استقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار المجلد 4

هویة الکتاب

محمد بن الحسن ، 980 - 1030 ق . شارح .

استقصاء الاعتبار / المؤلف محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني ؛ تحقيق مؤسسة آل البيت علیهم السلام الإحياء التراث . - مشهد : مؤسسةآل البيت علیهم السلام الإحياء التراث ، مشهد ، 1419 ه- ق = 1377 ه- ش .

ج 10 نموذج .

المصادر بالهامش

هذا الكتاب شرح للاستبصار للشيخ الطوسي .

1. الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار - نقد و تفسير .

2. أحاديث الشيعة - القرن 5 ق . ألف . الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار . شرح . ب . عنوان . ج . عنوان : الاستبصار . شرح .

25 الف 502 الف 9ط/ 130 BP

شايك (ردمك) 9 - 172 - 319 - 964 دوره 7 جزء

ISBN 964 - 319 - 172 - 9 / 7 VOLS.

شابك (ردمك ) 1 - 176 - 319 - 964 / ج 4

ISBN 964 - 319 - 176 - 1 / VOL. 4

الكتاب : استقصاء الاعتبار / ج 4

المؤلف : الشيخ محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث

الطبعة : الأولى - شوال - 1420 ه- ق

الفلم والالواح الحساسة (الزنك) : تیزهوش - قم

المطبعة : ستارة - قم

الكمية : 5000 نسخة

السعر : 8000 ریال

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

قوله :

کتاب الصلاة

ص: 6

باب المسنون من الصلاة فی الیوم واللیلة.

قوله :

أخبرنی الشیخ رحمة الله عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین ، عن أبیه ، ومحمد بن الحسن ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، قال : حدثنی إسماعیل بن سعد الأشعری القمی قال : قلت للرضا علیه السلام : کم الصلاة من رکعة؟ قال : « إحدی وخمسون رکعة ».

وعنه ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن فضیل ابن یسار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الفریضة والنافلة إحدی وخمسون رکعة منها رکعتان ( بعد العشاء (1) جالسا ) (2) تعدّان برکعة [ وهو قائم ، الفریضة منها سبع عشرة رکعة ] (3)والنافلة أربع وثلاثون رکعة ».

وبهذا الاسناد عن الفضیل بن یسار ، والفضل بن عبد الملک ، وبکیر قالوا : سمعنا أبا عبد الله علیه السلام یقول : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی

کتاب الصلاة

المسنون من الصلاة فی الیوم واللیلة

اشارة

ص: 7


1- فی الاستبصار 1 : 218 / 772 العتمة.
2- فی « فض » : جالساً بعد العشاء.
3- ما بین المعقوفین أضفناه من الاستبصار 1 : 218 / 772.

من التطوّع مِثْلَی الفریضة ، ویصوم من التطوّع مِثْلَی الفریضة ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن محمد بن إسماعیل بن بزیع (1) ، عن حنان (2) قال : سأل عمرو بن حریث أبا عبد الله علیه السلام وأنا جالس ، فقال : أخبرنی جعلت فداک عن صلاة رسول الله صلی الله علیه و آله ، قال : « کان النبی صلی الله علیه و آله یصلّی ثمانی رکعات بعد (3) الزوال ، وأربعاً الاولی ، وثمانٍ (4) بعدها ، وأربعاً العصر ، وثلاثاً المغرب ، وأربعاً بعد المغرب ، والعشاء الآخرة أربعاً ، وثمانٍ (5) صلاة اللیل ، وثلاثاً الوتر ، ورکعتی الفجر ، وصلاة الغداة رکعتین » قلت : جعلت فداک وإن کنت أقوی علی أکثر من هذا یعذّبنی الله علی کثرة الصلاة؟ فقال : « لا ولکن یعذّب علی ترک السنّة ». السند :

فی الأول : فیه محمد بن عیسی عن یونس ، وقد تقدّم أنّه مستثنی من روایة محمد بن عیسی ما یرویه عن یونس ، کما حکاه الصدوق عن محمد بن الحسن بن الولید (6).

فإنّ قلت : کیف یستثنی محمد بن الحسن ما ذکر وهذه الروایة قد رواها محمد بن الحسن بن الولید ؛ لأنّ الراوی مع علی بن الحسین بن

بحث حول روایة محمد بن عیسی عن یونس

ص: 8


1- فی « رض » : ابن الربیع.
2- فی الاستبصار 1 : 218 / 774 و « د » زیادة : بن سدیر.
3- فی الاستبصار 1 : 218 / 774 لا یوجد : بعد.
4- فی الاستبصار 1 : 218 / 774 : وثمانی.
5- فی الاستبصار 1 : 218 / 774 : وثمانی.
6- راجع ص 53.

بابویه هو ابن الولید ، والحال أنّ من جملة [ الرواة (1) ] محمد بن عیسی عن یونس؟

قلت : المنقول عن محمد بن الحسن ( أنّه قال : ) (2) ما تفرّد به محمد ابن عیسی ، وحینئذ (3) روایة محمد بن الحسن عنه هنا قرینة علی أنّ محمد ابن عیسی لم یتفرد بالروایة.

أو یقال : لا یلزم من الروایة العمل ، والظاهر من کلامه فی الاستثناء لأجل العمل ، لأنّه قال : ما انفرد به محمد بن عیسی من کتب یونس وحدیثه لا یعتمد علیه.

فإنّ قلت : مقتضی (4) قوله : ما تفرد (5) به محمد بن عیسی ، أنّ ما یرویه غیره معه تقبل روایته ، وفی هذا المقام قد روی غیره مضمون ما رواه ، فینبغی الاعتماد علی ما یرویه.

قلت : الأمر کما ذکرت ، إلاّ أنّ الفائدة فی الاعتماد علی قوله مع روایة غیره منتفیة بالنسبة إلی المتأخّرین (6) ، نعم عند المتقدّمین الذین لا یعملون بخبر الواحد إلاّ مع القرائن المسوغة للعمل به کما قدمناه (7) فی أول الکتاب یظهر الفائدة هنا ؛ فإنّ خبر محمد بن عیسی إذا روی مضمونه غیره حصل ممّا رواه غیره ما یفید الاعتماد ، إن حصل من روایة غیره معه کما

ص: 9


1- فی النسخ : الروایة ، غیرناها لاستقامة المعنی.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
3- لیست فی « رض ».
4- فی « فض » و « رض » : یقتضی.
5- فی « فض » و « رض » : انفرد.
6- فی « فض » زیادة : إلاّ علی ما قدمناه من اعتماد الشیخ. وفی « د » مشطوبة.
7- راجع ص 33.

نحن فیه ما یفید الاعتماد ، ولا یبعد أن یکون روایة محمد بن الحسن هذه الروایة ( مع کون فیها من ذکر ) (1) لاعتماده (2) علی القرائن ، فلیتأملّ.

وأمّا إسماعیل بن سعد فهو ثقة.

والثانی : حسن کما قدّمناه (3).

والثالث : کذلک ، أمّا الفضل بن عبد الملک فهو أبو العباس البقباق الثقة. وبکیر مشترک (4) ، ولا یبعد أن یکون ابن أعین عند الإطلاق ، وقال العلامة : أنّه مشکور (5). وروی الکشی بطریق معتبر أنّ الصادق علیه السلام قال فیه بعد موته : « لقد أنزله الله بین رسوله وأمیر المؤمنین علیه السلام » (6).

وما قد یظن من دلالته علی التوثیق محلّ تأمّل ؛ لأنّ التوثیق یراد به العدالة والضبط ، والخبر غایة ما یدل علی صلاحه وتقواه ، وهذان لا یلزمهما ما ذکرناه من تعریف الثقة ، لما اشتهر من قولهم : ترجو شفاعة من لا تقبل شهادته.

والرابع : فیه حنان وهو مشترک بین ابن سدیر الصیرفی الواقفی موثّقاً علی ما قاله الشیخ (7) ، وبین ابن أبی معاویة القُبّی المذکور مهملاً فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (8). ولا یبعد أن یکون الصیرفی ؛ لأنّه

إسماعیل بن سعد ثقة

الفضل بن عبد الملک هو أبو العبّاس البقباق الثقة

بحث حول بکیر بن أعین

بحث حول حنّان

ص: 10


1- کذا فی النسخ ولعل الأولی : مع کون من ذکر فیها.
2- فی « رض » زیادة : فیه.
3- من جهة إبراهیم بن هاشم ، راجع ص 36.
4- راجع هدایة المحدثین : 26.
5- خلاصة العلامة : 28.
6- رجال الکشی 2 : 419 / 315.
7- رجال الطوسی : 346 / 5 ، والفهرست : 64 / 244.
8- رجال الطوسی : 180 / 264.

المعروف عند الإطلاق ، وفیه ما فیه. وأمّا عمرو بن حریث فهو مشترک بین ثقة ومهمل (1) ، وإن کان لا یضرّ بالحال هنا کما لا یخفی. المتن :

فی الأول : کما تری یدل علی أنّ النفل والفرض ما ذکر ، أمّا تفصیل النفل ففی الثانی لیس إلاّ من جهة أنّ الوتیرة من الراتبة ، وکون النفل أربعاً وثلاثین مشترک.

والثالث : یدل علی أنّ النافلة أربع وثلاثون ، وما تضمنه من جهة الصوم فکأنّ الوجه فیه أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان یصوم شعبان ( وبقیة الأشهر غیر شهر رمضان یصوم فیها الثلاثة الأیّام وهو شهر مع شعبان ) (2) فیکون ضعف شهر رمضان.

والرابع : یدل مفصّلاً علی أنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یصلّی بعد الزوال ثمانی رکعات ، أمّا کونها للظهر کما هو مذکور فی کلام من رأینا کلامه فلا.

ثم إنّ الخبر تضمّن عدم ذکر الرکعتین من جلوس بعد العشاء ، فالعدد (3) المستفاد من غیره ناقص ، فلا أدری ما وجه عدم تعرض الشیخ ( لذکر ذلک ) (4).

وما تضمنه آخر الخبر من قوله : « ولکن یعذّب علی ترک السنّة » یحتمل أن یراد به أنّ الإکثار لا یعذّب علیه ، إنّما یعذّب علی کون الإکثار

عمرو بن حریث مشترک

بیان ما ورد فی عدد النوافل الیومیة

ص: 11


1- راجع هدایة المحدثین : 219.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- فی « د » : والعدد.
4- بدل ما بین القوسین ، فی « رض » : لذلک.

بقصد السنّة ، بمعنی أنّ الموظف هذا الزائد مع الأصل ، ولعلّ هذا الوجه له قرب من ظاهر الروایة.

وما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من أنّ ترک النافلة بالمرّة معصیة ؛ لما فیه من التهاون بأمر الدین ، کما ذکره الأصحاب من أنّ أهل البلد لو أصرّوا علی ترک الأذان قوتلوا (1). لا یخلو من وجه أیضاً.

وما تضمنه الخبر : من أنّ الوتر اسم للثلاثة. هو مفاد کثیر من الأخبار ، فما ذکره الشیخ فی المصباح من استحباب قراءة التوحید ثلاثاً فی الوتر یعنی المفردة (2) محلّ تأمّل.

هذا ، وینقل عن ابن الجنید أنّه قال : تصلّی قبل الظهر ثمان رکعات وثمان رکعات بعدها ، منها رکعتان نافلة العصر (3). ولم نقف علی مستنده.

وما احتمله شیخنا قدس سره من الاستدلال له بروایة سلیمان بن خالد عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلاة النافلة ثمان رکعات حین تزول الشمس قبل الظهر ، وستّ رکعات بعد الظهر ، ورکعتان قبل العصر » (4) لا وجه له ، کما صرّح به قدس سره أیضاً (5).

وما تضمنه الخبر الأخیر من سقوط الرکعتین بعد العشاء موجود فی بعض الأخبار أیضاً.

وفی الفقیه : وأمّا الرکعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس فإنّهما تعدّان

ص: 12


1- البهائی فی الحبل المتین : 133.
2- مصباح المتهجد : 133.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 331.
4- التهذیب 2 : 5 / 8 ، الوسائل 4 : 51 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها. ب 13 ح 16.
5- مدارک الأحکام 3 : 13.

برکعة ، فإنّ أصاب الرجل حدث قبل أن یدرک آخر اللیل ویصلّی الوتر یکون قد بات علی الوتر ، وإن أدرک آخر اللیل صلّی الوتر بعد صلاة اللیل ، وقال النبی صلی الله علیه و آله : « من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلا یبیتنّ إلاّ بوتر » وصلاة اللیل ثمان رکعات ، والشفع رکعتان ، [ والوتر رکعة (1) ] ورکعتا الفجر ، فهذه أحد وخمسون رکعة ، ومن أدرک آخر اللیل وصلّی الوتر مع صلاة اللیل لم یعدّ الرکعتین من جلوس بعد العشاء شیئاً ، وکانت الصلاة فی الیوم واللیلة خمسین رکعة (2). انتهی.

وکأنّ مراده بما ذکره الجمع بین ما دلّ علی الخمسین والأحد والخمسین ، ولا یخفی علیک الحال (3) فی کلامه ، ومأخذه لم نقف علیه ، وقد ذکرنا فی حاشیة الفقیه ما لا بدّ منه.

وذکر بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله أنّ ما دلّ علی الخمسین یقتضی عدم تأکّد الوتیرة (4) ، وفی روایة الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شی ء؟ فقال : « لا ، غیر أنّی أُصلّی بعدها رکعتین ولست أحسبهما من صلاة اللیل » (5).

ولا یخفی إجمال قوله علیه السلام : « ولست أحسبهما من صلاة اللیل » فیحتمل أن یراد عدم الاحتساب من نوافل اللیل المرتّبة فیه الشاملة لنافلة المغرب فیکون فعلهما استحباباً من غیر کونهما من الرواتب ، ویحتمل أن یراد من نوافل اللیل المرتّبة آخره ، وما نقلناه عن الصدوق یقتضی

ص: 13


1- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.
2- الفقیه 1 : 128.
3- فی « فض » و « رض » : الإجمال.
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 5.
5- التهذیب 2 : 10 / 19 ، الوسائل 4 : 93 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 27 ح 1.

الاحتساب من صلاة اللیل فی الجملة ، ( ولکن ) (1) الروایة معدودة من الحسن ، والله تعالی أعلم بالحال.

قوله :

فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسن بن علی ابن بنت إلیاس ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « لا تصلّ أقلّ من أربع وأربعین » قال : ورأیته یصلّی بعد العتمة أربع رکعات.

فلیس فی هذا الخبر نهی عما زاد علی الأربع والأربعین ، وإنّما نهی علیه السلام أن ینقص عنها ، ولا یمتنع أن یحثّ علی هذه الأربع والأربعین لتأکّدها ویحثّ علی ما عداها بحدیث آخر ، وقد قدّمنا من الأحادیث ما یتضمّن ذلک.

وأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن یحیی بن حبیب قال : سألت الرضا علیه السلام عن أفضل ما یتقرّب به العباد إلی الله عزّ وجلّ من الصلاة ، قال : « ستّ وأربعون رکعة فرائضه ونوافله » قلت : هذه روایة زرارة ، قال : « أَوَتری أحداً کان أصدع بالحق منه ».

فهذا الخبر لیس فیه نفی ما زاد علی هذه الصلاة ، وإنّما سأله السائل عن أفضل ما یتقرّب به العباد فذکر هذه الستة وأربعین ، وأفردها (2) بالذکر لما کان ما یزید علیها ( من الصلاة ) (3) دونها فی

ص: 14


1- فی « فض » و « رض » : لکن.
2- فی « رض » : وإفرادها.
3- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

الفضل.

والذی یدل علی ما ذکرناه من أنّه إنّما (1) أراد تأکّد فضل هذه الستة وأربعین رکعة :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن شعیب ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التطوّع باللیل والنهار ، فقال : « الذی یستحبّ أن لا ینقص عنه ثمانی رکعات عند زوال الشمس ، وبعد الظهر رکعتان ، وقبل العصر رکعتان ، وبعد المغرب رکعتان ، وقبل العتمة رکعتان ، وفی السحر ثمانی رکعات ، ثم یوتر ، والوتر ثلاث رکعات مفصولة ، ثم رکعتان قبل صلاة الفجر ، وأحبّ صلاة اللیل إلیهم آخر اللیل ».

فبیّن فی هذا الخبر أنّ هذه الستة وأربعین رکعة ممّا یستحب أنّ لا یقصر منها (2) ، وأنّ ما عداها لیس بمشارک لها فی الاستحباب ، وأمّا ما عدا هذین الخبرین من الأخبار التی یتضمّن نقصان الخمسین رکعة فالأصل فیها کلّها زرارة ، وإن تکرّرت بأسانید مختلفة ، وقد استوفینا ما یتعلق بهذا الباب فی کتاب تهذیب الأحکام وبیّنّا الوجه فیها ، فمن أراد الوقوف علی جمیعها رجع إلیه (3). السند :

فی الأول : معدود من الحسن بالحسن ، لکن لا یخلو من تأمّل وقد

إشارة إلی حال الحسن بن علی بن بنت إلیاس

ص: 15


1- لیست فی « رض ».
2- فی المصدر : عنها.
3- التهذیب 2 : 3 باب المسنون من الصلوات.

قدّمنا وجهه (1).

والثانی : فیه یحیی بن حبیب وهو مجهول الحال ، إذ لم نجده مذکوراً فی الرجال.

والثالث : فیه أبو بصیر وقد تکرّر القول فیه (2) ، وأنّ الظاهر هنا أنّه الضعیف ، علی ما یستفاد من معتبر الأخبار ، وإن وثّقه الشیخ (3). المتن :

فی الأول : کما تری ظاهر فی النهی عن صلاة أقلّ من أربع وأربعین ، فإذا خرجت الفرائض منها بقیت النوافل سبعة وعشرین ، وأما تفصیلها فغیر معلوم. وقوله : فرأیته یصلّی بعد العتمة أربع رکعات. یزید الإجمال.

وما قاله الشهید فی النفلیة : من أنّ السبعة والعشرین بإسقاط الوتیرة وست من نافلة العصر (4). لم أقف علی مأخذه.

وهذه الروایة المبحوث عنها تضمنت صلاة أربع بعد العتمة ، ولا یدری أهی من الرواتب أم من غیرها ، وکأنّ الظاهر أنّها من غیرها ؛ لدلالة أکثر الأخبار علی ذلک.

وفی روایة زرارة : « ثمان رکعات إذا زالت الشمس ، ورکعتین بعد الظهر ، ورکعتین قبل العصر ، وتصلّی بعد المغرب رکعتین ، وبعد ما

یحیی بن حبیب مجهول

کلمة حول أبی بصیر

توجیه ما دل علی أنّ النوافل الیومیة ستّة وعشرون رکعة أو سبعة وعشرون أو تسعة وعشرون

ص: 16


1- راجع ص 286.
2- راجع ص 51.
3- عدّة الأُصول 1 : 384 ، 380.
4- النفلیة : 2.

ینتصف اللیل ثلاث عشرة رکعة منها الوتر ومنها رکعتا الفجر ، فتلک سبع وعشرون رکعة سوی الفریضة ».

وهذه الروایة مرویة صحیحاً فی التهذیب (1) ، وربما صلحت لتقیید إطلاق الروایة المبحوث عنها لولا ما ذکرناه من الأربع بعد العتمة ، إلاّ أن یقال : إنّ الأربع من غیر الرواتب. واحتمال أن یراد بالعتمة المغرب بعید ، بل لا وجه له.

وما ذکره الشیخ فی توجیه الخبر لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ الحثّ علی المذکور لتأکّده إن أُرید به أنّ له فضلاً فالحثّ علیه غیر ظاهر الوجه ، بل الحثّ ینبغی علی الأفضل ، وإن أُرید به أنّه أفضل ففیه أنّ الزائد کیف یکون مفضولاً مع أنّ خیر الأعمال أحمزها.

وقول الشیخ : ویحثّ علی ما عداها بحدیث آخر. إن أراد به الحثّ لکونها أفضل نافی ما قاله ، ولو لا تصریحه فیما یأتی لأمکن توجیه کلامه بإرادة الفضل لا الأفضلیّة.

والثانی : لا یخفی ظهوره فی أنّ أفضل ما یتقرّب به العباد الستّ والأربعون ، وما ذکره الشیخ من أنّ الخبر لیس فیه نفی ما زاد علی هذه الصلاة مسلّم ، لکن السؤال عن الأفضل یقتضی أنّ الأقل أفضل ، والإشکال فیه قد قدّمناه.

ویمکن التوجیه بأنّ الأکثر وإن اشتمل علی مزیّة ، إلاّ أنّه لا مانع من کون الأقل أفضل ، وحینئذ یخصّ حدیث : « خیر الأعمال أحمزها » (2).

وأمّا ما استدل به من الخبر الثالث فلا یخلو من غرابة ؛ لأنّ مفاده أنّه

ص: 17


1- التهذیب 2 : 7 / 13 ، الوسائل 4 : 59 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 14 ح 1.
2- مجمع البحرین 4 : 16 ( حمز ). وفیه : أفضل ، بدل : خیر.

یستحب أن لا یقصر عن القدر المذکور ، کما صرّح به الشیخ فی التوجیه ، لأنّ القدر أفضل من الزائد الذی هو المطلوب فی الاستدلال.

وقول الشیخ : إنّ ما عداه لیس بمشارک له فی الاستحباب. فیه أنّ مفاد الروایة أنّ النافلة تسعة وعشرون ، والمستفاد من السابق سبعة وعشرون ، وحینئذ عدم المشارکة فی الاستحباب إن أُرید به أنّ التسعة والعشرین أفضل وعدم المشارکة فی الزیادة ، ففیه أنّ المطلوب کون القدر أفضل من الزائد لا الناقص ، کما قرره أوّلاً ، وإن أراد المقرّر أوّلاً لزم التهافت فی کلامه ، وإن أراد استحباب أن لا یقصر عن القدر ، ففیه ما هو أظهر من أن یبیّن.

وذکر الشهید رحمه الله فی النفلیّة أنّ ما ورد بالتسع والعشرین یحتمل أن یکون بإسقاط الوتیرة مع أربع العصر (1). ولا یخفی علیک أنّه إن أراد بما ورد الروایة المبحوث عنها فکان ینبغی أن یؤتی بمدلولها ، أمّا الاقتصار علی سقوط الأربع من العصر مع الوتیرة ففیه نوع إبهام ؛ لأنّ بقیّة النوافل علی ترتیبها ، والحال فی الروایة ما تری.

وما تضمّنه الخبر من کون الوتر مفصولة هو المعروف بین الأصحاب (2) الذین رأینا کلامهم ، ویدلُّ علیه أخبار أُخر (3) معتبرة ، وفی بعضها (4) التخییر بین الفصل والوصل ، وسیجی ء الکلام فی ذلک إن شاء الله

ص: 18


1- النفلیة : 2.
2- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 15 ، والشهید الأول فی الذکری : 114 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 37.
3- التهذیب 2 : 5 / 8 ، الوسائل 4 : 51 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 16.
4- التهذیب 2 : 129 / 494 ، الوسائل 4 : 66 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 15 ح 16.

تعالی.

أمّا ما ذکره الشیخ : من أنّ ما عدا هذین الخبرین ، إلی آخره. فالأولی أن نقول : ما عدا هذه الأخبار کما فی التهذیب (1).

بقی شی ء وهو أنّ من الأخبار السابقة ما دلّ علی أنّ الوتیرة من جلوس ، وقد روی فی التهذیب ما یدل علی فعل الصادق علیه السلام لهما قائماً ؛ لأنّه قال علیه السلام : « کان أبی یصلّیهما وهو قاعد وأنا أُصلّیهما وأنا قائم » (2) وقد ذکرت ما لا بدّ منه فی حاشیة التهذیب ، لکن الشیخ لمّا لم یتعرض هنا للخبر کانت الإحالة علی ما ذکرناه أولی.

وما قاله بعض المتأخّرین فی احتمال ترجیح القیام مع الخبر ؛ لحصول المشقة ، ولأنّ الأصل فی الصلاة القیام ، ولصحیح حمّاد الدال علی أنّ من صلّی وهو جالس إذا قرأ ثم قام فرکع حسبت له صلاة القائم (3) ، وغیرها من الأخبار الدالة علی أفضلیّة صلاة القائم (4) (5). ففیه أنّ هذا یتوجّه (6) فی غیر الموظّف ، علی أنّ الخبر المتضمن للقیام لا یخلو صحّته من تأمّل ، کما ذکرناه فی الحاشیة ، والله أعلم بالحال.

ص: 19


1- التهذیب 2 : 128 و 129.
2- التهذیب 2 : 4 / 5 ، الوسائل 4 : 48 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 9.
3- فی « رض » : القیام.
4- فی « رض » : القیام.
5- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 6.
6- فی « رض » : متوجه.

قوله :

أبواب الصلاة فی السفر

باب فرائض السفر

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن النضر بن سُوَید ، عن عبد الله ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الصلاة فی السفر رکعتان لیس قبلهما ولا بعدهما شی ء إلاّ المغرب ثلاث ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن محمد بن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن (1) امرأة کانت معنا فی السفر فکانت تصلّی المغرب ذاهبة وجائیة رکعتین ، قال : « لیس علیها قضاء ».

فلا ینافی الخبر الأوّل ؛ لأنّ هذا خبر شاذّ ، ومن المعلوم المجمع علیه الذی لا یدخل فیه شک أنّ صلاة المغرب فی السفر لا تقصّر ، وأنّ من قصّرها کان علیه القضاء ، فهذا الخبر متروک بالإجماع.

السند :

فی الأول : لیس فیه ارتیاب بعد ما قدّمناه فی ابن الولید ( وابن أبان ) (2) (3).

أبواب الصلاة فی السفر

فرائض السفر

اشارة

ص: 20


1- لیست فی « رض ».
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- راجع ص 25 و 27.

والثانی : فیه محمد بن إسحاق بن عمّار ، وقد قال النجاشی : إنّه ثقة عین (1). إلاّ أنّ العلاّمة نقل عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین بن بابویه أنّه قال : إنّه واقفی (2). والشیخ ذکره مهملاً فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه ، [ و (3) ] فی الفهرست (4). المتن :

فی الأول : ظاهر الدلالة علی أنّ المقصورات لیس بعدها شی ء ، وهذا یتناول الوتیرة ، بل نقل عن ابن إدریس أنّه ادّعی الإجماع علی سقوطها فی السفر (5) ، ویؤیّد هذا الخبر أخبار أُخر بمضمونه.

وینقل عن الشیخ فی النهایة أنّه قال بجواز فعلها (6) ، والصدوق روی عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام قال : « إنّما صارت العشاء مقصورة ولیس تترک رکعتاها لأنّها زیادة فی الخمسین تطوّعاً لیتمّ بها بدل کل رکعة من الفریضة رکعتین من التطوّع » (7).

وقوّی (8) الشهید هذا القول علی ما یحکی عنه قائلاً : إنّ هذا الخبر خاصّ ومعلّل ، وما تقدّم خال منهما ، إلاّ أن ینعقد الإجماع علی خلافه (9) انتهی.

بحث حول محمد بن إسحاق بن عمار

سقوط رواتب المقصورات فی السفر

ص: 21


1- رجال النجاشی : 361 / 968.
2- خلاصة العلامة : 158 / 123.
3- ما بین المعقوفین لیس فی النسخ ، أضفناه لاستقامة العبارة.
4- رجال الطوسی : و 388 / 23 ، والفهرست : 149 / 631 و 153 / 667.
5- السرائر 1 : 194.
6- النهایة : 57.
7- الفقیه 1 : 290 / 1320 ، الوسائل 4 : 95 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 29 ح 3 بتفاوت یسیر.
8- فی « رض » : وبه قوّی.
9- الذکری : 113.

ولا یخفی أنّ طریق الخبر وإن کان فیه عبد الواحد بن عبدوس ، وعلی بن محمد بن قتیبة ، وهما غیر موثّقین إلاّ أنّ روایة الصدوق لها مزیة ظاهرة کما کرّرنا القول فیه ، علی أنّ شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال ذکر أنّ علی بن محمد بن قتیبة معتمد (1) ، وذکر أنّ الشیخ فی الفهرست ذکر طریقاً إلی الفضل عن محمد بن علی بن الحسین (2). فیکون للصدوق طریق آخر معتبر ، وإن کان فی هذا نوع کلام ذکرناه فی محلّه.

مضافاً إلی أنّ فی طریق الفهرست : علی بن محمد القتیبی ، والاعتماد علیه محلّ تأمّل ؛ لأنّ الذی فی النجاشی (3) أنّ الکشی اعتمد علیه ، ومثل هذا غیر خفیّ الحال ، إلاّ أنّ فیه تأییداً لروایة الصدوق.

ولا یخفی أنّ الأخبار الدالّة علی أنّه لیس قبل المقصورة ولا بعدها شی ء ظاهرة فی نفی الراتبة ، وقد أسلفنا (4) أنّ فی بعض الأخبار ما یدل علی أنّها لیست من الراتبة ، وظاهر خبر الفضل قد یعطی ذلک أیضاً ؛ لأنّ قوله : « زیادة فی الخمسین تطوعاً » لا یثمر فائدة إلاّ بهذا المعنی ، ولولاه لکانت (5) النوافل کلّها باقیة فی السفر إلاّ بتوجیه لا یخلو من إشکال ، لکن بعد دعوی الإجماع یشکل الحال ، وإن کان فی الحقیقة مثل هذا الإجماع محل کلام بعد ذکر الصدوق الروایة (6) وقول الشیخ فی النهایة (7).

ص: 22


1- منهج المقال : 238.
2- الفهرست : 124 / 552.
3- رجال النجاشی : 259 / 678.
4- فی ص 1063.
5- فی « رض » : کانت.
6- المتقدمة فی ص 1069.
7- النهایة : 57 ، وقد تقدم فی ص 1069.

وأمّا الثانی : فذکر الشیخ له فی هذا المقام کأنّه بسبب أنّ الخبر الأوّل دلّ علی أنّ المغرب ثلاث ، ومفاد الثانی عدم القضاء مع عدم فعلها ثلاثاً ، وأنت خبیر بأنّ الخبر الثانی مفاده عدم القضاء ، والقضاء عند المحققین إنّما هو بأمر جدید ، فلو فرض أنّ فعل المغرب علی الوجه المذکور باطل لا مانع من عدم وجوب القضاء إلاّ ما ذکره الشیخ من الإجماع ، وعلی هذا فکان الأولی أن یذکر فی قضاء الصلوات ، والأمر سهل.

وفی فوائد شیخنا أیّده الله علی الکتاب ما هذا لفظه : ربما احتمل أن یکون السؤال بعد أن توفّت علی هذا الاعتقاد ولم یظهر لها فی حیاتها غیر ذلک ، أو أنّها کانت علی مذهب مخالف الحق فلا یقبل القضاء منها ومع الإیمان یسقط. انتهی فلیتأملّ.

قوله :

باب نوافل الصلاة فی السفر بالنهار.

أخبرنی الشیخ رحمة الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسن بن محبوب وعلی ابن الحکم جمیعاً ، عن أبی یحیی الخیّاط (1) قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة النافلة بالنهار فی السفر ، فقال : « یا بنیّ لو صلحت (2) النافلة فی السفر تمّت الفریضة ».

وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن أشیم ، عن صفوان بن یحیی قال : سألت الرضا علیه السلام عن التطوّع بالنهار

توجیه ما دل علی عدم القضاء علی من صلّی المغرب رکعتین فی السفر

نوافل الصلاة فی السفر بالنهار

اشارة

ص: 23


1- فی الاستبصار 1 : 221 / 780 : الحناط.
2- الإستبصار 1 : 221 / 780 فی « د » : صلیت ، وفی نسخة : لو صلّی.

وأنا فی السفر ، قال : « لا ، ولکن تقضی صلاة اللیل بالنهار وأنت ( فی السفر ) (1) » فقلت : جعلت فداک صلاة النهار التی أُصلّیها فی الحضر أقضیها بالنهار فی السفر؟ فقال : « أمّا أنا فلا أقضیها ».

وأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن معاویة بن عمّار قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أقضی صلاة النهار باللیل فی السفر ( قال : « نعم » فقال له ) (2) إسماعیل بن جابر : أقضی صلاة النهار باللیل فی السفر؟ فقال : « لا » فقال : إنّک قلت نعم ، فقال : « إنّ ذلک یطیق وأنت لا تطیق ».

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن حنّان بن سدیر ، عن سدیر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « کان أبی یقضی فی السفر نوافل النهار باللیل ولا یتم صلاة فریضة ».

فالوجه فی هذین الخبرین أحد شیئین ، أحدهما : أن یکون محمولاً علی رفع الحرج لمن یصلّی باللیل ما فاته بالنهار ، وإن لم یکن ذلک مستحبّاً ، یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن الحسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن عمر بن حنظلة قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : جعلت فداک إنّی سألتک عن قضاء صلاة النهار باللیل فی السفر ، فقلت : لا تقضیها ، وسألک أصحابنا ، فقلت : اقضوا ، فقال لی : « أفأقول لهم : لا تصلّوا ، وإنی أکره أن أقول لهم لا تصلّوا ، والله ما ذاک علیهم ».

ص: 24


1- فی « د » : بالسفر.
2- فی الاستبصار 1 : 221 / 782 بدل ما بین القوسین : فقال له : نعم قال ..

والوجه الآخر أن یکون الخبران توجّها إلی من فاتته صلاة النوافل فی الحضر بأن یکون قد دخل علیه وقتها قبل أن یخرج ولم یصلّها فکان علیه قضاؤها فیما بعد ، یدل علی ذلک :

ما رواه أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن عمرو (1) بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سئل عن الرجل إذا زالت الشمس وهو فی منزله ثم یخرج فی سفر قال : « یبدأ بالزوال فیصلّیها ثم یصلّی الاولی بتقصیر رکعتین ، لأنّه خرج من منزله قبل أن تحضر الاولی » وسئل فإن خرج بعد ما حضرت الاولی ، قال : « یصلّی الأُولی أربع رکعات ، ثم یصلّی بعد النوافل ثمان رکعات ، لأنّه خرج من منزله بعد ما حضرت الأُولی ، فإذا حضرت العصر صلّی العصر بتقصیر وهی رکعتان ، لأنّه خرج فی السفر قبل أن یحضر العصر ». السند :

فی الأول : فیه أبو یحیی الخیّاط وهو مذکور فی النجاشی (2) والفهرست مهملاً (3) ، وفی الفهرست أنّ الراوی عنه الحسن بن محبوب (4).

والثانی : فیه علی بن أشیم وهو علی بن أحمد بن أشیم ، وقد قال

أبو یحیی الخیاط ( الحنّاط) مهمل

بحث حول علی بن أشیم

ص: 25


1- فی « رض » : عمر.
2- رجال النجاشی : 456 / 1236 وفیه : أبو یحیی الحناط.
3- الفهرست : 189 / 845 وفیه : أبو یحیی الحناط.
4- الفهرست : 189 / 845.

الشیخ فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه : إنّه مجهول (1). والعلاّمة ذکر ذلک ، وزاد أن أشیم بفتح الهمزة وسکون الشین المعجمة وفتح الیاء المثناة تحت (2). وابن داود ضبطه بغیر هذا (3) ، والأمر سهل.

والثالث : لا ارتیاب فیه.

والرابع : فیه حنان ، وقد تقدّم (4) عن قریب ، وسدیر فیه کلام ، والمرجع إلی عدم ثبوت ما یعتدّ به فی شأنه.

والخامس : فیه عمر بن حنظلة ولم نعلم من حاله ما یفید توثیقاً ولا مدحاً یعتدّ به ، وما قاله جدّی قدس سره فی الدرایة : من أنّ الأصحاب لم ینصّوا علیه بتوثیق ولا مدح وأنّه عرف توثیقه (5). هو أعلم بمأخذه ، وقد رأینا له فی أوائل الخلاصة أنّ وجه توثیق عمر بن حنظلة قوله علیه السلام فی حدیث فی المواقیت : « إنّه یعنی عمر بن حنظلة لا یکذب علینا » وهذا الحدیث ضعیف ، وعلی تقدیر الصحة فالتوثیق أمر آخر.

ووجدت له فی الروضة حاشیة علی عمر بن حنظلة حاصلها : أنّ التوثیق من الخبر ، ثم ضرب علی ذلک وجعل عوضها لفظ : من محلّ آخر. والظاهر من هذا أنّ الخبر لیس هو المأخذ ، وذلک غیر بعید ؛ لأنّ هذا أمر لا یختلج فی بال آحاد الناس فکیف مثله ، وما کتبه فی الخلاصة کأنه فی أول الأمر.

والسادس : فیه أنّ الطریق إلی أحمد بن الحسن غیر مذکور فی

إشارة إلی حال سدیر

بحث حول عمر بن حنظلة

الطریق إلی أحمد بن الحسن غیر مذکور فی المشیخة

ص: 26


1- رجال الطوسی : 382 / 26.
2- خلاصة العلامة : 232 / 5.
3- رجال ابن داود : 259 / 329.
4- فی ص 1062.
5- الدرایة : 44.

المشیخة ، وأحمد ومن معه قد تکرّر القول فیهم. المتن :

فی الأول : ظاهر فی نفی النوافل المرتّبة فی السفر نهاراً.

والثانی : کذلک ، وما تضمّنه من جواز قضاء صلاة اللیل محتمل لأن یراد به صلاة اللیل المعلومة ، واحتمال ما یتناول نافلة المغرب ممکن علی بُعدٍ ، وربما یقرب احتمال صلاة اللیل لما فات حضراً أیضاً.

أمّا قوله : صلاة النهار ، إلی آخره. فهو محتمل احتمالاً ظاهراً لأنّ یراد قضاء ما فاته حضراً من نوافل النهار ، ویحتمل علی بُعدٍ أن یراد بالقضاء الفعل ویراد بالتی یصلّیها فی الحضر النوافل الراتبة.

والجواب علی الأوّل یفید عدم فعله علیه السلام للقضاء ، وهو إمّا للمرجوحیّة کما یستفاد من جوهر اللفظ ، وإمّا للمنع مطلقا فلا یکون مشروعاً ، وفیه ما لا یخفی ، وربما یؤیّد الاحتمال الثانی ما فی الخبر الأوّل من ظاهر السؤال ، ولا یخفی علیک الحال.

وأمّا الثالث : فربما کان فیه دلالة علی مشروعیة قضاء صلاة النهار لیلاً فی السفر ، ولو حمل علی قضاء صلاة النهار الفائتة فی الحضر کان خلاف الظاهر.

والرابع : فیه تأیید لما قلناه فی الثالث ، وما قاله الشیخ : من رفع الحرج وإن لم یکن مستحباً. لا یخلو من غرابة ؛ فإنّ العبادة کیف تکون غیر مستحبّة ولا واجبة.

وما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّه کان الأولی أن یقول : وإن لم یتأکّد استحبابه. لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ ظاهر خبر سُدیر الاستمرار

حکم النوافل المرتّبة فی السفر نهاراً وقضائها

ص: 27

من الإمام علیه السلام علی القضاء ، فلو لم یکن مؤکّداً ما وقع ذلک إلاّ بنوع من التوجیه مکلف (1).

وما ذکره الشیخ من الخبر الدال علی مدّعاه فیه دلالة علی أن العبادة سائغة بقصد القضاء ، وإذا ساغت کانت مستحبة ، لکن قوله علیه السلام : « والله ما ذاک علیهم » مجمل المرام (2) ، والظاهر منه ما ذاک علیهم بموظّف ، وذلک ینافی الاستحباب ، ولو حمل علی أنّ ما ذاک علیهم بموظّف مؤکّداً لکان الجواب منه علیه السلام بهذا النحو ، ولیس کذلک.

وأمّا الوجه الآخر فهو من الغرابة بمکان ؛ لأنّ الکلام فی قضاء نوافل النهار باللیل ؛ وأین هذا من مدلول الخبر؟ کما یعلم بأیسر نظر.

وفی کلام بعض المتأخّرین ما یعطی احتمال کون ترک النافلة فی السفر رخصة لا عزیمة (3). ولا یخلو من وجه ، وربما حمل علی التقیّة ما دلّ علی الفعل ، وقد ذکرنا فی حاشیة التهذیب کلاماً علی ما وجّه به الشیخ الأخبار هناک ، فمن أراده وقف علیه.

قوله :

باب مقدار المسافة التی یجب فیها التقصیر.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ( عن أبیه ) (4) عن محمد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن

مقدار المسافة التی یجب فیها التقصیر

اشارة

ص: 28


1- لیست فی « رض » ، وفی « فض » : متکلّف.
2- فی « رض » : الأمر.
3- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 8.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

الحسین ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن المسافر فی کم یقصّر الصلاة؟ فقال : « فی مسیرة یوم ، وذلک بریدان ، وهما ثمانیة فراسخ ، ومن سافر قصّر الصلاة وأفطر إلاّ أن یکون رجلاً مشیّعاً لسلطان جائر ، أو خرج إلی صید ، أو إلی قریة له ( یکون مسیره ) (1) یوم یبیت إلی أهله لا یقصّر ولا یفطر » (2).

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن عبد الله بن یحیی الکاهلی قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول فی التقصیر فی الصلاة قال : « برید فی برید أربع وعشرون میلا ».

أخبرنی أحمد بن عبدون ، عن علی بن محمد بن الزبیر ، عن علی بن الحسن بن فضال ، عن عبد الرحمن بن أبی نجران ، عن صفوان بن یحیی ، عن عیص بن القاسم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « فی التقصیر حدّه أربعة وعشرون میلاً ».

الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن عاصم بن حمید ، عن أبی بصیر قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : فی کم یقصر الرجل؟ قال : « فی بیاض یوم (3) وبریدین ».

السند :

فی الأول : موثّق علی ما قدّمناه (4) ، والحسین هو ابن سعید والحسن

ص: 29


1- فی الاستبصار 1 : 222 / 786 : تکون مسیرة.
2- فی « د » : یفطره.
3- لیست فی « د ».
4- راجع ص 124 و 78.

أخوه ، لأنّ الحسین یروی عن زرعة بواسطة أخیه.

والثانی : فیه عبد الله بن یحیی الکاهلی وقد قدّمنا أیضاً القول فیه (1) ، وأن (2) النجاشی قال : إنّه (3) کان وجهاً عند أبی الحسن علیه السلام (4) ، والرجال الباقون معروفو الحال أیضاً بما أسلفناه.

والثالث : کذلک.

والرابع : فیه أبو بصیر. المتن :

فی الأول : یدل علی أنّ التقصیر فی مسیرة یوم وذلک بریدان ، وهو یقتضی بظاهره أن یکون مسیرة الیوم یشترط فیه البریدان ، والذی علیه الأصحاب الذین رأینا کلامهم اعتبار أحد الأمرین ، والروایة الأخیرة (5) صریحة فیه ، وکذلک (6) فی صحیحتی أبی أیوب وابن یقطین ، ویمکن أن یحمل قوله : « وذلک بریدان » علی ما یوافق ما ذکرناه ، بأن تکون الإشارة إلی أنّ التقصیر فی مسیرة یوم هو التقصیر فی البریدین ، بمعنی أنّهما واحد فی سبب وجوب التقصیر.

وما ذکره بعض الأصحاب من أنّ المسافة لو اعتبرت بهما واختلفا فهل یعتبر التقدیر ( بأحدهما ، أو تقدّم المسیر لأنّه أضبط؟ قد یظن من

عبد الله بن یحیی الکاهلی ممدوح

مقدار المسافة مسیرة یوم وهی بریدان

ص: 30


1- راجع ص 820.
2- لیست فی « رض ».
3- لیست فی « د ».
4- رجال النجاشی : 221 / 580.
5- فی « رض » : الأُخری.
6- فی « رض » زیادة : ما یأتی.

هذه الروایة لو صلحت للاعتماد نوع دلالة علی ترجیح التقدیر ) (1) علی السیر ، کما ینقل عن الشهید رحمه الله فی الذکری أنّ کلامه یلوح منه ترجیح التقدیر (2) ، وربما وجّه ما احتمله بأنّ التقدیر تحقیق لا تقریب ، لکن لا یخفی أنّ الروایة بظاهرها تفید لزوم اعتبار التقدیر.

والمذکور فی کلام من ذکرناه أنّه لو اعتبرت المسافة بهما واختلف ، وحینئذ فالخبر فی جهة أُخری کما لا یخفی.

ثم إنّ مسیر الیوم قیل : إنّ المراد به یوم الصوم (3) ، کما یدل علیه الخبر الرابع وخبر أبی أیوب الآتی ، حیث قال علیه السلام فیهما : « بیاض یوم » (4) واعتبر المحقق (5) والعلاّمة (6) مسیر الإبل السیر العام ، وربما کان الوجه فیه أنّه الغالب فیحمل علیه الإطلاق.

وفی روایة للکاهلی معدودة من الحسن عن الصادق علیه السلام قال : « کان أبی یقول : لم یوضع التقصیر علی البغلة السفواء والدابّة الناجیة وإنّما وضع علی سیر القطار » (7) وفی الصحاح : بغلة سفواء بالسین المهملة : سریعة (8) ، والناجیة : الناقة السریعة (9).

وفی روایة لعبد الرحمن بن الحجاج قلت له : فی کم أدنی ما یقصر

ما المراد بمسیر الیوم؟

معنی السفواء والناجیة

ص: 31


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- حکاه عنه فی المدارک 4 : 432 ، وهو فی الذکری : 257.
3- قال به صاحب المدارک 4 : 430.
4- الاستبصار 1 : 225 / 802.
5- المعتبر 2 : 467.
6- التذکرة 4 : 371.
7- الفقیه 1 : 279 / 1269 ، الوسائل 8 : 452 أبواب صلاة المسافر ب 1 ح 3.
8- الصحاح 6 : 2378 ( سفی ).
9- الصحاح 6 : 2501 ( نجا ).

فیه الصلاة؟ فقال : « جرت السنة ببیاض (1) یوم » فقلت له : إنّ بیاض الیوم یختلف فیسیر الرجل خمسة عشر فرسخاً فی یوم ویسیر الآخر أربعة فراسخ خمسة فراسخ فی یوم ، فقال : « أمّا إنّه لیس إلی ذلک ینظر ، أما رأیت سیر هذه الأثقال من مکة والمدینة؟ » ثم أومأ بیده إلی أربعة وعشرین میلاً تکون ثمانیة فراسخ (2).

وهذه الروایة کما تری لها دلالة علی نحو المبحوث عنها ، والتوجیه فیها لو صحّت ممکن.

وقد اعتبر جدّی قدس سره اعتدال الوقت والمکان والسیر (3) ، والنصوص المعتبرة مطلقة بالنسبة إلی المکان ، نعم ربما کان فی روایة ابن الحجاج نوع إیماء.

وما تضمنه الروایة المبحوث عنها من قوله علیه السلام : « ومن سافر قصّر الصلاة وأفطر » لا بدّ من تخصیصه بالنسبة إلی الصوم إذا خرج بعد الزوال ، علی القول به ، بل وعلی قول آخر أیضاً کما یأتی تفصیله إن شاء الله تعالی فی الصوم.

وما ذکر فیه من تشییع السلطان الجائر ظاهره الإطلاق ، فیشمل من اضطر إلی ذلک وغیره ، إلاّ أنّ فی بعض الأخبار فی الفقیه عن عمّار بن مروان وهو صحیح عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « من سافر قصّر وأفطر ، إلاّ أن یکون رجلاً سفره إلی صید ، أو فی معصیة الله ، أو

حکم سفر المعصیة والسفر إلی الصید

ص: 32


1- فی النسخ : بیاض ، وما أثبتناه من التهذیب 4 : 222 / 649.
2- التهذیب 4 : 222 / 649 بتفاوت ، الوسائل 8 : 455 أبواب صلاة المسافر ب 1 ح 15.
3- الروضة البهیة 1 : 369.

رسولاً لمن یعصی الله » الحدیث (1). ولعل من یعمل بالموثق یقیّد الخبر المبحوث عنه بهذا الخبر.

وما تضمنه من إطلاق السفر إلی الصید ( سیأتی الکلام فیه فی بابه إن شاء الله ، غیر أنّا نذکر هنا ما لا بدّ منه فنقول : إنّ الخبر مقیّد بغیر الصید للقوت علی ما رأیناه ، من غیر فرق بین الواجب وغیره عند الأصحاب ) (2) له وللعیال.

أمّا لو کان للتجارة ففیه خلاف ، والمنقول عن السیّد المرتضی إلحاقه بالصید للقوت للإباحة (3). بل قیل : إنّه قد یکون راجحاً (4). وینقل عن الشیخ القول بأنّه یقصر صومه ویتم صلاته (5) ، وتبعه (6) علی ذلک بعض (7).

وفی المعتبر : نحن نطالبه بدلالة الفرق ، ونقول : إن کان مباحاً قصّر فیهما ، وإن لم یکن أتمّ فیهما (8).

واختار شیخنا قدس سره قول المرتضی بمساواة الصوم للصلاة (9) ، واستدل بالإباحة وبصحیح معاویة بن وهب عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا قصّرت

ص: 33


1- الفقیه 2 : 92 / 409 ، الوسائل 8 : 476 أبواب صلاة المسافر ب 8 ح 3.
2- ما بین القوسین فی « رض » هکذا : له ولعیاله مقیّد بغیر الصید للقوت علی ما رأیناه من غیر فرق بین الوجوب وغیره سیأتی الکلام فیه فی بابه إن شاء الله ، غیر أنا نذکر هنا ما لا بد منه فنقول : إن الخبر عند الأصحاب.
3- حکاه عنه فی إیضاح الفوائد 1 : 163 ، والمدارک 4 : 448.
4- کما فی مدارک الأحکام 4 : 448.
5- المبسوط 1 : 136 ، والنهایة : 122.
6- لیست فی « د ».
7- کابن إدریس فی السرائر 1 : 327.
8- المعتبر 2 : 471.
9- مدارک الاحکام 4 : 448.

أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت » (1).

وفی نظری القاصر إمکان أن یقال : إنّ الإباحة محلّ تأمّل ؛ لأنّ صحیح عمّار بن مروان المتقدّم تضمن جعل الصید قسیماً للمعصیة ، والظاهر من ذلک أنّ الصید وإن کان مباحاً لا تقصیر فیه ، وحینئذ کون الإباحة تقتضی التقصیر إن کان بالإجماع أمکن تقیید الخبر ، لکن الخلاف فی صید التجارة موجود ، إلاّ أن یقال : إنّ القائل بعدم القصر مطلقاً غیر موجود ، بل الشیخ قائل بالتفصیل.

وقد ذکر العلاّمة فی المختلف استدلال الشیخ علی التفصیل بأخبار (2) لا تفید ما قاله الشیخ إلاّ بتکلّف مستغنی عنه بضعف الأخبار عند من لا یعمل بالموثّق.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « أو إلی قریة له » إلی آخره. یراد به أنّ القریة لو کان إذا سافر إلیها رجع لیلته إلی أهله لا یقصّر ولا یفطر علی ما هو الظاهر من العبارة ، وحینئذ لا یبعد دلالتها علی أنّ مرید الرجوع من الأربعة فراسخ لا یتعیّن علیه التقصیر ، کما قاله البعض (3) ، بل دلالتها علی أنّ من رجع کذلک.

والظاهر من قوله : « یبیت إلی أهله » رجوعه قبل اللیل ، لکن لا یخفی أنّ تقییدها بغیر الثمانیة فراسخ لا بدّ منه ، وغیر بعید اختصاصها بمسیر الیوم ذهاباً وإیاباً من غیر نظر إلی المقدار سواء (4) کان ثمانیة أو أربعة ، وحینئذ

ص: 34


1- الفقیه 1 : 280 / 1270 ، التهذیب 3 : 220 / 551.
2- المختلف 2 : 524.
3- المختلف 2 : 526.
4- فی « رض » : وسواء.

فیها دلالة علی أنّ بیاض الیوم یعتبر ذهاباً فقط ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فظاهر فی أنّ المسافة أربعة وعشرون میلاً ، فیکون الفرسخ ثلاثة أمیال. وکذلک الثالث.

وقد ذکر شیخنا قدس سره اتفاق العلماء علی أنّ الفرسخ ثلاثة أمیال ، وأمّا المیل فلم نقف فی الأخبار علی تقدیره ، سوی ما رواه الصدوق مرسلاً عن الصادق علیه السلام أنّه ألف وخمسمائة ذراع (1) ، وهو متروک بین المعروفین من الأصحاب ، بل ادّعی علیه الإجماع ، وذکر من رأینا کلامه من الأصحاب أنّ المیل أربعة آلاف ذراع ، والذراع أربعة وعشرون إصبعا (2).

وفی المنتهی أنّه المشهور (3) ، وروی أنّه ثلاثة آلاف وخمسمائة ، والروایة فی الکافی (4) علی ما ذکره بعض المتأخّرین (5) ، وسیأتی کلام أهل اللغة (6).

وقدّر بعض الأصحاب الإصبع بسبع شعیرات عرضا (7) وقیل : ستّ (8). والشعیر من أوسطه ، وقدّرت بسبع شعرات من شعر البِرذَوْن (9). وقال جدّی قدس سره : إنّ الشعیرات یعتبر متلاصقات بالسطح الأکبر (10).

تفسیر الفرسخ والمیل

ص: 35


1- الفقیه 1 : 286 / 1303 ، الوسائل 8 : 461 أبواب صلاة المسافر ب 2 ح 16.
2- مدارک الاحکام 4 : 429 ، بتفاوت.
3- المنتهی 1 : 390.
4- الکافی 3 : 432 / 3.
5- مجمع الفائدة 3 : 366.
6- فی ص 1080.
7- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 366.
8- نقله فی الذکری ص 259 ومجمع الفائدة 3 : 266 وروض الجنان 383.
9- قال به الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 366.
10- روض الجنان : 383.

وما تضمّنه الخبر الرابع قد قدّمنا الکلام فیه (1) بما یغنی عن الإعادة. اللغة :

قال فی الصحاح : المیل منتهی مدّ البصر من الأرض (2).

وفی القاموس : المیل قدر مدّ البصر ، ومنار ( یُبنی للمسافر ) (3) ، ومسافة من الأرض متراخیة بلا حدٍّ ، أو مائة ألف إصبع إلاّ أربعة آلاف إصبع (4). وفی القاموس : البرید : الرسول ، وفرسخان ، و (5) واثنی عشر میلا (6). وفی المعتبر استدل علی مقدار المیل بأنّ المسافة تعتبر بمسیر الیوم ، وهو مناسب لذلک ، وکذا الوضع اللغوی وهو مدّ البصر من الأرض (7). وفی الشرائع یظهر منه التوقف لأنّه قال : والمیل أربعة آلاف ذراع بذراع الید الذی طوله أربعة (8) وعشرون إصبعاً تعویلاً علی المشهور بین الناس ، أو مدّ البصر من الأرض (9). والله تعالی أعلم بالأُمور.

قوله :

فأمّا ما رواه علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن

معنی المیل والبرید فی اللغة

ص: 36


1- راجع ص 1076.
2- الصحاح 5 : 1823 ( میل ).
3- بدل ما بین القوسین فی النسخ : ینبئ المسافر ، وما أثبتناه من المصدر.
4- القاموس المحیط 4 : 54 ( مال ).
5- فی القاموس : أو.
6- القاموس المحیط 1 : 287 ( البرد ).
7- المعتبر 2 : 465.
8- فی الشرائع : أربع.
9- الشرائع 1 : 132.

جمیل ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « التقصیر فی برید ، والبرید أربعة فراسخ ».

وعنه ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبی (1) أیوب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أدنی ما یقصّر فیه المسافر؟ فقال : « برید ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والخبرین الأوّلین ؛ لأنّ الوجه فیهما أنّ المسافر إذا أراد الرجوع من یومه وجب علیه التقصیر فی أربعة فراسخ.

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة عن معاویة بن وهب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أدنی ما یقصّر فیه الصلاة؟ فقال : « برید ذاهباً وبرید جائیاً ».

علی أنّ الذی أقوله فی ذلک : إنّه یجب التقصیر إذا کانت المسافة ثمانیة فراسخ ، وإذا کان أربعة کان بالخیار فی ذلک إن شاء أتمّ وإن شاء قصّر.

والذی یدل علی ذلک - أعنی جواز التقصیر فی أربعة فراسخ - : ما رواه أحمد بن محمد ، عن ( محمد بن أبی عمیر ، عن عبد الله ابن بکیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القادسیة أخرج إلیها أُتِمّ أم أُقصّر؟ ) (2) قال : « وکم هی؟ » قلت : هی التی رأیت ، قال : « قصّر ».

سعد ، عن أحمد ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبی أُسامة زید الشحّام قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول

ص: 37


1- فی الاستبصار 1 : 223 / 791 لا یوجد : أبی.
2- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

« یقصّر الرجل الصلاة فی مسیرة اثنی عشر میلاً ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن معاویة ابن عمّار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام فی کم أُقصّر الصلاة؟ فقال : « فی برید ، ألا تری أهل مکّة إذا خرجوا إلی عرفات کان علیهم التقصیر ».

عنه ، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطاب ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن النعمان ، عن إسماعیل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التقصیر؟ فقال : « فی أربعة فراسخ ».

عنه ، عن محمد بن الحسین ، عن معاویة بن حکیم ، عن أبی مالک الحضرمی ، عن أبی الجارود قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام فی کم التقصیر؟ قال : « فی برید ».

وعنه ، عن محمد بن الحسین ، عن معاویة بن حکیم ، عن سلیمان بن محمد الخثعمی ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : فی کم التقصیر؟ قال : « فی برید ، ویحهم کأنّهم لم یحجّوا مع رسول الله صلی الله علیه و آله فقصّروا ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن (1) علیه السلام عن الرجل یخرج فی سفره (2) وهو مسیرة یوم قال : « یجب علیه التقصیر إذا کان مسیرة یوم وإن کان یدور فی عمله ».

ص: 38


1- فی الاستبصار 1 : 225 / 799 یوجد : الأول.
2- فی الاستبصار 1 : 225 / 799 : السفر.

السند فی الأول : حسن. وکذا الثانی. والثالث صحیح.

والرابع : فیه ابن بکیر وقد قدّمنا القول فیه (1) بأنّه فطحی علی قول الشیخ (2).

والخامس : صحیح ، والحسین فیه ابن سعید.

والسادس : موثّق بالحسن بن علی بن فضال ، وإن کان فیه ما فیه کما یعلم من ملاحظة الرجال (3).

والسابع : فیه محمد بن النعمان ولا یبعد أن یکون الأحول مؤمن الطاق الثقة ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان ، إمّا إسماعیل ابن الفضل فهو ابن یعقوب الثقة الجلیل.

والثامن : فیه معاویة بن حکیم وقد تقدّم القول فیه (4) بأنه فطحی علی قول الکشی (5) ، وأبو مالک الحضرمی اسمه الضحّاک ثقة فی النجاشی (6).

والتاسع : فیه مع معاویة بن حکیم سلیمان بن محمّد الخثعمی ، وهو مجهول الحال غیر مذکور فیما وجدت من کتب الرجال.

عبد الله بن بکیر فطحی

إشارة إلی حال الحسن بن علی بن فضال

إشارة إلی وثاقة محمد بن النعمان الأحول

إسماعیل بن الفضل بن یعقوب ثقة جلیل

معاویة بن حکیم فطحی

أبو مالک الحضرمی ثقة

سلیمان بن محمد الخثعمی مجهول الحال

ص: 39


1- راجع ص 89.
2- الفهرست : 106 / 452.
3- راجع رجال الکشی 2 : 801 / 993 ، ورجال النجاشی : 34 / 72 ، والفهرست : 47 / 153.
4- راجع ص 108.
5- رجال الکشی 2 : 635 / 639.
6- رجال النجاشی : 205.

المتن : فی الأول : ظاهر فی تعیّن القصر فی برید. والثانی : دال علی أنّ أدنی ما یقصّر فیه المسافر برید ، وقول الشیخ : إنّه لا تنافی بینهما وبین الخبرین. کان الأولی فیه أن یقول : وبین الأخبار. وحمل الشیخ علی إرادة الرجوع محلّ تأمّل ، وقد تبعه علیه جماعة من المتأخّرین (1) ، ووجه التأمّل أنّ ما استدل به علی الجمع غیر واضح الدلالة ؛ إذ لیس فی خبر معاویة ما یدل علی أنّ إرادة الرجوع یوجب التقصیر ، ولا علی أنّ الرجوع فی الیوم ، بل ربما یستفاد منها أنّه لو رجع بالفعل تحقّقت الثمانیة.

وما اعتبره الشیخ من نیّة الرجوع فی غایة الإشکال بتقدیر أن یتفق عدم الرجوع مع نیّته ، أو الرجوع مع عدم نیّته ، أو حصول النیة ابتداءً وعدمها فی الأثناء ، أو نحو ذلک ، فإذا لم یتم الدلیل علی هذا یشکل الحکم فی جمیع الأفراد ، علی أنّ روایة معاویة محتملة لإرادة أنّ البرید ذهاباً یوجب التقصیر ، وکذلک البرید جائیاً ؛ لأنّ السؤال عن الأدنی ، فلو اعتبر الذهاب والإیاب بَعُدَ عن الأدنی إلاّ بتوجیه أنّ الثمانیة ذهاباً أعلی ، وفیه أنّ المساواة تحصل أیضاً ، ولعلّ التوجیه ممکن فی الأدنی بغیر ما ذکر.

وفی التهذیب استدل أیضاً بخبر لمحمّد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن التقصیر ، قال : « فی برید » قلت : برید ، قال : « إنّه إذا ذهب بریداً ورجع بریداً شغل یومه » (2).

توجیه ما دلّ علی القصر فی برید

ص: 40


1- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 467 ، والعلامة فی المنتهی 1 : 390 ، والشهید الأول فی البیان : 259.
2- التهذیب 4 : 224 / 658 ، الوسائل 8 : 459 أبواب صلاة المسافر ب 2 ح 9.

وهذا الخبر کما تری صریح فی الدلالة علی الرجوع بالفعل لا نیّة الرجوع ، ومن هنا یعلم ما فی کلام المتأخّرین من النظر.

وممّا یبعّد حمل الشیخ روایة معاویة بن عمّار المتضمنة لتوبیخ أهل مکّة علی الإتمام بعرفات ، إذ الظاهر کون الخروج للحجّ ، کما یدل علیه روایة إسحاق بن عمّار الآتیة هنا.

نعم روی الصدوق فی الصحیح عن جمیل بن دراج ، عن زرارة بن أعین قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن التقصیر قال : « برید ذاهباً وبرید جائیاً (1) ، وکان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا أتی ذباباً قصّر ، وذباب علی برید ، وإنّما فعل ذلک لأنّه إذا رجع کان سفره بریدین ثمانیة فراسخ » (2).

وهذه الروایة ربما تدل علی الرجوع لکن لا تقیید فیها بالیوم ، فلیتأمّل. وما ذکره الشیخ من التخییر لا یخلو من وجه ، وما تضمّنته روایة معاویة بن عمّار من توبیخ أهل مکة یحمل علی کونهم قصدوا الحج ، وهذا وإن کان لا یخلو من تأمّل أیضاً نظراً إلی أنّه خلاف ظاهر الأخبار ، إلاّ أنه وجه للجمع ، وقد ذکرت ما لا بدّ منه فی معاهد التنبیه علی نکت من لا یحضره الفقیه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر کلام الشیخ هنا أنّ التخییر فی الأربعة مطلقا سواءً قصد الرجوع أم لا ، وفی التهذیب ذکر نحو ما هنا (3).

والعلاّمة نقل فی المختلف عن الشیخ التخییر مع عدم قصد الرجوع

التخییر بین القصر والإتمام فی أربعة فراسخ

ص: 41


1- فی المصدر : برید ذاهب وبرید جائی.
2- الفقیه 1 : 287 / 1304 ، الوسائل 8 : 461 أبواب صلاة المسافر ب 2 ح 14 و 15.
3- التهذیب 3 : 208.

فی قصر الصلاة فقط ، وعن المفید التخییر فی الصلاة والصوم إذا لم یُرد الرجوع ، وعن المرتضی إیجاب (1) الإتمام فی الصلاة والصوم ، قال : وهو اختیار ابن إدریس.

وعن ابن أبی عقیل أنّه قال : کل سفر کان مبلغه بریدین وهو ثمانیة فراسخ أو برید ذاهباً وجائیاً وهو أربعة فراسخ فی یوم واحد وما دون عشرة أیّام فعلی من سافر عند آل الرسول علیهم السلام أن یصلّی رکعتین.

وعن سلاّر أنّه قال : إن کانت المسافة أربعة فراسخ وکان راجعاً من یومه قصّر واجباً ، وإن کان من غده فهو مخیّر فی القصر والتمام (2) ، وهو قول ابن بابویه (3).

ولا یخفی أنّ ابن بابویه فی الفقیه یفهم منه القول بالتخییر علی تقدیر عدم إرادة الرجوع لیومه ، والتقصیر بتقدیر إرادة الرجوع من یومه ، فإنّه ذکر أنّ السفر إذا کان أربعة فراسخ وأراد الرجوع من یومه فالتقصیر علیه واجب ، ومتی لم یُرد الرجوع من یومه فهو بالخیار إن شاء أتمّ وإن شاء قصّر (4).

وهذا لا یدل علی ما نقله العلاّمة إلاّ بتکلّف ما ذکره بعض أفاضل المتأخّرین رحمه الله من احتمال أن یراد بقوله : لغده. عدم الإرادة فی ذلک الیوم مطلقا ، فیصیر مذهب الصدوق وسلاّر والمفید واحداً (5).

ولا یخفی أنّ القائل بالوجوب الحتمی فی الأربعة مع عدم قصد

ص: 42


1- لیست فی « رض ».
2- فی « رض » : والإتمام.
3- المختلف 2 : 526.
4- الفقیه 1 : 286.
5- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 361.

الرجوع لیومه ، بل التخییر مطلقاً علی التوجیه غیر معلوم.

هذا والأخبار التی استدل بها الشیخ علی جواز التقصیر فی الأربع (1) أوّلها کما تری یدل علی الأمر بالقصر ، والأمر وإن کان حقیقة فی العینی إلاّ أنّ الشیخ کأنّه اعتبر إرادة التخییری منه بالقرینة ، وهی الأخبار السابقة ، فلا یتوجه علیه أنّ الخبر کیف یدل علی الجواز مع الأمر ، وإن کان الحقّ ورود ما ذکر علی الشیخ ؛ إذ لا ینحصر الوجه فی الجواز علی وجه التخییر علی الإطلاق لیکون الخبر دالاًّ علی الجواز.

وما عساه یقال : من أنّ الخبر إذا دلّ علی الجواز الحاصل فی ضمن الأمر جزماً فالاحتیاج إلی الفصل وهو جواز الترک فی الجملة لأجل المعارض ، ولولاه لکان الفصل وهو عدم جواز الترک متعیّناً. ففیه أنّ الأمر إذا کان حقیقة فی الوجوب العینی فالفصل معه ، ویجوز أن یکون الوجوب العینی حاصلاً فی الثمانیة والأربعة ، غایة الأمر أنّ ( الحکمة غیر ظاهرة ) (2).

أمّا ثانی الأخبار : فإنّه تضمّن الجملة الخبریة ، وکونها فی معنی الأمر یتوقف علی العلم بما أسلفنا القول فیه (3) ، من أنّ العدول من الأمر إلی الجملة الخبریة لو عُلِم کانت الجملة الخبریة فی معنی الأمر ، لکن یجوز أن یکون العدول لبیان عدم وجوب الفعل ، وفی ظنّی أنّ هذا الوجه یصلح للاعتماد علیه فی الأخبار الواردة بلفظ الخبر توجیهاً لاحتمال عدم وجوب ما تضمّنته إذا فرض وجود المعارض ، ومن ذلک ما نحن فیه.

وما ذکره علماء المعانی : من أنّ البلغاء یأتون بالخبر إذا أرادوا الأمر

ص: 43


1- فی « رض » : الأربعة.
2- فی « رض » : الحکم غیر ظاهر.
3- راجع ص 1050.

لزیادة الحثّ علی الفعل ، حقّ فیما إذا انحصر الوجه فیه.

فإنّ قلت : ما ذکرته من الاحتمال یقتضی أن یکون القصر فی الأربعة مستحباً ، والقائلون بالتخییر لم یصرّحوا به.

قلت : إنّما ذکرت الاحتمال لدفع ما یظن من أنّ الجملة الخبریة إذا کانت بمعنی الأمر یتعیّن کونها للوجوب العینی ، واحتمال الاستحباب إذا لم یصرّحوا به لا یضرّ بحال التوجیه ، ولو فرض أنّه مضرّ یقال : إنّ العدول عن الأمر لإرادة الوجوب التخییری. علی أنّ الاتفاق علی کون الأمر للوجوب العینی غیر معلوم ، فقد صرّح بعض المتأخّرین بأنّ الأمر یستعمل فیهما ، وإن کان محلّ مناقشة ؛ لما یظهر من الأدلّة الأُصولیة علی الوجوب العینی ، غایة الأمر أنّ الأخبار لا بدّ فیها من إبداء (1) هذا التوجیه ، فلیکن ملحوظاً بعین العنایة ، فإنّ له فی غیر هذا المقام أیضاً نوع غایة.

وأمّا ثالث الأخبار : فدلالة قوله علیه السلام : « علیهم التقصیر » علی التحتّم ظاهرة لولا المعارض ، وإن کان احتمال غیر التحتّم لا مانع منه من جهة اللفظ.

أمّا الخامس : ففیه دلالة علی أصل القصر. وکذلک السادس.

أمّا السابع : فلا دخل له بمراد الشیخ علی ما یقتضیه ظاهره ، لأنّ قوله : « یجب علیه التقصیر إذا کان مسیرة یوم » یدلّ بمفهومه علی عدم الوجوب فیما دونه ، أمّا الجواز فأمر آخر یتوقف علی الدلیل.

ولا یبعد أن یکون مقصود الشیخ أنّ المفهوم إذا دلّ علی عدم الوجوب والأخبار الأُخر دلّت علی الأقلّ من مسیرة الیوم حملنا الخبر

ص: 44


1- فی « رض » : أداء.

علی (1) القصر بالنظر إلی المفهوم ، وأنت خبیر بما فی هذا من النظر.

فإنّ قلت : ما المراد بقوله علیه السلام : « وإن کان یدور فی عمله »؟

قلت : لعلّ المراد أنّ مسیرة الیوم لا یشترط فیه أن یکون فی غیر متعلّقات المسافر من الأعمال فی الضیاع ونحوها ، بل لو کان فیما بینها تحقّق الوجوب. ولا یخفی أنّ ظاهر لفظ « یدور » یأبی هذا ، إلاّ أنّ الضرورة تدعو إلی ما ذکرناه.

واحتمال أن یراد : عدم اشتراط کون السفر ذهاباً محضاً بأن یکون المقصد لیس فیه اعوجاج ، ویراد بالعمل الأغراض ، وحینئذ فائدة الکلام عدم اشتراط کون السفر مستقیماً. ففیه : أنّه بعید جدّاً عن ظاهر الخبر.

واحتمال أن یراد : عدم اشتراط کون السفر خالیاً عن ( المواضع المملوکة ) (2) للإنسان مع عدم الاستیطان الموجب للإتمام ، ویراد بمسیر الیوم فی جمیعها لأنّ بین کل موضع مسافة. لا یخلو من بُعد أیضاً ، کما أنّ احتمال أن یراد : أنّ مسیر الیوم یوجب التقصیر وإن کان المسافر یقطعه فی أیّام. کذلک ، لکن یمکن توجیهه علی وجه یقرّبه ، فلیتأمّل.

وفی المختلف استدل علی لزوم الإتمام إذا لم یرجع لیومه بالأخبار المتضمّنة لثمانیة فراسخ ، وزاد علیها أنّ فی البریدین قد شغل یومه فحصلت المشقة فوجب القصر ، بخلاف الأربعة ، وبالاحتیاط ، وأنّ المکلّف قبل الخروج إلی ما دون الثمانیة یجب علیه الإتمام فکذا بعده عملاً بالاستصحاب ، ثم ذکر حجّة الشیخ بالأخبار (3) الدالة علی الأربعة ، وأجاب

تفسیر قوله علیه السلام : « وإن کان یدور فی عمله »

قول العلاّمة بلزوم الإتمام فی الأربعة مع عدم الرجوع لیومه والمناقشة فیه

ص: 45


1- فی « رض » : زیادة : جواز.
2- فی « رض » : الموضع المملوک.
3- فی « رض » : فی الاخبار.

بأنّ المراد بها إذا أراد الرجوع من یومه ، قال : لما فیه من الجمع بین الأخبار وبین مطابقته للمسیر فی یوم بریدین أو بیاض یوم ، وقد علّق التقصیر علیهما ، ولروایة معاویة بن وهب الصحیحة (1) السابقة فی کلامنا (2).

ثم قال العلاّمة : قال الشیخ : المراد بذلک التخییر بین الإتمام والقصر. ولیس بمعتمد ؛ لأنّ فی بعض الأحادیث إنکار الإتمام ، ولو کان التخییر سائغاً لما وقع الإنکار منه لقوله علیه السلام : « ویلهم » أو « ویحهم » « وأیّ سفر أشدّ منه » وهذا اللفظ إنّما یکون علی التوبیخ والتقریع علی الفعل المأتیّ به ، ولو کان سائغاً لم یصح منه علیه السلام . انتهی ملخّصاً (3).

وفی نظری القاصر أنّ فیه تأمّلاً من وجوه :

الأوّل : ما ذکره من المشقّة لا وجه له عندنا فی إثبات الحکم إذا لم یقع العلّة منصوصة ، والاحتیاط لا یصلح دلیلاً عنده کما یعترض علی الشیخ فی استدلاله به ، علی أنّ الاحتیاط فی الجمع بین القصر والتمام (4) فی الأربعة لا فی ترک القصر فی الأربعة.

الثانی : ما قاله : من أنّ المکلّف قبل الخروج ، إلی آخره. فیه : أنّ فرض المسافر القصر لإطلاق الآیة (5) إلاّ ما خرج بالدلیل وهو ما دون الأربعة ، نعم الحاضر فرضه التمام.

ویمکن الجواب عن هذا بأنّ الآیة مفروضة فی الخوف ، ومعه لا یتم المطلوب.

ص: 46


1- المختلف 2 : 527.
2- راجع ص 1080.
3- المختلف 2 : 528.
4- فی « رض » : والإتمام.
5- النساء : 101.

وفیه : أنّ معتبر الأخبار قد فسّرت فیه الآیة بمطلق السفر کما فی صحیح زرارة ومحمّد بن مسلم فی الفقیه قالا ، قلنا لأبی جعفر علیه السلام : ما تقول فی الصلاة فی السفر کیف هی وکم هی؟ فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ یقول ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ) (1) فصار التقصیر فی السفر واجباً کوجوب التمام فی الحضر » الحدیث (2).

وهو کما تری یدل علی أنّ الآیة یراد بها مطلق السفر ، فإذا خرج ما دون الأربع بقی ما عداه ، وما ورد فی الأخبار من الثمانیة یعارضه الأربعة ، فالأصل قد زال.

ویمکن الجواب بأنّ تفسیر الآیة من الخبر غیر صریح فی عدم شرط الخوف ، ومعه یتم التوجیه ، ویؤیّد هذا ما رواه الصدوق فی تفسیر الآیة أیضاً فی الصحیح من أنّه تقصیر ثانٍ یجعل الثنتین واحدة مع الخوف.

وما ذکره الوالد قدس سره : من احتمال أن یراد بالتقصیر ما یشمل تقصیر السفر من غیر خوف ومعه جمعاً بین الخبرین المفسِّرین للآیة. لا یخلو من وجه ، وبه یندفع الجواب ، إلاّ أنّ باب المقال واسع.

ویمکن أن یقال : إنّ غرض العلاّمة کون الذمة [ متیقّنة (3) ] الاشتغال بالتمام ما لم یتحقق القصر ، وفی الأربعة لم یتحقق ؛ لاحتمال أخبارها بسبب المعارض ما لا ینافی التمام. وفیه : أنّ الأصل إذا زال لم یمکن الاستدلال به إلاّ أن یقال : إنّ زواله مطلقا ممنوع ، فلیتأمّل.

ص: 47


1- النساء : 101.
2- الفقیه 1 : 278 / 1266 ، الوسائل 8 : 517 أبواب صلاة المسافر ب 22 ح 2.
3- فی النسخ : منتفیة ، والظاهر ما أثبتناه.

الثالث : ما ذکره فی جواب الشیخ ، فیه أنّ تعیّن إرادة الرجوع لیومه لا وجه له ، وما ذکره فی توجیه الإرادة : من مشابهة البریدین والبیاض. فیه أنّ الذی ذکره فی الجواب إرادة الرجوع لا نفس الرجوع ، والمطابق المساواة وأنّ البریدین والبیاض نفس الرجوع ، ومن العجب أنّه فی أوّل المسألة ذکر الرجوع ، وفی الجواب ذکر إرادة الرجوع ، والفرق بین الأمرین واضح.

الرابع : ما قاله : من أنّ قول الشیخ غیر معتمد لإنکار التمام (1). فیه أنّ الأخبار المستدل بها الشیخ فیها ما یدل علی عدم إمکان الرجوع ، فإنّ الظاهر من الإنکار علی أهل مکة فی الحج ، وقد تقدّم فی بعض الأخبار المذکورة من الشیخ تصریح بذلک ، فلا وجه لعدم ذکر العلاّمة لها ، علی أنّ النهی عن التمام محتمل لأنّ یکون لاعتقاد التحتّم ، وهو سبب التوبیخ ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : القادسیّة قریة قریب الکوفة مرّ بها إبراهیم علیه السلام ، فوجد عجوزاً فغسلت رأسه فقال : « قدّست من أرض » فسمّیت القادسیة (2).

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن ابن أبی نصر ، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال : سألته عن الرجل یرید السفر فی کم التقصیر (3)؟ فقال : « فی ثلاثة بُرُد ».

معنی القادسیة

ص: 48


1- فی « رض » : الإتمام.
2- القاموس المحیط 2 : 248 ( القدس ).
3- فی الاستبصار 1 : 225 / 800 : یقصر.

فهذا الخبر موافق للعامة ولسنا نعمل به.

وأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبی جمیلة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس للمسافر أن یتم فی السفر مسیرة یومین ».

فهذا الخبر أیضاً موافق للعامة ولسنا نعمل به ؛ لأنّ الذی یجب فیه التقصیر القدر الذی ذکرناه ، سواء کان مسیرة یومین أو أقلّ أو أکثر ، ویجوز أن یکون الخبر محمولاً علی من یسیر فی الیومین أقلّ ممّا یجب فیه التقصیر ، فحینئذ یجب علیه التمام.

والذی یکشف عمّا ذکرناه :

ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبی أیوب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن التقصیر ، فقال : « فی بریدین أو بیاض یوم ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن عبد الله بن أبی خلف ، عن یحیی بن هاشم ، عن أبی هارون العبدی ، عن أبی سعید الخدری قال : کان النبی صلی الله علیه و آله إذا سافر فرسخاً قصّر الصلاة.

محمد بن الحسن الصفّار ، عن محمد بن عیسی ، عن عمرو بن سعید قال : کتب إلیه جعفر بن أحمد (1) یسأله عن السفر وفی کم التقصیر؟ فکتب بخطّه - وأنا أعرفه - : « قد کان أمیر المؤمنین علیه السلام إذا سافر وخرج فی سفر قصّر فی فرسخ » ثم أعاد علیه من قابل المسألة (2) فکتب إلیه : « فی عشرة أیّام ».

ص: 49


1- فی الاستبصار 1 : 226 / 804 : محمد.
2- فی الاستبصار 1 : 226 / 804 زیادة : إلیه.

( فالوجه فی هذین الخبرین من قوله : « قصّر فی فرسخ » وما جری مجراهما من الأخبار هو أنّ المسافة إذا کانت ) (1) علی الحدّ الذی یجب فیه التقصیر فصاعداً فسار المسافر یوماً أو أکثر منه ، أو فرسخاً أو أقلّ منه أو أکثر (2) ، علیه التقصیر ؛ لأنّ المسافة حصلت علی الحدّ الذی یجب فیه التقصیر ، ولیس الاعتبار بما یسیر الإنسان ، بل الاعتبار بالمسافة المقصودة وإن لم یسرها فی دفعة واحدة.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته بعد ما قدّمناه (3).

والثانی : فیه أبو جمیلة وأبو بصیر وقد کرّرنا ذکرهما (4).

والثالث : صحیح.

والرابع : فیه عبد الله بن أبی خلف وقد ذکره الشیخ (5) مهملاً فی ترجمة ابنه سعد ، وقال : أنّ أحمد بن محمد بن عیسی روی عنه.

ویحیی بن هشام وثّقه النجاشی (6).

وأمّا [ أبو (7) ] هارون العبدی فالذی وقفت علیه من کتب العامة أنّ

عبد الله بن أبی خلف مهمل

یحیی بن هشام ثقة

کلمة حول أبی هارون العبدی

ص: 50


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی الاستبصار 1 : 226 / 804 : یجب.
3- راجع ص 66 ، 130.
4- راجع ص 51 ، 551.
5- کذا فی النسخ ، ولکنا لم نعثر علیه فی کتب الشیخ وما نسب الیه موجود فی النجاشی : 177 / 467.
6- رجال النجاشی : 445 / 1203.
7- فی النسخ : ابن ، والصواب ما أثبتناه.

اسمه عمارة بن جوین وأنّه شیعی (1).

وأبو سعید الخدری ذکر الکشی فیه أحادیث یدل بعضها علی أنّه کان مستقیماً (2). وفی التهذیب روی الشیخ فی باب تلقین المحتضرین بطریق فیه عبد الله بن المغیرة وقد قدّمنا ما یقتضی ترجیح کونه غیر واقفی (3) أنّ أبا سعید کان مستقیماً (4). والروایة فی الکشی أیضاً من جملة ما أشرنا إلیه (5). وفی کتاب البرقی فی الرجال عدّه من الأصفیاء من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام .

والخامس : فیه عمرو بن سعید ، ولا یبعد أن یکون المدائنی الذی وثّقه النجاشی (6) من غیر ذکر الوقف ، کما فی الکشی (7). وإنّما قلنا ذلک لأنّ فی الرجال عمرو بن سعید بن هلال من أصحاب الصادق علیه السلام مهملاً فی کتاب الشیخ (8) ، والمدائنی من أصحاب الرضا علیه السلام کما ذکره النجاشی ، وروایة محمد بن عیسی عنه هی المقرّبة لما قلناه : لأنّ ابن عیسی من أصحاب الرضا علیه السلام والهادی والعسکری علیهماالسلام فی کتاب الشیخ (9) ، وابن هلال من أصحاب الصادق علیه السلام ، وفی رجال الباقر علیه السلام عمرو بن سعید أیضاً (10) ، فلو

بحث حول أبی سعید الخدری

بحث حول عمرو بن سعید

ص: 51


1- لسان المیزان 7 : 487 / 5706.
2- رجال الکشی 1 : 201 / 83.
3- فی ص 99.
4- التهذیب 1 : 465 / 1521 ، الوسائل 2 : 464 أبواب الاحتضار ب 40 ح 5.
5- رجال الکشی 1 : 201 / 83.
6- رجال النجاشی : 287 / 767.
7- رجال الکشی 2 : 869 / 1137.
8- رجال الطوسی : 247 / 388.
9- رجال الطوسی : 393 / 76 ، 422 / 10 ، 435 / 3.
10- رجال الطوسی : 129 / 23 ، 247 / 388.

فرض المغایرة لابن هلال اتحد فیه الکلام ، واحتمال البقاء إلی زمن الرضا علیه السلام فی حیّز الإمکان ، إلاّ أنّ المدعی القرب ، فلیتأمّل.

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ فیه من موافقة العامّة هو أعلم به ، فإنّ المنقول عن الحنفیة القول بأربعة وعشرین فرسخاً (1) ، والشافعیة ستّة عشر فرسخاً (2) ، وکذلک عن مالک (3) وأحمد (4) ، والبرید قد قدّمنا عن القاموس أنّه فرسخان أو أربعة (5) ، وما قاله شیخنا المحقّق أیّده الله فی فوائد الکتاب : من أنّه لا یبعد أن یکون قد سأل عن رجل معیّن فأجابه علیه السلام علی مذهبه. لا یخلو من تأمّل علی ما نقلناه من أقوال العامة.

وما ذکره بعض أفاضل المتأخّرین رحمه الله من أنّ العمل بمنطوق الروایة ممکن دون مفهومها (6). کأنّه یرید به أنّ التقصیر فی الثلاثة لا یخالف ما دلّ علی المقدار المذکور فی الأخبار ، بل إنّما ینافیه مفهومها ، حیث إنّه یقتضی عدم القصر فیما دون الثلاثة ، ولا یخفی أنّ ظاهر السؤال تحدید مقدار ما یوجب القصر ، ولعلّ احتمال کون البرید أقلّ مما نقلناه عن القاموس ممکن وإن بَعُد.

والثانی : ما قاله الشیخ فیه من الموافقة للعامّة کأنّه من جهة أنّ بعض

توجیه ما دلّ علی أنّ القصر فی ثلاثة بُرد ، أو مسیرة یومین ، أو فرسخ

ص: 52


1- حکاه ابن قدامة فی الشرح الکبیر ( المغنی 2 ) : 94.
2- حکاه الشربینی فی مغنی المحتاج 1 : 266.
3- حکاه القرطبی فی بدایة المجتهد 1 : 167.
4- حکاه ابن قدامة فی المغنی 2 : 91.
5- القاموس المحیط 1 : 287 ( البرد ) وتقدم فی ص 1080.
6- مجمع الفائدة 3 : 365.

العامّة قائل بأنّ التقصیر رخصة فیجوز الإتمام. وقوله : یجوز أن یکون الخبر محمولاً علی من یسیر فی الیومین أقلّ ممّا یجب فیه التقصیر فحینئذ یجب علیه التمام. فیه : أنّ ظاهر الروایة نفی البأس عن التمام لا وجوبه إلاّ أن یقال : إنّ التأویل لا ینافیه الخروج عن الظاهر ، ولو لا هذا لکان التقیید بالیومین خالیاً من الفائدة.

وبالجملة فالحمل الأوّل أولی ، وما قاله شیخنا المحقق أیّده الله فی فوائد الکتاب : من احتمال وقوع التمام اتّقاءً ووقع مع هؤلاء ولم یکن یعلم فصلّی معهم ظانّاً فلا یجب القضاء أو لا یأثم. ممکن أیضاً.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ قول الشیخ : والذی یکشف عما ذکرناه. الظاهر أنّ مراده بما ذکره من اعتبار المقدار بالثمانیة فراسخ ، والحال أنّ ما دون الثمانیة قد ذهب إلی التخییر فیه لا إلی تعیّن التمام (1) ، والاحتیاج إلی ذکر الأخبار فی الثمانیة لا وجه له بعد ما قدّم جملة (2) کافیة.

ولو حمل کلامه علی أنّ مراده مما ذکره عدم الالتفات إلی الیومین من حیث هما ، بل إلی المقدار أمکن ، إلاّ أنّه یبقی علیه أنّ الحصر فی البریدین والبیاض مع وجود أخبار الأربعة لا وجه له ، بل ینبغی ذکر ما یدلّ علی أنّ الاعتبار بما ورد فی الأخبار السابقة لیشمل ما دلّ علی الثمانیة والأربعة ، ولعلّ مراده أنّ الخبر المستدل به تضمّن بیاض الیوم ، فلا یکون للیومین مدخل فی القصر ، والأمر سهل.

والثالث : کما تری ظاهر فی أنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یقصّر فی الفرسخ ، لا علی أنّ المسافة فرسخ.

ص: 53


1- فی « رض » : الإتمام.
2- فی « رض » : حمله.

والرابع : صدره کالثالث فی الظهور ، أمّا عجزه فالظاهر منه خلاف (1) الظاهر ، واحتمال شیخنا أیّده الله أن یکون المراد فی إقامة عشرة أیّام أی فیما إذا کان مقیماً عشرة أیّام. لا یخلو من إجمال ؛ إذ السؤال یقتضی الاستفهام عن التقصیر بحسب المقدار ، لا عن محلّ الخروج إلی التقصیر.

واحتمال أن یعود إلی الخروج إلی التقصیر یفید أن یکون السؤال أوّلاً عنه أیضاً ، کما یقتضیه لفظ إعادة السؤال ، والجواب حینئذ بأنّ التقصیر فی فرسخ کان بعد الإقامة عشرة أیّام یوجب کون التقصیر فی الفرسخ المذکور أوّلاً مقیّداً بما ذکر ثانیاً ، والإطلاق فی مثله لا یناسبه التقیید بعد سنةٍ إلاّ أن یتکلّف التوجیه.

واحتمال أن یراد بعشرة أیّام أنّه علیه السلام کان یقصّر فی عشرة أیّام ثم ینوی الإقامة أو یرجع إلی محلّه ممکن ، إلاّ أنّ التقصیر فی فرسخ لا یناسبه إلاّ بتقدیر أن یراد فی الجواب الثانی بیان منتهی التقصیر الذی لا ینبغی أکثر منه ، وفی الأوّل مبدإ التقصیر الذی لا ینبغی التقصیر قبله ، وفیه ما لا یخفی.

وما قاله الشیخ یتم فی صدر الروایة دون عجزها ، وأظن أنّ الشیخ لم یخطر بباله منافاة آخرها ظنّاً أنّ المراد ما قلناه أو ما یناسبه.

قوله :

ولا ینافی هذا التأویل :

ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن

ص: 54


1- فی « فض » زیادة : ذلک ، وهی فی « د » مشطوبة.

موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرجل یخرج فی حاجة مسیر (1) خمسة فراسخ أو ستّة فراسخ ، فیأتی قریة ینزل فیها ثم یخرج منها فیسیر خمسة فراسخ أو ستّة فراسخ لا یجوز ذلک ، ثم ینزل فی ذلک الموضع؟ قال : « لا یکون مسافراً حتی یسیر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ فلیتمّ الصلاة ».

لأنّ هذه الروایة مقصورة علی من خرج من منزله من غیر نیّة السفر ، فتمادی به المسیر إلی أن یصیر مسافراً من غیر قصد ، فإنّه یلزمه التمام (2) ، وإن زادت المسافة علی ما لو قصده لوجب علیه فیها التقصیر ، وإنّما یلزمه التمام لأنّه لم یقصد سفراً مقداره مقدار ما یجب فیه التقصیر.

والذی یعضد هذا التأویل :

ما رواه الصفّار عن إبراهیم بن هاشم ، عن رجل ، عن صفوان قال : سألت الرضا علیه السلام عن رجل خرج من بغداد یرید أن یلحق رجلاً علی رأس میل فلم یزل یتبعه حتی بلغ النهروان وهی أربعة فراسخ من بغداد أیفطر إذا أراد الرجوع ویقصّر؟ قال : « لا یفطر ولا یقصّر ، لأنّه خرج من منزله ولیس یرید السفر ثمانیة فراسخ ، إنّما خرج یرید أن یلحق صاحبه فی بعض الطریق ، فتمادی به السیر إلی الموضع الذی بلغه ، ولو أنّه خرج من منزله یرید النهروان ذاهباً وجائیاً لکان علیه أن ینوی من اللیل سفراً والإفطار ، فإنّ هو أصبح ولم ینو السفر فبدا له من بعد أن أصبح فی السفر قصّر ولم یفطر لیومه ذاک ».

ص: 55


1- فی الاستبصار 1 : 226 / 805 : فیسیر.
2- فی « رض » : الإتمام.

السند :

فی الأوّل موثق علی ما تقدّم (1). والثانی مرسل.

المتن :

فی الأوّل : ما قاله الشیخ متوجه فیه. وما تضمنه من قوله : « حتی یسیر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ » یراد به حتی یقصد ثمانیة فراسخ ؛ لأنّ مسیر الثمانیة قد تضمّن السؤال حکمها ، والجواب نفی کونه مسافراً ، فلا بدّ أن یراد من الکلام الثانی ما قلناه.

والثانی : کما تری ظاهر الدلالة علی ما قاله الشیخ ، لکنه یدل علی أن الرجوع من الأربعة فراسخ لا یقتضی التقصیر ، وقد صرّح الشیخ سابقاً بالتخییر (2) ، وکان علیه أن یذکر الوجه فیه.

ثم إنّ آخر الحدیث صریح فی أنّ إرادة الرجوع تقتضی التقصیر لا مجرّد الأربع فراسخ ، لکن لا یخفی أنّه لا صراحة بالرجوع لیومه ، والعجب من عدم تعرض الشیخ له سابقاً.

فإنّ قلت : هذا الخبر لا ینافی التخییر إذا لم یُرد الرجوع ؛ لدلالة مطلق الأخبار السابقة علیه جمعاً بین الأخبار ، غایة الأمر أنّ هذا الخبر یدل علی أنّ إرادة الرجوع تقتضی لزوم التقصیر ، والشیخ قال بالتخییر مطلقاً فی هذا الکتاب ، فالخبر مناف له ، وإمکان التوجیه بأنّه لا یقصّر علی سبیل التحتّم لا ینکر.

اشتراط قصد المسافة

ص: 56


1- راجع ص : 120 و 275.
2- الاستبصار 1 : 224 ، وقد تقدم فی ص 1085.

قلت : هذا الخبر لا یقبل التوجیه بما لا ینافی التخییر ؛ لأنّه قال فیه : « لا یقصّر ولا یفطر » والإفطار منفیّ عند المعروفین من متأخّری الأصحاب فی الأربعة ، وإن کان فیه کلام ، لأنّ العلاّمة نقل عن المفید التخییر فی الصوم (1) أیضاً ، إلاّ أنّ الإلزام للشیخ بهذا الخبر ومن تابعه لا محید عنه ، ومن لم یعمل به فهو فی راحة من التوجیه ، وما تضمّنه من نیّة السفر لأجل الإفطار سیأتی القول فیه إن شاء الله فی بابه.

فإنّ قلت : الخبر إذا کان ضعیفاً بالإرسال والأوّل بالتوثیق والإجمال فاعتماد الأصحاب علی اشتراط قصد المسافة بأیّ شی ء هو؟.

قلت : قد ادعی العلاّمة فی المنتهی الإجماع علی هذا الشرط فیما نقله بعض الأصحاب (2) ، أمّا استدلال البعض بأنّ المسافة معتبرة ولا یتحقق إلاّ بالقصد أو الفعل ، والثانی لیس بشرط ، فیکون الاعتبار بالقصد (3). فلا یخفی ما فی الاستدلال ، والأولی أن یقال : والثانی لیس بشرط إجماعاً ، کما ذکره شیخنا قدس سره (4) وإن کان إثبات الإجماع محلّ کلام ، وکذلک الانحصار ، نعم الخبر مؤیّد لدعوی الإجماع.

وقد صرّح بعض الأصحاب بأنّه یکفی القصد تبعاً کالعبد والولد والزوجة ، لکن یشترط أن یعلم قصد المتبوع الموجب للقصر وعدم العزم علی العود بتقدیر الفرصة (5).

ولا یخفی أنّ اشتراط العلم بالقصد إن أُرید به مجرّد العلم من دون

ص: 57


1- حکاه عنه فی المختلف 2 : 526 ، وهو فی المقنعة : 349.
2- المنتهی 1 : 390 ، ونقله عنه فی مجمع الفائدة 3 : 369.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 369.
4- مدارک الاحکام 4 : 439.
5- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 370.

قصد السفر إلی ما قصده المتبوع من المسافة أمکن الفرق بین التابع والمتبوع ، وإن أُرید قصد السفر إلی المسافة مع المتبوع فهذا لا یقتضی کونه فرعاً ؛ إذ لو کان کذلک لکان من رافق غیره لخوف الطریق یکون سفره تبعاً لا أصالةً ، بل یلزم أنّ کل ما ینضم إلی المسافر من أسباب السفر یوجب التبعیة ، إلاّ أن یقال بالفرق من جهة زیادة اللزوم ، وفیه ما لا یخفی ، غیر أنّ أثر هذا هیّن بعد ثبوت الحکم من إجماع ونحوه ، ولم أقف الآن من الأدلّة إلاّ علی إطلاق الأخبار ، ولا یخفی علیک الحال من جهة الفرق المذکور ، ولعلّ هذا لا إشکال فیه لعدم تحقق خلاف فی البین ، إنّما الإشکال لو توقّع العبد العتق إمّا بوعد من سیّده أو أمارة تفید ظن الوقوع أو توقعت المرأة الطلاق کذلک.

ونقل جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد عن العلاّمة أنّه قال : لو جوّزت المرأة الطلاق والعبد العتق وعزما علی الرجوع متی حصلا فلا ترخص ، وقیّده الشهید بحصول أمارة لذلک ویمکن أن یقال : إنّ أصل الاستیلاء لا یخرج عنه بالاحتمال البعید (1). والله تعالی أعلم.

قوله :

والذی رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علی (2) ابن فضّال ، عن عمرو بن سعید المدائنی ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی الساباطی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یخرج فی حاجة له وهو لا یرید السفر فمضی فی ذلک فتمادی به

ص: 58


1- روض الجنان : 385.
2- فی الاستبصار 1 : 227 / 807 لا یوجد : بن علی.

المضیّ حتی یمضی به ثمانیة فراسخ کیف یصنع فی صلاته؟ قال : « یقصّر ولا یتم الصلاة حتی یرجع إلی منزله ».

فالوجه فیه أنّه یجب علیه التقصیر بعد قطعه ثمانیة فراسخ إلی أن یرجع إلی منزله ، لأنّه قد صار مسافراً وإن لم یکن قصد فی الأوّل ذلک ، والروایة الأُولی إنّما تضمّنت وجوب التمام (1) فی مدّة مضیّه القدر الذی ذکرناه ، ولیسا متنافیین علی هذا الوجه.

السند :

موثّق کما لا یخفی (2).

المتن :

ما ذکره الشیخ فیه محلّ تأمّل ، وما ذکره شیخنا المحقّق أیّده الله فی فوائد الکتاب : من أنّ المراد یقصّر فی رجوعه ، أو من الموضع إذا قصد قبله البلوغ إلی الموضع مع الرجوع ثمانیة فراسخ. محلّ بحث بالنظر إلی الوجه الثانی ؛ لأنّ ضمیمة الإیاب إلی الذهاب متوقّفة علی الدلیل ، ولا أعلم الآن موافقاً للشیخ علی ما ذکره ، وقد یمکن توجیه کلام الشیخ بإرادة الشروع فی الرجوع ، إلاّ أنّ الظاهر خلافه.

بقی فی المقام أُمور :

الأوّل : لا ریب أنّ العلم بالمسافة بالاعتبارین السابقین یقتضی

ص: 59


1- فی « رض » : الإتمام.
2- بأحمد بن الحسن بن علی بن فضّال ومصدّق بن صدقة.

وجوب التقصیر ، وألحق بعض الشیاع وشهادة الشاهدین (1) ، وجزم شیخنا قدس سره به (2).

وقد یقال : إنّ الشیاع إذا لم یفد العلم فمن أین مأخذ الاکتفاء به؟

والالتفات إلی ما ذکره جدّی قدس سره : من أنّ الظن الحاصل بالشیاع أقوی من الظن الحاصل بشهادة الشاهدین (3).

فیه أوّلاً : أنّ شهادة الشاهدین فی هذا المقام یتوقف ثبوت الحکم بها علی الإطلاق علی الدلیل ؛ إذ المعلوم أنّها من وظائف الحاکم الشرعی إلاّ ما خرج بالدلیل کالهلال.

وثانیاً : أنّ شهادة الشاهدین غیر معلّلة بالظن لیکون الظن الحاصل من الشیاع أقوی فیجب اتباعه ، بل یجوز کونها تعبّداً ، ومن ثَمّ لم یحکموا بالشیاع دائماً بل خصّوه بمواضع ، کما یعلم من کتب المتأخّرین.

وما قاله بعض المتأخّرین رحمه الله من أنّ الظاهر أنّ البیّنة الشرعیة هنا لا تحتاج إلی حکم الحاکم ؛ لأنها حجّة شرعیّة فی أعظم منها ، والأصل عدم اعتبار انضمامه ، ولأنّه قد یتعسّر أو یتعذّر ، فلا یناط به ، مثل الهلال وو دخول الوقت (4).

ففی نظری القاصر أنّه محلّ بحث أمّا أوّلاً : فلأنّ کون البیّنة حجّة شرعیّة فی جمیع الأحکام موضع البحث فکیف یجعل دلیلاً؟ ولو انعقد الإجماع لم یحتج إلی ما قاله ، والأخبار لم نقف علی ما یدل علی ذلک

هل تثبت المساقة بالشیاع وشهادة الشاهدین؟

ص: 60


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 367.
2- مدارک الاحکام 4 : 433.
3- روض الجنان : 384.
4- مجمع الفائدة والبرهان 3 : 368.

منها ، وحینئذ انحصر الدلیل فیما ذکره ، وهو عین المصادرة.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الثبوت فی الأعظم إن کان معلّلاً بما یقتضی الجریان فی غیره لیکون من مفهوم الموافقة ، ففیه ما أسلفناه فی مفهوم الموافقة من أنّه لا وجه لاعتبار الأولویّة ؛ إذ الاعتبار لوجود العلّة سواء کانت فی المساوی أو غیره ، وإن کانت العلّة مفقودة فلا فائدة فی الاستدلال بمفهوم الموافقة.

وأمّا ثالثاً : ( فلأنّ الأصل لا وجه له مع عدم ثبوت المأخذ ، ومعه لا حاجة للأصل إن کان عامّاً ، وإن کان خاصّاً ) (1) فانتفاء الأصل جلیٌّ.

وأمّا رابعاً : فالتعسّر لا وجه له بعد إمکان فعل العبادة تماماً ، وبالجملة لم أقف علی دلیل ما ذکر ، والعجب من جزم شیخنا قدس سره بما نقلناه عنه (2) من دون ذکر الدلیل.

الثانی : علی تقدیر الثبوت بالبیّنة لو تعارضت البیّنات علی وجه لا یمکن الجمع بأن تشهد بالاعتبار ولم یحصل المرجّح احتمل ترجیح التمام للأصل. وفیه ما قدّمناه من ظاهر الخبر المفسِّر للآیة المخرج عن الأصل (3).

وقد یقال : إنّ تعارض البیّنتین ینتفی ، إذ الفرض رجحان بیّنة القصر ، ( بالخبر وقد ) (4) فرض أوّلاً عدم المرجّح به ، والجواب ممکن بأنّ المنفی المرجّح الخاصّ المقرّر.

لو تعارضت البیّنات من دون مرجّح

ص: 61


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- راجع ص 1098.
3- راجع ص 1088.
4- فی « رض » و « د » : والخبر قد.

ونقل شیخنا قدس سره عن المعتبر أنّ فیه الأخذ بالمُثبِتة والقصر ، واستوجهه مع الإطلاق ، قال قدس سره : أمّا لو کان النفی منضمّاً إلی الإثبات کدعوی الاعتبار وتبیّن القصور ، فالمتّجه تقدیم بیّنة النفی ؛ لاعتضادها بأصالة التمام (1).

وفی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل ؛ لأنّ الاعتبار قد یکون من الجانبین ، فالترجیح غیر ظاهر الوجه علی الإطلاق فی صورة عدم الإطلاق ، وعلی تقدیر أن یراد بالإطلاق من غیر اعتبار فوجه تقدیم المثبتة غیر ظاهر ، واحتمال کون العلّة تقدیم بیّنة (2) الخارج وهو المثبت ، فیه : أنّ أصالة التمام آتیة فیه ، فتکون مرجّحة لغیره ، فلا یقدّم المثبت ، فلیتأمّل فی ذلک.

الثالث : قال بعض الأصحاب (3) الظاهر عدم وجوب الاعتبار مع تعارض البیّنات ، للأصل ، وتساقط البیّنات بالتعارض مع أصالة البراءة ، ویحتمل الوجوب ؛ لأنّه مما یتوقف علیه الواجب کما قیل فی رؤیة هلال شهر رمضان والعید والوقت (4).

ولا یخفی علیک أنّ الوجوب للتوقّف فرع الوجوب ، وأصالة التمام تنفیه ، والفرق بین المذکورات وبین ما نحن فیه ممکن بالعسر وبلزوم خروج الوقت ، إلاّ أن یقال بلزوم تأخیر العبادة إلی ضیق الوقت ، والحق أنّ أصالة التمام یتوقف الخروج عنها علی العلم الشرعی بالمسافة ، وتحصیله

ص: 62


1- مدارک الأحکام 4 : 433 ، وقد قال به المحقّق فی المعتبر 2 : 467.
2- لیست فی « رض ».
3- فی « رض » زیادة : إن.
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 368.

غیر واجب فی المشروط ، إذ هو المفروض.

واحتمال أن یقال : إنّ التمام مشروط بعدم السفر إلی المسافة فلا بدّ من العلم بالشرط ، ( یمکن دفعه بأنّ التمام غیر مشروط ، بل المشروط القصر ، فلیتأمّل.

الرابع : لو حصل العلم بالمسافة ) (1) فی أثنائها احتمل وجوب القصر إذا کان القصد إلی المحل الذی هو مسافة بعد العلم ؛ لتحقّق القصد إلی المسافة. وفیه أنّ الظاهر من قصد المسافة کونه مع العلم بها ، بل تحقّق القصد من دون العلم ربما یدّعی نفیه.

فما ذکره بعض الأصحاب : من ترجیح القصر لانکشاف المسافة المقصودة (2). محلّ تأمّل ، أمّا لو کان الباقی مسافة من حین العلم فلا ارتیاب فی القصر ، لکن هل یجب القصر فی محل العلم أو لا بدّ من السیر إلی مثل (3) محلّ الترخص کما فی البلد؟ احتمالان ، ولا یبعد أن یرجّح الأوّل بأنّ ما تضمّن خفاء الأذان والجدران لا یتناول هذا ، وإطلاق القصر فی المسافة لا مقیّد له.

ولو بلغ الصبی فی أثناء المسافة احتمل فیه انضمام السابق إلی اللاحق.

وفیه : أنّ التکلیف إنّما حصل فی الأثناء ، ویحتمل اعتبار المسافة بعد التکلیف ، والفرق بینه وبین ما تقدّم لا یخلو من خفاء ، وإن ادّعی بعض ظهوره (4).

لو حصل العلم بالمسافة فی الأثناء

لو بلغ الصبی فی الأثناء

ص: 63


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 368.
3- لیست فی « رض ».
4- مجمع الفائدة 3 : 369.

قوله :

باب المسافر یخرج فرسخاً أو فرسخین ویقصّر فی

الصلاة ثم یبدو له عن الخروج.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفّار ، عن محمّد بن عیسی ، عن سلیمان بن حفص المروزی قال ، قال الفقیه علیه السلام : « التقصیر (1) فی الصلاة بریدان أو برید ذاهباً وجائیاً ، والبرید ستّة أمیال وهو فرسخان ، والتقصیر فی أربعة فراسخ ، فإذا خرج الإنسان (2) من منزله یرید اثنی عشر میلاً وکان (3) أربعة فراسخ ثم بلغ فرسخین ونیّته الرجوع أو فرسخین آخرین قصَّر ، وإن رجع عما نوی عند بلوغ فرسخین وأراد المقام فعلیه التمام (4) ، وإن کان قصَّر ثم رجع عن نیّته أعاد الصلاة ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ابن أبی نصر ، عن الحسین (5) بن موسی ، عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام ، عن الرجل یخرج فی سفر یریده فدخل علیه الوقت وقد خرج من القریة علی فرسخین فصلّوا وانصرفوا فانصرف (6) بعضهم فی حاجة فلم یقض له الخروج ما یصنع فی الصلاة التی کان

المسافر یخرج فرسخاً أو فرسخین ویقصر فی الصلاة ثمّ یبدو له عن الخروج

اشارة

ص: 64


1- فی « د » : القصر.
2- فی الاستبصار 1 : 227 / 808 : الرجل.
3- فی الاستبصار 1 : 227 / 808 زیادة : ذلک.
4- فی « د » : الإتمام.
5- فی « رض » ونسخة فی « د » الحسن ، وکذا فی التهذیب 4 : 227 / 665.
6- فی « د » : فصرف.

صلاّها رکعتین؟ قال : « تمّت صلاته ولا یعید ».

فالوجه فی هذا الخبر أحد شیئین :

أحدهما : أنّه إذا کان الوقت قد مضی لم یکن علیه الإعادة ، وإنّما یلزم الإعادة ما دام الوقت باقیاً. والثانی : أنّه وإن لم یقض له الخروج لم یرجع عن نیة السّفر ، ومتی کان کذلک لم یکن علیه الإعادة ، بل کان علیه تقصیر ما بینه وبین ثلاثین یوماً ، علی ما بیّنّاه فی کتابنا الکبیر.

السند :

فی الأوّل : فیه سلیمان بن حفص المروزی ولم أَرَه فی الرجال ، نعم فی رجال الهادی علیه السلام : سلیمان بن حفصویه من کتاب الشیخ (1).

والثانی : کما تری فیه الحسین بن موسی ، وفی الرجال ذکر الحسین ابن موسی فی أصحاب الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (2) ، وفی رجال الکاظم علیه السلام : الحسین بن موسی واقفی (3) ، وفی رجال الصادق علیه السلام : الحسین بن موسی الأسدی الخیاط کوفی (4) ، وفیهم أیضاً الحسین بن موسی الهمدانی مهملاً (5).

وفی فوائد شیخنا المحقق أیّده الله علی الکتاب : فی بعض النسخ

بحث حول سلیمان بن حفص المروزی

بحث حول الحسین بن موسی

ص: 65


1- رجال الطوسی : 415 / 2 ، وذکره فی أصحاب الرضا علیه السلام بعنوان : سلیمان المروزی 378 / 7.
2- رجال الطوسی : 373 / 24.
3- رجال الطوسی : 348 / 25.
4- رجال الطوسی : 170 / 77. وفیه : الحنّاط.
5- رجال الطوسی : 170 / 78.

عن الحسن ، والظاهر أنّه علی التقدیرین ابن موسی الحنّاط (1) ، والحسین منسوب إلی الوقف من غیر توثیق. انتهی.

وما ذکره : من أنّه ابن موسی الحنّاط (2) علی التقدیرین. مبنی علی ظن الاتّحاد ، والذی فی کتاب الشیخ الحسن بن موسی الحنّاط والحسن بن موسی الأزدی وکلاهما من أصحاب الصادق علیه السلام (3).

ثم قوله - سلّمه الله - : والحسین منسوب إلی الوقف. یقتضی التغایر کما لا یخفی ، والأمر سهل.

المتن :

فی الأوّل : تضمّن أنّ البرید فرسخان وقد تقدّم نقله عن القاموس (4) ، إلاّ أنّ الأخبار السابقة إنّما دلّت علی أنّه أربعة فراسخ ، فالمعارضة (5) حاصلة ، وتفسیر البرید بالستة أمیال یدلّ علی أنّ الفرسخ هنا هو الفرسخ السابق فی الأخبار ، واحتمال أن یراد بالفرسخ ما یساوی فرسخین غیر تامّ ، واحتمال أن یراد بالمیل غیر المیل الوارد فی الأخبار السابقة کالفرسخ فی غایة البعد.

لکن قد یدّعی أنّ فیه تتمیم الروایة وإن بَعُد. وفیه وجود الفرق بینه وبین الفرسخ ؛ فإنّ الفرسخ نقل شیخنا - أیّده الله - : أنّه موجود بقدر (6)

بیان ما دل علی أنّ البرید فرسخان

ص: 66


1- فی « رض » : الخیّاط.
2- فی « رض » : الخیّاط.
3- رجال الطوسی : 168 / 41 ، 42.
4- القاموس المحیط 1 : 287 ، وقد تقدم فی ص 1080.
5- فی « د » : والمعارضة.
6- فی « د » : تقدر ، وفی « رض » : یعد.

الفرسخین الشرعیین فی خراسان ، بخلاف المیل.

إلاّ أن یقال : إنّ الخروج عن الشرعی فی الفرسخ یقتضی جواز الخروج فی المیل.

وما تضمنته الروایة من قوله : « برید ذاهباً وجائیاً » محتمل لأنّ یراد برید ذاهباً ، وبرید جائیاً ؛ ولأنّ یراد برید فی الذهاب والإیاب ؛ لکن علی الأوّل إن أُرید بالبرید ما فسّر بالفرسخین لزم أن من أراد الفرسخین ذهاباً وإیاباً لزمه التقصیر ولا أعلم القائل به. وعلی الثانی فالأمر أشدّ إشکالاً.

وقوله : « والتقصیر فی أربعة فراسخ » لا یخلو من منافرة لقوله : « بریدان أو برید ذاهباً وجائیاً » لأنّ البریدین إن أُرید بهما أربعة فراسخ تعیّن إرادة الاحتمال الثانی ، وقد عرفت إشکاله. وإن أُرید بالبرید الأربعة فراسخ أشکل قوله : « والبرید فرسخان » وما ذکره شیخنا أیّده الله من أنّه لا یبعد أن یکون قوله : « والبرید » من کلام الرّاوی ، ولا یخفی علیک الحال.

ثمّ العجب من الشیخ ، حیث لم یذکر ما فی الخبر من المخالفة لما سبق منه ؛ فإنّ ظاهره تارة اعتبار الرجوع وتارة عدم اعتباره ، لکن لا دلالة له علی الرجوع فی الیوم.

وقوله فی الخبر : « ثم بلغ فرسخین ونیّته الرجوع » محتمل لأنّ یراد أنّ نیّته الرجوع فی الأثناء لا یوجب الرجوع إلی التمام ، ولا یخلو من إشکال ؛ لأنّ الظاهر من بعض الأصحاب اعتبار استمرار القصد (1) ، وجزم به شیخنا قدس سره (2) والوالد قدس سره والروایة لا تصلح حجة علیهم ، إلاّ أنّ الدلیل علیه لا أعلمه الآن فی کلام الأصحاب ، وما نذکره فی الخبر الآتی لم یذکره

حکم من رجع عن نیّته قبل المسافة

ص: 67


1- کالمحقق فی الشرائع 1 : 135 ، والعلاّمة فی التذکرة 4 : 382.
2- مدارک الاحکام 4 : 480.

الأصحاب لمخالفته لما حکموا به ، کما تعلمه من ملاحظته وما نذکره ، والإجماع مشکل الإثبات هنا ، إلاّ أن یقال : إنّ قصد الثّمانیة هو سبب القصر ، فإذا انتفی بقصد عدمها انتفی السبب لا بعدم قصدها ، فإنّ الذهول قد یحصل ، والرجوع معه إلی التمام مشکل.

أمّا التردّد فقد جزم شیخنا قدس سره بأنّه موجب الرجوع إلی التمام (1). والشهید فی الذکری ذکر استمرار القصد (2). والأمر کما تری من جهة الروایة.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « رجع عمّا نوی وأراد المقام فعلیه الإتمام » صریح فی أنّ نیّة الإقامة فی أثناء الأربعة توجب التمام ، لکن فیه أنّ الرجوع عمّا نوی کیف یجامع نیّة المقام لولا ما قدّمناه من دلالتها علی عدم تأثیر نیّة الرجوع فی القصر.

وما تضمّنه من إعادة الصلاة قد وجدت فی زیادات الصلاة من التهذیب فی باب الصلاة فی السفینة ما یدل علیه ، وهو ما رواه الشیخ ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبی ولاّد قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنی کنت خرجت من الکوفة فی سفینة إلی قصر ابن هبیرة وهو من الکوفة علی نحو (3) عشرین فرسخاً فی الماء فسرت یومی ذلک أُقصّر الصلاة ثمّ بدا لی فی اللیل الرجوع إلی الکوفة فلم أدر أُصلّی فی رجوعی بتقصیر أم بتمام ، وکیف کان ینبغی أنّ أصنع؟ فقال (4) : « إن کنت

ص: 68


1- مدارک الاحکام 4 : 481.
2- الذکری : 256.
3- فی « د » زیادة : من.
4- فی « رض » : قال.

سرت فی یومک الذی خرجت فیه بریداً کان علیک حین رجعت أن تصلّی بالتقصیر لأنّک کنت مسافراً إلی أن تسیر إلی منزلک » قال : « وإن کنت لم تسر فی یومک الذی خرجت فیه بریداً فإنّ علیک أن تقضی کلّ صلاة صلّیتها فی یومک ذلک بالتقصیر بتمام من قبل تَزُمُّ من مکانک ذلک ، لأنّک لم تبلغ الموضع الذی یجوز فیه التقصیر حتی رجعت ، فوجب علیک قضاء ما قصّرت ، وعلیک إذا رجعت أن تتم الصلاة حتی تصیر إلی منزلک » (1).

وهذا الحدیث صحیح ، وفیه دلالة علی قضاء الصلاة وتعیّن القصر فی الأربع ، وربما دلّ علی أنّ الرجوع عن نیّة السفر یقتضی التمام (2) ، لأنّ قوله : « من قبل تَزُمّ » یدلّ علی أنّه بعد ذلک لا یفضی ما فعل ، ولا وجه لعدم القضاء مع کونه قصراً ، فتعیّن أن یکون تماماً ، والظاهر أنّ معنی تزمّ : تعزم (3) ، ویؤیّده وجود نسخة تؤمّ بمعنی تقصد (4) ، غایة الأمر أنّ فی الخبر ما یقضی نوع شک وهو قوله : « لأنّک لم تبلغ الموضع الذی یجوز فیه التقصیر » فإنّ هذه تقتضی أنّ التقصیر لا یجوز إلاّ بعد الأربع ، والأمر کما تری واضح الإشکال.

وما تضمّنه من قوله : « وعلیک إذا رجعت أنّ تتم الصلاة » ربما یدل علی اعتبار الرجوع بالفعل لا نیّته ، وحینئذ یمکن حمل ما دلّ علی العزم علی الرجوع ، وقد یمکن أن یقال : إنّ مراده بقوله علیه السلام : « إذا رجعت » إرادة الرجوع ، لما تقدم من ظهور إرادة العزم. وفیه أنّ تأویل الأوّل لیس أولی

ص: 69


1- التهذیب 3 : 298 / 909 وفیه : أن تریم ، بدل : تزم ، الوسائل 8 : 469 أبواب صلاة المسافر ب 5 ح 1 وفیه : تؤمّ ، بدل : تزم.
2- فی « رض » : الإتمام.
3- لم نعثر فی کتب اللغة علی هذا المعنی.
4- فی « د » : القصد.

من تأویل الثانی.

والعجب من مشایخنا وشیخنا الشهید 5 أنّهم لم یذکروا هذا الخبر فی الاستدلال لقضاء الصلاة ، وإنّما اقتصروا علی روایة المروزی (1) ، وردّها شیخنا قدس سره بالضعف ، ثم قال : ولو صحّت لکانت محمولة علی الاستحباب (2). وکذلک فی الاستدلال للتمام إذا نوی الرجوع مع أنّه محتمل لذلک احتمالاً ظاهراً کما قدّمناه ، هذا.

وأمّا الثانی : فقد عرفت حال سنده إلاّ أنّه فی الفقیه مروی فی الصحیح (3) ، ومع معارضة الخبر السابق عن التهذیب فالحمل علی الاستحباب ممکن.

أمّا ما قاله الشیخ : من الحمل علی خارج الوقت. فلا یخلو من تأمّل مع إمکان الاستحباب ، وعدم تعرض الشیخ للخبر الذی ذکره فی التهذیب غریب. والله تعالی أعلم بالحقائق.

قوله :

باب الذی یسافر إلی ضیعته أو غیرها (4).

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعیل بن الفضل قال : سألت

الذی یسافر إلی ضیعته أو یمرّ بها

اشارة

ص: 70


1- الذکری : 256.
2- مدارک الاحکام 4 : 440.
3- الفقیه 1 : 281 / 1272 ، الوسائل 8 : 521 أبواب صلاة المسافر ب 23 ح 1.
4- فی الاستبصار 1 : 228 : أو یمرّ بها.

أبا عبد الله علیه السلام ، عن رجل سافر من أرض إلی أرض وإنّما ینزل قراه وضیعته قال : « إذا نزلت قراک وضیعتک (1) فأتم الصلاة ، فإذا کنت فی غیر أرضک فقصّر ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمد بن عیسی ، عن عمران بن محمد قال : قلت لأبی جعفر الثانی علیه السلام : جعلت فداک إنّ لی ضیعة علی خمسة عشر میلاً خمسة فراسخ ، فربما خرجت إلیها وأُقیم فیها ثلاثة أیّام أو خمسة أیّام أو سبعة أیّام فأُتمّ الصلاة أم أُقصّر؟ فقال : « قصّر فی الطریق وأُتمّ فی الضیعة »

وعنه ، عن علی بن إسحاق بن سعد ، عن موسی بن الخزرج قال : قلت لأبی الحسن علیه السلام : أخرج إلی ضیعتی ومن منزلی إلیها اثنا عشر فرسخا أُتمّ الصلاة أم أُقصّر؟ قال : « أتمّ ».

عنه ، عن محمّد بن سهل ، عن أبیه قال : سألت أبا الحسن علیه السلام ، عن رجل یسیر إلی ضیعته علی بریدین أو ثلاثة وممرّه علی ضیاع بنی عمّه أیقصّر ویفطر أم یتمّ ویصوم؟ قال : « لا یقصّر ولا یفطر ».

محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن ( عمرو بن سعید المدائنی ) (2) عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل یخرج فی سفر فیمرّ بقریة له أو دار فینزل فیها ، قال : « یتمّ الصلاة ولو لم یکن له إلاّ نخلة واحدة ولا یقصّر ، ولیصم إن حضره الصوم وهو فیها ».

قال محمد بن الحسن : ما تضمّن هذه الأخبار من الأمر

ص: 71


1- فی « رض » : أو ضیعتک.
2- بدل ما بین القوسین ، فی « رض » : عمر بن سعید المدینی.

بالإتمام (1) فی ضیعة الإنسان یحتمل وجوهاً ، منها : أنّه یلزمه التمام إذا عزم علی المقام عشرة أیّام.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب بعد ما قدّمناه وذکرنا توثیق إسماعیل بن الفضل فیما تقدم أیضاً (2).

والثانی : فیه عمران بن محمد وهو الأشعری وقد وثّقه الشیخ فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه (3). والنجاشی لم یوثّقه (4) ، وکذا الشیخ فی الفهرست (5).

والثالث : فیه علی بن إسحاق بن سعد ، والشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام ذکر : علی بن إسحاق بن سعد الأشعری وأنّ الراوی عنه البرقی (6).

والنجاشی قال : علی بن إسحاق بن عبد الله بن سعد الأشعری ثقة (7). وهو ما ذکره الشیخ ؛ لأنّ النجاشی ذکر أنّ الراوی عنه أحمد بن محمّد البرقی. وأمّا موسی بن الخزرج فلم أقف علیه فی الرجال.

والرابع : فیه محمّد بن سهل وهو ابن الیسع ، لأنّه من أصحاب الرضا

إشارة إلی وثاقة إسماعیل بن الفضل

بحث حول عمران بن محمد

بحث حول علی بن إسحاق بن سعد

موسی بن الخزرج غیر مذکور فی الرجال

بحث حول محمد بن سهل

ص: 72


1- فی « د » : بالتمام.
2- راجع ص 1082.
3- رجال الطوسی : 381 / 21.
4- رجال النجاشی : 292 / 789.
5- الفهرست : 119 / 526.
6- رجال الطوسی : 486 / 56.
7- رجال النجاشی : 279 / 739.

والجواد علیهماالسلام (1) ، وفی الرجال محمد بن سهل مکرر (2) لکن من أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ (3).

ثمّ إنّ محمّد بن سهل غیر ثقة ، وأبوه ثقة مرّتین فی النجاشی (4). لکن لا یخفی أنّ ضمیر « عنه » یرجع إلی محمد بن علی بن محبوب وهو مذکور فی کتاب الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام (5) ، فروایته عن محمد بن سهل الذی هو راوٍ عن الجواد علیه السلام قد یستبعد ، إلاّ أنّه فی حیّز الإمکان ، والشیخ فیما تقدم ذکر علی بن إسحاق فی رجال من لم یرو مع أنّ الراوی عنه أحمد البرقی ، وهو مذکور فی رجال الجواد والهادی علیهماالسلام من کتاب الشیخ (6). وبالجملة فاصطلاح الشیخ مجمل المرام.

والخامس : موثّق کما تقدّم (7).

المتن :

فی الأوّل : وإن کان مطلقاً فی الإتمام فی القری ، إلاّ أنّه سیأتی ما یقیّده ممّا یدلّ علی الاستیطان ، وما ذکره الشیخ فی الوجه الأوّل من إقامة عشرة أیّام لا یتمّ فی هذا الخبر ؛ لأنّه تضمّن القصر فی غیر أرضه ، والإقامة

بیان ما دل علی إتمام المسافر فی قریته وضیعته

ص: 73


1- رجال النجاشی : 367 / 996.
2- فی « د » : مکررا.
3- رجال الطوسی : 289 / 147 150 ، 388 / 25.
4- کذا نقله عنه ابن داود فی رجاله : 108 ، 208 ولکن الموجود فیه التوثیق مرّة واحدة. راجع رجال النجاشی : 186 / 494.
5- رجال الطوسی : 494 / 18.
6- رجال الطوسی : 398 / 8 و 410 / 16.
7- راجع ج 1 : 79 و 168.

لا فرق فیها بین أرضه وغیرها ، کما لا یخفی.

والثانی : فیه دلالة علی التقصیر فی الأربع ، فلو (1) قیل بالتخییر یحمل الخبر علی الجواز. وما قد یظنّ من أنّ ظاهر الأمر یقتضی التعیین فذکرنا مثله سابقاً ، ولا مانع من کون السائل فهم التخییر بسبب ذکر الخمسة فراسخ فی السؤال. أمّا حمل الشیخ علی نیّة الإقامة فهو مع بُعده عن الظاهر لا یفی بدفع ما یدلّ علیه الخبر من التقصیر فیما دون الثمانیة حتماً ، فکان الأولی من الشیخ الالتفات إلی هذا ، فلیتأمّل.

وأمّا الثالث : فالأولی فیه ما قاله شیخنا أیّده الله من أنّ الأمر بالإتمام یراد به فی الضیعة وإن احتاج إلی تقیید الضیعة بالاستیطان ، ولو حمل علی الإتمام فی الطریق لکون الأربعة تقتضی التخییر ، ویجوز أن یکون علیه السلام رأی المصلحة فی أمره بالإتمام کما رأی المصلحة فی السابق فی الأمر بالقصر ، إلاّ أنّ الخروج من مضایقة کون الأمر للوجوب العینی یقتضی الحمل الأوّل ، وقد توجّه الثانی بأنّ الاحتیاج إلی التقیید یساوی الاحتیاج إلی صرف الأمر عن ظاهره.

والرابع : یمکن حمله علی إرادة عدم التقصیر والإفطار فی الضیعة ، أو أنّه علی سبیل الإنکار کما ذکره شیخنا أیّده الله أمّا حمل الشیخ ففی غایة البعد کما فی الثالث.

والخامس : لا یکاد یحوم التوجیه حول ما قاله الشیخ : من إرادة إقامة عشرة أیّام بعد قوله : « ولو لم یکن له إلاّ نخلة واحدة » وظاهر النهی عن التقصیر والأمر بالصیام ، وقد استند إلی هذه الروایة القائلون بمجرّد الملک فی لزوم التمام وإن لم یکن منزلاً ، والأمر کما تری.

ص: 74


1- فی « رض » : ولو.

قوله :

والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن إسماعیل بن مرّار ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من أتی ضیعته (1) ثمّ لم یرد المقام عشرة أیّام قصّر ، وإن أراد المقام عشرة أیّام أتم الصلاة ».

عنه ، عن إبراهیم ، عن البرقی ، عن سلیمان بن جعفر الجعفری ، عن موسی بن حمزة بن بزیع قال : قلت لأبی الحسن علیه السلام : جعلت فداک إن لی ضیعة دون بغداد فأخرج من الکوفة أُرید بغداد فأُقیم فی تلک الضیعة أُقصّر أو أُتمّ؟ فقال : « إن لم تنو المقام عشرة أیّام فقصّر ».

والوجه الثانی : أن تکون الأخبار محمولة علی من یمرّ بمنزل له کان قد استوطنه ستّة أشهر فصاعداً فحینئذ یجب علیه التمام ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبی نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن علی بن یقطین قال : قلت لأبی الحسن الأوّل علیه السلام : الرجل یتّخذ المنزل فیمرّ به أیتمّ أم یقصّر؟ قال : « کلّ منزل لا تستوطنه فلیس لک بمنزل ولیس لک أن تتمّ فیه ».

عنه ، عن أیوب بن نوح ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن

ص: 75


1- فی الاستبصار 1 : 230 / 815 : ضیعة.

عثمان ، عن أبی عبد الله علیه السلام : فی الرجل یسافر فیمرّ بالمنزل له فی الطریق أیتمّ الصلاة أم یقصّر؟ قال : « یقصّر ، إنّما هو المنزل الذی یوطنه (1) ».

عنه ، عن أیوب ، عن صفوان بن یحیی ، عن سعد ابن أبی خلف قال : سأل علی بن یقطین أبا الحسن الأوّل علیه السلام عن الدار یکون للرجل بمصر أو الضیعة فیمرّ بها؟ قال : « إن کان ممّا قد سکنه أتمّ فیه الصلاة ، وإن کان ممّا لم یسکنه فلیقصّر ».

عنه ، عن أیّوب ، عن أبی طالب ، عن ابن أبی نصر ، عن حمّاد ابن عثمان ، عن علی بن یقطین قال : قلت لأبی الحسن الأوّل 7 : إنّ لی ضیاعاً ومنازل بین القریة والقریتین (2) الفرسخین والثلاثة فقال : « کلّ منزل من منازلک لا تستوطنه فعلیک فیه التقصیر ».

