الشهيد الخالد أُويس القرني (رضی الله عنه)

هویة الکتاب

مضر السيد علي خان المدني

الشهيد الخالد

أُوَيْسُ الْقَرَنِيْ (رضی الله عنه)

إصدار مؤسسة مسجد السهلة المعظم

الطبعة الأولى 1433ﻫ.

جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة

ص: 1

اشارة

ص: 2

الإهداء

إلى العالم الذي وصفه المحدث الشيخ الحر العاملي فقال : (من علماء العصر, عالم فاضل ماهر, أديب شاعر)..

إلى السيد الذي تحدث عنه العلامة الخوانساري فقال : (السيد النجيب والجوهر العجيب, والفاضل الأديب.. كان من أعاظم علمائنا البارعين, وأفاخم نبلائنا الجامعين..) ..

إلى صاحب المؤلفات الفائقة الذي ذكره المحدث الشيخ القمي فقال : (الجامع لجميع الكمالات والعلوم , والذي له في الفضل مقام معلوم, الذي إذا نظم لم يرض من الدر إلا بكباره, وإذا نثر فالأنجم الزهر بعض نثاره)..

إلى المحدث الكبير الذي تحدث عنه خاتمة المحدثين الشيخ النوري فقال : (المتبحر الجليل.. شارح الصحيفة والصمدية الذي يروي عن أبيه عن آبائه عن الإمام (علیه السلام) )..

إلى سليل العترة الطاهرة الذي برع بوصفه العلامة الشيخ الأميني فقال : (من أسرة كريمة طنب سرادقها بالعلم والشرف والسؤدد, ومن شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين, اعترقت شجونها في أقطار الدنيا من الحجاز إلى العراق إلى إيران, وهي مثمرة يانعة حتى اليوم, يستبهج الناظر إليها بثمرها وينعه.. من ذخائر الدهر وحسنات العالم كله, ومن عباقرة الدنيا, فنّي كل فن, والعلم الهادي لكل فضيلة, يحق للأمة جمعاء أن تتباهى بمثله, ويخص الشيعة الابتهاج بفضله الباهر, وسؤدده الطاهر, وشرفه المعلى, ومجده الأثيل )..

إلى من أتوج فخرا بشرف الإنتساب إليه..

إلى السيد علي خان المدني أهدي كتابي هذا تخليدا لذكراه..

مضر السيد علي خان المدني

النجف الأشرف 15 رجب الأصب 1433ﻫ.

ص: 3

المقدمة

بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَحِيْمِ

يحدثنا التاريخ عن الكثير ممن حملوا الأرواح على الأكف.. عن مواقف بطولية خلدت صفحات التاريخ وأصبحت نجما مضيئا في ظل الليل الحالك، وواحدة من أنصع الصفحات بياضا هي صفحة ذلك الرجل الزاهد العابد الجليل المجاهد التابعي الصالح أويس القرني (رضی الله عنه) , فهو رجل من أولياء الله الصالحين، جعل نصب عينه مراقبة الله، ورعاية حرماته...

زهد في الدنيا بعد أن جاءت إليه راغمة، وتعالت نفسه عنها بعد أن دُعي إليها وترفعت نفسه عن المجد المبتذل المزيف؛ فأبى المجد الصادق الحقيقي إلا أن يسير في ركابه واختار أن يعيش أجيراً فقيراً و في مقدوره أن يكون سيداً مطاعاً، وثرياً واسع الثراء، وزعيماً يصدر القوم عن رأيه !!!

أويس القرني (رضی الله عنه) ، الذي عاش حياته خامل الذكر، فقير الحال، يحتقره أكثر الناس؛ لما يظهر عليه من رثاثة الثياب، وضآلة البدن، والعمل في خدمة الناس كأجير يرعى الإبل، الذي كان يتوسل إلى أحدهم أن يكف عن أذيته والسخرية منه، ومن رثاثة ثيابه...

هذا الرجل قد ذكره رسول الله (صلی الله علیه و آله) دون أن يراه, ووصفه بالصلاح والتقوى، وأنه لو أقسم على الله لأبرّه ...

لقد تحمل محظي النبي (صلی الله علیه و آله) بالذكر الطيب العري والجوع وأذية الأشرار صابرا محتسبا!! و لو أراد أن يكون أميراً على ذلك البلد لحصل على ذلك؛ فقد عرضت عليه الدنيا من الحاكمين ,ولو أراد أن يكون بيته مزاراً للناس لتقاطروا عليه من كل حدب وصوب.. يقبلون يديه ورجليه؛ ليفوزوا بأعظم منحة، وهي أن يستغفر لهم.

ص: 4

يعمد هذا الرجل الصالح إلى إخراج كل ما في بيته متصدقا، ثم يضطر إذا عضه الجوع بنابه, أن يبحث في المزابل عن كسر الخبز اليابس التي لا يستطيع الناس أن يأكلوها ليبسها ...لأنه جعل الموت نصب عينيه.. يخشى في صباحه ألاّ يعيش إلى المساء، ويتوجس في مساءه أن يغادر الدنيا في الصباح؛ فيسارع إلى التصدق بما عنده حتى لايفجأه الموت ولديه شيء من حطام الدنيا.. فالمستجلي آثاره يرى فيه حال رجل طوى الصدق والإخلاص بين جوانبه.. حتى لسطرت الفضائل بأبهى مظاهرها فى صحيفته الندية بالولاء لدينه ولنبيه ولوصي نبيه؛ فكان من الذين آمنوا, و﴿ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (1), وكان أمينا على ذكر نبيه العظيم (صلی الله علیه و آله) له أنه: [ خَيْرُ التَابِعِيْنَ ] (2) , وكان مصداقا لوصف أميره وسيده الإمام علي (علیه السلام) للمتقين بقوله : { اللَهُمَّ بَلَى لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ؛ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ. وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ - وَاللَهِ الاَقَلُّونَ عَدَداً وَالاَعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللَهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتَهُ حَتَّي يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُونَهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ. هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَی حَقِيقَةِ البَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ المُتْرَفُونَ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَحَلِّ الاَعْلَى} (3).

فهذا أويس (رضی الله عنه) البعيد عنا زمانا ومكانا.. والقريب منا روحا ووجدانا, ذكره قد شغل كل الأزمان؛ فأصبح رمزا للقريب البعيد.

ص: 5


1- سورة إبراهيم – الآية 27
2- الطبقات الكبرى- إبن سعد : 6 / 161, ورواه الحاكم في المستدرك : 3 / 402 , ورواه الخطيب في الجمع والتفريق : 1/480, ورواه ابن معين في تأريخه ( رواية الدوري ) : 1 / 324 , ونحوه في الجامع الصغير : 3 /ح 4001
3- من حِكمه (علیه السلام) في نهج البلاغة : 2/548، شرح المولي فتح الله ؛ وفي شرح محمّد عبده: 171، الحكمة رقم 147، في موعظته لكُمَيل، ومطلعها: يَا كُمَيْلُ! إنَّ هَذِهِ القُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، ووردت في النهج لفظة مُعَلَّقَةٌ بدلاً من مُتَعَلِّقَةٌ.

الإسم والنسب

هو أبو عمرو أويس بن عامر(وقيل بن انس) بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد بن مالك بن أدد بن مذحج، من بني قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مراد من مذحج (1), و نسبه ابن الكلبي (2), كما في أسد الغابة فقال : (أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن مسعده بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد المرادي , ثم القرني : الزاهد المشهور ) (3).

وقرن بطن من مراد والقرني : بفتح القاف والراء وكسر النون.. نسبة الى قَرَن ، وهو بطن من مراد (4) ، يقال له قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، نزل اليمن, وقال عند ذكر أويس : (أويس بن عمرو القرني ، ويقال ابن عامر) (5)

ص: 6


1- اُسد الغابة : 1/ 151, تهذيب التهذيب : 1 / 337 , سير أعلام النبلاء : 4 / 19 , إختيار معرفة الرجال: 314 ، التحرير الطاووسي : 74 ، طرائف المقال : 2/ 192 ، مجمع البحرين : 1 / 131 ، الأعلام : 1 / 375 ، والبداية والنهاية : 6 / 225
2- أبو المنذر هشام بن محمد أبي النضر ابن السائب ابن بشر الكلبي، (000 - 204 ﻫ ): مؤرخ، عالم بالأنساب وأخبار العرب وأيامها، من أهل الكوفة، ووفاته فيها. له نيف ومئة وخمسون كتابا، منها : جمهرة الأنساب، الأصنام ، نسب الخيل ، بيوتات قريش ، الكنى ، المثالب ، افتراق العرب ، الموؤودات ، ألقاب قريش ، ألقاب اليمن ، ملوك الطوائف ، ملوك كندة ، بيوتات اليمن ، ما كانت الجاهلية تفعله ويوافق حكم الإسلام، الديباج في أخبار الشعراء، تأريخ أجناد الخلفاء ، صفات الخلفاء ، تسمية من بالحجاز من أحياء العرب ، كتاب الأقاليم، أخبار بكر وتغلب و أسواق العرب (الأعلام للزركلي)
3- أسد الغابة في معرفة الصحابة – إبن الأثير : 1 / 151
4- إكمال الكمال - إبن ماكولا: 113
5- المصدر السابق نفسه : 142

وقال الدار قطني (1) : (قرن ، بفتحتين ، فهو فيما ذكر إبن حبيب ، قال : في مراد ، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، قوم أويس بن عامر القرني الزاهد, والموضع الذي يحرم منه أهل نجد يقال له : قرن المنازل ، بسكون الراء) .

وقال الجوهري (2): (إن أويسًا القَرَني منسوب إلى قَرَن وهي ميقات أهل نجد وموضعها في الطائف) (3) , وقال : (والقرن : موضع ، وهو ميقات أهل نجد ، ومنه أويس القرني) (4), وقال في هامشه : القرن هنا بتسكين الراء ، وأما أويس القرني فليس منسوباً الى ميقات أهل نجد ، وإنما نسبته الى بني قرن ، بطن من مراد من اليمن .

و يقاربه ما ذهب إليه الخليل (5) فقال :

ص: 7


1- أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي، الحافظ المجوِّد، ، المقرئ المحدّث. من أهل محلة دار القطن ببغداد (306 - 385ﻫ ). سمع وهو صبي من الكثير من الحفاظ , وارتحل في كهولته إلى الشام ومصر، وسمع من ابن حَيَّوَيْهِ النيسابوري، وأبي الطاهر الذهلي، وخلق كثير.كان عارفًا بعلل الحديث ورجاله، مُتَقدِّمًا في القراءات وطرقها، وقوة المشاركة في الفقه، والاختلاف والمغازي،وأيام الناس، وغير ذلك. صنّف الكثير حتى بلغت مصنفاته أكثر من 80 مصنفاً، من أبرزها كتابه العلل والسنن, الأفراد والغرائب, المؤتلف والمختلف في أسماء الرجال,الضعفاء والمتروكون, الإلزامات على صحيحي البخاري ومسلم. تُوفي سنة 385ﻫ ودفن في بغداد في مقبرة باب الدير قريبا من قبر معروف الكرخي.( الموسوعة العربية العالمية)
2- إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر (000 - 393 ﻫ ): أول من حاول (الطيران) ومات في سبيله.لغوي، من الأئمة.وخطه يذكر مع خط ابن مقلة.أشهر كتبه (الصحاح) مجلدان. وله كتاب في (العروض) ومقدمته في (النحو). أصله من فاراب، ودخل العراق صغيرا، وسافر إلى الحجاز فطاف البادية، وعاد إلى خراسان، ثم أقام في نيسابور.وصنع جناحين من خشب وربطهما بحبل، وصعد سطح داره، ونادى في الناس: لقد صنعت ما لم أسبق إليه وسأطير الساعة، فازدحم أهل نيسابور ينظرون إليه، فتأبط الجناحين ونهض بهما، فخانه اختراعه، فسقط إلى الأرض قتيلا .
3- صحاح الجوهري :6 / 2181
4- المصدر السابق نفسه :6 / 2181
5- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري. وهو عربي الأصل من أزْد عُمان. لغوي ومعجمي ومنشئ علم العروض. (100 - 170ﻫ ). نشأ بالبصرة وتربّى فيها، وكان مولعا بالدرس والبحث. وقد لازم حلقات أستاذيه عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء.. وقد روى الخليل عن أيوب وعاصم الأحول وغيرهما وأخذ عنه سيبويه والأصمعي والنضّر بن شُميَل.. والحكايات والمرويات المذكورة في كتاب سيبويه كلها مروية عن الخليل. وقد وهب الله الخليل ذكاء خارقا وفطنة كانت مضربا للمثل في عصره. وجمع إلى ذلك تقوى وزهدا وورعا وهمة عالية. وقد فُتحت له مغاليق أبواب العلوم ، فهو عالم اللغة والنحو والعروض والموسيقى وكان شاعرا ومبتكرا لعلم العروض. فقد نظر في شعر العرب وأحاط بإيقاعاته. ودفعه حسّه المرهف وتذوقه للإيقاع لاستخراج علم العروض، حيث اهتدى إلى أوزان الأشعار وبحورها وقوافيها. وللخليل من التصانيف: كتاب العين وهو أوّل معجم في العربية, كتاب النّغم؛ كتاب العروض, كتاب الشواهد, النقط والشّكل, كتاب الإيقاع.( الموسوعة العربية العالمية)

(وقرن : حي من اليمن ، منهم أويس القرن ) (1) .

لكن الفيروز أبادي (2) أشكل على الجوهري نسبة أويس إلى هذه القرية فقال : (وهي قرية عند الطائف، أو اسم الوادي كله) (3) وكذلك في تحريكه وفي نسبة أويس القرني إليه ؛ لأنه منسوب إلى قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مُراد، أحد أجداده, وهو ما ذهب إليه السمعاني (4) , وقال : (القرني : بفتح القاف والراء وكسر النون .. هذه النسبة الى قرن ، وهو بطن من مراد ، يقال له قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، نزل اليمن ، والمشهور بهذه النسبة

ص: 8


1- العين - الفراهيدي: 5 / 142 :
2- محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، أبو طاهر، مجد الدين الشيرازي الفيروزآبادي (729 - 817 ﻫ ): من أئمة اللغة والأدب. ولد بكارزين من أعمال شيراز. وانتقل إلى العراق، وجال في مصر والشام، ودخل بلاد الروم والهند. ورحل إلى زبيد (سنة 796 ﻫ ) فأكرمه ملكها الأشرف إسماعيل وقرأ عليه، فسكنها وولي قضاءها.وانتشر اسمه في الآفاق، حتى كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير، وتوفى في زبيد. أشهر كتبه :القاموس المحيط, المغانم المطابة في معالم طابة , تنوير المقباس في تفسير ابن عباس , بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز , نزهة الأذهان في تأريخ أصبهان , الدرر الغوالى في الأحاديث العوالي, الجليس الأنيس في أسماء الخندريس , سفر السعادة , المرقاة الوفية في طبقات الحنفية ، البلغة في تأريخ أئمة اللغة , تحبير الموشين في ما يقال بالسين والشين , المثلث المتفق المعنى , الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات , نغبة الرشاف من خطبة الكشاف. ( الأعلام للزركلي)
3- القاموس المحيط - الفيروز أبادي
4- عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي، أبو سعد (506 - 562 ﻫ = 1113 - 1167 م): مؤرخ رحالة من حفاظ الحديث. مولده ووفاته بمرو. رحل إلى أقاصي البلاد، ولقي العلماء والمحدثين، وأخذ عنهم، وأخذوا عنه. نسبته إلى سمعان (بطن من تميم). من كتبه: الأنساب , تأريخ مرو ، تذييل تأريخ بغداد ، تأريخ الوفاة، للمتأخرين من الرواة , الأمالي , أدب الإملاء والاستملاء , التحبير في المعجم الكبير , فرط الغرام إلى ساكني الشام و تبيين معادن المعاني (الأعلام للزركلي)

المعروف في الأقطار : أويس بن عامر القرني ، وقصته في الزهد معروفة) (1).

أما الطبري (2) , فترجم له بأنه: ( أويس القرني من مراد ، وهو يحابر بن مالك بن مذحج ، وهو أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، وهو يحابر بن مالك ( (3) .

وإلى ذلك ذهب ايضا إبن حجر (4) فقال: (قال في التقريب المغني : القرني بفتح القاف والراء بعدها نون ، نسبة الى قرن بن رومان ، والمرادي بمضمومة وخفة راء ودال مهملة ، نسبة الى مراد . اسمه يحابر بن مالك) (5) .

ص: 9


1- الأنساب- السمعاني : 4 / 481 :
2- أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن غالب (224-310ﻫ ، 839 - 923م).. إمام المفسرين. ولد بطبرستان، وبدأ في طلب العلم في السادسة عشرة من عمره، ثم رحل إلى بغداد واستقر فيها، بعد أن زار عدة بلدان. أثنى العلماء على الطبري كثيرا، فقالوا: إنه ثقة عالم، أحد أئمة أهل السنة الكبار، يؤخذ بأقواله، ويُرجع إليه لسعة علمه، وسلامة منهجه. ترك عدة مؤلفات نافعة أبرزها تفسيره الكبير جامع البيان عن تأويل آي القرآن المشهور بين الجمهور بتفسير الطبري. وهو أول تفسير كامل وصل إلينا، أفاد منه كل من جاء بعده، ولهذا عدّ العلماء الطبري أبا التفسير، كما عدوه أبا التأريخ؛ لأن له كتابا كبيرا في التأريخ لم يؤلّف مثله، إلا أنه لم يلتزم فيه بالتوثيق. وسماه تأريخ الأمم والملوك، وله أيضا: تهذيب الآثار وغير ذلك. توفي الطبري في بغداد.( الموسوعة العربية العالمية)
3- تأريخ الطبري : 10 / 145 :
4- أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (773ﻫ - 852ﻫ، 1372م - 1448م). أصله من عسقلان بفلسطين، ومولده ووفاته بالقاهرة. عالم محدث فقيه أديب ولع بالأدب والشعر، ثم أقبل على الحديث فسمع الكثير، ورحل ولازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي. رحل إلى اليمن، والحجاز، وغيرهما لسماع الشيوخ، وصارت له شهرة كبيرة. قصده الناس للأخذ عنه، وأصبح حافظ الإسلام في عصره.. كان فصيح اللسان، راوية للشعر، عارفا بأيام المتقدمين وأخبار المتأخرين، ولي قضاء مصر مرات ثم اعتزل أما تصانيفه فكثيرة جدا منها: فتح الباري في شرح صحيح البخاري, الإصابة في تمييز أسماء الصحابة, تهذيب التهذيب, تقريب التهذيب في أسماء رجال الحديث, لسان الميزان؛ أسباب النزول, تعجيل المنفعة برجال الأئمة الأربعة, بلوغ المرام من أدلة الأحكام, تبصير المنتبه في تحرير المشتبه, إتحاف المهرة بأطراف العشرة, طبقات المدلسين, القول المسدّد في الذَّب عن مسند الإمام أحمد وغيرها كثير.( الموسوعة العربية العالمية)
5- تهذيب التهذيب – إبن حجر: 1 / 337

وبذلك يتضح أن نسبته ( القرني ) بفتح الراء الى قبيلة يمانية ، وليس إلى قرن المنازل بسكون الراء ، وقد اشتبه ذلك على الجوهري وغيره ، كما نص عليه إبن الأثير (1) وغيره. (2)

والقبيلة اليمانية هي مَذْحِج (3) , وهي كبيرة تتفرع منها قبائل كثيرة , متفرقة في منازلها بتفرق بطونها , ولها سيادة على منطقة كبيرة من اليمن , إلا أن معظمهم كانوا يسكنون (سرو مَذْحِج) , الذي يمتد مثلثا في شمال نجران , فمأرب , فقديثنة , إلى الكور.. فيشمل بهذه المساحة شرق أرض همدان , وخولان , وجزء من شرق شمال حِمْيَر , إلى أبين وزبيد وبعض مناطق البيضاء وكانت أبين سوقها ومختلطة الى قبائل كندة بحضرموت وبعد معركة (يوم الرزم ) (4) أو (يوم الردم) خرجت مراد من الجوف والى مناطقها بمأرب والبيضاء حيث

ص: 10


1- علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، أبو الحسن عز الدين إبن الأثير (555 - 630 ﻫ ): المؤرخ ، من العلماء بالنسب والأدب. ولد ونشأ في جزيرة ابن عمر، وسكن الموصل. وتجول في البلدان، وعاد إلى الموصل، فكان منزله مجمع الفضلاء والأدباء، وتوفي بها. من تصانيفه: الكامل، أسد الغابة في معرفة الصحابة ، اللباب ، تأريخ الدولة الأتابكية , الجامع الكبير ، وتأريخ الموصل. (الأعلام للزركلي)
2- إختيار معرفة الرجال : 314 ، التحرير الطاووسي: 74 ، طرائف المقال : 2 / 192 ، مجمع البحرين : 1 / 131 ، الأعلام : 1 / 375 ، البداية والنهاية : 6 / 225 , أسد الغابة : 1 / 151
3- مذحج : بفتح الميم وسكون الذال المعجمة والحاء المكسورة وجيم , على وزن مسجد (الهمداني – صفة جزيرة العرب)
4- سبب التسمية : نسبة إلى المكان التي وقعت فيها الحرب , وهو مكان في الجنوب الغربي من الجوف بسفح جبل يام غربي قرية مجزر . ويقال ان اسمه الرزم . و قد كانت الجوف لقبيلة مراد إلى أن وقع يوم رزم ملاحا بين قبائل همدان و آل بلحارث ضد قبيلة مراد .و سبب الحرب : ان صنم قبيلة مراد ( يغوث ) كان عند انعم بن عمرو المرادي و أعلى , فأراد أشراف مراد أن تنزعه منهما , فبلغ ذلك انعم واعلى فحملوا الصنم يغوث إلى البلحارث ( وهم أعداء مراد ) وكانت مراد من أشد العرب فأرسلوا ألى آل بلحارث يلتمسون رد الصنم أليهم , فاجتمع آل بلحارث و استنجدوا بقبائل همدان فكانت معركة الرزم المشهورة في اليوم نفسه الذي أوقع النبي (صلی الله علیه و آله) وسلم بقريش في غزوة بدر . وبعد الغزوة استقلت همدان بالجوف فكان ليام نصيبها في هذه القسمة فكان لها جبل كبير واسع في الجنوب الغربي من الجوف والمسمى حاليا بجبل يام . وقد نزحت قبيلة مراد بعد المعركة إلى مأرب و حريب . وعندما أسلم فروة بن مسيك المرادي ( أحد فرسان قبيلة مراد , وهو الذي استشهد بأبيات مشهورة له سيد الشهداء الإمام الحسين (علیه السلام) يوم عاشوراء: (فإن نغلب فغلابون قدما*** وإن نغلب فغير مغلبينا..) سأله الرسول (صلی الله علیه و آله) فقال له : [يَا فَرْوَةَ هَلْ سَاْءَكَ مَاْ أَصَاْبَ قَوْمَكَ يَوْمَ الْرَزْمِ] , قال فروة : من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الرزم لا يسوءه ذلك . فقال له الرسول (صلی الله علیه و آله) : [أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيراً] . واستعمله على مراد وزبيد ومذحج كلها، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة، فكان معه في بلاده حتى توفي رسول الله (صلی الله علیه و آله) , ثم سكن الكوفة وتوفي عام 30 ﻫ .

ما تزال حتى اليوم وهذه المنطقة في العصر الحديث هي منطقة الحجرية التي مركزها محافظة (إب) (1) في اليمن.

ومن بطونهم مراد , وسعد العشيرة , وزبيد , وعنس , والرهاء , وبنو الحارث , وصداء, وعبد المدان , وجعفي , وأود , وصعب , ومازن , وبنو مسلية , والنخع (2).

وكانت مراد التي ينتسب إليها أويس (رضی الله عنه) في صراع مستمر مع همدان , ففي الفترة الواقعة بين ظهور الدعوة الإسلامية , وبين معركة بدر فقط , حدثت بينهما ستة معارك , كانت آخرها موقعة (يوم الرزم ) أو (يوم الردم), التي زامنت أيام معركة بدر المظفرة.

ص: 11


1- تتميز مدينة إب بموقعها الجغرافي الهام، حيث تقع على بعد 193 كم جنوب العاصمة اليمنية ، وقد حبا الله أرض هذه المدينة بتربة خصبة، لذلك عرفت ب-(اللواء الأخضر) نظرا لطبيعتها الساحرة، حيث تكتسي جبالها باللون الأخضر وتتفجر منها ينابيع المياه العذبة والشلالات وإبّ تنطق بكسر الهمزة والباء الموحدة المشددة ، سميت قديماً بمدينة الثّجة، لكثرة سقوط الأمطار عليها، وهي تعني لغويا المرعى، ويرجع بعض الباحثين سبب التسمية إلى شهر أغسطس (آب) نظرا لكثرة هطول الأمطار على المدينة في مثل هذا الشهر من كل عام. تبلغ مساحة محافظة إب (5600) كم 2 تقريبا.
2- الذخيرة في أنساب قبائل الجزيرة – علي شداد آل ناصر : 60

ولادته (رضی الله عنه)

لم تحدد لنا المصادر تاريخ ولادة التابعي الشهيد أويس القرني (رضی الله عنه) ومكانها، إلاّ أنّه من أعلام القرن الأول الهجري ، وأنه ولد في أحدى مناطق اليمن, كما ورد ذلك في أحاديث كل من ذكره وروى عنه , ويحدد بعض من كتب عن اليمن منطقة (العبدية) التي تقع في محافظة مأرب مكانا لولادته ونشأته وموطنا له ,وما علم من ترجمته أنه أدرك حياة النبي (صلی الله علیه و آله) ولكنه لم يلتقه ؛ ولذلك عُدَّ من التابعين وليس في الصحابة لأن من شروط الصحابي أن يلتقي النبي (صلی الله علیه و آله) .

ص: 12

مسكنه (رضی الله عنه)

ظل التابعي الجليل فترة من عمره من الصعب تحديدها في اليمن التي ولد فيها , والمرجح أنه آثر ترك موطنه عند شيوع خبر حديث النبي (صلی الله علیه و آله) عنه ؛ لأن من ملامح شخصيته إيثاره عدم حب الظهور , فكان التعريف به مدعاة لأن يهجر المكان الذي يمكن أن يلتمسه الناس فيه, فارتحل إلى الكوفة وسكن فيها , ففي القصص التي تحدثت عن لقاء عمر بن الخطاب به أنّه : ( قال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة , قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي).

وكذلك فإن من كتب عنه من رجال السير والتاريخ قال : سكن الكوفة , ووصفوه بالكوفي التابعي , و أحد زهاد الكوفة أو أفضلهم , وروى البعض أحاديثه قائلا : كان أويس يحدثنا في الكوفة.

كما أشارت قصص أخرى إلى أن بعض من سمع بأحاديث نبي الرحمة عن التابعي الجليل تقصاه وجعل يبحث عنه في الكوفة – كما سيمر علينا - .

غير أن هناك بعض الفترات الزمنية التي شهدت اختفاء شخصه الكريم من هذه المدينة أو غيرها , ويبدو أنه قد آثر الإبتعاد عن مراكز الحاكمين , ومتابعتهم له , وقد يكون إبتعاده تحاشيا لمحاولات إستقطابه , أو طلبات الإستغفار التي قد تنهال عليه ممن يعتقد هو – بما أوتي من ملكات اليقين – بأن طالبيها لا يستحقون – بما عرفه عنهم من تنكب عن خط النبي (صلی الله علیه و آله) الأصيل – منه الشفاعة لهم وطلب الاستغفار.

ص: 13

شكله وصفاته الجسدية

وصف سيد الأنبياء محمد (صلی الله علیه و آله) أويسا القرني (رضی الله عنه) فقال : [ أَشْهَلُ (1) ذُوْ صُهُوْبَةٍ (2) بَعِيْدُ ما بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، مُعْتَدِلُ القَامَةِ، آدِمٌ شَدِيْدُ الأَدَمَةِ (3)، ضَارِبٌ بِذِقْنِهِ إِلى صَدْرِهِ، واضعٌ يَمِيْنَهُ على شِمالِهِ يَتْلُوْ القُرْآنَ ]؛ فيتضح أنه قد لفَحَت وجهه أشعة الشّمس فصار شديد السُّمرة، جسيما مهيبا، كثّ الشّعر, وفي حديث عبد الله بن عبّاس (رضی الله عنه) (4) عندما سئل عن أُويس القرني (رضی الله عنه) ، قال: وَيحك أوَيس القرني له شأن عظيم، وهو سيّد التابعين، وذلك أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) كان يقول لأصحابه: [ يَكُونُ فِيْ أُمَّتيْ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ أُوَيْسٌ القَرَنِيْ، يَدْخُلُ فِيْ شَفاعَتِهِ[ الجَنَّة ]عَدَدَ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ، لَوْ أَقْسَمَ عَلى اللهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلْيَقْرَئْهُ مِنِّيْ السَلامَ]; فقال علي (علیه السلام) : يا رسول الله وفينا من يلقاه؟ قال: [ نَعَمْ يَا عَلِيْ أَنْتَ تَلْقَاهُ: فَإَذاْ لَقِيْتَهُ فَاْقْرَأْهُ مِنِّيْ السَلاْمَ وَاْسْأَلْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكَ بِالْخَيْرِ ]، فقال علي (علیه السلام) : يا رسول الله فما علامته؟ فقال: [هُوَ رَجُلٌ صَهْبٌ أَشْهَلٌ، ذُوْ

ص: 14


1- من كان في عينه ( شهلة )، وهي أن يخالط سوادها زرقة .( المعجم: الرائد)
2- صُهوبة : مصدر صهُبَ . صُهبة ؛ احمرار الشَّعر .( المعجم: اللغة العربية المعاصر)
3- أدِمَ يأدَم ، أَدَمًا وأُدْمةً ، فهو آدَم : أدِم وجهُ العامل اشتدت سُمْرتُه .( المعجم: اللغة العربية المعاصر)
4- عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس (3 ق ﻫ - 68 ﻫ ): حبر الأمة، الصحابي الجليل ولد بمكة، ونشأ في بدء عصر النبوة، فلازم رسول الله (صلی الله علیه و آله) وروى عنه الأحاديث الصحيحة. وأخذ جل علومه عن أمير المؤمنين علي (علیه السلام) وشهد معه (علیه السلام) الجمل وصفين. وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها. له في الصحيحين وغيرهما 1660 حديثا. قال ابن مسعود: نعم، ترجمان عباس. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا كان أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، الحلال والحرام والعربية والأنساب والشعر. وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس يأتونه لأيام العرب ووقائعهم، وناس يأتونه للفقه والعلم، فما منهم صنف إلا يقبل عليهم بما يشاؤون. وكان كثيرا ما يجعل أيامه يوما للفقه، ويوما للتأويل، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لوقائع العرب. وينسب إليه كتاب في (تفسير القرآن ) جمعه بعض أهل العلم من مرويات المفسرين عنه في كل آية فجاء تفسيرا حسنا.(عبد الله بن عباس – السيد محمد تقي الحكيم)

طِمْرَيْنِ (1) أَبْيَضَيْنِ إِذا غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ، وَإِذا( حَضَرَ )طَلَعَ لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِ، وَإِذاْ سَلَّمَ لَمْ يُرَدً عَلَيْهِ] (2)

ووصفه هرم بن حيان (3)عند لقاءه فقال : ، فإذا رجل لحم (4)، أدم، شديد الأدمة، أشعر (5)، محلوق الرأس - يعني ليس له جمة (6) - كث اللحية (7)، عليه إزار (8) من صوف، ورداء (9) من صوف، بغير حذاء ، كبير الوجه، مهيب المنظر جدا.

وورد براوية عن عبد الله بن عمر (10) أن جبريل (علیه السلام) وصفه للنبي (صلی الله علیه و آله) فقال : ( وَأَمَّا صِفَتُهُ وَقَبِيْلَتُه فَمِنَ الْيَمَنِ , مِنْ مُرَاْدَ , وَهْوَ رَجُلٌ أَصْهَبٌ , مَقْرُوْنُ الْحَاْجِبَيْنِ , أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ , بِكَفِّهِ الْيُسْرَىْ وَضَحٌ أَبْيَضُ).

ص: 15


1- الطِّمْرُ بالكسر الثوب الخلق والجمع أطْمارٌ(مختار الصحاح)
2- الفتوح - إبن الأعثم :2 /544
3- هرم بن حيان العبدي ، ويقال : الأزدي ، البصري ، أحد العابدين حدث عن عمر . روى عنه الحسن البصري ، وغيره , ولي بعض الحروب في أيام عمر وعثمان ببلاد فارس . قال إبن سعد: كان عاملا لعمر ، وكان ثقة ، له فضل وعبادة . وقيل : سمي هرما; لأنه بقي حملا سنتين حتى طلعت أسنانه . قال أبو القاسم إبن عساكر : قدم هرم دمشق في طلب أويس القرني وعن هشام ، عن الحسن ، قال : مات هرم بن حيان في يوم حار . فلما نفضوا أيديهم عن قبره ، جاءت سحابة حتى قامت على القبر . فلم تكن أطول منه ، ولا أقصر منه ، ورشته حتى روته ، ثم انصرفت . رواها اثنان عن هشام .( سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4/48)
4- لَحُمَ الرَّجُلُ : كَثُرَ لَحْمُ جَسَدِهِ .
5- أشعر طويل الشعر
6- الجُمَّةُ من الإِنسان : مُجتمَعُ شَعْرِ ناصِيَتِهِ , و الجُمَّةُ ما ترامَى من شعر الرأْس على المَنكِبَيْن .(المعجم الوسيط)
7- أي شعرها مجتمع ومجعّد
8- ما يتزر به الإنسان وهو لباس يلفه الإنسان عادة أكثر ما بين السرة والركبة
9- لغة هو ما يلبس فوق الثياب كالجبة والعباءة ، أو الثوب الذي يستر الجزء الأعلى من الجسم والجمع أردية ، والرداء في الحج هو أحد ثوبي الإحرام .
10- من مشاهير الصحابة الذين كان لهم دور كبير في سير الأحداث التي وقعت في زمن الخلفاء الثلاثة وفي عهد بني أمية، ويكفي أن أباه عمر بن الخطاب ليكون عند أهل السنة والجماعة معظما ومحبوبا، فهم يعدونه من أكبر الفقهاء ومن حفاظ الأحاديث النبوية، حتى أن الإمام مالكا اعتمد عليه في أكثر أحكامه، كما أنه أشبع كتاب الموطأ من أحاديثه. وقد بحثنا عن حياة عبد الله بن عمر في حياة النبي (صلی الله علیه و آله) فوجدناه شابا صغيرا لم يبلغ الحلم ولم يكن له مع أهل الحل والعقد شأن يذكر ولا رأي يسمع(الشيعة هم أهل السنة – د. التيجاني : 235), عقد له البخاري بابا مفردا في مناقبه ، وروى فيه عن ابن عمر عن أخته حفصة : أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال : عبد الله رجل صالح(صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة باب 19 مناقب عبد الله بن عمر رقم 3738) ويكفي في الجزم بوصفه ، كون راويه نفس عبد الله عن أخته ! وأما مطاعنه فكثيرة ، فقد تغيظ عليه رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما وقع منه في طلاق امرأته وهي حائض, ثم ان ابن عمر ممن لم يبايع أمير المؤمنين ، ولم يعتقد أحقية خلافته (تذكرة الخواص : 58), و قال العسقلاني في شرحه : وكان ابن عمر لما مات معاوية كتب إلى يزيد ببيعته .و كان رأى ابن عمر أنه لا يبايع لمن لا يجتمع عليه الناس ، ولهذا لم يبايع أيضا لابن الزبير ولا لعبد الملك في حال اختلافهما ، وبايع ليزيد بن معاوية ، ثم لعبد الملك بن مروان ، بعد قتل ابن الزبير (الطبقات الكبرى: 4 / 184 ، سير أعلام النبلاء: 3 / 231 ) وفي كثير من الكتب أن ابن عمر طرق الحجاج ليلا وقال: هات يدك أبايعك لأمير المؤمنين عبد الملك فاني سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول : من مات وليس عليه بيعة إمام فموتته جاهلية ، فأنكر عليه الحجاج مع كفره وعتوه وقال له : بالأمس تقعد عن بيعة علي بن أبي طالب وأنت اليوم تسألني البيعة من عبد الملك بن مروان ؟ يدي عنك مشغولة لكن هذا رجلي (نثر الدر للآبي: 2/ 90 ، مجمع الزوائد- الهيثمي: 7 / 117).

عمله ومهنته

كانت رعاية الإبل مهنَته ... فيرعي الجمال ويأخذ الأجرة على ذلك , فقد ورد أنه : ( حج عمر بن الخطاب (رضی الله عنه) سنة ثلاث وعشرين للهجرة، وكان شغله الشاغل في حجه البحث عن تابعي يريد لقاءه، فصعد جبلا وأطل على الحجيج ونادى بأعلى صوته: يا أهل اليمن أفيكم أويس من مراد؟ فقام شيخ طويل اللحية، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، وما فينا أحد اسمه أويس إلا إبن أخ لي يقال له: أويس فأنا عمه، وهو حقير بين أظهرنا ، خامل الذكر، وأقل مالا، وأوهن أمرا من أن يُرفع إليك ذكره، فسكت عمر ثم قال: وأين إبن أخيك هذا أهو معنا بالحرم؟ فقال الشيخ: نعم يا أمير المؤمنين، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلا لنا. ركب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأسرعا إلى أراك عرفة، فصارا يتخللان الشجر ويبحثان عنه، فوجداه في لباس صوف أبيض يصلي إلى شجرة، راميا ببصره إلى موضع سجوده وملقيا يديه على صدره، والإبل ترعى حوله) (1) , ومثله أن: ( أويساً كان

ص: 16


1- مختصر تأريخ مدينة دمشق – إبن منظور : 5 / 83

راعياً للإبل ويأخذ الأجرة على الرعي، ويصرفها لأمه الصالحة الصادقة ) (1).. وهكذا كان يُمضي أيّامه في القفار، خلف الإبل، ينتجع الكلأ والمرعى , وإذا سلمنا بموطنه ضمن أرض قبيلة مذحج , فإن الله قد حبا أرض هذه المنطقة بتربة خصبة ، مهيأة للمرعى حتّى عرفت ب-(اللواء الأخضر) ، حيث تكتسي جبالها باللون الأخضر وتتفجر منها ينابيع المياه ، وسميت قديما بمدينة الثّجّة، لكثرة سقوط الأمطار عليها ، وهي تعني لغويا المرعى .

ص: 17


1- طرائف المقال - البروجردي : 2 / 597, سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 27

أويس (رضی الله عنه) من أوائل المسلمين

دخل أويس (رضی الله عنه) الإسلام مع غيره من النّاس الذين دخلوا دين الله أفواجا, لم يكن صحابيا؛ لأنّه لم يلتق كما علمنا بالرسول (صلی الله علیه و آله) ولم يصاحبه ، ولكنه كان تابعيا ، بل على رأس التابعين. والتابعي يلي الصحابي ، فهو الذي أدرك الصحابة الكرام وأخذ عنهم .. وأويس القرني (رضی الله عنه) كان من أفضل الزهاد التابعين، بشهادة الجميع.

تجهز أويَس (رضی الله عنه) للسفر للقيا الرسول (صلی الله علیه و آله) والسلامِ عليه، وقصده في منزله، وروي أنه: ( ذات يوم استأذن من أمه أن يذهب الى زيارة النبي (صلی الله علیه و آله) ، فأذنت له لكن إن لم يكن النبي (صلی الله علیه و آله) في بيته فلا تتوقف وارجع معجلاً ، فلما ذهب الى زيارته ولم يكن في البيت رجع إلى اليمن ، فلما أتى (صلی الله علیه و آله) الى بيته رأى نوراً لم ير مثله، فسأل أنه هل أتى في درب البيت أحد؟ فأجيب جاء أحد من اليمن اسمه أويس ، فحيا وذهب, فقال (صلی الله علیه و آله) : [ نَعَمْ هَذا نُوْرَ أُوَيْسَ ، جَعَلَهُ هَدِيَّةً فِيْ بَيْتِنَا ]) (1) .

وفي بعض الأحاديث المتفرقة أن أويس وصل الى المدينة متعباً وسأل عن بيت النبي (صلی الله علیه و آله) فهدي إلى داره , فطرق الباب , فأجاته أم سلمة وقالت : بأن النبي (صلی الله علیه و آله) مسافر, فهدَّه الحزن واستعبر, فسألته أم سلمة ما اسمك يا بني ولم هذا الحزن؟ فذكر لها سبب سفره وأن أمه شرطت عليه العودة ,وأن اسمه أويس القرني فقالت له أم سلمة :عجيب لطالما ذكرك رسول الله ودعا لك , وأعلمته أن النبي (صلی الله علیه و آله) يعود بعد ثلاثة أيام , فقفل راجعاً صوب اليمن تنفيذاً لشرط أمّه.. تقول أم سلمة : لما عاد النبي (صلی الله علیه و آله) إلى المنزل سأل أم سلمة : أزارنا احد من اليمن؟ فذكرت له القصة ثم سألته كيف علمت بذلك يا رسول الله فقال شممت رائحة الجنة تأتي من صوب اليمن .

ص: 18


1- طرائف المقال- البروجردي : 2 / 597, سير أعلام النبلاء - الذهبي: 4 / 27

وبالإسناد إلى أصبغ بن زيد (1)، قال: ( أسلم أُويس على عهد النبي (صلی الله علیه و آله) وهو باليمن ولم يرده، منعه من القدوم برّه بأمّه ) (2) .

ونقل أن سببا آخر غير بر أمه منعه من تشرفه بلقاء سيد الرسل (صلی الله علیه و آله) ’ تحدث به بشر الحافي (3)

ص: 19


1- ورد في معاني الأخبار : 399 باب نوادر المعاني حديث 59 بسنده : .. قال : حدثنا أبو قتيبة ، قال : حدثنا الأصبغ بن زيد ، عن سعيد بن رافع ، عن زيد بن علي (علیهما السلام) .. وفي دلائل الإمامة : 5 [ وفي الطبعة الجديدة : 71 ] في دلائل فاطمة (علیها السلام) .. بالسند المتقدّم .. ، وعنهما في بحار الأنوار 89/269 حديث 8 مثله ، وكذلك في وسائل الشيعة 7/384. و الظاهر هذا هو الأصبغ بن زيد الورّاق ، وقد وثّقه ابن معين في تأريخه : 67 برقم 120(تنقيح المقال - الجزء الحادي عشر : 121 - 135)
2- الإِصابة - إبن حجر : 1/ 223 .
3- أبو نصر بشر بن الحارث الحافي(150 – 221 ﻫ ): أصله من مرو، وقد سكن بغداد ومات فيها، وكان كبير الشأن , من أغنياء بغداد , وقد كان قمارا خمارا زمارا لا يتورع عن فعل المنكرات والمحرمات الكبيرة, وحدث يوما أن كان الإمام الكاظم (علیه السلام) ، مارا من أمام بيت بشر، وكانت أصوات اللهو والطرب تملأ المكان فصادف أن فتحت جارية باب الدار لإلقاء بعض الفضلات، وحين رمت بها في الطريق سألها الإمام (علیه السلام) ? قائلا: (يا جارية! هل صاحب هذه الدار حر أم عبد؟!), فأجابته الجارية وهي مستغربة سؤاله: هذا بشر رجل معروف بين الناس، وقالت: بل هو حر!! فقال الإمام (علیه السلام) : (صدقت لو كان عبداً لخاف من مولاه), وانصرف الإمام (علیه السلام) بعد أن قال هذه الكلمة.فعادت الجارية إلى الدار وكان بشر جالسا إلى مائدة الخمر، فسألها: ما الذي أبطأك ؟ فنقلت له ما دار بينها وبين الإمام (علیه السلام) ، وعندما سمع ما نقلته من قوله (علیه السلام) : (صدقت، لو كان عبداً لخاف من مولاه)., اهتزت جوانحه عنيفا وكأن الكلمات أيقظته من غفلته، وأيقظته من نومته، نومة الغفلة عن الله. ثم سأل بشر الجارية عن الوجهة التي توجه إليها الإمام (علیه السلام) ، فأخبرته فانطلق يعدو خلفه، حتى أنّه نسي أن ينتعل حذاءه ، وكان في الطريق يحدث نفسه بأن هذا الرجل هو الإمام موسى بن جعفر (علیهما السلام) ، وفعلاً ذهب إلى منزل الإمام (علیه السلام) فقال له ..: يا سيدي أنت الذي وقفت بالباب وخاطبت الجارية ؟؟ فقال: نعم؛ قال: أعد على كلامك فأعاده عليه؛ فمرغ بشر خديه على الارض ؛ فقال: بل عبد!! فقال له سيدي هل لي من توبة؟ فقال له الإمام (علیه السلام) : نعم إن تبت تاب الله عليك فقال: سيدي أدركتني التوبة وأنا حافي القدمين لا ألبس نعلا بعد ذلك أبدا فسمي ببشر الحافي ثم هام على وجهه حافيا ؛حتى عرف بالحفاء؛ فقيل له لم لا تلبس نعلا؟؟ قال : لأني ما صالحني مولاي إلا وأنا حاف ؛فلا أزول عن هذه الحالة أبدا .ومنذ لحظة توبة بشر على يد الإمام الكاظم (علیه السلام) , هجر الذنوب ونأى عنها وأتلف كل وسائل الحرام وأقبل على الطاعة والعبادة.

, فعن الحسن بن عمرو (1) قال : سمعت بشرا يقول: ( بلغ من ورع أويس أنه جلس في قوصرة (2) من العري ) (3) , فهذا هو الزهد .. وكان مشغولا بخدمة والدته؛ فلذلك لم يجتمع برسول الله (صلی الله علیه و آله) .

غير أن هنالك من الروايات ما تشير الى مشاركته في معركة أحد , فقد نقل عن أويس (رضی الله عنه) قوله : ( والله ما كسرت رباعيته (صلی الله علیه و آله) حتى كسرت رباعيتي ولا شج وجهه حتى شج وجهي ولا وطئ ظهره حتى وطئ ظهري ) (4).

ويشير غيرهم إلى ذلك الحدث بوصفه نوعا من التخاطر الغيبي, وبأن أويس (رضی الله عنه) لم يشاهد النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) ولكن عشق النبي (صلی الله علیه و آله) كان راسخاً في قلبه إلى درجة أنه عندما كسرت رباعية النبي (صلی الله علیه و آله) فإن رباعيته كسرت أيضاً - وهو في اليمن - مع ما بينهما من مسافة بعيدة , ولقد كانت العلاقة عجيبة بين النبي (صلی الله علیه و آله) وبين أويس (رضی الله عنه) , يصعب أن يجد المرء لها أحيانا تعريفا أو وصفا أو تحديدا , فالرجل الذي لم يلتق النبي (صلی الله علیه و آله) , يتحدث عنه النبي (صلی الله علیه و آله) بمدد الغيب ويصفه بدقة , ويذكر شرفه الرفيع ومنزلته الربانية , وأويس (رضی الله عنه) الذي لم ير النبي (صلی الله علیه و آله) يتحدث بملكة عجيبة - لعلها كرامة العباد الصالحين - عن احتجاب النبوة بحجاب الرسالة عن النبي (صلی الله علیه و آله) لأصحابه فيقول: ( ما رأيتموه إلاّ كالسيف في غمده ) , وهذا النفي يحمل وجه الاعتراض عليهم , وعادة لا يصدر مثله إلا ممن كان عارفا بالمقدار الأوفى بالنبي (صلی الله علیه و آله) , ولاشك أن أويساً القرني (رضی الله عنه) وصل إلى هذه الدرجة بإخلاصه وعمق علاقته مع السماء , تلك العلاقة التي

ص: 20


1- الحسن بن عمرو بن يزيد : من أصحاب الرضا (علیه السلام) (رجال الشيخ :355 / 15) وذكره إبن داود راويا عن رجال الشيخ أنّه : ثقة (رجال ابن داود :77 / 449)
2- القوصرة : وعاء من قصب يوضع فيه التمر.
3- التبصرة - إبن الجوزى : 2/ 140
4- الفضائل والرذائل –المظاهري: 6/20

وسمها النبي (صلی الله علیه و آله) , عندما علم بمجيئه لرؤيته بقوله: [ أَرَىْ نُوْرَ الله فِيْ الْمَدِيْنَةِ ] و[ هَذا نُوْرُ أُوَيْسَ ، جَعَلَهُ هَدِيَّةً فِيْ بَيْتِنا ]؛ لأن أويساً القرني (رضی الله عنه) سحق بقدمه على شهوة عقله؛ فلم يترجل عن بعيره ورجع ولم يرَ النبي (صلی الله علیه و آله) , لكنه رآه بعين البصيرة , وعرف النبي (صلی الله علیه و آله) أكثر مما عرفه بعض صحابته .

وقد حكي أن أويس القرني (رضی الله عنه) لما دخل المدينة ووقف على باب المسجد قيل له : هذا قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فغشي عليه , ولما أفاق قال: ( أَخرجوني فليس يلذ لي بلد فيه محمد (صلی الله علیه و آله) مدفون) .

وفي قراءة بسيطة لما ورد عن سيد التابعين من أخبار , نستطيع الركون إلى أن صفحات كثيرة من تأريخه الشخصي قد أزيلت ؛ فليس من المعقول أن شخصا بهذه المنزلة الكبرى يضيع مدة حياة النبي (صلی الله علیه و آله) بعد نزول الوحي التي استمرت في مكة ثلاث عشرة سنة , وفي المدينة عشر سنوات , وما يزيد على السنتين من حكم أبي بكر , حتى نهاية حكم عمر – كما تشير الروايات إلى تقصي عمر عنه في آخر حجة له – الذي امتد عشر سنين .

ولو تنازلنا عن سني مكة , لافتراض مصاعبها وويلاتها , فإن المتبقي لدينا يزيد على الإثنتين وعشرين سنة , بخل بها التاريخ فلم يتطرق إلى رجل أقل ما يمكن أن يقال عنه , أن النبي (صلی الله علیه و آله) خصّه بمزية لم يشرف بها أحدا آخر من صحابته , أو التابعين .

كما أننا لا نشير إلى سني حكم عثمان الإثنتي عشرة , فلعل أويسا (رضی الله عنه) فرّ بدينه إلى حيث لا يدرى بعيدا عن حكم نُفي فيه أبو ذر (رضی الله عنه) وضُرب فيه عبد الله بن مسعود (رضی الله عنه) وكسرت أضلاعه ومنعه عطاءه, ووُطىء فيه عمار (رضی الله عنه) وفتقت أمعاؤه , وانبعثت كثير من القيم والأخلاق والمطامح الجاهلية التي نشطت للعمل من خلال ممثليها ورموزها في قمة السلطة في مجالات السياسة والإقتصاد والإجتماع . وقد أدى انبعاث هذه القيم الجاهلية إلى تعارض في المصالح بين ممثلي هذه القيم وبين أكثرية المسلمين الذين كانت تغتذي نفوسهم بالآمال التي تولدها قيم

ص: 21

الإسلام في العدالة الخالصة والمساواة... هذا التعارض المأساوي الذي ما فتئت تغذيه أخطاء الحكم وسياسات الرموز الجاهلية العائدة ، فتعمقه، وتزيده حدة ، وتدفع به إلى مزيد من الإتساع والإنتشار.

ومن جانب آخر فإن سيد التابعين لابد أن يكون قريبا من مصدر الفكر النبوي الأصيل , وإلّا فمن أين أخذ إسلامه وعمق إيمانه , إذا سلمنا بمرور تلك السنين الطويلة عليه غريبا متواريا ؟.

لقد تحدث التأريخ عن واحد من زعماء قبيلة أويس (رضی الله عنه) وهو فروة بن مسيك المرادي , حين قدم على النبي (صلی الله علیه و آله) معلنا إسلامه عام الفتح , ولم يكن اللقاء عابرا , فإن سيد الأنبياء (صلی الله علیه و آله) أفسح من وقته الثمين و تبسط في الحديث مع فارس مراد وسأله عن مشاعره في واقعة (يوم الرزم) أو (يوم الردم) , وقال له الرسول (صلی الله علیه و آله) : [ أَمَا إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزِدْ قَوْمَكَ فِيْ الإسلام إِلّاْ خَيْراً ], واستعمله على مراد وزبيد ومذحج كلها , فأليس من البداهة أن يبادر النبي (صلی الله علیه و آله) إلى ذكر ابن مراد الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر مع واحد من سادات قومه؟ .

وسيمر علينا ما يثبت ظلم التأريخ لخير التابعين , ومحاولات الظالمين طمس معالم شخصه , أو تخفيف قوة ما ورد بشأنه من روايات , عدوانا ومقتا لشخصه الكريم , بسبب عدم انسجامه مع فكر الحاكمين ونظام حكمهم.

ص: 22

أويس (رضی الله عنه) في أحاديث رسول الله (صلی الله علیه و آله)

1-عن إبن عباس قال : قال علي (علیه السلام) : ( اللهُ أَكْبَرُ.. أَخْبَرَنِيْ حَبِيْبِيْ رَسُوْلُ الله (صلی الله علیه و آله) أَنِّيْ أُدْرِكُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِهِ يُقالُ لَهُ: أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ يَكُوْنُ مِنْ حِزْبِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ، يَمُوْتُ عَلَىْ الْشَهادَةِ ، يَدْخُلُ فِيْ شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ) (1).

2-عن إبن عباس قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ سَيَكُوْنُ فِيْ أُمَّتِيْ رَجَلٌ يُقالُ لَهُ: أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُ فِيْ أُمَّتِيْ مِثْلُ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ] (2).

3-عن أبي كريب (3) قال : حدثنا أبو بكر (4) قال : حدثنا هشام (5) عن الحسن (6) قال : قال رسول الله : (صلی الله علیه و آله) [ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ مِنْ أُمَّتِيْ أَكْثَرَ مِنْ رَبِيْعَةَ ، وَمُضَر ] .

ص: 23


1- الإرشاد – الشيخ المفيد :1/316, ونحوه في الخرائج والجرائح : 1 / 200 ، وإعلام الورى : 170 ، والثاقب في المناقب : 266 ، وبحار الأنوار : 37 / 299 و38 / 147 .
2- كنز العمال : 12 / 73, وأخرج هذه الاحاديث مسلم في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة – باب من فضائل أويس القرني
3- محمد بن العلاء بن كريب الحافظ أبو كريب الهمداني الكوفي .ولد سنة إحدى وستين ومائة وثقه النسائي وغيره . وقال أبو حاتم : صدوق . قال الحافظ أبو علي النيسابوري : سمعت ابن عُقدة يقدم أبا كريب في الحفظ والكثرة على جميع مشايخهم ، ويقول : ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاث مائة ألف حديث . قال البخاري وغيره : مات أبو كريب في يوم الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين ومائتين .
4- أبو بكر بن عيّاش ابن سالم الأسدي ، مولاهم الكوفي الحناط المقرئ ، الفقيه ، المحدث قال هارون بن حاتم : سمعته يقول : ولدت سنة خمس وتسعين . وحدث عن : عاصم ، وأبي إسحاق السبيعي ، وعبد الملك بن عمير ، وإسماعيل السدي ، وصالح مولى عمرو بن حريث وهشام بن حسان وغيرهم قرأ أبو بكر القرآن ، وجوده ثلاث مرات على عاصم بن أبي النجود ، وعرضه أيضا على عطاء بن السائب ، وأسلم المنقري.
5- هشام بن حسان الحافظ محدث البصرة، أبو عبد الله الأزدي، القردوسي، البصري حدث عن الحسن، وابن سيرين، وأخته حفصة بنت سيرين، وأبي مجلز، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح،وغيرهم و حدث عنه خلق كثير مثل : ابن جريج، وابن أبي عروبة، وشعبة، وسفيان،وغيرهم
6- الحسن البصري بن أبي الحسن يسار ، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت الأنصاري وروى عن عمران بن حصين ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وسمرة بن جندب ، وأبي بكرة الثقفي ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وجندب البجلي ، وابن عباس ، وعمرو بن تغلب ، ومعقل بن يسار ، والأسود بن سريع ، وأنس ، وخلق من الصحابة . وعنه أيوب وشيبان النحوي ، ويونس بن عبيد ، وابن عون ، وحميد الطويل ، وثابت البناني ، ومالك بن دينار ، وهشام بن حسان وسواهم قال ابن علية : مات الحسن سنة 110 . وقال عبد الله بن الحسن : إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة .

قال هشام ) : فأخبرني حوشب (1)عن الحسن، أنه أويس القرني )، قال أبو بكر بن عياش : فقلت لرجل من قوم أويس : ( بأي شيء بلغ هذا؟ قال : فضل الله يؤتيه من يشاء ( (2).

4-وعن الحسن البصري أيضا قال : (قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ يَخْرُجُ مِنَ النَّاْرِ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ لَيْسَ بِنَبِيٍّ ، أَكْثَرُ مِنْ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] وقال هشام عن الحسن : هو أويس (3).

5-وفي رواية قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ لَيَشْفَعَنَّ مِنْ أُمَّتِيْ لِأَكْثَرَ مِنْ بَنِيْ تمِيْمَ وَبَنِيْ مُضَرَ ، وَأِنَّهُ لَأُوَيْسٌ القَرَنِيُّ ] (4).

6-عن زرارة بن أوفى (5)، عن اُسير بن جابر (6) قال: ( كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه

ص: 24


1- حوشب هو شهر بن حوشب الحمصي, الشامي, الأشعري, الدمشقي مولى أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية من الطبقة الثانية قال فيه البخاري لا باس في حديثه ومع ذلك فيه خلاف في جرحه و تعديله, كثير الإرسال ،أقام في دمشق, حمص, البصرة, الشام
2- المستدرك – الحاكم, و المصنف - ابن أبي شيبة الكوفي : 7 / 539
3- ميزان الإعتدال - الذهبي: 1 / 282 ولسان الميزان- إبن حجر : 1 / 474
4- ميزان الإعتدال- الذهبي: 1/281
5- زرارة بن أوفى: قاضي البصرة ، أبو حاجب العامري ، البصري ، أحد الأعلام سمع عمران بن حصين ، وأبا هريرة ، وابن عباس . روى عنه أيوب السختياني ، وقتادة ، وبهز بن حكيم ، وعوف الأعرابي ، وآخرون . وثقه النسائي وغيره . مات سنة ثلاث وتسعين(سير أعلام النبلاء- الذهبي : 2/ 516)
6- أُسَيْر، بضم الهمزة وفتح السين وآخره راء، هو أسَيْر بن جابر، يُعد في البصريين، في صحبته نظر؛ ويؤيد ذلك أيضا : تناقضات أسير بن جابر راوي لقاء أويس بعمر ، ففي رواية الحاكم عنه : أن أسيرا لم يعرف أويساً إلا في الكوفة في خلافة علي (علیه السلام) ، وأن أويسا لم يلبث بعد معرفته به إلا قليلا حتى ذهب الى صفين ورواياته الأخرى تقول إنه عرفه من عهد عمر ، أي قبل بضع عشرة سنة من خلافة علي (علیه السلام) هذا ، مضافاً الى تناقض الأحداث والمضامين التي رواها أسير ، والصورة الساذجة التي أعطاها لهذا الولي الواعي ، والدور الذي أعطاه لنفسه في حياة أويس, والمتأمل في روايات أسير يلاحظ أن همه أن يبرز دوره ودور عمر في حياة أويس ! وقد قال عنه الحاكم في المستدرك : 2/ 365 ( وأسير بن جابر من المخضرمين ، ولد في حياة رسول الله (صلی الله علیه و آله) . وهو من كبار أصحاب عمر (رضی الله عنه) ). وقد جرح صعصعة بن معاوية في أسير هذا ، وصعصعة هو عم الأحنف بن قيس وقد وثقه النسائي وإبن حبان ، وشهد صعصعة بأن أسيراً كان من شرطة دار الامارة بالكوفة وكان عمله إيذاء أويس(الشيخ علي الكوراني - مركز المصطفى للدراسات الإسلامية:4/35)

أمداد (1) أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم , قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم , قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم , قال: لك والدة؟ قال: نعم , قال: سمعت رسول الله يقول: [ يَأْتِيْ عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ , مِنْ مُرادَ ثُمَّ مِنْ قَرْنَ , كَاْنَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلّاْ مَوْضِعُ دِرْهَمٍ , لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِها بَرٌّ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ؛ فَإِنْ إسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَاْفْعَلْ ] ؛ فاستغفر لي , فاستغفر له ، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة , قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي .. قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم , فوافق عمر فسأله عن أويس قال: تركته رث البيت قليل المتاع , قال: سمعت رسول الله يقول: [ يَأْتِيْ عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ , مِنْ مُرادَ ثُمَّ مِنْ قَرْنَ , كَاْنَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلّاْ مَوْضِعُ دِرْهَمٍ , لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِها بَرٌّ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ؛ فَإِنْ إسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَاْفْعَلْ ], فأتى أويسا فقال: استغفر لي , قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح فاستغفر لي , فاستغفر له , ففطن له الناس فانطلق على وجهه.. قال أسير: وكسوته بردة فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟ ) (2).

ص: 25


1- هم الجماعة الغزاة الذين يمدون جيوش اﻻسلام في الغزو واحدهم مدد.
2- مسلم بسنده عن طريق قتادة: 7 / 188, و أحمد في مسنده : 1 / 38

7-وبمعنى مقارب عن أُسير عن عمر : ( عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه قال : [ سَيَقْدِمُ عَلَيْكُمْ رَجَلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ ، فَدَعَاْ اللهَ لَهُ فَأَذْهَبَهُ اللهُ ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ ].. قال : فلقيه عمر فقال : استغفر لي ، فاستغفر له ) (1).

8-عن زرارة بن أوفى عن أُسَير بن جابر عن عمر بن الخطاب أنه قال: ( سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول : [ يَأْتِيْ عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ مِنْ مُرادَ ثُمَّ مِنْ قَرْنَ ، كَاْنَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلّاْ مَوْضِعُ دِرْهَمٍ , لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِها بَرٌّ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ؛ فَإِنْ إسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَاْفْعَلْ ]) (2).

9-عن أبي نضرة (3) عن اُسير بن جابر، عن عمر بن الخطّاب ، أنه قال لأويس (رضی الله عنه) : ( استغفر لي قال : كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله (صلی الله علیه و آله) ؟ قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول: [ إنَّ خَيْرَ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ]) (4).

ص: 26


1- المصنف: كتاب الفضائل - إبن أبي شيبة : 7 / 4756 ( 50 ) ما ذكر في أويس القرني
2- كتاب الزهد – أحمد بن حنبل : الحديث 838 باب زهد أويس القرني, وفي صحيح مسلم : 4 / 1969 - ح 2542 .
3- المنذر بن مالك بن قطعة أبو نضرة العبدي ثم العوقي البصري حدث عن علي ، وأبي هريرة ، وعمران بن حصين ، وابن عباس ، وابن عمر ، وجابر بن سمرة ، وأبي سعيد الخدري ، وجابر ، وابن الزبير ، وطائفة من الصحابة ، وأرسل عن أبي ذر . وكان من كبار العلماء بالبصرة . مات سنة ثمان ومائة ، أو سنة سبع وأوصى أن يصلي عليه الحسن ، فصلى عليه ، وذلك في إمارة عمر بن هبيرة على العراق .(سير أعلام النبلاء – الذهبي : 4/530)
4- الطبقات الكبرى - إبن سعد : 6 / 161, ورواه الحاكم في المستدرك : 3 / 402 ورواه الخطيب في الجمع والتفريق : 1/480, ورواه ابن معين في تأريخه ( رواية الدوري ) : 1 / 324 ونحوه في الجامع الصغير : 3 ح 4001

10-بالإسناد إلى أُسير عن عمر قال: ( قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [إنَّ خَيْرَ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ , وَ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِها بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ، و كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَبَرِئَ ، فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ]) (1).

11-بالإسناد الطويل إلى صعصعة بن معاوية (2) قال : عن عمر بن الخطاب قال : ( أخبرنا رسول الله (صلی الله علیه و آله) [ أَنَّهُ سَيَكُوْنُ فِيْ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ مِنْ قَرْنَ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ ، يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ (3) ، فَيَدْعُوْ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ , فَيُذْهِبَهُ , فَيَقُوْلُ : أَلُّلُهُمَّ دَعْ لِيْ فِيْ جَسَدِيْ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ ، فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ ، فَاْسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ ]) (4).

12-بالإسناد إلى سعيد بن المسيب (5) ، قال ) : نادى عمر بمنى على المنبر : يا أهل قرن ، فقام مشايخ, فقال: أفيكم من اسمه أويس ؟ فقال شيخ: يا أمير المؤمنين ، ذاك مجنون

ص: 27


1- كنز العمال- المتقي الهندي : 12 / 73, ورواه مسلم في صحيحه : 7 / 188,و أحمد في مسنده : 1 / 38
2- صعصعة بن معاوية بن حصين بن عبادة بن نزال بن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مرة ، عم الأحنف بن قيس كان ينزل البصرة .(المعجم الكبير – الطبراني : 8/ 76) وقد اختلف في صُحْبته، وإِنما روايته عن عائشة وأَبي ذر. روى عنه الأَحنف بن قيس، والحسن البصري، وابنه عبد ربه بن صعصعة، وهو أَخو جَزء بن معاوية، عامل عمر على الأَهواز.
3- الوَضَح بفتحتين الضوء والبياض وقد يكنى به عن البرص(مختار الصحاح)
4- مسلم في صحيحه – كتاب فضائل الصحابة – باب من فضائل أويس القرني, و مسند أبي يعلى الموصلي: 1/187
5- سعيد بن المسيّب: ابن حزن أبو محمد المخزومى فقيه المدينة المنورة ، وإمام أهل السنّة ، ومن كبار التابعين, قال عنه إبن حبان : سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة المخزومي القرشي . ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر وكان من سادات التابعين فقهاً ودينا وورعا وعلما وعبادة وفضلا (نفحات الأزهار–السيد علي الميلاني: 19/ 41)سمع من علي بن الحسين (علیهما السلام) وروى عنه وهو من الصدر الأول في أصحاب السجّاد (علیه السلام) (رجال الشيخ) وعدّه البرقي أيضاً في أصحاب السجّاد (علیه السلام) . وقال الكشّي (54) سعيد بن المسيب: (قال الفضل بن شاذان: ولم يكن في زمن علي بن الحسين (علیهما السلام) في أوّل أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير وسعيد بن المسيّب... ربّاه أمير المؤمنين (علیه السلام) وكان حزن جد سعيد أوصى الى أمير المؤمنين (علیه السلام) . وقع سعيد بن المسيّب في إسناد جملة من الروايات تبلغ أربعة عشر مورداً. توفي سنة(94)وقد نجا من الحجّاج فلم يقتله وكان هو آخر أصحاب رسول اللّه (صلی الله علیه و آله) .( معجم رجال الحديث – السيد الخوئي : 9 / 5190)

يسكن القفار، لا يألف ولا يؤلف , قال: ذاك الذي أعنيه ، فإذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي وسلام رسول الله (صلی الله علیه و آله) .. قال: فقال : عرفني أمير المؤمنين وشهر باسمي .. اللهم صلِّ على محمد وعلى آله ، السلام على رسول الله .. ثم هام على وجهه ، فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا ، ثم عاد في أيام علي (رضی الله عنه) ) (1).

13-عن إبراهيم بن أبي عبلة (2) عن سالم ، عن أبيه ، عن جده (3)، ( قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ يا عُمَرُ ، إِذَا رَأَيْتَ أُوَيْسَاً الْقَرَنِيَّ ، فَقُلْ لَهُ ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ ; فَإِنَّهُ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيْ مِثْلِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَاْمَةُ وَضَحٍ مِثْلُ الْدِرْهَمِ ]) (4)

14-روي عن إبن عمرقال : ( بينما الرسول بفناء الكعبة , إذ نزل عليه جبريل في صورة لم ينزل عليه مثلها قط , فقال : السلام عليك يا محمد , فقال النبي : [وَعَلَيْكَ الْسَلَاْمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاْتُهُ ], فقال : يا محمد إنه سيخرج من أمتك رجل يشفع فيشفعه الله في عدد ربيعة ومضر , فإن أدركته فسله الشفاعة لأمتك , فقال : [ أَيْ حَبِيْبِيْ جَبْرِيْلُ مَا إْسْمُهُ ؟ وَ ما صِفَتُهُ ؟ فَقَالَ : أَمَّا إِسْمُهُ فَأُوَيْسٌ , وَأَمَّا صِفَتُهُ وَقَبِيْلَتُه فَمِنَ الْيَمَنِ , مِنْ مُرَاْدَ , وَهْوَ رَجُلٌ أَصْهَبٌ , مَقْرُوْنُ الْحَاْجِبَيْنِ , أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ , بِكَفِّهِ الْيُسْرَىْ وَضَحٌ أَبْيَضُ ] , قال : فلم يزل النبي يطلبه فلم يقدر عليه , فلما احتضر النبي أوصى أبا بكر وأخبره بما قال له جبريل في أويس القرني, فإن أنت أدركته فسله الشفاعة لك ولأمتي , فلم يزل

ص: 28


1- ميزان الإعتدال- الذهبي : 1/281
2- أبو إسحاق العقيلي الشامي المقدسي . من بقايا التابعين . ولد بعد الستين . وروى عن واثلة بن الأسقع ، وأنس بن مالك ، وأبي أمامة الباهلي ، وبلال بن أبي الدرداء ، وخالد بن معدان ، وخلق سواهم . وثقه يحيى بن معين ، والنسائي . وذكر بعضهم أن ابن أبي عبلة روى نحو المائة حديث . وقد جمع الطبراني كتاب حديث شيوخ الشاميين ، فجاء مسند ابن أبي عبلة في سبع ورقات. توفي إبراهيم بن أبي عبلة سنة 152 ﻫ . (سير أعلام النبلاء - الذهبي: 6/324)
3- أي عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب
4- اخرجه الإسماعيلي في مسند عمر(سير أعلام النبلاء - الذهبي: 4/27)

أبو بكر يطلبه فلم يقدر عليه , فلما احتضر أبو بكر , أوصى به عمر بن الخطاب , وأخبره بما قال له رسول الله , وقال : يا عمر إن أدركته فسله الشفاعة لي ولك ولأمة محمد , فلم يزل عمر يطلبه حتى كان آخر حجة حجها عمر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ) (1).

15-بالإسناد إلى سلام بن مسكين (2) قال : ( حدثني رجل قال: رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ خَلِيْلِيَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ ]) (3).

16- قال (صلی الله علیه و آله) في كرامته عند الله: [ أَبْشِرُوا بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِيْ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ .. فَإِنّهُ يَشْفَعُ لِمِثْلِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] (4).

