استقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار المجلد 5

هویة الکتاب

محمد بن الحسن ، 980 - 1030 ق . شارح .

استقصاء الاعتبار / المؤلف محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني ؛ تحقيق مؤسسة آل البيت علیهم السلام الإحياء التراث . - مشهد : مؤسسةآل البيت علیهم السلام الإحياء التراث ، مشهد ، 1419 ه- ق = 1377 ه- ش .

ج 10 نموذج .

المصادر بالهامش

هذا الكتاب شرح للاستبصار للشيخ الطوسي .

1. الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار - نقد و تفسير .

2. أحاديث الشيعة - القرن 5 ق . ألف . الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار . شرح . ب . عنوان . ج . عنوان : الاستبصار . شرح .

25 الف 502 الف 9ط/ 130 BP

شايك (ردمك) 9 - 172 - 319 - 964 دوره 7 جزء

ISBN 964 - 319 - 172 - 9 / 7 VOLS.

شابك (ردمك ) 177 - 319 - 964 / ج 5

ISBN 964 - 319 - 177 / VOL. 5

الكتاب : استقصاء الاعتبار / ج 5

المؤلف : الشيخ محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث

الطبعة : الأولى - ذی الحجه - 1420 ه- ق

الفلم والالواح الحساسة (الزنك) : تیز هوش - قم

المطبعة : ستارة - قم

الكمية : 5000 نسخة

السعر : 8000 ریال

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

قوله (1) :

أبواب القبلة

باب من اشتبه علیه القبلة فی یوم غیم

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن إسماعیل بن عباد ، عن خراش ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت (2) : جعلت فداک ، إنّ هؤلاء المخالفین علینا یقولون : إذا أطبقت علینا أو أظلمت (3) فلم نعرف (4) السماء کنّا وأنتم سواء فی الاجتهاد. فقال : « لیس کما یقولون ، إذا کان کذلک فلیصلّ لأربع وجوه ».

الحسین بن سعید ، عن إسماعیل بن عباد ، عن خراش ، عن بعض أصحابنا مثله.

أبواب القبلة

من اشتبه علیه القبلة فی یوم غیم

اشارة

ص: 5


1- فی « رض » : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 295 / 1085 زیادة : له.
3- فی الاستبصار 1 : 295 / 1085 زیادة : علینا.
4- فی « فض » : یعرف.

فأمّا ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « یجزئ التحرّی (1) أبدا إذا لم یعلم أین وجه القبلة ».

وعنه ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة باللیل والنهار إذا لم تر الشمس ولا القمر ولا النجوم ، قال : « اجتهد رأیک وتعمد القبلة جهدک ».

الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة باللیل والنهار إذا لم تُر الشمس ولا القمر ولا النجوم ، قال : « تجتهد رأیک وتعمد القبلة جهدک ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحملها علی حال الضرورة التی لا یتمکن الإنسان فیها من الصلاة إلی أربع جهات ، فإنّه یجزؤه التحرّی ، فإمّا إذا تمکن فلا بد من الصلاة إلی أربع جهات.

السند :

فی الأوّل : فیه إسماعیل بن عباد ، والموجود فی رجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ ابن عباد [ القصری ] (2) مهملا (3). وعدّ بعض له من أصحاب الکاظم علیه السلام (4) لا نعلم مأخذه.

بحث حول اسماعیل بن عباد

ص: 6


1- فی « د » و « رض » : المتحری.
2- فی النسخ : القصیر ، والصواب ما أثبتناه.
3- رجال الطوسی : 368 / 13.
4- نقله فی منهج المقال : 57.

وخراش مذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملا (1) ، لکن لا یخفی أنّ الطریق فی الأوّل إلی إسماعیل بن عباد فیه عبد الله بن المغیرة. وقد نقل الکشی الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه. والطریق إلیه صحیح ، لأنّ العباس علی الظاهر هو ابن معروف ، کما کرّرنا القول فی ذلک (2) ، أو ابن عامر.

فالذی اعتمد علی فهم أنّ المراد بالإجماع المذکور کون الخبر إذا صح إلی مثل عبد الله کفی فی صحة جمیعه یلزمه صحة الخبر. وقد اعترف به بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - ولم یعدّه من الصحاح (3) ، فلا أدری الوجه فیه.

ونحن قد قدّمنا فی أول الکتاب (4) أنّ الشیخ قد ردّ بعض الأخبار المشتملة علی الإرسال - بعد وجود من اجمع علی تصحیح ما یصح عنه - بالضعف بسبب الإرسال ، والشیخ أدری بمراد الکشی من العبارة فی الإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل ، وذکرنا ما یمکّن توجیه الإجماع المذکور ، وهو أنّ الغرض منه الاکتفاء عن القرائن للعمل بخبر الواحد.

والثانی : معلوم الحال.

والثالث : لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه.

والرابع : فیه عثمان بن عیسی ، وقد قدّمناه أیضا حاله (5).

خراش مهمل

بحث حول المراد بالإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل

ص: 7


1- رجال الطوسی : 189 / 67. وفیه : خداش.
2- فی ج 1 : 65.
3- البهائی فی الحبل المتین : 198.
4- فی ج 1 : 60.
5- فی ج 1 : 71 - 72.

والخامس : موثق (1).

المتن :

فی الأوّل قیل : إنّ القائلین بأنّه مع اشتباه القبلة یصلّی لأربع جهات استدلوا به (2). وفی الذکری : أنّه وإن ضعف ، إلاّ أنّ عمل عظماء الأصحاب یعضده مع البعد عن قول العامة ، قال رحمه الله : إلاّ أنّه یلزم من العمل به سقوط الاجتهاد بالکلیة فی القبلة ، لأنه مصرح به ، والأصحاب یفتون بالاجتهاد ، ثم قال : ویمکن أن یکون الاجتهاد الذی صار إلیه الأصحاب هو ما أفاد القطع بالجهة من نحو مطلع الشمس ومغربها دون الاعتقاد المفید للظن کالریاح (3).

وفی نظری القاصر : أنّ الروایة محتملة لأن یکون المراد بقوله فیها : إنّ هؤلاء المخالفین ، إلی آخره. دفع ما تخیّله أهل الخلاف : من أنّ الاجتهاد فی الأحکام الشرعیة لا بدّ منه فی الجملة. لا کما یقوله الشیعة من : أنّ الإمام المعصوم لا یحکم بالاجتهاد بل بالعلم. وحینئذ حاصل الجواب : أنّ تعذر العلم فی المسألة المتکلم فیها لا وجه له ، إذ بالصلاة إلی الأربع جهات یتحقق العلم ، وعلی هذا یصیر مفاد الروایة أنّه لو أرید تحصیل العلم فی القبلة مع الاشتباه فهو ممکن بالصلاة إلی أربع جهات ، فالإلزام للخصم حاصل ، وما ورد من الأخبار المتضمنة لإجزاء أیّ جهة مع التحیّر لا ینافی هذا الخبر بالوجه الذی قررناه.

بیان ما دل علی أنّ من اشتبه علیه القبلة یصلّی لأربع جهات والجمع بینه وبین ما یعارضه

ص: 8


1- لاشتماله علی زرعة وسماعة وهما واقفیان.
2- کما فی مدارک الأحکام 3 : 137.
3- الذکری : 166.

فإن قلت : المنافاة باقیة ، لأنّ تحصیل العلم إذا أمکن تعیّن ، فما دلّ علی الاکتفاء بأیّ جهة ینافی اعتبار حصول العلم مع الإمکان.

قلت : إذا ثبت الاکتفاء بالظن فلا مانع من القول بأنّ تحصیل العلم إنّما هو من باب فعل الأولی ، نعم لو لم یدل دلیل علی الظن کان اللازم وجوب تحصیل العلم عینا ، علی أنّ الروایة إذا احتمل فیها إلزام الخصم فیمکن ادعاء کون الصلاة إلی أیّ جهة یحصّل العلم الشرعی ، لأنه تابع للدلیل ، فإذا ورد ما یقتضی الاکتفاء بأیّ جهة کفی فی المطلوب.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره شیخنا الشهید رحمه الله من أن الروایة یلزم من العمل بها سقوط الاجتهاد (1). محل تأمّل ، لأنّ مفادها علی تقدیر إلزام الخصم لیس نفی الاجتهاد مطلقا ، بل فی المادة المذکورة ، ولیس الاجتهاد منفیا فیها علی أن یکون الاکتفاء بالأربع جهات لمن لم یجتهد ، بل إنّما یدل علی أنّ تحصیل العلم ممکن ، فلا وجه للاجتهاد المفید للظن.

وقول شیخنا الشهید رحمه الله فی الفرق بین الاجتهاد المفید للقطع وما أفاد الظن لا یثمر نفعا مع إطلاق الروایة ، بل صراحتها فی تحصیل العلم الذی هو القطع.

هذا کلّه علی تقدیر العمل بالروایة والنظر إلی ما دلّ علی إجزاء أیّ جهة ، لکن فی بعض تلک الأخبار قد وقع نوع اختلاف ، فإنّ الشیخ کما تری نقل فی الروایة الثالثة أنّه « یجزئ التحرّی ».

وابن بابویه نقل فی بعض الأخبار المعتبرة ما هذا لفظه : عن زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أبی (2) جعفر علیه السلام أنّه قال : « یجزئ المتحیر أبدا

ص: 9


1- الذکری : 166.
2- لیست فی « فض » و « د ».

أینما توجه إذا لم یعلم أین وجه القبلة » (1). والفرق بین العبارتین ظاهر ، فإنّ ما نقله الشیخ یدل بظاهره علی إجزاء الاجتهاد المعبّر عنه بالتحرّی إذا لم تعلم القبلة ، وعبارة روایة الصدوق تفید أنّ المتحیّر - وهو من لم یعلم ویظنّ جهة القبلة - یجزؤه کیف ما توجّه.

وربما یؤید روایة الصدوق أنّه روی أیضا فی الصحیح عن معاویة بن عمّار ، عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « نزلت هذه الآیة فی قبلة المتحیر ( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) (2) » الآیة (3).

وعلی هذا فالخبر المبحوث عنه المتضمن للصلاة إلی أربع جهات یمکن حمله علی الأکملیة کما تقدم ، ولو نظرنا إلی روایتی الصدوق أمکن أن یقال : إنّ من لم یعلم (4) القبلة تخیّر أیّ جهة شاء ، وعلی روایة الشیخ یراد أنّ الظنّ کاف فی العبادة إلی أیّ جهة شاء ، وحینئذ لا بد من حمل الخبر الأوّل علی عدم الظنّ فلا تنافی.

وحمل الشیخ علی الضرورة محل تأمّل : أمّا أولا : فلأنّ مفاد الخبر الأوّل من المنافیین إجزاء التحرّی أبدا ( مع عدم العلم ) (5) وظاهر (6) أنّ المراد به الاجتهاد فی القبلة ، أما الصلاة ( إلی أربع ) (7) فلا یدل علیها الخبر ، ولو دل علی الجهة لأفاد أنّ الاجتهاد کاف فی الصلاة إلی جهة ، والخبر

ص: 10


1- الفقیه 1 : 179 / 845 ، الوسائل 4 : 311 أبواب القبلة ب 8 ح 2.
2- البقرة : 114.
3- الفقیه 1 : 179 / 846 ، الوسائل 4 : 314 أبواب القبلة ب 10 ح 1.
4- فی « د » : لم یظن.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- فی « رض » و « د » زیادة : الخبر.
7- فی « د » : إلی جهة أو أربع.

الأوّل المتضمن للأربع لو خلی من الاحتمال السابق منا یحمل علی حالة عدم إمکان الاجتهاد أو تساوی الظنون فی الأربع جهات.

وأمّا ثانیا : فلأن ثانی المنافیین (1) ظاهر فی الاجتهاد ، ولا دلالة له علی ما ینافی الأربع علی نحو ما قلناه فی الأوّل ، وکذلک الثالث.

وأمّا ثالثا : فلأنّ قول الشیخ علی تقدیر الحمل علی الضرورة : فإنّه یجزؤه التحرّی. إن أراد به أنّه یجزؤه الاجتهاد مع الضرورة ، فالمفهوم منه أنّ مع عدم الضرورة لا یجزؤه الاجتهاد ، وحینئذ لا وجه للصلاة إلی الأربع جهات وکلامه یقتضی ذلک.

واحتمال أن یرید الشیخ أنّ الاجتهاد إنّما یکفی مع الضرورة ، ومع عدمها یجب تحصیل العلم وهو یحصل بالصلاة إلی أربع جهات ، فیه : أنّ المتعارف من اعتبار العلم علی وجه التعین (2) لا کونه فی جملة الأربع ، ولو تمّ ما ذکره لزم أنّ المضطر لو أمکنه أکثر من جهة وجب والخبران لا یدلان علیه ، فلیتأمّل فی هذا.

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب من : أنّ هذه الروایات - یعنی ما ظن الشیخ منافاتها - إنّما تدل علی الأمر بالاجتهاد بالقبلة إذا فقد العلم ، وهذا ممّا لا نزاع فیه بل الاتفاق علیه واقع ، وأمّا الصلاة إلی الجهات الأربع عند من أثبته فإنّما یثبت مع فقد العلم والظن. انتهی ، ففیه تأمّل :

أمّا أوّلا : فلأنّ ما أفاد انتفاء العلم هو أحد الأخبار وهو أوّلها ، وأمّا الآخران فمفادهما الاجتهاد إذا لم تر الشمس والقمر والنجوم ، [ واستفادة ] (3)

ص: 11


1- فی « د » و « رض » : المنافیات.
2- فی « د » و « رض » : الیقین.
3- فی النسخ : إفادة ، والأولی ما أثبتناه.

العلم من المذکورات غیر واضحة علی الإطلاق. ولو أراد بالعلم ما یشمل الظنّ فالخبر الأوّل قد دل علی أنّ مجرد إطباق السماء یقتضی الصلاة إلی الأربع جهات مع إمکان تحصیل الظنّ وعدمه.

وأمّا ثانیا : فقوله : إنّ الاتفاق واقع علی الاجتهاد مع عدم العلم. فیه : أنّ العلاّمة فی المختلف نقل عن ابن أبی عقیل أنّه قال : لو خفیت علیه القبلة لغیم أو ریح أو ظلمة فلم یقدر علی القبلة صلّی حیث شاء. قال العلاّمة : وهو الظاهر من اختیار ابن بابویه.

ونقل عن الشیخین أنّهما قالا : متی أطبقت السماء بالغیم ولم یتمکن الإنسان من استعلام القبلة أو کان محبوسا فی بیت لا یجد دلیلا علی القبلة فلیصلّ إلی أربع جهات مع الاختیار ، ومع الضرورة إلی أیّ جهة شاء ، قال العلاّمة : وهو الظاهر من کلام ابن الجنید وأبی الصلاح وسلاّر (1).

ثمّ نقل عن ابن أبی عقیل الاحتجاج : بأنّه لو کان مکلفا بالاستقبال حال عدم العلم کان تکلیف ما لا یطاق ، وبالروایتین المذکورتین هنا وهی أولی ( المنافیات وثانیها ) (2) (3). وغیر خفی أنّ کلام ابن أبی عقیل وحجته لا یعطیان وجوب الاجتهاد مع فقد العلم إلاّ بتکلف.

وأمّا ثالثا : فما ذکره : من أنّ الصلاة إلی الأربع جهات مع فقد العلم والظن. فیه : أن المنقول فی المختلف لا یوافقه علی الإطلاق ، والعجب أنّه قدس سره اختار مذهب ابن أبی عقیل فی فوائد الکتاب بعد أن ذکر روایتی الصدوق السابقتین ، وحکی عن المختلف أنّه نفی عنه البعد. والذی فی

ص: 12


1- المختلف 2 : 84.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » : المنافیین وثانیهما.
3- المختلف 2 : 85.

المختلف قد سمعته من حکایة قول ابن أبی عقیل واستدلاله.

ثم إنّ العلاّمة احتج علی ما اختاره من قول الشیخین والجماعة المذکورین معهما : بأنّه متمکن من الاستقبال فیکون واجبا علیه ، أمّا المقدمة الأولی : فلأنّه بفعل الأربع یحصل الاستقبال ، وأمّا الثانیة فإجماعیة ، وبما رواه خراش ، وذکر الروایة الأولی :

وأجاب عن حجة ابن أبی عقیل بمنع الملازمة ، إذ مع الإتیان بالصلاة أربع مرّات یخرج عن العهدة ، وهو ممّا یطاق ، وعن الخبر الأوّل - یعنی صحیح زرارة - بالحمل علی ضیق الوقت أو علی التحرّی مع غلبة الظن ، إذ مع عدم العلم یجزئ الظن.

ثم قال : وهو الجواب عن الثانی مع ضعف سنده وکونه (1) مرسلا. ثم قال : ومع ذلک فقول ابن أبی عقیل لیس بذلک المستبعد (2). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّه یتوجه علیه أنّ الجواب بمنع الملازمة إنّما یتم علی تقدیر تحقق التکلیف بالاستقبال المعلوم حال عدم العلم لیکون فعل الأربع وسیلة إلی ( الامتثال ) (3) والحال أنّ ما دل علی الاکتفاء بأیّ جهة شاء صحیح ، فالتکلیف بالأربع لا وجه له. نعم لو اقتصر المستدل علی الأوّل من أدلته أمکن توجیه الجواب ، وحمل الخبر علی ضیق الوقت فرع صلاحیة المعارض للمعارضة ، والحمل علی غلبة الظن کذلک ، مضافا إلی أنّ الروایة کما سمعته من نقل الصدوق لا یوافق الحمل.

ثم إنّ ما ذکر من الصلاة إلی الأربع جهات إنما یتحقق الوجوب فی

ص: 13


1- فی النسخ : أو کونه ، وما أثبتناه من المصدر.
2- المختلف 2 : 85.
3- فی « رض » : أن یتناول.

الأربع علی تقدیر التکلیف بالقبلة لتکون مقدمة إلی تحصیل القبلة ، والحال قد سمعته. هذا.

وینقل عن السید رضی الدین بن طاوس القول بالقرعة فی المتحیر (1). وأظنّ أنّ فی إطلاق أخبار القرعة ما یتناوله کما فی بعض أخبار الخنثی فی المیراث (2) ، غیر أنّ السند فیه جهالة ، وعلی تقدیر السلامة فالتخصیص فی الأخبار المعتبرة موجود.

وما یقتضیه ظاهر عبارة شیخنا الشهید رحمه الله فی قواعده : من نفی القرعة فی العبادات إجماعا (3). لا یخلو من إجمال کما یفهم من مراجعتها ، فلیتأمّل.

قوله :

باب من صلّی إلی غیر القبلة ثم تبیّن

بعد ذلک قبل انقضاء الوقت وبعده.

علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا صلیت وأنت علی غیر قبلة واستبان لک أنّک صلیت وأنت علی غیر القبلة وأنت فی وقت فأعد ، وإن فاتک الوقت فلا تعد ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد (4) ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان بن

من صلّی إلی غیر القبلة ثم تبیّن بعد ذلک قبل انقضاء الوقت وبعده

اشارة

ص: 14


1- الأمان : 94 ، 95 ، حکاه عنه فی الروضة 1 : 201.
2- الوسائل 26 : 291 أبواب میراث الخنثی.
3- القواعد والفوائد 2 : 22 و 23.
4- فی الاستبصار 1 : 296 / 1091 زیادة : بن یحیی.

خالد قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یکون فی قفر من الأرض فی یوم غیم فیصلّی لغیر القبلة ، ثم ( یصحی فیعلم ) (1) أنّه صلّی لغیر القبلة ، کیف یصنع؟ قال : « إن کان فی وقت فلیعد صلاته ، وإن کان مضی الوقت فحسبه اجتهاده ».

علی بن الحسن الطاطری ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن عبد الله بن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام مثله.

محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن یعقوب بن یقطین قال : سألت عبدا صالحا (2) عن رجل صلّی فی یوم سحاب علی غیر القبلة ثم طلعت الشمس وهو فی وقت ، أیعید الصلاة إذا کان قد صلّی علی غیر القبلة؟ وإن کان قد تحرّی القبلة بجهده أتجزؤه صلاته؟ فقال : « یعید ما کان فی وقت ، فإذا ذهب الوقت فلا إعادة علیه ».

عنه ، عن أحمد ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا صلّیت علی غیر القبلة فاستبان (3) لک قبل أن تصبح أنّک صلّیت علی غیر القبلة فأعد صلاتک ».

عنه ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحجّال ، عن ثعلبة ( بن میمون ) (4) عن معاویة بن عمار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت : الرجل یقوم من الصلاة ، ثم ینظر بعد ما فرغ فیری أنّه قد انحرف عن

ص: 15


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « فض » : یعلم.
2- فی الاستبصار 1 : 296 / 1093 : سألت أبا الحسن موسی علیه السلام .
3- فی « فض » و « رض » : واستبان.
4- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 297 / 1095.

القبلة یمینا وشمالا ، قال : « قد مضت صلاته وما بین المشرق والمغرب (1) قبلة ».

وعنه ، عن أحمد ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن القاسم بن الولید ، قال : سألته عن رجل تبیّن له - وهو فی الصلاة - أنّه علی غیر القبلة ، قال : « یستقبلها إذا ثبت ذلک ، وإن کان فرغ منها فلا یعیدها ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن الحصین قال : کتبت إلی عبد صالح (2) : الرجل یصلّی فی یوم غیم فی فلاة من الأرض ولا یعرف القبلة ، فیصلّی حتی إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس فإذا هو قد صلی لغیر القبلة أیعتدّ بصلاته أم یعیدها؟ فکتب : « یعیدها ما لم یفته الوقت أو لم یعلم أنّ الله تعالی یقول - وقوله الحق - : ( فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) (3).

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه.

وکذلک الثانی ، بعد ما قدمناه (4) فی سلیمان بن خالد ( وهشام بن سالم ) (5).

ص: 16


1- فی « د » و « فض » : المغرب والمشرق.
2- فی الاستبصار 1 : 297 / 1097 : کتبت إلی العبد الصالح علیه السلام .
3- البقرة : 114.
4- فی ج 1 : 378.
5- ما بین القوسین لیس فی « فض » و « رض ».

والثالث : فیه علی بن الحسن الطاطری مع ما فی الطریق إلیه کما مضی أیضا (1) ، والحاصل أنّ علی بن الحسن واقفی ثقة ، والطریق إلیه فیه جهالة. وأمّا محمّد بن أبی حمزة : فالثمالی ثقة ، وغیره من المذکورین فی رجال الصادق علیه السلام مهمل (2) ، والأمر سهل فی المقام. وعبد الله بن مسکان مع سلیمان بن خالد غنیان عن البیان.

والرابع : لیس فیه ارتیاب.

والخامس : ضمیر « عنه » راجع إلی محمّد بن علی بن محبوب ، وأحمد هو ابن محمّد بن عیسی ، والحسین هو ابن سعید ، فالسند لا ارتیاب فیه ، لأنّ الظاهر من أبان کونه ابن عثمان یعلم من ممارسة الأخبار ، واحتمال غیره فی حیّز الإمکان البعید.

والسادس : فیه ثعلبة بن میمون ، وقد تقدّم (3) ما یدل علی المدح فیه من کتب الرجال واحتمال التوثیق. أمّا الحجّال : فمضی (4) أنّه عبد الله الثقة.

والسابع : فیه محمّد بن عیسی الأشعری المعبّر عنه بأبیه ، وقد تقدم القول فیه (5). وأمّا القاسم بن الولید فالمذکور فی الرجال مهمل یروی عن أبی عبد الله علیه السلام (6).

والثامن : فیه محمّد بن الحصین ، وقد ذکر فی رجال الهادی علیه السلام من

بحث حول علی بن الحسن الطاطری

بحث حول محمد بن أبی حمزة

إشارة إلی حال ثعلبة بن میمون والحجّال

القاسم بن الولید المهمل

بحث حول محمد بن الحصین

ص: 17


1- فی ج 4 : 242.
2- رجال الطوسی : 287 / 109 ، 297 / 280 ، 306 / 416.
3- فی ج 1 : 410.
4- فی ج 4 : 304 و 437.
5- فی ج 1 : 207.
6- رجال الشیخ : 273 / 3 ، رجال النجاشی : 313 / 855.

کتاب الشیخ : ( محمّد بن الحصین الأهوازی مهملا ) (1) ومحمّد بن الحصین الفهری مع لفظ ملعون (2) ، وفی أصحاب الصادق علیه السلام محمّد بن الحصین الجعفی مهملا (3).

وعلی کل حال الرجل معلوم ، غیر أنّ المتعارف من العبد الصالح موسی علیه السلام ، والذی من أصحاب الهادی علیه السلام لا یناسب الروایة من هذه الجهة ، وکونه أهوازیا یناسب روایة الحسین بن سعید.

ولا یبعد أن یکون الاشتباه من « أبی الحسن » حیث اشترک موسی والهادی علیهماالسلام فیه ، أو یطلق العبد الصالح علی غیر موسی علیه السلام ، والأمر سهل فی الروایة.

المتن :

فی الأوّل : یدل بظاهره علی أنّ من صلّی لغیر القبلة یعید فی الوقت دون خارجه ، غیر أنّ الصلاة حینئذ إمّا أن تکون بالاجتهاد المفید للظن الشرعی أو بغیره.

والثانی : یفید ظاهر قوله علیه السلام فیه : « فحسبه اجتهاده » علی عدم الإعادة فی خارج الوقت مع الاجتهاد ، فیخصّ الأوّل أو یقیّد ، إلاّ أنّ الاجتهاد لا یخلو من إجمال ، وقد سمعت فیما مضی کلام الشهید فی الفرق بین الاجتهاد المفید للقطع والمفید للظن ، لکنّی لم أقف علی دلیل الفرق مع بیان حقیقة القطع وعدمه.

بیان ما دل علی أنّ من استبان له أنّه صلّی إلی غیر القبلة یعید فی الوقت دون خارجه مع الاجتهاد

ص: 18


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- رجال الشیخ : 423 / 25 ، 424 / 39.
3- رجال الشیخ : 286 / 85.

وفی المختلف : لو اجتهد فظن القبلة فصلّی ثم تبیّن الخطاء بعد فراغه ، قال الشیخ : فإن کان فی الوقت أعاد الصلاة علی کل حال ، وإن کان قد مضی فلا إعادة ، إلاّ أن یکون استدبر القبلة فإنّه یعیدها علی الصحیح من المذهب ، وقال قوم من أصحابنا لا یعید ، وهو اختیار المفید وسلاّر وأبی الصلاح وابن البراج ، وقال المرتضی : إن کان الوقت باقیا أعاد ، وإن کان خارجا لا إعادة وإن کان مستدبرا ، واختاره ابن إدریس وابن الجنید (1). انتهی.

ولا یخفی دلالة الکلام علی أنّ محل الخلاف مع الاجتهاد المفید للظن.

ثم إنّ الخبرین المبحوث عنهما یختلج فی البال دلالتهما علی أنّ الصلاة وقعت إلی جهة واحدة ، إذ لو وقعت إلی الأربع لم یتم الحکم فیها إلاّ بنوع تکلّف ، وعلی هذا فربما یؤیّد أنّ القول بأنّ الصلاة إلی الأربع مع عدم الظن ، فیندفع احتمال ما فی البین.

وما یقتضیه عدم الاستفصال من الإمام علیه السلام فی الأوّل لا یفید العموم فی غیر الظانّ ، لأنّ السائل لیس من قسم من یحتمل فی حقه غیر الظنّ کما لا یخفی.

وربما یستفاد من الخبرین أنّ مطلق وجود الوقت یقتضی الإعادة فیتناول إدراک جمیع الصلاة فی وقتها أو بعضها ، إلاّ أن یدّعی تبادر جمیع الوقت ، وفیه ما فیه ، غیر أنّ ثبوت الاکتفاء بالرکعة فی الوقت لا یخلو من شی ء کما ذکرناه فی محل آخر.

ص: 19


1- المختلف 2 : 86.

أمّا إمکان أن یقال : إنّ الخبر الأوّل یتناول من صلّی لغیر القبلة ظانّا ثم تغیّر ظنّه بظنّ آخر أو بعلم ، بخلاف الثانی لتضمنه العلم ، وإن کان فیه تأمّل ، لأنّه من کلام السائل ، فلا یفید تقییدا بعد الملاحظة ، لأنّ السؤال عن بعض أفراد العام والمطلق لا یفید تقییدا أو تخصیصا کما قدّمنا فیه القول.

وعلی تقدیر تناول الخبر الأوّل قد تکثر (1) أفراد المسألة بسبب اختلاف الظنّ (2) إلاّ أنّی لم أر الآن من صرح بذلک.

ولا یخفی أنّ ظاهر الخبرین الحکم بالإعادة بعد العلم أو الظنّ إذا فرغ من الصلاة ، أمّا لو کان فی الأثناء ففیه تفصیل سنشیر إلیه فی غیرهما من الأخبار.

وأمّا الرابع : فدلالته علی الإعادة فی الوقت فقط ظاهرة ، وقول السائل : وإن کان تحرّی. ربّما یفید جواز الصلاة من دون تحرّ ، فالجواب حیث لم یتعرض لإنکار السؤال قد یدل علی الجواز أیضا ، إلاّ أنّ الظاهر من السؤال الاستفهام عن فعل الصلاة مع المبالغة فی الاجتهاد ، فیکون قوله : وإن ، إلی آخره. لبیان الفرد الأکمل ، لا لبیان صورة الاجتهاد فی الجملة ، علی أنّ احتمال غیر الاجتهاد لا یأبی نفیه السؤال.

ثمّ إنّ الأخبار الثلاثة دالّة بإطلاقها علی ما یشمل الاستدبار والیمین والیسار ، وستسمع القول فیما ظنّ دلالته علی الإعادة مطلقا فی الاستدبار (3).

والخامس (4) : لا یخلو من إجمال ، لأنّ قوله : « قبل أن تصبح »

ص: 20


1- فی « رض » : تکون.
2- فی « فض » زیادة : وله وجه ، وهی فی « د » مشطوبة.
3- فی ص 24.
4- فی « فض » زیادة : کما تری.

یحتمل أن یراد به قبل فوت وقت العشاء ، فیدل علی الإعادة فی الوقت کما یدل علی امتداد وقت العشاء فی مثل هذه الصورة.

ویحتمل أن یراد بقبلیّة الصبح ما یعم القضاء ، فیحمل علی الاستحباب فی خارج الوقت للمعارض ، ولو قیّد بالوقت أمکن لو لا الاحتمال الموجب للإجمال.

وأمّا السادس : فهو ظاهر الدلالة علی أنّ من انحرف عن القبلة یمینا وشمالا لا یعید ، إلاّ أنّ قوله علیه السلام : « وما بین المغرب والمشرق قبلة » یدل علی أنّ المنحرف لنفس المشرق ونفس المغرب لا یکون صلّی إلی القبلة والجواب (1) لا یطابق فی الظاهر السؤال إلاّ علی ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من إرادة الانحراف الیسیر لا بلوغ نفس الیمین والیسار ، کما یؤذن به الجواب ، قال - سلّمه الله - : ولعلّ الکلام فی قبلة العراق ، فإنّ معاویة بن عمار عراقی (2). انتهی.

وربما یقال : إنّ مقتضی الخبر الانحراف إلی یمین القبلة وشمالها ، وعلی تقدیر الانحراف الیسیر لا یندفع معه الإشکال ، لأنّ ما نقله العلاّمة فی المختلف من الإجماع علی أنّ الانحراف لمحض (3) الیمین والیسار یقتضی الإعادة (4) ، وما استدل به فی المنتهی علی الإعادة فیما ذکر بالروایة الأولی والثانیة (5). محلّ تأمّل ، أمّا الإجماع فثبوته مشکل ، وأمّا الخبران فمطلقان ، وقد ذکر فی المنتهی أنّهما یقیّدان بخبر معاویة بن عمّار (6) ، وهو السادس ،

بیان ما دلّ علی عدم الاعادة اذا کان الانحراف یمیناً وشاملاً وأنّ ما بین المغرب والمشرق قبلة

ص: 21


1- فی « فض » زیادة : کما تری.
2- الحبل المتین : 199.
3- فی « د » : بمحض.
4- المختلف 2 : 86.
5- المنتهی 1 : 224.
6- المنتهی 1 : 224.

والحال أنّ الخبر کما یحتمل الانحراف الیسیر یحتمل الانحراف إلی نفس الیمین والیسار.

والجواب وإن دل ظاهرا علی أنّ نفس الیمین والیسار لیس قبلة ، إلاّ أنّه محتمل أیضا احتمالا لا یبعد عن الأوّل ، وهو أن یکون قوله : « وما بین المغرب والمشرق قبلة » بیان حکم مستقل لا دخل له بالجواب ، وحینئذ فمفاد الجواب مضیّ الصلاة ثم إعلام السائل بأنّ ما بین المشرق والمغرب قبلة ، غایة الأمر أنّه مخصوص بالمضطر ولا یبعد أن تکون فائدة الإتیان بهذه فی الجواب التنبیه علی أنّ الانحراف عن القبلة التی ما بین المغرب والمشرق للمضطر لا یضر وإن وصل إلی نفس الیمین والیسار.

وما قاله العلاّمة فی المنتهی - جوابا عن الاعتراض بأنّ خبر معاویة بن عمّار لیس تخصیصه بأولی من تخصیصه بالخبرین ، علی معنی أنّه یحمل علی خارج الوقت - : من أنّه أولی لوجهین ، أحدهما : موافقة الأصل ، ولو قیّد بخارج الوقت لزم الإعادة لمن صلّی بین المشرق والمغرب فی الوقت ، والأصل عدمه ، والثانی : ( إنّا نمنع تخصیص ما ذکرتم من ) (1) الأحادیث للخبر (2) ، لأنّ قوله علیه السلام : « ما بین المشرق والمغرب قبلة » لیس مخصّصا لما دلّ علی الإعادة فی الوقت دون خارجه ، إذ غایة ما یدل علیه أن ما بین المشرق والمغرب قبلة ، بل لقائل أن یقول : إنّ قوله : « إذا صلّیت وأنت علی غیر القبلة » یتناول لفظ القبلة ما بین المشرق والمغرب (3).

ص: 22


1- ما بین القوسین فی « فض » : مع تخصیص.
2- فی « فض » زیادة : أصلا.
3- المنتهی 1 : 224.

انتهی.

ففیه : أنّ أصالة براءة الذمّة تقتضی عدم الإعادة مطلقا ، لأنّ الأمر یقتضی الإجزاء علی تقدیر التکلیف بالظن.

وقوله فی المختلف : إنّ الظنّ لو انکشف فساده لا یکون مجزئا. محلّ تأمّل.

واحتمال أن یقال : إنّ الذمّة مشغولة بالعبادة یقینا فلا یزول إلاّ بمثله.

فیه : أنّ (1) بعد فعل العبادة یزول یقین اشتغال الذمّة کما لا یخفی.

والعجب أنّه فی المختلف صرّح فی الاستدلال علی الإعادة فی الوقت بأنّ انکشاف فساد الظنّ یقتضی الإعادة (2) ، وفی المنتهی کما تری ذکر أصالة براءة الذمّة (3). فلیتأمّل.

ثم ما (4) ذکره فی المنتهی من منع التخصیص ، فیه : أنّ الروایة إن حملت علی ظاهرها لا تدل علی الانحراف الیسیر ، ولو عدل بها عن الظاهر وأرید الانحراف الیسیر بقرینة الجواب کما اعترف به - حیث استدل علی عدم الإعادة بالانحراف الیسیر بخبر معاویة بن عمار - فالجواب ینافی الاستدلال ، کما أنّه یتحقق الاحتمال (5) الذی ذکرناه فی الروایة ، فینبغی التأمّل فی هذا کلّه ، وسیجی ء تمام تحقیق ما لا بدّ منه.

وربما یظن من الروایة أنّ الانحراف یقتضی صحة الصلاة ولو علم فی الأثناء کما یفیده الجواب ، وسیأتی فی خبر عمّار تحویل الوجه لو علم

ص: 23


1- فی « رض » : انه.
2- المختلف 2 : 87.
3- المنتهی 1 : 224.
4- فی « رض » : إنما.
5- فی « فض » : الإجمال.

فی الأثناء (1).

وأمّا السابع : فهو دال علی استقبال القبلة إذا ثبت فی الأثناء. والثبوت لا یخلو من إجمال إلاّ أنّ الحدیث لا یصلح للکلام فیه ، کما ترکنا ذکر ( احتمال فی الاستقبال المذکور فیها.

نعم قد یشکل علی الشیخ ذکر ) (2) الروایة ، لتضمنها عدم الإعادة ولو فی الوقت ، فلیتأمّل.

( والثامن : کالسابع إلاّ أنّ قوله : « أو لم یعلم » محتمل لأنّ یراد به الاستفهام ، والمعنی : أو لم یعلم قوله الله سبحانه ، الآیة. ویحتمل إرادة بیان حالة اخری لعدم الإعادة ، وهی عدم العلم ، وفیه ما لا یخفی والتسدید ممکن ) (3).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ أکثر الأخبار المتضمنة للإعادة فی الوقت دون خارجه یتناول الاستدبار ، ویؤیّد عدم الإعادة خارج الوقت توقف القضاء علی أمر جدید ، وقد اتفق للعلاّمة فی المختلف الاستدلال علی عدم القضاء خارج الوقت بما ذکرناه : من أنّ القضاء فرض مستأنف ، إلاّ أنّ فی المختلف له اضطراب فی القضاء ، ففی المسألة المذکورة ذکر ما حکیناه ، وفی بحث صلاة الکسوف صرّح بتبعیة القضاء للأداء ، وکذا فی غیره أیضا (4). وستسمع ما یقوله الشیخ فی لزوم القضاء للمستدبر.

بیان ما دلّ علی أنّه إذا ثبت فی الأثناء یستقبل

ص: 24


1- فی ص 26.
2- ما بین القوسین ساقط من « رض ».
3- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
4- المختلف 2 : 300.

قوله :

فأمّا ما رواه الطاطری ، عن محمّد بن زیاد ، عن حمّاد ، عن معمر (1) بن یحیی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل صلّی علی غیر القبلة ثم تبین (2) له القبلة وقد دخل فی وقت صلاة أخری ، قال : « یعیدها قبل أن یصلی هذه التی (3) قد دخل وقتها ».

عنه ، عن محمّد بن زیاد (4) ، عن معمّر بن یحیی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل صلّی علی غیر القبلة ثم تبین (5) له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخری ، قال : « یصلّیها قبل أن یصلّی هذه التی دخل وقتها ، إلاّ أن یخاف فوت التی دخل وقتها ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی أنّه کان ( قد استدبر ) (6) القبلة فإنّه یجب علیه إعادة الصلاة (7) سواء کان الوقت باقیا أو منقضیا.

یدل علی ذلک :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن

ص: 25


1- فی الاستبصار 1 : 297 / 1098 ، والتهذیب 2 : 46 / 149 : عمرو.
2- فی الاستبصار 1 : 297 / 1098 تبیّنت.
3- ساقطة من « د ».
4- فی التهذیب 2 : 46 / 150 زیادة : عن حماد بن عثمان.
5- فی الاستبصار 1 : 297 / 1099 : تبینت.
6- فی الاستبصار 1 : 297 / 1099 : صلّی إلی استدبار.
7- فی « د » و « فض » : إعادتهما ، وفی « رض » : إعادتها ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 298.

أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل صلّی علی غیر القبلة فیعلم وهو فی الصلاة قبل أن یفرغ من صلاته ، قال : « إن کان متوجّها فیما بین المشرق والمغرب فلیحوّل وجهه إلی القبلة حین یعلم ، وإن کان متوجّها إلی دبر القبلة فلیقطع ثم یحوّل وجهه إلی القبلة ثم یفتتح الصلاة ».

السند :

فی الأوّل : معلوم بالنسبة إلی الطاطری والطریق إلیه ممّا مضی (1) ، وأمّا محمّد بن زیاد فقد قدّمنا أنّه مشترک (2) ، غیر أنّ الاشتراک بین الثقة وغیره من المذکورین بعنوان محمّد بن زیاد فی الرجال ، وخطر فی البال سابقا (3) أنّ محمّد بن أبی عمیر یقال له محمّد بن زیاد ؛ لأنّ أبا عمیر اسمه زیاد ولم یذکر فی الرجال بهذا العنوان ، وحیث لم یسبق ما یدل علی احتمال محمّد بن أبی عمیر بوجه یوجب الرجحان لم نذکره فیما مضی.

والآن فالراوی عن حمّاد بن عثمان فی الرجال محمّد بن أبی عمیر فی جملة آخرین (4) ، واحتمال حمّاد هنا لابن عثمان وإن کان موقوفا علی تحقق کون محمّد بن زیاد هو ابن أبی عمیر فلا یتم المطلوب ، إلاّ أنّ فی التهذیب عن حماد بن عثمان (5) ، وحینئذ فالرجحان لکونه ابن أبی عمیر

بحث حول محمد بن زیاد

ص: 26


1- فی ج 4 : 242.
2- فی ج 1 : 282.
3- فی ج 1 : 282.
4- الفهرست : 60 / 230.
5- التهذیب 2 : 46 / 150.

ظاهر.

وربّما یظن أنّ جمیع من تقدم أو الأکثر هو ابن أبی عمیر ، ویؤیّده أنّه مضی فی باب وقت المغرب والعشاء روایة عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن زیاد ، عن عبد الله بن سنان ، وفی الرجال أنّ الراوی عن عبد الله بن سنان محمّد بن أبی عمیر (1).

وبالجملة : فأثر هذا وإن کان هیّنا فی المقام ، إلاّ أنّ له نفعا فی التنبیه علی أنّه یترک فی کتب الرجال بعض الأسماء بالنظر إلی الکنیة مع وجوده فی الأخبار بالاسم ، وقد مضی عن قریب : الحسین بن هاشم ، وهو غیر مذکور فی الرجال بهذا العنوان ، ولکن خطر فی البال أنّه ابن أبی سعید المکاری ؛ لأنّ أبا سعید اسمه هاشم ، وذکرنا سابقا فی الروایة المذکور فیها ما یفید تعینه ، ومثله کثیر.

والثانی : کما تری یروی فیه محمّد بن زیاد عن معمّر بن یحیی ، والحال أنّه فی الأوّل محمّد بن زیاد عن حمّاد عن معمر ، والواسطة وإن أمکن انتفاؤها تارة ووجودها أخری ، إلاّ أنّ الشیخ فی التهذیب (2) روی الثانی عن محمّد بن زیاد عن حماد بن عثمان عن معمر بن یحیی ، فالسهو وقع هنا من طغیان القلم ، والذی أشرنا إلیه من روایة التهذیب هو هذا ، وعلی کل حال فروایة ابن أبی عمیر عن حمّاد بن عثمان أکثر من أن تحصی ، فلو لم یکن مصرّحا بابن عثمان فالظن یقتضی تعیّنه.

والثالث : غیر خفیّ الحال.

ص: 27


1- الفهرست : 101 / 423.
2- التهذیب 2 : 46 / 150.

المتن :

فی الخبرین الأولین ما ذکره الشیخ فیه ممکن لو وجد ما یدل علیه بتقدیر العمل بالخبرین.

والثالث : لا دلالة له علی ما ذکر کما هو واضح ، بل إنما تضمن القطع لو علم فی الأثناء ، ولا یدل علی القضاء إلاّ أن یقال : إنّ الخبر یقتضی بطلان الصلاة إذا وقعت إلی الاستدبار ، فعلی تقدیر الفوات یدخل فی عموم الخبر الدال علی قضاء ما فات.

وفیه نظر واضح ، لأنّ الخبر الدال علی قضاء ما فات یتوقف علی تحقق الفوات ، ومع عدم العلم بالاستدبار فی الأثناء لا دلیل علی البطلان لتکون فائتة ، وعلی تقدیر البطلان ربما یدعی أنّ الفوات لا یتناولها.

فإن قلت : ما رواه الصدوق فی الفقیه صحیحا : من أنّ الصلاة لا تعاد إلاّ من خمسة (1) وعدّ منها القبلة ، یدل علی أنّ الإخلال بالقبلة یقتضی الإعادة ، واستعمال الإعادة فی الأخبار لما یتناول القضاء شائع ، فإذا خرج ما یعاد فی الوقت فقط بقی ما عداه.

قلت : الخبر المذکور لا یخرج عن الإطلاق ، والأخبار المتضمنة للإعادة فی الوقت دون خارجه مقیّدة ، والمقیّد یحکّم علی المطلق.

فإن قلت : ما دل علی الوقت مطلق أیضا کإطلاق ما دل علی الإعادة.

قلت : إطلاق کل منها لا ینافی التقیید ، وقد ذکرنا ما لا بدّ منه فی

توجیه ما دل علی لزوم الاعادة مع انقضاء الوقت أیضاً

ص: 28


1- الفقیه 1 : 181 / 857 ، الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9 ح 1.

کتاب معاهد التنبیه علی کتاب من لا یحضره الفقیه.

وبالجملة فالخبران المذکوران أوّلا لو صحّا أمکن الحمل علی الاستحباب فی الإعادة ، وإن لم یصحّا أمکن أیضا علی ما مضی. وأمّا الثالث : فله دلالة علی أنّ من کان بین المشرق والمغرب یحوّل وجهه ، والظاهر أنّ المراد بتحویل الوجه تحویل جمیع البدن ، واستعمال هذا غیر عزیز الوجود فی الأخبار.

ثم إنّ المشرق والمغرب علی تقدیر [ الاعتدالیّین ] (1) یظهر الحکم ( فیما ) (2) بینهما ، أمّا علی تقدیر الأعم فالتبیّن مختلف.

وقد ذکر بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - أنّ الحدیث یدل علی أنّه إذا تبیّن الانحراف عن القبلة فی أثناء الصلاة فإن کان یسیرا انحرف إلی القبلة وصحت صلاته ، وإن ظهر أنّه کان مستدبرا بطلت ، ولا یحضرنی أن أحدا من الأصحاب خالف فی ذلک ، وقد ألحقوا بالاستدبار بلوغ الانحراف إلی نفس الیمین والیسار ، لأنّه لو ظهر بعد الفراغ استأنف فکذا فی الأثناء ، لأنّ ما یقتضی فساد الکل یقتضی فساد جزئه (3). انتهی.

ولقائل أن یقول : إنّ الخبر لمّا تضمن ذکر الاستدبار فی إیجاب القطع ، والتحویل فیما بین المشرق والمغرب ، لزم منه أحد أمرین ، إمّا عدم التعرض لمحض الیمین والیسار ولما بینهما وبین دبر القبلة ، أو أنّ الحکم کأحد الفردین المذکورین علی الإجمال ، وهو لا یناسب الجواب المقصود به الإفهام والسکوت عن الآخر کذلک ، وحینئذ یمکن ادعاء إرادة ما بین

بیان ما دلّ علی أنّه لو علم فی الأثناء یحوّل وجهه إن کان متوجّهاً إلی ما بین المشرق والمغرب ویقطع مع الاستدبار

ص: 29


1- فی النسخ : الاعتدالین ، والأولی ما أثبتناه.
2- فی « رض » : فیه فیما ، وفی « فض » : فیه ممّا.
3- الحبل المتین : 199.

المشرق والمغرب فی الروایة ما عدا الاستدبار لتکون بیانا لحکم تحویل الوجه من دون قطع ، فلا یتم الاستدلال بأنّ بطلان الکل یستلزم بطلان الجزء.

فإن قلت : هل أنت مسلّم الإعادة علی تقدیر الانحراف نحو الیمین والیسار أم لا؟ فإن کان الأوّل لزم من إبطال الکل إبطال الجزء ، وإن کان الثانی لزم مخالفة الإجماع وإطلاق معتبر الأخبار الدال علی الإعادة فی الوقت لمن صلّی إلی غیر القبلة المتناول لمحض الیمین والیسار.

قلت : لو تمّ الإجماع وإطلاق الأخبار أمکن أن یقال بجواز الحکم ببطلان الکل علی تقدیر العلم بعد الفراغ ، والاکتفاء بالانحراف فی الأثناء إلی القبلة فی صحة العبادة ، والمانع عقلا مفقود وشرعا غیر معلوم ، بل فی بعض الأحکام ما یساعده.

فإن قلت : ما وجه التوقف فی إطلاق الأخبار مع أنّه ظاهر؟

قلت : قدّمنا نوع کلام فی الإطلاق ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه الخبر الأخیر من قوله : « إلی دبر القبلة » یحتمل أن یراد بالقبلة : المعلومة ، ویحتمل أن یراد بها ما یتناول ما بین المشرق والمغرب ، وحینئذ یکون دبرها إضافیّا ، فیفید الخبر القطع فیما بین دبر القبلة والمشرق والمغرب ، ولا یبعد ادعاء (1) تبادر القبلة المعلومة ؛ لأنّ ما بین المشرق والمغرب قبلة للضرورة.

واحتمال أن یقال : إنّ قبلة المضطرّ دبرها کذلک.

یمکن الجواب عنه بأن قبلة المضطر إذا لم یتبادر لا یلتفت إلی

ص: 30


1- لیست فی « رض ».

دبرها ، والأمر سهل بعد معرفة سند الروایة.

غیر أنّه یبقی علی الشیخ أنّ روایة القاسم بن الولید السابقة تقتضی عدم الإعادة بعد الفراغ من الصلاة إذا صلّی لغیر القبلة ، وهی تدل علی أنّ ما دلّ علی الإعادة یحمل علی الاستحباب أو علی الاستدبار ، والأمران مشکلان علی الشیخ ، أمّا الأوّل : فلقوله بالوجوب فی الوقت. وأمّا الثانی : فلقوله بإعادة المستدبر فی الوقت وخارجه ، وحینئذ لا بدّ من صرف عنان النظر نحو جمیع الأخبار عند من یعمل بها (1).

قوله :

باب الصلاة فی جوف الکعبة

أخبرنی أبو الحسین بن أبی جید القمی ، عن محمّد بن الحسن بن الولید ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن معاویة بن عمار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تصلّی المکتوبة فی الکعبة ، إن (2) النبی صلی الله علیه و آله لم یدخل الکعبة فی حجّ ولا عمرة ، ولکنه دخلها فی الفتح فتح مکة وصلّی رکعتین بین العمودین ومعه أسامة بن زید ».

عنه ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمّد ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « لا تصلح صلاة المکتوبة فی جوف الکعبة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن الحسن بن علی بن فضال ،

الصلاة فی جوف الکعبة

اشارة

ص: 31


1- فی « رض » زیادة : فلیتأمل.
2- فی الاستبصار 1 : 298 / 1101 : فإن.

عن یونس بن یعقوب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إذا (1) حضرت الصلاة المکتوبة وأنا فی الکعبة أفأصلّی فیها؟ قال : « صلّ ».

فلا ینافی هذا الخبر الخبرین الأوّلین ؛ لأنّ الوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی حال الضرورة التی لا یتمکن الإنسان من الخروج منها ، وحینئذ یجوز له الصلاة فیها ، علی أن ذلک مکروه غیر محظور ، وقد صرّح بذلک فی قوله « لا تصلح الصلاة المکتوبة فی جوف الکعبة » وذلک صریح بالکراهة ، والخبر الأوّل وإن کان لفظه لفظ النهی فمعناه الکراهة بدلالة ما فسّره فی الخبر الثانی وما ورد من جوازه فی الخبر الثالث.

السند :

فی الأوّل : فیه أبو الحسین بن أبی جید ، ویقال له علی بن أحمد بن أبی جید کما ذکره النجاشی فی ترجمة جعفر بن سلیمان (2) ، ویقال (3) علی بن أحمد القمی ، ویظهر من النجاشی أیضا فی مواضع أنّه یقال له علی بن أحمد بن طاهر ، فیکون اسم أبی جید طاهر.

وعلی کل حال الرجل غیر مذکور فی کتب الرجال ، لکنّه من الشیوخ ، ولم تجر عادة المتقدمین بذکر الشیوخ علی الاطراد ، کما أنّهم لو ذُکروا لم ینص علی توثیقهم ، وظاهر بعض الأصحاب المتأخّرین الاعتماد علی خبر هذا الرجل إذا خلا من مانع غیره. والحسین بن الحسن بن أبان

بحث حول أبی الحسین بن أبی جید

ص: 32


1- لیست فی الاستبصار 1 : 298 / 1103.
2- النجاشی : 121 / 312.
3- فی « رض » زیادة : له.

مضی القول فیه (1). وغیرهما معلوم الحال ممّا مضی (2) أیضا.

والثانی : کذلک ، ومحمّد فیه هو ابن مسلم.

والثالث : موثق کما لا یخفی.

المتن :

فی الأوّل : کما تری بصورة النفی لثبوت الیاء - المثناة تحت - فی « تصلّی » علی ما وجدت من النسخ ، لکن الظاهر أنّه فی معنی النهی ، لما تقدم فی أمثاله مع نوع کلام ، وعلی تقدیر إرادة النهی قد یخطر فی البال أنّ الحدیث ربّما کان فیه دلالة علی وجوب التأسّی ، فإنّ ذکر النبی صلی الله علیه و آله حیث لم یصلّ فیها المکتوبة یدل علی أنّ عدم فعله علیه السلام یقتضی عدم فعلنا ، أو أنّه لو فعل لجاز لنا.

فإن قلت : ما وجه التأسّی علی التفصیل؟.

قلت : لا یخفی أنّ ( ظاهر الحکایة عن النبی صلی الله علیه و آله یفید التعلیل ، واحتمال غیره فی غایة البُعد عن المساق و) (3) ظاهر التعلیل یقتضی أنّ عدم فعل المکتوبة لعدم فعل النبی صلی الله علیه و آله وهو معنی التأسّی ، إلاّ أنّ المذکور کثیرا فی مباحث الأصول التأسّی بالفعل فلنا أن نوجّه الروایة بما یرجع إلی الفعل فیقال : إنّ النهی عن الصلاة لأنّ النبی صلی الله علیه و آله لو فعلها لفعلنا.

فإن قلت : وجوب التأسّی هنا لا وجه له ؛ إذ لا یجب الصلاة فی الکعبة ، والکلام فی الجواز.

بیان ما دل علی المنع من الصلاة فی جوف الکعبة والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز

ص: 33


1- فی ح 1 : 41.
2- فی ج 1 : 39 و 70 و 398 و 346.
3- ما بین القوسین ساقط من « فض ».

قلت : لما ذکرت وجه ، إلاّ أنّ ذکر النبی صلی الله علیه و آله فی مقام النهی یشعر به ، وحینئذ یرجع إلی التحریم ، وهو عدم الجواز لعدم فعله صلی الله علیه و آله ، وغیر خفیّ الإشکال فیه ؛ لأنّ عدم الفعل فی محل لا یفید التحریم ، وحینئذ فالوجه فی الروایة الکراهة ، والتعلیل لذلک حینئذ ظاهر ؛ إذ حاصله أنّ الصلاة لو کانت راجحة رجحانا زائدا علی الوجوب فی الکعبة لفعلها النبی صلی الله علیه و آله ، فلمّا لم یفعل علم انتفاء الرجحان المذکور ، فلا ینبغی فعلها.

فإن قلت : رجحان الفعل علی تقدیر دخول وقت الوجوب ، ومن الجائز عدم الدخول فی وقت العبادة.

قلت : لو کان الرجحان المذکور موجودا لطلب فعله علیه السلام ، نعم ربّما یقال : إنّ عدم الرجحان المذکور لا یقتضی الکراهة ، إذ هی أقلّ الرجحان ، وعدم فعله علیه السلام لکون الواجب لا یزید ولا ینقص فلا یتم الاستدلال علی الکراهة ، إلاّ أن یقال : إن الکراهة من مجموع قوله علیه السلام : « لا تصلّی المکتوبة » مع ذکر فعل النبی صلی الله علیه و آله .

ومن هنا یظهر أنّ ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : من أنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه التحریم وحمله علی الکراهة صرفا له عن ظاهره (1) ، لا یخلو من غرابة کما یعلم ممّا قررناه.

أمّا الثانی : فالشیخ استفاد من قوله : « لا تصلح » الدلالة علی الکراهة ، وله وجه أیضا یندفع به ما ادعی من أنّ ظاهره التحریم ، إلاّ أنّ الشیخ رحمه الله کثیرا ما یستدل علی التحریم بمثل هذا اللفظ ، وغیر بعید اشتراکه بین الکراهة والتحریم ، والصراحة أو الظهور منتف ، علی أنّ فی کلام الشیخ نوع تأمل ؛ لأنّ الحمل علی الضرورة ثم ذکر الکراهة لا یخلو من تشویش ،

ص: 34


1- الحبل المتین : 158.

ولعلّ المراد الکراهة وجواز الفعل من دون کراهة للضرورة ، وفیه ما فیه.

أمّا ما ینقل فی الاستدلال للمنع من الصلاة داخل الکعبة - مع إجماع الشیخ المدعی فی الخلاف - بقوله تعالی ( فَوَلُّوا وُجُوهَکُمْ شَطْرَهُ ) (1) وإنّما یصدق ذلک إذا کان خارجا ؛ ولروایة غیر صالحة سندا ومتنا وهی : عن أسامة أنّ النبی صلی الله علیه و آله دخل البیت ودعا وخرج فوقف علی بابه وصلّی رکعتین ، وقال : « هذه القبلة » وأشار إلیها (2) ، وإشارته إلی نفس البیت یقتضی بطلان الصلاة داخله ، ولاستلزام الصلاة فی داخله استدبار القبلة.

ففیه تأمّل :

أمّا الإجماع فکیف یثبت مع مخالفة المدّعی نفسه.

وأمّا الآیة الشریفة فالظاهر منها اعتبار الجهة وهی للبعید ، أمّا القریب فقبلته العین ، واعتبار مجموع العین لا وجه له مع صحة صلاة المصلّی إلی جزء من العین ، إلاّ أن یقال : إنّ ثبوت العین بالإجماع ، فلا یتم فی محل النزاع ، علی أنّ الآیة الشریفة ظاهرها استقبال الجهة مطلقا ، لکن لا أعلم القائل به ، وعلی تقدیر الظاهر تشکل الصلاة داخل الکعبة المشرفة من الآیة.

وأمّا ما ذکر من استدبار الکعبة فأثره (3) سهل.

أمّا ما قاله بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : من حمل الخبر الأخیر علی حال الضرورة أو صلاة النافلة أی نافلة المکتوبة (4) ، فمن البعد بمکان ؛ واحتمال الکراهة وانتفاؤها بالضرورة ممکن ، والاحتیاط مطلوب.

ص: 35


1- البقرة : 150.
2- الخلاف 1 : 439.
3- لیست فی « رض » ، والأنسب : فأمره.
4- البهائی فی الحبل المتین : 158.

قوله :

أبواب الأذان والإقامة

باب الأذان والإقامة فی صلاة المغرب

وغیرها من الصلوات

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن معاویة بن وهب أو ابن عمار ، عن الصباح بن سیّابة قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « لا تدع الأذان فی الصلوات کلّها ، فإن ترکته فلا تترکه فی المغرب والفجر فإنّه لیس فیهما تقصیر ».

عنه ، عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد ، عن علیّ بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أحدهما قال : سألته أیجزئ أذان واحد؟ قال : « إن صلّیت جماعة لم یجز إلاّ أذان وإقامة ، وإن کنت وحدک تبادر أمرا تخاف أن یفوتک یجزؤک إقامة إلاّ الفجر والمغرب ، فإنّه ینبغی أن تؤذّن فیهما وتقیم من أجل أنّه لا یقصّر فیهما کما یقصّر فی سائر الصلوات ».

الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لا تصلّی الغداة والمغرب إلاّ بأذان وإقامة ، ورخّص فی سائر الصلوات بالإقامة ، والأذان أفضل ».

عنه ، عن النضر بن سوید ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یجزؤک فی الصلاة إقامة واحدة إلاّ الغداة والمغرب ».

أبواب الأذان والإقامة

الأذان والإقامة فی صلاة المغرب و غیرها من الصلوات

اشارة

ص: 36

السند :

فی الأوّل : قد تقدّم مفصّلا ، والصباح بن سیّابة مذکور مهملا فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (1) ، والتردّد بین معاویة بن وهب ومعاویة بن عمّار مع ثقتهما لا یضر کما یخفی.

والثانی کذلک ؛ لما مضی (2) فی القاسم بن محمّد وهو الجوهری وعلی بن أبی حمزة البطائنی وأبی بصیر ، من الوقف فی الأوّل مع عدم التوثیق ، والوقف فی الثانی کذلک ، وتعیّن أبی بصیر بالضعف بروایة علی بن أبی حمزة عنه علی ما یستفاد من صحیح الأخبار فی هذا الکتاب فیما یأتی الدال علی ما یوجب القدح فی عقیدته (3).

والثالث : موثّق (4) ، والحسن فیه أخو الحسین ، واحتمال الحسن بن علی بن فضّال لروایات الحسین عنه یبعّده ممارسة الرجال.

والرابع : واضح الصحة.

المتن :

حکی العلاّمة فی المختلف عن الشیخین وجوب الأذان والإقامة فی الجماعة ، وکذا عن ابن البراج وابن حمزة ، وعن السیّد المرتضی فی الجمل الوجوب علی الرجال دون النساء فی کل صلاة جامعة فی سفر أو حضر ،

الصباح بن سیّابة مهمل.

إشارة إلی حال القاسم بن محمد الجوهری وعلی بن أبی حمزة البطائنی وأبی بصیر

الأقوال فی وجوب الأذان والإقامة واستحبابهما

ص: 37


1- رجال الطوسی : 219 / 20.
2- فی ج 1 : 182 ، 265 ، 73.
3- فی « فض » زیادة : والتوثیق له محل تأمل مع ما ذکر. وهی مشطوبة فی « د ».
4- بزرعة بن محمّد الحضرمی.

وأوجبهما علیهم فی سفر وحضر فی الفجر والمغرب وصلاة الجمعة ، وأوجب الإقامة خاصة علی الرجال فی کل فریضة.

وعن ابن الجنید وجوب الأذان والإقامة علی الرجال للجمع والانفراد والسفر والحضر والفجر والمغرب والجمعة یوم الجمعة ، والإقامة فی باقی الصلوات المکتوبات التی تحتاج إلی التنبیه علی أوقاتها.

وعن أبی الصلاح الشرطیة فی الجماعة ، وعن الشیخ فی الخلاف الاستحباب فی جمیع الصلوات ، وکذا عن السیّد المرتضی فی المسائل الناصریة.

وعن ابن أبی عقیل : من ترک الأذان والإقامة متعمدا بطلت صلاته إلاّ الأذان فی الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، فإنّ الإقامة مجزیة عنه ولا إعادة علیه فی ترکه ، فأمّا الإقامة فإنّها إن ترکها متعمدا بطلت صلاته وعلیه الإعادة (1).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأوّل ینفی وجوب الأذان فی الجمیع لو صحّ ، وما تضمنه من النهی عن ترکه فی المغرب والفجر یدلّ فی الجملة علی قول ابن أبی عقیل لکن ستسمع المعارض.

وأمّا الثانی والثالث : فنقل عن الشیخ والمرتضی فی المختلف الاستدلال بهما للوجوب فی الجماعة ، وأجاب عنهما فی المختلف بالطعن فی السند (2).

بیان ما دلّ علی عدم وجوب الأذان والإقامة

ص: 38


1- المختلف 2 : 135 ، وهو فی المقنعة : 97 ، النهایة : 64 ، شرح جمل المرتضی لابن البرّاج : 79 ، الوسیلة : 91 ، جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 29 ، الکافی فی الفقه : 143 ، الشیخ فی الخلاف 1 : 284 ، المسائل الناصریة ( الجوامع الفقهیة ) : 227.
2- المختلف 2 : 138 ، وهو فی النهایة : 64 ، وفی جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 29.

وأنت خبیر بأنّ الأوّل منهما له دلالة فی الجملة ، أمّا الثانی فلا وجه للاستدلال به.

ثم إنّ ما تضمنه الخبر الأوّل من قوله : « فلا تترکه » قد یدلّ علی أنّه محمول علی الکراهة الخبر الثانی ، للإتیان بلفظ « ینبغی » إلاّ أن یقال : إنّ لفظ « ینبغی » اتی به فی موضع الضرورة فلا یتم الإطلاق. وفیه : أنّ ترک الواجب لمجرّد العذر محل إشکال. نعم قد یدعی أنّ لفظ « ینبغی » یستعمل فی الواجب. وفیه : أنّ الظاهر منها إرادة غیر الواجب ، وعلی تقدیر التساوی فهی مشترکة حینئذ ، مضافا إلی ما ستسمعه من المعارض.

والثالث : صریح فی عدم وجوب الأذان فی غیر الغداة والمغرب.

وأمّا الرابع : فله ظهور فی الدلالة علی عدم إجزاء الإقامة وحدها فی الغداة والمغرب ، وهو یحتمل أن یراد فیه توقف الإجزاء علی الأذان مع الإقامة أو أنّ الأذان مجزئ.

أمّا احتمال إرادة إجزاء إقامة واحدة لجمیع الصلوات إلاّ الغداة والمغرب فلا بد لکل واحدة من إقامة فبعید ، کما أنّ احتمال إرادة الواحدة من فصول الإقامة کذلک ، وسیأتی إن شاء الله فی خبر عمر بن یزید ما یدل علی إجزاء الإقامة فی المغرب (1) ، وحینئذ یحمل هذا الخبر علی الأکملیة ، وعلی هذا یراد بالإجزاء أقلّ الفضل ، فیدل الخبر علی عدم وجوب الأذان والإقامة علی الإطلاق.

وقد استدل العلاّمة علی عدم الوجوب بالأصل مع دلیل آخر ترکه أولی ، وبالأخبار الآتی بعضها ، وروی الشیخ فی التهذیب عن الحسین بن

ص: 39


1- فی ص 41.

سعید ، عن فضالة بن أیوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یجزؤک إذا خلوت فی بیتک إقامة واحدة بغیر أذان » (1) وقد ذکر هذه فی حجّة الاستحباب العلاّمة رحمه الله قائلا : أنّها تقتضی عدم وجوب الأذان مطلقا (2).

وأنت خبیر بأنّ إثبات الاستحباب مطلقا مشکلٌ ، لکنه ضمّ إلی هذه الروایة ما رواه الشیخ ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، عن أبیه « أنّه کان إذا صلّی وحده فی البیت أقام إقامة ولم یؤذّن » (3) وکذلک روایة عمر بن یزید الآتی (4) ، وبعض الأخبار المتضمّنة لأنّ الأذان سنّة. وغیر خفی أنّ الاحتجاج غیر واف بالمطلوب ، کما یعلم من مراجعته.

وما تضمنه خبر الحلبی لا یخلو ظاهره من إشکال ذکرناه فی حاشیة التهذیب ، والحاصل أنّ ما ورد فی ثواب الأذان قد ینافیه فعله علیه السلام .

وفی الذکری : أنّ فیه دلالة علی عدم تأکّد الأذان فی حقّه ؛ إذ الغرض الأهمّ من الأذان الإعلام ، وهو منفیّ هنا ، أمّا أصل الاستحباب فإنّه قائم ؛ لعموم شرعیّة الأذان ، ثم قال : فإن قلت : « کان » یدل علی الدوام ، والإمام لا یواظب علی ترک المستحب ، فدلّ علی سقوط أصل الاستحباب. قلت : یکفی فی الدوام التکرار ولا محذور فی إخلال الإمام علیه السلام بالمستحب أحیانا (5). انتهی.

ص: 40


1- التهذیب 2 : 50 / 166.
2- المختلف 2 : 137.
3- التهذیب 2 : 50 / 165 ، الوسائل 5 : 385 أبواب الأذان والإقامة ب 5 ح 6.
4- فی ص 41.
5- الذکری : 175.

وقد ذکر بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - احتمال أنّه علیه السلام کان یکتفی بأذان مؤذّن البلد إذا سمعه (1). ولا یخفی علیک أنّ سیاق الخبر یأبی هذا ؛ لأنّ السماع لا یشترط فیه الخلوة فی البیت.

وما دلّ علی أنّ من أذّن صلّی خلفه صفّ من الملائکة (2) ، یأبی تکرار الترک ، والخبر رواه الشیخ فی التهذیب ، عن الحسین بن سعید ، عن یحیی الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أذّنت فی أرض فلاة وأقمت صلّی خلفک صفّان من الملائکة ، وإن أقمت ولم تؤذّن صلّی خلفک صفّ واحد » (3).

وروی بطریقه عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن محمّد بن مسلم قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « إنّک إذا أذّنت وأقمت صلّی خلفک صفّان من الملائکة ، وإن أقمت إقامة بغیر أذان صلّی خلفک صفّ واحد » (4). ولا یخفی أنّ اختصاص الحکم بغیر الإمام علیه السلام فی غایة البعد ، کما أنّ احتمال إرادة أذان الجماعة کذلک.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن عمر بن یزید قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الإقامة بغیر أذان فی المغرب ، فقال : « لیس به بأس وما أحبّ أن

ص: 41


1- البهائی فی الحبل المتین : 206.
2- ثواب الأعمال 1 : 32 بتفاوت یسیر.
3- التهذیب 2 : 52 / 173 ، الوسائل 5 : 381 أبواب الأذان والإقامة ب 4 ح 1.
4- التهذیب 2 : 52 / 174 ، الوسائل 5 : 381 أبواب الأذان والإقامة ب 4 ح 2.

تعتاد ».

فلیس ینافی ما قدّمناه ، لأنّه إنّما یجوز له الاقتصار علی الإقامة فی هذه الصلوات عند عارض أو مانع ، وقد نبّه بقوله : « وما أحبّ أن تعتاد بذلک » علی أنّ الأولی فعله.

فأمّا ما رواه محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن علیّ ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « لا بدّ للمریض أن یؤذّن ویقیم إذا أراد الصلاة ولو فی نفسه إن لم یقدر علی أن یتکلّم به » سئل : فإن کان شدید الوجع؟ قال : « لا بدّ من أن یؤذّن ویقیم ، لأنّه لا صلاة إلاّ بأذان وإقامة ».

فالوجه فی هذا الخبر تأکید الاستحباب والحثّ علی عظیم الثواب فیه دون أن یکون المراد به الوجوب.

السند :

فی الأوّل : واضح بعد ما قدّمناه فی عمر بن یزید وغیره (1).

والثانی : موثّق.

المتن :

فی الأوّل : قد ذکرنا فیه کلاما عن قریب (2).

والثانی : ما ذکره الشیخ فیه من الحمل علی تأکّد الاستحباب متوجّه ،

ص: 42


1- فی ج 1 : 269.
2- فی ص 39.

وقوله علیه السلام : « لا صلاة إلاّ بأذان وإقامة » وإن أفاد بظاهره التعیّن إلاّ أنّ ما سبق من الأخبار یقتضی عدم التعیّن فی الجملة.

وذکر بعض محقّقی الأصحاب رحمه الله بعد ما نقل الأخبار الدالة علی عدم وجوب الأذان ولو فی الجماعة : أنّ انضمام عدم القول بوجوب الإقامة فقط یفید استحبابها أیضا (1). وربما یقال : إنّ فی الأقوال السابقة ما یقتضی القول بالفصل فی الجملة.

واحتمل بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - حمل الخبر المبحوث عنه علی المنفرد (2) ، وهو بعید ، وذکر أیضا دلالة بعض الأخبار علی قول الشیخ بوجوبهما فی صلاة الجماعة ، وهو خبر عبد الله بن سنان الدال علی أنّه إذا خلا فی بیته تجزؤه الإقامة (3) ، قال : والمراد بالخلوة الصلاة منفردا ، ولا یخفی علیک الحال.

والخبر الآخر رواه عمّار الساباطی عن أبی عبد الله علیه السلام وفیه : سئل عن الرجل یؤذّن ویقیم لیصلّی وحده فیجی ء رجل آخر فیقول : نصلّی جماعة هل یجوز أن یصلّیا بذلک الأذان والإقامة؟ قال : « لا ، ولکن یؤذّن ویقیم » (4) وأنت خبیر بما فی الروایة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ استحباب الأذان للنساء یدلّ علیه معتبر بعض الأخبار ، حیث قال فیه علیه السلام بعد السؤال عن المرأة تؤذّن قال : « نعم حسن إن فَعَلَت ، وإن لم تفعل أجزأها أن تکبّر وأن تشهد أن لا إله إلاّ الله

توجیه ما دلّ بظاهره علی الوجوب

حکم الأذان والإقامة بالنسبة إلی النساء

ص: 43


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 161.
2- البهائی فی الحبل المتین : 207.
3- التهذیب 2 : 50 / 166 ، الوسائل 5 : 385 أبواب الأذان والإقامة ب 5 ح 4.
4- التهذیب 2 : 277 / 1101 ، الوسائل 5 : 432 أبواب الأذان والإقامة ب 27 ح 1.

وأنّ محمّدا رسول الله صلی الله علیه و آله » (1).

وأمّا الإقامة فلم أقف علی ما یدلّ علی استحبابها ، وظاهر الصدوق نفی الأمرین عنها (2).

وفی المنتهی : یجوز أن تؤذّن المرأة للنساء ویقتدین بها ، ذهب إلیه علماؤنا (3).

وفی معتبر بعض الأخبار ما یدلّ علی أنّه لیس علی المرأة أذان وإقامة (4) ، ویمکن أن یحمل علی نفی الاستحباب المؤکّد ، أو یحمل علی نفی الأمرین معا.

وفی المقام کلام بالنسبة إلی سماع صوتها ، لکونه عورة قد ذکرناه فی حواشی التهذیب.

قوله :

باب الکلام فی حال الإقامة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن عمرو بن أبی نصر قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أیتکلّم الرجل فی الأذان؟ قال : « لا بأس » قلت : فی الإقامة؟ قال : « لا ».

الکلام فی حال الإقامة

اشارة

ص: 44


1- التهذیب 2 : 58 / 202 بتفاوت یسیر.
2- الفقیه 1 : 194.
3- المنتهی 1 : 257.
4- التهذیب 2 : 57 / 200 ، الوسائل 5 : 406 أبواب الأذان والإقامة ب 14 ح 3.

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبی هارون المکفوف قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « یا أبا هارون ، الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتکلّم ولا تؤمّ بیدک ».

الحسین بن سعید ، عن حماد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لا تتکلّم إذا أقمت للصلاة فإنّک إذا تکلّمت أعدت الإقامة ».

السند :

فی الأوّل : تکرّر القول (1) فی رجاله ، وعمرو بن أبی نصر ثقة فی النجاشی (2).

والثانی : محمّد بن إسماعیل فیه هو ابن بزیع ، لأنّه یروی عن صالح بن عقبة فی النجاشی (3) والفهرست (4) ، ومن هنا یتّضح ما قدّمناه (5) من انتفاء محمّد بن إسماعیل بن بزیع الذی یروی عنه محمّد بن یعقوب بغیر واسطة ، فإنّ الروایة عنه هنا بواسطتین ، فمن المستبعد جدّا الروایة بغیر واسطة.

ویؤیّد هذا أیضا أنّ الصدوق ذکر طریقه إلی ابن بزیع ، وطریقه إلی محمّد بن إسماعیل الذی یروی عن الفضل بن شاذان ، وذکر فی الثانی أنّ

عمرو بن أبی نصر ثقة

بحث حول محمد بن إسماعیل

ص: 45


1- فی ج 1 : 41 و 70 و 398 و 185.
2- رجال النجاشی : 290 / 778.
3- رجال النجاشی : 200 / 532.
4- الفهرست : 84 / 352.
5- فی ج 1 : 47.

الراوی عنه : محمّد بن یعقوب ، وإن کان باب الاحتمال واسعا ، إلاّ أنّ الکلام فی التأیید للظهور.

وأمّا صالح بن عقبة فالعلاّمة قال : إنّه کذّاب غال لا یُلتفت إلیه (1).

والذی فی النجاشی : قیل : إنّه روی عن أبی عبد الله علیه السلام والله أعلم (2). وفی الفهرست : صالح بن عقبة له کتاب (3).

وأبو هارون فی الفهرست مذکور بالکنیة والإهمال (4). وفی الکشی نقل فیه بعض الذم (5).

والثالث : لا ارتیاب فی صحّته بعد ما تقدّم.

المتن :

فی الأوّل : ظاهره المنع من الکلام فی الإقامة.

والثانی : وإن کان ظاهره المنع من الکلام بعد الإقامة کما یدلّ علیه بعض الأخبار المعتبرة بلفظ التحریم ، إلاّ أنّه یمکن حمله علی ما یوافق الأوّل ، وغیر خفیّ عدم الاحتیاج إلی الحمل ، أمّا المنع من الإیماء بالید فالأمر فیه ما تری.

والثالث : تضمّن النهی ، إلاّ أنّ قوله علیه السلام : « فإنّک إذا تکلّمت » یشعر بعدم التحریم ، وله ظهور فی الکلام بعدها.

بحث حول صالح بن عقبة

أبو هارون المکفوف مذموم

بیان ما دلّ علی المنع من الکلام فی الإقامة وبعدها

ص: 46


1- خلاصة العلاّمة : 230 / 4.
2- رجال النجاشی : 200 / 532.
3- الفهرست : 84 / 352.
4- الفهرست : 183 / 809.
5- رجال الکشی 2 : 486 / 395.

وحکی العلاّمة فی المختلف عن المفید أنّه قال : لا یجوز أن یتکلّم فی الإقامة ، وبه قال المرتضی فی الجمل ، ونقل أنّ المفید احتجّ بالخبر الأوّل والثانی ، وأجاب العلاّمة بأنّ المراد المبالغة فی الکراهة ؛ لدلالة الأخبار علی الجواز (1). وعنی بالأخبار : الآتیة عن قریب.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید عن محمّد بن سنان عن عبد الله بن مسکان عن محمّد الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یتکلّم فی أذانه أو فی إقامته ، قال : « لا بأس ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یتکلّم بعد ما یقیم الصلاة؟ قال : « نعم ».

جعفر بن بشیر عن الحسن (2) بن شهاب قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « لا بأس أن یتکلّم الرجل وهو یقیم الصلاة وبعد ما یقیم إن شاء ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحملها علی أنّه یجوز أن یتکلم بشی ء یتعلق بأحکام الصلاة مثل تقدیم إمام أو تسویة صفّ ، أو یکون ذلک قبل أن یقول : قد قامت الصلاة ، فإذا قال ذلک حرم الکلام إلاّ بما استثناه.

یدل علی ذلک :

ص: 47


1- المختلف 2 : 140.
2- فی الاستبصار 1 : 301 / 1115 : الحسین.

ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن ابن أبی عمیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یتکلّم فی الإقامة؟ قال : « نعم ، فإذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة حرم الکلام علی أهل المسجد إلاّ أن یکونوا قد اجتمعوا من شتّی ولیس لهم إمام فلا بأس أن یقول بعضهم لبعض : تقدّم یا فلان ».

وعنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا أقام المؤذّن الصلاة فقد حرم الکلام إلاّ أن یکون القوم لیس یعرف لهم إمام ».

السند

فی الأوّل : فیه محمّد بن سنان وقد تکرّر القول فیه (1) ، وقد وصفه العلاّمة فی المختلف بالصحة (2) ، ولعلّه من غیر الکتابین ، فإنّ فی التهذیب رواه عن محمّد بن سنان (3).

والثانی : واضح الصحة.

والثالث : فیه الحسن بن شهاب ، وهو مذکور مهملا فی رجال الصادق والباقر علیهماالسلام من کتاب الشیخ (4).

ثمّ الظاهر أنّ الطریق إلی جعفر بن بشیر هو المتقدم علیه إلی محمّد بن الحسین کما هی عادة الکلینی رحمه الله فی کتابه من البناء علی الإسناد السابق.

إشارة إلی ضعف محمد بن سنان

الحسن بن شهاب مهمل

بحث حول الطریق إلی جعفر بن بشیر ومن یروی عنه

ص: 48


1- فی ج 1 : 121.
2- المختلف 2 : 140.
3- التهذیب 2 : 54 / 186.
4- رجال الطوسی : 168 / 40 ، 113 / 5.

وفی التهذیب بعد ذکر خبر حمّاد بن عثمان راویا له عن سعد ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد ، قال : وعنه ، عن جعفر بن بشیر (1). وذکر الحدیث ، وغیر خفی أنّ المتعارف من ضمیر « عنه » الرجوع إلی سعد ، وروایته عن جعفر بن بشیر غیر معروفة ، بل الضمیر راجع إلی محمّد بن الحسین ، وهو خلاف اصطلاح الشیخ ، إلاّ أنّ الممارسة تقتضیه.

ولو لا بعد احتمال عدم اطلاع الشیخ علی عادة الکلینی لأمکن توهّم الشیخ فی السند بأن یرجع ضمیر « عنه » لمحمّد بن یعقوب ، لأنّه فی التهذیب ذکر قبل روایة سعد روایة عن محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن إسماعیل. (2).

ولمّا کانت عادة الکلینی البناء فروی بالطریق التی فی هذا الکتاب عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، ثم أتی بعده بلفظ جعفر بن بشیر اعتمادا علی السابق ، فظن الشیخ روایة محمّد بن یعقوب عن جعفر بن بشیر ، غایة الأمر أنّ الشیخ لا یضر الأمر بالحال عنده ؛ لعلمه بالطریق ، وإنّما الإشکال بالنسبة إلی زماننا ، وأنت إذا تأمّلت ما ذکرناه یظهر لک أنّ ما فعله الشیخ لا یخلو من غرابة.

والرابع : واضح الصحة بعد ما قدّمناه (3).

والخامس : موثّق کذلک.

ص: 49


1- التهذیب 2 : 55 / 118.
2- التهذیب 2 : 54 / 185.
3- فی ج 1 : 70 و 398 و 185 و 170 و 102.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّه لا بأس بالکلام فی الأذان وفی الإقامة.

والثانی : تضمّن الکلام بعد الإقامة.

والثالث : واضح الدلالة لو صحّ ، وما ذکره الشیخ من الحمل لا یخلو من نظر ؛ لأنّ أوّل الکلام یدل علی أنّ المراد بالأخبار جواز الکلام بشی ء یتعلّق بالصلاة ، وقوله : أو یکون ، محتمل لأن یرید به جواز الکلام مطلقا قبل « قد قامت الصلاة » ، وقوله : فإذا قال ذلک حرم إلاّ بما استثناه ، یدل علی أنّ ما یتعلّق بالصلاة یجوز قبلُ وبعدُ ، وغیر خفی أنّ فیه تشویشا للجمع.

والخبر الأوّل المستدل به یدل علی الجواز قبل « قد قامت الصلاة » لمطلق الکلام ، وبعد « قد قامت الصلاة » یحرم إلاّ ما ذکر فی الروایة ، وحینئذ ربما یدل هذا علی أنّ مطلوب الشیخ الجواز علی الإطلاق قبل « قد قامت الصلاة » ، وبعدها ما ذکره.

ولا یخفی أنّ ما تقدّم من الأخبار الأوّلة یدل الأوّل منها علی أنّ الکلام فی الإقامة منهیّ عنه ، والآخران علی النهی إذا أقام ، وقد قدّمنا (1) بیان ذلک ، وحینئذ یمکن حمل ما تضمّن النهی عن الکلام فی الإقامة علی الکراهة ، وما بعدها یحمل علی التحریم علی تقدیر الاعتماد علی الصحیح ، وما تضمن جواز الکلام بعد الإقامة یخصّ بمدلول المفصّل.

بیان مادلّ علی جواز التکلّم فی الأذان والإقامة وبعدها وما دلّ علی حرمته بعدها إلّا فیما یتعلّق بأحکام الصلاة

ص: 50


1- فی ص : 46.

أمّا ما دلّ علی إعادة الإقامة لو تکلّم فیمکن حمله علی غیر ما استثنی ، کما یمکن حمله علی ما بعد « قد قامت الصلاة ».

ومن هنا یعلم أنّ ما فعله العلاّمة فی المختلف من عدم ذکر ما تضمن تحریم الکلام ، بل حمل الأخبار الثلاثة الأول علی المبالغة فی ترک الکلام (1) کما قدّمنا نقل بعض کلامه (2) ، فیه نظر واضح.

کما أنّ ما ذکره بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - من دلالة الأخبار المقتضیة للتحریم علی مذهب الشیخین والمرتضی وابن الجنید القائلین بتحریم الکلام بعد الإقامة إلاّ ما یتعلّق بالصلاة ، وباقی الأصحاب حملوا التحریم علی شدّة الکراهة جمعا بینها وبین خبر حمّاد (3). لا یخلو من تأمّل ، لأنّ السکوت عن إمکان الجمع لا وجه له.

مضافا إلی أنّ المنقول عن المفید والمرتضی فی المختلف عدم الجواز فی الإقامة (4) ، وروایة ابن أبی عمیر دالة علی الجواز فی الإقامة وعدمه بعدها ، واحتمال إرادة الدلالة فی الجملة محلّ کلام.

وقد نقل فی بعض الأخبار الدالة علی مذهب المذکورین ما تضمن إعادة الإقامة ، ودلالته علی التحریم غیر ظاهرة ، والاکتفاء بما ذکره من دلالة خبر عمرو بن أبی نصر علی قول المفید والمرتضی من المنع فی الأثناء (5) لا یصلح عذرا کما لا یخفی ، وبالجملة فالاقتصار علی الإجمال غیر لائق.

ص: 51


1- المختلف 2 : 141.
2- فی ص 47.
3- البهائی فی الحبل المتین : 209.
4- المختلف 2 : 140 ، وهو فی المقنعة : 98 ، وفی المعتبر 2 : 143 حکاه عنه فی المصباح.
5- المختلف 2 : 140.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه خبر سماعة الأخیر من استثناء کون القوم لیس یعرف لهم إمام ، ظاهر فی جواز الکلام بما یتوقف علی (1) تعیین الإمام ، أمّا لو أمکن بالإشارة ففی جواز الکلام حینئذ احتمال ، لکن الروایة یتوقّف العمل بها علی قبول الموثّق ، وخبر ابن أبی عمیر یدل علی جواز القول ، ولا دلالة علی الضرورة.

وظاهره جواز الأذان والإقامة مع عدم تشخّص الإمام ، ویحتمل کون الأذان بقصد مطلق الجماعة ، کما أنّ ظاهره تحریم الکلام علی من فی المسجد وإن لم یکونوا مصلّین ، أمّا الدلالة علی تسویة الصف کما قاله الشیخ فغیر واضحة ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

باب الأذان جالسا أو راکبا.

الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن ربعی ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : یؤذّن (2) الرجل وهو قاعد؟ قال : « نعم ولا یقیم إلاّ وهو قائم ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد صالح قال : « یؤذّن الرجل وهو جالس ولا یقیم إلاّ وهو قائم » وقال : « تؤذّن وأنت راکب ولا تقیم إلاّ وأنت علی الأرض ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن سنان ،

الأذان جالسا أو راکبا

اشارة

ص: 52


1- کذا فی النسخ ، والأنسب : علیه.
2- فی « فض » و « رض » : أیؤذن.

عن أبی خالد ، عن حمدان (1) قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن الأذان جالسا؟ قال : « لا یؤذّن جالسا إلاّ راکب أو مریض ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من الاستحباب دون الإیجاب.

السند

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه.

والثانی : کذلک ؛ لأنّ أحمد بن محمد فیه : ابن أبی نصر علی ما یعرف من الممارسة ، والعبد الصالح هو الإمام علیه السلام ، إمّا موسی علیه السلام أو الرضا علیه السلام ، والإطلاق علی الرضا علیه السلام قد مضی جوازه عن قریب (2) ، ولا یبعد الفرق بین التعریف والتنکیر ، فالأوّل لموسی علیه السلام ، والثانی للرضا علیه السلام ، والاتحاد ممکن.

والثالث : فیه محمّد بن سنان ، ولا یبعد أن تکون روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه فی حال کونه ثقة ؛ لما یظهر من أحوال أحمد بن محمّد بن عیسی ، وقد قدّمنا (3) احتمال الجمع بین کون محمّد بن سنان ثقة ومطعونا فیه باختلاف الأزمان.

وأبو خالد هذا هو القمّاط ؛ لروایة محمّد بن سنان عنه کما فی الفهرست (4) ، وهو ثقة.

کلمة حول إطلاق « العبد الصالح »

بحث حول محمد بن سنان

أبو خالد القماط ثقة

ص: 53


1- فی الاستبصار 1 : 302 / 1120 ، والتهذیب 2 : 57 / 199 : حمران.
2- فی ص : 18.
3- فی ج 1 : 121.
4- الفهرست : 184 / 806.