عنه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن ، عن محمد بن إسماعیل بن بزیع ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : سألته عن الرجل یقصّر فی ضیعته؟ فقال : « لا بأس ما لم ینو مقام عشرة أیّام ، إلاّ أن یکون له فیها منزل یستوطنه » فقلت : ما الاستیطان؟ فقال : « أن یکون له فیها منزل یقیم فیه ستّة أشهر ، فإذا کان کذلک یتمّ فیها متی یدخلها ».

السند :

فی الأوّل : فیه إسماعیل بن مرّار ، وهو فی الظاهر مجهول الحال وإن کان مذکوراً فی الرجال (3) ، والراوی عنه إبراهیم بن هاشم ، وربما یستفاد

بحث حول إسماعیل بن مرّار

ص: 76


1- فی الاستبصار 1 : 230 / 818 : توطّنه.
2- فی الاستبصار 1 : 230 / 820 زیادة : الفرسخ و.
3- رجال الطوسی : 447 / 53.

من روایة إبراهیم عنه نوع مدح ؛ لما یظهر من القول فی إبراهیم أنّه أوّل من نشر حدیث الکوفیین بقم ، وأنّ أهل قم کانوا یُخرِجُون الراوی لمجرّد توهّم الریب فیه ، فلو کان إسماعیل فیه ارتیاب لما روی عنه إبراهیم ، وفیه نظر إلاّ أنّه قابل للتوجیه ، ومن ثمَّ قلنا : فی الظاهر أنه مجهول ، فتأمّل.

والثانی : فیه البرقی والظاهر أنّه محمد وقد تقدّم الکلام فیه (1) ، وسلیمان بن جعفر ثقة فی الرجال (2) ، أمّا موسی بن حمزة بن بزیع فغیر مذکور فیما رأیت.

والثالث : لا ارتیاب فیه ، وکذلک الرابع والخامس.

والسادس : فیه أبو طالب وهو مشترک بین الثقة وغیره (3) ، وقد یقرب احتمال عبد الله بن الصلت لولا أنّ الراوی عنه أحمد بن أبی عبد الله البرقی ، والراوی عن أبی طالب البصری المذکور مهملاً البرقی أیضاً ، علی أنّ فی الرجال أبا طالب الشغرانی والراوی عنه محمد البرقی (4) وهو بصری أیضاً ، فاحتمال اتحاده مع السابق ممکن لولا اختلاف الراوی عنه ، وهو مهمل ولا یخفی قرب مرتبة أیّوب بن نوح منه.

وأمّا السابع : ففیه أحمد بن الحسن فی النسخة التی وجدتها ، وفی نسخة أحمد بن الحسین ، وهو فی التهذیب (5) ، وأحمد بن الحسن علی ما هنا مشترک ، وعلی تقدیر الحسین کذلک (6) ، إلاّ أنّ شیخنا قدس سره قال فی فوائد

سلیمان بن جعفر ثقة

موسی بن حمزة بن بزیع غیر مذکور فی الرجال

بحث حول أبی طالب

بحث حول أحمد بن الحسن ( الحسین )

ص: 77


1- فی ص 68.
2- وثقه النجاشی فی رجاله : 182 / 483 ، والشیخ فی الفهرست : 78 / 318 ، وفی الرجال : 351 / 10 ، 377 / 1.
3- هدایة المحدثین : 286.
4- رجال النجاشی : 459 / 1255 ، والفهرست : 187 / 841 ، وفیهما : الشعرانی.
5- التهذیب 3 : 213 / 520.
6- راجع هدایة المحدثین : 170 ، 171.

الکتاب : إنّ الظاهر کون أحمد بن الحسین هو ابن عمر بن یزید وقد وثّقه النجاشی (1). فتکون الروایة صحیحة ، وشیخنا أیّده الله قال فی فوائده : إنّه إمّا ابن عمر بن یزید أو ابن الحسین بن سعید ، وعلی کلّ حال فالروایة فی الفقیه مرویة بطریق صحیح (2).

المتن :

فی الأوّل : کما تری لا یدلّ علی مطلوب الشیخ ، ولا یبعد أن یکون لفظ « ضیعته » فی الخبر غلط ، وإنّما هی ضیعةً (3) ، لکن النسخة التی رأیتها ما ذکرته ، وعلی تقدیر ذلک یشکل الخبر بأنّ ما دلّ علی إقامة ستّة أشهر ینافیه إطلاق الروایة ، ولو قیّد بعدم الإقامة ستّة أشهر رجع إلی ملاحظة الوجه الثانی ، لا أنّه مستقل کما لا یخفی.

والثانی : ما قلناه آتٍ فیه ، علی أنّ الحمل المذکور یقتضی أنّ مسیر الأربعة فراسخ یوجب التقصیر حتماً ؛ لأنّه علیه السلام حینئذ جعل التقصیر ما لم ینو مقام عشرة أیّام ، ولو کان التخییر محتملاً لما تعیّن التمام ، واحتمال إرادة الرجوع ینافیه ظاهر الأخبار ، وبالجملة فالشیخ لو ترک هذا الوجه کان أسْلَم له من محاذیر لا تخفی علی من تأمّل الأخبار ولاحظها بعین الاعتبار.

وأمّا الثالث : فالظاهر منه الاستیطان فی الحال وما یقاربه کما نفصّله فیما بعد عند ذکر خبر ابن بزیع ، والظاهر من کلام الشیخ فی الوجه الثانی اعتبار الماضی ، فالخبر لا یدل علی مطلوبه. وهکذا الرابع.

بیان ما دل علی أنّ المسافر فی ضیعته یقصّر إن لم ینو المقام عشرة أیّام

الاستیطان وما یعتبر فیه

ص: 78


1- رجال النجاشی : 83 / 200.
2- الفقیه 1 : 288 / 1310.
3- کما فی المطبوع من الاستبصار ، راجع ص 71.

أمّا الخامس : فله دلالة علی ما قاله الشیخ من جهة صدره وإن کان عجزه یقتضی خلاف ذلک.

والسادس : مثل ما عدا الخامس.

والسابع : کما تری یدل علی نحو غیر الخامس ، لکن الوالد قدس سره وشیخنا قدس سره ظنا منه الدلالة علی إقامة کلّ سنة ستة أشهر (1) وقد ظنا أیضاً أنّ کلام الصدوق فی الفقیه یدلّ علی ذلک (2).

وفی نظری القاصر أنّه محل نظر :

أمّا أوّلاً : فلأنّ خبر سعد بن أبی خلف دلّ علی الماضی ، وخبر محمد بن إسماعیل یقتضی الفعل الواقع فیه إمّا الحال أو الاستقبال ، وحینئذ لا بدّ من التجوّز فی خبر سعد بإرادة ما تضمّنه خبر محمد بن إسماعیل ، أو التجوّز فی خبر محمد بن إسماعیل بإرادة ما فی خبر سعد ؛ إذ (3) التنافی واقع.

أو یجمع بینهما بإرادة ما یقرب من الحال فی خبر سعد ، ویراد فی خبر محمد بن إسماعیل بالحال وما قاربه من الماضی ، لکن إرادة الحال المحض والاستقبال من خبر سعد موقوفة علی القرینة ، وإرادة الماضی من خبر محمد بن إسماعیل کذلک ، وکذلک تقدیر إرادة ما یقرب من الحال ، والقرینة منتفیة فی الجمیع بالنسبة إلینا ، وجعل أحد الخبرین قرینة فی الآخر موقوف علی العلم لیترجّح أحد الأمرین أو الأُمور ، وحیث لا قرینة فیمکن ادّعاء العمل بکلّ من الخبرین لعدم الترجیح.

ص: 79


1- مدارک الأحکام 4 : 444.
2- الفقیه 1 : 288.
3- فی « رض » : إذا.

ولا یضرّ بحال السائلین من حیث الإجمال ؛ لاحتمال علم کلّ واحد بالقرینة ولم تصل إلینا ، وحینئذ فالعمل یجوز بکلّ منهما ، فیکتفی بالإقامة الماضیة والإقامة فی الحال ، أمّا الاستقبال فالظاهر أنّه منتف ، إذ لا وجه للإقامة المستقبلة فی التمام قبلها إلاّ بقصد الإقامة ، وانتفاء تأثیره کأنّه واضح ؛ إذ لا قائل به ، فلم یبق إلاّ ما ذکرناه.

ولو قطع النظر عن روایة سعد ، وکان الالتفات إلی روایة محمّد بن إسماعیل کما وقع للوالد قدس سره وشیخنا قدس سره فالظاهر أنّه لا بدّ من التزام عدم تأثیر الماضی من الإقامة بل یعتبر الحال ، وحینئذ لا وجه لاعتبار کلّ سنة ، إذ الظاهر منه أنّه لو مضی سنة أو أکثر خالیة من الإقامة لا یتم والحال أنّ ظاهر الخبر اعتبار الحال ، فالتعبیر بکل سنة غیر واضح الوجه.

نعم ربما یدّعی دخول ما قرب من الحال ، کأن یقیم نصف السنة الأخیر مثلاً ثمّ یسافر فی أول السنة الثانیة ، فإنّ الأُولی بالنسبة إلی الثانیة وإن کانت ماضیة إلاّ أنّها قریبة من الحال ، بخلاف ما إذا أقام نصف سنة من الاولی فی أوّلها ثم سافر نصف سنة ورجع فی أول الثانیة ، أو أقام نصف سنة ثم سافر وبقی مسافراً ، أو أقام فی غیر الضیعة سنة ثم رجع فإنه یبعد دخوله فی الخبر ، وإن کان للمناقشة فی صدق الحال مجال ، إلاّ أنّ بالتکلّف یمکن ادّعاء الدخول فی الخبر ، وعلی کل حال لا وجه لاعتبار کل سنة.

ولو نظرنا إلی الجمع بین الخبرین فیراد الإقامة فی الماضی والحال ، وردّ الإشکال فی أنّ الماضی والحال لا یشترط اجتماعهما ، بل لو فرض حصول الإقامة فی سنة ماضیة ثمّ وقع الفصل بین الماضیة والسنة الثانیة وتحقّقت الإقامة فی السنة الثالثة مثلاً یصدق الإقامة ستةً فی الماضی والحال ، وإرادة الاتصال غیر مستفادة من الخبرین.

ص: 80

علی أنّ الجمع بین الخبرین یقتضی الألغاز فی کلّ منهما ، وإشکاله واضح ، إلاّ أن یقال : إنّ القرینة کانت لکلّ من الروایتین بما یزیل الألغاز.

وفیه : أنّ مع فرض عدم (1) القرینة بالنسبة إلینا إذا وجب العمل بالخبرین کان احتمال (2) اتصال الماضی بالحال وعدمه محتملاً ، فلا وجه لترجیح الاتصال إذ لا مرجّح له.

علی أنّه قد یبحث فی العمل مع الإجمال إذا لم یبیّن فیقال : إنّ التقصیر فرض المسافر ما لم یحصل مقتضی الإتمام من الشارع ، والإقامة ستّة أشهر مجملة فی الأخبار بعد ما قررناه ، فکیف یحکم بشی ء من دون البیان؟.

فإنّ قلت : العمل بالمجمل إذا علم منه شی ء ما لا ریب فیه ، إنّما الإشکال فی العمل بالمجمل فی جمیع احتمالاته.

قلت : النزاع فی تحقّق شی ء من المجمل ؛ لأنّ الإقامة ستّة أشهر إمّا ماضیة أو فی الحال ، فإذا لم یعلم أحدهما کیف یعمل بالماضی؟.

نعم یخطر فی البال إمکان أن یقال : إنّ الإقامة ستّة أشهر فی کلّ سنة من الماضی إلی الحال الذی دخل فیه المسافر إلی البلد أو الموضع ، یتحقق فیها الإتمام ؛ لأنّ المراد فی الخبرین إذا کان إمّا فی الماضی أو الحال فإذا حصل الماضی والحال فلا ریب فی وجوب التمام ، بخلاف ما إذا حصل فی أحدهما وهذا یصلح وجهاً لما قاله مشایخنا 5 (3) وإن لم یکن ملحوظاً لهم ، لأنّ الوالد قدس سره قال : إنّ الإقامة کلّ سنة تلوح من النص. وعنی به خبر ابن بزیع ، والنص له ظهور فی الحال لا فی کلّ سنة.

ص: 81


1- ساقط من « رض ».
2- کذا فی النسخ ، والأنسب : اعتبار.
3- راجع ص 1112.

وشیخنا قدس سره قال فی المدارک : إنّ الأصحاب استندوا إلی روایة ابن بزیع فی اعتبار الإقامة فی الملک ستّة أشهر ، وهی غیر دالة علی ما ذکروه ، بل المتبادر منها اعتبار إقامة ستّة أشهر فی کلّ سنة (1).

وأنت إذا تأمّلت ما حرّرناه بعین العنایة تری أنّ ما قالاه محلّ تأمّل.

وقد یمکن بالعنایة أن توجّه دلالة الروایة من حیثیّة أُخری ، وهو أنّ المراد بکلّ سنةٍ : کلّ سنةٍ یدخل فیها إلی البلد ، بمعنی أنّ محلّ الإقامة إن دخله فی سنة الإقامة ستّة أشهر وجب التمام ، وإن دخله فی غیرها لزمه التقصیر ، فیراد بکلّ سنةٍ کلّ ما دخل ، وهذا یقتضی أنّه لو اختلفت السنة مسمّی الاختلاف یتعیّن التقصیر ، کما لو سافر بعد ستّة أشهر من النصف الثانی من السنة ، والحال أنّ الظاهر من اعتبار الحال دخول مثل هذا فی وجوب التمام.

علی أنّ قطع النظر عن روایة سعد لا وجه له ، سیّما وهی صحیحة عند شیخنا قدس سره أمّا الوالد قدس سره فربما یطعن فیها باعتبار أُصوله ، وإن کان فی الظن أنّه لا ارتیاب فی صحّتها ؛ إذ رجالها موثّقون بالاثنین (2) ؛ ولو قطعنا النظر عن روایة سعد أمکن أن یلتفت إلی ما وجّهناه ، وإن کان بعدُ لا یخلو من تأمّل.

وأمّا ثانیاً : فما یُظنّ من الصدوق أنّه یَعْتَبِر کلّ سنة فی الإقامة غیر ظاهر الوجه ، لأنّ عبارته بعد نقل روایة إسماعیل بن الفضل : قال مصنف هذا الکتاب : یعنی : بذلک إذا أراد المقام فی قراه وأرضه عشرة ، ومتی لم یرد المقام بها عشرة قصّر ، إلاّ أن یکون له بها منزل یکون فیه فی السنة ستّة أشهر ، فإذا کان کذلک أتمّ متی دخلها ، وتصدیق ذلک ما رواه محمد بن

ص: 82


1- مدارک الأحکام 4 : 444.
2- کذا ، ولعلّ المراد توثیق النجاشی والشیخ.

إسماعیل ، وذکر الروایة (1).

وهذه العبارة محتملة لأنّ یرید بالسنة التی دخل فیها إلی البلد بعد الإقامة لا کلّ سنة ، ( ولو لم یکن ظاهره ) (2) فاحتمال ما ذکرناه موجود ، ومعه لا یتمّ إطلاق القول من الوالد قدس سره بأنّ ظاهر البعض یعنی به الصدوق اعتبار إقامتها فی کلّ سنة ، وکذلک قول شیخنا قدس سره : وبهذا یعنی إقامة کلّ سنةٍ صرّح ابن بابویه فیمن لا یحضره الفقیه.

والعجب من الوالد قدس سره أنّه قال : إنّ قول الصدوق هو الذی یلوح من النص ، والحال أنّ الذی یصرّح به النص اعتبار الحال أو الاستقبال کما سبق. والعجب أیضاً من شیخنا أنّه ادّعی صراحة النص.

وبالجملة : فما ذکرناه فی هذا المقام لم أرَ من حام حول الحقیقة من الأعلام فینبغی ملاحظته بالتأمّل التام.

ویبقی هنا أُمور :

الأوّل : قال بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله : الظاهر عدم اشتراط الملک للإتمام فی بلده الذی هو منشؤه ومستوطنه مدة عمره (3). وکأنّه یعنی بما ذکره علی القول باشتراط الملک کما صرّح به بعض الأصحاب کالمحقّق فی الشرائع حیث قال : الثالث أن لا یقطع السفر بإقامة فی أثنائه ، فلو عزم علی مسافة وفی طریقه ملک له قد استوطنه ستّة أشهر ( أتمّ فی طریقه وفی ملکه ) (4) وکذا لو نوی الإقامة فی بعض المسافة (5).

هل یعتبر الملک فی البلد المتّخذ للإقامة علی الدوام؟

ص: 83


1- الفقیه 1 : 288.
2- کذا فی النسخ ، والظاهر : ولو لم تکن ظاهرة.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 375.
4- ما بین القوسین أثبتناه من المصدر.
5- الشرائع 1 : 133.

وهذه العبارة ذکر شیخنا قدس سره فی شرحها : أنّ المراد بالإقامة فی الأوّل الإقامة الشرعیة المتحقّقة بنیّة العشرة والوصول إلی الوطن ، والإقامة الثانیة هی إقامة العشرة. ثمّ قال شیخنا قدس سره : ولو جعل الشرط عدم قطع السفر بنیّة إقامة العشرة والوصول إلی وطنه کان أظهر (1). انتهی.

ولا یخفی أنّه لو أراد المحقّق الوطن مطلقاً لدخل فیه البلد التی یتّخذها الإنسان دار إقامة علی الدوام ، واعتبار الإقامة فیها ستّة أشهر محلّ تأمّل.

وقد ذکر الشهید فی الذکری : أنّ الأقرب اشتراط الاستیطان ستة أشهر فی البلد المذکور (2). وهو یدلّ علی أنّ الخلاف موجود.

والعلاّمة مع جماعة صرّحوا بأنّ البلد المتّخذ دار إقامة ملحق بالمنزل المستوطن ستّة أشهر کما نقله شیخنا قدس سره (3) والإلحاق کما تری محتمل لأنّ یراد به فی اعتبار إقامة ستّة أشهر أو أنّه ملحق به فی الإتمام وإن لم یقم ، وإن أمکن دعوی ظهور الأوّل.

والعجب من شیخنا قدس سره أنّه قال بعد ذکر الإلحاق : ولا بأس به ؛ لخروج المسافر عن کونه مسافراً بالوصول إلیها عرفاً. ثم نقل عن الذکری ما ذکرناه ، ثم قال : وهو غیر بعید ؛ لأنّ الاستیطان علی هذا الوجه إذا کان معتبراً مع وجود الملک فمع عدمه أولی (4).

وأنت خبیر بأنّ الدلیل الأوّل وهو الخروج عن کونه مسافراً ینافی الدلیل الثانی ؛ لأنّ الثانی مقتضاه تحقّق السفر لیحتاج إلی اعتبار الإقامة.

ص: 84


1- مدارک الأحکام 4 : 441.
2- الذکری : 257.
3- مدارک الاحکام 4 : 445.
4- مدارک الاحکام 4 : 445.

وعلی کل حالٍ فللبحث فی اعتبار الستة الأشهر (1) فی البلد المتّخذ للإقامة علی الدوام مجال واسع.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ عبارة المحقّق علی تقدیر الحمل المذکور سابقاً بأن یراد بالوطن ما یعمّ البلد المتّخذ للإقامة یلزم أنّ ما قاله فیما بعد : والوطن الذی یُتمّ فیه هو کلّ موضع له فیه ملک قد استوطنه ستة أشهُر (2). یفید أنّ البلد المتّخذ للإقامة علی الدوام إذا لم یکن فیه ملک لا یجب فیه الإتمام وإن أقام ستّة أشهُر ، والحال لا یخلو من إشکال ؛ لأنّ ظاهر بعض الأخبار المعتبرة اعتبار (3) المنزل ، وهو أعمّ من الملک.

ولو حملت الأخبار الدالة علی الملک علی غیر البلد المتّخذ للإقامة علی الدوام أمکن الجمع بینها وبین ما دلّ علی أنّ الوصول إلی الضیاع یوجب الإتمام مطلقا ، وقد تقدّمت جملة من الأخبار ، وسیأتی بعض منها ، وباقیها فی غیر الکتاب.

وفی الظن أنّ هذا الوجه غیر بعید ، وحینئذ یراد بالإلحاق فی کلام البعض هذا المعنی ، فلا یعتبر إقامة الستّة ، لکن لم أرَ الآن من صرّح به ، بل ظاهر من رأینا کلامه اعتبار الملک فی المنزل.

ولو أراد المحقّق بیان الوطن الوارد فی الأخبار المتوقف علی الإقامة ستة أشهر لا مطلق الوطن لزم الإخلال بترک بعض الأفراد ، فالظاهر منه العموم لکلّ وطن ، والإشکال فیه واقع کما ذکرناه.

ص: 85


1- کذا فی النسخ ، والأنسب : أشهُر.
2- الشرائع 1 : 133.
3- لیست فی « د ».

ومن تأمّل الأخبار حقّ التأمّل یعلم أنّ الجمع بهذا الوجه ممکن ، ویتفرع علی هذا مثل الولد إذا لم یکن له ملک ، فإنّ لزوم الإقامة فی کلّ سنة أو فی سنة مشکل ، وعدم الاعتبار کذلک.

ویمکن تأیید أخبار الإقامة ستة أشهر مضافاً إلی ما دلّ علی الملک بالأخبار الدالة علی أنّ المسافر یقصّر ما لم ینو مقام عشرة أیّام فإنّها عامّة ، فإذا خرج منها صاحب الملک والإقامة بقی ما عداه ، والأخبار الواردة مجملة ، فالإتمام فی الضیعة لا یخلو من إجمال ، ویؤیّده أیضاً استصحاب القصر. وقد یقال : إنّ هذا معارض مع ما تقدّم من عدم صدق السفر بأنّ التمام هو الأصل ، والأخبار الواردة بأنّ المسافر یتمّ فی أهله ، فلیتأمّل.

وفی الروضة قال جدّی قدس سره عند قول الشهید رحمه الله : وأن لا یقطع السفر بمروره علی منزله : وهو ملکه من العقار الذی قد استوطنه أو بلده التی لا یخرج عن حدودها الشرعیة ستّة أشهر فصاعداً بنیّة الإقامة الموجبة للتمام متوالیة أو متفرقة أو منوی الإقامة علی الدوام مع استیطانه المدّة وإن لم یکن له ملک (1).

وهذه العبارة قد تکلّمنا فیها فی حاشیة الکتاب بما لا مزید علیه ، والمقصود هنا أنّ قوله أخیراً : وإن لم یکن له ملک ، یدلّ علی أنّ اعتبار الملک علی الإطلاق لیس موضع وفاق.

وفی کلام بعض محقّقی المتأخّرین نحو ما قلناه (2). وحینئذ تحصل التقویة للاحتمال الذی قدّمناه ، وإن اختص کلام جدّی قدس سره باشتراط الاستیطان المدّة ، والله تعالی أعلم بحقیقة الحال.

ص: 86


1- الروضة البهیة 1 : 372.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 376.

الثانی : قال بعض المحقّقین نحو ما قاله جدّی قدس سره فی الروضة من عدم اشتراط التوالی (1). لکن لم یذکر الدلیل ، ولعلّه لإطلاق الأخبار ، لکن اشتراط جدّی قدس سره نیّة الإقامة محلّ کلام ، لأنّه لو اتفق التردّد ثلاثین یوماً (2) یمکن ادّعاء تحقّق الإقامة ، إلاّ أن یقال : إنّ المتبادر من الإقامة نیّة الإقامة ، کما ادّعاه البعض (3).

ثم الأشهُر لا یخلو من إشکال فی الهلالیّة والعددیّة علی الإطلاق والتفصیل بالابتداء فی الهلال وعدمه ، ولهذا نظائر فی الفقه یعلمها من تتبّع الفروع ، إلاّ أنّ الدلیل محلّ بحث ، فلیتأمّل.

الثالث : قد علمت حکم الملک ، لکن لو زال الملک قال بعض الأصحاب : زال الحکم المعلّق به ؛ لأنّ ظاهر الأخبار یقتضی ذلک (4).

وأنت خبیر بأنّ هذا علی الإطلاق مشکل ؛ لأنّ زوال الملک قد یکون مع الاستیطان ( ستّة أشهُر ، وقد یکون مع بقاء الاستیطان ) (5) بقصد الدوام ، والزوال حینئذ إن کان بالاتفاق أشکل ما قدّمناه من الخلاف فی الجملة ، وإن کان المراد زوال الملک مع زوال الاستیطان فله وجه ، غیر أنّ ظاهر أصحابنا المتأخّرین الاکتفاء بإقامة الستّة الأشهر ولو مرّة فزوال الملک إذا اقتضی الزوال ینبغی زوال الاستیطان کذلک ؛ لأنّ النّص تضمّن الاستیطان فی الملک ستّة أشهر ، فالفارق بین الملک والاستیطان غیر واضح.

وقد ذکر شیخنا بعد عبارة المحقّق المتضمّنة لأنّ الوطن کلّ موضع له

عدم اشتراط التوالی فی الإقامة ستّة أشهر

حکم ما لو زال الملک

ص: 87


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 376.
2- لیست فی « د » و « فض ».
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 376.
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 376.
5- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

فیه ملک قد استوطنه ستّة أشهر : أنّ إطلاق العبارة یقتضی عدم الفرق فی الملک بین المنزل وغیره ، قال : وبهذا التعمیم جزم العلاّمة ومن تأخّر عنه ، وصرّحوا بالاکتفاء بالشجرة الواحدة ، واستدلوا علیه بالروایة السابقة لعمّار (1).

ولا یخفی أنّ روایة عمّار دالةٌ علی أنّ مجرّد الملک کاف ، وعبارة المحقق تضمّنت أنّه لا بدّ من الاستیطان ستة أشهر فی الملک (2) ، فالعجب من عدم تعرّضه ؛ لأنّ الروایة غیر وافیة بالاستدلال ، بل اقتصر علی ردّها بالضعف ، ثمّ (3) قال : والأصحّ اعتبار المنزل (4) ، ثم لم یبیّن المنزل أهو المملوک أم غیره وإن کان الظاهر منه کونه مملوکاً بقرینة المقام ، لکن الاستدلال منه بروایة ابن بزیع علی الملک محلّ تأمّل (5) کما قدّمناه ، وبالجملة فالإجمال فی مثل هذه المواضع ممّا لا ینبغی.

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن ابن أبی عمیر ، عن عبد الله بن بکیر ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل له الضیاع بعضها قریب من بعض فیخرج فیطوف فیها أیتمّ أم یقصر؟ قال : « یُتِمّ ».

فلیس فی هذا الخبر ما ینافی ما قدّمناه ، لأنّه لیس فیه ذکر مقدار

عدم الفرق فی الملک بین المنزل وغیره

ص: 88


1- مدارک الأحکام 4 : 443.
2- الشرائع 1 : 133.
3- لیست فی « رض ».
4- مدارک الاحکام 4 : 443.
5- مدارک الاحکام 4 : 443.

المسافة التی یخرج فیها ، وإذا لم یکن ذلک فیه احتمل أن یکون المراد به إذا کان الضیعة قریبة إلیه فلا یجب علیه حینئذ التقصیر.

فامّا ما رواه محمد بن یعقوب ، عن محمد بن الحسن وغیره ، عن سهل بن زیاد ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر قال : سألت الرضا علیه السلام ، عن الرجل یخرج إلی ضیعته فیقیم الیوم والیومین والثلاثة أیقصّر أم یتم؟ قال : « یتمّ الصلاة کلّما أتی ضیعة من ضیاعه ».

فالوجه فی هذا الخبر ما قدّمناه فی الأخبار الأوّلة سواء.

السند :

فی الأوّل : فیه عبد الله بن بکیر وقد تقدّم القول فیه مفصّلاً (1) ، والحاصل أنّ الشیخ فی الفهرست قال : إنّه فطحیٌّ ثقة (2). والنجاشی لم یذکر الأمرین (3). وأمّا عبد الرحمن بن الحجاج ففیه کلام قدّمناه (4) أیضاً ، إلاّ أنّ المعروف بین المتأخّرین الجزم بصحّة حدیثه إذا خلا من الموانع (5) فی غیره.

والثانی : فیه سهل بن زیاد وقد تکرّر ذکره (6) ، ومحمد بن الحسن فیه هو الصفار علی ما ذکره شیخنا المحقق أیّده الله مشافهة.

إشارة إلی حال عبد الله بن بکیر

إشارة إلی حال عبد الرحمان بن الحجاج

ص: 89


1- راجع ص 89.
2- الفهرست : 106 / 452.
3- رجال النجاشی : 222 / 581.
4- فی ص 645 و 733.
5- فی « رض » زیادة : غیره.
6- راجع ص 95.

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ فیه بعید جدّاً ؛ لأنّ ظاهر کلامه أنّ المسافة من محلّ الخروج إلی الضیاع غیر محقّقة فیحمل الخبر علی عدم المسافة ، وأنت خبیر بأنّ سؤال مثل عبد الرحمن عن الضیاع التی لم یکن منها إلی محلّ الخروج مسافة غیر معقول ، بل الظاهر من السؤال أنّ الطریق إلی الضیاع مسافة ، غیر أنّ صاحبها لا یستقرّ فی ضیعة بل یطوف فی جمیعها.

والجواب حینئذ بأنّه : « یتمّ » قابل لموافقة ما تقدّم من الحمل علی إقامة العشرة فی کلّ قریة وإن کان البُعد السابق هنا أشدّ ، ولا یبعد أن یحمل الخبر علی تقدیر حمل الشیخ علی إقامة العشرة ، بأنّ تکون الإقامة فی مجموع الضیاع ، إلاّ أنّ الظاهر من أخبار إقامة العشرة أنّها فی موضع معیّن مخصوص.

وقد صرّح العلاّمة فی المنتهی بأنّ المسافر لو عزم علی إقامة طویلة فی رستاق ینتقل (1) من قریة إلی قریة (2) ولم یعزم علی الإقامة فی واحد منها المدّة التی یبطل حکم السفر فیها لم یبطل حکم سفره ؛ لأنّه لم ینو الإقامة فی بلد بعینه ، فکان کالمتنقّل فی سفره من منزل إلی منزل (3).

وهذا الکلام من العلاّمة وإن أمکن الدخل فیه بأنّ فی بعض أخبار إقامة العشرة ما لفظه : « إذا دخلت أرضاً فأیْقنت أن لک بها مقام عشرة أیّام فأتمّ الصلاة » الحدیث (4). ولا دلالة فیه علی التعیین من کلّ وجه. نعم فی

حکم من یطوف بین ضیاعه

ص: 90


1- فی « رض » : فانتقل.
2- فی « رض » زیادة : أخری.
3- المنتهی 1 : 398.
4- التهذیب 3 : 219 / 546 ، الوسائل 8 : 500 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 9.

بعضها : « إذا أتیت بلداً » (1) وهو بظاهره یقتضی الاتحاد فی البلد ، وإن أمکن أن یقال : إنّ اعتبار البلد غیر منحصر ، للتصریح بأنّ نیّة الإقامة فی البادیة کافیة فی کلام البعض نظراً إلی العموم ، ولی فیه تأمّل من حیث إن العموم قابل للتخصیص بالبلد ، وعلی تقدیر عدم التخصیص یحتمل أن یراد ما یشبه البلد من التعیّن فی الجملة ، کما یجی ء بیان ما لا بدّ منه إن شاء الله.

علی أنّ کلام العلاّمة ظاهره لا یخلو من شی ء ؛ لأنّ أوّل الکلام یقتضی التعیّن ، وقوله أخیراً : فکان کالمتنقّل فی سفره من منزل إلی منزل. یدلّ علی عدم التعیّن.

وإذا عرفت هذا فالشیخ له أن یردّ الاحتمال الذی قلناه بأنّ إقامة العشرة إنّما هی فی البلد وما یشبهها فی التعیین بخلاف مثل المتقاربة ، فمن ثمَّ لم یذکر ما تقدّم من أحد الوجهین.

وربما یقال : إنّ الحدیث الذی أشرنا إلیه من قوله علیه السلام : « إذا دخلت أرضاً » یتناول الضیاع القریبة ، وقد سمعت ما فیه من جهة المعارض واحتمال دفعه ، وهذا علی سبیل المماشاة مع الشیخ ، وإلاّ فقد قدّمنا ما فی الحمل علی إقامة العشرة ، واحتمال إقامة الستة أشهُر هنا أشدّ بُعداً کما لا یخفی.

ولو حمل الخبر علی عدم صدق السفر بالدوران فی الضیاع کما ذکره بعض الأصحاب : من أنّ المسافر لو قطع المسافة فی شهرین أو ثلاثة لا یقصّر لأنّه لا یسمّی مسافراً. کان ممکناً ، لکنّ البُعد فیه غیر خفیّ ، مضافاً إلی أنّه یقتضی أنّ السؤال عن غیر ما ذکرناه أوّلاً من جهة کونه مسافراً فی

ص: 91


1- التهذیب 3 : 221 / 552.

مسافة ثمّ وصل إلی ضیاعه بل تکون المسافة من جملتها الضیاع ، وظاهر السؤال خلاف هذا ، فلیتأمّل.

وأمّا ما ذکره الشیخ فی الثانی فالکلام فیه قد سبق فی الوجهین بما یغنی عن الإعادة.

قوله :

باب المسافر ینزل علی بعض أهله

أخبرنی الشیخ ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبد الملک قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المسافر ینزل علی بعض أهله یوماً أو لیلة؟ قال : « یقصّر الصلاة ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن الحصین ، عن فضل البقباق ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن المسافر ینزل علی بعض أهله یوماً أو لیلةً أو ثلاثاً؟ قال : « ما أُحبّ أن یقصّر الصلاة ».

فالوجه فی هذه الروایة ضرب من الاستحباب حسب ما صرّح به (1).

السند :

فی الأوّل قد تقدّم مراراً.

المسافر ینزل علی بعض أهله

اشارة

ص: 92


1- فی الاستبصار 1 : 232 : فیه.

والثانی : فیه داود بن الحصین وقد قال النجاشی : إنّه کوفیٌ ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام وإنّه کان یصحب أبا العباس البقباق (1). والشیخ قال : إنّه واقفی فی أصحاب الکاظم علیه السلام من کتابه (2). وجماعة من المتأخّرین قالوا : إنّه لا منافاة بین توثیق النجاشی وکونه واقفیاً ؛ إذ الجمع ممکن (3).

وقد أسلفنا ما یدفع هذا ؛ لأنّ ترک النجاشی ذکر الوقف دلیل علی نفیه ، إذ لیس من عادته عدم ذکر أصحاب الوقف ونحوهم ، فالترک فی مثل هذا أوضح شاهد علی نفیه ، غایة الأمر یبقی التعارض بین نفی الوقف من النجاشی وإثباته من الشیخ ، وللنجاشی مزیّة توجب ترجیح العدم ، لا ما قاله البعض : من أنّ الجرح مقدّم علی التعدیل ؛ لاحتمال اطّلاع الجارح علی ما لم یطّلع علیه المعدّل (4). فإنّ هذا بتقدیر تمامه لا یتمّ فی مثل النجاشی ، کما یعلم من تثبّته وتفتیشه زائداً علی غیره.

وإنّما قلنا بتقدیر تمامه لإمکان الدخل فیما ذکر من حیث إنّ الإخبار بالتزکیة إن کان یکفی فیه مجرّد الظاهر من غیر تفتیش علی غیره فهو موقوف علی الإثبات بالدلیل.

واحتمال الاعتماد علی ظواهر الآثار الدالة علی الاکتفاء بمجرد الظاهر ، فیه ما فیه.

علی أنّ الاکتفاء بالظاهر فی العدالة لا معنی له ؛ إذ لو أُرید به مجرّد عدم علم الفسق دخل فیه المجهول ، والخلاف فیه واقع ، فلا یمکن

بحث حول داود بن الحصین

تحقیق حول الجرح والتعدیل

ص: 93


1- رجال النجاشی : 159 / 421.
2- رجال الطوسی : 349.
3- منهم الجزائری فی حاوی الأقوال 3 : 203.
4- قال به المحقق فی معارج الأصول : 150.

الاستدلال به ، وإن أُرید به عدم اعتبار البواطن بل یکفی المعاشرة الظاهریّة المطلعة علی حصول الملکة ، فاطّلاع الجارح علی الفسق ( یقال فیه کما فی العدالة ؛ لأنّ ) (1) المعاشرة الظاهریة إذا علم منها الملکة بَعُد معها اطّلاع الجارح علی الفسق مع المعاشرة الظاهریّة ، فالفرق لا وجه له.

نعم یمکن أن یقال : بجواز اطّلاع الجارح علی أمر زائد عن الظاهر وإن لم یطّلع علی الباطن ، أو اتفق الاطّلاع علی الباطن.

وفیه : أنّ الاطّلاع علی الباطن یکاد أن یلحق بالممتنعات ، والاطّلاع علی الظاهر زیادة علی المعدّل یمکن فرضه فی غیر الشیخ والنجاشی ، فلیتأمّل.

أمّا ما قیل : من اعتبار ذکر السبب فی الجارح دون المعدّل (2). فهو وإن کان مشهوراً إلاّ أنّه محلّ بحث ؛ لأنّ ما قیل فی المعدّل : من أنّ أسباب التعدیل کثیرة یصعب ذکرها لأنّه یحوج إلی أن یقال : لم یفعل کذا ولم یفعل کذا ، وهو شاق ، بخلاف الجارح ، فإنّه لا بدّ من البیان ؛ لاختلاف الناس فیما یوجبه باعتبار الکبیرة وتفسیرها (3).

ففیه : أنّ هذا آتٍ بعینه فی التعدیل کما لا یخفی ، إذ التعدیل تابع ، فالاختلاف فی أسباب الجرح راجع إلی الاختلاف فی التعدیل.

نعم ینبغی أن یعلم أن لمعرفة مذهب الجارح والمعدّل مدخلاً فی الحکم ، فلو کان المخبِر بالعدالة والمخبِر بالفسق یرجعان إلی اعتقاد واحد أو بتقلید مجتهد متحد (4) ، أو غیره مع الاتفاق فی الفتوی (5). ولو احتمل

ص: 94


1- بدل ما بین القوسین فی « د » : مع.
2- قال به العلاّمة فی مبادئ الأصول : 213.
3- کما فی الدرایة : 70.
4- کذا ، والأولی : واحد.
5- فی « د » زیادة : وأما بالاتفاق فی الفتوی.

الاختلاف فالعمل بقول المعدِّل أو الجارح لا یخلو من نظر ، وأثر هذا بالنسبة إلی الشیخ والنجاشی له فائدة مهمّة فی أُصول الحدیث ، فإنّ المقرّر فی الدرایة أنّه مع العلم بالاتفاق یکتفی بالإطلاق (1) ، والعلم هنا غیر حاصل ، وبدونه فالترجیح لا وجه له ، وحینئذ یرجع الأمر إلی مجرّد الإخبار.

ویبقی ترجیح النجاشی من حیث زیادة السبب فی المواد التی یقع فیها القدح وعدمه من الکشی وغیره (2) ، فإنّ الشیخ غالباً ما یعتمد علی الکشی ، وقد یقع الاستناد فی القدح إلی خبر یوهمه أو نحو ذلک ، علی أنّ الذی یقتضیه النظر أنّ مرجع قول النجاشی والشیخ إلی الاجتهاد فی التعدیل والجرح ، وتقلیدهما فی هذا لا وجه له من المجتهد ، ومن غیره علی تقدیر عدم جواز تقلید المیت ، وعلی تقدیر جواز التقلید أیّ فرق بین تقلیدهم فی هذا وتقلید مثل الصدوق فی حکمه بصحّة الخبر؟ بل أیّ فرق بین تقلیدهم وبین التقلید فی الحکم بصحّة الحدیث ، کما لو قال العلاّمة : روی فلان فی الصحیح ، مع کون بعض الرجال غیر مصرّح بتوثیقه فی کتب الرجال؟ بل أیّ فرق بین التقلید فی الفروع وفی الجرح والتعدیل؟!

فإنّ قلت : الفرق هو الإجماع فی الفروع بخلاف الجرح ، وأمّا قول الصدوق فیمکن أن یوجّه عدم الاعتماد علیه بالإجماع أیضاً ، أمّا قول العلاّمة فمع الإجماع یمکن ردّ ما قاله بشدّة ما وقع له من الأوهام فی الرجال کما یعلمه من تتبّع الخلاصة.

وأوْضَحُهُ : ما وقع فی حمزة بن بزیع حیث قال : إنّه من ثقات

ص: 95


1- الدرایة : 71.
2- فی « رض » : فی غیره.

الأصحاب (1). والحال أنّه لم یذکر توثیقه أحد من الرجال المعروفین الذین اعتمد علیهم العلاّمة کما یعرف من الخلاصة ، فإنّه لا یخرج فیها غالباً عن الموجود الآن من کتب الرجال.

ووجه الوهم فی حمزة أنّ النجاشی قال فی ترجمة محمّد بن إسماعیل بن بزیع : إنّ ولد بزیع بیت منهم : حمزة بن بزیع ، وذکر بعد هذا أنّه کان من صالحی هذه الطائفة وثقاتهم (2). ومراده بهذا محمّد لا حمزة ، کما لا یخفی ، ومثل هذا کثیر.

قلت : الإجماع فی الفروع یمکن تسلیمه ، أمّا فی قول الصدوق فلا ، وکذلک العلاّمة ؛ لاعتماد بعض المتأخّرین عنه علی تصحیح ما ذکره بالوصف فی کتبه ، وأمّا الأوهام [ فضررها (3) ] بالحال مشکلة ؛ إذ المرجع إلی الظن وهو یخطئ ویصیب ، إلاّ أن یقال : إنّ الخطأ متفاوت قلّة وکثرة.

والحقّ أنّ العلاّمة رحمه الله اعتمد فی الرجال علی کتاب ابن طاوس من دون تفتیش علی الأُصول للرجال الموجودة فی زمانه ، ومثل هذا الاعتماد مشکل ، بخلاف مثل الصدوق ؛ فإنّ الذی یظهر من حاله زیادة الاحتیاط ، وکذلک النجاشی ، إلاّ أنّ الاعتماد علی القول مع کونه اجتهادیّاً یتوقّف علی الدلیل.

وقد یمکن الاستدلال بما ذکروه من مفهوم آیة ( إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ ) وإن أمکن الدخل فیها بأنّ الظاهر من الآیة الإخبار بغیر الفتوی ، والجرح والتعدیل مرجعه إلی الفتوی.

ص: 96


1- خلاصة العلاّمة : 54.
2- رجال النجاشی : 330 / 893.
3- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : فضرورتها ، ولعلّ الأنسب ما أثبتناه.

وربما یقال : إنّها عامّة ، فإذا خرج التقلید ( فی الفروع ، نفی ما عداه. وفیه ما فیه.

ولا یخفی أنّ الخروج عن الاتفاق بین من رأینا کلامهم علی قبول الجرح والتعدیل ) (1) من مثل النجاشی غیر ممکن بعد العمل بخبر الواحد ، وإنّما ذکرنا ما ذکرناه لبیان أنّ الغفلة عن تحقیق هذا غیر لائقة.

وقد أشار جدّی قدس سره فی شرح البدایة إلی الإشکال بنوع آخر وهو : أنّ الاعتماد الآن فی الجرح والتعدیل علی الکتب المصنّفة ، وقلّ ما یتعرّضون فیها لذکر السبب ، بل یقتصرون علی قولهم : فلان ضعیف ، ونحوه (2).

وأنت خبیر بأنّ ما قاله قدس سره لا یخلو من نظر ؛ لأنّ أکثر ما یقولون : إنّ الرجل فطحیٌّ وواقفیٌّ ، ولفظ « ضعیف » وإن وجد لکن لیس أکثریّاً ، فإن أراد بنحوه مثل واقفیّ فغیر خفیّ أنّ السبب مبیّن ، وإن أراد غیر ذلک فهو مجمل.

ثمّ إنّ الوقف ونحوه لیس من الأسباب التی تخفی علی مثل النجاشی لیقال باحتمال أنّ الشیخ اطّلع علی ما لم یطّلع علیه ، إذ مرجع هذا إلی کتب المتقدّمین والاطّلاع واحد إن لم یُرجَّح النجاشی ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا کلَّه فاعلم أنّه یمکن أن یستفاد مما قدّمناه (3) فی أوّل الکتاب قبول بعض الروایات الضعیفة نظراً إلی أنّ الشیخ أخذها من کتب معتمدة واستند إلیها قرائن (4) تفید العمل بها ، فلا یقصر هذا عن تعدیله

ص: 97


1- ما بین القوسین ساقط من « رض ».
2- الدرایة : 72.
3- ص 42.
4- کذا ، ولعلّ الأولی : بقرائن.

للرجال.

فإنّ قلت : ما وجه التقیید ببعض الروایات الضعیفة؟

قلت : الوجه فیه أنّ بعضها إذا حصل له المعارض لا یتمّ العمل به.

وإذا تمهّد ما قلناه فلنعد إلی ما نحن بصدده ، فالفضل البقباق فی الثانی هو أبو العباس الفضل بن عبد الملک ، والمذکور فی الأوّل وهو الفضل بن عبد الملک بعینه الثانی ، إذ لیس فی الرجال غیره ، وحینئذ فالروایتان باعتبار سؤاله مرّتین علی الظاهر ، مع احتمال اختلاف الرواة عنه فی کیفیّة الجواب ، واحتمال الجواب بالأمرین معاً ، فینبغی تأَمّل ذلک.

المتن :

فی الخبرین ما ذکره الشیخ من الحمل علی الاستحباب ، أظنّ أنّ مراده به استحباب نیّة الإقامة عشرة أیّام ، ولو أراد الشیخ استحباب التمام من دون الإقامة کان واضح الإشکال ، ویقرب أن یراد (1) : ما أُحبّ أن یقصّر لیلةً أو لیلتین أو ثلاثة بل ینبغی تخفیف الإقامة إن لم ینو المقام عشرة ، فیکون المراد من الشیخ استحباب ترک تقصیر (2) المدّة المذکورة بأنّ یرجع إلی وطنه أو ینوی الإقامة ، لکن لا یخفی أنّ هذا فی مثل اللیلة والیوم بعید ، فلعلّ المراد فی جمیع ما ذکر.

ولو أردنا استحباب الإقامة عشرة قد یشکل بأنّ الحال قد لا یقتضی ذلک لاختلاف الأغراض ، ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره شیخنا قدس سره من أنّه لا وجه لما ذکره الشیخ بل الأولی أنّ یحمل علی نیّة إقامة عشرة أیّام ، محلّ تأمّل ، والأمر سهل.

توجیه ما دل علی عدم القصر لمن ینزل علی بعض أهله

ص: 98


1- فی « رض » : أراد.
2- فی « رض » : لتقصیر.

قوله :

باب من یجب علیهم التمام فی السفر.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن إسماعیل بن أبی زیاد ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام قال : « سبعة لا یقصّرون الصلاة : الجابی یدور فی جبایته ، والأمیر الذی یدور فی إمارته ، والتاجر الذی یدور فی تجارته من سوق إلی سوق ، والراعی ، والبدوی الذی یطلب مواضع القطر ومنبت الشجر ، والرجل الذی یطلب الصید یرید به لهو الدنیا ، والمحارب الذی یقطع السبیل ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أبی المعزی ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « لیس علی الملاّحین فی سفرهم تقصیر ولا علی المکارین ولا علی الجمّالین ».

أحمد بن محمد ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « أربعة قد یجب علیهم التمام فی سفر کانوا أو فی حضر : المکاری والکریّ ، والراعی ، والاشتقان لأنّه عملهم ».

علیّ بن إبراهیم ( عن محمد ) (1) بن عیسی ، عن یونس ، عن إسحاق بن عمّار قال : سألته عن الملاّحین والأعراب هل علیهم تقصیر؟ قال : « لا ، بیوتهم معهم ».

من یجب علیه التمام فی السفر

اشارة

ص: 99


1- ما بین القوسین ساقط من « د ».

السند

فی الأوّل : فیه إسماعیل بن أبی زیاد وهو یقال للسکونی المکرّر ذکره (1) ، ویقال لابن أبی زیاد السلَمی الثقة فی النجاشی (2) ، لکنّ المتکرّر روایة السکونی بهذه الصورة أعنی عن جعفر عن أبیه کما هی عادة أهل الخلاف ، وقد یتّفق روایة الثقة بهذه الصورة ، وممّا قد یؤکّد کونه السکونی أنّ الصدوق فی الفقیه نقل الروایة عن إسماعیل بن أبی زیاد (3) ، وفی المشیخة ذکر الطریق إلی السکونی (4) ، لکن لا یخفی احتمال کون الطریق إلی ابن أبی زیاد غیر مذکور ، وفیه بُعد.

ثمّ إنّ فی التهذیب : عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عیسی عن عبد الله بن المغیرة (5).

والثانی : کما تری أحمد بن محمد بن عیسی ، وفی التهذیب أحمد عن محمد بن عیسی ، عن أبی المعزی (6) ، وأبو المعزی اسمه : حمید بن المثنی ثقة ثقة فی النجاشی (7). والشیخ وثّقه أیضاً مرّة فی الفهرست (8). ومما یؤیّد صحّة ما فی التهذیب أنّ الراوی عن أبی المعزی فی الرجال

بحث حول إسماعیل بن أبی زیاد

بحث حول أبی المعزا حمید بن المثنی

ص: 100


1- راجع ص 141.
2- رجال النجاشی : 27 / 51.
3- الفقیه 1 : 282 / 1282.
4- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 55.
5- التهذیب 3 : 214 / 524 ، الوسائل 8 : 486 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 9.
6- التهذیب 3 : 214 / 525 ، الوسائل 8 : 486 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 8.
7- رجال النجاشی : 133 / 340.
8- الفهرست : 60 / 226.

صفوان ، وابن أبی عمیر فی الفهرست (1). وفی النجاشی فضالة (2) وعلی بن الحکم علی احتمال ، فمرتبته فیها نوع بُعد عن أحمد بن محمد بن عیسی.

والثالث : لا ارتیاب فیه.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر (3) فی أنّ الجابی لا یقصّر الصلاة إذا دار فی جبایته ، فلو انتقل إلی غیرها لم یلحقه الحکم ، وکذلک الأمیر والتاجر ، إلاّ أنّ الاختصاص فی التاجر من سوق إلی سوق غیر معلوم ، وأمّا الراعی والبدوی فالوصفان لا یبعد أن یرجع إلیهما ، ویجوز إرجاع کلّ وصف إلی واحد ، وعلی کلّ حال یمکن فیهما ما قدّمناه.

وقد صرّح بعض الأصحاب بنحو هذا الاحتمال فی الأخبار الآتیة الدالة علی أنّ المکاری والجمّال إذا جدّ بهما السیر یقصّران ، حیث قال : یحتمل أنّ المکاری والجمّال إذا أنشآ سفراً غیر صنعتهما (4). وإن کان فی کلامه تأمّل نذکره إن شاء الله (5) فیما یأتی (6).

ولعلّ المراد فی قوله : « والمحارب الذی یقطع السبیل » القصد إلی قطع السبیل ، وهذه الروایة وإن کان فی ظاهر الحال ثمرة الکلام فیها غیر ظاهرة بعد ما قلناه فی السند ، إلاّ أنّ روایة الصدوق لها تقتضی المزیّة کما

وجوب التمام علی الجابی والأمیر والتاجر والمکاری والجمّال و

ص: 101


1- الفهرست : 60 / 226.
2- رجال النجاشی : 133 / 340.
3- فی « د » : ظهور.
4- الذکری : 258.
5- فی « رض » زیادة : تعالی.
6- فی ص 1139.

قدّمناه (1) ، وفی الفقیه : « والذی یطلب مواضع القطر » (2) وکأنّ ما هنا أظهر ، مع احتمال توجیه ما فی الفقیه.

وأمّا الثانی : فهو کما تری دالّ علی أنّ المذکورین لیس علیهم التقصیر فی سفرهم ، لکن لا یبعد أن یکون المراد بسفرهم السفر المخصوص ، فلو سافر الملاّح فی غیر صنعته والمکاری والجمّال کذلک لم یلزمه الحکم.

فإن قلت : القید إنّما هو للملاّحین فمن أین شموله للباقین؟

قلت : المتبادر فی مثل هذا أن یکون للجمیع ، والاکتفاء بذکر القید أوّلاً عن إعادته.

وفی الکافی ذکر الروایة ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن صفوان بن یحیی ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « لیس علی الملاّحین فی سفینتهم تقصیر ، ولا علی المکاری والجمّال » (3) وهذه الروایة کما تری تدل علی اختصاص الملاّحین بالسفینة ، بل علی اختصاصهم (4) بسفینتهم ، إلاّ أنّ الظاهر عدم اعتبار الاختصاص الثانی.

ثمّ إنّ المکاری والجمّال فیها غیر مقیّدین إلاّ بأنّ یقدّر فیهما نحو ما فی الملاّحین ، فهی وإن کانت بالنسبة إلی الملاّحین لها نوع تخصیص ، إلاّ أنّها بالنسبة إلی غیرهم لا یخلو من إجمال.

وأمّا الثالث : فلفظ « قد » فیه کأنّ المراد بها التحقیق لورودها لذلک (5)

ص: 102


1- راجع ص 1129.
2- الفقیه 1 : 282 / 1282 ، وفیه : والبدوی الذی یطلب مواضع القطر.
3- الکافی 3 : 437 / 2 ، الوسائل 8 : 485 أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 4.
4- فی « د » : الاختصاص.
5- فی « د » : کذلک.

فی المضارع ، وفی الفقیه غیر موجود (1) ، ثمّ إنّه واضح الدلالة من حیث التعلیل بأنّه عملهم علی أنّ من کان السفر عمله وجب علیه التمام ، لا مطلق کثرة السفر ، کما هو مذکور فی کلام المتأخّرین ، وعرّفوا کثیر السفر بأنّه الذی یسافر إلی المسافة ثلاث سفرات لا یتخلل بینها حکم الإتمام ولا یقیم عشرة أیّام فی بلده مطلقا وفی غیره مع النیّة. فإنّ استفادة ما قالوه من الأخبار محلّ تأمّل.

غایة الأمر أنّ التعلیل فی الخبر المذکور لا یخلو من إجمال ؛ لأنّه إن أُرید بالعمل المداومة علی السفر أشکل بمداومة من لم یتّصف بالأوصاف المذکورة فی الأخبار ، مع أنّ ظاهر الخبرین وغیرهما نوع اختصاص یمکن معه ادّعاء أنّ العلّة خاصّة بالمذکورین ، ولا ینافی ذکر الأربعة اختصاص خبر محمّد بن مسلم بثلاثة بعضها موافق ، وبعضها زائد ؛ لأنّ خبر ابن مسلم لا حصر فیه ، وذکر الأربعة محتمل لأنّ یکون لا للحصر.

وإن أُرید بالعمل تکرّر السفر وإن لم یکن مستداماً (2) أمکن توجیه ما قاله المتأخّرون ، لولا ما یظهر من الأخبار أنّ لصدق الوصف فی البعض مدخلاً وإن لم یتکرّر السفر ، إلاّ أن یقال : إنّ التکرّر إذا استفید من الخبر المعلّل یقیّد به الخبر المطلق. وفیه : أنّ التقیید یقتضی ملاحظة الأمرین من الوصف والتکرّر والمتأخّرون لم یقیّدوا.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره بعد ذکر الروایة المعلّلة : إنّه یستفاد منها أنّ کلّ من کان السفر عمله یجب علیه الإتمام ، وینبغی أن یکون المرجع فی ذلک إلی العرف (3). محلّ نظر.

ص: 103


1- الفقیه 1 : 281 / 1276.
2- فی « د » زیادة : ما.
3- مدارک الأحکام 4 : 450.

وما ینقل عن ابن إدریس أنّه قال : یتحقق الکثرة بثلاث دفعات ، وأنّ صاحب الصنعة من المکارین والملاّحین یجب علیهم الإتمام بنفس خروجهم إلی السفر ؛ لأنّ صنعتهم تقوم مقام تکرّر من لا صنعة له ممّن سفره أکثر من حضره (1). فله نوع وجه ، غیر أنّ ما قاله : من تکرّر من لا صنعة له. موقوف علی الدلیل ، ویستفاد من قوله أنّ المراد بالعمل فی الخبر الصنعة.

وفی المختلف استقرب العلاّمة تعلیق الإتمام فی ذی الصنعة وغیره ممّن جعل السفر عادته بالدفعة الثانیة إذا لم یتخلّل إقامة عشرة أیّام (2). ولا یخفی أنّه مجرّد دعوی.

ومن عجیب ما اتّفق له أنّه نقل أوّلاً عن الشیخ فی النهایة أنّه قال : لا یجوز التقصیر للملاّح ، والمکاری ، والراعی ، والبدوی ، والذی یدور فی جبایته ، والذی یدور فی إمارته ، إلی أنّ قال - یعنی الشیخ - : ومن کان سفره أکثر من حضره ، وهؤلاء کلّهم لا یجوز لهم التقصیر ما لم یکن لهم فی بلدهم مقام عشرة أیّام ، فإن کان فی بلدهم مقام عشرة أیّام وجب علیهم التقصیر.

ثمّ قال العلاّمة : وأضاف الشیخ علیّ بن بابویه الاشتقان (3).

إلی أن قال : وقال الشیخ فی الجمل : ومن یلزمه الصوم فی السفر عشرة ، وذکرهم - إلی أن قال - : ومن کان سفره أکثر من حضره ، وحدّه أن لا یقیم فی بلده عشرة أیّام ، والمکاری ، والملاّح ، والبدوی ، والذی یدور فی إمارته ، والذی یدور فی تجارته. وهذا یشعر بأنّ کلّ واحد من هذه

ص: 104


1- حکاه عنه فی المختلف 2 : 532 ، وهو فی السرائر 1 : 339 ، 340.
2- المختلف 2 : 532.
3- المختلف 2 : 529.

الأقسام أصل برأسه ، ولم یجعل کون السفر أکثر من الحضر ضابطاً.

إلی أن قال : وقال المرتضی : من کان سفره أکثر من حضره کالملاّحین والجمّالین ومن جری مجراهم لا تقصیر علیهم ، فجعل الضابط کون السفر أکثر من الحضر ، ولم یذکر ابن أبی عقیل هؤلاء أجمع ، بل عمّم وجوب التقصیر علی المسافر ، لنا : ما رواه إسماعیل بن أبی زیاد ، وذکر الروایة الاولی.

ثمّ قال : وإسماعیل ابن أبی زیاد ، إن کان هو السکونی فهو عامی ، وإن کان هو السلَمی ، فالحدیث صحیحٌ. ثمّ ذکر صحیحة ابن مسلم وصحیح زرارة - إلی أن قال - : والضابط الذی ذکرناه من المقام عشرة أیّام [ جیّد ] شامل للجمیع (1).

ووجه التعجب أُمور :

الأوّل : الظاهر من استدلاله أنّه [ اختار (2) ] قول الشیخ فی النهایة المذکور أوّلاً ، والأخبار لیس فیها مقام عشرة أیّام ، فقوله : والضابط الذی ذکرناه لا ندری (3) أین هو؟.

الثانی : أنّ الأخبار لا تدلّ علی کثرة السفر مطلقاً ، بل مع الصنعة علی ما فصّلناه.

الثالث : ما نقله عن الشیخ فی الجمل یقتضی کما قاله أنّ الأقسام أصل ، وشرط عدم إقامة العشرة إنّما هو لمن کان سفره أکثر من حضره ،

ص: 105


1- حکاه عنه فی المختلف 2 : 529 530 ، وهو فی النهایة : 122 ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 215 ، وبدل ما بین المعقوفین فی النسخ : حینئذ ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.
2- فی النسخ : أخبار ، والظاهر ما أثبتناه.
3- فی « رض » : لا یدری.

ودفع هذا بالأخبار لا وجه له ، بل هی مؤیّدة فی الجملة.

الرابع : أنّ الاستدلال بروایة إسماعیل ثمّ التردید أخیراً غیر لائق ؛ لأنّ الخبر مع الاشتراک ضعیف ، فأیّ وجه للابتداء به مع التردید؟.

وعلی کلّ حال فحیث قد علمت من الأقوال للمتقدّمین أنّ لیس فیها إقامة العشرة فی غیر البلد مع النیّة فإطلاق المتأخّرین غیر محرّر الدلیل ، وما سیأتی من احتمال الاستدلال لهم بالخبر سنوضّح الحال فیه إن شاء الله تعالی.

وما تضمّنه الرابع من قوله : « بیوتهم معهم » یدلّ علی أنّ الأعراب إذا تفرّدوا (1) عن بیوتهم فی سفر لا یلحقهم الحکم ، وحینئذ فیه تأیید لما أسلفناه (2) ، فلیتأمّل.

اللغة

قال شیخنا - أیّده الله - : الجابی العامل الذی یجمع الصدقات. وقال الشهید فی الذکری : الاشتقان ، أمین البیدر (3) ، وفی المختلف : الکریّ هو المکاری ، وقیل : إنّه من أسماء الأضداد یکون بمعنی المکاری والمکتری (4).

وفی فوائد شیخنا قدس سره : الکریّ المکتری ، ویقال : علی المکاری ، والحمل علی الأول أولی ؛ لأنّ العطف یُؤذن بالمغایرة.

معنی الجابی ، الاشتقان ، الکری ، الأعراب

ص: 106


1- فی « رض » : انفردوا.
2- راجع ص 1133.
3- الذکری : 258.
4- المختلف 2 : 529.

ولا یخفی أنّ الظاهر من کلام المختلف غیر ما ذکره شیخنا قدس سره لأنّ الضدّ یراد به المکتری ( والمکتری لا یکون السفر عمله فکیف یحمل علیه؟ بل مراده بالمکتری من یکری نفسه کما فهمته منه قدس سره ولو حمل المکتری ) (1) علی أنّه عمله کان بعیداً. وفی القاموس : الکریّ کغنیّ : المکاری. وفیه : الأعراب سکّان البادیة (2).

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین ابن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء بن رزین ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « المکاری والجمّال إذا جدّ بهما السیر (3) فلیقصّرا ».

عنه ، عن أحمد ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبد الملک قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المکارین الذین یختلفون؟ فقال : « إذا جدّوا السیر فلیقصّروا ».

فالوجه فی هذین الخبرین ما ذکره محمّد بن یعقوب الکلینی رحمه الله قال : هذا محمول علی من یجعل المنزلین منزلاً فیقصّر فی الطریق ، ویتمّ فی المنزل ، والذی یکشف عمّا ذکرناه :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن عمران بن محمد بن عمران الأشعری ، عن بعض أصحابنا رفعه (4) إلی أبی عبد الله علیه السلام

ص: 107


1- ما بین القوسین ساقط من « رض ».
2- القاموس المحیط 4 : 385 ( کری ) و 1 : 106 ( العرب ).
3- فی الاستبصار 1 : 233 / 830 : السفر.
4- فی الاستبصار 1 : 233 / 832 : یرفعه.

قال : « الجمّال والمکاری إذا جدّ بهما السیر فلیقصّرا فیما بین المنزلین ویتمّا فی المنزل ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن خالد الطیالسی ، عن سیف بن عمیرة ، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهیم علیه السلام عن الذین یکرون الدواب یختلفون کلّ أیّام (1) أعلیهم التقصیر إذا کانوا فی سفر؟ قال : « نعم ».

عنه ، عن أبی جعفر ، عن أبیه ومحمد بن خالد البرقی ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبی إبراهیم علیه السلام قال : سألته عن المکارین الذین یکرون الدواب یختلفون کلّ أیّام کلّما جاءهم شی ء اختلفوا فقال : « علیهم التقصیر إذا سافروا ».

عنه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن محمّد بن جزک قال : کتبت إلی أبی الحسن الثالث 7 : أنّ لی جِمالاً ولی قوّاماً (2) علیها ولست أخرج فیها إلاّ فی طریق مکّة لرغبتی فی الحجّ أو فی الندرة إلی بعض المواضع فماذا (3) یجب علیَّ إذا أنا خرجت معهم أن أعمل ، أیجب علیَّ التقصیر فی الصلاة والصیام فی السفر أو التمام؟ فوقّع علیه السلام : « إذا کنت لا تلزمها ولا تخرج معها فی کلّ سفر إلاّ إلی مکّة فعلیک تقصیر وإفطار ».

فالوجه فی هذه الأخبار أنّ التمام إنّما یجب علی هؤلاء إذا کان مقامهم خمسة أیّام فما دونها ، فأمّا إذا کان أکثر من ذلک فحکمهم حکم سائر النّاس من وجوب التقصیر علیهم والإفطار.

ص: 108


1- فی الاستبصار 1 : 233 / 833 : الأیام.
2- فی النسخ : قوام ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 234 / 835.
3- فی النسخ : فما ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 234 / 835.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته.

والثانی : علی ما قدّمناه (1) فی أبان بن عثمان من أنّ العامل بالموثّق یلزمه أن یکون موثّقاً إلاّ بتقدیر ثبوت اعتبار الإیمان فی الجارح ، ومن لم یعمل به فهو صحیح عنده ؛ لأنّ الجارح له علیّ بن الحسن بن فضّال وهو فطحیّ ثقة ، والإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن أبان کما نقله الکشی - (2) ربما یفید العمل بهذا الموثّق من الأخبار ، لا علی أنّه صحیح بالمعنی المصطلح علیه ، فلو سمّی بالصّحة من حیث العمل کان جائزاً بالقرینة ، وقد قدّمنا (3) تفصیل ذلک ، والإعادة لیکون علی ذُکر. وأحمد هو ابن محمد بن عیسی ، والحسین : ابن سعید.

والثالث : فیه عمران بن محمّد ، وهو ثقة فی رجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ (4) فقط ، وإرساله مع کونه مرفوعاً واضح.

والرابع : فیه محمد بن خالد الطیالسی وهو مذکور فی الفهرست مهملا (5). وکذلک فی النجاشی (6). وقد اتفق للشیخ أنّه ذکر فی من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه محمّد بن خالد الطیالسی ، ثم فیهم محمد بن خالد الطیالسی ، وفی رجال الکاظم علیه السلام محمّد بن خالد الطیالسی (7). ولو لا

بحث حول أبان بن عثمان

عمران بن محمد ثقة

بحث حول محمد بن خالد الطیالسی

ص: 109


1- فی ص 130.
2- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
3- راجع ص 41.
4- رجال الطوسی : 381 / 21.
5- الفهرست : 149 / 634.
6- رجال النجاشی : 340 / 910.
7- رجال الطوسی : 360 / 26 ، 493 / 11 ، 499 / 54.

أنّ الرواة عنه فی الجمیع متحدوا المرتبة لظنّ التعدّد ، فإنّ الراوی عنه فی الفهرست محمّد بن علی بن محبوب (1) ، وفی الرجال فیمن لم یرو (2) سعد ابن عبد الله مرةً وحمید فی الأُخری (3) ، والنجاشی ذکر أنّ الراوی عنه حمید (4).

ومن هنا یعلم أنّ الشیخ یکرّر الرجل بمجرّد رؤیته بوصف مغایر للوصف الآخر ، أو لکون الراوی عنه غیر الراوی ( عن الآخر ) (5) کما یعرف من مراجعة کتابه فی الرجال حتی أنّه یظنّ اشتراک من لیس بمشترک ، ورُدّ کثیر من الروایات بذلک ، حیث یذکر الرجل الثقة غیر موثّق فیتوهّم المغایرة والاشتراک ، وللمارسة فی هذا أثر بیّن یطّلع به علی اتحاد کثیرٍ ممّن یظنّ تعدّده ، وقد نبّه الوالد قدس سره فی المنتقی علی جملة من ذلک ، ولو لا أنّه أغنانا عن بیانه لذکرناه. وأمّا سیف بن عمیرة وإسحاق فقد کرّرنا ذکرهما (6).

والخامس : فیه أبو جعفر وهو أحمد بن محمد بن عیسی علی ما نقلناه سابقاً عن العلاّمة فی الخلاصة من أنّه قال : إنّ الشیخ إذا روی عن سعد عن أبی جعفر فهو أحمد (7). وذکرنا أنّ فی الکافی حدیثاً فیه : سعد ابن عبد الله عن أبی جعفر غیر أحمد بن محمد. ولکنّ الظاهر من تتبّع روایات الشیخ أنّ مراده ما قال العلاّمة سیّما فی مثل هذه الروایة.

تکرار الشیخ ذکر الراوی بمجرّد تغایر الأوصاف

المراد بأبی جعفر إذا روی الشیخ عن سعد عنه هو أحمد بن محمد بن عیسی

ص: 110


1- الفهرست : 149 / 634.
2- فی المصدر زیادة : علی بن الحسن بن فضال و.
3- رجال الطوسی : 493 / 11 و 499 / 54.
4- رجال النجاشی : 340 / 910.
5- ما بین القوسین لیس فی « د ».
6- راجع ص 191 و 146.
7- خلاصة العلاّمة : 271 ، الفائدة الثانیة.

وأمّا أبوه وهو محمّد بن عیسی الأشعری فقد أسلفنا (1) أنّه غیر معلوم التوثیق ، إلاّ أن یکون ما قالوه فیه من : أنّه وجه الأشاعرة وشیخ القمیّین (2). یقتضیه ، مضافاً إلی ما أسلفناه عن أهل قم من أنّهم کانوا یخرجون من یتّهمونه بالروایة عن الضعفاء ، وضمیمة محمّد بن خالد إلیه إنّما تفید لو خلا محمد بن خالد من الکلام ، وقد سلف ما فیه (3).

وعبد الله بن المغیرة قد وثّقه النجاشی مکرّراً (4) ، والکشی روی بسند فیه الشاذانی وابن فضال : أنّه کان واقفیّاً ورجع (5). ولا یخفی علیک الحال. وقد تقدّم مع إسحاق بن عمّار أیضاً القول مفصّلاً (6).

والسادس : فیه محمّد بن جزک وهو ثقة فی رجال الهادی علیه السلام من کتاب الشیخ موصوفاً بالجمّال (7).

المتن :

ما قاله الشیخ رحمه الله فی الأوّل والثانی نقلاً عن الثقة الجلیل محمد بن یعقوب جیّد لو ثبت دلیله ، والروایة المستدلّ بها غیر دالّة علی ما ذکره صریحاً بتقدیر صحّة السند ، إلاّ أن یُحْمَل التقصیر الوارد فی الخبرین علی الطریق ، والإطلاق فی مثلهما لا مانع من تقییده کما فی سائر الإطلاقات ،

بحث حول محمد بن عیسی الأشعری

عبد الله بن المغیرة ثقة ثقة

محمد بن جزک ثقة

ص: 111


1- راجع ص 53.
2- کما فی رجال النجاشی : 338 / 905 ، ورجال ابن داود : 181 / 1476 ، وخلاصة العلاّمة : 154 / 83.
3- راجع ص 1137.
4- رجال النجاشی : 215 / 561.
5- رجال الکشی 2 : 857 / 1110.
6- راجع ص 104 و 146 و 99.
7- رجال الطوسی : 422 / 7.

ولزوم الألغاز الذی یذکره شیخنا قدس سره کثیراً فی مثل هذا ، یدفعه ما أسلفناه من جواز البیان للراوی وقت الحاجة.

نعم قد یشکل الحال بأنّ الراوی إذا بیّن له ذلک فکیف یجوز الإطلاق منه.

ویمکن الجواب بأنّه یجوز أن یکون الراوی ذکر ذلک فی کتب الأُصول لکن لمّا تفرّقت الأخبار ، واضمحلّت الأُصول من أهل الضلال حصل فی الأحکام مثل هذا الاختلال ، ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ الروایة مع ضعف سندها غیر دالة علی ما اعتبراه (1). محلّ تأمّل.

أمّا حمل الشهید فی الذکری للخبرین علی ما إذا أنشأ المکاری والجمّال سفراً غیر صنعتهما قال رحمه الله : ویکون المراد بجدّ السیر أن یکون مسیرهما متّصلاً کالحجّ والأسفار التی لا تصدق علیها صنعة (2).

ففیه : أنّ الاحتمال ممکن کما أسلفناه (3) من ظاهر التعلیل فی الأخبار السابقة ، إلاّ أنّ لفظ : « جدّ بهما السیر » لا یطابق ما ذکره ؛ إذ مجرّد الخروج عن الصنعة یقتضی عدم لزوم الحکم التابع لها ، والفرق بین الأسفار المتّصلة وغیرها إنّما یصلح لو کان السفر فی الصنعة لیصیر وجهاً آخر للجمع ، ویراد حینئذ أنّ المکاری والجمّال إنّما یتمّان فی السفر المعتاد ، أمّا لو خرجا عنه وحصلت المشقّة أمکن جواز القصر. وهذا یرجع إلی قول محمّد بن یعقوب لولا أنّه اعتبر الإتمام فی المنزل ، وربما کان اعتبار الإتمام فی المنزل لزوال المشقّة ، وعلی کل حال فکلام الشهید رحمه الله لا یخلو من

توجیه ما دل علی أنّ المکاری والجمّال إذا جدّ بهما السیر قصّرا

ص: 112


1- مدارک الأحکام 4 : 455.
2- الذکری : 258.
3- راجع ص : 1130.

تشویش ، فقول شیخنا قدس سره بعد نقل کلامه : إنّه قریب (1). غریب.

وللشهید رحمه الله احتمال آخر فی الذکری ، وهو أنّ المکارین یتمّون ما داموا متردّدین فی أقلّ من المسافة أو فی مسافة غیر مقصودة ، فإذا قصدوا مسافةً قصّروا ، قال رحمه الله : ولکن هذا لا یختص بالمکاری والجمّال بل کلّ مسافر ، ولعلّ ذلک مستند ابن أبی عقیل علی ما نقل عنه حیث عمّم وجوب القصر علی کلّ مسافرٍ ولم یستثن أحداً (2). انتهی.

ولا یذهب علیک أنّ ذکر مثل هذا الاحتمال لا یلیق فی کتب الاستدلال ، ونسبة الاستناد إلی ابن أبی عقیل کذلک.

وفی المختلف قال العلاّمة بعد نقل کلام الشیخ : والأقرب عندی حمل الحدیثین علی أنّهما إذا أقاما عشرة أیّام قصّرا (3).

ولا یخفی أنّ هذا أغرب من قول الشهید ؛ لأنّ صریح الروایتین : إذا جدّ بهما السیر ، والإقامة ضدّ ذلک.

وفی شرح الإرشاد حملهما جدّی قدس سره علی ما إذا قصد المکاری والجمّال المسافة قبل تحقّق الکثرة (4). وبُعْده ظاهرٌ ، ولعلّ احتمال الحمل علی الظاهر من الخبرین وهو التقصیر مع الجدّ فی السیر لحصول المشقّة ممکن ، إن لم یثبت ما قاله أمین الإسلام محمّد بن یعقوب (5). والله تعالی أعلم.

وأمّا الأخبار الأُخر فما ذکره الشیخ فی توجیهها غیر واضح :

ص: 113


1- مدارک الأحکام 4 : 456.
2- الذکری : 258.
3- المختلف 2 : 531.
4- روض الجنان : 390.
5- الکافی 3 : 437.

أمّا أوّلاً : فلأنّ الخبر الأخیر یدلّ علی أنّ صاحب الجِمال إذا لم یکن مداوماً علی السفر یلزمه التقصیر ، وقول الشیخ : إنّ التمام إنّما یجب علی هؤلاء إذا أقاموا خمسة فما دونها ، فأمّا إذا کان أکثر من ذلک فحکمهم التقصیر. غیر مفاد الروایة ؛ لأنّ مفادها ظاهراً أنّه إذا لم یخرج فی کلّ سفر إلاّ إلی مکة فعلیه القصر ، والمفهوم من هذا أنّه لو داوم علی السفر لزمه الإتمام (1) وإرادة السفر فی کلّ وقت من الأوقات بعیدة ، بل یقرب السفر المعتاد ، والحمل علی أنّه أقام عشرة بعید ، بل الظاهر نفیه ( من الخبر ) (2).

وأمّا غیره من الأخبار السابقة فیمکن دعوی إطلاقها فتقید بغیرها إن ثبت ، وستسمع الکلام فی الأخبار التی استدلّ بها الشیخ.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ قوله : إذا کان مقامهم خمسة فما دونها ، ثمّ قوله : وأمّا إذا کان أکثر من ذلک. یوهم أنّ إقامة ستّة أیّام فما فوقها یوجب التقصیر ، والأخبار تفید خلاف ذلک کما یجی ء إن شاء الله ومراده بما فوقها : العشرة ، لکن العبارة لا یخفی حالها.

ثمّ إنّ روایتی إسحاق بن عمّار ربما یلوح منهما عدم المداومة علی السفر ؛ لأنّ قوله فی الثانیة : کلّما جاءهم شی ء اختلفوا ، یدلّ علی أنّ سفرهم موقوف ، وکذلک فی الأُولی لقوله : یختلفون کلّ أیّام.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأخیر ، وهو خبر محمّد بن جزک فیه تأیید للتعلیل المستفاد من الخبر السابق فی قوله : « لأنّه عملهم » ویستفاد منه أیضاً أنّ الجمّال لیس هو صاحب الجِمال ، بل من یکری الجِمال ویسافر معها ، وربما یدّعی عدم لزوم کون الجمال للکراء کما یظهر من الروایة.

توجیه ما دل علی لزوم التقصیر علی المکاری مطلقا

ص: 114


1- فی « د » : التمام.
2- ما بین القوسین لیس فی « د ».

وبهذا یندفع إمکان أنّ یستدل لابن أبی عقیل علی تقصیر المسافر مطلقا بعموم أخبار التقصیر ، والمخصّص إنّما یعمل عمله مع عدم المعارض ، وهذه الأخبار المبحوث عنها معارضة.

وحاصل الاندفاع أنّ الأخبار المعارضة قابلة للتأویل بما قدّمناه من الاحتمال إلاّ أن یقال : إنّ التأویل محلّ کلام ، فلا یخرج عن العموم ، وفیه ما فیه.

أمّا ما قاله بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله فی الاستدلال لابن أبی عقیل بالعمومات ، وأنّ الأخبار الدالة علی الإتمام یمکن توجیهها باحتمال أن یکون الوجه فی إتمام الاشتقان لأنّ فعله معصیة ، فلا یکون السفر سائغاً ، وفی المکاری ونحوه عدم القصد إلی مسافة معیّنة ، وفی الملاّح ما ذکر فی الخبر من أنّ بیته معه فلا یکون مسافراً ، وحینئذ یمکن أن یوجّه قول ابن أبی عقیل القائل بالقصر علی کلّ واحد ، بما ذکر (1) ، ولا یخفی علیک الحال فإنّ هذه التّوجیهات لا تصلح فی مقام الاستدلال.

قوله :

یدلّ علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن إسماعیل بن مرّار ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « المکاری إن لم یستقر فی منزله إلاّ خمسة أیّام وأقلّ قصّر فی سفره بالنهار وأتمّ باللیل وعلیه صوم شهر رمضان ، وإن کان

ص: 115


1- مجمع الفائدة 3 : 391.

له مقام فی البلد الذی یذهب إلیه عشرة أیّام وأکثر قصّر فی سفره وأفطر ».

محمد بن أحمد بن یحیی ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن إسماعیل ابن مرّار ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن بعض رجاله قال : سألته عن حدّ المکاری الذی یصوم ویتمّ ، قال : « أیّما مُکارٍ أقام فی منزله أو البلد الذی یدخله أقلّ من عشرة أیّام وجب علیه الصیام والتمام أبداً ، وإن کان مقامه فی منزله أو فی البلد الذی یدخله أکثر من عشرة أیّام فعلیه التقصیر والإفطار ».

الصفّار ، عن الحسن بن علی ، عن أحمد بن هلال ، عن أبی سعید الخراسانی قال : دخل رجلان علی أبی الحسن الرضا علیه السلام بخراسان فسألاه عن التقصیر فقال لأحدهما : « وجب علیک التقصیر لأنّک قصدتنی » وقال للآخر : « وجب علیک التمام لأنّک قصدت السلطان ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحسین بن عثمان ، عن إسماعیل بن جابر قال : استأذنت أبا عبد الله علیه السلام ونحن نصوم رمضان لنلقی ولیداً بالأعوص فقال : « تلقّه وأفطر ».

فالوجه فی هذا الخبر حال التقیة والخوف دون حال الاختیار.

السند :

فی الأوّل : فیه إسماعیل بن مرّار ، وقد تقدّم (1).

ص: 116


1- فی ص 1110.

والثانی : فیه مع إسماعیل الإرسال.

والثالث : فیه أحمد بن هلال ، وقد تقدّم تضعیفه عن الشیخ (1) ، والحسن بن علی کأنّه ابن فضّال ، وأبو سعید الخراسانی ذکره الشیخ فی کتابه من رجال الرضا علیه السلام وأنّه مجهول (2).

والرابع : فیه إسماعیل بن جابر ، وهو الجعفی ، وقد تقدّم فیه القول مفصّلاً (3) ، والحاصل أنّ فیه کلاماً ، والشیخ وثّقه فی رجال الباقر علیه السلام من کتابه (4).

المتن :

فی الأوّل : کما تری واضح الدلالة علی أنّ المکاری إذا لم یستقرّ فی منزله إلاّ خمسة أیّام وأقلّ قصّر فی سفره بالنهار وأتمّ باللیل وصام ، وإن کان له مقام عشرة أیّام وأکثر قصّر وأفطر ، والشیخ قال فی وجه الجمع : إنّ الإقامة خمسة فما دونها توجب الإتمام مطلقاً ، وإن کان أکثر وجب التقصیر.

وقد بیّنا فیما تقدّم (5) أنّ الأکثر یتناول ما فوق الخمسة ودون العشرة ، وکأنّ مراد الشیخ بالأکثر مدلول الروایة ، ویرید بالتمام فی اللیل کالروایة ، وهی وإن کانت هنا کما تری ضعیفة ، إلاّ أنّ الصدوق رواها بطریق صحیح وفی متنها زیادة ، فإنّه قال فیها : « المکاری إذا لم یستقرّ فی منزله إلاّ خمسة أیّام أو أقلّ قصّر فی سفره بالنهار وأتمّ صلاته باللیل ، وعلیه صوم شهر

إشارة إلی ضعف أحمد بن هلال

أبو سعید الخراسانی مجهول

إشارة إلی حال إسماعیل بن جابر الجعفی

توجیه ما دل علی أنّ المکاری إذا لم یقم فی منزله إلاّ خمسة أیّام أو أقل قصّر فی النهار وأتمّ فی اللیل

ص: 117


1- راجع ص 154.
2- رجال الطوسی : 397 / 18.
3- فی ص 701.
4- رجال الطوسی : 105 / 18.
5- راجع ص 1140.

رمضان ، فإن کان له مقام فی البلد الذی یذهب إلیه عشرة أیّام أو أکثر وینصرف إلی منزله ویکون له مقام عشرة أیّام أو أکثر قصّر فی سفره وأفطر » (1).

ومقتضی الروایة اعتبار الأمرین فی العشرة ، والقائل بها غیر الصدوق لیس بمعلوم ، والقدح بذلک لا وجه له.

ومن العجب قول العلاّمة فی المنتهی بعد نقله عن الشیخ أنّ هؤلاء السبعة یعنی بهم ما ذکرهم من المکاری ونحوه إنّما یتمّون إذا لم یکن لهم فی بلدهم مقام عشرة أیّام : لما رواه عبد الله بن سنان ، وذکر الروایة ثمّ قال : وهذه الروایة مع سلامتها تدلّ علی المکاری خاصة (2). ولا یخفی علیک أنّ عدم الدلالة لیس من هذه الجهة فقط.

ونقل عن الشیخ فی المنتهی أنّه قال : ولو أقاموا خمسة لزمهم التقصیر فی الصلاة والإتمام [ فی الصوم (3) ] لهذه الروایة (4). ولا یخفی علیک الحال.

وأغرب من ذلک أنّه فی المختلف نقل عن الشیخ فی النهایة والمبسوط أنّه قال : لو کان لهم إقامة خمسة أیّام فی بلدهم قصّروا بالنهار وتمّموا الصلاة باللیل ، واختاره ابن البراج وابن حمزة ، ومنعه ابن إدریس وأوجب التمام مطلقاً ، [ وهو الأقوی (5) ] لنا : أنّ حکم السفر ینقطع بنیّة إقامة العشرة ، فدلّ علی أنّ إقامة هذا العدد یخرج المسافر عن السفر ، ویوجب

ص: 118


1- الفقیه 1 : 281 / 1278 ، الوسائل 8 : 489 أبواب صلاة المسافر ب 12 ح 5.
2- المنتهی 1 : 393.
3- أثبتناه من المصدر.
4- المنتهی 1 : 393.
5- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.

له حکم المقیم ، فإذا أنشأ أحدهم سفراً بعد إقامة هذه المدّة وجب علیه التقصیر ، لدخوله تحت اسم المسافر. احتجّ بما رواه عبد الله بن سنان - وذکر الروایة ثمّ قال - : والجواب الحمل علی تقصیر النافلة ، بمعنی أنّه تسقط عنه نوافل النهار (1). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ الغرابة من وجوه :

الأوّل : أنّ مدلول الروایة غیر ما قاله الشیخ.

الثانی : أنّ الروایة لم یذکر حال سندها ، وعدم التتبّع لمظانّ الروایة غیر لائق.

الثالث : أنّ الروایة خاصّة بالمکاری کما ذکره فی المنتهی (2).

الرابع : جوابه عنها بالنوافل إمّا أن یکون لصحّتها ، فالعدول عن ظاهرها لا وجه له ، وإن کان لعدم الصحة فالطرح أولی من الحمل البعید ، إلاّ أنّه یمکن لهذا نوع تسدید.

الخامس : استدلاله بأنّ الإقامة عشرة تقطع السفر. إن أُرید بها قطع سفر من فرضه التقصیر فمسلّم ، وإن أُرید قطع سفر من فرضه التمام فهو أوّل المدّعی ، کیف والخلاف موجود ، فإنّه نقل عن المرتضی التقصیر مطلقاً من غیر شرط (3).

السادس : قوله : وإذا أنشأ أحدهم سفراً بعد إقامة هذه المدّة وجب علیه التقصیر. محض القیاس أو مصادرة علی المطلوب.

فإن قلت : الأخبار الدالة علی أنّ إقامة العشرة قاطعة للسفر عامة

ص: 119


1- المختلف 2 : 531.
2- المنتهی 1 : 393.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 530 ، وهو فی الانتصار : 53.

للمکاری وغیره ، فإذا ثبت فیه قطع السفر تحقّق المطلوب.

قلت : لا معنی لشمولها للمکاری ونحوه ؛ إذ لا قطع للسفر بالنسبة إلیه کما هو واضح ، علی أنّ اللازم من کلام العلاّمة أنّ وصوله ( الی بلده ) (1) بمجرّده کاف من دون الإقامة ، لانقطاع السفر بالوصول ، وهو لا یقول به ، بل صرّح بأنّ المکاری لو خرج ثانیاً من دون إقامة عشرة خرج مُتمِّماً ، هذا.

ولا یبعد أن یکون الشیخ فهم من قوله فی الروایة : « خمسة أیّام وأقلّ » علی أنّ المراد خمسة أیّام ومعها أقلّ من خمسة لا معها خمسة لتکون عشرة ، فیصدق علی من أقام ستّة وسبعة وهکذا ، وحینئذ یراد بالأکثر العشرة فما فوقها ، وهذا التوجیه ممکن فی روایة الشیخ.

أمّا روایة الصدوق ، فلا یخفی عدم تمامیّتها ، وغیر بعید أن تکون روایة الصدوق بالواو دون أو ، لکن النسخ الآن متّفقة علی ما نقلناه.

أمّا ما فی روایة الصدوق من قوله : « وینصرف » إلی آخره (2). فواضح الدلالة علی اعتبار الأمرین ، لکن یمکن أن یکون الواو بمعنی أو ، ویوجّه بأنّ مقتضی الروایة بیان الأمرین : إقامة الخمسة أو ما دونها وإقامة العشرة ، فلو کانت العشرة معتبرة فی البلد وغیرها لزم خلوّ الروایة من القسم الثالث وهو إقامة العشرة فی البلد خاصّة أو فی غیرها خاصّة.

وفیه نظر ؛ لأنّ الظاهر من الروایة بیان حالتی الاختلاف فی القصر نهاراً والإتْمام لیلاً والقصر مطلقاً ، وهذا لا یتوقف علی بیان الوجه الثالث ؛ إذ یجوز أن یکون الثالث البقاء علی حکم المکاری من التمام مطلقاً ، نعم لو ثبت عدم القائل بمضمونها أمکن أن یکون الوجه ما قلناه ، لضرورة عدم

ص: 120


1- فی « د » : لبلده.
2- راجع ص 117 118.

القائل ، فلیتأملّ.

وأمّا الثانی : فهو واضح الدلالة علی غیر مطلوب الشیخ ؛ لأنّ مقتضاه أنّ إقامة ما دون العشرة توجب الصیام والتمام ، والخبر الأوّل دالّ علی أنّ الخمسة فما دونها تقتضی التقصیر نهاراً والإتمام لیلاً ، وتوجیه الشیخ مقتضاه وجوب الإتمام إذا تحقّقت إقامة خمسة أیّام فما دونها.

ثمّ إنّ مفاد الروایة المبحوث عنها اعتبار إقامة أکثر من عشرة ، والأولی مفادها العشرة.

ثمّ إنّ الروایتین کما تری ظاهرتان فی اعتبار إقامة العشرة والأکثر ، وقد ألحق الشهید فی الدروس العشرة الحاصلة بعد التردّد ثلاثین (1). ولا أعلم وجهه.

أمّا إلحاق المحقّق (2) والعلاّمة (3) ومن تابعهما (4) العشرة المنویّة فی غیر البلد فقد احتمل شیخنا قدس سره أن یکون استنادهم إلی روایة یونس المذکورة (5).

وأنت خبیر بأنّ روایة ابن سنان أیضاً متناولة ، إلاّ أن یدّعی ظهور البلد فی بلد المکاری ونحوه.

وفیه : أنّ ظاهر روایة الصدوق أنّ البلد غیر بلد المکاری ، وعلی کلّ حال ، فالخبران عرفت حالهما ، وعلی توجیه العلاّمة فی المختلف یمکن دعوی عدم الفرق بین بلده وغیرها بل یدخل فیه کلّ ما یقطع السفر ، لکن

ص: 121


1- الدروس 1 : 212.
2- المختصر النافع : 51.
3- القواعد 1 : 50.
4- کالشهید الثانی فی الروضة البهیة 1 : 373.
5- مدارک الاحکام 4 : 453.

قد علمت حال التوجیه.

أمّا ما اعتبره جماعة من عدم اشتراط التوالی فی العشرة. فممکن لو ثبت الحکم ، إلاّ أن یقال : إنّ ما تضمّن العشرة فی البلد تضمّن العشرة المنویّة ، ولا ریب فی اعتبار التوالی فی العشرة المنویة ، فیبعد عدم اعتبارها فی عشرة البلد ، إلاّ أن یقال : إنّ التوالی فی المنویة إن أُرید به حال النیّة فمسلّم ، ولا ینفع ولا یضرّ ، ولو أُرید به ما یتناول السفر فی أثنائها مع العود إلی نیّة الإقامة بحیث یتمّ عشرة فلا فرق.

نعم لا یخفی أنّ المکاری ونحوه إذا کان فرضه التمام فنیّة إقامة العشرة متوالیة لا فائدة فیها ، ولو دلّ علیها دلیل أمکن أن یقال بالتسلیم تعبّداً ، لکنّ النص إن عمل به یتضمّن مطلق الإقامة عشرة.

وما ذکره البعض فی إقامة العشرة لغیر المکاری وأنّ الحکم فیه مثله (1).

ففیه : أنّ الحکم فی غیر المکاری لا یخلو من تأمّل فی نظری القاصر ؛ لأنّ قصد المسافة فی الأثناء إذا کان بعد صلاة الفریضة التامة لا یُؤثّر ، نعم الخروج إلی المسافة ربما یؤثّر لکن عدم اشتراط التوالی مع هذا الشرط یفید نوع إشکال یرجع إلی أنّ الخروج إلی ما دون المسافة فی العشرة والرجوع إلی محلّ الإقامة یتوقّف علی نیّة الإقامة ثانیاً فی الجملة ، والاحتیاج إلی نیّة الإقامة ثانیاً إنّما هو لتحقّق قصد المسافة.

وما ذکره جدّی قدس سره من الفرق بین مقابلة المحلّ الذی خرج إلیه من موضع الإقامة لمقصده بعد الخروج من المحل وعدمها ، فینوی الإقامة فی الأوّل دون الثانی (2). محلّ تأمّل ، إلاّ أن یقال بعدم تحقّق السفر إذا کان غیر

هل یشترط التوالی فی إقامة العشرة؟

ص: 122


1- کالمحقق فی الشرائع 1 : 134 ، والمعتبر 2 : 473.
2- مسالک الافهام ج 1 : 50.

مقابل. ویشکل باستلزامه عدم تحقّق السفر فی المسافة المعوجة.

ولو قیل : إنّ عدم التوالی مخصوص بإقامة العشرة فی البلد فقصد السفر إلی المسافة لا دلیل علی اعتباره ، نعم لو خرج إلی المسافة أمکن أن یقال بعدم تحقق إقامة العشرة.

وفیه : أنّه یدفع عدم الاشتراط فی التوالی ، ومن هذا التحریر الذی خطر فی البال یظهر أنّ ما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ جماعة من المتأخّرین ذکروا أنّه لا یشترط فی العشرة التوالی ، نعم یشترط عدم تخلّل قصد المسافة فی أثنائها ، وهو حسن (1). محل بحث ، والإحاطة بما قلناه تنبئ عن وجه التأمّل ، مضافاً إلی أنّ اعتبار جمیع ذلک فی المکاری غیر ظاهر الوجه ، والله تعالی أعلم.

إذا عرفت هذا فما تضمّنه خبر أبی سعید لا دخل له بمراد الشیخ من التوجیه ، وکأنّه کلام مستقل لبیان أنّ قصد المعصیة بالسفر توجب التمام ، لکن علی هذا ینبغی أن یکون له باب مفرد ، ولعلّ الشیخ أراد بعنوان الباب من یجب علیهم التمام بأیّ وجه کان ، ومن جملتهم من قصد بسفره المعصیة ، وقد ذکر المحقّق فی الشرائع من شروط القصر أن یکون السفر سائغاً واجباً کحجّة الإسلام ، أو مندوباً کزیارة النبی علیه السلام ، أو مباحاً کالأسفار للمتاجر ، ولو کان معصیة لم یقصّر کاتباع الجائر (2).

ونقل شیخنا قدس سره عن المعتبر دعوی الإجماع علی ذلک (3).

وفی المنتهی : ویشترط فی الترخّص کون السفر سائغاً واجباً کحجّة

السفر المحرّم

ص: 123


1- مدارک الاحکام 4 : 453.
2- الشرائع 1 : 133.
3- مدارک الاحکام 4 : 445 ، وهو فی المعتبر 2 : 470.

الإسلام ، أو مندوباً کالزیارات ، أو مباحاً کالتجارات ، ذهب إلیه علماؤنا ، وهو قول أکثر أهل العلم (1).

وقد قدّمنا خبراً عن الصدوق فی الصید یرویه عن عمّار بن مروان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « من سافر قصّر وأفطر إلاّ أن یکون رجلاً سفره إلی صیدٍ أو فی معصیة الله أو رسولاً لمن یعصی الله أو طلب عدوّ وشحناء وسعایة أو ضررٍ علی قوم مسلمین » (2).

وهذه الروایة نقلها شیخنا قدس سره (3) لکن لم أرها الآن فی الفقیه فی باب التقصیر ، وعلی ما نقله فهی صحیحة ، وروایة الشیخ لها مؤیّدة مع روایة أُخری رواها الشیخ فی الصید معلّلة بأنّ سفر الصید لیس بمسیر حق (4).

ثمّ إنّ إطلاق النص وکلام الأصحاب الذین رأینا کلامهم یقتضی عدم الفرق فی السفر المحرّم بین ما کانت غایته معصیة کقاصد قطع الطریق بسفره ، والمرأة والعبد القاصدین النشوز والإباق ، أو کان نفس السفر معصیة کالفارّ من الزحف ، والهارب من غریمه مع القدرة علی الوفاء ، وتارک الجمعة بعد وجوبها ، کما ذکره شیخنا قدس سره (5) وإن کان فی تحقّق الفرق بین نفس السفر وغایته نوع تأمّل.

والذی یظهر من الأخبار ، وکلام بعض الأصحاب : أنّ من کان عاصیاً بسفره بمعنی عدم جواز السفر یلزمه التمام (6). وما قاله جدّی قدس سره فی مثال

ص: 124


1- المنتهی 1 : 392.
2- الفقیه 2 : 92 / 409 ، الوسائل 8 : 476 أبواب صلاة المسافر ب 8 ح 3.
3- مدارک الاحکام 4 : 445.
4- الاستبصار 1 : 236 / 841.
5- مدارک الاحکام 4 : 446.
6- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 378.

السفر المحرّم مع کون الغایة محلّلة وعدمها فی شرح الإرشاد (1). لا یخلو أیضاً من إجمال.

وقد أطال قدس سره الکلام إلی أنّ قال : وإدخال هذه الأفراد یقتضی المنع من ترخّص کلّ تارک للواجب بسفره ؛ لاشتراکهما فی العلّة الموجبة لعدم الترخّص ، إذ الغایة مباحة کما هو المفروض ، وإنّما عرض العصیان بسبب ترک الواجب ، فلا فرق حینئذ بین استلزام [ سفر (2) ] التجارة ترک الجمعة ونحوه وبین استلزامه ترک غیرها کتعلّم العلم الواجب عیناً أو کفایةً ، بل الوجوب فی هذا أقوی ، وهذا یقتضی عدم الترخّص إلاّ لأوحدیّ الناس ، لکنّ الموجود من النصوص فی ذلک لا یدلّ علی إدخال هذا القسم ، ولا علی مطلق العاصی وإنّما دلّ علی السفر الذی غایته معصیة (3).

واعترض علیه بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله بأنّه لو سلّم عدم الفرق فلا نسلّم عدم تحقّق الترخّص إلاّ لأوحدیّ الناس ؛ لأنّه لیس الواجب علی الناس تحصیل جمیع الواجبات التی ذکروها بالدلیل ، أو التقلید علی الوجه الذی ذکره البعض ، ومنهم جدّی قدس سره (4) علی الظاهر ؛ لاستلزامه المحال أو المشقّة المنفیّة عقلاً ونقلاً ، واستلزام تعطیل العبادات والأحکام ، بل لیس علیهم فی الفروع إلاّ ما وصل إلیهم وجوب تعلّمه ، وأطال الکلام - إلی أنّ قال - : وإن أراد بما ذکره وجوب الاجتهاد عیناً فهو أبعد ؛ لأنّ تکلیف عجوز لا تکاد تفهم البدیهیّات محال ظاهر (5). انتهی ملخّصاً.

ص: 125


1- روض الجنان : 388.
2- بدل ما بین المعقوفتین فی النسخ : سعی ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.
3- روض الجنان : 388.
4- فی النسخ زیادة : أمّا.
5- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 379.

ولقائل أن یقول : إنّ الاعتراض لا یخلو من وجه فی الجملة إلاّ أنّ تسلیم کون السفر معصیةً یتناول ما غایته معصیة ( وابتداؤه معصیة ) (1) یستلزم عدم جواز ترخّص غالب الناس إلاّ الأوحدی کما قاله جدّی قدس سره فإنّ الواجبات المتّفق علیها غالب الناس یسافرون من دون تعلّمها ، فالقول بأنّ الأمر بالشی ء یستلزم النهی عن ضدّه کما هو مذهب المعترض یقتضی لزوم الإشکال لکثیر من الناس ، إلاّ أن یکون معهم فی السفر من یعلّمهم الواجب.

وما ذکره جدّی قدس سره من اختصاص السفر الذی غایته معصیة یشکل بخبر عمّار بن مروان ؛ إذ ظاهره یتناول الغایة وغیرها ، فلیتأمّل.

وأمّا ما ذکره الشیخ فی الخبر المنافی من الحمل علی التقیّة فقد ذکر شیخنا المحقّق أیّده الله أنّ له وجهین :

أحدهما : أنّه إذا قصد السلطان تقیّة منه ودفعاً لضرورة یقصّر.

والثانی : أنّه إذا قصد السلطان فکان علیه الإتمام لکن یخاف من ظهور ذلک لأهل الخلاف. انتهی. والوجهان حسنان ، لکن الولید غیر معروف لیعلم منه الحکم.

اللغة

قال فی القاموس : بنو ولادة بطن ویسمّوا (2) ولیداً (3). وفی القاموس : الأعوص بالصاد المهملة موضع قرب المدینة (4).

معنی الولید والأعوص

ص: 126


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- کذا فی النسخ ، وفی المصدر : وسمّوا.
3- القاموس المحیط 1 : 360.
4- القاموس المحیط 2 : 321.

قوله :

باب المتصیّد یجب علیه التمام أم التقصیر؟

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن علی بن أسباط ، عن ابن بکیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یتصیّد الیوم والیومین والثلاثة أیقصر الصلاة؟ قال : « لا إلاّ أن یشیّع الرجل أخاه فی الدین ، وإنّ (1) التصیّد مسیر باطل لا تقصّر الصلاة فیه » وقال : « یقصّر إذا شیّع أخاه ».

أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بکیر ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یخرج إلی الصید أیقصّر أو یتمّ؟ قال : « یتمّ لأنّه لیس بمسیر حقّ ».

محمد بن علی بن محبوب (2)، عن الحسن بن علی ، عن عباس ابن عامر ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عمّن یخرج من أهله بالصقورة والبزاة والکلاب ( یتنزّه اللیلتین والثلاثة ) (3) هل یقصّر من صلاته أم لا یقصّر؟ قال (4) : « إنّما خرج فی لهوٍ لا یقصّر » (5).

المتصیّد یجب علیه التمام أم التقصیر؟

اشارة

ص: 127


1- فی الاستبصار 1 : 235 / 840 : فإن.
2- فی الاستبصار 1 : 236 / 842 زیادة : عن الحسن بن علی بن محبوب.
3- فی الاستبصار 1 : 236 / 842 بدل ما بین القوسین : یتنزه اللیلة واللیلتین والثلاث.
4- فی الاستبصار 1 : 236 / 842 : فقال.
5- فی « د » : لا یقصره.

فأمّا (1) ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن محمد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الله قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یتصیّد فقال : « إن کان یدور حوله فلا یقصّر ( وإن تجاوز ) (2) الوقت فلیقصّر ».

عنه ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لیس علی صاحب الصید تقصیرٌ ثلاثة أیّام ، فإذا جاز الثلاثة لزمه ».

فالوجه فی هذین الخبرین أنّ من کان صیده ( لقوته وقوت عیاله لزمه التقصیر ، ومن کان صیده ) (3) للهو والبطر فلا یجوز له التقصیر علی ما بیّناه ، والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن عمران بن محمد بن عمران القمی ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال ، قلت : الرجل یخرج إلی الصید مسیرة یوم أو یومین یقصّر أو یتم؟ فقال : « إن خرج لقوته وقوت عیاله فلیقصّر ، وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا کرامة ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد السیّاری ، عن بعض أهل العسکر قال : خرج عن أبی الحسن علیه السلام أنّ : « صاحب الصید یقصّر ما دام علی الجادّة ، فإذا عدل عن الجادّة أتمّ ، فإذا رجع إلیها قصّر ».

ص: 128


1- فی الاستبصار 1 : 236 / 843 : وأمّا.
2- فی الاستبصار 1 : 236 / 843 بدل ما بین القوسین : وإن کان یجاوز.
3- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

فهذا خبر ضعیف ، وراویه السیّاری ، قال (1) أبو جعفر ابن بابویه فی فهرسته حین ذکر کتاب النوادر : واستثنی (2) منه ما رواه السیّاری ، وقال : لا أعمل به ولا افتی به لضعفه. وما هذا (3)حکمه لا یعترض به الأخبار التی قدّمناها ، ولو سلّم لجاز أن یکون الوجه فیه أنّ من کان علی الجادّة لا لقصد الصید ( یلزمه التقصیر ، فإذا عدل عنها إلی الصید یلزمه التمام ، ولو کان وقت کونه علی الجادة قصد (4) الصید ) (5)ما (6)اختلف الحال فی وجوب التمام علیه إن کان صیده لهواً (7) ، والتقصیر إن کان صیده طلباً للقوت.

السند :

فی الأول : فیه سهل بن زیاد وقد تکرّر القول فیه (8).

والثانی : موثّق علی ما یظن من أنّ ابن فضّال هو الحسن ، واحتمال غیره من أولاد فضّال غیر الموثّقین بعید ، ومن ثمّ فی المنتهی وصفها بالموثّق (9).

والثالث : فیه الحسن بن علی ، وقال شیخنا أیّده الله فی فوائد

إشارة إلی حال الحسن بن فضّال

الحسن بن علی الذی یروی عنه محمد بن علی بن محبوب هو ابن عبد الله بن المغیرة

ص: 129


1- فی الاستبصار 1 : 237 / 846 : وقال.
2- فی الاستبصار 1 : 237 / 846 : استثنی.
3- فی النسخ : وما ذا ، وما أثبتناه من الإستبصار 1 : 237 / 846.
4- فی الاستبصار 1 : 237 / 846 : قصده.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- فی الاستبصار 1 : 237 / 846 : لما.
7- فی « رض » : اللهو.
8- راجع ص 95.
9- المنتهی 1 : 392.

الکتاب : کأنّه ابن علی بن عبد الله بن المغیرة الکوفی. والذی یظهر أنّه متعیّن ؛ لأنّ الشیخ فی الفهرست قال : إنّ الراوی عنه محمد بن علی بن محبوب (1). والرجل ثقة فی النجاشی (2). وأبان قد قدّمنا القول فیه عن قریب وبعید (3).

والرابع : فیه عبد الله الراوی عن الإمام علیه السلام ، وهو مشترک (4) ، واحتمال ابن سنان والکاهلی یختلج قربه ، لکن غیرهما فی حیّز الإمکان. وفی المختلف قال العلاّمة : وما رواه عبد الله فی الصحیح (5). وکأنّه علم الحال.

والخامس : فیه مع أبی بصیر الإرسال.

والسادس : فیه الإرسال.

والسابع : فیه السیّاری مع الإرسال.

المتن :

فی الأول : مطلق فی عدم تقصیر المسافر للصید ، وقد قدّمنا خبر عمّار بن مروان الدال بإطلاقه علی أنّ من سافر إلی الصید لا یقصّر ، وذکرنا أنّ جعل معصیة الله قسیماً للصید یدلّ علی أنّ الصید وإن لم یکن معصیة یقتضی عدم التقصیر ، وحینئذ یصیر خبر ابن بکیر مؤیِّداً لخبر عمّار (6).

عبد الله الراوی عن أبی عبد الله علیه السلام مشترک

بیان ما دل علی عدم التقصیر علی من سافر إلی الصید وأنّه لهو ومسیر باطل

ص: 130


1- الفهرست : 50 / 166.
2- رجال النجاشی : 62 / 147.
3- راجع ص 130.
4- انظر هدایة المحدثین : 99 107 و 208.
5- المختلف 1 : 522.
6- راجع ص 1148.

وما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ السفر للقوت لا ریب فی التقصیر فیه (1). قد قدّمنا القول فیه (2) مفصّلاً فیما مضی ، خوفاً من عدم مساعدة الزمان إلی الوصول إلی هذا المکان ، والحاصل أنّ الإجماع إن انعقد علی أنّ المتصیّد للقوت یلزمه التقصیر فلا کلام ، وإلاّ فإطلاق روایة عمّار یحتاج إلی ما یثبت به تقییده ، والأخبار التی تصلح لذلک لا یخلو من قصور فی السند سوی روایة زرارة ، والجواب فیها لا یخلو من إجمال کما نذکره.

وأمّا الروایة المبحوث عنها فلا یخفی أنّه قد یستبعد إطلاقها ، لأنّ کل الصید لیس بمسیر باطل ، إذ منه ما هو واجب إذا اضطرّ الإنسان إلیه للقوت. ویدفعه جواز التقیید بالدلیل.

والثانی : کالأول ، وقد تقدّم القول فیه (3) من جهة التعلیل ؛ إذ قد یستفاد منه التمام فی کل مسیر غیر حق.

وأمّا الثالث : فالظاهر منه أنّ الخروج إلی الصید لهو وإن کان للقوت ، ولا مانع من کون الشارع جعل السعی فی القوت من غیر الصید لحکمةٍ لا نعلمها.

والرابع : ظاهر فی الإطلاق ، ولو صحّ لأمکن أن یقیّد بغیر اللهو فله تقیید وفیه إطلاق.

والخامس : لا یکاد یحوم حوله التوجیه ، ولو صحّ لأمکن القول بظاهره ، ویخصّ به غیره إن لم ینعقد الإجماع علی خلافه ، وما قاله الشیخ فی توجیهه غریب ؛ لأنّ صریح الخبر الفرق بین الثلاثة أیّام وتجاوزها ،

ص: 131


1- مدارک الاحکام 4 : 448.
2- راجع ص 1149.
3- راجع ص 1149.

وقول الشیخ : إنّ من کان صیده لقوت العیال وقوته لزمه التقصیر ، إلی آخره (1). لا یوافق الخبر.

والاستدلال لما ذکره بالسادس (2) له وجه ، لکن لا یتمّ فی الخبرین ؛ للاحتیاج فی الثانی إلی قید کون التقصیر فی الثلاثة.

وأمّا خبر السیّاری فتوجیه الشیخ له غیر موافق للخبر ، ولا له ارتباط تامّ کما لا یخفی ، ویختلج فی البال أن یراد بالجادّة : الحق ، یعنی (3) إن کان القصد بالصید الموافقة للشارع قصّر ، وإن عدل عن ذلک بقصد اللهو أتمّ ، والعدول عن الصریح إلی هذه الکنایة ربما کان الوجه فیه ملاحظة الحکّام کما یعرف من طریقتهم علیهم السلام ، ولا یبعد أن یکون الوجه فی إطلاق بعض الأخبار بأنّ المسیر للصید مسیر باطل ونحوه باعتبار الغالب (4) ، فإنّ القصد إلی القوت فی غایة الندرة.

وفی المختلف نقل عن الشیخ فی النهایة أنّه لو کان الصید للتجارة وجب علیه القصر فی الصوم ، والتمام فی الصلاة ، قال العلاّمة : وهو اختیار المفید ، وعلی بن بابویه ، وابن البراج ، وابن حمزة ، وابن إدریس ، وقال ابن إدریس : روی أصحابنا بأجمعهم أنّه یتمّ الصلاة ویفطر الصوم ، وکلّ سفر وجب التقصیر فی الصوم وجب تقصیر الصلاة فیه. إلاّ هذه المسألة فحسب ، للإجماع علیها. ثم نقل عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : وإن کان للتجارة دون الحاجة روی أصحابنا أنّه یتمّ الصلاة ویفطر ، وأوجب السیّد

ص: 132


1- راجع ص 1152.
2- راجع ص 1152.
3- فی « د » : بمعنی.
4- الکافی 3 : 437 / 4 و 438 / 8 ، التهذیب 3 : 217 / 536 ، 537 ، الوسائل 8 : 479 أبواب صلاة المسافر ب 9 ح 4 وص 480 ح 7.

المرتضی وابن أبی عقیل وسلاّر التقصیر علی من کان سفره طاعةً أو مباحاً ، ولم یفصّلوا الصید وغیره (1). انتهی.

ولا یخفی علیک ما فی دعوی الإجماع ، وقد قدّمنا ما حکاه العلاّمة فی احتجاج الشیخ إجمالاً ، وبیّنا عدم دلالة الأخبار علی تفصیله (2).

واستدل شیخنا قدس سره علی المساواة بصحیح معاویة بن وهب حیث قال فیه : « إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت » (3).

وقد یمکن الدخل فی هذا الخبر بأنّ الخلاف فی « إذا » إنّها للعموم أم لا ، فالاستدلال بها علی المساواة مصادرة ، وفیه تأمّل ، إلاّ أنّ الحق احتیاج الفرق إلی الدلیل.

وللعلاّمة فی احتجاجه علی وجوب التقصیر مطلقاً کلام طویل (4) غیر خال من النظر ، لولا الخروج عمّا نحن بصدده لنقلناه ، وبالجملة فالأخبار قد علمت حالها وکذلک الأقوال ، والله تعالی أعلم بالحال.

اللغة

قال فی القاموس : شیّع فلاناً (5) خرج معه (6). وفیه : البطر النشاط

معنی شیّع ، البطر ، الفضول والجادّة

ص: 133


1- المختلف 2 : 521 ، وهو فی النهایة : 122 ، المقنعة : 349 ، وقد حکاه عن ابن بابویه الفاضل الآبی فی کشف الرموز 1 : 221 ، المهذب 1 : 106 ، الوسیلة : 109 ، السرائر 1 : 327.
2- راجع ص 1144.
3- مدارک الأحکام 4 : 448.
4- المختلف 2 : 524.
5- فی « رض » زیادة : إذا.
6- القاموس المحیط 3 : 49.

وقلّة احتمال النعمة والحیرة والطغیان بالنعمة (1). وفیه : الفُضُول (2) بالضم المشتغل بما لا یعنیه (3). وفی فوائد شیخنا أیّده الله علی الکتاب : الفضول هو اتّباع الهوی کاللهو والبطر. وفی ظنّی وجود الفضول بمعنی الزیادة فی أشعار العرب. ( وفی القاموس ) (4) : الجادّة معظم الطریق (5).

قوله :

باب المسافر یدخل بلداً لا یدری ( ما مقامه فیها ) (6).

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال ، قلت له : أرأیت من قدِم بلدة إلی متی ینبغی أن یکون مقصّراً أو متی ینبغی له أن یتم؟ فقال : « إذا دخلت أرضاً فأیقنت أنّ لک بها (7) مقام عشرة أیّام فأتمّ الصلاة ، وإن لم تدر ما مقامک بها تقول غداً أخرج أو بعد غدٍ فقصّر ما بینک وبین أن یمضی شهر ، فإذا تمّ لک شهر فأتمّ الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتک ».

محمد بن علی بن محبوب ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن حنّان ، عن أبیه ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا دخلت البلد فقلت

المسافر یدخل بلداً لا یدری ما مقامه فیه

اشارة

ص: 134


1- القاموس المحیط 1 : 388.
2- فی المصدر : الفضولیّ.
3- القاموس المحیط 4 : 32.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » : وفیه.
5- القاموس المحیط 1 : 292.
6- فی الاستبصار 1 : 237 بدل ما بین القوسین : کم مقامه فیه.
7- فی « د » : فیها.

الیوم أخرج أو غداً أخرج واستتمت شهراً فأتمّ ».

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن أبی أیّوب قال : سأل محمد بن مسلم أبا عبد الله علیه السلام وأنا أسمع عن المسافر إن حدّث نفسه بإقامة عشرة أیّام ، قال : « فلیتمّ الصلاة ، وإن لم یدر ما یقیم یوماً أو أکثر فلیَعُدّ ثلاثین یوماً ثم لیتمّ وإن کان أقام یوماً أو صلاة واحدة » فقال ( له محمد بن مسلم : بلغنی أنّک قلت خمساً؟ قال : « قد قلت ذلک » قال أبو أیّوب ، فقلت أنا : جعلت فداک یکون أقل من خمس؟ فقال : ) (1) « لا ».

قال محمّد بن الحسن : ما یتضمّن هذا الخبر من الأمر بالإتمام لمن یرید المقام (2) خمسة أیّام یحتمل شیئین ، أحدهما : أن یکون محمولاً علی الاستحباب. والثانی أن یکون مخصوصاً بمن کان بمکة أو بالمدینة (3).

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه ( محمّد بن علی بن محبوب ، عن علی بن السندی ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن ) (4) محمد بن مسلم قال : سألته عن المسافر یقدم الأرض قال (5) : « إن حدّثته نفسه أن یقیم عشراً فلیتمّ ، وإن قال : الیوم أخرج ( أو غداً أخرج ) (6) ولا یدری فلیقصّر ما بینه

ص: 135


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی « رض » : الإقامة.
3- فی الاستبصار 1 : 238 / 849 : المدینة.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- فی الاستبصار 1 : 238 / 850 : فقال.
6- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

وبین شهر ، فإن مضی شهر فلیتمّ ، ولا یتمّ فی أقلّ من عشرة إلاّ بمکة والمدینة ( وإن أقام بمکة والمدینة ) (1)( خمسة أیّام ) (2)فلیتمّ ».

السند :

فی الأول : لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه.

والثانی : فیه عبد الصمد بن محمّد ، وهو ابن عبید الله الأشعری ، لأنّه الراوی عن حنّان کما ذکره النجاشی ( فی [ ابنه الحسن (3) ] ولیس فیه مدح ولا توثیق (4).

والشیخ ذکر فی رجال الهادی علیه السلام عبد الصمد بن محمد القمی مهملاً (5). ولا یبعد أن ) (6) یکون واحداً ؛ لأنّ حنان عمّر عمراً طویلاً کما ذکره شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال (7).

وفیه حنّان وأبوه سدیر ، والأوّل وثّقه الشیخ فی الفهرست (8) ، وفی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه قال : إنّه واقفی (9). والنجاشی لم یذکر الوقف ولا وثّقه (10). والثانی غیر معلوم الحال.

بحث حول عبد الصمد بن محمد

بحث حول حنّان بن سدیر

بحث حول سدیر

ص: 136


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی الاستبصار 1 : 238 / 850 بدل ما بین القوسین : خمساً.
3- بدل ما بین المعقوفین فی « د » : أبیه الحسین ، وفی « فض » : ابنه الحسین ، والصواب ما أثبتناه.
4- رجال النجاشی : 62 / 146.
5- رجال الطوسی : 419 / 29.
6- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
7- منهج المقال : 194.
8- الفهرست : 64 / 244.
9- رجال الطوسی : 346 / 5.
10- رجال النجاشی : 146 / 378.

وما وقع للعلاّمة بعد نقل خبر رواه الکشی فی شأن سدیر : من أنّ سند الخبر معتبر یدل علی علوّ المرتبة (1) (2). موهوم عند التحقیق ، کما نبّه علیه الوالد قدس سره وشیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال (3).

والحاصل أنّ المذکور فی روایة الکشی « شدید » بالشین المعجمة والدال المهملة أخیراً لا « سدیر » وأصل الوهم من الکشی (4).

والثالث : حسن.

والرابع : فیه علی بن السندی وهو مجهول الحال ، وما اتفق فی بعض نسخ الکشی فی علی بن إسماعیل من قوله : نصر بن الصباح قال : علی بن إسماعیل ثقة [ وهو (5) ] علی بن السندی ، فلقّب إسماعیل بالسندی (6). موهوم علی ما حقّقه شیخنا أیّده الله (7) بل الظاهر أنّ لفظة « ثقة » تصحیف « یقال » (8) والعلاّمة جعله علی بن السدی (9) (10) ، وتحقیق الحال فی کتاب الشیخ أیّده الله.

المتن :

فی الأول : یدل بظاهره علی أنّ الموجب للتمام من إقامة العشرة

بحث حول علی بن السندی

ص: 137


1- فی « د » : الرتبة.
2- خلاصة العلاّمة : 85 / 3.
3- منهج المقال : 157 158.
4- فی نسخة من رجال الکشی ( طبع جامعة مشهد ) : 555 / 1049.
5- لیست فی النسخ ، أثبتناها من المصدر.
6- فی نسخة من رجال الکشی ( طبع جامعة مشهد ) : 598 / 1119.
7- منهج المقال : 230.
8- لوجود المشابهة بین ( ثقة ) و ( یق ).
9- فی « رض » : السری.
10- خلاصة العلاّمة : 96 / 28.

یشترط فیه الیقین ، ولم أعلم القائل به ، ویمکن أن یقال : إنّ المراد بالیقین فیه عدم التردّد فیشمل الظن والیقین ، کما ینبّه علیه قوله : « وإن لم تدر ما مقامک » إلی آخره. مضافاً إلی دلالة غیره من الأخبار کالثالث حیث وقع الجواب فیه عن المسافر إن حدّث نفسه ، وکذلک الرابع.

وفی بعض الأخبار المعتبرة : « إذا أتیت بلدة فأزمعت المقام عشرة أیّام فأتمّ الصلاة » (1) وفی القاموس ما یفید أنّ الزمع : العزم (2).

وما تضمّنه الخبر الأوّل من الشهر یتناول الهلالی لو حصل التردّد فی أوّله وإن کان ناقصاً ، ونقل عن العلاّمة فی التذکرة أنّه لم یعتبر الهلالی ، بل الثلاثین ؛ لأنّ الشهر مجمل وما ورد بالثلاثین مبیّن (3). وأراد بما تضمّن الثلاثین مثل الثالث ، لکن لو صحّ ما تضمّن الثلاثین فله وجه ، وإلاّ فالأمر کما تری.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ کلام العلاّمة لا بأس به (4). مع أنّه لم یذکر إلاّ حسنة أبی أیوب ، محل تأمّلٍ ؛ لعدم عمله بالحسن.

وما ذکرناه فی الهلالی من کون التردّد فی أوّله هو المذکور فی کلام البعض فی هذه المسألة (5) ، ولعلّ الوجه فیه أنّ احتمال الهلالی مع کون التردّد فی الأثناء لا وجه له ، والمذکور فی غیر هذا الموضع من الخلاف إنّما هو مع (6) تعدّد الأشهُر ، وإن کان فی البین تأمّل لا یخفی وجهه.

واحتمل بعض المتأخّرین التخییر جمعاً بین ما تضمّن الشهر

هل یکفی فی التردّد الشهر الهلالی وإن کان ناقصاً؟

ص: 138


1- التهذیب 3 : 221 / 552 ، الوسائل 8 : 499 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 4.
2- القاموس المحیط 3 : 36.
3- التذکرة 4 : 389.
4- مدارک الاحکام 4 : 463.
5- التذکرة 4 : 389.
6- لیست فی « رض ».

والثلاثین (1).

ثم إنّ الخبر الأوّل لا یخفی أنّ ظاهره اعتبار نیّة الإقامة بعد دخول الأرض التی فی عزمه علی الإقامة فیها ، وکذلک الثانی ؛ لتضمّنه الدخول إلی البلد ، أمّا الثالث : فهو وإن احتمل النیّة من خارج إلاّ أنّ احتمال موافقة غیره لیس ببعید منه ، والأخیر کالأولین ، فما ذکره بعض : من أنّ الأخبار متناولة لنیّة إقامة العشرة قبل الوصول وبعده محلّ تأمّل (2).

وفی روایة منصور بن حازم التی أشرنا إلیها سابقاً من أنّها معتبرة دلالة علی أنّه إذا دخل بلدة (3) ، وإرادة الإرادة بعیدة عنها ، ولو احتمل أن یراد بالأرض فی الأخبار الواردة بقوله : « إذا دخلت أرضاً » (4) ما یتناول البُعد عن نفس المنزل وقربه فیتمّ المطلوب. أشکل بأنّ المتبادر من دخول الأرض محلّ الإقامة.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره شیخنا قدس سره من الخلاف فی أنّه هل ینقطع السفر علی تقدیر سبق النیّة علی الوصول بمشاهدة الجدران أو سماع الأذان ، أم یتوقف علی الوصول إلی المحل؟ واختیاره الوصول إلی البلد ؛ لأنّه قبل الوصول مسافر فیلزمه حکمه (5). محل تأمّل ؛ لأنّه کان ینبغی تحریر الدلالة ثم ذکر الخلاف.

وقد یمکن تسدید التوجیه فی شمول بعض الأخبار لما قبل الوصول ، إلاّ أنّه لا یخلو من تکلّف ، والاحتیاط مطلوب إذا أمکن.

المعتبر نیّة الإقامة بعد الوصول

ص: 139


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 406.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 406.
3- راجع ص 1158.
4- الوسائل 8 : 498 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 3 وص 500 ح 9.
5- مدارک الاحکام 4 : 461.

ولا یخفی توجّه الإشکال فی العشرة والثلاثین إذا کانت منکسرة کما فی غیرها من موارد الخلاف ، والاعتبار یقتضی أن نصفَی الیومین لا یقال له یوم. هذا.

وقد اتفق لجدّی قدس سره هنا کلام فی شرح الإرشاد (1) ذکرته فی حاشیة الروضة مفصّلاً ، وإجمال القول فیه هنا أنّ الخلاف واقع فی اشتراط التوالی فی العشرة وعدمه ، علی معنی أنّه هل یشترط فی حال نیّة إقامة العشرة قصد عدم الخروج إلی محل الترخّص أم لا؟ فالبعض اشترط ذلک (2) ، وإلیه ذهب شیخنا قدس سره (3) لأنّه المتبادر من النص ، وکأنّ الوجه فی التبادر أنّ الأخبار المتضمّنة لإقامة العشرة تفید الإقامة فی نفس الموضع ولوازمه التی یسمع فیها الأذان وتری الجدران (4).

وقد یقال : إنّ هذا یمکن توجیهه فیما تضمّن البلد ، أمّا بعض الأخبار المتضمنة للأرض (5) فالتوجیه بعید ، بل الظاهر الإطلاق منها (6) ، علی أنّ البلد کذلک ؛ إذ الخارج عنها وإن سمع منها الأذان یتوقّف حکمه علی الدلیل ، إلاّ أن یقال : إنّه إجماعی لکن محلّ الترخّص محلّ البحث.

وما قاله جدّی قدس سره فی بعض فوائده علی ما حکاه عنه شیخنا قدس سره ولم یحضرنی الآن : من أنّه بعد أنّ صرّح باشتراط التوالی قال : وما یوجد فی

هل یشترط فی نیّة إقامة العشرة قصد عدم الخروج إلی محل الترخّص؟

ص: 140


1- روض الجنان : 399.
2- کالشهید الأول فی البیان : 266.
3- مدارک الاحکام 4 : 460.
4- الکافی 3 : 435 / 1 و 436 / 3 ، التهذیب 3 : 220 / 549 ، 551 و 221 / 552 ، 553 ، الوسائل 8 : 498 أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 3 ، 4.
5- المتقدمة فی ص 1159.
6- فی « رض » : فیها.

بعض القیود من أنّ الخروج إلی خارج الحدود مع العود إلی موضع الإقامة لیومه أو لیلته لا یؤثّر فی نیّة الإقامة وإن لم ینو عشرة مستأنفة ، لا حقیقة له ، ولم نقف علیه مسنداً (1) إلی أحد من المعتبرین الذین تعتبر فتواهم ، فیجب الحکم باطراحه ، حتی لو کان ذلک فی نیّته من أول الإقامة بحیث صاحبت هذه النیّة نیّة إقامة العشرة لم (2) یعتدّ بنیّة الإقامة وکان باقیاً علی القصر ، لعدم الجزم بإقامة العشرة المتوالیة ، فإنّ الخروج إلی ما یوجب الخفاء یقطعها ، ونیّته فی ابتدائها تبطلها (3).

محل بحث فی نظری القاصر ، لأنّ أوّل کلامه قدس سره یدل علی أنّ مجرّد الخروج إلی محل الترخّص یبطل نیّة الإقامة ، لأنّه (4) قال : حتی لو کان ذلک فی نیّته. وغیر خفی أنّه لو لم یکن فی النیّة الخروج لا ارتیاب فی أنّ الخروج بعد ذلک لا یبطل نیّة الإقامة مطلقاً عنده ، والرسالة المفردة له فی هذا کاشفة عن حقیقة الحال ، فقوله : لم نقف علیه مسنداً (5). غریب ، وممّا یؤیّد ما ذکرناه قوله أخیراً : فإنّ الخروج إلی ما یوجب الخفاء یقطعها ، ونیّته فی ابتدائها تبطلها.

والعجب من شیخنا قدس سره أنّه قال بعد نقل کلامه : وهو جیّد (6). مع أنّه صرّح بأنّ نیّة الإقامة تقطع السفر المتقدّم ، وعلی هذا فیفتقر المکلّف فی عوده إلی التقصیر بعد الصلاة علی التمام إلی قصد مسافة جدیدة یشرع فیها

ص: 141


1- فی « رض » : مستنداً.
2- فی « رض » : لا.
3- مدارک الاحکام 4 : 460 ، بتفاوت یسیر ، رسائل الشهید الثانی : 190.
4- لیست فی « رض ».
5- فی « رض » : مستنداً.
6- مدارک الاحکام 4 : 460 ، 461.

القصر (1).

وأنت خبیر بمنافاة هذا لما استجوده من کلام جدّی قدس سره ولو حملنا قول جدّی قدس سره علی الخروج لمحلّ الترخّص قبل الصلاة یصیر وجهاً ثالثاً لا تعرّض فیه لکلامه ، والإطلاق فی مثله من شیخنا قدس سره وجدّی قدس سره غیر لائق ، ولا وجدت علیه موافقاً ، علی أنّ قول شیخنا قدس سره : بعد الصلاة. محلّ بحثٍ أیضاً ؛ لأنّ الخروج إلی محل الترخّص من دون قصد مسافة قبل الصلاة لو أوجب القصر ( لکان لقصد ) (2) المسافة ، والحال أنّه قد یقصد العود إلی محل الإقامة ثم السفر ، والذهاب حکمه غیر الإیاب فی غیر محل الإقامة ( أمّا محل الإقامة ) (3) فیحتاج إلی دلیل ، فإن کان الدلیل تحقّق السفر فإذا خرج حال الإقامة بالأخبار بقی ما عداه إذا خرج عنها أمکن أن یقال : إذا انقطع السفر بنیّة الإقامة یتوقف الحکم بالتقصیر علی الدلیل ، وما دلّ علی الصلاة إنّما هو فیما إذا قصد المسافة لا مجرّد الخروج.

