استقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار المجلد 3

هویة الکتاب

محمد بن الحسن ، 980 - 1030 ق . شارح .

استقصاء الاعتبار / المؤلف محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني ؛ تحقيق مؤسسة آل البيت علیهم السلام الإحياء التراث . - مشهد : مؤسسةآل البيت علیهم السلام الإحياء التراث ، مشهد ، 1419 ه- ق = 1377 ه- ش .

ج 10 نموذج .

المصادر بالهامش

هذا الكتاب شرح للاستبصار للشيخ الطوسي .

1. الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار - نقد و تفسير .

2. أحاديث الشيعة - القرن 5 ق . ألف . الطوسي ، محمد بن الحسن ، 385 - 460 ق . الاستبصار . شرح . ب . عنوان . ج . عنوان : الاستبصار . شرح .

25 الف 502 الف 9ط/ 130 BP

شايك (ردمك) 9 - 172 - 319 - 964 دوره 7 جزء

ISBN 964 - 319 - 172 - 9 / 7 VOLS.

شابك (ردمك ) 3 - 175 - 319 - 964 / ج 3

ISBN 964 - 319 - 175 - 3 / VOL. 3

الكتاب : استقصاء الاعتبار / ج 3

المؤلف : الشيخ محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني

تحقيق ونشر : مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث

الطبعة : الأولى - شعبان - 1420 ه- ق

الفلم والالواح الحساسة (الزنك) : واصف - قم

المطبعة : ستارة - قم

الكمية : 5000 نسخة

السعر : 8000 ریال

ص: 1

اشارة

ص: 1

ص: 2

ص: 3

ص: 4

( قوله قدّس الله روحه ) (1) :

أبواب التیمم

باب أنّ الدقیق لا یجوز التیمم به

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین بن بابویه ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد ابن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عیسی ، عن یاسین الضریر ، عن حریز ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام عن الرجل یکون معه اللبن أیتوضّأ منه؟ قال : « لا ، إنّما هو الماء والصعید ».

فنفی أن یکون ما سوی الماء والصعید یجوز (2) التوضّؤ به بلفظة « إنّما » لأنّ ذلک مستفاد منها علی ما بینّاه فی کتابنا الکبیر (3).

السند :

قد قدمنا فی جملة من رجاله القول بما یغنی عن الإعادة ، والذی ینبغی علمه هنا أنّ محمد بن علی بن بابویه من أجلاّء الطائفة وثقاتهم ،

أبواب التیمّم

الدقیق لا یجوز التیمّم به

بحث حول محمّد بن علی بن بابویه

ص: 5


1- فی « رض » : قال قدس سره .
2- فی النسخ : لا یجوز ، والصواب ما أثبتناه من الإستبصار 1 : 155.
3- فی الاستبصار 1 : 155 : فی الکتاب الکبیر.

وتوضیح حاله أظهر من أن یبیّن ، وقد ذکر فی کتاب کمال الدین ما لفظه : حدثنا أبو جعفر محمد بن علی الأسود رضی الله عنه قال : سألنی علی ابن الحسین ابن بابویه رحمه الله بعد موت محمد بن عثمان العمری أن أسأل أبا القاسم الروحی أن یسأل مولانا صاحب الزمان علیه السلام أن یدعو الله أن یرزقه ولداً ذکراً ، قال : فسألته (1) ذلک ، ثم أخبرنی بعد ذلک بثلاثة أیّام أنّه قد دعا لعلی ابن الحسین وأنّه سیولد له ولد مبارک ینفع الله به وبعده أولاد ، قال : فولد لعلی بن الحسین رحمه الله تلک السنة ابنه محمد وبعده أولاد.

ثم قال : قال مصنف هذا الکتاب : کان أبو جعفر محمد بن علی الأسود رضی الله عنه کثیراً ما یقول لی إذا رآنی اختلف إلی مجلس شیخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید رضی الله عنه وأرغب فی کتب العلم وحفظه : لیس بعجب أن یکون لک هذه الرغبة فی العلم وأنت ولدت بدعاء ( صاحب الأمر علیه السلام ) (2) (3). انتهی.

والصدوق رحمه الله کثیراً ما یروی عن محمد بن علی الأسود ، والنجاشی رحمه الله حکی أنّ السؤال کان علی ید علی بن جعفر الأسود (4) ، ولا أدری الصحة فی أیّ الروایتین ، إلاّ أنّ دلالة الروایة علی علوّ شأن محمد بن علی بن بابویه ظاهرة.

ومحمد بن الحسن المذکور فی السند هو ابن الولید.

وأمّا محمد بن أحمد بن یحیی فقد قال النجاشی : إنّه کان ثقة فی

بحث حول محمّد بن أحمد بن یحیی

ص: 6


1- فی المصدر زیادة : فأنهی.
2- فی المصدر : الإمام علیه السلام .
3- کمال الدین : 502 / 31.
4- رجال النجاشی : 261 / 684.

الحدیث ، إلاّ أنّ أصحابنا قالوا : إنّه کان یروی عن الضعفاء ویعتمد المراسیل ، ولا یبالی عمّن أخذ ، وما علیه فی نفسه مطعن فی شی ء ، وکان محمد بن الحسن بن الولید یستثنی من روایة محمد بن أحمد بن یحیی ما رواه عن (1) محمد بن موسی الهمدانی ، وما رواه عن رجل ، أو یقول : بعض أصحابنا ، أو عن محمد بن یحیی المعاذی - إلی أن قال - : أو عن محمد بن عیسی بن عبید بإسناد منقطع - إلی أن قال - : قال أبو العباس ابن نوح : وقد أصاب شیخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الولید فی ذلک کلّه ، وتبعه أبو جعفر بن بابویه رحمه الله علی ذلک إلاّ فی محمد بن عیسی بن عبید فلا أدری ما رأیه فیه ، لأنّه کان علی ظاهر العدالة والثقة (2). انتهی.

وقال الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتابه : محمد ابن أحمد بن یحیی الأشعری صاحب نوادر الحکمة روی عنه سعد ، ومحمد بن یحیی (3) ، وأحمد ( بن إدریس ، ومحمد (4) بن یحیی المعاذی ، ومحمد بن علی الهمدانی ، ومحمد بن هارون ، وممویه ، ومحمد ) (5) ابن عبد الله بن مهران ، ضعفاء روی عنهم محمد بن أحمد بن یحیی. انتهی (6).

وأنت إذا تأمّلت المقام تری أنّه لا یخلو من إشکال أمّا أوّلاً : فما ذکره النجاشی عن الأصحاب أنّه کان یروی عن الضعفاء. غیر واضح الاختصاص بمحمد بن أحمد بن یحیی ، لأنّ هذا شأن أکثر الرجال المعتبرین ، واعتماد

ص: 7


1- فی النسخ : عنه ، والصواب ما أثبتناه.
2- رجال النجاشی : 348 / 939.
3- فی « فض » الحسن.
4- فی « فض » و « د » زیادة : بن أحمد. وما أثبتناه من المصدر.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- رجال الطوسی : 493 / 12 17.

المراسیل أمر مرجعه إلی الاجتهاد ، فلا وجه لکونه مضرّاً بالحال ، فإنّ کان قول النجاشی : وما علیه فی نفسه مطعن. إشارة إلی هذا فله وجه ، إلاّ أنّ ظاهر کلامه یأباه ، مضافاً إلی أنّ تخصیصه الثقة بالحدیث ، مع أنّ ظاهر قوله : وما علیه فی نفسه مطعن. یدل علی أنّه ثقة مطلقا ، ولعل أمر هذا سهل.

نعم اعتماد المراسیل محتمل لأنّ یکون المراد به أنّه یجوّز الإرسال فی الروایة مع عدم ذکره ، بل یجوّز أن یؤتی بالروایة متصلة بمن لم یلقه الراوی ، وهذا یفید نوع قدح فی روایته لا فی نفسه ، وحینئذ یشکل الاعتماد علی روایاته ، إلاّ أنّ الظاهر الاحتمال السابق.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره ابن الولید : من استثناء بعض المذکورین مع کونهم ضعفاء. لا وجه له ، لأنّ روایة محمد بن أحمد بن یحیی عن کل ضعیف غیر مقبولة ، والاختصاص غیر واضح.

وأمّا ثالثاً : فما ذکره ابن الولید فی محمد بن عیسی أتی بلفظ إسناد منقطع ، ومعنی هذا لا یخلو من خفاء ، فإنّ أُرید به أنّه إذا روی محمد بن أحمد بن یحیی عن محمد بن عیسی مرسلاً ، فلا وجه له بعد قوله : ما رواه عن رجل. بل إذا کان الإرسال مانعا (1) لا فرق بین محمد بن عیسی وغیره ، وقول أبی العباس : إنّه لا یدری رأیه فی محمد بن عیسی. لا یخلو من غرابة بعد ما قررناه ، وقد أوضحت المقام زیادة علی ما هنا فی معاهد التنبیه علی کتاب من لا یحضره الفقیه.

وأمّا رابعاً : فما قاله الشیخ لا یخلو من خلل فیما أظن ، (2) لأنّ ظاهر

ص: 8


1- فی النسخ زیادة : و، حذفناها لاستقامة المعنی.
2- فی النسخ زیادة : لا ، حذفناها لاستقامة المعنی.

أوّل الکلام أنّ محمد بن أحمد بن یحیی المعاذی یروی عن محمد بن أحمد بن یحیی الأشعری ، وآخر الکلام یقتضی أنّ محمد بن أحمد بن یحیی یروی عنهم.

والظاهر أنّ ابتداء من یروی عنهم محمد بن أحمد بن یحیی : محمد ابن أحمد بن یحیی المعاذی ، وآخر من یروی عنه أحمد بن إدریس ، والتشویش من العطف.

ثم إنّ المذکور فی کتاب النجاشی : محمد (1) بن یحیی المُعاذی (2). کما سمعته ، والشیخ قال : محمد بن أحمد بن یحیی (3). ولعل أمر هذا سهل.

وفی الفهرست قال الشیخ بعد ذکر جملة من الطرق إلی کتب محمد ابن أحمد بن یحیی : وأخبرنا جماعة ، عن محمد بن علی بن الحسین ، عن أبیه ، ومحمد بن الحسن ، عن أحمد بن إدریس ، ومحمد بن یحیی ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، وقال محمد بن علی بن الحسین بن بابویه : إلاّ ما کان فیها من تخلیط وهو الذی یکون طریقه محمد بن موسی الهمدانی. انتهی (4).

وهذا الکلام من ابن بابویه المنقول یقتضی أنّ ما رواه عن (5) محمد بن موسی الهمدانی خاصّ بالتخلیط ، وکلام ابن الولید یقتضی ردّ مطلق ما رواه

ص: 9


1- فی « فض » زیادة : بن أحمد.
2- رجال النجاشی : 348 / 939.
3- رجال الطوسی : 435 / 11 ، 493 / 13 ، ولکن فی الموضعین : محمد بن یحیی المعاذی.
4- الفهرست : 144 / 612.
5- فی « فض » و « د » ونسخة فی « رض » : عنه.

عن (1) محمد بن موسی الهمدانی ، ولا أدری الوجه فی هذا الاختلاف ، ولعل مراد ابن بابویه أنّ کل ما رواه عن (2) محمد بن موسی فهو مخلط ، والمعنیّ من التخلیط غیر واضح علی کلا الحالین ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فالروایة المذکورة قد اشتملت علی روایة محمد بن أحمد بن یحیی عن محمد بن عیسی ، لکن الإسناد غیر منقطع ، فالتوقف من هذه الجهة لا وجه له. المتن :

ظاهر فی السؤال عن الوضوء باللبن ، لکن استفادة عدم جواز التیمم بالدقیق إنّما هی من جهة الحصر ، فلا یتوجه علی الشیخ أنّ الحدیث لا دخل له بالعنوان کما هو واضح ، وما قیل : من أنّه یحتمل أن یکون اللبِن بکسر الباء وهو ( الطین المفخور. فمن البُعد بمکان ، لکنّه فی حیّز الإمکان ) (3) (4).

والذی ذکره رحمه الله فی التهذیب بعد هذه الروایة لا یزید عما هنا (5) ، لکن فی أوّل کتاب الطهارة فی بحث الوضوء ذکر فی قوله علیه السلام : « وإنّما لامرئ ما نوی » أنّه یدل علی أن لیس له ما لم ینو قال : وهذا حکم لفظة « إنّما » فی مقتضی اللغة ، ألا تری أنّ القائل إذا قال : إنّما لک عندی درهم ، وإنّما أکلت رغیفاً ، دل علی نفی أکثر من درهم وأکل أکثر من رغیف.

ویدلُّ علی أنّ لفظة « إنّما » موضوعة لما ذکرنا أنّ ابن عباس کان یری

وجه استفاده عدم جواز التیمّم بالدقیق من قوله علیه السلام : « إنّما هو الماء أو الصعید »

ص: 10


1- فی النسخ : عنه ، والصواب ما أثبتناه.
2- فی النسخ : عنه ، والصواب ما أثبتناه.
3- بدل ما بین القوسین فی « فض » هکذا : المفخر من الآجر ویحتمل ارادة اللّبن المعروف فمن البعد بمکان ، کما یخفی علی تقدیر تسلیم دخوله فی حیّز الإمکان.
4- فی « رض » زیادة : فی باب التیمم.
5- التهذیب 1 : 188 / 540.

جواز بیع الدرهم بالدرهمین نقداً ، وناظره علی ذلک وجوه الصحابة واحتجّوا علیه بنهی النبی صلی الله علیه و آله عن بیع الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، فعارضهم بقوله علیه السلام : « إنّما الربا فی النسیئة » فرأی ابن عباس هذا الخبر دلیلاً علی أنّه لا ربا إلاّ فی النسیئة.

ویدلُّ أیضا علی أنّ لفظة « إنّما » تفید ما ذکرناه أنّ الصحابة لما تنازعت فی التقاء الختانین واحتجّ من لم یر ذلک موجباً للغسل بقوله علیه السلام : « إنّما الماء من الماء » قال الآخرون من الصحابة : هذا الخبر منسوخ. فلولا أنّ الفریقین رأوا هذه اللفظة مانعة من وجوب الغسل من غیر إنزال لما احتجّ بالخبر نافوا وجوب الغسل ولا ادّعی نسخه الباقون (1). انتهی.

وذکر فی باب المیاه الخبر المبحوث عنه دلیلاً علی عدم جواز الطهارة بالمضاف ، وأشار إلی أنّه قدّم القول فی بیان الحصر فیه (2).

ولا یخفی أنّه یمکن المناقشة فی بعض الدلیل علی الحصر بإنّما ، فإنّ استدلال ابن عباس بمجرّده لا یثبت حکماً یلزم غیره ، إلاّ إذا وافقه الغیر ، ولم ینقل الشیخ الموافقة ؛ والأمثلة المذکورة من قوله : إنّما لک عندی درهم ، وإنّما أکلت رغیفاً ، یجوز أن یکون للقرائن فیها مدخلیّة ، وما نحن فیه لا یبعد استفادة الحصر من القرینة أیضاً ، وهو کاف فی المطلوب ، وقد قدّمنا فی الخبر الأوّل کلاماً عن العلاّمة فی الاستدلال علی الحصر بإنّما لا حاجة لإعادته.

ثم إنّ الضمیر فی قوله : « إنّما هو » غیر ظاهر المرجع ، وکأنّه عائد إلی ما یتطهّر به ، والمقام قرینته.

ص: 11


1- التهذیب 1 : 84 / 219 ، 220 ، الوسائل 2 : 184 أبواب الجنابة ب 6 ح 5.
2- التهذیب 1 : 218 ، الوسائل 1 : 201 أبواب الماء المضاف ب 1 ح 1.

أمّا توجیه الجواب عمّا عساه یقال فی الخبر : من أنّ السؤال عن الوضوء فأیّ حاجة لذکر الصعید ، فیمکن أن یقال فیه : إنّه علیه السلام أتی بفائدة زائدة عن مقتضی السؤال.

وفی الفقیه : ولا یجوز التوضّؤ باللبن لأنّ الوضوء إنّما هو بالماء أو الصعید (1). وقد ذکرنا فی حاشیته ما یتوجه علیه ، غیر أنّه ینبغی أن یعلم هنا أنّ الظاهر من کلامه إرجاع الضمیر للوضوء ، وحینئذ یجوز أن یراد بالوضوء ما یتناول التیمم مجازاً من باب استعمال اللفظ فی حقیقته ومجازه ، أو یراد بالوضوء ما یدخل به فی الصلاة فیکون من باب عموم المجاز ، فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : الصعید : التراب أو (2) وجه الأرض (3).

وینقل عن السید المرتضی أنّه قال باشتراط التراب فی التیمم ، واحتجّ بقوله تعالی ( فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً ) (4) قائلاً : إنّ الصعید هو التراب ( بالنقل عن أهل اللغة (5). والمفید فی المقنعة قال : والصعید هو التراب (6) ) (7). والجوهری نقل عنه ذلک أیضا (8).

معنی الصعید

ص: 12


1- الفقیه 1 : 11.
2- فی النسخ : ووجه الأرض ، وما أثبتناه من المصدر.
3- القاموس المحیط 1 : 318 ( صعد ).
4- النساء : 43 ، المائدة : 6.
5- نقله عنه فی المعتبر 1 : 372.
6- المقنعة 59.
7- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
8- الصحاح 2 : 498 ( صعد ).

ونقل عن الخلیل : إنّه وجه الأرض (1) ، وکذا عن الزجاج (2) ، وحکاه ثعلب عن ابن الأعرابی (3) ، وقد ذکرت ما لا بد منه فی حاشیة الروضة.

والذی ینبغی ذکره هنا أنّ الأولی الاستدلال علی ( أنّ الصعید التراب ) (4) بخبر زرارة السابق فی باب مقدار ما یمسح الرأس ، حیث قال فیه : « ثم قال ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً ) إلی أن قال : « « منه » أی من ذلک التیمم ، لأنّه علم أنّ ذلک لا یجزی علی الوجه ، لأنّه یعلق من ذلک ببعض الکف ولا یعلق ببعضها » ولم أر الآن من تعرّض للاستدلال بالخبر ، وهو أسلم من الشبهات الواردة علی الاستدلال بکلام أهل اللغة (5) ، فتأمّل.

قوله :

فأما ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن ابن بکیر. عن عبید بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الدقیق یتوضّأ به قال : « لا بأس بأن یتوضّأ به وینتفع به ».

فالوجه فی قوله « لا بأس بأن یتوضّأ به » إنّما أراد به الوضوء الذی هو التحسین وتدلک الجسد به دون الوضوء للصلاة ، والذی یکشف عن ذلک :

ما أخبرنی به الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه محمد ابن الحسن ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ،

ص: 13


1- العین 1 : 290 ( صعد ).
2- نقله عنه فی مجمع البیان 2 : 52 وفی المصباح المنیر : 340.
3- الحبل المتین : 90 ، المدارک 2 : 197.
4- بدل ما بین القوسین فی « فض » : ذلک.
5- فی « رض » و « د » زیادة : کما یعلم مما أشرنا إلیه.

عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یطلی بالنورة فیجعل الدقیق بالزیت یلته به ویتمسح به بعد النورة لیقطع ریحها قال : « لا بأس ».

السند :

فی الأوّل قد تکرّر القول فی رجاله.

وکذا الثانی ، إلاّ أنّ عبد الرحمن بن الحجاج قد قدّمنا فیه کلاماً لا یخلو من إجمال (1) ، ولا بأس بذکر حاله هنا زیادة علی ذلک : فاعلم أنّ النجاشی قال فی شأنه : إنّه رمی بالکیسانیة ، وروی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، وبقی بعد أبی الحسن ورجع إلی الحق ولقی الرضا علیه السلام وکان ثقة ثقة ثبتاً وجهاً (2).

وهذا الکلام کما تری وإن کان یقتضی أنّ الرامی له بالکیسانیة غیر معلوم لیفید قدحاً فیه ، إلاّ أنّ قوله : ورجع إلی الحق. یدل علی الاعتراف من النجاشی بذلک ، إلاّ أن یقال : إنّ قوله : ورجع إلی الحق. من تتمّة القول المحکی عن الغیر ، وفیه بُعد لا یخفی.

والصدوق ذکر فی مشیخة الفقیه : أنّ عبد الرحمن بن الحجاج کان موسی علیه السلام إذا ذکر عنده قال : « إنّه لثقیل فی الفؤاد » (3) والکشی روی هذا أیضا لکن بنوع مغایرة ، فإنّه قال فی الروایة : « ثقیل علی الفؤاد » (4) والروایة

بحث حول عبدالرحمان بن الحجاج

ص: 14


1- فی ج 2 : 367.
2- رجال النجاشی : 237 / 630.
3- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 41.
4- رجال الکشی 2 : 740 / 829.

غیر سلیمة الطریق ، وظاهر الصدوق الاعتماد علی ذلک.

ولشیخنا المحقق میرزا محمد أیّده الله توجیه لهذا القول بما لا یقدح فی شأن عبد الرحمن ، وأظنّه تقدّم ، وهو أن یکون ثقیلاً علی فؤاد المخالفین ، أو الاسم ثقیل فیه وفی أبیه (1). وهذا التوجیه وإن بَعُد إلاّ أنّه وجه لا بأس به.

وعلی تقدیر الارتیاب إذا روی عبد الرحمن عن الرضا علیه السلام فلا ریب فی صحّة الروایة ، لأنّها بعد الرجوع ، أمّا روایته عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام فالارتیاب حاصل فیها.

والعلاّمة فی الخلاصة قال : إنّه کان وکیلاً لأبی عبد الله علیه السلام (2). وفی ثبوت التوثیق بالوکالة علی الإطلاق نظر أشرنا إلی وجهه فیما تقدّم ، وهو أن الوکالة إنّما تُثبت التوثیق فیما یتوقف علی ذلک ، ولم أقف علی طریق معتبر لثبوت الوکالة ، هذا کلّه إذا لم یعمل بالموثّق ( وإلاّ فالأمر ) (3) واضح.

وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : إنّ عبد الرحمن کان أُستاذ صفوان (4). وصفوان هو ابن یحیی ، وحاله أظهر من أن یبیّن.

المتن :

لا یخفی أنّه متضمن للوضوء ، فذکره فی باب التیمم قد ینکر علی الشیخ ، ویجاب بأنّ الوضوء لا یمکن حمله علی ظاهره ، بل احتمال إرادة التیمم منه ظاهر ، فیتم احتمال المعارضة لما سبق ، وما قاله الشیخ من

هل بثبت التوثیق بالوکالة؟

المراد بالوضوء فی حدیث عبید بن زرارة هو التیمّم

ص: 15


1- منهج المقال : 191.
2- خلاصة العلامة : 113 / 5.
3- فی « فض » : والأمر.
4- رجال الطوسی : 230 / 126.

التوجیه واضح ، والاستشهاد له فی الخبر الثانی غیر محتاج إلیه ، بل ربما یظن عدم الدلالة علی المطلوب من إطلاق الوضوء علی استعمال الدقیق ، لکن الأمر سهل بعد ما تسمعه من کلام أهل اللغة ، وفی الأخبار أیضاً ما یدلّ علی استعمال الوضوء فی مثل هذا.

اللغة :

قال فی القاموس : الوضاءة : الحسن والنظافة (1). وقال ابن الأثیر فی النهایة : الوضاءة ، الحسن والبهجة ، یقال : وضُأت فهی وضیئة ؛ وقال أیضا : یقال : هو أوضأ منک ، أی أحسن (2).

قوله :

باب التیمم فی الأرض الوحلة والطین والماء

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن یحیی عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کنت فی حال لا تقدر إلاّ علی الطین فتیمم به ، فإنّ الله تعالی أولی بالعذر ، إذا لم یکن معک ثوب جاف ولا لبد تقدر علی أن تنفضه وتتیمم به ».

وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن علی بن محبوب ، عن معاویة بن حکیم ، عن عبد الله

معنی الوضاءة

التیمّم فی الأرض الوحلة والطین والماء

اشارة

ص: 16


1- القاموس المحیط 1 : 33 ( الوضاءة ).
2- النهایة لابن الأثیر 5 : 195 ( وضأ ).

ابن المغیرة ، عن ابن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إذا کنت فی حال لا تجد إلاّ الطین فلا بأس أنّ تتیمم (1) به ».

عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن رفاعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کانت الأرض مبتلّة لیس فیها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتیمم منه ، فإنّ ذلک توسیع من الله عز وجل » قال (2) : « وإن کان فی حال لا یجد إلاّ الطین فلا بأس أنّ یتیمم منه ».

السند :

فی الجمیع لیس فیه لبس بعد ما قدّمناه ، سوی أنّه ینبغی أن یعلم أنّ السند الأخیر (3) لیس من قسم الصحیح ، لأنّ محمد بن عیسی الأشعری الواقع التعبیر عنه بأبیه بعد أحمد بن محمد الراوی عنه سعد غیر معلوم التوثیق ، إلاّ من حیث إنّ العلامة ذکره فی القسم الأوّل من الخلاصة وأتی بعبارة النجاشی ، وهی أنّه شیخ القمیین ووجه الأشاعرة متقدّم عند السلطان ودخل علی الرضا علیه السلام وسمع منه ، وروی عن أبی جعفر الثانی علیه السلام (4) ، وقد وصف أیضا بعض روایات هو فیها بالصحة فی بعض مصنفاته (5). وأنت خبیر بأنّ هذا لا یفید توثیقاً.

بحث حول محمّد بن عیسی الأشعری

ص: 17


1- فی الاستبصار 1 : 156 / 538 : تیمم.
2- فی الاستبصار 1 : 156 / 539 زیادة : فإن کان فی ثلج فلینظر لبد سرجه فلیتیمم من غباره أو شی ء مغبّر ، وفی الهامش أنها زیادة من التهذیب.
3- فی « فض » زیادة : ربما.
4- خلاصة العلاّمة : 154 / 83.
5- المختلف 1 : 262.

وأشار إلی ما فی الخلاصة جدّی قدس سره فی الفوائد علیها فقال : هذه العبارة لا تدلّ صریحاً علی توثیقه ، نعم قد یظهر منها ذلک. انتهی.

وما ( قد یقال : إنّ کونه ) (1) شیخ القمیین یفید التوثیق ، لأنّ المعروف من المشیخة ذلک کما فی کثیر من مشایخ الشیخ ، بل وغیره. محل بحث أیضا.

وأمّا السند الثانی : فلا یبعد صحّته ، لولا عدم توثیق ابن بکیر من النجاشی (2) ، نظراً إلی ما أسلفناه من أنّ توثیق النجاشی مع عدم التعرض لفساد المذهب مقدّم علی قدح الشیخ (3).

ولیس فیه غیر من ذکرناه إلاّ معاویة بن حکیم ، وقد وثّقه النجاشی ساکتاً عن کونه فطحیاً (4).

وأمّا عبد الله بن المغیرة فلیس فیه ارتیاب ، لأنّ النجاشی وثّقه مرّتین قائلاً : لا یعدل به أحد من جلالته ودینه وورعه (5).

وما فی الکشی : من أنّه وجد بخط أبی عبد الله بن محمد الشاذانی قال العبیدی محمد بن عیسی : حدثنی الحسن بن علی بن فضال قال : قال عبد الله بن المغیرة : کنت واقفاً فحججت علی تلک الحالة فلمّا صرت مکة خلج فی صدری شی ء فتعلّقت بالملتزم ، ثم ذکر أنّه دعا الله بالتوفیق لدینه ثم أتی الرضا علیه السلام واعترف بأنّه حجّة الله وأمینه علی خلقه (6).

بحث حول ابن بکیر

معاویة بن حکیم وثّقه النجاشی

بحث حول عبدالله بن المغیرة

ص: 18


1- فی « رض » : یقال : إنّه.
2- رجال النجاشی : 222 / 581.
3- فی « د » زیادة : وعدم ذکر فساد المذهب من النجاشی وإن لم یوثقه یقتضی نوع توقف ثبوت فساد المذهب ، إلاّ ان یقال : إنّ ثبوت التوثیق من الشیخ مقارن لفساد المذهب ، فاللازم من التوثیق فساد المذهب ، وفیه أنّ المعارضة إنّما هو فی فساد المذهب ، أمّا التوثیق فلا ، ویشکل بان عدم التوثیق من النجاشی معارض ، فلیتأمل.
4- رجال النجاشی : 412 / 1098.
5- رجال النجاشی : 215 / 561.
6- رجال الکشی 2 : 857 / 1110 ، وفیه : أبی عبد الله محمد بن شاذان.

ففیه : أنّ الروایة مشتملة علی الشاذانی وحاله غیر معلوم علی وجه یعتمد علیه ، والحسن بن علی بن فضال یتوقف قبول قوله علی العمل بالموثّق لو سلمت حال الشاذانی.

أمّا ما وقع فی الخلاصة بعد توثیقه مرّتین من قوله : قال الکشی : روی أنّه کان واقفیاً ثم رجع (1). فلا یخفی ما فیه ، وقد نقل الکشی الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه والإقرار له بالفقه (2) فهو مؤیّد لما قدمناه.

فإن قلت : قد نقل الکشی فی محمد بن أحمد بن نعیم الشاذانی روایة تدل علی علوّ مرتبته فکیف یقال : إنّه غیر معلوم الحال؟!.

قلت : الروایة بتقدیر تسلیم سندها راجعة إلی شهادته لنفسه فلا یفید شیئا ، وعلی تقدیر عدم ضرر ذلک لا یفید أیضا ، والروایة سندها آدم بن محمد قال : سمعت محمد بن شاذان بن نعیم یقول : جمع عندی مال الغریم فأنفذتُ به إلیه وألقیتُ فیه شیئاً من صلب مالی ، قال : فورد فی الجواب : « قد وصل إلیّ ما أنفذتَ من خاصّة مالک فیها کذا وکذا تقبّل الله منک » (3) وقد رواها الصدوق فی کمال الدین عن أحمد بن محمد بن یحیی العطار ، عن أبیه قال : حدثنا محمد بن شاذان (4) وذکر الروایة ، والکلام فیما عدا السند واحد.

المتن :

فی الأوّل ظاهر الدلالة علی أنّ الطین یتیمم به إذا لم یکن مع الإنسان

ص: 19


1- خلاصة العلاّمة : 110.
2- رجال الکشی 2 : 830 / 1050.
3- رجال الکشی 2 : 814 / 1017.
4- کمال الدین : 509 / 38 بتفاوت یسیر.

ثوب جاف ولا لبد یقدر علی أن ینفضه ، والظاهر أنّ المراد لیس مجرد النفض ، بل إذا خرج منه تراب ، کما یدل علیه خبر رفاعة الآتی ( وإن کان ) (1) فی النسخة التی رأیتها للکتاب ( وقع فیه ) (2) نقیض ما هو مطلوب.

والذی فی التهذیب : قال : « وإن کان فی ثلج فلینظر لبد سرجه فلیتیمم من غباره أو شی ء مغبّر ، وإن کان فی حال لا یجد إلاّ الطین فلا بأس أن یتیمم به » (3) وهذه الزیادة هی المطلوبة لتقیید ما قلناه ، وقد نقله فی المختلف العلاّمة واصفاً لها بالصحة (4) ، وهو من جملة المواضع الذی قلنا : إنّ العلاّمة یصف فیه روایة فیها محمد بن عیسی الأشعری بالصحة (5).

ثم إنّ ظاهر الأخبار الثلاثة إطلاق التیمم بالطین ، قال فی المقنعة : إذا حصل فی أرض وحلة وهو محتاج إلی التیمم ولم یجد تراباً فلینفض ثوبه أو عرف دابّته إن کان راکباً أو لبد سرجه ورحله ، فإن خرج من شی ء من ذلک غبرة یتیمم بها ، وإن لم یخرج منه غبرة فلیضع یدیه علی الوحل ثم یرفعهما فیمسح إحداهما بالأُخری حتی لا یبقی فیهما نداوة ولیمسح بها وجهه وظاهر کفیه (6).

وقد اختار العلاّمة فی المختلف هذا القول ، وجعل من مؤیّداته موثقة زرارة وهی الروایة الثانیة ، لکن أتی بالمتن فیها زائداً علی ما هنا ، وهو عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إنّ أصابه الثلج فلینظر لبد سرجه فلیتیمم من غباره أو من

التیمّم بالوحل والطین والغبار ، والأقوال فیه

ص: 20


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- التهذیب 1 : 190 / 546 ، الوسائل 3 : 354 أبواب التیمم ب 9 ح 4.
4- المختلف 1 : 262.
5- راجع ص 736.
6- المقنعة : 59 ، بتفاوت یسیر.

شی ء مغبّر ، وإن کان فی حال لا یجد إلاّ الطین فلا بأس أن یتیمّم منه » (1).

وهذا المتن فی التهذیب کما نقله إلاّ فی قوله : « أو شی ء مغبّر » ففی النسخة التی رأیتها من التهذیب : « شی ء معه » (2) وفی الاستبصار علی ما وجدته من النسخ کما تری ، ولا یخلو من غرابة.

وجعل العلاّمة الروایة الأخیرة أیضا من المؤیّدات وأنت خبیر بأنّ الدلالة علی جمیع مطلوب المفید غیر ظاهرة.

واتفق للعلاّمة أیضاً أنّه نقل عن الشیخ فی النهایة جعله التیمم مراتب ، أُولاها التراب ، فإن فقد فالحجر ، فإن فقد تیمم بغبار عرف دابّته أو لبد سرجه ، فإن لم یکن معه دابّة تیمم بغبار ثوبه ، فإن لم یکن معه شی ء من ذلک تیمم بالوحل.

قال العلاّمة بعد نقل کلام المفید السابق : فقد وقع الخلاف بین الشیخین فی هذا المقام فی موضعین ، الأول : أنّ المفید خیّر بین الثوب وعرف الدابّة والطوسی رتّب بینهما. الثانی : أنّ المفید شرط خروج غبار من الثوب أو العرف والطوسی أطلق (3). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ الطوسی لم یطلق بل قال : بغبار عرف دابّته وغبار ثوبه. وهذا لا یتحقق إلاّ بإخراجه أو کونه خارجاً.

واحتمال أن یکون العلاّمة فهم من کلام المفید أنّ مراده التیمم بالغبار الخارج حین النفض غیر الموجود علی الثوب أو اللبد بل المصاحب للهواء ، بخلاف قول الشیخ فإنّه أطلق من هذه الجهة ، بعید عند التأمّل.

ص: 21


1- المختلف 1 : 262.
2- التهذیب 1 : 189 / 545.
3- المختلف 1 : 261.

ولا یذهب علیک أنّ مفاد الأخبار الدالة علی التیمم بالغبار وإن کان الإطلاق فی الغبار من التراب وغیره ، إلاّ أنّ احتمال إرادة التراب قریب ، نظراً إلی أنّه المتعارف من الغبار غالباً.

وقد نقل العلاّمة فی المختلف عن سلاّر أنّه قال : ( إذا وجد الثلج والوحل والحجر نفض ثوبه وسرجه ورحله ، فإن خرج منه تراب تیمم به (1). وعن المرتضی أنّه قال ) (2) یجوز التیمم بالتراب وغبار الثوب وما أشبهه إذا کان الغبار من التراب (3).

وظاهر نقل العلاّمة الأقوال أنّه فهم من کلام غیر المذکورین إرادة إطلاق الغبار ومنهم المفید وقد اختار قوله کما قدمنا الإشارة إلیه ، غیر أنّ العجب من العلاّمة أنّه قال بعد اختیار القول المذکور وذکر الأخبار المؤیّدة : وأمّا اشتراط الغبار فلمّا بیّنا من أنّ التیمم إنّما یکون بالأرض أو التراب (4).

وأنت خبیر بأنّ هذا یخالف إطلاق مذهب المفید ، ولو حمل الإطلاق علی التراب لم یتم نقله الأقوال علی الإطلاق ، فلیتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شیخنا قدس سره نقل فی المدارک عن السید المرتضی فی الجمل أنّ الذی یظهر منه جواز التیمم بالغبار مع وجود التراب ، قال قدس سره : وهو بعید ، لأنّه لا یسمّی صعیدا (5).

وقد یقال : إنّ الصعید هو التراب ، والغبار إذا کان من التراب لا وجه لخروجه عنه إلاّ من حیث تسمیته غباراً ، وضرورة مثل هذه التسمیة غیر

ص: 22


1- المختلف 1 : 261.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- المختلف 1 : 262.
4- المختلف 1 : 263.
5- مدارک الاحکام 2 : 207.

ظاهرة ؛ وإن کان الغبار من غیر التراب فالکلام علیه ممکن فی أصل الحکم ، ولا وجه لبعده ، هذا.

وقد یختلج الإشکال فی صحّة التیمم بالغبار مع وجود الطین ، فإنّ الروایات صحیحها خبر رفاعة ، وهو دالّ علی ما فی زیادة التهذیب أنّ وجود الثلج المانع من الأرض هو المجوّز للتیمم بالغبار ، وحینئذ فإطلاق القول بتقدیمه علی الطین مشکل.

وبالجملة : فللمناقشة فی تقدیم الغبار علی الطین مجال ، علی أنّ الطین قد یناقش فیه بأنّ حکم التیمم به مقید بعدم غیره ، فهو طهارة اضطراریة کالغبار ، فالترجیح محل کلام ، فما قاله شیخنا قدس سره : من إمکان المناقشة فی جواز التیمّم بالغبار مع إمکان الطین (1). محل نظر من حیث الإطلاق ، وإن کنّا شارکناه فی التأمّل من جهة أُخری.

بقی شی ء وهو أنّ بعض الأصحاب قال : إنّ الطین لو أمکن تجفیفه قدّم علی الغبار قطعا (2). ( وله وجه ) (3).

ثم إنّه یحتمل اعتبار الصبر إلی ذهاب النداوة فی الطین إذا لم یخف فوت الوقت ، کما ینقل عن العلاّمة فی التذکرة أنّه قیّد ما ذکر فی الوحل بذلک (4).

وفیه : أنّ الدلیل غیر معلوم فی الوحل والطین ، واحتمال التوصل إلی ما قرب من التراب یشکل بأنّ النص مطلق.

ص: 23


1- مدارک الأحکام 2 : 207.
2- منهم صاحب المدارک 2 : 207.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « د ».
4- التذکرة 2 : 181.

اللغة :

قال فی القاموس : لَبَدَ الصوف کضرب نَفَشَه وبلّه بماء ثم خاطه ، وقال أیضاً : اللبد بساط معروف وما تحت السرج (1).

قوله :

فأما ما رواه سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن علی ، عن أحمد ابن هلال ، عن أحمد بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال ، قلت : رجل دخل الأجَمَة (2) لیس فیها ماء وفیها طین ما یصنع؟ قال : « یتیمّم ، فإنّه الصعید » قلت : فإنّه راکب ولا یمکنه النزول من خوف ولیس هو علی وضوء؟ قال : « إن خاف علی نفسه من سبع أو غیره وخاف فوت الوقت فلیتیمّم یضرب بیده علی اللبد والبرذعة ویتیمّم ویصلّی ».

فلا ینافی خبر أبی بصیر وخبر رفاعة فإنّ (3) فیهما : إذا لم تقدر علی لبد أو سرج تنفضه تیمم بالطین ، وقال فی هذا الخبر أوّلاً : یتیمم بالطین ، فإن لم یقدر علی النزول للخوف تیمم من السرج لأنّ الوجه فی الجمع بین الأخبار أنّه إذا کان فی لبد السرج أو الثوب غبار یجب أن یتیمم منه ولا یتیمم من الطین ، فإذا لم یکن فی الثوب غبرة أوّلاً یتیمم

معنی اللبد

ص: 24


1- القاموس المحیط 1 : 347 ( لبد ).
2- الأَجَمَة : منبت الشجر کالغَیْضة وهی الآجام ، تهذیب اللغة 11 : 227 ، لسان العرب 12 : 8 ( أجم ).
3- فی الاستبصار 1 : 157 ، فإنه قال.

بالطین ، فإن خاف من النزول تیمّم من الثوب وإن لم یکن فیه غبار.

والذی یدل علی أنّه إنّما یسوغ له التیمم باللبد والسرج إذا کان فیهما الغبار :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : أرأیت المواقف إن لم یکن علی وضوء کیف یصنع ولا یقدر علی النزول؟ قال : « تیمم من لبده و (1) سرجه و (2) مَعرفة دابّته فإنّ فیها غباراً ویصلّی ».

السند :

فی الأوّل : فیه أحمد بن هلال ، وقد قدّمنا أنّ الشیخ ضعّفه فی هذا الکتاب (3) ، وحینئذ لا حاجة إلی تعیین الحسن بن علی وإن کان فی الظاهر أنّه ابن فضال ، وأمّا أحمد بن محمد فهو ابن أبی نصر علی ما یقتضیه الممارسة.

والثانی : لا ارتیاب فیه بعد ملاحظة ما قدّمناه مکرّراً ، غیر أنّه ینبغی أن یعلم أنّ الشیخ فی المشیخة لهذا الکتاب ذکر طریقه إلی الحسین بن سعید عن الشیخ المفید ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد بن قولویه ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد. وعن الشیخ المفید ، عن شیخه عماد الدین أبی محمد جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن بابویه ، عن أبیه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد (4).

أحمد بن هلال ضعیف

طرق الشیخ إلی الحسین بن سعید

ص: 25


1- فی الاستبصار 1 : 157 : أو.
2- فی الاستبصار 1 : 157 : أو.
3- راجع ص 154.
4- مشیخة الاستبصار ( الاستبصار 4 ) : 327.

وقد روی الشیخ الحدیث فی التهذیب عن المفید ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید (1). وهذا لا یضرّ بحال ما ذکره فی المشیخة ، لأنّ له طرقاً إلی الرجل ، وفی المشیخة اقتصر علی البعض ، والشیخ رحمه الله لم یلتفت إلی صحّة الطریق ، ولا إلی العالی منه ، اعتماداً علی أنّ الأحادیث مأخوذة من کتب علیها المعوّل ، وإنّما ذکر الأسانید دفعاً لبعض الشبهات.

المتن :

فی الأوّل ما قاله الشیخ فیه بعید جدّاً ، واحتمال التخییر فی الجمع بین الأخبار لعلّه أولی.

وما قد یقال : إنّ مفاد خبر زرارة کونه إذا خاف السبع أو فوت الوقت یتیمم علی اللبد ، وظاهر المفهوم أنّه مع القدرة لا یجوز ، والتخییر ینافی هذا.

یمکن الجواب عنه بأن التخییر لا ینافی کون الأفضل الطین ویکون الشرط لذلک.

وما ذکره الشیخ : من التیمم بالثوب وإن لم یکن فیه غبار. لا دلیل علیه ، فإن السابقة دل بعضها علی النفض وهو یشعر بإرادة الغبار ، والبعض الآخر وهو الساقط منه المطلوب دل علی الغبار ، ولو فرض إطلاق البعض فی النفض حمل علی المقیّد بالغبار.

والروایة الثانیة المذکورة من الشیخ للدلالة علی أنّه إنّما یسوغ التیمم باللبد والسرج إذا کان فیهما الغبار ، تنافی الجمع ، علی أنّ فی دلالتها علی

التخییر بین التیمّم بالطین وغبار الثوب

هل یجوز التیمّم بالثوب الذی لاغبار فیه؟

ص: 26


1- التهذیب 1 : 189 / 544.

الحصر نوع تأمّل ، لکنه سهل الجواب ، ولا یخفی عدم دلالتها علی أنّ التیمم باللبد إنّما یسوغ للضرورة ، لأنّ التقیید من کلام السائل.

وبهذا یندفع ما ذکره شیخنا قدس سره : من أنّ الروایة تدل علی جواز التیمم مع الضرورة ، فلا یتم مطلوب القائل بجواز التیمم بالغبار مع وجود الطین (1).

وما قاله الشیخ : من دلالة خبر أبی بصیر وخبر رفاعة. یؤیّد کونه ذکر الحدیث مع الزیادة التی فی التهذیب فکأنّها سقطت من النسخ التی رأیتها.

بقی فی المقام أُمور :

الأوّل : فی الروایة الأُولی ما یقتضی أنّ الصعید هو الطین ، وهذا لا یخفی ما فیه ظاهراً ، ولعل المراد هو الطین من الصعید ، وقد یستبعد ذلک لکن مع ثبوت النص لا (2) إشکال.

الثانی : ما تضمنته الروایات فی الباب اشتمل علی الطین ، والأقوال المذکورة فی المختلف وقع التعبیر فیها بالوَحل (3) ، فکأنّ الحکم واحد علی ما فهمه الأصحاب ، وربما یظن المغایرة. وفی القاموس : الوحل : الطین ترتطم فیه الدواب (4). وهذا ظاهره أنّه غیر الطین ، نعم فی الصحاح : الوحل بسکون الحاء وفتحها : الطین الرقیق (5).

الثالث : ظاهر الروایة الأخیرة أنّ مجرّد وجود الغبار فی المذکورین کاف فی صحّة التیمّم ، ولعل إطلاقه یقید بما تضمن النفض ، فلیتأمّل.

هل الطین والوحل واحد؟

ص: 27


1- مدارک الأحکام 2 : 207.
2- فی « رض » : فلا.
3- المختلف 1 : 261 : 262.
4- القاموس المحیط 4 : 65 ( الوحل ).
5- الصحاح 5 : 1840 ( وحل ).

قوله :

باب الرجل یکون (1) فی أرض غطاها الثلج.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن علی بن إسماعیل ، عن حماد بن عیسی ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یجنب فی السفر لا یجد (2) إلاّ الثلج ، قال (3) : « یغتسل بالثلج أو ماء النهر ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن أحمد ابن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عیسی ، عن معاویة بن شریح قال : سأل رجل أبا عبد الله علیه السلام وأنا عنده ، فقال : یصیبنا الدَّمَق والثلج ونرید أن نتوضّأ ولا نجد إلاّ ماءً جامداً فکیف أتوضّأ أدلک به جلدی؟ قال : « نعم ».

السند :

لا لبس فیه فی الخبرین بعد ما کرّرنا ذکره ، غیر أنّ علی بن إسماعیل الواقع فی الأوّل لا بأس بإعادة ما ذکرناه مجملا ، والحاصل أنّ الموجود فی الرجال الموجودة الآن علی بن إسماعیل بن میثم التمار ، وهذا مهمل فی الرجال (4) ، وعلی بن إسماعیل بن عیسی مذکور فی طرق الفقیه إلی إسحاق

الرجل یکون فی أرض غطاها الثلج

بحث حول علی بن إسماعیل

ص: 28


1- فی الاستبصار 1 : 157 : یحصل.
2- فی الاستبصار 1 : 157 / 542 زیادة : فی السفر.
3- فی الاستبصار 1 : 157 / 542 : فقال.
4- انظر رجال النجاشی : 251 / 661.

ابن عمار (1) ، والعلاّمة وصفه بالصحة (2). والرجل المذکور فی مرتبةٍ لا یبعد أن یکون هو المراد هنا.

لکن تصحیح العلاّمة محلّ تأمّل فی إفادته التوثیق المعتبر ، لکثرة ما وقع له من الأوهام فی توثیق الرجال لا لأنّ تصحیح الأخبار اجتهادیّ ولا یفید غیر المقلد له ، لإمکان أن یقال علی هذا : إنّ النجاشی وغیره من المتقدمین الذین لم یعاصروا الرواة توثیقهم أیضا بالاجتهاد کما یقتضیه الاعتبار.

نعم قد یشکل الحال فی توثیق الشیخ ؛ لأنّه أیضاً کثیر الأوهام علی نحو العلاّمة.

وربما یقال : إنّ التزکیة لیست من قبیل الفتوی ، بل من قبیل الإخبار ، والواحد فیها مقبول لمفهوم الآیة ، فإذا تحققت العدالة لا وجه للتوقف فی تصحیح العلاّمة.

وفیه : أنّ التصحیح محتمل لأن یرید به حصول القرائن المفیدة لصدق الراوی ، فهو ظن خاص بالمجتهد ، والتوثیق أمر آخر.

إلاّ أن یقال : إنّ هذا بعینه جار فی التوثیق. ( وفیه احتمال الفرق کما یعرف من حقیقة التوثیق ، إلاّ أن یقال : إنّ الصحة العرفیة یتوقف علی التوثیق ) (3) فالحکم بالصحة حکم بها.

وفیه : أنّ الاضطراب قد علم من العلاّمة فی التصحیح کما یعرف من المنتهی والمختلف.

ص: 29


1- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 6.
2- خلاصة العلاّمة : 277.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

نعم تصحیح الصدوق له مزیّة یقرب معها أن یکون علی نحو التوثیق ، ومن ثم تطمئن النفس إلی إخباره فی الفقیه ، حیث قال فی أوّله : أنّه یورد فیه ما یعتقد صحته (1).

وما قد یقال : إنّ اعتقاد صحّة الحدیث عند الصدوق لا یدل علی توثیق الرجل ، لأنّ الصحّة عند المتقدّمین لا یتوقف علی التوثیق.

فجوابه : أنّنا لا ندعی توثیق رجال الحدیث من الحکم بصحته من الصدوق ، بل نقول : إنّ الخبر صحیح علی نحو الصحیح الاصطلاحی ، فینبغی تأمّل هذا فإنّه حریّ بالتأمّل.

وإذا تمهّد ما قلناه فاعلم أنّ طریق الفقیه المذکور فیه إسماعیل بن عیسی لا یخلو من خلل علی ما أظن فی ذکر ابن عیسی ، کما نبّهنا علیه فی حاشیته.

وفی الرجال علی بن إسماعیل الدهقان ، قال النجاشی : إنّه خیّر فاضل من أصحاب العیاشی (2). وکذلک قال الشیخ فی من لم یرو عن أحد من الأئمّة علیهم السلام فی کتابه (3). ومرتبة هذا الرجل لا توافق ما نحن فیه إلاّ بتکلّف.

وفی الرجال علی بن إسماعیل بن عمار من وجوه من روی الحدیث علی ما قاله النجاشی فی ترجمة إسحاق (4). وحاله لا یخفی ( وفی الرجال علی ما ذکره العلاّمة فی الخلاصة فی علی بن السری ) (5) نقلا عن الکشی أنّه قال : قال نصر بن الصباح : علی بن إسماعیل ثقة وهو علی بن السری ،

ص: 30


1- الفقیه 1 : 3.
2- لیست فی رجال النجاشی.
3- رجال الطوسی : 478 / 9.
4- رجال النجاشی : 71 / 169.
5- ما بین القوسین ساقط من « فض ».

لقّب إسماعیل بالسری (1) قال العلاّمة : ونصر بن الصباح ضعیف (2).

والذی حققه شیخنا المحقق أیّده الله فی کتاب الرجال أنّ لفظة ثقة تصحیف یق (3) کما یقتضیه سوق کلام الکشی ، والعلاّمة غیّر کلام الکشی لظنّه أنّ فیه تصحیح المرام ، وعلی کل حال فالرجل المبحوث عنه غیر معلوم الحال بعد احتمال الاشتراک ، وبتقدیر کونه الدهقان فهو ممدوح ، وقد وصفها العلاّمة فی المختلف بالصحّة (4).

وأمّا معاویة بن شریح فی الثانی ، فالظاهر أنّه ابن میسرة بن شریح وهو مهمل فی رجال النجاشی (5) ، والشیخ فی الفهرست (6).

المتن :

فی الأوّل ظاهر الدلالة علی تحقّق الغُسل بالثلج ولزوم الغُسل لا التیمّم ، فیندفع به علی تقدیر الصحة ما ینقل عن السید المرتضی رضی الله عنه أنّه قال : إذا لم یجد إلاّ الثلج ضرب بیده وتیمّم بنداوته (7).

والعلاّمة جعل الخبر مؤیّداً لما اختاره من الاغتسال بالثلج ، واعتمد فی الدلیل علی أنّ المغتسل والمتوضّئ یجب علیه مماسّة أعضاء الطهارة

معاویة بن شریح مهمل

قول العلّامة فی حکم من لایجد إلّا الثلج ، والمناقشة فیه

ص: 31


1- رجال الکشی 2 : 860 / 1119 وفیه السدی بدل السری ، وفی الخلاصة : 96 / 28 : السری نقلاً عن الکشی.
2- خلاصة العلاّمة : 96 / 28.
3- منهج المقال : 233.
4- المختلف 1 : 263.
5- رجال النجاشی : 410 / 1093.
6- الفهرست : 166 / 727.
7- المختلف 1 : 263.

بالماء وإجراؤه علیها ، فإذا تعذّر الثانی وجب الأوّل ، إذ لا یلزم من سقوط أحد الواجبین لعذر سقوط الآخر.

قال : ویؤیّده ما رواه الشیخ فی الصحیح وذکر الروایة ، ثم قال : لا یقال : لا دلالة فی هذا الحدیث علی مطلوبکم وهو الاجتزاء بالمماسّة ، لأنّ مفهوم الاغتسال إجراء الماء الجاری علی الأعضاء ، لا نفس المماسّة ، لأنّا نقول : یمنع أوّلاً دخول الجریان فی مفهوم الاغتسال ، سلّمنا ، لکن الاغتسال إذا علّق بشی ء اقتضی جریان ذلک الشی ء علی العضو ، أمّا حقیقة الماء فیمنع ذلک ، ونحن نقول هنا بموجبه ، فإنّ الثلج یجوز إجراؤه علی الأعضاء لتحصل الرطوبة علیها ویعتمد علی الثلج بیده ، ویؤکد ذلک ما رواه معاویة بن شریح ، وذکر الروایة الثانیة (1).

وفی نظری القاصر أنّ کلامه محلّ تأمّل ، أمّا أوّلاً : فما قاله من وجوب الأمرین ، فإذا تعذر أحدهما لم یسقط الآخر. فیه : أنّا لا نسلّم وجوب أمرین ، بل الواجب الغُسل المرکّب من الأمرین ، والمرکّب ینتفی بانتفاء أحد جزءیه.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره فی جواب الإیراد اقتضی أوّلاً منع دخول الجریان فی مفهوم الاغتسال ، وهو مناف لتصریحه أوّلاً فی الدلیل بأنّ الواجب أمران.

ثم إنّ الجواب اقتضی ثانیاً أنّ الاغتسال إذا علّق بشی ء اقتضی جریان ذلک الشی ء ، فظاهر الحال أنّه الثلج ، لأنّه المعلّق فی الروایة ، وقوله : نحن نقول بموجبه. مقتضاه إجراء الثلج لتحصل الرطوبة ، والجریان للرطوبة

ص: 32


1- المختلف 1 : 263.

لا للثلج ، وقد یمکن تسدید هذا ، إلاّ أنّ الحقّ أنّه إنّما یتم علی تقدیر صلاحیة الروایة للاستدلال علی أن یکون نصا فی جریان الثلج ، والحال أنها محتملة لأن یراد بالاغتسال بالثلج إجراء مائه ولو بمعونة ، ومن ثم جعلها العلاّمة مؤیّدة ، فالتأیید مع الاستدلال بها لا یخلو من خلل علی تقدیر الإغماض عن السند.

والخبر الثانی المتضمن لذلک غیر سلیم السند.

وقد نقل فی المختلف عن ابن إدریس أنّه منع من التیمم به والوضوء والغُسل ، وأنّه احتج بأنّ الجنب ممنوع من الصلاة إلاّ بعد الغسل ، ولا یطلق الغُسل إلاّ مع الجریان (1) وأجاب العلاّمة بما قدّمه وقد سمعت ما فیه.

وفی المقنعة قال المفید : وإن کان فی أرض قد غطّاها الثلج ولا سبیل إلی التراب فلیکسره ولیتوضّأ به مثل الدهن (2).

وقد یقال علی هذا : إنّ ظاهر الکلام أوّلاً أنّ التیمم مقدم إذا أمکن التراب ، وعلی تقدیر التعذّر فلیتوضّأ من الثلج. ویشکل بأنّ الثلج إن تحقق به الوضوء لا وجه للتیمم.

ویمکن الجواب بأنّ قوله : ولا سبیل إلی التراب. لیس المراد به إرادة التیمم ، بل هو لبیان کون الثلج ساتراً للأرض ، ولا یخفی ما فیه من التکلّف.

بقی شی ء ، وهو أنّ قوله علیه السلام : « یغتسل من الثلج أو ماء النهر » لا یخلو من إجمال ، لأن ماء النهر مع وجوده ربما کان أقرب إلی مدلول الغسل فیتعیّن ، إلاّ أن یقال : إنّ الغرض من الإمام علیه السلام بیان عدم اعتبار

قول ابن إدریس فی المسألة

قول المفید فی المسألة

ص: 33


1- المختلف 1 : 263 ، 264.
2- المقنعة : 59.

الجریان فی الغسل ، وأنّه لا فرق بین ماء النهر والثلج ، وقد یحتمل أنّ یکون التردید من الراوی بحصول الشک ، ولا یخلو من بُعد ، فلیتأملّ ذلک کلّه.

اللغة :

قال فی القاموس : الدمق : ریح وثلج ، معرّبة دَمَه (1).

قوله :

فأما ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن العبیدی ، عن حماد ابن عیسی ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یجنب فی السفر فلا یجد إلاّ الثلج أو ماءً جامداً فقال : « هو بمنزلة الضرورة یتیمّم ولا أری أن یعود إلی هذه الأرض التی توبق دینه ».

عنه ، عن معاویة بن حکیم ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن ابن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « إن أصابه الثلج فلینظر لبد سرجه فلیتیممّ من غباره أو من شی ء معه ».

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن عبد الله ابن المغیرة ، عن رفاعة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا کان فی ثلج فلینظر لبد سرجه فلیتیمّم من غباره أو من شی ء مغبّر ».

فلا تنافی بین هذه الأخبار و (2) الأخبار الأوّلة ، لأنّ الوجه فی الجمع بینهما أنّه یجب علی الإنسان أن یتدلّک بالثلج أو الجمد ، لأنّه

معنی الدَمَق

ص: 34


1- القاموس المحیط 3 : 240 ( دَمَقْ ).
2- فی الاستبصار 1 : 158 زیادة : بین.

ماء إذا أمکنه ذلک ولا یخاف علی نفسه (1) لا یعدل عن ذلک إلی التیمم بالتراب والغبار ، فإذا ( یمکنه ذلک وخاف ) (2) من استعماله جاز له أن یعدل إلی التیمم کما یجوز له العدول عن الماء إلی التراب عند الخوف ، والذی یدل علی ذلک :

ما أخبرنی به الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن علی بن محبوب ، عن محمد بن أحمد العلوی ، عن العمرکی ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی بن جعفر علیهماالسلام قال : سألته عن الرجل الجنب ( أو علی غیر وضوء ) (3) لا یکون معه ماء وهو یصیب ثلجاً وصعیداً أیّهما أفضل أیتیمم أم یتمسح بالثلج وجهه؟ قال : « الثلج إذا بلّ رأسه وجسده أفضل ، فإن لم یقدر علی أن یغتسل به فلیتیمّم ».

السند :

فی الأوّل : لیس التوقف فیه إلاّ من العبیدی وهو محمد بن عیسی ، وقد قدمنا وجه عدم التوقف (4) ، والطریق إلی محمد بن علی بن محبوب فی المشیخة : الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن

العبیدی هو محمّد بن عیسی

طریق الشیخ إلی محمّد بن علی بن محبوب

ص: 35


1- فی الاستبصار 1 : 158 زیادة : من استعماله و.
2- بدل ما بین القوسین فی « رض » : تمکّن من ذلک وخاف ، وفی « د » : تمکنه ذلک ، وفی الاستبصار 1 : 158 : لم یمکنه ذلک ویخاف علی نفسه.
3- فی « فض » : أو غیر وضوء ، وفی « رض » : أو لا علی وضوء ، وفی « د » : أو علی وضوء ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 158 / 547.
4- فی ص 53 59.

أبیه ، عن محمد بن علی بن محبوب (1) ، ولا یستبعد روایة العبیدی عن حمّاد من ممارس الرجال.

والثانی : تقدم القول فی رجاله ، وذکر الحدیث هنا بهذه الصورة یؤید النقیصة فی الخبر السابق ، کما حکیناه سابقا (2) ، وضمیر « عنه » راجع إلی ابن محبوب ، وقد تقدم اسناد آخر للخبر.

والثالث : تقدم أیضا.

والرابع : فیه محمد بن أحمد العلوی ، ولم أقف فی الرجال علی ذکره ، نعم فی کتاب کمال الدین قرب باب النص علی القائم علیه السلام ما هذا لفظه : حدثنا الشریف الدیِّن الصدوق أبو علی محمد بن أحمد بن محمد ابن زیارة بن عبد الله بن الحسن بن الحسین بن علی بن الحسین بن علی ابن أبی طالب عن علی بن محمد بن قتیبة (3). وهذا الرجل یروی عنه الصدوق فروایة ابن محبوب عنه غیر معقولة ، ولا یخفی مدح الرجل من الصدوق.

المتن :

فی الأوّل ظاهر فی تعین التیمم وإن أمکن الغسل بالثلج والماء الجامد ، والظاهر أیضا أنّ التیمم لیس بالثلج وإن کان باب الاحتمال واسعا.

وفی الفقیه : ومن أجنب فی أرض ولم یجد الماء إلاّ ماءً جامداً أو (4)

بحث حول محمّد بن أحمد العلوی

ظهور روایة محمّد بن مسلم فی تعیّن التیمّم وإن أمکن الغسل بالثلج

ص: 36


1- مشیخة الاستبصار ( الاستبصار 4 ) : 324.
2- فی ص 738.
3- کمال الدین : 239 ، بتفاوت یسیر.
4- فی المصدر : و.

لا یخلص إلی الصعید فلیصلّ بالمسح ، ثم لا یعد إلی الأرض التی یوبق فیها دینه (1). ولفظة « أو » فی النسخة التی رأیتها ، والظاهر أنّه بمعنی الواو أو الألف غلط ؛ واحتمال أن یکون قوله : أو لا یخلص عطفاً علی لم یجد ، أی إذا حصل أحد الأمرین إمّا عدم الماء أو عدم الخلاص إلی الصعید ، لا یخفی أنّه یوجب الاختلال فی العبارة ، کما یعرف بأدنی تأمّل.

والظاهر أنّ الصدوق أتی بمدلول الروایة ، وربما یفهم من العبارة أنّ المسح علی الماء الجامد ، واحتمال إرادة التیمم ربما کان له قرب إلی العبارة.

وقد نقل العلاّمة فی المختلف عن سلاّر وجماعة أنهم قالوا : یتیمم بنداوة الثلج ، ثم قال العلاّمة : احتجّ سلاّر بما رواه محمد بن مسلم فی الصحیح (2). وذکر الروایة الأولی ، وفی وصفها بالصحّة دلالة علی توثیق محمد بن عیسی إن کانت مأخوذة من الکتاب.

ثم إنّه أجاب عن الاحتجاج بجواز أن یکون المراد یتیمم بالتراب کما فهم الشیخ ، أو یتیمم بالثلج ، بمعنی أنّه یمسح الأعضاء بأجمعها ، ویطلق علیه اسم التیمم إمّا للحقیقة اللغویة أو المجاز الشرعی وهو الإمساس (3). ولا یخفی علیک ما فی الجواب.

وما قاله الشیخ فی الجمع بین الأخبار لا یخلو من نظر أیضا ، إلاّ أنّه قابل للتسدید ، والاستدلال له بالروایة الأخیرة غیر تام کما یعرف من ملاحظة کنه الروایة وکلام الشیخ ، وفی الخبر الأوّل نکتة توجب قصم

ما المراد بالتیمّم فی حدیث محمّد بن مسلم؟

ص: 37


1- الفقیه 1 : 48.
2- المختلف 1 : 263.
3- المختلف 1 : 264 بتفاوت یسیر.

الظهور ، والله تعالی أعلم بحقائق الأُمور.

اللغة :

توبق دینه أی تهلکه ، من قولهم : أوبقت الشی ء أهلکته ، کذا فی الحبل المتین (1).

قوله :

باب أنّ المتیمّم إذا وجد الماء لا یجب علیه إعادة الصلاة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « إذا لم یجد المسافر الماء فلیطلب ما دام فی الوقت ، فإذا خاف أن یفوته الوقت فلیتیمّم ولیصلّ فی آخر الوقت ، فإذا وجد الماء فلا قضاء علیه ولیتوضّأ لما یستقبل ».

عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن النضر بن سوید ، عن ابن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إذا لم یجد الرجل طهوراً وکان جنباً فلیمسح من الأرض ولیصلّ ، فإذا وجد ماءً فلیغتسل وقد أجزأته صلاته التی صلّی ».

معنی تُوبِقُ

المتیمّم إذا وجد الماء لا یجب علیه إعادة الصلاة

اشارة

ص: 38


1- الحبل المتین : 83 بتفاوت یسیر.

السند :

فی الخبرین واضح بعد ما قدّمناه ، وذکرنا سابقا أنّ ابن أُذینة هو عمر ابن محمد بن أُذینة الثقة فی کتاب الشیخ للرجال (1) وإن کان التعبیر عنه بعمر بن أُذینة ، والنجاشی لم یوثّقه لکن ترجمه بعمر بن محمد بن أُذینة ، وفی السند إلی کتابه قال : عمر بن أُذینة (2).

وما قاله جدّی قدس سره من أنّ سبب وهم ابن داود فی عدّهما اثنین هو ذکر الشیخ له بعنوان عمر بن أُذینة ، والنجاشی بعنوان عمر بن محمد بن أُذینة (3) لا یخلو من تأمّل ، فإنّ النجاشی قد سمعت ما ذکره.

نعم قد یشکل الحال بأنّ النجاشی قد قدّمنا أنّه مرجَّح علی الشیخ فی مقام تعارض الجرح والتعدیل ، لأنّ عدم ذکر الجرح فی الرجل مثل کونه فطحیاً یدل علی أنّه لم یثبت عنده ذلک ، ومن ثم یذکر مخالف المذهب فی کتابه ، وهذا ربما یعطی تقدیم قوله فی عدم التوثیق أیضا ، وحینئذ یشکل الاعتماد علی توثیق الشیخ مع تمشّی ما قلناه فیه بعینه ، فلیتأملّ.

المتن :

فی الأوّل ظاهر فی أنّ المسافر یطلب ما دام فی الوقت فإذا خاف فوته تیمّم ، وربما یدّعی أنّ الظاهر فوت جمیع الوقت لا فوات الفضیلة وإن کان باب الاحتمال واسعاً ، سیّما واستفادة فوت وقت الفضیلة من الأخبار غیر عزیز.

بحث حول عمر بن اُذینة

وجوب طلب الماء علی السمافر وکیفیّته

ص:39


1- رجال الطوسی : 253 / 482 ، 353 / 8.
2- رجال النجاشی : 283 / 752.
3- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 20.

ثم الظاهر من الطلب الإطلاق کما قاله فی المعتبر (1) ، وما یأتی من الأخبار فی کیفیة الطلب قاصر السند ، ومن ثم قال المحقق : والتقدیر بالغلوة والغلوتین روایة السکونی وهو ضعیف غیر أنّ الجماعة عملوا بها ، ثم قال : والوجه أنّه یطلب من کل جهة یرجو فیها الإصابة ولا یکلّف التباعد بما یشقّ ، وروایة زرارة تدل علی أنّه یطلب دائما ما دام فی الوقت حتی یخشی الفوات ، وهو حسن ، والروایة واضحة السند والمعنی (2). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ ما قاله المحقق رحمه الله لا یخلو من تأمّل ، لأنّ استفادة الطلب دائماً ما دام فی الوقت من الروایة غیر واضحة ، إذ الأمر لا یفید الدوام ، وقوله علیه السلام « ما دام فی الوقت » بیان لزمان الطلب ، وحینئذ وضوح معنی الروایة فیما ذکره محلّ کلام ، بل ربما یدّعی دلالتها علی الطلب المتعارف ، وهو ما ذکره المحقق أوّل الکلام إن لم یثبت المقید.

وما تضمنته الروایة من قوله : « فی آخر الوقت » الظاهر أنّه راجع إلی الأمرین أعنی التیمم والصلاة ، واحتمال أن یراد إذا خاف أن یفوته الوقت لو طلب یتیمم ولو فی أوّل الوقت ، لکن لا یصلّی إلاّ فی آخره. دفعه أظهر من أن یخفی ، نعم یحتمل إرادة إذا خاف من الطلب فوت الوقت ، لکن یؤخّر التیمم والصلاة ، وقد یوجب هذا نوع شک.

وقوله : « فإن وجد الماء فلا قضاء علیه » محتمل لأمرین أحدهما : أنّه إذا وجد بعد الطلب ، وثانیهما : إذا وجده بعد ترک الطلب بخوف فوت الوقت ، وسیأتی إن شاء الله ذکر ما لا بدّ منه فی الباب المعنون به.

وقوله علیه السلام فی الخبر الثانی : « إذا لم یجد الرجل طهوراً » یرید به

ما المراد بالطهور فی حدیث ابن سنان؟

ص: 40


1- المعتبر 1 : 392.
2- المعتبر 1 : 393 بتفاوت یسیر.

الماء ، ولا مانع من إرادة الماء وحده من الطهور بقرینة وهی فی الخبر مکشوفة ، وإطلاقه یقید بما قبله من جهة الطلب ، ولا یدل قوله : « إذا لم یجد » علی ذلک ، لأنّ عدم الوجدان لا یخرج عن الإجمال بعد ذکر الطلب فی الأخبار ، وإن کان إطلاق الآیة قد یقتضی نوع أشکال ، وحلّه یظهر ممّا قلناه ، فلیتأمّل.

ولا یخفی دلالة الخبر الثانی علی التیمم بالأرض.

قال :

فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن علی ، عن یونس بن یعقوب ، عن منصور بن حازم ، عن أبی عبد الله علیه السلام : فی رجل تیمم وصلّی ثم أصاب الماء فقال : « أمّا أنا فکنت فاعلاً ، إنّی کنت أتوضأ وأُعید ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه تجب الإعادة إذا وجد الماء وکان الوقت باقیا ، فامّا إذا صلّی فی آخر الوقت وخرج الوقت لم تلزمه الإعادة ، والذی یدل علی ذلک :

ما أخبرنا به الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن یعقوب ابن یقطین ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل تیمم وصلّی فأصاب بعد صلاته ماءً ، أیتوضّأ ویعید الصلاة أم تجوز صلاته؟ قال : « إذا وجد الماء قبل أن یمضی الوقت توضّأ وأعاد ، وإن مضی الوقت فلا إعادة علیه ».

ص: 41

السند :

فی الأوّل فیه محمد بن خالد ، والظاهر من ممارسة الرجال أنّه البرقی ، وقد تقدم فیه قول (1) ، والحاصل أنّ الشیخ وثّقه فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه (2) ، والنجاشی قال : إنّه کان ضعیفاً فی الحدیث (3).

وفی فوائد جدّی قدس سره علی الخلاصة ما هذا لفظه : الظاهر أنّ قول النجاشی لا یقتضی الطعن فیه نفسه ، بل فی من یروی عنه ، ویؤیّد ذلک کلام ابن الغضائری ، وحینئذ فالأرجح قبول قوله لتوثیق الشیخ له وخلوه عن المعارض (4). انتهی.

وقد یقال : إنّ النجاشی لو أراد بقوله : إنّه ضعیف فی الحدیث ، روایته عن الضعفاء ، فهذا لا یختص بمحمد بن خالد ، کما أوضحناه فی مواضع.

ثم إنّ قول جدّی قدس سره إنّ کلام ابن الغضائری یؤیّده. ففیه : أنّ قول ابن الغضائری غیر مؤیّد ، لأنّ عبارته علی ما فی الخلاصة نقلاً عنه : حدیثه یعرف وینکر ویروی عن الضعفاء کثیراً ویعتمد المراسیل (5). والظاهر من قوله : یعرف وینکر. اضطراب الحدیث ، ولعلّ هذا هو المراد بضعف الحدیث ، وذکر ابن الغضائری الروایة عن الضعفاء زائد علی ذلک ، والحق أنّ ذکره لا وجه له ، وکذا اعتماد المراسیل کما ذکرناه مکرّراً.

بحث حول محمّد بن خالد

ص: 42


1- فی ص 68.
2- رجال الطوسی : 386 / 4.
3- رجال النجاشی : 335 / 898.
4- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 22.
5- خلاصة العلاّمة : 139 / 14.

ثم إنّ قول جدّی قدس سره : لعدم المعارض ، فیه : أنّ عدم توثیق النجاشی معارض قویّ کما نبّهنا علیه مراراً.

فإن قلت : لا وجه للمعارضة إذا لم یقدح فیه النجاشی.

قلت : القدح بضعف الحدیث علی ما قرّرناه حاصل ، وعلی تقدیر غیره فعدم ذکر التوثیق مع تثبّته فی الرجال قرینة عدم ثبوت توثیقه ، فلیتأمّل.

وأمّا الحسن بن علی فاحتمال ابن فضال قریب عند الممارس ، وغیره بعید وإن أمکن قرب الوشاء ، وحال بقیة الرجال واضحة.

والثانی لا ارتیاب فیه.

المتن :

ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من نظر ، لأنّ ظاهر النص أنّ الإمام علیه السلام فعل ذلک ، ولو کان تأخیر التیمّم واجباً علی الإطلاق أو بالتفصیل فکیف یفعله الإمام علیه السلام ؟ ولو حمل قول الإمام علیه السلام علی أنّه لو کان فاعلاً کما قد یشعر به الکلام أمکن ، لکنّه لا یوافق المقام کما لا یخفی علی من نظر فی کنه الکلام ، وعلی تقدیر الحمل علی فعل الإمام علیه السلام ، فالحمل علی الاستحباب له وجه ، وربما دل علیه قول الإمام علیه السلام ، إذ الاختصاص به لا وجه له ، فیکون مستحباً ، والتأسّی به مستحب.

وما ذکره الشیخ من الروایة للاستدلال علی الجمیع لا یأبی الحمل علی الاستحباب ، وفیها دلالة علی جواز التیمم مع السعة مطلقا ، نظراً إلی عدم التفصیل ، فهی مضادّة لما یظهر من الشیخ ، إذ التقدیم علی تقدیر وجوب التأخیر یقتضی الإعادة مطلقا ، ولو حملت علی أنّ الوقت کان

توجیه ما دلّ علی إعادة الصلاة لمن صلّی بالتیمّم ثمّ وجد الماء

ص: 43

مظنون الضیق فظهر خلافه أمکن ، لولا أنّ ترک الاستفصال یفید العموم ، فلیتأمّل.

ونقل فی المختلف عن ابن أبی عقیل أنّه قال : لا یجوز التیمم إلاّ فی آخر الوقت ، ثم قال - یعنی ابن أبی عقیل - : ولو تیمم فی أوّل الوقت وصلّی ثم وجد الماء وعلیه وقت تطهَّر بالماء وأعاد الصلاة ، وإن وجد الماء بعد مضیّ الوقت فلا إعادة علیه.

وذکر العلاّمة الاحتجاج له بصحیح یعقوب بن یقطین المذکور ، وأجاب عنه بعدم الدلالة ، لاحتمال إیقاع الصلاة علی تقدیر الإعادة فی سعة الوقت لأنّه لم یفعلها علی وجهها ، وإیقاعها علی تقدیر عدمها مع ضیق الوقت (1).

وهذا الجواب لا یخلو من غرابة ، لأنّ الإعادة علی تقدیر سعة الوقت لو حملت علیها الروایة لا یتم الاختصاص بالوقت ، والظاهر من الروایة أنّ خروج الوقت علی التقدیر المذکور یقتضی عدم الإعادة ، ولا وجه لذلک حینئذ لعدم وقوع العبادة علی وجهها ، ولو حملت الروایة علی الضیق لم یتم الحکم الأوّل ، ولو فصّلت الروایة فحکم فی الإعادة مع السعة وعدمها مع الضیق ، اختلّ الجواب ، فإنّ حکم السعة : الإعادة فی الوقت وخارجه ، نعم ما قدّمناه من احتمال ظن الضیق له وجه.

علی أنّ قول ابن أبی عقیل لو تم استناده إلی الروایة أمکن توجیهه ، لکن الضرورة غیر داعیة بعد التوقف فی اعتبار الضیق مطلقا ، کما ستسمع القول فیه إن شاء الله تعالی.

ص: 44


1- المختلف 1 : 286.

قال :

ولا ینافی هذا الخبر ما رواه الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة ، قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : فإن أصاب الماء وقد صلّی بتیمم وهو فی وقت ، قال : « تمّت صلاته ولا إعادة علیه ».

وما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن الحسن بن علی ، عن علی بن أسباط ، عن یعقوب بن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام : فی رجل تیمم وصلّی وأصاب الماء وهو فی وقت ، قال : « مضت صلاته ولیتطهّر ».

وما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن العباس بن معروف ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن معاویة بن میسرة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل فی السفر لا یجد الماء فتیمم ثم صلّی ثم أتی الماء وعلیه شی ء من الوقت أیمضی علی صلاته أم یتوضّأ ویعید الصلاة؟ قال : « یمضی علی صلاته فإنّ رب الماء هو رب التراب ».

وما رواه أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عیسی ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل تیمم وصلّی ثم بلغ الماء قبل أن یخرج الوقت فقال : « لیس علیه إعادة الصلاة ».

فالوجه فی هذه الأخبار أن نحمل قوله : قبل خروج الوقت ، أن یکون ظرفا لحال الصلاة لا لوجود الماء ، لأن وقت التیمم هو آخر الوقت علی ما ذکرناه فی کتابنا الکبیر ، وقد تقدّم أیضا من الأخبار ما یدل علی ذلک ، فیکون التقدیر فی الخبر الأوّل : فإن أصاب الماء وقد

ص: 45

صلّی بتیمم فی وقتها ، والخبر الثانی : فی رجل تیمم وصلّی وهو فی وقت ثم أصاب الماء ویکون مقدّماً ومؤخّراً ، وکذلک الخبر الثالث قوله : لا یجد الماء ثم صلّی وعلیه شی ء من الوقت ثم أتی الماء ، وکذلک الخبر الرابع قوله : عن رجل تیمم وصلّی قبل خروج الوقت ثم بلغ الماء. وإذا جاز هذا التقدیر فی هذه الأخبار لم یناف ما ذکرناه وسلمت الأخبار کلها.

السند :

فی الأوّل : واضح ، وحمّاد هو ابن عیسی کما سیأتی التصریح به فی مواضع من الکتاب ، ولا یضر وقوع واسطة بین الحسین وابن عیسی فی بعض الأسانید کما فی باب زکاة الجنسین من الکتاب ، حیث روی الحسین ابن سعید ، عن المختار بن زیاد ، عن حماد بن عیسی (1) ؛ وإن کانت المرتبة لا تأبی أن یکون ابن عثمان ، لأنّه من أصحاب الرضا علیه السلام ، والحسین بن سعید من أصحابه أیضا ، إلاّ أنّ الممارسة تقتضی الأوّل.

والثانی : فیه الحسن بن علی ، واحتمال ابن فضال فیه له قرب بل أظن تعیّنه ؛ وعلی بن أسباط ویعقوب قد قدّمنا فیهم القول (2).

والثالث : فیه معاویة بن میسرة ، وهو مذکور مهملاً فی فهرست الشیخ (3) وکتاب النجاشی (4).

بحث حول حمّاد

معاویة بن میسرة مهمل

ص: 46


1- الاستبصار 2 : 38 / 119.
2- فی ص 109.
3- الفهرست : 167 / 731.
4- رجال النجاشی : 410 / 1093.

والرابع : فیه عثمان بن عیسی وأبو بصیر ، وقد کرّرنا القول فی شأنهما (1) ؛ وابن مسکان : عبد الله کما هو مصرح به فی مواضع أیضاً ، وقد قدّمنا فیه قولاً أیضاً (2).

المتن :

فی الجمیع ظاهر بل کاد أن یلحق بالصریح فی تسویغ التیمم قبل آخر الوقت ، لأنّ عدم الاستفصال یوجب عموم السؤال ، فیندفع احتمال إرادة التقدیم مع عدم رجاء زوال العذر کما یقوله البعض (3) وسیأتی إن شاء الله ذکره فی الباب الآتی معنوناً بتأخیر التیمم ؛ ویندفع أیضاً القول بالتأخیر مطلقا (4) ، والخبر الأوّل الدال علی التأخیر یحمل علی الاستحباب کما قدّمنا فیه القول (5).

وما قد یقال : إنّ المعارض إذا وجد لا نفع فی ترک الاستفصال لإفادة العموم ، فجوابه أنّ المعارض غیر متعیّن لما قالوه کما ستسمعه ، نعم قد یظن أنّ ترجیح الاستحباب فی الحمل لا بد له من مرجِّح وبدونه لا یفید ، ویتوجه علیه أنّ الاحتمال یدفع جمیع الأقوال ، والترجیح سیأتی بیانه فی الباب الآتی إن شاء الله تعالی.

نعم یمکن القول بأنّ الأخبار المذکورة محمولة علی ظن خروج

ظهور الأخبار فی جواز التیمّم قبل آخر الوقت

ص: 47


1- راجع ص 50 ، 51.
2- فی ص 121.
3- نقله عن ابن الجنید فی التنقیح الرائع 1 : 134.
4- الذی قال به السید المرتضی فی الانتصار : 31 ، والشیخ فی المبسوط 1 : 31 ، وابن إدریس الحلّی فی السرائر 1 : 135.
5- فی ص 753 ، 754.

الوقت ، ویدفعه ما قلناه من ترک الاستفصال وعدم ما یدل علیه مرجحا.

أمّا ما قاله الشیخ فی توجیه الأخبار فممّا لا ینبغی ذکره فی الکتب العلمیة علی ما أظن.

وقد ذکر العلاّمة فی المختلف الخبر الأوّل والثالث فی حجة ابن بابویه بعد أن نقل عنه القول بجواز التیمم فی أوّل الوقت ، وأجاب عن الخبرین بوجوه : الأوّل : بالحمل علی ما إذا علم أو ظن انتفاء الماء. الثانی : الحمل علی من ظن ضیق الوقت. الثالث : ما قاله الشیخ (1) ، وأنت قد سمعت ما ذکرناه فلا وجه لإعادته.

وذکر العلاّمة أیضاً أنّ ابن بابویه احتج أیضاً بقوله تعالی ( إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) إلی قوله ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا ) (2) قال : والعطف یقتضی التسویة فی الحکم ، فکما صحّ فی المعطوف علیه إیقاعه فی أوّل الوقت ، فکذا المعطوف ، وبأنّ طهارة التیمم إحدی الطهارتین فیصح فعلها فی أوّل الوقت کالأُخری.

وأجاب عن الأوّل : بالمنع من التسویة فی الحکم مطلقاً بین المعطوف والمعطوف علیه ، سلمنا ، لکن التسویة هنا ثابتة ، لأنّ قوله تعالی ( إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) معناه إذا أردتم القیام إلی الصلاة فیکون کذلک فی المعطوف ، ونحن نمنع أنّ المضطر له أن یقوم إلی الصلاة فی أوّل الوقت فإنّه نفس المتنازع ، ولا دلالة فی الآیة علی اتحاد وقت الإرادة فی الموضعین ، غایة ما فی الباب دلالتها علی إیجاد فعل الطهارتین عند الإرادة وإن کانت مختلفة فی الوقت.

قول ابن بابویه بجواز التیمّم فی أوّل الوقت وجواب العلّامة عنه

المناقشة فی جواب العلّامة

ص: 48


1- المختلف 1 : 255.
2- المائدة : 6.

وعن الثانی : بأنّه قیاس مع الفرق ، فإنّ إحدی الطهارتین اختیاریة والأُخری اضطراریة (1).

وفی نظری القاصر أنّ الجواب عن الأوّل غیر تامّ ، أمّا أوّلا : فما ذکره من منع التسویة إن أراد به أنّ المساواة من کل وجه غیر معتبرة فمتوجه ، لکن مطلوب الصدوق ظاهره أنّ الظاهر من العطف المشارکة بین الوضوء والتیمم فی وجوبه إذا قام الإنسان إلی الصلاة ، ولما کانت إرادة القیام هی المرادة عند البعض (2) فالمشارکة فی الوجوب عند الإرادة حاصلة ، وحینئذ فمنع المساواة لا وجه له ، وإن کان الحق أنّ تفسیر الآیة بالإرادة غیر معلوم الإرادة من الصلاة ، لما (3) فی بعض الأخبار من أنّ المراد به القیام من النوم (4).

والعجب من العلاّمة أنّه قال هنا : معناه إذا أردتم علی سبیل الجزم (5) ، وفی موجب الوضوء عند ذکر النوم استدل بکلام المفسرین علی أنّه القیام من النوم (6) ، وفی المنتهی ذکر ضد ذلک فی الأوّل (7) ، وفی النوم ذکر الخبر الدال علی القیام من النوم (8) ، وهذا من العجلة المتکرر منه أمثالها.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره من تسلیم التسویة إلی آخر ما قاله ، فیه : أنّ

ص: 49


1- المختلف 1 : 256 ، بتفاوت یسیر.
2- کالسید المرتضی فی الانتصار : 32 ، والمحقق الحلی فی المعتبر 1 : 381.
3- فی « رض » : کما.
4- التهذیب 1 : 7 / 9 ، الوسائل 1 : 253 أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 7.
5- المختلف 1 : 256.
6- المختلف 1 : 90.
7- المنتهی 1 : 150.
8- المنتهی 1 : 33.

التسویة إذا سلّمت اقتضت المشارکة فی کل من أراد القیام ، إلاّ ما خرج بالدلیل ، وحینئذ یحتاج الفرق إلی إثبات الدلیل ، فلیس من النزاع فی شی ء ، بل هو استدلال علی المطلوب ما لم یثبت خلافه ، فقوله : لا دلالة فی الآیة علی اتحاد وقت الإرادة. غریب ، بل هی ظاهرة فی ذلک حینئذ فضلاً عن احتمال التسلیم للمساواة ، وکأن العلاّمة لمّا اقتضی ظنّه التأخیر فی الجملة ، رأی أنّ الآیة تصیر دالّة علی اتحاد فعل الطهارتین فقط ، وقد عرفت الحال.

نعم ربما یقال فی الاستدلال : إنّ تعیّن العطف غیر معلوم ، بل یجوز الاستئناف (1).

ولا یرد (2) أنّ الاستئناف لو جاز لوجب التیمم لنفسه ، کما قیل فی الغسل علی تقدیر الاستئناف (3). لإمکان الجواب بأنّ هذا لا یضر بالحال لوجود القائل بوجوب الطهارات الثلاث لنفسها ، کما حکاه الشهید فی الذکری (4) ، وقد ذکرت ما لا بد منه فی الآیة فی موضع آخر.

والذی یمکن التسدید به من جانب الصدوق حیث ذکر العطف مقتصرا علیه ، أنّ الظاهر له من الآیة العطف علی مقتضی الدلیل ، وإن کان فیه نوع تأمّل ، بل ربما کان الظاهر الاستئناف ، غیر أنّ الأخبار لمّا تظافرت علی اشتراط التیمم بدخول الوقت ، بل الإجماع المدعی من بعض أیضا کان اعتبار العطف فی الآیة علی الوضوء له ظهور وإن أمکن أن یناقش فی ذلک ، وعلی تقدیر الاستئناف لا یضر بحال الاستدلال أیضا ، لأن الإطلاق

ص: 50


1- قال به الکرکی فی جامع المقاصد 1 : 33 ، والشهید الثانی فی روض الجنان : 51.
2- فی « رض » : یراد.
3- فی « رض » زیادة : فیه.
4- الذکری : 23.

کاف فی جواز التیمم أیّ وقت شاء ، فإذا أخرج الدلیل ما قبل الوقت بقی ما بعده.

والأخبار الدالة علی التأخیر (1) لما کان معارضها وهو الدال علی التوسعة موجود فالإطلاق لا یقید إلاّ بما خلا عن المعارض ، علی أنّ التعارض یمکن الجمع فیه بوجه لا ینافی الإطلاق وهو الاستحباب فی التأخیر ، إمّا التضیق مطلقاً فالمخالفة فیه للإطلاق تقتضی أن یقید به إذا خلا عن المعارض بلا ریب ، إلاّ أن یقال : إنّ ما دل علی التأخیر ظاهر ، وما دل علی التوسعة مجمل فلا یقاومه ، وفیه : أنّ ترک الاستفصال من الإمام علیه السلام فی الجواب یصیّر السؤال ظاهراً فی العموم ، والتأویل فی المعارض مع التساوی فی الظهور بالاستحباب له نوع رجحان إذ لا یخرج به العموم عن حقیقته بخلاف ما إذا أُرید وجوب التأخیر مطلقاً ، وحمل ما ظاهره للعموم علی ظن الضیق ثم یظهر خلافه ، فإنّ هذا یخرج العموم عن حقیقته ، والتفصیل برجاء زوال العذر وعدمه کذلک.

إلاّ أن یقال : إنّ ترک الاستفصال فی جواب السؤال إنّما یکون ظاهراً فی العموم إذا لم تتعارض الأخبار ، أمّا مع تعارضها فیجوز أن یکون السائل عالماً بحقیقة الحال فلا یفید عدم الاستفصال عموم السؤال ، کما یظهر من تتبع مظانّ حمل العام علی الخاص والمطلق علی المقید من الأخبار ، فلیتأمل فی هذا ؛ فإنّی لم أر من حام حول تحقیقه ، وسیأتی إن شاء الله تتمّة الکلام فی بقیة الأقوال (2) ، والله تعالی أعلم بحقیقة الحال.

بقی فی المقام أشیاء :

ص: 51


1- الوسائل 3 : 385 أبواب التیمم ب 22.
2- فی ص 799 802.

الأوّل : قول الشیخ : لأن وقت التیمم هو آخر الوقت علی ما ذکرناه فی کتابنا الکبیر (1). لا یخلو من غرابة فی الظاهر ، لأنّه یأتی باب أنّ التیمم لا یجب إلاّ فی آخر الوقت عن قریب.

وقوله : وقد تقدم من الأخبار ما یدل علی ذلک. یرید به خبر زرارة ، ولا یخفی أنّ ظاهر الخبر الطلب وهو یشعر بإمکان وجود الماء فلا یدل علی التأخیر مع عدم الإمکان (2) ، والمذکور منه فی التهذیب یقتضی اعتبار التأخیر مطلقا.

ثم إنّ الخبر المشار إلیه اقتضی وجوب الطلب بظاهره ، والآیة الکریمة اقتضت بظاهرها أنّ عدم الوجدان کاف فی [ التیمّم (3) ] ، وحینئذ یمکن تقیید الإطلاق فی الآیة بالخبر إن صلح لذلک ، وإن کان فی تقیید الإطلاق بالأخبار نوع کلام ذکرته فی حاشیة التهذیب.

والذی یقال هنا : إنّ الخبر الدال علی التأخیر إذا حمل علی الاستحباب لم یکن الطلب واجباً ما دام فی الوقت ، ویشکل الحال بأنّ ظاهر الآیة وإن کان عدم الوجدان دون الطلب ، إلاّ أنّ العلاّمة فی المختلف قال : إنّه لا یثبت کون الإنسان غیر واجد إلاّ بعد الطلب ، لجواز أن یکون الماء بقربه ولا یعلمه ، ولهذا لم یعدّ من لم یطلب الرقبة فی کفّارة الظهار غیر واجد ولم یبح له الصوم حتی یطلب (4). وهذا الکلام له نوع وجه. وعلیه فالخبر لا یقید إطلاق الآیة بل یفید مدلولها علی وجه أوضح.

الجمع بین ما دلّ علی وجوب الطلب وآیة التیمّم

ص: 52


1- راجع ص 759.
2- راجع ص 752.
3- فی النسخ : الوضوء ، والظاهر ما أثبتناه.
4- المختلف 1 : 255 بتفاوت یسیر.

وقد یقال : إنّ ظاهر الخبر إذا لم یجد الماء فلیطلب ، وهذا یدل علی أنّ الطلب زائد.

وفی نظری القاصر إمکان توجیه الاستحباب بأنّ المطلوب منه کون الطلب ما دام فی الوقت غیر واجب ، لأنّ مطلق الطلب غیر واجب ، أمّا من یقول بالتضیق مطلقا کالشیخ ، فالخبر یحتاج بالنسبة إلی الآیة لیکون مقیداً أو مخصصا إلی نوع تأمّل لا ینبغی الغفلة عنه.

الثانی : ذکر بعض محققی المتأخرین قدس سره إنّ من الأدلة علی التوسعة فی التیمم مطلقا الأخبار الدالة علی أفضلیة أوّل الوقت أو تعینه.

وقولهم علیهم السلام : « رب الماء ورب الصعید واحد » (1).

والخبر الصحیح الدال علی أنّ المتیمم إذا أصاب وقد دخل فی الصلاة ینصرف ما لم یرکع ، فإن کان قد رکع مضی فی صلاته ، فإنّ التیمم هو أحد الطهورین (2). قال : ومن المعلوم أنّ هذا الحکم لا یتم الاّ مع سعة الوقت.

وکذلک الأخبار الصحیحة الدالة علی أنّ الرجل یصلّی صلاة اللیل والنهار بتیمم واحد (3).

وصحیح حماد : قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل لا یجد الماء یتیمم لکل صلاة؟ فقال : « لا ، هو بمنزلة الماء » (4) وغیر ذلک من الأخبار.

ثم قال قدس سره : ولأنّ وجوب تأخیر التیمم إلی آخر الوقت إنّما هو

استدلال المحقّق الأردبیلی للتوسعة فی التیمّم مطلقاً

ص: 53


1- انظر الوسائل 3 : 386 أبواب التیمم ب 23 ح 6.
2- الوسائل 3 : 381 أبواب التیمم ب 21 ح 1.
3- الوسائل 3 : 379 أبواب التیمم ب 20 ح 1.
4- الوسائل 3 : 379 أبواب التیمم ب 20 ح 3.

لوقوع الصلاة فی آخره علی ما هو الظاهر ، ویدلُّ علیه الخبر الدال علی التأخیر حیث قال : « فلیتیمّم ولیصلّ فی آخر الوقت » (1) فیکون الأمر سهلا ، إذ یجوز للإنسان أن یصلّی النوافل دائماً فیجوز أن یتیمم فی أوّل الوقت بل قبل الوقت للنافلة أو صلاة نذر ثم یدخل الوقت فیصلّی دائماً متیمّماً ، وحینئذ یصیر تأخیر التیمم من الشارع إلی آخر الوقت عبثا (2). انتهی ملخصا. وهو کلام لا بأس به فی مقام التأیید ، إلاّ أنّه لا یخلو من مناقشة علی تقدیر إرادة الاستقلال بالاستدلال.

الثالث : من مؤیّدات الحمل علی الاستحباب فیما دل علی التأخیر ما سیأتی فی روایة محمد بن حمران من قوله علیه السلام : « واعلم أنّه لیس ینبغی لأحد أن یتیمم إلاّ فی آخر الوقت » (3) فإنّ لفظ « لا ینبغی » له ظهور فی الاستحباب. وجعل شیخنا قدس سره خبر محمد بن حمران صحیحا (4) ، وسنذکر حال سنده هنا إن شاء الله.

قوله :

باب الجنب إذا تیمم وصلّی هل تجب علیه الإعادة أم لا؟

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین ابن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن العیص قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل یأتی الماء وهو جنب

الجنب إذا تیمّم وصلّی هل تجب علیه الإعادة أم لا؟

اشارة

ص: 54


1- الوسائل 3 : 384 أبواب التیمم ب 22 ح 2.
2- مجمع الفائدة 1 : 223 224.
3- الاستبصار 1 : 166 / 575 ، ویأتی فی ص 98.
4- المدارک 1 : 210.

وقد صلّی قال : « یغتسل ولا یعید الصلاة ».

وبهذا الاسناد عن الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل أجنب فتیمم بالصعید وصلّی ثم وجد الماء فقال : « لا یعید إنّ ربّ الماء ربّ الصعید فقد فعل أحد الطهورین ».

عنه ، عن النضر ، عن ابن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول « إذا لم یجد الرجل طهوراً وکان جنباً فلیمسح من الأرض ولیصلِّ ، فإذا وجد الماء فلیغتسل وقد أجزأته صلاته التی صلّی ».

السند :

فی الأوّل لیس فیه ارتیاب ، غیر أنّه اتفق للعلاّمة بسبب العیص شی ء لا بأس بالتنبیه علیه ، وهو أنّ العیص قد صرح النجاشی والعلاّمة تبعاً بأنّه ابن أُخت سلیمان بن خالد (1) ، ثم إنّ العلاّمة ذکر فی الخلاصة الحکم بن عیص ، وهذا لم یذکره أحد من أصحاب الرجال ، وفی الخلاصة بعد قوله : الحکم بن عیص ، قال : روی الکشی عن محمد بن الحسن الرازی ، عن إسماعیل بن محمد بن موسی ، عن الحکم بن عیص ابن خالة سلیمان بن خالد قال لأبی عبد الله علیه السلام : إنّه یعرف هذا الأمر (2) ، انتهی.

ولا یخفی بأیسر نظر أنّ الحدیث فی الکشی مغلوط ، وأنّ الصواب : عن الحکم عن عیص أنّ خاله سلیمان ، لأنّه قد علم أنّ خاله سلیمان ، لا أن الحکم بن عیص ابن خالة سلیمان ، ولا العیص ابن خالة سلیمان أیضاً ،

بحث حول العیص

ص: 55


1- رجال النجاشی : 302 / 824 ، الخلاصة : 131 / 17.
2- الخلاصة : 60 / 1.

وعلی تقدیر البناء علی الموجود فالروایة متهافتة المتن ، بخلاف ما إذا کان الکلام بما ذکر ، وهو أنّ خاله قال لأبی عبد الله علیه السلام : إنّ العیص یعرف هذا الأمر ، فلا ینبغی الغفلة عن هذا وأمثاله.

والثانی : لا خفاء فیه أیضا بعد ما کرّرنا القول سابقا.