أمّا حمدان فأمره ملتبس بعد روایته عن أبی جعفر علیه السلام ، وفی الرجال یقال لجماعة إلاّ أنّهم لیسوا فی هذه المرتبة ، ومع هذا فالحال غیر مفیدة للصحة.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی تعیّن القیام فی الإقامة ، ونقل العلاّمة رحمه الله عن المفید أنّه قال : لا یجوز الإقامة إلاّ وهو قائم متوجه إلی القبلة مع الاختیار (1) ، واحتج علی ما نقل بروایة لأبی بصیر حیث قال فیها : « ولا تقم وأنت راکب أو جالس إلاّ من علّة أو تکون فی أرض ملصّة » (2). وهذه الروایة قاصرة السند ، والروایة المبحوث عنها أوضح دلالة ، واستثناء العذر ربما یدل علیه الاتفاق ، مضافا إلی الخبر.

أما استدلال العلاّمة علی استحباب القیام فی الإقامة بأنّ استحباب ذی الکیفیة مع وجوب الکیفیة ممّا لا یجتمعان ، والأوّل ثابت لما تقدّم فیبقی الثانی (3).

ففیه : أنّ استحباب الإقامة لا ینافی عدم جواز فعلها من جلوس ، علی أن یکون القیام شرطا فیها کالوضوء للنافلة ، غایة الأمر أنّ عدم الجواز إذا أرید به التحریم یکون المراد تحریم فعلها جالسا ، لأنّه خلاف المشروع ، فإذا قصد بالفعل الشرعی خلاف ما أمر به یکون محرّما.

حمدان أمره ملتبس

بیان ما دلّ علی عدم جواز الإقامة قاعداً أو راکباً

ص: 54


1- المختلف 2 : 141.
2- التهذیب 2 : 56 / 192 ، الوسائل 5 : 403 أبواب الأذان والإقامة ب 13 ح 8 ، وأرض مَلصّة : ذات لصوص. لسان العرب 7 : 87.
3- المختلف 2 : 141.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من دلالة الخبر المبحوث عنه علی تأکّد الاستحباب وأنّ ابن الجنید أوجبه (1) ، محل تأمّل ؛ لأنّ تأکّد الاستحباب موقوف علی المعارض ، فعدم القول فیه لا وجه له ، والاعتماد علی قول العلاّمة فی احتجاجه السابق (2) کذلک ، کما أنّ الالتفات إلی الشهرة بل الإجماع حیث لم یخالف إلاّ ابن الجنید ، فیه : أنّ المفید مصرّح به کما نقله فی المختلف (3) ، والشهرة بین المتأخّرین لا تصلح حجة ، فلیتأمّل.

وأمّا قول الشیخ فی توجیه الخبر الأخیر من الحمل علی الاستحباب فغیر خفیّ ما فیه ، إلاّ أن یقال باحتمال وجوب الأذان واستحباب القیام فیه ، ولو حمل الاستحباب فی کلامه علی الأکملیّة أمکن.

قوله :

باب من نسی الأذان والإقامة حتی صلّی أو دخل فیها

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن سلمة بن الخطاب ، عن أبی جمیلة ، عن ابن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت له : رجل ینسی الأذان والإقامة حتی یکبر قال : « یمضی علی صلاته ولا یعید ».

عنه ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن نعمان الرازی قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام وسأله أبو عبیدة الحذّاء ، عن

من نسی الأذان والإقامة حتی صلّی أو دخل فیها

اشارة

ص: 55


1- البهائی فی الحبل المتین : 205.
2- فی ص 54.
3- المختلف 2 : 141.

حدیث رجل نسی أن یؤذّن ویقیم حتی کبّر ودخل فی الصلاة قال : « إن کان دخل المسجد ومن نیّته أن یؤذّن ویقیم فلیمض فی صلاته ولا ینصرف ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن الفضیل ، عن أبی الصباح ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل نسی الأذان حتی صلّی ، قال : « لا یعید ».

محمّد بن علیّ ، بن محبوب ، عن علیّ بن السندی ، عن حماد بن عیسی ، عن شعیب بن یعقوب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل نسی أن یقیم الصلاة حتی انصرف أیعید صلاته؟ قال : « لا یعیدها ولا یعود لمثلها ».

السند

فی الأوّل : فیه سلمة بن الخطاب ، وفی النجاشی أنّه کان ضعیفا فی حدیثه (1) ، وأبو جمیلة تکرر القول فیه من تضعیف العلاّمة (2) له ، وعدم التعرض من غیره لذلک. وابن بکیر مضی الکلام فیه (3) أیضا.

والثانی : فیه نعمان الرازی ، وهو مذکور مهملا فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (4) ، أمّا ضمیر « عنه » فیه فیحتمل رجوعه إلی محمّد بن علیّ بن محبوب ، لأنّ الراوی عن محمّد بن الحسین فی الرجال

سلمة بن الخطاب ضعیف فی حدیثه

إشارة إلی حال أبی جمیلة

نعمان الرازی مهمل

بحث حول الراوی عن محمّد بن الحسین

ص: 56


1- رجال النجاشی : 187 / 498.
2- راجع ج 2 : 336.
3- راجع ج 1 : 125.
4- رجال الطوسی : 325 / 24.

الصفار (1) ، والمرتبة قریبة ، ویحتمل أن یرجع إلی محمّد بن یحیی ، لکن الأوّل (2) له نوع ظهور بل هو متعیّن ، من حیث إنّ الشیخ فی التهذیب روی الاولی عن محمّد بن علی بن محبوب ابتداء ثم قال : عنه ، عن محمّد بن الحسین (3).

والثالث : فیه محمّد بن الفضیل ، وهو غیر معلوم بسبب الاشتراک (4).

والرابع : فیه علیّ بن السندی وقد کرّرنا القول فیه (5) بما یرجع إلی الجهالة. وأبو بصیر تقدّم (6).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ من نسی الأذان والإقامة حتی یکبر یمضی علی صلاته.

والثانی : کذلک ، غیر أنّه یحتمل أن یراد بالنسیان فیه عدم تذکّر الأذان والإقامة لا یقین الترک ، وحینئذ یکون قوله : « ومن نیّته » إشارة إلی أنّ الظاهر الفعل من حیث النیّة ، فیقدّم الظاهر علی الأصل ، ویحتمل أن یراد أنّ النیّة کافیة فی الثواب وإن لم یفعل ، فیراد بالنسیان عدم الفعل.

والثالث : یدل علی أنّ ناسی الأذان لا یعید إذا صلّی ، والظاهر منه الذکر بعد تمام الصلاة.

محمّد بن الفضیل مشترک

إشارة إلی جهالة علی بن السندی

بیان ما دلّ علی أنّ من نسی الأذان والإقامة ثم ذکر فی أثناء الصلاة أو بعدها لا یعیدها

ص: 57


1- انظر رجال النجاشی : 334 / 897.
2- فی النسخ : الثانی ، والصواب ما أثبتناه.
3- التهذیب 2 : 279 / 1107.
4- انظر هدایة المحدثین : 249.
5- راجع ج 1 : 355 وج 2 : 187 ، 247.
6- فی ج 1 : 73.

والرابع : یدل علی أنّ ناسی الإقامة ثم یذکر ذلک بعد الانصراف ، لا یعیدها ، وقوله : « ولا یعود لمثلها » ربما یدل علی ما ذکر فی أبی بصیر من التخلیط ، فإنّ عدم العود فی النسیان لا وجه له إلاّ أن یحمل علی إرادة التوجه إلی الفعل بحیث ینتفی النسیان غالبا ، ویحتمل أن لا یعود لعدم الإعادة ، بل ینبغی الإعادة علی تقدیر النسیان فی غیرها ، وفیه ما فیه.

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل ینسی أن یقیم الصلاة وقد افتتح الصلاة ، قال : « إن کان فرغ من صلاته فقد تمّت صلاته ، وإن لم یکن قد فرغ من صلاته فلیعد ».

فهذا الخبر محمول علی ضرب من الاستحباب.

وأمّا ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : فی الرجل ینسی الأذان والإقامة حتی یدخل فی الصلاة ، قال : « إن کان ذکر قبل أن یقرأ فلیصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله ولیقم (1) ، وإن کان قد قرأ فلیتمّ صلاته ».

أحمد بن محمّد ، عن علیّ بن النعمان ، عن سعید الأعرج وابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا افتتحت الصلاة ونسیت أن تؤذّن وتقیم ثم ذکرت قبل أن ترکع

دلالة الحدیث علی تخلیط أبی بصیر

ص: 58


1- لفظة : ولیقم ، ساقطة من الاستبصار 1 : 303 / 1126.

فانصرف فأذّن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن کنت قد رکعت فأتمّ علی صلاتک ».

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ( بن أبی الخطاب ) (1) عن إسحاق بن آدم ، عن أبی العباس الفضل بن حسان الدالانی ، عن زکریا بن آدم قال : قلت لأبی الحسن الرضا علیه السلام : جعلت فداک کنت فی صلاتی ( فذکرت فی الثانیة ) (2) وأنا فی القراءة أنّی لم أقم فکیف أصنع؟ قال : « اسکت علی موضع قراءتک وقل : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، ثم امض فی قراءتک وصلاتک وقد تمّت صلاتک ».

عنه ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن حسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرجل یستفتح صلاته المکتوبة ثم یذکر أنّه لم یقم قال : « فإن ذکر أنّه لم یقم قبل أن یقرأ فلیسلّم علی النبی صلی الله علیه و آله ثم یقیم ویصلّی ، وإن ذکر بعد ما قرأ بعض السورة فلیتمّ علی صلاته ».

فالوجه فی هذه الأخبار أیضا أن نحملها علی ضرب من الاستحباب کما حملنا علیه الخبر الأوّل لئلاّ تتناقض الأخبار.

ویدل علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید بن زرارة ، عن أبیه قال : سألت أبا جعفر علیه السلام (3) عن رجل نسی الأذان والإقامة حتی دخل فی الصلاة ،

ص: 59


1- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 304 / 1128.
2- فی الاستبصار 1 : 304 / 1128 بدل ما بین القوسین : وذکرت فی الرکعة الثانیة.
3- فی نسخة من الاستبصار 1 : 304 / 1130 : أبا عبد الله علیه السلام .

قال : « فلیمض علی صلاته (1) فإنّما الأذان سنّة ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل نسی الأذان والإقامة حتی دخل فی الصلاة قال : « لیس علیه شی ء ».

السند

فی الأوّل : لیس فی صحته ارتیاب بعد ما قدّمناه (2).

والثانی : فیه محمّد بن إسماعیل ، وذکرنا حقیقة الحال فیه أیضا سابقا (3).

والثالث : لا ارتیاب فیه بعد ما قدمناه فی سعید الأعرج (4) : من أنّ احتمال کونه ابن عبد الرحمن الثقة له ظهور ؛ لأنّ فی الطریق إلی ابن عبد الرحمن صفوان فی النجاشی (5) ، وفی الفهرست ذکر سعید الأعرج وفی الطریق إلیه صفوان (6) ، وقد ظن العلاّمة فی المختلف التعدد والأمر کما تری.

وأمّا ابن أبی عمیر فالظاهر عطفه علی سعید ، واحتمال العطف علی علیّ بن النعمان یبعّده المعروف من عادة الشیخ فی الکتاب ، کاحتمال کونه ابتداء سند آخر بطریقه إلی ابن أبی عمیر ، فتأمل.

بحث حول سعید الأعرج

ص: 60


1- فی الاستبصار 1 : 304 / 1130 : فی صلاته.
2- فی ج 4 : 526.
3- فی ج 1 : 46 و 341.
4- راجع ج 1 : 155.
5- رجال النجاشی : 181 / 477.
6- الفهرست : 77 / 313.

والرابع : فیه إسحاق بن آدم وهو فی الرجال (1) لا یزید حاله عن الإهمال. وأمّا الفضل بن حسان فلم أقف علیه فی الرجال. وزکریا بن آدم ثقة فی النجاشی (2).

ثم إنّ فی السند دلالة علی ما قدمناه (3) عن قریب فی عود ضمیر عنه الی محمّد بن علیّ بن محبوب ، حیث روی عن محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب.

والخامس : فیه الحسین بن أبی العلاء ، ولم أفهم من حاله ما یزید علی المدح کما مضی (4) ، بل المدح فیه ما فیه.

والسادس : لا ارتیاب فیه.

السابع : فیه داود بن سرحان وقد وثّقه النجاشی بهذه الصورة : ثقة روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهم السلام ، ذکره ابن نوح (5)

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ من نسی الإقامة إن کان فرغ من الصلاة لا إعادة علیه وبدون ذلک فلیعد ، وظاهر الأمر الوجوب لکن القائل بالاستحباب یمکنه الحمل علی الاستحباب ، والقائل بالوجوب ربما کان کذلک ، کما ستعلمه (6) من الأقوال.

إسحاق بن آدم مهمل

الفضل بن حسان غیر مذکور فی الرجال

زکریا بن آدم ثقة

إشارة إلی حال الحسین بن أبی العلاء

داود بن سرحان ثقة

توجیه ما دل علی أنّ من ذکر أنّه نسی الإقامة قبل فراغة من الصلاة یعیدها

ص: 61


1- انظر رجال النجاشی : 73 / 176 ، الفهرست : 15 / 54 ، رجال ابن داود : 48 / 158.
2- رجال النجاشی : 174 / 458.
3- فی ص : 57.
4- فی ج 1 : 152.
5- رجال النجاشی : 159 / 420.
6- فی ص : 64 - 65.

والثانی : تضمّن أنّ من نسی الأذان والإقامة إن ذکر قبل أن یقرأ فلیصل علی النبی صلی الله علیه و آله .

وینقل عن الشهید فی الذکری أنّه جعل الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله قاطعة للصلاة فتکون من خصوصیات هذا الموضع (1) ، واحتمل بعض محقّقی الأصحاب إرادة السلام بالصلاة (2) ؛ لما یأتی فی الخامس (3).

وقد یحتمل أن یراد بالصلاة فعلها مقام الأذان ، وقوله : « ولیقم » (4) ربّما یدل علیه ، والفرق بین ما قبل القراءة وبعدها محتمل وإن جاز فعل الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله فی أثناء الصلاة ؛ للإطلاقات ، بل ظاهر بعض الأخبار (5) التنصیص ، إلاّ أن یقال : إنّ الإطلاق یقیّد بغیر زمن القراءة ، والنصّ لا یتناول حال القراءة کما یعلم من مراجعته ، والحق أنّ احتمال عدم القطع بعید بعد قوله : « فلیتم صلاته » کما أنّ احتمال إرادة التسلیم کذلک.

والثالث : یدلّ علی أنّ الذکر قبل الرکوع یقتضی الانصراف والأذان والإقامة ، وإن کان قد رکع فلیتمّ ، والجمع بینه وبین الثانی بالحمل علی تفاوت الأفضلیّة.

والرابع : فیه ظهور احتمال عدم القطع ، بل السکوت عن القراءة والإتیان باللفظین ، واستشکال الشهید فی الذکری بأنّه کلام فی أثناء الصلاة

بیان ما دلّ علی أنّه إن ذکر قبل القراءة فلیصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله

بیان ما دلّ علی أنّه إن ذکر فی القراءة یسکت ویقول:« قد قامت الصلاة» مرّتین

ص: 62


1- الذکری : 174.
2- البهائی فی الحبل المتین : 208.
3- فی ص : 63.
4- لفظة : ولیقم ، ساقطة من الاستبصار 1 : 303 / 1126 ، راجع ص 58.
5- الوسائل 6 : 407 أبواب التشهد ب 10.

لیس منها (1) ، واضح الدفع ؛ لأنّ الإذن من الشارع کافیة فی الصحّة إن صحّ الخبر.

وقول بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - بأنّ الحمل علی قول ذلک مع نفسه من غیر أن یتلفّظ ممکن ، فیندفع به إشکال الشهید. غریب ، کما أنّ قوله : إنّ الأمر بالسکوت موضع القراءة ربما یؤذن بذلک ؛ إذ لو تلفّظ بالإقامة لم یکن ساکتا. أغرب ، وقوله : إنّ الحمل علی السکوت عن القراءة خلاف الظاهر (2). کذلک ، فلیتأمّل.

وعلی تقدیر العمل بهذا الخبر ربما یتأیّد بعض الاحتمالات السابقة (3) فی خبر محمّد بن مسلم.

والخامس (4) : فیه دلالة علی التسلیم وفعل الإقامة ، والظاهر من التسلیم قطع الصلاة فیدلّ علی أنّ التسلیم علی النبی صلی الله علیه و آله قاطعا ، ولعلّ خصوص المادة له مدخل ؛ لما یظهر من البعض دعوی الاتفاق علی عدم الخروج بعد التشهد بالتسلیم علی النّبی صلی الله علیه و آله (5).

وما تضمّنه الخبر من قوله : « قرأ بعض السورة » محتمل لإرادة الفاتحة والسورة غیرها ، ویقرب الأول إطلاق غیره.

وأمّا السادس : فقد تضمّن التعلیل بأنّ الأذان سنّة ولم یذکر الإقامة ، إمّا لمشارکتها له فی الإطلاق أو فی کونها سنّة ، وقد استدل به العلاّمة فی

بیان ما دلّ علی أنّه إن ذکر قبل القراءة فلیسلّم علی النبی صلی الله علیه و آله ثم یقیم

ص: 63


1- الذکری : 174.
2- البهائی فی الحبل المتین : 210.
3- فی ص 62.
4- فی « فض » و « رض » زیادة : کما تری.
5- کالعلاّمة فی المنتهی 1 : 296.

المختلف علی استحباب الأذان (1). وفیه : أنّ السنّة تقال علی ما یقابل الفرض أعم من الواجب والمستحب ، ولا یخفی الاختصاص بالأذان ، فعلی تقدیر حمل السنّة علی المستحب یتوقف علی إثبات عدم القائل بالفرق ، وقد تکلم فی المختلف فی إثبات عدم القائل بالفصل (2) ، وفیه نوع تأمّل.

والسابع : ظاهر الدلالة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الأخبار المذکورة لیس فیها ما یقتضی الرجوع للأذان إذا ترک وحده نسیانا ، وأمّا الإقامة وحدها فالدلالة علیها واضحة مع النسیان ، ونقل بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه لم یقف علی خبر یدل علی جواز القطع لتدارک الأذان وحده ، ولا علی قائل بذلک من علمائنا القائلین باستحباب الأذان ، إلاّ المحقّق فی الشرائع وجدّی قدس سره فی الشرح (3). انتهی.

وفی المختلف نقل عن الشیخ فی النهایة : أنّ من ترک الأذان والإقامة متعمّدا ودخل فی الصلاة فلینصرف ولیؤذّن ولیقم أو لیقم ما لم یرکع ثم یستأنف الصلاة ، وإن ترکهما ناسیا حتی دخل فی الصلاة ثم ذکر مضی فی صلاته ولا إعادة علیه ، وهو قول ابن إدریس ، قال فی النسیان (4) : بل لا یجوز له الرجوع کما جاز فی العمد.

وأطلق فی المبسوط فقال : متی دخل منفردا فی الصلاة من غیر أذان ولا إقامة استحب له الرجوع ما لم یرکع ویؤذّن ویقیم ویستقبل الصلاة ،

الأقوال فی مسألة ترک الأذان والإقامة تعمّداً أو نسیاناً

ص: 64


1- المختلف 2 : 137.
2- المختلف 2 : 138.
3- البهائی فی الحبل المتین : 208 وهو فی المسالک 1 : 185.
4- فی « رض » : التبیان.

فإن رکع مضی فی صلاته. ولم یفرّق بین العمد والنسیان.

وقال ابن أبی عقیل : من نسی الأذان فی صلاة الصبح أو المغرب حتی أقام رجع فأذّن وأقام ثم افتتح الصلاة ، وإن ذکر بعد ما دخل فی الصلاة أنّه قد نسی الأذان قطع الصلاة وأذّن وأقام ما لم یرکع ، فإن کان قد رکع مضی فی صلاته ولا إعادة علیه (1).

ونَقَل عن غیر المذکورین أقوالا أُخر ، وربما کان فی عبارة ابن أبی عقیل دلالة علی نسیان الأذان فقط ، فلیتأمّل.

وفی کلام بعض محققی المتأخّرین رَحمَه الله أنّ القائل بوجوب القطع غیر معلوم (2) ، وحینئذ یندفع ما قدّمناه من ظاهر الأمر.

استدل فی المختلف علی استحباب استقبال الصلاة وتدارکهما ما لم یرکع بأنّهما من وکید السنن ، والمحافظة علیهما تقتضی تدارکهما مع النسیان باستئناف الصلاة ؛ لأنّ النسیان محل العذر ، ومع الرکوع یمضی فی صلاته لأنّه أتی بأعظم الأرکان فلا یبطل ، ومع تعمّد الترک یکون قد دخل فی الصلاة دخولا مشروعا غیر مرید للفضیلة فلا یجوز له الإبطال ؛ لقوله تعالی ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَکُمْ ) (3) ثم ذکر الروایة الاولی واعترض علی نفسه بأنّها لا تدل علی المدّعی من قبلیّة الرکوع ، وأجاب بحمل المطلق علی المقیّد (4).

ولا یخفی علیک الحال أوّلا وآخرا ، کما لا یخفی دلالة اختلاف

ص: 65


1- المختلف 2 : 141 ، وهو فی النهایة : 65 ، وفی السرائر 1 : 209 ، والمبسوط 1 : 95.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 163.
3- سورة محمّد : 33.
4- المختلف 2 : 142.

الروایات علی الاستحباب لکن فی الناسی ، غایة الأمر أنّ فی الأخبار نوع إجمال مع الاختلاف ، فإطلاق الشیخ الحمل علی الاستحباب فیه ما فیه ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

قوله :

باب عدد الفصول فی الأذان والإقامة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن یعقوب ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی بن عبید ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعیل الجعفی قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا » فعدّ ذلک بیده واحدا واحدا : الأذان ثمانیة عشر حرفا ، والإقامة سبعة عشر حرفا.

الحسین بن سعید ، عن النضر (1) ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الأذان فقال : تقول : « الله أکبر ، الله أکبر ، أشهد أنّ لا إله إلاّ الله ، أشهد أنّ لا إله إلاّ الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، حیّ علی الصلاة ، حیّ علی الصلاة ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی خیر العمل ، حیّ علی خیر العمل ، الله أکبر ، الله أکبر ، لا إله إلاّ الله ، لا إله إلاّ الله ».

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن علیّ بن السندی ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة (2) ، عن زرارة والفضیل بن یسار ، عن

عدد الفصول فی الأذان والإقامة

اشارة

ص: 66


1- فی الاستبصار 1 : 305 / 1133 زیادة : بن سوید.
2- فی الاستبصار 1 : 305 / 1134 : عن عمر بن أُذینة.

أبی جعفر علیه السلام قال : « لمّا اسری برسول الله صلی الله علیه و آله فبلغ البیت المعمور حضرت الصلاة فأذّن جبرائیل علیه السلام وأقام ، فتقدّم رسول الله صلی الله علیه و آله وصفّ الملائکة والنبیون خلف رسول الله صلی الله علیه و آله » قال : فقلنا : کیف أذّن؟ فقال : « الله أکبر ، الله أکبر ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله (1) ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله (2) حیّ علی الصلاة ، حیّ علی (3) الصلاة ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی خیر العمل ، حیّ علی خیر العمل ، الله أکبر ، الله أکبر ، لا إله إلاّ الله ، لا إله إلاّ الله ، والإقامة مثلها إلاّ أنّ فیها : قد قامت الصّلاة ، قد قامت الصّلاة بین حیّ علی خیر العمل حیّ علی خیر العمل ، وبین الله أکبر (4) ، فأمر بها رسول الله صلی الله علیه و آله بلالا فلم یزل یؤذّن بها حتی قبض الله رسوله صلی الله علیه و آله ».

وعنه ، عن أحمد (5) ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، وکلیب الأسدی ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه حکی لهما الأذان (6) ، فقال : « الله أکبر ، الله أکبر ، الله أکبر ، الله أکبر ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله (7) ، أشهد أنّ محمّدا

ص: 67


1- فی الاستبصار 1 : 305 / 1134 زیادة : صلی الله علیه و آله .
2- فی الاستبصار 1 : 305 / 1134 زیادة : صلی الله علیه و آله .
3- لفظة : علی ، ساقطة من الاستبصار 1 : 305 / 1134.
4- فی الاستبصار 1 : 305 / 1134 زیادة : الله أکبر.
5- فی الاستبصار 1 : 306 / 1135 زیادة : بن محمّد.
6- فی الاستبصار 1 : 306 / 1135 زیادة : والإقامة ، وکذا فی « د ».
7- فی الاستبصار 1 : 306 / 1135 زیادة : صلی الله علیه و آله .

رسول الله (1) ، حیّ علی الصّلاة ، حیّ علی الصّلاة ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی خیر العمل ، حیّ علی خیر العمل ، الله أکبر ، الله أکبر ، لا إله إلاّ الله ، لا إله إلاّ الله ، والإقامة کذلک.

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن المعلّی بن خنیس ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یؤذّن فقال : « الله أکبر ، الله أکبر ، الله أکبر ، الله أکبر ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله (2) ، أشهد أنّ محمّد رسول الله (3) ، حیّ علی الصّلاة ، حیّ علی الصّلاة ، حیّ علی الفلاح ، حیّ علی الفلاح ، ( حیّ علی خیر العمل ، حیّ علی خیر العمل ) (4) ، الله أکبر ، الله أکبر ، لا إله إلاّ الله ».

قال محمّد بن الحسن : أمّا الحدیثان الأوّلان وإن تضمّنا ذکر : « الله أکبر » مرّتین فی أوّل الأذان ، فیجوز أن یکون إنّما اقتصر علی ذلک لأنّه إنّما قصد إفهام السائل کیفیّة التلفظ به ، وکان المعلوم له أنّ ذلک لا یجوز الاقتصار علیه دون الأربع مرّات.

والذی یکشف عمّا ذکرناه :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، [ عن حمّاد بن عیسی عن ، حریز ] (5) عن زرارة ، عن

ص: 68


1- فی الاستبصار 1 : 306 / 1136 زیادة : صلی الله علیه و آله .
2- فی الاستبصار 1 : 306 / 1136 زیادة : صلی الله علیه و آله .
3- فی الاستبصار 1 : 306 / 1136 زیادة : صلی الله علیه و آله .
4- ما بین القوسین لیس فی التهذیب 2 : 61 / 212 ، وفیه زیادة : حتی فرغ من الأذان وقال فی آخره.
5- ما بین المعقوفین لیس فی النسخ ، أثبتناه من الاستبصار 1 : 307 / 1137.

أبی جعفر علیه السلام قال : قال یا زرارة : « تفتتح الأذان بأربع تکبیرات وتختمه بتکبیرتین وتهلیلتین ».

السند

فی الأوّل : فیه محمّد بن عیسی ، وقد قدّمنا (1) احتمال قبول روایته فی مثل هذا الموضع ، وهو ما إذا لم یرو عن یونس ، لکن فی التهذیب : محمّد بن عیسی عن یونس (2) ، والحال غیر معلوم بدون مراجعة الکافی ولم یحضرنی الآن (3).

وکذلک قدّمنا فی أبان ما حاصله أنّ من یعمل بالموثّق یلزمه قبول قول علیّ بن الحسن بن فضّال فیه إنّه ناووسی (4) ، والإجماع علی تصحیح ما یصح عن أبان فی الکشی (5) لا ینافی الوصف بالموثّق ، غایة الأمر أنّه موثّق معمول علیه ، ومن لم یعمل بالموثّق فهو عامل بالخبر المشتمل علی أبان إذا خلا من الموانع غیر أبان ، فإطلاق الصحة علی خبره من العامل بالموثّق خلط للاصطلاح.

وأمّا إسماعیل الجعفی فهو یقال لابن عبد الرحمن الجعفی ، ولا بن جابر الجعفی ، والأوّل لا یزید علی الإهمال ، والثانی فیه کلام قدّمناه (6) ، والظاهر هنا الثانی ، لأنّ النجاشی ذکر فی إسماعیل بن جابر الجعفی أنّه

احتمال قبول روایة محمد بن عیسی إذا روی عن غیر یونس

بحث حول أبان بن عثمان

بحث حول إسماعیل الجعفی

ص: 69


1- فی ج 1 : 76 و 129.
2- التهذیب 2 : 59 / 208.
3- رواه عن محمّد بن عیسی بن عبید عن یونس ، الکافی 3 : 302 / 3.
4- راجع ج 1 : 183.
5- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
6- فی ج 2 : 435 وج 3 : 176.

روی حدیث الأذان (1).

والثانی : لیس فیه ارتیاب ، والنضر هو ابن سوید فی الظاهر من تکرّر الأسانید بعنوان ابن سوید والتصریح فی الرجال (2).

والثالث : فیه علیّ بن السندی ، وحاله لا یزید علی الجهالة ، کما یستفاد من کتاب شیخنا المحقّق - سلّمه الله - فی الرجال (3).

والرابع : ضمیر « عنه » فیه لمحمّد بن علیّ بن محبوب ، وأحمد هو ابن محمّد بن عیسی ؛ والحسین هو ابن سعید ؛ وأبو بکر الحضرمی لا یزید حاله عن الجهالة فیما أظن ؛ وکلیب الأسدی فیه کلام بالنسبة إلی المدح.

والخامس : فیه المعلّی بن خنیس ، وقد قدّمنا الکلام فیه مع إسحاق بن عمّار (4).

والسادس : واضح بما تکرّر من القول فی رجاله.

المتن :

فی الجمیع واضح ، وما ذکره الشیخ فی الخبرین المتضمّنین للتکبیر مرّتین فی الأذان وإن بعد إلاّ أنّه وجه للجمع.

وما عساه یتوجّه علی الشیخ : من أنّ تعلیم الکیفیّة یکفی فیه المرّة ، یمکن الجواب عنه : بأنّ المراد من تعلیم کیفیّة الأذان علی هیئة مجموع اللفظین لبیان الهمزة وکونها للقطع ونحو ذلک ، ومن هنا یعلم أنّ تکرّر

علی بن السندی مجهول

أبوبکر الحضرمی مجهول

کلیب الأسدی فی مدحه کلام

توجیه ما دلّ علی تثنیة التکبیر فی أوّل الأذان

ص: 70


1- رجال النجاشی : 33 / 71.
2- انظر رجال الطوسی : 362 / 2 ، الفهرست : 171 / 760.
3- منهج المقال : 353.
4- راجع ج 1 : 255 وج 3 : 215.

ما عدا التکبیر علی مقتضی الأخبار لبیان ما أشرنا إلیه وإلاّ لاکتفی بالمرّة.

نعم قد یتوجه أنّ قوله علیه السلام فی خبر زرارة والفضیل : « والإقامة مثلها » یدل علی أنّ التکبیر مرّتان لا غیر ، ویمکن الجواب بأنّ المراد کون الإقامة مثل ما تلفّظ به لا مثل الأذان ، ولا یبعد أن یکون عدم تعداد التکبیر زیادة علی المرّتین لبیان الإقامة ، إلاّ أنّ الحال لا یخلو من إشکال بالنسبة إلی التهلیل فی آخر الإقامة فإنّه مرّة.

وربّما یقال بجواز التخییر فی آخر الإقامة بین المرّة والمرّتین ، واحتمال التخییر فی الأذان بالنسبة إلی التکبیر بین المرّتین والأربع ممکن ، لو لا دعوی الإجماع علی تربیع التکبیر فی أوّل الأذان ، وسیأتی (1) فی بعض الأخبار أنّ الأذان مثنی مثنی ، والإقامة کذلک.

ونقل فی المختلف عن الشیخ فی المبسوط والخلاف أنّه قال : ومن أصحابنا من جعل فصول الإقامة مثل فصول الأذان ، وزاد فیها : قد قامت الصلاة مرّتین ، ومنهم من جعل فی آخرها التکبیر أربع مرّات ، وقال ابن الجنید : التهلیل فی آخر الإقامة مرّة واحدة إذا کان قد أتی بها بعد أذان ، وإن کان قد أتی بها بغیر أذان ثنّی لا إله إلاّ الله فی آخرها (2). انتهی.

ثم إنّ فی خبر المعراج نوع کلام بالنظر إلی وجود ما قد یخالفه ، وقد ذکرنا الجمیع فی کتاب معاهد التنبیه علی نکت الفقیه.

ولا تخفی دلالة ظاهر خبر أبی بکر الحضرمی علی تربیع التکبیر فی الإقامة وتثنیة التهلیل فی آخرها ، وحینئذ یصلح دلیلا للقول المنقول عن الشیخ عن بعض الأصحاب ، لکن حال الخبر غیر خفیّ ، وعدم تعرّض

ص: 71


1- فی ص 72 - 73.
2- المختلف 2 : 150 ، وهو فی المبسوط 1 : 99 ، والخلاف 1 : 279.

الشیخ هنا لذلک غریب.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن معاویة بن وهب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الأذان مثنی مثنی والإقامة واحدة » (1).

وما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیّوب ، عن سیف بن عمیرة وصفوان بن یحیی ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الإقامة مرّة مرّة إلاّ قول الله أکبر فإنّه مرّتان ».

فالوجه فی هذین الخبرین ضرب من التقیة ؛ لأنّهما موافقان لمذهب بعض العامة ، ویجوز أن یکون الوجه فیهما حال الضرورة والاستعجال.

والذی یکشف عمّا ذکرناه :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبی عبیدة الحذّاء ، قال : رأیت أبا جعفر علیه السلام یکبّر واحدة واحدة ، فقلت له : لم تکبّر واحدة واحدة؟ فقال : « لا بأس به إذا کنت مستعجلا (2) ».

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی نجران ، عن صفوان بن مهران الجمّال ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « الأذان مثنی مثنی والإقامة

ص: 72


1- فی الاستبصار 1 : 307 / 1138 : والإقامة واحدة واحدة.
2- فی الاستبصار 1 : 307 / 1140 زیادة : فی الأذان.

مثنی مثنی ».

وعنه ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن یزید مولی الحکم ، عمّن حدّثه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « لأن أقیم مثنی مثنی أحبّ إلیّ من أن أؤذّن وأقیم واحدا واحدا ».

الحسین ، عن القاسم بن عروة ، عن برید بن معاویة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « الأذان یقصّر فی السفر کما تقصّر الصلاة ، الأذان (1) واحدا واحدا والإقامة واحدة واحدة ».

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن نعمان الرازی قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « یجزؤک من الإقامة طاق طاق فی السفر ».

السند

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته بعد ما قدّمناه.

والثانی : کذلک ، والظاهر أنّ صفوان معطوف علی سیف ، فیکون فضالة راویا عن صفوان ، ولا یخفی وجود روایة فضالة [ عن ] (2) صفوان ، کما توجد روایة الحسین بن سعید عن صفوان ، فالروایة عن صفوان بواسطة ممکنة ؛ ویحتمل أن یکون العطف علی فضالة ، إلاّ أنّ المتعارف حینئذ بغیر هذا النحو کما یقال : جمیعا ، وفی التهذیب : رواه عن سعد ، عن محمّد (3) ،

تعیین المعطوف علیه فی قول الشیخ : فضالة عن سیف وصفوان

ص: 73


1- فی الاستبصار 1 : 308 / 1143 : والأذان.
2- فی النسخ : و، والظّاهر ما أثبتناه.
3- فی المصدر : عن سعد عن أحمد بن محمّد.

عن الحسین بن سعید ، عن صفوان بن یحیی ، عن عبد الله بن سنان (1).

والثالث : واضح الرجال ، وأبو عبیدة اسمه زیاد ثقة بلا ارتیاب (2).

والرابع : کذلک.

والخامس : فیه - مع الإرسال - یزید (3) مولی الحکم ، فإنّه مجهول الحال.

والسادس : فیه القاسم بن عروة ، وقد کرّرنا القول فیه (4) من أنّ حاله لا یزید علی الإهمال.

والسابع : فیه نعمان الرازی ، وقد تقدّم عن قریب أنّه مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (5).

المتن :

فی الأوّلین : ما ذکره الشیخ فیه من التقیة لا یخلو من وجه ، والشیخ أعلم بمذهب أهل الخلاف ، فما تراه الآن من عدم التکبیر مثنی مثنی من بعضهم لا یضرّ بالحال بالنسبة إلی الخبر الأوّل.

وأمّا الحمل علی حال الضرورة والاستعجال ، فالخبر الثالث المستدل به یدل علی الأذان ، والخبران الأوّلان تضمّنا الوحدة فی الإقامة.

أبو عبیدة الحذّاء ثقة

یزید مولی الحکم مجهول الحال

القاسم بن عروة مهمل

نعمان الرازی مهمل

توجیه ما دل علی الأذان مثنی مثنی والإقامة واحدة واحدة.

ص: 74


1- التهذیب 2 : 61 / 215.
2- فی « فض » زیادة : نعم فی أبیه اختلاف فقیل : ابن عیسی ، وقیل : ابن رجا. وهی مشطوبة فی « د ».
3- فی النسخ : بُرید ، والظاهر ما أثبتناه ، وهو أبو خالد یزید البزّاز مولی الحکم بن الصلت الثقفی. راجع رجال الطوسی : 140 / 3. 338 / 74.
4- فی ج 1 : 439.
5- راجع ص : 56.

والرابع : إن کان الشیخ أتی به للاستشهاد کما هو الظاهر ، ففیه : أنّه حینئذ یتضمّن کون العجلة تقتضی تثنیة الأذان والإقامة ، والخبران الأوّلان یفیدان تثنیة الأذان فقط ؛ ولو أراد الشیخ أنّ الاضطرار والاستعجال یفیدان التخفیف علی قدر الإمکان ، فکان علیه البیان وما یدل علی ذلک.

والخامس : کما تری لا یدل علی الاضطرار والاستعجال ، إلاّ بتقدیر متکلّف ، والظاهر منه أنّ الإقامة مثنی مثنی أولی من الأذان والإقامة مرّة مرّة.

ولا یبعد أن یحمل علی حال الضرورة والاستعجال ، نظرا إلی أنّ الأذان واحدا واحدا والإقامة کذلک یکون مع الضرورة ، ویصیر حاصل الأولویّة أنّ الإتیان بالإقامة وحدها مثنی مثنی أولی من الأذان والإقامة معا مرّة مرّة.

والسادس : ظاهر الدلالة علی أنّ الأذان یقصّر فی السفر ، ولا یبعد أن یخصّ بأذان المقصورة ، ویحتمل الإطلاق ، والظاهر أنّ مراد الشیخ بذکر هذا الخبر لبیان أنّ السفر من قسم الضرورة.

ولا یخفی أنّ قوله علیه السلام : « الأذان یقصّر » یرید به ما یتناول الإقامة لذکرها معه.

والسابع : ظاهر الدلالة علی أنّ الإقامة فی السفر مرّة مرّة ، أمّا تخصیص السفر بالموجب للقصر وإقامة المقصورة فممکن ممّا سبق ، مع احتمال التعمیم ، فیؤیّد احتمال إرادة التقصیر فی السابق لغیر المقصورة ، وقد تقدّم فی خبر الصباح بن سیّابة من قوله علیه السلام : « لا تدع الأذان فی الصلوات کلّها ، وإن ترکته فلا تترکه فی المغرب والفجر ، فإنّه لیس فیهما

بیان ما دل علی أنّ الأذان والإقامة یقصّران فی السفر

ص: 75

تقصیر » (1) فإنّه یدل علی الاختصاص بالمقصورات.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لو لا المشهور بین الأصحاب من تربیع التکبیر فی الأذان ، کما أنّ المشهور فی الإقامة أنّها مثنی مثنی إلاّ التهلیل فی آخرها فإنّه مرّة (2) ، لأمکن العمل بظاهر معتبر الأخبار فی التخییر ، والاحتیاط مطلوب.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن الحسین ، عن حمّاد بن عیسی ، عن شعیب بن یعقوب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « النداء والتثویب فی الإقامة (3) من السنّة ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « کان أبی ینادی فی بیته بالصلاة خیر من النوم ، ولو ردّدت ذلک لم یکن به بأس ».

وما أشبه هذین الخبرین ممّا تضمّن ذکر هذه الألفاظ فإنّها محمولة علی التقیة لإجماع الطائفة علی ترک العمل بها.

ویدل علی ذلک أیضاً :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، وحمّاد بن عیسی (4) ، عن معاویة بن وهب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التثویب الذی یکون بین الأذان والإقامة؟ فقال : « ما نعرفه ».

ص: 76


1- راجع ص 36.
2- کما فی الشرائع 1 : 75.
3- فی الاستبصار 1 : 308 / 1145 : الأذان.
4- فی الاستبصار 1 : 308 / 1147 : عن فضالة عن حماد بن عیسی.

وروی محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة ، قال : قال لی أبو جعفر علیه السلام : « یا زرارة تفتتح الأذان بأربع تکبیرات وتختمه بتکبیرتین وتهلیلتین ، وإن شئت زدت علی التثویب حیّ علی الفلاح ، مکان : الصلاة خیر من النوم ».

فلو کانت هذه اللفظة مسنونة لما سوّغ له تکریر بعض الألفاظ والعدول عنها ، علی أنّ تکرار اللفظ أیضا إنّما یجوز إذا أراد به تنبیه غیره علی الصلاة أو انتظار آخر ، وما أشبه ذلک ، یبیّن (1) ما ذکرناه :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ( عن علیّ بن أحمد ) (2) عن علیّ بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لو أنّ مؤذّنا أعاد فی الشهادتین وفی حیّ علی الصلاة أو حیّ علی الفلاح المرّتین والثلاث وأکثر من ذلک إذا کان إنّما یرید (3) جماعة القوم لیجمعهم لم یکن به بأس ».

السند

فی الأوّل : فیه أحمد بن الحسن ، وفیه اشتراک (4) ، والظهور غیر واضح من الرجال ؛ والحسین هو ابن سعید علی الظاهر ؛ وفیه : أبو بصیر.

أحمد بن الحسن مشترک

ص: 77


1- فی النسخ زیادة : ذلک ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 309.
2- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 309 / 1149.
3- فی الاستبصار 1 : 309 / 1149 زیادة : به.
4- انظر هدایة المحدثین : 170.

والثانی : واضح الحال. وکذا الثالث والرابع.

والخامس : فیه علیّ بن أحمد ، ویحتمل ابن أشیم المجهول ، وغیره فی حیّز الإمکان ، وابن محبوب فیه الحسن ، وعلیّ بن أبی حمزة البطائنی ، وأبو بصیر معلوم معه.

المتن :

فی الأوّل : علی ما یظهر من الشیخ أنّه فهم منه کون التثویب : الصلاة خیر من النوم ، وفسّره بعض بالإتیان بالحیعلتین بین الأذان والإقامة (1) ، وإرادة هذا فی المقام لا وجه لها ، لکنّ الصلاة خیر من النوم ، فی الإقامة مستغرب ، والشیخ أعلم بالحال ، ولعلّ المراد بالنداء : رفع الصوت ، وبالتثویب : الترجیع. فإنّ العلاّمة نقل فی المختلف عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : الترجیع غیر مسنون فی الأذان ، وهو تکرار التکبیر والشهادتین فی أوّل الأذان ، فإن أراد تنبیه غیره جاز تکریر الشهادتین ، والتثویب مکروه ، وهو قول : الصلاة خیر من النوم ، فی صلاة الغداة والعشاء ، وما عداهما لا خلاف أنّه لا تثویب فیهما ، ومثله قال فی الخلاف ، إلاّ أنّه قال : الترجیع تکریر الشهادتین.

ونقل العلاّمة عن المرتضی أنّ معنی التثویب : الصلاة خیر من النوم ، وعن ابن إدریس أنّ التثویب تکریر الشهادتین دفعة ، لأنّه مأخوذ من ثاب إذا رجع.

ثم إنّ العلاّمة قال : هل التثویب أو الترجیع محرّمان أو مکروهان؟

کلمة حول علی بن محمد

معنی التثویب

ص: 78


1- کما فی الحبل المتین : 208.

اختلف علماؤنا علی قولین بعد اتفاقهم علی إباحة التثویب والترجیع للتقیّة ، والترجیع لمن أراد الإشعار (1) انتهی.

ولا یخفی أنّ النص المبحوث عنه لا یأبی ما قدّمناه ، والحمل علی التقیة بتقدیر ثبوت : الصلاة خیر من النوم ، فی الإقامة ممکن.

وأمّا الثانی : فلا یخفی ظهوره فی أنّ الإمام علیه السلام کان ینادی فی بیته لا فی الأذان ، ویجوز أن یکون النداء لأجل تنبیه أهله وأولاده ، والوجه فی الأخبار حصول المطلوب من التقیّة ، والله أعلم.

والثالث : یدل علی أنّ التثویب بین الأذان والإقامة لا یعرفه ، وقد قدّمناه من معناه أنّه الإتیان بالحیعلتین بین الأذان الإقامة ، وقد ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - (2) وسمعت ما نقله فی المختلف.

ثم ما ذکره الشیخ من الاستدلال بالخبر علی التقیة لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ التثویب إن کان قول : الصلاة خیر من النوم ، فهو غیر معروف بین الأذان والإقامة ، فلعلّ الإمام علیه السلام قال ذلک ، لأنّه غیر المعروف بین أهل الخلاف ، ولو حمل علی إعادة الحیّعلات أمکن.

والرابع : ربما کان فیه دلالة علی أنّ التثویب تکرار الحیعلة عوض : الصلاة خیر من النوم ، وقول الشیخ : إنّ هذه اللفظة - یعنی : الصلاة خیر من النوم - لو کانت مسنونة ، إلی آخره. یدل علی أنّ کلامه الأوّل فی : الصلاة خیر من النوم ، کما فیه دلالة علی جواز التکریر للإشعار ، ولا یخفی أنّ حمل جمیع ما تقدّم علی : الصلاة خیر من النوم ، مشکل فی الأخبار السابقة

توجیه ما دلّ علی استحباب التثویب

ص: 79


1- المختلف 2 : 144 ، وهو فی المبسوط 1 : 95 ، والخلاف 1 : 288 ، والانتصار : 39 ، والسرائر : 212.
2- البهائی فی الحبل المتین : 208.

کما یعرف بأدنی تأمّل ، والخبر الأخیر ظاهر فی أنّ التکرار من المؤذّن لاجتماع القوم فهو خاص فی خاص ، فلیتأمّل.

قوله :

باب القعود بین الأذان والإقامة فی المغرب

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحسن بن علیّ بن یوسف ، عن سیف بن عمیرة ، عن بعض أصحابنا ( عن ابن فرقد ) (1) قال : « بین کلّ أذانین قعدة إلاّ المغرب فإنّ بینهما نفسا ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن عیسی بن عبید ، عن سعدان بن مسلم ، عن إسحاق الجریری ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قال : « من جلس فیما بین أذان المغرب والإقامة کان کالمتشحّط بدمه فی سبیل الله ».

فالوجه فی الجمع بین هذه الأخبار أنّه إذا کان أوّل الوقت جاز له أن یفصل بینهما بجلسة ، وإذا تضیّق الوقت یکتفی فی ذلک بنَفَس.

السند

فی الأوّل : فیه الحسن بن علیّ بن یوسف ، وهو ابن بقاح الثقة ، وفیه الإرسال ، وابن فرقد داود وقد مضی فیه القول غیر بعید مفصّلا (2).

والثانی : فیه سعدان بن مسلم ، وهو لا یزید علی الإهمال فی کتب

القعود بین الأذان والإقامة فی المغرب

الحسن بن علی بن یوسف ثقة

سعدان بن مسلم مهمل

ص: 80


1- فی الاستبصار 1 : 309 / 1150 بدل ما بین القوسین : عن أبی عبد الله.
2- راجع ج 2 : 330.

الرجال (1) ، وإسحاق الجریری لا یبعد أن یکون هو إسحاق بن جریر المذکور بالوقف فی رجال الکاظم علیه السلام من کتاب الشیخ (2) ، والنجاشی قال : إنّه ثقة من غیر ذکر الوقف (3) وقد مضی القول فی مثل هذا مرارا ، ولفظ الجریری غیر مصرّح به فی الرجال ، الاّ أنّ الظاهر من المرتبة ما قلناه ، والراوی عنه فی النجاشی ابن أبی عمیر ، أمّا روایة سعدان فقد یتخیّل فیها نوع شی ء ، والتسدید ممکن ، الاّ أنّ الأمر غیر ضروریّ ، وفی التهذیب : إسحاق الجوهری (4) ، وأظنّه تصحیفا ، وعلی تقدیر الصحة فهو مجهول.

المتن :

فی الخبرین واضح ، وتأویل الشیخ بعید عن الظاهر جدّا ، والتعبیر فی عبارة بعض الأصحاب بالسکتة بین أذان المغرب والإقامة هو المراد بالنَفَس (5) ، وربما یحمل الخبر الأوّل علی أنّ المغرب تزید علی غیرها بالنَفَس ، وإن کان الظاهر من الروایة اختصاصها به ، أو یفرق بین القعود والجلوس بأن یحمل الجلوس علی مسمّاه ، والعقود علی زیادة استقرار ، وفیه ما فیه.

وقد روی الشیخ فی زیادات التهذیب من کتاب الصلاة ، عن سعد ، عن الحسین بن عمر بن یزید ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن

بحث حول إسحاق الجریری

بیان ما دلّ علی الفصل بین الأذان والإقامة بقعود إلّا فی المغرب فإنّ بینهما فیها نَفَساً

ص: 81


1- کما فی رجال النجاشی : 192 / 515 ، رجال الطوسی : 206 / 64 ، الفهرست : 79 / 326.
2- رجال الطوسی : 343 / 24.
3- رجال النجاشی : 71 / 170.
4- التهذیب 2 : 65 / 231 وفیه : إسحاق الجریری.
5- کما فی مجمع الفائدة 2 : 175 ، الحبل المتین : 210.

مسکان ، قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام أذّن وأقام من غیر أن یفصل بینهما بجلوس (1) ، والحدیث معتبر.

وروی فی غیر الزیادات بطریق فیه الحسن بن شهاب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بدّ من قعود بین الأذان والإقامة » (2).

وروی عن الحسین بن سعید ، عن سلیمان بن جعفر الجعفری قال : سمعته یقول : « افرق بین الأذان والإقامة بجلوس أو برکعتین » (3).

وعن الحسین بن سعید ، عن أحمد بن محمّد - وهو ابن أبی نصر - قال : قال : « القعود بین الأذان والإقامة فی الصلاة کُلّها إذا لم یکن قبل الإقامة صلاة یصلّیها » (4) وهذا الخبر مع صحته یدل علی أنّ الفصل یتحقّق بأیّ صلاة صلاّها الإنسان قلیلة أو کثیرة.

وقد مضی (5) فی بحث المواقیت نقل حدیث فی رکعتی الفجر ، رواه الشیخ بسند معتبر ، علی أنّه لا یکون بین الأذان والإقامة إلاّ الرکعتان ، وذکرنا احتمال إرادة رکعتی الفجر واحتمال غیرهما ، وهذا الخبر ظاهر فی مطلق الصلاة ، فالظاهر من ذاک الخبر إرادة رکعتی الفجر ، فیدلّ علی اختصاص أذان الصبح برکعتی الفجر للفصل علی سبیل الفضل بتقدیر العموم فی الفصل بغیرهما ، کما فی روایة سلیمان ، ویجوز تخصیص العموم.

وأمّا ما تضمّنه خبر ابن مسکان من عدم جلوسه علیه السلام فیحتمل أن

ص: 82


1- التهذیب 2 : 285 / 1138 ، الوسائل 5 : 399 أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 9.
2- التهذیب 2 : 64 / 226 ، الوسائل 5 : 397 أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 1.
3- التهذیب 2 : 64 / 227 ، الوسائل 5 : 397 أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 2.
4- التهذیب 2 : 64 / 228 ، الوسائل 5 : 397 أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 3.
5- فی ج 4 : 471 - 472.

یکون علیه السلام فصّل بغیره ، أو لبیان الجواز کما قیل (1) ، وفیه نوع تأمّل ؛ لأنّ بیان الجواز فی المستحب غیر ظاهر الوجه.

وفی بعض الأخبار المعدود فی الموثّق أنّه سئل علیه السلام ما الذی یجزئ من التسبیح بین الأذان والإقامة؟ قال : یقول : « الحمد لله » (2).

وروی الشیخ فی التهذیب بسند فیه الحسین بن راشد وجعفر بن محمّد بن یقطین (3). والأوّل : مهمل فی الرجال (4) ، والثانی : لم أقف علیه فیها ، ومع ذلک فهو مرفوع مضمر ، إلاّ أنّ التساهل فی السنن لو تمّ دلیله کفی فی العمل به ، وقد قدّمنا فیه القول.

والمتن : قال : « یقول الرجل إذا فرغ من الأذان وجلس : اللهم اجعل قلبی بارّا ( وعیشی قارّا ) (5) ورزقی دارّا واجعل لی عند قبر رسول الله صلی الله علیه و آله قرارا ومستقرّا ».

ولیکن هذا آخر الجزء الثانی من کتاب استقصاء الاعتبار فی شرح الاستبصار (6) والله المسؤول أن یوفّق لإکماله بجاه محمّد المصطفی وآله ، وأن یجعل سعینا مصروفا فیما یرضیه عنّا من الأعمال ، ویدفع عنّا بمنّه عظائم الأخطار والأهوال.

وقد اتّفق بتوفیق الله الابتداء والانتهاء فی مشهد سیّد الشهداء

ص: 83


1- انظر الحبل المتین : 210.
2- التهذیب 2 : 280 / 1114 ، الوسائل 5 : 398 أبواب الأذان والإقامة ب 11 ح 5.
3- التهذیب 2 : 64 / 230.
4- انظر منهج المقال : 112.
5- ما بین القوسین لیس فی المصدر.
6- فی « رض » زیادة : ویتلوه الجزء الثالث أبواب کیفیة الصلاة من فاتحتها إلی خاتمتها.

وخامس أصحاب العباء علیه وعلی جدّه وأبیه وأخیه والتسعة من ذراریه أفضل الصلاة والسلام ، وکان الختام یوم الثلاثاء الثامن والعشرین من شهر صفر ختم بالخیر والظفر من شهور السنة السادسة والعشرین بعد الألف الهجریة علی من شرّفت به أکمل التحیّة ، وکتب مؤلّفه العبد : محمّد بن الحسن بن زین الدین العاملی عاملهم الله بلطفه وکرمه.

ص: 84

بسم الله الرحمن الرحیم

وبه الاستعانة وعلیه التکلان

الحمد لله علی آلائه والصلاة علی أشرف أنبیائه

وعلی أکرم أحبّائه (1)

ص: 85


1- فی « رض » : أحبابه.

ص: 86

قوله :

أبواب کیفیّة الصلاة من فاتحتها إلی خاتمتها.

باب وجوب قراءة الحمد.

الحسین بن سعید (1) ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن الذی لا یقرأ فاتحة (2) الکتاب فی صلاته ، قال : « لا صلاة (3) إلاّ بقراءتها فی جهر أو إخفات » قلت : أیّهما أحبّ إلیک إذا کان خائفا أو مستعجلا یقرأ سورة أو فاتحة الکتاب؟ قال : « فاتحة الکتاب ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إنّ الله تعالی فرض من الصلاة الرکوع والسجود ألا تری لو أنّ رجلا دخل فی الإسلام لا یحسن (4) یقرأ القرآن أجزأه أن یکبّر ویسبّح ویصلّی ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی من لم یحسن فاتحة الکتاب حسب ما تضمّنه ، ویکون قوله : « إنّ الله فرض من الصلاة الرکوع والسجود » یعنی به فرضا إذا ترکه عامدا أو ساهیا کان علیه إعادة الصلاة ؛ لأنّهما رکنان ، ولیس کذلک القراءة ، لأنّه لیس علی من

أبواب کیفیّة الصلاة من فاتحتها إلی خاتمتها

وجوب قراءة الحمد

اشارة

ص: 87


1- فی الاستبصار 1 : 310 / 1152 : أخبرنی الحسین بن سعید.
2- فی الاستبصار 1 : 310 / 1152 : بفاتحة.
3- فی الاستبصار 1 : 310 / 1152 : زیادة : له.
4- فی الاستبصار 1 : 310 / 1153 زیادة : أن.

نسی القراءة حتی دخل الرکوع إعادة الصلاة ، وکان الفرق بینهما من هذا الوجه.

السند

فی الخبرین واضح الحال ، لمعلومیّة جلالة رجالهما ممّا تقدّم (1) من المقال ، والنضر فی الثانی هو ابن سوید علی الظاهر من الممارسة ، والتصریح فی الرجال (2) بروایة الحسین بن سعید عن النضر بن سوید.

أمّا روایة الحسین بن سعید عن فضالة فی الأوّل فقد قدّمنا (3) فیه القول ، حیث إنّ النجاشی نقل روایة (4) أنّ ما یرویه الحسین بن سعید عن فضالة فهو غلط ، إنّما هو الحسن عن فضالة ؛ لأنّ الحسین لم یلقَ فضالة ، وأن أخاه الحسن تفرّد بفضالة دون الحسین ، ورأیت الجماعة تروی بأسانید مختلفة الطرق عن الحسین بن سعید عن فضالة ، والله أعلم (5). انتهی.

والظاهر أنّ قول : ورأیت ، من کلام النجاشی ، ویحتمل أن یکون من تتمّة کلام الراوی وهو الحسین بن محمّد (6) بن یزید السورائی ، والراوی عن هذا الحسین أبو الحسن البغدادی السورائی ، والرجلان غیر معلومی الحال.

وفی ترجمة الحسن بن سعید قال النجاشی ما ذکره الحسین بن

بحث حول روایة الحسین بن سعید عن فضالة

ص: 88


1- فی ج 1 : 70 و 162 و 195 و 216 و 398 وج 3 : 191.
2- انظر الفهرست : 171 / 750.
3- فی ص 73.
4- فی « م » زیادة : الحسین.
5- رجال النجاشی : 310 / 850.
6- کذا فی النسخ ، والظاهر زیادة : بن محمّد.

محمّد السورائی علی سبیل الجزم (1) ، وفی فضالة بن أیّوب ذکرها روایة عمّن (2) ذکرناه ، ولعلّ توسّط الحسن لا یضرّ بالحال ، لکونه یصیر معلوما ، ویظهر من الشیخ فی الفهرست عدم الالتفات إلی هذا ؛ لأنّه إنّما ذکر اختصاص الحسن بزرعة وسماعة فقط (3).

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی أنّه لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الکتاب ، وقد تقرّر فی الأُصول أنّ المنفیّ فی مثل هذا الصلاة الصحیحة لا الکاملة (4) ، علی وجه یغنی عن الذکر هنا ، غیر أنّه یمکن ادعاء ظهور مثل هذا المتن فی البطلان من حیث السؤال ، وإن کان باب الاحتمال واسعا.

أمّا قوله علیه السلام : « فی جهر أو إخفات » فیحتمل أمرین :

أحدهما : أن یراد فی الصلاة الجهریّة والإخفاتیّة.

والثانی : أن یراد القراءة جهرا أو إخفاتا فی کل من الصلاتین ، والفائدة تظهر عند القائلین بالتخییر فی الصلوات بین الجهر والإخفات (5) ، فلیتأمّل.

وما تضمّنه الخبر من قوله : قلت أیّهما أحبّ ، إلی آخره. وإن اقتضی بظاهره عدم وجوب الفاتحة للمستعجل والخائف نظرا إلی أنّ الأحبّ یستعمل فی الأفضل ، إلاّ أنّ إرادة الوجوب من الأحبّ لا مانع منها ، وأظنّ

بیان ما دلّ علی أنه لا صلاة إلّا بفاتحة الکتاب فی جهر أو إخفات

توجیه ما دل علی عدم وجوب الفاتحة علی الخائف والمستعجل

ص: 89


1- رجال النجاشی : 58 ، وفیه : الحسین بن یزید.
2- فی « فض » و « م » : عن من.
3- الفهرست : 53 / 186.
4- انظر معالم الدین : 159.
5- حکاه فی منتقی الجمان 2 : 13.

الاستعمال موجودا فی الأخبار ، لکن لا یحضرنی الآن خصوص محلّه ، وعلی کل حال فالإجماع علی وجوب الفاتحة کما نقله فی المنتهی (1) یسهّل الخطب.

وما عساه یقال : إنّ الإجماع المدّعی لا یخلو من إجمال ، ولا مانع من تخصیصه بتقدیر العموم بغیر المستعجل والخائف.

فیه : أنّ القائل بهذا غیر معلوم ، بل الظاهر انتفاؤه ، والعبارة المنقولة عن المنتهی هذه : ویتعیّن الحمد فی کلّ ثنائیّة وفی الأولیین من الثلاثیّة والرباعیّة ، ذهب إلیه علمائنا أجمع (2). وهذا غیر خفی الظهور فی التعمیم.

وما قد یقال من أنّ الخبر المبحوث عنه کما یحتمل ما ذکر یحتمل أن یراد أنّه هل الأولی للخائف والمستعجل الفاتحة فقط ، أو هی مع السورة؟ وحینئذ یبقی دلالة الأحبّ علی الأفضل ؛ إذ المراد أنّ الأفضل الاقتصار علی الحمد ، لا أنّ الحمد مستحبة ، والفرق بین الأمرین أنّ المراد هنا بالأحبّ کون الحمد وحدها أفضل الفردین الواجبین علی تقدیر وجوب السورة ، وعلی تقدیر استحبابها تکون الحمد أفضل وحدها ، بمعنی تحقّق الکمال بها علی الأکملیّة علی الحمد والسورة ، علی أنّه یجوز أن یراد بالأحبّ مجرّد الکمال بوجه (3) یساوی قراءة السورة.

فالجواب عنه : أمّا أولا : فلأنّ الظاهر خلاف ما ذکر.

وأمّا ثانیا : فلأنّ أفضلیّة الحمد وحدها للمذکورین إن أرید به مع

ص: 90


1- المنتهی 1 : 270.
2- المنتهی 1 : 270.
3- فی « رض » : علی وجه.

إمکان الإتیان بالسورة فلا وجه لکون الترک أفضل ، وإن أُرید مع عدم الإمکان ( لا وجه لافضلیّته کما هو واضح.

فإن قلت : یحتمل أن یراد مع عدم الإمکان ) (1) ویکون الأحبّ إخبارا عن أنّ مثل هذه الضرورة تصیّر الفاتحة أفضل ، والنسبة إلی عدم الفضل - وإن لم یکن الفرد ممکنا - واقعة فی مثل أفضلیّة البقاع فی الصلاة ، فإنّها شاملة لمن لم یتمکّن من الفعل فیها ، کما قدّمناه فی الجزء الثانی مفصّلا.

قلت : لا یخفی بُعد التوجیه بل عدم استقامته ، وقد قدّمنا ما یقتضی الجواب عن المشار إلیه.

وأمّا ثالثا : فلأنّ تحقّق الکمال بالفاتحة علی تقدیر استحباب السورة لا یلیق بحکمة الشارع ، وبالجملة فالاحتمالات البعیدة ترکها أولی من ذکرها ، وإنّما تعرّضنا لذلک لدفع احتمال مّا.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ فی بعض الأخبار المعتبرة - وسیأتی بعضها - ما یدلّ علی الاکتفاء بالفاتحة عن السورة فی الجملة ، فتکون مستحبة ، وهذا الخبر کما تری یدل علی أنّ الخائف والمستعجل ، الفاتحة له أفضل من السورة ، أمّا إجزاء الفاتحة وحدها فالظاهر من الخبر استفادته ، وإن أمکن أن یقال : إنّ غایة ما یدلّ علیه ترجیح الفاتحة علی قراءة السورة عوضا عن الفاتحة ، أمّا کون قراءة الفاتحة تکفی عن السورة أم لا فأمر آخر.

وفی التهذیب روی عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته

هل یکتفی بفاتحة الکتاب عن السورة؟

ص: 91


1- ما بین القوسین ساقط من « فض ».

یقول : « إنّ فاتحة الکتاب تجوز وحدها فی الفریضة » (1).

وروی الحسن بن محبوب ، عن علیّ بن رئاب ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّ فاتحة الکتاب تجزئ وحدها فی الفریضة » (2).

والشیخ حمل الخبرین علی الضرورة لمعارضة بعض الأخبار ، وقد ذکرنا فی حواشی التهذیب ما لا بدّ منه ، وسیأتی فی آخر الباب الآتی فی أنه لا یقرأ بأقلّ من سورة ، ذکر المهمّ فی هذا الکتاب إن شاء الله تعالی (3).

ولا یخفی أنّ الخبر المبحوث عنه یلوح منه کون الصلاة یراد بها الفریضة ؛ إذ الجهر والإخفات وإن تحقّقا فی نوافل اللیل والنهار علی ما فی بعض الأخبار ، إلاّ أنّ الانصراف إلی الفریضة ربّما یدّعی له نوع تبادر ، ولو شک فی ذلک ربّما یدل قوله : أیّهما أحبّ إلیک ، إلی آخره. علی الفرائض ، ولو أرید النوافل بهذا لزم کون مورد الخبر جمیعه النوافل ، فلا یتمّ الاستدلال به ، ومن هنا یعلم أنّ الاستدلال به علی شرطیّة الفاتحة فی النوافل لا وجه له ، وقد وقع الخلاف فی الشرطیّة وعدمها.

وینقل عن العلاّمة فی التذکرة أنّه قال : بعدم وجوب الفاتحة فی النافلة محتجّا بالأصل (4) ، وعن الشهید فی الذکری أنّه قال : إن أراد - یعنی العلاّمة - الوجوب بالمعنی المصطلح فهو حق ، لأنّ الأصل إذا لم یکن واجبا لا یجب أجزاؤه ، وإن أراد الوجوب المطلق لیدخل فیه الوجوب بمعنی الشرط بحیث ینعقد النافلة من دون الحمد فممنوع (5). انتهی.

هل الحمد شرط فی النوافل؟

ص: 92


1- التهذیب 2 : 71 / 259 ، الوسائل 6 : 39 أبواب القراءة فی الصلاة ب 2 ح 1.
2- التهذیب 2 : 71 / 260 ، الوسائل 6 : 40 أبواب القراءة فی الصلاة ب 2 ح 3.
3- انظر ص 136 - 139.
4- التذکرة 3 : 130.
5- الذکری : 186.

ولقائل أن یقول : إنّ الشرطیّة متوقفة علی الدلیل ، والأصل یقتضی عدمها ، فالاستدلال من العلاّمة بالأصل لا وجه لمنعه ، غایة الأمر أنّ انعقاد النافلة بدون الفاتحة یتوقّف علی الدلیل ، وعموم فعل النافلة یتناول ما یقع بالفاتحة وعدمها ، والمنع حینئذ یندفع.

ویمکن الجواب : بأنّ مراد الشهید هو الثانی ، لما هو معلوم من أنّ حقیقة المنع طلب الدلیل ، وما ذکر من العمومات محل تأمّل ؛ لأنّ العبادة متلقّاة من الشارع ، فما لم یقم دلیل علی الاکتفاء بغیر الفاتحة لم یحکم بانعقاد النافلة.

( فإن قلت : الأمر فی الآیة الشریفة (1) بقراءة ما تیسّر یتناول النافلة ، بل الظاهر من مساق الآیة الاختصاص بنافلة اللیل ، کما ذکره جماعة من المفسّرین ومنهم الإمام الطبرسی رحمه الله (2) وإذا ثبت فی صلاة اللیل ثبت فی غیرها ؛ إذ لا قائل بالفصل.

قلت : غایة ما تدل علیه الآیة الأمر بقراءة ما تیسّر فی النافلة ، لکن ثبوت الشرطیّة لا یستفاد من الآیة إلاّ بتکلّف أنّ الأمر للوجوب ولو علی وجه یرجع إلی الشرطیّة ، وفیه ما فیه.

فإن قلت : إذا کان الأمر للوجوب فأیّ مانع من وجوب القراءة فی النافلة من دون اعتبار الشرطیّة؟

قلت : المانع هو لزوم وجوب النافلة بالشروع ، ولا أعلم القائل به ، وکلام الشهید رحمه الله یوضح الحال ، وأمّا اعتبار الشرطیّة فما فیه واضح ) (3).

ص: 93


1- المزمل : 20.
2- مجمع البیان 5 : 382 ، أبو السعود فی تفسیره 9 : 53 ، والمحقّق الأردبیلی فی زبدة البیان : 95 و 96.
3- ما بین القوسین ساقط من فض.

فإن قلت : إذا ثبت الصحّة بالدخول فی النافلة یتوقف البطلان علی الدلیل.

قلت : مجرد الدخول لا یقتضی الصحة ما لم یثبت موافقة أمر الشارع ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فالظاهر منه حصر المفروض فی الرکوع والسجود وأنّ القراءة لیست بمفروضة ، وسیجی ء فی بحث القنوت نقل حدیث دال علی أنّ القراءة سنّة (1) ، والعجب من عدم تفطّن جماعة من المتأخّرین لردّ الاستدلال بآیة ( فَاقْرَؤُا ) بالحدیث الذی أشرنا إلیه.

واحتمال أن یقال : إنّ ثبوت الرکوع بالنصوصیّة وکذلک السجود بخلاف القراءة ، واضح الدفع.

أمّا ما تضمّنه من قوله : « ألا تری » إلی آخره. فلا یخلو من إجمال ، وقد ذکر بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - أنّ الخبر یدل علی أنّ العاجز عن القراءة یتعوّض بالتکبیر والتسبیح ، وإطلاقه یقتضی عدم وجوب مساواة ذلک لمقدار القراءة ، وعدم وجوب ما زاد علی قوله : الله أکبر وسبحان الله ، بل لو قیل بالاکتفاء بالتسبیح وحده لم یکن بذلک البعید ، بأن یحمل التکبیر فی قوله علیه السلام : « أجزأه أن یکبّر ویسبّح » علی تکبیرة الإحرام (2). انتهی.

ولقائل أن یقول : إنّ أوّل الکلام المستدل فیه بالإطلاق یقتضی أن یکون التکبیر المذکور غیر تکبیرة الإحرام ، والثانی یفید احتمال کونه تکبیرة الإحرام ، ومع الاحتمالین کیف یصلح الاستدلال به إطلاقا وغیره.

بیان ما دل علی حصر المفروض فی الرکوع والسجود

بیان ما دل علی أنّ العاجز عن القراءة یکفیه التکبیر والتسبیح

ص: 94


1- انظر ص 299.
2- حبل المتین : 229.

علی أنّ الذی یخطر فی البال أنّ المقصود من الخبر نفی فرضیّة القراءة ، وذکر التسبیح والتکبیر لمجرّد التنبیه علی الفرق بین الرکوع والسجود والقراءة ، لا لبیان ما یجزئ عن القراءة أیّ شی ء هو تفصیلا لیقال : إنّ إطلاقه یقتضی عدم وجوب المساواة.

وبالجملة إن کان هذا الخبر هو الدلیل علی أنّ العاجز عن القراءة یأتی بالتسبیح والتکبیر ، ففیه نظر واضح من حیث احتمال التکبیر لتکبیرة الإحرام وغیرها ، وإن کان غیره موجودا فالکلام فی هذا قلیل الثمرة ، إلاّ أنّی لم أقف الآن علی دلیل غیره.

وفی الذکری : لو قیل بتعیّن ما یجزئ فی الأخیرتین من التسبیح کان وجها ، لأنّه قد ثبت بدلیّته عن الحمد فی الأخیرتین ، فلا یقصر بدل الحمد فی الأوّلتین [ عنهما ] (1) انتهی.

وقد ذکر بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه لا بأس به (2).

وفی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل : أمّا أوّلا : فلأنّ صریح بعض الأخبار أنّ الحمد عوض عن التسبیح من حیث اشتمالها علی التحمید والدعاء ، لا أنّ التسبیح بدل الحمد.

وأمّا ثانیا : فلأنّ الخبر المبحوث عنه علی تقدیر دلالته لا یدلّ علی أکثر من التسبیح والتکبیر ، فالتهلیل بغیر دلیل نوع من التشریع ، واحتمال الاکتفاء به لکونه من الذکر السائغ خلاف المطلوب من التعویض.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر الخبر أنّ من دخل فی الإسلام

ص: 95


1- الذکری : 187 ، وبدل ما بین المعقوفین فی النسخ : عنها ، وما أثبتناه من المصدر.
2- البهائی فی الحبل المتین : 229.

لا یحسن القرآن (1) أجزأه ما ذکر ، والقرآن (2) یتناول الفاتحة والسورة ، فعلی تقدیر إحسان السورة أو بعضها یحتمل أن یتقدم علی الذکر ؛ لظاهر الخبر.

وقول بعض محققی الأصحاب : إنّ اللام فی القرآن محتملة للعهد یعنی الفاتحة (3). محلّ تأمّل ، لأنّ الظاهر من اللفظ خلافه ، والاحتمال البعید لا یقدح ، إلاّ أن یقال : إنّ القراءة تنصرف إلی قراءة الصلاة ، ولمّا ثبت قراءة الحمد ترجّح احتمالها ، وفیه ما لا یخفی.

وحکی بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله فی شرح الإرشاد عن بعض الشروح : أنّ فیه حکایة عن حدیث الأعرابی الذی لا یحسن القرآن یعوض بالتسبیح ، ثم ذکر أنّ ظاهره التسبیحات الأربع (4). والخبر لم أقف علیه الآن (5) ، وللأصحاب تفریعات فی المقام یطول بذکرها لسان الکلام ، والدلیل فیها محلّ تأمّل.

أمّا ما ذکره الشیخ رحمه الله فی الخبر من الحمل علی من لم یحسن فاتحة الکتاب ، فالظاهر منه أنّه فهم ما نقلناه عن بعض المعاصرین (6) ، لکن قول الشیخ فی تعیین الفرض لا وجه له ، فإنّ إرادة هذا المعنی من الفرض لم یعرف من الأخبار وغیرها ، والاحتیاج إلیه من حیث إنّه لو أرید بالفرض لم یعرف من الأخبار وغیرها ، والاحتیاج إلیه من حیث إنّه لو أرید بالفرض ما ثبت من القرآن لزم الإبطال عمدا وسهوا بکل ما ثبت به ، وهو محلّ تأمّل ، لاحتمال أن یقال : إنّ ما ثبت بالقرآن علی قسمین بتقدیر ثبوت عدم بطلان الصلاة حال الإخلال سهوا بما ثبت بالقرآن.

ص: 96


1- فی « رض » : القراءة.
2- فی « رض » : القراءة.
3- کما فی الحبل المتین : 229.
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 215 و 216.
5- انظر سنن أبی داود 1 : 220 / 832.
6- راجع ص 95.

بقی فی المقام شی ء ، وهو أنّ قوله علیه السلام : « ألا تری » إلی آخره. علی تقدیر تقریر الشیخ یفید نوع منافرة ؛ لأنّه إذا حمل أوّل الخبر علی أنّ من نسی القراءة حتی دخل فی الرکوع لیس علیه إعادة بخلاف غیره ، فاللازم منه أنّ قوله علیه السلام : « ألا تری » غیر موافق لأنّ لزوم التعویض عن القراءة وعدم التعویض عن غیرها أمر آخر ، ألا تری أنّ التکبیر یعوض عنه مع کونه رکنا ، ولو کان المراد بذکر التعویض بیان عدم الالتفات کما ذکره الشیخ لما وافق فی الظاهر ، وغیر بعید أن یکون المراد ما ذکره الشیخ والتعویض إشارة إلی عدم التعیین ، وقد ذکرت فی حاشیة التهذیب وجها آخر بل وجهین ، من أراده وقف علیه.

ثم إنّ السجود فی الخبر لا یبعد أن یراد به مجموع السجدتین ؛ إذ الواحدة لا تبطل الصلاة بالإخلال بها سهوا ، کما سیأتی (1) إن شاء الله تعالی ، وقد کان علی الشیخ التنبیه علیه فی الجملة.

قوله :

باب الجهر ببسم الله الرحمن الرّحیم

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن عبد الرحمن ابن أبی نجران ، عن صفوان قال : صلّیت خلف أبی عبد الله علیه السلام أیّاما وکان (2) یقرأ فی فاتحة الکتاب بسم (3) الله الرحمن الرحیم ، فإذا کانت

الجهر ببسم اللّه الرحمن الرّحیم

اشارة

ص: 97


1- فی ج 6 : 79.
2- فی الاستبصار 1 : 310 / 1154 : فکان.
3- فی الاستبصار 1 : 310 / 1154 : ببسم.

صلاة لا یجهر فیها بالقراءة جهر ببسم الله الرّحمن الرّحیم وأخفی ما سوی ذلک.

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن معاویة بن عمّار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إذا قمت للصلاة أقرأ بسم الله الرحمن الرّحیم فی فاتحة الکتاب؟ قال : « نعم » قلت : فإذا قرأت فاتحة الکتاب أقرأ بسم الله الرّحمن الرّحیم مع السورة؟ قال : « نعم ».

وعنه ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن علیّ ابن مهزیار ، عن یحیی بن (1) عمران الهمدانی قال : کتبت إلی أبی جعفر علیه السلام : جعلت فداک ما تقول فی رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحیم فی صلاته وحده فی أُمّ الکتاب فلمّا صار إلی غیر أُمّ الکتاب من السورة ترکها؟ فقال العباسی (2) : لیس بذلک بأس ، فکتب بخطّه : « یعیدها » مرّتین ، علی رغم أنفه - یعنی العباسی (3).

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن محمّد بن حمّاد بن زید ، عن عبد الله بن یحیی الکاهلی قال : صلّی بنا أبو عبد الله علیه السلام فی مسجد بنی کاهل فجهر مرّتین ببسم الله الرّحمن الرّحیم وقنت فی الفجر وسلّم واحدة ممّا یلی القبلة.

ص: 98


1- فی الاستبصار 1 : 311 / 1156 زیادة : أبی.
2- فی الاستبصار 1 : 311 / 1156 العیاشی.
3- فی الاستبصار 1 : 311 / 1156 العیاشی.

السند :

فی الأوّل : واضح بعد ما کرّرنا القول فیه فیما مضی (1) من جهة أحمد ابن محمّد بن الحسن بن الولید ، والحسین بن الحسن بن أبان.

والثانی : فیه محمّد بن عیسی عن یونس ، وقد مضی القول فی استثنائه من نوادر الحکمة لمحمّد بن أحمد بن یحیی (2).

والثالث : فیه یحیی بن عمران وهو مجهول الحال ؛ لأنّ العلاّمة فی الخلاصة ذکر فی القسم الأوّل ما هذه صورته : یحیی بن عمران الهمدانی یونسیّ (3) ، ولم أقف علیه فی غیر الخلاصة.

والرابع : محمّد بن حمّاد فیه ثقة فی النجاشی (4) ، وأمّا الکاهلی فقد تقدّم (5) أنّه ممدوح مع نوع کلام.

المتن :

فی الأوّل : واضح الدلالة علی قراءة بسم الله الرّحمن الرّحیم فی الفاتحة ، وفی المنتهی : إنّ بسم الله آیة من أوّل الحمد ومن کلّ سورة هی فی أوّلها إلاّ براءة ، وهی بعض سورة فی أثناء النمل ، فیجب فی الصلاة قراءتها مبتدأ بها فی أوّل الفاتحة ، وهو مذهب فقهاء أهل البیت علیهم السلام .

بحث حول یحیی بن عمران الهمدانی

محمد بن حمّاد بن زید ثقة

عبدالله بن یحیی الکاهلی ممدوح

ص: 99


1- فی ج 1 : 39 و 41.
2- فی ج 1 : 129.
3- الخلاصة : 181 / 3.
4- رجال النجاشی : 371 / 1011.
5- فی ج 3 : 121.

انتهی (1).

وقد استدل بالخبر علی الجهر بالبسملة فی الأخیرتین أو الأخیرة علی تقدیر قراءة الفاتحة ، وفی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل ذکرته فی مواضع.

والحاصل : أنّه لا یبعد ادعاء تبادر کون الصلاة لا یجهر فیها أو یجهر إنّما هو باعتبار الألیین ، والخبر کما تری تضمّن صلاة لا یجهر فیها ، ومع تبادر ما ذکرناه لا یتناول غیر الأوّلتین من الإخفاتیّة ، ولو أرید بالصلاة الرکعات کان خلاف المتبادر ، وعلی هذا فالتنصیص من الخبر علی الجهر بالبسملة فی الأخیرتین محلّ کلام.

أمّا احتمال أن یقال : إنّ المستفاد منها بتقدیر التناول الاختصاص بالإمام کما هو صریح الروایة ، والقائلون بالجهر فی البسملة فی الأخیرتین لا یخصّون الإمام (2) وحینئذ لا یتمّ الاستدلال.

فیمکن الجواب عنه بعدم القائل بالفصل ؛ إذ المنقول عن ابن إدریس عدم جواز الجهر مطلقا (3) ، وعن غیره وجوب الجهر (4) کذلک ، والاستحباب مثله ، وفیه نظر یعرف ممّا یأتی عن ابن الجنید (5).

وما ذکره الوالد قدس سره فی (6) عدم تناول الروایة للأخیرتین ، لعدم معلومیّة کونه علیه السلام کان یقرأ فیهما ، بل الظاهر أنّه کان یسبّح.

ففیه : أنّ هذا محلّ کلام بالنسبة إلی غیره ممّن یعتقد رجحان القراءة

حکم الجهر بالبسملة فی ما یخافت فیه وبیان ما دلّ علیه ونقل الأقوال فیه

ص: 100


1- المنتهی 1 : 271.
2- کما فی روض الجنان : 268.
3- السرائر 1 : 218.
4- کما فی الجمل ( رسائل الشریف المرتضی 3 ) : 32.
5- انظر ص 101.
6- کذا فی النسخ ، والأنسب : من.

للإمام.

ثمّ إنّ الحدیث علی تقدیر ما ذکرناه یختص (1) الجهر للإمام بالبسملة فی الألیین ، أمّا الأخیرتان فقد علمت عدم القول بالفصل ، لکن الأولیین علی ما یظهر من العلاّمة فی المختلف لا یخلو الحکم فیهما من إشکال ، لأنّه قال : اتفق الموجبون للجهر فی القراءة علی وجوبه فی البسملة فیما یجهر فیه ، وإنّما الخلاف وقع فی مواضع :

الأوّل : أوجب ابن البرّاج الجهر بها فیما یخافت فیه وأطلق ، وأوجب أبو الصلاح الجهر بها فی أوّلتی الظهر والعصر فی ابتداء الحمد والسورة التی تلیها ، والمشهور الاستحباب.

لنا : الأصل براءة الذمّة من الوجوب ، ولأنّها جزء من السورة التی یجب الإخفات فیها (2) ، لکن صرنا إلی الاستحباب عملا بقول الأصحاب ، احتجّوا بما رواه صفوان ، ونقل الروایة ، ثم أجاب : بأنّ الإمام علیه السلام کما یداوم علی الواجب یداوم علی المندوب.

ثم قال : الثانی المشهور استحباب الجهر بالبسملة فیما یخافت فیه للمنفرد والإمام ، ونقل ابن إدریس عن بعض أصحابنا أنّ الجهر بها فی کلّ صلاة إنّما هو للإمام ، وأمّا المنفرد فیجهر بها فی الجهریّة ویخافت فیما عداها ، وأظنّ أنّ المراد بذلک البعض هو ابن الجنید ، لأنّه هو أفتی بذلک فی کتاب الأحمدی.

ثم استدل العلاّمة بالشهرة ، ونقل الاحتجاج بأنّ الأصل وجوب المخافتة فیما یخافت فیه ، لأنّها جزء الفاتحة خرج منه الإمام لروایة

ص: 101


1- کذا فی النسخ ، والأنسب : یخصّص.
2- فی المصدر زیادة : فتتعیّن فیها المساواة.

صفوان ، وأجاب بمنع عموم وجوب المخافتة. انتهی (1).

ولا یخفی علیک بعد وجود القائل ودلالة الروایة ، لا وجه لما ذکره العلاّمة ، والشهرة محلّ کلام فی إثبات الحکم الشرعی إذا کانت بین المتأخّرین.

وربّما یقال : إنّ الجهر والإخفات علی تقدیر استحبابهما یمکن العمل بالشهرة فی البسملة ، أمّا علی تقدیر الوجوب فالخروج عن السورة مشکل ، إلاّ أن یقال : إنّ دلیل الوجوب لا یتناول البسملة ، إذ الأخبار مجملة ، والقائلون بالوجوب (2) لا إجماع بینهم علی البسملة.

وفیه : أنّ العمل بالخبر الدال علی أنّ من جهر فیما لا ینبغی الجهر فیه یتناول البسملة کما سیأتی (3) ، إلاّ أن یقال : إنّ المتبادر الجهر فی الجمیع والإخفات فی الجمیع ، وفیه ما لا یخفی ، وعلی کلّ حال المقام واسع البحث.

ثمّ إنّ قول العلاّمة فی الجواب : بمنع عموم وجوب المخافتة ، إن أراد به أنّ الشهرة تخصّص العموم ، ففیه ما قدّمناه ، وإن أراد أنّ غیرها یخصّص فکان علیه أن یذکره ، ولو وجد لما کان للاقتصار علی الشهرة وجه.

وقد یقال : إنّ وجوب المخافتة لمّا کان مرجعه إلی الشهرة لما تقدّم من العلاّمة أنّ المشهور وجوب المخافتة ، والجهر مع الروایة الآتیة فیمن أخفی فیما لا ینبغی الإخفاء فیه أو أجهر فیما لا ینبغی الجهر ، إلی آخره.

ص: 102


1- المختلف 2 : 171.
2- راجح ص 10.
3- فی ص 120.

والروایة مجملة کما مضی ، والشهرة لا تفید فی البسملة لوقوع الاختلاف فیها ، فیترجّح الاستحباب بالإطلاقات ، وصحیح (1) علی بن جعفر الدال علی جواز الجهر والإخفات (2) علی تقدیر عدم حمله علی التقیة کما سیأتی (3).

إلاّ أن یقال : إنّ الخبر علی تقدیر العمل به لا یخصّ البسملة.

وفیه : أنّ مقام التأیید به أمر آخر وإن کان لا یخلو من شی ء.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما قدّمناه من الاستدلال بالخبر المبحوث عنه للأخیرتین ، قد اعتمد علیه جماعة ، والعلاّمة فی المختلف لم یستدل به ، بل نقل عن ابن بابویه أنّه قال : واجهر ببسم الله الرّحمن الرّحیم فی جمیع الصلوات ، والشیخ فی المبسوط والخلاف والنهایة قال : یستحب الجهر بها فیما لا یجهر فیه ، وقال السیّد المرتضی فی الجمل : وتفتتح القراءة ببسم الله الرّحمن الرّحیم [ وتجهر بها ] (4) فی کلّ صلاة جهر أو إخفات ، وقال الشیخ فی الجمل : والجهر ببسم الله الرّحمن الرّحیم فیما لا یجهر بالقراءة فیه فی الموضعین ، وقال ابن إدریس : المستحب إنّما هو الجهر فی الأوّلتین فی الصلاة الإخفاتیّة دون الأخیرتین ، فإنّه لا یجوز الجهر فیهما بالبسملة ، قال العلاّمة : وکلام المتقدمین یقتضی عموم استحباب الجهر.

ثم قال : احتج ابن إدریس بأنّ الصلاة إمّا جهریّة أو إخفاتیة ( فالاخفاتیّة : الظهر والعصر ، والجهر بالبسملة فی الرکعتین الأوّلتین

ص: 103


1- فی النسخ زیادة : خبر ، حذفناها لاستقامة العبارة.
2- التهذیب 2 : 162 / 636 ، الوسائل 6 : 85 أبواب القراءة فی الصلاة ب 25 ح 6.
3- فی ص 126.
4- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.

مستحب ؛ لأنّ فیهما تتعیّن القراءة فأمّا الأخیرتان فلا تتعیّن فیهما القراءة ) (1). ولا خلاف فی أنّ الصلاة الإخفاتیّة لا یجوز الجهر فیها بالقراءة ، والبسملة من جملة القراءة ، وإنّما ورد فی الصلاة الإخفاتیّة التی تتعیّن فیها القراءة ولا تتعیّن إلاّ فی الأوّلتین فحسب ، وأطال الکلام ، ثم أجاب عنه العلاّمة بأنّه لا یلزم من عدم التعیّن عدم استحباب الجهر (2).

وأنت خبیر بأنّه لا یبعد أن یکون مرجع قول ابن إدریس إلی أنّ الخبر وارد فی الأوّلتین ، وإن کان فی کلامه نوع تشویش.

ثم إنّ العلاّمة ذکر فی قول الشیخ السابق : فی الموضعین : أنّ ابن إدریس فسّر الموضعین : بالظهر والعصر.

