر، فما مضى غير قليل إلا وحمل أصحاب الحسين علیه السلام عليهم حملة الليوث الضواري، وفرّقوهم تفريق الجراد المنتشر.(4)
قال ابن الأثير: إنّ أشدّ قتال أوجده اللّه في العالم ما برز من أصحاب الحسين علیه السلام في نفس ذلك اليوم.(5)
ص: 139
وكان أمر أن تُجعل بيوته وخيامه وخيام أصحابه كلها بعض إلى بعض، حتّى تصير كشيء واحد، وأن تُجعل خلف ظهورهم وعن أيمانهم وشمائلهم، ويستقبلوا القوم بوجه واحد.
فلمّا رأى ابن سعد ما أعياه من صبرهم وثباتهم وشجاعتهم، أراد أن يأتيهم من ورائهم، ويحيط بهم من جميع جوانبهم، فأمر ابن سعد أن تُقوّض الخيام، وتُقطّع الأطناب، فأمر الحسين علیه السلام بعض أصحابه، فوقف بين الأطناب يدافع عن الخيام، فإذا دنا الفارس عقر فرسه، وإذا أبعد شَكَّ بالنبل في فؤاده، لذا أمر ابن سعد أن تُحرق الخيام على مَن فيها من ودائع النبوة؛ لينفتح لهم طريق العبور إلى أصحاب الحسين علیه السلام من خلفهم.
فقال علیه السلام: لا ضير عليكم من إحراقها؛ فإنّها تكون خندقاً بينكم وبينهم، تمنعهم الوصول إليكم، ثمّ إنَّ أصحاب النار أحرقوا جملة من الخيام التي على اليمين واليسار، ولم يمكنهم العبور كما قال الإمام.(1)
وجاء شمر لعنه اللّه مع عدّة من زبانيته فوقف على فسطاط الحسين علیه السلام، وهو مضروب السرادق على حرم الرسالة وكبرياء العصمة ومخدّرات العزّة، فقال عليّ بالنار لأُحرقه على مَن فيه، فخرجت الحواري وهنّ صوائح، فقال الإمام علیه السلام للشمر: أنت تحرق بيتي على أهلي؟ أحرقك اللّه بالنار.
ص: 140
فمنعه حميد بن مسلم فلم يمتنع، وما انفك يطلب النار حتّى جاءه شبث بن ربعي فصرفه عن ذلك.(1)
ثمّ إنّ الإمام علیه السلام صلّى صلاة الزوال بأصحابه صلاة الخوف(2)، وتقدّم سعيد بن عبد اللّه الحنفي وجعل بدنه وقاية للإمام علیه السلام، وقف يقيه بنفسه ما زال ولا تخطّى حتّى
ص: 141
سقط على الأرض وهو يقول: اللّهم العنهم لعن عاد وثمود، اللّهم ابلغ نبيك عنّي السلام، وابلغه ما لقيت من ألم الجراح، ثمّ قضى (رضوان اللّه عليه).(1)
والذين جعلوا أنفسهم للحسين وقاية ومِجَنّاً(2) جماعة من أصحابه، منهم: حنظلة ابن أسعد الشبامي، وعمر بن قرظة الأنصاري، فكان لا يأتي الحسين علیه السلام سهم إلا اتّقاه، ولا سيف إلا تلقّاه، فلم يكن يصل إلى الحسين علیه السلام سوء حتّى أُثخن بالجراح، فالتفت إلى الحسين علیه السلام، وقال: أوفيت يابن رسول اللّه؟
فقال علیه السلام: نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرأ جدّي السلام، واعلمه أنّي بالأثر.(3)
والغرض أنّه قد ظهرت في ذلك اليوم من تلك الليوث الضواري والبدور السواري، شجاعة خارقة وجلادة صادقة. وقد أثر عن ثقاة المحدّثين، أن شجاعة تلك الفئة القليلة، وبسالتهم في ذلك الموقف، قد أدهشت عقول ذوي المعرفة، وفاقت حد
النعت والصفة.(4)
ص: 142
حتّى أنّ زهير بن القين رضی اللّه عنه ما سقط ولا قُتل حتّى قَتَل منهم مائة وعشرين فارساً(1)، و [قتل] حبيب بن مظاهر اثنين وستين من أبطالهم(2)، وكان نافع بن هلال كتب اسمه على أفواق سهامه، وسقى نصاله السم، فقتل بسهم واحد اثني عشر رجلاً(3)، ولما خلت كنانته من السهام، قاتل بسيفه حتّى تكسّرت عضداه، وأُخذ أسيراً إلى ابن سعد فقتله الشمر صبراً.(4)
ص: 143
قال ابن الأثير: إن أبا الشعثاء الكندي المعروف بيزيد بن زياد، جثا بين يدي الإمام علیه السلام على ركبتيه، ورمى مائة سهم، فأصاب [نحو] مائة رجل، ما أخطأ سوى أربعة.
قال ربيع بن تميم: لمّا دخل المعركة عابس بن شبيب الشاكري، وكنت أعرفه في الحروب بأنّه أشجع فارس، ناديت: هذا أسد الأسود، هذا ابن شبيب، فلا يبرزن إلي-ه أحد، فوقف يطلب المبارزة، وينادي: ألا رجل؟ فلا يجاب، وقد أحج-م ذل-ك الج-مّ الغفير كلهم عنه، فنادى ابن سعد: ويحكم ارضخوه بالحجارة، فأحاطوا به، وجعلوا يرضخونه بالصخور، فلمّا رأى عابس رضی الله عنه ذلك، نزع درعه ومغفره وألقاهما، وشد عليهم شدّ الصقر على الرُّخَم، فأُقسم باللّه لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين، ثمّ رأيت رأسه بعد ذلك بين جماعة، كل يقول: أنا قتلته، فقال لهم ابن سعد: لا تختصموا، فإنّ عابساً لم يكن ليقتله رجل واحد، بل كل العسكر قتله.
في المصدر: (ابن أبي زياد)، وكذا في ترجمة حجّة السعادة: 14.
في المصدر: (خمسة)، والمؤلف رحمه اللّه أورد قول ابن الأثير بتصرف.
ينظر نحوه: الكامل في التاريخ: 3 / 526 ط دار المعرفة، ترجمة حجّة السعادة: 14.
مِغْفَر: هو ما يكون تحت بيضة الحديد على الرأس لستره. (السان العرب: 5 / 25 مادة غفر).
الرُّخَم: نوع من الطير، واحده رخمة. (السان العرب: 12 / 235 مادة رخم).
ينظر نحوه: مقتل أبي مخنف: 155، تاريخ الطبري: 4 / 338 ط الأعلمي، بحار الأنوار: 45 / 29، ترجمة حجّة السعادة: 14.
ص: 144
ثمّ تقدّم شوذب مولى شاكر، فقال: يا أبا عبد اللّه، أما واللّه ما أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك، ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك أو القتل بشيء أعزّ من نفسي وروحي لفعلت، السلام عليك يا أبا عبد اللّه، أُشهد اللّه أنّي على هداك وهدى أبيك، ثمّ استأذن وبرز فقاتل حتّى قُتِل(1)، وعلى مثل هذا جلّهم، بل كلّهم.
ففي بعض الأخبار: أنّ حبيب بن مظاهر أحد السبعين الذين لاقوا جبال الحديد، واستقبلوا السيوف والرماح بوجوههم وصدورهم، والأموال تُبذل لهم، والأمان يُعرض عليهم، والبلاء محدق بهم وبأهاليهم، وهم يمتنعون أشد الامتناع، ويقولون: لا عذر لنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يصل إلى الحسين سوء وفينا عين تطرف. ولم يزالوا يبرز إلى الحرب واحد بعد واحد، حتّى قُتلوا جميعاً.(2)
ولم يبقَ مع الحسين علیه السلام سوى لحمته من أولاده وخاصّة أهل بيته، فاجتمعوا وجعل يودّع بعضهم بعضاً ويبكون، فقيل: أوّل من تقدّم من بني هاشم بنو عقيل، بدأهم بذلك عبد اللّه بن مسلم، ثمّ أخوه محمد، ثمّ عمّه جعفر بن عقيل، ثمّ أولاد
ص: 145
جعفر بن أبي طالب، ثمّ أولاد الحسن علیه السلام، ثمّ أولاد أمير المؤمنين وهم يناهزون العشرة.(1)
ولكن الأصحّ أنّ أوّل مَن تقدّم من بني هاشم علي الأكبر علیه السلام(2)، كما في نصّ زيارة الناحية: «السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل، من سلالة(3) إبراهيم الخليل».(4)
وعلى الجملة: فبعد شهادة أنصار الحسين علیه السلام، تقدّم إلى مكافحة الأهوال ومناطحة الأبطال، أولاده وأولاد عمّه جعفر وعقيل وأولاد إخوته. فأبدوا من الشهامة والكرامة، والبراعة، والشجاعة، والبسالة، والنجدة ما أدهش العقول والألباب وفاق حدّ العجب والإعجاب، كما هو مقتضى شرف عنصرهم، ونفاسة جوهرهم، وقداسة ذواتهم، وجدّوا واجتهدوا في إعلاء كلمة اللّه، ومواساة ولي اللّه.
وإن الألى بالطفّ من آل هاشم *** تأسّوا فسنّوا للكرام للكرام التأسيّا.(5)
ص: 146
أمّا على الأكبر فقد قال أرباب المقاتل: إنّه لم يزل يقاتل حتّى ضجّ العسكر من كثرة القتلى، ولذا لمّا صُرع بضربة منقذ بن مرّة العبدي، وحمله الفَرَس إلى معسكر الأعداء، قطّعوه بسيوفهم إربا إرباً.(1)
وأمّا العبّاس فناهيك من شجاعته أنّه كان حامل لواء الحسين علیه السلام، وهذا اللواء حُمل مع السبايا والصفايا إلى يزيد لعنه اللّه، فلمّا نشره لم يجد فيه موضعاً سالماً من رشق السهام، وطعن الرماح، وضرب السيوف، سوى موضع قبضة كف العباس علیه السلام، فلمّا نظر إليه بهذه الصفة أخذه العجب، وجعل يقوم ويقعد ويقول: أبيت اللعن(2) أبا الفضل، هكذا يصنع الأخ لأخيه!(3)
ص: 147
وأعظم من ذلك قول بني أسد: إنّ على المسنّاة بطلاً، كلّما حملنا منه جانباً سقط الآخر(1)، ولم يختص ذلك برجالهم وأبطالهم، بل ما بدا من غلمانهم وأطفالهم أدهى وأدهش فهذا القاسم بن الحسن، وهو غلام لم يبلغ الحلم.