والثالث : فیه النضر ، والظن علی أنّه ابن سوید لا یعتریه شوب شک بعد الممارسة للأخبار وکتب الرجال.

المتن :

فی الأخبار الثلاثة صریح الدلالة علی إجزاء الصلاة الواقعة بالتیمم وهی شاملة لعدم الإعادة فی الوقت وخارجه ، وما دل من الأخبار السابقة علی أنّ من وجد الماء فی الوقت لا یلزمه الإعادة ظاهر التأیید لهذه الأخبار ، وقد أسلفنا استدلال بعض الأصحاب بظواهر بعض هذه الأخبار علی توسعة وقت التیمم من حیث التعلیل بأنّ ربّ الماء ربّ الصعید فقد فعل أحد الطهورین (1).

أمّا ما تضمنه خبر یعقوب بن یقطین (2) من الإعادة فی الوقت فأقرب شی ء إلی حمله الاستحباب فیما أظنه.

وقد اتفق للعلاّمة أنّه استدل بخبر یعقوب بن یقطین علی وجوب التأخیر مع رجاء زوال العذر بعد أن مهّد له ما هذه صورته : الثانی : لو جاز التیمّم فی أوّل الوقت والصلاة به لما وجب علیه إعادتها بعد وجود الماء ، والتالی باطل فالمقدم مثله ؛ ثم بیّن الشرطیة بأنّ الأمر یقتضی الإجزاء

دلالة الأخبار علی إجزاء الصلاة الواقعة بالتیمّم وعدم وجوب إعادتها مطلقاً

ص: 56


1- راجع ص 764 ، 765.
2- المتقدم فی ص 755.

وبطلان الثانی بروایة یعقوب (1).

وأنت خبیر بأنّ الأخبار الدالة علی عدم الإعادة مطلقا تقتضی حمل خبر یعقوب علی الاستحباب فیما یظهر ، ولا أقل من الاحتمال ، فالحکم من العلاّمة بأنه یقتضی الوجوب من غیر التفات إلی المعارض لا یخلو من غرابة.

وقد ذکرت فی حواشی المختلف غیر ذلک ممّا یزید فی الإیراد علی استدلاله بالخبر.

ولا یخفی اشتمال الخبر الثالث علی الأرض ، وما تضمن الصعید وهو الثانی لا یفید حکماً ، لأنّه من کلام السائل ، ولا إشکال فی صحة التیمم بالصعید ، ولا حصر فی الخبر من جهة تقریر الإمام ، علی أنّ التقریر فی المقام غیر ظاهر ، بل هو سؤال عن فرد من الأفراد ، وکثیراً ما یغفل عن ذلک وهو من المهمات ، فلیتأمّل فیه حق التأمّل.

قال :

فأما ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن جعفر بن بشیر ، عمن رواه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل أصابته جنابة فی لیلة باردة ویخاف علی نفسه التلف إن اغتسل قال : « یتیمم فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة ».

ورواه أیضا عن سعد و (2) محمد بن الحسین بن أبی الخطاب ،

ص: 57


1- المختلف 1 : 254 بتفاوت یسیر.
2- فی الاستبصار 1 : 161 / 560 : ورواه أیضا سعد عن ، وهو موافق للتهذیب 1 : 196 / 568.

عن جعفر بن بشیر ، عن عبد الله بن سنان أو غیره ، عن أبی عبد الله علیه السلام مثل ذلک.

فأوّل ما فیه أنّه خبر مرسل منقطع الإسناد ، لأنّ جعفر بن بشیر فی الروایة الأُولی قال : عمن رواه. وفی الروایة الثانیة قال : عن عبد الله بن سنان أو غیره فأورده وهو شاک ، وما یجری هذا المجری لا یجب العمل به ، ولو صحّ الخبر علی ما فیه لکان محمولاً علی من أجنب نفسه مختاراً لأنّ من کان کذلک ففرضة الغسل علی کل حال ، فإذا لم یتمکن تیمم وصلّی ثم أعاد إذا تمکن من استعماله.

السند :

فی الخبرین مرسل ، ورجاله المذکورون لا ارتیاب فیهم کما قدّمناه ، غیر أنّ سند الثانی لا یخلو من تشویش فی النسخ التی رأیتها ، ففی البعض ما نقلته ، ولفظ عن سعد لا وجه له ، إذ لا یوجد فی غیر هذا الموضع علی ما أظن روایة محمد بن أحمد بن یحیی عن سعد ، بل المذکور فی رجال الشیخ أنّ سعداً یروی عنه (1) ، واحتمال روایة کل منهما من الآخر فی غایة البعد ، فالظاهر أنّ لفظ « عن » زائدة.

ثم فی النسخة کما تری : ومحمد بن الحسین. وهو یؤیّد أن یکون الراوی عن سعد محمد بن أحمد بن یحیی لأنّه یروی عن محمد بن الحسین فی الخبر الأوّل ، لکن الحال ما سمعته ، وفی بعض النسخ : ورواه عن سعد محمد بن الحسین. وهو أیضا کالأول فی الإشکال.

محمّد بن أحمد بن یحی لایروی عن سعد

ص: 58


1- رجال الطوسی : 493 / 12.

وما ذکره العلاّمة فی الخلاصة من أنّ محمد بن الحسین من رجال الجواد علیه السلام (1) ، المفید بحسب ظاهره الاختصاص به علیه السلام ، وسعد لم یدرک الجواد علیه السلام علی ما فی الرجال غیر محتاج إلیه ، فإنّ الممارسة تنفی ذلک ، وما قاله العلاّمة محل کلام ، لأن الشیخ رحمه الله ذکر محمد بن الحسین فی رجال العسکری علیه السلام من کتابه (2) ، والعلاّمة کأنّه لم یتتبّع کتاب الشیخ ؛ وقد ذکر النجاشی أنّ سعداً لقی أبا محمد علیه السلام ، لکن قال : رأیت أصحابنا یضعّفون لقاءه لأبی محمد ویقولون : هذه حکایة موضوعة علیه. والله أعلم (3). انتهی.

ولا یخفی أنّ کلام النجاشی ظاهره الجزم باللقاء والتوقف فی قول بعض الأصحاب ، إلاّ أنّ هذا لا فائدة له بعد ما قدمناه ، ولا یذهب علیک الإجمال فی حکایة النجاشی عن بعض الأصحاب ، فإنّ الظاهر من الکلام أوّلاً حکایة تضعیف اللقاء ، وثانیا کون الحکایة موضوعة ، فإن کان سبب تضعیف اللقاء کون الحکایة موضوعة فلا وجه له ، إذ لا یلزم من کون الحکایة موضوعة تضعیف اللقاء ، إلاّ إذا کان اللقاء منحصراً فی الحکایة ، وظاهر المقام خلافه ؛ وإن کان قول بعض الأصحاب مشتملاً علی أمرین : تضعیف اللقاء ، وکون الحکایة موضوعة ، فالتعبیر من النجاشی بقوله : ویقولون : هذه حکایة موضوعة علیه. غیر لائق ، لأنّ الإشارة ظاهرة فی خلاف هذا ، والمعهود من النجاشی سلامة التعبیر عن المراد.

فإن قلت : علی تقدیر تعدد المحکی أیّ حکایة هی؟ قلت : فی کتاب کمال الدین للصدوق ذکر روایة فی طریقها جهالة تضمّنت أنّ

بحث حول محمّد بن الحسین وسعد وطبقتهما

ص: 59


1- الخلاصة : 141 / 19.
2- رجال الطوسی : 435 / 8.
3- رجال النجاشی : 177 / 467.

العسکری علیه السلام کان یکتب والقائم علیه السلام یشغله عن الکتابة ویقبض علی أصابعه وکان یلهیه بتدحرج رمانة ذهب کانت بین یدیه (1). وجعل بعض هذا من أمارات الوضع ، وغیر ذلک أیضا ممّا تضمّنته الروایة ، ولا یخفی علیک الحال.

وبالجملة : فالظاهر فی السند أن یقال : ورواه سعد عن محمد بن الحسین.

المتن :

ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من نظر ، أمّا أوّلاً : فما ذکره من أنّ جعفر ابن بشیر قال تارة عمّن رواه ، وأُخری عن عبد الله بن سنان أو غیره ، فیکون شاکّاً ، وذلک یقتضی عدم العمل بالخبر. ففیه : أنّ هذا لا وجه لردّ الخبر به إن کان مأخوذاً من الأُصول ( المعتمدة ) (2) کما یستفاد من کلام الشیخ وغیره ، وإن کانت الروایة إنّما یعمل بها لصحة الاسناد المتعارف عند المتأخّرین فالإرسال کاف ، ولا ریب أنّ الثانی منتف عند المتقدمین ، فتعیّن الأوّل وقد عرفت حاله (3).

ثم إنّ الشک من الراوی لا یوجب ردّ روایته ، وعدّه من الاضطراب محل کلام.

وأمّا ثانیاً : فلأن ما ذکره من أنّ متعمّد الجنابة یغتسل علی کل حال ، وأنّه إذا لم یتمکن یتیمم ویصلّی (4) ثم یغتسل ویعید الصلاة ، إن أراد الغسل

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی وجوب الإعادة

ص: 60


1- کمال الدین : 454 / 21.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » : قطعاً ، وساقط عن « د ».
3- راجع ص 769.
4- لیست فی « فض ».

مع حصول الضرورة فبُعده ظاهر ، وقوله : إذا لم یتمکن ، یقتضی بإطلاقه وجوب التیمم مع عدم التمکّن ، وعدم التمکّن من أفراده حصول الضرورة ، وغایة التوجیه فی هذا أن یکون مراده بالغسل علی کل حال جمیع الحالات حتی حالة الضرورة القلیلة ، ویراد بقوله : فإن لم یتمکن الخوف علی النفس ، وما استدل به من الأخبار ستسمع القول فیه.

والعلاّمة فی المختلف قال : متعمّد الجنابة إذا خشی علی نفسه التلف باستعماله الماء تیمم وصلّی ، قال الشیخ : ویعید الصلاة إذا وجد الماء (1). وظاهر هذا الکلام أنّه فهم من مراد الشیخ خوف التلف ، وحینئذ یتم التوجیه.

وحکی العلاّمة عن الشیخ أنّه احتجّ علی قوله بروایة جعفر بن بشیر عن ابن سنان أو غیره ، وذکر الروایة المبحوث عنها ، وکأنّ الاحتجاج فی غیر هذا الکتاب ، أمّا الذی فیه فما تراه ، وقد أجاب عنه العلاّمة بأنه مجهول الراوی فلا یکون حجة (2).

وأنت خبیر بأنّ الحدیث تضمن أصابه الجنابة وهی أعم من التعمد والاحتلام ونحوه.

ثم إنّ خوف التلف من کلام الراوی فلا یقید به الجواب کما نبّهنا علیه فیما تقدم ، والحمل علی الاستحباب ممکن ، أمّا ما نقل عن الشیخ من الاستدلال بأنّه مفرط بتعمّد الجنابة فوجب علیه إعادة الصلاة (3) فجوابه ظاهر بعد تأمّل أخبار التیمم.

ص: 61


1- المختلف 1 : 277 ، بتفاوت یسیر.
2- المختلف 1 : 279.
3- المختلف 1 : 279.

( وممّا ذکره العلاّمة فی الاستدلال ) (1) ما رواه الصدوق عن رسول الله صلی الله علیه و آله مرسلا أنّه قیل له : إنّ فلانا أصابته جنابة وهو مجدور فغسّلوه فمات ، فقال : « قتلوه ، ألا سألوا؟ ألا یمّموه؟ إنّ شفاء العیّ (2) السؤال » (3) حیث أطلق علیه السلام تسویغ التیمم من غیر تفصیل (4). ففیه تأمّل ، لاحتمال إرادته علیه السلام أنّ مع خوف التلف لا یسوغ الغسل ، کما یدل علیه سوق الحدیث.

أمّا الإطلاق فی قضیة أبی ذر من قوله علیه السلام : « یکفیک الصعید عشر سنین » (5) فله وجه.

لکن الأوضح الاستدلال بالأخبار الدالة علی عدم إعادة الصلاة علی الجنب المتیمم (6) ، واحتمال أن یقال : إنّها مطلقة وغیرها من الأخبار مقید ، فیه : أنّ الأخبار قابلة للحمل علی الاستحباب کما یأتی ، ومعه لا یتعین حمل الشیخ ، مضافا إلی إطلاق الآیة فی قوله تعالی ( وَما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ ) (7) وأمّا الأخبار الآتیة فالکلام فیها إذا سمعته یندفع به احتمال الشیخ ، فلیتأمّل.

ص: 62


1- ما بین القوسین ساقط من « فض ».
2- العِیّ : بکسر العین وتشدید الیاء : التحیّر فی الکلام والمراد هنا الجهل ، مجمع البحرین 1 : 311 ( عیا ).
3- الفقیه 1 : 59 / 218 ، الوسائل 3 : 346 أبواب التیمم ب 5 ح 2.
4- المختلف 1 : 277.
5- الفقیه 1 : 59 / 221 ، التهذیب 1 : 194 / 561 ، الوسائل 3 : 369 أبواب التیمم ب 14 ح 12.
6- الوسائل 3 : 366 أبواب التیمم ب 14.
7- الحج : 78.

قال :

والذی یدل علی أنّ من هذه صفته فرضه الغسل علی کل حال :

ما أخبرنی به الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم رفعه قال : « إن أجنب فعلیه أنّ یغتسل علی ما کان منه ، وإن احتلم تیمّم ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن یعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن أحمد رفعه عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن مجدور أصابته جنابة قال : « إن کان أجنب [ هو (1) ] فلیغتسل وإن کان احتلم فلیتیمم ».

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن النضر بن سوید ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان بن خالد ؛ وحماد بن عیسی ، عن شعیب ، عن أبی بصیر ؛ وفضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن عبد الله بن سلیمان جمیعاً عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه سئل عن رجل کان فی أرض باردة فیخاف إن هو اغتسل أن یصیبه عنت من الغسل کیف یصنع؟ قال : « یغتسل وإن أصابه ما أصابه » قال : وذکر أنّه کان وجعاً شدید الوجع وأصابته جنابة وهو فی مکان بارد وکانت لیلة شدیدة الریح باردة فدعوت الغلمة فقلت لهم : « احملونی واغسلونی فقالوا : إنّا نخاف علیک ، فقلت : لیس بدّ فحملونی

ص: 63


1- أثبتناه من الاستبصار 1 : 162 / 562.

ووضعونی علی خشبات ثم صبّوا علیّ الماء فغسّلونی ».

وبهذا الاسناد عن الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل تصیبه الجنابة فی أرض باردة ولا یجد الماء وعسی أن یکون الماء جامداً قال : « یغتسل علی ما کان » حدّثه أنّه فعل ذلک فمرض شهراً من البرد قال : « اغتسل علی ما کان فإنّه لا بدّ من الغسل » وذکر أبو عبد الله علیه السلام أنّه اضطرّ إلی ذلک وهو مریض فأتوه (1) به مسخناً فاغتسل به وقال : « لا بدّ من الغسل ».

السند :

فی الأوّل : مرفوع.

والثانی : فیه مع ذلک علی بن أحمد والظاهر أنّه ابن أشیم کما تکرر فی الأخبار ، وهو غیر معلوم الحال ، واحتمال غیره لیس بنافع ، أمّا عدم ذکر الإمام علیه السلام فیه (2) صریحا ففی قدحه نظر قدمنا وجهه.

والثالث (3) : قد اشتمل علی ثلاث طرق من الحسین بن سعید :

الأوّل : عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن سلیمان بن خالد.

والثانی : عن حماد بن عیسی ، عن شعیب ، عن أبی بصیر.

والثالث : عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن عبد الله بن سلیمان.

علی بن أحمد بن أشیم غیر معلوم الحال

ص: 64


1- کذا ، وفی الاستبصار 1 : 163 / 564 : فأتوا.
2- أی فی الحدیث الأوّل.
3- فی هامش « فض » زیادة : فیه روایة الحسین عن حماد بن عیسی بناء علی ظاهره.

وأوّل الطرق : قد قدمنا فیه ما یزیل الارتیاب (1).

وکذلک فی الثانی ، إلاّ أنّ الضعف فیه قریب بسبب روایة شعیب عن أبی بصیر ، فإنّ شعیب هو العقرقوفی إذا روی عن أبی بصیر فهو المخلط کما یستفاد من بعض الأخبار ، وقدّمنا فیه القول کما یعرف من ممارسة الرجال.

وأمّا الثالث : فرجاله ثقات سوی عبد الله بن سلیمان ، فإنّ الموجود فی الرجال علی ما رأیت فی النجاشی عبد الله بن سلیمان الصیرفی روی عن جعفر بن محمد له أصل (2). وغیر النجاشی لم یذکره حتی العلاّمة فی الخلاصة مع تبعه للنجاشی فی ذکر الرجال ، وحال الرجل کما تری لا یزید علی الإهمال.

والرابع : لا ارتیاب فیه بعد ما قدمناه (3).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ المجنب یغتسل والمحتلم یتیمم ، لکن إطلاقه من جهة الغسل مقیّد بعدم الخوف علی النفس عند الشیخ.

وکذلک الثانی.

والثالث : یدل علی فعل الغسل وإن حصل مشقّة لکن لا تقیید فیه بکون الرجل أجنب أو احتلم ، ولعل الشیخ یقیّده بغیره کما أنّ تقیید المشقّة فیه بما لا یبلغ هلاک النفس لا بدّ منه.

أبو بصیر الذی یروی عنه شعیب العقرقونی هو المخلط

عبدالله بن سلیمان مهمل

توجیه ما دلّ علی وجوب الغُسل علی متعمّد الجنابة ولو مع المشقّة

ص: 65


1- راجع ص : 56.
2- رجال النجاشی : 225 / 592.
3- فی ص : 56.

وقوله علیه السلام : « وإن أصابه ما أصابه » یراد به حینئذ ما أصابه من المشقّة ، ثم الظاهر من قوله : وذکر. ، أنّ الإمام علیه السلام وقع له ذلک وفعل ما فعل ، ولا یخفی أنّه لا یلائم قول الشیخ فی الحمل ، لأن تعمّد الجنابة من الإمام علیه السلام مع عدم الماء ربما یقطع بنفیه ، نظراً إلی ما تقدم من الخبر الدال علی أنّ التیمّم فی الجملة یوبق الدین ولا أقل من المرجوحیة ، وإمکان فعل المرجوح لبیان الجواز له وجه فیدفع به الثانی (1).

ویحتمل أن یکون الفاعل : الراوی ، وحینئذ یندفع المحذور عن الشیخ ، إلاّ أنّه بعید عن الظاهر ، کما أنّ احتمال کونه علیه السلام أجنب متعمّداً مع وجود الماء ثم تعذّر لا یلائم قول الشیخ.

وغیر بعید أن یحمل ما دل علی الغسل علی الاستحباب بمعنی استحباب الغسل وإن حصل نوع مشقّة وکذلک إعادة الصلاة ، لکن لا یخفی دلالة الخبر الثالث علی جواز التولیة مع الضرورة إن کان من فعل الإمام علیه السلام ، هذا.

وربما یحتمل أن یراد بالاغتسال مع الجنابة وإن حصل مشقّة إذا کان تعمّد الجنابة مع العلم بعدم الماء ، إلاّ أنّ قصة الإمام علیه السلام لا تلائمه بل هی مؤیّدة للاستحباب.

وأمّا الخبر الرابع : فهو ظاهر الإطلاق فی المتعمّد وغیره ، وقوله : حدّثه ، الظاهر أنّه من الراوی ، والمعنی أنّه أخبر الإمام علیه السلام بأنه فعل الغسل مرة علی الوجه المذکور فمرض.

ویحتمل أن یکون الإمام علیه السلام حدّث محمد بن مسلم أنّه فعل ذلک ، ولا ینافی قوله ، قال : « اغتسل علی ما کان » لاحتمال أن یکون إعادة

ص: 66


1- فی « فض » ما یمکن أن یقرأ : التالی.

للجواب ، إلاّ أنّ الظاهر الأوّل ، وقوله : وذکر أبو عبد الله. یؤیّد ذلک ، إلاّ أنّه یوجب نوع شک بسبب المخالفة للسابق ، لأنّ الظاهر من الأوّل خلاف هذا ، کما أنّ فیه تأییداً لأن یکون قوله فی الخبر السابق : وذکر أنّه کان وجعاً شدیداً. لیس من الإمام علیه السلام إلاّ أن تکون الواقعة متکررة.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ المفید قال فی المقنعة : وإن أجنب نفسه مختاراً وجب علیه الغسل وإن خاف منه علی نفسه (1). والشیخ فی التهذیب ذکر الروایات دلیلاً علی قوله (2). وأنت خبیر بما فی الاستدلال بعد ملاحظة ما قدمناه.

والعلاّمة فی المختلف بعد أن نقل عن المفید ما نقلناه قال : احتج (3) ، وذکر الروایات ، وأظنّ أنّ الحجّة أخذها من التهذیب ، وأجاب عنها بضعف الإسناد ، والصحیح منها حمله علی المشقّة الیسیرة.

والجواب لا یخلو من وجه.

وممّا یؤیّد استحباب إعادة الصلاة ما رواه الصدوق صحیحاً عن عبد الله بن سنان : أنّه سأل أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل تصیبه الجنابة فی اللیلة الباردة ویخاف علی نفسه التلف إن اغتسل ، فقال : « یتیمّم ویصلّی (4) ، فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة » (5).

ووجه التأیید ظاهر ، ( إلاّ أن یقال : إنّه لا مانع من وجوب الإعادة

ص: 67


1- المقنعة : 60 بتفاوت یسیر.
2- التهذیب 1 : 197 / 573 ، 198 / 574 576 ، الوسائل 3 : 373 أبواب التیمم ب 17 ح 1 3 و 4.
3- المختلف 1 : 277.
4- فی « فض » : تیمّم فصلّی.
5- الفقیه 1 : 60 / 224.

للدلیل ، وفیه ما فیه ، لأنّ الأمر یقتضی الإجزاء ، فالإعادة علی الاستحباب ، فاحتمال صحة الصلاة واضح ) (1).

أمّا علی قول المفید فالخبر لا یمکنه العمل به ، من حیث إنّ ظاهر قوله عدم جواز التیمم ، علی أنّ الخبر مطلق فی المتعمّد وغیره ، إلاّ أن یقیّد بغیره ، ولو أتی الشیخ بهذا مع الأخبار کان أولی.

اللغة :

قال فی القاموس : العَنَت محرکة ، الفساد والإثم والهلاک ودخول المشقّة علی الإنسان (2). وزاد ابن الأثیر فی النهایة الغلط والخطاء (3). ولا یخفی احتمال الحدیث للهلاک والمشقّة فلا یتم مطلوب الشیخ.

قوله :

باب المتیمم یجوز أن یصلی بتیممه صلوات کثیرة أم لا؟

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة قال ، قلت : لأبی جعفر علیه السلام أیصلّی الرجل بتیمّم واحد صلاة اللیل والنهار کلها؟ فقال : « نعم ما لم یحدث أو یصیب الماء ».

وبهذا الاسناد عن الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حماد بن

معنی العَنَت

المتیمّم یجوز أن یصلّی بتیمّمه صلوات کثیرة أم لا؟

اشارة

ص: 68


1- فی « فض » بتفاوت.
2- القاموس المحیط 1 : 159.
3- النهایة لابن الأثیر 3 : 306.

عثمان قال : سألت أبا عبد الله عن رجل لا یجد الماء أیتیمم لکل صلاة؟ فقال : « لا ، هو بمنزلة الماء ».

وأخبرنی (1) الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن أبی همام ، عن محمد بن سعید بن غزوان ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه علیهم السلام قال : « لا بأس بأن یصلّی صلاة اللیل والنهار بتیمّم واحد ما لم یحدث أو یصیب الماء ».

السند :

فی الأوّل واضح بعد تکرر البیان.

وکذا الثانی ، لکن فیه دلالة علی روایة الحسین بن سعید بواسطة عن حماد بن عثمان.

و (2) فی کتب الرجال قد یظن منه التعدد ، لأن النجاشی قال : حماد بن عثمان الفزاری کان یسکن عرزم فنسب إلیها ، وأخوه عبد الله ثقتان ، رویا عن أبی عبد الله علیه السلام (3).

والشیخ فی الفهرست قال : حماد بن عثمان الناب (4) ثقة جلیل القدر له کتاب (5).

وفی رجال الصادق علیه السلام من کتابه : حماد بن عثمان ذو الناب مولی

بحث حول حمّاد بن عثمان

ص: 69


1- فی « رض » و « د » زیادة : الشیخ.
2- فی « فض » : ثم حماد بن عثمان فی.
3- رجال النجاشی : 143 / 371.
4- فی « فض » : النساب.
5- الفهرست : 60 / 230.

غنی کوفی. وفی رجال الکاظم علیه السلام : حماد بن عثمان لقبه الناب (1) مولی الأزدی له کتاب. وفی رجال الرضا علیه السلام : حماد بن عثمان الناب (2) من أصحاب أبی عبد الله علیه السلام (3).

والعلاّمة فی الخلاصة أتی بعبارة النجاشی (4).

وفی الإیضاح قال : الفزاری العَرْزَمی بفتح العین المهملة وإسکان الراء وفتح الزای (5).

وفی الکشی : حمدویه قال : سمعت أشیاخی یذکرون أنّ حماداً وجعفراً والحسین بنی عثمان بن زیاد الرواسی وحماد یلقب بالناب (6) کلهم ثقات فاضلون خیار ، حماد بن عثمان مولی غنی مات سنة تسعین ومائة بالکوفة (7) انتهی. ولم یذکر فی الإخوة عبد الله المذکور فی النجاشی ، وهذا من جملة الأسباب لظن التعدد ، والوالد قدس سره کان جازما بالاتحاد (8).

وشیخنا المحقق أیّده الله فی کتاب الرجال احتمل الاتحاد (9) ، وربما یقرّبه ذکر النجاشی لشخص واحد ، والشیخ کثیراً ما یکرّر اسم الرجل الواحد علی حسب ما یجده فی المأخوذ منه بوصف مغایر للوصف الآخر وإن أمکن الاجتماع فی شخص واحد نظراً إلی أنّ وضع الأوصاف تابع

ص: 70


1- فی « فض » : النساب.
2- فی « فض » : النساب.
3- رجال الطوسی : 173 / 139 ، 346 / 2 ، 371 / 1.
4- خلاصة العلاّمة : 56 / 4.
5- إیضاح الاشتباه : 164 / 233.
6- فی « فض » : النساب.
7- رجال الکشی 2 : 670 / 694.
8- منتقی الجمان 1 : 38.
9- لم نعثر فی منهج المقال علی هذا الاحتمال ، ولکن نقله الوحید البهبهانی فی تعلیقته علیه عن جدّه ص 124.

لاختلاف الأحوال.

وما وقع فی الکشی من قوله : حماد بن عثمان. لا یخلو من شی ء ، وکأنّ الواو سقط من النسخة ، إلاّ أنّ ذکر مولی غنی یشعر بالمغایرة لما سبق ، وقوله : عن حمدویه. ربما یظن أنّه لا یفید التوثیق.

وقد یوجّه لو احتیج إلیه بأنّ الظاهر من الأشیاخ الجمیع ، وفیهم من هو ثقة کما لا یخفی علی الممارس للطرق فی الکشی وغیره.

وإنّما قلنا : لو احتیج إلیه ؛ لأن الإجماع مدعی علی تصحیح ما یصح عن حماد فی الکشی (1) ، مضافا إلی توثیق الشیخ إن کان حماد الناب غیر العَرْزَمی ، وإن اتحدا فالنجاشی کلامه کاف ، هذا.

ولا یخفی أنّ الإجماع المنقول فی حماد بن عثمان فی حیّز الإجمال علی تقدیر التعدد ، وحینئذ فالأمر لا یخلو من إشکال ، فتأمّل.

وأمّا الثالث : ففیه السکونی وحاله قد قدّمناه (2) مع الشهرة المغنیة عن الذکر ؛ ومحمد بن سعید بن غزوان مذکور فی النجاشی مهملا (3) ؛ وأبو همام هو إسماعیل بن همام الثقة.

المتن :

فی الأوّل ربما یظهر منه إرادة صلاة النهار واللیل الفرائض أو ما یعم النوافل ، أمّا احتمال إرادة نوافل اللیل مع صلاة الصبح ونحوها فبعید عن الظاهر ، وعلی کل حال فی الخبر دلالة علی أنّ تأخیر الصلاة إنّما هو مع

إشارة إلی حال السکونی

محمّد بن سعید بن غزوان مهمل

أبو همام هو إسماعیل بن همام الثقة

دلالة الأخبار علی وجوب تأخیر الصلاة مع التیمّم المبتدأ وجواز فعلها فی أوّل الوقت فی صورة الاستدامة

ص: 71


1- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
2- فی ص 141.
3- رجال النجاشی : 372 / 1017.

التیمّم المبتدأ ( لتأخیره أیضاً ) (1).

والثانی أوضح دلالة ؛ لأنّ قوله : إنّما « هو بمنزلة الماء » یدل علی أنّ ما ثبت للماء یثبت له ، إلاّ ما خرج بالدلیل.

والثالث کالأول فی الدلالة.

ولا یخفی علی من لاحظ الأخبار المبحوث عنها وغیرها ، مما دلّ علی تأخیر التیمم والصلاة أنّه لا مانع من وجوب (2) تأخیر الصلاة والتیمم علی تقدیره إذا کان مبتدءاً وتقدیم الصلاة بدونه ، واحتمال أن تکون العلّة فی تأخیر الصلاة احتمال وجود الماء ، والعلّة موجودة فی صورة الاستدامة ، یدفعه أنّه یجوز أن یکون لحصول التیمم مدخل فی نفی احتمال وجود الماء ، وقد قدّمنا عن بعض محققی المتأخّرین کلاماً فی تأیید مثل هذه الأخبار لتوسعة التیمم (3) ، ونقول هنا أنّ قوله : إنّما هو بمنزلة الماء. مؤیّد قویّ.

فإن قلت : الأخبار لا تدل علی جواز الفعل فی أوّل الوقت ، بل إنّما تدل علی جواز فعل صلاة اللیل والنهار بتیمم واحد ، وعلی تقدیر ظاهر الدلالة فالخبر الدال بقوله : ولیصلّ فی آخر الوقت. فیه احتمال أن یقال : إنّه دالّ علی تأخیر التیمم والصلاة ، فإذا انتفی الأوّل بقی الآخر.

قلت : دلالة الأخبار علی الإطلاق غیر خفیة ، والخبر السابق له ظهور فی أنّ المبتدئ بالتیمم یؤخّر الصلاة لا مطلق المتیمّم ، فلا وجه لتقیید أحدهما بالآخر.

ص: 72


1- ما بین القوسین لیس فی « د ».
2- لیست فی « رض ».
3- راجع ص : 764 ، 765.

وفی المختلف نقل عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال : لو تیمم لنافلة فی غیر وقت فریضة أو لقضاء فریضة فی غیر وقت حاضرة جاز ذلک ، فإذا دخل وقت الفریضة جاز له أن یصلّی بذلک التیمم ؛ وهو یشعر بجواز الصلاة فی أوّل وقتها ، وفیه نظر ، أقربه وجوب التأخیر إلی آخر الوقت إن کان العذر مما یمکن زواله ، لنا أنّ المقتضی لوجوب التأخیر عند ابتداء التیمم موجود عند استصحابه فیجب التأخیر عملاً بالمقتضی ، وبیان اتحاد العلّة أنّ التیمم إنّما أوجبناه فی آخر الوقت لجواز إصابة الماء (1).

ثم قال : لا یقال : لا نسلّم أنّ المقتضی هو ما ذکرتم ، بل وجوب الطلب ، وهذا المعنی غیر متحقق فی صورة النزاع ، لأنّه لا یجب تعدد الطلب بتعدد الصلاة إجماعا ، وإذا انتفی المقتضی انتفی الحکم قضاءً للعلّیة.

سلّمنا أنّ المقتضی لیس هو وجوب الطلب لکن لِمَ قلتم : إنّ المقتضی هنا هو ما ذکرتم ، بل ها هنا سبب آخر وهو أنّ الصلاة مشروطة بالطهارة ، والتیمم لا یجوز فعله ابتداءً فی أوّل الوقت للحدیث الصحیح ، وإذا لم یجز فعله ابتداءً فی أوّل الوقت وجب تأخیر الصلاة لفوات شرطها وهو الطهارة ، أمّا مع سبق التیمم السابق علی الوقت فإنّه غیر مشروط بآخر الوقت إجماعاً ، لوقوعه قبل الوقت علی وجه الصحة فصحّت الصلاة فی أوّل الوقت.

لأنّا نجیب عن الأوّل : بمنع کون الطلب علّة لجواز التأخیر ، وإلاّ لزم أحد الأمرین : وهو إمّا خرق الإجماع أو خروج العلّة عن کونها علّة ، واللازم بقسمیه باطل فالملزوم مثله.

ص: 73


1- المختلف 1 : 288 ، بتفاوت یسیر.

بیان الشرطیة : أنّ الطلب إمّا أن یجب فی جمیع أجزاء الوقت الموسّع إلی أن یضیق وقته أو لا یجب ، فإن کان الأوّل لزم خرق الإجماع وهو أحد الأمرین ، إذ لا قائل بوجوب استیعاب وقت السعة للطلب ، ولقائل أن یمنع ذلک ، ووجوب السعی فی الطلب غلوة سهم وسهمین لا یدل علی انتفاء مطلق الطلب الذی یحصل بالانتظار له.

والثانی : یلزم منه الأمر الثانی ، لأنّه إذا انتفی وجوب الطلب قبل تضیق الوقت لم یجب التأخیر ، وإلاّ لوجد المعلول من دون العلّة ، فتخرج عن کونها علّة.

وعن الثانی : أنّ المانع من جواز التیمم فی أوّل الوقت إیقاع الصلاة بطهارة اضطراریة لا عدم إیقاعه فی أوّل الوقت لذاته ، ولا شک أنّ هذا ثابت فی صورة النزاع ، وبالجملة فالمسألة مشکلة حیث لم نجد فیها نصا عن الأئمة علیهم السلام ، وقول الجماعة إنّه یصلی بالتیمم الواحد صلوات اللیل والنهار لا یعطی مطلوب الشیخ رحمه الله - ، انتهی کلامه (1).

ولقائل أن یقول : أوّلاً : إنّ ما ذکره من أنّ المقتضی لوجوب التأخیر عند ابتداء التیمم موجود عند استصحابه ، فیه : أنّ المقتضی لم یذکر دلیله ، وإنّما هو مجرّد دعوی ، فکیف یجعل دلیلا ، والتوجیه بأنّا إنّما أوجبنا التیمم فی آخر الوقت بجواز إصابة الماء لا یصلح للإثبات ، بل العلة مستنبطة ، ومن ثم ذهب بعض الأصحاب إلی المضایقة وإن حصل الیأس من الماء (2) ، ولو سلّم أنّ المقتضی ما ذکره لکن یجوز أنّ هذا المقتضی إنّما هو لإیجاد التیمم لا لاستمراره.

ص: 74


1- المختلف 1 : 288.
2- انظر السرائر 1 : 140.

فإن قلت : الدلیل علی أنّ المقتضی ما ذکر هو العلم الضروری بأنّ العلّة جواز إصابة الماء.

قلت : هذا العلم فی ابتداء التیمم لو تم لا یلزم مثله فی الاستمرار ، فلیتأمّل.

وثانیا : ما ذکره فی الاعتراض من أنّه مع سبق التیمم السابق علی الوقت فإنّه غیر مشروط بآخر الوقت إجماعا. فیه : أنّ المراد بالتیمم السابق إن کان المجدد سابقا فلا ریب أنّه تابع فی الوقوع (1) للخلاف ، وإن کان المستمر فلا دخل له بل هو غیر ما الکلام فیه ، واشتراط التأخیر فی المستصحب من قبیل اللغو کما یعرف بأدنی تأمّل.

فإن قلت : محصّل الإیراد أیّ شی ء هو؟.

قلت : حاصله أنّ ما ادّعیته من المقتضی وهو جواز إصابة الماء غیر مسلّم ، بل المقتضی وجوب الطلب ، ومع التیمم السابق لا یجب الطلب ، إذ لا یجب الطلب للصلوات المتعددة إجماعاً ، وإذا انتفی المقتضی ینتفی الحکم ، ولو سلّم أنّ المقتضی لیس هو وجوب الطلب ، فهنا سبب آخر غیر ما ذکره المصنف من المقتضی ، وهو أنّ الصلاة مشروطة بالطهارة ، والتیمم لا یجوز فعله ابتداءً فی أوّل الوقت للخبر ، فوجب تأخیر الصلاة لفوات شرطها وهو الطهارة ، ومع سبق التیمم یتحقق الشرط فتجب الصلاة.

وأنت خبیر بأنّ السؤال یتوجه علیه أوّلا : أنّ قوله : لا یجب تعدد الطلب بتعدد الصلاة إجماعا ، إمّا أن یرید بالطلب ما هو معروف من الغلوة والغلوتین أو غیر ذلک ، فإن کان الأوّل فما ذکره من عدم الوجوب یمکن تسلیمه.

ص: 75


1- فی « فض » : الوقت.

وأمّا الثانی فالقائل به ربما کان موجوداً ، لأن الذی یظهر من المحقّق العمل بمضمون الخبر السابق الدال علی أنّه یطلب ما دام فی الوقت بناءً علی ما فهمه منه (1). والظاهر أنّ فهم ذلک له وجه علی ما خطر فی بالی الآن ، وإن سبق احتمال فی معناه ، لکن الکلام فی الرجحان ، وحینئذ فالطلب له معنیان.

وما أجاب به العلاّمة أوّلاً بناه علی إرادة الطلب غلوة سهم أو سهمین ، ثم تفطن لاحتمال إرادة معنیً آخر ، لکن کان علیه أن یذکر أن الإجماع المذکور لیس عامّاً فی کل طلب وإلاّ لما تم المطلوب.

أمّا عبارته فی توجیه الثانی فلا تخلو من شی ء علی ما وجدته فی النسخ لکن المعنی غیر خفی.

وأمّا جوابه عن الثانی ففیه : أنّ المانع غیر مسلم الثبوت بل یجوز أن یکون المانع إیقاع الصلاة بطهارة اضطراریة ابتداء لا استدامة ، وهذه واسطة بین کونه لذاته وما ذکر.

وأمّا (2) ثالثا فما ذکره من عدم وجود النص ، فیه : أنّ النصوص المبحوث عنها صالحة للاستدلال ، مضافا إلی بعض الاعتبارات التی قدّمناها ، وعدم اقتضاء قول الجماعة مطلوب الشیخ لیس بواضح ، بل قولهم یتناول ما ذکره من حیث الإطلاق ، فلیتدبّر.

قال :

فأما ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن أبی همام ، عن الرضا علیه السلام قال : « یتیمم لکل صلاة حتی یجد الماء ».

ص: 76


1- المعتبر 1 : 382.
2- لیست فی « رض ».

ورواه أیضا محمد بن أحمد بن یحیی ، عن العباس ، عن أبی همام ، عن محمد بن سعید بن غزوان ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه علیهم السلام قال : « لا یتمتع بالتیمم إلاّ صلاة واحدة ونافلتها ».

فأوّل ما فی هذا الخبر أنّه واحد ، ومع ذلک تختلف ألفاظه والراوی واحد ، لأنّ أبا همام فی روایة محمد بن علی بن محبوب رواه عن الرضا علیه السلام بلا واسطة ، وفی روایة محمد بن أحمد بن یحیی عن محمد بن سعید بن غزوان عن السکونی عن أبی عبد الله علیه السلام ، والحکم واحد ، وهذا یضعف الاحتجاج به ، علی أنّ راوی هذا الخبر بهذا الاسناد بعینه روی مثل ما ذکرناه ، وهی روایة محمد بن علی بن محبوب ، عن العباس ، عن أبی همام ، عن محمد بن سعید بن غزوان ، عن السکونی عن جعفر علیه السلام وقد قدمناها ، فعلم بذلک أنّ ما تضمنه هذا الخبر سهو من الراوی ، ویمکن مع تسلیم الخبر أن نحمله علی من یکون تمکن من استعمال الماء فیما بعد فلم یتوضّأ فلا یجوز له أن یستبیح بالتیمم المتقدم أکثر من صلاة واحدة ، وعلیه أن یستأنف التیمم لما یستقبل من الصلاة.

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : یصلّی الرجل بتیمم واحد صلاة اللیل والنهار کلها ، قال : « نعم ما لم یحدث أو یصیب ماء » قلت : فإن أصاب الماء ورجا أن یقدر علی ماء آخر وظن أنّه یقدر علیه فلمّا أراده تعسّر ذلک علیه ، قال : « ینقض ذلک تیممه وعلیه أن یعید التیمم ».

ص: 77

علی أنّه یمکن حمله علی ضرب من الاستحباب مثل تجدید الوضوء لکل صلاة وأنّه إسباغ.

السند :

فی الخبرین الأولین واضح ممّا قدّمناه ، وکذلک الثالث والرابع.

المتن :

ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من تأمّل أمّا أوّلاً : فقوله : ورواه أیضا محمد بن أحمد بن یحیی. غیر واضح ، لأنّ المتن متغایر ، ومفاد الثانی زیادة النافلة.

وأمّا ثانیاً : فقوله : إنّ اختلاف الألفاظ مع اتحاد الراوی یضعف الاحتجاج. فیه : أنّ الراوی غیر متحد ، لأنّ أبا همام روی کل حکم عن إمام ، وکونه روی (1) ما ذکره الشیخ لا یضر بالحال ، غایة الأمر أنّ الجمع لا بد منه ، وبالجملة فضرورة ما ذکره بالاحتجاج محل کلام.

وأمّا ثالثاً : فما ذکره من الجمع لا ینبغی إبداؤه فی کتب الحدیث لأنّه أمر معلوم ، فوقوع مثله من الإمام علیه السلام من قبیل ما لا فائدة فیه ، مع أنّ ذکر النافلة أیضاً لا وجه له ، کما أنّ الاختصاص بوجود الماء کذلک ، والخبر الذی استدل به لا یفید فائدة جدیدة.

وأمّا رابعاً : فالحمل علی الاستحباب وإن أمکن إلاّ أنّ إثباته بمجرّد الاحتمال لا وجه له ، بل ینبغی ذکر ما یدل علیه ، وقوله : إنّ تجدید الوضوء

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی وجوب التیمّم لکل صلاة

ص: 78


1- لیست فی « رض ».

إسباغ ، غیر معروف من تفسیر الإسباغ ، ولعل هذا لا یضر بالحال.

وربما یقال فی توجیه الخبر الأوّل أنّ المراد به کون التیمم لا یختص بالیومیة ، بل هو سائغ لکل صلاة من الیومیة وغیرها.

وأمّا الخبر الثانی : فالاعتماد علیه یوجب الإشکال بالنسبة إلی الشیخ فی اعتبار التأخیر ، إذ مقتضاه أنّ التیمم جائز للفرض والنافلة ، والشیخ إن أراد بالتأخیر ما یتناول الفرض والنفل ، أمکن توجیه کلامه ، لکن لم أقف الآن علی مصرح به ، وکون هذا مذهبا للشیخ فی الکتاب غیر معلوم کما نبّهنا علیه ، وعلی کل حال فی الخبر دلالة علی التوسعة فی الجملة إن صح ، والحمل علی الاستحباب قابل للتوجیه فی الخبر الثانی ، أمّا الأوّل فالوجه الذی ذکرناه ربما ساوی احتمال الاستحباب ، فلیتأمّل.

ثم إنّ الخبر الأخیر ظاهره أنّ مجرّد إصابة الماء تنقض التیمم وإن لم تستمرّ القدرة علی استعماله بمقدار الطهارة ، ویحتمل أن یقید من خارج بما دل علی أنّ التکلیف فرع القدرة.

ولا یشکل بأنّه لو توقف علی مضی الزمان لزم عدم الحکم بإبطال الصلاة مع وجود الماء فی الأثناء علی التفصیل الآتی ، لإمکان أن یقال نحو ما قلناه هنا.

إلاّ أنّ الحق لزوم الإشکال فی مثل هذا باحتمال وجوب الوضوء أو نقض التیمم مراعی ، وفیه : أنّ المراعاة تقتضی عدم الوجوب فی أوّل الأمر مع دلالة بعض الأخبار علی خلافه ، ولعلّ من لم یعتبر الوجه فالأمر عنده سهل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین أیده الله بعد النقل عن بعض أنّه مال إلی عدم الانتقاض إلاّ بمضیّ ذلک المقدار ،

هل ینتقض التیمّم بمجرّد إصابة الماء

ص: 79

مستدلاً بامتناع التکلیف بعبادة فی وقت لا یسعها ، من أنّ فیه نظراً ، إذ لقائل أن یقول : لا ملازمة بین عدم تکلیف المتیمم باستعمال الماء وبین بقاء تیممه من غیر إیجاب تیمم آخر علیه ، بل الظاهر أن یکون نفس وجدان الماء المظنون بقاؤه ذلک المقدار استصحاباً للحال ناقضاً فیجب به تیمّم آخر إذا لم یبق ذلک المقدار بطروّ انعدام علیه أو سبق آخر إلیه (1).

لا یخلو من وجه لولا إمکان أن یقال : إنّ الملازمة لا یمکن نفیها مطلقا بالنسبة إلی الماء ، إذ لو أصاب الماء المتیمم وهو لا یقدر شرعاً علی استعماله کما فی صورة الدخول فی الصلاة ثم یجد الماء علی التفصیل الآتی ینبغی انتقاض التیمم حینئذ ، والحال أنّه لیس کذلک.

ویمکن الجواب بأنّ المراد عدم الملازمة ما لم یقم الدلیل علی خلافه ، والاعتماد فی ترک البیان علی عدم الخفاء.

ثم الإضراب الواقع لا دلیل علیه ، بل النص مطلق فی أنّ مجرّد إصابة الماء موجبة للتیمم ، فاعتبار الظن إن کان للملازمة المذکورة من القائل فهو اعتراف بعد النظر ، واحتمال إرادة القائل للعلم بعید ، فلیتأمّل.

( بقی شی ء وهو أنّ الذی وقفت علیه ممّا سمعته تضمن وجدان الماء ، أمّا لو حصل ظن زوال العذر الموجب للتیمم فهل هو کوجدان الماء؟ أم یخص الحکم بمورد الدلیل ، ویبقی ما عداه علی حکم التیمم إلی أن یحصل العلم ، احتمالان ، ولعلّ الثانی له رجحان ... ) (2)

ص: 80


1- الشیخ البهائی فی الحبل المتین : 94.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

قال :

باب وجوب الطلب

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه عن علی علیهم السلام أنّه قال : « یطلب الماء فی السفر إن کانت الحزونة فغلوة ، وإن کانت سهولة فغلوتین لا یطلب أکثر من ذلک ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن موسی الخشاب ، عن علی بن أسباط ، عن علی بن سالم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال ، قلت له : أتیمّم وأُصلّی ثم أجد الماء وقد بقی علیّ وقت ، فقال : « لا تعد الصلاة فإنّ ربّ الماء هو ربّ الصعید » فقال له داود بن کثیر الرقی : أفأطلب الماء یمیناً وشمالاً؟ فقال : « لا تطلب لا یمیناً ولا شمالاً ولا فی بئر ، إن وجدته علی الطریق فتوضّأ وإن لم تجده فامض ».

فالوجه فی هذا الخبر حال الخوف والضرورة ، فأمّا مع ارتفاع الأعذار فلا بد من الطلب حسبما تضمنه الخبر الأوّل.

السند :

فی الأوّل : معلوم الحال فی أنّه لا یصلح سنداً لإثبات حکم عند غیر الشیخ.

أمّا الثانی : فکذلک ، إلاّ أن علی بن سالم مجهول الحال ؛ والحسن

وجوب الطلب

علی بن سالم مجهول

الحسن بن موسی الخشاب لا یبعد ثبوت مدحه

ص: 81

ابن موسی الخشاب قدّمنا القول فیه (1) ، ولا یبعد ثبوت مدحه ؛ وداود بن کثیر قال النجاشی : إنّه ضعیف جدّا (2) ، والشیخ قال فی رجال الکاظم من کتابه : إنّه ثقة (3) ، والعلاّمة فی الخلاصة اتفق له فیه اضطراب ، لأنّه بعد نقل قول الشیخ والنجاشی وابن الغضائری الدال کلامه صریحا علی أنّه فاسد المذهب ضعیف الروایة لا یلتفت إلیه [ قال (4) ] وعندی فی أمره توقف ، والأقوی قبول روایته لقول الشیخ الطوسی رحمه الله وقول الکشی أیضا (5).

وأنت خبیر بأن قول النجاشی مقدم علی قول الشیخ کما قدّمنا فیه القول (6) ، علی أنّه قد انضم إلی قول النجاشی قول ابن الغضائری ، والظاهر من العلاّمة الاعتماد علیه کما قدّمناه فی أوّل الکتاب ، وقول العلاّمة : وعندی فی أمره توقف ، ثم قوله : والأقوی ، غریب ، واحتمال أن یکون القول بالتوقف من ابن الغضائری ، لا وجه له بعد قوله : لا یلتفت إلیه.

نعم فی طرق الفقیه ما صورته : وروی عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « أنزلوا داود الرقی منی بمنزلة المقداد من رسول الله صلی الله علیه و آله » (7) وهذا ربما یدل علی اعتماده علیه ، وأنّ الروایة مقبولة عنده إن کان ما ذکره فی المشیخة داخلاً فیما قاله فی أوّل الکتاب. والعلاّمة نقل عن الصدوق ذلک (8) ، فربما کان دافعاً لبعض ما یرد علیه.

بحث حول داود بن کثیر الرقی

ص: 82


1- فی ص : 214.
2- رجال النجاشی : 156 / 410.
3- رجال الطوسی : 349 / 1.
4- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة العبارة.
5- خلاصة العلاّمة : 67 / 1.
6- فی ص 437.
7- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 95.
8- خلاصة العلاّمة : 68 / 1.

أمّا روایة الکشی فهی مرسلة مع ضعف آخر فی إحدی الروایتین (1).

( وهذا البحث وإن کان قلیل الفائدة فی الحدیث بحصول الضعف بغیره ) (2) إلاّ أنّ له نفعاً فی غیر هذا الموضع.

فإن قلت : قوله : فقال له داود بن کثیر. من الروایة ، فیکون الحاکی عنه علی بن سالم ، أم لا بل هو من الشیخ فیکون روایة أُخری مرسلة؟ أو هو من علی بن أسباط؟

قلت : قد روی الشیخ الروایة فی التهذیب بنحو ما هنا فی موضع (3) ، وفی آخر روی عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقی قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أکون فی السفر وتحضر الصلاة ولیس معی ماء ویقال إنّ الماء قریب فأطلب ، إلی آخر ما نقله الشیخ هنا (4).

وأنت خبیر إذا تأمّلت الروایتین بقیام احتمال المغایرة لما قاله داود فی هذه الروایة مع احتمال آخر فلیتدبّر.

المتن :

ظاهره کما تری طلب الماء فی السفر القدر المذکور ولو فی جهة من الجهات ، إلاّ أنّ الشیخ فی التهذیب بعد قول المفید : ومن فقد الماء فلا یتیمم حتی یدخل وقت الصلاة ثم یطلبه أمامه وعن یمینه وعن شماله مقدار رمیة سهمین من کل جهة إن کانت الأرض سهلة ، وإن کانت حزنة

وجوب طلب الماء وکیفیته وحدّة

ص: 83


1- رجال الکشی 2 : 704 / 750.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « د ».
3- التهذیب 1 : 202 / 587.
4- التهذیب 1 : 185 / 536.

طلبه فی کل جهة مقدار رمیة سهم ، قال : قد مضی فیما تقدم ما یدل علی وجوب الطلب للماء علی قدر رمیة سهمین مع زوال الخوف ، ویؤکّد ذلک ما رواه محمد بن الحسن الصفار وذکر روایة السکونی (1).

والذی تقدم منه روایة رواها عن محمد بن یعقوب ، عن الحسین بن محمد ، عن معلی بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن یعقوب بن سالم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل لا یکون معه ماء والماء عن یمین الطریق ویساره غلوتین أو نحو ذلک قال : « لا آمره أن یغرّر بنفسه فیعترض له لصّ أو سبع » (2).

قال الشیخ فی التهذیب : وهذا الخبر یدل علی أنّه متی لم یخف من لصّ أو سبع وجب علیه الطلب وإن کان علی مقدار غلوتین (3). ولا یخفی علیک حال هذه الدلالة.

ثم الظاهر من الروایة وجود الماء ، فعلی تقدیر تسلیم الدلالة نقول : مع وجود الماء یجب لا مع احتمال الماء ، وبتقدیر التسلیم ( من أین ) (4) اعتبار کل جانب؟.

وفی الشرائع قال المحقق : ویجب عنده الطلب فیضرب غلوة سهمین فی کل جهة من جهات الأربع إن کانت الأرض سهلة وغلوة سهم إن کانت حزنة (5).

قال شیخنا قدس سره فی المدارک : أجمع علماؤنا وأکثر العامة علی أن من کان عذره عدم الماء لا یسوغ له التیمم إلاّ بعد الطلب إذا أمّل الإصابة

ص: 84


1- التهذیب 1 : 202 / 586 ، الوسائل 3 : 341 أبواب التیمم ب 1 ح 2.
2- التهذیب 1 : 184 / 528 ، الوسائل 3 : 342 أبواب التیمم ب 2 ح 2.
3- التهذیب 1 : 184.
4- فی « رض » بدل ما بین القوسین ما یمکن أن یقرأ : لا یفید ، وفی « د » یحتمل.
5- الشرائع 1 : 46.

وکان فی الوقت سعة ، حکی ذلک المصنف فی المعتبر ، والعلاّمة فی المنتهی ، ویدلُّ علی ذلک ظاهر قوله تعالی ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) (1) ، وما رواه الشیخ فی الحسن عن زرارة ، وذکر الروایة ( الآتیة ، وقد مضت أیضاً ) (2) وعن السکونی ، وذکر الروایة الاولی ، إلی أن قال ما حاصله : واختلف الأصحاب فی کیفیة الطلب وحدّه ، فقال فی المبسوط : والطلب واجب قبل تضیق الوقت فی رحله وعن یمینه وعن یساره وسائر جوانبه رمیة سهم أو سهمین إذا لم یکن خوف ، وکذلک قال فی النهایة ، ولم یفرّق بین السهولة والحزونة ، ثم حکی عبارة المفید السابقة عنه.

وقال ابن إدریس : وحدّ ما وردت به الروایات ، وتواتر به النقل فی طلبه إذا کانت الأرض سهلة غلوة سهمین ، وإذا کانت حزنة فغلوة سهم. ولم یقدّره السید المرتضی فی الجمل ، ولا الشیخ فی الخلاف.

قال شیخنا قدس سره : ولم أقف فی الروایات علی ما یعطی هذا التحدید سوی روایة السکونی وهی ضعیفة کما اعترف به المصنف فی المعتبر ، فإنّه قال : والتقدیر بالغلوة والغلوتین روایة السکونی وهی ضعیفة ، غیر أنّ الجماعة عملوا بها ، والوجه أنّه یطلب من کل جهة یرجو فیها الإصابة ولا یکلف التباعد بما یشق ، وروایة زرارة تدل علی أنّه یطلب دائما ما دام فی الوقت حتی یخشی الفوات (3). انتهی ملخصا.

وفی نظری القاصر أنّ فی المقام أُموراً

ص: 85


1- المائدة : 6.
2- تأتی فی ص 87 ، ومضت فی ص 36 ، وبدل ما بین القوسین فی « فض » و « رض » : الثانیة ، وتأتی أیضاً فی الباب الآتی.
3- مدارک الأحکام 2 : 178.

الأوّل : ما ذکره من دعوی الإجماع قد قدّمنا (1) أنّه من قبیل الخبر المرسل ، ووجه ذلک أن تحقق الإجماع فی مثل زمن المحقّق والعلاّمة ممّا یعدّ (2) من المحالات العادیة ، وکیف لا یکون کذلک والمحقق یتکلم علی الشیخ فی دعواه الإجماع ، وزمان الشیخ أقرب إلی تحقق الإجماع من زمان المحقق ، وإن کان الحق بُعد الإجماع فی الموضعین ، وعلی هذا فالإجماع المدّعی من المحقّق والعلاّمة لا بد من حمله علی کونه منقولاً عن المتقدّمین ، فلا یخرج عن الإرسال.

الثانی : ما استدل علیه من الآیة شیخنا قدس سره (3) قد ذکره العلاّمة فی المختلف (4) ، وربما یشکل بأنّ الطلب یرجع فیه إلی العرف ، إذ الروایات المظنون دلالتها قد عرفت حالها ، وقول السید المرتضی فی الجمل (5) لعله یرجع إلی هذا بنوع من الاعتبار ، وإذا رجع الأمر إلی العرف فهو غیر مضبوط ، وإناطة التکلیف به لا یخلو من إشکال.

والخبر الدال علی أنّه یطلب ما دام فی الوقت قد تکلمنا علیه سابقا (6) ، وأنّ احتمال حمله علی الاستحباب ممکن ، غیر أنّ الشیخ قد یتوجه علیه أنّ الطلب فی الخبر مطلق وخبر السکونی مقید فلیحمل علیه ، والحال لا یخلو من إشکال ، لتضمن روایة السکونی القدر المعین ، وتضمن روایة زرارة ما دام فی الوقت ، وغیر بعید ما وجّهنا به روایة زرارة من أنّ المراد

ص: 86


1- فی ص 566.
2- فی « فض » : فما بعد.
3- مدارک الأحکام 2 : 179.
4- المختلف 1 : 255.
5- جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضی 3 ) : 25.
6- راجع ص 752.

بقوله : ما دام فی الوقت. بیان وقت الطلب ، لا أنّ الطلب دائما کما قاله المحقق ، غایة الأمر أنّ کیفیة الطلب مجملة والعرف لا یخلو من اضطراب.

وبالجملة : فقرائن الاستحباب غیر خفیة فی خبر زرارة علی تقدیر إرادة دوام الطلب ، إذ لا یدل دلیل علی ذلک من الأخبار المنقولة ، وحینئذ یکون الأمر بتأخیر التیمم کذلک ، لبُعد التغایر بین أمرین فی خبر واحد ، وإن أمکن فتح باب المقال فی هذا.

الثالث : ما قاله شیخنا قدس سره : من دلالة روایة السکونی (1). غریب ، فإن دلالتها علی ما ذکر غیر واضحة کما قدمناه.

وقول المحقق : غیر أنّ الجماعة عملوا علیها (2). أغرب ، فإن الجماعة إن أُرید بهم جمیع القائلین بالتحدید ، فالأقوال کلها لا توافق الروایة ، وإن أُرید بالجماعة غیر ذلک فلا یظهر له معنی ، علی أنّ عمل الجماعة له تأیید عنده للعمل بالروایة الضعیفة کما یعلم من مواضع فی المعتبر ، وما أجمله من الوجه أیضاً لا یخلو من غرابة.

إذا تمهّد هذا کلّه فاعلم أنّ ما ذکره الشیخ من الجمع لو ذکر ما یدل علیه من روایة داود الرقی المذکورة فی التهذیب ، من قوله : « إنّی أخاف علیک التخلف عن أصحابک فتضل ویأکلک السبع » (3) وکذلک روایة یعقوب بن سالم (4) السابقة ، وإن کان فی الظن عدم الدلالة علی مطلوب الشیخ ، إلاّ أنّ الحکم بالنسبة إلی ما فهمه ربما یتم ذکر الحدیثین للدلالة علی الجمع.

ص: 87


1- راجع ص 790.
2- المعتبر 1 : 393.
3- التهذیب 1 : 185 / 536 ، الوسائل 3 : 342 أبواب التیمم ب 2 ح 1.
4- المتقدمة فی ص 790.

فإن قلت : ما وجه التوقف فی دلالة الروایتین؟.

قلت : الوجه فی الاولی أنّ ظاهرها کون مجرد خوف التخلف عن الأصحاب فیضل أو یأکله السبُع یقتضی عدم لزوم الطلب ، وهذا الکلام من الإمام علیه السلام کما تری یقتضی بإطلاقه أنّ مجرّد الاحتمال کاف فی سقوط الطلب ، ولولاه لکان علی الإمام أن یقول له : إن خفت فلا تطلب ، وإلاّ فاطلب ، والثانیة کذلک ، بل هی أظهر دلالة علی ما قلناه.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره بعد ذکر روایتی داود ویعقوب : من أنّ الجواب عنهما أولاً بضعف السند ، وثانیاً بالقول بالموجب ، لأنّ مقتضاهما سقوط الطلب مع الخوف علی النفس والمال ونحن نقول به (1). محل تأمّل یظهر وجهه ممّا قررناه.

اللغة :

قال فی القاموس : الحَزْن : ما غلظ من الأرض کالحَزْنة (2). وقال ابن الأثیر فی النهایة : الغلوة قدر رمیة سهم (3).

ویبقی فی المقام أُمور لا بأس بالتنبیه علیها :

الأوّل : ظاهر الأخبار أنّ الطلب مع فقدان الماء ، أمّا لو کان عذر المتیمم غیر فقدان الماء فوجوب الطلب علیه منتف ، وحینئذ وجوب التأخیر علیه علی تقدیر القول به لا یمکن استفادته من الأخبار السابقة ولا اللاحقة ، والآیة الشریفة دالة بظاهرها علی أنّ من کان علی سفر ولم یجد ماءً تیمم ، أمّا المرض فلا وجه لاعتبار عدم الماء فیه ، إلاّ أنّ یراد بعدم

معنی الحَزن والغلوة

انتفاء وجوب الطلب فی حق من یکون عذره غیر فقدان الماء

ص: 88


1- مدارک الأحکام 2 : 180.
2- القاموس المحیط 4 : 215.
3- النهایة لابن الأثیر 3 : 383.

الوجدان عدم القدرة علی الاستعمال فیراد باللفظ الحقیقة والمجاز أو عموم المجاز ، وفیه ما فیه ، ولا یبعد أن یخص القید بالمسافر ویبقی المریض علی الإطلاق ، ویتوقف وجوب التأخیر علیه علی الدلیل.

ثم إنّ وجوب الطلب فی الأخبار وظاهر الآیة علی المسافر ، أمّا غیره فوجوب الطلب علیه بالمعنی المذکور فی کلام الأصحاب لم أقف علی دلیله الصالح للإثبات ، ولو لا ظن عدم القائل بهذا التفصیل لأمکن إبداؤه ، لکن لا أقل من ذکر الاحتمال ، فینبغی التأمّل فیما ذکرناه ، فإنّی لم أجده فی کلام أحد الآن ، والله تعالی أعلم بحقائق الأُمور.

الثانی : قیل لو تیقن وجود الماء لزمه السعی إلیه ما دام الوقت باقیا والمکنة حاصلة ، سواء کان قریباً أم بعیداً ، وسواء استلزم السعی فوات مطلوب إذا لم یکن مضراً بحاله أم لا ، لقدرته علی الماء (1). واختار هذا شیخنا قدس سره (2).

وقال المحقق فی المعتبر : من تکرر خروجه من مصره کالحطّاب والحشّاش لو حضرته الصلاة ولا ماء ، فإن أمکنه العود ولمّا یفت مطلوبه عاد ، ولو تیمم لم یجزئه ، ولو لم یمکنه إلاّ بفوات مطلوبه ففی التیمم تردد أشبهه الجواز دفعاً للضرر (3).

وربما یمکن المناقشة فی الکلامین ، والاحتیاط مطلوب.

أمّا ما قاله جماعة : من أنّ الطلب إنّما یجب مع احتمال الوجود ، فإن تیقن العدم انتفی الطلب لانتفاء الفائدة ، ولو غلب علی ظنه لم یسقط لجواز

هل یجب الطلب علی غیر المسافر؟

حکم من تیقّن وجود الماء

حکم من تکرّر خروجه من مصره

ص: 89


1- المنتهی 1 : 139.
2- مدارک الأحکام 2 : 182.
3- المعتبر 1 : 365.

کذب الظن (1) ؛ فله وجه ، إنّما الکلام فی ثبوت الأصل.

الثالث : قال المحقق فی الشرائع : ولو أخلّ بالطلب حتی ضاق الوقت أخطأ وصح تیممه وصلاته علی الأظهر (2).

وفی المختلف قال العلاّمة نقلاً عن الشیخ : لو تیمم قبل الطلب مع التمکن منه لم یعتد بذلک التیمم. وهذا الکلام علی إطلاقه مشکل ، وتقریر البحث أن نقول : إنّ تیمم قبل آخر الوقت بطل ، لعدم الشرط وهو تضیق الوقت ، وإنّ تیمم فی آخر الوقت ولم یکن قد طلب الماء ففی بطلان تیممه نظر ، والأقوی عندی صحته بل وجوبه ؛ لأنّه حینئذ مأمور بالصلاة ، إذ بدون فعلها لا یخرج عن العهدة ، ومأمور بالتیمم ؛ لتعذر الماء علیه حینئذ ، وسقوط الطلب عنه لتضیق الوقت ووجوب صرفه إلی الصلاة ، وإذا تقرر أنّه مأمور بالصلاة بالتیمم فإذا فعلهما وجب أن یخرج عن العهدة (3).

ثم اعترض بمنع الأمر بالتیمم مطلقا ، لأنّ الآیة مشروطة بعدم الوجدان المشروط بالطلب ، والمشروط بالمشروط بالشی ء مشروط بذلک الشی ء ، والشرط وهو الطلب لم یوجد فینتفی المشروط.

وأجاب بمنع کون الطلب شرطاً مطلقاً ، بل مع السعة.

واعترض بأنّه یلزم علی هذا أنّ من ترک المضی إلی الماء مع قربه منه والتمکن من استعماله إلی أن ضاق الوقت بحیث لو سارع فاته الوقت عامداً من غیر ضرورة ، أن یجب علیه التیمم والصلاة ، ویسقط عنه القضاء ، لأنّ الدلیل الذی ذکرتموه آت هنا ، فیقال : لا یجوز إسقاط الصلاة عن هذا المکلّف ، لوجود الشرائط ، وإذا کان مأموراً بفعلها مع الطهارة المائیة لزم

حکم أخلّ بالطلب

ص: 90


1- منهم المحقق الثانی فی جامع المقاصد 1 : 466 ، وصاحب المدارک 2 : 182.
2- شرائع الإسلام 1 : 46.
3- المختلف 1 : 285.

تکلیف ما لا یطاق ، إذ التقدیر تضیّق الوقت ، وإن کان مکلّفاً بالإتیان بها مع البدل لزم الإجزاء.

وأجاب بوجهین :

الأوّل : أنّه یلزم ذلک ویکون معاقبا علی ترک الطهارة المائیة مع قدرته وتزول عنه بالتوبة.

والثانی : المنع من کونه مکلفا بما لا یطاق لو قیل باستصحاب حکم التکلیف السابق علیه فی أوّل الوقت مع تمکنه (1). انتهی ملخصا.

وفی نظری القاصر أنّه محل نظر :

أمّا أوّلاً : فلأنّ الأمر بالتیمم مطلقا أوّل المدّعی ، وکون الطلب مشروطاً بالسعة کذلک ، والآیة الشریفة قد ذکر فی تفسیرها ما یدل علی أنّ الطلب مراد فیها ، فلا یتحقق الشرط حینئذ.

نعم قد قدّمنا احتمالاً فی خبر زرارة الدال علی أنّه یطلب ما دام فی الوقت فإن خاف أن یفوته فلیتیمم ، وهو أن یکون قوله : « فإن خاف » راجعا إلی الطلب ، أی إنّما یطلب مع عدم خوف الفوت وبدونه لا یطلب ، وبهذا الاحتمال قد یندفع عن العلاّمة النظر ، لکن عدم تعرضه لذلک غریب.

فإن قلت : غیر هذا الاحتمال فی الخبر لیس بواضح ، بل الظاهر هو هذا الاحتمال.

قلت : الاحتمال الآخر المساوی لما ذکرناه هو أنّه یطلب إلی أن یخاف الفوت لا ترک الطلب من أوّل الأمر.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الطلب مع تحقق دلیله یتوقف سقوطه علی الدلیل.

وأمّا ثالثاً : فما قاله فی جواب الاعتراض الأوّل من منع کون الطلب

ص: 91


1- المختلف 1 : 285.

شرطاً مطلقاً. لا وجه له ، لأن المانع وإن کان یکفیه هذا فی دفع الاستدلال إلاّ أنّ مقصود العلاّمة إثبات الحکم.

وأمّا رابعاً : فما ذکره فی جواب الاعتراض الثانی ففیه :

أمّا فی الوجه الأوّل : فلأنّ عقوبته علی ترک الطهارة المائیة لا تفید عدم جواز التیمم مطلقا ، بل قبل الضیق علی حد من أخلّ بالطلب فإنّه معاقب أیضا ، لکن بعد التضیق یحتمل عدم العقاب علی أدائه فالجواب الجواب.

وأمّا الوجه الثانی : فالتکلیف بما لا یطاق لا مخلص عنه ، واستصحاب حکم التکلیف لا یسمن ولا یغنی من جوع ، فإن قلت : ما مراده باستصحاب حکم التکلیف؟ قلت : کان غرضه أنّه لما کان مأموراً بالوضوء قبل التضیق بقی الأمر مستصحبا.

وأنت خبیر بأنّ هذا بعینه آت فیما تقدم ، فإنّ الوضوء مأمور به ولا ینتقل إلی التیمم إلاّ مع الطلب وعدم الوجدان علی ما قرره ، نعم یمکن أن یقال : إنّ الأمر بالوضوء فرع الإمکان ، والإمکان موقوف علی الطلب فلا یجب قبله. وجوابه أظهر من أن یخفی.

قال :

باب أنّ التیمم لا یجب إلاّ فی آخر الوقت

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن

التیمّم لا یجب إلّا فی آخر الوقت

اشارة

ص: 92

صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم (1) قال : سمعته یقول : « إذا لم تجد ماءً وأردت التیمم أخّرِ التیمم إلی آخر الوقت فإن فاتک الماء لم تفتک الأرض ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : « إذا لم یجد المسافر الماء فلیطلب ما دام فی الوقت فإذا خاف أن یفوته الوقت فلیتیمم ولیصلِّ فی آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء علیه ولیتوضّأ لما یستقبل ».

ولا ینافی هذا الخبر ما أوردناه من الأخبار فی باب إعادة الصلاة المتضمنة لمن صلّی ثم وجد الماء والوقت باق لا تجب علیه الإعادة ، بأن یقال : لو کان الوجوب متعلقا بآخر الوقت لکان علیه الإعادة ، لأنّا قد بینّا الوجه فی (2) الأخبار ، وقد قلنا إنّ الوجوب تعلّق بآخر الوقت ولا یجوز غیره ، وحملنا قوله : والوقت باق ، علی أن یکون متعلقاً بحال الصلاة دون وجود الماء ، وعلی هذا لا تعارض بین هذه الأخبار وبینها علی حال ، وما تضمنه خبر علی بن سالم فی الباب الأوّل من قول السائل أتیمم وأُصلّی ثم أجد الماء وقد بقی علیّ وقت ، فقال : « لا تعد الصلاة » ویکون تقدیره أتیمم وأُصلّی وقد بقی علیَّ وقت یعنی مقدار ما ( یصلّی ) (3) الصلاة ویخرج الوقت.

ص: 93


1- فی الاستبصار 1 : 165 / 573 زیادة : عن أبی عبد الله علیه السلام .
2- فی الاستبصار 1 : 166 زیادة : تلک.
3- فی الاستبصار 1 : 166 : یصلّی فیه فیصلّی.

السند :

فی الأوّل لا ارتیاب فیه.

والثانی قد تقدم القول فیه مفصلاً.

المتن :

فی الأوّل وإن دل بظاهره علی وجوب التأخیر إلاّ أنّ احتمال الاستحباب فیه قائم نظراً إلی ما أسلفناه.

والوالد قدس سره کان یقول : إنّ الخبر یعمل بمقتضاه من وجوب التأخیر ، لکن مع رجاء وجود الماء کما یشعر به قوله : « فإن فاتک الماء لم تفتک الأرض » وحینئذ لا یدل علی وجوب التأخیر مطلقا (1).

وکذلک شیخنا قدس سره ذکر ذلک فی فوائده علی هذا الکتاب قائلاً : إنّ هاتین الروایتین إنّما تدلان علی وجوب التأخیر إذا کان العذر عدم الماء وکان وجوده ممکناً کما یدل علیه قوله فی الأُولی : « فإن فاتک الماء لم تفتک الأرض » فإنّه یقتضی عدم الجزم بفوات الماء وفی الروایة الثانیة « فلیطلب الماء ما دام فی الوقت » فإنّ الطلب یؤذن بإمکان الظفر. انتهی ملخصا.

وفی نظری القاصر أنّ الروایة الأُولی کما تحتمل ما قاله الوالد وشیخنا (2) 0 تحتمل أن یراد أنّ الماء إذا تحقق فواته فالتراب موجود ، ولا وجه للتقدیم.

استدلال صاحب المدارک بحدیث محمّد بن مسلم وزرارة علی وجوب التأخیر مع إمکان وجود الماء ، والمناقشة فیه

ص: 94


1- منتقی الجمان 1 : 355.
2- لیست فی « رض ».

وأمّا الروایة الثانیة : فالطلب یؤذن بالإمکان إلاّ أنّ قرائن الاستحباب فیها ظاهرة بعد ملاحظة ما قدّمناه.

ثم قوله علیه السلام فی الثانیة : « إذا لم یجد المسافر الماء فلیطلب » یدل علی أنّ عدم الوجدان یتحقق بعدم الطلب ، فلا یتم ما ذکروه فی الآیة من أنّ ظاهرها الدلالة علی الطلب ، إلاّ أن یقال : إنّ عدم الوجدان له حالات ، فمع الإطلاق یراد به ما یتناول الطلب ، ومع ذکر الطلب بعده یراد به معنی آخر ، وهذا لا ینافی دلالة الآیة کما تدل علیه الروایة الأُولی بعد تقییدها بغیرها ممّا دل علی الطلب.

وینبغی أن یعلم أنّ العلاّمة فی المختلف اختار التفصیل الذی ذهب إلیه ابن الجنید ، وهو علی ما نقله العلاّمة عنه وجوب الطلب مع الطمع فی وجوده ، والرجاء للسلامة علی کل أحد إلی آخر الوقت ( مقدار رمیة سهم فی الحزنة ، وفی الأرض المستویة (1) رمیتا سهم ، فإن وقع الیقین بفوته إلی آخر الوقت ) (2) أو ما غلب الظن کان تیممه وصلاته فی أوّل الوقت أحب (3).

وهذا القول إذا تأمّله المتأمّل یفید أمراً زائداً علی التفصیل المذکور فی کلام البعض ، واختاره ( الوالد (4) قدس سره وشیخنا قدس سره فی غیر فوائد الکتاب ) (5) (6) والأمر سهل.

دلائل العلّامة علی وجوب التأخیر مع إمکان وجود الماء والمناقشة فیها

ص: 95


1- فی « فض » : المسنونة.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- المختلف 1 : 253.
4- منتقی الجمان 1 : 355.
5- بدل ما بین القوسین فی « رض » : الوالد وشیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب.
6- مدارک الأحکام 2 : 181.

غیر أنّ العلاّمة استدل علی وجوب التأخیر مع إمکان وجود الماء أوّلاً بهاتین الروایتین.

وثانیاً : بأنّه لو جاز التیمم فی أوّل الوقت والصلاة به لما وجب علیه الإعادة بعد وجود الماء فی الوقت ، ثم بیّن وجه الملازمة وبطلان التالی المستلزم لبطلان المقدم ، أمّا الأوّل : فإنّ الأمر یقتضی الإجزاء ، وأمّا الثانی : فلخبر یعقوب بن یقطین السابق.

وثالثاً : إنّ طلب الماء إن کان واجباً وجب التیمم فی آخر الوقت ، لکن المقدم حق فالتالی مثله ، وبیان الشرطیة أنّ الطلب إنّما یجب بعد دخول الوقت ، وإذا وجب الطلب بعد الوقت سقط وجوب الصلاة فی أوّل الوقت للتضادّ.

وبیان صدق المقدّم الإجماع ، وقوله تعالی ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) (1) ولا یثبت عدم الوجدان إلاّ بعد الطلب.

ثم اعترض علی نفسه بأنّ وجوب الطلب بعد الوقت لا یستلزم وجوب التأخیر إلی آخر الوقت. وأجاب بأنّه لو لم یلزم ذلک لزم خرق الإجماع ، إذ الناس بین قائل بوجوب التأخیر إلی آخر الوقت ، وبجواز الصلاة فی أوّل الوقت.

ورابعاً : إنّ الله تعالی أوجب الطهارة المائیة ، وجعل التیمم بدلاً عند الفقدان ، وإنّما یعلم الفقدان عند التضیق ، إذ قبله یجوز وجود الماء ، ومع الجهل بالشرط لا یثبت العلم بالمشروط یعنی جواز التیمم.

ثم قال رحمه الله : وأمّا تسویغ التیمم فی أوّل الوقت مع العلم بانتفاء

ص: 96


1- المائدة : 6.

الماء فی جمیع الوقت فلأنّ المقتضی موجود ، وهو الأمر بإیقاع الصلاة فی أوّل وقتها ، والمانع وهو إمکان وجود الماء مفقود ، فیثبت الحکم (1). انتهی کلامه ملخصا.

وفی نظری القاصر أنّه محل تأمّل ، أمّا الأوّل : فلما قدّمناه فی الروایتین من إمکان الحمل علی الاستحباب وظهور أماراته.

وأمّا الثانی : فما قاله من وجوب الإعادة یتم لو کان الوجوب متحققا ، والحال أنّ احتمال الاستحباب فی الإعادة قائم ، لوجود المعارض ، وقد قدّمنا ذلک أیضاً ، والعجب منه رحمه الله أنّه إذا کان یوافق علی مضمون صحیح یعقوب الدال علی عدم الإعادة بعد الوقت فکیف یحکم بوجوب الإعادة علی تقدیر عدم جواز التیمم ، ویخص ذلک بالوقت.

وأمّا الثالث : فما ذکره من الإجماع المرکب لو تم لا یثبت مدّعاه ، إذ غایته عدم اجتماع الطلب والصلاة ، والقائل بوجوب الطلب مجموع الوقت منتف کما صرح به.

نعم احتمل کون الطلب المستمر خاصا ، وقول ابن الجنید لا یدل علیه وقد اختاره ، فالدلیل لا ینطبق علی المدعی إلاّ بتقدیر أن یوجد جواب الاعتراض فی جملة الدلیل ، ویخرج به عن ظاهر قول ابن الجنید.

وأمّا الرابع : فما قاله من الأدلة علی جواز التقدیم مع الیأس یعارضه ، فإن الأمر بإیقاع الصلاة فی أوّل الوقت موجود علی وجه یتناول واجد الماء وفاقده فی أوّل الوقت ، فقوله : إنما یعلم شرط الانتقال إلی البدل عند التضیق. محل البحث ، إذ هو فی کل آن من آناء الزمان بعد

ص: 97


1- المختلف 1 : 253.

دخول الوقت مخاطب بالصلاة أمّا بالوضوء إن وجد الماء أو بالتیمم مع فقده ، وما دل علی الطلب یجوز أن یحمل علی ذلک ، سوی الخبر المتضمن لقوله : « ما دام فی الوقت » وإذا رجعنا إلی الخبر لا حاجة إلی هذا الدلیل ، والله سبحانه الهادی إلی سواء السبیل.

إذا عرفت هذا فما قاله الشیخ فی دفع التنافی قد تقدّم القول فیه بما یغنی عن الإعادة.

قوله :

باب من دخل فی الصلاة بتیمم ثم وجد الماء.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی ، قال : حدثنی محمد بن سماعة ، عن محمد بن حمران ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال ، قلت له : رجل تیمم ثم دخل فی الصلاة وقد کان طلب الماء فلم یقدر علیه ثم یؤتی بالماء حین یدخل فی الصلاة قال : « یمضی فی الصلاة ، واعلم أنّه لیس ینبغی لأحد أن یتیمم إلاّ فی آخر الوقت ».

فأمّا ما رواه محمد بن یعقوب ، عن الحسین بن محمد ، عن معلّی بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن عاصم ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل لا یجد الماء فیتیمم ویقوم فی الصلاة فجاء الغلام فقال : هو ذا الماء؟ فقال : « إن کان لم یرکع فلینصرف ولیتوضّأ ، وإن کان رکع فلیمض فی صلاته ».

ورواه الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان بن

من دخل فی الصلاة بتیمّم ثمّ وجد الماء

اشارة

ص: 98

عثمان ، عن عبد الله بن عاصم مثله.

ورواه محمد بن علی بن محبوب ، عن الحسن بن الحسین (1) اللؤلؤی ، عن جعفر بن بشیر ، عن عبد الله بن عاصم مثله.

فالأصل فی هذه الروایات الثلاثة واحد وهو عبد الله بن عاصم ، ویمکن أن یکون الوجه فی هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والإیجاب ، ویمکن أیضا أن یکون الوجه فیه أنّه یجب علیه الانصراف إذا کان دخل فی الصلاة فی أوّل الوقت ، لأنا قد بیّنا أنّه لا یجوز التیمم إلاّ فی آخر الوقت فلذلک وجب علیه الانصراف.

السند :

فی الأوّل : قد تکرر القول فی رجاله سوی محمد بن سماعة ، والنجاشی ذکر ما هذا لفظه : محمد بن سماعة بن موسی - إلی أن قال - : والد الحسن وإبراهیم وجعفر ، وجدّ معلی بن الحسن ، وکان ثقة فی أصحابنا وجها (2). وهذا وإن أوهم أنّ التوثیق لمعلّی إلاّ أنّ الاعتبار ینفیه کما ذکرناه فی مواضع.

وقد اتفق للعلاّمة فی الخلاصة أنّه ذکر الحسن بن محمد بن سماعة الکندی الواقفی ، ثم قال : ولیس محمد بن سماعة أبوه من ولد سماعة بن مهران (3).

وأصل هذا الکلام من الکشی بهذه الصورة : حدثنی حمدویه ، عن

بحث حول محمّد بن سماعة والحسن بن سماعة

ص: 99


1- فی الاستبصار 1 : 167 / 578 : الحسین بن الحسن.
2- رجال النجاشی : 329 / 890.
3- خلاصة العلاّمة : 212 / 2.

الحسن بن موسی ، قال : کان ابن سماعة واقفیا ، وذکر أنّ محمد بن سماعة لیس من ولد سماعة بن مهران ، له ابن یقال له : الحسن بن سماعة واقفی (1).

وأنت خبیر بأنّ الکلام لا یخلو من إجمال ، إذ الظاهر منه أنّ الذاکر الحسن بن موسی الخشاب ، لکن قوله : له ابن یقال له الحسن بن سماعة ، محتمل لأن یعود ضمیر « له » لسماعة بن مهران فیکون له ابن واقفی ، وهذا غیر المذکور فی النجاشی وأنّه واقفی (2) ، ویحتمل أن یعود الضمیر لمحمد ابن سماعة. غیر أنّ ابن مهران (3) وهو الواقفی یقال له الحسن بن سماعة ، لا الحسن بن محمد بن سماعة دائماً ، فأراد الحسن بن موسی التنبیه علی ذلک ، وهذا هو الظاهر ، إلاّ أنّ نقل العلاّمة له لیس علی ما ینبغی حینئذ ، بل المهم بیان أنّه یقال له الحسن بن سماعة والحسن بن محمد بن سماعة ، فالرجل واحد واقفی.

وفی السند أیضا محمد بن حمران ، وفی کتب الرجال اثنان ، أحدهما ثقة وهو النهدی ذکره النجاشی (4) ، والآخر مهمل (5) ، إلاّ أنّ الظاهر مع التعدد إرادة الأوّل ، لما یظهر من المحقق فی المعتبر أنّه حکم بصحة روایة محمد بن حمران غیر أنّه اتفق له ما یقتضی تعدیل عبد الله بن عاصم (6) ، ولم أقف علی ذلک فی الرجال لکن فی کلامه نوع احتمال کما سنذکره إن

بحث حول محمّد بن حمران

إشارة إلی حال عبدالله بن عاصم

ص: 100


1- رجال الکشی 2 : 768 / 894.
2- رجال النجاشی : 40 / 84.
3- المراد به هو ابن سماعة بن مهران.
4- رجال النجاشی : 359 / 965.
5- راجع منهج المقال : 294.
6- المعتبر 1 : 400.

شاء الله.

وأمّا الثانی : فالطرق کلها غیر سلیمة ، فالأوّل : بالمعلی ، وعبد الله سمعت ما فیه ، والوشاء قدمنا فیه الکلام (1).

والثانی : فیه القاسم بن محمد الجوهری وقدّمنا حاله (2).

والثالث : فیه عبد الله بن عاصم ؛ أمّا الحسن ابن الحسین اللؤلؤی فلیس القدح فیه إلاّ ممّا نقله الشیخ عن ابن بابویه من تضعیفه (3) ، وأظنه أخذ ذلک من استثنائه من روایة محمد بن أحمد بن یحیی ، والاستثناء لا یدل علی الضعف ، والنجاشی قد وثّقه (4).

والعجب أنّ شیخنا قدس سره قال فی المدارک : إنّ الروایة مرویة فی التهذیب (5) بثلاث طرق أقربها إلی الصحة ما رواه عن محمد بن علی بن محبوب وذکر الطریق ، ثم قال : وفی الحسن بن الحسین اللؤلؤی توقف وإن وثّقه النجاشی لقول الشیخ : إنّ ابن بابویه ضعفه (6) ، والحال أنّ عبد الله بن عاصم لم نر توثیقه ولا مدحه فی الرجال ، سوی ما سنذکره عن المحقّق.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی أنّ مجرّد الدخول فی الصلاة کاف فی

إشارة إلی حال المعلی بن محمّد

بحث حول الحسن بن الحسین اللؤلؤی

ص: 101


1- فی ص 111.
2- فی ص 129.
3- رجال الطوسی : 469 / 45.
4- رجال النجاشی : 40 / 83.
5- التهذیب 1 : 204 / 591 593 ، الوسائل 3 : 381 أبواب التیمم ب 21 ح 2.
6- مدارک الأحکام 2 : 246.

المضی ، وله نوع دلالة علی عدم اعتبار ضیق الوقت فی جواز التیمم کما یعرف بالتأمّل فی مضمونه ، کما أنّ فی قوله : وقد کان طلب الماء ثم یؤتی إلی آخره ، دلالة علی أنّ الطلب یکفی فیه ما أمکن من الوقت.

وقوله : « واعلم » إلی آخره ، قد بینا فیما سبق تأییده للاستحباب.

ثم إنّ الخبر حجة من قال بأنّ الدخول فی الصلاة ولو بتکبیرة الإحرام یقتضی الاستمرار فی الصلاة بتیمم کما حکاه بعض الأصحاب ، غیر أنّ من جملة القائلین السید المرتضی (1) ، وابن إدریس (2) واعتمادهم علی الأصل فی الاستدلال کما نقل أیضاً علی الإجمال.

والثانی : ینقل عن الشیخ العمل بمضمونه فی النهایة ، وکذلک عن ابن أبی عقیل وابن بابویه والمرتضی فی شرح الرسالة (3) ، والشیخ کما تری هنا ذکر فیه الحمل علی الاستحباب أوّلاً ، وکأنّ مراده أنّ الرجوع قبل الرکوع مستحب وبعده یتعین المضیّ.

وقد یشکل بأنّ الظاهر من الروایة الأُولی وجوب المضی بعد الدخول فی الصلاة ، فلو حملت الثانیة علی الاستحباب لا یتم الوجوب فی الاولی ، بل یراد استحباب المضی وإن کان القطع أرجح ، وظاهر کلام الشیخ یأبی هذا ، إلاّ أنّه قابل للتسدید.

وأمّا الوجه الثانی فلا ینبغی ذکره فی المقام ، لأنّ الدخول إذا کان فی أوّل الوقت وجب القطع سواء کان الوجدان قبل الرکوع أو بعده ، والحال أنّ الروایة تضمنت التفصیل.

ص: 102


1- حکاه عن مسائل خلافه فی السرائر 1 : 140 ، والمختلف 1 : 275.
2- السرائر 1 : 140.
3- نقله عنهم فی المدارک 2 : 245 ، وهو فی النهایة : 48 والفقیه 1 : 58 والمقنع : 9.

وفی المعتبر : روایة ابن حمران أرجح من وجوه : منها : أنّه أشهر فی العلم والعدالة من عبد الله بن عاصم والأعدل مقدم ؛ ومنها : أنّه أخفّ وأیسر ، والیسر مراد الله ، ومنها : أنّ مع العمل بروایة محمد یمکن العمل بروایة عبد الله بالتنزیل علی الاستحباب ، ولو عمل بروایته لم یکن لروایة محمد محمل (1). انتهی.

ولا یخفی دلالة الکلام بظاهره علی عدالة عبد الله بن عاصم ، وکأنّ شیخنا قدس سره [ لذلک (2) ] قال : إنّ الروایة أقرب إلی الصحة (3).

أمّا ما قاله : من أنّ مع العمل بروایة محمد ، إلی آخره. ففی نظری القاصر أنّه محل تأمّل ، لأنّا إذا عملنا بروایة عبد الله یمکننا أن نحمل روایة محمد علی استحباب المضیّ ، لکن القطع أکمل ، علی أنّ العمل بروایة محمد لا یخلو من إجمال ، فإن أُرید به العمل بظاهرها من وجوب المضی لم یتم استحباب القطع قبل الرکوع ، وإن حملت علی استحباب المضی بعد الدخول اتحد القول.

نعم یؤیّد روایة محمد الأصل.

وذکر شیخنا قدس سره أنّ من مؤیّداتها ما رواه الشیخ فی الصحیح ، عن زرارة ومحمد بن مسلم قال ، قلت له : رجل لم یصب الماء وسیأتی عن قریب إن شاء الله قال قدس سره : فإنّ التعلیل فی آخرها یدل علی وجوب المضی فی الصلاة مع الدخول فیها ولو بتکبیرة الإحرام (4). وستسمع إن

وجوه الجمع بین روایة محمّد بن حمران وروایة عبدالله بن عاصم

ص: 103


1- المعتبر 1 : 400.
2- فی النسخ : کذلک ، والظاهر ما أثبتناه.
3- مدارک الأحکام 2 : 246.
4- مدارک الأحکام 2 : 246.

شاء الله الکلام علی هذه الروایة.

والعجب من العلاّمة فی المختلف أنّه قال فی هذه المسألة فی باب التیمم - بعد أن نقل عن ابن أبی عقیل ما یقتضی الفرق بین الوجدان قبل الرکوع وبعده - : ونحن قد تردّدنا فی کتاب التحریر فی هذین الاحتمالین ، وجه النقض أنّه متمکن عقلاً من استعمال الماء ، ومنع الشرع من [ إبطال ] (1) الصلاة لا یخرجه عن التمکّن العقلی ، فإنّ التمکن صفة حقیقیة لا تتغیر بالأمر الشرعی والنهی ، والحکم معلق علی التمکن ؛ ووجه عدمه أنّه غیر متمکن من استعمال الماء شرعاً ، فإنّ الشرع نهاه عن إبطال الصلاة ، فنقول حینئذ : تیمّمه إمّا أن ینتقض أو لا ، والأوّل باطل ، وإلاّ وجب علیه الإعادة من رأس ، والثانی هو المطلوب ، وبالجملة نحن فی هذه المسألة من المتوقّفین (2). انتهی.

وأنت خبیر بما فی الکلام ممّا یغنی عن توضیحه.

ونقل عن المنتهی أنّ فیه الجواب عن روایتی زرارة الآتیة وعبد الله ابن عاصم بالحمل علی الاستحباب ، أو علی أنّ المراد بالدخول فی الصلاة الشروع فی المقدمات کالأذان ، وبقوله : « ما لم یرکع » ما لم یتلبّس بالصلاة ، وبقوله : « وإن کان رکع » الدخول فیها (3).

ولا یخفی ما فی الجواب ، وإمکان حمل المطلق من الدخول علی المقید لا ریب فیه ، وروایة زرارة سیأتی أنّها لا تنافی روایة ابن عاصم.

ص: 104


1- فی النسخ : إکمال ، وما أثبتناه من المصدر.
2- المختلف 1 : 288 وهو فی التحریر 1 : 22.
3- نقله عنه فی المدارک 2 : 247 وهو فی المنتهی 1 : 155.

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن علی بن السندی ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : سألته عن رجل صلّی رکعة علی تیمّم ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء ، قال : « یقطع الصلاة ویتوضّأ ثم یبنی علی واحدة ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی من إذا صلّی رکعة وأحدث ما ینقض الوضوء ساهیاً وجب علیه أن یتوضّأ ویبنی ، ولو کان لم یحدث لما وجب علیه الانصراف ، بل کان علیه أن یمضی فی صلاته ، ولا یمکن أن یقال : فی هذا الخبر ما قلناه فی غیره من أنّه إنما یجب علیه الوضوء ، لأنّه قد دخل فیها قبل آخر الوقت ، لأنّه لو کان کذلک لما جاز له البناء ووجب علیه الاستئناف.

والذی یدل علی جواز ما قلناه إذا أحدث ساهیاً :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم قال ، قلت له : فی رجل لم یصب الماء وحضرت الصلاة فتیمم وصلّی رکعتین ثم أصاب الماء ، أینقض الرکعتین أو یقطعهما ویتوضّأ ثم یصلّی؟ قال : « لا ، ولکنّه یمضی فی صلاته ولا ینقضهما لمکان أنّه دخلها وهو علی طهر وتیمم » قال : زرارة فقلت : له دخلها وهو متیمم فصلّی رکعة وأحدث فأصاب ماءً؟ قال : « یخرج ویتوضّأ ویبنی علی ما مضی من صلاته التی صلّی بالتیمم ».

ص: 105

السند :

فی الأوّل فیه علی بن السندی ، وهو مجهول الحال ( وفی بعض نسخ الکشی علی بن السدی وهو الذی یقال له علی بن إسماعیل (1) واشتبه أمره علی العلاّمة کما قدّمناه ) (2).

والثانی لا ارتیاب فیه.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی البناء علی الواحدة بعد الوضوء ، فلو فرض انعقاد الإجماع علی نفی مضمونه أمکن أن یقال : إنّ لفظ البناء قد یجوّز فیه بإرادة فعل الواحدة ثانیاً.

أمّا حمل الشیخ ففیه : أوّلاً : أنّ الخبر تضمن أنّه یقطع الصلاة فلو کان أحدث لما احتاج إلی قوله : « یقطع الصلاة ».

وثانیاً : أنّ قید النسیان لیس فی الخبر الذی استدل به ، ولو وجّه بأنّ العمد لا یتصور فیه البناء (3) أمکن أن یقال : إنّ الواسطة (4) موجودة وهی النسیان.

ولا یبعد توجیه الأوّل بأنّ القطع یحمل علی وجه لا ینافی ما ذکرناه.

أمّا ما قد یقال من أنّ الخبر الذی استدل به تضمن ما ینافی ما قدّمه من اعتبار الدخول فی الصلاة أو الرکوع ؛ ففیه : أنّ الخبر لا ینافی ذلک ، لأنّ

علی بن السندی مجهول

توجیه ما دلّ علی أنّ من صلّی رکعة بتیمّم ثم وجد الماء یقطع الصلاة فیتوضّأ ثم یبنی علی ما مضی

ص: 106


1- رجال الکشی 2 : 860 / 1119.
2- ما بین القوسین لیس فی « د ». راجع ج 1 : 331 وج 2 : 224.
3- فی « فض » زیادة : لدعوا.
4- فی « رض » و « د » زیادة : معه.

من صلّی رکعتین فقد تحقق منه الرکوع والدخول ، وذکره فی کلام السائل لا یدل علی التخصیص کما نبّهنا علیه مراراً ، ولا ریب فی دلالة التعلیل علی أنّ مجرد الدخول فی الصلاة کاف ، فیؤید ما دل علی الاکتفاء به وهی روایة محمد بن حمران ، وقد روی الشیخ عن زرارة نحو ما رواه هنا أیضاً (1).

وأجاب العلاّمة فی المختلف عن الروایتین بحمل الرکعة علی الصلاة إطلاقاً لاسم الجزء علی الکل ، قال ، وقوله : « یخرج ویتوضّأ ثم یبنی علی ما مضی من صلاته » إشارة إلی الاجتزاء بتلک الصلاة السابقة علی وجدان الماء (2) ، وأنت خبیر بما فی الجواب من التکلف.

وفی المعتبر قال المحقق - بعد نقله عن الشیخین القول بالبناء - : وما قالاه حسن ، لأن الإجماع علی أنّ الحدث عمداً یبطل الصلاة ، فیخرج من إطلاق الروایة ، ویتعیّن حملها علی غیر صورة العمد ، لأنّ الإجماع لا تصادمه الروایة ، ولا بأس بالعمل بها علی الوجه الذی ذکره الشیخان فإنّها روایة مشهورة (3). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّه یتوجه علیه أنّ الإجماع کیف یتحقق فی المقام حتی یقول : إنّ الروایة لا تصادمه ، وکیف یتکلم علی دعوی الشیخ الإجماع ، ولعلّ المحقق عنده فرق بین المواضع ، وهو أعلم بالحال.

قال :

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن موسی بن سعدان ، عن الحسین بن أبی العلاء ، عن المثنی ، عن

ص: 107


1- التهذیب 1 : 203 / 589 ، الوسائل 3 : 366 أبواب التیمم ب 14 ح 3.
2- المختلف 1 : 282.
3- المعتبر 1 : 407 وهو فی المقنعة : 61 والنهایة : 48.