17-عن الضحاك بن مزاحم (5) ، عن أبي هريرة (6) قال : ( قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الأَتْقِيَاءَ الْأَصْفِيَاءَ الٍأَخْفِيَاءَ الْأَبْرِيَاءَ ، الْمُشَعَثَةُ رُؤُوْسُهُمْ، الْمُغْبَرَّةُ

ص: 29


1- مختصر تأريخ مدينة دمشق – إبن منظور : 5 / 87 , اليمن في صدر الإسلام – عبد الرحمن عبد الواحد الشجاع : 112
2- سلام بن مسكين بن ربيعة الإمام الثقة أبو روح الأزدي النمري البصري قال أبو داود إنما سلام لقبه واسمه سليمان روى عنه الحسن ويزيد بن عبد الله بن الشخير وعقيل بن طلحة وقتادة وثابت البناني وغيرهم حدث عنه ابن مهدي والأصمعي وأبو نعيم وموسى بن داود الضبي ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل وأبو الوليد الطيالسي وغيرهم قال موسى بن إسماعيل كان من أعبد أهل زمانه وقال يحيى بن معين: سلام بن مسكين ثقة صالح وقال أبو حاتم صالح الحديث قيل مات سلام سنة 64 ﻫ.(طبقات إبن سعد :7/ 283، التأريخ الكبير :4/ ترجمة 2228, وغيرها)
3- الطبقات الكبرى - إبن سعد : 6 / 161
4- إختيار معرفة الرجال(رجال الكشي) : 1 / 314
5- الضحاك بن مزاحم من بني مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، قال ابن قتيبة (المعارف: 457) وأتى خراسان فأقام بها ومات سنة اثنتين ومائة. له ذكر فيمن غزا القسطنطينية مع مسلمة بن عبد الملك لما خرج إليها من دمشق( تأريخ مدينة دمشق لإبن عساكر: 2923)
6- صحب أبو هريرة رسول الله (صلی الله علیه و آله) نحوا من ثلاث سنين وأكثر الرواية عنه ، وعمّر بعده نحوا من 50 سنة ، وكانت وفاته سنة 59 ﻫ ، فلما أتى بالرواية عنه ما لم يأت بمثله من صحبه من أجلة أصحابه السابقين الأولين إليه اتهموه وأنكروا عليه، وقالوا : كيف سمعت هذا وحدك ومن سمعه معك وكانت عائشة أشدهم إنكارا عليه, وخاطبه عمر بن الخطاب : يا عدوّالله وعدوّ كتابه ( سير اعلام النبلاء 2 : 612، الطبقات الكبرى 4 : 335 ), وقالت عائشة له : أكثرت عن رسول الله(سير اعلام النبلاء 2 : 6 4 )، وقالت في موضع آخر : ما هذه الأحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي هل سمعت إلاّ ما سمعنا ؟ وهل رأيت إلاّ ما رأينا ؟( سير اعلام النبلاء 2 : 6 4 ). وأما تكذيب عائشة لأبي هريرة فعن أبي الحسان الأعرج أن رجلين دخلا على عائشة فقالا : إن أبا هريرة يحدث عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) إنه قال : إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار ، فطارت شفقا ثم قالت :كذب والذي أنزل القرآن على أبي القاسم من حدث بهذا ( تأويل مختلف الحديث – ابن قتيبة : 82) وكان في بعض الأحيان يقول: حدثني خليلي أبو القاسم فيزجره علي (علیه السلام) ويقول له : متى كان خليلا لك. ( أسرار الإمامة (الهامش) 345, المطالب العاليه 9 : 2 5 ) وأبو هريرة كان يقول : ( إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر – أو عند عمر – لشج رأسي )، وعن أبي سلمة قال: (سمعت أبا هريرة يقول : ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) حتى قبض عمر قال أبو سلمة: فسألته بم قال : كنا نخاف السياط ، وأومأ بيده إلى ظهره )، وروى الزهري عن أبي هريرة: ( أفأنا كنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي، أما والله إذا لا بقيت عن المخففة ستباشر ظهري (تأريخ مدينة دمشق :6/ 343 -344) وقد ثبت صحة نهي عمر له عن الرواية قال: ( لتتركن الحديث عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أو لألحقنك بأرض دوس(سير أعلام النبلاء :2 /600)

وُجُوْهُهُمْ ، الْخَمِصَةُ بُطُوْنُهُمْ ، الَّذِيْنَ إِذَاْ اسْتَأْذَنُوْا عَلَىْ الْأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ ، وَإِنْ خَطَبُوْا الْمُنَعَّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوْا ، وَإِنْ غابوا لَمْ يفتقدوا ، وَإِنْ طَلَعُوْا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ ، وَإِنْ مَرِضُوْا لَمْ يُعَادُوْا ، وَإِنْ مَاتُوْا لَمْ يُشْهَدُوْا..] قالوا: يا رسول الله كيف لنا برجل منهم قال (صلی الله علیه و آله) : [ ذَاْكَ أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ] قالوا: وما أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ ؟ قال: [ أَشْهَلُ ذُوْ صُهُوْبَةٍ ’ بَعِيْدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ ، آدَمٌ شَدِيْدُ الْأَدَمَةِ ، ضَاْرِبٌ بِذِقْنِهِ إِلىْ صَدْرِهِ ، رَاْمٍ بِبَصَرِهِ إِلىْ مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ , وَاضِعٌ يَمِيْنَهُ عَلَىْ شِمَاْلِهِ يَتْلُوْ الْقُرْآنَ ، يَبْكِيْ عَلَىْ نَفْسِهِ ، ذُوْ طِمْرَيْنِ ، لَاْ يُؤْبَهُ بِهِ ، لَهُ مِئْزَرُ بِأَزَارِ صُوْفٍ ، وَرِداءِ صُوْفٍ , مَجْهُوْلٌ فَيْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، مَعْرُوْفٌ فِيْ الْسَمَاءِ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ، أَلَاْ وَإِنَّ تَحْتَ مَنْكَبِهِ الأَيْسَرِ لَمْعَةٌ بَيْضَاءُ ، أَلَاْ وَإِنَّهُ إِذَاْ كَاْنَ يَوْمُ الْقِيامَةِ قِيْلَ لِلْعِبادِ: أُدْخُلُوْا الْجَنَّةَ ، وَيُقالُ لِأُوَيْسَ : قِفْ فَاْشْفَعْ ، فَيُشَفَّعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيْ مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ]) (1) .

ص: 30


1- أعيان الشيعة-السيد محسن الأمين :3 /513

18-وعن أبي هريرة قال : (قَالَ رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ مُضَرٍ ، وَبَنِي تَمِيمٍ , فَقِيلَ : مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ]) (1).

19-عن محارب بن دثار (2) قال : قال النبي (صلی الله علیه و آله) : [ إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَهُ أَوْ مُصَلَّاْهُ مِنَ العُرْيِ، يَحْجِزُهُ إِيْمانُهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاْسَ ، مِنْهُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ , وَفُرِاتُ بِنْ حَيَّانَ العَجْلِيُّ (3) ] (4) .

20-عن المقبري (5) عن أبي هريرة أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال : [ لَيَشْفَعَنَّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فِيْ أَكْثَرَ مِنَ مُضَرَ ] قال أبو بكر: يا رسول الله إن تميما من مضر، قال: [ لَيَشْفَعَنَّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي لأكْثَرَ مِنْ تَمِيْمَ وَمُضَرَ، وَإِنَهُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] (6) .

ص: 31


1- العلل - إبن أبي حاتم - باب عمرو : ح 2548
2- إبن كردوس بن قرواش السدوسي الكوفي الفقيه قاضي الكوفة ، وليها لخالد بن عبد الله القسري . حدث عن ابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن يزيد الخطمي والأسود بن يزيد وجماعة ، وليس حديثه بالكثير . قال إبن سعد : كان من المرجئة الأولى الذين يرجئون عليا وعثمان إلى أمر الله ، ولا يشهدون عليهما بإيمان ولا بكفر . وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين . توفي محارب في سنة 116 ﻫ .( سير أعلام النبلاء: 5/ 219)
3- فرات بن حيان العجلي ، ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في أهل الصفة ، ونسبه إلى سفيان الثوري. وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله) قد أمر بقتله وكان عينا لأبي سفيان وحليفا, فمر على حلقة من الأنصار، وقال : إني مسلم ، فقال رجل منهم : يا رسول الله يقول : إني مسلم ؟ فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) :إن منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم منهم الفرات بن حيان رواه بشر بن السري ، عن سفيان الثوري مثله .( حلية الأولياء: مسألة 111 / 18)
4- كنز العمال - المتقي الهندي : 12 / 74 - 75
5- المحدث الثقة أبو سعد سعيد بن أبي سعيد كيسان الليثي مولاهم المدني المقبري ، كان يسكن بمقبرة البقيع . حدث عن أبيه ، وعن عائشة ، وأبي هريرة ، وسعد بن أبي وقاص وأم سلمة ، وابن عمر ، وأبي شريح الخزاعي ، وأبي سعيد الخدري وعدة وكان من أوعية الحديث . توفي سنة خمس وعشرين ومائة وكان من أبناء التسعين .( سير أعلام النبلاء: 5/ 216)
6- لسان الميزان – إبن حجر, و كرامات أولياء الله عز وجل - هبة الله اللالكائي: 38/62

21-عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (1) : ( خرج بصفّين رجل من أهل الشام فقال: فيكم أُويس القرني قلنا: نعم ، قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول: [ خَيْرُ التَابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] , وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضى الله تعالى عنهم (2) ، وفي رواية ضرب دابّته حتّى دخل معهم ، فعطف دابّته فدخل مع علي (3) , ويذكر هذا الخبر ما جرى لعمّار (4) يوم صفّين كذلك ..

ص: 32


1- عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري : من أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) ، وشهد مع الأمير (علیه السلام) حروبه ، عربي ، كوفي ، ضربه الحجّاج حتى اسودّ كتفاه على سب علي (علیه السلام) (رجال الشيخ : 48 / 28, الخلاصة : 113 / 2) وروى يعقوب بن شيبة قال : حدّثنا خالد بن أبي يزيد العربي (قال : حدثنا ابن شهاب عن الأعمش قال : رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضربه الحجّاج حتى اسودّ كتفاه ثم أقامه للناس على سب علي والجلاوزة معه يقولون : سبّ الكذّابين(منتهى المقال في أحوال الرجال : 4/ 95)
2- حلية الأولياء - أبو نعيم: 2 / 86
3- تأريخ الإسلام- حسن مصطفوي :389, المستدرك - الحاكم :3 /402 , أعيان الشيعة -السيد محسن الأمين :3 /515
4- عمار بن ياسر بن عامر المذحجي ولد ما بين عام 53 و57 قبل الهجرة في مكة المكرمة وكان والده ممن تحملا الكثير على طريق الإسلام، حتى نالا الشهادة، وعندما كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) يرى تعذيب قريش لأسرة عمار يعدهم بالجنة قائلا: [صَبراً آل ياسِرَ، فَإنَّ مَوْعِدكُمْ الجَنَّة],ويعد من المسلمين الأوائل الذين تحملوا أصناف التعذيب والتنكيل، وكان من المهاجرين إلى المدينة، فصلى إلى القِبلتين، واتخذ في بيته مسجدا، وكان أول من بنى مسجدا في الإسلام. شهد (رضی الله عنه) بدراً والخندق والمشاهد كلها، كما كان مع النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) في بيعة الرضوان. ودعا (رضی الله عنه) إلى بيعة الإمام علي (علیه السلام) ، وكان من السابقين إلى الالتحاق به، والمدافعين عنه حين هوجمت دار الزهراء (علیها السلام) . وَلِي الكوفة، وشارك في فتح مدينة تُستر، وساهم في تعبئة الجيوش لفتح الري والدستبي ونهاوند وغيرها, وله المواقف المشهودة في الاعتراض على الأمور التي غصبت حقوق أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فكان يجاهر بنصرة الحقّ، ولم يُداهن الولاة، حتى دِيست بطنه وأصابه الفتق وغُشي عليه . فقد سارع إلى مبايعة الإمام (علیه السلام) ، ووبخ الذين شقّوا عصا الطاعة وأحدثوا الفرقة. وكان من المشاركين في توديع أبي ذر (رضی الله عنه) حين نفي إلى الربذة ، رغم المرسوم الصادر بالمنع من ذلك ، كما أنّه قد هدد بالنفي وهو من أوائل المشاورين في حكومة الإمام علي (علیه السلام) قبيل واقعة الجمل، وقبيل وقعة صفين التي أبلى فيها بلاءً كبيرا، فقاتل فيها قتالا شديدا، وما حجزه عن المواصلة إلا الليل، وكان له أثر واضح في الظفر، ثمّ كانت فيها شهادته . ومن أقوال النبي (صلی الله علیه و آله) فيه:[إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً مِنْ قَرنِهِ إلى قَدَمِهِ ، وَاخْتَلَطَ الإيمان بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ ] ,[دَمُ عَمّارَ وَلَحْمُهُ حَرامٌ عَلى النارِ أَنْ تأكُلَهُ أَوْ تَمَسَّهُ], [إِنَ الجَنّةَ لَتَشْتاقُ إِليكَ - مُخاطباً عَليّاً (علیه السلام) - وَإِلى عَمّارَ وَسَلْمانَ وَأَبِي ذَرَ وَالمِقْداد ],[الحِقُّ مَعَ عَمّار يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُما دارَ],[مَنْ عادى عَمّاراً عاداهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمّاراً أَبْغَضَهُ اللهُ ],[إِبْنُ سُمَيَةَ لَمْ يُخَيّرْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطْ إلا أخْتارَ أَرْشَدَهُما], [إنّكَ مِنْ أهْلِ الجَنّةِ], [يا عَمّارُ تَقْتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ وَآخِرُ زادِكَ مِنَ الدُنيا ضَياحٌ (إناء) مَنْ لَبَنٍ]. وكان (رضی الله عنه) من السبعة الذين بهم يُرزق الناس، وبهم يُمطرون، وبهم يُنصرون، فسيّدهم الإمام أمير المؤمنين (علیه السلام) ، ومنهم: سلمان والمقداد وأبو ذر وعمّار وحذيفة وعبد الله بن مسعود، وهم الذين صلّوا على جثمان فاطمة الزهراء (علیها السلام) . استُشهد (رضی الله عنه) في 9 صفر 37 للهجرة وأبنه الإمام علي (علیه السلام) بقوله: { إِنّا لِلهِ وَإِنّا إِلَيْهِ رَاْجِعُوْنَ، إِنَّ أْمْرِئً لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ مُصِيْبَةً مِنْ قَتْلِ عَمَّارَ فَمَا هُوَ مِنَ الإسلام فِيْ شَيءٍ} وصلّى (علیه السلام) على جثمانه ، ودفنه بثيابه.

حين روى إبن العاص (1) لأهل الشام ، عمّار تقتله الفئة الباغية , وسؤال جماعة أهل الشام أهل العراق أفيكم عمّار بن ياسر؟ ..

ص: 33


1- نُسِب عمرو إلى العاص بن وائل بن سعيد السهمي القريشي الذي كان كبير بنى سهم وقد أنكر الدعوة الإسلامية وأذى الصحابة واستهزأ برسول الله (صلی الله علیه و آله) ووصفه بالأبتر بعد موت ولديه القاسم وعبد الله، حتى أنزل الله فيه: (إن شانئك هو الأبتر((سورة الكوثر- الآية 3), أما أمّه (سلمى بنت حرملة العنزيّة) فقد جاء عنها فى السيرة الحَلبية: (... وطئها أربعة وهُم العاص وأبو لهب وأُميّة بن خلف وأبو سُفيان بن حرب، وادّعى كُلهم عمراً فألحقته بالعاص. وقيل لها: لِم اخترت العاص؟ فقالت: لإنه يُنفِق على بناتى.). لم يدخل عمرو الإسلام إلاّ بعد تردد شديد واعتزال فى أرض الحبشة ليرقب الأمر, ولما أيقن أن أمر الإسلام سينتهى بالظفر وأن سقوط مكة قريب، وجد أن ليس له بد من أن يُسلِم طائعاً قبل أن يُسلِم كارِهاً وأسلم قبل الفتح... ، حارب ضد المسلمين بضراوة فى موقعة أحد والخندق ثم قاد جيوشهم فى العديد من الغزوات ثم تولى قيادة الجيش لقتال الروم وغزو فلسطين فى عهد أبي بكر وأتم احتلالها بدخوله القدس فى عهد عمر بن الخطاب. بعد ذلك عمل عمرو على إقناع ابن الخطاب بغزو مصر قائلاً أنها:... أكثر الأرض أموالاً وأعجزهم عن القتال والحرب وتم احتلال مصر التى بهرت العرب بثروتها وفرضوا الجزية على أهلها... على كل حالم دينارين... وعلى كل صاحب أرض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة وقسطىّ زيت وقسطي عسل وقسطىّ خل، رزقا للمسلمين يجمع فى دار الرزق وتقسّم فيهم وأحصى المسلمون فألزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبة صوف، وبرنسا أو عمامة، وسراويل، وخفّين فى كل عام أو عدل الجبة الصوف ثوبا قبطيا (المعروف بدقة صنعه وغلاء ثمنه). وكتب عليهم عمرو بذلك كتابا وشرط لهم إذا وفوا بذلك أن لا تباع نساؤهم وأبناؤهم. ولا يُسبوا، وأن تقر أموالهم وكنوزهم فى يدهم. وكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عمر فأجازه وبالإضافة إلى ذلك فُرِضت الضرائب (المكوس) على الصناعة والتجارة الداخلية والخارجية فكانت كل قرية مسئولة بالتضامن عن الضرائب المفروضة عليها. وزاد على ذلك كلّه أن اشتُرِط على المصريين أن من ينزل عليه ضيف واحد أو أكثر من العرب وجِبَت عليه الضِيافة ثلاثة أيام. وعن حال أجدادنا قال المواردى: كان على المصريين (أصحاب البلد الشرعيين) أن يغيِّرون من هيآتهم بلبس الغيار وشد الزنار وليس لهم أن يلبسوا العمائم والطيلسان وأن لا يعلّوا على المسلمين فى الأبنية ويكونون إن لم ينقصوا مساوين لهم وأن لا يُسمعونهم أصوات نواقيسهم ولا تلاوة كُتبهم ولا قولهم فى عزير والمسيح ولا يُجاهروهم بشرب الخمر ولا بإظهار صلبانهم وخنازيرهم وأن يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة وأن يمتنعوا من ركوب الخيل عِتاقا وهجانا ولا يُمنعوا من ركوب البغال والحمير ولا يركبون بالسروج ويكون أحد خفّى المرأة منهم أسود والآخر أبيض ويكون فى رقابهم خواتم رصاص أو نحاس أو جرس يدخل معهم الحمام ولا يتصدرون فى المجالس ولا يُبدئون بالسلام ويلجون إلى أضيق الطرق وكان من احتقار العرب للمصريين أن قال معاوية بن أبى سفيان سيّد عمرو وولىّ نعمته: وجدت أهل مصر ثلاثة أصناف فثلث ناس وثلث يشبه الناس وثلث لا ناس. فأما الثلث الذين هم الناس فالعرب والثلث الذين يشبهون الناس فالموالى (من أسلم من المصريين) والثلث الذين لا ناس المسالمة (القبط). اتُهِم عمرو بن العاص بحرق مكتبة الأسكندرية وتدمير التراث الفِكري والثقافي لمصر بحجة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد قال أنه : إذا كان فيها ما يوافق كتاب الله، ففى كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله، فلا حاجة إليه فتَقَدَّم بإعدامِها) وفى فتوح البلدان للبلاذري أن عثمان بن عفان لاحَظ ضعف الخراج المصرى فعزل عمرو بن العاص عن مصر وعيَّن بدلاً منه عبد الله بن سعد بن أبى السرح الذى ضاعف حَصيلته فى العام التالى. ولم يعد عمرو إلى مصر واليا إلا بعد أن باع روحه وضميره للشيطان متجسدا فى معاوية بن أبى سِفيان فكانت مصر وأهلها منحة من إبن هند آكلة الأكباد إلى إبن العاص مكافئة له على خِطَّتِه الغادِرة يوم التحكيم في صفين. كان عمرو من أشد المعارضين لعثمان (لخلعه عن ولاية مصر) وكان يؤلب ويحرض الناس عليه، ومهد للفتنة ثم خرج يَنتظر فى ضيعته بفلسطين حتى أن جاءه خبر قتل عثمان قال: أنا أبو عبد الله، ما حككت قرحة إلاّ أدميتها . بعدها انضم إلى معاوية بن أبى سفيان مطالبا بدم عثمان وفى التحكيم الذى انتهت إليه موقعة صفين بين على بن أبى طالب ومعاوية بعد مكيدة عمرو برفع المصاحف على الحراب إتفق المتفاوضان أبو موسى الأشعرى (ممثل علىّ) وعمرو بن العاص (ممثل معاوية) على أن يخلعا معا الطرفين المتحاربين ورد سلطان الأمة إليها وبمجرد إعلان الأشعرى عن خلعه لعلىّ ثبت إبن العاص معاوية فكان أن قال له أبو موسى الأشعرى: مالك، لا وفّقك اللَّه،غدرت وفجرت, إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ورد عليه عمرو قائلا: إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا وكان عمرو قد اشترط على معاوية أن يمنحه مصر مقابل تأييده له فى حربه ضد الإمام على حتى أنه قد رد عليه عندما طالبه معاوية بعد ذلك بالعناية بخراج مصر لحاجته للمال بأنه :لم يورثه إيّاها لا لأبوه أو لأمه وإنه ما نالها عفوا ولكن شرطها لدفاعه الأشعرى!! بذلك عاد عمرو غازيا مصر باسم معاوية ليقتل واليها محمد بن أبي بكر الصديق ويحرق جسدة داخل جثة حمار... ولتظل مصر غنيمة من نصيب عمرو حتى آخر عمره ...وقد جاء فى مروج الذهب للمسعودى، أن تركة عمرو عند وفاته كانت ثلثمائة وخمسة وعشرين ألف دينار ذهب وألف درهم فضة، وغلّة مأتىّ ألف دينار بمصر وضيعته المعروفة ب-(الوهط) وقيمتها عشرة مليون درهم...(أسامة أنور عكاشة- صحيفة الموجز المصرية)

ص: 34

وقول إبن أبي الحديد (1) : عجباً لقوم يرتابون لمكان عمّار ولا يرتابون لمكان علي بن أبي طالب ، وكذلك يرتابون في أُويس القرني ، وقد ورد فيه : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ يا

ص: 35


1- عز الدين عبد الحميد بن أبي الحسين هبة الله بن محمد بن أبي الحديد المدائني، الحكيم الأصولي. وصفه معاصره ابن الفوطي بقوله: من أعيان العلماء، وأكابر الصدور والأماثل، حكيماً فاضلاً، عارفاً بأصول الكلام، يذهب مذهب المعتزلة، وعلى خطى هذا المذهب كانت مناقشاته ومناظراته، إذ له مع الأشعري والغزالي والرازي – إبن الخطيب – كتب ومواقف ، وعدّه الصنعاني، إماماً في علم الكلام ، كما وصَفه إبن خلكان، ، وابن شاكر الكتبي، ب- الفقيه، ولد بالمدائن سنة 586، ونشأ بها، وتلقى عن شيوخها، ودرس المذاهب الكلامية فيها. ، خلّف إبن أبي الحديد مؤلفات فلسفية وكلامية، منها : شرح نهج البلاغة: وهو كتاب ضخم يقع في عشرين جزء، ألّفه إبن أبي الحديد لخزانة الوزير مؤيد الدين، وهو في الحقيقة موسوعة عربية يعزّ نظيرها بين الموسوعات الأخرى، ولإبن أبي الحديد رأي في نسبة كتاب نهج البلاغة، فهو يرى أنّ جميع ما ورد في هذا الكتاب من الخطب والأوامر والرسائل والمواعظ والكَلِم للإمام علي (علیه السلام) ، إذ يقول: إنّ كثيراً من أرباب الهوى يقولون: أنّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدَث، صنَعَه قوم من فصحاء الشيعة، وربما عزو بعضه إلى الشريف الرضي أبي الحسن، ت406ﻫ، وغيره، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم، فضلّوا عن النهج الواضح، وركبوا بنيّات الطريق، ضلالاً وقلة معرفة بأساليب الكلام، وأنا أوضّح لك بكلام مختصر ما جاء في هذا الخاطر من الغلط، فأقول: لا يخلو إماّ أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً، أو بعضه، والأول باطل بالضرورة؛ لأناّ نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) ، وقد نقل المحدّثون كلهم أو جلّهم، والمؤرخون كثيراً منه، وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك، والثاني يدل على ما قلناه؛ لأنّ مَن قد أنس بالكلام والخطابة، وشدا طرفاً من علم البيان، وصار له ذوق في هذا الباب، لابد أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين الفصيح والأفصح، وبين الأصيل والمولّد، وإذا وقف على كرّاس واحد يتضمن كلاماً لجماعة من الخطباء، أو لاثنين منهم فقط، فلابد أن يفرّق بين الكلامَين، ويميز بين الطريقتين، أَلا ترى أناّ مع معرفتنا بالشعر ونقده، لو تصفحنا ديوان أبي تمام، فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره، لَعَرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام ونَفَسِه، وطريقتِه ومذهبِه في القريض. وأنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدتَه كله ماء واحداً، ونَفَساً واحداً، وأسلوباً واحداً، كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهية، وكالقرآن العزيز، أوّله كأوسطه، وأوسطه كآخره، وكل سورة منه، وكل آية منه مماثلة في المأخذ والمذهب والفن والطريق والنَّظم لباقي الآيات والسور، ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً، لم يكن ذلك كذلك، فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال مَن زعم أنّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) .وفي نص آخر يقول: فسبحان مَن منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة والخصائص الشريفة؛ أن يكون غلام من أبناء عرب مكة، ينشأ بين أهله لم يخالط الحكماء، وخرج أعرف بالحكمة ودقائق العلوم الإلهية من أفلاطون وأرسطو، ولم يعاشر أرباب الحِكَم الخُلقية والآداب النفسانية؛ لأنّ قريشاً لم يكن أحد منهم مشهوراً بمثل ذلك، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط. توفي في 656 ﻫ .

عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِيْ وَسِلْمُكَ سِلْمِيْ ] ، [عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ ] (1) ، وأمثال تلك الروايات كثيرة.

22-بحديث مقارب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ( نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرني قالوا: نعم قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول : [ مِنْ خَيْرِ التَابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ) (2).

23-وبمثله تقريبا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : ( نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرني قالوا: نعم قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول : [ إِنَّ مِنْ خَيْرِ التَابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ أُوَيْساً الْقَرَنِيُّ ] ، ثم ضرب دابته فدخل فيهم ) (3).

ص: 36


1- نهج البلاغة – شرح إبن أبي الحديد: 4/ 331
2- مجمع الزوائد – الهيثمي : 10 / 22 (أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي نعيم عن شريك: 1 / 38، وقال :إسناده جيد, ورواه في تأريخ ابن معين رواية الدوري : 1 / 324)
3- الطبقات - إبن سعد : 6 / 161(ورواه اللالكائي في كرامات الأولياء : 109 ، بطريقين)

24-عن عبد الله بن أبي الجدعاء (1) مرفوعا: قال النبي (صلی الله علیه و آله) :[ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أكْثَرُ مِنْ تَمِيْمَ ] (2) , قال الثقفي: قال هشام : سمعت الحسن البصري يقول: إنه أويس القرني .

25-روي عن النبي (صلی الله علیه و آله) قوله : [ لَيُصَلِيَنَّ مَعَكُمْ غَدَاً رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .. ذَاْكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] (3).

26-روي عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أنه قال: [ تَفُوحُ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ مِنْ قِبَلِ قَرَنٍ , وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ يَا أُوَيْسُ الْقَرَنِيُّ , أَلَا وَ مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ .. فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَ مَنْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ؟ فَقَالَ: (صلی الله علیه و آله) إِنْ غَابَ عَنْكُمْ لَمْ تَفْتَقِدُوهُ , وَ إِنْ ظَهَرَ لَكُمْ لَمْ تَكْتَرِثُوا بِهِ , يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ , يُؤْمِنُ بِي وَ لَا يَرَانِي , وَ يُقْتَلُ بَيْنَ يَدَيْ خَلِيفَتِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفِّينَ ] (4).

27-روى إبن عساكر (5) , أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال : [ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يُقَاْلُ

ص: 37


1- عبد الله بن أبي الجَدْعَاء التميمي: ويقال الكناني. ويقال العبدي. ذكره البخارِي في الصحابة، وروى له الترمذي، وأحمد، من طريق عبد الله بن شقيق عنه، وقد اختلف في عبد الله بن شقيق في حديث: متى كنت نبِيا؟ هل هو عن عبد الله ابن أبي الجدعاء أو ميسرة الفجر. وقيل إنه هو، وزعم بعضهم أيضًا أن عبد الله بن أبي الجدعاء هو عبد الله بن أبي الحمساء. والصحيح أنه غيره.(أسد الغابة : 3/ 196)
2- رواه الترمذي (رقم/2438) وقال حسن صحيح . وصححه الألباني . ورواه في سير أعلام النبلاء : 4 / 32
3- حلية الأولياء - أبو نعيم :2/81
4- الفضائل- المظاهري : 107, وبحار الأنوار- المجلسي : 38 / 155
5- العلاّمة، الحافظ الكبير، المجود، محدّث الشام، ثقة الدين، أبو القاسم الدمشقيّ، الشافعيّ، صاحب تأريخ مدينة دمشق. ولد سنة 499ﻫ، وارتحل إلى العراق في سنة عشرين، وحجّ سنة إحدى وعشرين، وارتحل إلى خراسان سنة 529 ﻫ . وهو : عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين. وعدد شيوخه الذين في معجمه: (1300) بالسماع، و(46) شيخاً أنشدوه ، وعن (290) شيخا بالإجازة ، وبضعا وثمانين امرأة، فالمجموع (1716) تقريباً . وصنف الكثير . وكان فهما ، حافظا ، متقنا ، ذكيّا ، بصيرا بهذا الشأن ، لا يُلحقُ شأوُه ولا يُشق غباره، ولا كان له نظير في زمانه تُوفّيَ سنة 571 ﻫ ، وصلّى عليه القطب النيسابوري ، وحضره السلطان ، ودفن عند أبيه بمقبرة باب الصغير بدمشق(سير أعلام النبلاء : 554 - 571)

لَهُ : أُوَيْسٌ فِئَاْمٌ (1) مِنَ النَّاْسِ ] (2).

28-روى أحمد (3) في مسنده ضمن حديثٍ مرفوع: [ وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ ] (4)،

ص: 38


1- الفئام : الجماعة الكثيرة(لسان العرب:12/448 والنهاية لإبن الأثير: 3/ 406)
2- تأريخ مدينة دمشق- إبن عساكر: 9/ 438
3- أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال، ولد سنة 164ﻫ في بغداد على الأشهر ومرو على الأضعف،درس علم الحديث بعد تعلم قراءة القرآن واللغة، وأول شيخ تلقى عليه العلم هو هشام بن بشير السلمي، المتوفي سنة 183ﻫ، وقد صاحبه أحمد ثلاث سنوات أو أكثر، وقد رحل إلى مكة لطلب أحاديث والكوفة والبصرة والمدينة واليمن والشام والعراق وتتلمذ فيها على مجموعة من العلماء،أهمهم الشافعي،م يصنف أحمد كتباً في الفقه يعد أصلاً يؤخذ منه مذهبه الفقهي، وإنما له كتب عدت من الموضوعات الفقهية، مثل المناسك الكبيرة، والمناسك الصغيرة، ورسالة صغير في الصلاة، ولكنها لا تتعدى أن تكون كتب حديث وإن كان في موضوعاتها ما تناوله بالبسط والشرح ومن أشهر تأليفاته في الحديث مسنده - يشمل أربعين ألف حديث تكرر منها عشرة آلاف -، وقد وثق أحمد مسنده، فعندما سُئل عن حديث قال: (انظر فإن كان في المسند وإلا فليس بحجة) وقد طعن فيه كثير من الحفاظ لوم يوثقوا كل ما فيه، بل صرحوا بوجود روايات موضوعةوقد كان النصيب الأكبر في القرب من المتوكل هو لأحمد بن حنبل، لأنه هو البقية من محنة القرآن بعد أن قتل أبطاله. وكان المتوكل يوصي الأمراء باحترام أحمد وتقديره، ويصله بصلات سنية ويعطف عليه ورتب له في كل شهر أربعة آلاف درهم. فعلا نجم أحمد وازدحم الناس على بابه وتهافت رجال الدولة وأعيانها عليه، وكان أحمد في المقابل يذهب إلى صحة خلافة المتوكل وإمامته ولزوم طاعته، وكان يؤيد الدولة ويشد أزرها، وهذا ليس بغريب من أحمد فإنه يرى طاعة الحاكم أياً كان براً أو فاجراً. قال أحمد في إحدى رسائله: والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين، البر والفاجر، ومن ولي الخلافة فأجمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف وسُميّ أمير المؤمنين، والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة، البر والفاجر،وإقامة الحدود إلى الأئمة وليس لأحد أن يطعن عليهم أو ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائز من دفعها إليهم أجزأت عنه، براً كان أو فاجراً. وصلاة الجمعة خلفه وخلف كل من ولي جائزة إمامته ومن عادها فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة. ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وكان الناس قد اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه من الوجوه، أكان بالرضا أو الغلبة، فقد شق الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية(تأريخ ابن كثير :10/ 239, تأريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة :2 / 322 , وأحمد بن حنبل لأبي زهرة : 198)
4- أخرجه أحمد في مسنده .. ووثقه إبن حبان ، قال الهيثمي في(المجمع ) : رواه أحمد ( والطبراني في الأوسط ) ورجاله رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة . و قال العراقي في ( تخريج الإحياء ) : رجاله ثقات . و قال الألباني في (السلسلة الصحيحة) صحيح .

وذكر الحافظ العراقي (1) في تخريجه أحاديث الإحياء للغزالي (2) أن رواته ثقات .

29-بالإسناد عن سلمة بن نفيل السكونِي (3) ..عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه قال : - وهو مول ظهره إلى اليمن – : [ إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا ] (4) , وذكر الغزالي في الإحياء أن المقصود بذلك: أويس القرني (رضی الله عنه) (5) .

ص: 39


1- عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن المشهور بالحافظ العراقي، ولد سنة: 725ﻫ . وقد أحبّ عبد الرحيم علم الحديث، فانهمك فيه، وصرف أوقاته إليه، حتى غلب عليه، وصار مشهوراً به، فتقدم فيه، وانتهت إليه رئاسته في البلاد الإسلامية، مع المعرفة والإتقان، والحفظ وشهد له بالتفرد فيه عدة من حفّاظ عصره، منهم السُّبكي، والعلائي، وعِزّ الدين ابن جماعة، وابن كَثِير، والإسنائي، فكانوا يكثرون من الثناء عليه. واشتهر بين الناس باسم (الحافظ العراقي). وتوفي بالقاهرة سنة 806 ﻫ , ومن آثاره كتاب : إخبار الأحياء بأخبار الإحياء، في أربع مجلدات، ( أي كتاب: إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي)
2- أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي(450 - 505 ﻫ ) فيلسوف، متصوف، له نحو مئتي مصنف. مولده ووفاته في الطابران (قصبة طوس، بخراسان) رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته. من كتبه :إحياء علوم الدين،تهافت الفلاسفة,الاقتصاد في الاعتقاد,محك النظر، معارج القدس في أحوال النفس،الفرق بين الصالح وغير الصالح، مقاصد الفلاسفة،المضنون به على غير أهله،الوقف والابتداء،البسيط في الفقه،المعارف العقلية،المنقذ من الضلال، بداية الهداية، جواهر القرآن، فضائح الباطنية،التبر المسبوك في نصيحة الملوك،الولدية،منهاج العابدين،إلجام العوام عن علم الكلام،الطير،الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة،شفاء العليل،المستصفى من علم الأصول،المنخول من علم الأصول،الوجيز،ياقوت التأويل في تفسير التنزيل،أسرار الحج، الإملاء عن إشكالات الإحياء، فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة،عقيدة أهل السنة،ميزان العمل، المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى, وله كتب بالفارسية.( الأعلام للزركلي)
3- سلمة بن نفيل السكوني ويقال التراغمي الحضرمي. روى عنه : جبير بن نفير وضمرة بن حبيب والوليد بن عبد الرحمن الجرشي ، والصحيح أن بينهما جبير بن نفير. له صحبة ، وأصله من اليمن ، وسكن حمص. روى له النسائى.
4- المعجم الكبير - الطبراني: 7 / 6356
5- إحياء علوم الدين – الغزالي : كتاب أسرار الحج - الباب الثالث: بيان دقائق الآداب

30-عن شريك (1) أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال : [ إِنَّ مِنْ خَيْرِ التَابِعِيْنَ أُوَيْساً الْقَرَنِيُّ ] (2).

31-وروي أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: [ إِنَّ مِنْ بَعْدِيْ رَجُلٌ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ بِهِ شَاْمَةٌ بَيْضَاْءُ ، مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُبَلِّغَهُ مِنِّيْ الْسَلَاْمَ ، فَإِنَّهُ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ لِكَذَاْ وَكَذَاْ مِنَ الْنَّاْسِ ]) (3) .

32-أسند الحريري (4) حديثا عن رسول الله قال فيه : [ إِذَاْ لَقِيْتُمْ أُوَيْسَاً الْقَرَنِيَّ فَاْقْرَأُوْهُ عَنَّيْ الْسَلَامَ , فَوَ الْذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ , لَوْ يَتَشَفَّعُ فِيْ رِبْيَعَة وَمُضَرَ, لَيُشَفِّعَهُ فِيْهِمْ اللهُ] (5).

ص: 40


1- شريك بن عبد الله الكوفي ( 95 - 178 ﻫ ) قال الذهبي : شريك بن عبد الله ، العلامة ، الحافظ ، القاضي ، أبو عبد الله النخعي ، أحد الأعلام ، على لين ما في حديثه ... وكان من كبار الفقهاء (سير أعلام النبلاء : 8 / 200 الرقم 37).وقال النسائي : ليس به بأس (سير أعلام النبلاء : 8 / 202 ، معرفة الرواة : 117 الرقم 156).عن أبي داود ، أنه سمع شريكا يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر (سير أعلام النبلاء : 8 / 205 ، ميزان الإعتدال : 2 / 271).وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة : حدثنا علي بن حكيم ، حدثنا علي بن قادم ، قال : جاء عتاب وآخر إلى شريك ، فقال له الناس : يقولون : إنك شاك! قال : يا أحمق كيف أكون شاكا! لوددت أني كنت مع علي فخضبت يدي بسيفي من دمائهم (ميزان الإعتدال : 2 / 273).وعده ابن قتيبة من رجال الشيعة (المعارف : 624).
2- حلية الأولياء - أبو نعيم:2/221, لسان الميزان- إبن حجر : 1 /475 , أسد الغابة – إبن الأثير: 5 /380
3- شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - المغربي : 2 / 35
4- أبو محمد القاسم بن علي بن محمد ذو البلاغتين ذلك لأنه برع في النثر والشعر صاحب المقامات التي بلغ بها أعلى المقامات إمام عصره في الأدب والنظم والنثر والبلاغة والفصاحة وهو في عداد فقهاء الشافعية تفقه على أبي أسحق الشيرازي صاحب المهذب وعلى أبي نصر بن الصباغ وقرأ الفرائض والحساب على أبي الفضل الهمداني صنف الملحة وشرحها ودرة الغواص في أوهام الخواص غير المقامات أملى بالبصرة مجالس وقدم بغداد سنة 500 وحدث بجزء من حديثه وبمقاماته وقد أخذ عليه فيها ابن الخشاب أوهاما يسيرة اعتذر عنها ابن بري أما تسميته الراوي للمقامات بالحارث بن همام فعنى به نفسه أخذا بما ورد في الحديث أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها الحارث وهمام توفي بالمذار( ميسان ) سنة 516 ﻫ عن سبعين عاما.
5- شرح مقامات الحريري - الحريري: 435 , والمعدن العدني في فضل أويس القرني - نور الدين علي بن محمد القاري.

أويس (علیه السلام) في أحاديث الأئمة (علیهم السلام)

1-عن إبن عبّاس قال : قال علي (علیه السلام) : { اللهُ أَكْبَرُ.. أَخْبَرَنِيْ حَبِيْبِيْ رَسُوْلُ الله (صلی الله علیه و آله) أَنِّيْ أُدْرِكُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِهِ يُقالُ لَهُ: أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ يَكُوْنُ مِنْ حِزْبِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ، يَمُوْتُ عَلَىْ الْشَهادَةِ ، يَدْخُلُ فِيْ شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيْعَةَ } (1).

2-عن طريق أصبغ بن نباتة (2) قال : ( شهدت عليّاً (علیه السلام) يوم صفّين يقول: { مَنْ يُبَايِعُنِيْ عَلَىْ الْمَوْتِ؟} فَبايعه تسعة وتسعون رجلاً فقال : { أَيْنَ الْتَمَاْمُ؟ } , فجاءه رجل عليه أطمار صوف ، محلوق الرأس ، فبايعه على القتل ; فقيل: هذا أُويس القرني ) (3).

3-عن جابر الجعفي (4)، عن الإمام الباقر (علیه السلام) قال : ( شهد مع علي بن أبي طالب (علیه السلام) من التابعين ثلاثة نفر بصفين شهد لهم رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالجنة ولم يرهم : أويس القرني..

ص: 41


1- الإرشاد – الشيخ المفيد :1/316, ونحوه في الخرائج والجرائح- الراوندي : 1 / 200 ، إعلام الورى- الشيخ الطبرسي : 170 ، الثاقب في المناقب-إبن حمزة : 266 ، وبحار الأنوار - المجلسي: 37 / 299 و38 / 147 .
2- الأصبغ بن نباتة هو ابن الحارث التميمي الحنظلي المجاشعي كان من خواص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیهما السلام) ، و خلص أصحابه، شهد معه صفين، و كان على شرطة الخميس .وكان شاعرا مفوها، و فارسا شجاعا، وناسكا عابدا. ضعفه البعض من كتاب العامة لا لذم يتعلق به، أو ريب يتوجس منه ، أو تهمة تلصق به، بل لتشيعه وموالاته الكبيرة لعلي (علیه السلام) (أعيان الشيعة 3 : 464 ، الخلاصة : 24 / 9 ، رجال النجاشي : 8 / 5 ، فهرست الطوسي : 37)
3- المستدرك - الحاكم : 4 / 497
4- جابر بن يزيد بن الحارث الجُعفي الكوفي. من أعلام القرن الثاني الهجري. من أصحاب الإمامينِ الباقر والصادق (علیهما السلام) . كان بوّاباً للإمام الباقر (علیه السلام) ، وقد خدم الإمام (علیه السلام) ثماني عشرة سنة. قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (رحم الله جابر بن يزيد الجُعفي، فإنّه كان يصدق علينا)( مناقب آل أبي طالب 3/347) قال المفضّل بن عمر الجُعفي للإمام الصادق (علیه السلام) : (يا ابن رسول الله، فما منزلة جابر بن يزيد منكم؟ قال (علیه السلام) : منزلة سلمان من رسول الله (صلی الله علیه و آله) (الإختصاص: 216) يُعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (35) مورداً.روى عن الإمام زين العابدين، الإمام الباقر، الإمام الصادق (علیهم السلام) ، جابر بن عبد الله الأنصاري، سويد بن غلفة... .وروى عنه الحسن بن السرّي، خالد بن ماد القلانسي، عباس بن عامر، عبد الله بن الحارث، عمّار بن مروان اليشكري، عيسى بن أبي منصور شلقان، مفضّل بن عمر الجُعفي، هارون بن خارجة، النضر بن سويد، يعقوب السرّاج.من مؤلفاته : كتاب التفسير، كتاب الجمل، كتاب صفّين، كتاب النهروان، مقتل أمير المؤمنين (علیه السلام) ، مقتل الحسين (علیه السلام) ، كتاب الفضائل، كتاب النوادر. تُوفّي (رضی الله عنه) عام 128ﻫ، أو عام 132ﻫ.

وزيد بن صوحان العبدي (1) ، وجندب الخير الأزدي (2) رحمة الله عليهم) (3).

ص: 42


1- زيد بن صُوحان بن حُجْر العبدي من خلّص أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) , أدرك رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقال فيه النبي (صلی الله علیه و آله) :[مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلىْ مَنْ يَسْبِقُهُ عُضْوٌ مِنْهُ إِلىْ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلىْ زَيْدَ بِنْ صُوْحَانَ]( فضل الكوفة و مساجدها - المشهدي:3), ولم يشاهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) إنما النبي (صلی الله علیه و آله) ذكره وأثنى عليه, وهو احد ثلاثة أشقاء استشهد اثنان منهم مع الإمام أمير المؤمنين (علیه السلام) وقد صحب زيد بن صوحان (رضی الله عنه) الإمام علياً (علیه السلام) وكان له محباً وصديقاً, تفانى في حبه والدفاع عنه, كان عالماً فاضلاً ذا بصيرة، ومن سادات قومه الموصوفين بالعبادة والزهد والشجاعة والتقوى وكان معلماً ومرشداً وله دور خطابي بليغ في المدائن؛ إذ طلب إليه آنذاك سلمان المحمدي (رضی الله عنه) أن يخطب ويقرأ القرآن؛ لبلاغته وفصاحته .و له يوم الجمل دور تبليغي رائد, فقد كان يخطب في المسلمين ويستجيش العواطف رافعا شعار (سيروا إلى أمير المؤمنين وسيد المسلمين وانفروا إليه أجمعين تصيبوا الحق وتعرفوه). قطعت يده في معركة فتح نهاوند عام 20للهجرة. سقط شهيداً سنة 36 ﻫ . وهو يساند الحق، وقد تحققت في ذلك نبوءة النبي (صلی الله علیه و آله) فيه إذ قطعت يده في واقعة نهاوند و لحق جسده بيده يوم الجمل
2- جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي ويقال جندب الخير وجندب الفارق ويظهر من ابن عبد البر أن الفارق وهو جندب بن كعب الازدي الذي قتل الساحر بين يدي الوليد بن عقبة كما مر في مطاعن عثمان ولذا لقب بالفارق لانه فرق بضربة بين الحق والباطل وذكر أنه شهد مع علي (علیه السلام) بصفين ولعله المذكور في الخبر(رجال الشيخ)
3- الإختصاص- الشيخ المفيد : 81 , وبحار الأنوار- الشيخ المجلسي : 29 / 618

4-عن أسباط بن سالم (1) قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر (علیهما السلام) : ( إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد و مضوا عليه؟ .. فيقوم سلمان (2) ، و المقداد (3) ..

ص: 43


1- أسباط بن سالم بياع الزطي، أبو علي، مولى بني عدي، من كندة. روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسن (علیهما السلام) . ذكره أبو العباس وغيره في الرجال، وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (علیه السلام) (220) قائلا: أسباط ابن سالم الكوفي، بياع الزطي وعده البرقي من غير توصيف في أصحاب الصادق (علیه السلام) . وطريق الشيخ إليه صحيح(رجال النجاشي)
2- أبو عبدا لله، أو أبو الحسن، أو أبو إسحاق, ولا مجال لتحديد ولادته لكنه توفي سنة أربع وثلاثين للهجرة. و قيل أن عمره ثلاث مائة سنة، وقيل : أقل، وقيل: أكثر, وهو من بلد جي (قرية في اصفهان). وقيل : إنه من رامهرمز، من فارس ودفن في المدائن ..قرب بغداد ،و فيها قبره من موالي رسول الله (صلی الله علیه و آله) وكان قد قرأ الكتب في طلب الدين. وعد في بعض الروايات هو وعلي (علیه السلام) من السابقين الأولين, وشهد بدرا وأحدا، ولم يفته بعد ذلك مشهد.وظل يسف الخوص، ويبيعه ويأكل منه، وهو أمير على المدائن, وكان عطاؤه : خمسة آلاف، يتصدق به، ويأكل من عمل يده, ولم يكن له بيت يسكن فيه، إنما كان يستظل بالجدر والشجر. 5-وكان خيرا فاضلا، حبرا عالما، زاهدا متقشفا له عباءة يفرض بعضها، ويلبس بعضها .. يحب الفقراء ويؤثرهم على أهل الثروة والعدد, وقيل كان يعرف الاسم الاعظم, وكان من المتوسمين. نقل عن النبي (صلی الله علیه و آله) قوله فيه:[لا تَغْلّطَنَّ فِيْ سَلْمانَ، فَإِنَ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالىْ أَمَرَنِيْ أَنْ أُطْلِعَهُ عَلى عِلْمِ البَلايا وَالمَنايا وَالأَنْسابِ، وَفَصْلِ الخِطابِ] وقوله (صلی الله علیه و آله) :[لَوْ كانَ الْدِيْنُ عِنْدَ الثُرَيا لَنا لَهُ سَلْمانُ] وقوله (صلی الله علیه و آله) : [سَلْمانُ مِنِّيْ، وَمَنْ جَفاهُ فَقَدْ جَفانِيْ، وَمَنْ آذاهُ فَقَدْ آذانِيْ] .. وحين زفاف فاطمة (علیها السلام) ، ركبت (علیها السلام) بغلة النبيّ (صلی الله علیه و آله) الشهباء، وأمر (صلی الله علیه و آله) سلمان أن يقودها، والنبي (صلی الله علیه و آله) يسوقها.وكان سلمان (رضی الله عنه) أحد الذين بقوا على أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله) بعد وفاته.. ومن المعترضين على صرف الاُمر عن علي أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى غيره.وعند وفاته تولى غسله وتجيزه والصلاة عليه ودفنه علي أمير المؤمنين (علیه السلام) ، وقد جاء من المدينة إلى المدائن من أجل ذلك. وهذه القضية من الكرامات المشهورة للإمام علي (علیه السلام) ( الاستيعاب بهامش الاصابة :2 /58 ، وسفينة البحار :1 /647)
3- المقداد بن الأسود الكندي: (حارس رسول الله) وكان فارساً شجاعاً ومن الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو أول فارس في الإسلام، نجيباً، خيراً، سريع التلبية لداعي الجهاد حتّى عندما كبر سِنّه، وقد قال في ذلك: أتت علينا سورة البعوث (انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً((سورة التوبة – الآية 41)ولا أجدني إلا خفيفاً , وكان صبوراً، طيب القلب، يتودد إلى أعدائه أملاً في خطب ودّهم نحو الإيمان والتقوى، ثابت الجنان، قوي اليقين، لا يزعزعه شيء، وقد ورد في الأثر:(ما بقي أحدٌ إلا وقد جال جولة إلا المقداد بن الأسود فإن قلبه كان مثل زبر الحديد ). وهو ممن ساروا على درب النبيّ محمد (صلی الله علیه و آله) ولم يبدلوا ولم يغيروا، عظيم القدر، شريف المنزلة، هاجر الهجرتين، وشهد بدراً و أحداً والمشاهد كلها مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) ذكر ابن مسعود أنّ أول من أظهر إسلامه سبعة، وعدّ المقداد واحداً منهم عن أبي عبد الله (علیه السلام) قوله تعالى( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ((سورة الإنشقاق – الآية 25) قال: هم المؤمنون: سلمان، والمقداد، وعمار، وأبو ذر، لهم أجرٌ غير ممنون. قال أمير المؤمنين عليّ (علیه السلام) : {مَاْ كَانَ فِيْنَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَاْدِ بنِ عْمْرو}. قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (إنما منزلة المقداد في هذه الأُمة كمنزلة ألف في القرآن، لا يلزق بها شيء). لقد قضى المقداد نيّفاً وثلاثين سنة فارساً في ساحات الجهاد المقدس بدءاً من غزوة بدر وانتهاءً بفتح مصر! وكانت سنين التأسيس صعبة ومُرّة قاسية جاهد فيها وكابد لم تخل منه ساحة جهاد, حتّى وافته المنية في سنة 33 ﻫ أو أقل - على اختلاف الروايات، بعد أن شهد فتح مصر، وقد بلغ عمره سبعين سنة. فنقل على أعناق الرجال حيث دفن بالبقيع وكان قد أوصى إلى عمار بن ياسر بالصلاة عليه.

و أبو ذر (1) ..

ص: 44


1- أبو ذر، جُندب بن جُنادة الغِفاري. لم تُحدّد لنا المصادر تأريخ ولادته ومكانها، إلاّ أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري. رابع مَن أسلم من الرجال،من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، والإمام عليّ (علیه السلام) . كان (رضی الله عنه) أحد الأركان الأربعة الذين أثبتوا ولائهم للإمام عليّ (علیه السلام) بعد رحيل النبيّ (صلی الله علیه و آله) ، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وعمّار وأحد الحواريين الذين مضوا على منهاج رسول الله (صلی الله علیه و آله) . وأحد المشيّعين الذين خرجوا في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء (علیها السلام) ، والصلاة عليها ودفنها. وأحد المتجاهرين بمناقب أهل البيت (علیهم السلام) ومثالب أعدائهم، لم تأخذه في الله لومة لائم عند ظهور المنكر، وانتهاك المحارم. قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [مَا أَظَلّتْ الْخَضْرَاءُ وَمَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةٍ مِنْ أَبِيْ ذَرَّ](الإختصاص: 13) قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [أَبُوْ ذَرَّ فِيْ أُمَّتِيْ شَبِيْهُ عِيْسىْ بِنْ مَرْيَمَ فِيْ زُهْدِهِ]( بحار الأنوار 22/420) قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) مخاطباً الإمام عليّ (علیه السلام) : [الْجَنَّةُ تَشْتَاقُ إِلَيْكَ، وَإِلَىْ عَمّارَ، وَسَلْمَانَ، وَأَبِيْ ذَرَّ، وَالْمِقْدادَ](الخصال: 303) قال الإمام عليّ (علیه السلام) : { خُلِقَتْ الْأَرْضُ لِسَبْعَةٍ بِهِمْ يُرْزَقُوْنَ، وبِهِمْ يُمْطَرُوْنَ، وبِهِمْ ينصرون: أَبُوْ ذَرَّ وَسَلْمَانُ وَالْمِقْدادُ و عَمّارُ وحُذَيْفَةُ وعَبْدُ اللهِ بِنْ مَسْعُوْد... وَأَنَاْ إِمَاْمُهُمْ}، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة (علیها السلام) (الخصال: 361) أنكر (رضی الله عنه) على أبي بكر جلوسه على عرش الخلافة، وتقدّمه على الإمام علي (علیه السلام) بقوله: (أمّا بعد، يا معشر المهاجرين والأنصار، لقد علمتم وعلم خياركم أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) قال: [ الْأَمْرُ لِعَلِيٍّ (علیه السلام) بَعْدِيْ، ثُمَّ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (علیهما السلام) ، ثُمَّ فِيْ أَهْلِ بَيْتِيْ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ] فأطرحتم قول نبيّكم؟ وتناسيتم ما أوعز إليكم، واتّبعتم الدنيا، وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا تهدم بنيانها ولا يزول نعيمها، ولا يحزن أهلها ولا يموت سكّانها، وكذلك الأُمم التي كفرت بعد أنبيائها بدّلت وغيّرت فحاذيتموها حذو القذّة بالقذّة، والنعل بالنعل، فعمّا قليل تذوقون وبال أمركم وما الله بظلاّم للعبيد)(الخصال: 463) ساءه (رضی الله عنه) ما رأى من ممارسات عثمان في المدينة، وعامله معاوية في دمشق من مثل محاباته قُرباه بالأعمال المهمّة، ودفعه الأموال الطائلة، وكنز الثروات، والتبذير والإسراف، وانتهاك السُنّة النبوية، فامتعض منهما وغضب عليهما. فنفاه عثمان إلى الشام، ولمّا وصل إلى الشام بقي هناك على نهجه في التصدي إلى مظاهر الإسراف والتبذير لأموال المسلمين، وظل صامدا بالرغم من محاولات معاوية في ترغيبه في الدنيا وتطميعه. وبعد أن عجز عنه معاوية راسل عثمان في شأنه، فطلب عثمان من معاوية أن يُرجع أبا ذرّ إلى المدينة بعنف، فأركبه معاوية على جمل بلا غطاء ولا وطاء. ولما دخل المدينة منهكاً متعباً حاول عثمان أن يسترضيه بشيءٍ من المال، فرفض ذلك، وواصل انتقاده للنظام الحاكم والأسرة الأموية، فغضب عثمان وأمر بنفيه إلى الرَبَذة، ليُبعده عن الناس. توجه (رضی الله عنه) إلى صحراء الربذة مع أهل بيته وغلامه جون، حيث لا ماء ولا كلأ، وهو مشرّد عن وطنه، وأخذ يستعدّ للمصير الذي أخبره به رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، حيث قال: [رَحِمَ اللهُ أَبَا ذَرَّ، يَمْشِيْ وَحْدَهُ، وَيَمُوْتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ](شرح الأخبار: 2/168)وتُوفّي (رضی الله عنه) عام 31ﻫ أو 32ﻫ بمنطقة الربذة، ودُفن فيها، وصلّى عليه الصحابي الجليل مالك الأشتر (رضی الله عنه) .

ثمّ ينادي : أين حواري علي بن أبي طالب وصيّ رسول الله؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي (1) ..

ص: 45


1- عمرو بن الحمق بن الكاهن الخزاعي ، صحابي جليل من صحابة رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، وأمير المؤمنين (علیه السلام) ، والإمام الحسن (علیه السلام) أسلم بعد الحديبية ، وتعلم الأحاديث من النبي (صلی الله علیه و آله) . كان من الصفوة الذين حرسوا حقّ الخلافة بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، فوقف إلى جانب أمير المؤمنين (علیه السلام) بإخلاص. اشترك في ثورة المسلمين على عثمان ، شهد حروب أمير المؤمنين (علیه السلام) وساهم فيها بكل صلابة وثبات ، وكان ولاؤه للإمام (علیه السلام) عظيما حتى قال له (علیه السلام) : { لَيْتَ أَنَّ فِيْ جُنْدِيْ مِئَةٌ مِثْلُكَ }. ففي وقعة صفّين عن عبد الله بن شريك : قال عمرو بن الحمق : (إنّي والله يا أمير المؤمنين ، ما أجبتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك ، ولا إرادة مال تؤتينيه ، ولا التماس سلطان يُرفع ذكري به، ولكن أحببتك لخصال خمس: إنّك ابن عمّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، وأوّل من آمن به، وزوج سيّدة نساء الاُمّة فاطمة بنت محمّد (صلی الله علیه و آله) ، وأبو الذرّيّة التي بقيت فينا من رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، وأعظم رجل من المهاجرين سهما في الجهاد، فلو أنّي كُلِّفت نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي حتى يأتي عليَّ يومي في أمر اُقوِّي به وليّك، واُوهن به عدوّك، ما رأيت أنّي قد أدّيت فيه كلّ الذي يحقّ عليَّ من حقّك. فقال أمير المؤمنين : { اللهُمَّ نَوِّرْ قَلْبَهُ بِالْتُقَىْ ، وَاْهْدِهِ إِلىْ صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ ، لَيْتَ أَنَّ فِيْ جُنْدِيْ مِئَةٌ مِثْلُكَ } ! . عبّر عنه الإمام الحسين (علیه السلام) ب-( العبد الصالح الذي أبْلَتْه العبادة ) ، قتل سنة 50 ﻫ ، بعد أن سجنوا زوجته بغية استسلامه ، واُرسل برأسه إلى معاوية ، وهو أوّل رأس في الإسلام يُحمَل من بلد إلى بلد .

و محمّد بن أبي بكر (1) , و ميثم بن يحيى التمّار (2) مولى بني أسد ، و أويس القرني ..

ص: 46


1- محمد بن أبي بكر بن أبي قُحافة. ولد عام 10ﻫ بذي الحُلَيفة، كانت أُمه السيدة أسماء قد تزوجت جعفر بن أبي طالب (رضی الله عنه) ، وهاجرت معه إلى الحبشة، وبعد استشهاده في معركة مؤتة تزوجها أبو بكر، وبعد موته تزوجها الإمام أمير المؤمنين (علیه السلام) ، فانتقلت إلى بيته مع أولادها، وفيهم محمد الذي كان يومئذ ابن ثلاث سنين فنشأ في حِجر الإمام عليّ (علیه السلام) إلى جانب الحسن والحسين (علیهما السلام) ، وامتزجت روحه بهما، وكان الإمام (علیه السلام) يعتبره مثل أبناءه حيث يقول فيه: {مُحَمَّدٌ ابْنِيْ مِنْ صُلْبِ أَبِيْ بَكْرٍ}(شرح نهج البلاغة: 6/53). في أيّام حكومة عثمان كان محمد في مصر، وبدأ انتقاده لحكومة عثمان، واشترك في الثورة عليه، وبعد تصدّي الإمام عليّ (علیه السلام) للخلافة، حمل كتابه إلى أهل الكوفة قبل نشوب حرب الجمل، وكان على الرجّالة فيها. ولاّه الإمام عليّ (علیه السلام) على مصر عام 36ﻫ، وكتب له عهداً بذلك، بعدما عزل قيس بن سعد عنها، وكان الإمام (علیه السلام) يُثني عليه، ويذكره بخير في مناسبات مختلفة. وقال الإمام الصادق (علیه السلام) : (ما من أهل بيتٍ إلاّ ومنهم نجيب من أنفسهم، وأنجب النجباء من أهل بيت سوء منهم: محمّد بن أبي بكر)(روضة الواعظين: 286) استُشهد (رضی الله عنه) في 14 صفر 38ﻫ في مصر، على يد معاوية بن حُدَيج الكندي، الذي أرسله معاوية مع جيش جرّار لاحتلال مصر، وقد أحرقه في جوف جلد حمار ميّت, وحزن الإمام عليّ (علیه السلام) عليه حتّى رُؤي ذلك فيه، وتبيّن في وجهه، وقام في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: { فَلَقَدْ كَانَ إِلَيَّ حَبِيْبَاً، وَكَاْنَ لِيْ رَبِيْباً، فَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً، وَعَامِلاً كَادِحاً، وَسَيْفاً قَاطِعَاً، وَرُكْنَاً دَافِعَاً }. قال المدائني: وقيل لعليّ (علیه السلام) : (لَقد جزعت على محمّد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين؟ فقال: { وَمَا يَمْنَعُنِيْ! إِنَّهُ كَاْنَ لِيْ رَبِيْباً، وَكَاْنَ لِبَنِيَّ أَخَاً، وَكُنْتُ لَهُ وَالِداً، أَعُدُّهُ وَلَدَاً}( شرح نهج البلاغة: 6/94)
2- مِيثَم بن يحيى التمار النهرواني، كان يبيع التمر في الكوفة فلقب ب-(التمّار). مولى أمير المؤمنين علي (علیه السلام) وخاصته وحواريه، ومستودع أسراره ومغرس علومه، و لطالما كان الإمام (علیه السلام) يخرج من جامع الكوفة فيجلس عنده فيحادثه, وربما كان يبيع له التمر إذا غاب, وقد أطلعه (علیه السلام) على علم كثير وأسرار خفية من أسرار الوصية, فكان يحدث ببعض ذلك فيشك فيه بعض أهل الكوفة, و قد جعلت منه نفاسة معدنه وجميل تربية الإمام علي (علیه السلام) له، ذلك الرجل الفذ في كل خلة كريمة. حبسه ابن زياد بعد شهادة مسلم (علیه السلام) وهاني (رضی الله عنه) مع المختار الثقفي وأمر بصلب ميثم فصلبه ابن زياد على الخشبة عند باب عمرو بن حريث وأخذ يحدث الناس بفضائل علي (علیه السلام) ، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، قال: ألجموه، فكان أول من أُلجم في الإسلام, فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن بالحربة فكبر ومات في 20/ذي الحجة/60 ﻫ وكان علي (علیه السلام) قد قال ذات يوم لميثم (رضی الله عنه) : {إِنَّكَ تُؤْخَذُ فَتُصْلَبُ وَتُطْعَنُ بِحَرْبَةٍ، فَإِذَا جَاءَ الْيَوْمُ الثَالِثُ إِبْتَدَرَ مِنْخَراكَ وَفُوْكَ دَمَاً فَتُخْضَبُ لِحْيَتُكَ، وَتُصْلَبُ عَلَىْ بَاْبِ عَمْرِو بِنْ حُرَيْثٍ عَاْشِرَ عَشْرَةٍ، وَأَنْتَ أَقْصَرَهُمْ خَشَبَةً وَأَقْرَبَهُمْ مِنَ الْمُطَهَّرَةِ} (مدينة المعاجز – البحراني :161/2)

ثمّ ينادي المنادي : أينْ حواري الحسن بن علي بن فاطمة بنت محمّد (صلی الله علیه و آله) ؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني (1) ، و حذيفة بن أسيد الغفاري (2) , ثمّ ينادي: أين حواري الحسين بن علي (علیهما السلام) ؟ فيقوم كلّ من أستشهد معه و لم يتخلف عنه (3) ,

ص: 47


1- من أصحاب الإمام الحسن (علیه السلام) (رجال الشيخ : 94/ 2). وعده البرقي أيضا من أصحاب الإمام الحسن (علیه السلام) .
2- أبوسرعة ، صاحب النبي (صلی الله علیه و آله) ، وهو ابن أمية ( آمنة ) ، من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، رجال الشيخ وذكره في أصحاب الحسن (علیه السلام) . وذكره البرقي ، في أصحاب الحسن (علیه السلام) . وقد عد من حواري الحسن المجتبى (علیه السلام) في رواية أسباط بن سالم المتقدمة في أويس القرني .( معجم رجال الحديث : 2621)
3- وهم (بجمع عدة روايات) الشهداء الخالدون : علي بن الحسين الاكبر. عبد الله بن علي بن أبي طالب .جعفر بن علي بن أبي طالب. عثمان بن علي بن أبي طالب. محمد ( الاصغر ) بن علي بن أبي طالب. العباس بن علي بن أبي طالب. عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب. أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب. القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب. عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب. عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. جعفر بن عقيل بن أبي طالب. عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب. عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب. عبد الله بن عقيل بن أبي طالب. محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب. أبو بكر بن علي بن أبي طالب. عبيد الله بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب. عبد الله بن علي بن أبي طالب. عمر بن علي بن أبي طالب. إبراهيم بن علي بن أبي طالب. عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب. محمد بن عقيل بن أبي طالب. جعفر بن محمد بن عقيل بن أبي طالب. سليمان مولى الحسين. قارب مولى الحسين. منجح مولى الحسين. مسلم بن عوسجة الأسدي. سعد بن عبد الله الحنفي. بشر بن عمر الحضرمي. يزيد بن حصين الهمداني المشرقي. نعيم بن عجلان الانصاري . زهير بن القين البجلي. عمرو بن قرظة الانصاري. حبيب بن مظاهر الأسدي. الحر بن يزيد الرياحي . عبد الله بن عمير الكلبي . نافع بن هلال البجلي المرادي . أنس بن كاهل الأسدي . قيس بن مسهر الصيداوي . عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حراق الغفاريين . جون مولى أبي ذر الغفاري . شبيب بن عبد الله النهشلي . الحجاج بن يزيد السعدي . قاسط وكرش ابني زهير التغلبيين . كنانة بن عتيق . ضرغامة بن مالك . جوين بن مالك الضبعي . عمرو بن ضبيعة الضبعي . زيد بن ثبيت القيسي . عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي . عامر بن مسلم . قعنب بن عمرو النمري . سالم مولى عامر بن مسلم . سيف بن مالك . زهير بن بشر الخثعمي. بدر بن معقل الجعفي . الحجاج بن مسروق الجعفي . مسعود بن الحجاج وابنه . مجمع بن عبد الله العائذي . عمار بن حسان بن شريح الطائي . حيان بن الحارث السلماني الازدي . جندب بن حجر الخولاني . عمرو بن خالد الصيداوي . سعيد مولاه . يزيد بن زياد بن المظاهر الكندي . زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي . جبلة بن علي الشيباني . سالم مولى بني المدنية الكلبي . أسلم بن كثير الازدي . قاسم بن حبيب الازدي. عمر بن الاحدوث الحضرمي . أبو ثمامة عمر بن عبد الله الصائدي . حنظلة بن أسعد الشبامي . عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الارحبي . عمار بن أبي سلامة الهمداني . عابس بن شبيب الشاكري . شوذب مولى شاكر . شبيب بن الحارث بن سريع . مالك بن عبد الله بن سريع . سوار بن أبي حمير الفهمي الهمداني . عمرو بن عبد الله الجندعي .

ثمّ ينادي : أين حواري علي بن الحسين (علیهما السلام) ؟ فيقوم جبير بن مطعم (1) .. و يحيى بن أمّ الطويل (2) ، و أبو خالد الكابلي (3) ..

ص: 48


1- عدّه الشيخ (رجال الشيخ : 14 برقم 23) من أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، قائلا : جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، يكنّى : أبا محمّد ، مات سنة 58. وفي ترجمة : جابر الأنصاري نقل رواية الكشي (في رجاله : 123 حديث 194) ، عمّن سمعه ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : (إرْتَدَّ النَاْسَ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ (علیه السلام) ، إِلاّ ثَلَاْثَةً : أَبُوْ خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ ، وَيَحْيَىْ بِنْ اُم الطَوْيْلِ ، وَجُبَيْرُ بِنْ مُطْعِمٍ ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ لَحَقُوْا وَكَثَرُوْا) و قد عدّهم في خبر أربعة (رجال الكشي : 115 برقم 184) ، رابعهم : جابر بن عبد الله الأنصاري. وعدّه العلاّمة (الخلاصة : 36 برقم 3) في القسم الأوّل ، واقتصر في ترجمته على نقل رواية الكشّي الاُولى, فقال: جبير بن مطعم ؛ روى الكشي بالإسناد إلى أسباط بن سالم ، عن أبي الحسن الكاظم (علیه السلام) أنّه من حواري عليّ بن الحسين (علیهما السلام) . وفي (لتحرير الطاوسي : 70 برقم 84): جبير بن مطعم ؛ روي أنّه من حواري عليّ بن الحسين (علیهما السلام) . وقد جعله في (الوجيزة : 147 (رجال المجلسي: 174 برقم 335 )) ممدوحاً ، وهو أقلّ ما ينبغي الإذعان به.( تنقيح المقال - الجزء الرابع عشر: 256 - 270)
2- يحيى بن اُمّ الطويل: الذي عدّ من القلائل الذين بقوا - بعد كربلاء - على ولائهم واتصالهم بالإمام زين العابدين (علیه السلام) (رجال الكشي :123 رقم 194) ، بل هو من حوارييه (معجم رجال الحديث: 20 / 42 ) ، ومن أبوابه (تأريخ أهل البيت : 48).وكان من المجاهرين بالحق ، كان يقف بالكناسة في الكوفة ، وينادي بأعلى صوته: معاشر أولياء الله! إنا بُرءآء مما تسمعون. من سب عليّا (علیه السلام) فعليه لعنة الله. ونحن برءآء من آل مروان وما يعبدون من دون الله. ثم يخفض صوته فيقول : من سبّ أولياء الله فلا تقاعدوه ، ومن شكّ في ما نحن عليه فلا تفاتحوه ، ومن احتاج الى مسألتكم من إخوانكم .. فقد خنتموه (الكافي ، الأصول: 2/ 281باب مجالسة أهل المعاصي ح 16)وكان يدخل مسجد الرسول (صلی الله علیه و آله) - حيث يجتمع المشبّهة الملحدون - ويقول : كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء (الإختصاص : 64) ورواه الخصيبي ( الأبواب : ب 5 / 124) بزيادة قوله : حتى تؤمنوا بالله وحده ,وقد طلبه الحجّاج ، وأمر بقطع يديه ورجليه ، وقتله (رجال الكشي :123 رقم 194)
3- كنكر أبو خالد الكابلي ويلقب بالكابلي نسبة إلى مدينة كابل عاصمة افغانستان. قال البرقي والطوسي : أبو خالد الكابلي كنكر ، ويقال اسمه وردان . (رجال البرقي : 45 / 146 ، رجال الطوسي : 119 / 1213) لكن يظهر من كلام الشيخ الطوسي التعدد ، قال : بعد عدّه من أصحاب الباقر (علیه السلام) ، وردان أبوخالد الكابلي الأصغر روى عنه (علیه السلام) ، وعن أبي عبداللّه ، والكبير اسمه كنكر ، وقال : في أصحاب الصادق (علیه السلام) مرة كنكر أبو خالد القمّاط الكوفي ، وأُخرى وردان أبو خالد الكابلي الأصغر ، (رجال الطوسي : 148 / 1642 و 274/ 3957 و 317 / 4731) وقال في الكنّى من الفهرست : أبو خالد القمّاط له كتاب ، وقال ابن عقدة : اسمه كنكر(الفهرست : 269 /830) إلاّ أنّ الفضل بن شاذان ذكر اسمه وردان ولقبه كنكر (الخرائج والجرائح : 1 / 262). عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب علي بن الحسين ، والباقر ، والصادق (علیهم السلام) , وذكره البرقي في أصحاب علي بن الحسين (علیه السلام) ، ومحمّد بن علي الباقر (علیهما السلام) . روى عن : علي بن الحسين ، وأبي جعفر ، وأبي عبد اللّه (علیهم السلام) ، والأصبغ بن نباته ، ويحيى بن أم الطويل . روى عنه : عبدالحميد الطائي ، وأبو أيوب ، وسدير الصيرفي ، وهشام بن سالم ، والحكم بن أيمن ، وجميل بن صالح ، وأبو حمزة الثمالي ، ومعمر بن يحيى ، وميسر بن عبد العزيز النخعي .