قال أرباب المقاتل: لمّا نظر إليه الحسين علیه السلام قد برز، اعتنقه وجعلا يبكيان، حتّى غشي عليهما، فلمّا أفاقا استأذن عمّه، فأبى أن يأذن له، فلم يزل يقبّل يديه ورجليه ويبكي حتّى أذن له، فانحدر إلى الميدان، ودموعه تسيل على خدّيه، وهو يقول:
إن تنكروني فأنا نجل الحسن *** [سبط النبيّ المصطفى والمؤتمن]
هذا حسين كالأسير المرتهن *** [بين أناسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُزُن](2)
وكان جبينه كالكوكب الدرّي، ووجهه كفلقة قمر.
قالوا: فقاتل قتالاً شديداً، حتّى قَتل على صغر سنّه اثنين وثلاثين فارساً، وقيل: سبعين.
وفي الناسخ: أنَّهم وجّهوا لمبارزته فارساً يُعدّ بألف، فما لبث القاسم أن قسمه نصفین.(3)
ص: 148
وبرز هذا الغلام، وهو على أبّهته ووقاره و شارته و شعاره، عليه رداءان، وفي رجليه نعلان، يتهادى إلى منيّته، كأنه يُزف إلى حَجَلَته، ثمّ لما انقطع شسع نعله وه-و بين الأسنّة والسيوف كالبدر في هالته، وقف يشدّ شسع نعله غير مبالٍ ولا مكترث، كأنّ نقيبته الزكيّة وجنانه الثابت أبى له أن يمشي في ميدان البسالة والإقدام حافي الأقدام.
فبينا هو منحنٍ يشدّ نعله، إذ شدّ عليه عمر بن سعد الأزدي لعنه اللّه، فضربه بالسيف على أمّ رأسه، فوقع لوجهه ونادى: يا عمّاه، فانقضّ عليه كالصقر، وشدّ على الصفوف شدّة الليث [في] الحرب، وضرب عمر قاتله بالسيف، فاتّقاه بيده فأطنّها(1) من المرفق، فصاح صيحة سمعها العسكر، وحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه، فاستقبلته بصدورها ووطأته بحوافرها حتّى هلك فانجلت الغبرة، وإذا بالحسين علیه السلام قائم على رأس الغلام، وهو يفحص برجليه، والحسين علیه السلام يقول: يعزّ واللّه على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك (فلا يغني عنك)، هذا واللّه يوم كثر واتره(2)، وقلّ ناصره، ثمّ احتمله وقد وضع صدره على صدره، فجاء به وألقاه بين القتلى من أهل بيته.(3)
هذه حال أطفالهم، وتلك حال أبطالهم، فعلى مثله فليبك الباكون، وليندب النادبون.(4)
ص: 149
ثمّ إن الحسين علیه السلام لمّا نظر إلى مصارع أنصاره وأهل بيته، والتفت يميناً فلم يرَ أحداً، والتفت شمالاً فلم يرَ أحداً، فاستعبر باكياً، واستغاث استغاثته الثانية، ونادى: هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول اللّه؟ هل من موحِّد يخاف اللّه فينا؟ ه-ل من مغيث يرجو اللّه في إغاثتنا؟
فلم يجبه سوى زين العابدين علیه السلام، فمنعته أم كلثوم؛ لما به من المرض، فقال: ذريني يا عمّتاه أُقاتل بين يدي ابن رسول اللّه، فصاح الحسين علیه السلام: خذيه يا أختاه؛ لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمّد.(1)
ثمَّ عزم على لقاء القوم بنفسه، فجاء إلى الخيام للتوديع مرّة ثانية، فنادى: يا زينب، يا أمّ كلثوم، يا سكينة، يا فاطمة، عليكنّ مني السلام. ثمّ جعل يوصيهنّ بالصبر والسكينة والتسليم لقضاء اللّه.
وقال لهنّ: استعدّوا للبلاء، واعلموا أنّ اللّه حافظكم وحاميكم، وسينجيكم من شر الأعداء، ويعذّب أعداءكم بأنواع العذاب، ويعوّضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة، فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما يُنقص قدركم، ويحبط أجركم.
ص: 150
فقالت [سكينة]: يا أبه، استسلمت للموت فإلى مَن تكلنا؟
فقال: يا نور عيني، كيف لا يستسلم للموت مَن لا ناصر له ولا معين؟ ورحمة اللّه ونصرته لا تفارقكم في الدنيا ولا في الآخرة، فاصبري لقضاء اللّه ولا تشكي، فإنّ الدنيا فانية والآخرة هي الباقية.(1)
ثمّ بعد أن فرغ من وداع حرائر النبوة وودائع الرسالة، انحدر إلى المعركة، موطّناً على مجالدة القوم نفسه.(2)
ص: 151
وقبل أن يضع السيف فيهم، ألقى خطبته الخامسة عليهم، وهي التي يقول فيها: إيه أيّتها الجماعة، هذا آخر مقام أقرع به أسماعكم، وأحتجّ به عليكم... إلى آخرها.(1)
ص: 152
خطب تلك الخطب الأربع قبل الظهر، وخطب هذه الخطبة بعد الظهر، وليس معه أحد، ثمّ تقدّم للمكافحة.
روى جميع أرباب المقاتل، وأثبات المؤرّخين الأفاضل: أنه علیه السلام حين بقي وحيداً وتقدّم للحرب، صار يتقدّم إليه من جند ابن سعد من صناديد الأبطال وفرسان الرجال، واحدٌ بعد واحد فيقتله.
فصاح ابن سعد بأصحابه: الويل لكم أتدرون لمن تقاتلون؟(1) ه-ذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتّال العرب، فاحملوا عليه بأجمعكم حملة رجل واحد.
فحملوا عليه من كل جانب حتّى جعلوه في مثل الدائرة، وجعل ه-و علیه السلام يغوص في الأوساط، ويقلب الميمنة على الميسرة، حتّى قتل عامّتهم، وأقام قيامتهم، ولم يزل يقتل في كل حملة جملة، وفي كل كرّة كثرة، وفي كل زحفٍ ألفاً.(2)
قال حميد بن مسلم: فواللّه ما رأيت مكثوراً قطّ قد قُتل وِلده وأصحابه، أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أشد إقداماً منه قطّ، وإن كانت الرجال لتشدّ عليه، فيشدّ عليها بسيفه، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب، ولقد كان يحمل فيهم، وقد تكمّلوا ثلاثين ألفاً، فينهزمون من بين يديه، كأنّهم الجراد المنتشر.(3)
وكان علیه السلام في كل تلك البرهة يقاتل فارساً تارة على (المرتجز) وأُخرى على غيره.
ص: 153
ولكنّ الظاهر أنّ الحجر المشؤوم(1)، والسهم المسموم ذا الثلاث شعب، وطعنة صالح بن وهب، أوجبت في وجوده المقدّس ما لا يستطيع القلم أن يسطره، ولا اللسان أن يذكره.(2)
ولكن لمّا خلا سرج ذي الجناح من هيكل الوحي والتنزيل، أو فقل: ه-وى على الأرض عرش الملك الجليل - وفي المَثل (عرش بر زمين افتاد) - (3)جعل علیه السلام يقاتل، وهو راجل في الأرض قتالاً أقعد الفوارس، وأرعد الفرائص، وأذهل عقول فرسان العرب، وأطار عن الرؤوس الألباب واليلب.(4)
ص: 154
يقول عزّ الدين ابن الاثير: قاتل علیه السلام راجلاً قتال الفارس الشجاع، يتّقي الرمية ويفترص العورة، ويشدّ على الخيل، وهو يقول: ويحكم أعلى قتلي تجتمعون؟!(1) ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوّة إلا باللّه.(2)
قال المجلسي رحمه اللّه: ثمّ حمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق أحداً إلا بَعَجَه بسيفه فقتله، والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتّقيها بنحره وصدره، ويقول: يا أمّة السوء بئسما خلفتم نبيّكم محمّداً في في عترته.(3)
ولم يزل علیه السلام على هذا ومثله حتّى اقتطعوه وحالوا بينه وبين رحله، فصاح: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم وأنسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون.
فناداه شمر: ما تقول يابن فاطمة؟
قال: أقول: أنا الذي أقاتلكم وتقاتلونني، والنساء ليس عليهنّ جناح، فامنعوا عتاتكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّاً.
فقال: لك ذلك يابن فاطمة، ثمّ قال: اقصدوه بنفسه، فلعمري لهو كفو كريم.
ثمّ جعل يحمل ويحملون عليه، وهو في كل ذلك يطلب شربة من الماء،(4)
ص: 155
ويتلظّى كبده من الظمأ، ويلوك بلسانه من شدّة العطش، وقد صار كالخشبة.(1) ثمّ لمّا اشتدّ به الإعياء والعناء، وضعف منه الحال عن القتال، وقف ليستريح هنيهة، ولكنّ سِنانَ سنان بن أنس، وسيف زرعة بن شريك لم يتمكّن معهما حتّى من الوقوف على الأرض، وكان قد أعيا فقعد.(2)
وبينما هو علیه السلام جالس على الرمضاء، خرج من الخيام غلام، كأن وجهه فلقة قمر، و فی أُذنيه قرطان يتذبذبان على خدّيه، فجعل يعدو ويركض حتّى جاء إلى عمّه الحسين علیه السلام، وكأنّه لما رأى عمّه بتلك الحال - والدماء تسيل من جميع جوانبه وجوارحه - أُدهش وذُهل. وبينما هو واقف ينظر إلى عمّه مبهوتاً، أهوى بحر بن کعب إلى الحسين علیه السلام بسيفه ليضربه، فقال له الغلام: أتضرب عمّي يابن الخبيثة؟ فعدل بضربته إلى الغلام، فأصابت يده فأطنّها من المرفق وبقيت معلّقة، فصاح الغلام: واعماه!
ص: 156
فأخذه عمّه وضمّه إليه، وأجلسه في حجره، فرماه حرملة بن كاهل بسهم، فذبحه و هو في حجر عمّه، فاحتسبه عند اللّه وقال: هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعین اللّه.(1)
ثمّ جعل يبكي بكاءً عالياً،(2) ثمّ انتهى به الحال علیه السلام أنّه من كثرة نزف الدماء، ومن شدّة العطش والظمأ، ومن حرارة الشمس ولفح الهجير، وترادف المصائب والرزايا، لم يكن يتمكّن حتّى من البقاء جالساً على الأرض فصنع له وسادة من الرمل ونام عليها.(3)
ص: 157
ولكن أحسب السهام التي في درعه - الذي بنى عليه بنياناً، وصار كالقنفذ - منعته حتّى من النوم، فجعل (أرواح العالمين له الفداء) ينوء ويكبو ويضطجع، ثمّ يرتفع حتّى أُغمي عليه.(1)
وكأن ذلك الفرس بل الفارس، لمّا رأى أن قد غلب عليه، وأن الأمر قد خرج من يديه، وأنّ الشر قد تفاقم أو زاد، وأنّ سخط اللّه قد وقع على العباد أو كاد، قصد نحو الخيمة وله صهيل عال، وهو يضرب بيديه الأرض، ويقول في صهيله: الظليمة الظليمة من أُمّة قتلت ابن بنت نبيّها!(1)
ص: 159
قال: فخرجت زينب بنت علي من الفسطاط تنادي: وا أخاه، وا سيّداه، ليت السماء أُطبقت على الأرض، وليت الجبال تدكدكت على السهل، يابن سعد أيُقتل أبو عبد اللّه علیه السلام وأنت تنظر إليه ؟! فصرف وجهه الخبيث عنها، ودموعه تسيل على لحيته المشؤومة.