الحسن (1) الصیقل قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل تیمم ثم قام فصلّی فمرّ به نهر وقد صلّی رکعة ، قال : « فلیغتسل ویستقبل الصلاة » فقلت له : إنّه قد صلّی صلاته کلها ، قال : « لا یعیدها ».

فهذا الخبر یمکن حمله علی أنّه کان قد دخل فی الصلاة قبل آخر الوقت فوجب علیه أن یستأنف علی ما قلناه ، ویحتمل أیضاً أن یکون محمولا علی ضرب من الاستحباب.

السند :

فیه موسی بن سعدان ، والنجاشی ذکر موسی بن سعدان الحناط (2) ، وأنّه ضعیف فی مذهبه غلوّ (3) ؛ والشیخ فی الفهرست ذکره مهملا (4).

وأمّا الحسین بن أبی العلاء فقد قدمنا فیه قولا (5) ، والحاصل أنّ النجاشی قال : الحسین بن أبی العلاء الخفاف أبو علی الأعور مولی بنی أسد ، ذکر ذلک ابن عقدة - إلی أن قال - : وقال أحمد بن الحسین رحمه الله : هو مولی بنی عامر وأخواه علی وعبد الحمید ، روی الجمیع عن أبی عبد الله علیه السلام ، وکان الحسین أوجههم (6).

وقد استفاد بعض توثیق الرجل من قول النجاشی : وکان الحسین أوجههم. لأنّ عبد الحمید ثقة ، والأوجه من الثقة یکون ثقة (7) ؛ ولا یخلو

بحث حول موسی بن سعدان

بحث حول الحسین بن أبی العلاء

ص: 108


1- فی « فض » و « د » : الحسین.
2- فی « فض » : الخیاط.
3- رجال النجاشی : 404 / 1072.
4- الفهرست : 162 / 703.
5- فی ص 109.
6- رجال النجاشی : 52 / 117.
7- منهج المقال : 110.

من تأمّل ، لأنّ الوجاهة لا تلازم الثقة (1). أمّا احتمال أن یقال : إنّ القول بأنّ الحسین أوجههم یحتمل أن یکون من أحمد بن الحسین وهو ابن الغضائری وحاله غیر معلوم ، ففیه : أنّ الظاهر من کلام النجاشی فی ذکر قول أحمد إرادة أنّه لیس مولی بنی أسد کما قاله ابن عقدة.

وقد حکی ابن داود فی کتابه ما هذه صورته : وقد حکی سیدنا جمال الدین رحمه الله فی البشری تزکیته (2). ولا یخفی علیک حقیقة الحال.

أمّا المثنی ففیه اشتراک (3).

و [ الحسن (4) ] الصیقل فیه جهالة.

المتن :

ما ذکره الشیخ فیه أوّلاً لا یتم ، لأنّ آخره یدل علی أنّه لو وجد الماء بعد الفراغ لا یعید ، فلو حمل علی أنّه تیمم فی أوّل الوقت کان اللازم الإعادة مطلقا.

وما ذکره ثانیاً من الاستحباب غیر واضح ، لأنّ الاستحباب إن أُرید به استحباب القطع بعد صلاة الرکعة فالأخبار السابقة قد تضمن بعضها المضی بعد الرکوع ، والشیخ فیما تقدم حمل الخبر علی الاستحباب ، والظاهر منه الاستحباب فیما قبل الرکوع ، وعلی مقتضی کلامه هنا أنّ القطع بعد الرکوع أیضاً مستحب ، ولا یخلو من غرابة ، إلاّ أنّ التوجیه ممکن عند الشیخ ،

المثنی مشترک

الحسن الصقیل مجهول

المناقشة فی توجیه الشیخ لروایة الحسن الصقیل

ص: 109


1- فی « رض » و « د » زیادة : ألا تری أنّه قال : أوجه أخویه ، وفیهما غیر ثقة.
2- رجال ابن داود : 79 / 468.
3- هدایة المحدثین : 136.
4- فی النسخ : الحسین ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 168 / 581.

وبالجملة فکلام الشیخ فی الجمع لا یخلو من اضطراب ، والله تعالی أعلم بالصواب.

باب الرجل تصیب ثوبه الجنابة

ولا یجد الماء لغسله ولیس معه غیره

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن علی بن محبوب ، عن أحمد ، عن الحسین ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل یکون فی فلاة من الأرض فأجنب ولیس علیه إلاّ ثوب فأجنب فیه ولیس یجد الماء قال : « یتیمم ویصلی عریانا قائما یومئ إیماءً ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عبد الحمید ، عن سیف بن عمیرة ، عن منصور بن حازم ، قال : حدّثنی محمد بن علی الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة ولیس علیه إلاّ ثوب واحد وأصاب ثوبه منی ، قال : « یتیمم ویطرح ثوبه ویجلس مجتمعا فیصلّی فیومئ إیماءً ».

فالوجه فی الجمع بین الخبرین أنّه إذا کان بحیث لا یری أحد عورته صلّی قائماً ، وإذا لم یکن کذلک صلّی من قعود ، وقد روی الخبر الأوّل محمد بن یعقوب بإسناده وقد ذکرناه فی کتابنا الکبیر فقال : « یصلّی قاعداً » وعلی هذه الروایة لا تعارض بینهما علی حال.

الرجل تصیب ثوبه الجنابة ولایجد الماء لغَسله ولیس معه غیره

اشارة

ص: 110

السند :

فی الأوّل موثق علی ما تقدم ، وأحمد فیه : ابن محمد بن عیسی ، والحسین : ابن سعید ، والحسن : أخوه ، لأنّه یروی عن زرعة بواسطته ، والإضمار فیه لا یضرّ بالحال لو سلم من غیره کما سبق بیانه.

والثانی لا ارتیاب فیه إلاّ من جهة محمد بن عبد الحمید ، فقد کرّرنا فیه ما حاصله أنّ النجاشی قال : محمد بن عبد الحمید بن سالم العطار أبو جعفر ، روی عبد الحمید عن أبی الحسن موسی ، وکان ثقة من أصحابنا الکوفیین له کتاب نوادر (1).

وقد توقف جدّی قدس سره فی توثیق محمد من هذه العبارة لاحتمالها توثیق الأب (2) ، ووافقه علی ذلک شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب ، فقال : إنّ الروایة قاصرة السند بمحمد بن عبد الحمید فإنّ فی توثیقه توقفاً.

والظن الغالب أنّ التوثیق لمحمد ، لأنّ العنوان له وإنّما ذکر الأب بالعارض ، ویؤیّده قوله : له کتب ، وقد سبق عن قریب ذکر هذا الاحتمال فی محمد بن سماعة (3) وإن کان الظن انتفاءه ، إلاّ أنّ شیخنا قدس سره غیر مرتاب فی صحة تلک الروایة (4) ، والعلّة واحدة ، وبالجملة فوقوع هذا من النجاشی کثیر ، وقد أوضحت الحال فیه فی مواضع.

وأمّا سیف بن عمیرة فلا ارتیاب فیه ، وقول محمد بن شهرآشوب :

تفسیر قول الشیخ : عن أحمد ، عن الحسین ، عن الحسن

بحث حول محمّد بن عبدالحمید

سیف بن عمیرة لا ارتیاب فیه

ص: 111


1- رجال النجاشی : 339 / 906.
2- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 22.
3- فی ص 803.
4- المدارک 2 : 245.

إنّه واقفی (1) ، لا یثبت حکماً مع عدم معلومیة حال الجارح.

المتن :

فی الأوّل ظاهر الدلالة علی الصلاة عریاناً ( قائماً بالإیماء ) (2) ، والثانی : موافق له فی نزع الثوب والإیماء ومخالف له من جهة الجلوس علی روایة الشیخ ، وما أشار إلیه من روایة محمد بن یعقوب فقد رواه الشیخ فی التهذیب عن محمد بن یعقوب ، عن جماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن أخیه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، وذکر المتن بمغایرة سهلة ، إلی أن قال : « ویصلّی عریاناً قاعداً ویومئ » (3).

وما قاله الشیخ فی الجمع بین الخبرین لم یذکر ما یدل علیه ، وبدونه قد یتوجه احتمال التخییر بین القیام والجلوس علی تقدیر عدم الروایة ، علی أنّ عدم تعرضه لبیان عدم الالتفات إلی روایة الکلینی غیر ظاهر الوجه.

وقد روی فی زیادات الصلاة من التهذیب ما یدل علی التفصیل الذی ذکره ، فالعجب من عدم تعرّضه له ، وهو : ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن مسکان ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام : فی الرجل یخرج عریانا فتدرکه الصلاة ، قال : « یصلّی عریاناً قائماً إن لم یره أحد ، فإن رآه أحد صلّی جالساً » (4).

الجمع بین روایة سماعة وروایة الحلبی

ص: 112


1- معالم العلماء : 56.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- التهذیب 2 : 223 / 881 ، الوسائل 3 : 486 أبواب النجاسات ب 46 ح 1.
4- التهذیب 2 : 365 / 1516 ، الوسائل 4 : 449 أبواب لباس المصلی ب 50 ح 3.

ولا یخفی حال سند الحدیث ، فإثبات تعیّن القیام مع الأمن من المطّلع مشکل بعد صحة روایة محمد (1) الحلبی.

ویؤیّدها ما رواه الشیخ فی زیادات الصلاة من التهذیب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة قال ، قلت لأبی جعفر علیه السلام : رجل خرج من سفینة عریاناً أو سلب ثیابه ولم یجد شیئاً یصلّی فیه ، فقال : « یصلّی إیماءً ، وإن کانت امرأة جعلت یدها علی فرجها ، وإن کان رجلاً وضع یده علی سوأته ثم یجلسان فیومئان إیماءً ، ولا یرکعان ولا یسجدان » الحدیث (2). ونحوه ( من الأخبار ) (3).

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن الشیخ القول بأنّ من لیس معه إلاّ ثوب واحد نجس وتعذّر تطهیره ینزعه ویصلّی عریاناً مومئاً (4) ، وأنّه استدل بهاتین الروایتین. وینقل عن ابن الجنید أنّ الصلاة فی الثوب أحبّ إلیه من الصلاة عریاناً (5). وعن المعتبر والمنتهی التخییر من غیر ترجیح (6).

وفی المختلف : لو کان معه ثوب واحد وأصابه نجاسة ولم یتمکّن من غسله نزعه وصلّی عریاناً ، فإن لم یتمکن من نزعه صلّی فیه ، فاذا وجد الماء غسله ، وهل یعید الصلاة أم لا؟ قال الشیخ یعید ، إلی آخره (7).

ص: 113


1- لفظة : محمد ، لیست فی « رض ».
2- التهذیب 2 : 364 / 1512 ، الوسائل 4 : 449 أبواب لباس المصلی ب 50 ح 6.
3- فی « فض » و « د » : أیضاً من أخبار.
4- نقله عنه فی المنتهی 1 : 182 وهو فی المبسوط 1 : 38 ، والخلاف 1 : 398 ، والنهایة : 55.
5- نقله عنه فی المختلف 1 : 330.
6- نقله عنهما فی المدارک 2 : 360 وهو فی المعتبر 1 : 445 ، والمنتهی 1 : 182.
7- المختلف 1 : 328.

وهذا الکلام یعطی أنّ الخلاف فی إعادة الصلاة ، لکنّه نقل بعد هذا ما ذهب إلیه فی المنتهی من التخییر.

قال :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد الحلبی ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یجنب فی الثوب أو یصیبه بول ولیس معه ثوب غیره قال : « یصلّی فیه إذا اضطرّ إلیه ».

وقد روی علی بن جعفر ، عن أخیه [ موسی علیه السلام (1) ] قال : سألته عن رجل عریان وحضرت الصلاة فأصاب ثوباً نصفه دم أو کلّه ، یصلّی فیه أو یصلی عریاناً ، فقال : « إن وجد ماءً غسله ، وإن لم یجد [ ماءً (2) ] صلّی فیه ولم یصلّ عریاناً ».

وروی سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن علی بن الحکم ، قال ، سألته عن الرجل یجنب فی ثوب ولیس معه غیره ولم یقدر علی غسله ، قال : « یصلّی فیه ».

فلا تنافی بین هذه الأخبار وبین الأخبار الأولة ، لأنا نحمل هذه الأخبار علی حال لا یمکن نزع الثوب فیها من ضرورة ، ومع ذلک إذا تمکّن من غسل الثوب غسله وأعاد الصلاة ، یدل علی ذلک :

ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار

ص: 114


1- ما بین المعقوفین أثبتناه من الاستبصار 1 : 169 / 585.
2- زیادة من الاستبصار 1 : 169 / 585.

الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام : أنّه سئل عن رجل لیس علیه إلاّ ثوب ولا یحل له الصلاة فیه ولیس یجد ماءً یغسله کیف یصنع؟ قال : « یتیمم ویصلی فإذا أصاب ماءً غسله وأعاد الصلاة ».

السند :

فی الأوّل القاسم بن محمد وقد تکرر فیه القول بأنّه الجوهری (1) ، لأن الراوی عنه الحسین بن سعید فی رجال الشیخ فیمن لم یرو (2) ، والحاصل أنّ الرجل مذکور مهملاً فی النجاشی (3). والشیخ قال : إنّه واقفی فی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه (4) ، مع أنّه ذکره فی من لم یرو مهملا ، وربما یعطی ذلک التعدد ، وأنّ الواقفی غیر من یروی عنه الحسین ، إلاّ أنّ الاعتبار فی کتاب الشیخ لا یساعد علی هذا بل ینفیه ، وحال الشیخ فی الرجال لا یخلو من غرابة.

وفی الکشی قال نصر بن الصباح : القاسم بن محمد الجوهری لم یلق أبا عبد الله وهو مثل ابن أبی غراب قالوا : إنّه کان واقفیا (5). ونصر بن الصباح ضعیف فی الرجال (6) ، وعلی تقدیر الاعتماد علیه فالقائلون بالوقف غیر معلومین ، ولعلّ الشیخ استفاد ما قاله من موضع آخر ، والإهمال فیه غیر بعید لما سمعته من کلام النجاشی ، والعلاّمة فی الخلاصة جزم بأنّه

بحث حول القاسم بن محمّد الجوهری

ص: 115


1- راجع ص 129 ، 396 ، 207 ، 531.
2- رجال الطوسی : 490 / 5.
3- رجال النجاشی : 315 / 862.
4- رجال الطوسی : 358 / 1.
5- رجال الکشی 2 : 748 / 853.
6- راجع رجال النجاشی : 428 / 1149 ، ورجال ابن داود : 282 / 532.

واقفی لم یلق أبا عبد الله (1) ، وهو أعلم بالحال.

والثانی : لا ارتیاب فیه ، لأنّ طریق الشیخ إلی علی بن جعفر فی المشیخة عن الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن العمرکی ، عن علی بن جعفر (2). والعجب من شیخنا فی فوائد الکتاب أنّه قال : روایة علی بن جعفر وإن کانت مرسلة هنا لکنها مرویة فی الفقیه بطریق صحیح.

والثالث : لا ارتیاب فیه أیضاً ، لأنّ أبا جعفر هو أحمد بن محمد بن عیسی ، وعلی بن الحکم هو الثقة بتقدیر الاشتراک لروایة أحمد عنه کما فی النجاشی (3).

فإن قلت : ما وجه الاعتماد علی کون أبا جعفر هو أحمد بن محمد ، فإنّ روایة سعد عن أبی جعفر غیره موجودة ، ففی الکافی فی باب مولد الصادق علیه السلام سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر محمد بن عمرو بن سعید (4).

قلت : قد صرّح العلاّمة فی فوائد الخلاصة بما ذکرناه (5) ، والاعتبار والتتبع فی کلام الشیخ یفید الظن بذلک ، وما ذکرته عن الکافی یوجب الریب فی کلام غیر الشیخ ، علی أنّ ما وقع فی الکافی لا یخلو من شی ء ذکرته فی حاشیة التهذیب.

ثم إنّ فی سند الروایة هنا نوع نقص ، لأنّ الشیخ رواها فی التهذیب

طریق الشیخ إلی علی بن جعفر

علی بن الحکم الذی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی هو الثقة

ما المراد بأبی جعفر الذی یروی عنه سعد بن عبدالله؟

ص: 116


1- الخلاصة : 247 / 1.
2- مشیخة الاستبصار ( الاستبصار 4 ) : 340.
3- رجال النجاشی : 274 / 718.
4- الکافی 1 : 475 / 8.
5- الخلاصة : 271 ، الفائدة الثانیة.

عن علی بن الحکم ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، عن أبی عبد الله قال : سألته. (1) ، والنسخ التی رأیتها اشتملت علی ما کتبته (2).

والرابع : موثق تکرّر فیه القول.

المتن :

ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من بُعد بالنسبة إلی الثانی ، أمّا الأوّل فهو صریح فی الاضطرار ، إلاّ أنّه مجمل فی محلّه ، إذ یحتمل الاضطرار إلیه فی اللبس لبرد ونحوه ، أو اضطرّ إلیه لعدم وجود غیره ، والشیخ کما تری حمله علی الاضطرار إلی اللبس ، وسیأتی من الشیخ فی باب عرق الجنب نقل الروایة بطریق لا ریب فیه (3).

ومتنه : قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل أجنب فی ثوبه ولم یکن معه ثوب غیره قال : « یصلّی فیه فإذا وجد ماءً غسله » (4).

وغیر بعید أن یکون محمد الحلبی نقل الأمرین ، إذ من المستبعد ( اختلاف المتن ) (5) بمثل هذا ، فما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ الشیخ أورد روایة الحلبی فی باب عرق الجنب بسند صحیح ومتنها أوضح ممّا نقله هنا. لا یخلو من شی ء.

ثم إنّ مدلول صحیح علی بن جعفر النهی عن الصلاة عاریاً ، وبتقدیر الحمل علی الضرورة فالنهی علی حقیقته ، أمّا علی تقدیر العمل بظاهره

توجیه ما دل علی جواز الصلاة فی الثوب النجس

ص: 117


1- التهذیب 2 : 224 / 885 ، الوسائل 3 : 485 أبواب النجاسات ب 45 ح 6.
2- فی « فض » : کتبه.
3- یأتی فی ص 286 288.
4- التهذیب 1 : 271 / 799 ، الوسائل 3 : 447 أبواب النجاسات ب 27 ح 11.
5- فی « رض » : خلاف الأمرین.

نظراً إلی عدم صحة المعارض إن لم یثبت توثیق محمد بن عبد الحمید ، فالنهی محمول علی غیر ظاهره ، إذ الإجماع مدعی علی جواز الصلاة عاریاً (1) ، وإن کان فی مثل هذا الإجماع کلام.

فإن قلت : کیف یدّعی الإجماع والمنقول عن ابن الجنید لا یوافق ذلک (2).

قلت : الظاهر أنّ مراد ابن الجنید بکون الصلاة فیه أحب إلیه : الاستحباب ، فلا ینافی جواز الصلاة عاریاً وإن احتمل أن یرید بالأحب الفتوی بالتعین. هذا.

وللشیخ فی التهذیب بعد نقل الأخبار المذکورة کلام فی الجمع لا یخلو من غرابة ، والحاصل منه أنّه جعل وجه الجمع إمّا الحمل علی صلاة الجنازة أو علی دم السمک فی خبر علی بن جعفر (3) ، ومثل هذا لا ینبغی ذکره فی کتب الحدیث.

ولعلّ الأولی من الشیخ هنا ، أن یذکر خبر محمد بن علی الحلبی دلیلاً علی الجمع الذی ذکره ، لأن الظاهر من الضرورة ذلک.

وأمّا إعادة الصلاة فالخبر الذی ذکره دلیلاً لو صلح للاعتماد أمکن حمله علی مورده من إعادة المتیمم ، وظاهر الشیخ کما تری إعادة المتیمم وغیره ممّن صلّی فی النجس ، وکأنّه لما اعتمد علی الأخبار الدالة علی عدم إعادة المتیمم ( من حیث هو ) (4) إلاّ فی بعض الصور ، والنص مطلق ، فلا بدّ

عدم وجوب الإعادة علی المتیمّم الذی صلّی فی الثوب النجس

ص: 118


1- الخلاف 1 : 398.
2- راجع ص 814.
3- التهذیب 2 : 224.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « د ».

من حمل الإعادة علی جهة نجاسة الثوب.

وربما یقال : إنّ الإعادة علی الاستحباب فی المتیمم ، لمعارضة الأخبار فلا ینحصر الأمر فی النجاسة ( أو علی الاستحباب من جهة النجاسة ) (1) لکن هذا لا یخلو من إشکال ، لأنّ الکلام بتقدیر العمل بالخبر ، ومعه لا معارض له یقتضی الاستحباب. وکون الأمر یقتضی الإجزاء وقد وجد الأمر بالصلاة فیه بل النهی عن الصلاة عاریاً لا ینافی ثبوت الإعادة بدلیل آخر.

وما قاله فی المختلف - من الاستدلال لعدم الإعادة بأنّه أتی بالمأمور به علی وجهه - (2) لا ریب فیه إذا لم نعمل بالروایة.

والحق أنّ الروایة الثانیة عن علی بن جعفر فیها دلالة علی عدم وجوب إعادة الصلاة حیث لم یذکر بعد وجود الماء إلاّ غسل الثوب ، فلو کانت الإعادة واجبة لتعیّن ذکرها ، وحینئذ فحمل خبر عمّار علی الاستحباب واضح ، والعلاّمة فی المختلف تکلّف فی الاستدلال علی سقوط الإعادة بعد ما نقلناه ، لا حاجة إلی نقله.

قوله :

باب کیفیة التیمم

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد بن عیسی ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه سُئل عن التیمم

کیفیّة التیمّم

اشارة

ص: 119


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- المختلف 1 : 328.

فتلا هذه الآیة : ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما ) (1) وقال : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَی الْمَرافِقِ ) (2) امسح علی کفیک من حیث موضع القطع ، وقال تعالی ( وَما کانَ رَبُّکَ نَسِیًّا ) (3) ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی (4) ، عن محمد بن الحسین ، عن صفوان ، عن الکاهلی ، قال : سألته عن التیمم ، قال : فضرب بیده علی البساط فمسح بها وجهه ثم مسح کفّیه إحداهما علی ظهر الأُخری.

الحسین بن سعید ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن بکیر ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن التیمم ، فضرب بیدیه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته وکفّیه مرّة واحدة.

أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن داود بن النعمان ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التیمم فقال : « إنّ عماراً أصابته جنابة فتمعّک (5) کما تتمعّک الدابّة ، فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله وهو یهزأ به یا عمار تمعّکت کما تتمعّک الدابّة » فقلنا له : فکیف التیمم؟ فوضع یدیه علی الأرض ثم رفعهما فمسح وجهه ویدیه فوق الکفّ قلیلا.

السند :

فی الأوّل : واضح الحال بالإرسال ، والإجماع المنقول فی الکشی

ص: 120


1- المائدة : 38.
2- المائدة : 6.
3- مریم : 64.
4- فی الاستبصار 1 : 170 / 589 : عیسی.
5- تمعک : أی جعل یتمرغ فی التراب مجمع البحرین 5 : 288 ( معک ).

علی تصحیح ما یصح عن حماد (1) بتقدیر الاعتماد علی إبراهیم بن هاشم قد تکلّمنا علیه فی أوّل الکتاب (2).

والثانی : فیه الکاهلی وبسببه یدخل فی الحسن ، لأنّ المعروف منه عند الإطلاق عبد الله بن یحیی کما ذکر فی الرجال (3) ، وقد قال النجاشی : إنّه کان وجهاً عند أبی الحسن علیه السلام . وهذه اللفظة من ألفاظ الحسن فی اصطلاح المتأخّرین ، وزاد فی النجاشی أنّ أبا الحسن علیه السلام وصلّی به علی ابن یقطین فقال : « أضمن لی الکاهلی وعیاله أضمن لک الجنة » (4).

والعلاّمة فی الخلاصة نقل عبارة النجاشی ، وزاد فیها : فلم یزل علی بن یقطین یجری لهم الطعام والدراهم وجمیع النفقات مستغنین حتی مات الکاهلی ، ثم قال العلاّمة : ولم أجد ما ینافی مدحه (5).

والزیادة المذکورة من العلاّمة مرویة مع الأصل فی الکشی عن حمدویه بن نصیر ، قال : حدثنی محمد بن عیسی ، قال : زعم ( ابن أخی ) (6) الکاهلی أنّ أبا الحسن علیه السلام قال لعلی بن یقطین : « اضمن لی الکاهلی وعیاله أضمن لک الجنة » فزعم ابن أخیه أنّ علیّاً لم یزل یجری علیهم ... (7).

بحث حول عبدالله بن یحیی الکاهلی

ص: 121


1- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
2- راجع ص 31.
3- کما فی رجال الکشی 2 : 704 / 749 ، ورجال ابن داود : 125 / 918 ، والخلاصة : 108 / 31.
4- رجال النجاشی : 221 / 580.
5- الخلاصة : 109.
6- ما بین القوسین لیس فی المصدر.
7- رجال الکشی 2 : 745 / 841.

ولا یخفی اشتمال السند علی ابن أخیه وهو غیر معلوم الحال ، ولعلّ النجاشی علم حاله أو أخذها من غیر السند.

أمّا العلاّمة فأمره مضطرب ، وربما یصف بعض روایات فیها الکاهلی بالصحة فی المختلف (1) ، إلاّ أن یرید الصحة الإضافیة ، والموجود فیها الکاهلی فی غیر الأخیر من الرواة لا أعلمه الآن.

والثالث : موثق.

والرابع : فیه داود بن النعمان ، والعلاّمة فی الخلاصة قال فیه : ثقة عین (2) ، قال الکشی : عن حمدویه عن أشیاخه أنّه خیر فاضل (3).

والمعهود من العلاّمة أنّه کثیراً ما ینقل عبارة النجاشی ، ولم نجد فی النسخ الموجودة الآن لفظ « ثقة » بل قال : داود بن النعمان أخو علی بن النعمان ، وداود الأکبر روی عن أبی الحسن موسی ، وقیل : أبی عبد الله (4).

ولو لا نقله کلام الکشی لأمکن أن یکون استفاد التوثیق من قوله : خیر فاضل ، فقد عدّ بعض أهل الدرایة من ألفاظ التعدیل هذین اللفظین (5) ، وإن کان فیه کلاما.

وإسناد ذلک إلی أشیاخ حمدویه لا یضر لأنّ الإضافة فیهم تفید العموم وفیهم من هو ثقة لولا ما قدمناه.

وبالجملة : فالمکتفون بتعدیل العلاّمة جازمون بصحة الخبر ، فلیتأمّل.

بحث حول داود بن النعمان

ص: 122


1- المختلف 2 : 527.
2- الخلاصة : 69 / 6.
3- رجال الکشی 2 : 870 / 1141.
4- رجال النجاشی : 159 / 419.
5- منهم الشهید الثانی فی الدرایة : 77.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل بظاهره علی أنّ المسح فی التیمم من موضع القطع ، والمعروف بین الأصحاب أنّ القطع من الأصابع ، علی أنّ ظاهر الروایة أیضاً أنّ المسح علی الکفّ من حیث موضع القطع ، وظاهر الآیة أنّ الید اسم للأصابع فی السرقة ، فالکلام غیر منتظم علی ما أفهمه ، وقد یمکن التوجیه بأنّ الکفّ تعمّ الأصابع بنوع توجیه ، فإذا ثبت مسح الأصابع سهل الأمر ، إلاّ أنّ هذا غیر معروف بین المتأخّرین.

نعم نقل ابن إدریس عن بعض الأصحاب أنّ المسح من أصول الأصابع إلی رُؤوسها (1) ، وفی الخبر دلالة علیه لولا الإرسال ، والعجب من الشیخ حیث لم یتعرض للحدیث ، مع أنّ ظاهره المنافاة فی الجملة ، ولکن غیر العامل به فی راحة من تکلّف التوجیه.

أمّا قوله ( وَما کانَ رَبُّکَ نَسِیًّا ) (2) فالظاهر أنّ الإتیان به لبیان أنّ جمیع الأحکام مذکورة فی القرآن ، فکما أنّ الید المذکورة فی التیمم مجملة یظن منها الإحالة علی ید الوضوء فتمسح من المرافق ، محتملة لأن تکون محالة علی ید السرقة ، غایة الأمر أنّ الاحتمال أیضاً یوجب الإجمال ، والبیان موکول لأهله أصحاب العصمة علیهم السلام ، فأراد الإمام إن کان ذلک من قوله التنبیه علی أنّ الید لها إطلاقات ، فلا تتعین إرادة الید المذکورة فی الوضوء.

وقد یحتمل الخبر أن یکون المراد به أنّ الید تستعمل فی معان ، ففی

توجیه ما دلّ علی أنّ المسح فی التیمّم من موضع القطع

ص: 123


1- السرائر 1 : 137.
2- مریم : 64.

الوضوء إلی المرافق ، وفی السرقة إلی الکفّ ، وفی التیمم نفس الکف ، فیکون علیه السلام أراد تفسیر الید المذکورة فی القرآن ، فید التیمم غیر ید السرقة وغیر ید الوضوء ، ولعلّ هذا الاحتمال لا بعد فیه إذا تأمّل المتأمّل الروایة ، إلاّ أنّ المعروف من المسح فی التیمم من الزند ، وظاهر الروایة البدأة من موضع القطع ، فالمخالفة موجودة فی الروایة علی کل حال.

والثانی : قد تضمن ضرب یده علیه السلام علی البساط وفیه دلالة علی قول من اعتبر الضرب دون الوضع ، ولا یشکل الحال فی الضرب علی البساط ولیس بأرض ، لاحتمال أن یکون هذا للتعلیم لا لکونه عبادة ، ولا یضر وقوع صورة العبادة علی غیر وجهها بتقدیر الاعتماد علی الحدیث ، واحتمال أن یقال : إنّ البساط لا یخلو من غبار ، غیر نافع ؛ لأنّه علیه السلام لم یکن فی حالة تسوِّغ له التیمم ، مضافاً إلی اشتراط الغبار بما تقدم ، وبالجملة فهذا لا وجه له.

وما تضمنه من اعتبار مسح الوجه أحد الأقوال للأصحاب (1) ، إلاّ أنّه بمعارضة ما دل علی الجبهة حُمل علی الاستحباب (2) ، وقد یقال : إنّ المناسب التخییر لمقام التعلیم ، فتأمّل.

فإن قلت : الحامل لِما دل علی الوجه علی الاستحباب لا بدّ من قوله بأنّه أفضل الفردین الواجبین ، وهو معنی التخییر الذی ذکرته.

قلت : الفرق بینهما أنّ اعتبار الجبهة فقط یقتضی قصد الوجوب بمسحها ، وبقیة الوجه مستحبة محضة ، هذا علی احتمال الاستحباب ، وأمّا علی التخییر فجمیع الوجه یقصد به أنّه فرد الواجب لکنّه الأکمل ، وهذا

توجیه ما دلّ علی اعتبار مسح الوجه

ص: 124


1- حکاه عن علی بن بابویه فی المختلف 1 : 267.
2- مدارک الأحکام 2 : 221.

الفرق وإن کان محلّ تأمّل إلاّ أنّ له نوع وجه.

وقد اتفق لشیخنا قدس سره فی المدارک أنّه بعد ذکر الروایات الدالة علی مسح الوجه ، قال : وبهذه الروایات أخذ علی ابن بابویه ، ویمکن الجواب بالحمل علی الاستحباب ، أو علی أنّ المراد بالوجه مسح بعضه ، قال فی المعتبر : والجواب الحق العمل بالخبرین ، فیکون مخیّراً بین مسح الوجه وبعضه (1). انتهی.

وأنت خبیر بأن هذا الکلام من شیخنا قدس سره لا یخلو من إجمال ؛ لأن الاستحباب إن کان هو ما ذکره المحقِّق فی المعتبر من التخییر (2) ، ففیه مع کونه خلاف الظاهر احتمال الفرق ، وإن کان غیره ففیه أنّ الاستحباب فی مسح الوجه لا بدّ من بیانه بأیّ معنی ، فإنّ استحباب جمیع الوجه من أوّل الأمر هو أحد فردی المخیر ، ومسح الوجه بعد مسح الجبهة بقصد الوجوب والباقی بقصد الاستحباب موقوف علی الدلیل ، وأین ما یدل علی هذا التفصیل؟ والحق أنّ التخییر أقرب إلی الاعتبار.

وأمّا ما قیل : من أنّ ما دل علی مسح الجبینین یحمل علی الاستحباب (3) ، کالخبر الآتی فی الباب الذی بعد هذا ، نظراً إلی ما دل علی الجبهة کالخبر المبحوث عنه.

ففی نظری القاصر أنّه غیر تامّ ؛ لأنّ الاستحباب فی هذا المقام لا وجه له ، إذ الفرد الکامل لا یتحقق من حیث إنّ الجبینین لا یتناولان الجبهة ، بخلاف الوجه ، واستحباب غیر الفرد الکامل لا معنی له ، إذ لم یتحقق

ص: 125


1- المدارک 2 : 221.
2- المعتبر 1 : 386.
3- روض الجنان : 126.

واجب یکون غیره مستحباً معه فی الخبر الدال علی الجبینین کما ستسمعه ، فالأولی أن یقال بالتخییر فی الجمع.

فإن قلت : یجوز أن یکون مسح الجبینین فرداً کاملاً وإن لم یدخل فیه الجبهة.

قلت : لا ریب فی الجواز إنّ تحقق ما یدل علی کماله ، والکلام فیه ، وبالجملة فالمقام من مزالّ الأقدام.

فإن قلت : ما أشرت إلیه من دلالة الخبر علی الضرب له شواهد من الأخبار ، کما أنّ ما دل علی الوضع موجود کما یأتی فی خبر داود فکیف التوفیق؟.

قلت : قد ذکر شیخنا قدس سره فی المدارک بعد ذکر ما دل علی الضرب ما هذا لفظه : ولا ینافی ذلک ما ورد فی بعض الأخبار المتضمنة لوصف تیمم النبی صلی الله علیه و آله ، من أنّه أهوی بیدیه إلی الأرض فوضعهما علی الصعید ، لأنّ الفعل

المثبت لا عموم له کما حُقّق فی محله ، ولو ثبت إفادته العموم لوجب حمله علی الخاص جمعاً بین الأدلة (1). انتهی.

وقد ذکرت ما یتوجه علی الجواب فی موضع آخر ، والحاصل أنّ عدم عموم الفعل المثبت فی هذا المقام إن أُرید به الاختصاص بالنبی صلی الله علیه و آله فهو معلوم الانتفاء ، ولا دخل له بعدم العموم علی تقدیر الاختصاص ، وإن أُرید به أنّه لا یعم الأوقات فالإشکال بحاله ، ولو أُرید أنّ التأسّی لا یجب فهو أمر آخر.

وبالجملة فإلی الآن لم أفهم حقیقة هذا الکلام ، علی أنّه سیأتی فی

الجمع بین ما دلّ علی ضرب الید علی الأرض وما دلّ علی وضعها علیها

ص: 126


1- المدارک 2 : 218.

خبر داود بن النعمان أنّ الإمام علیه السلام وضع یده (1) ، والاقتصار علی فعل النبی وأنّه فعل مثبت لا وجه له ، إلاّ أن یقال : إنّ فعل الإمام علیه السلام کذلک ، وفی الظن أنّ فعله علیه السلام دلیل علی الجواز ، فإن لم یثبت وجوب التأسی فهو مستحب ، والمنافاة لما دل علی تعیّن الضرب حاصلة.

نعم یظهر من کثیر من الأخبار إطلاق الضرب علی الوضع کما فی حدیث اغتسال النبی صلی الله علیه و آله ( مع بعض نسائه (2) ، أمّا اکتفاء الشهید رحمه الله بمسمی الوضع وإن [ لم ] یکن معه اعتماد ، لحصول الغرض بقصد الصعید (3) ) (4). لا یخلو من بُعد بعد دلالة الأخبار علی الضرب ، وهو الوضع المشتمل علی الاعتماد کما قیل (5) ، وإن کان فی البین تأمّل ؛ لعدم ثبوت ما ذکر ، ووجود الوضع فی بعض الأخبار ، والاحتیاط مطلوب.

وما تضمنه الخبر من قوله : « ثم مسح کفّیه إحداهما علی ظهر الأُخری » قد یدل علی أنّ المسح ببطن الکفّ علی ظهر الأُخری لأنّه المتبادر وإن احتمل غیره ، والظاهر أنّ المراد من الروایة بطن کل کفّ علی ظهر الأُخری وإن احتمل غیره أیضا ، قیل : إنّ ظاهر کلامهم أنّ ذلک مجمع علیه من (6) أنّ محل المسح فی الکفّین ظهورهما لا بطونهما (7).

ولا یخفی عدم منافاته لعلوق شی ء من التراب کما یدل علیه خبر

محل المسح فی الکفّین ظهورهما

ص: 127


1- یأتی فی ص 835.
2- الفقیه 1 : 23 / 72 ، الوسائل 2 : 243 أبواب الجنابة ب 32 ح 4.
3- الذکری : 108.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- قال به فی المدارک 2 : 217.
6- فی النسخ زیادة : علی.
7- قال به فی المدارک 2 : 226.

زرارة المتقدم فی باب الوضوء. فما قاله شیخنا قدس سره من [ أنّ ] استحباب النفض یدل علی عدم اشتراط علوق شی ء من التراب (1). محل بحث.

( ومن هنا یعلم أنّ قول شیخنا قدس سره : إنّ روایة الکاهلی تدل علی مسح الظهور ، لا البطون (2). محل کلام.

وما تضمنه الخبر الثالث من النفض علی الاستحباب فی المشهور ، بل ظاهر المنتهی أنّه إجماعی (3) ) (4).

ودلالة الخبر علی الجبهة ظاهرة ، وهی علی ما ذکره الأصحاب الذین رأینا کلامهم من قصاص شعر الرأس إلی طرف الأنف (5) ، واعتبار الأعلی یمکن توجیهه بأنّ الأخبار تضمنت الجبهة والجبینین والوجه ، فإدخال الأنف بخصوصه لا وجه له.

ونقل شیخنا قدس سره عن الشهید فی الذکری أنّه قال بعد أن فسّر الجبهة : وهذا القدر متفق علیه بین الأصحاب ، وأوجب الصدوق فی الفقیه مسح الجبینین والحاجبین أیضاً ، وقال أبوه بمسح الوجه بأجمعه (6). انتهی.

ولا أدری تمام کلام الشهید ما هو ، وعلی کل حال لا یخلو من خلل بعد ما قدمناه من التخییر ، فإنّه قول منقول ، إلاّ أن یقال : إنّ التخییر لا ینافی

تفسیر الجبهة

ص: 128


1- المدارک 2 : 218.
2- المدارک 2 : 226.
3- المنتهی 1 : 147.
4- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
5- منهم العلاّمة فی التذکرة 2 : 190 ، والشهید الأول فی الدروس 1 : 132 ، وصاحب المدارک 2 : 219.
6- المدارک 2 : 219 وهو فی الذکری : 108 ، والفقیه 1 : 57 وحکاه عن والد الصدوق فی المختلف 1 : 267.

الاتفاق علی وجوب مسح الجبهة فیراد بوجوب مسحها إمّا منفردة أو مع غیرها ، وعلی تقدیر الانفراد إما لتعیّنها أو لکونها أحد الفردین ، وفیه ما فیه.

ولا یخفی أنّ إطلاق الخبر فی مسح الجبهة بالیدین ومسح الکفّین من دون تقید بالبطن یمکن تقییده بغیره فی الکفّین.

وما تضمنه الخبر الرابع من قصة عمار کثیراً ما کنت أتفکر فی وجهه ، إذ العمل من مثل عمار بالحکم الشرعی من دون اجتهاد أو نقل لا یخلو من غرابة ، وقد وجدت بعض أهل الخلاف ذکر ذلک فی شرح أحادیثهم ، ووجّهه أنّه عمل بالقیاس (1) ، لکن الاستهزاء به یضرب وجوه العاملین بالقیاس ، ولهم فی التسدید کلام ذکرته فی معاهد التنبیه علی نکت من لا یحضره الفقیه ، أمّا عند الأصحاب بعد نفیهم القیاس لا بد من توجیه قصة عمار ، ولم أر ذلک فی کلام أحد.

ولا یخفی دلالة ظاهر الروایة علی أنّ التیمم بدلاً من الجنابة یکفی فیه ضربة واحدة ، وقد اتفق للعلاّمة فی المختلف کلام فی هذه الروایة أراد به نفی دلالتها علی الضربة الواحدة فی التیمم بدلاً عن الغسل ، لکنّه نقلها علی ما رواه زرارة ، ومتنها عن الباقر علیه السلام : وقد ذکر التیمم وما صنع عمار ، فوضع أبو جعفر علیه السلام کفّیه علی الأرض ثم مسح وجهه وکفّیه ولم یمسح الذراعین بشی ء (2).

وقد ذکرت ذلک مفصلاً فی محل آخر ، وحاصل کلامه أنّ الإمام علیه السلام بیّن کیفیّة التیمّم ومسحه وحدّ أعضائه ، کما یدل علیه سیاق الروایة من

کلمة حول قصّة تیمّم عمّار

ص: 129


1- إرشاد الساری لشرح صحیح البخاری 1 : 370 ، 371 ، عمدة القارئ شرح صحیح البخاری 4 : 19.
2- الوسائل 3 : 359 أبواب التیمّم ب 11 ح 5.

قوله : ولم یمسح الذراعین بشی ء ، وإذا سیق لهذا وجب بیانه خاصّة وأهمل عدد الضربات ، ومع ذلک فلیس فی الحدیث أنّه اقتصر علی ضربة واحدة أو ضربتین ، ولا دلالة فیه علی أنّ التیمم الذی وصفه بدل من الوضوء أو الغسل ، وذکر قصة عمار لا تدل علی إرادة بیان أنّه بدل من الغسل ، لاحتمال ذکر القصة ثم سُئل عن کیفیة التیمم مطلقا أو الذی هو بدل من الوضوء (1). انتهی.

وأنت خبیر بما فی هذا الکلام من التعسف ، ولیت شعری لم لا یتتبّع الروایة ( لیعلم کیفیة نقلها فی البعض کما فی روایة داود المبحوث عنها ، [ نعم احتمال (2) ] ، إرادة السؤال عن مطلق التیمم ) (3) ممکن لکن یضر بحال مطلوبه من التعدد فی التیمم بدلاً من الغسل.

وبالجملة : فإنکار دلالة الروایة علی أنّ الواجب ضربة واحدة فی التیمم بدلا من الغسل لا یخرج عن ربقة المجازفة.

وما تضمنه الخبر من مسح الید فوق الکف قلیلاً علیه اعتماد جماعة من الأصحاب ، وقد عبّروا بمسح الید من الزند (4) وهو بفتح الزای مَوصِل الکفّ فی الذراع ، وقد تقدم القول فی المنقول من ابن إدریس (5) ، وسیأتی غیره أیضاً ، هذا.

والمعروف فی کلام من رأینا کلامه من الأصحاب ، أنّ الضرب

دلالة روایة داود بن النعمان علی کفایة ضربة واحدة فی التیمّم بدلاً عن الغُسل

ص: 130


1- المختلف 1 : 273.
2- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة العبارة.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- منهم الصدوق فی الفقیه 1 : 57 والعلاّمة فی المختلف 1 : 273 ، وصاحب المدارک 2 : 222.
5- فی ص 822.

بالیدین معاً (1) ، بل ادّعی شیخنا قدس سره أنّه إجماعی (2) ، والروایات المبحوث عنها کما تری فیها : فضرب بیده ، ووضع یده ، وفی غیرها من الأخبار کما یأتی : تضرب کفیک ، وضرب بیده ، ویمکن الجمع بتقدیر الإجماع بأن یحمل المطلق علی المقید.

أمّا توجیه بعض الأفاضل للضرب بالیدین بأن النیة لما کانت مقارنة للضرب فلا بد من الضرب بهما لأنّ المتأخّرة لم تقع لها النیّة (3). ففیه ما لا یخفی.

قال :

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید عن عثمان بن عیسی عن سماعة قال : سألته کیف التیمم؟ فوضع یده علی الأرض فمسح بها وجهه وذراعیه إلی المرفقین.

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من التقیة لأنّه موافق لمذاهب العامة ، وقد قیل فی تأویله : إنّ المراد به الحکم لا الفعل لأنّه إذا مسح ظاهر الکف فکأنّه غسل ذراعیه فی الوضوء ، فیحصل له بمسح الکفّین فی التیمم حکم غسل الذراعین فی الوضوء.

السند :

فی الخبر واضح بعد ما قدّمناه.

اعتبار الضرب بالدین معاً

ص: 131


1- منهم الشهیدان فی الذکری : 107 وروض الجنان : 124 والأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 228.
2- المدارک 2 : 217.
3- الأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 1 : 228.

المتن :

کما تری ظاهر الدلالة علی مسح الذراعین ، والحمل علی ما قاله الشیخ من التقیة له وجه وجیه ، أمّا المنقول ففی غایة البعد.

ثم العجب من الشیخ فی اقتصاره علی هذا الخبر من جهة المنافاة ، مع أنّه سیأتی فی الباب الذی بعد هذا ما یخالف الأخبار.

وفی المعتبر : الحق عندی أنّ مسح ظاهر الکفین لازم ، ولو مسح الذراعین جاز أیضاً عملاً بالأخبار کلها ، لکن الکفّین علی الوجوب ، وما زاد علی الجواز لأنّه أخذ بالمتیقن (1). انتهی.

وأراد بالجواز الاستحباب ، ولا یخلو من إشکال فی معنی الاستحباب ، لأنّه إن أراد کما هو الظاهر من کلامه أنّ الزائد عن الکف مستحب (2) بمعناه الأُصولی ، ففیه أنّ القصد لو وقع من أوّل الشروع لا یتم فیه الاستحباب ، وإن وقع بعد مسح الکف أمکن ، لکن لا یوافق مدلول الأخبار ، ولا ینطبق علی قول ابن بابویه علی أنّ المسح من المرفقین (3) ، مضافاً إلی أنّ مدلول الروایة المبحوث عنها إلی المرفقین ، اللهم إلاّ أن یقال : إنّ الغایة للممسوح.

وإن أراد بالمستحب أفضل الفردین فیکون الإنسان مخیراً لم یوافق الأخذ بالمتیقن إلاّ علی تکلف.

وبالجملة : فالأخذ بالمتیقن محل کلام ، وسیأتی إن شاء الله فی الباب الآتی تتمّة القول فی هذا.

توجیه ما دلّ علی مسح الذراعین فی التیمّم

ص: 132


1- المعتبر 1 : 387.
2- فی « فض » زیادة : فیکون المستحب.
3- حکاه عن علی بن بابویه فی المختلف 1 : 267.

قوله :

باب عدد المرات فی التیمم

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، وعلی بن محمد ، عن سهل بن زیاد جمیعاً ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن ابن بکیر ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن التیمم (1)؟ فضرب بیدیه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبینه (2) وکفّیه مرّة واحدة.

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن عمرو بن أبی المقدام ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه وصف التیمم فضرب بیدیه علی الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح علی جبینه وکفّیه مرّة واحدة.

وبهذا الإسناد ، عن الحسین بن سعید ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بکیر ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام فی التیمم قال : « تضرب بکفّیک الأرض ثم تنفضهما وتمسح (3) وجهک ویدیک ».

السند :

فی الأوّل : معدود من الموثق نظراً إلی ابن بکیر ، وقد قدّمنا فیه أنّ

عدد المرات فی التیمم

بحث حول ابن بکیر

ص: 133


1- فی الاستبصار 1 : 171 / 593 زیادة : قال :.
2- فی « رض » : جبهته.
3- فی الاستبصار 1 : 171 / 595 زیادة : بهما.

النجاشی لم یذکر توثیقه ولا أنّه فطحی (1). والشیخ وثّقه قائلاً إنّه فطحی (2). والذی یظهر علی تقدیر التدبر فی أحوال النجاشی عدم ثبوت الفطحیة ، وأمّا التوثیق فهو مقارن الفطحیة فی کلام الشیخ ، فثبوته من دون کونه فطحیا مشکل ، والکشی قد ذکر فی موضعٍ الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه (3) ، وذکر أنّه فطحی فی موضعٍ آخر عن محمد بن مسعود (4) ، فالارتیاب فی أنّه فطحی حاصل ، والاعتماد علی تصحیح ما یصح عنه محتمل.

أمّا اشتمال السند علی إبراهیم بن هاشم الممدوح فلا یضر بحال وصف السند بالموثق ، علی ما یظهر من تعریف الموثق ، وإنّ کان فیه نوع کلام ، وقد أشرت إلیه فی موضع آخر.

والذی یمکن أنّ یقال هنا : إنّ الموثق قد عُرّف بأنّه ما دخل فی طریقه مَن لیس بإمامی لکنه منصوص علی توثیقه ، ولم یشتمل باقی الطریق علی ضعف من جهة أُخری ، وغیر خفی أنّ عدم الاشتمال علی الضعف وإنّ احتمل أنّ یراد به الضعف المقابل للثلاثة أعنی الصحیح والحسن والموثق ، لکنه یحتمل أنّ یراد به غیر الصحیح لإطلاق الضعیف علیه ، لکن الظاهر من الضعیف الأوّل ، وأنت خبیر بأنّ العامل بالموثق لو عمل بالحسن کلّیاً (5) اندفع ما أشرنا إلیه ، وإلاّ فهو باق ، والأمر فی هذا سهل.

ثم إنّ علی بن محمد معطوف علی علی بن إبراهیم ، وقوله : جمیعاً ، یرجع لسهل وإبراهیم بن هاشم. وعلی بن محمد هو علان علی الظاهر.

تعریف الموثّق

ص: 134


1- رجال النجاشی : 222 / 581.
2- الفهرست : 106 / 452 وراجع ص 120 و 319.
3- رجال الکشی 2 : 673 / 705.
4- رجال الکشی 2 : 635 / 639.
5- فی « رض » : کلاهما.

والثانی : فیه عمرو بن أبی المقدام ، وقال النجاشی : عمرو بن أبی المقدام ثابت بن هرمز - إلی أنّ قال - : روی عن علی بن الحسین وأبی جعفر وأبی عبد الله علیهم السلام له کتاب لطیف (1).

والعلاّمة فی القسم الأوّل من الخلاصة قال : عمرو بن أبی المقدام روی الکشی بإسناد متصل إلی أبی العرندس عن رجل من قریش أنّ الصادق علیه السلام قال عنه : هذا أمیر الحاج ، وهذه الروایة من المرجحات ، ولعلّ الذی وثقه ابن الغضائری ونقل عن أصحابنا تضعیفه هو هذا (2). انتهی.

وفی فوائد جدّی قدس سره علی الخلاصة : حیث کان السند مرسلاً مجهول حال بعض الرواة یشکل إثبات الترجیح به مع أنّ فی إثبات الترجیح بما ذکر نظر (3). انتهی.

والذی فی الکشی الآن : حدثنی حمدویه بن نصیر قال : حدثنی محمد بن الحسین ، عن أحمد بن الحسین (4) المیثمی ، عن أبی العرندس الکندی ، عن رجل من قریش ، قال : کنّا بفناء الکعبة وأبو عبد الله علیه السلام قاعد ، فقیل له : ما أکثر الحاج ، قال : « ما أقل الحاج » فمرّ عمرو بن أبی المقدام فقال : « هذا من الحاج » (5).

وأنت خبیر بأنّ ما فی الخلاصة لا یبعد أنّ یکون تصحیفاً ، ولو صح طریق الخبر ربما أفاد مدحاً ما.

بحث حول عمرو بن أبی المقدام

ص: 135


1- رجال النجاشی : 290 / 777.
2- الخلاصة : 120 / 2.
3- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 20.
4- فی رجال الکشی 2 : 690 / 738 : الحسن.
5- رجال الکشی 2 : 690 / 738.

ثم إنّ العلاّمة فی القسم الثانی من الخلاصة ذکر ما هذا لفظه : عمر بن ثابت بن هرمز (1) أبو المقدام - إلی أنّ قال - : روی عن علی بن الحسین وأبی جعفر وأبی عبد الله علیهم السلام ضعیف جدّاً قاله ابن الغضائری (2).

وذکر فی الفائدة الاولی من الخلاصة : عمر بن ثابت هو عمر بن أبی المقدام (3).

ولا یخفی دلالة ما فی القسم الثانی علی أنّ أبا المقدام کنیة عمر.

والشیخ فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه قال : عمر بن أبی المقدام کوفی واسم أبی المقدام ثابت (4).

وبالجملة فالعلاّمة وقع فی کلامه تخلیط ، والأمر سهل ، غیر أنا ذکرنا ما ذکرناه لتعلم حقیقة الحال فی تفاوت المصنفات فی الرجال.

والثالث : فیه القاسم بن عروة ولم أطّلع من حاله علی غیر الإهمال إن لم یفد کونه وزیر أبی جعفر المنصور - کما فی الکشی - (5) نوع إشکال.

المتن :

فی الأخبار الثلاثة دال بظاهره علی وحدة الضربات فی التیمم الشامل لما کان بدلاً عن الغسل أو الوضوء نظراً إلی ترک الاستفصال ، والأوّل والثانی کما تری دالاّن علی مسح الجبینین وقد قدمنا ما فی ذلک من القول.

القاسم بن عروة مهمل

وحدة الضربات فی التیمّم

ص: 136


1- الخلاصة : 241 / 10 : هرم.
2- الخلاصة : 241 / 10.
3- الخلاصة : 270 / 29 ، ولکن فیه : عمرو بن ثابت هو عمر بن أبی المقدام.
4- رجال الطوسی : 247 / 380 ، وفیه : عمرو بن أبی المقدام ثابت بن هرمز العجلی مولاهم کوفی تابعی.
5- رجال الکشی 2 : 670 / 695.

وأمّا الثالث فمقتضاه مسح الوجه ، ویمکن أنّ یقال فیه : إنّ الیدین مطلقتان فکما قُیدتا بالکفّین کذلک یقیّد الوجه ، إلاّ أنّ الخبر قد سمعت حال سنده.

ولا یخفی علیک أنّ الأخبار المعتمدة فی البابین الدالة علی الوحدة فی الضرب منحصرة فی خبر داود بن النعمان عند من یختص عمله بالصحیح ، ولکن الخبر خاص بالغُسل کما قدّمنا الکلام فیه ، وفی التهذیب رواه أیضا فی الصحیح عن زرارة (1) ، وفی الفقیه رواه أیضا (2) ، وحینئذ فالوحدة فی التیمم عن الوضوء لم تکن فی خبر صحیح ، وروایة الکاهلی السابقة قد عرفت أنّها حسنة (3) ، وستجی ء فائدة ما قلناه عن قریب إنشاء الله.

قال :

وأمّا ما رواه الحسین بن سعید (4) ، عن ابن مسکان ، عن لیث المرادی عن أبی عبد الله علیه السلام فی التیمم قال : « تضرب بکفیک علی الأرض مرتین ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهک وذراعیک ».

وروی سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد (5) ، عن إسماعیل بن همام الکندی ، عن الرضا علیه السلام قال : « التیمم ضربة للوجه وضربة للکفّین ».

ص: 137


1- التهذیب 1 : 212 / 615.
2- الفقیه 1 : 57 / 212.
3- فی ص 819 و 870.
4- فی التهذیب 1 : 209 / 608 زیادة : عن ابن سنان.
5- فی الاستبصار 1 : 171 / 397 زیادة : بن عیسی.

الحسین بن سعید ، عن صفوان بن یحیی ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أحدهما علیهماالسلام قال : سألته عن التیمم فقال : « مرّتین (1) للوجه والیدین ».

فالوجه فی الجمع بین هذه الأخبار أنّ ما تضمنت من الضربة الواحدة تکون مخصوصة بالطهارة الصغری ، وما تضمنت من الضربتین بالطهارة الکبری لئلاّ تتناقض الأخبار.

والذی یدل علی هذا التفصیل :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : قلت له کیف التیمم؟ قال : « هو ضرب واحد للوضوء ، والغسل (2) من الجنابة تضرب بیدک مرّتین ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرّة للیدین ومتی أصبت الماء فعلیک الغسل إنّ کنت جنباً والوضوء إنّ لم تکن جنبا ».

الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن (3) ابن مسلم قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن التیمم ، فضرب بکفّیه الأرض ثم مسح بهما وجهه ، ثم ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلی أطراف الأصابع واحدة علی ظهرها وواحدة علی بطنها ، ثم ضرب بیمینه الأرض ثم صنع بشماله کما صنع بیمینه ، ثم قال : « هذا التیمم علی ما کان فیه الغسل ، وفی الوضوء الوجه والیدین إلی المرفقین وأُلقی ما کان علیه مسح الرأس والقدمین فلا یؤمم بالصعید ».

ص: 138


1- فی الاستبصار 1 : 172 / 598 زیادة : مرتین.
2- فی الاستبصار 1 : 172 / 599 : وللغسل.
3- فی الاستبصار 1 : 172 / 600 زیادة : محمد.

فما تضمن هذا الحدیث من أنّه مسح من المرفق إلی أطراف الأصابع واحدة علی بطنها وواحدة علی ظهرها فمحمول علی ما قدّمناه من التقیة أو الحکم حسب ما مضی فی تأویل خبر سماعة ، والذی تضمنه من التفریق بین ضربة الیمین والشمال فی مسح الیدین لا یوجب أنّ تکون الضربات ثلاثاً ؛ لأنّ المراعی فی کل واحدة من الضربتین أن یکون بالیدین معاً فإذا فرّق فی واحدة من الضربتین بین الیدین لم یکن مخالفاً لذلک.

فأمّا خبر داود بن النعمان ، عن أبی عبد الله علیه السلام المتضمن لقصة عمار لا یوجب أنّ یکتفی فی الغسل من الجنابة بضربة واحدة ، من حیث [ إنّه (1) ] قال فیه : إنّه وضع یدیه علی الأرض ثم رفعهما فمسح بهما وجهه ویدیه فوق الکف قلیلا ، لأنه إنّما أخبر عن کیفیة الفعل فی التیمم ولم یقل إنّه فعل ذلک بضربة أو ضربتین ، وإذا احتمل ذلک حملنا الخبر علی ما ورد فی الأخبار المفصّلة التی أوردناها.

السند :

فی الأوّل لا یخلو من اختلال ، لأنّ فی التهذیب رواه عن الحسین بن سعید ، عن ابن سنان ، عن ابن مسکان (2) ، وهو الموافق للممارسة ، لأنّ ابن مسکان لا یروی عنه الحسین بغیر واسطة ، وهی محمد بن سنان ، فالروایة ضعیفة ، وتوهم أنّ ابن سنان لیس بمحمد لا یفید إنّ لم یتحقق کونه عبد الله ، والحق تعین کونه محمداً کما کررنا فیه القول (3).

الحسین بن سعید لایروی عن ابن مسکان بغیر واسطة

ص: 139


1- أثبتناه من الاستبصار.
2- التهذیب 1 : 209 / 608.
3- راجع ص 85 و 86 و 643.

والثانی لیس فی صحته ارتیاب ، وکذلک الثالث ، والعلاء هو ابن رزین : ومحمد هو ابن مسلم کما یعلم بالممارسة ، والرابع کذلک ، ومثله الخامس.

المتن :

فی الأوّل له ظهور فی تعدد الضرب ، لکن ربما لاح منه أنّ التعدد فی أول الضرب بأن یضرب کل کفّ مرّة أو بالکفّین مرّتین أوّلاً ، إلاّ أنّ الشیخ لم یفهم منه إلاّ الضرب مرّتین مرّة للوجه وأُخری للیدین ، وذلک غیر بعید الاستفادة منه کما ینبّه علیه الحدیث الرابع ، حیث قال فیه : « تضرب بیدک مرّتین ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرّة للیدین ».

والثانی مع صحته علی التعدد مطلقا ، أعنی فی التیمم عن الوضوء والغسل ، وکذلک الثالث ، إلاّ أنّ فیه نوع إجمال فی المرّتین ، ویدفعه تبادر الضربتین.

وما قاله الشیخ فی وجه الجمع لا یخلو من نظر :

أمّا أوّلاً : فلأنّ التناقض لا ینحصر دفعه فیما ذکره ، بل یحصل بحمل التعدد علی الاستحباب.

وأمّا ثانیاً : فالروایة التی استدل بها فی الأوّل إنّما یتم إثبات مطلوبه بها لو جعل قوله : ضرب واحد ، بمعنی ضربة واحدة ویکون الغسل ابتداء کلام ، أمّا لو جعل الغسل معطوفاً علی الوضوء ویراد بالضرب الواحد النوع کما هو الظاهر من الروایة ، ولا أقل من احتماله فلا یتم الاستدلال بها ، بل

المناقشة فی توجیه الشیخ للروایات الدالّة علی تعدّد الضرب

ص: 140

تکون دالّة علی المرّتین فیهما کما ذکره جماعة من محقّقی المتأخرین (1).

وأمّا ثالثاً : فما ذکره من روایة ابن مسلم بعد تصریحه بحملها علی التقیة فی بعض مدلولاتها لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ الروایة إذا تضمنت التقیة فی بعضها خرجت عن الصلاحیة لإثبات المطلوب ، وما عساه یقال : من أنّه لا یلزم من خروج البعض خروج الجمیع ، فجوابه أنّ خروج البعض علی تقدیر تسلیم أنّه لا یستلزم خروج الجمیع إما لمخالفة حکمه الإجماع ، أو أخبار أُخر ، فإن کان الأوّل یقال : الإجماع إذا أحوج إلی الحمل علی التقیة والمدعی مرکب فی المعنی ، وحینئذ تنتفی الدلالة بفوات الجزء ، والاستدلال بالبعض الآخر علی إثبات بعض المطلوب لا یفید ، فلیتأمّل.

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ روایة محمد بن مسلم لا دلالة فیها علی هذا التفصیل بوجه. ففیه نظر واضح.

وما قاله أیضاً : من أنّ الأجود فی الجمیع هو حمل ما تضمن المرّتین علی الاستحباب ؛ لأنّ المرّة الواحدة قد وردت فی تیمم الجنابة فی عدّة روایات ، ولأنّ الاقتصار فی الجواب علی ذکر أحد الفردین عند السؤال عن التیمم المتناول لهما فیه تأخیر البیان عن وقت الحاجة وأنّه غیر جائز ، لکن أخبار المرّة لا تخلو من قصور فی السند والدلالة ، وکان اعتبار المرّتین فیهما معا أولی وأحوط.

لا یخلو من نظر فی فکری الفاتر أمّا أوّلا : فما ذکره من أنّ المرّة الواحدة قد وردت فی تیمم الجنابة فی عدة روایات إنّ أراد به الروایات المتضمنة لقضیة عمار ، فهو حق لکن الروایات بعضها تضمن السؤال عن

توجیه صاحب المدارک والمناقشة فیه

ص: 141


1- انظر المدارک 2 : 232 وحبل المتین : 86.

التیمم بعد ذکر قصة عمار کما فی روایة داود ، وبعضها وهو روایة زرارة تضمّن أنّه سمع أبا جعفر علیه السلام یقول : وذکر التیمم وما صنع عمار فوضع أبو جعفر کفّیه فی الأرض ثم مسح وجهه وکفّیه.

وأنت خبیر بأنّ مضمون روایة داود السؤال عن التیمم وهو محتمِل لتیمم الجنابة فقط ولمطلق التیمم ، ومضمون روایة زرارة موقوف فی تشخیص المراد فیه علی العلم بأنّه علیه السلام أراد بیان التیمم عن الجنابة ، والحال أنّ اللفظ محتمل لأنّ یکون ذکر قضیة عمار فی معرض بیان مطلق التیمم ، ولیس هذا کما قاله الشیخ فیما یأتی والعلاّمة فی المختلف کما سبق نقله عنه لیتوجه علینا أنّ فیه اعترافاً بما أنکرناه علیه (1).

وحینئذ فقول شیخنا قدس سره : إنّ المرّة وردت فی تیمم الجنابة فی عدة روایات ، ظاهره الاختصاص بالجنابة ، ومشرب الاختصاص لا یخلو عن شوب ، نعم لا یبعد دعوی الظهور.

وأمّا ثانیا : فما قال : من أنّ الاقتصار فی الجواب علی ذکر أحد الفردین. یرید به أنّ حمل أخبار التعدد علی الغسل یقتضی أنّ الجواب الواقع فی السؤال عن التیمم مطلقا جواب عن أحد الفردین مع السؤال عنهما من دون بیان.

ولا یخفی أنّ لقائل أنّ یقول : إنّ هذا آت فی کل مطلق ومقید کما سبق فیه القول مراراً ، ولعل الجواب بالفرق بین جواب السؤال وغیره ممکن.

وأمّا ثالثاً : فما قاله : من أنّ أخبار المرّة لا تخلو من قصور. إن أراد به أخبار المرّة فی التیمم عن الوضوء. ( ففیه : أنّ التیمم عن

ص: 142


1- راجع ص 826.

الوضوء ) (1) لم یقع له ذکر فی هذه الأخبار ، وإنّ أراد به التیمم (2) عن الغسل ، ففیه : أنّ خبر داود بن النعمان صحیح عنده ، وإنّ أراد أخبار المرّة علی الإطلاق فهو حق ، لکن أخبار التعدد إثبات الحکم بها علی سبیل الوجوب مشکل ، لدلالة خبر داود علی عدم وجوب المرّتین فی الغسل ، واللازم حینئذ وجوب المرّتین فی الوضوء والاستحباب فی الغسل ، ولا یخفی علیک الحال.

وقد سلک شیخنا المحقّق میرزا محمد أیّده الله فی فوائده علی الکتاب مسلک شیخنا قدس سره وزاد أنّ المرّة تطابق ظاهر القرآن ، وأیّد ذلک بروایات رواها الشیخ فی التهذیب :

أوّلها : عن علی بن الحسن بن فضال ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسی ( عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سئل عن التیمم من الوضوء ومن الجنابة ومن الحیض للنساء سواء؟ قال : « نعم » (3) ... ) (4).

وثانیها : ما رواه الشیخ ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن عمرو ابن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسی الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن التیمم من الوضوء والجنابة ومن الحیض سواء؟ فقال : « نعم » (5).

ص: 143


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- لفظة : التیمم ، لیست فی « رض ».
3- التهذیب 1 : 162 / 465 ، الوسائل 3 : 362 أبواب التیمم ب 12 ح 6.
4- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
5- التهذیب 1 : 212 / 617 ، الوسائل 3 : 362 أبواب التیمم ب 12 ح 6.

وثالثها : ما رواه الشیخ عن أبی القاسم ، عن محمد بن محبوب ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عیسی ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر قال : وسألته عن تیمم الحائض والجنب سواء إذا لم یجدا ماءً قال : « نعم » (1) انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ المطابقة لظاهر القرآن إنّ أُرید بها أنّ ظاهره الاکتفاء بالمرة فقط ، فلا یخفی ما فیه ، وإنّ أُرید أنّ ظاهره تحقق التیمم بالمرّة والمرّتین نظراً إلی الإطلاق فهو حق ، لکن اللازم أنّ المتیمم لو أتی بالضربتین فی بدل الوضوء بقصد کونها أحد أفراد المطلق تکون واجبة ، وکذلک فی الغسل ، والظاهر من کلام شیخنا أیّده الله خلاف ذلک ، ولعلّ المانع من ذلک منتف ، وهذا کثیراً ما یخطر فی البال ، فیقال : إنّ ظاهر الآیة الإتیان بکل ما یتحقق به مطابقة الآیة ، إلاّ ما خرج بالدلیل من الإجماع ونحوه ، کنفی الزائد عن المرّتین.

ومن هنا یتجه أنّ یقال أیضاً : إنّ الأخبار وإنّ کانت مختلفة إلاّ أنّ کلاًّ منها مطابق لإطلاق القرآن ، فیجوز أنّ یکون الإخبار من الإمام علیه السلام بالتعدد لذلک ، وحینئذ یکون المراد بالاستحباب علی هذا التقدیر أحد فردی الواجب إنّ قصد أنّ مجموع الضربتین هو الواجب ، ولو قصد أنّ الواجب هو الضرب الواحد کان الثانی مستحباً بالمعنی الأُصولی ، لکن إثباته لا یخلو من إشکال ؛ لما عرفت ، وإنّ أمکن تسدید ما قیل فی وجوه ترجیحه.

ولعلّ الأولی أنّ یقال فی الاستدلال : إنّ إطلاق القرآن لا یخرج عنه إلی التقیید إلاّ بما تحقق کالأخبار الخالیة عن المعارض ، وفی المقام قد

کلام الاسترابادی فی المسألة والناقشة فیه

ص: 144


1- التهذیب 1 : 212 / 616 ، الوسائل 3 : 363 أبواب التیمم ب 12 ح 7.

تعارضت الأخبار ، فالإطلاق باق علی ما هو علیه.

وما عساه یقال : من أنّ الأخبار وإنّ تعارضت إلاّ أنّ تقید الآیة حاصل ، غایة الأمر أنّ التقیید بماذا هو؟ فهذا أمر آخر. فیدفعه أنّ الإجمال فی المقیّد لا یخرج عن وصفه ما یخلص عن شوب الاحتمال والاحتمال قائم بالاستحباب ، والفرق بین الوضوء والغسل ، فلیتأمّل.

وأمّا الأخبار التی ذکرها شیخنا أیّده الله ففیها نوع احتمال بإرادة المساواة فی تسویغ التیمم ، علی معنی أنّ التیمم یسوغ لکل ما ذکر علی السواء وإنّ کان الظاهر خلاف ذلک ، ومقام التأیید واسع الباب ، وعلیک بإنعام النظر فی هذا المقام ، فإنّی لا أعلم أحداً حام حوله سوی ما نقلته.

والآن قد وجدت بعد ما خطر بالبال کلاماً مجملاً لمولانا المحقِّق أحمد الأردبیلی قدس سره وفیه إشارة إلی احتمال الوجوب التخییری (1) ، فالحمد لله علی موافقة مثل هذا الماهر لما اختلج فی الخاطر.

وإذا عرفت جمیع ما ذکرناه فاعلم أنّه تبقی فی خبر ابن مسلم نکتة ذکرها بعض محققی المتأخّرین ، وهی أنّ قوله : « هذا التیمم علی ما کان فیه الغسل » یراد به الغسل بفتح الغین المعجمة أی غسل الوضوء (2) ، والمراد أن التیمم المأمور به علی ما فیه الغسل فی الوضوء ، فیکون الواو فی قوله : وفی الوضوء زائدة کما نبّه علی ذلک قوله : « وألقی ما کان علیه مسح الرأس ». فإنّ هذا من أوضح الشواهد علی وقوع التصحیف ومثله فی الأخبار کثیر.

وأمّا ما ذکره الشیخ فی خبر داود ففیه ما قدمناه عند نقل کلام العلاّمة

نکتة فی حدیث محمّد بن مسلم

ص: 145


1- مجمع الفائدة والبرهان 1 : 231.
2- وهو الشیخ البهائی فی الحبل المتین : 87.

فی المختلف (1) ، فإنّه تبع الشیخ وزاد علیه ، والکلام فی الأوّل یغنی عن الإعادة فی الآخر.

وعلی هذا انقطع الکلام فی الجزء الأوّل من استقصاء الاعتبار لشرح الاستبصار ، ویتلوه إن شاء الله فی الجزء الثانی أبواب تطهیر الثیاب ، والله المسئول أنّ یوفق لإکماله بجاه محمد وآله ، وقد اتفق بتوفیق الله تألیف ما تیسّر ابتداء وانتهاء فی مشهد سید الشهداء وخامس أصحاب العباء علیه وعلی جدّه وأبیه وأُمه وأخیه والتسعة من ذراریه أفضل الصلوات وکان الفراغ منه یوم الخمیس السابع عشر من شهر جمادی الاولی من شهور السنة الخامسة والعشرین بعد الألف الهجریة علی مشرفها أکمل التحیة ، والحمد لله ربّ العالمین ، وصلّی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین. ورحمة الله وبرکاته.

ص: 146


1- راجع ص 826.

بسم الله الرحمن الرحیم (1)

الحمد لله علی آلائه ، والصلاة علی أشرف أنبیائه وأکرم أحبّائه.

قوله (2) - قدس الله روحه - :

أبواب تطهیر الثیاب والبدن من النجاسات.

باب بول الصبی

أخبرنی الحسن بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن النوفلی ، عن السکونی ، عن جعفر ، عن أبیه أنّ علیّاً علیه السلام قال : « لبن الجاریة وبولها یغسل منه الثوب قبل أنّ تطعم ، لأنّ لبنها یخرج من مثانة أُمّها ، ولبن

أبواب تطهیر الثیاب والبدن من النجاسات

بول الصبی

اشارة

ص: 147


1- فی « فض » زیادة : وبه نستعین الاستعانة وعلیه التکلان ، وفی « رض » زیادة : وبه نستعین.
2- فی « رض » : قال.

الغلام لا یغسل منه الثوب ولا بوله قبل أنّ یطعم ، لأنّ لبن الغلام یخرج من العضدین والمنکبین ».

السند :

قد قدّمنا فیه القول بما یغنی عن الإعادة ، غیر أنّ النوفلی المذکور فیه ، هو الحسین بن یزید ، وقد قال النجاشی : إنّه کان شاعراً أدیباً وسکن الری ومات بها ، وقال قوم من القمیین : إنّه غلا فی آخر عمره ، والله أعلم ، وما رأینا له روایة تدل علی هذا (1).

والعلاّمة فی الخلاصة بعد نقل ما ذکره النجاشی قال : وأنا عندی توقف فی روایته بمجرّد ما نقل عن القمیین ، وعدم الظفر بتعدیل الأصحاب له (2). انتهی.

وأنت خبیر بأنّ التوقف لا وجه له بعد ردّ (3) روایة المجهول ، کما قرّر فی الأُصول.

وأمّا السکونی : فقد ذکرنا فیما سبق فیه الکلام (4) ، ونرید هنا تفصیل ما ذکره المحقق فی المسائل العزّیة (5) ، وإنّ قدّمنا القول فی ذلک إلاّ أنّ بُعد العهد ربما یقتضی إعادة ما سبق.

والحاصل : أنّ المحقِّق ذکر فی المسائل حدیثاً عن السکونی فی أنّ الماء یطهِّر ولا یطهَّر ، وذکر أنّهم قدحوا فی السکونی بأنه عامی ، وأجاب

بحث حول النوفلی

بحث حول السکونی

ص: 148


1- رجال النجاشی : 38 / 77.
2- الخلاصة : 217 / 9 وفیه : وأمّا عندی.
3- لیست فی « د ».
4- راجع ص 141.
5- لم تطبع بعد.

بأنَّه وإنّ کان عامیا فهو من ثقات الرواة ، ونقل عن الشیخ رحمه الله فی مواضع من کتبه أنّه قال : الإمامیة مجمعة علی العمل بما یرویه السکونی وعمّار ومن ماثلهما من الثقات ، ولم یقدح بالمذهب فی الروایة مع اشتهار الصدق ، وکتب جماعتنا مملوءة من الفتاوی المستندة إلی نقله ، فلتکن هذه کذلک. انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ الظاهر من الکلام توثیق السکونی ، ولم نجد ذلک فی کلام غیره.

وما نقله عن الشیخ فیه احتمال ینافی التوثیق ، وهو أنّ یراد بمن ماثله فی مخالفة المذهب الحق ، وقوله : من الثقات ، یعود للماثل (1).

ولا یذهب علیک بُعد هذا الاحتمال ، إلاّ أنّ عدم توثیقه فی کتب الرجال یؤیّده ، وکلام المحقِّق بعد لا یخلو من نظر أیضا ، فإنّ الإجماع علی العمل بما یرویه الرجل لا یقتضی توثیقه کما هو واضح ، ولتفصیل القول محل آخر.

المتن :

نقل العلاّمة فی المختلف عن ابن الجنید أنّه قال : بول البالغ وغیر البالغ نجس إلاّ أنّ یکون غیر البالغ صبیاً ذکراً ، فإنّ بوله ولبنه ما لم یأکل اللحم لیس بنجس ، وأنّه احتج بهذه الروایة ، وحکی عنه أیضاً ، أنّ الظاهر من کلامه غَسل الثوب من لبن الجاریة وجوباً ، وذکر الروایة ، وحملها العلاّمة علی الاستحباب فی اللبن.

قول ابن الجنید بطهارة بول الصبی وجواب العلّامة عنه

ص: 149


1- فی « ش » : للماثل.

وأجاب عن الأوّل : بنحو ما ذکره الشیخ فیما یأتی.

وزاد العلاّمة فی النقل عن ابن الجنید أنّه احتج أیضاً لما ذهب إلیه فی بول غیر البالغ ، بأنّه لو کان نجساً لوجب غَسله کبول البالغ ، ولم یکتف بالصّب کغیره من الأبوال.

وأجاب العلاّمة بالمنع من المشارکة فی کیفیّة الإزالة ؛ فإنّ النجاسات تتفاوت وتقبل الشدة والضعف ، فجاز أنّ یکون بول الرضیع ضعیف النجاسة فاکتفی فیه بالصّب ، دون بول البالغ (1) انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ جمیع ما ذکره العلاّمة لا یخلو من نظر :

أمّا أوّلاً : فلأنّ الاحتجاج بالروایة علی ما نقله عن ابن الجنید لا وجه له ، إذ لا دلالة لها علی مدّعاه ، لأنّ موردها بول الصبی قبل ان یطعم ، وأین هذا من المدعی؟! فکان الأولی ردّ الروایة من هذا الوجه.

وأما ثانیاً : فما ذکره فی جواب الاحتجاج ثانیاً لا وجه له ، لأنّ الصبّ إن کان لمطلق الصبی الشامل لمدعی ابن الجنید فالجواب من العلاّمة بأنّ بول الرضیع ضعیف النجاسة غیر تام ، إذ هو أخص من المدعی ، وبالجملة فالمقام غیر محرّر کغیره من مباحثه.

وأما ثالثاً : فما أجاب به عن حجة ابن الجنید فی اللبن من الحمل علی الاستحباب فیه تقویة لقوله بأنّ البول طاهر ؛ فإنّ الغَسل فی الخبر إذا کان مستحباً فی بعض مدلولاته وواجباً فی بعض مع ظاهر الاتحاد بعید عن موافقة الحکمة.

ثم إنّ الروایة ردّها العلاّمة وغیره ممّن تأخّر عنه (2) بضعف الاسناد ،

المناقشة فی جواب العلّامة

ص: 150


1- المختلف 1 : 301.
2- المختلف 1 : 301 والمدرک 2 : 263.

وقد عرفت وجهه ، إلاّ أنّ الصدوق فی الفقیه نقل الروایة (1) ولها مزیة بنقله (2) ظاهرة کما أسلفنا القول فیه ، من أنّه لا یبعد أنّ یکون أقوی من توثیق. النجاشی والشیخ ، إذ مرجع توثیقهما إلی الاجتهاد ، وشهادة الصدوق بصحة ما فی کتابه لا ریب فی کونها أقوی.

وما عساه یتوجه من أنّ قبول قول الصدوق تقلید ، ولا کلام فیه.

جوابه یعلم من اعتبار توثیق أصحاب الرجال الذین لم یعاصروا الرواة. وبالجملة : فللکلام مجال واسع فی أمثال هذه الروایة ، ممّا نقله الصدوق ، ویحکی عن أبیه أنّه رواها أیضاً (3).

اللغة :

قال فی القاموس : مَثَنَهُ یَمْثِنُهُ ویَمْثُنُه أصاب مثانته وهی موضع الولد ، أو موضع البول. والعضد ما بین المرفق إلی الکتف. والمنکب مجتمع رأس الکتف والعضد (4).

قوله (5) :

فأما ما رواه محمد بن یعقوب ، عن علی ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام ، عن بول الصبی قال : « تصبّ علیه الماء ، فإنّ کان قد أکل فاغسله غَسلاً ،

شهادة الصدوق بصحة ما فی کتابه أقوی من توثیق النجاشی والشیخ

معنی المثانة والعضد والمنکب

ص: 151


1- الفقیه 1 : 40 / 157 ، الوسائل 3 : 398 أبواب النجاسات ب 3 ح 4.
2- فی « رض » : ینقلها.
3- حکاه عنه فی المختلف 1 : 302.
4- القاموس المحیط 1 : 129 ( نکب ) وص 326 ( العضد ) وج 4 : 272 ( مثن ).
5- فی « رض » : قال.

والغلام والجاریة شرع سواء ».

فلا ینافی الخبر الأوّل ؛ لأنّ الخبر الأوّل إنّما نفی غسل الثوب منه کما یغسل من بول الرجل أو بوله بعد أنّ یأکل الطعام ، ولم ینف أنّ بصبّ الماء علیه ، ولیس کذلک حکم بول الجاریة ، لأنّ بولها لا بد من غسله ، ویکون قوله علیه السلام : « الغلام والجاریة شرع سواء (1) » معناه بعد أکل الطعام.

السند :

حسن بإبراهیم کما قدّمنا القول فیه (2).

المتن :

ظاهر فی أنّ الصبی قبل أنّ یأکل یکتفی بصبّ الماء علی بوله ، وبعد الأکل یغسل.

وقد استدل بعض من قال بالعصر فی ما یقبله کالمحقّق ( فی المعتبر ) (3) بأنّ الغَسل إنّما یتحقق فی الثوب ونحوه بالعصر ، وبدونه یکون صبّاً (4).

والعلاّمة فی المنتهی استدل علی اعتبار العصر بروایة أبی العباس المعدودة من الصحیح ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : « إنّ أصاب ثوبک من

أدلّة اعتبار العصر فی ما یقبله

ص: 152


1- فی « فض » سوی.
2- فی ص 36.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- المعتبر 1 : 435.

الکلب رطوبة فاغسله ، وإنّ مسّه جافّاً فاصبب علیه الماء (1) » (2).

وفی نظری القاصر أنّ استدلاله بهذه الروایة المبحوث عنها أولی ؛ لاحتمال روایة أبی العباس أنّ یراد بالصبّ الرشّ ، لتصریح الأصحاب ومنهم العلاّمة (3) بأنّ الرشّ هو الذی یفعل والحال هذه ، وبتقدیر إرادة الرشّ لا یتم مطلوبه من أنّ الغَسل لا یتحقق إلاّ بالعصر ؛ لأنّ عدم الرشّ یتم بالصبّ کما هو واضح.

والروایة المبحوث عنها وجه الأولویة فیها أنّه علیه السلام جعل حکم ما قبل الأکل صبّاً ، والمفروض نجاسة البول فلا یحتمل إرادة الرشّ ، ومفارقة الحکم بعد الأکل یقتضی أنّ یراد بالغَسل غیر ذلک ، فیمکن إتمام الاستدلال علی تقدیر العمل بالروایة حینئذ ، وإن أمکن أنّ یقال بتحقق المغایرة بین الصبّ والغَسل بکثرة الماء فی الغَسل دون الصبّ.

فان قلت : لِمَ لا یحمل الصبّ فی الروایة علی الرشّ لئلاّ یخالف مدلول الروایة الأُولی ، فیکون البول طاهراً غایة الأمر أنّ الرشّ تعبّد کما فی حکم الکلب؟.

قلت : لو ثبت الحکم بطهارة البول أمکن التوجیه وکان أقرب من توجیه الشیخ ، إلاّ أنّ للکلام فیه مجالاً (4) من حیث إطباق الأصحاب فیما یظهر منهم ما عدا ابن الجنید علی النجاسة (5) وإنّ کان (6) ظاهر الصدوق

ص: 153


1- التهذیب 1 : 261 / 759 ، الوسائل 3 : 414 أبواب النجاسات ب 12 ح 1.
2- المنتهی 1 : 175.
3- المنتهی 1 : 177.
4- فی « فض » : محلا.
5- راجع المختلف 1 : 301.
6- لفظة : کان ، لیست فی « رض ».

العمل بالروایة ، والحال فیها ما قدمناه (1) ، وتناول الأخبار الواردة فی البول لبول الرضیع محل کلام ، هذا.

وما ادّعاه البعض من دخول العصر فی مفهوم الغَسل (2) ، فقد نوقش بأنّ اللازم من ذلک لزوم العصر فی غیر القلیل ، وهو منتف إجماعاً.

ولا یخفی علیک أنّ الجواب عن المناقشة سهل ؛ فإنّ الإجماع إن تحقق فهو المخصِّص ، وإلاّ فالاطراد ممکن ، وقد صرح الصدوق فی الفقیه بالعصر إذا غسل الثوب فی الراکد (3) الشامل للکرّ فما زاد ، والناقص عن الکرّ ، وحینئذ لا استغراب فی الإلزام.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الظاهر من الروایة مساواة الغلام والجاریة فی الغَسل بعد الأکل والصبّ قبله ، والشیخ کما تری حمل المساواة علی ما بعد الأکل لمعارضة خبر السکونی ، واعترضه شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : بأنّ المستفاد من الروایة تساوی بول الغلام والجاریة فی الحکمین معاً ، وتخصیصه بما بعد أکل الطعام تعویلاً علی روایة السکونی لا یخفی ما فیه. انتهی.

وأنت خبیر بعد ما قدّمناه من نقل الروایة فی الفقیه (4) إنّها لا تقصر عن غیرها ، وحینئذ لا محید عن تأویل الشیخ ، غایة الأمر إمکان أنّ یقال علی الشیخ.

أوّلاً : ما ذکره من أنّ الخبر لا ینفی الصبّ ، مسلّم ، إلاّ أنّ ظاهر الخبر

توجیه الشیخ لما دل علی تساوی بول الغلام والجاریة والمناقشة فیه

ص: 154


1- ص 843.
2- هو المحقق فی المعتبر 1 : 435.
3- الفقیه 1 : 40.
4- راجع ص 843.

الأوّل الطهارة بقرینة ذکر البول مع اللبن ، والحال أنَّ لبن الغلام لا ریب فی طهارته ، والمشارکة للبن الجاریة ( مع بولها فی الغَسل غیر منقول عن الشیخ القول به ، بل هو منقول عن ابن الجنید فی المختلف (1) ، فإنّ کان الشیخ ) (2) مصرّحاً بالطهارة فی غیر الکتاب أمکن أنّ یکون العلاّمة فهم منه عدم القول بموافقة ابن الجنید ، وإنْ کان محل بحث ؛ لأنّ العلاّمة کثیراً ما ینقل مذهب الشیخ فی الاستبصار ، وإنّ کان فی نظری القاصر أنّ اعتماد الشیخ فی الکتاب عند ما یذکره فی کل محل لا یخلو من تأمّل ، کما یعلم من ممارسة الکتاب ، ویظهر أیضاً من الأصحاب ، فإنّ فی الکتاب احتمالات لم ینقل القول بها فی الکتب المعدة بخلاف (3) الأصحاب ، لکن التعجب من العلاّمة فی المختلف واقع ، حیث لم ینقل فی اللبن إلاّ قول ابن الجنید ، مع أن الشیخ ( ظاهره القول به علی ما یعهد من العلاّمة فی نقل أقوال الشیخ فی الاستبصار.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره الشیخ ) (4) من أنّ بول الجاریة لا بدّ من غسله ، إنْ کان استناده (5) فیه إلی روایة السکونی ففیه : أنّ اقتران اللبن فیه مع البول یقتضی حمل الغَسل علی الاستحباب ، إلاّ أنّ یقول الشیخ بوجوب غَسل اللبن ، وقد عرفت الحال فیه.

ولو حمل الغَسل فی البول علی الوجوب وفی اللبن علی الاستحباب أشکل بمعارضة ما دل علی المساواة بین الجاریة والصبی الظاهر منه

ص: 155


1- المختلف 1 : 301 و 302.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- کذا فی النسخ ، ولعل الأنسب : لخلاف.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- فی « رض » استناد.

المساواة فی الأمرین أعنی قبل الأکل وبعده ، وحینئذ یحمل الغَسل علی الاستحباب ، ویؤیّده اللبن لیتوافق نظم الخبر ، وحمل الشیخ التسویة فیما بعد الأکل یتوقف علی عدم الاحتمال فی خبر السکونی ، وقد سمعت القول فیه.

ویمکن الجواب عن الأوّل : بأنّ استحباب الغَسل لا یقتضی طهارة البول ، بل یقال بالنجاسة والاکتفاء فی زوالها بالصب (1) ، ویستحب الغَسل ، وهو بزیادة الماء أو العصر ونحو ذلک ، وحینئذ فالمشارکة فی الاستحباب بین اللبن والبول حاصلة فی الجملة ، ویتم مطلوب الشیخ ، ولو نوزع فی هذا أمکن أنّ یقال بجواز إرادة ما یعم الوجوب والاستحباب من الغَسل ، ووجود مثله کثیر فی الأخبار.

وعن الثانی : بأنّ غَسل بول الجاریة مشهور کما نقله البعض (2) ، کما أنّ الاکتفاء بالصبّ فی بول الصبی کذلک (3) ، بل ادّعی بعض عدم العلم بالخلاف فیه (4) ، وفی الخلاف نقل الشیخ إجماع الفرقة فی بول الصبی علی ما حکاه شیخنا قدس سره (5).

ویحکی عن علی بن بابویه : أنّه ساوی بین بول الصبی والصبیّة فی الغَسل (6) ، وربما أمکن الاستدلال بالروایة المبحوث عنها من حیث التسویة ظاهراً ، وما أجاب به المحقق فی المعتبر : من حمل التسویة علی التنجیس ،

الجواب عن المناقشة

ص: 156


1- لفظة : بالصب ، لیست فی « رض ».
2- کصاحب المدارک : 2 : 333.
3- کما فی المنتهی 1 : 176.
4- کما فی المدارک 2 : 332.
5- الخلاف 1 : 484 و 485.
6- حکاه عنه فی المعتبر 1 : 437.

بمعنی أنّهما سواء فی التنجیس لا فی کیفیة الإزالة ، بعید (1) ، وسیأتی فی الروایة الدالة علی العصر بعد الصبّ التنبیه علی احتمال المساواة کما ظنه بعض من أنّ الفرق بین الغَسل والصب بالعصر وعدمه (2).

وإذا تمهد هذا کلّه فما تضمنته الروایة من قوله : « فإنّ کان قد أکل » قیل : المراد به الأکل المستند إلی شهوته وإرادته (3).

وفی المعتبر : المعتبر أن یطعم ما یکون غذاءً له (4) ، ولا عبرة بما یلعق دواءً ومن الغذاء فی الندرة ، ولا تصغ إلی من یُعلّق الحکم بالحولین ، بل (5) هو مجازف ، بل لو استقل بالغذاء قبل الحولین تعلق ببوله وجوب الغسل (6) ، انتهی.

وفی کلام جماعة من المتأخّرین بول الرضیع (7) ، وقد عرفت مدلول الخبر ، والله أعلم.

اللغة :

قال فی القاموس : الناسُ فی هذا شَرْعٌ ویُحَرَّکُ أی سواء (8). وفی النهایة : أنتم شرع سواء وهو مصدر بفتح الراء وسکونها یستوی فیه الواحد

معنی قوله : « شَرْعٌ سواء »

ص: 157


1- المعتبر 1 : 437.
2- انظر مجمع الفائدة والبرهان 1 : 337.
3- قال به العلاّمة فی المنتهی 1 : 176 ، وصاحب المدارک 2 : 334.
4- لفظة : له ، لیست فی « فض » و « رض ».
5- فی المصدر : فإنّه.
6- المعتبر 1 : 436.
7- منهم الفاضلان فی الشرائع 1 : 54 ، والإرشاد 1 : 239 ، والشهید فی البیان : 95.
8- القاموس المحیط 3 : 45 ( الشریعة ).

والمؤنّث والاثنان والجمع (1).

قوله :

ویدلُّ علی ذلک أیضاً ما رواه أحمد بن محمد ، عن علی بن الحکم ، عن الحسین بن أبی العلاء ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الصبی یبول علی الثوب؟ قال : « تصبّ علیه الماء قلیلاً ثم تعصر ».

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : سألته عن بول الصبی یصیب الثوب؟ فقال « اغسله » قلت : فان لم أجد مکانه؟ قال : « اغسل الثوب کلّه » فلا ینافی ما قدّمناه ، لأنّه یحتمل أنْ یکون المراد بقوله : « اغسله » صبّ علیه الماء ، ویجوز أنّ یکون أراد بول من أکل الطعام.

السند :

فی الأوّل والثانی قد کرّرنا القول فیه.

وعلی بن الحکم وإنّ ظن اشتراکه (2) ، إلاّ أنّ روایة أحمد بن محمد بن عیسی یعیّن کونه الثقة کما یعرف من النجاشی.

والحسین بن أبی العلاء غیر معلوم التوثیق إلاّ بما نقله ابن داود عن ابن طاوس فی البشری (3) ، وکونه أوجه أخویه کما فی کتب الرجال (4) مع

علی بن الحکم الذی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی هو الثقة

بحث حول الحسین بن أبی العلاء

ص: 158


1- النهایة لابن الأثیر 2 : 461 ( شرع ). وفیه : یستوی فیه الواحد والاثنان والجمع والمذکر والمؤنّث.
2- راجع هدایة المحدثین : 216.
3- رجال ابن داود : 79.
4- راجع رجال النجاشی : 52 / 117 ، منهج المقال : 110.

أن أحدهما ثقة (1) لا یقتضی التوثیق بعد التأمّل.

وعثمان بن عیسی لا أعلم توثیقه ، وقد ذکرت فیما تقدم الوجه فیه (2).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی الصبّ والعصر ، فیندفع ما ذکره البعض من الفرق بین الصبّ والغَسل بالعصر (3) ، إلاّ أن یحمل العصر علی الاستحباب لا لتوقف تحقق التطهیر علیه لیکون غَسلاً ، وفیه : أنّ الفرق غیر منحصر فیما ذکره کما نبهنا (4) علیه فیما سبق.

والثانی : صریح فی الغَسل ، ولا منافاة فیه للأوّل علی تقدیر أن یکون الغسل بالصب والعصر ، والشیخ رحمه الله کأنّه أراد عدم منافاته لما قدّمه فی الخبر الأوّل ، أعنی روایة السکونی الدالة علی أنّه لا یغسل منه الثوب (5).

فإنّ قلت : جواب الشیخ عن ذلک باحتمال إرادة الصب من الغَسل لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ ما تقدم منه من الأخبار الدالة علی الصب لیس إلاّ روایة الحلبی ، وروایة الحسین الدالة علی العصر تقتضی تقییدها إمّا بکون الماء کثیراً فی روایة الحلبی فلا تکون حاجة إلی العصر لأنّ روایة الحسین تضمنت قلّة الماء ، أو لأنّ العصر مستحب ، وکلا الأمرین یوجب عدم

إشارة إلی حال عثمان بن عیسی

وجه الجمع بین ما دلّ علی الصّب والعصر وما دلّ علی الغَسل

ص: 159


1- رجال النجاشی : 246 / 647.
2- راجع ج 1 : 71.
3- راجع ص : 150.
4- فی « فض » : ههنا.
5- راجع ص : 147.

تمامیّة توجیه الشیخ.

أما الأوّل : فلأنّ کثرة الماء تقتضی تحقق الغَسل والحال أنّه علیه السلام جعل الغَسل مع الأکل فلا بد أنّ یراد بالصب مع (1) قلّة الماء ، ومعه لا بدّ من العصر کما تضمنته روایة الحسین.

وأما الثانی : فلأنّ استحباب العصر یتوقف علی ثبوت المعارض ولم یتقدم إلاّ روایة الحلبی وفیها الاحتمال الأوّل أعنی إرادة الکثرة من الماء.

قلت : إنّ ما ذکر (2) مندفع عن الشیخ لأنّ الصب إذا دل علیه خبر الحلبی بالإطلاق تعیّن حمل العصر علی الاستحباب ، أمّا من یقول بأنّ الفرق بین الغَسل والصب یتحقق بکثرة الماء وقلّته فالإشکال علیه وارد لو عمل بالأخبار ، ومن توقف عمله علی الصحیح فهو فی (3) راحة من هذا کله.

أمّا ما ذکره الشیخ رحمه الله من الحمل علی إرادة بول من أکل الطعام فله وجه ، إلاّ أنّ الحمل علی الاستحباب أوجه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ فی المقام أُموراً لا بد من التنبیه علیها.

الأوّل : قد عرفت ممّا ذکرناه سابقاً عن البعض أنّ الفرق بین الغَسل والصب لا یتم الاّ بالعصر (4) ، وهذا إنّما یتم فیما یمکن فیه العصر ، أمّا البدن ونحوه فالحکم فیه مشکل حینئذ ، والشیخ کما تری ذکر الأخبار هنا ولم یتعرض لشی ء من ذلک والحال أنَّ مدلول روایة الحسین بن أبی العلاء

مالفرق بین الصّب والغَسل؟

ص: 160


1- لفظة : مع ، لیست فی « رض ».
2- فی « د » : ذکره.
3- لفظة : فی ، لیست فی « رض ».
4- راجع ص 847.

الثوب إذا اصابه البول وکذلک روایة سماعة ، وروایة الحلبی شاملة للثوب وغیره ، وروایة السکونی تضمنت نفی الغَسل عن الثوب.

فلو نظرنا الی ظاهر ما ذکره الشیخ وغیره من الفرق بین الصب والغَسل یحتاج فی روایة الحلبی إلی أنّ نبیّن الوجه فی المغایرة ، وهی بما ذکر من العصر وعدمه منتفیة فی البدن ، فإمّا أنّ یقال : إنّ الغَسل یحتاج إلی کثرة الماء بخلاف الصبّ ، أو نقول بالدلک (1) ، کما ذکره العلاّمة فی النهایة والتحریر (2).

إلاّ أنّ دلیله علی الدلک مدخول ، فإنّه استدل بروایة عمار الساباطی الواردة فی الإناء الذی یشرب فیه الخمر ، فإنّه علیه السلام قال : « لا یجزؤه الصب حتی یدلکه » (3).

ووجه الدخل أنّ فی الروایة احتمال کون الدلک لذهاب أجزاء (4) الخمر ، ولو فرض فی البول وجود أجزاء أمکن القول به ، لا مطلقاً.