و سعيد بن المسيّب (1) , ثمّ ينادي: أين حواري محمّد بن علي و جعفر بن محمّد (علیهم السلام) ؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري (2) ، و زرارة بن أعين (3) ..

ص: 49


1- مرت ترجمته
2- أبو المحجل، عبد الله بن شريك بن عدي العامري. من أعلام القرن الثاني الهجري. كان (رضی الله عنه) من أصحاب الأئمة زين العابدين والباقر والصادق (علیهم السلام) . قال الإمام الباقر (علیه السلام) : (كأنّي بعبد الله بن شريك العامري عليه عمامة سوداء وذوابتاها بين كتفيه، مصعداً في لحف الجبل بين يدي قائمنا أهل البيت في أربعة آلاف مكرّون)( إختيار معرفة الرجال: 2/481 ح390). قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (إنّي سألت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي فأبى، ولكنّه قد أعطاني فيه منزلة أُخرى، أنه يكون أول منشور في عشرة من أصحابه، ومنهم عبد الله بن شريك وهو صاحب لوائه)(إختيار معرفة الرجال: 2/481 ح391) روى أحاديث عن الأئمة زين العابدين والباقر والصادق (علیهم السلام) . لم تحدد لنا المصادر تأريخ وفاته ومكانها، إلا أنه من أعلام القرن الثاني الهجري.
3- عبد ربه بن أعين بن سنسن بن أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان. و (زرارة) لقبه فقد ورد في حديث عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال فيه لزرارة: (يا زرارة، ان اسمك في أسامي أهل الجنة بغير ألف . قلت:نعم، جعلت فداك! إسمي: عبد ربه، ولكني لقبت بزرارة)(إختيار معرفة الرجال 1: 345 ) وعن جميل بن دراج قال: سمعت ابا عبد اللّه (علیه السلام) يقول: (بشر المخبتين بالجنة، بريد بن معاوية العجلي، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة. أربعة نجباء، أمناء اللّه على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست)( إختيار معرفة الرجال: 1/ 398 ). قال الشيخ الكشي في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبداللّه (علیهما السلام) : (أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الاولين من اصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه (علیهما السلام) ، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: افقه الأولين ستة: زرارة ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير الاسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي. قالوا: وافقه الستة زرارة)( إختيار معرفة الرجال: 2/ 507). ووصفه السيد الخوئي بأنه من الأعاظم الأجلاء، ومن أكابر الفقهاء، وعدول الرواة(التنقيح: 4/ 286 ). إن العلاقة التي ربطت بين زرارة والإمامين الصادقين (علیهما السلام) لم تكن في نوعها من قبيل علاقة الراوي الذي يأخذ الحديث عن الإمام ثم ينصرف لشانه، بل هي علاقة التلميذ الملازم لأستاذه الذي لا يكاد ينفك عنه حتى عد من حواريي أبي جعفر (علیه السلام) ، كما وصفه الإمام موسى بن جعفر (علیه السلام) (علیه السلام) (علیه السلام) (علیه السلام) ( إختيار معرفة الرجال: 1/ 43). وقد كان مجلسه كما يحدث ابن مسكان منتجعا لأهل الفضل من الرواة والفقهاء، لتذاكر امر الحلال والحرام، والإفادة من محضر زرارة الذي كان تعلو شمائله هيبة الفقاهة، ويرتسم في محياه وقار العلم(معجم رجال الحديث: 7/ 235). يقول جميل بن دراج واصفا مجلسه: (واللّه، ما كنا حول زرارة بن أعين إلا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم!)( إختيار معرفة الرجال: 1/ 346). روى الكشي في مناظرة الرجل الشامي الذي قصد الإمام الصادق (علیه السلام) للمناظرة فلم يناظره الإمام (علیه السلام) ، وإنما أمر تلامذته وأصحابه بذلك، فناظره حمران بن أعين في القرآن، وأبان بن تغلب في العربية، وزرارة في الفقه، وهشام بن الحكم في الإمامة، ومؤمن الطاق في الكلام، وهشام بن سالم في التوحيد، والطيار في الاستطاعة. وقد كانت المناظرة بإشراف الإمام (علیه السلام) في انتخاب الأفراد لكل علم أراد الشامي المناظرة فيه(إختيار معرفة الرجال: 2/ 554 ).

و بريد بن معاوية العجلي (1) ، و محمد بن مسلم الثقفي (2) ..

ص: 50


1- أبو القاسم، بُريد بن معاوية العجلي. من أعلام القرن الثاني الهجري. من أصحاب الإمامينِ الباقر والصادق (علیهما السلام) . عدّه جماعة من الذين أجمعت العصابة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه. قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (بشّر المخبتين بالجنّة: بُريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير بن ليث البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أُمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست)( إختيار معرفة الرجال: 1/398). قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم ، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين)( إختيار معرفة الرجال: 2/507). قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي (علیه السلام) إلاّ زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي (علیه السلام) على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة)( الإختصاص: 66). وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (206) مورداً.روى عن الإمام الباقر، الإمام الصادق (علیهما السلام) ، إسماعيل بن رجاء، محمّد بن مسلم... ,وروى عنه أبان بن عثمان، إسماعيل بن الحبيب، أيوب بن الحر، جميل بن صالح، الحارث بن محمّد بن النعمان الأحول، عليّ بن رئاب، عليّ بن عقبة بن خالد الأسدي، عمر بن أذينة، هشام بن سالم، يحيى بن عمران الحلبي. تُوفّي (رضی الله عنه) في أيام الإمام الصادق (علیه السلام) الذي استشهد (علیه السلام) عام 148ﻫ.
2- أبو جعفر محمد بن مسلم بن رباح الأوقص الطحان الطائفي مولى ثقيف من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (علیهما السلام) وكان من خواصهما. قال الشيخ النجاشي : وجه أصحابنا بالكوفة ، فقيه ، ورع ، كان من أوثق الناس . وعده الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم وعده الشيخ الكشي ممن اجتمعت العصابة على تصديقهم ، وانقيادهم لهم بالفقه . قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (أربعة أحب الناس إلي أحياء وأمواتا : بريد بن معاوية العجلي ، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم ، وأبو جعفر الاحول) . عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : ما شجر في رأيي شيء قط إلا سألت عنه أبا جعفر (علیه السلام) ، حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث ، وسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ستة عشر ألف حديث وعن عبد الله بن أبي يعفور ، قال : قلت لابي عبد الله (علیه السلام) : إنه ليس كل ساعة ألقاك ويمكن القدوم ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه ، قال : فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ، فإنه قد سمع من أبي وكان عنده وجيها . وعن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : أقام محمد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر (علیه السلام) يسأله ، ثم كان يدخل على جعفر بن محمد ، قال أبو أحمد : فسمعت عبد الرحمن بن الحجاج ، وحماد بن عثمان يقولان : ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم . توفي سنة 150 وله نحو من سبعين سنة.

و ليث بن البختري المرادي (1) ، و عبد الله بن أبي يعفور (2) ..

ص: 51


1- ليث بن البختري المرادي أبو محمد، وقيل: أبو بصير الأصغر، روى عن أبي جعفر وأبى عبد الله (علیهما السلام) (النجاشي في رجاله: 321 رقم 876)وذكره الشيخ فقال: ليث المرادي، يكنى أبا بصير، روى عن الصادق والكاظم (علیهما السلام) ، وله كتاب (الفهرست: 130 رقم 574)، وعده من أصحاب الباقر (علیه السلام) قائلا: ليث بن البختري المرادي، يكنى أبا بصير، كوفي (رجاله: 134 رقم 1)، ومن أصحاب الصادق (علیه السلام) قائلا: ليث بن البختري المرادي أبو يحيى ويكنى أبا بصير، أسند عنه (278 رقم 1)، ومن أصحاب الكاظم (علیه السلام) (358 رقم 2), وعده البرقي من أصحاب الصادقين (علیهما السلام) قائلا: أبو بصير ليث المرادي ثم قال بعد ذكره لشخص واحد: ليث بن البختري ، وفيمن أدرك الصادق (علیه السلام) من أصحاب الباقر (في رجاله: 13و18) ,وذكره إبن داود قائلا: ليث بن البختري المرادي - بالخاء المعجمة - وهو أبو بصير الأصغر، وقد ذكرناه في الكنى ، ثم قال :أبو بصير مشترك بين أربعة منهم: ليث بن البختري بالخاء المعجمة والتاء المفتوحة المثناة فوق - المرادي وقيل: أبو محمد من أصحاب الباقر والصادق (علیهما السلام) عن رجال الشيخ، وعن الكشي: ثقة عظيم الشأن، قال فيه الباقر : (علیه السلام) (بشر المخبتين بالجنة)(القسم الأول من رجاله: 157 رقم 1252, و214 رقم 6 من باب الكنى)...( التحرير الطاووسي - الشيخ حسن صاحب المعالم : 486)
2- أبو محمّد، عبد الله بن أبي يعفور العبدي. من أعلام القرن الثاني الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفي. من أصحاب الإمامينِ الباقر والصادق (علیهما السلام) كان قارئاً يقرأ في مسجد الكوفة، ومن الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، قال الإمام الصادق (علیه السلام) : (ما وجدت أحداً أخذ بقولي، وأطاع أمري، وحذا حذو أصحاب آبائي غير رجلينِ رحمهما الله: عبد الله بن أبي يعفور، وحمران بن أعين، أمّا أنّهما مؤمنانِ خالصانِ من شيعتنا، أسماؤهم عندنا في كتاب أصحاب اليمين الذي أعطى الله محمّداً)( إختيار معرفة الرجال: 2/418، ح313.( قال الإمام الصادق (علیه السلام) : )ما وجدت أحداً يقبل وصيّتي ويطيع أمري، إلاّ عبد الله بن أبي يعفور(( إختيار معرفة الرجال: 2/514، ح453( قال ابن أبي يعفور (رضی الله عنه) : (قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) :والله لو فلقت رمانة بنصفين، فقلت هذا حرام وهذا حلال، لشهدت أنّ الذي قلت حلال حلال، وإنّ الذي قلت حرام حرام، فقال (علیه السلام) :رحمك الله رحمك الله)( المصدر السابق 2/518، ح462 ( يُعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (78) مورداً.عن الإمام الصادق (علیه السلام) ، أخوه عبد الكريم بن أبي يعفور، أبو الصامت الحلواني... .وروى عنه أبان بن عثمان الأحمر البجلي، إسحاق بن عمّار الصيرفي، الحسن بن محبوب السرّاد، عبد الله بن سنان، عبد الله بن مسكان، هشام بن سالم الجواليقي. تُوفّي (رضی الله عنه) في حياة الإمام الصادق (علیه السلام) سنة الطاعون.

و عامر بن عبد الله بن جذاعة (1) ، و حجر بن زائدة (2) ، و حمران بن أعين (3) , ثمّ ينادي المنادي سائر الشيعة مع سائر الأئمة (علیهم السلام) يوم القيامة ، فهؤلاء أوّل الشيعة

ص: 52


1- عامر بن عبد الله ابن جداعة(جذاعة) الأزدي، عربي، روى عن أبي عبد الله (علیه السلام) ، له كتاب، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد قال: حدثنا علي بن حبشي قال: حدثنا حميد بن زياد قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن مهزم عن عامر بن جداعة بكتابه (النجاشي في رجاله: 293 - 294 رقم 794).وعده الشيخ من أصحاب الصادق (علیه السلام) قائلا: عامر بن عبد الله بن جذاعة الأزدي، عربي، كوفي (رجاله: 255 رقم 516)، وبنفس العبارة ذكره البرقي في رجاله, وعن الكشي: من حواري الباقر والصادق (علیهما السلام) (التحرير الطاووسي - الشيخ حسن صاحب المعالم : 386)
2- حجر بن زائدة الحضرمي ، أبو عبدالله ، عده الكاظم صلوات الله عليه من حواري الباقر والصادق (علیهما السلام) وروى عن أبي جعفر وأبي عبدالله (علیهما السلام) ، ثقة ، صحيح المذهب ، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا.( رجال النجاشي : 148/384)
3- حَمران بن أعين بن سنسن الشيباني الكوفي. من أعلام القرن الثاني الهجري. من أصحاب الأئمة زين العابدين والباقر والصادق (علیهم السلام) كان من قرّاء القرآن الكريم المشهورين، ومن علماء النحو واللغة، ومن شعراء أهل البيت (علیهم السلام) قال الإمام الباقر (علیه السلام) له: (أنت من شيعتنا في الدنيا والآخرة)( خلاصة الأقوال: 135) وقال الإمام الصادق (علیه السلام) (إنّه رجل من أهل الجنّة)( الإختصاص: 196) وقال : (علیه السلام) (حمران مؤمن من أهل الجنّة، لا يرتاب أبداً، لا والله)( إختيار معرفة الرجال: 1/416) وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (119) مورداً. روى عن الإمام الباقر، الإمام الصادق (علیهما السلام) ، الحكم بن عتيبة، أخوه زرارة بن أعين، أبو الطفيل عامر بن واثلة... .وروى عنه ابناه محمّد وحمزة، أبو حمزة الثمالي، أبو خالد القمّاط، حجر بن زائدة، الحرث بن المغيرة، حمزة الزيّات، صفوان بن يحيى، عبد الله بن بكير، عبد الله بن سنان، علي بن رئاب. تُوفّي (رضی الله عنه) حوالي عام 130ﻫ.

الذين يدخلون الفردوس وهؤلاء أوّل السّابقين و أوّل المقرّبين و أوّل المتحوّرة (1) من التابعين) (2).

ص: 53


1- أي المجعولون من الحواريين
2- الإختصاص- الشيخ المفيد: 61, الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة- السيد علي خان المدني : 432 ’ طرائف المقال - السيد علي البروجردي: 2 / 592 , معجم رجال الحديث – السيد الخوئي : 4 / 154, و بحار الأنوار- الشيخ المجلسي : 34/277

أويس (رضی الله عنه) في أحاديث العلماء وأصحاب السير

لأويس القرني مكانة عظيمة يعرفها الصحابة لما سمعوه من النبي (صلی الله علیه و آله) (1) , واعترف بوجوده ، وأنّه من قبيلة قرن العلماء والمؤرخون وأصحاب السير في : مراصد الاطلاع لابن عبد الحق، وصحاح اللغة للجوهري ، والقاموس المحيط للفيروز أبادي، وتاج العروس للزبيدي، ونهاية الأرب وسبائك الذهب للقلقشندي ، ولسان الميزان والإصابة وتهذيب التهذيب لإبن حجر العسقلاني ، وميزان الاعتدال وتجريد أسماء الصحابة للحافظ الذهبي ، والوافي بالوفيات للصفدي ، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي الأنصاري ، واُسد الغابة لابن الأثير ، والثقات لابن حبّان ، وتاريخ الثقات للعجلي ، والإكمال لإبن ماكولا ، وحلية الأولياء لأبي نعيم ، وصفوة الصفوة لابن الجوزي ، ومشكاة المصابيح للبغوي , والفتوح لابن الأعثم الكوفي , وكنز العمال للمتقي الهندي, والكامل للجرجاني , وتأريخ مدينة دمشق لابن عساكر, وسبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي.. وغيرها.

ومن كتب الخاصة ؛ في رجال الشيخ في أصحاب علي أمير المؤمنين (علیه السلام) ، ورجال الكشّي ، ومجالس المؤمنين للتستري , والدرجات الرفيعة للسيد علي خان المدني ، وإتقان المقال للشيخ محمد طه نجف ، وملخّص المقال في قسم الحسان ، وتوضيح الاشتباه للشيخ السروي المازندراني ، ومجمع الرجال للشيخ القهبائي، وجامع الرواة للشيخ محمد علي الأردبيلي ، وحاوي الأقوال للشيخ عبد النبي الجزائري ، ومنتهى المقال للشيخ الحائري ، ومنهج المقال للميرزا الشيرازي، وتكملة نقد الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي ، والخلاصة لفخر المحققين ، و وسائل الشيعة ورجال الشيخ الحرّ ، والاختصاص للشيخ المفيد ، ورجال إبن داود ، وبحار

ص: 54


1- معجم رجال الحديث- السيد الخوئي: 4/154، أعيان الشيعة- السيد محسن الأمين: 3/215

الأنوار للشيخ المجلسي ، ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي , والتحرير الطاوسي للسيد أحمد بن طاووس , وغيرها .. ومن جملة أحاديث العلماء وأصحاب الحديث والسير عنه :

1-سأل رجل عبد الله بن عباس عن أُويس القرني، قال: ( ويحك, أُويس القرني له شأن عظيم، وهو سيّد التابعين، وذلك أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) كان يقول لأصحابه : [ يَكُوْنُ فِيْ أُمَّتِيْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، يَدْخُلُ في شَفَاعَتِهِ(الْجَنَّةَ )عدد رَبِيْعَةَ ، وَمُضَر]) (1).

2-عن الحسن البصري قال : (قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ يَدْخُلُ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ مِنْ أُمَّتِيْ الْجَنَّةَ أَكْثَرَ مِنْ رَبِيْعَةَ ، وَمُضَر ] ، أما أسمي لكم ذلك الرجل ؟ قالوا : بلى قال : ذاك أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ) (2).

3-وعن الحسن البصري أيضا قال : (قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ يَخْرُجُ مِنَ النَّاْرِ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ لَيْسَ بِنَبِيٍّ ، أَكْثَرُ مِنْ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] وقال هشام عن الحسن : هو أويس (3).

4-أفرد مسلم (4) في صحيحه باباً من فضائل أويس القرني (5).

ص: 55


1- الفتوح - إبن الأعثم :2 /544
2- كنز العمال- المتقي الهندي : 14 / 8
3- ميزان الإعتدال- الذهبي : 1 / 282 ولسان الميزان- إبن حجر : 1 / 474
4- مسلم بن الحجاج النيسابوري أبو الحسين ولد بمدينة نيسابور سنة 206ﻫ وتوفي بها سنة 261ﻫ . أحد جامعي الحديث وحفاظه, درس وأخذ العلم عن كبار الشيوخ أمثال إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور، وغيرهم. كما تتلمذ على البخاري، ومن أهم من رووا عنه الترمذي وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة. صنف مسلم كتبا كثيرة، وأشهرها صحيحه (صحيح مسلم) الذي صنفه في خمس عشرة سنة. قسّم صحيحه إلى كتب (أجزاء)، وكل كتاب مقسم إلى أبواب (فصول)، وعدد كتبه 54 كتاباً، أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير, احتوى على نحو 4000 حديث غير مكررة.
5- صحيح مسلم: 7 / 188

5-ذكره إبن سعد (1) في الطبقات، وجعله من الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة (2).

6-قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني (3) : (وقد شكّ قوم فيه، ولا يجوز أن يشكّ فيه لشهرته ، ولا يتهيّأ أن يحكم عليه بالضعف ، بل هو ثقة صدوق ) (4) .

7-وقال أيضا بعد أن أورد عدداً من أحاديث أويس : (قال الشيخ : وهذا الحديث معروف لاويس يرويه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة ، وليس لأويس من الرواية شئ ، وإنما له حكايات ونتف وأخبار في زهده ، وقد شك قوم فيه ، إلا أنه من شهرته في نفسه وشهرة أخباره لا يجوز أن يشك فيه ، وليس له من الأحاديث إلا القليل ، فلا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف ، بل هو صدوق ثقة مقدار ما يروى عنه) (5).

8-أخرج أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي نعيم عن شريك أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال : [ إِنَّ مِنْ خَيْرِ الْتَاْبِعِيْنَ أويسًا القَرَني ] (6).

ص: 56


1- أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البغدادى وكان يطلق عليه كاتب الواقدي حيث تتلمذ على يديه. ولد في عام 168 ﻫ، وتوفي في عام 230 ﻫ، عاش معظم عمره في بغداد. اشتهر إبن سعد البغدادى بكتابة السيّر الذاتية وكان مصدر ثقة لكثير من العلماء والكتاب في العصور التي تلته.وهو مصنف الطبقات الكبير في بضعة عشر مجلدا والطبقات الصغير وغير ذلك
2- الإِصابة- إبن حجر : 1 /223
3- عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك، بدأ سماع الحديث سنة 290ﻫ، ورحل في طلب الحديث ما بين الإسكندرية وسمرقند. روى عن بهلول بن إسحاق الأنباري، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، ومحمد بن يحيى المروزي، وأبي خليفة الجمحي، والحسن بن سفيان، وأبي عبد الرحمن النسائي، وعمران بن مجاشع، وعبدان الأهوازي، وأبي يعلى الموصلي؛ وقد زاد شيوخه على أكثر من ألف شيخ، قاله ابن ناصر الدين كما في شذرات الذهب لابن عماد. روى عنه شيخه أبو العباس بن عقدة، وأبو سعد الماليني، وحمزة بن يوسف السهمي، والحاكم النيسابوري وغيرهم. قال إبن الأثير في اللباب: وله التصانيف المشهورة. وهذه التصانيف أشهرها على الإطلاق كتاب :الكامل في الجرح والتعديل . توفي الحافظ أبو أحمد بن عدي سنة 365 ﻫ جرجان .
4- ميزان الإعتدال – الذهبي: 1/279.
5- الكامل في الجرح والتعديل - الجرجاني: 1 / 12
6- ورواه في مسنده بطريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى

9-وقال إبن حنبل : ( لا زهد إلا زهد أويس , بلغ به العري ؛ حتى قعد في قوصرة ) (1).

10-قال فيه أبو نعيم (2): (سيد العباد ، وعلم الأصفياء, ومن الزهاد ، بشَّر النبي (صلی الله علیه و آله) به ، وأوصى به أصحابه) (3).

11-وقال أبو نعيم : ( كان زاهدا مخشوشنا متقشفا في ثيابه , لا يجد من الثياب ما يرتديه ليخرج به إلى الناس ) (4).

12-قال عنه الذهبي (5) : ( القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، كان من أولياء الله المتقين ، ومن عباده المخلصين ) (6).

ص: 57


1- أويس القرني – د عبد الباري محمد داود : 82
2- أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (336 - 430 ﻫ ) حافظ، مؤرخ، من الثقات في الحفظ والرواية. ولد ومات في أصبهان. من تصانيفه: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، و معرفة الصحابة ، طبقات المحدثين والرواة , دلائل النبوة , ذكر أخبار أصبهان ، الشعراء ( الأعلام للزركلي)
3- سير أعلام النبلاء- الذهبي: 4/27
4- أويس القرني – د عبد الباري محمد داود : 82
5- شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (673 ﻫ - 748ﻫ ). التُركماني الأصل، ثم الدمشقي، المقرئ. الحافظ، المحدث العصر ، ومؤرخ الإسلام. طلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن، وتعب فيه، وخدمه إلى أن رسخت فيه قدمه. قال السخاوي عنه: إن المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزيّ، والذهبي، والعراقي، وإبن حجر. كُفّ بصره سنة 741 ﻫ . وتصانيفه كثيرة تقرب من المائة، منها: تأريخ الإسلام, سير أعلام النبلاء, طبقات الحفاظ, طبقات القراء, مختصر تهذيب الكمال, الكاشف, التجريد في أسماء الصحابة, والميزان في الضعفاء,المغني في الضعفاء, تلخيص المستدرك للحاكم,مختصر سنن البيهقي وغيرها. ولد وتوفي بدمشق ( الموسوعة العربية العالمية)
6- سير أعلام النبلاء - الذهبي :4/19

13-عقد النووي (1) بابا في فضائله ، وأورد تحته ما أخرجه مسلم من أحاديث في فضله (2).

14-عقد الحاكم (3) بابا في مناقبه ، وقال عنه : ( أويس راهب هذه الأمة ) (4).

15-قال ابن الجوزي (5):( وإنما يصح في الحديث عن أويس كلمات يسيرة جرت له مع عمر ، وأخبره رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال : [ يَأْتِيْ عَلَيْكُمْ أُوَيْسٌ ، فَإِنْ إْسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَاْفْعَلْ ], فأطال القُصَّاص في حديث أويس بما لا فائدة في الإطالة بذكره ) (6).

16-قال إبن حجر : ( أويس ابن عامر القرني المرادي سيّد التابعين ) (7).

ص: 58


1- محيي الدين يحيى بن شرف بن مرِّي الشافعي الدمشقي المشهور ب-(النووي( (631 - 676 ﻫ ), أحد أشهر فقهاء السنة ومحدّثيهم وعليه اعتمد الشافعية في ضبط مذهبهم بالإضافة إلى الرافعي, قال عنه بعض أصحاب كتب التراجم أن النووي كان رأساً في الزهد، وقدوة في الورع، وعديم النظير في مناصحة الحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولد النووي في قرية نوى في حوران بسوريا في سنة 676 ﻫ رجع النووي إلى نوى بعد أن ردّ الكتب المستعارة من الأوقاف، وزار مقبرة شيوخه، فدعا لهم وبكى، وزار أصحابه الأحياء وودّعهم، وبعد أن زار والده زار بيت المقدس والخليل، وعاد إلى نوى فمرض بها وتوفي في 24 رجب.
2- شرح صحيح مسلم – النووي : حديث رقم (2542)
3- أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري. من كبار المحدّثين ومن أصحاب الصحاح. اشتهر بكتابه (المستدرك على الصحيحين) ولد سنة 321ﻫ في نيسابور. رحل إلى العراق سنة 341 ﻫ وحج، وفي سنة 359 ﻫ ولي قضاء نيسابور، ولُقّبَ بالحاكم لتوليه القضاء مرة بعد مرة، ثم اعتزل منصبه ليتفرغ للعلم والتصنيف، تولى السفارة بين ملوك بني بويه وبين السامانيين فأحسن السفارة. قال عنه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: وكان من أهل العلم والحفظ والحديث...وقد كان من أهل الدين والأمانة والصيانة والضبط والتجرد والورع... وتنتقده جماعة أخرى والحاكم عند أهل السنة والجماعة هو متساهل في التصحيح ولهذا لزم تعقب أهل العلم لكتابه لكثرة ما عرف عنه من التساهل، وكم من مرة يصحح حديثا ويزعم أنه على شرط الشيخين فيتعقبه أهل العلم قائلين: بل موضوع (ميزان الإعتدال3/608) توفي في نيسابور سنة 405 ﻫ .
4- المستدرك- الحاكم : 3/ 455
5- أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري. فقيه حنبلي محدث ومؤرخ ومتكلم (510 - 592 ﻫ ) ولد وتوفي في بغداد. حظي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون قال عنه ابن كثير : أحد أفراد العلماء، برز في علوم كثيرة، وانفرد بها عن غيره، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب: أبو الفتح عبد الحي بن العماد الحنبلي)
6- الموضوعات – إبن الجوزي : باب ذكر أويس (رضی الله عنه)
7- تهذيب التهذيب- إبن حجر : 1 /337و 707

17- وقال إبن حجر : (الزاهد المشهور، أدرك النبي (صلی الله علیه و آله) ) (1).

18-قال ابن الأثير: ( أويس بن عامر بن جزء .. المرادي ثم القرني، الزاهد المشهور، هكذا نسبه ابن الكلبي، أدرك النبي (صلی الله علیه و آله) ، ولم يره، وسكن الكوفة وهو من كبار تابعيها ) (2).

19-قال العجلي (3): ( كوفي تابعي من خيار التابعين وعبادهم ) (4).

20-قال ابن حبان (5): ( أويس بن عامر القرني من اليمن من مراد سكن الكوفة وكان عابدا زاهدا ) (6).

21-قال اليافعي (7) : ( وقول النبي : أنه خير التابعين صريح بأنه خيرهم مطلقا ) (8).

22- قال عنه الشاطبي (9) أنه : ( سيد العبّاد بعد الصحابة ) (10).

ص: 59


1- الإصابة- إبن حجر :1 / 122 برقم 500
2- اُسد الغابة – إبن الأثير: 151
3- الحافظ أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي الكوفي، نزيل طرابلس الغرب. قال الحافظ الخطيب البغدادي: كوفي الأصل، نشأ ببغداد، وسمع بها وبالكوفة والبصرة (تأريخ بغداد:4/214). ولد سنة (182ﻫ )، وطلب العلم سنة (197ﻫ ) وتوفي سنة (261ﻫ ) بطرابلس.(سير أعلام النبلاء:12/505).
4- ترتيب الثقات- السبكي : 129 .
5- محمد بن حبان بن أحمد التميمي الدارمي البستي الحافظ المجود . ولد سنة بضع وسبعين ومائتين . قال أبو سعد الإدريسي : كان على قضاء سمرقند زمانا ، وكان من فقهاء الدين ، وحفاظ الآثار ، عالما بالطب وبالنجوم ، وفنون العلم . وقال الحاكم : كان إبن حبان من أوعية العلم في الفقه ، واللغة ، والحديث ، والوعظ ، ومن عقلاء الرجال . توفي إبن حبان بسجستان بمدينة بست سنة 354 ﻫ .
6- الثقات - إبن حبان : 4 / 52
7- أبو محمد عبد الله بن أسعد اليمني المعروف باليافعي صاحب كتاب مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان. ولد في عدن باليمن حوالي سنة 698ﻫ، ونشأ فيها، فحفظ القرآن الكريم وبعض المتون، وكان عارفاً بالفقه والأصول وعلوم العربية، والفرائض والحساب، وغيرها من فنون العلم، وقد أثنى عليه كثير من العلماء والأدباء، منهم: بدر الدين حسن بن حبيب أديب حلب، وجمال الدين الإسنوي في طبقاته وغيرهما. وكانت وفاته بمكة المكرمة سنة 768ﻫ، ودفن بمقبرة المعلاة.
8- طبقات الخواص لأهل الصدق والإخلاص - الزبيدي الشرجي: 109
9- إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي(000 – 790 ﻫ ): أصولي حافظ ، من أهل غرناطة، كان من أئمة المالكية من كتبه: الموافقات في أصول الفقه ، المجالس ، الإفادت والإنشادات, رسالة في الأدب، الاتفاق في علم الاشتقاق , أصول النحو, الاعتصام في أصول الفقه ، المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكافية ، مخطوطة (الجمان في مختصر أخبار الزمان) منسوبة إليه(الأعلام للزركلي)
10- أويس القرني – د عبد الباري محمد داود : 82

23-قال الحريري: ( هو أفضل زهاد الكوفة كان من كبار التابعين (رضی الله عنه) , أخبر به النبي (صلی الله علیه و آله) فقال : [ إِذَاْ لَقِيْتُمْ أُوَيْسَاً الْقَرَنِيَّ فَاْقْرَأُوْهُ عَنَّيْ الْسَلَامَ , فَوَ الْذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ , لَوْ يَتَشَفَّعُ فِيْ رِبْيَعَة وَمُضَرَ, لَيُشَفِّعَهُ فِيْهِمْ اللهُ] , وقال أيضا : [ إِنِّيْ لَأَجِدُ نَفَسَ الْرَحْمَنِ مِنْ جَاْنِبِ الْيَمَنِ ] , إشارة إليه نفعنا الله به, كان رحمه الله زاهدا ورعا تقيا, وكان طعامه من لقط النوى, وإذا فضل منه شيء باعه وتصدق بثمنه , وكان لباسه من قطع المزابل يخيطها في بعضها ويلبسها, وإذا مر بالصبيان رجموه ويظنونه مجنونا ) (1).

24-قال عبد الغني بن سعيد (2) : ( أويس أخبر به النبي قبل وجوده , شهد صفين مع علي , وكان من خيار المسلمين ).

25-قال الغزالي : ( والحزم في الحذر والتقوى والتقرّب من حدّ الضرورة ما أمكن اقتداء بالأنبياء والأولياء (علیهم السلام) ؛ إذ كانوا يردون أنفسهم إلى حدّ الضرورة حتى أن أويساً القرني كان يظن أهله أنه مجنون لشدة تضييقه على نفسه، فبنوا له بيتاً على باب دارهم فكان يأتي عليهم السنة والسنتان والثلاث لا يرون له وجهاً، وكان يخرج أوّل الأذان ويأتي إلى منزله بعد العشاء الآخرة، وكان طعامه أن يلتقط النوى، وكلما أصاب

ص: 60


1- شرح مقامات الحريري - الحريري: 435 , والمعدن العدني في فضل أويس القرني - نور الدين علي بن محمد القاري.
2- عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان الأزدي المصري الحافظ النسابة، محدث الديار المصرية، صاحب كتاب المُؤْتَلف والمُخْتَلف . مولده سنة 332 ﻫ . قال أبو بكر البرقاني : ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني . حدث عنه : الحافظ محمد بن علي الصوري ، ورشأ بن نظيف المقرئ ، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري ، وابن بقاء الوراق ، وأبو علي الأهوازي ، والقاضي أبو عبد الله القضاعي ، وأبو إسحاق الحبال ، وخلق سواهم ، وبالإجازة أبو عمر بن عبد البر ، وغيره . توفي سنة 409 ﻫ .

حشفة خبأها لإفطاره وإن لم يصب ما يقوّته من الحشف باع النوى واشترى بثمنه ما يقوّته، وكان لباسه مما يلتقط من المزابل من قطع الأكسية فيغسلها في الفرات ويلفق بعضها إلى بعض ثم يلبسها، فكان ذلك لباسه وكان ربما مرَّ الصبيان فيرمونه ويظنون أنه مجنون، فيقول لهم يا إخوتاه إن كنتم ولا بد أن ترموني فارموني بأحجار صغار، فإني أخاف أن تدموا عقبي ، فيحضر وقت الصلاة ولا أصيب الماء ، فهكذا كانت سيرته ) (1).

26-عقد الصالحي الشامي (2) له الباب الثامن والعشرين عن إخبار النبي (صلی الله علیه و آله) به (3) .

27-قال إبن ماكولا (4): ( أمّا قرن بفتح القاف والراء ففي مراد قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد منهم أويس بن عمرو القرني الزاهد وغيره ) (5).

28-قال الصفدي (6) : ( أويس المرادي القرني الزاهد سيد التابعين قتل يوم صفين مع علي بن أبي طالب (رضی الله عنه) سنة سبع وثلاثين أسلم على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله) ومنعه من القدوم

ص: 61


1- إحياء علوم الدين – الغزالي : كتاب ذم الدنيا
2- محمد بن يوسف الصالحي الشامي من مؤرخي القرن العاشر الهجري، وقد أتاح له تأخره النسبي الاطلاع على كتب التواريخ والسير، منذ عصر التدوين حتى زمانه، فألف موسوعة ضخمة في السيرة النبوية أطلق عليها (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) , والمعروف ب-(السيرة الشامية) من أجلّ كتب القوم في السّيرة ، فقد جمعه من ألف كتاب ، وقال (كاشف الظنون ) : (هو أحسن كتب المتأخرين وأبسطها في السيرة النبوية) و (أتى فيه من الفوائد بالعجب العجاب). وعدّه أحمد بن زيني دحلان في مصادر كتابه (السيرة النبوية ) وقد قال بعد ذكرها : (وهذه الكتب هي أصحّ الكتب المؤلّفة في هذا الشأن) ، كما اعتمد عليه كثير من العلماء من محدّثين ومتكلّمين ، ونقلوا عنه واستندوا إليه في بحوثهم المختلفة. توفي سنة 943ﻫ .
3- سبل الهدى والرشاد – الصالحي الشامي : 10 / 100- 101
4- الحافظ ، الناقد ، النسابة علي بن هبة الله بن علي العجلي الجرباذقاني ثم البغدادي مولده سنة 422 بقرية عكبرا قال أبو سعد السمعاني : كان إبن ماكولا لبيبا ، عالما ، عارفا ، حافظا ، يرشح للحفظ حتى كان يقال له : الخطيب الثاني . وكان نحويا مجودا ، وشاعرا مبرزا ، جزل الشعر ، فصيح العبارة ، صحيح النقل ، ما كان في البغداديين في زمانه مثله ، طاف الدنيا ، وأقام ببغداد . قال الحافظ إبن عساكر : أن ابن ماكولا كان له غلمان ترك أحداث ، فقتلوه بجرجان في سنة نيف وسبعين وأربعمائة(سير أعلام النبلاء – الذهبي : 18 / 569) .
5- إكمال الكمال - إبن ماكولا : 7 /113
6- صلاح الدين أبو الصَّفاء خليل بن أيبك بن عبد الله الألبَكِي الفاري الصفدي الدمشقي الشافعي. ولد لواحد من أمراء المماليك، في صفد سنة 696،برع في النحو واللغة والأدب والإنشاء، وكتب الخط المنسوب، وقرأ الحديث وكتبه. أخذ الصَّفدي عن العديد من العُلماء في صفد ودمشق والقاهرة وحلب , له ما يزيد على 20 مؤلفا . توفي سنة 764 ﻫ ( طبقات الشافعية الكبرى: 10/ 5-32)

عليه بره بأمه وأخبر رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأمر من أدركه من الصحابة أن يطلبوا منه الاستغفار لهم وقال هو خير التابعين وقال لعمر (رضی الله عنه) : [ أَقْرِإْهُ مِنِّيْ السَلامَ ], وقال: [ لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ], وقال : [ يُقَالُ لِلْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أُدْخُلُوْا الْجَنَّةَ وَيُقَالُ لِأُوَيْسَ : قِفْ لِتَشْفَعَ فَيُشَفِّعَهُ اللهُ فِيْ مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ]) (1).

29-قال إبن سلّام (2) : ( أويس القرني... جاء في الأثر عن النبي (صلی الله علیه و آله) قال لأبي بكر وعمر :

[ أُوْصِيْكُمْ أَنْ تُقْرِؤُوْا مِنِّيْ أُوَيْسَ الْقَرَنِيَّ الْسَلَاْمَ ، يَقْدِمُ الْمَدِيْنَةَ بَعْدِيْ... يَدْخُلُ فِيْ شَفَاْعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ]) (3).

30-قال الخزرجي الأنصاري (4): (أويس القرني سيد التابعين، وله مناقب مشهورة), وقال: ( أويس بن عامر القرني بفتح القاف والمهملة ثم نون , من مذحج , مخضرم أرسل

ص: 62


1- الوافي بالوفيات – الصفدي : 9/ 257
2- إبن سلّام العالم الإباضي المغربي الذي عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري المتوفّى بعد عام 273وأول من أشار من الباحثين المعاصرين إلى أهمية ابن سلام كأقدم مؤرخي الإباضية هو العالم البولندي تاديوش لفيتسكي الذي لم يعرف إلا تلك الشواهد في سير الشمّاخي. وفيما عدا ذلك فإن كتاب ابن سلام كان يعد من المفقودات حتى تم اكتشاف مخطوط سنة 1964م، يحتوي على نص الكتاب أو على الأقل على معظمه. وقد اكتشفه العالم سالم بن يعقوب، في إطار بحثه الموسع عن التراث الإباضي. وحسب ما يعرف عن التراث العربي المحفوظ إلى يومنا هذا فلا يعتبر كتاب ابن سلاّم أقدم ما كتب عن التأريخ عند الإباضية المغربية فحسب بل هو أقدم مؤلف تأريخي للمغرب الإسلامي بأسره.
3- بدء الإسلام - إبن سلام الأباضي : 79
4- العلامة الحافظ صفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي الأنصاري المتوفى بعد سنة 923 ﻫ. في أواسط القرن العاشر ، وكتابه هذا مختصر في أسماء الرجال اختصره من كتاب تذهيب تهذيب الكمال للحافظ الذهبي ، وضبَطَ ما يحتاج إلى ضبط في غالب الأحوال ، وزاد عليه زيادات مفيدة ووفيات عديدة من الكتب المعتمدة والنقول المسندة ، كما صرح بذلك في مقدمة الكتاب , فهو يترجم لرواة أحاديث الكتب الستة والكتب الأخرى لمؤلفي الكتب الستة، و لا يقتصر للبخاري على كتابه الجامع الصحيح بل أيضاً على الأدب المفرد وجزء القراءة وغيرهما، وفيه ضبط للكلمات الغريبة كالأنساب، وذكر أنه زاد فيه بعض الفوائد والوفيات. وعدد الرجال والنساء المترجم لهم فيه 3133 .

وروى له مسلم أشياء من كلامه , شهد صفين مع علي وقتل يومئذ , وهو سيد التابعين) (1) .

31-عن محمد النور بخشي (2) في شجرة الأولياء قال : ( أويس القرني المجذوب (قدس سره) ،

هو الذي وصفه رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالولاية ، وقال : [ إِنِّيْ لَأَجِدُ نَفَسَ الْرَحْمَنِ مِنْ جَاْنِبِ الْيَمَنِ ] ) (3).

32-قال القاضي النعماني المغربي (4) : ( أويس بن عامر القرني ، قتل مع علي صلوات الله عليه بصفين ، وهو الذي قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ إِنَّ مِنْ بَعْدِيْ رَجُلٌ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ بِهِ

ص: 63


1- خلاصة تذهيب تهذيب الكمال - الخزرجي الأنصاري اليمني : 41
2- محمد بن محمد بن عبد الله, المعروف ب- نور بخش. ولد أبوه في القطيف وجده في الأحساء هاجر أبوه إلى مدينة قائن من منطقة كوهستان –الإيرانية-, وهناك ولد محمد نوربخش عام 795ﻫ . ويلتقي نسبه بالإمام الكاظم (علیه السلام) في الجد السابع, كان محمد نور بخش يتمتع بالحافظة القوية, والذكاء الخارق حيث استظهر القرآن الكريم وهو في السابعة من عمره, وبايع على يد الشيخ إسحاق الختلاني الذي كان مريداً للسيد علي الهمداني وفي فترة وجيزة قطع جميع مراحل السلوك الباطني والتزكية الروحية, وبناءً على رؤيا رآها السيد إسحاق الختلاني منح تلميذه لقب نور بخش –أي: واهب النور- فاشتهر بهذا اللقب, بدأ دور جديد في حياة محمد نور بخش حيث ادعى أنه المهدي؛ لكونه ينحدر من سلالة الإمام الكاظم (علیه السلام) كما لقب نفسه بأنه إمام وخليفة لجميع المسلمين (مقال: فرقة نور بخشي (الفرقة النور بخشية) بقلم: مولوي محمد شفيع لاهوري, في (مجلة الكلية الشرقية:ص4, 5), عدد فبراير ومايو لعام 1925م, لاهور. )وزعم أنه جامع الكمالات الإنسانية, ويحوز كافة العلوم الدينية والدنيوية, وأنه يستطيع أن يعلم أفلاطون الرياضيات, ودعا أهل زمانه إلى أن يعتدوا بمثل هذا المعاصر, وأن يبدوا نشاطاً في سبيل نصرته (اردو دائرة معارف إسلامية :22/491). أقام في قرية تسمى سلفن في جوار الري (مدينة قريبة من طهران), ومات هناك عام 869ﻫ (طبقات نورية در أحوال مشائخ نور بخشية: 128, 132, 135)
3- طرائف المقال - البروجردي : 2 / 592
4- النعمان بن محمد التميمي المغربي (292 – 363 ﻫ ) قاضي القضاة في الدولة الفاطمية أيام نشأتها وصعودها , , قال عنه الشيخ الطهراني في (الذريعة): ( ولما كان قاضيا من قبل الخلفاء الفاطميين.. كان يتقي في تصانيفه من أن يروي عن الأئمة بعد الإمام الصادق (علیهم السلام) صريحاً، لكنه يروي عنهم بالكنى المشتركة، فيروي عن الرضا (علیه السلام) بعنوان أبي الحسن، وعن الجواد (علیه السلام) بعنوان أبي جعفر.

شَاْمَةٌ بَيْضَاْءُ ، مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُبَلِّغَهُ مِنِّيْ الْسَلَاْمَ ، فَإِنَّهُ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ لِكَذَاْ وَكَذَاْ مِنَ الْنَّاْسِ ]) (1) .

33-قال الشيخ المفيد (2) : ( عن محمد بن جعفر المؤدب : الأركان الأربعة : سلمان ، والمقداد , وأبو ذر ، وعمار ، هؤلاء الصحابة ومن التابعين : أويس بن أنيس القرني ،

ص: 64


1- شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - المغربي : 2 / 35
2- محمد بن محمد بن النعمان ، المعروف بالشيخ المفيد ، وينتهي نسبه إلى يعرب بن قحطان ولد سنة 336 ﻫ ، وقيل : عام 338 ﻫ ، بقرية تُعرف بسويقة ابن البصري بعكبراء شمإلى بغداد . من أساتذته: الشيخ الصدوق . الشيخ أبوغالب الزراري . الشيخ محمد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي . الشيخ محمد بن عمران المرزباني . الشيخ جعفر بن قولويه القمي , ومن تلامذته: السيد الشريف الرضي . السيد الشريفالمرتضى . الشيخ الطوسي. الشيخ حمزة الديلمي. الشيخ أبو الفتح الكراجكي . الشيخ أحمد النجاشي . من أقوال العلماء فيه : ( شيخ المشايخ الأجلة ، ورئيس رؤساء الملة ، فخر الشيعة ومحيي الشريعة ، مطهم الحق ودليله ، ومنار الدين وسبيله ، اجتمعت فيه خلال الفضل ، وانتهت إلىه رئاسة الكل ، واتفق الجميع على علمه فضله ، فقهه وعدالته وثقته وجلالته )( الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب) .و : ( شيخ الإمامية والمصنف لهم ، المحامي عن حوزتهم ، يحضر مجلسه خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف )( ابن كثير في البداية والنهاية) . و: ( كان بارعا في الكلام والجدل والفقه ، يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة )( اليافعي في مرآة الجنان) . مناظراته : للشيخ المفيد مناظرات رائعة ، ومحاورات جيدة شيقة ، أفرد لها السيد المرتضى كتابا ذكر فيه أكثرها ، ومن جملتها ما أشار إلىه العلامة الحلي ، كما ذكرها ابن إدريس في أواخر كتابه السرائر . وله محاججات مع علي بن عيسى الرماني ، انسحب فيها الرماني ودخل منزله ، ومع القاضي عبد الجبار - كبير المعتزلة - حتى أسكته ، فلم يكن منه إلا أن قال له : أنت المفيد حقا . فلما همهم بعض المخالفين للشيخ قال القاضي لهم : هذا الشيخ أسكتني ، فإن كان عندكم جواب فقولوا حتى أُجلسه في مجلسه الأول ، فسكتوا وتفرقوا ، فوصل خبر المناظرة إلى عضد الدولة ، فأرسل إلى الشيخ المفيد وأكرمه غاية الإكرام . من مؤلفاته : الإعلام فيما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام , تفضيل أمير المؤمنين على سائر الأصحاب , مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة , الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد , أوائل المقالات في المذاهب المختارات , مسألتان في النص على علي (علیه السلام) ,رسالة في إيمان أبي طالب (علیه السلام) , خلاصة الإيجاز في المتعة , التذكرة بأُصول الفقه , الإفصاح في الإمامة , مسألة في إرادة الله , المسائل الصاغاتية , العويص في الفقه , الفصول المختارة , النكت الاعتقادية , تصحيح الاعتقاد , الإختصاص , الحكايات , المقنعة , الغيبة .

الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر ) (1) , و قال : ( إن جلالة أويس لعلها من الواضحات المتسالم عليها ) .

34-عدَّهُ الشيخ الطوسي (2) ..

ص: 65


1- الإختصاص- الشيخ المفيد : 6
2- أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ولد سنة 385ﻫ., وكان شيخ الطائفة على الإطلاق ورئيسها الذي تلوى إليه الأعناق المتقدم ذكره في أئمة الحديث والفقه وعلم تراجم الرجال، وكان إماما في كل علوم الإسلام مصنفا بكل ما يتعلق بالمذهب أصولا وفروعا. له في التفسير كتاب التبيان الجامع لكل علوم القرآن، وهو كتاب جليل في عشرة أجزاء كبار عديم النظير في التفاسير ،فهو أول من جمع في التفسير جميع علوم القرآن.وقد فهرس النجاشي كل مصنفاته. وله تأليفات كثيرة في التفسير والأصول والفروع وغيرها منها كتابا التهذيب والاستبصار المشهوران في جميع الأعصار, وألف في علم الرجال كتابين: أحدهما مشهور بين العلماء ب-( رجال الشيخ ). قدم العراق من خراسان سنة 408 ﻫ وأقام مع شيخه المفيد خمس سنين وأقام مع السيد المرتضى نحوا من ثمان وعشرين سنة. وكان أكثر استفادته ببغداد من الشيخ المفيد والسيد المرتضى،واستقل بعد الثاني منهما بإمامة الطائفة وحضر دروسه رجال العامة والخاصة,وبقي الشيخ شيخ الطائفة على الإطلاق أربعا وعشرين سنة اثني عشر سنة منها بغداد والباقي في النجف الأشرف وبها توفي . غادر بغداد سنة 448 ﻫ بعد أن أحرق طغرل بك السلجوقي مكتبته وكرسي تدريسه إلى مشهد أمير المؤمنين (علیه السلام) خوفا من الفتن التي تجددت ببغداد فاستوطن النجف الأشرف, وانتقل معه إليها الكثير من تلاميذه, فجعلها مركزا علميا توافد عليه العلماء من كل مكان وأصبحت أكبر حوزة علمية حتى اليوم, فمنذ عصر الأئمة ( حتى عصر الشيخ الطوسي(النصف الأول من القرن الخامس الهجري) وروح الاجتهاد سائدة في ذلك العهد, ولكن هذه الروح فترت بعد عصر الشيخ الطوسي وذلك لقوة الاعتقاد بآراءه, وما صار لها من قداسة ولدتها عبقريته الفذة فوقف الفقهاء عند آرائه واجتهاداته طويلا طويلا. ولعل الكثير مما يتمتع به الفقه الشيعي من روح الاستنباط هو من آثار سعيه ولما كان عليه من جليل القدر وعظيم المنزلة و المعرفة بالرجال والأخبار والفقه والأصول والكلام والأدب, وما اتسم به من جميع الفضائل و ما صنف في كل فن من فنون الإسلام وهو المهذب للعقائد في الأصول والفروع والجامع لكمالات النفس في العلم والعمل وكان مرجع فضلاء الزمان ومربيهم حتى حكي أن فضلاء تلامذته الذين كانوا مجتهدين يزيدون على ثلاثمئة فاضل من الخاصة, ومن العامة ما لا يحصى,وقد أعطاه الخلفاء كرسي الكلام وكان ذلك لمن لمسوه من أنه وحيد عصره وعلامة دهره . توفي في النجف الأشرف سنة 460 ﻫ ودفن بداره قرب مسجده الذي صار فيما بعد جزءا من المسجد.

من أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) (1) , وقال: ( وكان أُويس من خيار التابعين، لم ير النبيّ (صلی الله علیه و آله) ولم يصحبه ) (2).

35-ذكره الشيخ إبن داود (3) قائلا: ( أويس القرني بالقاف والراء المفتوحتين والنون - من أصحاب علي ( (علیه السلام) (4).

36-قال الشيخ الكشي (5) في رجاله : ( كان أويس من خيار التابعين ، ولم يرَ النبي (صلی الله علیه و آله) ولم يصحبه ، وقال: الزهّاد ثمانية: الربيع بن خيثم النوري، وهرم بن حيّان، وأُويس

القرني، وعامر بن قيس، فكانوا مع الإِمام علي (علیه السلام) وكانوا زهّاد أتقياء ) (6) .

37-قال الشيخ ابو الفتوح المطرزي (7) : ( فمما يدل على زهده : كان أويس القرني إذا أمسى أخذ قطيفةً فغطّى بها رأسه ورجليه ، وتصدّق بفضلها ، وينظر إلى قوته فيعزله

ص: 66


1- رجال الشيخ الطوسي : 35 رقم 15
2- إختيار معرفة الرجال(رجال الكشي)- الشيخ الطوسي: 1/316.
3- الشيخ الحسن بن علي بن داود الحلي(647- 707ﻫ ) تتلمذ في مدينة الحلة عند مشاهير العلماء كالسيد ابن طاوس والمحقق الحلي, كا نمفكرا فاضلا جليا وفقيها شهيرا صالحا ومحققا اديبا وماهرا قال فيه الشهيد الثاني: شيخ فقيه أديب ونحوي عروضي وكان ملك العلماء والشعراء والأدباء
4- رجال إبن داود – القسم الأول : 53 رقم 218
5- الشيخ أبو عمرو، محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، والكشّي نسبة إلى منطقة كَش من نواحي سمرقند في آسيا الوسطى. من أعلام القرن الرابع الهجري. يعتبرمن أبرز وجوه الشيعة في القرن الرابع الهجري، وقد عاصر عهد الغيبة الصغرى للإمام المهدي (علیه السلام) وبالنظر للحاجة الملحّة إلى تنقيح وتصفية الأحاديث والروايات الموضوعة من قبل الرواة المطعونين والكذّابين، فقد بدأ الشيخ الكشّي في تأليف كتاب رجالي قيّم صار مرجعاً للعلماء فيما بعد يعتمدون عليه في توثيق الرجال وصحّة الروايات. قال الشيخ الطوسي في الفهرست: (ثقة، بصير بالأخبار وبالرجال، حسن الاعتقاد). تُوفّي سنة 385ﻫ.
6- رجال الكشي : 98
7- برهان الدين أبو المكارم ناصر بن أبي المكارم عبد السيد المطرزي الخوارزمي الحنفي ( 538 – 610ﻫ )، قرأ على الخطيب الخوارزمي وأخذ منه (بغية الوعاة: 402 , مفتاح السعادة: 1 / 108)ويروي عنه كما في (فرائد السمطين) وفي إجازة العلامة الحلي الكبيرة لبني زهرة، والاجازة الكبيرة لصاحب المعالم(الغدير – العلامة الأميني :401)

ويتصدّق بفضله ، ويقول : اللهمّ من كان أمسى عارياً أو جائعاً ليس له عندي فضل. وممّا يدلّ على كثرة عبادته قال أويس القرني : لأعبدنّ الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء ، فكان إذا استقبل الليل قال : يا نفس ، الليلة القيام ، فيصفّ قدميه حتّى يصبح ، ثم يستقبل الليلة الثانية فيقول : يا نفس ، الليلة الركوع ، فلا يزال راكعاً حتّى يصبح ، ثم يستقبل الليلة الثالثة فيقول : يا نفس الليلة السجود ، فلا يزال ساجدا حتى يصبح ) (1).

38-قال الشيخ الطريحي (2) : ( هو من التابعين الأخيار ، ممن كانوا على الهدى وثبتوا عليه . شهد مع علي (علیه السلام) حرب صفين ، واستشهد في سبيل حقه . ووصفه المؤرخون بأنه من خواص أمير المؤمنين وحوارييه ، وورد في شأنه مدح كثير وثناء من النبي (صلی الله علیه و آله) ، قال (صلی الله علیه و آله) في وصفه : إنه نفس الرحمن وخير التابعين ) (3) .

ص: 67


1- نفحات الأزهار - الميلاني : 19 / 149
2- العلامة الشيخ فخر الدين بن محمد علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن طريح وينتهي نسبه الكريم إلى شهيد الطف حبيب بن مظاهر الأسدي رضوان الله عليه. ولد سنة 979ﻫ . أطرى في الثناء عليه وذكره بالجميل كلّ من ذكره من أرباب معاجم التراجم ، قال صاحب الوسائل في الأمل: فاضل زاهد ورع عابد فقيه شاعر جليل القدر ... وقال العلامة الميرزا عبد الله الأفندي في كتابه رياض العلماء:( الفاضل العالم العامل الجليل، النبيل الكامل المبارك... وكان أعبد أهل زمانه وأورعهم، وكان هو وولده الشيخ صفي الدين وأولاد أخيه وأقربائه كلهم علماء فضلاء). توفي سنة 1087ودفن في مسجده في النجف الأشرف , له ما يقارب 40 مؤلفا منها : جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال, النكت الفخرية في شرح الرسالة الاثنا عشرية, جواهر المطالب في فضائل علي بن أبي طالب (علیه السلام) ,عواطف كتاب الاستبصار,. المنتخب الشهير بالبياض الفخري, مجمع البحرين في غريبي القرآن والحديث.
3- هامش مجمع البحرين – الشيخ الطريحي: 3 / 498

39-قال الشيخ محمد طه نجف (1): ( أُويس القرني (رضی الله عنه) من مشاهير الأبدال ، وممن تضرب به الأمثال ) (2).

40-قال الشيخ عبد الله المامقاني (3): ( وقد اتّفق الفريقان على وثاقة الرجل وتقواه وزهده

ص: 68


1- عرف الشيخ محمد طه بالورع والصلاح، والزهد والعبادة، وحسن الخلق والتواضع، وسلامة الذات وطهارة النفس و كان مثالا للصبر والتحمل في سبيل الله, معرضا عن ملذات الدنيا، وزخارفها ومباهجها، وكان مقتصرا على المأكل الجشب، والملبس الخشن. شرع الشيخ في العلوم العربية والمنطق عند العلامة الشيخ عبد الرضا الطفيلي, ثم أخذ بدراسة الفقه والأصول فتتلمذ على خاله العلامة الشيخ جواد نجف وعلى العلامة الشيخ محسن خنفر فأكملهما، وبرع فيهما، وعلى السيد حسين الكوهكمرى وعلى الشيخ الأعظم الأنصاري ثم استقل بالتدريس وتصدى للمرجعية العامة بعد وفاة الشيخ محمد حسين الكاظمي ورجع الناس إلىه في التقليد لا سيما في العراق فاخذ عنه كثيرون ومن تلامذته: السيد محمد سعيد الحبوبي, السيد علي الشرع,الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري, الشيخ حسن ابن الشيخ صاحب الجواهر,السيد مهدي الحكيم,السيد محمد الكاشي الحائري,السيد عدنان البحراني,السيد محسن الأمين,الشيخ حسين مغنية,السيد مهدي الغريفي,الشيخ محمد جواد البلاغي, الشيخ آقا بزرك الطهراني,السيد عبد الحسين شرف الدين, الشيخ مرتضى كاشف الغطاء,السيد رضا الهندي, السيد صالح الحلي,وغيرهم. بقي في بيته أربعين سنة مكبا على الدرس بمجهوده الشخصي حيث أخرج كتبا في الرجال وفوائد فقهية وأصولية مما أدى إلى ذهاب عينيه لكنه لم يترك التأليف والدرس، فكان يقرأ له فيتأمل العبارة على السماع ويحلل ويقارن وقد كتب حاشيته الشهيرة على كتاب الجواهر بهذه الطريقة , ونظم الشعر في مديح أهل البيت( ولم يبرز له شعر إلا في مدحهم ومن ذلك: القصيدة العلوية الغراء البالغة نيفا وعشرين بيتا في مدح الإمام علي (علیه السلام) .. توفي سنة 1323 ﻫ , ودفن في الحجرة المتصلة بباب الصحن القبلي .
2- إتقان المقال - الشيخ محمد طه نجف : قسم الصحاح
3- الشيخ عبد الله بن محمد حسن بن عبد الله المامقاني، ومامقان إحدى مُدن تبريز الإيرانية. ولد سنة 1290ﻫ بمدينة النجف الأشرف. قال الشيخ محمّد حرز الدين في معارف الرجال: عالم عامل، تقي ورع، ثقة أمين، صاحب التأليف والتصنيف.... من تلامذته : السيد محمد الحجة الكوهكمري، السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، السيد عبد الأعلى السبزواري، الشيخ محمد حسين التبريزي، السيد محمد مهدي الغريفي، الشيخ محمد علي الأُردبادي، الشيخ محمد رضا فرج الله ، السيد إبراهيم التبريزي، السيد مرتضى المرعشي ، السيد علي أكبر الخوئي، الشيخ صادق التنكابني ، الشيخ جعفر البحراني، السيد عبد المطلب الحيدري، الشيخ باقر الزنجاني، الشيخ محمد رضا الطبسي، السيد سعيد الحكيم ، الشيخ عبد الحسين الحلي، الشيخ محمد حرز الدين، السيد علي نقي الحيدري، الشيخ مرتضى الرشتي.من مؤلفاته : تنقيح المقال في علم الرجال، منتهى مقاصد الأنام في نكت شرائع الإسلام، الدر المنضود في صيغ الإيقاعات والعقود، مطارح الأفهام في مباني الأحكام، مقباس الهداية في علم الدراية، مرآة الكمال لمن رام درك مصالح الأعمال، مخزن المعاني في ترجمة المحقق المامقاني، مناهج المتقين في فقه أئمّة الحق واليقين، نهاية المقال في تكملة غاية الآمال، تُحفة الصفوة في الحبوة، والكثير غيرها. تُوفّي سنة 1351ﻫ في النجف الأشرف، ودُفن بمقبرة الأُسرة في محلة العمارة.

وعُلاه، وملأوا الكتب من مدائحه وفضائله ) (1).

41-قال السيد الخوئي (2) : ( أويس بن عامر .. المعروف بأويس القرني... المقتول بصفين سنة 37ﻫ . كان من خيار التابعين ولم ير النبي (صلی الله علیه و آله) ولم يصحبه، ومن الزهاد وأهل الفقه والعلم ، سكن الكوفة، ثم خرج إلى صفين وقد تقلّد بسيفين، ويقال: كان معه

ص: 69


1- تنقيح المقال – الشيخ المامقاني: 11/299.
2- ولد السيد أبو القاسم إبن السيد علي أكبر بن هاشم الخوئي سنة 1317 ﻫ ، ولما بلغ عمره ست عشرة سنة حضر دروس البحث الخارج عند أساتذة حوزة النجف الأشرف. ودرس أيضا علم الكلام والتفسير والمناظرة والحكمة والفلسفة والأخلاق والسير والسلوك والرياضيات والحساب الاستدلالي وممن تتلمذ عليهم: الشيخ الأصفهاني,الشيخ فتح الله الأصفهاني, الشيخ النائيني,الشيخ العراقي,الشيخ محمد جواد البلاغي,الشيخ المازندراني, السيد البادكوبي,السيد علي القاضي, وغيرهم, وكان يعتمد في بحوثه الاستدلالية على طريقة أساتذته الشيخ النائيني والشيخ العراقي والشيخ الكمباني، إضافة إلى آرائه الشخصية، وكان يهتم اهتماما كبيرا بأسانيد الأخبار، وكان يعتبرها الحجر الأساس في توثيق الرواة، ورجال السند.. تدرج سماحته في نبوغه طالبا للعلم، فأستاذا، ثم مجتهدا ومحققا و سرعان ما عقب شيوخه في أروقة العلم، بالتصدي لتدريس البحث الخارج، فانهالت عليه هجرة طالبي العلم من كل مكان، و قلدته المرجعية العليا جميع مسؤولياتها و شؤونها، حتى أصبح مرجعا أعلى للمسلمين الشيعة. ومن أبرز تلامذته : الشيخ الخونساري,السيد محمد سعيد الحكيم,الشيخ البروجردي, السيد عبد الصاحب الحكيم, الشيخ محمد تقي بهجت,السيد محمد باقر الصدر,السيد علي السيستاني, الشيخ الوحيد الخراساني,الشيخ محمد آصف المحسني, الشيخ الفياض,الشيخ بشير النجفي, الشيخ علي الغروي,السيد أبو القاسم الكوكبي,السيد محمد الروحاني,الشيخ جواد التبريزي,السيد أحمد المستنبط,السيد نصر الله المستنبط,السيد إبراهيم الأمين,الشيخ علي الهمداني,الشيخ علي الفلسفي,السيد علي البهشتي,السيد تقي القمي,السيد محمد رضا الخلخالي,السيد علاء الدين بحرالعلوم. من مؤلفاته: فقه القرآن على المذاهب الخمسة,مباني تكملة منهاج الصالحين,تعليقة على توضيح المسائل,رسالة في اللباس المشكوك,تعليقة على المسائل الفقهية,تعليقة على العروة الوثقى,منتخب توضيح المسائل,البيان في تفسير القرآن, تعارض الاستصحابين,معجم رجال الحديث,رسالتان في البداء, أجود التقريرات,نفحات الإعجاز.. وغيرها , توفّي سنة 1413 ﻫ بمدينة النجف الأشرف ، ودفن سرا بعد منتصف الليل بمسجد الخضراء .

مرماة ومخلاة (1)من الحصى، فسلّم على أمير المؤمنين (علیه السلام) وودّعه، وبرز مع رجالة ربيعة فقتل من يومه وصلّى عليه أمير المؤمنين (علیه السلام) ودفنه ) (2).

42-قال الشيخ محيي الدين المامقاني (3): ( إنّ جلالة المترجم، وتحلّيه بالصفات الملكوتية، والأخلاق المحمّدية ، ممّا لا يتطرّقه شك، إلاّ ممّن طبع الله على قلبه، ووثاقته العظيمة لابدّ وأن يُذعن لها كلّ مَن له نصيب من الإيمان، بل الإسلام، وشهادته بين يدي سيّد المتّقين وأمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، وكونه من حواريّيه، ومن الأركان، يرفعه عن مستوى الوثاقة إلى ما دون مرتبة العصمة ) (4).

43-وقال عنه : ( هو من التابعين الأخيار ، ممن كانوا على الهدى وثبتوا عليه شهد مع علي (علیه السلام) حرب صفين ، واستشهد في سبيل حقه . ووصفه المؤرخون بأنه من خواص أمير المؤمنين وحوارييه ، وورد في شأنه مدح كثير وثناء من النبي قال (صلی الله علیه و آله) في وصفه : إنه نفس الرحمن وخير التابعين ) (5).

ص: 70


1- كِيسٌ يُجْعَلُ فِيهِ العَلَفُ وَيُعَلَّقُ فِي عُنُقِ الدَّابَّةِ . و كيسٌ يحوي لوازم ومُهمَّات الجنديّ .( المعجم: اللغة العربية المعاصر)
2- معجم رجال الحديث – السيد الخوئي :حرف الألف / ت 48 /70
3- الشيخ محي الدين بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد حسن المامقاني ولد سنة 1341 ﻫ بمدينة النجف الأشرف. وبدأ دراسته فيها حتى أنهى دراساته العالية ، ثم أخذ بتدريس المكاسب والرسائل والكفاية وشرح التجريد سنين, وبعد انتقاله إلى طهران عام 1391 ﻫ بدأ بإلقاء محاضرات في خارج الفقه والأُصول ، ثم انتقل إلى مدينة قم المقدّسة ، فانصرف إلى عمله في التعليق على كتاب والده (تنقيح المقال) وترك التدريس نهائياً. قال الشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها : (وهو من أهل العلم والفضل، مجد في التحصيل ، مكب على طلب العلم، حفظ شؤون بيته، وسار بسيرة أبيه، محافظا على كيانه وسمعة بيته، يمتاز بسيره الحسن وهديه الجيد، مع وقار ورزانة حلم) . اتنقل الى جوار ربه في قم عام1429 ﻫ .
4- تنقيح المقال– الشيخ المامقاني: 11/310.
5- هامش مجمع البحرين – الشيخ الطريحي: 3 / 498

أويس (رضی الله عنه) حليف القرآن

لقد أعطى النبي العظيم (صلی الله علیه و آله) لوحة زاهية للصورة التي كان عليها التابعي الشهيد في علاقته مع كتاب الله المجيد حين وصف أويسا (رضی الله عنه) قائلا أنه : [واضعٌ يَمِيْنَهُ على شِمالِهِ يَتْلُوْ القُرْآنَ ،

ص: 71

يَبْكِيْ عَلَىْ نَفْسِهِ].. فهذا الألق المحمدي يحدد بوضوح ذلك الإرتماء القلبي في أعماق القرآن العظيم حد البكاء.. فقد كان التابعي الشهيد ممن : ﴿ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ﴾ (1) , ولقد كان أُويس (رضی الله عنه) يجتمع هو وأصحاب له في مسجده يصلون ويقرأون القرآن، حتّى غزوا، فاستشهد أُويس وجماعة من أصحابه - في الرجّالة - بين يدي الإِمام علي (علیه السلام) في صفّين (2).

وبالإسناد إلى أبي عبيدة الحداد (3) , قال: ( ثنا أبو مكين (4) قال: رأيت امرأة في مسجد أويس القرني قالت : كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجدهم هذا ، يصلون ويقرؤون في مصاحفهم فآتي غداءهم وعشاءهم هاهنا ، حتى يصلوا الصلوات ، قالت : وكان ذلك دأبهم ما شهدوا حتى غزوا ، فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين) (5).

ص: 72


1- سورة فاطر – الآية 30
2- الإِصابة - إبن حجر:1 /223
3- عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد مولى بني سدوس مع سعيد بن أبي عروبة وشعبة بن الحجاج وعيينة بن عبد الرحمن ومعاذ بن العلاء وخلف بن مهران وعبد الواحد بن زيد روى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ويحيى بن أيوب العابد وعبد الله بن عون الخراز وأبو معمر الهذلي وأبو خيثمة زهير بن حرب ومحمد بن صالح الخياط وزياد بن أيوب وهو بصري سكن بغداد وحدث بها وكان ثقة, مات أبو عبيدة الحداد سنة 190(تأريخ بغداد - الخطيب البغدادي: 5652)
4- نوح بن ربيعة الأنصارى مولاهم ، أبو مكين البصرى ذكره إبن حبان فى كتاب الثقات . روى له أبو داود ، و النسائى ، وإبن ماجه .
5- المستدرك - الحاكم : 3 / 408

و نقل عن أويس (رضی الله عنه) تعلقه بالقرآن العظيم بقوله : ( قال ربي تعالى ذكره ، وأحق القول قوله ، وأصدق الحديث حديثه ، وأحسن الكلام كلامه ) , وكان يقول: ( لم يجالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، هو شفاء ورحمة للمؤمنين ، ولا يزيد الظالمين إلاّ خسارا ) (1).