والحسين علیه السلام في كل ذلك مغمى عليه، وقد تحاماه الناس، وكل من أقبل عليه انصرف عنه، مخافة أن يلقى اللّه بدمه، فتركوه قليلاً، ثمّ عادوا إليه. ونادى شمر لعنه اللّه: ويلكم ما تنتظرون بالرجل؟ فلم يجسر عليه أحد، فنزل هو إليه بنفسه.(1)
(وكان ما كان من إنفاذ مسطور)
ولا حول ولا قوة إلا باللّه(2)
ص: 160
تم بحمد اللّه
الفراغ من تحقيق هذا الكتاب
على يد أحمد بن علي بن مجيد الحلي مولداً، والنجفي مسكناً
وذلك في مدة شهر، في مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة
الواقعة في صحن سيّدي ومولاي
أبي الفضل العباس (عليه أفضل الصلاة والسلام)
في الثامن من شهر رجب الأصب من سنة 1428 ه-
ص: 161
ص: 162
جواب مسألة وردت على الإمام الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه اللّه، يسأل السائل فيها عن صحة خبر عرس القاسم علیه السلام، والسائل هو أحد السادات من أهل الهند، وجدناه أخيراً ضمن مكتبة الأستاذ عباس رحمه اللّه نجل الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء رحمه اللّه، زوَّدنا بها مشكوراً الأخ الشيخ أمير حفظه اللّه حفيد المؤلف.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
وله الحمد والمجد والكبرياء، والصلاة على سيد الأنبياء صلی اللّه علیه و آله، وآله الأصفياء علیهم السلام، ثمّ السلام الأسنى والتحيات الحسنى عليك أيها السيد الزكي والفاضل اللوذعي، ورحمة اللّه وبر كاته.
وبعد، فقد وردتني شقتك الكريمة تسأل فيها عن صحة خبر عرس القاسم سلام اللّه عليه وعلى آبائه الطاهرين، وقد تأخر الجواب ؛ لكثرة المشاغل والعوائق إلى أن سنحت الفرصة.
فاعلم أيها السيد الأعز أيدك اللّه بلطف منه، أن هذا الخبر الذي ذكرت روايته عن (المنتخب) وغيره، قد تلاه وقرأه على منبر وعظه خرّيت هذه الصناعة العلّامة الشيخ جعفر التستري أعلى اللّه مقامه، كما سُطِر في مجموع مجالسه في النجف الأشرف المسمّى بكتاب (فوائد المشاهد)، الذي ألَّف وجمع فيه نص عباراته ومتون ألفاظه - التي كان رحمه اللّه يمليها على منبر الوعظ في الصحن الشريف - أحد ثقاة تلاميذه وأفاضل أصحابه، قال في بعض تلك المجالس ما نصه:
«حالا میخواهیم عنوان کنیم که در میانه شهدای آنحضرت بعضي هستند که از
ص: 163
المجالس الحسينية
سایر شهدا ممتازند از جمله ایشان السيد الممتحن قرين الغصة والمحن، القاسم بن الحسن حالا چه طور ممتاز است جهت آنكه شهدا همان تعزيه تنها دارند هر چه دارند همان عزا است ولي اين مظلوم هم صاحب عزا هم صاحب عروسي، أما حكايت عروسي قاسم علیه السلام بعضي از أصل أخبار کرده اند گفته اند که أصلا عروسي واقع نشده، حتی مجلسی رحمه اللّه اشارة به آن نکرده همچنین ظاهر میشود که بش از معلوم نبوده ولي صاحب منتخب رحمه اللّه بطور اجمال اشاره کرده است اما نه اینطوریکه حالها در دست مردم افتاده است گفته افتاده است گفته چون قاسم علیه السلام اذن جهاد خواست حضرت اذنش نداد.
فجلس مهموماً مغموماً باكي العين حزين القلب، كناري نشست درهم وغم فرد رفته اشك از چشمش جاري وقلبش محزون دید حضرت برادرانش اذن داد و او را اذن نداد متألم شد، فوضع رأسه على رجلیه سر بزاز گذاشت یادش آمد که پدر بزرگوارش إمام حسن علیه السلام عوذة دركتف راستش قرار داده بود وباري فرموده بود ه-ر وقتي كه ألمي وهمي بتورخ داد آن عوذة را باز کن بخوان گفت تا حال چنین هم وغم به من وارد نشده باز کرد خواند دید نوشته بود: يا ولدي يا قاسم، إنك إذا رأيت عمك الحسين علیه السلام في كربلا، وقد أحاطت به الأعداء فلا تترك البِراز والجهاد لأعداء اللّه وأعداء رسول اللّه، ولا تبخل عليه بروحك، وكلما نهاك عن البراز عاوده؛ ليأذن لك لتحظى في السعادة الأبدية.
وقتیکه آن عوذة خواند خدمت حضرت آورد فلما قرأها الحسين علیه السلام بكى بكاءً شديداً، ونادى بالويل والثبور وتنفس الصعداء بعد فرمود پسر برادرم من هم درباره تو از برادرم وصيتي دارم دست قاسم را حضرت گرفت داخل خيمه شد فرمود: جوانان هاشم بیایند فرمود: خواهر زینب صندوق را بيار آورد... إلى أن قال: باري حضرت قباي
ص: 164
إمام حسن علیه السلام را به قاسم پوشایند و عمامه حضرت برسراد بیچید دست دخترش را که نامزد قاسم بود گرفت براي قاسم عقد کرد باري همان عقد را حضرت بجهت خواطر امتثال أمر إمام حسن علیه السلام واقع ساخت لا غیر پس آنچه در میان جه-ال شيعة متداول شده است از شبیه عروسي قاسم بي اصلست و در رغبت بلکه میکرد گفته ام شبیه عروسي قاسم ساختن ضربت زدنست بر إمام حسين يقيناً درد این کار شنیع بدن است از درد آن شمشیرها بر حضرت، انتهی».(1)
ص: 165
أقول: وهذا الخبر تلوح عليه أمارات الوضع والجعل من عدّة وجوه يضيق المقام عن تفاصيلها، وأقلها أن الأثبات والثقات من المؤرخين ذكروا - ومنهم الشيخ المفيد رضوان اللّه عليه - : أن وفاة الحسن المجتبى سلام اللّه عليه كانت في سنة الخمسين من الهجرة، وكانت شهادة الحسين عليه آلاف السلام والتحية بالتواتر في أول الواحدة وستين، فالفاصل بينهما صلوات اللّه عليهما عشر سنوات، وقد أطبقت كلمة أرباب المقاتل علیه السلام أن القاسم كان يوم الطف غلاماً لم يبلغ الحلم، وظاهر هذه العبارة أنه ابن اثنتي عشرة سنة، فيكون عمره يوم وفاة أبيه سنتين، وابن سنتين لا يصلح عادة لتلك الوصية - وأنه إذا نزل بك هم وغم فافتح العوذة -.
والقاسم سلام اللّه عليه وإن كان رفيع المقام ولكنه ليس من الأئمة المعصومين الذين تكلموا في المهد كحضرة الجواد علیه السلام والحجة عجّل اللّه تعالی فرجه الشّریف، بل وأمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فقد ورد في بعض الروايات أنه حين ولد قرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ
ص: 166
أفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾(1)... إلى جملة آيات، فإن تلك الغرائب إرهاصات للإمامة ومعجزات كإرهاصات النبوة.
وتلك الوصية لابن سنتين وإن أمكن بعض التخاريج والتأويلات لها، ولكن إنما نحتاج إلى التأويل والتوجيه، حيث يكون الخبر صحيح السند لا في مثل هذا الخبر الذي هو في أقصى مراتب الضعف، فإن الكتب التي ذكرتها ونقلت عنها من (محرق القلوب) وغيره، كلها قد تعرّض لها خاتمة المحدّثين العلّامة النوري أعلى اللّه مقامه في رسالته المطبوعة عندكم في الهند المسماة ب--- (اللؤلؤ والمرجان)، فقد ذكر في التنبيه الثالث من آخرها: اشتمال تلك الكتب على الأحاديث المقطوعة الكذب مثل: أن هاشم بن عتبة المرقال جاء يوم عاشوراء في أثناء المحاربة إلى الحسين روحي له الفداء، وقال: إن ابن عمي عمر بن سعد تقدم لمحاربتك، وأنا قد جئتك لنصرتك، فقاتل بين يدي الإمام علیه السلام حتى قتل... في خبر طويل، مع أن من الواضح الضروري أن هاشم المرقال رحمة اللّه عليه قد قتل في صفين بين يدي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه... إلى كثير من أمثال هذه الموضوعات الواضحة الكذب، التي قد سرد العلّامة النوري نوّر اللّه مرقده في تلك الرسالة جملة منها وافية ، ومع هذا فكيف يبقى أقل وثوق بتلك الكتب؟
والخلاصة أن خبر عرس القاسم علیه السلام مما يكاد يحصل القطع للمتدبر بكذبه، ولكن مع ذلك لا أقول بحرمة نقله في مجلس العزاء، ولكن بشرط إسناده إلى أحد تلك الكتب أو كلها بعين متنه من غير زيادة، ولا إشارة إلى الوثوق به كما صنعه العلّامة التستري فيما نقلناه عنه؛ نظراً لما ورد في الكافي عن الصادق علیه السلام حيث يقول:
«إذا حَدَّثتم بحديث فاسندوه إلى مَن حدّثكم، فإن كان حقاً فله أجره، وإن كان
ص: 167
كذباً فعليه وزره»(1) أو ما يقرب من هذا المضمون، ولعل هذا وجه تجويز نقله عند أولئك الأعاظم الذين نقلت عنهم الجواز.
ومع هذا كله فالأوفق بالورع، والمتانة والاحتياط للدين، والتحرز عن الكذب على أهل بيت الرسالة صلوات اللّه عليهم ترك التعرض لنقله أصلاً، فإن في غيره من الأخبار الصحيحة المعتبرة غنىً وكفاية، في الغرض المهم من البكاء والإبكاء على مصائبهم منّ اللّه علينا بشفاعتهم، وقد تصفحت جملة من الكتب المعتبرة والمقاتل الموثوق بها، فلم أجد لذلك الخبر عيناً ولا أثراً ولا تلويح ولا إشارة، وهذا كافٍ في الإعراض عنه، والسلام عليك أيها السيد النجيب، ورحمة اللّه وبركاته.