وشیخنا قدس سره لا یقول به أیضاً ، وإن کان فی خبر أبی ولاّد الآتی (4) نوع دلالة علی مجرّد الخروج ، إلاّ أنّ جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد فیما أظن ذکر أنّ أبا ولاّد کان من أهل الکوفة ( فخروجه من المدینة کان بقصد الکوفة ) (5) لا مجرّد الخروج ، کما ستعلمه من الروایة (6) ، وإن کان فی هذا نوع تأمّل ، إلاّ أنّ المقصود من عدم القول به حاصل ، فلیتأمّل هذا فإنه مهمّ ، وقد قدّمنا فی کلام العلاّمة من الإقامة فی الرستاق ما یغنی عن

ص: 142


1- مدارک الاحکام 4 : 460 ، 461.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- فی ص 1164.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- روض الجنان : 394.

الإعادة ، وسیأتی إن شاء الله بقیّة المباحث المتعلّقة بإقامة العشرة فی الباب الآتی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ فی الخبر الدالّ علی إقامة الخمسة لا یخلو من وجه ، وإن بَعُد عن الظاهر.

وما اعترض به علیه شیخنا أیّده الله فی فوائده علی الکتاب : من أنّ استحباب الإتمام لإقامة خمس مطلقاً لا مقتضی له إلاّ بعض القیاسات المردودة ، ووجوب الإتمام بها یعنی الخمسة فیهما یعنی فی مکة والمدینة لا یتوجه ؛ لمخالفة الروایات ، فالذی ینبغی : الحمل علی تأکّد الاستحباب فیهما یعنی مکة والمدینة.

لا یخلو من وجه فی جهة مکة والمدینة ، أمّا القیاسات فلا أعلم وجهها ، علی أنّ فی مکة والمدینة لا مانع من حمل الشیخ ؛ لدلالة الأخبار علی ما یقتضی التخییر جمعاً ، وإن کان فیها من جهة الأسانید کلام ، وکذلک من غیرها أیضاً ، لکن المماشاة مع الشیخ یقتضی أن یکون حمله علی وجوب التمام فی الموضعین حتماً مع إقامة الخمسة متوجّهاً.

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ هذه الروایة یعنی روایة أبی أیوب لا تدلّ صریحاً علی الإتمام بنیّة الخمسة ، بل ولا ظاهراً ؛ إذ من المحتمل عود الإشارة بذلک إلی ما ذکره أوّلاً من إقامة العشرة ، ولو کانت صریحة لوجب حملها علی التقیّة ؛ لأنّ ذلک قول جمع من العامّة.

فمحلّ تأمّل ؛ لأنّ الظاهر من الروایة خلاف ما ذکره من حیث إنّ قول أبی أیوب : یکون أقلّ من خمس ، فقال علیه السلام : « لا » یدل علی أنّ أبا أیوب

توجیه ما دل علی الإتمام فی إقامة الخمسة

ص: 143

فهم عود الإشارة إلی الخمسة ، والإمام علیه السلام أقرّه علی ذلک کما لا یخفی.

ثم ما ذکره من التقیّة هو أعلم به ، فإنّ الذی وقفت علیه من کلام بعضهم أقلّ من خمسة (1) ، هذا.

والمنقول عن ابن الجنید القول بوجوب الإتمام إذا نوی خمسة (2). والعلاّمة فی المنتهی ادّعی الإجماع علی أنّ نیّة إقامة ما دون العشرة لا توجب التمام کما نقل عنه (3). ولا یخفی أنّ خبر أبی أیوب لو صحّ أو عمل بالحسن فالتخییر فی إقامة الخمسة ممکن ، والإجماع من العلاّمة محلّ کلام.

قوله :

باب المسافر یقدم البلد

ویعزم علی المقام عشرة أیّام ثم یبدو له.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبی ولاّد الحنّاط قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی کنت نویت حین دخلت المدینة أن أُقیم بها عشرة أیّام وأُتمّ (4) الصلاة ، ثم بدا لی بعدُ أن [ لا ] (5)أُقیم

المسافر یقدم البلد ویعزم علی المقام عشرة أیّام ثمّ یبدو له

اشارة

ص: 144


1- منهم ابن قدامة فی المغنی 2 : 133 ، والجزیری فی الفقه علی المذاهب الأربعة 1 : 479.
2- حکاه عنه فی المختلف 2 : 536.
3- المنتهی 1 : 396 ، وحکاه عنه فی المدارک 4 : 462.
4- فی الاستبصار 1 : 238 / 851 : فأتم.
5- ما بین المعقوفین أثبتناه من التهذیب 3 : 221 / 553.

بها فما (1) تری لی (2) أُتمّ أم أُقصّر؟ فقال : « إن کنت دخلت المدینة صلّیت بها صلاة فریضة واحدة بتمام فلیس لک أن تقصّر حتی تخرج منها ، وإن (3) کنت حین دخلتها علی نیّتک التمام فلم تصلّ فیها صلاة فریضة واحدة بتمام حتّی بدا لک أن لا تقیم فأنت فی تلک الحال بالخیار إن شئت فانو المقام عشراً وأتمّ وإن لم تنو المقام فقصّر ما بینک وبین شهر ، فإذا مضی لک شهر فأتمّ الصلاة ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أبی جعفر ، عن محمد بن خالد البرقی ، عن حمزة بن عبد الله الجعفری قال : لما أن نفرت من منی نویت المقام بمکة فأتممت الصلاة ، ثم جاءنی خبر من المنزل فلم أجد بدّاً من المصیر إلی المنزل ولم أدر أُتمّ أم (4) أُقصّر ، وأبو الحسن علیه السلام یومئذٍ بمکة ، فأتیته فقصصت علیه القصّة فقال : « ارجع إلی التقصیر ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه إنّما أمره بالرجوع إلی التقصیر لأنّه لم یکن بعد صلّی (5) شیئاً من الصلوات الفرائض ، فلمّا تغیّرت نیّته کان فرضه التقصیر حسب ما فصّله فی الخبر الأول ، ویکون قول السائل : وکنت أتممت. محمولاً علی النوافل دون الفرائض ، لأنّ الذی یراعی فیه أن یکون صلّی صلاة واحدة فریضة علی التمام ، فحینئذٍ یجب علیه التمام بقیّة مقامه علی ما بیّن فی الخبر الأول.

ص: 145


1- فی « رض » زیادة : التی.
2- لیست فی « رض ».
3- فی الاستبصار 1 : 238 / 851 : فإن.
4- فی « رض » : أو.
5- فی الاستبصار 1 : 239 / 852 : صلی بعد.

السند :

فی الأول : لا ارتیاب فیه ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عیسی علی ما تقدّم (1).

والثانی : فیه حمزة بن عبد الله الجعفری وهو غیر مذکور فیما رأیت ، والبرقی تقدّم القول فیه (2).

المتن :

فی الأول : یدل علی أنّ من بدا له عدم الإقامة [ قبل (3) ] الصلاة المذکورة یلزمه التقصیر ما لم ینو مقام عشرة غیر الاولی ، وقد أسلفنا القول فی أنّ مجرّد الخروج إلی غیر المسافة ما حکمه (4) ، وذکرنا ما قاله جدّی قدس سره فی توجیه هذا الخبر ، وقد ذکرته فی حاشیة الروضة (5) ، والحاصل أنه لا یبعد أن یکون قوله : ثم بدا لی. یرید به المسافة ، ولو حمل علی أنّه بدا له الخروج مطلقاً ، فالمنافاة حاصلة لما یستفاد من الأخبار الدالّة علی أنّ نیة إقامة العشرة قاطعة للسفر ، فیحتاج العود إلی التقصیر بمجرّد الخروج إلی الدلیل.

وهذه الروایة لما کانت غیر صریحة بسبب احتمال إرادة الخروج إلی

حمزة بن عبد الله الجعفری غیر مذکور فی الرجال

بیان ما دل علی أنّ من رجع عن نیّة الإقامة قبل أن یصلّی فریضة بتمام یلزمه التقصیر

ص: 146


1- فی ص 66.
2- فی ص 32.
3- فی النسخ : بعد ، والظاهر ما أثبتناه.
4- راجع ص 1160 1162.
5- راجع ص 1160.

الکوفة لأنّ الراوی کوفیٌّ کما قاله قدس سره فی شرح الإرشاد (1) أمکن أن یقال : بعدم الخروج عن ما دلّ علی انقطاع السفر بنیّة إقامة العشرة ، وإن کان ما ذکره قدس سره محلّ تأمّل ؛ لاحتمال قطع النظر عن الکوفة وقصد غیرها ممّا لیس بمسافة.

والذی یظهر لی من کلامه قدس سره وجود الخلاف فی المسألة مع عدم الصلاة ، لأنّه قال : ویحتمل اشتراط المسافة بعد ذلک لإطلاق النص والفتوی بأنّ نیّة الإقامة تقطع السفر فیبطل حکم ما سبق ، کما لو وصل إلی وطنه ، وبما قلناه (2) أفتی الشهید فی البیان (3).

وهذا الکلام کما تری صریح فی تحقق الخلاف ، غیر أنّ ما ذکره من إطلاق النص والفتوی محلّ بحث ؛ لأنّ من النصوص خبر أبی ولاّد ، وإطلاقه ینافی ما ذکره ، والفتوی کذلک.

وبالجملة فالمقام لا یخلو من إشکال ، وما وجدت من تعرّض لتحقیقه من المتأخّرین ، وکلام جدّی قدس سره فیه لا یخلو من اضطراب بالنسبة إلی ما قدّمناه عن قریب (4) وهذا الکلام.

وأمّا ما تضمّنه الخبر من صلاة فریضة واحدة بتمام فالظاهر منه إرادة التمام فیما یقصّر فی السفر ، وقد یدّعی إرادة تمام الفریضة بمعنی الفراغ منها فلا یکفی الدخول فی رکوع الثالثة ، وفیه تأمّل ؛ لأنّ الظاهر من التمام ما قابل القصر ، وقد ذکرت فی حاشیة الفقیه احتمال أن یقال : بأنّ ظاهر الروایة کون صلاة الفریضة بتمام یوجب ما ذکر ، لا نیّة الإقامة والصلاة ،

ص: 147


1- روض الجنان : 394.
2- فی المصدر : اخترناه.
3- روض الجنان : 394 ، وهو فی البیان : 261.
4- راجع ص 1162.

( فلو نوی ) (1) فی الأثناء دخل فی الروایة ، وکذا لو تقدّمت نیّة الإقامة ثم صلّی.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره من أنّ الحکم فی الروایة وقع معلّقاً علی من صلّی فرضاً تماماً بعد نیّة الإقامة (2). محلّ تأمّل علی الإطلاق ، والتسدید بما قلناه.

ویستفاد من الخبر اعتبار صلاة الفریضة ، فلا یکفی النافلة المختصة بالفریضة المقصورة ، کما أنّه یستفاد اعتبار فعل الفریضة ، فلو اتفق عدم فعلها حتی مضی (3) الوقت فلا تأثیر لثبوتها ( فی الذمّة ) (4) وینقل عن العلاّمة فی التذکرة أنّه یبقی علی التمام والحال هذه ؛ لاستقرار الفائت فی الذمّة (5). وفیه ما لا یخفی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة فی جملة من کتبه ألحق الشروع فی الصوم بالصلاة بشرط کون الصوم مشروطاً بالحضور (6). وجدّی قدس سره فی شرح الإرشاد قوّی ذلک ، واحتجّ علیه بوجوه (7) لا یخلو من طول ، واعترض علیه شیخنا قدس سره فی المدارک (8) ، وقد أوضحت الحال فی المقام فی حاشیة الروضة.

والذی لا بدّ من ذکره هنا علی سبیل الإجمال أنّ حاصل استدلال جدّی قدس سره بأنّه لو فرض أنّ هذا الصائم لو سافر بعد الزوال فإمّا أن یجب

هل الشروع فی الصوم ملحق بالصلاة؟

ص: 148


1- بدل ما بین القوسین فی « رض » : فلو صلی ونوی.
2- مدارک الاحکام 4 : 466.
3- فی « رض » : خرج.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » : بالذمة.
5- نقله عنه فی مدارک الاحکام 4 : 464 ، وهو فی التذکرة 4 : 407 ، 408.
6- التذکرة 4 : 410 ، والقواعد 1 : 50 ، والتحریر 1 : 56.
7- روض الجنان : 395.
8- مدارک الاحکام 4 : 465.

علیه الإفطار أو إتمام الصوم ، لا سبیل إلی الأوّل للأخبار الصحیحة (1) الدالة علی المضی فی الصوم الشاملة بإطلاقها أو عمومها لهذا الفرد ، فتعیّن (2) الثانی ، وحینئذٍ فإمّا أن یحکم بانقطاع نیّة الإقامة وهو غیر جائز إجماعاً ، إلاّ ما استثنی من الصوم المنذور فی الجملة ، فثبت الآخر ، وهو عدم انقطاع نیّة الإقامة ( سواء سافر بالفعل أو لم یسافر ، إذ لا مدخل للسفر فی صحة الصوم وتحقّق الإقامة ) (3) فإذا لم یسافر بقی علی التمام.

والاعتراض أوّلاً : بأنّا لا نسلم إتمام الصوم والحال هذه ، وما أشار إلیه من الأخبار غیر صریحة فیه ولا ظاهرة ، إذ المتبادر منها تعلیق الحکم بمن (4) سافر من موضع لزمه فیه الإتمام ، ولیس هذا منه ، فإنّه موضع النزاع.

وثانیاً : علی تقدیر تسلیم وجوب الإتمام لا نسلّم اقتضاء ذلک عدم انقطاع نیّة الإقامة ، واستلزام ذلک وقوع الصوم سفراً لا محذور فیه ؛ لوقوع بعضه فی حال الإقامة ، ولأنّه لا دلیل علی امتناع ذلک.

وما قد یقال : من أنّه یلزم ذلک بعکس نقیض قوله علیه السلام : « إذا قصّرت أفطرت » یجاب عنه بأنّ هذا علی تقدیر تسلیم عمومه یخصّ بالخبر المبحوث عنه الدال علی أنّه مع عدم صلاة الفریضة یرجع إلی التقصیر (5). انتهی.

ص: 149


1- وسائل الشیعة 10 : 185 أبواب من یصح منه الصوم ب 5.
2- فی « رض » : فیتعین.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- فی « د » : لمن.
5- مدارک الاحکام 4 : 465.

وهذا الاعتراض قد وجدته الآن لبعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله (1) وقد کنت ذکرت فی الحاشیة أنّ فی نظری القاصر أبحاثاً فی المقام :

الأوّل : ما ذکره من أنّ الروایات المتضمّنة لوجوب المضیّ غیر صریحة ولا ظاهرة یشکل بأنّه قدس سره ذکر فی کتاب الصوم ما رواه الشیخ فی الصحیح عن محمد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا سافر الرجل فی شهر رمضان إلی أن قال : فإذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر وهو یرید الإقامة فعلیه صوم ذلک الیوم » (2) دلّ الخبر علی أنّ إرادة الإقامة توجب الصوم ، فجواز الإفطار بالرجوع یحتاج إلی دلیل ، ومنطوق قوله علیه السلام : « إذا قصّرت أفطرت » مع ظاهر الخبر الدال علی الصلاة یشکل بأنّ تخصیصه بغیر الصوم لیس بأولی من تخصیص حدیث « إذا قصّرت أفطرت » به کما خصّصوه بمواضع.

واحتمال أنّ یقال : إنّ حدیث ابن مسلم شامل لما قبل الزوال. لا یضرّ بالحال ؛ إذ لا مانع من تخصیصه ، وبقیّة ما قد یتوجّه فی المقام مذکور فی الحاشیة.

الثانی : قوله : لوقوع بعضه فی حال الإقامة ولأنّه ، إلی آخره. یشکل بأنّ الظاهر من قوله : ولأنّه ، المغایرة لما قاله من وقوع البعض فی حال الإقامة ، وکون الوقوع کافیاً فی الصحّة إن أُرید به مجرّد الاحتمال نظراً إلی الاکتفاء به فی المنع فله وجه ، إلاّ أنّه لا یقول به بل یحکم بالإفطار ، ووقوع البعض من الصوم لو أثّر فی الصحة لاحتاج إلی الدلیل ، وقد اعترف بأنّ الأخبار الدالّة علی البقاء فی الصوم لا تتناوله ، ولو نظرنا إلی الأخبار الدالّة

ص: 150


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 413 414.
2- التهذیب 4 : 229 / 672 ، الوسائل 10 : 185 أبواب من یصحّ منه الصوم ب 5 ح 1.

علی البقاء علی الصوم بعد الزوال وأنها متناولة نافی ما نفاه أوّلاً ، والأخبار قد نقلناها مفصّلة وسیأتی إن شاء الله.

الثالث : ما ذکره : من أنّ العموم مخصوص علی تقدیر تسلیم العموم. فیه أوّلاً : أنّه قد صرّح بعمومه فی سفر الصید ردّاً علی الشیخ کما أسلفناه ، وأشرنا إلی أنّ إفادة « إذا » العموم محلّ تأمّلٍ (1) ، وظاهر کلامه هنا التوقف ، فلا یتم الاستدلال هناک. وثانیاً : أن کلاًّ من الروایتین قابل للتخصیص ، والترجیح (2) لا بدّ له من مرجّح ، هذا مجمل ما ذکرته فی الحاشیة.

ثم إنّی لمّا وجدت الآن کلام من أشرنا إلیه رأیته زاد فی الاعتراض فإنّه قال : لو سلّمنا بقاء الحکم السابق ( فی هذا الیوم فی الصوم لدلیل لا یستلزم البقاء ) (3) فی باقی الأزمنة [ فی (4) ] غیره أیضاً ، علی أنّ فرض السفر ثم القیاس علیه [ عدمه (5) ] یعدّ لغواً ؛ إذ یکفی أن یقال : لا شکّ أنّه یجب علیه إتمام الصوم إذا صام صحیحاً مطلقاً ، إلاّ ما استثنی وما نحن فیه لیس منه ؛ للآیة (6) والأخبار (7).

نعم یمکن حینئذٍ أن یقال : إذا وجب الصوم وجب إتمام الصلاة فی هذا الیوم لعکس نقیض ما فی الخبر الصحیح ، فسقط المنع ، وإذا وجب الإتمام فی هذا الیوم وجب فی الثانی ما دام باقیاً ؛ لعدم الواسطة. ویمکن

ص: 151


1- راجع ص 1155.
2- فی « د » : الترجح.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
5- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
6- محمّد ( ص ) : 33.
7- راجع ص 143.

دفعه بمنع کلیّة الأصل ، وسند المنع قصر الصلاة مع وجوب إتمام الصوم لمن خرج بعد الزوال (1). انتهی.

ولقائل أن یوجّه کلام جدّی قدس سره بما قدّمناه من دلالة بعض الأخبار (2).

وما قیل : من أنّ ذکر السفر لغو (3). فیه أنّ فرض السفر محتاج إلیه فی الاستدلال من حیث إنّه إذا لم یصلّ الفرض فهو مسافر ویلزمه حکم السفر من الإفطار ، وحینئذٍ یتوجه المحذور الذی قاله جدّی قدس سره وعکس النقیض فی الخبر لا یدفع ما قاله المعترض ، لجواز تخصیصه بتقدیر العموم.

والعجب أنّه قال فی منع العموم : بأنّ « إذا » مهملة وإن فهم منها العموم عرفاً (4). والحال أنّ الثبوت فی العرف یقتضی أنّها کذلک لغةً ، لأصالة عدم النقل ، کما فی کثیر من مسائل الأُصول ، إلاّ أن یقال : إنّ أهل اللغة صرّحوا بالإهمال. وفیه ما فیه.

وإذا تمهّد هذا فاعلم أنّ الخبر المبحوث عنه فیه دلالة علی عدم تعیّن التمام فی المدینة. وما قد یظن من تناوله لمن صلّی واحدة بالتمام ناسیاً لنیّة الإقامة أو لکونه مسافراً ، أو صلّی تماماً لشرف البقعة ، محلّ تأمّل.

وأمّا الخبر الثانی : فما ذکره الشیخ فی توجیهه لا یخلو من بُعد ، لکن لا بدّ منه. واحتمال أن یراد بقوله : فأتممت الصلاة. أی نویت إقامة توجب الإتمام بعید أیضاً ، کما أنّ احتمال أن یکون الإتمام بمکة لا تنافی

توجیه ما دل علی أنّ من نوی الإقامة بمکّة وأتمّ الصلاة ثم رجع عن نیّته یرجع إلی التقصیر

ص: 152


1- مجمع الفائدة 3 : 414 ، بتفاوت یسیر.
2- راجع ص 1168.
3- کما فی مجمع الفائدة 3 : 414.
4- أی الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 414.

التقصیر لاحتمال کون منزله مسافة من (1) مکة ، بعید أیضاً من حیث إنّ الظاهر من الروایة الرجوع إلی التقصیر فی مکة ، لکن احتمال أن یراد بالرجوع نفس التقصیر بعد الخروج لا بُعد فیه ، وضرورة الجمع لا تأبی هذا. أمّا احتمال کون الإتمام بمکة لا یؤثّر بخلاف غیرها من حیث إنّ مکة یجوز فیها التمام تخییراً. ففیه أنّ المدینة نحوها ، وقد تضمّن خبر أبی ولاّد اتحاد المدینة مع غیرها من البلاد ، واختصاص مکة علی (2) المدینة محلّ تأمّل.

واحتمل شیخنا أیّده الله فی فوائد الکتاب الحمل علی إقامة الخمسة ویکون الإتمام علی وجه الاستحباب ، وهو لا یوجب لزوم الإتمام. ولا یخلو من وجه ، لکن لو قلنا بوجوب الإتمام بإقامة الخمسة لا مانع أیضاً من کون الإتمام لا یوجب عدم القصر بعد الرجوع ؛ لأنّ ما دلّ علی الوجوب (3) وهو خبر أبی ولاّد تضمّن إقامة العشرة ، فلیتأمّل.

قوله :

باب المسافر یدخل علیه الوقت فلا یصلّی حتی یدخل إلی أهله ، والمقیم یدخل علیه الوقت فلا یصلّی حتی یخرج.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن علیّ بن حدید ، والحسین ابن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم

المسافر یدخل علیه الوقت فلا یصلّی حتی یدخل إلی أهله ، والمقیم یدخل علیه الوقت فلا یصلّی حتی یخرج

معلّی بن محمد ضعیف

ص: 153


1- فی « رض » : عن.
2- فی « فض » و « د » : عن.
3- فی « فض » و « د » : الرجوع.

قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل یدخل من سفره وقد دخل وقت الصلاة وهو فی الطریق؟ قال (1) : « یصلّی رکعتین ، وإن خرج إلی سفره وقد دخل وقت الصلاة فلیصلّ أربعاً ».

محمد بن یعقوب ، عن معلّی بن محمد ، عن الحسن بن علی الوشاء قال : سمعت الرضا علیه السلام یقول : « إذا زالت الشمس وأنت فی المصر وأنت ترید السفر فأتمّ ، فإذا خرجت بعد الزوال فقصّر العصر ».

أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن داود بن فرقد ، عن بشیر النبّال قال : خرجت مع أبی عبد الله علیه السلام حتی أتینا (2) الشجرة فقال لی أبو عبد الله علیه السلام : « یا نبّال » قلت : لبیک ، قال : « إنّه لم یجب علی أحد من أهل هذا العسکر أن یصلّی أربعاً غیری وغیرک ، إنّه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج ».

السند :

فی الأول : فیه محمد بن قولویه وقد قدّمنا القول فیه (3) ، وعلیّ بن حدید لا یضرّ بالحال کما هو واضح ، وأبو جعفر أحمد بن محمد ابن عیسی کما أسلفناه (4).

والثانی : فیه معلّی بن محمد وهو ضعیف ، ولا یخفی أنّ محمد بن یعقوب إنّما یروی عنه بواسطة الحسین بن محمد الأشعری ، لکن الشیخ ترک الواسطة إمّا للعلم بها ، وإمّا للغفلة عن عادة الکلینی من البناء علی

ص: 154


1- فی الاستبصار 1 : 239 / 853 : فقال.
2- فی الاستبصار 1 : 240 / 855 ، زیادة : مسجد.
3- فی ص 81.
4- فی ص 68 26.

الاسناد السابق ، فإنّه کثیراً ما یفعل هذا فی الکافی اعتماداً علی السند السابق ، بل قد یترک أکثر من واسطة (1).

والوالد قدس سره جزم بأنّ الشیخ لم یتنبّه لهذا. وأظنّه بعیداً ، بل الظاهر أنّ الترک للمعلومیّة. وأمّا الوشّاء فقد کرّرنا القول فیه (2).

وأمّا الثالث : ففیه ابن فضّال وبشیر النبّال ، أمّا الأوّل : فاحتمال کونه الحسن له قرب ، واحتمال غیره من وُلد فضّال فی حیّز الإمکان ، والحسن قد قدّمنا القول فیه (3) ، أمّا غیره ففیهم من لیس بموثّق مع کونه فطحیّاً. وأما الثانی : فهو مذکور مهملاً فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (4).

المتن :

فی الأول : وإن کان ظاهره فعل الصلاة فی الحضر اثنتین إذا شرع فی السفر (5) وقد دخل الوقت ، و (6) فعلها أربعاً فی السفر إذا خرج بعد دخول الوقت فی الحضر ، لکن بعد وجود المعارض یمکن الحمل علی فعل الأربع والإثنتین قبل الخروج وقبل الدخول ، وإن کان بعیداً عن الظاهر ، مع الاحتمال الذی یأتی من التخییر ، وربما یؤیّد ما قلناه الثانی ، فإن قوله علیه السلام : « وأنت ترید السفر فأتم » یدل علی أنّ التمام قبل الخروج وإن احتمل التمام بعد الخروج کما ظنّه الشیخ.

وأمّا الثالث : ففیه ظهور أنّ الاعتبار فی حال الخروج بوقت

بحث حول ابن فضّال

بشیر النبّال مهمل

ص: 155


1- التهذیب 3 : 224 / 562.
2- راجع ص 111.
3- راجع ص 380 ، 1153.
4- رجال الطوسی : 156 / 17.
5- کذا فی النسخ ، والظاهر ان المراد القدوم من السفر.
6- فی النسخ زیادة : علی ، حذفناها لاستقامة العبارة.

الوجوب ، لکن مع وجود المعارض وصلاحیّته للاعتماد یمکن توجیهه بالتخییر ، وإن کان لفظ الوجوب علی الإطلاق یأباه ، إلاّ أنّ المعارض یقتضی العدول عن ظاهره.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن إسماعیل بن جابر قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : یدخل (1) وقت الصلاة وأنا فی السفر فلا أُصلّی حتی أدخل أهلی؟ فقال : « صلّ وأتمّ الصلاة » قلت : فدخل علیّ وقت الصلاة وأنا فی أهلی أُرید السفر فلا أُصلّی حتی أخرج؟ فقال : « فصلّ وقصّر فإن لم تفعل فقد خالفت رسول الله صلی الله علیه و آله ».

فلا ینافی ما قدّمناه من الأخبار ، لأنّ الوجه فی الجمع بینهما أنّ من دخل من سفره وکان الوقت باقیاً بمقدار ما یتمّ صلاته کان علیه التمام ، وإن خاف الفوت کان علیه التقصیر ، وکذلک من خرج إلی السفر وخاف الوقت أن ینقضی قَصَّرَ وإن کان علیه الوقت تَمَّمَ ، والذی یدل علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا الحسن علیه السلام یقول فی الرجل یقدم من سفره فی وقت الصلاة ، فقال : « إن کان لا یخاف فوت الوقت فلیتمم (2) ، وإن کان یخاف خروج الوقت فلیقصّر ».

توجیه ما دل علی أنّ الاعتبار فی القصر والإتمام بوقت الوجوب لا وقت الأداء

ص: 156


1- فی الاستبصار 1 : 240 / 856 زیادة : علیّ.
2- فی الاستبصار 1 : 240 / 857 ، فلیتم.

عنه ، عن محمد بن الحسین ، ( عن الحکم بن مسکین ) (1) عن رجل ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی الرجل یقدم من سفره فی وقت الصلاة ، فقال : « إن کان لا یخاف خروج الوقت فلیتمّ (2) ، وإن کان یخاف خروج الوقت فلیقصّر ».

ویحتمل أن یکون الإتمام توجه (3) إلی من دخل علیه الوقت وهو مسافر فدخل أهله ، علی وجه الاستحباب ، دون الفرض والإیجاب. یدل علی ذلک :

ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عبد الحمید ، عن سیف بن عمیرة ، عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إذا کان (4) فی سفر فدخل وقت الصلاة قبل أن یدخل أهله ، فسار حتی یدخل أهله ، فإن شاء قصّر وإن شاء أتمّ وإن أتمَّ أحبّ إلیّ ».

السند :

فی الأول : فیه إسماعیل بن جابر وهو الجعفی ، وقد قدّمنا أنّ فیه کلاماً (5).

والثانی : لیس فیه إلاّ إسحاق بن عمّار ، وهو موثّق بسببه عند المتأخّرین ، وقد أسلفنا القول فیه من حیث إنّ النجاشی لم یذکر القدح فیه

إشارة إلی حال إسماعیل بن جابر الجعفی

إشارة إلی حال إسحاق بن عمار

ص: 157


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی « د » : فلیتمم.
3- فی « فض » و « رض » : یتوجه.
4- فی الاستبصار 1 : 241 / 859 زیادة : الرجل.
5- راجع ص 701.

من جهة المذهب (1).

والثالث : فیه الحکم بن مسکین وهو مجهول الحال ، لکنه مذکور فی الرجال (2) ، وفیه أیضاً الإرسال.

والرابع : فیه محمد بن عبد الحمید ، وقد قدّمنا ما قاله جدّی قدس سره فیه من احتمال التوثیق لأبیه من عبارة النجاشی (3) ، وکذلک بقیة الرجال قد مضی القول فیها.

المتن :

فی الأول : محتمل لأنّ یکون قوله علیه السلام : « فإن لم تفعل فقد خالفت » إلی آخره. عائداً إلی الصورة الثانیة ، أو إلی الصورتین ، ومع الاحتمال لا یتمّ ما قیل : من أنّ الروایة مشتملة علی التأکید فیقدّم علی غیرها مطلقاً مع التعارض (4). علی أنّا قدّمنا احتمالاً فی الأخبار السابقة ربما یضعف معه عن المعارضة. لا ما قاله شیخنا قدس سره من أنّ روایة ابن مسلم غیر صریحة ، وإن (5) کانت صریحة لأمکن الجمع بینها وبین الروایات بالتخییر بین القصر والتمام (6) (7). لأنّ الحمل لا یتوقف علی الصراحة بل الظهور کاف.

والحمل علی التخییر مع التأکید فی روایة إسماعیل إذا عاد إلی الأخیر

الحکم بن مسکین مجهول الحال

إشارة إلی حال محمد بن عبد الحمید

بیان ما دل علی أنّ الاعتبار بوقت الأداء وما دل علی التخییر بین القصر والإتمام

ص: 158


1- راجع ص 146.
2- ذکره النجاشی فی رجاله : 136 / 350 ، والشیخ فی رجاله : 185 / 342 ، وفی الفهرست : 62 / 237 بعنوان : الحکم الأعمی.
3- راجع ص 151.
4- کما فی مجمع الفائدة 3 : 437.
5- فی « رض » : ولو.
6- فی « رض » : والإتمام.
7- مدارک الأحکام 4 : 478.

مشکل إلاّ بتقدیر إرادة عدم الفعل علی وجه التعیین ، ولو عاد إلی الصورتین کذلک ، وفی المعتبر أنّ روایة إسماعیل بن جابر أشهر فی العمل (1).

أمّا حمل الشیخ فله وجه لو دلّ علیه دلیل ، وما ذکره من الروایتین خاصّ بمن یقدم من سفره.

اللهم إلاّ أن یقال : إنّ الجمع بین الأخبار بما ذکره للتعارض ، وإن لم یوجد ما یدل علیه من کل وجه ، والروایتان مؤیّدتان ( للجمع.

وفیه ) (2) أنّ الجمع لا ینحصر فیما ذکر ، بل التخییر ممکن کما ذکره الشیخ ، وإن کان کلامه یقتضی الانحصار (3) فیمن قدم من السفر.

والتعبیر بالاستحباب دون الفرض والإیجاب یرید به کون التمام أحد الفردین الواجبین ، وإنّما کان مستحباً لکونه أکمل الفردین ، والمقرّر فی کلام بعض الأصحاب أنّ الوجوب التخییری لا ینافی الاستحباب العینی (4).

ولشیخنا قدس سره إشکال فی مثل هذا المستحب من حیث إنّ الواجب لا یجوز ترکه إلاّ إلی بدل ، بخلاف المستحب فإنّه یجوز ترکه مطلقاً ، والحال أنّ هذا المستحب لا یجوز ترکه إلاّ إلی بدل ، فلا یکون المستحب المقرّر فی الأُصول.

وقد ذکرت الجواب عنه فی محل آخر ، والحاصل أنّ المستحب هو الفرد الکامل ، وهو لا بدل له ، إنّما البدل لأصل الواجب ، وحینئذ یتم الاستحباب الأُصولی.

وإذا عرفت هذا فلنعد إلی مقصود الشیخ فنقول : إنّ کلامه ظاهر فی

ص: 159


1- المعتبر 2 : 480.
2- بدل ما بین القوسین فی « د » : بالجمع فیه.
3- فی « رض » : الاختصاص.
4- کالمحقق فی المعتبر 2 : 480 و 673.

أنّ التخییر لیس فی الفردین ، فحینئذ لو سافر بعد دخول الوقت لا یکون الإتمام أفضل ، لکن هو مخیّر بینهما علی حدٍّ سواء لم یظهر من کلامه ذلک ، إلاّ أنّ الجمع بین الأخبار بالتخییر مطلقاً محتمل ، وقد یستفاد من خبر إسماعیل علی تقدیر عود التأکید إلیهما أو إلی الأخیر استحباب اختیار القصر ، أمّا استفادة استحباب التمام فی القدوم منها فموقوف علی الجزم بعود التأکید إلیهما.

وظاهر الشیخ کما تری استفادة الاستحباب من روایة إسماعیل ، وکأنّه لیس من حیث التأکید ، بل من حیث إنّ فعل الأربع لا یساوی فعل الثنتین (1) ، إذ ( خیر الأعمال أحمزها ) (2) ، وغیر خفی أنّ هذا یستلزم استحباب الأربع بعد الخروج ، إلاّ أن یقال : إنّ ظاهر التأکید یعارضه. أما استدلال الشیخ بالروایة الأخیرة علی الاستحباب فلا یخلو من تأمّل لولا ما قلناه.

وفی فوائد شیخنا قدس سره علی الکتاب هذه الروایة یعنی روایة إسماعیل ابن جابر صحیحة واضحة الدلالة علی أنّ الاعتبار فی التقصیر والإتمام بحال الأداء ، فیتعیّن العمل بها ، [ ویؤیّدها (3) ] عموم ما دلّ علی أنّ فرض المقیم الإتمام والمسافر القصر (4). وفی فوائد شیخنا - أیّده الله - : وأیضاً فی الصحیح عن عیص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یدخل علیه وقت الصلاة فی السفر ثم یدخل بیته قبل أن یصلّیها (5)؟ قال

ص: 160


1- فی « رض » : الاثنین.
2- مأخوذ من حدیث نبوی معروف رواه ابن عباس عن رسول الله صلی الله علیه و آله راجع النهایة لابن الأثیر 1 : 440 ( حمز ).
3- فی النسخ : ویؤید بها ، والظاهر ما أثبتناه.
4- الوسائل 8 : 498 أبواب صلاة المسافر ب 15.
5- فی « رض » : یصلی.

« یصلّیها أربعاً » (1) وأیضاً فی الصحیح عن العلاء مثله (2).

وفی فوائده أیضاً علی روایتی إسحاق والحَکَم ما هذه صورته : یحتمل أن یکون المراد فی هاتین الروایتین أنّ الذی دخل علیه وقت الصلاة وهو یرید القدوم من سفره إن کان لا یخاف فوت الوقت بترکها حتی یصلّی فی البیت تماماً صلّی تماماً ، وإن کان یخاف الفوت یصلّی رکعتین قبل أن یدخل. انتهی.

ولا یخفی علیک الحال ، وفی المسألة أقوال للأصحاب ذکرناها فی غیر هذا الموضع.

قوله :

باب من تمم فی السفر.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن صفوان بن یحیی ، عن عیص بن القاسم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل صلّی وهو مسافر فأتمّ الصلاة ، قال : « إن کان فی وقت فلیُعِد ، وإن کان الوقت قد مضی فلا ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن علی ابن النعمان ، عن سوید القَلاّء ، عن أبی أیوب ، عن ابی بصیر قال : سألته عن الرجل ینسی فیصلّی فی السفر أربع رکعات؟ قال : « إن ذکر فی ذلک الیوم فلیُعِد ، وإن لم یذکر حتی یمضی ذلک الیوم فلا إعادة

من تمّم فی السفر

اشارة

ص: 161


1- التهذیب 3 : 162 / 352 ، الوسائل 8 : 513 أبواب صلاة المسافر ب 21 ح 4.
2- التهذیب 3 : 164 / 354 ، الوسائل 8 : 514 أبواب صلاة المسافر ب 21 ح 8.

علیه ».

فما یتضمّن (1) هذا الخبر من الأمر بالإعادة بعد انقضاء الوقت فی ذلک الیوم محمول علی ضرب من الاستحباب ، وما تضمّن الخبر الأوّل من القضاء ما دام فی (2) الوقت علی الفرض والإیجاب ، ولا تنافی بینهما علی حال.

السند :

فی الأول : لیس فیه ارتیاب بعد ما قدّمناه فی محمد بن قولویه (3).

والثانی : فیه أبو بصیر ، أمّا سوید القلاّء فالنجاشی قال : إنّه ثقة ذکر ذلک أبو العباس فی الرجال (4). وقد قدّمنا أنّ جدّی قدس سره توقف فی ثبوت التوثیق فی مثل هذا ؛ لأنّ أبا العباس محتمل لابن نوح وابن عقدة ، والثانی حاله معلوم ، وکان شیخنا أیّده الله یقول : إن الظاهر أنّه ابن نوح لأنّه شیخ النجاشی ، وابن عقدة بینه وبین النجاشی وسائط. وما قاله غیر بعید ، غیر أنّ فی ابن نوح کلاماً کما (5) یعلم من الرجال (6) وإن کان الحق أنّه لا یضرّ بالحال ، وما قدّمناه مفصّلاً فی المقام فی أول الکتاب لا ینبغی الغفلة عنه.

المتن :

لا تخفی دلالته فی الأول علی الإعادة فی الوقت دون خارجه ، لکنه

بحث حول سوید القلاّء

ص: 162


1- فی الاستبصار 1 : 241 / 861 : تضمن.
2- لیست فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 241 / 861.
3- راجع ج 1 : 115.
4- رجال النجاشی : 191 / 510.
5- لیست فی « رض ».
6- راجع الفهرست : 37 / 107 ، ورجال ابن داود : 40 / 101 ، ومنهج المقال : 47.

مطلق یتناول الجاهل والناسی.

والثانی : علی تقدیر العمل به لا مانع من أن یخص بالناسی ، ویبقی الأول فیما عداه ، کما هو شأن المطلق والمقیّد فی الجملة ، لکن ینافی هذا روایة محمد بن مسلم الصحیحة الدالة علی أنّ من لم تقرأ علیه آیة التقصیر ولم تفسَّر له لا یعید إذا أتمّ فی السفر (1) ، إلاّ أن یقال : إنّ ذلک فی الجاهل بأصل التقصیر ، والخبر (2) یحمل علی الجاهل بالحکم وهو البطلان. وفیه تأمّل یظهر مما قدّمناه فی الخبر.

ویمکن أن یقال : إنّ الثانی تضمّن الیوم ، ولو حمل علی بیاض النهار دلّ علی ما أفاده الأول ؛ لأنّ صلاة السفر أربعاً إنّما هی فی الظهرین ، فإن (3) ذکر فی الیوم أعاد ، وإن مضی الوقت فلا إعادة ، ولو حمل علی ما یعمّ اللیل توجّهت المعارضة فی الجملة. وما عساه یقال : من أنّ الإجمال فی الیوم بتقدیر البیاض واقع. فجوابه غیر خفی.

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ الحمل علی بیاض النهار یقتضی الإخلال بذکر العشاء (4). ففیه أنّه یمکن استفادة حکمها من الروایة ، لدلالتها علی بقاء (5) الوقت وعدمه.

وینبغی أن یعلم أنّه وقع فی کلام بعض الأصحاب أنّ من أتمّ عامداً

حکم من أتمّ فی موضع القصر نسیاناً أو جهلاً

ص: 163


1- الفقیه 1 : 278 / 1266 ، التهذیب 3 : 226 / 571 ، الوسائل 8 : 506 أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 4.
2- فی « رض » : وهذا الخبر.
3- فی « رض » : فإذا.
4- مدارک الاحکام 4 : 475.
5- لیست فی « رض ».

عالماً أعاد ، وإن کان جاهلاً بالتقصیر فلا إعادة علیه وإن کان الوقت باقیاً ، واستدل علی الجاهل بالخبر المتقدّم عن زرارة ومحمد بن مسلم الذی أشرنا إلیه عن قریب وتقدّم مفصّلاً ، ومضمونه : أنّ من صلّی أربعاً فی السفر إن کان قرئت علیه آیة (1) التقصیر وفسّرت له فصلّی أربعاً أعاد ، وإن لم یکن قرئت علیه ولم یعلمها فلا إعادة علیه (2).

ولا یخفی أنّ دلالتها علی الجاهل بالتقصیر من حیث قوله : « إن لم یکن قرئت علیه ولم یعلمها » والظاهر من هذا جاهل أصل وجوب التقصیر ، أمّا العالم به والجاهل کون الفعل الواقع علی غیر القصر باطلاً إمّا أن یکون داخلاً فی العالم أو هو (3) قسم آخر ، وغیر بعید أن یستفاد من قوله : « إن کان قرئت علیه آیة التقصیر وفسّرت له » فإنّ التفسیر یتناول البطلان مع فعل التمام.

اللهمّ إلاّ أن یقال : إنّ المتبادر من التفسیر هو کون الصلاة مقصورة علی سبیل الوجوب ، وعلی هذا فالجاهل ( بالبطلان داخل فی العالم ، ولو فرض خروجه أمکن أن یقال : إنّ روایة العیص بن القاسم تدل علی إعادة هذا الجاهل ) (4) إذ تخصیصها بخبر محمد بن مسلم وزرارة لا بدّ منه ، فلم یبق إلاّ هذا الجاهل والناسی ، لکن الناسی یمکن أن یستدل لإعادته بما رواه الشیخ فی التهذیب عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الله الحلبی قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : صلّیت الظهر أربع

ص: 164


1- فی « رض » : ای.
2- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 429 ، والخبر قد تقدّم ذکره فی ص 1178.
3- لیست فی « رض ».
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

رکعات وأنا فی سفر؟ قال : « أعِد » (1).

ووجه الدلالة أنّ مثل الحلبی لا یتصور فی حقّه العمد والجهل ، فیتعیّن النسیان ، إلاّ أن یقال : إنّ فعله کان فی حال الجهل ، والسؤال متأخّر ، وفیه بُعد من حیث عدم ذکر ذلک فی السؤال.

ومن هنا یعلم أنّ قول شیخنا قدس سره بعد النقل عن أبی الصلاح أنّه قال بإعادة الجاهل فی الوقت : وربما کان مستنده صحیحة العیص ، وذکر الروایة ، ثم قال : وهی غیر صریحة فی الجاهل ، فیمکن حملها علی الناسی (2). محلّ تأمّل :

أمّا أولاً : فلأنّ خبر محمد بن مسلم وزرارة قد تضمّن عدم إعادة الجاهل ( وذکره قدس سره دلیلاً علی ذلک (3) ، وحینئذ لا بدّ من حمل صحیحة العیص علی غیر الجاهل بل إمّا علی الناسی کما قاله ، أو علی الجاهل ) (4) الخاص الذی احتملناه ، وإن کان کلام أبی الصلاح فی مطلق الجاهل.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الناسی قد علمت دلالة صحیح الحلبی علی إعادته ، ویمکن أن تحمل الإعادة فی صحیح الحلبی علی الاستحباب فی الناسی والجاهل بتقدیره لمعارضة ، مضافاً إلی تضمّنها الإعادة مطلقاً وهو قرینة الاستحباب ، إلاّ أن یقال : بانصراف الإعادة إلی الوقت ، وفیه ما فیه.

والعجب من شیخنا قدس سره إذ ذکر فی الناسی أنّهم استدلوا بصحیحة العیص علی حکمه ، وأورد علی ذلک أنّها غیر صریحة فی الناسی (5). وقد

ص: 165


1- التهذیب 2 : 14 / 33 ، الوسائل 8 : 507 أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 6.
2- مدارک الاحکام 4 : 472 ، بتفاوت یسیر.
3- مدارک الاحکام 4 : 472.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- مدارک الاحکام 4 : 472.

ذکرت جمیع هذا فی حاشیة التهذیب.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ینقل عن بعض أنّه قال : یعلم من صحیحة محمد بن مسلم الدالة علی أنّ من صلّی فی السفر أربعاً إن کان قرئت علیه آیة التقصیر ، إلی آخره. أنّ مجرّد الفراغ من التشهّد لا یکفی للخروج من الصلاة عند من یقول باستحباب التسلیم ، بل لا بد معه من نیّة الخروج أو فعل ما به یحصل الخروج (1).

ویمکن الجواب بأنّ الروایة تدلّ علی أنّ قصد عدم الخروج هو المبطل ، ولئن نوزع فی ذلک فلا أقلّ من الاحتمال.

فإن قلت : مقتضی الروایة العلم ، ومعه کیف یتصور قصد عدم الخروج؟

قلت : تصوّره لا مانع منه ، بل هو فی حیّز الإمکان ، غایة الأمر أنّ الظاهر البطلان من أول الأمر لا من الزیادة بعد التسلیم ، فالقول بأنّ فی الروایة ما یدلّ علی ما ذکر لا وجه له ، فأظنّ أنّ جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد ذکر هذا (2) ، وهو غریب.

قوله :

باب من یقدم من السفر إلی متی یجوز له التقصیر؟

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن عبد الله بن عامر ، عن عبد الرحمن بن أبی نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن التقصیر

من یقدم من السفر إلی متی یجوز له التقصیر؟

اشارة

ص: 166


1- روض الجنان : 397 ، ونقله عنه فی مجمع الفائدة 3 : 431.
2- روض الجنان : 280 و 397.

قال : « إذا کنت فی الموضع الذی لا تسمع فیه الأذان فقصّر ، وإذا قدمت من سفرک فمثل ذلک ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبی إبراهیم علیه السلام قال : سألته عن الرجل یکون مسافراً ثم یقدم فیدخل بیوت مکّة أیتمّ الصلاة أم یکون مقصّراً حتی یدخل أهله؟ قال : « بل یکون مقصّراً حتی یدخل أهله ».

عنه ، عن صفوان بن یحیی ، عن عیص بن القاسم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یزال (1) المسافر مقصّراً (2) حتی یدخل بیته ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والخبر الأوّل ؛ لأنّ قوله : لا یزال المسافر مقصّراً حتی یدخل أهله أو بیته. یکون مطابقاً لما ذکرناه (3) فی الخبر الأول من أنّه إذا خفی علیه الأذان قصّر ، بأن یکون حدّ دخوله إلی أهله غیبوبة الأذان عنه ، ویکون قوله : فیدخل بیوت مکة. یجوز أن یکون المراد به ما قرب من مکّة وإن کان بحیث لا یسمع من یحصل فیها الأذان ؛ لأنّه لیس من شرائط (4) الأذان الإجهار الشدید (5) الذی یسمع من کان خارج البلد علی بُعد ، وعلی هذا الوجه لا تنافی بین الأخبار.

ص: 167


1- فی « رض » : لا زال.
2- فی « رض » : یقصّر.
3- فی الاستبصار 1 : 242 / 864 : ذکره.
4- فی الاستبصار 1 : 242 / 864 : شروط.
5- لیست فی « رض ».

السند

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب بعد ما قدّمناه ، وعبد الله بن عامر ثقة ، وما فی رجال الشیخ من أصحاب الصادق علیه السلام لیس فی هذه المرتبة ، فلا یضرّ بالحال إهماله (1) ، کما أنّ کون الراوی عن عبد الله بن عامر الثقة الحسین بن محمد لا یفید الانحصار مع الاتحاد فی مرتبة الصفار.

والثانی : فیه إسحاق بن عمّار وقد کرّرنا ذکره (2).

والثالث : واضح.

المتن :

فی الأول : ظاهر الدلالة علی اعتبار سماع الأذان فی التقصیر والإتمام ، ودلالته بالإطلاق علی التقصیر والإتمام لمن دخل قبل الوقت وبعده ، وکذلک من خرج ، إلاّ أنّ تقییده بالأخبار السابقة ممکن ، فالاستدلال به فیما تقدم لا یخفی ما فیه ، لکنه مؤیّد.

وأمّا الخبران الآخران فتأویل الشیخ لهما بعید عن الظاهر جدّاً ، وعبارته أیضاً لا تخلو من تشویش ، والأظهر أن یقول : مطابقاً لما ذکر فی الخبر الأول من قوله : « وإذا قدمت من سفرک مثل ذلک » إذ المفهوم منه أنّک إذا بلغت موضعاً تسمع فیه الأذان ، کما ذکره شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب.

وفی فوائد شیخنا أیّده الله أیضاً ما هذه صورته : فی روایات متعدّدة أنّ أهل مکة إذا رجعوا إلی مکة للطواف والسعی إن دخلوا بیوتهم تمّموا وإلاّ قصّروا. وربما استفید من ذلک أنّه مع قصد الرجوع یعتبر دخول

بحث حول عبد الله بن عامر

بیان ما دل علی أنّ حد التقصیر والإتمام سماع الأذان وما دل علی أنّه دخول المنزل والجمع بینهما

ص: 168


1- رجال الطوسی : 227 / 80.
2- راجع ج 1 : 255.

بیته ، ومع انتهاء السفر وعدم بقاء تعلق وإرادة رجوع (1) یکفی الحصول فیما بعد محلّ الترخّص ، وفی الموثّق عن ابن بکیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یکون بالبصرة وهو من أهل الکوفة له بها دار ومنزل فیمرّ بالکوفة وإنّما هو مجتاز لا یرید المقام إلاّ بقدر ما یتجهّز یوماً أو یومین؟ قال : « یتمّ فی جانب المصر ویقصّر » قلت : فإن دخل أهله؟ قال : « علیه التمام » (2) فلیتأمّل. انتهی کلامه أیّده الله.

وینقل عن المرتضی رضی الله عنه والشیخ علی بن بابویه ، وابن الجنید القول بأنّ المسافر یجب علیه التقصیر فی العود حتی یدخل بیته (3). ولا یخفی صراحة روایة العیص فیه ، وأمّا روایة إسحاق فلها ظهور.

وجواب العلاّمة فی المختلف : بأنّ المراد بها الوصول إلی سماع الأذان ورؤیة الجدران ؛ لأنّ من وصل إلی هذا الموضع یخرج عن حکم المسافر فیکون بمنزلة من دخل بیته (4). غریب ؛ فإنّ اعتبار الجدران غیر مدلول علیه فی الخبرین ، إلاّ أن یحمل قوله : یدخل أهله ویدخل بیته. فی الروایتین علی ذلک ، ولا وجه له.

وما استدل به علی اعتبار أحدهما : من أنّ حدّ ابتداء السفر أحدهما فیکون هو (5) نهایته ؛ إذ الأقرب لا یعدّ قاصده مسافراً کما فی الابتداء ،

ص: 169


1- فی « رض » : الرجوع.
2- الکافی 3 : 435 / 2 ، التهذیب 3 : 220 / 550 ، الوسائل 8 : 474 أبواب صلاة المسافر ب 7 ح 2.
3- حکاه عن المرتضی فی المعتبر 2 : 474 ، وعن علی بن بابویه وابن الجنید فی المختلف 2 : 535.
4- المختلف 2 : 535.
5- لیست فی « رض ».

وبحدیث عبد الله بن سنان ، وأشار به إلی الخبر الأول (1).

یمکن أن یقال علیه : إنّ خبر ابن سنان إنّما تضمن الأذان وعدم صدق السفر ، وهو (2) معارض بالخبر الصحیح الدال علی دخول المنزل ، وما دلّ علی سماع الأذان یمکن حمله علی ما یوافق خبر العیص إمّا بالتخییر أو الاستحباب.

ولو اعترض بعدم القائل بهذین الوجهین. أمکن دفعه بعدم معلومیّة الإجماع علی نفیهما ، وذلک کاف.

نعم ما عساه یقال : إنّ تأویل خبر العیص بإرادة سماع الأذان ، والتعبیر عن هذا بدخول البیت لا بُعد فیه. یمکن دفعه بأنّه إنّما یتمّ لو انحصر الوجه فیه ، علی أنّا لو تنزّلنا إلی إمکان التأویل فالقول برؤیة الجدران لا وجه له ، واعتباره فی الخروج للدلیل لا یقتضی أنّ العلّة عدم صدق السفر بدونه.

وقد نقل عن علی بن بابویه أنّه قال : إذا خرجت من منزلک فقصّر إلی أن تعود إلیه (3). وقد رواه ابنه مرسلاً عن الصادق علیه السلام (4) ، وأجاب عنه العلاّمة بأنّه مرسل لا حجّة فیه (5).

ولا یخفی علیک الحال من جهة الإرسال بعد ما قدّمناه ، والمقصود هنا بیان أنّ العلّة غیر مسلّمة أعنی عدم تحقق السفر مع رؤیة الجدران عند الجمیع.

ص: 170


1- المختلف 2 : 535.
2- لیست فی « رض ».
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 534 بتفاوت یسیر.
4- الفقیه 1 : 279 / 1268.
5- المختلف 2 : 534.

ومن ثمّ ذهب المحقّق فی الشرائع إلی الاکتفاء فی العود بسماع الأذان (1) ، ولو کان خفاء الجدران المذکورة فی الذهاب شرطاً فی تحقق السفر لکان معتبراً فی الإیاب ، وما قیل من التلازم بینهما (2) محلّ کلام.

والخبران المعتبران الدالّ أحدهما علی التواری من البیوت فی الذهاب والآخر علی عدم سماع الأذان ، وإن اختلف الأصحاب فی الحکم بهما ، فقیل باعتبار الجمع بینهما فیشترط الخفاء وعدم السماع (3) ، وقیل بالتخییر (4) ، إلاّ أنّ الأوّل لا یخلو من إشکال ، لا من حیث إنّ الشرطین لو کانا معتبرین معاً لزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة کما ذکره بعض محقّقی المتأخّرین (5) رحمه الله لأنّ تأخیر البیان عن السائلین غیر معلوم ، ولو کان کذلک لما أمکن حمل مطلق علی مقیّد ، وعامّ علی خاصّ ، ومجمل علی مبیّن ، بل لأنّ الظاهر فی مثل هذا التعبیر الاکتفاء بأحد الأمرین إذ الجمع (6) یقتضی تقدیراً فی کل منهما والأصل عدمه ، وإن أمکن الدخل فی هذا وادّعاء التلازم بین الأمرین والاکتفاء بأحدهما لذلک ، إلاّ أنّ هذا یستلزم القول به فی الإیاب علی تقدیر اعتبار الأذان دون دخول البیت ، ولعلّه أخفّ من تکلّف القول بعدم تحقق السفر بدون ذلک ، وبالجملة فمجال القول واسع ، والملخّص ما ذکرناه.

ص: 171


1- الشرائع 1 : 134.
2- لم نعثر علیه.
3- کما فی التنقیح الرائع 1 : 290.
4- کما فی المدارک 4 : 459.
5- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 398.
6- فی « د » : أن الجمع ، وفی « رض » : أو الجمع.

بقی شی ء وهو أنّ خبر إسحاق ( بن عمار ) (1) محتمل لأنّ یراد بالأهل : المحلّة ، کما ذکره الأصحاب (2) فی البلد المتّسع ، ویحتمل أن یراد بالتقصیر فیه جواز الصلاة قصراً إذا دخل الوقت وهو مسافر ، وکذلک خبر العیص.

ویحتمل خبر إسحاق أن یراد به السؤال عن الداخل لمکة من غیر أهلها هل یلزمه التمام؟ والجواب حینئذ بنفی زوال التقصیر وإن جاز التمام إلی أن یدخل أهله ، إلاّ أنّه لا یخفی أنّ نیّة الإقامة تخرج ، ویمکن تکلّف الدخول.

هذا وللأصحاب فروع فی هذه المسألة ، منها : أنّ المراد بالصوت : المعتدل ، والجدران کذلک.

ومنها : أنّ المعتبر جدران البلد والقریة مع الصغر ، وإلاّ فالمحلّة.

ومنها : أنّ المراد الخفاء الحقیقی بحیث لا یسمع الأذان أصلاً ولا یری صورة (3) الجدران ، لا شبحها.

ومنها : أنّ الاعتبار فی بیوت الأعراب الأذان فقط (4). وللکلام فی المقام مجال.

نعم ینبغی أن یعلم أنّ ما دلّ علی خفاء الجدران فی الخروج یدل علی اعتبار تواری الإنسان من البیوت لا تواری البیوت عنه ، کما أوضحناه فی حاشیة التهذیب.

ص: 172


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- منهم الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 402.
3- لیست فی « رض ».
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 3 : 402 بتفاوت یسیر.

قوله :

باب المریض یصلّی فی محمله إذا کان مسافراً أو علی دابّته.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، ( عن محمد ) (1) بن إسماعیل بن بزیع ، عن ثعلبة بن میمون ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یصلّی علی الدابّة الفریضة إلاّ مریض یستقبل به القبلة وتجزؤه فاتحة الکتاب ویضع وجهه فی الفریضة علی ما أمکنه من شی ء ویومئ فی النافلة إیماءً ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن علی بن أحمد بن أشیم ، عن منصور بن حازم قال : سأل أحمد بن النعمان فقال : أُصلّی فی محملی وأنا مریض؟ قال : فقال : « أمّا النافلة فنعم ، وأمّا الفریضة فلا » وذکر أحمد شدّة وجعه ، فقال : « أنا کنت شدید المرض فکنت آمرهم إذا حضرت الصلاة یقیمونی فأحتمل بفراشی فأُوضع وأُصلّی ثم احتمل بفراشی فأُوضع فی محملی ».

فهذه الروایة محمولة علی ضرب من الاستحباب ، أو حال تمکن (2) فیها من الحطّ إلی الأرض ، وإنّما تجوز الصلاة فی المحمل إذا لم یقدر علی النزول علی حال ، یدل علی ذلک :

المریض یصلّی فی محمله إذا کان مسافراً أو علی دابّته

اشارة

ص: 173


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی « رض » والاستبصار 1 : 243 / 866 : یتمکن.

ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن هلال ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أیصلّی الرجل شیئاً من المفروض راکباً؟ فقال : « لا إلاّ من ضرورة ».

السند :

فی الأول : فیه ثعلبة بن میمون ، والمذکور فیه فی النجاشی : أنّه کان وجهاً فی أصحابنا قارئاً فقیهاً نحویاً لغویّاً راویةً وکان حسن العمل کثیر العبادة والزهد (1). وفی الکشی عن حمدویه ، عن محمد بن عیسی ، أنّه ثقة (2). والرجال الباقون کرّرنا القول فیهم.

والثانی : فیه علی بن أحمد بن أشیم ، وقد ذکر الشیخ فی رجال الرضا علیه السلام أنّه مجهول (3).

والثالث : فیه أحمد بن هلال ، وقد بالغ الشیخ فی تضعیفه فی هذا الکتاب کما قدّمناه عنه (4).

المتن :

فی الأول : واضح الدلالة علی أنّه لا یصلّی علی الدابّة إلاّ مریض ، غایة الأمر أنّ المرض متفاوت.

وقوله علیه السلام : « وتجزؤه فاتحة الکتاب » یدل بالمفهوم الوصفی علی أنّ

بحث حول ثعلبة بن میمون

علی بن أحمد بن أشیم مجهول

أحمد بن هلال ضعیف

بیان ما دل علی جواز الصلاة فی المحمل أو علی الدابّة عند الضرورة وتوجیه ما دل علی عدم الجواز

ص: 174


1- رجال النجاشی : 117 / 302.
2- رجال الکشی 2 : 711 / 776.
3- رجال الطوسی : 382 / 26.
4- فی ص 154.

غیر المریض لا تجزؤه ، إلاّ أنّ فی دلالة مفهوم الوصف علی النفی (1) عمّا عداه تأمّلاً حرّرنا وجهه فی الأُصول وغیرها سیّما فی حاشیة التهذیب ، والحاصل أنّ ما ذکرناه فی هذا الکتاب من دلالة المنافاة بین المطلق والمقید المقتضیة لحملة علیه یؤیّد العمل بمفهوم الوصف ، إن ثبت الاتفاق علی هذه المسألة من جهة المنافاة فی المقیّد ، وأمّا ما ذکره الشیخ هنا من حمل الخبر المعارض علی الاستحباب فممکن (2).

وقوله فی الثانی : فقال : « أنا کنت » الظاهر أنّه الإمام علیه السلام لو صحّ الخبر ، ویحتمل أن یکون من أحمد ، لکنه بعید ، أمّا حمل الشیخ علی الحالة التی لا یقدر علی النزول مستدلاًّ بالخبر الأخیر ، ففیه : أنّ الخبر تضمن الضرورة لا عدم القدرة علی النزول ، وغیر خفیّ أنّ الضرورة أعمّ من الشدیدة وغیرها ، وقد روی الشیخ فی التهذیب عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن ابن أبی عمیر ، عن جمیل بن دراج قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله الفریضة فی المحمل فی یوم وحل ومطر » (3) وربما کان فی هذا الخبر دلالة علی اعتبار حصول المشقّة الشدیدة ، لا التعذّر بالکلّیّة.

وفی صحیحة الحمیری علی ما ذکره شیخنا قدس سره فی المدارک قال : کتبت إلی أبی الحسن علیه السلام : روی جعلنی الله فداک موالیک عن آبائک أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی الفریضة علی الراحلة (4) فی یوم مطر ، ویصیبنا المطر

ص: 175


1- فی « رض » : النهی.
2- فی « رض » : فیمکن.
3- التهذیب 3 : 232 / 602 ، الوسائل 4 : 327 أبواب القبلة ب 14 ح 9.
4- فی « رض » : راحلته.

ونحن فی محاملنا أو علی دوابّنا نصلّی الفریضة (1) إن شاء الله؟ فوقّع (2) : « یجوز ذلک مع الضرورة الشدیدة » (3).

أمّا ما تضمنه الخبر المبحوث عنه من ذکر الفریضة فقد یدّعی شمولها للیومیة وغیرها ، أمّا شمولها لما وجب بالعارض فمحلّ تأمّل ، لأنّ العموم فی مثل هذا إنّما هو من المقام ، والانصراف إلی غیر الیومیة إنّما هو بالتکلّف ، أمّا غیرهما فإنّه فی غایة البُعد ، وفی الذکری صرّح الشهید بالتعمیم للجمیع (4) ، وفی روایة ما یدل علی جواز فعل المنذورة علی الراحلة (5) ، إلاّ أنّ فی سندها کلاماً.

وما تضمنه الخبر الأول من الإیماء فی النوافل ، الظاهر أنّ المراد به للمریض ، وفی المنتهی : یجوز للمریض أن یصلّی بالإیماء النوافل وإن تمکّن من الإتیان بکمال الرکوع والسجود ؛ لأنّ التشدید فیها لیس کالتشدید فی الفرائض (6) (7).

ص: 176


1- فی « رض » : الفرائض.
2- فی « رض » : فرجع.
3- التهذیب 3 : 231 / 600 ، مدارک الاحکام 3 : 140 بتفاوت یسیر ، الوسائل 4 : 326 أبواب القبلة ب 14 ح 5.
4- الذکری : 167.
5- التهذیب 3 : 231 / 596 ، الوسائل 4 : 326 أبواب القبلة ب 14 ح 6.
6- فی « فض » زیادة : وسیأتی إن شاء الله تمام تحقیق القول فی هذه المسألة والله ولی التوفیق.
7- المنتهی 1 : 407.

قوله :

أبواب المواقیت.

باب من صلّی فی غیر الوقت.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمد ابن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن سلمة بن الخطاب ، عن یحیی بن إبراهیم بن أبی البلاد ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « من صلّی فی غیر الوقت فلا صلاة له ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، ( عن أحمد بن محمد ) (1) عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا صلّیت فی السفر شیئاً من الصلاة فی غیر وقتها فلا یضرّ ».

فالوجه فی هذا الخبر أن یکون ذلک إشارة إلی من یصلّی فی غیر وقتها (2) یعنی بعد خروج الوقت فلا یضرّه (3) ، لأنّه یکون قاضیاً ، فأمّا قبل دخول الوقت فلا یجوز مسافراً کان أو حاضراً.

السند :

فی الأول : قد تقدّم من المصنف فی أول الکتاب فی باب وجوب

أبواب المواقیت

من صلّی فی غیر الوقت

اشارة

ص: 177


1- فی الاستبصار 1 : 244 / 869 لا یوجد : عن أحمد بن محمد.
2- فی الاستبصار 1 : 244 / 869 : الوقت.
3- فی « فض » : فلا یضر.

الترتیب فی أعضاء الوضوء ذکر العدّة (1) ، وفیها مَن ( لا ارتیاب ) (2) فیه ، ونبّهنا فیما سبق علی احتمال اطّراد البیان فی کل عدّة فی باب سؤر ما لا یؤکل لحمه (3) ، وما نحن فیه کذلک ، ولا یبعد الظهور وانتفاء احتمال الاختصاص.

وسلمة بن الخطّاب قال النجاشی : إنّه کان ضعیفاً فی الحدیث (4). وفی الفهرست ذکره مهملاً (5). وفی الخلاصة نقل کلام النجاشی ، وحکی عن ابن الغضائری أنّه ضعّفه (6). وفی کتاب ابن طاوس ذکر فی ترجمة المفضّل بن عمر بعد نقل حدیث : أنّ فی الطریق سلمة بن الخطّاب وهو واقفی (7). وأظنّ أنّه وهم ؛ لأنّ فی الرجال سلمة بن حیّان (8) واقفی ، ذکره الشیخ فی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه (9).

وأمّا یحیی بن إبراهیم بن أبی البلاد فقد قال النجاشی : ابن إبراهیم ابن أبی البلاد ، واسم أبی البلاد یحیی ، مولی بنی عبد الله بن عطفان (10) ثقة هو ( وأبوه ) (11) ، أحد القراء (12).

کلمة حول العدّة التی یروی الشیخ عن الحسین بن عبید الله عنهم

بحث حول سلمة بن الخطاب

بحث حول یحیی بن إبراهیم بن أبی البلاد

ص: 178


1- الاستبصار 1 : 73 / 223.
2- فی « رض » و « د » : الارتیاب.
3- راجع ص 143.
4- رجال النجاشی : 187 / 498.
5- الفهرست : 79 / 324.
6- خلاصة العلاّمة : 227 / 4.
7- التحریر الطاووسی : 544.
8- فی « د » و « فض » حنّان.
9- رجال الطوسی : 350 / 1.
10- فی رجال النجاشی : غطفان بالغین المعجمة.
11- فی « رض » : أبوه.
12- رجال النجاشی : 445 / 1205.

وأبو بصیر تکرّر القول فیه (1).

والثانی : فیه محمّد بن عیسی الأشعری ، ومضی فیه القول من أنّه غیر معلوم التوثیق (2). وغیره معلوم کالطریق إلی محمد بن أحمد بن یحیی.

المتن :

فی الأول : ظاهر الدلالة علی أنّ من صلّی فی غیر الوقت لا صلاة له ، ( وفی نظری القاصر أنّه ربما ) (3) یدّعی ظهوره فی وقوع الصلاة جمیعها (4) خارج الوقت ، إلاّ أن یدّعی أنّ الوقت هو المحدود شرعاً ، وغیره یتحقق بالخروج (5) عن جمیع الحدود أو بعضها ، والاحتیاج إلی فتح هذا الباب لأنّ العلاّمة فی المختلف استدل بهذه الروایة علی إعادة الظانّ دخول الوقت إذا صلّی ثم تبیّن دخول الوقت فی الأثناء ، موجِّهاً لذلک بأنّ الروایة لیس فیها تقیید للصلاة بالکاملة ، ومن ابتدأ فی الصلاة فی غیر الوقت یقال : إنّه صلّی فی غیر الوقت ، سواء دخل الوقت وهو مشتغل فیها أو لا ، لأنّه فعل یقع فی زمان ، فیصدق فی کل آن من آنائه أنّه فاعل له (6) (7).

وأنت خبیر بما یتوجّه علی کلامه رحمه الله أمّا علی توجیهنا فقد یندفع المحذور من حیث إنّ غیر الوقت یتحقّق بالإخلال ببعض الحدّ ، وقول

محمد بن عیسی الأشعری غیر معلوم التوثیق

ص: 179


1- راجع ص 51 ، 92.
2- راجع ص 147.
3- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
4- فی « فض » زیادة : فی.
5- فی « رض » : الخروج.
6- فی « د » : به.
7- المختلف 2 : 68 بتفاوت یسیر.

العلاّمة : إنّه لا تقیید فی الروایة بالصلاة الکاملة. عدول عن الظاهر ، علی أنّ الروایة لا وجه للاستدلال بها من العلاّمة مع الطریق المذکور.

ولو رام قائل أن یوجّه البطلان بتقدیر عدم صلاحیّة الروایة للاستدلال بما ذکره العلاّمة بعد الروایة من أنّه مأمور بإیقاع الصلاة فی وقتها إجماعاً ، ولم یمتثل الأمر ، فیبقی فی العهدة ؛ وبأنّ الصلاة قبل دخول الوقت منهیٌ ، عنها ، والنهی یدل علی الفساد (1).

فقد یقال علیه : أوّلاً : إنّ العلاّمة فرض الاستدلال فی صورة الظانّ لدخول الوقت ثم ذکر الأدلّة ، وغیر خفیّ أنّ الإجماع علی إیقاع الصلاة فی وقتها إن أُرید به الوقت المعلوم لا المظنون فالإجماع منتفٍ ؛ إذ نقل العلاّمة عن جماعة من علمائنا کالشیخین وابن البرّاج وابن إدریس وسلاّر القول بصحة الصلاة إن دخل الوقت وهو فیها (2).

ولو أراد أنّ الوقت المعلوم متفق علیه والمظنون مختلف فیه ، فإذا فعل فی المظنون علی الوجه المذکور یبقی فی العهدة ، ففیه : أنّ الکلام لا یدل علیه ، وبتقدیر الدلالة فهو مدخول بأنّ الإجماع علی حالة العلم إن أُرید به الاختصاص علی معنی حصول الإجماع علی اعتبار العلم دون الظن ، ففیه وقوع الخلاف فی الاختصاص کما سبق ، وإن أُرید بالإجماع علی العلم من حیث إنّ المکتفی بالظنّ قائل به ، ففیه : أنّ تحقق الإجماع فی مثل هذا محلّ بحثٍ ؛ لأنّ بعض القائلین بالظن لا یقولون بخصوص العلم ، وکثیراً ما یقع مثل هذه الدعوی فی کلام الأصحاب ، ولم أرَ من نبّه علی ما ذکرناه ، فلیتأمّل.

ص: 180


1- المختلف 2 : 68.
2- المختلف 2 : 68.

أمّا (1) قوله : إنّ النهی یدل علی الفساد ، وقوله بعد ما نقلناه عنه من أنّ الظن لا یصلح علّة لتوجه (2) الأمر : وإلاّ لما بقی فرق بین دخول الوقت قبل الفراغ وبعده ، فله وجه لو استند القائل بالظن إلی أنّ العلّة هی الظن ، أمّا لو استند إلی غیره فیمکن أن یدّعی خروج الصورة المذکورة وهی ما إذا وقعت الصلاة خارج الوقت بتمامها بالإجماع ، وقد نقل عن الشیخ الاستدلال بما رواه إسماعیل بن رباح (3) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا صلّیت وأنت تری أنّک فی وقت ولم یدخل الوقت فدخل الوقت وأنت فی الصلاة فقد أجزأت عنک » (4).

وأجاب العلاّمة عنها بضعف السند (5) ، وغیر خفیّ دلالة الاستدلال علی تقدیر (6) تمامه علی الاکتفاء بالظن فی الدخول فی العبادة ، فقوله : إنّ الظن لا یصلح (7). إنّما یتمّ مع ورود الدلیل ، فکان الأولی أن یذکر فی الدلیل ضعف الاعتماد علی الظن.

( ومن العجب ) (8) أنّه نقل عن الشیخ أیضاً الاستدلال بأنّه مأمور بالدخول فی الصلاة عند الظن ، إذ مع الاشتباه لا یصح التکلیف بالعلم ، لاستحالة تکلیف ما لا یطاق ، فیتحقّق الإجزاء. وأجاب بأنّ الإجزاء انّما

هل یکتفی فی دخول الوقت بالظنّ؟

ص: 181


1- لیست فی « رض ».
2- فی « د » و « رض » : لتوجیه.
3- فی « د » : ریاح.
4- کما فی المعتبر 2 : 63 ، والمختلف 2 : 69 ، والروایة فی : التهذیب 2 : 35 / 110 ، الوسائل 4 : 206 أبواب المواقیت ب 25 ح 1.
5- المختلف 2 : 69.
6- فی « د » : بتقدیر.
7- المختلف 2 : 68.
8- بدل ما بین القوسین فی « رض » : والعجب.

یتحقق مع استمرار سببه وهو الظن ، فإذا ظهر کذبه انتفی ویبقی فی عهدة الأمر ، کما لو فرغ من العبادة قبل الدخول (1).

وأنت خبیر بأنّ فی الجواب اعترافاً بصحّة الدخول فی العبادة بالظن ، مع أنّه قدّم کون الظن لا یصلح لتوجه (2) الأمر ، ولو أراد الظن فی صورة تعذّر العلم کما یقتضیه دلیل الشیخ فالجواب غیر مسلّم بعد الموافقة علی توجه (3) الأمر ، ودعوی أنّ تبیّن الکذب یوجب الإعادة تتوقف علی الدلیل ؛ إذ الأمر یقتضی الإجزاء ، إلاّ أن یقال : إن الأمر مقیّد بالظن ومع انتفائه ینتفی الأمر فلا یجزی الفعل ، وفیه بحث ، إلاّ أنّه قابل للتوجیه.

غیر أنّ الاعتراض علی العلاّمة لا یندفع ؛ لأنه (4) موافق علی الظن فی الجملة ، فکان علیه تحقیق الفرق ، وبیان وجه البطلان غیر ما ذکره ، ولا یذهب علیک أنّ احتجاج الشیخ مخصوص من جهة الاعتبار ، والروایة عامّة فی الاکتفاء بالظن ، فهو لا یخلو من اضطراب.

واحتجاج بعض المتأخّرین للاکتفاء بالظن فی الوقت بما دلّ علی أنّ المؤذّنین أُمناء ، وبما دل علی اعتبار عدالة المؤذّن (5) ، مدخول باحتمال أن یکون الوجه فی ذلک بالنسبة إلی المضطرّ.

نعم فی بعض الأخبار المعتبرة ما یدل علی تقلید المخالفین فی الوقت ؛ لعلمهم به (6) ، وحینئذ لا یخلو من دلالة علی الاکتفاء بالظن ، وقد

ص: 182


1- المختلف 2 : 69 بتفاوت یسیر.
2- فی « رض » : لتوجیه.
3- فی « رض » : توجیه.
4- لیست فی « رض ».
5- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 52 ، وانظر المنتهی 1 : 213.
6- الفقیه 1 : 189 / 899 ، التهذیب 2 : 284 / 1136 ، الوسائل 5 : 378 أبواب الأذان والإقامة ب 3 ح 1.

ذکرت ذلک فی موضع آخر.

أمّا الاکتفاء بالعدلین علی وجه الشهادة فقد اعتمد علیه بعض الأصحاب ؛ لأنّهما حجّة شرعیّة (1). وفیه کلام أشرنا إلیه فیما تقدّم من أنّ کون الشاهدین حجّة شرعیّة موقوف علی الدلیل من إجماع ونحوه ، وتحقق الإجماع هنا محلّ بحث.

أمّا اکتفاء البعض بالأمارات الدالّة علی دخول الوقت کالدیکة والصنعة (2) ، فمحل کلام ، إلاّ أنّ الشیخ روی فی التهذیب فی زیادات الصلاة عن علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ( عن أبی عبد الله الفراء ) (3) عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قال (4) له رجل من أصحابنا : ربما اشتبه الوقت علینا (5) فی یوم الغیم؟ فقال : « تعرف هذه الطیور التی عندکم بالعراق یقال لها الدیکة؟ » قلت : نعم ، قال : « إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس » وقال : « فصلّه » (6).

وهذا الحدیث لیس فیه اشتباه یقدح فی حسنه إلاّ من جهة أبی عبد الله الفرّاء ، وفی الظن أنّه سلیم الفرّاء ؛ لأنّ ابن أبی عمیر روی عنه فی الرجال ، غیر أنّه لم یذکر کنیته بأبی عبد الله (7). وجهالة الرجل السائل

ص: 183


1- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 52.
2- منهم الکرکی فی جامع المقاصد 2 : 29 ، والشهید الثانی فی روض الجنان : 186.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- فی « د » : قلت.
5- فی « رض » : علیه.
6- التهذیب 2 : 255 / 1010 ، الوسائل 4 : 171 أبواب المواقیت ب 14 ح 5.
7- کما فی رجال النجاشی : 193 / 516 ، وخلاصة العلاّمة : 84 / 2 ، وفی الفهرست : 187 : أبو عبد الله الفرّاء روی عنه ابن أبی عمیر.

لا یضرّ ؛ لأنّ الظاهر من الروایة سماع الفرّاء ذلک منه ، علی أنّ الصدوق رواها فی الفقیه (1) ومزیتها ظاهرة کما کرّرنا القول فیه (2).

وسیأتی حدیث عن ابن بکیر عن أبیه أنّه صلّی فی یوم غیم فانجلت الشمس فرآه صلّی حین زال النهار ، فقال له الإمام علیه السلام : « لا تعد » (3) وفیه دلالة علی جواز الصلاة مع الظن ، إلاّ أن یحمل علی ما سنذکره من زوال النهار لا زوال الشمس ، علی معنی مضیّ وقت الفضیلة ، وإن کان الظاهر غیر هذا ، وسیأتی تفصیل القول إن شاء الله فیه.

ویمکن الاکتفاء بالواحد العدل إذا أخبر ، لا لکونه شهادة لیحتاج (4) إثبات الاکتفاء فیها بالواحد إلی دلیل ولم یعلم ، والاکتفاء به فی موارد خاصّة لا یفید التعمیم ، بل لدخوله فی مفهوم آیة ( إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ ) (5).

وما ذکره بعض فضلاء المتأخّرین رحمه الله من احتمال الاکتفاء به وإن کان غیر عدل لأنّه معتبر فی الجملة (6). لا أعلم وجهه إلاّ من جهة الاکتفاء به فی الشرع فی مثل إخبار الزوج للمرأة فی أحکام الحیض عن المفتی ، ومترجم القاضی ، ونحو ذلک ، ولا یخفی أنّه من الإجماع ، لا من حیث إفادته الظنّ ، ولو سلّم أنّه من جهة الظن فهو خاصّ.

وکذلک حصول الظن للمجتهد من الأخبار ، فإنّ ظنّ المجتهد موقوف علی الإجماع إلاّ أن یثبت الاکتفاء بالظنّ.

ص: 184


1- الفقیه 1 : 143 / 668.
2- فی ص 48 ، 745 ، 1070.
3- الاستبصار 1 : 252 / 903.
4- فی « د » : فیحتاج.
5- الحجرات : 6.
6- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 53.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الذی رواه الشیخ عن إسماعیل بن رباح (1) قد ذکر فی التهذیب عن محمد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب ابن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن إسماعیل بن رباح (2) (3). ولیس فی الطریق من یتوقّف فیه إلاّ إسماعیل بن رباح (4) ، فإنّ الشیخ رحمه الله ذکر فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه إسماعیل بن رباح (5) مهملاً (6).

ومن العجب قول العلاّمة فی المختلف بعد ذکر الروایة : إنّ فی طریقها إسماعیل بن رباح (7) ولا یحضرنی الآن حاله ، فإن کان ثقة فهی صحیحة ویتعیّن العمل بمضمونها ، وإلاّ فلا (8). ولا یخفی علیک أنّ الإفتاء بالإعادة منه فی المسألة مع تضمّن الروایة عدمها وعدم الفحص عن رجالها غیر لائق ، وهو أعلم بالحال.

بقی شی ء وهو أنّ الصدوق روی فی الفقیه بطریقه الصحیح عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة » الحدیث (9). وظاهره أنّ الإخلال بالوقت یوجب الإعادة ، وهو یتناول ما نحن فیه ، فعلی تقدیر الاکتفاء بالظنّ فی الدخول لو تبیّن عدم الدخول فی الوقت یمکن أن یضمّ هذا الخبر إلی ما قدّمناه من (10)

ص: 185


1- فی « د » : ریاح.
2- فی « د » : ریاح.
3- التهذیب 2 : 35 / 110 ، الوسائل 4 : 206 أبواب المواقیت ب 25 ح 1.
4- فی « د » : ریاح.
5- فی « د » : ریاح.
6- رجال الطوسی : 154 / 245.
7- فی « د » : ریاح.
8- المختلف 2 : 69.
9- الفقیه 1 : 225 / 991 ، الوسائل 4 : 312 أبواب القبلة ب 9 ح 1 وج 6 : 313 أبواب الرکوع ب 10 ح 5.
10- فی « فض » زیادة : مشروط.

التوجیه ، وربما یستفاد من الروایة المذکورة (1) حکم الناسی والجاهل ، والله أعلم.

وإذا تمهّد (2) هذا فالروایة الثانیة غیر خفیّة الدلالة علی أنّ المراد غیر وقت الفضیلة ، وما قاله الشیخ غیر تامّ أمّا أوّلاً : فلمخالفة الظاهر. وأمّا ثانیاً : فلأنّ القضاء لا وجه لاختصاصه بالسفر ، فیصیر ذکره کاللغو ، وعلی تقدیر قول الشیخ بوقت الاختیار والاضطرار یحمل التأخیر عن وقت الاختیار ( إلی غیره بالنسبة إلی الحاضر.

وقول شیخنا المحقق أیّده الله فی فوائد الکتاب : ربما احتمل الحمل علی غیر وقت الفضیلة والاختیار ) (3) لأنّ السفر بمنزلة العذر. لا یخلو من شی ء ؛ لأنّ العذر لا یوافق مدلول الروایة علی الإطلاق ، إذ الظاهر منها اختصاص المسافر بالحکم ، لا لکون العذر علّة ، إلاّ أن یقال : إنّ عذر السفر علّة ، لا مطلق العذر الذی من جملته السفر ، کما یقوله الشیخ فی الوقتین (4) لکل صلاة.

قوله :

باب أنّ لکل صلاة وقتین.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس

توجیه ما دل علی جواز الصلاة فی السفر فی غیر وقتها

لکلّ صلاة وقتان

اشارة

ص: 186


1- لیست فی « د ».
2- فی « رض » : عرفت.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- فی « د » و « رض » زیادة : لا.

ابن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « لکل صلاة وقتان ، وأول (1) الوقت أفضله ، ولیس لأحدٍ أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلاّ فی علّة من غیر عذر » (2).

محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیوب ، عن معاویة بن عمّار ، أو (3) ابن وهب قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « لکل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله » (4).

السند :

فی الأول : فیه محمد بن عیسی عن یونس ، وقد قدّمنا فیه (5) القول من أنّ ابن بابویه نقل عن ابن الولید فیما حکاه النجاشی عنه أنّه قال : ما تفرّد به محمد بن عیسی من کتب یونس وحدیثه لا یعتمد علیه (6) ، والشیخ ضعّفه (7) ، وکأنّه لهذا الوجه ، وفیه کلام ، لا (8) لما ذکره البعض (9) ( من احتمال ) (10) کون الردّ للإرسال ، لا لضعف محمد بن عیسی ، فإنّ الإرسال

بحث حول روایة محمد بن عیسی عن یونس

ص: 187


1- فی الاستبصار 1 : 244 / 870 : فأول.
2- فی الاستبصار 1 : 244 / 870 : فی عذر من غیر علة.
3- فی « فض » : و.
4- فی الاستبصار 1 : 244 / 871 : أفضلهما.
5- لیست فی « رض ».
6- راجع ص 54.
7- الفهرست : 140 / 601.
8- لیست فی « رض ».
9- کابن داود فی رجاله : 275 / 474.
10- بدل ما بین القوسین فی « رض » : لاحتمال.

فی مثله یوجب القدح ، لأنّه نوع تدلیس ، إلاّ أن یقال : بجواز الروایة بالإجازة من دون التصریح بلفظ « إجازةً » کما هو مذهب البعض (1) ، وفیه : أنّ الاستثناء لا وجه له ، بل الظاهر من الرد ( ما یکون ) (2) وجهه غیر الإرسال ، إلاّ أنّ استفادة الضعف من الردّ محلّ تأمّلٍ.

فإن قلت : إنّ الشیخ فی الفهرست قد ذکر استثناء ابن بابویه له من نوادر الحکمة ، وظاهر (3) هذا أنّ مراده ما قاله ابن بابویه عن ابن الولید من ردّ ما یتفرّد به ، فتکون الروایة هنا غیر متفردة وإلاّ لما ذکرها الشیخ ، وحینئذ لا مانع من قبولها (4).

قلت : قد قدّمنا ما فی کلام الشیخ (5) ، وعلی تقدیره لا ندری وجه التأیید الموجب للقبول ، لیکون الحکم بالصحة منا (6) علی وجه شرعی ، وإن أمکن إجراء التوجیه السابق منّا فی هذا الخبر لقبول توثیق الشیخ (7) ونحوه مع أنّه اجتهاد ، أمّا ما قاله الشیخ فی الفهرست : من أنّ محمد بن عیسی کان یذهب مذهب الغلو (8). فهو محکی بلفظ « قیل » والقائل غیر معلوم ، وقد روی الشیخ فی التهذیب الروایة بهذا السند (9) ، وفی متنه مغایرة یأتی بیانها.

ص: 188


1- کالشهید الثانی فی الدرایة : 94.
2- فی « رض » : أن یکون.
3- فی « د » : فظاهر.
4- الفهرست : 140 / 601.
5- راجع ص 54 59.
6- فی « رض » : هنا.
7- کذا فی النسخ ، والظاهر انه خطأ والصواب النجاشی.
8- الفهرست : 141.
9- التهذیب 2 : 39 / 124 ، الوسائل 4 : 122 أبواب المواقیت ب 3 ح 13.

وقد وصف بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله الروایة بالصحة (1) ، ولا أدری الوجه إلاّ ما قدّمته ، أو أنّها من غیر کتابی الشیخ.

والثانی : لیس فیه ارتیاب ، غیر أنّ العلاّمة فی الخلاصة قال فی ترجمة معاویة بن عمّار : روی معاویة عن أبی عبد الله وأبی الحسن موسی علیهماالسلام ومات سنة خمس وسبعین ومائة ، قال الکشی : إنّه کان یبیع السابری وعاش مائة وخمساً وسبعین سنة (2). انتهی. ولا یبعد أن یکون ما حکاه عن الکشی من الأغلاط الواقعة فیه ، وإنّما هو مات سنة خمس وسبعین ومائة کما قاله العلاّمة ، وقبله النجاشی (3).

ویؤیّد ما قلناه : أنّه لم یسمع مثل هذا العمر لمن تأخّر عن الرسول صلی الله علیه و آله ولو کان لنقلت أحواله ؛ إذ هو حینئذ موجود من زمن الرسول صلی الله علیه و آله إلی زمن موسی علیه السلام .

وما نقله فی الخلاصة عن العقیقی أنّه قال : إنّ معاویة بن عمّار کان ضعیف العقل مأموناً فی حدیثه (4). لا اعتبار به.

المتن :

فی الأول : تضمن قوله علیه السلام : « إلاّ فی علّة من غیر عذر » وفی التهذیب : « إلاّ فی عذر من غیر علّة » (5) والذی یظهر لی من هذه العبارة الموجودة هنا احتمال أن یکون قوله : « من غیر عذر » کالبدل من قوله : « إلاّ

بحث حول معاویة بن عمّار

معنی قوله علیه السلام : « إلاّ فی علّة من غیر عذر »

ص: 189


1- البهائی فی الحبل المتین : 134.
2- الخلاصة : 166 / 1.
3- رجال النجاشی : 411 / 1096.
4- الخلاصة : 166 / 1.
5- التهذیب 2 : 40.

من علّة » فکأنّه قال : أن یجعل آخر الوقتین وقتاً من غیر عذر ، والفائدة التنبیه علی أنّ العلّة یتبادر منها المرض ، فأُرید إزاحة الاحتمال بإرادة غیر العذر الأعم من المرض.

وأمّا عبارة التهذیب فالظاهر منها أنّ التأخیر فی العلّة التی هی المرض ونحوه غیر العذر ، وحینئذ ربما یتأیّد احتمال أن یراد بما هنا هذا (1) المعنی بتقدیر وجود الروایة بکلا العبارتین ، وإن کان الوهم فی التعبیر من النقل أشکل التعیین.

وقد نقل العلاّمة والمحقّق فی المختلف والمعتبر (2) الروایة فی احتجاج الشیخ للقول بأنّ الوقتین فی الخبر ونحوه للمختار والمعذور ، بعد أنّ نقل ذلک عن الشیخین وابن أبی عقیل وأبی الصلاح وابن البراج فی المختلف ، وحکی متن الروایة بصورة ما فی هذا الکتاب. وغیر خفیّ أنّ دلالتها علی مدّعی الشیخ بالمتن المخصوص لا یخلو من خفاءٍ ؛ إذ المنقول عن الشیخ فی المبسوط أنّه فسّر العذر بالسفر والمطر والمرض وشغل یضرّ ترکه بدینه أو دنیاه (3) ، والروایة کما تری ظاهرة فی خلاف هذا.

والعجب من العلاّمة أنّه أجاب عن الاحتجاج بالروایة بالقول بالموجب ، فإنّا قد بیّنا أنّ لکل صلاة وقتین ، لکن الأوّل وقت الفضیلة ، وحدیثکم یدل علی ما قلناه ؛ لقوله علیه السلام : « وأول الوقت أفضله » فإنّ « افعل » (4) یقتضی المشارکة ( فی المعنی ) (5).

هل الوقتان للفضیلة والإجزاء أو للمختار والمعذور؟

ص: 190


1- فی « د » : هو.
2- المختلف 2 : 32 ، والمعتبر 2 : 34 ، 46.
3- المبسوط 1 : 72.
4- فی « رض » : فعل ، وفی « فض » و « د » : أفضل فعل. وما أثبتناه من المصدر ، وفی نسخة منه : أفضل.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

لا یقال : قوله علیه السلام : « ولیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلاّ فی علّة من غیر عذر » یقتضی المنع من جعل آخر الوقت وقتاً لغیر عذر. لأنّا نقول : لا نسلّم أنّه یدل علی المنع ، بل علی نفی الجواز الذی لا کراهیة فیه جمعاً بین الأدلّة (1). انتهی.

وفی نظری القاصر بعد ظهور وجه التعجّب (2) من حیث عدم التعرّض (3) لما فی الخبر أنّ الجواب من جهة قوله : إنّ أفعل التفضیل یقتضی المشارکة. لا یخلو من تأمّل ، لا لما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من أنّ اقتضاء اسم التفضیل المشارکة إنّما یقتضی کون الوقت الثانی وقتاً مفضولاً ، ویجوز أن تکون الصلاة فی آخر الوقت لعذر أنقص فضلاً من الواقعة فی أوّله (4). فإنّ هذا الکلام وإن کان لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّه یمکن أن یقال علیه إنّ تفضیل أول الوقت للمختار علی المضطرّ علی الإطلاق لا یوافق الحکمة ، فإنّ من یتعذّر علیه فعل الصلاة فی الأول لمرضٍ لا یمکن معه الفعل کیف یلیق أن یقال : إنّ فعل الصحیح فی الأولّ أکثر ثواباً ، والحال أنّه لا مشارکة فی الأول للمریض ، والمشارکة فی مجرّد الفضل من حیث إنّ الصلاة إذا صحّت لا تخلو من الفضل مسلّم ، إلاّ أنّ مقام التفضیل یقتضی نوع قدرة کما لا یخفی.

بل لأنّ الخبر یحتمل أن یراد فیه بکون أول الوقت أفضل بالنسبة إلی ثانیة فی الوقت الأوّل للمختار علی تقدیر القول به ، والوقت الأول من

ص: 191


1- المختلف 2 : 32 بتفاوت یسیر.
2- فی « فض » : العجب.
3- فی « رض » : التعریض.
4- البهائی فی الحبل المتین : 135 بتفاوت یسیر.

الثانی للمعذور أفضل من ثانیه ، ویکون قوله : « ولیس لأحد » إلی آخره ، بیاناً للوقتین ( بالنسبة إلی المختار والمعذور. ویحتمل أن یکون المراد آخر الوقتین من کل من الوقتین ، بأنّ یراد بالأوّل أول الوقت ) (1) وثانیه ما بعده ، فتکون الفضیلة فی الأول والعذر فی الثانی من الأول لعدم الفضیلة ، لکن الاحتمال الأول له وجه وجیه ، وبهذا یندفع قول العلاّمة بمشارکة الأفضلیّة علی الإطلاق.

فإن قلت : قد ورد فی التیمّم حدیث یقتضی أنّ من تیمّم فی أرض لا ماء فیها لا یعود إلی الأرض التی توبق دینه (2) ، مع أنّ التیمّم إذا صحّ کان فیه الثواب فکیف توبق الدین؟ وهل هذا إلاّ دلیل علی تحقّق الفضل مع الکراهة؟.

قلت : قد ذکر هذا بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله مؤیّداً لما قاله من احتمال المشارکة فی الفضل وإن کان مفضولاً (3) ، إلاّ أنّه ربما یقال : إنّ مفاد الخبر الذی نحن فیه مغایر لذاک (4) ، لأنّ ذاک فی مقام إمکان التحرّز ، وهذا الخبر مورده عام یتناول ما لا یمکن التحرّز فیه ، نعم یمکن أن یقال فی دفع منافاة الحکمة (5) : بأنّ ما دلّ علی أفضلیّة الصلاة مثلاً فی الأماکن الشریفة متناول لمن لم یمکنه الوصول إلیها ، إلاّ أن یقال : إنّ الأفضلیّة فیها بالنسبة إلی الشخص ، علی معنی أنّ من یتوصّل إلیها صلاته

ص: 192


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- الکافی 3 : 67 / 1 ، التهذیب 1 : 191 / 553 ، الوسائل 3 : 355 أبواب التیمم ب 9 ح 9.
3- حبل المتین : 135.
4- فی « فض » و « رض » : لذلک.
5- فی « فض » و « رض » : الحکم.

فیها أفضل من صلاته فی غیرها ، وفیه أنّه خلاف الظاهر من إطلاق التفضیل ، وبالجملة منافاة الحکمة (1) محلّ کلام ، فتأمّل.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الثانی کالأول بالنسبة إلی المعنی الذی احتملناه ، لکن جماعة من المتأخّرین قالوا : بأنّ الأوّل للفضیلة والثانی للإجزاء (2) ، واختاره الوالد قدس سره (3) وشیخنا قدس سره (4) لظاهر الخبرین وغیرهما ، مضافاً إلی بعض الاعتبارات مثل إطلاق الآیة (5) الدالّة علی الامتداد للمعذور والمختار ، وفی خبر معتبر أنّ أوّل الوقتین أفضلهما ، واحتمال ما ذکرناه سابقاً فیه بعید ، بل الظاهر منه أنّ الأوّل من الوقتین أفضل من الثانی لا من ثانیه.

وقد روی الشیخ فیما یأتی عن الحسین بن سعید ، عن النضر وفضالة ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لکل صلاة وقتان وأول الوقتین أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حین ینشقّ الفجر إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، ولا ینبغی تأخیر ذلک عمداً لأنّه (6) وقت من شغل أو نسی أو سها أو نام ، ووقت المغرب حین تجبّ الشمس إلی أن تشتبک النجوم ، ولیس لأحدٍ أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلاّ من عذر أو علّة » (7) وهذا نحو ما قدّمناه من الخبر المعتبر فی الدلالة.

ص: 193


1- فی « رض » : الحکم.
2- منهم المحقق فی المعتبر 2 : 26 ، والعلاّمة فی المختلف 2 : 31.
3- منتقی الجمان 1 : 411.
4- مدارک الأحکام 3 : 32.
5- الإسراء : 78.
6- فی المصدر : ولکنه.
7- الاستبصار 1 : 276 / 1003.

وفی نظری القاصر أنّه أوضح فی الاحتجاج للشیخ من الخبر المبحوث عنه ؛ لأنّ الظاهر من آخره العود إلی الوقتین الأوّلین فی الخبر ، ومن ثمّ ذکرته هنا ، وسیأتی إن شاء الله بقیّة القول فیه فی محلّه ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

قوله :

فأمّا ما رواه محمد بن علیّ بن محبوب ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن أدیم بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إنّ جبرئیل أمر رسول الله صلی الله علیه و آله بالصلوات کلّها فجعل لکلّ صلاةٍ وقتین إلاّ المغرب ، فإنّه جعل لها وقتاً واحداً ».

علیّ بن مهزیار ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زید الشحّام قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت المغرب فقال : « إنّ جبرئیل علیه السلام أتی النبی صلی الله علیه و آله لکلّ صلاةٍ بوقتین غیر صلاة المغرب فإنّ وقتها واحد ، ووقتها وجوبها ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والخبرین الأوّلین ؛ لأنّ الوجه فی الجمع بینهما أنّ وقت المغرب مضیَّق لیس بین أوّله وآخره من السعة مثل ما بین أوّل الوقت وآخره فی سائر الصلوات علی ما نبیّنه فیما بعد إن شاء الله ، ولم یرد أنّ لها وقتاً واحداً لا یجوز أن یتقدّم ولا یتأخّر (1) ، ولیس لأحدٍ أن یقول فی الجمع بین هذه الأخبار بأن یخص (2) صلاة

ص: 194


1- فی الاستبصار 1 : 245 / 873 ولا أن یتأخر.
2- فی « د » : تختص ، وفی « فض » : یختص ، وفی « رض » : تخصیص ، وما أثبتناه من الإستبصار 1 : 245 / 873.

المغرب من بین سائر الصلوات ویقول : إنّ لکلّ صلاةٍ وقتین إلاّ المغرب ؛ لأنّ هاهنا أخباراً مفصّلة أوردناها فی کتابنا الکبیر تتضمّن ذکر صلاة المغرب وأنّ لها وقتین أوّلاً وآخراً ، وربما ذکرنا منها شیئاً فیما بعد إن عرض ما یقتضی ذلک ، وإذا کان الأمر علی ذلک لم یمکن هذا الوجه. ولم یسغ غیر ما قلناه.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ارتیاب ، نعم اتفق فی الخلاصة أنّ العلاّمة قال فی ترجمة أُدیم بن الحُرّ : إنّه صاحبُ أبی عبد الله علیه السلام یروی نیفاً وأربعین حدیثاً عنه علیه السلام کوفیٌ ثقة (1). والنجاشی قال : إنّه کوفی ثقة له أصل (2). ولم ینقل ما ذکره العلاّمة مع أنّه کثیر التتبع له (3). وفی الکشی قال نصر بن الصباح : أبو الحرّ اسمه أُدیم وهو حذّاء صاحب أبی عبد الله علیه السلام یروی نیفاً وأربعین حدیثاً عن أبی عبد الله علیه السلام (4) انتهی. ونصر بن الصباح ضعیف ، فالاعتماد علی ما نقل لا وجه له ، ولعلّ العلاّمة نقل ذلک من غیر الکشی.

والثانی : فیه حریز ، ولم نر من مشایخنا التوقف فیه وقد قدّمت فیه قولاً مجملاً (5) غیر أنّا نذکر هنا ما لا بدّ منه مفصّلاً لیکون زیادة فائدة :

والحاصل أنّ النجاشی ذکره من غیر توثیق وقال : قیل : روی عن

بحث حول أُدَیم بن الحرّ

بحث حول حریز بن عبد الله السجستانی

ص: 195


1- خلاصة العلاّمة : 24 / 10.
2- رجال النجاشی : 106 / 267.
3- کذا فی النسخ ، ولعل المراد أنّ العلاّمة مع کثرة اتّباعه للنجاشی ذکر ما لم یذکره النجاشی.
4- رجال الکشی 2 : 636 / 645.
5- راجع ص 38.

أبی عبد الله علیه السلام . وقال یونس : لم یسمع من أبی عبد الله إلاّ حدیثین. وقیل : روی عن أبی الحسن موسی علیه السلام . ولم یثبت ذاک ، وکان ممّن شهر السیف فی قتال الخوارج بسجستان فی حیاة أبی عبد الله علیه السلام ، وروی : أنّه جفاه وحجبه عنه (1). انتهی.

والشیخ فی الفهرست قال : ابن عبد الله السجستانی ثقة (2).

وفی الخلاصة قال العلاّمة بعد نقل کلام النجاشی : وهذا لا یقتضی الطعن ؛ لعدم العلم بتعدیل الراوی للجفاء ، وروی الکشی أنّ أبا عبد الله علیه السلام حجبه عنه ، وفی طریقه محمّد بن عیسی وفیه قول ، مع أنّ الحجب لا یستلزم الجرح ؛ لعدم العلم بالسرّ فیه (3). انتهی.

والروایة التی حکاها عن الکشی رواها عن حمدویه ومحمّد قالا : حدّثنا محمد بن عیسی ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سأل أبو العباس فضل البقباق لحریز الإذن علی أبی عبد الله علیه السلام فلم یأذن له ، فعاوده فلم یأذن له فقال : أیّ شی ء للرجل أنّ یبلغ فی عقوبة غلامه؟ قال : قال : « علی قدر ذنوبه » قال : والله لقد عاقبت حریزاً بأعظم ممّا صنع قال : « ویحک إنّی فعلت ذلک أنّ حریزاً جرّد السیف ، ثمّ قال : « أمّا والله لو کان حذیفة بن منصور لما عاودنی فیه بعد أنّ قلت : [ لا (4) ] انتهی (5).

والطعن بمحمد بن عیسی غیر ظاهر الوجه بعد ما قدّمنا فیه (6) ،

ص: 196


1- رجال النجاشی : 144 / 375.
2- الفهرست : 62 / 239.
3- خلاصة العلاّمة : 63 / 4.
4- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
5- رجال الکشی 2 : 627 / 615.
6- راجع ص 53.

والعجب أنّ العلاّمة فی الخلاصة قال فی ترجمة محمّد بن عیسی : والأقوی عندی قبول روایته (1). ثمّ یتوقف هنا فیه.

وعبد الرحمن بن الحجّاج الراوی فیه نوع کلام أیضاً تقدّم (2) ، فإن کان مجرّد القول یقتضی الطعن فی الروایة ، فلا وجه للاقتصار علی محمد ابن عیسی.

أمّا ما ذکره العلاّمة من أنّ الحجب لا یستلزم الجرح. فله وجه لو کان النجاشی وثّقه ، وأمّا توثیق الشیخ (3) ففیه نوع تأمّل ، من جهة تثبّت النجاشی فی هذه الموارد.

وربما یمکن أن یقال : إنّ الخبر وإن کان ظاهراً فی القدح بسبب الذنب المصرّح به ، بل ربما قدح فی أبی العباس أیضا لجرأته علی الإمام علیه السلام ، إلاّ أنّ التوجیه فی الرجلین ممکن ، أمّا فی حریز فلاحتمال أن یکون الحجب تقیّةً علیه ، وإن کان ما فعله (4) سائغاً فی نفسه ، کما ورد فی شأن زرارة ، وعدم إعلام الإمام علیه السلام بذلک لمصلحة هو أعلم بها. وأمّا من جهة أبی العباس فلاحتمال کون الإدلال أوجب ما قاله.

وقوله علیه السلام : « لو کان حذیفة » إلی آخره. قد وجّهه شیخنا أیّده الله فی فوائد الرجال بوجه حسن یعلمه من راجعة.

أمّا ما نقله النجاشی عن یونس : من أنّ حریزاً لم یسمع من أبی عبد الله علیه السلام إلاّ حدیثین (5). فهو غریب ؛ لأنّ روایته عنه فی کتب الحدیث

ص: 197


1- الخلاصة : 142.
2- فی ص 645 و 733.
3- راجع ص 1202.
4- فی « فض » زیادة : من شهر السیف ، وهی فی « د » مشطوبة.
5- رجال النجاشی : 144 / 375.

أکثر من ذلک ، فقد روی عن أبی عبد الله علیه السلام (1) عدم نجاسة الماء إلاّ بالتغیّر (2) ، وروی فی عقاب تارک الصلاة (3) ، وفی أبواب الحج روی أیضاً بکثرة (4) ، والظاهر أنّ الأصل فی حکایة النجاشی ما رواه الکشّی ، عن محمد بن مسعود ، عن محمد بن نصیر ، قال : حدّثنی محمّد بن قیس ، عن یونس قال : لم یسمع حریز بن عبد الله عن أبی عبد الله علیه السلام إلاّ حدیثاً أو حدیثین (5). والحال ما تری.

المتن :

فی الخبرین ما ذکره الشیخ ، فیه (6) لا یخلو من وجه ، وقد ذکر شیخنا المحقّق أیّده الله فی فوائد الکتاب أنّ محصّل کلام الشیخ حینئذ أنّه لیس بین أوّل وقت الفضیلة وآخره من المغرب من السعة مثل ما بین أوّل وقت الفضیلة وآخره من غیرها ، وهو کذلک کما سیأتی. انتهی.

ولا یخفی أنّ الأولی بیان الوقتین للمختار والمعذور ، لأنّه مذهب الشیخ.

ثمّ إنّ دلالة الروایتین علی الوقت الواحد للمغرب وإن کان ظاهره علی إرادة غیر ما وجّهه الشیخ ، إلاّ أنّ باب التأویل یقتضی الدخول فی خلاف الظاهر ، وللوالد قدس سره توجیه فی المنتقی (7) لکن لم یحضرنی الآن عبارته ،

توجیه ما دلّ علی أنّ للمغرب وقت واحد

ص: 198


1- فی « فض » زیادة : فی.
2- التهذیب 1 : 216 / 625 ، الاستبصار 1 : 12 / 19.
3- الکافی 3 : 269 / 7.
4- التهذیب 5 : 43 / 128.
5- رجال الکشی 2 : 680 / 716.
6- لیست فی « رض ».
7- منتقی الجمان 1 : 410.

والمحصّل (1) احتمال أن یراد بالوقتین والوقت لمجی ء جبرئیل إلی النبی صلی الله علیه و آله ، لما یأتی فی بعض الأخبار أنّ جبرئیل علیه السلام أتی فی أوّل وقت الظهر ثمّ أتی فی الثانی ، وهکذا فی العصر ، بخلاف المغرب فإنّه أتی فی وقت واحد بالوقتین (2). وهذا التوجیه وإن قرّبه ذاک الخبر ، إلاّ أنّ سیاق هذین الخبرین یأباه.

وربما یقال : إنّ المراد بالوقتین فی هاتین الروایتین غیر (3) الوقتین المذکورین فی غیرهما ، بل یراد بالوقتین فی کلّ من الوقتین السابقین فی الأخبار علی ما بیّناه سابقاً ، والمعنی حینئذٍ أنّ کلاّ من الوقتین إمّا للفضیلة والإجزاء ، أو للمختار والمضطر له وقتان أوّل وثانٍ إلاّ المغرب ، فإنّ وقتها الأوّل لا أفضلیّة لأوّله علی ثانیه ، علی معنی : أنّ وقت الفضیلة أو الاختیار ، الوجوب.

فإنّ قلت : لا ریب علی تقدیر الوقتین للمغرب ( فی الامتداد ) (4) عن الوجوب ، فالثانی بالنسبة إلی الوجوب إن ساوی الأوّل لم یتحقق أنّ وقت الوجوب هو وقت الفضیلة والمختار فقط ، وإن لم یساوه تحقّقت المشارکة لغیرها من الصلوات.

قلت : لعلّ المراد فی المغرب أنّ التحدید الواقع فی الظهر من القدم ، والقدمین ، والسبحة لیس فی المغرب ، وهکذا العصر ، والعشاء ، والصبح کما سیأتی فی الأخبار (5) ، وعلی هذا ففعل المغرب بعد أوّل وقت الوجوب لا یوصف بنحو ما یوصف غیرها بعد مضی المقادیر ، وهذان الخبران حینئذ ربما یؤیّدان ما سبق منّا من بیان المعنی فی قولهم علیهم السلام : وأوّل

ص: 199


1- فی « رض » : والحاصل.
2- راجع ص : 1268.
3- فی « د » : عین.
4- بدل ما بین القوسین فی « فض » : من امتداد.
5- یأتی فی ص 1217.

الوقت أفضله ، فلیتأمّل.

أمّا ما أشار إلیه الشیخ من الأخبار فسیأتی (1) إن شاء الله ، ونذکر ما لا بدّ منه فیها هذا ، والموجود فی النسخة (2) التی نقلت منها ما تری من قوله : لأنّ الوجه فی الجمع بینهما ، بإثبات المیم ، والظاهر حذفه ، لکن التوجیه ممکن علی بعدٍ.

قوله :

باب أوّل وقت الظهر والعصر.

أخبرنی أحمد بن عبدون ، عن أبی طالب الأنباری ، عن حمید ابن زیاد ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة قال : حدّثنی محمّد بن أبی حمزة ، عن معاویة بن عمّار ، عن الصباح بن سیّابة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتین ».

عنه ، عن محمد بن أبی حمزة ، عن سفیان بن السمط ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتین ».

عنه ، عن محمّد بن زیاد ، عن منصور بن یونس ، عن العبد الصالح علیه السلام قال : سمعته یقول : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین ».

عنه ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن ابن مسکان ، عن مالک الجهنی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت الظهر ، فقال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین ».

أوّل وقت الظهر والعصر

اشارة

ص: 200


1- یأتی فی ص 215.
2- فی « رض » : النسخ.

عنه ، عن معاویة بن وهب قال : سألته عن رجل صلّی الظهر حین زالت الشمس قال : « لا بأس به ».

عنه ، عن عبد الله بن جبلة ، عن علاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما 8 فی الرجل یرید الحاجة حین تزول الشمس هل یصلّی الأُولی حینئذ قال : « لا بأس به ».

الحسین بن سعید ، عن علیّ بن مهزیار ، عن فضالة بن أیّوب ، عن عمر بن أبان ، عن سعید بن الحسن قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « أوّل الوقت زوال الشمس وهو وقت الله الأوّل وهو أفضلهما ».

الحسین بن سعید ، عن القاسم بن عروة ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت الظهر والعصر فقال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جمیعاً ، إلاّ أنّ هذه قبل هذه ، ثمّ أنت فی وقت منهما جمیعا حتی تغیب الشمس ».

أحمد بن محمد ، عن علیّ بن الحکم ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله الظهر والعصر حین زالت الشمس فی جماعة من غیر علّة ».

سعد بن عبد الله ، عن یعقوب بن یزید ، عن الحسن بن علیّ الوشّاء ، عن أحمد بن عمر ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : سألته عن وقت الظهر والعصر ، فقال : « وقت الظهر إذا زالت (1) الشمس إلی أن یذهب الظل قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلی قامتین ».

ص: 201


1- فی الاستبصار 1 : 247 / 883 : زاغت.

السند :

فی الأوّل : أحمد بن عبدون ، وقد قدّمنا فیه القول (1) بما حاصله أنّ النجاشی قال : إنّه شیخنا المعروف بابن عبدون - إلی أن قال بعد ذکر الکتب - : أخبرنا بسائرها ، وکان قویّاً فی الأدب (2).

والشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه قال : إنّه کثیر السماع والروایة سمعنا منه وأجاز لنا جمیع ما رواه (3).

والعلاّمة قد صحّح طرق المصنف فی الکتابین إلی أبی طالب وأحمد فیها (4).

وبالجملة : فالرجل من المشایخ ، وعدم التصریح بالتوثیق علی ما فهمته من الوالد قدس سره (5) إنّما هو لأنّ عادة المصنّفین فی الرجال عدم توثیق شیوخهم.

وأمّا أبو طالب الأنباری فاسمه : عبد الله (6) بن أبی زید أحمد بن یعقوب ، وقد قال النجاشی : إنّه ثقة فی الحدیث عالم به کان قدیماً من الواقفة (7).

وفی الفهرست : عبد الله بن أحمد بن أبی زید ، ولم یوثّقه وقال

بحث حول أحمد بن عبدون

بحث حول أبی طالب الأنباری

ص: 202


1- فی ص 474.
2- رجال النجاشی : 87 / 211
3- رجال الطوسی : 450 / 69.
4- خلاصة العلاّمة : 276.
5- منتقی الجمان 1 : 39.
6- فی رجال النجاشی : عبید الله.
7- رجال النجاشی : 232 / 617.

قیل : إنّه کان من الناووسیّة (1). وفی موضع ممّن لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه : عبد الله بن أبی زید الأنباری روی عنه ابن حاشر ، ضعیف (2). وذکره فی موضع آخر بلفظ عبد الله بن أحمد بن عبید الله ، من غیر تعرّض للتضعیف ، وذکر أنّ الراوی عنه أحمد بن عبدون (3).

والعلاّمة فی الخلاصة ذکر فی القسم الأوّل : عبد الله بن أبی زید أحمد ابن یعقوب بن نصر الأنباری ، کذا قاله النجاشی ، وقال الشیخ : عبد الله بن أحمد بن أبی زید ، والظاهر أنّ لفظة ابن بعد أحمد زیادة من الناسخ ، یکنّی أبا طالب ثقة فی الحدیث عالم (4) کان قدیماً من الواقفة ، ثمّ حکی عن الشیخ القول بأنّه من الناووسیّة (5).

وفی القسم الثانی قال : عبد الله ابن أبی زید الأنباری (6) ، روی عنه ابن حاشر ضعیف.

ولا یخفی علیک أنّ التعدد منشؤه ذکر الشیخ له متعدّداً ، ومثل هذا من الشیخ کثیر ، إلاّ أنّ القرائن هنا علی الاتحاد واضحة ، وکأنّ ما فی النسخة التی رأیناها من تصغیر عبد الله لیس فی نسخة العلاّمة.

ثمّ إنّ ما قاله النجاشی : من أنّه کان من الواقفة ، مقتضاه الجزم ، وحینئذ لا تعرف روایته هل هی قبل الرجوع أو بعده؟.

فإنّ قلت : قد قال النجاشی - بعد قوله : کان قدیماً من الواقفة - : قال

ص: 203


1- الفهرست : 103 / 434.
2- رجال الطوسی : 486 / 61.
3- رجال الطوسی : 481 / 31.
4- فی الخلاصة زیادة : به.
5- الخلاصة : 106 / 23.
6- الخلاصة : 236 / 13 وفیه : الأنصاری ، بدل : الأنباری.

أبو عبد الله الحسین بن عبید الله : قال أبو غالب الزراری : کنت أعرف أبا طالب أکثر عمره واقفا مختلطاً بالواقفة ثم عاد إلی الإمامة وجفاه أصحابنا. وهذا الکلام یقتضی أنّ القول بالوقف من غیر النجاشی.

قلت : الذی یظهر من النجاشی الجزم بالوقف والرجوع ، ولا یبعد اعتماده فی ذلک علی قول الحسین بن عبید الله وهو ابن الغضائری ، وأبو غالب الزراری ، قد وثّقه النجاشی (1) فی جعفر بن محمد بن مالک ، لکن ثبوت الوقف یوجب ما قدّمناه من التوقف.

وما ذکره الشیخ من الضعف وإنّ أیّده کلام أبی غالب ، إلاّ أنّ توثیق النجاشی ربما یمکن الجمع بینه وبین کلام أبی غالب بالوقف وکونه ثقة ، ویمکن حمل التوثیق علی التأخر عن الوقف فیکون بعد الرجوع ، وتضعیف الشیخ حینئذ لما قبل ذلک ، إلاّ أنّ الجزم بکلّ من الأمرین مشکل ، ( فالتوقف بحاله ) (2).

وما قد یقال : إنّ الزراری متقدّم علی الشیخ فشهادته بالرجوع سابقة فترجّح علی کلام الشیخ.

ففیه : أنّ توثیق النجاشی مع القول بالوقف هو موجب التوقف ، لا من جهة الشیخ وقول الزراری ، فلیتأمّل.

وأمّا حمید بن زیاد فقد قدّمنا القول فیه (3) فی هذا الخبر ، والحسن ابن محمّد بن سماعة أسلفنا حاله مفصّلاً (4) مع محمد بن أبی حمزة ومن

ص: 204


1- رجال النجاشی : 122 / 313.
2- ما بین القوسین أثبتناه من « فض ».
3- فی ج 3 : 361.
4- فی ج 3 : 363.

معه (1).

والثانی : فیه مع من ذکر سفیان بن السمط ، وهو مجهول الحال ؛ لذکره فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (2).

والثالث : فیه محمّد بن زیاد وهو مشترک (3) ، ومنصور بن یونس وهو بزرج وقد وثّقه النجاشی من غیر ذکر الوقف (4). والشیخ ذکره فی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه وقال : إنّه واقفی (5). وقد قدّمنا القول فی مثل هذا (6). وفی الکشی نقل ما یقتضی الوقف بطریق فیه جهالة (7) ، فلیتأمّل.

والرابع : فیه مع من تقدّم مالک الجهنی وهو مجهول الحال ، وفی أسانید الفقیه : عن أبی محمّد مالک بن أعین الجهنی ، وهو عربی کوفی ولیس هو من آل سُنسُن (8).

والعجب من العلاّمة فی الخلاصة أنّه قال : مالک بن أعین روی الکشی عن محمد بن عیسی بن عبید ، عن الحسین بن علی بن یقطین أنّ مالک بن أعین لیس من هذا الأمر فی شی ء ، وقال علی بن أحمد العقیقی ، عن أبیه ، عن أحمد بن الحسن ، عن أشیاخه : إنّه کان مخالفاً (9).

وقد ذکرنا أیضاً فی ترجمة قعنب بن أعین أخی حمران نقلاً عن

سفیان بن السمط مجهول الحال

محمد بن زیاد مشترک

بحث حول منصور بن یونس بزرج

بحث حول مالک الجهنی

ص: 205


1- راجع ص 104.
2- رجال الطوسی : 213 / 164.
3- راجع هدایة المحدثین : 237.
4- رجال النجاشی : 413 / 1100.
5- رجال الطوسی : 360 / 21.
6- راجع ص 595.
7- رجال الکشی 2 : 768.
8- الفقیه 4 : 31 من المشیخة.
9- الخلاصة : 261 / 7 ، وفیه : عن الحسن بن علی بن یقطین.

الکشی ، عن محمد بن عیسی ، عن الحسن بن علی بن یقطین أنّهما یعنی قعنب ومالک بن أعین لیسا من هذا الأمر فی شی ء ، وروی عن علی بن أحمد العقیقی ، عن أبیه ، عن أحمد بن الحسن ، عن أشیاخه أنّ قعنب بن أعین کان مخالفاً (1). انتهی.

والذی فی الکشی : حدّثنی محمد بن عیسی بن عبید ، عن الحسن ابن علی بن یقطین قال : کان [ لهم غیر زرارة وإخوته (2) ] أخوان لیسا فی شی ء من هذا الأمر : مالک وقعنب ، قال علی بن الحسن بن فضّال : قعنب ابن أعین أخو حمران مرجئ (3). والشیخ فی رجال الکاظم (4) علیه السلام قال : مالک بن أعین الجهنی.

والذی یقتضیه کلام الکشی أنّ ابن أعین الجُهَنی غیر مالک بن أعین الأوّل ؛ لأنه قال عقیب ترجمة مالک بن أعین الجهنی : حمدویه بن نصیر قال : سمعت علی بن محمّد بن فیروزان القمی یقول : [ مالک (5) ] بن أعین الجُهَنی هو ابن أعین ولیس من إخوة زرارة ، وهو بصری (6). مضافاً إلی ما نقلناه من أسانید الفقیه ، فالاضطراب فی المقام هو الموجب للتعجّب ، فإنّ جعل العلاّمة له ابن أعین أخا حمران یقتضی أنّه من ولد سُنسُن ، والصدوق

ص: 206


1- الخلاصة : 248 / 1.
2- ما بین المعقوفین أثبتناه من رجال الکشی.
3- رجال الکشی 2 : 420 / 317 ، 318.
4- کذا فی النسخ ، ولعلّ الظاهر : الباقر والصادق علیهماالسلام : حیث إنّ الشیخ ذکره فی أصحاب الباقر علیه السلام : 135 / 11 ، وفی أصحاب الصادق علیه السلام ، وقال : الکوفی ، مات فی حیاة أبی عبد الله : 308 / 456.
5- أثبتناه من رجال الکشی.
6- رجال الکشی 2 : 478 / 388.

قد نفاه ، وکذلک کلام الکشی ، وکون قعنب بن أعین لا یقتضی أنّه أخو حمران کما ظنّه العلاّمة ، وعلی کلّ حال هو غیر معلوم إلاّ من ذکر الشیخ له فی رجال الکاظم (1) علیه السلام من کتابه.

والخامس : فیه من تقدّم.

والسادس : فیه مع المتقدّم عبد الله بن جبلة وهو واقفی ثقة.

والسابع : فیه سعید بن الحسن ولم أقف علیه الآن فی الرجال (2). وأمّا عمر بن أبان فلا یبعد أن یکون الکلبی الثقة.

والثامن : فیه القاسم بن عروة ، ولم أقف علی ما یقتضی المدح فیه فضلاً عن التوثیق ، وما قاله ابن داود نقلاً عن الکشی : أنّه ممدوح (3). لم نجده فی الکشی ، وعبید بن زرارة ثقة بغیر ارتیاب.

والتاسع : فیه عبد الله بن بکیر وقد تقدّم القول فیه مفصّلاً (4) من أنّ الشیخ قال : إنّه فطحی ثقة. والنجاشی وثّقه ولم یذکر الوقف. أمّا علی بن الحکم ، فهو الثقة بتقدیر الاشتراک ؛ لروایة أحمد بن محمد بن عیسی عنه ، کما یستفاد من الرجال (5).

والعاشر : فیه الحسن بن علی الوشّاء وقد تقدّم (6). وأحمد بن عمر یحتمل أن یکون الحَلاّل ، ویحتمل ابن أبی شعبة ، وکلّ منهما ثقة ، إلاّ أنّ

عبد الله بن جبلة واقفی ثقة

إشارة إلی حال سعید بن الحسن وعمر بن أبان

بحث حول القاسم بن عروة

عبید بن زرارة ثقة

إشارة إلی حال عبد الله بن بکیر وعلی بن الحکم

بحث حول أحمد بن عمر

ص: 207


1- مرّ توضیحه آنفاً.
2- ذکره الشیخ فی أصحاب الصادق علیه السلام : 204 / 26.
3- رجال ابن داود : 153 / 1214 ، ولعله استفاد المدح من ذکر الکشی إیّاه فی عداد مشایخ الفضل بن شاذان ، راجع رجال الکشی 2 : 821 / 1029.
4- فی ص 89.
5- راجع الفهرست : 87 / 366.
6- فی ص 111.

الحَلاّل ذکره الشیخ فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه قائلاً : ثقةٌ ردی ء الأصل (1).

والعلاّمة قال فی الخلاصة : فعندی توقّف فی قبول روایته ، لقوله یعنی الشیخ هذا (2). وکأنّ وجه التوقف أنّ رداءة الأصل معناها رداءة الکتاب المسمّی بالأصل ، ویحتمل أن یکون الحدیث منه. وقد ظَنّ بعض المتأخّرین أنّ رداءة الأصل لا یقتضی التوقف (3). وفیه ما فیه. أمّا توهّم توقف العلاّمة من أنّ معنی رداءة الأصل غیر ما ذکرناه فلا وجه له ، کما أنّ ما ذکره الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه حیث قال : أحمد بن عمر الحلاّل روی عنه محمد بن عیسی الیقطینی (4). لا یقتضی التعدد ، مع ذکره فی رجال الرضا علیه السلام کما یعرف من مراجعة کتاب الشیخ.

المتن :

فی الأربعة الأُول له ظهور فی الدلالة علی قول الصدوق باشتراک الوقت من أوّله بین الفرضین (5) ، لکن الطرق غیر سلیمة ، وقد روی فی الفقیه حدیث مالک الجهنی (6) ، وله مزیّة ظاهرة بما قدّمنا القول فیه. وروی خبراً عن زرارة بطریقه عنه وهو صحیح عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان : الظهر والعصر ، فإذا غابت الشمس دخل

هل الوقت من أوّله مشترک بین الفرضین أم یختصّ بالظهر بمقدار أدائها؟

ص: 208


1- رجال الطوسی : 368 / 19.
2- الخلاصة : 14 / 4.
3- کابن داود فی رجاله : 41 / 106.
4- رجال الطوسی : 447 / 51.
5- المقنع : 27.
6- الفقیه 1 : 139 / 646.

الوقتان : المغرب وعشاء الآخرة » (1) والأخبار حینئذ تؤیّد ما رواه.

وقد احتج العلاّمة فی المختلف علی القول باختصاص الظهر من الزوال بمقدار أدائها بما حاصله یرجع إلی أنّه إذا انتفی الاشتراک تعیّن الاختصاص ، وعلّل نفی الاشتراک باستلزامه المحال من حیث امتناع التکلیف بالعبادتین معاً حین الزوال ، وأطال فیه المقال (2).

واعترضه الوالد قدس سره أوّلاً : بأنّه منقوض بالوقت الذی بعد مضیّ مقدار الأربع. وهذا أورده العلاّمة علی نفسه فی الاحتجاج ، وأجاب عنه بما هو واضح الردّ لمن تأمّله ، فاکتفاء الوالد قدس سره بذکر النقض محلّ تأمّل.

وثانیاً : بأنّ ما ذکره من امتناع التکلیف بالعبادتین إن أراد به التکلیف مطلقاً أی مع الذکر والنسیان فالمنع متوجّه إلیه. وقول العلاّمة فی التوجیه : بأنّه لا خلاف فی أنّ الظهر مرادة بعینها حین الزوال. فیه : أنّ هذا مع الذکر لا مطلقا کما هو واضح ، فقوله بعد هذا : ثبت المطلوب. لا وجه له. وإن أراد مع العلم لم یتمّ المطلوب ، وقد أوضحت الحال فی حاشیة الروضة.

واحتجّ شیخنا قدس سره علی الاختصاص بما هذا لفظه : لنا علی اختصاص الظهر ، أنّه لا معنی لوقت الفریضة إلاّ ما جاز إیقاعها فیه ولو علی بعض الوجوه ، ولا ریب أنّ إیقاع العصر علی سبیل العمد ممتنع ، وکذا مع النسیان علی الأظهر ؛ لعدم الإتیان بالمأمور به علی وجهه ، وانتفاء ما یدلّ علی الصحة مع المخالفة.

ثمّ أیّد ذلک بروایات منها : روایة داود بن فرقد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتی

ص: 209


1- الفقیه 1 : 140 / 648 ، الوسائل 4 : 125 أبواب المواقیت ب 4 ح 1.
2- المختلف 2 : 34.

یمضی مقدار ما صلّی أربع رکعات ، فإذا مضی ذلک فقد دخل وقت الظهر والعصر » (1).

إلی أن قال : وقد ورد فی عدّة أخبار اشتراک الوقت من أوّله بین الفرضین کصحیحة زرارة (2). وذکر الروایة السابقة عن الفقیه ، وصحیحة عبید بن زرارة ، وذکر الروایة الآتی بیانها.

وفی نظری القاصر أنّه محلّ بحث : أمّا أوّلاً : فلأنّ قوله : لا معنی لوقت الفریضة ، إلی آخره. فیه : أنّ ما دلّ علی الاشتراک یقتضی إیقاع الفرضین علی بعض الوجوه ، فلا یتم مطلوبه.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ قوله : علی الأظهر. غیر طریقة الاستدلال ، وبتقدیر تمامه فقوله : لعدم الإتیان بالمأمور به علی وجهه. فیه : أنّ ما دلّ علی الاشتراک من الخبر الصحیح یقتضی تحقّق الإتیان بالمأمور به ، مضافاً إلی ظاهر الآیة (3) المتناول للمدّعی ، ویُؤیّد الظاهر تفسیر الآیة فی الخبر المعتبر بما یقتضی الاشتراک (4).

وأمّا ثالثاً : فوصف خبر عبید بن زرارة بالصحة غیر ظاهر بعد ما قدّمناه من حال القاسم بن عروة (5) ، نعم رواها الصدوق وفی الطریق إلیه الحکم بن مسکین وهو مجهول الحال ، وروایة الصدوق لها وإن اقتضت المزیّة کما أسلفناه (6) ، إلاّ أنّه خلاف المصطلح فی الصحیح ، وعدم التفاته قدس سره

ص: 210


1- التهذیب 2 : 25 / 70 ، الوسائل 4 : 127 أبواب المواقیت ب 744.
2- مدارک الأحکام 3 : 36.
3- الإسراء : 78.
4- التهذیب 2 : 25 / 72 ، الاستبصار 1 : 261 / 938.
5- فی ص 1211.
6- فی ص 1209.

إلی ما ذکرناه کما یعلم من عادته ، هذا.