أويس (رضی الله عنه) أحد رواة الحديث

ص: 73


1- تأريخ إبن عساكر, وهذا الحديث استدركه الحاكم على الشيخين مسلم والبخاري، وقد تضمن أخبار أُويس (رضی الله عنه) بالمغيّبات، ومعرفته

روى خير التابعين أويس القرني (رضی الله عنه) عن الإمام علي (علیه السلام) ، وتعلم على يد كثير من الصحابة ونهل من علمهم حتى صار من أئمة التابعين زهدا وورعا ، ولقد تعلم منه خلق كثير.. تعلموا منه بره بأمه، وتواضعه لربه رغم ما ورد في فضله من أحاديث ، فقد روى عنه : يسير بن عمرو (1) ، عبد الرحمن بن أبي ليلى ، موسى بن يزيد (2) ، أبو عبد رب الدمشقي (3) , بشير بن عمرو (4) , وقد ذكره إبن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة وقال : كان ثقة , وذكره البخاري (5) فقال: في إسناده نظر ..

ص: 74


1- إبن عمرو الكندي السكوني وقيل الدرمكي وقيل الشيباني كوفي، له صحبة، مخضرم، توفي النبِي (صلی الله علیه و آله) وله عشر سنين. وعاش إلى زمان الحجاج (أسد الغابة :5/483)
2- له كتاب ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عنه وعن النجاشي أنّه بريد (رجال النجاشي : 408 / 1084) ، وهو الصواب.( منتهى المقال في أحوال الرجال – 6 :343)
3- يقال أبو عبد ربه ويقال أبو عبد رب العزة مولى ابن غيلان الثقفي ويقال مولى بني عذرة. قال أَبو زرعة الدمشقي ، عن أَبي مسهر : كان روميا اسمه قسطنطين ، فَلما أسلم سمي عبد الرحمن. مات فِي ولاية هشام بْن عبد الملك سنة 112 ﻫ.(تهذيب الكمال - المزي)
4- فارس. كان من شرطة الخميس. روى عنه غيات الهمداني، قال: مر بنا أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال: البثوا في هذه الشرطة، فوالله لا تلي بعدهم إلا شرطة نار، إلا من عمل بمثل أعمالهم -. وهذا ما يدل على أنه كان من شرطة الخميس(أعيان الشيعة 14/19. رجال الكشي / 5. شرح إبن أبي الحديد 16/220. نقد الرجال / 57)
5- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة بن بردزبه الملقب بالبخاري ولد ببخارى 194 هوقال ابن خلكان والخطيب البغدادي : كان جده الثالث بردزبه مجوسيا ومات عليها (وفيات الأعيان: 3 /330 ، تأريخ بغداد: 2 / 6) . كان البخاري مولعا بالعلم وخاصة في مجال علم الحديث ، بعيد الهمة في جمع الحديث وتدوينه ، فهاجر من وطنه إلى مدن عديدة ، وكان يتوقف في كل منها فترة يختلف فيها على علمائها لأخذ الحديث عنهم فيسمع منهم ويأخذ عنهم (دائرة معارف القرن العشرين: 2 / 56 مادة بخر) . نقل إبن حجر عن البخاري أنه قال : دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين : وإلى البصرة أربع مرات ، وأقمت في الحجاز ستة أعوام ، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين (هدى الساري : 479) . مؤلفاته : اختلف أصحاب التراجم في عدد مؤلفات البخاري ، فالمشهور أنه كتب سبعة عشر كتابا في الحديث والرجال والتأريخ وغيرها ، وقد اهتم أهل السنة بكتب البخاري جميعها اهتماما كبيرا وخاصة الجامع الصحيح ، ولا يوجد في أي ملة كتاب له من الشأن مثل ما للجامع الصحيح عند أهل السنة . توفي البخاري عام 256 ﻫ في قرية - خرتنك - من قرى سمرقند ، ودفن بها .

وقال إبن عدي: ليس له رواية لكن كان مالك (1) ينكر وجوده , إلا أن شهرته وشهرة أخباره لا تسع أحدا أن يشك فيه, وقال عنه أنه ثقة صدوق .

فعن أبي نضرة عن أسير بن جابر قال :( كان محدث بالكوفة يحدثنا ، فاذا فرغ من حديثه يقول : تفرقوا . ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه ، فأحببته ، ففقدته ، فقلت لأصحابي : هل تعرفون رجلا كان مجالسنا كذا وكذا ؟ فقال: رجل من القوم : نعم أنا أعرفه ، ذاك أويس القرني ) (2).

وبالإسناد إلى أسير أيضا ، قال : ( فكنّا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوماً فقلت لجليس لنا : ما فعل الرجل الذي كان يقعد إلينا ، لعله اشتكى ؟ فقال : الرجل من هو ؟ فقلت : من هو ؟ قال : ذاك أويس القرني , فدللت على منزله فأتيته فقلت : يرحمك الله أين كنت ، ولم تركتنا ؟ فقال : لم يكن لي رداء ، فهو الذي منعني من إتيانكم ...) (3).

ص: 75


1- مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي الحميري . ولد سنة 93 ﻫ ، وقيل : حملت به أمه سنتين ، وقيل : ثلاث سنين ، لقب بإمام دار الهجرة . روى عن الإمام جعفر الصادق (علیه السلام) ونافع وابن المنكدر وغيرهم ، وروى عنه الشافعي والسفيانيان والأوزاعي وغيرهم . له كتاب الموطأ في الحديث .قال الشافعي : ما في الأرض كتاب أكثر صوابا من موطأ مالك ، وقال البخاري : أصح الأسانيد : مالك عن نافع عن ابن عمر . مات بالمدينة سنة 179 ﻫ ، ودفن بالبقيع , له ترجمة في (البداية والنهاية 10 / 180,تذكرة الحفاظ 1 / 207, شذرات الذهب 1 / 289, تهذيب الأسماء والصفات 2 / 75,تهذيب التهذيب 10 / 5, طبقات الحفاظ 96 / 189 ,تقريب التهذيب 516 / 6425, حلية الأولياء 6 / 316, صفة الصفوة 2 / 177, العبر في خبر من غبر 1 / 210, النجوم الزاهرة 2 / 96, وفيات الأعيان 4 / 135, الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء : 9 - 63, التأريخ الكبير 7 / 310, الجرح والتعديل 8 / 204, سير أعلام النبلاء 8 / 48, مفتاح السعادة 2 / 195)
2- حلية الأولياء- أبو نعيم : 2/79
3- المستدرك - الحاكم : 3 / 404

وفي قصة هرم بن حيّان العبدي قال هرم : فقلت: رحمك الله! حدّثني حديثاً عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أحفظه عنك! فقال أُويس : إنّي لم أر (1)رسول الله (صلی الله علیه و آله) فأحدّث عنه ولم تكن لي معه صحبة ، ولكن قد رأيت من رأى رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، وقد انتهى إليَّ من حديثه كبعض ما انتهى إليكم ، ولست أحبّ أن أفتح هذا الباب على نفسي لأحد فأكون محدِّثا ، ولي في نفسي شغل عن ذلك يا ابن حيّان.

أويس (رضی الله عنه) نموذج الزاهدين

ص: 76


1- في حلية الأولياء : لم أدرك .

الزهد بمفهومه العام هو ذم الدنيا وزينتها والإقبال على الآخرة , والزهد في الإسلام عنى ارتفاع الإنسان بنفسه فوق شهواتها , وهذا معناه أن يتحرر تماما من كل ما يعوق حريته (1) , وعلى ضوء ذلك يتضح الربط بين الزهد والحرية (2).

كان أُويس القرني (رضی الله عنه) من الزاهدين في الدنيا بل وفي الحياة كلها وهو ( راهب هذه الاُمة، ولم يصحب النبي (صلی الله علیه و آله) , وإنما ذكره ودلَّ فضله، وهو الزاهد المشهور) (3).

وكان الزهد عند أويس (رضی الله عنه) رضاه بالقليل ؛ ليكون القليل معينا على الطاعة والعبادة , بما يرجو به أن يكون خفيفا من الذنب ثقيلا بالطاعات وشيج الصلات بربه عز وجل.

لقد تتلمذ أويس في مدرسة محمد (صلی الله علیه و آله) وعلي (علیه السلام) , فأخذ من جملة ما أخذ منهما الزهد بكل خصاله تبتلا ونسكا وإيثارا وتضحية والتزاما وطاعة لأوامر الرسول (صلی الله علیه و آله) التي كانت تمثل أوامر البناء على وفق المنهج الذي أمر به الله عز وعلا .

ولاشك أن نبينا محمداً (صلی الله علیه و آله) كان نموذجا متميزا للمعرفة والإيمان والتوكل والعبر ، نموذجا حيا في الأخلاق ؛ ولأجله أختير نبيا هاديا مهديا .. نموذجا بالرضا ، نموذجا في صدقه وأمانته الذين لقب بهما الصادق الأمين , نموذجا في الشجاعة ، ونموذجا بالزهد الذي كان يميزه من خلال سيرته الكريمة ، وهذه الميزات جعلته مختارا ، فالإيمان بالله يولد القناعة به وحده والاكتفاء بما يكتبه وتسديد الخطى بمشيئته ؛ لأن الإيمان هذا يعزز الاختيار الأصوب.. اختيار الآخرة لا الدنيا وهذا ما أكده الله عز وجل في قوله : ﴿ إعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ

ص: 77


1- الأجوبة المرضية - عبد الوهاب الشعراني : 299
2- الفناء عند صوفية المسلمين – د. عبد البارى محمد داود: 399
3- المستدرك -الحاكم: كما في أسد الغابة- إبن الأثير، وكذا في طبقات إبن سعد، وفي الإِصابة، بألفاظ متقاربة

مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ (1) .

فكانت الدنيا عند محمد العظيم (صلی الله علیه و آله) متاع غرور , وما جاء في خطبة عمه أبي طالب (2) (علیه السلام) عند طلب يد السيدة الكريمة خديجة (علیه السلام) (علیه السلام) (3) دليل على زهده حيث قال : ( إن إبن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفا ونبلا وفضلا , وإن كان في المال قل ؛ فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مستورة , وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ) (4).

وتتلمذ أويس (رضی الله عنه) على يد علي (علیه السلام) , وكان الإمام (علیه السلام) نموذجا مثاليا في الزهد المشدد ، فكان من الطبيعي أن تسود مجتمع الكوفة المثل الزهدية التي كان الإمام (علیه السلام) يريدها ويطلبها

ص: 78


1- سورة الحديد - الآية 20
2- سيد مكة الذي به يستسقى الغمام , كافل النبي وراعيه , الذي ورد في بعض الأحاديث أنه من الأوصياء (الغدير :7/389). وأن نوره يطغي في يوم القيامة على كل نور ، ما عدا نور النبي (صلی الله علیه و آله) ،والأئمة ، وفاطمة (علیهم السلام) (الغدير:7 /387 عن مصادر كثيرة). ذاك الشيخ المبجل العظيم في محمد (صلی الله علیه و آله) , وهو شاب مستجير به ، معتصم بظله من قريش ، قد رباه في حجره غلاما ، وعلى عاتقه طفلا، وبين يديه شابا. يأكل من زاده، ويأوي إلى داره، علم موضع خاصية النبوة وسرها، وأن أمره كان عظيما (شرح النهج للمعتزلي :14 /63 وماذا في التأريخ :3/196/197). وقد صرح أبو طالب في وصيته بأنه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، وان ما جاء به الرسول (صلی الله علیه و آله) قد قبله الجنان وأنكره اللسان ؛ مخافة الشنآن, وأوصى قريشاً بقبول دعوة الرسول ومتابعته على أمره، ففي ذلك الرشادة والسعادة (الروض الأنف :2 /171 , ثمرات الأوراق :94 , تأريخ الخميس :1 /300 , السيرة الحلبية :1 /352 , البحار:35/107 , الغدير :7 /366). جزع النبي (صلی الله علیه و آله) عليه عند موته و ترحم عليه ، واستغفر له باستمرار، (تذكرة الخواص :8), وأسمى عام وفاته ووفاة السيدة خديجة , بعام الحزن .
3- السيدة خديجة بنت خويلد التي تلتقي بنسبها مع النبي العظيم محمد (صلی الله علیه و آله) عند الجد الأكبر (قصي) , والتي كانت خير نساء النبي (صلی الله علیه و آله) وذلك بتصريح من رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقال ل-(عائشة) عنها : [ وَاللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِيْ إِذْ كَفَرَ الْنَّاْسُ، وَآوَتْنِيْ إِذْ رَفَضَنِيْ الْنَّاْسُ ، وَصَدَّقَتْنِيْ إِذْ كَذَّبَنِيْ الْنَّاْسُ ، وَرُزِقْتْ مِنّيْ الْوُلْدَ حَيْثُ حُرِمْتُمُوْهُ]( كشف الغمّة: 1 /512) وقال عنها : [إِنّ اللهَ إخْتَاْرَ مِنَ الْنِسَاْءِ أَرْبَعَاً: مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَدِيْجَةَ وَفَاْطِمَةَ]( الخصال: 1 /225 باب الأربعة ح58).
4- سيرة المرسلين – جماعة من العلماء: 13

من رعيته كما أرادها وطلبها من نفسه , وهو القائل: { إِنَّ اللهَ أَخَذَ عَلَىْ أَئِمَّةِ الْهُدَىْ أَنْ يَكُوْنُوْا فِيْ مِثْلٍ أَدْنَىْ لِلْنَّاْسِ لِيَقْتَدِيْ بِهِمْ الْغَنِيُّ وَلَاْ يَزْرِيْ بِاْلْفَقِيْرِ فَقْرُهُ } (1) , فهو سيد الزهاد , وكان ذلك ظاهرا في سيرته الكريمة , وكان نموذجا للمسلم , وكانت تتمثل فيه القيم الروحية التي أرادها الله والإسلام , وعلل زهده أنه ليقتدي به الغني ولا يزري بالفقير فقره , وكانت أقواله مطابقة لمنهجه الزهدي.. رافضا الدنيا وغرورها ومغرياتها ومباهجها كما في قوله لسلمان الفارسي (رضی الله عنه) : { إِنَّمَاْ مَثَلُ الْدُنْيَاْ مَثَلُ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَاْ قَاْتِلٌ سُمَهَاْ , فَأَعْرِضْ عَمّاْ يُعْجِبُكَ فِيْهَاْ؛ لِقِلَّةِ مَاْ يَصْحَبُكَ مِنْهَاْ ، وَضَعْ عَنْكَ هُمُوْمَهَاْ ؛ لِمَاْ أَيْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاْقِهَاْ وَتَصَرُّفِ حَاْلاْتِهَاْ , وَكُنْ آنَسَ مَاْ تَكُوْنُ بِهَاْ ، أَحْذَرَ مَاْ تَكُوْنُ مِنْهَاْ ؛ فَإِنَّ صَاْحِبَهَاْ كُلَّمَاْ إْطْمَأَنَّ فِيْهَاْ إِلَىْ سُرُوْرٍ أَشْخَصَتْهُ عَنْهُ إِلىْ مَحْذُوْرٍ, أَوْ إِلىْ إِيْنَاْسٍ أَزَاْلَتْهُ عَنْهُ إِلىْ إِيْحَاْشٍ } (2) .

هكذا وصفت الدنيا من الله تعالى.. وهكذا رآها نبيه العظيم (صلی الله علیه و آله) , ووصيه الكريم (علیه السلام) , وهكذا فهمها المؤمنون الفائزون برضا الله ومعرفته في اليوم الآخر.. مثل أويس القرني (رضی الله عنه) , وعلى هذا بنوا أفكارهم وأطلقوا فعل نواياهم نحو الخير والأجر العظيم .

ومن مدرسة القرآن الخالدة , وفكر خاتم المرسلين (صلی الله علیه و آله) , وخطب وحكم سيد الوصيين (علیه السلام) نشأت مدرسة الكوفة في التذكير بالموت ، إذ طفق علي (علیه السلام) يجمع الناس في مسجد عاصمته ، ويصارحهم و يقول : { إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ اثْنَيْنِ : طُولَ الأمَلِ ، وَاتِّبَاعَ الْهَوَى ، فَإِنَّ طُولَ الأمَلِ يُنْسِي الآخِرَةَ ، وَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً ، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ ) (3) . ويذكر سعيد بن جبير (4) لهم مقدار

ص: 79


1- شرح نهج البلاغة- إبن أبي الحديد : 2/ 110
2- نهج البلاغة: الكتاب 68.
3- نهج البلاغة : خطبة 42 (الشيخ صبحي الصالح) .
4- ولد سعيد بن جبير بن هاشم الأسدي سنة 45 ﻫ .. من كبار التابعين ، وكان من أصحاب الإمام السجاد (علیه السلام) ، وروي أنه لم يكن في زمن الإمام السجاد (علیه السلام) إلا خمسة من الأوفياء وقدوة في الإيمان كان سعيد واحداً منهم . كان فقيها ورعا عالما بالقرآن وتفسيره ، بالإضافة إلى رواية الحديث عن الصحابة والتابعين .. مدافعا عن ولاية أمير المؤمنين (علیه السلام) ، ألقى القبض عليه والي مكة خالد بن عبد الله القسري وأرسله إلى الحجاج ،و لما أن وصل إلى مجلسه قال له الحجاج: أنت شقي بن كسير لا سعيد بن جبير. فقال سعيد: إن أُمي أعلم حينما سمّتني سعيداً. فقال الحجاج: فما ترى في أبي بكر وعمر في الجنة هما أم في النّار؟ فقال سعيد: إذا دخلت الجنة ورأيت أهلها فسوف أعلم من هم أهلها، وان وردت النّار ورأيت أهلها فسوف اعرفهم. فقال الحجاج: ما ترى في الخلفاء؟ قال سعيد: لستُ موكلا بهم. الحجاج: فأيهم تحبه أكثر من غيره. سعيد: من كان أرضاهم لله. الحجاج: فأيهم أرضاهم لله. سعيد: الله العالم بالخفايا والأسرار يعلم ذلك الحجاج: لم لا تضحك؟ سعيد: كيف يضحك من خلق من تراب وقد تحرقه النّار. الحجاج: فلماذا نضحك نحن؟ سعيد: قلوب النّاس ليست سواء. فأمر الحجاج ليؤتى بالمجوهرات وتوضع إمام سعيد. فقال سعيد: إن ادخرت هذه لتنجو بها من عذاب القيامة فلا بأس عليك وإلا فاعلم إنها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، فلا خير في ادخار الثروة إلا ما كان زكيا خالصا. فأمر الحجاج ليؤتى بآلات اللهو والطرب فبكى سعيد. قال الحجاج: كيف تريد أن تقتل؟ قال سعيد: كما تحب، والله ما قتلتني قتلة إلا قتلكَ الله مثلها يوم القيامة. قال الحجاج: أترغب أن أعفو عنك. قال سعيد: إن كان هناك عفو فهو من عند الله ولن اطلب صفحاً منك أبداً. فأمر الحجاج ليمد بساط القتل فقال سعيد، (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للَّذي فَطَرَ السَّمواتِ وَالأرْضَ حَنيفاً وَما أنا مِنَ الْمُشْرِكينَ((سورة الأنعام – الآية 79) فقال الحجاج: حوّلوا وجهه عن القبلة. قال سعيد: (فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ((سورة البقرة – الآية 115) فقال الحجاج: اجعلوا وجهه إلى الأرض. قال سعيد: (مِنْها خَلَقْناكُمُ وَفيها نُعِيدكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تارَةً أخْرى( (سورة طه – الآية 55)فقال الحجاج: افصلوا رأسه. قال سعيد: أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (صلی الله علیه و آله) . ثم دعا فقال: اللهم لا تسلطه على أحد من بعدي. ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى كان دم سعيد بن جبير الطاهر يجري بأمر من الحجاج. وقتل سعيد بن جبير، واستجاب الله دعاءه، فثارت ثائرة بثرة في جسم الحجاج، فأخذ يخور كما يخور الثور الهائج ، شهرا كاملا، لا يذوق طعاما ولا شرابا، ولا يهنأ بنوم، وكان يقول: والله ما نمت ليلة إلا ورأيت كأني أسبح في أنهار من الدم، وأخذ يقول : مالي وسعيد ، مالي وسعيد ، إلى أن مات ....!وكانت شهادته سنة 95 ﻫ ودفن في مدينة واسط في العراق .

تصفية كلمات علي (علیه السلام) لقلبه ، فيقول : ( لو فارق ذكر الموت قلبي : خشيت أن يفسد عَليَّ قَلبي ).

ويقوم سيد زهاد التابعين : أُويس (رضی الله عنه) مستلهما فكر معلمه العظيم ، فيقول : ( يا أهل الكوفة : توسّدوا الموت إذا نمتم ، واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم ) , وها هو يرد على من جاءه يعرض عليه الدنيا : ( ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة!؟.. أما ترى عليَّ إزارا من

ص: 80

صوف!؟ .. متى أراني أخلِقه!؟ .. أما ترى نعليَّ مخصوفتان!؟ .. متى تُراني أبليهما!؟.. ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متى تُراني آكلها!؟) , وكأنّ قوله تعالى : ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ (1) , لوحة مرسومة طبعت على صفحة ذاكرته.

فهكذا كان زهد أويس نتاج تربية علي (علیه السلام) ؛ ليكون أحد زهاد الكوفة الأربعة : عمرو بن عتبة (2) وهمام بن الحارث (3) ..

والربيع بن خيثم (4) وأويس القرني .. و أحد الزهاد الثمانية (5) .

ص: 81


1- سورة آل عمران – الآية 14
2- عمرو بن عتبة من كبار تابعي أهل الكوفة ، مشهور بالتعبد والزهد ، شغلته العبادة عن الرواية ، كان له - كل يوم رغيفان يتسحر بأحدهما ويفطر بالآخر . كان عمرو بن عتبة بن فرقد يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور فيقول : يا أهل القبور قد طويت الصحف ، وقد رفعت الأعمال ، ثم يبكي ويصف بين قدميه حتى يصبح ، فيرجع فيشهد صلاة الصبح . (حلية الأولياء :157 )
3- النخعي الكوفي الفقيه. حدث عن عمر ، وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود ، وحذيفة بن اليمان ، وجماعة . قال إبن سعد توفي زمن الحجاج . قال ابن الجوزي : كان الناس يتعلمون من هديه وسمته ، وكان طويل السهر وكان يدعو : اللهم اشفني من النوم باليسير ، وارزقني سهرا في طاعتك . قال : فكان لا ينام إلا هنيهة وهو قاعد . (حلية الأولياء :272 )
4- أبو يزيد الربيع بن خيثم أدرك زمان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وأرسل عنه . وروى عن عبد الله بن مسعود ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعمرو بن ميمون وهو قليل الرواية ؛ إلا أنه كبير الشأن . ان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال : اتق الله فيما علمت ، وما استؤثر به عليك ، فكِلْهُ إلى عالمه ، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ ، وما خيركم اليوم بخير ، ولكنه خير من آخر شر منه ، وما تتبعون الخير حق اتباعه ، وما تفرون من الشر حق فراره ، ولا كل ما أنزل الله على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) أدركتم ، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو ، ثم يقول : السرائر السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن لله بَوادٍ التمسوا دواءهن ، وما دواؤهن إلا أن يتوب ثم لا يعود . توفي الربيع بن خثيم قبل سنة 65 (حلية الأولياء : 114 )
5- وهم أويس والربيع على رواية ويضاف إليهم بن حيان وعامر بن عبد قيس وهؤلاء الأربعة على كلا الروايتين كانوا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیهما السلام) وكانوا من أصحابه وكانوا زهادا أتقياء وأما الأربعة الأخرون فهم على الباطل وهم : أبو مسلم الخولاني ومسروق بن الجدع والحسن البصري أسود بن يزيد أو حريز بن عبد الله فأمّا أبو مسلم الخولاني فإنه كان فاجرا مرائيا وكان صاحب معاوية وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي (علیه السلام) ، وقال لعلي (علیه السلام) إدفع إلينا الأنصار والمهاجرين حتى نقتلهم بعثمان فابى علي (علیه السلام) ذلك، فقال أبو مسلم الآن طاب الضراب إنما كان ذلك وضع فخا ومصيدا، وأما مسروق بن الأجدع فكان عشارا لمعاوية ومات في عمله ذلك بموضع أسفل من واسط على نهر دجلة، وأما الحسن البصري فكان يلقي أهل كل فرقة بما يهوون، ويتصنع للرئاسة، وكان رئيس القدرية، والثامن الأسود بن يزيد وهو مذموم(طرائف المقال : 2 / 592) (أعيان الشيعة : / 69)

لقد كانت حياة هذا الرجل الرسالي الفذ مثالا للبساطة، والزهد في الدنيا ، والانصراف عن متاعها .. رث البيت قليل المتاع , حتى قيل أنه كان يقتات من المزابل ويكتسى منها في زمنٍ انهال فيه النعيم على المسلمين انهيالا عندما وصلت حدود دولتهم أماكن بعيدة , وسيطروا على عدة ممالك وإمبراطوريات ، فتنعموا بأطايب العيش وملذّات النعيم!., فقد غنم المسلمون كمية من المال والعبيد من الشام وبلاد فارس ومصر لم تكن تخطر لهم على بال بعد أن كانوا يقطعون جلود الجمال وهى حية ليأكلوا , ويقال أن الخليفة عمر لما جاءه المال من بلاد فارس قال للمسلمين: ( إنه قدم علينا مال كثير، فإن شئتم أن نعده لكم عدداً , وإن شئتم أن نكيله لكم كيلاً ) (1) , وحتى أن بعض الصحابة وبعض أقارب الحاكمين , خلف من الذهب وحده ما يكسر

ص: 82


1- فتوح البلدان - البلاذري: 505

بالفؤوس (1), ناهيك عن إقطاعات الأراضي , التي وصلت إلى حد تملك بلد بكامله طعمة له ما دام حيا (2).

وعاش أويس القرني (رضی الله عنه) الزهد والبساطة والتقشف ، قبالة التنعم والجاه العريض والسلطان !. وأقسم ألّا يملك من حطام الدنيا غير ذلك الثّوب المرقع الرّثّ الخشن الذي يرتديه ، وقد روي أنه كان لديه رداء يلبسه ، إذا جلس مسَّ الأرض , فعن أبي نضرة عن أسير بن جابر قال : ( كان محدث بالكوفة يحدثنا ، فإذا فرغ من حديثه يقول : تفرقوا , ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه ، فأحببته ، ففقدته ، فقلت لأصحابي : هل تعرفون رجلا كان مجالسنا كذا وكذا ؟ فقال : رجل من القوم : نعم أنا أعرفه ، ذاك أويس القرني .. قلت : أفتعرف منزله ؟ قال : نعم , فانطلقت معه حتى جئت حجرته ، فخرج إلي فقلت : يا أخي ما حبسك عنا ؟ قال : العري .. قال : وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه .. قال : قلت : خذ هذا البرد فالبسه , قال : لا تفعل ، فإنهم إذًاً يؤذونني إذا رأوه , قال : فلم أزل به حتى لبسه ، فخرج عليهم ، فقالوا : مَن ترون خدع عن برده هذا , فجاء فوضعه فقال : أترى !, قال : فأتيت المجلس فقلت : ما تريدون من هذا الرجل ! قد آذيتموه ، الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة .. قال : فأخذتهم بلساني أخذا شديدا ) (3).

و ظل يكابد الفقر و العري بحياة مليئة زهدا و تقشفا .. حياة كلها عبرات و هفوات و منحنيات.. كلها أشواك و مصاعب .. كلها وقار و خشوع , و أويس (رضی الله عنه) وأمثاله ، من ثقات أهل الكوفة الذين رباهم علي (علیه السلام) ، لما ماتوا , أورثوها لآخرين يحفظون للكوفة سمتها العلوية الأصيلة.

ص: 83


1- مروج الذهب - المسعودي : 1/ 544, الطبقات - إبن سعد: 3/96
2- تأريخ مدينة دمشق- إبن عساكر:49/427
3- حلية الأولياء- أبو نعيم : 2/79

ص: 84

أويس (رضی الله عنه) نموذج الأبناء الصالحين

وكانت له والدة ذات صلاح وعبادة , فكان لا يفارقها طرفة عين .. عاش معها وكان يكرمها غاية الإكرام ، ويحترمها احتراما عجيبا ، فلم يفارقها في آخر أيامها ، إلا للضرورة القصوى.. يخدمها و يبرها و يرعى شؤونها رعاية كاملة , يفرغ جميع أوقاته من أجلها ، يصبح يقبل يدها ويتمرغ تحت قدميها ، وقد بلغ من شدة فخره بهذا العمل تصريحه بأنه يتمرغ بروضة من رياض الجنة, ليضرب أروع الأمثلة في ما أراده الإسلام من بر الوالدين .

وظل فى خدمتها إلى أن ماتت , ولعل انصرافه إلى القيام بواجبه تجاهها ، كان الحائل بينه وبين لقاء النبيّ (صلی الله علیه و آله) , وقد ورد في ذلك عن أصبغ بن زيد أنه : (أدرك زمن النبي (صلی الله علیه و آله) وأسلم ولكنه لم يلقه ، منعه من السفر إليه بِرُّهُ بأمِّه) (1) , وعندما استأذنها في السّفر للقاء النبيّ (صلی الله علیه و آله) والسلام عليه، أذنت له، ولكن بشرطٍ هو العودة المباشرة، سواءً وجد الرسولَ (صلی الله علیه و آله) أم لم يجده. وهكذا كان!. فقد تجهّز أويَس (رضی الله عنه) للسفر لِلُقْيا الرسول (صلی الله علیه و آله) والسلامِ عليه، وقصده في منزله، ولما لم يجده عاد أدراجه، دون التمكن من مشاهدته.

ص: 85


1- حلية الأولياء – أبو نعيم : 2/87

أويس (رضی الله عنه) نموذج السمو الإيماني

الإيمان حينما يتجسد تتجاوب معه كل الجوارح , لأن التوجه يكون خالصا إليه تعالى .. يتناغم حديث القلب وحديث العقل ليكونان لغة واحدة تنساب على شفاه خيرة خلقه الذين جعلهم الله قدوة لعباده وأصحابا لصفوة أصفياءه .. كان أويس القرني عندما يأخذ بالكلام واعظا، ينبعث كلامه كالنهر الرقراق الصافي ، بعفوية وإيمان، فيدخل قلوب سامعيه بلا استئذان ؛ فتخشع قلوبهم وجوارحهم , وتفيض عيونهم بالدمع، وقد أخذ منهم التأثر بما يسمعون ، ويسيطر عليهم الخشوع ؛ فيسمو بهم أُويس إلى عالم روحاني تغمره الشفافية والصفاء والنقاء ممتدا مسافة الدعوة المستجابة .. مسافة السماء عن الأرض !.

يَعجب أويس (رضی الله عنه) من هؤلاء الناس، قصيري النظر، ضعيفي الإيمان : فيأخذه العجب من جماعة منهم يبكون ، وقد فقدوا عزيزا لهم وحبيبا ، ويقول في نفسه : تُرى ، ألم يسمع هؤلاء بقوله تعالى ﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ﴾ (1), وبقوله: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ (2), ويضحك من جهلهم , ويرمق بنظرات الدهشة أناسا آخرين ركنوا إلى الدنيا وغرورِها ، فخدعهم باطلها ، وأصبحوا أسرى شِراكها وحبائلها ، فضحكوا كثيرا ، ناسين أو متناسين أنهم في دارِ غرور وزوال ، نعيمها منغَض وزائل ، وصفوها سراب ؛ فيبكي لهم ، ويبكي عليهم، بمحبة شفيق .. كأنه يقول : ﴿ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ (3)!..

ص: 86


1- سورة العلق – الآية 8
2- سورة الأنبياء – الآية 35
3- سورة يس – الآية 26

ومما ذكر في سمو أخلاقه وقمة النبل الذي شمل نفسه الكريمة ( ما ورد عن عبد الله بن أحمد : عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي بكر بن عياش ، عن مغيرة ، قال : إن كان أويس القرني ليتصدق بثيابه ؛ حتى يجلس عريانا, لا يجد ما يروح فيه إلى الجمعة ) (1).

وكان من المنقطعين للعبادة والتهجّد، بعيدا كل البعد عن بهرجة الحياة وزخرفها ، ليهرب حتى من أقرانه وزهاد زمانه ، يستوحش من الناس ، ويأنس بالوحدة ؛ ليتفرّغ للعبادة والإِنقطاع إلى خالقه ، تجده ذاهلا أمام لهو مجتمعه ، مشغولا بنفسه يناقش الحياة بفكر نيّر وذكاء حاد ، معرضا عن ملذّات الدنيا وزخارفها (2) كما تجده رثّ الثياب ، حتى أن بعض الجهّال من الناس ظنوا به الظنون ، وسخروا منه واستهزؤا به.

ونزل الفقر عنده فأقام , لكن الملاحظ لحياته يجد تسليما مطلقا وتوكلا على الله منقطع النظير, لمؤمن يعلم أن قلوب الخلائق بيد صانعها وخالقها , وأن الأرزاق والآجال بيد بارئها ، وأن الدنيا هي جسر الآخرة .. وعلِم إن السفر الى يوم القيامة طويل جدا ؛ فلابد من الزاد , ولابد من المتاع ؛ فمن يزرع خيرا يحصد خيرا ، وصار هذا الإحساس وهذا التوجه إيمانا راسخا يغذيه هو بما أودع من ملكات ربانية , وبما تلقاه من آل بيت محمد (صلی الله علیه و آله) خزان علوم الوحي السماوي.

ص: 87


1- سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 29, حلية الأولياء- أبو نعيم : 2 / 84, الزهد - الشيباني : 346 , لسان الميزان- إبن حجر : 1 / 474
2- ) الطبقات الكبرى- إبن سعد 6/164.

أويس (رضی الله عنه) من الشاكرين

أخبر رسول الله (صلی الله علیه و آله) : أن أويسا (رضی الله عنه) عندما أعياه المرض وأخذ كل بدنه - وهو القريب إلى ربه - لجأ إليه جلت قدرته ملتمسا زوال مرضه , سائلا ربه الكريم ألا يزيله بتمامه ؛ ليبقى أثر منه يذكر به ؛ فيذكر نعمة الله عليه , ويجدد له في كل آن شكرا , فقد قال النبي (صلی الله علیه و آله) أنه : [سَيَكُوْنُ فِيْ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ مِنْ قَرْنَ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ ، يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ (1) ، فَيَدْعُوْ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ , فَيُذْهِبَهُ , فَيَقُوْلُ : أَلُّلُهُمَّ دَعْ لِيْ فِيْ جَسَدِيْ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ ، فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ ، فَاْسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ ] (2) , وحددت بعض الروايات أن الأثر الذي سأل الله تعالى أن يبقيه في جسده بحجم درهم , وأنه بين كتفيه , وعبرت روايات أخرى عن ذلك الأثر ببرص (3) , أو بياض (4) , برأ منه إلاّ موضع درهم .

ص: 88


1- الوَضَح بفتحتين الضوء والبياض وقد يكنى به عن البرص(مختار الصحاح)
2- كتاب المجروحين - إبن حبان : 3 / 151
3- مسلم بسنده عن طريق قتادة: 7 / 188, و أحمد في مسنده : 1 / 38
4- كنز العمال- المتقي الهندي : 12 / 73, ورواه مسلم في صحيحه : 7 / 188,و أحمد في مسنده : 1 / 38

أويس (رضی الله عنه) من المتصدقين

حملت شخصية التابعي الشهيد الكثير من صفات المؤمنين : ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ (1) ؛ فكان من الذين ينفقون في السراء والضراء متصدقا بكل ما يملك , وقد ورد عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قوله : [ إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَهُ أَوْ مُصَلَّاْهُ مِنَ العُرْيِ، يَحْجِزُهُ إِيْمانُهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاْسَ ، مِنْهُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ , وَفُرِاتُ بِنْ حَيَّانَ العَجْلِيُّ ] (2) , وإن عريه لناشىء من تصدقه بكل ما امتلكته يداه من حطام الدنيا , فقد (كان أويس القرني ليتصدق بثيابه حتي يجلس عرياناً , لا يجد ما يروح فيه) (3) , وعن قيس بن يسير بن عمرو ، عن أبيه (4) : ( أن أويساً القرني عري غير مرة , فكساه أبي) (5) , وعن يسير قال : ( كسا أَبِي لأويس حلتين من العري ) (6).

ص: 89


1- سورة آل عمران – الآية 134
2- حلية الأولياء – أبو نعيم: 2 / 84
3- الزهد - الشيباني :346
4- يسير بن عمرو الكندي السكوني وقيل الدرمكي وقيل الشيباني كوفي، لَهُ صحبة، مخضرم، توفي النَّبِيّ (صلی الله علیه و آله و سلم) وله عشر سنين. وعاش إلى زمان الحجاج، روى عَنْهُ من أهل البصرة زرارة بن أوفى، وابن سيرين، وَأَبُو عمران الجوني، وحميد بن هلال، وروى عَنْهُ من أهل الكوفة، أبو إسحاق الشيباني، وَأَبُو عَمْرو الشيباني، وابنه قيس بن يسير.(أسد الغابة : 5 / 483)
5- لسان الميزان- إبن حجر : 1 / 474
6- الكامل في ضعفاء الرجال – باب من اسمه أنيس وأويس

قال ضمرة بن ربيعة (1) ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه (2) ، قال : ( كان أويس يجالس رجلاً من فقهاء الكوفة يقال له : يسير , ففقدته ، فإذا هو في خِصٍّ (3) له قد انقطع من العري ...) (4).

وبالإسناد إلى أسير بن جابر ، قال : ( فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوماً فقلت لجليس لنا : ما فعل الرجل الذي كان يقعد الينا ، لعله اشتكى ؟ فقال : الرجل من هو ؟ فقلت : من هو ؟ قال : ذاك أويس القرني , فدللت على منزله فأتيته, فقلت : يرحمك الله أين كنت!؟ ، ولم تركتنا ؟ فقال : لم يكن لي رداء ، فهو الذي منعني من إتيانكم ...) (5).

وهذه النصوص تكشف عن الفقر الشديد الذي كانت تعيشه طبقة واسعة من المجتمع الإسلامي ، وأن أموال الفتوحات منحت الثراء العريض لبعض مقربي الحاكمين وغيرهم ممّن ساروا في ركابهم ، في سياسة بنيت على التفاوت بين المسلمين في العطاء , واستأثر الأقارب بالمناصب

ص: 90


1- الحافظ ، محدث فلسطين، أبو عبد الله الرملي ، مولى المحدث علي بن أبي حملة دمشقي الأصل حدث عن : إبراهيم بن أبي عبلة ، وإدريس بن يزيد الأودي ، ويحيى بن أبي عمرو السيباني ، وسفيان الثوري ، وعلي بن أبي حملة مولاه ، وعثمان بن عطاء الخراساني ، وخليد بن دعلج ، وعبد الله بن شوذب ، والسري بن يحيى البصري ، وأبي عمرو الأوزاعي ، وإسماعيل بن أبي بكر الدمشقي ، وبلال بن كعب العكي ، ورجاء بن أبي سلمة ، وسعيد بن عبد العزيز ، وخلق سواهم . وقال إبن سعد : كان ثقة مأمونا خيرا ، لم يكن هناك أفضل منه ، ثم قال : مات في أول رمضان سنة 202
2- عطاء بن أبي مسلم الخراساني المحدث، الواعظ نزيل دمشق والقدس. أرسل عن أبي الدرداء، وابن عباس، والمغيرة بن شعبة وطائفة، وروى عن ابن المسيب، وعروة، وعطاء بن أبي رباح، وابن بريدة، ونافع، وعمرو بن شعيب، وعدة. وثقه ابن معين، وقال الدارقطني: هو في نفسه ثقة، لكن لم يلق ابن عباس,توفي بأريحا ودفن ببيت المقدس. وقال ابنه عثمان: مات أبي سنة 135 وقيل مولده سنة 50 ﻫ .
3- خُصٌّ: جمع : أَخْصَاصٌ ، خِصَاصٌ . بَنَى خُصّاً في وَسَطِ الْحَدِيقَةِ : بَيْتاً مِنْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ .
4- لسان الميزان- إبن حجر : 1 /280 , سير أعلام النبلاء- الذهبي : 294 , ميزان الإعتدال - الذهبي: 1 / 282
5- المستدرك - الحاكم: 3 / 404

؛ فصاروا ولاة وحكاماً , وقد استبدوا بالأمر , ولم تكن أموال الجزية والخراج تذهب إلى بيت مال المسلمين ، بل تذهب إلى هؤلاء الحكام , حتى أن الحاكم نفسه لم يجد حرجاً في منح ابنته عند زواجها ستمائة ألف درهم كلها من أموال الجزية والخراج!..، وأُقطع البعض من الصحابة مساحات واسعة من الأراضي التي كانت ملكية عامة لبيت المال ، والتي بلغ دخلها في عهد أحد الحكام خمسين مليون درهم ؛ فتكونت الطبقيّة والرأسمالية بين المسلمين ، وتكدّست الثروة عند فئة من الناس حتّى ترك بعضهم بعد موته من الذهب ما يكسّر بالفؤوس وتكونت الرأسمالية القرشية التي استأثرت بأموال المسلمين , فحاكم يحصى عند وفاته (خمسون ومائة الف دينار، وألف ألف درهم، وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار، وخلف خيلاً وإبلاً ) (1) ، وصحابي تحضره الوفاة فيحصون في ثروته (خمسين ألف دينار، وألف فرس، وألفاً من العبيد والإماء..) (2), وآخر من الصحابة كان دخله من ممتلكاته بالعراق وحدها ألف دينار في اليوم الواحد، عدا عن الدور في العديد من المدن , ورابع عنده ( مائة فرس، وله ألف بعير، وعشرة آلاف شاة من الغنم، وعندما توفي قدرت ثروته بأكثر من مليونين ونصف من الدراهم) (3) , ( وقد يكون هؤلاء أو بعضهم من المبشرين بالجنة !!) , في حين أنّ المجاعة قد انتشرت عند الكثيرين من الناس. فكان بعضهم لا يملك حتى ثوبين مناسبين يتستر بهما ، بل كان فيهم من يموت من الجوع !!, و خلقت تلك التحولات الاقتصادية والفكرية شرحاً عميقاً في المجتمع، بين أكثرية فقيرة مسحوقة، وبين قلة ذات ثراء فاحش، وفجرت صراعاً حاداً بين جهات عديدة! , كما أوجدت في الوقت نفسه الأرضية الصلبة التي يرتكز عليها الظالمون.

ص: 91


1- مروج الذهب - المسعودي : 2/ 340
2- المصدر السابق نفسه :2/342
3- المصدر السابق نفسه :2 / 349

ولذلك كان أويس يدعو الله تعالى أن لا يؤاخذه بعري العارين ، وجوع الجائعين ؛ لأنه لا يملك إلا ثوبيه اللذين يلبسهما ، ولا يملك إلا ما في بطنه من طعام ، وكل ما يحصل عليه من عمله ومن هدايا الناس ، كان يعطيه لهؤلاء للفقراء , و كان طعامه مما يلتقط من النوى فإذا أمسى باعه لإفطاره و إن أصاب حشفة خبأها لإفطاره, وهي تدل أيضا على أن زهد أويس كان زهداً واعياً يحمل هم الفقراء ، وكان يحمل مسؤولية فقرهم وبؤسهم للخليفة والدولة ، والطبقة المترفة التي كونت ثروتها من الفتوحات ، وكانت تنقم من أويس (رضی الله عنه) أنه يهتم بهم ، ويأمر من أجلهم بالمعروف وينهى عن المنكر.

ص: 92

أويس (رضی الله عنه) نموذج تهذيب النفس

التهذيب في اللغة هو إزالة ما يعلق بالشئ وتنقيته , وتهذيب النفس شئ مهم للتسامي بها وبلوغ الكمال الإنساني , ويمكن تهذيب النفس بالمشارطة ، وهو أخذ العهد على النفس على عمل كل ما هو حسنٌ يرضي الله تعالى ، وترك كل ما هو قبيح لا يرضيه , ثم محاسبة النفس عن كل تقصير في رضى الله تعالى ، وإسراف في ما يرضي النفس ويسخط الله تعالى.. قال أميرالمؤمنين (علیه السلام) : { وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أُرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأكْبَرِ } (1) , وما خلدت رسالات النبيين ، وكونت حولها جماهير المؤمنين إلا لأن النفس الإنسانية ، كانت موضوع عملها ومحور نشاطها ... والأديان لن تخرج عن طبيعتها في اعتبار النفس الصالحة هي البرنامج المفصل لكل إصلاح ، والخلق القويم هو الضمان الخالد لكل حضارة , فالإنسان ليس قالبا محدود الإطار هو ذلك الجسد الذي يدب على ظهر هذه الأرض ؛ بل إن هذا الجسد يُعد نوعا من أنواع الجمادات إذا ما نزعت منه تلك النفس , فالنفس اللطيفة المودعة في هذا القالب هي محل الأخلاق المحمودة , وهذه الأعمال التي يقصدها الإنسان ، هي ثمرة ناضجة لتلك الأخلاق التي هي راسخة فيه تنبعث من أصل النفس الناطقة ، ثم تعود إليها ، ثم تتشبث بذيلها وتحصى عليها .

وإذا كانت الأخلاق في النفس فلابد أن نعلم ، أن هذه الأخلاق منها ما هو طبيعي من أصل المزاج ، ومنها ما هو مستفاد ومكتسب بالسعادة والتدرب ، والإنسان العاقل هو القادر – حقا – على اكتساب أخلاق جديدة بالروية والفكر ، ويستمر على هذه الأخلاق حتى تصبح ملكة وخُلقا له .

ص: 93


1- من كتاب له (علیه السلام) إلى عثمان بن حنيف الأنصارى ، عامله على البصرة

والإسلام الحنيف في علاجه للنفس ابتغاء إصلاحها ، ينظر إليها من ناحيتين : أن فيها فطرة طيبة تهفو إلى الخير ، وتسر بإدراكه وتأسى للشر وتحزن من ارتكابه ، وترى الحق امتداد لدورها ، وصحة لحياتها , وأن فيها - إلى جوار ذلك - نزعات طائشة تشرد بها عن سواء السبيل ، وتزين لها ما يعود عليها بالضرر ويسف بها إلى منحدر سحيق .

وإذا كان الإنسان يحتاج إلى مجاهدة واعية ومستمرة فإن النفس دائماً تقبل ما يطرأ عليها من الصور ، بل تزداد بالصورة الأولى - التي خلقت عليها – قوة على ما يرد عليها من الصور الأخرى , وما من دين إلا وقد دعا إلى تهذيب النفس ؛ لأن الإنسان بنفسه لا بجسمه . وهكذا هذب أويس (رضی الله عنه) نفسه .. فمع الناس كان لا يشاركهم حياتهم الدنيا، وقد جن في الله حبا، وذاب إليه شوقا ؛ فهام على وجهه في الآفاق ، فلا حرص ولا أطماع!..يهوى العيش في القفر والأماكن الموحشة ، يبكي عندما يضحك الناس ويضحك عندما يبكون. . فعن الربيع بن خيثم ، قال: قلت له: رحمك الله! لقد أتعبت نفسك ، فقال: لأنّي أُريد راحتها غدا، فقلت له : يا أخي من أين لك المطعم؟ فقال: إن ربي عز وجل قد تكفل لي بذلك ، وإنك مني على بال ، يا ربيع! فلا تعد إلى مثل هذا الكلام .

فكان مروضا لنفسه مخالفا لها ، مجتهدا في الطاعة والعبادة ووظائف الخيرات ، مصداقا لوصف الإمام الصادق (علیه السلام) : ( طوبى لعبد جاهد في الله نفسه وهواه! ومن هزم جند هواه ظفر برضاء الله ، ومن جاوز عقله نفسه الأمارة بالسوء بالجهد والاستكانة والخضوع على بساط خدمة الله تعالى فقد فاز فوزا عظيما ، ولا حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الله تعالى من النفس والهوى ، وليس لقتلهما وقطعهما سلاح وآلة مثل الافتقار إلى الله ، والخشوع ، والجوع والظمأ بالنهار ، والسهر بالليل ، فإن مات صاحبه مات شهيدا ، وإن عاش واستقام أداه عاقبته

ص: 94

إلى الرضوان الأكبر، قال الله عز وجل: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ (1)) (2) , وكان يقول : أكون في خمار (3) الناس حيث أخفى ولا أعرف.

ص: 95


1- سورة العنكبوت – الآية 69
2- جامع السعادات – الشيخ النراقي: 81
3- قوله: في خمار الناس بضم الخاء وفتحها كما في القاموس و قال إبن الأثير: ويروى بالجيم, أي في زحمتهم (لسان العرب - ابن منظور : 4 / 257)

أويس (رضی الله عنه) نموذج العبادة الخالصة

من الصعب أن تلتئم الكلمات وتتراصف لتشكل وصفا لخير التابعين أويس القرني (رضی الله عنه) .. لنموذجه المتألق .. لعبادته .. لعلاقته مع خالقه , فلكل من يريد الوصول إلى الله طريق يلتمس فيه القرب من الله ، وما يميزه عن غيره ، فالبعض يتخذ قيام الليل وسيلة قرب لربه ، والبعض يتخذ الاستغفار بالأسحار طريقا ينتهي به إلى حب الله ، وآخرون يتدبرون التفكر وسيلة وصول نحو الغيب الإلهي المقدس , غير أن وصف الإيمان الذي وصف النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) به الصحابي الشهيد عمار بن ياسر (رضی الله عنه) حين قال : [ إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً مِنْ قَرنِهِ إلى قَدَمِهِ ، وَاخْتَلَطَ الإيمان بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ ] يمكن أن يكون جميلا على أويس القرني (رضی الله عنه) , ولتكون آية المؤمنين شديدة الحصر به وبأقرانه من الصحابة والتابعين ممن تمسكوا بحديث الولاية : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (1) ، فلم يكن أويس القرني كعامة الناس ليحيا ولا يفكر, لقد فهم حقيقة هذه الدنيا ، وأدان نفسه وعمل لما بعد الموت ، وكان يغلب عليه التفكر في مخلوقات الله لتنتهي به إلى حب خالقها ، ولما قدم هرم بن حيان الكوفة سأل عن أويس فقيل له: هو يألف موضعا من الفرات يقال له: العريض بين الجسر والعاقل , ومن صفته كذا , فمضى هرم حتى وقف عليه , فإذا هو جالس ينظر إلى الماء , كأن عبادته تلك الساعة كانت التفكر في قدرة الله التي تتجلى في بديع صنعه.

ص: 96


1- سورة الأنفال – الآيات 2 , 3 , 4

وانعكست عبادة أويس القرني (رضی الله عنه) على سلوكه، مما أثر إيجابا في الآخرين ، فقد كان التأثير بسلوكه أكثر منه بقوله ، فهو المتواضع لربه ، البار بأمه ، وهو الدائم النصح والتوجيه للآخرين ، القائم بالحق رغم معادة الآخرين له ورميه بعظائم الأمور.

عن أصبغ بن زيد , ومثله عن أبي زرعة الرازي (1) , قال :( كان أويس القرني إذا أمسى يقول : هذه ليلة الركوع ، فيركع حتى يصبح ، وكان يقول إذا أمسى : هذه ليلة السجود ، فيسجد حتى يصبح . وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول : اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به) (2) .

أي يطيل الركوع في الصلاة حتى يصبح ، ثم في ليلة أخرى يطيل السجود في الصلاة حتى يصبح, فقيل له : يا أويس كيف تطيق على مضي الليالي الطويلة على منوال واحد ؟ فقال أويس : أين الليلة الطويلة ؟ فيا ليت كان من الأزل إلى الأبد ليلة واحدة حتى نتمّها بسجدة واحدة ، ونتوفر على الأنين والبكاء إلى آخرها , وبدا منه رضوان الله عليه طموحه أن يكون سجوده لربه العظيم مقاربا لسجود ملائكة عبّادٍ ساجدين أبدا , فقد ورد عنه قوله : ( لأعبدن الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء) (3).

ص: 97


1- أبو زرعة الرازي، المتوفي سنة 264، من أعلام أئمة القوم: قال الذهبي: ( عبيد الله بن عبد الكريم، أبو زرعة الرازي، الحافظ، أحد الأعلام، عن أبي نعيم والقعنبي وقبيصة وطبقتهم في الآفاق). وقال إبن حجر: (عبدى الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، أبو زرعة الرازي، إمام حافظ، ثقة، مشهور، من الحادية عشر)( قريب التهذيب 1:497/4850). وقال الخطيب البغدادي: (عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، أبو زرعة الرازي... كان إماما ربانيا متقنا حافظا مكثرا صادقا. قدم بغداد غير مرة، وجالس أحمد بن حنبل وذاكره وحدث، فروى عنه من البغداديّين: إبراهيم بن إسحاق الحربي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وقاسم بن زكريّا المطرّز...)( تأريخ بغداد 10:326/337).
2- حلية الأولياء - أبو نعيم: 2/87
3- أويس القرني– د. عبد الباري محمد داود : 122

وعن الربيع بن خيثم، قال: أتيتُ الكوفة أبحث عن أُويس القرني ؛ فأصبته على شاطئ الفرات قائماً يصلي , فقلت في نفسي : ينصرف من صلاته وأقوم فأُكلمه ، فلما صلى بسط كفّيه إلى الله تعالى فلم يقبضهما إلى وقت العصر، ثم قام وصلى وبسط يديه فلم يقبضهما إلى وقت العشاء الأول ، ثمّ قام فصلى وبسط يديه فلم يقبضهما إلى وقت العشاء الآخرة ، ثم قام فصلى ووصلهما , فلم يزل راكعا وساجدا حتى الصبح ، فأذن وأقام وصلى الصبح ، ثم بسط يديه إلى الله عز وجل , فلم يقبضهما إلى أن طلعت الشمس ، ثم خفق برأسه خفقة ووثب إلى الماء ، فتطهر وعزم على الصلاة .. قال الربيع: فدنوت منه وقلت له: رحمك الله! لقد أتعبت نفسك ، فقال: لأني أُريد راحتها غداً ، فقلت له : يا أخي من أين لك المطعم؟ فقال: إن ربي عز وجل قد تكفل لي بذلك ، وإنك مني على بال ، يا ربيع! فلا تعد إلى مثل هذا الكلام (1).

وكان (رضی الله عنه) شديد الخوف من ربه , أظهر للناس ذالك ودعاهم للأخذ به , فبالإسناد إلى إبن يزيد البكري (2) قال : ( قال أويس القرني : كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم ) (3) , أي : أن خوف الله تعالى يجب أن يكون في نفس المؤمن بدرجة عالية ، كأن في رقبته قتل الناس كلهم ؛ ليكون في تصرفاته مثل القاتل الملاحق دقيقا حذرا متقيا ، وشعوره بالمسؤولية أمام الله تعالى

ص: 98


1- الفتوح- إبن الأعثم :2 /547
2- الحارث بن يزيد بن سعد البكري ذكره ابن شاهين والسراج، والعسكري المروزي في الصحابة له ترجمة في (أسد الغابة: 1/422؛ وأشار إليه في الإصابة: 1/296). و حميد بن يزيد البكري ، الكوفي . محدث إمامي ، روى عنه ابن أبي نصر(رجال الطوسي: 180,تنقيح المقال: 1 / 380,خاتمة المستدرك: 797,معجم رجال الحديث: 6 / 298,جامع الرواة: 1/286,نقد الرجال: 121,مجمع الرجال: 2/ 247,منتهى المقال: 122 ,أعيان الشيعة: 6/ 255), و محمد بن يزيد البكري: روى عن منصور بن نصر المدائني، وروى عنه أحمد بن جعفر البلدي( كامل الزيارات: الباب 108، في نوادر الزيارات، الحديث 13).
3- المستدرك- الحاكم : 3 / 405 , شعب الإيمان - البيهقي: 1 / 524

عميقا , وهكذا كان هذا المؤمن مصداقا حقيقيا نموذجيا للذين : ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ (1).

ص: 99


1- سورة السجدة – الآية 16

أويس (رضی الله عنه) من العافين عن الناس

وأيم الله لقد كان ظلم الناس له شديدا قاسيا , عاش بينهم وهم يرمونه بالحجر , فلا يجدون منه إلا أطيب الثمر، وكانت يد الأذى تناله إلا أنه كان دائمًا ما يعفو ويصفح ، وكان يجالسهم ويحدثهم رغم ما يصيبه من أذى ألسنتهم , فهو من : ﴿الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ (1) , ويقول أسير بن جابر: كان محدث يتحدث بالكوفة فإذا فرغ من حديثه تفرقوا ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه فأحببته , ففقدته , فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلاً كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه , ذاك أويس القرني , قلت: أو تعرف منزله قال: نعم , فانطلقت معه حتى جئت حجرته , فخرج إلي فقلت: يا أخي ما حبسك عنا ؟ فقال: العري.. قال: وكان أصحابه يسخرون منه ويؤذونه , قال: قلت: خذ هذا البرد فالبسه قال: لا تفعل فإنهم يؤذونني , قال: فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم , فقالوا: من ترى خدع عن برده هذا ؟ فجاء فوضعه , وقال: قد ترى , فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل ؟ قد آذيتموه .. الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة , وأخذتهم بلساني..

ويُنقل أن أحد الأشخاص ما انفك يسبّ أويسا كلما مر به أو التقاه , وفي إحدى المرات رآه أويس يقبل من بعيد فغيّر طريقه , وعندما سألوه عن السبب أجاب لئلا يقع ذلك الشخص - السابّ - في المعصية (2).

وعن صعصعة بن معاوية قال : ( كان أويس بن عامر رجلاً من قرن ، وكان من أهل الكوفة وكان من التابعين ، فخرج وبه وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه , فقال : اللهم دع في جسدى ما أتذكر به نعمتك ؛ فترك الله منها ما يذكر به نعمته عليه ، وكان رجلاً يلازم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به ، فإن رآه مع قوم

ص: 100


1- سورة آل عمران – الآية 134
2- تأريخ مدينة دمشق - إبن عساكر: 9/421

أغنياء قال: ما هو إلا يشاكلهم ! وإن رآه مع قوم فقراء ، قال: ما هو إلا يخدعهم !وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيراً !! غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه) (1).

(وكان ربما مرَّ الصبيان فيرمونه ويظنون أنه مجنون، فيقول لهم : يا إخوتاه إن كنتم ولا بد أن ترموني فارموني بأحجار صغار، فإني أخاف أن تدموا عقبي ، فيحضر وقت الصلاة ولا أصيب الماء ، فهكذا كانت سيرته ) (2).

ص: 101


1- المجروحين - إبن حبان : 3 / 151
2- إحياء علوم الدين – الغزالي : كتاب ذم الدنيا

أويس (رضی الله عنه) مقصد المتبركين

وحين عرف الناس ما لهذا العبد الصالح من منزلة رفيعة ودرجة عالية من التقوى , وأنه شفيع مشفع حاولوا التقرب إليه , والتماس البركات منه , حتى لقد أزعجوه – وهو الوديع الرقيق الهادىء ذو النفس الألقة الشفافة – فبالإسناد إلى أسير بن جابر قال : ( قال لي صاحب لي وأنا بالكوفة : هل لك في رجل تنظر إليه ؟ قلت نعم ، قال هذه مدرجته وإنه أويس القرني ، وأظنه أنه سيمر الآن قال : فجلسنا له فمر ، فإذا رجل عليه سمل قطيفة ، قال : والناس يطؤون عقبه ، قال : وهو يقبل فيغلظ لهم ويكلمهم في ذلك فلا ينتهون عنه ، فمضينا مع الناس ، حتى دخل مسجد الكوفة ودخلنا معه ، فتنحى الى سارية فصلى ركعتين ، ثم أقبل الينا بوجهه فقال : يا أيها الناس مالي ولكم ، تطؤون عقبي في كل سكة ، وأنا إنسان ضعيف ، تكون لي الحاجة فلا أقدر عليها معكم ، لا تفعلوا رحمكم الله ، من كانت له إلي حاجة فليلقني هاهنا ) (1).

وهذا – في جانب آخر - لون من ألوان تواضعه وخفض جناحه , حتى أنه صار مثلا لذلك فعن عبد العزيز بن سلام (2) قال : (سمعت إسحاق بن إبراهيم (3) يقول : ما شبهت عدي بن سلمة

ص: 102


1- المستدرك - الحاكم : 2 / 365 ، وصححه
2- روى عنه الحافظ الحسن بن سفيان الخراساني النسوي ، صاحب المسند ذلك , وقال عنه الحاكم : كان الحسن بن سفيان - محدث خراسان ، في عصره - مقدما في الثبت ، والكثرة ، والفهم ، والفقه ، والأدب . وقال أبو حاتم بن حبان : كان الحسن ممن رحل ، وصنف ، وحدث ، على تيقظ مع صحة الديانة ، والصلابة في السنة .(سير اعلام النبلاء – الذهبي : 14 / 158)
3- إسحاق بن رهوايه : الحافظ ولد في سنة 161 ﻫ . قال الحاكم : إسحاق بن راهويه إمام عصره في الحفظ والفتوى ، سكن نيسابور ، ومات بها . وقيل : إن أصله مروزي ، خرج إلى العراق في سنة 84 ، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة .و قال أبو نعيم الحافظ : كان إسحاق قرين أحمد ، وكان للآثار مثيرا ، ولأهل الزيغ مُبيرا . توفي سنة 238 ﻫ .

الجزري إلا بأويس القرني تواضعاً) (1), وورد الحديث أيضا ( .. ما شبهت محمد بن سلمة الجزري (2) ..) (3).

ص: 103


1- لسان الميزان- إبن حجر : 1 / 471, ميزان الإعتدال- الذهبي : 1 / 279
2- محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة . أبو عبد الله - وقيل : أبو عبد الرحمن ، وأبو سعيد- الأنصاري الأوسي . من الصحابة شهد بدرا وكان ممن اعتزل . ولا حضر الجمل ، ولا صفين ; بل اتخذ سيفا من خشب ، وتحول إلى الربذة ، فأقام بها مديدة . روى عنه : المسور بن مخرمة ، وسهل بن أبي حثمة ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الرحمن الأعرج ، وعروة بن الزبير ، وأبو بردة بن أبي موسى ، وابنه محمود بن محمد . عاش ابن مسلمة 77 سنة .
3- الكامل في ضعفاء الرجال : ذكر من اسمه أنيس وأويس

أويس (رضی الله عنه) رجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لم تأخذ يوما لومة لائم هذا العبد الصالح في قول الحق ؛ فكان به صداحا , ولم ينثني عودا دون أن يطلق صرخات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , سواء وهو يخاطب الحاكم أو المحكوم .. وها هي كلماته الثائرة المتفجعة تشكو غربة المؤمنين , وتتحدث عما ينالوه على يد الظالمين , وتشير إلى معونة حكام السوء, فقد قال (رضی الله عنه) : ( إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً ، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا , ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين ) (1) , وقال : ( يا أخا مراد ، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً ! والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء ، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً ، حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم ، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق !!) (2).

وفي موقف آخر يجدد ذلك الثائر صرخته بوجوه الظالمين والفاسقين فيقول : ( إن قيام المؤمن بالحق في الناس لم يدع له صديقاً ، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيشتمون أعراضنا ، ويرموننا بالجرائم والمعايب والعظائم ، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين !! إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله) (3).

لقد عبر هذا الولي الذي هو آية من آيات الله تعالى ، ومعجزة من معجزات رسوله (صلی الله علیه و آله) بكلماته القليلة عن محنته ومعاناته من ظلم الحاكمين وأعوان السلطة بعد رحيل النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) ، ولم يكن ذنبه أنه نافس أحداً في سلطان ، ولا جمع حوله قبيلته قرن وكون منهم قوة سياسية تطالب بحصة من أموال الفتوحات .. بل كان يعيش عيشة الفقراء مع الفقراء ، ويعبد ربه عز

ص: 104


1- الإعتصام - الشاطبي: 1 / 30
2- المستدرك - الحاكم : 3 / 405
3- بحار الأنوار- الشيخ المجلسي : 68 / 367

وجل ، لكن السلطان أبى عليه ابتعاده عنه , أو لعلهم استاؤا من عدم استغفاره لهم ، وأثارهم أن يكون ناطقا باسم الجياع والمحرومين والفقراء.. باثّا الشكوى إلى الله بشأنهم , ملتمسا منه جل وعلا أن لا يؤاخذه بحال أي فقير , وأي جائع , وأي عارٍ, بعد أن وعظ السلاطين مذكرا إياهم بالمعروف ناهيا لهم عن المنكر ، معرضا بأولئك الحاكمين الذين يقضمون مال الله قضمة الإبل نبتة الربيع , بإعلانه من خلال سيرته ودعائه كل يوم , أنهم مسؤولون عن جوع الجائعين وعري العارين .. وكأنه بذلك يقول للناس : إنهم لا يصلحون للحكم باسم رسول الله (صلی الله علیه و آله) ؛ فلم تتركه السلطة ، واتخذته عدواً ! وسلطت عليه الفساق واتهمته بالعظائم والجرائم والمعايب ، على حد تعبيره .

ص: 105

أويس (رضی الله عنه) راهب الليل فارس النهار

من قلائل الرجال من يجمع هاتين الصفتين العظيمتين , ولعلنا لا نبالغ عندما نقول أنهما لم يجتمعا إلا عند حواري أهل البيت (علیهم السلام) , وهكذا هم حواريو أمير المؤمنين (علیه السلام) , ومنهم التابعي الشهيد , يبرق نور الإيمان عنده ؛ ليوقد في ذاته الكريمة قدرة الجمع بينهما .. لنجد هذا العابد الزاهد فارسا مقداما يلبي نداء الله , بعد أن انتصر على شهوات نفسه , حاملا سيفين , و معه مرماة ومخلاة من الحصى ؛ لينطلق إلى الله مدافعا عن الحق والخير, في أول صولة من صولات الجهاد مع الطائفة المنصورة التي معها الحق , مشتاقا إلى لقاء ربه , مرددا ؛ ( اللهم ارزقني شهادة توجب لي الحياة والرزق ) , واثقا وربه الكريم ثقته ورجاؤه , أنه على موعد قريب من ورود دار الخلود .. دار الحياة والرزق الأبدي.

وما دام هو أويس القرني (رضی الله عنه) الذي قال عنه الصادق الأمين (صلی الله علیه و آله) : [ لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ] , فقد وفى له ربه الكريم دعوته بالإجابة , فخرّ إلى الأرض متمتما بصلاة الشهادة , بين يدي خير خلق الله بعد نبيه (صلی الله علیه و آله) .

ص: 106

أويس (رضی الله عنه) يختار : طريق الإمام علي (علیه السلام)

كانت صفوة من أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله) قد عاهدت الله أن تخلص في إسلامها، وتحفظ لرسوله (صلی الله علیه و آله) غيبته في أهل بيته (علیهم السلام) ، تدافِع عن كرامتهم مهما كلفهم الأمر , ولقد قال أحدهم (1) لأبي الحسن (علیه السلام) مرة: ( والله ما جئتك لمالٍ من الدنيا تعطيها ، ولا لالتماس سلطانٍ يرفع به ذكري ، إلاّ لأنّك ابن عمِّ رسول الله ، وأولى الناس بالناس ، وزوج فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وأبو الذرية التي هي بقية رسول الله ، وأعظم سهماً للإسلام من المهاجرين والأنصار ، والله لو كلَّفْتني بنقل الجبال الرواسي ، ونزح البحور الطوامي أبداً , حتى يأتي عَلَيّ يَوْمِي ، وفي يدي سيفي أهزُّ به عدوَّك ، وأُقوِّي به وَلِيَّك ، ويُعَلِّي به الله كَعْبَك ، ويُفْلِح به حُجَّتك ، ما ظننتُ أنّي أَدَّيتُ من حقِّك كلّ الحقّ الذي يجب لك عَلَيَّ ) فما سمع منه عليٌّ (علیه السلام) هذا القول حتى رفع يديه للدعاء وقال: (اللهم نوّر قلبه، واهده إلى الصراط المستقيم، ليت أنّ في شيعتي مائة مثلك).

ص: 107


1- عمرو بن الحمق الخزاعي أسلم قبل الفتح، وهاجر الى المدينة، فكان الصحابي البر الذي حظي بدعوة النبي (صلی الله علیه و آله) بأن يمتعه اللّه بشبابه، فمرت عليه ثمانون سنة ولم ير له شعرة بيضاء على صباحة في وجهه كانت تزيده بهاء. وصحب بعده أمير المؤمنين علياً (علیه السلام) ، فكان الحواري المخلص الذي يقول له بحق: { لَيْتَ فِيْ جُنْدِيْ مِئَةً مِثْلُكَ}. شهد معه الجمل وصفين والنهروان. وقال له (علیه السلام) : { يا عَمْرو إِنَّكّ لَمَقْتُوْلٌ بَعْدِيْ، وَإِنَّ رَأْسَكَ لَمَنْقُوْلٌ، وَهُوَ أَوَّلُ رَأْسٍ يُنْقَلُ فِيْ الإسلام, وَاْلْوَيْلُ لِقَاْتِلِكَ}(سفينة البحار: 2 /360), ووصفه الإمام الحسين (علیه السلام) فقال : (العبد الصالح الذي أبلته العبادة ؛ فأنحلت جسمه، وصفرت لونه) أمر معاوية بطعنه تسع طعنات كما كان فعل بعثمان فطعن ومات بالأولى منهن أو الثانية فحزّوا رأسه، وبعثوا به إلى معاوية، وهو أول رأس طيف به في الإسلام. ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته (آمنة بنت الشريد) وكانت في سجن معاوية , فألقي في حجرها، فوضعت كفها على جبينه، ولثمت فمه، وقالت: غيبتموه عني طويلاً، ثم أهديتموه اليّ قتيلاً، فأهلاً به من هدية غير قالية ولا مقلية. وقبره بظاهر الموصل.. ومما روي عنه : (لقد أتيتُ يوماً إلى رسول الله، وهو في المسجد الحرام. فقال لي: [ يا عَمْروْ هَلْ تُرِيْدُ أَنْ أُرِيكَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ، وَرَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْنّارِ]. فقلتُ: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله أرينيهما. فجلسْنا هُنَيْهة حتى دخل علينا علي بن أبي طالب فَسَلّم وجلس، فالتفتَ إليَّ رسول الله وقال: [يا عَمْروْ هَذَاْ وَقَوْمُهُ آيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ]، ومضتْ هنيهة فدخل علينا معاوية، ثم أقبل فسلّم وجلس، فقال رسولُ الله: [يا عَمْروْ هَذَاْ وَقَوْمُهُ آيَةُ أَهْلِ النَّاْرِ]).

ومن هؤلاء الكرام البررة عرف أويس من أجلاّء حواري الإِمام علي (علیه السلام) , وفي طليعة التابعين , وكان يخفي نفسه , فقد روى عن أمير المؤمنين (علیه السلام) بما يوحي بطول الصحبة , ومن ذلك ما ورد عنه بقوله: ( كنا عند أمير المؤمنين (علیه السلام) إذ أقبلت امرأة متشبثة برجل ، وهي تقول: يا أمير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار، فقال (علیه السلام) للرجل : ما تقول المرأة؟ فقال: ما لها عندي إلاّ خمسون درهماً مهرها، فقالت: يا أمير المؤمنين اعرض عليه اليمين، فقال (علیه السلام) : تقول باركا وتشخص ببصرك إلى السماء: اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها وطلب نشوها وأنكر ما ذكرته من مهرها ، فلا استعنت بك من مصيبة ، ولا سألتك فرج كربة ، ولا احتجت إليك في حاجة ، وان كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها ، فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك ، فقال: والله يا أمير المؤمنين لا حلفت بهذا اليمين أبداً، وقد رأيت أعرابياً حلف بها بين يدي رسول الله (صلی الله علیه و آله) فسلّط الله عليه ناراً فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه ، وأنا أوفيها ما ادعته عليّ ) (1).