واحتمل العلاّمة أن یکون المراد بالموضعین قبل الحمد وبعدها ولکلّ وجه ، إلاّ أنّ ما فی خبر الکاهلی الآتی (3) بیانه من قوله : جهر مرّتین ، ربّما یؤیّد قول العلاّمة فی احتماله.

أمّا ما قد یقال : إنّ الخبر المبحوث عنه إذا اقتضی جهرة علیه السلام فیما ذکر فالتأسی یفید الاستحباب ، فیندفع به قول ابن إدریس ، وکذلک ما روی أنّ من علامات المؤمن الجهر ببسم الله (4).

ففیه أوّلا : أنّ الخبر لا یتناول الأخیرتین ، وثانیا : أنّ الجهر ببسم الله

ص: 104


1- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
2- المختلف 2 : 172 - 173 ، وهو فی الفقیه 1 : 202 ، والمبسوط 1 : 105 ، والخلاف 1 : 331 ، والنهایة : 76 ، وفی جمل العلم والعمل ( رسائل الشریف المرتضی 3 ) : 32 ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 183 ، وفی السرائر 1 : 218.
3- فی ص 111.
4- التهذیب 6 : 52 / 122 ، الوسائل 14 : 478 أبواب المزار ب 56 ح 1.

یتحقّق بالأولیین لحصول علامة المؤمن.

والعجب من بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه أجاب عن حجّة ابن إدریس بعد نقلها : بأنّه لا خلاف فی وجوب إخفات القراءة فیهما ، فعلی مدّعی استحباب الجهر فی بعضها - یعنی البسملة - إثبات جواز التبعیض. والجواب هذا لفظه : شمول الدلیل موضع النزاع (1).

وینبغی أن یعلم أنّ اختصاص الروایة بالإمام ظاهر لکن التأسّی لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ فعله علیه السلام إنّما کان فی الجماعة فالتأسّی به إن کان فی خصوص الجماعة لزم تقیید إطلاق الأصحاب فی استحباب التأسّی ، والحال أنّ المستدل بالروایة علی استحباب الجهر فی موضع الإخفات علی الإطلاق ، فاستدلاله لا بدّ فیه من ضمیمة عدم القائل بالفرق.

وإن کان التأسّی یقتضی الاستحباب مطلقا ، فإشکاله واضح ؛ فإنّ فعله علیه السلام خاص بالإمامة.

إلاّ أن یقال : إنّ الاعتبار بالتأسّی فی الفعل لا فی خصوص الإمامة ؛ إذ لو اقتضی التأسی التخصیص لزم التخصیص بالصلاة الخاصة لو جهر فی الظهر مثلا ، مع أنّ الظاهر عدم الفرق بینها وبین العصر ، فعلم أنّ التأسی فی مطلق الفعل.

وفیه إمکان الفرق بین الجماعة وصلاة الظهر ، ولم أرَ من کشف قناع هذا الإجمال فی حقیقة التأسّی.

وظاهر العلاّمة فی المختلف حیث لم یتعرض فی الجواب عن الاستدلال بالروایة الاعتراف بشمول الحکم للمنفرد ، وإلاّ کان الأولی

ص: 105


1- البهائی فی الحبل المتین : 228.

الجواب بما یقتضی بیان هذا ، وکلام بعض المتأخّرین الذی أشرنا إلیه (1) من إطلاق التأسّی یقتضی صریحا إرادة التأسّی فی الفعل مطلقا ، والنظر فیه واضح ، ( فینبغی التأمّل فی هذا کله فإنّه حریّ بالتأمّل التام ) (2) (3).

فإن قلت : قد روی الکلینی فی کتاب الروضة حدیثا عن علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد بن عیسی ، عن إبراهیم بن عثمان ، عن سلیم ابن قیس قال : خطب أمیر المؤمنین علیه السلام ، وذکر الخطبة وقد تضمّنت أنّه علیه السلام قال : « قد عملت الولاة قبلی أعمالا خالفوا فیها رسول الله صلی الله علیه و آله . ولو حملت الناس علی ترکها وحوّلتها إلی مواضعها. لتفرّق عنّی جندی حتی أبقی وحدی » - وعدّدها علیه السلام إلی أن قال - : « وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحیم » (4).

وهذا یدلّ علی أنّ الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحیم مطلوب علی سبیل الوجوب ، لذکره علیه السلام أشیاء واجبة متروکة منها قوله علیه السلام : « وأمرت بالتکبیر علی الجنائز خمس تکبیرات » قبل ما نقلناه من الجهر ببسم الله الرحمن الرحیم.

قلت : لا یخلو الخبر من دلالة ، إلاّ أنّه فی التعمیم للأخیرتین والإمام والمنفرد ، أو التخصیص بالإمام والمنفرد مجمل ، علی انّ فیه : « لو أمرت بمقام إبراهیم علیه السلام فرددته إلی موضعه » وهذا واضح الإشکال ، والسند

ص: 106


1- فی ص 105.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- فی « فض » زیادة : إذا تقرّر ذلک فاعلم أن العلاّمة فی المختلف نقل. وهی غیر ملائمة للمقام.
4- الکافی 8 : 58 / 21.

لا یخلو من شی ء بالنسبة إلی سلیم بن قیس وغیره.

فإن قلت : السند مشتمل علی حمّاد بن عیسی ، وقد نقل الکشّی الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه (1) ، فلا یضرّ الکلام فی سلیم وغیره.

قلت : قد مضی القول (2) فی مثل هذا بما یغنی عن الإعادة ، لکن القائل بأنّ معنی الإجماع ما سبق لا وجه لعدم عمله بالخبر ، وربّما یدّعی انتفاء الإجمال فیه نظرا إلی أنّ الظاهر العموم.

فإن قلت : ما وجه التوقف فی سلیم بن قیس مع أنّ العلاّمة قال فی الخلاصة : إنّ الوجه عندی الحکم بتعدیل المشار إلیه (3).

قلت : وجه التوقف ما کرّرناه فی أحوال العلاّمة ، مضافا إلی عدم توثیقه من الشیخ (4) والنجاشی (5) ، علی أنّ العلاّمة حکم بتعدیله والتوثیق أمر زائد کما لا یخفی.

إلاّ أن یقال : إنّ التعدیل فی الرجال یراد به التوثیق کما سبق نقله عن جدّی قدس سره فی الدرایة (6) ، وفیه ما فیه.

وینبغی أن یعلم أنّ فی الفهرست (7) والنجاشی ، الراوی عن سلیم : إبراهیم بن عمر الیمانی وأبان بن أبی عیّاش (8) ، وفی الروایة إبراهیم بن

بحث حول سُلیم بن قیس والراوی عنه

ص: 107


1- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
2- فی ج 1 : 60 - 61.
3- الخلاصة : 83 / 1.
4- رجال الطوسی : 43 / 5.
5- رجال النجاشی : 8 / 4.
6- الدرایة : 73.
7- الفهرست : 81 / 336.
8- رجال النجاشی : 8 / 4 ولیس فیه : أبان بن أبی عیاش.

عثمان ، واحتمال الوهم بسبب تصحیف عمر بعثمان قریب من اللفظ ، وإن کان احتمال عدم التصحیف له نوع قرب ، نظرا إلی أنّ الراوی عن إبراهیم ابن عثمان حمّاد بن عیسی ، وعلی کلّ حال روایة إبراهیم بن عثمان عن سلیم لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ إبراهیم بن عثمان من أصحاب أبی الحسن موسی علیه السلام والصادق علیه السلام ، وسلیم من أصحاب الحسن والحسین وعلی بن الحسین علیهم السلام وهذا یقتضی الإرسال.

أمّا علی تقدیر روایة إبراهیم بن عمر الیمانی فیمکن رفع الإرسال ؛ لأنّ إبراهیم من أصحاب الباقر علیه السلام ، وسلیم مذکور فی أصحابه علیه السلام ، وحینئذ ربّما یتعیّن کون الراوی فی الروایة المبحوث عنها ابن عمر لا ابن عثمان ، وفی ابن عمر کلام تقدّم (1) ، وفی الخلاصة ذکر اختلاف أسانید الکتاب بغیر ما ذکرناه ، واعتماده علی الکشی وهو مضطرب (2).

وأمّا الثانی : فهو کما تری یدل علی أنّ التسمیة فی الفاتحة والسورة لا بدّ منها ، وقد سبق الإجماع المنقول ، غیر أنّ معاویة بن عمّار قد یستبعد سؤاله عن مثل هذا ، فإنّه کالمعلوم من أهل البیت علیهم السلام فی الفاتحة ، أمّا مع السورة فیحتمل أن یکون السؤال من جهة جواز التبعیض فی السورة علی ظاهر بعض الأخبار ، وإن أمکن أن یقال : إنّ ظاهر الخبر خلاف ذلک وأن المتبادر منه لزوم قراءة البسملة کالفاتحة ، غایة الأمر أنّ وجود المعارض الدال علی التبعیض ربّما یقتضی حمل هذا الخبر علی خلاف ظاهره ، وسیأتی (3) فی خبر أنّه لا یقرأ بأقلّ من سورة ولا بأکثر ، ونذکر إن شاء الله

دلالة روایة معاویة بن عمار علی أنّ التسمیة فی الفاتحة والسورة لابدّ منها وعدم دلالتها علی وجوب السورة

ص: 108


1- فی ج 1 : 85.
2- فی « رض » و « م » زیادة : فینبغی التأمّل فی هذا کلّه فإنّه حریّ بالتأمّل التام هذا.
3- فی ص 132.

تعالی ما لا بدّ منه فیه.

وما قد یقال : من أنّ هذا الخبر یدلّ علی وجوب السورة بعد الحمد ؛ إذ وجوب البسملة إذا اقتضاه الخبر نظرا إلی المشارکة للحمد فی الحکم ظاهرا أفاد المطلوب ، لکن بضمیمة عدم جواز التبعیض ، أو جوازه وتعیّن أحد الأمرین إمّا السورة أو بعضها.

یمکن الجواب عنه : بأنّ غایة ما یدل علیه الخبر قراءة البسملة مع السورة ، أمّا الوجوب فلا ، وکون البسملة فی الفاتحة واجبة لا یلزم مثلها فی السورة ؛ لجواز اختصاص الخبر بالتنبیه علی أنّ البسملة جزء من کلّ سورة ، وحینئذ تشترک الفاتحة والسورة من هذه الجهة ، ویبقی حکم الوجوب مستفادا من غیره ، فإن تمّ الدلیل علی الوجوب فی السورة أمکن حمل الخبر علی الوجوب فیهما.

فإن قلت : ظاهر الخبر تساوی الفاتحة والسورة فی لزوم قراءة البسملة ، أمّا احتمال ما ذکرت فبعید ، وعلی تقدیر قربه فهو مساو لغیره ، ولا مانع من استفادة الأمرین من الخبر.

قلت : إذا لوحظ الخبر بعین العنایة یظهر رجحان ما ذکرناه ، وعلی تقدیر عدمه فالخبر لا یفید المطلوب من وجوب السورة مع الاحتمال ووجود المعارض.

وأمّا الثالث : فربّما یدل بتقدیر صحّته علی وجوب السورة ؛ لأنّ الظاهر من الإعادة یفید ذلک إن رجع إلی الصلاة ، وإن رجع إلی البسملة - علی معنی أنّ نفی البأس فی ترکها لا وجه له ، بل تعاد البسملة ، وتکون الفائدة فی المبالغة دفع احتمال رجحان الترک علی الإتیان بالبسملة - أمکن أن یقال بعدم الدلالة علی وجوب السورة ، إلاّ أنّ الظاهر من الخبر خلافه ،

بیان ما دلّ علی أنّ من ترک البسملة فی السورة یعید

ص: 109

بل لا وجه له.

نعم علی التقدیر الأوّل لا مانع من أن یقال : إنّ الإعادة بسبب فعل خلاف المشروع فی الصلاة وإن کانت السورة مستحبة ، کما ذکرناه فی الحدیث الذی ورد بأنّه لا یقرأ بأقلّ من سورة فی حواشی التهذیب لدفع من استدل به علی وجوب السورة.

واحتمال استبعاد الوجه فی الخبر بأنّ إعادة الصلاة بترک المستحب غیر واضحة الوجه ، یدفعه أنّ الصلاة کیفیّة متلقّاة من الشارع ، فلا مانع من البطلان بفعل المستحب علی هیئة مخالفة للمنقول.

ولا یتوجه أنّ فی الأخبار - کما سیأتی (1) - ما یدلّ علی التبعیض ، وحینئذ لا بدّ من حمل الخبر علی وجه لا ینافی ذلک ، ولو حمل علی إعادة البسملة بنحو ما ذکر فی الوجه الثانی أمکن ، بخلاف إعادة الصلاة.

لإمکان الجواب بالحمل علی أنّ ترک البسملة لم یکن علی وجه الإتیان ببعض السورة ، بل یجوز أن یکون الترک بقصد کون السورة غیرها وإن کان ظاهر الخبر خلافه ، إلاّ أنّ فی الجواب نوع إشعار به.

ویحتمل أن تکون الإعادة لوقوع الفعل بغیر موافقة الشرع مع إمکان الاطّلاع علیه ، وفی هذا نوع تأمّل.

ولعلّ الأولی الحمل علی الاستحباب فی الإعادة ، والمبالغة لدفع قول العیّاشی ، وتوهّم الوجوب لعلّه اندفع بوجه من الوجوه ، هذا.

والعیّاشی المذکور لا أعلم حاله ، وضبطه فی التهذیب (2) : العبّاسی ، فی نسخة معتبرة بالباء المفردة والسین المهملة.

ص: 110


1- فی ص 148 - 149.
2- التهذیب 2 : 69 / 252.

والرابع : کما تری تضمّن جهرة علیه السلام مرّتین ، وهو مجمل ؛ إذ المرّتان محتملة للفاتحة وللسورة ، فیراد بالمرّتین فی کل رکعة من الأوّلتین ، ویحتمل أن یراد بالمرّتین فی الفاتحة الواقعة فی الرکعتین ، فتکون السورة لا یستحب فیها الجهر بالبسملة ، ولا یبعد ادّعاء ظهور الأوّل ، بل عدم القائل بالثانی فیما أعلم یؤیّد نفیه ، وقد تقدّم فی الأقوال ما یغنی عن الإعادة لمناسبة هذا الخبر منها.

وما تضمّنه من قوله : وقنت فی الفجر ، ربّما یدل علی الاختصاص بالفجر ، والأخبار فی ذلک ستأتی مفصّلة إن شاء الله ، ( کما یأتی ) (1) فی التسلیم للإمام ، فلیکن هذا الخبر علی ذکر لما یأتی بسبب المعارضة.

ولا یخفی أنّه ربّما یستفاد من الخبر عدم الجهر فی البسملة فی الأخیرتین علی الاحتمال الأوّل إلاّ أن تکون الصلاة مقصورة.

وما تضمنه الخبر من قوله : « مرّتین » فهو محتمل لأن یراد : أنّه علیه السلام قال : یعیدها یعیدها ، کما یحتمل أن یراد : أنه یعیدها مکرّرة فی الصلاة بتضمین یعیدها معنی : یقرأها ، ولا یخفی وضوح الأوّل.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بکیر ، عن مسمع البصری قال : صلّیت مع أبی عبد الله علیه السلام فقرأ : بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین ، ثم قرأ السورة التی بعد الحمد ولم یقرأ بسم الله الرّحمن

ما المراد بالمرّتین فی قوله : صلّی بنا أبو عبدالله علیه السلام فجهر مرّتین ...؟

ص: 111


1- ما بین القوسین ساقط من « فض ».

الرّحیم ، ثم قام فی الثانیة فقرأ الحمد ولم یقرأ بسم الله الرّحمن الرّحیم ، ثمّ قرأ سورة أخری.

فلا ینافی هذا الخبر الأخبار التی قدّمناها ؛ لأنّه تضمّن حکایة فعل ، ویجوز أن یکون مسمع لم یسمع أبا عبد الله علیه السلام یقرأ بسم الله الرّحمن الرّحیم لبعد کان بینه وبینه ، ویحتمل أن یکون إنّما ترک لضرب من التقیّة والاضطرار.

فأمّا ما رواه محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن علیّ بن السندی ، عن حمّاد عن حریز ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یکون إماما یستفتح بالحمد ولا یقول : بسم الله الرّحمن الرّحیم ، قال : « لا یضرّه ولا بأس بذلک ».

فالوجه فیه أن نحمله علی حال التقیّة دون حال الاختیار ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد ومحمّد ، عن العباس بن معروف ، عن صفوان بن یحیی ، عن أبی جریر (1) زکریا بن إدریس القمی قال : سألت أبا الحسن الأوّل علیه السلام : عن الرجل یصلّی بقوم یجوز (2) أن یجهر ببسم الله الرّحمن الرّحیم ، قال : « لا یجهر ».

السند

فی الأوّل : فیه عبد الله بن بکیر ، وقد مضی القول (3) مکرّرا فی

ص: 112


1- فی الاستبصار 1 : 312 / 1160 : حریز.
2- فی التهذیب 2 : 68 / 248 ، والاستبصار 1 : 312 / 1160 : یکرهون.
3- فی ج 1 : 125.

شأنه.

ومسمع البصری وهو ابن عبد الملک بن مسمع بن مالک الذی یقال له : کردین ، وقد ذکر العلاّمة فی الخلاصة إنّه شیخ بکر بن وائل بالبصرة ووجهها وسیّد المسامعة (1) ، والنجاشی سبقه إلی هذا الکلام ، وزاد أنّه کان أوجه من أخیه عامر (2).

وقد یتعجب من العلاّمة أنّه قال فی العنوان : مسمع بن مالک ، وقیل : ابن عبد الملک أبو سیّار. والنجاشی ذکر ما قدّمناه من أنّه مسمع بن عبد الملک بن مسمع بن مالک (3). ونقل عبارة النجاشی مع نقل الخلاف ، وهو الموجب لما ذکرناه.

وعلی کل حال لا یزید الرجل علی المدح إن ثبت من الوجاهة ذلک ، أمّا کونه سیّد المسامعة فلا یبعد أن یکون إشارة إلی ما ذکره النجاشی فی نسبه بعد ما قدّمناه : من أنّه ابن مالک بن مسمع بن سیّار ، فهو سیّد المسامعة حیث صاروا ثلاثة ، والسیادة باعتبار علوّ الشأن علی جدّه وجدّ جدّه ، والعلوّ غیر معلوم الحقیقة.

وفی الکشی قال محمّد بن مسعود : سألت أبا الحسن علیّ بن الحسن بن فضّال عن مسمع کُردِین أبی سیّار؟ فقال : هو ابن مالک من أهل البصرة وکان ثقة (4). ولا یخفی علیک الحال ، غیر أنّ الظاهر توهّم العلاّمة من هنا أنّ الأب مختلف فیه ؛ لأنّ النجاشی قال : ابن عبد الملک ، وابن

بحث حول مسمع بن عبدالملک البصری

ص: 113


1- الخلاصة : 171 / 13.
2- رجال النجاشی : 420 / 1124.
3- الخلاصة : 171 / 13.
4- رجال الکشی 2 : 598 / 560.

فضّال قال : ابن مالک ، وأنت خبیر بأنّ النسبة إلی الجدّ غیر عزیزة الوجود ، والأمر سهل.

والثانی : فیه علیّ بن السندی ، وقد کرّرنا القول (1) فی أن حاله لا تزید علی الجهالة.

والثالث : کما تری فیه أحمد ومحمّد ، علی ما وجدت من النسخة الآن ، وأحمد هو ابن محمّد بن عیسی علی الظاهر ، ولا یبعد أن یکون محمّد هو ابن محمّد بن عیسی أخو أحمد ، وفی التهذیب أحمد بن محمّد (2) ، ولعلّه الصواب ، واحتمال کون ما هنا کذلک فی حیّز الإمکان.

أمّا أبو جریر زکریا بن إدریس فغیر ثقة ، وذکر شیخنا المحقّق - أیّده الله - فی کتاب الرجال ما یدل علی أنّه معتمد (3) ، ولم یظهر لی الآن وجهه ، وقد تقدّم منّا کلام فی الرجل. وفی الخلاصة : إنّ زکریّا بن إدریس کان وجها (4). وهذا لا یزید علی المدح ، وفی غیر الخلاصة لم یذکر ذلک علی ما وجدته من کتاب الشیخ وفهرسته والنجاشی ، وظاهر الروایة روایته عن أبی الحسن موسی علیه السلام .

والشیخ ذکره فی رجال الصادق علیه السلام والرضا علیه السلام (5) أیضا ، ولم یذکره فی رجال موسی علیه السلام ، إلاّ أنّ المعلوم وجوده فی زمنه علیه السلام ، وعدم روایته عنه لظنّ الشیخ محتمل لو لا الروایة المذکورة ، فالعذر للشیخ فی ترک ذکره فی رجال موسی علیه السلام غیر واضح.

علی بن السندی مجهول

تمییز أحمد ومحمد فی قوله : سعد بن عبدالله عن أحمد ومحمد

بحث حول أبی جریر زکریا بن إدریس القمی

ص: 114


1- فی ج 1 : 355.
2- التهذیب 2 : 68 / 248.
3- منهج المقال : 149.
4- الخلاصة : 76 / 8.
5- رجال الطوسی : 200 / 72 و 377 / 2.

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ من جواز عدم سماع مسمع فی غایة البُعد ؛ لأنّ البُعد بینه وبین الإمام یقتضی عدم السماع فی السورتین ، والخبر تضمّن الفرق ، ولعلّه لو قال : لجهره علیه السلام جهرا متفاوتا ( یسمع تارة ولا یسمع أُخری ) (1) أمکن ، إلاّ أنّ الجزم من الراوی بعدم القراءة لا وجه له ، بل اللازم أنّ یقول : لم أسمع.

والحمل علی التقیّة قد ینافیه قراءتها مرّة وترکها أخری ، ویمکن أن توجّه التقیّة بأنّ القراءة فی الأوّل کانت لعدم من یتّقی ثم تجدّد فی الأثناء کما ینبّه علیه أنّه علیه السلام قرأها فی أوّل الفاتحة من أوّل الصلاة وترکها فی البواقی.

ویحتمل أن یکون ترک البسملة فی الاولی من السورة لجواز التبعیض فیها ، علی ما یدل علیه بعض الأخبار ، ولا ینافیه ما تقدّم لإمکان التوجیه السابق ؛ وقوله : ثم قام فی الثانیة ، إلی آخره. یراد به أنّه قرأ الحمد مع البسملة ولم یقرأ البسملة مع السورة ؛ وقوله : فقرأ الحمد ولم یقرأ بسم الله. لا صراحة فیه بکون البسملة للفاتحة ، ولا مانع من إرادة الفاتحة جمیعها لتدخل البسملة ، والترتیب فی قوله : ثم قرأ سورة أُخری. یجوز أن یکون من حیث المغایرة للسورة الاولی ، لا لترتیب ینافی ما قلناه ، وقوله : سورة أخری وإن تناول البسملة إلاّ أنّ التخصیص بالمقام والجمع لا مانع منه.

توجیه ما دلّ علی جواز ترک البسملة فی الفاتحة والسورة

ص: 115


1- فی « فض » و « م » : تسمع تارة ولا تسمع اخری.

والثانی : کما یحتمل ما قاله الشیخ من التقیة یحتمل السؤال عن ترکها ناسیا ، فإنّه لا یضرّ بحال الصلاة ، وربّما أیّد هذا ظاهر قوله : ولا یقول ، عوض : لا یجهر. وإن أمکن موافقته للتقیة أیضا بنوع من التوجیه.

والثالث : کما یحتمل التقیّة ، یحتمل أن یراد نفی الجهر علی سبیل التعیّن ، وربّما یقرّب التقیة کون الإمام مظنّة حضور أهل الخلاف ، ولا یخفی أنّ إطلاق الروایة وإن تناول الجهریّة لا یضرّ بحال التقیّة لما هو المعروف من مذهب الحنفیّة (1) ، وعلی التوجیه الثانی تختص بالإخفاتیّة ، فکان حمل الشیخ أولی.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله بن علیّ الحلبی. والحسین بن سعید ، عن علیّ بن النعمان ومحمّد بن سنان وعبد الله بن مسکان ، عن محمّد بن علیّ الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّهما سألاه عمّن یقرأ بسم الله الرّحمن الرّحیم حین یرید یقرأ ( فاتحة الکتاب قال : ) (2) « نعم (3) إن شاء سرّا ، وإن شاء جهرا » قال : أفیقرأها مع السورة الأُخری؟ قال : « لا ».

فالوجه فی هذا الخبر ما قلناه فی الخبر الأوّل من حمله علی التقیّة ، ویجوز أن یکون المراد به من کان فی صلاة نافلة وأراد أن یقرأ من

ص: 116


1- انظر أحکام القرآن لأبی بکر الجصاص 1 : 15.
2- فی الاستبصار 1 : 312 / 1161 بدل ما بین القوسین : بفاتحة الکتاب فقال لهم.
3- لیست فی الاستبصار 1 : 312 / 1161 ، والظاهر أن « لهم » فیه مصحف « نعم ».

بعض سورة جاز له أن لا یقرأ بسم الله الرّحمن الرّحیم.

یبین ما ذکرناه :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیّوب ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یفتتح القراءة فی الصلاة أیقرأ بسم الله الرّحمن الرّحیم؟ قال : « نعم ، إذا افتتح الصلاة فلیقلها فی أوّل ما یفتتح ثمّ یکفیه ممّا بعد ذلک ».

السند

فی الأوّل : مشتمل علی طریقین إن جُعل الحسین بن سعید فیه معطوفا علی سعد بن عبد الله فیکون الشیخ روی بطریقیه عن سعد والحسین ، وإن جعل الحسین معطوفا علی محمّد بن أبی عمیر لیکون أحمد بن محمّد بن عیسی راویا عن عبید الله الحلبی بطریق وعن محمّد بن الحلبی بآخر کان الشیخ راویا بطریق واحد عن سعد ، غایة الأمر أنّه یتشعّب من الطریق طریقان.

وتوضیح الحال أنّ علی الأوّل یروی الشیخ عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر عن حمّاد ، عن عبید الله. ویروی عن الحسین بن سعید ، عن علیّ بن النعمان وابن سنان وابن مسکان ، عن محمّد الحلبی ، وهما - أعنی محمّدا وعبید الله - یرویان عن أبی عبد الله علیه السلام .

وعلی الثانی یروی الشیخ ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، وأحمد یروی تارة عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن عبید الله. وتارة عن الحسین ، عن علی بن النعمان ومن معه ، عن محمّد الحلبی ،

بحث حول طریق الشیخ إلی عبیدالله الحلبی ومحمد الحلبی

ص: 117

وهما یرویان عن أبی عبد الله علیه السلام .

فإن قلت : الظاهر من قوله : ومحمّد بن سنان وعبد الله بن مسکان ، روایة الحسین بن سعید عن عبد الله بن مسکان ، والظاهر من الروایات عدم روایة الحسین بن سعید عن عبد الله بن مسکان ، بل محمّد بن سنان فی الرجال یروی عن عبد الله بن مسکان (1) ، وکذا فی الروایات.

قلت : لا بُعد فی روایة الحسین بن سعید عن عبد الله ، وأظنّ فی الروایات وجوده (2) إلاّ أنّه لم یحضرنی الآن محلّه ، وروایة محمّد بن سنان عنه لا تفید الانحصار ، نعم یستفاد من الرجال روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عن محمّد بن سنان عنه کما فی النجاشی (3) ، بل فیه ما یدل علی أنّ روایة عبد الله بن مسکان عن محمّد الحلبی بواسطة أحمد بن محمّد بن عیسی عن محمّد بن سنان ، فلا یبعد أن یکون الظاهر : عن عبد الله بن مسکان ، وإن أمکن توجیه ما هنا ، وعلی کل حال السند لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه (4).

والثانی : کذلک لما ذکرناه فی أبان مکرّرا (5) فی [ الجزأین ] (6) الأوّلین.

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ فیه من التقیّة هو أعلم بوجهه بالنسبة إلی قوله : « إن شاء سرّا وإن شاء جهرا » وقوله فی جواب قراءتها مع السورة

بحث حول روایة محمد بن سنان عن عبدالله بن مسکان وعدم روایة الحسین بن سعید عنه

توجیه ما دلّ علی التخییر بین الجهر والاخفات فی بسملة الفاتحة والنهی عن قراءتها مع السورة

ص: 118


1- انظر رجال النجاشی : 214 / 559.
2- التهذیب 2 : 134 / 521 ، الوسائل 6 : 66 أبواب القراءة فی الصلاة ب 16 ح 2.
3- رجال النجاشی : 214 / 559.
4- فی ج 1 : 102 ، 114 ، 118 - 120 ، 170 ، 273 وج 2 : 10 ، 328.
5- راجع ج 1 : 183 وج 2 : 177.
6- فی النسخ : الخبرین ، والظاهر ما أثبتناه.

الأُخری : « لا » فإنّ المعروف من مذهب أهل الخلاف (1) غیر هذا ، ولو حمل علی أنّ الجهر ببسم الله فی الإخفاتیة وترکه جائزان أمکن ، کما أنّ حمل قوله : قال : « لا » علی عدم تعیّن البسملة فی السورة بجواز التبعیض ممکن أیضا ، کما أنّه یمکن حمل قوله فی الأوّل : « إن شاء سرّا وإن شاء جهرا » علی أنّ قراءة الفاتحة لا بدّ فیها من البسملة إن شاء فی الجهر وإن شاء فی السرّ ، بناء علی التخییر فی الصلاة بین السرّ والجهر کما یفهم من بعض الأخبار الآتیة (2) فی وجه الجمع من بعض الأصحاب ، وحینئذ یکون قوله : أفیقرأها ، إلی آخره. إشارة إلی أنّ تعیّنها فی السورة کتعیّن البسملة فی الفاتحة ، والجواب تضمّن نفیه ، فیدل علی جواز الترک والتبعیض کما ستسمع القول (3) فی ذلک إن شاء الله.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من أنّ ما تضمّنه هذا الخبر من کفایة تلاوة البسملة فی الفاتحة عن تلاوتها مع السورة ، لا إشکال فیه علی القول بعدم وجوب قراءة السورة ؛ لأنّه إذا جاز ترکها جاز تبعیضها ، ویمکن حمله علی التقیّة (4). محل نظر :

أمّا أوّلا : فلما قدّمناه.

وأمّا ثانیا : فلأنّ الخبر تضمن النهی عن البسملة وأین هو عن جواز ترک البسملة ، فلا بُدّ من توجیه النهی علی ما قرّرناه ، فلیتأمّل.

وأمّا حمل الشیخ علی صلاة النافلة فمن البعد بمکان.

ص: 119


1- انظر المغنی والشرح الکبیر 1 : 556.
2- فی ص 120.
3- فی ص 148.
4- البهائی فی الحبل المتین : 224.

والثانی : کما تری إن أراد الشیخ به بیان حکم النافلة کما هو الظاهر فالخبر لا یدلّ علیه بخصوصه ، والإطلاق فیه یتناول الفرض علی تقدیر جواز التبعیض ، لکن الشیخ لما کان مانعا من التبعیض تعیّن عنده الحمل علی النافلة.

قوله :

باب وجوب الجهر فی القراءة

روی حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام فی رجل جهر فیما لا ینبغی الإجهار فیه أو أخفی فیما لا ینبغی الإخفاء فیه ، فقال : « أیّ ذلک فعل متعمّدا فقد نقض صلاته وعلیه الإعادة ، وإن فعل ذلک ناسیا أو ساهیا أو لا یدری فلا شی ء علیه وقد تمّت صلاته ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن موسی بن القاسم ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یصلّی الفریضة ما یجهر فیه بالقراءة هل یجوز (1) علیه أن لا یجهر؟ قال : « إن شاء جهر وإن شاء لم یفعل ».

فهذا الخبر موافق للعامّة ولسنا نعمل به ، والعمل علی الخبر الأوّل.

السند

فی الأوّل : وإن کان الطریق إلی حریز غیر مذکور فی المشیخة هنا

وجوب الجهر فی القراءة

بحث حول طرق الشیخ إلی حریز

ص: 120


1- فی التهذیب 2 : 162 / 636 ، والاستبصار 1 : 313 / 1164 لا یوجد : یجوز.

وفی التهذیب ، إلاّ أنّه یمکن استفادته من الفهرست ، لأنّه قال فی ترجمة حریز : أخبرنا بجمیع کتبه وبروایاته ، وذکر طرقا ، منها : عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن علیّ بن الحسین ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمّد بن یحیی وأحمد بن إدریس ، کلّهم عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید وعلیّ بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز (1) ، وهذا الطریق لیس فیه ارتیاب إلاّ من جهة العدّة.

والذی یظهر من الشیخ فی ترجمة محمّد بن علیّ بن الحسین أنّ فی العدّة إلیه الشیخ المفید (2) ، وقد قدّمنا أنّه لا یبعد استفادة الطریق من الفهرست فی مثل هذا من قوله : بجمیع کتبه وبروایاته.

وما قد یقال : من الفرق بین قوله : بجمیع کتبه وبروایاته ، وبین قوله : وروایاته ، فإنّ الثانی یدل علی جمیع روایاته ، والأوّل علی أنّه أخبرنا بروایاته فی الجملة.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الجمع المضاف فی مثله یفید العموم ، والعدول إلی العبارة المذکورة ربّما یکون لغرض آخر لا لما ذکر.

وما قد یقال : إنّه ذکر فی الفهرست طرقا لجمیع کتبه والروایات ، أحدها ما ذکر ، والبواقی محل کلام فی الصّحة ، والعلم بأنّ کلّ واحد من الطرق لجمیع الکتب والروایات غیر معلوم ، لجواز أن یکون البعض المذکور لبعض الروایات ، ولم یعلم أنّ هذه الروایة منها.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الظاهر من مثل هذه العبارة إرادة أنّ الطرق

ص: 121


1- الفهرست : 62 / 239.
2- الفهرست : 156 / 695 ، رجال الطوسی : 495 / 25.

لجمیع الکتب والروایات متحدة ، لکن مجال القول واسع ولم أر الآن من کشف حقیقة الحال هنا.

وما ذکره بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله فی ردّ الروایة بأنّ الشیخ لم یذکر طریقه فی المشیخة إلی حریز (1).

فیه : أنّ الاقتصار علی ذلک محلّ تأمّل ، بل ینبغی التنبیه علی ما ذکرناه لأنّه مهمّ ، أمّا توقّفه فی حریز فقد مضی منّا (2) فیه الکلام ، وفی الفقیه طریقه صحیح إلی حریز (3).

والثانی : لا ارتیاب فیه.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی أنّ من جهر فیما لا ینبغی الإجهار فیه أو أخفی فیما لا ینبغی الإخفاء فیه متعمّدا نقض صلاته وعلیه الإعادة ، ولفظ : لا ینبغی ، من کلام السائل وإن کان لا یفید شیئا علی الإطلاق لکن التقریر هنا ربّما یدّعی إفادته ، لولا أنّ قوله علیه السلام : « وعلیه الإعادة » ظاهر فی وجوب الجهر والإخفات ؛ ولو لا إمکان أن یقال : إنّ الإعادة علی الاستحباب لا مانع منها للمعارض ، لأمکن أن یقال : إنّ الظاهر فیما لا ینبغی یؤیّد الاستحباب ، والحق أنّ « لا ینبغی » لا صراحة فیها فی الاستحباب علی ما یظهر من کثیر من الأخبار ، وعلی کلّ حال فالخبر بعد قوله : « وعلیه الإعادة » غیر محتاج إلی بیان أنّ « نقص » فیه بالصاد المهملة أو المعجمة کما

بیان ما دل علی أنّ من ترک الجهر والاخفات فی موضعهما متعمّداً علیه الاعادة

ص: 122


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 226.
2- فی ج 1 : 56.
3- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 9.

وقع لبعض (1).

أمّا ما یقتضیه من الإجمال فیما یجهر فیه وما یخفی فظاهر ، والفائدة تظهر فی ظهر الجمعة ؛ إذ لم یعلم أنّها ممّا یجهر فیه أو یخفی ، فالاستدلال من العلاّمة (2) وغیره (3) علی عدم الجهر فیها بالخبر محل تأمّل ذکرناه فی کتاب معاهد التنبیه ، وسیأتی إن شاء الله فی هذا الکتاب.

وما تضمّنه من حکم الساهی والناسی والجاهل واضح ، لکن الموجود فی کلام المتأخّرین عذر الجاهل ، ولا أدری الوجه فی تخصیصه ، کما أنّ فی کلام بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - تخصیص جاهل الحکم کذلک (4) ، ولا یخفی تناوله للناسی ومن معه ، سواء ذکر قبل الرکوع أو بعده وسواء کان فی أثناء القراءة أو فی آخرها إلاّ علی احتمال ذکرناه فی حواشی الروضة ، وهو أنّ ظاهر السؤال عمّن وقع منه ذلک فیفید فوات المحل ، وفیه ما لا یخفی.

وقد روی الشیخ فی التهذیب ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن علیّ بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : قلت له : رجل جهر بالقراءة فیما لا ینبغی الجهر فیه وأخفی فیما لا ینبغی الإخفات فیه ، وترک القراءة فیما ینبغی القراءة فیه ، أو قرأ فیما لا ینبغی القراءة فیه فقال :

ص: 123


1- وهو الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 227.
2- التذکرة 3 : 151 ، مختلف الشیعة 2 : 170 ، المنتهی 5 : 86.
3- کالمحقّق فی المعتبر 2 : 176 ، و 304.
4- البهائی فی الحبل المتین : 229.

« أیّ ذلک فعل ناسیا أو ساهیا فلا شی ء علیه » (1).

وهذا الحدیث یدل بظاهره أنّه لا شی ء علی من فعل ما ذکر مع النسیان والسهو ، ومفهومه أنّ علیه شیئا لو (2) انتفی السهو والنسیان ، والشی ء مجمل ، إلاّ أنّه یمکن استفادة بیانه من الخبر المبحوث عنه وهو الإعادة ، غیر أنّ فی الخبر المبحوث عنه زیادة الجهل ، والخبر الأخیر ترک فیه ، والظاهر منه الدخول فی جملة من علیه شی ء.

ویمکن أن یقال : إنّه لا مانع من استفادة حکمه من الخبر المبحوث عنه وان بیّن الخبر الآخر من جهة الإجمال إلاّ أنّه یبقی من جهة ما تضمنه الخبر الآخر من ترک القراءة وفعلها لا یخلو من إشکال ؛ لأنّ الإعادة للصلاة لو علمت من الخبر المبحوث عنه فی الجهر والإخفات فی حقّ الجاهل یلزم منه أنّ الإعادة فی تارک القراءة وفاعلها فیما ذکر فی الروایة مسکوت عنها.

ولو نظرنا إلی المفهوم ، ثبوت (3) شی ء علی الإطلاق ، فإذا حمل فی حق الجاهل فی الجهر والإخفات علی أنّه لا شی ء علیه ، یبقی إطلاق الشی ء علی تارک القراءة وفاعلها مجملا ، فیمکن أن یحمل علی سجود السهو إذا قیل به لکلّ زیادة ونقیصة ، لکن دلیل هذا غیر سلیم کما ستعلمه (4) ، فیمکن أن یخصّ هذا ، وفیه ما فیه من عدم القائل فیما أعلم بوجوب سجود السهو فی الفرض المذکور ، فلیتأمّل.

ص: 124


1- التهذیب 2 : 147 / 577 ، الوسائل 6 : 86 أبواب القراءة فی الصلاة ب 26 ح 2.
2- فی « رض » : إن.
3- فی « ض » و « م » : بثبوت.
4- انظر ج 6 : 92.

وقد عرفت من ذکر السند أنّ الخبر المبحوث عنه صحیح فی الفقیه ، لأنّه رواه عن حریز عن زرارة ، وطریقه إلی حریز صحیح ، وفی المتن زیادة عما هنا بعد قوله : « تمّت صلاته » : فقال : قلت له : رجل نسی القراءة فی الأوّلتین فذکرها فی الأخیرتین ، فقال : « یقضی القراءة والتسبیح والتکبیر الذی فاته فی الأوّلتین ولا شی ء علیه » (1) وهذه الزیادة فی المعروف من الأصحاب المتأخّرین عدم القول بها ، وظاهر الصدوق العمل بالمضمون ، غیر أنه لا یخلو من إجمال ، لأنّ قوله : « یقضی » إلی قوله : « فی الأوّلتین » یحتمل تعلّق فی الأوّلتین ، بیقضی ویحتمل التعلّق بفاته ، وعلی التقدیر الأوّل محل القضاء غیر معلوم ، وکذا علی الثانی.

واحتمال أن یراد القضاء بعد الصلاة لما فاته فی الأوّلتین ممّا ذکر ممکن ، واحتمال الاستحباب فی القضاء فی حیّز الإمکان ، لظاهر عدم القول بین المتأخّرین بالوجوب ، فیمکن الاستعانة به علی أنّ باقی الأحکام من الإعادة علی الاستحباب ؛ والأمر لا یخلو من إشکال.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن الشیخ دعوی الإجماع فی الخلاف علی وجوب الجهر فی الصبح وأوّلتی المغرب والعشاء ، والإخفات فیما عداها (2) ؛ والعلاّمة فی المختلف قال : إنّه المشهور بین علمائنا ، ونقل عن ابن الجنید القول بجواز العکس ویستحب أن لا یفعله ، وهو قول السید المرتضی فی المصباح ؛ ثم استدل العلاّمة بخبر زرارة واصفا له بالصحة ، وبالاحتیاط ، ونقل احتجاج ابن الجنید بالأصل والخبر الثانی ، وأجاب أنّ الأصل متروک مع الدلیل الذی ذکره ، والروایة محمولة علی الجهر العالی ،

نقل الاقوال فی المسألة ومعنی قولع تعالی : ( ولا تجهر بصلاتک ولا تخافت بها )

ص: 125


1- الفقیه 1 : 227 / 1003 ، الوسائل 6 : 94 أبواب القراءة فی الصلاة ب 30 ح 6.
2- حکاه عنه فی الحبل المتین : 229.

ثم نقل حمل الشیخ المذکور هنا (1).

وفی المعتبر اعترض المحقّق علی الحمل المذکور للشیخ بأنّه تحکّم فإنّ بعض الأصحاب لا یری وجوب الجهر (2).

وفی نظری القاصر أنّ کلام العلاّمة والمحقّق محل تأمّل :

أمّا الأوّل : فلأنّ الروایة الاولی مع وجود المعارض لا یبقی دلالتها علی الوجوب صریحة ؛ لاحتمال حمل الإعادة علی الاستحباب ، والحمل علی التقیّة یحتاج إلی المرجّح ، مع احتمال غیره وموافقة الخبر للأصل المؤیّد کما سبق عن الشیخ فی أوّل الکتاب ، فقول العلاّمة بأنّ الأصل متروک ، فیه : أنّ الترک مع تعارض الأخبار لا وجه له ، وحمل الروایة الثانیة علی الجهر العالی لا وجه یقتضیه مرجّحا ، واحتمال الاستحباب قائم.

وأمّا الثانی : فلأنّ القول بعدم وجوب الجهر لا یضرّ بحال الاستدلال ، ولا یقوّی التحکم ؛ إذ الحکم وإن لم یکن إجماعیّا لا بدّ للجمع بین الأخبار من وجه ، ولمّا کان ظاهر الخبر الأوّل الإعادة ظنّ الشیخ عدم موافقة غیر الحمل علی التقیّة فی الثانی ، وإن کان الحق إمکان الحمل علی الاستحباب فی الإعادة ، فإن کان غرض المحقّق بالتحکّم الإشارة إلی أنّ ترجیح التقیّة لا بدّ له من مرجّح ، أمکن توجیهه ، إلاّ أنّ ذکر القائل لا وجه له إلاّ بتکلّف مستغنی عنه.

ومن العجیب فی المقام دعوی الشیخ الإجماع مع خلاف السید ، وله نظائر.

وقد ذکر بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله عن الکافی روایة رواها سماعة

ص: 126


1- المختلف 2 : 170 ، وهو فی الخلاف 1 : 332.
2- المعتبر 2 : 177.

قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَلا تُخافِتْ بِها ) (1) قال : « المخافتة ما دون سمعک ، والجهر أن ترفع صوتک شدیدا » (2).

وفی مجمع البیان نقل الطبرسی وجوها فی تفسیر الآیة :

منها : النهی عن إشاعة الصلاة عند من یؤذیک ، ولا تخافت عند من یلتمسها.

ومنها : أن لا تجهر جهرا یشتغل به من یصلّی قربک ، ولا تخافت حتی لا تسمع نفسک.

قال الطبرسی رحمه الله : وقریب منه ما رواه أصحابنا عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « الجهر رفع الصوت شدیدا ، والمخافتة ما لم تسمع إذنک ، واقرأ قراءة وسطا ( وَابْتَغِ بَیْنَ ذلِکَ سَبِیلاً ) أی بین الجهر والمخافتة ». انتهی (3). ولم أقف الآن علی الروایة التی ذکرها.

وفی الفقیه : واجهر بجمیع القراءة فی المغرب وعشاء الآخرة والغداة من غیر أن تجهد نفسک أو ترفع صوتک شدیدا ، ولیکن ذلک وسطا ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ یقول ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَیْنَ ذلِکَ سَبِیلاً ) (4) وظاهر کلامه الجزم بتفسیر الآیة فیما ذکره.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من أنّه ربّما یستدل علی عدم وجوب شی ء من الجهر والإخفات بعینه فی شی ء

ص: 127


1- الإسراء : 110.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 224 وهی فی الکافی 3 : 315 / 21 ، الوسائل 6 : 96 أبواب القراءة فی الصلاة ب 33 ح 2.
3- مجمع البیان 3 : 446.
4- الفقیه 1 : 202.

من الصلاة بقوله تعالی ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَلا تُخافِتْ ) الآیة (1).

ویجاب بجواز أن یکون المراد - والله أعلم - جهرا أو إخفاتا زائدین علی ما هو المعتاد ، ولعلّ المراد عدم الجهر فی الکل والإخفات فی الکلّ ، والله أعلم بمراده (2).

محلّ تأمّل ؛ لأنّ کلام الصدوق یعطی الجزم بالتفسیر ، ومن المستبعد کونه منه مجرّد الاحتمال ، ولو نظرنا إلی ظاهر الآیة أمکن أن یقال : إنّ مدلولها ما ذکره الصدوق.

وعلی کل تقدیر : فی الآیة نوع منافرة للقول بوجوب الجهر والإخفات ؛ لأنّ القائلین بالوجوب غیر مانعین من الزائد عن المعتاد مع تحقّق الجهر والإخفات فیما نقل عن الأصحاب ، إلاّ أن یقال بأنّ مراد الأصحاب الجهر والإخفات المعتادان ، فلیتأمّل.

وإذا تمهّد هذا فالثانی کما تری یحتمل أن یراد بما یجهر فیه ما جعله الشارع جهریّا ، والسؤال حینئذ عن جواز ترک أصل الجهر وعدمه ، ویحتمل أن یکون السؤال عن زیادة الجهر ، فکأنّ العلاّمة فی المختلف فهم الاحتمال الثانی فأجاب بما تقدم (3). والآیة تنفی جواز الجهر العالی ، ولعلّ المراد بالعالی ما لم یخرج عن المعتاد ، وعلی تقدیر ما احتملناه أوّلا لا یبقی لجوابه وجه من دون بیان الرجحان.

ثم إنّ الحمل علی التقیّة فی کلام الشیخ غیر خفی أنّ المراد به التقیّة فی قوله علیه السلام : « إن شاء جهر وإن شاء لم یجهر » فلا یتوجه : أنّ فعل الجهر

توجیه ما دل علی التخییر بین الجهر وعدمه فی ما یجهر فیه

ص: 128


1- الإسراء : 110.
2- الحبل المتین : 229.
3- فی ج 1 : 126.

إذا جاز عندهم تخییرا ، جاز الأمر به منه علیه السلام لأنّه أحد الفردین ؛ لإمکان أن یظنّ تعیّنه فیحصل (1) خوف الضرر.

بقی فی المقام شی ء ، وهو أنّ العلاّمة فی المنتهی قال : أقلّ الجهر الواجب أنّ یسمع غیره القریب أو یکون بحیث یسمع لو کان سامعا بلا خلاف بین علمائنا ، والإخفات أن یسمع نفسه أو بحیث یسمع لو کان سامعا ، وهو وفاق (2).

وفی کلام بعض الأصحاب أنّه لا بُدّ من انضمام العرف بأن یسمّی فیه الجهر والإخفات ؛ وقیل : لا بدّ من ظهور جوهر الحروف وعدمه لتحقّق التباین الکلی (3).

وفی الأخبار المعتبرة ما یقتضی الاکتفاء بسماع الهمهمة کما ذکرناه فی حواشی التهذیب ، وسیأتی إن شاء الله بعض الأخبار فی الباب الآتی (4) فی إسماع الرجل نفسه.

وما ذکره جدّی قدس سره فی الروضة : من أنّ الحق أنّ الجهر والإخفات کیفیّتان متضادّتان. وأقلّ الجهر أن یسمعه من قرب منه صحیحا مع اشتمالها علی الصوت الموجب لتسمیته جهرا عرفا ، وأکثره أن لا یبلغ العلوّ المفرط ، وأقلّ السرّ أنّ یسمع نفسه خاصة صحیحا أو تقدیرا ، وأکثره أن لا یبلغ أقلّ الجهر (5).

ففیه تأمّل ؛ لأنّ اعتبار الجهر عرفا یقتضی أنّ السرّ وإن بلغ أقلّ الجهر

أقل الجهر والإخفات وأکثرهما

ص: 129


1- فی « م » : فیحتمل.
2- المنتهی 1 : 277.
3- مجمع الفائدة 2 : 226.
4- فی ص 180.
5- الروضة البهیة 1 : 260.

لا یضرّ بالحال إذا لم یحصل وصف الجهر ، نعم لو لم یعتبر ما ذکر أمکن ما قاله ، ولعلّ الأمر سهل.

قوله :

باب الجهر فی النوافل بالنهار

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحسن بن علیّ بن فضّال ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « السنّة فی صلاة النهار بالإخفات (1) والسنّة فی صلاة اللیل بالإجهار ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن علیّ بن السندی ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل هل یجهر بقراءته من التطوع بالنهار؟ قال : « نعم ».

فالوجه فی الجمع بینهما أن نحمل الروایة الأُولی علی الفضل والندب دون الفرض والوجوب ، والروایة الأُخری علی الجواز ورفع الحظر.

السند

فی الأوّل : فیه - مع الإرسال - الحسن بن علیّ بن فضّال ، وقد قدّمنا القول فیه بأنّه فطحیّ ثقة.

الجهر فی النوافل بالنهار

الحسن بن علی بن فضّال فطحی ثقة

ص: 130


1- فی الاستبصار 1 : 313 / 1165 : بالإخفاء.

والثانی : فیه علیّ بن السندی ، وقد مضی عن قریب (1) ، وعثمان بن عیسی کرّرنا القول فیه (2).

المتن :

فی الأوّل : کما تری ظاهر فی إطلاق صلاة النهار واللیل المتناول للنوافل والفرائض ، إلاّ أنّ الصبح یحتاج إلی تخصیص ، إلاّ أن یقال : إنّها من صلاة اللیل. وفیه ما فیه ؛ لکن الشیخ علی ما یقتضیه العنوان حمله علی النوافل ، ولعلّ الوجه فیه ما قلناه ، أو لأنّ ما یقتضیه لفظ السنّة فیه یفید الاستحباب ، ولمّا کان الجهر والإخفات واجبین عنده فی الفرائض تعیّن الحمل علی النوافل ، ولو حمل لفظ السنّة علی ما ثبت بالسنّة أعم من الوجوب والندب أمکن ، إلاّ أنّ احتمال الثبوت من القرآن ینفی ذلک ، وإن کان فیه ما فیه.

ثم إنّ نوافل النهار علی تقدیر الحمل یحتمل التناول للأداء والقضاء مع التخالف ، إلاّ أن یدّعی تبادر الأداء ، وعلی کل حال ربّما یخرج غیر الرواتب ، إلاّ أن یدّعی إرادة ما یصلّی بالنهار ، وفیه بُعد (3).

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فیه لا وجه له ؛ لأنّ المفروض کون الجهر والإخفات مندوبین ، فالحمل علی الفضل دون الفرض غیر واضح الوجه ، إلاّ أن یراد بالفرض علی سبیل الشرطیّة أو دفع التوهم ، لکن علی تقدیر الجهر فی نوافل النهار إمّا أن یکون مندوبا أو مباحا ، والثانی بعید ،

حکم نوافل اللیل والنهار من حیث الجهر والاخفات

ص: 131


1- فی ج 1 : 355.
2- راجع ج 1 : 71 ، 185.
3- فی « رض » زیادة : ما فیه.

والأوّل یحتمل کونه أقلّ ثوابا من الإخفات ، إلاّ أن یعارض بأنّ خیر الأعمال أحمزها ، وفیه : أنّ هذا فی غیر الموظّف ، فلیتأمّل.

وقد روی الشیخ فی زیادات التهذیب الخبرین (1) وحمل الثانی علی الرخصة ، وله وجه. وفی المنتهی : المستحب فی نوافل اللیل الجهر ، وفی نوافل النهار الإخفات ، وهو مذهب علمائنا أجمع (2).

قوله :

باب أنّه لا یقرأ فی الفریضة

بأقلّ من سورة ولا بأکثر منها

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن یعقوب ، عن أحمد بن إدریس ، عن ( محمّد بن أحمد بن یحیی ) (3) ، عن محمّد بن عبد الحمید ، عن سیف بن عمیرة ، عن منصور بن حازم قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لا تقرأ فی المکتوبة بأقلّ من سورة ولا بأکثر ».

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد (4) ، عن

لا یقرأ فی الفریضةبأقلّ من سورة ولا بأکثر منها

اشارة

ص: 132


1- الخبر الأوّل : التهذیب 2 : 289 / 1160 ، الوسائل 6 : 77 أبواب القراءة فی الصلاة ب 22 ح 2.
2- المنتهی 1 : 278.
3- کذا فی النسخ ، وفی الاستبصار 1 : 314 / 1167 : أحمد بن محمّد بن یحیی ، وفی التهذیب 2 : 69 / 253 : محمّد بن یحیی ، وفی الکافی 3 : 314 / 12 : محمّد بن أحمد ، وهو الصواب ، راجع معجم رجال الحدیث 16 : 205 - 206.
4- فی الاستبصار 1 : 314 / 1168 : عن محمّد بن مسلم.

أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن الرجل یقرأ السورتین فی الرکعة ، فقال : « لا ، لکل سورة رکعة » (1).

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن ابن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « إنّ فاتحة الکتاب تجوز وحدها فی الفریضة ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی حال الضرورة دون حال الاختیار.

یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن حسن الصیقل قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أیجزئ عنّی أن أقرأ فی الفریضة فاتحة الکتاب وحدها إذا کنت مستعجلا أو أعجلنی شی ء؟ فقال : « لا بأس ».

محمّد بن یعقوب ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یجوز للمریض أن یقرأ فی الفریضة فاتحة الکتاب وحدها ، ویجوز للصحیح فی قضاء صلاة التطوع باللیل والنهار ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الله الحلبی (2) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس أن یقرأ الرجل فی الفریضة بفاتحة الکتاب فی الرکعتین

ص: 133


1- فی الاستبصار 1 : 314 / 1168 : فقال له لکل رکعة سورة.
2- فی الاستبصار 1 : 315 / 1172 : عن عبید الله بن علی الحلبی ، وکذا فی التهذیب 2 : 71 / 261.

الأوّلتین إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شیئا (1) ».

السند

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب إلاّ من جهة محمّد بن عبد الحمید ، فإنّا قد کرّرنا القول فیه : من أنّ النجاشی ذکر عبارة توهم أنّ التوثیق لأبیه لا له (2) ؛ والذی یظهر أنّ توثیق الأب فی عنوان الابن بعید جدّا عن مثل النجاشی ، والعبارة هکذا : محمّد بن عبد الحمید بن سالم العطّار أبو جعفر ، روی عبد الحمید عن أبی الحسن موسی علیه السلام وکان ثقة (3).

ولجدّی قدس سره اضطراب فی ذلک ، ففی فوائد الخلاصة قال : إنّ الظاهر أنّ الموثّق الأب (4) ، وعلی کتاب ابن داود ما یستفاد منه أنّ الموثّق الابن.

وبعض محقّقی المعاصرین یظهر منه التوقف فی هذه الروایة ، فإنّه ذکرها مع نوع طعن فی السند (5) ؛ والأمر لا یخلو من تأمّل ؛ لما قدمناه.

وأمّا سیف بن عمیرة فهو ثقة ، وینقل عن ابن شهرآشوب القول بأنّه واقفی (6) ، لکن حال ابن شهرآشوب غیر معلوم.

والثانی : لیس فیه ارتیاب.

وکذلک الثالث ، غیر أنّ فیه شیئا ینبغی التنبیه علیه ، وهو أنّ النجاشی نقل عن الکشی ، عن نصر بن الصباح أنّه قال : کان أحمد بن

بحث حول محمد بن عبدالحمید

سیف بن عمیرة ثقة

ص: 134


1- فی الاستبصار 1 : 315 / 1172 : أو یحدث شی ء.
2- راجع ج 1 : 212.
3- رجال النجاشی : 339.
4- فوائد الشهید علی الخلاصة : 22.
5- البهائی فی الحبل المتین : 226.
6- انظر معالم العلماء : 56 / 377.

محمّد بن عیسی لا یروی عن ابن محبوب من أجل أنّ أصحابنا یتّهمون ابن محبوب فی أبی حمزة الثمالی ، ثم تاب ورجع (1) ؛ وقد قدّمنا القول فی هذا مفصلا (2) ، والحاصل أنّ ذکر التوبة فی ذلک تدفع التوقف لظهور الخطأ ، غایة الأمر أنّ فی البین نوع کلام من حیث تاریخ أبی حمزة الثمالی والحسن بن محبوب علی ما یستفاد من الرجال ، فإنّ المستفاد عدم الروایة عن أبی حمزة إلاّ من جهة الإجازة ، وإطلاق الروایة من دون لفظ « إجازة » ربّما لا یضر بالحال ؛ لأنّه أحد مذهبی أصحاب الدرایة فی إطلاق الروایة من دون لفظ « إجازة » ولعلّ التوبة من أحمد لظهور جواز ذلک عنده ، أو ظهور کونه عذرا بالنسبة إلی غیره ، والأمر ربّما کان غیر عسر التوجیه.

أمّا ما وقع فی الکشی (3) من المخالفة لما فی النجاشی - وإنّما الاتهام فی ابن أبی حمزة (4) ، ولعلّه البطائنی لضعفه - فالظاهر أنّه من أغلاط نسخ الکشی الموجودة الآن ، لکن العجب من النجاشی أنّه لم یبیّن حقیقة الحال من جهة التاریخین کما نبّهنا علیه فیما سلف ، فلیتأمّل فیه.

والرابع : فیه محمّد بن سنان وحسن الصیقل ، وقد مضیا (5) مکرّرین بضعف الأوّل وجهالة الثانی علی معنی أنّه مذکور فی الرجال (6) بما لا یزید علی الإهمال ؛ وظنّ بعض الأصحاب أنّه ابن العطّار الثقة ، لا نعلم وجهه.

والخامس : فیه محمّد بن عیسی ، عن یونس.

بحث حول الحسن بن محبوب

إشارة إلی ضعف محمد بن سنان

بحث حول الحسن الصیقل

ص: 135


1- رجال النجاشی : 82 / 198 ، وهو فی الکشی 2 : 799 / 989.
2- فی ج 2 : 146.
3- فی ترجمة الحسن بن محبوب ، رجال الکشی 2 : 851 / 1095.
4- فی « فض » زیادة : الثمالی.
5- فی ج 1 : 121 ، ج 4 : 526.
6- انظر رجال الطوسی : 166 / 13.

والسادس : لا ارتیاب فیه.

المتن :

لا بدّ قبل الکلام فیه من بیان مقدمة ، وهی : أنّ العلاّمة فی المنتهی قال : لا خلاف بین أهل العلم فی جواز الاقتصار علی الحمد فی النافلة ، وکذا فی جوازه مع ضیق الوقت فی الفریضة. وفی موضع آخر قال : لو لم یحسن إلاّ الحمد وأمکنه التعلّم وکان الوقت واسعا وجب علیه التعلّم ؛ لأنّها کالحمد فی الوجوب ، أمّا لو لم یمکنه التعلّم أو ضاق الوقت صلّی بالحمد وحدها للضرورة ، ولا خلاف فی جواز الاقتصار علی الحمد فی هذه المواضع وفی النافلة للعارف والمختار (1).

وفی المختلف قال : المشهور أنّه یجب علی المختار قراءة سورة بعد الحمد - إلی أن قال - : وهو اختیار الشیخ فی الجمل والخلاف والاستبصار ، واختاره المرتضی وابن أبی عقیل وأبی الصلاح وابن إدریس ، وللشیخ رحمه الله قول آخر : إنّ الواجب الحمد ، والسورة مستحبة وهو اختیار ابن الجنید وسلاّر. انتهی (2).

ولا یخفی دلالة کلام المنتهی علی ما ینافی ما ذکره بعض المتأخّرین من وجوب التعویض إذا لم یحسن السورة ، بل صرّح المحقّق الشیخ علی بعد ذکر التعویض بادعاء عدم التصریح لأحد بالسقوط ، علی ما نقل عنه.

الأقوال فی وجوب السورة أو عدم وجوبها

ص: 136


1- المنتهی 1 : 272.
2- المختلف 2 : 161 ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 180 ، الخلاف 1 : 353 ، الاستبصار 1 : 314 ، الانتصار : 44 ، الکافی فی الفقه : 117 ، السرائر 1 : 221 ، 222 ، النهایة : 75 ، المراسم ، 69.

وفی حواشیه علی المختصر قال : یفهم من التقیید بسعة الوقت أنّه مع الضیق لا یجب ، ولیس کذلک ؛ إذ لا دلیل علی السقوط ، إذ لا یسقط شی ءٌ من الأُمور المعتبرة فی الصلاة لضیق الوقت ، ولا أعلم لأحد التصریح بسقوط السورة للضیق ، بل التصریح بخلافه موجود فی التذکرة (1). انتهی.

وهذا لا یخلو من غرابة وستسمع الأخبار فی المقام.

لکن علی تقدیر سقوط السورة مع ضیق الوقت فالمراد بالضیق إن کان عدم اتساع الوقت لقراءتها ، أمکن ، وإن کان المراد ضیقه عن واجب الصلاة أشکل بلزوم الدور ، کما یعرف بالتأمّل.

وقد ذکر العلاّمة فی الإرشاد أنّ من لم یحسن القراءة وجب علیه التعلّم ، فإن ضاق الوقت قرأ ما یحسن ، ولو لم یحسن شیئا سبّح الله وهلّله وکبّره بقدر القراءة (2).

وفی فوائد جدّی قدس سره علی الکتاب : ولیکن ما یجزئ فی الأخیرتین مکرّرا بقدر الفاتحة. والظاهر من کلامه التکرار فی الأوّلتین بقدر الفاتحة والسورة ، وکلام العلاّمة کالصریح فی ذلک ، لأنّه ذکر وجوب الفاتحة والسورة (3).

وقول العلاّمة : فإن ضاق الوقت ، إلی آخره. یدل علی وجوب السورة ؛ للدلالة علی قراءة ما یحسن ، وفیه منافاة لما فی المنتهی (4).

وقد یمکن أن یقال : إنّ الأخبار الدالة علی التبعیض تحمل علی من

ص: 137


1- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 214 ، التذکرة 3 : 131 و 136.
2- الإرشاد 1 : 253.
3- الإرشاد 1 : 253.
4- راجع ص 136.

یحسن (1) البعض ، إلاّ أنّه فی غایة البعد.

ولو حمل الضیق فی کلام من رأینا کلامه من الأصحاب (2) علی أنّه لم یبق من الوقت إلاّ مقدار قراءة ما یحسن مع باقی الأفعال وبالتعویض یخرج الوقت ، فهو ممکن لکن بتکلّف ، إلاّ أن یقیّد بأنّ المراد عدم الزیادة علی مقدار الواجب من القراءة أی الفاتحة وسورة قصیرة کاملة ، فعلی تقدیر إمکان التعلّم یجب الاشتغال إلی أن لا یبقی إلاّ وقت ما یعلمه بناء علی عدم وجوب العوض ، وعلی القول به إلی مقداره ، کما ذکره بعض محققی المتأخّرین رحمه الله (3) وفیه تکلّف أیضا ، وبالجملة فالمقام محل نظر.

وقد تقدّم منّا کلام فی أوّل هذا الجزء فی الحدیث المتضمن لأنّ من لم یحسن قراءة القرآن یجزؤه التکبیر والتسبیح ، وذکرنا ما لا بدّ منه فیه (4).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأوّل قد ذکر فی الاستدلال لوجوب السورة من المتأخّرین (5) ، کما یظهر من الشیخ ، ومن الذاکرین العلاّمة فی المختلف غیر واصف له بالصحة (6) - وأظنّ اقتفی أثره بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - (7) - وهو غریب من العلاّمة ، فإنّه فی الخلاصة (8) ظاهره توثیق محمّد بن عبد الحمید.

ص: 138


1- فی « رض » : لم یحسن.
2- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 213.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 214.
4- راجع ص 94 - 7 - 1531.
5- راجع ص 132.
6- المختلف 2 : 162.
7- البهائی فی الحبل المتین : 224.
8- الخلاصة : 154 / 84.

ثم إنّ الخبر لا ینافی القول باستحباب السورة فی نظری القاصر ، لأنّه لا مانع من الاستحباب وعدم جواز التبعیض ، کما لم یجز فی النافلة فعلها بغیر الرکوع ونحوه ، وقد یعبّر عن هذا بالشرط.

مضافا إلی ما ذکره بعض مشایخنا من أنّ القرآن لمّا ثبت من الأخبار جوازه فی الفریضة ، فلا بدّ من حمل النهی فی هذا الخبر عن الأکثر علی الکراهة ، فلیحمل ما دلّ علی الأقلّ علیها (1) ؛ إذ من المستبعد تخالف النهی فی الخبر بالکراهة والتحریم.

فإن قلت : إذا دلّ الدلیل علی وجوب السورة لا مانع من إبقاء النهی فی الخبر علی حقیقته فی الناقص ، ولزوم استعمال اللفظ فی حقیقته ومجازه لا یضر بالحال مع الضرورة.

قلت : الأمر کما ذکرت ، إلاّ أنّ الکلام فی إثبات الوجوب.

نعم ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : من أنّ النهی فی الخبر محمولٌ علی الکراهة فیما زاد جمعا بین الأخبار ، لما سیأتی فی القراءة ، فکذا فیما نقص ، تفصیّا من استعمال النهی فی حقیقته ومجازه معا (2). محل تأمّل ؛ لأنّ مجرّد التفصّی لا یقتضی ما ذکره إلاّ بعد ردّ دلیل الوجوب ، وکأنّه اعتمد علی ذلک حیث ردّ الأدلة.

وربّما یقال : إنّ الخبر مشتمل علی نهیین : أحدهما عن الأقل والآخر عن الأکثر ، فلو حمل النهی الثانی علی الکراهة یبقی النهی الأوّل علی حقیقته ، فلیس من حمل اللفظ علی حقیقته ومجازه ، بل حمل کل لفظ علی معنی فالأوّل حقیقی والثانی مجازیّ ، فلیتأمّل.

بیان ما دل علی أنّه لا یقرأ فی المکتوبة بأقل من سورة ولا بأکثر

ص: 139


1- کما فی المدارک 3 : 350.
2- البهائی فی الحبل المتین : 224.

والثانی : کما تری وإن کان ظاهره أنّ لکل رکعة سورة إلاّ أنّ بمعونة النهی عن قراءة السورتین یفهم أنّ الرجحان فی السورة علی تقدیر کراهة القران کما یستفاد من الأخبار الآتیة (1) ، وعلی تقدیر تحریم القران یحتمل إرادة انتفاء التحریم بالسورة سواء کانت واجبة أو مستحبة.

ولو قیل : إنّ فی هذا نوع عدول عن ظاهر الخبر ، فالجواب أنّ المعارضة توجب هذا ، بل هو أخفّ من المحامل المذکورة من الشیخ.

وأمّا الثالث : فهو صریح فی جواز الاقتصار علی الفاتحة فی الفریضة ، وحمل الشیخ له علی الضرورة للروایة الرابعة لا یخلو من تأمّل علی تقدیر صحّة الروایة ؛ لأنّ السؤال فیها تضمّن الاستعجال ، وهذا لا یفید تقییدا إذا لم یکن من الإمام علیه السلام ؛ إذ السؤال عن بعض أفراد المطلق لا یفید تقییده فی نظری القاصر علی الإطلاق ، نعم قد یفید التقریر فی بعض الأفراد وإن کان نادرا ، وممّا یؤیّد هذا ، التأمّل فی أکثر موارد السؤال عن أفراد العام والمطلق.

علی أنّ الخبر بتقدیر تقییده إنّما یفید الاستعجال ، وهو غیر منضبط علی وجه یتّضح به الحال ؛ وقد ذکرنا فی المقدّمة کلام بعض الأصحاب فی ضیق الوقت وعدم إمکان التعلّم (2) ؛ والذی یظهر من الشیخ هنا - نظرا إلی الروایة - إرادة مطلق العجلة ، ولم أقف علی مبیّن حقیقة الأمر فی الضرورة.

وفی کلام بعض المتأخّرین علی مختصر المحقّق - عند قوله : وفی وجوب سورة مع الحمد (3) للمختار ، إلی آخره - : یفهم من التقیید بالمختار

بیان ما دل علی جواز الاقتصار علی الفاتحة فی الفریضة والمناقشة فی توجیه الشیخ له

ص: 140


1- فی ص 148 - 149.
2- راجع ص 136.
3- فی المختصر : 30 زیادة : فی الفرائض.

أنّ المضطر کالمریض الذی یشق علیه قراءتها کثیرا أو من أعجلته حاجة لا یجب علیه السورة ، وهو حقّ. انتهی (1).

ولا یخفی أنّ اعتبار الکثرة فی المشقّة غیر ظاهر الوجه ، فإنّ الروایة الخامسة تضمّنت مطلق المریض ، وعلی تقدیر عدم الالتفات إلیها لضعف السند ، أمکن أن یقال أوّلا : إنّ اعتماد الشیخ علی الروایة مع جزمه فی الرجال بردّ الروایة المشتملة علی محمّد بن عیسی عن یونس (2) المقیّدة بعدم المؤیّد ، یدل علی أنّ فی مثل هذا المقام وجد المؤیّد عنده ؛ وحینئذ لا فرق بین هذا وبین توثیق الرجل فی کتابیه وتوثیق النجاشی ، کما قدّمنا القول فی مثل هذا فی الجزء الثانی (3).

ولیس لقائل أن یقول : إنّ هذا یستلزم صحّة جمیع الأخبار - الواردة فی التهذیب والاستبصار عن محمّد بن عیسی عن یونس ، والذی یظهر من المعاصرین خلافه.

لإمکان الجواب بعدم التفطّن لهذا الوجه (4) ، أو لجواز کون الشیخ اعتمد علی قرائن لا تصلح حجّة لغیره.

وفیه : أنّ هذا لو تمّ لزم عدم قبول قوله فی التعدیل ؛ لجواز اعتماده علی قرائن لیست حجّة عند غیره.

إلاّ أنّ یقال : إنّ فی الرجال لا بدّ من البحث عن الجارح.

وفیه : أنّه علی تقدیر انتفاء الجارح یحکم بالتعدیل ، وحینئذ یرجع

بحث حول روایة محمد بن عیسی عن یونس ووجه اعتماد الشیخ علیها

ص: 141


1- حکاه عن الکرکی فی مجمع الفائدة 2 : 214.
2- انظر الفهرست : 182.
3- الفهرست : 181 / 789 ، رجال الطوسی : 364 / 11 ، 394 / 2 ، رجال النجاشی : 446 / 1208.
4- فی « فض » : الجواب.

إلی إفتاء الشیخ بالعدالة.

إلاّ أن یقال : إنّ فی الروایات یجوز أن یکون اعتماد الشیخ لیس علی الراوی ، بل علی کونها من الأُصول المعتمدة ، أو من رواة متعددین.

وفیه : أنّه راجع إلی الحکم بالصحة وهو کالتوثیق ، وفی البین کلام.

وقد وجدت بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله اعتمد علی روایة محمّد ابن عیسی عن یونس (1) ، لکن لم یذکر فی توجیهه ما یدل علی ما ذکرناه ، بل من حیث إنّ الاستثناء لا یقتضی الطعن ، وفیه نوع تأمّل.

والعجب من شیخنا قدس سره أنّه وصف بعض الأخبار التی فیها محمّد بن عیسی عن یونس بالصحة ، مع جزمه بالردّ (2) ؛ لکن أظنّ أنّه نقل الروایة من کلام من أشرنا إلیه اعتمادا علی أنّ تصحیحه لا ارتیاب فیه ، ولم یتفطّن لمذهبه فی محمّد بن عیسی عن یونس.

وعلی کل حال فالروایة المبحوث عنها إذا لم تصلح للاستدلال بما قلناه ، یمکن أن یؤیّدها ما رواه الشیخ فی زیادات الصلاة من التهذیب فی باب صلاة المضطر عن سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعیل بن بزیع ، عن ثعلبة بن میمون ، عن حمّاد بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله (3) قال : « لا یصلّی علی الدابّة الفریضة إلاّ مریض یستقبل به القبلة ویجزؤه فاتحة الکتاب » الحدیث (4). وقد تقدّم فی هذا الکتاب فی الجزء الثانی فی باب الصلاة فی المحمل (5) ؛ وإنّما نقلناه من

ص: 142


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 205.
2- مدارک الأحکام 1 : 111. ولم نعثر علی الوصف بالصحة.
3- فی التهذیب 3 : 308 / 952 زیادة : عن أبی عبد الله علیه السلام .
4- التهذیب 3 : 308 / 952 ، الوسائل 4 : 325 أبواب القبلة ب 14 ح 1.
5- راجع ج 4 : 173.

التهذیب لأنّ طریقه إلی سعد فی المشیخة فیه صحیح بلا مریة ، وهو : عن المفید ، عن محمّد بن علی بن الحسین ، عن أبیه (1). أمّا ما مضی ففیه : محمّد بن قولویه ، وقد مضی فیه (2) نوع توقّف (3) ، ( وعلی کل حال ) (4) الخبر مؤیّد لأنّ مطلق المرض مجوّز للفاتحة وحدها.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه - وهو الخامس - قد استدل بمفهومه علی أنّ غیر المریض لا یجزؤه الفاتحة وحدها فتجب السورة.

وفیه : أنّ مفهوم الوصف غیر واضح الحجّیّة کما ذکرناه فی الأُصول مفصّلا ، وقد حاول بعض الأصحاب (5) الاستدلال بما نقلناه فی حواشی التهذیب علی حجّیته بتحقق الذمّ علی المخالفة بتقدیر الخطاب بما یقتضی الوصف لو أمر السیّد عبده بإعطاء العالم فأعطی الجاهل ، وذکرنا فی جوابه ، هناک احتمال کون الذم لعدم الأمر بإعطاء الجاهل لا لمخالفة الأمر ، وأیّدناه بمفهوم اللقب ؛ إذ لیس بحجة عند القائل مع تحقّق الذم لو قال : أعط زیدا فأعطی عمرا ، وفصّلنا المقام هناک زیادة علی هذا.

وقد مضی فی الکتاب ذکر ما وقع للأصحاب فی المطلق والمقیّد من الجمع مع التنافی مع القول بعدم حجّیّة مفهوم الوصف ، مع أنّ التنافی لا یتمّ بدونه.

عدم حجیّة مفهوم الوصف

ص: 143


1- مشیخة التهذیب ( التهذیب 10 ) : 73.
2- فی ج 1 : 114.
3- فی « م » زیادة : وأمّا ثعلبة بن میمون ، فهو وإن کان لا یقصر عنه محمّد بن قولویه إلاّ أن الظاهر زیادته علی ابن قولویه فی المدح ، وإن کان بعض مشایخنا جزم بصحّة الحدیث عن ابن قولویه والحسن [ فی ] حدیث ثعلبة ، ولا یبعد التساوی.
4- بدل ما بین القوسین فی « فض » : وأما.
5- کالشهید فی الذکری : 5 ، وحکاه عن البعض فی معالم الأصول : 82.

ویخطر فی البال الآن إمکان الاحتجاج علی حجّیّة مفهوم الوصف بما اشتهر من أنّ تعلیق الحکم علی الوصف یشعر بالعلیّة ، ولا ریب أنّ انتفاء العلّة یقتضی انتفاء المعلول.

ویمکن الجواب : بأنّ الإشعار بالعلیّة لیس بالصریح ، وبتقدیر العلّة لیست تامّة ، وفیه ما فیه.

إذا عرفت هذا فالخبر السادس یدل مفهوم الشرط فیه علی أنّ مقتضی سقوط السورة العجلة أو تخوّف (1) شی ء ، لکن العجلة والتخوّف لا یخلوان من إطلاق ، وأظنّ القائل بالضرورة لا یطلق کما مضی القول فیه ، والشیخ فی الظاهر أنّه قائل بذلک لو کان فی الاستبصار قوله یصلح للاعتماد ، ولا یبعد أن یکون قوله : « أو تخوّف » تردیدا من الراوی علی سبیل الشکّ فیما قاله الإمام علیه السلام ، ولا أقلّ من الاحتمال.

أمّا الاستدلال علی وجوب السورة بآیة ( فَاقْرَؤُا ما تَیَسَّرَ ) ففیه : ما هو أظهر من أن یبیّن بعد ما سبق منّا ، والحاصل أنّ ما فی الآیة کما یحتمل الموصولة یحتمل النکرة الموصوفة ، فالعموم فی الموصولة إنّما یصلح للاستدلال لو تعیّن ، وعلی ما قدّمناه من أنّ ظاهر بعض الأخبار ثبوت القراءة من السنّة ینفی دلالة الآیة.

ومن عجیب ما وقع للعلاّمة فی المختلف أنّه استدل بالآیة ووجّه الاستدلال بها :

أوّلا : بأنّ الأمر للوجوب.

وثانیا : بأنّ لفظة « ما » للعموم ، لحسن الاستثناء الذی هو إخراج

أدلّة القائلین بوجوب السورة والمناقشة فیها

ص: 144


1- راجع ص 133.

ما یتناوله اللفظ کما فی العدد.

وثالثا : بأنّ القراءة لا تجب فی غیر الصلاة (1).

ولا یخفی أنّه یتوجّه علی الثانی أنّ انحصار « ما » فی العموم بالنسبة إلی الآیة غیر ظاهر ، بعد احتمال النکرة الموصوفة ، وصحة الاستثناء إن کان المراد به فی الآیة فهو فرع إرادة العموم والحال أنّه أصل المدّعی ، وعلی تقدیر وقوع الاستثناء یکون قرینة إرادة العموم ، لا أنّ کلّ ما وجد لفظ « ما » کان عامّا.

أمّا ما قد یقال علیه : من أنّ ظاهر الآیة وجوب قراءة کل ما تیسّر ، فینبغی أن یقول : خرج ما فوق السورة بالإجماع ، ولا یکتفی بقوله : ولا تجب فی غیر الصلاة ؛ فیمکن الجواب عنه : بأنّ مراده لا یجب قراءة الحمد والسورة فی غیر الصلاة.

أمّا استدلاله فی المختلف علی وجوب السورة بأنّ وجوب التسمیة بعد الحمد قبل السورة یستلزم وجوب السورة ، إشارة إلی ما مضی من روایة یحیی بن عمران الهمدانی ؛ ففیه ما مضی مفصّلا.

واعتراضه فی المختلف علی الاستدلال بجواز اختصاص وجوب البسملة بمن قرأها لا مطلقا ، ثمّ جوابه بأنّ السورة إذا لم تکن واجبة لم تکن أبعاضها واجبة ؛ لأنّ علماءنا بین قائلین : أحدهما أوجب السورة ، والآخر لم یوجبها فلم یوجب أبعاضها ، فالفرق ثالث (2).

فیه : أنّ الجواب لا یطابق السؤال ؛ لأنّ حاصله أنّ البسملة تجب علی من قرأ السورة ، وهذا یحتمل أن یراد بالوجوب الحقیقة ویجوز أن یراد به

ص: 145


1- المختلف 2 : 161.
2- المختلف 2 : 162.

الشرطیّة.

فإن کان المراد الأوّل احتمل أن یراد أنّ المصلّی مخیّر بین السورة وبعضها ، فإن اختار السورة وجبت البسملة ، وإن اختار البعض لا یجب ، والمورد کلامه یحتمل هذا ؛ لأنّه قال : یجوز اختصاص وجوب البسملة ، إلی آخره. وإرادة أنّ وجوبها مختصّ بالسورة لا مفردة غیر بعیدة ، فلا یفید قوله إحداث ثالث ، والجواب کما تری یدل علی أنّه فهم من السؤال جواز وجوب البسملة فی بعض الأحوال فدفعه بأنّه إحداث ثالث.

وأمّا علی تقدیر الشرطیّة فالأمر واضح ، ولا یبعد توجیه السؤال والجواب ، إلاّ أنّ العبارة قاصرة.

وقد نقل عن الشیخ أنّه احتجّ بروایة علیّ بن رئاب ومثلها روایة الحلبی (1) ، والروایتان مرویّتان فی التهذیب (2) ، وهنا کما تری أحدهما.

ثم قال العلاّمة : إنّ أصحّ ما وصل إلینا فی هذا الباب هذان الحدیثان ، ولأنّ الأصل براءة الذمّة ، ولأنّ إجزاء بعض السورة یستلزم عدم وجوب السورة ، والملزوم ثابت ؛ لما رواه عمر بن یزید فی الصحیح ، وذکر الروایة الآتیة ، ثم أجاب : بأنّ الخبر الأوّل محمول علی الضرورة لما رواه عبید الله الحلبی ، وذکر الروایة الأخیرة هنا ، ووجّه الاستدلال بها من جهة مفهوم الشرط بناء علی أنّ التردید من الإمام علیه السلام ، ثم قال : وأصالة براءة الذمة غیر ثابتة مع العلم بشغلها بالتکلیف ، فلا یسقط إلاّ مع العلم بنفیه ، وأجاب عن خبر عمر بن یزید : بإرادة تکرار السورة فی الرکعتین (3) ، کما سیأتی ذکره

ص: 146


1- نقله عنه فی المختلف 2 : 162.
2- التهذیب 2 : 71 / 259 ، 261.
3- المختلف 2 : 163.

فیه إن شاء الله (1).

وفی نظری القاصر أنّ المقام محلّ تأمّل :

أمّا أوّلا : فما ذکره من الحمل علی الضرورة فیه عدم الانضباط کما تقدم ، مع تصریحه فی المنتهی بعدم الوجوب مع بعض الضرورات (2).

وأمّا ثانیا : فلأنّ ما دلّ علی التبعیض غیر مخصوص بخبر عمر بن یزید ، کما ستسمعه (3).

وأمّا ثالثا : فلأنّ اشتغال الذمّة إن أُرید به بالصلاة کما هو الظاهر فیکون زوال الاشتغال بفعلها مع السورة منتفیا ، ففیه : أنّ اشتغال الذمّة بمطلق الصلاة یتحقّق بما علم من الشارع وجوبه ، وما لم یعلم یکفی فی الامتثال تحقّق الوقوع کیف کان إذا وافق الأمر ولم یتحقّق النهی ، ولزوم توقّف العبادة علی النقل مسلّم فیما ثبت ، لکن مع تعارض الأخبار إمّا یحمل علی الاستحباب أو یترک العمل ، لکن الترک منفی بالإجماع ، فلم یبق إلاّ حال الضرورة للسقوط ، وعدمها للوجوب أو الاستحباب ، والأوّل له مرجوحیّة بما قدمناه.

ویقین البراءة اعتباره لو تمّ لم یعمل بالأدلّة الظنّیة ، إلاّ أن یقال : فی مواد الاختلاف یعتبر لا مطلقا.

وفیه : أنّ الیقین للبراءة إذا وجب لا یلتفت إلی الأدلة الظنیّة ، علی أنّ اشتغال الذمّة بیقین بعد فعل الصلاة بغیر سورة غیر معلوم ، نعم قبل فعلها معلوم ، والمطلوب فی الحالین.

ص: 147


1- فی ص 147.
2- المنتهی 1 : 272.
3- فی ص 151.

اللهم إلاّ أنّ یقال : إن فعلها بدون السورة یزیل الیقین الحاصل لاشتغال الذمّة ولا یحصل یقین ببراءة الذمّة ، وبینهما فرق ، فلیتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس بن معروف ، عن صفوان بن یحیی ، عن عبد الله بن مسکان ، عن الحسن بن السری ، عن عمر بن یزید قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : یقرأ الرجل السورة الواحدة فی الرکعتین من الفریضة قال : « لا بأس إذا کانت أکثر من ثلاث آیات ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی أنّه یجوز له إعادتها فی الرکعة الثانیة دون أن یبعّضها ، وذلک إذا لم یحسن غیرها ، فأمّا إذا أحسن غیرها فإنّه یکره له ذلک.

یدل علی ذلک.

ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن موسی بن القاسم ، عن علیّ بن جعفر ، عن أخیه موسی علیه السلام قال : سألته عن الرجل یقرأ سورة واحدة فی الرکعتین من الفریضة وهو یحسن غیرها ، فإن فعل فما علیه؟ فقال : « إذا أحسن غیرها فلا یفعل فإن لم یحسن غیرها فلا بأس ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن محمّد بن عیسی ، عن یاسین الضریر ، عن حریز بن عبد الله ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه سئل عن السورة یصلّی بها الرجل فی الرکعتین من الفریضة ، فقال : « نعم إذا کانت ست آیات قرأ بالنصف منها فی الرکعة الأولی والنصف الآخر

ص: 148

فی الرکعة الثانیة ».

فهذا الخبر محمول علی حال التقیّة دون حال الاختیار.

ویدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعیل بن الفضل قال : صلّی بنا أبو عبد الله أو أبو جعفر علیهماالسلام فقرأ بفاتحة الکتاب وآخر سورة المائدة فلما سلّم التفت إلینا فقال : « أمّا إنّی أردت أن أعلّمکم ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن البرقی ، عن سعد بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن رجل قرأ فی رکعة الحمد ونصف سورة هل یجزؤه فی الثانیة أن لا یقرأ الحمد ویقرأ ما بقی من السورة؟ فقال : « یقرأ الحمد ثم یقرأ ما بقی من السورة ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی النوافل دون الفرائض.

یدلّ علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین بن علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن تبعیض السورة ، فقال : « أکره ولا بأس به فی النافلة ».

السند

فی الأوّل : فیه الحسن بن السری ولم یتقدم الکلام فیه ، والموجود فی الرجال الحسن بن السری الأنباری یعرف بالکاتب مذکور مهملا فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ ، وفی رجال الباقر علیه السلام کذلک (1) ، وفی

بحث حول الحسن بن السری

ص: 149


1- رجال الشیخ : 115 / 19 ، 166 / 11.

الفهرست : الحسن بن السری الکاتب له کتاب ، وذکر أنّ الراوی عنه الحسن بن محبوب (1) ؛ وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ الحسن ابن السری الکرخی مهملا (2) ، وفی النجاشی علی ما ذکره شیخنا - أیّده الله - فی الکتاب بعد أنّ نقل عن الخلاصة ما هذا لفظة : الحسن بن السری الکاتب الکرخی ثقة ، وأخوه علیّ ، رویا عن أبی عبد الله علیه السلام ، ثم قال - سلّمه الله - : وزاد النجاشی : له کتاب رواه عنه الحسن بن محبوب (3).

وهذا کما تری یدل علی اتحاد الکاتب والکرخی ، ویؤیّد ما أسلفناه من أنّ الشیخ کثیرا مّا یذکر الرجل الواحد متعددا إذا رآه موصوفا بصفات مختلفة فلیکن الحکم ملحوظا فی مواضع ، وما ذکره الشیخ من وصف الأنباری ووصف الکرخی لا یخلو من نوع منافرة إلاّ أنّ الجمع ممکن.

ثم إنّ المنقول فی کتاب شیخنا - أیّده الله - فی علیّ بن السری ما هذه صورته : اعلم أنّی لم أجد فی النجاشی علیّا هذا ولا توثیقه إلاّ مع أخیه ، والعبارة هکذا : الحسن بن السری الکاتب الکرخی وأخوه علیّ رویا عن أبی عبد الله علیه السلام ، وظاهر ابن داود : أنّ العبارة : ثقتان رویا ، إلی آخره. وهو الذی یقتضیه توثیقهما علی ما فی الخلاصة ورجال ابن داود. انتهی (4).