وأمّا الوالد قدس سره فله توجیه لنفی دلالة الأخبار علی الاشتراک من أوّل الوقت ، حاصله : أنّه لا شکّ أنّ إسناد الدخول إلی الوقتین لیس علی حقیقته ؛ لظهور أنّ الداخل عند الزوال لیس بوقتین بل وقت واحد ، إمّا مشترک أو مختص ، فالکلام یحتمل أمرین :

أحدهما : أن یراد بالوقتین الوقت المشترک ، فیکون استعارة ، وجهة الشبه هی : أنّ الوقت المشترک لمّا کان محلاًّ للتعدّد فکأنّه متعدّد ، وعلی هذا فالإسناد حقیقی ، والمجاز لغویّ ، ودلالته علی اشتراک الوقت الأوّل ظاهرة.

ویضعّف بأنّه یقتضی نوع قصور فی الدلالة ؛ إذ الظاهر جواز إیقاع کلّ من الصلاتین مطلقاً ، وهو خلاف الإجماع فیجب أن یختص ، فلا تکون دلالته مستقلة ، بل لا بدّ من ضمیمة أمرٍ آخر.

والثانی : أن یراد بالوقتین معناه الحقیقی من غیر تجوّز ویکون المجاز فی الإسناد ، فإنّ الوقتین لتلازمهما شُبِّه دخولهما بدخول الوقت الأوّل ، واعترض علی نفسه بأنّه یرد علیه ما یرد علی الأوّل ، وأجاب بأنّه معلوم ضرورة. انتهی (1) (2).

وفی نظری القاصر أنّه محلّ بحث : أمّا أوّلاً : فلأنّ نفی الحقیقة من الوقتین غیر ظاهر ، إذ الوقت ما صحّ فعل العبادة فیه أعمّ من کونه فی جمیع الحالات أو فی الجملة کما یعلم من الأخبار فی دخول الوقت المشترک وغیره ، وحینئذ لا مانع من صدق دخول الوقتین.

ص: 211


1- فی « رض » زیادة : ملخصاً.
2- منتقی الجمان 1 : 406.

وأمّا ثانیاً : فعلی تقدیر تسلیم الاستعارة لا مانع من خروج حالة العلم لدلیل. وما قاله من جواب الاعتراض یقال نحوه فی الأوّل.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ العلاقة بتقدیر الاشتراک ظاهرة بخلاف غیرها ، وقد أوضحت الحال فی حاشیة الروضة.

وإذا عرفت حقیقة الأمر فالخبر الخامس کما تری یدلّ علی جواز صلاة الظهر حین الزوال ، وهذا لا خلاف فیه ، بل یفهم من المنتهی أنّه لا خلاف فیه بین المسلمین (1).

والسادس : کذلک ، والتقیید فیه بما یقتضی الضرورة من کلام السائل لا یفید شیئاً إلاّ أنّ الأخبار الآتیة تدلّ علی أنّه وقت الإجزاء کما یصرّح به الشیخ وسیأتی بیان ما لا بدّ منه فی ذلک إن شاء الله.

وأمّا السابع : فهو وإن دلّ علی الوقت الأفضل المخالف بظاهره لما یدلّ علی أنّ الأفضل هو ما بعد القدم أو القدمین أو النافلة ، إلاّ أنّ تأویله علی وجه یوافق غیره ممکن بتقیید إطلاقه وإنّ ظنّ صراحته ، لکن المعارض یوجب التأویل.

والثامن : ربما تظنّ دلالته علی اختصاص الظهر من قوله : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » کما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله - ( حیث قال ) (2) إنّ ما تضمّنه کثیر من الأحادیث من دخول الوقتین من أوّل الزوال لا ینافی ما هو المشهور بین الأصحاب من اختصاص الظهر من أوّل الوقت بمقدار أدائها ؛ إذ المراد بدخول الوقتین دخولهما موزّعین علی الصلاتین

ص: 212


1- المنتهی 1 : 198.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » : قال ، وفی « فض » : فی الحبل المتین حیث قال.

کما یشعر به قوله فی الحدیث الأوّل یعنی خبر عبید بن زرارة (1). انتهی.

وفیه : أنّ حمله علی حالة العلم ممکن ، ولیس الحمل علی التوزیع بأولی من الحمل علی العلم فی هذا الخبر ، وإبقاء غیره علی غیر العلم.

فإنّ قلت : قوله علیه السلام : « ثمّ أنت فی وقت منهما جمیعاً حتّی تغیب الشمس » یقتضی أنّ الأوّل لیس کذلک ، ولو حمل علی العلم لزم أن یکون جمیعه کذلک ، والحال أنّ ما بعد الأوّل لا یکون مشترکاً علی تقدیر العلم.

قلت : لا مانع من حمل الحدیث علی أنّ حالة العلم إذا اقتضت تقدیم الظهر ، لا یلزم من ذلک نفی المشترک فیما بعد للناسی ، وهذا وإن بَعُدَ إلاّ أنّ ضرورة الجمع یقتضیه ، کما ینبّه علیه قول الصدوق بالاشتراک من الأوّل (2) مع ذکره لهذه الروایة (3) ، والمحقّق فی المعتبر قال - علی ما نقل عنه بعد الروایة - : إنّ المراد [ بها (4) ] الاشتراک بعد الاختصاص لتضمّن الخبر قوله : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (5).

وأنت خبیر بأنّ المعنی الذی قلناه محتمل ، فالترجیح یحتاج إلی دلیل مع إطلاق الآیة (6) ، وخروج حالة العلم من الآیة لا یضرّ بقاءها علی الإطلاق فیما عدا حالة العلم.

أمّا ما ذکره بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله فی شرح الإرشاد لتأیید عدم الاختصاص : من أنّ عدم ضبط الوقت المختص بالنسبة إلی الأشخاص

ص: 213


1- البهائی فی الحبل المتین : 139.
2- المقنع : 27.
3- الفقیه 1 : 139 / 647.
4- فی النسخ : بهما ، والظاهر ما أثبتناه.
5- المعتبر 2 : 35.
6- وهی قوله تعالی ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ ) الإسراء : 78.

والأحوال ینافی الشریعة السمحة السهلة (1) : فله وجه ، إلاّ أنّ أمره سهل.

وبالجملة فالمقام واسع البحث والملخّص ما ذکرناه ، غیر أنّه یبقی فی الحدیث شی ء ، وهو أنّ قوله « حتی تغیب الشمس » کالصریح فی عدم اختصاص العصر ، والقائل باختصاص الظهر قائل باختصاص العصر ، فالتأویل فی آخره لا بدّ منه ، وعلی ما قلناه من احتمال إرادة العالم فی أوّله وغیره فی قوله : « ثمّ أنت فی الوقت » فالتأیید بما تضمّنه آخره ظاهر ؛ لأنّ الاشتراک حینئذ یتحقّق إلی غیاب الشمس ، بخلاف القول بالاختصاص ، ولو حمل علی أنّ المراد فی وقت منهما علی تقدیر العلم فإشکاله واضح ، والتقیید من خارج یقتضی عدم ظهوره فی المطلوب إثباته من اختصاص الظهر فی الأوّل ، فلیتأمّل.

وأمّا التاسع : فدلالته علی جواز فعل الظهر والعصر من أوّل الزوال ظاهرةٌ ، غیر أنّ ما دلّ علی أفضلیة التأخیر من الأخبار الآتیة توجب حمل الخبر علی بیان الجواز.

فإنّ قلت : بیان الجواز إنّما یتمّ لو کان فی البین احتمال تعیّن التأخیر.

قلت : الاحتمال موجود من الأخبار الدالة علی التأخیر کما تسمعه فیما بعد إن شاء الله تعالی.

وقوله فی الخبر : « من غیر علّة » کأنّ المراد به من غیر ضرورة سوی بیان الجواز.

وأمّا العاشر : فدلالته علی أنّ وقت الظهر من الزوال ظاهرة. وأمّا

ص: 214


1- مجمع الفائدة 2 : 13.

العصر فیحتمل أن یراد أنّ ابتداء وقتها بعد القامة ، ویحتمل أن یکون من الزوال فیشترک مع الظهر فی الأوّل ویفارقها بالزیادة.

ویشکل الثانی بأنّ القائل بالاشتراک من الأوّل لم یفرّق بما تضمّنته الروایة.

ویمکن الجواب بأنّ المراد بیان الفضیلة وهو لا ینافی الاشتراک ، ولا یخفی أنّ ذکر الروایة هنا لمناسبة وقت الظهر من الزوال وإن کان فیها ما یقتضی المخالفة بالنسبة إلی الآخر.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن علیّ بن النعمان وابن رباط ، عن سعید الأعرج ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس؟ فقال : « بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک إلاّ فی السفر أو یوم الجمعة فإنّ وقتها إذا زالت الشمس ».

عنه ، عن صفوان ، عن ابن مسکان ، عن إسماعیل بن عبد الخالق قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت الظهر ، فقال : « بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک إلاّ فی یوم الجمعة أو فی السفر فإنّ وقتها حین تزول الشمس ».

عنه ، عن محمّد بن أبی حمزة وحسین بن هاشم وابن رباط وصفوان بن یحیی کلّهم عن یعقوب بن شعیب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن وقت الظهر ، فقال : « إذا کان الفی ء ذراعاً ».

عنه ، عن الحسین بن هاشم ، عن ابن مسکان ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « وقت الظهر علی ذراع ».

ص: 215

الحسین بن سعید ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام (1) قال : سألته ، عن وقت الظهر فقال : « ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراع من وقت الظهر ، فذلک أربعة أقدام من زوال الشمس ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عیسی ابن منصور (2) قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « إذا زالت الشمس وصلّیت (3) سبحتک فقد دخل وقت الظهر ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد قال : سألته عن وقت الظهر والعصر ، فکتب : « قامة للظهر وقامة للعصر ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن علیّ بن فضّال ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت صلاة الظهر فی القیظ فلم یجبنی ، فلمّا أن کان بعد ذلک قال لعمرو بن سعید بن هلال : « إنّ زرارة سألنی عن وقت صلاة الظهر فی القیظ فلم أُخبره فحرجت من ذلک ، فاقرأه منّی السلام وقل له : إذا کان ظلّک مثلَک فصلّ الظهر ، وإذا کان ظلّک مثلیک فصلّ العصر ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز بن عبد الله ، عن الفضیل بن یسار وزرارة بن أعین وبکیر بن أعین ومحمّد بن مسلم وبرید بن معاویة العجلی قالوا (4): قال أبو جعفر وأبو عبد الله علیهماالسلام :

ص: 216


1- فی الاستبصار 1 : 248 / 888 : عن أبی جعفر علیه السلام .
2- فی الاستبصار 1 : 248 / 889 : عن عیسی بن أبی منصور.
3- فی « فض » والاستبصار 1 : 248 / 889 : فصلیت.
4- فی النسخ : قال ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 248 / 892.

« وقت الظهر بعد الزوال قدمان ، ووقت العصر بعد ذلک قدمان ، وهذا أوّل الوقت إلی أن یمضی أربعة أقدام للعصر ».

قال محمد بن الحسن : الوجه فی الجمع بین هذه الأخبار والأخبار الأوّلة هو أنّ ما تضمّنت من لفظ القدم والذراع والقامة إنّما ذکر لمکان النافلة ؛ لأنّه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاة ، إلاّ أنّه یستحب أن یبدأ بالسبحة أوّلاً إلی أن یصیر الفی ء علی قدمین ، فإذا صار کذلک فقد فات وقت النافلة ویضیق وقت الفریضة ، فجعلت هذه المقادیر التی هی الذراع والقامة والقدمین لمکان النافلة ، لا أنّها لیست وقتاً للفریضة.

السند :

فی الأوّل : فیه أنّ الطریق إلی الحسن بن محمد بن سماعة فی المشیخة (1) فیه أبو طالب الأنباری وحمید بن زیاد ، أمّا أحمد بن عبدون فقد تقدّم (2) أنّه من الشیوخ.

وفی الفهرست (3) ذکر طریقین إلی کتبه وروایاته جمیعاً ، الأوّل ما فی المشیخة ، والثانی عن ابن عبدون (4) عن الحسن بن علی بن فضّال.

وأمّا الحسن بن سماعة فقد تقدّم (5) أیضا. وعلیّ بن النعمان ثقة فی

طریق الشیخ إلی الحسن بن محمد بن سماعة

علی بن النعمان ثقة

ص: 217


1- الاستبصار 4 : 328.
2- فی ص 474.
3- الفهرست : 51 / 182.
4- فی المصدر زیادة : عن علی بن محمد بن الزبیر.
5- فی ص 976.

النجاشی (1). وابن رباط علی بن الحسن بن رباط الثقة ( لأنّ النجاشیّ (2) ذکر فی طریقه إلی علیّ بن الحسن ، الحسن بن محمد بن سماعة ) (3) (4).

وأمّا سعید الأعرج فالکلام (5) تقدّم فیه (6) ، والحاصل أنّ فی الرجال علی ما فی النجاشی : سعید بن عبد الرحمن الأعرج ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام ذکره ابن عقدة وابن نوح (7). والشیخ فی الفهرست قال : سعید الأعرج (8) ، وفی کتاب الرجال کذلک من غیر توثیق (9) ، والاعتبار یقتضی الاتحاد ، إلاّ أنّ العلاّمة فی المختلف فی باب الأطعمة فی مسألة ما لو وقع الدم فی قِدرٍ یغلی ، قال : إنّ سعید الأعرج لا أعرف حاله (10) ، وکأنّه ظنّ المغایرة لسعید بن عبد الرحمن ، وفیه ما فیه ، کما یعلم من کتاب شیخنا أیّده الله فی الرجال (11).

والثانی : فیه من تقدّم ، وباقی الرجال لیس فیه ارتیاب إلاّ من جهة ابن مسکان ، والظاهر انتفاؤه وأنّه الثقة کما قدّمناه (12).

ابن رباط هو علی بن الحسن بن رباط الثقة

بحث حول سعید الأعرج

ص: 218


1- رجال النجاشی : 274 / 719.
2- رجال النجاشی : 251 / 659.
3- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
4- فی « رض » زیادة : لا یضر الاشتراک.
5- فی « رض » : فأظن الکلام.
6- راجع ص 111.
7- رجال النجاشی : 181 / 477.
8- الفهرست : 77 / 313.
9- رجال الطوسی : 204 / 24.
10- المختلف 8 : 347.
11- منهج المقال : 162.
12- فی ص 121.

والثالث : فیه من تقدّم ، وحسین بن هاشم ذکرنا فیما سبق حاله مفصّلاً ، وعدم الفائدة فی المقام یوجب عدم الإعادة.

ویعقوب بن شعیب ثقة علی ما فی النجاشی ، لکن قال : ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، ذکره ابن سعید وابن نوح ، له کتاب (1). والظاهر أنّ ابن سعید هو ابن عقدة ، والتوثیق إن رجع إلیهما ففیه نوع کلام ذکرنا وجهه فی محلّ آخر من حیث إنّ ابن نوح قد یحصل الشک فیه کما یعلم من الرجال ، ولا یبعد الرجوع فی الرجلین إلی الروایة عن أبی عبد الله علیه السلام ، لکن ابن نوح یمکن دفع الشک فیه.

والرابع : فیه من تقدّم.

والخامس : فیه محمد بن سنان (2).

والسادس : فیه عیسی بن أبی منصور (3) ، والذی فی الرجال عیسی ابن أبی منصور علی ما فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (4).

وفی الخلاصة فی القسم الأوّل : عیسی بن أبی منصور شَلَقان بالشین المعجمة والقاف والنون ، واسم أبی منصور صُبَیْحٌ ، قال ابن بابویه : وکنیة عیسی أبو صالح.

روی الکشّی عن محمد بن عیسی قال : کتب إلیّ أبو محمد الفضل ابن شاذان یذکر عن ابن أبی عمیر ، عن إبراهیم بن عبد الحمید ، عن سعید

بحث حول یعقوب بن شعیب

بحث حول عیسی بن أبی منصور

ص: 219


1- رجال النجاشی : 450 / 1216.
2- وتقدم الکلام فیه فی ص 85 ، 86.
3- کذا فی النسخ ، والظاهر عیسی بن منصور ، کما تقدم فی ص 207.
4- رجال الطوسی : 257 / 558.

ابن یسار ، عن عبد الله بن أبی یعفور أنّ الصادق علیه السلام قال فی عیسی : « من أحبّ أن یری رجلاً من أهل الجنّة فلینظر إلی هذا ».

وعن الصادق علیه السلام : « أنّه خیار فی الدنیا وخیار فی الآخرة ».

وروی أبو جعفر ابن بابویه ، عن محمد بن الحسن بن الولید ، عن محمد بن الحسن الصفّار ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن إبراهیم بن عبد الحمید ، عن عبد الله بن سنان ، عن ابن أبی یعفور قال : کنت عند أبی عبد الله علیه السلام إذ أقبل عیسی بن أبی منصور فقال (1) : « إذا أردت أن تنظر إلی خیار فی الدنیا وخیار فی الآخرة فلتنظر إلیه » وهذا الطریق حسن.

قال أبو عمرو الکشی : سألت حمدویه بن نصیر عن عیسی فقال : خیّر فاضل هو المعروف بشَلَقان وهو ابن أبی منصور ، واسم أبی منصور صبیح. وقال النجاشی : عیسی بن صبیح العرزمی عربیّ صلیب ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام (2). انتهی.

وفی فوائد جدّی قدس سره علی الخلاصة : حسنه لیس بالمعنی المصطلح ؛ لأنّ فی الطریق إبراهیم بن عبد الحمید ، وسیأتی أنّه واقفی وإن کان ثقة کما ذکره الشیخ فالطریق قویّ ، وإلاّ فضعیف (3). انتهی.

وفی أسانید الفقیه : عیسی بن أبی منصور (4). والذی فی النجاشی کما نقله (5) ، وقد ذکره العلاّمة مرّةً أُخری بلفظ النجاشی وقال العلاّمة : قد تقدّم

ص: 220


1- فی الخلاصة زیادة : له.
2- الخلاصة : 122.
3- فوائد الشهید علی الخلاصة : 20.
4- الفقیه 4 : ( شرح المشیخة ) : 86.
5- رجال النجاشی : 296 / 804.

ذکره (1). وأورد علیه جدّی قدس سره فی فوائد الکتاب بأنّه إن کان عیسی بن صبیح هذا هو الأوّل کما یدلّ علیه قوله : وقد تقدّم ، فلا وجه لذکره مرّة أُخری ، وإن کان غیر السابق کما ذکره ابن داود والشیخ الطوسی فلا وجه لنقله عن النجاشی سابقاً ما نقله ؛ لأنّ عیسی بن صبیح العرزمی علی هذا غیر عیسی السابق (2). انتهی. والأمر کما قال.

وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : عیسی بن صبیح العرزمی. مع ما تقدّم عنه من ذکر عیسی بن أبی منصور (3) ، لکن الشیخ کثیراً ما یذکر الرجل الواحد مکرراً ، فالاعتماد علی التعدّد من کتاب الشیخ کما یفهم من ابن داود حیث قال : إنّ الشیخ قد بیّن اختلافهما - (4) محلّ کلام.

وفی قرب الإسناد للحمیری بعد أن قال : حدّثنی محمد بن عیسی ، ما صورته : محمد بن عیسی ، عن إبراهیم بن عبد الحمید ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أسرّک أن تنظر إلی خیار فی الدنیا وخیار فی الآخرة فانظر إلی هذا الشیخ » یعنی عیسی بن أبی منصور (5). والطریق فیه إبراهیم.

وعلی کل حال فالموجود فی عیسی بن أبی منصور علی وجه یصلح للاعتماد هو المدح من حمدویه ، وأمّا التوثیق من النجاشی (6) فهو موقوف علی اتحاد عیسی بن صبیح مع عیسی بن أبی منصور.

والسابع : لا ارتیاب فیه ، وأحمد بن محمد هو ابن أبی نصر علی

ص: 221


1- الخلاصة : 123 / 6.
2- فوائد الشهید علی الخلاصة : 20.
3- رجال الطوسی : 257 / 558 ، 258 / 566.
4- رجال ابن داود : 148 / 1162.
5- قرب الاسناد : 9.
6- رجال النجاشی : 296 / 804.

الظاهر من الممارسة ، والإضمار لا یقدح فیه کما قرّره الوالد قدس سره من أنّ عادة الرواة کانت فی الأُصول أن یبتدؤوا باسم الإمام الذی أخذوا عنه ثمّ یضمرون بعد ذلک فی سائر الأخبار عنه علیه السلام (1).

والثامن : موثّق إلاّ أنّ عمر بن سعید بن هلال غیر موجود فیما وقفت علیه من الرجال ، نعم فیهم : عمرو بن سعید بن هلال وهو مجهول ؛ إذ لم یذکره إلاّ الشیخ فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه بمجرّد وصف الکوفی الثقفی (2). وظنّ العلاّمة فی المختلف أنّه المدائنی الفطحی. والمحقّق کذلک. والظاهر أنّه وهم ؛ لأنّ المدائنی من أصحاب الرضا علیه السلام ، وقد تبع العلاّمة فی هذا الوهم بعض محقّقی المعاصرین ( سلّمه الله ) (3) فعدّ الخبر فی الموثّق (4).

وقد یستبعد روایة أحمد بن محمد بن عیسی ، عن محمّد بن عبد الجبّار ؛ لأنّ أحمد أعلی مرتبةً من محمد ، حیث إنّ أحمد من رجال الرضا علیه السلام ، إلاّ أنّ أحمد مذکور فی رجال الهادی علیه السلام أیضاً ، ومحمّد من رجاله أیضاً ، فلا مانع من روایته عنه.

والتاسع : لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه فی حریز بن عبد الله (5).

المتن :

فی الجمیع ما ذکره الشیخ فیه من الحمل علی مکان النافلة فی القدم

بحث حول عمر ( عمرو ) بن سعید بن هلال

کلمة حول روایة أحمد بن محمد بن عیسی عن محمد بن عبد الجبّار

ص: 222


1- منتقی الجمان 1 : 39.
2- رجال الطوسی : 247 / 388.
3- بدل ما بین القوسین فی « فض » : فی الحبل المتین.
4- البهائی فی الحبل المتین : 136.
5- راجع ص 38.

والذراع والقامة ، لا یخلو من نظر ، وبیان وجهه یتوقف علی ذکر مفاد الأخبار مفصّلاً :

أمّا الأوّل : فهو دالّ بظاهره علی أنّ الظهر وقتها بعد قدم ؛ وهذا محمول بتقدیر القول بأنّ الأوّل للفضیلة والثانی للإجزاء علی أنّ أوّل وقت الفضیلة القدم ، واللازم منه أن یکون ما قبله أمّا للنافلة أو للإجزاء ، فیکون للظهر وقتان للإجزاء : الأوّل : ما قبل القدم. والثانی : الآتی بیانه إن شاء الله.

وبتقدیر حمل الوقت الأوّل علی المختار یحتمل أن یکون ما قبل القدم للنافلة ، ویحتمل أن یکون للفضیلة بالنسبة إلی المختار ، لکن ما تضمّن من معتبر الأخبار أنّ الوقت بعد النافلة طالت أو قصرت یحتاج إلی تقییده بالقدم علی تقدیر حمل ما تضمّن القدم علی وقت النافلة کما قاله الشیخ ، وحینئذ یصیر حاصل الخبر : أنّ وقت النافلة التی بعدها الفریضة (1) مقیّد بالقدم ، وما دلّ علی فعل النافلة وأنّ الفرض بعدها علی الإطلاق یقیّد به.

وفی التهذیب حمل الشیخ ما دلّ علی النافلة بالنسبة إلی المتنفّل (2). والمفهوم منه أنّ من لم یتنفّل فأوّل الوقت له علی کلّ تقدیر ، وإشکاله بالنسبة إلی إطلاق القدم فی هذا الخبر واضحٌ ، بل لا بدّ من ملاحظة ما دلّ علی النافلة بأن یحمل علی من فعلها ، فإطلاق دلالة الخبر علی ما ذکره الشیخ مشکلٌ.

بیان ما دلّ علی أنّ وقت الظهر بعد الزوال بقدم أو ذراع أو قامة والمناقشة فی توجیه الشیخ لها

ص: 223


1- فی « فض » زیادة : إما علی الفضل وما قبله علی الاجزاء. ، وهی مشطوبة فی « د ».
2- التهذیب 2 : 245.

وسیأتی من الشیخ هنا ما یدلّ علی تقیید النافلة بما لا یتجاوز الذراع والقامة والقدمین ، وما دون ذلک یکون مجزیاً ، ونحن إن شاء الله نذکر فیما بعد ما قد یتوجه علیه ، إلاّ أنّ المقصود هنا بیان أنّ الخبر محتاج إلی مزید تقیید.

وما عساه یتوجه علی الشیخ فیما یأتی من دلالة کلامه علی الإجزاء فیما قبل القدم مع أنّه یقول : بأنّ الأوّل للمختار. یمکن دفعه بعدم المانع من القول بکون الأوّل للمختار مع أنّ ما قبل للإجزاء ، علی معنی أنّ ما بعد القدم مثلاً للفضل فی المختار ، وتفصیل القول یأتی إن شاء الله.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « أو نحو ذلک » محتملٌ لأنّ یراد به ما یتناول القدمین ، أو مقدار النافلة إذا قصرت ، أو هما معاً.

وقوله : « إلاّ فی السفر أو یوم الجمعة » یدلّ علی أنّه إذا زالت الشمس یوم الجمعة فالفضیلة للظهر فی أوّل الزوال ، أو فضیلة المختار فی أول الزوال ، لکن فی أخبار نافلة الجمعة ما یقتضی فعل بعضها بعد الزوال فیحتاج الجمع إلی نوع توجیه ، ولعلّ المراد أنّه فی یوم الجمعة إذا صُلِّیَتِ النافلةُ قبلُ فُعِلَتِ الرکعتان بعد الزوال کما تضمّنه بعض الروایات فی نافلة الجمعة ، وإن لم تفعل النافلة فأوّل الزوال کما تضمّنه هذا الخبر.

أو یحمل ما دلّ علی فعل الرکعتین علی الجواز کما قاله الوالد قدس سره ( فی الرسالة ) (1) : من أنّ الشمس إذا زالت ترکت النافلة. لکن لم أقف علی دلیل هذا فیما لو صلّی البعض.

وسیأتی إن شاء الله ما یدلّ علی أنّه بعد القدمین لا نافلة ، وهذا الخبر المبحوث عنه وإن دلّ بمقتضی قول الشیخ علی أنّ القدم وقت النافلة إلاّ أنّ

ص: 224


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

ما دلّ علی القدمین یقتضی عدم الانحصار فی القدم ، والجمع ممکن ببیان أقلّ الوقت للنافلة ، ولو حمل علی مقدار الفعل بحسب طول النافلة وقِصَرِها أمکن ، إلاّ أنّ إطلاق الخبر لا یقتضیه ، ولعلّ الجمع بین الأخبار یوجبه.

وأمّا الثانی : فهو کالأوّل أوّلاً وآخراً.

والثالث : تضمّن الذراع وهو قدمان ، ولا بدّ من حمله بتقدیر إرادة وقت النافلة علی ما قدّمناه (1) بعد دلالة الأخبار الأوّلة ، وکذلک الرابع والخامس.

وأمّا السادس : فظاهر الدلالة علی اعتبار السبحة وهی النافلة المتناول فعلها لزیادة الفی ء عن قدمین ونقصانه عن القدم ، فیحتاج الجمع بینه وبین ما دلّ علی القدم والقدمین إلی توجیه زائدٍ علی ما قدّمناه ، وإطلاق الشیخ الحمل علی وقت النافلة فی الجمع لا یخلو من إشکال.

ولا یبعد أن یقیّد إطلاق هذا بما دلّ علی القدم ، فتکون الفضیلة فی فعل الظهر بعد القدم وإن تمّت النافلة قبله ، وعلی تقدیر القول بأنّ الأوّل للمختار کذلک ، وعلی ما یأتی من الشیخ أنّ ما قبل القدم إجزاء یشکل بأنّ هذا الخبر یقتضی أنّ ما بعد النافلة لا یکون إجزاءً ، فالتقیید کأنّه لا بدّ منه ، أو یحمل الإجزاء علی أنّه إضافی ، وربما کان فی الخبر دلالةٌ علی إرادة وقت الفضیلة حیث قال : « فقد دخل وقت الظهر » إذ لو کان وقت النافلة لمن صلّی النافلة کما فی التهذیب (2) لم یتمّ الإطلاق ، وإن کان باب التوجیه واسعاً.

ص: 225


1- فی ص 1223.
2- التهذیب 2 : 19.

والسابع : کما تری صریحٌ فی القامة ، وسیأتی من الشیخ حمل القامة علی الذراع ، وستسمع ما فیه ، مع إمکان حمل هذا الخبر علی منتهی وقت الفضیلة ، إمّا الکاملة أو غیرها ، کما سیأتی إن شاء الله ، أو یقیّد بالثامن وهو الدال علی فعل الظهر فی القیظ.

وحمل الثامن علی الذراع بتقدیر کون القامة ذراعاً غیر واضح بعد قوله : « مثلک » و « مثلیک » وإذا کان کذلک فحمله علی وقت النافلة واضح الإشکال بالنسبة إلی الشیخ ، حیث جعل القامة ذراعاً ، فیصیر وقت النافلة ذلک ، ولو حمل علی أنّ وقت النافلة یمتدّ إلی المثل وهو نهایة الوقت أمکن ، إلاّ أنّ صریح بعض الأخبار وسیأتی أنّ بعد القدمین لا نافلة ، إلاّ أن یحمل علی عدم التلبس بها ، کما نذکره إن شاء الله.

وما قاله بعض : من امتداد النافلة بامتداد الفریضة کما یستفاد من إطلاق بعض الأخبار المعتبرة من أنّ النافلة ثمان قبل الظهر (1).

ففیه : أنّ المقیِّد موجودٌ ، إلاّ أن یحمل المقیِّد علی الأفضلیّة ، والجواز حینئذ بما دلّ علی فعل النافلة قبل الظهر مطلقاً ، کما یحمل ما دلّ علی القامة علی الجواز من دون تکلّف ما ذکره الشیخ من جعل القامة ذراعاً فی الخبر الدالّ علی القامة ، وما دلّ علی المثل لا مجال للقول فیه ، کما لا یخفی ، ولو حمل الخبر الثامن علی ظاهره من القیظ أمکن أن یقال : بأنّ النافلة فی القیظ تابعة للظهر ، ولا مانع منه ، إلاّ أنّ الکلام فی توجیه الشیخ ، وإذا عرفت حقیقة ما قلناه تعلم ما فی قول الشیخ.

بقی فی المقام شی ء ، وهو أنّ العلاّمة فی المنتهی قال : الذراع

ص: 226


1- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 16.

قدمان ، والقدم اثنا عشر إصبعاً ، فالذراع أربعة وعشرون إصبعاً ، والقدم سُبْع الشخص. کما فی اصطلاح أهل الهیئة.

قوله :

والذی یدلّ علی هذا التفصیل ، ما رواه الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن ابن مسکان ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « أتدری لِمَ جعل الذراع والذراعان (1)؟ » قلت : لِمَ؟ قال : « لمکان الفریضة ، لک أن تتنفّل من زوال الشمس إلی أنّ تبلغ ذراعاً ، فإذا بلغتْ ذراعاً بدأتَ بالفریضة وترکتَ النافلة ».

وعنه ، عن المیثمی ، عن أبان ، عن إسماعیل الجعفی ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « أتدری لِمَ جُعِلَ الذراع والذراعان؟ » قال ، قلت : لِمَ؟ قال : « لمکان الفریضة » قال : « لئلاّ یؤخذ من وقت هذه ویدخل فی وقت هذه ».

وعنه ، عن جعفر بن مثنّی العطّار ، عن حسین بن عثمان الرواسی ، عن سماعة بن مهران قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « إذا زالت الشمس فصلّ ثمان رکعات ثمّ صلّ الفریضة أربعاً ، فإذا فرغت من سبحتک قصرت أو طوّلت فصلّ العصر ».

عنه ، عن صفوان بن یحیی ، عن الحرث بن المغیرة ، عن عمر ابن حنظلة قال : کنت أقیس الشمس عند أبی عبد الله علیه السلام فقال : « یا عمر ألا أُنبّئک بأبین من هذا؟ » قال ، قلت : بلی جعلت فداک ، قال : « إذا زالت الشمس فقد وقع الظهر إلاّ أنّ بین یدیها سبحة وذلک

ص: 227


1- فی الاستبصار 1 : 249 / 893 : والذراعین.

إلیک فإن أنت خفّفت سبحتک فحین تفرغ من سبحتک وإن طوّلت فحین تفرغ من سبحتک ».

عنه ، عن عبد الله بن جبلة ، عن ذریح المحاربی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سأل أبا عبد الله أُناس وأنا حاضر فقال : « إذا زالت الشمس فهو وقت لا یحبسک منها (1) إلاّ سبحتک تطیلها أو تقصّرها » فقال بعض القوم : إنّا نصلّی الأُولی إذا کانت علی قدمین والعصر علی أربعة أقدام فقال أبو عبد الله علیه السلام : « النصف من ذلک أحبّ إلیّ ».

سعد بن عبد الله ، عن موسی بن الحسن ، عن الحسن بن الحسین اللؤلؤی ، عن صفوان بن یحیی ، عن الحرث بن المغیرة النصری (2) وعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم قالوا : کنّا نقیس الشمس بالمدینة بالذراع فقال لنا أبو عبد الله علیه السلام : « الا أُنبّئکم بأبین من هذا؟ » قالوا (3) بلی جعلنا الله فداک ، قال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلاّ أنّ بین یدیها سبحة وذلک إلیک فإنّ أنت خفّفت فحین تفرغ من سبحتک وإن أنت طوّلت فحین تفرغ من سبحتک ».

الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن زرارة (4) ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن وقت الظهر قال : « ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراع من وقت الظهر فذلک أربعة أقدام من زوال الشمس » وقال زرارة ، قال لی أبو جعفر علیه السلام حین

ص: 228


1- فی الاستبصار 1 : 249 / 897 لا توجد : منها.
2- فی الاستبصار 1 : 250 / 898 : عن الحارث بن المغیرة النضری.
3- فی الاستبصار 1 : 250 / 898 زیادة : قلنا.
4- فی الاستبصار 1 : 250 / 899 : عن زرارة بن أعین.

سألته عن ذلک : « إنّ حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة فکان إذا مضی من فیئه ذراع صلّی الظهر ، فإذا مضی من فیئه ذراعان صلّی العصر » ثمّ قال : « أتدری لمَ جعل الذراع والذراعان؟ » قلت : لِمَ جعل ذلک؟ قال : « لمکان الفریضة فإنّ لک أنّ تتنفل من زوال الشمس إلی أن یمضی الفی ء ذراعاً ، فإذا بلغ فیئک من الزوال بدأت بالفریضة وترکت النافلة » قال ابن مسکان : وحدّثنی بالذراع والذراعین : سلیمان ابن خالد وأبو بصیر المرادی وحسین صاحب القلانس (1) وابن أبی یعفور ومن لا أُحصیه منهم.

السند :

فی الأوّل : فیه من تقدّم (2) إلی الحسن بن محمد بن سماعة وهو نفسه فیه کلام تقدّم أیضا (3). وابن مسکان کذلک ، والحاصل أنّه إذا روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، أو عن الحلبی ، فهو عبد الله ، وکذلک عن سلیمان بن خالد علی الظاهر کما یفهم من النجاشی (4) ، وأمّا عن غیر هؤلاء فیحتمل الاشتراک وادعاء تبادر عبد الله ، وقد تقدّم عن السرائر کلام فی روایة رواها ابن إدریس فیها : حسین بن عثمان عن ابن مسکان ، ثمّ قال ابن إدریس : واسم ابن مسکان الحسن (5) وهو ابن أخی جابر الجعفی (6). انتهی.

بحث حول تمییز ابن مسکان

ص: 229


1- فی الاستبصار 1 : 250 / 899 : القلانسی.
2- راجع ص 1207 1209.
3- فی ص 976.
4- رجال النجاشی : 183 / 484.
5- فی « فض » زیادة : بن مسکان.
6- مستطرفات السرائر : 98 / 18.

وهو غریب ؛ إذ لم یر فی الروایات هذا الاسم ، نعم فی الخلاصة : الحسین بن مسکان ، ونقل عن ابن الغضائری أنّه قال : لا أعرفه إلاّ أنّ جعفر ابن محمد بن مالک روی عنه أحادیث فاسدة (1). وغیر خفیّ أنّ جعفراً هذا لم یکن فی زمن أحد من الأئمّة علیهم السلام ، والحسین بن عثمان فی رجال الصادق علیه السلام ، وقد قدّمنا هذا والإعادة لبعده ، ولا یظنّ أنّ الاشتراک الذی أشرنا إلیه بسبب ما ذکره العلاّمة ، بل لأنّ فی الرجال علی بن مسکان (2).

والثانی : فیه مع ما تقدّم (3) المیثمی ، وهو یقال : لأحمد بن الحسن ، کما فی أسانید الفقیه (4) ، ویجی ء لأحمد بن أبی میثم ، ولعلیّ بن إسماعیل ، لکنّ المراد هنا (5) أحمد بن الحسن ؛ لأنّ النجاشی قال : حدّثنا عنه الحسن بن محمد بن سماعة (6). واحمد بن الحسن واقفیّ ثقة فی النجاشی (7).

وأمّا أبان وإسماعیل فلا یخلو أمرهما من التباس ، وقد یظنّ أنّ أبان هو ابن عثمان ، وإسماعیل ابن جابر الجعفی ؛ لما سیأتی فی خبر الأذان من أنّ إسماعیل بن جابر رواه کما فی النجاشی (8) ، والراوی عنه فیه أبان بن عثمان ، لکن احتمال الغیر موجودٌ.

بحث حول تمییز المیثمی

بحث حول تمییز أبان وإسماعیل

ص: 230


1- الخلاصة : 217 / 13.
2- لم نعثر علیه فی کتب الرجال ، ولعلّه سهو والصواب محمد بن مسکان ، راجع رجال الطوسی : 302 / 350 ، أو علی بن عبد الله بن مسکان ، راجع رجال النجاشی : 267 / 694.
3- راجع ص 1207 1209.
4- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 131.
5- فی « رض » زیادة : علی الظاهر.
6- رجال النجاشی : 74 / 179.
7- رجال النجاشی : 74 / 179.
8- رجال النجاشی : 32 / 71.

والثالث : فیه مع ما تقدّم (1) جعفر بن المثنی العطّار ، وهو ثقة فی النجاشی (2). والحسین بن عثمان وسماعة تکرّر القول فیهما (3).

والرابع : فیه مع المتقدّم عمر بن حنظلة ، وقد أسلفنا الکلام فیه (4) : من أنّ توثیق جدّی قدس سره له فی الدرایة (5) محلّ تأمّل. والحرث بن المغیرة ثقة مکرّراً فی النجاشی (6).

والخامس : فیه مع المتقدم ابن جبلة ، ومضی أیضا (7). وذریح ثقة لا ارتیاب فیه.

والسادس : فیه الحسن بن الحسین اللؤلؤی وفیه کلام تقدّم (8).

والحاصل أنّ النجاشی وثّقه (9). والشیخ نقل عن ابن بابویه تضعیفه (10) ، ولا یبعد أن یکون ظنّ التضعیف من استثنائه من روایة محمّد ابن أحمد بن یحیی عنه ، وقد یقال : إنّ هذا لا یقتضی التضعیف ؛ لاحتمال استثنائه لغیر الضعف.

و (11) فیه نوع تأمّل ؛ لما یظهر من النجاشی نقلاً عن ابن نوح أنّه قال

جعفر بن المثنی العطّار ثقة

إشارة إلی حال عمر بن حنظلة

الحرث بن المغیرة ثقة

ذریح المحاربی ثقة

بحث حول الحسن بن الحسین اللؤلؤی

ص: 231


1- فی ص 1207 1209.
2- رجال النجاشی : 121 / 309.
3- راجع ص 131 ، 78.
4- راجع ص 405.
5- الدرایة : 44.
6- رجال النجاشی : 139 / 361.
7- فی ص 894.
8- فی ص 442.
9- رجال النجاشی : 40 / 83.
10- رجال الطوسی : 469 / 45.
11- فی « فض » زیادة : لی.

- بعد ذکر ما قاله محمّد بن الحسن بن الولید فی استثناء روایة محمّد بن أحمد بن یحیی عن الحسن بن الحسین - : وقد أصاب شیخنا محمّد بن الحسن بن الولید ( فی ذلک کلّه ) (1) ، وتبعه أبو جعفر ابن بابویه ، إلاّ فی محمد بن عیسی ، ولا أدری ما رابه فیه؟ لأنّه کان علی ظاهر العدالة (2). انتهی.

وهذا یقتضی أنّ ابن نوح فهم من الاستثناء التضعیف ، إلاّ أن یقال : إنّ ابن نوح ظنّ کما ظنّ الشیخ ، واحتمال غیر الضعف موجود ، والحقّ أنّ کلام ابن نوح لا یقتضی فهم القدح فیه بالتضعیف ، بل حاصله أنّه لا یدری وجه الاستثناء مع أنّ محمّد بن عیسی علی ظاهر العدالة ، وإن کانت العبارة من ابن نوح تعطی الاحتمال ، وقد قدّمنا (3) جملة من هذا والإعادة لبعد العهد.

والسابع : فیه محمّد بن سنان ، وما وقع فیه من قوله ، قال زرارة : قال ابن مسکان ، یحتمل أن یکون القائل محمد بن سنان.

المتن :

فی الأوّل : کما یُحتمل ما ذکره الشیخ من الدلالة علی وقت النافلة یحتمل أن یکون المراد بیان اختصاص وقت الفضیلة بما بعد الذراع للظهر ، والذراعین للعصر ، فلا یتعیّن الوقت للنافلة حتی لو أخّرها عن ذلک کانت فی غیر وقتها ، وحینئذ فالمطلوب تحصیل الفضیلة فی الفرض والنفل ، فلو

وجه الجمع بین ما دل علی أنّ وقت الظهر والعصر بعد الذراع والذراعین من الزوال وما دل علی أنّ وقتهما الزوال

ص: 232


1- ما بین القوسین أثبتناه من المصدر.
2- رجال النجاشی : 348 / 939 ، بتفاوت یسیر.
3- فی ج1 : 76.

تأخّرت النافلة کانت فی وقتها لا علی وجه الفضل ، کالفرض ، إلاّ أنّ احتمال الشیخ ربما قرّبه الظاهر ، وربما بعّده ما دلّ علی امتداد النافلة بامتداد الفریضة ، إلاّ علی ما قدّمناه (1) من احتمال تقیید ما دلّ علی الامتداد بمثل هذا الخبر. وفیه : أنّ الخبر إذا لم یکن صریحا لا یصلح للتقیید.

ویمکن الجواب بأنّ مؤیدات هذا الخبر موجودة ، مضافاً إلی أنّه مروی فی الصحیح عن زرارة فی الفقیه ، وفیه : « لمکان النافلة » (2) بدل قوله هنا : « لمکان الفریضة » ودلالة ما فی الفقیه علی مدّعی الشیخ أوضح ؛ لاحتمال إرادة مکان الفریضة علی هذه الروایة بالنسبة إلی الفضیلة ، والمعنی إنّ التأخّر عن القدمین لمکان تحصیل فضیلة الفریضة.

وعلی تقدیر ما فی الفقیه وإن أمکن الاحتمال ، إلاّ أنّ الظهور علی ما هنا ربما یدّعی.

وما عساه یقال : إنّ الظهور لا یتمّ مع تقدیر الفضیلة ، یمکن الجواب عنه : بأنّ الکلام لولا تقدیر الفضیلة ونحوها لا یفهم منه شی ء یعتدّ به ، وعلی (3) هذا وإن کان فی البین تقدیر لکنه فی حکم المذکور ، علی أنّه یحتمل أن یراد بمکان الفریضة أنّ الإتیان بالنافلة فی وقتها أو وقت کمالها یقتضی تتمیم الفریضة کما فی بعض الأخبار المعتبرة من أنّ الصلاة لا تقبل منها إلاّ ما وقع فیه الإقبال بالقلب ، والنوافل متمّمة لذلک الخلل (4) ، إلاّ أنّ الخبر الوارد بهذا غیر خاص بالأداء بل ظاهرة الشمول لمطلق فعل النوافل

ص: 233


1- فی ص 226.
2- الفقیه 1 : 140 / 653 ، الوسائل 4 : 141 أبواب المواقیت ب 8 ح 3 ، 4.
3- فی « رض » و « فض » : فهو.
4- الوسائل 5 : 476 أبواب أفعال الصلاة ب 3.

الراتبة ، وبالجملة فما فی الفقیه أوضح.

ثمّ إنّ الخبر کما تری یدلّ علی القدمین والأربعة ، وما یدلّ علی السبحة طالت أو قصرت یحتاج إلی الجمع بینه وبین هذا الخبر کما قدّمناه (1) عن قریب.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « ترکت النافلة » یحتمل الحمل علی ما إذا لم یصلّ المصلّی شیئاً ؛ لما یظهر من کلام من رأینا کلامه دعوی الاتفاق (2) علی الإتمام لو أتی برکعة منها وإن تعدّی الوقت ، مضافاً إلی روایة فی هذا الحکم غیر سلیمة (3) الإسناد.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله قال : وما تضمّنته الأحادیث من التأخیر إلی الذراع والذراعین والقدمین والأربعة مستحب لمن یصلّی النافلة (4). ولا یخفی علیک أنّ هذا ( تبع للشیخ ) (5) فی التهذیب کما قدّمنا (6) إلیه الإشارة ، لکن هذا الخبر المبحوث عنه بتقدیر روایة الفقیه یدلّ علی مکان النافلة لا تحقّق فعل النافلة ، ویؤیّده قوله : « ترکت النافلة » علی ما قدّمناه من إرادة عدم فعلها ، وغیر هذا من الأخبار یدلّ علی ذلک (7).

وأمّا الثانی : فهو قریب من الأوّل ، إلاّ أنّ قوله : « لئلاّ یؤخذ من وقت

ص: 234


1- فی ص 1224.
2- کالمحقق الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 19.
3- التهذیب 2 : 273 / 1086 ، الوسائل 4 : 245 ب 40 ح 1.
4- البهائی فی الحبل المتین : 139.
5- بدل ما بین القوسین فی « رض » : اتّبع الشیخ.
6- فی ص 1224.
7- الوسائل 4 : 140 أبواب المواقیت ب 8.

هذه فیدخل فی وقت هذه » ربما کان ظاهراً فی إرادة وقت النافلة ، والمراد تمییز کلّ من وقتی الفریضة للفضیلة والنافلة إمّا للفضیلة أو لغیرها ، ودلالته علی عدم اعتبار فعل النافلة ظاهرة.

والثالث : کما تری یدلّ علی أنّ الفراغ من النافلة یقتضی دخول الفریضة ، والوقت حینئذ فیه الاحتمالات السابقة للفریضة ، ولا یخفی تناوله لزیادة فعل النافلة علی القدمین للظهر ، والأربعة للعصر ، والقامة والقامتین علی تقدیر أن یراد بالقامة ما ذکره الشیخ من أنّها الذراع. وعلی تقدیر إرادة مثل الشاخص کما یدلّ علیه الروایة السابقة صریحاً ، ویتناول فعلها فیما دون القدم.

وعلی هذین التقدیرین یلزم أن یکون ذکر القامة والقدم مخصوصاً بما إذا انتهت النافلة إلیهما ، واللازم من کلام الشیخ انتهاء وقت النافلة ودخول وقت الفریضة بالفراغ ، والظاهر من التقدیر خلافه ، والجمع غیر منحصر فیما ذکره الشیخ ؛ لاحتمال إرادة دخول وقت الفریضة علی جمیع التقادیر لکن تتفاوت الفضیلة فی الفرض والنافلة ، وحینئذ لا یتعیّن ما قاله الشیخ ، واحتمال ادعاء ظهور ما قاله الشیخ فی الجمع غیر معلوم ، علی أنّ الظاهر من الشیخ حصر وقت النافلة للظهر فی القدمین والعصر فی الأربعة ، والخبر المبحوث عنه یتناول غیره ، وهو ما بعد الأربعة وما قبل القدم.

فإنّ أجاب الشیخ بخروج ما بعد القدمین أمکن أن یقال : إنّ المخرج إن کان من الأخبار فالخبر المبحوث عنه یتناول المخرج ، وإن کان بالإجماع فالقول بامتداد وقت النافلة بوقت الفریضة موجود ، إلاّ أن یقال بأنّ المراد بالامتداد بوقت الفریضة هو هذا الامتداد لا مُطلقا ، وفیه ما فیه.

وبالجملة فالجمع بما ذکره الشیخ محلّ تأمّل.

ص: 235

والرابع کالثالث فی الکلام أوّلاً وآخراً.

والخامس : ربما دلّ علی أنّ الاعتبار بالقدم للظهر والاثنین للعصر إن جعل النصف عبارة عن ذلک ، وإنّ جعل النصف کنایة عن نصف الستّة فتکون للظهر ثلاثة وللعصر ثلاثة نافی البعض الدال علی اختصاص الظهر بالقدمین والعصر بالأربعة ، ولو حمل علی الأوّل لضرورة الجمع أمکن أن یقال : إنّ الحمل علی فعل السبحة لا ینافی الزیادة علی القدمین والأربعة ، لکن قوله علیه السلام : « أحبّ إلیّ » یدلّ علی رجحان القدر المذکور ، فیؤیّد احتمال أن یکون اختلاف المقادیر فی الأخبار لبیان اختلاف الکمال ، لا لمجرد فعل النافلة طولاً وقصراً ، وحینئذ لا یتمّ الاستدلال به علی أنّ الاعتبار بفعل النافلة علی الإطلاق.

فإنّ قلت : قوله علیه السلام أوّلاً : « لا یحبسک منها إلاّ سبحتک » یدلّ علی مدّعی الشیخ.

قلت : لا وجه لعدم الالتفات إلی آخر الروایة الدال علی ما قلناه ، ولو حمل علی أنّ المراد یُجزئ فعل النافلة فی النصف أفاد مطلوبنا من عدم الدلالة علی فعل النافلة علی الإطلاق.

والسادس : ذکر شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب أنّه مروی فی الکافی بطریق صحیح ، وهو واضح المتن ، ویستفاد منها وجه الجمع بین الروایات. انتهی.

ولا یخفی أنّ الوضوح إن أُرید به الدلالة علی أنّ ما ورد فی غیره من الأخبار بالمقادیر محمول علی السبحة ، ففیه : أنّ خبر زرارة الأوّل صحیح فی الفقیه (1) ، وهو صریح فی ترک النافلة بعد القدمین ، ومضمون هذا الخبر

ص: 236


1- راجع ص 233.

هو الامتداد إذا طالت السبحة ، وإن زاد الوقت علی قدمین فلا بدّ من التقیید ، وحینئذ لا وضوح.

وإن أُرید بالوضوح دخول وقت الفریضة بالفراغ مطلقاً ، لا یکون فی الخبر جمع بین جمیع الأخبار ، علی أنّه قدس سره لم یقل بأنّ القامة هی الذراع ، کما یقوله الشیخ ، فما دلّ علی القامة یقتضی خروج الوقت بعد القامة ، فلا بدّ من تقیید هذا الخبر بما لم یزد علی القامة ، إلاّ أنّ ما دلّ علی القامة فی هذه الأخبار غیر صالح عنده للمستند.

وفیه : أنّ ما تقدّم فی الأخبار السابقة علی هذه الأخبار وهو روایة أحمد بن عمر دالّ علی القامة ، وهو صحیح عنده ، وإن کان فی صحّته نوع تأمّل أشرنا إلیه سابقاً (1).

وما ذکرناه فی حاشیة التهذیب من احتمال تصحیح الخبر لأنّ أحمد ابن عمر إذا کان ثقة فی نفسه إلاّ أنّه ردی ء الأصل ، یمکن أن یدّعی صحّة ما رواه إلاّ إذا علم أنّه من أصله.

ففیه : أنّ احتمال کونه من الأصل کافٍ فی عدم التصحیح.

إلاّ أن یقال : إنّ رداءة الأصل غیر معلومة المعنی ؛ لاحتمال أن یراد بالرداءة عدم استقامة الترتیب ، أو جمعه للصحیح والضعیف ، بل الاحتمال الثانی ربما کان له ظهور ، وعلی تقدیر غیره لا یضرّ بحال صحّة الحدیث ، بل وعلی تقدیر الاحتمال الآخر کذلک ؛ لأنّ الروایة فی الأصل إذا کانت عن الإمام علیه السلام بغیر واسطة وکان الطریق إلیه صحیحاً لا وجه لردّ الروایة مع

ص: 237


1- فی ص 207.

ضعف الأصل.

ولو أُرید برداءة الأصل عدم الاعتماد علیه لانتفاء القرائن الموجبة للاعتماد کما هی عادة المتقدّمین فی العمل بالأُصول ، أمکن أن یقال : إنّ هذا لا یضرّ بحال الصحة عند المتأخّرین المکتفین بمجرّد الخبر المتّصف راویه ومن روی عنه بالصفة الموجبة للصّحة.

هذا کلّه علی تقدیر الاعتماد علی الوشّاء فی کون روایته صحیحة بالنسبة إلیه ، وحاله لا یزید علی کونه ممدوحاً کما قدّمناه (1).

وإذا عرفت هذا فخبر أحمد بن عمر دالّ علی القامة ، وبتقدیر حملها علی ظاهرها یحتاج ما دلّ علی السبحة علی الإطلاق إلی تقیید ، فلا یتمّ الحکم بأنّه جامع بین الأخبار ، وسیأتی أیضاً من الأخبار ما یوجب التقیید.

والسابع : تفهم دلالته ممّا تقدّم (2) أوّلاً وآخراً ، وسیأتی من الشیخ بعض الأخبار الدالّة علی کون النافلة بعد القدمین أو بعد الأربعة أقدام قضاءً ، أمّا عند غیر الشیخ المتوقف عمله علی الصحیح فلا یحتاج إلی مشقّة الجمع.

بقی فی المقام شیئان :

الأوّل : سیأتی حدیث أوضح دلالةً عَلی مدّعی الشیخ ، وهو خبر محمّد بن أحمد بن یحیی ، وسیأتی إن شاء الله الکلام فیه.

وروی فی زیادات الصلاة من التهذیب عن الحسن بن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن زرارة قال ، قلت لأبی جعفر علیه السلام : بین الظهر والعصر حدّ معروف؟ قال : ( لا ) (3).

ص: 238


1- فی ص 111.
2- من ص 1230 1234.
3- التهذیب 2 : 255 / 1013 ، الوسائل 4 : 126 أبواب المواقیت ب 4 ح 4.

وهذا الخبر مع صحّته ربما یؤیّد أنّ الاعتبار بفعل النافلة ، ولمّا کانت متفاوتة بالطول والقصر لم یکن بین الظهر والعصر حدّ معروف ، ولو کان ما دلّ علی القدم والقدمین والأربعة والقامة محمولاً علی ظاهره من دون الحمل علی فعل النافلة طالت أو قصرت لکان الحدّ بین الظهر والعصر موجوداً ، فکان الأولی من الشیخ ذکر هذا الخبر هنا.

وما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من احتمال أن یکون المراد دخول وقتیهما معاً بالزوال کما تضمّنته الأخبار (1). لا یخلو من تأمّل فی نظری القاصر :

أمّا أوّلاً : فلأنّ فیه اعترافاً باشتراک الوقت من أوّله بین الظهرین وقد تقدّم منه ما قدّمناه عنه (2) ، من قوله : إنّ ما تضمنه کثیر من الأحادیث من دخول الوقتین بأوّل الزوال لا ینافی ما هو المشهور من اختصاص الظهر من أوّل الوقت ؛ إذ المراد بدخول الوقتین دخولهما موزَّعین ، کما یشعر به قوله علیه السلام فی حدیث عبید بن زرارة : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (3) وحدیث آخر عنه (4) مثله (5).

وأمّا ثانیا : فلأنّا إذا قلنا بالاختصاص لا مانع من عدم الحدّ نظراً إلی أنّ وقت الاختصاص تابع لفعل الظهر طولاً وقصراً ، فلا حاجة إلی التعبیر بدخول وقتیهما بالزوال.

ویمکن الجواب : بأنّ الغرض من دخول وقتیهما أعمّ من

ص: 239


1- البهائی فی الحبل المتین : 139.
2- راجع ص 1213.
3- التهذیب 2 : 26 / 73 و 109 / 51 ، وسائل الشیعة 4 : 130 أبواب المواقیت ب 4 ح 21.
4- التهذیب 2 : 24 / 68 ، وسائل الشیعة 4 : 126 أبواب المواقیت ب 4 ح 5.
5- الحبل المتین : 139 وهو فی الذکری 2 : 329.

الاختصاص والاشتراک ، أو یراد الاختصاص بالتقریب الذی ذکرناه ، إلاّ أنّ الإجمال فی مثل هذه المقامات لیس فی محلّه ، وما نقله عن الشهید فی الذکری : من أنّ نفی الحدّ یؤیّد أنّ التوقیت للنافلة ، وقوله سلّمه الله أنّه لا بأس (1). واضح ، ومعه لا وجه للاحتمال الأوّل.

لکن ما قاله الشهید رحمه الله من التأیید ، قد یشکل باحتمال أن یراد نفی الحدّ من حیث إنّ مراتب الفضل غیر منحصرة فی حدٍّ ، بل السبحة والقدم والقدمان والقامة للظهر یقتضی عدم الحدّ المعروف ، فعلی تقدیر أن نقول بعدم الجمع بما قاله الشیخ : من أنّ التقادیر المذکورة للنافلة. یمکن ادعاء التأیید ، إلاّ أنّ الحقّ تساوی الاحتمالین ، والتأیید لأحد الأمرین یحتاج إلی مرجّح ، وبهذا یندفع ترجیح جمع الشیخ بالخبر المذکور.

الثانی : تضمّنت الأخبار أنّ الفی ء ما یحدث من ظلّ الشاخص بعد الزوال ، وهو مشتقّ من فاء إذا رجع ، ولا یخفی أنّ قوله علیه السلام : « إذا بلغ فیئک ذراعاً » صریح فی أنّ النسبة إلی الشخص ، لا إلی الظل الأوّل الباقی ، وهذا کما یدفع القول بالمماثلة بین الظلّ الزائد والأصل ، یدفع التوجیه الآتی من الشیخ فی أنّ المراد بالقامة الذراع ، وإنّما قدّمناه هنا لاقتضاء الحدیث ذلک.

اللغة :

قال فی الصحاح : السبحة التطوّع من الذکر والصلاة ، تقول : قضیت سبحتی (2).

معنی الفیء والسبحة

ص: 240


1- الحبل المتین : 139 وهو فی الذکری 2 : 329.
2- الصحاح 1 : 372 ( سبح ).

قوله :

فإنّ قیل : کیف یمکنکم العمل علی هذه الأخبار مع اختلاف ألفاظها وتضادّ معانیها ؛ لأنّ بعضها یتضمّن ذکر القامة ، وبعضها ذکر الذراع ، وبعضها ذکر القدم ، وهذه مقادیر مختلفة؟!

قلنا : هذه الألفاظ وإن کانت مختلفةً فالمعنی غیر مختلف ؛ لأنّ القامة عبارة عن الذراع علی ما نبیّنه فیما بعد ، فهما عبارتان عن شی ء واحد ، وذکر القدمین یطابقهما ، وما ورد فی بعض الأخبار من ذکر القدم یکون لمن خفَّف نوافله ؛ لأنّ المعتبر فی ذلک مقدار ما تصلّی فیه النوافل قلّ ذلک أم کثر ، غیر أنّه لا یتجاوز بذلک مقدار الذراع أو القامة أو القدمین ، وما دون ذلک یکون مجزیاً.

والذی یدلّ علی ذلک : ما قدّمناه من الأخبار من قوله لعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم والحرث بن المغیرة وغیرهم : « إنّ ذلک إلیک إن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت فحین تفرغ من نوافلک تصلّی الفریضة ».

والذی یدلّ علی أنّ القامة عبارة عن الذراع والقدمین :

ما رواه علی بن الحسن الطاطری ، عن محمّد بن زیاد ، عن علی بن حنظلة قال ، قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « القامة والقامتین الذراع والذراعین فی کتاب علیّ علیه السلام ».

عنه ، عن علیّ بن زیاد ، عن علیّ بن أبی حمزة قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « القامة هی الذراع ».

عنه ، عن محمّد بن زیاد ، عن علیّ بن أبی حمزة ، عن

ص: 241

أبی عبد الله علیه السلام قال : قال له أبو بصیر : کم القامة؟ قال ، فقال له : « ذراع ، إنّ قامة رحل رسول الله صلی الله علیه و آله کانت ذراعاً ».

السند :

فی الأوّل : علی بن الحسن الطاطری ، وهو من وجوه الواقفة ثقة فی النجاشی (1) ، والطریق إلیه فیه جهالة. ومحمّد بن زیاد فیه اشتراک (2). وعلی ابن حنظلة مجهول لذکره فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (3).

والثانی : لا یخلو من خلل علی ما أظنّ ، والظاهر عن علی بن رباط ومحمّد بن زیاد ، أو أنّ لفظ علی سهو وهو محمّد.

وفی فوائد شیخنا المحقّق أیّده الله علی الکتاب علی بن الحسن الطاطری روی عن علیّ بن رباط ومحمّد بن زیاد أیضاً کما یأتیان ، حتی قد شاع أن یقال : الطاطری عنهما. انتهی.

والذی أظنّ أنّ المروی عن الطاطری عنهما یراد به درست ومحمد ابن أبی حمزة ؛ فإنّ الشیخ فی هذا الکتاب (4) ، والتهذیب فی کتاب الحجّ روی عن موسی بن القاسم ، عن علی الجرمی ، عن محمّد بن أبی حمزة ودرست (5). ثمّ قال فی موضع آخر - وهو باب من رمی صیداً فکسر یده من هذا الکتاب - : موسی بن القاسم ، عن الطاطری ، عن محمد ودرست (6). وفی موضع آخر : عن علی بن الحسن الجرمی ، عن محمد

بحث حول علی بن الحسن الطاطری

محمد بن زیاد مشترک

علی بن حنظلة مجهول

ص: 242


1- رجال النجاشی : 254 / 667.
2- راجع هدایة المحدثین : 237.
3- رجال الطوسی : 241 / 296.
4- الاستبصار 2 : 205 / 700.
5- التهذیب 5 : 358 / 1245.
6- الاستبصار 2 : 205 / 700.

ودرست (1). وفی باب الطواف : موسی بن القاسم ، عن الجرمی ، عنهما (2).

أمّا ما قاله شیخنا أیّده الله فلم أقف علیه الآن ، وفی بعض فوائده أیّده الله أیضاً فی روایة علی بن الحسن الطاطری عن علی بن زیاد أو علی ابن رباط نظر انتهی.

وعلی کلّ حال : السند لیس بصالح للتعب فی تصحیحه.

المتن :

ما ذکره الشیخ من دلالته علی مدعاه محلّ تأمّل :

أمّا أوّلاً : فلأنّ بعض الأخبار المتقدّمة صریحٌ فی نفیه کما قدّمناه (3) ، وما قاله رحمه الله من حمل القامة علی الذراع لا ینفی الاختلاف ؛ لأنّ ما وجّه به القدم یقال فی القامة بتقدیر کونها غیر الذراع.

وقوله : لا یتجاوز مقدار الذراع. محلّ کلام ، وادّعاؤه دلالة قوله علیه السلام لعمر بن حنظلة ومن معه علی مطلوبه محلّ تأمّل ، کما ذکره شیخنا المحقق سلّمه الله فی فوائد الکتاب.

أمّا قوله : وما دون ذلک یکون مجزیاً ( فلا یخلو من إجمال ، وقد أسلفنا احتمال إرادة کون فعل الفرض قبل الوقت المذکور مجزیا (4) ) (5) وذکرنا ما لا بدّ منه ، غیر أنّه ینبغی أن یعلم هنا أنّ الإجزاء لمّا لم یکن مذهباً للشیخ ، وإن أمکن توجیهه بما یوافقه علی نحو ما تقدّم ، إلاّ أنّه یمکن أن

بحث حول روایة علی بن الحسن الطاطری عن علی بن زیاد

المناقشة فی استدلال الشیخ ببعض الأخبار لاتحاد القامة والذراع والقدمین معنیً

ص: 243


1- الاستبصار 2 : 235 / 816.
2- الإستبصار 2 : 219 / 754.
3- راجع ص 1213.
4- فی « فض » زیادة : کما أنّه وقت فضیلة.
5- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

یرید هنا أنّه مع عدم تجاوز المقادیر یکون الفعل مجزیاً ، ومع التجاوز لا یجزی علی أن یکون أدّی الفعل علی جهة الموافقة للشارع بناءً علی اعتقاد الشیخ.

ومن هنا یعلم أنّ ما یظنّ من موافقة الشیخ للوالد قدس سره حیث کان یقول : إنّ للظهر وقتی أجزاء. محلّ تأمّل. والذی قدّمناه بناءً علی الاحتمال من ظاهر کلام الشیخ. وبالجملة فالتأمّل فی کلام الشیخ یعلم وجهه ممّا ذکرناه عن قریب ، وقد ذکرنا فی حاشیة التهذیب أیضاً ما لا بدّ منه فی المقام وهو الموجب هنا لتلخیص الکلام.

ثمّ إنّ ما تضمّنه الأوّل من قوله : والقامتین والذراعین ، کأنّه علی سبیل الحکایة ، وفی الظنّ احتمال أنّ المراد وجود کلّ من المذکورات فی کتاب علیّ ، فیکون من العطف بحذف حرفه ( وقد ذکر بعض العامّة فی شرح الحدیث ) (1) أنّ حرف العطف یسقط فی الجمل بکثرة ، مثل : کیف أصبحت ، کیف أمسیت ، وأمّا فی المفردات فهو أضعف. ولعلّ مراده بالضعف القلّة ، علی أنّ أخبارنا غیر معلومة النقل باللفظ ، وإن کان الظاهر فی مثل هذا الخبر النقل باللفظ ؛ إذ هو مقتضی الحکایة.

فإنّ قلت : ما معنی الحکایة هنا؟.

قلت : کأنّ السابق علی الکلام منه علیه السلام ما وقع بهذا اللفظ ؛ لاقتضاء الترکیب إیّاه ، فلمّا أراد الإخبار علیه السلام أتی بذلک اللفظ ، وهو فی أخبارنا موجود النظیر ، هذا.

ولا یخفی أنّ الخبر الأخیر الدال علی أنّ قامة رحل رسول الله صلی الله علیه و آله

ص: 244


1- ما بین القوسین ساقط من « فض » وبدله فی « رض » : وقیل.

کانت ذراعاً لا یدلّ علی حصر القامة فی الذراع ، علی أنّ المعنی فیه لا یخلو من إجمال.

اللغة :

قال فی القاموس : الرحل مرکب البعیر وما یستصحبه من الأثاث (1). انتهی. وقد صحَّف بعض اللفظ فجعله بالخاء المعجمة.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن ابن بکیر ، عن أبیه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال ، قلت له : إنّی صلّیت الظهر فی یوم غیْمٍ فانجلت فوجدتُنی ( صلّیت حین الزوال ) (2) قال ، فقال : « لا تُعِد ولا تَعُد ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه إنّما نهاه عن (3) المعاودة إلی مثله لأنّ ذلک فعل من لا یصلّی النوافل ، ولیس ینبغی الاستمرار علی ترک النوافل ، وإنّما یسوغ ذلک عند الأعذار والعلل.

والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسن بن محمد ( بن سماعة ) (4) ، عن أحمد بن أبی بشیر ، عن معاویة بن میسرة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إذا زالت

معنی الرحل

ص: 245


1- القاموس المحیط 3 : 394 ( الرحل ).
2- فی الاستبصار 1 : 252 / 903 ، ونسخة فی « د » : قد صلّیت حین زال النهار.
3- فی الاستبصار 1 : 252 / 903 : من.
4- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 252 / 904.

الشمس فی طول النهار ، للرجل أن یصلّی الظهر والعصر؟ قال : « نعم وأنا أُحبّ أن یفعل ذلک فی کلّ یوم ».

عنه ، عن محمد بن زیاد ، عن عبد الله بن یحیی الکاهلی ، عن زرارة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أصوم فلا أقیل حتی (1) تزول الشمس ، فإذا زالت الشمس صلّیت نوافلی ثمّ صلّیت الظهر ثمّ صلّیت نوافلی ثمّ صلّیت العصر ثمّ نُمْتُ ، وذلک قبل أن یصلّی الناس ، فقال : « یا زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت ، ولکنّی أکره لک أنّ تتخذه وقتاً دائماً ».

السند :

فی الأوّل : فیه الطریق إلی الحسن بن سماعة ، وهو نفسه (2) ، وقد تقدّم ما فیهما (3). وکذلک عبد الله بن جبلة (4). وابن بکیر مضی القول فیه مفصّلاً (5) ، وأمّا بکیر أبوه فأظنّ تقدّمه ، والحاصل أنّ العلاّمة قال فی ترجمته : إنّه مشکورٌ مات علی الاستقامة ، روی الکشی عن حمدویه عن یعقوب بن یزید عن ابن أبی عمیر والفضل وإبراهیم بن محمّد الأشعری أنّ الصادق علیه السلام قال فیه بعد موته : « لقد أنزله الله بین رسوله وبین أمیر المؤمنین علیهماالسلام » (6).

والشیخ ذکره فی رجال الباقر علیه السلام من کتابه من غیر ما یدلّ علی

بحث حول بکیر بن أعین

ص: 246


1- فی الاستبصار 1 : 252 / 905 : حین.
2- فی « د » و « رض » : ثقة.
3- فی ص 976.
4- فی ص 894.
5- فی ص 89.
6- خلاصة العلاّمة : 28 / 4.

المدح والتوثیق ، وکذلک فی أصحاب الصادق علیه السلام (1).

والمنقول عن الکشی فی الخلاصة موجود فیه ، لکن السند عن ابن أبی عمیر عن الفضل وإبراهیم ابنی محمد الأشعری (2) (3). وعلی کلّ حالٍ الحدیث صحیحٌ ، إلاّ أنّ استفادة التوثیق محلّ کلامٍ ؛ لأنّ المقرّر فی معنی التوثیق أمرٌ وراء الصلاح والتقوی ، کما یُعلم من الدرایة بل المدح قد یمکن توجیهه.

والثانی : فیه من تقدّم. وأمّا أحمد بن أبی بشیر فهو کما تری فی النسخة التی نقلت منها ، والموجود فی الرجال أحمد بن أبی بشر بغیر یاء (4) ، وفی النجاشی أنّه ثقة (5). وفی الفهرست کذلک (6) ، والراوی عنه فیهما ابن سماعة ( وأمّا معاویة بن میسرة فقد مضی (7).

والثالث : فیه مع من تقدم محمد بن زیاد المتقدم قبله (8). ) (9) وأمّا عبد الله بن یحیی الکاهلی فأظنّ أنّه قد تقدّم (10) ، والحاصل أنّ النجاشی قال : إنّه کان وجهاً عند أبی الحسن علیه السلام ووصّی به علی بن یقطین فقال :

بحث حول أحمد بن أبی بشیر ( بشر )

ص: 247


1- رجال الطوسی : 109 / 17 و 157 / 43.
2- فی « رض » و « فض » : الأشعریین.
3- رجال الکشی 2 : 419.
4- رجال النجاشی : 75 / 181 ، الفهرست : 20 / 54.
5- رجال النجاشی : 75 / 181.
6- الفهرست : 20 / 54.
7- فی ص 393.
8- راجع ص 204.
9- ما بین القوسین متأخر فی النسخ عن القول فی عبد الله بن یحیی الکاهلی ، وما أثبتناه هو الأنسب بسیاق العبارة.
10- فی ج3 : 121.

« أضمن لی الکاهلی وعیاله أضمن لک الجنّة » (1) والعلاّمة فی الخلاصة ذکر نحو ذلک ، وزاد : فلم یزل علیّ بن یقطین یُجْری لهم الطعام والدراهم ، إلی آخره (2).

وفی فوائد جدّی قدس سره : فی الکشی فی طریق الوصیّة : محمد بن عیسی ، وحاله معلوم ، ( وأمّا النجاشی فذکرها ) (3) بغیر سند (4). انتهی.

والذی فی الکشی حدثنی حمدویه بن نصیر قال : حدّثنی محمد بن عیسی قال : زعم ابن أخی الکاهلی أنّ أبا الحسن علیه السلام قال لعلی بن یقطین « اضمن لی الکاهلی وعیاله أضمن لک الجنّة » فزعم ابن أخیه أنّ علیاً لم یزل یُجری علیهم الطعام والدراهم ، إلی آخره (5).

وغیر خفی أنّ الطریق مشتمل علی ابن أخی الکاهلی ولم نعلمه الآن ، فاقتصار جدّی قدس سره علی محمد بن عیسی غیر واضح الوجه بتقدیر اطلاعه علی ابن أخی الکاهلی ، علی أنّ محمد بن عیسی فی الظن أنّه لا وجه للتوقّف فیه ، واعتماد النجاشی إن کان علی هذه الروایة فهو شهادة بتوثیق ابن أخی الکاهلی ، إلاّ أنّ ذلک غیر معلوم.

والعلاّمة فی المختلف وصف بعض روایات فیها الکاهلی بالصحّة (6) ، والأمر کما تری.

بحث حول عبد الله بن یحیی الکاهلی

ص: 248


1- رجال النجاشی : 221 / 580.
2- الخلاصة : 108 / 31.
3- بدل ما بین القوسین فی « رض » : وأنّ النجاشی قد ذکرها.
4- فوائد الشهید علی الخلاصة : 18.
5- رجال الکشی 2 : 704 / 749 و 745 / 841.
6- المختلف 1 : 227.

المتن :

فی الأوّل (1) یحتمل أن یکون الوجه فی قوله علیه السلام : « لا تعد » إشارة إلی أنّ الصلاة مع الغیم مبنیة علی ظن دخول الوقت واعتبار العلم أولی ، ویحتمل أن یکون الوجه وقوع الصلاة فی غیر وقت الفضیلة علی القول به ، ویحتمل أن یکون المراد بزوال النهار غیر زوال الشمس بل ذهاب أکثر النهار بحیث وقعت الصلاة بعد المثل ونحوه.

أمّا ما ذکره الشیخ : من أنّ ذلک فعل من لا یصلّی النوافل. ففیه أوّلاً : أنّ فعل النوافل علی تقدیر جواز اتباع الظنّ فی الوقت لا مانع منه ، کما صحّ فعل الفریضة بالظنّ ، ولا صراحة فی الروایة علی عدم فعل النوافل. واحتمال فعل النوافل واتفاق کونها قبل الوقت فیکون صلّی بغیر نوافل ، خلاف ظاهر السؤال والجواب.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الشیخ فی التهذیب صرّح بأنّ ما دلّ علی التأخیر إلی القدم محمول علی من یصلّی النوافل (2).

ویمکن أن یقال : إنّ غرض الشیخ هنا لا ینافی ما قاله فی التهذیب ؛ لأنّ المراد عدم الاستمرار علی ترک النافلة ، لا عدم فعل الصلاة فی أول الوقت ، أو أنّ فعل الصلاة فی أوّل الوقت إذا اقتضی ترک النافلة کان مرجوحاً من هذه الجهة.

وفیه : أنّ الخبر لا یدلّ علی الاستمرار بوجه.

توجیه الشیخ لقوله علیه السلام فی حدیث بکیر : « لا تَعُد » والمناقشة فیه

ص: 249


1- فی « فض » زیادة : کما تری.
2- التهذیب 2 : 19 و 20.

ثمّ إنّ قوله : وإنّما یسوغ ذلک ، إلی آخره. محتمل لأنّ یرید أنّ الاستمرار علی ترک النوافل إنّما یسوغ لذوی الأعذار والعلل ، ویحتمل أن یرید به أنّ الصلاة فی أوّل الزوال إنّما یسوغ لذوی الأعذار والعلل.

والفرق بین هذا وما قبله أنّ الأوّل : یراد به أنّ وقت المختار وإن کان من أوّل الزوال إلاّ أنّه بعد النافلة ، والفعل من دونها إنّما یجوز لذوی الأعذار ، فیکون إطلاق أنّ الأوّل للمختار مقیّداً بما بعد النافلة جمعاً بین الأخبار.

وأمّا الثانی : فالمراد فیه أنّ ترک النافلة إنّما هو سائغ لذوی الأعذار والعلل ، وحینئذ یصیر ما ذکره هنا غیر ما ذکره فی التهذیب من أنّ الأخبار الدالة علی المقادیر لمن یصلّی النوافل ، أو یرید بما ذکره فی التهذیب بیان من یصلّی النوافل غیر المعذور.

وقد یحتمل کلامه فی التهذیب إرادة من یسوغ له فعل النوافل احترازاً عن المسافر ( لأنّ تعبیره وإن کان فیه ) (1) ما یدلّ علی صلاة النوافل بالفعل ، حیث (2) قال : والذی یدلّ علی أنّ هذه الأوقات خاصة بمن صلّی النوافل ما رواه سعد ، وذکر روایة الحارث وعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم السابقة (3) ، و [ لکن (4) ] هی (5) دالّة علی الأعمّ من الفعل ، وتقدّم منه فی التهذیب ما یدلّ علی أنّ الأخبار واردة فیمن یصلّی (6) ، ولفظ « من یصلّی »

ص: 250


1- فی « فض » : لأنه وإن کان فی تعبیره.
2- فی « فض » : لأنّه.
3- التهذیب 2 : 22.
4- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
5- فی « رض » : وهذه الروایات.
6- التهذیب 2 : 19.

أقرب من قوله : « صلّی ». وعلی کلّ حال لا یخفی ظهور الاحتمال الأوّل من الاحتمالات المذکورة فی عبارة الکتاب.

وأمّا الثانی : فدلالته علی مطلوبه موقوفة علی بیان معنی الخبر ، والظاهر منه أنّ السؤال وقع عن الصلاة فی أوّل الزوال فی النهار الطویل ، والجواب یدلّ علی رجحان الفعل فی کلّ یوم سواء کان طویلاً أو قصیراً.

وفی فوائد شیخنا المحقّق أیّده الله علی الکتاب ما هذا لفظه : أی إذا زالت فی النهار الطویل فللرجل فعل ذلک ، وإذا زالت فی جمیع الأیّام کأیّام السنة فله ذلک أی بنوافلهما وآدابهما وکأنّ الشیخ أراد أحدهما ، وإذا زالت فللرجل أن یصلّیهما کذلک فی طول النهار أی من الزوال إلی الغروب وأنا أُحبّ أن یفعل ذلک کلّ یوم ، أی علی مقتضی ذلک کلّ یوم فلا تفوته النافلة. انتهی.

ولا یخفی بُعد استفادة ما ذکره من الخبر ، لکن علی مقتضی استدلال الشیخ لا بدّ من الحمل علی بعض ما قاله سلّمه الله والظاهر أنّه لولا تقدیر فعل النوافل لما بقی للحدیث وجه یُعْتدّ به.

فإنّ قلت : یجوز أن تکون الروایة : وما أحبّ أن یفعل ، فصحّف بما تری قلت : لا وجه لاحتمال التصحیف وإنّ قرّبه ظاهر استدلال الشیخ.

وأمّا الثالث : فدلالته علی خلاف مطلوب الشیخ ظاهرة ؛ لأنّ مراده إن کان الاستدلال علی أنّ ترک النوافل علی الاستمرار لا ینبغی ، فالخبر ظاهرٌ فی خلافه ، وإن کان مراده الاستدلال علی أنّ الصلاة فی أوّل الوقت فعل من لا یصلّی النوافل ، فالخبر تضمّن فعل النافلة ، وقوله علیه السلام : « ولکنّی

ص: 251

أکره لک » إلی آخره. ظاهرٌ فی أنّ هذا الفعل وهو فعل النوافل فی أوّل الزوال ثمّ الصلاة ثمّ فعل النوافل علی أثر ذلک لا ینبغی فعله دائماً ، وأین هذا من مطلوب الشیخ؟.

وفی فوائد شیخنا أیّده الله علی الکتاب : کأنّ کراهیة ذلک لأنّه یقتضی الانفراد عن الناس ، ولعلّ الاجتماع معهم أفضل تقیّةً أو مطلقاً ، وأیضاً یقتضی نوع عجلة کما لا یخفی. انتهی. ولا یخفی علیک الحال ، وبالجملة فالدلالة علی مطلوب الشیخ غیر واضحة.

وربما یحتمل أن یکون المراد بقوله علیه السلام : « ولکنّی أکره » إلی آخره. أنّ جعل الوقت بعد النافلة دائماً لا ینبغی ، بل ینبغی إمّا فعل النافلة أو الصبر إلی القدم أو القدمین ، فیؤیّد إرادة اختلاف الفضل فی المقادیر ، لا أنّ الاعتبار بفعل النافلة ثمّ الفریضة بعدها کما جمع به الشیخ ومن تابعه.

وقد یحتمل إرادة کراهة النوم بعد الظهر ، إلاّ أنّ التعبیر بالوقت ظاهرٌ فی خلافه ، والظاهر أنّ ملاحظة التقیّة لا وجه لها.

ویحتمل أن یکون الجواب تضمّن بیان دخول الوقت من أوّل الزوال ، ولکن لا ینبغی أن یصلّی فی أوّله دائماً ، بل مع الضرورة ، وحینئذ لا تعلّق له بخصوص السؤال ، فلیتأمّل.

قوله :

فإنّ قیل : قد ذکرتم أنّه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الفرض ، ثمّ قلتم : البدأة (1) بالنوافل أفضل ، وهذا ینافی ما ورد (2) فی

ص: 252


1- فی الاستبصار 1 : 252 / 905 : البدایة.
2- فی الاستبصار 1 : 252 / 905 : ما روی.

الأخبار : أنّه لا تطوّع فی وقت فریضةٍ.

روی ذلک : الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن علاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « قال لی رجل من أهل المدینة : یا أبا جعفر مالی لا أراک تتطوّع بین الأذان والإقامة کما یصنع الناس؟ » قال : « قلت (1) : إنّا إذا أردنا أن نتطوّع کان تطوّعنا فی غیر وقت فریضة ، فإذا دخلت الفریضة فلا تطوّع ».

عنه ، عن صالح بن خالد ، عن عبیس بن هشام ، عن ثابت ، عن زیاد بن أبی غیاث ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « إذا حضرت المکتوبة فابدأ بها ولا یضرّک أن تترک ما قبلها من النافلة ».

وما قدّمتموه من الأخبار أیضاً : من (2) أنّ أوّل الوقت أفضل ، یؤکّد هذه الأخبار ، فکیف تجمعون بینها؟.

قلنا : أمّا الذی تضمّن الأخبار التی قدّمناها من أنّ الصلاة فی أوّل الوقت أفضل ، فهی محمولة علی الوقت الذی یلی وقت النافلة ؛ لأنّ النوافل إنّما یجوز تقدیمها إلی أن یمضی مقدار قدمین أو ذراع ، فإذا مضی ذلک فلا یجوز الاشتغال بالنوافل بل ینبغی أن یبدأ بالفرض ، ویکون ذلک الوقت أفضل من الوقت الذی بعده ، وهو وقت المضطر وأصحاب الأعذار ، وقد بیّنا فیما تقدّم ما یدلّ علی ذلک واستوفیناه فی کتابنا الکبیر.

ص: 253


1- فی « رض » زیادة : له.
2- فی الاستبصار 1 : 253 / 907 لا توجد : من.

السند :

فی الأوّل : قد تقدّم فیه ما یُغنی عن الإعادة.

والثانی : فیه مع ما تقدّم صالح بن خالد ، والذی وقفت علیه الآن فی الرجال صالح بن خالد القمّاط فی النجاشی (1) والفهرست مهملاً (2) ، وصالح بن خالد المحاملی أبو شعیب فی النجاشی مهملاً (3) أیضاً ، ولا یبعد کونه المحاملی ؛ لما یأتی فی زیاد بن أبی غیاث.

أمّا عبیس بن هشام ، فهو ثقة فی النجاشی (4). وفی إیضاح الاشتباه : عُبیس بالعین المهملة مصغراً بعدها باء موحّدة ثمّ یاء مثنّاة تحت وبعدها سین مهملة واصلة العبّاس (5). انتهی ملخصا.

وثابت هو ابن جریر المذکور مهملاً فی النجاشی (6) ؛ لأنّ الراوی عنه فی الکتاب عبیس بن هشام ، والشیخ ذکر فی أصحاب الصادق علیه السلام ثابت مولی جریر مهملاً (7). والظاهر أنّه المذکور.

وأمّا زیاد بن أبی غیاث فقد ذکر النجاشی أنّه ثقة سلیم (8). والشیخ ذکره فی الفهرست مهملاً (9).

بحث حول صالح بن خالد

عبیس بن هشام ثقة

ثابت بن جریر مهمل

بحث حول زیاد بن أبی غیاث

ص: 254


1- رجال النجاشی : 201 / 536.
2- الفهرست : 85 / 354.
3- رجال النجاشی : 201 / 535.
4- رجال النجاشی : 280 / 741.
5- إیضاح الاشتباه : 210.
6- رجال النجاشی : 117 / 299.
7- رجال الطوسی : 161 / 17.
8- رجال النجاشی : 171 / 452.
9- الفهرست : 73 / 295.

ثمّ إنّ کلاًّ منهما ذکر أنّ الراوی عنه صالح بن خالد المحاملی عن ثابت بن شریح ، وقد تقدّم أنّ الراوی عن ثابت بن جریر عُبَیْس فی النجاشی ، وحینئذ لا یبعد أنّ قول الشیخ : ثابت مولی جریر. أقرب إلی الاعتبار ، فابن شریح مولی جریر ، إلاّ أنّ احتمال کون الراوی عن زیاد ثابت ابن شریح وثابت بن جریر أیضاً لا مانع منه ، کما أنّ احتمال صالح بن خالد لغیر المحاملی کذلک ؛ لأنّ روایة المحاملی عن ثابت لا عن عبیس ، لکن فی التهذیب روی حدیثاً ثانی (1) عن صالح بن خالد وعیسی (2) بن هشام عن ثابت عن زیاد (3). ومعه یقوی بعض ما ذکرناه فلیتأمّل.

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من إجمال ، والذی أظنّه أنّ المراد به عدم التطوّع فی وقت الفضیلة وهو ما بعد المقادیر السابقة فی الأخبار ، لأنّه علیه السلام انّما یفعل الفرض غالباً فی وقت فضیلته ، وعلی هذا یحمل ما دلّ علی أنّه لا تطوّع فی وقت الفریضة ؛ إذ من المعلوم وقوع النوافل فی وقت الفرائض ، لکن وقت الفضیلة من خصوصیّاته عدم التطوّع فیه ، کما یدلّ علیه بعض الأخبار السابقة ، وما رواه الشیخ فی زیادات الصلاة من التهذیب عن الحسن بن محمّد ، عن صالح بن خالد وعیسی بن هشام ، عن ثابت عن زیاد بن أبی غیاث ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « إذا حضرت المکتوبة فابدأ بها فلا یضرّک أن تترک ما قبلها من النافلة » (4).

توجیه ما دلّ علی أنّه لا تطوّع فی وقت فریضة

ص: 255


1- کذا فی النسخ ، والأنسب : ثانیاً.
2- فی المصدر : عبیس.
3- التهذیب 2 : 247 / 984 ، الوسائل 4 : 227 أبواب المواقیت ب 35 ح 4.
4- التهذیب 2 : 247 / 984 وفیه : عبیس بن هشام ، الوسائل 4 : 227 أبواب المواقیت ب 35 ح 4.

وهذه الروایة الظاهر أنّ عیسی فیها تصحیف عبیس کما تقدّم الکلام فیه (1) ، وإن کان عیسی بن هشام موجوداً فی الرجال (2) ، مع احتمال عیسی ، وعبیس یکون تصحیفاً ، فلا ینبغی الغفلة عن هذا فی الأسانید.

وعلی کلّ حالٍ فهذا الخبر له دلالة علی ما أشرنا إلیه من إرادة وقت الفضیلة ؛ لأنّ حضور المکتوبة لو أُرید به دخول الوقت ولو من الأوّل یستبعد الإخبار من الإمام بجواز ترک النافلة ، لأنّ المستحب لا ریب فی جواز ترکه ، بل (3) إذا أُرید وقت الفضیلة کان للکلام وجه.

واحتمال أن یقال : إنّ الخبر لو أُرید به وقت الفضیلة دلّ علی جواز فعل النافلة وما دلّ علی أنّه لا تطوّع فی وقت فریضة ، ولو حمل علی وقت الفضیلة اقتضی المنع ، فیکون الفعل تشریعاً ، یمکن دفعه بأنّ احتمال إرادة الفضل فی ترک النافلة ممکن أیضاً.

وروی أیضاً فی الزیادات عن معاویة بن عمّار ، عن نجیّة قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : تُدرکنی الصلاة فأبدأُ بالنافلة؟ قال : فقال : « لا ، ابدأ بالفریضة واقض النافلة » (4). وهذا یؤیّد ما قلناه ، غایة الأمر أنّ ما دلّ علی إتمام النافلة بتقدیر الشروع فیها یقیّد هذا الإطلاق.

ولا یخفی أنّ الکلام مبنیّ علی ظاهر الأخبار ، وإلاّ فقد روی فی الصحیح عن عمر بن یزید فی الفقیه أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن الروایة التی یروون أنّه لا ینبغی أن یتطوّع فی وقت فریضة ما حدّ الوقت؟ قال : « إذا أخذ المقیم » فقال : إنّ الناس یختلفون فی الإقامة قال : « الإقامة التی

ص: 256


1- راجع ص 1247.
2- انظر رجال النجاشی : 297 / 808.
3- لیست فی « د » و « رض ».
4- التهذیب 2 : 247 / 983 ، الوسائل 4 : 227 أبواب المواقیت ب 35 ح 5.

تصلّی معهم » (1).

وهذه الروایة وإنّ أمکن الدخل فیها من جهة احتمال التقیّة کما یشعر به بعض ألفاظها إذا تأمّلها المتأمّل ، إلاّ أنّ تأویلها علی وجه یوافق مذهبنا ممکن ، بأن یراد بالإقامة الواقعة فی وقت الفضیلة ، جمعاً بین الأخبار ، وأمّا الخبر المبحوث عنه فلو حُمِلَ علی التقیّة أمکن أیضاً ویکون القائل من أهل المدینة مخالفاً فألزمه علیه السلام بمذهبه.

وفی فوائد شیخنا المحقّق أیّده الله علی الکتاب : المراد بوقت الفریضة فی هذه الروایة الوقت المختص بالفریضة ، وأمّا روایة زیاد بن أبی غیاث فالظاهر أنّ المراد منه إذا حضرت الفریضة ، بأن حضرت الجماعة وتهیّأت للاشتغال بها فلا بأس بالابتداء بها وإنّ لم تکن قد صلّیت النافلة ، وإن کان الأولی حینئذ قضاء النافلة ، مع احتمال أن یراد دخول الوقت المختص کالأوّل. انتهی. ولا یخفی علیک (2) حقیقة الحال.

وأمّا الثانی : فقد قدّمنا فیه کلاماً یغنی عن الإعادة ، وما ذکره الشیخ لا یخلو من تأمّل :

أمّا أوّلاً : فما ذکره : من الحمل علی الوقت الذی یلی وقت النافلة معلّلاً بأنّ النوافل إنّما یجوز تقدیمها إلی أن یمضی مقدار القدمین أو الذراع. ینافی ما قدّمه من الجمع بین الأخبار بحملها علی فعل النافلة طالت أو قصرت ؛ لأنّ اعتبار مضیّ القدمین یقتضی أنّ الفراغ من النافلة لیس هو الوقت الأفضل للفریضة.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره : من أنّه لا یجوز الاشتغال بالنوافل. یقتضی

ص: 257


1- الفقیه 1 : 252 / 1136 ، الوسائل 4 : 228 أبواب المواقیت ب 35 ح 9.
2- لیست فی « رض » و « فض ».

عدم الفرق بین الشروع فیها فی وقتها وعدمه.

ویمکن الجواب عن الوجهین بما لا ینافی ما تقدّم منه وهو ضیق العبارة ، لکن دلالة قوله علی الأفضلیّة بعد القدمین ، ظاهرة فی أنّه وإنّ قال بأنّ الأوّل للمختار ، لکن الأفضل له التأخیر إلی ما ذکر ، وغیر خفیّ أنّ حمل الأخبار الدالة علی أنّ أوّل الوقت أفضل ، إذا أُرید به بعد المقدار لا یتم احتمال أنّ وقت المختار أفضل من وقت المعذور کما أطلقه البعض.

وقوله : فیکون ذلک الوقت أفضل من الوقت الذی بعده ، إلی آخره. وإن دلّ علی أنّ الأفضلیّة بالنسبة إلی المعذور ، لا ینافی ما قلناه : من أنّ الشیخ لا یطلق أنّ وقت المختار أفضل. غایة الأمر أنّه یتوجّه علیه أنّ الأفضلیّة لا تنحصر بالنسبة إلی المعذور ، بل یتحقّق بالنسبة إلی ما قبل القدمین أیضاً.

وبالجملة فالمقام واسع البحث والملخّص ما ذکرناه.

وینبغی أن یعلم أنّ الظاهر من الخبرین سیّما الثانی الاختصاص بالراتبة المؤدّاة ، واحتمال الفائتة الراتبة ممکن علی بُعد ، وسیأتی إن شاء الله الکلام فی الراتبة وغیرها.

قوله :

( ویزید ذلک بیاناً ) (1) :

ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهیب بن حفص ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الصلاة فی الحضر ثمانی رکعات إذا زالت الشمس ما بینک وبین أن یذهب ثلثا القامة ، فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفریضة ».

ص: 258


1- فی الاستبصار 1 : 253 / 907 بدل ما بین القوسین : ویزیده بیاناً.

عنه ، عن ابن جبلة ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الصلاة فی الحضر ثمانی رکعات إذا زالت الشمس ما بینک وبین أن یذهب ثلثا القامة ، فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفریضة ».

عنه ، عن حسین بن هاشم ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی الظهر علی ذراع والعصر علی نحو ذلک ».

فإنّ قیل : الأخبار التی تضمّنت أنّ أوّل الوقت أفضل ، عامّة ولیس فیها تخصیص للوقت الذی ذکرتموه فمن أین قلتم ذلک؟ وهلاّ حملتموها علی العموم؟.

قلنا (1) : حملنا ذلک علی ما قلناه (2) لئلاّ تتناقض الأخبار وقد ورد بشرحها أیضاً آثار :

روی الحسن بن محمد بن سماعة ، عن المیثمی ، عن معاویة بن وهب ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن أفضل وقت الظهر ، قال : « ذراع بعد الزوال » قال : قلت : فی الشتاء والصیف سواء؟ قال : « نعم ».

الحسین بن سعید ، عن عبد الله بن محمد قال : کتبت إلیه : جعلت فداک روی أصحابنا عن أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام أنّهما قالا : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین إلاّ أنّ بین یدیها سبحة إن

ص: 259


1- فی الاستبصار 1 : 254 / 910 : قیل له.
2- فی الاستبصار 1 : 254 / 910 : ما قلنا.

شئتَ طوّلت وإن شئت قصّرت » وروی بعض موالیک عنهما علیهماالسلام أنّ « وقت الظهر علی قدمین من الزوال ، ووقت العصر علی أربعة أقدام من الزوال ، فإنّ صلّیت قبل ذلک لم یجزک » وبعضهم یقول : یجوز ذلک ولکن الفضل فی انتظار القدمین والأربعة أقدام وقد أحببت جعلت فداک أنّ أعرف موضع الفضل فی الوقت ، فکتب علیه السلام : « القدمان والأربعة أقدام صواب جمیعاً ».

السند :

فی الجمیع قد تقدّم ما یغنی عن الإعادة ، غیر أنّ عبد الله بن محمّد الراوی فی الأخیر مشترک (1) ، ویحتمل أن یکون الحضینی الثقة ؛ لأنّه أهوازیّ کالحسین بن سعید ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان.

المتن :

فی الأوّل : لا یخفی دلالته علی ما یخالف ما سبق ؛ لأنّ الأخبار المتقدّمة دلّت علی القدم والقدمین للظهر ، وثلثا القامة بتقدیر ما ذکره الشیخ من الاتّحاد مع الذراع یکون قدماً وثلثاً ، ولیس فی الأخبار ما یقتضی ذلک علی ما تقدّم من الشیخ ، ولو حملت علی ظاهرها کان الثلثان قدمین وثلثی قدم ، ولم یتقدم ما یدلّ علیه بخصوصه.

نعم ما تقدّم من روایة سعید الأعرج ، حیث قال فیها عن وقت الظهر : « بعد الزوال بقدم أو نحو ذلک » ربما یدلّ علی ما نحن فیه فی

عبد الله بن محمد مشترک

توجیه ما دلّ علی أنّ وقت الظهر ذهاب ثلثی القامة بعد الزوال

ص: 260


1- أنظر هدایة المحدثین : 206.

الجملة ، وحینئذ فاستدلال الشیخ هنا بهذه الروایة مع السکوت عن بیان حقیقة الحال لا وجه له ، وعلی تقدیر اعتبار فعل السبحة طالت أو قصرت یمکن حمل الخبر علی مقتضاه ، غایة الأمر أنّ ما دلّ علی ترک النافلة بعد القدمین یحتاج إلی الحمل علی الأکملیّة ، وهذا الخبر علی الجواز إلی الزائد عن القدمین ، وبعد ذلک لا تسوغ النافلة.

ولو قیل : إنّ (1) فی الخبر دلالةً علی أنّ المقادیر السابقة لا تقتضی إلاّ الأفضلیّة لا عدم تسویغ فعل النافلة بعدها لما تضمنه هذا الخبر ، أمکن ، إلاّ أنّ ما دلّ علی المقادیر أصرح دلالةً والبعض أوضح سنداً.

فإن قلت : ما المراد بقوله فی الحضر ثمانی رکعات؟.

قلت : الظاهر أنّ المراد النافلة.

وفی فوائد شیخنا المحقق أیّده الله علی الکتاب : یجوز أن یراد بها العصر مع نافلتها ، وجاز أن یراد الظهر والعصر مجرّد الفرضین ، لکن ما بعده یعنی الخبر الآتی کالنص فی النافلة. انتهی.

وقد یقال : إنّ قوله علیه السلام فی آخر الحدیث : « بدأت بالفریضة » قرینة علی إرادة النافلة ، إلاّ أن یقال بجواز إرادة الفرضین أوّلاً ثمّ بیان البدأة بالفرض ، وفیه ما فیه.

والثانی : کالأوّل.

والثالث : کما تری یدلّ علی أنّ العصر تصلّی علی نحو الظهر ، والظاهر من النحو ما قارب الذراع ، وحینئذ ما دلّ علی الأربعة أقدام یحمل علی الأفضلیّة ، ولو حمل النحو علی المثل وهو الذراع أمکن ، إلاّ أنّ الشیخ

بیان ما دل علی أنّ العصر تصلّی علی نحو الظهر

ص: 261


1- زیادة من « فض ».

روی فی زیادات الصلاة من التهذیب بطریقه عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمد بن أبی حمزة وحسین بن هاشم وعلی بن رباط وصفوان بن یحیی ، عن یعقوب بن شعیب قال : سألته عن صلاة الظهر ، فقال : « إذا کان الفی ء ذراعاً » قلت : ذراعاً من أیّ شی ءٍ؟ قال : « ذراعاً من فیئک » قلت : فالعصر؟ قال : « الشطر من ذلک » قلت : هذا شبرٌ قال : « أو لیس شبر کثیراً » (1).

وهذا الخبر یدل علی أنّ المراد بالنحو غیر المثل ، وتقدّم أیضاً فی خبر أنّ للعصر النصف من ذلک ، والنصف یقتضی عدم اعتبار المقدار المذکور فی الخبر وهو القدمان للظهر والأربعة للعصر ، ویؤیّد ما نحن بصدده ، هذا.

وما ذکره الشیخ من السؤال والجواب فقد تکرّر مضمونه منه ، والحدیث الذی قال : إنّه یشرح ما وجّه به الأخبار مثله کثیر ، غیر أنّ ما تضمّنه من أنّ الشتاء والصیف سواء ربما یشعر بأنّ ما تقدّم فی خبر معاویة ابن میسرة حیث وقع السؤال عن طول النهار ، والجواب بأنّه یجب ذلک فی کلّ یوم ، یراد به عدم الفرق بین الشتاء والصیف ، علی معنی أنّ فعل الفریضة بعد النافلة أو القدمین أولی ، سواء کان فی الشتاء أو الصیف ، فلا تختص تلک الروایة بالنافلة کما مضی.

وأمّا الخبر الأخیر فالظاهر من الجواب فیه لا یطابق مطلوب الشیخ ؛ إذ مقتضاه : أنّ القدمین للظهر والأربعة للعصر صواب ، لا فعل السبحة طالت أو قصرت کما تضمنه بعض السؤال ، ومقصود الشیخ السابق فی الجمع

ص: 262


1- التهذیب 2 : 251 / 996 ، الوسائل 4 : 145 أبواب المواقیت ب 8 ح 18.

کون جمیع الأخبار متحدة فی المآل.

ولا یبعد أن یقال : إن ظاهر السؤال ( فی الخبر ) (1) ، عن الوقت الأفضل هل هو بعد السبحة أو بعد القدمین؟ وحینئذ قوله علیه السلام فی الجواب : « القدمان والأربعة صواب » یراد به أنّ الأفضل ما ذکر ، لا أنّ غیره خطاء ، لیکون ما دلّ علی السبحة غیر صحیح النقل ، أو محمول علی التقیة بتقدیر الصحة.

وقول السائل : فإن صلّیت قبل ذلک لم یجزک. یحتمل أن یراد به لم یحصل به فضیلة الصبر إلی الأربعة وإن صلّی النوافل قبل الفرض.

وقوله : بعضهم یقول : یجوز ذلک ولکن الفضل ، إلی آخره. وإن دلّ بظاهره علی عدم الفضل فیما قبل القدمین أصلاً إلاّ أنّه قابل للتأویل بإرادة الأفضل ، وعلی هذا فالخبر وإن لم یوافق الشیخ من جهة لکن یوافقه من اخری :

أمّا جهة الموافقة فلأنّ الشیخ له أن یقول : بأنّ ما دلّ علی السبحة لا ینافی ما دلّ علی القدمین ؛ لاختلاف مراتب الفضل ، لکن ما قبل السبحة وقت إجزاء. وإن کان قد مضی منه ما یقتضی أنّ الاعتبار فی الفضل بالسبحة مطلقاً.

وأمّا جهة المخالفة فلأنّ الخبر یدلّ علی أنّ القدمین صواب دون غیرهما من المقادیر ، وتأویل هذا بما یوافقه وإن أمکن بالحمل علی الأفضلیّة ، إلاّ أنّ الظاهر من السؤال أنّ انتظار القدمین وإن فرغ من السبحة صوابٌ ، وحینئذ یحمل ما دلّ علی السبحة بإطلاقه علی المقیّد بالقدمین ، فلیتأمّل.

بیان قوله علیه السلام : « القدمان والأربعة أقدام صواب »

ص: 263


1- ما بین القوسین لیس فی « د ».

وفی فوائد شیخنا أیّده الله علی الکتاب : کأنّه یرید أنّ اعتبار القدمین والأربعة مع السابق صواب جمیعاً ، فسقط اعتبار ذلک علی وجه لا یجزی قبل ذلک. انتهی. وأنت خبیر بالحال.

قوله :

ولا ینافی هذا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد بن یحیی قال : کتب بعض أصحابنا إلی أبی الحسن علیه السلام : رُوِیَ عن آبائک القدم والقدمین والأربع والقامة والقامتین وظلّ مثلک والذراع والذراعین ، فکتب علیه السلام : « لا القدم ولا (1) القدمین ، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر وبین یدیها سبحة وهی ثمانی رکعات إن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت ثمّ صلّ الظهر ، فإذا فرغت کان بین الظهر والعصر سبحة وهی ثمانی رکعات إن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت ثمّ صلّ العصر ».

لأنّه إنّما نفی القدم والقدمین حتی لا یظنّ أنّ ذلک لا یجوز غیره ؛ لأنّ ما ورد فی ذلک فعلی جهة الأفضل ورد دون الوجوب ، یبیّن ما قلناه :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن موسی بن جعفر (2) ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن میمون بن یوسف النخاس (3) ، عن محمّد بن الفرج قال : کتبت أسأل عن أوقات الصلاة ، فأجاب : « إذا زالت الشمس

ص: 264


1- أثبتناها من الاستبصار 1 : 255 / 913.
2- فی الاستبصار 1 : 255 / 914 : جعفر بن موسی.
3- فی « فض » : النّحاس.

فصلّ سبحتک وأُحبّ أن یکون فراغک من الفریضة والشمس علی قدمین ، ثم صلّ سبحتک وأُحبّ أن یکون فراغک من العصر والشمس علی أربعة أقدام ، فإن عجّل بک أمرٌ فابدأ بالفریضتین واقض بعدهما النوافل فإذا طلع الفجر فصلّ الفریضة ثم اقض بعدُ ما شئت ».

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه إلاّ من جهة المکاتبة ، ولا وجه للتوقف فیها إلاّ من حیث احتمال الاشتباه فی الخطّ ، ویدفعه أنّ العدل الضابط کما هو الشرط فی قبول الروایة لا یَردّ قوله الاحتمال البعید.

والثانی فیه : موسی بن جعفر ، وهو مهمل فی الرجال أو ضعیف (1).

فإن قلت : الموجود فی الرجال موسی بن جعفر بن أبی کثیر ، وهو من أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ مهملاً (2) ، ولا وجه لاحتماله هنا بعد روایة سعد عنه ؛ وموسی بن جعفر البغدادی مذکور فی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام من کتاب الشیخ مهملاً (3) أیضاً ، لکن یروی عنه محمد ابن أحمد بن یحیی ، وهو بعید عن سعد ؛ وموسی بن جعفر الکمندانی الضعیف الحدیث فی النجاشی (4) یروی عنه محمد بن یحیی ، عن محمد ابن أحمد بن أبی قتادة ، وهو بعید عن سعد أیضاً.

قلت : لیست روایة سعد ببعیدة [ عن (5) ] الأخیرین ، فتأمّل.

کلمة حول المکاتبة

بحث حول موسی بن جعفر

ص: 265


1- راجع رجال النجاشی : 406 / 1076 و 1077.
2- رجال الطوسی : 308 / 450.
3- رجال الطوسی : 514 / 126.
4- رجال النجاشی : 406 / 1077. وفیه : الکُمَیْذانی.
5- فی النسخ : علی ، والصحیح ما أثبتناه.

ومیمون بن یوسف لم أقف علیه الآن فی الرجال. أمّا محمّد بن الفرج فهو ثقة من أصحاب الرضا علیه السلام فی کتاب الشیخ (1) وأصحاب موسی علیه السلام فی النجاشی (2) ، وفی رجال الجواد علیه السلام من کتاب الشیخ مذکور مهملاً (3).

المتن :

فی الأوّل ظاهر المخالفة لما تقدّم من الشیخ فی الجمع بین الأخبار.

وجوابه عنه : بأنّه نفی القدمین حتی لا یظنّ أنّ ذلک لا یجوز ، إلی آخره. فیه : أنّه لا وجه لاختصاص نفی القدمین والحال أنّ السائل ذکر غیر القدم والقدمین. ثمّ إنّ السائل ذکر القامة وظلّ مثلک ، فلو اتحدا مع القدمین والذراع لما خفی علی السائل ، وعلی تقدیر الخفاء ینبغی للإمام أن ینبّهه علی الاتحاد ، إلاّ أنّ جواب هذا سهل.

نعم ما تضمّنه من ذکر السبحة مع نفی القدم والقدمین یدلّ علی أنّ المراد لیس نفی ظنّ أنّ غیره لا یجوز ، فإنّ بیان الوقت من أوّل الزوال کاف ، فعلم أنّ ذکر السبحة لبیان أنّ الأفضل الفعل بعدها مطلقاً وإن طالت أو قصرت ، وعلی هذا ینافی ما دلّ علی نفی النافلة بعد القدمین وعلی نفی ما دلّ علی القدمین وغیرهما.

وللوالد قدس سره کلام فی الحدیث حاصله أنّ نفی القدم والقدمین فی الروایة إنّما هو لدخول فضیلة الظهر دائماً وفی کلّ حال ، حیث ورد فی الأخبار أنّ وقت الظهر بعد القدم والقدمین والذراع ، والعصر بعد الأربعة

میمون بن یوسف غیر مذکور فی الرجال

محمد بن الفرج ثقة

توجیه ما دل علی نفی القدم والقدمین واعتبار السبحة

ص: 266


1- رجال الطوسی : 387 / 9.
2- رجال النجاشی : 371 / 1014.
3- رجال الطوسی : 405 / 2.

والذراعین ، فالخبر إنّما تضمّن نفی کون الوقت لا یدخل إلاّ بعد أحدهما ، وحکم علیه السلام أنّ الوقت زوال الشمس ، فلا ینافی ما دلّ علی أنّ القدم والقدمین آخر وقت النافلة انتهی. وهذا لا یبعد استفادته من کلام الشیخ هنا.

وفی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل ؛ لأنّه وإنّ احتمل ما ذکر إلاّ أنّ احتمال غیره أظهر ، وهو أن یراد نفی توقیت الفضیلة بالقدم والقدمین ، بل إنّما هو بالسبحة ، إذ لو کان الغرض بیان دفع توهّم توقّف دخول وقت الظهر علی القدم والقدمین لاکتفی علیه السلام بذکر الزوال.

ولو أراد علیه السلام کما هو الظاهر بیان الأول ووقت الفضیلة دلّ علی المطلوب من اعتبار السبحة لا غیر ، فالمنافاة لخبر القدم والقدمین باقیة ، علی أنّ الاقتصار علی نفی القدم والقدمین لا یوافق التوجیه الأوّل ولا الثانی إلاّ بتقدیر إرادة القدم والقدمین وما ذکر معهما فی السؤال ، وقد أوضحت هذا فی حاشیة الروضة.

والحاصل : أنّه لا یبعد أن یستفاد من هذا الخبر أنّ الاعتبار بالسبحة ، وما ورد من التقادیر إنما هو بسبب النافلة لا لذات المقادیر ، إلاّ أنّ فی بعض الأخبار السابقة وغیرها ما یقتضی مدخلیّة المقادیر فی الجملة.

وقد یحتمل هذا الخبر التقیّة فی الجواب (1) ؛ لما یظهر من کلام بعض أهل الخلاف فإنّه قال : من لم یشتغل بعد دخول الوقت إلاّ بما یتعلق بالصلاة فهو مدرک لفضیلة أوّل الوقت. ولا ریب أنّ السبحة عندهم من متعلّقات الصلاة ، وعلی هذا فنفی القدم والقدمین للاقتصار فی التقیّة علی أقلّ ما تندفع به ، ومن هنا یتوجّه إمکان دفع بعض ما تقدّم من الأخبار.

بیان ما دل علی اعتبار السبحة والقدمین

ص: 267


1- المنتقی 1 : 402.

وما تضمّنه السؤال من ثمانی رکعات لا ینافی ما قلناه ؛ لأنّ فی مذهبهم ذلک ، وإجماله علیه السلام فی الجواب أبلغ فی التقیّة ؛ لأنّ مراتب النافلة عندهم متعدّدة ، نعم ما تضمّنه من فعل السبحة بعد الظهر ثمّ صلاة العصر ربما ینافی مذهبهم المنقول فی (1) أنّ فضیلة العصر إلی المثلین ، إلاّ أنّ التوجیه ممکن (2) بأنّ مرادهم بیان الآخر ؛ لأنّ فی صحاح أحادیثهم علی ما وجدته فی شرح مسلم أنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یصلّی الهَجیر التی تدعی الأُولی حین تَدحض الشمس ویصلّی العصر ، قال فی الشرح : حین تدحض الشمس أی تزول (3). وظاهر اللفظ یقتضی صلاته عند الزوال ، ولا بدّ من تأویله.

ثمّ ذکر الخلاف - إلی أن قال - : ومنهم من قال - وهو الأعدل - : إنّه إذا اشتغل بأسباب الصلاة عقیب دخول الوقت لم یشتغل بعد دخول الوقت ، إلی آخر ما قدّمناه.

وهذا ظاهر الدلالة علی الحمل السابق ، وأظنّ أنّه أقرب الاحتمالات ، ویؤیّده ما یأتی فی خبر سالم مولی أبی خدیجة من قوله علیه السلام : « لو صلّوا فی وقت واحد لعُرفوا فأُخذوا برقابهم » (4) فإنّه یدلّ علی أنّ التوقیت لو اتحد کان من خصائص الشیعة ، وحینئذ اعتبار القدم والقدمین لو أُخذ مطّرداً لزم ما ذکر ، والله تعالی أعلم بالحقائق.

وأمّا الثانی : فدلالته علی اعتبار ملاحظة السبحة والقدمین فی الظهر ،

ص: 268


1- فی « رض » : من.
2- فی « رض » : یمکن.
3- شرح النووی فی حاشیة إرشاد الساری 3 : 300 و 328.
4- التهذیب 2 : 252 / 1000 ، الوسائل 4 : 137 أبواب المواقیت ب 7 ح 3.

والسبحة والأربعة فی العصر واضحة ، وربما کان فیه ما لا یوافق الشیخ فی دعواه السابقة : من أنّ الاعتبار بالسبحة علی الإطلاق. إلاّ أنّ التوجیه ممکن لو صلحت الروایة للاعتماد.

وما تضمّنته من قوله : « فإن عجّل بک أمرٌ » إلی آخره. فیحتمل أن یکون المراد به : أنّک إذا صلّیت الفرضین قبل الوقت المذکور فی الروایة فاقض النافلة بعدهما ، علی أن یراد بالقضاء فعل الشی ء فی وقته ، إذ هو مستعمل فی الأخبار ، لبعد خروج وقت النوافل بفعل الفرضین أوّل الوقت ، إلاّ أنّ الظاهر من تقدیم الصلاتین عدم المندوحة لفعل النوافل قبلهما ، والفعل بعدهما مع الوقت یقتضی وجود المندوحة ، وهو نوع تنافر ، إلاّ أن یقال : بإمکان الضرورة أوّلاً ثمّ زوالها. وفیه : أنّه خلاف مدلول الروایة ، وحینئذ یحتمل أن یراد بالقضاء فعل النافلة فی غیر وقتها ، والبعدیّة فی الروایة وإن اقتضت نوعاً من القرب إلاّ أنّ ضرورة ما قدّمناه یقتضی الحمل علی ما ذکرناه.

وفی بعض الأخبار فی زیادات الصلاة من التهذیب ما یدلّ علی القضاء (1). لکنه من جهة السند غیر سلیم ، وقد تقدّم (2) ، ومن ثمّ کان الوالد قدس سره یتوقّف فی اعتقاد القضاء ، وذکرنا الوجه فیه أیضاً فی محلّ آخر.

وما تضمّنه الخبر من ذکر طلوع الفجر یدلّ علی أنّ رکعتی الفجر لا یسوغ فعلها بعد طلوع الفجر الثانی ، وسیأتی (3) إن شاء الله الکلام فی ذلک.

والقول فی القضاء هنا کما فی الأوّل ، إلاّ أنّ الظاهر من قوله : هنا

ص: 269


1- التهذیب 2 : 247 / 983 و 275 / 1092.
2- فی ص 1248.
3- فی ص 1361.

« اقض بعدُ ما شئت » کما یحتمل ما ذکرناه یحتمل أن یراد أنّ نافلة الظهرین لو تأخّرت أو غیرها لا یفعل بعد طلوع الفجر ، بل یبدأ بالفریضة ثمّ یقضی بعدها ما فات من النوافل ، وربما قرّب هذا قوله : « ما شئت » إلاّ أنّ احتمال رکعتی الفجر لا یندفع بهذا اللفظ.

قوله :

فأمّا ما تضمّنت الأخبار التی قدّمناها : من أنّه لا تطوّع فی وقت الفریضة. محمولة (1)علی أنّه لا تطوّع فی وقت فریضة تضیق وقتها ، أو فی وقت فریضة لم یَسُغ (2) فعل النافلة فیه ، علی ما بیّناه من أنّه إذا مضی من الزوال قدمان أو قدم ونصف ، فلا نافلة ، فینبغی (3) أن یبدأ بالفریضة ، وعلی هذا لا تنافی بین الأخبار.

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه الحسین (4) بن محمد ، عن ابن رباط ، عن ابن مسکان ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « کان حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله قامة فإذا مضی من فیئه ذراع صلّی الظهر ، وإذا مضی من فیئه ذراعان صلّی العصر » ثمّ قال : « أتدری لم جعل الذراع والذراعان؟ » قلت : لا قال : « لأجل (5) الفریضة ، إذا دخل وقت الذراع والذراعین بدأت بالفریضة وترکت النافلة ».

ص: 270


1- فی الإستبصار 1 : 255 / 914 : فمحمولة.
2- فی نسخة من الاستبصار 1 : 255 / 914 : لم یسع ، وفی اخری : لا یسوغ.
3- فی الاستبصار 1 : 255 / 914 : وینبغی.
4- فی الاستبصار 1 : 255 / 915 : الحسن.
5- فی الاستبصار 1 : 255 / 915 : من أجل.

عنه ، عن الحسن بن عدیس ، عن إسحاق بن عمّار ، عن إسماعیل الجعفی ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا کان فی ء الجدار ذراعاً صلّی الظهر فإذا کان ذراعین صلّی العصر » قلت : الجدران تختلف منها قصیر ومنها طویل قال : « إنّ جدار مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان یومئذ قامة ، وإنّما جعل الذراع والذراعان لئلاّ یکون تطوّع فی وقت فریضة ».

عنه ، عن عُبیس ، عن حمّاد ، عن محمّد بن حکیم قال : سمعت العبد الصالح 7 وهو یقول : « إنّ أوّل وقت الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة من الزوال ، وأوّل وقت العصر قامة ، وآخر وقتها قامتان » قلت : فی الشتاء ، والصیف سواء؟ قال : « نعم ».

السند :

فی الأوّل (1) : الحسین بن محمّد ، وهو فی کثیر من النسخ ، وفی بعض النسخ الحسن بن محمد ، والظاهر أنّه الصواب ، وهو ابن سماعة ؛ لروایته عن ابن رباط وهو علیٌّ فیما تقدّم (2) ، إلاّ أنّ شیخنا أیّده الله توقّف فی روایة الحسن عن علیّ بن رباط کما نقلناه عنه سابقاً ، والآن لم یظهر لی وجهه إلاّ من حیث کون علیّ بن الحسن بن رباط من أصحاب الرضا علیه السلام علی ما نقله النجاشی (3) عن الکشّی ، والحسن بن محمد بن سماعة من أصحاب الکاظم علیه السلام فی کتاب الشیخ (4).

بحث حول الحسن بن محمد بن سماعة وروایته عن علی بن رباط

ص: 271


1- فی « فض » زیادة : کما تری.
2- فی ص 414.
3- رجال النجاشی : 251 / 659.
4- رجال الطوسی : 348 / 24.

والمذکور فی وفاة الحسن بن سماعة أنّها فی سنة ثلاث وستین ومائتین والرضا علیه السلام توفّی علی قول الشیخ رحمه الله سنة ثلاث ومائتین وعمره علیه السلام خمس وخمسون سنة (1) ، فلیتأمّل.

وأما الحسین بن محمّد علی تقدیر ما نقلناه (2) فغیر معلوم الحال. وقد وثّق النجاشی ابن رباط المذکور إن کان علیّاً (3).

والثانی : فیه : الحسن بن عدیس وهو مذکور مهملاً فی رجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ (4). وأمّا إسماعیل الجعفی فقد تقدّم القول فی أنّ فیه اشتراکاً وکلاماً (5) ، والآن وجدت زیادة اشتراک فیه (6) غیر من تقدّم لکنه فی أصحاب الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (7) ، وهو إسماعیل بن حازم الجعفی.

وأمّا الثالث : فقد تقدّم (8) القول فی عبیس. أمّا محمّد بن حکیم فالذی فی رجال الشیخ رحمه الله من أصحاب الکاظم علیه السلام محمّد بن حکیم مهملاً (9). والعلاّمة قال فی الخلاصة : محمّد بن حکیم النخعی یروی (10) عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، یکنّی أبا جعفر له کتاب یرویه

الحسن بن عدیس مهمل

بحث حول إسماعیل الجعفی

بحث حول محمد بن حکیم

ص: 272


1- التهذیب 6 : 83.
2- فی « رض » : ما قلناه.
3- رجال النجاشی : 251 / 659.
4- رجال الطوسی : 374 / 43.
5- راجع ص 701.
6- فی « فض » زیادة : لرجلٍ.
7- رجال الطوسی : 147 / 97.
8- فی ص 1248.
9- رجال الطوسی : 358 / 2.
10- فی « فض » : روی.

جعفر بن محمد بن حکیم ، روی الکشّی أنّ أبا الحسن کان یرضی کلامه عند أصحاب الکلام (1).

والذی فی کتاب الکشّی : حمدویه قال : حدثنی یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد بن حکیم قال : ذکر لأبی الحسن علیه السلام أصحاب الکلام فقال : « أمّا ابن حکیم فدعوه » وروی حدیثاً آخر فی طریقه محمّد بن عیسی عن یونس أنّ أبا الحسن کان یأمر محمّد بن حکیم أن یجالس أهل المدینة فی مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وأن یکلّمهم (2) ویخاصمهم (3).

وأنت خبیر بأنّ هذین الخبرین لا یثبتان ما یقتضی إدخاله فی القسم الأوّل من الخلاصة ، والحال أنّه مذکور فیه.

المتن :

فی الأوّل : علی مقتضی قول الشیخ السابق : من أنّ القامة ذراع. یقتضی أنّ مدلول الخبر اعتبار المثل للظهر والمثلین للعصر ، والمطلوب من الشیخ بیان القدمین أو القدم ونصف ، فلا أدری الوجه فی غفلته رحمه الله عن مثل هذا إلاّ بوجه تکلّفه ظاهرٌ ، فترکه أولی.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « لأجل الفریضة » ثمّ ذکر ترک النافلة یقتضی أنّ ما تقدّم من الأخبار الدالة علی أنّ القدمین لمکان الفریضة یراد به لأجل البدأة بالفریضة.

ص: 273


1- الخلاصة : 151 / 65 بتفاوت یسیر.
2- فی « فض » : یعلمهم.
3- رجال الکشی 2 : 746 / 843 و 844.

والثانی : أوضح دلالةً علی ما قلناه أولاً وثانیاً.

والثالث : کالأوّل والثانی فی الأوّل ، أعنی الدلالة علی أن القامة غیر الذراع ؛ إذ آخر وقت الظهر لا یکون ذراعاً إلاّ بتقدیر آخر وقت الفضیلة ، وفیه ما لا یخفی.

إذا عرفت هذا ، فما قاله الشیخ أوّل الکلام : من حمل ما دلّ علی أنّه لا تطوّع فی وقت فریضة علی الوقت المضیّق. إن (1) أراد به ما بعد السبحة والقدم وغیرهما کما دلّت الأخبار ، فلا بدّ أن یحمل التطوّع فی بعضها علی غیر الراتبة المؤدّاة ؛ إذ لا معنی لعدم فعل النافلة بعد السبحة إلاّ بما قلناه. ولو أراد بالأخبار ما دلّ علی غیر السبحة اعتماداً علی المعلومیّة ، ففیه ما فیه ، علی أنّ ما دلّ علی نفی التطوّع قد قدّمنا فیه الکلام من جهة أُخری.

وقوله : أو فی وقت فریضة لم یسع فعل النافلة. فیه : إن أراد به أنّه لا بدّ من زمان یسع فعل تمام النافلة من القدم وغیره من المقادیر ، وإلاّ لا یسوغ فعل النافلة ، ففیه : أنّه قد روی ما یدلّ علی أنه لو صلّی منها رکعة أتمّها ، فکان علیه أن یذکر ذلک.

وإن أراد أنّه لو علم الإنسان بعدم السعة لا یسوغ له النافلة ، ولو لم یعلم وتلبّس بها برکعة [ أتمّها (2) ] کما هو مدلول روایة عمّار الساباطی (3) بتقدیر الجمع بینها وبین ما دلّ علی أنّه لا تطوّع ، لکان علیه أیضاً البیان ، علی أنّ الظاهر من الوجه الثانی الاختصاص بالراتبة المؤدّاة ، وما دلّ علی

المناقشة فی حمل الشیخ قوله : لا تطوع فی وقت فریضة ، علی الوقت المضیّق ، أو الذی لم یسع فعل النافلة

ص: 274


1- فی « رض » : إذا.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاقتضاء السیاق.
3- التهذیب 2 : 262 / 1044 ، الوسائل 4 : 217 أبواب المواقیت ب 30 ح 3.

النهی عن التّطوع بعضه فی حکم العامّ ، وما ذکره قدس سره من القدم ونصف لم یمض صریحاً ، إلاّ أنّه قابل للتوجیه ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ من أنّه لا تطوّع فی وقت فریضة للأخبار المتقدّمة ، فیه : أنّ معارض تلک الأخبار موجودٌ :

أمّا علی تقدیر العموم فی تلک ، فمکاتبة محمد بن یحیی بن حبیب فیها نوع من العموم ، ومتنها : قال : کتبت إلی أبی الحسن الرضا علیه السلام تکون علیَّ الصلاة النافلة متی أقضیها؟ فکتب علیه السلام : « فی أیّ ساعة شئت من لیل أو نهار » (1).

والخبر السابق عن الفقیه قد سمعته (2).

وفی بعض الأخبار ما یدلّ علی قضاء صلوات فی کلّ وقت ، وعدّ منها الفائت ، وهو أعم من النفل والفرض ، وما دلّ بعمومه علی فعل الصلوات المرغّب فیها مثل : ما بین المغرب والعشاء وهی الغفیلة ، وغیرها من الصلوات ممّا لا یکاد یُعَدّ.

وفی بعض الأخبار المعتبرة فی الکافی : أنّ الظهر إنّما أُخّرت ذراعاً من أجل صلاة الأوّابین (3). وهی نافلة الزوال. وفیه نوع دلالة علی الاختصاص ، فإجمال الشیخ رحمه الله فی هذا المقام لا وجه له ، وسیأتی إن شاء الله ما لا بدّ منه فی باب النوافل لمن علیه فریضة.

ص: 275


1- الکافی 3 : 454 / 17 ، التهذیب 2 : 272 / 1083 ، الوسائل 4 : 240 أبواب المواقیت ب 39 ح 3.
2- راجع ص 1249.
3- الکافی 3 : 289 / 5.

قوله :

فإن قیل : نراکم قد رتبتم الأوقات بعضها علی بعض ، وجعلتم لبعضها علی بعض فضلاً ، وقد روی أنّ ذلک کلّه سواء :

روی (1) الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن علی بن شجرة ، عن عبید ابن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال ، قلت له : یکون أصحابنا فی المکان مجتمعین ، فیقوم بعضهم یصلّی الظهر ، وبعضهم یصلّی العصر ، قال : « کل (2) واسع ».

عنه ، عن أحمد بن أبی بشر ، عن حمّاد بن أبی طلحة قال : حدّثنی زرارة بن أعین قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجلان یصلّیان فی وقت واحد وأحدهما یعجّل العصر والآخر یؤخّر الظهر ، قال : « لا بأس ».

عنه ، عن ابن رباط ، عن ابن أُذینة ، عن محمّد بن مسلم قال : ربما دخلت علی أبی جعفر علیه السلام وقد صلّیت الظهر والعصر ، فیقول : « صلّیتَ الظهر؟ » فأقول : نعم والعصر ، فیقول : « ما صلّیت الظهر » فیقوم مترسّلاً غیر مستعجل فیغتسل أو یتوضّأ ثمّ یصلّی الظهر ثمّ یصلّی العصر ، وربما دخلت علیه ولم أُصلّ الظهر فیقول : « (3) صلّیت الظهر؟ » فأقول : لا ، فیقول : « قد صلّیت الظهر والعصر ».

قیل له : لیس فی هذه الأخبار ما ینافی ما قدّمناه ؛ لأنّ قوله علیه السلام

ص: 276


1- فی الاستبصار 1 : 256 / 918 : وروی.
2- فی الاستبصار 1 : 256 / 918 زیادة : ذلک.
3- فی الاستبصار 1 : 256 / 920 زیادة : قد.

« کلّ ذلک واسعٌ » محمولٌ علی أنّ ذلک کلّه جائز قد سوّغته الشریعة ، وإن کان لبعضها فضلٌ علی بعض ، ولیس فی الخبر أنّ ذلک کلّه واسعٌ متساوٍ فی الفضل ، ویحتمل أن یکون سوّغ ذلک لهم لضرب من المصلحة والتقیّة.

یدلّ علی ذلک :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن عبد الرحمن بن أبی هاشم البجلی ، عن سالم مولی أبی خدیجة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سأله إنسان وأنا حاضر فقال : ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا یصلّون العصر وبعضهم یصلّون الظهر؟ فقال : « أنا أمرتهم بهذا ، لو صلّوا فی وقت (1) لعرفوا فأُخذوا برقابهم ».

السند :

فی الأوّل : فیه من تقدّم ، وعلی بن شجرة ثقة فی النجاشی (2) وفی الفهرست مذکور مهملاً (3) ، وکذا فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (4). وفی بعض کتب الرجال للمتأخّرین : ابن أبی شجرة (5) ، والظاهر أنّه سهو.