روي أن أويس (رضی الله عنه) دخل المدينة والنبي محمد (صلی الله علیه و آله) على المغتسل , فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : ما الذي جاء بك يا أويس ؟ .. في هذه الساعة تقتلك قريش , أذهب وأتني بعد خمسة وعشرين سنة , فقال أويس: مد يدك أبايعك , فبايعه ، ثم اختفى عن الناس , حتى أخبر عنه عمر بن الخطّاب ، بالرواية عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) , وكشف منزلته الرفيعة بالأحاديث الجلية ،

ص: 108


1- مسند الإمام علي (علیه السلام) – القبنجي : 543 , عن مستدرك الوسائل – النوري:16/73 ح19190. ورواه في الخرائج والجرائح- الراوندي: 1 / 200، والثاقب في المناقب - إبن حمزة: 266، ومدينة المعاجز- البحراني:2 / 299

وعندما ذاع صيته في الكوفة واشتهر بها , من بعد تقصي عمر له وانتشار أحاديث النبي (صلی الله علیه و آله) فيه ، تركها إلى جهة مجهولة واختفى عن أعين الناس .

ثم جاء بعد مضي الوقت الذي ضربه له (علیه السلام) , فعن ابن عباس ( أن أمير المؤمنين (علیه السلام) جلس بذي قار لأخذ البيعة , فقال : يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل , لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً , يبايعونني على الموت , قال ابن عباس : فجزعت لذلك أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه ، فيفسد الأمر علينا ، ولم أزل مهموماً دأبي إحصاء القوم ، حتى ورد أوايلهم , فجعلت أحصيهم , فاستوفيت عددهم تسعمائة وتسعة وتسعون رجلاً ، ثم انقطع مجئ القوم , فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ! ماذا حمله على ما قال ؟ .. فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل ، حتى إذا دنا وإذا هو رجل عليه قباء صوف معه سيفه وترسه وأدواته ، فقرب من أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال له : أمدد يدك أبايعك ، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : على م تبايعني ؟ قال : على السمع والطاعة ، والقتال بين يديك حتى أموت ، أو يفتح الله عليك , فقال له : ما اسمك ؟ قال : أويس , قال : أنت أويس القرني ؟ , قال : نعم , قال : الله أكبر ، أخبرني حبيبي رسول الله (صلی الله علیه و آله) أني أدرك رجلاً من أمته يقال له : أويس القرني ، يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر, قال ابن عباس : فسرى والله عني) (1) , فكان التابعي الشهيد تمام عدد الألف نفر القادمين من جهة الكوفة مبايعين لأمير المؤمنين (علیه السلام) على القتال معه في حربه ضد الناكثين (2) ..

ص: 109


1- الإرشاد- الشيخ المفيد : 1 / 315, ورواه في الخرائج والجرائح- الراوندي : 1 / 200 ، وإعلام الورى - الشيخ الطبرسي : 170 ، والثاقب في المناقب –إبن حمزة : 266 ، وبحار الأنوار- الشيخ المجلسي : 37 / 299
2- في حديث لأم سلمة (رضی الله عنها) عن النبي (صلی الله علیه و آله) : [ يَاْ أُمَّ سَلَمَةَ إْسْمَعِيْ وَاْشْهَدِيْ هَذَاْ عَلِيُّ بِنْ أَبِيْ طَاْلِبٍ سَيِّدُ الْمُسْلِمِيْنَ، وَإِمَاْمُ الْمُتَّقِيْنَ، وَقَاْئِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، وَقَاْتِلُ الْنَاْكِثِيْنَ وَاْلْمَاْرِقِيْنَ وَاْلْقَاْسِطِيْنَ] , قلت: يا رسول الله من الناكثون؟ قال: [ألَّذِيْنَ يُبَايِعُوْنَهُ بِاْلْمَدِيْنَةِ وَيَنْكِثُوْنَهُ بِاْلْبَصْرَةِ].

بمعركة الجمل (1), التي أخبر بها رسول الله (صلی الله علیه و آله) أصحابه بأحاديث عديدة منها ما روي عن أبي سعيد الخدري (2) بقوله : ( أمرنا (صلی الله علیه و آله) ، بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من ؟ قال : مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمار بن ياسر ) (3) , ومجيء أويس (رضی الله عنه) في موعد دقيق لقتال الناكثين يدل دلالة واضحة على علمه الرصين , بما تحدث به رسول الله (صلی الله علیه و آله) بحق وصيه أمير المؤمنين (علیه السلام) , كما يوحي حضوره , بقدرات خاصة لديه على معرفة مكان الحدث وزمنه , بحيث أن عدد المقاتلين قد تم به , ولعل ذلك من كرامات الله جل وعلا لهذا العبد الصالح.

ص: 110


1- سُميت المعركة بحرب الجمل؛ لأن عائشة كانت راكبة فيها جملا . ووقعت سنة 36 ﻫ , فبعد مقتل عثمان ومبايعة المسلمين للإمام علي (علیه السلام) ، جعل الأمور تتخذ مجرى آخر، حيث إن عدالة الإمام علي (علیه السلام) وتمسكه بالإسلام لم ترق لأُولئك الذين اكتنزوا الكنوز وامتلكوا الضياع وبنوا القصور من أموال المسلمين. فقاموا متحدين لمقاومة عدالة الإسلام التي لن تكتفي بحرمانهم مما ألِفوه من النهب، بل ستأخذ منهم حتى تلك الأموال التي نالوها بطريقة غير مشروعة، وتجعل أُولئك الذين تمنوا الموت لعثمان وحرضوا الناس ضده حتى أودوا بحياته، متحدين يطالبون بدمه. واتفق طلحة والزبير ومعهما عائشة زوجة النبي (صلی الله علیه و آله) ، وخرجوا إلى البصرة لجمع الأنصار وإثارة الفتنة، وقد بذل الإمام علي (علیه السلام) جهدا كبيرا لتحاشي هذه الفتنة، فلم يأل جهدا في بذل النصح لهم، وتحميلهم مغبة ما سيكون إذا نشبت الحرب. فأبوا إلا الحرب , فزحف الإمام علي (علیه السلام) بالناس لقتال القوم، وعلى ميمنته مالك الأشتر وسعيد بن قيس ، وعلى ميسرته عمار بن ياسر وشريح بن هانئ، وعلى القلب محمد بن أبي بكر وعدي بن حاتم، وأعطى رايته محمد بن الحنفية، ثم أوقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر يدعوهم ويناشدهم، ووقع القتال بعد الظهر وانقضى عند المساء. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها بانتصارٍ ساحق على أهل الجمل، أعلن الإمام (علیه السلام) العفو العام عن جميع المشتركين بها، وقام بإعادة عائشة إلى المدينة المنورة معززة مكرمة، على الرغم من موقفها المعاند لولي أمرها.
2- مفتي المدينة سعد بن مالك بن سنان حدث عن النبي (صلی الله علیه و آله) فأكثر, وحدث عنه : ابن عمر ، وجابر ، وأنس ، وجماعة من أقرانه, وغيرهم وقد روى بقي بن مخلد في مسنده الكبير لأبي سعيد الخدري بالمكرر ألف حديث ومائة وسبعين حديثا . قال الواقدي وجماعة : مات سنة 74 ﻫ .
3- أسد الغابة- إبن الأثير: 4 / 114, وأمثال هذا الحديث في : المستدرك للحاكم 3 / 139, تأريخ بغداد للخطيب 8 / 340 , كنز العمال للمتقي الهندي 6 / 392 , الرياض النضرة لمحب الدين الطبري 2 / 320 , مجمع الزوائد للهيثمي 9 / 235 , وغيرها

وجاءت معركة صفين (1) لتضعه في قلب المعادلة منها , فمثلما كان أويس (رضی الله عنه) ختام المسك بتمام الألف في معركة الجمل , كان ختام المسك بتمام المئة في معركة صفين , التي قاتل فيها أمير المؤمنين (علیه السلام) القاسطين (2) كما أخبر بذلك نبي الإسلام العظيم (صلی الله علیه و آله) , بأحاديثه التي مر علينا أحدها .

فقد توّج رجل التهجد والعبادة والمجاهدات الذاتية ، لوحة عطاءه الثر للإسلام العظيم بموقفٍ جهاد حاسم وقد بان له الحق جليا , وكان على بصيرة من أمره .. فما أن اندلعت موقعة صفّين، حتّى أسرع أويس إلى نصرة علي (علیه السلام) وأتباعه، مثلما في معركة جهاد الناكثين في الجمل، وبكل ما آتاه الله من قوة , جاء مستكملا كل ما لديه من عدة , في صورة اندفاع شديد وإصرار عنيد على بذل الغالي دون وصي النبي (صلی الله علیه و آله) ؛ ليقاتل القاسطين , وقد كانت إطلالته هذه المرة

ص: 111


1- بدأت معركة صفّين في الأول من صفر 37ﻫ، وصفّين منطقة بين الشام والعراق. جهز معاوية جيشا عدده (130) ألف مقاتل من الشاميين، وجهز الإمام علي (علیه السلام) جيشاً عدده (135) ألف مقاتل من الكوفيين، منهم (100) مقاتل ممن قاتل مع رسول الله (صلی الله علیه و آله) في معركة بدر الكبرى، كعمار بن ياسر، وحزيمة بن ثابت، وسعد بن قيس، وعبد الله بن عباس وغيرهم.ومن لياليها ليلة الهرير التي اشتدّ فيها القتال بين الجيشين، بحيث قتل الإمام علي (علیه السلام) في يومه وليلته خمسمئة وثلاثة وعشرون رجلاً، وكان (علیه السلام) إذا قتل رجلا كبّر. وكان لمالك الأشتر فيها نصيب كبير..كان الأشتر يضرب ضرباته بكل قوة حتى اخترق صفوف أهل الشام، وأجرى حولهم عمليات الالتفاف والتطويق، فانكشفت غالب صفوفهم، وكادوا ينهزمون، حتى وصل إلى قرب خيمة معاوية بن أبي سفيان، فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح. وفعلا جاء زهاء عشرين ألف مقاتل من جيش الإمام (علیه السلام) حاملين سيوفهم على عواتقهم، وقد اسودت جباههم من السجود، يتقدمهم عصابة من القرّاء الذين صاروا خوارج فيما بعد، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: يا علي، اجب القوم إلى كتاب الله إذا دُعيت، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان، فو الله لنفعلنّها إن لم تجبهم. قُتل من الطرفين خلال المعركة (70) ألف رجلاً، فمن أصحاب معاوية من أهل الشام (45) ألف رجلاً، ومن أصحاب الإمام علي (علیه السلام) من أهل العراق (25) ألف شهيداً.
2- القاسطون : الجائرون من القسط بالفتح ، والقسوط : الجور ، والعدول عن الجور ، والقسط بالكسر : العدل .

بصورة رائعة المعالم في إيحاءها بمدى الإستعداد , وبما كان يخبئوه هذا الأمين على دينه الصفي في سريرته , يرويها أحد أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) المقربين , فعن الأصبغ بن نباتة ، قال : ( كنا مع عليّ بصفين، فبايعه تسعة وتسعون رجلا , ثم قال : أين تمام المئة ؟ لقد عهِد إليّ رسولُ الله ، أن يبايعني في هذا اليوم مئةُ رجل .. إذ جاء رجل عليه قِباء (1) صوف ، متقلدا بسيفين ، فقال : أُبسط يدَك أبايعْك , فقال الامام عليٌّ : علامَ تُبايعني ؟ فقال : على بذلِ مهجتي دونك ! فبايعه) (2) .

وكرّ أويس القرني (رضی الله عنه) على أعداء الله وأعداء رسوله (صلی الله علیه و آله) ، يضرب فيهم بالسّيفين .. وقد تحوّل ذلك الزَّاهد، البسيط في حياته، إلى أسد هصور يحامي عن عرينه !..

وتبرق في الذهن هاهنا إيماضتان حول موقف التابعي الشهيد (رضی الله عنه) , من القول الحسن أن نتطرق إليهما , الأولى : أنه قد أكمل العدد كما هو في علم سيد الوصيين (علیه السلام) , وكما أخبر , وهو موقف تكرر في واقعة الجمل , ولا نظنه لا يحمل سرا أو معنى رمزيا , فكأن المعركتين لا بد أن تختتم تنظيم قوات الإمام (علیه السلام) فيهما بحضور هذا الرجل المكرم , مصداقا لعهد معهود , تلقاه الوصي (علیه السلام) من سيد الأنبياء والمرسلين (صلی الله علیه و آله) , وهو من دون ريب إيحاء منزلة , وإيحاء رتبة , وإيحاء جلالة لرجل الحدث.

والثانية : إختلاف صيغة البيعة لأمير المؤمنين (علیه السلام) التي بايع بها أويس (رضی الله عنه) في معركتي الجمل وصفين , وكأن هذا العبد الصالح ينظر بكل اطمئنان إلى سدف الغيب , ويستشرف

ص: 112


1- ثوبٌ يُلبَسُ فوق الثياب أَو القميص ويُتمنْطَقُ عليه(المعجم الوسيط)
2- أبو نعيم أيضاً بذلك في صفحة 222 ورواه الحاكم في المستدرك : 3 / 402 وإبن الأثيرفي أسد الغابة : 5 / 380 وروته مصادرنا بنحوه في (إختيار معرفة الرجال- الشيخ الطوسي : 3141 ، شرح الأخبار -التميمي: 2 / 3 ، معجم رجال الحديث- السيد الخوئي : 4 / 154 ، وجامع الرواة- العلامة الأردبيلي : 1 / 110 ، و خصائص الأئمة- الشريف الرضي :53)

المستقبل , بما أودعه الله جل وعلا في نفسه الطاهرة المطمئنة من ملكات سماوية , وبما أفاض به عليه باب علم مدينة رسول الله (صلی الله علیه و آله) .

ففي معركة الجمل – كما مر - قال له أمير المؤمنين (علیه السلام) : على م تبايعني ؟ قال : على السمع والطاعة ، والقتال بين يديك حتى أموت ، أو يفتح الله عليك.. فكان الفتح والنصر المؤزر في المعركة.

أما في معركة صفين , وقد كرر الأمير (علیه السلام) سؤاله لأويس (رضی الله عنه) : على م تبايعني؟ .. فإن الرجل النوراني لم يبايع بمثل صيغة بيعة الجمل , التي تحتمل خياري الشهادة أو النصر(القتال بين يديك حتى أموت ، أو يفتح الله عليك..) , بل قال : (على بذلِ مهجتي دونك) , فهي الشهادة لوحدها , التي كان واثقا من نيلها , وكأنه (رضی الله عنه) رأى مقعده في الجنة ؛ فقال : ( ليتمن وجوه ثم لا تنصرف حتى ترى الجنة ) , وصدق فيما عاهد الله عليه , وبذل مهجته دون أمير المؤمنين (علیه السلام) , وخرّ إلى الأرض يتمتم بصلاة الشهادة.

ونلاحظ هنا أن الله تعالى أعطى هذه الكرامة العظيمة لراعي إبل من جبال اليمن ، فجعله بسبب طاعته وإخلاصه له ، موعودا مبشرا به ، على لسان أشرف الانبياء والمرسلين (صلی الله علیه و آله) وجعل المسلمين يتبركون به ويطمعون منه بكلمة ( غفر الله لك) , فيبخل بها على أكثرهم ! وينطق بها لمن أدركته الرحمة منهم , ثم جعله يوم القيامة شفيعا لمئات الألوف أو لملايين المذنبين ، يدخلون ببركته جنة النعيم وقوله (صلی الله علیه و آله) : ( يشفع في مثل ربيعة ومضر .. أكثر من مضر وتميم .. أكثر من ربيعة وبني تميم ) , إنما هو إشارة إلى الكثرة وتفهيمها للناس بجمهور قبائل كانت تمثل الكثرة في ذلك المجتمع .. ولذلك قد يبلغ عدد من يشفع لهم أويس (رضی الله عنه) الملايين.

إن هذا الإنسان الكريم على ربه ، صاحب المقام المحمود عنده ، الذي لا ينطق بكلمة ( غفر الله لك ) في غير محلها .. نراه يقول لعلي (علیه السلام) : مد يدك أبايعك على بذل مهجة نفسي دونك , فما

ص: 113

هو مقام علي (علیه السلام) ؟ الذي يتقرب كبار الأولياء الى الله بالموت دونه ، ودون نصرة حقه وقضيته ؟ وهل يستطيع مسلم بعد هذا أن يشكك في مقام الشفاعة العظيمة لعلي (علیه السلام) وبقية أهل البيت (علیهم السلام) , وهو يرى أن أويساً (رضی الله عنه) صاحب الشفاعة العظيمة ، مقاتل بين يد قائد الغر المحجلين (علیه السلام) , يرجوه قبول بيعته , بل يرجوه أن يتم له الله الرضوان الأكبر بالشهادة بين يديه.

ص: 114

قصته مع الخليفة عمر بن الخطاب

عنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ : ( كَانَ عمر بن الخطابِ (رضی الله عنه) إِذَا أَتى عليهِ أَمداد أهل اليمن سألهم : أَفِيكم أُوَيْسُ بن عامر ؟ حتى أَتى على أُويسٍ فقالَ : أَنت أُوَيس بن عامر ؟ قال : نعم , قال : من مراد ، ثُمَ من قرن؟ قال : نعم , قال : فَكان بك برص فبرأْت منه إِلَا موضِعَ دِرهم ؟ قال : نعم . قال لك والِدة ؟ قال : نعم . قال سمِعت رسول اللَّهِ (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : [ يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ], فَاستغفر لي . فَاستغفَر له .. فقال له عمر : أَين ترِيد ؟ قال : الكوفَةَ , قال : أَلا أَكتب لك إِلى عاملها ؟ قال : أَكون فِي غبراء النّاس أَحبّ إِلي , قال : فَلما كان من العام المقبل حج رجل من أَشرافهم ، فوافق عمر، فَسأله عن أُويسٍ قال : تركته رثَّ البيت قليل المتاع ,

قال : سمعت رسول اللَّه (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : [ يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ] , فأَتى أُويسا فقال : استغفر لي .. قال : أَنت أَحدث عهدا بسفر صالح فَاستغفر لِي . . قال : لقيت عمر ؟ قال : نعم , فَاستغفر له ، فَفَطن له الناس ، فَانطَلق على وجهه .. قَال أُسير : وكسوته بردة ، فَكان كلّما رآه إِنسان قال : من أَين لِأُويسٍ هذه البردة!؟ ) (1).

وعن إبن عبّاس قال : ( حتى إذا كان زمن عمر بن الخطاب ، قدم عليه وفد من أهل الكوفة , فقال لهم عمر: هل تعرفون رجلا من اليمن يقال له : أُويس القرني؟ فقال رجل: نعم عندنا رجل من قرن يقال له: أُويس، غير أنّه خامل الذكر نسخر منه ، وأهل الكوفة يهزؤون به ، فقال

ص: 115


1- شرح صحيح مسلم - النووي: الحديث 2542

عمر: ويحك، إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) أخبرنا أنّه [ يَقْدِمُ إِلىْ الْكُوْفَةِ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ، لَيْسَ لَهُ بِهَاْ إِلاّ أُمٌّ ، وَقَدْ كَاْنَ بِهِ بَيَاْضٌ مِنْ بَرَصٍ ، فَدَعَاْ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ ، فَأَذْهَبَهُ إِلاّ مِثْلُ مِقْدَاْرِ الْدِيْنَاْرِ أَوْ الْدِرْهَمِ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَأَبَرّ قَسَمَهُ، يَدْخُلُ( الْجَنَّةَ ) فِيْ شَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عدد ربيعة ومضر]) (1).

( فسكت الكوفيون وأخفوا ذلك في أنفسهم حتى رجعوا إلى الكوفة ، ثم نظروا إلى أُويس القرني بغير العين التي كانوا ينظرون إليه بها ، وصاروا يذهبون إليه ويسألونه أن يستغفر الله لهم ، فقال أُويس: يا أهل الكوفة! إنكم كنتم فيما مضى تسخرون مني وتهزؤون بي , فما الذي بدا لكم حتّى أنّكم تسألوني الاستغفار لكم؟ فقالوا: إنّ عمر بن الخطّاب أخبرنا عنك بكذا وكذا، فاستغفر أُويس لبعضهم ، ثم غاب عنهم فلم ير بالكوفة بعد ذلك , وجعل عمر بن الخطّاب يسأل عنه مدة عشر سنين فلم يسمع له خبراً ، ولم يزل كذلك حتى كان آخر حجّة لعمر، فسأل عنه فعلم أنّه يرعى إبلا لقومه في عرفات ، فقصده بمعية الإِمام علي (علیه السلام) حتّى وجدوه وجرى حديث طويل بينهما ، إلى أن قال له عمر: أحببت أن آتيك بكسوة وشيء من نفقة، فإنّي أراك رث الحال، فقال أُويس: سبحان الله! ألا ترى عليَّ طمرين جديدين جبّة وكساء ونعلاي قد خصفتهما ، ومعي أربع دراهم قد أخذتها من أجرتي ، ولي عند القوم حساب؟ فمتى آكل هذا؟ قال: ثمّ سلّم عليهما ، ومضى يسوق الإِبل بين يديه , وهما ينظران إليه حتّى غاب عنهما فلم يرياه ) (2).

وفي رواية اخرى قال عمر: ( يا أُويس أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) أودعني إليك رسالة وهو يقرأ عليك السلام ، وقد أخبرني أنك تشفع لمثل ربيعة ومضر، فخرَّ أُويس إلى الأرض ساجدا ، ومكث

ص: 116


1- الفتوح - إبن الأعثم :2 /544
2- المصدر نفسه :2 /544

طويلا ما ترقى له دمعة حتى ظنوا أنه مات .. ثم رفع رأسه فأخذ الناس في طلبه والتمسح به , فقال: يا أمير المؤمنين شهرتني وأهلكتني ، وكان كثيرا ما يقول : ما لقيته من عمر) (1).

ووردت الرواية بطريق آخر عن أبي الفضل ، أحمد بن هبة الله (2) بالإسناد الطويل إلى صعصعة بن معاوية قال) : كان أويس بن عامر رجلا من قرن ، وكان من أهل الكوفة ، وكان من التابعين ، فخرج به وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه ، فأذهبه الله ، قال : دع في جسدي منه ما أذكر به نعمك علي , فترك له ما يذكر به نعمه عليه .. وكان رجل يلزم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان ، يولع به ، فإن رآه مع قوم أغنياء ، قال : ما هو إلا يستأكلهم ، وإن رآه مع قوم فقراء ، قال : ما هو إلا يخدعهم ، وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيرا ، غير أنه إذا مر به ، استتر منه مخافة أن يأثم في سببه ، وكان عمر يسأل الوفود إذا هم قدموا عليه من الكوفة : هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا . فقدم وفد من أهل الكوفة ، فيهم ابن عمه ذاك ، فقال : هل تعرفون أويسا ؟ قال ابن عمه : يا أمير المؤمنين ، هو ابن عمي ، وهو رجل نذل فاسد لم يبلغ ما أن تعرفه أنت .. قال : ويلك هلكت ، ويلك هلكت ، إذا قدمت فأقرئه مني السلام ومره فليفد إلي ، فقدم الكوفة ، فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد ، فرأى أويسا فلم به فقال : استغفر لي يا ابن عمي . قال : غفر الله لك يا ابن عم .. قال

ص: 117


1- رجال الكشي , و روضة الواعظين :248
2- أبو الفضل , أحمد بن علي بن عمرو, سبط أحمد بن سليمان , السليماني البيكندي البخاري . ولد سنة 311 ﻫ . قال أبو سعد السمعاني في الأنساب: السليماني منسوب إلى جدِّه لأمه : أحمد بن سليمان البيكندي , له التصانيف الكبار , رحل إلى الآفاق , ولم يكن له نظير في زمانه إسنادا وحفظا ودراية وإتقانا , وكان يصنف في كل جمعة شيئا , ويدخل من بيكند إلى بخارى , ويحدث بما صنف . قال أبو سعد: توفي سنة 404 ﻫ .

: وأنت فغفر الله لك يا أويس ، أمير المؤمنين يقرئك السلام قال: ومن ذكرني لأمير المؤمنين؟ قال : هو ذكرك وأمرني أن أبلغك أن تفد إليه ) (1).

وجاءت الرواية عن سعيد بن المسيب قال : ( نادى عمر بن الخطاب وهو على المنبر بمنى : يا أهل قرن ! فقام مشايخ فقالوا : نحن يا أمير المؤمنين ! قال : أفي قرن من اسمه أويس ؟ فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ليس فينا من اسمه أويس إلا مجنون يسكن القفار والرمال ولا يألف ولا يؤلف ! فقال : ذاك الذي أعنيه ، إذا عدتم الى قرن فاطلبوه وبلغوه سلامي وقولوا له : إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بشرني بك ، وأمرني أن أقرأ عليك سلامه , فعادوا إلى قرن فطلبوه فوجدوه في الرمال ، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فقال : أعرفني أمير المؤمنين وشهر باسمي ؟! السلام على رسول الله ، اللهم صلِّ عليه وعلى آله ، وهام على وجهه فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهراً ، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه ، فاستشهد في صفين) (2).

وقيل : ( أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر , فوفد رجل ممن كان يسخرونه , فقال عمر : هل ها هنا أحد من القرنيين ؟ قال : فجاء ذلك الرجل , فقال : إن رسول الله قد قال : [ إِنَّ رجُلاً يَأْتِيْكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ , لَاْ يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ , وَقَدْ كَاْنَ بِهِ بَيَاْضٌ فَدَعَاْ اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَاْ مِثْلَ مَوْضِعِ الْدِرْهَمِ , فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ] , قال : فقد قدم عليها , قال : قلت : ما اسمك ؟ قال : أويس , قال : فمن تركت باليمن , قال : أمّا لي , قال : أكان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟ قال : نعم , قال : استغفر لي , قال : أو يستغفر مثلي لمثلك يا

ص: 118


1- الطبقات الكبرى - إبن سعد : 6 / 113
2- كنز العمال – المتقي الهندي: 14 / 10 , سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 32

أمير المؤمنين ؟! قال : فاستغفر له , قال : قلت له : أنت أخي لا تفارقني , قال : فأملس (1) مني , فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة .. ) (2).

وهناك خبر يشير إلى اللقاء في بيت المقدس , فورد : ( صح أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، أنه أمر عمر أن يسأله أن يستغفر له، فقيل ،اجتمع به عمر ببيت المقدس ) (3).

والمتتبع لهذه الروايات , يلاحظ وقوعها في تناقض المكان والزمان والحدث , فتارة تذكر الكوفة مكانا لأويس قصدوه فيه لنقل سلام ودعوة الخليفة , وتارة اليمن , والتي تذكر اليمن تدل على أنه بقي فيها ، ولم ير عمر أصلاً , وبعضها يذكر اللقاء بقدوم الخليفة إليه شخصيا في آخر سنة من حكمه (4) , بينما تقول رواية أخرى إنه قدم من اليمن على عمر في المدينة (5) ، ولكنه لم يستغفر له وهرب منه (6) ، وأخرى لا تتحدث عن حدوث اللقاء , ولا الإستغفار (7).

ومثلما المكان , وقعت الروايات في تناقض الزمان , فبعضها يقول : إنه كان يبحث عنه في موسم الحج (8) , وبعضها يقول: إنه وفد عليه من اليمن (9), وبعضها ينص على أنه كان في آخر سنة من خلافته يبحث عنه ! (10).

ص: 119


1- أملس : أفلت
2- الطبقات الكبرى – إبن سعد : 6 / 161
3- بيت المقدس في الكتاب والسنة – محمد عبد الله : 129
4- سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 27, وقال الذهبي : وهذا سياق منكر لعله موضوع
5- المصدر السابق نفسه: 4 / 24
6- سير أعلام النبلاء- الذهبي: 4 / 24 ,دلائل النبوة-البيهقي : 6 / 376,ونحوه في مسند أحمد : 1 / 38
7- كنز العمال – المتقي الهندي: 14 / 10
8- المصدر السابق نفسه : 14 / 7
9- أسد الغابة – إبن الأثير: 1 / 151,ونحوه في كنز العمال- المتقي الهندي: 14 / 5, تأريخ الإسلام- الذهبي : 3 / 556
10- سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 27 ، عن أبي هريرة

ويؤيد ذلك أيضاً : تناقضات أسير بن جابر راوي لقاء أويس بعمر , ف-(إن أسيراً لم يعرف أويساً إلا في الكوفة في خلافة علي (علیه السلام) ، وأن أويساً لم يلبث بعد معرفته به إلا قليلاً حتى ذهب الى صفين) (1) , ورواياته الاخرى تقول إنه عرفه من عهد عمر ، أي قبل بضع عشرة سنة من خلافة علي (علیه السلام) , مضافا إلى تناقض الأحداث والمضامين التي رواها أسير ، والصورة الساذجة التي أعطاها لهذا الولي الواعي ، والدور الذي أعطاه لنفسه في حياة أويس (رضی الله عنه) ، كأنه ولي نعمته , والمتأمل في روايات أسير يلاحظ أن همه أن يبرز دوره ودور عمر في حياة أويس, ( وأسير بن جابر من المخضرمين ، ولد في حياة رسول الله (صلی الله علیه و آله) . وهو من كبار أصحاب عمر (رض) ) (2), وقد جرح صعصعة بن معاوية في أسير هذا ، وصعصعة هو عم الأحنف بن قيس وقد وثقه النسائي وابن حبان ، وشهد صعصعة بأن أسيراً كان من شرطة دار الإمارة بالكوفة وكان عمله إيذاء أويس).. فهو كان ( يغشى السلطان ويؤذي أويساً ) , وقد اعترف أسير بذلك ولكنه ادعى أنه تاب ، وأن أويساً استغفر له وإقراره على نفسه حجة .

أما رواية صعصعة بن معاوية عن لقائه بعمر (3)، التي رواها ، فهي مقطوعة ، لان صعصعة لم يدرك عمر ، ولم يذكر ممن سمعها ، وقد ذكروا أن صعصعة أدرك أبا ذر (رضی الله عنه) ورآه ، وأنه كان حياً في زمن الحجاج ، ولا يعلم متى قال هذا الكلام ، ولعله بعد زمن علي (علیه السلام) .

ووقعت الروايات – بموضوع طلب الإستغفار – في تناقض الحدث بالأصل , فتعارضت في تعيين المخاطبين في البشارة بأويس (رضی الله عنه) .. فبعضها يقول : إن المخاطب بذلك هم المسلمون ، بدون تحديد شخص أو أشخاص , وروايات أسير بن جابر تقول : إن النبي (صلی الله علیه و آله) خاطب بذلك

ص: 120


1- المستدرك - الحاكم: 2 / 365
2- المصدر السابق نفسه : 2 / 365
3- كنز العمال- المتقي الهندي : 12 / 10 ، ورواه أبو يعلي في مسنده : 1 / 187 ح 212

عمر بن الخطاب , وبعض الروايات تقول : إن المخاطب هما عمر وعلي (علیه السلام) , و( يا عمر ويا علي إذا رأيتماه ، فاطلبا إليه يستغفر لكما ، يغفر الله لكما فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه) (1) إن رواية أخرى ابتدع صاحبها اسم أبي بكر ليكون شريك عمر في مخاطبة النبي (صلی الله علیه و آله) (2) , فقد روي عن ابن عمر قال : ( بينما الرسول بفناء الكعبة , إذ نزل عليه جبريل في صورة لم ينزل عليه مثلها قط , فقال : السلام عليك يا محمد , فقال النبي : [وَعَلَيْكَ الْسَلَاْمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاْتُهُ ], فقال : يا محمد إنه سيخرج من أمتك رجل يشفع فيشفعه الله في عدد ربيعة ومضر , فإن أدركته فسله الشفاعة لأمتك , فقال : [ أَيْ حَبِيْبِيْ جَبْرِيْلُ مَا إْسْمُهُ ؟ وَ ما صِفَتُهُ ؟ فَقَالَ : أَمَّا إِسْمُهُ فَأُوَيْسٌ , وَأَمَّا صِفَتُهُ وَقَبِيْلَتُه فَمِنَ الْيَمَنِ , مِنْ مُرَاْدَ , وَهْوَ رَجُلٌ أَصْهَبٌ , مَقْرُوْنُ الْحَاْجِبَيْنِ , أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ , بِكَفِّهِ الْيُسْرَىْ وَضَحٌ أَبْيَضُ ] , قال : فلم يزل النبي يطلبه فلم يقدر عليه , فلما احتضر النبي أوصى أبا بكر وأخبره بما قال له جبريل في أويس القرني, فإن أنت أدركته فسله الشفاعة لك ولأمتي , فلم يزل أبو بكر يطلبه فلم يقدر عليه , فلما احتضر أبو بكر , أوصى به عمر بن الخطاب , واخبره بما قال له رسول الله , وقال : يا عمر إن أدركته فسله الشفاعة لي ولك ولأمة محمد , فلم يزل عمر يطلبه حتى كان آخر حجة حجها عمر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ) (3).

فوصل الأمر بهؤلاء إلى درجة من الحضيض حاولوا فيها أن يقللوا من شأن النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) , ف-(جبريل) (علیه السلام) يوصيه باللجوء إلى شخص آخر لطلب الشفاعة للأمة(.. فسله الشفاعة لأمَّتك..) , وكأنَّ النبي (صلی الله علیه و آله) وهو سيد الخلق أجمعين لا يملك أن يشفع هو بنفسه لأمته , وهي

ص: 121


1- لام النبلاء- الذهبي: 4 / 24
2- بدء الإسلام- إبن سلّام الأباضي: 79
3- مختصر تأريخ مدينة دمشق – إبن منظور : 5 / 87 , اليمن في صدر الإسلام – عبد الرحمن عبد الواحد الشجاع : 112

رواية مفضوحة في محاولة تبرير طلب النبي (صلی الله علیه و آله) للبعض أن يطلبوا من أويس (رضی الله عنه) كي يستغفر لهم.

فهذا الاضطراب في تسمية الذين خاطبهم النبي (صلی الله علیه و آله) في أمر أويس (رضی الله عنه) ، يقوي ما ورد في مصادرنا من أن النبي (صلی الله علیه و آله) خاطب المسلمين عامة ، وخاطب علياً (علیه السلام) خاصة ، بأن أويساً (رضی الله عنه) سيبايعه ويقتل معه ، فجعل الرواة هذه الفضيلة للخلفاء قبله ، كما هو دأبهم في مصادرة فضائل علي (علیه السلام) وجعل الآخرين يتقمصوها .

وبنظرة متفحصة للتأريخ , ولكل الروايات التي تناولت شخصية الصحابي الجليل لا نجد أي حديث , أو مجرد إشارة إلى أن أويساً (رضی الله عنه) قد بايع أحدا ، ولا تشير إلى أنه شارك في حروب الفتح تحت إمرة أحد ، بل لم تذكر عنه شيئا لفترة امتدت ربع قرن ، حتى ظهر مع علي (علیه السلام) , وشارك في حروبه , وهو مصداق حديث أمير المؤمنين (علیه السلام) عن أويس (رضی الله عنه) بقوله : ( الله أكبر أخبرني حبيبي رسول الله (صلی الله علیه و آله) أني أدرك رجلاً من أمته يقال له : أويس القرني , يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ) (1).

ص: 122


1- الإرشاد – الشيخ المفيد :1/316, ونحوه في الخرائج والجرائح- الراوندي : 1 / 200 ، إعلام الورى- الشيخ الطبرسي : 170 ، الثاقب في المناقب – إبن حمزة: 266 ، بحار الأنوار- الشيخ المجلسي : 37 / 299 و38 / 147 .

قصته مع هرم بن حيّان العبدي

تناقلت عدة روايات قصة لقاء التابعي الرشيد أويس القرني , بأحد الزهاد الثمانية , وهو هرم بن حيان , وسردت أحاديث طويلة عن قصة اللقاء تلك , أو عن أكثر من لقاء , تجشم فيها هرم العناء ؛ ليحاول لقاء خير التابعين , فبالإسناد إلى أبي الضحاك الجرمي (1) ، عن هرم بن حيان العبدي (2) قال: ( كنت أسأل عن أُويس القرني مدة من عمري ، فلم يعطني أحد خبره، حتى دخلت إلى الكوفة فسألت عنه ، فقيل لي : إن أكثر مأواه على شاطئ الفرات ، فإذا أنا به يغسل ثوبه ، قال: فعرفته بالصفة والنعت الذي نُعت لي ، فدنوت منه وسلمت عليه ، فرد علي السلام ، قال: وخنقتني العبرة لما رأيت من سوء حاله ، فقلت: حياك الله يا أُويس! فقال: وأنت حياك الله يا هرم بن حيّان! ولكن مَن دلّك على موضعي هذا؟ قال: , فقلت (3): دلّني عليك مَن عرّفني اسمك ، فقال أُويس: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾ (4).. قال هرم: فقلت له : رحمك الله! من أين عرفت اسمي واسم أبي ولم أرك ولم تَرني قبل اليوم؟ قال أُويس: إذا أخبرك يا هرم، عرفت روحي روحك حين كلّمت نفسي نفسك ، وإنّ المؤمنين يتعارفون بنور الله عزّ وجلّ , فإن لم يلتقوا وإن نأت بهم الدار.. قال هرم فقلت: رحمك الله! حدّثني حديثاً عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أحفظه عنك .. فقال أُويس: إنّي لم أرَ (5) رسول الله (صلی الله علیه و آله) ؛ فأحدّث عنه , ولم تكن لي معه صحبة ، ولكن قد رأيت من رأى رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، وقد انتهى إليَّ من حديثه كبعض ما انتهى إليكم ، ولست أحبّ أن أفتح هذا الباب على نفسي لأحد فأكون مُحدِّثاً( وفي رواية ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي أن أكون محدثا أو قاضيا ومفتيا ) , ولي في نفسي شغل عن ذلك يا هرم

ص: 123


1- أبو الضحاك الجرمي حدث عن هرم بن حيان روى عنه أسلم العجلي
2- حلية الأولياء- أبو نعيم : 2 / 84, سير أعلام النبلاء - الذهبي: 4 / 28
3- حلية الأولياء – أبو نعيم :2 / 84 قلت: الله عزّ وجلّ .
4- سورة الإسراء – الآية 108
5- حلية الأولياء- أبو نعيم : لم أدرك .

بن حيّان .. قال: فقلت له : اتلُ عليَّ شيئاً من كتاب الله تعالى اسمعه منك ، وادع لي بدعوة ، وأوصني بوصيّة! , فقال أُويس: نعم ; قال رّبي وهو أفضل كلّ قائل وصدق وقوله أصدق الحديث: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّموات وَالأرضِ وَمَا بَيْنَهُما لعِبِين * مَا خَلَقْنهُمَا إلاّ بالحَقِّ وَلكِنّ أكْثَرَهُم لا يَعْلَمُون * إنّ يومَ الفَصْلِ مِيقَاتُهم أجْمَعِينَ * يَومَ لا يُغْني مَولىً عَنْ مَولىً شَيْئاً وَلا هُم يُنْصَرُونَ * إلاّ من رَحِمَ الله إنّه هُوَ العَزيز الرحيمُ ﴾ ( (1)) , قال: ثمّ شهق شهقة كادت روحه أن تخرج ، ثمّ أقبل عليَّ فقال: يا هرم! مات محمّد المصطفى (صلی الله علیه و آله) , فمن يطمع في البقاء؟ يا هرم! مات فلان ومات فلان ونحن في ديوان الموتى ، يا هرم! فعليك بذكر الموت ، وإيّاك أن تفارق سنّة الله عزّ وجلّ وسنّة رسوله (صلی الله علیه و آله) ؛ فتفارق دينك وأنت لا تشعر فتدخل النار! قال: ثمّ رفع أُويس طرفه نحو السماء فقال: اللهمّ إنّ هذا يزعم أنّه يحبّني فيك , وقد زارني من أجلك ، فاجمعني وإيّاه غدا في دارك دار السلام ، وأرضه من هذه الدنيا باليسير ، واجعله لأنعمك من الشاكرين.. ثمّ قال: أستودعك الله يا هرم , وأقرأ عليك السلام ، انظر! لا تطلبني بعد هذا اليوم ولا تسأل عنّي ، ولكن اذكرني بقلبك وادع لي ، فإنّي أذكرك بقلبي , وأدعو لك إن شاء الله تعالى ، خذ أنت ههنا وآخذ أنا ههنا .

قال هرم: فطلبت أن يدعني أن أمشي معه ساعة فأبى ، ففارقته وأنا أبكي ، وجعلت أنظر في قفاه حتى دخل بعض أزقة الكوفة. . قال: ثم إني طلبته بعد ذلك , وسألته عن ذلك فما أعطاني أحد خبره ، قال هرم: ولا أعلم أنه أتت علي جمعة إلا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين ) (2).

ص: 124


1- ) سورة الدخان - الآيات : 38 - 42 .
2- المستدرك - الحاكم : 406

واتخذت قصة اللقاء منحى آخر , طال فيه الحديث وعرض , متضمنا بعض التنبؤات عن المستقبل , فورد عن هرم قوله : ( قدمت الكوفة فلم يكن لى بها هم إلا أويس القرني أطلبه وأسأل عنه حتى سقطت عليه جالساً وحده على شاطئ الفرات نصف النهار يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت فإذا رجل لحم آدم شديد الأدمة ، أشعر محلوق الرأس يعني ليس له جمة ، كث اللحية عليه أزار من صوف ورداء من صوف , بغير حذاء ، كبير الوجه مهيب المنظر جداً ، فسلمت عليه فرد علي ، ونظر إلي فقال : حياك الله من رجل ، فمددت يدي إليه لأصافحه فأبى أن يصافحني (1) وقال : وأنت فحياك الله , فقلت : رحمك الله يا أويس وغفر لك ، كيف أنت رحمك الله ؟.. ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ورقتي له ؛ لما رأيت من حاله ما رأيت , حتى بكيت وبكى , ثم قال : وأنت فرحمك الله يا هرم بن حيان ، كيف أنت يا أخى ؟ من دلّك علي ؟ قلت : الله .. قال : لا إله إلا الله .. ﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾ (2).. حين سماني والله ما كنت رأيته قط ولا رآني , ثم قلت : من أين عرفتني وعرفت اسمي واسم أبي ؟ .. فوالله ما كنت رأيتك قط قبل هذا اليوم قال : نبأني العليم الخبير ، عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك .. إن الأرواح لها أنفس كأنفس الأحياء .. إن المؤمنين يعرف بعضهم بعضا , ويتحدثون بروح الله وإن لم يلتقوا ، وإن لم يتكلموا ويتعارفوا ، وإن نأت بهم الديار وتفرقت بهم المنازل .. قال قلت : حدثني عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) بحديث أحفظه عنك قال : إني لم أدرك رسول الله (صلی الله علیه و آله) , ولم تكن لي معه صحبة ، ولقد رأيت رجالاً قد رأوه وقد بلغني من حديثه كما بلغكم ، ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي أن أكون محدثاً أو قاضيآ ومفتيا .. في النفس شغل يا هرم بن حيان .. قال: فقلت : يا أخي إقرأ علي آيات من كتاب الله أسمعهن منك , فإني أحبك في الله حباً شديداً ، وادعُ بدعوات وأوصِ بوصية أحفظها عنك ,

ص: 125


1- وهذا أمر من الغرابة بمكان , يستبعد صدوره من عوام الناس , فكيف وهو ينسب إلى خير التابعين , ورجل الأخلاق والعلم و الفضيلة.
2- سورة الإسراء – الآية 108

قال : فأخذ بيدى على شاطئ الفرات , وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ، قال : فشهق شهقة ثم بكى مكانه ، ثم قال: قال ربي تعالى ذكره -وأحق القول قوله , وأصدق الحديث حديثه , وأحسن الكلام كلامه : ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّموات وَالأرضِ وَمَا بَيْنَهُما لعِبِين * مَا خَلَقْنهُمَا إلاّ بالحَقِّ وَلكِنّ أكْثَرَهُم لا يَعْلَمُون * ﴾ حتى بلغ إلى ﴿ إلاّ من رَحِمَ الله إنّه هُوَ العَزيز الرحيمُ ﴾ (1), ثم شهق شهقة ثم سكت ، فنظرت إليه وأنا أحسبه قد غشي عليه ، ثم قال : يا هرم بن حيان ، مات أبوك ، وأوشك أن تموت ومات أبو حيان , فإما الى الجنة وإما إلى النار.. ومات آدم ومات حواء .. يا ابن حيان ومات نوح وابراهيم خليل الرحمن.. يا ابن حيان ومات موسى نجي الرحمن.. يا ابن حيان ومات داود خليفة الرحمن.. يا ابن حيان ومات محمد رسول الرحمن.. ومات أبو بكر خليفة المسلمين.. يا ابن حيان ومات أخي وصفيي وصديقي عمر بن الخطاب.. ثم قال : واعمراه ، رحم الله عمر , وعمر يومئذ حي !! , وذلك في آخر خلافته , قال: فقلت له : رحمك الله إن عمر بن الخطاب بعد حي , قال : بلى ، إن ربي قد نعاه لي ، وقد علمت ما قلت ! وأنا وأنت في الموتى , وكان قد كان , ثم صلى على النبي (صلی الله علیه و آله) , ودعا بدعوات خفاف , ثم قال: هذه وصيتى إليك يا هرم بن حيان : كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين والصلاة والسلام على النبى (صلی الله علیه و آله) ، ولقد نعيت على نفسى ونعيتك ، فعليك بذكر الموت ، فلا يفارقن عليك طرفة ، وأنذر قومك إذا رجعت إليهم ، وانصح أهل ملتك جميعاً , واكدح لنفسك ، وإياك أن تفارق الجماعة ؛ فتفارق دينك وأنت لا تعلم ، فتدخل النار يوم القيامة , ثم قال : اللهم إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك ، اللهم عرفني وجهه في الجنة ، وأدخله علي زائرا في دارك دار السلام ، واحفظه مادام في الدنيا حيث ما كان ، وضم عليه ضيعته ورضه من الدنيا باليسير ، وما أعطيته من الدنيا فيسره له ، واجعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين ، واجزه خير الجزاء

ص: 126


1- سورة الدخان - الآيات : 38 - 42

.. إستودعتك الله يا هرم بن حيان ، والسلام عليك ورحمة الله , ثم قال لي : لا أراك بعد اليوم رحمك الله فإني أكره الشهرة , والوحدة أحب إلي ؛ لأني شديد الغم كثير الهم , مادمت مع هؤلاء الناس حيا في الدنيا ، ولا تسأل عني ولا تطلبني , واعلم أنك مني على بال , ولم أرك ولم ترني !! فاذكرني وادع لي , فإني سأذكرك وأدعو لك إن شاء الله تعالى .. إنطلق ها هنا ؛ حتى آخذ هاهنا .. قال : فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى علي ، ففارقته يبكى وأبكي , قال: فجعلت أنظر في قفاه حتى دخل في بعض السكك ، فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما وجدت أحداً يخبرني عنه بشئ ، فرحمه الله وغفر له , وما أتت علي جمعة إلا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين !) (1).

ويكفي لرد بعض ما في هذه القصة أنها تنسب الى أويس (رضی الله عنه) أن الله تعالى نعى إليه عمر ، وأنه لو صح أنه أخبر بوفاة عمر في الكوفة قبل أن يعرف الناس لشاع ذلك ورواه غير هرم مضافاً إلى تعارض ما فيها ، وما يعارضها من أن هرما هذا كان يبحث عن أويس ولم يجده , ثم إن هذه القصة شهادة من هرم لنفسه بأنه الوارث الشرعي لزهد أويس (رضی الله عنه) ، وكان ينبغي أن يشهد له بذلك غيره ، كما شهد النبي (صلی الله علیه و آله) والمسلمون لأويس (رضی الله عنه) , كما ونلاحظ ركاكة العبارات , وضعف الحبكة في القصة , وضعف مداليلها , وعدم وجود قاسم بين الأسماء التي لفها الموت , وعدم منطقية ذكر بعضها من نبي أو غيره دون غيره , وعدم معقولية الربط بين موتى حقيقيين , وموتى على قائمة قادمة , وكأن الغرض إقحام بعض الأسماء لتبجيلها , والإيهام بأنها الأقرب إلى قلب هذا العبد الصالح , وتناقض الحديث المنسوب مع سلوك أويس (رضی الله عنه) نفسه , فأي جماعة تلك التي يطلب من هرم ألاّ يفارقها ؟! وأويس (رضی الله عنه) نفسه هارب من تلك (الجماعة) مفارق لها لفترة امتدت ربع قرن , وأخيراً فإن الكرامات الباطلة التي رووها عن هرم توجب الشك في أصل تدينه وفي كل ماروي عنه وله .. فقد رووا أنه سمي هرما

ص: 127


1- المستدرك -الحاكم : 3 / 406, كرامات أولياء الله عز وجل - الالكائي : ح 43

لأنه هرم في بطن أمه وبقي حملا لمدة سنتين ، أو أربع سنين !!, إذ قيل : (سمي هرماً لأنه بقي حملاً سنتين حتى طلعت أسنانه) (1), و(وإنما سمي هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين) (2), ويبدو أنهم أرادوا تضخيم القصة حتى يكبر الرجل , وتكون له من المنزلة ما ينافس بها أويسا (رضی الله عنه) عند التحدث عن الكرامات والملكات .

ص: 128


1- سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 48
2- إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): 1 / 313

من أحاديث أويس (رضی الله عنه)

رغم كل الحصار على الكلمات , والتكتيم على الأفواه , ومنع كتابة الحديث , ودعم ملفات الروايات المزورة وإبراز شخوص الحاكمين فرسانا لميادين تلك الروايات ؛ فقد تسللت بعض الأحاديث التي نسبت إلى التابعي الشهيد .. ومنها :

1-أسند ابن عساكر إلى أُويس القرني عن علي بن أبي طالب (علیه السلام) قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ إنّ للهِ عزّ وجلّ تسعة وتسعين إسماً - مائة غير واحد - إنّه وتر، ويحبّ الوتر، ما من عبد يدعو بها إلاّ وجبت له الجنّة ] (1).

وورد عنه (رضی الله عنه) أنه قال: ( قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ إِنَّ لِلهِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ إِسْمَاً مِئَةً غَيْرَ وَاْحِدٍ ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْعُوْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ إِلّاْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ هُوَ اللهُ الْذِيْ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ الْرَحْمَنُ الْرَحِيْمُ الْمَلِكُ القُدُّوْسُ الْسَّلَامُ.. إلى قوله الْرَشِيْدُ الْصَبُوْرُ..]) (2).

2-قال أويس (رضی الله عنه) : ( إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخف مهزول.. إنّ الدنيا غدّارة، غرّارة، زائلة، فانية، فمن أمسى وهمّه فيها اليوم مدّ عنقه إلى غد، ومن مدّ عنقه إلى غد علق قلبه بالجمعة، ومن علق قلبه بالجمعة لم ييئس من الشهر، ويوشك أن يطلب السنة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك ما يريد غداً من مجاورة الجَبّار والرحيم الغفّار، وجرت من تحت منازله الأنهار، وتدلّت من فوقه الثمار ) (3).

ص: 129


1- أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين: 3 /513
2- حلية الأولياء- أبو نعيم : 10 / 380
3- الفتوح - إبن الأعثم: 2 / 544

3-قال هرم بن حيان لأُويس (رضی الله عنه) : أوصني . قال أُويس (رضی الله عنه) : ( توسد الموت إذا نمت واجعله نصب عينيك ،وإذا قمت فادع الله أن يصلح قلبك ونيتك فلن تعالج شيئاً عليك منها ، ولا تنظر في صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظمة مَن عَصيت ) (1).

4-وفي رواية اخرى قال هرم بن حيان : قال أُويس (رضی الله عنه) : ( أدعُ الله يصلح لك نيتك وقلبك فلن تعالج شيئاً أشد منهما ، بينما قلبك مقبل إذ هو مدبر ، وبينما هو مدبر إذ هو مقبل ، ولا تنظر إلى صغير الخطيئة ، وانظر إلى عظمة من عصيت ، فإنك إن عظمتها فقد عظمت الله تعالى ، وإن صغرتها فقد صغرت الله تعالى ) (2).

5-ولما طلب منه هرم بن حيان أن يوصيه قال له: قرأ عليه آيات من آخر حم الدخان من قوله: [ إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين] .. حتى ختمها ثم قال له: يا هرم، احذر ليلة صبيحتها القيامة , ولا تفارق الجماعة فتفارق دينك ما زاده عليه..

6-قال له هرم يوماً: صلنا يا أُويس بالزيارة فقال له: ( قد وصلتك بما هو خير من الزيارة واللِّقاء وهو الدعاء بظهر الغيب إنّ الزيارة واللقاء ينقطعان والدعاء يبقى ثوابه ) (3).

7-قال أويس لهرم بن حيان : ( قد عمل الناس على رجاء ، فقال : بل نعمل على الخوف والخوف خوفان ثابت وعارض ، فالثابت من الخوف يورث الرجا ، والعارض منه يورث خوفاً ثابتاً والرجاء رجاءان : عاكف وباد ، فالعاكف منه يقوى نسبة العبد ، والبادي منه يصحح أمل العجز والتقصير والحياء) (4).

ص: 130


1- صفوة الصفوة - إبن الجوزي : 3 /37
2- تفسير التستري – التستري : الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع , في تفسير قوله تعالى : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ( (سورة الدخان – الآية10 )
3- تأريخ مدينة دمشق - إبن عساكر
4- بحار الأنوار – الشيخ المجلسي: 63 / 390

8-قال أويس (رضی الله عنه) : ( قال ربي تعالى ذكره ، وأحق القول قوله ، وأصدق الحديث حديثه ، وأحسن الكلام كلامه) (1).

9-قال أويس (رضی الله عنه) : ( إِنَّ الأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَاسٌ كَأَنْفَاسِ الأَجْسَادِ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا وَيَتَعَارَفُوا ، وَإِنْ نَأَتْ بِهِمُ الدِّيَارُ وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ) (2).

10-عن أبي الأحوص (3) قال : ( حدثني صاحب لنا قال : أن رجلاً من مراد جاءه وقال له: السلام عليكم قال: وعليكم قال: كيف أنت يا أويس؟ قال: بخير نحمد الله , قال: كيف الزمان عليكم؟ , قال: ما تسأل رجلا إذا أمسى لم ير أنه يصبح ، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي ، يا أخا مراد: إن الموت لم يُبق لمؤمن فرحا .. يا أخا مراد: إن معرفة المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة وذهبا .. يا أخا مراد: إن قيام المؤمن بأمر الله لم يُبق له صديقا , والله إنّا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر ؛ فيتخذونا أعداءً , ويجدون على ذلك من الفساق أعوانا , حتى والله لقد رموني بالعظائم ، وأيم الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحق{ أن أقول للهِ بالحقّ }(.. (4).

ص: 131


1- المستدرك -الحاكم : 3 / 406, كرامات أولياء الله عز وجل -الالكائي : ح 43
2- الحارث العكلي : ح 15
3- الثقة الحافظ سلام بن سليم الحنفي ، مولاهم الكوفي . وقال أحمد العجلي : كان ثقة صاحب سنة واتباع ، وقال أبو حاتم : صدوق ، قال عبد الله بن أبي الأسود وغيره : مات أبو الأحوص ، ومالك ، وحماد بن زيد سنة 179 ﻫ .
4- الطبقات الكبرى- إبن سعد: 6/164, حلية الأولياء- أبو نعيم: :2/83، المستدرك – الحاكم: 3/458, بحار الأنوار- الشيخ المجلسي : / 367

11-بالإسناد إلى الشعبي (1) ، قال : ( مر رجل من مراد على أويس القرني فقال : كيف أصبحت؟ قال : أصبحت أحمد الله عز وجل , قال : كيف الزمان عليك؟ قال : كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي ، وإن أمسى ظن أنه لا يصبح ، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار . يا أخا مراد ، إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحا ، وإن علمه بحقوق الله لم يترك له في ماله فضة ولا ذهبا ، وإن قيامه لله بالحق لم يترك له صديقا) (2).

12- قال أويس : (أُفٍّ أُفٍّ ، خَالَطَ الشَّكُّ الْمَوْعِظَةَ ، تَفِرُّ إِلَى اللَّهِ بِدِينِكَ وَتَتَّهِمُهُ فِي رِزْقِكَ ) (3)

13- بحديث يرويه محمد بن أبان العنبري (4) بالإسناد إلى حميد بن صالح ، قال : ( سمعت أويسا القرني يقول : قال النبي : إحفظوني في أصحابي ; فإن من أشراط الساعة ، أن يلعن آخر هذه الأمة أولها ، وعند ذلك يقع المقت على الأرض وأهلها ، فمن أدرك ذلك ،

ص: 132


1- عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار أبو عمرو الهمداني الشعبي، فقيه ومحدث من السلف, ولد في خلافة عمر بن الخطاب لا يتفق المؤرخون على تأريخ ولادته فالبعض يقول: ولد أنه ولد في في 16 ﻫ ، وقيل: سنة 20، وقيل 31 ﻫ، في الكوفة وعاش فيها، وقد سكن المدينة المنورة عدة أشهر هربا من المختار الثقفي , شهد وقعة دير الجماجم مع ابن الأشعث ثم نجا من انتقام الحجاج بعد أن عفى عنه وتولى الكتابة فترة من الوقت لدى قتيبة بن مسلم الباهلي , كما أوفده الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان في سفارة خاصة إلى بيزنطة , كما عينه عمر بن عبد العزيز قاضيا ,إذا غلب عنه الفقه والتفسير فقد إشتهر في الواقع بما روى من الأخبار في الإسرائيليات ,أخذها عمن أسلم من أهل الكتاب , وفي القصص التبابعة وأخبار اليمن والمغازي , ويبدو أنه كان كثير الميل إلى تتبع الأخبار يأخذها حتى عن الأعراب الذين يدعون رؤية المدن العجيبة المندثرة , انتقل بين الأقطار لطلب العلم.كانت وفاته بالكوفة سنة 103 ﻫ، وقيل: 104 ﻫ، وقيل: 106 ﻫ .
2- حلية الأولياء- أبو نعيم : 2/83، ورواه الحاكم في المستدرك : 3/458
3- حلية الأولياء- أبو نعيم: ح 14889
4- محمد بن أبان بن الحكم بن يزيد بن جابر بن خيوان بن أحزم بن ذهل بن ذؤيب بن عمرو بن عنبر أبو عبد الرحمن العنبري، كوفي قدم أصبهان وهو عم محمد بن يحيى بن أبان العنبري، سمع منه بعد المائتين، روى عن الثوري، وأبي حنيفة، ومسعر، وشعبة، ومبارك، وزفر، ومعلى بن هلال، وعمرو بن شمر، حدث عنه سهل بن عثمان، وأحمد بن معاوية بن الهذيل، وسليمان بن يوسف العقلي، ومحمد بن عمر الزهري.

فليضع سيفه على عاتقه ، ثم ليلق ربه تعالى شهيدا ، فمن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه) (1) .

14-وقال له رجل: ( اُريد أن أصحبك لاِستأنس بك ، فقال: سبحان اللهِ ما كنت أرى أحدا يعرف الله يستوحش مع اللهِ ، فقال له: مرني بمكان أنزل به ؛ فأومأ بيده إلى الشام ، وكان يقول : لم يجالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، هو شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً ) (2).

15-خاطب أويس (رضی الله عنه) أهل الكوفة قائلاً لهم: ( يا أهل الكوفة توسدوا الموت إذا نمتم، واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم) .

16-قال أويس (رضی الله عنه) : (أُفٍّ لقلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة) .

17-قال أويس (رضی الله عنه) في الخوف من الله ومراقبته : ( كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم ) (3).

18- قال أويس (رضی الله عنه) : (أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ تَشَامُّ كَمَا تَشَامُّ الْخَيْلُ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) (4)

19-قال أويس (رضی الله عنه) : ( إن هذا المجلس يغشاه ثلاثة نفر : مؤمن فقيه ، ومؤمن لم يتفقه ، ومنافق ... لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان ، فقضاء الله الذي

ص: 133


1- حلية الأولياء- أبو نعيم : الطبقة الاولى من التابعين : 87 , سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4/26
2- تأريخ إبن عساكر, وهذا الحديث استدركه الحاكم على الشيخين مسلم والبخاري، وقد تضمّن أخبار أُويس بالمغيّبات، ومعرفته
3- المستدرك – الحاكم : 3/458
4- حلية الأولياء- أبو نعيم : ح 14889

قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا.. اللهم ارزقني شهادة تسبق كسرتها أذاها ، وأمنها فزعها ، تؤوب الحياة والرزق ) (1).

20-قال أويس (رضی الله عنه) : ( كنا عند أمير المؤمنين إذ أقبلت امرأة متشبثة برجل ، وهي تقول : يا أمير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار ، فقال (علیه السلام) للرجل : ما تقول المرأة ؟ فقال : ما لها عندي إلا خمسون درهماً مهرها فقالت : يا أمير المؤمنين ، أعرض عليه اليمين ، فقال (علیه السلام) : تقول باركاً وتشخص ببصرك إلى السماء: اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها وطلب نشوها وأنكر ما ذكر ته من مهرها ، فلا استعنت بك من مصيبة ، ولا سألتك فرج كربة ، ولا احتجت إليك في حاجة ، وإن كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك, فقال : والله يا أمير المؤمنين لا حلفت بهذا اليمين أبداً ، وقد رأيت أعرابياً حلف بها بين يدي رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، فسلط الله عليه ناراً فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه ، وأنا أوفيها ما ادعته علي ) (2).

ص: 134


1- المستدرك - الحاكم : 2 / 365
2- مستدرك الوسائل – الميرزا النوري: 16 / 73 , ورواه في الخرائج والجرائح- الراوندي : 1 / 200 ، الثاقب في المناقب- :إبن حمزة 266 ، ومدينة المعاجز- البحراني : 2 / 299 21-

من أدعية أويس (رضی الله عنه)

أويس (رضی الله عنه) (راهب هذه الاُمّة.. وكان ثقة، وقد علَّمهُ الإِمام علي (علیه السلام) الدعاء) (1), وكان إذا دعا يقيم الليل راهباً بين يدي الله سبحانه و تعالى .. يناجيه و يخاطبه , ويرفع يديه الى السماء و نحيب البكاء يزجر في صدره , و دموع الرجاء تتساقط على خديه..

1-خرج أويس القرني (رضی الله عنه) مع مولى الموحدين الإمام علي (علیه السلام) في موقعة صفين ، وتمنى الشهادة ودعا الله قائلاً: ( اللهم ارزقني شهادة تسبق كسرتها أذاها ، وأمنها فزعها ، تؤوب الحياة والرزق ) (2).

2-عن سفيان الثوري قال : كان لأويس القرني رداء إذا جلس مس الأرض وكان يقول : ( اللهم إني أعتذر إليك من كبد جائعة ، وجسد عارٍ ، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني) (3).

3-عن أصبغ بن زيد قال: قال أويس : ( اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به) (4).

4-قال أويس : (اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك علي) (5).

5-قال أويس : ( ربي لا تكلني الى نفسي فأعجز , ولا الى أحد فيضلني , يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث , أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ).

ص: 135


1- المستدرك -الحاكم: كما في أسد الغابة، وكذا في طبقات إبن سعد، وفي الإصابة، بألفاظ متقاربة
2- المستدرك - الحاكم : 2 / 365
3- المستدرك – الحاكم : 3/458, و رواه البيهقي في شعب الإيمان : 1 / 524
4- حلية الأولياء - أبو نعيم: 2/87
5- المجروحين - إبن حبان : 3 / 151

6-قال أويس : ( اللهم إني أسألك الجنة و أسألك فيها الفردوس اللهم اجعلني وارد حوض و ساكن عدن ) (1).

7-حدث أبو عبد الله الدنيلي يرفع الحديث إلى أويس القرني (رضی الله عنه) عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : (ما من عبد دعا بهذا الدعاء إلا استجاب الله له):

(بِسْمِ اللهِ الرَحْمنِ الرَحِيْم ..اللّهُمَّ صَلِّ عَلَىْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْطَيْبِيْنَ الطَاهِرِيْنَ ..اللّهُمَّ إِنِّيْ أَسْأَلُكَ وَلا أَسْأَلُ غَيْرَكَ وَأرْغَبُ إِلَيْكَ وَلا أَرْغَبُ إِلىْ غَيْرِكَ.. أَسْأَلُكَ يا أَمَانَ الخَائِفِيْنَ وَجارَ الْمُسْتَجِيْرِيْنَ أَنْتَ الفَتّاحُ ذُوْ الْخَيْراتِ مُقِيْلُ الْعَثَراتِ ماحِيْ الْسَيْئَاتِ وَكَاتِبُ الْحَسَنَاتِ وَرافِعُ الْدَرَجَاتِ أَسْأَلُكَ بِأَفْضَلِ المَسَائِلِ كُلِّها وَأَنْجَحِهَا الَّتِيْ لاْ يَنْبَغِيْ لِلْعِبَادِ أَنْ يَسْأَلُوكَ إِلّا بِها يا أللهُ يا رَحْمَنُ وَبِأَسْمَائِكً الْحُسْنَىْ وَأَمْثالِكَ الْعُلْيَا وَنِعَمِكَ الّتيْ لا تُحْصىْ وَبِأَكْرَمِ أَسْمائِكَ عَلَيْكَ وَأَحَبِّها إِلَيْكَ وَأَشْرَفِها عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَأقْرَبِها مِنْكَ وَسِيْلَةً وَأَجْزَلِها مَبْلَغَاً وَأَسْرَعِها مِنْكَ إِجابَةُ وَبِاْسْمِكَ المَخْزُونِ الجَلِيْلِ الأَجَلِّ العَظِيْمِ الذِيْ تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ وَتَرْضَىْ عَنْ مَنْ دَعاكَ بِهِ فَاْسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَحَقَّ عَلَيْكَ أَلّاْ تَحْرِمَ سَائِلَكَ وَبِكُلِّ اْسْمٍ هُوَ لَكَ فِيْ الْتَوْرَاةِ وَالْإِنْجِيْلِ وَالْزَبُورِ وَالْفُرْقَانِ وَبِكُلِّ اْسْمٍ هُوَ لَكَ عَلَّمْتَهَ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ لَمْ تُعَلِّمْهُ أَحَدَاً وَبِكُلِّ اْسْمٍ دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتُكَ وَأَصْفِياؤُكَ مِنْ خَلْقِكَ وَبِحَقِّ السائِلِيْنَ لَكَ وَالراغِبِيْنَ إليْكَ وَالمُتَعَوْذِيْنَ بِكَ وَالمُتَضَرِّعِيْنَ لَدَيْكَ وَبِحَقِّ كُلِّ عَبْدٍ مُتَعَبِّدٍ لَكَ فِيْ بَرٍ أَوْ بَحْرٍ أَوْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ أَدْعُوكَ دُعَاءَ مَنْ قَدْ اشْتَدَّتْ فَاقَتَهُ وَعَظُمَ جُرْمُهُ وَأَشْرَفَ عَلىْ الْهَلَكَةِ وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ وَمَنْ لا يَثِقُ بِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِهِ وَلاْ يَجِدُ لِذَنْبِهِ غَافرَاً غَيْرُكَ وَلاْ لِسَعْيِّهِ سِواكَ هَرَبْتُ مِنْكَ إِلَيْكَ مُعْتَرِفَاً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ عَنْ عِبادَتِكَ يا أُنْسَ كُلَّ فَقِيْرٍ مُسْتَجِيْرٍ أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لاْ إِلهَ إِلّاْ أَنْتَ الْحَنَّانُ المَنَّانُ بَدِيْعُ السّمَاواتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَهادَةِ الرَحْمنُ الرَحِيْمُ أَنْتَ الرَبُّ وَأَنَا العَبْدُ وَأَنْتَ

ص: 136


1- أويس القرني– د. عبد الباري محمد داود : 60

الْمالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ وَأَنْتَ الْعَزِيْزُ وَأَنَا الذَلِيْلُ وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيْرُ وَأَنْتَ الْحَيُّ وَأَنَا الْمَيِّتُ وَأَنْتَ الْباقِيْ وَأَنَا الْفانِيْ وَأَنْتَ الْمُحْسِنُ وَأَنَا الْمُسِيْ ءُ وَأَنْتَ الغَفُورُ وَأَنَا المُذْنِبُ وَأَنْتَ الرَحِيْمُ وَأَنَا الْخاطِىءُ وَأَنْتَ الخَالِقُ وَأَنَا المَخْلُوقُ وَأَنْتَ القَوِيُّ وَأَنَا الضَعِيْفُ وَأَنْتَ المُعْطِيْ وَأَنَا السائِلُ وَأَنْتَ الأَمِيْنُ وَأَنَا الخائِفُ وَأَنْتَ الرَازِقُ وَأَنَا المَرْزُوقُ وَأَنْتَ أَحَقُّ مَنْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ وَاْسْتَغَثْتُ بِهِ وَرَجَوْتُهُ لِأَنَّكَ كَمْ مِنْ مُذْنِبٍ قَدْ غَفَرْتَ لَهُ وَكَمْ مِنْ مُسِي ْْءٍ قَدْ تَجَاوَزْتَ عَنْهُ فَاْغْفِرْ لِيْ.. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَىْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْطَيْبِيْنَ الطَاهِرِيْنَ) (1)

8-عن موسى بن زيد , عن أويس القرني (رضی الله عنه) , عن علي بن أبي طالب (علیهما السلام) قال : ( من دعا بهذه الدعوات استجاب الله له , وقضى جميع حوائجه):

( بسم الله الرحمن الرحيم .. اللهم صلّ على محمد و آل محمد .. يا سلام المؤمن المهيمن ، العزيز الجبار المتكبر ، الطاهر المطهر ، القاهر القادر المقتدر ، يا من ينادى من كل فج عميق ، بألسنة شتى ولغات مختلفة ، وحوائج أخرى ، يا من لا يشغله شأن عن شأن ، أنت الذي لا تغيرك الأزمنة ، ولا تحيط بك الأمكنة ، ولا تأخذك نوم ولا سنة ، يسر لي من أمري ما أخاف عسره ، وفرج من أمري ما أخاف كربه ، وسهل لي من أمري ما أخاف حزنه ، سبحانك لا اله إلا أنت ، إني كنت من الظالمين ، عملت سوءا ، وظلمت نفسي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، والحمد لله رب العالمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما) (2) .