ولا یخفی أنّ ظاهر العبارة فی علیّ یقتضی إسقاط ثقة ولعلّها من النسخة ؛ لأنّ تتمّة الکلام تفید ذلک.

ص: 150


1- الفهرست : 49 / 163.
2- رجال الشیخ : 168 / 39.
3- منهج المقال : 99 ، وهو فی الخلاصة : 42 / 23 ، وفی رجال النجاشی : 47 / 97.
4- منهج المقال : 233 ، وهو فی الخلاصة : 42 / 23 ، 96 / 28 ، ورجال ابن داود : 73 / 418 ، 138 / 1052.

ومن العجب ما وقع للعلاّمة فی الخلاصة أنّه قال : علی بن السری الکرخی روی عن أبی عبد الله علیه السلام ثقة قاله النجاشی وابن عقدة - إلی أن قال - : وقال الکشی فی موضع آخر : قال نصر بن الصباح : علی بن إسماعیل ثقة وهو علی بن السری فلقب إسماعیل بالسری ، ونصر بن الصباح ضعیف عندی لکن الاعتماد علی تعدیل النجاشی (1). انتهی.

وأنت خبیر بعد ملاحظة الکشی بما وقع من التوهم فی عبارته ، کما نبّه علیه شیخنا - أیّده الله - وتوثیق النجاشی کذلک ، فلیتأمّل.

والثانی : لا ارتیاب فیه.

والثالث : فیه یاسین الضریر وحاله فی الرجال (2) لا یزید علی الإهمال ، وأبو بصیر تکرّر القول فیه (3).

والرابع : لا ارتیاب فی رجاله بعد ما قدّمناه (4) فی أبان ، وإسماعیل بن الفضل لیس فی الرجال غیر الهاشمی الثقة (5) ، فتعیّن کونه إیّاه علی الظاهر ، واحتمال جهالته بعید.

والخامس : فیه البرقی ، وهو علی الظاهر محمّد بن خالد ، لروایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه فی الرجال (6) ، وفیه کلام مضی (7) مفصّلا.

والسادس : واضح الرجال.

یاسین الضریر مهمل

إسماعیل بن الفضل هو الهاشمی الثقة

ص: 151


1- الخلاصة : 96 / 28 ، وهو فی رجال الکشی 2 : 860 / 1119.
2- انظر الفهرست : 183 / 795 ، رجال ابن داود : 201 / 1689.
3- فی ج 1 : 73 ، 130.
4- فی ج 1 : 183 ، ج 2 : 177.
5- راجع رجال الشیخ : 147 / 88 ، خلاصة العلاّمة : 7 / 1.
6- راجع الفهرست : 148 / 628.
7- فی ج 1 : 95.

المتن :

فی الأوّل : قال العلاّمة فی المختلف فیه نحو ما قاله الشیخ فیه ، إلاّ أنّ العلاّمة بعد ذکر احتمال تکرار السورة الواحدة فی الرکعتین قال : إذ الأفضل قراءة إنّا أنزلناه فی الرکعة الاولی والتوحید فی الثانیة ، فقال علیه السلام : لا بأس بالواحدة فیهما ؛ لما رواه علی بن جعفر ، وذکر الروایة الثانیة (1) ، والشیخ کما تری حملها علی ما إذا لم یحسن غیرها ، فأمّا إذا أحسن غیرها فإنّه یکره ذلک.

ولا یخفی أنّ حمل الشیخ أولی من حمل العلاّمة ؛ لأنّ مقتضی الروایة نفی البأس إذا کانت السورة أکثر من ثلاث آیات ، وحینئذ لو أُرید نفی البأس بالنسبة إلی الأفضل کما ذکره العلاّمة ینبغی أن یکون الجواب من دون هذا الشرط ، إذ منطوقه أنّ تکرار السورة فی الرکعتین إذا کانت أکثر لا بأس به ، ولو کان المراد أنّ السورتین المذکورتین فی کلام العلاّمة أفضل لکان ما عداهما لا بأس به.

واستدلال العلاّمة بروایة علی بن جعفر لا یطابق مطلوبه ، وقد یمکن التسدید بتکلّف ، وحمل الشیخ کما تری یوافقه روایة علی بن جعفر.

وما قد یقال : إنّ النهی فی قوله علیه السلام فی روایة علی بن جعفر : « فلا یفعل » حقیقة فی التحریم ، فالحمل علی الکراهة مشکل ، یمکن الجواب عنه : بعدم معلومیّة القائل بالتحریم.

أمّا ما تضمّنته الروایة الاولی من قوله علیه السلام : « إذا کانت أکثر من ثلاث

توجیه ما دل علی جواز تکرار السورة فی الرکعتین من الفریضة إذا کانت أکثر من ثلاث آیات

ص: 152


1- المختلف 2 : 163.

آیات » فقد قیل (1) : إنّه بظاهره یقتضی خروج البسملة من السورة ؛ إذ لیس فی السور ما یکون مع البسملة ثلاث آیات ، فإنّ أقصر سورة سورة الکوثر ، وهی مع البسملة أربع ، والإجماع انعقد علی أنّها جزء من کل سورة.

وفی کلام بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - : لعلّ المراد بالسورة ما عدا البسملة من قبیل تسمیة الجزء باسم الکل (2). انتهی.

وقد یقال : إنّ دلالة الخبر علی وجود سورة ثلاث آیات إنّما هو بالمفهوم ، ودلالة المفهوم قد تترک للامتناع ، کما قرّروه فی قوله تعالی : ( وَلا تُکْرِهُوا فَتَیاتِکُمْ عَلَی الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) (3).

ویجوز أن تکون فائدة ذکر الثلاث آیات للتنبیه علی أنّ تکرار جمیع السور جائز ، لکن العبارة غامضة فی الغایة.

ولشیخنا الشهید فی الذکری کلام حاصله : أنّ الحدیث لو کان واردا فی تکریر السورة فی الرکعتین لم یکن للتقیید بزیادتها علی الثلاث فائدة (4).

وهذا لا یخلو من وجه ، بل لا یبعد ظهور الخبر فی التبعیض من حیث دلالة روایة أبی بصیر الآتیة (5) علی تقسیم الستّ آیات صریحا ، وهذا ظاهرا. وروایة علی بن جعفر لا تأبی ذلک.

وأمّا خبر إسماعیل بن الفضل ففی دلالته علی التقیّة کما ذکر الشیخ

ص: 153


1- الحبل المتین : 225.
2- الحبل المتین : 225.
3- النور : 33.
4- الذکری : 186.
5- ولکنّها لا یأتی شرحها فیما بعد.

تأمّل ؛ لاحتمال أن یکون علیه السلام أراد تعلیمهم الجواز ، واحتمال الإعلام بحضور من یتّقی یشکل بأنّ الظاهر عدم حصول الفائدة ، إلاّ أن یقال : بأنّ عدم حصولها لا یضرّ بالحال.

وما ذکره الشیخ فی توجیه خبر سعد بن سعد فی غایة البعد ، والروایة المستدل بها علی الحمل ظاهرة فی الکراهة بالنسبة إلی الفریضة ، إلاّ أن تحمل الکراهة علی التحریم ، وللشیخ فی هذا اضطراب کما یعرفه من اطّلع علی کتابیه.

وذکر العلاّمة فی موضع من المختلف - لکن لم یحضرنی الآن - : أنّ الکراهة قد یراد بها المعنی الأُصولی وقد یراد بها معنی یتناول التحریم (1). لکن الظاهر من الخبر الکراهة الأُصولیّة.

بقی فی المقام شی ء وهو أنّ الشیخ کما تری جعل تکرار السورة الواحدة مکروها مع إحسان غیرها ، وخبر حمّاد المشهور اقتضی أنّه علیه السلام قرأ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، فی الرکعتین (2) ، والظاهر من الخبر أنّه علیه السلام أراد بیان الصلاة الکاملة ، فلا بدّ أن یقال باستثناء سورة الإخلاص من التکرار المکروه ، فما ذکره العلاّمة : من أفضلیّة إنّا أنزلناه فی الاولی والإخلاص فی الثانیة (3). محلّ تأمّل ، وإن کان فی الأخبار ما یقتضیه ، إلاّ أنّ خبر حمّاد أسلم سندا فیما أظن ، وما قد یقال : إنّ ظاهر خبر حمّاد فی النافلة فیختص بها ، فیه ما لا یخفی.

ص: 154


1- المختلف 2 : 97.
2- التهذیب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.
3- المختلف 2 : 163.

قوله :

باب القران بین السورتین فی الفریضة.

أخبرنی الشیخ رحمه الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن الهروی (1) ، عن أبان ، عن عمر بن یزید قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أقرأ سورتین فی رکعة؟ قال : « نعم » قلت : ألیس یقال : أعط کل سورة حقّها من الرکوع والسجود؟! فقال : « ذلک فی الفریضة فأمّا فی النافلة فلیس به بأس ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « إنّما یکره أن یجمع بین السورتین فی الفریضة فأمّا النافلة فلا بأس ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن علی بن یقطین ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن القران بین السورتین فی المکتوبة والنافلة ، فقال : « لا بأس ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من الرخصة ، وإن کان الأفضل ما قدّمناه ؛ لأنّ القران بین السورتین لیس ممّا یفسد الصلاة وقد جاءت الروایات صریحة بالکراهیّة.

السند

فی الأوّل : فیه الهروی علی ما وجدته من نسخه الآن ، وفی التهذیب القروی (2) فی نسخة معتبرة ، وفی الرجال : عبد السلام بن صالح

القران بین السورتین

بحث حول الهروی عبدالسلام بن صالح

ص: 155


1- فی الاستبصار 1 : 316 / 1179 والتهذیب 2 : 70 / 257 : القروی.
2- التهذیب 2 : 70 / 257.

الهروی من أصحاب الرضا علیه السلام (1) ، وله مناسبة ؛ لروایة الحسین بن سعید عنه ، وعبد السلام المذکور قال العلاّمة فی الخلاصة : إنّه ثقة صحیح الحدیث (2) ؛ وفی فوائد جدّی قدس سره علیها : هذا لفظ النجاشی تبعه علیه المصنف (3).

ثم حکی قدس سره عن الشیخ أنّه ذکر فی کتابه أنّه عامیّ ، وتبعه علی ذلک المصنّف - یعنی العلاّمة - فی باب الکنی بعبارة یظهر منها أنّ العامی غیر هذا ، ثم قال قدس سره والظاهر أنّهما واحد ثقة عند المخالف والمؤالف. انتهی.

ولم نجد (4) ما ذکره قدس سره فی کتاب الشیخ ، والظاهر أنّ النقل من کتاب ابن طاوس ، وفیه أوهام کثیرة.

ولبعض فضلاء المتأخّرین کلام فی المقام ، حاصله : أنّ التصریح بکونه صحیح الحدیث یقتضی الجزم بکونه إمامیّا ؛ لأنّ الصحیح ما یرویه العدل الإمامی.

ولا یخفی دفع هذا بأنّ تعریف الصحیح المذکور اصطلاح للمتأخّرین ، والمتقدّمون علی خلاف هذا ، وقد مضی القول فی ذلک مفصّلا.

أمّا ما قد یقال : إنّ الصدوق روی فی کتاب کمال الدین روایة ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد السلام بن صالح الهروی (5) ، وهذا یدل

ص: 156


1- انظر رجال الکشی 2 : 872 ، رجال الطوسی : 380 / 14 ، رجال النجاشی : 245 / 643.
2- رجال العلاّمة : 117 / 2.
3- فوائد الشهید علی الخلاصة : 19.
4- موجود فی المطبوع من کتاب الشیخ فی أصحاب الرضا علیه السلام : 380 / 14 و 396 / 5.
5- حکاه فی الوسائل 4 : 98 أبواب أعداد الفرائض ب 30 ح 4 عن عیون أخبار الرضا علیه السلام .

علی أنّ المذکور هنا لیس فی هذه المرتبة.

فالجواب عنه واضح ؛ لأنّ إبراهیم بن هاشم مذکور فی أصحاب الرضا علیه السلام ، وما وقع فی النجاشی بعد حکایته عن الکشی القول بأنّه من أصحاب الرضا علیه السلام من قوله : وفیه نظر (1). قد ذکرنا وجهه فی کتاب معاهد التنبیه : من احتمال کون النظر لا من جهة أنّه من أصحاب الرضا علیه السلام ، بل لکونه تلمیذ یونس بن عبد الرحمن ؛ فإنّ الکشی ذکر أنّه تلمیذ یونس بن عبد الرحمن من أصحاب الرضا علیه السلام ، وإن کان الحق أنّ احتمال کون النظر لیس من جهة یونس ، لا یخلو من وجه ؛ لما ذکره النجاشی فی ترجمة محمّد بن علی بن إبراهیم الهمدانی : أنّ إبراهیم بن هاشم یروی عن إبراهیم بن محمّد الهمدانی عن الرضا علیه السلام (2). وإن کان احتمال الروایة بواسطة تارة وبعدمها أُخری فی حیّز الإمکان ، إلاّ أنّ ظاهر عبارة النجاشی خلاف هذا فی الترجمة المذکورة.

وعلی تقدیر الاعتماد علی هذا فالتصریح بأنّ عبد السلام من أصحاب الرضا علیه السلام لا یمنع من روایة إبراهیم بن هاشم عنه وإن لم یکن من أصحاب الرضا علیه السلام ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الروایة المنقولة عن کمال الدین تضمنت إیمان عبد السلام ، إلاّ أنّ الشهادة منه لنفسه ؛ لأنّ فیها قال : - أعنی عبد السلام - : دخلت إلی باب الدار التی حبس فیها أبو الحسن علیه السلام - إلی أن قال - : فدخلت إلیه ، وحکی کلاما ، ثم قال : قال لی : « یا عبد السلام أمنکر أنت لما أوجب الله عزّ وجلّ لنا من الولایة کما ینکره غیرک؟ » قلت : معاذ

ص: 157


1- رجال النجاشی : 16 / 18.
2- رجال النجاشی : 344 / 928.

الله بل أنا مقرّ بولایتکم (1). انتهی.

وربّما یقال : إنّ الخبر وإن کان ( فیه ما فیه ) (2) ، إلاّ أنّ اعترافه بما ذکر کاف فی إیمانه ، والطریق إلیه حسن ، فما ذکره جدّی قدس سره نقلا عن الشیخ من کونه عامیّا (3) ربّما یندفع بهذا ، فلیتأمّل ، هذا.

وینبغی أن یعلم أنّی وقفت بعد ما ذکرته علی روایة من الشیخ فی باب صلاة العیدین وفیها تصریح بروایة الحسین بن سعید عن أحمد بن عبد الله القروی عن أبان (4) ، وحینئذ یتعیّن أن یکون الموجود هنا هو القروی ، ونسخة الهروی تصحیف ، والمذکور فیما یأتی مجهول الحال ، لأنّی لم أقف علیه فی الرجال.

والثانی : فیه عبد الله بن بکیر ، وقد مضی القول فیه مفصّلا (5).

والثالث : لا ارتیاب فیه کما لا یخفی.

المتن :

فی الأوّل : لا یخفی دلالة صدره علی أنّ القران بین السورتین جائز علی الإطلاق ، إلاّ أنّ قول السائل : قلت : ألیس یقال ، محتمل لأن یکون مراده أنّ إطلاق الجواب بالجواز یقتضی نوع منافرة للأمر بإعطاء کل سورة حقها علی سبیل الاستحباب ، کما یحتمل أن یکون علی سبیل الوجوب ،

بیان ما دل علی جواز القران فی النافلة وعدم جوازه فی الفریضة والجمع بینه وبین ما دل علی الکراهة فی الفریضة

ص: 158


1- لم نعثر علیها فی کمال الدین ، ولکنّها موجودة فی عیون أخبار الرضا علیه السلام 2 : 182 / 6 ، الوسائل 4 : 98 أبواب أعداد الفرائض ب 30 ح 4 ، بتفاوت یسیر.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : منه.
3- راجع ص : 156.
4- التهذیب 3 : 132 / 288.
5- فی ج 1 : 125.

وعلی التقدیرین قد یشکل الإطلاق فی الجواب أوّلا ، کما یشکل الجواب بقوله علیه السلام : « ذاک فی الفریضة » لأنّ إطلاق التجویز فی الجواب الأوّل ملائمته للتفصیل خفیّة.

ولا یبعد أن یکون السائل فهم الإطلاق ثم سأل عن وجه الجمع بین الجواز وبین ذاک الدال علی الرجحان ، فأزاح علیه السلام الریبة بالفرق بین الفرض والنفل ، ولعلّه علیه السلام لمّا علم أنّ السائل یستفصل عن الأمرین أجمل فی الأوّل ، وعلی کل حال فذکر الشیخ الروایة فی الأوّل مع ظاهر دلالتها علی وجوب إعطاء کل سورة حقّها الدال علی تحریم القران ، مع ادّعائه دلالة الثانیة علی الکراهة ، لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ الکراهة فی الأخبار تستعمل بمعنی التحریم بکثرة.

وعلی تقدیر دلالة الخبر الأوّل علی التحریم یحمل الثانی علیه ، بجواز استعمال الکراهة فیه ، ولو کان الأوّل صریحا فی عدم التحریم أمکن أن یقال : إنّ الکراهة مشترکة فی الأخبار بین التحریم والکراهة ، ومع الاشتراک لا ینافی الخبر الأوّل الدال علی الجواز (1) ، إلاّ أن یقال : إنّ الخبر الأوّل فی حیّز الإجمال بسبب ما قدّمناه من الاحتمال ، فیبقی الخبر الثانی صالحا للکراهة ، لا أنّه صریح کما قاله الشیخ ، فإنّ الصراحة ینافیها استعمال الکراهة فی التحریم ، وبالجملة فالمقام واسع البحث ، وقد ذکرت فی حاشیة التهذیب ما لا بدّ منه أیضا.

غیر أنه ینبغی أن یعلم أنّ الشیخ فی زیادات التهذیب روی الثالث بزیادة بعد قوله : « لا بأس » وهی : وعن تبعیض السورة ، قال : « أکره

ص: 159


1- فی « رض » : عدم الجواز.

ولا بأس به فی النافلة » وعن الرکعتین اللتین یصمت فیهما الإمام أیقرأ فیهما بالحمد وهو إمام یقتدی به؟ قال : « إن قرأت فلا بأس وإن سکتّ فلا بأس » (1).

والشیخ رحمه الله فی التهذیب قال بعد الروایة : قوله : لا بأس بالقران بین السورتین فی المکتوبة ، محمول علی أنّه إذا کان إحدی السورتین الحمد ، ولیس فی الظاهر أنّه لا بأس بقراءتهما بعد الحمد (2).

وهذا الکلام من الشیخ رحمه الله غریب وقد حمل الخبر هنا کما تری علی الرخصة وأنّ الأفضل عدم القران ، وأنت خبیر بدلالة الکلام علی أنّ فی الروایة الاولی لا بدّ من التوجیه السابق ، ولولاه لکانت الروایة فی غایة الإجمال ، وقد ذکرت فی کتاب معاهد التنبیه ما یتوجه فی المقام بعد الزیادة التی فی التهذیب.

والحاصل أنّ الشیخ یظهر منه عدم القول بجواز التبعیض فی الفرض ، بل یظهر من بعض الأصحاب نفی القول به (3) ، وحینئذ فما تضمنته الروایة من الزیادة فی جواب السؤال عن التبعیض من قوله علیه السلام : « أکره » لا بدّ من حمله علی التحریم ، وإذا حمل علیه یستبعد حمل الکراهة فی أوّله علی غیر التحریم ، فقول الشیخ هنا : إنّ الروایات جاءت صریحة بالکراهة ، لا یخلو من تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر ربّما یسهل علی تقدیر عدم تحقّق الإجماع علی نفی التبعیض ، وبتقدیر الثبوت ربّما یقال : إنّه لا مانع من استعمال الکراهة فی خبر واحد تارة بمعنی التحریم للمعارض ، وتارة لغیره ، إلاّ أنّ

ص: 160


1- التهذیب 2 : 296 / 1192 ، الوسائل 8 : 358 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 13.
2- التهذیب 2 : 296.
3- کما فی مجمع الفائدة 2 : 206.

الحق عدم الصراحة کما قاله الشیخ ، فإنّ تتبع الأخبار یقتضی خلافه.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ القِران فی المکتوبة علی تقدیر التحریم قیل : إنّه مفسد (1).

واحتج علیه فی المختلف بأنّ القارن بین السورتین غیر آت بالمأمور به علی وجهه (2).

وناقشه بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - بتحقّق الامتثال بقراءة الواحدة ، والثانیة خارجة عن الصلاة ، فالنهی لا یستلزم الفساد کالنظر إلی الأجنبیّة (3). انتهی.

ولقائل أن یقول : إن القران إن وقع فی أوّل القصد علی معنی فعل السورتین بقصد القران من ابتداء القراءة للسورة فالنهی واضح الاستلزام للفساد ؛ إذ الواحدة هی المأمور بها ولم یأت بها ، وکونها فی جملة الثنتین غیر کونها مأمورا بها ؛ إذ المعیّة تنافی الوحدة ، إلاّ أن یقال : قصد الوحدة غیر معتبر ، وفیه : أنّ عدم اعتبار قصد الواحدة مسلّم ، أمّا قصد عدمها فعدم اعتباره محلّ کلام.

أمّا لو قصد القران بعد الفراغ من السورة أمکن الحکم بالصحة وعدمها ، کما ذکرته فی محل آخر من حواشی الروضة.

والحاصل : أنه لا یبعد أن یقال : إن الصلاة کیفیّة متلقّاة من الشارع ، وکل ما خالف المنقول یقتضی عدم الامتثال ، فلیتأمّل.

هل القرآن علی تقدیر التحریم مفسد؟

ص: 161


1- الانتصار : 44 ، والنهایة : 75 - 76.
2- المختلف 2 : 168 - 170.
3- الحبل المتین : 226.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء عن زید الشحّام قال : صلّی بنا أبو عبد الله علیه السلام الفجر فقرأ والضحی وأ لم نشرح فی رکعة.

فلا ینافی ما قدّمناه من کراهیّة القران بین السورتین ؛ لأنّ هاتین السورتین سورة واحدة عند آل محمّد علیهم السلام وینبغی أن یقرأهما موضعا واحدا ولا یفصل بینهما ببسم الله الرّحمن الرّحیم فی الفرائض.

ولا ینافی هذا (1) : ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن الحسین ، عن ابن مسکان ، عن زید الشحّام قال : صلّی بنا أبو عبد الله علیه السلام فقرأ بنا الضحی وأ لم نشرح.

لأنّه لیس فی هذا الخبر أنّه قرأهما فی رکعة أو رکعتین ، فإذا کان هذا الراوی بعینه قد روی هذا الحکم بعینه وبیّن أنّه قرأهما فی رکعة واحدة فحملُ هذه الروایة المطلقة علی ما یطابق ذاک أولی.

ولا ینافی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابنا ، عن زید الشحّام قال : صلّی بنا أبو عبد الله علیه السلام فقرأ فی الأُولی الضحی وفی الثانیة ألم نشرح.

فهذه الروایة وإن تضمّنت أنّه قرأهما فی رکعتین فلیس فیها أنّه قرأهما فی الفریضة أو النافلة ، ویجوز أن یکون قرأهما فی رکعتین من

ص: 162


1- فی الاستبصار 1 : 317 : هذا الخبر.

النوافل ، وذلک جائز علی ما بیّناه.

السند

فی الأوّل : واضح ، وکذلک الثانی ، والحسین الأوّل فیه ابن سعید ، والثانی ابن عثمان.

والثالث : فیه الإرسال ، وکون المرسل ابن أبی عمیر قد قدّمنا القول فیه مفصّلا فی أوّل الکتاب ، والحاصل : أنّ الإجماع غیر منعقد علی قبول مراسیله ، لتصریح الشیخ فی الکتاب بردّ روایات بالإرسال (1) والمرسل لها ابن أبی عمیر ، کما أنّ فیه دفعا لما ظنّ من أنّ معنی قول الکشی : فلان اجمع علی تصحیح ما یصح عنه (2) ، أنّ ما ثبتت صحّته إلیه کاف فی صحة الخبر وإن کان ما بعده بغیر صفة الصحیح ؛ لأنّ ابن أبی عمیر من المجمعین علی تصحیح ما یصح عنه (3) ؛ وقد ردّ خبره بالإرسال کما سمعته ، علی أنّ ذکر مراسیل ابن أبی عمیر وقبولها فی کلام متأخّری الأصحاب (4) صریح فی أنّ معنی الإجماع لیس ما ذکر.

وما وقع فی النجاشی من السکون إلی مراسیله من الأصحاب (5) ، قد بیّنا فیما سبق أنّه لا یدل علی قبول مراسیله ؛ لأنّه ذکر أنّ کتبه ذهبت فلذلک یسکنون الأصحاب إلی مراسیله.

وهذا کما تری لا یلیق منه إرادة إثبات صحة المراسیل بما ذکر ، فإنّه

بحث حول مراسیل ابن أبی عمیر

ص: 163


1- راجع ج 1 : 102.
2- رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
3- انظر نقد الرجال : 285.
4- کالشهید الثانی فی الدرایة : 20 ، التفریشی فی نقد الرجال : 285.
5- رجال النجاشی : 326 / 887.

لا یفید المدّعی بوجه ، ومثل النجاشی لا یتکلم به ، بل الظاهر منه - فی النظر القاصر - أنّ کثرة الإرسال لا یوجب قدحا فیه من حیث عدم الضبط ، إذ لم یحفظ من روی عنه بکثرة ، فلمّا ذهبت کتبه ظهر عذره ، فمن ثمّ سکن الأصحاب إلی مراسیله ، وجمیع هذا مضی (1) ، وإنّما أعدناه لبعد العهد.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّه علیه السلام قرأ الضحی وأ لم نشرح فی رکعة ، وتأویل الشیخ أنّهما سورة واحدة فی ظاهر الحال أنّه من الإجماع ، لکن لا یخفی أنّه یتوجه علی الشیخ أنّ لفظ « ینبغی » فی غیر محلّه ، بل یجب عنده قراءتهما حیث لم یجوّز التبعیض.

وما قد یظن : من أنّ الشیخ ظنّ کونهما سورة واحدة من قراءتهما مع ورود الأخبار بقراءة السورة الواحدة ، لا وجه له ، فإنّ مثل هذا واضح الاندفاع ، بل الظاهر أنّه مرجع الشیخ إلی الإجماع ، غایة الأمر قد یشکل الحال فی ترک البسملة مع وجودها فی المصاحف ، والحرص علی نفی الزوائد منه من نحو الإعراب وغیره یدل علی کون البسملة منهما ، والصدوق فی الفقیه جزم بأنّهما سورة واحدة (2) ، وهو کثیر التثبّت فی الأحکام.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره المحقّق فی المعتبر من أنّا لا نسلّم أنّهما سورة واحدة ، بل إنّما تدل الأخبار علی قراءتهما فی رکعة (3). محل تأمّل ؛

توجیه ما دل علی وقوع القِران من الامام علیه السلام

ص: 164


1- فی ج 1 : 102.
2- الفقیه 1 : 200 / 922.
3- المعتبر 2 : 188.

لأنّ دعوی الشیخ الإجماع لا وجه لردّها ، إلاّ أنّ المحقّق فی الإجماع المدعی کثیر الاضطراب فیه.

والعجب من شیخنا قدس سره فی المدارک أنّه قال - عند قول المحقّق فی الشرائع : روی أصحابنا أنّ الضحی وألم نشرح سورة واحدة ، إلی آخره - : ما ذکره المصنّف من روایة الأصحاب لم أقف علیه فی شی ء من الأُصول ولا نقله ناقل فی کتب الاستدلال (1). انتهی. ولا یخفی أنّ نقل الشیخ الإجماع لا أقلّ من کونه روایة مرسلة ، مع أنّ الصدوق ظاهره نقل متون الأخبار فی کتابه ، فلیتأمّل.

أمّا ما یحکی عن بعض الأصحاب أنّه نقل عن کتاب أحمد بن محمّد بن أبی نصر أنّ فیه : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « لا یجمع بین السورتین فی رکعة واحدة إلاّ الضحی وأ لم نشرح وسورة الفیل ولإیلاف » (2) فلم أقف الآن علی المأخذ ، إلاّ أنّ الروایة ظاهرة فی التعدد ، لکن لا تدل علی وجوب الجمع ، کما یفهم من کلام جدّی قدس سره فی بعض مصنّفاته (3).

وما قاله الشیخ رحمه الله فی الثانی : من أنّه لیس فی الخبر أنّه قرأهما فی رکعة أو رکعتین ؛ متوجّه ، إلاّ أنّ ما ذکره فی الثالث محل تأمّل ؛ لأنّ الحمل علی النافلة یقتضی أنّ الروایة مختلفة ، فتارة یکون قد روی الراوی وقوع الفعل فی الجماعة ، وتارة فی غیرها بناء علی عدم صحّة الجماعة فی النافلة ، کما هو المشهور بین المتأخّرین (4) ، بل ادّعی الشهید رحمه الله الإجماع

ص: 165


1- المدارک 3 : 377.
2- المعتبر 2 : 188.
3- روض الجنان : 269.
4- قال الشهید فی البیان : 224 : المشهور أنّها لا تجوز فی النوافل.

علی نفیه (1) ؛ وإن کان فیه بحث ؛ لوجود القائل (2) ، ودلالة صریح الأخبار علیه (3) ، ولا یبعد أن یکون الشیخ ملاحظا لکون الصلاة جماعة فی النافلة ، لما یظهر من کلامه فی الخبرین مراعاة للمطابقة ؛ إذ لو حمل الروایات علی التعدد لأمکن أن یقال بعدم المانع من فعله علیه السلام تارة فی رکعة وتارة فی رکعتین ، والتبعیض یدل علیه بعض الأخبار کما سبق بیانه (4).

قوله :

باب النهی عن قول آمین بعد الحمد

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن جمیل ، عن أبی عبد الله علیه السلام : « إذا کنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قرائتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمین ، ولا تقل : آمین ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن محمّد الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الکتاب : آمین؟ قال : « لا ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الناس فی الصلاة جماعة حین یقرأ فاتحة الکتاب : آمین ، قال : « ما أحسنها وأخفض الصوت بها ».

النهی عن قول آمین بعد الحمد

اشارة

ص: 166


1- الذکری : 254.
2- لم نعثر علیه قال فی المدارک ( 4 : 338 ) : والقول بجواز الاقتداء فی النافلة مطلقا مجهول القائل.
3- الوسائل 8 : 336 أبواب صلاة الجماعة ب 20 ح 9 و 12.
4- راجع ص : 159 - 160.

فأوّل ما فی هذا الخبر أنّ راویه جمیل وقد روی ضدّ ذلک وهو ما قدّمناه من قوله : ولا تقل : آمین ، بل قل : الحمد لله ربّ العالمین ، وإذا کان قد روی ما ینقض هذه الروایة ویوافق روایة غیره فیجب العمل علیه دون غیره ، ولو سلّم لجاز أن نحمله علی ضرب من التقیّة ، لإجماع الطائفة (1) علی ترک العمل به.

وأیضا فقد روی الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن معاویة بن وهب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : قول آمین إذا قال الإمام : غیر المغضوب علیهم ولا الضّالّین؟ قال : « هم الیهود والنصاری » ولم یُجب فی هذا.

فعدوله علیه السلام عن جواب ما سأله السائل دلیل علی کراهیّة هذه اللفظة ، وإن لم یتمکن من التصریح بکراهیّته للتقیّة والاضطرار فعدل عن جوابه جملة.

السند

فی الأوّل : حسن علی تقدیر کون عبد الله بن المغیرة هو الثقة فی النجاشی (2) ، کما هو الظاهر من الإطلاق ، واحتماله لعبد الله بن المغیرة المذکور فی رجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ مهملا (3) بعیدٌ.

والثانی : فیه محمّد بن سنان.

والثالث والرابع : صحیحان علی ما مضی القول فی رجالهما (4).

إشارة إلی تمییز عبدالله بن المغیرة

ص: 167


1- فی الاستبصار 1 : 319 : الطائفة المحقّة.
2- رجال النجاشی : 215 / 561.
3- رجال الشیخ : 379
4- راجع ج 1 : 70 ، 102 ، 453 وج 3 : 46.

المتن :

نقل بعض محققی المتأخّرین رحمه الله عن العلاّمة فی المنتهی أنّه قال ، قال علماؤنا : یحرم قول آمین وتبطل الصلاة به ، وقال الشیخ : سواء ذلک فی آخر الحمد وغیره سرّا وجهرا للإمام والمأموم وعلی کل حال ، وادّعی الشیخان والمرتضی إجماع الإمامیّة علیه (1).

وفی شرح الإرشاد لجدّی قدس سره أنّ المستند صحیح جمیل وذکر الروایة (2) ؛ وفیه ما ستسمعه بعد نقل کلام الروضة ، وأیضا لا یخفی أنّ ما تضمّنه من قوله : « فقل أنت : الحمدُ لله ربّ العالمین » علی الاستحباب ، ومعه یقرب أن یکون النهی للکراهة فی قوله : « ولا تقل آمین » إلاّ أن یقال بعدم الملازمة بین کون الأمر للاستحباب نظرا إلی الإجماع وکون النهی للکراهة ، بل هو باق علی حقیقته ؛ لعدم المقتضی ؛ وفیه استبعاد الاختلاف فی الخبر الواحد ، لکنه محل کلام.

والثانی : کما تری وإن دل علی النهی الذی هو حقیقة فی التحریم ، إلاّ أنّ ضعف المستند فیه ظاهر ، والوالد قدس سره کان یتوقّف فی الأوامر والنواهی فی الأخبار بالنسبة إلی الوجوب والتحریم حقیقة ، لکثرة استعمالهما فی الندب والکراهة (3) ، ولعلّ الإجماع المدعی فی المقام یسهّل الخطب إن تمّ.

بیان ما دل علی عدم جواز التأمین بعد الفاتحة والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز

ص: 168


1- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 234 ، المنتهی 1 : 281 ، المفید فی المقنعة : 105 ، والشیخ فی الخلاف 1 : 334 ، والسید فی الانتصار : 42.
2- روض الجنان : 267.
3- راجع معالم الأُصول : 48 ، 94 والظاهر منه عدم التوقّف.

وقد اتفق لجدی قدس سره فی الروضة أنّه قال - عند قول الشهید رحمه الله فی التروک : والتأمین - : فی جمیع أحوال الصلاة وإن کان عقیب الحمد أو دعاء ، للنهی عنه فی الأخبار (1). والحال أنّ دلالة الأخبار مختصّة بما بعد الفاتحة ، فالتعمیم لا یخلو من غرابة.

ونقل بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - عن الشیخ فی الخلاف دعوی الإجماع علی بطلان الصلاة بالتأمین (2) ؛ وهو غریب ، فإنّ الخلاف موجود ، کما أنّه فی التحریم کذلک.

ومن ثمّ نقل عن المحقّق فی المعتبر المیل إلی الکراهة محتجا بالثالث (3) ؛ وما ذکره الشیخ من حمله علی التقیّة قد یشکل بأنّه لیس بأولی من الحمل علی الکراهة فی النهی ؛ وفیه : أنّ الظاهر من الثالث نفی الکراهة.

ولا یبعد أن یحمل قوله علیه السلام : « ما أحسنها » علی النفی وتشدید « أُحسّنها » أی : لست أُعدّها حسنة ، فیؤیّد الکراهة ، وربّما احتمل أن یکون قوله : وأخفض ، من کلام جمیل حکایة عنه علیه السلام أنّه أتی بهذه اللفظة خفیّة ، فیؤیّد التقیّة من جهة أُخری ، إلاّ أنّی لم أقف علی ما یقتضی صحة هذا اللفظ (4) فی العربیّة.

أمّا الاستدلال علی التحریم بقوله صلی الله علیه و آله : « هذه الصلاة لا یصلح فیه شی ء من کلام الآدمیّین » (5) وآمین من کلامهم ؛ إذ لیست بقرآن ولا دعاء

ص: 169


1- الروضة 1 : 286.
2- الحبل المتین : 225 ، الخلاف 1 : 334.
3- الحبل المتین : 225 وهو فی المعتبر 2 : 186.
4- فی ( م ) : هذه اللفظة.
5- صحیح مسلم 1 : 381 / 33 بتفاوت یسیر.

ولا ذکر ، إنّما هی اسم للدعاء ، وهو : اللهم استجب ، والاسم مغایر لمسمّاه (1). ففیه : أنّ الخبر غیر معلوم السند.

وذکر بعض الأصحاب أنّ الاستدلال مبنی علی أنّ أسماء الأفعال أسماء لألفاظها لا لمعانیها (2) ؛ وهو خلاف الظاهر ، کما ذکره المحقّق الرضی رضی الله عنه مستدلا بأنّ العرب تقول : صه ، وترید معنی : اسکت ، لا یخطر ببالها لفظ اسکت ، بل قد لا تکون مسموعة له أصلا. انتهی (3).

وقد یقال : إنّ غرض المستدل کون الإذن فی الدعاء لا فی اسم الدعاء ، فلا یضرّ ما ذکره المورد ، وفیه ما لا یخفی ، ولا یبعد أن یقال : إنّ آمین لو فرض أنّها دعاء محض والنهی ورد عنها فلا سبیل إلی استثنائها ، نعم لو ردّ الخبر الدال علی النهی إمّا بعدم الصحة أو عدم الصراحة فی التحریم أمکن أن یقال : إنّ ما دلّ علی تحریم الکلام فی الصلاة مطلق إلاّ ما خرج بالدلیل وهو الدعاء ، وکون لفظ آمین دعاء یتوقف علی الثبوت ، ولم یعلم هذا.

فإن قلت : الدعاء المأذون فیه لا یختص بلفظ ، وکون آمین فی معنی الدعاء لا ینکر ، وذلک کاف فی المطلوب.

قلت : لا یبعد أن یکون الدعاء المأذون فیه ما یسمّی دعاء لغة أو عرفا علی تقدیر انتفاء الشرع ، واللغة غیر معلومة الآن ، والعرف لا یساعد علی کون آمین دعاء ، وإن کان فی البین کلام.

أمّا ما قد یقال فی توجیه عدم الإفساد : من أنّ النهی عن أمر خارج

ص: 170


1- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 234.
2- حکاه فی مجمع الفائدة 2 : 235.
3- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 235 ، وهو فی شرح الرضی علی الکافیة 3 : 87.

عن العبادة ، ففیه : ( أنّه إذا تحقّق النهی علم أنه غیر مستثنی ممّا یجوز ، ومعه تتوقف الصحّة علی الدلیل ؛ إذ العبادة متلقّاة من الشارع ، ولو نوقش فی ذلک یقال : إنّ إطلاق المنع من الکلام والإبطال به حاصل إلاّ ما خرج بالدلیل ، والفرض وقوع النهی عن قوله : آمین ، فلیتأمّل ) (1).

ومن هنا یعلم أنّ القائل بالتعمیم فی الفاتحة وغیرها (2) ربّما یوجّه کلامه بنوع من التدبر فیما ذکرناه.

وما قاله بعض الأصحاب من أنّ الأوامر المطلقة تقتضی الصحة (3) ، فیه تأمّل یعرف من تفصیل المقام.

أمّا ما یقال : من أنّ التأمین لا یصح إلاّ لمن قصد الدعاء ، فلا یجوز إلاّ لمن قصد الدعاء ، لأنّه کلام بغیر ذکر ودعاء ، فیدخل تحت النهی فیکون حراما ومبطلا.

ففیه تأمّل ؛ لأنّ (4) استجابة الدعاء لا یختصّ بحضوره ، سلّمنا ، لکن النهی غیر عام فی الأخبار ، والإجماع علی أنّ غیر الذکر والدعاء مبطل علی وجه یتناول التأمین غیر حاصل ، کما هو واضح.

إلاّ أن یقال : إنّ إثبات کون التأمین دعاء غیر معلوم ، فیحتاج الحکم بجوازه إلی دلیل.

وفیه : انّ الکلام فی الدخول تحت النهی.

وما ذکره الشیخ فی التبیان لتوجیه الإبطال بآمین من لزوم خروج

ص: 171


1- ما بین القوسین لیس فی « رض » ، وبدله فی « م » : وجه.
2- راجع ص : 169.
3- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 235.
4- فی « فض » زیادة : طلب.

الفاتحة عن کونها قرآنا إن قصد الدعاء ، أو عدم فائدة التأمین علی تقدیر قصد القرآن ، ولزوم استعمال المشترک علی تقدیر إرادة القرآن والدعاء من الفاتحة (1) ؛ اعترض علیه جدّی قدس سره .

أوّلا : بمنع الاشتراک لاتّحاد المعنی.

وثانیا : أن قصد استجابة الدعاء لا یتعیّن کونه بالفاتحة (2).

وقد یقال علی الأوّل : إنّ الاشتراک لو فرض إمکانه فالمعنی مختلف ، ومن ثم جوّز القنوت بالقرآن من حیث الدعاء ، نعم الوضع للدعاء غیر متحقّق لیدخل فی المشترک بحسب وضعه ، کما یعلم من الأُصول ، وقد ورد فی معتبر الأخبار أنّ الفاتحة مشتملة علی الدعاء والذکر (3).

وعلی الثانی : قصد استجابة الدعاء إذا لم یتعیّن یقتضی اعتبار قصد الاستجابة لغیر الفاتحة ، والمطلوب لجدّی قدس سره الإبطال بالتأمین مطلقا (4) ، إلاّ أنّ توجیه هذا غیر بعید ، فلیتأمّل.

أمّا الخبر الرابع : فربما کانت التقیّة فیه ظاهرة ، وکأنّ بعض المخالفین کان حاضرا فی المجلس فأوهمه علیه السلام أنّ السؤال عن تفسیر المغضوب علیهم ولا الضالین ، أمّا الحمل علی کون القائلین بهذه اللفظة کالیهود والنصاری فممّا لا یلیق ذکره.

ص: 172


1- التبیان 1 : 46.
2- روض الجنان : 267.
3- انظر الوسائل 6 : 108 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 1.
4- روض الجنان : 267.

قوله :

باب من قرأ سورة من العزائم التی فی آخرها السجود.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه سئل عن الرجل یقرأ بالسجدة فی آخر السورة قال : « یسجد ثم یقوم فیقرأ فاتحة الکتاب ثم یرکع ویسجد ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبی البختری وهب بن وهب ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، عن أبیه ، عن علی علیهم السلام أنّه قال : « إذا کان آخر السورة السجدة أجزأک أن ترکع بها ».

فلا ینافی هذا الخبر الأوّل ؛ لأنّ هذا الخبر محمول علی من یصلّی مع قوم لا یمکنه أن یسجد ویقوم فیقرأ الحمد ، فإنّه لا بأس أن یرکع ، والخبر الأوّل محمول علی المنفرد.

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : « من قرأ اقرأ باسم ربک ، فإن ختمها فلیسجد ، فإذا قام فلیقرأ فاتحة الکتاب ولیرکع » قال : « فإن ابتلیت مع إمام لا یسجد فیجزؤک الإیماء والرکوع ، ولا تقرأها فی الفریضة اقرأها فی التطوع ».

السند

فی الأوّل : حسن علی تقدیر ما قدّمناه (1) : من أنّ العدّة المذکورة

من قرأ سورة من العزائم التی فی آخرها السجود

اشارة

ص: 173


1- فی ج 1 : 475.

هی من ذکرهم فی ترتیب الوضوء من حیث إن الظاهر عدم الاختصاص بذلک الباب.

والثانی : فیه وهب بن وهب وهو ضعیف.

والثالث : فیه عثمان بن عیسی وقد مضی مکرّرا ضعفه (1).

المتن :

فی الأوّل : لو لا دعوی الإجماع فی کلام بعض (2) علی تحریم قراءة العزیمة فی الفریضة لأمکن تأیید الإطلاقات الدالة علی قراءة السورة به ، لکن ظاهر الشیخ کما تری القول بمضمونه ، حیث لم یتعرض لحمله علی ما یوافق المشهور.

والثانی : ما ذکره الشیخ فی توجیهه لا یتعیّن ، لجواز حمل الأوّل علی الفضل والثانی علی الجواز.

وما تضمّنه الثالث : من النهی لم یتعرض الشیخ له مع أنّه المهمّ من حیث اقتضائه حمل الأوّل علی النافلة أو علی قراءة العزیمة سهوا ، ونحو ذلک ، وعلی تقدیر عدم الإجماع یمکن حمل النهی فی الأخیرة علی الکراهة ، کما یؤیّده الأمر بالقراءة فی التطوع.

هذا وفی أخبار أُخر ما یدل علی الجواز مطلقا ، کما رواه الشیخ فی التهذیب فی زیادات الصلاة ، والثقة الجلیل محمّد بن یعقوب فی الحسن ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه سئل عن الرجل یقرأ بالسجدة فی آخر السورة ، قال : « یسجد ثم یقوم فیقرأ فاتحة الکتاب ثم یرکع

وهب بن وهب ضعیف

إشارة إلی ضعف عثمان بن عیسی

بیان ما دلّ علی عدم بطلان الصلاة بقراءة العزیمة والجمع بینه وبین ما دل علی النهی عنها

ص: 174


1- فی ج 1 : 71 ، 183.
2- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 233.

ویسجد » (1).

وروی الشیخ فی الصحیح ، عن محمّد ، عن أحدهما علیهماالسلام ، قال : سألته عن الرجل یقرأ السجدة فینساها حتی یرکع ویسجد ، قال : « یسجد إذا ذکر إذا کانت من العزائم » (2).

وغیر ذلک من أخبار نقلتها فی کتاب معاهد التنبیه مع زیادة أحکام لا بدّ منها.

وللأصحاب کلام فی بطلان الصلاة مع قراءة العزیمة واحتجاج لبعض علی المنع (3).

أمّا الأوّل : فوجّه البطلان بعضهم بزیادة السجدة فی الصلاة ، أو ترک الفوریّة الموجب للنهی عن الضد (4) ؛ واعترض علیه : بعدم ثبوت الفوریّة ، وعلی تقدیرها بالبناء علی وجوب إکمال السورة وتحقق القران بالبعض (5) ، والإثبات فیهما مشکل.

وأمّا الثانی : فهو یعرف من الأوّل ، وقد ذکرنا ما فی ذلک کلّه فی الکتاب المشار إلیه ، والحاصل أنّه لا یبعد اختصاص القران بالسورتین التامّتین ؛ لما هو معلوم من جواز العدول من السورة إلی أُخری مع الشرط المذکور فی محلّه ، إلاّ أن یقال : إنّ القران لا یتم إلاّ بالقصد من أوّل الأمر ؛ وفیه : أنّه یستلزم جواز قراءة سورتین بعد قصد قراءة واحدة من أوّل الأمر ،

أدلّة القول بالبطلان والمناقشة فیها

ص: 175


1- الکافی 3 : 318 / ح 5 ، التهذیب 2 : 391 / ح 1167 ، الوسائل 6 : 102 أبواب القراءة فی الصلاة ب 37 ح 1.
2- التهذیب 2 : 292 / 1176 ، الوسائل 6 : 104 أبواب القراءة فی الصلاة ب 39 ح 1.
3- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 232 ، المدارک 3 : 351 - 353.
4- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 232.
5- المدارک 3 : 352.

وإشکاله علی تقدیر القول بالتحریم ظاهر من إطلاق الأخبار.

وقد ذکر بعض الأصحاب أنّ البطلان بقراءة السورة من العزائم إنّما یظهر بعد قراءة آیة السجدة لیتوجّه النهی إلی العبادة (1). وربّما یقال : إنّ وجوب إکمال السورة إذا سلّم لزم منه محذور النهی فی العبادة. وفیه نوع تأمّل ، إلاّ أنّه قابل للتسدید ، فما ذکره جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد : من أنّه علی القول بالتحریم مطلقا کما ذکره المصنّف - یعنی العلاّمة - والجماعة ، من قرأ العزیمة عمدا بطلت صلاته بمجرد الشروع فی السورة وإن لم یبلغ موضع السجود ، للنهی المقتضی للفساد (2) ؛ محلّ بحث.

هذا ، ویبقی من الأخبار الدالة علی المنع ما نقله شیخنا قدس سره عن الشیخ (3) ، والذی رأیته فی الکافی ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « لا تقرأ فی المکتوبة بشی ء من العزائم ، فإنّ السجود زیادة فی المکتوبة » (4).

قال شیخنا قدس سره : وفی الطریق القاسم بن عروة وهو مجهول ، وعبد الله بن بکیر وهو فطحیّ (5).

وما ذکره فی القاسم یرید به الجهالة بحاله بسبب عدم وجود ما یدل علی المدح والتوثیق مع ذکره فی الرجال ، وقد قدّمنا فیه القول وذکر ما توهّم فیه البعض (6) ، والعجب من قول العلاّمة فی المنتهی أنّ القاسم بن عروة ما یحضرنی الآن حاله (7) ، وله فی المختلف نظیر هذا فی کثیر من

کلمة حول جهالة القاسم بن عروة

ص: 176


1- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 233.
2- روض الجنان : 266.
3- المدارک 3 : 352.
4- الکافی 3 : 318 / 6 ، الوسائل 6 : 105 أبواب القراءة فی الصلاة ب 40 ح 1.
5- المدارک 3 : 352.
6- فی ج 1 : 439.
7- المنتهی 1 : 276.

الرجال ، وهو یوجب زیادة الفکر ( فی سرعة الاستعجال ) (1).

قوله :

باب الحائض تسمع سجدة العزائم.

(2) الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیّوب ، عن الحسین بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن صلّیت مع قوم فقرأ الإمام ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ ) أو شیئا من العزائم وفرغ من قراءته ولم یسجد فأوم إیماء ، والحائض تسجد إذا سمعت السجدة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال : « تقرأ (3) ولا تسجد ».

فلا ینافی الخبر الأوّل ؛ لأنّ الخبر الأوّل محمول علی الاستحباب دون الوجوب ، وهذا الخبر محمول علی جواز ترکه ، ولا تنافی بینهما.

السند

فی الأوّل : واضح الحال بأبی بصیر لتکرّره فیما مضی من المقال (4).

الحائض تسمع سجدة العزائم

اشارة

ص: 177


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- فی الاستبصار 1 : 320 / 1192 : أخبرنی.
3- فی الاستبصار 1 : 320 / 1193 : لا تقرأ.
4- فی ج 1 : 73.

والثانی : لا ارتیاب فیه بعد ما قدمناه فی أبان مرارا (1) ، وذکرنا عن قریب القول فی روایة الحسین بن سعید عن فضالة (2).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی الحکمین المشتمل علیهما.

والثانی : ما ذکره الشیخ فیه وجه للجمع ، وما ذکره العلاّمة فی المختلف فی باب الحیض : من أنّ الخبر محمولٌ علی المنع من قراءة العزائم ، فکأنّه علیه السلام قال : تقرأ القرآن ولا تسجد ، أی لا تقرأ العزیمة التی تسجد فیها ، وإطلاق السبب علی المسبب جائز. انتهی (3). ولا یخفی ما فیه من التکلف.

والعجب أنّه فی کتاب الصلاة ذکر المسألة ونقل عن الشیخ فی المبسوط جواز السجود للحائض ، وفی النهایة القول بعدم السجود ، ثمّ حکی عن الشیخ الاحتجاج بالروایة ، وأنّه أجاب عنها فی الاستبصار بأنّ الخبر الأوّل - یعنی خبر أبی بصیر - محمول علی الاستحباب دون الوجوب ، وهذا الخبر محمول علی الجواز ، ثم قال العلاّمة : وهذا التأویل بعید ؛ لخروجه عن القولین.

ووجه التعجب أنّه اختار فی المسألة فی کتاب الصلاة کون الطهارة غیر شرط مستدلا بالأصل وروایة أبی بصیر ، ثم ذکر روایة عبد الرحمن واصفا لها بالموثّق ، وأجاب بما تری (4) ، والحال أنّه لا بدّ له من تأویله إن

توجیه ما دل علی أنّ الحائض إذا سمعت السجدة لا تسجد ، واضطراب کلام الشیخ والعلّامة فی المسألة

ص: 178


1- فی ج 1 : 183 ، ج 2 : 177.
2- راجع ص 73 و 87.
3- المختلف 1 : 185.
4- المختلف 2 : 185 ، 186 ، المبسوط 1 : 114 ، والنهایة : 25.

کان معمولا به عنده ، وإن لم یکن معمولا به لزمه ردّه.

وقد ردّه فی باب الحیض بعدم الصحة (1) ؛ مع أنّ أبان بن عثمان قد نقل الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عنه (2) ، والقدح فیه بالناووسیّة من ابن فضّال (3) ، کما صرّح به فی فوائد الخلاصة علی ما حکی عن ولده أنّه سأله عن ذلک فأجابه بما ینافی الرد (4) ، وحینئذ فعدم الالتفات فی کتاب الصلاة إلی تأویله غریب.

وکونه مخالفا لقولی الشیخ لا یضرّ ؛ لاحتمال کون مذهبه فی الاستبصار غیر مذهبه فی المبسوط والنهایة ، علی تقدیر الاعتماد علی الاستبصار ، کما ینقل عنه العلاّمة بعض الأقوال من الاستبصار.

ومن العجیب فی المقام أنّ الشیخ فی أوّل التهذیب ادّعی الإجماع علی اشتراط الطهارة فی سجود التلاوة ، وهنا کما تری ، وفی التهذیب فی الزیادات من الصلاة حمل خبر أبی بصیر علی الاستحباب (5) ، والعلاّمة فی المختلف کما سمعته فی کتاب الصلاة احتج بأصالة البراءة (6) - یعنی من التکلیف بالطهارة - مع أنّ الشیخ ادّعی الإجماع علی الطهارة.

وفی باب الحیض من المختلف استدل بأنّ الاستماع موجب للسجود إجماعا ، ثم ذکر أنّ الحیض لا یصلح للمانعیّة ، والأصل انتفاء غیره ،

ص: 179


1- المختلف 1 : 185.
2- رجال الکشی 2 : 673.
3- رجال الکشی 2 : 640.
4- حکاه عنه فی منهج المقال : 17.
5- التهذیب 2 : 292.
6- المختلف 2 : 185.

وللإجماع (1).

وهذا الاضطراب فی الإجماع من الشیخ والعلاّمة یوجب زیادة التعجب ، وهم أعلم بالحال.

أمّا ما اتفق لبعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من حمل الخبر المبحوث عنه أخیرا علی التعجب قائلا : إنّ المعنی کیف تقرأ ولا تسجد؟ (2) ففیه : أنّه غریب منه ؛ لأنّ السؤال صریح فی جواز القراءة وعدمه ، کما ینبئ عنه لفظ « هل » لا أنّ السائل عالم بالجواز سائل عن السجود ، فلیتدبّر.

قوله :

باب إسماع الرجل نفسه القراءة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة وابن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « لا یکتب من القراءة والدعاء إلاّ ما أسمع نفسه ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن العبّاس بن معروف ، عن الحسن ابن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام هل یقرأ الرجل فی صلاته وثوبه علی فیه؟ قال : « لا بأس بذلک إن کان أسمع (3) أُذنیه الهمهمة ».

إسماع الرجل نفسه القراءة

اشارة

ص: 180


1- المختلف 1 : 184.
2- البهائی فی الحبل المتین : 50.
3- فی الاستبصار 1 : 320 / 1195 : لا بأس بذلک إذا أسمع. ، وفی « رض » : لا بأس بذلک إن أسمع.

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن العمرکی ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی بن جعفر علیهم السلام ، قال : سألته عن الرجل یصلح له أن یقرأ فی صلاته ویحرک لسانه بالقراءة فی لهواته من غیر أن یسمع نفسه؟ قال : « لا بأس أن لا یحرک لسانه ، یتوهم توهّما ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی من یصلّی خلف من لا یقتدی به جاز أن یقرأ مع نفسه مثل حدیث النفس.

یدلّ علی ذلک :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب بن یزید ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عمّن ذکره ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یجزؤک من القراءة معهم مثل حدیث النفس ».

السند

فی الأوّل : حسن.

والثانی : صحیح علی ما تقدّم (1) ؛ لأنّ الطریق إلی محمّد بن أحمد بن یحیی فی المشیخة من لا یرتاب فیه من عاصرناه (2) وغیرهم من المصطلحین علی الحدیث الصحیح (3).

وکذلک الثالث.

کلمة فی الطریق إلی محمد بن أحمد بن یحیی

ص: 181


1- راجع ج 1 : 65 ، ج 2 : 146 ، ج 3 : 16 - 17.
2- کصاحب منهج المقال : 407.
3- کالعلاّمة فی الخلاصة : 276.

والرابع : فیه الإرسال ، أمّا محمّد بن أبی حمزة فقد مضی أنّ الظاهر کونه الثمالی (1) ، واحتمال التیملی المذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملا (2) ، بعید ، مع احتمال الاتحاد ، غیر أنّ الروایة هنا عن یعقوب بن یزید عنه ، وفی الرجال أنّ الراوی عنه محمّد بن أبی عمیر فی النجاشی (3) والفهرست (4) ؛ وفی الظن أنّ روایة یعقوب بن یزید عنه بعیدة ، والأمر سهل بعد الإرسال.

المتن :

فی الأوّل ظاهر الدلالة ، وکأنّ الظاهر أنّ المراد فی الإخفات ؛ لاعتبار الزیادة فی الجهر علی المشهور ، والروایة وإن کانت عامة فهی دالّة علی القراءة فی الصلاة للدخول فی العموم ، ولا یخفی أنّ قوله : « إلاّ ما أسمع نفسه » فی تقدیر ما أسمع الإنسان نفسه.

والثانی : کما تری یدل علی الاکتفاء بسماع الهمهمة ، فیقیّد الأوّل به ، وحینئذ یفید الخبر الاکتفاء فی الإخفات بسماع الهمهمة ، ولم أجد من صرّح فی تفسیر إسماع الإنسان نفسه فی الإخفات بالهمهمة ، کما ذکرته فی حواشی التهذیب أیضا ، وقد قدّمنا (5) عن قریب کلاما فی الجهر والإخفات ، حیث ذکر الشیخ هناک الجهر فی الصلاة.

ویمکن أن یقال هنا : إنّ الخبر الأوّل والثانی یتناولان الجهریّة

کلمة حول تمییز محمد بن أبی حمزة

بیان ما دل علی لزوم إسماع الرجل نفسه القراءة والجمع بینه وبین ما دل علی کفایة مثل حدیث النفس

ص: 182


1- راجع ج 1 : 146.
2- رجال الطوسی : 306 / 417.
3- رجال النجاشی : 358 / 961.
4- الفهرست : 148 / 630.
5- فی ص : 100.

ویؤیّدان الاستحباب السابق نقله ، ویکون الخبر الثالث محمولا علی الإخفاتیّة بیانا لأقلّ مراتبه ، إلاّ أنّ المعروف من الأصحاب المتأخّرین خلاف ذلک ؛ والحمل علی التقیة کما ذکره الشیخ له وجه وإن بَعُد.

وذکر بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله أنّه لو لا خوف الإجماع لکان القول بمضمون الصحیح - یعنی خبر علیّ بن جعفر - أولی ؛ لبُعد حمل الشیخ من حیث عدم الإشعار فی الخبر بما ذکره ، وضعف المؤیّد ، والجمع بین الأخبار بحمل الأولین علی الاستحباب ( جمع حسن ) (1) انتهی (2). وله وجه وجیه یظهر بالتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : اللهاة : اللحمة المشرفة علی الحلق ، والجمع : لهوات ولهیات (3). وفیه : الهمهمة : الکلام الخفی ، وتنویم المرأة الطفل بصوتها ، وتردّد الزئیر فی الصدر من الهم ، ونحو أصوات البقر وکل صوت معه بحح (4).

قوله :

باب التخییر بین القراءة والتسبیح فی الرکعتین الأخیرتین

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة قال : قلت

معنی اللهوات والهمهمة

التخییر بین القراءة والتسبیح فی الرکعتین الأخیرتین

اشارة

ص: 183


1- ما بین القوسین أضفناه من المصدر.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 226.
3- القاموس المحیط 4 : 390 ( لها ).
4- القاموس المحیط 4 : 194 ( الهم ).

لأبی جعفر علیه السلام : ما یجزئ من القول فی الرکعتین الأخیرتین؟ قال : « أن تقول : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلاّ الله والله أکبر وتکبّر وترکع ».

الحسین بن سعید ، عن النضر بن سوید ، عن یحیی الحلبی ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرکعتین الأخیرتین من الظهر ، قال : « تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبک وإن شئت فاتحة الکتاب فإنّها تحمید ودعاء ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبد الله بن بکیر ، عن علی بن حنظلة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الرکعتین الأخیرتین ما أصنع فیهما؟ فقال (1) : « إن شئت فاقرأ (2) فاتحة الکتاب وإن شئت فاذکر الله فهو سواء » قال : قلت : فأیّ ذلک أفضل؟ فقال : « هما والله سواء ، إن شئت سبّحت وإن شئت قرأت ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن أبی الحسن بن علان ، عن محمّد بن حکیم قال : سألت أبا الحسن علیه السلام أیّما أفضل : القراءة فی الرکعتین الأخیرتین أو التسبیح؟ قال (3) : « القراءة أفضل ».

فالوجه فی هذه الروایة ( أنّه ) (4) إذا کان إماما کانت القراءة

ص: 184


1- فی الاستبصار 1 : 322 / 1200 ، و « م » : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 321 / 1200 : قرأت.
3- فی الاستبصار 1 : 322 / 1201 : فقال.
4- ما بین القوسین أضفناه من الاستبصار 1 : 322.

أفضل ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کنت إماما فاقرأ فی الرکعتین الأخیرتین فاتحة الکتاب ، وإن کنت وحدک فیسعک فعلت أو لم تفعل ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا قمت فی الرکعتین الأخیرتین لا تقرأ فیهما فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أکبر ».

فإنّما نهاه أن یقرأ معتقدا أنّ غیر القراءة لا یجوز ، دون أن یقرأ (1) علی وجه الاختیار وطلب الفضل ، ویمکن أن یکون (2) قوله : « لا تقرأ فیهما » خبرا لا نهیا ، فکأنّه قال : إذا لم تکن ممّن یقرأ ، فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أکبر.

السند

فی الأوّل : قد تکرّر القول فیه من جهة محمّد بن إسماعیل (3) ، وبیّنا أنّه من الشیوخ غیر ابن بزیع ، والفرق بینه وبین أحمد بن محمّد بن الحسن ابن الولید وابن یحیی العطّار وأشباههما غیر واضح ، بل إمّا أن تردّ روایة الجمیع للجهالة أو یقبل الجمیع ، والالتفات إلی تصحیح العلاّمة بعض الطرق الذی فیها أحد المذکورین مشترک ، وقول الوالد قدس سره : إنّ مثل هذا

بحث حول محمد بن اسماعیل

ص: 185


1- فی الاستبصار 1 : 322 / 1203 : یقرأها.
2- فی النسخ : یقول ، والصحیح ما أثبتناه من الاستبصار 1 : 322 / 1203.
3- راجع ج 1 : 46.

الخبر من الحسن (1) ؛ غیر واضح الوجه ، بل إمّا من الصحیح أو من الضعیف.

والثانی : لا ارتیاب فیه.

والثالث : فیه الحسن بن علی بن فضّال وقد مضی فیه المقال (2) ، أمّا علی بن حنظلة ففی رجال الصادق من کتاب الشیخ مذکور مهملا (3).

والرابع : محمّد بن أبی الحسن فیه مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، وفی التهذیب : محمّد بن الحسن بن علان (4) ، وهو مجهول أیضا. أمّا محمّد بن حکیم فهو مشترک بین رجلین لا یزیدان عن الإهمال کما مضی القول فی ذلک (5).

والخامس : واضح الرجال.

والسادس : کذلک.

المتن :

لا بدّ قبل الکلام فیه من بیان مقدّمة وهی : أنّ العلاّمة فی المختلف قال : أجمع علماؤنا علی التخییر بین الحمد وحدها والتسبیح فی الثالثة والرابعة من الثلاثیّة والرباعیّة ، لکن اختلفوا فی مقامات وذکر ما حاصله :

أوّلا : فی قدر التسبیح.

وثانیا : أنّ الظاهر من کلام ابنی بابویه أفضلیّة التسبیح علی القراءة

علی بن حنظلة مهمل

محمد بن أبی الحسن بن علان مجهول

محمد بن حکیم مشترک بین مهملین

التخییر بین الفاتحة والتسبیح فی الاخیرتین وبیان موارد الاختلاف بین الفقهاء فی المسالة

ص: 186


1- منتقی الجمان 2 : 27.
2- راجع ج 4 : 129 و 379.
3- رجال الطوسی : 241 / 296.
4- التهذیب 2 : 98 / 370.
5- راجع ج 4 : 272.

للإمام والمأموم ، وهو قول ابن أبی عقیل وابن إدریس ؛ والظاهر من الشیخ فی النهایة والجمل والمبسوط التخییر من غیر تفضیل ، ومن الاستبصار ذلک فی حق المنفرد ، وأمّا الإمام فالأفضل له القراءة.

وابن الجنید قال : یستحب للإمام المتیقّن أنّه لم یدخل فی صلاته أحد ممّن سبقه برکعة من صلاته أن یُسبّح فی الأخیرتین لیقرأ فیهما من لم یقرأ فی الأوّلتین من المأمومین ، وإن علم بدخوله أو لم یأمن من ذلک (1) قرأ فیهما بالحمد لیکون ابتداء صلاة الداخل بقراءة ، والمأموم فیقرأ فیهما ، والمنفرد یجزؤه أیّما فعل.

وثالثا : أنّه هل یتعین قراءة الفاتحة فی الأخیرتین فی حق الناسی للقراءة فی الأوّلتین؟ قال فی المبسوط : إن (2) نسی القراءة فی الأوّلتین لم یبطل تخییره ، وإنّما الأولی له القراءة لئلاّ تخلو الصلاة من القراءة ، وقد روی أنّه إذا نسی القراءة فی الأوّلتین تعیّن فی الأخیرتین.

وقال ابن أبی عقیل : من نسی القراءة فی الرکعتین الأوّلتین وذکر فی الأخیرتین سبّح فیهما ولم یقرأ فیهما شیئا (3).

إذا عرفت هذا : فاعلم أنّ الأوّل کما یدلّ علی إجزاء التسبیح عن قراءة الفاتحة یدل علی الاکتفاء بالمرّة المذکورة فیه ، وهی : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أکبر » وهذا المنقول عن المفید رحمه الله أنّه قال : أقلّه أربع تسبیحات ، وهی : « سبحان الله والحمد الله ولا إله إلاّ الله والله

بیان دلالة الاخبار

ص: 187


1- فی « رض » : أو لم یأمن فی ذلک. ، وفی المصدر : أو لم یأمن ذلک.
2- فی المصدر : من.
3- المختلف 2 : 163 - 167 ، الفقیه 1 : 209 ، السرائر 1 : 230 ، النهایة : 76 ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 181 ، المبسوط 1 : 106 ، الاستبصار 1 : 322.

أکبر » مرّة واحدة (1).

والثانی : کما تری یدل علی إجزاء مطلق التسبیح والتحمید والاستغفار.

والمنقول عن ابن الجنید القول بأنّه یقال مکان القراءة تحمید وتسبیح وتکبیر (2) ؛ وهذا الخبر لا یدل علیه ، بل المنقول عنه الاحتجاج بالسادس ، أمّا مضمون المبحوث عنه فلم أقف علی القائل به.

والثالث : واضح الدلالة علی المساواة مطلقا ، وقد ذکر فی المختلف أنّ القائلین بالمساواة احتجوا به (3).

والرابع : دالّ علی أفضلیّة القراءة.

والخامس : دلّ علی أفضلیّة القراءة للإمام والتساوی للمنفرد.

والسادس : دالّ علی رجحان التسبیح مطلقا ، وتأویل الشیخ ستسمع القول فیه (4).

ولا بدّ قبل الکلام فیما لا بدّ منه من ذکر بقیّة الأخبار الواردة فی الباب ممّا وقفت علیه :

فروی الشیخ فی زیادات الصلاة من التهذیب ، عن علی بن مهزیار ، عن النضر بن سوید ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن معاویة بن عمار قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القراءة خلف الإمام فی الرکعتین الأخیرتین ، فقال : « الإمام یقرأ فاتحة الکتاب ومن خلفه یسبّح ، فإذا کنت وحدک فاقرأ

ذکر بقیّة الاخبار الواردة فی الباب

ص: 188


1- حکاه عنه فی المختلف 2 : 164.
2- حکاه عنه فی المختلف 2 : 164.
3- المختلف 2 : 166.
4- فی ص 191.

فیهما ، وإن شئت فسبّح » (1).

وروی بطریق فیه علی بن السندی - وقد مضی القول فیه (2) ، وباقی رجاله لا ارتیاب فیه - والراوی جمیل بن درّاج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عمّا یقرأ الإمام فی الرکعتین فی آخر الصلاة ، فقال : « بفاتحة الکتاب ولا یقرأ الذین خلفه ، ویقرأ الرجل فیهما إذا صلّی وحده بفاتحة الکتاب » (3).

وروی فی باب الجماعة من الزیادات عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن کنت خلف الإمام فی صلاة لا یجهر فیها بالقراءة حتی یفرغ وکان الرجل مأمونا علی القرآن فلا تقرأ خلفه فی الأوّلتین » وقال : « یجزئک التسبیح فی الأخیرتین » قلت : أیّ شی ء تقول أنت؟ قال : « أقرأ فاتحة الکتاب » (4).

وروی عن الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا أدرک الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام یحتسب بالصلاة خلفه ، جعل أوّل ما أدرک أوّل صلاته إن أدرک من الظهر أو من العصر أو من العشاء رکعتین وفاتته رکعتان ، قرأ فی کل رکعة ممّا أدرک خلف الإمام فی نفسه بأمِّ الکتاب وسورة ، فإن لم یدرک السورة تامّة أجزأته أمّ الکتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّی فیها رکعتین لا یقرأ فیهما لأنّ الصلاة إنّما یُقرأ فیها فی الأوّلتین فی کلّ رکعة بأُمّ الکتاب

ص: 189


1- التهذیب 2 : 294 / 1185 ، الوسائل 6 : 108 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 2.
2- فی ج 1 : 355.
3- التهذیب 2 : 295 / 1186 ، الوسائل 6 : 108 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 4.
4- التهذیب 3 : 35 / 124 بتفاوت یسیر ، الوسائل 8 : 357 أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 9.

وسورة ، وفی الأخیرتین لا یقرأ فیهما ، إنّما هو تسبیح وتکبیر وتهلیل ودعاء لیس فیهما قراءة » الحدیث (1).

وروی الصدوق فی الفقیه فی أوّل باب الصلاة بطریقه الصحیح عن زرارة بن أعین ، قال أبو جعفر علیه السلام : « کان الذی فرض الله علی العباد عشر رکعات وفیهن القراءة ولیس فیهن وهم - یعنی سهوا - فزاد رسول الله صلی الله علیه و آله سبعا وفیهن السهو ولیس فیهن قراءة » الحدیث (2).

وروی عن زرارة فی الصحیح ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « لا تقرأ فی الرکعتین من الأربع رکعات المفروضات إماما کنت أو غیر إمام » قلت : فما ذا أقول فیهما؟ قال : « إذا کنت إماما أو وحدک فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، ثلاث مرّات تکمّل تسع تسبیحات ثمّ تکبّر وترکع » وهذه الروایة ذکرها الصدوق فی باب صلاة الجماعة (3).

وروی أیضا بطریق وإن کان غیر سلیم إلاّ أنّ إیداع الروایة کتابه لها مزیّة کرّرنا ذکرها ، والمتن : قال : « أدنی ما یجزئ من القول فی الرکعتین الأخیرتین أن تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله » (4).

وروی مرسلا أیضا فی باب وصف الصلاة ما هذا لفظه : وروی محمّد ابن عمران (5) - إلی أن قال - : « وصار التسبیح أفضل من القراءة فی الأخیرتین لأنّ النبی صلی الله علیه و آله لمّا کان فی الأخیرتین ذکر ما رأی من عظمة الله عزّ وجلّ فدهش فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أکبر ،

ص: 190


1- التهذیب 3 : 45 / 158 ، الوسائل 8 : 388 أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 4.
2- الفقیه 1 : 128 / 605 ، الوسائل 6 : 124 أبواب القراءة فی الصلاة ب 51 ح 6.
3- الفقیه 1 : 256 / 1158 ، الوسائل 6 : 122 أبواب القراءة فی الصلاة ب 51 ح 1.
4- الفقیه 1 : 256 / 1159 ، الوسائل 6 : 109 أبواب القراءة فی الصلاة ب 42 ح 7.
5- فی الفقیه 1 : 202 / 925 : وسأل محمّد بن عمران أبا عبد الله علیه السلام .

فلذلک صار التسبیح أفضل من القراءة » (1).

وفی المختلف ذکر أنّ الروایة عن محمّد بن حمران (2) ؛ والذی فی الفقیه ما نقلناه ، ویحتمل أن یکون قوله : « وصار » لیس من الروایة ، لکنه بعید (3).

وغیر ذلک من أخبار ذکرتها فی محلّ آخر.

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه یستفاد من کثیر من هذه الأخبار رجحان التسبیح ، والفرق بین الإمام وغیره وإن وجد فی البعض إلاّ أنّ روایة الصدوق الصحیحة عن زرارة المتضمّنة لقوله : « إذا کنت إماما أو وحدک » صریحة فی عدم الفرق ؛ والنهی فی بعض الأخبار والنفی فی صحیح زرارة المروی من الصدوق فی باب الصلاة (4) ، أقل مراتبه إفادة المرجوحیّة.

ویؤیّده النهی فی الخبر السادس المذکور فی الکتاب ، وتأویل الشیخ بالاعتقاد قد ذکرت ما فیه فی حاشیة التهذیب وغیرها ، والحاصل أنّه لو کان المراد ما ذکره ینبغی أن یکون فی الجواب ما یفید التخییر ؛ لأنّ دفع التعین کما یتحقّق بتعین التسبیح یتحقّق باحتماله ویتحقّق برجحانه.

أمّا التأویل الثانی فله وجه ، إلاّ أنّ المؤیّد للترجیح إذا وجد لا حاجة إلی التأویل.

غایة الأمر أنّه یبقی الکلام فی خبر ابن سنان ، وللوالد قدس سره فیه کلام فی المنتفی حاصله : أنّ قوله : أیّ شی ء تقول أنت؟ لا مانع من حمله علی السؤال عن قوله : إذا کان مأموما ، وفیه ما لا یخفی ، وقد أطال قدس سره القول

أفضلیّة التسبیح من القراءة

ص: 191


1- الفقیه 1 : 202 / 925 ، الوسائل 6 : 123 أبواب القراءة فی الصلاة ب 51 ح 3.
2- المختلف 2 : 165.
3- فی « م » زیادة : وهذا جمیع ما ذکر.
4- راجع ص : 190.

فی توجیهه (1).

وفی نظری القاصر أنّه لا یبعد أن یکون قوله : أیّ شی ء تقول أنت؟ فی حال الإمامة ، وقراءته علیه السلام الفاتحة لاحتمال وجود مخالف یصلّی معه أو یحکی فعله لو صلّی بغیر الفاتحة ، علی أنّه لا یبعد احتمال أن یراد : أیّ شی ء تأمرنی به؟ ویکون قوله علیه السلام : « أقرأُ » من التقیّة (2) ، حیث إنّ الغالب حضور أهل الخلاف أو نحو ذلک.

ومن هنا یظهر أنّ احتمال التقیة فی خبر منصور بن حازم المذکور فی الکتاب أقرب للاعتبار من حیث مظنّة ما ذکرناه ، ویؤیّد هذا إطلاق الأخبار بأفضلیّة التسبیح ، وما دل علی أفضلیّة القراءة علی الإطلاق یکون محمولا علی ما قلناه ، فینبغی التأمّل فی ذلک ، وقد أوضحت الحال فی حاشیة الروضة.

أمّا ما تضمّنه الخبر الأوّل من إجزاء التسبیحات الأربع فهو مذهب الأکثر علی ما قیل (3) ، لکن الاستغفار فی الثانیة علی الظاهر من الروایة وجوبه ، وترکه من الاولی قد یأبی الوجوب ، إلاّ أن یقال بالتخییر بین الأربع وبین فعل التسبیح والتحمید والاستغفار غیر أن لا ترتیب ، ولم أعلم الآن القول بذلک ، إلاّ أنّ المنقول عن بعض المتأخّرین ما یقتضی وجود القائل بالاستغفار واجبا (4) ؛ والتقریب الذی ذکرناه لم یصرح به ، واحتمال أن یقال باستحباب الاستغفار بخلوّ الخبر الأوّل وغیره منه ، یشکل بالاحتمال

حکم الاستغفار والتکبیر ، والترتیب فی التسبیحات

ص: 192


1- منتقی الجمان 2 : 15.
2- فی « رض » و « م » : للتقیة.
3- قال به الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 207.
4- کما فی الحبل المتین : 231.

السابق.

ثم إنّ ترک التکبیر فی الثانی محتمل لأن یکون عوضه الاستغفار فیکون من قبیل التخییر ، ویحتمل عدم وجوبه فی الأوّل - کالترتیب فی الأوّل - لدلالة الثانی علی نفیه ، أمّا احتمال حمل المطلق وهو الثانی علی المقیّد وهو الأوّل ، ففیه : أنّ لکلّ إطلاقا وتقییدا والترجیح مشکل ، والحمل غیر مشخّص.

أمّا ما تضمنه الثانی من قوله : « وإن شئت » فظاهره ترجیح التسبیح کما یشعر به اللفظ ، مضافا إلی قوله : « فإنّها تحمید ودعاء » فإنّ هذا کما تری یشعر بأنّ الواجب فی الأخیرتین لمّا کان التحمید والدعاء وهما موجودان فی الحمد أجزأت ، وحینئذ ربما یستفاد منه لزوم الدعاء والتحمید فقط ، وما عداه لا یکون واجبا ، والاستغفار لا یخفی أنّه دعاء.

ویمکن أن یکون الوجه فی قوله : « فإنّها » الإشارة إلی تحقّق أحد أفراد الواجب المخیر أو فردیه.

وفی الخبر کما تری دلالة علی تضمّن الفاتحة الدعاء ، فقد یندفع به ما ورد علی قول آمین بعد الفاتحة من استلزامه تقدّم الدعاء ، والفاتحة لیست بدعاء ، فإن قصد بها الدعاء خرجت عن کونها قرآنا ، وإلاّ فلا معنی لقول آمین ، وقد تقدّم ، فلیتأمّل.

وأمّا الثالث : فعلی تقدیر العمل به یتضمن مطلق الذکر.

( [ والسادس ] (1) کما تری تضمّن عدم الترتیب الأوّل وترک التهلیل والاستغفار ، وحینئذ یحتمل استفادة مطلق الذکر ) (2) کما تضمّنه الثالث

ص: 193


1- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : والخامس ، والصحیح ما أثبتناه.
2- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

واختلاف مدلول الأخبار ، لکن الوقوف علی مدلول الخبر الأوّل مع الاستغفار طریق السلامة.

غایة الأمر أنّه یبقی ما دل علی الثلاث کما رواه الصدوق عن زرارة (1) ، واحتمال التخییر بین الثلاث وبین الأربع ممکن.

أمّا حمل المطلق علی المقید ففیه : أنّ الأربع تضمّنت التکبیر والثلاث نفیه کما مضی.

أمّا ما نقله فی المختلف عن الشیخ فی النهایة والاقتصاد : من القول ثلاث مرّات بالأربع فیکون اثنی عشر ، قال العلاّمة : وهو الظاهر من ابن أبی عقیل ؛ وعن السید المرتضی : من القول بالعشر تسبیحات وهی : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، ثلاثا ، وضمّ التکبیر فی الأخیر ، وهو اختیار الشیخ فی الجمل والمبسوط وابن إدریس وسلاّر علی ما قاله العلاّمة ، فقد قال فی المختلف : إنّه لم یقف لهما علی دلیل (2).

وقد ذکرت فی حاشیة الروضة ما یستدل به علی الأوّل من الخبر المذکور فی آخر السرائر لابن إدریس حیث نقل عن بعض الأُصول أحادیث من جملتها ما نقلناه هناک ، ویظهر من المحقّق القول به ؛ لأنّه قال فی المعتبر - علی ما نقل حیث ذکر الروایات - : الوجه عندی القول بالجواز فی الکلّ ، إذ لا ترجیح (3).

وغیر بعید أن یقال : إنّ مفاد الأخبار عدم تعیّن الذکر المخصوص ، أو

مقدار التسبیحات

ص: 194


1- الفقیه 1 : 256 / 1158 ، الوسائل 6 : 123 أبواب القراءة فی الصلاة ب 51 ح 1.
2- المختلف 2 : 164 ، وهو فی النهایة : 76 ، الاقتصاد : 261 ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشریف المرتضی 3 ) : 33 ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 181 ، المبسوط 1 : 106 ، السرائر 1 : 222 ، المراسم : 72.
3- المعتبر 2 : 190.

عدم ترتیب التسبیح ، أو عدم وقوفه علی حدّ بمعنی عدم جواز الزیادة ، بل بیان أقلّ الإجزاء وحینئذ لو أتی بالزائد کان أحد أفراد المخیّر ، لکن ینبغی أن یکون القصد من أوّل الأمر کما هو شأن المخیّر.

( فإن قلت : هذا فی المخیر الغیر المتمیز الأفراد ممکن ، أمّا المتمیز فالاحتیاج إلی القصد غیر واضح الوجه.

قلت : الفرق بین متمیز الأفراد وغیره لا وجه له إلاّ تخیّل أنّ المتمیز یتعین الفرد بمجرد فعله ، وفیه : أنّ التعیّن تابع للقصد ؛ لعدم تشخص الفرد إلاّ به ، وبدونه فهو باق علی عدم التعین المطلق ، ألا تری أنّ الانتهاء فی مواضع التخییر (1) لا یتعین إلاّ بقصدها ، مع أنّه متمیّزة ، وفاعل الخصال فی الکفّارة من دون قصد فرد معیّن یجزؤه واحد منها ، واللازم إجزاء الأوّل ) (2) وقد ذکرت الحال مفصّلا فی حاشیة الروضة حیث إن جدّی قدس سره ذکر کلاما فی وجوب الزائد علی الأربع وعدمه (3) ، والحاصل ما ذکرناه ، فلیکن ملحوظا بعین العنایة فإنّ له فی کثیر من المسائل مزید غایة.

وفی المعتبر : وهل ترتیب الذکر لازم؟ الأشبه لا ؛ لاختلاف الروایات (4). وفیه دلالة علی بعض ما ذکرناه.

وما عساه یقال : إنّ ما دل علی الأربع مرّة واحدة یدل علی أنّ ما یقتضی تکرارها ثلاثا للاستحباب ، بمعنی کون المرّتین مستحبة ، أمّا کون الثلاثة أحد الأفراد فلا دلیل علیه.

ص: 195


1- فی « رض » : التمییز.
2- ما بین القوسین ساقط من « م ».
3- الروضة البهیة 1 : 258.
4- المعتبر 2 : 190.

یمکن الجواب عنه : بأنّ ما تضمّنه خبر زرارة السابق الدال علی التسبیح والتکبیر وما معهما یقتضی الإتیان بما یفیده وإن تکرر فیتحقّق الواجب فی أیّ فرد.

واحتمال أن یقال : إنّ خبر زرارة تضمن التسبیح والتکبیر والتهلیل والدعاء ، وما تضمّن الثلاث مقتضاه التسبیح والتحمید والتهلیل والتکبیر من دون الدعاء فلا یکون من أفراد ذلک المطلق.

یمکن الجواب عنه : بأنّ خروج بعض الأجزاء لا یقتضی استحباب غیرها ، وحینئذ یجوز أن یکون التحمید مستحبّا فی غیر الأوّل ، وإن أمکن أن یقال : إنّ مفاد خبر زرارة سقوط التحمید من جمیع التسبیح ، وما دل علی الأربع یفید لزومه ، فما هو الجواب فهو الجواب لاشتراک الإلزام.

وما عساه یقال : إنّ ما دلّ علی الثلاث بالنسبة إلی ما دلّ علی الواحدة یتعیّن حمل الزائد فیه علی الاستحباب ، والنظر إلی المطلق المتضمّن لمطلق التسبیح المذکور سابقا یقتضی العمل بإطلاقه لیکون فردا من التسبیح ، والفرد الآخر التسبیحة الواحدة الواردة بلفظ : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أکبر ، وحینئذ ما زاد عن هذا الفرد - وهو ما تضمّن الثلاث - مستحب.

یمکن الجواب عنه : بأنّ ما تضمّن الواحدة یحتمل أن یکون فردا من المطلق ، وعلی تقدیر کونه فردا آخر یجوز أن یکون الثلاث کذلک ، لکنّها أفضل من حیث المجموع علی معنی أفضل الفردین ، لکن لا یخفی أنّ هذا الاحتمال کما ینفی احتمال جدّی قدس سره لا یثبت احتمالنا.

وربما یدّعی أنّ جمیع ما تضمّنته الأخبار المفصّلة بیان لأفراد التسبیح ، وتفاوت بعضها علی بعض بالأفضلیة ، والمطلق من الأخبار

ص: 196

بالتسبیح لا یخلو حمله علی المقید من إشکال ، لما عرفت من التخالف بالزیادة والنقصان ، ولعل إبقاء المطلق علی إطلاقه لا مانع منه ، والمقید یحمل علی أنّه فرد أکمل من مطلق التسبیح [ الذی تضمّنه ] (1) الخبر المطلق ، ثم المقید یتفاوت بالأفضلیة ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لا یبعد ادّعاء الاحتیاط فی التسبیح ، لأنّ ما سبق (2) نقله عن العلاّمة : من قول ابن إدریس بعدم جواز الجهر بالبسملة فی الأخیرتین ، وعن البعض بالوجوب ، لا مخلص عنه إلاّ بالتسبیح ؛ والاختلاف فی التسبیح یمکن الخلاص عنه بفعل الزائد المتّفق علی صحّته.

وما عساه یقال : إنّ من أوجب الأربع لا یوجب الزائد.

فیه : أنّ الزائد لا یؤتی به علی سبیل الوجوب ، والقائل بالأربع لا یمنع فعل الزائد ، وهکذا القول فی غیر هذا من التسعة والعشرة ، علی أنّ الذی یقتضیه الاعتبار ما سبق فی دلیل الجهر فی الأخیرتین : من عدم دلالة الروایة المدّعی دلالتها علیه.

وقد کان الوالد قدس سره یرجّح التسبیح مطلقا ما لم یشعر بمسبوق إذا کان إماما فیقرأ علی سبیل الاحتیاط (3).

وعلی تقدیر ما قرّرناه لو أتی بالزائد واجبا أمکن من حیث دخول الواجب فیه ؛ إذ اختلاف الأخبار قرینة جلیّة علی عدم التعیّن ، غایة الأمر أنّ الاستغفار لا یخلو وجوبه من إشکال ، والاحتیاط فی فعله مطلوب إمّا بلفظة

ص: 197


1- فی النسخ : المتضمنة ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی ص 100.
3- منتقی الجمان 2 : 25.

أو بالدعاء.

بقی فی المقام شی ء وهو : أنّا قدّمنا عن الصدوق روایة تضمّنت (1) قضاء القراءة الفائتة فی الأوّلتین (2) ، وغیر بعید أن یراد بالقضاء قراءتها فی الأخیرتین ، فیکون مذهبا للصدوق ، فلیراجع ذلک ، والله تعالی أعلم بحقائق الأحکام.

ص: 198


1- فی النسخ زیادة : أنّ ، حذفناها لاستقامة المعنی.
2- راجع ص 125.

أبواب الرکوع والسجود

قوله :

باب أقل ما یجزئ من التسبیح فی الرکوع والسجود

أخبرنی الشیخ رحمة الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسین بن سعید ومحمّد بن خالد البرقی والعباس بن معروف ، عن القاسم بن عروة ، عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التسبیح فی الرکوع والسجود ، قال (1) : « تقول فی الرکوع : « سبحان ربی العظیم » وفی السجود « سبحان ربی الأعلی » الفریضة من ذلک تسبیحة ، والسنّة ثلاث (2) ، والفضل فی سبع ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران (3) والحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز بن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : قلت له : ما یجزئ من القول فی الرکوع والسجود؟ فقال : « ثلاث تسبیحات فی ترسل واحد وواحدة تامّة تجزئ ».