وفی روایة الحسین بن أبی العلاء ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن البول یُصیب الجسد؟ قال : « صبّ علیه الماء مرّتین » (5) ومثلها روایة لأبی إسحاق النحوی (6).

وأنت خبیر بأنّ الظاهر من الروایتین الاکتفاء بالصبّ فی البدن ، فالفرق المحتمل غیر واضح.

ص: 161


1- فی « فض » : لدلک.
2- نهایة الإحکام 1 : 278 ، تحریر الأحکام 1 : 24.
3- التهذیب 1 : 283 / 830 ، الوسائل 3 : 494 أبواب النجاسات ب 51 ح 1.
4- فی « رض » : آخر.
5- الکافی 3 : 55 / 1 ، الوسائل 3 : 395 أبواب النجاسات ب 1 ح 4.
6- التهذیب 1 : 249 / 716 ، الوسائل 3 : 395 أبواب النجاسات ب 1 ح 3.

والمحقق رحمه الله جعل غَسل الثوب من البول مرّتین غَسلاً ، وفی البدن صبّاً ، وجعل وجه الفرق أنّ الغَسل یتضمن العصر والصب لا عصر معه ، قال : وأمّا الفرق بین الثوب والبدن فلأنّ البول یلاقی ظاهر البدن ، ولا یرسب فیه ، فیکفی صبّ الماء ؛ لأنّه یزیل ما علی ظاهره ، ولیس کذلک الثوب ، لأنّ النجاسة ترسخ فیه فلا تزول إلاّ بالعصر (1).

وأنت خبیر بأنّ للمناقشة فیه مجالاً ، وما قاله من المرّتین فی الثوب هو المشهور فی غیر بول الرضیع (2) ، بل ظاهر کلامه فی المعتبر أنّه لا خلاف فیه (3) ، وقد صرح الشهید فی البیان بأنّ الخلاف متحقق بین الأصحاب فاکتفی بعض بالمرّة (4).

وبالجملة فالإشکال فی تحقق الفرق بین الصبّ والغَسل واقع ، والله تعالی أعلم بالحال.

الثانی : ظاهر روایة سماعة لزوم غسل الثوب کله إذا لم یجد مکانه ، وغیر خفیّ أنّ الحکم مقیّد بما إذا لم یُعلم انتفاء النجاسة فی جانب.

وقوله : فإن لم أجد مکانه ، معلوم أنّ المراد به العلم بالإصابة مع جهل المکان ، والخبر وإنّ لم یکن معتبراً إلاّ أنّ الشیخ فی التهذیب روی بطریق حسن فی باب تطهیر الثیاب ما یدل علی مضمونه فی المنی ، ونحو ذلک أخبار صحاح (5).

والمحقق فی المعتبر استدل علی الحکم حیث إنّ ظاهر الأخبار

لزوم غَسلْ کلّ الثوب الذی أصابه بول الصبی ولم یوجد مکانه

ص: 162


1- المعتبر 1 : 435.
2- انظر الحبل المتین : 95.
3- المعتبر 1 : 435.
4- البیان : 93.
5- التهذیب 1 : 251 ، 252.

غَسل ما یقع فیه الاشتباه بأنّ النجاسة موجودة علی الیقین ، ولا یحصل الیقین بزوالها إلاّ بغَسل جمیع ما وقع فیه الاشتباه (1).

واعترض علیه بأنّ یقین (2) النجاسة یرتفع بغَسل جزء ممّا وقع فیه الاشتباه وإنّ لم یحصل القطع بغَسل ذلک المحل بعینه (3).

وفی نظری القاصر أنّ هذا الاعتراض لا وجه له بعد ورود معتبر الأخبار بغَسل الثوب کله ، وقد أوضحت الحال فی حاشیة التهذیب بما حاصله : أنّا نمنع ارتفاع یقین (4) النجاسة بما ذکر ، لأنّه لا معنی للنجاسة إلاّ المنع من العبادة بسبب وصول العین النجسة (5) إلی الثوب علی وجه خاص ، فزوال المنع یتوقف علی إباحة الشارع ما منع منه ، ولم یعلم إلاّ بغَسله کلّه ، وعدم یقین بقاء العین بعد غَسل جزء لا یستلزم زوال المنع.

فإنّ قلت : الدلیل الدال علی أنّ النجاسة لا بدّ فیها من العلم موجود وبتقدیر غَسل الجزء یزول الیقین (6) ، فیزول المنع.

قلت : قد تقدم منّا جواب هذا بما یغنی عن الإعادة تفصیلاً ، والإجمال أنّ یقین (7) النجاسة لا یرفعه إلاّ ما أعدّه الشارع ، والمعدّ هنا غَسل ما یحصل فیه الاشتباه ، وحصول النجاسة حینئذ بالظن لا یضرّ ، لأنّ الممنوع منه علی ما یستفاد من الأدلة عدم الاعتبار بظن النجاسة ابتداءً ، وبالجملة

ص: 163


1- المعتبر 1 : 438.
2- فی « فض » و « رض » : تعین.
3- کما فی المدارک 2 : 334.
4- فی « فض » و « رض » : تعین.
5- فی « فض » : النجاسة.
6- فی « فض » : التعین.
7- فی « فض » « رض » : تعین.

لا تعارض بین ما دل علی العلم وبین ما نحن فیه.

فإنّ قلت : مقتضی الروایة المرویة (1) فی التهذیب (2) أنّ غَسل الثوب کله أحسن ، والمطلوب وجوب الغَسل لا حسنة ، إذ الأکملیة لا ریب فیها.

قلت : الأمر کما ذکرت إلاّ أنّ غیره من الأخبار أصرح منه ، وإنّ أردت تحقیق الحال فارجع إلی ما ذکرناه ثَمّ.

الثالث : ربما یستفاد من خبر الحسین بن أبی العلاء أنّ العصر لکون البول استنقع فی الثوب کما یشعر به قوله : الصبی یبول علی الثوب. وقد ذکر الشهید رحمه الله فی الذکری : أنّ العلّة فی العصر وجوب إخراج النجاسة (3). لکن لا یخفی أنّ الوجه المذکور یقتضی عدم لزوم العصر إذا علم انتفاء دخول شی ء من النجاسة فی بطن الثوب ، والمدعی الوجوب مطلقاً ، والخبر المذکور لا یصلح للاعتماد علیه فی إثبات الحکم ؛ لوجوه : أظهرها أنّ إطلاق الصب فی الأخبار موجود مع قیام احتمال دخول النجاسة.

وما ذکره العلاّمة فی التذکرة والنهایة (4) : من أنّ وجه العصر نجاسة الغُسالة. ففیه : أنّ نجاسة الغسالة لا تختص بنجاسة دون نجاسة فیبقی العصر فی نجاسة البول مطلقاً. ولا یقول به.

أمّا ما اعترض علیه به من أنّ اللازم من التوجیه الاکتفاء بما یحصل به الإزالة وإنّ کان بمجرّد الجفاف ، فلا یتعین العصر (5). ففیه نظر ؛ لأنّ الظن

ما هی العلّة فی لزوم العصر؟

ص: 164


1- لفظة : المرویة ، لیست فی « رض ».
2- التهذیب 1 : 252 / 728 ، الوسائل 3 : 424 أبواب النجاسات ب 16 ح 4.
3- الذکری : 14.
4- التذکرة 1 : 80 ، نهایة الإحکام 1 : 277.
5- کما فی المدارک 2 : 326.

حاصل بانفصال النجاسة مع العصر دون الجفاف.

وما ذکره شیخنا قدس سره : من أنّ هذا یعنی الظن المذکور مجرّد دعوی خلیة عن الدلیل (1). محل بحث.

نعم الأولی أنّ یقال : إنّ نجاسة الغُسالة علی تقدیر القول بها بعد الانفصال سواء کان بالعصر أو غیره ، فما یتخلف فی الثوب لا یحکم بنجاسته کما تدل علیه الأدلة العامة المنبئة عن طهارته بالغَسل بصبّ الماء علی المحل ، إلاّ أنّ فی ثبوت ما یصلح للاستدلال بالاکتفاء بالصبّ علی الإطلاق تأمّلاً ، فلا ینبغی الغفلة عن هذا کلّه.

اللغة :

قال فی القاموس : عَصَرَ العِنَبَ ونحوَه یَعْصِرُه فهو مَعْصورٌ وعَصیر ، واعْتَصَرَهُ اسْتَخْرَجَ ما فیه (2).

وعرّفه جدّی قدس سره بأنّه کبس الثوب بالمعتاد لإخراج الماء المغسول به (3). وأنت خبیر بالمغایرة بین المعنی اللغوی والتفسیر المذکور ، فتدبّر.

قوله :

باب المذی یصیب الثوب والجسد.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسن بن سعید ، عن ابن أبی

معنی العصر

المذی یصیب الثوب والجسد

اشارة

ص: 165


1- المدارک 2 : 326.
2- القاموس المحیط 2 : 93 ( العصر ).
3- الروضة البهیة 1 : 61.

عمیر ، عن غیر واحد من أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لیس فی المذی من الشهوة ، ولا من الإنعاظ ، ولا من القُبلة ، ولا من مسّ الفرج ، ولا من المضاجعة وضوء ، ولا یغسل منه الثوب ولا الجسد ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن علی بن الحکم ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المذی یصیب الثوب؟ قال : « إن عرفت مکانه فاغسله وإنّ خفی مکانه علیک فاغسل الثوب کله ».

عنه ، عن علی ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المذی یصیب الثوب فیلتزق به؟ قال : « یغسله ولا یتوضّأ ».

فالوجه فی قوله : « یغسله » ضرب من الاستحباب ، وقد استوفینا ما یتعلق بهذا الباب فی الکتاب الکبیر ، وفیما ذکرناه ها هنا وفیما تقدم من الکتاب کفایة إنّ شاء الله ، وقد روی هذا الراوی بعینه ما ذکرناه.

روی أحمد بن محمد ، عن علی بن الحکم ، عن الحسین بن أبی العلاء قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المذی یصیب الثوب؟ قال : « لا بأس به » فلما رددنا علیه قال : « ینضحه ».

السند :

فی الأوّل معروف الحال ممّا تقدم (1) ، ومال بعض مشایخنا إلی عدّه من الصحیح (2) ، وإنّ لم نقل بقبول مراسیل ابن أبی عمیر ؛ لأنّ قوله : عن

بحث حول إرسال ابن أبی عمیر عن غیر واحد

ص: 166


1- راجع ص 543.
2- کصاحب المدارک 1 : 152.

غیر واحد ، یفید ذلک. ولا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ غیر الواحد إذا لم یحصل فیهم الوصف المعتبر فی القبول لا یفید.

وکذلک حال الثانی ، غیر أنّ علی بن الحکم قد أسلفنا أنّ الراوی عنه إذا کان أحمد بن محمد بن عیسی فهو الثقة (1) بتقدیر الاشتراک.

ومرادنا بتقدیر الاشتراک أنّ احتمال الاتحاد له نوع وجه ؛ لأنّ علی بن الحکم الکوفی الثقة ذکره الشیخ فی الفهرست (2) ، والنجاشی ذکر علی بن الحکم بن الزبیر النخعی غیر موثق (3). والکشی ذکر علی بن الحکم الأنباری (4) ، فالعلاّمة ظن التعدد (5) وکذلک ابن داود (6).

وربما کان الوجه فی ذلک أنّ الکشی نقل عن حمدویه ، عن محمد بن عیسی : أنّ علی بن الحکم هو ابن أخت داود بن النعمان بیّاع الأنماط ، وهو نسیب بنی الزبیر الصیارفة ، وعلی بن الحکم تلمیذ ابن أبی عمیر (7). ولا یبعد أنّ یکون الضمیر فی « وهو نسیب بنی الزبیر » عائداً إلی داود بن النعمان کما ینبه علیه ذکر علی بن الحکم ثانیاً ، فلا یتوهم التعدد.

وممّا یؤیّد عدم التعدد أنّ الشیخ ذکر الکوفی خاصّة ، والنجاشی النخعی خاصّة ، والکشی الأنباری خاصّة ، ولا مانع من اتصاف الرجل الواحد بأوصاف ، غیر أنّ مجال الاحتمال واسع ، أمّا ما اتفق للعلاّمة وابن

بحث حول علی بن الحکم

ص: 167


1- راجع ص 847.
2- الفهرست : 87 / 366.
3- رجال النجاشی : 274 / 718.
4- رجال الکشی 2 : 840 / 1079.
5- خلاصة العلاّمة : 93 / 14 و 98 / 33.
6- رجال ابن داود : 138 / 1044 1046.
7- رجال الکشی 2 : 840 / 1079.

داود من الاختلاف فأمره سهل کما لا یخفی.

والثالث کالثانی.

والرابع لیس فیه إلاّ الحسین بن أبی العلاء ممّا یوجب التوقف فی الصحة علی ما قدّمناه (1).

المتن :

فی الأوّل ظاهر الدلالة علی طهارة المذی سواء حصل من الشهوة أو الإنعاظ أو القُبلة أو المسّ أو المضاجعة ، بقرینة قوله علیه السلام أخیراً : « ولا یغسل منه الثوب » وقد قدّمنا النقل عن العلاّمة فی ما سبق أنّه استدل بهذا الخبر علی نفی الوضوء بمسّ الفرج (2) ، وبیّنا ما ذکرناه هنا.

والعجب من بعض المحقّقین سلّمه الله أنّه قال : قوله علیه السلام : « ولا من الإنعاظ » إمّا معطوف علی قوله : « من الشهوة » أو علی قوله : « فی المذی » وعلی الأوّل یکون الکلام مقصوراً علی ذکر عدم النقض بالمذی وحده سواء کان من الشهوة أو من الإنعاظ أو ما عطف علیه ، وعلی الثانی یکون الغرض عدم النقض بشی ء من الأُمور الخمسة ، قال - سلّمه الله - : وبهذا یظهر عدم صلاحیته للاستدلال علی عدم النقض بمسّ الفرج ، فاستدلال العلاّمة وغیره علی ذلک محل کلام (3) ، انتهی.

وأنت خبیر بأنّ ما ذکرناه من دلالة آخر الحدیث لا ارتیاب فیها واحتمال غیره خلاف الظاهر ، بل خلاف الصریح ، علی أنّ العطف علی

إشارة إلی حال الحسین بن أبی العلاء

دلالة مرسلة ابن أبی عمیر علی طهارة المذی

هل تدل المرسلة علی عدم ناقضیة مسّ الفرج للوضوء؟

ص: 168


1- فی ص 150.
2- راجع ص 394 399.
3- البهائی فی الحبل المتین : 31.

قوله : « فی المذی » یوجب سماجة (1) اللفظ کما هو واضح.

والخبر الثانی والثالث نقل العلاّمة فی المختلف عن ابن الجنید أنّه احتج بهما علی نجاسة المذی بعد أن نقل عنه أنّه قال : ما کان من المذی ناقضاً لطهارة الإنسان غُسل منه الثوب والجسد ، ولو غُسل من جمیعه کان أحوط (2). قال العلاّمة : وجَعَل المذی الناقض ما خرج عقیب شهوة لا ما کان ) (3) من الخلقة.

وأجاب العلاّمة عن الحدیثین بالمنع من صحة السند أوّلاً ، وبالحمل علی الاستحباب ثانیاً.

وزاد فی الحجّة أیضاً أنّ المذی خارج من أحد السبیلین فکان نجساً کالبول. وأجاب بما هذا لفظه : الجواب عن القیاس بالفرق بما افترق به الأصل والفرع وإلاّ لاتّحدا وهو ینافی القیاس ، علی أنّ القیاس عندنا باطل (4).

واعترض الوالد قدس سره علی الحجّة بالخبرین أنّهما لا یناسبان قول ابن الجنید ؛ لأنّه خصّ بالناقض ، وجعل الغَسل من الجمیع أحوط ، قال قدس سره : وهذا یعنی تخصیص قول ابن الجنید وإنّ کان فی موضع النظر من حیث إنّ المعروف من المذی ما کان عقیب الشهوة ، وقد فسّر به الناقض الذی جعله مناطاً لوجوب الغَسل ، إلاّ أنّه بعد فرضه صدق الاسم علیه وعلی غیره لا یناسبه التمسک بالحدیثین ، قال قدس سره : وأمّا القیاس علی

أدلّة ابن الجنید علی نجاسة المذی والجوب عنها والمناقشة فی الجواب

ص: 169


1- سَمج کَکَرُمَ سَماجَة قبُحَ ، القاموس المحیط 1 : 201 ( سمج ).
2- المختلف 1 : 304.
3- بدل ما بین القوسین فی « د » : إلاّ ما کان ، وفی « رض » : لا ما خرج.
4- المختلف 1 : 305.

البول فلأنه یقتضی نجاسة الجمیع والتفصیل ینافیه. (1). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ لابن الجنید أنّ یقول فی دفع الاعتراض : أما الأوّل فبأنّ ما دل علی النقض تضمن التخصیص بما کان عن شهوة ، وهو خبر علی بن یقطین المعدود فی الصحیح حیث قال علیه السلام فیه عن المذی : « إنّ کان عن شهوة نقض » (2).

والمناقشة بأنّ المعروف فی المذی ما کان عقیب الشهوة ، یدفعها الخبر المبحوث عنه فإنّه ذکر المذی من الشهوة وغیرها ، وفی خبر لعلی بن یقطین أنّ المذی من شهوة وغیر شهوة منه الوضوء (3). وهذا وإنّ کان مخالفاً لقول ابن الجنید ، إلاّ أنّه یدفع المناقشة ، ولابن الجنید أنّ یوجّه ذلک ، وإن کان الحق اندفاع ما قاله من النقض بما ذکرناه فی موضعه ، غایة الأمر أنّ ما ذکره الوالد قدس سره لا یخلو من غرابة.

ثم الاعتراض بعدم دلالة الخبرین علی التفصیل له وجه إلاّ أنّ النظر الی الأخبار الدالة علی النقض والدالة علی الغَسل یوجب التقیید ، والاکتفاء بالإجمال اعتماداً علی الظهور غیر عزیز الوجود ، ومثل هذا القیاس علی البول.

وقد أجاب العلاّمة بضعف الخبرین (4) ، إمّا للحسین بن أبی العلاء ، أو لاشتراک علی بن الحکم علی ما ظنه ، فلا صراحة فی کلامه علی عدم توثیق الحسین بن أبی العلاء.

ص: 170


1- معالم الفقه : 210.
2- التهذیب 1 : 19 / 45 ، الوسائل 1 : 279 أبواب نواقض الوضوء ب 12 ح 11.
3- التهذیب 1 : 21 / 53 ، الإستبصار 1 : 95 / 306 ، الوسائل 1 : 281 أبواب نواقض الوضوء ب 12 16 ، وفی الجمیع : یعقوب بن یقطین بدل علی بن یقطین.
4- راجع ص 853.

وقد اعترض الوالد قدس سره علی جواب العلاّمة عن الحجّة الأُخری بأنّ محاولته إبداء الفارق یشعر بکونه جواباً علی طریق التنزل والتسلیم ، لا سیما بقرینة قوله : علی أنّ القیاس. فإنّه ارتقاء من الأدنی یعنی تجویز القیاس إلی منع العمل ، به واعتبار الفرق الذی ذکره یقتضی نفی القیاس رأساً ؛ إذ ما من قیاس إلاّ یتأتّی فیه هذا الفرق ، ولو حمل علی جعله وجهاً لإبطال أصل القیاس لم یبق لقوله « علی » معنیً ، هذا (1). انتهی ملخصاً.

ولا یخفی وجاهته ، غیر ان فی نظری القاصر یمکن تکلّف الجواب بأنّ مراده أوّلاً بیان بطلان القیاس علی مذهب الخصم ، فلو رام دفع الجواب بأنّ الفرق بین الفرع والأصل لا یقتضی عدم صحة القیاس یقال : إنّه عندنا باطل بالإجماع ، ویکون لفظة : عندنا ، دالاًّ علی الإجماع ، والترقی من الأدنی إلی الأعلی ممکن بأنّ یقال : إنّ المراد ابطال القیاس بوجهین : أدنی ، وهو لزوم عدم الفرق ، وأعلی وهو الإجماع ، ووجه کون الأوّل أدنی إمکان الدخل فیه بخلاف الثانی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة قال فی الاحتجاج للطهارة : لنا : الإجماع من الإمامیة علی طهارته ، وخلاف ابن الجنید غیر معتدٍّ به ، فإنّ الشیخ رحمه الله لمّا ذکره فی الفهرست وأثنی علیه قال : إلاّ أنّ أصحابنا ترکوا خلافه لأنّه کان یقول بالقیاس (2). انتهی.

ولقائل أنّ یقول : العجب منه رحمه الله أوّلاً : أنّ الإجماع لا یشترط فیه جمیع الأعصار لیحتاج إلی الطعن فی ابن الجنید ، وثانیاً : أنّه لو کان معتمداً لما ضرّ علی تقدیر اعتبار الجمیع لمعلومیة النسب ، وثالثاً أنّه فی إیضاح

کلام حول دعوی العلّامة الإجماع علی طهارة المذی

ص: 171


1- معلم الفقه : 211.
2- المختلف 1 : 304 ، وهو فی الفهرست : 134 / 590.

الاشتباه قال فی ترجمة ابن الجنید ما هذا لفظه - بعد نقل کلام لصفی الدین ابن معد یتضمن المدح لبعض مصنفات ابن الجنید - : وأقول : وقع إلیّ من مصنفات الشیخ المعظم الشأن کتاب الأحمدی فی الفقه المحمدی ، وهو مختصر هذا الکتاب ، جیّد ، یدل علی فضل هذا الرجل وکماله وبلوغه الغایة القصوی فی الفقه وجودة نظره ، وأنا ذکرت خلافه وأقواله فی کتاب مختلف الشیعة (1). انتهی.

وأنت خبیر بأنّ هذا الکلام مناف لما قاله فی المختلف.

وربما یمکن الجواب عن الأوّل : بأنّ الإجماع وإن لم یعتبر فیه جمیع الأعصار إلاّ أنّه إذا اتفقت فیه جمیع الأعصار کان أولی بالاستدلال.

وعن الثانی : بأنّ معلومیة النسب وإن کانت غیر قادحة فی الإجماع عنده إلاّ أنّه إذا انضمّ إلیها ما یزید الدلیل قوة کان أحری بالقبول ، علی أنّ فی عدم القدح بالمعلوم نوع کلام ، لاحتمال وجود المشارک کما ذکره بعض مشایخنا (2) ، وإن کان فیه نظر ؛ لأنّ المفروض انحصار المخالف فی المعلوم ، والاحتمال البعید لا یقدح ، غیر أنّ تحقق الإجماع الحقیقی علی تقدیر الإمکان فی بعض الأزمان فی غایة البعد ، هذا.

وما ذکره الشیخ من الحمل علی الاستحباب ظاهر الوجاهة ، وقد یحتمل التقیة لولا نفی الوضوء فی الخبر الثالث.

بقی فیه شی ء وهو أنّ قوله : قال : « ینضحه » کما یحتمل أنّ یکون من الإمام علیه السلام حین ردّد علیه الحسین أبی العلاء یحتمل أنّ یکون من الحسین والرادّ علیه علی بن الحکم ، ووجه الرّد أنّهم رووا عنه أنّه سمع

ص: 172


1- إیضاح الاشتباه : 291.
2- لم نعثر علیه فی المدارک والحبل المتین.

خلاف ذلک ، فقال عوض لا بأس به » « ینضحه » لکن لا یخفی بُعد هذا ، فتأمّل.

اللغة :

قد قدّمنا تفسیر المذی عن بعض (1) ، والإنعاظ قال فی القاموس : إنّه قیام الذکر (2). وفیه أیضاً : نضح البیت ینضحه : رشّه (3).

قوله :

باب المقدار الذی یجب إزالته من الدم وما لا یجب

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم قال : قلت له : الدم یکون فی الثوب علیّ وأنا فی الصلاة ، قال : « إنّ رأیته وعلیک ثوب غیره فاطرحه وصلّ ، فإنّ لم یکن علیک غیره فامض فی صلاتک ولا اعادة علیک ما لم یزد علی مقدار الدرهم [ وإنّ کان أقل (4) ] من ذلک فلیس بشی ء رأیته أو لم تره ، فاذا کنت قد رأیته وهو أکثر من مقدار الدرهم وضیّعت غَسله وصلّیت فیه صلاة کثیرة فأعد ما صلّیت فیه ».

وأخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ،

معنی الإنعاظ والنضح

المقدار الذی یجب إزالته من الدم ومالایجب

اشارة

ص: 173


1- راجع ص 853.
2- القاموس المحیط 2 : 414 ( نعظ ).
3- القاموس المحیط 1 : 262 ( نضح ).
4- ما بین المعقوفین أثبتناه من الاستبصار 1 : 175 / 609.

عن أبیه ، عن محمد بن علی بن محبوب ، عن الحسین بن الحسن ، عن جعفر بن بشیر ، عن إسماعیل الجعفی ، عن أبی جعفر علیه السلام (1) قال فی الدم یکون فی الثوب : « إن کان أقلّ من قدر الدرهم فلا یعید الصلاة ، وإن کان أکثر من قدر الدرهم وکان رآه فلم یغسله حتی صلّی فلیعد صلاته ، وإن لم یکن رآه حتی صلّی فلا یعید الصلاة ».

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار (2) ، عن علی بن الحکم ، عن زیاد بن أبی الحلال ، عن عبد الله بن أبی یعفور قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : ما تقول فی دم البراغیث؟ قال : « لیس به بأس » قال ، قلت : إنّه یکثر ، قال : « وإن کثر » قال : قلت : فالرجل یکون فی ثوبه نقط الدم لا یعلم به ثم یعلم فینسی (3) أن یغسله فیصلّی ثم یذکر بعد ما صلّی أیعید صلاته؟ قال : « یغسله ولا یعید صلاته إلاّ أن یکون مقدار الدرهم مجتمعاً فیغسله ویعید الصلاة ».

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن علی بن حدید ، عن جمیل بن درّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن ابی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام أنّهما قالا : « لا بأس بأن یصلّی الرجل فی الثوب وفیه الدم متفرقاً شبه النضح ، فإن کان قد رآه صاحبه قبل ذلک فلا بأس به ما لم یکن مجتمعاً قدر الدرهم ».

ص: 174


1- فی « د » : أبی عبد الله علیه السلام .
2- فی الاستبصار 1 : 176 / 611 زیادة : عن أحمد بن محمد.
3- فی الاستبصار 1 : 176 / 611 : فنسی.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه علی ما قدّمناه ، وحمّاد هو ابن عیسی کما صرّح به الصدوق فی الفقیه حیث قال فی إسناده إلی وصیة أمیر المؤمنین علیه السلام لابنه محمد بن الحنفیة : عن علی بن إبراهیم بن هاشم ، عن أبیه ، عن حماد بن عیسی ، ویغلط أکثر الناس فیجعلون مکان حماد بن عیسی : حمّاد بن عثمان ، وإبراهیم بن هاشم لم یلق حمّاد بن عثمان (1). والعلاّمة فی الخلاصة ذکر ذلک تبعاً (2). وما قد یظن من ( إمکان ذلک للتصریح فی ) (3) کتب الرجال حیث ذکر إبراهیم وحمّاد بن عثمان فی أصحاب الرضا (4) ، یدفعه أنّ اللقاء أمر آخر کما لا یخفی.

والثانی : فیه الحسین بن الحسن علی ما وقفت علیه من النسخ ، ولا یبعد کونه ابن أبان ، وقد أسلفنا بیان حاله (5).

وفی فوائد شیخنا المحقق أیّده الله علی الکتاب ما هذا لفظه : قیل : لعلّ الصواب : الحسن بن الحسین ، وهو اللؤلؤی ؛ لما تقدم فی باب من دخل فی الصلاة بتیمم من روایة محمد بن علی بن محبوب ، عنه ، عن جعفر بن بشیر. وفیه نظر ، وکأنّ الحسین هو ابن الحسن بن أبان والحدیث صحیح ، أو هو ابن الحسن الفارسی المذکور مهملاً. انتهی کلامه أیّده الله.

وکأنّ وجه النظر أنّه لا یلزم من تلک الروایة کونه مطّرداً ، وهو کذلک ،

حماد الذی یروی عنه إبراهیم بن هاشم هو حماد بن عیسی

بحث حول الحسین بن الحسن

ص: 175


1- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 125.
2- الخلاصة : 56 / 2.
3- ما بین القوسین لیس فی « د ».
4- راجع رجال الطوسی : 369 / 30 و 371 / 1.
5- فی ص 27.

إلاّ أنّ الظن یقرب إلی ترجیح ما ذکره القائل لولا اتفاق النسخ ، وبالجملة فللکلام مجال فی صحة الحدیث بالنسبة إلی الرجل المبحوث عنه بعد وجود من ذکر مهملاً.

وأمّا إسماعیل الجعفی فهو وإنّ کان مشترکاً بین ابن جابر وبین ابن عبد الرحمن المذکور فی رجال الباقر والصادق علیهماالسلام من کتاب الشیخ : إنّه کان فقیهاً (1). إلاّ أنّ الظاهر کونه ابن جابر وقد وقع فیه نوع اضطراب ؛ لأن النجاشی ذکره من غیر توثیق (2) ، والعلاّمة وثّقه (3).

والذی وجدناه فی کتاب الشیخ من رجال الباقر علیه السلام إسماعیل بن جابر الخثعمی وقال إنّه ثقة ممدوح (4). والعلاّمة قال بعد لفظ ثقة : ممدوح ، وهو قرینة علی أنّ الأخذ من کلام الشیخ ، فیکون الخثعمی فی النسخ ، وممّا یؤیّد ذلک أنّ النجاشی قال فی : إنّه روی حدیث الأذان (5) ، والحدیث فی کتابی (6) الشیخ بلفظ الجُعفی.

وفی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ : الخثعمی أیضاً من غیر توثیق (7).

والثالث : فیه أنّ الصواب روایة الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن

بحث حول إسماعیل الجعفی

ص: 176


1- رجال الطوسی : 104 / 15 و 147 / 84.
2- رجال النجاشی : 32 / 71.
3- خلاصة العلاّمة : 8 / 2.
4- رجال الطوسی : 105 / 18.
5- رجال النجاشی : 32 / 71.
6- فی « د » و « رض » : کتاب. والحدیث موجود فی التهذیب 2 : 59 / 6. والاستبصار 1 : 305 / 1132.
7- رجال الطوسی : 147 / 93.

علی بن الحکم ، کما فی التهذیب (1). وزیاد بن أبی الحلال وعبد الله حالهما فی الجلالة غنی عن المقال.

والرابع : ضعیف بعلی بن حدید والإرسال ، وأبو جعفر هو أحمد بن محمد بن عیسی علی ما ذکره العلاّمة فی الخلاصة (2) ، والاعتبار یساعده ، إلاّ أنّا قدّمنا ما یوجب نوع ریب فی ذلک ، وأمره سهل (3).

والعجب من العلاّمة رحمه الله فی الخلاصة أنّه قال فی ترجمة إسماعیل بن عبد الرحمن الجعفی الذی أشرنا إلی احتماله سابقاً ما هذا لفظه : إسماعیل ابن عبد الرحمن الجُعفی الکوفی تابعی من أصحاب أبی عبد الله الصادق سمع من أبی الطفیل مات فی حیاة أبی عبد الله علیه السلام وکان فقیهاً وروی عن أبی جعفر الباقر علیه السلام ، ونقل ابن عقدة أنّ الصادق علیه السلام ترحّم علیه ، وحکی عن ابن نمیر أنّه قال : إنّه ثقة ، وبالجملة إنّ حدیثه اعتمد علیه (4). انتهی.

وأنت خبیر بأنّ ما ذکره لا یصلح للاعتماد إلاّ أن یکون له وجه آخر مخفی ، ومثل هذا یوجب التعجب.

المتن :

فی الأوّل : یدل صدره علی أنّ الدم إذا رئی فی الثوب فی أثناء الصلاة وکان علی المصلّی ثوب غیر الذی فیه الدم فلیطرح الثوب ولیصلّ ،

إشارة إلی جلالة زیاد بن ابی الحلال وعبدالله بن أبی یعفور

علی بن حدید ضعیف

أبو جعفر الذی یروی عنه سعد بن عبدالله هو أحمد بن محمّد بن عیسی

کلمة حول إسماعیل بن عبدالرحمان الجعفی

مایستفاد من روایة محمّد بن مسلم فی مسألة رؤیة الدم فی الثوب فی حال الصلاة

ص: 177


1- التهذیب 1 : 255 / 740 ، الوسائل 3 : 435 أبواب النجاسات ب 23 ح 1.
2- الخلاصة : 271.
3- فی « د » زیادة : حاصل ما ذکرناه أنّ العلاّمة فی فوائد الخلاصة جزم بأنّ ما یذکره الشیخ وغیره عن سعد بن عبد الله عن أبی جعفر ، فالمراد بأبی جعفر أحمد بن محمد بن عیسی والحال أنّ فی الکافی فی تاریخ مولد النبی صلی الله علیه و آله سعد بن عبد الله عن أبی جعفر محمد بن عمرو بن سعید ، نعم الشیخ صرّح بأنه أحمد بن محمد فی التهذیب فی کتاب الطهارة فی سؤر الکلب ، فتأمل.
4- الخلاصة : 8 / 3.

وإن لم یکن غیره فلیمض فی الصلاة ، وقوله : « ما لم یزد » هکذا فیما وقفت علیه ، لکنه فی التهذیب : « وما لم یزد » (1) والمعنی علی ما فی التهذیب أوضح ، لکن الظاهر ارتباطه بالسابق أیضاً علی معنی أنّ وجوب الطرح إنّما هو إذا زاد علی مقدار الدرهم.

وقد یشکل الارتباط بأنّ الزیادة إنّما ذکرت لما بعدها من جهة الفرق بین الرؤیة وعدمها. ویمکن أن یقال : إنّه لا منافاة فیجتمع الأحکام.

وأنت خبیر بأنّ الإطلاق فی صدره یشمل ما لو استلزم الطرح فعلاً کثیراً وعدمه ، وبعض المتأخّرین قیّد الحکم بغیر الفعل الکثیر (2).

ثم إنّ الإطلاق فی المضیّ یتناول الضرورة وعدمها ، وفیه أیضاً کلام ذکرناه فی محلّه.

ثم إنّ ما یقتضیه هذه العبارة من قوله : « ما لم یزد » من دون الواو لو کان مرتبطاً بما قبله إمّا بالإعادة ، أو بالمضی فی الصلاة ، أو بالطرح والصلاة لم یبق لقوله : « فلیس بشی ء رأیته أو لم تره » مناسبة کما لا یخفی ، بل یضر بحال ما تقدم ؛ لأنّه إذا کان لیس بشی ء فلا وجه لبعض ما تقدّم إلاّ بالحمل علی الاستحباب فی بعض ، ویلزم نوع اضطراب فی المتن.

ولا یخفی دلالة عجز الخبر علی اعتبار کون الدم أکثر من درهم ، لکن یدل علی أنّ الدم رئی لتکون الصلاة وقعت نسیاناً أو جهلاً علی احتمال لا یخلو من تأمّل ، والرؤیة المذکورة لا تخلو من شمول بحسب الإطلاق لما قبل الصلاة أو فی أثنائها ، وقد یظن ظهور تضییع الغَسل بما

ص: 178


1- التهذیب 1 : 254 / 736 ، الوسائل 3 : 431 أبواب النجاسات ب 20 ح 6 وفیه : ما لم یزد.
2- کما فی المدارک 2 : 353.

قبل الصلاة کما یعرف بالتأمّل ، کما یظهر منه وجه التأمل فی تناول الجاهل ، وإن أمکن أن یکون من أسباب التضییع عدم السؤال عن حکمه.

وأنت خبیر بأنّ الظاهر أیضاً من التضییع ینافی النسیان ، ولعل التوجیه غیر عسر.

والخبر الثانی : له تأیید لما تضمنه العجز ، والکلام فی الرؤیة فیه کالأوّل ، إلاّ أنّ له ظهوراً أزید من الأوّل فی الدلالة علی ما قبل الصلاة ، واحتمال أنّ یقال بصراحته ، لما یفهم من قوله : « حتی صلّی » یدفعه التأمّل الصادق.

وقد نقل العلاّمة (1) والمحقّق (2) فی المعتبر الإجماع علی وجوب إزالة ما زاد علی الدرهم ، کما ادّعیا الإجماع علی أنّ الأقل من الدرهم لا تجب إزالته ، وإنّما الخلاف فی مقدار الدرهم ، فذهب البعض إلی عدم العفو عنه (3) ، وینقل عن السیّد المرتضی وسلاّر عدم وجوب الإزالة (4).

والخبر الثالث : کما تری یدل علی اعتبار مقدار الدرهم مجتمعاً.

وقیل فی توجیه دلالته : إنّه لو کان العفو عن مقدار الدرهم حاصلاً لما وجب إعادة الصلاة مع النسیان (5).

والخبران الأوّلان یدلان علی اعتبار الزیادة ، والمفهوم منهما العفو عن المساوی ، إلاّ أنّ بعض القائلین بالعفو عن المساوی قال : إنّه لا یعارض الخبران (6) الخبر الثالث لاعتضاد الخبرین بأصالة البراءة ، والقائلون بعدم العفو

حکم الدم إذا کان مساویاً للدرهم

ص: 179


1- التذکرة 1 : 73 والمختلف 1 : 319.
2- المعتبر 1 : 429.
3- اختاره فی المختلف 1 : 319.
4- نقله عنهما فی المختلف 1 : 318 ، وهو فی الانتصار : 13 ، والمراسم : 55.
5- قال به العلاّمة فی المختلف 1 : 319 ، وصاحب المدارک 2 : 312.
6- فی « فض » زیادة : مفهوم.

عن المساوی أیّدوا الخبرین بالأخبار المطلقة الدالة علی إزالة الدم کیف کان ، خرج ما وقع الاتفاق علیه ، وهو الناقص ، فبقی الباقی ، وللکلام فی المقام مجال وقد بسطنا القول فیه فی حاشیة الروضة غیر أنّا نذکر هنا ما لا بدّ منه.

( فنقول : لا ریب فی تعارض خبری محمد بن مسلم وابن أبی یعفور عند من یعمل بالحسن علی ما ذکره من رأینا کلامه ) (1) من الأصحاب (2) أمّا خبر الجعفی فالعمل به غیر واضح الوجه ، ومع التعارض فالأولی الاعتماد علی أنّ ذکر الزیادة فی خبر ابن مسلم تنبیه علی أن اتفاق کون الدم بمقدار الدرهم بعید ، والغالب فیه الزیادة والنقصان ، ویؤیّد ذلک ما فی روایة إسماعیل الجعفی من ذکر الأقل والأکثر من دون ذکر المساوی ، وعلی هذا فالمفهوم الحاصل من روایة محمّد بن مسلم یقید بروایة ابن أبی یعفور ، کما أنَّ مفهوم الشرط الأوّل فی روایة الجعفی یقیّد الثانی فیها.

وإنّ لم یعمل بالحسن فخبر ابن ابی یعفور لا معارض له ، نعم فیه نوع إجمال وسنذکره إنّ شاء الله.

وفی نظری القاصر أنّ المفهوم فی خبر محمد بن مسلم وإنّ ذکره والدی قدس سره (3) أیضاً لا یخلو من تأمّل ؛ لاحتماله أمرین : أحدهما عدم الرؤیة وهو أکثر من مقدار الدرهم ، وثانیهما الرؤیة وهو مساوٍ ، وخبر ابن أبی یعفور تضمن النسیان ، وهو مخصوص بالرؤیة ، إذ النسیان لا یکون إلاّ معها ، فإطلاق تقیید کل من الروایتین بالأخری محل بحث یظهر بمزید

ص: 180


1- ما بین القوسین ساقط من « رض ».
2- معالم الفقه : 293 294.
3- معالم الفقه : 293 294.

التأمّل وجهه ، هذا.

وقد اتفق للعلاّمة فی المختلف الاحتجاج بروایة إسماعیل الجعفی للقول بمساواة الدرهم للزائد عنه ، واقتصر منها علی الشرط الأول (1) ، وهو غریب.

وفی المنتهی ذکرها فی حجة مساواته للناقص (2) ، ولا یخلو من تأمّل ؛ لأنّه وإن استفید من الشرط الثانی إلاّ أنّ معارضة من الشرط الأول موجود فی الروایة.

وقد أجاب العلاّمة عن خبر محمد بن مسلم بأنّه لم یسنده إلی إمام قال : وعدالته وإنّ کانت تقتضی الإخبار عن الإمام إلاّ أنّ ما ذکرناه یعنی حدیث ابن أبی یعفور لا لبس فیه (3).

وأنت خبیر بأنّ مثل هذا الإضمار لا یضر فی الاخبار لا سیّما من مثل محمد بن مسلم ، کما أوضحه الوالد قدس سره (4) وأشرنا إلی ذلک فی موضعه (5).

وللشهید رحمه الله فی الذکری کلام علی خبر ابن أبی یعفور (6) ، وأجاب عنه الوالد قدس سره (7) ولی فی الجواب بحث وقد ذکرت جمیع ذلک فی حاشیة التهذیب.

ص: 181


1- المختلف 1 : 319.
2- المنتهی 1 : 172.
3- المختلف 1 : 320.
4- راجع ص 859.
5- راجع ص 812.
6- الذکری : 16.
7- معالم الفقه : 293 294.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأخیر تضمن السؤال عن الدم المتفرق ، والجواب منه علیه السلام کما تری یدل علی أنّه لا بأس به ما لم یکن مجتمعاً قدر الدرهم ، وهو مؤیّد لعدم العفو عن مقدار الدرهم المجتمع.

والأصحاب مختلفون فی الدم المتفرّق إذا کان لا یبلغ کل موضع منه قدر الدرهم ، فذهب سلاّر (1) من المتقدّمین وأکثر المتأخرین (2) إلی أنّ حکمه حکم المجتمع فیجب إزالته إنّ بلغ المجموع علی تقدیر الاجتماع قدر الدرهم ، وإلاّ فلا.

ونقل عن ظاهر الشیخ فی النهایة عدم وجوب الإزالة مطلقاً إلاّ أن یتفاحش (3). وحکی الوالد قدس سره عن ظاهر المحقّق فی المعتبر وفاق الشیخ فی النهایة ، واحتج لعدم وجوب الإزالة وإنّ بلغ ( الدم ) (4) الدرهم لو جمع بقوله علیه السلام فی خبر عبد الله بن أبی یعفور : « إلاّ أنّ یکون مقدار الدرهم مجتمعاً » (5).

وأجاب العلاّمة عن ذلک بأنّ الحدیث کما یحتمل أنّ یکون قوله فیه : « مجتمعاً » خبراً بعد خبر ل- « یکون » فیدل علی أنّ الاجتماع شرط فی وجوب الإزالة یحتمل کونه حالاً مقدّرة فیصیر المعنی إلاّ أنّ یکون مقدار الدرهم لو کان مجتمعاً (6).

حکم الدم المتفرّق إذا لم یبلغ کل موضع منه قدر الدرهم

ص: 182


1- المراسم : 55.
2- کالعلاّمة فی المختلف 1 : 320.
3- النهایة : 51.
4- زیادة من « رض ».
5- معالم الفقه : 295 ، 296 وهو فی المعتبر 1 : 430.
6- المختلف 1 : 322.

وناقش بعض المتأخرین العلاّمة فی الجواب بأنّ الحال المقدّرة هی التی زمانها غیر زمان عاملها کالمثال المشهور من قولهم : مررت برجل معه صقر صائداً به غداً ، والزمان فیما نحن فیه متّحد ، فبتقدیر کونه حالاً یکون من قبیل المحققة لا المقدّرة (1).

وفی نظری القاصر أنّ المقام لا یخلو من إجمال ، وقد اتفق للوالد قدس سره وشیخنا قدس سره فیه نوع اضطراب ، والحال قد فصّلتها فی حاشیة الروضة غیر أنّی أذکر هنا ما لا بدّ منه.

فاعلم أنّ الظاهر من خبر ابن أبی یعفور مطابقة الجواب للسؤال ، ولمّا کان السؤال عن المتفرق من الدم فالجواب فی قوّة أنّ الدم المتفرق إذا کان مقدار الدرهم مجتمعاً فیه البأس.

واحتمال الحال المقدرة کما ذکره العلاّمة نوع وجه بالنسبة إلی کون المورد الدم المتفرق.

والاعتراض علیه بأنّ الزمان متحد لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ المعترض إنّ أراد باتحاد الزمان زمان تقدیر المتفرق مجتمعاً فإنّه واحد ، ففیه : أنّ هذا یستلزم عدم تحقق الحال المقدرة إلاّ بتکلّف ، علی أنّ احتمال کونه خبراً بعد خبر له وجه أیضاً ، وفیه تأیید لما ذکرناه ؛ إذ هو فی قوّة أنّ الدم المتفرق إذا کان مقدار الدرهم أو کان الدم مجتمعاً فیه البأس.

وفی النظر أنّ فی هذا بحثاً ؛ لأنّ الجواب لا یصیر مفیداً ، إذ حاصل الجواب أنّ المتفرّق إذا کان مقدار الدرهم به البأس ، لکن مقدار الدرهم مع التفرق إمّا أنّ یراد به کل قطعة منه أو المجموع بتقدیر الاجتماع.

ص: 183


1- انظر جامع المقاصد 1 : 172 ، ومعالم الفقه : 296.

ثم إنّ قوله : « مجتمعاً » علی تقدیر کونه خبراً کما هو المفروض یصیر مجملاً أیضاً ، إذ یحتمل أنّ یراد عدم العفو عنه مطلقاً أو مقدار الدرهم أو أزید.

ولعلّ الجواب عن هذا ممکن ، بأنّ یقال : خرج الأقل بالإجماع ، ومقدار الدرهم یکتفی فی الاستدلال له بذکر الدرهم فی الخبر الأوّل.

وقد ینظر فی هذا بأنّ مقدار الدرهم فی المتفرق لا یدل علی المجتمع ، إلاّ أنّ یقال : إنّ ترکه فی المجتمع دلیل الاتحاد.

وفیه : أنّ هذا إنّما یتم لو انحصر الاحتمال والحال ما تری ، علی أنّ فی النظر عدم مطابقة هذا لکونه خبراً بعد خبر ل- « یکون » إذ الاسم مختلف ، ومعه کیف یکون خبراً بعد خبر ، الاّ أنّ یجوز مثل هذا فی العربیّة ، ولا أعلمه الآن ، فینبغی التأمّل فیه.

وإذا عرفت هذا فلا یخفی علیک حینئذ أنّه لا تعارض بین روایة محمد بن مسلم وروایة ابن ابی یعفور ، لأنّ المورد مختلف علی بعض الاحتمالات ، وذلک کافٍ ، فإطلاق التعارض فی کلام مشایخنا 5 محلّ بحث.

وکذلک ما اعترض به شیخنا قدس سره فی المدارک علی جواب العلاّمة : بأنّ تقدیر الاجتماع هنا لا یدل علیه اللفظ ، ولو کانت الحال هنا مقدرة لکان الحدیث مختصاً بما قدر فیه الاجتماع لا بما حقّق ، وهو خلاف الظاهر ، ولو جعل « مجتمعاً » حالاً محقّقة أفادت اشتراط الاجتماع أیضاً ؛ إذ یصیر المعنی : إلاّ أنّ یکون الدم مقدار الدرهم حال کونه مجتمعاً ، وکیف

ص: 184

کان فدلالة الروایة علی المطلوب واضحة (1). انتهی.

وحاصل البحث فی هذا أوّلاً : أنّ ما ذکره من کون تقدیر الاجتماع لا یدل علیه اللفظ محل کلام ؛ لأنّ السؤال صریح فی الدم المفرق ، والمطابقة للسؤال یقتضی ذلک ، والظهور واضح ، غایة الأمر أنّ الاحتمال (2) الذی أسلفناه ممکن لکن لا ینافی الظهور.

وثانیاً : أنّ قوله : ولو جعل مجتمعاً حالاً ، إلی آخره ، محل نظر أیضاً ؛ لأنّ الدلالة علی المعنیین معاً أعنی المجتمع والمتفرق المسئول عنه بعید التصور إلاّ علی ما قدّمنا (3) ، وظاهر کلامه قدس سره غیر ما ذکرناه.

وثالثاً : أنّ قوله : دلالة الروایة علی المطلوب واضحة ، غریب بعد ما قلناه. ( هذا کله فإنی لا أعلم أحداً حام حول هذا المبحث ) (4).

ویبقی الکلام فیما خطر بالبال علی مشایخنا 0 فی بیان مراد المحقّق من الاستدلال بروایة ابن أبی یعفور کما أشرنا إلیه سابقاً (5) ، ففی المدارک بعد نقل الاحتجاج عن المحقق ( بالروایة ) (6) لعدم وجوب الإزالة إلاّ مع التفاحش ، قال : وهو حسن لکن لا دلالة فی الروایة علی ما اعتبره من القید (7) ، وأجاب العلاّمة فی المختلف (8) ، وذکر ما قدّمناه عن العلاّمة

ص: 185


1- المدارک 2 : 319.
2- فی « فض » الإجمال.
3- راجع ص 860.
4- ما بین القوسین لیس فی « د » ، وفی « رض » : لا أعلم أحداً حام حول هذا المبحث.
5- راجع ص 860.
6- بدل ما بین القوسین فی « فض » : جاعلاً الدلیل من الروایة.
7- المدارک 2 : 319
8- مختلف الشیعة 1 : 322.

وتنظّر فیه بما سبق بیانه (1).

وهذا کلّه إذا تأمّله المتأمّل یعطی أنّ مراد المحقق الاستدلال لعدم وجوب إزالة المتفرّق مطلقاً إلاّ أن یتفاحش ، سواء کان درهماً بتقدیر الاجتماع أو أکثر ، إلاّ أن یتفاحش ، لأنّ العلاّمة فهم أن یکون مراده الاجتماع المحقّق فی مقدار الدرهم ، فیکون المفرّق مطلقاً ثابتاً له حکم العفو ، وإلاّ لما حسن الجواب باحتمال الحال المقدرة ، وعلی هذا فهو منافٍ لما صرّح به شیخنا قدس سره قبل ذلک بأنّ محل الخلاف ما إذا کان بحیث لو جمع بلغ الدرهم ، علی أنّه نقل القول بالعفو مطلقاً إلاّ مع التفاحش ، ولو کان غرض المحقّق هذا أعنی کونه لو جمع بلغ الدرهم فلا وجه لاعتراض العلاّمة ، لموافقة المحقّق علیه.

والوالد قدس سره فی المعالم نقل احتجاج المحقق کما أسلفناه (2) ولم یذکر اعتبار التفاحش عنه فی الدلیل ، بل (3) إنّما نبّه علی أنّه وإن بلغ الدرهم لو جمع ، ولم یفهم منه المنع من الزائد عن الدرهم ، لکن الروایة کما علمت إذا صارت مطلقة فی المتفرق أفادت العفو مطلقاً ، فالمنع من الزائد عن الدرهم یحتاج إلی الوقوف علی ما یقتضی المنع منه فی المتفرق ، وللکلام فی المقام تتمّة تطلب ممّا أشرنا إلیه أوّلاً والله ولی التوفیق.

بقی فی المقام شی ء وهو أنّ الأخبار المذکورة خاصة بالثوب إذا کان فیه الدم ، لکن نقل الإجماع علی مساواة البدن له فی بعض الأحکام المذکورة (4).

ص: 186


1- فی ص : 182.
2- فی ص : 181.
3- لیست فی « رض ».
4- نقله فی معالم الفقه : 312.

اللغة :

قدّمنا عن القاموس أنّ النضح الرشّ (1).

قوله (2) :

فأمّا ما رواه معاویة بن حکیم ، عن ابن المغیرة ، عن مثنی بن عبد السلام ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قلت له : إنی حککت جلدی فخرج منه دم فقال : « ان اجتمع قدر حمصة فاغسله وإلاّ فلا ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی ضرب من الاستحباب دون الإیجاب ، ولا ینافی فی ذلک :

ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن أبی عبد الله البرقی ، عن إسماعیل الجعفی قال : رأیت أبا جعفر علیه السلام یصلّی والدم یسیل (3) من ساقیه (4).

لأنّ هذا الخبر محمول علی ما یشق التحرّز منه من الجراحات اللازمة والدمامیل التی لا یمکن معها الاحتراز.

السند :

فی الأوّل : فیه معاویة (5) ، وقد قدّمنا نقل کونه فطحیاً عن الکشی (6) ،

بحث حول معاویة بن حکیم

ص: 187


1- راجع ص : 173.
2- فی « رض » : قال.
3- فی « فض » یسأل.
4- فی « فض » و « رض » : ساقه.
5- فی « فض » زیادة : بن حکیم.
6- رجال الکشی 2 : 635 / 639 ، وراجع ج 1 : 445.

وظاهر المتأخرین عنه من مصنّفی الرجال عدم الالتفات إلی ذلک ، بل النجاشی وثّقه ساکتاً علی التوثیق (1) ، وسیأتی إنّ شاء الله فی کتاب الطلاق من هذا الکتاب کلام الشیخ فی مسألة عدّة الآئسة والصغیرة أنّ الذی اختاره الشیخ مذهب معاویة بن حکیم من متقدّمی فقهاء أصحابنا (2) ، وهذا لفظ الشیخ ، وهو کما تری ظاهر فی عدم کون الرجل فطحیاً.

وما قد یقال : إنّه رحمه الله ذکر أیضاً قریباً من هذه المسألة مسألة أُخری وقال فیها : إنّه مذهب الحسن بن محمد بن سماعة وهو (3) من الواقفة : یمکن الجواب عنه بتکلّف ، إلاّ أنّ العبارة فی معاویة بن حکیم أظهر دلالة فی کونه غیر فطحی.

وأمّا ابن المغیرة فهو عبد الله ، والنجاشی قال : إنّه ثقة ثقة لا یعدل به أحد من جلالته ودینه وورعه (4) ، والشیخ ذکره من غیر توثیق فی رجال الصادق والکاظم علیهماالسلام (5) ، والعلاّمة حکی عن الکشی أنّه قال : روی أنّه کان واقفیاً ثم رجع (6).

والذی وقفت علیه من کتاب الکشی صورته : وجدت بخط أبی عبد الله بن محمد الشاذانی قال العبیدی محمد بن عیسی : حدثنی الحسن بن علی بن فضال ، قال : قال عبد الله بن المغیرة : کنت واقفاً فحججت علی

بحث حول عبدالله بن المغیرة

ص: 188


1- رجال النجاشی : 412 / 1098.
2- الاستبصار 3 : 338.
3- الاستبصار 3 : 328.
4- رجال النجاشی : 215 / 516.
5- رجال الطوسی : 355 / 21 ، 356 / 32 ، 379 / 4 ، فی أصحاب الکاظم والرضا علیهماالسلام ولم یذکره فی أصحاب الصادق علیه السلام .
6- خلاصة العلاّمة : 109 / 34.

تلک الحالة (1) ، وذکر الروایة الدالة علی رجوعه. والروایة ضعیفة ، وتصرّف العلاّمة لا یخفی ما فیه.

وأمّا مثنّی بن عبد السلام فالنجاشی اقتصر علی أنّ له کتاباً (2) ، والعلاّمة عدّه فی القسم الأوّل ناقلاً عن الکشی ، عن محمد بن مسعود ، عن علی بن الحسن ، أنّه کوفی حنّاط (3) لا بأس به (4). ولا یخفی علیک الحال.

والثانی معروف ممّا قدمناه سابقاً.

المتن :

فی الأوّل ظاهر الصدوق فی الفقیه العمل بمضمونه ، إلاّ أنّه قیّده بأن لا یکون دم حیض (5) ، وحکی الوالد قدس سره ذلک عن والده أیضاً فی الرسالة ، وذکر الوالد قدس سره أنّ هذا الخبر لو کان صحیحاً لکان حجة فیما ذهب إلیه الصدوق ، لکنه غیر صحیح (6). وأنت خبیر بإمکان أنّ یقال نحو ما قدّمناه فی اعتماد الصدوق ، إلاّ أنّ ما قاله الصدوق أزید من مدلول الروایة کما لا یخفی.

إذا عرفت هذا فالذی یظهر من الشیخ حیث حمل الخبر علی الاستحباب أنّه ظن وروده فی الصلاة علی معنی عدم جواز الصلاة فیه إذا

بحث حول مثنّی بن عبدالسلام

حکم الدم إذا کان قدر حمصة

ص: 189


1- رجال الکشی 2 : 857 / 1110.
2- رجال النجاشی : 415 / 1107.
3- فی « رض » و « فض » : خیاط.
4- خلاصة العلاّمة : 168 / 1.
5- الفقیه 1 : 42 / 165.
6- معالم الفقه : 419.

اجتمع قدر حمصة واستحباب إزالته ، أمّا لو کان الحدیث مورده الطهارة وعدمها فالاستحباب لا وجه له إلاّ علی تکلّفٍ ترکه أولی من ذکره.

ولو أردنا الجمع بینه وبین ما دلّ علی نجاسة الدم مطلقاً أمکن توجیه ما ذکره الشیخ وإن بعد ، إلاّ أنّ الذی یظهر من العلاّمة فی المختلف أن دلیل نجاسة الدم وغیره قلیلاً وکثیراً العمومات ، وذکر خبراً فی البول ، وهو صحیح عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهیم علیه السلام عن رجل یبول فی اللیل فیحسب أنّ البول اصابه فلا یستیقن إلی أنّ قال علیه السلام : « یغسل ما استبان أنّه أصابه » الحدیث (1). ثم نقل عن المرتضی رضی الله عنه ما یقتضی أن البول إذا ترشش عند الاستنجاء کرؤوس الإبر یعفی عنه (2).

ولا یخفی علیک أنّ العمومات قابلة للتخصیص بتقدیر وجودها فی الدم ، إلاّ أنّه لا خروج عن المشهور.

ثم إنّ الثانی کما تری غیر صریح فی کون الإمام علیه السلام عالماً بالدم لیحتاج إلی حمل الشیخ ، ولو کان عالماً لا دلالة فی الروایة علی کونه درهماً أو أقلّ أو أکثر ، ویجوز کونه أقل ، وحمل الشیخ ممکن أیضاً ، إلاّ أنّ فی التقیید بما لا یمکن معه الاحتراز کلاماً یأتی إنّ شاء الله تعالی.

قوله :

والذی یدلّ علی ذلک : ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة وصفوان ، عن العلاء بن رزین ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما علیهماالسلام قال : سألته عن الرجل یخرج به القروح ولا تزال تُدمی کیف یصلّی؟

ص: 190


1- التهذیب 1 : 421 / 1334 ، الوسائل 3 : 466 أبواب النجاسات ب 37 ح 2.
2- حکاه عنه فی المختلف 1 : 331 ، وهو فی رسائل الشریف المرتضی 1 : 288.

قال : « یصلّی وإن کانت الدماء تسیل ».

وروی أحمد بن محمد ، عن معاویة بن حکیم ، عن معلّی أبی (1) عثمان ، عن أبی بصیر قال : دخلت علی أبی جعفر علیه السلام وهو یصلّی فقال لی قائدی : إنّ فی ثوبه دماً. فلمّا انصرف قلت له : إنّ قائدی أخبرنی أنّ بثوبک دماً ، فقال : « إنّ بی دمامیل ولست أغسل ثوبی حتی تبرأ ».

وما رواه محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد بن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل به القروح أو الجروح (2) فلا یستطیع أن یربطه ولا یغسل دمه؟ قال : « یصلّی ولا یغسل ثوبه کل یوم إلاّ مرّة ، فإنه لا یستطیع أنّ یغسل ثوبه کل ساعة » فهذا الخبر أیضاً (3) محمول علی الاستحباب ، وقد استوفینا ما یتعلق بهذا الباب فی کتابنا الکبیر ، فمن أراده وقف علیه من هناک (4).

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته ، غیر أنّه ینبغی أنّ یعلم أنّ الشیخ فی الفهرست قال : العلاء بن رزین القلاء ثقة جلیل القدر له کتاب وهو أربع نسخ ، منها روایة الحسن بن محبوب ، ومنها روایة محمد بن خالد

بحث حول العلاء بن رزین ورواة کتابه

ص: 191


1- فی الاستبصار 1 : 177 / 616 : معلی بن عثمان ، وفی التهذیب 1 : 258 / 747 : معلی أبی عثمان.
2- فی الاستبصار 1 : 177 / 617 : القرح أو الجرح.
3- لیست فی « فض » و « رض » ، أثبتناه من « نش » والاستبصار 1 : 177.
4- فی المصدر زیادة : إنشاء الله.

الطیالسی ، ومنها روایة محمد بن أبی الصهبان ، ومنها روایة الحسن بن علی بن فضال. انتهی (1).

وأنت خبیر بأنّ محمد بن أبی الصهبان إنّ کان یروی کتاب العلاء عنه ففیه أنّ محمداً من أصحاب الهادی علیه السلام والعلاء من أصحاب أبی عبد الله علیه السلام ، وإنّ کان یرویه بواسطة فهو خلاف المتعارف عند الإطلاق.

أمّا ما وقع فی النجاشی نقلاً عن البعض : من أنّ الحسین لم یلق فضالة وانّ أخاه الحسن تفرّد به. فلا یثبت حکماً (2) ، وعلی تقدیر ثبوته لا یضّر فی هذا السند مع وجود صفوان.

والثانی : فیه أبو بصیر الضریر بقرینة ذکر القائد ، وقد أسلفنا القول فیه (3). وأمّا المعلّی فهو ابن عثمان ، وقد وثّقه النجاشی ، ونقل أنه ابن یزید فی قول (4).

والثالث : فیه عثمان بن عیسی وقد تقدّم ذکره مفصّلاً (5). وسماعة أیضاً تقدّم (6) ، والإضمار فیه لا یضرّ بالحال لو خلا ممّا ذکر.

المتن :

فی الأوّل ظاهر الدلالة علی جواز الصلاة لصاحب القروح وإنّ کانت الدماء تسیل ، ویستفاد منه جواز الصلاة مع عدم السیلان ؛ لأنّ المفهوم من

المعلّی بن عثمان ثقة

حکم دم القرح والجرح

ص: 192


1- الفهرست : 112 / 488.
2- رجال النجاشی 58 / 137.
3- راجع ص 51 و 92.
4- رجال النجاشی : 417 / 1115 وفیه : معلّی بن عثمان أبو عثمان ، وقیل : ابن زید الأحول.
5- راجع ص 50.
6- راجع ص 78.

هذا الترکیب کون المفهوم أولی بالحکم کما قاله الوالد قدس سره .

أمّا ما قیل : من أنّه یستفاد من قوله : لا تزال تدمی ، أنّ الحکم مفروض فیما هو مستمرّ الجریان. ففیه أولاً : أنّ هذا من کلام السائل فلا یفید حکماً ، وثانیاً : أنَّ معنی : لا تزال تدمی ، لیس هو الاستمرار فی کل حین ، بل الظاهر أنّ المراد تکرر خروج الدم ولو حیناً بعد حین ، کما یقال : فلان لا یزال یتردّد إلی محل کذا (1).

وقد روی الشیخ فی التهذیب صحیحاً عن لیث المرادی قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یکون به الدمامیل والقروح فجلده وثیابه مملوءة دماً وقیحاً وثیابه بمنزلة جلده؟ قال : « یصلّی فی ثیابه ولا شی ء علیه ولا یغسلها » (2).

وروی فی الصحیح عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الجرح یکون فی مکان لا یقدر علی ربطه فیسیل منه الدم والقیح فیصیب ثوبی؟ فقال : « دعه فلا یضرّک أنّ لا تغسله » (3).

وقد ذکر شیخنا قدس سره بعد جملة من الأخبار - منها ما ذکر - : أنَّه یستفاد من إطلاق الروایات العفو عن هذا الدم فی الثوب ( والبدن سواء شقّت إزالته أم لا ، وسواء کان له فترة ینقطع فیها بقدر الصلاة أم لا ، وأنّه لا یجب إبدال الثوب ) (4) ولا تخفیف النجاسة ، ولا عصب موضع الدم بحیث یمنع من الخروج (5).

ص: 193


1- معالم الفقه : 288.
2- التهذیب 1 : 349 / 1029 ، الوسائل 3 : 434 أبواب النجاسات ب 22 ح 5.
3- التهذیب 1 : 259 / 751 ، الوسائل 3 : 435 أبواب النجاسات ب 22 ح 6.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- المدارک 2 : 310.

وربما یقال : إنّ فی الدلالة علی بعض ما ذکر تأمّلاً ؛ إذ الصالح من الأخبار للاستدلال ما ذکرناه ، والباقی غیر صالح بأبی بصیر ( وعثمان بن عیسی ) (1).

وذکر المحقّق الشیخ علی فی بعض مصنفاته أنّ الشیخ نقل الإجماع علی عدم وجوب عصب الجرح وتقلیل الدم ، بل یصلّی کیف کان وإنّ سال وتفاحش إلی أنّ یبرأ (2). انتهی.

وللمتأخّرین عن الشیخ اختلاف فی حدّ العفو ، فمنهم من جعله البرء (3) ، ومنهم من جعله الانقطاع ، وذکر الوالد قدس سره أنّهم بین مطلق له یعنی للانقطاع ومقیّد بکونه فی زمان یتسع لأداء الفریضة ، فالإطلاق للعلاّمة والشهید فی غیر الذکری (4) ، والتقیید للمحقق فی المعتبر والشهید فی الذکری (5) ، انتهی. وأنت إذا تأمّلت الأخبار لا یخفی علیک حقیقة الحال.

والثانی : صریح الدلالة علی اعتبار البرء لو صحّ.

والثالث : فیه دلالة علی الغَسل فی الیوم مرة ، لکن جماعة من الأصحاب قالوا باستحباب ذلک (6) ، والعلاّمة فی المنتهی احتجّ للاستحباب

ص: 194


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- قال به فی شرح الألفیّة ( رسائل المحقق الکرکی 3 ) : 232.
3- کالشهید الثانی فی الروضة 1 : 50 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 318. وصاحب المدارک 2 : 309.
4- نهایة الإحکام 1 : 285 ، المنتهی 1 : 172 ، الدروس 1 : 126 والبیان : 95.
5- المعتبر 1 : 429 والذکری : 16.
6- کالعلاّمة فی تحریر الاحکام 1 : 24 ، وصاحب معالم الفقه : 289 وصاحب المدارک 2 : 311.

مع الروایة بأنّ فیه تطهیراً غیر مشقّ فکان مطلوباً (1).

وأنت خبیر بأنّ إثبات الاستحباب بالخبر یتوقف علی ثبوت قاعدة التساهل فی أخبار السنن ، أما الوجه الآخر فلا یثبت الاستحباب کما هو واضح.

وفی المنتهی : لو تعدّی الدم عن محل الضرورة فی الثوب أو البدن بأن لمس بالسلیم من بدنه دم الجرح أو بالطاهر من ثوبه فالأقرب عدم الترخّص فیه (2).

وقال الوالد قدس سره : إنّه حسن (3).

وفی نظری القاصر أنّه محل بحث علی الإطلاق بعد ملاحظة الأخبار ، إلاّ أنّ یرید الوالد قدس سره بالأحسنیة استحباب الإزالة ، وهو خلاف الظاهر من العبارة

اللغة :

قال فی القاموس : الدُّمَّل کسُکَّر وصُرَد الخُراجُ ، الجمع دمامیل (4).

وفیه أیضاً : برأ المریض یَبْرأ ویَبْرُؤ بُراً بالضم (5) نقه. وفیه : نَقِهَ من مرضه صح (6). وفیه أیضاً : القَرْحُ ویضم : عَضُّ السِّلاح ونحوه ممّا یخرج بالبدن (7). وفیه رَبَطه یربِطه ویَربطُه : شدّه (8).

معنی الدمل ، براء ، نقه ، القرح ، ربط

ص: 195


1- المنتهی 1 : 172.
2- المنتهی 1 : 172.
3- معالم الفقه : 289.
4- القاموس المحیط 3 : 388 ( الدّمال ).
5- القاموس المحیط 1 : 8 ( برأ ).
6- القاموس المحیط 4 : 296 ( نَقِه ).
7- القاموس المحیط 1 : 250 ( القرح ).
8- القاموس المحیط 2 : 374 ( رَبَطه ).

قوله رحمه الله :

باب ذرق الدجاج

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد ( بن یحیی ) (1) عن أبی جعفر ، عن أبیه ، عن وهب بن وهب ، عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام أنَّه قال : « لا بأس بخرء الدجاج والحمام یصیب الثوب ».

فأمّا ما رواه محمد بن احمد بن یحیی ، عن محمد بن عیسی ، عن فارس قال : کتب الیه رجل یسأله عن ذرق الدجاج یجوز الصلاة فیه؟ فکتب : « لا ».

فالوجه فی هذه الروایة أنّه لا تجوز الصلاة فیه إذا کان الدجاج جلاّلا ، ویجوز أیضاً أن یکون محمولاً علی ضرب من الاستحباب ، أو محمولاً علی التقیة ؛ لأنّ ذلک مذهب کثیر من العامّة.

السند :

فی الأوّل فیه محمد بن عیسی الأشعری المعبّر عنه بأبیه بعد أبی جعفر ، وهو أحمد بن محمد بن عیسی ، وقد قدّمنا فیه القول (2) ، والحاصل أنّ توثیقه غیر معلوم ؛ إذ النجاشی قال : إنّه شیخ القمیّین وجه الأشاعرة (3). والعلاّمة عدّه فی القسم الأوّل ، وذکر عبارة [ النجاشی (4) ] وفی فوائد

ذرق الدجاج

بحث حول محمّد بن عیسی الأشعری

ص: 196


1- لیست فی « نش ».
2- فی ص 147.
3- رجال النجاشی : 81 / 198.
4- خلاصة العلاّمة : 13 ، وبدل ما بین المعقوفین فی النسخ : الکشی ، والظاهر ما أثبتناه.

جدی قدس سره علی الخلاصة أنّ هذه العبارة لا تدل صریحاً علی توثیقه ، نعم قد یظهر منها ذلک ، مع أنّ المصنف یصف (1) الروایات التی هو فیها بالصحة. انتهی.

ولا یخفی أنّ ظهور التوثیق غیر واضح ، ووصف الصحة فی روایاته من العلاّمة (2) وغیره (3) کذلک ، إلاّ أنّ للعلاّمة رحمه الله فی الرجال کثرة أوهام یبعد زیادة بُعدٍ معها الاعتماد ، بخلاف مثل الصدوق ، فإنّ احتمال الاعتماد قد یوجه کما أسلفناه (4).

علی أنّ فی السند أیضاً وهب بن وهب ، وهو أبو البختری ، وقد قال النجاشی : إنّه کان کذّابا (5) وفی الفهرست للشیخ : إنّه عامیّ المذهب ضعیف (6). وفی الفقیه بعد ذکر حدیث فی طریقه وهب بن وهب قال ، قال مصنف هذا الکتاب : جاء هذا الحدیث هکذا فی روایة وهب بن وهب ، وهو ضعیف (7). وسیأتی ان شاء الله فی هذا الکتاب أیضاً ما صورته : وهب بن وهب عامی متروک العمل فیما یختص بروایته (8).

والثانی : فیه فارس ، والظاهر أنّه ابن حاتم ، وقد ذکره الشیخ فی رجال الهادی علیه السلام من کتابه ، وقال : إنّه غال ملعون (9). والکشی أورد فیه

بحث حول وهب بن وهب

بحث حول فارس بن حاتم

ص: 197


1- فی « رض » : وصف.
2- المختلف 1 : 95. وفی الصحیح عن زید الشحّام.
3- المدارک 1 : 219. فی الصحیح عن زرارة وأخیه بکیر.
4- راجع ص 48.
5- رجال النجاشی : 430 / 1155.
6- الفهرست : 173 / 757.
7- الفقیه 4 : 25 / 58.
8- راجع التهذیب 1 : 31 وج 9 : 76 ، والاستبصار 1 : 48. ولم نعثر علی غیرهما.
9- رجال الطوسی : 420 / 3.

من الذمّ ما لا حاجة إلی ذکره (1).

وإنّما قلنا : الظاهر ؛ لوجود من هو بالاسم غیر أنّی لم أعلم مرتبته ، والوالد قدس سره جزم بأنّه فارس بن حاتم (2) (3).

المتن :

فی الأوّل ظاهره الدلالة علی الطهارة ، وضعفه یؤیّد بالأصل وعموم روایة لعمار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کلّ ما أُکل لحمه فلا بأس بما یخرج منه » (4).

وفی المعتبر بعد ذکر الروایتین والتنبیه علی ضعفهما (5) بما أشرنا إلیه الدال علی ما جزم به الوالد قدس سره وغیره من مشایخنا قال المحقّق علی ما نقله الوالد قدس سره : إنّ المرجع إلی الأصل وهو الطهارة.

ولو قیل : الدجاج لا یتوقّی النجاسة ، فرجیعه مستحیل عنها فیکون نجساً.

قلنا : بتقدیر أنّ یکون ذلک محضاً ، یکون التنجیس ثابتاً ، أما إذا کان یمزج علفه فإنّه یستحیل إمّا عنهما أو عن أحدهما ، فلا یتحقق الاستحالة عن النجاسة ؛ إذ لو حکم بغلبة النجاسة لسری التحریم إلی لحمها ، ولمّا حصل الإجماع علی حلّها مع الإرسال بطل الحکم بغلبة النجاسة علی رجیعها (6) انتهی.

حکم ذرق الدجاج

ص: 198


1- رجال الکشی 2 : 805 / 999 و 806 / 1003 و 1004.
2- معالم الفقه : 206.
3- فی « فض » زیادة : وکذلک العلاّمة فی المختلف.
4- التهذیب 1 : 266 / 781 ، الوسائل 3 : 409 أبواب النجاسات ب 9 ح 12.
5- المعتبر 1 : 413.
6- فعالم الفقه : 207.

ولا یخفی علیک حال هذا الکلام.

وفی المختلف قال العلاّمة ، ذرق الدجاج الجلاّل نجس إجماعاً ، وفی غیر الجلاّل قولان ، أحدهما الطهارة - إلی أنّ قال - : وأمّا الشیخان فإنهما استثنیا ذرق الدجاج من الحکم بطهارته من جمیع (1) ما یؤکل لحمه ، وهو یدل علی حکمهما (2) بالتنجیس ، إلاّ أنّ الشیخ ذهب إلی طهارته فی الاستبصار - إلی أنّ قال - : احتج المانعون بما رواه فارس فی الحسن ، وذکر الروایة ، ثم أجاب عنها : بأنّ السائل لم یذکر المسئول فجاز أن یکون غیر الإمام ، ویحتمل کون الألف واللام للعهد ، ویراد به الجلاّل ، کاحتمال إرادة الجنس (3). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ العلاّمة لم یجعل فارس المذکور ابن حاتم ؛ إذ قد صرح فی الخلاصة بأنّه غال ملعون (4) ، بل ظنّ أنّه فارس بن سلیمان الذی قال النجاشی : إنّه شیخ من أصحابنا کثیر الأدب (5) ، وذکره فی الخلاصة فی القسم الأوّل بعین عبارة النجاشی (6). لکن لا أعلم الوجه فی تعیّن کونه ابن سلیمان ، وقد أسلفنا أنّ مرتبته غیر معلومة ، إذ لم یذکر فی أصحاب أحد من الأئمّة علیهم السلام ، نعم ذکر النجاشی أنّه أخذ عن محمد بن بحر الرهنی (7) ، وذکر النجاشی : أنّ لمحمد کتاباً یرویه أحمد بن علی بن

فارس بن سلیمان ممدوح

ص: 199


1- فی المصدر : رجیع.
2- فی المصدر : حکمها.
3- المختلف 1 : 297 وهو فی المقنعة : 68 والمبسوط 1 : 12.
4- الخلاصة : 247 / 2.
5- رجال النجاشی : 310 / 849.
6- الخلاصة : 133 / 3.
7- رجال النجاشی : 310 / 849.

نوح أبو العباس (1). وهذا متأخّر کما لا یخفی.

وما قاله العلاّمة : أنّه یجوز أنّ یکون المسئول غیر الإمام. لا وجه له ، کما أسلفنا الإشارة إلی ذلک (2).

أمّا الحمل علی الجلاّل نظراً إلی المعارض الدالّ علی الطهارة کما ذکره الشیخ فلا یخلو من وجه.

اللغة :

قال فی القاموس : الخُرء بالضم : العذرة (3) وفیه أیضاً : ذرق الطائرُ یَذْرُقُ ویَذْرِقُ زرق ، وقال : زرق الطائر یزرق ذرق (4). ولا یخفی دلالة الخبر وکلام القاموس أنّ العذرة تقال لغیر الإنسان ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إن العذرة مع الإطلاق للإنسان والخرء لغیره ، وفیه تأمّل یظهر ممّا کتبناه علی الروضة.

قوله رحمه الله :

باب أبوال الدوابّ والبغال والحمیر

أخبرنی الشیخ رحمة الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن ألبان الإبل

معنی الخرء والذرق

أبوال الدوابّ والبغال والحمیر

اشارة

ص: 200


1- رجال النجاشی : 384 / 1044 ، وفیه : أبو العباس أحمد بن علی بن العباس بن نوح.
2- راجع ص 51.
3- القاموس المحیط 1 : 14 ( خَرِئ ).
4- القاموس المحیط 3 : 241 ( ذرق ) ، وص 248 ( الزرَقُ ).

والبقر والغنم وأبوالها ولحومها؟ فقال : « لا تتوضأ منه ، وإنّ أصابک منه شی ء أو ثوباً لک فلا تغسله إلاّ أنّ تتنظّف » قال : وسألته عن أبوال الدواب والبغال والحمیر؟ فقال : « اغسلها ، فإنّ لم تعلم مکانها فاغسل الثوب کله ، فإنّ شککت فانضحه ».

أحمد بن محمد ، عن البرقی ، عن أبان ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بروث الحمیر ، واغسل أبوالها ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن حسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن الحلبی ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن أبوال الخیل والبغال؟ قال : « اغسل ما أصابک منه ».

محمد بن یعقوب ، عن الحسین بن محمد ، عن معلی ( بن محمد ) (1) عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبی مریم ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : ما تقول فی أبوال الدواب وأرواثها قال : « أمّا أبوالها فاغسل إنّ أصابک ، وأمّا أرواثها فهی أکثر من ذلک ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یمسّه بعض (2) أبوال البهائم أیغسله أم لا؟ قال : « یغسل بول الفرس والحمار والبغل ، وأما الشاة وکلّ ما یؤکل لحمه فلا بأس ببوله ».

محمد بن أحمد بن یحیی ، عن السندی بن محمد ، عن یونس ابن یعقوب ، عن عبد الأعلی بن أعین ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن

ص: 201


1- فی الاستبصار 1 : 178 / 623.
2- لیست فی « فض ».

أبوال الحمیر (1) والبغال؟ قال : « اغسل ثوبک » قال : قلت فأرواثها قال : « هو أکبر من ذلک ».

قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار کلّها محمولة علی ضرب من الکراهة.

السند :

فی الأوّل : حسن بلا ریب ، کما تقدم (2).

والثانی : فیه البرقی ، وقد تکرّر القول فیه ( منّا ) (3) فی هذا الکتاب (4) وغیره ، وأبان لا ریب فی صحة حدیثه لو خلا من الموانع فی غیره عند من لا یعمل بالموثق ؛ إذ الجارح له ثقة غیر إمامی ، والإجماع علی تصحیح ما یصحّ عن أبان کما فی الکشی (5) لا یخرج حدیثه عن کونه موثّقاً ، غایة الأمر أنّ یوصف حدیثه بالصحة علی غیر الاصطلاح.

فإنّ قلت : أبان مشترک فکیف یحکم بأنّه ابن عثمان؟

قلت : الأمر کما ذکرت ، إلاّ أنّ الظاهر فی إطلاق مثله أنّ یکون ابن عثمان.

وقد اتفق للوالد قدس سره فی المعالم أنّه قال : إنّ هذا الخبر لا یقصر عن الأخبار التی تظن صحتها فی روایات التنجیس ، والتشبّث فی تضعیفه

بحث حول أبان بن عثمان

ص: 202


1- فی بعض نسخ الاستبصار 1 : 179 / 625 : الخمر.
2- من جهة إبراهیم بن هاشم : راجع ص 36 ، 339.
3- فی « رض » : هنا.
4- راجع ص 68.
5- رجال الکشی 2 : 673 / 705.

باشتمال طریقه علی البرقی وأبان لا یتجه عند من یحکم بصحّة شی ء من أخبار النجاسة إلی أنّ قال وأما من جهة أبان فلأنّ القرائن قائمة علی أنّه ابن عثمان ، وهو أحد الجماعة الذین حکی الکشی الإجماع علی تصحیح ما یصح عنهم ، وما جرح به لم یثبت ؛ لأنّ الأصل فیه علی بن الحسن بن فضّال ، والمتقرّر فی کلام الأصحاب أنّه من جملة الفطحیة ، فلو قُبل طعنه فی أبان لم یتجه المنع من قبول روایة أبان ؛ إذ لیس القدح إلاّ بفساد المذهب ، وهو مشترک بین الجارح والمجروح ، وقد اتضح بهذا وجه ثبوت التعارض بین الأخبار (1). انتهی کلامه قدس سره .

وفی نظری القاصر أنّه محل تأمّل ؛ لأنّ الظاهر من قوله : إنّ الخبر المتضمن لنفی البأس یعنی الخبر المذکور لا یقصر عن الأخبار التی تظن صحتها ، کون الخبر صحیحاً ، فإنّ أراد المصطلح علیه کما هو المتعارف من الإطلاق فی مثله ، ففیه أنّ العامل بالموثّق لا بدّ أنّ یکون الخبر عنده موثّقاً ؛ لما قدّمناه من لزوم القول بخبر علی بن فضّال فی کون أبان فطحیاً (2) ومن لا یعمل بذلک فالخبر عنده صحیح علی الاصطلاح ، فإطلاق الصحة لا یخفی ما فیه.

وإنّ أراد بالصحة غیر المصطلح علیه کان استعمالاً للفظ فی غیر وضعه من غیر قرینة.

ومن هنا یعلم أنّ ما فی الحبل المتین من وصف الخبر المذکور بالصحة (3) مع عمل مؤلّفة سلّمه الله بالموثّق لا یخلو من خلط فی

ص: 203


1- معالم الفقه 204 و 205.
2- راجع ص 130.
3- الحبل المتین : 94.

الاصطلاح بغیره.

ویمکن الجواب من جهة الوالد قدس سره أنّ مراده کون القائلین بالنجاسة وصفوا أخباراً بالصحة وفیها أبان ، والحال فی الخبر أنّه مشتمل علی أبان ، لکن لا یخفی علیک أنّهم إذا لم یلتفتوا إلی ما ذکرناه کان علی الوالد قدس سره أنّ یبیّن ذلک.

والثالث : فیه الحسین بن عثمان ، و (1) المذکور فی النجاشی : الحسین ابن عثمان الأحمسی البجلی ، کوفی ثقة ، ذکره أبو العباس فی رجال أبی عبد الله (2). وفیه أیضاً : الحسین بن عثمان بن شریک بن عدی العامری الوحیدی ثقة ، روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، ذکره أصحابنا فی رجال أبی عبد الله ، له کتاب یختلف الرواة فیه ، فمنها ما رواه ابن أبی عمیر (3).

والشیخ رحمه الله فی الفهرست ذکر الأحمسی من غیر توثیق (4) ، وکذلک فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه (5) ، وذکر العامری أیضاً فی رجال الصادق علیه السلام من غیر توثیق (6).

والکشی قال فی الحسین ، ( بن عثمان ) (7) بن زیاد الرواسی ، عن حمدویه ، عن أشیاخه ، أنّه ثقة خیر فاضل (8). وهذا الرجل فی ظاهر الحال

بحث حول الحسین بن عثمان

ص: 204


1- فی « فض » زیادة قدّمنا فیه کلاماً فی الجزء الأوّل ونذکر هنا ما لا بد منه ، لبعد العهد زیادة الفائدة والحاصل أنّ.
2- رجال النجاشی : 54 / 122.
3- رجال النجاشی : 53 / 119 ، وفیه : له کتاب تختلف الروایة فیه.
4- الفهرست : 56 / 203.
5- رجال الطوسی : 183 / 305.
6- رجال الطوسی : 169 / 63.
7- ما بین القوسین أثبتناه من المصدر.
8- رجال الکشی 2 : 670 / 694.

أنّه غیر الأوّلین ، والذی فی الکشی ما ذکرته.

لکن قال الوالد قدس سره : إنّ الحسین بن عثمان مشترک بین رجلین وثّقهما النجاشی ، وحکی الکشی توثیق أحدهما عن حمدویه عن أشیاخه ، مع أنّ عبارة الاختیار توهم مغایرة المحکی بتوثیقه (1) لهما ، وهذه الحکایة لا تخرجه عند التحقیق عن عداد من عرفت عدالته بتزکیة الواحد (2). انتهی کلامه قدس سره .

وفی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل ؛ لأنّ ما ذکرناه عن الکشی یقتضی المغایرة ، فیکونون ثلاثة ، وهذه عبارة الکشی : حمدویه قال : سمعت أشیاخی یذکرون أنّ حماداً وجعفراً والحسین بنی عثمان بن زیاد الرواسی ، وحمّاد یلقّب بالناب ، کلّهم ثقات (3).

والعلاّمة فی الخلاصة ذکر الحسین بن عثمان بن شریک ، ثم قال : قال الکشی عن حمدویه ، عن أشیاخه أنّ الحسین بن عثمان خیّر فاضل ، ثقة (4).

والظاهر من العلاّمة أنّه ظن کون الرواسی هو العامری ، أو أنّ لفظ الرواسی لم یکن فی نسخة الکشی التی عنده.

وقول الوالد قدس سره : إنّ الکشی حکی توثیق أحدهما. یقتضی أنّ ما وقف علیه من الأخبار للکشی لیس فیه الرواسی ، إلاّ أنّ قوله : إنّ عبارة الاختیار توهم المغایرة یدلّ علی أنّ لفظ الرواسی موجود فی الاختیار ، معه فالوهم غیر ظاهر الوجه ، إلاّ أنّ یکون اعتمد قدس سره علی قرائن تدلّ علی

ص: 205


1- فی المصدر : توثیقه.
2- معالم الفقه : 203 204.
3- رجال الکشی 2 : 670 / 694.
4- خلاصة العلاّمة : 51 / 15.

تعدد الوصف لأحد الرجلین ، ولا أعلم الآن حقیقة الحال ، ونسخة الاختیار لم تحضرنی.

ثم إنّ ما ذکره قدس سره : من أنّ هذه الحکایة لا تخرجه ، إلی آخره ، یرید به المشی علی أُصوله من اعتبار تزکیة الاثنین ، والوجه فی عدم الخروج بالحکایة عن تزکیة الواحد لا یخلو من أحد أمرین :

أحدهما : أنّ یکون المذکور فی الکشی أحد الرجلین الموثّقین من النجاشی فقط ، والکشی توثیقه لا یفید ؛ لأنّه یرجع إلی شیوخ حمدویه ، وحالتهم غیر معلومة ، فیکون التوثیق من النجاشی خاصة.

وثانیهما : أنّ یکون المذکور غیر الاثنین ، والتوثیق حینئذ لیس إلاّ من الکشی وإن کان راجعاً إلی شیوخ حمدویه ، إلاّ أنّ ظاهر الإضافة فی أشیاخه یفید العموم وفیهم من هو ثقة کما یعلم من الفهرست ، وحینئذ لا یخرج الرجل عن توثیق الواحد.

وفی نظری القاصر أنّ کلا الأمرین لا یخلو من شی ء.

أمّا الأول : فلأنّ کونه أحد الرجلین من غیر تعیین (1) یقتضی عدم صحة الخبر عنده وإن أفاد کلام الکشی التوثیق ؛ إذ عدم تعیین (2) الموثق بالاثنین کاف فی عدم الصحة ، وظاهر الکلام یعطی أنّ المانع من الصحة کون الرجل من الذین عرفت عدالتهم بتزکیة الواحد ، فلیتأمّل.

وأمّا الثانی : فلأنّ الثالث إذا تحقق وقلنا بدلالة الإضافة علی العموم وکان فی الأشیاخ من هو ثقة ، فلا ریب أنّها لا یخرجه عن کونه مزکّی بالواحد ، فالاحتیاج إلی قوله : عند التحقیق ، لا وجه له ، علی أنّه بعد ذکر

ص: 206


1- فی « رض » و « د » تعیّن.
2- فی « فض » و « رض » : تعیّن.

إیهام العبارة للمغایرة لا وجه لکون الرجل غیر الأوّلین.

وبالجملة : فالرجل علی ما فی الکشی محتمل لثلاثة ، والثلاثة لا یبعد توثیقهم ؛ لما أشرنا إلیه من الإضافة ، علی أنّ الذی یستفاد من النجاشی أن الراوی عن الرجلین ابن أبی عمیر (1) فیحتمل الاتحاد ، والله أعلم.

والرابع : فیه معلّی بن محمد ، وهو البصری ، لما صرح به الشیخ فی رجال من لم یرو عن احمد من الأئمّة علیهم السلام أنّ الراوی عنه الحسین بن محمد (2) وکذلک النجاشی ، وهذا الرجل قال النجاشی : إنّه مضطرب الحدیث والمذهب (3). والوشاء قد قدّمنا القول فیه (4). وأبو مریم اسمه عبد الغفار ، وقد وثّقه النجاشی (5).

والخامس : واضح الحال بعد ما أسلفناه من المقال.

والسادس : فیه عبد الأعلی بن أعین ، وهو مهمل فی رجال الصادق علیه السلام . من کتاب الشیخ (6). أمّا یونس بن یعقوب فقد قال النجاشی : إنّه قال بعبد الله ورجع ، وکان یتوکّل لأبی الحسن علیه السلام ، إلی أنّ قال : وکان حظیّا عندهم موثقاً (7). والشیخ رحمه الله وثّقه فی رجال الکاظم علیه السلام من کتابه (8).

ولا یخفی أنّ عبارة النجاشی من قوله : وکان موثقاً عندهم. إذا دلّت

بحث حول معلّی بن محمّد البصری

أبو مریم اسمه عبدالغفّار ، ثقة

عبدالأعلی بن أعین مهمل

بحث حول یونس بن یعقوب

ص: 207


1- راجع ص 871.
2- رجال الطوسی : 515 / 132.
3- رجال النجاشی : 418 / 1117.
4- فی ص 111.
5- رجال النجاشی : 246 / 649.
6- رجال الطوسی : 238 / 239.
7- رجال النجاشی : 446 / 1207.
8- رجال الطوسی : 363 / 4.

علی التوثیق المعتبر فی الروایة أفادت توثیق النجاشی للرجل ، لکن فیها نوع احتمال ، ولعلّ توثیق الشیخ هو المعتبر.

غیر أنّ قول العلاّمة فی الخلاصة بعد نقل الفطحیة عن ابن بابویه ، والکشی فی روایته عن حمدویه عن بعض أصحابه : والذی أعتمد علیه قبول روایته (1). محل تأمّل ؛ لأنّ الرجوع لا یعلم قبل الروایة أو بعدها ، والعلاّمة لا یعمل بالموثق کما یظهر من المختلف.

أمّا ما قاله العلاّمة بعد ذلک : وروی الکشی أحادیث حسنة تدل علی حسن عقیدة هذا الرجل (2). ففیه : أنّ الأحادیث التی فی الکشی لیس فیها صحیح ولا حسن ، ولعلّ مراده بالحسن معنی آخر غیر المصطلح علیه.

المتن :

فی الأول : استدل به القائلون بالنجاسة مطلقاً (3) ، أعنی البول والروث ، وهی کما تری خاصة بالبول.

والثانی : ذکره الوالد قدس سره فی الاستدلال للطهارة فی الروث والبول ، موجّهاً للاستدلال به أنّ مقتضاه نفی البأس عن الروث ، فیکون الأمر بغَسل البول للاستحباب ؛ إذ لا قائل بالفصل فیما یظهر (4). انتهی.

ویشکل ما قاله من عدم القائل بالفصل ، بأنّ العلاّمة فی المنتهی ، إنما نقل الخلاف فی بول الدواب (5) ، والظاهر من ذلک وجود القائل بالفصل.

أمّا الثالث : فهو مذکور فی أدلة القائلین بالنجاسة مطلقاً علی ما حکاه

حکم أبوال الدوابّ والحمیر والبغال وأرواثها فی الأخبار

ص: 208


1- الخلاصة : 185 / 2.
2- الخلاصة : 185 / 2.
3- انظر المختلف 1 : 300 ، ومعالم الفقه : 201.
4- معالم الفقه : 201.
5- المنتهی 1 : 160.

الوالد قدس سره (1) ، والحال ما تری.

والرابع : مذکور فی کلام الوالد قدس سره لتأیید القول بالطهارة (2) علی نحو ما ذکره فی خبر الحلبی. أمّا قوله علیه السلام : « وأمّا أرواثها فهی أکثر من ذلک » فسیجی ء بیانه.

( [ والسادس (3) ] : مذکور فی حجّة الطهارة مطلقاً فی کلام الوالد قدس سره (4) أیضاً ) (5) وکذلک ذکره المحقق فی المعتبر قائلاً : یعنی أنّ کثرتها یمنع التکلیف بإزالتها (6).

وهذا یعطی أنّ : « أکثر » بالثاء المثلثة ، واحتمال أن یراد أکثر نجاسة قائم ، بخلاف روایة أبی مریم (7) فإنّ سیاقها یعطی ما ذکره المحقّق فکان متوجهاً ، وما فی بعض النسخ من لفظ أکبر بالباء الموحدة فقد یمکن توجیهه بما لا ینافی ذلک ، لکن لا یخفی أنّه لا بد من ضمیمة عدم القائل بالفصل ، لیلزم من طهارة الروث طهارة البول ، وقد سمعت ما قدّمناه عن المنتهی (8)

، وغیر بعید أن یکون ما فی المنتهی قصور عبارة ؛ لأنّه رحمه الله فی المختلف بعد الروایة الثانیة قال : ونفی البأس عن الروث یقتضی طهارته ، ویلزم من ذلک طهارة البول ؛ لعدم القائل بالفرق (9).

اللهم إلاّ أن یقال : إنّ عدم القائل بالفرق فی الطهارة لا یستلزم عدم

ص: 209


1- معالم الفقه : 201.
2- معالم الفقه : 202.
3- فی « رض » و « د » : والخامس ، والصواب ما أثبتناه بقرینة ما ذکر بعده.
4- معالم الفقه : 201.
5- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
6- المعتبر 1 : 414.
7- راجع ص : 201.
8- راجع ص : 208.
9- المختلف 1 : 301.

القائل بالفرق فی النجاسة. وفیه : أنّ المنافاة لإطلاق المنتهی حاصلة ، فتأمّل.

بقی شی ء وهو أنّه تقدّم فی أوّل الکتاب خبر صحیح تضمّن السؤال عن الماء تبول فیه الدواب وتلغ فیه الکلاب ، والجواب تضمّن أنّ الماء إذا کان قدر کرّ لا ینجسه شی ء. وهو یفید بسبب التقریر نجاسة أبوال الدواب ، ولم أر من تعرض له فی الاستدلال هنا ، وقد نبّهنا علی ذلک فی أوّل الکتاب (1).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ القائلین بالطهارة استدلوا بالأصل مع الأخبار المذکورة (2).

وقد یقال : إنّ الأصل قد علم المخرج عنه من الأخبار فکیف یتم الاستدلال؟

ویمکن الجواب بأنّ الأصل لا یخرج عنه إلاّ بالأخبار السلیمة من التعارض وهو موجود ، فإن من الأخبار ما هو صحیح من الطرفین فی الجملة ، وتوجیه دفع التعارض ممکن بالاستحباب فیعمل الأصل عمله والأخبار کذلک.

وقد یشکل الحال بأنّ الأصل إذ علم من مجموع الأخبار الخروج عنه انتفی عمله.

وفیه : أنّ هذا أوّل البحث بعد تحقق التعارض.

أمّا الاستدلال علی الطهارة بالعمومات الدالة علی طهارة بول ما یؤکل

أدلّة القائلین بالطهارة والمناقشة فیها

ص: 210


1- راجع ص 25 و 30.
2- کالمحقق فی المعتبر 1 : 414 ، وصاحب معالم الفقه : 200 و 201.

لحمه ، ففیه : أنّ الخاص مقدّم کما ذکر بعض محقّقی المتأخرین (1).

وربما یقال : إنّ الخاص لا یعلم تخصیصه مع التعارض والحال ما رأیت.

ویمکن الجواب بأنّ البول لا تعارض فی أخباره ، فالتخصیص لا مانع منه ، إلاّ أنّ یقال : إنّ فی بعض الاخبار ما یفید المعارضة ، وهو ما رواه الصدوق فی الفقیه عن أبیه ، عن محمد بن یحیی العطار ، عن إبراهیم بن هاشم ، عن صفوان بن یحیی ومحمد بن أبی عمیر ، عن أبی الأغرّ النخّاس أنَّه سأل أبا عبد الله علیه السلام فقال : إنّی أُعالج الدواب فربما خرجت باللیل وقد بالت وراثت فتضرب إحداها بیدها أو برجلها فینضح علی ثوبی فقال : « لا بأس به » (2).

وأبو الأغرّ وإنّ کان مجهول الحال ، إلاّ أنّ روایة الصدوق لها توجب المزیة الظاهرة کما قدّمناه (3) ، مضافاً الی روایة الثقتین (4) عنه ، وقد قیل فی مدحهما (5) ما یشعر بالقبول فی الجملة ، وحینئذ [ نقول (6) ] فی جهة البول أنّ الأخبار متعارضة فلا یخرج عن الأصل ، غیر أنّ الاحتیاط مطلوب.