والثانی : فیه من تقدّم ، مع أحمد بن أبی بشر ، وقد قدّمنا أنّ فی

بحث حول علی بن شجرة

بحث حول أحمد بن أبی بشر

ص: 277


1- فی الاستبصار 1 : 257 / 921 زیادة : واحد.
2- رجال النجاشی : 275 / 720.
3- الفهرست : 94 / 391.
4- رجال الطوسی : 267 / 723.
5- حکاه عن نسخة من رجال ابن داود فی معجم رجال الحدیث 12 : 60 / 8199.

الرجال : أحمد بن أبی بشر بغیر یاء واقفی (1) ، وفی بعض النسخ : أحمد ابن بشیر ، والظاهر أنّه غلط ؛ لأنّ ابن بشیر وإن کان موجوداً فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (2) ، وأحمد بن بشیر البرقی روی عنه أحمد بن محمّد بن یحیی (3) فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتاب الشیخ (4) ، وهو ضعیف ، إلاّ أنّ فی النجاشی ذکر الطریق إلی کتاب حمّاد بن أبی طلحة والراوی عنه أحمد بن أبی بشر (5).

إما حمّاد بن أبی طلحة ففی النجاشی أنّه ثقة (6). وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهمل (7) (8).

والثالث : فیه من تقدّم ، وابن رباط أیضاً مضی فیه القول (9). وأمّا ابن أُذینة فقد سبق أنّ الظاهر کونه عمر بن محمّد بن عبد الرحمن بن أُذینة (10) ، کما فی النجاشی قائلاً : إنّه شیخ أصحابنا البصریّین ووجههم (11). والشیخ قال فی رجال الصادق والکاظم علیهماالسلام : عمر بن أُذینة ثقة (12). وظنّ بعض المتأخّرین التعدّد (13) لا وجه له ؛ لأنّ النجاشی قال فی آخر الطریق إلی عمر

بحث حول حماد بن أبی طلحة

بحث حول ابن أذینة

ص: 278


1- انظر رجال النجاشی : 75 / 181 ، والفهرست : 20 / 54. وتقدم فی ص 1241.
2- رجال الطوسی : 142 / 2.
3- فی « د » و « فض » : محمد بن أحمد بن یحیی.
4- رجال الطوسی : 447 / 55.
5- رجال النجاشی : 144 / 372.
6- رجال النجاشی : 144 / 372.
7- فی « رض » : مهملاً.
8- رجال الطوسی : 182 / 288.
9- فی ص 1261.
10- فی ص 1209.
11- رجال النجاشی : 283 / 752.
12- رجال الطوسی : 253 / 482 و 353 / 8.
13- کابن داود فی رجاله : 144 / 1111 و 146 / 1131.

ابن محمد : عن عمر بن أُذینة (1). فقول جدّی (2) قدس سره : أنّ وجه وهم التعدّد ذکر الشیخ فی کتابیه (3) عمر بن أُذینة ، والنجاشی والکشّی عمر بن محمد (4) ، لا وجه [ له ] بعد ما ذکرناه عن النجاشی ، وکلّ هذا قدّمناه (5) والإعادة لبُعد العهد.

والرابع : لیس فیه ارتیاب إلاّ من جهة سالم مولی أبی خدیجة فلم أره الآن فی الرجال ، وفی التهذیب سالم أبی خدیجة (6) ، والظاهر أنّه الصحیح ، وقدّمنا (7) فیه القول (8) بما یغنی عن الإعادة. أمّا عبد الرحمن بن أبی هاشم فالموجود فی الرجال وإن کان عبد الرحمن بن محمد بن أبی هاشم الثقة فی النجاشی (9) ، إلاّ أنّ فی الفهرست : عبد الرحمن بن أبی هاشم (10) ، والظاهر الاتّحاد کما یعرف بالممارسة للرجال ، فلا یتوهّم أنّ عدم توثیق الشیخ لما ذکره یقتضی التعدّد فیضرّ بالحال ، فلیتدبّر.

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من وجه بالنسبة إلی الأوّل من

إشارة إلی حال سالم ( مولی ) أبی خدیجة

بحث حول عبد الرحمان بن أبی هاشم

ص: 279


1- رجال النجاشی : 283 / 752.
2- فوائد الشهید علی الخلاصة : 20.
3- فی « د » : کتابه.
4- رجال الکشی 2 : 626 / 612.
5- فی ص 209.
6- التهذیب 2 : 252 / 1000 ، الوسائل 4 : 137 أبواب المواقیت ب 7 ح 3.
7- فی « رض » : وقد قدمنا.
8- فی ص 218.
9- رجال النجاشی : 236 / 623.
10- الفهرست : 109 / 466.

الاحتمالین ، والاحتمال الثانی کذلک ، إلاّ أنّه یرجّح ما أسلفناه (1) فی خبر محمّد بن أحمد بن یحیی من التقیّة ، ویتأیّد احتمال التقیّة فی تخالف أخبارنا ، وأنّ ما دلّ علی السبحة قریب من مذهب أهل الخلاف فنفی القدمین لذلک ، والخبر الدال علی الاحتمال ظاهر فی المراد.

واحتمال أن یقال : إنّ الظاهر من قوله علیه السلام لو أمرتهم أن یصلّوا فی وقت واحد ، إلی آخره. یدلّ علی أنّ عندنا لا تعدّد فی الوقت مع أنّ أخبارنا قد تضمّنت التعدد بالمقادیر.

یمکن الجواب عنه : بأنّ المراد بالوقت الواحد الوقت الأفضل ، غایة الأمر أنّه غیر متشخّص لاختلاف الأخبار ، وإن کان ادّعاء کونه القدمین ممکناً ؛ لما یظهر من معتبر الأخبار الدالّة علی ترک النافلة بعد القدمین أنّ للقدمین الأفضلیّة ، إلاّ أنّ ما یدلّ علی الأقلّ موجود أیضاً بل والأکثر.

نعم ربما کان فی الخبر دلالة علی أنّ ما ورد بالسبحة للتقیّة ؛ إذ لو وافق مذهبنا لوافق مذهبهم ویندفع الخوف حینئذ ، وغیر خفیّ أنّ قوله علیه السلام : « لو صلّوا فی وقت واحد » یدلّ علی أنّ عندنا لا تعدّد فی الوقت بخلاف ما عندهم ، وعلی هذا فحمل الشیخ الأخبار المختلفة علی فعل السبحة طولاً وقِصَراً مع ذکره الاحتمال هنا واستشهاده بالروایة لا یخلو من تأمّل.

ویمکن أن یقال فی التوجیه : إنّ ما یفعل من الاختلاف فی الصلاة وإن حصل فیه الفضل واندفع به الخوف إلاّ أنّ الأفضل لولا الخوف فعل الصلاة فی وقت وهو أحد المذکورات فی الأخبار ، لکن لا یخفی أنّ هذا غیر فعل السبحة ، إذ لو کان هو من جملة المراد لکان من جملة الأفضل

توجیه ما دلّ علی تساوی الأوقات

ص: 280


1- فی ص 1257.

والحال أنّه مختلف ، لا أنّه وقت واحد.

إلاّ أن یقال : إنّ المراد بالواحد ما یشمل فعل السبحة ، ویراد بالوحدة الإضافة إلی ما ورد فی الأخبار من القدم والقدمین والقامة ، فلیتأمّل.

وبالجملة : هذا النحو من التوجیه یتأیّد به عدم رجحان حمل الأخبار علی السبحة ، إمّا ترجیح القدمین فممکن نظراً إلی بعض ما قدّمناه ، مضافاً إلی تخصیص الإمام علیه السلام نفی القدمین فی خبر محمّد بن أحمد بن یحیی من حیث احتمال النفی لکونه محلّ الاعتراض من المخالفین ، والموجود فی کلام بعضهم أنّ نهایة الفضیلة إلی المثل فی الظهر (1) ، فیجوز أن یکون ذکر المثل فی أخبارنا لإیهام المشارکة لهم فی الجملة ، وإن کان ظاهر المثل عندنا کون الفعل بعده.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ من الاحتمال الأوّل فی الخبر الثانی لا یخلو من تأمّل ، لأنّ الإمام علیه السلام معلوم أنّه لا یؤخّر الفرض عن فضیلته إلاّ لضرورة ، وظاهر الخبر إذا حمل علی الجواز یبعد عن عادة الأئمّة علیهم السلام .

ویمکن الجواب : بأنّ تأخیر الإمام علیه السلام وإن کان لضرورة إلاّ أنّ الدلالة علی الجواز حاصلة ؛ وقول الشیخ : وإن کان لبعضها فضل علی بعض. ربما أشعر بأنّ الخبر الثانی یمکن حمله علی جواز التأخیر مع حصول الفضل وکذلک التقدیم ، إلاّ أنّه لا یخفی أنّ ملاحظة الأفضل مطلوبة للأئمّة علیهم السلام لولا الضرورة ، ولعلّ التقیة فی الأخبار بمثل هذا من محمّد بن

ص: 281


1- شرح النووی فی حاشیة إرشاد الساری 3 : 288.

مسلم یقتضی جواز التأخیر والتقدیم مع کون الأفضل غیرهما ، فینبغی التأمّل فی هذا کلّه فإنّی لا أعلم أحداً أوضح المقام ، والله ولیّ التوفیق.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن محمد ، عن محمد بن أبی حمزة ، عن معاویة بن وهب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة ، فأتاه حین إذا (1) زالت الشمس فأمره فصلّی الظهر ، ثمّ أتاه حین زاد الظل قامة فأمره فصلّی العصر ، ثمّ أتاه حین غربت الشمس فأمره فصلّی المغرب ، ثمّ أتاه حین سقط الشفق فأمره فصلّی العشاء ، ثمّ أتاه حین طلع الفجر فأمره فصلّی الصبح ، ثمّ أتاه فی الغد حین زاد فی الظل قامة فأمره فصلّی الظهر ، ثمّ أتاه حین زاد فی الظل قامتان فأمره فصلّی العصر ، ثمّ أتاه حین غربت الشمس فأمره فصلّی المغرب ، ثمّ أتاه حین ذهب ثُلْثُ اللیل فأمره فصلّی العشاء ، ثمّ أتاه حین نُوّر الصبح فأمره فصلّی الصبح ، ثمّ قال : ما بینهما وقت ».

وعنه ، عن أحمد بن أبی بشیر ، عن معاویة بن میسرة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « أتی جبرئیل » وذکر مثله : إلاّ أنّه قال بدل القامة والقامتین : ذراع (2) وذراعین.

عنه ، عن ابن رباط ، عن مفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « نزل جبرئیل علیه السلام علی رسول الله صلی الله علیه و آله » وساق الحدیث مثل الأوّل

ص: 282


1- لیست فی الاستبصار 1 : 257 / 922.
2- فی النسخ : ذراعاً ، وما أثبتناه من الاستبصار هو الأنسب.

وذکر بدل القامة والقامتین : قدمین وأربعة أقدام.

ولیس (1) لأحد أن یقول : إنّ هذه الأخبار تُنبئ أنّ أوّل الوقت والآخر سواء ، لأنّه قال : « ما بینهما وقت » لأنّه لا یمتنع أن یجعل ما بین الوقتین وقتاً وإن کان الأوّل أفضل منه.

والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن ذریح ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « أتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله فأعلمه مواقیت الصلاة (2) ، فقال : صلّ الفجر حین ینشقّ الفجر ، وصلّ الأُولی إذا زالت الشمس ، وصلّ العصر بعدها ، وصلّ المغرب إذا سقط القرص ، وصلّ العتمة إذا غاب الشفق ، ثمّ أتاه جبرئیل من الغد فقال : أسْفِر بالفجر فأسفَر ، ثُمَّ أخّر الظهر حتی(3) کان الوقت الذی صلّی فیه العصر ، وصلّ (4) العصر بعدها (5) ، وصلِّ المغرب قبل سقوط الشفق ، وصلّ العتمة حین (6) یذهب (7) ثلث اللّیل ، ثمّ قال : ما بین هذین الوقتین وقت وأوّل الوقت أفضله » ثمّ قال : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : لولا أنّی أکره أن أشُقّ علی أُمّتی لأخّرتها إلی نصف اللّیل ».

ص: 283


1- فی الاستبصار 1 : 257 / 924 : فلیس.
2- فی « د » : الصلوات.
3- فی الاستبصار 1 : 258 / 925 : حین.
4- فی المصادر : وصلّی. وکذا فی الموردین التالیین.
5- فی الاستبصار 1 : 258 / 925 : بُعیدها.
6- فی « فض » و « رض » : حتی.
7- فی الاستبصار 1 : 258 / 925 : ذهب.

السند :

فی الأوّل : فیه الحسین بن محمّد علی ما وجدت من بعض النسخ ، وفی نسخة الحسن ، وکأنّه الظاهر ، وهو ابن سماعة ، وفی التهذیب : الحسن بن محمّد (1) ، وهو یؤیّد ما قلناه (2). أما محمّد بن أبی حمزة فقد تقدّم القول (3) فیه ، والحاصل أنّ ابن أبی حمزة الثمالی ثقة فی النجاشی (4) ، وفی الرجال من هو مهمل فی أصحاب الصادق علیه السلام من رجال الشیخ (5) ، وإرادته بعیدة کما لا یخفی ، ولم أر من مشایخنا من توقّف فی مثل هذا.

والثانی : تقدّم بعینه (6).

والثالث : فیه من تقدّم (7) ، والمفضّل بن عمر فی النجاشی أنّه فاسد المذهب مضطرب الروایة لا یعبأ به (8).

وما ذکره العلاّمة : من أنّ الکشی أورد فیه أحادیث فی المدح والثناء علیه ، وأحادیث فی الذم والبراءة (9) منه. فیه : أنّ أحادیث المدح ضعیفة ،

بحث حول محمد بن أبی حمزة

بحث حول المفضّل بن عمر

ص: 284


1- التهذیب 2 : 252 / 1001.
2- راجع ص 1261.
3- فی ص 104.
4- رجال النجاشی : 358 / 961 ، ولیس فیه توثیقه ، ولکن وثّقه الکشی فی رجاله 2 : 707 / 761.
5- رجال الطوسی : 322 / 675.
6- راجع ص 237.
7- راجع ص 260.
8- رجال النجاشی : 416 / 1112.
9- خلاصة العلاّمة : 258 / 1.

وأحادیث الذم منها :

ما رواه عن حمدویه بن نصیر ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن الحکم وحمّاد بن عثمان ، عن إسماعیل بن جابر قال ، قال أبو عبد الله علیه السلام : « ائت المفضّل ، وقل له : یا کافر : یا مشرک : ما ترید إلی ابنی؟ ترید أن تقتله؟ ».

ومنها : روایة أُخری عن الحسین بن الحسن بن بندار (1) ، وفیه : عدم ثبوت مدحه فضلاً عن غیره ، وباقی الرجال لا ارتیاب فیهم ، وفی الروایة ذمّ عظیم.

والرابع (2) : تقدّم الکلام فیه بعینه (3).

المتن :

فی الأوّل : یدلّ علی فعل الظهر حین الزوال أوّلاً ، والعصر بعد القامة کذلک ، والمغرب حین الغروب مع بقیة ما ذکر ، ویدلّ علی فعل الظهر ثانیاً بعد القامة والعصر بعد القامتین مع ما ذکر فی الروایة ، إلی أن قال : « ما بینهما وقت ».

والثانی : علی ما قاله الشیخ تضمّن الذراع والذراعین.

والثالث : تضمّن القدمین والأربعة.

وما ذکره الشیخ فی الجمع : من أنّه لا یمتنع أن یجعل ما بین الوقتین وقتاً وإن کان الأوّل أفضل منه ، یتوجّه علیه أنّ ظاهر الروایات حینئذ أنّ أوّلَ

بیان قوله علیه السلام : « ما بینهما وقت »

ص: 285


1- رجال الکشی 2 : 614.
2- فی النسخ : والثالث. والصواب ما أثبتناه.
3- راجع ص 222.

الزوال أفضل ممّا بعد القامة ، فإن جعلت القامة هی الذراع کما قاله الشیخ یصیر ما بعد الذراع لیس بأفضل بل الأفضل أوّل الزوال ، ولو أُرید بالقامة ما هو معروف فکذلک ، والحال أنّه قد تقدّم ما ینافی هذا ، مضافاً إلی أنّ ما تضمّن من هذه الأخبار غیر القامة یفید الإشکال.

ولو أراد الشیخ بالأوّل ما دلّ علیه الروایة فی آخرها حیث قال : « ما بینهما وقت » وإتیان الشیخ بقوله : لا یمتنع أن یجعل ما بین الوقتین ، قرینةٌ علی ذلک ، توجّه علیه أنّ مقتضی الروایة أنّ ما بین الوقتین وهما أوّل الزوال إلی المقادیر وقت ، لا أنّ فی البین وقتین ، بل الظاهر من الروایة أنّ ما بین الوقتین غیر خارج ، بل هو وقت ملحق بالأوّل ، وحینئذ قول الشیخ : وإن کان الأوّل أفضل. غیر واف بالجواب ، بل ربما یضرّ بالحال.

ویمکن التوجیه بأنّ الروایة وإن دلّت علی الوقتین وکون ما بینهما کذلک ، إلاّ أنّه إذا ورد فی الأخبار أنّ لکلّ صلاةٍ وقتین وأوّل الوقتین (1) أفضل لا ینافی هذه الروایة ، فیقال : إنّ الوقتین فی الروایة مجملٌ ، وإن وقع فیه إجمال فقد فسّره غیره.

غایة الأمر أنّ ما استدلّ به من الخبر الرابع یدلّ علی أنّ أوّل الوقت أفضله ، وهو ظاهر فی أنّ کلا من الوقتین ( أوّله أفضله ، لا أنّ ) (2) أوّل الوقتین أفضل من الثانی ، ولو أراد الشیخ هذا من قوله : وإن کان الأوّل أفضل ، نافی ما سبق منه ، کما أنّه لو أراد أنّ ما بینهما من الوقت أوّله أفضله إشارة إلی ما دلّ علی القدم ونحوه من السبحة ویکون أوّلاً بالنسبة إلی القامة ، ورد علیه أنه لا یقول بأنّ القامة هی المتعارفة ، اللهم إلاّ أن یقول : إنّ

ص: 286


1- فی « رض » : الوقت.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » : أوله أفضل إلاّ أن ، وفی « د » : أوله أفضله لأن.

ما بین السبحة إلی القدمین یقال : إنّه أوّل ، وفیه أنّه خروج عن المعلوم منه ، وبالجملة فالتوجیه ممکن والعبارة مجملة.

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ الخبر الأوّل قد ذکرنا سابقاً أنّ الوالد قدس سره جعله دالاًّ علی أنّ المراد بالوقتین مجی ء (1) جبرئیل حیث لم یأت فی المغرب إلاّ فی وقت واحد (2) ، ولا یخفی أنّ الخبر دالّ علی مجیئه فی المغرب فی وقتین إلاّ أنّ وقت الصلاة واحد.

واحتمل قدس سره فی المقام النسخ وأوضح الحال فیه فی المنتقی (3) ، وربما یؤیّده ظاهر الروایة إلاّ أنّ فیه ما فیه. وما یتضمّن الأخبار من مواقیت غیر الظهر سیأتی إن شاء الله القول فیه.

بقی شی ء وهو : أنّ ظاهر الخبر الأخیر وجوب التأسّی ؛ لأنّ قوله علیه السلام : « لولا أن أشُقّ علی أُمّتی » یدلّ علی أنّ تأخیره علیه السلام یقتضی الوجوب علیهم بسبب فعله ، لکن الخبر غیر سلیم السند ، وربما یقال : إنّ قوله علیه السلام قرینة الوجوب. وفیه ما فیه. أمّا دلالته علی استحباب تأخیر العشاء إلی النصف ممکنة ، لأنّ الظاهر من السیاق ذلک.

وما عساه یقال : من أنّ ظاهره التأخیر إلی النصف ، بمعنی فعلها بعد النصف ولا وجه للاستحباب حینئذ.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الظاهر التأخیر إلی النصف ، أی تأخیر الوقت إلی النصف علی أن یکون الفعل قریباً منه.

وما عساه یقال : إنّ هذا خلاف الظاهر من السیاق ، بل علی تقدیر

بیان ما دل علی أنّه لولا المشقّة لأُخّرت العتمة إلی نصف اللیل

ص: 287


1- فی « فض » و « رض » : لمجی ء ، وفی « د » : بمجی ء ، والظاهر ما أثبتناه.
2- فی ص 1204.
3- منتقی الجمان 1 : 411.

عدم إرادة الفعل بعد النصف یراد الفعل فیما قرب من النصف علی سبیل الوجوب المضیّق تحقیقاً للمشقّة المنفیّة ، إذ الاتساع إلی النصف لا مشقّة فیه.

یمکن الجواب عنه : بأنّ المدّعی ظهور نفی الوجوب فیما قرب من النصف فیکون الأفضل ما قرب حیث انتفی الوجوب. ویحتمل أن یستفاد أنّ النصف منتهی الوقت الأفضل. وفیه ما لا یخفی.

وقد ذکر العلاّمة ( فی المختلف ) (1) فی حدیث : « ولو لا أنّی أخاف أن أشقّ علی أُمّتی لأخّرت العتمة إلی ثلث اللیل » (2) : أنه دالّ علی أفضلیّة التأخیر إلی الثلث.

وغیر خفیّ توجّه عدم الدلالة لولا ما قرّرناه ، ولو حمل الخبر المذکور علی منتهی الوقت الأفضل علی نحو الخبر المبحوث عنه أمکن ، غیر أنّ المناقشة فی الدلالة علی الفضل والأفضل من نفی الوجوب لا یخلو من وجه لولا احتمال دلالة السیاق ، والإجمال من جهة لفظ : إلی نصف وإلی ثلث ، لا یخلو من إشکال.

وعلی کلّ حال ربما یقال : إنّ هذا الخبر ینافی مطلوب الشیخ کما لا یخفی.

فإن قلت : ما وجه الاستحباب؟ مع أنّ رفع الوجوب لا یستلزم الاستحباب بل الجواز.

قلت : قد أشرنا إلی أنّ الدلالة من جوهر الکلام ؛ لأنّ رفع الوجوب هنا لا وجه له ، بل عدم الوجوب من الأصل مرادٌ ، فلا جنس موجود یحتاج إلی فصل علی نحو ما قرّر فی رفع الوجوب فی الأُصول.

ص: 288


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- المختلف 2 : 50.

قوله :

باب آخر وقت الظهر والعصر.

أخبرنی الشیخ رحمه الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهیم الکرخی قال : سألت أبا الحسن موسی علیه السلام متی یدخل وقت الظهر؟ قال : « إذا زالت الشمس » فقلت متی یخرج وقتها؟ فقال : « من بعد ما یمضی من زوالها أربعة أقدام إنّ أوّل وقت الظهر ضیّق » قلت : فمتی یدخل وقت العصر؟ فقال : « إنّ آخر وقت الظهر هو أوّل وقت العصر » فقلت : متی یخرج وقت العصر؟ فقال : « وقت العصر إلی أن تغرب الشمس ، وذلک من علّة وهو تضییع » فقلت له : لو أنّ رجلاً صلّی الظهر بعد ما یمضی من زوال الشمس أربعة أقدام لکان(1)عندک غیر مؤدٍّ لها؟ فقال : « إن کان تعمّد ذلک لیخالف السنّة والوقت لم یقبل منه ، کما لو أنّ رجلاً أخّر العصر إلی قرب (2)أن تغرب الشمس متعمّداً من غیر علّة لم یقبل منه ، إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قد وقّت للصلوات المفروضات أوقاتاً وحدّ لها حدوداً فی سُنّةٍ للناس ، فمن رغب عن ( سننه الموجبات کمن ) (3) رغب عن فرائض الله عزّ وجلّ ».

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن العبیدی ، عن سلیمان بن جعفر

آخر وقت الظهر والعصر

اشارة

ص: 289


1- فی الاستبصار 1 : 258 / 926 : أکان.
2- فی الاستبصار 1 : 258 / 926 : قریب.
3- فی الاستبصار 1 : 258 / 926 بدل ما بین القوسین : سنة من سننه الموجبات مثل من ..

قال : قال الفقیه علیه السلام : « آخر وقت العصر ستة أقدام ونصف ».

الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « العصر علی ذراعین فمن ترکها حتّی تصیر علی ستّة أقدام فذلک المضیّع ».

عنه ، عن جعفر ، عن مثنّی ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلّ العصر علی أربعة أقدام » قال المثنّی : قال لی أبو بصیر : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « صلّ العصر یوم الجمعة علی ستّة أقدام ».

عنه ، عن حسین بن هاشم ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إنّ الموتور أهله وماله من ضیّع صلاة العصر » قلت : وما الموتور؟ قال : « لا یکون له أهل ولا مال فی الجنّة » قلت : وما تضییعها؟ قال : « یدعها حتّی تصفرّ وتغیب ».

سعد بن عبد الله ، عن یعقوب بن یزید ، عن الحسن بن علی الوشاء ، عن أحمد بن عمر (1) ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : سألته عن وقت الظهر والعصر؟ فقال : « وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلی أن یذهب الظل قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلی قامتین ».

محمّد بن یعقوب ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن یزید بن خلیفة قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّ عمر ابن حنظلة أتانا عنک بوقت ، فقال أبو عبد الله علیه السلام : « إذاً لا یکذب علینا » فقلت : ذَکَرَ أنّک قلت (2) : « إنّ أوّل صلاةٍ افترضها الله علی نبیّه صلی الله علیه و آله الظهر ، وهو قول الله عزّ وجلّ ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ ) فإذا

ص: 290


1- فی الاستبصار 1 : 259 / 931 : أحمد بن محمد.
2- فی الاستبصار 1 : 260 / 932 تقول.

زالت الشمس لم یمنعک إلاّ سبحتک ، ثمّ لا تزال فی وقت إلی أن یصیر الظل قامة وهو آخر الوقت ، فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل فی وقت العصر حتّی یصیر الظل قامتین ، وذلک المساء ، قال : « صدق ».

السند :

فی الأوّل : فیه إبراهیم الکرخی ، والذی وقفت علیه فی الرجال إبراهیم بن أبی زیاد الکرخی فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (1). وفی الفقیه روی الصدوق عن ابن أبی عمیر ، عن إبراهیم الکرخی (2) ، والمرتبة هنا واحدة.

والثانی : العبیدی فیه محمّد بن عیسی. أمّا سلیمان بن جعفر ، ففی الرجال سلیمان بن جعفر الجعفری ، والراوی عنه فی النجاشی عبد الله بن محمّد ابن عیسی (3) ، وفی الفهرست أحمد بن أبی عبد الله البرقی ، وهو ثقة (4) ، إلاّ أنّ احتمال کونه ابن حفص ، وجعفر وقع سهواً ممکنٌ ، وقد جزم شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب أنّ الصواب : ابن حفص ، وهو المروزی ، والمراد بالفقیه العسکری علیه السلام ، کما وقع التصریح به فی مثل هذا السند بعینه فی عدّة روایات. انتهی.

والثالث : فیه الحسن بن سماعة ومن روی عنه فی الطریق إلیه وقد

بحث حول إبراهیم الکرخی

بحث حول سلیمان بن جعفر ( حفص )

ص: 291


1- رجال الطوسی : 154 / 239.
2- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 61.
3- رجال النجاشی : 183 / 483.
4- الفهرست : 78 / 318.

تقدّم (1) ، کابن مسکان إذا روی عن سلیمان بن خالد ، وسلیمان أیضاً مضی ، والحاصل أنّ احتمال التوقف فیه من جهة ما نقل عنه أنّه خرج مع زید وتاب ، والوقت للتوبة غیر معلوم أنّه قبل الروایة أو بعدها ، لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ احتمال التقیّة فی إظهار التوبة ممکنٌ جمعاً بین ما دلّ علی جلالته (2).

والرابع : جعفر فیه هو ابن محمّد بن سماعة أخو الحسن ؛ لأنّ النجاشی ذکر فی الطریق إلیه الحسن بن محمّد عن أخیه (3). إمّا المثنّی ، فیقال لجماعة (4) غیر أنّ من الجملة مثنّی بن راشد ذکره النجاشیّ مهملاً (5) ، والطریق إلیه الحسن بن محمّد بن سماعة ، ولا یبعد أن یکون هو المراد وإن توسّط الأخ ، أو أن الأصل وجعفر ، و « عن » وقعت سهواً ، غیر أنّ باب الاحتمال لغیره واسع.

والخامس : ( معلوم الحال.

والسادس : ) (6) فیه أحمد بن عمر وقد تقدّم (7) ما فیه عن قریب ، وفی فوائد شیخنا قدس سره أحمد بن عمر هذا ابن أبی شعبة الحلبی وهو ثقة ، أو الحلاّل وقد وثّقه الشیخ فی کتاب الرجال ، فالحدیث صحیح. انتهی.

وقد سبق (8) منّا ما یقتضی المناقشة فی الصحة ؛ لأنّ الشیخ قال : إنّه ردی ء الأصل ، ولم یعلم أنّ الحدیث من غیر أصله ، إلاّ أن یقال : إنّ نقل

بحث حول سلیمان بن خالد

تمییز جعفر الذی روی عنه الحسن بن محمد بن سماعة

بحث حول المثنّی بن راشد

بحث حول أحمد بن عمر

ص: 292


1- فی ص 546.
2- فی « فض » زیادة : وقد أوضحنا القول فیه سابقاً.
3- رجال النجاشی : 119 / 305.
4- انظر : هدایة المحدثین : 136.
5- رجال النجاشی : 414 / 1105.
6- ما بین القوسین لیس فی « د » و « رض ».
7- فی ص 207-208.
8- فی ص 207-208.

الشیخ القائل ذلک مع اعتماده علی الروایة ظاهراً یقتضی أنّ المرویّ إمّا من غیر أصله أو من أصله علی وجه لا یکون فیه ارتیاب ، وفی البین کلام.

والسابع : فیه محمد بن عیسی عن یونس ، وقد مضی (1). ویزید بن خلیفة ، وقد قیل : إنّه واقفیّ (2) ، ومع هذا غیر موثّق ولا فیه مدح.

وعمر بن حنظلة قد مضی فیه القول (3) ، کما تقدّم أنّ اعتماد جدّی قدس سره علی هذه الروایة فی توثیق عمر بن حنظلة لا وجه له (4) ، بل علی تقدیر صحّتها إنما یفید صدقه لا توثیقه ، والتوثیق أمر زائد علی الصدق.

المتن :

فی الأوّل : ذکر العلاّمة فی المختلف أنّ الشیخ احتجّ به فی الخلاف علی نحو ما حکاه عنه فی المبسوط من أنّه قال فیه : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر ، ویختص به مقدار ما یصلّی منه أربع رکعات ، ثمّ یشترک الوقت بعده بینه وبین العصر إلی أن یصیر ظلّ کلّ شی ءٍ مثله ، ثمّ قال الشیخ : وروی حتّی یصیر الظل أربعة أقدام وهو أربعة أسباع الشخص المنتصب ، ثمّ یختص بعد ذلک بوقت العصر إلی أن یصیر ظلّ کلّ شی ءٍ مثلیه ، فإذا صار ذلک ، فقد فات وقت العصر ، هذا وقت الاختیار.

وأمّا وقت الضرورة فهما مشترکان فیه إلی أن یبقی من النهار مقدار ما یصلّی فیه أربع رکعات ، فإذا صار کذلک اختص بوقت العصر إلی أن تغرب

یزید بن خلیفة واقفی غیر موثق

بحث حول عمر بن حنظلة

کلام العلاّمة فی آخر وقت الظهر والعصر والمناقشة فیه

ص: 293


1- فی ص 53.
2- قال به الشیخ فی الرجال : 364 / 15 ، والعلاّمة فی الخلاصة : 265 / 1.
3- فی ص 405.
4- فی ص 405.

الشمس ، ومن أصحابنا من قال : إنّ هذا وقت الاختیار إلاّ أنّ الأوّل أفضل.

ثمّ قال العلاّمة : وأفتی فی الخلاف بمثل ذلک ، وکذلک فی الجمل - إلی أن قال - : وللشیخ فی التهذیب قولٌ آخر ، وهو أنّ آخر وقت الظهر أربعة أقدام وهی أربعة أسباع الشخص - إلی أن قال - : احتجّ الشیخ فی الخلاف علی ما ادّعاه من آخر وقت الظهر إذا صار ظلّ کلّ شی ء مثله ، بالإجماع علی أنّه وقت للظهر ، ولیس علی ما زاد علیه دلیل فلا یکون وقتاً عملاً بالاحتیاط (1).

وبما رواه زرارة ، وذکر الروایة السابقة فی الباب السابق (2) المتضمّنة ( لأنّه سأل ) (3) عن وقت الظهر فی القیظ ، وتضمّن الجواب فیها أنّه إذا کان ظلّک مثلک فصلّ الظهر ، وإذا کان ظلّک مثلیک فصلّ العصر ؛ وبروایة أحمد ابن عمر المرویة هنا ؛ وبروایة أحمد بن محمّد قال : سألته عن وقت الظهر والعصر ، فقال : « قامة للظهر وقامتین للعصر » ثمّ قال العلاّمة : واحتجّ علی الأقدام بما رواه إبراهیم الکرخی ، وذکر الروایة المبحوث عنها (4).

وأجاب العلاّمة عن الحدیث الأوّل : بأنّه لا دلالة فیه علی أنّ آخر الوقت ما ذکره ، بل لو استدلّ به علی ضدّه لکان أقرب ؛ لأنّ أمره بالصلاة فی ذلک الوقت یدلّ علی أنّه لیس آخره ، وعن الأحادیث الأُخر : بأنّ ذلک تحدید لأجل النافلة وللوقت الأفضل لا للإجزاء ، جمعاً بین الأدلّة ، وأیّد

ص: 294


1- المختلف 2 : 36 ، الخلاف 1 : 257 ، الجمل والعقود ( رسائل العشر ) : 174 ، التهذیب 1 : 391.
2- فی ص 1218.
3- ما بین القوسین کذا فی النسخ ، والأنسب : للسؤال.
4- المختلف 2 : 37.

هذا بروایة محمد بن أحمد بن یحیی السابقة (1) ، وروایة زرارة السابقة (2) الدالّة علی أنّ حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة ، إلی آخره.

قال : وهذه الأحادیث تدلّ علی استحباب تأخیر الظهر عن الزوال قدر قامة (3). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ فیه بحثاً من وجوه :

الأوّل : استدلال الشیخ بالإجماع إن أراد به أنّ فعل الظهر فی الوقت الذی یصیر فیه الظلّ مثله جائز بالاتّفاق ، وبعده لا وفاق.

ففیه : أنّ عدم الوفاق لا یصیّر الحکم إجماعیّاً علی نفی الفعل فیما بعد.

وإن أراد أنّه لا دلیل علی جواز الفعل فیما بعد.

ففیه : أنّ الدلیل موجود کما سیأتی (4) من الأخبار وما تقدّم أیضاً ، وقوله : لا یکون وقتاً عملاً بالاحتیاط. خروجٌ عن الإجماع ، وکون الاحتیاط دلیلاً علی الإطلاق ظاهر الإشکال ، وحینئذ عدم التفات العلاّمة للجواب عن هذا لا وجه له.

الثانی : إنّ الخبر الأوّل ظاهرٌ فی أنّ الظهر تصلّی فی القیظ بعد المثل ، وهذا نوعٌ من الضرورة ، وظاهر کلام الشیخ فی وقت الاختیار ، وجواب العلاّمة کما تری یدلّ علی أنّ الخبر یفید أنّ ما بعد المثل وقت للظهر علی الإطلاق ، ولیس کذلک.

ص: 295


1- فی ص 1254.
2- فی ص 1228.
3- المختلف 2 : 41 و 42.
4- فی ص 1280.

وقوله : لو استدل به علی ضدّه لکان أقرب. فیه : أنّ استدلاله إن کان لمجموع ما ذکره الداخل فیه وقت الاضطرار فالحدیث لا ینافیه ، ولو صرّح بإرادة وقت الاختیار کان متوجّهاً ، إلاّ أنّ التوجیه غیر بعید عن مثل کلام الشیخ ، فإنّه لا یغفل عن هذا الشی ء الواضح.

ثمّ یتوجّه علیه أنّه إذا حمل فی الکتابین القامة علی الذراع لم یتمّ استدلاله بالخبر علی القامة للمضطرّ ، وقد قدّمنا القول فی ذلک (1) ، وهکذا القول فی الخبرین الآخرین ، وما ذکره العلاّمة فیهما متوجّه ، لکن کان علیه التنبیه علی مخالفة الاستدلال بالخبرین لما فی الکتابین.

الثالث : الاحتجاج بالخبر المبحوث عنه علی الأقدام الظاهر أنّ المراد به ما ذکره فی التهذیب ، والذی وجدته فیه هو ذکر الروایة فی الاستدلال علی أنّ الأوقات المذکورة فی الأخبار المفیدة التوسعة للضرورة ، ولو أراد فی الخلاف بما قاله من نحو المبسوط ، فالروایة لا تدل علی ذلک ، فالإجمال فی الاستدلال غیر لائق.

وعلی کلّ حال فالخبر المبحوث عنه (2) یدل علی أنّ وقت الظهر إلی أربعة أقدام ، فإن حمل علی وقت الفضیلة والنافلة کما ذکره العلاّمة ففیه : أنّ ظاهر الخبر من قوله : « إنّ وقت الظهر ضیّق » لا یناسب ذلک ، لأنّ الضیق إن أُرید به للنافلة فالسعة أظهر ، ولو أُرید أنّ وقت الفضیلة ضیّق فکذلک.

ثمّ إنّ الأخبار الأُخر التی أدخلها فی الجواب أوسع ؛ لأن القامة غیر خفیّة الاتساع ، والمنافاة بینها وبین الخبر المبحوث عنه غیر خفیّة ، وحینئذ یمکن حمل الخبر علی التقیّة ؛ لأن جعل أوّل الوقت الزوال یناسب ذلک ،

ص: 296


1- فی ص 1271.
2- فی « فض » زیادة : کما تری.

لصراحة الأخبار السابقة فی خلافه.

ویمکن أن یکون قوله علیه السلام فی الجواب : « إن کان تعمّد ذلک لیخالف السنّة والوقت لم یقبل منه » أمارة التقیّة أیضاً ؛ إذ لو حمل علی ظاهره من الموافقة لمذهب الشیعة ، ففیه : أنّ اعتقاد المخالفة یقتضی الخروج عن الإیمان بأیّ وجه کان لا بخصوص هذا الفعل ، بل لو صلّی فی أوّل الوقت بهذا الاعتقاد کذلک ، وحینئذ فاستدلال الشیخ به محلّ تأمّل.

وما تضمّنه آخر الحدیث من قوله : « فمن رغب عن سننه الموجبات » إلی آخره. لعلّ المراد به من ترک ما ثبت بالسنّة علی وجه الوجوب کمن ترک الواجب بالقرآن. وفی التهذیب : « فمن رغب عن سنّة من سننه الموجَبات » (1) وعلی التقدیرین فالموجَبات بالفتح اسم مفعول أی : ما أوجبه الله هذا.

وأمّا الثالث (2) : فمخالفته للأوّل ظاهرة ؛ لأنّ مفاده أنّ العصر تصلّی علی أربعة أقدام وهی الذراعان ، فمن ترکها إلی ستّة أقدام فهو تضییع ، والخبر الأوّل دلّ علی أنّ التأخیر إلی قرب غیبوبة الشمس تضییع ، ولعلّ التوجیه بأنّ التضییع له مراتب ممکن.

والرابع (3) : کما تری یدلّ علی أنّ صلاة العصر یوم الجمعة علی ستّة أقدام ، وفی الأخبار ما یقتضی أنّ فعل العصر یوم الجمعة فی وقت الظهر فی غیره من الأیّام ، وحینئذٍ فالخبر یقتضی فعل الظهر بعد الستّة ، وعدم تعرض الشیخ لهذا لا وجه له.

بیان ما دل علی أنّ تأخیر العصر إلی ستّة أقدام تضییع لها

بیان ما دل علی أنّ وقت العصر یوم الجمعة ستّة أقدام

ص: 297


1- التهذیب 2 : 26 / 74 ، الوسائل 4 : 149 أبواب المواقیت ب 8 ح 32.
2- فی النسخ : الثانی ، والصواب ما أثبتناه ، والخبر الثانی مغفول عن شرحه.
3- فی النسخ : والثالث ، والصواب ما أثبتناه.

والخامس : لا یخلو متنه من إجمال ؛ لأنّ معنی الموتور غیر متّضح ، فإنّ فقدان المال فی الجنّة لا یضرّ بالحال ، حیث إنّ من لوازمها الفوز بما تشتهی النفس ، والمؤاخذة فیها غیر واضحة الوجه ، وهکذا الانقطاع عن الأهل.

وهذا مذکور فی الفقیه (1) أیضاً بالإجمال.

وفی محاسن البرقی فی باب عقاب من أخّر العصر روی بسنده عن أبی سلام العبدی (2) قال : دخلت علی أبی عبد الله علیه السلام فقلت له ما تقول فی رجل یؤخّر الصلاة متعمّداً؟ قال : « یأتی هذا یوم القیامة موتور أهله وماله » قال : فقلت جعلت فداک : وإن کان من أهل الجنّة؟ قال : « نعم » قلت : فما منزلته فی الجنّة موتور أهله وماله؟ قال : « یتضیّف أهلها لیس له فیها منزل » (3) وربما یستفاد من هذا معنی أظهر من الأوّل بعد التأمّل فیه ، وذکر أیضاً روایة أبی بصیر (4) بنوع مخالفة لا یتّضح بها المعنی ، والله تعالی أعلم بمقاصد أولیائه.

وأمّا السادس : فظاهر الدلالة علی أنّ آخر وقت الظهر قامة ، وعلی مختار الشیخ من اتحاد القامة والذراع یخالف الخبر الأوّل الدالّ علی أربعة أقدام ، وکذلک غیره أیضاً ، کما یخالف فی العصر ، علی أنّه یحتمل أن یراد انتهاء الوقت إلی القامة کما هو الظاهر ، ویحتمل غیره لما تقدّم فی الباب السابق (5) ، ولا أدری الوجه فی عدم تعرّض الشیخ لمثل هذا الاختلاف.

بیان ما دل علی عقاب من أخّر العصر

ص: 298


1- الفقیه 1 : 141 / 654 ، الوسائل 4 : 153 أبواب المواقیت ب 9 ح 7.
2- فی « فض » : العبیدی.
3- المحاسن : 83 / 17.
4- المحاسن : 83 / 18.
5- فی ص 1270.

والسابع : متنه أظهر من أن یبیّن ما فیه من المخالفة ، فلا ینبغی أن یغفل عن هذا کلّه.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ابن علی بن فضّال ، عن علیّ بن یعقوب الهاشمی ، عن مروان بن مسلم ، عن عبید بن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتی تغیب الشمس ، ولا صلاة اللیل حتی یطلع الفجر ، ولا صلاة الفجر حتی تطلع الشمس ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عیسی ، عن الحسین ابن سعید ، عن القاسم بن عروة ، عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام : عن وقت الظهر والعصر فقال : « إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جمیعاً إلاّ أنّ هذه قبل هذه ، ثمّ أنت فی وقت منهما جمیعاً حتی تغیب الشمس ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیّوب ، عن موسی بن بکر ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : « أحبّ الوقت إلی الله عزّ وجلّ أوّله حین یدخل وقت الصلاة فصلّ الفریضة ، فإن لم تفعل فإنّک فی وقت منها حتی تغیب الشمس ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی وموسی بن جعفر ، عن أبی جعفر ، عن أبی طالب عبد الله بن الصلت ، عن الحسن ابن علیّ بن فضّال ، عن داود بن أبی یزید وهو داود بن فرقد ، عن

ص: 299

بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتی یمضی مقدار ما یصلّی المصلّی أربع رکعات ، فإذا مضی ذلک فقد دخل وقت الظهر والعصر حتی یبقی من الشمس مقدار ما یصلّی المصلّی أربع رکعات ، فإذا بقی مقدار ذلک فقد خرج وقت الظهر ، وبقی وقت العصر حتی تغیب الشمس ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن محمد الحجّال ، عن ثعلبة بن میمون ، عن معمر بن یحیی قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « وقت العصر إلی غروب الشمس ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن الضحّاک بن یزید ، عن عبید بن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی قوله عزّ وجلّ ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ ) قال : « إنّ الله تعالی افترض أربع صلوات أوّل وقتها زوال الشمس إلی انتصاف اللیل منها : صلاتان أوّل وقتهما من عند زوال الشمس إلی غروب الشمس إلاّ أنّ هذه قبل هذه ».

فالوجه فی الجمع بین هذه الأخبار أن نحملها علی صاحب الأعذار والأعلال التی لا یتمکن معها من الصلاة فی أوّل الوقت ، وقد بیّن ذلک أبو الحسن علیه السلام فی روایة إبراهیم الکرخی عنه حین قال : « وذلک من علّة وهو تضییع » وقدّمنا أیضاً أنّه لا یجوز أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلاّ من علّة.

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن إسماعیل بن سهل ، عن حمّاد ، عن ربعی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّا لنقدّم ونؤخّر ،

ص: 300

ولیس کما یقال : من أخطأ الوقت (1) فقد هلک ، وإنّما الرخصة للناسی والمریض والمدنف والمسافر والنائم فی تأخیرها ».

السند :

فی الأوّل : أحمد بن الحسن وقد قدّمنا القول فیه (2) بأنّه ثقةٌ واقفیٌّ فی النجاشی ؛ والفهرست ، وعلیّ بن یعقوب لم أقف علیه فی الرجال. أمّا مروان بن مسلم فهو ثقةٌ والراوی عنه فی النجاشی علی بن یعقوب الهاشمی (3) ، ومن هنا یعلم أنّ ما فی الخلاصة : من أنّ مروان بن موسی کوفی ثقة (4). وقول جدّی قدس سره فی فوائدها : وفی کتاب ابن داود : مروان بن مسلم کوفیّ ثقة (5) ، لم یذکره غیره ، وفی کتاب النجاشی ابن موسی کما ذکره المصنّف. لا یخلو من تأمّل بعد ما ذکرناه ، والموجب لما قاله جدّی قدس سره علی ما أظنّ کتاب ابن طاوس وفیه أوهام کثیرة تبعه العلاّمة علیها.

والثانی : فیه القاسم بن عروة ، وقد تقدّم القول فیه (6) من عدم الوقوف علی ما یقتضی مدحه فضلاً عن التوثیق ، غیر أنّه ینبغی أن یعلم أنّ الصدوق قد تقدّم أنّه رواها عن عبید بن زرارة ، وفی الطریق الحکم بن

إشارة إلی حال أحمد بن الحسن بن علی بن فضّال

علی بن یعقوب غیر مذکور فی الرجال

بحث حول مروان بن مسلم

إشارة إلی حال القاسم بن عروة

الحکم بن مسکین مجهول

ص: 301


1- فی الاستبصار 1 : 262 / 939 : وقت الصلاة.
2- فی ص 120 ، وفیها أنه فطحیّ ، وهو الصواب ، راجع رجال النجاشی : 80 / 194 ، والفهرست : 24 / 62.
3- رجال النجاشی : 419 / 1120.
4- خلاصة العلاّمة : 173 / 19.
5- رجال ابن داود : 188 / 1547.
6- راجع ص 319.

مسکین ، وهو مجهول (1).

إلاّ أنّ شیخنا المحقّق أیّده الله ذکر ما یقتضی إدخاله فی الطریق المستخرج لتصحیح بعض طرق الفقیه ، وقد مضی فی الجزء الأوّل ، وهذه صورة کلامه أیّده الله فی کتاب الرجال فی طرق الفقیه : وإلی عبید بن زرارة فیه الحکم بن مسکین ولم یوثّق ، لکن فی النجاشی : أخبرنا عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبی الخطاب ومحمّد بن عبد الجبّار وأحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد ابن إسماعیل بن بزیع ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبید. وفی الفهرست : عبد الله بن جعفر ، أخبرنا بروایاته أبو عبد الله ، عن محمّد بن علی بن الحسین ، عن أبیه ومحمّد بن الحسن عنه. وأیضاً أخبرنا ابن أبی جید ، عن ابن الولید ، عنه. ولا یخفی ما فی هذا من صحّة طریق المصنّف إلی عبید (2). انتهی.

وحاصل المرام أنّ النجاشی قد ذکر فی طریقه عبد الله بن جعفر وهو الحمیری (3) ، والشیخ ذکر فی الطریق إلی جمیع روایات عبد الله ، محمّد بن علی بن الحسین (4) ، فیکون للصدوق طریق صحیح إلی عبید بن زرارة ، وهو المذکور فی النجاشی.

وقد یقال علیه : إنّ عبارة الفهرست تضمّنت جمیع روایات عبد الله ، وکون ما ذکره النجاشی من جملة روایاته موقوف علی الصحة ، والعدّة غیر

بحث حول طریق الصدوق إلی عبید بن زرارة

ص: 302


1- راجع ص 372.
2- منهج المقال : 412.
3- رجال النجاشی : 233 / 618.
4- الفهرست : 102 / 429.

معلومة الحال ، والظاهر أنّ من العدّة الحسین بن عبید الله ، لکن لم یحضرنی الآن ما یدلّ علی وجه یرفع الارتیاب ، والحکم بالظاهر من حیث إنّ مرتبة النجاشی والشیخ واحدة ، وروایة الشیخ (1) والنجاشی (2) عن أحمد بن محمد ابن یحیی بواسطة الحسین بن عبید الله ، وعلی تقدیر الشک فی ذلک ربما لا یضرّ بالحال أیضاً ؛ لأنّ المعلوم أنّ هذا من روایات عبد الله بن جعفر وإن لم یکن صحیحاً إذ حکایة النجاشی تقتضی ذلک.

ومن هنا یندفع ما قدّمناه من إمکان أن یقال علی الطریق المذکور من أنّ ضعف بعض رجال الطریق یقتضی عدم العلم بدخول الرجل فی عموم الروایات ، فلیتأمّل ، ولا یبعد أن یکون تصحیح بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله الخبر من هذه الجهة (3) وقد رأیت مثله مذکوراً لبعض محقّقی المتأخّرین (4) رحمه الله وهو استخراج حسن.

والثالث : فیه موسی بن بکر وهو واقفیّ مهمل فی الرجال (5).

والرابع : أفاد شیخنا المحقّق سلّمه الله أنّ الظاهر أنّ موسی بن جعفر عطف علی أحمد ، فإنّ سعداً روی عن موسی بن جعفر کما روی عن أحمد ، وموسی بن جعفر أیضاً روی عن أحمد کأحمد عن عبد الله بن الصلت عن الحسن کما یأتی ، وکذا أحمد عن الحسن بن علیّ بن فضّال وهو کثیر. انتهی. وقد تقدّم القول فی موسی بن جعفر (6). وأبو جعفر علی

موسی بن بکر واقفی مهمل

روایة سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عیسی وموسی بن جعفر

ص: 303


1- مشیخة التهذیب ( التهذیب 10 ) : 34.
2- رجال النجاشی : 353 / 946.
3- البهائی فی الحبل المتین : 136.
4- مجمع الفائدة والبرهان 2 : 18.
5- انظر رجال الطوسی : 359 / 9.
6- راجع ص 292.

ما ذکره شیخنا : أحمد بن محمد بن عیسی ، وغیره کأحمد بن محمّد بن أبی نصر وإن احتمل ، إلاّ أنّ الرجحان یظهر بالمراجعة. وعبد الله بن الصلت ثقة فی النجاشی (1) وغیره (2).

وما تضمّنه من أنّ داود بن فرقد هو ابن أبی یزید إمّا أن یکون من الشیخ أو من أحد الرواة ، وعلی کلّ حال قد یخالف ما فی الرجال ، فإنّ النجاشی ذکر داود بن فرقد قائلاً : أنه مولی آل أبی السمال الأسدی النصری ، وفرقد یکنّی أبا یزید کوفیّ ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، إلی آخره. وذکر فی الطریق إلی کتابه صفوان وإبراهیم بن أبی السمال وغیرهما (3). وذکر داود بن أبی یزید الکوفی العطّار مولی ثقة روی عن أبی عبد الله علیه السلام وعن أبی الحسن أیضاً ، له کتاب یرویه عنه جماعة منهم علیّ بن الحسن الطاطری (4). والحکم بالاتحاد مع ما وقع من النجاشی بعیدٌ عن طریقته.

وأمّا الشیخ فقد ذکر فی الفهرست ابن أبی یزید ، والراوی لکتابة القاسم بن إسماعیل والحجّال (5). وذکر أیضاً ابن فرقد وأنّ الراوی لکتابة صفوان (6). وفی رجال الصادق علیه السلام من کتابه ذکر ابن فرقد أبی یزید الأسدی مولی آل أبی سمال (7). وفیهم أیضاً داود بن أبی یزید مهملاً (8) ،

عبد الله بن الصلت ثقة

بحث حول داود بن أبی یزید ( داود بن فرقد )

ص: 304


1- رجال النجاشی : 217 / 564.
2- کما فی رجال الطوسی : 380 / 13.
3- رجال النجاشی : 158 / 418.
4- رجال النجاشی : 158 / 417.
5- الفهرست : 69 / 277.
6- الفهرست : 68 / 274.
7- رجال الطوسی : 189 / 4.
8- رجال الطوسی : 189 / 5.

وفی رجال الکاظم علیه السلام داود بن فرقد ثقة (1).

وبالجملة : فالاتحاد ظاهر من جمع (2) الأوصاف فی کتاب الشیخ ، وذکر روایة الحجّال عنه یقتضی أنّ الموجود فی الروایات واحد ، لا (3) أنّ الاتفاق وقع فی مشارکة الکنیة ، وفیه تأمّل یعرف من ملاحظة النجاشی ، والأمر سهل فی المقام ، وفی السند الإرسال أیضاً.

والخامس : فیه ثعلبة بن میمون ، والظاهر أنّ حاله لا یزید علی المدح ، إلاّ أنّ العلاّمة فی المختلف حکم بصحّة الروایة (4) ، ولا یبعد توجیه الصحة ( من جهة ثعلبة ) (5) کما مضی (6) (7). وأمّا معمر بن یحیی فهو الثقة ؛ لروایة ثعلبة عنه ، وفی الإیضاح أنه بفتح المیم وإسکان العین وتخفیف المیم (8).

السادس : لیس فیه ارتیاب إلاّ فی الضحّاک ، لکن قال شیخنا قدس سره إنّ الظاهر کونه أبا مالک الحضرمی وهو ثقة (9). وما قاله غیر بعید.

والسابع : فیه إسماعیل بن سهل ، وهو ضعیف.

بحث حول ثعلبة بن میمون

إشارة إلی حال مَعْمَر بن یحیی

الضحاک أبو مالک الحضرمی ثقة

إسماعیل بن سهل ضعیف

ص: 305


1- رجال الطوسی : 349 / 2.
2- فی « رض » : جمیع.
3- فی « رض » : إلاّ.
4- المختلف 2 : 38.
5- بدل ما بین القوسین فی « رض » : بثعلبة.
6- فی ص 298.
7- فی « د » زیادة : الوجه.
8- إیضاح الاشتباه : 303 / 715.
9- مدارک الاحکام 3 : 39.

المتن :

فیما عدا الأخیر ما ذکره الشیخ فیه من الحمل علی تقدیر الاعتماد علی جمیع الأخبار لیس بأولی من الحمل علی الفضیلة والإجزاء ، إلاّ من جهة خبر إبراهیم الکرخی ، وقد قدّمنا (1) فیه احتمال التقیّة ، کما قدّمنا (2) فی الخبر الدال علی أنّه لا یجوز أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلاّ من علّة ما لا بدّ منه ، والإتیان بلفظ « لا یجوز » (3) تبعاً للشیخ.

وما تضمّنه خبر زرارة من قوله : « حین یدخل وقت الصلاة فصلّ » لا ینافی ما دلّ علی التأخیر ؛ لإمکان حمل الدخول علی ما بعد المقادیر السابقة ، وخبر داود بن فرقد یدلّ علی الاختصاص والاشتراک لو صحّ ، وخبر عبید بن زرارة ظاهر الدلالة علی الاشتراک من الأوّل ونفی ما ذکر الشیخ من الجمع ، إلاّ أنّ التأویل لو صحّ المعارض أقرب إلیه من غیره ، لأنّه لا یخرج عن المطلق وغیره عن المقید ، والخبر المؤیّد لما قاله الشیخ ربما کان فیه دفع لما یقوله أهل الخلاف ، ومع ذلک لا یأبی (4) الحمل علی الفضیلة.

وفی فوائد شیخنا قدس سره (5) علی الکتاب : قد عرفت أنّ أکثر ما تضمّن انتهاء الوقت قبل الغروب ضعیف السند ، والصحیح منها ما تضمّن اعتبار القامة والقامتین ، والأجود فی الجمع حملها علی وقت الفضیلة وحمل هذه

توجیه ما دلّ علی أنّ آخر وقت الظهر والعصر غیبوبة الشمس ونقل الأقوال فی المسألة

ص: 306


1- فی ص 1275.
2- فی ص 1282.
3- فی « رض » زیادة : فیها.
4- فی « فض » : لا یأتی.
5- بدل ما بین القوسین فی « فض » : أیده الله.

الروایات علی وقت الإجزاء ، لأنّ ذلک أقرب إلی إطلاق الآیة الشریفة (1) ، ولقول الصادق علیه السلام فی صحیحة ابن سنان : « لکلّ صلاة وقتان وأوّل الوقتین أفضلهما ». انتهی.

وقد یقال : إنّ ما ذکره من أنّ الصحیح ما تضمّن اعتبار القامة ، فیه : أنّ من الصحیح أیضاً روایة الفضلاء السابقة (2) ، وفیها : « وقت الظهر قدمان ، ووقت العصر بعد ذلک قدمان ، وهذا أوّل وقت إلی أن یمضی أربعة أقدام للعصر » فإنّ هذا الخبر یدلّ علی أنّ أوّل الفضیلة بعد القدمین لکلّ منهما.

وقوله علیه السلام : « وهذا أوّل وقت إلی أن یمضی أربعة أقدام للعصر » وإن احتمل أمرین :

أحدهما : أن تعود الإشارة إلی القدمین للعصر ، ویصیر المعنی : ما بعد القدمین المنضمّین إلی قدمی الظهر أوّل وقت للعصر إلی أن یمضی أربعة أقدام ، فیکون للعصر ثمانیة من أوّل الزوال علی (3) تقدیر حمل الأوّل فیها علی الفضل.

وثانیهما : أن تعود الإشارة إلی الوقت المشتمل علی الوقتین بإرادة أحدهما ، لا هما أوّل وقت للفرضین إلی أن یمضی أربعة أقدام حال کونها للعصر ، أو إلی وقت العصر ، وحینئذ یکون للظهر ستّة أقدام وللعصر أربعة ، إلاّ أنّ المخالفة حاصلة للخبر الموصوف من شیخنا قدس سره بالصحة (4) ، وهو خبر أحمد بن عمر الدال علی أنّ وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلی أن

ص: 307


1- الإسراء : 78.
2- راجع ص 1218.
3- فی « د » و « فض » : وعلی.
4- مدارک الاحکام 3 : 41.

یذهب الظل قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلی قامتین. فإطلاق أنّ الصحیح ما دلّ علی القامة وحمله علی وقت الفضیلة علی الإجمال محلّ تأمّل.

واحتمال أن یقال : إنّ صحیح الفضلاء یمکن فیه احتمال ثالث وهو أن « هذا » إشارة إلی الأربعة وهی وقت للظهر أوّل ، وقوله : « إلی أن یمضی » یراد به أربعة بعدها للعصر ، فیه (1) ما لا یخفی.

وبالجملة : لا بدّ أیضاً من ملاحظة خبر محمّد بن أحمد بن یحیی الصحیح ، لتضمّنه نفی القامة وغیرها کما هو سیاق الجواب وإن اختصّ بالقدمین ، وحینئذ فالأولی من شیخنا قدس سره کان عدم الإطلاق ، ولعلّه لضیق المقام.

ثمّ إنّ الأقربیّة إلی إطلاق الآیة متوجهة ، أمّا دلالة الخبر المتضمّن لأنّ الأوّل أفضل ، ففیها تأمّل سبق وجهه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة فی المختلف نقل مذاهب العلماء غیر ما سبق نقله عن الشیخ ، فعن المفید : أنّ وقت الظهر بعد زوال الشمس إلی أن یرجع الفی ء بُسبعی الشاخص (2) ، ثمّ قال : واحتجّ بما رواه زرارة فی الصحیح عن الباقر علیه السلام قال : سألته عن وقت الظهر فقال : « ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراع من وقت الظهر ، فذلک أربعة أقدام من زوال الشمس » وبما رواه فی الصحیح [ عن (3) ] الفضیل. وذکر روایة الفضلاء المتضمّنة لأنّ وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلک قدمان

ص: 308


1- فی « د » و « رض » : وفیه.
2- المختلف 2 : 37.
3- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.

وهذا أوّل الوقت إلی أن یمضی أربعة أقدام (1).

وأجاب عن الروایتین فی جملة الروایات السابقة فی احتجاج الشیخ : بأنّ ذلک تحدید لأجل النافلة والوقت الأفضل لا الإجزاء (2). ولا یخفی أنّ روایة زرارة متنها مضی فی هذا الکتاب ، إلاّ أنّ فی السند محمّد بن سنان ، لکن فی الفقیه مرویة عن زرارة ، والطریق صحیح وفیها بعد المتن المذکور :

ثمّ قال : « إنّ حائط مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله کان قامة فکان إذا مضی منه ذراع صلّی الظهر ، وإذا مضی منه ذراعان صلّی العصر » ثمّ قال : « أتدری لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ » قلت : لِمَ جعل ذلک؟ قال : « لمکان النافلة ، لک أن تتنفّل من زوال الشمس إلی أن یمضی ذراع ، فإذا بلغ فیئُک ذراعاً بدأت بالفریضة وترکت النافلة ، وإذا بلغ فیئک ذراعین بدأت بالفریضة وترکت النافلة » (3).

وقد تقدّم القول فی هذا (4)، وإنّما أعدناه لأنّ الاستدلال به غریب من حیث إنّ المدعی أنّ الوقت من الزوال إلی أن یرجع الفی ء سُبْعَیْن ، والخبر یفید أنّ الوقت بعد السبْعَیْن.

وجواب العلاّمة بالحمل علی النافلة ، فیه اعتراف بدلالة الروایة علی المدّعی ، ثمّ حمل الروایة علی النافلة جمعاً ، وهی صریحة فی النافلة وروایة الفضلاء صریحة فی ذلک أیضاً ، وأظنّ أنّ الاحتجاج بعید عن المفید.

ثمّ إنّ العلاّمة نقل عن ابن أبی عقیل أنّ أوّل وقت الظهر زوال

ص: 309


1- المختلف 2 : 41.
2- المختلف 2 : 41.
3- الفقیه 1 : 140 / 653.
4- تقدم فی ص 1235.

الشمس إلی أن ینتهی الظلّ ذراعاً واحداً أو قدمین من ظلّ قامته بعد الزوال ، فإن جاوز ذلک فقد دخل الوقت الآخر (1) ، قال العلاّمة : مع أنّه یعنی ابن أبی عقیل حکم أنّ الوقت الآخر لذوی الأعذار ، فإن أخّر المختار الصلاة من غیر عذر إلی آخر الوقت فقد ضیّع صلاته وبطل عمله ، وکان عند آل محمّد إذ صلاّها فی آخر وقتها قاضیاً لا مؤدّیاً للفرض فی وقته (2) ، ثمّ قال العلاّمة : واحتجّ بحدیث زرارة عن الباقر علیه السلام وقد ذکرناه فی احتجاج المفید (3).

وأنت خبیر بدلالة الروایة علی خلافه إن کانت هی المذکورة ، ثمّ ذکر أیضاً فی الاحتجاج ما رواه محمّد بن حکیم قال : سمعت العبد الصالح علیه السلام یقول : « أوّل وقت الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة من الزوال » وقد روی علیّ بن أبی حمزة قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « القامة هی الذراع » وقال له أبو بصیر : کم القامة؟ فقال : « ذراع ».

ثمّ أجاب العلاّمة عن هاتین فی جملة ما تقدّم بالحمل علی النافلة أو الأفضل ، ولا یخفی أنّ فیه اعترافاً بأنّ القامة هی الذراع ، والخبران الدالاّن علی ذلک حالهما غیر خفیّة ، فلا أدری الوجه فی عدم التفات العلاّمة إلی وهن هذه الاستدلالات ، والأخبار المذکورة قد تقدّمت فی الباب السابق (4) وإنّما أخّرنا الکلام فیها من هذا الوجه لمناسبة آخر الوقت.

وقد نقل العلاّمة أیضاً : أنّ آخر وقت العصر غروب الشمس ، ذهب

ص: 310


1- فی « رض » : الأخیر.
2- المختلف 2 : 37.
3- المختلف 2 : 41.
4- فی ص 1268.

إلیه المرتضی فی الجمل ، وهو اختیار ابن الجنید وابن إدریس وابن زهرة ، وقال المفید : یمتدّ وقتها إلی أن تتغیّر لون الشمس باصفرارها للغروب ، وللمضطرّ والناسی إلی غروبها ، وقال الشیخ فی الخلاف : وآخره إذا صار ظلّ کلّ شی ء مثلیه.

وقال فی المبسوط : آخره إذا صار ظلّ کلّ شی ء مثلیه ، فإذا صار کذلک فقد فات وقت العصر ، هذا وقت الاختیار ، فأمّا وقت الضرورة فهما مشترکان فیه إلی أن یبقی من النهار مقدار ما یصلّی فیه أربع رکعات ، فإذا صار کذلک اختصّ بوقت العصر إلی أن تغرب الشمس ، واختاره ابن البراج وابن حمزة وأبو الصلاح - إلی أن قال العلاّمة - : احتجّ الشیخ بما تقدّم من الروایات ، وقد سبق الجواب عنها أنّ ذلک للفضیلة ، لا للإجزاء.

واحتجّ المفید بما رواه سلیمان بن جعفر فی الصحیح قال : قال الفقیه : « آخر وقت العصر ستّة أقدام ونصف » وهو إشارة إلی الاصفرار ؛ لأنّ الظل آخر النهار یقسّم سبعة أقدام.

والجواب المراد بذلک وقت الفضیلة جمعاً بین الأخبار. (1) انتهی ملخّصاً.

ولا یخفی أنّ دلالة الأخبار الأوّلة علی مدّعی الشیخ غیر وافیة ، وأمّا الأخیر : ففیه العبیدی ، والعلاّمة حاله فیه مضطربة فی المختلف ، أمّا سلیمان بن جعفر فظاهره أنه جازم بکونه الجعفری ، وقد قدّمنا فیه الاحتمال وبُعده ، وقول شیخنا قدس سره : إنّه ابن حفص علی الظاهر (2) ، وبالجملة

ص: 311


1- المختلف 2 : 42 43 ، وهو فی السرائر 1 : 195 ، الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 556 ، المقنعة : 93 ، الخلاف 1 : 259 ، المبسوط 1 : 72 ، المهذب 1 : 69 ، الکافی فی الفقه : 137 ، المراسم : 62.
2- فی ص 1275.

فالمقام من مزالّ الأقدام وبالله الاعتصام.

بقی شی ء ، وهو : أنّ ما تضمّنه الخبر الأخیر من قوله : « وإنّما الرخصة » إلی آخره. محتمل لأن یکون من مقول یقال ، ویحتمل أن یکون من الإمام علیه السلام ، والفرق واضح ، وثمرته کذلک.

اللغة :

قال فی القاموس : الدنف محرکةً المرض اللازم ، ودَنِفَ المرض کفرح ثقل وأدنفه المرض فهو مدنِف ومدنَف (1).

قوله :

باب وقت المغرب والعشاء الآخرة.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن موسی بن جعفر البغدادی ، عن الحسن بن علیّ الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن عمرو بن أبی نصر قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول فی المغرب : « إذا تواری القرص کان وقت الصلاة والإفطار ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن القاسم مولی أبی أیّوب ، عن عبید بن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا غربت الشمس دخل (2) وقت الصلاتین إلی نصف اللیل إلاّ أنّ هذه قبل هذه ، وإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتین إلاّ أنّ

معنی الدنف

وقت المغرب والعشاء الآخرة

اشارة

ص: 312


1- القاموس المحیط 3 : 146 ( الدنف ).
2- فی الاستبصار 1 : 262 / 941 : فی المغرب إذا تواری القرص کان.

هذه قبل هذه ».

أحمد بن محمد ، عن علیّ بن الحکم ، عمّن حدّثه ، عن أحدهما علیه السلام أنّه سئل عن وقت المغرب فقال : « إذا غاب کرسیّها » قلت : وما کرسیّها؟ قال : « قرصها » قلت : متی یغیب قرصها قال : « إذا نظرت إلیه فلم تره ».

عنه ، عن محمّد بن أبی الصهبان ، عن عبد الرحمن بن حمّاد ، عن إبراهیم بن عبد الحمید عن أبی أُسامة الشحّام قال : قال رجل لأبی عبد الله علیه السلام أُؤخّر المغرب حتّی تستبین النجوم قال ، فقال : « خطّابیّة ، إنّ جبرئیل علیه السلام نزل بها علی محمّد صلی الله علیه و آله حین سقط القرص ».

الحسین بن سعید ، عن النضر بن سوید ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی وموسی بن جعفر ، عن أبی جعفر ، عن أبی طالب عبد الله بن الصلت ، عن الحسن ابن علیّ بن فضّال ، عن داود بن أبی یزید وهو داود بن فرقد عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتّی یمضی مقدار ما یصلّی المصلّی ثلاث رکعات ، فإذا مضی ذلک فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتّی یبقی من انتصاف اللیل مقدار ما یصلّی المصلّی أربع رکعات ، فإذا بقی مقدار ذلک فقد خرج وقت المغرب وبقی وقت العشاء الآخرة إلی انتصاف اللیل ».

ص: 313

الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن المیثمی ، عن أبان ، عن إسماعیل بن الفضل الهاشمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی المغرب حین تغیب الشمس حتی یغیب حاجبها ».

عنه ، عن سلیمان بن داود ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « وقت المغرب حین تغیب الشمس ».

عنه ، عن محمّد بن زیاد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « وقت المغرب من حین تغیب الشمس إلی أن تشتبک النجوم ».

عنه ، عن عبد الله بن جبلة ، عن ذریح عن أبی عبد الله علیه السلام : « إنّ جبرئیل علیه السلام أتی النبیّ صلی الله علیه و آله فی الوقت الثانی فی المغرب قبل سقوط الشفق ».

عنه ، عن صفوان بن یحیی ، عن إسماعیل بن جابر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن وقت المغرب قال : « ما بین غروب الشمس إلی سقوط الشفق ».

السند :

فی الأوّل : فیه موسی بن جعفر البغدادی وقد تقدّم (1) أنّه مهمل فی الرجال. وعمرو بن أبی نصر ثقة ، وغیرهما تقدّم القول فیه (2).

والثانی : فیه القاسم مولی أبی أیّوب ، وهو فی الرجال : القاسم بن

موسی بن جعفر البغدادی مهمل

عمرو بن أبی نصر ثقة

بحث حول القاسم مولی أبی أیوب

ص: 314


1- فی ص 292 ، 1256.
2- کمحمد بن علی بن محبوب فی ص 44 ، الحسن بن علی الوشاء فی ص 111 ، عبد الله بن سنان فی ص 154.

عروة مولی أبی أیّوب ، والراوی عنه فی النجاشی الحسین بن سعید عن النضر (1) ، وفی الفهرست الحسین بن سعید عنه (2).

والذی فی الأخبار کما فی الفهرست علی ما وقفت علیه ، إلاّ فی هذا الموضع ، فإنّ الراوی کما تری ابن أبی نصر ، وعلی کلّ حال قد قدّمنا عن ابن داود أنّه نسب مدحه إلی الکشّی علی ما حکاه بعض محقّقی المتأخّرین (3) رحمه الله .

والذی فی الکشّی : القاسم بن عروة مولی لبنی أیّوب (4) الخوزی وزیر أبی جعفر المنصور (5).

والمنقول عنه حکایة کلام ابن داود قال : إنّ کون القاسم وزیر أبی جعفر المنصور أقرب إلی الذم من المدح (6).

وأنت خبیر بأنّ قول الکشّی محتمل لأن یکون الوزیر أیّوب لا القاسم ، بل هو الظاهر من کتاب الشیخ ؛ لأنّه ذکر القاسم بن عروة فی رجال الصادق علیه السلام قائلاً : أنّه مولی أبی أیّوب ، وکان أبو أیّوب من موالی المنصور (7). وإنّما قلنا : الظاهر لأنّ کلام الشیخ أیضاً مخالف للکشّی کما لا یخفی ، إلاّ أنّ فیه دلالةً علی أنّ المتعلّق بالمنصور لیس القاسم ، وبالجملة فالأمر غیر مهمّ إلاّ أنّ المقصود بیان الحال.

ص: 315


1- رجال النجاشی : 314 / 860.
2- الفهرست : 127 / 566.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 21.
4- فی المصدر : أبی أیّوب.
5- رجال الکشی 2 : 670 / 695.
6- مجمع الفائدة 2 : 21.
7- رجال الطوسی : 276 / 51.

وقد ذکر الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام : القاسم بن عروة روی عنه البرقی أحمد (1) ، فلیتأمّل.

والثالث : فیه الإرسال ، وعلیّ بن الحکم هو الثقة بتقدیر الاشتراک ؛ لما قدّمناه (2) من روایة أحمد بن محمّد عنه.

والرابع : فیه عبد الرحمن بن حمّاد ، وهو مهمل فی الفهرست (3).

ولا یخفی ما فی مرجع الضمیر فی « عنه » من مخالفة الاصطلاح للشیخ ؛ لأنّ روایة أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن محمّد بن ابی الصهبان لا وجه لها ، بل الراوی عنه محمّد بن یحیی العطّار وأحمد بن إدریس ونحوهما ، والظاهر أنّ الضمیر راجع إلی محمّد بن علیّ بن محبوب ؛ لرجوع الضمیر الأوّل إلیه ، ووقوع روایة أحمد فی الأثناء لا یبعد أن یکون من الکافی ، کما هی عادة محمّد بن یعقوب فی البناء علی الإسناد السابق ، کما نبّهنا علیه سابقاً.

وأمّا إبراهیم بن عبد الحمید ومن معه فقد مضی ما یکشف الحال.

والخامس : لا ارتیاب فی صحّته کما مضی (4).

والسادس : تقدّم (5) بعینه عن قریب.

والسابع : مضی أیضاً مثله غیر بعید ، وبیّنا أنّ المیثمی وإن کان مشترکاً إلاّ أنّ المراد به هنا أحمد بن الحسن ، لروایة الحسن بن محمّد بن

إشارة إلی تمییز علی بن الحکم

عبد الرحمان بن حماد مهمل

کلمة فی الراوی عن محمد بن أبی الصهبان

بحث حول المیثمی أحمد بن الحسن

ص: 316


1- رجال الطوسی : 490 / 8.
2- فی ص 180.
3- الفهرست : 109 / 465.
4- أی الحسین بن سعید ص 49 ، النضر بن سوید ص 138 ، عبد الله بن سنان ص 154.
5- فی ص 1284.

سماعة عنه کما فی النجاشی (1). وأبان قدّمنا (2) أیضاً أنّه ابن عثمان ؛ لما یظهر من النجاشی (3).

والوجه فیه أنّه قال فی السند إلیه : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة قال : حدّثنا أحمد بن الحسن المیثمی بکتابه عن الرجال ، وعن أبان بن عثمان. وهذه العبارة محتملة لأن یکون المراد : حدّثنا بکتابه عن الرجال الشیوخ ، وعن أبان بن عثمان بالخصوص ، ویحتمل أن یکون « وعن أبان » راجعاً إلی الحسن بن سماعة أنّه أخبر عن الحسن وعن أبان ، لکنّ الأوّل له ظهور ، وإن کان فی قوله : عن الرجال. نوع إجمال ، إلاّ أنّ احتمال إرادة الشیوخ أیضاً له ظهورٌ.

وممّا یؤیّد الأوّل : وجود الروایة عن أبان فی مواضع منها ما نحن فیه ، واحتمال أن یقال بعدم تعیّن أبان لابن عثمان لیفید المطلوب ، یدفعه الظاهر.

ومن العجب ما اتّفق للعلاّمة فی أحمد بن الحسن أنّه قال : واقفیٌ ، قال النجاشی : وهو علی کلّ حال (4) ثقة صحیح الحدیث معتمد علیه. وعندی فیه توقف (5). والحال أنّه فی حمید بن زیاد حَکَمَ بقبول قوله إذا خلا عن المعارض ونحوه (6).

وقول النجاشی فی أحمد بن الحسن : إنّه صحیح الحدیث معتمدٌ ،

ص: 317


1- رجال النجاشی : 74 / 179.
2- فی ص 130.
3- رجال النجاشی : 74 / 179.
4- فی الخلاصة : کل وجه.
5- خلاصة العلاّمة : 201.
6- خلاصة العلاّمة : 59.

أقرب للقبول من الخالی عن مثل هذا ، علی أنّ کلام النجاشی لا یعطی الوقف فی نظری القاصر ، بل یحتمل أن یکون أراد عدم التصریح بالردّ لقول من قال ، ویؤیّد هذا عدم التصریح منه بتوثیق الحسن بن موسی (1) ، فلیتأمّل.

فإن قلت : الخشّاب لیس فی الکشی (2) ، فمن أین حکم النجاشی بأنّه الخشّاب؟

قلت : هو أعلم بالحال ، ولعلّ الخشّاب فی نسخة الکشّی عند النجاشی ، والموجود الآن خال منها.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ إسماعیل بن الفضل الهاشمی ذکر العلاّمة أنّه ثقة رُوِیَ عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « إنّه کهل من کهولنا وسیّد من ساداتنا » وکفاه بهذا شرفاً مع صحّة الروایة (3).

وذکر شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال أنّ الذی فی الکشی : محمّد بن مسعود قال : حدّثنی علیّ بن الحسن بن علیّ بن فضّال أنّ إسماعیل بن الفضل کان من ولد نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وکان ثقة من أهل البصرة ، وأمّا سند الروایة المذکورة فی الخلاصة فلم أطّلع الآن علیه (4). انتهی.

والأمر کما قال ، إلاّ أنّ العلاّمة کلامه لا یقتضی صحّة الروایة ، بل یحتمل أن یرید لو صحّت الروایة ، نعم اقتصار العلاّمة علی کونه من

بحث حول إسماعیل بن الفضل الهاشمی

ص: 318


1- رجال النجاشی : 42 / 85.
2- انظر رجال الکشی 2 : 768 / 890.
3- خلاصة العلاّمة : 7 / 1.
4- منهج المقال : 58. وهو فی رجال الکشی 2 : 482 / 393.

أصحاب الباقر کما یعلم من الخلاصة (1) لا وجه له ، فإنّه روی عن الصادق علیه السلام فی هذه الروایة ، والشیخ ذکره فی رجال الإمامین علیهماالسلام من کتابه ، قائلاً فی رجال الباقر علیه السلام : إنّه ثقة من أهل البصرة (2). وقد یظنّ أنّ هذا من الکشّی للروایة ، إلاّ أنّ احتمال غیره ممکن ، والله أعلم.

والثامن : فیه سلیمان بن داود ، وهو مشترک بین مهملین (3) ، ومن قال النجاشی : إنه غیر متحقّق بنا ، وهو ثقة (4). وغیره معلوم الحال.

والتاسع : فیه محمّد بن زیاد ، وقد مضی أنه مشترک (5).

والعاشر : فیه ابن جبلة.

والحادی عشر : فیه ابن سماعة الراجع إلیه الضمیر فی الظاهر ، فلیتأمّل.

المتن :

من المهمّ قبل القول فیه ذکر الأقوال المنقولة فی المسألة ، فعن السیّد المرتضی فی الجمل : إذا غربت الشمس دخل وقت المغرب ، فإذا مضی مقدار ثلاث رکعات دخل وقتُ العشاء الآخرة ، واشترکت الصلاتان فی الوقت إلی أن یبقی لانتصاف اللیل مقدار أربع رکعات ، فیخرج وقت المغرب ویختص ذلک المقدار للعشاء الآخرة (6) ، واختاره ابن الجنید (7) ،

سلیمان بن داود مشترک

محمد بن زیاد مشترک

الأقوال فی وقت المغرب والعشاء

ص: 319


1- خلاصة العلاّمة : 7 / 1.
2- رجال الطوسی : 105 / 17 ، 147 / 88.
3- رجال الطوسی : 208 / 96 ، 378 / 6.
4- رجال النجاشی : 184 / 488.
5- راجع ص 204.
6- حکاه عنهما فی المختلف 2 : 44.
7- حکاه عنهما فی المختلف 2 : 44.

وابن زهرة (1) ، وابن إدریس (2).

وعن المفید : آخر وقتها غیبوبة الشفق ، وهو الحمرة فی المغرب ، والمسافر عند المغرب فی سعة من تأخیرها إلی ربع اللیل (3). وبه قال الشیخ فی النهایة (4) ، وفی المبسوط قال : آخره غیبوبة الشفق للمختار ، وللمضطر إلی ربع اللیل (5). وفی الخلاف غیبوبة الشفق (6) ، وأطلق. وبه قال ابن البرّاج (7).

وعن المرتضی قول آخر : إنّ آخر وقتها غیبوبة الشفق (8). وعن ابن أبی عقیل : أوّل الوقت سقوط القرص ، وعلامته أن یسودّ أُفُق السماء من المشرق ، وذلک إقبال اللیل وتقویة للظلمة فی الجوّ واشتباک النجوم ، فإن جاوز ذلک بأقلّ قلیل حتی یغیب الشفق فقد دخل فی الوقت الأخیر (9).

وعن ابن بابویه : وقت المغرب لمن کان فی طلب المنزل فی سفر إلی ربع اللیل ، وکذا للمفیض من عرفات (10).

وعن سلاّر : یمتدّ وقت العشاء الأوّل إلی أن یبقی لغیاب الشفق الأحمر مقدار ثلاث رکعات (11). وعن أبی الصلاح : آخر وقت الإجزاء

ص: 320


1- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 556.
2- السرائر 1 : 195.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 44 ، وهو فی المقنعة : 93.
4- النهایة : 59.
5- المبسوط 1 : 74 75.
6- الخلاف 1 : 261.
7- المهذب 1 : 69.
8- المسائل الناصریة ( الجوامع الفقهیة ) : 193.
9- نقله عنه فی المختلف 2 : 44.
10- الفقیه 1 : 141.
11- المراسم : 62.

ذهاب الحمرة من المغرب ، وآخر وقت المضطرّ ربع اللیل (1).

إذا عرفت هذا فالأوّل : یدلّ علی أنّ القرص إذا تواری کان وقت الصلاة ، وغیر خفیّ إطلاق التواری ، إلاّ أنّ المتبادر التواری عن الأُفق الحسّی ، والمنقول عن السیّد کما تری أوّلاً غروب الشمس (2) ، وقد یدّعی إرادة التواری عن الأُفق الحسّی ، واحتمال غیره ممکن ، والمصرّح به من المنقولة أقوالهم منتف ، لکنّ المنقول من بعض المتأخّرین عن الشیخ القول بغیبوبة القرص (3). والذی ذکرته من المختلف.

وفی الحبل المتین : أنّ ذلک مذهب الشیخ فی المبسوط والاستبصار وابن الجنید ، والمرتضی فی بعض کتبه ، وابن بابویه فی علل الشرائع (4). والذی سمعته من قول ابن الجنید علی ما حکاه فی المختلف لا یعطی ذلک إلاّ علی ما احتملناه ، ولعلّ ابن الجنید والسیّد صرّحا فی کتبهما بما نقل ، وأمّا الاستبصار فالأخبار المبدوء بها إن کانت مذهباً فالخبر المبحوث عنه کما ذکرناه له دلالةٌ.

وأما الثانی : فقد تضمّن الغروب ، والظاهر أنّ الشیخ فهم منه غیبوبة القرص لما یدلّ علیه کلامه فی المعارض ، إلاّ أنّ فیه ما ستسمعه إن شاء الله.

والثالث : ظاهر الدلالة علی المطلوب ، وهو متناول لمطلق الأُفق.

والرابع : کذلک.

بیان ما دلّ علی أنّ وقت المغرب تواری القرص

ص: 321


1- الکافی فی الفقه : 137.
2- راجع ص 319.
3- کالمنتهی 1 : 203.
4- الحبل المتین : 142 ، المبسوط 1 : 74 ، الاستبصار 1 : 265 ، حکاه عنه فی المختلف 1 : 44 ، حکاه عن السید فی الجمل فی المختلف 1 : 44.

والخامس : نحوه.

والسادس : فیه الغیبوبة وله دلالةٌ علی قول السیّد المرتضی (1) أوّلاً.

والسابع : فیه غیبوبة الشمس إلاّ أنّ قوله : « حتی یغیب حاجبها » غیر واضح المعنی ، ویحتمل أن یکون لفظ « حتی » مصحّفاً وإنّما هو « حین » ویراد بالحاجب المانع من مشاهدة الأُفق من غیم ونحوه ، ویحتمل أن یکون « حتی » صحیحة ، والمراد بالحاجب الشعاع.

وقد نقل بعض المخالفین فی شرح حدیثهم عن مالک أنّه قال : وقت المغرب یدخل بغیبوبة الشمس وشعاعها المستولی علیها. وفیه دلالة علی رجحان الاحتمال ، إلاّ أنّ عمل الشیخ بمقتضی الأخبار المذکورة علی هذا التقدیر یفید اعتبار غیبوبة القرص مع الشعاع.

وما تضمّن من الأخبار غیبوبة الکرسی والقرص یقتضی عدم اعتبار غیبوبة الشعاع ، إلاّ أن یحمل المطلق علی المقیّد ، فإطلاق بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله غیبوبة القرص فی أنّه مذهب الشیخ فی الاستبصار (2) لا یخفی ما فیه بعد ما قلناه ، ولم أقف الآن علی مصرّح بهذا.

وما یأتی من الحدیث المتضمّن لصعود أبی قبیس ورؤیة الشمس ربما یدلّ علی مطلق غیبوبة القرص ، إذ من المستبعد غیبوبة الشعاع مع بقاء القرص خلف جبل أبی قبیس ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

والثامن : تضمّن غیبوبة الشمس ، وقد سمعت القول (3) فی ذلک.

والتاسع : کما تری تضمّن الابتداء والغایة فی الوقت ، وحمله علی

ص: 322


1- راجع ص 1295.
2- البهائی فی الحبل المتین : 142.
3- فی ص 1296.

نهایة الفضیلة ممکن ، إلاّ أنّه لا یوافق مذهب الشیخ الآتی بیانه : من أنّ آخر الأوّل وقت الاختیار إلی غیبوبة الشفق. ولا مذهب غیره : من أنّ آخر وقت الفضیلة غیبوبة الشفق ، إلاّ أنّ الأقوال التی سمعتها لیس فیها القول بوقت الفضیلة ، بل فی کلام أبی الصلاح آخر وقت الإجزاء ذهاب الحمرة ، وآخر وقت المضطر ربع اللیل (1). وظاهرٌ أنّ مراده بالإجزاء الاختیار ، وسیأتی من شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب الحمل علی الاستحباب. ومضی فی فوائد شیخنا أیّده الله فی باب أنّ لکلّ صلاة وقتین ذکر وقت الفضیلة (2) ، وسیأتی من الشیخ تصریح بأنّه یقول فی هذا الکتاب بزوال الحمرة فی الغیبوبة ، حیث قال بعد ذکر خبرین : إنّهما لا ینافیان ما اعتبرناه فی غیبوبة الشمس من زوال الحمرة ؛ لأنّه لا یمتنع أن یکون قد زالت الحمرة عنها وإن کانت الشمس باقیةً خلف الجبل ، لأنّها تغرب عن قوم وتطلع علی آخرین ، وهذا کما تری یوجب تقیید هذه الأخبار الواردة فی الغیبة علی الإطلاق.

فالعجب من بعض محقّقی المعاصرین حیث نسب إلی الشیخ فی الکتاب القول بسقوط القرص علی الإطلاق (3).

وبالجملة : فالعمل بمجرّد هذه الأخبار من دون التفات إلی منتهی الأحادیث معلوم الانتفاء ، علی أنّ معلومیّة إفتاء الشیخ فی الکتاب محلّ تأمّل کما یظهر لمن تتبّعه.

إذا عرفت هذا فالخبر المبحوث عنه کما یحتمل ما قدّمناه یحتمل أن یراد أنّ أوّل الاختیار أوّل الفضیلة ممتدّاً إلی اشتباک النجوم ، وحینئذ

ص: 323


1- الکافی فی الفقه : 137.
2- فی ص 1249.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 21.

لا ینافی ما دلّ علی منتهی الفضیلة أو الاختیار إلی أزید من ذلک ، أو یحمل اشتباک النجوم علی ذهاب الشفق ، وفیه ما فیه.

والعاشر (1) : ظاهرُ الدلالة علی أنّ وقتی المغرب قبل الشفق ، والشیخ غیر قائل علی ما یظهر ممّا یأتی ، والقائل بأنّ الأوّل للفضیلة والثانی للإجزاء لا أظنّه یقول بهذا ، ویمکن حمل الثانی علی ثانی الفضیلة (2) علی معنی تفاوت الفضیلة ، وحینئذ یکون الإجزاء بعد الشفق ، ولم أرَ من صرّح به ، وعلی کلّ حال إطلاق أنّ الشیخ قائل بالأخبار المذکورة مشکل.

والحادی عشر (3) : تضمّن الغروب ، الاّ أنّ ما یفیده من انحصار الوقت ینافی العاشر (4) فی الجملة ، والحمل علی منتهی الفضل ممکن ، بخلاف ما یقوله الشیخ : من وقت الاختیار وأنّ المحدود وقت واحد والعاشر (5) تضمّن وقتین.

ویمکن التوجیه بعدم المانع من قول الشیخ : بأنّ الأوّل وقت المختار ویتفاوت فی الفضل ، کما مضی نحوه فی وقتی الظهرین ، فلیتأمّل فی ذلک کلّه فإنه حریّ بالتأمّل التام علی تقدیر العمل بجمیع الأخبار فی المقام.

بقی شیئان ، أحدهما : أنّ ما تضمّنه الثانی من دخول الوقتین الکلام فیه بالنسبة إلی الاشتراک من الأوّل وعدمه کما تقدّم فی الظهرین ، إلاّ أنّ المعارض هنا وهو السادس یقتضی صرف الثانی إلی نفی الاشتراک من الأوّل عند من یعمل بالخبرین (6).

ص: 324


1- فی النسخ : التاسع ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی « فض » : الفریضة.
3- فی النسخ : العاشر ، والصواب ما أثبتناه.
4- فی النسخ : التاسع ، والصواب ما أثبتناه.
5- فی النسخ : التاسع ، والصواب ما أثبتناه.
6- فی « فض » زیادة : ومن لم یعمل بهما له الاستدلال بالآیة الشریفة المفسَّرة بالخبر المعتبر وهو خبر زرارة الصحیح فی الفقیه.

وثانیهما : أنّ الرابع تضمّن أنّ من أخّر الصلاة إلی أن تستبین النجوم کان خطّابیّاً ، والحال أنّ التأخیر أعمّ من قصد الموافقة لأبی الخطّاب فی کونه وقتاً أم لا ، والإشکال واضحٌ ، ولعلّ المراد تهویل التأخیر ، أو أنه علیه السلام فهم من السائل اعتقاد التأخیر ، والظاهر من الجواب الثانی. والخطّابیة منسوبة إلی محمّد بن أبی زینب (1) أبی الخطّاب علیه ما یستحقه.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسن بن سماعة ، عن صفوان بن یحیی ، عن یعقوب بن شعیب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن وقت المغرب قال : قال لی : « مسّوا بالمغرب قلیلاً فإنّ الشمس تغیب عندکم قبل أن تغیب [ من ] (2)عندنا ».

عنه ، عن سلیمان بن داود ، عن عبد الله بن الصباح قال : کتبتُ إلی العبد الصالح علیه السلام یتواری القرص ویقبل اللیل ثمّ یزید اللیل ارتفاعا وتستتر عنّا الشمس وترتفع فوق اللیل ( حمرة ویؤذّن عندنا المؤذّنون أفأُصلّی حینئذ وأُفطر إن کنت صائماً ، أو أنتظر حتی تذهب الحمرة التی فوق اللیل؟ ) (3) فکتب إلیَّ : « أری لک أن تنتظر [ حتی تذهب (4) ] الحمرة وتأخذ بالحائطة لدینک ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علیّ بن الصلت ، عن بکر بن

ص: 325


1- فی « فض » : أبی وهب.
2- ما بین المعقوفین أضفناه من الاستبصار 1 : 264 / 951.
3- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
4- ما بین المعقوفین أضفناه من الإستبصار 1 : 264 / 952.

محمّد ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سأله سائل عن وقت المغرب ، فقال (1) : « إنّ الله ( عزّ وجلّ ) (2) یقول فی کتابه لإبراهیم علیه السلام ( فَلَمّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأی کَوْکَباً ) (3) فهذا أوّل الوقت ، وآخر ذلک غیبوبة الشفق ، وأوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها إلی غسق اللیل نصف اللیل ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبی همام إسماعیل ابن همام قال : رأیت الرضا علیه السلام وکنّا عنده لم نصلّ المغرب حتی ظهرت النجوم ثمّ قام فصلّی بنا علی باب دار ابن أبی محمود.

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن داود الصرمی قال : کنت عند أبی الحسن الثالث علیه السلام یوماً فجلس یتحدّث (4)حتی غابت الشمس ثمّ دعا بشمع وهو جالس یتحدّث ، فلمّا خرجت من البیت نظرت وقد غاب الشفق قبل أن یصلّی المغرب ، ثمّ دعا بالماء وتوضّأ وصلّی.

فالوجه (5) فی هذه الأخبار أحد شیئین : أحدهما أن یکون إنّما أمَرهم أن یمسّوا بالمغرب قلیلاً ویحتاطوا لیتیقّن بذلک سقوط الشمس ؛ لأن حدّها غیبوبة الحمرة من (6) ناحیة المشرق لا غیبوبتها عن العین ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن

ص: 326


1- فی الاستبصار 1 : 264 / 953 : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 264 / 953 : تعالی.
3- الأنعام : 76.
4- فی الاستبصار 1 : 264 / 955 : یحدّث.
5- فی الاستبصار 1 : 264 / 955 زیادة : الأول.
6- فی الاستبصار 1 : 264 / 955 : عن.

محمّد ، عن محمّد بن خالد والحسین بن سعید ، عن القاسم بن عروة ، عن برید بن معاویة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض ومن غربها ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن ابن أبی عمیر ، عن القاسم بن عروة ، عن برید بن معاویة قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « إذا غابت الحمرة من هذا الجانب یعنی من ناحیة المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض ومن غربها ».

عنه ، عن علی بن سیف ، عن محمّد بن علیّ قال : صحبت الرضا علیه السلام فی السفر فرأیته یصلّی المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق یعنی السواد.

عنه ، عن علیّ بن أحمد بن أشیم ، عن بعض أصحابنا عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدری کیف ذلک؟ » قلت : لا ، قال : « لانّ المشرق مطلّ علی المغرب هکذا ورفع یمینه فوق یساره فاذا غابت من ها هنا ذهبت الحمرة من ها هنا ».

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن علیّ بن یعقوب ، عن مروان بن مسلم ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّما أمَرت أبا الخطّاب أن یصلّی المغرب حین تغیب الحمرة من مطلع الشمس ، فجعله هو الحمرة التی من قبل المغرب ، فکان یصلّی حین یغیب الشفق ».

ص: 327

السند :

فی الأوّل : الحسن بن سماعة ، وقد تقدّم القول فیه مفصّلاً (1) من أنّ العلاّمة قال فی الحسن بن محمّد بن سماعة : أبوه من ولد سماعة بن مهران (2).

والکشی قال : حدّثنی حمدویه ، عن الحسن بن موسی قال : کان ابن سماعة واقفیّاً ، وذکر أنّ محمّد بن سماعة لیس من ولد سماعة بن مهران ، له ابن یقال له : الحسن بن سماعة واقفی (3). وهذا وإن اقتضی المغایرة للحسن بن محمّد بن سماعة ، إلاّ أنّ التحقیق الذی قدّمناه یغنی عن الإعادة.

وفی کتاب شیخنا المحقّق فی الرجال : الحسن بن سماعة بن مهران واقفی ، ولیس بالحسن بن محمّد بن سماعة کما یأتی فی موضعه (4). وأشار بما یأتی إلی ما نقله فی الحسن بن محمّد بن سماعة من کلام الکشی ، وإذا راجعت ما مضی یتضح الحال ، غیر أنّ المغایرة یقتضی أن یکون ما ذکره الشیخ فی طرق الکتاب إلی الحسن بن محمّد بن سماعة (5) لم یدخل فیه مثل الروایة عن الحسن بن سماعة ، إلاّ أن یقال : إنّ الحسن ابن سماعة هنا یراد به ابن محمّد بن سماعة ، وهو لا ینافی تلک المغایرة ، فلیتأمّل.

بحث حول الحسن بن سماعة

ص: 328


1- فی ص 976.
2- رجال العلاّمة : 212 / 2 ، وفیه : ولیس محمد بن سماعة أبوه من ولد سماعة بن مهران.
3- رجال الکشی 2 : 768 / 894.
4- منهج المقال : 100 ، 107.
5- انظر الاستبصار 4 : 328.

ویعقوب بن شعیب مضی عن قریب (1) ، غیر أنّ فی الرجال : یعقوب ابن شعیب الأزرق من رجال الباقر علیه السلام فی کتاب الشیخ مهملاً (2). ولا سبیل إلی احتماله هنا بعد الروایة عن أبی عبد الله علیه السلام ، نعم فی الفهرست أنّ الراوی عن یعقوب بن شعیب بن میثم الثقة : الحسن بن سماعة (3) ، والراوی عن الحسن : حمید ، وفی الخبر کما تری صفوان هو الراوی عنه ، ولا بُعد فیه ، لکن فی النجاشی الراوی عنه محمد بن أبی عمیر (4) ، والأمر سهلٌ.

والثانی : فیه سلیمان بن داود ، وقد تقدّم أنّه مشترک (5). أمّا عبد الله بن الصباح فلم أقف علیه فی الرجال ، وفی التهذیب : عبد الله بن وضّاح (6). وهو ثقة ، والظاهر أنّه الصواب.

والثالث : فیه علی بن الصلت ، وهو مهمل فی النجاشی (7) والفهرست (8).

إلاّ أنی رأیت فی کتاب الحجّ من التهذیب روایة عن علیّ بن الریان ابن الصلت (9) ، وفیه أیضاً : عن علیّ بن الصلت (10) ، فیحتمل الاتحاد ،

بحث حول یعقوب بن شعیب

إشارة إلی اشتراک سلیمان بن داود

عبد الله بن الصباح غیر مذکور فی الرجال

بحث حول علی بن الصلت

ص: 329


1- فی ص 1219.
2- رجال الطوسی : 140 / 15.
3- الفهرست : 180 / 795.
4- رجال النجاشی : 450 / 1216.
5- راجع ص 1295.
6- التهذیب 2 : 259 / 1031.
7- رجال النجاشی : 279 / 735.
8- الفهرست : 96 / 406.
9- التهذیب 5 : 209 / 701.
10- التهذیب 5 : 181 / 605.

ویکون ثقة ، والراوی عن ابن الریان : علیّ بن إبراهیم فی النجاشی (1) والفهرست (2). وعن ابن الصلت فی الفهرست : أحمد بن أبی عبد الله عن أبیه (3). والمرتبة غیر بعیدة ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسعٌ ، والنجاشی محقّق ، وذکر الرجلین قرینة التعدّد.

وأمّا بکر بن محمّد فهو مشترک (4) ، إلاّ أنّ الظاهر کونه بکر بن محمّد الأزدی الثقة فی النجاشی (5) ؛ لأنّ الصدوق رواها عن بکر بن محمّد (6) ، وفی الطرق ذکر الطریق إلی بکر بن محمد الأزدی (7). والظاهر إرادة الأزدی فی أصل الکتاب عند الإطلاق ، وما قاله بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله : من تعیّن کونه الأزدی لأنّ غیره لم یرو عن أبی عبد الله علیه السلام (8). ففیه : أنّ من أصحاب الصادق علیه السلام بکر بن محمّد العبدی مهملاً فی کتاب الشیخ (9).

والرابع : لا ارتیاب فیه.

والخامس : فیه داود الصرمی ، والموجود فی کتاب الشیخ من رجال علی بن الحسین علیهماالسلام داود الصرمی مهملاً (10). والروایة کما تری عن أبی الحسن الثالث علیه السلام ، وفی النجاشی داود بن مافِنَّة الصرمی ، وروی عن

بحث حول بکر بن محمد

بحث حول داود الصرمی

ص: 330


1- رجال النجاشی : 278 / 731.
2- الفهرست : 90 / 376.
3- الفهرست : 96 / 406.
4- انظر هدایة المحدثین : 25.
5- رجال النجاشی : 108 / 273.
6- الفقیه 1 : 141 / 657.
7- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 33.
8- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 22.
9- رجال الطوسی : 156 / 30.
10- رجال الطوسی : 88 / 1.

الرضا علیه السلام ، وبقی إلی أیّام أبی الحسن صاحب العسکر علیه السلام (1). وحینئذ تعیّن أنّه المذکور ، وهو مهمل أیضاً.

والسادس : فیه القاسم بن عروة ، وقد تقدّم القول فیه (2).

وحکی بعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله أنّ العلاّمة وصف بعض الأحادیث الذی هو فیها بالصحة (3). وفیه ما فیه. ومحمّد بن خالد هو البرقی لروایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه کما یستفاد من الرجال (4).

والسابع : فیه القاسم بن عروة.

والثامن : فیه علیّ بن سیف ، والمذکور فی الرجال علیّ بن سیف بن عمیرة ثقة فی النجاشی (5). وفی رجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (6). ومحمّد بن علیّ فیه اشتراک (7).

والتاسع : فیه علیّ بن أحمد بن أشیم ، وهو مجهول الحال علی ما صرّح به فی الرجال (8).

والعاشر : فیه أحمد بن الحسن وفیه اشتراک (9) ، إلاّ أنّ ابن فضّال کأنّه قریب ؛ لأنّ الراوی عنه الصفّار وهو فی مرتبة ابن محبوب ، مضافاً إلی روایته عن عمّار الساباطی بکثیرٍ ، وإن کانت الوسائط مختلفة ، لکن

إشارة إلی ضعف القاسم بن عروة

تمییز محمد بن خالد

بحث حول علی بن سیف

محمد بن علی مشترک

علی بن أحمد بن أشیم مجهول

تمییز أحمد بن الحسن

ص: 331


1- رجال النجاشی : 161 / 425.
2- فی ص 319.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 22 ، وهو فی المختلف 2 : 60.
4- انظر الفهرست : 148 / 628.
5- رجال النجاشی : 278 / 729.
6- رجال الطوسی : 382 / 31.
7- انظر هدایة المحدثین : 244.
8- راجع خلاصة العلاّمة : 232 / 5.
9- انظر هدایة المحدثین : 170.

الاحتمال واسع الباب. وعلیّ بن یعقوب مجهول.

المتن :

فی الأوّل : ربما یستفاد منه اعتبار غیبوبة الحمرة ، والحمل علی الاستحباب ممکن ؛ لوجود المعارض الآتی والسابق الدال علی غیبوبة القرص ؛ واحتمال تقیید ما دلّ علی غیبوبة القرص بذهاب الحمرة له وجه عند من یعمل بالخبر المبحوث عنه ونحوه.

وتوجیه الشیخ للأمر فی هذا الخبر لا یخلو من نوع قصور عبارةً ومراداً ؛ لأنّ قوله : أحدهما أن یکون إنّما أمرهم أن یمسّوا بالمغرب قلیلاً أو یحتاطوا (1) لیتیقّن بذلک سقوط الشمس ، لأنّ حدّها غیبوبة الحمرة. یقتضی التردّد ، ویفید أنّ الأمر إمّا للوجوب أو للاحتیاط ، والحال أنّ الأمر للوجوب عند المحققین.

ولو احتُمل أن یکون فی الحدیث للاستحباب بقرینة السیاق لم یتمّ مطلوب الشیخ من الحکم بأنّ الغیبوبة حدّ لا غیبوبة الشمس عن العین ، علی أنّ یعقوب بن شعیب کوفّی علی ما فی کتاب الشیخ (2) ، والصادق علیه السلام مدنی ، والاختلاف بین الکوفة والمدینة فی الأُفق تبعد ملاحظته من الشارع ، فالظاهر أنّ اعتبار الاستحباب له وجه.

وینقل عن الشهید فی الذکری أنّه حمل الأخبار المتضمّنة للتوقیت بغیبوبة القرص علی ذهاب الحمرة ، حملاً للمطلق علی المقیّد (3).

علی بن یعقوب مجهول

توجیه ما دلّ علی تأخیر المغرب إلی ذهاب الحمرة وما دل علی الاشتراک والاختصاص فی وقتی المغرب والعشاء

ص: 332


1- فی الاستبصار 1 : 265 : ویحتاطوا.
2- رجال الطوسی : 336 / 53.
3- الذکری : 120.

ولا یخلو من وجهٍ لو تکافأت الأخبار ، والذی سنده خالٍ من الارتیاب فی هذا الباب غیر صریح فی التوقیت بغیبوبة الحمرة ، وهو الرابع ، لاحتماله الضرورة بوجه لا یعلمه الراوی.

والثانی : کما تری یدلّ علی أنّه علیه السلام أراد الاحتیاط ، وهو دلیل علی أنّ اعتبار ذهاب الحمرة للاستحباب ، علی أنّ مقتضی الخبر حصول اللیل وهو السواد فی الأُفق ، وتکون الحمرة فوقه ، والخبر التاسع یعطی الاکتفاء بمجرد ظهور السواد فی الأفق ، الاّ أن یحمل ذاک علی هذا لو صحّ السندان.

وما اعتبره جدّی (1) قدس سره وغیره (2) فیما أظنّ من وصول الحمرة إلی قمّة الرأس یدلّ علیه روایة غیر نقیّة السند رواها الشیخ فی التهذیب (3) ، وقد یدلّ علیه هذا الخبر من حیث قوله : « ذهاب الحمرة » والأمر کما تری ، وصریح الخبر المبحوث عنه أنّ ما ذکر فیه علی سبیل الاحتیاط.

والثالث : ظاهر فی أنّ رؤیة الکوکب أوّل الوقت ، ولا یبعد کونه دالاًّ علی غیبوبة الحمرة بالکنایة.

وقوله : « إنّ الله یقول فی کتابه لإبراهیم » لا یخلو من خفاء ؛ إذ الظاهر یقول حکایةً لإبراهیم أو عن إبراهیم ، والخبر موصوفٌ بالصحة فی المختلف والحبل المتین (4) ، والذی هنا قد سمعت القول فی سنده ، وفی الفقیه طریقه إلی بکر بن محمد الأزدی فیه : إبراهیم بن هاشم (5).

ص: 333


1- الروضة البهیة 1 : 178 ، المسالک 1 : 20.
2- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 23.
3- التهذیب 4 : 185 / 516 ، الوسائل 4 : 173 أبواب المواقیت ب 16 ح 4.
4- المختلف 2 : 47 ، الحبل المتین : 141.
5- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 33.

والخبر دالّ علی انتهاء وقت المغرب بغیبوبة الشفق ، وهو یتناول المختار وغیره ، کما هو المنقول عن الشیخ فی الخلاف (1) ، وقد مضی فی آخر الباب السابق خبر عبید بن زرارة المعتبر الدال علی وقتی الظهرین (2) ، فإنّ فی التهذیب (3) فیه زیادةً ترکها الشیخ فی هذا الکتاب ، وهی : « ومنها صلاتان أوّل وقتهما من غروب الشمس إلی انتصاف اللیل ، إلاّ أنّ هذه قبل هذه » وحینئذ یحمل هذا الخبر المبحوث عنه علی آخر وقت الفضیلة.

وقد یقال : إنّ خبر عبید بن زرارة لا یخرج عن الإجمال وغیره عن البیان.

وفیه : وجود کثیر من الأخبار المؤیّدة لخبر عبید بن زرارة ، کما سیجی ء إن شاء الله.

وفی التهذیب : روی عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن صفوان ابن یحیی ، عن إسماعیل بن جابر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن وقت المغرب ، قال : « ما بین غروب الشمس إلی سقوط الشفق » (4) وقد وصفه بعض محقّقی المتأخّرین سلّمه الله بالصحة (5) ، ولعلّه من غیر الموضع الذی ذکرته ، فإنّ هذا فی زیادات التهذیب.

وفی المختلف ذکر فی احتجاج الشیخ والسیّد المرتضی للقول بأنّ آخر وقت المغرب غیبوبة الشفق : وروایة إسماعیل بن جابر ، وبقوله

ص: 334


1- الخلاف 1 : 261.
2- فی ص 1282.
3- التهذیب 2 : 25 / 72 ، الوسائل 4 : 157 أبواب المواقیت ب 10 ح 4.
4- التهذیب 2 : 258 / 1029 ، الوسائل 4 : 182 أبواب المواقیت ب 16 ح 29.
5- الحبل المتین : 141.

تعالی ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ ) (1) قال العلاّمة : وقال السید المرتضی ، قیل فی الدلوک : إنّه الزوال ، وقیل : إنّه الغروب ، وهو علیهما جمیعاً یحصل الوقت للمغرب ممتدّاً إلی غسق اللیل ، والغَسَق : اجتماع الظلمة.

وأجاب العلاّمة عن الاحتجاج بالآیة : بأنّ الغَسَق هو نصف اللیل ، لروایة عبید بن زرارة وما رواه بکر بن محمد فی الصحیح ، وعن الروایة بأنّها محمولة علی الفضیلة ، وهذا یقتضی قوله بالفضیلة.

ومن الغریب أنه (2) ذکر : أنّ الغَسَق الانتصاف للروایة ، وفی أوّل استدلاله علی مختاره من امتداد العشاء إلی الانتصاف بالآیة قال : إنّ فی بعض الأقوال : غَسَق اللیل انتصافه (3). ولم یذکر روایة عبید بن زرارة للدلالة علی ذلک ، وغیر خفی أنّ بعض الأقوال لا یصلح حجةً لولا الروایة ، ولعلّ مراده بالبعض الروایة لکن مقام الاستدلال لا یلیق به ما ذکره.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ التتمّة التی نقلناها فی خبر عبید بن زرارة ذکر بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله أنّها دالّة علی امتداد وقت المغرب إلی أن یبقی لانتصاف اللیل مقدار أربع رکعات ، کما هو مذهب السیّد وابن الجنید وابن إدریس والمتأخّرین ، قال : والجار فی قوله : « إلی انتصاف اللیل » متعلّق بمحذوف سوی المحذوف الذی یتعلّق به الجار فی قوله : « من غروب الشمس » والتقدیر : ویمتدّ إلی انتصاف اللیل.

وممّا یؤیّد ما دلّ علیه هذا الحدیث ما رواه داود بن فرقد ، وذکر

ص: 335


1- الإسراء : 78.
2- فی « فض » زیادة : کما تری.
3- المختلف 2 : 46.

الخبر السابق فی هذا الباب (1). انتهی.

وقد یقال : إنّه یستفاد منه اختصاص المغرب من الأوّل بمقدار أدائها ، کما هو قول السیّد المرتضی (2) ، وجماعة من المتأخّرین (3) ، فلا وجه للاقتصار علی حکم العشاء ، إلاّ أن یدّعی احتمال الاستثناء فیها للانتصاف ، وفیه ما فیه.

وربما یقال : إنّه إذا ثبت الاختصاص فی العشاء ثبت فی المغرب ؛ إذ لا قائل بالفصل ، بل قیل علی ما أظنّ : إنّ الاشتراک والاختصاص فی الظهرین یقتضی الاشتراک فی العشاءین والاختصاص (4). ولکن فیه ما فیه.

فإن قلت : إن کان وجه الدلالة علی الاختصاص من قوله : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » ففیه : أنّه قد تقدّم فی الظهرین قبل هذا ، وقد وجّهت الاشتراک من الأوّل وحمل ما دلّ علی التقدیم علی النسیان ، فکذا هنا.

قلت : الفرق أنّ فی الظهرین ورد ما دلّ علی دخول الوقتین إذا زالت الشمس بخلاف العشاءین.

نعم یمکن أن یقال : إنّه إذا ثبت الاشتراک مطلقاً فی الظهرین بما ذکر فی التوجیه سابقاً ثبت فی العشاءین ؛ لعدم القائل بالفرق ، إلاّ أنّ ثبوت الإجماع مشکلٌ ، وما دلّ علی أنّ هذه قبل هذه فی العشاءین یحتاج تقییده بغیر الناسی إلی دلیل ، وروایة زرارة الصحیحة فی الفقیه الدالة علی أنّ الله تعالی فرض أربع صلوات فیما بین دلوک الشمس إلی غسق اللیل (5) ، ربما

ص: 336


1- البهائی فی الحبل المتین : 143.
2- رسائل السید المرتضی 1 : 274.
3- کالعلاّمة فی التحریر 1 : 27 ، الشهید الأول فی الدروس 1 : 139.
4- کذا فی النسخ ، والأنسب : الاشتراک والاختصاص فی العشائین.
5- الفقیه 1 : 124 / 600 ، الوسائل 4 : 10 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 2 ح 1.

یقتضی الاشتراک من الأوّل ، وورودها فی تفسیر الآیة یدلّ علی أنّ الآیة کذلک ، إلاّ أنّه ربما یقال : إنّ الروایة والآیة من قبیل المجمل ، وروایة عبید ابن زرارة مبیّنة بأنّ هذه قبل هذه فی العشاءین ، والحمل علی غیر الناسی یتوقّف علی المعارض الدال علیه ، وسیأتی القول فی المعارض.

واحتمال أن یقال : إنّ الآیة والروایة من قبیل العموم فیقتصر فی تخصیصها علی غیر الناسی ویبقی ما عداه.

یدفعه أنّ روایة عبید أیضاً عامّة ، إلاّ أن یقال : إنّ التکلیف لغیر العالم محلّ الإشکال ، فالحکم ببطلان صلاة العشاء نسیاناً فی وقت المغرب المختص یحتاج إلی دلیل مع إطلاق الآیة.

وفیه : أنّ العبادة موقوفة علی حکم الشارع ، فالصحة لا بدّ لها من دلیل ، علی أنّ ما تقدّم (1) فی باب أن لکلّ صلاة وقتین من خبر زید الشحّام یدلّ علی اختصاص المغرب من أوّل الوقت ، لقوله علیه السلام : « ووقتها وجوبها » إلاّ أن یقال : إنّ وقتها فی الجملة وجوبها ، کما فی غیرها من الأخبار.

وفی نظری القاصر أنّ روایة زرارة لا تخلو من دلالة علی اختصاص الظهر والمغرب والعشاء ؛ لأنّ صورتها : قلت لأبی جعفر علیه السلام : أخبرنی عمّا فرض الله تعالی ، قال : « خمس صلوات فی اللیل والنهار » قلت : سمّاهنّ الله وبیّنهنّ فی کتابه؟ فقال : « نعم ، قال الله عزّ وجلّ لنبیه صلی الله علیه و آله ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ ) ودلوکها زوالها ، ففیما بین دلوک الشمس إلی غسق اللیل أربع صلوات سمّاهن وبیّنهن ووقّتهن ، وغَسَق اللیل

ص: 337


1- فی ص 1201.

انتصافه ، ثم قال ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً ) (1) فهذه الخامسة ، وقال فی ذلک ( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَیِ النَّهارِ ) وطرفاه المغرب والغداة ( وَزُلَفاً مِنَ اللَّیْلِ ) (2) هی صلاة العشاء الآخرة » الحدیث (3).

ووجه الدلالة : أنّ الظاهر من الروایة کون الأمر بالصلوات فی الأوقات المذکورة ، وما دلّ علی الاشتراک من الأخبار فی الظهرین ، لا ینافی الاختصاص ؛ لجواز إرادة ما بعد الاختصاص ، فالحمل علی الاشتراک من الأوّل وإن أمکن ، إلاّ أنّ ظاهر الخبر خلافه ، علی أنّ ما دلّ علی أنّ هذه قبل هذه یؤیّد إرادة غیر وقت الاختصاص ، لأنّه قد علم من خبر زرارة القبلیّة ، فلا بدّ أن یراد فیما بعد الاختصاص.

فإن قلت : یحتمل أن یُراد بیان مدلول خبر زرارة علی معنی أنّ هذه قبل هذه فی الاختصاص ، فیکون تأکیداً لمدلول الآیة والروایة.

قلت : التأسیس أولی من التأکید ، کما قرر فی الأُصول ، وما دلّ علی دخول الوقتین من الأوّل فی الظهر محتمل لإرادة دخول الوقتین مجازاً أو استعارةً ، بسبب القرب بین الوقت المشترک والمختصّ کما مضی.

وممّا یؤیّد الاختصاص ذکر الصبح فی خبر زرارة ، ومن هنا یعلم أنّ ما نقله بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله عن بعض الأصحاب : من الاستدلال علی امتداد وقت المغرب إلی مقدار أربع من العشاء بروایة زرارة (4). لا یخلو من وجه ، واعتراضه علیه : بأنّه لا یلزم من کون ما بین

ص: 338


1- الإسراء : 78.
2- هود : 114.
3- التهذیب 2 : 241 / 954 ، الوسائل 4 : 10 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 2 ح 1.
4- البهائی فی الحبل المتین : 143.

الزوال إلی نصف اللیل ظرفاً لأربع صلوات إحداها المغرب امتداد الوقت إلی ذلک الحد. محلّ بحث إن کان استدلال القائل بنحو ما قلناه ، وإن کان استدلاله بمجرّد کون الوقت من الزوال إلی النصف فللاعتراض وجه.

هذا کلّه علی تقدیر عدم الالتفات إلی ما دلّ علی دخول الوقتین فی العشاءین من حین الغروب ، وهو خبر زرارة فی التهذیب الواقع فی طریقه الحکم بن مسکین ، وهو مجهول ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا زالت الشمس » إلی أن قال : « فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة » (1) فإنّ هذا الخبر علی تقدیر العمل به یقال نحو ما قیل فی الظهرین من إمکان الجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّ هذه قبل هذه للعالم ؛ لکنّ السند قد سمعته.

وفی الحبل المتین نقل عن عبید بن زرارة نحو المتن علی ما رأیت من النسخة (2) ، ولم أقف علی الخبر فی کتب (3) الحدیث ، وأظنّه من الکافی (4) وعدّه من الصحاح (5). وقد یتعجب من ذکره مع القول بأنّ خبر عبید بن زرارة ناطق باختصاص العشاء بأربع من آخر النصف ؛ لقوله علیه السلام : « الاّ أنّ هذه قبل هذه » والحال أنّ احتمال الاختصاص بالعالم قائم ؛ لمعارضة ما دلّ علی دخول الوقتین.

وما ذکره فی وقت الظهرین : من أنّ المراد بدخول الوقتین موزّعاً ؛ لدلالة قوله علیه السلام فی خبر عبید : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » فیه ما قدّمناه من

ص: 339


1- التهذیب 2 : 19 / 54 ، الوسائل 4 : 125 أبواب المواقیت ب 4 ح 1.
2- الحبل المتین : 141.
3- فی « فض » : کتاب.
4- الکافی 3 : 276 / 5 ، الوسائل 4 : 130 أبواب المواقیت ب 4 ح 21.
5- فی « فض » : وقد عدّه من الصحاح ، وفی « رض » : وعدّة من الصحابة.

الاحتیاج إلی ترجیح هذا الوجه علی إرادة العالم ، مع إمکان رجحانه بأنّه أقرب إلی ظاهر دخول الوقتین ، وإمکان حمل خبر عبید علی العالم ، إلاّ أنّ التسدید ممکن ، غیر أنّ موجب الکلام هو احتیاج المقام إلی زیادة بیان ، والله تعالی أعلم بالحال هذا.

والرابع : قد مضی فیه القول (1).

وأمّا الخامس : فکالرابع ، وتوجیه الشیخ لا یتمّ فیهما.

واستدلاله بالسادس غیر ظاهر الوجه ؛ لأنّ مفاده کون غیبوبة الحمرة تقتضی غیبوبة الشمس من شرق الأرض وغربها ، وهذا لا یدلّ علی أنّ وقت المغرب ذلک ، فلا ینافی ما دلّ علی أنّ وقت المغرب غیبوبة القرص ولا یؤید اعتبار غیبوبة الحمرة.

وکذلک السابع.

والثامن : من یدلّ علی حال السفر والتأخیر فیه إلی أزید من هذا موجودٌ فی الأخبار کما سیأتی (2).

والتاسع : قد مضی فیه القول (3).

والعاشر : کما تری صریحٌ فی أنّ أبا الخطّاب کان یصلّی المغرب إذا غاب الشفق ، وحینئذ فمذهبه یکون هذا ، والخبر السابق المتضمّن للسؤال عن تأخیر المغرب لاشتباک النجوم ، فقال علیه السلام فی الجواب : « خطّابیّة » یدلّ علی أنّ مذهب أبی الخطّاب غیر مدلول الخبر المبحوث عنه ، وقد قدّمنا فیه احتمالین ، ولا یبعد زیادة احتمال آخر ، وهو أن یکون الغرض منه علیه السلام

ص: 340


1- فی ص 1305.
2- فی ص 1318.
3- فی ص 1305.

أنّکم تریدون المخالفة کما فعل أبو الخطّاب فی التأخیر للشفق ، وحینئذٍ یدلّ ذاک الخبر علی أنّ التأخیر لاشتباک النجوم علی وجه کونه وقتاً غیر جائز ، بل احتمال الفصل (1) ممکن ، وعلیه یحمل الأمر فی هذا الخبر المبحوث عنه ، فتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن أبی أُسامة أو غیره قال : صعدت مرّةً جبل أبی قبیس والناس یصلّون المغرب ، فرأیت الشمس لم تغرب (2) ، إنّما توارت خلف الجبل عن الناس ، فلقیت أبا عبد الله علیه السلام یصلّی فأخبرته بذلک ، فقال لی : « ولمَ فعلتَ ذلک؟ بئس ما صنعت ، إنّما نصلّیها إذا لم نَرَها خلف جبل (3) ، غابت أو غارت ما لم یتجلّلها سحابٌ أو ظلمة تظلّها (4) ، وإنّما علیک مشرقک ومغربک ، ولیس علی الناس أن یبحثوا ».

عنه ، عن موسی بن الحسن ، عن أحمد بن هلال ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن جعفر بن عثمان ، عن سماعة بن مهران قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام فی المغرب : إنّا ربما صلّینا ونحن نخاف أن تکون الشمس خلف الجبل ، وقد سترنا منها الجبل ، قال : فقال : « لیس

ص: 341


1- فی « رض » : الفضل.
2- فی الاستبصار 1 : 266 / 961 : لم تغب.
3- کذا فی النسخ ، وفی الاستبصار 1 : 266 / 961 : فوق الجبل.
4- فی الاستبصار 1 : 266 / 961 : تظلمها.

علیک صعود الجبل ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین وبین ما اعتبرناه فی غیبوبة الشمس من زوال الحمرة من ناحیة المشرق ؛ لأنّه لا یمتنع أن یکون قد زالت الحمرة عنها وإن کانت الشمس باقیة خلف الجبل ، لأنّها تغرب عن قوم وتطلع علی آخرین ، وإنّما نهی عن تتبعها وصعود الجبل لرؤیتها لأنّ ذلک غیر واجب ، بل الواجب علیه مراعاة مشرقه ومغربه مع زوال اللبس والأعذار.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه إلاّ الإرسال بعد ما قدّمناه فی حریز وغیره (1) ، لکن فی الفقیه عن أبی أُسامة فقط (2) ، ولا یبعد أن یکون « أو » هنا سهواً وإنّما هو الواو.

ثمّ إنّ الطریق فی الفقیه إلی أبی أُسامة ضعیف بأبی جمیلة (3) ، لکن علی الطریق السابق لشیخنا المحقّق أیّده الله یمکن تصحیح الروایة ؛ لأنّ النجاشی روی کتاب زید الشّحام عن صفوان (4) ، وذکر فی صفوان : أنّ جمیع روایاته أخبره بها جماعة ، عن محمّد بن علی بن الحسین ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفار وسعد ومحمد بن یحیی وأحمد بن إدریس ، عن محمّد بن الحسین ، عن یعقوب بن یزید ، عن

بحث حول طریق الصدوق إلی أبی أسامة

ص: 342


1- فی ص 38.
2- الفقیه 1 : 142 / 661 ، الوسائل 4 : 198 أبواب المواقیت ب 20 ح 2.
3- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 11.
4- رجال النجاشی : 175 / 462.

صفوان (1) ، وحینئذ یکون لمحمّد بن علیّ بن الحسین طریق صحیح إلی زید. وقد قدّمنا الکلام فی احتمال المناقشة فی هذا.

ویزید الأمر إشکالاً بأنّ الجماعة المذکورین فی السند غیر معلومی الحال ، إلاّ أنّ الجواب ممکنٌ بما أسلفناه : من أنّ إخبار النجاشی بأنّ هذا من جملة الروایات کاف ، وإن أمکن أن یقال - بتقدیر ثبوت الحکم من النجاشی - : إنّ الجزم بکون الروایة من زید غیر معلوم إذا کان الراوی وهو أبو جمیلة ضعیفاً کما قدّمنا هذا أیضاً (2) ، إلاّ أنّه یمکن أن یقال : إنّ مشیخة الفقیه إذا علم أنّها من الصدوق فقد تحقّق أنّ من جملة روایات زید ما ذکر ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فعلی تقدیر الإشکال یحتمل أن یحکم بصحّة الخبر من هنا ، نظراً إلی أنّ عدم وجود لفظ « أو غیره » فی الفقیه یُنبئ عن انتفائه ، أو کون الواو عُوّض « أو » فإذا کان الطریق هنا إلی أبی أُسامة خالیاً من الارتیاب ثمّ المطلوب ، إلاّ أن یقال : إنّ الراوی إذا کان أبا جمیلة وهو غیر مأمون فیجوز ترکه لفظ « أو غیره » ولا یتمّ المراد. وفیه أنّ مثل الصدوق إذا نقل الروایة من دون لفظ « أو غیره » یحصل الوثوق بانتفائه لا من مجرّد نقل أبی جمیلة ، مضافاً إلی ما کرّرنا القول فیه من روایة الصدوق (3).

والثانی : فیه موسی بن الحسن ، والظاهر أنّه ابن عامر الثقة ؛ لأنّ

بحث حول موسی بن الحسن

ص: 343


1- رجال النجاشی : 197 / 524.
2- فی ص 551.
3- فی ص 1211.

الراوی عنه فی النجاشی الحمیری عن أبیه (1) ، والظاهر من الحمیری هنا محمّد بن عبد الله بن جعفر ، فیکون الراوی عن موسی بن الحسن عبد الله ابن جعفر وهو فی مرتبة سعد ، وفی الرجال موسی بن الحسن من أصحاب الکاظم علیه السلام فی کتاب الشیخ مهملاً (2) ، وموسی بن الحسن النوبختی ، ولا أعلم مرتبته ، إذ لم یذکر فی الرجال ذلک ، وهو لا یزید علی الإهمال ، والأمر سهل بعد أحمد بن هلال ، فإنّا قدّمنا تضعیف الشیخ له (3).

وأمّا جعفر بن عثمان فهو ابن شریک لروایة ؛ ابن أبی عمیر عنه فی النجاشی ، وهو مهمل فیه (4). وفی الفهرست ذکر جعفر بن عثمان صاحب أبی بصیر مهملاً ، والراوی عنه محمّد البرقی (5). وقال شیخنا - أیّده الله - : إنّ الظاهر أنّه غیر هذا مع احتمال الاتحاد (6). والأمر کما قال.

وسماعة بن مهران مضی القول فیه (7) : من أنّ النجاشی وثّقه مرّتین ولم یذکر الوقف (8) ، والشیخ ذکره (9) ، لکنّ الصدوق فی الفقیه صرّح بأنّه واقفی (10) ، فیتأیّد قول الشیخ ، فتدبّر.

بحث حول جعفر بن عثمان

بحث حول سماعة بن مهران

ص: 344


1- رجال النجاشی : 406 / 1078.
2- رجال الطوسی : 361 / 35.
3- فی ص 154.
4- رجال النجاشی : 124 / 320.
5- الفهرست : 44 / 140.
6- منهج المقال : 83.
7- فی ص 78.
8- رجال النجاشی : 193 / 517.
9- رجال الطوسی : 351 / 4.
10- الفقیه 2 : 75 / 328.

المتن :

فی الأوّل : لا یخفی ظهوره فی خلاف ما قاله الشیخ ، وقد قدّمنا فیه القول بالعرض ، وما تضمنه من إطلاق القول فی أنه إذا لم تُرَ الشمس جازت الصلاة لا بدّله من التقیید بما فی الروایة وغیره ، لکن دلالته علی الأُفق الحسّی علی الإطلاق ظاهرة ، وقوله علیه السلام : « ما لم یتجلّلها سحابٌ أو ظلمة » واضح.

وینقل عن السیّد المرتضی القول بأنّ الغروب یعلم باستتار القرص وغیبته عن العین مع انتفاء الحائل.

وهذا کما لا یخفی محتمل لأن یراد بالحائل ما تضمّنته الروایة ، ویحتمل أن یراد به الحائل عن الأُفق الحسّی لأکثر البلاد ، فإنّ بعضها یشتمل علی جبال شاهقة یحصل بها تواری القرص بمجرّد المیل عن وقت العصر ، بل وقبله أیضاً ، إلاّ أنّ الروایة المبحوث عنها تضمّنت عدم الفرق بین ما إذا غابت خلف الجبل أو غارت ؛ لأنّ قوله علیه السلام : « خلف جبل » معمولٌ لقوله : « غارت أو غابت » والمعنی حینئذ : غابت خلف جبل أو غارت خلفه ، واحتمال تعلّقه بقوله : « نَرَها » لا وجه له کما لا یخفی.