ص: 168
الصورة
ص: 169
الصورة
ص: 170
• فهرس الآيات القرآنية.
• فهرس الأنبياء والمعصومين عليهم السلام.
• فهرس الأعلام.
• فهرس البيوتات والقبائل والفرق والوقائع والأيام.
• فهرس الأشعار.
• فهرس الأماكن.
• فهرس الحيوانات.
• فهرس المراجع التي اعتمدها المؤلف.
• فهرس مراجع التحقيق غير المباشرة.
• فهرس مراجع التحقيق المباشرة.
• فهرس المحتويات.
ص: 171
ص: 172
الآية السورة رقم الآية الصفحة
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ...) البقرة 84 81
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا.........) آل عمران 33 111
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ.....) الأعراف 169 112
فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ...............) الإسراء 5 94
فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ...........) القصص 21 74
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ..............) القصص 22 74
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ......) الأحزاب 23 138
ص: 173
آدم: 18.
إبراهيم الخليل: 146.
الإمام الباقر: 108، 158.
الإمام الحسن: 17، 66، 81، 100، 156، 166.
الإمام الحسين = أبي عبد اللّه = ابن رسول اللّه = سيد الشهداء: 7، 15، 17، 18، 19، 27، 30، 32، 33، 37، 38، 39، 40، 41، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 77، 81، 82، 99، 105، 106، 108، 109، 110، 111، 114، 115، 118، 119، 123، 128، 135، 136، 142، 150، 152، 154.
الإمام الرضا: 18.
الإمام السجاد = علي بن الحسين: 150.
الإمام الصادق: 108، 124، 147، 167.
الإمام العسكري: 81، 105.
الإمام علي: أمير المؤمنين: 42، 43، 66، 159، 166، 167، 168.
الإمام المهدي: 159.
زکریا: 81.
عزیر: 115.
فاطمة بنت رسول اللّه: 72، 141.
محمد= رسول اللّه: 11، 17، 13، 67، 68، 70، 72، 73، 81، 111، 112، 117، 127، 145، 155.
موسی: 159.
یحیی: 81.
یوسف: 120.
ص: 174
(أ)
آقا بزرك الطهراني: 41، 45، 46.
آقا بن عابد الدربندي الحائري: 32.
آقا رضا الهمداني: 21.
أبا ثمامة الصائدي: 87.
أبا سعيد الخدري: 112.
أبا الشعثاء الكندي = يزيد بن زياد: 144.
إبراهيم بن أبي محمود: 63.
ابن أبي جويرية المزني: 109.
ابن أبي الحديد: 143.
ابن الأثير = عز الدين أبو الحسن علي: 114، 134، 139، 144، 155.
ابن أعثم: 121، 132.
ابن الأعرابي: 126.
ابن الأشعث = محمّد بن الأشعث: 87، 90، 91، 94، 95، 96، 97، 101، 111، 113.
ابن باهلة = مسلم بن عمرو الباهلي: 84، 89
98،97.
ابن الزرقاء = مروان بن الحكم: 69.
ابن زیاد = ابن مرجانة = عبيد اللّه بن زياد: 84، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 91، 94، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 115، 117.
ابن سعد = عمر بن سعد: 84، 98، 110، 118، 119، 121، 125، 129، 136، 137، 139، 140، 143، 144، 149، 153، 160، 167.
ابن سمية = زياد = عبد بني علاج: 99، 117.
ابن شبيب: 18، 64.
ابن شهر آشوب = رشید الدین محمّد بن على: 132، 158.
ابن طاووس = السيد علي بن موسى بن جعفر: 39، 63، 64، 65، 70، 76، 82، 106، 108.
ابن قتيبة: 28.
ابن محبوب: 82.
ابن ملجم: 42.
ابن منقذ = رضي بن منقذ بن مرة العبدي: 133، 134.
ابن نما: 132، 141.
ابن هند = معاوية بن أبي سفيان: 66، 117.
أبو أيوب الأعور السلمي: 159.
أبو القاسم الديباجي: 147.
أبو مخنف = لوط بن يحيى: 123، 124، 159،158،143،138.
ص: 175
أبي حنيفة الدينوري: 132.
علي البصري: 35، 36.
أبي الفضل العباس = قمر بني هاشم: 11، 12.
أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي: 105.
الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء:21، 163.
السيد أحمد شكر الحسيني: 33.
الشيخ أحمد الشيرازي: 21.
السيد أحمد الصافي الموسوي: 15، 59.
أحمد علي مجيد الحلي: 12، 16، 59.
أحمد الشيخ نعمة الخفاجي: 38.
أسماء بن خارجة: 87.
أسيد الحضرمي: 92.
الأصبغ بن نباتة: 42.
الأصمعي: 101، 126.
أم زهراء البدري: 32.
أم كلثوم: 116، 150.
أم وهب الكلبي: 135.
أمير آل كاشف الغطاء: 12، 163.
العلّامة الأميني: 47.
أنس بن مالك: 112.
ب)
الشيخ باقر بن شريف القرشي: 48.
بحر بن كعب: 156.
بریر بن خضير: 114، 133.
بكر بن حمران الأحمري: 95، 100.
(ت)
تميم بن حصين الفزاري: 110.
(ج)
جابر بن عبد اللّه الأنصاري: 112.
السيد جاسم السيد حسن الشبري: 31.
المولى الجامي المصري: 131.
الشيخ جعفر التستري = الشوشتري: 33، 34، 35، 36، 41، 113، 122، 163، 167.
السيد جعفر ابن السيد حبيب الشيرازي: 46.
السيد جعفر الحلي: 27.
جعفر الطيار = جعفر بن أبي طالب: 112، 146.
جعفر بن عقيل: 145.
السيد جواد شبّر: 37.
الشيخ جويدة = مؤذن السيد أبا الحسن الإصفهاني: 41.
(ح)
حبيب بن مظاهر الأسدي: 75، 128، 138، 143، 145.
الحجاج بن مسروق الجعفي = مؤذن الحسين: 106، 107.
الحجاج بن يوسف الثقفي: 120.
حجار بن أبجر: 77، 91، 113.
ص: 176
الحر بن يزيد الرياحي: 106، 107، 123، 125، 130،129،128،126.
حرملة بن كاهل: 157.
حسان بن أسماء: 90.
السيد حسن بن عبد الهادي الخرسان: 47.
حسن بن محمّد علي اليزدي الحائري: 38.
الشيخ الحسن الغفاري: 125.
الشيخ حسن سبتي: 48.
السيد حسن الصدر: 41.
السيد الحسين آل بحر العلوم: 47.
السيد حسين ابن السيد دلدار علي النصير آبادي: 36.
حسين بن علي البغدادي: 131.
الشيخ حسين بن محمّد آل عصفور الدرازي البحراني: 34.
الشيخ حسين بن محمّد تقي النوري = الميرزا النوري = المحدّث النوري: 21، 42، 43، 167.
حسین بن محمّد الجمي: 33.
الشيخ حسين التبريزي الواعظ: 32.
السيد حسين الطباطبائي البروجردي: 26.
میرزا حسين الطهراني: 21.
الحصين بن نمير: 139.
حمزة سيد الشهداء: 112.
حمید بن مسلم: 141، 153، 157.
حنظلة بن أسعد الشبامي: 142.
السيد حيدر ابن السيد إبراهيم الحسيني: 035
(خ)
خزيمة بن ثابت: 114.
(د)
الدرمكي: 34.
الشيخ درويش علي بن الحسين البغدادي الحائري: 34.
دريد = غلام ابن سعد: 121.
(ر)
ربيع بن تميم: 144.
رستم غلام الشمر: 136.
رسول ابن زیاد: 98.
رفاعة بن شداد البجلي: 75.
رقية: 116.
رويحة بنت عمرو بن الحجاج: 87.
(ز)
زرعة بن شريك: 156.
الزمخشري: 88
زهير بن القين: 117، 128، 143.
زيد بن أرقم: 112.
زينب بنت علي: 116، 150، 160، 164.
(س)
سالم مولی زیاد: 128.
سرجون مولى معاوية: 84.
ص: 177
سعيد بن عبد اللّه الحنفي: 77، 141.
سكينة: 116، 150، 151.
سليم بن سلام الحنفي: 101.
سليمان بن أبي راشد: 141.
سلیمان بن صرد الخزاعي: 75.
سليمان بن قتة: 146.
سنان بن أنس: 156.
سهل بن سعد الساعدي: 112.
(ش)
الشيخ شاكر ابن الشيخ محمّد القرشي: 41.
شبث بن ربعي: 77، 91، 113، 138، 141.
شريح القاضي: 87، 90.
الشيخ شريف بن عبد الحسين الجواهري: 34.
شمر بن ذي الجوشن العامري: 91، 109، 118، 136، 138، 140، 143، 155، 160.
شوذب مولی شاکر: 145.
(ص)
صالح بن وهب: 154.
صدر المتألهين: 28.
الشيخ الصدوق = محمّد بن علي بن بابويه القمي: 32، 39، 66.
صفية: 116.
(ض)
السيد ضياء الدين آل بحر العلوم: 47.
(ط)
طه حسین: 29.
الطبري: 158.
طوعة: 92.
(ع)
عابس بن شبيب الشاكري: 144.
الشيخ عباس القمي: 122، 124، 141، 161.
عباس قلي خان: 131.
الشيخ عبد اللّه بن أحمد العكري البحراني: 59.
عبد اللّه بن الزبير: 67.
عبد اللّه بن عمار بن عبد يغوث: 153.
عبد اللّه بن عمر بن الخطاب: 67.
عبد المجيد الحائري: 131.
عبد المحسن بن محمّد اللويمي الأحسائي: 32.
عبد المولى الطريحي: 125.
السيد عبد الهادي الشيرازي: 47.
الشيخ عبد الوهاب الكاشي: 34 35، 36.
عبيد اللّه بن عمرو الكندي: 142.
عبيد اللّه السلمي: 95.
عبد اللّه بن عمير الكلبي: 128.
عبد اللّه بن قيس: 159.
ص: 178
عبد اللّه بن مسلم بن ربيعة الحضرمي = حليف بني أمية: 83.
عبد اللّه بن مسلم: 145.
عبد اللّه بن مسمع الهمداني: 76.
عبد اللّه بن منصور: 67.
عبد اللّه بن وأل: 76.
عبد اللّه الدينوري: 132.
السيد عبد اللّه شبّر الكاظمي: 38.
عبد الرحمن بن أبي بكر: 67.
عبد الرحمن بن عبد اللّه الأرحبي: 82.
السيد عبد الرزاق بن محمّد المقرم: 47.