ومن غریب ما وقع للعلاّمة فی المختلف أنّه استدل للطهارة فی جملة أشیاء بأنّ طهارة أبوال الإبل مثلاً مع نجاسة هذه الأبوال ممّا لا یجتمعان ، والأول ثابت فینتفی الثانی ، ووجه المنافاة أنّ کون الحیوان

ص: 211


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 1 : 301.
2- الفقیه 1 : 41 / 164 ، الوسائل 3 : 407 أبواب النجاسات ب 9 ح 2.
3- راجع ص 48.
4- وهما صفوان بن یحیی ومحمد بن أبی عمیر.
5- معالم الفقه : 204 ، منهج المقال : 383.
6- فی النسخ : یقول ، والظاهر ما أثبتناه.

مأکول اللحم إمّا أنّ یقتضی طهارة رجیعه أو لا ، وعلی کلا التقدیرین یلزم التنافی ، أما علی الأوّل فلوجود المشترک فی صورة النزاع ، وأمّا علی الثانی فلأنّه یلزم نجاسة أبوال الإبل عملاً بالعموم الدال علی نجاسة البول مطلقاً السالم عن معارضة کون الحیوان مأکولاً عادة ، وأما ثبوت الأول فبالإجماع (1). انتهی.

وأنت إذا لاحظت الکلام بأیسر نظر تری أنّه منحرف عن جادة التحقیق ، بل لا ینبغی صدور مثله عن مثله لکن فی المختلف له نظائر.

وأغرب منه ما وقع منه فی المنتهی بعد ذکر روایة لابن سنان تتضمن الأمر بغَسل الثوب من أبوال ما لا یؤکل لحمه ، أنّ لقائل أن یقول : إنّ روایة ابن سنان غیر مصرحة بالتنجیس ، أقصی ما فی الباب أنّه أمر بالغَسل ، وهو غیر دال علی النجاسة إلاّ من حیث المفهوم ، والمنطوق أقوی (2). انتهی. ولا یخفی علیک الحال.

بقی شی ء فی المقام وهو أنّ الخبر الأول تضمّن جمیع الألبان والبول واللحم فی السؤال ، والجواب کما تری تضمّن النهی عن الوضوء ، وغیر بعید أنّ یراد بالوضوء غَسل الیدین ، واستعماله فی هذا غیر عزیز ، وربما کان ذکر عدم غَسل الثوب قرینة علی ذلک ، واحتمال الوضوء الحقیقی لا وجه له ، والأعم منه ومن غَسل الیدین بعید ، فتأمّل.

اللغة :

قد تقدّم تفسیر النضح عن القاموس بأنه الرشّ (3) ، لکن فی الحبل

معنی النضح والرشّ والفرق بینهما

ص: 212


1- المختلف 1 : 300.
2- المنتهی 1 : 160.
3- راجع ص 855.

المتین أنّ ظاهر کلام العلاّمة فی النهایة یعطی أنّ الرشّ أخص من النضح ، لأنّه قال : مراتب (1) إیراد الماء ثلاث : النضح المجرد ومع الغلبة ، ومع الجریان ، ولا حاجة فی الرشّ إلی الدرجة الثالثة قطعاً ، وهل یحتاج إلی الثانیة؟ الأقرب ذلک ، ویفرّق بین الرشّ والغَسل بالسیلان والتقاطر (2). انتهی. وهو أعلم بوجه ما قاله.

قوله :

والذی یدل علی ذلک : ما أوردناه فی کتابنا الکبیر ، وفیما تقدم أیضاً من هذا الکتاب أنّ ما یؤکل لحمه لا بأس ببوله وروثه ، وإذا کانت هذه الأشیاء غیر محرّمة اللحوم لم تکن أرواثها وأبوالها محرّماً.

ویدلُّ علی ذلک أیضاً : ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بکیر ، عن زرارة ، عن أحدهما علیهماالسلام فی أبوال الدواب یصیب الثوب فکرهه ، فقلت : ألیس لحومها حلالاً؟ قال : « بلی ولکن لیس ممّا جعلها الله للأکل ».

فجاء هذا الخبر مفسّراً للأخبار کلّها (3) ومصرّحاً بکراهة ما تضمنته.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة ، قال : سألته عن بول السنّور والکلب والحمار والفرس ، فقال : « کأبوال الإنسان ».

ص: 213


1- لیست فی النسخ : أثبتناه من المصدر.
2- الحبل المتین : 96.
3- فی المصدر زیادة : جلیاً.

فالوجه فی هذا الخبر أنّ نحمل قوله : « کأبوال الإنسان » علی أنّه راجع إلی بول السنّور والکلب ؛ لأنّهما ممّا لا یؤکل لحمهما ، ویجوز أن یکون الوجه فی هذه الأحادیث أیضاً ضرباً من التقیة لأنّها موافقة لمذاهب [ بعض (1) ] العامة.

والذی یدل أیضاً علی أنّها خرجت مخرج ( الکراهیّة للتقیّة ) (2) :

ما رواه محمد [ بن أحمد (3) ] بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن الحکم بن مسکین ، عن إسحاق بن عمار ، عن المعلّی بن خنیس وعبد الله بن أبی یعفور قالا : کنّا فی جنازة وقدّامنا حمار فبال فجاءت الریح ببوله حتی صکّت وجوهنا وثیابنا فدخلنا علی أبی عبد الله علیه السلام فأخبرناه فقال : « لیس علیکم بأس ».

السند :

فی الأول : فیه القاسم بن عروة ولم یذکر النجاشی فیه بعد النسب سوی أنّه روی عن أبی عبد الله علیه السلام له کتاب (4). وفی الفهرست قال الشیخ : القاسم بن عروة له کتاب (5). وفی رجال الصادق علیه السلام من کتابه کذلک (6) مع زیادة لا فائدة فیها.

بحث حول القاسم بن عروة

ص: 214


1- لیست فی النسخ : أثبتناه من الإستبصار 1 : 180.
2- ما بین القوسین فی « فض » : الکراهیة وللتقیة ، وفی « د » : الکراهة أو التقیة ، وفی « رض » : الکراهیة أو للتقیة ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 180.
3- ما بین المعقوفین أثبتناه من الاستبصار 1 : 180 / 628.
4- رجال النجاشی : 314 / 860.
5- الفهرست : 127 / 566.
6- رجال الطوسی : 276 / 51.

وابن بکیر قدّمنا ذکره مفصّلاً (1) ، والحاصل أنّ النجاشی ذکره من غیر توثیق ولا مدح (2) ، والشیخ فی الفهرست قال : إنّه فطحی إلاّ أنّه ثقة (3) ، وقد کرّرنا القول فی أنّ عدم ذکر النجاشی فی أمثال الرجل المذکور کونه فطحیاً دلیل علی انتفائه عنده (4) ؛ إذ من البعید اطّلاع الشیخ علی ما لم یطّلع علیه النجاشی ، مع اتحاد [ العصر (5) ] وشدة ممارسة النجاشی للرجال وعدم سلوکه سبیل الاستعجال.

والثانی : غیر خفی الحال.

والثالث : فیه الحکم بن مسکین وهو مجهول. وإسحاق بن عمار ثقة فی النجاشی (6). والشیخ قال : إنّه فطحی فی الفهرست (7). ووثّقة فیه وفی رجال الکاظم علیه السلام (8) ، وقد سمعت القول من جهة عدم ذکر النجاشی لکونه فطحیاً.

فإن قلت : النجاشی قال فی آخر کلامه : ذکر ذلک أحمد بن محمد بن سعید فی رجاله (9). وأحمد هو (10) ابن عقدة الزیدی المشهور فلا یفید

بحث حول ابن بکیر

الحکم بن مسکین مجهول

بحث حول إسحاق بن عمار

ص: 215


1- منها فی ج 1 ص 121 ، ص 89 ، ولکن نسب إلی النجاشی هناک ما نسبه إلی الشیخ فی الفهرست هنا ، فراجع.
2- رجال النجاشی : 222 / 581.
3- الفهرست : 106 / 452.
4- فی ص 79.
5- فی النسخ : القصر ، والظاهر ما أثبتناه.
6- رجال النجاشی : 71 / 169.
7- الفهرست : 15 / 52.
8- رجال الطوسی : 342 / 3.
9- رجال النجاشی : 71 / 169.
10- لیست فی « د ».

التوثیق ، وبتقدیر احتمال عود الإشارة إلی روایته عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ؛ لأنّه ذکر هذا قبل الإشارة ، فلا أقل من احتمال غیره ، وهو کافٍ فی عدم الصلاحیّة للتوثیق.

قلت : الاحتمال الأوّل بعید وإنّ قرّبه الإشارة للبعید ، علی أنّ توثیق الشیخ موجود.

فإن قلت : إثبات توثیق النجاشی له فائدة ، وهو تعارض الجرح والتعدیل ، فالجارح وإنّ کان مقدماً فی الجملة علی ما فصل فی موضعه (1) إلاّ أنّ مثل النجاشی له رجحان یوجب تقدیم تعدیله علی جرح الشیخ کما ذکر أیضاً فی محله (2) ، وحینئذ فاذا ثبت توثیق النجاشی أمکن أنّ یقال بأنّ إسحاق إمامی ثقة ، وبدون ثبوت التوثیق لا یثبت ذلک فلا یکون خبره صحیحاً إذا خلا من الموانع غیره.

قلت : لما ذکرت وجه ، إلاّ أنّ ظهور احتمال العود إلی الأخیر کافٍ فی الجواب ، علی أنّه یمکن أن یقال : إنّ قول الشیخ بالفطحیة وعدم ذکر النجاشی لها من قبیل التعارض فی الجملة ، فترجیح النجاشی من هذه الجهة علی حاله ، وتوثیق الشیخ لا معارض له ؛ إذ الفطحیة تجامعه تارة وتنفک عنه اخری ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ کلام الشیخ فی حکم المرکب فکان حکمه بالتوثیق مع کونه فطحیاً ، فلیتأمّل.

وفی الطریق المعلی بن خنیس ، وفیه کلام ، إلاّ أنَّه لا یضر بحال الروایة لو سلمت من غیره کما لا یخفی (3).

ص: 216


1- کما قال به الشهید الثانی فی الدرایة : 73.
2- راجع ص 79.
3- لأنّ الروایة رواها عبد الله بن أبی یعفور أیضاً وهو ممن وثقه النجاشی مرتین ، راجع رجال النجاشی : 313 / 556.

ثم إنّ المعلی بن خنیس قال النجاشی : إنّه ضعیف جدّاً لا یعوّل علیه (1) ، والعلاّمة فی الخلاصة نقل عن الشیخ الطوسی فی کتاب الغیبة بغیر اسناد : أنّه کان من قوّام أبی عبد الله علیه السلام وکان محموداً عنده ومضی علی منهاجه. وهذا یقتضی وصفه بالعدالة (2).

وفی نظری القاصر أنّ کلام الشیخ لا یقتضی الوصف بالعدالة ، أمّا من جهة کونه من القوّام فلأنّ الوکالة لا تفید العدالة ، إلاّ إذا تعلّقت بمشروط بها ، وذلک غیر معلوم.

وکونه محموداً عنده لم یعلم أنَّه من أی جهة ، وربما یکون من حیث قضاء مآربه علیه السلام علی الوجه الأکمل ، وهذا أمر آخر.

ثم قوله : بغیر إسناد. إنّ أراد به أنّه علی سبیل الجزم من الشیخ فکان ینبغی بیان التعارض بینه وبین تضعیف النجاشی ، وإن کان الشیخ ذکر ما یشعر بالروایة فاقتضاء کلامه التعدیل لا وجه له.

وغیر بعید أنّ غرض العلاّمة التنبیه علی رجحان جانب الجرح ؛ لأنّه ذکره عن النجاشی وابن الغضائری (3) ، وقد روی الکلینی فی الروضة من الکافی عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن ابی عمیر ، عن الولید بن صبیح ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : دخلت علیه یوماً فالقی ( علیّ ثیابه ) (4) وقال : « یا ولید ردّها علی مطاویها » فقمت بین یدیه ، فقال أبو عبد الله علیه السلام : « رحم الله المعلّی بن خنیس » ثم قال : « أُفٍّ للدنیا إنّما الدنیا دار بلاء سلّط الله فیها عدوّه علی ولیّه » (5).

بحث حول المعلّی بن خنیس

ص: 217


1- رجال النجاشی : 417 / 1114.
2- الخلاصة : 259 / 1.
3- الخلاصة : 259 / 1.
4- ما بین القوسین فی المصدر : إلیّ ثیاباً.
5- الکافی 8 : 304 / 469 ، بتفاوت فی المتن.

وهذا الحدیث ربما دل علی مدح فی الجملة ، وفی کتاب الدین من التهذیب حدیث حسن أیضا ربما یفید نوع مدح (1) والله أعلم بالحال.

المتن :

فی الأوّل حمل الشیخ فیه الکراهة علی معناها الأُصولی ، ولا یخلو من تأمّل ؛ لوجود استعمالها فی التحریم کما فی کثیر من الأخبار ، وللشیخ فی ذلک اضطراب یعلمه من تصفّح کتبه.

ثم لفظه : کرهه ، إمّا أنّ تقرأ بالتضعیف علی معنی أنّه جعله مکروهاً ، وحینئذ یصیر مشترکاً بین التحریم والکراهة الأُصولیة کما یستفاد من الأخبار ، وإمّا بغیر التضعیف علی معنی أنّه نفر منه ، والاشتراک أیضاً محتمل من النفرة ، وعلی کل حال فقول الشیخ : جاء الخبر مصرّحاً بالکراهة صحیح ، أمّا تفسیر معنی الکراهة منه فمحل کلام ، غایة الأمر أنّه إذا نظر الی تعارض الأخبار أمکن حمل الکراهة علی معناها الأُصولی.

وما قاله الشیخ رحمه الله : من أنّه أورد فی الکتاب الکبیر (2) وفیما تقدم أنّ ما یؤکل لحمه لا بأس ببوله وروثه. صحیح أیضاً ، إلاّ أنّ الأخبار لو صحّت لکانت قابلة للتخصیص ، کما أوضحنا الحال فیه سابقاً (3) ، ونقول هنا : إنّ ما دل علی النجاسة ناقل ، وما دلّ علی الطهارة مقرّر للأصل ، وعند التعارض یرجّح (4) الناقل ، مضافاً إلی أنّ أخبار النجاسة أکثر ، بل ربما کانت

ما المراد بالکراهة فی قوله : فکرهه ، فی روایة زرارة؟

ص: 218


1- التهذیب 6 : 186 / 386 ، الوسائل 18 : 335 أبواب الدین والقرض ب 9 ح 1.
2- التهذیب 1 : 247 / 711 ، الوسائل 3 : 409 أبواب النجاسات ب 9 ح 9.
3- راجع ص 874.
4- فی « د » : یترجح.

أصحّ ، کما یعرف بمراجعتها ، إلاّ أنّه محل کلام بعد ما ذکرناه من روایة الصدوق (1) ، ویؤیدّها أنّ الثقة الجلیل محمد بن یعقوب رواها أیضاً (2).

وقد ذکر الوالد قدس سره فی المعالم بعد ما قدّمناه عنه سابقاً (3) من توجیهه لصحّة خبر الحلبی الدال علی نفی البأس عن روث الحمیر ما هذا لفظه : وقد علمت أنّ المشی علی طریقهم فی تصحیح الأخبار مقتضٍ لصحّة الخبر المذکور ، واللازم من الأمرین یعنی صحة الخبر وعدم القائل بالفصل ثبوت الطهارة ، وتبقی الأخبار الأُخر عاضدة ، وقد أشار المحقّق فی المعتبر إلی خلو الأخبار عن نجاسة الروث ، فقال بعد نقل جملة من الروایات فخلّص من هذا تطابق أخبارنا علی طهارة الروث وتصادمها علی البول ، فیقضی بالکراهة (4) عملاً بالروایتین ، ولأنّ تعارض النقل یثمر الطهارة لوجهین ، أحدهما : أنّ الأصل الطهارة فیکون طرفها أرجح ، الثانی : ما روی عن أبی عبد الله علیه السلام : « کل شی ء نظیف حتی تعلم أنّه قذر » (5) انتهی (6).

وأنت خبیر بعد ما ذکرناه من ترجیح الناقل علی المقرّر یشکل ما ذکره الوالد قدس سره والمحقّق ، إلاّ أنّ یقال : إنّ أخبار النجاسة غیر صریحة فی ذلک ، بل بعضها المقترن بالروث قرینة الاستحباب فیه موجودة ، نظراً إلی ما تقدم من عدم القائل بالفصل ، فإذا حکم بطهارة الروث فی الخبر ومعه

استدلال صاحب المعالم لطهارة أبوال الدوابّ والمناقشة فیه

ص: 219


1- المتقدمة فی ص 874.
2- الکافی 3 : 58 / 10 ، الوسائل 3 : 407 أبواب النجاسات ب 9 ح 2.
3- راجع ص 873.
4- فی المصدر : بالکراهیة.
5- التهذیب 1 : 284 / 832 ، الوسائل 3 : 467 أبواب النجاسات ب 37 ح 4.
6- معالم الفقه : 205.

الأمر بغَسل البول کان للاستحباب ، والبعض الخالی من الاقتران لا بدّ حینئذ من حمله علی الاستحباب کالمقترن ، إذ یبعد الحکم فی بعض دون بعض ، وإذا لم تکن الأخبار صریحة فترجیح الناقل یتوقف علی ذلک.

ویمکن أنّ یجاب عن هذا بأنّ إثبات عدم القائل بالفصل عسر ، بل هو من قبیل الإجماع الذی یدّعی من المتأخّرین ، هذا.

والعجب من بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله أنّه ذکر ترجیح الناقل علی المقرّر فی خبرین ، أحدهما دالّ علی الأمر بغَسل الثوب من بول ما لا یؤکل لحمه ، والآخر دالّ علی أنّ کل شی ء یطیر لا بأس بخرئه وبوله (1) ، والحال أنّه ذکر فی مسألة أبوال الدواب أنّ أخبار النجاسة ربما حملت علی الاستحباب لاعتضادها بالأصل وعمل الأکثر ، ثم قال : والمسألة محل توقف (2).

والوجه فی التعجب أنّ هذا المحل أولی بذکر المقرّر والناقل ؛ لأنّ أحد ذینک الخبرین روایة أبی بصیر ، فلیس الاعتناء به أولی من غیره ، ولا یبعد أنّ یکون عمل الأکثر کما ذکر مع الأصل مؤیداً قویّاً ، إلاّ أنّ الکلام فی ثبوت الأکثریة ، وبالجملة فالمقام واسع الباب ، والله سبحانه الهادی إلی الصواب.

ثم إنّ ما تضمنه الأوّل من قوله : « ولکن لیس ممّا جعلها الله للأکل » لا یخلو من إجمال ، ولعلّ المراد أنّ المأکول الخالی بوله وروثه من الریب ما أعدّه الله للأکل ، بمعنی أنّ خلقه للأکل بالذات ، والاستعمال فی غیر الأکل بالعرض ؛ أمّا ما کان خلقه بالذات للاستعمال کالخیل والبغال والحمیر ،

معنی قوله علیه السلام فی الدوابّ : « لیس ممّا جعلها الله للأکل »

ص: 220


1- الحبل المتین : 96.
2- الحبل المتین : 95.

وأکله بالعرض ، فبوله محلّ ارتیاب إمّا بتحریم أو کراهة ، وربما دل علی حکم المذکورات قوله تعالی ( وَالْخَیْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِیرَ لِتَرْکَبُوها وَزِینَةً ) (1) وهذا علی سبیل الاحتمال ، والله سبحانه أعلم بمقاصد أولیائه ، وقد صرّح بعض الأصحاب بأنَّ المراد بما یؤکل لحمه ما کان بحسب العادة (2).

وأمّا الثانی : فما ذکره الشیخ فیه لا وجه له ، بل کان ترکه أولی ، والحمل علی التقیّة واضح الحُسن ، وربما کان فی الجواب نوع میل عن الکذب ، لأنّ أبوال المذکورات کأبوال الإنسان فی الصورة لا فی الحکم.

أمّا ما قاله الشیخ فی الثالث فواضح.

اللغة :

قال فی القاموس : صکَّهُ : ضربه شدیداً (3).

قوله :

باب الرجل یصلّی فی ثوب فیه نجاسة قبل أنّ یعلم.

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أبی جعفر ، عن أبیه ، عن حفص بن غیاث ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن علی علیهم السلام قال : « ما أُبالی أبول أصابنی أو ماء إذا لم أعلم ».

معنی صکّ

الرجل یصلّی فی ثوب فیه نجاسة قبل أن یعلم

اشارة

ص: 221


1- النحل : 8.
2- الحبل المتین : 95.
3- القاموس المحیط 3 : 320 ( صَکَّه ).

علی بن مهزیار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یصلّی وفی ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو کلب أیعید صلاته؟ قال : « إن کان لم یعلم فلا یعید ».

عنه ، عن صفوان ، عن العیص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام ، عن رجل صلّی فی ثوب رجل أیّاماً ثم إنّ صاحب الثوب أخبره أنّه لا یصلّی فیه ، قال : « لا یعید شیئاً من صلاته ».

السند :

فی الأول معلوم ممّا کرّرناه ، وقد مضی أیضاً عن قریب أنّ أبا جعفر أحمد بن محمد بن عیسی (1) ، وأمّا حفص بن غیاث فقد ذکر النجاشی أنّه ولی القضاء ببغداد لهارون ثم ولاّه قضاء الکوفة (2). والشیخ قال فی الفهرست : إنّه عامیّ المذهب وله کتاب معتمد (3). وفائدة ما ذکره الشیخ من الکتاب المعتمد إنّما یظهر لو علم أنّ الخبر من کتابه ، وأنّی یعلم هذا؟!.

والثانی لا ریب فیه ؛ إذ الطریق إلی علی بن مهزیار کذلک.

والثالث کالثانی.

المتن :

فی الأول : له دلالة علی عدم اعتبار الظن فی النجاسة ، إذ المتبادر من

بحث حول حفص بن غیاث

ص: 222


1- راجع ص 857.
2- رجال النجاشی : 134 / 346.
3- الفهرست : 61 / 232.

العلم غیر الظن ، واحتمال إرادة العلم الشرعی المتناول للظن علی تقدیر ظهوره یمکن القول به ، بل الظاهر أنّ الظن الشرعی لا ارتیاب فیه ؛ إذ النجاسات غالبها ثابتة بالظن الشرعی عند المجتهد.

أمّا ما ینقل عن أبی الصلاح : من أنّ النجاسة تحصل بالظنّ مطلقاً (1). فالذی یقتضیه نظری القاصر أنّ مراده بالظنّ : الشرعی ؛ لأنّ المنقول فی احتجاجه لما قاله بأنّ الشرعیات کلّها ظنیة ، وأنّ العمل بالمرجوح مع قیام الراجح باطل (2). ولا یخفی دلالة أوّل الدلیل علی ما ذکرناه ، وأمّا الثانی فهو قابل للردّ إلی الأوّل.

واحتمال إرادته کل ظن إذا کان فی نفسه راجحاً فما قابلة مرجوح ، فلو حصل ظن النجاسة ترجحت وکانت الطهارة مرجوحة.

فیه : أنّ الطهارة لا تصیر مرجوحة بمجرّد ظن النجاسة ، بل الطهارة إن کانت مستصحبة فظنها یساوی غیرها ، وکلامه فی الرجحان.

اللهُمَّ إلاّ أنّ یقال : إنّ من جملة الصور المتناول لها إطلاقه ما لو کان ظن النجاسة أرجح عند المکلف من ذلک الاستصحاب للطهارة.

وفیه : أنّ کلامه کما سمعت فی الظن الشرعی ، والاستصحاب إن فرض أنّه شرعی کما هو ظاهر مراده فالرجحان محلّ کلام ، إلاّ أنّ یکون دلیل النجاسة أقوی ، وهذا حکم آخر.

ومن هنا یعلم أنّ ما أجاب به المتأخّرون (3) عن حجّته من المنع من العمل بمطلق الظن شرعاً ، وثبوته فی مواضع مخصوصة لدلیل خاص

ثبوت النجاسة بالظنّ الشرعی

ص: 223


1- حکاه عنه فی المختلف 1 : 322 ، وهو فی الکافی فی الفقه : 140.
2- حکاه عنه فی المختلف 1 : 322.
3- کالمحقق الثانی فی جامع المقاصد 1 : 153.

لا یقتضی التعدیة إلاّ بالقیاس محل بحث ؛ لأنّ حاصل دلیله أنّ الظن الشرعی معمول به فی النجاسة ، لا أنّ کل ظن یعمل به شرعاً.

والعجب من الوالد قدس سره أنّه ذکر الجواب علی ما ذکره غیره ولم یتوجه لتحقیق الحال (1).

والحاصل أنّ إطلاق بعض الأصحاب اعتبار العلم فی النجاسة (2) لا وجه له إنّ أراد الیقین ؛ لأنّ المجتهد لا یحصل له الیقین فی أغلب المسائل ، بل الظنّ ، وإذا اکتفی بالظنّ علم أنّ اعتبار العلم الحقیقی مطلقاً غیر معتبر فی النجاسة ، وإذا رجع إلی الشرعی علم أنّ المراد ما یتناول الظن.

وفی النظر أنّ الأولی أنّ یقال فی الجواب : إنّ عمل المجتهد بالظنّ مرجع دلیله الإجماع ، وما عداه یتوقف علی الدلیل ، فالظنّ الحاصل لغیره یتوقف علی الدلیل ، فإذا ورد فی مثل الخبر المذکور اعتبار العلم حملناه علی ظاهره ، ویخص بما عدا ظن المجتهد ، علی انَّ المراد بالعلم ما یشمل الظن لو سلّمت یقال : إنّ المراد العلم أو ظن المجتهد ، لا مطلق الظن.

ومن هذا التوجیه یعلم أنّ ما قیل فی ثبوت النجاسة إذا شهد بها عدلان (3) ، محل نظر ؛ لأنّ شهادة العدلین إنّ کانت عند الحاکم أمکن الثبوت ، وأمّا عند غیره فالقبول مشکل ؛ إذ لا دلیل علی قبولها لغیر الحاکم فی النجاسة من نص ، والإجماع منتف لوجود الخلاف علی ما یظهر من المنتهی ، فإنّه قال : لو أخبر عدل بنجاسة الماء لم یجب القبول ، أمّا لو شهد

هل تثبت النجاسة بشهادة العدلین؟

ص: 224


1- معالم الفقه : 163.
2- مجمع الفائدة والبرهان 1 : 347.
3- قال به المحقق فی المعتبر 1 : 54.

عدلان فالأولی القبول (1). وهذا الکلام یقتضی الخلاف فی العدلین ، وقد احتج لقبول العدلین بأنّ شهادتهما معتبرة فی نظر الشارع.

وأنت خبیر بورود النظر الذی ذکرناه علی الاحتجاج ؛ فإنّ اعتبار الشاهدین فی نظر الشارع موقوف علی الدلیل من إجماع ونحوه ، وبعد تصریحه بالخلاف لا إجماع ، والأخبار لم أقف علیها.

وفی المنتهی ایضاً : لو أخبر العدل بنجاسة إنائه فالوجه القبول ، ولو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالوجه القبول أیضاً (2).

وفی التذکرة قال : لو استند الظن إلی سبب کقول العدل فهو کالمتیقّن ، وإلاّ فلا (3). ولا یبعد أنّ یکون مراده فی التذکرة بالعدل إذا أخبر بنجاسة مائه ، إذ من المستبعد الحکم بقوله فی نجاسة الماء بمجرد قول العدل وإنّ أثمر الظنّ ؛ لأنّ الظنّ المعتبر هو الشرعی علی ما یظهر من کلام أبی الصلاح ، وهو القائل بالظن (4) ، وعلی تقدیر کون العلاّمة اختار مطلق الظن فالإشکال واضح بالنسبة إلی الدلیل.

ومن هنا یظهر أنّ ما نقل عن ابن البرّاج : من عدم قبول العدلین (5). له وجه ، ولا یتوجه علیه أنّ قبول العدلین إذا شهدا عند المجتهد لا ینبغی الارتیاب فیه ؛ لإمکان الجواب بأنّ قبول شهادة الشاهدین للمجتهد موقوف علی الدلیل ، والإجماع علی قبول شهادة الشاهدین فی الماء النجس محلّ کلام ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ المخالف منحصر فی ابن البراج فلا یضرّ

ص: 225


1- المنتهی 1 : 9.
2- المنتهی 1 : 10.
3- التذکرة 1 : 90.
4- راجع ص 881.
5- نقله عنه فی المعتبر 1 : 54 ، وهو فی جواهر الفقه ( الجوامع الفقهیة ) : 472.

الإجماع ، وفیه ما فیه.

والعجب من المحقّق فی المعتبر أنّه جزم بعدم القبول مع إخبار العدل ، وحکی عن ابن البرّاج قوله ، ثم قال : والأظهر : القبول ؛ لثبوت الأحکام بشهادتهما عند الشارع [ کما (1) ] لو اشتراه وادعی المشتری نجاسته قبل العقد ، فلو شهد شاهدان لساغ الردّ ، وهو مبنیّ علی ثبوت العیب (2). انتهی.

ووجه التعجب أنّه یتوجه علیه فی نظری القاصر :

أوّلاً : أنّ المدّعی ثبوت النجاسة بالشاهدین مطلقاً ، وظاهر الدلیل الثبوت عند الشارع ، فهو أخصّ من المدعی.

وثانیاً : أنّ الثبوت عند الشارع علی تقدیر تحقق الدلیل علیه یقال به ، لکن تعدیته (3) لکل شخص قیاس.

وثالثاً : أنّ ما استدل به من ثبوت العیب ربما یناقش فیه بأنّ ثبوت الخیار یقتضی عدم ثبوت النجاسة ؛ إذ لو تحققت بطل البیع إلاّ فیما یمکن تطهیره ، والإطلاق لا یناسبه.

ومن هنا یظهر أنّ ما قاله الوالد قدس سره بعد کلام المحقق : من أنّه لا بأس به. غریب منه ، مضافاً إلی ما قاله بعد النقل عن بعض الأصحاب أنه شرط فی قبول العدلین تبیّن السبب المقتضی للنجاسة ؛ لوقوع الخلاف فیه (4) إلاّ أنّ یعلم الوفاق فیکتفی بالإطلاق : إنّ هذا الاشتراط حسن ووجهه

ص: 226


1- ما بین المعقوفین أثبتناه من المصدر.
2- المعتبر 1 : 54.
3- فی « فض » : تمشیه.
4- لیست فی « د ».

ظاهر (1).

إذا عرفت هذا کلّه فالذی یظهر من العلاّمة فی النهایة توجیه قبول العدل الواحد بأنّ الشهادة فی الأُمور المتعلقة بالعبادة کالروایة ، والواحد فیها مقبول ، فکذا فیما یشبهها (2).

ولا یخفی علیک حال هذا الکلام من حیث دلالة ظاهره علی القیاس علی الروایة ، ولا وجه له ، ولا یبعد أنّ یکون مقصوده أنّ ثبوت قول الواحد لیس من حیث الشهادة بل من حیث الإخبار ، فیدخل فی مفهوم آیة ( إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ ) (3) وعلی هذا یکون قوله : فیما یشبهها. یرید به کونه خبراً لا شهادة ( ولا یخلو من وجه ، غیر أنّ فی البین إجمالاً بالنسبة إلی الفرق بین الإخبار والشهادة ) (4) فینبغی التأمّل فی جمیع ما ذکرناه فإنّه حریّ بالتأمّل التام.

وما عساه یقال : من أنّ الخبر إذا لم ( یسلم سنده ) (5) من موجبات الردّ لا فائدة فیما یتفرع علیه. یمکن الجواب عنه بأنّ الصدوق قد روی هذا الخبر مرسلاً عن علی علیه السلام (6) ، وروی مضمونه من الدلالة علی العلم بالنجاسة مرسلاً عن الصادق علیه السلام (7). وقد قدّمنا حال مراسیله (8) ، مضافاً

هل تثبت النجاسة بشهادة العدل الواحد؟

ص: 227


1- معالم الفقه : 163.
2- نهایة الإحکام 1 : 252.
3- الحجرات : 6.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- بدل ما بین القوسین فی « فض » : یعلم سنده ، وفی « رض » یسلم یشده.
6- الفقیه 1 : 42 / 166 ، الوسائل 3 : 467 أبواب النجاسات ب 37 ح 5.
7- الفقیه 1 : 6 / 1 ، الوسائل 1 : 133 أبواب الماء المطلق ب 1 ح 2.
8- راجع ص 48 ، 875.

الی بعض الاعتبارات المذکورة فی محل آخر ، هذا.

والثانی : کما تری یدل علی أنّ من لم یعلم بالنجاسة لا إعادة علیه ، أمّا کون [ عدم (1) ] العلم مراداً به ما یشمل عدم العلم بالحکم فمحل کلام ، والحاصل أنّ عدم العلم بالنجاسة إمّا أنّ یراد به عدم العلم بحصول النجاسة فی الثوب مع علمه بالنجاسة ما هی ، وإمّا أنّ یراد عدم العلم بأنّ المذکورات نجسة مع علمه بالنجاسة إجمالاً ، وإمّا أنّ یراد عدم العلم بالنجاسة أصلاً ، وتبادر الأوّل ممکن ، وإنّ ظهر من بعض الأخبار ما تسمعه.

ثم إنّ العلم المذکور کما یحتمل ما ذکرناه یحتمل أنّ یراد به ما قابل الظن ، ویتناول الأقسام المذکورة.

وممّا یدل من الأخبار علی أنّ الجاهل فی الجملة معذور ما رواه الشیخ فی باب النکاح بطریق صحیح عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبی إبراهیم علیه السلام قال : سألته عن الرجل یتزوّج المرأة فی عدّتها بجهالة أهی ممّن لا تحل له أبداً؟ فقال : « لا ، أمّا إذا کان بجهالة فلیتزوجها بعد ما تنقضی عدّتها وقد یعذر الناس فی الجهالة بما هو أعظم من ذلک » قال : قلت : فأیّ الجهالتین أعذر ، الجهالة بأنّ ذلک حرام علیه ، أم بجهالته أنّها فی عدّة؟ قال : « إحدی الجهالتین أهون من الأُخری : الجهالة بأنّ الله تعالی حرّم ذلک علیه ، وذلک أنّه لا یقدر علی الاحتیاط معها » (2) الحدیث.

هل الجاهل معذور؟

ص: 228


1- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة المعنی.
2- التهذیب 7 : 306 / 1274 وفیه : عن أبی عبد الله علیه السلام وبتفاوت یسیر فی المتن ، الوسائل 14 : 345 أبواب ما یحرم بالمصاهرة ونحوها ب 17 ح 4.

وروی الصدوق فی کتاب الصلاة من الفقیه حدیثاً (1) عن زرارة ومحمد بن مسلم وفیه قالا : قلنا : فمن صلّی فی السفر أربعاً أیعید أم لا؟ فقال : « إنّ کان قد (2) قرئت علیه آیة التقصیر وفسّرت له أعاد ، وإنّ لم یکن قرئت علیه ولم یعلمها فلا إعادة » (3).

والذی یقتضیه النظر فی هذین الخبرین أنّ عدم العلم بالمنع من الشارع یوجب العذر ، أمّا لو علم المنع وجهل ما یتعلق به فلا عذر ، وما تضمنه الخبر المبحوث عنه علی تقدیر حمل العلم علی ما قابل الجهل یحتمل أنّ یخصّ بعدم العلم بمنع الشارع ، وقد اتفق للمتأخرین نوع إجمال فی الفرق بین جاهل الأصل وجاهل الحکم (4) (5).

والذی یستفاد من الخبر الذی ذکره الشیخ فی النکاح (6) أنّ ما یمکن معه الاحتیاط لا یعذر صاحبه ، لکنّ الحال فی هذا لا یخلو من إجمال ، فإن الاحتیاط لمن لا یعلم (7) التحریم فی خصوص ما ذکر فی الروایة ممکن لمن علم إجمالاً بأنّ الله قد حلّل وحرّم ، فالسؤال عن الحلال والحرام قبل الفعل علی سبیل الاحتیاط ممکن ، غایة الأمر أنّ الاحتیاط یتفاوت بالقرب والبعد ، ولعلّ هذا هو المراد فی الروایة ، فیراد بما یمکن فیه الاحتیاط علی

ص: 229


1- فی « فض » زیادة : صحیحاً.
2- لیست فی « د ».
3- الفقیه 1 : 278 / 1266 ، الوسائل 8 : 506 أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 4.
4- انظر جامع المقاصد 2 : 87. والمدارک 2 : 344 4. وحبل المتین : 95 و 173 و 174.
5- فی « فض » زیادة : واختلاف فی حکمهما.
6- فی « رض » و « نش » زیادة : إجمال.
7- فی « فض » و « رض » : لم یعلم.

وجه قریب ، ولو لا هذا لم یکن أحد من الجهّال معذوراً بعد أن علم أنّه مکلّف والحال أنّ الروایة تفید خلاف ذلک.

وکلام بعض الأصحاب الذین رأینا کلامهم تارة یعطی عدم عذر الجاهل بالحکم الشرعی إذا علم الأصل ، کالمکان المغصوب إذا علم غصبه وجهل حکمه ، وتارةً یعطی ما یخالف هذا کما یعلمه من تتبّع کلامهم (1) ، والخبران اللذان ذکرناهما ربما یفیدان عذر الجاهل بنوع آخر.

والخبر المنقول عن الفقیه قد تکلّمنا فیه فی موضعه من حیث دلالته (2) علی أنّ الآیة إذا لم تفسّر له لا إعادة علیه ، والظاهر من هذا الترکیب احتمالات : أحدها أنّ جاهل الحکم معذور کجاهل الأصل ، علی أنّ یراد بالأصل أصل الوجوب ، والتفسیر یراد به ما یلزم الوجوب من البطلان ، ولو لا خوف الخروج عمّا نحن بصدده لذکرت جمیع الاحتمالات ، والمقصود هنا التنبیه علی أنّ الأصحاب (3) یقنعون فی أمثال هذه المباحث بالقلیل ویکتفون فی المطالب المهمة اتّکالاً علی قول بعض المتقدّمین بأیسر دلیل ، والله سبحانه الهادی إلی سواء السبیل.

إذا عرفت هذا کلّه فاعلم أنّ المحقّق فی المعتبر صرّح فیما حکاه شیخنا قدس سره بأنّ من علم بالنجاسة وصلّی ذاکراً لها وجب علیه الإعادة فی الوقت وخارجه ، قال المحقّق : وهو إجماع من جعل طهارة الثوب والبدن شرطاً (4). وإطلاق کلام جماعة یقتضی عدم الفرق فی العالم بالنجاسة بین

ص: 230


1- مجمع الفائدة والبرهان 1 : 342 347.
2- فی « فض » و « رض » : النسخ : دلالة.
3- فی « فض » و « رض » زیادة : کثیراً ما.
4- حکاه عنه فی المدارک 2 : 344 ، وهو فی المعتبر 1 : 441.

[ العالم (1) ] بالحکم الشرعی والجاهل به ، والعلاّمة فی المنتهی صرح بأنّ جاهل الحکم عامد ؛ لأنّ العلم لیس شرطاً للتکلیف (2) ، واعترض علیه بقبح تکلیف الغافل.

وفیه نظر یعرف ممّا قدّمناه من أنّ قبح تکلیف الغافل مطلقاً یدفعه بعض الأخبار.

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره : من أنّ الحق أنّهم إن أرادوا بکون الجاهل عامداً أنّه مثله فی وجوب الإعادة فی الوقت مع الإخلال بالعبادة فهو حقّ ؛ لعدم حصول الامتثال المقتضی لبقاء المکلّف تحت العهدة ، وإن أرادوا أنّه کالعامد فی الإعادة فی الوقت وخارجه فهو مشکل ؛ لأنّ القضاء فرض مستأنف (3).

ففی (4) نظری القاصر أنّه محلّ بحث :

أمّا أوّلاً : فلأنّ وجوب الإعادة فی الوقت بسبب عدم الامتثال موضع نظر ؛ لما قرره هو وغیره من قبح تکلیف الغافل ، وإذا لم یکن مکلّفاً بما جهله (5) فالمکلّف فیه (6) قد فعله ، ولو اعتبرنا المأمور به غیره أشکل بجاهل أصل النجاسة علی المعروف ، وبما تضمّنه الخبران اللذان نقلناهما فی الجاهل (7) ، وحینئذ یمکن القول بأنّه أتی بالمأمور به.

ومن ثم حکی شیخنا الشهید رحمه الله عن السیّد الرضی قدس سره أنّه سأل

ص: 231


1- فی النسخ : العلم ، وما أثبتناه من المصدر.
2- حکاه عنه فی المدارک 2 : 344 ، وهو فی المنتهی 1 : 299.
3- المدارک 2 : 344.
4- فی « د » : وفی.
5- فی « فض » : جعل.
6- کذا فی النسخ ولعل الأولی : به.
7- راجع ص 884.

أخاه ( السیّد المرتضی رضی الله عنه عن مسألة من کان جاهلاً بالتقصیر ) (1) فصلّی أربعاً حیث قیل : إنّه لا یعید مطلقاً ، فقال : إنّ الإجماع منعقد علی أنّ من صلّی صلاة لا یعلم أحکامها فهی غیر مجزئة ، والجهل بأعداد الرکعات جهل بأحکامها ، فأجابه السیّد المرتضی بجواز تغیّر الحکم الشرعی بسبب الجهل (2).

وکان مراده بالجواب احتمال کون الجاهل مکلّفاً بالأربع ، وما قاله السیّد بعد ما نقلناه من أنّه وإن کان الجاهل غیر معذور لا یخلو من خفاء ، ولعل مراده أنّه مقصّر فی عدم التعلّم ، وهذا أمر آخر ، وبالجملة فالحکم بعدم الامتثال موضع نظر.

وأمّا ثانیاً : فما قاله : من أنّ القضاء فرض مستأنف. مسلّم ، لکن الإجماع المدّعی یتناوله بسبب الإطلاق ، وکذلک إطلاق بعض الأخبار (3) ، إلاّ أنّ یقال : إنّ الإجماع مقیّد والأخبار متعارضة ، وفیه : أنّه قدس سره کان علیه بیان هذا کلّه لأنّه مهم ، فلیتدبّر ، هذا.

وفی الحدیث کما تری دلالة علی إطلاق العذرة علی غیر فضلة الإنسان ، فما ورد فی نجاسة العذرة یتناول غیر الإنسان کما ذکره بعض الأصحاب (4) ، والوالد قدس سره له کلام فی هذا (5) وقد ذکرنا ما فیه فی حاشیة الروضة ، ویمکن أنّ یقال : إنّ الخبر لا یدل علی إطلاق العذرة من دون قید.

ثم إنّ الخبر بإطلاقه یتناول عدم الإعادة فی الوقت وخارجه إنّ لم تحمل الإعادة علی الوقت کما هو المعروف من معناها العرفی للأُصولیین ،

إطلاق العذرة علی فضلة غیر الإنسان

ص: 232


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- الذکری : 259.
3- راجع الوسائل 8 : 253 أبواب قضاء الصّلوات ب 1.
4- لم نعثر علیه.
5- معالم الفقه : 197.

إلاّ أنّ المستفاد من الأخبار غیر ذلک ، کما یعلم بالتتبّع.

والخبر الثالث : کما تری یدل علی عدم الإعادة وإنّ أخبر صاحب الثوب ، والوجه فی عدم الإعادة محتمل لأمرین :

أحدهما : عدم العلم (1) أوّلاً کما یستفاد فی الجملة من الخبرین.

وثانیهما : أنّ یکون الوجه عدم ثبوت النجاسة من إخبار صاحب الثوب وبعض الأصحاب وإنّ فهم منه عدم (2) قبول قول صاحب الید ، إلاّ أنّه محل تأمّل لأنّ الإخبار إنّما یفید الظن ، والاکتفاء به محل بحث ، والإقرار إنّما یفید فی حق نفسه ، وإخبار البائع بنجاسة الشی ء الذی باعه ربما یقال : إنّه یثمر الخیار للمشتری ، وحینئذ یدل علی قبول قوله. وفیه عدم معلومیة ثبوت الخیار ، وبتقدیره یجوز أنّ یکون لحصول النفرة من المبیع ، مضافاً إلی ما قدمناه فی شهادة الشاهدین بالنجاسة (3).

ولا یشکل الحال هنا بأنّ المخبر إذا قبل قوله فی حق نفسه لزم الحکم بنجاسته لو باشره ، وحینئذ لا یجوز لنا مباشرة الرجل من غیر طهارة ، والحال أنّه راجع إلی قوله ، وهو غیر مقبول. لإمکان الجواب بأنه لا مانع من الالتزام ، فینبغی التأمّل التامّ.

اللغة :

قال فی القاموس : العذرة فناء الدار وأرْدأ ما یخرج من الطعام (4). وقد تقدم منه أنّ الخُرء هو العذرة ، وسمعت ما أشرنا إلیه (5).

عدم وجوب إعادة الصلاة مع إخبار صاحب الثوب بنجاسته

معنی العذرة

ص: 233


1- فی « رض » زیادة : بالنجاسة.
2- لیست فی « فض » و « رض ».
3- راجع ص 882.
4- القاموس المحیط 2 : 89.
5- راجع ص 869.

قوله :

فأما ما رواه محمد بن یعقوب ، عن علی بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن أحمد بن محمد بن أبی نصر ، عن عبد الکریم بن عمرو ، عن الحسن بن زیاد قال : سُئل أبو عبد الله علیه السلام عن الرجل یبول فیصیب بعض فخذه نکتة من بوله فیصلّی ثم یذکر بعد (1) أنّه لم یغسله؟ قال : « یغسله ویعید صلاته ».

وما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسکان قال : بعثت بمسألة (2) إلی أبی عبد الله علیه السلام مع إبراهیم بن میمون قلت : تسأله عن الرجل یبول فیصیب فخذه قدر نکتة من بوله فیصلّی ویذکر بعد ذلک أنّه لم یغسلها؟ قال : « یغسلها ویعید الصلاة » (3).

علی بن إبراهیم ( عن أبیه ) (4) ، عن محمّد بن عیسی ، عن یونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسکان ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی رجل (5) صلّی فی ثوب فیه نکتة جنابة رکعتین ثم علم ، قال « علیه أنّ یبتدئ بالصلاة » (6) قال : وسألته عن رجل یصلّی وفی ثوبه جنابة أو دم حتی فرغ من صلاته ثم علم ، قال : « قد (7) مضت صلاته ولا شی ء علیه ».

ص: 234


1- فی الاستبصار 1 : 181 / 632 زیادة : ذلک.
2- فی الاستبصار 1 : 181 / 633 : مسألة.
3- فی الاستبصار 1 : 181 / 633 : صلاته.
4- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار.
5- فی « رض » : الرجل.
6- فی التهذیب 2 : 360 / 1489 ، والاستبصار 1 : 181 / 634 : الصلاة.
7- لیست فی « رض » و « فض ».

سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن ابن أبی عمیر ، عن وهب بن عبد ربه ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی الجنابة تصیب الثوب ولا یعلم بها صاحبه فیصلی فیه ثم یعلم بعد (1) قال : « یعید (2) إذا لم یکن علم ».

فلا تنافی بین هذه الأخبار والأخبار الأوّلة ؛ لأنّ الوجه فی الجمع بینها (3) أنّه إذا علم الإنسان حصول النجاسة فی الثوب ففرّط فی غَسله ثم نسی حتی صلّی وجب علیه الإعادة لتفریطه ، وإنّ لم یعلم أصلاً إلاّ بعد فراغه من الصلاة لم تلزمه الإعادة ، وعلی هذا دلّت أکثر الروایات التی ذکرناها فی الکتاب الکبیر ، وقد ذکرنا طرفاً منها فی باب أحکام الدماء بهذا التفصیل ، منها : روایة محمد بن مسلم وإسماعیل الجعفی وابن أبی یعفور وجمیل ، عن بعض أصحابنا.

السند :

فی الأوّل : سهل بن زیاد ، وقال النجاشی : إنّه کان ضعیفاً فی الحدیث - إلی ان قال - : ذکر ذلک أحمد بن علی بن نوح وأحمد بن الحسین (4). والشیخ فی الفهرست قال : إنّه ضعیف (5). وفی رجال الهادی علیه السلام من کتابه قال : إنّه ثقة (6). والعلاّمة ذکر فی الخلاصة قول الشیخ بالتوثیق وقول

بحث حول سهل بن زیاد

ص: 235


1- فی التهذیب 2 : 360 / 1491 ، والاستبصار 1 : 181 / 635 زیادة : ذلک.
2- فی التهذیب 2 : 360 / 1491 ، والاستبصار 1 : 181 / 635 : لا یعید.
3- فی « د » : بینهما.
4- رجال النجاشی : 185 / 490.
5- الفهرست : 80 / 329.
6- رجال الطوسی : 416 / 4.

النجاشی إلی قوله : وأحمد بن الحسین ، وزاد ما هذه صورته : وقال ابن الغضائری : إنّه کان ضعیفاً جدّاً فاسد الروایة والمذهب (1). وهذا الکلام من العلاّمة ربما یتوهم منه ان أحمد بن الحسین غیر ابن الغضائری ، لأنّه قال : وقال ابن الغضائری. وقد قدّمنا فی هذا الکتاب أنّه ابن الغضائری (2) لوجوه ترفع الارتیاب.

ویبقی هذا الإبهام لا بد من دفعه ، والحاصل أنّ قول العلاّمة : وقال ابن الغضائری. لا یدل علی المغایرة ؛ لأنّ ذکر أحمد بن الحسین من کلام النجاشی ذکره بتمامه ، ثم أراد العلاّمة بیان عبارة ابن الغضائری ؛ إذ النجاشی اختصرها ، فما ذکره جدّی قدس سره من أنّ ابن الغضائری هو الحسین بن عبید الله (3). لا وجه له ، ولیس فی هذا الکلام تأیید له.

وأمّا ما یقتضیه کلام النجاشی من أنّه کان ضعیفاً فی الحدیث ، وقول الشیخ : إنّه ثقة ، قد یمکن الجمع بینهما بأنّ یکون المراد بضعفه فی الحدیث روایته عن الضعفاء کما ذکرناه عن مشایخنا فی البرقی حیث قال فیه النجاشی : إنّه کان ضعیفاً فی الحدیث. والشیخ وثّقه ، أنّه لا تنافی بین قول الشیخ وقول النجاشی ؛ لاحتمال أنّ یرید بالضعف روایته عن الضعفاء (4). و

هذا وإنّ کان محلّ تأمّل کما ذکرناه فی مواضع (5) ، إلاّ أنّه بعینه یأتی فی سهل ابن زیاد.

ویمکن الجواب بالفرق بین المقامین من حیث إنّ الشیخ قد صرّح

ص: 236


1- خلاصة العلاّمة : 228 / 2.
2- راجع ص 61.
3- راجع ص 62.
4- راجع ص 68.
5- راجع ص 68.

بتضعیفه.

وفیه : أنّ تضعیف الشیخ من تصریحه بالتوثیق أولی بالحمل الذی قدّمناه ، فیراد بضعفه بالنسبة إلی من روی عنه ، لکن لا یخفی أنّ الشیخ مضطرب الرأی فی الرجال.

وربما کان فی عبارة النجاشی بعد ذکره أنّه کان ضعیفاً فی الحدیث دلالة علی غیر المعنی الذی احتملناه ، لأنّه قال : غیر معتمد فیه. ولا یخفی إمکان حمل هذا علی أنّ سهل بن زیاد غیر معتمد فی الحدیث عن الغیر ، لکنه بعید عن الظاهر ، وبالجملة فالرجل محلّ کلام.

أمّا ما قاله شیخنا قدس سره : من أنّه عامی ، فی مواضع من المدارک (1) فلم أقف علی وجهه ، هذا وقد قدّمنا کلاماً فی سهل (2) ، والإعادة هنا لزیادة الفائدة.

وعلی بن محمد ( الواقع فیه ) (3) الراوی عن سهل هو المعروف بعلاّن الثقة ، فی النجاشی (4). أمّا عبد الکریم فهو ابن عمر الملقّب کرّام ، وهو ثقة واقفی (5). والحسین بن زیاد مجهول الحال ، وفی نسخة : الحسن بن زیاد ، وفیه اشتراک فی الرجال (6) علی وجه لا یعلم فیه حقیقة الحال.

والثانی : فیه محمد بن سنان وقد قدّمنا فیه ما یغنی عن البیان (7).

علی بن محمّد الروای عن سهل بن زیاد هو علّان الثقة

عبد الکریم بن عمر ثقة واقفی

الحسین بن زیاد مجهول الحال

ص: 237


1- المدارک 1 : 111 و 4 : 156 و 7 : 424.
2- راجع ص 95.
3- ما بین القوسین لیس فی « فض » و « رض ».
4- رجال النجاشی : 260 / 682.
5- انظر رجال النجاشی : 245 / 645 وفیه : عبد الکریم بن عمرو.
6- هدایة المحدثین : 188.
7- راجع ص 85.

وابن مسکان هو عبد الله ، لروایة ابن سنان عنه کما فی النجاشی (1). وإبراهیم ابن میمون مجهول الحال.

والثالث : فیه محمد بن عیسی ، عن یونس ، وقد سبق القول (2) فی استثنائه من الموجب لردّ روایته إذا کانت بهذا الوجه عند المتأخّرین ، وإن کان فیه کلام تقدّم بیانه ، والفائدة هنا منتفیة ( بأبی بصیر ) (3) (4).

والرابع : لیس فیه ارتیاب ، ووهب بن عبد ربه صرح النجاشی بتوثیقه مع إسماعیل بن عبد الخالق (5).

المتن :

فی الأول : کما تری صریح فی إعادة الصلاة ، والظاهر منه الشمول للوقت وخارجه ، کما أنّ الظاهر منه أیضاً النسیان ، حیث قال : ثم یذکر. واحتمال غیره بعید ، بل لا وجه له.

والثانی : کالأوّل فیما ذکرناه.

والثالث : فیه دلالة علی أنّ من علم بنجاسة الجنابة فی أثناء الصلاة یقطع الصلاة ، سواء کان قبل الصلاة عالماً بها (6) ونسی ، أو علم فی الأثناء ،

ابن مسکان الذی یروی عنه محمّد بن سنان هو عبدالله

إبراهیم بن میمون مجهول الحال

إشارة إلی حال روایة محمّد بن عیسی عن یونس

وهب بن عبد ربّة ثقة

بحث حول ما دلّ علی وحوب الإعادة علی من صلّی فی الثوب النجس جهلاً ووجه الجمع بینه وبین ما دلّ علی عدم الإعادة

ص: 238


1- رجال النجاشی : 214 / 559.
2- راجع ص 53.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض » ، وفی « فض » : بعد أبی بصیر.
4- فی « فض » زیادة : وما اتفق من روایة علی بن إبراهیم عن محمد بن عیسی هو فی النسخة التی وقفت علیها ولا مانع منه. وهذه العبارة فی « د » مشطوبة.
5- رجال النجاشی : 27 / 50 ، 430 / 1156.
6- لیست فی « رض ».

کما یدل علی أنّه لو علم بعد الفراغ بنجاسة الجنابة والدم مضت صلاته ، ولا یخفی أنّ ترک الاستفصال یفید عموم المقال.

فإن قلت : من أین دلالة (1) الروایة علی الأثناء والحال أنّه یجوز أن یکون صلّی رکعتین صلاة تامّة؟

قلت : الظاهر من قوله « یبتدئ الصلاة » ما ذکرناه ، ولو تکلّف ذکر احتمال آخر کان آخرها مخالف لأولها.

والرابع : ظاهر الدلالة علی الإعادة مع عدم العلم السابق إذا علم بعد ، وربما یستبعد الحکم فی الروایة من حیث إنّ مفهومها [ عدم (2) ] الإعادة إذا علم علماً سابقاً علی الصلاة والحال أنّ معتبر الأخبار دل علی (3) الإعادة علی الناسی ، حتی أنّ شیخنا قدس سره قال : لا یبعد أنّ یکون الأصل : لا یعید ، فتوهّم الراوی وأسقط حرف النفی (4).

وفی نظری القاصر أنّه لا حاجة إلی ما ذکره ، لأنّ المفهوم إذا تحققت معارضة المنطوق له لا یعمل عمله ، وفائدة ذکر الشرط لا تنحصر فی النفی عما عداه کما لا یخفی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر أوّل الأخبار الأُول أنّه لا یحکم بالنجاسة إلاّ مع العلم ، ومع عدم العلم لا یحکم بها ، وهذا لا ینافی شیئاً من الأخبار المبحوث عنها ؛ لأنّه قد فرض فیها العلم ، إلاّ أنّ یقال : إنّ مقتضی الروایة أنّ العلم إذا حصل یحکم بالنجاسة ، وإذا ثبتت النجاسة لزمها بطلان الصلاة

ص: 239


1- فی « فض » زیادة : صدر.
2- ما بین المعقوفین أضفناه لاستقامة المتن.
3- فی النسخ زیادة : عدم.
4- المدارک 2 : 350.

لما ثبت من الأخبار الدالة علی اشتراط الطهارة ، وفیه ما لا یخفی.

وأمّا ثانی الأخبار الأُول فیدل علی أنّه لا یعید إذا لم یعلم ، والظاهر منه أنّه إذا لم یعلم أصلاً ، فیفید مفهومه أنّه إذا انتفی العلم بالکلیة علیه الإعادة وانتفاء العلم بالکلیة یتحقق بالعلم فی الأثناء وقبل الصلاة وبعدها ، وعلی هذا یمکن فیه المنافاة ، ولذلک (1) یتناول الوقت وخارجه ، ومن هنا یعلم أنّ إطلاق بعض محقّقی المعاصرین (2) سلّمه الله دلالة هذا الخبر علی الجاهل (3) محلّ تأمّل.

فإن قلت : ما وجه استفادة انتفاء العلم بالکلّیة؟

قلت : من حیث إنّ الجملة الفعلیة فی حکم النکرة ، والنفی موجود ، وإن کان فی هذا نوع بحث ، إلاّ أنّ ظاهر من رأینا کلامه فی مثله الجزم بالعموم ، وقد صرّحوا به فی بحث البئر حیث قال علیه السلام : « ماء البئر واسع لا یفسده شی ء » (4) هذا (5).

ولا یخفی أنّ أوّل هذه الأخبار یفید الإعادة مع العلم السابق إذا نسی وذکر بعد ، والبعدیّة تتناول بعد الصلاة بتمامها أو بعد أنّ صلّی ( منها شیئاً ) (6) فالمنافاة من هذا الوجه.

وثالث الأُول دلالته مجملة کما قدّمناه (7).

ص: 240


1- فی « د » : وکذلک.
2- فی « فض » : المتأخرین.
3- البهائی فی الحبل المتین : 95.
4- الکافی 3 : 5 / 2 ، التهذیب 1 : 409 / 1287 ، الوسائل 1 : 170 أبواب الماء المطلق ب 14 ح 1.
5- منهم البهائی فی الحبل المتین : 117 ، وصاحب المدارک 1 : 55.
6- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
7- راجع ص 887.

والثانی من الأخبار المنافیة عند الشیخ یدل علی ( النسیان کما قدمناه (1) أیضاً ، ففیه المنافاة لثانی الأُول من حیث إطلاق عدم الإعادة علی ) (2) من لم یعلم ، وفیه أنّ المتبادر من عدم العلم : الجهالة ، لا النسیان ، وإن کان باب الاحتمال واسعاً.

والثالث من الأخبار المنافیة یدل علی أنّ العلم فی الأثناء یقتضی الإعادة ، وثانی الأُول یدل علی عدم الإعادة مع عدم العلم ، فهو قابل للتخصیص بغیر الأثناء غایة الأمر أنّ فیه احتمال ( أنّ یکون ناسیاً ثم علم فی الأثناء ، وهذا لا ینافی ثانی الأول ، لجواز التخصیص أیضاً ) (3).

ورابع الأخبار المنافیة واضح المنافاة ، والحمل علی الاستحباب محتمل.

أمّا ما قاله الشیخ رحمه الله من الحمل علی ما إذا علم الإنسان وفرّط ، وإنّ لم یعلم أصلاً إلاّ بعد فراغه لم تلزمه الإعادة (4) ، ففیه أوّلاً أنّه لا یدفع تنافی الجمیع ؛ إذ بعضها فیه ذکر الأثناء ، وبعضها تضمّن النسیان ، وبعضها شامل للجهل.

وقوله : إنّ الأخبار المذکورة فی باب أحکام الدماء یدل علی التفصیل (5). غریب ؛ فإنّ روایة محمد بن مسلم فی الجملة تدل علی أن الناسی یعید مع تضییع (6) الغَسل ، لکن مفهومها شامل لما إذا لم یره ولما إذا رآه ولم یضیّع غَسله ، بل تعذّر علیه ، ومقتضی تفصیله هنا أنّه إذا لم یعلم

ص: 241


1- راجع ص 889.
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- راجع ص 888.
5- راجع ص 888.
6- فی « رض » : ما یضیع.

أصلاً لا إعادة علیه فالتفصیل مخلّ ببعض الأفراد.

وخبر إسماعیل الجعفی یدل علی أنّه إذا لم یکن رآه لا یعید ، وإنّ رآه یعید ، فإطلاق الإعادة فیه قابل للتقیید بخبر ابن مسلم الدال علی التضییع.

وأمّا خبر ابن أبی یعفور فله نوع إطلاق أیضاً ، وهو قابل للتقیید. وأمّا خبر جمیل فهو من حیّز الإجمال وإنّ أمکن بیانه ، إلاّ أنّه لا یصلح للدلالة علی تفصیل الشیخ رحمه الله تعالی (1).

اللغة :

قال فی القاموس : النکتة بالضم : النقطة ، الجمع : نکات (2).

قوله (3) :

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل (4) أصاب ثوبه جنابة أو دم ، قال : « إنّ کان علم أنّه أصاب ثوبه جنابة (5) قبل أنّ یصلّی ثم صلّی فیه ولم یغسله فعلیه أنّ یعید ما صلّی ، وإن کان یری أنّه أصابه شی ء فنظر فلم یر شیئاً أجزأه أنّ ینضحه بالماء ».

وروی الحسین بن سعید ، عن ابن سنان ، عن أبی بصیر ، عن

معنی النکتة

ص: 242


1- راجع ص 855 860.
2- القاموس المحیط 1 : 165.
3- فی « رض » : الرجل.
4- فی « رض » : قال.
5- فی الاستبصار 1 : 182 / 636 زیادة : أو دم.

أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّ أصاب ثوب الرجل الدم فصلّی (1) فیه وهو لا یعلم فلا إعادة علیه ، وإن هو (2) علم قبل أنّ یصلّی فنسی وصلّی فیه فعلیه الإعادة ».

عنه ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یری بثوبه الدم فینسی أنّ یغسله حتی یصلّی ، قال : « یُعید صلاته کی یهتمّ بالشی ء إذا کان فی ثوبه ، عقوبة لنسیانه ».

السند :

فی الأوّل : حسن علی الظاهر کما تقدّم الوجه فیه (3).

والثانی : فیه ابن سنان ، وهو محمد علی ما یظهر من التتبع ، وقد أسلفنا الکلام فی دفع ما وقع للمحقق ( واعتراض الشهید رحمه الله (4) ) (5) وبالجملة فالسند ضعیف بالاحتمال.

مضافاً إلی أبی بصیر ، فإنّه لا یخلو من إشکال (6) وإنّ کان فی الظن أنّ مثل هذا السند الراوی فیه أبو بصیر عن أبی عبد الله لا یحتمل المجهول ، بل إمّا الإمامی ( الثقة (7) أو ) (8) المخلط الوارد فیه الذم فی معتبر الأخبار کما

ابن سنان الروای عن أبی بصیر هو محمّد

کلمة حول أبی بصیر

ص: 243


1- فی الاستبصار 1 : 182 / 637 : فیصلی.
2- لیست فی الاستبصار 1 : 182 / 637.
3- من جهة إبراهیم بن هاشم کما تقدم فی ص 870 ، راجع ص 36 ، 339.
4- راجع ص 85 ، 86.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- لأنّه مشترک بین الثقة وغیره ، هدایة المحدثین : 272.
7- فی « د » زیادة : النقه.
8- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

قدّمناه (1) ، وسیأتی إنّ شاء الله فی هذا الکتاب أیضاً فی باب النکاح.

والثالث : فیه عثمان بن عیسی ، وقد کرّرنا القول فیه بأنّه ضعیف (2).

المتن :

فی الأول لا دلالة فیه علی تفصیل الشیخ ، بل إنّما یدلّ علی أنّ الناسی علیه الإعادة ، ومع ظن إصابة النجاسة أو توهّمها ولم یر بعد النظر ینضح الثوب ، وهذا أمر خارج عن التفصیل.

والثانی : دال علی الناسی من غیر فرق بین من قصّر فی غسله أم (3) لا ، وتقییده بما إذا قصّر لما یستفاد من بعض الأخبار (4) لیس بأولی من الحمل علی الاستحباب ، لما یأتی فی الخبر الصحیح عن العلاء من عدم إعادة الناسی (5) ، وغیره أیضاً من الأخبار (6).

واحتمال الحمل علی عدم إعادة الناسی خارج الوقت ، فیبقی ما دل علی الإعادة وارداً فی الوقت ، یشکل أوّلاً : بأنّ تفصیل الشیخ لم یتناول هذا.

وعلی تقدیر توجیهه من غیر نظر إلی مقالة الشیخ ، یمکن أنّ یقال : إنّ الحکم بهذا التفصیل یتوقف علی ما یدل علیه ، إلاّ أنّ یقال : إنّ وجه الجمع لا یحتاج إلی دلیل. وفیه : أنّ مع تعدّد الاحتمالات یحتاج الترجیح إلی الدلیل ، فالاعتراض علی الشیخ متوجه ، علی أنّه یمکن من التعلیل فی

عثمان بن عیسی ضعیف

بحث حول ما دلّ علی إعادة الناسی وحمله علی الاستحباب

ص: 244


1- راجع ص 51 ، 92.
2- راجع ص 50.
3- فی « فض » و « رض » : أو.
4- التهذیب 1 : 254 / 736 ، الوسائل 3 : 431 أبواب النجاسات ب 20 ح 6.
5- التهذیب 1 : 423 / 1345 ، الوسائل 3 : 380 أبواب النجاسات ب 42 ح 3.
6- التهذیب 2 : 360 / 1489 ، الوسائل 3 : 474 أبواب النجاسات ب 40 ح 2.

خبر العلاء استفادة ما یتناول الوقت وخارجه ، ویؤید الاستحباب ، وما یأتی منه فی خبر العلاء ستسمعه إنّ شاء الله تعالی.

والثالث : ظاهر التعلیل فیه وإن أفاد بعض ما فصّله الشیخ ، إلاّ أنّه لا ینافی الاستحباب مع تحقق المعارض ، وذکر العقوبة لا یدل علی الوجوب ؛ لأنّ العقوبة منتفیة عن الناسی ببعض الأخبار المعتبرة (1) ، والاعتبار العقلی المؤید له ، فلا بد من حمل العقوبة علی ما یقتضی الاستحباب ، فیؤیّد الحمل علیه فلیتأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : همّه الأمر همّاً حزنه کأهمّه فاهتَمّ ، ثم قال : والهَمّة بالفتح ما هُمّ به من أمر لیفعل (2).

قوله (3) :

فأمّا ما رواه محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسین ، عن وهب (4) بن حفص ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن رجل صلّی وفی ثوبه بول أو جنابة ، فقال : « علم به أو لم یعلم فعلیه الإعادة إعادة الصلاة إذا علم ».

معنی « یهتّم »

ص: 245


1- الفقیه 1 : 36 / 132 ، الخصال : 417 / 9 ، الوسائل 8 : 249 أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ب 30 ح 2.
2- القاموس المحیط 4 : 194.
3- فی « رض » : قال.
4- فی الاستبصار 1 : 182 / 639 : وهیب.

فالوجه فی قوله : « علم به أو لم یعلم » أنّ یکون المراد به (1) فی حال قیامه إلی الصلاة بعد أنّ یکون سبقه العلم ؛ لأنّه متی تقدّم العلم بحصول النجاسة ثمّ نسی کان علیه الإعادة علی ما بیّناه.

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن الحسن بن علی بن عبد الله (2) ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سعد (3) ، عن میمون (4) الصقیل ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : قلت له رجل أصابته جنابة باللیل فاغتسل فلمّا أصبح نظر فإذا فی ثوبه جنابة ، فقال : « الحمد لله الذی لم یدع شیئاً إلاّ وله حدّ ، إنّ کان حین قام نظر فلم یر شیئاً فلا إعادة علیه ، وإن کان حین قام لم ینظر فعلیه الإعادة ».

الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، قال : قلت أصاب ثوبی دم رعاف أو شی ء من منی فعلّمت أثره إلی أنّ أُصیب له الماء فأصبت وحضرت الصلاة ونسیت أنّ بثوبی شیئاً وصلّیت ثم إنّی ذکرت بعد ذلک ، قال : « تعید الصلاة وتغسله ».

قلت : فإن لم أکن رأیت موضعه وعلمت أنّه قد أصابه فطلبته فلم أقدر علیه فلمّا صلّیت وجدته ، قال : « تغسله وتعید الصلاة ».

قلت : فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتیقن ذلک فنظرت فلم أر شیئاً ثم صلّیت فرأیت فیه ، قال : « تغسله ولا تعید الصلاة ».

ص: 246


1- لیست فی « فض ».
2- فی الاستبصار 1 : 182 / 640 : عبید الله.
3- فی الاستبصار 1 : 182 / 640 : سیف.
4- فی الاستبصار 1 : 182 / 640 : منصور.

قلت : ولِمَ ذاک؟ قال : « لأنّک کنت علی یقین من طهارتک ثم شککت فلیس ینبغی لک أنّ تنقض الیقین بالشک أبداً » (1).

قلت : فإنّی قد علمت أنّه أصابه ولم أدر أین هو فأغسله؟ قال : « تغسل من ثوبک الناحیة التی تری أنّه قد أصابها حتی تکون علی یقین من طهارته ».

قلت : فهل علیّ إنّ شککت فی أنّه أصابه شی ء أن أنظر فیه ، فقال : « لا (2) ولکنّک إنّما ترید أنّ تُذهب الشک الذی وقع فی نفسک ».

قلت : إن (3) رأیته فی ثوبی وأنا فی الصلاة ، قال : « تنقض الصلاة وتعید إذا شککت فی موضع فیه ثم رأیته ، وإنّ لم تشک ثم رأیته رطباً قطعت وغسلته ثم بنیت علی الصلاة ، لأنّک لا تدری لعله شی ء أُوقع علیک فلیس ینبغی أنّ تنقض الیقین بالشک ».

السند :

فی الأول : فیه وهب بن حفص علی ما وجدته ، والذی فی الرجال وهیب مصغّراً (4) ، والشیخ فی الفهرست ذکر أنّ الراوی عنه محمد بن الحسین (5) ، والرجل واقفی ثقة (6) ، وأبو بصیر تکرر القول فیه (7).

بحث حول وهب ( وهیب ) بن حفص

ص: 247


1- لیست فی « فض » و « رض ».
2- لیست فی « فض ».
3- فی الإستبصار 1 : 183 / 641 : فإن.
4- راجع رجال النجاشی : 431 / 1159 ، رجال الطوسی : 328 / 27.
5- الفهرست : 173 / 758.
6- رجال النجاشی : 431 / 1159.
7- راجع ص 51 ، 92 ، 892.

والثانی : فیه عبد الله بن جبلة وهو واقفی ثقة (1) ، ومیمون الصیقل مجهول الحال إذ لم أجده فی الرجال. أمّا الحسن بن علی بن عبد الله فهو ابن المغیرة الثقة (2). وأمّا سعد فهو مشترک (3).

والثالث : لیس فی شأن رجاله ارتیاب.

المتن :

فی الأول : کما تری لا یخلو من إجمال ، فالشیخ حمله علی أنّ المراد علم به حین القیام للصلاة أو لم یعلم مع سبق العلم علی ذلک لیکون الرجل ناسیاً ، أمّا لو حمل علی أنّ المراد علم سابقاً أو لم یعلم لیدخل فیه الجاهل لنا فی ما دلّ علی عدم إعادة الجاهل ، ولا یخفی أنّه یتوجه علی الشیخ أنّ الجاهل وإنّ سبق منه عدم الإعادة علیه إلاّ أنّه قائل فی المبسوط علی ما نقل بإعادة الجاهل فی الوقت (4).

وروایة وهب بن عبد ربه السابقة تدل بإطلاقها علی الإعادة إذا علم ، سواء کان ناسیاً أو جاهلاً ، وحمله فی التهذیب الروایة - علی أنّه إذا لم یعلم فی حال الصلاة ولکن سبقه العلم لیکون ناسیاً - (5) فی غایة البعد ، والحمل علی الاستحباب ممکن فی روایة وهب ، فلیکن فی هذه الروایة علی الاستحباب ، ولا یشکل الحال بتضمنها الناسی أیضاً فی قوله : « علم أو لم یعلم » لإمکان القول بالاستحباب فی الناسی أیضاً کما سبقت إلیه

عبدالله بن جبلة واقفی ثقة

میمون الصیقل مجهول الحال

الحسن بن علی بن عبدالله هو ابن المغیرة الثقة

سعد مشترک

توجیه الشیخ لروایة أبی بصیر الدالّة علی الإعادة مع العلم بالنجاسة وعدمه والمناقشة فیه

ص: 248


1- النجاشی : 216 / 563.
2- وثقه النجاشی فی رجاله : 62 / 147.
3- انظر هدایة المحدثین : 70.
4- نقله عنه فی المدارک 2 : 348 ، وهو فی المبسوط 1 : 38.
5- التهذیب 2 : 360 / 1491.

الإشارة (1).

وما ذکره العلاّمة فی المختلف : من أنّ الجاهل یعید فی الوقت فقط مستدلاًّ بروایة حفص بن غیاث المذکورة أول الباب من قوله علیه السلام : « ما أُبالی أبول أصابنی أو (2) ماء إذا لم أعلم » معلّلاً بأنّ المساواة تنفی الإعادة خارج الوقت کما فی الماء (3).

لا یخلو من غرابة فی نظری القاصر ؛ لأنّ مقتضی الروایة عدم العلم ، فإن حمل علی الجهل بالنجاسة بمعنی عدم العلم بکون الشی ء نجساً کما هو الظاهر من قوله : « أو ماء » فیکون الغرض بیان الطهارة ، فإعادة الصلاة وعدمها إذا علم بعدُ لا دخل لها فی الروایة ، وإنّ حمل علی أنّ المراد بیان حال الصلاة لزم أنّ یکون المراد بعدم المبالاة عدم الإعادة مطلقاً کالماء ، والحال أنّ العلاّمة قائل بالإعادة فی الوقت ، والتشبیه بالماء فی شی ء دون شی ء لا یخفی ما فیه ، علی أنّ الظاهر من الروایة أنّ المراد إذا لم أعلم أصلاً ، أما لو علم بعد الوقت فالنجاسة لا ریب فیها ، وحینئذ فذکر الماء غیر لائق علی الإطلاق ، وبالجملة فالاستدلال بالحدیث مبنی علی ما ذکره الشیخ.

وأعجب من ذلک استدلاله أیضاً بروایة عبد الرحمن بن أبی عبد الله السابقة حیث قال فیها علیه السلام : « فإن کان لم یعلم فلا یعید » (4) ، ووجّه الاستدلال بأنّا إنّما حملناها علی عدم الإعادة مع خروج الوقت لما رواه

قول العلّامة بأنّ الجاهل یعید فی الوقت فقط والجواب عنه

ص: 249


1- راجع ص 890.
2- فی « د » و « فض » : أم.
3- المختلف 1 : 79.
4- راجع ص 880.

أبو بصیر ، وذکر الروایة السابقة المتضمنة لأنّه إذا علم بالنجاسة فی الأثناء یبتدئ الصلاة (1) ، ثم ذکر روایة وهب بن عبد ربه السابقة أیضاً حیث قال فیها : « یعید إذا لم یکن علم » (2) قال رحمه الله فنقول : هذان الحدیثان ولا علی الإعادة ، والأوّلان علی عدمها ، والتنافی محال فلا بدّ من حمل أحدهما علی عین والآخر علی أخری ، وإیجاب الإعادة مع خروج الوقت وعدمها مع بقائه غیر معقول ، فتعیّن العکس ، ولأنّه فی الوقت لم یأت بالمأمور به وهو الصلاة فی ثوب طاهر ، فیبقی فی عهدة التکلیف ، وبعد الوقت خرج عن العهدة ، لأنّ القضاء شرع جدید (3). انتهی.

وأنت خبیر بما یتوجّه علی هذا الکلام ، أمّا أوّلاً : فلأنّ روایة أبی بصیر تضمنت الإعادة لو علم فی الأثناء ، وأیّ ملازمة بین هذا والعلم بعده؟ وأظن أنّ الذی حداه علی ما ذکره ما ینقل عن الشیخ فی المبسوط (4) أنّه احتجّ للإعادة فی الوقت علی الجاهل بأنه لو علم فی أثناء الصلاة وجب علیه الإعادة فکذا ( إذا علم فی الوقت. وهذا من الشیخ أیضاً غریب.

وأمّا ثانیاً : فما ذکره من أنّ التنافی محال. صحیح ، ولکن لا ) (5) ینحصر دفعه فیما قاله بل الاستحباب ممکن.

وأمّا ثالثاً : فقوله : إنّه لم یأت بالمأمور به. محلّ تأمّل ؛ لأنّ الامتثال ظاهراً یقتضی الإجزاء.

وما قیل : من أنّ الذمّة مشغولة بیقین ولم یعلم خلوصها إلاّ بالإعادة.

ص: 250


1- راجع ص : 234.
2- راجع ص : 235.
3- المختلف 1 : 79.
4- نقله عنه فی المنتهی 1 : 184 ، ولم نعثر علیه فی المبسوط.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

ففیه : أنّ اشتغال الذمّة إنّ أُرید به قبل هذه الصلاة الواقعة فمسلّم ، والمدّعی بعد وقوعها ، والمنع من یقین اشتغال الذمّة لا یمکن دفعه ، فلیتأمّل.

وقول العلاّمة رحمه الله : إنّ القضاء بأمر جدید مسلّم ، لکن لیت شعری کیف غفل عن وروده علیه فی الناسی ، فإنّه ذهب فی الکتاب إلی وجوب الإعادة علیه فی الوقت وخارجه ، واستدلاله علی إعادة الناسی بالأخبار ، فیه أنّها متعارضة ، مع أنّه ذکر فی جملة الاحتجاج عدم الإتیان بالمأمور به ، وبالجملة فالمقام واسع الباب والله الموفق للصواب.

ثم الثانی : کما تری یدلّ علی التفصیل بالنظر وعدمه ، والشیخ لا یعتبر هذا فی التفصیل السابق ، وعلی تقدیر الحمل علی الاستحباب یسهل الخطب.

وقوله علیه السلام : « الحمد لله » إلی آخره ، کأنّه یرید به الشکر علی علمه بحدود الأشیاء ، ویحتمل أنّ یرید الشکر علی بیان الحدود للناس.

وأمّا الثالث : فدلالته علی مطلوب الشیخ لا یتم إلاّ بذکر ما اشتمل علیه الخبر من الأحکام وهی ستة :

الأوّل : ما تضمنه صدره من أنّه علّم الأثر إلی أنّ یصیب الماء ، یدل علی أنّ الماء غیر موجود فلا تقصیر ، والجواب تضمن الإعادة ، والشیخ فیما تقدم قیّد إعادة الناسی بالتفریط ، فلا دلالة علی مطلوبه من هذه الجهة.

الثانی : مفاد الخبر أنّه إذا لم یکن رأی موضع المنی مع علم الإصابة علیه الإعادة ، وهذا مع عدم النسیان واضح الوجه ، أمّا مع النسیان ففیه إطلاق الإعادة سواء کان قصّر فی غَسله أم لا ، والشیخ قد مضی تقییده (1) ،

ما یستفاد من حدیث زرارة : أصاب ثوبی دم رعاف ... من الأحکام

ص: 251


1- راجع ص 888.

فلا یدل علی مطلوبه ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ ما تضمنه أوّل الخبر ملحوظ فی ثانیه وهو اعتبار النسیان وعدم الماء ، وهذا وإن بَعُد إلاّ أنّ اعتبار النسیان لا بدّ منه فی الخبر ، کما لا یخفی.

الثالث : مفاد الخبر أنّه لو ظنّ الإصابة ونظر فلم یر شیئاً ثم صلّی ورآی عدم الإعادة ؛ لأنّ الشک لا یرفع الیقین ، وهذا کما تری یدل علی عدم الاعتداد بالظنّ فی النجاسة ، ولا ینافی ما قدّمناه ؛ لأنّا بیّنا أنّ مطلق الظن غیر کافٍ (1).

وفی الخبر دلالة علی أنّ عدم اعتبار الظن لسبق الیقین ، وهو لا ینفی الاعتداد به مع سبق ظنّ الطهارة علی تقدیر إقامة الدلیل علی ظنّ النجاسة ، کما لا یخفی.

غیر أنّ فی نظری القاصر إمکان أنّ یقال : إنّ الیقین السابق یصیر ظنا الآن ؛ إذ مرجعه إلی الاستصحاب وهو ظنی ، وإذا تعارض الظنان (2) خفی الوجه فی ترجیح الأوّل علی الثانی وإطلاق الیقین علی الأوّل فی الروایة.

ویمکن أنّ یقال : إنّ الیقین وإنّ صار ظنا الآن ، إلاّ أنّ سبق الیقین لا ریب فیه ، والظنّ الآن للطهارة مع ظن النجاسة یصیر شکّاً ، إذ هو مع تساوی الظنین ، وإذا صار شکاً لا یعارض الیقین السابق ، وهذا هو السرّ فی الظاهر لقوله علیه السلام : « ثم شککت » ولو لا ما قلناه لم یکن الشک حاصلاً ، بل الظنّ.

فإن قلت : لو فرض أنّ ظن النجاسة أرجح من ظن البقاء علی الطهارة ینبغی علی ما ذکرت تقدیمه علی ظن الطهارة لأنّ الشک إنّما هو

ص: 252


1- راجع ص 881 882.
2- فی « د » : الظنیان.

مع (1) التساوی.

قلت : الأمر کما ذکرت إلاّ أنّه علیه السلام لما قال : « ثم شککت » کأنّه علم من زرارة تساوی الظنین ، وحینئذ یمکن القول بترجیح النجاسة إذا رجح ظنّها ودل علیه دلیل کما أسلفناه (2) ، والخبر حینئذ لا ینافیه بهذا التوجیه.

ویمکن أیضاً أنّ یقال : إنّ الیقین إذا لم یعارضه یقین مثله لا یلتفت إلی المعارض ، وتسمیته شکّاً لا مانع منه ؛ لأنّ اصطلاح المتأخّرین لا یقتضی المشارکة لزمن الأئمة علیهم السلام ، فینبغی التأمّل فی هذا ، فإنّی لم أجد من فصّل ذلک.

والعجب من عدم ذکر الوالد قدس سره الروایة فی حجة عدم الاکتفاء بالظنّ فی النجاسة ، ولکن (3) الاحتمال الذی قدّمناه من الاختصاص فی الروایة یصلح لدفع التعجب ، لکن لم یذکره قدس سره علی ما رأیت ولا غیره.

ومن هنا یعلم أنّ ما فی الحبل المتین : من أنّه ربما استفید من الحدیث أنّ ظن النجاسة لا یقوم مقام العلم ، وأنّ الظن قد یطلق علیه اسم الشک ، ولیس بشی ء ؛ لأنّ قول زرارة : فنظرت فلم أر شیئاً. یعطی تغیر ذلک الظن ، وقوله : « ثم شککت » ینبئ عن انقلاب ذلک الظن شکاً (4). محلّ بحث :

أمّا أوّلاً : فلأنّ مفاد الروایة أنّ زرارة نظر فلم یرَ شیئاً ، وهذا کما یجوز أنّ یکون حصل منه الشک فی النجاسة أو ظنّ عدمها ، ومع الاحتمال

ص: 253


1- لیس فی « فض ».
2- راجع ص 881 882.
3- لیست فی « رض » وفی « فض » : لکن.
4- الحبل المتین : 174.

فحمل الشک من الإمام علی ما ذکره موقوف علی العلم بانقلاب ظن زرارة شکّاً ، وهو مشکل ، علی أنّ الظاهر من عدم الرؤیة انتفاء الشک.

فإن قلت : قول الإمام : « ثم شککت » یدل علی شکّ زرارة وهو المطلوب.

قلت : لا ریب أنّه یدل علی شکّه ، أمّا کونه بأیّ نوع فلا ، والمعارضة بأنّ دلالته علی کون الظنّ شکاً موقوف علی العلم بذلک ، ومع قیام احتمال غیره وهو ما ذکره المُورد من انقلاب ظنه لا یحصل العلم ، یمکن الجواب عنها بأنّ قوله علیه السلام : « لأنک کنت علی یقین ثم شککت » والحال أنّه لم یتعقب الیقین إلاّ الظن.

فإن قلت : الظنّ وإنّ تعقّب إلاّ أنّ الشک لما تعقّبه صدق تعقب الشک للیقین.

قلت : لو تم ما ذکرت یبقی حکم الظن خارجاً عن الروایة لو خلا من الشک ، والظاهر من الروایة بیان أنّ الیقین لا یرفعه إلاّ الیقین ، ولو کان یرفعه الظن لذکر فی مقام جواب السؤال.

إلاّ أنّ یقال : إنّ السؤال إنّما تضمن الشک ، والجواب وقع مطابقاً.

وفیه أنّ الظاهر من السؤال هو الظن ، وإنّما أتی علیه السلام بالشک ، فالظاهر مطابقة السؤال فیصیر الظنّ ممّا یطلق علیه الشک علی الوجه الذی قررناه لا مطلقاً.

والحق أنّ باب الاحتمال واسع ، والجزم بکل من الطرفین مشکل ، إلاّ أنّا ندعی الظهور ، فتأمّل.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الجواب یقتضی الاعتراف بقول المعترض فی قیام الظن مقام العلم علی الإطلاق ، والحال أنّ الخبر بتقدیر تسلیم الدلالة یدل

ص: 254

علی عدم قیام الظن مقام العلم إذا سبقه العلم ، لا مطلقاً کما لا یخفی.

الرابع : یستفاد من الروایة الاکتفاء بغَسل الناحیة التی أصابها المنی ، وقد تقدّم من الأخبار هنا ما یدل علی غَسل الثوب کلّه مع الاشتباه (1) ، وفی التهذیب روی الشیخ أیضاً ما یدل علی ذلک (2) ، ولعلّ الجمع ممکن بحمل غَسل الثوب علی الاشتباه فیه کله.

ولا یتوجه علینا أنّ هذا الخبر مناف لما أسلفناه من دفع کلام البعض حیث قال : إنّ غَسل البعض من المشتبه یزیل یقین النجاسة ، فأجبنا عنه بأنّ یقین النجاسة لا یزول بعد أمر الشارع بغَسل کل المشتبه (3).

وهذا الخبر لا ینافی ما قلناه لأنّه علیه السلام أوجب غَسل الناحیة ، ومعلوم أنّ قدر المنی قد یکون أقلّ ممّا غسل ، غایة الأمر أنّ الناحیة فی هذا الخبر مجملة وبیانها من غیره الدال علی غَسل موضع الاشتباه ، وحینئذ ما تیقن خلوّه لا یغسل ، والمشتبه یغسل ، وهو المعبَّر عنه فی هذا الخبر بالناحیة.

وقوله علیه السلام : « حتی تکون علی یقین من طهارتک » فی نظری القاصر یدل علی أنّ النجاسة إذا تحققت لا بد فی رفعها من الیقین ، وکثیراً ما یعترض علی الشیخ حیث یستدل بالاحتیاط موجّهاً له بأنّ الیقین یحصل به ، فیقال : بأنّ الیقین یحصل بما أعدّه الشارع ، وأنت خبیر بأنّ ما أعدّه الشارع قد عارضه هذا الحدیث ، ویمکن الجواب بأنّ المراد بالیقین هنا ما یتناول الظن ، کما یدل علیه التأمّل فی الأحکام الشرعیة.

فإن قلت : لو أُرید بالخبر ما یعم الظن لم یتم الحکم ؛ لأنّه علیه السلام

ص: 255


1- راجع ص 847 و 851 و 869.
2- التهذیب 1 : 252 / 727 729.
3- راجع ص 849 850.

جعل غَسل الناحیة موجب الیقین ، فلو کان أعم من الظن لما وجب غَسل جمیع الناحیة ، بل لو غسل البعض قد یحصل الظن بالطهارة.

قلت : الظاهر عدم تحقق الظن ، بل یزول یقین النجاسة ، وهو أعم من ظن الطهارة فلیتأمّل.

فإن قلت : إذا حمل الیقین هنا علی ما یشمل الظن ففی الأوّل کذلک ، ویشکل الحال من جهات.

قلت : وإنّ أشکل الأمر إلاّ أنّه قابل للتوجیه.

الخامس : ما تضمنه الحدیث من قوله : إنّ رأیته فی ثوبی وأنا فی الصلاة قال : « تنقض الصلاة وتعید إذا شککت فی موضع فیه ثم رأیته » فیه احتمالان :

أحدهما : أنّ یکون الکلام مرتبطاً بما تضمنه أوّل الخبر من نسیان النجاسة ، وحینئذ یدلّ علی أنّ الناسی إذا ذکر فی الأثناء یقطع الصلاة ، لکن لا یخفی أنّ قوله : « إنّ شککت » لو جعل من إتمام الکلام یشکل بأنّه علی تقدیر النسیان لا وجه للشک.

( وقد یظهر هذا ) (1) من شیخنا قدس سره حیث استدل علی أنّ الناسی إذا ذکر فی الأثناء یقطع الصلاة بالخبر المذکور ( هذا ، لکنه ) (2) أجمل العبارة فإنّه ذکر أول الروایة ثم قال : ولحدیث طویل إلی أنّ قال علیه السلام : « تنقض الصلاة » (3) وهذا کما تری قد یظن منه أنّه جعل « وتعید » کلاماً مستأنفاً ، وستسمع الکلام فیه.

ص: 256


1- بدل ما بین القوسین فی « فض » : والذی یظهر.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » : لکن.
3- المدارک 2 : 351.

وثانیهما : أنّ یکون منقطعاً عن الأول لکنه یراد به مع العلم والشک فی الموضع ، إذ لو أُرید مجرّد الشک من دون علم الإصابة أشکل الفرق فی الروایة بین ما ذکر فی آخرها وبین هذه المسألة کما تنبّه علیه.

ویمکن أنّ یوجه إرادة الشک مع عدم العلم بالإصابة ، ولا یضر خفاء الحکمة.

وربما یستدل به علی أنّه مع العلم بالإصابة والنسیان یجب القطع بطریق أولی ، ویکون هو مقصود شیخنا قدس سره وإنّ أوهمت العبارة خلافه.

وفیه : أنّ مفهوم الموافقة محلّ بحث کما قدّمناه ، وبتقدیر تمامه فهو موقوف علی العلّة.

ثم إنّ المفهوم من الروایة علی هذا الاحتمال یدل علی أنّه لو لم یشکّ أوّلاً ثم رآه لا ینقض الصلاة ، وعدم الشک متحقق (1) بظن العدم والجهل بالنجاسة.

السادس : مقتضی قوله : « وإنّ لم تشک » الی آخره ، أنّ احتمال التجدّد کاف فی الحکم المذکور مطلقاً ، والحال أنّه قد یعلم الانتفاء کذلک ، ولعل المراد إذا تحقق الاحتمال ولم یعارضه أرجح منه.

ثم إنّ هذا الحکم کما تری صریح فی الانقطاع عن السابق أعنی حکم اللباس الموجود فیه النجاسة مع الشک فی الإصابة. وإبداء احتمال (2) فی المقام لا وجه له ، نعم قد یستفاد من الحدیث أنّ المنی لو وجد رطباً واحتمل التجدد من غیر الواجد یحکم بکونه منیّاً ، وحینئذ فیه دلالة علی اعتبار الأوصاف الخارجة (3) للمنیّ کما ذکره الأصحاب الذین رأینا کلامهم ،

ص: 257


1- فی « فض » و « رض » : یتحقق.
2- فی « رض » الاحتمال.
3- فی « فض » : الخارجیة.

وقد قدّمنا فی أوّل الکتاب کلاماً فی هذا واسعاً (1) ، لکن ینبغی أنّ یعلم أن لیس فی هذا الخبر حینئذ منافاة لما تقدّم فی أول الباب من قوله علیه السلام : « لا أُبالی أبول أصابنی أو ماء إذا لم أعلم » (2) لأنّ الظاهر من الخبر حصول العلم ، وبالجملة فالظاهر أنّ هذا الحکم لا یخلو من إشکال ، والله تعالی أعلم بالحال.

بقی شی ء فی المقام وهو أنّ فی الحبل المتین ما هذا صورته : واعلم أنّ بعض الأصحاب جعل ما تضمنه الحدیث من قول زرارة : إنّ رأیته فی ثوبی وأنا فی الصلاة ، وقوله علیه السلام فی جوابه : « تنقض الصلاة » دالاّ علی أنّ من علم النجاسة فی ثوبه ثم نسیها ورآها فی أثناء الصلاة فإنّه یقطع الصلاة ، وهو مبنی علی أنّ هذا القول من زرارة مندرج تحت قوله فی أول الحدیث : أصاب ثوبی دم رعاف أو غیره ، إلی قوله : ونسیت ، وأنّ قوله علیه السلام : « تنقض الصلاة » منقطع عن قوله : « وتعید إذا شککت » إلی آخره ، وهو کما تری ، ( فإن الظاهر أنّ ) (3) هذا القول من زرارة غیر مندرج تحت کلامه ذاک ولا منخرط فی سلکه ، و (4) أنّ قوله علیه السلام : « تنقض الصلاة » غیر منقطع عن قوله : « وتعید إذا شککت » بل هو مرتبط به ، وظنّی أنّ هذا القول من زرارة إنّ جعل مرتبطاً بما قبله فلیجعل مرتبطاً بقوله : فهل علیّ إنّ شککت. فکأنّه قال : إذا شککت قبل الصلاة فی إصابته ثوبی ثم رأیته فیه وأنا فی الصلاة فما الحکم؟ فأجابه علیه السلام بأنّه إذا سبق شکک فی

کلام الشیخ البهائی حول حدیث زرارة والمناقشة فیه

ص: 258


1- راجع ص 468.
2- راجع ص 880 881.
3- فی المصدر بدل ما بین القوسین : فان من تأمل هذا الحدیث لا یرتاب فی أنّ ، والموجود جعل نسخة فی الهامش.
4- فی المصدر زیادة : لا فی.

موضع من الثوب أنّه أصابه نجاسة ثم رأیتها وأنت فی الصلاة فانقض الصلاة وأعدها ، وإنّ لم یکن سبق منک شک فی إصابة النجاسة (1) ثم رأیتها علی وجه یحتمل تجدده قطعت الصلاة وغسلته ثم بنیت (2). انتهی المراد منه.

وفی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل :

أمّا أوّلاً : فما ذکر (3) من أنّه مبنی علی الانتظام فی سلک أوّل الکلام ، ففیه : أنّه لا ملازمة ، وإنّما وقع ما قاله فی عبارة القائل وهو شیخنا قدس سره اختصاراً (4) ، وقد یمکن القول بما نقل من دون الارتباط ؛ لأنّ الظاهر من الروایة عدم انقطاع لفظ « وتعید » عن لفظ « تنقض الصلاة » وحینئذ فالشک فی موضعه ینبئ عن العلم بالنجاسة والشک فی الموضع ثم الصلاة ناسیاً ، إذ العمد معلوم الانتفاء ، ولو کان المراد الشک فی الإصابة وعدمها لنا فی قوله السابق : هل علیّ إنّ شککت ، إلی آخره. فإنّ الجواب حینئذ ینبغی أن یکون ببیان لزوم قطع الصلاة إذا رأیته فی الأثناء ، لا إطلاق النفی فی الجواب ، وحینئذ فالظاهر الدلالة علی النسیان.

وأمّا ثانیاً : فما ذکر (5) من أنّ الارتباط بما قبله یقتضی الارتباط بقوله : فهل علیّ إلی آخره. إنّ أُرید به أنّ الارتباط بالأمرین معاً کان حاصل السؤال أنّی لو نسیت بعد أنّ علمت إصابته ثوبی وشککت فی موضعه ، والحال أن تتمّة الکلام من قوله : فکأنه قال : إذا شککت قبل الصلاة فی

ص: 259


1- فی الحبل المتین زیادة : وکنت خالی الذهن من ذلک.
2- الحبل المتین : 174.
3- فی « رض » : ذکره.
4- المدارک 2 : 351.
5- فی « رض » : ذکره.

إصابته ثوبی. وهذه الصورة لا تعین فیها کما لا یخفی ، وإنّ جعل الارتباط بالأول مجرّد ذکر الثوب فغیر مرتبط.

وأمّا ثالثاً : فقوله علیه السلام : « وإنّ لم تشک ثم رأیته رطباً » لو عاد إلی ما سبق لما کان فرق بین الرطوبة وعدمها ؛ لاحتمال التجدّد فی الجمیع ، ولعلّ قوله علیه السلام : « وإنّ لم تشک » مستأنف ، والمراد نفی الشکّ أصلاً.

والحق أنّ الاستدلال بالخبر غیر تامّ مع قیام الاحتمال بل الاحتمالات ، والله ولیّ التوفیق.

قوله (1) :

فأما ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرجل یصیب ثوبه الشی ء ینجّسه فینسی أنّ یغسله فیصلّی فیه ثم یذکر أنّه لم یکن غسله أیعید الصلاة؟ قال : « لا یعید ، قد مضت الصلاة وکتبت له ».