ولا یبعد أن یحمل ما دلّ علی غیبوبة الحمرة ونحوها علی الاستحباب ، من حیث إنّ انضباط الآفاق عَسِرٌ ، کما یدلّ علیه قوله علیه السلام فی بعض الأخبار : « وتأخذ بالحائطة لدینک » (1).

فإن قلت : کیف یقولون علیهم السلام لأصحابهم باتّباع الاحتیاط بعد السؤال عن الأحکام منهم علیهم السلام وهم معدن الوحی؟.

توجیه ما دل علی أنّ وقت المغرب عدم رؤیة الشمس

ص: 345


1- التهذیب 2 : 259 / 1031 ، الإستبصار 1 : 264 / 952 ، الوسائل 4 : 176 أبواب المواقیت ب 16 ح 14.

قلت : لا یبعد ممّا ذکرناه توجیهُ الاحتیاط حینئذ ؛ لأنّ عدم انضباط الآفاق یقتضی عدم ثبوت قاعدة کلیّة منهم علیهم السلام وإن کانوا عالمین بالأحکام ، فیکون غیبوبة القرص هی أوّل الوقت ، إلاّ أنّ الأُفق یتفاوت ، فالاحتیاط فی الصبر إلی مضیّ الحمرة ، وما دلّ علیه الخبر المبحوث عنه : من إطلاق أنّ عدم الرؤیة یقتضی جواز الصلاة. وإن کان ظاهراً فی أنّ مجرّد ما قاله علیه السلام کاف ، إلاّ أنّ احتمال أن یراد أنّ علیک مشرقک ومغربک بالنسبة إلیک لا إلی کلّ أحد ، فالتفحص عن إبطال صلاة الغیر لا وجه له ، وإن کان الظاهر من الروایة الإطلاق وغیرها من الأخبار مبیّناً ، والمقام المتضمّن لسؤال زید الشحّام ربما اقتضی الجواب بهذه الصورة.

وقد ذکر بعض أهل الخلاف (1) بعد حدیث عن النبی صلی الله علیه و آله ( أنّه ) (2) قال فی وقت المغرب : « والشمس إذا وجبت » إلی آخره. أنّ الوجوب السقوط ، ویستدل به علی أنّ سقوط قرصها یدخل به الوقت ، والأماکن یختلف فما کان منها فیه حائل بین الرائی وبین قرص الشمس لم یکتف بغیبوبة القرص عن العین ، ویستدل علی غروبها بطلوع اللیل من المشرق.

وعلی هذا لا یتوجّه أنّ احتمال التقیّة فی الجواب لا وجه له ؛ لإمکان أن یقال : إنّ التقیّة من جهة عدم العلم بتفصیل الوقت من السائل ، وسیأتی (3) ما ینبئ عن الاحتمال الذی ذکرناه من عدم الانضباط للآفاق فی روایة شهاب بن عبد ربّه (4) ، وإن کان للشیخ فیها تفسیر آخر لا یوافق ما

ص: 346


1- کابن حجر فی فتح الباری 2 : 33.
2- ما بین القوسین أثبتناه من « رض ».
3- فی « فض » زیادة : فی بعض الاخبار.
4- فی ص 1326.

قلناه کما ستسمعه (1).

وأمّا الثانی : فالکلام فیه کالأوّل (2).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق روی فی الفقیه مرسلاً عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « ملعون ملعون من أخّر المغرب طلباً لفضلها » وقیل له : إنّ أهل العراق یؤخّرون المغرب حتی تشتبک النجوم ، فقال : « هذا من عمل عدوّ الله أبی الخطّاب » (3).

وهذا الخبر وإن کان مرسلاً لکن له مؤیَّدٌ وهی روایة الصدوق فی الکتاب ، وفیه دلالةٌ علی الذم الشدید لمن یؤخّر المغرب طلباً للفضل ، فلو حمل ما دلّ علی التأخیر علی الاستحباب احتیاطاً کما قلناه کان طلباً للفضل ، وحینئذ قد یشکل الحمل.

ویمکن الجواب : بأنّ المراد بطلب الفضل اعتقاد أنّ وقت الفضیلة التأخیر ، لا أنّ التأخیر للاستحباب بسبب اختلاف الآفاق ، وحینئذ ینبغی أن یکون اعتقاد الفضل فی غیبوبة القرص والتأخیر لما ذکره فلیتأمّل.

أمّا ما تضمنه خبر الصدوق من قوله : « هذا من عمل عدوّ الله » ففیه منافاة ما تقدّم (4) من أنّ أبا الخطّاب جعل الوقت ذهاب الشفق إلاّ أن یحمل

ص: 347


1- فی ص 1327.
2- فی « فض » زیادة : وما ذکره الشیخ من أن الشمس تطلع علی قوم آخرین لا یخلو من غرابة ، لأن الکلام فی غیبوبة الشمس عن الأفق الحسیّ ثم رؤیتها فی الأفق الحسیّ بسبب العلو عن المحل ، والطلوع علی قوم آخرین إنّما یتحقق بعد نزولها عن الأفق الحقیقی إلاّ أن یؤوّل کلامه بإرادة أشرافها علی قوم آخرین ، أو طلوعها بمعنی انتفاء الظلمة عن آخرین بسبب الحیلولة ، والأمر سهل. انتهی. وهذه الزیادة مشطوبة فی « د ».
3- الفقیه 1 : 142 / 660 ، الوسائل 4 : 188 أبواب المواقیت ب 18 ح 6 و 7.
4- فی ص 1311.

اشتباک النجوم علی ذهاب الشفق.

اللغة :

قال فی القاموس : الغور الدخول فی الشی ء ، وذهاب الماء فی الأرض ، وغارت الشمس غاراً وغوراً (1) ) (2).

قوله :

والوجه الثانی فی الأخبار التی قدّمناها أن تکون مخصوصة بصاحب الأعذار ومن له حاجة لا بدّ منها ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن عمرو بن سعید المدائنی ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل یجوز أن تؤخّر (3) ساعة؟ قال : « لا بأس ، إن کان صائماً أفطر وإن کانت له حاجة قضاها ثمّ صلّی ».

عنه ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمد بن عبد الحمید ، عن محمّد ابن عمر بن یزید ، عن محمّد بن عذافر ، عن عمر بن یزید قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت المغرب ، فقال : « إذا کان أرفق بک وأمکن لک فی صلاتک وکنت فی حوائجک فلک أن تؤخّرها إلی ربع اللیل » قال : قال لی هذا وهو شاهد فی بلده.

معنی الغور

ص: 348


1- القاموس المحیط 2 : 108 ( الغَوْر ، ) وفیه :. وغارت الشمس غیاراً وغؤوراً ، وغوّرت غربت.
2- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
3- فی الاستبصار 1 : 267 / 963 : یؤخّرها.

محمّد بن یعقوب ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن یزید بن خلیفة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنک بوقت قال : فقال أبو عبد الله علیه السلام : « إذاً لا یکذب علینا » قلت : قال : وقت المغرب إذا غاب القرص إلاّ أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان إذا جدّ به السیر أخّر المغرب ویجمع بینها وبین العشاء الآخرة ، فقال : « صدق » وقال : « وقت العشاء ( حین تغیب الشمس ) (1) إلی ثلث اللیل ، ووقت الفجر حین یبدو ( إلی أن ) (2) یضی ء ».

أحمد بن محمد بن عیسی ، عن محمد بن یحیی ، عن طلحة بن زید ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام « أنّ النبیّ 6 کان فی اللیلة المَطیرَة یؤخّر (3) المغرب ویعجّل بالعشاء فیصلّیهما جمیعاً ویقول : من لا یَرحَم لا یُرحَم ».

عنه ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن أبیه قال : سألته علیه السلام عن الرجل تدرکه صلاة المغرب فی الطریق أیؤخّرها إلی أن یغیب الشفق؟ قال : « لا بأس بذلک فی السفر ، أمّا فی الحضر فدون ذلک شیئاً ».

فهذه الأخبار کلّها دالّة علی أنّ هذه الأوقات لأصحاب الأعذار ، لأنّها مقیّدة بالموانع من السفر والمطر والحوائج وما جری مجراها (4).

ویزید ذلک بیاناً :

ص: 349


1- فی الاستبصار 1 : 267 / 965 و « فض » : حین یغیب الشفق.
2- فی الاستبصار 1 : 267 / 965 ونسخة فی « د » : حتّی.
3- فی الاستبصار 1 : 267 / 966 زیادة : من.
4- فی الاستبصار 1 : 267 / 967 : وما یجری مجراه ، وفی « فض » : وما یجری مجراها.

ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن سعید بن جناح ، عن بعض أصحابنا ، عن الرضا علیه السلام قال : « إنّ أبا الخطّاب کان أفسد عامّة أهل الکوفة ، وکانوا لا یصلّون المغرب حتی یغیب الشفق ، وإنّما ذلک للمسافر والخائف ولصاحب الحاجة ».

عنه ، عن الحسن بن علیّ بن فضّال ، عن جمیل بن درّاج ، قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : ما تقول فی الرجل یصلّی المغرب بعد ما یسقط (1) الشفق؟ فقال : « لعلّةٍ لا بأس » قلت : فالرجل یصلّی العشاء الآخرة قبل أن یسقط الشفق؟ قال : « لعلّةٍ لا بأس ».

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن العباس بن معروف ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن ذریح قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّ أُناساً من أصحاب أبی الخطّاب یمسّون بالمغرب حتی تشتبک النجوم قال : « أبرأ إلی الله ممّن فعل ذلک متعمّداً ».

السند :

فی الأوّل : معلوم ممّا تقدّم (2) أنّه موثّق.

والثانی : فیه محمّد بن عمر بن یزید ، وهو مهمل فی النجاشی (3) ، والفهرست (4) ، ورجال الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ (5). ومحمّد بن

محمد بن عمر بن یزید مهمل

ص: 350


1- فی الاستبصار 1 : 268 / 969 زیادة : من ، والأنسب ما فی النسخ.
2- أی أحمد بن الحسن بن علی بن فضال : ص 120 ومصدق بن صدقة : ص 114 وعمار بن موسی : ص 275.
3- رجال النجاشی : 364 / 981.
4- الفهرست : 140 / 596.
5- رجال الطوسی : 391 / 53.

عبد الحمید ، فیه کلام تقدّم (1). وفی عمر بن یزید کلام أوضحناه فی هذا الکتاب سابقاً (2).

والحاصل : أنّ فی الرجال عمر بن محمّد بن یزید ثقة فی النجاشی (3) ؛ وفی الفهرست : عمر بن یزید ثقة له کتاب (4). وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : عمر بن یزید بیّاع السابری کوفی ، ثمّ فی رجال الکاظم علیه السلام : عمر بن یزید بیّاع السابری ثقة ، وفی رجال الصادق علیه السلام أیضاً : عمر ابن یزید الثقفی (5). والاتّحاد لا یبعد ؛ لأنّ الشیخ فی الفهرست ذکر فی الطریق إلی عمر بن یزید : محمّد بن عبد الحمید ، عن محمد بن عمر بن یزید ، عن الحسین بن عمر بن یزید ، عن عمر بن یزید (6).

والنجاشی ذکر فی الطریق إلی عمر بن محمّد بن یزید : محمد بن عبد الحمید عنه ، وفی طریق آخر : محمد بن عذافر عنه (7) ، وهذا قرینة الاتّحاد ، إلاّ أنّ ما وقع فی النجاشی من روایة محمّد بن عبد الحمید عنه بلا واسطة ، وفی الفهرست من الوسائط قد یستبعد ، ولعلّه قابل للتوجیه.

وأمّا الثقفی فاتّحاده ممکن مع عمر بن محمّد ؛ لأنّ النجاشی صرّح

بحث حول عمر بن یزید

ص: 351


1- فی ص 151.
2- فی ص 194.
3- رجال النجاشی : 283 / 751.
4- الفهرست : 113 / 491.
5- رجال الطوسی : 251 / 450 ، 353 / 7 ، 251 / 457.
6- الفهرست : 113 / 491.
7- رجال النجاشی : 283 / 751.

بأنّ عمر بن محمد مولی ثقیف (1). والکشّی صرّح بأنّ عمر بن یزید ( بیّاع ) (2) السابری مولی ثقیف (3).

وعلی کلّ حال روایة محمّد بن عذافر هنا قرینة علی أنّه عمر بن یزید کما فی النجاشی (4). وأمّا محمّد بن عمر بن یزید فظاهر أنّه لیس المتکلَّم فیه أباً له ، کما أوضحناه فی معاهد التنبیه أیضاً.

والثالث : فیه محمّد بن عیسی عن یونس مع یزید بن خلیفة ، وقد تقدم (5) أنّ یزید بن خلیفة واقفی مهمل.

والرابع : فیه محمّد بن یحیی ، ولا یبعد أن یکون الخثعمی أو الخزّاز ، بل احتمال الاتحاد ممکن ، وقد تقدّم (6) النقل عن الشیخ فی هذا الکتاب أنّ محمّد بن یحیی الخثعمی عامّی (7).

وطلحة بن زید مصرّح فی الرجال بأنّه عامّی (8) ، وقول الشیخ فی الفهرست : إنّ کتابه معتمد (9). لا یفید بتقدیر السلامة عن غیره من الموانع للصحة ؛ لعدم العلم بأنّ الخبر من کتابه ، ونقل العلاّمة عن الشیخ القول بأنّه بتری (10).

یزید بن خلیفة واقفی مهمل

محمد بن یحیی الخثعمی عامی

بحث حول طلحة بن زید

ص: 352


1- رجال النجاشی : 283 / 751.
2- ما بین القوسین أثبتناه من المصدر.
3- رجال الکشی 2 : 623 / 605.
4- رجال النجاشی : 283 / 751.
5- فی ص 1276.
6- فی ص 719.
7- فی « فض » زیادة : فی الجزء الأول.
8- راجع رجال النجاشی : 207 / 550 ، ورجال ابن داود : 251 / 244.
9- الفهرست : 86 / 362.
10- خلاصة العلاّمة : 231 / 1.

والخامس : لا ارتیاب فی صحّته.

والسادس : فیه سعید بن جناح ، وفی النجاشی : سعید بن جناح - إلی أن قال - : وأخوه أبو عامر روی عن أبی الحسن والرضا علیهماالسلام ، وکانا ثقتین (1). والراوی عنه فیه أحمد بن محمد بن عیسی ، وفیه أیضاً : سعید ابن جناح ( مجهول ) (2) الأزدی مولاهم بغدادیّ روی عن الرضا علیه السلام له کتابٌ - إلی أن قال - : روی عنه عبد الله بن محمد بن خالد (3). واحتمال الاتّحاد بعیدٌ من النجاشی وإن قرّبه وصف البغدادیّ ، فإنّ الأوّل قال فیه : إنّه نشأ ببغداد ، ومات بها ، مولی الأزد.

وبالجملة فالأمر فی الرجل لا یخلو من التباس بالنسبة إلی النجاشی ، ووصف الجهالة نقله شیخنا أیّده الله فی کتابه الأوسط ، أمّا الکبیر فلم یوجد فیه ، والآن لم یحضرنی کتاب النجاشی ، وعلی کل حال فی هذه الروایة هو الثقة ؛ لروایة أحمد بن محمّد بن عیسی عنه ، لکن فیه الإرسال.

والسابع : فیه الحسن بن علی بن فضّال ، وهو مشهور الحال (4).

والثامن : لا ارتیاب فی رجاله.

المتن :

فی الأوّل : فیه جواز التأخیر ساعةً للصائم ولذی الحاجة ، وهی

بحث حول سعید بن جناح

بیان ما دل علی جواز تأخیر المغرب لصاحب العذر والحاجة

ص: 353


1- رجال النجاشی : 191 / 512.
2- لیست فی المصدر.
3- رجال النجاشی : 182 / 481.
4- من أنه کان ثقة فطحیّاً فرجع وقال بالحق ، انظر رجال الکشی 2 : 801 ، 837 ، ورجال النجاشی : 34 / 72 ، والفهرست : 47 / 153 ، ووثقه الشیخ فی رجاله ( 371 / 2 ) ولم یذکر کونه فطحیاً.

متناولة للضروریة (1) وغیرها ، لکن فیه نوع تقیید بقضاء الحاجة ساعة ؛ لأنّ السؤال وقع عن تأخیرها ساعةً ، إلاّ أن یقال : إنّ السؤال تضمّن الساعة ، والجواب تضمّن قضاء الحاجة وإن کان الوقت لقضائها أکثر من ساعة ، والفطور محتمل لذلک أیضاً ، إلاّ أن یُدّعی إرادة مجرّد الفطور ، لأنّ الوقت قد یطول فیه بالاعتبار ، والشیخ جعل الحاجة مقیّدة بما لا بدّ منه مستدلاًّ بالخبر ، ودلالته غیر ظاهرة.

والثانی : فیه دلالة علی التأخیر إلی ربع اللیل معلّلاً بما إذا کان التأخیر أرفق (2) بک وأمکن ، وربما یستفاد من العلّة الشمول للحوائج الضروریّة وغیرها (3) ، ویؤیّده ما رواه الشیخ فی التهذیب عن الحسین بن سعید ، عن محمّد بن أبی عمیر ، عن محمّد بن یونس وعلیّ الصیرفی ، عن عمر بن یزید قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أکون فی جانب المصر فیحضر المغرب وأنا أُرید المنزل فإن أخّرت الصلاة حتی أُصلّی فی المنزل کان أمکن لی وأدرکنی المساء أفأُصلّی (4) فی بعض المساجد؟ قال : فقال : « صلّ فی منزلک » (5).

وهذا الخبر ربما یحتمل أن یکون صحیح الإسناد ؛ لأنّ محمّد بن یونس لا یبعد أن یکون الثقة بقرینة روایة ابن أبی عمیر عنه ، کما یفهم من الکشّی (6) ، غیر أنّک ستسمع القول فی احتمال کون الثقة غیر

بحث حول محمد بن یونس

ص: 354


1- فی « رض » : للضّرورة.
2- فی « رض » و « د » : أوفق.
3- فی « فض » زیادة : أیضاً.
4- فی النسخ : فأُصلّی ، وما أثبتناه من المصدر.
5- التهذیب 2 : 31 / 92 ، الوسائل 4 : 197 أبواب المواقیت ب 19 ح 14.
6- رجال الکشی 2 : 850.

ابن عبد الرحمن ، واحتمال غیره وهو المذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (1) ممکن علی بُعدٍ ، مع أنّ شیخنا أیّده الله احتمل فی کتاب الرجال الاتحاد فی الکل (2).

وقد ینظّر فیه : بأنّ محمّد بن یونس بن عبد الرحمن الثقة ذکره الشیخ فی رجال الجواد علیه السلام قائلاً : إنّه لحق الرضا علیه السلام (3). وظاهر هذا أنّ لحقوق الرضا علیه السلام هو الغایة ، فکیف یکون من أصحاب الصادق علیه السلام ؟.

فإن قلت : إنّ الشیخ أیضاً قال فی أصحاب الکاظم علیه السلام : محمّد بن یونس ثقة (4). فلو کان غرضه الغایة لم یتم ما قاله.

قلت : قد یُدّعی المغایرة بین محمّد بن یونس بن عبد الرحمن المذکور فی أصحاب الرضا علیه السلام من کتاب الشیخ وبین محمّد بن یونس المذکور فی أصحاب الکاظم علیه السلام ، لما ذکره الشیخ (5) من قوله : أدرک الرضا علیه السلام . إلاّ أنّ الاعتماد علی المغایرة من کلام الشیخ مشکل ، ولعلّ هذا هو السرّ فی قول شیخنا - أیّده الله - : مع احتمال (6) الاتحاد فی الکل (7).

فإن قلت : الغایة کما یحتمل أن یراد بها عدم إدراک غیر الرضا علیه السلام

ص: 355


1- رجال الطوسی : 304 / 387.
2- منهج المقال : 330.
3- رجال الطوسی : 406 / 14 و 390 / 47.
4- رجال الطوسی : 359 / 17.
5- رجال الطوسی : 406 / 14.
6- فی « فض » و « رض » : باحتمال.
7- منهج المقال : 330.

یحتمل أن یراد بها غایة من أدرک من الأئمّة علیهم السلام الرضا علیه السلام ، علی معنی أنّه أدرک غیره وانتهی إلی الرضا علیه السلام ، بل ربما کان هذا هو الظاهر.

قلت : سیاق الکلام یقتضی ظهور الأوّل.

فإن قلت : ما الذی یستفاد من الکشی فی کون محمد بن یونس هو الثقة لروایة محمّد بن أبی عمیر؟.

قلت : ذکر الکشّی حدیثاً أنّ محمّد بن أبی عمیر لمّا ضُرب مائة سوط لیُسمّی الشیعة ، قال : فلمّا بلغ الضرب مائة کدت أن اسمّی ، فسمعت نداء محمد بن یونس بن عبد الرحمن یقول : یا محمد بن أبی عمیر اذکر وقوفک بین یدی الله (1). وهذا یدلّ علی اختلاطه معه.

فإن قلت : محمّد بن أبی عمیر أدرک من الأئمة علیهم السلام ثلاثة : أبا إبراهیم موسی علیه السلام ولم یرو عنه ، وروی عن أبی الحسن الرضا والجواد علیهماالسلام علی ما فی الفهرست (2) فی بعض النسخ من ذکر الجواد علیه السلام ، والنجاشی ذکر أنّه روی عن أبی الحسن موسی علیه السلام والرضا علیه السلام (3) ، ومحمّد بن یونس بن عبد الرحمن حینئذ ینبغی أن یکون فی مرتبته أو أعلی منه ، بأن یکون من رجال الصادق علیه السلام ، والحال أنّ محمد بن یونس بن عبد الرحمن مذکور فی رجال الجواد والرضا علیهماالسلام غیر موثّق ، بل الثقة فی رجال الکاظم علیه السلام ، فکیف یُحْکم بصحّة الخبر المبحوث عنه.

قلت : لِما ذَکَرْتَ وجهٌ والحکم بالصحّة مشکل ، إلاّ أنّ بعض محقّقی

ص: 356


1- رجال الکشی 2 : 855 / 1105 وفیه : موقفک.
2- الفهرست : 142 / 607.
3- رجال النجاشی : 326 / 887.

المعاصرین سلّمه الله - (1) حکم بصحته (2) والظاهر أنّ الوجه فیه الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن ابن أبی عمیر ، وفیه ما فیه ، کما تقدّم (3) وجهه مفصّلاً فی أوّل الکتاب : من أنّ الإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن الرجل لو کان المراد به أنّ جمیع ما یرویه صحیحٌ ، لزم أن یکون التوقف فی مراسیل ابن أبی عمیر لا وجه له ، وقد قدّمنا (4) أنّ الشیخ توقّف فیها ، ولو کانت الصحة من حیث إنّه لا یروی إلاّ عن ثقة ، ففیه أنّ ذلک بتقدیر تمامه مع الإرسال ، أمّا بدونه فلا ؛ إذ قد یروی عن ضعیف بلا ریب ، فتأمّل.

ثمّ إنّ هذا الحدیث ظاهرُ التأیید لما قلناه : من احتمال عدم الاختصاص بالسفر ، ولا یبعد أن یکون عدم الصلاة فی المساجد لبُعد خلوّها من التقیّة ، ویراد حینئذ بالأمکنیّة الخلاص من التقیّة ، فالقول بأنّه یمکن أن یستنبط من الخبر أنّ الصلاة فی المنزل باجتماع البال ومزید الإقبال أفضل من الصلاة فی المسجد إذ لم یتیسّر فیه ذلک ، کما ذکره من أشرنا إلیه (5) ، محلّ تأمّل.

وممّا یؤیّد ما قلناه ما رواه الشیخ فی التهذیب بسند فیه القاسم بن محمّد الجوهری ، عن عمر بن یزید قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أکون مع هؤلاء وأنصرف من عندهم عند المغرب فأمُرّ بالمساجد فأُقیمت الصلاة ، فإذا أنا نزلت أُصلّی معهم لم أستمکن (6) من الأذان ولا من الإقامة وافتتاح

ص: 357


1- فی « فض » زیادة : ( الحبل المتین ).
2- الحبل المتین : 141.
3- فی ص 40 43.
4- فی ص 43.
5- أی البهائی فی الحبل المتین : 143.
6- فی المصدر : لم أتمکّن.

الصلاة ، فقال : « ائت منزلک وانزع ثیابک وإن أردت أن تتوضّأ فتوضّأ وصلّ فإنّک فی وقت إلی ربع اللیل » (1) ووجه التأیید ظاهر سیّما مع کون الراوی واحداً.

إذا عرفت هذا فالخبر المبحوث عنه کما تری یدلّ علی التأخیر إلی ربع اللیل مع کونه فی حوائجه ، فلو کان فی حاجة غیره یحتمل المشارکة من حیث إنّ الظاهر کون العلّة الرفق والتمکّن.

وقول الراوی : قال لی هذا وهو شاهد فی بلده أی حاضر ، وکأنّه یرید به أنّ هذا لا یخصّ السفر ، لکن غیر خفّی أنّ حضوره علیه السلام لا یخصّ بالحضور ، ولو کان بالسفر لا یخصّ بالسفر ، ولعلّ قول السائل حکایة الحال ، ویحتمل أن یرید الراوی عدم المنافاة لما دلّ علی أنّ السفر لا یراعی فیه الأوقات ولا اعتبار التمکن المذکور.

والثالث : فیه إطلاق تأخیر المغرب إذا جدّ السیر.

والرابع : کذلک.

والخامس : ظاهر الدلالة علی أنّ فی السفر تؤخّر المغرب إلی غیبوبة الشفق ، لکن الفعل هل هو بعدها بلا فصل أم تؤخّر؟ فهو مطلق.

والظاهر من الجواب الإشارة إلی من أدرکه المغرب فی الطریق ، فمن سافر بعد المغرب یحتمل اللحوق به من حیث السفر ، ویحتمل الفرق.

وقوله : « وأمّا فی الحضر » إلی آخره. فقد قیل : إنّ « دون » بمعنی قبل ، وشیئاً منصوب بنزع الخافض ، وتنوینه للتقلیل (2) ، فتأمّل.

وأمّا الخبران اللذان ادعی الشیخ أنّهما یزیدان ما ذکره بیاناً فالأول کما

ص: 358


1- التهذیب 2 : 30 / 91 ، الوسائل 4 : 196 أبواب المواقیت ب 19 ح 11.
2- کما فی الحبل المتین : 143.

تری یدل علی أنّ صاحب الحاجة مطلقا له التأخیر إلی غیبوبة الشفق ، والمسافر فیه مطلق ، ولا یبعد تبادر کون السفر عذراً منه ، والشیخ قال فی الوجه : إنّ التأخیر لصاحب الأعذار ، والظاهر أنّ مراده بالأعذار ما یشمل المسافر کما تقدّم نقله عن المبسوط : من أنّ العذر أربعة : السفر ، والمطر ، والمرض ، وشغل یضّر (1) ترکه بدینه أو دنیاه (2). إلاّ أنّ استفادة ما قاله من الشغل محلّ تأمّل.

ثم إنّ السفر قد یدّعی تبادر إرادة ما یوجب القصر ، مع احتمال الإطلاق.

فإن قلت : الخبر المبحوث عنه تضمّن قضیّة أبی الخطّاب ، والمستفاد ممّا سبق أنّ أبا الخطاب کان یعیّن التأخیر إلی غیبوبة الشفق ، واللازم من هذا أن یستفاد من الخبر تعیّن التأخیر للمسافر والخائف وصاحب الحاجة ، ولا قائل به.

قلت : لا یبعد أن تکون الإشارة فی الخبر إلی جواز التأخیر ، وإن کان ما ذکر عن أبی الخطاب یقتضی ما ذکرت ، وحینئذ حاصل الخبر أنّ أبا الخطّاب فعل ما فعل فی مقام الإنکار لفعله ، حیث إنّه علیه السلام سوّغ التأخیر فی السفر ، فجعله أبو الخطّاب وقتاً متعیّناً.

فإن قلت : إنّ الشیخ قد ذکر قبل هذین الخبرین أنّ الأخبار دالة علی أصحاب الأعذار ، لأنّها مقیّدة بالموانع کالسفر ، فدلّ علی أنّ مراده أوّلاً فی ذکر الأعذار السفر علی الإطلاق.

قلت : لما ذکرت وجه ، إلاّ أنّ قوله : من الموانع من السفر ، إلی

ص: 359


1- فی « د » : مضرّ.
2- المبسوط 1 : 72.

آخره. ربما یدلّ علی تحقق الموانع من التقدیم الحاصل بعضها من السفر ، ولا یبعد توجیه العبارة علی وجه یؤیّد ما ذکرت.

وأمّا الثانی : فقد تضمّن العلّة وهی بظاهرها شاملة للضروریة وغیرها.

والثالث : ظاهره غیر موافق لمطلوب الشیخ ، إلاّ بأن یحمل قوله : « متعمّداً » علی الفعل لغیر عذر ، والبراءة من فعل ذلک لغیر عذر مع جواز الفعل بظاهر الأخبار السابقة لا یخلو من إشکال ، وحینئذ لا یبعد أن یکون المراد بالتعمّد قصد الوقت بالتأخیر ، علی أنّه لا بدّ منه لمناسبة ما ذکر عن أصحاب أبی الخطّاب.

وربما کان فی الخبر دلالة علی أنّ اشتباک النجوم کنایة عن ذهاب الشفق ؛ لأنّه السابق عن أبی الخطّاب فی بعض الأخبار (1) ، فقول بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : إنّ اشتباک النجوم کنایة عن ذهاب الحمرة المشرقیّة (2) ، لحدیث لعبد الله بن سنان معدود من الصحیح ، ومتنه : « وقت المغرب من حین تغیب الشمس إلی أن تشتبک النجوم » (3) محل بحث ، بل الظاهر من الخبر انتهاء وقت الفضیلة أو الاختیار إلی ذهاب الشفق ، فلیتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد بن حکیم ، عن شهاب بن عبد ربّه قال ،

ص: 360


1- راجع ص 1318.
2- البهائی فی الحبل المتین : 143.
3- التهذیب 2 : 39 / 123 ، الإستبصار 1 : 276 / 1003 ، الوسائل 4 : 189 أبواب المواقیت ب 18 ح 10.

قال أبو عبد الله علیه السلام : « یا شهاب إنّی أُحبّ إذا صلّیت المغرب أن أری کوکباً فی السماء ».

فوجه الاستحباب فی هذا الخبر أن یتأنّی الإنسان فی صلاته ویصلّیها علی تُؤدَة (1) ، فإنّه إذا فعل ذلک یکون فراغه منها (2) عند ظهور الکواکب (3) ، ویحتمل أیضاً أن یکون مخصوصاً بمن یکون فی موضع لا ویُمکنه اعتبار سقوط الحمرة من المشرق ، بأن یکون بین الحیطان العالیة أو الجبال الشاهقة ، فإنّ من هذه صفته ینبغی أن یستظهر فی ذلک بمراعاة الکواکب ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه سهل بن زیاد ، عن علیّ بن الریّان قال : کتبت إلیه علیه السلام : الرجل یکون فی الدار تمنعه (4) حیطانها النظر إلی حمرة المغرب ، ومعرفة مغیب الشفق ، ووقت صلاة العشاء الآخرة ، متی یصلّیها وکیف یصنع؟ فوقّع علیه السلام : « یصلّیها إذا کان علی هذه الصفة عند قصر النجوم ، والمغرب عند اشتباکها وبیاض مغیب الشمس ».

وقد قدّمنا أنّ آخر وقت المغرب غیبوبة الشفق الذی هو الحمرة من ناحیة المغرب ، وما تضمّن بعض الأخبار أنّه ممتدّ إلی ربع اللیل محمول علی أصحاب الأعذار ، وأوردنا فی ذلک الأخبار.

ص: 361


1- التؤدَة بفتح الهمزة وسکونها الرزانة والتأنّی ، القاموس المحیط 1 : 355 ( وَأَد ).
2- لیست فی « فض ».
3- فی « فض » و « رض » : الکوکب.
4- فی الاستبصار 1 : 269 / 972 ، و « فض » : یمنعه.

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن موسی بن بکر ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله لا یصلّی من النهار شیئاً حتی تزول الشمس ، فإذا زالت قدر نصف إصبع صلّی ثمانی رکعات ، فإذا فاء الفی ء ذراعاً صلی الظهر ، ثم صلّی بعد الظهر رکعتین ، ویصلّی قبل وقت العصر رکعتین ، فإذا فاء الفی ء ذراعین صلّی العصر ، وصلّی المغرب حین تغیب الشمس ، فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء ، وآخر وقت المغرب إیاب الشفق ، فإذا آب الشفق دخل وقت العشاء ، وآخر وقت العشاء ثلث اللیل ، وکان لا یصلّی بعد العشاء حتی ینتصف اللیل ، ثم یصلّی ثلاث عشرة رکعة منها الوتر ومنها رکعتا الفجر قبل الغداة ، فإذا طلع الفجر وأضاء صلّی الغداة ».

السند :

فی الأوّل : محمّد بن حکیم ، والذی فی الرجال محمّد بن حکیم الخثعمی ذکره النجاشی مهملاً (1).

وفی الفهرست : محمّد بن حکیم له کتاب ، وذکر أنّ الراوی عنه محمّد بن أبی عمیر ، عن الحسن بن محبوب (2)

وفی رجال الکاظم علیه السلام من کتاب الشیخ محمّد بن حکیم (3) ، وفی

بحث حول محمد بن حکیم

ص: 362


1- رجال النجاشی : 357 / 957.
2- الفهرست : 149 / 633 و 153 / 666.
3- رجال الطوسی : 358 / 2.

رجال الصادق علیه السلام محمّد بن حکیم الخثعمی مهملاً ، وفیهم أیضاً محمّد ابن حکیم الساباطی مهملاً (1).

وفی الخلاصة : محمّد بن حکیم روی الکشی أنّ أبا الحسن علیه السلام کان یرضی کلامه عند ذکر أصحاب الکلام (2).

والذی فی الکشی : حمدویه قال : حدّثنی یعقوب بن یزید عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد بن حکیم قال : ذکر لأبی الحسن علیه السلام أصحاب الکلام فقال : « أمّا ابن حکیم فدعوه ».

وروی عن حمدویه (3) ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس (4) قال : کان أبو الحسن علیه السلام یأمر محمّد بن حکیم أنْ یجالس أهل المدینة فی مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وأن یکلّمهم ویخاصمهم - إلی أن قال - : فإذا انصرف إلیه قال له : « ما قلتَ لهم وما قالوا لک؟ » ویرضی بذلک منه (5).

وروی بسند آخر فیه مجاهیل مثله (6).

ولا یخفی أنّ الحدیثین غیر سلیمَی الطریق (7) ، والأوّل شهادة لنفسه ولا یدلّ علی ما ذکره العلاّمة ، فاقتصاره علی ما رواه الکشی من دون تعرّض لحقیقة الحال لا یخلو من غرابة.

ص: 363


1- رجال الطوسی : 285 / 79 و 78.
2- الخلاصة : 151 / 65.
3- فی « د » : وروی حمدویه.
4- فی الکشی زیادة : عن حمّاد.
5- رجال الکشی 2 : 746 / 843 و 844 ، بتفاوت یسیر.
6- رجال الکشی 2 : 746 / 845.
7- لوجود محمّد بن حکیم نفسه فی طریق الأوّل ، وروایة محمد بن عیسی عن یونس وهی من مستثنیات ابن الولید من کتاب نوادر الحکمة فی الثانی.

وأنت خبیر بأنّ روایة ابن أبی عمیر عنه فی الکشی قرینة علی أنّه المذکور هنا وحاله غیر خفیّة ، وما فی الفهرست من واسطة ابن محبوب (1) لا یضرّ ، فالظاهر اتحاده مع من فی الکشّی مع احتمال اتحاده مع الباقین ، والأمر سهلٌ.

وأمّا شهاب بن عبد ربّه فقد وثّقه النجاشی فی إسماعیل بن عبد الخالق (2). وفی الخلاصة : شهاب بن عبد ربّه ، قال أبو عمرو الکشّی : شهاب ، وعبد الرحیم ، وعبد الخالق ، ووهب ولد عبد ربّه من موالی بنی أسد من صلحاء الموالی ، وقد بیّنّا ما یتعلق بمدحه وذمّه فی کتابنا الکبیر (3). انتهی.

وفی فوائد جدّی قدس سره علی الخلاصة : طرق الذم ضعیفة ، والاعتماد علی کلام الکشّی السابق الموجب لإدخاله فی الحسن (4). انتهی.

ولا یخفی أنّ اعتماده قدس سره علی المدح لعدم وجود النجاشی عنده.

والثانی : فیه سهل بن زیاد ، وقد تقدّم (5) فیه ما یغنی عن الإعادة. وأمّا علیّ بن الریّان فهو ثقة فی النجاشی (6).

والثالث : فیه موسی بن بکر ، وقد ذکر الشیخ فی رجال الکاظم علیه السلام أنّ موسی بن بکر الواسطیّ کوفی واقفی (7). والنجاشی ذکر موسی بن بکر

بحث حول شهاب بن عبد ربّه

علی بن الریّان ثقة

بحث حول موسی بن بکر

ص: 364


1- الفهرست : 149 / 633.
2- رجال النجاشی : 27 / 50 و 196 / 523.
3- الخلاصة : 87 / 2 بتفاوت یسیر.
4- فوائد الشهید علی الخلاصة : 15.
5- فی ص 95.
6- رجال النجاشی : 278 / 731.
7- رجال الطوسی : 359 / 9.

الواسطیّ روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام من غیر ذکر الوقف (1). والظاهر اتحاده مع من ذکره الشیخ بالوقف ، واختصاصه بالکاظم علیه السلام لا ینافی قول النجاشی : روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ؛ لأنّ الشیخ ذکر فی رجال الصادق علیه السلام موسی بن بکر الواسطی (2). وعلی کلّ حالٍ الرجل کما تری.

والنضر علی الظاهر من تکرّر الأخبار فی روایة الحسین عنه أنّه ابن سوید ، مع وجود الحسین فی الطریق إلی النضر بن سُوید فی الرجال (3).

المتن :

فی الأوّل کما تری ، وإن کان ظاهره أنّه علیه السلام یُحبّ أن یَری بعد الصلاة کوکباً ، إلاّ أنّ الحمل علی إرادة الصلاة وتکون رؤیة الکوکب کنایة عن ذهاب الحمرة کما سبق فی الأخبار الدالّة علی ذلک ممکن ، وبُعده من اللفظ یقرّبه أنّ الشیخ قائل باعتبار ذهاب الحمرة فی الوجه الأوّل ، ورؤیة الکوکب بعد الصلاة إذا ذهبت الحمرة تحصل وإن لم تکن الصلاة علی تُؤدَة وهی التأنّی کما قاله الشیخ ، إنّما هذا التوجیه یناسب دخول الوقت بمجرّد سقوط القرص مطلقاً.

والوجه الثانی من توجیهی الشیخ لا یخفی ما فیه ؛ لأنّ الجبال الشاهقة ینافی ذکرها ما تقدّم منه من ذهاب الحمرة ، بل إنّما یناسب غیبوبة

تمییز النضر

بیان ما دل علی تأخیر المغرب حتی یکون الفراغ منها عند ظهور الکواکب والمناقشة فی توجیه الشیخ له

ص: 365


1- رجال النجاشی : 1081.
2- رجال الطوسی : 307 / 441.
3- الفهرست : 171.

القرص عن العین ، کما أشرنا إلیه سابقاً (1).

نعم فیه تأیید لما قدّمناه (2) من احتمال ما دلّ علی الاحتیاط فی التأخیر لاختلاف الآفاق ، والشیخ قد صرّح سابقاً (3) بأنّ الشمس إذا غابت عن قوم تطلع علی آخرین ، وما ذکر هنا لا یناسبه إلاّ بتقدیر ما قلناه ، فکان علیه أن یشیر إلیه ؛ وما قاله : من الحیطان العالیة. أبعد ؛ فإنّ إمکان رؤیة الأُفق ظاهر إلاّ إذا فرض التعذّر ، وظاهر الخبر المبحوث عنه الإطلاق ، فلو حمل علی التأخّر للاحتیاط علی الإطلاق أمکن ، والله أعلم.

وأمّا الثانی : فالاستدلال به لا یخلو من نظر ؛ لأنّ مقتضی السؤال فیه عمّن تمنعه الحیطان عن النظر إلی حمرة المغرب ومغیب الشفق ووقت صلاة العشاء ، والظاهر من حمرة المغرب الحمرة التی هی علامة المغرب.

والجواب کما تری ظاهره أنّه یصلّی العشاء عند قصر النجوم ، لمناسبة قوله : « والمغرب » وقد فسّر فی التهذیب قصر النجوم ببیانها (4).

وغیر خفّی أنّ قوله : « والمغرب عند اشتباکها وبیاض مغیب الشمس » یقتضی أنّ الاشتباک أقلّ من قصرها ، وبیاض المغیب لا یناسبه ، والتأویل بأنّ المراد بالبیان الظهور التام ، والاشتباک مجرّد الظهور کما قد یفهم من بعض الأخبار السابقة یشکل فی بیاض مغیب الشمس ، وغیر بعید أن یکون المراد أنّه یصلّی العشاء والمغرب عند قصر النجوم واشتباکها وبیاض مغیب الشمس لأجل الضرورة ، وحینئذ یدلّ الخبر علی أنّه مع الضرورة

بیان ما دل علی أنّه لو منعه مانع عن تحقیق الوقت یصلّی العشاء عند قصر النجوم ، والمغرب عند اشتباکها ، والمناقشة فی استدلال الشیخ به

ص: 366


1- فی ص 1316.
2- فی ص 1315.
3- فی ص 1312.
4- التهذیب 2 : 261.

المذکورة یجوز تأخیر المغرب إلی ذهاب الشفق المغربی ، وأین هذا من رؤیة الکوکب؟.

ویمکن الجواب : بأنّه إذا جاز التأخیر للقدر (1) المذکور جاز إلی غیره من الأقلّ بطریق أولی فیتمّ المطلوب ، إلاّ أنّه لا یخفی ما بین کلام الشیخ أوّلاً وثانیاً من التفاوت فی معنی الخبر الأوّل ؛ إذ علی الأوّل تکون رؤیة الکوکب بعد الفراغ ، وعلی الثانی تکون الصلاة بعد رؤیة الکوکب ، فلیتأمّل.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه فیه احتمال أن یکون المراد بقصر النجوم ظهورها التام ، والاشتباک مجرّد الظهور کما سبق ، ویکون قوله : « وبیاض مغیب الشمس » ( مراداً به ) (2) زوالُ آثار الشمس بعد غیابها من الحمرة ، لا البیاض الحاصل بعد زوال الحمرة المغربیّة ، فیدلّ الخبر علی أنّ مع عدم التمکن من الحمرة المشرقیة یقوم مقامها البیاض فی مغیب الشمس ، وعلی هذا یتمّ المراد فی الروایة ، لکنها صریحة فی أنّ الصلاة بعد الاشتباک وبیاض مغیب الشمس ، لا مجرّد رؤیة الکوکب کما هو مطلوب الشیخ ، إلاّ من جهة الأولویة.

وما قاله الشیخ : من أنّ ما ورد من الأخبار الدالة علی بقاء وقت المغرب إلی ربع اللیل محمول علی ذوی الأعذار. لا یخلو فی ترجیحه علی الحمل علی انتهاء الفضیلة من تأمّل ، إلاّ أنّ ما سبق (3) فی أوّل باب أن لکلّ صلاة وقتین ، من قوله علیه السلام : « ولیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین

ص: 367


1- فی « د » و « رض » : للعذر.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
3- فی ص 1195.

وقتاً إلاّ فی علّة من غیر عذر » شامل للمغرب.

وفیه : بتقدیر سلامة السند أنّ ما دلّ علی بقاء وقت المغرب إلی نصف اللیل یدلّ علی أنّ الوقت الثانی بعد الربع من اللیل (1) ، ولو حمل الثانی علی بعد ذهاب الشفق لزم أنّ للمغرب ثلاث أوقات ، فهی خارجة من الخبر بسبب حصر الوقتین ، إلاّ أن یقال : إنّ الوقتین ذهاب الشفق والنصف ، وأمّا الربع فهو من قبیل ما ورد فی الظهرین من الاختلاف ، ویراد به اختلاف الفضل بالنسبة إلی الوقتین. وفیه ما فیه ، وسیأتی إن شاء الله توضیح المقال بنقل الأقوال.

وما نقله الشیخ : من الخبر الثالث (2) الذی یزید ما ذکره بیاناً. فیه : أنّ الخبر یخالف ما تقدّم ( فی الظهرین والعشاء والمغرب منه (3) ) (4) وحمله علی الفضیلة فی الظهرین یقتضی کون جمیعه کذلک ، فیدلّ علی أنّ آخر وقت فضیلة المغرب إیاب الشفق کما تضمّنته الروایة.

اللغة :

قال فی الصحاح : الشفق بقیّة ضوء الشمس وحمرتها فی أوّل اللیل إلی قریب من العتمة ، وقال الخلیل : الشفق الحمرة من غروب الشمس إلی وقت عشاء الآخرة ، فإذا ذهب قیل : غاب الشفق (5). وفی القاموس : آبت الشمس غابت (6).

معنی الشفق

ص: 368


1- فی « د » ونسخة فی « رض » : من الأوّل.
2- فی « رض » : الثانی.
3- لفظة : منه ، لیست فی « رض ».
4- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
5- الصحاح 4 : 1501 ، ( شفق ).
6- القاموس المحیط 1 : 39 ، ( الأوب ).

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عن أدیم بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إنّ جبرئیل علیه السلام أمر رسول الله صلی الله علیه و آله بالصلوات کلّها ، فجعل لکلّ صلاة وقتین ، إلاّ المغرب فإنّه جعل لها وقتاً واحداً ».

علی بن مهزیار ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زید الشحّام قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن وقت المغرب ، فقال : « إنّ جبرئیل أتی النبی صلی الله علیه و آله لکلّ صلاة بوقتین ( إلاّ المغرب ) (1) فإنّ وقتها واحد ووقتها وجوبها ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین وبین ما قدّمناه من الأخبار فی أنّ لهذه الصلاة وقتین أوّلاً وآخراً ، وأنّ أوّلها غیبوبة الشمس وآخرها غیبوبة الشفق ؛ لأنّ الوجه فی هذین الخبرین ما ذکرناه فیما تقدّم ، وهو الإخبار عن قرب ما بین الوقتین ، وأنّه لیس بینهما من الاتساع ما بین الوقتین فی سائر الصلوات ، ولو أنّ إنساناً تأنّی فی صلاته وصلاّها علی تُؤدة لکان فراغه منها عند غیبوبة الشفق ، فکأنّ الوقتین وقت واحد ، لضیق ما بینهما.

والذی یدل علی ذلک أیضاً :

ما رواه سهل بن زیاد ، عن إسماعیل بن مهران قال : کتبت إلی الرضا علیه السلام : ذکر أصحابنا أنه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر

ص: 369


1- فی الاستبصار 1 : 270 / 975 بدل ما بین القوسین : غیر صلاة المغرب.

والعصر ، وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة إلاّ أنّ هذه قبل هذه فی السفر والحضر ، وأنّ وقت المغرب إلی ربع اللیل ، فکتب : « کذلک الوقت ، غیر أنّ وقت المغرب ضیّق ، وأنّ آخر وقتها ذهاب الحمرة ومصیرها إلی البیاض فی أُفق المغرب ».

السند :

فی الأوّل والثانی تقدّم (1) الکلام فیه فی باب أنّ لکل صلاة وقتین.

وأمّا الثالث : ففیه سهل بن زیاد ، والقول فیه قد تکرّر (2) ، وإسماعیل ابن مهران قد وثّقه النجاشی (3) والشیخ (4) ، وذکر العلاّمة فی الخلاصة : أنّ الشیخ أبا الحسین أحمد بن الحسین بن عبید الله الغضائری قال : إنّ إسماعیل بن مهران لیس حدیثه بالنقیّ یضطرب تارة ویصلح اخری ، وروی عن الضعفاء کثیراً ، ویجوز أن یخرّج شاهداً ، والأقوی عندی الاعتماد علی روایته ؛ لشهادة الشیخ أبی جعفر الطوسی والنجاشی له بالثقة. انتهی (5).

ولا یخفی أنّ فی کلام العلاّمة دلالة علی أنّ ابن الغضائری المذکور تضعیفه للرجال فی الخلاصة وغیرها هو أحمد بن الحسین لا الحسین کما ظنّه جدّی قدس سره وقد نبّهنا علی ذلک (6) مفصلاً (7) ، وذکرنا ما یقتضی اعتماد

بحث حول إسماعیل بن مهران

ص: 370


1- فی ص 1202.
2- راجع ص 95.
3- رجال النجاشی : 26 / 49.
4- الفهرست : 11 / 32.
5- الخلاصة : 8 / 6 ، بتفاوت یسیر.
6- فی ص 62.
7- فی « رض » : ملخصاً.

العلاّمة علی قوله ، فقول بعض مشایخنا : إنّه غیر معلوم. محلّ تأمّل ، مع الاعتماد علی توثیق العلاّمة لبعض الرجال.

ثم إنّ هذا المقام ربما کان عدم توقّف العلاّمة بسبب تعدّد الموثّق ، وإن کان الجارح ربما یظنّ تقدیمه ، وقد أوضحنا (1) فی هذا الکتاب وفی حاشیة التهذیب حقیقة الحال.

المتن :

فی الخبرین أیضاً تقدّم القول فیه ، وما قاله الشیخ رحمه الله : هنا من أنّ الوقتین للمغرب وقت واحد باعتبار ما ذکره ؛ لا یخفی ما فیه :

أمّا أوّلاً : فلابتنائه علی أنّ آخر وقت المغرب غیبوبة الشفق ، وقد تقدّم من الأخبار ما یدل علی أنّ آخر وقتها أوسع من ذلک ، کروایة عبید بن زرارة (2) المعتبرة الدالة علی أنّ انتصاف اللیل آخر وقت لأربع صلوات ، وصحیح زرارة المتقدّم ذکره منّا عن الصدوق ، الدال علی أنّ من زوال الشمس إلی غسق اللیل أربع صلوات ، وغسق اللیل انتصافه (3).

وتقدّم من الشیخ روایة عمر بن یزید الدالة علی التأخیر إلی ربع اللیل فی السفر (4).

وکذلک تقدّم (5) منّا روایة ابن أبی عمیر عن محمّد بن یونس ، الدالة

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دل علی أنّ للمغرب وقت واحد ، وقوله : إنّ آخره غیبوبة الشفق

ص: 371


1- فی ص 62.
2- التهذیب 2 : 27 / 78 ، الإستبصار 1 : 261 / 938 ، الوسائل 4 : 181 أبواب المواقیت ب 16 ح 24.
3- فی ص 1308.
4- راجع ص 1317.
5- فی ص 1321.

علی تأخیر المغرب إلی المنزل ، وهو یتناول ما بعد الشفق.

وفی التهذیب روی عن أحمد بن محمّد ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن علیّ الحلبی ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس أن یؤخّر المغرب فی السفر حتی یغیب الشفق ولا بأس بأن یعجّل العتمة فی السفر قبل أن یغیب الشفق » (1).

ومعارضة مثل هذه الأخبار بخبر إسماعیل بن جابر المعتبر السابق الدال علی أنّ ما بین غروب الشمس إلی سقوط الشفق وقت المغرب (2) ، وبخبر زرارة والفضیل المعدود فی الصحیح فی الحبل المتین (3) قالا : قال أبو جعفر علیه السلام : « إنّ لکلّ صلاةٍ وقتین إلاّ المغرب فإنّ وقتها وجوبها ووقت فوتها غیبوبة الشفق » (4) وروایة بکر بن محمّد الدالّة علی أنّ أوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة (5).

یمکن أن یجاب عنها بما ذکره العلاّمة من الحمل علی وقت الفضیلة (6).

إلاّ أنّه ربما یقال : إنّ الأخبار الأوّلة مطلقة وهذه مقیدة ، فلا وجه للحمل علی الفضیلة.

ص: 372


1- التهذیب 2 : 35 / 108 ، الوسائل 4 : 202 أبواب المواقیت ب 22 ح 1.
2- فی ص 1306.
3- الحبل المتین : 134.
4- الکافی 3 : 280 / 9 ، الوسائل 4 : 187 أبواب المواقیت ب 18 ح 2 ، وفیهما بتفاوت یسیر.
5- الفقیه 1 : 141 / 657 ، التهذیب 2 : 30 / 88 ، الإستبصار 1 : 264 / 953 ، الوسائل 4 : 174 أبواب المواقیت ب 16 ح 6.
6- المختلف 2 : 47.

وفیه : أنّ إطلاق تلک الأخبار غیر معلوم کما یعلم من ملاحظتها ، لا سیّما خبر عبید بن زرارة ، فإنّ قوله : « إلاّ أن هذه قبل هذه » له ظهور فی شمول الوقت ، إذ لم یقیّد إلاّ بالقبلیّة ، والاحتمال السابق (1) منّا فی توجیه الاختصاص للعشاء ربما لا یدفع الظهور ، وقد تقدّم ما یؤیّد هذا فی خبر داود بن فرقد (2) ، وإن کان غیر سلیم السند (3).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشیخ قد تقدّم عنه أنّه قائل فی الخلاف : إنّ آخر وقت المغرب غیبوبة الشفق (4) ، کما حکاه العلاّمة فی المختلف (5) ، ولم یذکر مذهبه فی هذا الکتاب ، بل قال فی المختلف : إنّ أوّل وقت المغرب غیبوبة القرص ، وإلیه ذهب الشیخ فی الاستبصار (6). وقد قدّمنا (7) أنّ کلام الشیخ هنا صریح فی خلافه ، وبعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله تبع العلاّمة فی النقل (8).

ثم إنّ العلاّمة حکی عن الشیخ فی المبسوط : أنّ آخر الوقت غیبوبة الشفق للمختار ، وللمضطر إلی ربع اللیل (9) ، وقد قدّمنا (10) هذا أیضاً ، والذی یقتضیه کلامه فی هذا المقام أنّ غیبوبة الشفق آخر وقت المغرب للمختار

ص: 373


1- فی ص 1307.
2- فی ص 1307.
3- فی « فض » زیادة : وغیره أیضاً. وهی مشطوبة فی « د ».
4- فی ص 1296 ، الخلاف 1 : 261.
5- المختلف 2 : 44.
6- المختلف 2 : 59.
7- فی ص 1333.
8- البهائی فی الحبل المتین : 142.
9- المختلف 2 : 44 ، وهو فی المبسوط 1 : 75.
10- فی ص 1296.

والمضطرّ ، کما یُنبئ عنه قوله : ولو أنّ إنساناً تأنّی ، إلی آخره. وغیر خفیّ أنّ من الأخبار المذکورة من الشیخ ما یدلّ علی الامتداد إلی ربع اللیل للمسافر ، بل إلی الأکثر ، فلو حمل الشیخ الوقتین علی المختار والمضطر دون الفضیلة ، لا مجال لحصر الوقتین إلی الشفق.

وبالجملة فاعتبار مذهب الشیخ من هذا الکتاب مشکل ، بل الظاهر أنّه یذکر مجرّد الاحتمال ، وغیر بعید أن یقال : إنّ المراد بالوقتین لغیر المغرب ، والوقت لها هو الفضیلة ، غیر أنّ الفضیلة محتملة لأن یراد أنّ الأوّل أفضل من الثانی ، وغیر ذلک ، کما سبق بیانه فی الظهرین.

وفی المغرب یحتمل أن یراد بالوقت الواحد : أنّ الأوّل لا ینسب إلی ما بعده کالظهرین ، حیث إنّ التفاوت فیهما بالفضل واقع بالسبحة أو القدم أو القدمین ، بخلاف المغرب فإنّ الأفضل الأوّل إمّا غیبوبة القرص أو الحمرة ، أو یقال : إنّ للظهرین (1) وقتین : إجزاء وفضیلة غیر الإجزاء المشهور بین الأصحاب وهو الآخر ، بل الإجزاء من أوّل الزوال إلی القدم أو القدمین ، بخلاف المغرب فإنّ أوّل الوقت هو وقت الفضیلة ، کما ینبّه علیه قوله علیه السلام : « ووقتها وجوبها ».

فإن قلت : کیف یتحقّق الأفضل بالنسبة إلی الإجزاء ، بل کیف یتحقّق فی المغرب الأفضل ، والحال أنّ الوقت إمّا مستمرّ إلی غیبوبة الشفق أو إلی ما دونه ، أو غیر مستمرّ بل مقدار الفعل ، وعلی التقادیر لا یقال : أفضل ، إلاّ بالإضافة؟.

قلت : لا یبعد أن یکون الوقت فی المغرب أفضل بالنظر إلی أنّ

ص: 374


1- فی « فض » : للظهر.

الحکم فی ذوات الوقتین من الفرائض قد وقع بوصف الأوّل بالأفضل ، ولمّا ظنّ مشارکة المغرب لدخولها فی العموم لحقها الحکم بالأفضل ، والحال أنّ ما دلّ علی الوقتین فی بعضه استثناء المغرب ، فالدخول غیر واضح ، وحینئذ لا مانع من وصف جمیع وقتها بالفضیلة.

غیر أنّ ما یشعر به بعض الأخبار من أنّ تأخیرها یقتضی المرجوحیّة ، فیلزم کون الأوّل أفضل.

یمکن الجواب عنه : بأنّ الأفضلیة لیست بالنسبة إلی وقتین من الشارع ، بل لأنّ التأخیر عن المحثوث علیه یقتضی المرجوحیّة ، فلنا أن نقول : الأوّل أفضل بالنسبة إلی سائر الوقت ، والأمر سهل.

نعم یبقی الکلام فیما دلّ علی التأخیر للمسافر ، وما دلّ بإطلاقه علی الامتداد لأکثر من ذلک ، فیمکن حمله علی ذوی الأعذار بنحو غیر ما قاله الشیخ ، وممّا یشعر بما ذکرناه الخبر الثالث ، إذا أعطاه المتأمّل حق النظر.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه یبقی من تتمّة وقت المغرب شی ء لا بدّ من التنبیه علیه ، وهو : أنّ العلاّمة فی المختلف نقل عن المبسوط أنّ علامة غیبوبة الشمس هو أنّه إذا رأی السماء والآفاق مصحیّة ولا حائل بینه وبینها ورآها قد غابت عن العین علم غروبها ، وفی أصحابنا من قال : یراعی زوال الحمرة من جانب المشرق ، وهو الأحوط ، فأمّا علی القول الأوّل فإذا غابت الشمس عن البصر ورأی ضوءها علی جبل یقابلها أو مکان عال مثل منارة إسکندریّة وشبهها فإنّه یصلّی ، ولا یلزمه حکم طلوعها بحیث لو طلعت [ لزمه القضاء (1) ] ، وعلی الروایة الأُخری لا یجوز حتی تغیب فی کلّ

ص: 375


1- ما بین المعقوفین أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.

موضع ، وهو الأحوط (1). انتهی.

وهذا الکلام کما تری یدفع الکلام السابق من الشیخ هنا فی قوله : بین الحیطان العالیة والجبال الشاهقة ، وقوله فی الموضع الآخر : تطلع علی آخرین. وقد یمکن التسدید ، إلاّ أنّ الضرورة إلیه غیر داعیة.

وینقل عن ابن الجنید القول بأنّ غیبوبة الشمس إنّما هی بیقین ذهاب القرص عن النظر (2). وقد سمعت القول فیما تقدّم (3) من الأخبار الدالة علی القولین ، والاحتیاط مطلوب.

قوله :

فأمّا وقت العشاء الآخرة فهو سقوط الحمرة من المغرب حسب ما ذکرناه ، وآخره ثلث اللیل أو نصف اللیل ، ویکون ذلک للضرورة وعند الأعذار ، وقد تضمّن ذلک کثیر من الأخبار التی قدّمناها ، لأنّ أکثرها تضمّن ذکر وقت الصلاتین.

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الله بن الحجّال ، عن ثعلبة بن میمون ، عن عمران بن علی الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام متی تجب العتمة؟ قال : « إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة » فقال عبد الله (4) : أصلحک الله إنّه یبقی

ص: 376


1- المختلف 2 : 59 ، وهو فی المبسوط 1 : 74.
2- نقله عنه فی المختلف 2 : 59.
3- فی ص 1312.
4- فی الاستبصار 1 : 271 / 977 : عبید الله.

بعد ذهاب الحمرة ضوء شدید معترض ، فقال أبو عبد الله علیه السلام : « إنّ الشفق إنّما هو الحمرة ، ولیس الضوء من الشفق » (1).

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبی طالب عبد الله بن الصلت ، عن الحسن بن علیّ بن فضّال ، عن الحسن بن عطیّة ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر وأبا عبد الله علیهماالسلام عن الرجل یصلّی العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، فقال : « لا بأس به ».

الحسن بن علی بن فضّال ، عن ثعلبة بن میمون ، عن عبد الله (2) وعمران ابنی علیّ الحلبیَّین قالا : کنّا نختصم فی الطریق فی الصلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، وکان منّا من یضیق بذلک صدره ، فدخلنا علی أبی عبد الله علیه السلام فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، فقال : « لا بأس بذلک » قلنا (3) : وأیّ شی ء الشفق؟ قال : « الحمرة ».

وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن علیّ ، عن إسحاق البُطَیحیّ قال : رأیت أبا عبد الله علیه السلام صلّی العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ثم ارتحل.

أحمد بن محمد ، عن علیّ بن الحکم ، عن عبد الله بن بکیر ، عن زرارة عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله بالناس الظهر والعصر حین زالت الشمس فی جماعة من غیر علّة ، وصلّی بهم

ص: 377


1- الحدیث فی « رض » هکذا : إذا غاب الشفق والشفق الحمرة ، ولیس الضوء من الشفق.
2- فی الاستبصار 1 : 271 / 979 : عبید الله.
3- فی الاستبصار 1 : 271 / 979 : فقلنا.

المغرب والعشاء الآخرة قبل (1) الشفق من غیر علّة فی جماعة ، وإنّما فعل ذلک رسول الله 6 لیتّسع الوقت علی أُمّته ».

سعد بن عبد الله عن محمّد بن الحسین ، عن موسی بن عمر ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام : نجمع بین المغرب والعشاء فی الحضر قبل أن یغیب الشفق من غیر علّة ، قال : « لا بأس ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن یحمل ما کان (2) منها مقیّداً بجواز الجمع بینهما من غیر علّة وعدم عذر علی ضرب من الرخصة والجواز ، وإن کان الأفضل والأولی ما قدّمناه ، وما کان منها خالیة من ذلک أن نحملها علی حال السفر وغیره من الأعذار.

السند :

فی الأوّل : قد تقدّم مثله فی عبد الله بن الحجّال وثعلبة بن میمون (3) من توثیق عبد الله ومدح ثعلبة فی النجاشی (4) ، وتوثیقه من روایة الکشی عن حمدویه عن محمّد بن عیسی ، وقد یحتمل أن یکون التوثیق من الکشی ، لأنّه قال فی ترجمته : ذکر حمدویه عن محمّد بن عیسی أن ثعلبة بن میمون مولی محمّد بن قیس الأنصاری ، وهو ثقة خیّر فاضل مقدّم معلوم فی العلماء والفقهاء (5).

إشارة إلی وثاقة عبد الله بن الحجّال

بحث حول ثعلبة بن میمون

ص: 378


1- فی الاستبصار 1 : 271 / 981 زیادة : سقوط.
2- فی الاستبصار 1 : 272 / 982 : أن تحمل علی ما کان منها.
3- فی ص 1285 ، 1387 ، 1340.
4- رجال النجاشی : 117 / 302.
5- رجال الکشی 2 : 711 / 776.

ووجه الاحتمال أنّ قوله : وهو إلی آخره. یمکن أن یکون من الکشّی ، والمنقول عن حمدویه إنّما هو کونه مولی ، إلاّ أنّ الظاهر خلافه ، وعلی تقدیر عدم الظهور فالاحتمال غیر کاف ، فلیتأمّل.

وأمّا عمران بن علی ، فهو ثقة جلیل.

والثانی : فیه (1) الحسن بن فضّال ، وهو معلوم الحال.

والحسن بن عطیّة ، قال النجاشی : الحسن بن عطیّة الحنّاط (2) کوفّی مولی ثقة وأخواه أیضاً محمّد وعلی کلّهم رووا عن أبی عبد الله علیه السلام ، وهو الحسن بن عطیّة الدغشی المحاربی أبو ناب ، ومن ولده علیّ بن إبراهیم بن الحسن روی عن أبیه عن جدّه ، ما رأیت أحداً من أصحابنا ذکر له تصنیفاً (3).

وفی الفهرست : الحسن بن عطیة الحنّاط له کتاب ، وذکر أنّ الراوی عنه حمید ، عن أحمد بن میثم (4). وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : الحسن بن عطیّة المحاربی الدغشی أبو ناب الکوفی ، ثمّ (5) ، الحسن بن عطیّة الحنّاط الکوفیّ. ثم فی آخر الباب : الحسن بن عطیّة أبو ناب الدغشی أخو مالک وعلی. وفی باب الحسین من الکتاب : الحسین بن عطیّة الحنّاط السلمیّ الکوفی. ثم الحسین بن عطیّة الدغشیّ المحاربیّ الکوفیّ. وفی باب علی : علی بن عطیّة السلمی مولاهم الحنّاط (6).

عمران بن علی ثقة

بحث حول الحسن بن عطیة

ص: 379


1- فی « فض » : وأمّا الثانی ففیه.
2- فی « فض » فی جمیع الموارد : الخیّاط.
3- رجال النجاشی : 46 / 93.
4- الفهرست : 51 / 177.
5- لیس فی « رض » و « د ».
6- رجال الطوسی : 167 / 20 و 21 ، 182 / 297 ، 169 / 71 ، 170 / 79 ، 243 / 317.

وقد یستفاد من مجموع کلام الشیخ التغایر ، وأنّ الحسن بن عطیّة أخا علی غیر الحسن بن عطیّة الحنّاط ، لأنّ ذکره فی علی أنّه ابن عطیّة السلمیّ مولاهم ، یدلّ علی أنّ الحسن أخاه ابن عطیّة السلمیّ ؛ والحسن بن عطیّة الدغشیّ المحاربیّ علی ما قاله النجاشی غیر السلمیّ ، إلاّ أنّ الظاهر الاعتماد علی النجاشی من الاتحاد ، واضطراب الشیخ فی مثل هذه المقامات کثیر ، وفی ذکر الحسین والحسن أکبر شاهد علی ما قلناه ، لأن النجاشی لم یذکر الحسین بن عطیة.

وفی الظنّ أنّ قول الشیخ فی کتاب الرجال : الحسن بن عطیّة الحنّاط (1) لیس المراد به التعدد ، بل المراد أنّ الحسن بن عطیّة المحاربی هو الحسن بن عطیّة الحنّاط کما قاله النجاشی (2) ولا یبعد أن یکون الشیخ أخذه من کتب المتقدّمین بصورته ، والنجاشی فهم الاتحاد ، والشیخ ظنّ التعدد أو فهمه أیضاً ، إلاّ أنّ ذکره مرّة أُخری فی آخر الباب (3) ، لا وجه له ، غیر أنّ تکرار الاسم کثیر فی کتابه.

وفی الکشی : ما روی فی أبی ناب الدغشی : الحسن بن عطیّة وأخویه علی ومالک ابنی عطیّة ، قال محمّد بن مسعود : سألت علی بن الحسن عن أبی ناب الدغشی قال : هو الحسن بن عطیّة وعلیّ بن عطیّة ومالک بن عطیّة إخوة کوفیّون ، ولیسوا بالأحمسیة ، فإنّ فی الحدیث مالک الأحمسی ، والأحمس بطن من بجیلة (4). انتهی.

ص: 380


1- رجال الطوسی : 167 / 21.
2- رجال النجاشی : 46 / 93.
3- رجال الطوسی : 182 / 297.
4- رجال الکشی 2 : 663 / 684.

وفی مالک بن عطیّة قال : إنّه الأحمسی ولم یذکر مالک بن عطیّة غیره ، کما لم یذکره فی إخوة الحسن ، والشیخ فی رجال الصادق علیه السلام ذکر مالک الأحمسی (1) ، ولم یذکر أخا الحسن ، فالظاهر أنّ مالکاً لیس من الإخوة ، أو لیس من المشهورین ، وعلی کلّ حال فما ذکره ابن داود من التعدّد وتوثیقهما نقلاً عن الشیخ (2) ، غریب.

أمّا ما یقتضیه کلام النجاشی من قوله : وأخواه أیضاً محمّد وعلیّ ، إلی آخره. من التوثیق للجمیع فهو ظاهر ، واحتمال أن یعود للروایة عن أبی عبد الله علیه السلام بعید ، فلا یتوجه علی العلاّمة وشیخنا أیّده الله الإشکال فی توثیقهما (3) وفی نقل التوثیق فیهما عن النجاشی.

ومن عجیب الواقع أنّ العلاّمة فی الخلاصة وثّق علیّ بن عطیّة کما سمعت ، وفی محمّد بن عطیّة قال : محمد بن عطیّة الحنّاط أخو الحسن وجعفر روی عن أبی عبد الله علیه السلام ، وهو ضعیف (4).

والحال أنّ النجاشی قد سمعت کلامه فی التوثیق لعلی ومحمّد (5) ، وحینئذ لا وجه لتوثیق علی وتضعیف محمّد ، والظاهر أنّ التضعیف وهم ؛ لأنّ النجاشی قال فی محمّد بن عطیّة نحو ما ذکر العلاّمة ، ثم قال : روی عن أبی عبد الله علیه السلام وهو صغیر (6) ؛ فصحّف الصغیر بالضعیف.

ثم إنّ ذکر جعفر فی محمّد یدلّ علی أنّ من إخوة الحسن : جعفراً ،

ص: 381


1- رجال الطوسی : 308 / 457.
2- رجال ابن داود : 74 / 432 و 433.
3- الخلاصة : 42 ، منهج المقال : 101.
4- الخلاصة : 103 / 72 و 255 / 49.
5- راجع ص 1342.
6- رجال النجاشی : 356 / 952.

ولم یتقدّم فی الحسن من النجاشی ، فکأنّه لعدم کونه ثقة ، إلاّ أنّ ذکره مع محمّد والحال أنّ علیاً أعلی منه غیر ظاهر الوجه ، والأمر سهلٌ.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ قول النجاشی : ما رأیت أحداً من أصحابنا ذکر له تصنیفا (1). ینافی ما قاله الشیخ : من أنّ له کتاباً (2). واحتمال أن یعود قول النجاشی لعلیّ بن إبراهیم بن الحسن بعید ، إذ المقام مقام الحسن ، فلیتدبّر.

والثالث : فیه الحسن بن علی بن فضّال وقد تقدّم مع ثعلبة بن میمون (3). وقول الشیخ : الحسن بن علی بناءً علی الإسناد السابق ، کما هی عادة الکلینی ، وقد ظنّ الوالد قدس سره أنّ الشیخ غفل عن قاعدة الکلینی فی مواضع (4) ، ولا یبعد أن یکون غیر غافل ، وإنّما اعتمد علی المعلومیّة ، کما یؤیّده الواقع هنا.

فإن قلت : ما وجه تأییده؟ واحتمال کون الحسن بن علیّ بن فضّال الواقع فی السابق بمقتضی البناء یعارضه احتمال إسناد آخر عن الحسن بالطریق إلیه.

قلت : قد ذکر الشیخ فی التهذیب الحدیثین قائلاً فی الثانی : وما رواه بهذا الإسناد عن الحسن بن علیّ بن فضّال (5). وهذا یؤیّد أنّه أراد الاختصار والبناء علی السابق.

توجیه ابتداء الشیخ فی السند بالحسن بن علی بن فضال

ص: 382


1- رجال النجاشی : 46 / 93.
2- الفهرست : 51 / 177.
3- راجع ص 298 ، 1340 ، 1341 ، 737.
4- منتقی الجمان 1 : 24.
5- التهذیب 2 : 34 / 105.

وفی السند کما تری عبد الله فیما رأیت من النسخ ، وفی التهذیب عبید الله (1) ، وهو الموجود فی الرجال (2) ، وعلی کل حال عبید الله وعمران ثقتان.

والرابع : یؤیّد ما قلناه ، إلاّ أنّ إعادة السند بالإشارة غیر ظاهر الوجه إلاّ من جهة التنبیه علی البناء ، وفیه : إسحاق البُطیحی ولم أقف علیه الآن فی الرجال.

والخامس : لا خفاء فیه بعد ما کرّرنا القول فیه من أحوال رجاله (3).

والسادس : فیه موسی بن عمر ، والموجود فی الرجال : موسی بن عمر بن یزید الصیقل یروی عنه سعد بن عبد الله فی النجاشی (4) ، ومحمّد ابن علیّ بن محبوب فی الفهرست (5) ، وهو مهمل فیهما ، والروایة هنا تضمّنت روایة سعد عن محمّد بن الحسین ، ولا یبعد أن یکون هو الرجل ، والواسطة غیر مانعة ، إلاّ أنّ فی الرجال أیضاً موسی بن عمر الحضینی من أصحاب الهادی علیه السلام فی کتاب الشیخ (6) ، والمرتبة قریبة (7) ، والأمر سهل للاشتراک فی الإهمال ، ولا یخفی حال بقیّة الرجال.

عبید الله بن علی الحلبی وعمران بن علی الحلبی ثقتان

إسحاق البُطَیحی غیر مذکور فی الرجال

بحث حول موسی بن عمر

ص: 383


1- التهذیب 2 : 34 / 105.
2- راجع رجال النجاشی : 230 / 612 ، رجال الطوسی : 229 / 104 ، رجال ابن داود : 125 / 922 ، خلاصة العلاّمة : 112 / 2.
3- أی أحمد بن محمّد : ص 68 وعلی بن الحکم : ص 180 وعبد الله بن بکیر : ص 89 وزرارة : ص 39.
4- رجال النجاشی : 405 / 1075.
5- الفهرست : 163 / 709.
6- رجال الطوسی : 423 / 20.
7- وفی الرجال أیضاً موسی بن عمر بن بزیع ، من أصحاب الجواد والهادی علیهماالسلام ، وهو ثقة راجع رجال النجاشی : 409 / 1089 ، رجال الطوسی : 405 / 11 ، 423 / 21 ، الفهرست : 164 / 715 ، وخلاصة العلاّمة : 165 / 2.

المتن :

من المهم قبل الکلام فیه ذکر المنقول من أقوال العلماء فی وقت العشاء ، فعن السیّد المرتضی (1) وابن الجنید (2) وأبی الصلاح (3) وغیرهم (4) : أنّ أوّل الوقت إذا مضی من الغروب ثلاث رکعات ، فیشترک الوقت بینها وبین المغرب إلی أن یبقی لانتصاف اللیل مقدار أداء العشاء فیختص بها.

وعن الشیخین : أوّل وقتها غیبوبة الشفق ، وهو الحمرة المغربیة (5). وهو اختیار ابن أبی عقیل (6) وسلاّر (7) ، وقد تقدّم من الأخبار ما یدلّ علی الاختصاص بأربع من النصف ، وکذلک ما یدلّ علی دخول الوقتین من الغروب ، وخبر داود بن فرقد المفصّل (8) ، وکذلک تقدّم فی روایة بکر بن محمّد ما یدل علی أنّ أوّل الوقت للعشاء ذهاب الحمرة وآخره غسق اللیل وهو نصفه (9).

ونقل العلاّمة عن الشیخین الاستدلال مع الأخبار بأنّ الإجماع واقع علی أنّ ما بعد الشفق وقت العشاء ، ولا إجماع علی ما قبله ، فوجب

أقوال العلماء فی وقت العشاء ابتداءً وانتهاءً وبیان ما دلّ علیه

ص: 384


1- رسائل الشریف المرتضی 1 : 274.
2- نقله عنه فی المختلف 2 : 47.
3- الکافی فی الفقه : 137.
4- کالمحقق فی المعتبر 2 : 42 ، والعلاّمة فی المختلف 2 : 47.
5- المفید فی المقنعة : 93 ، والشیخ فی النهایة : 59 ، والمبسوط 1 : 75 ، حکاه عنهما فی المختلف 2 : 47.
6- نقله عنه فی المختلف 2 : 47.
7- المراسم : 62.
8- فی ص 1291.
9- فی ص 1300.

الاحتیاط ، وبأنّها عبادة موقّتة فلا بدّ لها من ابتداء مضبوط ، وإلاّ لزم تکلیف ما لا یطاق ، وأداء المغرب غیر منضبط فلا یناط به.

وأجاب العلاّمة عن الأخبار المستدلّ بها ، وهی ما أشرنا إلیه ، وروایة زرارة عن الباقر علیه السلام ، قال : « إذا غاب الشفق دخل وقت العشاء الآخرة » (1) بالحمل علی الفضیلة ، ولما رواه زرارة (2) فی الصحیح عن الباقر والصادق علیهماالسلام ، وذکر الروایة الآتیة ، وفی الصحیح عن عبید الله (3) وعمران (4) ، وذکر الخبر ، وفی الموثق عن زرارة (5) ، وذکر الخبر ، وفی الصحیح عن إسحاق بن عمار (6) ، وذکر الخبر.

ثم أجاب عن الإجماع بأنّ ما قاله لا یثبت المطلوب ؛ لأنّ عدم دلیل معیّن لا یقتضی عدم الحکم ، ولا نسلّم عدم الانضباط (7). انتهی.

وروایة زرارة التی جعلها من الصحیح هی الثانیة ، وغیر خفیّ أنّ طریقها هنا وفی التهذیب مشتمل علی الحسن بن علی بن فضّال (8) ، وهو فطحیّ غیر أنّه رجع ، کما فی النجاشی (9) ، ولم یعلم الروایة قبل أو بعد ، ولا أظنّ أنّ العلاّمة ینفی کونه فطحیّا ثم رجع.

واحتمال الصحة للإجماع المنقول فی الکشی علی تصحیح ما یصحّ

ص: 385


1- التهذیب 2 : 262 / 1045 ، الوسائل 4 : 156 أبواب المواقیت ب 10 ح 3.
2- التهذیب 2 : 34 / 104 ، الوسائل 4 : 203 أبواب المواقیت ب 22 ح 5.
3- فی « د » و « رض » : عبد الله.
4- التهذیب 2 : 34 / 105 ، الوسائل 4 : 203 أبواب المواقیت ب 22 ح 6.
5- التهذیب 2 : 263 / 1046 ، الوسائل 4 : 222 أبواب المواقیت ب 32 ح 8.
6- التهذیب 2 : 263 / 1047 ، الوسائل 4 : 223 أبواب المواقیت ب 32 ح 10.
7- المختلف 2 : 48 و 49.
8- التهذیب 2 : 34 / 104.
9- رجال النجاشی : 34 / 72.

عنه ؛ فیه : أنّ الذی وجدته فی الکشّی نقلاً عن بعض : أنّ الحسن بن علی من جملة من أجمع علی تصحیح ما یصح عنه (1). والبعض غیر معلوم ، ولعلّ الروایة من غیر الکتابین ، أو من (2) غیر ما وقفت علیه فی التهذیب ، وقد وصفها بالصحة بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله - (3).

وروایة عبید هی الثالثة ، وطریقها کما تری ، وفی التهذیب فیه الحسن ابن علی بن فضّال (4).

ثم إنّ الخبر ربما یدل علی التقدیم فی السفر ؛ لأنّ قول السائل کنّا نختصم فی الطریق یعطی ذلک ، إلاّ أنّه ربما یقال : إنّ الطریق لا تقتضی السفر ، أو إنّ الاختصام فی الطریق فاتفق السؤال عن الحکم ، لکن لا یخفی أنّ الاحتمال کاف إذا کان له ظهور.

وروایة زرارة هی الخامسة ، ووصفها بالموثق قد یشکل بالإجماع علی تصحیح ما یصح عن عبد الله بن بکیر ، بل هذا أولی من ابن فضّال ؛ لتصریح الکشی بالإجماع فیه (5).

ثم إنّ دلالة الروایة مطلقة فی فعل الصلاة وإن قیّدت بغیر العلة ، ولا مانع من تقییدها بالسفر للعارض ، أو المراد بنفی العلة نفی المرض لا مطلق العذر.

وروایة إسحاق هی السادسة ، وصحتها إنْ کانت إضافیة إلی إسحاق ،

ص: 386


1- رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
2- لیست فی « فض ».
3- البهائی فی الحبل المتین : 142. وقد عدّه فیه من الموثقات لا لصحاح.
4- التهذیب 2 : 34 / 105.
5- رجال الکشی 2 : 673 / 705.

ففیها أنّ موسی بن عمر مهمل کما قدمناه (1) ، وإن کانت الصحة حقیقة ، فالحکم مخالف لما صرّح به فی الخلاصة من التوقف فیما یرویه (2) ، وإن کان احتمال صحة حدیثه لو خلا من الموانع غیره ، لا یخلو من وجه لما قررناه من رجحان قول النجاشی.

ثم الأحادیث المذکورة علی تقدیر صحتها فالخبر الأوّل أیضاً صحیح ؛ لأنّ ثعلبة بن میمون موجود فی هذه الأخبار ، وقد دلّ علی أنّ العتمة تجب إذا غاب الشفق ، وخبر بکر بن محمّد قد وصفه بالصحة (3) ، وهو دال علی أنّ وقت العشاء ذهاب الحمرة ، ولهذین الخبرین مؤیّدات کما لتلک مؤیّدات ، والحمل علی الفضیلة لیس بأولی من الحمل علی الاختیار والاضطرار علی وجه یکون غیر العلّة من الأعذار ، لتضمن البعض نفی العلّة ، وحینئذ فقول العلاّمة : إنّ الإجماع ، إلی آخره (4). قد یتوجّه علیه أنّ غیر الإجماع من الأدلة قد یعارض ، والترجیح لأحد الحملین محلّ تأمّل ، والذمّة مشغولة بالعبادة ، والاقتصار علی المجمع علیه لبراءة الذمّة به متعیّن.

والحق أن یقال : إنّ دلالة الأخبار علی الفضیلة أظهر ، کما یعلم من تدبّرها ومساق أکثرها ، مضافاً إلی تضمّن بعضها نفی العلّة ولا قائل فیما نعلم بالفرق بین العلّة والعذر ، ویؤیّد ذلک ظاهر الآیة وتفسیرها فی خبر زرارة السابق من الفقیه (5) ، فتأمّل.

ص: 387


1- فی ص 1344.
2- الخلاصة : 200 / 1.
3- المختلف 2 : 47.
4- راجع ص 1345 وهو فی المختلف 2 : 49.
5- راجع ص 1308.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه یبقی من الأخبار المبحوث عنها الخبر الأوّل ، ودلالته غیر خفیّة ، وتأویله بالفضیلة عرفت القول فیه (1) ، وما تضمّنه من قوله : فقال عبید الله. کأنّه أخو عمران الحلبی کما یأتی فی الروایة الأُخری.

والرابع : کما تری ، وإن أمکن ادّعاء ظهوره فی السفر لقوله : ثم ارتحل. إلاّ أنّه یحتمل أن یکون علیه السلام صلّی فی الحضر ثم ارتحل ، وقد یدّعی أنّ هذا من قسم الضرورة ، حیث إنّ الخروج بعد دخول الوقت یوجب القصر أو التمام ، واحتمال أن یکون الاحتیاط لغیر الأئمّة علیهم السلام یمکن أن یقال بتقدیر تسلیمه : أنّه لإفادة التعلیم للغیر ، فلیتدبّر.

ثم إنّ ما ذکره الشیخ أوّلاً : من أنّ کثیراً من الأخبار تضمّن ذهاب الحمرة فی وقت العشاء. قد علمت الحال فیه (2).

وما قاله : من الحمل علی الضرورة والأعذار (3). ظاهر فی تأخیر العشاء إلی الثلث والنصف ، والحمل علی الضرورة والأعذار یقتضی ( أن یقدّم ) (4) ما یدلّ علی انتهاء وقت الاختیار ، وإلاّ فالظاهر منه أنّ بعد الثلث والنصف یکون لذوی الأعذار ، وهو مشکلٌ فی النصف ، ولعلّ المراد أنّ ما دلّ علی الثلث لذوی الأعذار ویکون الآخر النصف (5) ، وفیه ما فیه ، إلاّ أنّه سیأتی (6) ما یؤیّد إرادته فی قوله : وأمّا آخر وقت العشاء.

ص: 388


1- راجع ص 1336.
2- راجع ص 1335 و 1338.
3- راجع ص 1338.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » و « فض » : تقدّم.
5- لیست فی « رض » ، وهی مشطوبة فی « د ».
6- فی ص 372.

وما ذکره ثانیاً : من الحمل علی الرخصة والجواز (1). یدلّ علی إرادة الفضیلة والإجزاء ، فکان الأولی ذکر قوله فی المختلف بتقدیر الاعتماد علی الاستبصار ، کما تقدّم (2) نقل بعض أقواله.

قوله :

والذی یدلّ علی جواز ذلک فی حال السفر وحال الضرورة :

ما رواه علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بأن یعجّل عشاء الآخرة فی السفر قبل أن یغیب الشفق ».

أحمد بن محمّد ، عن جعفر بن بشیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن علی الحلبی ، عن عبید الله الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بأن یؤخّر المغرب فی السفر حتی یغیب الشفق ، ولا بأس بأن یعجّل العتمة فی السفر قبل أن یغیب الشفق ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن ابن مسکان ، عن أبی عبیدة قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا کانت لیلة مظلمة أو مطر صلّی المغرب ثم مکث قدر ما یتنفّل الناس ، ثم أقام مؤذّنه ثم صلّی العشاء الآخرة وانصرفوا ».

وأمّا آخر وقت العشاء الآخرة فقد بیّنّا أیضاً أنّه إلی ثلث اللیل ، وأقصاه إلی نصف اللیل (3) ، وذلک عند الضرورة والعوارض من العلل

ص: 389


1- راجع ص 1340.
2- فی ص 1345.
3- راجع ص 1338.

والمهمّات ، وقد أوردنا فی ذلک الأخبار ، ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن زیاد ، عن هارون بن خارجة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : لولا أنّی أخاف أن أشُقّ علی أُمّتی لأخّرت العتمة إلی ثلث اللیل ، وأنت فی رخصة إلی نصف اللیل وهو غسق اللیل ، فإذا مضی الغسق نادی ملکان : من رقد عن الصلاة المکتوبة بعد نصف اللیل فلا رقدت عیناه ».

عنه ، عن صفوان ، عن معلّی أبی عثمان (1) ، عن معلّی بن خنیس ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « آخر وقت العتمة نصف اللیل ».

عنه ، عن الحسین بن هاشم ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « العتمة إلی ثلث اللیل وإلی (2) نصف اللیل ، وذلک التضییع ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن بن علیّ بن فضّال ، عن علیّ بن یعقوب الهاشمی ، عن مروان بن مسلم ، عن عبید بن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتی تغیب الشمس ، ولا صلاة اللیل حتی یطلع الفجر ، ولا صلاة الفجر حتی تطلع الشمس ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من الرخصة لمن دامت علّته أو ضرورته إلی تأخیر الصلاة ولا یکون متمکّناً من

ص: 390


1- فی الاستبصار 1 : 273 / 987 : معلی بن عثمان.
2- فی الاستبصار 1 : 273 / 988 : أو إلی.

الصلاة ، فحینئذ لا یفوت وقته إلی طلوع الفجر ، فأمّا مع عدم ذلک فلا یجوز ذلک علی ما بیّناه ، علی أنّه یمکن أن یکون قوله : « ولا صلاة اللیل حتی یطلع الفجر » إشارة إلی النوافل دون الفرائض.

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : صحیح علی ما قدّمناه.

والثالث : کذلک فی الطریق إلی الحسین بن سعید وابن مسکان ، وأبو عبیدة زیاد بن عیسی أو ابن رجاء ثقة بلا ارتیاب.

والرابع : فیه ابن سماعة ومن فی الطریق إلیه ، واشتراک (1) محمّد بن زیاد.

وأمّا هارون بن خارجة فالظاهر أنّه الثقة فی النجاشی (2) ، إلاّ أنّ الراوی عنه ابن سماعة بغیر واسطة فی الفهرست (3) ، واحتمال أن یکون ما فی الفهرست غیره ، لأنّه قال : هارون بن خارجة له کتاب ، بعید ، وکون الروایة المبحوث عنها وقعت روایة ابن سماعة بواسطة لعلّه لا یضرّ بالحال.

وفی الرجال هارون بن خارجة الأنصاری مهملاً من أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ (4). والظاهر أنّه لیس هذا إلاّ أنّ باب الاحتمال

أبو عبیدة ثقة

محمد بن زیاد مشترک

بحث حول هارون بن خارجة

ص: 391


1- راجع هدایة المحدثین : 237.
2- رجال النجاشی : 437 / 1176.
3- الفهرست : 176 / 765.
4- رجال الطوسی : 328 / 4.

واسع. وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : هارون بن خارجة الصیرفی مولی کوفیّ وأخوه مراد صیرفیّ (1). وهو المذکور أوّلاً ، لأنّ النجاشی قال : أخوه مراد (2).

وأبو بصیر تکرر القول فیه (3).

والخامس : فیه مع المتقدّم معلّی أبی عثمان ، وهو ثقةٌ فی النجاشی (4) والراوی عنه محمّد بن زیاد. والمعلّی بن خنیس مضی فیه القول مفصّلاً (5) بما یغنی عن الإعادة.

والسادس : فیه من تقدّم (6) ، والحسین بن هاشم هو الحسین بن أبی سعید المکاری ، لأنّ أبا سعید اسمه هاشم ، وقد ذکر النجاشی : أنه کان وجهاً فی الواقفة وکان ثقةً فی حدیثه ، والراوی عنه فی النجاشی الحسن بن محمّد بن سماعة (7).

والسابع : فیه أحمد بن الحسن بن فضّال ، وتقدّم القول فیه (8). وعلیّ بن یعقوب الهاشمی مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیه فی الرجال ، ومروان بن مسلم ثقة فی النجاشی یروی عنه علیّ بن یعقوب الهاشمیّ وقد تقدّم (9).

معلّی أبو عثمان ثقة

الحسین بن هاشم واقفی ثقة

علی بن یعقوب الهاشمی مجهول

مروان بن مسلم ثقة

ص: 392


1- رجال الطوسی : 328 / 2.
2- رجال النجاشی : 437 / 1176.
3- راجع ص 51 و 92.
4- رجال النجاشی : 417 / 1115.
5- فی ص 877.
6- راجع ص 313.
7- رجال النجاشی : 38 / 78.
8- فی ص 120.
9- فی ص 1282.

المتن :

من المهمّ قبل الکلام فیه ذکر المنقول من أقوال العلماء ، فعن المرتضی (1) وابن الجنید (2) وسلاّر (3) وابن زهرة (4) وابن إدریس : أنّ آخر وقت العشاء نصف اللیل (5) ، وعن المفید : أنّ آخره ثلث اللیل (6) ، وهو قول الشیخ فی النهایة والاقتصاد والجمل والخلاف (7) ، وفی المبسوط : آخره ثلث اللیل للمختار ونصف اللیل للمضطر (8) ، وعن ابن أبی عقیل : أنّ أوّل الوقت مغیب الشفق ، فإذا جاوز ذلک حتی دخل ربع اللیل فقد دخل فی الوقت الأخیر ، وقد روی إلی نصف اللیل (9) ، ونقل عن المبسوط أنّه حکی قولاً لأصحابنا : أنّ آخره للمضطر إلی طلوع الفجر (10).

إذا عرفت هذا فما مضی من الأخبار قد دلّ بعضها علی النصف ، وهی روایة بکر بن محمّد ، وروایة زرارة المنقولة عن الفقیه ، وروایة عبید ابن زرارة السابقة الواقع فی طریقها الضحّاک بن یزید ؛ وبعضها علی الثلث ،

أقوال العلماء فی آخر وقت العشاء وبیان ما دل علی جواز تعجیلها قبل سقوط الشفق فی السفر والضرورة

ص: 393


1- رسائل الشریف المرتضی 1 : 274.
2- نقله عنه فی المختلف 2 : 49.
3- المراسم : 62.
4- الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 556.
5- السرائر 1 : 195.
6- المقنعة : 93.
7- النهایة : 59 ، الاقتصاد : 256 ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 174 ، الخلاف 1 : 264.
8- المبسوط 1 : 75.
9- نقله عنه فی المختلف 2 : 50.
10- حکاه عنه فی المختلف 2 : 50 ، وهو فی المبسوط 1 : 75.

کروایة یزید بن خلیفة ؛ وبعضها علی الربع ، کروایة عمر بن یزید (1) ، لکنها مقیّدة فی الجملة.

والخبر الأوّل المبحوث عنه إنّما یدلّ علی أنّه لا بأس بتعجیل العشاء فی السفر قبل أن یغیب الشفق ، وفیه إشعار بأنّ التعجیل فی الحضر به بأس ، والحمل علی الکراهة فی الحضر ممکن للمعارض السابق.

والثانی : یدلّ علی جواز تأخیر المغرب فی السفر حتی یغیب الشفق ، وتعجیل العشاء قبل أن یغیب الشفق.

والثالث : یدلّ علی أنّه فی المطر تقدّم العشاء أو تؤخّر المغرب ، وإن کان الظاهر منه تقدیم العشاء ، واحتمال التعیّن بسبب ذکر فعل النوافل موقوف علی أنّ وقت نوافل المغرب لا یمتدّ بامتدادها ، وللبحث فیه مجال کما ستسمعه إن شاء الله.

وقد روی الصدوق فی الصحیح عن عبد الله بن سنان فی باب الأذان عن الصادق علیه السلام : « أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله جمع بین الظهر والعصر بأذان وإقامتین ، وجمع بین المغرب والعشاء فی الحضر من غیر علّة بأذان وإقامتین » (2). وفیه دلالة إمّا علی دخول وقت العشاء قبل ذهاب الشفق ، أو أنّ وقت المغرب یمتدّ إلی ذهابه ، واحتمال وقوع کلّ واحدة فی وقتها بأن یکون آخر الاولی وأوّل الثانیة بعید عن ظاهر قوله : « من غیر علّة ».

وروی فی باب المواقیت عن محمّد بن یحیی الخثعمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی المغرب ویصلّی معه حیّ من الأنصار یقال لهم بنو سلمة منازلهم علی نصف میل ، فیصلّون معه ثم

ص: 394


1- تقدمت الروایات فی ص 1300 ، 1308 ، 1282 ، 1317.
2- الفقیه 1 : 186 / 886 ، الوسائل 4 : 220 أبواب المواقیت ب 32 ح 1.

ینصرفون إلی منازلهم وهم یرون مواضع سهامهم » (1) وفیه دلالة علی جواز تقدیم العشاء قبل ذهاب الشفق کما لا یخفی.

وربما کان فی هذه الأخبار دلالة علی نفی الفضیلة فی تأخیر العشاء عن غیبوبة الشفق ؛ لأنّ الظاهر من ذکر عدم العلّة الجواز مطلقا ، إلاّ أن یُحمل الفعل منه علیه السلام علی بیان الجواز ، وفیه أنّ خبر محمّد بن یحیی یقتضی المداومة بسبب لفظ « کان » وعلی کلّ حال القول بعدم دخول وقت العشاء إلاّ بعد ذهاب الشفق فی بعض الأخبار (2) ما ینفیه.

ثم ما تضمّنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « ثم أقام مؤذّنه » یدلّ علی جواز الإقامة من غیر الإمام ، ویدلّ علیه خبر معتبر أیضاً ، کما سیجی ء فی بابه (3) ، وکان الوالد قدس سره یتوقّف فی ذلک.

وقوله : « ثم مکث قدر ما یتنفّل الناس » لا یدلّ علی أنّه علیه السلام لم یکن یتنفّل ، بل الظاهر من المکث عدم اشتغاله بصلاة العشاء ، والتعبیر بقدر ما یتنفّل الناس ، لعلّه لاحتمال دخول من لم یلحق المغرب معه علیه السلام .

والرابع : کما تری ذکره الشیخ لزیادة بیان أنّ آخر وقت العشاء إلی ثلث اللیل وأقصاه إلی النصف ، وهذا علی تقدیر القول به یصیر مغایراً لما نقل عنه فی المبسوط أنّ آخره ثلث اللیل للمختار والنصف للمضطر (4) ، لاحتمال کلامه هنا أنّ الثلث والنصف للمضطر لکن بتفاوت بالفضل ، لأنّ قوله : وذلک ، ظاهر العود إلی الثلث ، والعود إلیهما حینئذ بطریق أولی ، ولو

ص: 395


1- الفقیه 1 : 142 / 659 ، الوسائل 4 : 188 أبواب المواقیت ب 18 ح 5.
2- الوسائل 4 : 202 أبواب المواقیت ب 22.
3- فی ص 1510.
4- المبسوط 1 : 75.

عاد ذلک إلی النصف بَعُدَ عن اللفظ ، ولا یبعد أن تکون العبارة مجملة وتفصیلها ما فی المبسوط.

وقد نقل فی المختلف عنه الاحتجاج بالإجماع علی أنّ الثلث وقت ، والخلاف فی الزائد ، ولا دلیل علیه ، وبروایة یزید بن خلیفة السابقة (1) ، وبروایة زرارة عن الباقر علیه السلام حیث قال فیها : « وآخر وقت العشاء ثلث اللیل » (2) وبأنّ المبادرة والمسارعة إلی فعل الخیر تحصل بذلک فیدخل تحت قوله ( وَسارِعُوا ) (3) وأجاب العلاّمة بأنّ الإجماع لا یقتضی نفی ما عداه ، وعن الأخبار بأنّها للفضیلة علی تقدیر سلامة السند (4) ، والأمر کما قال.

( ثم إنّ الخبر المبحوث عنه یدلّ علی أنّه علیه السلام لولا أن یشقّ علی أُمّته لأخّر ) إلی ثلث اللیل ، والظاهر أنّ مراده علیه السلام بالتأخیر وجوب التأخیر ، فإذا انتفی وجوب التأخیر ربما دلّ علی استحباب التأخیر ، وحینئذ یدل علی أن الثلث آخر الفضیلة ، ولو حمل الثلث علی الاختیار کما هو ظاهر الشیخ یبعد الدلالة ؛ لأنّ الثلث إذا کانت غایته لا یکون بعدُ الفعل مستحبّاً ، نعم ) (5).

قوله علیه السلام : « وأنت فی رخصة إلی نصف اللیل » یدلّ علی أنّ التأخیر عن الثلث رخصة ، ویمکن أن یقال : لمّا کان الظاهر من النصف التأخیر إلیه کان فی الثلث کذلک فیتمّ المطلوب من أنّ آخر وقت المختار الثلث ، إلاّ علی احتمال أن یقال بعدم لزوم حکم النصف للثلث إذا خرج بالإجماع.

ص: 396


1- راجع ص 1317.
2- التهذیب 2 : 262 / 1045 ، الوسائل 4 : 156 أبواب المواقیت ب 10 ح 3.
3- آل عمران : 133.
4- المختلف 2 : 51 ، وهو فی الخلاف 1 : 265.
5- ما بین القوسین مشطوب فی « د » ولیس فی « رض ».

وقد ذکر بعض علماء المخالفین فی الحدیث حیث نقل عندهم بنحوٍ آخر أنّ قوله : « لولا أن أشقّ » إلی آخره. فیه دلیلٌ علی أنّ المطلوب تأخیرها لولا المشقة (1). انتهی.

وربما یقال : إنّ استحباب التأخیر من هذا اللفظ محلّ تأمّل ؛ والأمر سهل بعد وجود ما دلّ علی الامتداد ، مثل ما ورد فی معتبر الأخبار : « أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله أخّر لیلةً من اللیالی العشاء الآخرة ما شاء الله ، فجاء عمر ودقّ الباب فقال : یا رسول الله نام النساء نام الصبیان ، فخرج رسول الله صلی الله علیه و آله فقال : الله لیس لکم أن تؤذونی ولا تأمرنی ، إنّما علیکم أن تسمعوا وتطیعوا » (2). وأنّ ظاهر هذا الخبر رجحان التأخیر ، إلاّ أن یدّعی أنّ التأخیر لبیان الجواز ، وفیه ما فیه ، وقد مضی أیضاً فی خبر ذریح فی آخر باب أوّل وقت الظهر والعصر نحو هذا (3).

والخامس : مطلق فی آخر وقت العتمة ، فالتأیید لقول الشیخ بالتفصیل غیر ظاهر ، ولعلّ مراده مطلق الامتداد إلی النصف والثلث.

والسادس : ربما دلّ إطلاقه علی التساوی.

أمّا السابع : فقد تقدّم ، وحمل الشیخ له علی ضرب من الرخصة یرید بها حال الضرورة.

وفی معتبر الاخبار ما یدلّ علی الاستمرار إلی الفجر للنائم والناسی (4) ، وحینئذ یقیّد إطلاق هذا الخبر به.

ص: 397


1- کابن حجر فی فتح الباری 2 : 39.
2- التهذیب 2 : 28 / 81 ، الوسائل 4 : 199 أبواب المواقیت ب 21 ح 1.
3- راجع ص 1269.
4- الوسائل 4 : 288 أبواب المواقیت ب 62 ح 3 و 4.

والخبر رواه الشیخ فی زیادات التهذیب عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن نام رجل أو نسی أن یصلّی المغرب والعشاء الآخرة فإن استیقظ قبل الفجر قدر ما یصلّیهما کلتیهما فلیصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فلیبدأ بالعشاء ، وإن استیقظ بعد الفجر فلیصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس » (1).

وهذا الحدیث سیأتی روایته من المصنف عن ابن مسکان ، وإنّما نقلناه عن التهذیب لاحتمال ابن مسکان دون ابن سنان ، وإن کان الظاهر تساویهما ، وسیأتی إنشاء الله الکلام فی هذا مفصّلاً (2).

قوله :

باب وقت صلاة الفجر.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ابن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلّی رکعتی الصبح وهی الفجر إذا اعترض الفجر وأضاء حسناً ».

علیّ بن إبراهیم ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس ، عن یزید ابن خلیفة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « وقت الفجر حین یبدو حتی یضی ء ».

ص: 398


1- التهذیب 2 : 270 / 1076 ، وفی الوسائل 4 : 288 أبواب المواقیت ب 62 ح 4 ، بتفاوت.
2- فی ص 1406.

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل صلّی الفجر حین طلع الفجر ، فقال : « لا بأس ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل صلّی الفجر حین طلع الفجر فقال : « لا بأس ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسین بن سعید ، عن الحصین ابن أبی الحصین ، قال : کتبت إلی أبی جعفر علیه السلام : جعلت فداک ، اختلف موالوک فی صلاة الفجر ، فمنهم من یصلّی إذا طلع الفجر الأوّل المستطیل فی السماء ، ومنهم من یصلّی إذا اعترض فی أسفل الأرض واستبان ، ولست أعرف أفضل الوقتین فأُصلّی فیه ، فإن رأیت یا مولای جعلنی الله فداک أن تعلّمنی أفضل الوقتین وتحدّ لی کیف أصنع مع القمر والفجر لا یُبیّن حتّی یحمرّ ویصبح ، وکیف أصنع مع القمر ، وما حدّ ذلک فی السفر والحضر؟ فعلت إنشاء الله ، فکتب بخطه : « الفجر یرحمک الله الخیط الأبیض ، ولیس هو الأبیض صعداً ، ولا تصلّ فی سفر ولا حضر حتی تتبیّنه رحمک الله فإنّ الله لم یجعل خلقه فی شبهة من هذا ، فقال ( کُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (1) فَالخَیْط الأبیض هو الفجر الذی یحرم به الأکل والشرب فی الصیام ، وکذلک هو الذی یوجب الصلاة ».

ص: 399


1- البقرة : 187.

أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أخبرنی عن أفضل المواقیت فی صلاة الفجر ، قال : « مع طلوع الفجر ، إنّ الله یقول ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً ) (1) یعنی صلاة الفجر تشهده ملائکة اللیل وملائکة النهار ، فإذا صلّی العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أُثبتت له مرّتین تثبته ملائکة اللیل وملائکة النهار ».

محمّد بن علیّ بن محبوب ، عن أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن الحسین ، عن فضالة ، عن هشام بن الهذیل ، عن أبی الحسن الماضی علیه السلام قال : سألته عن وقت صلاة الفجر فقال : « حین یعترض الفجر فتراه مثل نهر سُوری ».

علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن علیّ بن عطیّة ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « الصبح هو الذی إذا رأیته معترضاً (2) کأنّه بیاض نهر سُوری ».

السند :

فی الأوّل : قد تقدّم (3) أنّه لا ارتیاب فی صحّته فیما نعلمه من مشایخنا ، وقد یتوقّف فی محمّد بن قولویه ؛ إذ لم نَرَ توثیقه صریحاً ، فإنّ العلاّمة قال فی الخلاصة : إنّه من خیار أصحاب سعد (4).

بحث حول محمد بن قولویه

ص: 400


1- الإسراء : 78.
2- فی الاستبصار 1 : 275 / 997 : یعترض.
3- فی ص 38 ، 39 ، 46 ، 68 ، 81.
4- الخلاصة : 164 / 181.

وسبقه إلی ذلک النجاشی (1). والشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام قال : محمّد بن قولویه الجمّال والد أبی القاسم جعفر بن محمّد یروی عن سعد بن عبد الله وغیره (2). وغیر خفی أنّ کونه من أصحاب سعد لا یفید التوثیق.

وابن طاوس فی کتاب الرجال الذی جمعه قال - بعد ذکر طریق محمّد بن قولویه وعلی بن الریّان ومحمّد بن عبد الله بن زرارة - : إنّه لم یستثبت حال محمّد بن عبد الله ، وباقی الرّجال موثوقون (3) (4). وهذا کما تری یدلّ علی توثیق محمّد بن قولویه ، وربما یعتمد علی توثیق ابن طاوس ، إلاّ أنّ فی البین کلاماً ، وقد تقدّم القول فی جمیع هذا (5) ، والإعادة لبعد العهد.

ثم إنّ اشتمال السند علی روایة علیّ بن حدید وعبد الرحمن بن أبی نجران ، کان الوالد قدس سره یقول : إنه شاهد علی أنّ ما یقع فی الأسانید من روایة علیّ بن حدید عن عبد الرحمن سهو ، وأنّ الواو واقعة موقع « عن » وقد قدّمنا (6) فی بعض الأسانید الکلام فی هذا ، غیر أنّ الاعتماد علی ذلک مشکلٌ.

والثانی : فیه محمّد بن عیسی عن یونس ، ویزید بن خلیفة ، وقد مضی القول فیهما غیر بعید (7).

ص: 401


1- رجال النجاشی : 178 / 467.
2- رجال الطوسی : 494 / 22.
3- فی « رض » : موثّقون.
4- التحریر الطاووسی : 134.
5- راجع ص 81.
6- فی ص 960.
7- راجع ص 54 ، 1276.

والثالث : صحیح علی ما تقدّم (1).

والرابع : هو الموجود فیما رأیناه من النسخ ، والتغایر (2) فی السند بأحمد ، والمتن واحد.

والخامس : لیس فیه ارتیاب إلاّ من جهة الحصین بن أبی الحصین ، فإنه مجول الحال ، إذ لم نقف علیه فی الرجال.

والسادس : فیه أنّ الطریق إلی أحمد بن محمّد بن أبی نصر غیر مذکور فی المشیخة. وعبد الرحمن بن سالم هو الأشلّ المذکور مهملاً فی النجاشی (3) ، ورجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (4) ، والعلاّمة فی الخلاصة قال : إنّه ضعیف (5). وإسحاق معلوم الحال.

والسابع : فیه هشام بن الهذیل ، وهو مجهول الحال ، لعدم ذکره فی الرجال علی ما رأیناه.

والثامن : لا ارتیاب فیه إلاّ من جهة علیّ بن عطیّة ، فإن النجاشی وثّق علی بن عطیّة مع أخیه الحسن کما قدّمنا (6) ، وذکرنا أنّ احتمال عدم التوثیق من العبارة مدفوع.

والشیخ فی الفهرست قال : علیّ بن عطیّة له کتاب ، وذکر أنّ الراوی عنه ابن أبی عمیر (7) ، والراوی هنا ابن أبی عمیر ، ولم یذکر

الحصین بن أبی الحصین مجهول الحال

بحث حول عبد الرحمان بن سالم

هشام بن الهذیل مجهول الحال

بحث حول علی بن عطیة

ص: 402


1- فی ص 720.
2- أی التغایر بین الثالث والرابع.
3- رجال النجاشی : 237 / 629.
4- رجال الطوسی : 266 / 711.
5- خلاصة العلاّمة : 239 / 7.
6- فی ص 1341 1343.
7- الفهرست : 97 / 410.

الشیخ أنّه ثقة ، والاتحاد مظنون ، فیکون ثقة ، إلاّ أنّ الشیخ فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه ذکر علیّ بن عطیّة العوفی ، وعلیّ بن عطیّة السلمی (1). والوصف بالسلمی لا یوافق الحسن بن عطیّة أخا علیّ بن عطیّة ، لأنّه الدغشی مع وصف آخر غیر السلمی کما مضی (2) ، وحینئذ یحصل الاشتباه ، إلاّ أنّ الشیخ له اضطراب فی أمثال هذا بخلاف النجاشی ، فلیتأمّل.

المتن :

لا بدّ قبل الکلام فیه من ذکر أقوال الأصحاب المنقول فی وقت الصبح ، فعن السیّد المرتضی ، وابن الجنید ، والمفید ، وسلاّر ، وغیرهم : أنّ آخره طلوع الشمس (3).

وعن ابن أبی عقیل : آخره للمختار طلوع الحمرة المشرقیّة ، وللمضطر طلوع الشمس. وهو اختیار ابن حمزة (4).

وعن الشیخ قولان ، أحدهما : أنّ آخره طلوع الشمس ، والثانی کقول ابن أبی عقیل.

قال العلاّمة : وهو اختیاره فی المبسوط والخلاف (5).

ولا یخفی أنّ الظاهر من هذا النقل أنّه لا خلاف فی الأوّل ، وفی الفقیه : ووقت الفجر حین یعترض الفجر ویضی ء حسناً ویتجلّل الصبح

أقوال الأصحاب فی وقت صلاة الصبح وبیان ما ورد فیه

ص: 403


1- رجال الطوسی : 267 / 725 و 243 / 317.
2- فی ص 1341.
3- حکاه عنهم فی المختلف 2 : 52 ، وهو فی المقنعة : 94 ، والمراسم : 62.
4- حکاه عنه فی المختلف 2 : 52 ، وهو فی الوسیلة : 83.
5- المختلف 2 : 52 ، وهو فی المبسوط 1 : 75 ، الخلاف 1 : 267.

السماء وکان کالقباطی ، أو مثل نهر سُوری. وهذا کما تری یعطی أنّ أوّل طلوع الفجر لیس وقتاً ، إلاّ أنّه قال بعد ذلک : ومن صلّی الغداة فی أوّل وقتها أُثبتت له مرّتین ، ومن صلاّها فی آخر وقتها أُثبتت له مرّة واحدة ، قال الله عزّ وجلّ ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً ) (1) یعنی أنّه تشهدها ملائکة اللیل وملائکة النهار (2). انتهی.

وهذا یدلّ علی أنّ لها وقتین أو وقتاً له أوّل وآخر غیر طلوع الشمس ، وحینئذ لا بدّ من حمل قوله : ووقت الفجر. علی منتهی الفضیلة لیوافق قوله : ومن صلّی الغداة فی أوّل وقتها ، إلی آخره ؛ إذ لو حمل علی أنّه أوّل الفضیلة لم یوافق ما ذکره من الصلاة فی آخر وقتها ، إذ لم یعلم الآخر ، ویخالف ما ذکره من إثباتها مرّتین ، لأنّ هذا مدلول روایة إسحاق المتضمّنة لأنّ الوقت مع طلوع الفجر ، إلاّ أن یحمل الإضاءة حسناً والتجلّل علی هذا ، وهو فی غایة البعد ، ولو سلّم قربه لم یعلم الآخر أیضاً ، ولو أراد بالآخر طلوع الحمرة کما نقل عن ابن أبی عقیل (3) ، أو الإسفار کما تضمّنه بعض الأخبار (4) ، فالمقام لا یدلّ علیه ، بل ذکر تجلّل الصبح السماء ینافی کون الآخِر الإسفار والحمرة إلاّ بتکلّف ، والاعتماد علی المعلومیة ممکن.

کما أنّ قول السیّد المرتضی ومن تابعه : بأنّ الآخر طلوع الشمس (5).

ص: 404


1- الإسراء : 78.
2- الفقیه 1 : 143 / 664.
3- نقله فی المختلف 2 : 52.
4- التهذیب 2 : 340 / 1409 ، الوسائل 4 : 266 أبواب المواقیت ب 51 ح 1.
5- المتقدم فی ص 1359.

مع دلالة الأخبار علی أنّ لکلّ صلاة وقتین (1) لا یخلو من إجمال ، لکن السیّد ربما لا یعمل بالأخبار ، أمّا العلاّمة حیث اختار مذهب السید ومن تابعه واستدل بما تسمعه ، وأجاب عن حجة الشیخ بالحمل علی الاستحباب والفضیلة (2) ، فیتوجه علیه أنّ فی الأخبار التی فی حجّة الشیخ ما یوجب الإشکال فی الاستحباب کما نذکره إن شاء الله.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأوّل ظاهر فی أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان یصلّی الصبح إذا اعترض الفجر وأضاء حسناً ، وهذا بعض مدلول عبارة الفقیه (3) ، ولا ریب أنّ الإضاءة الحسنة تقتضی عدم کون الصلاة مع الفجر فی أوّل طلوعه ، وبعض الأخبار تدلّ علی الثانی ، ولو حمل علی أنّ الإضاءة الحسنة هی طلوعه معترضاً احترازاً عن الفجر الکاذب ، بَعُدَ عن اللفظ ، لکن بسبب المعارض لا بأس به.

وفی الظّن أنّ قول الصدوق : ویتجلّل الصبح السماء (4). یحتمل أن یرید به انتهاء الأول ، ویکون مبدأ الأوّل الإضاءة حسناً فی أوّل الطلوع ، لما یأتی (5) فی الخبر المتضمن للتجلّل من أنّ ظاهره أنّ التجلّل آخِر ، وعلی هذا التوجیه لا یتوجّه علی الشیخ أنّ هذا الخبر المبحوث عنه ینبغی أن یکون من قبیل المعارض ، فلیتأمّل.

والثانی : لا بدّ من حمل قوله : « ویضی ء » علی نحو السابق ، لیطابق مراد الشیخ ، وإن کان احتمال کون الفضیلة بعد الإضاءة لا من حین الطلوع داخلاً فی حیّز الإمکان ، وقد روی الصدوق فی کتاب الصوم بطریقه

ص: 405


1- الوسائل 4 : 125 أبواب المواقیت ب 26.
2- المختلف 2 : 53.
3- الفقیه 1 : 143.
4- الفقیه 1 : 143.
5- فی ص 1364.

الحسن ، عن عاصم بن حمید ، عن لیث المرادی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام ، فقلت : متی یحرم الطعام؟ إلی آخر الروایة (1) الآتیة من الشیخ (2) ، وهی تفید أنّ إضاءة الفجر أوّل طلوعه کما یقتضیه حکم الصائم ، فیندفع به بعض ما احتملناه ویؤیّد بعضا ، ومخالفته لما سبق منه محتاجة إلی مزید توجیه ، فلیتأمّل.

والثالث : له ظهور فی أنّ الصلاة حین طلوع الفجر لیست من فعل الفرض وقت الفضیلة ، وحینئذ یستفاد منه أنّ الفضیلة بعد الإضاءة ، إلاّ أنّ الخبر الآتی الدال علی إثبات الصلاة مرّتین قد ینافیه ، ولا یبعد أن یحمل الآتی علی وجه لا ینافی (3) ما دلّ علی الإضاءة ، إلاّ أنّ فی البین لا بدّ من الاختلاف (4) فی الأخبار کما یعلم من ملاحظتها أجمع.

والرابع : کالثالث.

والخامس : یدلّ علی مجرّد ظهور الفجر ، وما تضمّنه السؤال فیه من قوله : إنّ بعض موالیک یصلّی إذا طلع الفجر المستطیل. الظاهر أنّ المراد به المستطیل فی العرض من غیر أن تشرق الأرض به ، وقوله : إذا اعترض فی أسفل الأرض. یرید به إضاءة الأرض ، والجواب حینئذ یدلّ علی مجرّد الظهور ، لکن لا یخفی أنّ فیه منافاة لما تضمن الإضاءة الحسنة إلاّ بتکلّف ، ولو حمل المستطیل علی الفجر الأوّل ، والمعترض فی أسفل الأرض علی الثانی ویراد بأسفل الأرض الأُفق ، یبعّد بأنّ فعل الصبح فی الفجر الأوّل

ص: 406


1- الفقیه 2 : 81 / 361 ، الوسائل 4 : 209 أبواب المواقیت ب 27 ح 1.
2- فی ص 1363.
3- فی « د » لا ینافیه.
4- فی « رض » اختلاف.

معلوم من المذهب ، إلاّ أن یقرب بوقوعه من الجاهل.

والسادس : کما تری یدلّ علی أنّ الأفضل فعل الصبح مع طلوع الفجر ، لأنّ السؤال عنه ، وقد قدّمنا (1) أنّ الصدوق أتی بمدلول الروایة ، وظاهرها یخالف عبارته أوّلاً إلاّ بالتأویل ، وکذلک الشیخ بالنسبة إلی الخبر الأوّل.

( وفی الفقیه فی باب علّة التقصیر ذکر أنّ النبی صلی الله علیه و آله أقرّ الفجر علی ما فُرِضَتْ بمکّة لتعجیل عروج ملائکة اللیل إلی السماء وتعجیل نزول ملائکة النهار إلی الأرض ، وکانت ملائکة النهار وملائکة اللیل تشهدون مع رسول الله صلی الله علیه و آله صلاة الفجر ، فلذلک قال الله تعالی ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً ) (2) یشهده المسلمون ویشهده ملائکة النهار وملائکة اللیل (3). وهذا یدلّ علی أنّ الصبح وإن تأخّرت عن أوّل الفجر یشهدها المذکورون ، وحینئذ یمکن حمل ما دل علی المعیّة ونحوها علی ما دلّ علی الإضاءة والتجلّل ، وهذا الکلام روایة سعید بن المسیّب ، إلاّ أنّ نقل الصدوق لها المزیة ، فتأمّل ) (4).

والسابع : یدلّ علی الإضاءة إلاّ بالتأویل السابق.

وفی القاموس : سوری کطوبی : بلدة بالعراق ، وموضع من أعمال بغداد ، وقد یُمدّ (5).

والثامن : کالسابع.

ص: 407


1- فی ص 1360.
2- الإسراء : 78.
3- الفقیه 1 : 291 / 1321 ، الوسائل 4 : 51 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 13 ح 19.
4- ما بین القوسین ساقط من « فض » و « رض ».
5- القاموس المحیط 2 : 55.

قوله :

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن موسی بن بکر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « وقت صلاة الغداة ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس ».

وما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطّاب وعبد الله بن محمّد بن عیسی ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبی جمیلة المفضّل بن صالح ، عن سعد بن ظریف (1) ، عن الأصبغ بن نباته قال : قال أمیر المؤمنین علیه السلام : « من أدرک من الغداة رکعة قبل طلوع الشمس فقد أدرک الغداة تامّة ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی صاحب الأعذار ومن له حاجة ضروریّة تمنعه من الصلاة فی أوّل الوقت ، حسب ما قدّمناه فی غیره من الصلوات.

یدلّ علی ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضّال ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام : « فی الرجل إذا غلبته عینه أو عاقه أمر أن یصلّی المکتوبة من الفجر ما بین أن یطلع الفجر إلی أن تطلع الشمس ، وذلک فی المکتوبة خاصة ، فإن صلّی رکعة من الغداة ثم طلعت الشمس فلیتمّ وقد جازت صلاته ».

ص: 408


1- فی « د » و « رض » والاستبصار 1 : 275 / 999 : طریف.

وروی محمّد بن یعقوب ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « وقت الفجر حین ینشقّ إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، ولا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ، لکنه (1) وقت لمن شغل أو نسی أو نام ».

الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن عاصم بن حمید ، عن أبی بصیر المکفوف قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام : عن الصائم متی یحرم علیه الطعام؟ فقال : « إذا کان الفجر کالقبطیّة البیضاء » قلت : فمتی تحلّ الصلاة؟ فقال : « إذا کان کذلک » قلت (2) : ألست فی وقت من تلک الساعة إلی أن تطلع الشمس؟ فقال : « لا إنما نعدّها صلاة الصبیان » ثم قال : « إنه لم یکن یحمد الرجل أنْ یصلّی فی المسجد ثم یرجع فینبّه أهله وصبیانه ».

وروی الحسین بن سعید ، عن النضر وفضالة ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لکل صلاة وقتان ، وأوّل الوقتین أفضلهما ، ووقت الفجر (3) حین ینشقّ الفجر إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، ولا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ، ولکنه وقت من شغل أو نسی أو سها أو نام ، ووقت المغرب حین تجب (4) الشمس إلی أن تشتبک النجوم ، ولیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین وقتاً إلاّ من عذر أو علّة ».

ص: 409


1- فی « د » و « رض » : ولکنّه.
2- فی الاستبصار 1 : 276 / 1002 : فقلت.
3- فی الاستبصار 1 : 276 / 1003 : ووقت صلاة الفجر.
4- فی الاستبصار 1 : 276 / 1003 : تحجب.

السند :

فی الأوّل : فیه موسی بن بکر ، وقد تقدّم (1) عن قریب أنّه مهمل فی الرجال. وأمّا عبد الله بن المغیرة فقد مضی (2) أیضاً أنّ فیه قولاً [ للکشی (3) ] بالوقف ، والنجاشی لم یذکره بالوقف بل وثّقه مرّتین (4) ، وفی الرجال عبد الله بن المغیرة مهملاً فی رجال الصادق علیه السلام (5) ، وغیر خفیّ أنّ المذکور هنا لا یحتمله ، والراوی عن عبد الله بن المغیرة الثقة أیوب بن نوح ، والمرتبة مع أحمد بن محمد بن عیسی واحدة.

والثانی : فیه أبو جمیلة ، وقد ضعّف فی الخلاصة (6) ، والشیخ ذکره مهملاً فی الفهرست وکتاب الرجال (7). وأمّا عمرو بن عثمان ، فهو الثقة علی الظاهر ؛ لأنّ الراوی عنه من فی مرتبة محمّد بن الحسین وعبد الله بن محمّد ، وأمّا غیره ممن سمّی بهذا الاسم فمن أصحاب الصادق علیه السلام فی کتاب الشیخ (8) والمرتبة بعیدة. والأصبغ بن نباته فقد قیل : إنّه من خواصّ أمیر المؤمنین علیه السلام (9).

موسی بن بکر مهمل

بحث حول عبد الله بن المغیرة

بحث حول أبی جمیلة

بحث حول عمرو بن عثمان

الأصبغ بن نباتة من خواص أمیر المؤمنین علیه السلام

ص: 410


1- فی ص 1329.
2- فی ص 99.
3- فی النسخ : للشیخ ، والصواب ما أثبتناه.
4- رجال النجاشی : 215 / 561.
5- لم نعثر علی ذکره فی رجال الصادق علیه السلام ، لکنه ذکر فی أصحاب الکاظم والرضا علیهماالسلام ، راجع رجال الطوسی : 355 / 21 ، 356 / 32 ، 379 / 4.
6- الخلاصة : 258 / 2.
7- الفهرست : 170 / 743 ، رجال الطوسی : 315 / 565.
8- رجال الطوسی : 247 / 386.
9- کما فی الفهرست : 37.

والثالث : معلوم الحال ، لتکرره فی المقال.

والرابع : حسن.

والخامس : فیه أبو بصیر المکفوف ، وقد قدّمنا (1) ما یدلّ من الأخبار الواردة فی هذا الکتاب علی خروجه عن الدین أو ما قاربه ، وفی الفقیه رواها عن لیث المرادی ، وهو الثقة (2) الذی لا ریب فیه ، وأمّا المکفوف فهو یحیی بن القاسم ، وحینئذ لا یخلو الأمر من إشکال ، إلاّ أنّ الاعتماد ربما کان علی الفقیه ، وإن کان فی البین توقف من احتمال التصرف بسبب الاجتهاد أو من سهو القلم.

والسادس : لا ارتیاب فیه علی ما أظنّ ، لأنّ النضر هو بن سُوَیْد کما تقدّم (3) ، وابن سنان الراوی عن أبی عبد الله علیه السلام عبد الله کما قدّمناه (4) مفصّلاً.

المتن :

فی الأوّلین استدلّ به العلاّمة علی القول بأنّ آخر وقت الصبح طلوع الشمس ، وبالروایة السابقة عن عبید بن زرارة حیث قال فیها : « ولا صلاة الفجر حتی تطلع الشمس » ثم إنّه نقل احتجاج الشیخ بروایة الحلبی وهی الرابعة ، وروایة أبی بصیر الخامسة ، قال العلاّمة : وحمل یعنی الشیخ الخبرین علی صاحب العذر ، والجواب : أنّه لیس أولی من الحمل علی

بحث حول أبی بصیر المکفوف

ص: 411


1- فی ص 892.
2- الفقیه 2 : 81 / 361 ، الوسائل 4 : 209 أبواب المواقیت ب 27 ح 1.
3- فی ص 197.
4- فی ص 643.

الاستحباب والفضل ، ویدلّ علیه قوله : « ولا ینبغی تأخیر ذلک » ولو کان حراماً لقال : ولا یجوز ، أو : لا یحلّ. انتهی (1).

ولا یخفی أنّ الاستدلال بالأخبار الضعیفة محلّ بحث ، وخبر الحلبی سنده فیه إبراهیم ، وکثیراً ما یوصفه بالصحة.

وحمله علی الاستحباب بدلالة لفظ (2) ، « لا ینبغی » یشکل أوّلاً : بأنّ « لا ینبغی » لا یمتنع حملها علی التحریم ؛ لاستعمالها فی ذلک بکثرة فی أخبارنا.

وثانیاً : بتقدیر التجوّز فالأخبار الکثیرة الدالة علی فعل الصبح فیما دون ذلک ظاهرة فی انتهاء الوقت ، وفیها نوع دلالة علی الاختیار ، وکان الأولی التنبیه علی رجحان الأفضلیّة من غیر لفظ « لا ینبغی » لذکره الأخبار الضعیفة.

وقد اقتفی شیخنا قدس سره أثر العلاّمة فی دلالة لفظ « لا ینبغی » واعترض علی استدلال الشیخ للقول بأنّ آخر وقت المختار الإسفار بروایة الحلبی (3) ، بأنّ جعل ما بعد الإسفار وقتاً لمن شغل یقتضی عدم فوت وقت الاختیار ، فإنّ الشغل أعم من الضروری ، واستدلّ علی اعتبار طلوع الشمس بأصالة عدم تضیّق الوقت ، وبالأخبار المذکورة المبحوث عنها.

ثم قال : ویمکن أن یستدلّ بصحیح علیّ بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل لا یصلّی الغداة حتی تسفر وتظهر الحمرة ولم یرکع رکعتی الفجر ، أیرکعهما أو یؤخّرهما؟ قال : « یؤخّرهما » (4) وجه

ص: 412


1- المختلف 2 : 53.
2- فی « رض » : لفظة.
3- التهذیب 2 : 38 / 121 ، الوسائل 4 : 207 أبواب المواقیت ب 26 ح 1.
4- التهذیب 2 : 340 / 1409 ، الوسائل 4 : 267 أبواب المواقیت ب 51 ح 1.

الدلالة أنّ ظاهر الخبر امتداد الوقت إلی ما بعد الإسفار وظهور الحمرة وکلّ من قال بذلک قال بامتداده إلی طلوع الشمس (1). انتهی.

وقد ذکرت ما فیه مفصّلاً فی حواشی الروضة وحاشیة التهذیب.

والذی یقال هنا أوّلاً : أنّ ما ذکره من أنّ الشغل أعمّ من الضروری ، فیه : أنّ ظاهر قوله : « لا ینبغی تأخیر ذلک عمداً » یشعر بالضروری.

وثانیاً : أنّ الأصل یخرج عنه بظواهر الأخبار ، والأخبار الضعیفة لیست حجة ، والموثّق منها عنده کذلک.

وثالثاً : أنّ صحیح علی بن یقطین لا صراحة فیه بالجواز ، بل یجوز أن یراد فیه السؤال عمّن أخّر الصلاة عمداً ، وإن أثم ، هل یفعل الرکعتین أم لا؟ والإطلاق فی السؤال لا یفید العموم ، والجواب لیس فیه ما یقتضی الجواز کما هو واضح ، علی أنّ احتمال القضاء غیر ممتنع فی الروایة علی تقدیر القول بخروج الوقت ، لکن لم أر الآن من صرّح بخروج وقت المختار ویصیر الفرض قضاء ، ویحتمل أن یکون علی نحو غیره من أوقات المضطر والمختار فی الجملة ، وإن کان بعض الأصحاب صرّح بالقضاء فی غیر هذا الموضع.

وربما یقال : إنّ ما دلّ علی فعل الصبح إذا صار الفجر کالقبطیّة البیضاء والإضاءة الحسنة تتناول الإسفار ؛ لأنّه قد یحصل بما ذکر ، فینبغی القول به ، إلاّ أن یقال ما قدّمناه : من أنّ الإضاءة یراد بها أوّل الفجر جمعاً بین الأخبار ، ویؤیّده خبر أبی بصیر (2).