عنه ، عن أیّوب بن نوح النخعی ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن

أبواب الرکوع والسجود

أقل ما یجزئ من التسبیح فی الرکوع والسجود

اشارة

ص: 199


1- فی الاستبصار 1 : 322 / 1204 : فقال.
2- فی الاستبصار 1 : 322 / 1204 : ثلاثة.
3- فی « فض » و « م » : عبد الرحمن بن نجران.

علیّ بن یقطین ، عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام ، قال : سألته عن الرکوع والسجود کم یجزئ (1) فیه من التسبیح؟ فقال : « ثلاث ویجزؤک (2) واحدة إذا أمکنت جبهتک من الأرض ».

وعنه ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین بن علی بن یقطین ، عن أبیه ، عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یسجد ، کم یجزؤه من التسبیح فی رکوعه وسجوده؟ فقال : « ثلاث ، ویجزؤه واحدة ».

السند

فی الأوّل : فیه القاسم بن عروة ، وقد تکرّر (3) أنّا لم نقف علی ما یقتضی مدحه فضلا عن غیره ، ومحمّد بن قولویه أیضا مضی القول فیه (4).

والثانی : لا ارتیاب فی رجاله ، وفیه دلالة علی أنّ ما یوجد فی بعض الطرق من روایة علی بن حدید عن عبد الرحمن بن أبی نجران لا یخلو من ریب ، بل الوالد قدس سره قد سبق ما حکیناه عنه (5) : من جزمه بأنّ « عن » سهوٌ ، والصواب هو الواو بدلها ، وفی الرجال ما یستفاد ذلک ، لأنّ الطریق إلی حمّاد بن عیسی فیه عبد الرحمن وعلی بن حدید (6).

إشارة إلی حال القاسم بن عروة

کلمة فی روایة علی بن حدید عن عبدالرحمن بن أبی نجران

ص: 200


1- فی الاستبصار 1 : 323 / 1206 : یکفی.
2- فی الاستبصار 1 : 323 / 1206 : ثلاثة وتجزیک.
3- راجع ج 1 : 439.
4- فی ج 1 : 114.
5- راجع ج 3 : 343.
6- انظر الفهرست : 61 / 231.

والثالث : لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه فی محمّد بن أبی حمزة (1).

والرابع : أبو جعفر فیه أحمد بن محمّد بن عیسی علی ما مضی القول فیه (2).

ثم إنّ الضمائر کلّها فی الأخبار عائدة إلی سعد بن عبد الله کما هو واضح.

المتن (3) :

نقل العلاّمة فی المختلف عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : التسبیح فی الرکوع أو ما یقوم مقامه من الذکر واجب تبطل الصلاة بترکه متعمّدا ، والذکر فی السجود فریضة من ترکه متعمّدا بطلت صلاته ؛ وفی الخلاف : التسبیح فی الرکوع والسجود واجب ؛ وفی النهایة : وأقلّ ما یجزئ من التسبیح فی الرکوع تسبیحة واحدة وهو أن یقول : سبحان ربّی العظیم وبحمده وأقلّ ما یجزئ من التسبیح فی السجود أن یقول : سبحان ربی الأعلی وبحمده قال العلاّمة : فجعل التسبیح بعینه واجبا فیهما ، وقال المرتضی نحوه ، وأوجب أبو الصلاح التسبیح ثلاث مرّات علی المختار ، وتسبیحة واحدة علی المضطرّ ، أفضله « سبحان ربی العظیم وبحمده » ویجوز سبحان الله وکذا أوجبه فی السجود ، وکذا أوجب ابن البرّاج التسبیح فیهما ، وهو الظاهر من کلام ابن بابویه والمفید وسلاّر وابن حمزة وابن الجنید.

إذا عرفت هذا فالخبر الأوّل ذکر العلاّمة أنّهم احتجّوا به ، والظاهر منه

الأقوال فی ذکر الرکوع والسجود وبیان ما احتجوا به

ص: 201


1- فی ج 1 : 146.
2- فی ج 1 : 95.
3- فی « م » زیادة : فی الأوّل.

أنّه لتعین التسبیح ، حیث اختار هو مطلق الذکر أوّلا وإن کان الإجمال واقعا فی اللفظ.

ثم إنّه وجّه الاحتجاج بوجهین :

أحدهما : أنّه علیه السلام بیّن الواجب وخصّه بالتسبیح.

الثانی : قوله علیه السلام : « الفرض (1) من ذلک تسبیحة » وهو نصّ فی الباب ، ثم ذکر الاحتجاج بالثانی قائلا : إنّ الإجزاء إنّما یطلق فی الواجب المأتیّ به علی وجهه ، ثم قال : ونحوه ما رواه علی بن یقطین.

وأجاب عن الأوّل - بعد تسلیم السند - : بأنّ السائل سأل عن التسبیح ، فتعیّن الجواب به لیقع مطابقا ، ولیس فی ذلک تخصیص للواجب بالتسبیح ، وکذلک قوله : « الفرض من ذلک تسبیحة واحدة » (2).

وعن الثانی : أنّ الإجزاء حکم مرتّب علی الإتیان بالمأمور به علی وجهه سواء کان واجبا أو ندبا (3). انتهی.

ولا یخفی وجاهة الجواب الأوّل ، أمّا الثانی : فقد یتوجه علیه أنّه إن أراد بالندب : الإتیان بأفضل الفردین الواجبین کما هو الظاهر فالمستدل کلامه لا یأبی هذا بعد التوجیه المذکور ، حیث قال : الإجزاء إنّما یطلق ، إلی آخره. فإنّ الإتیان بالمأمور به علی وجهه متحقّق فی التسبیح ، لکونه أحد الفردین ، ولا حاجة إلی ذکر الندب ، وإن أراد فی التوجیه : أنّ الإجزاء لا یطلق إلاّ علی ما لا یجزئ غیره ، فالعبارة عنه قاصرة ، والجواب لا یتم ؛

ص: 202


1- فی الاستبصار 1 : 322 / 1204 : الفریضة.
2- فی الاستبصار 1 : 322 / 1204 : الفریضة من ذلک تسبیحة.
3- المختلف 2 : 181 - 183 ، المبسوط 1 : 111 و 113 ، الخلاف 1 : 348 ، النهایة : 81 و 82 ، الانتصار : 45 ، الکافی فی الفقه : 118 و 119 ، المهذب 1 : 97 ، الفقیه 1 : 205 ، المقنعة : 137 ، المراسم : 69 ، الوسیلة : 93.

لأنّ إجزاء غیره موجود.

ولعلّ الجواب : بأنّ إجزاء التسبیح لا ینافی إجزاء غیره ، أولی ؛ وستسمع ما یدل علی إجزاء مطلق الذکر (1) ، فالجواب لا مجال لإنکاره.

ثم إنّ الحدیث الأوّل کما تری لیس فیه لفظ وبحمده والأقوال المذکورة مصرّح بها فیها ، وسیأتی (2) ما اشتمل علیها وبیان ما یمکن من التوجیه.

أمّا ما تضمّنه من قوله : « والسنّة ثلاث » إلی آخره. فالظاهر أنّ المراد بالسنّة المستحب وبالفضل الأفضلیّة ، ویحتمل أن یراد بالسنّة الأفضل وبالفضل مجرّد الفضل ، وفیه نوع تأمّل من حیث إنّ الزیادة تشتمل علی زیادة کمال ، إلاّ أنّ توجّه باحتمال کون الموافقة للسنّة المندوبة أولی فیفید زیادة الثواب ، وهو غیر بعید ، إلاّ أنّ للکلام فیه مجالا.

ویحتمل أن یراد بالفریضة ما ثبت بالقرآن کما هو المعروف من الإطلاق فی الأخبار ، فیکون الواحدة من القرآن والثلاثة من السنّة - یعنی من الأخبار عن أهل العصمة علیهم السلام - ویکون قوله : « والفضل » بیان الحکم منه علیه السلام بالأفضل أیّ شی ء هو؟ فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فهو کما تری یدل علی إجزاء ثلاث تسبیحات فی ترسّل ، ولعلّ المراد بالترسّل التأنّی کما یظهر من بعض الأخبار الآتیة (3) ، أعنی خبر داود الأبزاری. والثلاث لا یخلو من إجمال ؛ لاحتمالها الثلاث الکبریات وغیرها ، والواحدة التامّة أیضا کذلک ، وحینئذ یحتمل وجوها :

بیان ما دل علی أنّ الفرض تسبیحة والسنّة ثلاث

بیان ما دلّ علی إجزاء ثلاث تسبیحات فی ترسّل واحد وواحدة تامّة

ص: 203


1- انظر ص 214.
2- فی ص 216.
3- فی ص 205.

أحدها : أن یراد بها الواحدة الکبری وهی سبحان ربی الأعلی أو العظیم مع وبحمده أو عدمها ، والثلاث حینئذ یکون سبحان الله ثلاثا ، ویحتمل أن تکون الثلاث کبریات مع کونها کبری ، وقید « تامّة » للاحتراز عن سبحان الله فقط ، ولا یخفی بُعد هذا بَعد کون الثلاث کبریات.

وثانیها : أن یراد بها سبحان الله فقط ، کما یراد بالثلاث سبحان الله ، والاحتراز بالتامّة عن مثل سبح من دون لفظ الله کما فی بعض الأخبار فی التهذیب من روایة مسمع حیث قال فیها : « ولا کرامة أن یقول : سبح سبح سبح » (1) إلاّ أن یقال : إنّ المنفی فی الروایة مجموع الثلاثة. وفیه : أن نفی الثلاثة یستلزم نفی الواحدة بطریق أولی.

وثالثها : أن یراد بالتامّة الواقع فیها الترسّل ، فکأنّه قال : ثلاث تسبیحات فی ترسّل وواحدة کذلک ، وعلی هذا یحتمل أن یکون کبری أو صغری والثلاث کذلک ، وسیأتی فی الأخبار ما یدل علی إجزاء الثلاث الصغریات (2) ، فیمکن تقیید إطلاق الخبر به ، کما یمکن تقییده بالکبریات ، لوجودها فی بعض الأخبار (3).

ورابعها : أن یراد بالتامّة المساویة للثلاث الصغریات ، لما یأتی فی خبر مسمع من قوله : « ثلاث تسبیحات أو قدرهنّ » (4) وحینئذ یراد بالثلاث فی الخبر المذکور الصغریات ، ویراد بالتامّة قدرهنّ وهی کبری ، وزیادة شی ء معها.

وخامسها : أنّ یراد بالتامّة تمکین الجبهة من الأرض ، کما فی خبر

ص: 204


1- التهذیب 2 : 77 / 286.
2- وهو خبر معاویة بن عمّار الآتی فی ص : 206.
3- وهو خبر هشام بن سالم المتقدّم فی ص : 199. وخبر أبی بکر الحضرمی الآتی فی ص : 214.
4- انظر ص : 205.

علی بن یقطین ، ویبقی الاحتمالات فی الثلاث ، فینبغی التأمّل فی رجحان أحد الوجوه.

والعجب من إطلاق العلاّمة الاستدلال بالروایات ، والمطالب فی الأقوال مختلفة والروایات کذلک.

وأمّا الثالث والرابع : فالإجمال فیهما ظاهر ، ولا یبعد أن یبیّن بخبر معاویة بن عمّار الآتی (1) علی تقدیر الاعتماد علی الصحیح ، وبخبر أبی بکر الحضرمی عند من یعمل به ، لکن لا یخفی أن وجود الخبرین یُبقی الإجمال ، وقد یوجّه بجواز کل من المذکور فی الخبرین فلا إجمال من هذه الجهة.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن مسمع ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یجزئ الرجل فی صلاته أقل من ثلاث تسبیحات أو قدرهنّ ».

عنه ، عن النضر ، عن یحیی الحلبی ، عن داود الأبزاری ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « أدنی التسبیح ثلاث مرّات وأنت ساجد ، لا تعجل فیهن ».

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر قال : سألته عن أدنی ما یجزئ من التسبیح فی الرکوع والسجود؟ فقال : « ثلاث تسبیحات ».

فالوجه فی الجمع بین هذه الأخبار من وجهین :

ص: 205


1- فی ص 206.

أحدهما : أنّه إنّما یجوز الاقتصار علی تسبیحة واحدة إن (1) کان تسبیحا مخصوصا ، وهو قول : « سبحان ربیّ العظیم » فی الرکوع و « سبحان ربی الأعلی » فی السجود حسب ما تضمنته الروایة التی رویناها فی أوّل الباب عن هشام بن سالم ، فأمّا إن (2) قال : « سبحان الله » فلا یجزؤه أقلّ من ثلاث تسبیحات (3).

یدل علی ذلک :

ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن الحسین ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الرکوع والسجود هل نزل فی القرآن؟ قال : نعم قول الله تعالی ( یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْکَعُوا وَاسْجُدُوا ) (4) فقلت : کیف حدّ الرکوع والسجود؟ فقال : « أمّا ما یجزؤک من الرکوع فثلاث تسبیحات ، تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله ثلاثا ».

عنه عن العباس بن معروف ، عن حمّاد بن عیسی (5) ، عن معاویة بن عمّار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام أخفّ ما یکون من التسبیح فی الصلاة؟ قال : « ثلاث تسبیحات مترسّلا ، تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله ».

والوجه الثانی أن نحمل الأخبار الأخیرة علی الفضل والاستحباب دون الفرض والإیجاب.

ص: 206


1- فی الاستبصار 1 : 323 / 1210 : إذا.
2- فی الاستبصار 1 : 323 / 1210 : إذا.
3- فی الاستبصار 1 : 323 / 1210 : دفعات.
4- الحج : 77.
5- فی « فض » : عن حماد بن عثمان.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه إلاّ مسمع فقد قدّمنا (1) القول فیه عن قریب من أنّ الذی یستفاد من الرجال (2) مدحه علی تقدیر مّا ، والعلاّمة فی المختلف وصفه بالصحة (3) ، واقتفی أثره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله (4) - وهم أعلم بالحال.

والثانی : فیه داود الأبزاری ، وهو مذکور مهملا فی رجال الباقر علیه السلام من کتاب الشیخ (5).

والثالث : فیه محمّد بن سنان وأبو بصیر وحالهما تکرّر القول فیه (6).

والرابع : أحمد بن الحسن فیه مشترک (7) ، والتعیین غیر واضح ، أمّا الحسین فهو ابن سعید ، کما أنّ الحسن هو أخوه فی الظاهر من روایته عن زرعة ؛ لما قیل فی الرجال : إنّ الحسین یروی عن زرعة بواسطة أخیه (8).

والخامس : واضح الحال.

المتن :

فی الجمیع ، ظن الشیخ المعارضة فیه بسبب دلالة الأخبار السابقة

إشارة إلی حال مسمع

داود الأبزاری مهمل

أحمد بن الحسن مشترک

ص: 207


1- فی ج 1 : 127.
2- انظر رجال الکشی 2 : 598 / 560 ، رجال النجاشی : 420 / 1124.
3- المختلف 2 : 183.
4- البهائی فی الحبل المتین : 240.
5- رجال الطوسی : 120 / 1.
6- راجع ج 1 : 121 و 73.
7- انظر هدایة المحدثین : 170.
8- انظر رجال النجاشی : 58 / 136 و 137 ، الفهرست : 53 / 186 ، رجال ابن داود : 73 / 419.

علی إجزاء ما دون الثلاث ، وهذه تضمّن :

الأوّل منها : أنّه لا یجزئ أقلّ من ثلاث تسبیحات أو قدرهنّ.

والثانی : تضمّن أنّ أدنی التسبیح ثلاث مرّات.

والثالث : أنّ أدنی ما یجزئ الثلاث ، وغیر خفیّ أنّ الأخبار الأوّلة بعد ما قدمناه من الاحتمال فی الواحدة التامّة أن یراد بها سبحان ربی الأعلی أو سبحان ربی العظیم لا یتحقق التعارض بینها وبین الأخبار المذکورة ، لأنّ الأوّل تضمّن الثلاث أو قدرهنّ ، والواحدة لا تفی بالقدر علی تقدیر کونها تسبیحة کبری کما ذکره الشیخ.

واحتمال أن یراد بقدرهن مطلق الذکر کما یدل علیه بعض الأخبار - وسنذکرها إن شاء الله (1) - لا تکون الأخبار خاصة بالتسبیح ، فإطلاق الشیخ فی الحمل الأوّل ، محل نظر بالنسبة إلی هذا الخبر ، مضافا إلی احتمال التامّة فی الأخبار السابقة ما قدمناه (2) ؛ علی أنّ الخبر تضمّن ما یجزئ الرجل فی صلاته ، ولا یتعیّن کونه فی الرکوع والسجود ؛ لجواز (3) حمله علی الأخیرتین کما (4) سبق نقله من روایة الصدوق حیث قال : « أدنی ما یجزئ من التسبیح فی الأخیرتین سبحان الله سبحان الله سبحان الله » (5) ولعلّ الشیخ نظر إلی تبادر تسبیح الرکوع والسجود أو إلی العموم المتناول لهما وللأخیرتین.

والثانی : کما تری یدلّ علی أنّ أدنی التسبیح ثلاث مرّات ، فإن حمل

توجیه ما دلّ علی أنّه لا یجزئ أقل من ثلاثه تسبیحات أو قدرهن

ص: 208


1- فی ص : 209 و 211.
2- فی ص : 205.
3- فی « فض » و « م » : بجواز.
4- فی « فض » و « م » : لما.
5- راجع ص : 190.

علی ما ذکره الشیخ من أنّه إنّما یجوز الاقتصار علی واحدة إذا أتی بالمخصوص ؛ ففیه : أنّ بعض الأخبار السابقة (1) قد دل علی الواحدة التامّة ؛ واحتمال کونها من الثلاث - أعنی سبحان الله مرّة دون سبحان - کما نقلناه عن التهذیب من روایة مسمع (2) له قرب بالنسبة إلی الشیخ ، فلا یتعیّن الحمل علی الکبری ، علی أنّه سیأتی ما یدل علی أنّ الکبری فیها لفظ : ، وبحمده ، (3) فلا یتم الإطلاق فی الوجه الأوّل ، کما لا یخفی.

علی أنّ السؤال فی الروایة عن أدنی ما یجزئ من التسبیح ، فإن کان المراد کما هو الظاهر السؤال عن أدنی الواجب من التسبیح علی الإطلاق بمعنی شموله لجمیع أنواعه - أعنی الثلاث الکبریات أو الثلاث الصغریات - فالأدنی لا ینحصر فی الثلاث الصغریات ، بل الواحدة الکبری بالنسبة إلی الثلاث الکبریات أدنی ، وإن أرید الأدنی بالنسبة إلی الصغریات فلا وجه لذکر الأدنی کما هو واضح.

ومع هذا فالمستفاد من الأخبار السابقة الدالة علی الواحدة التامّة إذا حملت علی الکبری کونها مساویة للثلاث فی الحکم ، فإذا کان أدنی ما یجزئ هو الثلاث کانت الواحدة الکبری کذلک.

والثالث : الکلام فیه کالثانی ، وقد ذکرت فی فوائد التهذیب کلاما آخر ، من أراد وقف علیه.

وأمّا الرابع : فالدلالة فیه علی ما ذکره الشیخ غیر واضحة.

والخامس : ربّما دلّ علی أنّ الغیر مجز مطلقا لکن الثلاث أخف.

ص: 209


1- فی ص 199.
2- فی ص 205.
3- فی ص 213.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره العلاّمة فی المختلف من استدلال القائلین بتعیّن التسبیح بالروایات المذکورة قد تقدم ذکره (1) ، غیر أنّه استدل علی مختاره من إجزاء مطلق الذکر بروایتین رواهما الشیخ فی التهذیب ، إحداهما : عن هشام بن الحکم فی الصحیح عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت له : یجزئ أن أقول مکان التسبیح فی الرکوع والسجود : لا إله إلاّ الله والحمد لله (2). فقال : « نعم کل (3) هذا ذکر الله » (4) وفی الصحیح عن هشام بن سالم عن أبی عبد الله علیه السلام مثله (5). وهذا کلام الشیخ بعینه ، وقد نقله فی المختلف (6) کذلک ، وکثیرا ما یخطر فی البال نوع توقف فی مثل هذا لاحتمال ظن المماثلة من الشیخ ، فالاکتفاء به محلّ تأمّل.

والروایتان المذکورتان عن التهذیب منقولتان فی الزیادات من کتاب الصلاة ، وقد وجدت الآن فی الکافی الروایة الثانیة عن هشام غیر مفسّرة بما قاله الشیخ ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام أیجزئ عنّی أن أقول مکان التسبیح فی الرکوع والسجود : لا إله إلاّ الله والله أکبر؟ قال : « نعم » (7).

ولا یخفی أنّ المماثلة غیر حاصلة من کل وجه ، بل ربما دلّ الخبر علی نوع خاص من الذکر بخلاف الأوّل ، وحینئذ فالاعتماد علی قول الشیخ مشکل ، کما أشرنا إلیه ، فلا ینبغی الغفلة عنه ، وقد مشی مشایخنا (8) علی

ص: 210


1- فی ص 201.
2- فی التهذیب 2 : 302 / 1217 زیادة : والله أکبر.
3- لیس فی « رض ».
4- التهذیب 2 : 302 / 1217 ، الوسائل 6 : 307 أبواب الرکوع ب 7 ح 1.
5- التهذیب 2 : 302 / 1218 ، الوسائل 6 : 307 أبواب الرکوع ب 7 ح 2.
6- المختلف 2 : 182.
7- الکافی 3 : 321 / 8 ، الوسائل 6 : 307 أبواب الرکوع ب 7 ح 2.
8- انظر مدارک الأحکام 3 : 390.

ما ذکره الشیخ.

ولنا فی الخبر کلام فی فوائد التهذیب من حیث قوله : « کل هذا ذکر الله » إذ یحتمل إرادة المجموع أو البعض.

وعلی التقدیر ، المتبادر من السؤال کونه عن عوض التسبیح ، فالاستدلال به علی إجزاء سبحان الله وحدها لکونها ذکرا محلّ تأمّل یعرف وجهه ممّا فصّلناه فی الفوائد المذکورة ، ونزید هنا أنّ احتمال العموم فی الجواب علی تقدیر ظهوره یخص بما دلّ علی التسبیح ، وأنّه لا یجزئ سبحان الله مرّة.

ویمکن أن یقال : إنّ ما دل علی الواحدة التامّة ( یصدق علی الواحدة من الثلاث المذکورة فی بعض الأخبار ، فیتم المطلوب ، ویشکل باحتمال الواحدة التامّة ) (1) بما فی الخبر الأوّل ، وهی : « سبحان ربی الأعلی » أو « العظیم » ومعه لا یحصل له الجزم بالأجزاء ، إلاّ أن یقال : إنّ التخصیص بالکبری لا وجه له ؛ إذ لا منافاة بین إجزاء الکبری وإجزاء واحدة صغری من الخبر ، ویراد بالتمام عدم الإتیان بلفظ « سبح » وحدها ، کما مضی (2) ؛ والاحتمالات الأُخر السابقة (3) بعید بعضها وبعضها لا یضرّ.

ویمکن أن یقال : إنّ تحقّق الإجزاء موقوف علی الصراحة کما أنّ تخصیص العموم فی الخبرین کذلک ، ومن هنا یظهر أنّ إطلاق شیخنا قدس سره (4) وبعض محقّقی المعاصرین (5) - سلّمه الله - إجزاء مطلق الذکر محلّ تأمّل.

ص: 211


1- بین القوسین ساقط من رض.
2- فی 204.
3- فی 204.
4- مدارک الأحکام 3 : 390.
5- الحبل المتین : 242.

وأمّا الوجه الثانی للشیخ ، فقد یتوجه علیه : أنّ الفضل فی الأخبار الأخیرة إمّا أن یرید به کونه أفضل من سبحان الله وحدها ، أو أفضل من سبحان ربی العظیم أو الأعلی وحدها ، فإن أراد الأوّل فلم یسبق ما یدل علیه ، وإن أراد الثانی فالخبر الأوّل من الأخبار الأخیرة تضمن قوله : أو قدرها ، وهو یقتضی مساواة القدر فی الفضل ، لا التسبیحات الثلاث.

إلاّ أن یقال : إنّ مراد الشیخ جمیع ما تضمنته الأخبار الأخیرة ؛ وفیه : أنّه یبقی الواحدة التامّة علی تقدیر أن تکون هی الکبری مفضولة بحمله ما دل علی الثلاث ومقدارها علی الفضل ، والمقدار فی الکبری غیر حاصل.

وعلی تقدیر إرادة الکبری لکونها مقدارها فی الجملة فالخبر الأوّل من أخبار الباب دلّ علی أنّ السنّة فی ثلاث ، والمتبادر منه أنّ السنّة فی ثلاث کبری ، لما سبق فیه من ذکر الواحدة الکبری.

وعلی تقدیر أن یراد بالثلاث الصغریات لا یناسب قوله : الفریضة واحدة ، لأنّ الظاهر من الواحدة الکبری ، ولو أراد من الثلاث بَعد عن اللفظ ، بل لا وجه له منه کما هو واضح.

ثم علی تقدیر الحمل علی الفضیلة نظرا إلی إمکان توجیه مرّات الفضل فالمراد بالفضل إمّا کون الثلاث أفضل الفردین الواجبین تخییرا ، أو کون الواحدة هی الواجب والباقی مستحب ، وکلا الأمرین مشکل :

أمّا الأوّل : فلأنّ الاکتفاء بالواحدة الصغری فی الفرض لا دلیل علیها إلاّ من حیث قوله علیه السلام : « وواحدة تامّة تجزئ » وفیه احتمالات.

وأمّا الثانی : فلأنّ للواجب أفراد ، والأفضل ما اقتضی زیادة وبحمده فی الثلاث ، فلو حملت التسبیحات الثلاث علی الفضل مطلقا أشکل الحال ، ولو حملت علی مطلق الفضل لزم بیان الأفضل.

ص: 212

ویخطر فی البال عدم البُعد فی کون المجموع واجبا بتقدیر القصد إلی کون المجموع فردا من أفراد الواجب المخیّر علی أنّه أحد الفردین الواجبین ، والفردان : أمّا الواحدة الکبری ، أو الکبری مع زیادة تساوی الثلاث ، أو زیادة وبحمده وإمّا الثلاث ؛ وعلی تقدیر الفرد الثالث - وهو الکبریات الثلاث - یکون الواجب المجموع ، وکماله حینئذ باعتبار رجحان زیادته علی غیره فی الثواب ، لا أنّ الفرد الأوّل هو الواجب والزائد مستحب علی الإطلاق ، کما یظهر من جدّی قدس سره (1) وغیره (2) ، وقد حققنا ذلک فی حواشی الروضة وأشرنا إلیه فی التسبیح فی الأخیرتین هنا (3).

ومن هنا یعلم انّ قول الشیخ : دون الفرض والإیجاب ؛ یحتمل أن یکون المراد به دون الفرض المعیّن والإیجاب کذلک ، ویحتمل أن یرید به أنّ الزائد مستحب لا واجب ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : ترسّل فی قراءته اتّأد. وقال : الترسیل فی القراءة الترتیل (4). وفیه : رتّل الکلام ترتیلا أحسن تألیفه ، وترتّل فیه ترسّل (5).

وفیه : التّید الرفق ، یقال : تَیدَکَ یا هذا أی اتّئد (6).

معنی الترسّل

ص: 213


1- الروضة البهیة 1 : 273.
2- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 258.
3- فی ص 187.
4- القاموس 3 : 395 ( الرسل ).
5- القاموس 3 : 392 ( الرتل ).
6- القاموس 1 : 289 ( التأد ).

قوله :

والذی یکشف عما ذکرناه :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن یحیی (1) بن عبد الملک ، عن أبی بکر الحضرمی قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : أیّ شی ء حد الرکوع والسجود؟ فقال : « تقول : سبحان ربی العظیم وبحمده ثلاثا فی الرکوع ، وسبحان ربی الأعلی وبحمده ثلاثا فی السجود ، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص اثنتین نقص ثلثی صلاته ، ومن لم یسبّح فلا صلاة له ».

فدل هذا الخبر علی أنّهم إنّما نفوا الکمال والفضل ، ألا تری أنّهم قالوا : « من نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص اثنتین نقص ثلثی صلاته » فلو لا أن الأمر علی ما ذکرناه لما کان فرق بین الإخلال بواحدة فی أن یکون ذلک مبطلا للصلاة وبین الإخلال بالجمیع ، وقد علمنا أنّهم فرّقوا.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن ابن بکیر ، عن حمزة بن حمران والحسن بن زیاد ، قالا : دخلنا علی أبی عبد الله علیه السلام وعنده قوم یصلّی بهم العصر وقد کنّا صلّینا فعددنا له فی رکوعه سبحان ربی العظیم (2) أربعا أو ثلاثا وثلاثین مرّة ، وقال أحدهما فی حدیثه وبحمده فی الرکوع والسجود. فهذه الروایة مخصوصة بفعله علیه السلام ،

ص: 214


1- فی الکافی 3 : 329 / 1 : عثمان.
2- فی « م » زیادة : وبحمده.

وصلاته بمن (1) علم أنّه یطیق ذلک ، لأنّ الأصل فی صلاة الجماعة التخفیف کما نبیّنه (2).

السند

فی الأوّل : فیه یحیی بن عبد الملک ، وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : یحیی بن عبد الملک بن أبی عتبة الخزاعی مهملا (3). وأبو بکر الحضرمی مضی القول فیه : من أنّ حاله لا یزید علی الإهمال علی ما یظهر من الرجال ، لا ما ذکره شیخنا قدس سره من عدم العلم بإیمانه (4).

والثانی : ابن فضال فیه الحسن علی الظاهر من الممارسة للروایات ، من روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه بکثرة.

وأمّا ابن بکیر فمضی القول فیه کالحسن (5). وحمزة بن حمران لا یزید علی الإهمال (6). والحسن بن زیاد فیه اشتراک بین العطّار الثقة والصیقل المهمل (7) ، ودعوی بعض الأصحاب الاتحاد (8) ، فیکون الثقة ، محتاجة إلی ما یثبتها ، ولم نعلمه.

یحیی بن عبدالملک مهمل

إشارة إلی حال أبی بکر الحضرمی

حمزة بن حمران مهمل

الحسن بن زیاد مشترک

ص: 215


1- فی الاستبصار 1 : 325 / 1214 ذ. ح : لمن.
2- فی الاستبصار 1 : 325 / 1214 : علی ما نبینه.
3- رجال الطوسی : 335 / 37.
4- راجع ج 2 : 94.
5- فی ج 1 : 125 وج 4 : 379.
6- انظر رجال النجاشی : 140 / 365 ، ورجال الطوسی : 118 / 46 ، 177 / 207 ، الفهرست : 64 / 248.
7- انظر هدایة المحدثین : 188.
8- لم نعثر علی من ادعی الاتحاد ، ولکن حکاه المیرزا فی المنهج : 99 عن بعض معاصریه وهو المحقّق الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 213.

المتن :

فی الأوّل : لا أدری کشفه لما ذکره الشیخ من الحمل علی الفضل ؛ لأنّ غایة ما یدل علیه أنّ التسبیحة الکبری مع لفظة وبحمده تجزئ ، والتکرار ثلاثا فیه الفضل ، أمّا کون الثلاث تسبیحات الصغریات فیها الفضل فلا ، ولو نظرنا إلی غیره من الأخبار ما احتجنا إلی هذا الخبر.

ثم إنّ مقتضی الخبر أنّ من لم یسبّح لا صلاة له ، فإن کان المراد من لم یسبح أصلا - کما هو الظاهر - فلا صلاة له ، ففیه : أنّ الشیخ قد روی فی التهذیب ما سبق من إجزاء مطلق الذکر (1) ، فلو ذکر من دون التسبیح لا یتحقق الإبطال ؛ وإن أُرید من لم یسبّح هذا النوع من التسبیح المذکور زاد الإشکال ، فإنّ الأخبار السابقة دلّت علی الإجزاء بدونه وإن کان تسبیحا کما هو اضح.

ولو حمل علی أنّ من لم یسبّح هذا النوع فلا صلاة له کاملة الکمال الحاصل بها ، ونقصان الثلاث بالنسبة ، لم یتم مطلوب الشیخ ، وحصل نوع منافرة من ظاهر الخبر.

ثم إنّ عدم التفات الشیخ إلی حکم زیادة وبحمده لا یخلو من غرابة ، واحتمال استحبابها ممکن ، کاحتمال وجوبها فی أحد الفردین ، وما قدّمناه من احتمال وجوب الفرد (2) لا ینبغی الغفلة عنه.

والخبر المتضمن للفظ وبحمده وإن لم یکن معتبر الإسناد إلاّ أنّ

بیان ما دل علی أنّ حد الرکوع والسجود التسبیحة الکبری ثلاثاً وأنّ من لم یسبّح لا صلاة له

حکم زیادة « وبحمده »

ص: 216


1- راجع ص : 210.
2- راجع ص : 212 - 213.

ما تضمنه موجود فی خبر حمّاد المشهور (1) ، وکذلک صحیح حریز المذکور فیه دعاء الرکوع ( وهو فی التهذیب (2) ، وفی التهذیب ) (3) ذکر الحمل علی الاختیار والاضطرار (4) ، وذکرنا فی فوائده ما یتوجه علیه مفصّلا.

وأمّا الخبر الأخیر : فالحمل علی الاستحباب ظاهر فیه ، وما تضمنه من قوله : وقال أحدهما ؛ یراد به أنّه زاد الراوی « وبحمده » فی الرکوع والسجود ، لکن صدره اقتضی أنّهما عدّا فی رکوعه ، فالزیادة من أحدهما إنّما هی للسجود ، ویحتمل أن یکون الأوّل ذکر فیه الرکوع ( وحده ، والثانی المجموع.

ثم إنّ الخبر یحتمل مجموع الرکوع والسجود علی تقدیر الأمرین ، وعلی تقدیر الرکوع ) (5) یحتمل کل رکوع فی صلاته ، ویحتمل الرکوع الواحد. وفی خبر أبان بن تغلب الصحیح فی التهذیب أنّه عدّد للصادق علیه السلام فی الرکوع والسجود ستین تسبیحة (6).

وقد ذکرت ما لا بدّ منه فی معنی سبحان ربی الأعلی وبحمده مفصّلا فی حواشی الروضة والتهذیب.

والذی ینبغی ذکره هنا إجمالا أنّ التسبیح لغة هو التنزیه ، یقال : سبّحت الله أی نزّهته عمّا لا یلیق به (7).

معنی « سبحان ربیّ الاعلی وبحمده »

ص: 217


1- التهذیب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 460 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.
2- التهذیب 2 : 77 / 289 ، الوسائل 6 : 295 أبواب الرکوع ب 1 ح 1.
3- ما بین القوسین فی « فض » : وهو فی التهذیب أیضا. وفی « رض » و « م » : وهو قریب وفی التهذیب. والصواب ما أثبتناه.
4- التهذیب 2 : 80.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».
6- التهذیب 2 : 299 / 1205 ، الوسائل 6 : 304 أبواب الرکوع ب 6 ح 1.
7- انظر الصحاح 1 : 372 ، مجمع البحرین 2 : 369 ، مفردات راغب : 221.

وأمّا لفظ « وبحمده » فقد اختلف فی متعلّقه ، ولعلّ الأولی أن یتعلق بالتسبیح ، والتقدیر : وبحمده اسبّحه.

وما عساه یقال : إنّ التسبیح بحمده ، لا ( وجه له ) (1) لإمکان الجواب بأنّ الباء إمّا للملابسة أو المصاحبة ، وکلا الأمرین صالح للمقام. وعلی تقدیر کون التسبیح بنفس الحمد لا مانع منه أیضا ، فإنّ فی بعض الأخبار ما یدل علی أنّ الحمد تسبیح ، وهو موثق عمّار ، حیث قال : ما الذی یجزئ من التسبیح بین الأذان والإقامة؟ قال : « یقول الحمد لله » (2).

وعلی تقدیر المناقشة فیما ذکر فما قاله بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من أنّ المعنی : وأنا متلبّس بحمده (3). له وجه أیضا ، لکن التقدیر فیه لا یخلو من زیادة ، فلیتأمّل ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

باب تلقی الأرض بالیدین لمن أراد السجود

أخبرنی ( أبو الحسین ) (4) بن أبی جید القمی ، عن محمّد بن الحسن بن الولید ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : رأیت

تلقی الأرض بالیدین لمن أراد السجود

اشارة

ص: 218


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : یلیق به.
2- التهذیب 2 : 280 / 1114 ، الوسائل 5 : 449 أبواب الأذان والإقامة ب 40 ح 1.
3- البهائی فی الحبل المتین : 214.
4- ما بین القوسین لیس فی « فض » ، وفی « رض » : الحسین ، وفی الاستبصار 1 : 325 / 1215 : أبو الحسن ، وما أثبتناه من « م » هو الأصح لأنّ هذه کنیة علی بن أحمد بن محمّد بن أبی جید الذی هو من مشایخ الشیخ والنجاشی - راجع معجم رجال الحدیث 21 : 111 / 14086.

أبا عبد الله علیه السلام یضع یدیه قبل رکبتیه إذا سجد.

عنه ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یضع یدیه قبل رکبتیه فی الصلاة ، قال : « نعم ، وإذا أراد أن یقوم رفع رکبتیه قبل یدیه » (1).

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سئل عن الرجل یضع یدیه علی الأرض قبل رکبتیه ، قال : « نعم » یعنی فی الصلاة.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید عن فضالة ، عن حسین ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس إذا صلّی الرجل أن یضع رکبتیه علی الأرض قبل یدیه ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی حال الضرورة التی لا یتمکن الإنسان فیها من تلقی الأرض بیدیه أوّلا لعلّة أو مرض أو غیرهما.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل إذا رکع ثم رفع رأسه ، أیبدأ فیضع یدیه علی الأرض أم رکبتیه؟ قال : « لا یضرّه أیّ ذلک بدأ هو مقبول منه » قوله علیه السلام : « لا یضرّه » معناه لا یبطل علیه الصلاة ، أو لا یکون مستحقا للعقاب بترکه ، لأنّ ذلک من آداب الصلاة لا من فرائضها التی یستحق بترکها العقاب.

ص: 219


1- فی الاستبصار 1 : 325 / 1216 لا یوجد : وإذا أراد أن یقوم رفع رکبتیه قبل یدیه.

السند :

فی الأوّل : قد قدّمنا الکلام فی أبی الحسین بن أبی جید من أنّ اسمه علی بن أحمد (1) ، وقد یظن من النجاشی أنّ اسم أبی جید طاهر (2) ، وظاهر المتأخرین الاعتماد علیه (3).

وأمّا الحسین بن الحسن بن أبان فالقول فیه خلاصته أنّه من الأجلاّء فیما یظهر من الرجال (4) ، إلاّ أنّ التصریح بالتوثیق غیر معلوم ، وما اتفق فی کتاب ابن داود من قوله فی محمّد بن أُورمة : إنّه روی عنه الحسین بن الحسن بن أبان وکان ثقة (5) ، یشکل الاعتماد علیه.

أمّا ما قاله بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من احتمال أن یعود ضمیر کان لمحمّد بن اورمة (6) ، والمعنی أنّ روایة الحسین عن محمّد فی زمن کان ثقة ، ففیه : أنّه لم ینقل فی الرجال عن محمّد بن أُورمة أنّه کان ثقة فی زمن من الأزمان ، وعلی تقدیر ذلک ینبغی الاعتماد علی ما یرویه الحسین بن الحسن عن ابن أُورمة ، لأنّ الضعف فی محمّد یکون لاحقا ، ولا أظنّ به قائلا ، إلاّ أن یقال : إنّ هذا مجرد احتمال لدفع توثیق الحسین من کلام ابن داود.

إشارة إلی حال أبی الحسین بن أبی جید

بحث حول الحسین بن الحسن بن أبان ومحمّد بن اُورمة

ص: 220


1- راجع ج 1 : 71.
2- رجال النجاشی : 383 / 1042.
3- کما فی الحبل المتین : 277.
4- انظر رجال النجاشی : 59 / 136 و 137 ، رجال الطوسی : 430 / 8 و 469 / 44 ، منهج المقال : 112.
5- رجال ابن داود : 270 / 431.
6- البهائی فی الحبل المتین : 276.

وأمّا عدّه الخبر الذی فیه الحسین بن الحسن [ من الصحاح ] (1) فلا أدری وجهه ، وقد تقدم بعض القول فی الحسین (2) ، والإعادة لأمر مّا ، فلیتأمّل.

والثانی : فیه القاسم بن محمّد الجوهری ، وقد تکرر القول فیه من أنّه واقفی مهمل فی الرجال علی ما وقفت علیه (3) ، وظنّ ابن داود أنّهما اثنان أحدهما ثقة (4) ، لا نعلم وجهه. والحسین بن أبی العلاء تقدم أنّ حاله لا تزید علی المدح فی الجملة فیما یظن (5) ، والضمیر فی « عنه » للحسین بن سعید.

والثالث : واضح الرجال سلیم من الارتیاب بعد ما کرّرنا القول فیه (6) ، والعلاء هو ابن رزین ، وتخیّل البعض (7) الاشتراک لا وجه له.

والرابع : فیه أبو بصیر ، والحسین هو ابن عثمان ، ( وسماعة مضی احتمال عدم القدح فیه (8) ؛ لعدم ذکر النجاشی کونه واقفیا ، وهو مقدّم علی الشیخ ، إلاّ أنّی وجدت الآن التصریح بأنّه واقفی من الصدوق فی موضعین :

أحدهما : فی نافلة شهر رمضان.

وثانیهما : فیمن أفطر فی یوم من شهر رمضان (9) ، فلیتدبّر ) (10).

إشارة إلی حال القاسم بن محمّد الجوهری

إشارة إلی حال الحسین بن أبی العلاء

بحث حول سماعة

ص: 221


1- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی ، راجع الحبل المتین : 240.
2- راجع ج 1 : 41.
3- راجع ج 1 : 182.
4- رجال ابن داود : 154 / 1219.
5- راجع ج 1 : 152.
6- راجع ج 1 : 152.
7- لم نعثر علیه.
8- راجع ج 1 : 110.
9- الفقیه 2 : 88 / 397 و 75 / 328.
10- ما بین القوسین أثبتناه من « م ».

والخامس : واضح بعد ما قدّمناه فی أبان مرارا (1).

المتن :

فی الأوّل : استدل به علی استحباب وضع الیدین قبل الرکبتین - کما هو ظاهر الشیخ - عند إرادة السجود ، وقد یشکل بأنّ فعله علیه السلام یجوز أن یکون أحد جزئیات المأمور به ، مضافا إلی ما یأتی فی بعض الأخبار من قوله علیه السلام : « لا تنظروا إلی ما أصنع وافعلوا ما تؤمرون » (2) فإنّ الخبر کما نذکره یشعر بعدم استحباب التأسّی علی الإطلاق.

ولعلّ الأولی الاستدلال بقوله علیه السلام فی خبر زرارة المعتبر المذکور فی التهذیب حیث قال علیه السلام : « فإذا أردت أن تسجد فارفع یدیک بالتکبیر وخرّ ساجدا وابدأ بیدیک تضعهما علی الأرض قبل رکبتیک تضعهما معا » (3).

واحتمال أن یقال بالوجوب لظاهر الأمر یدفعه عدم ظهور القائل بالوجوب ، مضافا إلی الأصل والأوامر المطلقة.

أمّا احتمال أن یقال فی الخبر المبحوث عنه : إنّ لفظ « قبل » یجوز أن یکون بکسر القاف وفتح الباء الموحدة بمعنی محاذاة الیدین للرکبتین ، ففیه : أنّ غیره من الأخبار یدفع الاحتمال سیّما خبر زرارة.

والثانی : کما تری له دلالة علی الجواز ، وقد یستفاد الاستحباب من عجزه.

بیان ما دلّ علی رجحان وضع الیدین قبل الرکعتین عند إرادة السجود وتوجیه ما یعارضه

ص: 222


1- راجع ج 1 : 183.
2- انظر ص : 236.
3- التهذیب 2 : 83 / 308 ، الوسائل 5 : 461 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 3.

والثالث : یتضح حاله من السابق.

وما تضمنته الأخبار الثلاثة بل الأربعة من ذکر الیدین کأنّ المراد بهما الکفّان باطنهما کما هو المتبادر.

ثم إنّ ما تضمنه الثانی : من قوله : « وإذا أراد » إلی آخره. هو الموجود فی النسخ وفی التهذیب (1) ، لکن فی الحبل المتین وجدته فی نسخ منه : وإذا أراد أن یقوم رفع یدیه قبل رکبتیه (2) ، وکأنّه سهو قلم.

وینبغی أن یعلم أنّ الشیخ فی التهذیب روی عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام یضع یدیه قبل رکبتیه إذا سجد ، وإذا أراد أن یقوم رفع رکبتیه قبل یدیه ، ثم قال : وعنه ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، وذکر الروایة الثانیة إلی قوله : « نعم » ، ثم قال : وعنه عن صفوان إلی آخر الثالثة (3) ، وهنا کما تری علی ما وجدت من النسخة جعل قوله : « وإذا أراد » من روایة الحسین بن أبی العلاء.

ولا یبعد أن یکون سبق النظر من الشیخ من روایة إلی روایة أو (4) أنّ ما هنا هو الأصل وما فی التهذیب موهوم.

وفی الحبل المتین هکذا : محمّد بن مسلم قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام یضع یدیه قبل رکبتیه إذا سجد ، وإذا أراد أن یقوم ، إلی آخره (5). ولعلّ

ص: 223


1- تقدّم فی ص 219 أن العبارة غیر موجودة فی الاستبصار ، وتوجد فی التهذیب 2 : 78 / 291 فی روایة الحسین بن أبی العلاء.
2- الحبل المتین : 240.
3- التهذیب 2 : 78 / 291 ، الوسائل 6 : 337 أبواب السجود ب 1 ح 1.
4- فی « م » : و.
5- الحبل المتین : 240.

الروایة من التهذیب ، وتعبیر ابن مسلم من المصنّف ، أو هو مأخوذ من الکافی ، فلیتأمّل فی ذلک کلّه.

وأمّا الرابع : فما ذکره الشیخ فیه فی غایة البعد ، ولعلّ الأولی التوجیه بما ذکره فی الخامس (1) ، وإن کان التوجیه فی الرابع أقرب منه فی الخامس ؛ لأنّ قوله علیه السلام : « لا بأس » محتمل لنفی الحرج ، بخلاف الخبر الخامس ؛ فإنّ الظاهر منه المساواة فی القبول من دون ترجیح ، لکن مع وجود المعارض فالتأویل لا بأس به ، وما قاله الشیخ - من عدم بطلان الصلاة أو عدم استحقاق العقاب - زیادة عن قدر الحاجة ، بل غیر موافق لقوله علیه السلام : « هو مقبول منه » کما لا یخفی.

قوله :

باب السجود علی الجبهة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أبی عبد الله البرقی ، عن محمّد بن مضارب (2) قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إنّما السجود علی الجبهة ، ولیس علی الأنف سجود ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن موسی بن عمیر (3) ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن ابن بکیر وثعلبة بن م

السجود علی الجبهة

اشارة

ص: 224


1- راجع ص 219.
2- فی الاستبصار 1 : 326 / 1220 : مصادف.
3- فی « فض » : موسی بن عمر ، وهو الصحیح الموافق للتهذیب - راجع معجم رجال الحدیث 19 : 55. إلاّ انه یأتی التصریح بأنّه موسی بن عمیر فیما بعد.

عن أبی جعفر علیه السلام قال : « الجبهة إلی الأنف ، أیّ ذلک أصبت الأرض فی السجود أجزأک ، والسجود علیه کلّه أفضل ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن مروان بن مسلم وعمار الساباطی قال : « ما بین قصاص الشعر إلی طرف الأنف مسجد ، أیّ ذلک أصبت به الأرض أجزأک ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ( عن محمّد ) (1) بن یحیی ، عن عمّار ، عن جعفر عن أبیه علیهماالسلام (2) قال : « قال علی علیه السلام : لا تجزئ صلاة لا یصیب فیها الأنف ما یصیب الجبین ».

فهذه الروایة محمولة علی ضرب من الکراهیة دون الفرض ؛ لأنّ الفرض هو السجود علی الجبهة ، والإرغام (3) سنّة علی ما بیّنّاه.

ویؤکد ما قلناه : ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام (4) : « السجود علی سبعة أعظم : الجبهة ، والیدین ، والرکبتین ، والإبهامین من الرجلین ، وترغم بأنفک إرغاما ».

أمّا الفرض فهذه السبعة ، وأمّا الإرغام بالأنف فسنّة من النبی صلی الله علیه و آله .

السند

فی الأوّل : فیه مع البرقی - وهو محمّد لاحتمال الکلام فیه بما

ص: 225


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی « رض » : عن أبی جعفر علیه السلام .
3- فی الاستبصار 1 : 327 / 1223 زیادة : بالأنف.
4- فی الاستبصار 1 : 327 / 1224 زیادة : قال رسول الله صلی الله علیه و آله .

مضی (1) - محمّد بن مضارب ، فإنّه مذکور مهملا فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (2) ، وفی التهذیب ابن مصادف (3) ، وهو علی ما ذکره العلاّمة فی الخلاصة نقلا عن ابن الغضائری لا یزید علی الإهمال ، لأنّ ابن الغضائری وثّقه فی کتاب وضعّفه فی آخر علی ما حکاه العلاّمة (4) ، والحال فی ذلک غیر خفیة.

والثانی : فیه موسی بن عمیر ، وهو ابن یزید الصیقل ، لروایة محمّد ابن علی بن محبوب عنه فی الفهرست (5) ، وفی النجاشی موسی بن عمیر فی النسخة الموجودة فیما وقفنا علیه (6) ، وابن داود ذکره ابن عمر (7) ، وفی التهذیب ابن عمر (8) ولا یبعد الاعتماد علی ما فی النجاشی والفهرست ؛ لجواز الإتیان باللفظ مصغرا وغیره ، والأمر سهل.

وبُرَید فیه بالباء الموحدة فی نسخة وهو العجلی الثقة ، وفی أُخری غیر مضبوط.

وقد عدّه بعض محقّقی المعاصرین من الموثق (9) ، ولا اعلم وجهه مع وجود موسی بن عمر فیه ، وهو غیر موثّق ولا ممدوح.

بحث حول محمد بن مضارب

بحث حول موسی بن عمیر ( عمر )

إشارة إلی وثاقة بُرید العجلی

ص: 226


1- راجع ج 1 : 95.
2- رجال الطوسی : 300 / 322 و 322 / 683.
3- التهذیب 2 : 298 / 1200.
4- خلاصة العلاّمة : 256 ، إلاّ أنّ فیه : محمّد بن مصادف.
5- الفهرست : 163 / 709 ، وفیه : موسی بن عمر.
6- رجال النجاشی : 405 / 1075 ، إلاّ أنّ فیه موسی بن عمر.
7- رجال ابن داود : 194 / 1619.
8- التهذیب 2 : 298 / 1199.
9- البهائی فی الحبل المتین : 241.

والثالث : فیه الحسن بن علی بن فضّال ، وقد تکرّر القول فیه (1). ومروان بن مسلم کذلک ، وهو ثقة. وعمّار کذلک لکنه فطحی علی قول الشیخ (2) ، والنجاشی اقتصر علی التوثیق (3).

والرابع : محمّد بن یحیی فیه لیس هو العطّار ؛ لأنّه الراوی عن أحمد بن محمّد ، بل إمّا الخثعمی أو الخزّاز أو غیرهما ، ویبعد کونه الخثعمی ؛ لتوسط ابن أبی عمیر بینه وبین أحمد بن محمّد فی الروایة عنه علی ما فی الرجال (4) ، وقد عدّه بعض محققی الأصحاب (5) من الموثق (6) ، ولا اعلم وجهه بعد احتمال محمّد بن یحیی لغیر من وثّق ، ولعلّه من غیر التهذیب.

والخامس : لا ارتیاب فیه (7).

المتن :

فی الأوّل : یدل علی أنّ الأنف لیس علیه سجود ، فهو لو صحّ ینفی قول الصدوق بوجوب الإرغام کما یُظن من عبارته فی الفقیه ، حیث قال : إنّ الإرغام سنّة من ترکه لا صلاة له (8). لکن الخبر کما تری ، وردّ قوله

إشارة إلی وثاقة مروان بن مسلم

إشارة إلی حال عمّار الساباطی

بحث حول محمد بن یحیی

بیان ما دل علی أنّه لیس علی الأنف سجود

ص: 227


1- راجع ج 4 : 129 و 379.
2- الفهرست : 117 / 515.
3- رجال النجاشی : 290 / 779.
4- الفهرست : 162 رقم 701.
5- فی « رض » : المعاصرین سلمه الله.
6- البهائی فی الحبل المتین : 241.
7- فی « رض » : فی رجاله.
8- الفقیه 1 : 205.

بالأخیر ستسمع القول فیه (1).

والثانی : ظاهر الدلالة علی أنّ الجبهة حدّها من القصاص - مثلّث القاف - وهو منتهی منابت شعر الرأس من جهة الوجه إلی الأنف ، وأن کل جزء منها لو أصاب الأرض بفعل الإنسان أجزأ فی السجود ، ولو صحّ لاندفع به قول معتبر قدر الدرهم کما ینقل عن الصدوق (2) وابن إدریس (3) والشهید فی الذکری (4) ؛ وإن کان فی نظری القاصر أنّ کلام الصدوق فی الفقیه لا یفید الوجوب ؛ لأنّه ذکر السجود علی العود والسواک مع ذکره الدرهم (5) ، فلا بدّ من الحمل علی الاستحباب فی الدرهم ، أو حمل العود والسواک علی مقدار الدرهم ، ( والثانی فی غایة البعد بخلاف الأوّل.

أمّا الاستدلال للمعتبرین بخبر زرارة (6) الدال علی إجزاء مقدار الدرهم ) (7) ومقدار طرف الأنملة (8) ، ففیه : أنّ طرف الأنملة أقلّ من مقدار الدرهم.

ودلالة الخبر المبحوث عنه علی أفضلیّة وضع جمیع الجبهة ظاهرة.

أمّا قوله : « إلی الأنف » فالمراد به الطرف الأعلی ، وقد یحتمل أن یعود ضمیر « کلّه » إلی الأنف ، وبُعده ظاهر ، کما أنّ احتمال إرادة کل من

بیان ما دلّ علی إجزاء المسمّی وعدم اعتبار مقدار الدرهم

ص: 228


1- فی ص 228 - 229.
2- الفقیه 1 : 205 ، المقنع : 26.
3- السرائر 1 : 225.
4- الذکری 3 : 149.
5- الفقیه 1 : 236 / 1039.
6- الکافی 3 : 333 / 1 ، الوسائل 6 : 356 أبواب السجود ب 9 ح 5.
7- ما بین القوسین لیس فی « م ».
8- حکاه عن الصدوق وابن إدریس فی الذکری 3 : 389 ، السرائر 1 : 225.

الجبهة والطرف من الأنف کذلک ، واستبعاد تخصیص الأفضل بالجبهة کلها من دون ذکر الأنف یقربه أنّ المقام لبیان الجبهة لا لبیان محالّ السجود.

والثالث : واضح الدلالة علی إجزاء المسمّی من الموضع المذکور.

ولا یخفی أنّ خبر زرارة لو أفاد المطلوب من اعتبار الدرهم لما نافاه شی ء من هذه الأخبار ؛ لأنّها تضمنت بیان الجبهة التی یصح السجود علیها ، وهی من جهة إجزاء کل جزء من قبیل العام ، فلا مانع من تخصیصه ، بل لا یبعد أن یکون من قبیل المجمل فلا مانع من بیانه ، إلاّ أنّ الکلام فی المبیّن ، وما وجّه به شیخنا قدس سره الاستدلال من خبر زرارة (1) ذکرنا ما فیه فی غیر هذا الموضع ، والمحصّل ما هنا.

والرابع : لعلّه محمول علی الفضل فی إصابة الأنف لما أصاب الجبین ؛ ( إذ ) (2) الوجوب لا یعلم القائل به.

ثم إنّه کما تری یتناول کلما یصح السجود علیه ، والعجب من جدّی قدس سره أنّه استدل بالخبر علی تحقّق الإرغام بغیر التراب (3) ، والحال أنّه تضمّن الجبین صریحا ، ولعل نظره قدس سره إلی أن المراد بالجبین الجبهة لشدة الاتصال بینهما ، وهو غیر بعید ، والشیخ کما تری فهم هذا من الروایة حیث قال : إنّ الفرض هو السجود علی الجبهة والإرغام سنة (4). اللهم إلاّ أن یقال : إنّ مراد الشیخ بیان الفرض وکل ما عداه سنّة ، وفیه ما فیه.

والخامس : إنّما یدل علی مطلوب الشیخ من کون الإرغام سنّة علی

توجیه ما دلّ علی لزوم إصابة الأنف لما یصیب الجبین ومعنی الارغام

ص: 229


1- مدارک الأحکام 3 : 405.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « م » : إذا أراده.
3- المسالک 1 : 32.
4- راجع ص 225.

تقدیر إرادة المستحب منها ، واحتمال إرادة ما ثبت من السنّة ممکن ، لأنّه علیه السلام لما ذکر الفرض علم أنّ السنّة تقابله ، ولمّا تقرّر أنّ الفرض ما ثبت من القرآن فالسنّة ما ثبت بها ، غیر أنّ الحق اشتراک السنّة ، ومع الاشتراک لا یخرج عن الأصل إلاّ بالتعین ، أو یقال : إنّ السنّة هنا یراد بها ما ثبت بالسنّة ، وهو أعم من الواجب والندب ، فلا یخرج عن الأصل ، إلاّ أن یقال إنّ قوله علیه السلام : « وترغم بأنفک » جملة خبریة فی معنی الأمر فیفید الوجوب.

ولا ینافی ذلک بیان کون الإرغام من السنّة ، وهذا وإن کان فیه تأمّل سبق بیان وجهه مفصّلا ، من جهة احتمال الجملة الخبریة للاستحباب بسبب العدول ، إلاّ أنّه وجه للاستدلال عند من یطلق کون الخبریة للوجوب إذا کانت فی مثل هذه المواضع ، فلیتأمّل.

والإرغام : إلصاق الأنف بالرغام - بالفتح - وهو التراب ، ونقل عن المرتضی رحمه الله : إلصاق الطرف الأعلی منه ، وهو ممّا یلی الحاجبین (1). وعن ابن الجنید : أنّه مماسّة الأرض بطرف الأنف وحدبته (2) ، سواء الرجل والمرأة (3).

وفی نظری القاصر أنّ ما فی حدیث حمّاد المشهور من قوله : وسجد علی ثمانیة أعظم - إلی أن قال : - والأنف (4). یدل علی أنّ الإرغام بما ذکره ، واحتمال أن یکون الإرغام غیر ما ذکر لا وجه له.

ص: 230


1- جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 32.
2- فی « م ». والذکری : وجدبته ، وفی « رض » و « فض » بلا نقطة ، ولعل الأنسب ما أثبتناه مهملا بمعنی الارتفاع مقاییس اللغة 2 : 36.
3- حکاه عنه فی الذکری : 202.
4- الفقیه 1 : 196 / 916 ، التهذیب 2 : 82 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر المبحوث عنه اشتمل علی أنّ السجود علی سبعة أعظم ، وکذلک خبر حمّاد ، وهذا فی الجبهة والرکبتین واضح ، أمّا فی الیدین فعلی تقدیر ما نقل عن السید المرتضی أنّ السجود علی مفصل ( الکف علی ) (1) الزندین (2) له وجه ، أمّا علی تقدیر الکفین فالعظم لا یخلو من خفاء.

والعجب من العلاّمة فی المختلف أنّه نقل قول السیّد ، ثم قال : والمشهور اعتبار الیدین ؛ لما رواه زرارة (3). والأمر کما تری ، لکن لا خروج عن المشهور.

أمّا الأنامل فالعظم [ فیها ] (4) أیضا خفی.

ولا یبعد أن یکون قوله : « سبعة أعظم » من باب التغلیب ، وقد ذکر بعض شرّاح حدیث المخالفین الحدیث وقال : إنّه من باب التغلیب (5) ، فلیتدبّر.

أمّا ما عساه یقال فی الخبر الأخیر : من أنّ کون السبعة من القرآن لا یخلو من خفاء ، ففیه : أنّ أهل البیت علیهم السلام أدری بما فیه ، وفی الظاهر یمکن أن یقال : إنّ الأمر بالسجود یراد (6) به علی الأعضاء السبعة ، لتفسیرهم علیهم السلام ، هذا.

وفی بعض الأخبار المعتبرة ما یدل علی قول ابن الجنید (7) فی

بیان قوله علیه السلام : « السجود علی سبعة أعظم »

ص: 231


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 32 ، وفیه : مفصل الکفین عند الزندین.
3- المختلف 2 : 186.
4- فی النسخ : فیهما ، وما أثبتناه هو الأنسب.
5- کما فی إرشاد الساری 2 : 120.
6- فی « رض » : ویراد.
7- راجع ص 230.

الجملة ، وهو ما رواه علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام ، قال : سألته عن المرأة تطول قصتها ، فإذا سجدت وقع بعض جبهتها علی الأرض وبعض یغطیه الشعر ، هل یجوز ذلک؟ قال : « لا حتی تقع جبهتها علی الأرض » (1) وقد حملت هذه الروایة علی الاستحباب. وفیه : أنّ ما تقدم من الأخبار قابل للجمع بینها وبین هذه الروایة ببیان (2) مقدار الواجب من غیرها ، علی معنی أنّ محل الواجب من السجود ما کان حدّه کذا وکذا ، ( لا أنّ ) (3) کل جزء حصل تحقّق الوجوب ، ولو دلّ علی الثانی لکان ظاهرا وهذا الخبر صریح. ولا یخفی أنّ ابن الجنید قوله مرکّب علی ما نقل (4) ، والخبر لا یدل علیه ، وبدونه لا یتحقق الموافق علی مدلول الروایة ، فربما یتم الحمل علی الاستحباب ، فلیتأمّل المقام ، وبالله سبحانه الاعتصام.

قوله :

باب الإقعاء بین السجدتین

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن الحسین بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تقع بین السجدتین إقعاء ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس

الإقعاء بین السجدتین

اشارة

ص: 232


1- التهذیب 2 : 313 / 1276 ، قرب الاسناد : 224 ، وفیهما : حتّی تضع جبهتها.
2- فی « رض » فبیان.
3- فی « رض » : إلاّ أن. ، وفی « م » : لأن.
4- حکاه عنه فی الذکری : 202.

بالإقعاء فی الصلاة ما بین السجدتین ».

فالوجه فی هذه الروایة الرخصة أو حال الضرورة ، غیر أنّ الأفضل ما قدّمناه فی الروایة الاولی ، وذلک أیضا مطابق للروایات التی أوردناها فی کتابنا الکبیر.

ویؤکد ذلک أیضا :

ما رواه معاویة بن عمّار وابن مسلم والحلبی جمیعا قالوا (1) : « لا تقع بین السجدتین کإقعاء الکلب ».

السند

فی الأوّل : فیه أبو بصیر.

والثانی : لا ارتیاب فی صحته.

والثالث : فیه أنّ الطریق إلی الثلاثة غیر مذکور فی المشیخة ، وفی الفهرست ما لا یفید الدخول فی الطرق ، مضافا إلی أنّ الظاهر إسناد القول إلیهم کما فی النسخة المنقول منها ، وفی التهذیب « قالوا قال » فی نسخة ، وعلی هذا یکون من قبیل الخبر المضمر وإن کان الحق أنّه لا یضرّ بالحال لو سلم من غیره.

المتن :

فی الأوّل : ظاهره التحریم ، غیر أنّ المشهور الکراهة (2) ، والصدوق

کلمة حول طرق الشیخ إلی معاویة بن عمّار وابن مسلم والحلبی

ص: 233


1- فی الاستبصار 1 : 328 / 1227 زیادة : قال.
2- کما فی المعتبر 2 : 218 ، المختلف 2 : 208 ، جامع المقاصد 2 : 309 ، الحبل المتین : 215.

فی الفقیه ظاهره عدم الجواز حال التشهد ، ونفی البأس بین السجدتین ، لأنّه قال : ولا بأس بالإقعاء بین السجدتین ، ولا بأس به بین الاولی والثانیة ، وبین الثالثة والرابعة ، ولا یجوز الإقعاء فی موضع التشهد (1). ومراده بالأولی والثانیة الرکعة الاولی والثانیة ، وهکذا الثالثة والرابعة ، فیدل (2) علی نفی البأس بعد السجدة الثانیة من الاولی ومن [ الثالثة ] (3).

ونقل عن ابن إدریس أنّه قال : لا بأس به بین السجدتین ولا یجوز فی التشهدین (4).

وعن الشیخ فی المبسوط (5) والمرتضی (6) عدم الکراهة مطلقا.

ولا یخفی أنّ نفی البأس من الصدوق محتمل لأن یکون المراد به نفی عدم الجواز بقرینة ذکره فی التشهد.

ثمّ إنّه علّل النفی فی التشهد بأنّ المقعی لیس بجالس ، إنّما یکون بعضه قد جلس علی بعض فلا یصبر للدعاء (7) والتشهد.

وهذا التعلیل موجود فی روایة زرارة فی التهذیب ، وهی صحیحة ، وفیها : « وإیّاک والقعود علی قدمیک فتتأذّی بذلک ، ولا تکن قاعدا علی الأرض فتکون إنّما قعد بعضک علی بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء » (8)

ص: 234


1- الفقیه 1 : 206.
2- فی « فض » فدل.
3- فی النسخ : الرابعة ، والصواب ما أثبتناه.
4- حکاه عنه فی المختلف 2 : 208 ، وهو فی السرائر 1 : 227.
5- المبسوط 1 : 113.
6- حکاه عنه فی المعتبر 2 : 218.
7- فی « رض » : علی الدعاء.
8- التهذیب 2 : 83 / 308 ، الوسائل 5 : 461 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 3.

وکأنّ الصدوق رحمه الله فهم منها الاختصاص بالتشهد ، ویکون الدعاء ما یذکر فی التشهد. ویؤیّده أنّ قبل هذا : « فإذا قعدت فی تشهدک فألصق رکبتیک - إلی أن قال - : وإیّاک » إلی آخره.

وعدم الجواز ربما یستفاد من ظاهرها ، إلاّ أن یعارض بأنّ الأوامر فیها أکثرها للاستحباب فیبعد الدلالة علی التحریم. وفیه : أنّ الظاهر الوجوب ما لم یخرج الدلیل بعض الأحکام ، والموجود هنا ممّا یصلح للإخراج غیر موجود ، فإنّ الثانی من الأخبار المبحوث عنها تضمن جواز الإقعاء بین السجدتین فیبقی حکم التشهد علی أصله من الخبر ، غیر أنّ کثرة الأوامر الواردة فی الخبر للاستحباب مع الشهرة تؤیّد عدم التحریم ، مضافا إلی ظاهر التعلیل وإن احتمل أن یراد منه کون الجلوس للتشهد لا یتحقق إلاّ علی الأرض ، إلاّ أنّ قوله : « والدعاء » لا یوافق عدم الجواز ، فربما یقرب أن یکون مراد الصدوق الکراهة من عدم الجواز ، ومن نفی البأس عدم الکراهة.

وعلی کل حال المستفاد من الروایة أنّ الإقعاء المأمور بترکه هو الجلوس علی العقبین مع الاعتماد علی صدور القدمین ، قیل : وهذا التفسیر هو المشهور بین الفقهاء (1) ، ونقل جماعة من الأصحاب عن بعض أهل اللغة أنّه الجلوس علی الألیتین ناصبا الفخذین کإقعاء الکلب (2) ، وهو مدلول الخبر الأخیر ، ویمکن أن یقال بتقدیر العمل بالخبر الأخیر والأوّل أنّ النهی عن الإقعاء بین السجدتین کإقعاء الکلب ، وما تضمن الجواز - وهو الثانی - یحمل علی الجلوس علی صدور القدمین ، إلاّ أنّه غیر خفی عدم

حکم الإقعاء بین السجدتین

معنی الإقعاء

ص: 235


1- کما فی جامع المقاصد 2 : 310 ، الحبل المتین : 215.
2- کما فی المعتبر 2 : 218 ، المنتهی 1 : 291 ، مجمع الفائدة 2 : 271.

موافقته لخبر زرارة ، ویمکن أن یکون الإقعاء ( مطلقا مکروها ) (1) والإقعاء المخصوص فی روایة زرارة غیر جائز ، وفیه ما لا یخفی ، لکن الأمر سهل بعد ما سمعته ، فلیتأمّل.

قوله :

باب من یقوم من السجدة الثانیة إلی الرکعة الثانیة.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب الخزّاز ، عن عبد الحمید بن عواض (2) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : رأیته إذا رفع رأسه من السجدة الثانیة من الرکعة الأولی جلس حتی یطمئن ثم یقوم.

سماعة ، عن أبی بصیر قال ، قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا رفعت رأسک من السجدة الثانیة من الرکعة الأولی حین ترید أن تقوم فاستو جالسا ثم قم ».

فأمّا ما رواه علی بن الحکم ، عن رحیم قال : قلت للرضا علیه السلام : أراک إذا صلّیت فرفعت رأسک من السجود فی الرکعة الاولی والثالثة فتستوی جالسا ثم تقوم ، فنصنع کما تصنع؟ قال : « لا تنظروا إلی ما أصنع ( وافعلوا ) (3) ما تؤمرون ».

من یقوم من السجدة الثانیة إلی الرکعة الثانیة

اشارة

ص: 236


1- فی « رض » : مکروها مطلقا.
2- فی النسخ : عواص ، وفی مجمع الرجال 4 : 69 و 6 : 81 : غواض ، وما أثبتناه موافق للاستبصار 1 : 328 / 1228 ، ورجال النجاشی : 424 / 1138 ، ورجال الطوسی : 128 / 18 ، 235 / 202 ، 353 / 6.
3- فی الاستبصار 1 : 328 / 1230 : اصنعوا.

إنّما قال علیه السلام : « لا تنظروا إلی ما أصنع » لئلاّ یعتقدوا أنّ ذلک یلزمهم علی طریقة الفرض ، دون أن یکون قد منعه أن یقتدی بفعله علی جهة الفضل والکمال ، وهذه الجلسة من آداب الصلاة لا من فرائضها.

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحجّال ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة قال : رأیت أبا جعفر وأبا عبد الله علیهماالسلام إذا رفعا رؤوسهما من السجدة الثانیة نهضا ولم یجلسا.

السند

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه (1) فی ابن الولید [ أحمد ، وعبد الحمید ] (2) بن عواض ثقة.

والثانی : فیه - مع عدم الطریق إلی سماعة - أبو بصیر.

والثالث : فیه مع جهالة الطریق إلی علی بن الحکم جهالة رحیم.

والرابع : موثق ، غیر أنّه مقبول للإجماع علی تصحیح ما یصح عن عبد الله بن بکیر (3) ، إلاّ أن یقال : إنّ ما قدّمناه فی أوّل الکتاب من معنی الإجماع (4) لا یقتضی الصحة المصطلح علیها.

والعجب من عدّ بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - هذا الخبر

عبدالحمید بن عواض ثقة

عدم الطریق للشیخ إلی سماعة

جهالة طریق الشیخ إلی علی بن الحکم

رحیم مجهول

کلمة حول حدیث عبدالله بن بکیر

ص: 237


1- فی ج 1 : 39.
2- فی « م » : أحمد بن عبد الله لحمید ، وفی « رض » : احمد وبن عبد الحمید ، وفی « فض » : أحمد بن عبد الحمید. والظاهر ما أثبتناه.
3- انظر رجال الکشی 2 : 673 / 705.
4- راجع ج 1 : 60 - 63 ، 71.

من الموثق مع عدّه خبر أبان بن عثمان من الصحیح (1) - کما تقدم القول فیه (2) - مع الاشتراک فی العلّة.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی فعل الإمام علیه السلام الجلوس ، لکن التأسّی لما کان مستحبا عند محقّقی الأصحاب (3) فیما لم یعلم فیه الوجوب حکم باستحباب الجلسة لغیره ، وربما یقال ما قدّمناه عن قریب من أنّ فعله علیه السلام یجوز أن یکون لا للاستحباب بل للإباحة.

والثانی : یفید الاستحباب من حیث الأمر ، إن اکتفینا فی السنن بمثل الخبر.

فإن قلت : فعله علیه السلام فی الأوّل لا بدّ من کونه راجحا ، وهو معنی الاستحباب.

قلت : لیس کل فعل یفعله علیه السلام فی الصلاة یکون راجحا رجحان الاستحباب.

نعم ربما یقال فیما نحن فیه : إنّ الجلوس أمر زائد علی القیام من السجدة ، فلا بدّ أن یکون له رجحان ، إلاّ أن یقال : إنّ فعله علیه السلام لو کان فیه تکرار ربما یفید الاستحباب ، أمّا فعل المرّة فیجوز أن یکون لغرض من الأغراض أو لعذر ، ولعلّ الاستحباب بالإجماع المنقول مع الخبر فیسهل

بیان ما دل علی استحباب جلسة الاستراحة وتوجیه ما یعارضه

ص: 238


1- البهائی فی الحبل المتین : 241.
2- فی ج 1 : 183.
3- فی « م » : عند الأصحاب ، وعلی أی حال فمنهم البهائی فی الحبل المتین : 244 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 269.

الخطب ، والإجماع حکاه بعض المتأخرین (1).

ویؤیّده ما یظهر من أنّ الخلاف إنّما هو فی الوجوب والاستحباب والأوّل منقول عن السید المرتضی رضی الله عنه وأنّه ادّعی علیه الإجماع (2) ، ولا یخلو من غرابة ، ولا یبعد أن یرید بالوجوب ( تأکّد ) (3) الاستحباب کما یستعمل فی کلام المتقدمین ، مثل الصدوق والمفید ، بل فی الأخبار وجوده بکثرة.

وأمّا ما ذکره الشیخ فی تأویل الثالث فلا بأس به ، ولولاه لانتفی استحباب التأسّی عند من یعمل بالخبر.

وأمّا الرابع : فالاستدلال به علی الاستحباب لا یخلو من إشکال ؛ لأنّ ترک المستحب وإن ذکر بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - جوازه لبیان الجواز (4) ، إلاّ أنّ فی البال بعد ذلک ، لأنّ بیان الجواز فیما لم یظن وجوبه غیر ظاهر ، إلاّ أن یقال : إنّ احتمال وجوب التأسی لمّا کان ممکنا احتیج إلی دفعه بالترک ، فلیتأمّل.

قوله :

باب وضع الإبهام فی حال السجود

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن

وضع الإبهام فی حال السجود

اشارة

ص: 239


1- کالعلاّمة فی المنتهی 1 : 291 ، وانظر مجمع الفائدة 2 : 269 و 270.
2- الانتصار : 46 ، وحکاه عنه فی المدارک 3 : 413.
3- لیس فی « م » وفی « فض » : ذلک.
4- البهائی فی الحبل المتین : 244.

أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة قال ، قال أبو جعفر علیه السلام : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : السجود علی سبعة أعظم : الجبهة ، والیدین ، والرکبتین ، والإبهامین ، وترغم بأنفک إرغاما ، أمّا الفرض فهذه السبعة ، وأمّا الإرغام فسنّة من النبی صلی الله علیه و آله ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعیل بن بزیغ ، عن أبی إسماعیل السرّاج ، عن هارون بن خارجة قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام وهو ساجد وقد رفع قدمیه من الأرض وإحدی قدمیه علی الأخری.

فالوجه فی هذا الخبر هو أنّه یجوز أن یکون علیه السلام إنّما فعل ذلک لضرورة دعته إلی ذلک دون حال الاختیار.

السند

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه بعد ما قدمناه فی أحمد بن محمّد بن یحیی من عدم توقف مشایخنا فیه (1) ، وأحمد بن محمّد الراوی عنه ابن محبوب هو ابن عیسی ، وابن أبی نجران : عبد الرحمن.

والثانی : فیه أبو إسماعیل السرّاج ، وفی الکافی فی صلاة الحوائج صرح بأنّ اسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو الفزاری (2) ، وفی الرجال عبد الله بن عثمان بن عمرو بن خالد الفزاری أخو حمّاد بن عثمان (3) ، وقد وثّقه النجاشی فی ترجمة حمّاد بن عثمان (4) ، ولم ینقل شیخنا - أیّده الله -

إشارة إلی عدم توقّف المشایخ فی احمد بن محمد بن یحیی

بحث حول أبی اسماعیل السراج

ص: 240


1- راجع ج 1 : 41 و 92.
2- الکافی 3 : 478 / 6 وفیه : عن عبد الله بن عثمان أبی إسماعیل السراج.
3- انظر رجال ابن داود : 84 / 522 ، خلاصة العلاّمة : 56 / 4.
4- رجال النجاشی : 143 / 371.

فی کتاب الرجال أنّ کنیته أبو إسماعیل السراج عن النجاشی (1) ، لکن فی کتاب بعض المعاصرین الجامعین للرجال رأیت فیه الکنیة نقلا عن النجاشی (2) ، ولو لا ظنّ أنّ الزیادة من تصرفه لکان الوثوق بأنّه الأخ لحماد ابن عثمان الموصوف بالثقة حاصلا ، ولم یحضرنی الآن نسخة النجاشی فینبغی المراجعة (3).

وأمّا هارون بن خارجة ففی النجاشی ذکره مفردا ووثّقه (4) ، والشیخ ذکر فی أصحاب الصادق علیه السلام من کتابه هارون بن خارجة الأنصاری ( مهملا (5) ، وفیهم أیضا هارون بن خارجة ) (6) الصیرفی مهملا (7).

وفی الفهرست : هارون بن خارجة له کتاب - إلی أن قال - إنّ الراوی عنه الحسن بن محمّد بن سماعة ، ولم یوثقه (8) ، والنجاشی ذکر أنّ الراوی عنه محمّد بن إسماعیل بن بزیع عن علی بن النعمان (9) ، والظاهر من الشیخ کما تری التعدد لکن إثبات التعدد من الشیخ مشکل ، غیر أنّ ذکر الأنصاری والصیرفی یؤذن بالتعدد ، وغیر بعید الجمع ؛ لأنّ الأنصاری لا ینافی کونه صیرفیا.

وبالجملة : فالأمر لا یخلو من ارتیاب ؛ لاحتمال الاشتراک ، وإن کان

بحث حول هارون بن خارجة

ص: 241


1- منهج المقال : 208.
2- القهپائی فی مجمع الرجال 4 : 26.
3- رجال النجاشی : 143 / 371. والکنیة فیه غیر مذکورة.
4- رجال النجاشی : 437 / 1176.
5- رجال الطوسی : 328 / 4.
6- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
7- رجال الطوسی : 328 / 2.
8- الفهرست : 176 / 775.
9- رجال النجاشی : 437 / 1176.

فی المقام هیّن الأثر ، لکن فی غیره تظهر ثمرته.

المتن :

فی الأوّل : قد قدمنا فیه کلاما من جهة الجبهة والیدین (1) ویبقی (2) هنا بیان ما لا بدّ منه فی الرکبتین والإبهامین ، فالذی یقتضیه الخبر وجوب السجود علی الرکبتین ، لکن فی خبر زرارة المذکور فی التهذیب صحیحا فی ذکر الرکوع : « وتضع یدک الیمنی علی رکبتک الیمنی قبل الیسری وبلّغ بأطراف أصابعک عین الرکبة » الحدیث (3). وهو کما تری محتمل من جهة قوله : « عین الرکبة » أن یراد بالعین نفس الرکبة ، وحینئذ یفید أنّ الرکبة أسفل من المتعارف منها ، لأنّ تبلیغ الأصابع إلی العین یقتضی ذلک ، فلا بدّ فی السجود من عدم زیادة مدّ الرجل إلی وراء لئلاّ تخرج عن الوضع الواجب.

ویحتمل أن یراد بالعین غیر الرکبة فتکون الرکبة فوق العین ، وحینئذ لا بدّ من زیادة مدّ الرجل إلی وراء لیتحقّق وضع الرکبة. ولعلّ الاحتمال الثانی له نوع قرب.

أمّا ما وقع فی کلام بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - من أنّ « بلّغ » فی خبر زرارة بالعین المهملة وأنّ غیر ذلک تصحیف (4) ، فلا یخلو من غرابة کما یعلم ممّا کتبناه فی مواضع منها فی فوائد التهذیب.

وأمّا الإبهامان : فالخبر المبحوث عنه کما تری تضمّن ذلک ، وفی

وضع الرکبتین فی حال السجود

ص: 242


1- فی ص 230 - 232.
2- فی « رض » : وینبغی.
3- التهذیب 2 : 83 / 308 ، الوسائل 5 : 461 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 3.
4- البهائی فی الحبل المتین : 213.

خبر حمّاد بن عیسی المشهور أنّه علیه السلام سجد علی ثمانیة أعظم وعدّ منها الراوی : أنامل إبهامی الرجلین ، وقال عنه علیه السلام أنّه قال : « سبع منها فرض » وعدّها علیه السلام إلی أن قال : « والإبهامان » (1).

وقد یظن حمل مطلق هذا الخبر المبحوث عنه علی مقید ذلک ، فیراد بالإبهامین أناملهما.

ولا یبعد أن یقال : إنّ حمادا روی ما رأی ، وسجوده علیه السلام علی الأنامل إمّا لکونه أحد جزئیات الفعل وإمّا لتعیّنه ، ومع الاحتمال لا یتقید به الخبر المبحوث عنه ، ویؤیّده ما نقله حمّاد عنه علیه السلام أنّه ذکر الإبهامین فی عدّ ( الفروض ، فلو ) (2) کانت الأنامل معتبرة لذکرها ، علی أنّه یحتمل أن یکون وضع الأنامل لکونه أفضل ، والاحتیاط مطلوب.

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من وجه ، غیر أنّ الروایة کما تری تدل علی أنّه رآه وهو ساجد ولم یعلم أنّ الوضع قبل الذکر الواجب (3) أو بعده أو فی أثنائه ، وعلی التقدیرین الأوّلین إنّما یحتاج إلی التأویل بعد إثبات استحباب البقاء علی هیئة الواجب إلی أن یرفع من السجود ، أمّا التقدیر الأخیر فالحمل علی الضرورة یتعیّن ، وعلی جمیع التقادیر یمکن الحمل علی الضرورة أیضا ، لکن یتفاوت بالنسبة إلی الواجب وغیره. فلیتأمّل.

وضع الابهامین فی حال السجود

ص: 243


1- الکافی 3 : 311 / 8 ، التهذیب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : الفرض ولو.
3- لیس فی « فض ».

قوله :

باب النفخ فی موضع السجود فی حال الصلاة

الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن رجل من بنی عجل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المکان یکون علیه الغبار فأنفخه إذا أردت السجود؟ فقال : « لا بأس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن الفضل ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له : الرجل ینفخ فی الصلاة موضع جبهته؟ فقال : « لا ».

فالوجه فی هذه الروایة ضرب من الکراهیة دون الحظر ، ویجوز أن یکون إنّما کره ذلک إذا کان ممّا یتأذّی به قوم.

یدل علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن أبی محمّد الحجّال ، عن أبی إسحاق ، عن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بالنفخ فی الصلاة فی موضع السجود ما لم یؤذ أحدا ».

السند

فی الأوّل : فیه الإرسال.

والثانی : ذکر شیخنا قدس سره فی فوائده علی الکتاب أنّ الشیخ فی التهذیب روی قبل هذه الروایة روایة عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل ابن شاذان ، ثم قال بعدها : محمّد ، عن الفضل ، عن حمّاد بن عیسی (1) ،

النفخ فی موضع السجود فی حال الصلاة

بحث حول روایة محمّد عن الفضل وتمییزهما

ص: 244


1- التهذیب 2 : 302 / 1221 و 1222 ، الوسائل 6 : 350 أبواب السجود ب 7 ح 1.

ومعلوم أنّ محمّدا هو ابن إسماعیل ، وهذا هو الصواب ، وذکر محمّد بن علی بن محبوب من غلط الناسخ.

والأمر کما قال قدس سره من جهة التهذیب فی زیادات الصلاة ؛ إلاّ أنّه ربّما یقال : إنّ فی الرجال الفضل بن إسماعیل الکندی یروی عنه محمّد بن علی بن محبوب کما فی الفهرست (1) ؛ فلا یبعد أن یکون الفضل هذا ولا یتعین کونه ابن شاذان.

ویمکن الجواب عنه : بأنّ ما وقع فی الفهرست موهوم ؛ لأنّ النجاشی ذکر الفضل بن إسماعیل وأنّ الراوی لکتابة محمّد بن علی بن أیوب (2) ، فما فی الفهرست إمّا من قلم الشیخ أو الناسخ ، واحتمال کون ما فی النجاشی سهوا بعید ، ویؤیّد البعد ما وقع فی التهذیب (3).

والعجب من شیخنا - أیّده الله - حیث لم یتعرض فی کتاب الرجال لما وقع فی الفهرست والنجاشی من الاختلاف فیما ذکرناه من جهة الراوی عن الفضل بن إسماعیل (4).

[ والثالث ] (5) : أبو إسحاق فیه هو ثعلبة بن میمون ؛ لأنّ الراوی عنه فی الرجال الحجال (6). وأبو بکر الحضرمی تکرر القول فیه (7) کثعلبة (8)

أبو اسحاق الذی روی عنه الحجّال هو ثعلبة بن میمون

ص: 245


1- الفهرست : 125 / 554.
2- رجال النجاشی : 306 / 838.
3- راجع ص 244.
4- منهج المقال : 259.
5- فی النسخ : الثانی ، والصواب ما أثبتناه.
6- انظر رجال النجاشی : 117 / 302.
7- راجع ج 2 : 94 ، 284.
8- راجع ج 1 : 410.

والحجال (1).

المتن :

فی الخبرین ظاهر غیر أنّ الإیذاء فی [ الثالث ] (2) قد یستغرب ، ولو صحّ الخبر دلّ علی مطلق الإیذاء والعموم لکل أحد.

وفی الفقیه : ولا تنفخ فی موضع سجودک ، فإذا أردت النفخ فلیکن قبل دخولک فی الصلاة ، فإنّه یکره ثلاث نفخات : فی موضع السجود ، وعلی الرّقی ، وعلی طعام الحار (3). وظاهر قوله : یکره إرادة الکراهة الأصولیة بمعونة ذکر الأمرین.

وما عساه یقال : إنّ النفخ لو تضمن حرفین یلزم الإبطال بتقدیر التعمد ؛ لأنّه صرّح بأنّ من أنّ فی صلاته فقد تکلم (4) ، وهو یدل علی أنّ الکلام لا یشترط فیه الصدق عرفا حیث لم یثبت اللغة والشرع ، أو أنّه فی اللغة ثابت عنده ، والفرق بین الأنین وبین النفخ غیر واضح ، إلاّ من جهة الروایة المرویة فی الأنین فی التهذیب (5) ، والسند غیر سلیم ؛ لاشتماله علی طلحة بن زید (6) ومحمّد بن یحیی المشترک (7). لکن إیراد مضمونها من

حکم الأنین والنفخ فی حال الصلاة

ص: 246


1- راجع ج 4 : 304.
2- فی النسخ : الثانی ، والصواب ما أثبتناه.
3- الفقیه 1 : 198 / 917.
4- الفقیه 1 : 232 / 1029.
5- التهذیب 2 : 330 / 1356 ، الوسائل 7 : 281 أبواب قواطع الصلاة ب 25 ح 4.
6- فی « فض » و « م » : یزید ، والصواب ما أثبتناه. وهو أبو الخزرج النهدی الشامی الخزری ، عامی المذهب کما فی رجال النجاشی : 207 / 6. والفهرست : 86 / 362 ، وبتری کما فی رجال الطوسی : 126 / 3.
7- انظر هدایة المحدثین : 258.

الصدوق (1) یؤیّد اعتبارها ، وربما یستفاد حینئذ أنّ مجرد النطق بحرفین کلام ، فلیتأمّل.

وفی المنتهی قال العلاّمة : لو نفخ موضع السجود تبطل مع حصول الحرفین ، ونقل الخلاف عن بعض العامة (2) ، وظاهره عدم الخلاف عندنا.

واعترض علیه بعض الأصحاب : بأنّه لا یسمّی فی العرف کلاما (3) ، وأیّده بجواز التنحنح مطلقا الوارد فی خبر عمّار عن الصادق علیه السلام ، وقد سأله عن الرجل یسمع صوتا علی الباب وهو فی الصلاة فیتنحنح لتسمع الجاریة ، فقال : « لا بأس » (4) وفی البین کلام یأتی فی محلّه إن شاء الله تعالی (5).