ص: 137


1- مهج الدعوات – السيد إبن طاووس: 105
2- بحار الأنوار- الشيخ المجلسي390-391/92, مستدرك الوسائل- الميرزا النوري : 5 / 48, ونقله السيد إبن طاووس في مهج الدعوات

9-( اللهم إنك حي لا تموت ، وغالب لا تغلب ، وبصير لا ترتاب ، وسميع لا تشك ، وقهار لا تقهر ، وأبدي لا تنفد ، وقريب لا تبعد ، وشاهد لا يغيب ، والَه لا تضاد ، وقاهر لا تظلم ، وصمد لا تطعم ، وقيوم لا تنام ، ومحتجب لا ترى ، وجبار لا تضام ، وعظيم لا ترام ، وعالم لا تعلم ، وقوي لا تضعف ، وجبار لا توصف ، ووفي لا تخلف ، وعدل لا تحيف ، وغني لا تفتقر ، وكنز لا تنفد ، وحكم لا تجور ، ومنيع لا تقهر ، ومعروف لا تنكر ، ووكيل لا تحقر ، ووتر لا تستشار ، وفرد لا يستشير ، ووهاب لا ترد وسريع لا تذهل ، وجواد لا تبخل ، وعزيز لا تذل ، وعليم لا تجهل ، وحافظ لا تغفل ، وقيوم لا تنام ، ومجيب لا تسأم ، ودائم لا تفنى ، وباق لا تبلى ، وواحد لا تشبه ، ومقتدر لا تنازع ) (1) .

ص: 138


1- حلية الأولياء- أبو نعيم : 8 / 56

شهادته (رضی الله عنه) ومرقده الشريف

خرج أويس القرني (رضی الله عنه) مع الإمام علي (علیه السلام) في موقعة صفين في سنة 37 ﻫ ، وتمنى الشهادة , ودعا الله قائلاً : اللهم ارزقني شهادة توجب لي الحياة والرزق (1) , ( وبرز عبد الله بن جعفر في ألف رجل ، فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص . وأتى أويس القرني متقلداً بسيفين ويقال : كان معه مرماة ومخلاة من الحصى ، فسلم على أمير المؤمنين (علیه السلام) وودعه ، وبرز مع رجالة ربيعة ، فقتل من يومه ، فصلى عليه أمير المؤمنين (علیه السلام) ودفنه ) (2) , وورد تأكيد ذلك على لسان الشهيد الخالد زيد بن علي (علیهما السلام) (3) ..

ص: 139


1- المستدرك - الحاكم : 2 / 365
2- بحار الأنوار – الشيخ المجلسي: 29 / 583
3- زيد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب (علیهم السلام) .نشأ في أحضان والده الإمام زين العابدين (علیه السلام) وأخيه الأكبر الإمام محمد الباقر (علیه السلام) الذي قال له يوما : ( بأبي أنت وأمي يا أخي أنت والله نَسِيْج وحدك، بركةُ اللّه على أم ولدتك، لقد أنجبت حين أتت بك شبيه آبائك) . و قال يحيى بن زيد واصفاً عبادة والده : ( رحم اللّه أبي كان أحد المتعبدين، قائم ليله صائم نهاره، كان يصلي في نهاره ما شاء اللّه فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة، ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء اللّه، ثم يقوم قائماً على قدميه يدعو الله ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر سجد سجدة، ثم يصلي الفجر، ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار، ثم يذهب لقضاء حوائجه، فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاه واشتغل بالتسبيح والتحميد للرب المجيد، فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس، ثم يصلي العصر، ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة، فإذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء) . استشهد زيد بن علي (علیه السلام) عام 122 ﻫ وهو في طريقه إلى المسجد اذ وقعت بينه وبين جند الأمويين مواجهة عنيفة ، ولما وصل إلى جوار المسجد أدخلوا الرايات من نوافذه، وانتشر أصحاب زيد في الكوفة وأمرهم زيد أن ينادوا: من ألقى سلاحه فهو آمن. وأخذ يطارد بقايا جند الأمويين فاشتبك أصحابه معهم واستبسلوا وقاتلوا قتالا شديدا حتى ردوهم على أعقابهم. ثم جمع زيد أصحابه و نادى فيهم: (أنصروني على أهل الشام فو الله لا ينصرني رجل عليهم إلا أخذت بيده حتى أدخله الجنة، ثم قال: والله لو علمت عملا هو أرضى لله من قتال أهل الشام لفعلته، وقد كنت نهيتكم أن لا تتبعوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح ولا تفتحوا باباً مغلقاً، وإني سمعتهم يسبون علي بن أبي طالب فاقتلوهم من كل وجه) . واستمرت المواجهة بين المعسكرين، وسمع صوت زيد يرتفع قائلا: الشهادة.. الشهادة.. الحمد لله الذي رزقنيها! فهرعوا إلى مكان الصوت، فإذا بالسيد مضرج بدمه، قد أصيب بسهم في جبهته. فعملوا تحت جنح الظلام وحفروا القبر ثم واروا الجثمان وأجروا عليه الماء، وتفرقوا قبل طلوع الفجر.وفي اليوم التالي أعلن في الشوارع والأسواق عن جائزة مغرية لمن يدل على المكان الذي دفن فيه، فدلهم البعض على موضع قبره، فنبشوه واستخرجوا منه الجثمان , وحمل على جمل وألقي به أمام قصر الإمارة، وهنالك فصل الرأس الشريف عن الجسد وبعث به يوسف بن عمر الثقفي إلى الشام، وبعد أن وضع بين يدي هشام أمر أن يطاف به في البلدان، ومر الرأس ببلدان كثيرة حتى وصل إلى المدينة المنورة، و نصب أمام قبر رسول اللّه (صلی الله علیه و آله) ، وطلب أهل المدينة للحضور إلى المسجد وإعلان البراءة من علي بن أبي طالب وزيد بن علي (.ثم أخذ إلى مصر ونصب في الجامع الأعظم أياما ومنه أخذ سرا ودفن هنالك.وأما الجسد فصلب في كناسة الكوفة عاريا، فجاءت العنكبوت تنسج الخيوط على عورته لتسترها، وكانوا كلما أزاحوا تلك الخيوط جاءت لتنسج غيرها.فكانَ منظر الجسد الشريف أمام الناس ، يزود الإيمان وحب أهل البيت في قلوبهم ، على عكس ما كان بنو أمية يبتغون ، ففكروا في التخلص من الجسد الشريف فعملوا على إنزاله وإحراقه ، وذرّ رماده في الفرات . و من تراثه الفكري : - مجموع الإمام زيد ويشتمل على المجموع الفقهي والحديثي (مسند الإمام زيد) . - تفسير غريب القرآن. - مناسك الحج والعمرة، طبع في بغداد. - رسائل وكتب الإمام زيد. وغيرها.

فقال: ( قتل أويس القرني يوم صفين ) (1).

وبالإسناد إلى (العباس بن محمد الدوري (2) يقول : سمعت يحيى بن معين (3) يقول : قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين) وقال : ( حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا أبو نعيم ، ثنا شريك ، عن يزيد

ص: 140


1- الكامل في ضعفاء الرجال – باب ذكر من اسمه أنيس وأويس
2- الحافظ الثقة الناقد، أبو الفضل , عباس بن محمد بن حاتم بن واقد , الدوري ثم البغدادي , مولى بني هاشم , أحد الأثبات المصنفين , وُلد سنة 185 ﻫ . حدث عنه : أرباب السنن الأربعة , ووثقه النسائي . توفي سنة 271 ﻫ .
3- الحافظ ، شيخ المحدثين، أبو زكريا ، يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام . ولد سنة 158 ﻫ . قال النسائي : أبو زكريا أحد الأئمة في الحديث ثقة مأمون . وعن ابن المديني ، قال : ما أعلم أحدا كتب ما كتب يحيى بن معين . وقال ابن البراء : سمعت عليا يقول : لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب ابن معين . توفي سنة 284 ﻫ

بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي أفيكم أويس القرني ؟ قالوا : نعم ، فضرب دابته حتى دخل معهم ، ثم قال سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله) يقول : [خَيْرُ الْتَابِعِيْنَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ] (1) .

وبالإسناد إلى الاصبغ بن نباتة قال : ( شهدت علياً (علیه السلام) يوم صفين وهو يقول : من يبايعني على الموت ، أو قال على القتال ؟ فبايعه تسع وتسعون .قال فقال : أين التمام أين الذي وعدت به ؟ .. قال فجاء رجل عليه أطمار صوف ، محلوق الرأس ، فبايعه على الموت والقتل ، قال فقيل هذا أويس القرني ، فما زال يحارب بين يديه حتى قتل (رضی الله عنه) ) .

وعن أصبغ أيضا قال: شهدت عليّاً (علیه السلام) يوم صفّين يقول: من يبايعني على الموت؟ فبايعه تسعة وتسعون رجلاً فقال: أين التمام؟ فجاءه رجل عليه اطمار صوف، محلوق الرأس، فبايعه على القتل ; فقيل هذا أُويس القرني، فما زال يحارب مع الرجّالة بين يدي الإِمام (علیه السلام) حتّى قتل. فوجدوا فيه نيفاً وأربعين جراحة من طعن، ورمي، وضرب (2) .

وقال : (حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا علي بن حكيم ، ثنا شريك قال ذكروا في مجلسه أويس القرني فقال : قتل مع علي بن أبي طالب (رضی الله عنه) في الرجالة) (3).

وعن أسير بن جابر – ضمن حديث له عن أويس - فقال لي صاحبي : ( كيف رأيت الرجل ؟ قلت : ما ازددت فيه إلا رغبة ، وما أنا بالذي أفارقه ، فلزمناه فلم نلبث إلا يسيرا حتى ضرب على الناس بعث أمير المؤمنين علي (رضی الله عنه) ، فخرج صاحب القطيفة أويس فيه ،

ص: 141


1- المستدرك - الحاكم : 3 / 402
2- تأريخ مدينة دمشق- إبن عساكر: 6 / 69,أنساب الأشراف - البلاذري: 320, مجمع الزوائد- البيهقي: 10 / 22, المستدرك- الحاكم : 3 / 402
3- المصدر السابق نفسه : 3 / 402

وخرجنا معه فيه ، وكنا نسير معه وننزل معه ، حتى نزلنا بحضرة العدو) , (فنادى علي (رضی الله عنه) : يا خيل الله اركبي وأبشري .. قال فصف الثلثين لهم ، فانتضى صاحب القطيفة أويس سيفه حتى كسر جفنه فألقاه ، ثم جعل يقول : يا أيها الناس : تموا تموا ، ليتمن وجوه ثم لا تنصرف حتى ترى الجنة .. يا أيها الناس تموا تموا ، جعل يقول ذلك ويمشي وهو يقول ذلك ويمشي إذ جاءته رمية فأصابت فؤاده فبرد مكانه ، كأنما مات منذ دهر ... فواريناه في التراب) (1).

ورواية أسير هذه يشوبها الضعف في شهادة خير التابعين من أول صولة , فقد أجمع عدد من المؤرخين على ذكر أنهم ( وجدوا فيه نيفاً وأربعين جراحة من طعن، ورمي، وضرب) (2) , والتي تدل بجزم على أن راهب الليل قاتل بين يدي أمير المؤمنين (علیه السلام) في الميدان طويلا وكرّ على الأعداء، يضرب فيهم بالسّيفين .. وقد تحول ذلك الزاهد، البسيط في حياته، إلى أسد هصورٍ يُحامي عن عرينه !.. وما زال يقاتل، رضوان الله عليه، حتى خر صريعا شهيدا , فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة، من طعنة رمح ، ورمية سهم ، وضربة سيف .. وهكذا توّج حياته الشّريفة بتاج السعادة والشهادة !.. وحمله أصحابه ، والدماء تنزف من أربعين جرحا بجسمه (3) وتقدّم علي (علیه السلام) عنده فصلى عليه ، ولَحَده بيده، وترحّم عليه وقد خنقته العبرة , بل في رواية أنه (علیه السلام) قال من شدة حزنه : ( ولأقتلن بعمار بن ياسر وبأويس القرني ألف قتيل ) (4) .

ص: 142


1- المستدرك - الحاكم : 2 / 365 وذكره إبن عساكر بطرق في ترجمة أويس من تأريخ مدينة دمشق : 6 / 69 ، وفي ترجمة زيد بن صوحان : 19 / 131 ، وفي تهذيبه : 6 /14
2- تأريخ مدينة دمشق- إبن عساكر : 6 / 69, أنساب الأشراف – البلاذري: 320, مجمع الزوائد- البيهقي : 10 / 22, المستدرك- الحاكم : 3 / 402
3- المستدرك للحاكم، وتأريخ مدينة دمشق لإبن عساكر، وفي الإِصابة لإبن حجر العسقلاني، وفي رجال الكشّي، وفي ميزان الإعتدال، وفي المناقب لإبن شهر آشوب
4- مشارق أنوار اليقين – الحافظ البرسي : 265

وهكذا التحق سيد التابعين، وأمير الزهاد، وقدوة العباد، بركب الجهاد حتى الشهادة .. التي رجاها من ربه الكريم , فزاد بذلك فضلا فوق ما فضله به تعالى من كرامات , وشارك بشهادته أقرانه من الصحابة والتابعين من خيرة خلق الله تعالى الذين استشهدوا يوم صفين مثل خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (1) ، وهاشم بن عتبة المرقال (2) ..

ص: 143


1- خزيمة بن ثابت الخطمي الأنصاري الأوسي , سمي ذا الشهادتين لأن رسول الله (صلی الله علیه و آله) جعل شهادته كشهادة رجلين. كان من أوائل المسلمين، فشهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وكان من الصحابة الأبرار الأتقياء الذين مضَوا على منهاج نبيّهم (صلی الله علیه و آله) ، فلم يغيِّروا ولم يبدِّلوا. وكان من السابقين، الذين عادوا إلى الإمام علي (علیه السلام) ، وقد وقف إلى جانبه ودعا إلى بيعته، وأنكر على مخالفيه، وقال لأحدهم: ألستَ تعلم أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله) قبِل شهادتي وحدي؟ فقال: بلى. قال خزيمة: فإنّي أشهد بما سمعته منه، وهو قوله (صلی الله علیه و آله) : إمامُكم بعدي عليّ، لأنّه الأنصح لأُمّتي، والعالم فيهم)( معجم رجال الحديث 8/51). وشهد خزيمة - مع جماعة - لأمير المؤمنين (علیه السلام) حين استُشهد بحديث الغدير، وكان من أوائل المبايعين والمؤيِّدين للإمام علي (علیه السلام) في مسيره لقتال الناكثين والقاسطين.و حسب خزيمة من الإكرام والتجليل ما أبنه به الإمام علي (علیه السلام) وتلهَّف عليه، وتشوَّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: { أَيْنَ إِخْوَانِيْ الَّذِيْنَ رَكَبُوْا الْطَرِيْقَ، وَمَضُوْا عَلَىْ الْحَقِّ؟! أَيْنَ عَمَّارُ؟ وَأَيْنَ إْبْنُ الْتَيْهَانِ؟ وَأَيْنَ ذُوْ الْشَهَادَتَيْنِ؟ وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ الَذِيْنَ تَعَاقَدُوْا عَلَىْ الْمَنِيَّةِ }( شرح نهج البلاغة 10/99)
2- هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ويعرف ب-( المِرْقال ) لأنّه كان يُرقِل في الحرب أي : يُسرع . ولادته متراوحة بين ( 25 ) و( 30 ) قبل الهجرة النبوية المباركة . رغم أن أباه كان من أشد الناس على النبي (صلی الله علیه و آله) فقد كان هاشم المرقال من خيار الصحابة الذين وفَوا لله ولرسوله (صلی الله علیه و آله) ، وثبتوا على القول بإمامة أمير المؤمنين علي (علیه السلام) . كان هاشم المرقال من المحاربين القدماء ، ذوي التجارب والخبرات الحربية الطويلة ، قاد فرقة من فرق الفرسان في اليرموك ، وقد ذهبت إحدى عينيه . شارك في فتوح العراق ، وشهد له في القادسية بأدواره الفاعلة الحاسمة ، وكذا في فتحه جلولاء ، ومسيره إلى حلوان فاتحا لها . وكذلك في أذربيجان ، ثم كانت صفين ، حيث ضرب به المثل فيها بشجاعته وتضحيته وإقدامه . أثر فقدانه في أهل العراق أشد التأثير ، وقبلهم أحزن أمير المؤمنين عليا (علیه السلام) حزنا شديدا ، فوقف (علیه السلام) عليه مفجوعا ، فدعا له ، وترحم عليه ، ورثاه وأصحابه الشهداء وبكى (علیه السلام) على المرقال وعلى عمار ، ودفنهما بثيابهما ، ولم يغسلهما ، إذ هما شهيدان ، وصلى عليهما .

وعمّار بن ياسر وغيرهم (1) ,و﴿ وَفَضَّل اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدينَ أَجْرَاً عظِيماً ﴾ (2).

وكانت شهادته في اليوم الثامن من شهر صفر 37ﻫ، ودُفن في منطقة صفّين (3)، ومرقده شاخص بالرقة (4) في صفين من سوريا قرب حدود العراق و مجرى نهر الفرات , وعلى قبره قبة وكان له قديما حرم صغير و سياج , و يوجد لوح كبير من حجر مكتوب عليه اسمه , وإلى جنبه قبور الذين استشهدوا في معركة صفّين بن يدي إمامهم علي بن أبي طالب (علیهما السلام) .

وفي العصر الحاضر بنى الإيرانيون في صفين ( الرقّة ) مسجداً كبيراً ضمنوه قبر عمار بن ياسر وأويس القرني رضوان الله عليهما.

فسلامٌ عليه يوم ولد، ويوم أسلم وعبدَ الله في العابدين، ويوم استشهد مع المستشهدين بين يدي إمام المتقين، ويوم يبعث حيا , ويحشر مع الشهداء والصديقين , وحسن أولئك رفيقا .

ص: 144


1- تأريخ الخميس- الديار بكري : 2 / 277, المختصر الجامع, وإبن عساكر قبل ختام ترجمة أويس
2- سورة النساء – الآية 95
3- المستدرك- الحاكم :3/460 بالإسناد إلى شريك بن عبد الله وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهما .
4- الرقة بفتح الراء وتشديدها اسم يطلق على عدة مدن متفرقة فى الاقطار الإسلامية منها الرقة هذه وكانت فيما سلف مدينة مشهورة واقعة على نهر الفرات بينها وبين مدينة حران ثلاثة أيام وتعد من بلاد الجزيرة وكانت قاعدة ديار مضر فتحت صلحا عام 17 هجرية ويقال إنها من إنشاء الإسكندر المقدوني واستوطنها الرشيد وبنى بها قصرا جميلا وبها قبر السيد يحي بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط مات بها عام 169 وهى الآن من ولاية بكر . ورقة واسط ويقال لها الرقة السوداء ورقة قوهستان ورقة حلب مدين بين بحر القلزم وجبل الطور وبمصر قريتان عرفتا بهذا الاسم كلتاهما متقابلتان لبعضهم الاولى على شاطئ النيل الغربى والثانية على الشاطئ الشرقى ببندر الجيزة .

محاولات طمس الصورة

ومثلما عانى الشهيد الخالد في حياته من أذى , وما تعرض له من مواقف انتقاص , وما جوبه به من إعراض .. فقد كان حظه وافرا في إهمال شخصيته الفذة من قبل كتاب السيرة والحديث الذين لم يردعهم وازع من دين , ولم يكن لهم من ضميرهم رقيب , فحاولوا طمس أو تخفيف قوة الروايات أو الأحاديث التي طالت حياة التابعي العظيم.

وما ذلك إلا لما جناه على نفسه – حاشاه من الجناية – من ولاءه المطلق لخط الرسالة الأصيل الذي حمل لواءه مولى المتقين وسيد الموحدين الإمام علي (علیه السلام) , فكأني أتمثل ظلامته عين الظلامة - ولو بدرجة متفاوتة - التي تعرض لها سيد قريش وأول المحامين عن دين رسول الله (صلی الله علیه و آله) عمه الأكرم أبو طالب (علیه السلام) من اتهامات رخيصة , ذنبه فيها - حاشاه من الذنب – أنه أبو علي أمير المؤمنين (علیه السلام) .

وحاول الظالمون حتى التشكيك بشخصه , ف-( مالك ينكر أويسا) (1),وقالوا أنه : ( قد كان بعض أصحابنا ينكر كونه في الدنيا) (2), والبخاري حين يمر على الروايات بشأنه يدفع إلى أنه ( يماني مرادي ، في إسناده نظر فيما يرويه ) , و( أنه في الضعفاء : في إسناده نظر) (3) , وهذا حتى وإن كان الراوي لحديث أبي هريرة عنه – مثلا - أبو بكر الأعين (4)..

ص: 145


1- سير أعلام النبلاء - الذهبي: 4 / 32
2- لسان الميزان- إبن حجر : 1 / 475
3- ميزان الإعتدال - الذهبي: 1 / 278 ,لسان الميزان- إبن حجر : 1 / 471
4- محمد بن أبي عتاب البغدادي أبو بكر الأعين واسم أبي عتاب طريف روى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. روى عن: أحمد بن حنبل ومات قبله، وأدم بن أبي إياس، والأسود بن عامر شاذان، والحسن بن بشر بن سلم البجلي، والحسن بن عيسى النيسابوري، وحلبس بن محمد الكلبي، ورواد ابن الجراح العسقلاني، وروح بن عبادة، وزكريا بن عطية، وزيد بن الحباب، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وعبد الله بن جعفر الرقي، وأبي صالح عبد اللّه بن صالح المصري، وعبد اللَّه بن صالِح العجلي، وأبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، وعبد الصمد بن النعمان، وأبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وعفان بن مسلم ، وعلي بن المديني ، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي، وأبي الجهم الفضل بن الموفق، والقاسم بن محمد بن حميد المعمري، ومحمد بن بكار بن بلال العاملي.

وقالوا : (هذا حديث منكر تفرد به الأعين وهو ثقة) (1).

ولا يمكن أن نتصور أن الحاكمين يمكن أن يظلوا مكتوفي الأيدي أمام حدث شهادة خير التابعين مع الأمير (علیه السلام) في صفين , وهي الشهادة الصارخة من رسول الله (صلی الله علیه و آله) على أن الحق مع علي (علیه السلام) , مثلما هي شهادته بحق عمار (رضی الله عنه) الذي تقتله الفئة الباغية , فثبت رواتهم عن مالك تشكيكه في وجود أويس القرني (رضی الله عنه) .

ومن ضمن حملات التشكيك بحواري الأمير (علیه السلام) استغلال تشابه الأسماء, فنسبوا ل-(أويس) آخر فضيلة حديث النبي , ف-( عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه قال : سمعت من رجل من قومي يعني من قوم أويس وأنا أحدث بحديثه ، فقال: تدري يا أبا عثمان أويس ابن من ؟ قلت : لا قال: ذاك أويس بن الخليص) (2), ونسبه علقمة بن مرثد (3)– حتى تنفى شخصيته- أويس بن أنيس القرني.

إن أصابع الإتهام لتمتد بلا تردد إلى الحكام , فيما يتعلق بالروايات الواردة عن خير التابعين , فهم بلا ريب وراء إثارة الشكوك في الروايات الواردة عن أويس (رضی الله عنه) ، ومن أولها حكايات أن رجال قبيلته قد أنكروا معرفته عندما سئلوا عنه - وهي الحكايات التي بسببها احتج البخاري على تضعيف أويس (رضی الله عنه) وعدم قبول روايته حسب زعمه - فكيف يمكن تقبل

ص: 146


1- سير أعلام النبلاء – الذهبي : 4 / 33
2- تأريخ الطبري- إبن جرير الطبري : 10 / 116
3- الفقيه الحجة أبو الحارث الحضرمي الكوفي . حدث عن أبي عبد الرحمن السلمي ، وطارق بن شهاب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وسعد بن عبيدة وأمثالهم . عداده في صغار التابعين ، ولكنه قديم الموت . حدث عنه غيلان بن جامع ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، وشعبة ، وسفيان الثوري ، ومسعر بن كدام ، والمسعودي وآخرون . قال الإمام أحمد : هو ثبت في الحديث . قلت : توفي سنة عشرين ومائة .(سير أعلام النبلاء – الذهبي : 5 /205)

أن رجلا بمنزلة أويس (رضی الله عنه) تحدث عنه نبي الإسلام (صلی الله علیه و آله) أحاديث عدة ، وكان مدار بحث الخليفة عمر سنين عديدة ، ملتمسا منه طلب الإستغفار له ؛ عملا بطلب الرسول (صلی الله علیه و آله) حين قال له – كما الرواية - : فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل !! يجهله أفراد عشيرته الأقربين من القرنيين - وهو أضعف الإيمان - فمثله لابد أن يكون معرفا لكل اليمانيين , وموئلا لهم , ومصدر اعتزاز وفخر ؟!.

ولا بد لنا أن نجدد سببا لوقوع ذلك النفي بأصل وجوده , وإنكار أن يكون أحد يحمل إسم أويس (رضی الله عنه) بين أفراد القبيلة القرنية المرادية , إن صح خبر النفي أصلا ، وهذا السبب لا يعدو حاجز الخوف من ذكر علاقة القربى ؛ لما قد يكون له من تبعات على الأقارب , وهو ما يحدث حتى اليوم في النظم الاستبدادية الظالمة , حين يعاقب الأخ بجريرة أخيه , بل يعاقب كل أفراد عشيرته وصولا إلى درجة بعيدة , بذنب واحد يمتون له بصلة قد يكون انتقد الحاكمين , أو تعاطف أو انتظم في مجموعة تناوىء السلطات .

إن إصرار أفراد قبيلة أويس بادىء ذي بدء على إنكاره يحمل ذلك التصور الذي احتملناه , و ما يؤكده هو تراجعهم - أمام دلائل علم الخليفة - عن الإصرار على نفي وجوده , بالإقرار بذلك , وبدء سوق التهم إليه , تماما كما هو في ما عشناه إبان سني المحن من حكم الطغاة, ففي الحديث ( قال النبِي (صلی الله علیه و آله) ذات يوم لأَصحَابه : [ أَبْشِرُوا بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ بِمِثْلِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ ] , ثُمَ قال لعمر: [ يا عُمَرُ إِنْ أَدْرَكْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ] , فبلغ عمر مكانه بِالكوفة فجعل يطلبه في الموسم لعلّه أَن يحج حتى وقع إِليه هو وأَصحابه , وهو من أَحسنهم هيئة وأَرثّهم حالا , فَلما سأَل عنه أَنكروا ذلك , وقالوا : يا أَمير المؤمنين تسأَل عن رجل لا يسأَل عنه مثلك , قَال : فَلِمَ؟ قالوا : لأَنه عندنا مغمور في عقله , وربما عبث بِهِ الصبيان , قال عمر : ذلك أَحب إِلي , ثم وقف عليه فقال : يا أويس إِن رسول اللهِ (صلی الله علیه و آله) أَودعنِي إِليك رسالة , وهو يقرأُ عليك السلام , وقد أَخبرني أَنك تشفع بمثل ربيعة ومضر , فَخرّ أُويس

ص: 147

ساجِدا , ومكث طَوِيلا ما ترقى له دمعة حتى ظَنوا أَنه مات , ونادوه : يا أُويس هذَا أَمير المؤمنين , فرفَع رأْسه ثُمّ قال : يا أَمير المؤمنين أَفَاعل ذلك؟ قال : نعم يا أُويس , فَأَدخلني في شفاعتك , فأَخذ الناس في طلبه والتمسح بِهِ , فقال : يا أَمير المؤمنين شهرتني وأَهلكتني و كان يقول كثيرا : ما لقيت من عمر ) (1) .

فهذه صورة واضحة لإصرار عشيرته ومن معهم من أهل اليمن على إنكار شخصه أولا , ثم التراجع أمام إخبار الخليفة لهم بوجوده في الكوفة , بأن الذاكرة قد أسعفتهم بتذكر شخص مغمور , أخذوا يصفونه بشتى عبارات الإستصغار وحاولوا إظهاره بأنه مدخول في عقله , و(ربما عبث بِه الصبيان ), وظلت هذه الصفات الملصقة به مطبوعة في الأذهان ,فقد وصف (رضی الله عنه) بأنه : ( أول من نسب إلى الجنون في الإسلام ) (2).

وفي مناقشة لبعض وقائع الأحداث , نجد أنفسنا أمام تساؤل آخر عن سبب موضوع تعرض التابعي الشهيد للأذى , كما ورد في الحديث عنه , رغم أننا لا نملك تسلسلا زمنيا للأحداث , إلا أن بعضها كان يقع في الكوفة , ويقدم عليه حتى من هو من عشيرته , ناهيك عن الآخرين , الذين قد يكونون مرسلين موجهين للنيل من شخصه الكريم , وتنوعت أساليب الأذى , بين السخرية والإستصغار وكيل التهم الباطلة والشتم , ووصلت إلى حد الرمي بالحجارة , على رجل لم يصدر عنه ما يؤذي الناس – على أقل تقدير - ف-(عن أسير بن جابر ، قال : فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوما فقلت لجليس لنا : ما فعل الرجل الذي كان يقعد إلينا ، لعله اشتكى ؟ فقال : الرجل من هو ؟ فقلت : من هو ؟ قال : ذاك أويس القرني , فدللت على منزله فأتيته , فقلت : يرحمك الله أين كنت ، ولم تركتنا ؟ فقال : لم يكن لي رداء ، فهو الذي منعني

ص: 148


1- بحار الأنوار- الشيخ المجلسي: 42/ 156
2- عقلاء المجانين – إبن حبيب : 94

من إتيانكم قال : فألقيت إليه ردائي ، فقذفه إلي .. قال : فتخاليته ساعة ، ثم قال : لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته , فرآه علي قومي قالوا : انظروا إلى هذا المرائي .. لم يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه , فلم أزل به حتى أخذه ، فقلت : انطلق حتى أسمع ما يقولون فلبسه فخرجنا ، فمر بمجلس قومه فقالوا : أنظروا الى هذا المرائي لم يزل بالرجل حتى خدعه وأخذ رداءه , فأقبلت عليهم فقلت : ألا تستحيون ؟! لم تؤذونه ؟! والله لقد عرضته عليه فأبى أن يقبله) (1).

ويؤكد صعصعة بن معاوية في حديث له , أن بعض من كان يسبب الأذى لسيد التابعين ابن عم له من الحلقة المحيطة بالحاكم , فيقول : ( كان أويس بن عامر رجلا من قرن ، وكان من أهل الكوفة وكان من التابعين ، فخرج به وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه , فقال : اللهم دع في جسدي ما أتذكر به نعمتك . فترك الله منها ما يذكر به نعمته عليه ، وكان رجلا يلازم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به ، فإن رآه مع قوم أغنياء , قال : ما هو إلا يشاكلهم ! وإن رآه مع قوم فقراء ، قال : ما هو إلا يخدعهم ! وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيرا !! غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه) (2) , ( وكان ربما مرَّ الصبيان فيرمونه ويظنون أنه مجنون ، فيقول لهم : يا إخوتاه إن كنتم ولا بد أن ترموني , فارموني بأحجار صغار ، فإني أخاف أن تدموا عقبي ، فيحضر وقت الصلاة ولا أصيب الماء ، فهكذا كانت سيرته ) (3).

ولعل من الحدس المنطقي أن نفكر بأن كل هذا ما هو إلا حملة منظمة موجهة للنيل من شخصية هذا الكريم الذي أوصى به نبي الرحمة (صلی الله علیه و آله) , حتى تمسخ شخصيته الفذة , ومن الطبيعي أن نتساءل عن مصدر هذه الحملات ضد خير التابعين , والتي حدثت في الكوفة قبل

ص: 149


1- المستدرك - الحاكم : 3 / 404
2- المجروحين - إبن حبان : 3 / 151
3- إحياء علوم الدين – الغزالي : كتاب ذم الدنيا

لقاءه بالخليفة - إن صحت رواية اللقاء - , وأن نتساءل أيضا عن هذا (السلطان) الذي استقوى به ابن عم أويس , فأولع في إيذاءه , فإما أن يكون قد غض الطرف عن فعل هذا المجرم , وإما أن يكون هو من كان يدفعه إلى ذلك , ويظل تساؤلنا الكبير لماذا ؟ وهل (السلطان) مدفوع بمن هو أكبر منه سلطة لفعل ذلك ؟ وهل كل ذلك لأن رجل الصلاح والتقوى والزهد والإيمان لم يسر في ركاب الحاكمين؟ أو لأنه قد كتب لكل محاولات استقطابه الفشل ؛ فأصبحت فكرة وجود إنسان مؤثر له فضيلة كبرى – بأحاديث سيد الأنبياء (صلی الله علیه و آله) – مثار قلق وخوف لمن لم يسر في ركابهم , فصمموا على النيل منه بكل وسيلة ممكنة.

واستشهد أويس (رضی الله عنه) في صفين , ليتعرض إلى ظلامة أخرى ؛ فمن الطبيعي أن تكون قصة الرجل الذي سأل عنه في الوقعة , وتصريحه بشهادة الرسول (صلی الله علیه و آله) التي رواها في حقه وحق الإمام علي (علیه السلام) ، واحدة من الحجج التي استعملها المسلمون لإثبات أن معاوية وأهل الشام كانوا على الباطل , ولم يكن لها جواب عند أتباع الحاكمين , فعملوا بطرق شتى على توهينها ومحاولة مسخ صورتها الحقيقية , وخاصة حين سيطر آل أمية على مقدرات المسلمين واستلموا السلطة ؛ فتنامت قدرات وعاظ السلاطين , الذين كانت لهم جذور ممتدة نخرت تأريخ الإسلام بعد شهادة النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) , ومثل الحكم الأموي أفضل حاضنة لطمس الكثير من الأحاديث التي صحت في أهل البيت (علیهم السلام) وأتباعهم , أو تغيير محتواها والتلاعب بها , واختلاق أحاديث على النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) , تناسب أمزجة ملوك الأمويين , وتعلي من شأنهم , وشأن من سبقوهم من حكام الجور , حتى يمكن بها مطاولة الأحاديث الصحيحة عن علي (علیه السلام) وأتباعه , وهي التي عرضوها لحملة تزييف وتضعيف , عن طريق ( تلاعب الأيدي الأثيمة بالدين من طريق دس أحاديث مكذوبة على الله وعلى أمنائه , في ضمن الأحاديث النبوية وأحاديث خلفائه وأوصيائه , ما يعد بالألوف , فإن واحدا من الزنادقة أقر بأنه قد زور اثني عشر ألف حديث , وأدخلها في ضمن تلك الأحاديث , وإذا كان ظالم واحد قد افترى على

ص: 150

الله ورسوله وأوصيائه بإدخال هذا المقدار من الأحاديث , فماذا ترى فيما إذا أضفته إلى ألوف مثله ممن لا حظ له في الإسلام إلا ما يتستر به من إجراء لفظه على لسانه ) (1) . ويظهر أن البصريين - فيما يخص الأحاديث المتعلقة بأويس القرني (رضی الله عنه) - كانوا أكثر استجابة من الكوفيين ، فقد قالوا إن: ( أهل المدينة يقولون : أفضل التابعين سعيد بن المسيب ، وأهل الكوفة أويس القرني ، وأهل البصرة الحسن البصري ) (2).

وحاول النووي – وقد أفحمته رواية خير التابعين – أن يخرج بتوفيق من محاولات إضعافها فقال : ( قوله (صلی الله علیه و آله) : خير التابعين رجل يقال له أويس ... وقد يقال : قد قال أحمد بن حنبل وغيره : أفضل التابعين سعيد بن المسيب والجواب : أن مرادهم أن سعيد أفضل في العلوم الشرعية .. لا في الخير) (3) , وهو تبرير اعتباطي لا يستند على أي دلالة عقلية أو نقلية.

وهو وأمثاله تركوا الرواية التي صحت عندهم عن نبيهم (صلی الله علیه و آله) - وهي تقول هنا إن أويساً (رضی الله عنه) خير التابعين مطلقاً ، ولا تقيد ذلك بناحية دون ناحية - لكي يصححوا قول شخص في مقابل حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله) .

وعندما صدموا بأحاديث شفاعة أويس بمثل ربيعة ومضر, وتميم ومضر ,قالوا : (هذا حديث منكر جدا ، وإسناده مظلم) (4) , و قالوا : (ولم تصح ، وفيها ما ينكر) (5).

بل أن بعضهم حاول نقل هذه البشارة النبوية التي تلطف بها سيد الرسل (صلی الله علیه و آله) من أويس (رضی الله عنه) إلى شخص آخر هو الحاكم نفسه , فنقلوا عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قوله : ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِيْ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ) وقالوا : ( قيل هو أويس ، والمشهور أنه عثمان بن

ص: 151


1- لكل سؤال جواب – السيد عبد الكريم السيد علي خان المدني : 1 / 73
2- الجواهر المضية في طبقات الحنفية - إبن أبي الوفاء : 419
3- شرح مسلم - بهامش الساري : 9 / 429
4- سير أعلام النبلاء – الذهبي : 4 / 31
5- المصدر السابق نفسه : 4 / 29

عفان) (1),وفي أخرى عن أبي أمامة : ( قال رسول اللَه (صلی الله علیه و آله و سلم) : [ يَدْخُلُ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ مِثْلُ أَحَدِ الْحَيَّيْنِ : رَبِيعَةَ ، أَوْ مُضَرَ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا رَبِيعَةُ مِنْ مُضَرَ ؟ قَالَ : إِنَّمَا أَقُولُ مَا أَقُولُ ].. قال : فكان المشيخة يرون أن ذلك الرجل عثمان بن عفان (رضی الله عنه) ) (2) , وهو ما لم يشتهر حتى على ألسنة مريديه.

كما نسبوا الشفاعة لشخص آخر أكثر ملائمة لمزاج الحاكمين , وجاؤوا برواية مستنسخة – مع شيء من تغيير – تشير إلى ذلك, فقد روى يزيد بن جابر قال : ( بلغنا أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : يكون في أمتي رجل يقال له صلة (3) ، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا) (4) , وقال الذهبي عن الحديث : إسناده ضعيف لإعضاله كما قال المؤلف ، والحديث المعضل هو الذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.

وآخرون أعجبهم حديث النبي (صلی الله علیه و آله) عن شفاعة أويس (رضی الله عنه) , فاستثمروه لتبجيل بعض أصحابهم , وصرح متعصبو الحنابلة بتفضيلهم على أويس القرني (رضی الله عنه) , ( فقال البربهاري (5) إذا كان أويس القرني يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، فكم يدخل في شفاعة أبي الحسن بن

ص: 152


1- تذكرة الموضوعات - المقدسي: 94 : في المختصر
2- حديث إبن مخلد عن شيوخه : ح62
3- صلة بن أشيم العدوي من عدي بن الرباب وهو عدي ابن عبد مناة بن أد بن طابخة ، أورده سعيد القرشي ... قتل بسجستان سنة 35 ﻫ ، وكان عمره 130 سنة, وترجم الذهبي لصلة هذا باحترام كبير فقال: صلة بن أشيم الزاهد العابد القدوة ، أبو الصهباء العدوي البصري زوج العالمة معاذة العدوية ، ما علمته روى سوى حديث واحد عن ابن عباس.. حدث عنه أهله معاذة ، والحسن ، وحميد بن هلال ، وثابت البناني ، وغيرهم وقال في هامشه عن معاذة زوجة صلة : من رجال التهذيب ، وحديثها في الكتب الستة.. ثم ذكر الذهبي أنه استشهد في سجستان سنة 62 ﻫ (سير أعلام النبلاء : 3 / 497)
4- أسد الغابة - إبن الأثير: 3 / 29, أخرجه أبو موسى, تأريخ الإسلام - الذهبي: 5 / 127
5- الحسن بن علي بن خلف البربهاري المتوفي سنة 329 ﻫ . ذكره الذهبي فقال : البربهاري : شيخ الحنابلة القدوة الإمام الفقيه. كان قوالا بالحق، داعية إلى الأثر، لا يخاف في الله لومة لائم..( سير أعلام النبلاء- الطبقة الثامنة عشرة)

بشار (1) ؟) (2) , وأوغلوا فقالوا : ( صدق البربهاري لان أويساً كان من الابدال ، وأبا الحسن كان من المستخلفين ، والمستخلف أجل من البدل وأفضل عند الله ؛ لان المستخلف في الأرض مقامه مقام النبيين (علیهم السلام) !! لأنه يدعو الخلق إلى الله ، فبركته عائدة عليه وعلى كافة الخلق ، وبركة البدل عائدة على نفسه ) , فهذا (البربهاري) شبيه بأولئك الناس الذين عارضوا عبد الله بن عمر في بعض السنة، فقال لهم ابن عمر : (هل نحن مأمورون بإتباع عمر أو بإتباع السنة؟).

ويمكن للإحاطة بمفهوم حديث الرسول (صلی الله علیه و آله) عن شفاعة خير التابعين أن نمر سريعا على موضوع الشفاعة ؛ لنعرفها اولا لغة واصطلاحا.

فلغة : شَفَعَ شفعاً ، الشيء صيّره شفعاً أي زوجاً بأن يضيف إليه مثله ، يقال : كان وتراً فشفعهُ بآخر , أي قرنهُ به , وتقول : شُفِعَ لي الأشخاص , أي أرى الشخص شخصين لضعف بصري ، وشَفَعَ شفاعةً لفلان، أو فيه إلى زيد : طلب من زيد أن يعاونه , وشفعَ عليه بالعداوة : أعان عليه وضادّهُ .وتشفّع لي وإليَّ بفلان أو في فلان : طلب شفاعتي (3).

ص: 153


1- أبو الحسن بن بشار الذي عنه قال أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات : وأخرج إلي أبو إسحاق البرمكي جزءاً فيه حكايات أبي الحسن بن بشار رواية أبيه أبي حفص ، عن أبيه أحمد بن إبراهيم قال : سألت الشيخ يعني أبا الحسن بن بشار عن حديث أم الطفيل وحديث ابن عباس في الرؤيا ؟ فقال : صحيح ، فعارض رجل ، فقال : هذه الأحاديث لا تذكر في مثل هذا الوقت !! فقال له الشيخ فيدرس الإسلام ، فسكت . قال أبو يعلى : فقد حكم بصحة الحديث . (إبطال التأويلات :1 / 142 رقم 141 . ونقل ذلك ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة :2 / 59 في ترجمة علي بن محمد بن بشار أبي الحسن بن بشار رقم 599 )والحديث المذكور عن رؤية النبي لربه وهو : قال الطبراني في السنة : حدثنا علي بن سعيد الرازي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن الضحاك عن ابن عباس قال : رأى محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ربه في صورة شاب أمرد ، وبه قال ابن جريج عن صفوان بن سليم ، عن عائشة قالت : رأى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ربه على صورة شاب جالس على كرسي رجله في خضرة من نور يتلألأ . (نقله عنه السيوطي في اللآلي المصنوعة :1 / 30)
2- طبقات الحنابلة - أبو يعلى: 2 / 63
3- المعجم : الرائد , الغني , اللغة العربية المعاصر , الوسيط

وأما التعريف الاصطلاحي للشفاعة فهو : السؤال في التجاوز عن الذنوب (1)أو هو : عبارة عن طلبه من المشفوع إليه أمراً للمشفوع له ، أو التماس العفو أو التخفيف من العقوبة عن الغير (2) .

فشفاعة النبي (صلی الله علیه و آله) أو غيره , عبارة عن دعائه الله تعالى لآخرين , وطلبه من ربه الكريم غفران ذنوبهم وقضاء حوائجهم ، فهي دعاء ورجاء (3), وهي تفضّل من الله تعالى ودعوة مستجابة لنبينا (صلی الله علیه و آله) ادّخرها لأهل الكبائر من أمته , فأصل الشفاعة من جملة الحقائق المختصة بالله جل وعلا ، قال تعالى: ﴿قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالاْرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (4) ، وهي مشروطة بإذنه عز وجل لقوله تعالى : ﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (5) وقوله : ﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ﴾ (6) , وقوله : ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِىّ وَلاَ شَفِيع أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾ (7), فمعناها: مالكيّته لكل شفاعة مأذونة بالأصالة , وأما ما لعباده المأذونين ، فهي شفاعتهم لمن ارتضاه سبحانه , وهي شفاعة فئة خاصة من عباد الله سبحانه ، الذين تقبل شفاعتهم عند الله بشروط خاصة ذكرت في الآيات الكريمة : ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ

ص: 154


1- التعريفات - الجرجاني : 56 , النهاية في غريب الحديث -إبن الأثير: 485,الكليات - أبو البقاء : 536
2- المعجم : مصطلحات فقهية , الوسيط
3- كشف الإرتياب - السيد محسن الأمين : 196
4- سورة الزمر- الآية 44.
5- سورة الأنعام - الآية 51
6- سورة الأنعام - الآية 70
7- سورة السجدة - الآية 4

مُكْرَمُونَ* لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ* يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ (1) , ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَك فِي السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ (2) , ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ (3) , ومحمد العظيم (صلی الله علیه و آله) هو شفيع المحشر على الإطلاق ؛ لأن الشفاعة بالأصل – كما وردت في أحاديثنا - إنما هي كرامة من الله تعالى له (صلی الله علیه و آله) , وأن الأنبياء الآخرين (علیهم السلام) إنما يشفعون بما يعطيهم سيد المحشر وصاحب لوائه (صلی الله علیه و آله) مما أعطاه ربه عز وجل , فقد جاء عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) قوله : [يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ الْأَنْبِيَاْءُ، ثُمَّ الْعُلَمَاْءُ، ثُمَّ الْشُهَدَاْءُ] (4) وقوله (صلی الله علیه و آله) : [ الْشُفَعَاْءُ خَمْسَةٌ: الْقُرْآنُ، وَالْرَحِمُ، وَالْأَمَاْنَةُ، وَنَبِيُّكُمْ وَأَهْلُ بَيْتِهِ (علیهم السلام) ] (5) , وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله) : [ إِنِّيْ أَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ فَأُشَفَّعُ ، وَيَشْفَعُ عَلِيٌّ فَيُشَفَّعُ ، وَإِنَّ أَدْنَىْ الْمُؤْمِنِيْنَ شَفَاْعَةً يَشْفَعُ فِيْ أَرْبَعِيْنَ مِنْ إِخْوَانِهِ] (6) , وقال (صلی الله علیه و آله) : [ إِذَاْ كَاْنَ يَوْمُ الْقِيَاْمَةِ كُنْتُ إِمَاْمَ الْنَبِيْيّنَ وَخَطِيْبَهُمْ وَصَاْحِبَ شَفَاْعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْرٍ ] (7) , وقال (صلی الله علیه و آله) : [ِإِنِّيْ لأَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ وَأُشَفَّعُ ، وَيَشْفَعُ عَلِيٌّ فَيُشَفَّعُ ، وَيَشْفَعُ أَهْلُ بَيْتِيْ فَيُشَفَّعُوْنَ ] (8) , وقد ثبت في مصادر الطرفين أن النبي (صلی الله علیه و آله) نص على عدد من

ص: 155


1- سورة الأنبياء - الآيات 26 -28 .
2- سورة النجم - الآية 26 .
3- سورة غافر - الآية 7
4- سنن إبن ماجه: 2 / 3 144 / 4313.
5- كنز العمال- المتقي الهندي: 1 / 390.
6- أوائل المقالات: 53 .
7- سنن الترمذي: 5/ 247 , سنن إبن ماجه: 1443
8- المناقب - إبن شهر آشوب: 2/ 15, وبهذا المضمون في مجمع البيان- الشيخ الطبرسي: 1/ 104

الصحابة بأسمائهم ، أن لهم مقاماً كبيراً عند الله تعالى ، وأن الجنة تشتاق إليهم , والملاحظ أنهم كلهم من شيعة أهل البيت (علیهم السلام) .

وقد ثبتت لخير التابعين أويس القرني (رضی الله عنه) الشفاعة بعدد كبير جدا من الناس بحديث النبي الكريم (صلی الله علیه و آله) , حيث نص على اسمه – كما مر بنا - وهي دليل واضح على شفاعة أهل بيت النبي (صلی الله علیه و آله) ؛ إذ نلاحظ تمسك الصحابي الفذ قولا وعملا بحقيقة اقتران العترة الطاهرة بالنبي الأكرم في الحديث المروي عن إرسال الخليفة وفدا له فقد ورد أنه: ( نادى عمر بن الخطاب وهو على المنبر بمنى: يا أهل قرن, فقام مشايخ فقالوا: نحن يا أمير المؤمنين، قال: أفي قرن من اسمه أويس؟ فقال شيخ: يا أمير المؤمنين ليس فينا من اسمه أويس إلا مجنون يسكن القفار والرمال لا يألف ولا يؤلف, فقال: ذاك الّذي أعنيه، إذا عدتم إلى قرن فاطلبوه وبلّغوه سلامي, وقولوا له: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله) بشّرني بك وأمرني أن أقرأ عليك سلامه , قال: فعادوا إلى قرن فطلبوه فوجدوه في الرمال فأبلغوه سلام عمر وسلام النبيّ (صلی الله علیه و آله) , فقال: عرفني أمير المؤمنين وشهر باسمي, السلام على رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله)، وهام على وجهه فلم يوقف له بعد ذلك على أثر...) (1) , فهو (رضی الله عنه) رد السلام على النبي (صلی الله علیه و آله) فقط , وصلى عليه وعلى آله ؛ تمسكا بقول النبي (صلی الله علیه و آله) : [ لَاْ تُصَلُّوْا عَلَيَّ الْصَلَاْةَ الْبَتْرَاْءَ]، فَقَاْلُوْا: وَمَا الْصَلَاْةُ الْبَتْرَاْءُ؟ قَاْل (صلی الله علیه و آله) : [تَقُوْلُوْنَ اللّهُمَّ صَلِّ عَلَىْ مُحَمَّدٍ وَتُمْسِكُوْنَ, بَلْ قُوْلُوْاْ اللَّهُمَّ صَلَّ عَلَىْ مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِ مُحَمَّدٍ] (2).

وعندما هزل تبريرهم لطلب الخليفة الثاني من أويس أن يستغفر له , قالوا : ( وهذا سياق منكر ، لعله موضوع ) (3) .

ص: 156


1- الطبقات الكبرى- إبن سعد : 6/ 164، سير أعلام النبلاء- الذهبي: 4/ 21، النهاية في غريب الحديث : / 164, و تتمة الحديث في المستدرك على الصحيحين: 2/ 397، وقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي كما في ذيل المستدرك، وقال: (صحيح على شرط مسلم)
2- الصواعق المحرقة- إبن حجر: 2/ 430
3- سير أعلام النبلاء- الذهبي: 4/ 28

وعالج البعض هذه المعضلة , بعد أن لم ينكر طلب الإستغفار, وتخلصا من شبهة الأفضل ؛ فقيد قول النبي (صلی الله علیه و آله) المطلق في أويس (رضی الله عنه) ! وقال عن أويس (رضی الله عنه) : (هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ) (1) ؛ حتى يمكن اللجوء إلى أن في غير عصره يوجد كثيرون أفضل منه.

وانبرى ابن تيمية (2) ليعالج الموضوع فأكد على أن أمر الرسول (صلی الله علیه و آله) لعمر أن يطلب من أويس (رضی الله عنه) أن يستغفر له ، لا يدل على أن أويساً (رضی الله عنه) أفضل من عمر, وقال في ذلك : ( وحتى أمر

ص: 157


1- سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 19
2- أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني ولد في حران سنة 661 ثم انتقل إلى دمشق فاشتغل بالتدريس والإفتاء، وبقي على حاله من إصدار الفتاوى والآراء الجديدة المخالفة لما عليه المذاهب الأربعة، سواء في الأصول أو الفروع، وفي سنة 726 ﻫ حدثت فتن كبيرة في دمشق بسبب فتواه بتحريم شد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء ، وعرف ببغضه الشديد لأمير المؤمنين (علیه السلام) , ومن ذلك قوله عن قول النبي (صلی الله علیه و آله) لعلي (علیه السلام) [أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِيْ]: موضوع (منهاج السنة: 3 / 9 ) , وقوله : (إن حديث رد الشمس لعلي كذب موضوع)( منهاج السنة: 4 / 186), وقوله : (وسد الأبواب كلها إلا باب علي..فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة)( منهاج السنة: 3 / 9), وقوله في الحديث النبوي : [أَنَاْ مَدِيْنَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَاْبُهَاْ] : موضوع والكذب يعرف من نفس المتن)( منهاج السنة: 4 / 138), وقوله في الحديث النبوي : [أَقْضَاْكُمْ عَلِيٌّ]: (القضاء يستلزم العلم والدين ، فهذا الحديث لم يثبت وليس له إسناد تقوم به الحجة) (منهاج السنة: 4 /138), وقوله في الحديث النبوي : [مَنْ أَحَبَّ عَلِيَّاً فَقَدْ أَحَبَّنِيْ وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيَّاً فَقِدْ أَبْغَضَنِيْ] كذب (منهاج السنة:3 / 9 - 10) , وقوله : (إن علياً إنما قاتل الناس على طاعته لا على طاعة الله، فمن قتل النفوس على طاعته كان مريداً للعلو في الأرض والفساد، وهذا حال فرعون والله تعالى يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ((سورة القصص – الآية 83) (منهاج السنة:2/ 202) , وقوله : (وعامة هذه المغازي التي تروى عن علي وغيره قد زادوا فيها أكاذيب كثيرة مثل ما يكذبون في سيرة عنترة والأبطال وجميع الحروب الّتي حضرها علي (رضی الله عنه) بعد وفاة رسول اللَّه (صلی الله علیه و آله و سلم) ثلاثة حروب: الجمل، وصفين، وحرب أَهل النهروانِ )( الفتاوي الكبرى :4 / 413),وقال : (أن الله قد اخبر أنه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات وُداً، وهذا وعد منه صادق، ومعلوم أن الله قد جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم، لا سيما الخلفاء رضي الله عنهم، لا سيما أبو بكر وعمر، فإن عامَّة الصحابة والتابعين كانوا يودونهما، وكانوا خير القرون، ولم يكن كذلك عليٌّ؛ فإن كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه) (منهاج السنة : 7/137),وقال : (وقد علم قدح كثير من الصحابة في عليٍّ)( منهاج السنة : 7/147) , ودافع عن يزيد في قتله للحسين (علیه السلام) فقال : ( ويزيد ليس بأعظم جرماً من بني إسرائيل!!! كان بنوا إسرائيل يقتلون الأنبياء، وقتل الحسين ليس بأعظم من قتل الأنبياء )( منهاج السنة:2/247),وغير ذلك كثير , وشكلت آراؤه القاعدة الأساسية لفكر محمد بن عبد الوهاب ,مات سنة 728ﻫ

النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أن يطلب من أويس القرني أن يستغفر للطالب ، وإن كان الطالب أفضل من أويس بكثير وقد قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) في الحديث الصحيح : [ إِذَاْ سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُوْلُوْا : مِثْلَ مَاْ يَقُوْلُ ، ثُمَّ صَلُّوْا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّىْ عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَاً] ...) (1) , فنلاحظ الوهن في الاستدلال وكيف جعل طلب الاستغفار كطلب الدعاء, وكيف شبه أمر النبي (صلی الله علیه و آله) لعمر أن يطلب الاستغفار من أويس (رضی الله عنه) ، بطلب الرسول (صلی الله علیه و آله) منا أن نصلي عليه (صلی الله علیه و آله) ؟!! مع الفارق الكبير بينهما , فطلب الرسول (صلی الله علیه و آله) منا أن ندعو له بالصلاة عليه إنما هو من أجلنا ، ولم يستمد منا المساعدة , أما توجيهه أحداً أن يطلب الاستغفار من أحد ، فلا يكون إلا إذا كان للثاني مقام عند الله تعالى يؤمل به أن ينفع الاول !! فهو من قبيل قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ (2).

كما تجنى آخرون على سيد التابعين وحاولوا الانتقاص من قدره , بمقارنة واهية القواعد , ففي مناظرة ورد ( وسمعت أبا سليمان (3) وأبا صفوان (4) يتناظران في عمر بن عبد العزيز (5)

ص: 158


1- التوسل والوسيلة- إبن تيمية :327
2- سورة النساء – الآية 64
3- أبو سليمان عبد الرحمن بن أحمد وقيل عبد الرحمن بن عطية وقيل ابن عسكر العنسي الداراني ولد في حدود الأربعين ومئة وروى عن سفيان الثوري وأبي الأشهب العطاردي وغيرهما وقال أبو حاتم لا يحتج به و توفي سنة نيف وتسعين ومئة , روى له إبن ماجه حديثا
4- ابن السرماري أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر السلمي ، البخاري ، سمع في حداثته باعتناء أبيه من : أشهل بن حاتم ، وأبي عاصم ، وعبيد الله ، ومكي بن إبراهيم ، والمقرئ . وعنه : صالح جزرة ، وعمر بن محمد بن بجير ، وآخرون . توفي سنة ست وسبعين ومائتين .(أعلام النبلاء – الذهبي : 13 / 36)
5- عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم , الخليفة الأموي , من أشهر ما عرف عنه رفعه السب عن أمير المؤمنين (علیه السلام) ورده فدكا إلى أبناء الزهراء (علیها السلام) , قال العلامة المامقاني : لا نشكر منه إلاّ رفعه السب عن أمير المؤمنين (علیه السلام) بعد ابتداع معاوية عليه لعائن الله تعالى وقد روي في سبب رفعه سبّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قال : كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة ، وهو حينئذٍ أمير المدينة ، فكنت أسمع أبي يمر في خطبه تهدر شقائقه ، حتى يأتي إلى لعن علي (علیه السلام) فيجمجمُ ، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به ، فكنت أعجب من ذلك ، فقلت له يوماً : يا أبت ، أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك ، حتى إذا مررت بلعن هذا الرجل ، صرت ألكن عييا ، فقال : يا بني ، إنّ من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم ، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا أحد ، فوقرت كلمتهُ في صدري ، مع ما كان قاله لي معلمي أيام صغري، فأعطيت الله عهداً ، لئن كان لي في هذا الاَمر نصيب لاغيّرنّه ، فلما منّ الله عليّ بالخلافة اسقطت ذلك ، وجعلت مكانه : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( (سورة النحل – الآية 90)وكتبت في الآفاق فصار سنّة ، وروي انه لما ردّ عمر بن عبد العزيز فدكاً على ولد فاطمة (علیها السلام) اجتمع عنده قريش ومشايخ أهل الشام من علماء السوء ، وقالوا له : نقمت على الرجلين فعلهما ، وطعنت عليهما ، ونسبتهما إلى الظلم والغصب ؟ ! فقال : قد صحّ عندي وعندكم ، إنّ فاطمة بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) ادّعت فدكاً ، وكانت في يدها ، وما كانت لتكذب على رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، مع شهادة عليّ (علیه السلام) وأم أيمن وأم سلمة ، وفاطمة (علیها السلام) عندي صادقة فيما تدّعي ، وإن لم تقم البينة، وهي سيدة نساء الجنّة ، فأنا اليوم أردّ على ورثتها ، وأتقرّب بذلك إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأرجو أن تكون فاطمة والحسن والحسين (علیهم السلام) يشفعون لي يوم القيامة ، ولو كنت بدل أبي بكر وادّعت فاطمة (علیها السلام) كنت أصدقها على دعوتها ، فسلّمها إلى الباقر (علیه السلام) , توفّي بدير سمعان من أرض حمص سنة 101 ﻫ وكان له يوم توفّي احدى وأربعون سنة . وكانت خلافته سنتين وخمس ليال ( تنقيح المقال للمامقاني : 2/ 345 ترجمة رقم : 9016 ، شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد : 4 / 58 - 60 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : / 114 )

وأويس ، فقال أبو سليمان لأبي صفوان : كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس فقال له : ولم ؟ قال : لأن عمر بن عبد العزيز ملك الدنيا فزهد فيها , فقال له أبو صفوان : وأويس لو ملكها لزهد فيها مثل ما فعل عمر , فقال أبو سليمان : أتجعل من جرب كمن لا يجرب ، إن من جرت الدنيا علي يديه ولم يكن لها فى قلبه موقع ) (1), فتعامى هؤلاء عن أن أويساً (رضی الله عنه) شهد له سيد المرسلين (صلی الله علیه و آله) بأنه من كبار أولياء الله تعالى ، والشفعاء عنده يوم القيامة ، وأن معنى ذلك أن الملك والخلافة ومغريات الدنيا لو عرضت عليه وقبلها فسوف لا تغير منه شيئاً , بينما لم يشهد (صلی الله علیه و آله) لمن قارنوه به بحرف من ذلك , فتفضيله على أويس (رضی الله عنه) وجعله في درجته ، ما هو إلا التعصب الأعمى لبني أمية.

والمتأمل في النصوص الواردة في مصادر الآخرين في أويس (رضی الله عنه) ، يلاحظ فيها تناقضا كثيرا ، نشأ من أنهم أرادوا أن يغطوا على فراره من الخليفة ، وامتناعه من الدعاء له والإقامة عنده ،

ص: 159


1- حلية الأولياء – أبو نعيم: 9 / 223 , و البداية والنهاية- إبن كثير : 9 / 233

فوضعوا أحاديث عن لقائه به ، يناقض بعضها بعضا ؛ حتى لتوجب الشك في اللقاء بأويس (رضی الله عنه) واستغفاره, فعن صعصعة بن معاوية قال : ( كان عمر بن الخطاب يسأل وفد أهل الكوفة إذا قدموا عليه : تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا , وكان أويس رجلاً يلزم المسجد بالكوفة فلا يكاد يفارقه ، وله ابن عم يغشى السلطان ويؤذي أويساً ، فوفد ابن عمه الى عمر فيمن وفد من أهل الكوفة ، فقال عمر : أتعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فقال ابن عمه : يا أمير المؤمنين إن أويساً لم يبلغ أن تعرفه أنت ، إنما هو إنسان دون ، وهو ابن عمي ..... فراغ ، فما رئي حتى الساعة ) (1).

وعندما عجز وعاظ السلاطين عن أن ينفوا أصل بشارة النبي (صلی الله علیه و آله) بأويس (رضی الله عنه) ومكانته المميزة عند الله تعالى , حاولوا أن ينفوا أنه قتل في صفين ، وادعوا أنه توفي في طريقه إلى الشام , فقالوا : ( تضاربت الأقوال في مكان وفاته فمنهم من قال : إنه مات على جبل أبي قبيس بمكة ، ومنهم من يزعم أنه مات بدمشق , ومنهم من زعم أنه توفي بالحيرة , ومنهم من قال: إنه قتل يوم صفين في رجال علي (رضی الله عنه) ) (2). وروى بعضهم أنه استشهد يوم نهاوند (3), وروى دجال آخر : ( صح أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، أنه أمر عمر أن يسأله أن يستغفر له ، فقيل : اجتمع به عمر ببيت المقدس ، وقيل: لقيه بالموسم ، فقال لعمر: حججت واعتمرت وصليت في مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، ووددت لو أني صليت في المسجد الأقصى , فجهزه عمر فأحسن جهازه ، وأتى

ص: 160


1- المجروحين - إبن حبان : 3 / 151 ، لسان الميزان- إبن حجر : 1 / 471, وفي هامشه : راغ الى كذا : مال إليه سرا وحاد
2- لسان الميزان- إبن حجر: 1 / 475
3- معركة نهاوند من المعارك الفاصلة في الفتح الإسلامي لفارس. وقعت في خلافة عمر بن الخطاب، سنة 21 ﻫ وقيل سنة 18 أو 19 ﻫ قرب بلدة نهاوند في فارس، وانتصر فيها المسلمون انتصارا كبيرا بقيادة النعمان بن مقرن على الفرس الساسانيين، إلا أن النعمان قتل في المعركة وبانتصار المسلمين انتهى حكم الدولة الساسانية في إيران بعد أن دام 416 عاما

المسجد الأقصى فصلى فيه ، ثم أتى الكوفة فخرج غازيا إلى ثغر أرمينيا (1) ، فأصابه البطن ، فالتجأ إلى أهل خيمة ، فمات عندهم ، ومعه جراب وقعب (2)، فقالوا لرجلين منهم : اذهبا فاحفرا له قبرا ، قالوا : فنظرنا في جرابه ، فإذا فيه ثوبان ليسا من ثياب الدنيا ، وجاء الرجلان فقالا : أصبنا قبرا محفورا في صخرة كأنما رفعت عنه الأيدي الساعة ، فكفنوه ثم دفنوه , ثم التفتوا فلم يروا شيئا ) (3) , وقال آخر: ( وبعض الرواة يزعم أن أويساً القرني العابد ، قتل مع علي بصفين , ويقال : بل مات بسجستان (4) ) (5) , وقال آخر : ( إنه غزا أذربيجان (6) فمات ، فتنافس أصحابه في حفر قبره) (7), وأسهب آخر فقال : ( غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ، ومعنا أويس القرني ، فلما رجعنا مرض علينا - يعني أويس - فحملناه ، فلم يستمسك فمات ،

ص: 161


1- الثغر بالفتح ثم السكون وراء كل موضع قريب من أرض العدو يسمى ثغرا كأنه مأخوذ من الثغرة وهي الفرجة في الحائط وهو في مواضع كثيرة منها ثغر الشام وجمعه ثغور وهذا الاسم يشمل بلادا كثيرة
2- الجراب: المزود، والجمع أجربة، وجرب وجراب القميص، جيبه(ابن منظور، لسان الميزان : 1 /259 ) والقعب: القدح الضخم الغليظ، وقيل القدح من خشب مقعر،والجمع القليل أقعب والجمع الكثير قعاب(لسان الميزان- ابن منظور: 1 / 683)
3- الزهد - إبن حنبل: 341, الطبقات - إبن سعد: 6 / 161 , ميزان الإعتدال - الذهبي: 278/1 , فتوح البلدان- البلاذري: 197 , المعجم - ياقوت الحموي: 1 /160 , الثقات – إبن حبان: 4 / 52 , مثير الغرام - إبن تميم: 331 , إتحاف الأخصا - السيوطي: 2/35
4- إقليم سجستان كان من الأقاليم المهمة للخلافة الإسلامية بوصفه ثغراً إسلامياً، وقاعدة إسلامية مهمة لمواجهة القوى التي تهدد الدولة الإسلامية من الشرق والشمال الشرقي ممثلة في زنابلة كابل وزابلستان وبلاد الهند الشمالية ، ثم أصبح فيما بعد إقليماً تابعاً للدولة الطاهرية(205-259ﻫ ) التي اتخذت من نيسابور قاعدة لها ، ثم نشأت فيه الدولة الصفارية(247-300ﻫ ) واتخذته قاعدة لحكمها ، ومنطلقاً لسيطرتها على بقية الأقاليم الشرقية، وبعد انهيارها انضوى تحت سيادة الدولة السامانية (250-395ﻫ ) ثم الغزنوية(351-582ﻫ ).
5- أنساب الأشراف- البلاذري: 320
6- تشغل أذربيجان كتلة من اليابسة كبيرة الاتساع، تبلغ مساحتها 86,6 ألف كيلو متر مربع، و تقع في الجزء الشرقي لمنطقة ما وراء جبال القوقاز ، وهي ضمن القارة الآسيوية ، وأحدى الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي سابقا , وعندما فتح المسلمون فارس فتحوا أيضا أذربيجان، وكان ذلك في القرن الأول الهجري، وانتهى الأمر بدخول الأذربيجانيين في الإسلام.
7- سير أعلام النبلاء- الذهبي : 4 / 25

فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب ، وكفن وحنوط ، فغسلناه وكفناه) (1), ولا ندري لم تفضلوا عليه بكرامة القبر المحفور والماء المسكوب والكفن والحنوط , ولم يسلبوها منه , وينسبوها لآخر!.

وجعلوا له في الشام نفسها قبرين حتى يوهموا شهادته بصفين , فرووا : ( أن جماعة من الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام ، فتوفي في أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء ، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً وكفناً وماء فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه ...) (2).

وحددوا أن : ( من بعض المشاهد والمزارات بدمشق التي بين باب الجابية والباب الصغير .. قبر أويس القرني وقبر كعب الأحبار (3) ,

ص: 162


1- حلية الأولياء – أبو نعيم: 2 / 84
2- رحلة إبن بطوطه : 1 / 93, وبمقارب له في المعلم في شرح صحيح مسلم للقرطبي
3- الحاخام الأكبر لليهود قدم من اليمن إلى المدينة في خلافة عمر ولم يكن أعلن إسلامه، خرج عمر لاستقباله الى خارج المدينة! وهو احترام وتعظيم خاص لم يسجله التأريخ من خليفةٍ لأحد من غير المسلمين! ثم جعله الخليفة مقربا له ، فاستطاع كعب وتلاميذه أن يزرعوا التجسيم ويبثوا أنواع الإسرائيليات في عقائد المسلمين! (وأخرج ابن جرير، قال:تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب فقال: أسلم كعب في زمان عمر، أقبل وهو يريد بيت المقدس فمرَّ على المدينة فخرج إليه عمر! فقال: يا كعب أسلم. قال ألستم تقرؤون في كتابكم: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً، وأنا قد حُمِّلْتُ التوراة ! فتركه )( السيوطي في الدر المنثور:2/168) ومعنى قوله فتركه، أي لم يدعه بعدها الى الإسلام، لكنه قربه وكان يسمع منه! و (قال عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك؟. .. وعن نعيم بن حماد: أن عمر بن الخطاب قال: أنشدك بالله يا كعب أتجدني خليفة أم ملكاً ؟ قال: بل خليفة، فاستحلفه فقال كعب: خليفة والله من خير الخلفاء، وزمانك خير زمان )( كنز العمال:12/567: عن طبقات إبن سعد) , و: (لما قدم عمر من مكة في آخر حجة حجها أتاه كعب فقال: يا أمير المؤمنين إعهد فإنك ميت في عامك ! قال عمر وما يدريك يا كعب؟ قال:وجدته في كتاب الله. قال: أنشدك الله يا كعب هل وجدتني باسمي ونسبي عمر بن الخطاب؟ قال: اللهم لا، ولكني وجدت صفتك وسيرتك وعملك وزمانك )( تأريخ المدينة لعمر ابن شبة:3/891) !! و: (كان يتحدث بين يدي عمر بن الخطاب بأشياء من علوم أهل الكتاب، فيستمع له عمر تأليفاً له، وتعجباً مما عنده مما يوافق كثير منه الحق الذي ورد به الشرع المطهر، فاستجاز كثير من الناس نقل ما يورده كعب الأحبار لهذا، ولما جاء من الإذن في التحديث عن بني إسرائيل، لكن كثيراً ما يقع فيما يرويه غلط كبير وخطأ كثير )( ابن كثير في النهاية:1/19). و: ( هو كعب بن ماتع الحميري، من أوعية العلم ومن كبار علماء أهل الكتاب، أسلم في زمن أبي بكر، وقدم من اليمن في دولة أمير المؤمنين عمر فأخذ عنه الصحابة وغيرهم !! وأخذ هو من الكتاب والسنة عن الصحابة !! وتوفي في خلافة عثمان، وروى عنه جماعة من التابعين مرسلاً، وله شئ في صحيح البخاري وغيره ) (الذهبي في تذكرة الحفاظ:1/52)!!