فلا ینافی فی التفصیل الذی ذکرناه ؛ لأنّ الوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی أنّ یکون قد مضی وقت الصلاة ، لأنّه متی نسی غَسل النجاسة عن الثوب إنّما یلزمه إعادتها ما دام فی الوقت ، فإذا مضی الوقت فلا إعادة علیه ، وقد مضی ذلک فی روایة أبی بصیر.

والذی یدل علی التفصیل الذی ذکرناه :

ما أخبرنی به الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن

ص: 260


1- فی « رض » : قال.

الصفار ، عن أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد ، عن علی بن مهزیار قال : کتب إلیه سلیمان (1) بن رشید یخبره أنّه بال فی ظلمة اللیل وأنّه أصاب کفه بَرد نقطة من البول لم یشک أنّه أصابه ولم یره وأنّه مسحه بخرقة ثم نسی أنّ یغسله وتمسّح بدهن فمسح به کفّیه ووجهه ورأسه ثم توضّأ وضوء الصلاة وصلّی (2)؟ فأجابه (3) بجواب قرأته بخطّه : « أمّا ما توهّمت ممّا أصاب یدک فلیس بشی ء إلاّ ما تحقق (4) ، فإنّ تحقّقت ذلک کنت حقیقاً أن تعید الصلوات التی کنت (5) صلّیتهن بذلک الوضوء بعینه ما کان منهن فی وقتها ، وما فات وقتها فلا إعادة علیک لها ، من قِبَلِ أنّ الرجل إذا کان ثوبه نجساً لم یعد الصلاة إلاّ ما کان فی وقت ، فإذا کان جنباً أو صلّی علی غیر وضوء فعلیه إعادة الصلوات المکتوبات اللواتی فاتته فإنّ (6) الثوب خلاف الجسد ، فاعمل علی ذلک إنّ شاء الله تعالی ».

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته ، وما قاله المحقق فی المعتبر من أنّها حسنة (7). یرید به غیر المعنی المصطلح علیه ، لما ذکرناه من عدم

صحة سند حدیث العلاء وتوجیه عدّ المحقق إیّاه حسناً

ص: 261


1- فی نسخة من الاستبصار 1 : 184 / 643 : سلمان.
2- فی الاستبصار 1 : 184 / 643 : فصلّی.
3- فی « فض » و « رض » : فأجاب.
4- فی النسخ : تحق ، وما أثبتناه من الإستبصار 1 : 184 / 634.
5- لیست فی « د » و « رض ».
6- فی الاستبصار 1 : 184 / 643 : لأنّ.
7- المعتبر 1 : 441.

الارتیاب ، ظنّی أنّ غرضه بالحسن مطابقتها للأُصول ، وإنّ أتی بعد العبارة بقوله : والأُصول تطابقها. لاحتمال أنّ یکون (1) لبیان الحسن ، ومن هنا یظهر أنّ ما قاله بعض الأصحاب من أنّ هذه الروایة حسنة لا تعارض الصحیح (2). غریب ، ومنشأ ذلک عدم مراجعة أُصول الحدیث.

ثم إنّ السند فی التهذیب هکذا : محمد بن علی بن محبوب وسعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، والأمر سهل (3).

والثانی : أیضاً لا ریب فی سنده ، وعبد الله بن محمد الواقع فیه لا یبعد أنّ یکون أخا أحمد بن محمد بن عیسی الملقّب ببنان علی ما فی الکشی ، حیث قال : وعبد الله بن محمد بن عیسی الملقّب ببنان أخو أحمد ابن محمد بن عیسی (4). والرجل مجهول الحال ، لکن لا یضرّ فی الروایة ، وفی التهذیب فی آخر زکاة الفطرة حدیث فی سنده عن بنان بن محمد عن أخیه عبد الله بن محمد (5).

أمّا احتمال القدح بالإضمار فلا شی ء بعد قوله : بخطه ، بل ولو لم یقل ذلک أیضاً ، وکونها مکاتبة لا أعلم وجه التوقف فیها ، وجهالة سلیمان لا ضرر فیها.

بحث حول عبدالله بن محمّد

إشارة إلی جهالة سلیمان بن رشید

ص: 262


1- فی « فض » زیادة : عنه.
2- انظر روض الجنان : 169.
3- لا یخفی أنّ الشیخ رحمه الله أورد الروایة فی موضعین من التهذیب ، الأوّل فی ج 1 : 423 / 1345 وفی سندها لا یوجد سعد بن عبد الله ، والثانی فی ج 2 : 360 / 1492 وفی سندها لا یوجد محمد بن علی بن محبوب. فلم یجمع فیما رأینا من نسخ التهذیب بین محمد بن علی وسعد بن عبد الله ، ولعلّ نسخة المصنف کانت مشتملة علی الجمع ویحتمل أنّه جمع بین السندین.
4- رجال الکشی 2 : 799 / 989.
5- التهذیب 4 : 91 / 266.

المتن :

فی الأوّل کما تری یدل بإطلاقه علی عدم إعادة الناسی ، وقیل : إنّه یستفاد من التعلیل أیضاً العموم للوقت وخارجه (1). وفیه تأمّل.

ویظهر من المحقّق المیل إلی العمل بها ، فإنّه قال بعد ما سبق نقله عنه کما حکاه شیخنا قدس سره : والأُصول تطابقها ؛ لأنّه صلّی صلاة مشروعة مأموراً بها فیسقط الفرض بها ، ویؤیّد ذلک قوله علیه السلام : « غفر لأُمّتی الخطاء والنسیان » (2).

ولا یخفی علیک دلالة کلام المحقق علی أنّ الصلاة المأتیّ بها مشروعة ، ولا معنی للمشروع إلاّ ما وافق الشارع ، وهذا بعینه یأتی فی الجاهل ، فقول شیخنا قدس سره فی الجاهل : إنّه لم یأت بالمأمور به (3). کما سبق نقله ، محل بحث ، ولو لا تأیید المحقق بالروایة المتضمّنة للناسی فی الغفران لأمکن أنّ یقال : إنّ کونها مشروعة بسبب الخبر ، وإنّ کان فی نظری القاصر أنّ الخبر لا یدل علی عدم الإعادة ، بل الظاهر منه عدم المؤاخذة ، وعلی تقدیر منع الظهور فلا أقلّ من الاحتمال ، وهو کاف فی دفع الاستدلال ، والأخبار الدالة (4) علی الإعادة یحتمل فیها الحمل علی الاستحباب.

أمّا حمل الشیخ فموقوف علی أمرین :

کلام حول دلالة روایة العلاء علی عدم إعادة الناسی

حمل الشیخ لروایة العلاء والمناقشة فیه

ص: 263


1- الحبل المتین : 174.
2- مدارک الأحکام 2 : 346 ، وهو فی المعتبر 1 : 441.
3- راجع ص 886.
4- الوسائل 3 : 479 أبواب النجاسات ب 42.

أحدهما : ثبوت دلالة الروایتین علیه.

وثانیهما : علی تقدیر عدم دلالة الروایتین ترجیح الحمل المذکور مع احتمال الاستحباب.

والأمران مشکلان :

أمّا الأوّل : فلأنّ روایة أبی بصیر إنّ عَنی بها روایته المتضمنة لقوله علیه السلام : « علم أو لم یعلم » فهی غیر صریحة فی المطلوب ، وتوجیه الشیخ لها لا ینفی احتمال غیره ، وقد ذکر شیخنا المحقّق (1) میرزا محمد أیّده الله تعالی احتمال أنّ یکون المراد بقوله علیه السلام أخیراً فی الروایة : « إذا علم » العلم فی أثناء الصلاة کما یدل علیه روایة أبی بصیر السابقة ، ومع الاحتمال لا یتم المطلوب ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ احتمال الشیخ له ظهور. وفیه ما فیه ، علی أنّ اللازم من الروایة إذا قیّد الناسی بالإعادة فی الوقت أنّ یبقی الجاهل الذی تضمّنته أیضاً علیه الإعادة مطلقاً لإطلاقها فی الجاهل ، والحال أنّه قد تقدّم منه أنّ الجاهل لا یعید علی الإطلاق.

وأمّا الثانی : فعدم ترجیحه ظاهر ؛ إذ هو من غیر مرجّح ، بل الظاهر رجحان الاستحباب کما یستفاد ممّا قرّرناه.

وإنّ عنی الشیخ روایة أبی بصیر السابقة من حیث إطلاقها المتناول للناسی (2) وغیره ، ففیه : أنّ موردها العلم فی الأثناء ، ولا ملازمة للإعادة بعد الإتمام ، کما لا یخفی.

وأمّا الروایة الثانیة الذی ادعی الشیخ دلالتها علی التفصیل فالکلام فیها یتوقف علی بیان ما ذکره المتأخّرون (3) من الإشکالات فیها وهی ثلاثة :

بیان الإشکالات الواردة علی روایة علی بن مهزیار والجواب عنها

ص: 264


1- فی « ش » : مشطوبة.
2- فی « رض » : للنسیان.
3- منهم شیخنا البهائی فی الحبل المتین : 175.

الأوّل : أنّ حکمه علیه السلام بعدم قضاء ما فات وقته من الصلوات التی صلاّهنّ بذلک الوضوء یقتضی صحته ، وهو یقتضی عدم اشتراط طهارة أعضاء الوضوء ، وما قاله بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : من احتمال التزام ذلک فی إزالة الخبث ورفع الحدث بورود ماء واحد ، فإنّ الاستدلال علی بطلان الوضوء محل کلام (1). لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ التزام هذا یقتضی صحة الوضوء وتکون الإعادة إنّما هی من جهة (2) نجاسة الثوب ، وهذا مشترک بین الوضوءات ، فکیف یقال بالتخصیص بذاک الوضوء بعینه ، ولو أُرید إبطال الأوّل وصحة الباقی لما ذکر فالفرق لا وجه له.

ثم إنّ الدلیل علی عدم التداخل إذا اعتبر من حیث إنّ الأصل عدم تداخل الأسباب لم یکن فیه شوب الریب ، وجواز التداخل فی بعض الأفراد بدلیل لا یقتضی التداخل مطلقاً.

ویمکن الجواب عن الإشکال بأنّ المراد بالوضوء بعینه الوضوء بالماء النجس سواء کان الأوّل أو غیره ، وتکون الإعادة مختصة بالوقت من حیث الثوب ، کما ذکره مشایخنا فی توجیه الروایة (3) وإنّ لم یتوجهوا إلی الإشکالات ، وقد یحصل الإشکال فی قولهم هذا أعنی کون الإعادة من حیث الثوب فإنّ اللازم التعمیة فی الجواب الموجبة للإخلال بالحکمة ، ولعل الجواب باحتمال علم السائل من جهة أُخری ولو ممّا تضمنته آخر الروایة علی احتمال سنبیّنه إنّ شاء الله.

ص: 265


1- الحبل المتین : 175.
2- لیست فی « د ».
3- منهم صاحب مدارک الأحکام 2 : 348.

الثانی : أنّ الید الماسحة للرأس تنجس بنجاسة (1) الرأس ؛ إذ الفرض کونه نجساً ، وإذا کانت نجسة فکیف یصح المسح بالنجس من البلل.

ویمکن الجواب عن هذا باحتمال عدم استیعاب الدهن الرأس.

وفیه : تعمیة الجواب المنافی للحکمة ، إلاّ أنّ یکون علیه السلام أطّلع علی ذلک کما قیل (2) وفیه ما فیه.

الثالث : قوله علیه السلام : « ذلک الوضوء بعینه » فإنّه یقتضی أنّ الوضوء لو تعدد لا تقضی الصلاة ، والحال ما تری.

ویمکن الجواب بما قدّمناه من إرادة الوضوء بالماء النجس ، وفیه ما فیه.

والعجب من قول شیخنا قدس سره : إنّ الروایة ضعیفة من حیث السند بجهالة الکاتب (3). فإنّ علی بن مهزیار أخبر عن خطّ الإمام علیه السلام ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ الضمیر فی خطه راجع إلی سلیمان ، وفیه ما فیه.

أمّا ما قاله قدس سره من احتمال أنّ یکون قوله : « فإنّ تحققت ذلک » محمولاً علی وصول الماء لغیر موضع الوضوء ، فلا ینبغی أنّ یذکر فی الروایة.

وفی نظری القاصر أنّ قوله علیه السلام : « من قِبَل أنّ الرجل إذا کان ثوبه نجساً لم یعد الصلاة إلاّ ما کان فی وقت ؛ وإذا کان جنباً أو صلّی علی غیر وضوء » إلی آخره ، محتمل لأنّ یکون علیه السلام بیّن حکمین : ( حکم الثوب وحکم الوضوء علی سبیل الإجمال ، فإنّ تطرّقت النجاسة إلی الثوب کان

ص: 266


1- فی « رض » : بمماسة ، وفی « فض » : لممارسة.
2- قال بن البهائی فی الحبل المتین : 175.
3- مدارک الأحکام 1 : 348.

حکمه ما ذکر ، وإنّ ) (1) تطرّقت إلی الوضوء کان الحکم ما ذکر ، وحینئذٍ فقوله : « من قِبل » أی من حیث نجاسة الثوب کذا ومن الجنابة کذا ، غایة الأمر أنّه یبقی تخصیص الوضوء غیر ظاهر الوجه ، واحتمال إرادة الوضوء بالماء النجس لا مانع منه ، وعلی هذا یمکن توجیه الروایة فی الجملة.

ویمکن علی بُعدٍ أنّ یراد بالوضوء الاستنجاء ، واستعماله فی الأخبار موجود ، ویراد بعینه ما دام أثره موجوداً من دون طهارة.

أمّا قوله علیه السلام : « لأنّ الثوب خلاف الجسد » فلا یبعد أنّ یراد به أنّ نجاسة الثوب العینیة بخلاف نجاسة البدن الحکمیة ، ولو أُرید بالبدن نجاسته العینیة لم یکن له مناسبة لما تقدم من ذکر الفرق بین الثوب النجس والوضوء والغَسل ، غایة الأمر أنّه تبقی نجاسة الجسد مسکوتاً عنها ، وغیر بعید استفادتها من الروایة حیث جعل قسیم (2) الثوب النجس النجاسة الحکمیة.

وإذا عرفت هذا کلّه فاعلم أنّ استدلال الشیخ رحمه الله بالروایة علی ما ذکره من التفصیل بعد هذا الإجمال وعدم سلامتها من تطرّق الإشکال لا یخلو من غرابة.

ثم إنّ ما تقدم من الشیخ فی حکم الجاهل جعله مفروضاً فی الثوب (3) ، والأخبار المذکورة أکثرها فی الثوب (4) ، وإنّما ورد فی الجسد روایة إبراهیم بن میمون السابقة ، والأخبار الواردة فی باب الدم کذلک (5) ،

ص: 267


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- فی « فض » و « رض » : قسم.
3- فی ص : 901.
4- الوسائل 3 : 428 أبواب النجاسات ب 19 وص 479 ب 42.
5- الوسائل 3 : 429 أبواب النجاسات ب 20 وص 432 ب 21 وص 435 ب 23.

والوالد قدس سره نقل فی الدم باعتبار المقدار : أنّ الإجماع مدعی علی عدم الفرق بین الثوب والبدن (1) ، أمّا من جهة إعادة الصلاة فالإجماع لم نعلمه الآن ، والخبر المبحوث عنه مجمل الدلالة ، والله سبحانه أعلم بحقائق الأُمور.

قوله :

باب عرق الجنب والحائض یصیب الثوب

أخبرنی الشیخ رحمه الله - ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن ابن أُذینة ، عن أبی أُسامة ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الجنب یعرق فی ثوبه أو یغتسل ، فیعانق امرأته ویضاجعها وهی حائض أو جنب فیصیب جسده من عرقها! قال : « هذا کلّه لیس بشی ء ».

وبهذا الاسناد ، عن محمد بن یعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمد ، عن علی بن أبی حمزة ، قال : سئل أبو عبد الله علیه السلام وأنا حاضر عن رجل أجنب فی ثوبه ، فیعرق فیه؟ قال : « لا أری به بأساً » قال : إنّه یعرق ، حتی أنّه لو شاء أنّ یعصره لعصره قال : فقطّب أبو عبد الله علیه السلام وقال : « إنّ أبیتم فشی ء من ماء فانضحه به ».

وبهذا الاسناد ، عن محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، ( عن ابن بکیر ) (2) ، عن حمزة بن حمران ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یجنب الثوب الرجل

عرق الجنب والحائض یصیب الثوب

اشارة

ص: 268


1- معالم الفقه : 286.
2- فی الاستبصار 1 : 185 / 646 : عن بکیر.

ولا یجنب الرجل الثوب ».

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن شعیب ، عن أبی بصیر ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن القمیص یعرق فیه الرجل وهو جنب ، حتی یبتلّ (1) القمیص ، فقال : « لا بأس ، وإنّ أحبَّ أنّ یرشّه بالماء فلیفعل ».

عنه ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد بن عبد الله ، عن المنبه [ بن عبد الله (2) ] عن الحسین بن علوان الکلبی ، عن عمرو بن خالد ، عن زید بن علی ، عن أبیه ، عن جده ، عن علی علیهم السلام ، قال : « سألت رسول الله صلی الله علیه و آله عن الجنب والحائض یعرقان فی الثوب حتی یلصق علیهما فقال : إنّ الحیض والجنابة حیث جعلهما الله عزّ وجلّ لیس من العرق ، فلا یغسلان ثوبهما ».

وبهذا الاسناد ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن علی بن مهزیار ، عن حماد بن عیسی وفضالة بن أیوب ، عن معاویة بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الحائض تعرق فی ثیابها ، أتصلّی فیها قبل أنّ تغسلها؟ فقال : « نعم لا بأس ».

السند :

فی الأوّل حسن ، وابن أُذینة فیه هو عمر بن أُذینة ، وقد وثّقه الشیخ (3). والنجاشی ذکر عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن أُذینة ، وقال :

بحث حول عمر بن أذینة

ص: 269


1- فی « فض » و « رض » : یبلّ.
2- ما بین المعقوفین أثبتناه من الاستبصار 1 : 185 / 648.
3- فی الرجال : 353 / 8 ، والفهرست : 113 / 492.

إنّه شیخ أصحابنا البصریین ووجههم (1). وقد تخیل ابن داود أنّ ما ذکر النجاشی غیر ما ذکره الشیخ (2) : وهو غریب ؛ لأنّ النجاشی ذکر فی الطریق إلیه بلفظ عمر بن أُذینة (3) ، فدل علی أنّه ینسب إلی الجدّ تارة وإلی الأب اخری.

وأبو أُسامة هو زید الشحام بن یونس ، أو ابن موسی علی ما ذکره النجاشی ولم یوثقه (4) ، لکن الشیخ وثقه فی الفهرست (5) ؛ والعلاّمة فی الخلاصة ذکر نحو ما قاله النجاشی فی الأب ووثقه (6) ، وفی قسم الضعفاء ذکر زید بن موسی وقال : إنّه واقفی (7). ولا ریب أنّ هذا غیره ، وقد ذکره الشیخ فی رجال الکاظم علیه السلام قائلاً : إنّه واقفی (8).

والثانی : فیه القاسم بن محمد الجوهری ، وهو واقفی غیر موثّق فیما رأیناه من کتب المتقدّمین (9) ، وابن داود نقل عن الشیخ أنّه ذکر القاسم بن محمد فی رجال الکاظم علیه السلام وأنّه واقفی ، وذکر القاسم بن محمد فی من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام والراوی عنه الحسین بن سعید (10). والأمر کما قال فی کتاب الشیخ (11) ، إلاّ أنّ الظاهر الاتّحاد ، وما فعله الشیخ له نظائر فی کتابه.

بحث حول أبی أسامة زید الشحام

بحث حول القاسم بن محمّد الجوهری

ص: 270


1- رجال النجاشی : 283 / 752.
2- رجال ابن داود : 146 / 1131 وص 144 / 1111.
3- رجال النجاشی : 283 / 752.
4- رجال النجاشی : 175 / 462.
5- الفهرست : 71 / 288.
6- الخلاصة : 73 / 3.
7- الخلاصة : 222 / 3.
8- رجال الطوسی : 350 / 8.
9- منهم الکشی فی رجاله 2 : 748 / 853 ، والشیخ فی رجاله : 358 / 1.
10- رجال ابن داود : 154 / 1219.
11- رجال الطوسی : 358 / 1 و 490 / 5.

أمّا قول ابن داود : إنّ الظاهر کونه غیره ، والأخیر ثقة. فلا ندری مأخذ التوثیق ، واحتمل شیخنا المحقق مئزرا محمد أیّده الله أنّ یکون مأخذه روایة الحسین بن سعید عنه (1) ، وهو محتمل علی تخیل ابن داود ، لا فی اعتقاد شیخنا أیّده الله.

وعلی بن أبی حمزة هو البطائنی الواقفی ، للتصریح فی الفهرست بروایة القاسم بن محمد الجوهری عنه (2).

والثالث : فیه حمزة بن حمران ، وهو مهمل فی الرجال (3) ، وباقی رجاله غیر مشتبه الحال لما کرّرنا القول فیه ، وما ذکرناه وإنّ شارک هذا فی التقدّم إلاّ أنّ بُعد العهد یوجب ذلک فیما هو مهم.

والرابع : فیه أبو بصیر وهو الضریر الوارد فیه الذم بقرینة روایة شعیب عنه الثقة ، وهو ابن أُخت أبی بصیر یحیی بن القاسم.

والخامس : فیه المنبه ، وهو ابن عبد الله المکنّی أبا الجوزاء ، وقد قال النجاشی : إنّه صحیح الحدیث (4). والذی صرّح به جدّی قدس سره فی الدرایة : أنّه دال علی التوثیق (5). وفی نظری القاصر أنّه محل نظر ؛ لأن هذا معناه فی کلام المتقدّمین غیر ما اصطلح علیه المتأخّرون فی تعریف الصحیح بأنّه : ما اتصل إلی المعصوم بنقل الإمامی الثقة ، لیکون وصفه بأنّه

علی بن أبی حمزة الذی یروی عنه القاسم بن محمّد هو البطائنی الواقفی

حمزة بن حمران مهمل

أبو بصیر الذی یروی عنه شعیب هو الضریر المذموم

بحث حول المنبّه بن عبدالله ومعنی قولهم : صحیح الحدیث

ص: 271


1- منهج المقال : 265.
2- ذکره الشیخ فی الفهرست : 96 / 408 ولم یذکر روایة القاسم عنه ولکنّه نص علیه فی کتاب الرجال عند ذکر القاسم بن محمد الجوهری فی أصحاب الصادق علیه السلام : 276 / 49.
3- راجع رجال النجاشی : 140 / 365.
4- انظر النجاشی : 421 / 1129 ، ورجال الطوسی : 118 / 46 و 177 / 207.
5- الدرایة : 76.

صحیح الحدیث دالاًّ علی ثقته (1) ، ویعرف هذا بملاحظة کتب الرجال ، والعجب منه قدس سره أنّه فی عبد السلام بن صالح الهروی جوّز کونه عامیّاً ثقة ، مع أنّه موصوف فی النجاشی بأنه : ثقة صحیح الحدیث (2). واللازم من صحة الحدیث کونه إمامیّاً ؛ لأنّ تعریف الصحیح یقتضی ذلک.

وبالجملة : فدلالة (3) اللفظ علی التوثیق فضلاً عن کونه إمامیّاً محل تأمل ، غایة الأمر أنّ معناه فی کلام المتقدّمین مجمل ، فإنّ إرادة کون حدیثه صحیحاً بمعنی أنّه معتمد لظهور قرائن علی ذلک وإنّ کان فی نفسه لیس بثقة ممکنة ، إلاّ أنّ الجمع بین کون الرجل ثقة صحیح الحدیث قد یخفی فائدته.

والذی یقتضیه النظر أنّ الصحّة عند المتقدّمین لا یکفی فیها مجرّد کون الرجل ثقة ، بل لا بدّ من انضمام القرائن إلی قوله ، کما یعلم من الشیخ (4) وغیره (5).

نعم یبقی الإشکال فی الفرق بین قولهم : له کتاب معتمد أو أصل معتمد ؛ وبین صحیح الحدیث وغیر بعید أنّ یکون وجه الفرق اختصاص کتابه أو أصله بالاعتماد ، دون کل ما یرویه حتی فی غیر الکتاب ، بخلاف صحیح الحدیث فإنّه یدل علی الاطّراد.

وأنت خبیر بأنّ هذا یرجع إلی التوثیق ، فأیّ فائدة فی الجمع بینه وبین صحیح الحدیث؟ واحتمال التأکید ینافی ما قدّمناه من الفرق.

ص: 272


1- کما فی الدرایة : 19 ، ومنتقی الجمان 1 : 12.
2- رجال النجاشی : 245 / 643 ، وانظر حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 19.
3- فی « فض » : فالإشکال فی دلالة.
4- العدة 1 : 367.
5- کصاحب منتقی الجمان 1 : 14.

ویمکن الجواب : بأنّ صحیح الحدیث وإنّ دلّ علی صحّة حدیثه ، لکنه أعم من التوثیق ، إذ یجوز کونه ضعیفاً مع أنّ حدیثه صحیح ، أو ثقةً عامیّاً مع صحّة حدیثه.

وفیه : أنّ هذا یوجب الالتباس. لکن الحق أنّه لا یضر بالحال إلاّ عند المتأخرین.

وبالجملة : فالاعتماد علی کون الرجل ثقة إمامیّاً بسبب هذا الوصف محلّ تأمّل.

وما قد یظن من کلام الصدوق فی الفقیه فی صلاة الغدیر - : من أنّ راوی الروایة لم یوثّقه شیخه محمد بن الحسن بن الولید فلا تکون صحیحة (1) - أنّه دال علی موافقة المتأخرین فقد ذکرنا ما فیه فی حواشیه ، فمن أراده وقف علیه ، وذکرنا أیضاً فی أوّل هذا الکتاب نوعاً من الجواب (2).

وأمّا الحسین بن علوان : فإنّه عامی غیر موثق ، والکشی نقل عن البعض أنّه کان مستوراً (3).

وعمرو بن خالد : علی ما فی الکشی أنّه عامی (4). والنجاشی اقتصر علی أنه روی عن زید (5). وفی رجال الشیخ : أنّه بتری فی أصحاب الباقر علیه السلام (6).

والسادس : لیس فیه ارتیاب.

الحسین بن علوان عامی غیر موثق

بحث حول عمرو بن خالد

ص: 273


1- الفقیه 2 : 55.
2- فی ص 26.
3- رجال الکشی 2 : 687 / 733.
4- رجال الکشی 2 : 687 / 733.
5- رجال النجاشی : 288 / 771.
6- رجال الطوسی : 131 / 69.

المتن :

فی الأوّل : کما تری لا یخلو من تشویش فی العبارة ، لأنّ الظاهر منه طهارة عرق الجنب والحائض ؛ وفی المعتبر : الحائض والنفساء والمستحاضة والجنب من حلال إذا خلا الثوب من عین النجاسة فلا بأس بعرقهم إجماعاً (1).

والثانی : أوضح دلالة أیضاً ، والأمر بالنضح کأنّه لزوال النفرة.

والثالث : لا یخلو معناه من إجمال ، والذی یظهر منه أنّ الجنب إذا لم یصب ثوبه منی لا یلزمه غَسله ، کما أنّ الثوب لو أصابه منی من خارج لا یلزم الرجل الغُسل إذا لبسه.

فإن قلت : علی ظاهر قوله : « ولا یجنب الرجل الثوب » أنّ الثوب لا یغسل وإن وصل إلیه المنی ، وهو واضح الانتفاء.

قلت : لا یبعد أن یکون المراد عدم غَسل جمیع الثوب کما فی غُسل الرجل ، بل موضع النجاسة ، کما أنّ الثوب لو کان نجساً وأصاب الرجل لا یغسل جمیع بدنه.

لکن إذا کان الحدیث وارداً بهذا المعنی لا یتمّ الاستدلال به من جهة العرق ، لأنّ المتبادر منه علی تقدیر العرق أن یکون من حیث کون الرجل جنباً بمعنی النجاسة الحدثیة لا یؤثّر فی الثوب ، والحال أنّ من جهة قوله : « لا یجنب الثوب الرجل » لا یتم الحکم من جهة العرق کما لا یخفی ، لکن الشیخ ذکره فی مقام عرق الجنب کما تری ، ولعلّه استفاد

بیان الأخبار الدالّة علی طهارة عرق الجنب والحائض

ص: 274


1- المعتبر 1 : 415.

ذلک من بعضه نظراً إلی الإطلاق ، فلیتأمّل.

والرابع : یدل علی الطهارة أیضاً فی عرق الرجل (1) ، واستحباب الرش بقوله : « إنّ أحب » ویستفاد من الحدیث الدال علی النضح وهذا الحدیث اتحادهما ، وقد سبق النقل عن العلاّمة ما یفید المغایرة ، والأمر سهل فی مقام الاستحباب.

والخامس : کما تری یدل علی الطهارة ، من حیث قوله : « فلا یغسلان ثوبهما ».

أمّا قوله : « حیث جعلهما » فمحتمل لأنّ یکون المراد به أنّه سبحانه جعلهما سببین للغسل ، وغسل الثوب منهما لیس من جهة العرق ، بل من جهة أُخری وهی الدم المعلوم والمنی.

ویحتمل أنّ یراد : أنّ دم الحیض والمنی حیث خلقهما الله لیس من العرق لیکون خروجه متصلاً بهما. ویدفع هذا الاحتمال عدم تمامیته فی الجنابة. ولعلّ المطلوب من العبارة وإنّ کان مجملاً إلاّ أنّ قوله : « فلا یغسلان ثوبهما » یفسّره.

والسادس : واضح الدلالة.

اللغة :

قال فی الصحاح : قَطَّبَ وجهه تقطیباً : عَبَسَ (2). وفی القاموس : قَطَبَ یَقْطِبُ : زَوَی ما بین عینیه وکَلَحَ ، کقَطَّبَ (3).

معنی قطّب

ص: 275


1- کذا فی « فض » و « رض » وفی « د » : الجنب الرجل ، والظاهر : الرجل الجنب.
2- الصحاح 1 : 204 ( قطب ).
3- القاموس 1 : 122 ( قطب ).

قوله (1) :

فأما ما رواه الحسین بن سعید ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : المرأة الحائض تعرق فی ثوبها قال : « تغسله » قلت : فإن (2) کان دون الدِّرع إزار ، فإنّما یصیب العرق ما دون الإزار قال : « لا تغسله ».

فالوجه فی هذا الخبر أن نحمله علی أنّه إذا کان هناک شی ء من النجاسة ، لأنّ (3) الغالب من الحائض أن یکون فیما دون المئزر لا یخلو من نجاسة ، فلأجل ذلک وجب علیها غَسل الثوب.

یدل علی ذلک :

ما رواه سعد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسی الساباطی ، قال : سئل أبو عبد الله علیه السلام عن الحائض تعرق فی ثوب تلبسه ، فقال : « لیس علیها شی ء إلاّ أن یصیب شی ء من مائها أو غیر ذلک من القذر ، فتغسل ذلک الموضع الذی أصابه بعینه ».

وروی علی بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن علی ، عن الحسن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن سَورة بن کلیب قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المرأة الحائض ، أتغسل ثیابها التی لبستها فی طمثها؟ قال : « تغسل ما أصاب ثیابها من الدم ، وتدع ما سوی

ص: 276


1- فی « رض » : قال.
2- فی « فض » و « رض » : وإنّ.
3- فی الاستبصار 1 : 186 زیادة : فی.

ذلک » قلت له : وقد عرقت فیها ، قال : « إنّ العرق لیس من الحیض ».

السند :

فی الأوّل : موثق بإسحاق علی ما قاله الأصحاب ، وقد تقدّم القول فیه (1).

والثانی : موثق أیضاً ، وربما یشکل الحال فی بعض الرجال ، وبیان مجمل الأمر : أنّ أحمد بن الحسن علی ما وجدته فی کتب الرجال من المتقدمین ، ما قاله الشیخ فی الفهرست : إنّه کان فطحیاً ، غیر أنّه ثقة (2). والکشی قال : سألت أبا النضر محمد بن مسعود عن جماعة هو منهم ، فذکر أنّ أحمد بن الحسن کان فطحیاً (3). والنجاشی ذکر : أنّه یقال : إنه کان فطحیاً وکان ثقة فی الحدیث (4). وأنت خبیر بعد ما قدّمناه من ترجیح النجاشی : أنّ ظاهر کلامه یعطی عدم کونه فطحیاً.

ویمکن أنّ یقال : إنّ أصل کلام الشیخ قول الکشی عن محمد بن مسعود ، والنجاشی صرّح بأنّ محمد بن مسعود کان فی الأصل عامیّ المذهب ثم تبصّر (5) ، والقول المذکور عنه لا یعلم قبل رجوعه أو بعده ، وکون محمد بن مسعود ثقة غیر معلوم التقدّم علی الرجوع لیقبل قوله مطلقاً.

إشارة إلی حال إسحاق بن عمار

بحث حول أحمد بن الحسن

ص: 277


1- فی ص : 146.
2- الفهرست : 24 / 62.
3- رجال الکشی 2 : 812 / 1014.
4- رجال النجاشی : 80 / 194.
5- رجال النجاشی : 350 / 944.

اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ الشیخ اعتمد علی ما قاله من غیر الکشی ، أو أنه علم أنّ ذلک بعد رجوعه ، علی أنّ قول النجاشی محتمل لأنّ یکون التوثیق من مقول القول ، وکونه خلاف الظاهر محلّ کلام.

وأمّا عمار الساباطی : فالنجاشی لم یذکر أنّه فطحی (1) ، والشیخ قال ذلک (2) ؛ وقد سمعت الکلام فی مثله (3) ، وبالجملة فالمقام محلّ إشکال.

والثالث : فیه : أنّ الطریق إلی علی بن الحسن فیه : علی بن محمد بن الزبیر وأحمد بن عبدون ، وقد تقدم أنّ فی علی بن محمد کلاماً (4). أمّا أحمد بن عبدون فهو من الشیوخ کغیره.

وعلی بن الحسن مشهور.

وسورة بن کلیب : مشترک بین مهمل مذکور فی رجال الصادق علیه السلام ، وآخر فی الحکم کالأوّل (5).

ومحمد بن علی : لا یبعد أنّ یکون ابن محبوب ، لروایته عن الحسن بن محبوب کما یعرفه المتتبّع ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان.

المتن :

فی الأوّل : غیر خفیّ احتمال ما ذکره الشیخ ، لکن عبارته فی التوجیه کعبارة الحدیث فی الإجمال ، بل ربما یظنّ فی البین الاختلال ؛ لأنّ قوله : فإنّ کان دون الدِّرع إزار. یرید به المئزر کما ذکره الشیخ. والدرع

بحث حول عمّار الساباطی

علی بن محمّد بن الزبیر فیه کلام

إشارة إلی حال أحمد بن عبدون

سورة بن کلیب مشترک

توجیه ما دلّ علی أنّ الحائض تغسل الثوب الذی عرقت فیه

ص: 278


1- رجال النجاشی : 290 / 779.
2- الفهرست : 117 / 515.
3- فی ص 275.
4- راجع ص 103.
5- راجع رجال الطوسی : 216 / 218 ، 220.

علی ما یفهم من القاموس القمیص (1). لکن قوله : إنّما یصیب العرق ما دون الإزار. علی ما قلناه یقتضی بأنّ یقال : ما دون الدِّرع.

ولعلّ المراد : أنّ العرق یصیب ما دون الإزار ، فعدم إصابته للدرع حینئذ أظهر ، ویراد بما دون الإزار من الخرق ، والأمر سهل بعد وضوح الغرض.

والثانی : ظاهر الدلالة کالثالث.

قوله (2) :

فأما (3) ما رواه علی بن الحسن ، عن محمد بن عبد الحمید ، عن أبی جمیلة المفضل بن صالح الأسدی النخاس (4) ، عن زید الشحام ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا لبست المرأة الطامث ثوباً فکان علیها حتی تطهر فلا تصلی فیه حتی تغسله ، فإنّ کان (5) یکون علیها ثوبان صلّت فی الأعلی منهما ؛ وإنّ لم یکن لها غیر ثوب فلتغتسل (6) حین تطمث ثم تلبسه ، فإذا طهرت صلّت فیه وإنّ لم تغسله ».

فیحتمل هذا الخبر ما قلناه فی الخبر الأوّل ، ویحتمل أیضاً أنّ یکون محمولاً علی الاستحباب ، وما تضمنه من قوله : « تغتسل حین

ص: 279


1- القاموس المحیط 3 : 20.
2- فی « رض » : قال.
3- فی الاستبصار 1 : 187 / 653 وأمّا.
4- فی الاستبصار 1 : 187 / 653 : النحاس.
5- لیست فی « د » و « رض ».
6- فی الاستبصار 1 : 187 / 653 والتهذیب 1 : 271 / 797 : فلتغسله.

تطمث ثم تلبسه ، فإذا طهرت صلّت فیه وإنّ لم تغسله » یدلّ علی أنّ نفس الحیض لا ینجّس العرق ، لأنّه لو کان کذلک لما اختلف الحال بالاغتسال قبله.

والذی یدل علی أنّ هذا محمول علی الاستحباب :

ما أخبرنی به أحمد بن عبدون ، عن علی بن محمد بن الزبیر ، عن علی بن الحسن بن فضال ، عن أیوب بن نوح ، عن محمد بن أبی حمزة ، عن علی بن یقطین ، عن أبی الحسن علیه السلام قال : سألته عن الحائض تعرق فی ثوبها ، قال : « إنّ کان ثوباً تلزمه فلا أُحبّ أنّ تصلّی فیه حتی تغسله ».

السند :

فی الأوّل : فیه ما تقدّمت إلیه الإشارة من الطریق إلی علی بن الحسن وإلیه (1).

ومحمّد بن عبد الحمید هو ابن سالم العطّار ، وتقدم فیه القول (2).

فإنّ قلت : من أین حصل الجزم بکون محمد بن عبد الحمید هو العطار ، وفی الرجال غیره أیضاً؟

قلت : الموجود فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام : محمد بن عبد الحمید روی عنه ابن الولید (3) ، وهذا متأخّر ؛ بخلاف العطار فإن الراوی عنه عبد الله بن جعفر وهو الحمیری ، وغیر خفیّ أنّ مرتبته مرتبة

بحث حول محمّد بن عبدالحمید

ص: 280


1- فی ص 913.
2- فی ص 151.
3- رجال الطوسی : 492 / 6.

أیوب بن نوح.

وأبو جمیلة مذکور مهملاً فی الفهرست (1) ، ورجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (2). والعلاّمة قال : إنّه ضعیف کذّاب (3). وهو أعلم بالمأخذ.

والثانی : تقدّمت أحوال رجاله.

ومحمد بن أبی حمزة فیه : هو ابن الثمالی علی الظاهر ، واحتمال غیره المذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (4) بعید.

وما قد یقال : من أنّ الراوی عن الثقة ابن أبی عمیر کما صرّح به النجاشی (5) والشیخ (6) ، والراوی هنا أیوب بن نوح وهو متأخّر ، لأنّه من أصحاب الهادی علیه السلام والعسکری علیه السلام .

جوابه : أنّ النجاشی ذکر أنّ أیوب روی عن أصحاب أبی عبد الله علیه السلام (7) ، ومحمد بن أبی حمزة من أصحابه علیه السلام . إلاّ أنّی متأمّل فی مثل هذا الأمر ؛ لأنّ اللازم منه أنّ یکون محمد بن أبی حمزة أدرک الهادی علیه السلام ، فیکون أدرک أربعة من الأئمة علیهم السلام ، ولم یذکر ذلک فی الرجال ، بل فی کتاب الشیخ : أنّه من أصحاب الصادق علیه السلام لا غیره (8).

بحث حول أبی جمیلة

بحث حول محمّد بن أبی حمزة

ص: 281


1- الفهرست : 170 / 743.
2- رجال الطوسی : 339 / 9.
3- خلاصة العلاّمة : 258 / 2 ( مفضّل ) ، ولعل مأخذه قول ابن الغضائری فیه : ضعیف کذّاب یضع الحدیث. ( مجمع الرجال 6 : 122 ) وعدّه النجاشی : ( 128 / 332 ) ممّن غُمز فیهم وضُعّفوا.
4- رجال الطوسی : 322 / 675.
5- رجال النجاشی : 358 / 961.
6- الفهرست : 148 / 630.
7- رجال النجاشی : 102 / 254.
8- رجال الطوسی : 322 / 675.

ثم إنّ توثیقه لیس إلاّ من الکشی بهذه الصورة : سألت حمدویه بن نصیر ، عن علی بن أبی حمزة الثمالی والحسین بن أبی حمزة ومحمد أخویه (1) ، فقال : کلّهم ثقات فاضلون (2).

وحمدویه متأخّر عن هؤلاء ، لکنه ثقة مقبول القول ، غیر أنّه وقع فی البین بالنسبة إلی أنّ المخبَر عنه من حمدویه هو الثمالی نوع إشکال ، وهو أنّ النجاشی قال نقلاً عن محمد بن عمر الجعابیّ : إنّ أسماء (3) ولد أبی حمزة : نوح ومنصور وحمزة ، قتلوا مع زید (4).

وهذا بظاهره یدل علی أنّ محمداً والحسین وعلیاً لیسوا من ولد أبی حمزة الثمالی (5).

والذی یظهر من عبارة النجاشی کما تری أنّها حکایة عن الغیر ، ویحتمل أنّ لا یکون راضیاً بها ؛ وما قاله فی الخلاصة نقلاً عنه : أنّه قال : أسماء ولد أبی حمزة (6) ، غریب علی أنّ قول الجعابی فی الأولاد الذین قتلوا مع زید لا جمیع الأولاد ، وفی هذا تأمّل ، إذ هو خلاف الظاهر.

والحق أنّ النجاشی غیر قائل بالمنقول ؛ لأنّه قال فی الحسین بن حمزة اللیثی : ( الحسین بن حمزة اللیثی ) (7) ابن بنت أبی حمزة الثمالی ثقة ؛ - إلی أنّ قال - : وخاله محمد بن أبی حمزة ذکره أصحاب کتب

ص: 282


1- فی المصدر زیادة : وابنه.
2- رجال الکشی 2 : 707 / 761.
3- لیست فی « فض ».
4- رجال النجاشی : 115 / 296.
5- فی « د » زیادة : یکون الوهم وقع فی الکشی ، وفی « رض » : لکون الوهم.
6- الخلاصة : 51.
7- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

الرجال (1). وهو صریح فی أنّ محمد بن أبی حمزة موجود ، غایة الأمر أنّ اللبس فی الحسین وعلی ابنی أبی حمزة ، فإنّ النجاشی لم یذکر إلاّ الحسین ابن حمزة اللیثی ، وعلی بن أبی حمزة لم یذکره ؛ وغیر بعید أن یکون الحسین بن حمزة اللیثی نسب إلی جدّه لأُمه.

أمّا ما وقع فی الخلاصة فهو غریب ، لأنّه قال بعد نقل کلام النجاشی - الذی أشرنا إلی أنّه موهوم ؛ لأنّه أسنده إلیه ، وإنّما هو نقل عن غیره - : ولم یذکر - یعنی النجاشی - الحسین من عداد أولاده. وقال ابن عقدة : حسین بن بنت أبی حمزة الثمالی خال محمد بن أبی حمزة ، وأن الحسین ابن أبی حمزة ابن ابنة الحسین بن أبی حمزة الثمالی ، وأن الحسین بن حمزة اللیثی الکوفی هو ابن بنت أبی حمزة الثمالی. وقال النجاشی أیضاً الحسین بن حمزة اللیثی ؛ وذکر کلامه - إلی أنّ قال - : وأسقط « أبی » بین الحسین وحمزة ، وبالجملة هذا الرجل عندی مقبول الروایة ، ویجوز أنّ یکون ابن ابنة (2) أبی حمزة ، وغلب علیه النسب إلی أبی حمزة (3). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ کلام ابن عقدة مخلوط ، وأنّ قوله خال محمد غلط ، بل خاله محمد کما فی النجاشی (4) ، ولفظ الحسین بعد قوله : ابن ابنة الحسین ؛ غلط أیضاً ، والمراد أنّ الحسین بن (5) حمزة هو ابن بنت أبی حمزة الثمالی ، ومحمد خاله ؛ والحسین الذی یقال له ابن أبی حمزة

ص: 283


1- رجال النجاشی : 54 / 121.
2- فی « رض » : ابنته.
3- الخلاصة : 51 بتفاوت یسیر.
4- رجال النجاشی : 54 / 121.
5- فی « فض » زیادة : أبی.

هو ابن حمزة ، لکن لما کان ابن ابنة أبی حمزة نسب إلیه.

ومن هنا یعلم أنّ قول جدّی قدس سره فی فوائد الخلاصة - : إن کلام ابن عقدة یدل علی وجود الحسین بن أبی حمزة الثمالی وإن شارکه غیره فی الاسم. وقول النجاشی : إنّ الحسین بن حمزة اللیثی هو ابن بنت أبی حمزة. لا ینافی کون أبی حمزة له ولد اسمه الحسین ، فظهر أنّ جمیع ما ذکره - یعنی العلاّمة - لا یظهر له فائدة ولا منافاة لقوله : ویجوز.

محلّ بحث ، أمّا أولاً : فلأنّ کلام النجاشی فی الحسین بن حمزة صریح فی أنّ خاله محمد بن أبی حمزة (1) ، ولو کان له خال یقال له الحسین لکان أحق بالذکر ، لکونه موثقاً فی کلام حمدویه ، فلا أقل من ذکره مع محمد.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ کلام ابن عقدة لا یفید التعدّد ، بل إنّما وقع الوهم من الزیادة والنقصان اللذین ذکرناهما (2) مع زیادة ذکر الحسین مرّة ثالثة فکأنّه قال : الحسین بن حمزة اللیثی یقال له « حسین بن بنت أبی حمزة » و « حسین بن أبی حمزة » و « حسین بن حمزة اللیثی » ، والکل صحیح. ففی الأوّل : نسب لُامّه ، وفی الثانی : لجدّه لُامّه ، وفی الثالث لأبیه.

نعم یبقی الکلام فی علی بن أبی حمزة الثمالی ، فإنّ عدم ذکر النجاشی له یشعر بعدم تحققه. والله أعلم بالحال.

المتن :

فی الأوّل : کما تری (3) لا یخلو من تشویش ، والحاصل من معناه : أنّ

ص: 284


1- رجال النجاشی : 54 / 121.
2- فی « رض » : ذکرهما.
3- فی « د » مشطوبة.

الحائض إذا لبست ثوباً واحداً إلی حین تطهر ، وکان لها أثواب فلا تصلّی فیه حتی تغسله ، لأنّ الغالب عدم خلوّه من إصابة النجاسة ، وإن تعدّد علیها صلّت فی الأعلی ، لبُعده عن النجاسة ، وإنّ لم یکن لها إلاّ ثوب واحد فإنّه یکفیها أنّ تغسل بدنها حین الطمث ثم تلبسه ، فإذا طهرت صلّت فیه وإنّ لم تغسله.

وقول الشیخ : فیحتمل ما قلناه فی الخبر الأوّل. یرید به أنّ الأمر بغَسل الثوب فی أوّل الروایة لعدم خلوّها من النجاسة ، لا من جهة العرق. وقوله : إنّه محمول علی الاستحباب. واضح ، إلاّ أنّه لا وجه لعدم ذکره فی الأوّل أیضاً ، بل الأوّل أولی ؛ لأنّ الاستحباب فی هذا یقتضی الغَسل فی الصورة الأخیرة أیضاً.

والثانی : ظاهر فی الاستحباب من قوله : « لا أُحب » أمّا قوله : « ثوباً تلزمه » فلعلّ المراد به ما ذکر فی الخبر الأوّل ، أعنی الثوب المستمر علیها إلی حین الطهر ، ویحتمل أنّ یراد الثوب الملاصق للجسم ، وهو المراد فی الأوّل بقوله : « صلّت فی الأعلی ».

وعلی کل حال فالحکم قد عرفت أنّ علیه الإجماع مدعی بالنسبة إلی العرق ، وأمّا غیره فبحسب النجاسات ، وأحکام إزالتها تابعة لها.

اللغة :

قال فی القاموس : طمثت کنصر وسمِع حاضت ، والطمث المسّ والدنَسَ (1).

توجیه ما دلّ علی أنّ الحائض لاتصلّی فی الثوب المستمرّ علیها إلی حین الطهر حتی تغسله

معنی الطمث

ص: 285


1- القاموس المحیط 1 : 176.

قوله (1) :

فأما ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن ابن محبوب ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد الحلبی قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : رجل أجنب فی ثوبه ولم یکن معه ثوب غیره؟ قال : « یصلّی فیه ، وإذا وجد الماء (2) غسله ».

فهذا الخبر یحتمل شیئین ، أحدهما : وهو الأشبه أن یکون أصاب الثوب نجاسة من المنی ، فحینئذ یصلّی فیه إذا لم یجد غیره ولا یمکنه نزعه ، وکان علیه الإعادة علی ما بیّنّاه فیما مضی. ویحتمل أن یکون المراد إذا أصابته الجنابة من حرام وعرق فیه ، فإنّه یصلّی فیه ، فإذا وجد الماء غسله.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن النضر ، عن عاصم بن حمید ، عن أبی بصیر قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الثوب یجنب فیه الرجل ویعرق فیه ، فقال : « أمّا أنا فلا أُحب أن أنام فیه ، وإن کان الشتاء فلا بأس به (3) ما لم یعرق فیه ».

فالوجه فی هذا الخبر ضرب من الکراهیة وهو صریح فیه. ویمکن أن یکون محمولاً علی أنّه إذا کانت الجنابة من حرام.

فأمّا ما رواه الحسین بن سعید ، عن حماد ، عن حریز ، عن زرارة قال : سألته عن الرجل یجنب فی ثوبه ، أیتجفف فیه من غسله؟

ص: 286


1- فی « رض » : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 187 / 655 : ماءً.
3- لیست فی الاستبصار 1 : 188 / 656 ، والتهذیب 1 : 421 / 1331.

قال : « نعم ، لا بأس به ، إلاّ أنّ تکون النطفة فیه رطبة ، فإنّ کانت جافّة فلا بأس ».

فالوجه فیما تضمنه هذا الخبر من جواز التنشف بالثوب إذا کان المنی یابساً محمول علی أنّه إذا لم یتنشف بالموضع الذی یکون فیه المنی ، لأنّه لو تنشف بذلک الموضع ، لتعدی النجاسة إلیه (1).

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحته ، لأنّ الطریق إلی سعد صحیح ، وهو : عن المفید ، عن محمد بن علی بن بابویه ، عن أبیه ، عنه. وله طریق آخر : عن ابن قولویه ، عن أبیه. وفی الأب کلام قد تقدم (2).

وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عیسی علی ما ذکره العلاّمة فی فوائد الخلاصة (3) ، والاعتبار یساعد علیه لولا شی ء ما قدّمناه (4).

وعلی بن الحکم هو الثقة بقرینة روایة أحمد بن محمد بن عیسی عنه (5) علی تقدیره ، والإضمار فیه غیر مضر کما کرّرنا القول فیه (6).

والثانی : فیه النضر ، وهو علی الظاهر ابن سوید ، لما یستفاد من الرجال والأخبار (7).

طرق الشیخ إلی سعد

أبو جعفر هو أحمد بن محمّد بن عیسی

علی بن الحکم الذی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی هو الثقة

ص: 287


1- فی الإستبصار 1 : 188 زیادة : إذا ابتلّ.
2- فی ص 81.
3- الخلاصة : 271.
4- فی ص 121.
5- راجع ص 180.
6- راجع ص 51 ، ولا یخفی أنّه لیس فی السند المبحوث عنه عنوان أبی جعفر وعلی ابن الحکم ، ولبس فیه إضمار أیضاً.
7- بقرینة روایة الحسین بن سعید عنه ، راجع الفهرست : 171 / 760. والاستبصار 1 : 159 / 549.

وأبو بصیر : کرّرنا ذکره (1) ، غیر أنّ شیخنا قدس سره کان یرجّح کون عاصم بن حمید إذا روی عن أبی بصیر فهو لیث المرادی ، والوالد قدس سره کان یتوقف فی ذلک ، لوجدانه روایة عاصم عن یحیی فیما أظن منه سماعاً.

والثالث : لا ارتیاب فی صحته ، والإضمار غیر قادح.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة ، بل صریح فی أنّ المنی إذا أصاب الثوب ولم یکن مع الإنسان غیره ولم یقدر علی الغَسل یصلّی فیه ، غایة الأمر أنّ التقیید بالضرورة مذکور فی کلام بعض الأصحاب (2) ، وعلیه یدل بعض الأخبار ، کما تقدم ذلک کلّه مفصلاً (3).

والعجب أنّ الشیخ ذکره سابقاً فی باب الرجل یصیب ثوبه الجنابة (4) ، وهنا ذکر احتمال الجنابة من حرام وعرق فیه ، والخبر عن هذا الاحتمال بمراحل.

وفی التهذیب قال : لا یجوز أنّ یکون المراد بهذا الخبر إلاّ من عرق فی الثوب من جنابة إذا کانت من حرام. قال رحمه الله لأنّا قد بیّنا أنّ نفس الجنابة لا تتعدی إلی الثوب ، وذکرنا أیضاً أنّ عرق الجنب لا ینجس الثوب ، فلم یبق معنیً یحمل علیه الخبر إلاّ عرق الجنابة من حرام (5). انتهی.

کلمة الحول أبی بصیر إذا روی عنه عاصم بن حمید

توجیه خبری الحلبی وأبی بصیر

ص: 288


1- راجع ص 51 و 92.
2- منهم الأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 351.
3- راجع : ص 910.
4- راجع : ص 811.
5- التهذیب 1 : 271 ، بتفاوت یسیر.

ولا یخفی علیک أنّ الاستدلال بمثل هذا الخبر موضع التعجب.

والثانی : أیضاً کذلک ، بل هو بمعزل عن احتمال الجنابة من حرام ؛ لأنّ قوله علیه السلام : « أمّا أنا فلا أُحبّ أنّ أنام فیه » یأبی ذلک ، إلاّ علی احتمال متکلّف ، وهو أنّ یراد کون غیره لو أجنب من حرام لا ینام فیه علیه السلام بتقدیر لبسه.

وما قاله رحمه الله من صراحته فی الکراهة. لا یعتریه شوب الارتیاب. والظاهر أنّ وجه الکراهة بُعد خلوّ الثوب من النجاسة.

وینبغی أنّ یعلم أنّ القول بنجاسة عرق المجنب من حرام محکی فی المختلف عن الشیخین وابن البراج (1). وفی رسالة علی بن بابویه : وإن کانت یعنی الجنابة من حرام فحرام الصلاة فیه. یعنی من جهة العرق ؛ لتقدم ذکره. وکذلک عبارة ولده فی الفقیه (2). وفی الظن أن العبارتین لا صراحة فیهما بالنجاسة.

نعم عبارة المفید فی المقنعة ربما کانت ظاهرة ، لأنّه قال : لا یجب غَسل الثوب من عرق الجنب إلاّ أنّ تکون الجنابة من حرام (3). وإنّما قلنا : الظاهر منها ذلک ؛ لاحتمال القول بوجوب الغَسل لإزالة العرق لأجل الصلاة ، حیث لا تصح الصلاة فیه.

وابن الجنید فی المختصر الأحمدی قال : عرق الحائض لا ینجّس الثوب ، وکذلک عرق الجنب من حلال ، فإنّ کان أجنب من حرام غَسَل

حکم عرق المجنب من حرام

ص: 289


1- المختلف 1 : 302 ، وهو فی المقنعة : 71 ، وفی النهایة : 53 ، وفی المهذب 1 : 51.
2- الفقیه 1 : 40.
3- المقنعة : 71.

الثوب. وهذا الکلام ربما یقال بصراحته فی النجاسة ، إلاّ أنّ فیه نوع تأمّل.

والشیخ فی الخلاف قال : عرق الجنب من حرام حرام الصلاة فیه (1). وفی النهایة : إلاّ أنّ تکون الجنابة من حرام ، فإنّه یجب غَسل الثوب (2).

واحتج فی الخلاف : بالإجماع والاحتیاط والأخبار (3) ، محیلاً لها علی کتابی الحدیث. والحال ما تری من جهة الأخبار ، فإنّ فی الکتابین مستنده هذین الحدیثین (4) ، وکلام الشیخ فی التهذیب قد سمعته مع قوله هنا ، وقد ذکر احتمال إصابة الثوب النجاسة فی التهذیب (5). وبالجملة ، فالأمر لا یخلو من غرابة بالنسبة إلی الشیخ ، حیث تعرض للاستدلال بالأخبار.

وأمّا الإجماع فلا یمکن الاطّلاع فیه علی الحقیقة بعد ما یوجد خلاف نفسه فیه ، کما یعلم من مراجعة ما ذکره جدّی قدس سره فی بعض فوائده.

غیر أنّ هذه المسألة لم نقف للمتقدمین علی قول بالطهارة ، نعم ابن إدریس وسلاّر نقل عنهما (6) ذلک ، وجمهور المتأخرین علی الطهارة (7). وهو غریب منهم مع معهودیّة اتباع الشیخ غالباً ، وعدم نقل مخالف من

ص: 290


1- الخلاف 1 : 483 بتفاوت یسیر.
2- النهایة : 53 بتفاوت یسیر.
3- الخلاف 1 : 483.
4- التهذیب 1 : 271 / 799 و 421 / 1331 ، الاستبصار 1 : 187 / 655 و 188 / 656 ، الوسائل 3 : 447 أبواب النجاسات ب 27 ح 10 ، 11.
5- التهذیب 1 : 271.
6- حکاه عنهما فی المختلف 1 : 303 ، وهو فی السرائر 1 : 181 ، والمراسم : 56.
7- منهم المحقق الحلی فی الشرائع 1 : 53 ، والکرکی فی جامع المقاصد 1 : 165 ، وصاحب المدارک 1 : 299.

المتقدّمین علی الشیخ لیکون القدح فی الإجماع حاصلاً علی احتمال ، بل العلاّمة فی المختلف قال : إنّ الطهارة اختیار سلاّر وابن إدریس وهو المعتمد ، واحتج بالأصل والأخبار الدالة علی طهارة عرق الجنب من غیر تفصیل ، وبأنّ المجنب من حرام لیس بنجس ، فلا یکون عرقه نجسا ، ثم ذکر حجّة الشیخین بالأخبار ولم یتعرض للإجماع المذکور فی الخلاف (1).

وفی الذکری قال الشهید رحمه الله بعد حکایته عن المبسوط أنّه نسب الحکم إلی روایة الأصحاب : ولعلّه ما رواه محمّد بن همام بإسناده إلی إدریس بن همام (2) الکفرثوثی إنّه کان یقول بالوقف فدخل إلی سرّ من رأی فی عهد أبی الحسن علیه السلام وأراد أن یسأله عن الثوب الذی یعرق فیه الجنب ، أیصلّی فیه؟ فبینما هو قائم فی طاق باب لانتظاره علیه السلام حرّکه أبو الحسن علیه السلام بمقرعته ، وقال مبتدئاً : « إن کان من حلال فصَلِّ ، وإن کان من حرام فلا تصلِّ فیه » (3) ثم قال رحمه الله : وروی الکلینی بإسناده إلی الرضا علیه السلام فی الحمام « یغتسل فیه الجنب من الحرام » (4) وعن أبی الحسن علیه السلام : « لا یغتسل من غسالته ، فإنّه یغتسل فیه من الزنا » (5) انتهی (6).

ص: 291


1- المختلف 1 : 303.
2- کذا فی النسخ ، وفی الوسائل : إدریس بن یزداد ، وفی الذکری : إدریس بن زیاد الکفرتوثی ، وهو الصواب ، راجع رجال النجاشی : 103 / 257 ، والفهرست : 39 / 114 ، ورجال ابن داود : 39 / 948.
3- الوسائل 3 : 447 ، أبواب النجاسات ب 27 ح 12.
4- الکافی 6 : 503 / 38.
5- الکافی 6 : 498 / 10.
6- الذکری : 14 ، بتفاوت یسیر.

وهذه الروایات کما تری ربما دلت فی الجملة سیّما الاولی ، لکن الطرق فی الأخیرتین غیر سلیمة ، والأولی لم نقف علی أصلها ، والاحتمال الذی أسلفناه من إمکان تحریم الصلاة من دون النجاسة (1) قائم هنا.

ولا یبعد أن یوجه عند القائل بالموثق : بأنّ دلالة روایة ابن بکیر الموثقة الدالة علی أنّ ما لا یؤکل لحمه لا یصلّی فی شی ء منه تتناول عرق الإنسان (2) ، ولمّا خرج عرق الإنسان بالإجماع ، ینبغی الاقتصار علی مورده ، وهو غیر المجنب من حرام ؛ لوقوع الخلاف فیه ، فیعمل الخبر عمله فیما عداه.

إلاّ أنّ یقال : إنّ الإجماع إنّما خرجنا عنه فی المجنب من حرام إذا کان نجساً لا مع الطهارة ، إذ (3) لم یعلم فیه الخلاف.

ویمکن الجواب : بعدم صراحة القول بالنجاسة فی کلام بعض من تقدم (4) ، فینبغی تأمّل هذا ، فإنّی لم أقف علی من نبّه علیه من العاملین بالموثق.

ثم إنّ الثالث من الأخبار کما تری یدل بظاهره علی التجفف بالثوب إذا لم تکن النطفة رطبة ، والحال فیه لا یخلو من خفاء ؛ لأنّ ما ذکره الشیخ فی توجیهه له وجه فی الجملة ، إلاّ أنّ الإجمال باق من حیث إنّ موضع المنی إذا لم ینشف به فلا فرق بین الرطب والیابس.

توجیه ما دلّ علی جواز التنشّف بالثوب الذی فیه منی یابس

ص: 292


1- ص : 289 290.
2- التهذیب 2 : 209 / 818 ، الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلی ب 2 ح 1.
3- فی « فض » و « رض » : إذا.
4- راجع ص : 289.

واحتمال أنّ یراد أنّ التنشف بالثوب إذا لم یعلم بإصابة الجنابة له لا بأس به إذا کانت یابسة ، بمعنی عدم العلم بها لکونها یابسة ، والیبس حینئذ هو سبب عدم العلم ، بخلاف ما إذا کانت رطبة ، فإنّها تتحقق.

غیر تام ؛ لأنّ عدم العلم بإصابة النجاسة یقتضی جواز التنشف به ، والرطوبة المذکورة إنّ کانت تعلم قبل التنشف فلا فرق ، وإنّ کانت بعد فکذلک ، إلاّ أنّ یحصل العلم بإصابتها ، ومع الیبوسة علی تقدیر علمها کذلک.

اللهم إلاّ أنّ یقال : علی تقدیر الیبوسة إذا وقع التنشف بالثوب وبقیت الیبوسة فالعلم حاصل بعدم الإصابة ، بخلافه مع الرطوبة ؛ لاحتمال الإصابة من حیث الاشتراک فی الرطوبة. وأظنّ أنّ هذا الوجه لا یخلو من وجاهة ، غیر أنّه یقتضی حمل الخبر علی الاستحباب ، من حیث إن مجرّد الاحتمال لا یحکم بالتنجیس به ، فلیتأمّل.

قوله :

باب بول الخشاف

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن موسی بن عمر ، عن یحیی بن عمر ، عن داود الرقّی قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن بول الخشاف (1) ، یصیب ثوبی فأطلبه ولا أجده ، قال : « اغسل ثوبک ».

فأما ما رواه أحمد بن محمد ، عن محمد بن یحیی ، عن غیاث ،

بول الخشاف

اشارة

ص: 293


1- فی الاستبصار 1 : 188 / 658 : الخشاشیف.

عن جعفر ، عن أبیه علیهماالسلام قال : « لا بأس بدم البراغیث والبقّ ، وبول الخشاشیف ».

فالوجه فی هذه الروایة أنّ نحملها علی ضرب من التقیة ؛ لأنّها مخالفة لأُصول المذهب ، لأنّا قد بیّنا أنّ کل ما لا یؤکل لحمه لا تجوز الصلاة فی بوله ، والخشّاف ممّا لا یؤکل لحمه ، فلا تجوز الصلاة فی بوله. والروایة الاولی تؤکّد هذه الأُصول بصریحها.

السند :

فی الأوّل : فیه موسی بن عمر ، وهو مشترک (1) بین ثقة ومهملین.

ویحیی بن عمر مجهول.

أمّا داود الرقّی : ففیه کلام ؛ لأنّ النجاشی ضعّفه (2) ، والشیخ وثّقه (3) ، لکن لا یخفی بعد ما کرّرنا القول فیه حقیقة الحال ، غیر أنّ فی إرشاد المفید : أنّه من خاصة أبی الحسن موسی علیه السلام وثقاته (4). والصدوق فی طریق الفقیه قال : روی عن الصادق علیه السلام أنّه قال : « انزلوا داود الرقی منّی بمنزلة المقداد من رسول الله صلی الله علیه و آله » (5) إلاّ أنّ قوله : وروی. یشعر بعدم الثبوت ، ویمکن أنّ یقال : إنّ الصدوق یستعمل هذه اللفظة فی کتابه مع ضمانة صحة ما فیه ، إلاّ أنّ یقال : إنّ ما فی الطرق خارج عن الکتاب.

ومن هنا یعلم أنّ ما اعترض به جدّی قدس سره علی العلاّمة فی قوله

موسی بن عمر مشترک

یحیی بن عمر مجهول

بحث حول داود الرقّی

ص: 294


1- هدایة المحدثین : 262.
2- رجال النجاشی : 156 / 410.
3- رجال الطوسی : 349 / 1.
4- إرشاد المفید 2 : 248.
5- مشیخة الفقیه ( الفقیه 4 ) : 95 بتفاوت یسیر.

بعد ما نقل کلام النجاشی بأنّه ضعیف جدّاً ، وقول الشیخ إنّه ثقة : والأقوی قبول قوله ، لقول الشیخ (1) من أنّ الجرح مقدَّم ، فکیف یرجح قول الشیخ (2)؟ لا یخلو من وجاهة من حیث لم یتعرض العلاّمة لما نقلناه.

والحقّ أنّ للنجاشی الرجحان ، لوجود الاحتمال فی عبارة الصدوق ، وکلام المفید غیر معلوم المراد من عبارته ، فإنّه کثیراً ما یوثّق من لیس له أهلیّة التوثیق ، أو یقال : إنّ توثیقه متقدّم علی الضعف کما فی محمد بن سنان ، وفی هذا شی ء قدمناه (3) فی محمد بن سنان من جهة بُعد عدم وقوف المفید علی الضعف وإطلاق التوثیق ، فلیتأمّل.

والثانی : فیه محمد بن یحیی ، وهو إمّا الخثعمی ، وقد صرح الشیخ بأنّه عامی فی هذا الکتاب ، وکونه ثقة صرّح به النجاشی (4). وإمّا الخزّاز ، وهو ثقة ، وما قد یقال : إنّ کثرة الروایة عن غیاث من الخثعمی تؤیّد تعیّنه. محلّ تأمّل ؛ إذ الکثرة غیر معلومة ، فإنّ التصریح بالخثعمی فی الأکثر عَسِر الإثبات ، والإطلاق لا یفید ما ذکر کما لا یخفی.

فإن قلت : قد ذکر الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام غیاث بن إبراهیم روی عنه محمد بن یحیی الخزّاز (5). وظاهر هذا الکلام الاختصاص بالخزاز.

قلت : الاختصاص غیر معلوم ، کما یعرف من عبارة (6) الشیخ فی

بحث حول محمّد بن یحیی

بحث حول غیاث بن إبراهیم الأسدی

ص: 295


1- الخلاصة : 67 / 1.
2- حواشی الشهید الثانی علی الخلاصة : 11.
3- راجع ص 85.
4- رجال النجاشی : 359 / 963.
5- رجال الطوسی : 488 / 2.
6- فی « فض » و « رض » : عادة.

کثیر من الرجال ، ووجود الخثعمی راویاً عن غیاث لا شبهة فیه فی الأخبار (1).

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره شیخنا قدس سره فی بعض فوائده علی الکتاب : من أنّ الروایة معتبرة الإسناد ؛ لأنّ محمد بن یحیی الذی یروی عن غیاث هو الخثمعی ، کما وقع التصریح به فی عدّة روایات ، أو الخزّاز کما ورد فی بعض آخر ، وکلاهما ثقة ، وأمّا غیاث فهو ابن إبراهیم الأسدی ، وقد وثّقه النجاشی والعلاّمة ، لکن قال العلاّمة : إنّه کان بُتریاً ، والظاهر أنّ الأصل فی ذلک ما نقله الکشی ، عن حمدویه ، عن بعض أشیاخه : أنه کان کذلک. لکن الجارح مجهول ، فلا یعتدّ بجرحه.

محلّ بحث ؛ لأنّ الشیخ قد صرّح بکونه بتریاً کما نقلناه عنه (2). ولا یبعد أن یکون قول الشیخ مستنداً إلی ما قاله الکشی أیضاً ، إلاّ أنّ الجزم به غیر معلوم ، ولم أقف الآن علی ما نقله شیخنا قدس سره عن الکشی ، فإنّ شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال لم ینقل عن الکشی ذلک (3) ، وفی فوائده علی الکتاب ما یقتضی عدم وقوفه علی ذلک ، فإنّه قال بعد ما اعترض به شیخنا قدس سره : فیه أنّ الشیخ فی رجاله حکم بکونه بُتریا ، وروایة الکشی علی ما نقله یعنی شیخنا إنّ لم تؤیّد ذلک وتقوّیه فلا تقدح فیه. انتهی.

ص: 296


1- الکافی 4 : 69 / 1 ، التهذیب 6 : 256 / 671 ، الوسائل 10 : 319 أبواب أحکام شهر رمضان ب 19 ح 1.
2- رجال الطوسی : 132 / 1.
3- منهج المقال : 257.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی غَسل الثوب من بول الخشاشیف.

والثانی : علی نفی البأس ، فالحمل علی الاستحباب ممکن فی الجمع.

وما قاله الشیخ : من أنّه قد بیّن أنّ کل ما لا یؤکل لحمه لا تجوز الصلاة فی بوله. محل کلام ، فإنّه إنّ استند فی هذه الکلیة إلی ما رواه فی الحسن عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « اغسل ثوبک من أبوال ما لا یؤکل لحمه » (1). ففیه : أنّها معارضة بما رواه فی التهذیب عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن جمیل بن دراج ، عن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کل شی ء یطیر فلا بأس بخرئه وبوله » (2).

وإنّ استند إلی موثقة ابن بکیر الدالة علی أنّ کل شی ء لا یؤکل لحمه فلا یصلّی فی شی ء منه (3). ففیه : أنّ عدم الصلاة فیه أعم من النجاسة ، علی أنّ المنقول عن الشیخ فی المبسوط : أنّ أبوال الطیور کلّها طاهرة ، أُکِل لحمها أم لم یُؤکل ، إلاّ الخشّاف (4). فالکلیّة المذکورة غیر سلیمة عنده.

إلاّ أنّ یقال : إنّ الکلیة إذا ثبتت یخرج منها ما خرج بالدلیل ، فیبقی الباقی ومنه الخشاف. وفیه : أنّ مع تعارض الأخبار فی الخشاف لا یتحقق

حکم بول الخشاف والمناقشة فی نجاسته

ص: 297


1- التهذیب 1 : 264 / 770 ، الوسائل 3 : 405 أبواب النجاسات ب 8 ح 2.
2- التهذیب 1 : 266 / 779 ، الوسائل 3 : 412 أبواب النجاسات ب 10 ح 1.
3- التهذیب 2 : 209 / 818 ، الوسائل 4 : 345 أبواب لباس المصلی ب 2 ح 1.
4- حکاه عنه فی المختلف 1 : 298 ، وهو فی المبسوط 1 : 39.

الحکم بخروجه کما لا یخفی.

والعجب من ادعاء العلاّمة (1) والمحقّق إجماع علماء الإسلام علی نجاسة بول وروث ما لا یؤکل لحمه (2) ، مع أنّ فضلة الطیر الخلاف فیها منقول. ولعل الوجه فی عدم استثناء الطیر أنّ مرادهما فی غیره ، بقرینة ذکر خلاف بعض العامة بعد نقل الإجماع فی طهارة أبوال البهائم ، ونقل قول الشیخ فی المبسوط.

والصدوق فی الفقیه ظاهره القول بالطهارة ، لأنّه قال : ولا بأس بخرء ما طار وبوله (3). وینقل عن ابن أبی عقیل نحو ذلک (4). ویحتمل أنّ یکون الإجماع لا یضرّ فیه مثل هذا ، لمعلومیّة النسب کما احتمله الوالد قدس سره (5). وفیه من البُعد ما لا یخفی.

ثم إنّ المحقق احتج علی مساواة الطیر لغیره مع الإجماع بأنّ : ما دل علی نجاسة العذرة ممّا لا یؤکل لحمه یتناوله ، لأنّ الخرء والعذرة مترادفان. قال : و ( الاستناد إلی ) (6) روایة أبی بصیر وإنّ کانت حسنة إلاّ أنّ العامل بها من الأصحاب قلیل (7).

واعترض الوالد قدس سره علی الاحتجاج : بأنّ الإجماع إنّ ثبت فهو الحجة علی الطیر وغیره ، وإنّ خصّ بغیر الطیر فأین الأدلّة العامة علی

ص: 298


1- المنتهی 1 : 159 ، 160.
2- المعتبر 1 : 410.
3- الفقیه 1 : 41.
4- حکاه عنه فی المختلف 1 : 298.
5- معالم الفقه : 197.
6- ما بین القوسین لیس فی المصدر.
7- المعتبر 1 : 411.

نجاسة العذرة ممّا لا یؤکل لحمه؟ والحال أنّا لم نقف إلاّ علی حسنة ابن سنان ، وهی واردة فی البول ، ولم یذکرها هو یعنی المحقق فی بحثه ، بل اقتصر علی الإجماع ، فلا ندری لفظ العذرة أین وقع معلّقاً علیه الحکم ، لیضطر إلی بیان مرادفة الخرء له؟ ثم تعجّب من المحقق (1).

وفی نظری القاصر أنّ کلام الوالد قدس سره علی الإطلاق محل تعجّب ؛ فإنّ العذرة قد وقع الحکم معلقاً بها فی بعض الأخبار ، وقد نقله قدس سره قریب هذا المبحث ، وهو صحیح موسی بن القاسم ، عن علی بن محمد قال : سألته عن الفأرة والدجاجة والحمام وأشباهها ، تطأ العذرة ثم تطأ الثوب (2) (3). ( وغیر ذلک من أخبار ذکرتها فی حاشیة الروضة ، وإذا تحقق تعلیق الحکم علی العذرة وکانت مرادفة للخرء أمکن إثبات المطلوب. ویمکن إثبات المرادفة بما قدّمناه عن القاموس ) (4) من أنّها أردأ ما یخرج من الطعام ، فإنّه شامل للطیر وغیره (5).

وما قاله شیخنا قدس سره فی الاعتراض علی المحقق أیضاً - : من أنّ العذرة لیست مرادفة للخرء ، بل الظاهر اختصاصها بفضلة الإنسان ، کما دل علیه العرف ونص أهل اللغة ، قال الجوهری (6) : العذرة أصلها فناء الدار ،

ص: 299


1- معالم الفقه : 197 بتفاوت یسیر.
2- التهذیب 1 : 424 / 1347 ، قرب الإسناد : 89 ، الوسائل 3 : 467 أبواب النجاسات ب 37 ح 3.
3- معالم الفقه : 196.
4- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
5- القاموس المحیط 2 : 89.
6- فی « فض » : الهروی.

وسمیت عذرة الناس بها لأنّها کانت تلقی فی الأفنیة (1) (2) ففی نظری القاصر : أنّه لا یخلو من تأمّل :

أمّا أولاً : فلوجود بعض الأخبار الدالة علی إطلاقها علی غیر الإنسان ، ففی صحیح عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یصلّی وفی ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو کلب (3).

اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ العذرة هنا مقیّدة ، ویجوز التجوّز بقرینة ، والمدعی الإطلاق.

وفیه : أنّ الأصل فی الإطلاق الحقیقة ، إلاّ أنّ تسبق الحقیقة بشی ء ثم یستعمل اللفظ فی غیره ، فیکون أعم من الحقیقة والمجاز ، کما حققناه فی الأُصول ، وفیما نحن فیه لم نعلم أنّ الأصل هو عذرة الإنسان لیکون فی غیرها مجازاً ، لأنّه خیر من الاشتراک ، فلیتأمّل.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ کلام الجوهری (4) یعارضه کلام القاموس ، والجمع ممکن ، بأنّ یراد أصل استعمال العذرة فیما ذکر ، ثم صارت تطلق علی الجمیع.

أمّا ما قد یقال : إنّ العذرة فی الروایة قد استعملت فی عذرة الإنسان وهی حقیقة ، فلو کانت مجازاً فی غیره لکان استعمال اللفظ فی حقیقته ومجازه ، وهو غیر جائز.

ففیه : أنّ اللفظ لم یستعمل فی حقیقته ومجازه ، بل هنا ألفاظ مقدّرة

ص: 300


1- الصحاح 2 : 738 ( عذر ).
2- مدارک الأحکام 2 : 260 ، بتفاوت یسیر.
3- الکافی 3 : 406 / 11 ، التهذیب 2 : 359 / 1487 ، الإستبصار 1 : 180 / 630 ، الوسائل 3 : 475 أبواب النجاسات ب 40 ح 5.
4- فی « فض » : الهروی.

یراد بکل واحد معنی ، فکان التقدیر عذرة من إنسان أو عذرة من سنّور.

اللهم إلاّ أنّ یقال : بأنّ المعطوف فی قوة إعادة المعطوف علیه. وفیه بحث ، إلاّ أنّ الأمر سهل ، علی أنّ استعمال اللفظ فی حقیقته ومجازه علی سبیل المجاز لا مانع منه.

وإذا علمت مجمل الأمر فالذی یمکن أنّ یقال : إنّ أصالة الطهارة لا یخرج عنها إلاّ بالأدلّة الخالیة من المعارض ، والأخبار کما تری (1) ، وکذلک کلام أهل اللغة (2). وإطلاق الأخبار فی العذرة ربما یقال : إنه ینصرف إلی الفرد الشائع ، ومقیدها لیس فیه تصریح بالطیر. علی أن الروایتین فی الخشاف قد علمت حال إسنادیهما ، واختصاصهما بالبول ظاهر ، وعدم القائل بالفرق عَسِر التحقیق ، فالخروج عن الأصل لا یخلو من إشکال.

أمّا ما قاله العلاّمة فی المختلف - بعد نقله عن الشیخ فی المبسوط طهارة ذرق الطیور وبولها إلاّ الخشّاف ، وعن ابن أبی عقیل الإطلاق فی الطهارة ، وکذلک عن ابن بابویه - : والمشهور نجاسة [ رجیع (3) ] ما لا یؤکل لحمه من الطیور وغیرها ، وهو المعتمد ، لنا ما رواه الشیخ فی الحسن عن عبد الله بن سنان (4) وذکر الروایة ولأنّ الذمّة مشغولة بالصلاة قطعاً ، ولا تبرأ بأدائها قطعاً مع ملاقاة الثوب والبدن لهذه الأبوال ، فتبقی فی عهدة التکلیف (5).

ففی نظری القاصر أنّه محلّ تأمّل ؛ لأنّ شغل الذمّة بیقین لو توقّف

ص: 301


1- راجع ص 924 ، 926.
2- راجع ص 928.
3- فی النسخ : جمیع ، وما أثبتناه من المصدر.
4- التهذیب 1 : 264 / 770 ، الوسائل 3 : 405 أبواب النجاسات ب 8 ح 2.
5- المختلف 1 : 299.

علی الیقین لم یمکن العمل بشی ء من الظنون الشرعیة ، والحال أنّه لا یقول به ، بل کثیراً ما یعترض علی الشیخ فی الکتاب حیث ینقل عنه الاستدلال بمثل ما قاله : بأنّ الیقین یزول بما أعدّه الشارع ، فکیف هنا یستدلّ بضدّ ما أجاب عنه؟!.

علی أنّ العبادة بعد وقوعها فی الثوب الذی حصل فیه شی ء من المذکورات (1) لا یعلم بقاؤها فی الذمّة بیقین ، کما یصرح به العلاّمة فی المختلف (2) ، وسیأتی فی موضع من الکتاب إنّ شاء الله.

اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ المکلف قبل الصلاة لا یسوغ له فعلها فی الثوب المتصل بشی ء من المذکور للدلیل ، فإذا فعلت لم تکن مجزئة ، فلا تتحقق البراءة. وفیه ما لا یخفی.

والحق أنّ اعتبار الیقین لا وجه له.

وما ذکره العلاّمة أیضاً بعد نقل احتجاج الشیخ فی المبسوط بروایة أبی بصیر السالفة من أنّها مخصوصة بغیر الخشاف إجماعاً ، فتختصّ بما شارکه فی العلّة وهو عدم کونه مأکولا (3) غریب ، فإنّ العلّة غیر منصوصة علی تقدیر ثبوت الإجماع ، والحال أنّ الخلاف أظهر من الشمس.

وأغرب من ذلک جوابه عن استدلال الشیخ أیضاً بأصالة الطهارة بأن الأصل یعارض بالاحتیاط (4) ، فإنّه قد تکلم فی الکتاب علی الشیخ فی دلیل الاحتیاط بما لا یحصی کثرة.

وبالجملة فالاضطراب فی کلام العلاّمة فی هذا المقام وأشباهه یوجب زیادة التعجّب ، والله تعالی ولیّ التوفیق.

ص: 302


1- فی « د » و « فض » : المذکور.
2- المختلف 2 : 102.
3- المختلف 1 : 299.
4- المختلف 1 : 299.

قوله :

باب الخمر یصیب الثوب والنبیذ المسکر

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تصلّ فی بیت فیه خمر ولا (1) مسکر ، لأنّ الملائکة لا تدخله ، ولا تصلّ فی ثوب أصابه خمراً أو مسکر حتی تغسل ».

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن محمد بن عیسی ، عن یونس ، عن بعض من رواه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أصاب ثوبک خمر أو نبیذ مسکر فاغسله إن عرفت موضعه ، وإن لم تعرف موضعه فاغسله کلّه ، فإنّ صلّیت فیه فأعد صلاتک ».

وبهذا الإسناد عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن خیران الخادم ، قال : کتبت إلی الرجل أسأله عن الثوب یصیبه الخمر ولحم الخنزیر ، ( أُصلّی ) (2) فیه أو لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فیه ، فکتب : « لا تصلّ (3) فیه ، فإنّه رجس ».

الخمر یصیب الثوب والنبیذ المسکر

اشارة

ص: 303


1- لیست فی « فض ».
2- فی الاستبصار 1 : 189 / 662 ، والتهذیب 1 : 279 / 819 : أیصلّی.
3- فی الاستبصار 1 : 189 / 662 : لا یصلّی.

السند :

فی الأوّل : موثّق علی ما تقدم (1).

والثانی : فیه مع الإرسال روایة محمد بن عیسی عن یونس ، وقد قدمنا القول فیه مفصلاً (2).

والثالث : فیه سهل بن زیاد ، أمّا خیران فقد وثّقه الشیخ فی رجال أبی الحسن الثالث علیه السلام (3).

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّه لا یصلّی فی ثوب أصابه الخمر والمسکر حتی یغسل ، وهو أعم من النجاسة ، بل ربما کان احتمال عدمها له ظهور بعد قوله : « ولا مسکر » لأنّ المسکر یتناول الطاهر منه ، کالحشیشة إذا عرض لها المیعان ، إلاّ أنّ یقال : إنّ المراد بالمسکر النبیذ ، کما یدل علیه الثانی.

ودلالة الثانی أیضاً کذلک ، فالدلالة منه غیر مفیدة.

والثالث : ربما دل علی النجاسة ، لأنّ اقتران الخمر مع لحم الخنزیر فی السؤال لیس المراد به الاجتماع ، إذ لا معنی لاختلاف الأصحاب فی ذلک ، بل المراد کل واحد منهما ، وقوله علیه السلام فی الجواب : « إنّه رجس » یشعر بالنجاسة ، وإنّ کان فیه ما فیه ، کما تعلمه فی معنی الرجس إنّ شاء الله تعالی.

خیران الخادم ثقة

بیان ما دلّ علی عدم جواز الصلاة فی ثوب أصابه خمر أو مسکر والأقوال فی نجاستهما وطهارتهما

ص: 304


1- من جهة أحمد بن الحسن بن علی وعمار الساباطی ، راجع ص 120 و 275.
2- راجع ص 54.
3- رجال الطوسی : 414 / 1.

ویحکی عن السیّد المرتضی أنّه قال : لا خلاف بین المسلمین فی نجاسة الخمر إلاّ ما یحکی عن شذاذ لا اعتبار بقولهم (1) ، وعن الشیخ أیضاً أنّه قال : الخمر نجسة بلا خلاف (2).

وعبارة الصدوق فی المقنع والفقیه : لا بأس بالصلاة فی ثوب أصابه خمر ، لأنّ الله حرّم شربها ، ولم یحرّم الصلاة فی ثوب أصابته (3). وظاهر هذه العبارة الطهارة ، واحتمال إرادة جواز الصلاة مع النجاسة بعید ، لکنه فی حیّز الإمکان.

وعبارة ابن أبی عقیل علی ما یحکی عنه أصرح ، فإنّه قال : من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسکر لم یکن علیه غَسلهما ؛ لأنّ الله تعالی إنما حرّمهما تعبّداً ، لا لأنّهما نجسان (4).

وفی الذکری نسب إلی الجعفی مشارکة المذکورین ، واستدل أیضاً مع الأخبار المذکورة بأخبار تشارکها فی عدم سلامة السند أو عدم الصراحة (5) ، کما سیأتی إنّ شاء الله تعالی ذکرها.

وما قاله بعض محقّقی المعاصرین - سلّمه الله - : من أنّ الخبر الأوّل کالصریح فی النجاسة (6). هو أعلم بوجهه. وقوله : إنّ جریان النهیین فیه علی وتیرة واحدة غیر لازم. مسلّم ، لو ثبت نجاسة الخمر من خارج.

ص: 305


1- حکاه عنه فی المختلف 1 : 311 ، وهو فی الناصریات ( الجوامع الفقهیة ) : 181.
2- المبسوط 1 : 36 ، وحکاه عنه فی المختلف 1 : 311.
3- المقنع : 25 بتفاوت یسیر ، والفقیه 1 : 43.
4- المختلف 1 : 310.
5- الذکری : 13.
6- البهائی فی الحبل المتین : 102 بتفاوت یسیر.

أمّا قوله : إنّ النهی الأوّل محمول علی التحریم عند الصدوق ، فعدم الجریان علی وتیرة واحدة حاصل علی قوله بجواز الصلاة فی ثوب أصابه الخمر.

ففیه أوّلاً : أنّ الصدوق یستعمل عدم الجواز فی الکراهة وغیرها ، فالجزم بأنه قائل بتحریم الصلاة فی بیت فیه الخمر مشکل.

علی أنّ الخبر المذکور غیر معلوم أنّه یعمل به ، فلا یلزمه المحذور ، وقد صرّح فی الفقیه : بأنه لا یجوز الصلاة فی بیت فیه خمر محصور فی آنیة (1). والظاهر منه الاختصاص ، فالخبر لو عمل به له أنّ یحمله علی الکراهة فی مطلق وجود الخمر فی البیت ، ویکون قرینة علی الاستحباب فی غَسل الثوب. ولو حمل علی المقید الذی استند إلیه ، فحمل کلامه علی ظاهره من التحریم غیر لازم ، بل یکون قوله فی الخمر قرینة علی إرادة الکراهة من عدم الجواز ، وذلک غیر عزیز فی کلامه کما یعرف بالمراجعة.

قوله :

فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر الحضرمی قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أصاب ثوبی نبیذ أُصلّی فیه؟ قال : « نعم » قلت له : قطرة من نبیذ قطرت فی حبّ أشرب منه؟ قال : « نعم ، إنّ أصل النبیذ حلال ، وإنّ أصل الخمر حرام ».

عنه ، عن ( أحمد عن البرقی ) (2) ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن

ص: 306


1- الفقیه 1 : 159.
2- کذا فی النسخ ، وفی الاستبصار 1 : 189 / 664 : أحمد البرقی ، وفی التهذیب 1 : 280 / 822 : أحمد عن أبی عبد الله البرقی.

الحسن بن أبی سارة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إذا أصاب ثوبی شی ء من الخمر ، أُصلّی فیه قبل أنّ أغسله؟ قال : « لا بأس ، إنّ الثوب لا یسکر ».

وروی سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبد الله بن بکیر قال : سأل رجل أبا عبد الله علیه السلام وأنا عنده عن المسکر والنبیذ یصیب الثوب ، قال : « لا بأس ».

وبهذا الإسناد عن عبد الله بن بکیر ، عن صالح بن سیابة ، عن الحسن بن أبی سارة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّا نخالط الیهود والنصاری والمجوس ، وندخل علیهم وهم یأکلون ویشربون ، فیمرّ ساقیهم فیصبّ علی ثیابی الخمر ، قال : « لا بأس ، إلاّ أنّ تشتهی تغسله » (1).

سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسن (2) ، عن أیوب بن نوح ، عن صفوان ، عن حماد بن عثمان ، قال حدّثنی الحسن (3) بن موسی الحنّاط قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یشرب الخمر ، ثم یمجّه من فیه فیصیب ثوبی؟ قال (4) : « لا بأس ».

فالوجه فی هذه الأخبار کلّها : أنّ نحملها علی ضرب من التقیة ، لأنّها موافقة ( لمذهب کثیر ) (5) من العامّة.

وإنّما قلنا ذلک لأنّ الأخبار الأوّلة مطابقة لظاهر القرآن ، قال الله

ص: 307


1- فی التهذیب 1 : 280 / 824 : لا بأس به ، إلاّ أنّ تشتهی أنّ تغسله لأثره.
2- فی النسخ : الحسین ، وما أثبتناه من الاستبصار 1 : 190 / 667.
3- کذا فی النسخ ، وفی الاستبصار 1 : 190 / 667 : الحسین.
4- فی الاستبصار 1 : 190 / 667 : فقال.
5- فی الاستبصار 1 : 190 : لمذاهب کثیرة.

تعالی ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ ) (1) فحکم علی الخمر بالرجاسة ، وقد روی عنهم : أنّهم قالوا : « إذا جاءکم عنّا حدیثان فأعرضوهما علی کتاب الله ، فما وافق کتاب الله فخذوه ، وما خالفه فاطرحوه » (2) وهذه الأخبار مخالفة لظاهر القرآن ، فینبغی أنّ یکون العمل علی غیرها.

السند :

فی الأوّل : فیه أبو بکر الحضرمی ، وهو غیر معلوم الحال من توثیق أو مدح. أمّا قول شیخنا قدس سره : إنّه غیر معلوم الإیمان. فلا وجه له.

والثانی : کما تری فیه أحمد عن البرقی ، وفی التهذیب عنه عن البرقی (3) وهو الصواب ؛ لأنّ أحمد الراوی عن البرقی والراوی عنه أحمد بن محمد تبن عیسی مستغرب. واحتمال کون أحمد هو ابن محمد البرقی ، والبرقی هو الأب بعید. نعم فی بعض النسخ عن أحمد البرقی ، وما فی التهذیب هو الأوضح.

والحسن بن أبی سارة لم یوثقه سوی العلاّمة فی الخلاصة (4). وفی النجاشی فی ترجمة محمد بن الحسن بن أبی سارة ما قد یستفاد التوثیق ، لأنّه قال : محمد بن الحسن بن أبی سارة أبو جعفر مولی الأنصار ، یعرف بالرواسی ، أصله کوفی سکن هو وأبوه قَبله النیل ، روی هو وأبوه عن أبی

أبو بکر الحضرمی غیر معلوم الحال

کلمة حول سند فیه : أحمد عن البرقی

بحث حول الحسن بن أبی سارة

ص: 308


1- المائدة : 90.
2- الوسائل 27 : 118 ، أبواب صفات القاضی ب 9 ح 29.
3- التهذیب 1 : 280 / 822.
4- الخلاصة : 44 / 48.

جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام ، وابن عم محمد بن الحسن معاذ بن مسلم بن أبی سارة ، وهم أهل بیت فضل وأدب ، وعلی معاذ ومحمد فقِه الکسائی علم العرب ، والکسائی والفرّاء یحکون عنه کثیراً : قال أبو جعفر الرواسی ومحمد بن الحسن ، وهم ثقات لا یطعن علیهم بشی ء ، ولمحمّد هذا کتاب. (1).

ووجه استفادة التوثیق من قوله : وهم ثقات. فإنّ الظاهر کونه من النجاشی ، ولا یبعد أنّ یستفاد منه توثیق معاذ بن مسلم أیضاً ، فالعلاّمة فی الخلاصة وثّقه (2) ، والظاهر أنّ المأخذ هذا ، ولم یتعرض شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال لذلک ، وهو غریب.

فإنّ قلت : قول النجاشی : قال أبو جعفر الرواسی ومحمد بن الحسن. ما المراد به؟

قلت : الذی أفهمه أنّ المقصود به بیان کیفیة ما یحکون عنه أعنی الکسائی والفراء فی کتبهم ، فیقولون : قال أبو جعفر الرواسی تارةً ، وقال محمد بن الحسن اخری.

أمّا احتمال أنّ یکون قوله : قال أبو جعفر. حکایة عن بعض مصنّفی کتب الرجال ، ومقول القول : وهم ثقات ، فلا یفید التوثیق ، لجهالة أبی جعفر.

فیدفعه أوّلاً : أنّ ( النجاشی صرّح بأنّ الرواسی محمد بن ) (3) الحسن ، فلو رجع الرواسی ، إلی أبی جعفر بقی قوله : ومحمد بن الحسن لا معنی له.

ص: 309


1- رجال النجاشی : 324 / 883 بتفاوت یسیر.
2- الخلاصة : 171 / 12.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

فإنّ قلت : یحتمل أنّ یکون المقصود ذکر ما قاله أبو جعفر الرواسی من ضمیمة محمد بن الحسن إلی الکسائی والفراء ، أی : ومحمد بن الحسن یحکی فی کتابه أیضاً کالکسائی والفراء.

قلت : هذا لا وجه له عند التأمّل ( فی کنه العبارة ) (1).

( وأمّا ثانیاً ) (2) : فلأنّ العبارة من النجاشی لا یحتمل هذا التعقید ، کما یعرف من ملاحظة کتابه.

فإنّ قلت : فی بعض نسخ النجاشی : قال أبو جعفر الرواسی محمد بن الحسن. بغیر واو ، وهذا ربما یدل ظاهراً علی أنّ أبا جعفر من مصنّفی الرجال. ولا یبعد کونه ابن بابویه ، ومقول قوله : إنّ الرواسی محمد بن الحسن علی معنی أنّ هذا لقبه ، وحینئذ یحتمل أنّ یکون التوثیق من مقولة ، وحیث لا یتعین کونه ابن بابویه لا یحکم بالتوثیق.

قلت : هذه النسخة بتقدیر صحتها لا تنافی ما ذکرناه ؛ لاحتمال أن یکون ما یحکی فی کتبهم بهذه الصورة : قال أبو جعفر الرواسی محمد بن الحسن. ویؤیّده أنّ الشیخ ( فی کتاب الرجال قال : محمد بن الحسن ) (3) أبو جعفر الرواسی (4). وما ذکرته من احتمال کونه ابن بابویه فی غایة البعد ، کاحتمال غیره أیضاً ، فلیتأمّل جمیع ما ذکرناه.

والثالث : موثّق کما قدمناه (5).

والرابع : فیه صالح بن سیابة ، وهو مجهول الحال ، لعدم ذکره فی

صالح بن سیابة مجهول

ص: 310


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
3- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
4- رجال الطوسی : 284 / 62.
5- من جهة الحسن بن علی بن فضال وعبد الله بن بکیر راجع ص 89.

الرجال علی ما وجدت.

والخامس : فیه الحسن بن موسی الحناط (1) ، وهو مذکور فی الرجال مهملاً (2).

المتن :

فی الأوّل : مجمل فی الخمر ، بل دلالته علی طهارة النبیذ لها ظهور ، أمّا ما تضمّنه من شرب الماء فی الحبّ إذا وقع فیه النبیذ فلا یخلو من إشکال ، اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ تفرّق الأجزاء فی الماء یزیل التحریم. وفیه ما لا یخفی ، وعدم صحة الحدیث یسهل الخطب.

وربما یحتمل أنّ یراد بالنبیذ الماء الذی یوضع فیه التمر ، کما مضی فی أوّل الکتاب (3). إلاّ أنّ التعلیل فیه بعید الظهور حینئذٍ.

وقد یظنّ أنّ المعنی فی التعلیل علی تقدیر إرادة النبیذ حقیقة یمکن بیانه : بأنّ الوجه فی طهارة النبیذ أنّ أصله من التمر ، وعصیر التمر لیس مثل عصیر العنب ، فقوله : « وإنّما أصل الخمر حرام » یرید به علی احتمال أنّ أصله من العصیر ، وهو حرام إذا غلا واشتدّ بخلاف النبیذ.

لکن لا یخفی أنّ الحکم بطهارة النبیذ الحقیقی ، وجواز شرب الماء الواقع فیه مثل الحُبّ واضح الإشکال ، إلاّ أنّ الخبر لو صحّ أمکن الالتزام ، مع عدم تحقق الإجماع المنافی له.

ولعلّ الوجه فی ذکر الشیخ له ظنّ المنافاة فی النبیذ ، وإلاّ فهو فی

الحسن بن موسی الحنّاط مهمل

بیان الأخبار الدالّة علی طهارة النبیذ والخمر

ص: 311


1- فی « فض » : الخیّاط.
2- رجال الطوسی : 168 / 41.
3- راجع ص : 98.