ومن هنا یعلم ما ذکره بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - من قوله بعد ذکر الخبر الأوّل : إنّه محمول علی الکراهة. ومعلوم أنّ ذلک بشرط عدم اشتمال النفخ علی حرفین (6). فإنّ المعلومیة المذکورة تدل علی عدم الارتیاب فی إبطال الحرفین مطلقا ، مع أنّ البحث فیه واسع المجال ، واعتقاده البطلان لا یفید المعلومیة.

قوله :

باب من یسجد فتقع جبهته علی موضع مرتفع

أحمد بن محمّد ، عن معاویة بن حکیم ، عن أبی مالک

من یسجد فتقع جبهته علی موضع مرتفع

اشارة

ص: 247


1- الفقیه 1 : 232.
2- المنتهی 1 : 309.
3- مجمع الفائدة 3 : 57.
4- الفقیه 1 : 242 / 1077 ، الوسائل 7 : 255 أبواب قواطع الصلاة ب 9 ح 4.
5- انظر ج 6 : 418 - 420.
6- البهائی فی الحبل المتین : 243.

الحضرمی ، عن الحسن بن حمّاد قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أسجد فتقع جبهتی علی الموضع المرتفع ، قال : « ارفع رأسک ثم ضعه ».

فأمّا ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن یحیی ، عن معاویة بن عمّار قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا وضعت جبهتک علی نبکة (1) فلا ترفعها ولکن جرّها علی الأرض ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن ابن مسکان ، عن حسین بن حمّاد ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت له : أضع وجهی للسجود ( فیقع وجهی ) (2) علی حجر أو علی موضع مرتفع ، أحوّل وجهی إلی مکان مستو؟ قال : « نعم جرّ وجهک علی الأرض من غیر أن ترفعه ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن موسی بن جعفر علیه السلام قال : سألته عن الرجل یسجد علی الحصی (3) فلا یمکّن جبهته من الأرض ، قال : « یحرک جبهته حتی یمکّن ( فینحی الحصی ) (4) عن جبهته ولا یرفع رأسه ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحملها علی الحالة التی یتمکن الإنسان من أن یضع جبهته مستویا من غیر أن یرفع رأسه ، لأنّه إذا رفع رأسه یکون قد زاد سجدة فی الصلاة ، وذلک لا یجوز ، والخبر الأوّل محمول علی حال الاضطرار التی لا یتأتّی ذلک إلاّ مع رفع الرأس.

ص: 248


1- النبکة بالتحریک وقد تسکن الباء : الأرض التی فیها صعود ونزول - مجمع البحرین 5 : 295 ( نبک ).
2- فی « م » : فتقع جبهتی.
3- فی « رض » : الجص.
4- فی « رض » : فیتنحی الجص.

السند :

فی الأوّل : فیه أبو مالک الحضرمی وهو الضحّاک الموثق من النجاشی مرّتین (1). ومعاویة بن حکیم مضی القول فیه أنّ النجاشی وثّقه من غیر ذکر الفطحیة (2) ، والکشی ذکرها (3). وربما یستبعد روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عن معاویة بن حکیم ، مع أنّ الشیخ قال فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام : إنّ الراوی عنه الصفار (4) ، وکذلک النجاشی (5) [ ولیس فی محلّه ] (6) لإمکان الجواب بعدم بعد المرتبة کثیرا. والحسن بن حماد هو الموجود فیما وقفت علیه من النسخة ، وفی التهذیب الحسین بن حماد (7) ، وکلاهما فی الرجال ، ولا یزیدان عن الإهمال (8).

والثانی : واضح بعد ما کرّرنا القول فیه (9). وکذلک الثالث (10) ، والحسین بن حمّاد قد عرفت حاله.

والرابع : کما تری هو الموجود فیما نقلت منه ، وفی التهذیب رواه

أبو مالک الحضرمی ثقة

بحث حول معاویة بن حکیم

الحسن بن حماد والحسین بن حماد مهملان

ص: 249


1- رجال النجاشی : 205 / 546.
2- راجع ج 1 : 152 ، وهو فی رجال النجاشی : 412 / 1098.
3- رجال الکشی 2 : 835 / 1062.
4- رجال الطوسی : 515 / 133.
5- رجال النجاشی : 412 / 1098 ، ولکن لم یذکر فیه أنّ الراوی عنه الصفار.
6- أضفناه لاستقامة المتن.
7- التهذیب 2 : 302 / 1219 ، الوسائل 6 : 354 أبواب السجود ب 8 ح 4.
8- انظر رجال النجاشی : 55 / 124 ، رجال الطوسی : 168 / 46 - 47 و 169 / 67.
9- راجع ج 1 : 46 - 53 ، 147 ، 152 ، 341.
10- راجع ج 1 : 60 ، 64 ، 95 ، 97.

عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد ، عن موسی بن القاسم وأبی قتادة جمیعا ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی بن جعفر علیهماالسلام (1). ولا یبعد أن یکون ما هنا سهو قلم.

المتن :

یتوقف الکلام فیه علی مقدمة ، وهی أنّ المذکور فی عبارات جماعة من المتأخرین اغتفار ارتفاع مسجد المصلّی عن موقفه بمقدار لبنة (2) ، بل قیل : إنّه مشهور بین الأصحاب (3) ، وادعی بعض عدم ظهور الخلاف ، وأُیّد بالأصل والأوامر المطلقة (4).

وفی زیادات التهذیب روی الشیخ بطریق فیه النهدی ما یدل علی أنّ قدر اللبنة لا بأس به (5) ، لکن فی السند کلام ، والمتن فیه نوع اشتباه. ولعلّ الشهرة تؤیّده إن کانت من المتقدّمین.

وروی الشیخ فی التهذیب فی غیر الزیادات عن الحسین ، عن النضر بن سوید ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن موضع جبهة الساجد أیکون أرفع من مقامه؟ قال : « لا ، ولیکن مستویا » (6) وهو یدل علی المساواة ظاهرا.

حکم ارتفاع موضع السجود عن موقف المصلّی

ص: 250


1- التهذیب 2 : 312 / 1270 ، الوسائل 6 : 353 أبواب السجود ب 8 ح 3.
2- منهم المحقّق فی الشرائع 1 : 86 ، الکرکی فی جامع المقاصد 2 : 298 ، الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 131.
3- کما فی الحبل المتین : 243.
4- کما فی مجمع الفائدة 2 : 131 - 132.
5- التهذیب 2 : 313 / 1271 ، الوسائل 6 : 358 أبواب السجود ب 11 ح 1.
6- التهذیب 2 : 85 / 315 ، الوسائل 6 : 357 أبواب السجود ب 10 ح 1.

وقول بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : إنّ الظاهر کون مراده علیه السلام مساواة موضع الجبهة ، علی معنی أن یکون خالیا من الارتفاع والانخفاض (1). فیه : أنّه خلاف الظاهر کما ذکرناه فی حواشی التهذیب ، غیر أنّ التأویل بما ذکر ممکن ، ولو حمل علی الاستحباب أمکن علی تقدیر ثبوت الحکم الأوّل.

إذا عرفت هذا فالأوّل من الأخبار یدل علی أنّ من تقع جبهته علی الموضع المرتفع یرفع رأسه ثم یضعه ، وهذا کما تری یتناول ( المرتفع قدر اللبنة وما زاد ، وعلی تقدیر قدر اللبنة ) (2) قد یشکل الرفع باستلزامه زیادة السجود ، فلا بدّ من حمله علی الزائد عنها.

کما أنّ الثانی المتضمن لأنّ من وضع جبهته علی النبکة لا یرفع جبهته بل یجرّها لا بدّ من حمله علی ما یتحقق به السجود أوّلا.

والثالث : کذلک ، والرابع نحوه ، غیر أنّ الظاهر من الأخبار لا یعطی هذا إلاّ بتکلف ، ولو لا ظن عدم القائل بخلاف ما نقلناه لأمکن حمل ما دل علی جرّ الجبهة علی الاستحباب ، وما دل علی النهی علی الکراهة.

أمّا حمل الشیخ فالذی یظهر عدم تمامیته بناء علی ما ادعاه بعض المتأخرین من الشهرة ، بل عدم الخلاف (3) ، لأنّ التمکن وعدمه إن کان مع تحقق السجود فالعبارة لا تدل علیه ، وإن کان مطلقا فکذلک. والتعلیل من الشیخ بزیادة السجود یقتضی عدم اعتبار ما قاله ( المتأخرون.

بیان ما دلّ علی لزوم رفع الرأس من الموضع المرتفع وما دل علی لزوم جرّ الجبهة والجمع بینهما

ص: 251


1- البهائی فی الحبل المتین : 243.
2- فی « رض » بدل ما بین القوسین : المرتفع ظ قدر اللبنة.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 131 - 132.

وقد حکی بعض محققی ) (1) المتأخرین رحمه الله عن بعض الأصحاب أنّهم کما أوجبوا عدم العلو بالمقدار المذکور أوجبوا عدم الانخفاض (2) ، ثم إنّه تکلم فی المستند بما هو متوجه ، غیر أنّه ردّ روایة عبد الله بن سنان الدالة علی المساواة بالحسن ، ولا یظهر وجهه من التهذیب ، والاحتیاط فی المقام مطلوب.

ولا یخفی أنّ مفاد ظاهر الأخبار المتضمنة للجرّ یتناول ما إذا سبق بعض أجزاء الجبهة إلی الأرض قبل أن تنتقل جمیع الجبهة عن المرتفع ، کما یتناول إذا لم یسبق جزء من الجبهة مع الانتقال عن المرتفع. ولو أرید بالرفع فی الأخبار المعنی الثانی کان خلاف الظاهر ، ولو أرید به عدم الخروج عن مساواة العالی إلی الزائد علوا بقی الحکم فی تقدیر المساواة مع اتصال الجزء ، وعلی تقدیر کون الاعتبار بصدق السجود وعدمه یشکل ما یقتضیه ظاهر الأخبار من قوله « جرّ وجهک علی الأرض » فینبغی التأمّل فی هذا.

والعجب من بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه اکتفی بالإجمال فی بیان الأخبار حیث قال : ویمکن الجمع بحمل الأخبار - یعنی ما دل علی الرفع - علی مرتفع لا یتحقق السجود الشرعی بوضع الجبهة علیه ، لمجاوزة ارتفاعه قدر اللبنة ، وما دل علی الجرّ یحمل علی ما لم یبلغ ذلک القدر (3). وأنت خبیر بما فی هذا من الإجمال ، مضافا إلی أنّ السجود الشرعی إن اعتبر فیه ما یصح السجود علیه لزم أنّه لو حصل علی

ص: 252


1- ما بین القوسین ساقط من « م ».
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 133 - 134.
3- البهائی فی الحبل المتین : 243.

ما لا یصح علیه السجود لا یضر الارتفاع وإن کان علی أقل من لبنة ، وإن لم یعتبر لزم أنّه لو حصل الهویّ إلی أقل من لبنة لا یصح الارتفاع لزیادة السجود ، فلیتأمّل.

اللغة :

فی الصحاح : النبکة التلّ الصغیر ، النباک التلال الصغار ، ومکان نابک أی مرتفع (1). وقیل : النبکة أکمة محدّدة الرأس (2) ( وفی القاموس : النبکة - محرکة وتسکن - أکمة محدّدة الرأس وربما کانت حمراء ، وأرض فیها صعود وهبوط ، والتلّ الصغیر (3) ، وفیه : الأکمة - محرکة - التل (4) ) (5).

قوله :

باب السجود علی القطن والکتان

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن أبی العباس الفضل بن عبد الملک قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لا تسجد إلاّ علی الأرض أو ما أنبتت الأرض ، إلاّ القطن والکتان ».

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال ، قلت له : أسجد علی الزفت

السجود علی القطن والکتان

اشارة

ص: 253


1- الصحاح 4 : 1612.
2- کما فی الحبل المتین : 243.
3- القاموس المحیط 3 : 331.
4- القاموس المحیط 4 : 76.
5- ما بین القوسین لیس فی « م ».

- یعنی القیر -؟ فقال : « لا ، ولا علی الکرسف (1) ، ولا علی الصوف ، ولا علی شی ء من الحیوان ، ولا علی طعام ، ولا علی شی ء من ثمار الأرض ، ولا علی شی ء من الریاش ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن یاسر الخادم قال : مرّ بی أبو الحسن علیه السلام وأنا أصلّی علی الطبری وقد ألقیت شیئا علیه أسجد علیه ، فقال لی : « مالک لا تسجد علیه ، ألیس هو من نبات الأرض؟! ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی حال التقیة ، یدل علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن الماضی علیه السلام عن الرجل یسجد علی المسح والبساط فقال : « لا بأس إذا کان فی حال تقیة ».

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب ، عن وهب (2) بن حفص ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یسجد علی المسح ، فقال : « إذا کان فی تقیّة فلا بأس ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن داود الصرمی قال : سألت أبا الحسن الثالث علیه السلام ، هل یجوز السجود علی الکتان والقطن من غیر تقیة؟ فقال : « جائز ».

ص: 254


1- فی الاستبصار 1 : 331 / 1242 : ولا علی الثوب من الکرسف.
2- فی « فض » : وهیب.

فالمعنی فی هذا الخبر أنّه یجوز السجود علی هذین الجنسین إذا لم یکن هناک تقیة بشرط أن تحصل ضرورة أخری من حرّ أو برد وما یجری مجراهما ، ولم یقل إنّه یجوز ذلک من غیر تقیة ولا ما یقوم مقامها ، یدل علی ذلک :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن عبد الحمید ، عن سیف بن عمیرة ، عن منصور بن حازم ، عن غیر واحد من أصحابنا قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : إنّا نکون بأرض باردة یکون فیها الثلج أسجد علی الثلج؟ فقال : « لا ، ولکن اجعل بینک وبینه شیئا قطنا أو کتانا ».

أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن (1) أبی نصر ، عن مثنی الحناط ، عن عتیبة (2) بیّاع القصب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أدخل المسجد فی الیوم الشدید الحرّ وأکره أن أصلی علی الحصی فأبسط ثوبی وأسجد علیه ، فقال : « نعم ، لیس به بأس ».

الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : قلت له : أکون فی السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرمضاء علی وجهی ، کیف أصنع؟ قال : « تسجد علی بعض ثوبک » قلت : لیس کل ثوب یمکننی أن

ص: 255


1- فی الاستبصار 1 : 332 / 1248 : عن.
2- فی « م » و « رض » : عتبة ، وفی التهذیب 2 : 306 / 1239 والاستبصار 1 : 332 / 1248 : عیینة ، وهو مذکور فی الرجال بالعناوین الثلاثة والظاهر الاتحاد ، راجع رجال الکشی 2 : 706 / 757 ( وفیه : عقبة ) ، 742 / 832 ، رجال النجاشی : 302 / 825 ، رجال الطوسی : 262 / 642 ، 644 ، 649 ، الفهرست : 122 / 543.

أسجد علی طرفه ولا علی ذیله ، قال : « أسجد علی ظهر کفّک ، فإنّها أحد المساجد ».

أحمد بن محمّد ، عن أبی طالب عبد الله بن الصلت ، عن القاسم ابن الفضیل قال : قلت للرضا علیه السلام : جعلت فداک الرجل یسجد علی کمّه من أذی الحرّ والبرد ، قال : « لا بأس به ».

عنه ، عن عبّاد بن سلیمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمّد بن القاسم بن الفضیل ، عن أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل یسجد علی کمّه لیقیه من أذی الحرّ أو البرد ، أو علی ردائه إذا کان تحته مسح أو غیره ممّا لا یسجد علیه ، فقال : « لا بأس ».

عنه ، عن عبّاد بن سلیمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمّد بن القاسم بن الفضیل بن یسار قال : کتب رجل إلی أبی الحسن علیه السلام : هل یسجد الرجل علی الثوب یقی به وجهه من الحرّ والبرد ، ومن الشی ء یکره السجود علیه؟ فقال : « نعم ، لا بأس ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن عبد الله بن جعفر ، عن الحسین ابن علی بن کیسان الصنعانی قال : کتبت إلی أبی الحسن الثالث علیه السلام أسأله عن السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة ولا ضرورة ، فکتب إلیّ : « ذلک جائز ».

فلا ینافی ما جمعنا علیه الأخبار الأوّلة ، لأنّه یجوز أن یکون إنّما أجاب (1) مع نفی ضرورة تبلغ هلاک النفس وإن کان هناک ضرورة دون ذلک من حرّ أو برد وما أشبه ذلک علی ما بیناه.

ص: 256


1- فی الاستبصار 1 : 333 / 1253 : أجاز.

السند :

فی الأوّل : فیه مع محمّد بن خالد : القاسم بن عروة ، وقد مضی القول فی الرجلین (1) ، والفضل لا ارتیاب فیه بعد ما أسلفناه فی حریز بن عبد الله ، حیث إنّ أبا العباس استأذن لحریز علی أبی عبد الله علیه السلام فأبی علیه السلام - إلی أن قال لأبی العباس - : « ویحک إنّ حریزا جرّد السیف » إلی آخره (2).

والثانی : حسن بإبراهیم.

والثالث : فیه یاسر الخادم ، وحاله لا یزید علی کونه خادما للرضا علیه السلام ، وهی لا تفید المدح المعتدّ به فی الرجال ، وثبوت کونه خادما یستفاد من جزم النجاشی به حیث نقله من غیر توقف (3). أمّا أحمد بن إسحاق ففیه کلام یعرف من کتاب شیخنا - أیّده الله - فی الرجال (4).

والحاصل (5) أنّ الشیخ فی رجال الهادی علیه السلام من کتابه ذکر أحمد بن إسحاق الرازی ووثقه (6) ، والعلاّمة ذکر أحمد بن إسحاق الأشعری ووثقه (7) ، والنجاشی لم یوثّقه علی ما رأینا من النسخ (8) ، وفی الکشی

إشارة إلی حال أبی العباس الفضل بن عبدالملک

بحث حول یاسر الخادم

بحث حول أحمد بن اسحاق

ص: 257


1- راجع ج 1 : 95 و 439.
2- راجع ج 1 : 56.
3- رجال النجاشی : 453 / 1228.
4- منهج المقال : 31.
5- فی « فض » : والحال.
6- رجال الطوسی : 410 / 14.
7- خلاصة العلاّمة : 15 / 8.
8- رجال النجاشی : 91 / 225.

روایات لا یسع ذکرها المقام (1).

والرابع : لا ارتیاب فیه.

والخامس : فیه وهیب (2) بن حفص ، وفی النجاشی إنّه واقفی ثقة (3) ، وفی النجاشی وهیب (4) بن حفص - أیضا - النحاس وهو مهمل (5) ، لکن المراد الأوّل ، لأنّ الراوی عنه فی الفهرست محمّد بن الحسین (6). وأبو بصیر معلوم الحال بما تکرر من المقال (7).

والسادس : فیه داود الصرمی ، وهو مهمل فی الرجال (8).

والسابع : فیه محمّد بن عبد الحمید ، وقد قدمنا ( احتمال عدم ) (9) توثیقه من النجاشی ، لأنّ عبارته (10) غیر صریحة ، بل محتملة لکون التوثیق لأبیه کما ذکره جدی قدس سره وقد قدمنا بعده (11). والإرسال فیه واضح.

والثامن : فیه مثنّی الحنّاط ، وقد ورد فیه أنّه لا بأس به ، والقائل علی ابن الحسن بن فضال ، بنقل محمّد بن مسعود فی الکشی (12). وأمّا عتیبة

بحث حول وهیب بن حفص

داود الصرمی مهمل

إشارة إلی حال محمد بن عبدالحمید

مثنّی الحناط لا بأس به

ص: 258


1- رجال الکشی 2 : 831 / 1051 - 1053.
2- فی « م » : وهب.
3- رجال النجاشی : 431 / 1159.
4- فی « م » : وهب.
5- رجال النجاشی : 431 / 1160.
6- الفهرست : 173 / 768.
7- راجع ج 1 : 73 ، 130.
8- انظر رجال النجاشی : 161 / 425 ، رجال ابن داود : 91 / 596.
9- فی « رض » : عدم احتمال.
10- فی « فض » زیادة : توهم.
11- راجع ج 1 : 212 وج 3 : 111.
12- رجال الکشی 2 : 629 / 623.

فهو بضم العین والتاء المثناة الفوقانیة علی ما فی الخلاصة (1) ، وقد وثّقه النجاشی قائلا : إنّه ابن میمون (2) ، وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ عتیبة بن عبد الرحمن بیّاع القصب مهملا (3) ، وفیهم عتیبة بن میمون البجلیّ مولاهم القصبانی مهملا (4).

ومع التغایر یشکل الحال ، لکن قد قدّمنا من أمر الشیخ اضطرابه فی الرجال (5).

والتاسع : فیه القاسم بن محمّد ، وهو الجوهری ، وعلی بن أبی حمزة البطائنی ؛ وأبو بصیر وهو الضعیف هنا ، لروایة علی بن أبی حمزة عنه.

والعاشر : فیه أنّ القاسم بن الفضیل مذکور فی رجال الصادق علیه السلام مهملا ، بصورة ابن الفضیل مولی بنی سعد کوفی (6). وفی النجاشی : ابن الفضیل بن یسار النهدی البصری أبو محمّد ثقة ، روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، له کتاب یرویه فضالة بن أیوّب (7). وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : ابن فضیل بن یسار البصری مهملا (8).

والحادی عشر : فیه عباد بن سلیمان ، وفی الرجال عباد بن سلیمان ،

بحث حول عتیبة بیّاع القصب

بحث حول القاسم بن الفضیل

بحث حول عباد بن سلیمان

ص: 259


1- خلاصة العلاّمة : 131 / 20.
2- رجال النجاشی : 302 / 825 ولکن فیه : عیینة.
3- رجال الطوسی : 262 / 642.
4- رجال الطوسی : 262 / 644.
5- راجع ج 1 : 110 ، 407 وج 3 : 28.
6- رجال الطوسی : 273 / 4.
7- رجال النجاشی : 313 / 856 وفیه : له کتاب یرویه محمّد بن أبی عمیر.
8- رجال الطوسی : 274 / 17.

یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی عن محمّد بن خالد فی النجاشی (1) ، وهو مهمل. والشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام قال : عبّاد بن سلیمان یروی عن محمّد بن سلیمان الدیلمی روی عنه الصفار (2). ولا یخفی بعد المرتبة التی ذکرها النجاشی والتی فی کتاب الشیخ ، إلاّ أنّ الجمع ممکن ، وأظن فی کلام الشیخ نوع تأمّل ، کما أنّ فی جعله ممّن لم یرو خفاء.

ثم إنّ السند کما تری ضمیر « عنه » فیه لأحمد بن محمّد ، والظاهر منه ابن عیسی ، فیکون الراوی عن عباد. والصفار یروی عن أحمد ، ولا مانع منه ، إلاّ أنّ هذا یؤیّد عدم تعین الواسطة بین أحمد بن محمّد وعباد کما فی النجاشی.

و (3) محمّد بن القاسم فیه ثقة.

وأحمد بن عمر مشترک بین ثقة بلا ارتیاب وهو الحلبی ، وبین من فیه ارتیاب وهو الحلاّل (4) ، وقد بیّنّا وجهه فیما مضی مفصلا (5).

والثانی عشر (6) : فیه عبّاد واحتمال الإرسال قد یدفعه أنّ الظاهر من الخبر سماع محمّد بن القاسم من الإمام علیه السلام ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان ، والأمر سهل.

محمد بن القاسم بن الفضیل ثقة

أحمد بن عمر مشترک

ص: 260


1- رجال النجاشی : 293 / 792.
2- رجال الطوسی : 484 / 43.
3- فی النسخ زیادة : والثانی عشر.
4- انظر هدایة المحدثین : 173 و 174.
5- راجع ج 4 : 207.
6- فی النسخ : والثالث عشر ، والصواب ما أثبتناه.

والثالث عشر (1) : فیه الحسین بن علی بن کیسان ، ولم أقف علیه فی الرجال الآن.

المتن :

حکی العلاّمة فی المختلف أنّ المشهور بین علمائنا تحریم السجود علی الثوب المعمول من القطن والکتان ، وهو اختیار المرتضی فی الجمل والانتصار والمسائل المصریة الثالثة ، وله قول آخر فی المسائل المصریة الثانیة أنّه مکروه ، ثم استدل العلاّمة بالإجماع علی المنع قائلا : إنّ خلاف السیّد المرتضی لا یعتدّ به مع فتواه بالموافقة ؛ لأنّ الخلاف الصادر منه إن وقع قبل موافقته اعتبرت موافقته ، لأنّه یکون قد انعقد الإجماع بعد الخلاف ، وإن وقع بعد الموافقة لم یعتدّ به ، لأنّه صدر بعد الإجماع ، وقول علمائنا حجة لأنّه الإجماع.

ثم ذکر الخبر الأوّل قائلا : إنّ فی الطریق القاسم بن عروة ، فإن کان ثقة فالحدیث صحیح ، وإلاّ فلا.

ثم ذکر الثانی قائلا : ولأنّ الصلاة التی فعلها النبی صلی الله علیه و آله بیانا للأمر إن وقعت علی هذا الوجه کان واجبا والثانی باطل فالمقدم مثله ، وإن وقعت علی ما ادّعیناه ثبت المطلوب ، لأنّ بیان الواجب واجب (2). انتهی.

ولیت شعری کیف یصدر من مثله هذا الکلام الذی أظهر ما یتوجه

الحسین بن علی بن کیسان غیر مذکور فی الرجال

کلام العلّامة فی مسألة السجود علی القطن والکتان ، والمناقشة فیه

ص: 261


1- فی النسخ : والرابع عشر ، والصواب ما أثبتناه.
2- المختلف 2 : 130 ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشریف المرتضی 3 ) : 29 ، الانتصار : 38 ، انظر المسائل الموصلیات الثالثة ( رسائل المرتضی 1 ) : 220 ، وص 174.

علیه أوّلا : أنّ قوله : المشهور بین علمائنا ، فی أوّل المسألة یؤذن بعدم الإجماع ثم دعواه الإجماع. وثانیا : أن الإجماع کیف یعلمه هو والسیّد لا یعلمه مع أنّه أقرب إلیه منه ، فکیف یلیق أن یقال : إنّ الإجماع إن کان قبله ، ومتی یتصور ثبوت الإجماع فی عصر العلاّمة ولم یعلمه السید فی عصره ، علی أنّ الإجماع لا یشترط فیه جمیع الأعصار فیکفی عصر العلاّمة إن تم الإجماع ، ولا حاجة إلی القول بأنّ الإجماع إن کان بعده أو قبله.

وأمّا ثانیا : فلأنّ قوله : إن کان القاسم بن عروة ثقة فهو کذا ، کیف یلیق ذکره فی کتب الاستدلال؟! وأمّا ثالثا : فلأنّ الصلاة الواقعة بیانا متی تحققت عندنا؟! وعلی تقدیر التحقق إذا وقعت علی ما ادعاه إن أراد به وقوعها علی غیر القطن والکتان جمیعا فی حالة واحدة فهذا ممّا لا یتصور ، وإن کان المراد وقوعها علی شی ء ما غیر هما فوجوبه أیّ نفع له؟

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأوّل تضمن القطن والکتان ، وهو شامل للمنسوج وغیره ، لکن أصل الخلاف علی ما ذکره العلاّمة فی المنسوج المعبر عنه بالمعمول ، وکلام السید فی حجته یقتضی المنسوج ، والخبر حینئذ یدل علی أزید من مراد العلاّمة وغیره ، فلو حمل علی المنسوج لموافقة المشهور وحمل ما تضمن الجواز علی غیره أمکن کما احتمله شیخنا المحقق - أیده الله - ( سماعا منه ) (1) ، إلاّ أنّ الثانی تضمن الکرسف ، وربّما کان إرادة غیر المنسوج منه أظهر.

ثم إنّ الثانی کما تری تضمن النهی عن السجود علی شی ء من

بیان ما دل علی عدم جواز السجود علی القطن والکتان

بیان ما دل علی عدم جواز السجود علی الحیوان والطعام

ص: 262


1- ما بین القوسین ساقط من « م ».

الحیوان ، وهو شامل لجمیع أجزائه وما یخرج منه ، کما تضمن الطعام وثمار الأرض ، والأوّل واضح بتقدیر أن یراد بالشی ء جزء منه ، ولو أرید بمن البیانیة لا یضر بالحال [ لدخول ] (1) الجزء فی الجملة ، أمّا ما یخرج منه إذا لم یکن مأکولا لبنی آدم فالخبر قد یستفاد منه عدم الجواز ، وکونه مأکولا أوّلا لکن بعد خروجه انتفی أکله کذلک. وإطلاق من رأینا کلامه من الأصحاب من أنّ ما تنبت الأرض غیر المأکول والملبوس یجوز السجود علیه (2) ، کأنّه محمول علی غیر ما یخرج من الحیوان ، واحتمال القول بالاستحالة بعد الخروج یشکل بأنّ الخروج لا ینحصر فی المستحیل.

وأمّا الطعام فمحتمل لأن یراد به ما أعدّ للأکل فعلا أو قوّة کما ذکره البعض (3) ، لکن فی الخبر الصحیح عن حمّاد بن عثمان فی الفقیه وغیره (4) عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « السجود علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أکل أو لبس » نوع دلالة علی ما قرب من الفعل کما أوضحناه فی معاهد التنبیه بما حاصله : أنّ لفظ « أکل » و « لبس » حقیقة ( فیما أکل ولبس بالفعل ، و) (5) لمّا امتنع الحمل علیه ینبغی الحمل علی أقرب المجازات ، وهو ما قرب من الفعل.

وإیراد بعض علی کلام العلاّمة فی المنتهی - حیث اقتضی اعتبار القوة القریبة لتجویزه السجود علی الحنطة والشعیر معللا بأنّهما غیر مأکولین فی

ص: 263


1- فی النسخ : للدخول فی. والظاهر ما أثبتناه.
2- کما فی الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 555 ، روض الجنان : 221.
3- البهائی فی الحبل المتین : 168 ، صاحب المدارک 3 : 245.
4- الفقیه 1 : 174 / 826 ، التهذیب 2 : 234 / 924 ، علل الشرائع : 341 / 3 ، الوسائل 5 : 344 أبواب ما یسجد علیه ب 1 ح 2.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

تلک الحال - بعدم خروج المأکول عن کونه مأکولا بالاحتیاج إلی العلاج.

( واعتراضه أیضا ) (1) بأنّ إطلاق الصفة علی ما سیتصف بمبدإ الاشتقاق مجاز اتفاقا ، ثم جوابه بأنّ إطلاق المأکول والملبوس علی ما یؤکل ویلبس بالقوة القریبة من الفعل قد صار حقیقة عرفیة وإلاّ لم یجز فی العرف إطلاق اسم المأکول علی الخبز قبل المضغ والازدراد إلاّ مجازا ، وکذا اسم الملبوس علی الجبّة قبل لبسها (2).

أجبنا عن الجمیع فی الکتاب بأنّ الخروج عن الحقیقة إلی بعض أفراد المجاز لإجماع ونحوه لا ضرورة فیه ، وکون بعض الأفراد أقرب لا ینکر ، واحتمال اختصاص العرف بالمأکول القریب ؛ غیر بعید.

وعلی کل حال إذا تعذر العمل بظاهر النص یعمل بالأقرب إلیه ، والخبر المبحوث عنه تضمن الطعام ، وغیر بعید تناوله للحنطة ونحوها قبل أن یقرب إلی الأکل کما یعرف من إطلاق الشارع فی بیع الطعام قبل کیله وقبضه.

أمّا عموم ثمار الأرض فالتقیید لها بالمأکول لا بدّ منه عند الأصحاب (3) ، بل الأکل أیضا مقید کما لا یخفی.

وأمّا الریاش فستسمع فی اللغة معناها ، وبه یتضح ما یراد فی الروایة.

ص: 264


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : واعتراض بعض محققی المعاصرین سلّمه الله أنه أیضا.
2- انظر الحبل المتین : 168.
3- منهم ابن إدریس فی السرائر 1 : 267 ، المحقق فی المعتبر 2 : 119 ، الشهید فی الذکری : 159 ، الکرکی فی جامع المقاصد 2 : 159.

ثم إنّ الثالث کما تری لا یوافق ما قدمناه من الحمل (1) ، لأنّ الطبری علی ما قیل هو الثوب القطن ، وحَمل الشیخ له وجه فی الجملة.

أمّا الاستدلال علیه بالرابع والخامس ففیه تأمّل ؛ لما یأتی من تفسیر المسح والبساط (2).

وأمّا السادس : فصریح فی جواز السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة ، والحمل علی ما قدّمناه (3) من کون المذکورین غیر منسوجین ممکن.

ویدل علیه ما قدّمناه أیضا من خبر حمّاد بن عثمان (4) حیث قال : « أو لبس » فإنّ الظاهر منه ما لبس بالفعل ، لکن لما انتفت الحقیقة بما سبق یراد أقرب المجازات ، ولا ریب أنّ المنسوج أقرب وإن کان ما خیط منه أقرب من غیره ، هذا بتقدیر العمل بالخبر المبحوث عنه ، أمّا حمل الشیخ (5) فبعده ظاهر ، لکنه وجه للجمع.

والاستدلال بالسابع لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ مفاد جمع الشیخ حصول الضرورة من البرد ، ومقتضی الروایة تعذّر ما یسجد علیه من الأرض.

والثامن : قد یظن أنّه لا یدل علی ما قاله رَحمَه الله لاحتماله کراهة الصلاة علی الحصی من جهة عدم تمکن الجبهة ، وذکر الیوم الشدید الحرّ لا یدل علی أنّ الکراهة لأجل الحرارة ، وفیه : أنّ الظاهر کون العلّة هی الحرارة ، غایة الأمر أنّ الضرورة فی مثل هذا غیر منضبطة ، ثم إنّ الثوب لا یبعد أن

توجیه ما دل علی جواز السجود علی الطبری

ص: 265


1- راجع ص 262.
2- انظر ص 267.
3- راجع ص : 262.
4- راجع ص : 263.
5- راجع ص : 255.

یکون من القطن أو الکتان ، واحتمال غیرهما بعید.

وأمّا التاسع : ففیه دلالة علی خوف الحرّ ، إلاّ أنّ قوله : « اسجد علی ظهر کفّک » إلی آخره. لا یخلو من إجمال ، کما أنّ قول السائل : لیس کل ثوب ، إلی آخره. کذلک ، فإنّ الأوّل کما یحتمل أن یراد به کون ظهر الکف أحد المساجد السبعة - فیدل علی جواز السجود علی ظهر الکف ، ویؤیّده إطلاق الخبرین السابقین (1) من قوله علیه السلام : « والیدین » فی عدّ المساجد ، وإن کان بعض الأصحاب حملهما علی البطن لأنّه المعهود (2) - یحتمل أن یراد أنّ ظهر الکف أحد المساجد التی یسجد علیها عند الضرورة فیدل علی جواز السجود علی الظهر مع الضرورة ، لکن لا یخفی أنّ السؤال تضمن عدم إمکان الثوب ، وحمل الجواب علیه غیر لازم.

والأمر فی أوّل الخبر بقوله : اسجد علی ثوبک. لا یدل علی أنّه مقدّم علی ظهر الکف ؛ لجواز أن یکون أحد الأفراد ، وعلی هذا فاحتمال الاجتزاء بظهر الکف یمکن لو صحّ الخبر ؛ وفی عبارة بعض إلیّ (3) : السجود علی ظهر الکف أولی ، جمعا بین وظیفتی السجود بباطن الکف وعلی ظاهره ، والأمر کما تری.

وأمّا الثانی فالإجمال حاصل فیه من حیث إنّ عدم الإمکان محتمل لأن یکون من جهة عدم کونه من القطن والکتان ، ویحتمل أن یراد عدم إمکان وضعه علی الأرض ، وکأنّ الثانی له ظهور.

والعاشر : له دلالة علی مطلوب الشیخ ، لکن الکمّ یتناول غیر القطن

توجیه ما دل علی جواز السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة

ص: 266


1- راجع ص 225 و 240.
2- مدارک الأحکام 3 : 404.
3- کذا فی النسخ ، وانظر المسالک 1 : 180.

والکتان ، ویحتمل أن یقید بوضع الکمّ علی ظهر الکف وعدمه.

[ والحادی عشر کالعاشر ، والثانی عشر مثلهما ] (1).

[ وأمّا الثالث عشر ] (2) فهو صریح فی الجواز مع عدم التقیة والضرورة ، وحمل الشیخ (3) فی أعلی مراتب التکلف ، ولو حمل ما تضمن النهی علی الکراهة إن لم یثبت الإجماع علی المنع أمکن ، والمحقق فی المعتبر استحسن حمل السیّد المرتضی علی الکراهة (4) ، کما ذکرناه ، وظاهره عدم الاعتداد بخیال الإجماع ، والحال غیر خفیة ، لکن الاحتیاط مطلوب.

اللغة :

قیل : والمسح - بکسر المیم وإسکان السین المهملة وآخره حاء - بساط لا خمل له ، ویقال له البلاس بفتح الباء وکسرها (5). والریاش - بالیاء المثناة من تحت والشین المعجمة - جمع ریش ، کشعب وشعاب ، وهو لباس الزینة ، أستعیر من ریش الطائر لأنّه لباسه ، ولعل المراد هنا مطلق اللباس (6).

بیان ما دل علی السجود علی ظهر الکفّ والکُمّ

توجیه ما دل علی جواز السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة ولا ضرورة

معنی المسح والریاش

ص: 267


1- ما بین المعقوفین فی النسخ هکذا : والعاشر کالتاسع والحادی عشر مثلهما ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی النسخ : وأمّا الثانی عشر ، والصواب ما أثبتناه.
3- راجع ص 256.
4- المعتبر 2 : 119.
5- کما فی الحبل المتین : 168 ، القاموس المحیط 1 : 258 ، الصحاح 1 : 405.
6- انظر الحبل المتین : 168 ، القاموس المحیط 2 : 286 ، الصحاح 3 : 1008.

قوله :

باب السجود علی القیر والقفر

أحمد بن محمّد ، عن علی بن إسماعیل ، عن محمّد بن عمرو بن سعید ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال : « لا تسجد علی القیر ولا علی القفر ولا علی الصاروج ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن معاویة بن عمار قال : سأل المعلّی بن خنیس أبا عبد الله علیه السلام وأنا عنده عن السجود علی القفر وعلی القیر فقال : « لا بأس ».

فالوجه فی هذه الروایة أن نحملها علی حال الضرورة أو التقیة دون حال الاختیار.

السند

فی الأوّل : فیه علی بن إسماعیل ، وهو یقال لجماعة (1) لیس فیهم من وصف بالثقة لیفید البحث فی تعیّنه ، غیر أنّا قدمنا (2) ما اتفق فی علی بن السندی الواقع فی الکشی حیث قال فی علی بن إسماعیل : نصر بن الصباح قال : علی بن إسماعیل ثقة [ وهو ] علی بن السندی ، فلقب إسماعیل بالسندی. وقدمنا أنّ شیخنا - أیّده الله - احتمل أن یکون لفظ ثقة موهوما ، وإنّما هو « یقال » لما جری فی العادة للکتّاب أن یأتوا بلفظ « یقال » عوض

السجود علی القیر والقفر

بحث حول علی بن اسماعیل

ص: 268


1- انظر هدایة المحدثین : 211.
2- فی ج 1 : 355 وج 2 : 187 وج 3 : 30.

یقال.

والعلاّمة جعله علی بن السری (1). وفی اختیار الکشی للشیخ : علی بن السدی (2) ( عوض السندی ، قال شیخنا - أیّده الله - : وهو الذی ینبغی ، وهو إسماعیل بن عبد الرحمن بن أبی کریمة السدی ) (3) انتهی.

والذی تحققته الآن أن علی بن إسماعیل هو علی بن السندی ، لأنّ الروایة کما تری عن علی بن إسماعیل عن محمّد بن عمرو بن سعید ، وفی الرجال محمّد بن عمرو بن سعید یروی عنه علی بن السندی فی الفهرست (4) ، وفی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتاب الشیخ (5) ، إلاّ أن یقال : إنّ الشیخ لما ظن أنّ علی بن إسماعیل هو ابن السندی ( حکم بأنّ الراوی عنه علی بن السندی ، وفیه من البعد ما لا یخفی ؛ لأنّ النجاشی ذکر أنّ الراوی علی بن السندی ) (6) عن محمّد بن عمرو بن سعید (7).

وبالجملة : فما وقع فی الخلاصة من علی بن السری وفی الاختیار من ابن السدی وتوجیه شیخنا - أیّده الله - یندفع بما ذکرناه ، غیر أن الأثر هیّن بعد ما تقدم من احتمال تصحیف « ثقة ».

والثانی : فیه محمّد بن أبی حمزة ، وقد تکرر القول فیه من اشتراکه

محمد بن أبی حمزة مشترک بین ثقة ومهمل

ص: 269


1- خلاصة العلاّمة : 96 / 28.
2- فی « م » و « رض » : السندی ، وقد تقرأ فی « فض » : السیدی ، وما أثبتناه هو الموافق للمصدر - راجع رجال الکشی 2 : 860 / 1119.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- الفهرست : 131 / 582.
5- رجال الطوسی : 510 / 105.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».
7- رجال النجاشی : 369 / 1001.

بین ثقة ، ومهمل ، واحتمال الانصراف للثقة (1) أو الاتحاد (2). وأمّا النضر فهو ابن سوید کما لا یخفی علی الممارس ، والکلام فی المعلی بن خنیس لا یضر بالحال.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر النهی التحریم ( فی المذکورات بناء علی کونه حقیقة فیه ) (3) لو صحّ الخبر.

والثانی : یقتضی الجواز علی الأمرین ، فالحمل علی الکراهة فی النهی ممکن لو عمل بالخبرین ، بل کان الوالد قدس سره یقول : إنّ النهی یکاد أن یکون حقیقة فی الکراهة (4).

( أمّا حمل الشیخ علی الضرورة فهو وإن بعد ربّما قربه أنّ الصاروج علی تقدیر حمل النهی علی الکراهة ) (5) یقتضی الخبر جواز السجود علیه ، ولا أعلم القائل به ، فربما یؤید حمل النهی علی التحریم. وکان شیخنا قدس سره یمیل إلی جواز السجود علیه (6) ؛ للخبر الصحیح المتضمن للسؤال عن الجص یوقد علیه بالعذرة وعظام الموتی ثم یجصص به المسجد ، أیسجد

بیان ما دل علی النهی عن السجود علی القیر والقفر والصاروج وتوجیه ما یعارضه

ص: 270


1- فی « رض » : إلی الثقة.
2- راجع ج 1 : 146 ، 289 ، 375.
3- بدل ما بین القوسین فی « رض » : بناء علی کونه حقیقة فیه فی المذکورات ، وکذا فی « م » بنقیصة کلمة « فیه ».
4- راجع معالم الأُصول : 94 وفیه : إن استعمال النهی فی الکراهة شائع علی نحو ما قلناه فی الأمر : 48.
5- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
6- المدارک 3 : 244.

علیه؟ فکتب علیه السلام بخطه : « إنّ الماء والنار قد طهّراه » (1) وهذا الخبر قد تکلمت فیه بما لا مزید علیه فی کتاب معاهد التنبیه ، وحاصل الأمر أنّ الخبر لا یخلو من إجمال.

وفی المنتهی : إنّ فی الاستدلال بهذه الروایة علی الطهارة بالاستحالة رمادا إشکالا من وجهین ، أحدهما : أنّ الماء الذی یحلّ به الجصّ غیر مطهّر إجماعا ، الثانی : أنّه حکم بنجاسة الجصّ ثم بتطهیره ، وفی نجاسته بدخان الأعیان النجسة إشکال (2).

واعترض علیه بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - بأنّ المراد بالماء ماء المطر الذی یصیب أرض المسجد ؛ إذ لیس فی الخبر أنّ المسجد کان مسقّفا ، وأنّ المراد بالوقد علیه اختلاط تلک الأعیان التی یوقد بها من فوقه.

قال - سلّمه الله - : ویبقی إشکال آخر وهو أنّ النار إذا طهّرته أوّلا کیف یحکم بتطهیر الماء ثانیا؟ إلاّ أن یحمل التطهیر علی المعنی الشامل للشرعیة واللغویة (3). انتهی.

وللوالد قدس سره کلام فی الحدیث ذکرته فی محل آخر ، إلاّ أنّ فی آخر الکلام المنقول إشارة إلی ما ذکره الوالد قدس سره من إرادة الأعم من الشرعیة واللغویة (4) ، والذی یقتضیه النظر أنّ الجواب المذکور فی أعلی المراتب من البعد.

ثم إنّ الروایة تضمنت الوقد بعظام الموتی ، وتنجیس ما تلاقیه إنّما

ص: 271


1- الفقیه 1 : 175 / 829 ، التهذیب 2 : 235 / 928 و 304 / 1227 ، الوسائل 5 : 358 أبواب ما یسجد علیه ب 10 ح 1.
2- المنتهی 1 : 179.
3- البهائی فی الحبل المتین : 126 و 127.
4- معالم الفقه : 374.

یکون مع الرطوبة ، واحتراق الجص لو ظهر بمقتضی النص لا یتحقق کونه رمادا ، والاعتبار فی الطهارة بالرماد والدخان ، ولو أرید ( مجرد اتصال الأجزاء من العظام المذکورة ) (1) وأنّ الطهارة إنّما هی للعذرة والعظام نفی إشکال العلاّمة ، فلا بدّ حینئذ أن یقال : إنّ السؤال من جهة إدخال النجاسة المسجد حیث أوقد بالعذرة وعظام الموتی ، فالجواب یتضمن الطهارة باستحالة العذرة رمادا ، غایة الأمر ( أنّ ذکر الماء ) (2) غیر ظاهر الثمرة ، إلاّ أن یکون تقریبا لاستبعاد طهارة النار ، أو یراد التنظیف لضرورة التوجیه.

وعلی کل حال ظاهر الخبر جواز السجود ، حیث کان المسئول عنه هو السجود ، فلو کان الجواب خالیا عن ذلک لما أفاد فی الظاهر.

وإذا عرفت هذا مجملا فالخبر الثانی الدال علی جواز السجود علی القیر له مؤیّدات من الأخبار فی التهذیب (3) ، وفی باب الصلاة فی السفینة ما یدل علی الجواز (4) ، لکن احتمال الضرورة ممکن.

اللغة :

قال جدّی قدس سره فی فوائد التهذیب : القفر ضرب من القیر. وفی الصحاح : الصاروج النورة وأخلاطها ، فارسی معرب (5).

معنی القفر والصاروج

ص: 272


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : مجرد الأجزاء من المذکور ، وفی « فض » : مجرد اتصال الأجزاء من المذکور.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » : ان الماء ذکره ، وفی « م » : ذکره.
3- التهذیب 3 : 295 / 895 و 298 / 908 ، الوسائل 5 : 354 أبواب ما یسجد علیه ب 6 ح 6 و 7.
4- انظر الوسائل 8 : 427 أبواب صلاة الجماعة ب 73.
5- الصحاح 1 : 325.

قوله :

باب السجود علی القرطاس فیه کتابة

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن جمیل بن دراج ، عن أبی عبد الله علیه السلام : أنّه کره أن یسجد علی قرطاس علیه کتابة.

فأمّا ما رواه علی بن مهزیار ، قال : سأل داود بن فرقد أبا الحسن علیه السلام عن القراطیس والکواغذ المکتوب (1) علیها ، هل یجوز السجود علیها أم لا؟ فکتب : « یجوز ».

أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن أبی نجران ، عن صفوان الجمّال قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام فی المحمل یسجد (2) علی القرطاس وأکثر ذلک یومئ إیماء.

فلا تنافی بین هذین الخبرین والخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه فی الخبر الأوّل ضرب من الکراهیة ، وقد صرح بذلک فی قوله : إنّه کره أن یسجد علی قرطاس علیه کتابة ، ویکون الخبران محمولین علی الجواز ، علی أنّ خبر صفوان الجمّال الذی حکی فیه فعل أبی عبد الله علیه السلام لیس فیه أنّ القرطاس الذی کان یسجد علیه کان فیه کتابة ، والکراهة إنّما توجهت إلی ما (3) هذه صفته ، ویجوز أن یکون بلا کتابة فیطابق الخبر الأوّل.

السجود علی القرطاس فیه کتابة

اشارة

ص: 273


1- فی الفقیه 1 : 176 والتهذیب 2 : 309 / 1250 : المکتوبة.
2- فی الاستبصار 1 : 334 / 1258 : سجد.
3- فی النسخ : من ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 335.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب. والثانی : فیه داود بن فرقد وقد مضی فیه القول وأنّه ثقة (1). والثالث : کالأوّل.

المتن :

نقل بعض الأصحاب الإجماع علی جواز السجود علی القرطاس (2) ، والخبر الثانی صریح فیه ، والأوّل لفظ « کره » فیه قد قدّمنا أنّها تستعمل فیما یتناول الحرام ، لکن مع الاشتراک أو التناول المخصص موجودٌ فیها وهو الکتابة کما قاله الشیخ ، غایة الأمر أنّ مع الکتابة یحتمل الکراهة والتحریم ، غیر أنّ الاشتراک یبقی الأصل علی حاله ، إلاّ أن یقال : إنّ ما دلّ علی عدم السجود علی (3) المأکول والملبوس عام فإذا خرج غیر المکتوب بقی هو ، وفیه ما لا یخفی.

ویظهر من الشهید رحمه الله فی الذکری عدم تحقق الإجماع ؛ لقوله : وفی النفس من القرطاس شی ء من حیث اشتماله علی النورة ، إلاّ أن نقول : الغالب جوهر القرطاس ، أو نقول : جمود النورة یردّ إلیها اسم الأرض (4). ولجدّی قدس سره علیه کلام فی الروضة (5) ذکرناه فی حواشیها ، وکذلک المحقّق

داود بن فرقد ثقة

بیان ما دل علی کراهة السجود علی القرطاس المکتوب علیه

ص: 274


1- راجع ج 2 : 330.
2- کما فی المسالک 1 : 26 ، الروضة البهیّة 1 : 227 ، المدارک 3 : 249.
3- فی النسخ زیادة : غیر ، حذفناها لاستقامة المعنی.
4- الذکری : 160.
5- الروضة البهیّة 1 : 230.

الشیخ علی (1).

والحق أنّ الأخبار حجّة علیه مؤیّدة بدعوی الإجماع.

أمّا استشکال الشهید رحمه الله فی الذکری حکم القراطیس المکتوبة بأنّ أجرام الحبر مشتملة غالبا علی شی ء من المعادن ، ثم قوله : إلاّ أن یکون هناک بیاض یصدق علیه الاسم ، ثم قوله : وربّما یخیّل أن لون الحبر عرض والسجود إنّما هو علی القرطاس ، ولیس بشی ء ؛ لأنّ العرض لا یقوم بغیر حامله والمداد أجسام محسوسة مشتملة علی اللون (2).

فقد یقال علیه : أوّلا : بأنّ ما دلّ علی کراهة السجود علی المکتوب إمّا أن یحمله علی الکراهة الأصولیة أو علی التحریم ، فإن حمله علی الأوّل لا وجه للإشکال ، ولو حمله علی التحریم استغنی عن التوجیه ، ولو کان مشترکا أمکن توجیه المنع بما دل علی اشتراط غیر الملبوس ، إلاّ أن یقال : إنّ الکواغذ غیر ملبوسة بالعادة وإن کان أصلها من الملبوسة ، وفیه نوع تأمّل.

هذا إذا لم نعمل بالخبر الأخیر ؛ لاحتماله الضرورة من حیث کونه علیه السلام فی المحمل ، مضافا إلی تضمنه الإیماء فإنّه یشعر بالضرورة. و ( احتمال الإیماء لغیر السجود لا یضر بالحال.

ولو قلنا إنّ خبر علی بن مهزیار یتناول بإطلاقه المکتوب زال الإشکال أیضا ) (3) واحتمال أن یقال : إنّ خبر علی بن مهزیار مکاتبة ، فیه : أن ضرورة هذا لا وجه لها بعد عدالة الراوی والأمن من اشتباه الخط ، نعم

ص: 275


1- جامع المقاصد 2 : 165.
2- الذکری : 160.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».

ربّما یدّعی أنّ المتبادر من القراطیس کونها من حیث هی ، والمکتوبة أمر آخر.

وأمّا ثانیا : فقوله إنّ العرض لا یقوم ، إلی آخره. إن أراد به ما ذکره الحکماء من استحالة انتقال الأعراض فهو صحیح ، لکن التزامه یقتضی عدم صحة الصلاة علی الأرض المشتملة علی صبغ من المعادن ، وکذلک غیر الأرض ، وأظنّ أنّ التزامه مشکل. وإن أراد أنّ عرض الحبر لا ینفک عن الجرم ، ففیه : أنّه متوجه إلاّ أنّ العرض قد ینتفی فی الحبر بغیر جرم ، وبتقدیر التسلیم فقوله : العرض لا یقوم بغیر حامله والمداد أجسام ، إلی آخره ، لا یخلو من تسامح.

أمّا ما تخیّله بعض : من أنّ الأحکام المتعلّقة بالذوات لا تنتقل إلی عوارضها کالإنسان المتصف بالنطق لا یتصف به عوارضه ، فالمعدن إذا اتصف بعدم جواز السجود لا یتصف به عوارضه ، ففیه : أنّه بتقدیر امتناع انفکاک العرض الذات موجودة.

وبالجملة : إیراد الشکوک مع العمل بالأخبار لا وجه له ، وبدون العمل قد یتحقق الإشکال ، نظرا إلی ما ذکرناه فی أثناء الکلام.

اللغة :

القراطیس والکواغد من باب عطف التفسیر ( وفی القاموس القرطاس الکاغذ ) (1).

معنی القرطاس

ص: 276


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : والقرطاس قیل مثلث القاف. وهو موجود فی القاموس المحیط أیضا ( ج 2 ص 248 ).

قوله :

باب السجود علی شی ء لیس علیه سائر البدن

أخبرنی الشیخ رحمه الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن جمیل بن دراج ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبی عقبة ، عن حمران ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « کان أبی یصلّی علی الخمرة یجعلها علی الطنفسة ویسجد علیها ، فإذا لم یکن خمرة جعل حصا علی الطنفسة حیث یسجد ».

علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أذینة ، عن الفضیل بن یسار وبرید (1) بن معاویة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « لا بأس بالمقام علی المصلّی من الشعر والصوف إذا کان یسجد علی الأرض ، فإن کان من نبات الأرض فلا بأس بالقیام علیه والسجود علیه ».

فأمّا ما رواه علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن محمّد بن یحیی ، عن غیاث بن إبراهیم ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی علیهم السلام أنّه قال : « لا یسجد الرجل علی شی ء لیس علیه سائر جسده ».

فلا ینافی الخبرین الأوّلین ؛ لأنّ هذا الخبر موافق للعامة ، والوجه فیه التقیّة دون حال الاختیار.

السند

فی الأوّل : لیس فیه من لم یقدم بیان حاله (2) إلاّ عبد الرحمن بن

السجود علی شی ء لیس علیه سائر البدن

عبدالرحمان بن أبی عقبة مجهول الحال

ص: 277


1- فی النسخ : یزید ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 335 / 1260.
2- راجع ج 1 : 41 ، 70 ، 293 ، 298 ، ج 2 : 177 ، ج 3 : 398.

أبی عقبة ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال.

والثانی : واضح.

والثالث : فیه محمّد بن یحیی ، والمستفاد من الرجال روایة محمّد بن یحیی الخزّاز عن غیاث بن إبراهیم (1) ، والخزّاز ثقة (2). أمّا غیاث فالشیخ قال : إنّه بتری (3) ، والنجاشی وثقه (4) ، وقد مضی عن شیخنا قدس سره فی الجزء الأوّل (5) النقل عن الکشی أنّه قال : بأنّه بتری روایة عن غیر معلوم ، ولم نقف علیه فی الکشی ، وفی الظن روایة محمّد بن یحیی الخثعمی عن غیاث فی الأخبار ، والشیخ قال فی هذا الکتاب : إنّ الخثعمی عامی ، والجمیع مضی مفصلا (6) ، فلیراجع.

المتن :

فی الأوّل : واضح ، غیر أنّ قوله : « جعل حصا » فیه دلالة علی أنّ اعتبار مقدار الدرهم لا یشترط فیه اتصال الأجزاء فی المسجد ، إلاّ أن یقال : إنّ الخبر من قبیل المجمل ، إذا لم یعلم قدر الحصا ، نعم ربّما دل الحصا علی أنّه علیه السلام لم یکتف بالمسمّی فی السجود ( لکن لا یدل علی التعیین کما لا یخفی ) (7).

محمد بن یحیی الخزاز ثقة

بحث حول غیاث بن ابراهیم

ص: 278


1- انظر رجال الطوسی : 488 / 2 ، الفهرست : 154 / 683.
2- انظر رجال النجاشی : 359 / 964 ، رجال ابن داود : 186 / 1530 ، خلاصة العلاّمة : 158 / 120.
3- رجال الطوسی : 132 / 1.
4- رجال النجاشی : 305 / 833.
5- راجع ج 3 : 295.
6- راجع ج 2 : 456.
7- ما بین القوسین لیس فی « م ».

وأمّا الثانی : ففیه دلالة علی ما قاله السید المرتضی رحمه الله من جواز السجود علی المنسوج من القطن والکتان (1) ، کما ذکره بعض الأصحاب (2) وإن کان فیه نوع تأمّل ، لاحتمال أن یراد بالنبات من نحو القنّب (3) الغیر المعتاد لبسه ، وعلی تقدیر العموم فالتخصیص ممکن لو تم الدلیل علی المنع.

وأمّا الثالث : فالتقیة فیه غیر خفیة.

اللغة :

الخمرة - بضم الخاء المعجمة وإسکان المیم - سجّادة صغیرة تعمل من سعف النخل وترمل بالخیوط ، قاله فی الصحاح (4).

قوله :

باب السجود علی الثلج

أحمد بن محمّد ، عن معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن السجود علی الثلج فقال : « لا تسجد فی (5) السبخة ولا علی الثلج ».

بیان ما دل علی جواز السجود علی شیء لیس علیه سائر البدن

معنی الخُمرة

السجود علی الثلج

اشارة

ص: 279


1- رسائل الشریف المرتضی 1 : 174.
2- منهم العلاّمة فی المنتهی 1 : 251 ، الکرکی فی جامع المقاصد 2 : 161 ، البهائی فی الحبل المتین : 169.
3- نبات یؤخذ لحاؤه ثم یفتّل حبالا ، وله حبّ یسمی الشهدانج. المصباح المنیر : 517.
4- الصحاح 2 : 649.
5- فی الاستبصار 1 : 336 : علی.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن داود الصرمی قال : سألت أبا الحسن علیه السلام قلت له : إنی أخرج فی هذا الوجه وربّما لم یکن موضع أصلّی فیه من الثلج فکیف أصنع؟ فقال : « إن أمکنک أن لا تسجد علی الثلج فلا تسجد علیه ، وإن لم یمکنک فسوّه واسجد علیه ».

فالوجه فی هذا الخبر حال الضرورة حسب ما قدمناه فی الخبر الأوّل ، وبیّنه أیضا (1) خبر منصور بن حازم ، وقد قدمناه فیما مضی.

السند

فی الأوّل : فیه معمّر بن خلاّد ، وهو ثقة. والثانی : فیه داود الصرمی ، وقد مضی عن قریب أنّه مهمل (2).

المتن :

فی الأوّل : قد یدل بمعونة ذکر السبخة علی الکراهة فی الثلج ؛ إذ المشهور بین الأصحاب المتأخرین الکراهة فی السبخة (3) ، وإن کان یظهر من الصدوق فی الفقیه المنع من السبخة (4).

والخبر الدال علی الجواز موثق سماعة فیما نقل (5). وفی خبر أبی بصیر حین سأل عن کراهة الصلاة فی السبخة جاء الجواب : « إنّ الجبهة

معمّر بن خلّاد ثقة

داود الصرمی مهمل

بیان ما دلّ علی النهی عن السجود علی الثلج والسبخة والجواز عند الضرورة

ص: 280


1- فی الاستبصار 1 : 336 زیادة : فی.
2- راجع ص 258.
3- کما فی المنتهی 1 : 253.
4- الفقیه 1 : 156.
5- التهذیب 2 : 221 / 872 ، الوسائل 5 : 152 أبواب مکان المصلی ب 20 ح 8.

لا تقع مستویة » ونفی البأس إذا کانت مستویة (1). ولا یخفی أنّ الأصل لا یخرج عنه بما ذکر.

أمّا الخبر المبحوث عنه فالنهی فیه یقتضی التحریم ، وحینئذ یتّجه قول الصدوق إن لم یعمل بالموثق ، والعجب من عدم تعرض بعض محقّقی المعاصرین للخبر المذکور (2).

ولو حمل النهی علی الکراهة بعد التحریم فی الثلج لکن یقربه کونه مأکولا.

وما ذکره الشیخ من الضرورة له وجه علی ( اعتقاده ، والخبر السابق عن منصور دل علی ) (3) وضع القطن أو الکتان علیه ، وهو یقتضی أنّ الضرورة لو اندفعت بما ذکر فعل مقدما علی الثلج ، والشیخ هنا أطلق الحکم ، والأمر کما تری.

اللغة :

قال فی القاموس السبخة - محرکة ومسکّنة - أرض ذات نزّ وملح (4).

ص: 281


1- التهذیب 2 : 221 / 873 ، الوسائل 5 : 151 أبواب مکان المصلی ب 20 ح 7.
2- البهائی فی الحبل المتین : 167 - 168.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- القاموس المحیط 1 : 270. والبحث اللغوی ساقط عن نسخة « م ».

[ أبواب القنوت وأحکامه ]

قوله :

باب رفع الیدین بالتکبیر إلی القنوت فی الصلوات الخمس

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن معاویة بن عمار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « التکبیر فی صلاة الفرض فی الخمس صلوات خمس وتسعون تکبیرة ، منها تکبیرة القنوت خمس ».

عنه ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة : وفسرهنّ فی الظهر إحدی وعشرون تکبیرة ، وفی العصر إحدی وعشرون تکبیرة ، وفی المغرب ست عشرة تکبیرة ، وفی العشاء الآخرة إحدی وعشرون تکبیرة ، وفی الفجر إحدی عشرة تکبیرة (1) ، وخمس تکبیرات فی القنوت فی خمس صلوات.

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن موسی بن عمر ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن أبی الصباح المزنی قال : قال (2) أمیر المؤمنین علیه السلام : « خمس وتسعون تکبیرة فی الیوم واللیلة للصلوات ، منها تکبیر القنوت ».

أبواب القنوت وأحکامه

رفع الیدین بالتکبیر إلی القنوت فی الصلوات الخمس

اشارة

ص: 282


1- فی الاستبصار 1 : 336 / 1265 لا توجد : تکبیرة.
2- فی الاستبصار 1 : 336 / 1266 لا توجد : قال.

قال محمّد بن الحسن : هذه الروایات التی ذکرناها ینبغی أن یکون العمل علیها ، وبها کان یفتی شیخنا المفید قدیما ، ثم عنّ له فی آخر عمره ترک العمل بها والعمل علی رفع الیدین بغیر تکبیر ، والقول الأوّل أولی ؛ لوجود الروایات بها ، وما عدا هذا لست أری (1) به حدیثا أصلا ، ولیس لأحد أن یتأوّل هذه الأخبار بأن یقول : ما زاد علی التسعین تکبیرة أحمله علی أنّه إذا نهض من التشهّد الأوّل إلی الثالثة یقوم بتکبیر ، لأمور :

أحدها : إنّه إنّما تتأوّل الأخبار ویترک ظواهرها إذا تعارضت وکان ینافی بعضها بعضا ، ولیس ها هنا ما ینافی هذه الروایات فلا یجوز العدول عن ظواهرها بضرب من التأویل.

وثانیها : أنّه لیس کل الصلوات فیها نهوض من الثانیة إلی الثالثة وإنّما هو موجود فی أربع صلوات ، فلو کان المراد ذلک لکان یقول : أربع وتسعون تکبیرة.

وثالثها : أنّ الحدیث المفصّل تضمن ذکر إحدی عشرة تکبیرة فی صلاة الغداة وتکبیرة بعد ذلک للقنوت مضافا إلیها ، فلو کان الأمر علی ما تأوّل علیه لکان التکبیر فیها إحدی عشرة تکبیرة فقط.

ورابعها : أنّه قد وردت روایات مفردة بأنّه ینبغی أن یقوم الإنسان من التشهد الأوّل إلی الثالثة ویقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد. ولم یذکر التکبیر ، فلو کان یجب القیام بالتکبیر لکان یقول : ثم یکبّر ویقوم إلی الثالثة. کما أنّهم لمّا ذکروا الرکوع والسجود قالوا : ثم یکبّر

ص: 283


1- فی الاستبصار 1 : 336 / 1266 : أعرف.

ویرکع ویکبّر ویسجد ویرفع رأسه من السجود ویکبّر. فلو کان ها هنا تکبیر لکان یقول مثل ذلک.

وقد روی ذلک الحسین بن سعید ، عن حماد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا جلست فی الرکعتین الأوّلتین فتشهدت ثم قمت فقل : بحول الله وقوته أقوم وأقعد ».

وعنه ، عن فضالة ، عن رفاعة بن موسی قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « کان علی علیه السلام إذا نهض من الرکعتین الأوّلتین قال : بحولک وقوتک أقوم وأقعد ».

وعنه ، عن فضالة ، عن سیف ، عن أبی بکر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا قمت من الرکعتین (1) فاعتمد علی کفیک وقل : بحول الله وقوته أقوم وأقعد ».

السند

فی الأوّل : حسن.

والثانی : کذلک علی قول النجاشی من عدم ذکر الوقف (2) ، وموثق علی قول غیره (3) ، وقد قدّمنا وجه ذلک (4) ، کما ذکرنا - فی موضع آخر - أنّ المدح فی بعض الرجال لا ینافی کون الخبر موثقا فی ظاهر کلام بعض الأصحاب.

أشارة إلی حال عبدالله بن المغیرة

ص: 284


1- فی الاستبصار 1 : 338 / 1269 زیادة : الأوّلتین.
2- رجال النجاشی : 215 / 561.
3- کما فی رجال ابن داود : 124 / 909.
4- راجع ج 1 : 139.

ثم إنّ ظاهره الإسناد إلی غیر الإمام ، وغیر بعید أنّ المراد عین الروایة الاولی ، أعنی عن أبی عبد الله علیه السلام (1) أنّه علیه السلام فسّرهن ؛ إذ لو لا ذلک لکان التفسیر من عبد الله بن المغیرة فلا یفید حکما من جهة الروایة ، إلاّ بتقدیر کون التفسیر من عبد الله لأنّ الإمام علیه السلام فسّر ذلک له ، وفیه ما لا یخفی ؛ وفی التهذیب کما هنا (2).

والثالث : فیه موسی بن عمر ، وفیه اشتراک (3) بین ثقة وغیره.

وأبو الصباح المزنی فی النسخة التی نقلت منها وهو مجهول ، لکن فی التهذیب الصباح المزنی (4) ، والظاهر أنّه الصواب ؛ لأنّ فی الرجال : صباح بن یحیی أبو محمّد المزنی ثقة فی النجاشی (5).

وفی الخلاصة قال : صباح بن قیس بن یحیی المزنی أبو محمد کوفی زیدی قاله ابن الغضائری ، وقال : حدیثه فی حدیث أصحابنا ضعیف ، وقال النجاشی : إنّه ثقة (6). انتهی.

والذی یظهر أنّ العلاّمة توهّم کونه ابن قیس من ابن طاوس فی کتابه حیث نقل عن ابن الغضائری : أنّه قال : صباح بن یحیی من ولد قیس. فظن أن قیسا أبوه ، لکن ابن طاوس قال فی کتابه : صباح بن یحیی.

والعجب من عدّه فی القسم الثانی من الخلاصة ، وقد قدّمنا (7) فی

بحث حول إسناد عبارة عبدالله بن المغیرة المبدوّة بقوله : وفسّرهنّ ... ، إلی الامام علیه السلام

موسی بن عمر مشترک

بحث حول الصباح المزنی

ص: 285


1- فی « رض » زیادة : ثم.
2- التهذیب 2 : 87 / 324 ، الوسائل 6 : 18 أبواب تکبیرة الإحرام ب 5 ح 2.
3- انظر هدایة المحدثین : 262.
4- التهذیب 2 : 87 / 325.
5- رجال النجاشی : 201 / 537.
6- خلاصة العلاّمة : 230 / 2.
7- فی ج 1 : 86.

أوّل الکتاب أنّ الظاهر من العلاّمة الاعتماد علی قول ابن الغضائری ، وهذا من المواضع الدالة علی ذلک ؛ لأنّ ترجیح الجارح لا یتم لو لا قبول قوله ، وحینئذ فاللاّزم من هذا قبول قول ابن الغضائری علی تقدیر قبول قول العلاّمة فی الرجال ، فقول جماعة من مشایخنا : إنّ ابن الغضائری مجهول الحال (1) ، مع ما ذکرناه لا یخفی ما فیه.

وما قد یقال : إنّ التعجب من العلاّمة لا وجه له بعد الحکم بقبول قول ابن الغضائری ، جوابه : الفرق بین النجاشی وابن الغضائری کما یشهد به الاعتبار الظاهر.

والرابع : لا ارتیاب فیه کالخامس بعد ما قدّمناه (2) فی روایة الحسین عن فضالة مرارا.

والسادس : سیف فیه : ابن عمیرة ، وأبو بکر : الحضرمی ؛ لکثرة مثل هذه الروایة ، والأوّل تقدم (3) أنّه ثقة ، وأنّ قول ابن شهرآشوب بالوقف فیه (4) موقوف علی العلم بحال الجارح ، والثانی لم یتحقّق حاله بمدح أو توثیق.

المتن :

فی الأوّل : صریح فی عدد التکبیرات وأنّ تکبیرات القنوت منها ، فیکون غیرها ما عدا الخمسة وتکبیرة الإحرام من غیرها ، فلا مجال

اشارة الی حال سیف بن عمیرة وابی بکر الحضرمی

بیان ما دلّ علی عدد التکبیرات فی الصلوات الخمس

ص: 286


1- کما فی منهج المقال : 398.
2- راجع ج 1 : 398.
3- فی ج 1 : 264.
4- معالم العلماء : 56 / 377.

لاحتمال کون التکبیر بعد التشهد منها بوجه من الوجوه ، إلاّ علی تقدیر وجود المعارض ، فیحتاج إلی التأویل المخالف للظاهر.

والثانی : ظاهر التفصیل ، غیر أنّ قوله : « وخمس تکبیرات فی القنوت » یدل علی أنّ التکبیرات المذکورة غیر تکبیرات القنوت فی الظاهر ، لکن قوله فی الأوّل : وفسّرهن. فی ظاهر الحال العود إلی الخمسة والتسعین ، وحینئذ یقتضی حمل قوله : « وخمس تکبیرات فی القنوت » علی أنّه من جملة الخمسة والتسعین فتکون تکبیرات الإحرام مسکوتا عنها فی الجمیع.

وما ذکره الشیخ تطویل من غیر طائل ؛ إذ لا ارتیاب فی أنّ إثبات الحکم الشرعی موقوف علی الدلیل ، والتکبیر بعد التشهد لا تدل الأخبار علیه بعد التصریح فی الأوّل بأنّ الخمسة والتسعین منها تکبیرات القنوت.

وقوله فی الوجه الثانی : لکان یقول : أربع وتسعون. فیه : أنّ بعد التصریح بتکبیرات القنوت تکون تسعة وتسعین ، ولو أراد الشیخ أنّ تکبیرات القنوت غیر الخمسة والتسعین لیکون عدولا عن ظاهر الأخبار أمکن التوجیه بأنّ فی الصبح أحد عشر نظرا إلی تکبیرة الإحرام ، لکن لا یخفی أنّ البحث مع عدم المعارض لغو.

وقوله فی الوجه الرابع قد ینظر فیه : بأنّ المعارض إذا وجد لا مانع من التقیید ، کما یقید ما دل علی أنّ من قام إلی الثانیة أو الرابعة یقول : بحول الله وقوته. مع ثبوت التکبیر بعد السجود ، فالأولی الاقتصار علی طلب الدلیل.

أمّا ما تضمنه الثالث فکالأوّل.

وأمّا الرابع : فواضح ، ومخالفة الخامس له فی الظاهر والمضمر

ص: 287

یقتضی التخییر.

والسادس : کالرابع.

وما دل علی الدعاء بعد القیام من السجود للثانیة والرابعة مختلف ، ففی بعض الأخبار قول : بحول الله وقوته ، وفی بعض : اللهم ربی بحولک وقوتک.

تنبیه : ذکر بعض شرّاح حدیث المخالفین أنّ الحول والقوة لا ترادف بینهما ، بل القوة معروفة ، والحول الاحتیال فی الأمور.

قوله :

باب السنّة فی القنوت

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی نجران ، عن صفوان الجمّال قال : صلّیت خلف أبی عبد الله علیه السلام أیّاما ، وکان یقنت فی کل صلاة یجهر فیها أو لا یجهر فیها.

عنه ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أذینة ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « القنوت فی کل صلاة فی الرکعة الثانیة قبل الرکوع ».

عنه ، عن صفوان وابن أبی عمیر ، عن عبد الله بن بکیر ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن القنوت فی الصلوات الخمس جمیعا ، فقال : « اقنت فیهنّ جمیعا » قال : فسألت أبا عبد الله علیه السلام بعد (1) ذلک ، فقال : « أمّا ما جهرت فیه فلا تشک ».

معنی الحول والقوّة

السنّة فی القنوت

اشارة

ص: 288


1- فی التهذیب 2 : 89 / 331 زیادة : عن.

عنه ، عن فضالة ، عن ابن مسکان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « القنوت فی المغرب فی الرکعة الثانیة ، وفی العشاء والغداة مثل ذلک ، وفی الوتر فی الرکعة الثالثة ».

عنه ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن القنوت فی أیّ صلاة هو؟ فقال : « کل شی ء تجهر (1) فیه بالقراءة فیه قنوت ، والقنوت قبل الرکوع وبعد القراءة ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب الخزاز ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سأله بعض أصحابنا - وأنا عنده - عن القنوت فی الجمعة ، فقال له : « فی الرکعة الثانیة ». فقال له أبو بصیر : قد حدّثنا بعض أصحابک أنک قلت : فی الرکعة الأولی. فقال : « فی الأخیرة » فلمّا رأی غفلة الناس منه قال : « یا أبا محمّد فی الاولی والأخیرة ». فقال أبو بصیر بعد ذلک : قبل الرکوع (2) أو بعده؟ فقال له أبو عبد الله علیه السلام : « کل قنوت قبل الرکوع إلاّ الجمعة ، فإنّ الرکعة الأولی فیها قبل الرکوع والأخیرة بعد الرکوع ».

عنه ، عن ابن أذینة ، عن وهب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « القنوت فی الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة ، فمن ترک القنوت رغبة (3) فلا صلاة له ».

عنه ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن عبد الله بن بکیر ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « القنوت فی کل رکعتین

ص: 289


1- فی التهذیب 2 : 89 / 333 و « فض » و « م » : یجهر.
2- فی التهذیب 2 : 90 / 334 ، الاستبصار 1 : 339 / 1275 : أقبل الرکوع.
3- فی التهذیب 2 : 90 / 335 ، الاستبصار 1 : 339 / 1276 زیادة : عنه.

من التطوع أو الفریضة ».

قال الحسن : أخبرنی عبد الله بن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « القنوت فی کل الصلاة » قال محمّد بن مسلم : فذکرت ذلک لأبی عبد الله علیه السلام ، فقال : « أمّا ما لا شک فیه ما (1) جهر فیها بالقراءة ».

السند

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه کالثانی.

والثالث : موثق بعبد الله بن بکیر علی ما مضی القول فیه (2) ، غیر أنّه ینبغی أن یعلم أنّ ظاهر السند روایة الحسین بن سعید عن ابن أبی عمیر وصفوان ، والأوّل یروی فیه الحسین بن سعید عن ابن أبی نجران عن صفوان ، ولا مانع منه ؛ لجواز الروایة بواسطة تارة وبعدمها اخری ، کما فی ابن أبی عمیر ، فإنّ الحسین بن سعید یروی عنه وأحمد بن محمّد بن عیسی یروی عنه مع أنّ أحمد بن محمّد بن عیسی یروی عن الحسین بن سعید عن ابن أبی عمیر. وقد کان الوالد قدس سره یرتاب فی مثل هذا (3) ، ودفعه ظاهر.

والرابع : فیه روایة ابن مسکان عن أبی عبد الله ، وقد ذکرنا فیما مضی قول الکشی : إنّ ابن مسکان لم یرو عن الصادق علیه السلام إلاّ حدیث « من أدرک المشعر » کما ذکرنا وجود کثیر من الروایات بخلاف ذلک (4) ، وهذا من

إشارة حال عبدالله بن بکیر

کلمة حول روایة الحسین بن سعید عن صفوان

بحث حول ما قیل : إنّ عبدالله بن مسکان لم یرو عن أبی عبدالله علیه السلام إلّا حدیثاً واحداً

ص: 290


1- فی التهذیب 2 : 90 / 336 ، الاستبصار 1 : 339 / 1277 : فما.
2- راجع ج 1 : 125.
3- منتقی الجمان 2 : 5.
4- راجع ج 4 : 486.

الجملة.

واحتمال أن یقال : إنّ کلام الکشی فی عبد الله بن مسکان ، ومعلومیة أنّ ابن مسکان هو عبد الله هنا لا دلیل علیها ؛ إذ لم یذکر فی الرجال فضالة راویا عنه.

یدفعه أنّ ابن مسکان غیر عبد الله المذکور فی الرجال وهو الحسین ومحمّد ، بعیدان عن الإطلاق ، وإن کان باب الاحتمال واسعا. ولا یخفی أنّ مرتبة فضالة مرتبة ابن أبی عمیر الراوی عن عبد الله بن مسکان فی الرجال (1) ، والمذکوران غیر معلومی المرتبة ، فاحتمالهما لا یمکن نفیه ولا إثباته إلاّ من حیث احتمال التبادر ، حیث ینتفی القرائن المذکورة سابقا کروایته عن الحلبی وأشباه ذلک ، فلیتأمّل.

والخامس : الحسن فیه ابن سعید ؛ لما تقدم من أنّ الحسین یروی عن زرعة بواسطة أخیه الحسن (2). وسماعة تکرر القول فیه (3).

والسادس : فیه أبو بصیر. وعلی بن الحکم بتقدیر الاشتراک هو الثقة ؛ لروایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه. کما یستفاد من الرجال (4).

وقد یظن صحة الخبر فی الجملة من حیث إنّ قوله : فقال له أبو بصیر. یدل علی أنّ الحاکی أبو أیوب ، فیکون سامعا لکلّ ما قاله أبو عبد الله علیه السلام لا بالنقل عن أبی بصیر ، وحینئذ یتم الخبر.

وفیه : أنّه لا مانع من الروایة عن أبی بصیر ، والإثبات ب « قال له

تمییز علی بن الحکم

توضیح حول روایة أبی أیوب الخزاز عن أبی بصیر

ص: 291


1- انظر منهج المقال : 212.
2- راجع ج 1 : 173 - 174.
3- راجع ج 1 : 110.
4- انظر هدایة المحدثین : 216.

أبو بصیر » لا مانع منه علی أن یکون أبو بصیر قال : قلت له. وأبو أیوب أتی بالمعنی.

وفی الظن أنّ الوالد قدس سره ذکر ذلک فی المنتقی ، لکن لم یحضرنی الآن وقد خطر فی البال ، والجواب کما سمعته غیر بعید.

وما تضمنه من قوله : « یا أبا محمّد » مع أنّ الحاکی أبو بصیر سهل الأمر علی ما یستفاد من الرجال ، فإنّه یقال له : أبو محمّد وأبو بصیر ، ویجوز المغایرة لکنها بعیدة.

والسابع : فیه وهب وهو مشترک ؛ إذ فی الرجال وهب بن عبد الرحمن من أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ مهملا (1) ، ووهب ابن عبد ربه الثقة ، ووهب بن وهب العامی (2).

والثامن : موثق علی ما مضی فی الحسن (3). وابن بکیر تقدم القول فیه أیضا (4).

وما تضمّنته الروایة - من قوله : قال الحسن - یحتمل أن یکون من أحمد بن محمّد بن عیسی فیکون موثقا ، ویحتمل أن یکون من الشیخ فیکون مرسلا ، لکن قوله : قال محمّد بن مسلم. یؤیّد أن یکون من الشیخ ، إذ لا یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی إلاّ أن یکون علی سبیل الإرسال من أحمد ، ویحتمل أن یکون من الحسن عن ابن بکیر ، فیکون ابن بکیر حکی عن زرارة وحکی عن محمّد بن مسلم ، ولا بعد فی روایة ابن بکیر

وهب مشترک بین مهمل وثقة وعامی

توضیح عبارة : قال الحسن ، فی ذیل روایة محمد بن مسلم

ص: 292


1- رجال الطوسی : 327 / 20.
2- انظر رجال النجاشی : 430 / 1155 و 1156 ، الفهرست : 173 / 767.
3- راجع ج 4 : 379.
4- راجع ج 1 : 125.

عن محمّد بن مسلم کما مضی فی الثالث ، وعلی کل حال المجزوم بکونه موثقا إلی قوله : قال الحسن.

فإن قلت : ما تقدّم فی الثالث یدل علی أنّ هذا - أعنی : قال محمّد - من مقول عبد الله بن بکیر فیکون موثقا بلا ارتیاب.

قلت : لفظ « قال الحسن » غیر معلوم أنّه من أحمد بن محمّد بن عیسی أو من غیره ، فلیتأمّل.

المتن :

قال العلاّمة فی المختلف : المشهور عند علمائنا استحباب القنوت ، وقال ابن أبی عقیل : من ترکه معتمدا بطلت صلاته وعلیه الإعادة ، ومن ترکه ناسیا لم یکن علیه شی ء ، وقال أبو جعفر بن بابویه : القنوت سنّة واجبة ، من ترکها متعمدا فی کل صلاة فلا صلاة له (1). ونقل بعض الأصحاب عن ابن أبی عقیل الوجوب فی الجهریة (2).

إذا عرفت هذا فالأوّل : لا یدل علی الوجوب ، والتأسّی یعطی الاستحباب فی کل صلاة جهریة أو إخفاتیة. وقد قیل : إنّه لا شک فی رجحانه وإنّما الخلاف فی وجوبه واستحبابه (3).

والثانی : کما تری محتمل لأن یراد الإخبار عن رجحان القنوت فی کل صلاة علی سبیل الاستحباب أو الوجوب ، ویحتمل أن یراد الإخبار عن محله مع غیر نظر إلی الرجحان والوجوب. ومع الاحتمال لا یقال : إنّه دالّ

اختلاف العلماء فی وجوب القنوت واستحبابه

بیان ما دل علی رجحان القنوت

ص: 293


1- المختلف 2 : 189.
2- حکاه عنه فی الذکری : 183.
3- کما فی مجمع الفائدة 2 : 298.

علی الوجوب بفحواه.

أمّا الثالث : فالأمر یدل علی الوجوب بناء علی القول بذلک فی الأمر شرعا. وقول أبی عبد الله علیه السلام : « أمّا ما جهرت فیه » إلی آخره. فیما أظن أنّ المراد به نفی الشک بالنسبة إلی أهل الخلاف ؛ لما یأتی فی روایة أبی بصیر (1) من قوله : « ثم أتونی شکاکا فأخبرتهم بالتقیة » لکن هذا علی تقدیر العمل بالخبر الآتی ، وبدونه یمکن أن یستفاد الاستدلال بالخبر المبحوث عنه علی قول ابن أبی عقیل المنقول من اختصاص الوجوب بالجهریة.

لکن لا یخفی أنّ نفی الشک فی الجهریة یقتضی الشک فی الوجوب فی الإخفاتیة ، والحال أنّ القائل بالجهریة جازم بالاستحباب فی غیرها ، فتمام الشک مشکل. وقد یقال : إنّ نفی الشک فی الوجوب کما یتحقق نفیه بالشک فی الوجوب یتحقق بالاستحباب. أو یقال : إنّ الشک فی الوجوب یقتضی نفی الوجوب ، والاستحباب یتحقق حینئذ بالدلیل من الأخبار مع الشهرة فی الجملة.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - من : أنّ الحدیث عند القائل بوجوب القنوت فی الجهریة محمول علی [ النهی عن الشک ] (2) فی وجوبه ، إذ لا یمکن حمله علی [ النهی عن ] (3) الشک فی استحبابه ، لاقتضائه بمعونة المقام وذکر « أمّا » التفصیلیة عدم استحباب القنوت فی الإخفاتیة ، وهو خلاف الإجماع. ثم قال : لکنّک خبیر بأنّ

بیان ما دل علی وجوب القنوت فی الجهریة أو مطلقاً

ص: 294


1- انظر ص 304.
2- ما بین المعقوفین فی النسخ : نفی الشک ، وما أثبتناه من المصدر.
3- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.

الحمل علی النهی عن الشک فی تأکّد الاستحباب لا محذور فیه (1). محل تأمّل.

علی أنّ ذکر الشک من الإمام علیه السلام لو لا الحمل علی التقیة لا یخلو من غموض ، فإنّ أحکامهم علیهم السلام صادرة عن الوحی ، فربما یتأیّد الحمل علی التقیة ، غایة الأمر أنّ المعروف من أهل الخلاف خلاف ذلک ، وهذا لا یضرّ بالحال ؛ لاختلافهم فی المقام کما یظهر من آثارهم (2) ، علی أنّ ما یجهر فیه فی الجملة کاف فی التقیة ، وهو عندهم محقق فی بعض ما یجهر فیه.

والرابع : له دلالة علی الجهریة ، لکن احتمال إرادة بیان المحل کما قدمناه ، والحمل علی ( ذکر ) (3) ما یتأکد الجهر فیه ممکن لو کان المقصود بیان القنوت لا محله ، أو هما علی تقدیر ثبوت ما یدل علی الاستحباب وستسمعه.

وما تضمنه من أنّ القنوت فی الوتر فی الثالثة. محتمل لإرادة الاختصاص بالثالثة احتمالا ظاهرا. واحتمال کونه فی الثالثة مع کونه فی الثانیة أیضا للخبر الأخیر الدالّ علی أنّه فی کل رکعتین من الفریضة والتطوع ، لا یخلو من بعد ؛ ویؤیّد ذلک أنّ الوتر اسم للثلاث رکعات فی الأخبار ، لا ما ظنه الشیخ فی المصباح : من أنّه اسم للواحدة (4). وإذا کان اسما للثلاث فما دل علی الرکعتین من التطوع یستفاد منه غیر الوتر ؛ لأنّ الوتر إذا کان اسما للثلاث فکأنّه قیل : إنّ قنوته فی الثالثة ، وإلاّ لقیل : فیه

ص: 295


1- الحبل المتین : 234.
2- انظر المغنی والشرح الکبیر 1 : 823 ، إرشاد الساری 2 : 233 ، الإنصاف 2 : 170 و 171.
3- لیست فی « رض ».
4- مصباح المتهجد : 133.

قنوتان ، فلیتأمّل.

( والخامس : یدل علی القنوت فی الجهریة وربّما دل علی الانحصار لکن قد علمت نقل الإجماع علی عدمه ، ودلالته علی الوجوب محتملة ) (1).

والسادس : یدل علی أنّ فی الجمعة قنوتین ، لکن قد سمعت السند.

وما عساه یقال : إنّ الظاهر من الخبر التقیة فی الأوّل. مع عدم معلومیة القائل.

فیه : أنّه بالدلالة علی ثبوت القنوت فی الجهریة أولی منه علی النفی.

ویمکن أن یستدل علی التعدد فی الجمعة بما ذکرناه فی کتاب معاهد التنبیه من أنّ الصدوق (2) روی ما یدل علی التعدد صحیحا ، لکن لم یعمل به لتفرد حریز به عن زرارة کما هی عادة المتقدمین من عدم العمل بالخبر الخالی من القرائن ، وهذا لا یضر بحال المتأخرین المکتفین بالخبر الصحیح ؛ إذ الطریق إلی حریز لا ریب فیه ، غایة الأمر أنّ فی متن الخبر نوع شک وضرورة (3) محلّ تأمّل ، ویتضح الأمر بمراجعته هناک.