ص: 413


1- مدارک الاحکام 3 : 62 64.
2- التهذیب 2 : 39 / 122 ، الوسائل 4 : 213 أبواب المواقیت ب 28 ح 2.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الحدیث الثالث یدلّ علی أنّ وقت المضطر فی الجملة من أوّل الفجر إلی طلوع الشمس ، وظاهر الحال أنّ ذکر طلوع الفجر لا دخل له بالضرورة ، لأنّه وقت فضیلة علی ما مضی.

ویمکن الجواب : بأنّ وقت المضطر ممتدّ من أوّل الاختیار إلی آخر الاضطرار.

وفیه : أنّ ذکر وقت الاختیار للمضطرّ غیر ظاهر الوجه ، ولعلّ المراد أنّ الإنسان لمّا کان له حالتان : حالة اختیار وحالة اضطرار ، أراد علیه السلام أن یبیّن أنّ وقت الإنسان ممتدّ إلی طلوع الشمس من أوّل الفجر ، وإن کان قد یختلف الأشخاص بالاختیار والاضطرار ، فلیتأمّل.

ویحتمل أن یراد بما بین طلوع الفجر بیان الامتداد فی الأثناء ، لا من الأوّل ، وفیه نوع بُعد ، إلاّ أنّه قابل للتوجیه ، هذا بالنسبة إلی قول الشیخ بوقتی الاختیار والاضطرار ، ولو قیل بوقتی الفضیلة والإجزاء أمکن أن یقال : إنّ المضطر إذا فعل فی وقت الإجزاء کان له وقت فضیلة ، وحینئذ یکون الخبر مفاده أنّ الفضیلة لمن ذکر ممتدّة إلی طلوع الشمس ، لکن لا علی وجه التأخیر عمداً ، بل لو انتبه من النوم أو عاقه أمر وزال العائق شرع فی الصلاة ، ومن هنا یندفع ما یتوجّه علی الشیخ فی استدلاله بالخبر المبحوث عنه.

والرابع : کما تری ظاهر فی أنّ وقت الصبح حین ینشقّ الفجر إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، فإن حمل علی الفضیلة کان أوّل الفضیلة الانشقاق ، وفیه : أنّ بعض الأخبار دالة (1) علی الإضاءة الحسنة ونحو ذلک إلاّ بالحمل السابق.

ص: 414


1- فی « فض » : دال.

والحقّ أنّه مع رفع الأخبار الضعیفة من البین یمکن الجمع بین هذا الخبر وبین الأوّل بحمل الانشقاق علی الإضاءة ، والتجلّل یراد به الإسفار کما یأتی (1) من معناه ، أو یراد بالغایة لأوّل الوقت (2) ویراد بالتجلل الإضاءة ، وحینئذ یکون قبل الإضاءة لیس للفضیلة بل من قبیل وقت الإجزاء ، إلاّ أنّک قد سمعت (3) عبارة الفقیه المتضمّنة لروایة إسحاق بن عمّار ، واعتماده أکبر شاهد علی صحّتها ، وحینئذ یفید أنّ أوّل الفجر من وقت الفضیلة ، إلاّ أن یحمل قوله فی الروایة : مع طلوع الفجر ، علی الإضاءة ، ولا بُعد فی بقاء ملائکة اللیل إلی ذلک الوقت.

والخامس : ربما کان له ظهور فی أنّ المراد مجرّد طلوع الفجر من الأفق کما ینبّه علیه ذکر الإفطار ؛ إذ الإجماع کأنّه واقع علی أنّ أوّل الصوم مجرّد الطلوع.

وما تضمّنه من قوله : قلت : ألست فی وقت ، إلی آخره. ربما (4) یدلّ بظاهره علی أنّ وقت الصبح غیر وقت الصوم ؛ لأنّ قوله علیه السلام فی الجواب : « إنّما نعدّها صلاة الصبیان » یقتضی أن یکون علیه السلام فهم من السائل أنّ غرضه فعل الصبح بعد الإسفار ، کما یدلّ علیه بعض الأخبار السابقة والخبر الثانی (5) صریحاً (6) : من أنّ آخر وقت الفضیلة أن یتجلّل الصبح السماء.

ص: 415


1- فی ص 1371.
2- کذا فی النسخ ، والأنسب : أول الوقت.
3- فی ص 1360.
4- فی « رض » : إنّما.
5- وهو خبر الحلبی المتقدم فی ص 1363.
6- فی « فض » : صریح.

ویمکن الجواب : بأنّ المراد من السائل أنّ امتداد الفضیلة هل هو من أوّل الفجر إلی طلوع الشمس أم لا؟ والجواب : بأنّ ذلک إشارة إلی أنّ النهایة صلاة الصبیان ، لا جمیع ما ذکر من الأوّل إلی طلوع الشمس.

وما تضمّنه من قوله : ثم قال : « إنه لم یکن یحمد » إلی آخره. یحتمل أن یکون المراد فیه أنّ الصلاة فی أول الوقت أولی للإنسان وعیاله ، فلو بکّر إلی المسجد وصلّی فی أوّل الوقت ثم رجع إلی منزله فینبّه عیاله لأجل الصلاة لم یکن فعله محموداً ؛ لأنّ صلاتهم وقعت فی غیر الفضیلة ، وإن کان ذکر الصبیان فی الروایة یقتضی نوع مخالفة ، لقوله علیه السلام فیها : « إنما نعدّها صلاة الصبیان » لأنّه دالّ علی أنّ التأخیر لطلوع (1) الشمس وقت للصبیان ، إلاّ أنّه یمکن أن یوجّه بأنّ صلاة الصبیان وإن اتسع وقتها إلاّ أنّ الأولی تقدیمها بالنسبة إلیهم فی وقتهم ، فلا یرد عدم الفرق بینهم وبین غیرهم.

ویحتمل أن یکون المراد بقوله : « نعدّها » إلی آخره. أنّ ثوابها ناقص کصلاة الصبیان.

علی أنّ الخبر یحتمل معنیً آخر بالنسبة إلی قوله : « لم یکن یحمد » إلی آخره. وهو أنّ وقت الصبیان وإن تأخّر إلاّ أنّه لا ینبغی للإنسان أنْ یترک تنبیههم من النوم قبل أن یخرج إلی المسجد ؛ لأنّ رجوعه من المسجد إلیهم مذموم من حیث إنّ البقاء فی التعقیب إلی طلوع الشمس محمود فی الأخبار ، إلاّ أن یقال : إنّ التعقیب غیر مخصوص بالمسجد. وفیه : أنّ کمال التعقیب فی المسجد لا ریب فیه ، وهو کاف فی عدم الحمد.

ص: 416


1- فی « رض » : إلی طلوع.

والسادس : ظاهر الدلالة علی أنّ وقت صلاة الفجر حین ینشقّ إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، غیر أنّه ربما یستفاد منه أنّ هذا مبدأ وقت الفضیلة ومنتهاه ، فیکون فی قوّة قوله : والوقت الأوّل للصبح کذا وآخره کذا ، کما ینبّه علیه قوله : « ولا ینبغی تأخیر ذلک عمداً » إلی آخره.

ویحتمل أن یراد بالوقتین : الاختیار والاضطرار ، أو الفضیلة والإجزاء ، ویراد بالأوّل من کلّ منهما کما سبق ، وحینئذ قوله : « ووقت الفجر » یرید به أنّ أوّله أفضل من آخره ، وکان الأوّل له نوع ظهور.

وما تضمّنه من ذکر وقت المغرب له دلالة علی أنّ للمغرب وقتین بنحو ما ذکر فی الصبح ، والأوّل حینئذ إلی اشتباک النجوم وهو الأفضل ، غیر أنه لا یخفی دلالة بعض الأخبار السابقة علی أنّ اشتباک النجوم أوّل الوقت ، ویمکن التوجیه بأن یراد بالاشتباک غیر غیبوبة الحمرة المشرقیة بل المغربیة ، ولا مانع من استعمال الاشتباک فی معنیین کما یستفاد من الأخبار السابقة (1).

ویحتمل أن یراد وقت فضیلتها من غیبوبة القرص إلی اشتباک النجوم علی معنی ابتداء الفضیلة لا انتهائها ، وحینئذ یصیر مثله فی الصبح ، ویراد أنّ ابتداء فضیلة الصبح من الانشقاق إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، کما أنّ ابتداء فضیلة المغرب من غیبوبة القرص إلی اشتباک النجوم ، وهذا یؤیّد إرادة الفضیلة من الوقت الأوّل والإجزاء من الثانی ، إلاّ أنّ اللازم منه أنّ فعل المغرب بعد الاشتباک یکون إجزاءً ، ولعلّه لا مانع منه ، فیکون للمغرب إجزاءان ، أحدهما هذا والآخر بعد غیبوبة الشفق ، کما أنّ للظهر إجراءین ،

ص: 417


1- راجع ص 1292.

أحدهما قبل القدم والآخر بعد المثل ونحوه ، وعلی هذا فالصبح کذلک ، مع نوع بُعد فی التوجیه.

وحاصل الأمر فی الصبح أنّ أوّل الفضیلة من الانشقاق إلی أن یتجلّل الصبح السماء ، وبعد التجلّل إجزاء إلی الإسفار ، وبعد الإسفار إجزاء إلی طلوع الشمس ، وفیه ما لا یخفی.

وفی الظن أنّ هذا الخبر مع صحته أوضح دلالة علی قول الشیخ ومن تابعه علی أنّ الوقتین للمختار والمضطر ، غیر أنّه لیس بصریح فی أنّ للصبح والمغرب وقتین ، من حیث احتمال قوله : ووقت الصبح ووقت المغرب ، لکن (1) لا یخفی أنّ العموم فیه لا مخصِّص له ، إذ احتمال إرادة الوقتین للجمیع قابل للتوجیه.

ولا یبعد أن یراد بالوقتین : الفضیلة والأفضل ، إلاّ الصبح والمغرب ، فلا یکون لهما ذلک ، بل الوقت الأول أفضل. والآخر وإن کان فیه فضل إلاّ أنّه لا ینسب إلی الآخر بل فی ذاته کما سبق عن قریب نحوه ، وهذا الخبر له نوع دلالة ؛ لأنّ الظاهر من قوله : « ولا ینبغی تأخیر ذلک عمداً ولکنه وقت » یراد به الوقت الأوّل المشتمل علی ذی الفضل والأفضل ، والمعنی حینئذ أنّه لا ینبغی أن یؤخّر عن الأفضل إلاّ مع الضرورة ، وقوله : « ولیس لأحد أن یجعل آخر الوقتین » یراد به الوقت الثانی.

ولا یخفی أنّ هذا لا یرجّح قول الشیخ ؛ لإمکان جریانه علی القول بأنّ الأوّل للفضل والثانی للإجزاء ، وقد ذکرت فی حاشیة التهذیب بعد حدیث یدل علی أنّ للصلاة أکثر من وقتین کلاماً یؤیّد ما ذکرت هنا ، ولو لا إرادة الاختصار والاستغناء بما قلناه لنقلناه.

ص: 418


1- لیست فی « فض » ، وفی « رض » : ولکن.

اللغة :

قال فی الصحاح : القبطیة ثیاب بیض رقاق من کتان یتخذ بمصر ، والجمع قباطیّ (1). وفی الحبل المتین : تجلّل الصبح السماء بالجیم بمعنی انتشاره فیها وشمول ضوئه لها (2). ولا یخفی أنّ إطلاق التفسیر مشکل بعد ما قرّرناه. وفی القاموس : وجبت الشمس : غابت (3).

قوله (4) :

باب وقت نوافل النهار.

أخبرنی الشیخ رحمة الله عن أبی محمّد الحسن بن حمزة العلوی رحمة الله عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن عدّة أنّهم سمعوا أبا جعفر علیه السلام یقول : « کان أمیر المؤمنین علیه السلام لا یصلّی من النهار حتی تزول الشمس ولا من اللیل بعد ما یصلّی العشاء حتی ینتصف اللیل ».

محمّد بن علی بن محبوب ، عن علی بن السندی ، عن محمّد ابن أبی عمیر ، عن جمیل بن درّاج ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « کان علی علیه السلام لا یصلّی من اللیل شیئاً إذا صلّی العتمة حتی ینتصف اللیل ، ولا یصلّی من النهار حتی تزول الشمس ».

بیان ما دلّ علی أنّ وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلی طلوع الشمس

معنی القبطیّة والتجلّل

وقت نوافل النهار

اشارة

ص: 419


1- الصحاح 3 : 1151 ( قبط ).
2- الحبل المتین : 144.
3- القاموس المحیط 1 : 141 ( وجب ).
4- فی « رض » : قال.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن أبی أیوب ، عن إسماعیل بن جابر قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی أشتغل ، قال : « فاصنع کما نصنع ، صلّ ستّ رکعات إذا کانت الشمس فی مثل موضعها من صلاة العصر یعنی ارتفاع الضحی الأکبر واعتدّ بها من الزوال ».

وعنه ، عن عمّار بن المبارک ، عن ظریف بن ناصح ، عن القاسم ابن الولید الغسّانی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت له : جعلت فداک صلاة النهار صلاة النوافل فی کم هی؟ قال : « ستّ عشرة ، أیّ ساعات النهار شئت أن تصلّیها صلّیتها ، إلاّ أنّک إذا صلّیتها فی مواقیتها أفضل ».

عنه ، عن علی بن الحکم ، عن بعض أصحابه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قال لی : « صلاة النهار ستّ عشرة رکعة أیّ النهار شئت ، إن شئت فی أوّله وإن شئت فی وسطه وإن شئت فی آخره ».

عنه ، عن علی بن الحکم ، عن سیف (1) ، عن عبد الأعلی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن نافلة النهار ، قال : « ستّ عشرة رکعة متی ما نشطت ، إنّ علی بن الحسین علیه السلام کانت له ساعات من النهار یصلّی فیها ، فإذا شغله ضیعة أو سلطان قضاها ، إنّما النافلة مثل الهدیة متی ما اتی بها قبلت ».

محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن عذافر ، قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « صلاة

ص: 420


1- فی الاستبصار 1 : 278 / 1009 : سیف بن عمیرة.

التطوع بمنزلة الهدیة متی ما اتی بها قبلت ، فقدّم منها ما شئت وأخّر منها ما شئت ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحملها علی ضرب من الرخصة لمن علم أنّه إن لم یقدّمها اشتغل عنها ولم یتمکن من قضائها ، یدلّ علی ذلک :

ما رواه الحسین بن محمّد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علی بن مهزیار ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد بن عیسی ، عن یزید بن ضمرة (1) اللیثی ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام (2) ، عن الرجل یشتغل عن الزوال أیعجّل من أول النهار؟ قال : « نعم ، إذا علم أنّه یشتغل فیعجّلها (3) فی صدر النهار کلّها ».

السند :

فی الأوّل : فیه الحسن بن حمزة العلوی ، وفی النجاشی : أنّه کان من أجلاّء هذه الطائفة وفقهائها ، ولقیه شیوخنا فی سنة ستّ وخمسین وثلاثمائة (4). وفی الفهرست : أنّه کان فاضلاً أدیباً عارفاً فقیهاً (5). وفی رجال من لم یرو عنهم علیهم السلام من کتاب الشیخ : أنّه زاهد عالم أدیب فاضل روی عنه التلعکبری ، وکان سماعه أوّلاً سنة ثمان وعشرین وثلاثمائة (6).

بحث حول الحسن بن حمزة العلوی

ص: 421


1- فی « رض » و « فض » : حمزة.
2- فی الاستبصار 1 : 278 / 1011 : عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر علیه السلام .
3- فی الاستبصار 1 : 278 / 1011 : فیتعجّلها.
4- رجال النجاشی : 64 / 150.
5- الفهرست : 52 / 184.
6- رجال الطوسی : 465 / 24. وفیه : الحسن بن محمد بن حمزة.

وفی الخلاصة ذکر مدحه نحو ما فی النجاشی ، وقال : إنّ التلعکبری کان سماعه منه أوّلاً سنة ثمان وعشرین وثلاثمائة وله منه إجازة ، ثم نقل عن الشیخ أنّه قال : أخبرنا عنه (1) جماعة منهم الحسین بن عبید الله وأحمد ابن عبدون ومحمّد بن محمّد بن النعمان ، وکان سماعهم منه سنة أربع وستین ] (2) وثلاثمائة ، وقال النجاشی : إنّه مات سنة ثمان [ وخمسین (3) وثلاثمائة ، وهذا لا یجامع قول الشیخ الطوسی (4).

وفی فوائد جدّی قدس سره : ما نقله المصنف عن الشیخ وجدناه بخط ابن طاوس ، وفی کتاب الرجال للشیخ بنسخة معتبرة : أنّ سماعة منه سنة أربع وخمسین وثلاثمائة ، وفی کتاب الفهرست : أنّه کان سنة ستّ وخمسین ، وعلیهما یرتفع التناقض. انتهی.

والذی فی الفهرست : أخبرنا بروایاته جماعة من أصحابنا - إلی أنْ قال - : سماعاً منه وإجازةً فی سنة ستّ وخمسین وثلاثمائة (5). ولا ریب فی انتفاء التناقض.

وابن داود تبع العلاّمة فی الوهم (6) وعلی کل حال : الرجل جلیل القدر ، وعدم التصریح بالتوثیق کأنّه لا یضرّ بالحال ؛ لأنّ عادة المتقدمین عدم ذکر التوثیق للشیوخ ، نعم فی الحدیث إرسال.

ص: 422


1- لیست فی « رض » والمصدر.
2- فی رجال الطوسی : أربع وخمسین وثلاثمائة ، وفی الفهرست : ست وخمسین وثلاثمائة.
3- فی النسخ : وستین ، والصواب ما أثبتناه.
4- خلاصة العلاّمة : 39 / 8.
5- الفهرست : 52 ، بتفاوت یسیر.
6- رجال ابن داود : 77 / 457.

والثانی : فیه علی بن السندی وهو غیر معلوم الحال ، وقد قدّمنا القول فیه کالعلوی (1) ، والإعادة فیه لبُعد العهد ، أما علی بن السندی فالمتقدّم یغنی عن الإعادة لعدم الفائدة التامة فیه.

والثالث : لیس فیه الارتیاب (2) إلاّ من جهة أبی أیوب ، والظاهر أنّه الخزاز إبراهیم بن عثمان أو ابن عیسی ، وفی الرجال : أبو أیوب الأنباری یروی عنه البرقی (3) ؛ والمراد به أحمد ؛ لأنّ النجاشی صرّح به (4) ، والمرتبة تأباه. وفی النجاشی : أبو أیوب المدنی والراوی عنه علی بن محمّد ماجیلویه (5) ، والمرتبة بعیدة أیضاً ، بل احتمل شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال أن یکون الأنباری (6) ، وفیه : أنّه بعید عن النجاشی بعد ذکره الأنباری.

وبالجملة : لا یبعد انتفاء الشک فی أبی أیوب ، والراوی عن الخزّاز الحسن بن محبوب فی النجاشی (7) ، وهی مرتبة علی بن الحکم ، وما فی الفهرست من أنّ الراوی عنه محمّد بن أبی عمیر وصفوان (8) کذلک.

وأمّا إسماعیل بن جابر فهو الجعفی ، وقد تقدم الکلام (9) ، فیه.

إشارة إلی حال علی بن السندی

بحث حول أبی أیوب الأنباری

ص: 423


1- فی ص 257. وص 242.
2- فی « رض » : ارتیاب.
3- راجع رجال الطوسی : 519 / 9 ، الفهرست : 186 / 823 ، رجال النجاشی : 457 / 1246.
4- لم نعثر علی هذا التصریح فی رجال النجاشی ، ولکنه موجود فی رجال الطوسی والفهرست.
5- رجال النجاشی : 455 / 1232.
6- منهج المقال : 383.
7- رجال النجاشی : 20 / 25.
8- الفهرست : 8 / 13.
9- فی ص 701.

والرابع : فیه عمّار بن المبارک ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف علیه فی الرجال. والقاسم بن الولید الغسّانی کذلک ، بل فی الرجال ابن الولید العماری مهملاً فی النجاشی (1) ورجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (2) ، أمّا ظریف بن ناصح ، فالذی یقتضیه النظر فی الرجال أنّه مشترک بین ثقة ومهمل فی رجال الباقر علیه السلام من کتاب الشیخ (3) ، واحتمال الاتحاد ممکن ، إلاّ أنّه لا فائدة فیه هنا.

والخامس : فیه الإرسال.

والسادس : سیف فیه هو ابن عمیرة علی الظاهر من روایة علی بن الحکم عنه کما فی الفهرست (4).

أمّا عبد الأعلی فهو مولی آل سام ؛ لروایة سیف عنه فی الکشی ، والروایة عن حمدویه ، عن محمّد بن عیسی بن عبید ، عن علی بن أسباط ، عن سیف ، عن عبد الأعلی قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّ الناس یعیبون علیّ بالکلام وأنا أُکلّم الناس ، فقال : « أما مثلک من یقع ثم یطیر » (5).

وهذه الروایة علی تقدیر سلامة السند لا تفید ؛ لأنّها شهادة لنفسه ولا مدح فیها یعتدّ به ، وکونه مولی آل سام لیس فی الروایة إلاّ أنّ الکشی ذکره فی العنوان ، فقول ابن داود : إنّه ممدوح نقلاً عن الکشی (6) ، لا وجه له.

والسابع : فیه عمرو بن عثمان ، والظاهر أنّه الثقة ، لبُعد مرتبة غیره.

عمار بن المبارک مجهول الحال

القاسم بن الولید الغسانی مجهول الحال

ظریف بن ناصح مشترک

تمییز سیف

بحث حول عبد الأعلی مولی آل سام

تمییز عمرو بن عثمان

ص: 424


1- رجال النجاشی : 313 / 855.
2- رجال الطوسی : 273 / 3.
3- رجال الطوسی : 127 / 1.
4- الفهرست : 78 / 323.
5- رجال الکشی 2 : 610 / 578 وفیه زیادة : فنعم ، وأما من یقع ثم لا یطیر فلا.
6- رجال ابن داود : 127 / 933.

ومحمّد بن عذافر ثقة ، إلاّ أنّ الراوی عنه فی النجاشی عمر (1) بن عثمان (2) ، والظاهر أنّه غلط.

والثامن : فیه یزید بن ضمرة وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف علیه فی الرجال.

المتن :

فی الأوّل وإن کان ظاهره عدم صلاة شی ء من النوافل مطلقاً ، إلاّ أنّ إرادة نوافل النهار الراتبة کأنّه معلومة ، ودلالته علی نفی الوتیرة حینئذ تنتفی ؛ لدلالة بعض الأخبار (3) علی أنّها من غیر الرواتب ، فلا یظن من دلالة « کان » علی المداومة انتفاؤها مطلقا ، والخبر ظاهر الدلالة علی أنّ صلاة ، بعد النصف ، والإجمال فی الصلاة بعد الزوال مفصّل فی الأخبار السابقة.

وقد نقل العلاّمة فی المختلف أقوال العلماء فی وقت نافلة الظهر ونافلة العصر ، فعن الشیخ فی النهایة : أنّ نوافل الظهر من الزوال إلی القدمین (4) ، وعن المبسوط : إلی [ أن یبقی إلی آخر الوقت (5) ] مقدار ما یصلّی فیه فریضة الظهر (6) ، وعن ابن إدریس : إذا صار ظل کل شی ء مثله

محمد بن عذافر ثقة

یزید بن ضمرة مجهول الحال

بیان ما دلّ علی أنّ وقت نوافل النهار بعد الزوال ووقت نوافل اللیل بعد انتصافه ، والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّها بمنزلة الهدیة متی ما أتی بها قبلت

ص: 425


1- فی « رض » : عمرو.
2- رجال النجاشی : 359 / 966 وفیه : عمرو بن عثمان.
3- الوسائل 4 : 59 أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 14.
4- المختلف 2 : 54 ، وهو فی النهایة : 60.
5- فی « د » و « رض » : أن یصیر الفی ء آخر الوقت ، وفی « فض » : أن یعتبر الفی ء إلی آخر الوقت ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.
6- المبسوط 1 : 76.

خرج وقت النافلة (1) ، وعن الشیخ فی النهایة : أنّ نافلة العصر بعد الفراغ من الظهر إلی أربعة أقدام (2) ، وفی الجمل : إلی أن یصیر الفی ء مثلیه (3) ، وعن ابن الجنید إلی أربعة أقدام أو ذراعین (4).

وقد تقدّم من الأخبار ما یدل علی الأقوال فی الجملة (5) ، وذکرنا سابقاً (6) احتمال بعض الأصحاب للامتداد بوقت الفریضة ، وإمکان المناقشة فیه بحمل المطلق علی المقیّد ، وفی هذه الأخبار ما یؤیّده ، وحمل تلک الأخبار علی الفضیلة کالفریضة ممکن ، والاحتیاط مطلوب.

والثانی : کالأوّل.

أما الثالث : وما بعده فما ذکره الشیخ من الوجه فیها لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ اعتبار عدم التمکن من القضاء لا یدل علیه شی ء منها ، والخبر الذی استدل به کذلک ، بل خبر عبد الأعلی یدلّ علی خلافه ، وخبر محمّد ابن عذافر لا یخلو من إطلاق ، إلاّ أنّ الشیخ حمله علی الراتبة ، ولعلّ عمومه یتناول مراد الشیخ.

وما عساه یقال : إنّه مطلق وما تقدّم من الأخبار فی مواقیت الفرائض مقیّد ، والمقید یحکم علی المطلق ، یمکن الجواب عنه : بأنّه ما دلّت علیه الأخبار لا یتعین تقییده لهذا الإطلاق ، بل یجوز أن یکون لبیان الأفضل ، کما یدل علیه الخبر الرابع.

ص: 426


1- السرائر 1 : 199.
2- النهایة : 60.
3- الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : 174.
4- حکاه عنه فی المختلف 2 : 55.
5- فی ص 1217.
6- فی ص 1225.

هذا علی تقدیر العمل بهذه الأخبار ، ولو اعتمد علی الصحیح أمکن أن یوجّه حمل المطلق الدال علی فعل النوافل قبل الفرائض علی المقید الدال علی فعلها فی المقادیر السابقة ، کما مضی التنبیه علیه.

ولا یخفی دلالة بعض هذه الأخبار علی نوافل النهار ، والمطلق منها کالخبر المبحوث عنه یمکن تقییده بها ، أمّا نوافل المغرب ، فالحکم فیها محلّ تأمّل ، وما دلّ علی فعلها بعد الفریضة یتناول فعلها بعد الفریضة علی الإطلاق ، والقول بخروج وقتها بذهاب الشفق لم أقف الآن علی دلیل یصلح للاعتماد علیه.

وما ذکره المحقّق فی المعتبر - علی ما نقل عنه - : من أنّ عند ذهاب الحمرة یقع الاشتغال بالعشاء ، وقد ورد المنع من النافلة فی وقت فریضة ، وما بین وقت المغرب وذهاب الحمرة وقت یستحب فیه تأخیر العشاء ، فکان الإقبال فیه علی النافلة حسنا (1). قد ذکرت ما فیه فی حاشیة الروضة.

والحاصل أنّ المنع من النافلة فی وقت الفریضة علی تقدیر عمومه لا یتناول النوافل الراتبة فی الأوقات ؛ لاستثنائها بالأخبار الواردة فیها بإطلاقها أو خصوصها ؛ ومن ثَمَّ اعترض علیه الشهید فی الذکری : بأنّ وقت العشاء یدخل بالفراغ من المغرب (2).

والأمر کما قال ، إلاّ أنّ قوله بعد ذلک : إلاّ أن یقال : إنّ ذلک وقت یستحب تأخیر العشاء عنه. لا وجه له ؛ فإنّ استحباب تأخیر الفرض لو اقتضی خروج وقت النافلة لورد فی نافلة الظهرین ، ولا قائل به فیما أعلم ، ولعلّ الأولی ما قاله فی الذکری والدروس : من أنّه لو قیل بامتداد النافلة

ص: 427


1- حکاه عنه فی المدارک 3 : 74 ، وهو فی المعتبر 2 : 53.
2- الذکری : 120.

بوقت المغرب کان حسناً (1). ولیس ببعید ، وادّعاء العلاّمة فی المنتهی الإجماع علی الانتهاء بذهاب الحمرة (2). غریب ، والمستفاد من الأخبار الاتساع ، سیّما الخبر الوارد فی الجمع بین الصلاتین فی المزدلفة وأنّه علیه السلام رکع بینهما.

بقی شی ء وهو : أنّ الصدوق روی فی باب نوادر الصلاة عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « ما صلّی رسول الله صلی الله علیه و آله الضحی قطّ » قال فقلت : ألم تخبرنی أنّه کان یصلّی فی صدر النهار أربع رکعات؟ قال : « بلی إنّه کان یجعلها من الثمان التی بعد الظهر » (3) وهذا الخبر واضح الدلالة علی جواز تقدیم بعض النوافل ، وقوله : « التی بعد الظهر » کأنّ المراد به بعد الزوال ، وتکون من نافلة الظهر ، ویحتمل کونها نافلة العصر ویراد (4) بالظهر فعل الظهر ، لکن فی بعض الأخبار السابقة ما یؤیّد الأوّل.

قوله (5) :

باب أول وقت نوافل اللیل.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر ابن أُذینة ، عن فضیل ، عن أحدهما علیهماالسلام : « أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان یصلّی بعد ما ینتصف اللیل ثلاث عشرة رکعة ».

أوّل وقت نوافل اللیل

اشارة

ص: 428


1- الذکری : 124 ، الدروس 1 : 141.
2- المنتهی 1 : 207.
3- الفقیه 1 : 358 / 1567 ، الوسائل 4 : 234 أبواب المواقیت ب 37 ح 10.
4- فی « رض » : فیراد.
5- فی « رض » : قال.

عنه ، عن صفوان ، عن ابن بکیر ، عن عبد الحمید الطائی ، عن محمّد ابن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا صلّی العشاء الآخرة آوی إلی فراشه فلا یصلّی شیئاً (1) إلاّ بعد انتصاف اللیل ، لا فی شهر رمضان ولا فی غیره ».

فأمّا ما رواه عبد الله بن مسکان ، عن لیث المرادی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الصلاة فی الصیف فی اللیالی القصار ، صلاة اللیل فی أول اللیل ، فقال : « نعم نِعْمَ ما رأیت ونِعْمَ ما صنعت ».

فهذا الخبر یحتمل شیئین.

أحدهما : أن یکون رخصة للمسافر.

والثانی : أن یکون رخصة لمن یشقّ علیه القیام آخر اللیل ، ولا یتمکن من القضاء ، فإنّه یجوز له حینئذ تقدیمها فی أوّل اللیل.

یدل علی ذلک :

ما رواه حمّاد بن عیسی ، عن معاویة بن وهب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت : إنّ رجلاً من موالیک من صلحائهم شکا إلیّ ما یلقی من النوم ، فقال : إنّی أُرید القیام لصلاة اللیل فیغلبنی النوم حتّی أُصبح ، فربما قضیت صلاتی الشهر المتتابع والشهرین أصبر علی ثقله ، قال : « قرّة عین والله » ولم یرخّص له فی الصلاة فی أوّل اللیل ، وقال : « القضاء بالنهار أفضل » قلت : فإنّ من نسائنا أبکاراً ، الجاریة تحبّ الخیر وأهله ، وتحرص علی الصلاة فیغلبها النوم ، حتی ربما (2) قضت وربما ضعفت عن قضائه وهی تقوی علیه أوّل اللیل فرخّص لهنّ فی

ص: 429


1- فی الاستبصار 1 : 279 / 1013 زیادة : من النوافل.
2- فی الاستبصار 1 : 279 / 1015 : حتی تصبح فربما.

الصلاة أول اللیل إذا ضعفن وضیّعن القضاء.

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرجل لا یستیقظ فی آخر اللیل حتی یمضی لذلک العشر والخمس عشرة فیصلّی أول اللیل أحبّ إلیک أم یقضی؟ قال : « لا بل یقضی أحبّ إلیّ ، إنّی أکره أن یتخذ ذلک خلقاً » وکان زرارة یقول : کیف یقضی صلاة لم یدخل وقتها إنّما وقتها بعد نصف اللیل.

فأمّا الذی یدل علی جواز ذلک للمسافر :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة اللیل والوتر فی أول اللیل فی السفر إذا تخوّفت البرد أو کانت علّة ، فقال : « لا بأس ، أنا أفعل إذا تخوّفت ».

عنه ، عن النضر ، عن موسی بن بکر ، عن علیّ بن سعید قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن صلاة اللیل والوتر فی السفر فی أول اللیل إذا لم یستطیع أن یصلّی فی آخره ، قال : « نعم ».

السند :

فی الأول : لا ارتیاب فیه بعد ما قدّمناه (1).

والثانی : ضمیر « عنه » فیه یرجع إلی الحسین بن سعید ، وابن بکیر قد تقدم مکرراً فیه القول (2).

أمّا عبد الحمید الطائی وهو ابن عوّاض فقد وثّقه الشیخ فی رجال

بحث حول عبد الحمید الطائی

ص: 430


1- فی ص 26 و 27 و 49 و 72 و 209.
2- فی ص 49 و 89.

الکاظم علیه السلام من کتابه قائلاً : إنّه من أصحاب أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام (1). والعلاّمة فی الخلاصة قال : إنّه من أصحاب أبی الحسن موسی علیه السلام (2). وهو غریب ، فإنّه مذکور أیضاً فی رجال الباقر علیه السلام والصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (3) ، وفی التهذیب فی باب الأحداث الموجبة للطهارة حدیث عن عبد الحمید بن عوّاض ، عن أبی عبد الله علیه السلام (4).

والثالث : فیه أنّ الطریق إلی عبد الله بن مسکان غیر مذکور فی المشیخة ، وفی الفقیه رواه عن عبد الله بن مسکان والطریق إلیه صحیح ، وستسمع الزیادة فی متنه (5).

والرابع : فیه أنّ الطریق إلی حمّاد غیر مذکور فی المشیخة أیضاً ، والصدوق رواه عن معاویة بن وهب (6) ، والطریق صحیح ، إلاّ أنّ فیه محمّد ابن علی ماجیلویه ، وفیه نوع تأمّل ذکرناه فی موضعه.

والخامس : فیه محمّد بن سنان ، مع عدم الطریق إلی حمّاد الراجع إلیه الضمیر ، وقد یستغرب روایة حمّاد بن عیسی عن محمّد بن سنان ؛ إذ لم أعهده ، لکن المرتبة لا تأباه.

والسادس : فیه محمّد بن سنان.

والسابع : فیه موسی بن بکر ، وقد تقدم (7) عن قریب. وعلی بن

کلمة فی الطریق إلی عبد الله بن مسکان وحماد بن عیسی

کلمة فی روایة حماد بن عیسی عن محمد بن سنان

علی بن سعید مشترک

ص: 431


1- رجال الطوسی : 353 / 6.
2- الخلاصة : 116.
3- رجال الطوسی : 128 / 18 و 235 / 202.
4- التهذیب 1 : 6 / 3.
5- الفقیه 1 : 302 / 1382 ، الوسائل 4 : 249 أبواب المواقیت ب 44 ح 1. وفی ص 1383.
6- الفقیه 1 : 302 / 1381 ، الوسائل 4 : 255 أبواب المواقیت ب 45 ح 1 و 2.
7- فی ص 1329.

سعید مشترک (1) بین مهملین.

المتن :

فی الأول : ظاهر فی أنّ فعل صلاة اللیل بعد النصف ، وربما دلّ علی الدوام بلفظ « کان » کما ذکروه ، کما یدل علی فعل الوتر مع رکعتی الفجر کذلک ، وکأنّ الشیخ استفاد کون ما ذکر أوّل الوقت ممّا قلناه ، وإلاّ فهو غیر دالّ علی الحصر ، وغیر خفی أنّ احتمال المداومة علی الأفضل یقتضی عدم تعیّن (2) الوقت.

وفی المختلف نقل عن الشیخ أنّه لا یجوز تقدیم صلاة اللیل فی أوّله إلاّ لمسافر یخاف فوتها أو شابّ یمنعه آخر اللیل من القیام رطوبة رأسه ، ولا یتخذ ذلک عادة ، والقضاء أفضل ، وعن ابن أبی عقیل لا صلاة عند آل الرسول الاّ بعد دخول وقتها ، فمن صلّی صلاة فرض أو سنّة قبل دخول وقتها فعلیه الإعادة ساهیاً کان أو متعمّداً فی أیّ وقت کان ، إلاّ سنن اللیل فی السفر ، فإنّه جائز أن یصلّیها أوّل اللیل بعد العشاء الآخرة ، وعن ابن إدریس المنع من التقدیم لهذین ، واختاره العلاّمة واستدل بالرابع (3).

ولا یخفی علیک أنّ ما دلّ علی المسافر وغیره فی اللیالی القصار لا ارتیاب فیه ، فالاقتصار علی الروایة من دون الالتفات إلی غیرها غریب ، وستسمع القول فی المسافر إنشاء الله تعالی.

والثانی : ظاهر الدلالة علی نفی الوتیرة ، إلاّ أنّ ما دلّ علی فعلها

بیان ما دلّ علی أنّ وقت نوافل اللیل بعد انتصافه

ص: 432


1- انظر رجال الطوسی : 243 / 321 و 356 / 45.
2- فی « رض » : تعیین.
3- المختلف 2 : 69 ، وهو فی النهایة : 60 ، والسرائر 1 : 203.

موجود ، والحمل (1) علی نفی الراتبة ممکن ، لولا قوله : « لا فی شهر رمضان ولا فی غیره » فإنّ نفی نافلة شهر رمضان یقتضی العموم.

وقد روی الصدوق مرسلاً أنّ أبا جعفر علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله لا یصلّی من النهار شیئاً حتی تزول الشمس ، فإذا زالت صلّی ثمانی رکعات - إلی أن قال - : فإن فاء الفی ء ذراعاً صلّی الظهر أربعاً وصلّی بعد الظهر رکعتین ثم صلّی رکعتین أُخراوین ، ثم صلّی العصر أربعاً إذا فاء الفی ء ذراعاً ، ثم لا یصلّی بعد العصر شیئاً حتی تؤوب الشمس - إلی أن قال - : ثم لا یصلّی شیئاً حتّی یسقط الشفق فإذا سقط الشفق صلّی العشاء ، ثم آوی رسول الله صلی الله علیه و آله إلی فراشه ولم یصلّ شیئاً » (2) الحدیث.

وفیه دلالة علی نفی الوتیرة ، وإرساله قد کرّرنا القول فیه.

والثالث : کما تری ظاهر الدلالة علی فعل صلاة اللیل فی أول اللیل فی اللیالی القصار ، إلاّ أنّ الصدوق فی الفقیه زاد فیه بعد قوله : « نِعْمَ ما صنعت » یعنی فی السفر ، قال : وسألته (3) عن الرجل یخاف الجنابة فی السفر والبرد فیعجّل صلاة اللیل والوتر فی أول اللیل؟ قال : « نعم » (4) ولا یخفی أنّ بعد هذه الزیادة لا وجه لحمل الشیخ علی غیر السفر ، إلاّ أن تکون الزیادة غیر موثوق بها ، لاحتمال کونها من بعض الرواة لظن المنافاة ، وفیه ما هو غنی عن البیان ، إلاّ أن یقال : إنّ ذکر اللیالی القصار یدل علی

بیان ما دلّ علی جواز التقدیم وأفضلیة القضاء

ص: 433


1- فی « فض » و « رض » : فالحمل.
2- الفقیه 1 : 146 / 678 ، الوسائل 4 : 60 أبواب المواقیت ب 10 ح 3 ، وفیهما بتفاوت یسیر.
3- فی « د » وقد سألته.
4- الفقیه 1 : 302 / 1383 ، الوسائل 4 : 249 أبواب المواقیت ب 44 ح 1 وص 183 ح 10 ، وفیهما بتفاوت یسیر.

ما یعمّ السفر ، وفیه : أنّه إذا ما تحقّق خصوص السفر فلا وجه للاحتمال ، فتأمّل.

والرابع : واضح الدلالة علی أنّ القضاء أفضل ، وما تضمنه آخره من الرخصة إذا حصل الضعف عن القضاء ، یدل علی ما ذکره الشیخ ، وقد نقل فی المختلف احتجاج الشیخ (1) به علی ما سبق نقله عن الشیخ ، وأنّه وجّه الاستدلال به أنّ الترخّص للمرأة مستلزم لغیرها من المسافر والشاب للاشتراک فی العذر ، وأجاب العلاّمة بأنّ الروایة لا تدل علی المطلوب ؛ لاختصاصها بمن لا یتمکن من الانتباه والقضاء (2).

ولا یخفی أنّ المنقول عن الشیخ فیه أنّ القضاء أفضل (3) ، والروایة تدل علی ذلک مع زیادة خوف تضییع القضاء.

والجواب بما ذکره مع قوله بمنع التقدیم مطلقا ، لا وجه له ، نعم فی الروایة نوع تأمّل بالنسبة إلی ما عمّم الشیخ ، وله فی التهذیب کلام ذکرنا ما فیه فی حاشیته.

وأمّا الخامس : ففیه دلالة علی جواز التقدیم لکن لا یکون عادة ، واحتمال عود الإشارة فی قوله علیه السلام : « إنّی أکره » إلی آخره. إلی غیر ما ذکرناه لا وجه له ، وما تضمنه من قول زرارة محتمل لأن یکون من محمّد ابن مسلم ومن غیره ، ولا یخلو قوله من إجمال ؛ إذ مقتضاه أنّ زرارة ظنّ أنّ التقدیم قضاء ، أو أنّه أراد بالقضاء مطلق الفعل ، وعلی کل حال فالوجه فیه بعد ورود الأخبار بخلافه فی الجملة غیر ظاهر.

ص: 434


1- فی « د » و « رض » : الاحتجاج للشیخ.
2- المختلف 2 : 70.
3- کما فی المختلف 2 : 70 ، وهو فی النهایة : 61.

والسادس : کما تری واضح الدلالة لو صحّ السند ، وکذلک السابع.

وفی المقام أخبار أُخر وفیها دلالة علی تأکّد القضاء (1) ، وبعضها معدود من الصحیح ، وهو ما رواه أبان بن تغلب قال : خرجت مع أبی عبد الله علیه السلام فیما بین مکة والمدینة وکان یقول : « أمّا أنتم فشباب تؤخّرون ، وأمّا أنا فشیخ اعجّل » فکان یصلّی صلاة اللیل أوّل اللیل (2).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکرناه فی الخبر الأوّل من احتمال حمل التأخیر إلی النصف فی صلاة اللیل علی الأفضل یتأیّد بإطلاق بعض الأخبار السالفة فی الباب السابق أن التطوع بمنزلة الهدیة (3) ، ودلالة هذه الأخبار المبحوث عنها وغیرها أیضاً علی التقدیم فی الجملة غیر خفّیة.

وفی التهذیب روی الشیخ ، عن محمّد بن علی بن محبوب ، عن محمّد بن عیسی قال : کتبت إلیه أسأله : یا سیّدی روی عن جدّک أنّه قال : « لا بأس أن یصلّی الرجل صلاة اللیل فی أول اللیل » فکتب : « فی أیّ وقت صلّی فهو جائز إنشاء الله » (4).

وروی بطریق فیه جعفر بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بصلاة اللیل من أول اللیل ، إلاّ أنّ أفضل ذلک إذا انتصف اللیل » (5).

وفی هذین الخبرین من التأیید لما قلناه ما لا یخفی ، فلیتأمّل.

ص: 435


1- انظر الوسائل 4 : 255 أبواب المواقیت ب 45.
2- التهذیب 3 : 227 / 579 ، الوسائل 4 : 254 أبواب المواقیت ب 44 ح 18.
3- راجع ص 1373.
4- التهذیب 2 : 337 / 1393 ، الوسائل 4 : 253 أبواب المواقیت ب 44 ح 14.
5- التهذیب 2 : 337 / 1394 ، الوسائل 4 : 252 أبواب المواقیت ب 44 ح 9.

قوله (1) :

باب آخر وقت صلاة اللیل.

محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن الحجّال ، عن عبد الله بن الولید الکندی ، عن إسماعیل بن جابر أو عبد الله بن سنان قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی أقوم فی آخر اللیل وأخاف الصبح قال : « اقرأ الحمد واعجل اعجل ».

عنه ، عن الحسین بن محمّد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن القاسم بن برید العجلی ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن الرجل یقوم آخر اللیل وهو یخشی أن یفجأه الصبح أیبدأ بالوتر أو یصلی الصلاة علی وجهها حتّی یکون الوتر آخر ذلک؟ قال : « بل یبدأ بالوتر » وقال : « أنا کنت فاعلاً ذلک ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد ، عن إسماعیل بن جابر قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أُوتر بعد ما یطلع الفجر؟ قال : « لا » (2).

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقی ، عن المرزبان بن عمران ، عن عمر بن یزید قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أقوم وقد طلع الفجر فإنْ أنا بدأتُ بالفجر صلّیتها فی أول وقتها ، وإنْ بدأت بصلاة اللیل والوتر صلّیت الفجر فی وقت هؤلاء ، فقال :

آخر وقت صلاة اللیل

اشارة

ص: 436


1- فی « رض » : قال.
2- فی نسخة من الاستبصار 1 : 281 / 1021 : لا بأس.

« ابدأ بصلاة اللیل والوتر ولا تجعل ذلک عادة ».

عنه ، عن محمّد بن الحسین ، عن عمّار بن المبارک ، عن محمّد ابن عذافر ، عن إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أقوم وقد طلع الفجر ولم أُصلّ صلاة اللیل ، فقال : « صلّ صلاة اللیل وأوتر وصلّ رکعتی الفجر ».

فهذان الخبران وردا رخصة فی جواز تأخیر صلاة الغداة عن أوّل وقتها ؛ لأن ذلک یجوز عند الأعذار علی ما قدّمناه ، ومن جملة الأعذار قضاء صلاة اللیل ، إلاّ أنّ الأفضل ما قدّمناه.

والذی یدل علی هذه الرخصة أیضاً :

ما رواه الصفار ، عن یعقوب بن یزید ، عن عمرو بن عثمان ومحمّد بن عمر بن یزید ، عن محمّد بن عذافر ، عن عمر بن یزید ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن صلاة اللیل والوتر بعد طلوع الفجر ، فقال : « صلّها بعد الفجر حتی تکون فی وقت تصلّی الغداة فی آخر وقتها ، ولا تعمّد ذلک فی کلّ لیلة » وقال : « أوتر أیضاً بعد فراغک منها ».

السند :

فی الأول : فیه الحجّال ، وهو یقال لعبد الله بن محمّد الثقة ، وفی الخلاصة ما ظاهره الحصر فیه (1) ، وأظنّ وجوده لغیره إلاّ أنّ الإطلاق کأنّه ینصرف إلیه ، والراوی عن عبد الله : الحسن بن علی بن المغیرة فی

بحث حول الحجّال

ص: 437


1- الخلاصة : 105 / 18.

الرجال (1) ، ومرتبته مع محمّد بن الحسین الراوی عنه هنا قریبة ، أمّا عبد الله ابن الولید الکندی فهو مذکور مهملاً فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب البرقی ؛ وإسماعیل بن جابر مضی القول فیه (2).

والثانی : لا ارتیاب فی رجاله لما تقدّم (3) ، سوی القاسم بن برید ، وهو ثقة ؛ وبُرَیْد بالباء الموحّدة والراء المهملة ، والراوی عنه فی الرجال فضالة (4) ، فلا یتوهم اشتباه الأب.

والثالث : فیه إسماعیل بن جابر وقد مضی (5).

والرابع : فیه البرقی ، والظاهر أنّه محمّد ، وقد مضی القول فیه (6) ، واحتمال أحمد ممکن ؛ لأنّ مرتبتهما واحدة ، إلاّ أنّ روایة أحمد بن محمّد ابن عیسی عنه کأنّها بعیدة ؛ والمرزبان بن عمران غیر معلوم الحال بما یزید عن الإهمال ، والخبر المذکور فی الکشی (7) لا یفید فیه مدحاً کما یعلم من مراجعته.

والخامس (8) : فیه عمّار بن المبارک السابق (9) عن قریب.

والسادس (10) : فیه محمّد بن عمر بن یزید ، وتقدم أنه مهمل فی

عبد الله بن الولید الکندی مهمل

القاسم بن بُرید ثقة

تمییز البرقی

المرزبان بن عمران مهمل

محمد بن عمر بن یزید مهم

ص: 438


1- انظر رجال النجاشی : 226 / 595.
2- فی ص 701.
3- فی ص 942 ، 943 ، 1022.
4- انظر رجال النجاشی : 313 / 857.
5- فی ص 701.
6- فی ص 68.
7- رجال الکشی 2 : 794 / 970.
8- فی النسخ : الرابع ، والصواب ما أثبتناه.
9- فی ص 1375.
10- فی النسخ : الخامس ، والصواب ما أثبتناه.

الرجال (1).

المتن :

فی الأول : یحتمل أن یراد بالعجلة فیه عدم قراءة السورة ، ویحتمل إرادة قراءة الحمد من غیر ترسّل (2).

والثانی : ینبغی (3) أن یکون فی مقام المنافی ، لتضمّنه البدأة بالوتر وترک الصلاة لما تضمنه السؤال ، والجمع بالتخییر ممکن ، أو یقال : إنّ مفاد الأوُلی تقدیم الصلاة بالعجلة ، والثانیة تضمّن السؤال فیها الصلاة علی وجهها ، وإرادة الترسّل والسورة منها غیر مستبعدة وإنْ کان احتمال أن یراد بوجهها وقوع الوتر بعدها ، لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ الظاهر یؤیّد الاحتمال الأول.

وعلی هذا یرجح (4) فعل الوتر وحده علی الصلاة بالوجه المذکور ، ویبقی ترجیح الصلاة بالعجلة مسکوتاً عنه ، فیفهم من الاولی ، وفیه : أنه یرجع إلی التخییر ، ودعوی الرجحان غیر ظاهرة.

فإن قلت : قوله علیه السلام : « بل یبدأ بالوتر » یدلّ علی أنّ من ظنّ طلوع الصبح فی أثناء صلاته یبدأ بالوتر ، أمّا الدلالة علی الاکتفاء به لو طلع الصبح ، أو ضمیمة صلاة اللیل لو لم یطلع لانکشاف فساد الظنّ ، فهو غیر مدلول علیه بالروایة ، وحینئذ ما الحکم فیه؟.

بیان ما دلّ علی أنّ من یخاف الصبح یعجل فی صلاة اللیل والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّه یترکها

الجمع بین ما دلّ علی النهی عن صلاة اللیل بعد طلوع الفجر وما دلّ علی جوازها

ص: 439


1- فی ص 1319.
2- فی « رض » : ترتیل.
3- فی « فض » : والثانی کما تری ینبغی.
4- فی « رض » : یترجح.

قلت : الروایة لا یخلو من إجمال من جهة ما ذکرت ، ولا یبعد استفادة الاکتفاء بالوتر ، وقضاء صلاة اللیل بعد ذلک لو طلع الفجر أو إتمامها ، وعلی تقدیر عدم الطلوع یحتمل الاکتفاء به والإعادة ، وقد ذکر بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله أنّه : یدل علی الاقتصار فی فعل الوتر مخففاً من دون صلاة اللیل ، ثم القضاء إذا خاف عدم الإدراک ، بعضُ الأخبار (1) ، وکأنّه یرید هذا الخبر ، ودلالته کما تری مجملة.

وفی التهذیب روی الشیخ ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاویة بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « أما یرضی أحدکم أن یقوم قبل الصبح ویوتر ویصلّی رکعتی الفجر ویکتب له بصلاة اللیل » (2) وهذا الخبر مع صحته یدل علی الاکتفاء بالوتر مع رکعتی الفجر عن صلاة اللیل ، وما یقتضیه ظاهره من التناول للتعمد یدفعه ظواهر الأخبار غیره.

والثالث (3) : یدلّ علی النهی بعد ما یطلع الفجر ، واحتمال حمله علی اتخاذه عادة أو خروج وقت فضیلة الصبح ممکن ، والظاهر أنّ المراد بالفجر فیه الثانی ؛ للتبادر ودلالة بعض الأخبار علی أنه أحبّ أوقات الوتر الفجر الأول (4) ، ویحتمل أن یراد بالوتر فی الخبر فعله منفرداً ، أمّا لو کان بعد صلاة اللیل وطلع الفجر فالظاهر ممّا یأتی خلافه.

والرابع : ظاهر الدلالة علی جواز صلاة اللیل بعد الفجر لکن لا تکون عادة ، ولا یخفی أنّ فی السؤال دلالةً علی أنّ وقت الأسفار لأهل الخلاف ،

ص: 440


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 37.
2- التهذیب 2 : 337 / 1391 ، الوسائل 4 : 258 أبواب المواقیت ب 46 ح 3.
3- فی « فض » زیادة : کما تری.
4- التهذیب 2 : 339 / 1401 ، الوسائل 4 : 272 أبواب المواقیت ب 54 ح 4.

کما هو معلوم من مذهب الحنفی (1) ، فیحتمل التقیة فیما دلّ علی ذلک.

والخامس : واضح الدلالة علی مدلول الرابع ، وزیادة أنّ رکعتی الفجر لا یخرج وقتها بطلوع الفجر إلی مقدار صلاة اللیل والوتر ، وستسمع الکلام (2) فی ذلک ، واحتمال الاختصاص بمن صلّی صلاة اللیل بعید ، ولا أظن به قائلاً ، لکن الخبر لا یخفی حاله ، وعلی الشیخ یتوجه الإشکال لما یأتی إن شاء الله.

وما قاله الشیخ : من الحمل علی ذوی الأعذار وأنّ من جملتها قضاء صلاة اللیل ، محلّ تأمّل :

أمّا أوّلاً : فلأنّ الأعذار المنقولة عنه فی غیر الصبح لیس فیها هذا ، واختصاص الصبح غیر ظاهر إلاّ من الروایة ، واحتمال کون وقت الفضیلة فی الصبح لمن فعل صلاة اللیل بعدها ممکن ، إلاّ أن یقال : إنّ حمل الوقتین علی الاختیار والاضطرار یقتضی ما قاله الشیخ ، وفیه : أنّ وقت الاختیار لا مانع من کون الفضیلة فیه متفاوتاً.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ فعل صلاة اللیل قضاءً غیر معلوم من الروایة ، بل ربما کان فعل رکعتی الفجر قرینة الأداء ، فلیتأمّل.

والسادس : المستدل به لا یدل علی آخر الوقت للمعذور ، بل فیه احتمال إرادة آخر وقت الفضیلة ، والنهی عن التعمد لأنّ الفعل فی الوقت الأفضل أولی. وقوله : « وأوتر » بعدها ، لا ینفی فعل رکعتی الفجر صریحاً فلا ینافی الخبر الخامس.

ص: 441


1- انظر الأشباه والنظائر : 171.
2- فی « فض » و « رض » : القول.

قوله (1) :

باب من صلّی أربع رکعات من صلاة اللیل فطلع علیه الفجر.

الحسین (2) بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد بن یحیی (3) ، عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن إسماعیل ، عن علی بن الحکم ، عن أبی الفضل النحوی ، عن أبی جعفر الأحول محمّد بن النعمان قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا صلّیت أنت (4) أربع رکعات من صلاة اللیل قبل طلوع الفجر فأتمّ الصلاة طلع (5) أو لم یطلع ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن یعقوب البزّاز قال : قلت له : أقوم قبل الفجر بقلیل فأُصلّی أربع رکعات ثم أتخوف أن ینفجر الفجر أبدأ بالوتر أو أُتمّ الرکعات؟ قال : « لا بل أوتر وأخّر الرکعات حتی تقضیها فی صدر النهار ».

فالوجه فی هذه الروایة أن نحملها علی الفضل ؛ لأنّ الفضل أن یصلّی الفریضة فی أول الوقت ، والروایة الاولی رخصة علی ما بیّناه قبل هذا.

من صلّی أربع رکعات من صلاة اللیل فطلع علیه الفجر

اشارة

ص: 442


1- فی « رض » : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 282 / 1025 : أخبرنی الحسین.
3- فی الاستبصار 1 : 282 / 1025 : عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن یحیی.
4- فی الاستبصار 1 : 282 / 1025 : إذا أنت صلیت.
5- فی نسخة من الإستبصار 1 : 282 / 1025 زیادة : الفجر.

السند :

فی الأوّل : فیه أبو الفضل النحوی ولم أقف علیه فی الرجال ؛ وعلی ابن الحکم هنا هو ابن الزبیر مولی النخع ؛ لأنّ الراوی عنه محمّد بن إسماعیل ، وقد قدّمنا (1) احتمال الاتحاد مع الثقة ، لأنّ النخعی لم یوثّق ، وعلی بن الحکم الکوفی وثّقه النجاشی (2) ، والراوی عنه أحمد بن محمّد ابن عیسی ، والعلاّمة ذکر الأنباری (3) ، واحتمال الاتحاد ربما یوجّه بما أسلفناه (4).

والحاصل أنّ عدم ذکر النجاشی للأنباری قد یدل علی أنّه النخعی ، والعلاّمة لم یذکر النخعی ، والنجاشی ذکر فی ترجمة أبی شعیب المحاملی أنه مولی علیّ بن الحکم بن الزبیر الأنباری (5) ، والحال أنّه لم یذکره ، فیبعد ترکه مع ذکره فی أبی شعیب ، غیر أنّ باب الاحتمال واسع.

فإن قلت : محمّد بن إسماعیل المذکور فی الروایة والراوی عن علی ابن الحکم واحد ، لکن تعیّنه غیر معلوم.

قلت : الظاهر أنّه ابن بزیع ؛ لأنّ محمّد بن أحمد بن یحیی فی مرتبة من یروی عنه ، وإن کان احتمال غیره فی حیّز الإمکان.

والثانی : فیه محمّد بن سنان ، وقد تکرّر القول فیه (6) ، ویعقوب

أبو الفضل النحوی غیر مذکور فی الرجال

بحث حول علی بن الحکم

ص: 443


1- فی ص 180.
2- کذا فی النسخ ، والظاهر أن الصحیح : وثّقه الشیخ ، لأن علی بن الحکم الکوفی غیر مذکور فی رجال النجاشی ، وإنّما وثّقه الشیخ فی الفهرست : 87 / 366.
3- خلاصة العلاّمة : 98 / 33.
4- فی ص 180.
5- رجال النجاشی : 456 / 1240.
6- فی ص 85.

البزّاز الظاهر أنّه یعقوب الأحمر المذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ ، لأنّ الشیخ قال : روی عنه ابن مسکان (1) ، ویعقوب الأحمر الظاهر أنه ابن سالم الأحمر المذکور فی رجال الصادق علیه السلام ، وهما مهملان فی کتاب الشیخ (2) ، إلاّ أنّ النجاشی وثّق ابن سالم الأحمر علی ما نقله ابن طاوس فی کتابه ، وتبعه العلاّمة فی الخلاصة علی ما أظن (3).

وقد ذکر العلاّمة (4) والنجاشی فی المنقول أنّه : أخو أسباط بن سالم (5) ، والشیخ ذکر فی رجال الصادق علیه السلام یعقوب بن سالم أخا أسباط أیضا (6) ، لکن الشیخ له نظائر فی الکتاب فیذکر الاسم متعدّداً بمجرد الاختلاف فی الوصف.

ثم إنّ ابن مسکان الراوی فیه اشتراک بین الحسن (7) بن مسکان ومحمّد بن مسکان وعبد الله الثقة ، واحتمال تبادر عبد الله قد قدّمناه (8) ، وفی هذا المقام هو عبد الله ؛ لروایة محمّد بن سنان ، وأثر هذا هیّن هنا ، وإنّما ذکرناه لبیان الواقع.

المتن :

فی الأول (9) : ظاهر الدلالة علی أنّ من صلّی أربع رکعات من صلاة

بحث حول یعقوب البزّاز

تمییز ابن مسکان

ص: 444


1- رجال الطوسی : 337 / 66.
2- رجال الطوسی : 336 / 54.
3- خلاصة العلاّمة : 186 / 2.
4- خلاصة العلاّمة : 186.
5- رجال النجاشی : 449 / 1212.
6- رجال الطوسی : 337 / 65.
7- فی « د » : الحسین.
8- فی ص 121.
9- فی « فض » زیادة : کما تری ، وهی مشطوبة فی « د ».

اللیل وطلع الفجر یتمّ ، والإتمام محتمل لصلاة اللیل وحدها أو هی مع الوتر ، ولا یبعد إرادة الثانی ، لإطلاق صلاة اللیل علی المجموع ، وتقیّدها فی بعض الأخبار بالثمان لذکر الوتر بسبب الخصوصیات.

والظاهر من الأربع الإتمام ؛ وفی تحقّقه بالتسلیم ، أو بالسجدة الأخیرة من الرکعة الثانیة من الرابعة ، تامّة أو بمجرّد السجدة وإن لم یرفع ، احتمالات (1) ، لکن المصرّح به فی کلام جدّی قدس سره فی مسائل الشک : أنّ إتمام الرکعة یتحقّق بالسجدة الأخیرة وإن لم یرفع منها (2).

ولا یخفی أنّ مدلول الخبر إذا صلّی أربع رکعات ، أمّا لو انتبه وظنّ أنّ الوقت لا یسع إلاّ الأربع هل له أن یصلّیها لیزاحم بها الصبح أم لا؟ فالذی یقتضیه ظاهر ما دلّ علی الجواز بعد الفجر بجمیع الصلاة ولا تکون عادةً ، یدل علی أنّ مثل هذه الصورة بطریق أولی ، ( بل یستفاد الحکم المذکور فی الروایة من ذلک الظاهر ) (3) علی تقدیر عدم العمل بهذا الخبر ، واللازم (4) من هذا التقیید بعدم الاعتیاد.

وما أشرنا إلیه فی مفهوم الموافقة فی هذا الکتاب من الإشکال یقتضی التوقف فی مثل هذا الاستدلال ؛ لاحتمال اختصاص [ الحکم بالانتباه (5) ] بعد الصبح دون غیره ، إلاّ أنّه یحصل الاستیناس فی المقام بالخبر ، علی أنّ بعض الأخبار الدالة علی سعة وقت النافلة (6) یؤیّد الحکم فی الجملة.

بیان ما دل علی أنّ من صلّی من صلاة اللیل أربع رکعات فطلع الفجر أتمّها ، والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّه یقضیها فی صدر النهار

ص: 445


1- فی « رض » : وإن لم یرفع رأسه ، احتمالات کثیرة.
2- المسالک 1 : 41 ، روض الجنان : 351.
3- بدل ما بین القوسین فی « فض » : بل یستفاد الحکم فی الروایة ذلک علی الظاهر.
4- فی « رض » : اللازم.
5- فی النسخ : حکم الانتباه ، والصحیح ما أثبتناه.
6- انظر الوسائل 4 : 226 أبواب المواقیت ب 35.

والثانی : واضح الدلالة علی البدأة بالوتر وتأخیر الرکعات حتی یقضیها فی صدر النهار ، وهذا لا یدل علی ما نقلناه عن بعض الأصحاب ، لأنّه قال : فَعَل الوتر مخفّفاً (1) ، والخبر لا یتضمن ذلک.

ولا یخفی أنّ هذا لا ینافی ما قدّمناه من احتمال الاجتزاء بالوتر علی تقدیر الابتداء به فی خبر محمد بن مسلم فی الباب السابق (2) ، لأنّ هذا الخبر مورده فعل الوتر بعد أن صلّی أربعاً بخلاف ذلک ، ولا یظن الأولویة بعد وجود الخبر هذا علی تقدیر العمل به.

وما یقال : من أنّ أخبار السنن تتسامح فیها ؛ لحدیث : « من بلغه شی ء من الثواب علی عمل » الحدیث (3). ففی نظری القاصر أنّ الظاهر من الخبر هو أن یبلغ الإنسان شی ء من الثواب علی عمل ، لا نفس العمل الذی فیه الثواب لیدخل المستحب ، حیث إنّ من لوازمه الثواب ، فإنّ هذا وإن احتمل ، إلاّ أنّ ما قلناه قد یدّعی ظهوره ، وینبّه علیه أنّهم لم یستدلوا به فی الواجب ، إذا ثبت بخبر ضعیف ، مع أنّ الثواب فیه حاصل.

ولو قیل : إنّ ثواب الواجب مقرون بکونه واجباً ، فإذا لم یثبت لا یکون واجباً فلا ثواب.

قلت : فکذا المستحب.

واحتمال أن یقال : إنّ فعل الواجب بقصد مطلق الثواب للخبر الضعیف لا مانع منه.

فیه : أنّ فعل المستحب إن کان لمطلق الثواب لا ثواب المستحب ،

ص: 446


1- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 37.
2- راجع ص 1385.
3- ثواب الأعمال : 162 ، الوسائل 1 : 80 أبواب مقدمة العبادات ب 18 ح 1.

فالواجب ما ذکر فیه مسلّم ، لکن ظاهر کلام الأصحاب القائلین بالخبر خلاف هذا.

ولو قیل : إنّه تسامح (1) فی إطلاق المستحب.

أمکن الجواب بأنّ هذا نوع آخر من الأحکام ، والمقصود بیان حکم المستحب منها.

ولو قیل : إنّ ثواب المستحب یتحقق بأیّ وجه کان ، فلا مانع من إطلاق المستحب.

أمکن أن یقال : إنّ الواجب حینئذ إذا کان خبره ضعیفاً وعملنا به لمطلق الثواب کان مستحباً ، ولا أعلم القائل به (2) فی الواجب مطلقا ، والخبر یتناوله علی تقدیر ما قاله القائل به ، أمّا علی تقدیر ما قلناه فالفرق منتفٍ ؛ لأنّ من بلغه الثواب فی واجب أو غیره فعمله بقصد ذلک الثواب حصل له.

وما قد یقال (3) : من أنّ فی خبر : « من بلغه » دلالةً علی جواز قصد الثواب فی الفعل.

له وجه ، إلاّ أنّ الظاهر کون محل الخلاف القصد فی أوّل العبادة ، وقد یمکن تمشّی الحکم لما قبلها ، إلاّ أنّ تأثیره فی بطلان العبادة إذا وقع قبلها غیر ظاهر الوجه ، والمنقول بطلان العبادة بقصد الثواب ، وهذا البحث بالعارض لتعلّقه بما نحن فیه.

إذا عرفت هذا فما ذکره الشیخ فی الروایة المبحوث عنها من الحمل علی الفضل والروایة الاولی علی الرخصة. فیه : أنّ المتقدم منه جواز

ص: 447


1- فی « رض » : یتسامح.
2- فی « فض » : بالخبر.
3- فی « فض » و « رض » : وما یقال.

التأخیر لذوی الأعذار ، ومن جملة الأعذار : قضاء صلاة اللیل ، وحینئذ یکون وقته وقت المعذور ، وحمل هذا الخبر علی الفضل ینافی ذلک ، لأنّ وقت المعذور بالنسبة إلیه فیه الفضل فلا وجه للجمع حینئذ.

ویمکن أن یقال : إنّ العذر مرجعه إلی الشارع ، فلمّا ورد منه التأخیر إلی الوقت الثانی فی الصبح وفعل صلاة اللیل حکمنا بکونه عذراً ، بخلاف هذه الصورة ؛ إذ قد حکم الشارع بالتأخیر لبقیّة النافلة ، فلا یکون عذراً ، ولا یخفی علیک أنّ عبارة الشیخ لا یساعد علی هذا إلاّ بتکلّف ، ولعلّ الحمل علی التخییر ممکن بتقدیر العمل بالأخبار ، فلیتأمّل.

قوله :

باب وقت رکعتی الفجر.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد ابن یعقوب ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن زرارة قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : الرکعتان اللتان قبل الغداة أین موضعهما؟ قال : « قبل طلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة ».

عنه ، عن علیّ بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن علیّ بن مهزیار قال : قرأت فی کتاب رجل إلی أبی جعفر علیه السلام : الرکعتان اللتان قبل صلاة الفجر من صلاة اللیل هی أم من صلاة النهار ، وفی أیّ وقت أُصلّیهما؟ فکتب بخطّه : « احشوهما فی صلاة اللیل حشواً ».

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر

وقت رکعتی الفجر

اشارة

ص: 448

قال سألت الرضا علیه السلام عن رکعتی الفجر ، فقال : « احشوا بهما (1) صلاة اللیل ».

الحسین بن سعید ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت : رکعتا الفجر من صلاة اللیل هی؟ قال : « نعم ».

وعنه ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن رکعتی الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : « قبل الفجر ، إنّهما من صلاة اللیل ، ثلاث عشرة رکعة صلاة اللیل ، أترید أن تقایس؟ لو کان علیک من شهر رمضان أکنت تطوّع (2)؟ إذا دخل علیک وقت الفریضة فابدأ بالفریضة ».

عنه ، عن النضر ، عن هشام ، عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرکعتین قبل الفجر؟ قال : « ترکعهما حین تنّور الغداة إنّهما قبل الغداة ».

وعنه ، عن حمّاد بن عیسی ، عن مخلد بن حمزة بن بیض ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن أول وقت رکعتی الفجر فقال : « سدس اللیل الباقی ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر قال : قلت لأبی الحسن علیه السلام : رکعتی الفجر أُصلّیهما قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قال (3) أبو جعفر علیه السلام : « احش بهما (4) صلاة اللیل وصلّهما

ص: 449


1- فی « فض » احش بهما.
2- فی الاستبصار 1 : 283 / 1031 : تتطوع.
3- فی الاستبصار 1 : 283 / 1034 : قال : فقال.
4- فی الاستبصار 1 : 283 / 1034 : احشوا بهما.

قبل الفجر ».

السند :

فی الأوّل لا ارتیاب فیه ، وهو حسن.

والثانی : فیه سهل بن زیاد ، وقد تکرّر (1) ، وعلیّ بن محمّد هو علاّن الکلینی الثقة ، والضمیر فی « عنه » لمحمّد بن یعقوب.

والثالث : لا ارتیاب فی صحته بعد ما قدّمناه (2).

والرابع : فیه زرعة ، وهو واقفی ثقة ؛ والحسن هو ابن سعید ، وأبو بصیر تکرر القول فیه (3) کابن مسکان (4).

والخامس : فیه النضر وقد مضی (5) أنه ابن سوید ؛ وهشام بن سالم لا ارتیاب فیه کما یعلم من کتاب شیخنا أیّده الله فی الرجال (6).

والسادس : هشام فیه ابن سالم کما لا یخفی ، وسلیمان بن خالد تقدّم فیه القول مفصّلاً (7).

والسابع : فیه مخلد ، وفی التهذیب : محمّد بن أبی حمزة بن بیض (8) ، وعلی کل حال فهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف علیهما فی الرجال.

زرعة واقفی ثقة

إشارة إلی حال هشام بن سالم

مخلد بن حمزة بن بیض مجهول الحال

ص: 450


1- راجع ص 95.
2- فی ص 130.
3- راجع ص 51.
4- راجع ص 121.
5- فی ص 138.
6- منهج المقال : 366.
7- فی ص 274.
8- التهذیب 2 : 133 / 515.

والثامن : لا ارتیاب فی صحته.

المتن :

لا بدّ قبل الکلام فیه من ذکر الأقوال المنقولة فی المقام ، فعن السیّد المرتضی رضی الله عنه : أنّ وقت رکعتی الفجر عند طلوع الفجر الأوّل (1).

وعن الشیخ فی النهایة : أنّه عند الفراغ من صلاة اللیل ، وإن کان قبل طلوع الفجر (2). وهو اختیار ابن البراج (3).

وعن الشیخ فی المبسوط : أنّه بعد الفراغ من صلاة اللیل بعد أن یکون طلع الفجر الأول (4).

وعن ابن الجنید : أنّ الوقت لصلاة اللیل والوتر والرکعتین من حین انتصاف اللیل علی الترتیب إلی طلوع الفجر الأول ، ولا یستحب صلاة الرکعتین قبل سدس اللیل من آخره (5).

إذا عرفت هذا فالمنقول فی المختلف عن الشیخ الاستدلال [ بالخامس والثامن (6) (7) ] وغیر خفی أنّ مفاد [ الخامس (8) ] کونهما من صلاة اللیل وعدم جواز فعل الرکعتین بعد دخول وقت الفریضة ، فإن کان احتجاج الشیخ لقوله فی النهایة فهو دالّ علیه ، ویفید استدلاله امتداد وقتهما بعد الفجر

الأقوال فی وقت رکعتی الفجر

ص: 451


1- نقله عنه فی المختلف 2 : 56.
2- النهایة : 61.
3- المهذب 1 : 70.
4- المبسوط 1 : 76.
5- حکاه عنه فی المختلف 2 : 57.
6- فی النسخ : بالسادس والثالث ، والظاهر ما أثبتناه کما فی المختلف.
7- المختلف 2 : 57.
8- فی النسخ : السادس ، والظاهر ما أثبتناه.

الأوّل إلی الثانی ، ویکون قوله : وإن کان قبل طلوع الفجر. یرید به الأوّل ، ویحتمل الثانی ، وحینئذ قوله فی المبسوط مخالف باعتبار تقیّده بطلوع الأوّل.

[ والثامن (1) ] : مطلق فی کونهما من صلاة اللیل ، ومن جملة أحکام صلاة اللیل جواز فعلها بعد طلوع الفجر الثانی فی الجملة ، إلاّ أن یقیّد الخبر [ بالخامس (2) ] ویخصّ جواز فعل صلاة اللیل بغیر الرکعتین ، والحال أنّه تقدم من الأخبار ما یدل علی فعل الرکعتین بعد الفجر (3) ، فالاحتجاج لا یخلو من إجمال ، کما فی المنقول من قوله ، وستسمع کلامه فی هذا الکتاب ، وینقل أنّ المشهور امتدادهما إلی طلوع الحمرة ، وسیأتی ما قد یظنّ منه الاستدلال للمشهور.

ثم إنّ الخبر الأول : کما تری ظاهر فی أنّ فعلهما قبل الفجر الثانی لقوله : « فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة ».

والثانی : صورته فی النسخ التی وقفت علیها کما نقلته (4) ، وفی التهذیب : « احشهما (5) فی صلاة اللیل حشواً » (6) وکأنّ ما هنا تصحیف ، ودلالته ظاهرة علی إدخالهما فی صلاة اللیل ، وربما یلزم من ذلک أنّ أحکام صلاة اللیل لازمة لهما ، وقد تقدم [ أنّ (7) ] من جملة أحکامها جواز الفعل بعد الفجر ، إلاّ أن یقال (8) ما سبق من التخصیص ، وفیه ما فیه ؛

بیان ما دلّ علی أنّ وقت رکعتی الفجر قبل طلوعه وأنّهما من صلاة اللیل

ص: 452


1- فی النسخ : والثالث ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی النسخ : بالسادس ، والظاهر ما أثبتناه.
3- راجع ص 437.
4- فی ص 448.
5- فی « رض » والتهذیب : احشوهما.
6- التهذیب 2 : 132 / 510 ، الوسائل 4 : 265 أبواب المواقیت ب 50 ح 8.
7- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة العبارة.
8- فی « رض » زیادة : بعد.

لجواز الحمل علی أفضلیة الفعل قبل الفجر وإن جاز بعده ، لدلالة المفصّل من الأخبار الآتیة.

والثالث : کالثانی ، وقد تقدّم بعض القول فیه فی استدلال الشیخ المنقول (1).

والرابع : کالثالث والثانی ، إلاّ أنّ دلالته لیست کدلالتهما ، من حیث إنّ فی الأمر بالحشو مبالغةً غیر خفیّة.

والخامس : فیه بعد ما قدّمناه (2) أنّ قوله علیه السلام : « أترید أن تقایس » لا یخلو من نوع إجمال.

وقد ذکر بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله أنّ قوله : « تقایس » بالبناء للمفعول ، أی [ أترید أن (3) ] یُستدلّ لک بالقیاس؟ ویجوز قراءته بالبناء للفاعل ، أی ترید أن تستدل أنت بالقیاس؟ قال : ولعلّه علیه السلام لمّا علم أنّ زرارة کثیراً ما یبحث مع المخالفین أراد أن یعلّمه طریق إلزامهم ، أو الغرض (4) تنبیه زرارة علی اتحاد حکم المسألتین وتمثیل مسألة لم یکن یعرفها بمسألة هو عالم بها ، ومثل ذلک قد یسمّی مقایسة (5). انتهی ملخّصاً.

وفی نظری القاصر أنّ الاحتمال الثانی لا وجه له ؛ لأنّه سلّمه الله ذکر فی الکتاب خبراً معدوداً من الصحیح عن زرارة ، ومتنه : قلت لأبی جعفر علیه السلام : أُصلّی نافلةً وعلیّ فریضة أو فی وقت فریضة؟ قال : « لا ،

ص: 453


1- فی ص 1397.
2- فی ص 1397.
3- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
4- فی النسخ : والغرض ، وما أثبتناه من المصدر.
5- البهائی فی الحبل المتین : 148.

إنه لا یصلّی نافلة فی وقت فریضة ، أرأیت : لو کان علیک من شهر رمضان أکان لک أنْ تتطوّع حتی تقضیه؟ » قال : قلت : لا ، قال : « فکذلک الصلاة » قال : فقایسنی وما کان یقایسنی (1). وهذا الخبر کالصریح فی الاحتمال الأول إلاّ أن یحمل قوله : قایسنی ، علی تعلیم القیاس. وفیه : أنه خلاف الظاهر.

ولا یخفی أنّ الظاهر فی المقام عدم الجامع ؛ فإنّ قیاس القضاء علی الأداء لیس فیه إلزام المخالف ، إلاّ أن یکون فی مذهبهم نحو هذا ، وربما یقال : إنّ وجه القیاس اتساع وقت قضاء الصوم ، فکلّ (2) الزمان ، وقت ، ولمّا کان وقتاً لم یجز التطوع فکذلک الصلاة ، وإن اختلف الوقت فی السعة والضیق.

علی أنّه یمکن ادعاء أنّ المراد بقوله فی الخبر المبحوث عنه : « لو کان علیک » الأداء ، والتعبیر بهذا عن الأداء لا بعد فیه ، ولا ریب أنّ فی وقت الأداء لا یقع التطوع بالصوم ، بخلاف القضاء ؛ فإنّ السیّد المرتضی قائل بجوازه (3) ، والعلاّمة فی بعض کتبه (4) ، وحینئذ لا بدّ للقائل بالجواز العامل بالأخبار من هذا التأویل ، والخبر الذی نقلناه الدال علی القیاس وإن تضمن القضاء إلاّ أنّ استعماله فی الإتیان بالفعل شائع فی الأخبار ، وقد ذکرنا وجهاً آخر فی الخبر فی حاشیة التهذیب لتوجیه القیاس ، إلاّ أنّه متکلّف.

إذا عرفت هذا فالخبر المبحوث عنه له ظهور فی منع الفعل بعد طلوع الفجر الثانی ، بل وعلی عدم فعل صلاة اللیل کذلک سواء اتخذه عادةً أم لا ، تلبّس بأربع أم لا ، سیّما والأدلة علی منع صوم النافلة لمن علیه صوم

ص: 454


1- حبل المتین : 150.
2- فی « فض » : وکل.
3- رسائل الشریف المرتضی 2 : 365.
4- القواعد 1 : 68.

شهر رمضان قویّة ، کما ذکرناه فی معاهد التنبیه علی کتاب من لا یحضره الفقیه ؛ لکن بتقدیر التأویل فی الخبر یزید الإشکال ؛ لأنّ صوم التطوع فی شهر رمضان مقطوع بنفیه ، فالتشبیه به یقتضی المنع من فعل النافلة فی وقت الفریضة ، والحال أنّ معتبر الأخبار قد دلّ علی الجواز فی الجملة (1).

ومن هنا یمکن أن یقال بتعیّن الوجه الآخر فی قوله علیه السلام : « أترید أن تقایس؟ » لأنّ إلزام أهل الخلاف ممکن بالوجه المذکور سیّما علی ما احتملناه ، واللازم من التوجیه أن یحمل الأمر فیه بترک النافلة خوفاً من أهل الخلاف ، وربما یتوجه أن یقال : إنّه بالبناء للمفعول والمقایس له أهل الخلاف ، والمعنی : ترید فعل النافلة عندهم حتی یقع منهم القیاس الملزم لک فی مذهبهم؟.

وقوله فی الخبر الآخر : فقایسنی ، إلی آخره. یراد به أنه علّمنی قیاسهم ، وفی الظن أنّ هذا لا بدّ منه فی توجیه الحدیث ، وعلیه فلا یعارض ما دلّ علی جواز فعل صلاة اللیل ورکعتی الفجر بعده کما سیأتی (2).

وما یدلّ علیه کلام الشیخ الآتی (3) من أنّ أکثر العامّة قائلون بجواز فعل الرکعتین بعد الفجر ، ربما یجاب عنه بأنّه قال : إنّ نفراً یسیراً منهم وافقنا فلعلّ التقیّة له ، إلاّ أنّ ما یأتی من الخبر الدال علی التقیة ینافیه ، ولعل عدم صحّته یسهّل الخطب وإن کان فی البین کلام.

والسادس : وإن کان ظاهره المنافاة لما قبله وکان حقّه أن یذکر فی المنافی ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الشیخ فهم من قوله : « ترکعهما » الإنکار

ص: 455


1- انظر الوسائل 4 : 226 أبواب المواقیت ب 35.
2- فی ص 1403.
3- فی ص 1404.

علی فعلهما حین التنویر بقرینة قوله : « إنّهما قبل الغداة » وهذا وإنْ احتمل إلاّ أنّ احتمال أنْ یراد الإخبار عن فعلهما حین التنویر وهو وقت الغداة ، وقوله : « إنّهما » علّة للجواز ، کأنّه قال : وقتهما قبل الغداة ، وإذا کان وقتهما ممتدّاً للتنویر فهما قبلهما. ولا یخفی أنّ وجود المعارض کما سیأتی یقتضی هذا الحمل ولو ظنّ بعده ، أمّا علی تقدیر العمل بما دلّ علی المنع یتعیّن الأوّل ، لکن الشیخ لا یمنع علی الإطلاق کما نذکره إن شاء الله.

وأمّا السابع : فهو فی حیّز الإجمال ؛ لأنّ السؤال عن أوّل الوقت إن أُرید به أوّل وقت الفضل فالجواب بأنّ الأوّل السدس الباقی یقتضی أنّ من أول السدس إلی آخره وقت فضیلة الرکعتین ، والحال أنّ الشیخ قد روی فیما یأتی ما یدلّ علی رجحان الفعل بعد الفجر ، إلاّ أن یحمل الآتی علی التقیّة ، ولا یخفی أنّه یبقی ما دلّ علی أنّه یحشو بهما صلاة اللیل مخالفاً لهذا الخبر ، إلاّ أن یخصّ هذا بغیر من صلّی صلاة اللیل أو یقیّد به ، وفیه ما فیه.

وفی بعض الأخبار ما یدل علی أنّ أحبّ ساعات الوتر الفجر الأوّل (1) ، وفی بعضها : أنّ فی اللیل ساعةً یستجاب فیها الدعاء ، وهی : إذا مضی النصف إلی الثلث الباقی (2). ویمکن توجیه الجمع بأنّ استجابة الدعاء لا یختص بالوتر ، بل یجوز أن یکون وقت الوتر أفضل من حیثیّة أُخری.

وما ذکره بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : من أنّ المراد أنّ الساعة ما بین النصف الأول والثلث الأخیر وهی السدس الرابع ؛ لتضمن صحیحة أُخری لراوی المذکورة (3) أنّ الساعة إذا مضی نصف اللیل فی

ص: 456


1- انظر الوسائل 4 : 272 أبواب المواقیت ب 54 ح 4.
2- انظر الوسائل 7 : 69 أبواب الدعاء ب 26.
3- وهو عمر بن یزید.

السدس الأول من النصف الثانی (1). لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّه قد ذکر روایة بعد الروایة الاولی : أنّ أحبّ ساعات الوتر إلیه علیه السلام الفجر الأول ، وأفضل ساعات اللیل الثلث الباقی ، وغیر خفیّ أنّ هذه الروایة تنافی التوجیه المذکور ومحتاجة إلی ( وجه بیان ) (2) کون الوتر لیس فی الساعة المذکورة.

ویحتمل أنْ یقال : إنّ « الی » بمعنی « مع » وقوله : الباقی ، خبر مبتداءٍ محذوفٍ أی هی الباقی ، والمعنی : إذا مضی النصف مع الثلث فالساعة الباقی ، إلاّ أنّ الخبر المذکور فی التأیید لا یوافق هذا إلاّ بتکلّف إرادة السدس الأول إذا بدئ بالآخر (3) ، وفیه ما لا یخفی ، مضافاً إلی خبر آخر غیر سلیم الإسناد صریح فی نفیه ، إلاّ أنّ ضرورة الجمع بین الخبر المبحوث عنه ربما یقتضی التکلّف ، والحقّ أنّ الخبر لا حاجة إلی التزام الجمع المذکور فیه ؛ لاحتمال أن یکون وقت الوتر غیر الوقت المذکور فی الأخبار الأُخر ، أو یقال : إنّ الخبر المبحوث عنه یراد بالسدس الباقی فیه : بعد خروج النصف ، وفیه ما فیه.

وعلی کل حال فالأخبار فی وقت الوتر مختلفة ، ولا مانع من اختلاف وقت الفضیلة ، هذا.

وإن أراد السائل أوّل وقت الإجزاء أشکل بأنّ ما دلّ علی الفراغ من صلاة اللیل یدل علی الإجزاء بعده ، إلاّ أن یحمل علی أنه لا یجزئ إلاّ فی السدس ، وفیه : أنّه غیر معلوم القائل به.

وأمّا الثامن : فهو ظاهر الدلالة علی فعلهما قبل الفجر لکن الفجر

ص: 457


1- البهائی فی الحبل المتین : 148.
2- کذا فی النسخ ، والأنسب : بیان وجه.
3- فی « رض » : الأخیر.

محتمل للأول والثانی ، وربما یدّعی تبادر الثانی ، مضافاً إلی ما دل علی المنع بعد الفجر ، وقد یخصّ بما إذا صلّی الرکعتین منفردتین أو مع صلاة اللیل ویقیّد بغیر ما یصیر عادة ، فلیتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « صلّ رکعتی الفجر قبل الفجر وبعده وعنده ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن ابن أبی یعفور. ومحمّد بن أبی عمیر ، عن محمّد بن حمران ، عن ابن أبی یعفور قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رکعتی الفجر متی أصلّیهما؟ فقال : « قبل الفجر ومعه وبعده ».

وعنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « صلّهما مع الفجر وقبله وبعده ».

ابن مسکان ، عن یعقوب بن سالم البزّاز قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « صلّهما بعد الفجر واقرأ فیهما فی الاولی (1) : قل یا أیّها الکافرون ، وفی الثانیة : قل هو الله أحد ».

( ابن مسکان ) (2) ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن محمّد ابن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رکعتی الفجر ، فقال : « صلّهما قبل الفجر ومع الفجر وبعد الفجر ».

ص: 458


1- فی الاستبصار 1 : 284 / 1038 : الأول.
2- فی الاستبصار 1 : 284 / 1039 بدل ما بین القوسین : عنه.

عنه ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « صلّهما بعد ما یطلع الفجر ».

فالوجه فی هذه الأخبار أحد شیئین : أحدهما : أن یکون ذلک رخصة لمن یصلّیهما فی أول ما یبدأ الفجر استظهاراً لیتبیّن وقت الفریضة علی الیقین.

یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن إسحاق بن عمار ، عمن أخبره ، عنه علیه السلام قال : « صلّ رکعتین (1) ما بینک وبین أن یکون الضوء بحذاء رأسک ، فإذا کان بعد ذلک فابدأ بالفجر ».

وعنه (2) ، عن القاسم بن محمّد ، عن الحسین بن أبی العلاء قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یقوم وقد نوّر بالغداة ، قال : « فلیصلّ السجدتین اللتین قبل الغداة ثم لیصلّ الغداة ».

والوجه الآخر أن تکون محمولة علی ضرب من التقیة ؛ لأنّ ذلک مذهب أکثر العامة ولیس یوافقنا علیه إلاّ نفر یسیر ، والذی یدلّ علی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن علیّ بن الحکم ، عن علیّ ابن أبی حمزة ، عن أبی بصیر قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : متی أُصلّی رکعتی الفجر؟ قال : فقال لی : « بعد طلوع الفجر » قلت له : إنّ أبا جعفر علیه السلام أمرنی أن أُصلّیهما قبل طلوع الفجر ، فقال : « یا أبا

ص: 459


1- فی الاستبصار 1 : 284 / 1041 : الرکعتین.
2- فی الاستبصار 1 : 285 / 1042 : عنه.

محمّد! إنّ الشیعة أتوا أبی مسترشدین فأفتاهم بمُرّ الحق ، وأتونی شکّاکاً فأفتیتهم بالتقیة ».

فأمّا ما رواه ابن ابی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « ربما صلّیتهما وعلیّ لیل فإن قمت ولم یطلع الفجر أعدتهما ».

وما رواه صفوان ، عن ابن بکیر ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « إنّی لأُصلّی صلاة اللیل وأفرغ من صلاتی وأُصلّی الرکعتین وأنام (1) ما شاء الله قبل أن یطلع الفجر ، فإن استیقظت عند الفجر أعدتهما ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی من یصلّی الرکعتین قبل الفجر الأول ، فإنّه یستحب له أن یعیدهما ما لم یطلع الفجر الثانی ولیس ذلک بواجب.

السند :

فی الأول : لا ریب فی صحّته بعد ما قدمناه (2).

والثانی : صحیح أیضاً بالطریق الأول ؛ لاشتماله علی طریقین إلی ابن أبی یعفور من الحسین بن سعید ، أوّلهما : عن صفوان عن العلاء عن ابن أبی یعفور. والثانی : عن ابن أبی عمیر ، عن محمّد بن حمران ، عن ابن أبی یعفور.

وفی الثانی محمّد بن حمران ، وهو ابن أعین ، لروایة ابن أبی عمیر

طریق الشیخ إلی ابن أبی یعفور

ص: 460


1- فی الاستبصار 1 : 285 / 1045 : فأنام.
2- فی ص 778.

عنه کما فی الفهرست (1) ، واحتمال عطف محمّد بن أبی عمیر علی العلاء یبعّده أنّ روایة صفوان عن ابن أبی عمیر غیر معهودة ، أمّا روایة الحسین ابن سعید عن ابن أبی عمیر فموجودة بکثرة.

والثالث : فیه محمّد بن سنان.

والرابع : فیه عدم الطریق إلی ابن مسکان ، وإن کان فی الظاهر بناه علی السابق ، کما هی عادة الکلینی فی الکافی ؛ أمّا یعقوب بن سالم البزّاز فبهذا الوصف لم أقف علیه فی الرجال.

والخامس : فیه جهالة الطریق إلی ابن مسکان (2) ، ثمّ إنّ فی الطریق إلی عبد الله بن مسکان فی الفهرست ابن أبی عمیر (3) وهنا بالعکس إن کان ابن مسکان عبد الله ، کما یستفاد من الإطلاق علی الاحتمال کما قدّمناه (4).

وربما یدّعی عدم المانع من روایة کل منهما عن الآخر ، إلاّ أنّ الحقّ قرب احتمال غیر عبد الله ، فلیتأمّل.

والسادس : ضمیر « عنه » یرجع إلی الحسین بن سعید علی الظاهر ، ولا یخفی تشویش الأحادیث فی الترتیب.

والذی فی التهذیب (5) فی أوّل الأحادیث المنافیة ما رواه الحسین بن سعید ، وذکر الحدیث ، ثم قال : وروی عن صفوان - إلی أن قال - : وعنه ،

یعقوب بن سالم البزّاز غیر مذکور بهذا الوصف فی الرجال

کلمة حول طریق الشیخ إلی عبد الله بن مسکان

وقوع التشویش فی ترتیب الأحادیث

ص: 461


1- الفهرست : 148 / 626.
2- فی « فض » زیادة : إلاّ علی ما سبَق.
3- لم نعثر علیه فی نسخة الفهرست الموجودة لدینا ، ولکن نقله فی معجم رجال الحدیث 10 : 324 هکذا : قال الشیخ فی النسخة المخطوطة : عبد الله بن مسکان ثقة له کتاب رویناه بالإسناد الأول عن ابن أبی عمیر و.
4- فی ص 121.
5- التهذیب 2 : 133 / 518 و 134 / 519 523.

عن ابن سنان - إلی أن قال - : وبهذا الإسناد ، عن ابن مسکان ، عن یعقوب ابن سالم - إلی أن قال - : وعنه ، عن ابن أبی عمیر - إلی أن قال - : وعنه ، عن صفوان وابن أبی عمیر ، عن عبد الرحمن بن الحجاج.

ولا یخفی سلامة هذه الأحادیث فی الجملة ، لکن ینبغی أن یعلم أنّ فی البین خللاً ؛ لأنّ قول الشیخ فی التهذیب : وعنه عن ابن أبی عمیر ، بعد قوله : وبهذا الإسناد ، یوهم أنّ الضمیر لمحمّد بن سنان ، والظاهر أنّه راجع إلی الحسین بن سعید ، وکذا ضمیر عنه ، عن صفوان. وإنّما أتی بضمیر « عنه » فی قوله : عن ابن أبی عمیر ، مع أنّه قال قبل هذا : وبهذا الإسناد ، إشارةً إلی أنّ الروایة عن ابن مسکان لیست من الحسین بن سعید ، بل من الحسین بن سعید عن محمّد بن سنان عن ابن مسکان ، وهی طریقة البناء علی الإسناد السابق للکلینی کما قدّمنا فیه القول (1) عن قریب.

وکأنّ الشیخ فهم هذا فأراد البیان بالفرق بین الطریقین بأنّ الأول مبنیّ علی روایة محمد بن سنان ، والثانی راجع إلی الحسین بن سعید ، وفی هذا الکتاب اشتبه الحال علیه ، هذا ما یخطر بالبال ، وعلیه فقوله هنا : ابن مسکان فی قوة قوله : عن الحسین بن سعید عن محمّد بن سنان عن ابن مسکان ، وهکذا قوله : ابن مسکان ثانیاً فی قوّة الإعادة السابقة ، وهذه طریقة الکلینی کما نبّهنا علیه سابقا.

وقوله فی التهذیب : وبهذا الإسناد عن ابن مسکان أوضح شاهد علی ما قلناه ؛ لأنّ عدوله عن الإتیان بلفظ « عنه » للتنبیه علی أنّ الراوی عن ابن مسکان لیس هو الحسین بن سعید ، لکن الخلل هنا فی قوله : ابن مسکان

ص: 462


1- راجع ص 1405.

عن ابن أبی عمیر ، فإنّ الصواب : عنه عن ابن أبی عمیر لیرجع إلی الحسین ابن سعید کما فی التهذیب وکما فی قوله هنا : عنه عن صفوان ، فلیتأمّل هذا ، فإنّ له أثراً فی مواضع من روایات الشیخ ، وقد نبّه الوالد قدس سره فی المنتقی علی مواضع من ذلک ، إلاّ أنّ فی هذا المحلّ لا أدری کلامه فیه إذ لم یحضرنی الکتاب (1).

والسابع : فیه محمّد بن سنان مع الإرسال.

والثامن : فیه القاسم بن محمّد وهو الجوهری ، وقد مضی القول فیه مکرّراً ، کالحسین بن أبی العلاء (2) ، من أنّ الذی وقفت علیه فی الرجال ما قیل فیه : أوجه أخویه (3). وما نقل عن ابن طاوس فی البشری أنّه وثّقه (4) ، وأظنّ أنّ وجه التوثیق من حیث إنّ أحد أخویه ثقة فیکون ثقة من حیث إنّه أوجه من الثقة ، وغیر خفیّ أنّ الأوجه لا یدلّ علی التوثیق ؛ لاحتماله الوجاهة فی أمر آخر ، ولو لا ما ذکره جدّی قدس سره من أن الوجاهة تقتضی المدح ، لأمکن النظر فیه ، وإن کان ما ذکره جدّی قدس سره لا یدفع النظر من حیث هو ، بل لاحتمال کونه اتفاقیاً إذ لم ینقل الخلاف.

التاسع : فیه علی بن أبی حمزة وأبو بصیر ، وحالهما تکرّر بیانه (5) ، وقد نقلنا عن (6) هذا الکتاب فیما مضی أنّ فیه حدیثاً یدلّ علی ما یقتضی القدح فی أبی بصیر بما یوجب الخروج عن الدین.

بحث حول الحسین بن أبی العلاء

إشارة إلی حال أبی بصیر

ص: 463


1- فی « فض » زیادة : حالة الاشتغال بهذا التألیف.
2- فی ص 129 و 109.
3- کما فی رجال النجاشی : 52 / 117 ، ورجال ابن داود : 79 / 468.
4- نقله ابن داود فی رجاله : 79 / 468.
5- راجع ص 51 ، 92 ، 191.
6- کذا فی النسخ ، والأنسب : فی.

والعاشر : فیه أنّ الطریق إلی ابن أبی عمیر فی المشیخة غیر سلیم من النظر ، وعدّه حسناً فی کلام بعض (1) غیر واضحٍ.

والحادی عشر : فیه أنّ الطریق إلی صفوان غیر مذکور فی المشیخة ، إلاّ أنّه یمکن من الفهرست تصحیح الطریق إلیه إن کان ابن یحیی ؛ لأنّه ذکر الطریق إلی روایاته جمیعاً وهو صحیح ، غیر أنّه یمکن أن یقال : إنّ الطریق إلی روایاته موقوف علی کون هذا الخبر من روایاته ، والحال أنّ الطریق إلیه غیر معلوم.

ویمکن الجواب : بأنّ نقل الشیخ الروایة یفید کونها من روایاته وإن لم یعلم الطریق ، نعم فی الفهرست أنّ له کتباً مثل کتب الحسین بن سعید ومسائل - إلی أن قال - : وروایات أخبرنا بجمیعها جماعة عن محمد بن علی بن الحسین بن بابویه (2). والجمیع یحتمل العود إلی الروایات خاصة ، أو إلیها مع الکتب والمسائل ، وعلی الأوّل یتوقّف دخول ما نحن فیه علی أن یکون من الروایات لا من الکتب.

والحقّ أنّ الظاهر إرادة الجمیع من الکتب والمسائل والروایات ، ولا ینافی هذا ما ذکره النجاشی فی الطریق إلی کتبه : من أنّ الراوی عنه محمّد ابن الحسین بن أبی الخطاب (3) ، والشیخ ذکر أنّ الراوی عنه للجمیع یعقوب بن یزید والحسین بن سعید (4) ؛ لإمکان تعدّد الراوی کما لا یخفی ، ومن هنا یندفع ما یتوجّه علی شیخنا المحقق أیّده الله فی تصحیحه

کلمة حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر فی المشیخة

بحث حول طریق الشیخ إلی صفوان

ص: 464


1- مجمع الرجال 7 : 215.
2- الفهرست : 83 / 346.
3- رجال النجاشی : 198 / 524.
4- الفهرست : 83 / 346.

طریق الصدوق بسبب صفوان کما مضی ، فلیتأمّل.

المتن :

فی الأوّل والثانی والثالث ربما (1) استدل به للمشهور من أنّ آخر الوقت لرکعتی الفجر طلوع الحمرة ؛ لأنّ البعدیّة تستمر إلی طلوع الحمرة ، فإذا خرج ما بعدها بالإجماع بقی الباقی.

وکذلک الرابع والخامس.

وقد یقال : إنّ ما دلّ علی نفی البَعْدِیّة کروایة زرارة السابقة (2) یقتضی حمل الفجر فی هذه الأخبار علی الأوّل ، وکونه خلاف الظاهر لا ضیر فیه بسبب الجمع ، واحتمال حمل روایة زرارة علی الأفضلیة وإبقاء هذه الأخبار علی ظاهرها من إرادة الفجر الثانی ینافیه صراحة روایة زرارة فی المنع للتنظیر بالصوم.

وقد نقل عن الشیخ أنه حمل الفجر علی الأوّل فی هذه الأخبار (3) وقد ذکره فی التهذیب علی سبیل الاحتمال (4) ، ووجهه ظاهر بعد ما قلناه ؛ واعترض بعض مشایخنا علیه بمخالفة الظاهر (5) ، وقد علمت إمکان دفعه ، غیر أنّ الاحتمال السابق فی روایة زرارة ربما یستفاد منه عدم المعارضة.

أمّا ما تضمنه خبر زرارة من کونهما من صلاة اللیل وقد دلّ علی جواز فعل صلاة اللیل بعد الفجر بعض الأخبار فی الجملة ، فلا یضرّ بحال

بیان ما دلّ علی جواز فعل رکعتی الفجر قبله ومعه وبعده ، والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّ وقتهما قبل طلوع الفجر

ص: 465


1- فی « رض » : إنما.
2- فی ص 1395.
3- حکاه عنه فی روض الجنان : 182 ، وهو فی المبسوط 1 : 76.
4- التهذیب 2 : 134.
5- کصاحب المدارک 3 : 85.

الروایة ؛ إذ لا مانع من التخصیص بغیر من صلّی صلاة اللیل علی تقدیر دلالتها علی المنع ، أو یقال : إنّ فعل صلاة اللیل جائز دون رکعتی الفجر ، کما یدلّ علیه صحیح أحمد بن محمّد بن أبی نصر السابق (1) ، حیث قال فیه : « احش (2) بهما صلاة اللیل وصلّهما قبل الفجر » إلاّ أنّ فی بعض الأخبار تصریحاً بفعل صلاة اللیل مع رکعتی الفجر بعد الفجر ، وهو خبر إسحاق بن عمار السابق (3) فی آخر الباب الذی قبل هذا ، غیر أنّ السند غیر سلیم.

والسادس : حینئذ یحمل علی الأول.

وربما استدل شیخنا قدس سره علی اعتبار الحمرة بما رواه علیّ بن یقطین فی الصحیح (4) علی ما نقلته فی حاشیة الروضة ولم أقف الآن علیه قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل لا یصلّی الغداة (5) حتی تسفر وتظهر الحمرة ولم یرکع رکعتی الفجر أیرکعهما أو یؤخّرهما؟ قال : « یؤخّرهما » (6) دلّ الحدیث علی اعتبار الحمرة فی عدم فعلهما بعدها ، ولا یخفی أنّ الحمرة وقعت من السائل فلا یفید تقییداً ، بل المنع من فعلهما بعد الفجر متناول لهذه الصورة ، والجواب عن بعض الأفراد لا یفید تخصیصاً ، فلیتأمّل.

والعجب من شیخنا قدس سره أنه قال : والمعتمد جواز تقدیمهما بعد صلاة اللیل وإن کان تأخیرهما إلی أن یطلع الفجر الأوّل أفضل ، ثم استدل علی

ص: 466


1- راجع ص 1396.
2- فی الاستبصار 1 : 283 / 1034 : احشوا.
3- راجع ص 1386.
4- المدارک 3 : 86.
5- فی النسخ : الرجل یصلی الغداة ، وما أثبتناه من التهذیب.
6- التهذیب 2 : 340 / 1409 ، الوسائل 4 : 266 أبواب المواقیت ب 51 ح 1.

جواز التقدیم بصحیح أحمد بن محمّد بن أبی نصر المتضمّن لقوله : « احش بهما صلاة اللیل » وصحیح ابن أبی یعفور الدال علی الجواز قبل الفجر ومعه وبعده ، وصحیح محمّد بن مسلم ، وخبر زرارة الدال علی أنّهما قبل الفجر فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة ، ثم قال : ویدلّ علی أنّ الأفضل تأخیرهما صحیح عبد الرحمن بن الحجاج وهو السادس ، قال قدس سره : وإنّما حملنا الفجر علی الأوّل لیناسب الأخبار السابقة (1).

وأنت خبیر بأنّ الجواز إن أراد به الإباحة فلا وجه له فی العبادة والأمر فی الأخبار (2) ینافیه ، وإن أراد تساوی الرجحان فی التقدیم والتأخیر لدلالة بعض الأخبار علی جواز الفعل قبل وبعد (3) ، فیشکل بأنّه لا یقول به ، بل یقول بأفضلیّة التأخیر إلی أن یطلع الفجر الأول ، مع أنّ روایة زرارة الدالة علی أنّ موضعهما قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة ، لا یمکن حمل الفجر فیها علی الأول ، فإطلاق حمل الفجر فی الجمیع علی الأول لا یتمّ ، وإن أراد قدس سره ما عداها فالبیان لا بدّ منه ، إلاّ أنّ هذا قابل للتسدید بسبب المعلومیة ، وإن کان ما ذکره من الفضل لدلالة صحیح عبد الرحمن حیث قال فیه : « صلّهما بعد ما یطلع الفجر » یشکل بأنه قدس سره قال بعد ما نقلناه عنه : ولعلّ هذه الروایة مستند الشیخ والمرتضی فی جعلهما ذلک الوقت ، والجواب : المعارضة بالأخبار المستفیضة المتضمّنة للأمر بفعلهما مع صلاة اللیل من غیر تقیید بطلوع الفجر الأول ، مع إمکان القدح فیها بعدم وضوح مرجع الضمیر (4). انتهی.

ص: 467


1- المدارک 3 : 84.
2- راجع ص 1395.
3- راجع ص 1402.
4- المدارک 3 : 85.

ولا یخفی علیک الحال بعد ما قررناه فی السند (1) ، وعلی تقدیر القدح کیف یدل علی الأفضلیة؟

والعجب أیضاً من الوالد قدس سره أنّه فی الرسالة قال : أوّل وقتهما الفراغ من صلاة اللیل وهو الأفضل ، مع أنّ حکم من لم یصلّ یصیر متروکاً بالکلیة ، وإطلاق الأفضلیّة أیضاً یشکل بما دلّ علی تقدیم رکعتی الفجر علی الفجر ، وعلی صلاة اللیل بعد الفجر فی الجملة.

وفی کلام بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله ما حاصله : أنّ ما تضمنته الأخبار الدالة علی صلاة رکعتی الفجر قبله وبعده وعنده ، یراد به الأوّل ؛ لدلالة بعض الأخبار علی أنّه یُحشی بهما صلاة اللیل ، إذ المراد صلاتها فی وقتها. انتهی (2).

وأنت خبیر بأنّ وقتها غیر منحصر فیما قبل الفجر ؛ لما نقله من خبر سلیمان بن خالد المعدود من الصحاح الدال علی فعل صلاة اللیل مع رکعتی الفجر بعد طلوعه ، فالإطلاق لا یخلو من غرابة ، وبالجملة فالمقام من مزالّ الأقدام.

والسابع : کما تری صریح فی جواز فعل الرکعتین إذا صار الضوء بحذاء رأسک ، وهذا یدلّ علی جواز التأخیر بعد الفجر بزمان طویل بعد التنویر ، فاستدلال الشیخ به علی الاستظهار لتبیّن الصبح غریب.

والثامن : کذلک.

أمّا التاسع : فالاستدلال به علی التقیّة مجمل ، وقد فصّل فی التهذیب فقال : إنّ المراد بالفجر : الثانی ، لأنّ عند مخالفینا أنّ هاتین الرکعتین

ص: 468


1- فی ص 1405.
2- البهائی فی الحبل المتین : 148.

لا یصلّیان إلاّ بعد طلوع الفجر الثانی (1) ، ولا یخفی أنّ ظاهر کلام الشیخ یدل علی عدم اتفاقهم ، وفی التهذیب یدل علی الاتفاق ، وقد قدّمنا (2) احتمال کون هذا لا ینافی احتمال التقیة فی خبر زرارة ، لجواز کون القلیل منهم یتّقی ، إلاّ أنّه بعید.

ثم العجب من الشیخ فی التهذیب أنّه حمل ما دلّ علی فعلهما قبلُ وبعدُ علی الأوّل ، مستدلاًّ بالثامن والتاسع علی الفجر الأوّل ، قائلاً : إنّ قوله فی الثامن : « بحذاءِ رأسک » یدلّ علیه ، وکذلک قوله فی التاسع : « وقد نوّر » لأنّ الفجر الثانی لا یکون کذلک (3) ، وهنا کما تری جعلهما من المنافی ، ولم یتعرض للاحتمال المذکور فی التهذیب مع ادعائه الظهور فی إرادة الأوّل.

وفی التهذیب قال بعد الاستشهاد بالخبرین : ویحتمل أن تکون هذه الأخبار وردت للتقیة (4). وظاهر لفظ : الأخبار ، الشمول ، واحتمال الرجوع إلی ما دلّ علی فعلهما قبلُ وبعدُ لا وجه له ، ولو رجع إلی الخبرین لم یتم الاستدلال بهما علی إرادة الفجر الأوّل من الأخبار الدالة علی فعلهما قبله وبعده.

ثم إنّه فی التهذیب احتمل فی الأخبار الدالة علی فعلهما قبله وبعده أن تکون متوجهة إلی من لم یدرک حشوهما فی صلاة اللیل (5) ، وهذا وجه لا بأس به ، وکان (6) الأولی ذکره هنا ، وإن کان لا بد فیه من زیادة تقیید ، کما

ص: 469


1- التهذیب 2 : 135.
2- فی ص 1400.
3- التهذیب 2 : 135.
4- التهذیب 2 : 135.
5- التهذیب 2 : 134.
6- فی « د » : فکان.

یفهم ممّا قدمناه (1) من احتمال فعلهما قبل الفجر بتقدیر التلبّس بأربع من صلاة اللیل.

ولا یخفی ما فی خبر أبی بصیر من التخلیط کما هو منقول عنه (2) من أنّه کان مخلّطا لأنّ الظاهر من الخبر أنّ جوابه علیه السلام له لکونه من الشکّاک ، واحتمال أن یراد السؤال عن جوابه علیه السلام لغیره بالصلاة بعد الفجر لا یناسب ظاهر السؤال عن فعله ، وقد یمکن التسدید ، إلاّ أنّ الراوی لا یستحق ذلک ، فلیتأمّل.

وأمّا العاشر : فقوله علیه السلام فیه : « فإن قمت » هو الموجود فیما وقفت علیه من النسخ ، وکذا فی التهذیب (3) ، وکأنّ المراد بالقیام النظر فی الفجر ، واحتمال أن یکون تصحیف « نمت » کما یدلّ علیه الحادی عشر ممکنٌ إلاّ أنّ ذکر النوم فیه لا یدل علی أنّه سبب الإعادة ، لاحتمال أن یکون سببها فعلهما قبل الفجر.

ولا یخفی أنّ فعلهما قبل الفجر منه علیه السلام یدل علی الجواز ، أمّا الأفضلیة فقد یستفاد کونها قریب الفجر ، وترک فعل الأفضل منه علیه السلام إمّا لبیان عدم تعیّن الوقت ، أو لأنّ النوم ربما یستمرّ إلی خروج الوقت ، ولعل الأوّل أولی ، لولا أنّ السیاق لا یوافقه ، وأمّا الثانی فهو فی الحادی عشر له وجه دون العاشر.

وقد یحتمل أن یقال : إنّ فی الخبر (4) دلالة علی أنّ فعلهما مع صلاة

بیان ما دلّ علی إعادتهما عند الفجر لمن صلاّهما مع صلاة اللیل

ص: 470


1- فی ص 1409.
2- انظر رجال الکشی 1 : 404 / 296.
3- التهذیب 2 : 135.
4- فی « فض » : فی الخبرین.

اللیل لا یقتضی الأفضلیّة ، کما یدلّ علیه الإطلاق فی الأخبار.

ثم إنّ العاشر بظاهره یفید الإعادة قبل الفجر والحادی عشر یفید العندیّة ، ولعلّه لا یضرّ بالحال ، غیر أنّ الخبرین لو صحّا أمکن إبداء الإشکال فی إطلاق التوقیت بصلاة اللیل فی الدلالة علی الأفضلیّة ، کما سبق نقله عن الوالد قدس سره فی الرسالة ، حیث قال : بعد صلاة اللیل وهو الأفضل (1) ، هذا.

والشیخ کما تری حمل الفجر فیهما علی الأول ولم یتقدم منه ذکر الفجر الأول فی التوقیت ، نعم هو فی التهذیب (2) ، وعلی تقدیر ما ذکره فإطلاق قوله : قبل الفجر الأول ، ثم قوله : یستحب (3) أن یعیدهما ما لم یطلع الثانی ، لا یخلو من شی ء ؛ لأنّ إطلاق الأوّل یفید أنّ الاستحباب للإعادة مقید بالقبلیّة للأوّل ، وقوله : ما لم یطلع الثانی ، یدلّ علی الاستحباب وإن فعل مع الأوّل ، إلاّ أنّ العبارة قابلة للتسدید ، وأمّا الروایتان فبعید عنهما ما قاله.

وما ذکره شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ هاتین الروایتین یعنی الأخیرتین إنّما تضمنتا الأمر بإعادة رکعتی الفجر الواقعتین لیلاً إذا نام المتنفّل بعدهما ، فلا یتم الاستدلال بهما علی استحباب الإعادة مطلقا ؛ فیه : أنّه مبنی علی أنّ نسخته « نمت » أو أنّه فهم من « قمت » إرادة النوم ، فتأمّل.

ویبقی فی المقام شی ء ، وهو أنّ الشیخ روی فی التهذیب فی باب الأذان عن الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن ابن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام

ص: 471


1- راجع ص 1411.
2- التهذیب 2 : 134.
3- فی الاستبصار 1 : 285 / 1045 : یستحب له.

قال : قلت له : إنّ لنا مؤذّناً یؤذّن بلیل ، فقال : « أما إنّ ذلک ینفع الجیران لقیامهم (1) ، وأمّا السنّة فإنّه ینادی مع طلوع الفجر ، ولا یکون بین الأذان والإقامة إلاّ الرکعتان » (2).

وهذا الحدیث صحیحٌ علی ما تقدّم بیانه (3) ، وفیه نوع دلالة علی امتداد وقت رکعتی الفجر لِما بعد الفجر الثانی ؛ لأنّ الظاهر من الرکعتین هما ، ولو أُرید بهما ما یستحب الفصل به بین الأذان والإقامة بعید عن التعریف ، إلاّ بأن یراد بالتعریف الرکعتان اللتان أُمر بهما للفصل.

وقد ینظّر فی هذا بأنّ ما دلّ علی الرکعتین علی الإطلاق محل کلام من جهة السند فیما أظنّ ، وما دلّ علی الخصوص بالظهرین والصبح یشکل التعلّق به هنا ، أمّا الظهران فلأنّ احتمال الخصوص یقتضی عدم تعین دلالة التعریف علیه ، وأمّا الصبح فلعدم الصراحة فی کونهما غیر رکعتی الفجر ، إلاّ أنّ الاحتمالات المذکورة توجب عدم صلاحیّة الخبر المبحوث عنه للاستدلال ، وإن لم یتعین أحدها.

وبالجملة لا یتم الاستدلال علی جواز تأخیر رکعتی الفجر إلاّ مع انتفاء الاحتمالات ، فحینئذ یشکل دلالته (4).

اللغة :

احشوا بالحاء المهملة والشین المعجمة من حشا القطن فی الشی ء

ص: 472


1- فی المصدر زیادة : إلی الصلاة.
2- التهذیب 2 : 53 / 177 ، الوسائل 5 : 390 أبواب الأذان والإقامة ب 8 ح 7.
3- فی ص 49 ، 138 ، 154.
4- فی « فض » زیادة : والعجب من عدم تعرض بعض محققی المعاصرین سلمه الله للکلام فیه بعد ذکره سوی ما هو ظاهر منه فتأمل. وهی مشطوبة فی « د ».

جعله فیه ، کذا فی الحبل المتین (1). ولا یخفی أنّ الظاهر من الأخبار فعلهما بعد صلاة اللیل ، فالحشو غیر ظاهر بالنسبة إلی صلاة اللیل ، فکأنّ المراد إدخالهما فی وقت صلاة اللیل بتقدیر فعلهما بعدها ، إلاّ أنّ فی الأخبار کونهما من صلاة اللیل کما تقدم ، فلعلّ المراد بذلک فعلهما فی وقتها ، ویجوز أن یراد الحقیقة علی تقدیر فعلهما معها ، ومع (2) الإطلاق فاحتمال کونهما منها ولو انفردتا عنها لا یخلو من إشکال ، والفائدة تظهر فی النذر وشبهه ، ولم أرَ من ذکر ذلک من الأصحاب ، فینبغی تأمّله.

قوله :

باب (3) من فاتته صلاة فریضة هل یجوز له أن یتنفّل أم لا؟.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام أنّه سئل عن رجل صلّی بغیر طهور ، أو نسی صلوات (4) لم یصلّها ، أو نام عنها ، فقال : « یقضیها إذا ذکرها فی أیّ ساعة ذکرها من لیل أو نهار ، فإذا دخل وقت صلاة ولم یتم ما قد فاته فلیقض ما لم یتخوّف أن یذهب وقت هذه الصلاة التی قد حضرت ، وهذه أحقّ بوقتها فلیصلّها ، فإذا قضاها فلیصلّ ما قد فاته ممّا قد مضی ، ولا یتطوع برکعة حتی یقضی

من فاتته صلاة فریضة هل یجوز له أن یتنفّل أم لا؟

اشارة

ص: 473


1- الحبل المتین : 148.
2- فی « رض » : امّا مع.
3- فی الاستبصار 1 : 286 و « رض » زیادة : وقت.
4- فی « رض » و « فض » : صلاة.

الفریضة » (1).

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان بن یحیی ، عن یعقوب بن شعیب ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قال : سألته عن الرجل ینام عن الغداة حتی تبزغ الشمس أیصلّی حین یستیقظ أو ینتظر حتی تنبسط الشمس؟ فقال : « یصلّی حین یستیقظ » قلت : یوتر أو یصلّی الرکعتین (2)؟ قال : « بل یبدأ بالفریضة ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل نام عن الصلاة حتی طلعت الشمس ، فقال : « یصلی الرکعتین ثم یصلّی الغداة ».

عنه ، عن النضر بن سوید ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سمعته یقول : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله رقد فغلبته عیناه فلم یستیقظ حتی آذاه حرّ الشمس ثم استیقظ فرکع رکعتین ثم صلّی الصبح ، وقال : یا بلال مالک؟ فقال بلال : أرقدنی الذی أرقدک یا رسول الله » قال : « وکره المقام وقال : نمتم بوادی شیطان ».

فالوجه فی هذین الخبرین أن نحملهما علی من یرید أن یصلّی بقوم وینتظر اجتماعهم جاز له حینئذ أن یبدأ [ برکعتی ](3) النافلة کما فعل النبی صلی الله علیه و آله ، فأمّا إذا کان وحده فلا یجوز له ذلک علی حال.

ص: 474


1- فی الاستبصار 1 : 286 / 1046 زیادة : کلّها.
2- فی الاستبصار 1 : 286 / 1047 : رکعتین.
3- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ : برکعة. وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 286 / 3. هو الأنسب.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه علی ما تقدّم (1) من القول فی أحمد بن محمّد بن الحسن بن الولید ، وابن أبان فی أول الکتاب وغیره ، وکذا فی عمر بن أُذینة (2).

والثانی : لا ریب فیه بعد ما مضی أیضا (3).

والثالث : کذلک بالنسبة إلی عدم الصحة (4).

والرابع : صحیح کما مضی أیضا (5).

المتن :

فی الأول مشتمل علی أحکام لا یخلو من إجمال :

الأوّل : من فاتته صلاة بغیر طهور أو بنسیان یقضیها فی أیّ ساعة ، ودلالته علی وجوب القضاء علی الفور إذا ذَکَرَ من حیث إنّ الجملة الخبریة فی معنی الأمر ، وقد تقدّم فیه القول من جهة أنّ دلالة الجملة الخبریة علی معنی الأمر لکونها أبلغ من الأمر ، کما صرّح به العلماء ، وإن کان فیه کلام أسلفناه.

والحاصل أنّ المقرر کون البلغاء یعدلون عن الأمر إلی الخبر للدلالة علی أنّ الأمر المطلوب کأنّه واقع حثّا علی فعله.

بیان روایة زرارة الدالّة علی فوریّة قضاء الفائتة وعدم جواز التطوّع لمن علیه فائتة ، والإجمال فی الأحکام المستفادة منها

ص: 475


1- فی ص 25 و 27.
2- راجع ص 209.
3- راجع ص 46 ، 104 ، 114 ، 1219.
4- راجع ص 49 ، 51 ، 78 ، 131 ، 720.
5- راجع ص 138 و 154.

وقد یتوجه علیه : أنّه إنّما یتم لو علم أنّ العدول سببه ذلک علی وجه الحصر ، وقد ذکر علماء المعانی ما یقتضی عدم الانحصار ، وعلی تقدیر الانحصار فهو متوقف علی العلم بالعدول.

ولعلّ الجواب عن الثانی ممکن بأنّ الظاهر من بیان الأحکام إرادة الطلب ، أمّا الأوّل فلا یبعد أن یدّعی تبادره فی الأحکام ، إلاّ أنّا قدّمنا فی هذا الکتاب احتمال أن یکون العدول عن الأمر لکونه حقیقةً فی الوجوب ، فإذا عدل عنه احتمل أن یکون لإرادة الاستحباب.

وما عساه یقال : إنّ فیه مخالفة لکون الأمر وما فی معناه للوجوب علی القول به.

یمکن الجواب عنه : بأنّ المناقشة حاصلة فی اتحاد الأمر والجملة الخبریة فی الدلالة علی الوجوب ، لما ذکرناه من الاحتمال ، وادعاء أنّ أدلة وجوب المأمور به تأتی فی ما هو فی معناه محلّ کلام.

ثم إنّ الفور إذا لم یدلّ علیه الأمر لوقوع الخلاف فیه وإمکان الدخل فی أدلّته ، کما ذکر فی الأُصول ، وإن کان یختلج فی الخاطر دلالته بسبب أنّ الأمر موضوع للحال ، کما هو إجماعی عند النحاة ، وإجماعهم حجة کما قرر ، وذکرت هذا فی حواشی المعالم ، إلاّ أنّ فیه نوع کلام لیس هذا محلّه ، غیر أنّ الخبر المبحوث عنه فیه دلالة علی الفوریة بقوله : « فی أیّ ساعة » إلاّ أن یقال : إنّ « إذا » قد اختلف فی دلالتها علی العموم ، فقیل : إنّها دالّة (1) ، وقیل : مهملة (2) ، وبتقدیر الخلاف لا یتم المطلوب ؛ لاحتمال عدم العموم ، ویراد بکلّ ساعة بعض آناء الذکر التی یجب فیها القضاء.

ص: 476


1- حکاه فی تمهید القواعد : 382.
2- انظر تمهید القواعد للشهید الثانی : 381.

وتفصیل الأمر أنّ القضاء إذا وجب فی وقت من أوقات الذکر فذلک الوقت لا یتعیّن فیه زمان للقضاء ، بل یجوز فی جمیع أجزائه ، والفائدة فی قوله : « أیّ ساعةٍ » الاحتراز (1) عن تخیّل الکراهة أو التحریم فی بعض الأوقات الواردة فی الأخبار کحال طلوع الشمس وبعد العصر.

ولا یخفی أنّ المقام یدلّ علی عموم « إذا » کما ذکر فی المفرد المحلّی إذا وقع فی کلام الشارع ، فإنّه وإنْ لم یفد العموم وضعاً ، یفیده بسبب أنّ ما عداه لا یلیق بالحکمة ، وهنا یقال کذلک ؛ إذ لو أُرید وقت معیّن من غیر بیان نافی الحکمة ، أو غیر معیّن فکذلک ، وحینئذ یکون للعموم.

ویمکن أن یقال : بجواز إرادة وقت غیر معیّن علی نحو النکرة ، إلاّ أنْ یدّعی أنّ مثله یقال فی المفرد المحلّی ، وفیه إمکان الفرق ، إلاّ أنّه سیأتی (2) بعض القول فی هذا عند ذکر أدلّة بعض العلماء فی الباب الآتی ، وحینئذ فالخبر لا یصلح بنفسه للاستدلال علی المضایقة.

فإن قلت : أیّ فائدة لعدم کون « إذا » للعموم؟ والحال أنّه إذا تحقق الذکر فی وقت ما وجب ، وهو المطلوب.

قلت : إذا لم یفد العموم فی وقت الذکر ، لا یتم المطلوب ، من حیث إنّ وقت الذکر قد یتسع ، فإذا أفاد لفظ « إذا » فعل الفائت فی آن من آناء الذکر جاز التأخیر ، والمطلوب الوجوب فی أوّل المراتب ، فتأمّل.

فالعجب من بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله أنّه أطلق استفادة المضائقة من الخبر وعدم التوسعة (3). فینبغی التأمّل فیما قلناه لوجود الفائدة

ص: 477


1- فی « فض » و « رض » : للاحتراز.
2- فی ص 1429.
3- البهائی فی الحبل المتین : 151.

فی عدم صراحته فی الدلالة بعد ذکر ما لا بدّ منه فی الباب الآتی (1).

الثانی من أحکام الخبر : أنّ من صلّی بغیر طهور أو نسی صلوات یقضیها إذا ذکرها ، فی ظاهره یتناول الیومیّة وغیرها ، فإذا خرج ما لا یجب قضاؤه بالإجماع والأخبار بقی ما عداه ، وحینئذ یمکن الاستدلال به علی بعض ما هو محلّ الخلاف ، کصلاة الکسوف إذا علم به ونسی وإن احترق بعض القرص ، فإنّ القائل بوجوب القضاء احتجّ بهذا الخبر مع غیره.

واعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّ أخبار قضاء الفوائت لا عموم لها ، ولهذا لم یحتجّ بها الأصحاب علی وجوب القضاء مع انتفاء العلم (2).

وقد یقال : إنّ نفی العموم عن هذا الخبر محلّ بحث ، وعدم الاستدلال به مع انتفاء العلم لعدم دخوله فی الخبر ، وعدم صیغة العموم فی الخبر غیر مسلّم ، فإنّ ترک الاستفصال دلیل العموم.

الثالث من الأحکام : أنّ من فاته شی ء من الصلاة وشرع فی فعلها قضاءً ولم یتمّها له الإتمام ما لم یتخوّف ذهاب وقت الحاضرة.

وإجمال هذا لا ریب فیه ، من حیث إنّ فوات وقت الحاضرة أمّا وقت الفضیلة أو وقت الإجزاء ، ومع الإجمال لا یمکن الاستدلال به علی المنع من فعل الفائتة إذا خاف فوت الفضیلة ، إلاّ أن یقال : إنّ فیه إطلاقاً یتناول وقت الفضیلة ، فیصیر من قبیل العموم ، ولا یخلو من وجه.

إلاّ أنّه ربما یعارض بأنّ ما تضمنه صدره : من لزوم القضاء فی أیّ ساعة ذکر ، صریح فی اللزوم علی تقدیر دلالته ، وإذا حصل الإجمال فی وقت الصلاة الحاضرة بقی مدلول صدره إلی أن یعلم المانع.

ص: 478


1- فی ص 1428.
2- المدارک 4 : 136.

وفیه : أنّ بعد دخول الوقت قد علم المانع إجمالاً ، فلم یبق الخطاب بالوجوب معلوم التعلّق ، ومع عدم العلم لا مانع من فعل الحاضرة ، مضافاً إلی أنّ الحکم المجمل فی وجوب العمل به من دون البیان محلّ تأمّل.

وقد یقال : إنّ المجمل إذا لم یبیّن فهو من قبیل العموم ، إذ لو أُرید غیره لَنافی الحکمة.

وفیه : أنّه یجوز کون عدم البیان بالنسبة إلینا ، أمّا لو لم یقع بیان أصلاً فیحتمل کونه لإرادة العموم ، وما نحن فیه لم یعلم عدم البیان کما سیأتی (1) من الأخبار فی القضاء ، وحینئذ یجوز حصول البیان للسائل ، وبهذا یندفع ما قد یظنّ إجماله بالنسبة إلینا ، إلاّ أن یقال : إنّه یجب علی الراوی بیان ما فیه البیان ، ویشکل بجواز ذکر البیان ولم ینقل إلینا ، إلاّ أنّ ما نحن فیه سیأتی (2) ما قد یصلح للبیان.

وما یقتضیه الخبر : من أنّه یتم ما قد فاته ما لم یتخوّف علی تقدیر وقت الفضیلة یتناول ما إذا شرع فی القضاء علی تقدیر الاتحاد ولم یتم الفائت ، أو شرع مع التعدد وأتم الفرض ولم یشرع فی آخر ، أو شرع فی آخر ولم یتمه ، وعلی تقدیر التلبس وهو فی أثناء الفرض إذا خاف فوت الفضیلة یشکل قطع الصلاة ، وعلی تقدیر الإجزاء قد یشکل بإمکان إدراک رکعة من الوقت بتقدیر الإتمام ، ولا یبعد أن یدّعی تبادر عدم التلبس بالفریضة ، کما یدلّ علیه جوهر قوله : « فلیقض » وبالجملة فالإجمال ربما یدّعی فیه ، والظهور کذلک.

الرابع من الأحکام : أنّ من فاته شی ء لا یتطوّع برکعة حتی یقضی

ص: 479


1- فی ص 1440.
2- فی ص 1440.

الفریضة ، والإجمال فیه أیضا بالنسبة إلی هذا الحکم ، لکن الشیخ کما تری جعل العنوان : من فاتته فریضة هل یتنفّل أم لا؟ وعلیه فالشیخ کأنّه فهم ظهور القضاء فی الفائت ، ویختلج فی الخاطر أنّ قوله : « حتی یقضی » یحتمل إرادة قضاء الحاضرة بمعنی فعلها ، وقضاء الفائتة علی معنی أنّه لا یتطوّع وعلیه الفائتة ، لکن یمکن ادعاء رجحان ما احتملناه من حیث إنّ قوله : « فإذا قضاها فلیصلّ » یراد به فعل الصلاة ، وحینئذ یکون قوله : « حتی یقضی » بمعنی الفعل علی نهج واحد.