رضي الله عنهما ) (1) , وفصّلوا رواية أخرى – على المقاس المطلوب – في موته بدمشق فقالوا بعد إيراد حديث هرم بن حيان معه : ( قال له هرم : إني أريد أصحبك وأكون معك , فقال له أويس: لا يا هرم ولكن إذا مت لا يكفنني أحد حتى تأتي أنت فتكفنني وتدفنني , ثم إنهما افترقا , ولم يزل هرم بن حيان في طلب أويس حتى دخل مدينة من مدائن الشام يقال لها دمشق , فإذا هو برجل ملفوف في عباءة له ملقى في صحن المسجد , فدنا منه فكشف العباءة عن وجهه , فإذا هو أويس قد توفي , فوضع يده على أم رأسه ثم قال : وا أخاه هذا أويس القرني مات ضائعاً , فقيل له : من أنت يا عبد الله ؟ ومن هذا؟ , فقال : أما أنا فهرم بن حيان المرادي , وأما هذا فأويس القرني ولي الله .. قالوا : فإنا قد جمعنا له ثوبين نكفنه فيهما , فقال لهم هرم : ما له بثمن ثوبكم حاجة , ولكن يكفنه هرم بن حيان المرادي من ماله , فضرب هرم بيده إلى مردة أويس القرني , فإذا هو بثوبين لم يكن بهما عهد عند رأس أويس , على أحدهما مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم براءة من الرحمن الرحيم لأويس القرني من النار , وعلى الآخر مكتوب هذا كفن لأويس القرني من الجنة ) (2).

وذكر ياقوت الحموي (3) في معجم البلدان عند حديثه عن دمشق: ( وبالجابية قبر أويس القرني ، وقد زرناه بالرقة ، وله مشهد بالإسكندرية وبديار بكر ) ..

ص: 163


1- تحفة النظار - اللواتي: 1 / 55
2- أخرجه هكذا بتمامه إبن عساكر في تأريخه وعند وقفه في الحكم عليه بالوضع فإن له طرقاً عديدة فورد هكذا مطولاً من حديث أبي هريرة أخرجه الروياني في مسنده وأبو نعيم في الحلية وإبن عساكر وسنده لا بأس به وفي جمع الجوامع في مسند أبي هريرة و في مسند عمر من جمع الجوامع
3- شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي (574 - 626 ﻫ ) أديب ومؤلف موسوعات وخطّاط من أصل رومي اشتغل بالعلم وأكثر من دراسة الأدب، وقد سمى نفسه (عبد الرحمن). وأهم مؤلفات ياقوت الحموي كتاب (معجم البلدان) الذي ترجم وطبع عدة مرات.

وعن الزهري (1) أنه: ( مات بأرض الجزيرة فانشقت الأرض عن مثل شهب فحفر مكان قبره ) (2) , وقال بعضهم : ( إنه عاش حتى نزل مصر مع سيدنا محمد بن أبي بكر حين كان والياً على مصر من قبل سيدنا علي , فله قبر هناك) (3) .

ونفى إبن تيمية أصل القبر الحقيقي في صفين فقال : ( أما هذه المشاهد المشهورة فمنها ما هو كذب قطعاً مثل المشهد الذي بظاهر دمشق المضاف إلى أبي بن كعب ، والمشهد الذي بظاهرها المضاف الى أويس القرني ، والمشهد الذي بمصر المضاف الى الحسين (رضی الله عنه) ، إلى غير ذلك من المشاهد التي يطول ذكرها بالشام والعراق ومصر وسائر الأمصار ، حتى قال طائفة من العلماء منهم عبد العزيز الكناني : كل هذه القبور المضافة الى الأنبياء لا يصح شئ منها إلا قبر النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وقد أثبت غيره أيضاً قبر الخليل (علیه السلام) ) (4).

وقال إبن تيمية: ( وأما القطع بتعيين قبره ففيه نظر .. ومنها القبر المضاف إلى أُويس القرني غَربي دمشق ؛ فَإن أُويسا لم يجئ إلى الشام , وإنما ذهب إلى العراق ) (5) , ولعل ابن تيمية آمن أن قبر أويس طار من الأرض إلى جهة ما , على ما ورد في رواية مر ذكرها عن ( عبد الله بن سلمة ، قال : غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ومعنا أويس القرني ، فلما رجعنا مرض علينا , فحملناه فلم يستمسك فمات ، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب وكفن وحنوط ،

ص: 164


1- محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهرى ، سكن الشام. ولد سنة 58ﻫ ،. ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة, أسند الزهري أكثر من ألف حديث عن الثقات ومجموع أحاديث الزهري كلها 2200 حديث نشأ فقيراً فأكب على العلم، ولازم بعض صغار الصحابة وعلماء التابعين، فمن الصحابة أمثال:أنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، ومن التابعين، فقهاء المدينة السبعة، وعبيد الله بن عمر، وغيرهم من كبار التابعين. توفي سنة 124 ﻫ ودفن بشغب،آخر حّد الحجاز وأول حد فلسطين ( سير أعلام النبلاء- الذهبي :4 /326).
2- الطبقات : ق 141 / ب
3- ترجمة أويس – موقع عمار بن ياسر
4- زيارة القبور – إبن تيمية: 446
5- مجموع الفتاوى- إبن تيمية: 27/491

فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه فقال بعضنا لبعض : لو رجعنا فعلمنا قبره ، فرجعنا فإذا لا قبر ولا أثر) (1).

واستطاع أحد أصحاب الأقلام التي مُلئت قلوب أصحابها غيظا من شهادة أويس (رضی الله عنه) مع مولاه أمير المؤمنين (علیه السلام) في صفين أن يبرع في قصة عن وفاة التابعي الشهيد (رضی الله عنه) , فأماته من شدة البرد في منطقة مجهولة بين الكوفة والمدينة فكتب : ( ذكر أحد العارفين أنه خرج في رفقة من أرض العراق , يريدون مكة ومدينة المصطفى (صلی الله علیه و آله و سلم) .. قال : فإذا نحن برجل من أهل العراق وقد خرج معنا , به أدمة في شعره , وهو مصفر اللون ذهب الدم من وجهه ؛ مما بلغت فيه العبادة , وعليه ثياب خلقة من رقاع شتى , وبيده عصا , ومعه مزود فيه شيء من الزاد , وهو أويس القرني , وأنكر أهل الرفقة وقالوا : نظنك عبدا؟ قال : نعم , قالوا : نظنك عبد سوء هربت من مولاك؟ قال لهم : نعم , قالوا : كيف رأيت نفسك حتى هربت من مولاك وما صار حالك إليه؟ أما أنك لو أقمت عنده ما كانت حالتك هذه ! وإنما أنت عبد سوء مقصر , فقال لهم : نعم , والله إني لعبد سوء , ونعم المولى مولاي , ومن قبلي التقصير , ولو أطعته ما كان من أمري هذا , وجعل يبكي حتى كادت نفسه تزهق , فرحمه القوم وظنوا أنه مولى , وإنما أراد أنه عبد لرب العزة جل وعلا .. فقال له رجل من القافلة : لا تخف أنا آخذ لك من مولاك الأمان ؛ فارجع إليه وتب , فقال : أنا راجع إليه , وراغب فيما عنده , ومضوا حتى خرجوا لزيارة قبر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) , وسارت القافلة ذلك اليوم , وسار معهم وجدوا في المسيرة , ولما كانوا ليلا نزلوا في فلاة من الأرض , وكانت ليلة شتائية كثيرة المطر ؛ فآوى كل واحد إلى رحله وخبائه , ولم يأو أويس إلى شيء , ولم يسأل شيئا , وقد آلى على نفسه ألا يسأل شيئا من أمر الدنيا من مخلوق , وإنما تكون حوائجه إلى الله سبحانه وتعالى , فبلغ به البرد تلك الليلة مبلغا شديدا ؛ حتى اضطربت جوارحه من شدة البرد , واشتد عليه سلطان البرد , حتى مات في جوف الليل , ولما أصبح

ص: 165


1- حلية الأولياء- أبو نعيم : 2 / 84

وأرادوا الرحيل نادوه : قم أيها الرجل , فإن الناس قد رحلوا , فأتاه رجل قريب منه , فحركه فوجده ميتا رحمه الله , فنادى : يا أهل القافلة إن العبد الآبق على سيده قد مات , ولا يصلح لنا الرحيل حتى تدفنوه , قالوا : وما الحيلة في أمره ؟ فقال لهم رجل كان معهم : إن هذا العبد كان تائبا راجعا إلى مولاه , نادما على ما صنع , ونرجو أن ينفعنا الله به , وقد قبل توبته , ونخاف أن نسأل عنه إن تركناه غير مدفون , ولا بد لكم أن تصبروا حتى تحفروا له قبرا وتدفنوه , فقالوا : هذا موضع ليس فيه ماء , فقال بعضهم لبعض : إسألوا الدليل , فسألوه فقال : إن بينكم وبين الماء ساعة , ولكن أرسلوا معي رجلا واحدا وأنا آتيكم بالماء , فأخذ الدليل دلوا وسار إلى الماء , ولما خرج من القافلة إذا هو بغدير من الماء , فقال الدليل : هذا هو العجب الذي ما رأيت مثله .. هذا موضع ليس به ماء , ولا على قريب منه , فرجع إليهم وقال : قد كفيتكم المؤنة فعليكم بالحطب , جمعوه ليسخنوا به الماء من شدة البرد , فجاؤا إلى الماء ليأخذوا منه , فوجدوه ساخنا يغلي , فازدادوا عجبا وفزعوا من ذلك الرجل , وقالوا : إن لهذا العبد قصة وشأنا , فأخذوا في حفر قبره , فوجدوا التراب ألين من الزبد , وأشد رائحة من المسك الأذفر , لم يشموا أطيب منه , فاشتد خوفهم وملئوا رعبا , وضربوا له خباء , وأدخلوه فيه وغسلوه , وتنافسوا على كفنه , فقال رجل من القوم : أنا أكفنه , وقال آخر : أنا أكفنه , فأتفق رأيهم على أن يجعل كل واحد منهم ثوبا , ثم كتبوا صفته ؛ لعل أحدا يعرفه إذا وصلوا المدينة , ولما أرادوا كفنه وجدوه مكفنا بكفن من الجنة لم ير الراؤون مثله , وعليه مسك وعنبر و ملأت رائحته أنوفهم , وعلى جبينه خاتم من مسك , وكذا على قدميه , فقالوا : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , إن الله عز وجل قد كفنه وأغناه عن أكفان العباد , ونرجو الله قد أوجب لنا الجنة , ورحمنا بهذا العبد الصالح , وندموا ندامة شديدة على تركه تلك الليلة حتى مات بالبرد , ثم إنهم حملوه ليدفنوه وصلوا عليه , ولما كبروا سمعوا صوت التكبير من السماء إلى الأرض , ومن المشرق إلى المغرب , وانخلعت أفئدتهم وأبصارهم , ولم يدروا ما صلوا عليه من الفزع , وعظم رعبهم مما سمعوا فوق رؤوسهم , فحملوه ليدفنوه , وكأنه خطف لخفته ودفنوه , ولما

ص: 166

وصلوا إلى الكوفة دخلوا المسجد وأخبروا بخبره وصفته , فإذا هو أويس القرني , وارتفعت الأصوات في مسجد الكوفة بالبكاء ) (1) .

وقد حقق أبو الحسن الهروي (2) مكان قبر أويس القرني (رضی الله عنه) ، عند زيارته لمدينة دمشق ، فقال: ( وبالجبانة قبر أويس القرني ، وقد زرناه ب-(الرقة)، وبثغر (الإسكندرية بمصر)، و(ديار بكر)، والذي صح أنه ب-(الرقة) ، عند مشهد الجنائز، بجانب قبر عمار بن ياسر).

( وفي عصرنا الحاضر ومن طريف ما جرى أن الإيرانيين بنوا في صفين ( الرقّة ) مسجداً كبيراً ضمنوه قبر عمار بن ياسر وأويس القرني رضي الله عنهما ، وعندما اكتمل المشروع أقاموا لافتتاحه احتفالاً ودعوا بعض العلماء والمؤرخين لالقاء خطبهم فيه ، ومنهم الدكتور سهيل زكار (3) المحب للأمويين ، فتكلم في افتتاح مسجد أويس ، وأنكر وجود شخصيته من أساسها , ونشر الخطاب في الكتاب المؤرخ لافتتاح المرقد المبارك , الذي أصدرته الجهة الراعية للإحتفال) (4) , و ( في مجلّة الثقافة الإسلامية التي تصدر عن المستشارية الثقافية

ص: 167


1- شرح كتاب النيل – أطفيش : 16 / 638
2- علي بن أبي بكر بن علي الهروي : رحالة ، مؤرخ. أصله من هراة، ومولده بالموصل. طاف الكثير من البلدان ، و توفي بحلب. قال عنه إبن خلكان في الوفيات : (إنه لم يترك براً ولا بحراً ولا سهلاً ولا جبلاً من الأماكن التي يمكن قصدها ورؤيتها إلا رآه، ولم يصل إلى موضع إلا كتب خطه في حائطه، ولقد شاهدت ذلك في البلاد التي رأيتها مع كثرتها، ولما سار ذكره بذلك واشتهر به ضرب به المثل فيه) من كتبه: الإشارات إلى معرفة الزيارات , الخطب الهروية ، التذكرة الهروية في الحيل الحربية و كتاب رحلته الذي تمت كتابته سنة 602 ﻫ , توفي سنة 611 ﻫ
3- ولد في مدينةِ حماة / سورية عام /1936/ حصل على الماجستير حول إمارة حلب في القرن الحادي عشر للميلاد أي الموافق للقرن الخامس الهجري، وأثناء المتابعة للدراسة بدأ رحلة قادته إلى تركيّا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا للحصول على المخطوطات ثمّ تابع الدكتوراه. درّس في لبنان و المغرب لمدة 3 سنوات ثم عاد لبلده سوريا و استقر فيها مدرسا و مؤلفا و محاضرا و باحثا. في عام 1991 م وافق على مشروع ضخم وهو اخراج كتاب كبير في تأريخ الحروب الصليبية.. من مؤلّفاته: أخبار القرامطة, مدخل إلى تأريخ الحرب الصليبية, ماني والمانوية, مختارات من كتابات المؤرخين العرب, الانحياز, تأريخ العرب والإسلام, تأريخ يهود الخزر, الحشيشية: الاغتيال الطقوسي عند الإسماعيلية النزارية , طبقات خليفة ابن خياط .
4- العقائد الإسلامية- الشيخ علي الكوراني:4/35

للجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق ، وكان العدد خاصا بالشخصيات البارزة في معركة صفين ، ومنهم أويس القرني رضوان الله تعالى عليه ، ولاحظتُ من مقالاتها ، مقالة للدكتور سهيل زكّار ، المحاضر في جامعة دمشق ، وصاحب التأليفات التاريخية المتعدّدة ، ومنها كتاب (تاريخ الإسلام) ، فوجدته قد ركّز فيها - مع الأسف - على عدم أهمية شخصية أويس القرني ، وأنه ليس أهلا لأن يبحث عنه ، ولا أن تقام ندوات حوله ، وذلك لأنه شخصية أسطورية أو شبه أسطورة والعجيب ، أن يصدر ذلك من شخص أكاديمي باحث متخصص في التاريخ ، إذ كيف يمكن إنكار مثل هذه الشخصيّة التاريخية ، مع أن كتب الحديث والتراجم مليئة بذكر ترجمته وبذكر فضائله) (1).

المغالاة في ذكر أويس (رضی الله عنه)

من جهة أخرى فقد غالى بعضهم في التابعي الجليل , ومن ذلك أن بعضهم جعله خليل رسول الله (صلی الله علیه و آله) , ( فبالإسناد إلى سلام بن مسكين قال : حدثني رجل قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) : خليلي من هذه الأمة أويس القرني ) (2) .

إذ يبدو أن عقدة إعلان النبي (صلی الله علیه و آله) عن اسم خليله , لازمت نفوس البعض ؛ فحاولوا توزيعها على عديدين نكاية بصاحبها الحقيقي , وهو أمير المؤمنين علي (علیه السلام) , بما صح من قوله (صلی الله علیه و آله) :

ص: 168


1- أويس القرني في التراث الإسلامي – الشيخ محمد محود العلي
2- الطبقات الكبرى - إبن سعد : 6 / 163 , ورواه في الجامع الصغير : 3 / 298 ، برقم 3942 وفي مختصر تأريخ مدينة دمشق :3/895 , وفي كنز العمال : 12 / 74

[ إِنَّ عَلِيَّاً أَخِيْ وَخَلِيْلِيْ ] (1) , وقوله : [ إِنَّ خَلِيْلِيْ وَوَزِيْرِيْ، وَخَلِيْفَتِيْ وَخَيْرِ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِيْ، يَقْضِيْ دَيْنِيْ، وَيُنْجِزُ مَوْعِدِيْ عَلِيٌّ بِنْ أَبِيْ طَاْلِبٍ ] (2) , وإيراد نسبة حديث للنبي (صلی الله علیه و آله) بأن أويسا (رضی الله عنه) خليله , مدعاة لتضعيف الحديث أو تكذيبه ؛ لأن كتاب السيرة من أتباع السلطان نفوا أصلا أن يكون للرسول (صلی الله علیه و آله) خليل , بما أسندوه إلى إبن مسعود من قول النبي (صلی الله علیه و آله) بأنه لو كان متخذا خليلا لاتخذ أبا بكر خليلا (3) , فأصل الموضوع عندهم مطلق النفي لأي حديث عن النبي (صلی الله علیه و آله) يشير فيه إلى اتخاذ أي شخص خليل له .

ومن صور المغالاة في ذكر أخبار أويس (رضی الله عنه) ما أطال به الرواة في قصته مع هرم بن حيان , وقد مرت بنا , بكل تفاصيلها وقصصها المتناقضة في الزمان والمكان والفحوى والدلالة , والتي يبدو أنها نسجت بهذه الحجم المكبر , لتخفيف حجم صورة أويس (رضی الله عنه) في أذهان الناس , وإثبات وجود نظراء له , إن لم يكن أفضل منه .

وفي مغالاة أخرى نسبوا أن أويسا (رضی الله عنه) حصل على خرقة النبي (صلی الله علیه و آله) , ف-(عن تذكرة الاولياء أن علياً (علیه السلام) وعمر أعطيا خرقة النبي (صلی الله علیه و آله) حسب الوصية أويساً , فلما رآه الثاني أن ثوبه وكساه شعر الإبل ووبره ، ورأسه ورجليه مكشوفان ، وكان له رئاسة الدنيا والدين تغير حاله فقال عمر : من يشتري الخلافة مني برغيف من الخبز ؟) (4) , ودعيت هذه لاحقا خرقة التصوف , وأن أويسا (رضی الله عنه) ورثها لموسى الراعي (5) , و( أن أويسآ القرني ألبسه الخرقة لما قدم بلاد الديلم

ص: 169


1- إبن مردويه، بإسناده عن البراء بن عازب
2- إبن مردويه، عن أنس بن مالك
3- الفصل في الملل والأهواء والنحل- إبن حزم: 4/ 125
4- طرائف المقال - البروجردي: 2 / 594
5- موسى بن زيد الراعي أبو عمران الديلمى نزيل بلخ لم أجد له ذكراً ، وأظن أن بعض من في إسناد خبره اختلقه.

، ومات بها ، وأن عمر ألبسه قميصه بعرفات بحضور علي ، وأن علياً ألبسه رداء ثم ألبسه قميصه بصفين ، وهما لباسان من النبي ) (1).

أويس (رضی الله عنه) في ذاكرة المحبين

أعطت الصورة البهية الألقة التي رسمها نبي الرحمة (صلی الله علیه و آله) في أحاديثه عن خير التابعين أويس القرني (رضی الله عنه) بعدا عميقا في تأثيرها بين الناس , ورغم كل ما تعرض له هو شخصيا , وما تعرضت له روايات ذكره لاحقا من إجحاف وظلم , فإن ذلك العبق المحمدي الذي عطر ملامح الشهيد العابد الزاهد حفرت أخاديدها في ذاكرة التأريخ ؛ لتكون محطات يقف عندها الكثير , متأثرا بشخصه , مظهرا إعجابه وحبه , مترحما عليه , بل إن هناك العديدين ممن ادعوا الإرتباط به و القرب منه , وساقوا بذلك مزاعم شتى , حسية وغيبية .

ص: 170


1- لسان الميزان – إبن حجر: 6 / 117

فمن جملة مظاهر الإعجاب به , افتخار الشعراء بذكره , ومن ذلك قول أحدهم :

سقى الله قوما من شراب وداده *** فهاموا به ما بين باد وحاضرِ

يظنهم الجهال جنوا وما بهم *** جنون سوى حب على القوم ظاهرِ

سقوا بكؤوس الحب راحا من الهوى *** فراحوا سكارى بالحبيب المسامرِ

يناجونه في ظلمة الليل عندما *** به قد خلوا منهم أويس بن عامر

شهير يماني حوى المجد والعلا *** لنا فيه عالي الفخر عند التفاخر

وإياه عنى دعبل بن علي الخزاعي (1) في قصيدته التي يفتخر فيها على نزار، وينقض على الكميت بن زيد، قصيدته التي يقول فيها: ألا حييت عنا يا مدينا

ص: 171


1- محمد بن علي بن رزين بن ربيعة الخزاعي ، من مشاهير شعراء العصر العباسي. اشتهر بتشيعه لآل علي بن أبي طالب (علیهم السلام) وهجائه اللاذع للخلفاء العباسيين , ولد في الكوفة سنة 148 ﻫ . ولقبته (الداية) بدعبل، لدعابة كانت فيه. فهي أرادت (ذعبلاً) فقلبت الذال دالاً, عاش دعبل الخزاعي في بيت علم وفضل وأدب، برز فيه محدثون وشعراء ,وفيهم السؤدد والشرف وكل الفضل والفضيلة, وقد كلل الله عزّ وجلّ هذا البيت بالشرف العظيم حين كرمه بخمسة شهداء.. على رأسهم بطل الإسلام العظيم عبد الله بن ورقاء الذي كان هو وأخواه (عبد الرحمن ومحمد) رسل النبي (صلی الله علیه و آله) إلى اليمن.. وكان الثلاثة وأخوهم الرابع (عثمان) من فرسان أمير المؤمنين (علیه السلام) الشهداء في صفين, وأخوهم الخامس نافع بن بديل استشهد على عهد النبي (صلی الله علیه و آله) , سافر دعبل الخزاعي إلى بغداد وأقام فيها زمن المأمون فاختلط بأدبائها وشعرائها فاكتسب منهم ما أغنى تجربته، فبلغ الذروة في نشاطه الشعري واتقان صناعته؛ فنظم في بغداد أقوى وأشهر قصائده , فتوغل لا يقرّ به قرار ولا يهاب في الهجاء والسباب المقذع فيمن حسبهم أعداء العترة الطاهرة (علیهم السلام) وغاصبي مناصبهم، فكان يتقرب بشعره إلى الله وهو من المقربات إليه سبحانه زلفى، وأن الولاية لا تكون خالصة إلا بالبراءة ممن يضادها ويعاندها كما تبرأ الله ورسوله من المشركين, وبسبب الجرأة والهجاء كثر أعداء الشاعر ومناوئوه، فتربصوا للوقيعة به وقتله، لكنه لم يبال ورد عليهم بقصائد أشد وأقوى. واشتهر بقوله: (أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحداً يصلبني عليها)!! وبسبب بأسه الشديد وقوة حجته تجنب الكثير لسانه , لم يكتف دعبل الخزاعي بنبوغه في الشعر الذي صار يُستشهد به في إثبات معاني الألفاظ ومواد اللغة ويهتف به في مجتمعات الشيعة في آناء الليل وأطراف النهار، ويردده الأعداء قبل الأصدقاء؛ فقد نبغ في الأدب والتأريخ وألف فيهما، كما اشتهر بروايته للحديث وبسيرته مع الخلفاء والوزراء.. وانتشر خبر كتابه (الواحدة) في مناقب العرب ومثالبها انتشاراً عجيباً وانهمك النساخ لسنوات طويلة في نسخه وبيعه للراغبين في اقتنائه وهم كثر.. ونجح كتابه القيّم (طبقات الشعراء) نجاحاً كبيراً واعتبر المرجع الكبير ومن الأصول المعوّل عليها في الأدب والتراجم ونقل عنه جميع المؤلفين الذين جاءوا بعده.. لما تضمنه من معلومات نادرة وموثقة عن شعراء البصرة - وشعراء الحجاز - وشعراء بغداد وأخبارهم.. اعتبرت قصيدة دعبل الخزاعي (مدارس آيات) إحدى قمم البلاغة العربية وأحسن الشعر وفاخر المدايح المقولة في أهل البيت (علیهم السلام) ، وامتازت بقوة التعبير وروعة الأداء، عدد أبياتها (121) بيتاً.. ضرب ظهر قدمه بعكاز مسموم ي قرية من نواحي السوس فمات من الغد, ودفن بتلك القرية في سنة 220 ﻫ .( الأمالي للشيخ الصدوق: 239, الغدير: الأميني 2/ 363, معجم الشعراء: المرزباني 1/ 283, معجم الأدباء: ياقوت الحموي 4/ 196, عيون أخبار الرضا: 280, أمالي الشيخ: 299, تأريخ إبن عساكر: 5/ 234)

أويس ذو الشفاعة كان منا *** فيوم البعث نحن الشافعونا

ومن مظاهر الإهتمام بشخصيته ما ذكره إبن خلكان (1) في: ( أن الذي ضرب به الحريري المثل في المقامات هو دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي المتوفى سنة

ص: 172


1- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان مؤرخ وقاض وأديب يعد من أعلام مدينة دمشق, وهو صاحب كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان وهو أشهر كتب التراجم العربية، ومن أحسنها ضبطا وإحكاما. ولد في إربيل سنة 608 ﻫ ، وعاش واستقر في دمشق، وأقام فيها وكانت حياته حتى وفاته في دمشق، ونبغ في الأحكام والفقه وأصول الدين وعلومه وعرف من أعلام دمشق وشيوخها فولّاه الملك الظاهر قضاء الشام، وعزل بعد عشر سنين. تولى التدريس في مدارس دمشق وكان من الأعلام، وتوفى ودفن في سفح جبل قاسيون ب دمشق سنة 681 ﻫ .

529ﻫ (1) ) (2) ، والحقيقة أن الحريري قدم ذكر أويس القرني مثلا , ثم أردفه بذكر دبيس فقال : ( فامتلأ القصر حبورا , واستطير عميده وعبيده سرورا , وأحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه , وتقبل يديه , وتتبرك بمساس طمريه ؛ حتى خُيّل إلي أنه القرني أُوَيْسٌ , أوِ الأسدي دُبَيسٌ ) (3) , فإبن خلكان رفع ذكر أويس , وأثبت ذكر الآخر , لا كما ورد أنه : ( قد وهم المؤلف في ذلك ، وأورد ذكره الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين وهي المقامة العمانية ، وفيها يصف كيف أحاطت الجماعة بأبي زيد (4) تثني عليه ، وتقبل يديه ، حتى خيل إلي أنه القرني أويس ) (5).

ص: 173


1- أبو الأعز دبيس بن سيف الدولة أبي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الناشري الأسدي (463ﻫ - 529ﻫ ) حاكم الحلة المزيدية وأمير بادية العراق خلال أعوام (512-529 ﻫ ) من أمراء بني مزيد الأسديين. قال عنه إبن خلكان : (كان جواداً كريماً عنده معرفة بالأدب والشعر، وتمكن في خلافة الإمام المسترشد بالله واستولى على كثير من بلاد العراق، وهو من بيت كبير). وقد طلب دبيس من السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه أن يرده إلى الحلة فاجابه إلى ذلك فعظم أمره. وفي كتاب البداية والنهاية لابن كثير يقول في أحداث عام 529ﻫ.: (دبيس بن صدقة، أبو الأعز الأسدي الأمير من بيت الإمارة وسادة الإعراب، كان شجاعا بطلا، فعل الأفاعيل وتمرغ في البلاد من خوفه من الخليفة، فلما قتل الخليفة عاش بعده أربعا وثلاثين يوما، ثم اتهم عند السلطان بأنه كاتب زنكي ينهاه عن القدوم إلى السلطان ويحذره منه، ويأمره أن ينجو بنفسه، فبعث إليه السلطان غلاما أرمنيا فوجده منكسا رأسه يفكر في خيمته، فما كلمه حتى شهر سيفه فضربه فأبان رأسه عن جثته، ويقال بل استدعاه السلطان فقتله صبرا بين يديه. والله أعلم.)
2- الوفيات : 2 / 263
3- الحريري : المقامة التاسعة والثلاثين ( المقامة العمانية)
4- يحكي الحريري فيقول: إن أبا زيد السروجي كان من أهل البصرة، وكان شيخا شحاذا أديبا بليغا فصيحا، ورد البصرة، فوقف في مسجد بني حرام، فسلم، ثم سأل، وكان المسجد غاصا بالفضلاء، فأعجبتهم فصاحته وحسن كلامه، وتختلف الروايات في حقيقة أبي زيد السروجي، فمن قائل إنه اسم خيالي وضعه الحريري صاحب المقامات، واستوحاه من صورة الشحاذ الذي لقيه في مسجد بني حرام بالبصرة، في حين يذهب البعض أنه شخصية حقيقية، والأقرب إلى الصواب أن أبا زيد السروجي شخصية نسجها خيال الحريري، ليحوك من حولها حيل أديب متسول، مثلما اتخذ بديع الزمان الهمذاني من أبي الفتح الإسكندري بطلا لمقاماته.
5- هامش سير أعلام النبلاء- الذهبي : 18 / 558

وبرر إبن تيمية تمسك الصوفيّة (1) بشخص أويس القرني (رضی الله عنه) فقال : ( وأما ورود ذكر أويس القرني والحسن البصري كثيرا في كتب التصوف ؛ فلأمرين .. الأول : أن كتب التصوف تعنى أول شيء بباب الأخلاق ، والزهد والرقائق ، وما أشبه ذلك ؛ وقد نقل في ذلك عن الحسن البصري الشيء الكثير الطيب النافع ، وهكذا نقل من أحوال أويس القرني ، وبعض أقواله ، ما هو نافع مفيد في هذا الباب ، فمن الطبيعي أن يرد ذكرهما في كتب التصوف و الثاني : أن تقديم هذين العلمين : أويس القرني ، والحسن البصري ، رحمة الله عليهما والإشادة بذكرهما ، والقبول العام لهما في الأمة ، يجعل ورود ذكرهما في كتب التصوف شيئاً منطقيا ومفهوماً ، فالمصنفون لهذه الكتب من هذه الأمة التي تلقت هذين الشخصين بالقبول . وفي ضوء ذلك - أيضا - نفهم : لماذا ينتسب الصوفية لهما ، ولأمثالهما من السلف الصالحين في الأمة ؛ فإن كل

ص: 174


1- يمثل التصوف نزعة إنسانية ، تعبر عن شوق الروح إلى التطهر، ورغبتها في الاستعلاء علي قيود المادة وكثافتها، وسعيها الدائم إلى تحقيقِ مستوياتٍ عُليا من الصفاء الروحي والكمال الأخلاقي , ولم يكن المسلمون استثناءً من هذه القاعدة، فقد ظهر التصوف لديهم مثلما ظهر لدى من سبقهم أو عاصرهم من الأمم. ولقد اختلف العلماء وانقسموا شيعا وأحزابا حول أصل كلمة الصّوفية ، فمنهم من قال: إن الصوفية اسم مشتق من الصوف؛ بوصفه الذي هو زى الأنبياء، وشعار الصالحين والأولياء، ولباس أهل الزهد والتقشف والتواضع والإقبال على الله تبارك وتعالى، وهم يتميزون به عن أهل الرغبة في الدنيا , وآخرون رأوا أن التصوف مأخوذٌ من صفاء الأسرار، ونقاء الآثار وبعض نسبه إلى عمل أهل الصُّفة من صحابة الرسول (صلی الله علیه و آله) , وأول من حمل اسم صوفي هو أبو هاشم الكوفي ، الذي ولد في الكوفة، وأمضى معظم حياته في الشام ، وتوفى عام16ﻫ ، وأول من حدد نظريات التصوف وشرحها هو ذو النون المصري تلميذ مالك، وأول من بوبها ونشرها هو الجنيد البغدادي. والصوفيّة تحدد أول شروط الإمام عندهم أن يكون من آل البيت (علیهم السلام) ، وأغلب الطرق الصوفية ينتهي نسب مشايخها - كما يزعمون – للإمام علي بن أبي طالب (علیهما السلام) .. فمثلا.. الشاذلي ، والرِّفاعي ، والبدوي ، والدسوقي ، والجيلاني ، وغيرهم يزعمون انتهاء نسبهم لآل البيت (علیهم السلام) ؛ حتى يتحصلوا على القدسية والهالة التي يحِيطون أنفسهم بها , وفي الطريقة الرفاعية مثلا نجد أن شيخهم يأمر أتباعه بالخلوة سبعة أيام حزنا على الحسين (علیه السلام) ، يصومون فيها ولا ينامون , ولا يعاشرون النساء ، ولا يأكلون من كل ذي روح , وألا يتكلم طوال هذه الأيام السبعة.

مذهب يبحث عن سند تاريخي مقبول على وجه العموم في الأمة ، من أجل إثبات مشروعيته ، والترويج له بين الناس) (1) .

ويستشهد الصوفيين بحديث منسوب لأويس (رضی الله عنه) عن النبي (صلی الله علیه و آله) يقول فيه : ( والله ما رأيتموه إلا كالسيف في غمده) , على أن بعض التلاميذ المتأخرين في التزام الطريق يمكن أن يحققوا مقامات أعلى ممن سبقوهم, فيرددون أن : ( الطريق لمن صدق , وليس لمن سبق ).

ولما كان التصوف الصحيح بني على الزهد ، فالزهد عندهم أصل من أصول الشريعة ؛ ولذلك عندما كتب المتقدمون في هذا الشأن كتبوا فيه تحت مصطلح الزهد , ومن المصادر التي أفردت أبوابا للتصوف : (حلية الأولياء لأبي نعيم) , و (صفة الصفوة لابن الجوزي) , و (سير السلف لأبي القاسم) ، وهي مصادر التصوف على الطريقة الأولى التي تشمل المتقدمين والمتأخرين , ابتداءً بأصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله) ، ثم التابعين ، ممن تفرغوا للعبادة وللزهد وانقطعوا عن الدنيا ، وفي هذا الباب يذكر أبو نعيم أويساً القرني كمثال على هذا الأسلوب ونموذج لخير الزاهدين.

ومن مظاهر الإعجاب بخير التابعين , ومحاولة الارتباط به ما يراه النقشبنديون من أنه تلقى عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) علوما بظهر الغيب ؛ فاتخذوا من هذا الإعتقاد مبناهم في كون ما يدعى الأوَيْسِيَّة (2) , والأويسية : مصطلح غريب ومثير ، اختلقها النقشبنديون ليتخذوه ضربًا آخر من دعوى علم الغيب لشيوخهم , فيزعمون أن عددا من قدمائهم تلقوا علومهم من روحانية من ماتوا قبلهم , ويصفونهم ب-(الأويسية) ؛ فيقولون لكل منهم (شيخٌ أويسي) نسبةً إلى أويس

ص: 175


1- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/249
2- الطريقة النقشبندية بين ماضيها وحاضرها- فريد الدين آيدن: 1/176

القرني (رضی الله عنه) ، ويرى البعض في السلسلة الأويسية كثير من التخليط ، فهم يجعلون من شيوخ سلسلتهم : إبن خفيف (1) ، والكازروني (2) ، والكبري (3) ، ونوربخش .

وممن ادعى الصلة الوثيقة بالتابعي الشهيد من الصوفية أبو يزيد البسطامي (4) , فالمشهور لدى أصحابه : ( أن سيدي أبا يزيد أويسي التربية ( نسبة الى سيدنا أويس القرني سيد التابعين ) الذي ربته روحانية سيدنا المصطفى (صلی الله علیه و آله و سلم) بالخصوص , وبشر به أصحابه ونسبته: أي يزيد الى الأويسية مرده انه ربته روحانية سيدنا جعفر الصادق , (رضی الله عنه) إذ لم يلتق به , فقد توفى قبل

ص: 176


1- محمد بن خفيف بن اسفكشار الضبي الفارسي الشيرازي ، شيخ الصوفية . ولد قبل السبعين ومائتين وستين . وحدث عن حماد بن مدرك وهو آخر أصحابه ، وعن محمد بن جعفر التمار ، والحسين المحاملي ، وجماعة . قال السلمي : أقام بشيراز ، وأمه نيسابورية ، وهو اليوم شيخ المشايخ ، وتأريخ الزمان ، لم يبق للقوم أقدم منه ، ولا أتم حالا ، صحب رويم بن أحمد ، وابن عطاء ، ولقي الحلاج ، وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر ، متمسك بالكتاب والسنة ، فقيه شافعي . توفي سنة 371 ﻫ ، وازدحم الخلق على سريره ، وكان أمرا عجيبا . وقيل : إنهم صلوا عليه نحوا من مائة مرة .(أعلام النبلاء – الذهبي : 16 / 343)
2- محمد بن بيان بن محمد الكازروني ، المقرئ ، شيخ الشافعية فقيه أهل آمد . حدث عن : أحمد بن الحسين بن الصياح البلدي ، والقاضي أبي عمر الهاشمي ، وابن رزقويه وابن أبي الفوارس . وقرأ القرآن على الحمامي وغيره قال ابن النجار : توفي سنة 455 ﻫ .(أعلام النبلاء – الذهبي : 18 / 171)
3- نجم الدين الكبرى أحمد بن عمر بن محمد الخوارزمي الخيوقي الصوفي ، وخيوق من قرى خوارزم : شيخ خراسان قال ابن نقطة هو شافعي إمام في السنة . نزلت التتار على خوارزم في ربيعٍ الأَول، سنة 618 ﻫ ، فخرج نجم الدين الكبرى فيمن خرج للجهاد، فقاتلوا على باب البلد حتى قتلوا - رضي الله عنهم - وقتل الشيخ وهو في عشر الثمانين. وفي كلامه شيء من تصوف الحكماء. .(أعلام النبلاء – الذهبي : 22 / 113)
4- طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى بن علي البسطامي الزاهد المشهور كان جده مجوسيا فأسلم وكان له أخوان زاهدان عابدان : آدم وعلى كان ابو يزيد أجلهم . قال الحافظ الذهبي في ترجمته ( سلطان العارفين أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي أحد الزهاد أخو الزاهدين آدم وعلي ) .ولد سنة 188 ببسطام في بلاد خراسان وتوفي سنة 261 .ولم يثبت محل دفنه على وجه التحديد بل اشتهرت له أضرحة كثيرة في أماكن متفرقة , منها ضريحه ببسطام وضريحه بالزمونية مركز كفر شكر قليوبية وضريحه بمنيل الروضة بالقاهرة وضريحه بسديمة مركز كفر الزيات .

ولادته بنحو أربعين سنة . وهذه التربية الروحية وقف على أهل الطريق الصوفي – طرق الخواص- ولا يطالب بالاذعان الا من كان من أهلها : أنهم الصفوة المختارة ) (1).

وأحب أصحاب طريقة أخرىمن الصوفيين التشرف بالإنتساب إلى خير التابعين أويس القرني (رضی الله عنه) , وهم أصحاب الطريقة الشيستية المنتشرون في مدينة أجمير إحدي أجمل وأعرق المدن الهندية , والتي إختارها (سيدي معين الدين الشيستي ) لتكون مقرا لإقامته ونشر الدعوة الصوفية للإسلام , حيث كانت المنطقة مركزا لانتشار الوثنية ، ومما يذكر عن الطريقة الشيستية الواسعة الإنتشار في القارة الهندية قبل التقسيم لالتي كانت تضم آن ذاك إبان حكم الملك أورانك سيب كلا من الهند وباكستان وبنجلاديش وبعض المناطق الروسية والصينية وأصحاب الطريقة الشيستية يعدونها الفرع الوحيد الذي ينتمي روحيا إلى أويس القرني (رضی الله عنه) ( الذي يقال أنه أخذ العهد علي يد سيدنا ومولانا الإمام علي بن أبي طالب (رضی الله عنه) حينما ذهب للحج مع وفد بني قرن من اليمن السعيد ، ومن الدلائل على أن هناك طريقة لسيدي أويس القرني أن بعض أحزابه موجودة في الطرق الصوفية مثل الحزب المغني لسيدي أويس القرني الذي يقرأه أبناء الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية أبناء الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني (رضی الله عنه) , وسيدي العارف بالله معين الدين الشيستي سنجري (رضی الله عنه) شريف النسب إذ ينتمي إلى الدوحة النبوية المصطفوية ، وقد بدأ دعوته في القارة الهندية إبان القرن السابع الهجري وانتشرت الطريقة على يديه توازيا مع الطريقة القادرية الجيلانية وينتسب إليهما روحيا معظم المسلمين الهنود والباكستان والبنجلاديش إلى الآن) .

ومع أن عددا من المؤرخين يتحدث عن أن التابعي الشهيد لم يتزوج , سوى قصة عابرة عن المدائني قال: (خطب أويس القرني (رضی الله عنه) أم الشماخ ومزرد وجزء ، بني ضرار) , (وما أحسب

ص: 177


1- بحار الولاية المحمدية – د. جودة محمد ابو اليزيد المهدي :290

أويساً (رضی الله عنه) خطب امرأة قط ، ولعله غيره ، أو في الرواية وهم ) (1), فإن هناك من ادعى أنه من سلالته , ففي كل عام و( مع أفراح السادة الأويسية في باكستان , ومن مدينة دالوال حيث يجتمع القادرية والأويسية والخلوتية والنقشبندية والبرهانية حول مقام سيدي محمد بركت علي وهو أحد أبناء سيدي أويس القرني ؛ للإحتفال بمولده الشريف في ساحته الضخمة التي يتوسطها المقام ويحوطه آلاف الزوار الذين أتوا من كل أنحاء باكستان ، ويتم افتتاح المولد بقراءة الحزب المغني وهو أحد أحزاب سيدي أويس القرني , الذي يقرأ لنيل الفتوة وقتل النفس والبعد عن الرياء والكبرياء ، وقد عاش (رضی الله عنه) منشغلا بأوراده وأذكاره وتلاوة القرآن , ولما استقر بة الحال بعد طول الترحال , أنشا خلوته التي هل محل مقامه , وقصده الناس لقضاء حوائجهم والتبرك به (رضی الله عنه) ، وكان له من الكرامات ما لا يحصى ولا يعد وأعظمها دخول الناس الإسلام على يديه وكان دائما يقول الإستقامة أعظم كرامة) .

كما تنتسب عشيرة له في باكستان تعتبر نفسها من فرق الشيعة , وهم يقدسون أويس القرني (رضی الله عنه) , متمسكين بأنه أحد التابعين , وممن أوصى به الرسول (صلی الله علیه و آله) , وكان في أول كتيبة قتلت في حرب صفين في صف الإمام (علیه السلام) , وأن الإمام علي (علیه السلام) قد عدّه ممن بشره الرسول (صلی الله علیه و آله) بحضوره في المعركة , ولهم موضوع يدور حول قطعة قماش أعطاها الرسول (صلی الله علیه و آله) لعلي (علیه السلام) وأعطاها لأويس (رضی الله عنه) .

وممن يعتز بشرف الإنتساب إلى خير التابعين عشيرة الأويسات أو اللويسات السورية وهي : (من عشائر سهل الغاب بجسر الشغور ، أحد أقضية محافظة حلب . ينتسبون الى أويس القرني ، وقد قطنوا الغاب في القرن الحادي عشر ، وقريتهم الحويجة ، ويعدون اثنين وثلاثين بيتا ) (2).

ص: 178


1- بدائع البدائه - إبن ظافر الأزدي (غير مرقم)
2- معجم قبائل العرب - د. عمر كحالة: 3 / 1019

و من دلائل انتشار ذكر أويس القرني (رضی الله عنه) في شبه القارة الهندية , حيث يكثر محبوه في دلهي بالهند , وفي زاوية خاصة من جامعها الكبير (جامع سجود) متحف يضم بعض المخلفات الخاصة بالرسول (صلی الله علیه و آله) , وأهل البيت (علیهم السلام) والصحابة , مثل بعض الشعرات من رأس النبي الكريم (صلی الله علیه و آله) محفوظة داخل وعاء زجاجي أمين ومحكم , فضلاً عن تواجد قميص ينسب إليه (صلی الله علیه و آله) , وقرآن خطي ينسب إلى الإمام علي (علیه السلام) , وعباءة تنسب إلى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (علیها السلام) , ونعل ينسب إلى سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن (علیه السلام) , وعمامة تنسب إلى ريحانة رسول الله (صلی الله علیه و آله) وسيد الشهداء الإمام الحسين (علیه السلام) , وأسنان تنسب إلى خير التابعين أويس القرني (رضی الله عنه) ...

وفي بعض البلدان اعتقد الناس بالبركات من التابعي الجليل , في بعض الأماكن التي نسب للشهيد مروره بها , من غير المقامات , ويشار في ذلك إلى ما يسميه الناس شجرة أويس القرني (رضی الله عنه) , فأحداها الموجودة في سوريا , وهي شجرة صنوبر كبيرة وقديمة , موجودة منذ مئات السنين , في محمية كتسرين , في هضبة الجولان .. ويعتقد سكان المنطقة , أن خير التابعين , كان يستظل بظلها , ويؤدي صلواته تحت أغصانها , وقد تباركت الشجرة والموقع مع الوقت , وأخذ سكان المنطقة , وخاصة من أبناء الطائفة الدرزية , يزورون المكان لنيل البركات منها ، ولإيفاء النذور ولإجراء الصلوات.

والثانية شجرة أويس القرني في اليمن , وهي شجرة كبيرة جداً بجوار مسجد أويس في منطقة العبدية بمأرب.. و هي الشجرة التي ظل الناس يتبركون بها وتحولت إلى مزار .

ومن مظاهر الولاء لشخص العابد الزاهد تمسك العديد من البقاع بوجود مقام , أو ضريح ينسب إليه , وهو ما سنتطرق إليه.

ص: 179

مقامات أويس القرني (رضی الله عنه)

كما أشرنا سابقا , فإن لمحات حياة خير التابعين التي مرت خاطفة في كتب السير , وبين سطور الروايات – بكل ما ضمته من محاولات للإهمال مجحفة – ألهبت عند الكثيرين في هذه البقعة أو تلك , وعند هؤلاء القوم أو أولئك مشاعر المحبة لشخصه , ورغبة الإرتباط به , ولهفة التودد إليه , وأمنية ترجٍّ أن يكون مشمولا بشفاعته الموعودة ؛ فالتمس نيل بركات آثاره من

ص: 180

آمن بكرامته الكبيرة عند رب العالمين عز وجل , ورغم ثبوت شهادته في أرض صفين في الجولات الأولى من الواقعة وتظافر مصادر المسلمين التأريخية الموثوقة على تأكيد ذلك , وأن أمير المؤمنين قد صلى على جسده الطاهر , وواره الثرى جنب شهداء الواقعة الأكرمين , فإن بعض الأماكن قد احتفت بوجود ما أطلق عليه ضريح للتابعي الشهيد , فيما شمخت في أماكن أخرى في بلدان العالم الإسلامي , بل في مختلف بقاع الأرض صروح لما أطلق عليه مقام (1) أويس القرني (رضی الله عنه) , وكل من تلك الأضرحة والمقامات مزار مقصود تقام عنده طقوس التعبد لله تعالى , والتماس الشفاعة إليه جل شأنه ببركة الولي الطاهر , وفي بعضها تقام مهرجانات كل عام يقصر عنها الوصف .

فمن مقامات الشهيد الخالد و(أضرحته):

أ- ضريحه في الجمهورية العربية السورية .

يقع في دمشق حيث ورد أن : ( من بعض المشاهد والمزارات بدمشق التي بين باب الجابية والباب الصغير .. قبر أويس القرني وقبر كعب الأحبار رضي الله عنهما ) (2) .

ب-مقاماته في جمهورية مصر العربية .

1-يظن بعض الرواة المصريين أن أويساً (رضی الله عنه) قد يكون بنى لنفسه خلوة في سفح جبل المقطم في بلدة البرمبل (3), وبالتحديد في الشرق منها , حيث يوجد قبر ينسب الى

ص: 181


1- مقَام الولي الصالحِ : مكانه المقدس(المعجم: الغني) , وأقام بالمكان / أقام في المكان : اتخذه مقاما ، استقر فيه ، استوطنه ، ( يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ((سورة النحل – الآية 80) , أقام بين ظَهْرَيْهم / أقام بين أَظْهرُهم : بينهم ، في وسطهم ، - إقامة مؤقَّتة : فترة إقامة قصيرة ، - أقام ردحا من الزمن ، - طائر مقيم : غير مهاجر(المعجم: اللغة العربية المعاصر) , والمقام الضريح كضريح الحسين بن علي والسيدة زينب (رضی الله عنها) (المعجم: المعجم الوسيط)
2- تحفة النظار - اللواتي: 1 / 55
3- قرية شرقي الكريمات بين ترعة الحبشي والجبل تابعة لمكز العياط في محافظة الجيزة

أويس القرني (رضی الله عنه) , وأقيم بجواره مسجد جامع , وفي البرمبل يقام لأويس (رضی الله عنه) كل عام مولد سنوي فى مبادىء زيادة النيل , تهرع لأجله جموع المؤمنين من البحيرة و الصعيد , فيمكثون أربعة أيام مشتغلين بالأذكار وتلاوة القرآن , ويذبحون الذبائح و يطعمون الطعام , وعندما ينتهي اليوم الرابع ينصرفون.

2-مقام في منطقة (قمن العروس) مركز الواسطي (1) من محافظة بني سويف .

3-ضريح بجبانة الإسكندرية , وهي المقبرة الكبيرة التي يعود بعضها لحقب قديمة , تم اكتشافها من قبل الآثاريين , وبعضها تعرف بمقابر المسلمين , وكان قبر التابعي الشهيد في هذه المقابر منها معروفا إلى عهد قريب , حينما كانت المقبرة منتظمة البناء , ولكن المقابر العشوائية غيرت من معالم الخريطة الهندسية للمدفن بأكمله تماما.

ج-مقاماته في جمهورية اليمن .

1-مقام في قرية التريبة التي تبعد مسافة خمسة كيلو مترات عن مدينة زبيد ، ويعتبر هذا المقام معلما سياحيا هاما من المعالم السياحية في الجمهورية اليمنية بحيث يقصده عاشقي التابعي الزاهد أويس القرني (رضی الله عنه) من شتى أنحاء المعمورة طلبا للشفاعة و الإستغفار .

2-مقام معظم في زبيد ، وقد ملكوا سكنا واسعا بجواره ، فإذا جاءوا للزيارة نزلوا فيه ، وانطلقوا منه إلى بقية المزارات.

ص: 182


1- قمن العروس قرية تابعة لمركز الواسطى في بني سويف (محافظة) في القطر المصري. وتبعد بمسافة 5 كم عن بندر الواسطى، القريه عبارة عن كوم كبير وأرض منخفضة حوله... وكانت تسمى كوم العروس، حيث كان القدماء يلقون بالعروس من أعلى الكوم حتى ينقطع الفياض ،ثم حرفت الكلمة إلى قمن العروس....(الموسوعة العربية الميسرة)

3-قبر في قرية الحمى من نواحي زبيد ، يسمونه قبر حضرة خواجه أويس القرني عاشق رسول الله (1) , وقربه مسجد أويس القرني , وهو مسجد أثري قديم يقع على بعد ثمانية كيلومتر شرق مدينة زبيد بقرية الحمى وهو مزار للطائفة الإسماعيلية , ( وأن قبره يوجد في اليمن في ضواحي مدينة زبيد في قرية الحمى شرق مدينة زبيد على بعد 3كم وعليه مسجد قديم, وتوجد بجواره مدرسة تسمى بمدرسة أويس القرني ) (2) , والقبر عال مغطىً بثوب موشى ، لعله من الحرير مطرز بآيات من القرآن وبعض العبارات الأخرى، وهو في غاية من النظافة ، ومفروش بفراش من السجاد , والبخور يفوح منه مما يلقي له مهابة في نفس الزائر.

4-في منطقة العبدية بمأرب في اليمن أيضا , التي يعتبرها السكان موطن أويس هناك مسجد أويس الذي فيه محرابه - كما يقولون – ويمتد في معظم الأوقات طابور من البشر ترى في وجوههم صدق الاحتفاء في الطريق إلى هذا المسجد الذي تحمل واجهته نقاوة اللون الأبيض..وفي الداخل يتألق محراب كان حضناً دافئاً للتابعي أويس القرني- كما يقولون - , ويتحدث الناس بأن سقف ذلك المسجد كان من العود الذي يستخرج منه أجود أنواع الطيب.

5-ضريح يقع داخل مسجد قرية (الجبلة) في مديرية ردفان , بمحافظة لحج.

د- ضريحه في جمهورية السودان

ص: 183


1- القبورية في اليمن- أحمد بن حسن المعلم: 1/236
2- الباحث والمؤرخ الإسلامي مستشار وزارة الثقافة علي الذيب في محاضرته بالمركز اليمني للدراسات التأريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) بعنوان سيد التابعين أويس القرني المشهور في أمته, المجهول في بلده

يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل فيما بين فرص وجمى على إمتداد خمسة وخمسين كيلومتراً.. وهى منطقة غنية جداً بالآثار وعثر فيها على قبعة من ذهب وأدوات متعددة ومتنوعة من المرمر والنحاس والفخار.. وأختام مستهلكة وجثمان إمرأة محتفظا بملامحه.. ويقال أنه : ( إكتشف أن ضريح الشيخ أويس القرنى إنما يحوى أسقفاً من أساقفة النوبة يتدلى الصليب من صدره.. وكان إكتشاف هذا أمراً طريفاً وظريفاً.. وكان حكاية أهل وادى حلفا ) (1) .

ﻫ - مقامه في جمهورية إيران الإسلامية

يقع بالقرب من الطريق الواصل بين كرمانشاه و رامسر ويبعد حوالي خمسة وثلاثين كيلو متراً شمال غرب محافظة كرمانشاه , يتوافد عليه سنويا مئات الآلاف من الزوار من مختلف أنحاء الجمهورية ؛ ليتضرعوا بالقرب منه إلى الخالق تعالى بالدعاء و التوسل لقضاء الحاجات و شفاء المرضى , وقد بني المقام على طريقة الأبنية السلجوقية على تلال الجبال التي تدعى (بيشه كوه ) ضمن أراضي مدينة رامسر , ورغم أنه لا يوجد تاريخ دقيق لبناء مقام أويس (رضی الله عنه) في هذا المكان إلا أنه من المرجح أن يعود بناؤه إلى بداية العصر السلجوقي .

و- مقام أويس القرني في تركيا

يقع مقام أويس القرني (أو ضريحه) في مدينة سيرت( سعرت) في الشمال الشرقي لمنطقة الأناضول التركية , وبالتحديد في قرية بايكان ، وسيرت يلفظها السوريون (سرد) لأنها كانت أراض سورية تتبع لديار بكر قبل أن يحتلها العثمانيون عام 1926 , ولأويس القرني (رضی الله عنه) مكانة خاصة في قلوب أهالي المنطقة حيث يجتمعون كل سنة

ص: 184


1- النوبة ملوكا وشعبا - القمص فيلو ثاوس فرج: 7 /33

عند ولادته , فيقيمون المواليد و يوزعون الطعام , وكان المقام قد هدم سابقاً , ثم أعيد بناؤه على عام 1967 .

ز - مقاماته في جمهورية العراق .

1-مقام يقع في منطقة الدوّار قرب مدينة هيت , بمحافظة الأنبار غرب البلاد.

2-مقام في ناحية من الموصل ويسمى بالسلطان , أو جامع السلطان أويس القرني (رضی الله عنه) , وكانت توجد في المقبرة التي أمام الجامع تكية قبل بناء الجامع وكان يقيم بها حلقات الذكر أصحاب الطريقة الويسية وهم جماعة من الأكراد الويسيين , فغلب اسم الطريقة على الجامع بعد بنائه , وهذه القبة لم تزل آثارها باقية قد خسف سقفها وكان بها محراب مطعم بالمرمر الأبيض نقلته مديرية الآثار العامة سنة 1940م إلى بغداد . أما الجامع فقيل : أن محله كان أرضا منخفضة تتجمع فيها مياه الأمطار , وان الحاج جمعة الحديثي بنى عليها جامعا كبيرا ابتدأ بعمارته سنة 1093 ﻫ وانتهى منه سنة 1095ﻫ , وكان الجامع منفصلا عن المقابر التي ألحقت به في الأيام الأخيرة , وكانت هذه المقابر متصلة بحضيرة ( الشكيف ) - ثقيف - ثم على مر السنين درست القبور التي في الحضيرة المذكورة وأدخل ما تبقى من القبور بفناء جامع السلطان أويس ومعها التكية الويسية , وعلى هذا فاسم الجامع مأخوذ من التكية الويسية وأهل الموصل يقولون( جامع السلطان ويس ).

3-ضريح في سهل شهرزور , عند منطقة ماهي ده شت التي كانت تسكنها قبيلة سنجاوي (سنكاوي) وهي فرع من عشيرة الزنكنه , و(بلدة ماهي ده يشت وأسمها تأريخيا نسا وتلفظ بماي ده شت , وكانت مرتع لخيول وأغنام الماديين والأخمينيين وأحرقها ينال

ص: 185

أخو طغرل بك السلجوقي 434 ﻫ , وفيها ضريح أويس القرني ، فيها قتل ذو الفقار كلهر عم إبراهيم خان موصلو حاكم بغداد من قبل الشاه إسماعيل) (1) .

زيارة أويس القرني (رضی الله عنه)

السلام عليك يا ناصر الإمام , السلام عليك يا مطيع ولي الله , السلام عليك أيها الصابر المجاهد والمقاتل الزاهد , السلام على من بايع علياً أمير المؤمنين (علیه السلام) , وفدى بنفسه سيد الوصيين ،

ص: 186


1- من وثائق العثمانيين : رسالة الى السلطان مراد الثالث : 23

وجاهد في سبيل الله ؛ حتى استشهد صابراً محتسباً , فقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) :[ سَيُقْتَلُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ بِأَرْضِ صِفِّينَ فِي رِكَاْبِ خَلِيفَتِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ].

السلام عليك يا شهيد الولاء , السلام عليك يا من خصه الرسول (صلی الله علیه و آله) بالمدح و الثناء , حيث قال: [أُوَيْسٌ رَاْهِبُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ] , السلام عليك يا قتيل الأدعياء , الصابر على البلاء , فجزاك الله عن الإسلام أحسن الجزاء.

السلام على من قال في حقه رسول الله (صلی الله علیه و آله) :[ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ أُوَيْسٍ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ] , وقال (صلی الله علیه و آله) : [وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ يَا أُوَيْسُ الْقَرَنِيُّ أَلَا وَ مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ] , [أُوَيْسٌ خَيْرُ التَابِعِيْنَ].

السلام على من ألبسه الإمام أمير المؤمنين علي (علیه السلام) في صفين أفضل حلية و وسام ؛ فتقدم لابساً لباس سيد الأنام , ثابتا رغم الرماح والسهام , فقاوم الأعداء اللئام حتى نال شهادة الكرام.

السلام عليك يا أويس وعلى صاحبك عمار بن ياسر .. يا سيدي ومولاي جئتك زائرا وحاجتي لك مستودعا , فأسأل الذي أكرمك بالشهادة أن يحشرني في زمرتكم يوم القيامة .

أشهد أنك قد نصحت وجاهدت واستشهدت , فيا ليتني كنت معكم سيدي فأفوز فوزا عظيما .

السلام على جميع شهداء الإسلام ورحمة الله وبركاته

ص: 187

ملف الصور

صورة

ضريح الشهيد أويس القرني (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ضريح الشهيدين أويس (رضی الله عنه) وعمّار (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 188

صورة

ضريح الشهيدين أويس (رضی الله عنه) وعمّار (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

واجهة ضريح الشهيدين عمار بن ياسر (رضی الله عنه) وأويس (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 189

صورة

قبة الضريح الطاهر لخير التابعين (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 190

الواجهة الجنوبية لضريحي الشهيدين - الرقة سوريا

مدخل ضريح حواري أمير المؤمنين (علیه السلام) - الرقة سوريا

ص: 191

صورة

القبر المشرف لخير التابعين (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 192

صورة

الصحن المضاف لمرقد الشهيدين - الرقة سوريا

ص: 193

صورة

قبر التابعي الشهيد (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 194

قبر التابعي الشهيد (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 195

صورة

محراب مرقد أويس (رضی الله عنه) - الرقة سوريا

ص: 196

صورة

مقام أويس القرني (رضی الله عنه) - إيران

مقام أويس القرني (رضی الله عنه) - تركيا

ص: 197

صورة

مقام أويس القرني (رضی الله عنه) - تركيا

مقام أويس (رضی الله عنه) - العبدية - اليمن

ص: 198

صورة

قبة مقام أويس (رضی الله عنه) - العبدية - اليمن

محراب مقام أويس (رضی الله عنه) - العبدية - اليمن

ص: 199

صورة

مقام أويس (رضی الله عنه) - اليمن

مسجد ومقام أويس (رضی الله عنه) - الحمى - زبيد - اليمن

ص: 200

صورة

مقام أويس (رضی الله عنه) - مصر

ص: 201

صورة

قبر منسوب لحفيد أويس (رضی الله عنه) - الهند

ص: 202

صورة

شجرة أويس (رضی الله عنه) - اليمن

ص: 203

صورة

شجرة أويس (رضی الله عنه)

ص: 204

المصادر

القرآن الكريم

1-إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى - محمد بن شهاب الدين أحمد بن علي السيوطي /تحقيق الدكتور: أحمد رمضان أحمد/الطبعة الثانية مكتبة الشروق الدولية, 2003 - 1423

2-اختيار معرفة الرجال المعروف ب-( رجال الكشّي )- الشيخ أبي جعفر الطوسي محمّد بن الحسن /تحقيق: السيّد مهدي الرجائي/نشر: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث/سنة الطبع: 1404

3-اردو دائرة معارف إسلامية - ط جامعة بنجاب/ باكستان/ ط 1/ 1962م

4-الإِصابة في تمييز الصحابة- أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي/ تحقيق: علي محمد البجاوي / بيروت دار الجيل / ط1 / 1412

5-الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد – الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي/ تحقيق مؤسسة آل البيت (ع) لتحقيق التراث / دار المفيد للطباعة والنشر/ 1413 ﻫ

6-الاعتصام – إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي / تحقيق د. محمد بن عبد الرحمن الشقير, د سعد بن عبد الله آل حميد, د هشام بن إسماعيل الصيني/دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع/ المملكة العربية السعودية/ط1/ 1429 ﻫ.

7-الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية - عبد الوهاب الشعراني/ ترجمة، تحقيق: عبد الوهاب محمد الخرسه/الناشر: مكتبة دار البيروتي/ط 1 /2010م

8-الأعلام - خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي/ دار العلم للملايين / ط15 / 2002 م

9-الأمالى- الشيخ محمد بن الحسن الطوسي /مطبعة النعمان/النجف الأشرف/ 1323ﻫ.

10-الأمالي – الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي /مؤسسة البعثة /ط1/ قم 1417ﻫ

11-الأنساب- السمعاني /الطبع والنشر والتوزيع دار الجنان /بيروت/ط1/ 1408

12-البداية والنهاية – ابن كثير, إسماعيل بن عمرالدمشقي / تحقيق د. عبد الله عبد المحسن التركي/هجر للطباعة والنشر/

13-التبصرة - عبد الرحمن بن الجوزى/تحقيق د. مصطفى عبد الواحد/دار الكتاب المصري/1390ﻫ

14-التحرير الطاووسي - الشيخ حسن صاحب المعالم/تحقيق: فاضل الجواهري/ نشر: مكتبة السيد المرعشي النجفي /قم المقدسة. طبع: مطبعة سيد الشهداء علي(ع)/ ط1/1411ﻫ قم

15-الثاقب في المناقب – إبن حمزة الطوسي/تحقيق نبيل رضا علوان/ط2/1412/مطبعة الصدر/قم/ منشورات مؤسسة أنصاريان/

16-الثقات - أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمى البُسْتي/ الطبعة : الأولى/ عدد الأجزاء : 10 والأخير فهارس/ الناشر : مؤسسة الكتب الثقافية / مصورة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية - الهند

17-الجامع الصغير من حديث البشير النذير– جلال الدين السيوطي/ضمن كتاب تبويب وترتيب أحاديث الجامع الصغير لمحمد ناصر الدين الألباني/ المكتب الإسلامي / الطبعة الأولى / 1406 ﻫ.

18-الجواهر المضية في طبقات الحنفية - محيي الدين عبد القادر بن محمد بن أبي الوفاء القرشي الحنفي/ تحقيق: عبد الفتاح الحلو/ طبع بمطبعة عيسى البابي وشركاه/ 1398ﻫ.

19-الخرائج والجرائح – قطب الدين الراوندي/ نشر مؤسسة الإمام المهدي (ع) /قم

20-الخلاصة(خلاصة الأقوال في معرفة الرجال) – العلامة الحلي (الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي)/ تحقيق: الشيخ جواد القيومي/ مؤسسة النشر الإسلامي/قم 1417ﻫ.

21-الحقائق في تاريخ الإسلام والفتن والأحداث - حسن مصطفوي / ط- طهران/ مركز نشر كتاب /1410 ﻫ

22-الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة - السيد علي خان المدني/ تحقيق, تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم/ الطبعة: الثانية/ سنة الطبع: 1397/ الناشر: منشورات مكتبة بصيرتي - قم

23-الذخيرة في أنساب قبائل الجزيرة – علي شداد آل ناصر /ط 1433 ﻫ./ 2012

24-الزهد – احمد بن حنبل / تحقيق محمد عبد السلام شاهين/ دار الكتب العلمية ببيروت/ 1999 م.

ص: 205

25-الزهد - أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني/تحقيق : د عبد العلي عبد الحميد/الدار السلفية - الهند الطبعة 1 1403ﻫ.

26-الصواعق المحرقة - أحمد بن محمد بن محمد بن علي إبن حجر الهيتمي/ تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي وكامل محمد الخراط/ مؤسسة الرسالة – بيروت/ ط1 / 1997

27-الطبقات الكبرى - محمد بن سعد بن منيع أبو عبدالله البصري الزهري/ الناشر: دار صادر / بيروت/ عدد الأجزاء: 8

28-الطريقة النقشبندية بين ماضيها وحاضرها - الشيخ فريد الدين آيدن/ إسطنبول/ المطبعة السلفية /1997

29-العقائد الإسلامية- الشيخ علي الكوراني/ مركز المصطفى للدراسات الإسلامية/ط1 / 1420

30-العلل - ابن أبي حاتم , عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن مهران الرازي/تحقيق سعد بن عبد الله الحميد , خالد بن عبد الرحمن الجريسي/ط1/1427/

31-العين - أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي/ تحقيق: د.مهدي المخزومي ود.إبراهيم السامرائي/ دار ومكتبة الهلال

32-الغدير في الكتاب والسنة والأدب – الشيخ عبد الحسين الأميني / دار الكتب الإسلاميّة/ط2 /طهران 1408 ﻫ.

33-الفتاوي الكبرى – أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني /جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد / طُبِعَت على نفقة الملك فهد بن عبد العزيز/37 مجلد/ مكتبة ابن تيمية بمصر

34-الفتوح- أحمد بن الأعثم الكوفي /ط- 1 / بيروت دار الأضواء

35-الفصل في الملل والأهواء والنحل - ابن حزم /دارصادر/ طبعة - مصر / 1317 ﻫ.

36-الفضائل والرذائل في الأخلاق والأسرة والمجتمع – الأستاذ حسين مظاهري/ ترجمة ونشر : دار الصفوة/ بيروت - الطبعة الأولى 1994 م

37-الفناء عند صوفية المسلمين والعقائد الأخرى – د. عبد البارى محمد داود/ الدار المصرية اللبنانية/ط1/1997

38-القاموس المحيط – الفيروز أبادي / تصحيح نصر الهوريني/ دار الجيل - مصورة عن طبعة البابي الحلبي/1371 ﻫ.

39-القبورية في اليمن: نشأتها – آثارها – موقف العلماء منها- الشيخ أحمد بن حسن المعلم/ط2/ دار ابن الجوزي للطباعة /1426 ﻫ.

40-الكامل في في ضعفاء الرجال – عبد الله بن عدي الجرجاني/ط3/تدقيق يحيى مختار غزاوي/دار الفكر للطباعة والنشر / بيروت /1998

41-المستدرك على الصحيحين – محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسابوري (الحاكم)/ دار الكتب العلمية /ببيروت/ 1411ﻫ،

42-المصنف - ابراهيم بن عثمان ابن أبي بسكر ابن أبي شيبة الكوفي / ضبطه وعلق عليه الاستاذ سعيد اللحام /الاشراف الفني والمراجعة والتصحيح : مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر/بيروت /1988

43-المعجم الصغير - سليمان بن أحمد الطبراني/ دار الحرمين/القاهرة 1415

44-المعجم الكبير - الطبراني / تحقيق : حمدي بن عبدالمجيد السلفي/ط2 / مكتبة العلوم والحكم / الموصل /1404

45-المعدن العدني في فضل أويس القرني-نور الدين علي بن محمد القاري

46-الموسوعة العربية العالمية/ الناشر: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع/ الطبعة: 2 / مجلدات: 30

47-الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة- إشراف وتخطيط ومراجعة: د. مانع بن حماد الجهني/ الناشر: دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع/ط 4 / 1420 ﻫ / عدد الأجزاء: 2

48-الموضوعات من الأحاديث المرفوعات – عبد الرحمن بن الجوزى / ضبط وتقديم وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية بالمدينة، ط 1386 ﻫ.

49-النهاية في غريب الحديث والأثر- علي بن محمد بن عبدالكريم الشيباني المعروف بابن الأثير/ نشر دار ابن الجوزي/ السعودية / إشراف وتقديم الأستاذ علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الحلبي الأثري/ ط1 / 1421 ﻫ.

50-النوبة ملوكا وشعبا - القمص فيلو ثاوس فرج/ مطبعة الحياة الجديدة/ الطبعة الاولى/ 2006

51-الوافي بالوفيات – صلاح الدين بن خليل بن ايبك الصفدي /طبعة استنبول / 1931 ﻫ.

ص: 206

52-إتقان المقال في أحوال الرجال - الشيخ محمد طه نجف/النجف المطبعة العلوية/1341 ﻫ.

53-إحياء علوم الدين – محمد بن محمد الغزالي / الناشر: دار المعرفة – بيروت/ عدد الأجزاء: 4

54-إعلام الورى بأعلام الهدى - الشيخ الطبرسي/ تحقيق: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث/ الطبعة: الأولى/ المطبعة: ستارة / الناشر: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث – قم 1417ﻫ.

55-إكمال الكمال (الإكمال في رفع الإرتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب)- علي بن هبة الله الشهير ب-(إبن ماكولا) /نشر دار الكتب العلمية/بيروت 1411 ﻫ

56-أسد الغابة في معرفة الصحابة - علي بن محمّد بن عبدالكريم الشيباني المعروف بابن الأثير/ تحقيق : عادل أحمد الرفاعي/ دار إحياء التراث العربي/ط1 /1417 ﻫ.

57-أعيان الشيعة-السيد محسن الأمين :3 /513 . ط-1 / بيروت / دار التعارف

58-أنساب الأشراف - أحمد بن يحيى البلاذري/ تحقيق الدكتور محمد حميد الدين/الطبعة الثانية - القاهرة 1987م

59-أويس القرني إمام التابعين وعلم الأصفياء – د. عبد الباري محمد داود / دار الأحمدي للنشر /ط1/ 1999م

60-أويس القرني في التراث الإسلامي – الشيخ محمد محود العلي /كلية علوم الحديث/ مجلة علوم الحديث / العدد4 / ص 213

61-بحار الأنوار – الشيخ محمد باقر المجلسي/ط2 المصححة /مؤسسة الوفاء / بيروت 1403 ﻫ .