عبد الرزاق الحصّان 23.
الشيخ عبد الزهراء الكعبي: 161.
السيد عبد الحسين شرف الدین: 35، 124.
عبد الحليم آل كاشف الغطاء: 24، 25.
عبد الجبار بن وائل الحضرمي: 110.
عثمان بن عفان: 107.
عدي فاضل الأسدي: 59.
عروة بن قيس: 139.
السيد عطاء اللّه الدشتكي الشيرازي الفارسي الهروي: 131.
عطاء بن السائب: 110.
عقبة بن سمعان = ابن سمعان: 113، 114.
العلاء: 82.
الشيخ علي آل كاشف الغطاء: 40.
علي الأكبر: 106، 146، 147.
الميرزا علي أكبر بن محسن الأردبيلي: 35.
علي أكبر ابن المولى عباس اليزدي: 37.
الشيخ علي أكبر مروّج الإسلام: 37.
علي بن إبراهيم: 82.
علي بن الحر: 133.
السيد علي بن حسين الهاشمي: 32.
علي بن عبد الباقي خان زنكنة: 35.
علي حبيب العيداني: 59.
الشيخ علي الخاقاني: 21.
المولى علي الخليلي: 40.
علي الفتال: 131.
علي كاظم خضير: 59.
الشيخ علي محمّد علي دخيل: 35.
الشيخ علي محمّد النجف آبادي: 21.
السيد علي الهاشمي البهبهاني: 32.
عمارة بن عبد اللّه السلولي: 76، 82.
عمر بن سعد الأزدي: 149.
عمر بن قرظة الأنصاري: 142.
عمرو بن الحجاج الزبيدي: 87.
عمرو بن حريث: 97.
عمرو بن دينار: 95.
عمرو بن معدي كرب الزبيدي: 88.
ص: 179
(غ)
غلام ثقيف: 120.
غلام للإمام الحسن: عبد اللّه بن الحسن: 156.
(ف)
فاطمة بنت الحسين: 150.
الشيخ فؤاد يونس العاملي: 33.
الشيخ فخر الدين بن محمّد الطريحي النجفي:38.
الشيخ فيصل الكاظمي: 36.
(ق)
القاسم بن الحسن: 148، 164.
المولى القمشهي الكبير: 45.
القندوزي: 67.
قيس بن الأشعث: 113.
(ك)
كارلند ابفا: 24.
الكاشفي: 131.
الشيخ كاظم الأحسائي النجفي: 38.
الشيخ كاظم حمد الأحسائي: 31.
کامل سلمان الجبوري: 125.
كثير بن شهاب: 91، 97.
کسری: 100.
كعب بن جابر الأزدي: 133.
الشيخ الكليني: 113، 168.
(ل)
آية اللّه اللواساني: 33.
السيد ليث الموسوي: 16، 59.
(م)
العلّامة المجلسي: 85، 108، 129، 151، 155، 159، 165.
السيد محسن الأمين العاملي: 35، 42.
السيد محمّد الإصفهاني: 21.
الشيخ محمّد باقر الأصطهباناتي: 21.
السيد محمّد باقر الحكيم: 50.
السيد محمّد بن أبي طالب الموسوي 72،32.
الشيخ محمّد بن الحسن الفتال النيسابوري: 156.
محمّد بن الحنفية: 71.
محمّد بن عمرو التيمي: 77.
محمّد بن محمّد بن النعمان = الشيخ المفيد 65، 68، 71، 74، 77، 82، 166.
آية اللّه محمّد تقي آل بحر العلوم العلوم: 37، 48.
میرزا محمّد تقي الشيرازي: 21.
میرزا محمّد تقي الكاشاني: 136.
الشيخ محمّد جواد مغنية: 35.
الشيخ محمّد حسن آل ياسين الكاظمي: 36.
ص: 180
محمّد حسن خان المراغي: 51.
محمّد حسن القزويني: 131.
الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء: 12، 15، 19، 20، 43، 46، 124، 148، 163.
محمّد حسين القمشهي: 45.
السيد محمّد الحلو: 132.
السيد محمّد سعيد الحكيم: 50.
الشيخ محمّد شريف: 12، 15، 16، 59.
محمّد شعاع فاخر: 38.
الشيخ محمّد عبده: 27
محمّد علي بن حسين البهشتي: 33.
الشيخ محمّد علي ابن المولى عباس اليزدي: 37.
السيد محمّد على الحسيني: 36.
الشيخ محمّد علي الزهيري: 37.
محمّد علي الشاه عبد العظيمي: 148.
السيد محمّد علي القاضي الطباطبائي: 27، 31.
محمّد عیسی آل مكباس: 132.
الشيخ محمّد كاظم الخراساني: 20.
السيد محمّد كاظم اليزدي: 21.
الشيخ محمّد محسن ابن الشيخ محمّد رفيع الإصفهاني: 33.
محمّد محمّد حسن الوكيل: 59.
الشيخ محمّد مهدي الحائري: 37، 131.
السيد محمّد مهدي الخرسان: 48، 161.
الشيخ محمّد مهدي شمس الدين: 133.
السيد محمّد هادي الخراساني الحائري: 131.
الشيخ محمّد هادي اليوسفي: 125.
محمّد الهمداني: 113.
الشيخ محمّد الهنداوي: 36.
المدائني: 66.
المرتضى = علم الهدی: 29.
مروان بن وائل: 110.
مسروق بن وائل: 110.
المسعودي: 108.
مسلم بن عقیل: 78، 82 83، 86،84، 87، 88، 91، 92، 93، 94، 96، 97، 98، 100، 101.
مسلم بن عوسجة الأسدي: 86، 109، 138،137.
المسيب بن نجبة: 75.
مصعب بن الزبير: 146.
مصعب بن یزید: 133.
معقل مولی ابن زیاد: 86.
منقذ بن مرة العبدي: 147.
المهاجر بن أوس: 125.
الشيخ مهدي بن الحسن آل خضر النجفي: 37.
الشيخ مهدي تاج الدين: 33.
ص: 181
السيد مهدي السويج: 34.
السيد مهدي الشيرازي: 47.
(ن)
ناصر خسرو 29.
نافع بن هلال: 137، 143.
النجاشي: 113.
الشيخ نصار العبسي: 48.
النعمان بن بشیر: 75، 83، 85.
الشيخ نمربزه: 34.
نور الدين محمود: 24.
السيد نور الدين الموسوي: 16، 59.
يزيد بن معاوية: 71، 9984، 125
(ه-)
هادي الهلالي: 52.
هاشم المعلم السامرائي الربيعي: 36.
هانئ بن عروة: 87، 88، 101.
هانئ بن هانئ السبيعي: 77.
هلال بن نافع: 157.
(و)
الشيخ الوحيد الخراساني: 49.
ولد للحر: 123، 131.
الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: 68.
وهب بن عبد اللّه الكلبي: 135.
(ی)
يزيد بن الحارث بن رويم: 77.
یزید بن معاویة: 71، 84، 99، 125.
یزید بن معقل: 133.
يسار غلام زیاد: 128.
الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن البلادي: 35.
ص: 182
(أ)
آل أبي سفيان: 155،70.
آل أبي طالب: 92.
آل الحسين: 96.
آل محمد: 49، 111، 150.
آل نصار: 48.
ابن آدم: 17.
أسد: 148.
أشراف العرب: 87.
الأمويين: 23.
أهل البيت: 18، 19، 41.
أهل الجاهلية: 63، 64.
أهل الحجاز: 74.
أهل الشام: 92.
أهل العراق: 67، 111.
أهل الكوفة: 75، 76، 77، 84، 85، 91، 92، 94، 97، 107، 114، 115، 125، 126، 139، 149.
أولاد أمير المؤمنين: 146.
أولاد جعفر بن أبي طالب: 145.
أولاد الحسن: 146.
أيام عاشوراء: 33، 36، 41.
أيام العشرة الأولى من المحرم: 48.
الأیام الفاطمیة: 48.
(ب)
بنات رسول اللّه: 116.
بنات علي والزهراء: 151.
بني البشر: 160.
بني هاشم: 145، 146.
(ت)
تمیم: 91.
(ث)
ثقيف: 99.
ثمود: 75، 142.
(ذ)
ذرية رسول اللّه: 143.
(ش)
الشيعة: 19، 20، 65، 166.
(ع)
عائلة الشيخ محمّد الحسين آل كاشف
الغطاء: 12.
عاد: 142.
العرب: 153.
عسكر أهل الكوفة: 107.
عسكر الحسين: 136، 153.
عشائر الفرات: 24.
ص: 183
علماء البحرين: 50.
العلويين: 23.
(ف)
فتنة الحصّان: 23.
(ق)
قيس: 83.
(ک)
كندة: 91.
(ل)
ليلة عاشوراء: 105.
ليلة العشرين من صفر: 41.
(م)
المجوس: 115، 127.
مذحج: 90، 91، 101.
المذهب الجعفري: 21.
المسلمين: 24.
المسيحيين: 24.
(ن)
النصارى: 115، 127، 137.
(و)
واقعة الطف: 16.
وفيات الأئمة: 16، 48.
وقعة الطف: 35.
(ي)
اليهود: 81، 115، 127، 137.
یوم الجمعة: 42، 45، 74.
يوم الحسين: 18، 63.
يوم الطف: 46، 49، 166.
يوم العاشر: 18، 46، 47، 50، 63.
يوم عاشوراء: 15، 17، 40 48، 50، 106، 123، 151، 157، 160، 167.
ص: 184
صدر البيت القافیة الصفحة
وإذا حلت الهداية قلبا الأعضاء 23
إن تنكروني فأنا ابن كلب حسبی 128
يا سهاما بدم ابن المصطفى منقسمات متصلات 158
أرید حباءه و یرید قتلی مراد 88
أقسمت لا أقتل إلا حرا نکرا 95
فلو شاء ربی ما شهدت قتالهم جابر 134
مشی الدهر یوم الطف أعمی فلم یدع تعثرا 152
فلو وقفت صم الجبال مکانهم وعر 142
ودعته وودی لو تودعنی لا أودعه 152
سلی تخبری عنی و أنت ذمیمة شوارع 134
أرمی بها معلمة أفواقها أخفاقها 143
إن كنت لا تدرين ما الموت فانظري عقیل 101
إن تنكروني فأنا نجل الحسن و المؤتمن 148
وإن الألى بالطف من آل هاشم التأسیا 146
ص: 185
(أ)
ابواب کندة: 92.
الأرجنتین: 25.
أزقة الکوفة: 92.
أسواق النجف: 23.
إیران: 25، 31، 51.
(ب)
باب السدة: 94.
الباب الطوسی: 21.
باب القصر: 90، 91، 97.
الباکستان: 25.
البصرة: 85.
بطن النخل: 141.
بغداد: 23، 25، 30.
بومبی: 26.