وعلی تقدیر الحمل علی قضاء الفائتة یدلّ الخبر علی المنع من التطوع سواء کانت الفائتة متحدة أو متعددة ، وسیأتی (1) ما قد یدلّ علی عدم الوجوب فی المتعددة بل وفی المتحدة ، وحینئذ فالأمر بالقضاء فی الخبر لا یمکن حمله علی الوجوب مطلقاً ، بل إمّا علی الاستحباب ، أو علی الوجوب والاستحباب علی وجه یسوغ التجوّز معه ، فالنهی عن التطوع کذلک ، فلا یدلّ علی التحریم. إلاّ أنّ یقال : إنّ المعارض لما اقتضی حمل الأمر علی ما ذکر لا یلزم مثله فی النهی ولا معارض ، ویشکل بوجود المعارض فی التطوع کما یأتی (2). هذا ما خطر فی البال فینبغی التأمّل فیه.

وأمّا الثانی : فله ظهور فی عدم فعل الوتر ورکعتی الفجر ، وأمّا المنع فی غیرهما علی الإطلاق کما هو مدلول الأوّل وإطلاق العنوان فمشکل ، وعدم القائل بالفرق فیه ما ستسمعه ، ( ولو تمّ فالثالث ) (3) یدلّ علی جواز

بیان ما دل علی جواز التطوّع لمن علیه فریضة فائتة

ص: 480


1- فی ص 1438.
2- فی ص 1438.
3- بدل ما بین القوسین فی « فض » ولو تمّ الخبر والثالث ، وفی « د » : ولو تمّ والثالث ، وتقدّم فی ص 455 عدم صحّة الخبر الثالث من حیث السند.

فعل الرکعتین ، ومع التعارض یمکن الحمل علی الاستحباب ، وإنْ أشکل بالرابع ، فإنّ فعله علیه السلام خلاف المستحب بعید ، وبیان الجواز أبعد فی مقام الاستحباب ، وحمل الشیخ علی انتظار الاجتماع غیر واضح رجحانه علی الاستحباب.

وعلی تقدیر التساوی أو الرجحان فالخبر الأوّل لا یکون النهی فیه مفیداً للتحریم علی الإطلاق ، بل إمّا للکراهة أو للأعم من التحریم والکراهة ، وعلی التقدیرین فهو متجوز فیه (1) ، ومعه لا تبقی دلالته علی تحریم التطوع ظاهرة ، إلاّ أن یقال : إنّه للتحریم إلاّ ما خرج بالدلیل ، وفیه : أنّ الکلام فی الاستدلال بمجرد النهی ؛ إذ لنا أن نقول : إنّ الدلیل کما دلّ علی فعل الراتبة قبل القضاء مطلقاً أو رکعتی الفجر کذلک یدلّ علی جواز غیرها أو غیر رکعتی الفجر.

ففی الخبر الصحیح السابق عن عمر بن یزید فیما رواه الصدوق أنّه سأل عن الروایة التی تضمّنت أنّه لا ینبغی التطوع فی وقت الفریضة ، فأجابه علیه السلام : « ما بین الأذان والإقامة » فلو کان مطلق الوقت موجباً لما حصر علیه السلام ، إلاّ أن یقال : إنّ الجواب عن مادّة خاصّةٍ ، وفیه ما فیه ، لکن الخبر قدّمنا فیه احتمالاً آخر یدفع الاستدلال ، کما تقدّم (2) أیضا إطلاق بعض الأخبار.

وفی صحیح بعض الأخبار دلالة علی أنّ خمس صلوات یصلّی فی کلّ وقت ، وهو شامل للفریضة والنافلة ، وقد ذکرنا فی حواشی الروضة ما لا بدّ منه أیضاً.

ص: 481


1- فی « فض » و « رض » : متجوّز به.
2- فی ص 1415.

وقد یقال : إنّ الأخبار المطلقة تقیّد بهذه.

وفیه : أنّ صراحة بعض هذه الأخبار فی فعل رکعتی الفجر وعدم صراحة الاولی فی التحریم یوجب عدم بقاء المطلق ، وبتقدیره عدم إرادة التحریم.

ثم إنّ الأخبار الواردة بالصلوات المستحبات علی الإطلاق ، بل بعضها فی وقت الفریضة کصلاة جعفر الدال بعضها علی جعلها من النوافل الراتبة کما تضمّنه الخبر الصحیح ، ولا یبعد احتمال منع النافلة إذا تضیّق وقت الفضیلة کما یشعر به بعض الأخبار المعتبرة وغیرها ، وحینئذ یحمل الخبر الأوّل علی هذا.

ولبعض محقّقی المتأخّرین رحمه الله کلام فی المقام ، وهو أنّه ذکر من الأدلة علی [ عدم (1) ] جواز فعل النافلة لمن علیه فریضة : خبر زرارة المتقدّم المتضمّن لصلاة رکعتی الفجر بعده المشتمل علی ذکر القیاس ، ثم قال : والظاهر منها هو المنع من النافلة وقت الفریضة بحیث یخرجها عن وقتها [ ولا یشمل الفوائت (2) ] ، إذ لا یقال : دخل علیک وقت الفریضة ، لأنّ وقتها دائم. انتهی (3).

وحاصل مرامه أنّ المتبادر من الروایة علی تقدیر البناء علی ظاهرها من المنع فیما إذا دخل علیک وقت الفریضة ، ومن کان علیه فریضة لا یقال : دخل علیک الوقت ؛ لأنّ وقت القضاء مستمرّ ، وحینئذ علی تقدیر المنع فالحکم یقیّد بغیر ما فی ذمّة الإنسان من الفوائت ، وهذا الکلام جیّد ،

ص: 482


1- ما بین المعقوفین ساقط من النسخ ، أثبتناه من المصدر.
2- ما بین المعقوفین ساقط من النسخ ، أثبتناه من المصدر.
3- مجمع الفائدة 2 : 44.

ولا یتوجه علیه أنّ القضاء وإن کان موسّعاً بتقدیر القول به إلاّ أنّ من موانعه الحاضرة إذا خاف فوتها قطعاً ، فإذا زال هذا المانع وهو خوف الفوات صحّ أنْ یقال دخل وقت القضاء ؛ لإمکان أنْ یقال : إنّ تبادر دخول الوقت فی مثل هذا محلّ کلام.

وما عساه یقال فی التنظیر بالصوم المسمّی قیاساً قد سمعت ما فیه ، ولا یبعد أن یکون إشارة إلی الأفضلیة ؛ لدلالة الأخبار علی جواز نافلة الفجر بعده فی الجملة ، ولو لا دلالة بعض الأخبار فی الصوم ( علی المنع من التطوع ) (1) لأمکن أن یستدلّ بالروایة علی جوازه من حیث الإذن فی صلاة رکعتی الفجر المقتضیة للحمل علی الأفضلیّة فی الصلاة فکذا فی الصوم ، إذ من المستبعد قیاس الأفضلیّة علی المتعیّن وجوباً ، وربما یقال : إنّ ما دلّ علی المنع من صوم النافلة محمول علی الأفضل ، إلاّ أنّ الإجماع قد ادعی علی أنّ من علیه من شهر رمضان شی ء لا یتطوّع ، والله تعالی أعلم.

قوله :

باب من فاتته صلاة فریضة فدخل

علیه وقت صلاة فریضة أُخری (2).

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر قال : سألته عن رجل نسی الظهر حتی دخل وقت العصر ، قال : « یبدأ بالظهر ، وکذلک الصلوات

من فاتته صلاة فریضة فدخل علیه وقت صلاة فریضة أخری

اشارة

ص: 483


1- ما بین القوسین ساقط من « د » و « رض ».
2- فی الاستبصار 1 : 287 : وقت صلاة أُخری فریضة.

تبدأ بالتی نسیت ، إلاّ أن تخاف أن یخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتی أنت فی وقتها ثم تقضی التی نسیت ».

الحسین بن سعید ، عن القاسم بن عروة ، عن عبید بن زرارة ، عن أبیه ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا فاتتک صلاة فذکرتها فی وقت أُخری فإن کنت تعلم أنّک إن صلّیت (1) التی فاتتک (2) کنت من الأُخری فی وقت فابدأ بالتی فاتتک ، فإنّ الله عز وجل یقول ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِکْرِی ) (3) وإن کنت تعلم أنّک إن صلّیت التی فاتتک فاتتک التی بعدها (4) فابدأ بالتی أنت فی وقتها واقض الأُخری ».

الحسین بن سعید ، عن ابن سنان ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی (5) قال : سألته عن رجل نسی أن یصلّی الاولی حتی صلّی العصر ، قال : « فلیجعل صلاته التی صلّی الاولی ثم یستأنف العصر » قال : قلت : فإن نسی الأُولی والعصر جمیعاً ثم ذکر ذلک عند غروب الشمس؟ فقال : « إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحداهما فلیصلّ الظهر ثم لیصلّ العصر ، وإن خاف أن تفوته فلیبدأ بالعصر ولا یؤخّرها فتفوته فیکون قد فاتتاه جمیعاً ، ولکن یصلّی العصر فیما قد بقی من وقتها ثم لیصلّ الاولی بعد ذلک علی أثرها ».

عنه ، عن فضالة ، عن ابن مسکان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن نام رجل أو نسی أن یصلّی المغرب والعشاء الآخرة فإن استیقظ

ص: 484


1- فی الاستبصار 1 : 287 / 1051 : إذا صلیت.
2- فی الاستبصار 1 : 287 / 1051 : التی قد فاتتک.
3- طه : 14.
4- فی الاستبصار 1 : 287 / 1051 : بعدها أیضاً.
5- فی نسخة من الاستبصار 1 : 287 / 1052 : عن أبی عبد الله.

قبل الفجر قدر ما یصلّیهما کلتیهما فلیصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فلیبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استیقظ بعد الفجر (1) فلیصلِّ الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ».

عنه ، عن حمّاد ، عن شعیب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إن نام رجل (2) ولم یصلّ صلاة المغرب والعشاء الآخرة أو نسی فإن (3) استیقظ قبل الفجر قدر ما یصلّیهما کلتیهما فلیصلّهما ، وإن خشی أن تفوته إحداهما فلیبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استیقظ بعد الفجر فلیبدأ فلیصلِّ الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس ، وإن (4) خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدی الصلاتین فلیصلِّ المغرب ویدع العشاء الآخرة حتی تطلع الشمس ویذهب شعاعها ثمّ لیصلّها ».

السند :

فی الأوّل : فیه سهل بن زیاد ومحمّد بن سنان وأبو بصیر وقد قدّمنا القول فیهم (5) ، کما قدّمنا (6) أنّ العدّة الراویة عن سهل فیها الثقة ، لکنه غیر نافع.

والثانی : فیه القاسم بن عروة ، وقد مضی (7).

والثالث : فیه ابن سنان وهو محمّد ، کما قدّمناه (8) ، وأنّ احتمال عبد الله منتف ، وما وقع فی بعض الطرق من ذکر عبد الله بعد الحسین نبّه

بحث حول ابن سنان

ص: 485


1- فی الاستبصار 1 : 288 / 1053 زیادة : فلیبدأ.
2- فی الاستبصار 1 : 288 / 1054 : الرجل.
3- فی الاستبصار 1 : 288 / 1054 : فإذا.
4- فی الاستبصار 1 : 288 / 1054 : فإن.
5- فی ج 1 : 70 ، 121 ، 134.
6- فی ج 1 : 134 ، 135 ، 142.
7- فی ج 1 : 439.
8- فی ص 121.

الوالد قدس سره علی أنّه سهو (1) ، ولا یبعد أن یکون عبد الله هو أخو محمّد لا عبد الله بن سنان ، وإن اشترکا فی اسم الأب ؛ إذ لیس محمّد أخا عبد الله ، کما یعلم من الرجال ، وبالجملة فاحتمال عبد الله الثقة لا وجه له ، والتفصیل أزید من هذا قد سبق.

والرابع : فیه أنّ الشیخ رواها عن ابن سنان فی التهذیب (2) بدل ابن مسکان کما تقدم (3) ، وعلی تقدیر ابن سنان هو عبد الله فهی صحیحة ، وأمّا ابن مسکان ففیه احتمال ، وإن أمکن ادعاء ظهور عبد الله لما یأتی (4) ، إلاّ أنّ روایته عن أبی عبد الله ربما یشکل بما ذکره النجاشی نقلاً عن الکشی (5) ، فیقرب (6) إلی الصواب ابن سنان.

وما ذکره شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ الشیخ رواها بنحو ما ذکرناه فی التهذیب وأنّه الصواب. إن أراد بوجه الصواب الروایة عن أبی عبد الله ، ففیه : أنّ روایة ابن مسکان عن أبی عبد الله موجودة بکثرة کما قدمناه (7) ، وکلام الکشی المحکی فی النجاشی محلّ تأمّل ، وإن کان لأنّ ابن سنان روی عنه فضالة دون ابن مسکان فالموجود فی الرجال روایة غیر فضالة عنهما ، بل ابن أبی عمیر روی عنهما وغیره ، فالصواب محلّ کلام ،

بحث حول روایة عبد الله بن مسکان عن أبی عبد الله علیه السلام

ص: 486


1- منتقی الجمان 1 : 36.
2- التهذیب 2 : 270 / 1076.
3- فی ص 1425.
4- فی « فض » و « رض » : مما یأتی.
5- وهو ما رواه الکشی انّه لم یسمع من أبی عبد الله علیه السلام إلاّ حدیث : ( من أدرک المشعر فقد أدرک الحج ) رجال الکشی 2 : 680 / 716 ، ولم نعثر علی النقل فی النجاشی : 214 / 559 ، ولعل المصنف أخذه من الخلاصة : 106 / 22.
6- فی « فض » : فیتأید ، وهی مشطوبة فی « د » ولکن فی هامشها : فیقرب.
7- فی ص 120 ، 147.

إلاّ أنّه سیأتی (1) عن قریب روایة فضالة عن عبد الله بن مسکان وربما حصل الظنّ بأنّ الحکم مطّرد ، فلیتأمّل.

والخامس : فیه أبو بصیر ، والظاهر أنّه الضعیف لروایة شعیب عنه وقد قدّمنا (2) وجه ضعفه عن قریب مجملاً ، وبعیدٍ مفصّلاً.

المتن :

فی الأوّل لا یخفی ظهوره فی أنّ المراد ( بالفائتة غیر المقضیّة ) (3) ، والعنوان من الشیخ ربما یقتضی بظاهره خلافه ، إلاّ أنه لا مانع من إرادة العموم فی العنوان.

ثم إنّ الخبر قد یدلّ علی ما یشمل القضاء بقوله : « وکذلک الصلوات » إلاّ أنّ احتمال إرادة غیر الظهر من المغرب والعشاء المؤدّاتین ربما یدّعی ظهوره ، والفائدة تظهر فی الدلالة علی الفائتة مع الاتحاد إذا خرج وقتها هل یجب فعلها قبل الحاضرة أم لا؟ وعلی تقدیر حمل الخبر علی الحاضرتین تنتفی الدلالة المطلوبة ، وما تضمّنه من خوف خروج الوقت یراد به وقت الإجزاء.

نعم قد یحصل الظن بخروج الوقت فیصلّی الحاضرة ثم یظهر اتساعه ، فاحتمال العدول بها إلی السابقة ، أو صحّتها لکونها فی المشترک ، أو یفرق بین المشترک فی نفس الأمر مع أنّه فی الظن وقت اختصاص ، أو أنّ المشترک علی تقدیر وقوع رکعة إنّما یجزئ مع عدم قصد الاختصاص ،

بیان ما دلّ علی أنّ من فاتته صلاة فذکرها فی وقت أخری یبدأ بالفائتة إلاّ مع خوف خروج وقت الحاضرة ، وتحقیق فی بعض أدلّة القول بالمضایقة فی القضاء

ص: 487


1- فی ص 1441.
2- فی ص 1407.
3- ما بین القوسین کذا فی النسخ ، والأنسب : بالمنسیة غیر الفائتة.

احتمالات ، والخبر مجمل.

وقوله : « ثم تقضی التی نسیت » لا تدلّ علی تعیّن القضاء قبل المغرب ؛ لأنّ دلالة : « ثم » علی الترتیب محتمل لترتبها علی العصر ، ویحتمل غیر ذلک ، وستسمع القول فی غیرها من الأدلّة إنشاء الله تعالی.

وأمّا الثانی : فلا یبعد أن یراد بالفائتة نحو ما فی الأول ، ویراد فواتها عن وقتها الأوّل ، وقوله : « کنت من الأُخری فی وقت » ربما یدلّ علی الوقت فی الجملة ولو بإدراک رکعة منه ، والتنکیر یشعر به ، وهذا الاحتمال فی الأول أیضاً ، لکنه موقوف علی ثبوت دلیل : أنّ إدراک الرکعة کاف علی الإطلاق ، وفیه نوع تأمّل ذکرناه فی محلّ آخر.

والحاصل أنّ ظاهر الخبر الاکتفاء بوقت ما ، والإجمال فیه حاصل إلاّ بتقدیر ادعاء الشمول للبعض والجمیع ، والأوّل کما تری ظاهره کذلک ؛ لأنّ وقت الصلاة یتناول البعض والجمیع ، وفی نظری القاصر أنّ احتمال إرادة الفائتة غیر الخارج وقتها یستفاد منه احتمال کون الآیة الشریفة مراداً بها أنّ الصلاة مأمور بها فی وقتها والوقت حاصلٌ ، أو أنّ الأمر بالصلاة مطلق ما دام الوقت ، والفرق بین الأمرین یظهر بالتأمّل.

وعلی هذا ، فقوله سبحانه ( لِذِکْرِی ) محتملٌ أن یراد به لیکون ذاکراً لی ، ویحتمل أن یکون ذکر الآیة لا من حیث الأمر ، بل من حیث إنّ العلّة الذکر ، وذکره علی کلّ حال مأمور به ، فیدخل فیه هذه الحال.

وما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من أنّه ورد فی بعض الأحادیث المعتبرة فی تفسیر قوله عز وجل ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ

ص: 488

لِذِکْرِی ) أی ذکر صلاتی (1) ، وأشار بأنّ هذا مستفاد من خبر زرارة الحسن عنده. ففیه : أنّ استفادة ما ذکره محلّ تأمّل ، کما أنّ وصفه بالحسن کذلک ؛ لوجود القاسم بن عروة وقد تقدّم ما یدلّ علی حاله بما لا یفید مدحاً (2).

وعلی کلّ حال فقد نقل عن السیّد المرتضی أنّه قال بالمضایقة فی القضاء (3) ، کما ذکرناه فی حواشی التهذیب ، وکذلک غیره (4) أیضاً ، واحتمل الاستدلال علی ذلک بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله بأنّ الأمر بالشی ء یستلزم عدم الأمر بضده (5) ، وقد ذکرنا ما فیه فی الحاشیة ، والحاصل أنّ الضدّیّة إنّما تتحقق مع القول بالتضیق وهو أصل المدعی ، وقد ذکر شیخنا قدس سره هذا الدلیل (6) ، والکلام فیهما واحد.

فإن قلت : الضدیّة تتحقّق فی الموسّع بالنسبة إلی الفعل وإنْ کان الواجب موسّعاً ، وحاصل الأمر أنّ الموسّع لو جاز فعله مع جواز فعل الواجب الآخر لزم اجتماع الضدّین.

قلت : المصرّح به فی کلام بعض الأصحاب اشتراط الضیق فی التضاد (7) ، وما ذکرت من الاحتمال فی الموسّع قد یتوجّه علیه أنّ التضاد فی الفعل لا یتعین انتفاؤه بترک القضاء ، بل یتحقق بترک أحد الواجبین إمّا القضاء أو المؤدّاة ، فلا وجه لاختصاص المنع بالقضاء.

ص: 489


1- البهائی فی الحبل المتین : 151.
2- فی ص 319.
3- حکاه عنه فی المعتبر 2 : 408 ، وهو فی رسائل المرتضی 2 : 364.
4- کالحلّی فی السرائر 1 : 272.
5- البهائی فی الحبل المتین : 151.
6- المدارک 4 : 301.
7- کما فی الغنیة ( الجوامع الفقهیة ) : 526.

والحق أنّ الاعتبار یشهد بأنّ النهی عن الضد أو عدم الأمر بالضد وإنْ کان لا یتحقّق إلاّ بخصوص الفعل ، إلاّ أنّ ما نذکره فیما بعد من الإشکال فی ذلک یلزم منه توجّه أحد الأمرین إلی الفعل ، لکن الترجیح للقضاء علی صاحبة الوقت لا وجه له ، إذ الفعل کما اعتبر فی القضاء یعتبر فی الأداء ، وأمّا التعبیر من شیخنا المعاصر سلّمه الله بقوله : عدم الأمر بضده ، فالغرض منه : الإشارة إلی أنّ ما قاله أهل الأُصول من الخلاف فی استلزام الأمر بالشی ء النهی عن ضدّه غیر واضح بما بیّنه فی الزبدة (1) ، وأنّ الذی ینبغی أن یقال : عدم الأمر بضدّه.

وقد یناقش فی هذا بأنّ الضد المبحوث عنه هو الضد الخاص ، وهو الأمر الوجودی ، والمحقّقون علی أنّ المأمور به الماهیّة والفرد وجود له (2) لأنّه لا یتم إلاّ به ، فالضد غیر مأمور به عندهم ، وحینئذ لا فائدة فی قولنا : الأمر بالشی ء یستلزم عدم الأمر ، لأنّ عدم الأمر حاصل قبل الأمر بالشی ء ، واحتمال أن یقال : إنّ الضد قد یکون کلّیاً إضافیّاً فیتحقق الأمر به ویتم المراد ، یمکن أن یجاب عنه : بأنّه خروج عن محل النزاع وهو الضد الخاص.

فإن قلت : قد صرّح الأُصولیون بأنّ الأمر بالشی ء یستلزم النهی عن ضدّه العام (3) ، وحینئذ فیه دلالة علی تحقّق الضد فی الکلّی.

قلت : قد ذکر بعضهم أنّ للضد العام معنیً یرجع إلی الأمر الوجودی ، کما نقلناه فی حواشی المعالم ، وإنْ أشکل الحال فی قولهم

ص: 490


1- زبدة الأصول : 82.
2- فی « د » و « رض » : والفرد وجوبه ، وفی « فض » : وجود به ، والظاهر ما أثبتناه.
3- کما فی مبادی الأصول : 112 ، ومعالم الأصول : 63.

الأمر بالشی ء ، بورود ما قلناه علیه ، إلاّ أنّ المطلوب هنا فی الإیراد بالنسبة إلی محل النزاع.

وبالجملة : یخطر فی البال أنّ قولهم : الأمر بالشی ء یستلزم النهی عن ضدّه ، لا یخلو من إشکال علی تقدیر أن یکون الأمر إنّما هو بالماهیّة ، لأنّ الأمر بالشی ء فی قوّة الأمر بالماهیّة والضد الخاص للماهیّة وهو الأمر الوجودی ، غیر واضح ، ولو أُرید بالضد الخاص الکلّی الإضافی لزم التهافت ، کما لو أُرید بالأمر بالشی ء الفرد لزم اختیار مذهب القائل بأنّ المأمور به الفرد الغیر المعیّن ، وهو مزیّف.

وما یتوجّه علی قولهم : من أنّ الأمر بالماهیّة یستلزم أن یکون الفرد مقدمة الواجب ، لا أنّه الواجب ، والحال أنّ العبادة الواجبة توصف بأنّها مأمور بها ، ومن ثَمَّ إذا وقعت علی غیر وجهها یقال : إنّ فاعلها لم یأت بالمأمور به ، وحینئذ یحتاج الجمع بین هذه الأُمور إلی مزید نظر ، ومحلّه غیر هذا ، وإنّما ذکرناه بالعرض ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ فی الآیة احتمالات فی کلام المفسّرین.

والعجب من شیخنا قدس سره أنّه أجاب عن الآیة بعد نقل استدلال العلاّمة بها للمضایقة باحتمالها لأُمور (1) ولم ینقل هذا الخبر ، والضعف فیه لو منع ذکره لمنع ذکر قول المفسِّرین.

ثم إنّ الخبر علی تقدیر أن یراد بالفائتة ما خرج وقتها بالکلّیة ، یحتمل أن یکون ذکر الآیة لأنّ الأمر بإقامة الصلاة لذکر الله ، وهو یتناول الأداء والقضاء ، وهذان الاحتمالان وإنْ بَعُدا ، لیسا بأبعد ممّا ذکره المفسِّرون

ص: 491


1- المدارک 4 : 302.

من احتمال ذکری إیّاها فی الکتب ونحو ذلک ، هذا.

وما تضمّنه الخبر من قوله : « إنْ کنت تعلم » إلی آخره. ربما یدلّ علی اعتبار العلم ، ولعلّ المراد به ما یشمل الظن ، کما أنّ الفوات فیه محتمل لفوات جمیع الوقت أو بعضه کما مضی ، وقوله : « واقض الأُخری » علی الاحتمال الأوّل یراد به فعل الأُخری ، وعلی الثانی ظاهر ، ولا یخفی أنّ فوات الثانیة بفعلها یشکل فی صورة فوات البعض دون البعض ، کما لو علم أنّه إذا قضی الفائتة أدرک رکعة (1) ، وعلی تقدیر إرادة القضاء الحقیقی ربما (2) یتناول هذه الصورة ، ولا أعلم الآن القائل به.

وأمّا الثالث : فصدره کما تری ظاهر فی المؤدّاتین ، لکن فیه تقیید بآخر الوقت ، وغیر خفی أنّ العصر إذا کانت فی المشترک یشکل قوله : یجعلها الاولی ، وعلی تقدیر الوقوع فی المختص فجعلها الاولی محتمل ، لکنه مخالف لإطلاق بطلان العصر.

وما تضمّنه من قوله : « لا یخاف فوت إحداهما » یراد به الظهر والعصر ، وهو ظاهر فی بقاء الوقت ، لدلالة البدأة بالعصر ، والأمر بصلاة الظهر علی أثرها له دلالة علی تعیّن فعلها قبل المغرب ، فیدلّ علی القول بالمضایقة فی الفائتة المتحدة.

والرابع : قد تقدّم (3) أنّ له دلالةً علی امتداد وقتی المغرب والعشاء لمن ذکر فی الروایة إلی الفجر ، وهو منقول عن المحقّق فی المعتبر (4) ،

ص: 492


1- فی « ش » : الرکعة.
2- فی « رض » : إنّما.
3- فی ص 1354.
4- المعتبر 2 : 409.

واحتمال أن یقال : إنّهما غیر صریحتین فی الأداء فیجوز إرادة القضاء ولو علی وجه الاستحباب کما ینبّه علیه ذکر فعلهما بعد الصبح ، مع دلالة بعض الأخبار علی الاستحباب مع التعدد یدفعه ذکر البدأة بالعشاء علی تقدیر عدم إمکان فعلهما ، إذ القضاء یقتضی تقدیم المغرب.

أمّا دلالة الروایة علی الاختصاص بالعشاء فظاهرة ، غیر أنّه یظهر منها المخالفة لحکم اختصاص النصف ، لأنّ من اتسع الوقت له لِفِعْل خمس رکعات یفعل الفرضین ، والخبر یعطی أنّ الخوف من فوت إحداهما یقتضی البدأة بالعشاء ، لکن لا یخفی أنّ ما دلّ علی أنّ إدراک الرکعة کافٍ ، یتحقق به إدراکهما بتقدیر إدراک الخمس.

ثم إنّ الخبر ظاهر فی أنّ الفائتة مع التعدد لا یجب تقدیمها علی الحاضرة مع السعة ، لدلالته علی أنّ المغرب والعشاء یفعلهما قبل طلوع الشمس ، وهو یدل علی اتساع الوقت ، ویستفاد منه أنّ المراد بخوف الفوات فوات وقت الفضیلة للصبح ، وهذا ربما یشمل المتحدة المشترط فی تقدیمها عدم خوف الفوات ، إلاّ أن یدّعی أنّ ما لا یجب تقدیمه یکفی فیه خوف فوت الفضیلة بخلاف ما یجب ، وستسمع (1) إن شاء الله الکلام فی المتحدة.

وأمّا الخامس : فکالرابع ، وفیهما دلالة علی کراهة القضاء حین طلوع الشمس وبقاء شعاعها ، ولا یخفی أنّ ما سبق من روایة زرارة فی الباب السابق (2) الدالة علی جواز القضاء فی أیّ وقت ینفی الکراهة ، والجمع بینه وبین هذین بحمل الجواز علی نفی التحریم وهذین علی الکراهة ، لکن

ص: 493


1- فی ص 1436.
2- فی ص 1417.

الأول وهو الصحیح بالنسبة إلی ما بعد طلوع الشمس لا یدلّ علی النهی ، وأمّا الثانی فالأمر بترک العشاء یدلّ علی ما ذکر ، لکن سنده قد علمته.

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضّال ، عن عمرو بن سعید المدائنی ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی الساباطی (1) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل (2) تفوته المغرب حتی تحضر العتمة ، قال (3) : « إنْ حضرت العتمة وذکر أنّ علیه صلاة المغرب فإنْ أحبّ أن یبدأ بالمغرب بدأ ، وإنْ أحبّ بدأ بالعتمة ثم صلّی المغرب بعدها ».

فهذا خبر شاذّ مخالف للأخبار کلّها ؛ لأنّ العمل علی ما قدّمناه من أنّه إذا کان الوقت واسعاً ینبغی أن یبدأ بالفائتة ، وإنْ کان الوقت ضیِّقا (4) بدأ بالحاضرة ، ولیس هنا (5) وقت یکون الإنسان فیه مخیّراً ، ویمکن أنْ یحمل الخبر علی الجواز ، والأخبار الأوّلة علی الفضل والاستحباب.

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن العبّاس ، عن إسماعیل ابن همام ، عن أبی الحسن علیه السلام أنّه قال : فی الرجل یؤخّر الظهر حتی یدخل وقت العصر : « فإنّه یبدأ بالعصر ثم یصلّی الظهر ».

ص: 494


1- فی الاستبصار 1 : 288 / 1055 : عن عمار الساباطی.
2- فی الاستبصار 1 : 288 / 1055 : الرجل.
3- فی الاستبصار 1 : 288 / 1055 : فقال.
4- فی الاستبصار 1 : 288 / 1055 : مضیقاً.
5- فی الاستبصار 1 : 288 / 1055 : ههنا.

فالوجه فی هذا الخبر هو أنّه إذا تضیّق وقت العصر بدأ به ، ثم صلّی الظهر علی ما فصّلناه.

فأمّا ما رواه محمّد بن علی بن محبوب ، عن علی بن خالد ، عن أحمد بن الحسن بن علی (1) ، عن عمرو بن سعید المدائنی ، عن مصدّق ابن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرجل ینام عن الفجر حتی تطلع الشمس وهو فی سفر کیف یصنع؟ أیجوز له أن یقضی بالنهار؟ قال : « لا یقضی صلاة النافلة (2) ولا فریضة بالنهار ، ولا یجوز له ولا یثبت له ، ولکن یؤخّرها فیقضیها باللیل ».

فهذا خبرٌ شاذّ لا یعارض به الأخبار التی قدّمناها مع مطابقتها لظاهر الکتاب وإجماع الأُمّة.

السند :

فی الأوّل : معلوم الحال بعد ما تکرر فیه المقال (3).

والثانی : صحیح علی الظاهر أنّ العباس فیه ابن معروف لما (4) تکرّر فی الأسانید ، وقد قدّمنا (5) فی أول الکتاب جزم الوالد قدس سره بذلک ، ویحتمل ابن عامر لأنّ سعداً یروی عنه فی الرجال (6) ، والمرتبة قریبة مع ابن

کلمة فی تمییز العباس

ص: 495


1- فی الاستبصار 1 : 289 / 1057 زیادة : بن فضال.
2- فی الاستبصار 1 : 289 / 1057 : نافلة.
3- راجع ص 114.
4- فی « رض » : کما.
5- فی ص 45.
6- انظر رجال النجاشی : 281 / 744.

محبوب ، واحتمال غیرهما فی حیّز الإمکان ، إلاّ أنّ الظن حاصل بالمقدّم.

والثالث : فیه علیّ بن خالد ، وفی إرشاد المفید ذکر علی بن خالد وأنه کان زیدیّاً ورجع لما رأی من کرامات أبی جعفر الثانی علیه السلام (1) ، ولا یبعد أن یکون هو المذکور.

المتن :

فی الأوّل : یحتمل أن یراد بالمغرب فیه غیر مغرب تلک اللیلة التی حضرت العتمة فیها ، ویکون السؤال بسبب احتمال تقدّم المغرب علی العشاء أداءً وقضاءً ، ولو حملت علی مغرب اللیلة خالف الإجماع ، والشیخ کما تری کلامه لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ المفهوم من الخبر فائتة اللیلة وحمل الخبر علی الجواز لا وجه له ، ولو حمل علی أنّ الفائتة من غیر اللیلة کما ذکرناه فالأخبار السابقة دالة علی الوجوب.

وقد نقل العلاّمة فی المختلف عن الشیخ القول بالمضایقة ، وهو وجوب ترتیب الفائتة علی الحاضرة ما لم یتضیّق وقت الحاضرة ، قال : وقد صرّح فی المبسوط بأنّه إذا علم أنّ علیه قضاءً وادّی فریضة الوقت فإنّه لا یجزؤه (2).

والظاهر أنّ الوجوب علی الفور کما یقتضیه کلام المبسوط ، وینقل عن سلاّر القول بالفوریّة أیضاً (3) ، وعن السیّد المرتضی وابن إدریس المنع من الاشتغال بغیر القضاء فی الوقت المتّسع ، ومنعا من التکسب بالمباح

بحث حول علی بن خالد

نقل الأقوال فی المضایقة والمواسعة فی القضاء مع أدلّتها والمناقشة فیها

ص: 496


1- إرشاد المفید 2 : 291.
2- المختلف 2 : 435 ، وهو فی المبسوط 1 : 127.
3- حکاه عنه فی المختلف 2 : 436 وهو فی المراسم : 90.

وأکل ما یزید علی ما یمسک الرمق (1).

ونقل أیضاً فی المختلف القول بالتوسعة وأنّ الأوْلی تقدیم الفائتة عن بعض المتقدمین (2) ، وعن أبی جعفر ابن بابویه التوسعة أیضا (3) ، ولم ینقل عن الشیخ التوسعة ، وکلامه فی هذا المقام یفیده علی تقدیر أنّ ما یذکره هنا یکون مذهباً ، کما ینقل عنه فی مواضع منها ما تقدم فی المواقیت.

وللعلاّمة تفصیل فی المسألة ، وهو أنّ الفائتة إنْ ذکرها فی یوم الفوات وجب تقدیمها علی الحاضرة ما لم یتضیّق وقت الحاضرة سواء اتحدت أو تعدّدت ، وإنْ لم یذکر حتی یمضی ذلک الیوم جاز له فعل الحاضرة ، واستدل علی ذلک بأخبار ، منها خبر زرارة المتقدم فیه البحث (4) ، وقد عرفت أنّ دلالته لا تخلو من إجمال.

وما استدل به العلاّمة أوضحت القول فیه فی رسالة مفردة فی الظن أنّه لا مزید علیه.

واستدل شیخنا قدس سره (5) علی وجوب تقدیم المتحدة بصحیح صفوان ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : سألته عن رجل نسی الظهر حتی غربت الشمس وقد کان صلّی العصر ، فقال : « کان أبو جعفر علیه السلام أو کان أبی علیه السلام یقول : إن أمکنه أن یصلّیها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها ، وإلاّ صلّی المغرب ثم

ص: 497


1- حکاه عنهما فی المختلف 2 : 437 ، وهو فی المسائل الرسیة ( رسائل المرتضی 2 ) : 365 ، وفی السرائر 1 : 274.
2- المختلف 2 : 437.
3- المختلف 2 : 436 ، وهو فی الفقیه 1 : 232 ، 233.
4- فی ص 488 492.
5- المدارک 4 : 299.

صلاّها » (1).

ولا یخفی أنّ دلالة هذه الروایة علی الوجوب محلّ کلام ، بل الظاهر من سیاقها الندب ، والوجه فیه : أنّ قوله : « إن أمکنه » یُشعر بعدم التحتّم ، وما عساه یقال : إنّ الوجوب فرع الإمکان أیضاً ، یمکن الجواب عنه بأنّ الإمکان وإن کان شرطاً عقلاً إلاّ أنّ الإتیان به فی الروایة محتمل لأن یراد به القدرة المعتبرة فی وجوب الفعل ، ویحتمل أن یراد به الأعم.

ولو نوقش بأنّ الظاهر إرادة القدرة فقوله : « وإلاّ صلّی المغرب ثم صلاّها » یدلّ علی لزوم صلاتها بعد المغرب ، فإن کان اعتماد شیخنا قدس سره علی المضائقة مع الاتحاد حتی فی فعلها بعد الفریضة فالمعهود منه خلافه ، بل الفوریة لا یقول بها علی الإطلاق ، وإذا لم یکن کذلک دلّ الخبر علی الاستحباب فی الفعل بعد الحاضرة ، ومعه یقرب الاستحباب فی البدأة ، هذا کلّه علی تقدیر صحّة خبر صفوان.

والذی وقفت علیه فی التهذیب ما رواه عن محمّد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان (2) ، والطریق إلیه عن محمد بن یعقوب ، عن محمد بن إسماعیل (3) ، وقد قدّمنا القول (4) فی محمّد بن إسماعیل ، والحاصل أنّه من الشیوخ فلا یبعد أن یکون من قبیل أحمد بن محمد بن یحیی وابن الولید.

ثم إنّ الوالد قدس سره کان یختار الاستحباب فی المتحدة والمتعدّدة ، والوجه فیه یظهر ممّا نقرّره وقرّرناه ، إلاّ أنّ اعتماد شیخنا قدس سره علی

ص: 498


1- الکافی 3 : 293 / 6 ، التهذیب 2 : 269 / 1073 ، الوسائل 4 : 289 أبواب المواقیت ب 62 ح 7.
2- التهذیب 2 : 269 / 1073.
3- مشیخة التهذیب ( التهذیب 10 ) : 47 50.
4- فی ص 186 و 247.

الاستحباب فی المتعددة (1) لروایة ابن سنان المتقدمة عن التهذیب (2) ، وفی هذا الکتاب عن ابن مسکان الدالة علی فعل الصبح قبل المغرب والعشاء.

وفی المختلف استدلّ العلاّمة علی وجوب تقدیم فائتة الیوم وإن تعدّدت بما رواه زرارة فی الصحیح عن الباقر علیه السلام (3) ، والروایة علی ما وقفت علیها فی التهذیب فیها إبراهیم بن هاشم ومحمّد بن إسماعیل عن الفضل ، وهی مرویة عن محمّد بن یعقوب (4) ، وقد سمعت القول فی محمد بن إسماعیل (5) ، وفی الحبل المتین مرویة فی الصحیح (6) ، وشیخنا أیضاً وصفها بالصحة (7) ، ومتن الروایة قال : « إذا نسیت صلاة أو صلّیتها بغیر وضوء وکان علیک قضاء صلوات فابدأ باولیهن (8) فأذّن لها وأقم ثم صلّها ثم صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لکل صلاة ، قال : وقال أبو جعفر علیه السلام : « وإنْ کنت قد صلّیت الظهر وقد فاتتک الغداة فذکرتها فصلّ أیّ ساعةٍ ذکرتها ولو بعد العصر ومتی ما ذکرت صلاة فاتتک صلّیتها » وقال : « إن نسیت الظهر حتی صلّیت العصر فذکرتها وأنت فی الصلاة أو بعد فراغک فانوها الاولی ثم صلّ العصر فإنّما هی أربع مکان أربع ، وإنْ ذکرت أنّک لم تصلّ الاولی وأنت فی صلاة العصر وقد صلّیت منها رکعتین فصلّ

ص: 499


1- المدارک 4 : 299.
2- راجع ص 1426.
3- المختلف 4 : 438.
4- التهذیب 3 : 158 / 340.
5- راجع ص 186 ، 247 ، 1436.
6- الحبل المتین : 149.
7- المدارک 4 : 300.
8- فی التهذیب : بأوّلهن.

الرکعتین الباقیتین وقم فصلِّ العصر ، وإنْ کنت ذکرت أنّک لم تصلّ العصر حتی دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصلِّ العصر ثم صلِّ المغرب ، وإنْ کنت قد صلّیت المغرب فقم فصلِّ العصر ، وإنْ کنت قد صلّیت من المغرب رکعتین ثم ذکرت العصر فانوها العصر ثم سلّم ثم صلِّ المغرب ، وإن کنت قد صلیت العشاء الآخرة ونسیت المغرب فقم فصلِّ المغرب ، وإنْ کنت ذکرتها وقد صلیت من العشاء الآخرة رکعتین أو قمت فی الثالثة فانوها المغرب ثم سلّم ثم قم فصلّ العشاء الآخرة ، وإنْ کنت قد نسیت العشاء الآخرة حتی صلّیت الفجر فصلِّ العشاء الآخرة ، وإنْ کنت ذکرتها وأنت فی رکعة أو فی الثانیة من الغداة فانوها العشاء ثمّ قم فصلّ الغداة وأذّن وأقم ، وإن کانت المغرب والعشاء قد فاتتاک جمیعاً فابدأ بهما قبل أن تصلّی الغداة ، ابدأ بالمغرب ثم صلّ العشاء ، وإنْ خفت أن تفوتک الغداة إن بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم بالغداة ثم صلّ العشاء ، وإن خشیت أن تفوتک صلاة الغداة إن بدأت بالمغرب فصلّ الغداة ثم صلّ المغرب والعشاء ابدأ باولیهما لأنّهما جمیعاً قضاء أیّهما ذکرت فلا تصلّهما إلاّ بعد شعاع الشمس » قال : قلت : لم ذاک؟. قال : « لأنّک لست تخاف فوته » (1).

وهذا الخبر أجاب عنه شیخنا قدس سره بالحمل فی المتعددة علی الاستحباب ، لمعارضة خبر ابن سنان (2) ، والوالد قدس سره کان یقول - بتقدیر العمل به - : إنّ حمل بعضه علی الاستحباب یقتضی حمل جمیع أوامره علی الاستحباب ؛ إذ من المستبعد اختلاف الخبر الواحد فی الأوامر ، وقد یقال : إنّ بعض الأوامر فیه للوجوب قطعاً وهو حال ذکر الفائتة المتحدة مع فوات

ص: 500


1- التهذیب 3 : 158 / 340 ، الوسائل 4 : 290 أبواب المواقیت ب 63 ح 1.
2- المدارک 4 : 302.

وقتها فی الجملة لا صیرورتها قضاءً ، فإمّا أن یحمل کلها علی الوجوب ، ویشکل بمعارضة خبر ابن سنان ، وإن حملت کلّها علی الندب خالفت الإجماع ، فلا بدّ من التزام عدم المانع من اختلاف الخبر ، وحینئذ یقال : إنّ الأمر للوجوب إلاّ ما خرج بسبب المعارض ، هذا علی تقدیر العمل بالأخبار.

ثم إنّ خبر زرارة المتقدم (1) ربما کان أولی بالاستدلال لشیخنا قدس سره من خبر صفوان ، لما سمعت فیه ، واشتمال خبر زرارة علی الحسین بن الحسن بن أبان لا أظنّ أنّ شیخنا یتوقف فیه ، وبتقدیر التوقف ففی الزیادات قد رواه الشیخ عن زرارة والطریق فیه إبراهیم بن هاشم ، وقد حکم بصحة الطریق الذی هو فیه ، والخبر المذکور لزرارة الطویل یدل علی المتحدة بسبب الأمر کما ذکرناه ، غیر أنّ العدول من العصر والعشاء إلی ما قبلهما علی تقدیر الوقوع فی المشترک غیر ظاهر الوجه ، والحمل علی المختص خلاف الظاهر ، وربما کان قوله : « وإنّما هی أربع مکان أربع » صریح المنافاة للاشتراک.

ثم إنّ حدیث زرارة کما تری یدلّ علی ترتیب الفائتة مع التعدد علی معنی أنّ المغرب قبل العشاء ، لقوله : « ابدأ باولیهما » یعنی المغرب والعشاء ، وقد ذکر شیخنا قدس سره فی الاستدلال بها علی الترتیب (2) قوله : « وکان علیک صلوات فابدأ باولیهنّ فأذّن لها وأقم وصلّ ما بعدها بإقامة إقامة » (3).

ص: 501


1- فی ص 1415.
2- فی النسخ زیادة : أنّ ، حذفناها لاستقامة العبارة.
3- المدارک 4 : 296.

ولا یخفی أنّ ما ذکرناه أوضح ، لاحتمال قوله : ابدأ باولیهنّ ثمّ صلّ ما بعدها کیف کان ، لکن لا یخفی أنّ الدلالة علی الوجوب إنّما یتم بعد ما قرّرناه من أنّ خروج بعض الروایة للاستحباب لا یضرّ بحال باقی الأوامر الدالة علی الوجوب ، ولا یخفی أنّ البحث الذی فی لفظ « إذا » فی الخبر السابق لا یتمشّی هذا الخبر ، لدلالته بغیر « إذا » کما یعرف بالملاحظة.

والصدوق فی الفقیه روی بطریقه الصحیح عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام أنّه قال : « أربع صلوات یصلّیها الرجل فی کل ساعة : صلاة فاتتک فمتی ما ذکرتها أدّیتها » الحدیث (1). ودلالته بلفظ « متی » أوضح من « إذا » الواقعة فی بعض الأخبار السابقة ، کما أنّ الاستدلال به علی المضائقة له وجه لولا بعض الاحتمالات.

فإن قلت : ما الفرق بین « متی » و « إذا » مع أنّ الظاهر الاتحاد؟

قلت : لما تقدم من احتمال « إذا » الإهمال ، ویمکن أن یقال فی « إذا » إنّ العموم فیها علی تقدیره لآناء الذکر ، علی معنی أنّ أوقات الذکر ما دام حاصلاً یجب فعلها فیه ، لا أنّ کل ما حصل الذکر یجب ، وفیه : أنّ الفرق فی هذا (2) لا یخلو من تأمّل ، وأمّا لفظ « متی » فالعموم فیه إذا خلا من الارتیاب احتمل إرادة ما ذکرناه فی « إذا » وقد یرجّح إرادة جمیع الأزمان أنّ الظاهر إرادة نفی الکراهة فی الأوقات المذکورة فی الأخبار والرد علی العامّة.

وربما یقال : إذا کان الغرض نفی الأوقات المکروهة والردّ لا یدلّ علی الفوریّة.

ص: 502


1- الفقیه 1 : 278 / 1265 ، الوسائل 4 : 240 أبواب المواقیت ب 39 ح 1.
2- فی « فض » و « رض » : مع هذا.

وفیه : أنّه لا منافاة بین الفوریة وما ذکر ، والحق أنّ العموم لوقت الذکر لا یقتضی الفوریّة ؛ لأنّ الحاصل أنّ وقت الذکر هو وقت القضاء ، فإن کان الذکر باقیاً کان وقت القضاء متّسعاً فلا یفید الفوریّة المطلوبة للقائل بها ، هذا إذا أُرید عموم آناء وقت الذکر ، ولو أُرید کل وقت ذکر فالأمر أوسع ، فینبغی تأمّل هذا کلّه فإنی لم أقف علی تحریره فی کلام الأصحاب ، والله سبحانه أعلم بالصواب.

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فیه متوجه ، وکذلک الثالث (1).

قوله :

باب وقت قضاء ما فات من النوافل.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطاب ، عن محمّد بن بزیع العدوی ، عن أبی الحسن عبد الله بن عون الشامی قال : حدّثنی عبد الله ابن أبی یعفور ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی قضاء صلاة اللیل والوتر ، تفوت الرجل أیقضیها بعد صلاة الفجر أو بعد (2) العصر؟ قال (3) : « لا بأس بذلک ».

عنه ، عن موسی بن جعفر ، عن أبی جعفر ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن میمون ، عن محمّد بن فرج (4) قال : کتبتُ إلی العبد

وقت قضاء ما فات من النوافل

اشارة

ص: 503


1- فی النسخ : الرابع ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی الاستبصار 1 : 289 / 1058 : وبعد.
3- فی الاستبصار 1 : 289 / 1058 : فقال.
4- فی الاستبصار 1 : 289 / 1059 : عن محمد بن فرح.

الصالح علیه السلام أسأله عن مسائل ، فکتب إلیّ : « وصلّ بعد العصر من النوافل ما شئت ، وصلّ بعد الغداة من النوافل ما شئت ».

محمد بن أحمد بن یحیی ، عن إبراهیم ، عن محمّد بن عمر الزیّات ، عن جمیل بن دراج قال : سألت أبا الحسن الأوّل علیه السلام عن قضاء صلاة اللیل بعد الفجر إلی طلوع الشمس ، قال : « نعم ، وبعد العصر إلی اللیل (1) من سرّ آل محمّد المخزون ».

أحمد بن محمد ، عن علیّ بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن سلیمان بن هارون قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن قضاء ( صلاة اللیل ) (2) بعد العصر ، قال : « فاقضها متی ما شئت ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیّوب ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « اقض صلاة النهار أیّ ساعة شئت ، من لیل أو نهار کلّ ذلک سواء ».

عنه ، عن فضالة ، عن عبد الله بن مسکان ، عن ابن أبی یعفور قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « صلاة النهار یجوز قضاؤها فی (3) أیّ ساعة شئت ، من لیل أو نهار ».

أحمد بن محمد ، عن علیّ بن سیف ، عن حسّان بن مهران قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قضاء النوافل ، قال : « ما بین طلوع الشمس إلی غروبها ».

ص: 504


1- فی الاستبصار 1 : 290 / 1060 زیادة : فهو.
2- فی الاستبصار 1 : 290 / 1061 بدل ما بین القوسین : الصلاة.
3- لیست فی الاستبصار 1 : 290 / 1063.

السند :

فی الأول : فیه بعد ما تقدم (1) محمّد بن بزیع العدوی ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف علیه فی الرجال ، وعبد الله بن عون الشامی موجود فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ لکن الشبامی (2) ، وفی نسخة : ابن عوف ، والظاهر أنّه تصحیف ، وعلی کل حال هو مهمل.

والثانی : ضمیر « عنه » یحتمل رجوعه إلی سعد ، وقد قدّمنا فی باب آخر وقت الظهر کلاماً عن شیخنا - أیّده الله - أنّه قال - بعد السند الراوی فیه هناک سعد ، عن أحمد بن محمد بن عیسی وموسی بن جعفر ، عن أبی جعفر - : إنّ الظاهر عطف موسی بن جعفر علی أحمد ، فإنّ سعداً روی عن موسی بن جعفر کما روی عن أحمد ، وموسی بن جعفر روی عن أحمد (3).

وذکرنا سابقا (4) احتمال أبی جعفر لابن أبی نصر ، والذی هنا کما تری یقتضی روایة سعد عن أحمد بن محمد بن عیسی ، بتقدیر کونه المکنّی بأبی جعفر بواسطة ، ولا بُعد فیه ، نعم البُعد فی روایة سعد عن محمد بن عبد الجبّار بواسطتین ، وفی الرجال أنّ سعداً یروی عن محمد بغیر واسطة ، فیحتمل أن یکون « عن » الواقعة قبل محمّد عوض الواو ، کما هو واقع من الشیخ کثیراً ، ویحتمل عدم ذلک ، کما یحتمل سقوط الواو قبل

محمد بن بزیع العدوی مجهول الحال

بحث حول عبد الله بن عون الشامی

بحث حول مرجع الضمیر فی قول الشیخ : عنه عن موسی بن جعفر عن أبی جعفر.

ص: 505


1- فی ص 46 ، 81.
2- رجال الطوسی : 225 / 32.
3- فی ص 1284.
4- فی ص 1284.

« عن » ویکون قوله : عن محمد بن عبد الجبار معطوفاً [ علی موسی بن جعفر فیکون سعد (1) ] راویاً عن موسی وعن محمّد.

أمّا احتمال رجوع ضمیر « عنه » لمحمّد بن الحسین بن أبی الخطاب ( فیدفعه الممارسة للرجال ) (2) (3).

وأمّا میمون فغیر معلوم ، والذی فی الرجال لا یحتمله بسبب المرتبة مع الإهمال ، ومحمّد بن الفرج ثقة.

والثالث : فیه إبراهیم ، وهو مشترک (4) ، ومحمد بن عمر الزیّات ثقة علی الظاهر من کونه محمّد بن عمرو بن سعید الذی وثّقه النجاشی (5) ، غیر أنّ الشیخ ذکر محمّد بن عمر الزیّات فی الفهرست مهملاً (6) ، فتأمّل.

و[ الرابع : فیه (7) ] سلیمان بن هارون مجهول الحال ، لذکره مهملاً فی أصحاب الصادق والباقر علیهماالسلام من کتاب الشیخ (8).

[ والخامس (9) ] : غیر خفیّ بعد ما قدّمناه سیّما فی الحسین بن

میمون غیر معلوم

محمد بن الفرج ثقة

بحث حول محمد بن عمر الزیات

سلیمان بن هارون مجهول الحال

ص: 506


1- فی النسخ : علی سعد فیکون ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی « فض » : فیدفعه الثانی بالممارسة للرجال یرجع الی سعد ، وفی « د » : فیدفعه الممارسة للرجال یرجع الی سعد ، وفی « رض » : فیدفعه الثانی کذا لممارسة الرجال یرجع الی سعد. والظاهر ما أثبتناه.
3- فی « فض » زیادة : لما تقدّم من روایة سعد عن احمد بن محمد وموسی بن جعفر عن ابی جعفر وذکرنا هناک الحال ، وهی فی « د » مشطوبة.
4- انظر هدایة المحدثین : 9.
5- رجال النجاشی : 369 / 1001.
6- الفهرست : 154 / 685 وفیه : محمد بن عمرو الزیات.
7- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المعنی.
8- رجال الطوسی : 124 / 12 و 207 / 78 و 79.
9- فی النسخ : والرابع ، والصواب ما أثبتناه.

أبی العلاء عن قریب (1).

[ والسادس (2) : ] : أیضاً معلوم ، وفیه دلالة علی أن ابن مسکان المتقدّم (3) غیر بعید هو عبد الله ؛ لأن الراوی عنه فضالة أیضاً ، لکن باب الاحتمال واسع ، والظهور لا ینکر.

والسابع (4) : فیه علی بن سیف ، وهو ابن عمیرة ثقة ، وحسّان بن مهران کذلک ، وهو أخو صفوان.

المتن :

فی الجمیع ظاهر الدلالة علی عدم تعیّن وقت لقضاء النوافل ، ویدلُّ علی جواز فعل النافلة فی وقت الفریضة ، وحینئذ یؤیّد ما سبق ، وقد قدّمنا (5) بعض هذه الأخبار فی ذاک المقام ، ولا یخفی أنّ خبر الحسین بن أبی العلاء یتناول الفرائض والنوافل ، کما أنّ خبر سلیمان بن هارون یتناولها ، إلاّ أن یقال : إنّ المتبادر نوافل اللیل ونوافل النهار.

وقد تقدم (6) فی بعض الأخبار المعتبرة ما یدل علی تأخیر القضاء فی الفریضة لذهاب شعاع الشمس ، بل ظاهر خبر زرارة المنقول عن التهذیب النهی عن الفعل قبل ذلک ، لأنّه قال : « لا تصلّهما إلاّ بعد شعاع الشمس » (7)

علی بن سیف بن عمیرة ثقة

حسان بن مهران ثقة

بیان ما دل علی عدم تعیّن وقتٍ لقضاء النوافل وجوازه فی وقت الفریضة

ص: 507


1- راجع ص 1407.
2- فی النسخ : والخامس ، والصواب ما أثبتناه.
3- فی ص 1426.
4- فی النسخ : والسادس ، والصواب ما أثبتناه.
5- فی ص 1440.
6- فی ص 1425.
7- التهذیب 3 : 158 / 340.

واللازم للعامل بالخبر حمله علی الظاهر من الأمر ؛ إذ المعارض (1) لا یقاومه أعنی خبر الحسین وإن نظرنا إلی ما تقدّم من الأخبار الدالة علی القضاء فی أیّ ساعة ذکر یمکن أن یقال : إنّه عام مخصوص بهذا الخبر.

وما تضمّنه خبر زرارة الطویل بعد قوله علیه السلام : « بعد شعاع الشمس » قلت : لم ذاک؟ قال : « لأنّک لست تخاف فوته » وجّهه بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله بأنّ السائل أراد بیان وجه التأخیر عن الشعاع ، والجواب تضمّن أنّ کلاًّ من ذینک الفرضین لمّا کان قضاءً لم یخف فوت وقته ، فلا تجب المبادرة إلیه فی ذلک الوقت المکروه ، ففیه نوع إشعار بتوسعة القضاء (2). انتهی.

وقد یقال : إنّ السؤال کما یحتمل ما ذکر یحتمل أن یکون عن وجه فعل المغرب والعشاء معاً بعد الصبح وقبل الصبح ، وإن أمکنه فعل المغرب فقط فعلها وأخّر العشاء ، والحال أنّهما إذا کانا جمیعاً قضاءً کما قاله علیه السلام فإمّا أن یؤخّرا أو یقدّما ، والجواب حینئذ بالفرق بسبب خوف فوات الصبح ، فمن ثَمَّ فرّق بینهما ، بخلاف ما إذا فعل الصبح ، فإنّ فعلهما لا مانع منه ، وعلی هذا لا یتعلق السؤال بالتأخیر عن الشعاع.

وربما یرجّح هذا بأنّ الجواب عن التأخیر لو کان لأجل الکراهة لما حسن الجواب بما ذکر ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الضمیر فی « فوته » إن عاد لوقت القضاء لزم أنّ ما تقدّم من الفوات یراد به القضاء ، ولیس کذلک.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ تقدیم القضاء لیس لخوف (3) فواته علی تقدیر التعدد

ص: 508


1- فی « فض » و « د » : إذا المعارض.
2- البهائی فی الحبل المتین : 152.
3- فی « فض » و « رض » : بخوف.

إلاّ علی مذهب من یقول بالوجوب مطلقاً ، وعلیه أیضاً لا یتمّ ، لأنه لا قائل بالخروج بل الفوریة أمر آخر ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه یمکن إبقاء دلالة خبر زرارة علی ظاهره من إطلاق التأخیر فی الفریضة ، ویخصّ خبر الحسین بالنافلة ، أو یکون خبر الحسین ونحوه لبیان الجواز مطلقاً والآخر علی الکراهة ، لدلالة بعض الأخبار المعتبرة (1) علی کراهة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها.

وما عساه یقال : إنّ ذلک الخبر اتی به بلفظ : « إنّما یکره الصلاة » وهی تستعمل فی الأخبار بمعنی التحریم.

یمکن الجواب عنه بأنّ الکراهة مشترکة بین التحریم وغیره فی الأخبار ، ومع الاشتراک أصالة عدم التحریم لا معارض لها ، إلاّ أن یقال : إنّ خبر زرارة ظاهرة المنع ، وهو کاف ، والمشهور الکراهة ، ولکن الخلاف ظاهر فی متعلّقها.

وینقل عن المفید إطلاق عدم جواز قضاء النوافل والابتداء بها عند طلوع الشمس وغروبها ، وأنّه لو زار بعض المشاهد عند طلوعها أو غروبها أخّر الصلاة (2).

وفی المختلف نقل أقوالاً (3) فی المقام یطول بشرحها الکلام ، غیر أنّه حکی عن السیّد المرتضی أنّه قال : ممّا انفردت به الإمامیّة کراهة صلاة الضحی ، وأنّ التنفّل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلی وقت زوالها محرّم إلاّ فی یوم الجمعة (4). وأنّه قال فی المسائل الناصریة حیث قال الناصر

ص: 509


1- انظر الوسائل 4 : 234 أبواب المواقیت ب 38.
2- حکاه عنه فی المختلف 2 : 75 ، وهو فی المقنعة : 144 و 212.
3- المختلف 2 : 75.
4- الانتصار : 50.

لا بأس بقضاء الفرائض عند طلوع الشمس وعند استوائها وعند غروبها - : هذا صحیح عندنا ، وعندنا أنّه یجوز أن یصلّی فی الأوقات المنهیّ عنها کل صلاة لها سبب متقدّم وإنّما لا یجوز أن یبتدأ فیها بالنوافل (1).

ثم إنّ العلاّمة اختار ما نقله عن الشیخ من القول بکراهة ابتداء النوافل فی الأوقات الخمسة دون القضاء ، واستدلّ علیه بأصالة عدم الکراهة ، وبخبر جمیل وهو [ الثالث (2) ] وبخبر ابن أبی یعفور وهو [ السادس (3) (4) ] ولا یخفی أنّ الخبر [ الثالث (5) ] تضمّن نفی البأس إلی طلوع الشمس ، مع أنّ الشیخ عدّ فی قوله من الأوقات المکروهة عند طلوع الشمس.

ویمکن الجواب بأنّ السؤال تضمّن ما قبل طلوع الشمس ، فإذا أتی الجواب بالجواز بقی ما بعد الطلوع کالمسکوت عنه ، فإذا دلّ خبر ابن أبی یعفور علی الجواز مطلقاً أفاد المطلوب.

وفیه : أنّ خبر ابن أبی یعفور خاص بنوافل النهار ، فبقی نوافل اللیل فی حکم المسکوت عنه.

ویمکن الجواب : بأنّ الأصل المتقدّم لعدم الکراهة یبقی علی حکمه فی القضاء بعد طلوع الشمس ما لم یثبت المانع کراهةً أو تحریماً ، والحق إنّ إجمال الاستدلال غیر لائق.

وما عساه یتوجه علینا من أنّ قولنا فی أوّل الباب : إنّ جمیع الأخبار دالة علی عدم تعیّن وقت لقضاء النوافل یوجب الإجمال ؛ لأنّ بعضها لا یفید ذلک کما ذکر.

ص: 510


1- المسائل الناصریة ( الجوامع الفقهیة ) : 194.
2- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.
3- فی النسخ : السابع ، والصحیح ما أثبتناه.
4- المختلف : 76.
5- فی النسخ : الرابع ، والصحیح ما أثبتناه.

یجاب عنه : بأنّ الجمیع من حیث هو یفید لا کل واحد.

ولا یخفی أنّ الخبر [ السابع (1) ] دلالته علی قول العلاّمة أوضح ، لأنّه صحیح ، والخبر الأول المستدل به فیه جهالة إبراهیم مع ما سمعته.

قوله :

فأمّا ما رواه الطاطری ، عن محمد بن أبی حمزة وعلیّ بن رباط ، عن ابن مسکان ، عن محمّد الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا صلاة بعد الفجر حتی تطلع الشمس ، فإنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال : إنّ الشمس تطلع بین قرنی الشیطان وتغرب بین قرنی الشیطان » وقال : « لا صلاة بعد العصر حتی تصلّی المغرب ».

عنه ، عن محمّد بن سکین (2) ، عن معاویة بن عمّار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا صلاة بعد العصر حتی تصلّی المغرب ، ولا صلاة بعد الفجر حتی تطلع الشمس ».

فالوجه فی هذه الأخبار وما جانسها أحد شیئین :

أحدهما : أن تکون محمولة علی التقیة لأنّها موافقة لمذاهب العامة.

والثانی : أن تکون محمولة علی کراهة ابتداء النوافل فی هذین الوقتین وإن لم یکن ذلک محظوراً ، لأنّه قد وردت (3) رخصة فی جواز الابتداء بالنوافل فی هذین الوقتین ، روی ذلک :

أبو جعفر محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه (4) قال : قال لی

ص: 511


1- فی النسخ : الثامن ، والصحیح ما أثبتناه.
2- فی الاستبصار 1 : 290 / 1066 و « فض » و « د » : مسکین.
3- فی الاستبصار 1 : 290 / 1066 : رویت ..
4- فی الاستبصار 1 : 291 / 1067 زیادة : رحمه الله .

جماعة من مشایخنا عن أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی ، وورد علیه فیما ورد من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمری رحمه الله : وأمّا ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فإن کان کما یقول الناس : إنّ الشمس تطلع بین قرنی الشیطان وتغرب بین قرنی الشیطان فما أرغم أنف الشیطان بشی ءٍ أفضل من الصلاة فصلّها وأُرغم الشیطان (1).

والذی یدلّ علی هذا التفصیل الذی ذکرناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن محمّد بن عیسی ، عن أبی الحسن علیّ بن بلال قال : کتبت إلیه فی قضاء النافلة من طلوع الفجر إلی طلوع الشمس ومن بعد العصر إلی أن تغیب الشمس فکتب : « لا یجوز ذلک إلاّ للمقتضی فأمّا لغیره فلا ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن سعد بن إسماعیل ، عن أبیه إسماعیل بن عیسی قال : سألت الرضا علیه السلام عن الرجل یصلّی الاولی ثم یتنفّل فیدرکه وقت العصر من قبل أن یفرغ من نافلته فیبطئ بالعصر بعد نافلته أو یصلّیها بعد العصر أو یؤخّرها حتی یصلّیها فی وقت آخر (2)؟ قال : « یصلّی العصر ویقضی نافلته فی یوم آخر ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه إذا صلّی فی آخر وقته فیکون قد قارب غیبوبة الشمس وذلک وقت یکره فیه الصلاة علی ما بیّناه ، وذلک أیضاً محمول علی ما ذکرناه من الاستحباب.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن البرقی ، عن سعد بن سعد ،

ص: 512


1- فی الاستبصار 1 : 291 / 1067 : وارغم أنف الشیطان.
2- فی الاستبصار 1 : 291 / 1069 : فی آخر وقت.

عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال : سألته عن الرجل یکون فی بیته وهو یصلّی وهو یری أنّ علیه لیلاً (1) ثم یدخل علیه الآخر من الباب ، فقال : قد أصبحت ، هل یصلّی الوتر أم لا؟ أو یعید شیئاً من صلاته (2)؟ قال : « یعید إن صلاّها مصبحاً ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه إنّما أوجب علیه الإعادة إن (3) صلاّها مصبحاً ، لأنه إذا أصبح یکون قد تضیّق وقت الفریضة ، فلا یجوز أن یصلّی نافلة ، فإذا صلاّها کان علیه إعادتها ، لأنه صلاّها فی غیر وقتها علی ما بیّناه ،

ویبیّن ذلک :

ما رواه أحمد بن محمد ، عن علی بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر (4) ، عن جعفر بن محمّد علیه السلام قال : « إذا دخل وقت صلاة فریضة فلا تطوع ».

فأمّا کیفیة القضاء فقد أفردنا له باباً بعد (5) هذا الباب.

السند :

فی الأول الطاطری ، وهو علیّ بن الحسن الثقة الواقفی المتقدم (6) ذکره. ومحمّد بن أبی حمزة تقدّم (7) أنّه یقال : للثمالی وغیره ، إلاّ أنّ

إشارة إلی حال علی بن الحسن الطاطری

بحث حول محمد بن أبی حمزة

ص: 513


1- فی الاستبصار 1 : 292 / 1070 : اللیل.
2- فی الاستبصار 1 : 292 / 1070 : من صلاة اللیل.
3- فی الاستبصار 1 : 292 / 1070 : إذا.
4- فی الاستبصار 1 : 292 / 1071 : عن أبی بکر الحضرمی ..
5- فی الاستبصار 1 : 292 / 1071 : عقیب.
6- فی ص 1238.
7- فی ص 104.

الظاهر عند الإطلاق الثمالی الثقة علی ما نعهده من مشایخنا (1) ، وفی هذا المقام احتمال غیره المذکور فی رجال الصادق علیه السلام فی غایة البعد. وأمّا علی بن رباط فلا یزید حاله عن الإهمال بتقدیر مغایرته لعلی بن الحسن بن رباط ، ومع الاتحاد فهو ثقة.

فإن قلت : لا وجه للاتحاد ، فإنّ الکشی نقل عن نصر بن الصباح : أنّ علی بن رباط أخو الحسن بن رباط ، فعلی بن الحسن بن رباط حینئذ یکون ابن أخی علی بن رباط (2).

قلت : الأمر کما ذکرت إلاّ أنّ نصر بن الصباح لا یعتمد علیه ، فلا أقلّ من الاحتمال.

والثانی : فیه محمّد بن سکین ، وهو ثقة فی النجاشی ، إلاّ أنّه قال فیه : روی أبوه عن أبی عبد الله علیه السلام (3) ، وفی التهذیب فی باب التیمم روایات عن محمّد بن سکین وغیره عن أبی عبد الله علیه السلام (4) ، فما أدری الوجه فی حصر الروایة عن أبی عبد الله علیه السلام فی أبیه ، ولو أُرید عدم الحصر لم تظهر الفائدة ، واحتمال الإرسال فی الروایات مستبعد ، فلیتأمّل.

وفی بعض النسخ : ابن مسکین وکأنّه تصحیف.

والثالث : أبو الحسین فیه فی الرجال إنّه ثقة صحیح الحدیث ، إلاّ أنّه کان یقول بالجبر والتشبیه (5). ومعنی هذا لا یخلو من إجمال ، کما قدّمناه فی غیره ممّن قیل فیه مثله (6).

بحث حول علی بن رباط

بحث حول محمد بن سکین

بحث حول أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی

ص: 514


1- کما فی منهج المقال : 275.
2- رجال الکشی 2 : 663 / 685.
3- رجال النجاشی : 361 / 969.
4- التهذیب 1 : 184 / 529 ، الوسائل 3 : 346 أبواب التیمم ب 5 ح 1.
5- انظر رجال النجاشی : 373 / 1020.
6- فی ص 259.

ثم إنّ الرجل یروی عنه الصدوق بواسطة جماعة من مشایخه (1).

وفی النجاشی قال : إنّه یقال له : محمّد بن أبی عبد الله کان ثقة صحیح الحدیث ، إلاّ أنّه روی عن الضعفاء وکان یقول بالجبر والتشبیه ، وکان أبوه وجهاً روی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی (2).

والظاهر أنّ ضمیر « عنه » لأبیه ، لا لمحمّد ؛ لأنّ النجاشی قال بعد ذلک له کتاب الجبر ، وذکر أنّ الراوی له الحسن بن حمزة ، وهذا وإن کان لا یقتضی الحصر فی الحسن ، إلاّ أنّ روایة أحمد بن محمّد بن عیسی عن محمّد بن جعفر بعیدة.

لا سیّما وقد ذکر شیخنا أیّده الله أنّ المذکور فی العِدّة وهو محمّد ابن أبی عبد الله هو الأسدی (3) ، فکیف یروی عنه محمّد بن یعقوب بغیر واسطة ، والحال أنّ أحمد بن محمّد بن عیسی یروی عنه محمّد بن یعقوب بواسطة أو واسطتین ، أمّا روایة الحسن بن حمزة وهو العلوی عنه فقریبة ، وبها یستبعد روایة أحمد بن محمد بن عیسی عنه ؛ لأنّ الحسن بن حمزة من شیوخ المفید ونحوه ، وإن روی عنه التلعکبری أیضاً ، فروایته عن محمّد بن جعفر لا بُعد فیها ، أما أحمد بن محمّد بن عیسی إذا اتفق فی الروایة عن محمّد بن جعفر مع الحسن بن حمزة کان فی غایة البعد ، فلیتأمّل.

والرابع : کما تری فیه روایة محمّد بن أحمد بن یحیی عن محمّد بن عیسی ، وقد استثنی من روایة محمّد بن أحمد بن یحیی لکن فی الاستثناء قیّدوه بالإسناد المنقطع ، وقد قدّمنا (4) أنّه غیر ظاهر المعنی ، أمّا علی بن

کلمة حول روایة محمد بن أحمد بن یحیی عن محمد بن عیسی

علی بن بلال ثقة

ص: 515


1- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 76.
2- رجال النجاشی : 373 / 1020.
3- منهج المقال : 401.
4- فی ص 91.

بلال فهو ثقة.

والخامس : فیه سعد بن إسماعیل وأبوه وهما مجهولا الحال ، إذ لم أقف علیهما فی الرجال.

والسادس : معلوم مما تقدّم (1) ، وسعد بن سعد هو الأشعری الثقة فی النجاشی (2) ، وذکر أنّ الراوی عنه محمّد بن خالد.

والسابع : أبو بکر فیه علی الظاهر هو الحضرمی ، لأنّه کثیر الروایة عنه فی کتب الحدیث وحاله لا یزید علی الإهمال کما تقدّم (3).

المتن :

فی الأول : نقل العلاّمة فی المختلف أنّه حجة المخالف (4) ، وإجمال المخالف غیر خفی علی من راجع کلامه فی نقل الأقوال ، وأجاب عنه بالوجه الثانی من وجهی الشیخ ، وهو الحمل علی الابتداء جمعاً بین الأخبار ، ولا یخفی أنّه غیر تامّ ؛ لأنّ انحصار الجمع فیه لا وجه له بعد إمکان الحمل علی التقیّة ، والتعلیل فیه شامل للمبتدإ به وغیره الفرض والنفل ، وحینئذ لا یخصّص الجمع إلاّ بمخصّص.

وما قاله الشیخ من کراهة ابتداء النوافل فی هذین الوقتین له وجه من جهة الحصر فی الوقتین ، إلاّ أنّ العلاّمة فی المختلف جعل مختاره الکراهة فی الأوقات الخمسة کما قاله الشیخ (5) ، والذی نقله عن الشیخ بعد طلوع

سعد بن إسماعیل وأبوه مجهولان

إشارة إلی حال سعد بن سعد الأشعری

أبو بکر الحضرمی مهمل

توجیه ما دل علی المنع من الصلاة بعد الفجر إلی طلوع الشمس وبعد العصر إلی الغروب

ص: 516


1- فی ص 68.
2- رجال النجاشی : 179 / 470.
3- فی ص 430.
4- المختلف 2 : 76.
5- المختلف 2 : 76.

الفجر إلی طلوع الشمس ، وبعد العصر إلی الغروب ، وعند طلوع الشمس ، وعند قیامها ، وعند غروبها (1). فالعجب من العلاّمة حیث ذهب (2) إلی شی ء ولم یذکر دلیله تامّاً.

وینقل عن المنتهی أنّه حکی الإجماع علی أنّ النهی الوارد فی الأخبار لا یتناول الفرائض (3) ، وقد سبق فی روایة الصدوق الصحیحة عن زرارة ما یدلّ علی قضاء الفرائض متی ذکرها (4) ، وأمّا النوافل فقد قال الشیخ فی النهایة بشمول الحکم لجمیعها أداءً وقضاءً (5) ، وما ذکره الشیخ هنا : من أنّه قد رویت رخصة ، إلی آخره. لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ الخبر المستدل به صریح فی الرجحان الدافع للکراهة ، فکیف تتمّ إرادة الرخصة منه مع قوله : « فصلّها وأرغم الشیطان » والخبر غیر خاص بالابتداء بالنوافل ، بل شامل للفرائض والنوافل ، المبتدأة وغیرها.

وخبر علی بن بلال المستدل به علی التفصیل لا یدلّ علیه ؛ لأنّ مطلوب الشیخ کراهة المبتدأة دون ذوات الأسباب ، والجواب تضمّن أنّه لا یجوز إلاّ للمقتضی ، والمقتضی یحتمل أن یراد به السبب لکن لا یطابق السؤال ، لأنّ مورده قضاء النوافل ، والقضاء معدود من الأسباب ، کما یحکی عن الشیخ فی المبسوط ، أنّ فیه : فإن کانت نافلةً لها سبب مثل قضاء النوافل أو صلاة زیارة أو تحیة مسجد أو صلاة إحرام أو طواف نافلة (6).

ص: 517


1- المختلف 2 : 74.
2- فی « رض » و « فض » : یذهب.
3- المنتهی 1 : 215.
4- راجع ص 1432 و 1433.
5- النهایة : 62.
6- المبسوط 1 : 76.

إلاّ أن یقال : إنّ الجواب أفاد العموم فیدخل المسئول عنه ، علی أنّه یحتمل أن یراد بالقضاء فی السؤال الفعل ، ویحتمل أن یراد بالمقتضی معنیً آخر لا یخفی علی من تدبّر الروایة ، هذا.

وقد فسّر طلوع الشمس بین قرنی شیطان بأنّ الشیطان یدنی رأسه من الشمس فی هذین الوقتین ؛ لأنّ الذین یعبدون الشمس یسجدون لها فیکونون ساجدین له (1) ، واحتمل الوالد قدس سره أن یکون کنایة عن قبح الوقت ، کما قاله بعض المفسّرین فی قوله تعالی ( طَلْعُها کَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّیاطِینِ ) (2) وله وجه ، وفی الظن أنّ الحمل علی التقیة أقرب المحامل.

فقد رأیت فی صحیح مسلم أخباراً کثیرة دالة علی النهی عن الصلاة فی الأوقات المذکورة فی کلام الأصحاب ، وخصوصاً ما روی فیه أنّ النبی صلی الله علیه و آله نهی عن الصلاة بعد الصبح حتی تشرق الشمس وبعد العصر حتی تغرب الشمس ، وروی أیضاً طلوع الشمس بین قرنی الشیطان (3) ، وفی الخبر السابق ما یدل علی أنّ القائل بهذا من أهل الخلاف ، وبالجملة من اطّلع علی أخبارهم لا یکاد یختلجه الشک فی أنّ بعض أخبارنا محمول علی التقیة ، ورأیت أیضاً کثیراً من أخبار المواقیت للصلوات مرویّة عندهم علی وجه یخالف أخبارنا.

وقد صرح بعض شرّاح حدیثهم : بأنّ قوله علیه السلام : « بعد الصبح » یراد به بعد صلاة الصبح ، وکذا بعد العصر ؛ لأنّ الأوقات المکروهة علی قسمین ، منها : ما یتعلق الکراهة فیه بالفعل فلو تأخّر الفعل لم تکره الصلاة

ص: 518


1- کما فی النهایة لابن الأثیر 4 : 52 ( قرن ) ، الحبل المتین : 155.
2- الصافات : 65.
3- صحیح مسلم 1 : 427 / 173.

قبله ، وإن تقدم کرهت ، ومنها : ما یتعلق بالوقت کطلوع الشمس إلی الارتفاع (1). وفی کلام بعض الأصحاب أیضاً مذکور بنوع إجمال (2).

وأمّا خبر إسماعیل بن عیسی فما ذکره الشیخ فی توجیهه لا یخلو من نظر :

أمّا الأول : فلأنّ المتقدم منه فی النوافل المبتدأة ، والقضاء من ذوی الأسباب کما تقدم (3).

والثانی : فلأنّ التلبّس بصلاة اللیل قد سبق ما یدل علی الإتمام بعد الفجر للجمیع ، وما استدل به من النهی عن التطوع مخصوص بما مضی ، فالعجب منه رحمه الله .

ولا یبعد حمل الأوّل علی التقیة أو علی الإنکار ، والمعنی کیف یصلّی العصر ویقضی نافلتها فی یوم آخر؟!.

والثانی : لا یخلو من اعتبار وحمله علی استحباب الإعادة ممکن. قوله :

باب کیفیّة قضاء (4) النوافل والوتر.

علی بن مهزیار ، عن الحسن ، عن النضر ، عن هشام بن سالم وفضالة ، عن أبان جمیعاً عن سلیمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قضاء الوتر بعد الظهر؟ فقال : « اقضه وتراً أبداً کما فاتک » قلت

کیفیّة قضاء النوافل والوتر

اشارة

ص: 519


1- کالقسطلانی فی إرشاد الساری 1 : 508.
2- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 49.
3- فی ص 1452.
4- فی الاستبصار 1 : 292 زیادة : صلاة.

وتران فی لیلة؟ قال : « نعم ، ألیس أحدهما قضاءً ».

عنه ، عن الحسن بن علی ، عن علی بن النعمان ، عن محمّد بن سنان وفضالة ، عن الحسین جمیعاً عن ابن مسکان ، عن سلیمان بن خالد ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی قضاء الوتر ، قال : « اقضه وتراً أبداً ».

عنه ، عن الحسن ، عن أحمد بن محمّد ، عن جمیل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : سألته عن الوتر یفوت الرجل ، قال : « یقضیه (1) وتراً أبداً ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الله بن المغیرة ، قال : سألت أبا إبراهیم علیه السلام عن الرجل یفوته الوتر ، قال : « یقضیه وتراً أبداً ».

عنه ، عن الحسن ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت : أُصبح عن الوتر إلی اللیل کیف أقضی؟ قال : « مثلاً بمثل ». السند :

فی الأول : لا یبعد أن یکون الحسن فیه ابن سعید ، لما یأتی مفصلاً ، وفضالة معطوف علی النضر حینئذ ، واحتمال غیره بعید ، کاحتمال الحسن لغیر ابن سعید ، وأبان وسلیمان مضی القول فیهما (2) کغیرهما من المذکورین.

والثانی : فیه الحسن بن علی ، وهو محتمل لابن فضّال والوشّاء علی قرب وغیرهما علی بعد ، وربما یؤکّد کون الحسن الأول هو الثانی ، لکن

بحث حول تمییز الحسن بن علی

ص: 520


1- فی الاستبصار 1 : 292 / 1074 : یقضی.
2- فی ص 130 و 274.

فی الظن أنه موهوم وإنما هو عن علی. وفی بعض النسخ کما ذکرت ، عن الحسن ، عن علی بن النعمان ، لکن علی ظاهر النسخة ربما یحصل التأیید. وفضالة علی الظاهر من الممارسة عطفه علی علی بن النعمان ، والتأیید حینئذ لکون الحسن ، ابن سعید ، والنسخة موهومة کما تعرف بالمراجعة للرجال ، والحسین هو ابن عثمان.

والبواقی معروفو الحال ، لکن الأخیر یؤیّد أنّ الحسن هو ابن سعید لروایته عن فضالة. المتن :

فی الأخبار کلّها واضح ، غیر أنّ الأوّل یدل علی أنّ فعل وترین أداءً فی لیلة غیر مشروع ، وقد یستفاد منه أنّ فاعل الوتر من دون صلاة اللیل علی مقتضی الأخبار السابقة لو انکشف اتساع اللیل لصلاته مع الوتر لا یشرع له فعل الوتر معها ثانیاً ، إلاّ أن یقال : إنّ الإنکار فی الخبر فحوی کلام السائل ، وفیه : أنّ التقریر من الإمام (1) علیه السلام یحقّقه ، نعم قد یقال : إنّه لنفی الکراهة ، وفیه ما فیه.

وأمّا الأخیر فهو صریح فی أنّ التأخیر إلی اللیل ( لا یقتضی قضاء الوتر إلاّ وتراً ) (2) ، فینافی صریحاً ما یأتی من الشیخ فی توجیه الأخبار الآتیة بما بعد الزوال.

بیان ما دل علی أنّ الوتر یُقضی وتراً أبداً ، وأنّ فعل وترین أداءً فی لیلة غیر مشروع

ص: 521


1- فی « فض » : الکاظم.
2- فی « فض » : یقتضی قضاء الوتر وتراً.

قوله :

فأمّا ما رواه علیّ بن مهزیار ، عن الحسن ، عن ابن أبی عمیر ، عن عمر بن أُذینة ، عن زرارة ، عن الفضیل قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « یقضیه من النهار ما لم تزل الشمس وتراً فإذا زالت الشمس فمثنی مثنی ».

عنه ، عن الحسن ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الوتر ثلاث رکعات إلی زوال الشمس فإذا زالت فأربع رکعات ».

عنه ، عن الحسن ، عن محمّد بن زیاد ، عن کردویه الهمدانی قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن قضاء الوتر ، فقال : « ما کان بعد الزوال فهو شفع رکعتین رکعتین ».

فالوجه فی هذه الأخبار أحد شیئین ، أحدهما : أن نحملها علی من یرید قضاء الوتر جالساً ، فهو ینبغی أن یصلّی بدل کل رکعة رکعتین علی جهة الأفضل وإن کان لو صلّی بدل کل رکعة رکعة جالساً لم یکن علیه شی ء.

یدلّ علی ذلک.

ما رواه الحسین بن سعید ، عن عبد الله بن (1) بحر ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل یکسل أو یضعف فیصلّی التطوع جالساً ، قال : « یضعّف رکعتین برکعة ».

ص: 522


1- فی « رض » زیادة : یحیی.

عنه ، عن فضالة ، عن حسین ، عن ابن مسکان ، عن الحسن بن زیاد الصیقل قال : قال لی أبو عبد الله علیه السلام : « إذا صلّی الرجل جالساً وهو یستطیع القیام فلیضعّف ».

والذی یدل علی أنّه یجوز (1) أن یقضیه وتراً وإن قضی (2) بعد الظهر :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن یقطین ، عن أخیه الحسین ، عن علی بن یقطین قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل یفوته الوتر من اللیل ، قال : « یقضیه وتراً متی ما ذکر وإن زالت الشمس ».

السند :

فی الأول : فیه الحسن ، والظاهر أنّه ابن سعید : لما یظهر من الخلاصة أنه الذی أوصل علی بن مهزیار وإسحاق بن إبراهیم إلی الرضا علیه السلام ، ثم أوصل بعد إسحاق علی بن الریّان ، وکان سبب معرفة هؤلاء الثلاثة بهذا الأمر ، ومنه سمعوا الحدیث وبه عرفوا (3). انتهی.

واحتمال أن یکون ضمیر « منه » عائداً إلی الرضا علیه السلام بعید بعد قوله : وبه عرفوا.

وما فی الکشی الذی وقفت علیه الآن من کتاب شیخنا المحقق - سلّمه الله (4) - : من أن الحسن بن سعید مولی أیضاً إسحاق بن إبراهیم

بحث حول الحسن بن سعید

ص: 523


1- فی الإستبصار 1 : 293 / 1081 زیادة : له.
2- فی الاستبصار 1 : 293 / 1081 : قضاه.
3- الخلاصة : 39 / 3.
4- فی « رض » : أیده الله.

الحضینی وعلی بن الریان (1) بعد إسحاق إلی الرضا علیه السلام وکان سبب معرفتهم لهذا الأمر ومنه سمعوا الحدیث ، إلی آخره (2). فالضاهر أنّه مغلوط.

وفی الاختیار للشیخ من کتاب الکشی : وکان الحسین توالی أیضاً ، إلی آخره (3). والحال فیه ما سمعته.

والذی فی الخلاصة واضح.

وما قد یقال : إنّ ما فی الکشی بتقدیر التصحیف وعدمه یدل علی أنّ علی بن مهزیار فی الخلاصة موهوم وإنّما هو علی بن الریان ، لعدم ذکر علی بن مهزیار فی الکشی.

فالجواب عنه : أنّ ظاهر عبارة الکشی نقصان رجل آخر ، فالظاهر أنّ ما نقل العلاّمة دلیل علی أنّ المتروک علی بن مهزیار ، ویؤیّده ما ذکره الشیخ فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه : أنّ الحسن بن سعید هو الذی أوصل علی بن مهزیار وإسحاق بن إبراهیم الحضینی إلی الرضا علیه السلام (4).

وإن أمکن أن یقال : إنّ الشیخ لا یخلو کلامه من احتمال أن یکون قوله : علی بن مهزیار. سبق قلم ، وإنّما هو علی بن الریان ، لأنّ نقله من الکشی ، والذی فیه قد سمعته. ویدلُّ علی ذلک أنّ الشیخ قال : حتی جرت الخدمة علی أیدیهما. وتثنیة الضمیر ینبئ عن انتفاء الثالث. وفیه نوع تأمّل لاحتمال ذکر الرجلین لا للاختصاص.

ص: 524


1- فی « فض » زیادة : بن ط.
2- منهج المقال : 100.
3- رجال الکشی 2 : 827 / 1041 ، والموجود فیه : وکان الحسن بن سعید هو الّذی أوصل.
4- رجال الطوسی : 371 / 4.

( وفی الظن ) (1) أنّ العلاّمة أراد الجمع بین قول الکشی : علی بن الریان ، وقول الشیخ : علی بن مهزیار ، فجعلهم ثلاثة ، وذلک غیر بعید لولا أنّ الکشی قال : وکان سبب معرفتهم. وإن احتمل کون المراد مَن ذکره فقط.

وبالجملة فالذی حکمنا به أوّلاً من الظهور اعتماداً علی ظاهر کلام العلاّمة ، والمقام لا یخلو من ارتیاب بالنسبة إلی ما ذکرناه من کلام الکشی والشیخ.

مضافاً إلی عدم ذکر علی بن مهزیار فی الطرق إلی الحسن. وإن أمکن أن یقال : بعدم ضرورة هذا ؛ إذ لم یذکر علی بن الریان وإسحاق فی الطرق أیضاً.

وعلی تقدیر التوقف من جهة ما ذکرناه فالخبر الآتی عن الحسن عن فضالة ربما یؤیّد ظهور کون الحسن ، ابن سعید ؛ لروایته عن فضالة بکثرة ، مضافاً إلی التصریح بذلک فی الرجال (2).

وأمّا الثانی : ففیه الحسین بن عثمان ، وسماعة ، وقد مضی القول فیهما مع أبی بصیر (3).

والثالث : فیه محمّد بن زیاد ، وقد مضی (4) أنّه مشترک ؛ وفی الظن احتمال کونه ابن أبی عمیر ، لأنّ اسم أبیه زیاد ، وسیأتی (5) إن شاء الله فی خبر محمّد بن زیاد عن حمّاد ، وهو قرینة علی کونه ابن أبی عمیر کما سنوضحه هناک.

بحث حول تمییز محمد بن زیاد

ص: 525


1- فی « فض » : وقد یظن.
2- انظر رجال النجاشی : 311 / 850.
3- فی ص 131 و 78 و 51.
4- فی ص 204.
5- فی ص 1478.

وممّا یؤید ما ذکر هنا روایة الحسن سابقاً عن ابن أبی عمیر.

والعجب من شیخنا أیّده الله أنّه لم یذکر فی کتابه محمد بن زیاد أعنی ابن أبی عمیر ولعلّ العذر عدم ذکر أصحاب الرجال السابقین له.

وأمّا کردویه فمضی أنّه مجهول الحال (1) ؛ وما قاله الشهید رحمه الله من أنّه لقب مسمع کردین ، قدّمنا (2) أنّا لم نعلم مأخذه.

والرابع : فیه عبد الله بن بحر ، وقد ذکر العلاّمة فی الخلاصة : أنه روی عن أبی بصیر ، والرجل ضعیف مرتفع القول (3). قال شیخنا أیّده الله فی کتابه : وزاد ابن داود أنّه فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام ، ولم أجده لکنه الظاهر (4). انتهی.

ولا أعلم وجه الظهور إلاّ من حیث إنّ العلاّمة یرجع إلی کتاب الشیخ أو النجاشی ، وهو منتف عن الثانی فیکون من کتاب الشیخ ، فذکر ابن داود (5) قرینة علی ذلک ؛ وإن کان فی روایته عن أبی بصیر ما ینافی القول بأنّه ممن لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام ، إلاّ أنّ للشیخ اصطلاحاً فی هذا علی تقدیر وجوده فی کتابه.

والخامس : فیه الحسن بن زیاد الصیقل وحاله لا یزید علی الإهمال ، وظن بعض الأصحاب أنّه العطّار الثقة (6) ، لا أعلم وجهه.

والسادس : واضح الصحة.

کردویه مجهول الحال

بحث حول عبد الله بن بحر

الحسن بن زیاد الصیقل مهمل

ص: 526


1- فی ج 1 : 283.
2- فی ج 1 : 283.
3- الخلاصة : 238 / 34.
4- منهج المقال : 200.
5- رجال ابن داود : 253 / 264.
6- انظر هدایة المحدثین : 39.

المتن :

فی الأول : محتمل لأن یراد بقوله : « مثنی مثنی » الإشارة إلی أنّ بعد زوال الشمس لا یکون القضاء بل تصلی نوافل الزوال ؛ والإجمال خفی الوجه عنا وربما یعلمه السائل. وما ذکره الشیخ من الوجه لا وجه له ؛ إذ الصلاة جالساً لا یختص حکمها بما بعد الزوال کما هو واضح ؛ ولو لم ینعقد الإجماع أمکن العمل بالتخییر فی قضاء الوتر.

والثانی : ربما کان له ظهور فی الوتر ، لکن احتمال أن یراد بالأربع الفرض والإتیان بالأربع إشارة إلی دخول الفریضة فی حیّز الإمکان. واحتمال الشیخ فیه - مع ما تقدم - : أنّ الوتر اسم للثلاث فالأربع زیادة رکعة فقط ، والجلوس فی قول الشیخ یصیر مجمل المرام ، بل ربما یضر بحال الظاهر من الروایة.

والروایة الاولی المستدل بها لا تدل علی خصوص قضاء الوتر بعد الزوال إذ هو المطلوب. والثانیة تدل علی أنّ من استطاع القیام یضعّف فهی خاصة فی خاص.

وأمّا الخبر الأخیر : فهو واضح الدلالة علی قضاء الوتر وتراً ، مع دلالته علی جواز القضاء بعد الزوال الموجب لتخصیص المنع من فعل التطوع بعد دخول وقت الفریضة بغیر قضاء الوتر علی تقدیر العمل بالظواهر الدالة علی المنع من التطوع علی الإطلاق ، وقد قدّمنا فیه الکلام.

وما عساه یقال : من أنّ هذا الخبر ینافی الاحتمال الذی قدمناه فی الخبر الأول.

یمکن الجواب عنه : بحمل الخبر الأول علی أفضلیة الترک وهذا

توجیه ما دلّ أنّ قضاء الوتر بعد الزوال مثنی مثنی

ص: 527

الخبر علی الجواز.

قوله (1) :

والوجه الثانی فی الأخبار المتقدمة أن تکون متوجهاً إلی من یتهاون بالصلاة ویتعمد ترکها علی طریق التغلیظ علیه ، یدل علی ذلک :

ما رواه علی بن مهزیار ، عن الحسن ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ، عن زرارة قال : إذا فاتک وتر من لیلتک فمتی ما قضیته ( من الغد قبل الزوال قضیته وتراً ، ومتی ما قضیته لیلاً قضیته وتراً ، ومتی ما قضیته نهاراً بعد ذلک الیوم قضیته ) (2) شفعاً تضیف إلیه أُخری حتی یکون شفعاً ، قال : قلت (3): ولِم جعل الشفع؟ قال : عقوبةً لتضیعه (4) الوتر.

فأمّا ما یدل علی أنّه إذا صلّی جالساً جاز له رکعة برکعة :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد ، عن علی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : قلت له : إنّا نتحدّث نقول : من صلّی وهو جالس من غیر علة کانت صلاته رکعتین برکعة وسجدتین بسجدة ، فقال : « لیس هو هکذا (5) هی تامّة لکم ».

ص: 528


1- فی « رض » : قال.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- فی الاستبصار 1 : 294 / 1083 زیادة : له.
4- فی الاستبصار 1 : 294 / 1083 : لتضییعه.
5- فی « د » : لیس کذلک هی. ، وفی « رض » و « فض » : لیس کذا هی. ، وما أثبتناه من الإستبصار 1 : 294 / 1084.

السند :

فی الأول : واضح بعد ما قدّمناه ، وربما یظهر من الرجال روایة الحسن بن علی بن فضال عن حمّاد فیحتمل إرادته هنا کما فی السابق ؛ وفی الروایات لا تحضرنی الآن روایة فیها الحسن بن علی عن حمّاد ، والذی فی الرجال أیضاً فیه نوع تأمّل.

والثانی : رجاله معروفون بما کرّرنا القول فیه فی القاسم بن محمّد الجوهری وعلی بن أبی حمزة البطائنی وأبی بصیر (1). المتن :

فی الأول ظاهر فی أنّ الوتر إذا قضی من الغد قبل الزوال یقضی وتراً ، وإن قضی لیلاً أو نهاراً بعد ذلک الیوم یقضی شفعاً ؛ والظاهر من القضاء لیلاً وقوعه فی اللیلة المستقبلة ، ومن النهار بعد ذلک الیوم الذی عبّر عنه بالغد ، فلا یدل علی مطلوب الشیخ من أنه لو قضی بعد الزوال کان شفعاً ؛ وقد أوضحت الحال فی ذلک فی حواشی التهذیب ، لأنّ الشیخ بسط القول هناک کما هنا.

وأما الثانی : فالظاهر منه أنّ فعل الرکعتین جالساً تامّة فی أداء الوظیفة ، والمعارضة بها لما دل علی التضعیف لا وجه له (2) ، لعدم تعرض الشیخ لها ؛ ولعلّ الجمع ممکن علی تقدیر العمل بالأخبار بحمل التضعیف علی الأفضل ، وقد روی الصدوق فی الفقیه بطریق إذا انضمّ إلیه ما قررناه

کلمة حول روایة الحسن بن علی بن فضال عن حماد

بیان ما دل علی أنّ الوتر متی قضی من الغد قضی وتراً ومتی قضی بعده قضی شفعاً

ص: 529


1- فی ص 129 ، 207 ، 51.
2- لیست فی « فض » و « رض ».

یقاوم الصحیح جواز صلاة النوافل جالساً من غیر علّة (1).

وفی التهذیب أخبار معتبرة دالة علی أنّ من صلّی جالساً فقام بعد القراءة ثم رکع عن قیام حسب له بصلاة القائم (2). وفیها دلالة علی أفضلیة صلاة القائم ، فلا بد حینئذٍ من حمل التمام فی هذا الخبر المبحوث عنه وما رواه الصدوق علی تحقق الوظیفة. والله تعالی أعلم بالحقائق.

ص: 530


1- الفقیه 1 : 238 / 1047.
2- التهذیب 2 : 170 / 675 و 676.

فهرس الموضوعات

کتاب الصلاة

المسنون من الصلاة فی الیوم واللیلة............................................ 7

بحث حول روایة محمد بن عیسی عن یونس...................................... 8

إسماعیل بن سعد ثقة ........................................................ 10

الفضل بن عبد الملک هو أبو العبّاس البقباق الثقة................................ 10

بحث حول بکیر بن أعین..................................................... 10

بحث حول حنّان............................................................ 10

عمرو بن حریث مشترک..................................................... 11

بیان ما ورد فی عدد النوافل الیومیة............................................ 11

إشارة إلی حال الحسن بن علی بن بنت إلیاس................................... 15

یحیی بن حبیب مجهول........................................................ 16

کلمة حول أبی بصیر......................................................... 16

توجیه ما دل علی أنّ النوافل الیومیة ستّة وعشرون رکعة أو سبعة وعشرون أو تسعة وعشرون 16

ص: 531

أبواب الصلاة فی السفر

فرائض السفر............................................................ 20

بحث حول محمد بن إسحاق بن عمار.......................................... 21

سقوط رواتب المقصورات فی السفر........................................... 21

توجیه ما دل علی عدم القضاء علی من صلّی المغرب رکعتین فی السفر............ 23

نوافل الصلاة فی السفر بالنهار.............................................. 23

أبو یحیی الخیاط ( الحنّاط) مهمل............................................... 25

بحث حول علی بن أشیم..................................................... 25

إشارة إلی حال سدیر........................................................ 26

بحث حول عمر بن حنظلة.................................................... 26

الطریق إلی أحمد بن الحسن غیر مذکور فی المشیخة.............................. 26

حکم النوافل المرتّبة فی السفر نهاراً وقضائها..................................... 27

مقدار المسافة التی یجب فیها التقصیر........................................ 28

عبد الله بن یحیی الکاهلی ممدوح............................................... 30

مقدار المسافة مسیرة یوم وهی بریدان.......................................... 30

ما المراد بمسیر الیوم؟......................................................... 31

معنی السفواء والناجیة........................................................ 31

حکم سفر المعصیة والسفر إلی الصید.......................................... 32

تفسیر الفرسخ والمیل......................................................... 35

معنی المیل والبرید فی اللغة..................................................... 36

عبد الله بن بکیر فطحی...................................................... 39

إشارة إلی حال الحسن بن علی بن فضال....................................... 39

إشارة إلی وثاقة محمد بن النعمان الأحول....................................... 39

إسماعیل بن الفضل بن یعقوب ثقة جلیل........................................ 39

ص: 532

معاویة بن حکیم فطحی...................................................... 39

أبو مالک الحضرمی ثقة...................................................... 39

سلیمان بن محمد الخثعمی مجهول الحال......................................... 39

توجیه ما دلّ علی القصر فی برید.............................................. 40

التخییر بین القصر والإتمام فی أربعة فراسخ..................................... 41

تفسیر قوله علیه السلام : « وإن کان یدور فی عمله »................................ 45

قول العلاّمة بلزوم الإتمام فی الأربعة مع عدم الرجوع لیومه والمناقشة فیه........... 45

معنی القادسیة............................................................... 48

عبد الله بن أبی خلف مهمل................................................... 50

یحیی بن هشام ثقة........................................................... 50

کلمة حول أبی هارون العبدی................................................ 50

بحث حول أبی سعید الخدری................................................. 51

بحث حول عمرو بن سعید................................................... 51

توجیه ما دلّ علی أنّ القصر فی ثلاثة بُرد ، أو مسیرة یومین ، أو فرسخ........... 52

اشتراط قصد المسافة......................................................... 56

هل تثبت المساقة بالشیاع وشهادة الشاهدین؟................................... 60

لو تعارضت البیّنات من دون مرجّح........................................... 61

لو حصل العلم بالمسافة فی الأثناء.............................................. 63

لو بلغ الصبی فی الأثناء....................................................... 63

المسافر یخرج فرسخاً أو فرسخین ویقصر فی الصلاة ثمّ یبدو له عن الخروج...... 64

بحث حول سلیمان بن حفص المروزی......................................... 65

بحث حول الحسین بن موسی................................................. 65

بیان ما دل علی أنّ البرید فرسخان............................................ 66

حکم من رجع عن نیّته قبل المسافة............................................ 67

ص: 533

الذی یسافر إلی ضیعته أو یمرّ بها............................................ 70

إشارة إلی وثاقة إسماعیل بن الفضل............................................ 72

بحث حول عمران بن محمد................................................... 72

بحث حول علی بن إسحاق بن سعد........................................... 72

موسی بن الخزرج غیر مذکور فی الرجال....................................... 72

بحث حول محمد بن سهل.................................................... 72

بیان ما دل علی إتمام المسافر فی قریته وضیعته................................... 73

بحث حول إسماعیل بن مرّار................................................... 76

سلیمان بن جعفر ثقة........................................................ 77

موسی بن حمزة بن بزیع غیر مذکور فی الرجال................................. 77

بحث حول أبی طالب........................................................ 77

بحث حول أحمد بن الحسن ( الحسین )........................................ 77

بیان ما دل علی أنّ المسافر فی ضیعته یقصّر إن لم ینو المقام عشرة أیّام............. 78

الاستیطان وما یعتبر فیه...................................................... 78

هل یعتبر الملک فی البلد المتّخذ للإقامة علی الدوام؟.............................. 83

عدم اشتراط التوالی فی الإقامة ستّة أشهر....................................... 87

حکم ما لو زال الملک........................................................ 87

عدم الفرق فی الملک بین المنزل وغیره........................................... 88

إشارة إلی حال عبد الله بن بکیر............................................... 89

إشارة إلی حال عبد الرحمان بن الحجاج........................................ 89

حکم من یطوف بین ضیاعه.................................................. 90

المسافر ینزل علی بعض أهله............................................... 92

بحث حول داود بن الحصین.................................................. 93

تحقیق حول الجرح والتعدیل................................................... 93

ص: 534

توجیه ما دل علی عدم القصر لمن ینزل علی بعض أهله.......................... 98

من یجب علیه التمام فی السفر.............................................. 99

بحث حول إسماعیل بن أبی زیاد.............................................. 100

بحث حول أبی المعزا حمید بن المثنی........................................... 100

وجوب التمام علی الجابی والأمیر والتاجر والمکاری والجمّال و.................. 101

معنی الجابی ، الاشتقان ، الکری ، الأعراب................................... 106

بحث حول أبان بن عثمان.................................................. 109

عمران بن محمد ثقة........................................................ 109

بحث حول محمد بن خالد الطیالسی.......................................... 109

تکرار الشیخ ذکر الراوی بمجرّد تغایر الأوصاف.............................. 110

المراد بأبی جعفر إذا روی الشیخ عن سعد عنه هو أحمد بن محمد بن عیسی....... 110

بحث حول محمد بن عیسی الأشعری......................................... 111

عبد الله بن المغیرة ثقة ثقة................................................... 111

محمد بن جزک ثقة......................................................... 111

توجیه ما دل علی أنّ المکاری والجمّال إذا جدّ بهما السیر قصّرا................. 112

توجیه ما دل علی لزوم التقصیر علی المکاری مطلقا............................ ً114

إشارة إلی ضعف أحمد بن هلال............................................. 117

أبو سعید الخراسانی مجهول.................................................. 117

إشارة إلی حال إسماعیل بن جابر الجعفی...................................... 117

توجیه ما دل علی أنّ المکاری إذا لم یقم فی منزله إلاّ خمسة أیّام أو أقل قصّر فی النهار وأتمّ فی اللیل 117

هل یشترط التوالی فی إقامة العشرة؟.......................................... 122

السفر المحرّم............................................................... 123

معنی الولید والأعوص...................................................... 126

ص: 535

المتصیّد یجب علیه التمام أم التقصیر؟...................................... 127

إشارة إلی حال الحسن بن فضّال............................................. 129

الحسن بن علی الذی یروی عنه محمد بن علی بن محبوب هو ابن عبد الله بن المغیرة 129

عبد الله الراوی عن أبی عبد الله علیه السلام مشترک................................. 130

بیان ما دل علی عدم التقصیر علی من سافر إلی الصید وأنّه لهو ومسیر باطل...... 130

معنی شیّع ، البطر ، الفضول والجادّة......................................... 133

المسافر یدخل بلداً لا یدری ما مقامه فیه................................... 134

بحث حول عبد الصمد بن محمد............................................. 136

بحث حول حنّان بن سدیر.................................................. 136

بحث حول سدیر.......................................................... 136

بحث حول علی بن السندی................................................. 137

هل یکفی فی التردّد الشهر الهلالی وإن کان ناقصاً؟............................ 138

المعتبر نیّة الإقامة بعد الوصول............................................... 139

هل یشترط فی نیّة إقامة العشرة قصد عدم الخروج إلی محل الترخّص؟............ 140

توجیه ما دل علی الإتمام فی إقامة الخمسة..................................... 143

المسافر یقدم البلد ویعزم علی المقام عشرة أیّام ثمّ یبدو له..................... 144

حمزة بن عبد الله الجعفری غیر مذکور فی الرجال.............................. 146

بیان ما دل علی أنّ من رجع عن نیّة الإقامة قبل أن یصلّی فریضة بتمام یلزمه التقصیر 146

هل الشروع فی الصوم ملحق بالصلاة؟....................................... 148

توجیه ما دل علی أنّ من نوی الإقامة بمکّة وأتمّ الصلاة ثم رجع عن نیّته یرجع إلی التقصیر 152

ص: 536

المسافر یدخل علیه الوقت فلا یصلّی حتی یدخل إلی أهله ، والمقیم یدخل علیه الوقت فلا یصلّی حتی یخرج 153

معلّی بن محمد ضعیف...................................................... 153

بحث حول ابن فضّال....................................................... 155

بشیر النبّال مهمل.......................................................... 155

توجیه ما دل علی أنّ الاعتبار فی القصر والإتمام بوقت الوجوب لا وقت الأداء... 156

إشارة إلی حال إسماعیل بن جابر الجعفی...................................... 157

إشارة إلی حال إسحاق بن عمار............................................. 157

الحکم بن مسکین مجهول الحال.............................................. 158

إشارة إلی حال محمد بن عبد الحمید.......................................... 158

بیان ما دل علی أنّ الاعتبار بوقت الأداء وما دل علی التخییر بین القصر والإتمام.. 158

من تمّم فی السفر........................................................ 161

بحث حول سوید القلاّء..................................................... 162

حکم من أتمّ فی موضع القصر نسیاناً أو جهلاً................................. 163

من یقدم من السفر إلی متی یجوز له التقصیر؟............................... 166

بحث حول عبد الله بن عامر................................................. 168

بیان ما دل علی أنّ حد التقصیر والإتمام سماع الأذان وما دل علی أنّه دخول المنزل والجمع بینهما 168

المریض یصلّی فی محمله إذا کان مسافراً أو علی دابّته........................ 173

بحث حول ثعلبة بن میمون.................................................. 174

علی بن أحمد بن أشیم مجهول............................................... 174

أحمد بن هلال ضعیف...................................................... 174

ص: 537

بیان ما دل علی جواز الصلاة فی المحمل أو علی الدابّة عند الضرورة وتوجیه ما دل علی عدم الجواز 174

أبواب المواقیت

من صلّی فی غیر الوقت.................................................. 177

کلمة حول العدّة التی یروی الشیخ عن الحسین بن عبید الله عنهم............... 178

بحث حول سلمة بن الخطاب................................................ 178

بحث حول یحیی بن إبراهیم بن أبی البلاد...................................... 178

محمد بن عیسی الأشعری غیر معلوم التوثیق................................... 179

هل یکتفی فی دخول الوقت بالظنّ؟.......................................... 181

توجیه ما دل علی جواز الصلاة فی السفر فی غیر وقتها......................... 186

لکلّ صلاة وقتان........................................................ 186

بحث حول روایة محمد بن عیسی عن یونس................................... 187

بحث حول معاویة بن عمّار................................................. 189

معنی قوله علیه السلام : « إلاّ فی علّة من غیر عذر »................................ 189

هل الوقتان للفضیلة والإجزاء أو للمختار والمعذور؟............................ 190

بحث حول أُدَیم بن الحرّ..................................................... 195

بحث حول حریز بن عبد الله السجستانی...................................... 195

توجیه ما دلّ علی أنّ للمغرب وقت واحد.................................... 198

أوّل وقت الظهر والعصر................................................. 200

بحث حول أحمد بن عبدون................................................. 202

بحث حول أبی طالب الأنباری.............................................. 202

سفیان بن السمط مجهول الحال.............................................. 205

محمد بن زیاد مشترک...................................................... 205

ص: 538

بحث حول منصور بن یونس بزرج........................................... 205

بحث حول مالک الجهنی.................................................... 205

عبد الله بن جبلة واقفی ثقة.................................................. 207

إشارة إلی حال سعید بن الحسن وعمر بن أبان................................ 207

بحث حول القاسم بن عروة................................................. 207

عبید بن زرارة ثقة......................................................... 207

إشارة إلی حال عبد الله بن بکیر وعلی بن الحکم.............................. 207

بحث حول أحمد بن عمر................................................... 207

هل الوقت من أوّله مشترک بین الفرضین أم یختصّ بالظهر بمقدار أدائها؟......... 208

طریق الشیخ إلی الحسن بن محمد بن سماعة.................................... 217

علی بن النعمان ثقة........................................................ 217

ابن رباط هو علی بن الحسن بن رباط الثقة................................... 218

بحث حول سعید الأعرج................................................... 218

بحث حول یعقوب بن شعیب............................................... 219

بحث حول عیسی بن أبی منصور............................................ 219

بحث حول عمر ( عمرو ) بن سعید بن هلال................................. 222

کلمة حول روایة أحمد بن محمد بن عیسی عن محمد بن عبد الجبّار.............. 222

بیان ما دلّ علی أنّ وقت الظهر بعد الزوال بقدم أو ذراع أو قامة والمناقشة فی توجیه الشیخ لها 223

بحث حول تمییز ابن مسکان................................................. 229

بحث حول تمییز المیثمی..................................................... 230

بحث حول تمییز أبان وإسماعیل............................................... 230

جعفر بن المثنی العطّار ثقة................................................... 231

إشارة إلی حال عمر بن حنظلة.............................................. 231

الحرث بن المغیرة ثقة....................................................... 231

ذریح المحاربی ثقة........................................................... 231

ص: 539

بحث حول الحسن بن الحسین اللؤلؤی........................................ 231

وجه الجمع بین ما دل علی أنّ وقت الظهر والعصر بعد الذراع والذراعین من الزوال وما دل علی أنّ وقتهما الزوال 232

معنی الفیء والسبحة....................................................... 240

بحث حول علی بن الحسن الطاطری......................................... 242

محمد بن زیاد مشترک...................................................... 242

علی بن حنظلة مجهول...................................................... 242

بحث حول روایة علی بن الحسن الطاطری عن علی بن زیاد.................... 243

المناقشة فی استدلال الشیخ ببعض الأخبار لاتحاد القامة والذراع والقدمین معنیً.... 243

معنی الرحل............................................................... 245

بحث حول بکیر بن أعین................................................... 246

بحث حول أحمد بن أبی بشیر ( بشر )........................................ 247

بحث حول عبد الله بن یحیی الکاهلی......................................... 248

توجیه الشیخ لقوله علیه السلام فی حدیث بکیر : « لا تَعُد » والمناقشة فیه............. 249

بحث حول صالح بن خالد................................................... 254

عبیس بن هشام ثقة........................................................ 254

ثابت بن جریر مهمل....................................................... 254

بحث حول زیاد بن أبی غیاث............................................... 254

توجیه ما دلّ علی أنّه لا تطوّع فی وقت فریضة............................... 255

عبد الله بن محمد مشترک.................................................... 260

توجیه ما دلّ علی أنّ وقت الظهر ذهاب ثلثی القامة بعد الزوال................. 260

بیان ما دل علی أنّ العصر تصلّی علی نحو الظهر.............................. 261

بیان قوله علیه السلام : « القدمان والأربعة أقدام صواب ».......................... 263

کلمة حول المکاتبة......................................................... 265

بحث حول موسی بن جعفر................................................. 265

میمون بن یوسف غیر مذکور فی الرجال..................................... 266

ص: 540

محمد بن الفرج ثقة......................................................... 266

توجیه ما دل علی نفی القدم والقدمین واعتبار السبحة......................... 266

بیان ما دل علی اعتبار السبحة والقدمین...................................... 267

بحث حول الحسن بن محمد بن سماعة وروایته عن علی بن رباط................. 271

الحسن بن عدیس مهمل.................................................... 272

بحث حول إسماعیل الجعفی.................................................. 272

بحث حول محمد بن حکیم.................................................. 272

المناقشة فی حمل الشیخ قوله : لا تطوع فی وقت فریضة ، علی الوقت المضیّق ، أو الذی لم یسع فعل النافلة 274

بحث حول علی بن شجرة.................................................. 277

بحث حول أحمد بن أبی بشر................................................ 277

بحث حول حماد بن أبی طلحة............................................... 278

بحث حول ابن أذینة........................................................ 278

إشارة إلی حال سالم ( مولی ) أبی خدیجة..................................... 279

بحث حول عبد الرحمان بن أبی هاشم........................................ 279

توجیه ما دلّ علی تساوی الأوقات........................................... 280

بحث حول محمد بن أبی حمزة................................................ 284

بحث حول المفضّل بن عمر.................................................. 284

بیان قوله علیه السلام : « ما بینهما وقت »........................................ 285

بیان ما دل علی أنّه لولا المشقّة لأُخّرت العتمة إلی نصف اللیل.................. 287

آخر وقت الظهر والعصر................................................ 289

بحث حول إبراهیم الکرخی................................................. 291

بحث حول سلیمان بن جعفر ( حفص )...................................... 291

بحث حول سلیمان بن خالد................................................. 292

تمییز جعفر الذی روی عنه الحسن بن محمد بن سماعة.......................... 292

ص: 541

بحث حول المثنّی بن راشد.................................................. 292

بحث حول أحمد بن عمر................................................... 292

یزید بن خلیفة واقفی غیر موثق.............................................. 293

بحث حول عمر بن حنظلة.................................................. 293

کلام العلاّمة فی آخر وقت الظهر والعصر والمناقشة فیه......................... 293

بیان ما دل علی أنّ تأخیر العصر إلی ستّة أقدام تضییع لها....................... 297

بیان ما دل علی أنّ وقت العصر یوم الجمعة ستّة أقدام......................... 297

بیان ما دل علی عقاب من أخّر العصر....................................... 298

إشارة إلی حال أحمد بن الحسن بن علی بن فضّال............................. 301

علی بن یعقوب غیر مذکور فی الرجال....................................... 301

بحث حول مروان بن مسلم................................................. 301

إشارة إلی حال القاسم بن عروة............................................. 301

الحکم بن مسکین مجهول................................................... 301

بحث حول طریق الصدوق إلی عبید بن زرارة................................. 302

موسی بن بکر واقفی مهمل................................................. 303

روایة سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عیسی وموسی بن جعفر........... 303

عبد الله بن الصلت ثقة..................................................... 304

بحث حول داود بن أبی یزید ( داود بن فرقد )................................ 304

بحث حول ثعلبة بن میمون.................................................. 305

إشارة إلی حال مَعْمَر بن یحیی................................................ 305

الضحاک أبو مالک الحضرمی ثقة............................................ 305

إسماعیل بن سهل ضعیف................................................... 305

توجیه ما دلّ علی أنّ آخر وقت الظهر والعصر غیبوبة الشمس ونقل الأقوال فی المسألة 306

معنی الدنف............................................................... 312

ص: 542

وقت المغرب والعشاء الآخرة............................................. 312

موسی بن جعفر البغدادی مهمل............................................. 314

عمرو بن أبی نصر ثقة...................................................... 314

بحث حول القاسم مولی أبی أیوب............................................ 314

إشارة إلی تمییز علی بن الحکم............................................... 316

عبد الرحمان بن حماد مهمل................................................. 316

کلمة فی الراوی عن محمد بن أبی الصهبان.................................... 316

بحث حول المیثمی أحمد بن الحسن........................................... 316

بحث حول إسماعیل بن الفضل الهاشمی........................................ 318

سلیمان بن داود مشترک.................................................... 319

محمد بن زیاد مشترک...................................................... 319

الأقوال فی وقت المغرب والعشاء............................................. 319

بیان ما دلّ علی أنّ وقت المغرب تواری القرص............................... 321

بحث حول الحسن بن سماعة................................................. 328

بحث حول یعقوب بن شعیب............................................... 329

إشارة إلی اشتراک سلیمان بن داود........................................... 329

عبد الله بن الصباح غیر مذکور فی الرجال.................................... 329

بحث حول علی بن الصلت................................................. 329

بحث حول بکر بن محمد.................................................... 330

بحث حول داود الصرمی................................................... 330

إشارة إلی ضعف القاسم بن عروة............................................ 331

تمییز محمد بن خالد........................................................ 331

بحث حول علی بن سیف................................................... 331

محمد بن علی مشترک...................................................... 331

علی بن أحمد بن أشیم مجهول............................................... 331

ص: 543

تمییز أحمد بن الحسن....................................................... 331

علی بن یعقوب مجهول..................................................... 332

توجیه ما دلّ علی تأخیر المغرب إلی ذهاب الحمرة وما دل علی الاشتراک والاختصاص فی وقتی المغرب والعشاء 332

بحث حول طریق الصدوق إلی أبی أسامة..................................... 342

بحث حول موسی بن الحسن................................................ 343

بحث حول جعفر بن عثمان................................................. 344

بحث حول سماعة بن مهران................................................. 344

توجیه ما دل علی أنّ وقت المغرب عدم رؤیة الشمس.......................... 345

معنی الغور................................................................ 348

محمد بن عمر بن یزید مهمل................................................ 350

بحث حول عمر بن یزید.................................................... 351

یزید بن خلیفة واقفی مهمل................................................. 352

محمد بن یحیی الخثعمی عامی................................................ 352

بحث حول طلحة بن زید................................................... 352

بحث حول سعید بن جناح.................................................. 353

بیان ما دل علی جواز تأخیر المغرب لصاحب العذر والحاجة.................... 353

بحث حول محمد بن یونس.................................................. 354

بحث حول محمد بن حکیم.................................................. 362

بحث حول شهاب بن عبد ربّه............................................... 364

علی بن الریّان ثقة......................................................... 364

بحث حول موسی بن بکر.................................................. 364

تمییز النضر................................................................ 365

بیان ما دل علی تأخیر المغرب حتی یکون الفراغ منها عند ظهور الکواکب والمناقشة فی توجیه الشیخ له 365

بیان ما دل علی أنّه لو منعه مانع عن تحقیق الوقت یصلّی العشاء عند قصر النجوم ، والمغرب عند اشتباکها ، والمناقشة فی استدلال الشیخ به.................................................................. 366

ص: 544

معنی الشفق............................................................... 368

بحث حول إسماعیل بن مهران............................................... 370

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دل علی أنّ للمغرب وقت واحد ، وقوله : إنّ آخره غیبوبة الشفق 371

إشارة إلی وثاقة عبد الله بن الحجّال.......................................... 378

بحث حول ثعلبة بن میمون.................................................. 378

عمران بن علی ثقة......................................................... 379

بحث حول الحسن بن عطیة................................................. 379

توجیه ابتداء الشیخ فی السند بالحسن بن علی بن فضال........................ 382

عبید الله بن علی الحلبی وعمران بن علی الحلبی ثقتان........................... 383

إسحاق البُطَیحی غیر مذکور فی الرجال...................................... 383

بحث حول موسی بن عمر.................................................. 383

أقوال العلماء فی وقت العشاء ابتداءً وانتهاءً وبیان ما دلّ علیه................... 384

أبو عبیدة ثقة.............................................................. 391

محمد بن زیاد مشترک...................................................... 391

بحث حول هارون بن خارجة............................................... 391

معلّی أبو عثمان ثقة........................................................ 392

الحسین بن هاشم واقفی ثقة................................................. 392

علی بن یعقوب الهاشمی مجهول............................................... 392

مروان بن مسلم ثقة........................................................ 392

أقوال العلماء فی آخر وقت العشاء وبیان ما دل علی جواز تعجیلها قبل سقوط الشفق فی السفر والضرورة 393

بحث حول محمد بن قولویه.................................................. 400

الحصین بن أبی الحصین مجهول الحال......................................... 402

بحث حول عبد الرحمان بن سالم............................................. 402

هشام بن الهذیل مجهول الحال................................................ 402

ص: 545

بحث حول علی بن عطیة................................................... 402

أقوال الأصحاب فی وقت صلاة الصبح وبیان ما ورد فیه....................... 403

موسی بن بکر مهمل....................................................... 410

بحث حول عبد الله بن المغیرة................................................ 410

بحث حول أبی جمیلة....................................................... 410

بحث حول عمرو بن عثمان................................................. 410

الأصبغ بن نباتة من خواص أمیر المؤمنین علیه السلام ................................. 410

بحث حول أبی بصیر المکفوف............................................... 411

بیان ما دلّ علی أنّ وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلی طلوع الشمس معنی القبطیّة والتجلّل 419

وقت نوافل النهار....................................................... 419

بحث حول الحسن بن حمزة العلوی........................................... 421

إشارة إلی حال علی بن السندی............................................. 423

بحث حول أبی أیوب الأنباری............................................... 423

عمار بن المبارک مجهول الحال................................................ 424

القاسم بن الولید الغسانی مجهول الحال........................................ 424

ظریف بن ناصح مشترک................................................... 424

تمییز سیف................................................................ 424

بحث حول عبد الأعلی مولی آل سام......................................... 424

تمییز عمرو بن عثمان....................................................... 424

محمد بن عذافر ثقة......................................................... 425

یزید بن ضمرة مجهول الحال................................................. 425

بیان ما دلّ علی أنّ وقت نوافل النهار بعد الزوال ووقت نوافل اللیل بعد انتصافه ، والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّها بمنزلة الهدیة متی ما أتی بها قبلت ............................................................. 425

ص: 546

أوّل وقت نوافل اللیل.................................................... 428

بحث حول عبد الحمید الطائی............................................... 430

کلمة فی الطریق إلی عبد الله بن مسکان وحماد بن عیسی....................... 431

کلمة فی روایة حماد بن عیسی عن محمد بن سنان............................. 431

علی بن سعید مشترک...................................................... 431

بیان ما دلّ علی أنّ وقت نوافل اللیل بعد انتصافه.............................. 432

بیان ما دلّ علی جواز التقدیم وأفضلیة القضاء................................. 433

آخر وقت صلاة اللیل................................................... 436

بحث حول الحجّال......................................................... 437

عبد الله بن الولید الکندی مهمل............................................. 438

القاسم بن بُرید ثقة........................................................ 438

تمییز البرقی................................................................ 438

المرزبان بن عمران مهمل................................................... 438

محمد بن عمر بن یزید مهمل................................................ 438

بیان ما دلّ علی أنّ من یخاف الصبح یعجل فی صلاة اللیل والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّه یترکها 439

الجمع بین ما دلّ علی النهی عن صلاة اللیل بعد طلوع الفجر وما دلّ علی جوازها 439

من صلّی أربع رکعات من صلاة اللیل فطلع علیه الفجر..................... 442

أبو الفضل النحوی غیر مذکور فی الرجال.................................... 443

بحث حول علی بن الحکم.................................................. 443

بحث حول یعقوب البزّاز.................................................... 444

تمییز ابن مسکان........................................................... 444

بیان ما دل علی أنّ من صلّی من صلاة اللیل أربع رکعات فطلع الفجر أتمّها ، والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّه یقضیها فی صدر النهار ......................................................................... 445

ص: 547

وقت رکعتی الفجر...................................................... 448

زرعة واقفی ثقة........................................................... 450

إشارة إلی حال هشام بن سالم............................................... 450

مخلد بن حمزة بن بیض مجهول الحال.......................................... 450

الأقوال فی وقت رکعتی الفجر............................................... 451

بیان ما دلّ علی أنّ وقت رکعتی الفجر قبل طلوعه وأنّهما من صلاة اللیل........ 452

طریق الشیخ إلی ابن أبی یعفور.............................................. 460

یعقوب بن سالم البزّاز غیر مذکور بهذا الوصف فی الرجال...................... 461

کلمة حول طریق الشیخ إلی عبد الله بن مسکان............................... 461

وقوع التشویش فی ترتیب الأحادیث......................................... 461

بحث حول الحسین بن أبی العلاء............................................. 463

إشارة إلی حال أبی بصیر.................................................... 463

کلمة حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر فی المشیخة.......................... 464

بحث حول طریق الشیخ إلی صفوان.......................................... 464

بیان ما دلّ علی جواز فعل رکعتی الفجر قبله ومعه وبعده ، والجمع بینه وبین ما دلّ علی أنّ وقتهما قبل طلوع الفجر 465

بیان ما دلّ علی إعادتهما عند الفجر لمن صلاّهما مع صلاة اللیل................. 470

من فاتته صلاة فریضة هل یجوز له أن یتنفّل أم لا؟.......................... 473

بیان روایة زرارة الدالّة علی فوریّة قضاء الفائتة وعدم جواز التطوّع لمن علیه فائتة ، والإجمال فی الأحکام المستفادة منها 475

بیان ما دل علی جواز التطوّع لمن علیه فریضة فائتة............................ 480

من فاتته صلاة فریضة فدخل علیه وقت صلاة فریضة أخری................. 483

بحث حول ابن سنان....................................................... 485

بحث حول روایة عبد الله بن مسکان عن أبی عبد الله علیه السلام ..................... 486

ص: 548

بیان ما دلّ علی أنّ من فاتته صلاة فذکرها فی وقت أخری یبدأ بالفائتة إلاّ مع خوف خروج وقت الحاضرة ، وتحقیق فی بعض أدلّة القول بالمضایقة فی القضاء................................................... 487

کلمة فی تمییز العباس....................................................... 495

بحث حول علی بن خالد................................................... 496

نقل الأقوال فی المضایقة والمواسعة فی القضاء مع أدلّتها والمناقشة فیها............. 496

وقت قضاء ما فات من النوافل............................................ 503

محمد بن بزیع العدوی مجهول الحال.......................................... 505

بحث حول عبد الله بن عون الشامی.......................................... 505

بحث حول مرجع الضمیر فی قول الشیخ : عنه عن موسی بن جعفر عن أبی جعفر. 505

میمون غیر معلوم.......................................................... 506

محمد بن الفرج ثقة......................................................... 506

بحث حول محمد بن عمر الزیات............................................ 506

سلیمان بن هارون مجهول الحال.............................................. 506

علی بن سیف بن عمیرة ثقة................................................ 507

حسان بن مهران ثقة....................................................... 507

بیان ما دل علی عدم تعیّن وقتٍ لقضاء النوافل وجوازه فی وقت الفریضة......... 507

إشارة إلی حال علی بن الحسن الطاطری...................................... 513

بحث حول محمد بن أبی حمزة................................................ 513

بحث حول علی بن رباط................................................... 514

بحث حول محمد بن سکین.................................................. 514

بحث حول أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی................................ 514

کلمة حول روایة محمد بن أحمد بن یحیی عن محمد بن عیسی.................... 515

علی بن بلال ثقة.......................................................... 515

سعد بن إسماعیل وأبوه مجهولان.............................................. 516

إشارة إلی حال سعد بن سعد الأشعری....................................... 516

ص: 549

أبو بکر الحضرمی مهمل.................................................... 516

توجیه ما دل علی المنع من الصلاة بعد الفجر إلی طلوع الشمس وبعد العصر إلی الغروب 516

کیفیّة قضاء النوافل والوتر............................................... 519

بحث حول تمییز الحسن بن علی.............................................. 520

بیان ما دل علی أنّ الوتر یُقضی وتراً أبداً ، وأنّ فعل وترین أداءً فی لیلة غیر مشروع 521

بحث حول الحسن بن سعید................................................. 523

بحث حول تمییز محمد بن زیاد............................................... 525

کردویه مجهول الحال....................................................... 526

بحث حول عبد الله بن بحر.................................................. 526

الحسن بن زیاد الصیقل مهمل............................................... 526

توجیه ما دلّ أنّ قضاء الوتر بعد الزوال مثنی مثنی.............................. 527

کلمة حول روایة الحسن بن علی بن فضال عن حماد........................... 529

بیان ما دل علی أنّ الوتر متی قضی من الغد قضی وتراً ومتی قضی بعده قضی شفعاً 529

ص: 550

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.