والسابع : یدل علی ما نقل عن ابن أبی عقیل ، لکن فیه زیادة الوتر ؛ ویمکن أن یوجّه عدم نفیها للوجوب بخروجها بالإجماع علی نفی الوجوب فی الوتر. وفیه استبعاد تغایر الأحکام فی الخبر الواحد ، لکنه محلّ تأمّل.

بیان ما دل علی تعدّد القنوت فی الجمعة

ص: 296


1- ما بین القوسین فی النسخ کان مکتوبا بین قوله : ستسمعه ، وقوله : وما تضمّنه ، والصواب ما أثبتناه.
2- الفقیه 1 : 266 / 1217.
3- کذا فی النسخ ، والأولی : وضرورة.

نعم ربّما یقال : إنّ الخبر بتقدیر صحته یدل علی أنّ من ترک القنوت رغبة عنه لا مجرد الترک لکونه مستحبا ، وحینئذ یراد بالرغبة هجر الحکم الشرعی.

وفیه : أنّ الرغبة عن الشی ء لا تدل علی الهجر المذکور ، غیر أنّ عدم الصحة یسهل الخطب بالنسبة إلی الخبر ، وأمّا غیره فقد علمت الحال فیه.

ونقل بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - عن الشهید رحمه الله فی الذکری : أنّه استدل للقائل بوجوب القنوت بصحیح زرارة قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : ما فرض الله من الصلاة؟ قال : « الوقت والطهور والرکوع (1) والسجود والقبلة والدعاء والتوجّه » قلت : فما سوی ذلک؟ قال : « سنّة فی فریضة » (2). قال رحمه الله : ولا قائل بوجوب دعاء فی الصلاة سواه.

وبموثق عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن نسی الرجل القنوت فی شی ء من الصلوات حتی یرکع فقد جازت صلاته ولیس له شی ء ، ولیس علیه أن یدعه متعمّدا » (3).

وبروایة وهب السابقة ، وبقوله عز وجل ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِینَ ) (4) وقد ذکر جماعة أنّ المراد به : داعین.

ثم أجاب قدس سره عن الأوّل : بجواز حمل الدعاء علی القراءة وباقی الأذکار الواجبة فإنّ فیها معنی الدعاء. وعن الثانی : بالحمل علی المبالغة فی تأکد الاستحباب. وعن الثالث : أنّ المنفی کمال الصلاة ، والرغبة عنه أخص

بیان ما دل علی أنّ من ترک القنوت رغبة عنه لا صلاة له

أدلّة القائلین بوجوب القنوت وما فیها من النقض والابرام

ص: 297


1- فی « رض » و « م » : الوقت والرکوع.
2- التهذیب 2 : 241 / 955.
3- التهذیب 2 : 315 / 1285.
4- البقرة : 238.

من الدعوی. وعن الآیة : بأنّ معنی ( قانِتِینَ ) مطیعین ، ولو سلّم أنّه بمعنی القنوت فلا دلالة فیه علی الوجوب لأنّه أمر مطلق ، ولو دل لم یدل علی التکرار ؛ ولأنّ الصلاة مشتملة علی القراءة والأذکار وفیها معنی الدعاء فیتحقق الامتثال بدون القنوت. انتهی (1).

واعترض علیه الناقل - سلّمه الله (2) - بما ذکرناه فی فوائد التهذیب ، وما ذکرناه قد یتوجه فی المقام ، وحاصل الأمر : أمّا (3) الاعتراض فلأنّ شیئا من القراءة وأذکار الرکوع والسجود لا یسمّی فی العرف دعاء ، وأیضا فقد دل الحدیث علی أنّ الدعاء الواجب فی الصلاة ثبت فی القرآن ووجوب القراءة وذکر الرکوع والسجود لم یثبت بالقرآن. والثانی والثالث تکلف. والآیة یمکن أن یقال فیها : إنّ الحدیث دل علی تضمن القرآن الأمر بالدعاء فی الصلاة أعنی القنوت ، ولا دلالة فی شی ء من الآیات علی وجوب القنوت سوی هذه الآیة فیکون القنوت فیها بمعنی الدعاء. وقوله : إنّ الأمر مطلق. لا یخفی ما فیه ؛ وقوله : إنّه لا یدل علی التکرار. فیه : أنّ کل من قال بالوجوب قال بالتکرار.

وحاصل ما خطر فی البال أوّلا : أنّ الخبر الصحیح عن عبید بن زرارة دل علی أنّ الفاتحة تحمید ودعاء (4) ، والأصل فی الإطلاق الحقیقة ، علی أن منع کون أذکار السجود والرکوع دعاء لا یضر بالحال ؛ لأنّ المجیب مانع ، فیکفیه جواز إرادة الدعاء من القراءة والأذکار ولا یحتاج إلی

ص: 298


1- الحبل المتین : 236.
2- انظر الحبل المتین : 237.
3- فی « رض » : أن.
4- التهذیب 2 : 98 / 136.

المعلومیة لیطلب منه إثباتها.

وما عساه یقال : من عدم الصدق عرفا فکذا فی الشرع واللغة ؛ لأصالة عدم النقل.

ففیه : أنّ أصالة عدم النقل إنّما تثمر الظن وهو لا ینافی التجویز.

إلاّ أن یقال : إنّ الظن کاف فی الأحکام الشرعیة ، ولو منع التجویز لم یتم دلیل فالتجویز لا یضر بالحال.

وفیه : أنّ الظن (1) حینئذ مرجعه إلی الاستصحاب فهو استدلال غیر مناف لکلام المجیب ، وفیه شی ء یطلب من الحاشیة.

ثم إنّ العرف فی المقام غیر واضح الاطراد ، لکن الجواب عنه غیر بعید.

وما ذکر من دلالة الخبر ففیه : أنّ عدم الثبوت عندنا لا ینفی (2) الثبوت مطلقا إلاّ بأصالة (3) عدم النقل. وفیه ما فیه. نعم فی خبر صحیح أنّ القراءة سنّة (4) ، فالأولی التعلق به ، وعدم التنبیه له مع ذکره غریب.

وأمّا التکلف فغیر ظاهر ، وبتقدیره مع المعارض لا مانع منه ، والرغبة عن الشی ء ینبئ عن الظهور المذکور.

وما ذکر من أنّه لا دلالة فی شی ء من الآیات علی وجوب القنوت ، یشکل بقوله ( ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ ) وما ذکر من جهة الأمر وإطلاقه ، فیه : أنّ الشهید رحمه الله لا یخفی علیه مثل هذا ، بل مراده علی الظاهر أنّ الأمر

ص: 299


1- فی « رض » زیادة : فیه.
2- فی « فض » و « م » زیادة : عدم.
3- فی « فض » و « م » : بالأصالة.
4- الفقیه 1 : 225 / 991 ، التهذیب 2 : 152 / 597 ، الوسائل 6 : 91 أبواب القراءة ب 29 ح 5.

بالقیام لله غیر (1) مقید بالصلاة الواجبة ، وإذا لم یقید لا یدل علی الوجوب بخصوصه.

وما ذکر من عدم دلالة القرآن علی أذکار السجود والرکوع ، فیه : أنّ بعض الأخبار السابقة فی الأذکار دالّة علی أنّها فرض ، وهو یعطی ثبوته من القرآن.

(2) وما ذکر من أنّ القراءة لم تثبت من القرآن ، فیه : أنّ الأولی أن یقال : قد ثبت نفیه لما تضمنه الحدیث الصحیح من أنّ القراءة سنّة.

ویبقی فی المقام أمور مذکورة فی الفوائد المشار إلیها من أرادها وقف علیها.

والذی یظهر من الصدوق فی الفقیه الاستدلال بالآیة الشریفة ، لأنّه قال : والقنوت سنّة واجبة ، فمن ترکها معتمدا فی کل صلاة فلا صلاة له ، قال الله عزّ وجلّ ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِینَ ) یعنی مطیعین داعین (3).

وعلی هذا لا مجال لإنکار معنی الدعاء فی القنوت ، لأنّ قوله : یعنی ، یدل علی الجزم ، والاشتراک لغة ینافی ذلک. إلاّ أن یقال : إنّه اجتهاد ، وفیه ما فیه. إلاّ أنّ ما ذکره الشهید رحمه الله من أنّ معنی الآیة مطیعین فقط محل کلام ، لأنّ الصدوق ثبت فی النقل. نعم ما ذکره الشهید رحمه الله من احتمال الدعاء لغیر القنوت ممکن. ولا یبعد أن یکون الصدوق وقف علی تفسیر الآیة بوجه کاف ، إلاّ أنّ فی الاکتفاء به [ کلاما ] (4).

ص: 300


1- فی النسخ : غیره ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی « فض » زیادة : وقوله.
3- الفقیه 1 : 207.
4- ما بین المعقوفین فی « رض » : نکره ، وفی « فض » و « م » : کلّها ، والظاهر ما أثبتناه.

وفی المختلف نقل احتجاج ابن بابویه بالآیة ، وأجاب بالمنع من إرادة صورة النزاع ، إذ لیس فیه دلالة علی وجوب القنوت فی الصلاة ، أقصی ما فی الباب وجوب الأمر بالقیام لله إن قلنا بوجوب المأمور به ، وکما یتناول الصلاة کذا غیرها ، سلّمنا وجوب القیام فی الصلاة لکنّها یحتمل وجوب القنوت ویحتمل وجوب القیام حال القنوت وهو الظاهر من مفهوم الآیة ، ولیس دلالة الآیة علی وجوب القیام الموصوف بالقنوت بأولی من دلالتها علی تخصیص الوجوب بحالة القیام ، بل دلالتها علی الثانی أولی لموافقتها بالبراءة الأصلیة (1). انتهی.

ولقائل أن یقول : إنّ الأمر إذا کان للوجوب دلّت الآیة علی وجوب القیام حال الدعاء ، ولا یجب إلاّ فی الصلاة فیکون الدعاء واجبا. وقد یجاب : بأنّ الدعاء لا یتعین فی القنوت لما سبق من احتمال غیره. وفیه : أنّ الدعاء فی الصلاة لا یتعین وجوب القیام له مطلقا.

والحق أنّ الوجوب فی الأمر محل تأمّل ، لما ذکرناه فی فوائد التهذیب من : أنّ سیاق الآیة یقتضی إمّا الندب أو الاشتراک بینه وبین الوجوب ، والترجیح للوجوب مشکل ، فأصالة البراءة لا مخرج عنها.

أمّا ما قاله العلاّمة رحمه الله : من وجوب القیام لله. فقریب ، إذ لا قائل بالوجوب فی غیر الصلاة. ثم تسلیمه وتجویز القیام الواجب مع عدم وجوب القنوت مشکل ، فإنّ المستحب کیف یجب له القیام إلاّ علی سبیل الشرطیة.

أمّا قوله : ولیس دلالة الآیة ، إلی آخره. فلم یظهر لی دلالته علی

ص: 301


1- المختلف 2 : 190.

مطلوبه إلاّ بتکلف إرادة نفس القیام من القنوت لا الدعاء ، فیراد بقوله : تخصیص الوجوب بحالة القیام ، الخضوع لله حالة القیام. وقوله : القیام الموصوف بالقنوت ، یرید به المشتمل علی الدعاء.

وغیر خفی أنّ الکلام الواقع عقیب التسلیم یقتضی أنّ القیام لله فی الصلاة واجب ، لکنّه یحتمل وجوب القنوت ویحتمل وجوب القیام حال القنوت ، وهذا کما تری یدل علی إرادة الدعاء لا مجرد القیام.

وقوله : لیس دلالة ، إلی آخره. إن کان من تتمة السابق ففیه منافاة له من حیث دلالة الأخیر علی أنّ نفس القیام قنوت بمعنی الخضوع ، ولو أرید الدعاء فی الأخیر لم یتم الفرق إلاّ بأن یراد بالتخصیص کون القیام قنوتا بمعنی الخضوع ، وسیجی ء من کلام اللغة ما یعطی أنّه یقال علی القیام : قنوت (1). فیمکن حمل کلامه علی القیام ، إلاّ أنّه لا یتم علی الإطلاق ، فلیتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل بن صالح ، عن عبد الملک بن عمرو قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القنوت قبل الرکوع أو بعده ، قال : « لا قبله ولا بعده ».

وعنه عن البرقی ، عن سعد بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سألته عن القنوت ، هل یقنت فی الصلاة کلّها أم

ص: 302


1- انظر ص 307.

فیما یجهر فیها بالقراءة؟ قال : « لیس القنوت إلاّ فی الغداة والوتر والجمعة والمغرب ».

وروی سعد ، عن أبی جعفر ( أحمد بن محمد ) (1) ، عن الحسن بن علی بن فضّال ، عن یونس بن یعقوب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القنوت فی أیّ الصلوات أقنت؟ قال (2) : « لا تقنت إلاّ فی الفجر ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحملها علی أنّه لیس فی هذه الصلوات القنوت علی جهة الفضل وتأکد الندب علی الحد الذی ثبت فی غیرها من الصلوات التی یجهر فیها ثم بعد ذلک فی الفرائض ، لأنّ القنوت فی الصلوات یترتّب فضله ، فالقنوت (3) فی الفرائض أفضل منه فی النوافل ، وفیما یجهر فیه من الفرائض أفضل ممّا لا یجهر فیه ، وصلاة المغرب والفجر من بین ما یجهر فیه أشد تأکیدا فی هذا الباب.

وإذا حملنا الأخبار علی هذه الوجوه ثبت لکل واحد منها وجه صحیح لا ینافی ما عداه ، ویجوز أن یکون أنّ ما نفوا عن بعض الصلوات القنوت وخصّوا به (4) بعضا لضرب من التقیة والاستصلاح ، لأنّ من العامّة من یذهب إلی ذلک. والذی یدل علی ذلک :

ما رواه علی بن مهزیار ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال : « قال أبو جعفر علیه السلام فی القنوت : إن شئت فاقنت وإن

ص: 303


1- فی التهذیب 2 : 91 / 339 والاستبصار 1 : 340 / 1280 لا یوجد : أحمد بن محمّد.
2- فی التهذیب 2 : 91 / 339 والاستبصار 1 : 340 / 1280 : فقال.
3- فی النسخ : والقنوت ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 340 / 1280.
4- فی النسخ لا یوجد : به ، أثبتناه من الاستبصار 1 : 340 / 1280.

شئت فلا تقنت » قال أبو الحسن : « وإذا کانت التقیة فلا تقنت ، وأنا أتقلد هذا ».

وروی محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن فضّال ، عن ابن بکیر ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القنوت؟ فقال : « فیما یجهر فیه (1) » قال : فقلت له : إنّی سألت أباک ، فقال : فی الخمس کلها ، فقال : « رحم الله أبی ، إنّ أصحاب أبی أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ، ثم أتونی شکّاکا فأخبرتهم بالتقیة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعیل الجعفی ومعمر بن یحیی ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « القنوت قبل الرکوع وإن شئت فبعده ».

فالوجه فی قوله علیه السلام : « وإن شئت فبعده » أن نحمله علی حال القضاء لمن فاته فی موضعه ، أو حال التقیة لأنّه مذهب بعض العامّة.

السند :

فی الأوّل : فیه عبد الملک بن عمرو ، ولم نقف علی ما یقتضی مدحه فضلا عن التوثیق. وما رواه الکشی عن حمدویه ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل بن صالح ، عن عبد الملک بن عمرو قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « إنّی لأدعو لک حتی اسمّی دابتک » (2) فیه : أنّه ینتهی فی الشهادة إلی نفسه ، وقول جدّی قدس سره فی فوائد الخلاصة : إنّه ملحق

بحث حول عبدالملک بن عمرو

ص: 304


1- فی التهذیب 2 : 92 / 341 والاستبصار 1 : 340 / 1282 زیادة : بالقراءة.
2- رجال الکشی 2 : 687 / 730 ، وفیه : لأدعو الله.

بالحسن (1). لا أعلم وجهه بعد أن قال : إنّه شهادة لنفسه ، ثم قال : مع ذلک فهو مرجّح بسبب المدح. وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مذکور مهملا (2).

أمّا جمیل بن صالح فالذی فی النجاشی : جمیل بن صالح الأسدی ثقة وجه ، روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، ذکره أبو العباس فی کتاب الرجال (3). وهذا کما تری قد یحتمل أنّ الذکر من أبی العباس للجمیع من التوثیق والروایة ، کما یحتمل العود للروایة. وأبو العباس یقال لابن عقدة وابن نوح کما سبق ذکره من جدّی قدس سره فی موضع آخر اتفق مثله ، وابن عقدة معلوم الحال ، وکان شیخنا - أیّده الله - یقول : إنّ الظاهر کونه ابن نوح ، لأنّه شیخ النجاشی (4). فالاعتناء بقوله أظهر ، وفیه نوع تأمّل. وبتقدیره فی ابن نوح کلام یعرف من الرجال (5) ، غیر أنّ الظاهر من العبارة العود إلی الروایة للقرب ، فلیتأمّل.

والثانی : فیه البرقی ، وقد تکرر القول فیه (6).

والثالث : موثق علی ما مضی (7) فی ابن فضال وابن یعقوب ، وفیه دلالة علی أنّ أبا جعفر أحمد بن محمّد بن عیسی کما سبق نقله عن العلاّمة فی الخلاصة (8) ، حیث قال : إنّ کلما رواه الشیخ عن سعد عن أبی جعفر

بحث حول جمیل بن صالح

ص: 305


1- حکاه عنه فی حاوی الأقوال 4 : 124.
2- رجال الطوسی : 266 / 714.
3- رجال النجاشی : 127 / 329.
4- منهج المقال : 39 ، 47 ، 390.
5- رجال النجاشی : 86 / 209 ، الفهرست : 37 / 107.
6- راجع ج 1 : 95.
7- فی ج 4 : 379.
8- راجع ج 1 : 171.

فهو أحمد بن محمّد (1). وإن کان ما نحن فیه لیس بکلی إلاّ أنّه مؤید ، وذکرنا سابقا (2) أنّ فی الکافی ما یدل علی أنّ أبا جعفر إذا روی عنه سعد لا یتعین کونه أحمد بن محمّد لتفسیره بغیره.

والرابع : لا ارتیاب فیه ، وأحمد بن محمّد هو ابن أبی نصر لما صرح به فی التهذیب (3).

والخامس : معروف الرجال بما تکرر من المقال (4).

والسادس : فیه القاسم بن محمّد الجوهری وهو معروف الحال أیضا.

وأمّا إسماعیل الجعفی فهو وإن کان مشترکا (5) بین ابن عبد الرحمن وبین ابن جابر ، والأوّل لا أعلم توثیقه والمدح ربّما یستفاد من الرجال فی الجملة ، وابن جابر فیه کلام تقدم (6) ، والحاصل أنّ الشیخ وثقه فی رجال الباقر علیه السلام من کتابه (7) ، لکن لا یبعد أن یکون ابن جابر ، لأنّ النجاشی قال : إنّه روی حدیث الأذان (8). والمروی فی الأذان عنه روایة أبان بن عثمان ، وقد مضی فی أوّل الکتاب الإشارة إلی ذلک وفی الجزء الثانی منه أیضا ، فلیتدبّر.

أمّا معمّر ففیه اشتراک بین من وثق فی الخلاصة (9) ومن ذکر مهملا

تمییز أبی جعفر الذی یروی عنه سعد

بحث حول اسماعیل الجعفی

معمر بن یحیی مشترک بین ثقة ومهمل

ص: 306


1- خلاصة العلاّمة : 271.
2- راجع ج 1 : 171.
3- التهذیب 2 : 91 / 340.
4- راجع ج 1 : 73 ، 130.
5- انظر منهج المقال : 56 و 57.
6- فی ج 2 : 435.
7- رجال الطوسی : 105 / 18.
8- رجال النجاشی : 32 / 71.
9- خلاصة العلاّمة : 169 / 2.

فی رجال الصادق والباقر علیهماالسلام من کتاب الشیخ (1).

المتن :

ینبغی أن یعلم قبل الکلام فیه أنّ بعض محققی الأصحاب نقل أنّ القنوت لغة یطلق علی معان خمسة : الدعاء والطاعة والسکون والقیام فی الصلاة والإمساک عن الکلام ، وفی الشرع علی الدعاء فی أثناء الصلاة فی محل معیّن ، سواء کان معه رفع الیدین أم لا ، ولذلک عدّوا رفعهما من مستحبات القنوت ، وربّما یطلق علی الدعاء مع رفع الیدین وعلی رفع الیدین حال الدعاء. انتهی (2).

ولا یخفی أنّ المتبادر من الشرع عند الشارع ، واستحباب رفع الیدین إن کان فی کلامه أفاد ما ذکره ، وإن کان من کلام المتشرعة ففیه ما فیه.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة فی المختلف ذکر فی أدلّة الاستحباب الخبر الأوّل واصفا له بالصحیح ، وهو أعلم بوجهه. ثم قال : لا یقال : هذا الحدیث متروک بالإجماع ، لأنّ الإمامیة اتفقت علی استحبابه أو وجوبه قبل الرکوع ، والحدیث الذی استدللتم به یقتضی نفی التعبد به قبل الرکوع وبعده. لأنّا نقول : لا نسلّم أنّه متروک بل نحن نقول بموجبه ، إذ نفی التعبد به متروک بالإجماع علی ما بیّنتم ، فیحمل النفی علی إرادة نفی الوجوب ، إذ لا یمکن حمله إلاّ علیه (3). انتهی ، ولما ذکره وجه.

وعدم تعرض الشیخ للخبر لا یخلو من غرابة ، وما ذکره فی الأخبار

معنی القنوت لغةً وشرعا

توجیه ما دل علی نفی القنوت قبل الرکوع وبعده

ص: 307


1- رجال الطوسی : 315 / 569.
2- الحبل المتین : 234.
3- المختلف 2 : 190.

علی الإجمال لا یتناول هذا إلاّ بتکلف ظاهر.

والثانی : کما تری یدل علی حصر القنوت فیما ذکر ، وفی خبر ابن مسکان السابق ضمیمة العشاء. وحمل الشیخ الأوّل لا یخفی عدم وضوحه سیّما فی هذا الخبر ، أمّا التقیة فلها وجه ، ویؤیّدها الثالث.

وما قاله من النوافل بعید الاستفادة من إطلاق الأخبار ، إذ الانصراف إلی النافلة محل کلام.

وتقییده بما یجهر فیه من الفرائض غیر ظاهر الوجه بتقدیر شمول الأخبار للنوافل ، فإنّ بعضها تضمن السؤال عن جمیع الصلوات ، والجواب دل علی أفضلیة القنوت فیما یجهر فیه علی ما ذکره الشیخ.

والرابع : فی دلالته علی التقیة خفاء ، لأنّ ما تقدم (1) من الشیخ اقتضی حمل الأخبار کلها ، وقد اشتملت علی إطلاق وتقیید ، وظاهر الخبر المستدل به أنّه مع التقیة لا قنوت مطلقا ، وصدر الخبر المبحوث عنه کما تری یدل علی التخییر فی القنوت وعدمه ، وبمعونة ذلک إذا حمل علی بیان الجواز یدل علی أنّه مع التقیّة لا یجوز القنوت مطلقا. ولعلّ الأولی حمل القنوت فی الخبر علی رفع الیدین لیتم صدره وعجزه ، إذ مع التقیة لا مانع من الدعاء بخلاف رفع الیدین ، وإن کان عند المخالفین القنوت برفع الیدین فی الجملة لا مانع منه إلاّ أنّه یجوز کون الترک أبلغ فی البعد عن التهمة.

أمّا ما تضمنه الخبر من قوله : قال : « قال أبو جعفر علیه السلام » ثم قوله علیه السلام : « وأنا أتقلد هذا » بعید المرام ، وهم علیهم السلام أعلم بمقاصدهم.

وقد ذکرت فی فوائد الکتاب نوع کلام فی حمل الخبر علی رفع

توجیه ما دل علی حصر القنوت فی الغداة والوتر والجمعة والمغرب

بیان ما دل علی التخییر بین القنوت وعدمه وعدم جوازه مع التقیة

ص: 308


1- فی ص 303.

الیدین ، والحاصل أنّ قوله علیه السلام : « وأنا أتقلد هذا » یدل علی أنّ المتروک لا یخلو من خطر ، فلو کان المراد به ( رفع الیدین فالترک لا خطر فیه لیحتاج إلی ما قاله علیه السلام ، بخلاف ما إذا کان المراد به ) (1) الدعاء ، فإنّ احتمال الوجوب یقتضی التعبیر بما ذکره ، فلیتأمّل.

( فإن قلت : القائل : « وأنا أتقلد هذا » الإمام أو أحمد بن محمّد؟

قلت : کل محتمل ، ولکن (2) ما ذکرناه بناء علی احتمال ظهور کونه من الإمام علیه السلام ، وقد یحتمل أبو الحسن أن یکون علی بن مهزیار فیندفع بعض المحذور ، ولکن سیأتی ما ینفیه ) (3).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ورد فی معتبر الأخبار الأمر بالقنوت فی کل صلاة فریضة ونافلة صریحا ، وأمّا خصوص القنوت ففی بعض (4) معتبر الأخبار بعد السؤال عما یقال فی القنوت : « ما قضی الله علی لسانک ، ولا أعلم فیه شیئا موقّتا » وفی بعضها ما یقتضی أنّه یجزئ فیه : « اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا فی الدنیا والآخرة إنّک علی کل شی ء قدیر ».

وذکر بعض محقّقی الأصحاب - سلّمه الله - أنّ المنفی فی الأوّل الموظف المنقول عن النبی صلی الله علیه و آله (5). وله وجه ، ولو حمل علی عدم الموظف المعین بحیث لا یجزئ غیره ( فی الفضل ) (6) أمکن.

وفی الفقیه روی عن الحلبی فی الصحیح أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن

عدم تعیّن دعاء مخصوص فی القنوت

ص: 309


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- فی « فض » : وکلّ.
3- ما بین القوسین لیس فی « م ».
4- لیست فی « فض » و « م ».
5- البهائی فی الحبل المتین : 235.
6- ما بین القوسین ساقط عن « فض ».

القنوت فیه قول معلوم؟ فقال : « أثن علی ربک وصلّ علی نبیک واستغفر لذنبک » (1) ولعلّ الجواب یفید عدم التعین (2) ، وإنّما ذکر علیه السلام ما ذکره علی وجه الإعلام باختیار الأکمل ، وإن کان ظاهر السؤال عن المعلوم والجواب مطابق له ، هذا.

وفی معتبر الأخبار : أنّ القنوت کلّه جهار (3) ، وحمله بعض الأصحاب علی غیر المأموم (4) ، وکأنّه لما ورد فی الأخبار من أنّه لا یسمع الإمام شیئا (5).

وأمّا رفع الیدین مضمومة الأصابع إلاّ الإبهام وبسط الکف وجعله إلی السماء محاذیا للوجه ، ففی روایة (6) موجود ، وعدم إمرار الید علی الوجه آخره لروایة تضمنت النهی عنه (7).

قوله :

باب وجوب التشهد وأقل ما یجزئ منه

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن العباس بن معروف ، عن علی بن مهزیار ، عن حماد (8) ، عن حریز بن عبد الله ، عن زرارة قال : قلت

وجوب التشهد وأقل ما یجزئ عنه

اشارة

ص: 310


1- الفقیه 1 : 207 / 933 ، الوسائل 6 : 278 أبواب القنوت ب 9 ح 4.
2- فی « م » : التعیین.
3- الفقیه 1 : 209 / 944 ، الوسائل 6 : 291 أبواب القنوت ب 21 ح 1.
4- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 303.
5- انظر الوسائل 8 : 396 أبواب صلاة الجماعة ب 52.
6- دعائم الإسلام 1 : 205 ، مستدرک الوسائل 4 : 409 أبواب القنوت ب 9 ح 1.
7- الاحتجاج : 486 ، الوسائل 6 : 293 أبواب القنوت ب 23 ح 1.
8- فی الاستبصار 1 : 341 / 1284 زیادة : بن عیسی.

لأبی جعفر علیه السلام : ما یجزئ من القول فی التشهد فی الرکعتین الأوّلتین؟ قال : « أن یقول (1) : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له » قلت : فما یجزئ ( من تشهد الرکعتین ) (2) الأخیرتین؟ فقال : « الشهادتان ».

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن میمون ، عن یحیی بن طلحة ، عن سورة بن کلیب قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن أدنی ما یجزئ فی (3) التشهد ، قال : « الشهادتان ».

أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن سعد بن بکر ، عن حبیب الخثعمی ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سمعته یقول : « إذا جلس الرجل للتشهد فحمد الله وأثنی علیه أجزأه ».

عنه ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر قال : قلت لأبی الحسن علیه السلام : جعلت فداک التشهد الذی فی الثانیة یجزئ أن أقوله فی الرابعة؟ قال : « نعم ».

فأمّا ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن منصور بن حازم ، عن بکر بن حبیب قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن التشهد ، فقال : « لو کان کما یقولون واجبا علی الناس هلکوا ، إنّما کان القوم یقولون أیسر ما یعلمون ، إذا حمدت الله أجزأک ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّ نفی الوجوب إنّما توجه إلی ما زاد

ص: 311


1- فی الاستبصار 1 : 341 / 1284 : تقول.
2- فی الاستبصار 1 : 341 / 1284 : من التشهّد فی الرکعتین.
3- فی الاستبصار 1 : 341 / 1285 : من.

علی الشهادتین ؛ لأنّ ذلک مستحب ولیس بواجب مثل الشهادتین.

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : التشهد فی الصلاة ، قال : « مرّتین » قال : قلت : کیف مرّتین؟ قال : « إذا استویت جالسا تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم تنصرف » قال : قلت : قول العبد : التحیات لله والصلوات الطیبات لله ، قال : ( هذا اللطف (1) من الدعاء ، یلطّف العبد ربه ».

السند

فی الأوّل : واضح بعد ما قدمناه فی محمّد بن قولویه (2).

والثانی : فیه الحجّال ، والمعروف به عبد الله بن محمّد الثقة ، غیر أنّ روایة محمّد بن یحیی العطار عنه فی الظن أنّها غیر معقولة ؛ لأنّ الحجال من أصحاب الرضا علیه السلام فی کتاب الشیخ (3) ، والراوی عنه فی الفهرست سعد بن عبد الله عن الحسن بن علی الکوفی عن الحجال (4) ، فکیف یروی عنه محمد بن یحیی؟! واللازم من تعمیر الحجال عدم اختصاصه بالرضا علیه السلام . ولا یبعد أن یکون الحجال غیر عبد الله بن محمّد ، وفی

بحث حول الحجّال

ص: 312


1- فی الاستبصار 1 : 342 / 1289 : هذا اللفظ.
2- راجع ج 1 : 114.
3- رجال الطوسی : 381 / 18.
4- الفهرست : 102 / 428.

التهذیب کما هنا (1) ، وذکر النجاشی أنّ الراوی عن ثعلبة بن میمون عبد الله بن محمد الحجال ( المزخرف (2) ، وهو یعیّن الاتحاد ، والخلل فی روایة محمّد بن یحیی عنه. وأمّا یحیی بن طلحة فلم أقف علیه فی الرجال ) (3). وسورة بن کلیب لا یزید علی الإهمال.

والثالث : فیه سعد بن بکر ، وهو مجهول الحال. وأمّا حبیب الخثعمی ففی الرجال بهذا العنوان فی الفهرست ، والراوی عنه ابن أبی عمیر (4) ، وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ حبیب الأحول الخثعمی (5) ، والرجلان مهملان. وفی النجاشی حبیب بن المعلل الخثعمی ثقة ثقة صحیح له کتاب رواه محمّد بن أبی عمیر (6). ولا یخفی أنّ اتحاده مع من فی الفهرست واضح. أمّا الأحول فغیر معلوم.

ثم إنّ الروایة هنا بواسطة بین ابن أبی عمیر وبین حبیب ، والأمر سهل.

وفی النجاشی أنّه روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن والرضا علیهم السلام ، والروایة کما تری عن أبی جعفر علیه السلام ، وهذا یقتضی روایته عن أربع من الأئمّة ، فلا یبعد أن یکون اقتصار النجاشی یوجب نوع ارتیاب فی الروایة هنا ، والشیخ فی رجال الصادق علیه السلام ذکر حبیب بن المعلل الخثعمی مهملا (7).

یحیی بن طلحة غیر مذکور فی الرجال

سورة بن کلیب مهمل

سعد بن بکر مجهول

بحث حول حبیب الخثعمی

ص: 313


1- التهذیب 2 : 101 / 375.
2- رجال النجاشی : 117 / 302.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م » وفی « رض » بنقیصة : عنه ، وأمّا یحیی.
4- الفهرست : 64 / 243.
5- رجال الطوسی : 185 / 344.
6- رجال النجاشی : 141 / 368.
7- رجال الطوسی : 172 / 116.

والرابع : واضح.

والخامس : فیه عثمان بن عیسی وبکر بن حبیب ، والأوّل تکرر القول فیه (1) ، والثانی مهمل فی الرجال (2).

والسادس : واضح الحال ؛ لما مضی فی علی بن الحکم من المقال (3).

المتن :

فی الأوّل : ظاهره الاکتفاء فی التشهد الأوّل بالشهادة المذکورة ، والتشهد الثانی لا بدّ فیه من الشهادتین ، والتعریف فیهما کأنّه للمعهود الذهنی ، ولو کان للخارجی أشکل بما لا یخفی.

ثم إنّ المعروف بین الأصحاب وجوب الشهادتین فی التشهدین (4) ، بل قال بعض الأصحاب : إنّه إجماعی فیما یظهر (5) ، وعلی هذا فالتأویل فی الخبر لا بدّ منه ، إمّا بما ذکره بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - من احتمال اکتفائه علیه السلام بما ذکر اعتمادا علی التلازم العادی (6) ، وإن کان فیه نوع تأمّل ؛ لأنّ ظاهر السؤال عما یجزئ فی التشهد ، والجواب کما تری یدل علی أنّ هذا المذکور یجزئ ، والتلازم العادی غیر معلوم ، وبتقدیره یشکل

بکر بن حبیب مهمل

بیان ما دل علی وجوب التشهد وکیفیته

ص: 314


1- راجع ج 1 : 71.
2- رجال الطوسی : 156 / 28 ، رجال ابن داود : 234 / 81 وفیه : بکر بن عبد الله بن حبیب.
3- راجع ج 1 : 249.
4- کما فی النهایة : 83 ، الشرائع 1 : 88 ، الروضة البهیة 1 : 276.
5- کما فی مجمع الفائدة 2 : 274.
6- البهائی فی الحبل المتین : 250.

اعتباره بل ینبغی التلازم الشرعی ، وأصالة عدم النقل لا وجه لها فی المقام ، ولو قیل : إنّ التلازم فی الشهادة بالرسالة للشهادة بالوحدانیة ، أمکن ، لکن الأمر بالعکس ، غیر أنّ التوجیه لا بدّ منه. وقد یحتمل أن یکون السائل عالما بالحال وإنّما السؤال عن کیفیة الشهادة بالوحدانیة ، وفیه الإشکال الأوّل لکن ربّما یقرب التوجیه.

وبالجملة : بعد عدم الخلاف لا بدّ من التوصل إلی التأویل وإن بعد ، وما عساه یظن من أنّ الشیخ قائل بمضمون الروایة حیث بدأ بها فی أوّل الباب ، وقد قرر فی أوّل الکتاب (1) ما یفید الاعتماد علی ما ینقله أوّلا ، فیه أوّلا : عدم الاطراد من الشیخ کما یعلم من ملاحظة الکتاب. وثانیا : إنّ فی الأخبار الأوّلة ما یفید اعتبار الشهادتین علی الإطلاق ( وهو الثانی ، إلاّ أن یقال : إنّ مفاد الثانی أدنی ما یجزئ فی التشهد ، وهو لا یخرج عن الإطلاق ) (2) والأوّل مقید ، وفیه : احتمال تقیید الأوّل بالنسبة إلی التشهد الأوّل بالخبر الثانی ، وعلی کل حال مرام الشیخ غیر ( معلوم لیحصل به تحقق الخلاف.

أمّا ما یقال فی الخبرین : من دلالتهما علی عدم وجوب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله ) (3) ففیه : أنّ الخبرین إنّما مورد السؤال فیهما عن التشهد ، والصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله خارجة عن حقیقته ، لأنّ التشهد تفعّل من الشهادة ، وهی الخبر القاطع.

وما یقال : من أنّ التشهد صار فی قوة العلمیة للمسموع من

ص: 315


1- راجع ج 1 : 24.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

الشهادتین والصلاة ، ففیه : أنّ الإطلاق بتقدیر کونه حقیقة یجوز الخروج عنها للدلیل إن ثبت ، وستسمعه (1).

ثم إنّ الثانی کما تری یدل علی أنّ الشهادتین مجزئة علی الإطلاق ، وفی الشهادة بالوحدانیة یمکن تقییده بما تضمّنه الأوّل ، أمّا الشهادة بالرسالة فیمکن بقاء الإطلاق فیها ، فیؤتی بها بأیّ وجه کان ، کما قرّره بعض الأصحاب فی کتب الفروع (2). ویمکن أن یقیّد بما رواه الشیخ فی التهذیب ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان قال : حدثنا عبد الله بن بکیر ، عن عبد الملک بن عمرو الأحول ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « التشهد فی الرکعتین الأوّلتین : الحمد لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، اللهم صلّ علی محمّد وآل محمّد ، وتقبّل شفاعته وارفع درجته » (3).

وهذا الحدیث وإن کان عبد الملک فیه لا یخلو من کلام فی صلاحیة حدیثه للاعتماد کما قدمناه عن قریب (4) ، إلاّ أنّه بالنسبة إلی الشیخ یمکن ما قلناه وإلی غیره ممّن یظن فی معنی الإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل أنّ ما بعده لا یضر بحال الصحة وإن ضعف یمکن أیضا بتقدیر الاعتماد علی الثانی ، وبدونه فالأوّل کاف فی الحکم المذکور ، لأنّ فیه إطلاقا (5) أیضا.

ص: 316


1- فی ص 333.
2- الشهید فی الذکری : 204.
3- التهذیب 2 : 92 / 344 ، الوسائل 6 : 393 أبواب التشهد ب 3 ح 1.
4- فی ص 304.
5- فی « رض » : إطلاقه.

والعجب من بعض محققی المعاصرین (1) - سلّمه الله - أنّه لم یذکر خبر عبد الملک فی الصحاح ولا فی غیرها ، بل ذکره فی مقام التأیید لغیره ، والحال ما قد سمعت ، علی أنّ الخبر الأوّل قد صرّح بأنّ الإطلاق فیه للمعروف من الشهادة ، وبتقدیر الاعتماد علی خبر عبد الملک یصیر التقیید به واضحا ، فتکون العهدیّة واضحة ، فلیتأمّل.

وما عساه یقال : إنّ عبد الملک موصوف بالأحول ، والذی اعتمد علی مدحه بل توثیقه فی کلام بعض (2) صریحا - وإن کان الظن أنّه موهوم ، لأنّه نقله عن الکشی ولیس فیه ما یقتضیه - لیس فیه وصف الأحول ، لإمکان الجواب بأنّ الشیخ ذکر فی رجال الصادق علیه السلام عبد الملک بن عمرو الأحول (3) ، والظاهر أنّه المذکور فی الکشی (4).

وعلی کل حال بعد وجود ابن بکیر عند القائل بما ذکرناه فی معنی الإجماع لا عذر لترک ذکره. وقد وصفه جدّی قدس سره بالصحة فی الروضة (5) ، والحال ما تری.

وما تضمنه الخبر المذکور من قوله : « التشهد » إلی آخره. یدل علی أنّ لفظ الحمد لله من التشهد ، کما أنّ الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله مع إله علیهم السلام منه ، وکذلک وتقبل شفاعته ، إلاّ أنّ الإجماع أخرج الحمد لله وتقبل شفاعته ، وحینئذ یتأیّد ما قلناه عن قریب : من أنّ التشهد یقال للصلاة علی محمّد وإله صلوات الله علیهم مع الشهادتین.

ص: 317


1- البهائی فی الحبل المتین : 250.
2- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 273.
3- رجال الطوسی : 266 / 714.
4- رجال الکشی 2 : 687 / 730.
5- الروضة البهیة 1 : 276 - 277.

هذا کلّه علی تقدیر العمل بالخبر ، وبدونه فإطلاق الأوّل یقتضی الإتیان بالشهادة بالرسالة کیف اتفقت ( بالضمیر أو الظاهر أو التوزیع علی ) (1) نحو ما قرره البعض (2).

وأمّا الثالث : فالذی یظن منه أنّ الحمد والثناء فیه محمول علی ما قبل التشهد ، ولو حمل علی ظاهره کان واضح المنافاة لما تقدم ، مع عدم معلومیة القائل به ، لکن الشیخ کما تری حیث لم یذکره فی المنافی ربما یستفاد منه القول به ، غیر أنّ الاعتماد علی الفتوی من الشیخ هنا محل تأمّل کما کررنا القول فیه.

والرابع : یدل ظاهرا علی أنّ التشهد فی الأوّل یجزئ فی الثانی ، ولمّا کان الخبر الأوّل بظاهره دالاّ علی الاکتفاء بالشهادة بالوحدانیة ، ربّما یدل هذا الخبر المبحوث عنه علی إجزائه فی الثانی ، والأوّل لمّا تضمن الشهادتین فی الثانی یمکن حمله علی الأفضل ، لکن الإجماع المظنون من البعض أو الشهرة یقتضی أن یحمل الأوّل علی معلومیة الشهادة بالرسالة فی کونها تابعة ، وحینئذ یفید هذا الخبر أنّ فی التشهد الأوّل الشهادتین ، لدلالة الخبر الأوّل علیهما ، وإن کان فی البین نوع إشکال من حیث إنّ الظاهر کون التشهد الأوّل غیر الثانی ، لکن عدم معلومیة القائل یسهل الخطب.

وربّما یستفاد من هذا الخبر أنّ الصلاة علی النبی وإله علیهم السلام فی الثانی کالأوّل ، لدلالة خبر عبد الملک علی أنّ فی الأوّل الصلاة ، ودلالة هذا علی المساواة ، وقد یشکل بأنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه خلاف ذلک ، بل

ص: 318


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : والظاهر أن التوزیع ، وفی « م » : أو الظاهر أو التوزیع.
2- انظر ص 316.

السؤال عن أقل المجزی ، ویجاب : بأنّ أقلّ المجزی یتحقّق بترک المستحبات ونحو ذلک.

وقد اتفق لبعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه ذکر الخبر المبحوث عنه فی المؤیّدات لوجوب الصلاة علی النبی وإله علیهم السلام ، ولم یذکر فی الصحاح ولا الحسان (1). وهو غریب ؛ فإنّ الخبر هنا صحیح بلا ارتیاب.

نعم فی التهذیب ذکر قبله روایة عن محمّد بن یعقوب ثم قال : وعنه (2). وهو یوهم الإرسال ، ومراعاة هذا الکتاب تزیل الارتیاب وتبیّن أنّ الضمیر فی التهذیب لأحمد ، وعلی کل حال فضمیمة خبر عبد الملک لهذا الخبر یدل علی أنّ فی الثانی وتقبّل شفاعته کما فیه الحمد لله فی أوّله. وما ورد فی الخبر الحسن (3) فی باب الأذان فی بیان صفة صلاة النبی صلی الله علیه و آله فی المعراج وأنّه قال فی أوّل التشهد : « بسم الله » إلی آخره (4). لا ینافی هذا کما هو واضح.

وما فی الفقیه من قوله : « بسم الله وبالله » إلی آخره. فی التشهد الأخیر والأوّل (5) ، لا یضر بالحال ، لکن ذکره فی الأخیر فیه تأیید للرجحان فیه. والحمد لله فی الأوّل حینئذ هو الأولی ، لما یقتضیه ظاهر خبر عبد الملک من کونه من التشهد ، کما أنّ وتقبل شفاعته کذلک ، غایة الأمر أنّ جواز

ص: 319


1- البهائی فی الحبل المتین : 250.
2- التهذیب 2 : 101 / 377.
3- فی « رض » زیادة : فی الکافی.
4- الکافی 3 : 482 / 1 ، علل الشرائع : 312 / 1 ، الوسائل 5 : 465 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.
5- الفقیه 1 : 209.

فی الثانی یستفاد من الخبر المبحوث عنه ، فلیتأمّل.

والخامس : فیما أظن أنّ المراد به دفع ما یقوله أهل الخلاف من التحیات قبل التشهد.

وقوله : « إنّما کان القوم » یراد بالقوم أصحاب النبی صلی الله علیه و آله .

وقوله : « إذا حمدت الله أجزأک » یؤیّد ما قلناه ، وکأنّه علیه السلام أراد بیان أقل ما یجزئ قبل التشهد علی وجه الاستحباب.

وقول الشیخ فی الحمل علی ما زاد علی الشهادتین لا یأبی ما قلناه ، وإن کان المتبادر منه ما بعد الشهادتین. والخبر المستدل به أوضح شاهد علی ما قلناه.

ثم إنّ الخبر المستدل به وهو السادس کما تری یحتمل بالنسبة إلی قوله : « مرّتین » أن یرید به التشهد فی الرباعیة والثلاثیة الأوّل والثانی. ویحتمل أن یراد بالمرّتین : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله. وربّما یرجّح هذا أنّ ظاهر الحدیث الانصراف بعد ما ذکره ، ولا یتم إلاّ فی الثنائیة ، وقد یستفاد منه أنّ التشهد إذا کان هذا فما دل علی التشهدین یحمل علی المذکور.

وربّما یقال : إنّ قوله فی الخبر : « ثم تنصرف » یراد به الانصراف من التشهد ، کما یلزم القائل بوجوب التسلیم من تأویله بهذا.

والخبر غیر خفی الصحة بعد ما کرّرنا القول فیه من أنّ علی بن الحکم هو الثقة بقرینة روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه (1).

ولا یخفی أنّ دلالته علی عدم وجوب الصلاة علی النبی وإله علیهم السلام

توجیه ما دلّ علی کفایة الحمد فی التشهد

ص: 320


1- راجع ج 1 : 249.

ظاهرة لو لا ما قلناه من الاحتمال ، کدلالته علی عدم وجوب التسلیم.

وما تضمنه من ذکر التحیات علی تقدیر حمله علی الثنائیة یدل علی جواز التلفظ بها فی الأخیر ، وقد نقل إجماع (1) الأصحاب علی أنّه لا تحیات فی التشهد الأوّل (2) ، ولو حمل الخبر علی الانصراف من التشهد أمکن عود السؤال عن التحیات فی التشهد الأوّل.

قیل : التحیات یراد بها العظمة والملک (3) ، وقیل : التحیة ما یحیی به من سلام وثناء ونحوهما (4).

( وقال بعض محقّقی العامة فی شرح الحدیث : إنّ التحیات جمع تحیة وهو الملک ، وقیل : السلام ، وقیل : العظمة ، وقیل : البقاء (5). فإذا حمل علی السلام فیکون التقدیر التحیات التی یعظمها الملوک مستحقة لله. وإذا حمل علی البقاء فلا شک فی اختصاصه به. وکذلک العظمة یراد بها الکاملة. وأمّا الصلوات فیحتمل أن یراد بها الصلاة المعهودة ، والتقدیر أنّها واجبة لله ، ویحتمل أن یراد بها الرحمة ، ویکون معنی کونها لله أنّه المعطی لها.

وأمّا الطیبات فالمراد بها الخالصات عن صفات النقص ) (6).

بقی فی الحدیث شی ء وهو أنّ قوله : « فإذا استویت جالسا » إلی آخره. قد یستفاد منه وجوب الطمأنینة فی التشهد کما ذکره الأصحاب (7) ،

معنی التحیّات والطیّبات

دلالة روایة محمد بن مسلم علی وجوب الطمأنینة فی التشهد

ص: 321


1- فی « م » : الإجماع.
2- کما فی الذکری : 204.
3- انظر مغنی المحتاج 1 : 175.
4- کما فی الحبل المتین : 250.
5- انظر إرشاد الساری للقسطلانی 2 : 129 ، فتح الباری لابن حجر 2 : 249.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».
7- منهم المحقق فی المختصر النافع : 32 ، العلاّمة فی القواعد 1 : 35 ، الشهید الثانی فی روض الجنان : 278.

واحتمال أن یقال : إنّ الطمأنینة أمر زائد علی الجلوس یمکن أن یدفع بقوله : « استویت » فلیتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین (1) ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بکیر ، عن عبید بن زرارة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یحدث بعد ما یرفع رأسه من السجدة الأخیرة ، قال : « تمّت صلاته ، وإنّما التشهد سنّة فی الصلاة ، فیتوضّأ ویجلس مکانه أو مکانا نظیفا فیتشهد ».

فالوجه فی هذه الروایة أن نحملها علی من أحدث بعد الشهادتین وإن لم یستوف باقی التشهد (2) فإنّه یتمّ صلاته ، ولو کان الحدث قبل ذلک لکان یجب علیه الإعادة من أولها علی ما بیّنّاه. وأمّا قوله : « وإنّما التشهد سنّة » (3) معناه ما زاد علی الشهادتین علی ما بیّنّاه ، ویکون ما أمره به من إعادته بعد الوضوء محمولا علی الاستحباب.

فأمّا ما رواه سعد ، عن أبی جعفر ، عن أبیه و (4) محمّد بن عیسی والحسین بن سعید ومحمّد بن أبی عمیر ، عن عمر بن أذینة ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام : فی الرجل یحدث بعد أن یرفع رأسه من السجدة الأخیرة وقبل أن یتشهد ، قال : « ینصرف فیتوضّأ فإن شاء

ص: 322


1- فی الاستبصار 1 : 342 / 1290 : الحسن ، والصحیح ما فی النسخ - راجع معجم رجال الحدیث 15 : 276.
2- فی الاستبصار 1 : 342 : الشهادة.
3- فی الاستبصار 1 : 343 زیادة : فی الصلاة.
4- فی الاستبصار 1 : 343 / 1291 : عن.

رجع إلی المسجد ، وإن شاء ففی بیته ، وإن شاء حیث شاء قعد فیتشهد ثم یسلّم ، وإن کان الحدث بعد الشهادتین فقد مضت صلاته ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی من دخل فی الصلاة بتیمم ثم أحدث ساهیا قبل الشهادتین فإنّه یتوضّأ إذا کان قد وجد الماء ویتم الصلاة بالشهادتین ولیس علیه إعادتها ، کما له إتمامها لو أحدث قبل ذلک علی ما بیناه فیما مضی. ویمکن أیضا أن یکون قوله : « قبل أن یتشهد » إنّما أراد به استیفاء التشهد المسنون دون أن یکون المراد به الشهادتین علی ما قلناه فی الخبر الأوّل.

السند

فی الأوّل : فیه عبد الله بن بکیر ، وقد مضی القول فیه مرارا من أنّه معدود من الموثق خبره ، مع الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه (1).

والثانی : فیه محمّد بن عیسی الأشعری ، وتقدّم أیضا القول من أنّی لم أقف علی ما یقتضی توثیقه صریحا ، ومدحه فی الجملة ممکن (2).

أمّا ما تضمنه من قوله : ومحمّد بن عیسی علی النسخة التی نقلت منها فهو محمّد بن عیسی الیقطینی علی الظاهر ، وفی نسخة : عن محمّد بن عیسی وهو کذلک ، وربّما یرجّح الأوّل أنّ الراوی عن محمّد بن عیسی الیقطینی الحمیری ونحوه ، فالروایة عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن أبیه عنه بعیدة ؛ لاقتضائها واسطتین بین الحمیری ومحمّد بن عیسی وهما

إشارة إلی حال عبدالله بن بکیر

إشارة إلی حال محمد بن عیسی الأشعری

بحث حول الراوی عن محمد بن عیسی الیقطینی

ص: 323


1- راجع ج 1 : 125.
2- راجع ج 1 : 207. وصرّح بتوثیقه الشهید الثانی فی المسالک 2 : 2. وروی عنه ابن قولویه فی کامل الزیارات : 144 ، ب 57 ح 3 ، وهو توثیق عام له.

أحمد وأبوه ، وأمّا علی الثانی فواحدة ، والذی فی التهذیب عن أبیه محمّد ابن عیسی فی نسخة ، وفی أخری کما هنا (1) ، والاعتبار یشهد بصحة الاولی ، وهی فی نسخة علیها المعوّل.

ومحمّد بن أبی عمیر ( هذا یکون معطوفا علی أبیه ، وروایة أحمد بن محمّد بن عیسی عن ابن أبی عمیر کثیرة ، کروایة الحسین بن سعید عن ابن أبی عمیر ) (2) أمّا علی النسخ الأخر فاحتمال العطف علی محمّد بن عیسی الیقطینی قائم ، فیکون محمّد بن عیسی الأشعری راویا عن ابن أبی عمیر. وعلی تقدیر « عن » فیحتمل العطف علی محمّد بن عیسی ویکون الأب راویا عن ابن أبی عمیر ، ویحتمل العطف علی الأب فیکون أحمد هو الراوی عن ابن أبی عمیر. والحسین بن سعید کابن أبی عمیر ، فلیتدبّر.

المتن :

ینبغی أن یعلم قبل الکلام فیه أنّ العلاّمة فی المنتهی قال : وهو - أی التشهد - واجب فی کل ثنائیة مرّة وفی الثلاثیة والرباعیة مرّتین ، وهو مذهب أهل البیت علیهم السلام (3). وهذا کما تری یدل علی الإجماع فی المسألة ، وحینئذ لا بدّ من تأویل الأخبار المنافیة لذلک ، والأوّل منها ، وتوجیه الشیخ وإن بعد لکن لا بدّ من تحمّل بعده للضرورة.

وقول الشیخ : بعد الشهادتین ، یعطی عدم وجوب الصلاة علی النبی

توجیه ما دل علی عدم وجوب التشهد والتسلیم

ص: 324


1- التهذیب 2 : 318 / 1301.
2- ما بین القوسین لیس فی « م ».
3- المنتهی 1 : 292.

وآله علیهم السلام ، أو عدم قطع الصلاة بالحدث قبلها ، وسیأتی منه ما یدل علی وجوب الصلاة (1) ، أمّا ما یدل علی الصحة مع وجوبها فلم یتقدم ما یدل علیه سوی هذا الخبر ، ( وغیر خفی أنّ ما قاله من الحمل علی الاستحباب فی الإعادة مع وجوب الصلاة مشکل ، کما أنّ صحّة الصلاة من الخبر ) (2) کذلک ، مضافا إلی عدم معلومیة القائل بهذا غیر الشیخ.

وقوله : یجب علیه الإعادة من أوّلها علی ما بیناه ، غیر معلوم المراد من البیان ، إلاّ من حیث ذکر ما دلّ علی وجوب التشهد المستلزم لإبطال الصلاة لو وقع الحدث فی الأثناء ، وهذا یأتی فی الصلاة مع وجوبها ، فلیتأمّل.

والثانی : ما ذکره الشیخ فی توجیهه فی أعلی مراتب البعد فی (3) الوجه الأوّل ، وأمّا الثانی فعجز الحدیث ینافیه کما هو واضح. ولعلّ الأولی ردّ الخبر بالإجماع إن تمّ ، والله تعالی أعلم.

ولا یخفی أنّ فی الخبر دلالة علی عدم وجوب التسلیم والصلاة علی النبی وإله علیهم السلام ، أمّا احتمال وجوب التسلیم وکونه خارجا عن الصلاة ، ففیه مشارکة الصلاة له ولا قائل فیها بما قیل فی التسلیم.

والعجب من بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه ذکر فی حجة القائلین باستحباب التسلیم خبر زرارة المتضمن لأنّ من یحدث قبل أن یسلّم تمّت صلاته ، وأجاب عنه بأنّه إنّما یدل علی أنّ التسلیم لیس جزءا من الصلاة وهو لا یستلزم المطلوب ، فإنّ کونه واجبا خارجا عنها کما ذکره

ص: 325


1- انظر ص 327.
2- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
3- بدله فی « فض » : بالنسبة إلی.

بعضهم محتمل (1). وأنت خبیر بأنّ الاحتمال المذکور فی الخبر المبحوث عنه غیر وارد بعد ما قلناه من حکم الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله مع إله.

وما عساه یقال : إنّ الخبر المذکور غیر معلوم الصحة لما تقدم فی سنده یدفعه التأمّل فی السند ، فإنّ الصحة لازمة له بغیر ارتیاب علی الممارس.

نعم غایة ما یلزم منه مخالفة الإجماع من جهة الصلاة حیث إنّ مقتضاه (2) الصحة مع الحدث قبلها ، وعلی تقدیر الوجوب - کما هو مشهور بل مدّعی علیه الإجماع کما سیأتی (3) - فالصحة مع تخلل الحدث غیر معلوم القائل بها ، بل الإجماع یدّعی (4) علی بطلان الصلاة بتخلل الحدث ، ( إلاّ فی صورة التیمم علی ما قاله الشیخ وإن کان الخلاف موجودا فی غیره ، کما نبّهنا علیه فی محل آخر وسیأتی إن شاء الله تعالی (5) ، وعلی کل حال ) (6) فیمکن ردّ الخبر بهذا الوجه ، أو قبول تأویل الشیخ ، وفیه اعتراف بعدم وجوب الصلاة والتسلیم علی الوجه الثانی ، والوجه الأوّل بعید لکن لا بأس بالالتزام به ؛ لأنّه أولی من الطرح ، غیر أنّ هذا الوجه لا یفرق فیه بین الأمرین المذکورین فیه من قبلیة التشهد وبعدیة الشهادتین ، ومن ثم قلنا : إنّه فی أعلی مراتب البعد.

وما عساه یقال : إنّه ینبغی نفیه بالکلیة ، یمکن تکلف التوجیه بإرادة

ص: 326


1- البهائی فی الحبل المتین : 257.
2- فی « م » و « رض » : معناه.
3- انظر ص 342.
4- فی « فض » : یدل.
5- انظر ص 342.
6- ما بین القوسین من « رض ».

الشهادتین وما یتبعهما من الصلاة ، فینبغی عدم الغفلة عن تحقیق المقام فإنّه حری بالتأمّل التام.

قوله :

باب وجوب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله فی التشهد

ابن أبی عمیر ، عن أبی بصیر ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من تمام الصوم إعطاء الزکاة ، کالصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله من تمام الصلاة ، ومن صام ولم یؤدّها فلا صوم له إذا ترکها متعمدا ، ومن صلّی ولم یصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله وترک ذلک متعمدا فلا صلاة له ، إنّ الله بدأ بها قبل الصلاة فقال ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَکّی. وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّی ) (1) ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن علی بن خالد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن نسی الرجل التشهد فی الصلاة فذکر أنّه قال بسم الله فقط فقد جازت صلاته ، وإن لم یذکر شیئا من التشهد أعاد الصلاة ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه إذا ذکر أنّه قال بسم الله فقد تمّت صلاته ویتم الشهادتین علی جهة القضاء ولا یعید الصلاة ، وإذا لم یذکر شیئا أصلا أعاد الصلاة إذا (2) ترکه متعمدا ، ولیس فی الخبر أنّه إذا لم یذکر ناسیا أو متعمدا ، ولو کان ترکه ساهیا ثم ذکر کان علیه

وجوب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله فی التشهد

اشارة

ص: 327


1- الأعلی : 14 - 15.
2- فی الاستبصار 1 : 344 زیادة : کان.

قضاء التشهد علی ما بیّنّاه.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی عمیر ، عن سعد بن بکر ، عن حبیب الخثعمی ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال سمعته یقول : « إذا جلس الرجل للتشهد فحمد الله أجزأه ».

فالوجه فی هذا الخبر التقیة لأنّه مذهب کثیر من العامّة ، ونحن قد بیّنّا وجوب الشهادتین والصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله .

السند

فی الأوّل : فیه أبو بصیر ، والطریق إلی ابن أبی عمیر فی المشیخة فیه من لم یعلم توثیقه ، وفی الفهرست قال الشیخ فی ترجمته : أخبرنی بجمیع کتبه وروایاته جماعة ، عن محمّد بن علی بن الحسین ، عن أبیه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله والحمیری ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن محمد بن أبی عمیر ، وأخبرنا ابن أبی جید (1) عن ابن الولید ، عن الصفّار ، عن یعقوب بن یزید ومحمّد بن الحسین وأیوب بن نوح وإبراهیم بن هاشم ومحمّد بن عیسی بن عبید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، وأخبرنا بالنوادر خاصة جماعة ، عن أبی المفضل ، عن حمید ، عن عبد (2) الله بن أحمد بن نهیک ، عن ابن أبی عمیر ، وأخبرنا بها جماعة ، عن أبی [ القاسم ] (3) إلی آخره (4).

بحث حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر

ص: 328


1- فی « رض » و « م » : جنید ، والصواب ما أثبتناه من « فض ».
2- فی المصدر : عبید ، والظاهر اتحاد عبد الله مع عبید الله - راجع معجم رجال الحدیث 11 : 65.
3- بدل ما بین القوسین فی النسخ : المفضّل ، والصحیح ما أثبتناه من المصدر.
4- الفهرست : 142.

وربّما یظن استفادة طریق معتبر من المذکور یفید اعتبار الخبر إلی ابن أبی عمیر.

ثمّ الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه یفید القبول ، وفیه نظر ، أمّا أوّلا : فلأنّ کون المذکور هنا من جملة روایاته موقوف علی صحة الطریق إلیه ، وهو أصل المدّعی ، اللهم إلاّ أن یقال : إنّ نقل الشیخ الخبر عنه یعلم منه أنّه من روایاته ، وضعف الطریق لا یضر بالحال ، وفیه نوع تأمّل إلاّ أنّه قابل للتوجیه.

وأمّا ثانیا : فلأنّ الطرق المذکورة إن کانت بجمیع الکتب والروایات فالجزم بأنّ کل واحد منها بجمیع الکتب والروایات غیر معلوم لاحتمال التوزیع ، ومعه یشکل صحة البعض الموجب لعدم الفائدة ، مضافا إلی طریق النوادر إن کان المراد به خاصة مع دخوله فی الجمیع المذکور أوّلا أمکن التوجیه مع توجه ما سبق ، وإن کان غیر داخل فی الأوّل فاحتمال کون الروایة من النوادر ممکن ( فلیتأمّل ) (1).

فإن قلت : ما وجه الجهالة فی الطریق إلی ابن أبی عمیر؟

قلت : فیه جعفر بن محمّد العلوی ، وقد ذکره الشیخ فی من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه مهملا (2) ، لکن النجاشی فی ترجمة محمّد بن جعفر المذکور قال : وکان أبوه وجها (3). ولا یبعد أن یکون العلاّمة من هذا عدّه فی القسم الأوّل (4). وغیر خفی أنّ هذا لا یفید التوثیق ، بل المدح علی

ص: 329


1- ما بین القوسین زیادة فی « فض ».
2- رجال الطوسی : 460 / 19.
3- رجال النجاشی : 373 / 1020.
4- خلاصة العلاّمة : 33 / 25.

ما قیل فی ألفاظه ، وإن کان فیه ما فیه ، ولعل العلاّمة یعمل بالحسن.

والعجب من شیخنا المحقق - أیّده الله - أنّه لم یذکر ما حکیناه فی کتاب الرجال (1) ، هذا.

وفی الفقیه روی بطریقه الصحیح ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن أبی بصیر وزرارة قال : قال أبو عبد الله وذکر الروایة مع نوع مغایرة تأتی فی المتن (2) ، وغیر خفی أنّ الروایة هنا محتملة للوهم فی وضع « عن » موضع الواو ؛ إذ ذلک کثیر فی کتاب الشیخ بخطه رحمه الله فی النسخة التی عندنا للتهذیب ثم إنّه یصلحها بعد ذلک.

ولا یبعد روایة أبی بصیر تارة مع زرارة وتارة عنه ، إلاّ أنّ الاحتمال الأوّل له ظهور فی الظن.

والثانی : فیه علی بن خالد ، وفی إرشاد المفید ما یقتضی أنّ علی بن خالد کان زیدیا رجع لما شاهد من کرامات أبی جعفر الثانی علیه السلام (3) ، وإرادته هنا بعیدة من جهة الروایة من محمّد بن علی بن محبوب عنه ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع ، حیث إنّ الرجوع کان من کرامات أبی جعفر علیه السلام ویجوز التعمیر إلی لقاء ابن محبوب ، وعلی کل حال لا یفید الحدیث ( الوصف بالموثق ) (4).

والثالث : مضی عن قریب (5).

بحث حول علی بن خالد

ص: 330


1- منهج المقال : 85 و 289.
2- الفقیه 2 : 119 / 515.
3- إرشاد المفید 2 : 289 - 291.
4- ما بین القوسین لیس فی « م ».
5- راجع ص 313.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی أنّ الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله من تمام الصلاة ، وغیر خفی أنّ المدّعی وجوب الصلاة فی التشهد ، إلاّ أن یقال : إنّ الخبر إذا دل علی الوجوب فلا قائل به فی غیر التشهد ، وفیه : أنّ الظاهر من العنوان الوجوب فی التشهدین ، والإجماع منقول علی وجوبها فیهما (1).

وما قاله بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - من أنّ الخبر غایة مدلوله مذهب ابن الجنید من وجوبها فی أحد التشهدین ولا دلالة فیه علی وجوبها فی التشهدین معا (2). ففی نظری القاصر أنّ قول ابن الجنید لا صراحة فی الروایة للدلالة علیه ؛ لأنّ المنقول عنه فیما حکاه القائل - سلمه الله - إجزاء الشهادتین إذا لم تخل الصلاة من الصلاة علی محمّد وآل محمّد فی أحد التشهدین ( وهذه العبارة محتملة لأن یکون قوله فی أحد الشهادتین ) (3) متعلّقا بقوله : تجزئ الشهادتان ، والمعنی أنّ الشهادتین مجزئتان فی أحد التشهدین إذا لم تخل الصلاة من الصلاة علی محمّد وإله فی أیّ جزء من أجزائها ، والمفهوم أنّها إذا خلت من الصلاة لا تجزئ الشهادتان فی أحد التشهدین بل لا بدّ معهما من الصلاة فیهما أو فی معیّن منهما.

( ویحتمل أن یراد إجزاء الشهادتین إذا لم تخل الصلاة من الصلاة فی

بیان ما دلّ علی وجوب الصلاة علی النبی وآله فی الصلاة وتوجیه ما یعارضه

ص: 331


1- کما فی المعتبر 2 : 226 ، المنتهی 1 : 293 ، مجمع الفائدة 2 : 276 ، الحبل المتین : 250.
2- البهائی فی الحبل المتین : 250.
3- ما بین القوسین لیس فی « م » و « رض ».

أحد التشهدین فیکون متعلقا ب : تخل ، ) (1) لکن هذا یبعّده أنّ العبارة تفید نوع قصور بل تهافت کما یعرف بالتأمّل الصادق فیها. ( وقد ذکرت فی فوائد التهذیب احتمال أن یکون مراده أنّ خلوّ أخبار الصلاة من الصلاة یقتضی وجوب الصلاة فی التشهدین ، فلیتأمّل ) (2).

وإذا عرفت هذا فالخبر لا یبقی دالاّ علی مراد ابن الجنید. والإجماع الذی أشرنا إلیه لا یضره عدم ذکر الصلاة فی رسالة علی ابن بابویه.

نعم فی الروایة إشکال فی الاستدلال بها علی الوجوب ، من حیث إنّ الفطرة لا تؤثّر فی صحة الصوم بل تؤثّر فی کماله بنوع تقریب ، فینبغی أن یکون الحال مثلها فی الصلاة ، إلاّ أن یقال : إنّ الظاهر من الخبر عدم صحة الأمرین فإذا خرج الصوم بالإجماع بقی الفرد الآخر. هذا والمتن کما تری لا یخلو من إجمال.

وفی الفقیه « إنّ (3) الله بدأ بها قبل الصوم » (4) وعلی کل حال الإجمال باق ، ولعلّ المراد علی ما هنا : إنّ الله بدأ بذکر الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله قبل وجوب الصلاة ، لما رواه فی الکافی فی باب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله بطریق غیر سلیم فی تفسیر الآیة أنّ المراد کلما ذکر اسم ربّه صلّی علی محمّد وإله (5). وعلی ما فی الفقیه یحتمل ضمیر بها العود إلی الفطرة ، بل وهنا

ص: 332


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- ما بین القوسین زیادة من « م ».
3- فی « م » و « فض » : لأن.
4- الفقیه 2 : 119 / 515 ، إلاّ أن فیه : الصلاة بدل الصوم ، الوسائل 9 : 318 أبواب زکاة الفطرة ب 1 ح 5.
5- الکافی 2 : 494 / 18.

یحتمل ذلک ، ویراد بالصلاة صلاة العید کما فی بعض الأخبار (1) ، وحینئذ یکون مفاد الخبر الحث علی الفطرة ، فلیتدبّر.

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فی توجیهه من الغرابة بمکان ؛ لأنّ نسیان التشهد إذا أوجب القضاء فالفرق بین ذکر بسم الله وعدمه غیر واضح الوجه ، والروایة کما تحتمل ما ذکره تحتمل أن یراد أنّه إذا ذکر بسم الله ونسی أنّه تشهد ، علی معنی أنّه لم یحفظ التشهد لکن ذکر مبدأه وهو بسم الله ، فالظاهر أنّه أتی به.

وما عساه یقال : إنّ الظاهر لا فرق فیه بین ذکره بسم الله وعدمه بل الجلوس إذا وقع یفید الظاهر ، علی أنّ المتبادر من النسیان عدم التشهد لا عدم ذکر أنّه تشهد.

یمکن الجواب عنه بأنّ ما ذکرناه تأویل لا بدّ فیه من العدول عن الظاهر.

ثم قول الشیخ : إذا ترکه متعمدا ، غیر خفی أنّه لا وجه له ؛ لأنّ الترک عمدا مبطل سواء ذکر شیئا أو لم یذکر فیما هو المعروف ، اللهم إلاّ أن یقال : إنّه مذهب الشیخ بسبب الروایة ، وفیه : أنّه إذا عمل بالروایة یحملها علی ظاهرها من الاکتفاء بما ذکر فیها. وربّما کان فی الروایة نوع إشعار بما احتملناه فی قوله : « وإن لم یذکر شیئا من التشهد ». وبالجملة فالتأویل من الشیخ یوجب نوع تعجب.

ولا یخفی أنّ ما تقدم من الأخبار فیه ما یوجب المعارضة لوجوب الصلاة ( أظهر ممّا ذکره ) (2) هنا کما نبهنا علیه سابقا.

ص: 333


1- انظر الکشاف للزمخشری 4 : 740 ، التفسیر الکبیر للرازی 31 : 148.
2- فی « رض » : أظهرها ما ذکره.

وأمّا الثالث : فما ذکرناه فیه فیما مضی (1) یغنی عن الإعادة ، وما ذکره الشیخ من الحمل علی التقیّة ینبغی أن یذکر فی الأوّل. أمّا قوله : ونحن قد بینا وجوب الشهادتین ، إلی آخره. ففیه : أنّ ما مضی لا یفیده ، ولعل الإجماع إن تم بعد الصدوق وأبیه فهو الحجة إن لم یعمل بالحسن ، وإن عمل به فالخبر المذکور فی الکافی فی باب الأذان المتضمن للمعراج یقتضی أمره علیه السلام بالصلاة علی نفسه وأهل بیته بعد التشهد (2). [ و ] (3) یدل علی الوجوب بناء علی أنّ الأمر حقیقة فیه.

أمّا ما قد یقال من أنّ ما دلّ علی الصلاة علی النبیّ صلی الله علیه و آله کلما ذکر یدل علی وجوب الصلاة فی التشهدین ، ففیه نظر واضح ؛ لأنّ الکلام فی وجوب الصلاة من حیث کونها جزءا من الصلاة ، وأین هذا من ذاک.

وینقل عن المنتهی أنّ فیه : وتجب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله عقیب الشهادتین ، ذهب إلیه علماؤنا أجمع فی التشهد الأوّل والثانی (4). وادّعی أیضا إجماع علمائنا علی وجوب الصلاة علی الآل علیهم السلام (5). وقد مضی القول فی هذا مع عبارة البعض الدالة علی الخلاف (6).

وینبغی أن یعلم أنّ الشیخ فی التهذیب ذکر خبرا عن أبی بصیر یتضمن تشهدا طویلا لا فائدة فی ذکره بعد معرفة طریقه ، غیر أنّ فیه شیئا لا بأس بالتنبیه علیه ، وهو أنّه قیل فیه : اللهم صلّ علی محمّد وآل محمّد

ص: 334


1- راجع ص 320.
2- الکافی 3 : 482 / 1 ؛ الوسائل 5 : 465 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.
3- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المتن.
4- المنتهی 1 : 293 ، ونقله عنه فی مجمع الفائدة 2 : 276.
5- انظر المنتهی 1 : 293 ، مجمع الفائدة 2 : 276.
6- فی ص 331.

- إلی قوله - کما صلّیت وبارکت وسلمت وترحمت علی إبراهیم وآل إبراهیم (1). وقد ذکر بعض الأصحاب فیه إشکالا من حیث إنّ المتعارف کون المشبّه به أقوی وأشد والحال بالعکس (2) ، وهذا ذکره بعض أهل الخلاف فی شرح مسلم ، وأجاب عنه بأجوبة سهلة (3). وبعض الأصحاب نقل شیئا منها (4). وفی الحبل المتین أیضا نقل البعض (5). ویخطر فی البال أنّ المشبه به الصلاة الواقعة والمشبه الصلاة المطلوبة ، ولا ریب أنّ الواقعة أکمل من المطلوبة قبل وقوعها ، نعم بعد وقوعها هی أفضل ، هذا علی تقدیر تسلیم کون المشبّه به أقوی دائما ، ولو دفع بأنّه أغلبی فالجواب سهل.

قوله :

باب قضاء القنوت.

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن جمیل بن دراج ، عن محمد بن مسلم وزرارة بن أعین قالا : سألنا أبا جعفر علیه السلام عن الرجل ینسی القنوت حتی یرکع ، قال : « یقنت بعد الرکوع ، فإن لم یذکر فلا شی ء علیه ».

وعنه ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القنوت ینساه الرجل ، فقال : « یقنت

کلمة حول تشبیه الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله بالصلاة علی إبراهیم علیه السلام

قضاء القنوت

اشارة

ص: 335


1- التهذیب 2 : 99 / 373.
2- کما فی الحبل المتین : 250.
3- انظر حاشیة إرشاد الساری 3 : 40 - 45.
4- کما فی روض الجنان : 279.
5- الحبل المتین : 249.

بعد ما یرکع ، فإن لم یذکر حتی ینصرف فلا شی ء علیه ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبید بن زرارة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یذکر (1) أنّه لم یقنت حتی یرکع قال : فقال : « یقنت إذا رفع رأسه ».

عنه ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب ، عن أبی بصیر قال : سمعت یذکر عند أبی عبد الله علیه السلام قال فی الرجل إذا سها فی القنوت : « قنت بعد ما ینصرف وهو جالس ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن سهل ، عن أبیه قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل نسی القنوت فی المکتوبة ، قال : « لا إعادة علیه ».

[ و ] (2) ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن معاویة بن عمار قال : سألته عن الرجل ینسی القنوت حتی یرکع ، أیقنت؟ قال : « لا ».

فإنّه یجوز أن یکون المعنی فی هذین الخبرین أنّه لا یجب علیه القضاء وإنّما هو مستحب ؛ لأنّ الابتداء به مستحب فکیف قضاؤه ، ویجوز أن یکون المراد : لا یقضی إذا کان الحال حال تقیة ، یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن أحمد بن محمّد ، عنه قال : قال لی أبو جعفر علیه السلام فی القنوت فی الفجر : « إن شئت فاقنت ، وإن شئت فلا تقنت » وقال هو : إذا کانت تقیة فلا تقنت وأنا أتقلّد هذا ».

ص: 336


1- فی الاستبصار 1 : 344 / 1297 : ذکر.
2- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ والمصدر : فأمّا ، والظاهر ما أثبتناه.

السند :

فی الأوّل : واضح ، کالثانی.

والثالث : موثق.

والرابع : فیه أبو بصیر.

والخامس : فیه محمّد بن سهل ، وهو مهمل فی الرجال (1) ، وأبوه ثقة (2).

والسادس : واضح.

والسابع : مضی ، والإضمار فیه دلیل واضح علی أنّ لا قدح به فی أخبارنا ، لما أشرنا إلیه سابقا من عادة المتقدمین فی الأصول. والخبر فیما مضی عن أحمد بن محمّد عن أبی الحسن الرضا علیه السلام فالضمیر له علیه السلام ، ولفظ « لی » زائد کما لا یخفی (3) ، لکنه فی النسخة التی نقلت منها ، وفیما مضی : قال أبو الحسن : وإذا کانت. ، وهنا کما تری : وقال هو ، یعنی أبا الحسن المضمر أوّلا.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی القضاء بعد الرکوع ، لکن بعدیّة الرکوع تتناول حال الرکوع وبعد الرفع منه قبل الهوی للسجود وبعده وبعد

محمد بن سهل مهمل وأبوه ثقة

ص: 337


1- انظر رجال الطوسی : 289 / 147.
2- انظر رجال النجاشی : 186 / 494.
3- فی « فض » زیادة : هذا علی الاحتمال ظاهر ، وقد یحتمل أن یعود الضمیر لأحمد بن محمّد ، والحاکی عنه الحسین بن سعید ، وفیه بعد غیر خفی. وهذه الزیادة فی « رض » بعد قوله الآتی : یعنی أبا الحسن المضمر أوّلا.

السجود ، إلاّ أن یدّعی تبادر حال القیام من الرکوع قبل الهوی للسجود. وقوله : « فإن لم یذکر » إلی آخره. کان الظاهر منه أنّ القضاء إنّما هو مع الذکر بعد الرکوع ، فلو لم یذکر بعده لا قضاء علیه ، وربّما یؤیّده أنّ ما بعد الرکوع لو تناول جمیع الحالات السابقة لم یبق فائدة لقوله : « لا شی ء علیه ».

أمّا احتمال أن یراد لا شی ء علیه من القضاء مع عدم ذکر النسیان ، ففیه : أنّه قلیل الفائدة کما لا یخفی ، إلاّ أن یقال : الفائدة عدم رجحان القضاء لا نفی القضاء رأسا ؛ لدلالة بعض الأخبار الآتیة علی القضاء بعد الصلاة ، وفیه : أنّ عدم الذکر إذا أخذ بالإطلاق یبقی منافیا لما یأتی.

وأمّا الثانی : فقد انتصر به بعض محققی الأصحاب للقول بوجوب القنوت قائلا : إنّ قوله علیه السلام : « وإن لم یذکر حتی ینصرف فلا شی ء علیه » أی لا إثم علیه ، یعطی بمفهومه الشرطی أنّه لو ذکر ولم یلتفت کان علیه إثم ، وهو نص فی الوجوب (1).

وقد یقال : إنّ مفاد الخبر إذا لم یذکر (2) بعد انصرافه لا قنوت علیه حیث ذکر أولا القنوت ، وحینئذ فحاصل الخبر أنّه إذا ذکر بعد الرکوع قضاه وإن لم یذکر بعده فلا قضاء علیه. ویراد بالانصراف الانصراف عن محل القضاء. أمّا الإثم فلا دلالة فی المقام علیه. ولو لم یترجح ما قلناه فهو احتمال کاف فی نفی النصوصیة علی أنّ المفهوم إن ذکر فعلیه شی ء ، أمّا أنّ التقدیر إن ذکر ولم یقنت فعلیه شی ء فلا دلیل علیه ؛ لعدم ذکر القنوت فی الشرط ، والتقدیر من خارج ینافی النصوصیة. ولو أرید بالانصراف الفراغ

بیان ما دل علی أنّ ناسی القنوت یقضیه بعد الرکوع أو بعد الصلاة وتوجیه ما یعارضه

ص: 338


1- انظر الحبل المتین : 237.
2- فی « رض » : یکن.

من الصلاة نافی ما ذکره الأصحاب ، أمّا منافاته الأوّل فیمکن توجیهها (1).

والثالث : صریح فی أنّ القنوت قضاء بعد الرفع فیحمل الأوّلان علیه بنوع تقریب.

والرابع : کما تری یدل علی القضاء بعد الانصراف ، ویحتمل حمل الثانی علیه ، لکن الانصراف محتمل للفراغ من الصلاة والانصراف من حال القیام بعد الرکوع إذا جلس للسجود ، وفیه ما فیه.

والخامس : یمکن حمله علی عدم إعادة الصلاة لا القنوت ، بل الظاهر ظهور الإعادة فی ذلک ، وما قاله الشیخ لا وجه له.

والسادس : یمکن حمله علی حال الرکوع لا القیام منه.

وأمّا السابع : فقد مضی القول فیه مفصلا (2).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ روایة معاویة بن عمار فی الفقیه متنها : سئل عن القنوت فی الوتر ، قال : « قبل الرکوع » قال : فإن نسیت أقضیه إذا رفعت رأسی؟ فقال : « لا » (3) وفی الروایة دلالة علی خصوص القنوت ، والشیخ ربّما یکون اختصر الروایة أو أنّها غیرها.

وقد یظن من روایة الصدوق نفی القنوت فی الوتر بعد الرکوع ، مع أنّ فی الأخبار ما یدل علی الدعاء بعد الرکوع فیه ، ولا یبعد أن یکون المنفی رفع الیدین ، لما مضی من إطلاق القنوت علیه.

وینقل عن العلاّمة فی النهایة (4) المنع من فعل القنوت بعد الرکوع فی

ص: 339


1- فی « رض » و « فض » زیادة : وعدمها.
2- راجع ص 308.
3- الفقیه 1 : 312 / 1421 ، الوسائل 6 : 288 أبواب القنوت ب 18 ح 5 ، بتفاوت یسیر فیهما.
4- نهایة الإحکام 1 : 508.

الثانیة ، لدلالة بعض الأخبار السابقة علی أنّه لا قنوت إلاّ قبل الرکوع ، والأخبار الموجودة تقتضی أنّ المنفی هناک الأداء أو رفع الیدین ، فیحتمل کون القضاء من دون رفع الیدین ، ولم أر من صرّح به.

ولجدّی قدس سره فی الروضة ما هذا لفظه : وقیل یجوز فعل القنوت مطلقا قبل الرکوع وبعده ، وهو حسن للخبر ، ثم قال بعد ذلک : ویفعله الناسی قبل الرکوع بعده وإن قلنا بتعینه قبله اختیارا ، فإن لم یذکره حتی تجاوز قضاه بعد الصلاة جالسا ، ثم فی الطریق مستقبلا (1). انتهی.

وقد یقال : إنّ ما ذکره أوّلا من الجواز قبل وبعد ینافی ما ذکره آخرا من الإتیان به مع النسیان بعد الرکوع ، إلاّ أن یجاب بأنّ الثانی علی تقدیر القول به. أمّا ما قاله ثانیا : فلا أعلم الوجه فیه بعد ما دلت علیه الأخبار التی نقلتها ، فلیتأمّل.

وینبغی أن یعلم أنّ الشیخ لم یتعرض للتعارض الواقع بین الأخبار ، فإنّ روایة أبی بصیر ما ذکرناه فیها خلاف الظاهر ، لکنه من باب التأویل یمکن الدخول فیه ، والأخبار الدالة علی أنّ الانصراف تقتضی أن لا قضاء أو نحوه بعد الانصراف ظاهرة فی الفراغ من الصلاة ، واللازم من ذلک أنّ ما قبل الفراغ یقضی فیه القنوت وإن تجاوز الرفع من الرکوع للثانیة (2) ، ولعل اختلاف الاستحباب کمالا ممکن.

أمّا ما قاله الشیخ : من أنّ القنوت مستحب ابتداء ، إلی آخره. فلا یخفی عدم الحاجة إلیه ؛ إذ علی تقدیر وجوبه لا یلزم منه القضاء.

وفی کلام بعض الأصحاب أنّ تلافی القنوت بعد الرکوع لناسیه قبله

ص: 340


1- الروضة البهیة 1 : 284.
2- فی « رض » : من الثانیة.

ممّا لا خلاف فیه بین أصحابنا ، وهل هو حینئذ أداء أو قضاء؟ حکم الشیخ وأتباعه بالقضاء ، وتردّد فی ذلک العلاّمة فی المنتهی ، من کون محلّه قبل الرکوع وقد فات فتعیّن القضاء ، ومن کون الأحادیث لا تدل علی کونه قضاء ، ثم رجّح أنّه قضاء (1). انتهی ملخصا.

وفی بعض الأخبار ما یدل علی قضائه فی الطریق مستقبل القبلة.

قوله :

باب أنّ التسلیم لیس بفرض

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن الرجل یصلّی ثم یجلس فیحدث قبل أن یسلم قال : « تمّت صلاته ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة ، عن أبی بصیر قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول فی رجل صلّی الصبح فلمّا جلس فی الرکعتین قبل أن یتشهد رعف ، قال : « فلیخرج فلیغسل أنفه ثم لیرجع فلیتم صلاته ، فإنّ آخر الصلاة التسلیم ».

قوله علیه السلام : « آخر الصلاة التسلیم » محمول علی الفضل والکمال ، فأمّا إتمام الصلاة فلا بدّ منه ؛ لأنّ من تمامها الإتیان بالشهادتین والصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله کما بیناه.

التسلیم لیس بفرض

اشارة

ص: 341


1- انظر الحبل المتین : 235.

السند :

فی الأوّل : معلوم کما کرّرنا القول فیه (1). وکذلک الثانی (2).

المتن :

فی الأوّل : ربّما قیل إنّه ظاهر فی أنّ التسلیم لیس من الصلاة ؛ إذ الحدث فی أثناء الصلاة مبطل لها بغیر خلاف.

وأورد علیه بعض المعاصرین - سلمه الله - (3) أنّ البطلان بغیر خلاف إن کان لتخلل الحدث قبل استیفاء الأرکان فمسلم لکن لا ینفعکم ، وإن أرید تخلله بعد استیفائها فالخلاف فیه مشهور ، والصدوق قائل بعدم البطلان به کما تضمّنه صحیحة زرارة وموثقته. انتهی (4).

ولا یحضرنی الآن کلام الصدوق والروایتان ، إلاّ أنّ الشیخ فیما سبق ادّعی الإجماع علی بطلان الصلاة بالحدث قبل إکمال الشهادتین (5). وللسیّد المرتضی خلاف فی بعض الأحداث الواقعة فی أثناء الصلاة ، حیث حکم بالوضوء والبناء ، کما یأتی (6). وإن ادّعی الشیخ فی التهذیب الإجماع علی البطلان فیما عدا المتیمم إذا أحدث ووجد الماء (7).

ظهور روایة زرارة فی أنّ التسلیم لیس من الصلاة

ص: 342


1- راجع ج 1 : 57 ، 70 ، 183 ، 398.
2- راجع ج 1 : 70 ، 71 ، 73 ، 110.
3- ما بین الحاصرتین زیادة من « م ».
4- البهائی فی الحبل المتین : 257.
5- راجع ص 326.
6- انظر ج 6 : 378 و 385.
7- التهذیب 1 : 205.

ومن هنا یعلم أنّ التسلیم (1) لصورة تخلل الحدث قبل استیفاء الأرکان غیر واضح ، هذا.

وأمّا دلالته علی الاستحباب فقد ادّعاها القائلون به ، واستشکله بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - بأنّه إنّما یدل علی أنّ التسلیم لیس جزءا من الصلاة ، وهو لا یستلزم المطلوب ، فإنّ کونه واجبا خارجا عنها - کما ذکره بعضهم ودلت علیه الأحادیث الکثیرة - محتمل (2).

وفی الظن أنّ التکلف فی هذا ظاهر ، أمّا أوّلا : فلأنّ الحکم بالوجوب إن کان من ورود الأمر به فی کثیر من الأخبار مثل خبر زرارة السابق فی القضاء المشتمل علی ذکر الفوائت متحدة ومتعددة حیث قال فیه : « ثم سلّم » (3). والروایة الواردة فی صلاة الخوف المشتملة علی قوله : « ثم یسلّم » (4) والروایة الواردة فی الشک بین الأربع والخمس المتضمنة لقوله علیه السلام : « فتشهد وسلّم » (5) وغیر ذلک.

ففیه أوّلا : أنّ الأوامر الشرعیة فی إثبات کونها حقیقة فی الوجوب کلام یعرف ممّا ذکرناه فی أصول المعالم.