بیت الشیخ البهائی: 47.
بیروت: 25، 52.
(ت)
تبریز: 25.
(ج)
جانب الطور: 159.
جانب الکعبة: 74.
جبل عامل: 42.
جرجان: 121.
الجنة: 7، 17، 65، 82، 112، 125، 142.
جهنم: 81، 97، 98.
جوار الإمام الرضا: 47.
(ح)
حرم أبي عبد اللّه الحسين: 30.
حرم أبي الفضل العباس: 30.
حرم الإمامين الجوادين: 30.
الحرم الشريف = الصحن المرتضوي = الحرم العلوي: 21، 22، 45.
الحيرة: 95.
(خ)
خانقين: 30.
خراسان: 37، 113.
الخندق: 108، 109.
الخيام: 108، 140، 150، 156.
الخيمة: 116، 135، 136، 137، 159، 166.
(د)
دار المختار بن أبي عبيدة: 83.
دارهانئ بن عروة: 86.
الدور: 88، 91.
ص: 186
دور أهل الكوفة: 94.
الديوان: 22.
(ذ)
ذات الرقاع: 141.
(ر)
الرهيمة: 106، 107.
روضة العتبة العباسية: 15.
الري: 121.
(س)
سكك الكوفة: 94.
سواد العراق: 127.
سواد الكوفة: 127.
سوريا: 29، 31.
السوق: 91، 101.
(ش)
الشام: 91.
الشريعة: 107.
الشعب: 66.
شعف الجبال: 72.
(ص)
الصحراء: 117، 152.
صحن أبي الفضل العباس: 161.
صفين: 159، 167.
صيدا: 25، 26.
(ط)
طبرستان: 121.
الطريق الأعظم: 74.
طريق السابلة: 121.
طهران: 40، 136.
(ع)
العتبات المقدسة: 23.
العراق: 23، 25، 31، 42، 66، 67، 102.
عسفان: 141.
(غ)
الغار: 66.
(ف)
فسطاط الحسين: 140.
فلسطين: 25.
(ق)
قبر النبي = قبر جده: 72.
القدس: 25.
قصبة بلاد الجبال: 121.
القصر: 90،85، 91، 94، 100.
قصر الإمارة: 75.
قم المقدسة: 52.
(ک)
كرب وبلاء = كربلاء: 18، 30، 46، 47، 51، 63، 73، 125، 165.
ص: 187
کرمانشاه: 30.
کرند: 30، 41.
الكعبة: 138.
الكوفة: 75، 83، 84، 85، 89، 98، 102، 114، 128،121.
(ل)
لبنان: 25، 31.
(م)
مآتم آل نصار: 48.
مجالس أبي عبد اللّه: 19.
المخيم: 151.
مدرسة الصدر: 31.
المدينة: 68، 71، 72، 83، 114، 152.
مدينة بحمدون: 24.
مستشفى الكرخ: 30.
مسجد رسول اللّه: 83.
مسجد الكوفة = المسجد الأعظم: 25، 86.
مسجد الهندي: 21.
المسناة: 148.
مشهد الرضا: 41.
مصر: 25.
معسكر الحسين: 107، 109، 136.
مقبرة الميرزا الشيرازي: 21.
مكة: 66، 75،74،71، 76، 114.
مكتبة الإمام الرضا: 47.
منزل سلیمان بن صرد الخزاعي: 75.
الميدان: 117، 129، 148.
(ن)
النجف الأشرف: 12، 20، 23، 26، 30، 31، 48، 51، 59، 148، 163.
نیسابور: 121.
نيويورك: 24.
(ه)
الهند: 163، 167.
(و)
وادي السلام: 30.
الولايات المتحدة الأمريكية: 24.
ص: 188
الأسد: 67، 95.
الأسُود: 144.
البعير: 113.
الجراد: 139، 153.
الخيل: 95، 110، 119، 155.
الذئب: 153.
الرخم: 144.
الصقر: 144.
الفرس: 109، 110، 147، 158، 159.
فرس رسول اللّه = المرتجز: 114، 153.
القطا: 117، 151.
القنفذ: 129، 158.
الكبش: 18، 64.
الليث: 42، 133، 149، 155.
الليوث: 129، 139، 142.
المعزى: 109، 153.
النحل: 106.
ص: 189
1. الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد: الشيخ المفيد رحمه اللّه (ت 412 ه-).
2. بحار الأنوار: العلّامة المجلسي رحمه اللّه (ت 1111 ه-).
.3 التفسير المنسوب للإمام العسكري علیه السلام.
4. الخصائص الحسينية: الشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-).
5. الكامل في التاريخ: عزّ الدين علي الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 ه-).
6. اللّهوف في قتلى الطفوف: السيد علي بن طاووس رحمه اللّه (ت 664 ه-).
7. مقتل الحسين علیه السلام: المنسوب لأبي مخنف الأزدي رحمه اللّه ، طبع على الحجر بضميمة المجلد العاشر من بحار الأنوار، بومبي 1287 ه-.
8. ناسخ التواريخ: الميرزا محمّد تقي الكاشاني المعروف بسپهر رحمه اللّه (ت 1297 ه-).
ص: 190
1. الإمامة والسياسة: عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري رحمه اللّه (ت 276 ه-).
2. تاريخ الإسلام: شمس الدین محمّد بن أحمد الذهبي رحمه اللّه (ت 748ه-).
3. تاريخ ابن خلدون: العلّامة عبد الرحمن بن محمّد بن خلدون رحمه اللّه (ت 808 ه-).
4. تاريخ ابن الوردي: زين الدين عمر بن مظفر رحمه اللّه (ت 749 ه-).
5. تاريخ الخميس: الشيخ حسين بن محمّد الديار بكري رحمه اللّه (ت 966 ه-).
6. تاريخ مدينة دمشق: الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساکر رحمه اللّه (ت 751 ه-).
7. تجارب الأمم: أبي علي مسكويه الرازي (ت 421 ه-).
8. تذكرة الخواص: العلّامة يوسف بن فرغلي البغدادي المعروف بسبط ابن الجوزي رحمه اللّه (ت 654 ه-).
9. تهذيب الكمال في أسماء الرجال: أبي الحجّاج يوسف المزي رحمه اللّه (ت 742 ه-).
10 جلاء العيون: السيد عبد اللّه بن محمّد رضا آل شبّر رحمه اللّه (ت 1242ه-).
11. جمهرة الأمثال: أبي هلال العسكري (ت 395ه-).
12. الجوهر الثمين: الشيخ حسين بن علي البغدادي رحمه اللّه (ت 1019 ه-).
13. حياة الحيوان الكبرى: کمال الدین محمّد بن موسى الدميري (ت 808 ه-).
14. روضة الأحباب: السيد عطاء اللّه الدشتكى رحمه اللّه (ت ق 10).
15. رياض الشهادة: المولى محمّد حسن القزويني رحمه اللّه (ت 1240 ه-).
ص: 191
16. العقد الفريد: أبي عمرو أحمد بن محمّد الأندلسي رحمه اللّه (ت 327 ه-).
17. مآثر الإنافة في معالم الخلافة: القلقشندي رحمه اللّه (ت 820 ه-).
18. مؤلفو الشيعة في صدر الإسلام: السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
رحمه اللّه (ت 1377 ه-).
19. مجالس الوعظ والعزاء: الشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت 1303 ه-).
20. مصائب الأبرار: لأللّه قلي شاه ميرزا السلماسي رحمه اللّه (ت ق 3).
21. المعجم الوسيط: قام بإخراجه مجموعة.
22. المناقب والمثالب: القاضي أبي حنيفة النعمان المغربي رحمه اللّه (ت 363 ه-).
23. المنتخب: الشيخ فخر الدين الطريحي رحمه اللّه (ت 1085 ه-).
24. ناسخ التواريخ: الميرزا محمّد تقي الكاشاني المعروف بسپهر رحمه اللّه (ت 1297 ه-).
ص: 192
1. القرآن الكريم.
2. إبصار العين: الشيخ محمّد السماوي (ت 1370 ه-)، تحقيق علي جه-اد الحساني، مؤسسة البلاغ، ط 1 - 1424ه-.
3. الأحاديث الطوال: سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 ه-)، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1412ه-.
4. الاحتجاج: أحمد بن علي الطبرسي رحمه اللّه (ت 560 ه-)، تحقيق السيد محمّد باقر الخرسان، دار النعمان - النجف، ط 2 - 1385ه-.
5. اختيار معرفة الرجال: الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه اللّه (ت 460 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1 - 1404ه-.
6. الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد: الشيخ المفيد رحمه اللّه (ت 412 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1 - 1417ه-.
7. أساس البلاغة جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري (ت 583 ه-)، ط 3 - 1985م، الناشر: مركز تحقيق التراث.
8. إعلام الورى بأعلام الهدى: الفضل بن الحسن الطبرسي رحمه اللّه (ت 548 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1 - 1416ه-.
9. أعيان الشيعة السيد محسن الأمين العاملي رحمه اللّه (ت 1371 ه-)، تحقيق السيد حسن الأمين، دار التعارف - بيروت.
10. إقبال الأعمال: السيد علي بن طاووس (ت 664 ه-)، تحقيق الشيخ جواد القيومي، مكتبة الإعلام الإسلامي، ط 1 - 1414ه-.
ص: 193
11. الأمالي: الشيخ الصدوق رحمه اللّه (ت 381 ه-)، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، ط 1 - 1417ه-.
12. أنصار الحسين علیه السلام: الشيخ محمّد شمس الدين رحمه اللّه ، الدار الإسلامية، ط 2 - 1401ه-.
13. الإيقاد: السيد محمّد علي الشاه عبد العظيمي رحمه اللّه (ت 1334 ه-)، تحقيق محمّد جواد الرضوي، منشورات الفيروز آبادي، ط 1 - 1411ه-.
14. بحار الأنوار: العلّامة محمّد باقر المجلسي رحمه اللّه (ت 1111 ه-)، مؤسسة الوفاء، ط 2 - 1403ه-.
15. البداية والنهاية: أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 ه-)، تحقيق علي شيري، دار إحياء التراث العربي، ط 1 - 1408ه-.
16 بيت الأحزان: الشيخ عباس القمي رحمه اللّه (ت 1359 ه-)، دار الحكمة. قم، ط 1 - 1412ه-.
17. تاج العروس: محمّد مرتضى الزبيدي (1205 ه-)، مكتبة الحياة - بيروت.
18. تاريخ الأمم والملوك: أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ه-)، تحقيق عبد اللّه علي مهنّا، مؤسسة الأعلمي، ط 1 - 1418ه-.
19. تاريخ اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب ابن واضح (ت 284 ه-)، دار صادر -بيروت.
20. تأويل الآيات في فضائل العترة الطاهرة: السيد شرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي (ت 965ه-)، تحقيق مدرسة الإمام المهدي، ط 1 - 1407 ه-.