62-بحار الولاية المحمدية في مناقب أعلام الصوفية – د. جودة محمد أبو اليزيد المهدي/ دار غريب للطباعة والنشر / القاهرة /ط1/ 1998م

63-بدء الإسلام - لوَّاب بن سلاَّم المزاتي الإباضي / / تحقيق: سالم بن يعقوب و فيرنر شفارتس /دار صادر / بيروت /1406 ﻫ.

64-بيت المقدس في الكتاب والسنة – محمد عبد الله : 129(قدمت هذه الأطروحة استكمالا لمتطلبات درجة الماجستير في اصول الدين، بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فلسطين 2007)

65-تاريخ إبن معين - يحيى بن معين الغطفاني البغدادي/ دارالقلم / بيروت / بدون تاريخ

66-تاريخ الإسلام- الذهبي / دار الكتاب العربي /بيروت /تحقيق عمر تدمري/ الطبعة الثانية 1411 ه

67-تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس - حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي/ طبعة مصر / 1283 ﻫ.

68-تاريخ الطبري - ابن جرير الطبري/ تحقيق: نخبة من العلماء/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.

69-تأريخ بغداد –أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي/تحقيق :مصطفى عبد القادر عطا /دار الكتب العلمية / ط1/بيروت/1417ﻫ.

70-تأريخ مدينة دمشق-علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي المعروف بابن عساكر/دراسة وتحقيق : علي شيري/دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع/1415 ﻫ.

71-تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار - محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي/ مؤسسة الرسالة / ط4/ تحقيق: د. علي المنتصر الكتاني/ بيروت / 1405ﻫ.

72-تذكرة الحفاظ - عبد الله شمس الدين الذهبي /نشر دار إحياء التراث العربي / بيروت

73-تذكرة الخواص - سبط ابن الجوزي /ط النجف الأشرف / 1383ﻫ.

74-تذكرة الموضوعات – الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي /طبعة مطبعة السعادة /مصر/ ط1/ 1323 ﻫ /عني بتصحيحه وتعليق حواشيه السيد محمد أمين الخانجي الكتبي

75-تفسير التستري – سهل بن عبد الله التستري/ تحقيق : محمد باسل عيون السود/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ ط1/ 1423 ﻫ.

76-تهذيب التهذيب– أحمد بن علي بن حجر العسقلاني/دار الفكر / بيروت1404ﻫ

77-جامع السعادات – الشيخ محمد مهدي النراقي /نشر دار النعمان للطباعة والنشر / النجف الأشرف

78- جامع الرواة – المقدس الأردبيلي, الشيخ أحمد بن محمّد / دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع/ط1 / 1983

79-حلية الاولياء وطبقات الأصفياء- أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني/ دار الكتاب العربي / بيروت – لبنان/ الطبعة الثانية/ 1387ﻫ .

ص: 207

80-خاتمة المستدرك - الميرزا النوري/ تحقيق: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث/ الطبعة: الأولى/ المطبعة: ستارة – قم - سنة الطبع: ذي الحجة 1416/ الناشر: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث - قم - ايران

81-خصائص الأئمة - الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي البغدادي /نشر مجمع البحوث الإسلامية / الآستانة الرضوية المقدسة/ مشهد /1406ﻫ.

82-خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال - أحمد بن عبد الله الخزرجي الأنصاري اليمني/ ط4/ مكتب المطبوعات الإسلامية /حلب / دار البشائر الإسلامية / 1411 ﻫ.

83-دلائل الإمامة - محمد بن جرير بن رستم الطبري/ مؤسسة البعثة / ط1 /قم 1413 ﻫ .

84-رجال ابن داود – الشيخ تقى الدين الحسن بن على بن داود الحلى/ تحقيق وتقديم: السيد محمد صادق آل بحر العلوم/ منشورات مطبعة الحيدرية - النجف الأشرف/1392

85-رجال الطوسي- الشيخ محمد بن الطوسي/ تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني/ط1/ مؤسسة النشر الإسلامي/قم1415ﻫ.

86-رجال المامقاني(تنقيح المقال في أحوال الرجال)-الشيخ عبد الله المامقاني/المطبعة المرتضوية/ النجف1352ﻫ.

87-رجال النجاشي- احمد بن على بن احمد بن العباس النجاشي الاسدي الكوفى/ تحقيق: موسى الشبيرى الزنجانى/ط5/ مؤسسة النشر الإسلامي/قم1416ﻫ.

88-رحلة إبن بطوطه(تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)- محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي/تحقيق: طلال محمود حرب/ط4 / دار الكتب العلمية/القاهرة 2007م

89-روضة الواعظين وبصيرة المتعظين- محمد بن أحمد بن على الفتال النيسابوري/ تحقيق:السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان/ منشورات الشريف الرضي /قم1414 ﻫ.

90-زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور– أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني/ لإدارة العامة للطبع والترجمة – الرياض/ط1/1410 ﻫ.

91-سبل الهدى والرشاد – الصالحي الشامي/ تحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود ، الشيخ علي محمد معوض/ ط1/ 1414/الجزء: 1 - 12/ دار الكتب العلمية/ بيروت - لبنان

92-سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار- الشيخ عباس القمي/ط2/دار الأسوة للطباعة والنشر1412ﻫ.

93-سنن ابن ماجة- إبن ماجة محمد بن يزيد القزويني/ تحقيق : الشيخ خليل مأمؤن شيحا/ ط1/ دار المعرفة بيروت 1416ﻫ.

94-سنن الترمذي-محمد بن عيسى بن سورة الترمذي/ مطبعة دار السلام /الرياض 1420ﻫ.

95-سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي /مؤسسة الرسالة / بيروت/ 1406ﻫ وط سنة 1413ﻫ

96-سيرة المرسلين – جماعة من كبار العلماء / بيروت /دار الآفاق الجديدة /7 197

97-شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي/تحقيق السيد محمد الحسيني الجلالي/مؤسسة النشر الإسلامي/ط1/ قم /1412 ﻫ.

98-شرح صحيح مسلم – النووي /دار الكتاب العربي - بيروت / لبنان - 1407 ه

99-شرح كتاب النيل وشفاء العليل – محمد بن يوسف بن عيسي الحفصي العدوي الجزائري اطفيش / ط3/ مكتبة الإرشاد / جدة / 1405 ﻫ.

100-شرح مقامات الحريري – الحريري/ تحقيق : يوسف بقاعي /دار الكتب اللبناني/ بيروت ط1 / 1981

101-شرح نهج البلاغة – إبن أبي الحديد المعتزلي / تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم/دار إحياء الكتب العربية/عيسى البابي الحلبي وشركاه/ط1/ 1378 ﻫ.

102-شعب الإيمان - أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي/ دار الكتب العلمية – بيروت/ تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول/ ط1 / 1410

103-صحاح الجوهري - إسماعيل بن حماد الجوهري /تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار/ ط4/دار العلم للملايين - بيروت

104-صحيح البخاري- محمد بن إسماعيل البخاري/طبعة ليدن- الهند 1862م

105-صحيح مسلم - مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري/ تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي/ تعليق محمد فؤاد عبد الباقي/دار إحياء التراث العربي - بيروت

ص: 208

106-صفوة الصفوة - عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج/ تحقيق: محمود فاخوري - د.محمد رواس قلعه جي/ دار المعرفة – بيروت/ ط2/ 1399

107-طبقات الحنابلة - القاضي محمد بن أبي يعلى / طبعة دار الكتب العلمية / ط1/ 1997.

108-طبقات الخواص لأهل الصدق والإخلاص -الزبيدي, ابو العباس احمد بن احمد عبد اللطيف الشرجي/ صنعاء الدار اليمنية , ط1 / 1406 ﻫ

109-طرائف المقال – السيد علي البروجردي/تحقيق السيد مهدي الرجائي / ط1 / مطبعة بهمن / قم 1410ﻫ

110-عبد الله بن عباس – السيد محمد تقي الحكيم/ط1 / دار الفكر المعاصر / بيروت / 2001 م

111-عقلاء المجانين – أبو القاسم بن حبيب / تحقيق الدكتور عمر الأسعد /دار النفائس بيروت /ط 2/ 1418ﻫ.

112-عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي/ تصحيح وتذييل: السيد مهدي الحسيني اللاجوردي/ نشر رضا المشهدي/ مكتبة قم المقدسة/ط2 / 1983

113-فتوح البلدان – أحمد بن يحيى البلاذري/ طبعة لوكدوني - الهند 1866م.

114-كامل الزيارات – الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / تحقيق: الشيخ جواد القيومي ، لجنة التحقيق/ط1 / 1417 ﻫ.

115-كتاب المجروحين - أبو حاتم محمد بن حبان البستي/ تحقيق : محمود إبراهيم زايد/ دار الوعي / حلب/ 1396 ﻫ.

116-كرامات أولياء الله عز وجل - هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي/ تحقيق : أحمد بن مسعود بن حمدان/ دار طيبة للنشر والتوزيع/ط1/1412ﻫ.

117-كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب- السيد محسن الأمين / مؤسسة دار الكتاب الإسلامي/ ط2 /2007م

118-كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال - علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي / مؤسسة الرسالة / بيروت/ 1409ﻫ .

119-لسان العرب - جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور /نشر أدب الحوزة/ قم /إيران 1405ﻫ .

120-لسان الميزان - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني / مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / بيروت - لبنان / 1390ﻫ - 1971م.

121-لكل سؤال جواب – السيد عبد الكريم السيد علي خان المدني/ط1 / مطبعة الآداب/ النجف الأشرف /1974

122-مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام- شهاب الدين ابن تميم المقدسي/تحقيق أحمد الخطيمي / دار الجيل / بيروت / ط1/ 1415ﻫ.

123-مجلة الكلية الشرقية/ عدد فبراير ومايو لعام 1925م/ لاهور- باكستان

124-مجمع البحرين ومطلع النيرين – الشيخ فخر الدين الطريحي / تحقيق: السيد أحمد الحسيني/ الناشر: مكتبة المرتضوي - طهران/ إيران/ط2/ 1365ﻫ.

125-مجمع الزوائد - نور الدين الهيثمي/دار الكتب العلمية/ بيروت/1408 ﻫ.

126-مجموع الفتاوى- أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني/ تحقيق : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم /نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف/ المدينة النبوية/1416 ﻫ.

127-مختصر تأريخ مدينة دمشق – محمد بن مكرم بن منظور / دار الفكر /دمشق / 1409ﻫ.

128-مدينة معاجز الائمة الاثنى عشر ودلائل الحجج على البشر- السيد هاشم البحراني /مؤسسة المعارف الإسلامية/ط1 / قم / 1413ﻫ.

129-مروج الذهب ومعادن الجوهر-علي بن الحسين المسعودي / تحقيق محمد هشام النعسان وعبد المجيد طعمة حلبي/ط1 / دار المعرفة للطباعة والنشر/ 2005

130-مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل- الشيخ الميرزا حسين النوري/ تحقيق مؤسسة آل البيت (ع)/ط 1 /بيروت 1408 ﻫ.

131-مسند الإمام علي (ع) – السيد حسن القبنجي /تحقيق الشيخ طاهر السلامي/ مؤسسة الأعلمي

132-مسند أحمد- أحمد بن حنبل /ط 1/ مؤسسة الرسالة/1421 ﻫ.

133-مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين – الحافظ رجب البرسي / ط1 /منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/ بيروت/ سنة 1419ﻫ - 1999م.

ص: 209

134-معاني الأخبار- الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي/ مكتبة المفيد/ قم - إيران/ و طبعة مؤسسة النشر الإسلامي / 1361ﻫ وطبعة سنة 1379ﻫ .

135-معجم البلدان - شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي / دار صادر /بيروت م 1388ﻫ و دار إحياء التراث العربي / بيروت / 1399ﻫ 1979م

136-معجم الشعراء- محمد بن عمران بن موسى المرزباني /تصحيح وتعليق: الأستاذ الدكتور ف. كرنكو/مكتبة القدسي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان/ط2 / 1402 ﻫ.

137-معجم رجال الحديث – السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي/مركز نشر الثقافة الإسلامية/ط5/ 1413 ﻫ.

138-معجم قبائل العرب –د. عمر كحالة /ط2 / دار العلم للملايين / بيروت/ 1388ﻫ - 1968م

139-معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ومن الضعفاء وذكر مذاهبهم وأخبارهم- أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي/تحقيق: عبد العليم عبد العظيم البستوي/مكتبة الدار / المدينة المنورة/ط1 / 1405 ﻫ.(مع ترتيب الثقات لتقي الدين السبكي)

140-مناقب آل أبي طالب - رشيد الدين ابو جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازنداني / مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/ الطبعة: 1 / مجلدات: 2

141-منتهى المقال في أحوال الرجال – المعروف برجال أبي علي للشيخ أبي علي محمد بن إسماعيل الحائري (طبعة حجرية).

142-منهاج السنة - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني / المطبعة الأميرية / بولاق - مصر / 1322ﻫ .

143-مهج الدعوات – السيد علي بن طاووس : الناشر : دار الذخائر / قم / 1411 ﻫ

144-موضح أوهام الجمع والتفريق - الخطيب البغدادي /دار النشر: دار المعرفة/ بيروت/تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي/ط1/1407

145-ميزان الاعتدال في نقد الرجال - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي / دار المعرفة للطباعة والنشر/ بيروت / 1382ﻫ - 1963م

146-نثر الدر - منصور بن حسين الآبي / ط3/ دار الثقافة / بيروت - لبنان

147-نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار- السيد علي الميلاني / ط1/ 1420ﻫ./مطبعة ياران / ايران

148-نهج البلاغة - كلام الإمام علي (ع)/شرح الشيخ محمد عبده /دار المعرفة - بيروت

ص: 210

الفهارس

فهرست الآيات القرآنية الكريمة

- ﴿ إعْلَمُوا أَنَّمَا الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور﴾ (سورة الحديد - الآية 20) (ص 78 )

-﴿الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ (سورة آل عمران – الآية 134) (ص 89 , 100)

-﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (سورة غافر - الآية 7 ) (ص 155 )

-﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (سورة آل عمران – الآية 134) (ص 89)

﴿ - اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِىّ وَلاَ شَفِيع أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾ (سورة السجدة - الآية 4) (ص 154 )

-﴿انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ (سورة التوبة – الآية 41) ( ص 44 )

-﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ (سورة الإنشقاق – الآية 25) ( ص 44 )

-﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ (سورة النحل – الآية 90) ( ص 159 )

-﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ﴾ (سورة العلق – الآية 8 ) ( ص 89 )

ص: 211

-﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ

رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (سورة الأنفال – الآيات 2 , 3 , 4) ( ص 96 )

-﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (سورة السجدة – الآية 16) ( ص 99 )

-﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (سورة القصص – الآية 83) ( ص 157 )

-﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ (سورة آل عمران – الآية 14) ( ص 81 )

-﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾ (سورة الإسراء – الآية 108) ( 47 , 125 )

-﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ (سورة الدخان – الآية10 ) ( ص 130 )

-﴿فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾ (سورة البقرة – الآية 115) ( ص 80 )

-﴿قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (سورة الزمر- الآية 44) ( ص 154 )

-﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ (سورة الأنبياء – الآية 35 ) (ص 86 )

-﴿مِنْها خَلَقْناكُمُ وَفيها نُعِيدكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تارَةً أخْرى﴾ (سورة طه – الآية 55) ( ص 80 )

ص: 212

-﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (سورة الأنعام - الآية 51 ) ( ص 154 )

-﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للَّذي فَطَرَ السَّمواتِ وَالأرْضَ حَنيفاً وَما أنا مِنَ الْمُشْرِكينَ﴾ (سورة الأنعام – الآية 79) ( ص 80)

-﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ﴾ (سورة الأنعام - الآية 70 ) ( 154 )

﴿ - وَفَضَّل اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدينَ أَجْرَاً عظِيماً ﴾ (سورة النساء – الآية 95 ) ( ص 144 )

-﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ* لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ* يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (سورة الأنبياء - الآيات 26 -28 ) ( ص 213)

-﴿وَكَمْ مِنْ مَلَك فِي السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ (سورة النجم - الآية 26 ) ( ص 155 )

-﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ (سورة النساء – الآية 64 ) ( ص 158 )

-﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّموات وَالأرضِ وَمَا بَيْنَهُما لعِبِين * مَا خَلَقْنهُمَا إلاّ بالحَقِّ وَلكِنّ أكْثَرَهُم لا يَعْلَمُون * إنّ يومَ الفَصْلِ مِيقَاتُهم أجْمَعِينَ * يَومَ لا يُغْني مَولىً عَنْ مَولىً شَيْئاً وَلا هُم يُنْصَرُونَ * إلاّ من رَحِمَ الله إنّه هُوَ العَزيز الرحيمُ ﴾ (سورة الدخان - الآيات : 38 - 42 ) ( ص 124 , 130 )

ص: 213

-﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ (سورة العنكبوت – الآية 69) ( ص 95 )

-﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ (سورة يس – الآية 26 ) ( ص 86 )

-﴿يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ (سورة فاطر – الآية 30 ) ( ص 72 )

-﴿يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (سورة إبراهيم – الآية 27 ) ( ص 5 )

ص: 214

فهرست الأحاديث النبوية الشريفة

-[الْأَمْرُ لِعَلِيٍّ بَعْدِيْ، ثُمَّ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، ثُمَّ فِيْ أَهْلِ بَيْتِيْ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ ] ص 44

-[الْجَنَّةُ تَشْتَاقُ إِلَيْكَ، وَإِلَىْ عَمّارَ، وَسَلْمَانَ، وَأَبِيْ ذَرَّ، وَالْمِقْدادَ ] ص 44

-[الْشُفَعَاْءُ خَمْسَةٌ: الْقُرْآنُ، وَالْرَحِمُ، وَالْأَمَاْنَةُ، وَنَبِيُّكُمْ , وَأَهْلُ بَيْتِهِ ] ص 155

- [الحِقُّ مَعَ عَمّار يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُما دارَ ] ص 33

-[إِبْنُ سُمَيَةَ لَمْ يُخَيّرْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطْ إلا أخْتارَ أَرْشَدَهُما] ص 33

-[إِذَاْ سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُوْلُوْا : مِثْلَ مَاْ يَقُوْلُ ، ثُمَّ صَلُّوْا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّىْ عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَاً ] ص 158

-[إِذَاْ كَاْنَ يَوْمُ الْقِيَاْمَةِ كُنْتُ إِمَاْمَ الْنَبِيْيّنَ وَخَطِيْبَهُمْ وَصَاْحِبَ شَفَاْعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْرٍ ] ص 155

-[ إِذَاْ لَقِيْتُمْ أُوَيْسَاً الْقَرَنِيَّ فَاْقْرَأُوْهُ عَنَّيْ الْسَلَامَ , فَوَ الْذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ , لَوْ يَتَشَفَّعُ فِيْ رِبْيَعَة وَمُضَرَ, لَيُشَفِّعَهُ فِيْهِمْ اللهُ ]ص 40

-[ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الأَتْقِيَاءَ الْأَصْفِيَاءَ الٍأَخْفِيَاءَ الْأَبْرِيَاءَ ، الْمُشَعَثَةُ رُؤُوْسُهُمْ، الْمُغْبَرَّةُ وُجُوْهُهُمْ ، الْخَمِصَةُ بُطُوْنُهُمْ ، الَّذِيْنَ إِذَاْ اسْتَأْذَنُوْا عَلَىْ الْأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ ، وَإِنْ خَطَبُوْا الْمُنَعَّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوْا ، وَإِنْ غابوا لَمْ يفتقدوا ، وَإِنْ طَلَعُوْا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ ، وَإِنْ مَرِضُوْا لَمْ يُعَادُوْا ، وَإِنْ مَاتُوْا لَمْ يُشْهَدُوْا ] ص 29

-[ إِنَّ رجُلاً يَأْتِيْكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ , لَاْ يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ , وَقَدْ كَاْنَ بِهِ بَيَاْضٌ فَدَعَاْ اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَاْ مِثْلَ مَوْضِعِ الْدِرْهَمِ , فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ] ص 118

-[ إِنَّ لِلهِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ إِسْمَاً مِئَةً غَيْرَ وَاْحِدٍ ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْعُوْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ إِلّاْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ هُوَ اللهُ الْذِيْ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ الْرَحْمَنُ الْرَحِيْمُ الْمَلِكُ القُدُّوْسُ الْسَّلَامُ.. إلى قوله الْرَشِيْدُ الْصَبُوْرُ ] ص 129

ص: 215

-[ إِنَّ لِلهِ عزّ وجلّ تسعة وتسعين إسماً - مائة غير واحد - إنّه وتر، ويحبّ الوتر، ما من عبد يدعو بها إلاّ وجبت له الجنّة ] ص 129

-[ إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَهُ أَوْ مُصَلَّاْهُ مِنَ العُرْيِ، يَحْجِزُهُ إِيْمانُهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاْسَ ، مِنْهُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ , وَفُرِاتُ بِنْ حَيَّانَ العَجْلِيُّ ] ص 36, 89

-[ إِنَّ مِنْ بَعْدِيْ رَجُلٌ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ بِهِ شَاْمَةٌ بَيْضَاْءُ ، مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُبَلِّغَهُ مِنِّيْ الْسَلَاْمَ ، فَإِنَّهُ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ لِكَذَاْ وَكَذَاْ مِنَ الْنَّاْسِ ] ص 40 , 64

-[ إِنِّيْ لَأَجِدُ نَفَسَ الْرَحْمَنِ مِنْ جَاْنِبِ الْيَمَنِ ] ص40, 63

-[ إِنْ غَابَ عَنْكُمْ لَمْ تَفْتَقِدُوهُ , وَ إِنْ ظَهَرَ لَكُمْ لَمْ تَكْتَرِثُوا بِهِ , يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ , يُؤْمِنُ بِي وَ لَا يَرَانِي , وَ يُقْتَلُ بَيْنَ يَدَيْ خَلِيفَتِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفِّينَ] ص 37

-[ إِنَّ خَلِيْلِيْ وَوَزِيْرِيْ، وَخَلِيْفَتِيْ وَخَيْرِ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِيْ، يَقْضِيْ دَيْنِيْ، وَيُنْجِزُ مَوْعِدِيْ عَلِيٌّ بِنْ أَبِيْ طَاْلِبٍ ] ص 169

-[ إِنَّ عَلِيَّاً أَخِيْ وَخَلِيْلِيْ ] ص 169

-[ إِنَّ مِنْ خَيْرِ التَابِعِيْنَ أُوَيْساً الْقَرَنِيُّ ] ص 40

-[ إِنَّ مِنْ خَيْرِ التَابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ أُوَيْساً الْقَرَنِيُّ ] ص 36

-[ إِنِّيْ أَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ فَأُشَفَّعُ ، وَيَشْفَعُ عَلِيٌّ فَيُشَفَّعُ ، وَإِنَّ أَدْنَىْ الْمُؤْمِنِيْنَ شَفَاْعَةً يَشْفَعُ فِيْ أَرْبَعِيْنَ مِنْ إِخْوَانِهِ ] ص 155

-[ إِنِّيْ لأَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ وَأُشَفَّعُ ، وَيَشْفَعُ عَلِيٌّ فَيُشَفَّعُ ، وَيَشْفَعُ أَهْلُ بَيْتِيْ فَيُشَفَّعُوْنَ ] ص 155

-[ إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا ] ص 39

-[ إِنّ اللهَ إخْتَاْرَ مِنَ الْنِسَاْءِ أَرْبَعَاً: مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَدِيْجَةَ وَفَاْطِمَةَ ] ص 78

-[ إنَّ خَيْرَ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ , وَ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِها بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ، و كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَبَرِئَ ، فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ] ص 26

-[ إنَّ خَيْرَ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ] ص 26

-[ إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً مِنْ قَرنِهِ إلى قَدَمِهِ ، وَاخْتَلَطَ الإيمان بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ ] ص 32 , 96

ص: 216

-[ أَبُوْ ذَرَّ فِيْ أُمَّتِيْ شَبِيْهُ عِيْسىْ بِنْ مَرْيَمَ فِيْ زُهْدِهِ ] ص 44

-[ أَبْشِرُوا بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِيْ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ .. فَإِنّهُ يَشْفَعُ لِمِثْلِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ] ص 29, 147

-[ أَرَىْ نُوْرَ الله فِيْ الْمَدِيْنَةِ ] ص 21

-[ أَشْهَلُ ذُوْ صُهُوْبَةٍ ’ بَعِيْدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ ، آدَمٌ شَدِيْدُ الْأَدَمَةِ ، ضَاْرِبٌ بِذِقْنِهِ إِلىْ صَدْرِهِ ، رَاْمٍ بِبَصَرِهِ إِلىْ مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ , وَاضِعٌ يَمِيْنَهُ عَلَىْ شِمَاْلِهِ يَتْلُوْ الْقُرْآنَ ، يَبْكِيْ عَلَىْ نَفْسِهِ ، ذُوْ طِمْرَيْنِ ، لَاْ يُؤْبَهُ بِهِ ، لَهُ مِئْزَرُ بِأَزَارِ صُوْفٍ ، وَرِداءِ صُوْفٍ , مَجْهُوْلٌ فَيْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، مَعْرُوْفٌ فِيْ الْسَمَاءِ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ، أَلَاْ وَإِنَّ تَحْتَ مَنْكَبِهِ الأَيْسَرِ لَمْعَةٌ بَيْضَاءُ ، أَلَاْ وَإِنَّهُ إِذَاْ كَاْنَ يَوْمُ الْقِيامَةِ قِيْلَ لِلْعِبادِ: أُدْخُلُوْا الْجَنَّةَ ، وَيُقالُ لِأُوَيْسَ : قِفْ فَاْشْفَعْ ، فَيُشَفَّعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيْ مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] ص 30

-[ أَمَا إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزِدْ قَوْمَكَ فِيْ الإسلام إِلّاْ خَيْراً ] ص 22

-[ أَنَّهُ سَيَكُوْنُ فِيْ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ مِنْ قَرْنَ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ ، يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ، فَيَدْعُوْ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ , فَيُذْهِبَهُ , فَيَقُوْلُ : أَلُّلُهُمَّ دَعْ لِيْ فِيْ جَسَدِيْ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ ، فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ ، فَاْسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ ] ص 27

-[ أُوْصِيْكُمْ أَنْ تُقْرِؤُوْا مِنِّيْ أُوَيْسَ الْقَرَنِيَّ الْسَلَاْمَ ، يَقْدِمُ الْمَدِيْنَةَ بَعْدِيْ... يَدْخُلُ فِيْ شَفَاْعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] ص 62

-[ تَفُوحُ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ مِنْ قِبَلِ قَرَنٍ , وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ يَا أُوَيْسُ الْقَرَنِيُّ , أَلَا وَ مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ .. فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَ مَنْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ؟ فَقَالَ: إِنْ غَابَ عَنْكُمْ لَمْ تَفْتَقِدُوهُ , وَ إِنْ ظَهَرَ لَكُمْ لَمْ تَكْتَرِثُوا بِهِ , يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ , يُؤْمِنُ بِي وَ لَا يَرَانِي , وَ يُقْتَلُ بَيْنَ يَدَيْ خَلِيفَتِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفِّينَ ] ص 37

-[ خَلِيْلِيَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ ] ص 29

-[ خَيْرُ الْتَابِعِيْنَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ص 141

-[ خَيْرُ التَابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ص 32

-[ دَمُ عَمّارَ وَلَحْمُهُ حَرامٌ عَلى النارِ أَنْ تأكُلَهُ أَوْ تَمَسَّهُ ] ص 33

-[ رَحِمَ اللهُ أَبَا ذَرَّ، يَمْشِيْ وَحْدَهُ، وَيَمُوْتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ ] ص 45

ص: 217

-[ سَيَقْدِمُ عَلَيْكُمْ رَجَلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ ، فَدَعَاْ اللهَ لَهُ فَأَذْهَبَهُ اللهُ ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ ] ص 26

-[ سَيَكُوْنُ فِيْ الْتابِعِيْنَ رَجَلٌ مِنْ قَرْنَ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ ، يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ ، فَيَدْعُوْ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ , فَيُذْهِبَهُ , فَيَقُوْلُ : أَلُّلُهُمَّ دَعْ لِيْ فِيْ جَسَدِيْ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ ، فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ ، فَاْسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ ] ص 88

-[ سَيَكُوْنُ فِيْ أُمَّتِيْ رَجَلٌ يُقالُ لَهُ: أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُ فِيْ أُمَّتِيْ مِثْلُ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] ص 23

-[ عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ ] ص 36

-[ لَاْ تُصَلُّوْا عَلَيَّ الْصَلَاْةَ الْبَتْرَاْءَ , تَقُوْلُوْنَ اللّهُمَّ صَلِّ عَلَىْ مُحَمَّدٍ وَتُمْسِكُوْنَ, بَلْ قُوْلُوْاْ اللَّهُمَّ صَلَّ عَلَىْ مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِ مُحَمَّدٍ ] ص 156

-[ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أكْثَرُ مِنْ تَمِيْمَ ] ص 37

-[ لَيَشْفَعَنَّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فِيْ أَكْثَرَ مِنَ مُضَرَ ] ص 31

-[ لَيَشْفَعَنَّ مِنْ أُمَّتِيْ لِأَكْثَرَ مِنْ بَنِيْ تمِيْمَ وَبَنِيْ مُضَرَ ، وَأِنَّهُ لَأُوَيْسٌ القَرَنِيُّ ] ص 24

-[ لَيَشْفَعَنَّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي لأكْثَرَ مِنْ تَمِيْمَ وَمُضَرَ، وَإِنَهُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ص 31

-[ لَيُصَلِيَنَّ مَعَكُمْ غَدَاً رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .. ذَاْكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ص 37

-[ مَا أَظَلّتْ الْخَضْرَاءُ وَمَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةٍ مِنْ أَبِيْ ذَرَّ ] ص 44

-[ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلىْ مَنْ يَسْبِقُهُ عُضْوٌ مِنْهُ إِلىْ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلىْ زَيْدَ بِنْ صُوْحَانَ ] ص 42

-[ مَنْ عادى عَمّاراً عاداهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمّاراً أَبْغَضَهُ اللهُ ] ص 33

-[ مِنْ خَيْرِ التَابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ص 36

-[ هَذا نُوْرُ أُوَيْسَ ، جَعَلَهُ هَدِيَّةً فِيْ بَيْتِنا ] ص 21

-[ هُوَ رَجُلٌ صَهْبٌ أَشْهَلٌ، ذُوْ طِمْرَيْنِ أَبْيَضَيْنِ إِذا غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ، وَإِذا( حَضَرَ )طَلَعَ لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِ، وَإِذاْ سَلَّمَ لَمْ يُرَدً عَلَيْهِ ] ص 14

-[ وَاللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِيْ إِذْ كَفَرَ الْنَّاْسُ، وَآوَتْنِيْ إِذْ رَفَضَنِيْ الْنَّاْسُ ، وَصَدَّقَتْنِيْ إِذْ كَذَّبَنِيْ الْنَّاْسُ ، وَرُزِقْتْ مِنّيْ الْوُلْدَ حَيْثُ حُرِمْتُمُوْهُ ] ص 78

-[ وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ ] ص 38

ص: 218

-[ يَا فَرْوَةَ هَلْ سَاْءَكَ مَاْ أَصَاْبَ قَوْمَكَ يَوْمَ الْرَزْمِ ] ص 10

-[ يَأْتِيْ عَلَيْكُمْ أُوَيْسٌ ، فَإِنْ إْسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَاْفْعَلْ ] ص 58

-[ يَأْتِيْ عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرَ مِنْ مُرادَ ثُمَّ مِنْ قَرْنَ ، كَاْنَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلّاْ مَوْضِعُ دِرْهَمٍ , لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِها بَرٌّ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لَأَبَرَّهُ ؛ فَإِنْ إسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَاْفْعَلْ ] ص 26

-[ يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ] ص 25, 115

-[ يَخْرُجُ مِنَ النَّاْرِ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ لَيْسَ بِنَبِيٍّ ، أَكْثَرُ مِنْ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] ص 24

-[ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ مِنْ أُمَّتِيْ أَكْثَرَ مِنْ رَبِيْعَة ، وَمُضَر ] ص 23, 151

-[ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ فِئَاْمٌ مِنَ النَّاْسِ] ص 38

-[ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ مُضَرٍ ، وَبَنِي تَمِيمٍ , فَقِيلَ : مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ] ص 30

-[ يَدْخُلُ بِشَفَاعَةِ رَجَلٍ مِنْ أُمَّتِيْ الْجَنَّةَ أَكْثَرَ مِنْ رَبِيْعَة ، وَمُضَر ] ص 55

-[ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ الْأَنْبِيَاْءُ، ثُمَّ الْعُلَمَاْءُ، ثُمَّ الْشُهَدَاْءُ ] ص 155

-[ يَقْدِمُ إِلىْ الْكُوْفَةِ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ يُقَاْلُ لَهُ : أُوَيْسٌ، لَيْسَ لَهُ بِهَاْ إِلاّ أُمٌّ ، وَقَدْ كَاْنَ بِهِ بَيَاْضٌ مِنْ بَرَصٍ ، فَدَعَاْ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ ، فَأَذْهَبَهُ إِلاّ مِثْلُ مِقْدَاْرِ الْدِيْنَاْرِ أَوْ الْدِرْهَمِ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَأَبَرّ قَسَمَهُ، يَدْخُلُ( الْجَنَّةَ ) فِيْ شَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عدد ربيعة ومضر ] ص 116

-[ يَكُوْنُ فِيْ أُمَّتِيْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، يَدْخُلُ في شَفَاعَتِهِ(الْجَنَّةَ )عدد رَبِيْعَة ، وَمُضَر] ص 55

-[ يَكُونُ فِيْ أُمَّتيْ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ أُوَيْسٌ القَرَنِيْ، يَدْخُلُ فِيْ شَفاعَتِهِ[ الجَنَّة ]عَدَدَ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ، لَوْ أَقْسَمَ عَلى اللهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلْيَقْرَئْهُ مِنِّيْ السَلامَ ] ص 14

-[ يُقَالُ لِلْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أُدْخُلُوْا الْجَنَّةَ وَيُقَالُ لِأُوَيْسَ : قِفْ لِتَشْفَعَ فَيُشَفِّعَهُ اللهُ فِيْ مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ] ص 62

-[ يا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِيْ وَسِلْمُكَ سِلْمِيْ ] ص 35

ص: 219

-[ يا عَمْروْ هَذَاْ وَقَوْمُهُ آيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ] ص 107

-[ يا عَمْروْ هَذَاْ وَقَوْمُهُ آيَةُ أَهْلِ النَّاْرِ ] ص 107

-[ يا عَمْروْ هَلْ تُرِيْدُ أَنْ أُرِيكَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ، وَرَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْنّارِ ] ص 107

-[ يا عَمّارُ تَقْتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ وَآخِرُ زادِكَ مِنَ الدُنيا ضَياحٌ (إناء) مَنْ لَبَنٍ ] ص 33

-[ يا عُمَرُ ، إِذَا رَأَيْتَ أُوَيْسَاً الْقَرَنِيَّ ، فَقُلْ لَهُ ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ ; فَإِنَّهُ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيْ مِثْلِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَاْمَةُ وَضَحٍ مِثْلُ الْدِرْهَمِ ] ص 28

ص: 220

فهرست الأحاديث العلوية الشريفة

-{ اللَهُمَّ بَلَى لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ؛ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ. وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ - وَاللَهِ الاَقَلُّونَ عَدَداً وَالاَعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللَهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتَهُ حَتَّي يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُونَهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ. هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَی حَقِيقَةِ البَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ المُتْرَفُونَ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَحَلِّ الاَعْلَى } ص 5

-{ اللهُ أَكْبَرُ.. أَخْبَرَنِيْ حَبِيْبِيْ رَسُوْلُ الله (صلی الله علیه و آله) أَنِّيْ أُدْرِكُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِهِ يُقالُ لَهُ: أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ يَكُوْنُ مِنْ حِزْبِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ، يَمُوْتُ عَلَىْ الْشَهادَةِ ، يَدْخُلُ فِيْ شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيْعَةَ وَمُضَر } ص 23 , 41, 109, 122

-{ اللهُمَّ نَوِّرْ قَلْبَهُ بِالْتُقَىْ ، وَاْهْدِهِ إِلىْ صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ ، لَيْتَ أَنَّ فِيْ جُنْدِيْ مِئَةٌ مِثْلُكَ }ص 45 , 1و7

-{إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ اثْنَيْنِ : طُولَ الأمَلِ ، وَاتِّبَاعَ الْهَوَى ، فَإِنَّ طُولَ الأمَلِ يُنْسِي الآخِرَةَ ، وَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً ، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ } ص 79

-{ إِنّا لِلهِ وَإِنّا إِلَيْهِ رَاْجِعُوْنَ، إِنَّ أْمْرِئً لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ مُصِيْبَةً مِنْ قَتْلِ عَمَّارَ فَمَا هُوَ مِنَ الإسلام فِيْ شَيءٍ } ص 33

-{ إِنَّ اللهَ أَخَذَ عَلَىْ أَئِمَّةِ الْهُدَىْ أَنْ يَكُوْنُوْا فِيْ مِثْلٍ أَدْنَىْ لِلْنَّاْسِ لِيَقْتَدِيْ بِهِمْ الْغَنِيُّ وَلَاْ يَزْرِيْ بِاْلْفَقِيْرِ فَقْرُهُ } ص 79

-{ إِنَّمَاْ مَثَلُ الْدُنْيَاْ مَثَلُ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَاْ قَاْتِلٌ سُمَهَاْ , فَأَعْرِضْ عَمّاْ يُعْجِبُكَ فِيْهَاْ؛ لِقِلَّةِ مَاْ يَصْحَبُكَ مِنْهَاْ ، وَضَعْ عَنْكَ هُمُوْمَهَاْ ؛ لِمَاْ أَيْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاْقِهَاْ وَتَصَرُّفِ حَاْلاْتِهَاْ , وَكُنْ آنَسَ مَاْ تَكُوْنُ بِهَاْ ، أَحْذَرَ مَاْ

ص: 221

تَكُوْنُ مِنْهَاْ ؛ فَإِنَّ صَاْحِبَهَاْ كُلَّمَاْ إْطْمَأَنَّ فِيْهَاْ إِلَىْ سُرُوْرٍ أَشْخَصَتْهُ عَنْهُ إِلىْ مَحْذُوْرٍ, أَوْ إِلىْ إِيْنَاْسٍ أَزَاْلَتْهُ عَنْهُ إِلىْ إِيْحَاْشٍ } ص 79

-{ أَيْنَ إِخْوَانِيْ الَّذِيْنَ رَكَبُوْا الْطَرِيْقَ، وَمَضُوْا عَلَىْ الْحَقِّ؟! أَيْنَ عَمَّارُ؟ وَأَيْنَ إْبْنُ الْتَيْهَانِ؟ وَأَيْنَ ذُوْ الْشَهَادَتَيْنِ؟ وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ الَذِيْنَ تَعَاقَدُوْا عَلَىْ الْمَنِيَّةِ } ص 143

-{خُلِقَتْ الْأَرْضُ لِسَبْعَةٍ بِهِمْ يُرْزَقُوْنَ، وبِهِمْ يُمْطَرُوْنَ، وبِهِمْ ينصرون: أَبُوْ ذَرَّ وَسَلْمَانُ وَالْمِقْدادُ و عَمّارُ وحُذَيْفَةُ وعَبْدُ اللهِ بِنْ مَسْعُوْد... وَأَنَاْ إِمَاْمُهُمْ} ص 44

-{ فَلَقَدْ كَانَ إِلَيَّ حَبِيْبَاً، وَكَاْنَ لِيْ رَبِيْباً، فَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً، وَعَامِلاً كَادِحاً، وَسَيْفاً قَاطِعَاً، وَرُكْنَاً دَافِعَاً } ص 46

-{ مَاْ كَانَ فِيْنَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَاْدِ بنِ عْمْرو } ص 46

-{ مُحَمَّدٌ ابْنِيْ مِنْ صُلْبِ أَبِيْ بَكْرٍ } ص 46

-{ مَنْ يُبَايِعُنِيْ عَلَىْ الْمَوْتِ؟} ص 41 , 141

-{ وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أُرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأكْبَرِ } ص 93

-{ وَمَا يَمْنَعُنِيْ! إِنَّهُ كَاْنَ لِيْ رَبِيْباً، وَكَاْنَ لِبَنِيَّ أَخَاً، وَكُنْتُ لَهُ وَالِداً، أَعُدُّهُ وَلَدَاً } ص 46

-{: يَا كُمَيْلُ! إنَّ هَذِهِ القُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا } ص 5

ص: 222

فهرست الأعلام

أويس القرني :

1/4/7/8/12/14/17/20/22/23/27/28/29/30/33/34/35/37/38/42/51/52/59/60/63/64/66/68/70/71/72/73/75/78/80/82/83/85/86/92/93/94/96/98/99/102/105/108/111/112/114/118/119/120/122/126/128/132/133/134/136/137/138/139/141/143/144/145/148/149/150/153/155/159/160/161/162/164/165/166/168/170/171/172/173/174/175/176/178/179/180/182/183/184/192/193/194

أسير بن جابر : 24/25/26/75/83/90/100/102/115/120/127/141/142/148

إبن الجوزي : 54/58/175

إبن السرماري : 158

إبن الكلبي : 6/ 59

إبن تيمية : 157/164/174

إبن حبان : 54/59/120

إبن حجر : 9/19 /54/57/59/72/74/87/89/97/103/142/145/170/

إبن سلّام : 62/121

أبو الفتوح المطرزي : 67

أسود بن يزيد : 31/82

الأحنف بن قيس : 120

الأميني : 3/67/172

الباقر (الإمام)(ع): 41/42/48/49/50/51/52/139/159

ص: 223

البخاري :7/9/16/23/24/37/55/60/73/ 74/75/117/133/145/146/158/162

البربهاري : 152/153

الجوهري : 7/8/10

الحافظ العراقي : 39

الحاكم النيسابوري : 5/24/25/26/32/41/56/58/59/73/76/98/102/112/131/133/139/144/

الحجاج بن مسروق الجعفي : 47

الحجاج بن يزيد السعدي : 47/

الحجاج بن يوسف الثقفي :16/27/32/48/74/80/89/ 120/132

الحر العاملي : 3

الحر بن يزيد الرياحي : 47

الحريري : 40/60/173/174

الحسن , الإمام (ع) :45/46/ 47/144/159/179

الحسن البصري : 15 /23/ 24/37/82/55/151/174/175

الحسن بن عمرو : 20

الحسين , الإمام (ع) : 10/27/42/44/45/46/47/48/49/107/139/157/ 159/164/174/179/181/216/226

الخزرجي الأنصاري : 62/ 63

الخوانساري : 3

ص: 224

الخوئي : 27/49/53/54/55/69/70/112

الدار قطني : 7

الذهبي , محمد بن أحمد: 40/ 54/ 57/97 /152/ 156/176

الربيع بن خيثم : 66/82/94/98

الرضا , الإمام (ع) : 20/64

الزهراء , السيدة فاطمة(ع) : 32/33/44/47/ 107/158/179/217

السمعاني : 8/9/61/117

الشاطبي : 60/104

الشعبي : 132

الصادق , الإمام (ع) : 41/42/43/44/46/49/50/51/52/64/75/94/177

الصالحي الشامي : 61

الصفدي : 62

الضحاك بن مزاحم : 29

الطبري : 9

الطريحي , فخر الدين : 67/68/ 71

الطوسي , محمد بن الحسن : 41/48/49/64/ 65/66/98/112

العباس بن علي بن أبي طالب (ع) : 47

العباس بن محمد الدوري : 26/36/140/141

العجلي, أحمد : 31/59/131

ص: 225

الغزالي : 35/39/60/61/101/149

الفراهيدي : 7

الفيروز أبادي : 8

القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) : 47

القمي , عباس : 3/64/209/238

الكازروني : 176

الكبري : 176

الكشي : 27/29/48/49/50/51/52/ 54/66/74/117/128/142/206

المفيد , الشيخ : 23/41/42/50/53/ 54/64/65/ 109/ 122/ /206

المقبري : 31

المقداد بن الأسود الكندي : 33/ 43/44/64/81/216/223

النسائي : 23 /24/25/28/40/ 56/ 120/ 140/ 145

النعمان بن مقرن : 160

النعماني المغربي : 64

النوري , الميرزا : 3/108/134/137/209/ 210

النووي , محيي الدين يحيى : 58/151

اليافعي : 59/ 64

إبراهيم بن أبي عبلة : 28/90

إبراهيم بن علي بن أبي طالب (ع) : 47

ص: 226

إبن الأثير : 6/10/ 54/56

إبن أبي الحديد : 35/74/ 79/ 159

إبن خلكان :74/167/ 173

إبن داود : 20/51/54/ 66

إبن ماكولا : 54/61

إبن يزيد البكري : 98

أُميّه بن خلف : 33

أبان بن تغلب : 50

أبو الحسن الهروي : 167

أبو أحمد بن عدي الجرجاني : 56/75/ 154/ 207

أبو بكر الأعين : 145/ 146

أبو بكر بن ابي قحافة : 21/ 28/ 31 / 46/ 63/ 121/ 126/ 164/ 169

أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع ) : 47

أبو بكر بن علي بن أبي طالب(ع ): 47

أبو بكر بن عياش : 23/24/ 87

أبو ثمامة عمر بن عبد الله الصائدي : 47

أبو خالد الكابلي : 48/49

أبو ذر :33 /44/ 64/218/223

أبو سُفيان بن حرب : 33

ص: 227

أبو سليمان عبد الرحمن بن أحمد: 158

أبو عبد الله الدنيلي : 136

أبو لهب : 33

أبو مسلم الخولاني : 47/ 82/146/

أبو مكين : 72

أبو موسى الأشعرى : 34/35

أبو نعيم , أحمد : 57/140 / 175/ 208/

أبو هريرة : 29/ 30/ 31/119/ 145/ 163/

أبو يزيد البسطامي : 176

أبوعبد رب الدمشقي : 74

أبو الأحوص : 131

أبو الحسن بن بشار : 153

أبو الضحاك الجرمي : 123

أبو زرعة الرازي : 97

أبو طالب , عم النبي(ص) :41/65/ 78/145/211

أبو عبيدة الحداد : 72

أبو كريب : 23

أبو نضرة : 75/83

أحمد بن محمد بن حنبل : 56/57/72/97/145/151/161/206/210

ص: 228

أسباط بن سالم : 43/47/48

أسلم بن كثير الازدي : 48

أصبغ بن زيد : 85/97/135

أصبغ بن نباتة : 41/112/141

أنس بن كاهل الأسدي : 47

أويس بن الخليص : 146

بدر بن معقل الجعفي : 47

بريد بن معاوية العجلي : 49/50/51

بشر الحافي : 19

بشر بن عمر الحضرمي : 47

بشير بن عمرو : 74

جابر الجعفي : 41

جبريل , الأمين (ع) :28/ 121

جبلة بن علي الشيباني :

جعفر بن عقيل بن أبي طالب (ع) : 47

جعفر بن علي بن أبي طالب (ع) : 47

جعفر بن محمد بن عقيل بن أبي طالب (ع) : 47

جمعة الحديثي : 185

جندب الخير الأزدي : 42

ص: 229

جندب بن حجر الخولاني : 47

جون مولى أبي ذر الغفاري : 47

جوين بن مالك الضبعي : 47

حبيب بن مظاهر الأسدي : 47/67

حجر بن زائدة : 52

حذيفة بن أسيد الغفاري : 47

حمران بن أعين : 50/ 52

حميد بن صالح : 132

حنظلة بن أسعد الشبامي : 48

حوشب , شهر بن حوشب الحمصي : 24

حيان بن الحارث السلماني الازدي : 47

خالد بن سعيد بن العاص : 11

خديجة بنت خويلد(ع) : 78/ 217

خزيمة بن ثابت : 143

دبيس بن صدقة بن منصور : 173

دعبل بن علي الخزاعي : 172

زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي : 47

زرارة بن أعين : 49/50 / 51/ 52

زرارة بن أوفى : 24 / 26 /89

ص: 230

زهير بن القين البجلي : 47

زهير بن بشر الخثعمي : 47

زيد بن ثبيت القيسي : 47

زيد بن صوحان العبدي : 42 /142/ 219

زيد بن علي(ع) : 19/ 139/ 140

زين العابدين, الإمام (ع) : 27/ 42/ 48/ 49/ 52/80/ 139

سالم مولى بني المدنية الكلبي : 48

سالم مولى عامر بن مسلم : 47

سعد بن عبد الله الحنفي : 47

سعد بن مالك بن سنان : 110

سعيد بن المسيب : 27/ 49/ 118/ 151

سعيد بن جبير : 27/ 80

سعيد , مولى عمرو بن خالد الصيداوي : 47

سعيد بن قيس : 110

سفيان بن أبي ليلى الهمداني : 47

سلام بن مسكين :29/ 169

سلمان , المحمدي : 33/41/42/ 43/44/ 64/ 79/ 216/ 223

سلمة بن نفيل السكونِي : 39

سلمى بنت حرملة العنزيّة : 33

ص: 231

سليمان مولى الحسين(ع) : 47

سهيل زكار : 167/ 168

سوار بن أبي حمير الفهمي الهمداني : 48

سيف بن مالك : 47

شبيب بن الحارث بن سريع : 48

شبيب بن عبد الله النهشلي : 47

شريح بن هانئ : 110

شريك بن عبد الله الكوفي : 40/ 144

شوذب مولى شاكر : 48

صعصعة بن معاوية: 27/ 100 / 117/ 120/ 149/ 160

صلة بن أشيم العدوي : 152

ضرغامة بن مالك : 47

ضمرة بن ربيعة : 90

طغرل بك : 65

عابس بن شبيب الشاكري : 48

عامر بن عبد الله بن جذاعة : 52

عامر بن مسلم : 47

عبد الرحمن بن أبي ليلى : 32/ 36 / 74/ 140/ 144/146

عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الارحبي : 48

ص: 232

عبد الرحمن بن عروة بن حراق الغفاري : 47

عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب : 47

عبد العزيز بن سلام : 102

عبد الغني بن سعيد : 60

عبد الكريم السيد علي خان المدني : 151 / 210

عبد الله المامقاني : 68

عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب(ع ) : 47

عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع ) : 47

عبد الله بن أبي الجدعاء : 37

عبد الله بن أبي يعفور : 51

عبد الله بن جعفر :47/ 139

عبد الله بن سلمة : 164

عبد الله بن شريك العامري : 49

عبد الله بن عبّاس :14/ 41/55/111/ 115/ 210

عبد الله بن عروة بن حراق الغفاري : 47

عبد الله بن عقيل بن أبي طالب : 47

عبد الله بن علي بن أبي طالب(ع) : 47

عبد الله بن عمير الكلبي : 47

عبد الله بن مسعود : 21/44/82/ 169

ص: 233

عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب : 47

عبد الله بن يزيد بن ثبيت القيسي : 47

عبد الملك بن مروان : 16

عبيد الله بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : 47

عبيد الله بن يزيد بن ثبيت القيسي : 47

عثمان بن عفان : 15/ 21 /31/34/42/45/46/82/107/110/ 151/152/ 162

عثمان بن عطاء الخراساني : 90/ 146

عثمان بن علي بن أبي طالب (ع ) : 47

عدي بن حاتم : 110

عدي بن سلمة الجزري : 102

علقمة بن مرثد : 146

علي بن الحسين الاكبر(ع) : 47

علي بن أبي طالب , الإمام (ع) : 5/ 14/ 16/ 23/24/26/27/ 28/ 29/30/31/ 32/33/ 35/ 36/ 37/40/41/42 /43/44/ 45/46/ 47/48/ 54/ 60/ 62/ 63/ 64/65 / 66/ 67/68/ 70/ 72/ 73/ 74/ 77/ 79/ 80/ 81/82/ 84/ 107/ 108/ 110 /111 / 112/ 113/ 114/ 116/ 118/ 120/121/ 122/129/ 135/ 137/ 139/ 140/ 141/ 142/143/ 144/ 145/ 146/ 150/ 155/157/ 159/ 160/161/164/ 169/ 170 /172/174/ 177/ 178/ 179/181/ 187

علي خان المدني : 1/ 3/53/ 54/ 230/ 233

عمار بن أبي سلامة الهمداني : 48

عمار بن حسان بن شريح الطائي : 47

ص: 234

عمار بن ياسر : 21/ 32/ 33/ 35/44 / 64/81/ 96/ 110/111 / 142/143 / 144/ 146/ 167/ 187/ 216/ 217/ 218/ 219/ 221/ 222/ 223

عمر بن الاحدوث الحضرمي : 48

عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب(ع ) : 47

عمر بن الخطاب : 13/ 16/ 21/24/ 25/ 26/ 27/ 28/ 29/ 58/ 62/ 82/ 108/ 109/ 115/116/ 117/ 118/ 119/ 120 / 121/ 126/ 127/ 147/ 148/ 153/ 156/157/ 158/ 160/ 161/ 164/ 170

عمر بن عبد العزيز :132/158/ 159

عمر بن علي بن أبي طالب(ع ) : 47

عمرو بن العاص : 33 /34/35/ 139

عمرو بن الحمق الخزاعي : 48/ 107

عمرو بن خالد الصيداوي : 47

عمرو بن ضبيعة الضبعي : 47

عمرو بن عبد الله الجندعي : 48

عمرو بن عتبة : 81

عمرو بن قرظة الانصاري : 47

عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : 47

فرات بن حيان العجلي : 31/ 89/ 217

فروة بن مسيك المرادي : 10/ 22

ص: 235

قارب مولى الحسين(ع ) : 47

قاسط بن زهير التغلبي : 47

قاسم بن حبيب الازدي : 47

قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد : 6 / 7/ 8/9/ 61

قعنب بن عمرو النمري : 47

قيس بن سعد : 46

قيس بن مسهر الصيداوي : 47

كرش بن زهير التغلبي : 47

كعب الأحبار : 162/182

كنانة بن عتيق : 47

ليث بن البختري المرادي : 49 / 50/ 51

مالك الأشتر : 45/ 110 / 111

مالك بن أنس : 75/145/ 146

مالك بن عبد الله بن سريع : 48

مجمع بن عبد الله العائذي : 47

محارب بن دثار : 31

محمّد بن أبي بكر : 46

محمد ( الاصغر ) بن علي بن أبي طالب(ع ) : 48

ص: 236

محمد , النبي الأكرم (ص) :4/12/13/ 14/18/19/20/21/22/26/ 28/ 29 /31/37/ 39/40/ 43/ 47 /54 /56 /57 /59/60/61/62/66/69/71/72/ 77 / 78/85/ 87/88/96/104/ 107/108 /109/111/120 / 121 / 122 /124/127 /126/132/136/ 137/146/150/152/153/154/ 155 / 156 / 157/158/ 160 /164 / 169 / 170 / 175 /178/ 179

محمد النور بخشي : 63

محمد بركت علي : 178

محمد بن أبان العنبري : 132

محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب: 48

محمد بن جعفر المؤدب : 64

محمد بن سلمة الجزري : 103

محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: 48

محمد بن عقيل بن أبي طالب: 48

محمد بن مسلم الثقفي : 51

محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهرى : 164

محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب: 48

محمد طه نجف : 54/68

محمد عثمان عبده البرهاني : 177

محيي الدين المامقاني : 70

مسروق بن الجدع : 82

ص: 237

مسعود بن الحجاج : 47

مسلم بن الحجاج النيسابوري :23/ 55/ 58/63/73

مسلم بن عوسجة الأسدي: 47

مضر السيد علي خان المدني : 1/ 3/ 227/235

معاوية بن حُدَيج الكندي : 46

معين الدين الشيستي : 177

منجح مولى الحسين(ع ) : 47

موسى الراعي : 170

موسى بن جعفر, الإمام (ع) : 19/ 43/48 /51/ 52/ 63

موسى بن زيد : 137

مؤمن الطاق : 50

ميثم بن يحيى التمّار : 46

نافع بن هلال البجلي المرادي : 47

نعيم بن عجلان الانصاري : 47

هاشم بن عتبة المرقال : 143

هرم بن حيّان : 76/123

هشام بن الحكم : 50

هشام بن حسان : 23 / 24

هشام بن سالم : 49/ 50 / 51/ 52

ص: 238

همام بن الحارث : 81

يحابر بن مالك بن مذحج : 9

يحيى بن أمّ الطويل : 48/ 49

يحيى بن معين : 28/ 29/31/ 72/140

يزيد بن حصين الهمداني المشرقي : 47

يزيد بن زياد بن المظاهر الكندي : 47

يسير بن عمرو : 89

ص: 239

فهرست البقاع والأمكنة

اليمن : 7/ 8/ 10 / 12/15/16/18/19/20/25/28/38/39/59/60/63/113/115/116/118/119/121/ 148/ 177/180/ 182/ 183/

ابين : 10

الإسكندرية : 163/ 167/ 182

الأناضول : 185

الأنبار : 185

البرمبل : 182

البصرة : 151/244

البيضاء : 10

التريبة : 183

الثّجة : 11

الجابية : 162/ 163/ 182

الحبشة : 33/ 46

الحمى : 183 / 201

الحويجة : 179

الحيرة : 160

الدوّار : 185

ص: 240

الديلم : 170

الربذة : 32/ 45/ 103

الرقة : 144/ 163/167/ 188/ 189/ 190

الزمونية : 177

السودان : 184

الشام : 32/ 33/ 36/82/133/150/160/162/164

الشكيف : 185

الطائف : 7/8

العبدية : 180/ 183/ 190/200

القاهرة : 39/62/177

الكريمات : 182

الكوفة : 13/ 25/56/59/60/70/74/75/79/80/81/83/84/90/96/98/100/102/109/115/116/117/118/ 119/ 120/123 /124/ 125 / 127/ 133/ 147 / 148/ 149/ 151 / 160/ 161/ 165 / 167/ 220 / 244 /

المدينة المنورة : 18 / 21/ 62/ 108 / 119/ 151 / 162/ 165 / 218

المسجد الأقصى : 160

الموصل : 185/ 186 / 244

النجف الأشرف : 3/65/66/67/68/69/70/ 243 / 244

الهند : 177 /179/ 203

إب : 11

ص: 241

أذربيجان : 161 / 164

أرمينيا : 161

باكستان : 177/178

بايكان : 185

بغداد : 185/ 186/ 244

بلاد فارس : 82

بنجلاديش : 177 / 178

بيت المقدس : 119/ 160

بيشه كوه : 184

تُستر : 32

ترعة الحبشي : 182

تركيا : 185/ 198/ 199

جامع سجود : 179

جمى : 184

حريب : 10

حضرموت : 10

خولان : 10

دلهي : 179

ديار بكر : 163/ 167/185

رامسر : 184

ردفان : 184

زبيد : 10 / 11/22/183/201

سجستان : 59/152/161

سرو مَذْحِج : 10

سوريا : 144 / 179/ 188/ 189 / 190 /191192/ 193 / 194

ص: 242

سيرت : 185

شكر قليوبية : 177

شهرزور : 186

صفين : 144/ 164/167/187

فرص : 184

فلسطين : 9/33 /34/90/164

قديثنة : 10

قمن العروس : 182

كتسرين : 179

كرمانشاه : 184

كفر الزيات : 177

لحج : 184

مأرب : 10/ 12/ 180/ 183

مرو : 8/ 19

مصر : 82/164/167/182/202

مكة المكرمة : 21/160/ 165

مكز العياط : 182

نجد : 6/ 7

نجران : 10

نهاوند : 32/42/160

هضبة الجولان : 179

همدان : 10/ 11

هيت: 185

وادى حلفا : 184

ص: 243

فهرست المواضيع

1-الإهداء ..................................................................... 3

2-المقدمة ......................................................................4

3-الإسم والنسب .............................................................. 6

4-ولادته ....................................................................... 12

5-مسكنه .......................................................................13

6-شكله وصفاته الجسدية .................................................. 14

7-عمله ومهنته .............................................................. 16

8-أويس من أوائل المسلمين .............................................. 18

9-أويس في أحاديث رسول الله (ص) .................................... 23

10- أويس في أحاديث الأئمة (ع) .......................................... 41

11- أويس في أحاديث العلماء وأصحاب السير .......................... 54

12- أويس حليف القرآن ..................................................... 72

13- أويس أحد رواة الحديث ................................................ 74

14- أويس نموذج الزاهدين ................................................. 77

15- أويس نموذج الأبناء الصالحين ....................................... 85

16- أويس نموذج السمو الإيماني ......................................... 86

17- أويس من الشاكرين .................................................... 88

18- أويس من المتصدقين .................................................. 89

19- أويس نموذج تهذيب النفس .......................................... 93

20- أويس نموذج العبادة الخالصة ....................................... 96

21- أويس من العافين عن الناس ........................................ 100

22- أويس مقصد المتبركين .............................................. 102

23- أويس رجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ................. 104

24- أويس راهب الليل فارس النهار ..................................... 106

25- أويس يختار : طريق الإمام علي(ع) ...............................107

26- قصته مع الخليفة عمر بن الخطاب ................................. 115

27- قصته مع هرم بن حيّان العبدي ..................................... 123

28- من أحاديث أويس ..................................................... 129

29- من أدعية أويس ....................................................... 135

30- شهادته ومرقده الشريف ............................................ 139

31- محاولات طمس الصورة ............................................ 145

32- المغالاة في ذكر أويس ............................................... 169

ص: 244

33- أويس في ذاكرة المحبين ....................................... 171

34- مقامات أويس القرني ........................................... 181

35- زيارة أويس القرني ............................................. 187

36- ملف الصور........................................................ 188

37- المصادر ........................................................... 206

38- فهرست الآيات القرآنية الكريمة .............................. 212

39- فهرست الأحاديث النبوية الشريفة ........................... 216

40- فهرست الأحاديث العلوية الشريفة ........................... 222

41- فهرست الأعلام ................................................... 224

42- فهرست البقاع و الأمكنة ...................................... 241

43- فهرست المواضيع .............................................. 245

ص: 245

المؤلف في سطور

مضر السيد عبد الهادي محسن علي خان المدني

ولد بمدينة النجف الأشرف يوم الثلاثاء 25 ربيع الثاني سنة 1379 لأسرة دينية ارتبط اسمها بالسيد علي خان المدني , من أعلام القرن الحادي عشر الهجري , صاحب (السلافة) , و (أنوار الربيع ), و (الدرجات الرفيعة ) , و(شرح الصحيفة السجادية ), و غيرها.

والتي نبغ منها أعلام في الحوزة العلمية منهم جده الحجة السيد محسن , و جده لأمه آية الله العظمى السيد عبد الكريم, و الحجة السيد عبد الحسن , والحجة السيد عبد الحسين , وآية الله السيد عبد الرسول , و العلامة الحجة السيد محمد علي , وغيرهم.

تدرج في مراحل الدراسة, و حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الموصل عام 1982 م.

رعى أساتذته في إعدادية النجف موهبته الأدبية, فكتب القصة والقصيدة, وشارك في العديد من الأماسي و المهرجانات الشعرية في مدينة النجف الأشرف, و منها مهرجانات الإعدادية السنوية, وأمسيات دور الثقافة ونشاطات جمعية الرابطة الأدبية, وحصل على المرتبة الأولى في مسابقة الجمعية للأدباء الناشئين.

كما شارك في بعض المهرجانات الشعرية في الجامعة, و سمي (شاعر كلية الهندسة), و حصلت أحدى قصائده في الثمانينات على المرتبة الأولى في مهرجان القصيدة القطري, ورشحت للمشاركة في مهرجان الخليج الدولي, ومهرجان القصيدة العربية في الدار البيضاء.

كما دعي لإلقاء قصائده في العديد من الاحتفاليات الخاصة والعامة في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة وبغداد والبصرة والديوانية والموصل, ووجهت له الدعوات للمشاركة في مهرجان المربد الشعري.

نشرت له عدة مجلات وجرائد عراقية مختارات من قصائده وكتاباته الأدبية التي كان ينشر بعضها باسم مستعار هو (النجفي العراقي), ومنها جريدة العدل , ومجلة الرابطة , ومجلة الجامعة.

ترجم له صاحب (المستدرك على شعراء الغري:3/285)المرحوم الأستاذ كاظم الفتلاوي, ونشر في كتابه بعض نتاجاته الشعرية, كما ترجم له د. كامل سلمان الجبوري في كتابه (معجم الشعراء:5/408-409), وفي مجلة آفاق نجفية بعددها الخاص(الإمام الحسين (علیه السلام) في الشعر النجفي المعاصر:156-164) ونشر عدة قصائد له, وترجم له أيضا أ. د. صباح نوري المرزوك في كتابه (التحف من تراجم أعلام وعلماء الكوفة والنجف)

وفي مجال العمل المهني, وبعد تخرجه, تولى الأشراف على العديد من المشاريع الرئيسة في بغداد والبصرة وصلاح الدين والثرثار والنجف الأشرف.

ص: 246

تعرض للإعتقال في فترة دراسته الجامعية بمدينة الموصل , ضمن الحملة التي استهدفت طلبة الجامعات في الثمانينيات , وعاد للدراسة بعد أن خسر سنة من حياته الدراسية. كما أعتقل إبان الإنتفاضة الشعبانية المباركة في النجف الأشرف؛ ليلاقي مع آلاف المعتقلين صنوف التعذيب, ولهو سياط الجلادين في معتقلات الحارثية والرضوانية, وشاءت إرادة الله أن يطلق سراحه.. بدعوة مستجابة لأب مؤمن وزوجة صابرة.

تشرف بالإشراف على إعادة بناء (مسجد السهلة المعظم ) في الكوفة المقدسة بتوجيه مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) الذي رعى حملة الإعمار الكبرى للمكان المقدس.

و أخيرا تشرف بتوجيه مكتب السيد الحكيم (دام ظله) بتولي أمانة مسجد السهلة المعظم يوم الأحد المصادف 1 من شهر رمضان المبارك سنة 1426 ﻫ .

من مؤلفاته : مسجد السهلة ,تأريخه وأعماله, تأثير العقيدة في بناء شخصية الطفل, مفكرة السهلة, دليل مسجد السهلة المعظم, الدليل المصور لمسجد السهلة المعظم, الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) بين مسجدين, يا ابنتي هذا هو الدين, حقائق تنهض من بين الأقبية, الصورة الشعرية في القرآن الكريم, آداب التلاوة, ديوان شعر.

ص: 247

مطبوعات صدرت عن مؤسسة مسجد السهلة المعظم

*( تم التشرف بعدة طبعات لكتاب الله المجيد : القرآن المجزء, القرآن المعطر, القرآن الكفي, القرآن الوزيري, القرآن الجوامعي)

1)نهج البلاغة لأمير المؤمنين (علیه السلام)

2)الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين (علیه السلام)

3)مفاتيح الجنان : الشيخ عباس القمي

4)مفاتيح الجنان (الكفي) : الشيخ عباس القمي

5)ضياء الصالحين: الحاج محمد صالح الجوهرجي

6)ضياءالصالحين(الكفي):الحاج محمد صالح الجوهرجي

7)مفاتيح الجنان و ضياء الصالحين (المزدوج)

8)مفاتيح الجنان (المصور)

9)أعمال مسجد السهلة المعظم:إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

10)أعمال ليالي الجمع:إعداد المؤسسة

11) مسجد السهلة تأريخه وأعماله: السيد مضر السيد علي خان المدني

12) سفراء ونواب الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) :الشيخ حميد البغدادي

13) الشعائر الحسينية :السيد علي محمد حسين الحكيم

14)تأثير العقيدة في بناء شخصية الطفل:السيد مضر السيد علي خان المدني

15) مسجد السهلة ملاذ الأولياء: السيد أحمد نوري الحكيم

16)خطب خالدة :السيد علي محمد حسين الحكيم

17) مفكرة السهلة : السيد مضر السيد علي خان المدني

18) دليل مسجد السهلة المعظم: السيد مضر السيد علي خان المدني

19) نشرة السهلة : إعداد قسم الإعلام في أمانة المسجد

20) الخلافة المغتصبة : الأستاذ إدريس الحسيني المغربي.

21)سيد بغداد الإمام موسى بن جعفر (علیهما السلام) :الشيخ علي الكوراني

22)أسباب الغيبة ونتائجها : السيد محمد حسين الحكيم

23)دليل العتبات المقدسة: إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

24)أعمال مسجد الكوفة المبارك :إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

25)زيارة الإمام الحسين (علیه السلام) : إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

26)زيارة السيدة زينب (علیها السلام) :إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

27)زيارة أبي الفضل العباس (علیه السلام) :إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

ص: 248

28)أعمال الأشهر(رجب,شعبان,رمضان): إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

29)الوصية الشرعية :إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

30)دليل مسجد السهلة المعظم (فارسي):السيد مضر السيد علي خان المدني

31)دليل مسجد السهلة المعظم(إنكليزي):السيد مضر السيد علي خان المدني

32)وصال يار (زيارة العتبات/عربي, فارسي) : سيد أمير

33)المدرسة الأخلاقية : السيد محسن النوري

34)قصة وسيرة ساقي عطاشى كربلاء (علیه السلام) :السيد محسن النوري

35)سيرة وأدعية وزيارة الإمام الحسين (علیه السلام) :السيد محسن النوري

36)حياة الإمام الحسين (علیه السلام) وأيام عاشوراء: السيد محسن النوري

37)في رحاب القائم المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) : السيد محسن النوري

38)مدرسة الفتاة المؤمنة في رحاب الزهراء (علیها السلام) : السيد محسن النوري

39)الكتاب التعليمي المتطور للفتى والفتاة: السيد محسن النوري

40)قصة وسيرة السيدة الطاهرة أم البنين (علیها السلام) : السيد محسن النوري

41)قد قامت الصلاة: السيد محسن النوري

42)علموا أولادكم من علمنا: السيد محسن النوري

43)الآداب الإجتماعية: السيد محسن النوري

44) سفك الدم: السيد محمد حسين الحكيم

45)أطلس السيرة العلوية: الحاج حسن الظالمي

46) الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) بين مسجدين : السيد مضر السيد علي خان المدني

47) وكلاء الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) من غير السفراء : الحاج حسن الظالمي

48) إشكالية زواج الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) : السيد محمد علي الحلو

49) أحكام الترتيل والتلاوة القرآنية : السيد مضر السيد علي خان المدني

50) أصول الدين بين السائل والمجيب : السيد محمد علي الحلو

51) الأربعون المنتقاة في سيد الولاة : علاء عبد الأمير رحيم الخزعلي

52) حياة الإمام علي – حقائق وأرقام : الحاج حسن الظالمي

53)الخالق العظيم أدلة وبراهين : الحاج حسن الظالمي

54)الهدية المهدوية : إعداد مؤسسة مسجد السهلة المعظم

55) التحف من تراجم أعلام وعلماء الكوفة والنجف : أ. د. صباح نوري المرزوك

ص: 249

ص: 250

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.