وثانیا : بتقدیر التسلیم ، المعارض موجود ، وقد مضی بعضه فی التشهد ، حیث قال علیه السلام فی خبر محمّد بن مسلم : « فقل أشهد أن لا إله إلاّ الله »

الاستدلال بروایة زرارة علی أستحباب التسلیم والمناقشة فی أدلة القائلین بالوجوب

ص: 343


1- فی « فض » و « رض » : التیمم.
2- البهائی فی الحبل المتین : 257.
3- راجع ص 322.
4- الاستبصار 1 : 455 / 1766 ، الوسائل 8 : 436 أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب 2 ح 4.
5- الاستبصار 1 : 380 / 1441 ، الوسائل 8 : 224 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 14 ح 4.

إلی أن قال : « ثم تنصرف » (1) وغیره من الأخبار ، والحمل علی أنّ الانصراف یراد به السلام فی غایة البعد ، وإن ورد فی بعض الأخبار بقرینة لا یکون مع الإطلاق کذلک.

وأمّا ثانیا : فلأنّ التزام وجوبه والخروج عن الصلاة لیس بأولی من الاستحباب المتأیّد بالأصل المحتاج الخروج عنه إلی انتفاء المعارض ، وانتفاؤه فی غایة الإشکال.

والمداومة المذکورة فی کلام بعض (2) للاستدلال علی الوجوب منقوضة بالمداومة علی المستحب ، کرفع الیدین بتکبیرة الإحرام ، وفعله علیه السلام مع قوله : « صلّوا » إلی آخره. فیه ما لا یخفی ، وکذلک التأسّی.

أمّا حدیث : « مفتاح الصلاة الطهور ، وتحریمها التکبیر ، وتحلیلها التسلیم » (3) ففیه عدم وضوح الدلالة ؛ إذ کونه محلّلا لا یفید الوجوب ، کما أنّ قوله : مفتاحها الطهور ، لا یفیده ، إلاّ أن یقال : إنّ الإفادة حاصلة فی الأمرین ، وإنّما خرج الطهور بالدلیل.

فإن قلت : ما وجه القول فی الطهور مع أنّه لا بدّ فیه فی الصلاة؟

قلت : لو جعل قوله علیه السلام : « تحلیلها التسلیم » ( دالاّ علی وجوب التسلیم من حیث الحصر کما قرّره جماعة ، والمعنی أنّ تحلیلها محصور فی التسلیم ) (4) فلو حصل بغیره لم یتم الحصر ، وإذا انحصر فیه کان

ص: 344


1- الاستبصار 1 : 342 / 1289 ، الوسائل 6 : 397 أبواب التشهد ب 4 ح 4.
2- کالمحقق فی المعتبر 2 : 233.
3- الکافی 3 : 69 / 2 ، الفقیه 1 : 23 / 68 ، الوسائل 1 : 366 أبواب الوضوء ب 1 ح 4 ، وفی الجمیع : افتتاح الصلاة الوضوء. وفی سنن البیهقی 2 : 173 أورد الحدیث کما فی المتن.
4- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

واجباً ، لزم مثله فی مفتاحها الطهور ؛ إذ الدلالة واحدة ، مع أنّ الطهور لا یشترط فیه أن یکون واجبا بل لو وقع مستحبا أجزأ علی ما حقق فی محل آخر.

نعم ربّما یقال : إنّ الاستحباب لا ینافی الشرطیة بالنسبة إلی الطهور ، بل قد یقال : إنّه واجب شرطی ، والسلام کذلک علی معنی أنّه شرط فی الخروج وإن لم یکن واجبا بالمعنی المعروف ، لکن لم أر من صرّح به.

والحقّ أنّ الخبر المذکور علی تقدیر إفادته الحصر لا مانع من کونه إضافیا بعد وجود الدلیل ، کالخبر السابق الدال علی أنّ بعد فعل الشهادتین تمّت الصلاة ، والدال علی أنّ الانصراف یتحقّق بالفراغ من التشهد ، وحینئذ یراد بتحلیل التسلیم بیان الفرد الکامل کما یأتی من الشیخ ما یدل علیه.

وما قاله بعض الأصحاب : من عدم ثبوت الخبر سندا (1) ، فیه نظر ؛ لأنّ مثل ( السیّد إذا احتجّ به ) (2) (3) فهو أبلغ من الصحیح المشهور : لما یعلم من مذهب السیّد.

ولا یبعد أن یکون فی الخبر دلالة علی نفی خروج التسلیم عن الصلاة وجوبا أو استحبابا إلاّ بتکلّف ، وسیأتی الکلام فیما دلّ علی أنّ التسلیم آخر الصلاة (4).

أمّا ما قاله بعض الأصحاب : من معلومیة عدم حصر المحلّل فیه ، إذ لا شک أنّ جمیع منافیات الصلاة محلّلة ، غایة الأمر أنّها لا تجوز فیها ،

ص: 345


1- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 282.
2- بدل ما بین القوسین فی « م » : المسند إذا اجتمع به.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 192.
4- انظر ص 348.

ویحتمل کونه کذلک علی سبیل الاستحباب (1). ففیه أنّ إطلاق التحلیل علی غیر التسلیم محل تأمّل.

أمّا الأمر فی خبر حمّاد بقوله : « هکذا صلّ » مع وقوع التسلیم فیه ، ففیه ما قدّمناه فی الأمر ، علی أنّ السلام لیس فی الفقیه (2) والطریق فیه صحیح ، وغیره الموجود فیه السلام (3) حسن.

وممّا استدل به علی الوجوب : بطلان الصلاة بزیادة رکعة أو أکثر عمدا أو سهوا ، وبطلان صلاة المسافر تماما عمدا ، مع أنّ التشهد إذا وقع وکان التسلیم مستحبا ینبغی عدم الإبطال.

والجواب عن هذا بأنّ الخروج لا یتحقّق إلاّ بنیّته أو السلام أو فعل المنافی ، ففیه طلب الدلیل علی هذا ، بل ربّما یقال : إنّ الواجب أحدها تخییرا.

ولعلّ الأولی الجواب بأنّ التشهد إذا فرغ منه یتحقّق الخروج ما لم یقصد عدمه.

وما قد یقال : من أنّ هذا مطلوب الدلیل أیضا ، یمکن الجواب بأنّ ما دلّ علی البطلان فی الصور المذکورة وما دلّ علی ( عدم ) (4) وجوب التسلیم یقتضی ذلک ، والقائل بالوجوب وأنّه خارج عن الصلاة لا بدّ له من المفرّ عن الإشکال بالبطلان مع الزیادة فی الصور المذکورة.

والعجب من بعض محققی المعاصرین - سلّمه الله - أنّه ذکر فی حجة

ص: 346


1- انظر مجمع الفائدة 2 : 283.
2- الفقیه 1 : 196 / 916 ، الوسائل 5 : 459 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1.
3- الکافی 3 : 311 / 8 ، التهذیب 2 : 81 / 301 ، الوسائل 5 : 461 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 2 ، وهو حسن لاشتماله علی إبراهیم بن هاشم.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

الوجوب إعادة المسافر إذا صلّی أربعا ، ثم قال : والحمل علی ما إذا نوی الأربع ابتداء ، فالفساد سابق لا لاحق بعید ؛ لإطلاق الحدیث. ثم ذکر فی جواب ( حجة الاستحباب بالخبر ) (1) المبحوث عنه احتمال (2) الوجوب والخروج عن الصلاة (3) ، والحال أنّ اللازم مشترک.

ثمّ إنّ إطلاق النص لا ینافی کون البطلان بالسابق لا اللاحق ، بل الإطلاق یحقق المطلوب.

أمّا الاستدلال بالآیة أعنی قوله تعالی ( وَسَلِّمُوا تَسْلِیماً ) (4) ففیه : أنّ احتمال الانقیاد من التسلیم ینافی الاستدلال.

وللعلاّمة فی المختلف کلام فی الاستدلال بحدیث « تحلیها التسلیم » (5) موضع نظر.

( نعم سیأتی (6) فی صلاة الخوف حدیث ربّما یدل علی وجوب التسلیم ، وسنذکر الجواب عنه ) (7).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر المبحوث عنه یمکن أن یحمل الجلوس فیه علی التشهد ، واستعمال الجلوس فی التشهد شائع فی الأخبار کما یعلمه من اطلع علیها ، فلا یتوجه علی الشیخ ما هو ظاهر ، لکن العجب من الشیخ أنّه اعتمد هنا علی أنّ الجلوس هو التشهد ، وفیما یأتی من مسألة

ص: 347


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : الاستحباب فی الخبر.
2- فی « فض » : باحتمال.
3- البهائی فی الحبل المتین : 255 ، 257.
4- الأحزاب : 56.
5- المختلف 2 : 194.
6- انظر ج 7 : 324.
7- ما بین القوسین لیس فی « م ».

من زاد رکعة وجلس عقیب الرابعة اعتمد علی مجرّد الجلوس کما نقل عنه (1) ، وسیأتی إن شاء الله بیان ما لا بدّ منه (2).

وأمّا الثانی : فقد یقال فیه : إنّ آخر الشی ء قد یدخل فیه وقد لا یدخل کما یعرف من العرف وکلام أهل الأصول أیضا ، وحینئذ لا یدل الخبر علی أنّ التسلیم داخل ، ولو سلّم إرادة الدخول لا یدل علی الوجوب أیضا ؛ لجواز ترکب الصلاة من واجب وندب.

وقد ذکر بعض الأصحاب أنّ کلام الشیخ یشعر بأنّ الخروج بغیر التسلیم ( یعنی بالشهادتین ، لکن التسلیم ) (3) من تمامها (4). والأمر کذلک ، إلاّ أن [ کلامه محتمل لأن یرید ] (5) أنّ مفهوم الخبر عدم تحقق الخروج ( إلاّ ) (6) بالتسلیم ، فیکون علی جهة الفضل ، والظاهر من الخبر ذلک ، إلاّ أنّ السؤال لمّا کان عمّا وقع قبل التشهد یحتمل أن یکون علیه السلام أراد أنّ التشهد لیس هو الآخر بل الآخر التسلیم ، علی معنی أنّ منتهی الأفعال إلی التسلیم ، لا منتهی الأفعال التسلیم ، کما یدل علیه حکم التشهد.

والحقّ أنّ الخبر لو عمل به کان له دلالة علی الوجوب فی الجملة ، لکن المعارض اقتضی ما ذکره الشیخ ، والقائلون بأنّ التسلیم خارج یضر

توجیه ما دل علی أنّ آخر الصلاة التسلیم

ص: 348


1- انظر ج 6 : 204.
2- انظر ج 6 : 205 - 209.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- انظر مجمع الفائدة 2 : 285.
5- ما بین المعقوفین فی « فض » : کلام مجمل لأن یرید. وفی « رض » : کلامه یحمل لأن یرید. وفی « م » ما یمکن أن یقرأ : کلام مجمل لا یزید. ولعل الأنسب ما أثبتناه.
6- ما بین القوسین لیس فی « م ».

الخبر باستدلالهم ، فلیتأمّل.

بقی فی المقام شی ء ، وهو أنّ جدّی قدس سره ( ذکر فی مواضع ) (1) أنّ قصد الوجوب بالتسلیم لا یضر بالحال ، لأنّه خارج عن الصلاة (2) ، وأراد بهذا بیان الاحتیاط فی قصد الوجوب.

واعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّ قصد الوجوب ممن لا یعتقد الوجوب لا وجه له ؛ إذ النیّة من باب التصدیق لا التصور (3).

وفیه : أنّ هذا یدفع الاحتیاط المطلوب فی الأحکام ، ولا مانع من مجرد التصور فی النیّة.

نعم ربّما یقال : إنّ قصد الرجحان المطلق أولی ؛ لأنّ فیه جمعا بین الوجوب والاستحباب فی الجملة.

وقد ینظر فیه : بأنّ الفعل إذا لم یتم إلاّ به یکون واجبا فیلزم أنّ مطلق الرجحان واجب ، ویرجع حینئذ إلی قصد الوجوب.

ویمکن الجواب بأنّ الوجوب هنا غیر الوجوب الأوّل ، بل هذا من باب المقدمة.

وقد ذکر بعض الأصحاب فی الفرق بین الواجب أصالة والواجب من باب المقدمة أن الأوّل یتوقف علی النیّة دون الثانی (4).

وربّما یقال : إنّ وجوب الأصل - لیتفرع علیه وجوب المقدمة - محل تأمّل ؛ لأنّ التکلیف فرع المعلومیة ، وتعارض الأدلة یقتضی عدم وجوب

هل یضرّ قصد الوجوب علی تقدیر استحباب التسلیم؟

ص: 349


1- ما بین القوسین لیس فی « م » ، وکلمة : فی مواضع ، ساقطة عن « رض ».
2- روض الجنان : 281.
3- المدارک 3 : 438.
4- کما فی المدارک : 27.

التسلیم المقتضی لعدم التکلیف ، إذ الأصل العدم.

فإن قلت : التکلیف بالعبادة ضروری ، وتعیّن البراءة موقوف علی التسلیم ؛ إذ بدونه یحتمل عدم البراءة.

قلت : ضروریة التکلیف بالصلاة مسلّم ، لکن بکل جزء من أجزائها غیر مسلّم ، والامتثال یتحقق بما ثبت وجوبه ، ووجوب ما لم یعلم یتوقف علی الدلیل.

فإن قلت : المستفاد من الأخبار [ تحقق ] (1) التکلیف بالتسلیم ، غایة الأمر أنّ الاشتباه فی الوجوب والندب ، وإذا تحقق التکلیف لزم فعل ما یتحقق به سقوط التکلیف.

قلت : التکلیف حینئذ محل کلام ؛ لأنّ الفعل إذا لم یتعین وجوبا أو استحبابا لا نسلّم التکلیف به لزوما ، إلاّ أن یقال : إنّ التکلیف بمطلق الرجحان واللازم فعله ، وأمّا الوجوب فأمر زائد.

وما عساه یقال : إنّه یکفی فی سقوط یقین التکلیف فعل الصلاة بالواجب (2) المحقق ولا یحتاج إلی یقین البراءة.

ففیه : أنّا قدّمنا (3) کلاما فی مثل هذا ، والحاصل أنّ سقوط یقین اشتغال الذمّة لا یکفی ، بل لا بدّ من فعل ما أعدّه الشارع.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما نقلناه عن جدّی قدس سره من أنّ التسلیم خارج. هو أوّل المدّعی ، وکأنّه قدس سره نظر إلی بعض الأخبار الدال علی أنّ فعل الشهادتین تتم به الصلاة ، وأنّ الحدث لا یضرّ بین التشهد والتسلیم ،

ص: 350


1- فی النسخ : یتحقق ، والأنسب ما أثبتناه.
2- فی « فض » : بالوجه.
3- راجع ص 348 - 349.

لکن لا یخفی أنّ ما دلّ علی البطلان بزیادة الرکعة ینافی خروج التسلیم ، فلا بدّ من أن یقال باحتمال البطلان لقصد عدم الخروج کما سبق ، وإن کان یخطر فی البال الآن أنّ اللازم صحة الصلاة مع الزیادة لو وقعت من غیر قصد عدم الخروج ، والنص مطلق ، إلاّ أن یقال : إنّ مجرد القیام للخامسة ونحوها هو قصد عدم الخروج أو لازمه قصد عدم الخروج.

ولعلّ الأولی أن یقال : الموجب قصد عدم الخروج أو ما أشبهه مع فعل الزیادة.

وما قاله بعض (1) - وأظن جدّی قدس سره وافقه (2) - من اعتبار قصد الخروج من الصلاة وإن قلنا بندبیة التسلیم ، ففیه : أنّ الدلیل علیه لم نعلمه ، فإن کان من حکم الزیادة استفید ذلک أمکن أن یقال : إنّ اللازم من الزیادة کون قصد عدم الخروج هو الموجب للبطلان أو ما أشبهه مع فعل الزیادة.

وما عساه یقال : إنّ فعل الزیادة إمّا أن یکون جزء السبب للبطلان أو لا ، فإن کان جزءا لزم أنّه لو حصلت الغفلة من دون زیادة لا تبطل الصلاة ، وإن لم یکن جزءا کان ذکره فی البطلان لا فائدة له.

یمکن الجواب عنه : بأنّه جزء أو شرط ، ولزوم عدم البطلان لا مانع منه.

فإن قلت : یجوز أن یکون المبطل هو الزیادة وإن کانت قبل التسلیم ، ولیس هذا من قسم الزیادة فی الصلاة لیلزم کون التسلیم جزءا ، بل یجوز أن یکون الإبطال من الإتیان بصورة صلاة غیر شرعیة. وما عساه یقال : إنّ الإتیان بصورة الصلاة لو کان مبطلا لزم أنّ من سلّم أو خرج من الصلاة بغیره ولم یظهر منه ذلک وزاد رکعة تبطل صلاته. یمکن الجواب عنه : بأنّ

هل یعتبر قصد الخروج بالتسلیم؟

ص: 351


1- کالعلاّمة فی الإرشاد 1 : 256 ، وحکاه عنه فی روض الجنان : 281.
2- روض الجنان : 281.

المطلوب توجیه ما جعله الشارع مبطلا ، لا أنّ کل صورة لم تقع مشروعة بأیّ وجه کان تبطل.

قلت : هذا فی غایة البعد عن قوانین الأحکام ، نعم ربّما یقال بتقدیر استحباب التسلیم إنّ له تعلقا بالکیفیة ؛ لجواز ترکب الصلاة من واجب وندب ، مثل السلام علی النبی بعد التشهد ونحوه ، وحینئذ لو وقعت الزیادة أمکن کونها فی الأثناء بهذا المعنی.

لکن لا یخفی أنّ هذا توجیه للنص ، فالأولی أن یقال : إنّ التسلیم لو کان مستحبا لا مانع من حکم الشارع بالبطلان قبله إذا لم یفعل المصلّی شیئا من المخرجات غیره. ولزوم کون الواجب السلام أو غیره علی وجه التخییر ، یمکن دفعه بأنّ المطلوب عن فعل المخرج لا لأجل وجوب الخروج ، بل لأنّ الزیادة فی الصلاة من دون الخروج مبطلة فلا یکون الخروج واجبا علی الإطلاق.

وفی الحقیقة هذا من قبیل تعلیق الحکم علی شی ء فی وقت من الأوقات ، فلا یکون الوجوب مشروطا دائما ولا مطلقا کذلک. وتوضیح الحال أنّ الشارع جعل الزیادة مبطلة إذا لم یقصد الخروج أو یخرج بشی ء من المنافیات ، فلو اتفق انتفاء أحد هذه المذکورات وحصلت الزیادة تحقّق البطلان ، ( لا أنّ ) (1) الشارع جعل قصد الخروج ونحوه واجبا دائما ، فلو تحققت الزیادة مع عدم نیّة الخروج ولو علی سبیل الاتفاق أبطلت (2). فلیتأمّل هذا فإنّی لم أجده موضحا فی کلام أحد من الأصحاب ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

ص: 352


1- فی « م » : لأن.
2- فی « م » زیادة : لا أن نیة الخروج لا بد منها.

قوله :

باب کیفیة التسلیم

أخبرنی أبو الحسین بن أبی جید القمّی ، عن محمّد بن الحسن بن الولید ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن إبراهیم الخزاز ، عن عبد الحمید بن عواض ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن کنت تؤمّ قوما أجزأک تسلیمة واحدة عن یمینک ، وإن کنت مع إمام فتسلیمتین ، وإن کنت وحدک فواحدة مستقبل القبلة ».

عنه ، عن صفوان ، عن منصور قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « الإمام یسلّم واحدة ، ومن وراءه یسلّم اثنتین ، فإن لم یکن عن شماله أحد یسلّم واحدة ».

عنه ، عن فضالة ، عن حسین ، عن ابن مسکان ، عن عنبسة بن مصعب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل یقوم فی الصف خلف الإمام ولیس علی یساره أحد کیف یسلّم؟ قال : « تسلیمة واحدة عن یمینه ».

فامّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أذینة ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم ومعمر بن یحیی وإسماعیل ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « یسلّم تسلیمة واحدة إماما کان أو غیره ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی أنّه إذا کان المأموم لیس علی یساره أحد علی ما فصّله فی روایة منصور بن حازم وعنبسة بن مصعب ، ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن

کیفیة التسلیم

اشارة

ص: 353

مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کنت إماما فإنّما التسلیم أن تسلّم علی النبی صلی الله علیه و آله وتقول : السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین ، فإذا قلت ذلک فقد انقطعت الصلاة ، ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام علیکم (1) ، وکذلک إذا کنت وحدک تقول : السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین مثل ما سلّمت وأنت إمام ، فإذا کنت فی جماعة فقل مثل ما قلت وسلّم علی من علی یمینک وشمالک ، فإن لم یکن علی شمالک أحد فسلّم علی الذین علی یمینک ولا تدع التسلیم علی یمینک إن لم یکن علی شمالک أحد ».

السند

فی الأوّل : معلوم الحال ممّا تقدم (2) ، وإبراهیم الخزاز فیه أبو أیوب إبراهیم بن عیسی أو ابن عثمان. وعبد الحمید ثقة.

والثانی : ضمیر « عنه » فیه للحسین بن سعید. ومنصور هو ابن حازم ، لتصریح الشیخ به فیما بعد (3).

والثالث : حسین فیه ابن عثمان ، لتکرره فی الأخبار (4). وأمّا عنبسة فقد مضی فیه القول مفصّلا (5) ، والحاصل أنّه مهمل فی کتاب الشیخ (6) ،

عبدالحمید بن عواض ثقةبیان ما دلّ علی أنّ الإمام یسلّم تسلیمة واحدة عن یمینه والمأموم تسلیمتین والمنفرد واحدة مستقبل القبلة

إشارة إلی حال عنبسة بن مصعب

ص: 354


1- فی الاستبصار 1 : 347 / 1307 زیادة : ورحمة الله وبرکاته.
2- فی « رض » : فیما تقدم ، وعلی أی حال فإنّه قد تقدّم فی ج 1 : 41 ، 70 ، وج 2 : 428.
3- أی فی ذیل الحدیث الرابع ، راجع ص 353.
4- راجع ج 1 : 185.
5- راجع ج 2 : 178.
6- رجال الطوسی : 261 / 633.

وفی الکشی عن حمدویه أنّه ناووسی واقفی (1).

والرابع : واضح ، وإسماعیل فیه اشتراک (2) لا یضر بالحال.

والخامس : حاله غیر خفی بمحمد بن سنان وأبی بصیر.

المتن :

فی الأوّل : دال علی أنّ الإمام یسلّم واحدة عن یمینه ، والمأموم یسلّم تسلیمتین ، والمنفرد واحدة مستقبل القبلة.

والثانی : مقتضاه تسلیمة واحدة للإمام علی الإطلاق وتقییده بالأوّل ممکن ، کما أنّ تقیید الأوّل من جهة التسلیمتین للمأموم بما إذا کان علی شماله أحد کذلک.

والثالث : یؤیّد الثانی فی المأموم.

والرابع : ظاهره الاکتفاء بالواحدة للجمیع ، وحمل الشیخ له وجه. ویحتمل أن یراد بالتسلیمة : الواحدة فی الکیفیة لا فی الکمیة ، وفیه بعد. کما أنّ احتمال أنّ الواجب واحدة علی القول بالوجوب ممکن.

والخامس : کما تری یدل علی أنّ المنفرد والإمام یسلّم واحدة ، لکن مضی فی الثانی أنّ المنفرد یسلّم مستقبل القبلة والإمام عن یمینه ، وهذا یقتضی أنّ کلاّ من الإمام والمنفرد یسلّم مستقبل القبلة. وما تضمنه آخره من قوله « فسلّم علی الذین عن یمینک » یدل علی اعتبار وجود أحد عن یمینه ، وقوله : « لا تدع » إلی آخره. فی الظن أنّ لفظ « شمالک » ینبغی عوضه « یمینک » کما لا یخفی ، ویحتمل توجیهه بأنّ التسلیم علی الشمال موقوف

بیان ما دلّ علی أنّ الإمام یسلّم تسلیمة واحدة عن یمینه والمأموم تسلیمتین والمنفرد واحدة مستقبل القبلة

ص: 355


1- رجال الکشی 2 : 659 / 676.
2- انظر هدایة المحدثین : 18.

علی وجود أحد ( بخلاف الیمین فإنّ التسلیم لا یتوقف علی وجود أحد علی الشمال ، أمّا توقفه علی وجود أحد ) (1) علی الیمین فمسکوت عنه ، مع احتمال فهم العدم منه ، وستسمع الأقوال فی المقام (2).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ من المهم الکلام هنا فی مقامین :

الأوّل : فی تعیین المخرج من الصلاة ، فالمنقول عن المحقق فی المعتبر دعوی الإجماع علی الخروج بالسلام علیکم ورحمة الله (3) ، واستدل علیه بروایة علی بن جعفر المرویة ( فی التهذیب ) (4) صحیحا قال : رأیت إخوتی موسی وإسحاق ومحمّد بنی جعفر علیهم السلام یسلّمون فی الصلاة علی الیمین والشمال : السلام علیکم ورحمة الله ، السلام علیکم ورحمة الله (5).

ونقل عن المنتهی أنّه لا خلاف فی عدم وجوب ضم « وبرکاته » (6) ( وجواز إسقاط « ورحمة الله » منقول ) (7).

وأمّا « السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین » فقیل : إنّ أکثر القائلین بوجوب التسلیم لا یجعلونها مخرجة ، بل هی من التشهد (8). وذهب جماعة إلی التخییر فی الخروج بین الصیغتین (9).

تعیین التسلیم المُخرج من الصلاة

ص: 356


1- ما بین القوسین لیس فی « م ».
2- فی ص 357.
3- المعتبر 2 : 235.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « م ».
5- التهذیب 2 : 317 / 1297 ، الوسائل 6 : 419 أبواب التسلیم ب 2 ح 2.
6- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 288 وهو فی المنتهی 5 : 205.
7- بدل ما بین القوسین فی « م » : وعن جواز إسقاط ورحمة الله منقول عن غیر أبی الصلاح.
8- انظر المدارک 3 : 434 ، والحبل المتین : 253.
9- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 234 ، العلاّمة فی نهایة الإحکام 1 : 504.

والشهید رحمه الله فی الذکری أنکر التخییر قائلا : إنّه قول حدث من زمن المحقق وقبله بیسیر (1).

وفی البیان : إنّ العبارة الثانیة لم یوجبها أحد من القدماء ، وإنّ القائل بوجوب التسلیم یجعلها مستحبة کالتسلیم علی الأنبیاء والملائکة ، غیر مخرجة من الصلاة ، والقائل بندب التسلیم یجعلها مخرجة (2). وفی الرسالة قال بالتخییر (3). وقد نبّه جدّی قدس سره فی الروضة علی اضطرابه فی المسألة (4).

والأخبار الموجودة فیما وقفت علیه بالسلام علیکم هی ما مضی عن علی بن جعفر ، والخبر الأخیر هنا المتضمن لقوله : « ثم تؤذن القوم » والخبر الحسن فی الکافی فی باب الأذان المتضمن للمعراج (5) ، وما نقله فی المنتهی عن جامع البزنطی ، عن عبد الله بن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن تسلیم الإمام وهو مستقبل القبلة قال : « یقول : السلام علیکم » (6). وادّعی بعض الأصحاب تبادر السلام إلیه (7).

وقد یقال : إنّ خبر علی بن جعفر یؤذن بالتقیة من حیث تضمنه الیمین والشمال ، إلاّ أن یتکلف التوجیه بما قرب من الجهتین ، ومنافاته لما دلّ علی وحدة سلام الإمام یمکن دفعها بالاختلاف فی الفضل ، وفی الظن

ص: 357


1- الذکری : 207.
2- البیان : 177.
3- الألفیة : 60.
4- الروضة البهیة 1 : 278.
5- الکافی 3 : 482 / 1 ، الوسائل 5 : 465 أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 10.
6- المنتهی 1 : 296.
7- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 288.

أنّ رائحة التقیّة تشمّ منه ، وقد رووا من طرقهم أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام کان یسلّم عن یمینه وشماله : « السلام علیکم السلام علیکم » (1).

أمّا خبر الکافی فلا ارتیاب فیه ، ودلالته علی عدم تقدیم السلام علینا علیه لها نوع ظهور کما یعلم من مراجعته ، وقد أوضحت الحال فی رسالة مفردة.

أمّا السلام علینا فالأخبار المعتبرة بعضها دالّ علی أنّه قاطع للصلاة (2) ، وفیه نوع منافاة لکونه من المستحبات فی التشهد ، وبعضها صریح فی العود لأهل الخلاف (3) ، حیث تضمن أنّ شیئین یفسد الناس بهما صلاتهم : قول الرجل ( تَعالی جَدُّ رَبِّنا ) إلی أن قال : وقولهم : السلام علینا. وهذا کما تری یدل علی ما یقولونه فی تشهدهم من السلام علینا قبل التشهد. ومن ثم أتی به بلفظ یفسد إذ لا یستعمل فی المخرج ، وجمیع هذا ذکرته فیما أشرت إلیه.

أمّا خبر أبی بصیر فلا یخفی أن الاعتماد علیه مشکل.

وفی روایة ابن مسکان وأبی کهمش عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرکعتین الأوّلتین إذا جلست فیهما للتشهد فقلت : السلام علیک أیها النبی ورحمة الله وبرکاته ، انصراف هو؟ قال : « لا ، ولکن إذا قلت : السلام علینا وعلی عباد الله الصالحین فهو الانصراف » (4) وهذا کما تری یؤذن بما قلناه ، فإنّ أهل الخلاف یقولون فی التشهد الأوّل : السلام علیک أیها النبی

ص: 358


1- سنن البیهقی 2 : 178 ، کنز العمال 8 : 159 / 22380.
2- التهذیب 2 : 93 / 349 ، الوسائل 6 : 421 أبواب التسلیم ب 2 ح 8.
3- التهذیب 2 : 316 / 1290 ، الوسائل 6 : 409 أبواب التشهد ب 12 ح 1.
4- التهذیب 2 : 316 / 1292 ، الوسائل 6 : 426 أبواب التسلیم ب 4 ح 2.

والسلام علینا (1) ، وکأنّ السائل أراد بیان ما یبطل الصلاة منهما علی تقدیر وقوعه ، والجواب کما تری یدل علی أنّ الثانی انصراف ، ولو حمل علی التشهد الأخیر لم یکن مطابقا للسؤال لتضمّنه الرکعتین الأوّلتین.

وینقل عن النهایة دعوی الإجماع علی عدم الخروج بالسلام علی النبی صلی الله علیه و آله (2) ، وقد تقدم ( فی باب الأذان ) (3) ما قد یدل علی أنّه مخرج لمن نسی الأذان والإقامة (4) ، وذکرنا ما فیه.

وینقل عن الذکری الإجماع علی عدم وجوب الصیغتین معا (5).

وینبغی أن یعلم أنّ الفاضل یحیی بن سعید نقل عنه القول بتعین السلام علینا (6). وعن الشیخ فی المبسوط أنّه أوجب السلام علیکم وجعلها آخر الصلاة (7).

وما قاله بعض الأصحاب من أنّ الاحتیاط فی الجمع بین الصیغتین خروجا من الخلاف (8) ، مشکل ؛ لاحتمال بطلان الصلاة لو قدّم السلام علینا عند القائل بتعین السلام علیکم وبطلانها أیضا لو قدّم السلام علیکم عند من أوجب السلام علینا ولعلّ تقدیم السلام علیکم أقرب إلی الاحتیاط ، ووجهه یعلم ممّا تقدم.

ص: 359


1- انظر المغنی 1 : 608.
2- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 289 ، وانظر نهایة الأحکام 1 : 504.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- راجع ص 62 - 63.
5- الذکری : 208.
6- نقله عنه فی مجمع الفائدة 2 : 291. وهو فی الجامع للشرائع : 84.
7- حکاه عنه فی الذکری : 207 ، وانظر المبسوط 1 : 116.
8- کالشهید فی الذکری : 208.

المقام الثانی : قد عرفت مفاد الأخبار فی کیفیة التسلیم ، والمذکور فی عبارات بعض الأصحاب أنّ الإمام والمأموم یسلّمان واحدة ، لکن الإمام یومئ فیها بصفحة وجهه إلی یمینه ، والمنفرد یستقبل القبلة بها ویومئ بمؤخّر عینه إلی یمینه ، وأمّا المأموم فإن لم یکن علی یساره أحد یسلّم واحدة مومئا بصفحة وجهه إلی یساره (1). واستفادة هذا من الأخبار فی غایة البعد ، بل الظاهر انتفاؤه.

ثم إنّ الظاهر من « الأحد » فی بعض الأخبار المذکورة الإنسان ، والشیخ صرّح به فی التهذیب (2).

وقد حصل التردّد فی وجوب الردّ فاحتمل بعض العدم ؛ للأصل ، وعدم التسمیة (3) تحیة ، بل هو إیذان کما یدل علیه الخبر الأخیر (4) ، واحتمل بعض الوجوب ؛ للعموم (5).

وفی الفقیه : ثم تسلّم وأنت مستقبل القبلة وتمیل بعینک إلی یمینک إن کنت إماما ، وإن صلّیت وحدک قلت : « السلام علیکم » مرّة واحدة وأنت مستقبل القبلة وتمیل بأنفک إلی یمینک ، وإن کنت خلف إمام تأتمّ به فسلّم تجاه القبلة واحدة ردّا علی الإمام ، وتسلّم علی یمینک واحدة وعلی یسارک واحدة إلاّ أن لا یکون علی یسارک إنسان فلا تسلّم علی یسارک ، إلاّ أن تکون بجنب الحائط فتسلّم علی یسارک ، ولا تدع التسلیم علی یمینک کان

کیفیة تسلیم الامام والمأموم والمنفرد فی عبارات بعض الأصحاب

التردّد فی وجوب الردّ

ص: 360


1- انظر النهایة : 72 ، المنتهی 1 : 297.
2- التهذیب 2 : 92.
3- فی « م » : التشهد.
4- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 294.
5- کالشهید فی الذکری : 208.

علی یمینک أحد أو لم یکن (1). انتهی. ولا یخفی علیک الحال.

وفی المنتهی استدل ببعض الأخبار علی بعض ما حکیناه (2) ، والنظر فیه واضح. ولا یبعد الاعتماد فی الاستحباب علی قول الصدوق إن لم یکن قوله بسبب الاجتهاد ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

اللغة :

قال بعض محققی العامة : السلام علیک أیها النبی ، معناه التعوذ باسم الله الذی هو السلام ، کما تقول : الله معک ، أی متولیک وکفیل بک (3). وقیل : معناه السلامة والنجاة ، کما فی قوله تعالی ( فَسَلامٌ لَکَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ ) (4) (5). وقیل : الانقیاد لک ، کما فی قوله تعالی ( وَسَلِّمُوا تَسْلِیماً ) (6) (7). ( ولا یخلو بعض الوجوه من ضعف ؛ لعدم تعدی البعض بکلمة « علی » إلاّ علی تأمّل ) (8).

قوله :

باب سجدتی الشکر بین فریضة المغرب ونوافلها

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الولید ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن محمّد بن عیسی ، عن حفص الجوهری

معنی « السلام علیک أیّها النبی »

سجدتی الشکر بین فریضة المغرب ونوافلها

اشارة

ص: 361


1- الفقیه 1 : 210.
2- المنتهی 1 : 297.
3- کما فی النهایة لابن الأثیر 2 : 393.
4- الواقعة : 91.
5- انظر مغنی المحتاج 1 : 175.
6- الأحزاب : 56.
7- کما فی النهایة لابن الأثیر 2 : 394.
8- ما بین القوسین زیادة من « م ».

قال : صلّی بنا أبو الحسن علی بن محمّد علیهماالسلام صلاة المغرب فسجد سجدة الشکر بعد السابعة ، فقلت له : کان آباؤک یسجدون بعد الثلاثة ، فقال : « ما کان أحد من آبائی یسجد إلاّ بعد السابعة ».

فأمّا ما رواه محمّد بن الحسن بن الولید ، عن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن جهم بن أبی جهم قال : رأیت أبا الحسن موسی بن جعفر علیهماالسلام وقد سجد بعد الثلاث الرکعات من المغرب ، فقلت له : جعلت فداک رأیتک سجدت بعد الثلاث ، قال : « فرأیتنی؟ » (1) فقلت : نعم ، قال : « فلا تدعها ، فإنّ الدعاء فیها مستجاب ».

فالوجه فی هذه الروایة أن نحملها علی ضرب من الاستحباب ، والاولی علی الجواز ، ویکون قوله فی الخبر الأوّل : « ما کان أحد من آبائی یسجد إلاّ بعد السابعة » إخبارا عن أنّهم لم یختاروا فعله ، أو یکونوا ما سجدوا علی جهة الوجوب وإن کانوا سجدوا علی جهة الفضل.

السند

فی الأوّل : فیه حفص الجوهری ، وهو مذکور فی أصحاب الجواد علیه السلام ( من کتاب الشیخ مهملا ) (2).

والثانی : فیه جهم بن أبی جهم ، وهو مهمل فی رجال الکاظم علیه السلام ) (3) ،

حفص الجوهری مهمل

جهم بن أبی جهم مهمل

ص: 362


1- فی الاستبصار 1 : 347 / 1309 : فقال : رأیتنی.
2- رجال الطوسی : 400 / 10.
3- ما بین القوسین ساقط من « فض ».

من کتاب الشیخ (1) ، وسعدان بن مسلم لا یزید علی الإهمال أیضا.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی مرجوحیة السجود بعد الثلاثة ، بل ربما دل علی نفی الاستحباب لو صحّ الخبر ، غیر أنّ ما دلّ علی استحباب سجدة الشکر بعد الفریضة یتناول ما بعد النوافل وقبلها ، وهو ما رواه الشیخ فی التهذیب بطریق فیه محمّد بن خالد البرقی ، ووجه ما قلناه أنّه قال علیه السلام فیه : « إنّ الله سبحانه یقول للملائکة : انظروا إلی عبدی أدّی فرضی وسجد لی شکرا » إلی آخره (2).

وهذا وإن أشعر بالاختصاص بالفرائض إلاّ أنّ الشمول لما بعد نوافل الفرائض لا ینافی هذا ، علی أنّ أوّل الخبر یقتضی أنّ سجدة الشکر تتم بها الصلاة علی الإطلاق ، وما ذکر فی أثناء الروایة من الفرائض لا یفید التخصیص.

هذا علی تقدیر الاختصاص بالصلاة ، وفی الفقیه روی بطریق صحیح عن عبد الرحمن بن الحجاج ما یدل علی عدم الاختصاص بالفرائض (3) ، والمتن قال : « من سجد سجدة الشکر وهو متوضّئ کتب الله له بها عشر حسنات ، ومحا عنه عشر خطیئات عظام » (4).

سعدان بن مسلم مهمل

بیان ما دل علی استحباب سجدة الشکر بعد النوافل أو الفرائض أو مطلقا

ص: 363


1- رجال الطوسی : 345 / 3.
2- التهذیب 2 : 110 / 415 ، وفیه : أدّی قربتی ، الوسائل 7 : 6 أبواب سجدتی الشکر ب 1 ح 5.
3- فی « م » زیادة : ولا تجدد النعم.
4- الفقیه 1 : 218 / 971 ، الوسائل 7 : 5 أبواب سجدتی الشکر ب 1 ح 1 ، بتفاوت یسیر.

( وقد ذکرنا فی فوائد التهذیب ما لا بدّ منه فی الخبر الأوّل المنقول أولا ) (1).

والعجب من عدم تعرض بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله (2) - الخبر الذی فی الفقیه ، بل قال : أطبق علماؤنا علی ندبیة سجود الشکر عند تجدد النعم ودفع النقم ، ثم ذکر روایات غیر سلیمة وقال : وکما یستحب السجود لشکر النعمة المتجددة فالظاهر کما قال شیخنا الشهید فی الذکری أنّه یستحب عند تذکّر النعمة وإن لم تکن متجددة (3) ، ثم ذکر أخبارا غیر نقیة الأسانید سوی ما رواه الشیخ فی التهذیب وقد أشرنا إلیه.

وأمّا الثانی : ففیه تأیید لما دلّ علی السجود بعد الفریضة أو بعد الصلاة ، وحمل الشیخ فی غایة البعد ، بل لا وجه له ؛ لأنّ حمل الأوّل علی الجواز لا یلائمه قوله : « ما کان أحد من آبائی » لأنّ الجواز لا بد أنّ یراد به غیر الإباحة ، ویراد بالاستحباب فی الثانی الأفضلیة ، وإذا حمل الثانی علی الأفضلیة لزم کون الفعل فی الخبر الأوّل مرجوحا ، والمداومة منهم علیهم السلام علی المرجوح کما هو ظاهر الروایة غیر معقولة (4). ولو أرید الإباحة فی الأوّل فدفعه أظهر من أن یخفی. وأمّا الوجوب فما فیه واضح.

وفی المنتهی - علی ما نقل عنه - ما یقتضی ترجیح التقدیم علی النوافل ، حیث استدل بالآثار الدالة علی أفضلیة الدعاء بعد المغرب ثم قال : فإنّ فضل الدعاء والتسبیح بعد الفریضة علی الدعاء عقیب النوافل کفضل

ص: 364


1- بدل ما بین القوسین فی « م » : وأما الخبر الذی أشرنا إلیه أولا فهو مذکور فی التهذیب وقد ذکرنا فی فوائد التهذیب ما لا بدّ منه فیه.
2- فی « م » و « رض » زیادة : لعدم ذکر.
3- البهائی فی الحبل المتین : 245.
4- فی « رض » و « فض » : منقول.

الفرائض علی النوافل ، والسجدة دعاء وتسبیح ، فالأفضل أن تکون بعد الفریضة ، وإن جعلت بعد النوافل أیضا (1).

هذا ویمکن أن یقال : إنّ فی الخبر الأوّل احتمال التقیة ، لکن الأمر سهل بعد معرفة الإسنادین.

أمّا ما ورد فی بعض الأخبار أنّ : « من صلّی المغرب ثم عقّب ولم یتکلم حتی صلّی رکعتین کتبت له فی علیین ، فإن صلّی أربعا کتبت له حجة مبرورة » (2) فلا دلالة له علی ترجیح تأخیر السجدة عن النوافل ؛ لأنّ المتبادر من الکلام : الأجنبی ، کما ذکرناه فی فوائد التهذیب. قوله :

باب وجوب الفصل بین رکعتی الشفع والوتر

الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الوتر ثلاث رکعات ، یفصل بینهن ، ویقرأ فیهن جمیعا بقل هو الله أحد ».

عنه ، عن حمّاد ، عن شعیب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الوتر ثلاث رکعات : ثنتین مفصولة وواحدة ».

عنه ، عن النضر ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن معاویة بن عمار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : التسلیم فی رکعتی الوتر (3) ، فقال :

وجوب الفصل بین رکعتی الشفع والوتر

اشارة

ص: 365


1- حکاه عنه فی مجمع الفائدة 2 : 319.
2- التهذیب 2 : 113 / 422 ، الوسائل 6 : 488 أبواب التعقیب ب 30 ح 2 ، بتفاوت یسیر فیهما.
3- فی النسخ : الفجر ، وأصلحناه کما فی الاستبصار 1 : 348 / 1312.

« توقظ الراقد وتکلم بالحاجة ».

عنه ، عن النضر ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن أبی ولاّد حفص بن سالم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التسلیم فی رکعتی (1) الوتر فقال : « نعم ، فإن کانت لک حاجة فاخرج فاقضها ثم عد فارکع رکعة ».

أحمد بن محمّد ، عن البرقی ، عن سعد بن سعد الأشعری ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال : سألته عن الوتر أفصل أم وصل؟ قال : « فصل ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن یعقوب بن شعیب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التسلیم فی رکعتی الوتر ، فقال : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم ».

عنه ، عن النضر ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن معاویة بن عمار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : ( التسلیم ) (2) فی رکعتی الوتر ، فقال : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم ».

عنه ، عن محمّد بن زیاد ، عن کردویه الهمدانی قال : سألت العبد الصالح علیه السلام عن الوتر ، فقال : « صله ».

فالوجه فی هذه الروایات کلّها أن نحملها علی ضرب من التقیّة لأنّها موافقة لمذاهب کثیر من العامة ، مع أنّ مضمون حدیثین منها التخییر ، ولیس ذلک مذهبا لأحد ، لأنّ من أوجب الوصل لا یجوّز

ص: 366


1- فی النسخ : الرکعتین ، وأصلحناه کما فی الاستبصار 1 : 348 / 1313.
2- ما بین القوسین أثبتناه من الاستبصار 1 : 349 / 1316.

الفصل ، ومن أوجب الفصل لا یجوّز الوصل. ویجوز أن یکون قوله : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم » (1) إشارة إلی الکلام الذی یستباح بالتسلیم ، لأنّ ذلک لیس شرطا فیه ، یبیّن ما ذکرناه :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن منصور ، عن مولی لأبی جعفر علیه السلام قال : قال : « رکعتان إن شاء تکلم بینهما وإن شاء لم یفعل » (2).

السند :

فی الأوّل : فیه عثمان بن عیسی ، والذی ذکرنا فیه قد تکرر. کما فی أبی بصیر فی الثانی (3).

والثالث : مضی أیضا القول فیه فی محمّد بن أبی حمزة من احتماله للثقة والمهمل ، وإن کان ظهور الثقة غیر بعید (4).

والرابع : کالثالث ، وحفص لا ارتیاب فیه.

والخامس : لیس فیه إلاّ البرقی لما تقدم ( فیه من نوع کلام ) (5).

والسادس : کأنّه واضح ، لأنّ یعقوب بن شعیب الراوی عن أبی عبد الله علیه السلام ثقة ، وفی الرجال یعقوب بن شعیب من رجال الباقر علیه السلام

إشارة إلی حال محمد بن أبی حمزة

أبو ولّأد حفص بن سالم لا ارتیاب فیه

بحث حول یعقوب بن شعیب

ص: 367


1- ما بین القوسین فی الاستبصار 1 : 349 : إن شاء سلّم وان شاء لم یسلّم.
2- فی الاستبصار 1 : 349 / 1318 : رکعتا الوتر إن شئت تکلم بینهما وبین الثالثة وإن شئت لم تفعل.
3- راجع ج 1 : 71 و 73.
4- راجع ج 1 : 146.
5- ما بین القوسین زیادة من « م » ، وعلی أی حال فإنّه تقدم فی ج 1 : 95.

مهملا (1) ، والروایة کما تری. وفی البین احتمال مّا بعید.

والسابع : کالثالث.

والثامن : فیه کردویه ، وقد مضی أنّه مجهول الحال (2). أمّا محمّد بن زیاد فقد قدمنا احتمال کونه ابن أبی عمیر وغیره موجود (3) ، لکن الاشتراک بین ثقة وغیره واقع (4). المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی الفصل ، وإطلاقه یقتضی عدم الفرق بین التسلیم وغیره ، ودلالته علی أنّ الوتر اسم للثلاث واضحة ، وأنّ القراءة بقل هو الله أحد فی الثلاث ، لا ما ظنه الشیخ من القراءة فی المفردة منه فی بعض کتبه (5).

والثانی : کالأوّل.

وأمّا الثالث : فالذی یظن منه أنّ مقصود السائل عن تسلیم الوتر ما هو ، والجواب حینئذ أنّه إیقاظ الراقد والتکلم بالحاجة ، وهذا لا یدل علی اختصاص التسلیم بما ذکره ، بل الظاهر إرادة عدم اختصاص التسلیم المعهود.

والرابع : محتمل لما قلناه فی الثالث ، کما یحتمل السؤال عن التسلیم المعهود ، وقوله علیه السلام بعد الجواب : « فإن کانت لک حاجة » إلی آخره.

کردویه مجهول الحال

محمد بن زیاد مشترک

بیان ما دل علی لزوم الفصل بین الشفع والوتر وتوجیه ما دلّ علی التخییر

ص: 368


1- انظر رجال الطوسی : 140 / 1.
2- راجع ج 1 : 283.
3- راجع ج 1 : 282.
4- انظر هدایة المحدثین : 237.
5- الخلاف 1 : 538.

إشارة إلی عدم لزوم الرکعة الثالثة بعد التسلیم.

والخامس : واضح.

أمّا السادس : فالذی یظن منه بعد ما قدّمناه فی الثالث ظاهر ؛ إذ المراد حینئذ أنّ التسلیم المعهود إن شئت فعلته وإن شئت لم تفعله.

وما عساه یتخیل حینئذ أنّ مقتضاه لزوم التسلیم المشهور فی غیر الوتر فیدل علی الوجوب ، یدفعه أنّ إرادة رجحان فعله فی غیر الوتر ممکنة.

إلاّ أن یقال : إنّ الرجحان فی الوتر أیضا مراد ، إذ رجحان الکلام علیه غیر معقول.

وفیه : أنّه لا مانع منه ، لکن لا برجحان غیره ، بل بالمساواة ، علی أنّ غیر الوتر یدخل فیه النوافل ولا وجوب فیها ، فلا بدّ من إرادة الرجحان.

وما ذکره الشیخ لا یخفی بعده ، فإنّ الظاهر منه الکلام بعد السلام ، ولو حمل علی ما قلناه أمکن لکن العبارة لا تساعد علیه.

أمّا قول الشیخ : إنّ مضمون الحدیثین ، إلی آخره. فالظاهر أنّ مراده أهل الخلاف ، والذی یقتضیه کلام بعضهم التخییر (1) ، ولو أراد الأصحاب فالقائل بوجوب الوصل غیر معلوم لنا. وعلی ما قلناه فی الخبرین الأوّلین یتضح معنی الخبرین المذکورین ؛ لأنّ التسلیم لا رجحان له فی الوتر علی غیره من الکلام ونحوه.

وینبغی أن یعلم أنّ فی کلام بعض محققی المتأخرین رحمه الله أنّ الظاهر التخییر فی الفصل والوصل ، والمشهور الأوّل ، إلی أن قال بعد ذکر اختلاف

ص: 369


1- انظر المهذب فی فقه الشافعی 1 : 83.

الأخبار : والجمع بالتخییر حسن کما هو مذهب العامة ولکن لم أعرفه مذهبا للأصحاب (1). انتهی. وفیه دلالة علی ما قدّمناه ، لکن اختیار التخییر مع عدم القائل المعلوم مستغرب ، والاحتیاط سهل إن شاء الله تعالی.

قوله :

باب کراهیة النوم بین رکعتی الفجر وبین صلاة الغداة.

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن علی بن محمّد القاسانی ، عن سلیمان بن حفص المروزی قال : قال أبو الحسن الأخیر علیه السلام : « إیّاک والنوم بین صلاة اللیل والفجر ، ولکن ضجعة بلا نوم ، فإنّ صاحبه لا یحمد علی ما قدّم من صلاته ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابنی محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إنّما علی أحدکم إذا انتصف اللیل أن یقوم فیصلّی صلاته جملة واحدة ثلاث عشر رکعة ، ثم إن شاء جلس فدعا ، وإن شاء نام ، وإن شاء ذهب حیث شاء ».

فهذه الروایة جاءت رخصة ورفعا للحظر ، والأفضل ترک النوم علی ما تضمنته الروایة الأولی.

السند :

فی الأوّل : فیه علی بن محمّد القاسانی ، ولم یوثقه النجاشی (2) ،

کراهیة النوم بین رکعتی الفجر وبین صلاة الغداة

بحث حول علی بن محمد القاسانی

ص: 370


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 37.
2- رجال النجاشی : 255 / 669.

والشیخ کلامه فیه لا یخلو من شی ء ، ویظهر منه التوثیق والتضعیف (1) ، ویمکن أن یقال : إنّ عدم استثنائه من روایات محمّد بن أحمد بن یحیی یقتضی قبوله ، وفیه ما فیه. وسلیمان بن حفص مجهول الحال.

والثانی : موثق علی ما مضی القول فیه مکررا فی عبد الله بن بکیر (2). المتن :

فی الأوّل : کما تری فیه الفجر ، وهو محتمل لصلاة الصبح ورکعتی الفجر ، إلاّ أنّ الشیخ فهم منه صلاة الغداة ، وعلی ذلک المعروفون من الأصحاب ( ولا یبعد ظهوره ، نظرا إلی أنّ صلاة اللیل ثلاث عشر رکعة فی الأخبار ) (3).

وفی الفقیه : اضطجع بین رکعتی الفجر ورکعتی الغداة علی یمینک مستقبل القبلة وقل ، إلی آخره (4).

والظاهر من الروایة الضجعة بین صلاة اللیل ورکعتی الفجر ، وعبارة الصدوق تضمنت بین رکعتی الفجر ورکعتی الغداة ، وهی تتناول من صلّی صلاة اللیل ومن لم یصلّ.

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فیه متوجه (5).

سلیمان بن حفص مجهول الحال

بیان ما دل علی المنع من النوم بین صلاة اللیل والفجر والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز

ص: 371


1- رجال الطوسی : 417 / 9 و 10.
2- راجع ج 1 : 125.
3- ما بین القوسین ساقط عن « م ».
4- الفقیه 1 : 313.
5- فی « م » زیادة : ولا یخفی أنّ العنوان لو جعل مطابقا للروایة الأولی کان أولی.

قوله : باب کراهیة النوم بعد صلاة الغداة

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أبی جعفر ، عن أبی ( الجوزاء ، عن الحسین بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن عاصم بن أبی النجود الأسدی ، عن ابن عمر ) (1) ، عن الحسن بن علی قال : « سمعت أبی علی بن أبی طالب علیه السلام یقول : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : أیّما امرئ مسلم جلس فی مصلاّه الذی صلّی فیه الفجر یذکر الله حتی تطلع الشمس کان له من الأجر کحاج بیت الله وغفر له ، وإن جلس فیه حتی تکون ساعة تحلّ فیها الصلاة فصلّی رکعتین أو أربعا غفر له ما سلف وکان له من الأجر کحاج بیت الله ».

وروی العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : سألته عن النوم بعد الغداة ، فقال : « إنّ الرزق یبسط تلک الساعة فأنا أکره أن ینام الرجل تلک الساعة ».

وقال الصادق علیه السلام : « نومة الغداة مشومة تطرد الرزق ، وتصفر اللون ، وتقبحه ، وتغیره وهو نوم کل میشوم ، إنّ الله تعالی یقسم الأرزاق ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن موسی بن عمر ، عن معمر بن خلاد قال : أرسل إلیّ أبو الحسن الرضا علیه السلام فی حاجة ،

کراهیة النوم بعد صلاة الغداة

اشارة

ص: 372


1- ما بین القوسین ساقط عن « م ».

فدخلت علیه فقال : « انصرف فإذا کان غدا فتعال ، ولا تجی ء إلاّ بعد طلوع الشمس ، فإنّی أنام إذا صلّیت الفجر ».

عنه ، عن محمّد بن الحسین ، عن عبد الرحمن بن أبی هاشم ، عن سالم بن أبی خدیجة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سأله رجل وأنا أسمع فقال : إنّی أصلّی الفجر ثم أذکر الله بکل ما أرید أن أذکره ممّا (1) یجب علیّ ، أرید أن أضع جنبی فأنام قبل طلوع الشمس فأکره ذلک قال : « فلم؟ » (2) قال : أکره أن (3) تطلع الشمس من غیر مطلعها ، قال : « لیس بذلک خفاء ، انظر من حیث یطلع الفجر فذلک مطلع الشمس ، لیس علیک من حرج أن تنام إذا کنت قد ذکرت الله ».

فالوجه فی هاتین الروایتین ضرب من الرخصة وإن کان الأفضل ما قدّمناه. السند :

فی الأوّل : فیه أبو الجوزاء ، وهو المنبه بن عبد الله ، وقد قال النجاشی : إنّه صحیح الحدیث (4). لکن لا یدری المراد بصحة الحدیث ، هل هو مطلق الروایة أو الحدیث المثبت فی أصله أو کتابه؟ ومع الاحتمال لا یفید فی غیر هذا المقام ، أمّا هنا فالحسین بن علوان عامی ، وعمرو بن خالد نحوه ، وعاصم مجهول.

بحث حول أبی الجوزاء المنبه بن عبدالله

الحسین بن علوان عامی

عمرو بن خالد عامی

عاصم بن أبی النجود الأسدی مجهول

ص: 373


1- فی الاستبصار 1 : 350 / 1324 : ما.
2- فی الاستبصار 1 : 350 / 1324 : ولم.
3- فی الاستبصار 1 : 350 / 1324 : بأن.
4- رجال النجاشی : 421 / 1129.

والثانی : فیه عدم الطریق إلی العلاء فی المشیخة ، وفی الفهرست لا یفید هنا ، لکن الروایة فی الفقیه بهذه الصورة (1) ، والطریق إلی العلاء صحیح مع ثقته ومن معه.

والثالث : مرسل ، وهو فی الفقیه کذلک (2).

أمّا الرابع : ففیه موسی بن عمر ، وهو الصیقل ، لروایة محمّد بن علی ابن محبوب عنه فی الرجال (3) ، وحاله لا یزید علی الإهمال. ومعمر ابن خلاد ثقة.

والخامس : فیه سالم بن أبی خدیجة ، وهو مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (4) ، وما فی کلام البعض من التوثیق والتعدد (5) موهوم فی الظاهر. أمّا عبد الرحمن بن أبی هاشم فهو ثقة.

المتن :

فی الأوّل : واضح ، إلاّ أنّه ربّما کان فی آخره أمارة عدم الصحة ، من حیث قوله : « حتی تکون ساعة تحل فیها الصلاة » فإنّ هذا مذهب أهل الخلاف فی صلاة الفجر (6) ، إذ الظاهر من ساعة حلّ الصلاة ارتفاع الشمس ، واحتمال الزوال بعید مخالف لظاهر الصلاة رکعتین ، والناقل کما تری ابن عمر.

کلمة حول الطریق إلی العلاء

موسی بن عمر الصیقل مهمل

معمر بن خلّاد ثقة

سالم بن أبی خدیجة مهمل

عبدالرحمن بن أبی هاشم ثقة

بیان ما دل علی کراهیة النوم بعد صلاة الصبح وتوجیه ما یعارضه

ص: 374


1- الفقیه 1 : 317 / 1443.
2- الفقیه 1 : 318 / 1445.
3- انظر الفهرست : 163 / 709.
4- رجال الطوسی : 209 / 116.
5- انظر رجال ابن أبی داود : 100 / 668.
6- انظر المهذب فی فقه الشافعی 1 : 92.

والثانی : کما تری ظاهر الدلالة ، إلاّ أنّ ما دلّ من معتبر الأخبار علی (1) أنّ « الرزق کالموت لا ینفع الفرار منه » یقتضی عدم ضرورة النوم به ، ولعلّ المراد بالرزق الزائد عمّا فیه الحیاة ، أو تقیید تلک الأخبار بما تضمنه هذا الخبر.

والثالث نحوه.

أمّا الرابع : فتوجیه الشیخ له ممکن.

والخامس : لا یخلو من إجمال وغرابة ، والذی یظهر من کتب أهل الخلاف فی الحدیث أنّ طلوع الشمس من غیر مطلعها علامة قیام الساعة (2) ، فلا یبعد أن یکون الرجل سمع من أحدهم هذا فاعتقد صحته ، أو أنّ السائل منهم فدفع وهمه علیه السلام بما یقرب من عقله.

ویحتمل أن یکون کنایة عمّا ذکره بعض الأصحاب من علامات خروج القائم علیه السلام التی من جملتها طلوع الشمس من المغرب (3) ، فأراد السائل الخوف من خروجه علیه السلام ولم یعلم ، فأزاح علیه السلام وهمه بأنّ مطلع الشمس معلوم. وفیه (4) دلالة علی ما قاله بعضهم من أنّ طلوع الشمس من المغرب کنایة عن الإمام علیه السلام ؛ فإنّ ظهوره علیه السلام من المغرب فی بعض الآثار (5) ، وحینئذ حاصل الجواب دفع الحقیقة من مطلع الشمس ، ویحتمل غیر ذلک ، لکنه فی حیّز البعد ، والله تعالی أعلم بالحال.

ص: 375


1- انظر الکافی 2 : 57 / 2 ، 1 وکلمات المحقّقین خراجیة فاضل القطیفی : 246.
2- صحیح مسلم 4 : 2225 / 39.
3- انظر إرشاد المفید 2 : 371 ، روضة الواعظین : 262.
4- فی « فض » زیادة : حینئذ.
5- إلزام الناصب 2 : 133 - 134.

ص: 376

فهرس الموضوعات

أبواب القبلة

من اشتبه علیه القبلة فی یوم غیم ............................................ 5

بحث حول اسماعیل بن عباد.................................................... 6

خراش مهمل................................................................. 7

بحث حول المراد بالإجماع علی تصحیح ما یصح عن الرجل....................... 7

بیان ما دل علی أنّ من اشتبه علیه القبلة یصلّی لأربع جهات والجمع بینه وبین ما یعارضه 8

من صلّی إلی غیر القبلة ثم تبیّن بعد ذلک قبل انقضاء الوقت وبعده............... 14

بحث حول علی بن الحسن الطاطری........................................... 17

بحث حول محمد بن أبی حمزة................................................ 17

إشارة إلی حال ثعلبة بن میمون والحجّال....................................... 17

القاسم بن الولید المهمل..................................................... 17

بحث حول محمد بن الحصین................................................. 17

بیان ما دل علی أنّ من استبان له أنّه صلّی إلی غیر القبلة یعید فی الوقت دون خارجه مع الاجتهاد 18

ص: 377

بیان ما دلّ علی عدم الاعادة اذا کان الانحراف یمیناً وشاملاً وأنّ ما بین المغرب والمشرق قبلة 21

بیان ما دلّ علی أنّه إذا ثبت فی الأثناء یستقبل................................. 24

بحث حول محمد بن زیاد.................................................... 26

توجیه ما دل علی لزوم الاعادة مع انقضاء الوقت أیضاً......................... 28

بیان ما دلّ علی أنّه لو علم فی الأثناء یحوّل وجهه إن کان متوجّهاً إلی ما بین المشرق والمغرب ویقطع مع الاستدبار 29

الصلاة فی جوف الکعبة.................................................. 31

بحث حول أبی الحسین بن أبی جید............................................ 32

بیان ما دل علی المنع من الصلاة فی جوف الکعبة والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز 33

أبواب الأذان والإقامة

الأذان والإقامة فی صلاة المغرب و غیرها من الصلوات......................... 36

الصباح بن سیّابة مهمل..................................................... 37

إشارة إلی حال القاسم بن محمد الجوهری وعلی بن أبی حمزة البطائنی وأبی بصیر... 37

الأقوال فی وجوب الأذان والإقامة واستحبابهما................................. 37

بیان ما دلّ علی عدم وجوب الأذان والإقامة................................... 38

توجیه ما دلّ بظاهره علی الوجوب........................................... 43

حکم الأذان والإقامة بالنسبة إلی النساء....................................... 43

الکلام فی حال الإقامة.................................................... 44

عمرو بن أبی نصر ثقة....................................................... 45

بحث حول محمد بن إسماعیل................................................. 45

بحث حول صالح بن عقبة.................................................... 46

أبو هارون المکفوف مذموم.................................................. 46

ص: 378

بیان ما دلّ علی المنع من الکلام فی الإقامة وبعدها.............................. 46

إشارة إلی ضعف محمد بن سنان.............................................. 48

الحسن بن شهاب مهمل..................................................... 48

بحث حول الطریق إلی جعفر بن بشیر ومن یروی عنه........................... 48

بیان مادلّ علی جواز التکلّم فی الأذان والإقامة وبعدها وما دلّ علی حرمته بعدها إلّا فیما یتعلّق بأحکام الصلاة 50

الأذان جالسا أو راکبا.................................................... 52

کلمة حول إطلاق « العبد الصالح »......................................... 53

بحث حول محمد بن سنان................................................... 53

أبو خالد القماط ثقة........................................................ 53

حمدان أمره ملتبس.......................................................... 54

بیان ما دلّ علی عدم جواز الإقامة قاعداً أو راکباً.............................. 54

من نسی الأذان والإقامة حتی صلّی أو دخل فیها............................. 55

سلمة بن الخطاب ضعیف فی حدیثه........................................... 56

إشارة إلی حال أبی جمیلة..................................................... 56

نعمان الرازی مهمل........................................................ 56

بحث حول الراوی عن محمّد بن الحسین....................................... 56

محمّد بن الفضیل مشترک.................................................... 57

إشارة إلی جهالة علی بن السندی............................................. 57

بیان ما دلّ علی أنّ من نسی الأذان والإقامة ثم ذکر فی أثناء الصلاة أو بعدها لا یعیدها 57

دلالة الحدیث علی تخلیط أبی بصیر........................................... 58

بحث حول سعید الأعرج.................................................... 60

إسحاق بن آدم مهمل....................................................... 61

الفضل بن حسان غیر مذکور فی الرجال...................................... 61

زکریا بن آدم ثقة........................................................... 61

ص: 379

إشارة إلی حال الحسین بن أبی العلاء.......................................... 61

داود بن سرحان ثقة........................................................ 61

توجیه ما دل علی أنّ من ذکر أنّه نسی الإقامة قبل فراغة من الصلاة یعیدها....... 61

بیان ما دلّ علی أنّه إن ذکر قبل القراءة فلیصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله .................. 62

بیان ما دلّ علی أنّه إن ذکر فی القراءة یسکت ویقول:« قد قامت الصلاة» مرّتین.. 62

بیان ما دلّ علی أنّه إن ذکر قبل القراءة فلیسلّم علی النبی صلی الله علیه و آله ثم یقیم............ 63

الأقوال فی مسألة ترک الأذان والإقامة تعمّداً أو نسیاناً........................... 64

عدد الفصول فی الأذان والإقامة........................................... 66

احتمال قبول روایة محمد بن عیسی إذا روی عن غیر یونس..................... 69

بحث حول أبان بن عثمان................................................... 69

بحث حول إسماعیل الجعفی................................................... 69

علی بن السندی مجهول..................................................... 70

أبوبکر الحضرمی مجهول..................................................... 70

کلیب الأسدی فی مدحه کلام............................................... 70

توجیه ما دلّ علی تثنیة التکبیر فی أوّل الأذان.................................. 70

تعیین المعطوف علیه فی قول الشیخ : فضالة عن سیف وصفوان.................. 73

أبو عبیدة الحذّاء ثقة......................................................... 74

یزید مولی الحکم مجهول الحال................................................ 74

القاسم بن عروة مهمل...................................................... 74

نعمان الرازی مهمل........................................................ 74

توجیه ما دل علی الأذان مثنی مثنی والإقامة واحدة واحدة....................... 74

بیان ما دل علی أنّ الأذان والإقامة یقصّران فی السفر........................... 75

أحمد بن الحسن مشترک..................................................... 77

کلمة حول علی بن محمد.................................................... 78

معنی التثویب............................................................... 78

توجیه ما دلّ علی استحباب التثویب.......................................... 79

ص: 380

القعود بین الأذان والإقامة فی المغرب....................................... 80

الحسن بن علی بن یوسف ثقة................................................ 80

سعدان بن مسلم مهمل...................................................... 80

بحث حول إسحاق الجریری................................................. 81

بیان ما دلّ علی الفصل بین الأذان والإقامة بقعود إلّا فی المغرب فإنّ بینهما فیها نَفَساً 81

أبواب کیفیّة الصلاة من فاتحتها إلی خاتمتها

وجوب قراءة الحمد...................................................... 87

بحث حول روایة الحسین بن سعید عن فضالة.................................. 88

بیان ما دلّ علی أنه لا صلاة إلّا بفاتحة الکتاب فی جهر أو إخفات................. 89

توجیه ما دل علی عدم وجوب الفاتحة علی الخائف والمستعجل................... 89

هل یکتفی بفاتحة الکتاب عن السورة؟........................................ 91

هل الحمد شرط فی النوافل؟................................................. 92

بیان ما دل علی حصر المفروض فی الرکوع والسجود.......................... 94

بیان ما دل علی أنّ العاجز عن القراءة یکفیه التکبیر والتسبیح................... 94

الجهر ببسم اللّه الرحمن الرّحیم............................................ 97

بحث حول یحیی بن عمران الهمدانی........................................... 99

محمد بن حمّاد بن زید ثقة.................................................... 99

عبدالله بن یحیی الکاهلی ممدوح............................................... 99

حکم الجهر بالبسملة فی ما یخافت فیه وبیان ما دلّ علیه ونقل الأقوال فیه........ 100

بحث حول سُلیم بن قیس والراوی عنه...................................... 107

دلالة روایة معاویة بن عمار علی أنّ التسمیة فی الفاتحة والسورة لابدّ منها وعدم دلالتها علی وجوب السورة 108

بیان ما دلّ علی أنّ من ترک البسملة فی السورة یعید.......................... 109

ما المراد بالمرّتین فی قوله : صلّی بنا أبو عبدالله علیه السلام فجهر مرّتین ...؟.......... 111

ص: 381

بحث حول مسمع بن عبدالملک البصری..................................... 113

علی بن السندی مجهول.................................................... 114

تمییز أحمد ومحمد فی قوله : سعد بن عبدالله عن أحمد ومحمد................... 114

بحث حول أبی جریر زکریا بن إدریس القمی................................ 114

توجیه ما دلّ علی جواز ترک البسملة فی الفاتحة والسورة....................... 115

بحث حول طریق الشیخ إلی عبیدالله الحلبی ومحمد الحلبی....................... 117

بحث حول روایة محمد بن سنان عن عبدالله بن مسکان وعدم روایة الحسین بن سعید عنه 118

توجیه ما دلّ علی التخییر بین الجهر والاخفات فی بسملة الفاتحة والنهی عن قراءتها مع السورة 118

وجوب الجهر فی القراءة................................................. 120

بحث حول طرق الشیخ إلی حریز........................................... 120

بیان ما دل علی أنّ من ترک الجهر والاخفات فی موضعهما متعمّداً علیه الاعادة... 122

نقل الاقوال فی المسألة ومعنی قولع تعالی : ( ولا تجهر بصلاتک ولا تخافت بها ).. 125

توجیه ما دل علی التخییر بین الجهر وعدمه فی ما یجهر فیه..................... 128

أقل الجهر والإخفات وأکثرهما.............................................. 129

الجهر فی النوافل بالنهار................................................. 130

الحسن بن علی بن فضّال فطحی ثقة........................................ 130

حکم نوافل اللیل والنهار من حیث الجهر والاخفات.......................... 131

لا یقرأ فی الفریضةبأقلّ من سورة ولا بأکثر منها........................... 132

بحث حول محمد بن عبدالحمید............................................. 134

سیف بن عمیرة ثقة....................................................... 134

بحث حول الحسن بن محبوب............................................... 135

إشارة إلی ضعف محمد بن سنان............................................ 135

ص: 382

بحث حول الحسن الصیقل................................................. 135

الأقوال فی وجوب السورة أو عدم وجوبها.................................... 136

بیان ما دل علی أنّه لا یقرأ فی المکتوبة بأقل من سورة ولا بأکثر............... 139

بیان ما دل علی جواز الاقتصار علی الفاتحة فی الفریضة والمناقشة فی توجیه الشیخ له 140

بحث حول روایة محمد بن عیسی عن یونس ووجه اعتماد الشیخ علیها........... 141

عدم حجیّة مفهوم الوصف................................................. 143

أدلّة القائلین بوجوب السورة والمناقشة فیها................................... 144

بحث حول الحسن بن السری............................................... 149

یاسین الضریر مهمل...................................................... 151

إسماعیل بن الفضل هو الهاشمی الثقة.......................................... 151

توجیه ما دل علی جواز تکرار السورة فی الرکعتین من الفریضة إذا کانت أکثر من ثلاث آیات 152

القران بین السورتین.................................................... 155

بحث حول الهروی عبدالسلام بن صالح...................................... 155

بیان ما دل علی جواز القران فی النافلة وعدم جوازه فی الفریضة والجمع بینه وبین ما دل علی الکراهة فی الفریضة 158

هل القرآن علی تقدیر التحریم مفسد؟....................................... 161

بحث حول مراسیل ابن أبی عمیر............................................ 163

توجیه ما دل علی وقوع القِران من الامام علیه السلام ............................... 164

النهی عن قول آمین بعد الحمد........................................... 166

إشارة إلی تمییز عبدالله بن المغیرة............................................. 167

بیان ما دل علی عدم جواز التأمین بعد الفاتحة والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز 168

من قرأ سورة من العزائم التی فی آخرها السجود........................... 173

وهب بن وهب ضعیف.................................................... 174

ص: 383

إشارة إلی ضعف عثمان بن عیسی.......................................... 174

بیان ما دلّ علی عدم بطلان الصلاة بقراءة العزیمة والجمع بینه وبین ما دل علی النهی عنها 174

أدلّة القول بالبطلان والمناقشة فیها........................................... 175

کلمة حول جهالة القاسم بن عروة.......................................... 176

الحائض تسمع سجدة العزائم............................................ 176

توجیه ما دل علی أنّ الحائض إذا سمعت السجدة لا تسجد ، واضطراب کلام الشیخ والعلّامة فی المسألة 177

إسماع الرجل نفسه القراءة............................................... 178

کلمة فی الطریق إلی محمد بن أحمد بن یحیی................................... 181

کلمة حول تمییز محمد بن أبی حمزة.......................................... 182

بیان ما دل علی لزوم إسماع الرجل نفسه القراءة والجمع بینه وبین ما دل علی کفایة مثل حدیث النفس 182

معنی اللهوات والهمهمة.................................................... 183

التخییر بین القراءة والتسبیح فی الرکعتین الأخیرتین......................... 183

بحث حول محمد بن اسماعیل................................................ 185

علی بن حنظلة مهمل...................................................... 186

محمد بن أبی الحسن بن علان مجهول......................................... 186

محمد بن حکیم مشترک بین مهملین......................................... 186

التخییر بین الفاتحة والتسبیح فی الاخیرتین وبیان موارد الاختلاف بین الفقهاء فی المسالة 186

بیان دلالة الاخبار......................................................... 187

ذکر بقیّة الاخبار الواردة فی الباب.......................................... 188

أفضلیّة التسبیح من القراءة................................................. 191

حکم الاستغفار والتکبیر ، والترتیب فی التسبیحات........................... 192

مقدار التسبیحات......................................................... 194

ص: 384

أبواب الرکوع والسجود

أقل ما یجزئ من التسبیح فی الرکوع والسجود............................ 199

إشارة إلی حال القاسم بن عروة............................................. 200

کلمة فی روایة علی بن حدید عن عبدالرحمن بن أبی نجران..................... 200

الأقوال فی ذکر الرکوع والسجود وبیان ما احتجوا به........................ 201

بیان ما دل علی أنّ الفرض تسبیحة والسنّة ثلاث............................. 203

بیان ما دلّ علی إجزاء ثلاث تسبیحات فی ترسّل واحد وواحدة تامّة ............ 203

إشارة إلی حال مسمع..................................................... 207

داود الأبزاری مهمل...................................................... 207

أحمد بن الحسن مشترک.................................................... 207

توجیه ما دلّ علی أنّه لا یجزئ أقل من ثلاثه تسبیحات أو قدرهن............... 208

معنی الترسّل.............................................................. 213

یحیی بن عبدالملک مهمل.................................................... 215

إشارة إلی حال أبی بکر الحضرمی........................................... 215

حمزة بن حمران مهمل..................................................... 215

الحسن بن زیاد مشترک.................................................... 215

بیان ما دل علی أنّ حد الرکوع والسجود التسبیحة الکبری ثلاثاً وأنّ من لم یسبّح لا صلاة له 216

حکم زیادة « وبحمده »................................................... 216

معنی « سبحان ربیّ الاعلی وبحمده »....................................... 217

تلقی الأرض بالیدین لمن أراد السجود.................................... 218

إشارة إلی حال أبی الحسین بن أبی جید...................................... 220

بحث حول الحسین بن الحسن بن أبان ومحمّد بن اُورمة........................ 220

إشارة إلی حال القاسم بن محمّد الجوهری.................................... 221

إشارة إلی حال الحسین بن أبی العلاء........................................ 221

بحث حول سماعة.......................................................... 221

ص: 385

بیان ما دلّ علی رجحان وضع الیدین قبل الرکعتین عند إرادة السجود وتوجیه ما یعارضه 222

السجود علی الجبهة.................................................... 224

بحث حول محمد بن مضارب............................................... 226

بحث حول موسی بن عمیر ( عمر )........................................ 226

إشارة إلی وثاقة بُرید العجلی............................................... 226

إشارة إلی وثاقة مروان بن مسلم............................................ 227

إشارة إلی حال عمّار الساباطی............................................. 227

بحث حول محمد بن یحیی................................................... 227

بیان ما دل علی أنّه لیس علی الأنف سجود................................. 227

بیان ما دلّ علی إجزاء المسمّی وعدم اعتبار مقدار الدرهم..................... 228

توجیه ما دلّ علی لزوم إصابة الأنف لما یصیب الجبین ومعنی الارغام ............ 229

بیان قوله علیه السلام : « السجود علی سبعة أعظم ».............................. 231

الإقعاء بین السجدتین................................................... 232

کلمة حول طرق الشیخ إلی معاویة بن عمّار وابن مسلم والحلبی................ 233

حکم الإقعاء بین السجدتین................................................ 235

معنی الإقعاء.............................................................. 235

من یقوم من السجدة الثانیة إلی الرکعة الثانیة.............................. 236

عبدالحمید بن عواض ثقة.................................................. 237

عدم الطریق للشیخ إلی سماعة............................................... 237

جهالة طریق الشیخ إلی علی بن الحکم....................................... 237

رحیم مجهول............................................................. 237

کلمة حول حدیث عبدالله بن بکیر......................................... 227

بیان ما دل علی استحباب جلسة الاستراحة وتوجیه ما یعارضه................. 238

ص: 386

وضع الإبهام فی حال السجود............................................ 239

إشارة إلی عدم توقّف المشایخ فی احمد بن محمد بن یحیی........................ 240

بحث حول أبی اسماعیل السراج............................................. 240

بحث حول هارون بن خارجة............................................... 241

وضع الرکبتین فی حال السجود............................................ 242

وضع الابهامین فی حال السجود............................................. 243

النفخ فی موضع السجود فی حال الصلاة.................................. 244

بحث حول روایة محمّد عن الفضل وتمییزهما.................................. 244

أبو اسحاق الذی روی عنه الحجّال هو ثعلبة بن میمون........................ 245

حکم الأنین والنفخ فی حال الصلاة......................................... 246

من یسجد فتقع جبهته علی موضع مرتفع................................. 247

أبو مالک الحضرمی ثقة.................................................... 249

بحث حول معاویة بن حکیم................................................ 249

الحسن بن حماد والحسین بن حماد مهملان................................... 249

حکم ارتفاع موضع السجود عن موقف المصلّی.............................. 250

بیان ما دلّ علی لزوم رفع الرأس من الموضع المرتفع وما دل علی لزوم جرّ الجبهة والجمع بینهما 251

السجود علی القطن والکتان............................................. 253

إشارة إلی حال أبی العباس الفضل بن عبدالملک................................ 257

بحث حول یاسر الخادم.................................................... 257

بحث حول أحمد بن اسحاق................................................ 257

بحث حول وهیب بن حفص............................................... 258

داود الصرمی مهمل....................................................... 258

إشارة إلی حال محمد بن عبدالحمید.......................................... 258

ص: 387

مثنّی الحناط لا بأس به..................................................... 258

بحث حول عتیبة بیّاع القصب.............................................. 259

بحث حول القاسم بن الفضیل.............................................. 259

بحث حول عباد بن سلیمان................................................ 259

محمد بن القاسم بن الفضیل ثقة............................................. 260

أحمد بن عمر مشترک...................................................... 260

الحسین بن علی بن کیسان غیر مذکور فی الرجال............................ 261

کلام العلّامة فی مسألة السجود علی القطن والکتان ، والمناقشة فیه ............. 261

بیان ما دل علی عدم جواز السجود علی القطن والکتان....................... 262

بیان ما دل علی عدم جواز السجود علی الحیوان والطعام...................... 262

توجیه ما دل علی جواز السجود علی الطبری................................ 265

توجیه ما دل علی جواز السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة.............. 266

بیان ما دل علی السجود علی ظهر الکفّ والکُمّ............................. 267

توجیه ما دل علی جواز السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة ولا ضرورة معنی المسح والریاش 267

السجود علی القیر والقفر............................................... 268

بحث حول علی بن اسماعیل................................................ 268

محمد بن أبی حمزة مشترک بین ثقة ومهمل.................................... 269

بیان ما دل علی النهی عن السجود علی القیر والقفر والصاروج وتوجیه ما یعارضه 270

معنی القفر والصاروج..................................................... 272

السجود علی القرطاس فیه کتابة......................................... 273

داود بن فرقد ثقة......................................................... 274

بیان ما دل علی کراهة السجود علی القرطاس المکتوب علیه................... 274

معنی القرطاس............................................................ 276

ص: 388

السجود علی شی ء لیس علیه سائر البدن................................. 277

عبدالرحمان بن أبی عقبة مجهول الحال........................................ 277

محمد بن یحیی الخزاز ثقة................................................... 278

بحث حول غیاث بن ابراهیم............................................... 278

بیان ما دل علی جواز السجود علی شیء لیس علیه سائر البدن................ 279

معنی الخُمرة.............................................................. 279

السجود علی الثلج..................................................... 279

معمّر بن خلّاد ثقة......................................................... 280

داود الصرمی مهمل....................................................... 280

بیان ما دلّ علی النهی عن السجود علی الثلج والسبخة والجواز عند الضرورة.... 280

أبواب القنوت وأحکامه

رفع الیدین بالتکبیر إلی القنوت فی الصلوات الخمس........................ 282

أشارة إلی حال عبدالله بن المغیرة............................................ 284

بحث حول إسناد عبارة عبدالله بن المغیرة المبدوّة بقوله : وفسّرهنّ ... ، إلی الامام علیه السلام 285

موسی بن عمر مشترک.................................................... 285

بحث حول الصباح المزنی................................................... 285

اشارة الی حال سیف بن عمیرة وابی بکر الحضرمی........................... 286

بیان ما دلّ علی عدد التکبیرات فی الصلوات الخمس.......................... 286

معنی الحول والقوّة......................................................... 288

السنّة فی القنوت....................................................... 288

إشارة حال عبدالله بن بکیر................................................. 290

کلمة حول روایة الحسین بن سعید عن صفوان............................... 290

بحث حول ما قیل : إنّ عبدالله بن مسکان لم یرو عن أبی عبدالله علیه السلام إلّا حدیثاً واحداً 290

ص: 389

تمییز علی بن الحکم....................................................... 291

توضیح حول روایة أبی أیوب الخزاز عن أبی بصیر............................. 291

وهب مشترک بین مهمل وثقة وعامی........................................ 292

توضیح عبارة : قال الحسن ، فی ذیل روایة محمد بن مسلم..................... 292

اختلاف العلماء فی وجوب القنوت واستحبابه................................ 293

بیان ما دل علی رجحان القنوت............................................ 293

بیان ما دل علی وجوب القنوت فی الجهریة أو مطلقاً.......................... 294

بیان ما دل علی تعدّد القنوت فی الجمعة..................................... 296

بیان ما دل علی أنّ من ترک القنوت رغبة عنه لا صلاة له..................... 297

أدلّة القائلین بوجوب القنوت وما فیها من النقض والابرام...................... 297

بحث حول عبدالملک بن عمرو.............................................. 304

بحث حول جمیل بن صالح.................................................. 305

تمییز أبی جعفر الذی یروی عنه سعد........................................ 306

بحث حول اسماعیل الجعفی................................................. 306

معمر بن یحیی مشترک بین ثقة ومهمل....................................... 306

معنی القنوت لغةً وشرعاً................................................... 307

توجیه ما دل علی نفی القنوت قبل الرکوع وبعده............................ 307

توجیه ما دل علی حصر القنوت فی الغداة والوتر والجمعة والمغرب.............. 308

بیان ما دل علی التخییر بین القنوت وعدمه وعدم جوازه مع التقیة............... 308

عدم تعیّن دعاء مخصوص فی القنوت......................................... 309

وجوب التشهد وأقل ما یجزئ عنه........................................ 310

بحث حول الحجّال........................................................ 312

یحیی بن طلحة غیر مذکور فی الرجال........................................ 313

سورة بن کلیب مهمل..................................................... 313

سعد بن بکر مجهول....................................................... 313

بحث حول حبیب الخثعمی................................................. 313

بکر بن حبیب مهمل...................................................... 314

ص: 390

بیان ما دل علی وجوب التشهد وکیفیته..................................... 314

توجیه ما دلّ علی کفایة الحمد فی التشهد.................................... 320

معنی التحیّات والطیّبات.................................................... 321

دلالة روایة محمد بن مسلم علی وجوب الطمأنینة فی التشهد................... 321

إشارة إلی حال عبدالله بن بکیر............................................. 323

إشارة إلی حال محمد بن عیسی الأشعری.................................... 323

بحث حول الراوی عن محمد بن عیسی الیقطینی............................... 323

توجیه ما دل علی عدم وجوب التشهد والتسلیم.............................. 324

وجوب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله فی التشهد................................. 327

بحث حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر.................................... 328

بحث حول علی بن خالد................................................... 330

بیان ما دلّ علی وجوب الصلاة علی النبی وآله فی الصلاة وتوجیه ما یعارضه..... 331

کلمة حول تشبیه الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله بالصلاة علی إبراهیم علیه السلام ........... 335

قضاء القنوت.......................................................... 335

محمد بن سهل مهمل وأبوه ثقة............................................. 337

بیان ما دل علی أنّ ناسی القنوت یقضیه بعد الرکوع أو بعد الصلاة وتوجیه ما یعارضه 338

التسلیم لیس بفرض.................................................... 341

ظهور روایة زرارة فی أنّ التسلیم لیس من الصلاة............................. 342

الاستدلال بروایة زرارة علی أستحباب التسلیم والمناقشة فی أدلة القائلین بالوجوب 343

توجیه ما دل علی أنّ آخر الصلاة التسلیم................................... 348

هل یضرّ قصد الوجوب علی تقدیر استحباب التسلیم؟........................ 349

هل یعتبر قصد الخروج بالتسلیم؟........................................... 351

ص: 391

کیفیة التسلیم.......................................................... 353

عبدالحمید بن عواض ثقة.................................................. 354

إشارة إلی حال عنبسة بن مصعب........................................... 354

بیان ما دلّ علی أنّ الإمام یسلّم تسلیمة واحدة عن یمینه والمأموم تسلیمتین والمنفرد واحدة مستقبل القبلة 355

تعیین التسلیم المُخرج من الصلاة............................................ 356

کیفیة تسلیم الامام والمأموم والمنفرد فی عبارات بعض الأصحاب................. 360

التردّد فی وجوب الردّ..................................................... 360

معنی « السلام علیک أیّها النبی »........................................... 361

سجدتی الشکر بین فریضة المغرب ونوافلها................................ 361

حفص الجوهری مهمل.................................................... 362

جهم بن أبی جهم مهمل................................................... 362

سعدان بن مسلم مهمل.................................................... 363

بیان ما دل علی استحباب سجدة الشکر بعد النوافل أو الفرائض أو مطلقاً...... 363

وجوب الفصل بین رکعتی الشفع والوتر.................................. 365

إشارة إلی حال محمد بن أبی حمزة........................................... 365

أبو ولّأد حفص بن سالم لا ارتیاب فیه....................................... 323

بحث حول یعقوب بن شعیب............................................... 368

کردویه مجهول الحال...................................................... 368

محمد بن زیاد مشترک...................................................... 368

بیان ما دل علی لزوم الفصل بین الشفع والوتر وتوجیه ما دلّ علی التخییر....... 323

کراهیة النوم بین رکعتی الفجر وبین صلاة الغداة........................... 370

بحث حول علی بن محمد القاسانی........................................... 370

سلیمان بن حفص مجهول الحال............................................. 371

ص: 392

بیان ما دل علی المنع من النوم بین صلاة اللیل والفجر والجمع بینه وبین ما دل علی الجواز 371

کراهیة النوم بعد صلاة الغداة............................................. 372

بحث حول أبی الجوزاء المنبه بن عبدالله........................................ 373

الحسین بن علوان عامی.................................................... 373

عمرو بن خالد عامی...................................................... 373

عاصم بن أبی النجود الأسدی مجهول........................................ 373

کلمة حول الطریق إلی العلاء............................................... 374

موسی بن عمر الصیقل مهمل.............................................. 374

معمر بن خلّاد ثقة......................................................... 374

سالم بن أبی خدیجة مهمل.................................................. 374

عبدالرحمن بن أبی هاشم ثقة................................................ 374

بیان ما دل علی کراهیة النوم بعد صلاة الصبح وتوجیه ما یعارضه.............. 374

ص: 393

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.