21. تحف العقول ابن شعبة الحراني (ت ق 4)، تحقيق علي أكبر الغفّاري، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 2 - 1404ه-.
ص: 194
22. ترجمة كتاب حجّة السعادة: الترجمة للشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 ه-)، مخطوط.
23. تسلية المُجالس وزينة المَجالس: السيد محمّد بن أبي طالب الموسوي الحائري (ت ق 10)، تحقيق الشيخ فارس حسون كريم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1 - 1418ه-.
24. تسمية من قتل مع الإمام الحسين علیه السلام: الفضيل بن الزبير الأسدي (ت ق 2 ه-)، تحقيق السيد محمّد رضا الجلالي، تراثنا عدد 2 من ص 127- 161، 1405 ه-.
25. تفسير القمي: أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي (ت 329 ه-)، تصحيح السيد طيّب الجزائري، مؤسسة دار الكتاب، ط 3 - 1404ه-.
26. التفسير المنسوب للإمام العسكري علیه السلام: (ت 260 ه-)، تحقيق مدرسة الإمام المهدي علیه السلام، ط 1 - 1409ه-.
27. الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي (ت 560 ه-)، تحقيق الأستاذ نبيل رضا علوان، مؤسسة أنصاريان، ط 2 - 1412ه-.
28. ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق رحمه اللّه (ت 381 ه-)، منشورات الرضي - قم، ط 2 1368ه- ش.
29. الجامع لأحكام القرآن: أبو عبد اللّه محمّد الأنصاري القرطبي (ت 671 ه-)،مؤسسة التاريخ العربي، 1405 ه-.
30. جنة المأوى: الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 ه-)، دار الأضواء، 1408ه-.
31. جواهر المطالب: محمّد بن أحمد الدمشقي (871 ه-)، تحقيق محمّد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط 1 - 1415ه-.
ص: 195
32. الحر الرياحي تأريخ وموقف: علي الفتّال، دار الهادي، ط 1 -1411ه-.
33. الخصائص الحسينية: الشيخ جعفر التستري رحمه اللّه (ت1303 ه-)، تحقيق السيد جعفر الحسيني، أنوار الهدى، ط 1 - 1425ه-.
34. دین و تمدين: محمّد علي الحوماني، مطبعة كوستا تسوماس.
35. ذخيرة الدارين: السيد عبد المجيد بن محمّد رضا الحسيني رحمه اللّه،المرتضوية، ط 1 - 1345ه-.
36. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: الشيخ آغا بزرك الطهراني رحمه اللّه (ت 1389 ه-)، دار الأضواء، ط 3 - 1403ه-.
37. ذوب النضار في شرح الثار: الشيخ جعفر بن نما الحلي رحمه اللّه (ت 645 ه-)، تحقيق الشيخ فارس الحسون، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1 - 1416ه-.
38. روضة الشهداء: الملّا حسين الكاشفي رحمه اللّه (ت 910 ه-)، تصحيح دكتور عقيقي بختاشي، نشر نويد إسلام، 1381 ه- ش.
39. روضة الواعظين: محمّد بن الفتّال النيسابوري رحمه اللّه (ت 508 ه-)، تحقيق السيد محمّد مهدي السيد حسن الخرسان، منشورات الرضي - قم.
40 شذّ العرف في شهداء الطف: السيد محمّد مهدي السيد حسن الخرسان (معاصر)، مخطوط، اعتمدنا عليه بما أملاه علينا مؤلِّفه في مجالس عدّة من أيام شهر محرم الحرام.
41. شرح الأخبار: النعمان بن محمّد المغربي (ت 363 ه-)، تحقيق محمّد الحسيني الجلالي، مؤسسة النشر الإسلامي.
42. شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد (ت 656ه-)، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية.
ص: 196
43. الصحاح: إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 393ه-)، تحقيق أحمد بن عبد الغفور، دار العلم للملايين، ط 4 - 1407 ه-.
44. العباس بن علي علیهما السلام بطل النهضة الحسينية: السيد أبو القاسم الديباجي، ط 1 - 1418 ه-.
45. العوالم - الإمام الحسين علیه السلام: الشيخ عبد اللّه البحراني رحمه اللّه (ت 1130 ه-)، تحقيق مدرسة الإمام المهدي علیه السلام، ط 1 - 1407ه-.
46. العين: الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه-)، تحقيق الدكتور مهدي المخزومي، مؤسسة دار الهجرة، ط 2 - 1409ه-.
47. عيون أخبار الرضا علیه السلام: الشيخ الصدوق رحمه اللّه (ت 381 ه-) مؤسسة الأعلمي، ط 1 - 1404ه-.
48 الفتوح: أحمد بن أعثمّ الكوفي (314 ه-)، تحقيق علي شيري، دار الأضواء، ط 1 - 1411ه-.
49. فوائد المشاهد: الشيخ التستري (ت 1303 ه-)، دار الاعتصام، ط 1 - 1416ه-.
50. القاموس المحيط: الشيخ نصر الهوريني (ت 817 ه-.)
51. القمقام الزخّار: فرهاد ميرزا ابن عباس القاجاري رحمه اللّه، تعريب وتحقيق محمد شعاع فاخر، انتشارات المكتبة الحيدرية، ط 1 - 1423ه-.
52. القول السديد بشأن الحر الشهيد: السيد محمّد هادي الخراساني رحمه اللّه (ت 1368 ه-)، تحقيق محمّد تقي الجلالي، انتشارات المكتبة الحيدرية، ط 1 - 1424ه-.
53. كامل الزيارات: الشيخ جعفر بن محمّد بن قولويه القمي رحمه اللّه (ت 368 ه-)، تحقيق الشيخ جواد القيومي، مؤسسة الفقاهة، ط 1 - 1417ه-.
ص: 197
54. الكامل في التاريخ: عزّ الدين علي الشيباني المعروف بابن الأثير (ت 630 ه-)، تحقيق الشيخ خليل شيحا، دار المعرفة، ط 1 - 1422ه-.
55. كشف الظنون: حاجي خليفة (ت 1067 ه-)، دار إحياء التراث العربي.
56. كشف الغمة: أبو الحسن علي بن عيسى الإربلي رحمه اللّه (ت 493 ه-)، دار الأضواء، ط 2 - 1405ه-.
57. الكنى والألقاب: الشيخ عباس القمي رحمه اللّه (ت 1359 ه-)، تقديم محمّد هادي الأميني.
58. لسان العرب: جمال الدين محمّد بن منظور (ت 711 ه-)، نشر أدب الحوزة، ط 1 - 1405ه-.
59. اللّهوف في قتلى الطفوف: السيد علي بن طاووس رحمه اللّه (ت 664 ه-)، مهر، ط - 1417ه-.
60. لواعج الأشجان: السيد محسن الأمين العاملي رحمه اللّه (ت 1371 ه-)، بصيرتي.
61. اللؤلؤ والمرجان: الميرزا حسين محمّد تقي النوري رحمه اللّه (ت 1320 ه-)، تعريب الشيخ إبراهيم البدوي، دار البلاغة، ط 1 - 1423ه-.
62. مثير الأحزان: نجم الدين محمّد بن نما الحلي رحمه اللّه (ت 645 ه-)، المطبعة الحيدرية، 1369 ه-.
63. مجمع الأمثال: أبو الفضل أحمد الميداني (ت 518 ه-)، تحقيق الدكتور جان عبد اللّه توما، دار صادر، ط 1 - 1422ه-.
64. مجمع البحرين: الشيخ فخر الدين الطريحي رحمه اللّه (ت 1085 ه-)، تحقيق أحمد الحسيني، مكتبة نشر الثقافة الإسلامية، ط 2 - 1408ه-.
ص: 198
65. مختار الصحاح: محمّد بن أبي بكر الرازي (ت 721 ه-)، تحقيق أحمد شمس الدین، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1415ه-.
66. مدينة المعاجز: السيد هاشم البحراني رحمه اللّه (ت 1107 ه-)، تحقيق الشيخ عزة اللّه الهمداني، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط 1 - 1413ه-.
67. مروج الذهب: أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي رحمه اللّه (ت 346 ه-)، تحقيق أمير مهنا.
68. المزار الكبير: الشيخ محمّد المشهدي رحمه اللّه (ت610 ه-)، تحقيق جواد القيومي، مؤسسة النشر، ط 1 - 1419ه-.
69. مستدرك الوسائل: الميرزا حسين محمّد تقي النوري رحمه اللّه (ت 1320 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1 - 1408ه-.
70. مصباح الزائر: السيد علي بن طاووس رحمه اللّه (ت 664 ه-)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1 - 1417ه-.
71. معالي السبطين: الشيخ محمّد مهدي الحائري رحمه اللّه (ت 1385 ه-)، مؤسسة البلاغ، ط 1 - 1423ه-.
72. معجم البلدان: شهاب الدين ياقوت الحموي (ت 626 ه-)، دار إحياء التراث العربی - 1399 ه-.
73. المطبوعات النجفية: محمّد هادي الأميني، ط 1 - 1383ه-، النجف.
74. مقاتل الطالبيين: أبو الفرج الإصفهاني (ت 256 ه-)، تحقيق كاظم المظفر، مؤسسة دار الكتاب - قم.
75 مقتل الحسين علیه السلام: أبو المؤيد بن أحمد الخوارزمي (ت 569 ه-)، تحقيق الشيخ محمّد السماوي رحمه اللّه، انتشارات أنوار الهدى، ط 2 - 1423ه-.
ص: 199
76. مقتل الحسين علیه السلام: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي رحمه اللّه (ت 157 ه-)، تحقيق ميرزا حسن الغفاري، مكتبة السيد شهاب الدين المرعشي - قم، 1398 ه-.
77. مقتل الحسين علیه السلام: برواية لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي رحمه اللّه (ت 157 ه-)، استخراج كامل سلمان الجبوري، دار المحجة البيضاء، ط 1 - 1420ه-.
78. مقتل الحسين علیه السلام: المنسوب لأبي مخنف الأزدي رحمه اللّه (ت 157 ه-)، طبع على الحجر بضميمة المجلد العاشر من بحار الأنوار، بومبي 1287 ه-.
79. مقتل الحسين علیه السلام: المنسوب لأبي مخنف الأزدي، انتشارات المكتبة الحيدرية، 1426 ه-.
80. مقتل الحسين علیه السلام: المنسوب لأبي مخنف الأزدي، مركز انتشارات الأعلمي - طهران - 1339 ه-.
81. مقتل الحسين علیه السلام: الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه اللّه (ت1373 ه-)، تحقيق هادي الهلالي، انتشارات المكتبة الحيدرية.