الخمر مجمل ، فیحتمل أنّ یکون التعلیل لعدم المنع من شرب الماء إذا وقع فیه نبیذ ، لا إذا وقع خمر. والنجاسة حینئذٍ مسکوت عنها.

ویحتمل أنّ یکون الحکم من جهة النجاسة ، فلیتأمل.

والثانی : ظاهر فی طهارة الخمر.

والثالث : ظاهرة الحکم فی إصابة الثوب ، إلاّ أنّه یستبعد السؤال عن ذلک ، فالظاهر أنّ السؤال من حیث الصلاة.

والرابع : لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ الخمر بتقدیر طهارتها الذاتیة لا تنتفی نجاستها العارضیة ، والخبر کما تری ینفی الأمرین. إلاّ أنّ یقال : بطهارة أهل الکتاب حتی المجوس ، أو عدم العلم بالمباشرة کافٍ فی الطهارة.

والخامس : قد یدل علی أنّه لا بأس بإصابة الخمر لا الطهارة ( إلاّ أنّ یقال کما قیل فی الرابع ، واحتمال کون الطهارة من حیث عدم العلم ببقائه فی الفم بعید ، فإنّ الظاهر ) (1) من السؤال تحقق کونه خمراً.

إذا عرفت هذا ، فما قاله الشیخ : من الحمل علی التقیة من حیث موافقته لمذهب کثیر من العامة. محلّ تأمّل فی الجمیع ، کما یعرف ممّا قرّرناه.

مضافاً إلی ما ینقل عن السیّد : من إجماع المسلمین ، إلاّ من شذّ من العامة (2).

وقوله : إنّ الأخبار الأوّلة مطابقة لظاهر القرآن. یتوجه علیه أنّه مبنی

ص: 312


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- حکاه عنه فی المختلف 1 : 311 ، وهو فی الناصریات ( الجوامع الفقهیة ) : 181.

علی أنّ الرجس هو النجس ، والمستفاد من اللغة أنّ له معانی غیر النجس (1).

ویمکن الجواب : بأنّ ظاهر کلامه فی التهذیب أنّ الرجس هو النجس بالإجماع (2). وهذا الکلام وإنّ أمکن الدخل فیه فی نظری القاصر بأنّ الإجماع علی کون الرجس هو النجس إنّ أراد به الرجس فی الآیة فالخلاف الواقع فی الخمر ینافی ذلک ، وإنّ أُرید أنّ الرجس یستعمل بمعنی النجس إجماعاً فغیر نافع کما لا یخفی.

فإنّ قلت : الإجماع لا یضرّ به مخالفة معلومی النسب.

قلت : إذا لم یضرّ لا حاجة إلی تکلّف القول فی الآیة ، بل الإجماع علی نجاسة الخمر کافٍ ، والرجس إذا جاز استعماله فی النجس کفی أیضاً وإنّ لم یکن ( بالإجماع.

ومن هنا یعلم أنّ ما ذکره بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من أن الرجس وإنّ کان ) (3) یطلق علی غیر النجس أیضاً ، إلاّ أنّ الشیخ فی التهذیب نقل الإجماع علی أنّه هنا بمعنی النجس ، ویؤیّده مکاتبة خیران الخادم ، وذکر الروایة السابقة المتضمنة لأنّه رجس - إلی أنّ قال - : وحینئذ فإمّا أنّ یکون خبر بقیّة المتعاطفات فی الآیة محذوفاً ، أو یکون « رجس » هو الخبر عن الکل من قبیل عموم المشترک أو عموم المجاز (4). انتهی. [ محل تأمل (5) ].

ما معنی الرجس فی قوله تعالی : ( إنّما الخمر ... رجس ) ؟

ص: 313


1- انظر ص 940.
2- التهذیب 1 : 278.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- البهائی فی الحبل المتین : 102.
5- ما بین المعقوفین أثبتناه لاستقامة المعنی.

ووجه التأمّل : أمّا أولاً : فلما قدّمناه من جهة الإجماع.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ الخبر المذکور تأییده لقول الشیخ غیر واضح ؛ ( لأنّ إرادة النجس من الخبر إنّما هو بقرینة ذکر لحم الخنزیر معه ، والکلام فیه حینئذ کالآیة إشکالاً وجواباً ، علی أنّ الخبر ) (1) محتمل لأنّ یکون قوله : الخمر أو لحم الخنزیر ، علی سبیل الشک من الراوی ، مع احتمال إرادة أحدهما ، والقرینة موجودة حینئذ.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الإجماع إذا وقع علی أنّ الرجس فی الآیة بمعنی النجس کیف یتم ( عموم المشترک أو ) (2) عموم المجاز ، فلیتأمّل.

والعجب من قوله سلّمه الله أخیراً : والحقّ أنّ الأحادیث المؤذنة بالنجاسة أکثر ، والضعیف منها منجبر بالشهرة وعمل جماهیر الأصحاب ، هذا إنّ تنزّلنا ولم نقل بدلالة کلام السیّد والشیخ قدّس الله سرّهما علی الإجماع ، وأمّا إذا قلنا بذلک کما فهمه العلاّمة طاب ثراه من کلامیهما ، وشیخنا فی الذکری من کلام السیّد فلا بحث (3). انتهی.

ووجه التعجب : أنّ کلام الشیخ فی التهذیب کما ذکره صریح فی الإجماع ، فأیّ حاجة إلی فهم العلاّمة والشهید رحمه الله هذا؟!.

وفی المختلف ذکر فی الاستدلال للنجاسة وجوهاً ، أحدها : الإجماع علی ذلک ، ونقل قول السیّد والشیخ فی الخمر ، قال : وکل مسکر عندنا حکمه حکم الخمر ، وألحق أصحابنا الفقّاع بذلک ، وقول السید المرتضی والشیخ حجّة (4) ، فإنّه إجماع منقول بقولهما ، وهما صادقان ، فیغلب علی

ص: 314


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
3- الحبل المتین : 103.
4- فی « فض » زیادة : فی ذلک.

الظنّ ثبوته ، والإجماع کما یکون حجّة إذا نقل متواتراً ، فکذا إذا نقل آحاداً.

الثانی : قوله تعالی ، وذکر الآیة. ثم قال : والاستدلال بها من وجهین : الأوّل : أنّ الرجس هو النجس. الثانی : قوله ( فَاجْتَنِبُوهُ ) وهو یدل علی اجتنابه وعدم مباشرته علی الإطلاق ، ولا نعنی بالنجس إلاّ ذلک ، ثم ذکر الأخبار وغیرها ممّا قدّمنا نظیره عنه : من اشتغال الذمّة بیقین فلا یزول إلاّ بیقین (1).

وأنت إذا تأملت الحجّة ، تری فیها تأمّلاً من وجوهٍ :

الأوّل : ما ذکره من الإجماع لا یخفی حاله ، وقد کرّرنا ذکره فی هذا الکتاب (2) ، غایة الأمر أنّ الإجماع من مثل السیّد له مزیة فی الجملة ، لکن الحقّ أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد لا یخرج عن الخبر ، فالدلیل علی العمل بالخبر هو دلیله.

وقول العلاّمة : إنّ الإجماع إذا نقل متواتراً کان حجة فکذا إذا نقل آحاداً (3). إنّ أراد به أنّ الإجماع إذا نقل متواتراً صار إجماعاً حقیقیاً بمعنی العلم بدخول المعصوم ففیه : أنّ التواتر فی نقله أعم من تواتره کما لا یخفی. وإنّ أراد أنّ نقل الإجماع مع عدم العلم بقول المعصوم بل ظن قوله ، فهو فی الحقیقة خبر متواتر ، والإجماع مخبر به. فغیر خفی أنّ النقل لا یصیّره إجماعاً ، بل هو خبر کما قدّمناه. وإنّ أراد أنّ النقل تواتراً علی وجه یثبت به الإجماع حقیقة. ففیه : أنّ وجود مثل هذا فی غایة البُعد عن الوصول إلیه.

ص: 315


1- المختلف 1 : 311 بتفاوت یسیر.
2- راجع ص 41.
3- المختلف 1 : 311.

والحق : أنّ الإجماع المنقول من مثل السیّد لا یبعد أنّ یکون خبراً مسنداً ، أمّا الإجماع المذکور فی کلام العلاّمة ونحوه فهو خبر مرسل ؛ إذ العقل قاضٍ بالتعذّر بل الامتناع فی زمان من ذکرناه ، فلا بد أنّ یکون منقولاً عن غیره ، فإذا لم یبیّن الناقل کان خبراً مرسلاً ، فلیتأمّل.

وأمّا ثانیاً : فالآیة إنّ ثبت کون الرجس فیها هو النجس کان ما ذکره أوّلاً حقاً ، وإلاّ فهو محلّ تأمّل ، لما یستفاد من کلام أهل اللغة أنّ له معانی (1). علی أنّه وقع فی الآیة خبراً عن الجمیع بتقدیر مضاف ، أی تعاطی الخمر والمیسر علی احتمال ، وعلیه لا یستقیم إرادة النجس. واحتمال کونه خبراً عن الخمر ، وخبر المعطوفات محذوف ؛ یشکل بأن المحذوف ینبغی اتحاده معنیً مع المذکور لیکون دالاًّ علیه. وقد ینظر فی هذا بأنّ الظاهر من کلام أهل العربیة عدم الاشتراط ، ویحتمل ما أشرنا إلیه من النقل سابقاً.

وفی بعض کلام أهل اللغة : أنّ الرجس المأثم ، أو العمل المستقذر الذی تعاف عنه العقول (2) ، کما قاله بعض المفسرین (3). ومع الاحتمالات لا یتم الاستدلال بالآیة ، ویمکن تکلّف الجواب عن البعض ، إلاّ أن الضرورة غیر داعیة ، فإنّ سلوک سبیل الاحتیاط أولی.

وأمّا ثالثاً : فالاستدلال بقوله ( فَاجْتَنِبُوهُ ) موقوف علی تحقیق مرجع الضمیر ، فقیل : إنّه راجع إلی المضاف المحذوف ، أی التعاطی وما

ص: 316


1- منهم الجوهری فی الصحاح 3 : 933 ، والفیروزآبادی فی القاموس المحیط 2 : 226 ، وابن منظور فی لسان العرب 6 : 94.
2- کالفیروزآبادی فی القاموس المحیط 2 : 227.
3- تفسیر أبی السعود 3 : 75 ، وتفسیر البیضاوی 2 : 167.

أشبهه (1). وقیل : إلی عمل الشیطان (2). وقیل : إلی الرجس (3). والترجیح مشکل ، فالاستدلال الموقوف علیه کذلک ، والله أعلم بالحال.

اللغة :

مجّ الرجل الشراب من فیه ، إذا لفظه ورمی به (4).

قوله :

والذی یدل علی أنّ هذه الأخبار خرجت مخرج التقیة :

ما أخبرنی به الشیخ رحمه الله عن جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن الحسین بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علی بن مهزیار. ومحمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن مهزیار. وعلی بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن علی بن مهزیار قال : قرأت فی کتابٍ کتبه عبد الله بن محمد إلی أبی الحسن علیه السلام : جعلت فداک ، روی زرارة عن أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام فی الخمر یصیب الثوب (5) ، أنّهما قالا : « لا بأس أنّ یصلی فیه إنّما حرم شربها » وروی غیر زرارة عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : « إذا أصاب ثوبک خمر

معنی مَجّ

ص: 317


1- قال به الزمخشری فی تفسیر الکشاف 1 : 675 ، والفخر الرازی فی التفسیر الکبیر 12 : 80.
2- قال به الشیخ فی التبیان 4 : 18.
3- قال به ابن کثیر فی تفسیره 2 : 154.
4- الصحاح 1 : 340.
5- فی الاستبصار 1 : 191 / 669 : الثوب والرجل ، وفی الکافی 3 : 407 ، والتهذیب 1 : 281 / 826 : ثوب الرجل.

أو نبیذ یعنی المسکر فاغسله إنّ عرفت موضعه ، وإنّ لم تعرف موضعه ( فاغسل الثوب ) (1) کله ؛ فإنّ صلّیت فیه فأعد صلاتک » فأعلمنی ما آخذ به؟ فوقّع بخطّه علیه السلام وقرأته « خذ بقول أبی عبد الله علیه السلام ».

فأمره بالأخذ بقول أبی عبد الله علیه السلام الذی یتضمن التحریم ، والعدول عن قوله مع قول أبی جعفر علیه السلام الذی یتضمن الإباحة. فدلّ علی أنّ ذلک خرج مخرج التقیة ، لأنّه لو لم یکن کذلک لکان الأخذ بقولهما معاً أولی. علی أنّ الأخبار الأخیرة التی أوردناها لیس فی شی ء منها أنّه لا بأس بالصلاة فی الثیاب التی یصیبها الخمر ، وإنّما سئل عن ثوب یصیبه الخمر فقال : « لا بأس به » ویجوز أنّ یکون نفی الحظر عن لبسها والتمتع بها وإنّ لم تجز الصلاة فیها.

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف وعبد الله بن الصلت ، عن صفوان بن یحیی ، عن إسحاق بن عمّار ، عن عبد الحمید بن أبی الدیلم ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام (2) : رجل یشرب الخمر ، فبصق ( علی ثوبی ) (3) من بصاقه. فقال : « لیس بشی ء ».

فهذا الخبر لیس فیه شبهة ؛ لأنّه إنّما سأله عن بصاق شارب الخمر فقال : لا بأس به ، والبصاق لیس بنجس وإنّما النجس الخمر.

ص: 318


1- فی الاستبصار 1 : 191 / 669 : فاغسل ، وفی الکافی 3 : 407 ، والتهذیب 1 : 281 / 826 : فاغسله.
2- فی « رض » والمصدر : عن رجل.
3- فی التهذیب 1 : 282 / 827 بدل ما بین القوسین : فأصاب ثوبی.

السند :

فی الأوّل : مشتمل علی ثلاثة طرق (1) ، أحدها : عن الحسین بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علی بن مهزیار. وثانیهما : عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن مهزیار. وثالثها : عن علی بن محمد ، عن سهل بن زیاد ، عن علی بن مهزیار.

والحسین بن محمّد فی الأوّل هو الأشعری الثقة ، غیر أنّه وقع فیه شی ء ما لا بأس بالتنبیه علیه ، وهو أنّ فی کتاب الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام : الحسین بن أحمد بن عامر الأشعری یروی عن عمّه عبد الله ابن عامر ، عن ابن أبی عمیر ، روی عنه الکلینی (2). والنجاشی قال : الحسین بن محمّد بن عمران بن أبی بکر الأشعری القمی أبو عبد الله ثقة ، له کتاب النوادر - إلی أنّ قال - : عن محمد بن یعقوب ، عن الحسین (3). وقال فی عبد الله بن عامر بن عمران بن أبی عمر الأشعری : أبو محمّد ثقة (4).

وأنت إذا تأملت هذا تری أنّ الظاهر کون أحمد سهواً فی کلام الشیخ. وأمّا عامر فالصواب فیه عمران ، ولکن نسبته إلی الجد الأعلی فی النجاشی وفی غیره إلی الأدنی ، وکذلک جعل النجاشی ابن أبی بکر فی عمران ، وفی عمه ابن أبی عمر ، لا یخلو من غلط فی أحد اللفظین ، أو أنّ کلاًّ منهما جَدّ أعلی ، هذا.

طرق الشیخ إلی علی بن مهزیار

بحث حول الحسین بن محمّد الأشعری

ص: 319


1- فی فض زیادة : عن محمد بن یعقوب.
2- رجال الطوسی : 469 / 41.
3- رجال النجاشی : 66 / 156.
4- رجال النجاشی : 218 / 570.

والثانی : لا ارتیاب فیه کالأول.

وأمّا الثالث : ففیه سهل بن زیاد ، وقد تقدم فیه القول مراراً (1). وعلی بن محمد الراوی عن سهل هو المسمی بعلاّن الرازی الثقة.

والسند الثانی : فیه إسحاق بن عمار ، وقد تقدم القول فیه (2).

وعبد الحمید بن أبی الدیلم نقل العلاّمة عن ابن الغضائری تضعیفه (3). والشیخ ذکره مهملا (4).

أمّا عبد الله بن الصلت ، فهو ثقة بلا ارتیاب ، وإنّ لم یکن له مدخل فی صحة (5) الروایة.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی العمل بقول أبی عبد الله علیه السلام فی غَسل الثوب وإعادة الصلاة ، والشیخ رحمه الله جعله دالاًّ علی أنّ قول الإمامین علیهماالسلام محمول علی التقیة ، وهو مسلّم بتقدیر ثبوت التنجیس للخمر من خارج ، أمّا من نفس الخبر فالاستدلال به علی النجاسة مشکل ؛ لاحتمال الاستحباب فی الغَسل والإعادة ، فادّعاء بعض المحقّقین المعاصرین سلّمه الله صراحته فی النجاسة (6) محلّ تأمّل ؛ إلاّ أنّ یقال : إنّ الاستحباب خلاف الظاهر. لکن الکلام فی الصراحة.

علی بن محمّد الراوی عن سهل بن زیاد هو علّان الرازی الثقة

حال عبدالحمید بن أبی الدیلم

عبدالله بن الصلّت ثقة

المناقشة فی توجیه الشیخ لروایة علی بن مهزیار ودلالتها علی نجاسة الخمر

ص: 320


1- راجع ص 95.
2- راجع ص 146.
3- خلاصة العلاّمة : 245 / 19.
4- رجال الطوسی : 235 / 203.
5- لیست فی « د ».
6- البهائی فی الحبل المتین : 102.

ولا یخفی أنّ بناء ما قلناه علی أنّ الخبر یشعر بعدم الکذب فی الروایة الاولی من المذکورین فی الروایة ، وإذا صحّت وقع التعارض ، ومعه فالصراحة غیر واضحة ، إلاّ من جهة الأمر بالغَسل ، وقد سمعت الاحتمال. نعم لو دلّت الروایة علی عدم صحّة المروی عنهما علیهماالسلام أمکن الصراحة ، والحمل علی التقیة قد تقدّم فیه الکلام (1). إلاّ أنّ یقال : إنّ المراد تقیة الحکّام فی زمانهم علیهم السلام ، فلیتأمّل.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله الوالد قدس سره من : أنّه لا ریب أنّ فیما تضمنه هذا الخبر من الأمر بالأخذ بقول أبی عبد الله علیه السلام بعد ما تقرر فی السؤال دلالة علی أنّ الحکم فی ذلک هو النجاسة ، وأنّ الطهارة لا تعویل علیها (2).

محلّ تأمّل ، والوجه غیر خفی ، مضافاً إلی أنّ ما رواه الصدوق له مزیّة عنده قدس سره وإنّ کان مرسلاً ، والاعتبار یفید ذلک کما قدّمناه ، مع أصالة الطهارة.

إلاّ أنّ الحقّ : کون اتباع أکثر العلماء أولی وأحوط ، وإذا انضمّ إلی ذلک بعض الأخبار ازداد الحکم بالنجاسة قوةً.

علی أنّ فی بعض الأخبار غیر المذکورة ما یدل علی النجاسة من حیث تقریر الإمام علیه السلام للسائل ، وهو مذکور فی الحبل المتین معدوداً من الصحیح (3).

فمن ذلک : ما رواه عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله علیه السلام وأنا حاضر : إنی أُعیر الذمی ثوبی وأنا أعلم أنّه یشرب الخمر ویأکل لحم

ص: 321


1- راجع ص 937.
2- معالم الفقه : 239 بتفاوت یسیر.
3- الحبل المتین : 100.

الخنزیر ، فیردّ علیّ ، فأغسله قبل أنّ أُصلّی فیه؟ فقال أبو عبد الله علیه السلام : « صلّ فیه ولا تغسله من أجل ذلک ، فإنک أعرته إیاه وهو طاهر ، ولم تستیقن نجاسته ، فلا بأس أنّ تصلّی فیه حتی تستیقن أنّه نجّسه » (1).

وإنّما قلنا بتأیید مثل هذا الخبر مع أنّ ظاهر التقریر یفید النجاسة کما هو مقرّر فی الأُصول ؛ لاحتمال أنّ یکون السکوت عن حکم عدم نجاسة الخمر لمصلحة ، وکون التقریر دلیلاً علی الإطلاق فی محلّ المناقشة ، إلاّ أنّ یکون الحکم إجماعیاً ، وإثباته عَسِر.

ولو تمّ الاطّراد فی التقریر أمکن الاستدلال علی نجاسة أبوال الدواب بالخبر الوارد فی ( أوّل الکتاب ، من قول السائل عن الماء تبول فیه الدوابّ وتلغ فیه الکلاب (2). (3) مع أنّهم لم یذکروه علی ما رأیت ) (4) فی الأدلّة.

أمّا ما قد یقال : من أنّ ذکر الخمر لکونه نجساً بمباشرتهم لا لذاته. فیمکن أنّ یدفع بأنّه لا خصوصیة للخمر ، بل مباشرة الماء ونحوه أکثر وأظهر.

وبالجملة : فإنّ لم یوجد المعارض الصالح فالاستدلال بمثل ما ذکرناه ممکن ، أمّا مع وجوده فالتأویل لا مانع منه.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما قاله الشیخ من أنّ الأخبار لا دلالة فیها علی الطهارة محلّ تأمّل فی بعضها ، کما لا یخفی. أمّا ما ذکره فی توجیه

ص: 322


1- التهذیب 2 : 361 / 1495 ، الإستبصار 1 : 392 / 1497 ، الوسائل 3 : 521 أبواب النجاسات ب 74 ح 1 ، بتفاوت یسیر.
2- راجع ص 26.
3- فی « فض » زیادة : فإنّه علیه السلام قال : « إذا کان الماء قدر کر لم ینجسه » والتقریر فیه موجود ، وفی « د » مشطوبة.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

الخبر الأخیر فهو جیّد مع تحقق النجاسة ، والله تعالی أعلم بحقائق الأُمور.

اللغة :

قال فی القاموس : البُصاق کغُراب ، والبُساق والبُزاق : ماء الفم إذا خرج منه ، وما دام فیه فریق (1).

قوله :

باب الثوب یصیب جسد المیت من الإنسان وغیره.

أخبرنی الشیخ رحمة الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن الرجل یصیب ثوبه جسد المیت ، فقال : « یغسل ما أصاب الثوب ».

فأمّا ما رواه محمد بن علی بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن موسی بن القاسم وأبی قتادة ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی علیه السلام ، قال : سألته عن الرجل یقع ثوبه علی حمار میت ، هل تصلح الصلاة فیه قبل أنّ یغسله؟ قال : « لیس علیه غَسله ، ولیصلّ فیه ولا بأس ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّ نحمله علی أنّه إذا أتی علی ذلک سنة وصار عظماً ، فإنّه لا یجب غسل الثوب منه.

یدلّ علی ذلک :

معنی البُصاق

الثوب یصیب جسد المیت من الإنسان وغیره

اشارة

ص: 323


1- القاموس المحیط 3 : 221.

ما رواه محمد ( بن أحمد ) (1) بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الوهاب ، عن محمد بن أبی حمزة ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعیل الجعفی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سألته عن مسّ عظم المیت؟ فقال : « إذا جاز سنة فلیس به بأس ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن العمرکی ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی (2) علیهماالسلام ، قال (3) : سألته عن الرجل وقع ثوبه علی کلب میت. قال : « ینضحه بالماء ویصلّی فیه فلا بأس ».

فهذا الخبر بیّن (4) أنّ حکم الکلب حیاً ومیتاً سواء فی نضح الماء علی الثوب الذی أصابه إذا کان جافّاً ، والخبر الأوّل یکون مخصوصاً بجسد الآدمی ، فلا تنافی بینهما علی حال.

السند :

فی الأوّل : حسن بلا ارتیاب (5).

والثانی : صحیح.

والثالث : فیه عبد الوهّاب ، وهو مشترک بین مهملین فی الرجال (6).

ومحمد بن أبی حمزة قدّمنا القول فیه (7).

عبد الوهّاب مشترک بین مهملین

ص: 324


1- ما بین القوسین لیس فی الاستبصار 1 : 192 / 673.
2- فی الاستبصار 1 : 192 / 674 زیادة : بن جعفر.
3- لیست فی الاستبصار 1 : 192 / 674.
4- فی الاستبصار 1 : 192 : یبیّن.
5- من جهة إبراهیم بن هاشم ، راجع ص 36.
6- منهج المقال : ص 216.
7- راجع ص 104.

وکذلک فی إسماعیل الجعفی فی أول هذا الجزء (1) ، والحاصل : أنه مشترک بین ابن جابر الجعفی وبین ابن عبد الرحمن (2) ؛ وفی ابن جابر کلام سبق (3) ، أمّا ابن عبد الرحمن فضعیف.

والرابع : صحیح ؛ لأنّ فی الطرق المذکورة للشیخ فی فهرست الکتاب إلی محمد بن أحمد بن یحیی ما هو موصوف بالصحة فی کلام المتأخرین (4). وقد قدّمنا ما لا بد منه فی ذلک من جهة الاعتماد علی الشیوخ الذین لم ینص علی توثیقهم فی کتب الرجال (5).

المتن :

فی الأوّل : کما تری فیه المیت ، وربما یدعی انصرافه إلی میت الآدمی ، وقد ذکره بعض الأصحاب فی الحجة لمیت الآدمی (6) ، والشیخ فی آخر الباب کلامه یعطی ذلک (7) ، إلاّ أنّه حمله لأجل ظن المعارض علی ما یظهر منه. وربما یحتمل کونه متناولاً لغیر الآدمی ، نظراً إلی ظاهر اللفظ ، والمعارض ستسمع الکلام فیه (8).

وعلی کل حال : فالذی یخطر فی البال اختصاصه بالنجاسة المتعدّیة ،

إسماعیل الجعفی مشترک

بعض طرق الشیخ إلی محمّد بن أحمد بن یحیی صحیح

بیان الخبر الدالّ علی غَسل الثوب الذی یصیب جسد المیت

ص: 325


1- راجع ص 701.
2- هدایة المحدثین : 18.
3- فی ص 701.
4- کالعلاّمة فی خلاصته : 276.
5- راجع ص 72.
6- المحقق الحلی فی المعتبر 1 : 349.
7- الاستبصار 1 : 192 ، وتقدّم فی ص 307.
8- فی ص 950.

لأنّ قوله : « ما أصاب الثوب » ( لا وجه له إلاّ کون الثوب مفعولا ، و « ما » إمّا نکرة وإمّا موصولة ، والمعنی : یغسل شیئاً أصاب الثوب ) (1) أو الشی ء الذی أصاب الثوب ، وغیر خفیّ أنّ مع الجفاف لا إصابة.

وحینئذٍ یمکن ادعاء أنّ الروایة بتقدیر تناولها للآدمی وغیره ، أو کونها مخصوصة بالآدمی مخصوصة بالرطوبة.

فما قاله الوالد قدس سره بعد ذکر القول عن العلاّمة فی المنتهی أنّه قال : لو مسّه یعنی میّت الآدمی رطباً ینجس نجاسة عینیة ، ولو مسّه یابساً فالوجه أن النجاسة حکمیة ، فلو لاقی ببدنه بعد ملاقاته للمیت رطباً لم یؤثّر فی تنجیسه ؛ لعدم دلیل التنجیس ، وثبوت الأصل (2) : وناقشه بعض الأصحاب بأنّ النصوص دلت علی وجوب غَسل الملاقی مع الرطوبة ، وهو کما تری (3). محل بحث ؛ لأنّ المناقشة فی محلها بعد ما ذکرناه فی النص وغیره.

ومن الروایات التی وقفنا علیها روایة إبراهیم بن میمون ، وهی الواردة فی میّت الآدمی حیث قال فیها : « إنّ لم یغسل المیت فاغسل ما أصاب ثوبک منه » (4) وهی ضعیفة قابلة لما قلناه فی الأُولی.

وأمّا الأخبار الواردة فی الفأرة إذا وقعت فی السمن الذائب والزیت (5) فاختصاصها بالرطوبة ظاهر ، وحینئذ فإطلاق الوالد قدس سره ردّ المناقشة بما

ص: 326


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- المنتهی 1 : 127.
3- معالم الفقه : 279 بتفاوت.
4- الکافی 3 : 61 / 5 ، التهذیب 1 : 276 / 811 ، الوسائل 3 : 461 أبواب النجاسات ب 34 ح 1.
5- الوسائل 24 : 194 أبواب الأطعمة المحرمة ب 43.

ذکره مع أنّه إنّما نقل فی المیتة ما ذکرناه (1) غریب.

وأعجب منه قول شیخنا قدس سره فی المدارک بعد نقل روایتی الحلبی وإبراهیم بن میمون : وإطلاق الروایتین یقتضی تعدّی نجاسته مع الرطوبة والیبوسة (2).

أمّا ما قاله العلاّمة فهو فی الحقیقة غیر ظاهر الوجه ؛ لأنّ النجاسة الحکمیة وغیرها تابعة للدلیل ، والأصل الذی ذکره واضح ، فالخروج عنه بغیر دلیل غریب.

واستدلاله أیضاً مع الأصل بقوله علیه السلام : « کل یابس ذکی » (3) کذلک ؛ فإنّ إثبات الحکمیة بهذا لا وجه له ، ونفی النجاسة العینیة لا یقتضی ثبوت الحکمیة إنّ کان الدلیل غیر عامّ ، فما ندری الوجه فیما قاله.

وینقل عن ابن إدریس قول فی المسألة (4) ، وقد تکلّم علیه المحقق فی المعتبر بما لا مزید علیه (5) ، ولو لا خوف الخروج عما نحن بصدده لنقلناه ، هذا.

وینقل عن بعض الأصحاب القول بأنّ نجاسة المیت لا تتعدّی إلاّ مع الرطوبة (6). وقد علمت دلالة الخبر علیه.

هذا إذا عمل بالحسن ، وإلاّ فالعمدة الإجماع ، وهو منقول مع

ص: 327


1- معالم الفقه : 223.
2- مدارک الأحکام 2 : 270.
3- التهذیب 1 : 49 / 141 ، الوسائل 1 : 351 أبواب أحکام الخلوة ب 31 ح 5.
4- حکاه عنه فی المعتبر 1 : 349 ، وهو فی السرائر 1 : 163.
5- المعتبر 1 : 349 ، 350.
6- نقله صاحب معالم الفقه : 276 ، وصاحب مدارک الأحکام 2 : 270 ، وهو فی جامع المقاصد 1 : 174.

الرطوبة ، ومع عدمها فقد سمعت الخلاف فیها فی الآدمی ، وأمّا غیره فمع الرطوبة لا خلاف فیه کما نقل ، ومع الیبوسة فالذی یظهر من الأصحاب الخلاف فی ذلک (1) ، بل ظاهر شیخنا قدس سره عدم تحقق الخلاف ، لأنه قال : ینبغی القطع بعدم تعدّی النجاسة مع الیبوسة ، اقتصاراً فیما خالف الأصل علی موضع الوفاق ، مع أنّه نقل عن العلاّمة فی المنتهی الجزم بوجوب غَسل الید بمسّ المیتة مع الرطوبة والیبوسة. إلی أن قال : ثمّ استقرب یعنی العلاّمة کون النجاسة مع الیبوسة حکمیة ، فلو لامَسَ رطباً لم یحکم بتنجیسه (2).

وهذا الکلام یعطی أنّ المخالف فی الیبوسة العلاّمة ، والمفهوم من ما استقر به القول بالنجاسة علی نحو خاص لا الطهارة.

والوالد قدس سره نقل الخلاف فی التأثیر مع الیبوسة فی غیر الآدمی ، وأن جماعة من المتأخّرین قالوا بعدم التأثیر ، ثم نقل عن العلاّمة ما یقتضی القول فی میت الآدمی (3) کما سبق عن المنتهی (4). ولم یحضرنی الآن المنتهی لأعلم حقیقة الحال ، إلاّ أنّ ما نقله الوالد قدس سره عن المتأخّرین ربما یشکل به ما قاله شیخنا قدس سره من الاقتصار علی موضع الوفاق ؛ لأنّ خلاف المتأخرین لا یضرّ بالحال. ویمکن الجواب عن هذا بأنّ خلاف

ص: 328


1- منهم الشیخ فی المبسوط 1 : 38 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 1 : 308 ، وصاحب معالم الفقه : 276.
2- مدارک الأحکام 2 : 269.
3- معالم الفقه : 276.
4- فی ص : 326 327.

المتأخّرین یقتضی عدم الإجماع ، وفیه ما فیه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شیخنا قدس سره ذکر أنّ الحکم المتعلق بالمیت إنّما یکون بعد البرَد وقبل الغُسل ، لطهارته بالغَسل ، وعدم تحقق انتقال الروح قبل البرد ، ویدلُّ علیه صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال : « مسّ المیت عند موته وبعد غَسله لیس به بأس » (1) (2) انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ هذا محل بحث ؛ لأنّ الظاهر من الروایة نفی البأس من جهة الغُسل ، لا غَسل العضو ، ولو سلّم الاحتمال فالخبر الدال علی غَسل ما أصاب الثوب یقتضی تقیید هذا الخبر بالغُسل. وعدم تحقق الموت محلّ کلام ، ولعلّ الأولی أنّ یقال : إنّ نجاسة المیت یقتصر فیها علی موضع الوفاق ، ومع الحرارة لا وفاق ، إنّ تمّ فی الأمرین ما ذکر.

أمّا ما وقع لبعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله من الاستدلال علی نجاسة المیتة بما رواه الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه قال : « لا بأس بالصلاة فیما کان من صوف المیتة ، إنّ الصوف لیس فیه روح » (3) (4) فلا یخلو من غرابة ؛ لأنّ مفاد الروایة أنّ ما فیه الروح لا یصلّی فیه ، وعدم الصلاة أعم من النجاسة کما لا یخفی. وفی بعض الأخبار الحسنة ما یمکن الاستدلال به علی نجاسة المیتة لو عمل بالحسن ، وقد ذکرناه مفصلاً فی حاشیة الروضة.

وأمّا الثانی : فالظاهر منه الملاقاة للشعر ، واحتمال طهارة شعر المیتة

ص: 329


1- الفقیه 1 : 87 / 403 ، التهذیب 1 : 430 / 1370 ، الوسائل 3 : 295 أبواب غسل المس ب 3 ح 1.
2- مدارک الأحکام 2 : 271 بتفاوت یسیر.
3- التهذیب 2 : 368 / 1530 ، الوسائل 3 : 333 أبواب لباس المصلی ب 56 ح 1.
4- کالبهائی فی الحبل المتین : 101.

مع الاتصال ممکن ، إلاّ أنّی لا أعلم القائل به ، غیر أنّ لشیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب کلاماً یدل علی تحقق القول بذلک ، فإنّه قال : بل الأقرب حمله علی ما إذا وقعت الملاقاة بشعر الحمار ، أو کانت الملاقاة مع الیبوسة. وعلی کل حال فاحتمال الیبوسة ممکن فی الجمیع.

وما قاله الشیخ فی غایة البُعد ، والاستدلال علیه بالخبر المذکور غریب ، علی أنّ فی الخبر المستدل به شیئاً ربما لا یخفی علی من تدبّره ، وبتقدیر تسلیم الدلالة فالعظم لا وجه لتأثیره علی الإطلاق.

وأمّا الخبر الأخیر : فکلام الشیخ فیه لا یخلو من تأمّل ؛ لأنّ نضح الثوب إذا اقتضی أنّ یکون لمسّه بیبوسة کما قاله فاقتضاء هذا حمل الخبر الأوّل علی الآدمی یقتضی حمل الخبر الثانی علی غیر ما قاله فیه ، بل علی الإصابة بیبوسة ، ومفارقة الکلب بالنضح لا مانع منها ، فلیتأمّل.

بقی فی المقام شی ء ، وهو أنّ الخلاف واقع فی الرشّ من إصابة الکلب یابساً ، فقیل : بالوجوب ، وهو مذهب الشیخ فی النهایة (1). وقیل بالاستحباب (2). والوارد فی هذا الخبر النضح ، فإن قلنا بالترادف فالحال واحد ، وإن قیل بالمغایرة أمکن الفرق بین حالتی الحیاة والموت فی الکلب. إلاّ أن یقال : إن کلام الشیخ فی الوجوب ظاهر فی الحیّ ، والقول المحکی بالوجوب فیه أیضاً ، وبعد الموت غیر معلوم القول به ، وکلام الشیخ هنا ربما یعطی المساواة مطلقاً ، والله تعالی أعلم بالحال.

بیان ما دلّ علی عدم غَسل الثوب الذی وقع علی حمار میت

بیان ما دلّ علی نضح الثوب الذی وقع علی کلب میت

ص: 330


1- النهایة : 52.
2- قال به المحقق الحلّی فی المعتبر 1 : 439.

قوله :

باب الأرض والبواری والحصر

یصیبها البول وتجفّفها الشمس

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمّد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی ابن فضال ، عن عمرو بن سعید المدائنی ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سئل عن الشمس هل تطهّر الأرض؟ قال : « إذا کان الموضع قذراً من البول أو غیر ذلک فأصابته الشمس ، ثم یبس الموضع فالصلاة علی الموضع جائزة ، وإن أصابته الشمس ولم ییبس الموضع القذر وکان رطباً فلا یجوز الصلاة علیه حتی ییبس ، وإن کانت رجلک رطبة أو جبهتک رطبة أو غیر ذلک منک ما یصیب ذلک الموضع القذر فلا تصلّ علی ذلک الموضع (1) ، وإنّ کان غیر الشمس أصابه حتی ییبس فإنّه لا یجوز ذلک ».

وبهذا الإسناد عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن العمرکی ، عن علی بن جعفر ، عن أخیه موسی بن جعفر علیهماالسلام ، قال : سألته عن البواری یصیبها البول ، هل تصلح الصلاة علیها إذا جفّت من غیر أن تغسل؟ قال : « (2) لا بأس ».

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن

الأرض والبواری والحصر یصیبها البول وتحقّقها الشمس

اشارة

ص: 331


1- فی الاستبصار 1 : 193 / 675 لا توجد : الموضع.
2- فی الاستبصار 1 : 193 / 676 زیادة : نعم.

عثمان بن عبد الله ، عن أبی بکر ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال : « یا أبا بکر : ما (1) أشرقت علیه الشمس فقد طهر ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعیل بن بزیع قال : سألته عن الأرض والسطح یصیبه البول أومأ (2) أشبهه ، هل تطهّره الشمس من غیر ماء؟ قال : « کیف تطهّر من غیر ماء؟ ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّه لا یطهر من غیر ماء ما دام رطباً ، وإنما یحکم بطهارته إذا جفّفته الشمس.

السند :

فی الأوّل : موثّق علی ما قدمناه (3).

والثانی : صحیح کذلک.

والثالث : ( فیه عثمان بن عبد الله کما هنا ، وفی التهذیب عثمان بن عبد الملک ، وابن عبد الله مذکور فی رجال الصادق علیه السلام ) (4) من کتاب الشیخ مهملاً (5). وابن عبد الملک مجهول.

وأبو بکر کأنه الحضرمی ، وفی المعتبر جزم بأنه الحضرمی (6) ، وقد قدّمنا (7) أنّه غیر ثقة ولا ممدوح.

والرابع : صحیح.

عثمان بن عبدالله مهمل

عثمان بن عبد الملک مجهول

أبو بکر الحضرمی غیر ثقة ولا ممدوح

ص: 332


1- فی الاستبصار 1 : 193 / 676 زیادة : کلّ.
2- فی « فض » و « رض » : وما.
3- راجع ص 120 و 275.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- رجال الطوسی : 260 / 602.
6- المعتبر 1 : 446.
7- فی ص 430.

المتن :

فی الأوّل : لا یخلو من إشکال من وجوه :

الأوّل : شموله لکلّ موضع ، والمنقول عن الشیخ فی المبسوط أنّه قال نحو ما قال المفید (1) ، وعبارة المفید : الأرض إذا وقع علیها البول ، ثم طلعت علیها الشمس فجفّفتها ، طهرت بذلک ، وکذا القول فی الحصیر (2).

ونقل عنه فی الخلاف أنّه قال : الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول وما أشبهه وطلعت علیها الشمس ، أو هبت علیها الریح حتی زالت عین النجاسة طهرت (3). وقال فی موضع آخر منه - بعد الحکم بطهارة الأرض بتجفیف الشمس لها من نجاسة البول - : وکذا الکلام فی الحصر والبواری (4).

وفی المنتهی نقل عن الشیخ الاحتجاج بإجماع الفرقة ، وروایة عمّار مع روایة علی بن جعفر الآتیة (5). وأنت خبیر بأنّ الروایة تفید العموم. وقد قال العلاّمة فی المنتهی بعد نقله عن المبسوط الاختصاص بالبول : إنّه جیّد ؛ لأنّ الروایة الصحیحة إنما تضمنت البول ، والتعدیة بغیر دلیل لا تجوز ، قال : وروایة عمار وإنّ دلت علی التعمیم ، إلاّ أنّها لضعف سندها لم یعوّل علیها (6).

هل الشمس مطهرة لکلّ موضع؟

ص: 333


1- المبسوط 1 : 93.
2- المقنعة : 71.
3- حکاه عنه فی المختلف 1 : 323 ، وهو فی الخلاف 1 : 218.
4- الخلاف 1 : 495.
5- المنتهی 1 : 177 ، ولیس فیه الاحتجاج بالإجماع ، ولکنه موجود فی المعتبر 1 : 446.
6- المنتهی 1 : 178.

ولا یخفی علیک حینئذٍ أنّ الظاهر من الشیخ هنا التعویل علی الروایة ، لکن الحق أنّ هذا الکتاب لا یمکن الاعتماد علی مذهب الشیخ فیه.

الثانی : ظاهر الروایة أنّ مجرّد إصابة الشمس [ ثم الیُبس (1) ] بعد ذلک کافٍ ، والذی یقتضیه ما رواه الصدوق صحیحاً عن زرارة اعتبار تجفیف الشمس ، حیث قال فیها : سألت أبا جعفر علیه السلام عن البول یکون علی السطح أو فی المکان الذی أُصلّی فیه. فقال : « إذا جفّفته الشمس فصلّ علیه فهو طاهر » (2) وهذه الروایة قد یستفاد منها التعمیم لغیر الأرض.

الثالث : ظاهر الروایة جواز الصلاة علی الموضع ، واستفادة الطهارة منها موقوفة علی عدم جواز السجود علی المحل المنجّس ، وهو محلّ کلام فقد نقل القول بجوازه (3).

وقد أشار المحقق فی المعتبر إلی هذا ، فإنّه بعد نقل احتجاج الشیخ بالروایات فی الخلاف ، قال : إنّ فی استدلاله بالروایات إشکالاً ؛ لأنّ غایتها الدلالة علی جواز الصلاة علیها ، ونحن فلا نشترط طهارة موضع الصلاة ، بل نکتفی باشتراط طهارة موضع الجبهة ، قال : ویمکن أنّ یقال : الإذن فی الصلاة علیها مطلقاً دلیل جواز السجود علیها ، والسجود یشترط طهارة محله.

ثم أطال الکلام فی الاستدلال ، مع أنّه قال فی المعتبر نقلاً عن الراوندی وصاحب الوسیلة : أنّهما ذهبا إلی أنّ الأرض والبواری والحصر إذا

هل مجرّد إصابة الشمس کافٍ للطهارة؟

دلالة الأدلّة علی جواز الصلاة علی الموضع لا طهارته

ص: 334


1- ما بین المعقوفین ساقط من « رض » وفی « د » : ثمّ یبس ، والأولی ما أثبتناه.
2- الفقیه 1 : 157 / 732 ، الوسائل 3 : 451 أبواب النجاسات ب 29 ح 1.
3- المبسوط 1 : 38.

أصابها البول وجفّفتها الشمس لا تطهّر بذلک ، ولکن یجوز السجود علیها ، ثم قال المحقّق : وهو جید (1).

وهذا یقتضی المخالفة لما نقلناه من استدلاله ، فکأنّه رجوع عن القول.

والعلاّمة فی المختلف نقل عن الراوندی أنّه یلوح من کلامه ذلک ، قال : وکان شیخنا أبو القاسم یختار ذلک (2).

ثم إنّ العلاّمة اختار أنّ الأرض والحصر والبواری إذا أصابها بول وشبهه من النجاسات المائعة ثم جفّفتها الشمس طهرت ، واحتج بروایة عمّار (3) إلی قوله : « فالصلاة علی الموضع جائزة » ثم قال : وجه الاستدلال أنّ نقول : إنّ السؤال عن الطهارة ، فلو لم یکن فی الجواب ما یفهم منه السائل لزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة ، وهو محال ، لکن الجواب الذی وقع لا یناسب النجاسة فدل علی الطهارة ، وأیضاً ما رواه أبو بکر وذکر الروایة وبأنّ المقتضی للتنجیس الأجزاء التی عدمت بإسخان الشمس ، فیزول الحکم ؛ ثم إنّه نقل الاحتجاج عن القائلین بالبقاء علی النجاسة بالاستصحاب ، وأجاب بأنّ الاستصحاب ثابت مع بقاء الأجزاء النجسة لا مع عدمها (4).

والمحقق فی المعتبر ذکر نحو ما قاله العلاّمة ، من أنّ الشمس من شأنها الإسخان ، والسخونة تلطف الأجزاء الرطبة وتصعدها ، فإذا ذهب أثر

ص: 335


1- المعتبر 1 : 446.
2- المختلف 1 : 324.
3- فی « رض » زیادة : الساباطی.
4- المختلف 1 : 324.

النجاسة دل علی مفارقتها (1).

وهذا الکلام ربما ینکر علیه بأنّ الطهارة مرجعها إلی حکم الشارع لا إلی زوال الأعیان ، کما اعترفا به فی مواضع.

نعم ربما وجّه الوالد قدس سره الاستدلال فی المسألة : بأنّ الدال علی تنجیس البول ونحوه للأرض هو الإجماع ؛ لأنّ الأخبار خاصة بالثوب والبدن ونحوهما ، وإذا کان الإجماع هو الدلیل فإذا انتفی الإجماع بعد تجفیف الشمس انتفت النجاسة (2). وأطال قدس سره الکلام فی هذا.

وفی نظری القاصر أنّ فیه بحثاً ، وقد ذکرته فی محل آخر ، والحاصل : أنّ الإجماع لو انحصر الأمر فیه کما ذکره یقال : إنّ الإجماع أفاد حدوث النجاسة لا استمرارها ، بل الاستمرار حصل من عدم حکم الشارع بالمطهّر ، فزوال الإجماع لا یفید الطهارة بل یفید زوال الحدوث ، ولا ریب أنّ الحدوث إذا انتفت علّته انتفی معلولها ، وهو الحدوث ، لا مطلق النجاسة.

فإن قلت : الحدوث اعتباری والعلّة لا تؤثّر فیه ، کما صرّح به الشارح الجدید للتجرید ، حیث قال فی الأصل سلطان المحققین : والحدوث اعتباری. فقال فی الشرح : لا تأثیر للفاعل فیه ، بل إنما یؤثّر الفاعل فی الماهیة (3).

قلت : مرادنا بالحدوث وجود أصل التنجیس ، أمّا استمراره فله علّة أُخری.

ص: 336


1- المعتبر 1 : 446.
2- معالم الفقه : 397.
3- شرح التجرید للقوشجی : 345.

وما عساه یقال : إنّ زوال أصل التنجیس لا معنی له ، فإن النجاسة کما أنّها باقیة أصل وجودها کذلک.

یمکن الجواب عنه بجواز أنّ یقال : إنّ وجود التنجیس مختلف باختلاف العلل وإنّ توافق الحکم ، غایة الأمر أنّ بقاء النجاسة لا بُدّ له من علّة کما هو شأن الممکن ، والمستفاد من قواعد الأصحاب أنّ الطهارة لا بُدّ لها من علّة ، وبدونها فأصالة بقاء النجاسة هی العلّة اصطلاحاً ، وقد یعبّر عنها بالعدم ، فیقال : إنّ الطهارة موقوفة علی الدلیل ، وبدونه فالنجاسة باقیة ، وعلی هذا لا یتوجه فی المقام أنّ العدم لا یصلح علّة.

ویمکن أنّ یقال فی نظیر المسألة : قولهم لا بُدّ فی شهادة الشاهدین من القطع ، مع أنّ الشاهدین علی الماضی لا یحصل لهم القطع لاحقاً ، لکن الشارع حکم بالبقاء ما لم یعلم المسقط ، فعدم العلم بالمسقط علّة الحکم بالبقاء.

ولو نوقش فی هذا أمکن أنّ یقال : إنّ النجاسة تثبت بوجود الأعیان علی الإطلاق ما لم یحصل من الشارع المزیل ، ولم یعلم المزیل ، فالاستمرار ( حصل من ذلک.

فإن قلت : إذا کان الإجماع هو العلّة فالتقیید بوجود الأعیان حاصل ، فأین الإطلاق؟

قلت : الإجماع لیس علی النجاسة مع وجود الأعیان ، ألا تری أنّ بعض القائل بالنجاسة قائل بالاستمرار ) (1) وإنّ ذهبت الأعیان.

( إلاّ أنّ یقال : إنّ هذا القائل یقول بوجود الأعیان (2) ، ) وإنّ زاد علی

ص: 337


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

ذلک البقاء بعد زوالها ، وذلک کافٍ فی المطلوب.

وفیه : أنّ دخول مثل هذا فی الإجماع مع وجود الأعیان محلّ تأمّل ، وکثیراً ما یغفل عنه فی دعوی الإجماع علی بعض المسائل ، وسیأتی فی الکتاب شی ء من ذلک ، والحق أنّ المقام قابل للبحث.

وما عساه یقال : إنّ علل الشرع معرّفات ، فلا دخل فیها للوازم العلل الحقیقیة.

یمکن الجواب بأنّ کون علل الشرع معرّفات لا ینفی الحکم بأن زوالها موجب لزوال الحکم الشرعی ، بل الظاهر من التدبّر فی الکلام المذکور فی العلل الحقیقیة الاتحاد مع الشرعیة فی بعض المواد ومنها ما نحن فیه ، ومنها عدم اجتماعها علی معلول واحد. فما قیل : من أنّ العلل الشرعیة (1) یجوز اجتماعها علی معلول واحد. محلّ تأمّل ؛ إذ اللازم من الاجتماع وقوع العبث من الحکیم ، کما یعرف بالتأمّل الصادق ، [ فلو ] (2) حصل انتفت فائدة بقائه ، فلیتأمّل.

ثم إنّ ما ذکره العلاّمة (3) والمحقق (4) یقال فیه کذلک ، ولعلّ الأولی أن یقال : إنّ إطلاق الصلاة مع احتمال المباشرة برطوبة یفید الطهارة من حیث قیامه.

وما ذکره العلاّمة (5) بعد هذا أیضاً لا یخلو من وجه ، إلاّ أنّ یقال : إن السائل ( له قدرة علی استنباط المراد من کلام الإمام علیه السلام ، والإجمال إنما

ص: 338


1- فی « فض » : الشرع.
2- أضفناه لاستقامة المعنی.
3- المختلف 1 : 324.
4- المعتبر 1 : 446.
5- المختلف 1 : 324.

هو بالنسبة إلینا ، وتأخیر البیان ) (1) غیر معلوم ، علی أنّ تأخیر البیان عن السائل لم یعلم أیضاً إلاّ من جهة عدم وصوله إلینا ، وهذا لا یضرّ بالحال ، وبهذا یتوجه دلالة بعض ما یأتی من الأخبار علی الطهارة فی الجملة.

الرابع : مقتضی الروایة أنّ الشمس لو أصابت المحل ولم ییبس ، ثم یبس بعد ذلک جازت الصلاة علیه ، وهو صریح فی عدم اعتبار تجفیف الشمس ، فلو فرض أنّ الکلام الأوّل فیه احتمال تجفیف الشمس ، فهذا یدل علی خلافه. وقد سبق ما فیه (2).

الخامس : ذکر شیخنا رضی الله عنه أنّه ربما کان فی آخر الروایة إشعار ببقاء المحل علی النجاسة (3). وفیه تأمّل ؛ لأنّ الظاهر عود الکلام إلی الصورة التی قبله ، وهو ما إذا جفّ بعد إصابة الشمس ، وحینئذٍ ربما دل علی أنّ حکم ما قبله الطهارة ، ولو عاد قوله : « وإنّ کانت رجلک » إلی آخره ، إلی جمیع ما تقدم کان ما قاله شیخنا قدس سره متّجهاً ، لکن ما ذکرناه قد یدّعی ظهوره.

السادس : مقتضی قوله : « وإنّ کان غیر الشمس أصابه » إلی آخره ، أن المتقدّم حکم إصابة الشمس ، والحال أنّ من جملة الأفراد السابقة ما أصابته الشمس وهو رطب ثم یبس ، وقد جوّز الصلاة علیه ، وظاهر الکلام أنّه لو یبس بغیر الشمس لا یصلّی علیه ، ففی الکلامین تدافع.

ویمکن الجواب عنه : بأنّ الأخیر یراد به التجفیف من دون الشمس أصلاً ، والذی قبله لما أصابته الشمس وإنّ لم تجفّفه. وحینئذٍ تصیر الأقسام

لو أصابت الشمس المحل ولم ییبس

إشعار روایة عمّار ببقاء المحل علی النجاسة والجواب عنه

التدافع فی روایة عمّار فیما لو جفّ بغیر الشمس والجواب عنه

ص: 339


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- فی ص 953.
3- مدارک الاحکام 1 : 364.

ثلاثة : تجفیف الشمس ، وإصابة الشمس ثم حصول التجفیف بعدها ، والتجفیف من دونها أصلا.

ولو لا قصور الروایة سنداً أمکن أنّ یوسع الکلام زیادة علی ما قلناه ، والغرض أنّ استدلال الشیخ بها محل کلام.

والثانی : کما تری یدل علی الصلاة ، وعدم الاستفصال عن الرطوبة وعدمها ربما یقتضی الطهارة ، مضافاً إلی صحیح زرارة السابق (1).

وما قد یقال : إنّ خبر زرارة یفید الطهارة ، أمّا إرادة الشرعیة منها فموقوفة علی ثبوت الحقیقة الشرعیة ، وأنّی لنا إثباتها.

یمکن الجواب عنه : بأنّ إرادة النظافة هنا بعیدة عن المساق ، فلو لم تکن الحقیقة الشرعیة ثابتة فالمجاز ممکن ، وقرینته المقام.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أن الروایتین الأوّلتین إنما تدلاّن علی جواز السجود ، لا علی الطهارة. محل بحث.

أمّا ما قاله : من عدم دلالة الروایة الثانیة علی اعتبار الجفاف بالشمس. فیمکن الجواب عنه : بأنّ الإجماع خصّص الحکم ، والروایة وإنّ کانت مطلقة إلاّ أنّ السؤال عن الجفاف المعتبر.

والثالث : وإنّ کان فیه إطلاق ربما یقتضی ردّه مع ضعف السند ، إلاّ أنّه یمکن توجیهه بالتخصیص من خارج.

وأمّا الرابع : فما ذکره الشیخ فیه أحد الوجوه المحتملة ، لکن بعید عن الظاهر ، واحتمال إرادة : من غیر ماء تجفّف النجاسة ، لا یخلو من قرب.

بیان روایة علی بن جعفر

ص: 340


1- المتقدّم فی ص 953.

أمّا احتمال کون قوله : « کیف » کلاماً مستقلا ، وقوله : « تطهّر من غیر ماء » مستأنفاً ، والمعنی : کیف لا یطهّر؟ بل یطهّر من غیر ماء ، بعید کما لا یخفی ، هذا.

وللمتأخرین فی هذه المسألة تفریعات کلّها مبنیّة علی تحقیق الأصل ، وقد عرفت مجمل الأمر ، والله سبحانه ولیّ التوفیق.

قوله :

أبواب الجنائز

باب الرجل یموت وهو جنب

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أبی محمّد الحسن (1) بن حمزة العلوی ، عن علیّ بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن الحسین بن سعید ، عن علی ، عن أبی إبراهیم علیه السلام قال : سألته عن المیت یموت وهو جنب ، قال : « (2) غسل واحد ».

أحمد بن محمّد ، عن علی بن حدید وعبد الرحمن ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة قال : قلت لأبی جعفر علیه السلام : رجل (3) مات وهو جنب ، کیف یغسل؟ [ و (4) ] ما یجزؤه من الماء؟ قال : « یغسّل غسلاً واحداً یجزئ ذلک للجنابة ولغسل المیت ، لأنّهما حرمتان اجتمعتا فی حرمة واحدة ».

توجیه روایة محمّد بن إسماعیل بن بزیع الدالّة علی عدم مطهّریة الشمس

أبواب الجنائز

الرجل یموت وهو جنب

اشارة

ص: 341


1- فی الاستبصار 1 : 194 / 679 : الحسین ، وهو خطأ راجع رجال النجاشی : 64 / 150 ، والفهرست : 52 / 184.
2- فی الاستبصار 1 : 194 / 679 زیادة : علیه.
3- فی الاستبصار 1 : 194 / 680 : میّت ، وفی « د » و « فض » : رجل میّت.
4- أثبتناه من الاستبصار 1 : 194 / 680.

علی بن مهزیار ، عن الحسین بن سعید ، عن علی بن النعمان ، عن ابن مسکان ، عن المثنّی ، عن أبی بصیر ، عن أحدهما علیهماالسلام فی الجنب إذا مات ، قال : « لیس علیه إلاّ غسلة واحدة ».

السند :

فی الأوّل : الحسن بن حمزة العلوی وهو الطبری المعروف بالمرعشی.

وقال النجاشی : إنّه کان من أجلاّء هذه الطائفة وفقهائها ، قدم بغداد ولقیه شیوخنا فی سنة ستّ وخمسین وثلاثمائة ، ومات فی سنة ثمانی وخمسین وثلاثمائة (1).

وفی الفهرست قال الشیخ : إنّه کان فاضلاً أدیباً عارفاً فقیهاً زاهداً ورعاً ، - إلی أنّ قال - : أخبرنا بجمیع روایاته جماعة ، منهم الشیخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ، والحسین بن عبید الله - إلی أنّ قال - : سماعاً منه وإجازةً فی سنة ست وخمسین وثلاثمائة (2).

وفی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام من کتاب الشیخ : الحسن بن محمّد ابن حمزة - إلی أنّ قال - : روی عنه التلعکبری ، وکان سماعه منه أوّلاً سنة ثمان وعشرین وثلاثمائة ، وله منه إجازة لجمیع کتبه وروایاته ، أخبرنا جماعة منهم الحسین بن عبید الله - إلی أنّ قال - : وکان سماعهم سنة أربع وخمسین وثلاثمائة (3).

بحث حول الحسن بن حمزة العلوی

ص: 342


1- رجال النجاشی : 64 / 150.
2- الفهرست : 52 / 184.
3- رجال الطوسی : 465 / 24.

والعلاّمة فی الخلاصة حکی کلام الشیخ فی الکتابین وکلام النجاشی ، قال : وهذا لا یجامع قول الشیخ الطوسی (1). ولا یخفی أنّه لا منافاة ؛ للفرق بین السماع والموت.

وابن داود مشی علی وهم العلاّمة فحکم بالتنافی (2) ، والحال ما تری.

أمّا علی الراوی عنه الحسین بن سعید فلا یبعد أنّ یکون علی بن النعمان ؛ للتصریح به فی الخبر الثالث وغیره من روایات الکتاب (3) ، إلاّ أنه یروی عن غیره أیضاً من المسمّی بهذا الاسم ، ففی باب تلبیة المحرم بالحج : الحسین بن سعید عن علی بن الصلت (4) ، وهو مذکور فی الفهرست (5) والنجاشی (6) بما لا یفید توثیقاً ولا مدحاً ، وربما یروی عن غیر من ذکر ، کعلی بن أبی حمزة.

واستبعاد کونه ابن النعمان بروایته عن أبی إبراهیم ، ولم یذکر علی بن النعمان فی رجال الکاظم علیه السلام ؛ یدفعه أنّه لا تصریح فی الرجال بما ینافیه ، بل قال النجاشی : إنّه روی عن الرضا علیه السلام (7). وذلک لا یفید الانحصار کما یعلم من أصحاب الرجال ، إلاّ أنّ الفائدة مع عدم الجزم به قلیلة.

والثانی : فیه عبد الرحمن ، وربما یظن أنّه ابن أبی نجران ، لوقوع ذلک فی الروایات ، وسیأتی عن قریب فی باب غسل المیت روایة عن

بحث حول علی الذی یروی عنه الحسین بن سعید

علی بن الصلت مذدور بما لایفید توثیقاً والمدحاً

بحث حول عبدالرحمان بن أبی نجران

ص: 343


1- الخلاصة : 40.
2- رجال ابن داود : 77.
3- فی « فض » زیادة : وسیأتی فی مبحث الأموات مکرّراً أیضاً دحلا ( کذا ) عن غیره.
4- الاستبصار 2 : 251 / 881.
5- الفهرست : 96 / 406.
6- رجال النجاشی : 279 / 735.
7- رجال النجاشی : 274 / 719.

الشیخ فی التهذیب یرویها زرارة عن علی بن حدید وابن أبی نجران.

وتأتی أیضاً روایة عن علی بن حدید عن عبد الرحمن بن أبی نجران فی باب الأموات (1). والوالد قدس سره جزم بأنّ لفظ « عن » سهو ، وإنّما هو وعبد الرحمن (2). وبالجملة فی الظن أنّ هذا کثیر الوقوع ، إلاّ أنّ غیره فی حیّز الإمکان.

والثالث : فیه المثنّی ، وهو مشترک (3). وابن مسکان فیه احتمال الاشتراک (4). وأبو بصیر کرّرنا القول فیه (5).

المتن :

فی الأوّل : ذکره العلاّمة فی المختلف حجة لسلاّر بعد ما نقل عنه القول بأنّ المیت یجب غسله مرة بالقراح والباقی مستحبّ ووجّه الاستدلال بأنّه إذا ثبت الواحد مع الجنابة فمع عدمها أولی (6).

ولا یخلو من غرابة فی أوّل النظر.

وقد أجاب العلاّمة عن ذلک : بأنّ المراد عدم وجوب غُسلین أحدهما للجنابة والآخر للمیت ، ولیس بدالّ علی صورة النزاع ؛ لأنّ غُسل المیت عندنا واحد ، إلاّ أنّه اشتمل علی ثلاثة أغسال (7).

المثنّی مشترک

ابن مسکان فیه الحتمال الاشتراک

بیان ما دلّ علی کفایة غُسل واحد للمیت الجنب

ص: 344


1- انظر ص 413.
2- منتقی الجمان 1 : 245.
3- هدایة المحدثین : 136.
4- هدایة المحدثین : 104.
5- فی ج 1 : 73 ، 30.
6- المختلف 1 : 223.
7- المختلف 1 : 224.

وهذا الجواب أیضاً غریب ؛ لأنّ مقتضی الاستدلال کون غُسل المیت مع الجنابة واحداً فکذا مع عدمها بالطریق الأولی ؛ والجواب یقتضی الاعتراف بالغُسل الواحد ، لکن الواحد یراد به من دون غُسل آخر للجنابة ، لا کونه واحداً مرکّباً ، إذ لو کان ثلاثة أغسال تتحقق الوحدة علی معنی عدم الاحتیاج إلی غُسل آخر للجنابة.

فالأولی أنّ یبیّن المراد بالواحد فی الروایة ، فإن أُرید به غُسل المیت المتضمن للصورة المخصوصة لا یتم الاستدلال علی الاکتفاء بالمرّة بالقراح ، وإنّ أُرید بالواحد الغُسل بالقراح أمکن توجیه الاستدلال بالأولویة.

لکن الجواب حینئذٍ ینبغی أنّ یکون بأنّ المتبادر من الواحد غُسل المیت علی الهیئة المخصوصة فی غیره من الاخبار. غیر أنّ احتمال إرادة غُسل واحد إمّا الجنابة أو غُسل المیت ، ولمّا کان غسل الجنابة لیس فیه ما فی غُسل المیت دلّ الخبر حینئذٍ علی عدم اشتراط الخلیط ، فیحتمل ادعاء أنه غیر واجب. ویجاب بجواز الاختصاص بحال الجنابة ، إلاّ أنّ الحق تبادر إرادة غُسل المیت.

والثانی : کالأوّل فی الاحتمال ، وقوله علیه السلام فیه : « لأنّهما حرمتان اجتمعتا فی حرمة واحدة » وإنّ کان لا یخلو من إجمال من حیث احتمال إرادة غسل ثالث یجزئ عن الجنابة والموت ، إلاّ أنّ احتمال إرادة الاکتفاء بالغسل الواحد له تبادر علی ما یظن من الروایتین.

ولو رام قائل أنّ یقول : إنّ الإجزاء عن الجنابة لا یتصوّر إلاّ فی ماء القراح ؛ لأنّ غیره ربما لا یتحقق معه الماء المطلق ، سیّما وقد قدّر بعض الأصحاب السدر برطل ، وبعضهم برطل ونصف.

فالجواب عنه : أن اعتبار بقاء الماء علی إطلاقه معروف بین الأصحاب.

ص: 345

نعم ذکر الشهید فی الذکری : أنّ المفید قدّر السدر برطل ، وابن البراج برطل ونصف ، واتفق الأصحاب علی ترغیته ، وهما یوهمان الإضافة ویکون المطهّر هو القراح (1). انتهی.

وهذا غیر خفی أنّه لا یقتضی القول ، بل مجرّد الإیهام ، علی أنه یمکن أنّ یقال - بتقدیر کونه غُسلاً واحداً - : إنّ الغسلین الأولین مقدمتان للطهارة فلا مانع من الإضافة ، أمّا لو قیل : إنهما ثلاثة أغسال ، أمکن التوقف ؛ وإنّ أمکن أنّ یقال : إنّه لا مانع من کون الماء مضافاً والمطهّر المجموع. إلاّ أنّ الظاهر من بعض الأخبار حیث قیل فیه : بماء وسدر بقاء الماء علی الإطلاق (2).

والثالث : ربما کان فیه دلالة علی کون الغُسل واحداً ؛ لأنّ الغسلة الواحدة إمّا أنّ یراد بها غُسل المیت ، أو ثالثة غُسل المیت ؛ فإنّ أُرید الأوّل أفاد المطلوب ، وإنّ أرید الثانی یضرّ بالحال ، ولعل سلاّر لو استدل به أمکن التوجیه ، لکن السند کما تری ، والمتن لا یخلو من إجمال.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ للأصحاب کاملاً فی تداخل الأغسال ، وتفصیلاً قد أوضحناه فی محل آخر (3) ، والذی یلیق ذکره هنا ما ذکروه فی التداخل مع کون الأغسال کلّها واجبة ، وحاصل الأمر أنّ البعض ذکر ما أشرنا إلیه ولم یذکر غسل المیت مع الجنابة (4) ، ووجّه التداخل بأن المطلوب رفع الحدث أو الاستباحة وهو شی ء واحد. وأنت خبیر بأنّ هذا

بحث فی تداخل الاُغسال

ص: 346


1- الذکری : 45.
2- الوسائل 2 : 479 أبواب غُسل المیت ب 2.
3- راجع ص 684 692.
4- راجع ص : 685.

لا یتم فیما نحن فیه ، لکن الأصحاب لما ضویقوا باعتبار اشتراطهم نیّة الرفع أو الاستباحة ( التجأوا إلی تکلّف التوجیه فی صحة التداخل.

ثم إنّ بعضهم قال : إنّ لم نکتف بالقربة بل أوجبنا الرفع أو الاستباحة ) (1) فإن نوی أحدهما فلا یخلو : إمّا أنّ لا یعیّن رفع أحد الأحداث أو یعیّن ؛ فإن کان الأوّل فالعلاّمة علی التداخل (2) ، وإنّ کان الثانی : فإن کان معها غسل الجنابة وساوَیْنا بینها وبینه فی عدم الوضوء ، أو لم یکن معها ، کفی نیته عن الباقی. وإنّ کان معها واشترطنا الوضوء فیها ، فإن کان المعیّن الجنابة أجزأ عن غیره علی المشهور. وإنّ کان غیره فخلاف. والمحقق فی المعتبر مال إلی الأخیر محتجاً بأنّه غُسل صحیح نوی به الاستباحة (3). والعلاّمة فی النهایة قوّی عدم الإجزاء محتجاً بأنّ رفع الأدون لا یستلزم رفع الأعلی (4).

ولا یخفی علیک أنّ ما نحن فیه یقع فیه الإشکال من جهة الوضوء إن قلنا بوجوبه مع غُسل المیت ، وحینئذٍ یحتمل سقوطه باعتبار الجنابة ، ویحتمل عدمه لاحتمال الاکتفاء بغُسل المیت عنه ، لا لکونه مقصود الدخول فیه ، فإذا ثبت الوضوء مع غُسل المیت بقی وجوبه ، ویحتمل البناء علی التداخل فی جمیع أغسال المیت أو فی القراح ، والأخبار کما تری لا دلالة فیها علی شی ء من ذلک.

أمّا ما قد یقال : إنّ الأخبار لا تدل علی بقاء غُسل الجنابة بعد

ص: 347


1- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
2- نهایة الاحکام 1 : 112.
3- المعتبر 1 : 361.
4- نهایة الاحکام 1 : 112.

الموت ، بل الظاهر منها الاکتفاء بغُسل واحد ، وهو أعمّ من التداخل الدال علی بقاء غُسل الجنابة ، وعدمه الدال علی عدم الوجوب ، بل الظاهر من قوله علیه السلام : « حرمتان اجتمعتا فی حرمة » الأوّل. فلا یخلو من وجه ، إلاّ أن للکلام فی المقام مجالاً ، والله تعالی أعلم.

قوله :

فأما ما رواه إبراهیم بن هاشم ، عن الحسین بن سعید ، عن صفوان بن یحیی ، عن عیص ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن رجل مات وهو جنب ، قال : « یغسّل غسلة واحدة بماء ، ثم یغسّل بعد ذلک ».

وروی علی بن محمّد ، عن أبی القاسم سعید بن محمّد الکوفی ، عن محمّد بن أبی حمزة ، عن عیص ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یموت وهو جنب ، قال : « یغسّل من الجنابة ، ثم یغسّل بعد غُسل المیت ».

عنه ، عن محمّد بن خالد ، عن عبد الله بن المغیرة قال : أخبرنی بعض أصحابنا ، عن عیص ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، عن أبیه علیه السلام قال : « إذا مات المیت فخُذ فی جهازه وعجّله ، وإذا مات المیت وهو جنب غسّل غُسلاً واحداً ، ثم یغسّل بعد ذلک ».

فلا تنافی بین هذه الأخبار وبین الأخبار الأوّلة ؛ لأنّ هذه الروایات أوّل ما فیها أنّ الأصل فیها کلّها عیص بن القاسم ، وهو واحد ، ولا یجوز أن یعارض بواحد جماعة کثیرة ؛ لما بیّناه فی غیر موضع. ولو صحّ لاحتمل أنّ تکون محمولة علی ضرب من

ص: 348

الاستحباب دون الفرض والإیجاب.

علی أنّه یمکن أن یکون الوجه فی هذه الأخبار أنّ الأمر بالغُسل بعد غُسل المیت غُسلَ الجنابة إنّما توجّه إلی غاسله ، فکأنه قیل له : ینبغی أن یغسّل المیت غُسل الجنابة ثم تغتسل أنت. فیکون ذلک غلطاً من الراوی أو الناسخ ؛ وقد روی ما ذکرناه هذا الراوی بعینه :

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی جعفر محمّد بن علی بن الحسین ، عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن علی ، عن عبد الله بن الصلت ، عن عبد الله بن المغیرة ، عن عیص بن القاسم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا مات المیت وهو جنب غسّل غُسلاً واحداً ، ثم اغتسل بعد ذلک ».

السند :

فی الأوّل : لیس فیه ریب إلاّ من جهة عدم الطریق إلی إبراهیم بن هاشم فی المشیخة ، وطریقه فی الفهرست إلیه مقید بکتبه (1) ، ولم یعلم أنّ هذا الخبر من کتبه. واحتمال تصحیح الطریق من طریقه إلی ابنه علی من حیث إنّ الظاهر کون الابن روی جمیع روایات الأب لا یخفی حاله.

وأمّا عیص فهو ابن القاسم ، کما صرَّح به الشیخ فیما یأتی.

والثانی : فیه علی بن محمّد ، وهو مشترک (2) ، من دون الطریق إلیه لیعرف مرتبته.

لیس للشیخ طریق إلی إبراهیم بن هاشم فی المشیخة

علی بن محمّد مشترک

ص: 349


1- الفهرست : 4.
2- هدایة المحدثین : 218.

وسعید بن محمّد الکوفی غیر مذکور فی الرجال.

ومحمّد بن أبی حمزة قدّمنا فیه القول (1) ؛ وفی الرجال أیضاً محمّد بن أبی حمزة التیملی مهمل (2).

والثالث : فیه جهالة المروی عنه الراجع إلیه ضمیر عنه. وکذلک محمّد بن خالد لاشتراکه (3) مع الإرسال.

والرابع : فیه محمّد بن أحمد بن علی ، ولا یبعد أنّ یکون محمّد بن أحمد ابن أبی قتادة علی بن حفص ؛ لأنّ الراوی عنه محمّد بن یحیی العطّار ، وهو ثقة فی النجاشی (4). واحتمال غیره ممّا هو مذکور فی کتاب ابن داود نقلاً من کتاب الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام (5) أظنّه بعیداً.

المتن :

فی الجمیع ما عدا الأخیر لا یخلو ما ذکره الشیخ فیه من نظر :

أمّا أولاً : فلما ذکره رحمه الله من أنّه لا یطعن فی السند إلاّ بعد عدم وجه الجمع ، والوجه هنا ممکن.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ السهو من الراوی فی مثل هذا مشکل بالنسبة إلی کون الرجل ثقة ؛ اللهم إلاّ أنّ یکون السهو نادراً. وسهو الناسخ أبعد ؛ لأنّ مقتضی الأوّل : أنّ یغسّل المیت بماء أوّلاً ثم یغسّل ، فلو حمل الغُسل الثانی

سعید بن محمّد الکوفی غیر مذکور فی الرجال

محمّد بن أبی حمزة التیملی مهمل

محمّد بن خالد مشترک

محمّد بن أحمد بن علی بن حفص ثقة

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی عدم کفایة غُسل واحد للمیت الجنب

ص: 350


1- فی ص 945.
2- رجال الطوسی : 306 / 417.
3- هدایة المحدثین : 237.
4- رجال النجاشی : 337 / 902.
5- رجال ابن داود : 161.

علی غُسل المغسّل أمکن ، أمّا غُسل المیت بماء فقط فهو خلاف مدلول الأخبار ؛ اللهم إلاّ إلاّ أنّ یقال : إنّ الغرض بیان غُسله بالماء المطلق ، وترک ما معه من الضمیمة للعلم به ، وربما کان هذا أولی فی الاستدلال لسلاّر لو صحّ.

وأمّا الثانی : فالسهو فیه من الناسخ بعید جدّاً ، وظاهره المنافاة.

وکذلک الثالث ، إلاّ أنّه قریب للتأویل ، ولعلّ الأولی الحمل علی الاستحباب.

وما قاله شیخنا أیّده الله تعالی فی فوائد الکتاب : من أنّ الأوضح الحمل علی أنّه یغسّل أوّلاً من أثر الجنابة مثل المنی ونحوه ؛ ممکن وإنّ بعُد ، إلاّ أنّه أقرب من محمل الشیخ علی السهو.

أمّا ما ذکره الشیخ من دلالة الروایة الأخیرة فلا یدلّ علی أنّ ما وقع سهو کما لا یخفی ، بل یؤکّد الاستحباب.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ مورد الأخبار موت الجنب ، أمّا غیره فالحائض والنفساء قد ورد فی بعض الأخبار أنّهما یغسّلان مثل غُسل الطاهرة.

ثم قال علیه السلام : « وکذلک الجنب إنّما یغسّل غُسلاً واحداً فقط » وفیه دلالة علی أنّ المراد بالغُسل الواحد غسل الأموات. وهو مروی فی التهذیب عن محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن أحمد بن الحسن بن علی بن فضّال ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطی ، عن أبی عبد الله علیه السلام (1).

ص: 351


1- التهذیب 1 : 432 / 1382 ، الوسائل 2 : 540 أبواب غسل المیت ب 31 ح 2.

ولا یبعد أنّ یکون الحدیث مأخوذاً من الفقیه ، وما تضمنه من الجنب محتمل لأنّ یکون من کلام الصدوق ، لأنّه قال فی آخره : وکذلک الجنب إنّما یغسّل غُسلاً واحداً (1). والموجود فی النسخة التی وقفت علیها وقوع فاصل بین هذه العبارة وما قبلها ؛ إلاّ أنّ الشیخ نقله من جملة الحدیث من غیر فاصلة.

وأمّا غیر من ذکر فاحتمال الاتحاد فی الحکم ممکن ؛ لظاهر التعلیل فی الخبر السابق عن زرارة (2). ویحتمل العدم ؛ لاحتمال التعلیل الاختصاص ، ولا یخلو من بُعد. وقد وصف خبر زرارة بالصحة فی کلام بعض محقّقی المعاصرین (3) سلّمه الله وکأنّه لما أشرنا إلیه سابقاً (4).

قوله :

باب حدّ الماء الذی یغسّل به المیت.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الصفار ، قال : کتبت إلی أبی محمّد علیه السلام ، کم حدّ الماء الذی یغسّل به المیت؟ کما ورد (5) أنّ الجنب یغتسل بستّة أرطال والحائض بتسعة أرطال ، فهل للمیت حدّ من الماء الذی یغسّل به؟ فوقّع علیه السلام : « حدّ غسل المیت أنّ یغسّل حتّی یطهر إنّ شاء الله تعالی ».

فأمّا ما رواه علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن

حکم من مات وعلیه غُسل غیر غُسل الجنابة

حدّ الماء الذی یغسّل به المیت

اشارة

ص: 352


1- الفقیه 1 : 93 / 425.
2- المتقدم فی ص 958.
3- کالبهائی فی الحبل المتین : 60. ووصفه بالحسن لا بالصحة.
4- راجع ص : 962.
5- فی الاستبصار 1 : 195 / 686 : رووا.

حفص ابن البختری ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله لعلی (1) : إذا أنا مِتُّ فاغسلنی بسبع قِرَب من بئر غرس ».

وما رواه سهل بن زیاد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن فضیل سُکَّرة قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : جعلت فداک ، هل للماء حدّ محدود؟ قال : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال لعلی علیه السلام : إذا أنا مِتّ فاستق لی ستّ قِرَب من بئر غرس فاغسلنی وکفّنّی ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والخبر الأوّل ؛ لأنّهما محمولان علی ضرب من الاستحباب ، لأنّ الفضل فی غُسل المیت أنّ یستعمل الماء کثیراً واسعاً ولا یضیّق الماء فیه ، وإنّ کان لو اقتصر علی القدر الذی یطهره أجزأه ما یتناوله اسم الغسل.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فیه کما قدّمناه.

والثانی : کذلک عند المتأخرین ، غیر أنّه ربما یحصل نوع شک فی حفص ابن البختری ، لأنّ النجاشی وثّقه قائلاً بعد التوثیق : روی عن أبی عبد الله وأبی الحسن علیهماالسلام ، ذکره أبو العباس ، وإنّما کان بینه وبین آل أعیَن نبوة (2) فغمزوا علیه بلعب الشطرنج (3).

ولا یخفی أنّ أبا العباس مشترک بین ابن نوح وابن عقدة (4) ، وابن

بحث حول حفص بن البختری

ص: 353


1- فی الاستبصار 1 : 196 / 687 ، والتهذیب 1 : 435 / 1398 زیادة : علیه السلام : یا علی.
2- النبوة : النفرة ، المصباح المنیر : 591 ( نَبَا ).
3- رجال النجاشی : 134 / 344.
4- هدایة المحدثین : 288.

عقدة لا یصلح لإثبات توثیقه ، لکن شیخنا المحقّق میرزا محمّد أیّده الله کان یرجّح أنّه ابن نوح. وهو غیر بعید ، إلاّ أنّ ابن نوح فیه کلام یعرف من مراجعته ، ورجوعه لا یفید ؛ إذ لم یعلم کون التوثیق بعده. ولعلّ الإشارة فی ذلک إلی روایته عن أبی عبد الله وأبی الحسن ، لا إلی التوثیق ، لکن إشارة البعید تنافیه ( وقد تقدّم القول فیه مفصّلاً (1) ) (2).

والثالث : فیه سهل.

وفضیل سُکّرة مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (3).

المتن :

فی الأوّل : لا یخفی ظهوره فی الدلالة علی أنّ ماء غُسل المیت لیس له حدّ.

والأخبار الباقیة ما ذکره الشیخ فیها لا وجه له ؛ لأنّ السؤال فی الأوّل تضمّن أنّ غُسل المیت هل له حدّ کما فی الجنب؟ والجواب تضمّن أنّ حدّ غُسل المیت الطهارة ؛ وهو یقتضی أنّ ما فی الجنب والحائض لیس فی المیت ، والزیادة فی الجنب والحائض علی الاستحباب محمولة ، فلو حمل ما فی الأخبار علی الاستحباب ساوی غیره فی الاستحباب ، وإنّ تفاوت الاستحباب فی المقدار ، والظاهر من الخبر الأوّل نفی الحدّ مطلقاً.

ولعلّ الأولی أنّ یقال : إنّ المنفی من الأوّل غیر صحیح ، والمفهوم لو تمّت دلالته یراد به نفی ما ذکر للجنب والحائض لا مطلقاً.

فضیل سُکّرة مهمل

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی تحدید ماء غُسل المیت

ص: 354


1- راجع ص 61.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
3- رجال الطوسی : 272 / 27.

علی أنّ ما ورد فی قضیّة النبی صلی الله علیه و آله یشکل بما رواه الشیخ فی التهذیب عن الصفار ، عن محمّد بن عیسی ، عن القاسم الصیقل قال : کتبت إلیه : جعلت فداک ، هل اغتسل أمیر المؤمنین علیه السلام حین غسّل رسول الله صلی الله علیه و آله عند موته؟ فأجابه : « النبی صلی الله علیه و آله طاهر مطهّر ، ولکن أمیر المؤمنین علیه السلام فعل وجرت به السنّة » (1).

فإنّ هذا الحدیث کما تری یدل علی خلاف ما ذکره الشیخ من التأویل ؛ إلاّ أنّ یقال : إنّه لتعلیم الناس ؛ وحینئذٍ یکون المستحب فی غُسل المیت زیادة الماء القدر المذکور فی الروایة ، لا مطلق الکثرة کما قاله الشیخ ، علی أنّ خصوص بئر غرس ربما کان له نوع مدخلیة.

اللغة :

غرس : بالغین المعجمة والراء المهملة نصّ علیه فی القاموس ، وقال : بئر غرس فی المدینة ، ومنه الحدیث : « غرس من عیون الجنة » (2) کذا قاله شیخنا أیّده الله فی فوائد الکتاب. وفیه دلالة علی خصوصیة بئر غرس کما لا یخفی.

قوله :

باب جواز غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها.

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمّد ، عن

توضیح حول بئر غرس

جواز غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها

اشارة

ص: 355


1- التهذیب 1 : 469 / 1541 ، الوسائل 3 : 291 أبواب غسل المس ب 1 ح 7 وفیهما بتفاوت یسیر.
2- القاموس المحیط 2 : 243.

محمّد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد (1) ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، أنّه سئل عن الرجل یموت ولیس عنده من یغسّله إلاّ النساء ، قال : « تغسّله امرأته أو ذو قرابة إنّ کانت له ، وتصبّ النساء علیه الماء صبّاً ، وفی المرأة إذا ماتت یدخل زوجها یده تحت قمیصها فیغسّلها ».

وبهذا الاسناد ، عن محمّد بن یحیی ، عن محمّد بن الحسین ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرجل یغسّل امرأته؟ قال : « نعم من وراء الثوب ».

أحمد بن محمّد ، عن علی بن الحکم ، عن الحسین بن عثمان ، عن سماعة قال : سألته عن المرأة إذا ماتت ، قال : « یدخل زوجها یده تحت قمیصها ویغسّلها إلی المرافق ».

سهل بن زیاد ، عن علی بن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی المرأة إذا ماتت ولیس معها امرأة تغسّلها ، قال : « یدخل زوجها یده تحت قمیصها فیغسّلها إلی المرافق ».

الحسین بن سعید ، عن علی بن النعمان ، عن أبی الصباح الکنانی ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی الرجل یموت فی السفر فی أرض لیس معه إلاّ النساء ، قال : « یدفن ولا یغسّل ؛ والمرأة تکون مع الرجل بتلک المنزلة تدفن ولا تغسّل ، إلاّ أنّ یکون زوجها معها ؛ فإن کان زوجها معها غسّلها من فوق الدرع ویسکب الماء علیها سکباً ،

ص: 356


1- فی الاستبصار 1 : 196 / 689 زیادة : بن عثمان.

ولا ینظر إلی عورتها ، وتغسله امرأته إنّ مات ؛ والمرأة إنّ ماتت لیست بمنزلة الرجل ، المرأة أسوأ منظراً إذا ماتت ».

سهل بن زیاد ، عن ابن أبی نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبی عبد الله علیه السلام مثله.

قال محمّد بن الحسن : هذه الأخبار کلها دالّة علی أنّه ینبغی له أن یغسّلها من فوق الثیاب ؛ وأمّا المرأة فإنّ الأولی أیضاً أنّ تغسّل الرجل من فوق الثیاب.

السند :

فی الأوّل : حسن.

والثانی : صحیح.

والثالث : موثّق علی ما قدمناه فی الحسین بن عثمان (1).

والرابع : فیه سهل بن زیاد.

والخامس : صحیح.

والسادس : فیه سهل بن زیاد.

وداود بن سرحان (2) وثّقه النجاشی (3) ، إلاّ أنّ فی کلامه احتمال أنّ یکون التوثیق من ابن نوح ، وقد قدّمنا فی ابن نوح أنّ فیه کلاماً (4).

والحق أنّ یقال : إنّ ما ذکر فی ابن نوح إنّما حکاه الشیخ فی

بحث حول داود بن سرحان

بحث حول ابن نوح

ص: 357


1- فی ص 131.
2- فی النسخ : علی بن النعمان ، والصواب ما أثبتناه.
3- رجال النجاشی : 159 / 420.
4- راجع ص 968.

الفهرست بلفظ : وحکی عنه مذاهب فاسدة فی الأُصول مثل القول بالرؤیة (1). ولا یخفی أنّ الحاکی غیر معروف ، والنجاشی لیس ممن یشتبه علیه الحال ، وقد أثنی علیه تمام الثناء فی کتاب الرجال (2).

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی أنّ الزوجة تغسّل الرجل أو القرابة ، أمّا الزوجة فیغسّل الزوج لها بإدخال یده تحت القمیص. وما تضمنه السؤال من قوله : لیس عنده إلاّ النساء. لا یدل علی الاختصاص بحال الضرورة ، لأنّ السؤال عن بعض الأفراد لا یفید تخصیصها کما لا یخفی.

فإن قلت : إذا تضمّن السؤال أمراً خاصاً فالظاهر من الجواب مطابقته ، ودعوی الجواز مطلقاً یحتاج إلی دلیل.

قلت : نحن لا ندعی الجواز مطلقاً بهذه الروایة ، بل من إطلاق بعض آخر ، علی معنی أنّه لا یتوهم أنّ إطلاق البعض یقید بهذا الخبر ، وإنّما یقید المطلق إذا نافاه ، أمّا إذا ذکر بعض أفراده فلا منافاة ، وما نحن فیه من هذا القبیل ؛ لأنّ بعض أفراد المطلق ما ذکر فی السؤال.

فإن قلت : هذا آتٍ فی کل مطلق ومقیّد.

قلت : قد قدّمنا فی هذا الکتاب کلاماً فی أنّ المقید إنّما ینافی المطلق إذا قلنا بأنّ مفهوم الوصف حجة ، لیدلّ وصف المقید علی النفی عما عداه المنافی للمطلق الدالّ علی الجواز ، بخلاف ما إذا سئل عن بعض أفراد المطلق فإنّ الجواب عنه لا یفید إثبات وصف دالّ علی النفی عما عداه وإنّ

بیان ما دلّ علی جواز تغسیل المرأة زوجها والرجل امرأته من وراء الثیاب

ص: 358


1- الفهرست : 37 / 107.
2- رجال النجاشی : 86 / 209.

اختص الجواب بالسؤال ، فینبغی التأمّل فی هذا ، فإنّی لم أقف علیه فی کلام الأُصولیین ، مع أنّ القائل بعدم حجیة مفهوم الوصف قائل بحمل المطلق علی المقید بسبب التنافی ، هذا.

والموجود فی النسخ : « وتصبّ النساء علیه الماء » والظاهر عود الضمیر إلی المیت ؛ وفی الفقیه : « وتصبّ النساء علیها الماء » (1) وکأنّه أظهر.

والثانی : وإنّ کان فیه إطلاق التغسیل من وراء الثیاب المتناول للغسل من فوقها إلاّ أنّه یمکن حمله علی المقیّد السابق الدالّ علی إدخال یده تحت القمیص.

أمّا الثالث : ففیه تقیید أیضاً إلاّ أنّه مصرّح بغسل الیدین إلی المرافق ، وهو غیر مدلول الأولین ، فیمکن حمل إطلاقهما علی هذا المقیّد عند من یعمل بهذا الخبر کالشیخ.

ولا یبعد أنّ یکون الشیخ فهم من قوله : « المرافق » إرادة مرافق الغاسل ، علی معنی یدخل یده إلی المرافق ؛ ویکون المراد بالید ما یتناول الیدین بنوع من التوجیه. ولو لا هذا لکان الخبر من قسم المنافی للأوّلین کما لا یخفی. وهکذا القول فی الرابع.

والخامس : کما تری یدل علی أنّ سقوط التغسیل مع عدم من ذکر ، وسیأتی ما ینافیه ، ونتکلم فیه إنّ شاء الله تعالی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ مدلول هذه الأخبار ما ذکره الشیخ من تغسیل المرأة من وراء الثیاب ، لکن ظاهر کلام الشیخ أنّ ذلک لیس علی سبیل

ص: 359


1- الفقیه 1 : 94 / 434 ، الوسائل 2 : 519 أبواب غسل المیت ب 20 ح 9.

التعیّن ؛ لأنّه قال : وأمّا المرأة فإنّ الأولی أیضاً. ولفظ « ینبغی » ربما یدل أیضاً.

وسیأتی من الشیخ ما یقتضی التعیّن ( فی جانب الرجل عن قریب ، ویأتی ) (1) کلام یدل علی التقیید بعدم النساء إذا ماتت المرأة وعدم الرجال إذا مات الرجل ، وستسمع القول فیه (2).

والمنقول عن السیّد المرتضی (3) وجماعة منهم الشیخ فی الخلاف : جواز تغسیل کلّ من الزوجین الآخر مجرّداً مع وجود المحارم وعدمهم (4).

قوله :

والذی یدل علی ذلک :

ما رواه حمید بن زیاد ، عن الحسن بن محمّد الکِنْدی ، عن غیر واحدٍ ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یموت ولیس عنده من یغسّله إلاّ النساء ، هل تغسّله النساء؟ فقال : « تغسّله امرأته أو ذات محرم ، وتصبّ علیه (5) النساء الماء صبّاً من فوق الثیاب ».

سعد بن عبد الله ، عن أبی جعفر ، عن الحسن بن علی الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إذا مات

ص: 360


1- بدل ما بین القوسین فی « د » و « رض » : عن قریب ، ویأتی فی جانب الرجل.
2- فی ص : 367 370.
3- حکاه عنه فی الذکری : 38.
4- الخلاف 1 : 698.
5- فی الاستبصار 1 : 198 / 695 : علیها.

الرجل مع النساء غسّلته امرأته ، فإن لم تکن معه امرأته غسّلته أولاهنّ به وتلفّ علی یدیها خرقة ».

ولا ینافی ذلک : ما رواه الحسین بن سعید ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی الرجل یموت ولیس معه إلاّ النساء ، قال : « تغسّله امرأته ، لأنّها منه فی عدّة ، وإذا ماتت لم یغسّلها لأنه لیس منها فی عدة ».

لأنّ الوجه فی قوله علیه السلام : « إذا ماتت لم یغسّلها » أی مجرّدة من ثیابها ؛ لأنّا إنّما نجوّز أنّ یغسّلها من تحت الثیاب ، وعلی هذا دلّ أکثر الروایات المتقدمة ، ویکون الفرق بین الرجل والمرأة فی ذلک أنّ المرأة یجوز لها أنّ تغسل الرجل مجرداً ، وإنّ کان الأفضل والأولی أنّ تستره ثم تغسله ؛ ولیس کذلک الرجل ، لأنّه لا یجوز له أنّ یغسّلها إلاّ من وراء الثیاب.

السند :

فی الأوّل : فیه حمید بن زیاد ، وهو ثقة واقفی علی ما ذکره النجاشی (1) ، والشیخ لم یذکر الوقف وذکر التوثیق (2). ورجحان النجاشی هنا واضح علی قواعد بعض الأصحاب من ترجیح الجارح (3) ، غیر أن العلاّمة قال فی الخلاصة بعد نقل کلامی الشیخ والنجاشی : والوجه عندی أنّ روایته مقبولة إذا خلت عن المعارض (4).

بحث حول حمید بن زیاد

ص: 361


1- رجال النجاشی : 132 / 339.
2- الفهرست : 60 / 228.
3- کالشهید الثانی فی الدرایة : 73.
4- الخلاصة : 59 / 2.

وفی حواشی جدّی قدس سره علی الخلاصة : إنّ أراد بالمعارض ما یتناول أصالة البراءة فالکلام جیّد ، إلاّ أنّ العمل والحال هذه یکون بالأصل لا بالخبر ؛ وإنّ أراد بالمعارض النقل دون أصالة البراءة فمشکل ؛ لأنّ الخروج عن أصالة البراءة بروایة الواقفی غیر معهود من مذهبه وإنّ کان موثقاً. انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ ما قاله جدّی قدس سره محلّ تأمّل ، لأنّ ظاهر قول العلاّمة : إذا خلا عن المعارض. لا یقبل إرادة أصالة البراءة ؛ لأن معارضة أصالة البراءة لا یتمّ إلاّ إذا دلّ الخبر علی خلافها ، فکیف یقول حینئذٍ : إنّ العمل بالأصالة لا بالخبر.

ولعلّه قدس سره فهم من العلاّمة أنّ مراده بالخلوّ عن معارضة أصالة البراءة موافقة أصالة البراءة ؛ لأنّ خلوّ الخبر عن معارضة أصالة البراءة یقتضی موافقة أصالة البراءة.

وهذا وإنّ أمکن توجیهه إلاّ أنّه یمکن أنّ یقال : إنّ الخلوّ عن معارضة الأصالة لا یقتضی موافقتها ، کما لو فرض تحقّق اشتغال الذمّة بحکم ثم ورد الخبر فی زوال ذلک الحکم ، فإنّ الخبر حینئذٍ غیر معارض بأصالة البراءة ولا موافق لها.

وتوضیح هذا یتحقق بمثالٍ ، وهو ما لو علم نجاسة الثوب بشی ء من النجاسات ، ( ثم ورد الخبر بأنّ طهره یتحقق بالغَسل بالماء مرّة ، فأصالة البراءة لا توافقه لتحقق اشتغال الذمّة بالنجاسة ) (1).

اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ أصالة البراءة من الزائد عن المرّة موجودة فهی

ص: 362


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

موافقة له.

وفیه : أنّ هذا إنّما یتمّ علی تقدیر ورود المرّتین وتعارض الخبرین ، والمدعی أعمّ.

نعم لو ورد الخبر بالمرّتین ، وغیره بالمرّة. أمکن موافقته لأصالة البراءة ، نظراً إلی أنّ الزیادة عن المرّة الأصل عدم التکلیف بها.

وفیه نوع تأمّل ؛ لأنّ الفرض تحقق اشتغال الذمّة بالنجاسة علی الإطلاق ، فلا وجه لکون الزائد عن المرّة خلاف الأصل.

اللهم إلاّ أنّ یقال : إنّ فعل المرّة أزال یقین (1) النجاسة ، والذمّة إنما کانت مشغولة بما یخرج عن الأصل بالیقین ، ومع انتفائه یزول اشتغال الذمّة ویرجع إلی الأصل.

وفیه نظر ؛ لأنّ زوال النجاسة موقوف علی ما أعدّه الشارع ، والفرض تعارض الخبرین ، وقد قدّمنا نحو هذا فیما سبق.

وقول جدّی قدس سره علی تقدیر إرادة المعارض النقلی أیضاً لا یخلو من تأمّل ، لا لما ذکره من جهة العلاّمة ، بل لما أشرنا إلیه فلیتأمّل ، هذا کلّه فإنّه حری بالتأمّل التامّ.

ثم ما ذکره العلاّمة یتوجه علیه أنّ ترک قبول قول النجاشی غریب بعد اشتهار تقدیم قول الجارح علی المعدِّل ، واعتبار التوقف علی بیان السبب لا یقتضی تقدیم قول الشیخ لاشتراک العلّة ، علی أنّ الخلوّ عن المعارض لا دخل له بالترجیح ، وهو أعلم بمراده.

وأمّا الحسن بن محمّد الکِنْدی فهو الحسن بن محمّد بن سماعة

بحث حول الحسن بن محمّد الکندی

ص: 363


1- فی « فض » و « رض » : تعین.

الواقفی الثقة ؛ لأنّ الراوی عنه حمید بن زیاد فی الرجال علی ما فی النجاشی (1) والفهرست (2) ، والإرسال فی السند غیر خفی.

والثانی : حسنُ بالوشّاء ، علی تقدیر دلالة ما قالوه : من أنّه من الوجوه. علی المدح (3).

والثالث : لا ارتیاب فی صحته کما قدّمناه.