82. مناقب آل أبي طالب علیه السلام: أبو عبد اللّه محمّد بن شهر آشوب رحمه اللّه (ت588 ه-)، تحقيق مجموعة، المطبعة الحيدرية - النجف، 1376ه-.
83. موسوعة الإمام الحسين علیه السلام: إعداد محمّد عيسى آل مكباس البحراني، آل مكباس للطباعة والنشر، ط 1 - 1422ه-.
84. نصوص من تأريخ أبي مخنف: استخراج وتنسيق كامل سلمان الجبوري، دار المحجة البيضاء.
ص: 200
85. نفثة المصدور: الشيخ عباس القمّي رحمه اللّه (ت 1359 ه-)، انتشارات ذوي القربى، ط 1 - 1421ه-.
86. نفس المهموم: الشيخ عباس القمي رحمه اللّه (ت 1359 ه-)، انتشارات ذوي القربي، ط 1 - 1421ه-.
87. نور العين في مشهد الحسين علیه السلام: الأستاذ أبي إسحاق الأسفرايني (ت ق 10 ه-)، المنار - تونس.
88. نيل الأوطار: محمّد بن علي الشوكاني (ت 1255 ه-)، دار الجيل - بيروت.
89. واقعة الطف: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي رحمه اللّه (ت 157 ه-)، تحقيق الشيخ محمّد هادي اليوسفي، مؤسسة النشر الإسلامي - 1417ه-.
90. وسيلة الدارين: السيد إبراهيم الزنجاني، مؤسسة الأعلمي - 1395ه-.
91. ينابيع المودة لذوي القربى: الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي (ت 1294 ه-)، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، دار الأسوة، ط 1 - 1416ه-.
ص: 201
صورة المؤلف رحمه اللّه ...3
الإهداء ... 5
مقدمة الطبعة الأولى ... 11
مقدمة الطبعة الثانية ... 13
كلمة نجل المؤلف ... 15
مقدمة التحقيق ... 17
المؤلّف اسمه ونسبه ... 20
ولادته ونشأته ... 20
يومياته ... 22
مواقفه الإصلاحية ... 23
تأليفاته الممتعة ... 24
وفاته رحمه اللّه ... 30
المجالس الحسينية ومن كتب فيها ... 31
قراءة العلماء للمجالس الحسينية ... 38
تسمية الكتاب ... 50
مقتل الإمام الحسين علیه السلام المخطوط ... 51
هل طبع هذا الكتاب سابقاً أم لا؟ ... 51
النسخة المعتمدة ... 52
منهجية التحقيق ... 53
ص: 202
نسخ الكتاب ... 55
شكر وعرفان ... 59
المجلس الأول
إن يوم الحسين علیه السلام أقرح جفوننا ... 63
من بكى وأبكى فينا ... 64
مولد الحسين علیه السلام ... 65
التزامه علیه السلام بالهدنة والوفاء بها ... 65
معاوية يأخذ البيعة لابنه يزيد ويوصيه ... 66
محاولة أخذ البيعة من الحسین علیه السلام لیزید و فشلها ... 68
خروج الإمام الحسين علیه السلام نحو مكة ... 71
مجيء الإمام علیه السلام عند قبر النبي صلی اللّه علیه و آله ... 72
استغاثته علیه السلام بقبر جده صلی اللّه علیه و آله ... 73
في الطريق إلى مكة ... 74
الإمام الحسين في مكة ... 74
مكاتبات أهل الكوفة للإمام الحسين علیه السلام ... 75
فاقبل لعلّ اللّه أن يجمعنا بك ... 75
وبعد يومين ... 76
فإن الناس ينتظرونك ... 77
فإذا شئت فاقبل على جندٍ لك مجنّدة ... 77
جواب الإمام الحسين علیه السلام لأهل الكوفة ... 77
ص: 203
المجلس الثاني
ويقتلون ولديَّ الحسن والحسين علیهما السلام ... 81
في فضل البكاء عليه علیه السلام ... 82
إرسال الإمام علیه السلام مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه للكوفة ... 82
مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه في الكوفة ... 83
إرسال كتاب ليزيد من قِبل منافقيه ... 84
مسیر ابن زياد إلى الكوفة ... 84
خطبة ابن زياد لأهل الكوفة وتهديدهم ... 85
مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه في دار هانئ بن عروة رضی اللّه عنه ... 86
معقل مولی ابن زیاد وسعایته ... 86
عبيد اللّه بن زیاد وهانئ بن عروة عنه رضی اللّه عنهما ... 87
نهوض مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه ومحاصرته من ابن زياد ... 91
خذلان أهل الكوفة مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه ... 92
مجاهدة مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه وغدر أهل الكوفة به ... 94
محمّد بن الأشعث وأمانه المسلم بن عقيل رضی اللّه عنه ... 96
محاورة مسلم بن عقيل رضی اللّه عنه وابن زياد ... 97
مقتل مسلم بن عقیل رضی اللّه عنه ... 100
مقتل هانئ بن عروة رضی اللّه عنه ... 101
جواب يزيد لكتاب ابن زیاد ... 102
ذكر وقائع ليلة عاشوراء
المجلس الثالث
ذكر وقائع لیلة عاشوراء ... 105
ص: 204
ذكر وقائع يوم عاشوراء ... 106
عدد أصحاب الإمام الحسين علیه السلام ... 108
حفر الخندق ... 108
کرامة للإمام الحسين علیه السلام ... 109
كرامة أُخرى للإمام الحسين علیه السلام ... 110
كرامة أخرى للإمام الحسين علیه السلام ... 111
خطبة الإمام الحسين علیه السلام الأولى ... 111
شهادة ابن سمعان في حق الإمام الحسين علیه السلام ... 114
خطبة برير رضی اللّه عنه ... 114
خطبة الإمام الحسين علیه السلام الثانية ... 115
محاورته علیه السلام مع العقيلة زينب علیها السلام ... 116
خطبة زهير بن القين رضی اللّه عنه ... 117
خطبة الإمام الحسين علیه السلام الثالثة ... 118
خطبة الإمام الحسين علیه السلام الرابعة ... 119
محاورته علیه السلام مع عمر بن سعد ... 121
استغاثة الإمام الحسين علیه السلام الأولى ... 123
توبة الحر رضی اللّه عنه ... 123
خطبة الحرّ رضی اللّه عنه ... 126
مقاتل أصحاب الإمام الحسين علیه السلام ... 128
الحملة الأولى ... 128
شهادة الحرّ الرياحى رضی اللّه عنه ... 128
ص: 205
شهادة برير بن خضير رضی اللّه عنه ... 133
شهادة وهب الكلبي رضی اللّه عنه ... 135
شهادة مسلم بن عوسجة رضی اللّه عنه ... 137
في رباطة جأش الأصحاب ... 138
حرق جملة من الخيام ... 140
الصلاة ... 141
أوفيت يابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله؟ ... 142
استشهاد جملة من الأصحاب ... 143
استشهاد عابس الشاكري رضی اللّه عنه ... 144
استشهاد شوذب مولی شاکر رضی اللّه عنه ... 145
مقاتل أهل بيته علیه السلام ... 145
شهادة علي الأكبر علیه السلام ... 147
شجاعة العباس علیه السلام ... 147
شهادة القاسم علیه السلام ... 148
استغاثة الإمام الحسين علیه السلام الثانية ... 150
وداع الإمام الحسين علیه السلام لعياله ... 150
شجاعة الإمام الحسين علیه السلام ... 152
الإمام الحسين علیه السلام في لحظاته الأخيرة ... 154
شهادة غلام للإمام الحسن علیه السلام ... 156
الظليمة الظليمة ... 158
ليت السماء أُطبقت على الأرض ... 160
ص: 206
فائدة ... 163
الفهارس الفنية
فهرس الآيات ... 173
فهرس الأنبياء والمعصومين علیهم السلام ... 174
فهرس الأعلام ... 175
فهرس البيوتات والقبائل والفرق والوقائع والأيام ... 183
فهرس الأشعار ... 185
فهرس الأماكن ... 186
فهرس الحيوانات ... 189
فهرس المراجع التي اعتمدها المؤلف رحمه اللّه ... 190
فهرس مراجع التحقيق غير المباشرة ... 191
فهرس مراجع التحقيق المباشرة ... 193
فهرس المحتويات ... 202
ص: 207
تشرفت مكتبتنا - مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة - بتحقيق أو مراجعة الكتب الآتية، ونشرها:
(1). العباس علیه السلام.
تأليف: السيد عبد الرزاق الموسوي المقرّم (ت 1391 ه-).
تحقيق: الشيخ محمّد الحسون.
(2). المجالس الحسينيّة.
تأليف: الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 ه-).
تحقيق: الأستاذ أحمد علي مجيد الحلّي.
راجعه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(3). سند الخصام في ما انتخب من مسند الإمام أحمد بن حنبل.
تأليف: الحجّة الشيخ شير محمّد بن صفر علي الهمداني (ت 1390 ه-).
تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية / الأستاذ أحمد علي مجيد الحلّي.
(4). معارج الأفهام إلى علم الكلام.
تأليف: الشيخ جمال الدين أحمد بن علي الجبعيّ الكفعميّ (ق 9).
تحقيق: عبد الحليم عوض الحلّي.
مراجعة وتصحيح: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
ص: 208
(5). مکارم أخلاق النبیّ و الأئمة.
تأليف: الشيخ الإمام قطب الدين الراوندي (ت 573 ه-).
تحقيق: السيد حسين الموسويّ البروجردي.
مراجعة وتصحيح: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(6). منار الهدى في إثبات النص على الأئمّة الاثنى عشر النُجبا.
تأليف: الشيخ علي بن عبد اللّه البحرانيّ (ت 1319 ه-).
تحقيق: عبد الحليم عوض الحلي.
مراجعة: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(7). الأربعون حديثا.
اختیار: محمّد صادق السيد محمّد رضا الخرسان.
تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
ص: 209
وسيصدر قريبا:
(1). فهرس مخطوطات العتبة العباسية المقدسة.
تصنيف: السيد حسن الموسوي البروجردي.
(2). الصولة العلوية.
تأليف: محمّد صادق آل بحر العلوم (ت 1399 ه-).
تحقيق: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(3). ديوان السيد سليمان بن داود الحلي.
دراسة وتحقيق: د. مضر سليمان الحسيني الحلي.
مراجعة: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(4). مجالي اللطف بأرض الطف.
نظم: الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت 1371 ه-).
شرح: علاء عبد النبي الزبيدي.
راجعه وضبطه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
(5). كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار عجل اللّه تعالی فرجه الشّریف.
تأليف: العلّامة الميرزا المحدِّث حسين النوري الطبرسي (ت 1320 ه-).
تحقيق: الأستاذ أحمد علي مجيد الحلي.
راجعه ووضع فهارسه: وحدة التحقيق في مكتبة العتبة العباسية المقدسة.
ص: 210