المتن :

فی الأوّل : یدل علی ما ذکره الشیخ من تغسیل المرأة للرجل من وراء الثیاب إنّ جعل قوله : « من وراء الثیاب » متعلقاً بقوله : « تغسّله امرأته » أمّا لو جعل متعلقاً ب- « تصبّ علیه النساء » فلا یدل ، لکن الظاهر ما فهمه الشیخ ، إلاّ أنّ الاحتمال ممکن.

وما تضمّنه من ذکر ذات المحرم یراد بها علی ما ذکره الأصحاب من حرم نکاحه مؤبّداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة (4). واحترز بقید التأبید عن أُخت الزوجة وبنت غیر المدخول بها.

ونقل بعض محقّقی المعاصرین سلّمه الله عن الشهید فی شرح الإرشاد : أنّه قال : إنّ توقف حلّ نکاحهما علی مفارقة الأُخت والأُم لو اقتضی دخولهما فی المحارم لزم کون نساء العالم محارم للمتزوّج أربعاً.

إشارة إلی حال الوشّاء

مالمراد بالمحرم فی قوله علیه السلام : « أوذات محرم »؟

ص: 364


1- رجال النجاشی : 40 / 84.
2- الفهرست : 51 / 182.
3- کما فی رجال النجاشی : 39 / 80 ، والفهرست : 54 / 192 ، وخلاصة العلاّمة : 41 / 16.
4- منهم الشهید الأوّل فی الدروس 1 : 103 ، والشهید الثانی فی الروضة البهیة 1 : 125 ، والبهائی فی الحبل المتین : 63.

وناقشه الناقل بعدم تحریم النکاح المنقطع علی ذی الأربع ، قال : ولو قال - یعنی الشهید - : لزم کون ذوات الأزواج محارم للأجانب کان ، أولی (1). انتهی.

وفی نظری القاصر أنّ کلام الشهید ( لا وجه له ، لأنّ غرض من فسّر المحارم الانحصار فی النسب والرضاع والمصاهرة ، ولو لا هذا لدخل فیه الملاعنة والمطلقة تسعاً والموطؤة فی العدّة ) (2) لکن لما کانت أُخت الزوجة من توابع المصاهرة وذکروها بخصوصها وعلی هذا فالاعتراض بذی الزوجات الأربع إنّما یتم إذا فسّر المحرم : بمن لو فارق من عنده حلّت له ، أو بمن تحرم علیه ما دامت عنده الزوجة أمکن أنّ یقال : لولا قید الدوام دخل ما ذکر ، لکن غیر خفی عدم الدخول فی التعریف ؛ لأنّ الظاهر کون المانع هو الزوجة الرابعة ، والحال أنّ ذوات الأزواج داخلات فی نساء العالم ، ولا یحصل الحلّ بمجرد المفارقة ، بل بمفارقتین منه ومن الزوج الآخر.

وبالجملة : فالکلام لا یخلو من غرابة من مثل الشهید رحمه الله .

وأعجب منه مناقشة الناقل لکلامه سلّمه الله فإنّ فی المناقشة اعترافاً بالإیراد ، وقد عرفت الحال. وما قاله : من أنّ الأولی إلی آخره فیه ما قدّمناه ، فلیتدّبر کلّه.

أمّا الثانی : فلا أعلم وجه الدلالة فیه علی المطلوب ، ولعلّ ذلک من قوله : « وتلفّ علی یدیها خرقة » لکن غیر خفی أنّ مثل هذا لا یصدق علیه

بیان حول روایتی عبدالله بن سنان وزرارة

ص: 365


1- حکاه فی الحبل المتین : 63 ، وهو فی روض الجنان : 97.
2- بدل ما بین القوسین فی « فض » : والاعتراض محل بحث اما الأوّل فلأنّ نساء العالم لا وجه.

من وراء الثیاب ، مضافاً إلی ظهور العود إلی غیر الزوجة.

وأمّا الثالث : فدفع المنافاة فیه بما ذکره الشیخ بعید عن ظاهر التعلیل ، لکنه وجه للجمع فی الجملة.

وما ذکره الشیخ : من أنّ الرجل لا یجوز له أنّ یغسّلها إلاّ من وراء الثیاب. ینافی ما قدّمناه من دلالة کلامه علی الأولویة سابقاً (1) ، إلاّ أنّ التسدید ممکن.

والروایة المذکورة أوّل الباب ظاهرها ینافی هذه الروایة ؛ لتضمّنها إدخال یده تحت القمیص ، ومقتضی هذه أنّه لیس منها فی عدّة ، وهو یدل علی عدم الجواز. نعم الروایة الثانیة علی تقدیر الحمل علی غسل یدیها لا تنافی هذه الروایة ، لأنّ المنفی فی هذه التغسیل التامّ. وکذلک الثالثة. هذا.

وفی الروایة الأخیرة کما تری دلالة علی أنّ المرأة لو خرجت من العدة لیس لها أنّ تغسّله ، والمفهوم هنا ربما یدّعی صراحته من حیث إنّ الظاهر کون ما ذکر علّة ، وإذا انتفت انتفی معلولها.

إلاّ أنّ یقال بأنّ فرض بقاء المیت إلی انقضاء العدة بعید ، والتعلیل إنّما هو للفرد المعروف لا لإخراج غیره ؛ مضافاً إلی ما یظهر من جدّی قدس سره فی الروضة أنّ الحکم بجواز تغسیل المرأة للرجل وإنّ خرجت العدّة إجماعی ، حیث قال : ولا یقدح انقضاء العدّة فی جواز التغسیل عندنا ، بل لو تزوجت جاز لها تغسیله وإن بَعُد الفرض (2). وذکر نحو ذلک الشهید رحمه الله (3).

وربما یمکن حمل الخبر علی التغسیل من دون الثیاب ، وتکون العلّة

المرأة التی خرجت من العدّة هل یجوز لها أن تغسّل زوجها؟

ص: 366


1- راجع ص 973.
2- الروضة البهیة 1 : 124.
3- الذکری : 40.

کذلک لا لمطلق التغسیل ، کما ینبّه علیه حکم عدم تغسیل الرجل ، فإنّ جوازه لا ریب فیه من الأخبار ، وحینئذٍ لا بُدّ من حمله علی إرادة ما وراء الثیاب.

وحینئذٍ یکون آخر الخبر مؤیّداً لأنّ تکون العلّة فی أوّله غیر مستعملة فیما ینافی ما قلناه ، والأمر سهل بعد ما سمعته من کلام جدّی قدس سره .

أمّا ما قاله قدس سره من أنّها لو تزوّجت جاز لها تغسیله. فهو محلّ تأمّل إنّ لم یکن إجماعیّاً. واحتمال ادّعاء صدق الزوجة لا یخفی ما فیه.

قوله :

فأما ما رواه الحسین بن سعید ، عن فضالة بن أیوب ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل أیصلح له أنّ ینظر إلی امرأته حین تموت؟ أو یغسّلها إنّ لم یکن عندها من یغسّلها؟ وعن المرأة هل تنظر إلی مثل ذلک من زوجها حین یموت؟ قال : « لا بأس بذلک ، إنّما یفعل ذلک أهل المرأة کراهیة أنّ ینظر زوجها إلی شی ء یکرهونه منها ».

أبو علی الأشعری ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن منصور قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الرجل یخرج فی السفر ومعه امرأته ، [ تموت (1) ] یغسّلها؟ قال : « نعم وأُمّه وأُخته ونحو هذا یلقی علی عورتها خرقة ».

علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حمّاد بن عیسی ، عن حریز ،

ص: 367


1- لیس فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 199 / 699.

عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرجل یغسل امرأته؟ قال : « نعم ، إنما یمنعها أهلها تعصّباً ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسین بن سعید ، عن القاسم بن محمّد الجوهری ، عن علی ، عن أبی بصیر قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « یغسّل الزوج امرأته فی السفر والمرأة زوجها فی السفر إذا لم یکن معهم (1) رجل ».

فهذه الأخبار وإنّ کانت مطلقة فی جواز غسل الرجل المرأة والمرأة الرجل فإنّا نقیّدها بالأخبار التی قدّمناها ؛ لأنّ الحکم الواحد إذا ورد مقیداً ومطلقاً فلا خلاف أنّه ینبغی أنّ یحمل المطلق علی المقید ، علی أنّ هذا الحکم أیضاً إنّما یسوغ مع عدم النساء إذا ماتت المرأة ، وعدم الرجال إذا مات الرجل ، والذی یدل علی ذلک ما رویناه من الأخبار المتقدمة.

السند :

فیما عدا الأخیر لا ارتیاب فیه.

والأخیر واضح الضعف بما قدمناه (2).

أمّا صفوان فهو ابن یحیی کما وقع التصریح به فی الکافی (3). ومنصور هو ابن حازم بغیر ارتیاب ؛ لروایة صفوان عنه فی الرجال (4).

منصور الذی یروی عنه صفوان بن یحیی هو ابن حازم

ص: 368


1- فی « رض » : معهما.
2- من جهة القاسم بن محمّد الجوهری وعلی ، راجع ص 129.
3- الکافی 3 : 158 / 8.
4- کما فی رجال الکشی 2 : 718 / 795 ، والفهرست : 164 / 718.

المتن :

فی الأوّل : لا یخفی صراحته فی جواز النظر من کل من الزوجین إلی الآخر بعد الموت.

والثانی : صریح فی التغسیل بدون ثوب بل بستر العورة فقط ، وینقل عن الشهید فی الذکری (1) والعلاّمة (2) قبله : أنّهما جعلاه دلیلاً علی التغسیل من وراء الثیاب ، ولا أعلم وجهه.

ثم قوله علیه السلام فیه : « ونحو هذا » محتمل للنصب علی المفعولیة فیکون معطوفاً علی ما قبله ؛ ویحتمل الرفع علی الابتداء والخبر « یلقی » وعلی الأوّل جملة « یلقی » مستأنفة ، والإشارة علی الأوّل للمحرم ، وعلی الثانی کذلک.

والثالث : کالأوّل من جهة الزوجة إذا ماتت.

والرابع : فیه إطلاق التغسیل المتناول فوقیة الثوب وعدمها.

وما ذکره الشیخ من حمل مطلق هذه الأخبار علی المقید لا یخلو من تأمّل ، أمّا أوّلاً : فلأنّ بعض هذه الأخبار صریح فی الاکتفاء بستر العورة فی المرأة ، وکلام الشیخ سابقاً (3) یعطی عدم جواز التغسیل إلاّ من فوق الثیاب.

وقوله قدس سره : إنّ الحکم الواحد إذا ورد مقیداً ومطلقاً ، إلی آخره. صحیح ، لکن المطلوب فی هذه الأخبار لیس مطلقاً ، بل البعض صریح کما ذکرناه ، والبعض کالصریح من حیث التعلیل ، والحمل علی الاستحباب فی

بیان ما دلّ علی جواز غسل الرجل امرأته مطلقاً

ص: 369


1- الذکری : 39.
2- المختلف 1 : 246.
3- راجع ص 974.

الساتر ممکن بعد صراحة بعض هذه الأخبار ، واختلاف مدلولات الأخبار الأُول. والتعلیل فی بعض ما تقدم بالعدّة وعدمها لا یفید تأسیس الحکم ، لما تضمّنه بعض الأخبار من التغسیل فوق الدرع مع مشاهدة الوجه ونحوه ، وبعضها ورد بالقمیص ، والأمر فیه کذلک.

أمّا ما قاله الشیخ من : أنّ الحکم إنّما یسوغ ، إلی آخره. ففیه أنّ الأخبار المتقدمة لا تفید التقیید إلاّ من حیث کلام السائل ، وقد قدّمنا فیه قولاً (1).

نعم خبر أبی بصیر المذکور هنا وقع التقیید فیه من الإمام علیه السلام ، فی بعض الصور ، أمّا روایة أبی الصباح السابقة فربما کان فیها تقیید من الإمام علیه السلام ، وعلی هذا فما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب من انه لیس فی الأخبار المتقدمة ما یدل علی اعتبار هذا القید. محل بحث ، لولا ما فصّلناه سابقاً وإجمال روایة أبی الصباح.

أمّا ما قاله بعض محقّقی المتأخرین رحمه الله من أنّ حمل المطلق علی المقید یتوقف علی تحقق المنافاة ، وعدم العمل بالمطلق علی إطلاقه مع العمل بالمقید (2). فله وجه ، إلاّ أنّه لا یخلو من إجمال.

قوله :

ویزید ذلک بیانا :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبی خالد ، عن أبی حمزة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « لا یغسّل الرجل المرأة إلاّ

ص: 370


1- فی ص 971.
2- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة والبرهان 1 : 178.

أنّ لا توجد امرأة ».

ولا ینافی ذلک : ما رواه أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن ابن أبی نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن مفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : جعلت فداک ، من غسّل فاطمة علیهاالسلام ؟ قال : « ذاک أمیر المؤمنین علیه السلام » قال : فکأنّی استعظمت ذلک من قوله ، قال : « فکأنّک ضقت ممّا أخبرتک به؟ » قلت : فقد کان ذلک جعلت فداک ، قال : « لا تضیقنّ ، فإنّها صدّیقة لم یکن یغسّلها إلاّ صدّیق ، أمّا علمت أنّ مریم لم یغسّلها إلاّ عیسی ».

وما رواه أحمد بن یحیی ، الحسن بن موسی الخشّاب ، عن غیاث بن کلوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبیه : « أنّ علی بن الحسین أوصی أنّ تغسّله أُمّ له إذا مات ، فغسّلته ».

لأنّ الوجه فی هذین الخبرین أنّ نقصرهما علیهما علیهماالسلام خاصة ، ویکون الوجه فی ذلک ما تضمنه الخبر من أنّه لم یکن هناک من یجوز أن یباشر فاطمة علیهاالسلام (1) وکذلک القول فی الخبر الثانی ؛ وإلاّ فالأصل ما ذکرناه.

السند :

فی الأوّل : فیه محمّد بن سنان ، وقد قدّمنا القول فیه مفصلاً (2).

وأبو خالد هو القمّاط ؛ لروایة محمّد بن سنان عنه کما فی الفهرست ،

بحث حول أبی خالد القمّاط

ص: 371


1- فی الاستبصار 1 : 200 : ومریم علیهماالسلام .
2- فی ص 85.

ونقل فیه عن ابن عقدة : أنّ اسمه کَنْکَر (1). والعلاّمة قال : أبو خالد القمّاط اسمه یزید (2). والشیخ فی رجال الصادق علیه السلام من کتابه قال : خالد بن یزید یکنی أبا خالد القماط (3). والظاهر منه أنّ المکنی خالد ، وعلی ما ذکره العلاّمة یکون المکنی یزید.

والنجاشی قال : یزید أبو خالد القماط مولی ، إلی آخره (4). وهذه العبارة محتملة لأنّ یکون قوله : أبو خالد. لأجل بیان یزید ، فکأنّه قال : یزید الذی هو أب لخالد القماط مولی ، إلی آخره ، فلا یکون المقصود بیان الکنیة. ویحتمل إرادة بیان الکنیة. وعلی کل حال فالأمر سهل فی هذا المقام ، وأظنّ أنّی قدّمت أیضاً فی هذا بعض الکلام (5).

وأمّا أبو حمزة ففیه اشتراک (6).

والثانی : فیه عبد الرحمن بن سالم ، والموجود فی الرجال واحد وهو الأشلّ ضعیف (7).

والمفضل بن عمر ضعیف (8).

والثالث : فیه الحسن بن موسی الخشّاب ، وقد قال النجاشی : إنّه من وجوه أصحابنا مشهور کثیر العلم (9).

أبو حمزة مشترک

عبدالرحمان بن سالم الأشل ضعیف

المفضّل بن عمر ضعیف

الحسن بن موسی الخشاب ممدوح

ص: 372


1- الفهرست : 184 / 816.
2- خلاصة العلاّمة : 269 / 5.
3- رجال الطوسی : 189 / 71.
4- رجال النجاشی : 452.
5- راجع ص 63.
6- هدایة المحدثین : 280.
7- ضعّفه العلاّمة فی الخلاصة : 239 / 7.
8- رجال النجاشی : 416 / 1112.
9- رجال النجاشی : 42 / 85.

وغیاث بن کلوب مهمل فی الرجال ، وقد ذکره الشیخ فی الفهرست (1) ، والنجاشی ، وذکر أنّ الراوی عنه الحسن بن موسی الخشّاب (2). ثم إنّ الشیخ فی من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام من کتابه قال : غیاث بن کلوب بن فَیْهس روی عنه الصفار (3) ؛ فتأمّل.

المتن :

فی الأوّل : کما تری وإنّ کان فیه إطلاق ، إلاّ أنّه لا بُعد فی تقییده بغیر الزوج ؛ وعلی تقدیر بقائه علی الإطلاق یحمل علی الاستحباب. والعلاّمة فی المختلف ذکر الروایة دلیلاً للشیخ ، وأجاب بضعف السند والحمل علی الاستحباب أو علی الرجل الأجنبی ، ویکون الاستثناء إشارة إلی ما روی أنّه یغسّل من الأجنبیة وجهها وکفّیها (4). انتهی.

ولا یخفی ما فی قوله أخیراً من البُعد عن ظاهر الروایة ، إلاّ أنّ یقال : إنّما بَعد الاستثناء مجمل فیفسّره ما دلّ علی ما ذکره ؛ ولو حمل التغسیل علی غسل الوجه والیدین فالبُعد أظهر.

والثانی : لا وجه لذکره فی قسم المنافی کما لا یخفی ، وکذلک الثالث ؛ وتأویل الشیخ ما فیه أظهر من أنّ یبیّن.

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ الأخبار فی هذا الباب والباب الآتی لا یخلو من دلالة علی نوع اختصاص فی غسل المیت ببعض الناس ، وقد روی

بحث حول غیاث بن کلوب

بیان ما دلّ علی عدم جواز غسل الرجل المرأة إلّا عند الضرورة

ص: 373


1- الفهرست : 123 / 550.
2- رجال النجاشی : 305 / 834.
3- رجال الطوسی : 489 / 3.
4- المختلف 1 : 246.

الصدوق فی الفقیه مرسلاً عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنّه قال : « یغسّل المیت أولی الناس به أو من یأمره الولیّ » (1).

وهذا الخبر وإنّ کان مرسلاً إلاّ أنّ له مزیّة ظاهرة کما قدّمنا فیها القول (2) ، غایة الأمر أنّ معنی الولیّ فی کلام الأصحاب لا یخلو من إشکال ، والذی یمکن اعتباره من تفسیره : من کان أمسّ بالمیت رحماً وأشدّهم به علاقة.

ثم إنّ المستفاد من کلام بعض الأصحاب (3) عدم جواز الغُسل بدون الإذن ، إلاّ إذا لم یکن له صلاحیة ، ودلیله مع الخبر المذکور قوله تعالی ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ ) (4).

وفی الاستدلال بالآیة تأمّل ظاهر ؛ أمّا الخبر فله نوع وجه ، لکن الأخبار کما قدّمنا إلیه الإشارة فیها دلالة علی أنّ الأولویة لا تفید الوجوب.

ویفهم من المنتهی : أنّه حمل حدیث أمیر المؤمنین علیه السلام علی الاستحباب (5).

والمحقّق فی الشرائع قال : إنّ الزوج أولی بالمرأة من کل أحد فی أحکامها کلّها (6).

وذکر شیخنا قدس سره أنّ المستند موثّقة إسحاق بن عمّار ، حیث قال علیه السلام : « الزوج أحق بالمرأة حتی یضعها فی قبرها » (7) ونقل عن المعتبر : أنّ

بحث حول الولایة فی تغسیل المیت

ص: 374


1- الفقیه 1 : 86 / 394 ، الوسائل 2 : 535 أبواب غسل المیت ب 26 ح 2.
2- راجع ص 48 ، 745.
3- کالشهید الثانی فی روض الجنان : 96 ، والمسالک 1 : 12.
4- الأنفال : 75.
5- المنتهی 1 : 428.
6- شرائع الإسلام 1 : 37.
7- الکافی 3 : 194 / 6 ، التهذیب 1 : 325 / 949 ، الوسائل 3 : 116 ، أبواب صلاة الجنازة ب 24 ح 3.

مضمون الروایة متفق علیه (1).

ولا یخفی أنّ خبر حفص بن البختری المروی من الشیخ فی زیادات صلاة الأموات عن أحمد بن أبی عبد الله ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختری ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی المرأة تموت ومعها أخوها وزوجها ، أیّهما أحقّ بالصلاة علیها؟ قال : « أخوها أحقّ بالصلاة علیها » (2) وجواب الشیخ عن هذه بالحمل علی التقیة ممکن إنّ تمّ الإجماع. لکن یبقی أنّ ما ذکره متأخّروا الأصحاب : من أنّ التغسیل واجب کفائی (3). علی الإطلاق لا یخلو من إشکال.

وقد ذکر بعض المتأخرین أنّ الأولیاء لو کانوا رجالاً ونساءً فالرجال أولی (4). وهذا الإطلاق لا یخفی منافاته للواجب الکفائی ، بل صرّح بعض من حیث اشتراط المماثلة فی الغُسل بأنّه لو کان المیت امرأة لا یمکن الولیّ الذکر مباشرة تغسیلها أذن للمماثل ، فلا یصح فعله بدون ذلک (5).

وبعض قال : إنّ ذلک مخصوص بالرجل ، أمّا النساء فالنساء أولی بغسلهن (6).

ص: 375


1- نقله عنه فی المدارک 2 : 60 ، وهو فی المعتبر 1 : 264.
2- التهذیب 3 : 205 / 486 ، الوسائل 3 : 116 أبواب صلاة الجنازة ب 24 ح 4 ، وفیهما : أیّهما یصلی علیها.
3- منهم العلاّمة فی المنتهی 1 : 427 ، وتحریر الاحکام 1 : 17 ، والشهید الأوّل فی الدروس 1 : 103 ، والکرکی فی جامع المقاصد 1 : 356.
4- المحقق الحلی فی الشرائع 1 : 37.
5- منهم الشهید الثانی فی روض الجنان : 96 ، والروضة البهیة 1 : 123 ، وصاحب المدارک 2 : 60.
6- نقله فی روض الجنان : 96.

وردّه جدّی قدس سره بعدم ثبوت مستنده (1).

وفیه نوع تأمّل یعرف وجهه من ملاحظة ما دلّ علی الأولویة ، فإنّه الخبر السابق (2) ، وروایة رواها غیاث بن إبراهیم أنّ علیّاً علیه السلام قال : « یغسّل المیت أولی الناس به » (3). والتخصیص بغیرهما من الأخبار الدالة علی المماثلة ممکن ؛ غایة الأمر وقوع الإجمال ، وغیر خفی أنّه مضرّ بالاستدلال.

ثم ما أشرنا إلیه من جهة الواجب الکفائی قد ذکر جدّی قدس سره أنّه لا منافاة بین إذن الولی وبینه فی المسالک مقتصراً علیه (4) ؛ وفی الصلاة علی المیت ذکر فی شرح الإرشاد ما یقتضی أنّ المتوقف الجماعة لا أصل الصلاة ، لأجل تحقق الوجوب الکفائی (5).

وأنت خبیر بأنّ العلّة فی الغُسل والصلاة واحدة.

وفی نظری القاصر أنّ توقّف الفعل علی الإذن لا یضرّ بحال أصل الوجوب ، نعم لو توقف الوجوب علی الإذن تحققت المنافاة ؛ ویوضح هذا الواجب العینی فإنّ فعله موقوف علی الشروط لا وجوبه إذا کانت واجباً مطلقاً ؛ وقد أوضحت هذا فی حاشیة الروضة ، وفی الإجمال هنا کفایة.

وبالجملة : فالأصحاب لا یخلو کلامهم من اضطراب ، والأخبار ربما کانت کذلک.

أمّا ما یفهم من جدّی قدس سره من الإجماع فی صلاة المیت علی توقف الجماعة علی الإذن ، لا أصل الصلاة. ففیه کلام أیضاً کما یعلم من

ص: 376


1- روض الجنان : 96.
2- المتقدم فی ص : 374.
3- التهذیب 1 : 431 / 1376 ، الوسائل 2 : 535 أبواب غسل المیت ب 26 ح 1.
4- المسالک 1 : 12.
5- روض الجنان : 311.

مراجعة أقوال المتقدّمین.

بقی فی المقام شی ء وهو أنّ جدّی قدس سره قال فی الروضة - عند قول المصنف : ویجب المساواة فی الرجولیة والأُنوثیة فی غیر الزوجین - : فالزوج بالولایة ، والزوجة معها أو بإذن الولی (1). وهذه العبارة کما تری لا تخلو من إجمال.

والذی یقتضیه النظر أنّ الوجه فی قوله : والزوجة معها. إرادة أنّ استفادة ولایة الزوجة من الأخبار غیر واضحة ؛ إذ الأصل فی ولایة الزوج الروایة المتقدّمة (2) التی ادّعی الاتفاق علی مضمونها المحقق فی المعتبر (3) ؛ وأمّا الزوجة فلم نقف علی دلیل فی کلام من رأینا کلامه من المتأخرین.

وما نقل عن المحقق الشیخ علی رحمه الله أنّه قال : بثبوت ولایة الزوجة فی الصلاة علی المیت ، لأنّ الزوج یطلق علی المرأة (4). غریب ، فإنّ مورد النص هناک وهنا أحقّ بامرأته.

وإذا عرفت هذا فقول جدّی قدس سره : والزوجة معها. ظاهره أنّ الزوجة لها التغسیل مع جعلها ولیّه ، بأنّ یوصی إلیها المیت ، وإن لم یجعلها ولیّه اعتبر إذن الولیّ. وغیر خفی إمکان أن یناقش فی هذا بأنّ الوصایة إلیها بالتغسیل موقوف علی ثبوته ، وإذا ثبت فلها التغسیل بوصایة وغیرها.

ولو أراد الوصایة بالولایة لیدخل فی الخبر الدال علی أنّه یغسّل المیت أولی الناس به أو یأمر من یحبّ أشکل بأنّ الظاهر من الولیّ

ص: 377


1- الروضة البهیة 1 : 123.
2- فی ص : 374.
3- المعتبر 1 : 264.
4- لم نعثر علیه ، ولکن حکاه فی روض الجنان عن بعض الأصحاب ص 311.

ما قدّمناه (1) لا من جهة الوصایة ، واللازم من ذلک جواز الوصایة بالتغسیل للأجنبیة.

إلاّ أنّ یقال : إنّ مراده قدس سره اتباع مدلول الأخبار الدالة علی جواز التغسیل مع الخبر الدالّ علی أنّ المغسِّل الولیّ أو من یأمره. وفیه : أنّ الأمر إذا رجع إلی هذا لنا أن نقول : إنّ للزوجة اختصاصاً من حیث هی ، ولو کان التفاته إلی ما رواه الشیخ من الوصیة لأُمّ الولد من علی بن الحسین علیهماالسلام فدفعه أظهر من أنّ یخفی ، فلیتأمّل فی ذلک کله.

قوله :

باب الرجل یموت فی السفر ولیس معه رجل ولا امرأته

ولا واحدة من ذوات أرحامه ، والمرأة کذلک تموت ولیس

معها امرأة ولا زوج ولا واحد (2) من ذوی أرحامها

ومعها رجال غرباء

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمّد ، عن أبیه ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن مفضّل بن عمر قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : جعلت فداک ، ما تقول فی المرأة تکون فی السفر مع الرجال لیس فیهم لها ذو رحم ولا معهم امرأة فتموت المرأة ، ما یصنع بها؟ قال : « یغسل منها ما أوجب الله علیها التیمم ولا یمسّ ولا یکشف شی ء من محاسنها التی أمر الله بسترها » فقلت : فکیف یصنع بها؟ قال : « یغسل بطن کفّیها ثم یغسل وجهها ».

من یموت فی السفر ولیس له معه مماثل ولامحرم

اشارة

ص: 378


1- فی ص : 374.
2- فی الاستبصار 1 : 200 : أحد.

عنه عن أبی جعفر محمّد بن علی بن الحسین (1) ، عن أبیه ، عن محمّد بن أحمد بن علی ، عن عبد الله بن الصلت ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سئل عن الرجل یغسّل امرأته؟ قال : « نعم من وراء الثوب ، لا ینظر إلی شعرها ولا إلی شی ء منها ، والمرأة تغسّل زوجها لأنّها إذا مات کانت فی عدة منه ، وإذا ماتت هی فقد انقضت عدّتها ». وعن المرأة تموت فی السفر ولیس معها ذو محرم ولا نساء ، قال : « تدفن کما هی بثیابها » وعن الرجل یموت ولیس معه ذو محرم ولا رجال ، قال : « یدفن کما هو فی ثیابه ».

علی بن الحسین ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علی بن رئاب ، عن محمّد بن مروان ، عن ابن أبی یعفور قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : الرجل یموت فی السفر مع النساء لیس معهن رجل ، کیف یصنعن به؟ قال : « یلفّفنه لفّاً فی ثیابه ویدفنه ولا یغسّلنه ».

الحسین بن سعید ، عن فضالة ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله البصری قال : سألته عن امرأة ماتت مع رجال ، قال : « تُلفّ وتدفن ولا تُغسَّلُ ».

الحسین بن سعید ، عن علی بن النعمان ، عن أبی الصباح الکنانی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : قال فی الرجل یموت فی السفر فی أرض لیس معه إلاّ النساء ، قال : « یُدفن ولا یُغسّل ، والمرأة تکون

ص: 379


1- فی الاستبصار 1 : 200 / 706 : الحسن.

مع الرجال بتلک المنزلة تُدفن ولا تُغسّل ».

سهل بن زیاد ، عن ابن أبی نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبی عبد الله علیه السلام مثله.

السند :

فی الأوّل : فیه عبد الرحمن بن سالم ، وقد قدّمنا أنّه ضعیف فی الرجال (1). والمفضل بن عمر کذلک (2).

والثانی : أیضاً تقدم مثله فی باب من یموت وهو جنب ، وذکرنا احتمال أنّ یراد بمحمّد بن أحمد بن علی : ابن أبی قتادة (3). وبقیة رجاله معروفو الحالِ.

والثالث : فیه محمّد بن مروان ، وهو مشترک بین من یقتضی عدم صحة الحدیث به وبین غیره (4).

والرابع : لا ارتیاب فیه. والخامس کذلک.

والسادس : واضح الضعف (5).

المتن :

فی الأوّل : کما تری واضح الدلالة علی أنّ المرأة إذا لم یکن معها من ذکر یغسّل منها ما أوجب الله علیه التیمم ولا یمسّ ولا یکشف شی ء

عبدالرحمان بن سالم ضعیف

إشارة إلی ضعیف المفضّل بن عمر

محمّد بن مروان مشترک

بیان ما دلّ علی الاکتفاء بغَسل مواضغ التیمّم

ص: 380


1- راجع ص 983.
2- راجع ص 983.
3- فی ص 965.
4- هدایة المحدثین : 252.
5- بسهل بن زیاد ، راجع رجال النجاشی : 185 / 490 ، والفهرست : 80 / 329.

من محاسنها التی أمر الله بستره.

لکن قوله : « ولا یمسّ » إمّا أنّ یکون منقطعاً عن قوله : « ولا یکشف » ویراد حینئذٍ أنّ ما یغسّل لا یمسّ بل یصبّ علیه الماء. وإمّا أنّ یراد لا یمسّ ولا یکشف ما ذکر ، ویراد بلا یمس لا یغسّل ، ویحتمل أنّ یراد بالمسّ : الأعم من ذلک ، ویحتمل إرادة المباشرة بخرقة ونحوها.

ثم إنّ ما أمر الله بستره قد یظن أنّ من جملته الوجه ، والوارد فی تفسیر قوله تعالی ( إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) (1) بأنّه الوجه والکفّان (2) ربما یؤیّد هذا ، إلاّ أنّه لا یخلو من إجمال.

وما تضمّنه من غَسل بطن الکفّین والوجه یدل علی أنّ التیمم بجمیع الوجه ، فیؤیّد ما سبق (3) فی التیمم من بعض الأخبار ، والحمل علی الاستحباب.

ثم لو صحّ هذا الخبر فهو مشکل کما لا یخفی ، وسیأتی هذا الخبر فی الباب مرّة أُخری (4) ، وفیه : « ثم یغسّل ظهر کفّیها » بعد قوله : « ثم یغسّل وجهها ».

والثانی : ظاهر الدلالة علی عدم جواز النظر إلی الشعر ولا إلی شی ء منها ؛ وقد تقدّم فیه الکلام.

ثم دلالته علی مخالفة الأوّل غیر خفیة ، ولعلّ وجه الجمع أنّ المراد فی هذا الخبر عدم التغسیل والتکفین فلا ینافی غَسل مواضع التیمم ، أو

الجمع بین ما دلّ علی غسل مواضع التیمّم وما دلّ علی عدم الغسل أصلاَ

ص: 381


1- النور : 31.
2- أورده الشیخ فی التبیان 7 : 429.
3- راجع ص 829.
4- فی ص 994.

یحمل السابق علی الاستحباب ، ولا وجه لعدم تعرض الشیخ لبیان هذا هنا.

والثالث کالثانی ، وفیه دلالة من قوله : « ولا یغسّلنه » علی ما احتملناه.

والرابع کذلک. والخامس نحوه.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ ظاهر بعض الأخبار المذکورة سقوط التیمم أیضاً ؛ ونقل عن الشیخ فی النهایة والخلاف والمبسوط (1) التصریح بسقوط التیمم. وفی المعتبر جزم به المحقق علی ما نقل معلّلاً بأنّ مانع الغسل مانع التیمم وإنّ کان الاطّلاع مع التیمم أقلّ لکن النظر محرَّم قلیله وکثیره (2). انتهی.

وسیأتی خبر یتضمن التیمم إلاّ أنّه لا یصلح للإثبات عند من لا یعمل بالخبر ، کما ستسمع القول فیه إنشاء الله تعالی ، وإنّما ذکرناه هنا إجمالاً لأنّ ظاهر الأخبار نفیه وإنّ أمکن إبداء احتمال إلاّ أنّه قلیل الفائدة بعد ما نقلناه.

قوله :

فأما ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أبی الجوزاء المنبِّه بن عبد الله ، عن الحسین بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زید بن علی ، عن أبیه ، عن آبائه (3) علیهم السلام قال : إذا مات الرجل فی السفر مع النساء لیس فیهن امرأته ولا ذو محرم من نسائه ، قال : « یؤزرنه إلی الرکبتین ویصببن علیه الماء صبّاً ، ولا ینظرن إلی عورته ولا یلمسنه بأیدیهن ( ولا یطهرنه ) (4) وإذا کان معه نساء ذوات محرم یؤزرنه ویصببن علیه

هل یسقط التیمّم أیضاً؟

ص: 382


1- النهایة : 42 ، 43 ، الخلاف 1 : 698 ، المبسوط 1 : 175.
2- المعتبر 1 : 325.
3- فی الاستبصار 1 : 201 / 711 زیادة : عن علی.
4- فی الاستبصار 1 : 202 ، والتهذیب 1 : 442 : ویطهرنه.

الماء صباً ، ویمسسن جسده ولا یمسسن فرجه ».

علی بن الحسین ، عن أحمد بن إدریس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبی جعفر علیه السلام فی الرجل مات ومعه نسوة ولیس معهن رجل قال : « یصببن الماء من خلف الثوب ، ویلففنه فی أکفانه من تحت الستر ، ویصلّین علیه صفّاً ، ویدخلنه قبره » والمرأة تموت مع الرجال لیس معهم امرأة قال : « یصبّون الماء من خلف الثوب ، ویلفّونها فی أکفانها ، ویصلّون ویدفنون ».

فلا تنافی بین هذین الخبرین والأخبار التی قدمناها ؛ لأنّا نحملهما علی ضرب من الاستحباب دون الوجوب ، وإنّما منعنا من أنّ تغسل المرأة الرجل إذا باشرت جسمه ، فأمّا إذا کانت تصبّ الماء علیه فلیس به بأس ، وفیه فضل.

السند :

فی الأوّل : المنبِّه بالنون قبل الباء الموحّدة ، وقد قدّمنا ما فیه مفصلاً (1).

والحسین بن علوان عامی.

وعمرو بن خالد هو الواسطی ، لأنّه روی عن زید کما ذکره النجاشی (2). والکشی قال : إنّه من رجال العامة فی جملة آخرین علی ما نقله شیخنا أیّده الله فی الرجال (3). وفی رجال الشیخ عمر بغیر واو ،

الحسین بن علوان عامی

بحث حول عمرو بن خالد

ص: 383


1- راجع ص : 908.
2- رجال النجاشی : 52 / 116 و 288 / 771.
3- منهج المقال : 247.

ولعلّه ، سقط من الناسخ ؛ وقال : إنّه بتری (1).

والثانی : فیه أنّ طریقه إلی علی بن الحسین غیر مذکور فی المشیخة ، لکن الجواب عن هذا ممکن بأنّه صرّح فی الفهرست : بأنّ جمیع روایاته أخبره بها المفید والحسین بن عبید الله ، عن محمّد بن علی بن الحسین عن أبیه (2).

نعم فیه محمّد بن سالم وهو مشترک (3).

وأحمد بن النضر ثقة فی النجاشی (4).

وعمرو بن شمر ضعیف (5).

وجابر هو ابن یزید الجعفی ؛ لأنّ عمرو بن شمر الراوی عنه. وذکر النجاشی فی ترجمته : أنّه روی عنه جماعة غمز فیهم وضعّفوا ، منهم عمرو ابن شمر ، ولم یوثقه ، بل قال : إنّه کان فی نفسه مختلطاً (6).

والعلاّمة فی الخلاصة نقل کلام النجاشی ، وحکی عن ابن الغضائری أنّه قال : جابر بن یزید الجعفی الکوفی ثقة فی نفسه ، ولکن جُلّ من روی عنه ضعیف ، فممّن أکثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر ، إلی أنّ قال ابن الغضائری : وأری الترک لما روی هؤلاء عنه ، والوقف فی الباقی إلاّ ما خرج شاهداً - ثم قال العلاّمة - : والأقوی عندی التوقف فیما یرویه هؤلاء عنه ، کما قال الشیخ ابن الغضائری (7). انتهی.

کلمة حول طریق الشیخ إلی علی بن الحسین

محمّد بن سالم مشترک

أحمد بن النضر ثقة

عمرو بن شمر ضعیف

بحث حول جابر بن یزید الجعفی

بیان روایتی عمرو بن خالد وجابر والمناقشة فی توجیه الشیخ لهما

ص: 384


1- الفهرست : 115 / 499.
2- الفهرست : 93 / 382.
3- هدایة المحدثین : 238.
4- رجال النجاشی : 98 / 244.
5- رجال النجاشی : 287 / 765.
6- رجال النجاشی : 128 / 332.
7- خلاصة العلاّمة : 35 / 2.

ولا یخفی علیک أنّ ما قاله ابن الغضائری ترک ما روی هؤلاء عنه ، والتوقف فی الباقی لا التوقف فیما روی هؤلاء ، ثم التوقف لا وجه له إلاّ أن یرید بالتوقف الردّ ، فإنّه یستعمل بهذا المعنی ، والأمر کما تری.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر فی أنّ النساء الأجانب یغسّلن المیت مع فعل ما ذکر ، وکذلک إذا کان معه محارم لکن یمسسن جسده. أمّا قوله : « ولا یطهرنه » فهو فی بعض النسخ (1) ، وفی بعض النسخ « ویطهرنه » بغیر لا (2).

( والثانی : کما تری لا یخلو من إجمال ) (3) ؛ لأنّ الثوب الذی یصبّ الماء من خلفه محتمل لأنّ یراد المئزر المذکور فی الخبر الأوّل ، ویحتمل إرادة الثوب الکامل. وقوله : « ویلففنه فی أکفانه من تحت الستر » یحتمل أن یراد بالستر ما یستر جمیع البدن بحیث لا یشاهدنه.

وما ذکره الشیخ فی وجه الجمع لا یخلو من تأمّل :

أمّا أولاً : فلإجمال المنافی لبیان الجمع ؛ لأنّ قوله : نحملهما علی ضرب من الاستحباب. إنّ أراد به أنّ التغسیل مستحب علی الوجه الذی تضمنته الروایتان ، ففیه : أنّ إحداهما تضمنت الغسل مع المئزر ، وما تقدم من الأخبار تضمنت بعضها النهی عن الغسل ، ولا أقلّ من الحمل علی الکراهة ، فکیف یکون مستحبّاً علی الإطلاق إذا لم یباشر الجسم کل من

ص: 385


1- فی « فض » زیادة : ویمکن أنّ یقرأ بالظاء المعجمة والمهملة ، أمّا المعجمة فیراد بعدم الإظهار عدم کشف المئزر ، وأمّا بالمهملة فیراد لا یلمسنه بأیدیهن ، ولا یطهّرنه بالأیدی بل بالصبّ. وهی فی « د » مشطوبة.
2- فی « فض » زیادة : وفیها الاحتمالان. وفی « د » مشطوبة.
3- ما بین القوسین ساقط من « رض ».

الرجل والمرأة ، ولو حمل النهی علی التحریم مع المباشرة ، وحمل الاستحباب هنا مع عدمها ، ففیه : أنّ بعض ما تقدّم دلّ علی عدم کشف شی ء ممّا أمر الله بستره ، فلا بدّ من حمل هذین الخبرین علی کون الغسل مع الساتر ، لکن الخبر الأوّل منهما یدل علی الاکتفاء بالمئزر ، فالاستحباب علی الإطلاق لا وجه له.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ حصر المانع فی المباشرة غیر ظاهر الوجه بعد ما ذکرناه ، ولو أراد بالمباشرة ما یتناول النظر فالخبران لا یدلان علی ذلک ، بل الأوّل یدل علی خلافه ، وبالجملة فالمقام غیر محرّر ، لکن من یتوقف عمله علی الصحیح فی راحة من تکلّف التوجیه.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الظاهر من قوله الآتی أنّ یکون أوّل الکلام فی المرأة إذا غسّلت الرجل ، والروایة الثانیة تضمّنت الرجل والمرأة ، ومقتضی حمل الروایتین علی الاستحباب فیهما ، وقد عرفت الحال.

والظاهر أنّ مراده بالکلام الأخیر بیان زیادة حکم للمرأة ، کما ینبّه علیه قوله : أیضاً ، فیتأکد ما ذکرناه من الإجمال.

قوله :

وأمّا المرأة ، فقد روی أیضاً أنّه یجوز للرجال أنّ یغسّلوا منها ما کان یجوز لهم النظر إلیه من محاسنها الوجه والیدین ، یدل علی ذلک :

ما رواه الحسین بن سعید ، عن علی بن النعمان ، عن داود بن فرقد ، قال : مضی صاحب لنا یسأل أبا عبد الله علیه السلام عن المرأة تموت مع رجال لیس فیهم ذو محرم ، هل یغسّلونها وعلیها ثیابها؟ فقال : « إذن یدخل ذلک علیهم ، ولکن یغسلون کفّیها ».

ص: 386

أحمد بن محمّد بن عیسی ، عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : جعلت فداک ، ما تقول فی المرأة تکون فی السفر مع الرجال ، لیس فیهم ذو محرم لها ولا معهم امرأة ، فتموت المرأة ، فما یصنع بها؟ قال : « یغسل منها ما أوجب الله علیه التیمم ، ولا یمسّ ولا یکشف لها شی ء من محاسنها التی أمر الله بسترها » فقلت له کیف یصنع بها؟ قال : « یغسل بطن کفّیها ، ثم یغسل وجهها ، ثم یغسل ظهر کفّیها ».

سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسین بن أبی الخطّاب ، عن محمّد بن أسلم الجبلی ، عن عبد الرحمن بن سالم ، وعلی بن أبی حمزة ، عن أبی بصیر ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن المرأة (1) ماتت فی سفر ، ولیس معها نساء ولا ذو محرم ، قال : « یغسل منها موضع الوضوء ، ویصلّی علیها وتُدفن ».

علی بن الحسین ، عن محمّد بن أحمد بن علی ، عن عبد الله بن الصلت ، عن علی بن الحکم ، عن سیف بن عمیرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : سئل عن المرأة تموت ولیس معها محرم ، قال : « یغسل کفّیها ».

والوجه فی هذه الأخبار : أنّ نحملها علی ضرب من الاستحباب ، والأصل ما قدمناه من أنّها تدفن ولا تغسل علی حالٍ.

ص: 387


1- فی التهذیب 1 : 443 / 1430 والاستبصار 1 : 203 / 715 : امرأة.

السند :

فی الأوّل : قدمنا القول فیه عن قریب ، وکذا الثانی.

والثالث : فیه محمّد بن أسلم الجبلی ، وقد ذکره النجاشی مهملاً (1). ونقل عن ابن الغضائری أنّه قال : إنّه یقال : کان غالیاً فاسد الحدیث (2). أمّا الشیخ فقد اتفق أنّه ذکر فی رجال الباقر علیه السلام : محمّد بن أسلم الجبلی (3) ، وفی رجال من لم یرو عن الأئمّة علیهم السلام : محمد بن أسلم الجبلی روی عنه محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب (4). وفی الفهرست ذکره مهملاً ، وأنّ الراوی عنه محمّد بن الحسین (5). وفی رجال الرضا علیه السلام من کتابه ذکره أیضاً (6). ولا یخلو من غرابة ، لکن من الشیخ مثل هذا غیر عزیز الوجود.

واحتمل شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال : أنّ یکون اشتبه علی الشیخ الحال ، فظنّ أنّ أبا جعفر الذی هو من رجاله الأوّل فعدّه من أصحابه ، وإنما هو من أصحاب الثانی علیه السلام (7). ولا یخلو من وجه. أمّا عدّه فیمن لم یروِ فغیر واضح الوجه.

وأمّا عبد الرحمن بن سالم فقد تقدم (8). وعلی ابن أبی حمزة وأبو

بحث حول محمّد بن أسلم الجبلی

ص: 388


1- رجال النجاشی : 368 / 999.
2- نقله عنه فی منهج المقال : 283.
3- رجال الطوسی : 136 / 32.
4- رجال الطوسی : 510 / 103.
5- الفهرست : 130 / 576.
6- رجال الطوسی : 387 / 14.
7- منهج المقال : 283.
8- فی ص 983.

بصیر غیر خفیّ الحال.

والرابع کذلک ؛ لتقدم الذکر عن قریب فی المحتاج إلی البیان ، وغیره مضی أیضاً.

المتن :

لا یخفی دلالة الأوّل علی الاختصاص بغَسل الکفّین ، وکأنّ الشیخ أراد بقوله أوّلاً : الوجه والیدین. أحدهما ، أو أنّه ضمّ غَسل الوجه إلی ما تضمّنته هذه الروایة ، وفیه ما فیه.

ثمّ قوله علیه السلام : « إذن یدخل علیهم » لا یبعد أن یراد منه أنّ هذا الفعل یحصل بسببه أمر خَطِر من حیث احتمال النظر إلی ما لا یحلّ ، أو أنّ أهلها یکرهون ذلک ، ویحتمل ( أن یکون المراد ) (1) أنّ مثل هذا یصیر ویتفق.

وأمّا الثانی : فقد تقدم فیه القول ، وأشرنا إلی ما فیه من الزیادة عن السابق منه (2) ، ولعلّ الوجه فی غَسل باطن الکفّین أوّلاً : أنّه محل الضرب علی التراب ، وغسلِ الظَّهر : لأنّه محل المسح فی التیمم. ثم إنّ تقیید الخبر الأوّل بهذا قد سمعتَ احتماله ، والتخییر ممکن.

والثالث : کما تری دالّ علی غَسل موضع الوضوء ، وهو مغایر للأوّلین ، وحمل المطلق علیه فی غایة البُعد ، وکذلک کلام الشیخ.

والرابع کالأوّل. وما قاله الشیخ من الحمل علی الاستحباب ، له وجه ، بالنظر إلی أنّ اختلاف الأخبار فی الکیفیّة دلیل علی عدم اللزوم ، لا من حیث معارضة الأخبار السابقة ؛ لأنّ ما تضمّنته الأخبار السابقة دلّ علی

بیان ما دلّ علی غَسل الکفّین أو موضع التیمّم أو موضع الوضوء

ص: 389


1- بدل ما بین القوسین فی « د » : أن یراد.
2- راجع ص : 380.

النهی عن التغسیل فی البعض ، والبعض دالّ علی أنّه یدفن بالثیاب ، وکلّ من الأمرین لا ینافی ما دلّت علیه هذه الأخبار ، إلاّ من حیث دلالة ما تقدّم علی أنّ الواجب ما ذکر فیها ، وأنت خبیر بأنّ حمل المطلق علی المقیّد لا مانع منه ، ولعلّ الشیخ ناظر إلی ما قلناه من أمارة الاستحباب فی اختلاف مدلول هذه الأخبار.

قوله :

ویزید ذلک بیاناً :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی ، عن أبی جمیلة ، عن زید الشحّام ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن امرأة ماتت وهی فی موضع لیس معهم امرأة غیرها ، قال : « إنّ لم یکن فیهم لها زوج ولا ذو رحم (1) دفنوها بثیابها ولا یغسلونها ، وإنّ کان معهم زوجها أو ذو رحم لها فلیغسلها من غیر أنّ ینظر إلی عورتها » قال : وسألته عن رجل مات فی السفر مع النساء (2) لیس معهن رجل ، فقال : « إنّ لم یکن له (3) فیهنّ امرأة فلیدفن بثیابه ولا یغسل ، وإنّ کان له فیهن امرأة فلیغسل فی قمیص ، من غیر أنّ ینظر إلی عورته ».

سعد بن عبد الله ، عن أبی الجوزاء ، عن الحسین بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زید بن علی ، عن آبائه ، عن علی علیه السلام ، قال

ص: 390


1- فی التهذیب 1 : 443 / 1432 والاستبصار 1 : 203 / 717 زیادة : لها.
2- فی الاستبصار 1 : 203 / 717 : نساء.
3- لیست فی « د ».

« أتی رسولَ الله صلی الله علیه و آله نفرٌ ، فقالوا : إنّ امرأة توفّیت معنا ، ولیس معها ذو محرم ، فقال : کیف صنعتم بها؟ فقالوا : صببنا علیها الماء (1) صبّاً ، فقال : أمّا وجدتم ( من أهل الکتاب من ) (2) تغسلها؟ فقالوا : لا ، فقال : أفلا تمّمتُموها ».

السند :

فی الأوّل : فیه أبو جمیلة المفضل بن صالح ، وقد کرّرنا القول فیه (3). وأمّا الحسن بن علی : فهو ابن فضال ؛ لأنّه الراوی عنه فی الفهرست (4).

والثانی : تقدم ذکر رجاله.

المتن :

لا یخفی صراحته فی الأوّل علی جواز تغسیل الزوج والرحم من غیر النظر إلی العورة علی الإطلاق ، فهو مناف لتفصیل الشیخ ، إلاّ أن نحمله علی المقیّد.

وأمّا دلالته علی دفن المیت بغیر غُسل من دون وجود المذکورین فظاهرة ، لکن لا یزید استحباب ما ذکر بیاناً ، إلاّ من حیث عدم التعرض لغَسل الیدین والوجه ، وقد قدّمنا (5) أنّ هذا لا ینافی حمل المطلق علی

الحسن بن علی الراوی عن أبی جمیلة هو ابن فضّال

بیان روایة زید الشحّام

ص: 391


1- فی « رض » : صببنا الماء علیها.
2- فی التهذیب 1 : 444 / 1433 والاستبصار 1 : 203 / 718 بدل ما بین القوسین : امرأة من أهل الکتاب.
3- راجع ص 551.
4- الفهرست : 47 / 153.
5- فی ص 996.

المقید ، ولو أراد الشیخ بزیادة البیان علی نفی التغسیل فالأخبار السابقة مثلها بسبب النهی عن التغسیل.

وما تضمّنه آخر الروایة من قوله : « إنّ لم یکن له فیهن امرأة » محتمل لأنّ یکون المرأة زوجة ، أو ذات محرم.

والتغسیل فی القمیص محتمل لأنّ یحمل علیه مطلق صدرها فی قوله : « من غیر أنّ ینظر إلی عورتها » ویحتمل إبقاء الصدر علی حاله وجواز التغسیل مع ستر العورة.

وبالجملة : فالخبر من مؤیّدات جواز التغسیل من الزوج والمرأة من غیر شرط الضرورة ؛ لأنّ المفروض فیه وجود المماثلة.

وأمّا الثانی : فدلالته علی مطلوب الشیخ غیر ظاهرة ، بل علی ضد مطلوبه أظهر ؛ لأنّ مفاده التیمم ، والشیخ لم یذکره. ولا یبعد أنّ یکون الشیخ فهم من التیمم غَسل موضع التیمم ، ولو لا هذا لم یکن للروایة مناسبة.

وما تضمنته من تغسیل امرأة من أهل الکتاب قد ذکره بعض الأصحاب (1) ، والمحقق فی المعتبر توقف فیه (2) ، وهو فی محلّه ، مع أنه فی الشرائع تابع البعض (3).

والشیخ فی التهذیب روی عن عمّار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال ، قلت : فإن مات رجل مسلم ، ولیس معه رجل مسلم ، ولا امرأة مسلمة من ذوی قرابته ، ومعه رجال نصاری ، ونساء مسلمات لیس بینه وبینهن

هل یجوز تفصیل أهل الکتاب للمسلم؟

ص: 392


1- منهم المفید فی المقنعة : 86 ، والشیخ فی المبسوط 1 : 176 ، والعلاّمة فی المنتهی 1 : 37.
2- المعتبر 1 : 326.
3- شرائع الإسلام 1 : 37.

قرابة ؛ قال : « یغتسل النصاری ثم یغسّلونه فقد اضطرّ » وعن المرأة المسلمة تموت ولیس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوی قرابتها ، ومعها نصرانیة ورجال مسلمون ، قال : « تغتسل النصرانیة ثم تغسّلها » (1).

ولا یخفی علیک الحال فی إثبات الحکم بمثل هاتین الروایتین.

وینقل عن بعض الأصحاب : أنّه علّل عدم صحة تغسیل الکافر والکافرة بافتقار الغُسل إلی النیة ، والکافر لا تقع منه القربة (2).

قال شیخنا قدس سره : والحقّ أنّه متی ثبتت نجاسة الذمّی ، أو توقف الغُسل علی النیة تعیّن المصیر إلی ما قاله فی المعتبر ، ولو نوزع فیهما أمکن إثبات هذا الحکم بالعمومات (3). انتهی.

ولا یخفی علیک أنّ العمومات الدالة علی تغسیل من ذکر بعیدة الحصول ، والله أعلم بالحقائق.

قوله :

فأما ما رواه علی بن الحسین ، عن محمّد بن أحمد بن علی ، عن عبد الله بن الصلت ، عن ابن بنت إلیاس ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « المرأة إذا ماتت مع الرجال فلم یجدوا امرأة تغسّلها ، غسّلها بعض الرجال من وراء الثیاب ، ویستحب أنّ یلفّ علی یدیه خرقة ».

فهذا الخبر یحتمل وجهین :

ص: 393


1- التهذیب 1 : 340 / 997 ، الوسائل 2 : 515 أبواب غسل المیت ب 19 ح 1.
2- کالمحقق فی المعتبر 1 : 326 ، والأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 180.
3- مدارک الاحکام 2 : 65.

أحدهما : أنّ یکون ذلک الرجل زوجها ، فإنّه یجوز له (1) أنّ یغسّلها علی ما قدّمناه من وراء الثیاب ، أو واحد من ذوی أرحامها. ویؤکّد ذلک :

ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عیسی ، عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجل مات ، ولیس عنده إلاّ نساء ، قال : « تغسّله امرأة ذات محرم منه ، وتصبّ النساء علیه الماء ، ولا یخلع ثوبه ؛ وإنّ کانت امرأة ماتت مع رجال ، ولیس معها امرأة ولا محرم لها ، فلتُدفن کما هی فی ثیابها ، وإن (2) کان معها ذو محرم لها غسّلها من فوق ثیابها ».

والوجه الثانی : أنّ یکون ذلک محمولاً (3) علی أنّهم یغسّلونها بصبّ الماء علیها ، کما ذکرناه فی غسلهن للرجل ، لأنّ ذلک قد روی ، وإنّ کان کل ذلک محمولاً علی الاستحباب ، والأصل ما قدّمناه من وجوب دفنهما (4) من غیر غُسل.

وروی ما ذکرناه محمّد بن أحمد بن یحیی ، عن الحسن بن علی بن خُرّزاد ، عن الحسن بن راشد ، عن علی بن إسماعیل ، عن أبی سعید ، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « إذا ماتت المرأة مع قوم لیس لها فیهم محرم ، یصبّون الماء علیها صباً » ورجل مات مع نسوة لیس فیهنّ له محرم ، فقال أبو حنیفة : یصببن الماء علیه صباً ، فقال

ص: 394


1- لیست فی النسخ ، أثبتناها من الاستبصار 1 : 204 / 719.
2- فی الاستبصار 1 : 204 / 720 : فإن.
3- فی « رض » زیادة : علی الاستحباب.
4- فی « رض » : دفنها.

أبو عبد الله علیه السلام : « بل یحلّ لهن أنّ یمسسن منه ما کان یحلّ لهن أنّ ینظرن إلیه منه وهو حیّ ، فإذا بلغن الموضع الذی لا یحلّ لهن النظر إلیه ولا مسّه وهو حیّ صببن الماء علیه صبّاً ».

فما تضمن هذا الخبر من جواز غُسل المرأة للرجل المواضع التی کان یحلّ لها النظر إلیها وهو حی محمول علی الاستحباب ، والأصل ما ذکرناه.

السند :

فی الأوّل : قد قدّمنا بیانه. وابن بنت إلیاس هو الحسن بن علی الوشّاء ، لکن قد یتأمّل فی روایته عن عبد الله بن سنان ، من حیث إن عبد الله من رجال الصادق علیه السلام . وقیل : إنّه روی عن أبی الحسن موسی علیه السلام (1). وقال النجاشی : إنّه لم یثبت (2). والوشّاء من رجال الرضا علیه السلام والهادی علی ما ذکره الشیخ فی رجاله علیه السلام (3). ولا یخفی أنّ مقتضی الروایة عن ابن سنان إدراک الوشّاء لخمسة من الأئمة علیهم السلام أو أربعة ، ولم ینقل ذلک ، ولعلّ عدم روایة ابن سنان عن أبی الحسن موسی علیه السلام لا یدل علی عدم إدراکه له ، فلیتأمّل.

والثانی : فیه عثمان بن عیسی.

والثالث : فیه الحسن بن علی بن خُرّزاد وهو مهمل فی النجاشی (4) ،

بحث حول روایة الحسن بن علی الوشّاء عن عبدالله بن سنان

بحث حول الحسن بن علی بن خرّزاد

ص: 395


1- کما حکاه فی رجال النجاشی : 214 / 558.
2- رجال النجاشی : 214 / 558.
3- رجال الطوسی : 371 / 5 و 412 / 2.
4- رجال النجاشی : 44 / 87.

وفی رجال الهادی علیه السلام من کتاب الشیخ (1). وذکره فی من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام أیضاً ، وقال : إنّه من أهل کش ؛ وفی الجمیع مذکور بلفظ الحسن بن خرزاد (2). والعلاّمة قال : إنّ خرزاذ بالخاء المعجمة المضمومة ، والراء المشددة ، والزای والذال المعجمة بعد الألف کثیر الحدیث. وقیل : إنّه غلا فی آخر عمره (3).

وأمّا الحسن بن راشد : ففیه اشتراک (4) ، إلاّ أنّ الذی حققه شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال : أنّ الراوی عن الصادق والکاظم علیهماالسلام ضعیف ، وعن الجواد والهادی (5) ثقة (6). ولا یبعد أنّ یکون هنا من رجال الهادی علیه السلام ، حیث روی عنه الحسن بن خرزاد ، وهو من رجال الهادی علیه السلام ؛ إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

وعلی بن إسماعیل یقال لجماعة (7) ، غیر أنّه لا یبعد کونه المیثمی ، والفائدة معدومة فی تعیّنه ؛ لعدم توثیقه ومدحه. ویحتمل ابن عامر ، لکنّ الأوّل من أصحاب الرضا علیه السلام ، والثانی من أصحاب الکاظم علیه السلام ؛ والمرتبة قریبة فی الرجلین من الحسن بن راشد ، لکن فی المیثمی أقرب بتقدیر ما قدّمناه فی الحسن بن راشد.

وأمّا أبو سعید الراوی عن أبی عبد الله علیه السلام فغیر معلوم الحال.

بحث حول الحسن بن راشد

بحث حول علی بن إسماعیل

أبو سعید الراوی عن أبی عبدالله علیه السلام غیر معلوم الحال

ص: 396


1- رجال الطوسی : 413 / 20.
2- رجال الطوسی : 463 / 10.
3- خلاصة العلاّمة : 214 / 11.
4- انظر هدایة المحدثین : 188.
5- لیست فی « رض ».
6- منهج المقال : 98.
7- انظر هدایة المحدثین : 211.

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ فیه أوّلاً واضح البُعد ، والوجه الثانی غیر تام ؛ لصراحته فی استحباب لفّ الخرقة علی الیدین ، وذلک لا وجه له مع الصب ، إلاّ أنّ یقال : إنّ الخرقة لِمَسّ الیدین والوجه ، وفیه ما فیه.

والثانی : لا یخلو من رکاکة فی التأدیة غیر خفیة ، وکذلک فیه نوع إجمال ، ودلالته علی مطلوب الشیخ بعیدة ، کما أنّ إطلاقه الحمل علی الاستحباب غیر واضح المراد.

وعلی تقدیر العمل بالأخبار کلّها لا مانع من الحمل علی جواز التغسیل بالصبّ ، وبدونه مع الخرقة وإنّ کان ما تقدم من غَسل الکفّین أو موضع التیمم أو الوضوء أفضل ؛ والله تعالی أعلم بحقائق الأُمور.

قوله :

باب کیفیة غسل المیت

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الحسین بن الحسن بن أبان ، عن الحسین بن سعید ، عن محمد بن أبی عمیر ، عن إبراهیم الخزّاز ، عن عثمان النوّاء ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : إنّی اغسّل الموتی ، قال : « وتحسن؟ » (1) قال : قلت : إنّی أغسّل! قال : « إذا غسلت المیت فارفق به ، ولا تعصره ، ولا تقربنّ شیئاً من مسامعه الکافور (2) ».

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی جواز تغسیل الأجنبی للأجنبیة من وراء الثیاب.

کیفیة غُسل المیت

اشارة

ص: 397


1- فی الاستبصار 1 : 205 / 722 : أو تحسن.
2- فی الاستبصار 1 : 205 / 722 : بکافور.

الحسن بن محبوب ، عن أبی أیوب ، عن حمران بن أعین ، قال : قال أبو عبد الله علیه السلام : « إذا غسّلتم المیت منکم فارفقوا به ، ولا تعصروه ، ولا تغمزوا له مفصلاً ، ولا تقربوا أُذنیه شیئاً من الکافور ، ثم خذوا عِمامته فانشروها مثنیة علی رأسه ، واطرح طرفها (1) من خلفه ، وابرز جبهته » قلت : فالحنوط کیف أصنع به؟ قال : « یوضع فی منخره وموضع سجوده ومفاصله » قلت : فالکفن؟ فقال : « یؤخذ خرقة فیشدّ بها سفلیه ، ویضم فخذیه بها لیضمّ ما هناک ؛ وما یصنع من القطن أفضل ؛ ثم یکفن بقمیص ولفافة وبرد یجمع فیه الکفن ».

السند :

فی الأوّل : لیس فیه خفاء بعد ما أسلفناه ، غیر أنّ عثمان النوّاء مذکور مهملاً فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (2) وإبراهیم الخزّاز هو أبو أیوب الخزّاز ؛ وقد اختلف فی أبیه ، فقیل : عیسی (3) ؛ وقیل : عثمان (4). وفی الفهرست : إنّ الراوی عنه ابن أبی عمیر وصفوان (5).

والثانی : فیه حمران بن أعین ، وقد عدّه الشیخ من المحمودین فی کتاب الغیبة (6) ؛ وفیه کلام.

عثمان النواء مهمل

بحث حول إبراهیم الخزّاز

حمران بن أعین فیه کلام

ص: 398


1- فی الاستبصار 1 : 205 / 723 : طرفیها.
2- رجال الطوسی : 259 / 595.
3- کما فی رجال النجاشی : 20 / 25.
4- کما فی رجال النجاشی : 20 / 25 ، ورجال ابن داود : 32 / 27.
5- الفهرست : 8 / 13.
6- کتاب الغیبة : 209.

المتن :

کما تری فی الأوّل : یدل النهی فیه علی أنّه لا یقربنّ شیئاً من مسامعه الکافور ، وقد صرّح جماعة من المتأخرین : بأنّ ذلک مکروه (1).

والثانی : یدل علی ذلک أیضاً.

وفی روایة یونس : « ولا تجعل فی منخریه ولا فی بصره ومسامعه ولا وجهه قطناً ولا کافوراً » (2).

وفی خبر لعبد الرحمن بن أبی عبد الله (3) معدود من الصحیح ، قال : قال : « لا تجعل فی مسامع المیت حنوطاً » (4).

وردّ شیخنا قدس سره الروایات بالضعف والقطع (5). وقد ینظر فی القطع بأنّ مثل عبد الرحمن بن أبی عبد الله لا تتصور روایته عن غیر المعصوم ، وقد اعترف به قدس سره فی مواضع.

وفی عبارة الصدوق فی الفقیه : ویجعل الکافور علی بصره وأنفه وفی مسامعه (6).

ویدلُّ علی ذلک : روایة عبد الله بن سنان الصحیحة ، قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : کیف یصنع بالحنوط؟ قال : « یصنع فی فمه ومسامعه وآثار

حکم جعل الحنوط فی مسامع المیت

ص: 399


1- کالمحقق فی المعتبر 1 : 290.
2- التهذیب 1 : 306 / 888 ، الوسائل 3 : 32 أبواب التکفین ب 14 ح 3.
3- فی « د » و « رض » زیادة : بن سلیمان.
4- التهذیب 1 : 308 / 893 ، الوسائل 3 : 37 أبواب التکفین ب 16 ح 4.
5- مدارک الأحکام 2 : 115.
6- الفقیه 1 : 91.

السجود من وجهه ویدیه » (1) وروی سماعة نحو ذلک (2).

ونقل عن المحقق فی المعتبر : أنّه حمل الروایات الأوّل علی الکراهة ، وهاتین علی الجواز (3). ولا یخفی بُعده ، لأنّ الأمر إمّا للوجوب أو للاستحباب ؛ وربما یحتمل الحمل علی التقیة فیما دل علی الجواز ؛ لتصریح بعض أهل الخلاف بذلک (4).

والعجب من العلاّمة فی المختلف ، حیث إنّه نقل عن الشیخ : القول بالکراهة ، وأنّه احتج بما رواه عبد الرحمن بن أبی عبد الله ؛ ثم قال : وقول ابن بابویه لا بأس به عندی (5). مع أنّه لم یتعرض لوجه الجمع ، ولا یبعد أنّ یکون روایة عبد الرحمن مردودة عنده بالقطع ، وقد عرفت ما فیه ؛ علی أنّه رحمه الله یکتفی فی إثبات الکراهة بالضعیف ، ولعل المعارض اقتضی نفی الکراهة ، ( هذا.

وما ) (6) تضمّنه أوّل الخبر الأوّل من قوله « وتحسن » استفهام ، بحذف الأداة ، وهو سائغ (7).

وقوله : إنّی اغسّل ، یرید به فی الظاهر أنّی اغسّل علی حسب الإمکان ، کما هو متعارف فی المحاورات.

أمّا ما تضمنه من قوله : « فارفق به ولا تعصره » فهو محتمل لأنّ یراد

ص: 400


1- التهذیب 1 : 307 / 891 ، الوسائل 3 : 37 أبواب التکفین ب 16 ح 3.
2- التهذیب 1 : 435 / 1399 ، الوسائل 3 : 35 أبواب التکفین ب 15 ح 2.
3- المعتبر 1 : 291.
4- کالشافعی فی الأُم 1 : 265.
5- المختلف 1 : 247 248.
6- بدل ما بین القوسین فی « رض » : هنا ، وأمّا ما.
7- فی « فض » : شائع.

بالرفق : عدم العنف. ویحتمل أنّ یراد عدم العصر ، فیکون قوله : « ولا تعصره » تفسیراً له.

وما تضمنه الثانی من قوله : « ولا تغمزوا له مفصلاً » ینافیه ما فی خبر الکاهلی من قوله علیه السلام : « ثم تلین أصابعه » (1) ولعلّ المراد من الغمز : المبالغة فی التلیین ، أو المراد بعد الغُسل ، کما قاله الشیخ فی التهذیب بعد خبر طلحة بن زید ، الدال علی نحو هذا الخبر (2).

ونقل شیخنا قدس سره عن المعتبر : دعوی الإجماع علی استحباب تلیین الأصابع ؛ ثم قال : وقیل بالمنع ؛ لقوله علیه السلام فی روایة طلحة بن زید : « ولا تغمزوا له مفصلا » (3).

وما تضمنه من کیفیة العمامة یخالف ما رواه یونس عنهم علیهم السلام ، قال : « ثم یعمّم ، ویؤخذ (4) وسط العمامة فتثنّی علی رأسه بالتدویر ، ثم یلقی فضل الأیمن علی الأیسر والأیسر علی الأیمن ، ویمدّ علی صدره » (5).

وفی روایة معاویة بن وهب « وعمامة یعتمّ بها ، ویلقی فضلها علی وجهه » (6).

وفی روایة عثمان النوّاء الاولی فی التهذیب زیادة عمّا هنا ، وهی : « إذا عمّمته فلا تعمّمه عمة الأعرابی » قلت : کیف أصنع؟ قال : « خذ

الرفق بالمیت حین الغُسل وعدم غمز مفاصله

کیفیة العمامة

ص: 401


1- التهذیب 1 : 298 / 873 ، الوسائل 2 : 481 أبواب غسل المیت ب 2 ح 5.
2- التهذیب 1 : 323 / 941 ، الوسائل 2 : 500 أبواب غسل المیت ب 11 ح 4.
3- مدارک الأحکام 2 : 89.
4- فی المصدر : یؤخذ.
5- الکافی 3 : 143 / 1 ، التهذیب 1 : 306 / 888 ، الوسائل 3 : 32 أبواب التکفین ب 14 ح 3.
6- التهذیب 1 : 293 / 858 ، الوسائل 3 : 10 أبواب التکفین ب 2 ح 13.

العمامة من وسطها وانشرها علی رأسه ، ثم ردّها إلی خلفه واطرح طرفیها » (1).

وفی روایة عبد الله بن سنان « وعمامة یعصب بها رأسه ویردّ فضلها علی رجلیه » (2).

ولا یخفی أنّ مقام الاستحباب عند المتأخرین واسع الباب (3).

وما تضمنه من وضع الکافور فی المنخر لعلّ المراد به علی المنخر ، وقد صرح الشیخ فی التهذیب باستعمال « فی » بمعنی « علی » فی الخبر الوارد بوضع الکافور فی الفم (4) ؛ وسیأتی هنا.

ولم یتعرض لما ذکره المفید فی الإرغام (5) ؛ ولعلّه یستفاد من روایة الحلبی ( فیما رواه الشیخ عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ) (6) قال : « إذا أردت أنّ تحنط المیت فاعمد إلی الکافور ، فامسح به آثار السجود منه » الحدیث (7).

والمفید رحمه الله ذکر ذلک أیضاً ، فإنّه قال : ویضع منه علی طرف أنفه الذی کان یرغم به فی سجوده (8). والصدوق فی الفقیه عبارته تدل علی ذلک أیضاً (9).

وضع الکافور علی منخر المیت ومساجده

ص: 402


1- التهذیب 1 : 310 / 899 ، الوسائل 3 : 36 أبواب التکفین ب 16 ح 2.
2- التهذیب 1 : 308 / 894 ، الوسائل 3 : 8 أبواب التکفین ب 2 ح 8.
3- کالمحقق فی المعتبر 1 : 283 ، وصاحب المدارک 2 : 103.
4- التهذیب 1 : 308.
5- المقنعة : 78.
6- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
7- التهذیب 1 : 307 / 890 ، الوسائل 3 : 32 أبواب التکفین ب 14 ح 1.
8- المقنعة : 78.
9- الفقیه 1 : 91.

وقوله فی الروایة : « وموضع سجوده » یراد به جمیع المساجد. وأما المفاصل فمدلول حسنة الحلبی السابق صدرها (1) ذلک أیضاً.

وما تضمنه من قوله : « تؤخذ خرقة » إلی آخره ، هی المسماة بالخامسة ، وهی مستحبة عند من رأینا کلامه (2) ؛ وفی روایة عبد الله بن سنان فیما رواه الشیخ قال : « المیت یکفن فی ثلاثة سوی العمامة والخرقة یشدّ بها ورکیه لکیلا یبدو منه شی ء ، والخرقة والعمامة لا بدّ منها » (3).

وفی روایة یونس قال : « واحش القطن فی دبره لئلاّ یخرج منه شی ء ، وخذ خرقة طویلة عرضها شبر فشدّها من حقویه وضمّ فخذیه ضماً شدیداً ولفّها فی فخذیه ، ثم أخرج رأسها من تحت رجلیه إلی الجانب الأیمن واغمزها فی الموضع الذی لففت فیه الخرقة ، وتکون الخرقة طویلة تلفّ فخذیه من حقویه إلی رکبتیه لفّاً شدیداً » (4). وفی عبارات بعض المتأخرین : أنّ طول الخرقة ثلاث أذرع.

وقوله فی الحدیث : « وما یصنع من القطن أفضل » لعلّ المراد به أنّ الخرقة المذکورة من القطن أفضل ، ویحتمل أنّ ما یصنع من وضع القطن مع الخرقة أفضل ، وفی روایة عبد الله الکاهلی « ثم أذفره بالخرقة یکون تحتها القطن » (5).

ثم ما تضمنه الخبر من أنّ الکفن قمیص ولفّافة وبرد ، ربما یصلح

قِطَع الکفن

ص: 403


1- فی ص 380.
2- کصاحب المدارک 2 : 102.
3- التهذیب 1 : 293 / 856 ، الوسائل 3 : 9 ، أبواب التکفین ب 2 ح 12.
4- التهذیب 1 : 301 / 877 ، الوسائل 2 : 481 أبواب غسل المیت ب 2 ح 3.
5- التهذیب 1 : 298 / 873 ، الوسائل 2 : 482 أبواب غسل المیت ب 2 ح 5.

دلیلاً لما ذکره المتأخرون من أنّه مئزر وقمیص وإزار (1) ، علی أنّ یکون اللفافة هی المئزر ، والبرد : الإزار. فما قاله شیخنا قدس سره من أنّه لم یقف فی الروایات علی ما یدل علی المئزر بعد أنّ نقل عن الشیخین وأتباعهما أنّهم جعلوه أحد الأثواب الثلاثة (2) ؛ محلّ تأمل.

نعم فی بعض الروایات ما یدل علی الثوبین الشاملین مع القمیص ففی حسنة الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « کتب أبی فی وصیته أنّ أُکفّنه بثلاثة أثواب ، أحدها رداء له حبرة کان یصلّی فیه یوم الجمعة ، وثوب آخر وقمیص » الحدیث (3).

وفی بعض آخر ثلاثة أثواب ، کروایة أبی مریم المعدودة فی الصحیح قال سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول : « کفّن رسول الله صلی الله علیه و آله فی ثلاثة أثواب ، برد أحمر حبرة وثوبین صحاریین أبیضین » (4).

وصحیحة زرارة علی ما یظهر من التهذیب قال : قلت لأبی عبد الله علیه السلام : العمامة من الکفن؟ قال : « لا إنّما الکفن المفروض ثلاثة أثواب تام لا أقلّ منه تواری [ فیه ] جسده کلّه ، فما زاد فهو سنّة إلی أنّ یبلغ خمسة » الحدیث (5).

وهو کما نقلناه فی کثیر من نسخ التهذیب ، ویحکی عن المحقق

ص: 404


1- کما فی الذکری : 46.
2- مدارک الأحکام 2 : 94.
3- التهذیب 1 : 293 / 857 وفیه : إنّی أُکفّنه. ، الوسائل 3 : 3. أبواب التکفین ب 2 ح 10.
4- التهذیب 1 : 296 / 869 ، الوسائل 3 : 7 ، أبواب التکفین ب 2 ح 3 وفیهما : أبیضین صحاریین.
5- التهذیب 1 : 292 / 854 ، الوسائل 3 : 6 ، أبواب التکفین ب 2 ح 1 ، وما بین المعقوفین أضفناه من المصدر.

والعلاّمة أنّهما نقلاه کذلک (1). وفی بعض النسخ « ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه » وحمله الشهید فی الذکری علی التقیة أو علی أنّه من باب عطف الخاص علی العام (2). واستبعده شیخنا قدس سره (3).

وفی نظری القاصر أنّه غیر تامّ من جهة الخاص والعام ؛ لأنّ الأعداد لیست داخلة فی العام.

فإنّ قلت : قد ذکر بعض المفسّرین (4) فی قوله تعالی ( إِنِّی رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ کَوْکَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) (5) أنّه من عطف الخاص ، یعنی والشمس والقمر علی العام وهو أحد عشر کوکباً (6).

قلت : الکلام علیهما واحد کما هو واضح ، هذا.

والمنقول عن سلاّر أنّه اقتصر فی الکفن علی ثوب واحد (7) ؛ واحتج له فی الذکری بهذه الروایة. واعترض علیه بأنه إنّما یتم الاستدلال لو کانت « الواو » بمعنی « أو » لیفید التخییر بین الأثواب الثلاثة والثوب التام (8). وهذا الاعتراض کما تری یتوقف علی کون سلاّر قائلاً بالتخییر.

وبعض محققی المتأخرین رحمه الله قال : إنّ مرجع ضمیر « منه » و « فیه » (9) لا یخلو من إجمال ؛ وکذلک لفظ « تام » فیحتمل أنّ یکون خبر

ص: 405


1- کما فی المدارک 2 : 93.
2- الذکری : 46.
3- مدارک الأحکام 2 : 93.
4- لم نعثر علیه.
5- یوسف : 4.
6- لیست فی « د » و « فض ».
7- حکاه عنه فی الذکری : 46 ، وهو فی المراسم : 47.
8- کما فی المدارک 2 : 93.
9- فی « فض » : منه فیه.

مبتداء محذوف ، أی هذا الکفن تام ، أو أنّ المفروض : هذا التام لا أقلّ منه (1).

ونقل بعض الأصحاب أنّ فی بعض نسخ التهذیب « أو ثوب تام » (2).

وفی الکافی روی فی الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قلنا لأبی جعفر علیه السلام : العمامة للمیت من الکفن؟ قال : « لا ، إنّما الکفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه » (3).

ولا یبعد أنّ یقال : باحتمال أنّ الثوب التام تفسیر لأحد الأثواب ، کما ذکره بعض المتأخرین رحمه الله واحتمل أیضاً أنّ یکون الثوب التام حال الضرورة (4).

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّه ربما یستفاد من الأخبار التخییر بین الثلاثة أثواب وبین الاثنین والقمیص ، ولا یخفی علیک مخالفتها المشهور بین المتأخرین : وینقل عن ابن الجنید القول بالتخییر المذکور (5). والله أعلم بالحال.

اللغة :

قال فی القاموس : الرفق بالکسر اللطف (6). وفیه : غمزه بیده یغمزه شبه نخسه (7).

معنی الرفق والغمز

ص: 406


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 190.
2- البهائی فی الحبل المتین : 66.
3- الکافی 3 : 144 / 5 ، الوسائل 3 : 6 ، أبواب التکفین ب 2 ح 2. وفی « فض » : أو ثوب تام ، کما فی نسخة من الکافی.
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 190.
5- حکاه عنه فی الذکری : 46.
6- القاموس المحیط 3 : 244 ( الرفق ).
7- القاموس المحیط 2 : 192 ( غمزه ).

قوله :

فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عیسی ، عن علی بن الحکم ، عن أبان ؛ والحسین بن سعید عن فضالة ، عن ابن مسکان جمیعاً عن أبی العباس ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن غسل المیت ، فقال : « أقعده واغمز بطنه غمزاً رفیقاً ثم طهّره من غمز البطن ، ثم تضجعه ، ثم تغسله فتبدأ بمیامنه ، وتغسله بالماء والحُرُض (1) ، ثم بماءٍ وکافور ، ثم تغسله بالماء القراح ، واجعله فی أکفانه ».

قال محمد بن الحسن (2) : ما تضمن هذا الخبر من قوله : « أقعده » موافق للعامة ولسنا نعمل به. وأمّا قوله : « اغمزه » یجوز (3) أنّ یکون إشارة إلی ما یمسح علی بطنه فی الغسلتین الأوّلتین دون الثالثة علی ما شرحناه فی کتابنا الکبیر.

وأمّا ما رواه علی بن الحسین ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد ابن الحسین بن أبی الخطاب ؛ وأحمد بن الحسن بن علی بن فضال ، عن أبیه ، عن علی بن عقبة ؛ وذبیان (4) بن حکیم ، عن موسی بن أکیل النمیری ، عن العلاء بن سیّابة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس أنّ تجعل المیت بین رجلیک ، وأنّ تقوم من فوقه وتغسله ، إذا (5) قلبته

ص: 407


1- الحُرُض : الأسنان القاموس المحیط 2 : 339.
2- فی الاستبصار 1 : 206 / 724 زیادة : رحمه الله .
3- فی الاستبصار 1 : 206 / 724 : فیجوز.
4- الإستبصار 1 : 206 / 725 فی نسخة : دینار.
5- فی الاستبصار 1 : 206 / 725 : فإذا.

یمیناً وشمالاً تضبطه برجلیک (1) کی لا یسقط لوجهه » (2).

فالوجه فی قوله علیه السلام : « لا بأس أنّ تجعله بین رجلیک » محمول علی الجواز ورفع الحظر ؛ لأنّ المسنون والأفضل أنّ یقف من جانب المیت ، ولا یرکبه حسب ما شرحناه فی الکتاب الکبیر.

السند :

فی الأوّل : لا بُعد فی صحته ؛ لأنّ علی بن الحکم هو الثقة بتقدیر الاشتراک (3) لروایة أحمد بن محمد بن عیسی عنه.

وأبان : قد قدّمنا (4) فی شأنه کلاماً علی أنّه لا یضر بالحال هنا.

وابن مسکان : علی الظاهر عبد الله.

وأبو العباس : الفضل بن عبد الملک ، لأنّه المعروف فی الإطلاق ، والمذکور فی الکنی راویاً عن أبی عبد الله علیه السلام ، إلاّ أنّ باب الاحتمال واسع.

والحسین بن سعید فیه إمّا معطوف علی أحمد بن محمد بن عیسی فیکون بطریق الشیخ (5) إلی کل منهما ؛ وإمّا معطوف علی علی بن الحکم ، والراوی عنه أحمد بن محمد ؛ ولا یضر بالحال.

والثانی : فیه علی بن عقبة ثقة بتقدیر أنّ یکون هو علی بن عقبة بن خالد الأسدی الذی ذکره النجاشی موثقاً (6) ؛ أو یتحد مع علی بن عقبة الذی

أبو العباس هو الفضل بن عبدالملک

بحث حول علی بن عقبه

ص: 408


1- فی « د » : برجلک.
2- فی الاستبصار 1 : 206 / 725 : بوجهه.
3- انظر هدایة المحدثین : 216.
4- فی ص 130.
5- مشیخة التهذیب ( التهذیب 10 ) : 63.
6- رجال النجاشی : 271 / 710.

ذکره الشیخ مهملاً (1) ، کما هو الظاهر ؛ لأنّ الشیخ ذکره فی رجال الصادق علیه السلام مرّتین ، فی أحدهما قال : الأسدی ، وفی الأُخری قال : علی بن عقبة (2). والمعروف من عادة الشیخ تکرار الرجل بمجرد اختلاف ما.

والنجاشی لم یذکر إلاّ من قدّمناه.

وفی الفهرست ذکر الشیخ علی بن عقبة ، وأنّ الراوی عنه الحسن بن علی بن فضّال (3).

وذبیان بن حکیم مهمل فی الرجال (4) ، إلاّ أنّه لا یضرّ بالحال لو سلم من غیره ، فإنّ العلاء بن سیّابة مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (5). والراوی عن علی بن عقبة کما سمعته من الفهرست الحسن بن علی بن فضال (6) ، فیکون أحمد بن الحسن ومحمد بن الحسین بن أبی الخطاب راویین عن الحسن بن علی بن فضال عن علی.

واحتمال أنّ یکون محمد بن الحسین راویاً عن علی ممکن ؛ لأنّ الروایة عن علی من الحسن غیر منحصرة فیه ، فإنّ النجاشی ذکر أنّ الراوی عنه غیره (7) ؛ لکن الجزم مشکل ، والفائدة هنا بعد العلاء بن سیّابة منتفیة کما لا یخفی ، إلاّ أنّا ذکرنا ما (8) هنا بیاناً للواقع.

ذبیان بن حکیم مهمل

العلاء بن سیابة

ص: 409


1- رجال الطوسی : 242 / 303 ، والفهرست : 90 / 375.
2- رجال الطوسی : 242 / 303.
3- الفهرست : 90 / 375.
4- انظر رجال النجاشی : 106 / 268 ، ومنهج المقال : 137.
5- رجال الطوسی : 245 / 350.
6- الفهرست : 90 / 375.
7- رجال النجاشی : 271 / 710.
8- فی « فض » : هذا.

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی غمز البطن ، والخبر السابق ورد النهی فیه عن غمز المفاصل ، فلا منافاة محوجة إلی ما قاله الشیخ ، مضافاً إلی أنّ الظاهر من الخبر أنّ الغمز قبل التغسیل ، فحمله علی الغسلتین الأوّلتین غریب من حیث الروایة ؛ والذی ذکره فی التهذیب لم أقف علیه الآن ، غیر أنّ ( فی بعض روایاته ما یدل علی أنّ غمز البطن قبل الغسل. وخبر عثمان النوّاء وإنّ دلّ النهی فیه علی مطلق العصر ) (1) إلاّ أنّه قابل للتقیید بغیره.

وذکر شیخنا قدس سره عند قول المحقق فی الشرائع : ویمسح بطنه فی الغسلتین ؛ الأوّلتین. أنّ هذا مستفاد من روایة الکاهلی ویونس (2) (3). مع أنّ روایة الکاهلی لا تخلو دلالتها علی ذلک من نظر ، أمّا أوّلاً : فلإجمالها کما یعلمه (4) من راجعها. وأمّا ثانیاً : فلتضمّن صدرها الأمر بمسح البطن مسحاً رفیقاً ، وفی آخرها قال : « وإیّاک أن تقعده أو تغمز بطنه » والظاهر من الأخیر العود للجمیع ، لأنّ الإقعاد مطلقاً مکروه عند الشیخ ومن تابعه ، وحینئذٍ یبعد أنّ یکون النهی عن الغمز فی الغسلة الأخیرة ؛ وإذا عاد إلی الجمیع أمکن أنّ یقال : إنّ المستحب المسح الرفیق ، والغمز المنهی عنه ما کان أشد منه.

وروایة یونس أیضاً لا تخلو دلالتها من تأمّل إلاّ أنّ الأمر سهل.

حکم غمز بطن المیت

ص: 410


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- المتقدمتین فی ص : 1005 ، 1006.
3- مدارک الأحکام 2 : 90.
4- فی « د » : یعلمها.

وما ذکره الشیخ من أنّ الإقعاد موافق للعامة یشکل بأنّه لا وجه لحمل بعض الخبر علی التقیة وبعضه علی غیرها ؛ لکن نقل عن الشیخ فی الخلاف دعوی الإجماع علی کراهة الإقعاد (1) ؛ وعن المحقق فی المعتبر المیل إلی العمل بما دل علی الإقعاد ، لأنّه قال : إنّ العمل بهذه الأخبار لیس بعیداً ، ولا معنی لتنزیلها علی التقیة ، لکن ( لا بأس أنّ یعمل بما ذکره الشیخ (2).

ولا یخفی علیک أنّ تعارض الأخبار لا بد له من وجه للجمع ، والحمل علی التقیة ) (3) لا بأس به لولا ما ذکرناه.

ولا مانع من کون جمیع ما ذکر للتقیة ، وربما ینبه علیه ما تضمنه الروایة من التغسیل أوّلاً بالماء والحُرُض ، فإنّه خلاف مدلول الأخبار المتضمنة للسدر.

والثانی : ما قاله الشیخ فیه من الحمل علی التقیة فی الأوّل ممکن فی الثانی.

اللغة :

قال فی القاموس : القَراح کسَحاب الماء لا یخالطه ثفل من سویق وغیره (4).

ولا یخفی أنّ الظاهر من الحدیث أنّ القراح الخالی من الخلیط

حکم إقعاد المیت

معنی القَراح

ص: 411


1- الخلاف 1 : 693.
2- المعتبر 1 : 278.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- القاموس المحیط 1 : 251.

مطلقاً ؛ فما ذکره جدّی قدس سره من أنّ القَراح : الخالص من الخلیط ، بمعنی کونه غیر معتبر فیه ، لا أنّ سلبه عنه معتبر ، وإنّما المعتبر کونه ماءً مطلقاً (1) محل نظر ؛ لأنّ الماء المطلق یتحقق فی کل من الغسلات عنده وعند غیره سوی ما قدّمناه عن الشهید رحمه الله (2) ، وحینئذٍ لا بد من تمییز الماء القَراح عن غیره بخلوصه من الخلیط مطلقاً.

قوله (3) :

باب تقدیم الوضوء علی غسل المیت

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن أحمد بن یحیی (4) ، عن أیوب بن نوح ، عن المُسلی ، عن عبد (5) الله بن عبید قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن غسل المیت ، قال : « یطرح علیه خرقة ، ثم یغسل فرجه ویوضّأ وضوء الصلاة ، ثم یغسل رأسه بالسدر والأُشنان ، ثم الماء والکافور ، ثم بالماء القراح ویطرح (6) فیه سبع ورقات ( من ورق السدر ) (7) صحاح فی الماء ».

تقدیم الوضوء علی غسل المیت

اشارة

ص: 412


1- الروضة البهیة 1 : 122.
2- فی ص 62.
3- فی « رض » : قال.
4- فی « فض » : الحسن.
5- فی الاستبصار 1 : 206 / 726 : عبید.
6- فی « فض » والتهذیب 1 : 302 / 878 : بالماء القراح یطرح.
7- ما بین القوسین لیس فی التهذیب 1 : 302 / 878 وفی الاستبصار 1 : 207 / 726 موجود بعد کلمة : صحاح.

عنه (1) ، عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن أبیه ، عن سعد ، عن أبی جعفر ، عن علی بن حدید ، عن عبد الرحمن بن أبی نجران ؛ والحسین بن سعید ، عن حمّاد ، عن حریز قال : أخبرنی أبو عبد الله علیه السلام قال : « المیت یبدأ (2) بفرجه ، ثم یوضّأ (3) وضوء الصلاة » وذکر الحدیث.

وأخبرنی الحسین بن عبید الله (4) ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی (5) المعاذی ، عن محمد بن عبد الحمید ، عن محمد بن حفص (6) ، عن حفص بن غیاث ، عن لیث ، عن عبد الملک ، عن (7) أبی بشیر ، عن حفصة بنت بشیر (8) ، عن أُمّ سلیمان ، عن أُمّ أنس بن مالک ، إنّ رسول صلی الله علیه و آله قال : « إذا توفّیت المرأة فأرادوا أنّ یغسلوها فلیبدأوا ببطنها فلیمسح (9) مسحاً رفیقاً إنّ لم تکن حبلی ، فإنّ کانت حبلی فلا تحرّکیها (10) ؛ فإذا أردت غسلها

ص: 413


1- فی الاستبصار 1 : 207 / 727 : وعنه.
2- فی الاستبصار 1 : 207 / 727 : تبدأ.
3- فی الاستبصار 1 : 207 / 727 : توضأ.
4- فی « فض » و « رض » : عبد الله.
5- فی التهذیب 1 : 302 / 880 والاستبصار 1 : 207 / 728 زیادة : عن محمد بن یحیی.
6- فی « رض » : جعفر.
7- فی النسخ : بن ، والظاهر ان الصحیح ما أثبتناه کما فی التهذیب 1 : 302 / 880 والاستبصار 1 : 207 / 728.
8- کذا فی النسخ ، والصحیح کما فی التهذیب 1 : 302 / 880 والاستبصار 1 : 207 / 728 : بنت سیرین.
9- کذا وفی الاستبصار 1 : 207 / 728 : فلتمسح.
10- فی النسخ : فلا تحرّکها.

فابدئی (1) بسفلیها فألقی علی عورتها ثوباً ستیراً ، ثم خذی کُرسفة فاغسلیها ، ثم ادخلی یدک من تحت الثوب فاغسلیها بکرسف ثلاث مرّات ، فأحسنی مسحها قبل أنّ توضّئیها ، ثم وضّئیها بماء فیه سدر » وذکر الحدیث.

وأخبرنی الشیخ رحمه الله عن أحمد بن محمد ، عن أبیه ، عن الصفار ، عن أحمد بن رزق الغمشانی ، عن معاویة بن عمّار قال أمرنی أبو عبد الله علیه السلام أنّ أعصر (2) بطنه ، ثم أُوضّیه بالأُشنان ، ثم أغسل رأسه بالسدر ولحیته ، ثم أفیض علی جسده منه ثم أدلک به جسده ، ثم أُفیض علیه ثلاثاً ، ثم أغسله بالماء القَراح ، ثم أُفیض علیه الماء بالکافور وبالماء القَراح وأطرح فیه سبع ورقات سدر.

علی بن محمد القاسانی ، عن بعض أصحابه ، عن الوّشاء ، عن أبی خیثمة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّ أبی أمرنی أنّ أغسله إذا توفّی ، وقال لی : اکتب یا بنیّ ؛ ثم قال : إنّهم یأمرونک بخلاف ما تصنع فقل لهم : هذا کتاب أبی ولست أعدو قوله ؛ ثم قال : تبدأ فتغسل یدیه ، ثم توضّئه وضوء الصلاة ، ثم تأخذ سدراً » وذکر الحدیث.

السند :

فی الأوّل : فیه المُسلی ، وهو یقال لمحمد بن عبد الله المُسلی وربیع

ص: 414


1- فی « د » و « رض » والتهذیب 1 : 302 / 880 : فابدأ.
2- فی الاستبصار 1 : 207 / 729 : أغمز.

ابن محمد المُسلی وعمرو بن عبد الحکم المُسلی ، ویقال لغیرهم أیضاً (1).

لکن محمد بن عبد الله : یروی عنه حمید ، وهو ثقة کما ذکره النجاشی (2) ؛ وأیوب بن نوح کما تری یروی عنه هنا ، ومرتبة أیوب تبعد عن حمید.

وأمّا ربیع : فإنّ الراوی عنه العباس بن عامر کما فی النجاشی (3) والفهرست (4) ، والعباس یروی عنه أیوب بن نوح کما ذکره الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام (5) ، فتبعد روایة أیوب عن المُسلی بغیر واسطة إلاّ أنّه فی حیّز الإمکان ، والربیع : غیر موثق ولا ممدوح.

وعمرو بن عبد الحکم : مذکور مهملاً فی أصحاب الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (6).

وأمّا عبد الله بن عبید : فهو مشترک (7) بین مهملین.

والثانی : کما تری مشتمل علی سندین ؛ ثانیهما : لا ارتیاب فی صحته. والأوّل : فیه علی بن حدید ، وقد تقدم تضعیفه عن الشیخ فی هذا الکتاب (8). والوالد قدس سره کان کثیراً ما یقول : إنّ الظاهر فی مثله

بحث حول المُسلی

عبدالله بن عبید مشترک بین مهملین

إشارة إلی ضعف علی بن حدید

ص: 415


1- منهم إسماعیل بن علی المسلی وبحر المسلی ، رجال الطوسی : 148 / 112 ، و 158 / 66.
2- رجال النجاشی : 343 / 923.
3- رجال النجاشی : 164 / 433.
4- الفهرست : 70 / 280.
5- رجال الطوسی : 487 / 65.
6- رجال الطوسی : 247 / 396.
7- رجال الطوسی : 225 / 33 و 226 / 56.
8- راجع ص 46.

« وعبد الرحمن بن أبی نجران » لا « عن عبد الرحمن » لأنّ الروایات الواردة فی هذا النحو کثیرة (1).

والأمر کما قال من جهة الکثرة ، إلاّ أنّه لا مانع من الروایة تارة عن الشخص وتارة معه ؛ وفی التهذیب روی الشیخ الخبر کما هنا (2).

فإنّ قلت : الحسین بن سعید عطف علی مَن؟

قلت : یحتمل العطف علی علی بن حدید احتمالاً ظاهراً.

ویحتمل أنّ یکون ابتداء سند ، والطریق إلی الحسین ما یذکره الشیخ فی المشیخة (3) ؛ ویدفعه أنّ اللازم روایة ابن أبی نجران عن أبی عبد الله علیه السلام ، والحال أنّ المذکور کونه من أصحاب الرضا والجواد علیهماالسلام ، مضافاً إلی أنه ینبغی أنّ یقال : قالا.

ولا یخفی علیک أنّ هذا الوجه یقرب ما ذکرناه (4) عن الوالد قدس سره لأنّ عبد الرحمن إذا کان الراوی عنه علی بن حدید یکون عبد الرحمن وحریز مشترکین فی الروایة عن أبی عبد الله علیه السلام ، والحال ما ذکرناه.

والثالث : فیه محمد بن أحمد بن یحیی المعاذی علی ما رأیناه من النسخ والظاهر أنّ أحمد زائد ؛ لأنّ المذکور فی الرجال محمد بن یحیی المعاذی (5) ، وقد ذکر العلاّمة فی الخلاصة : أنّه ضعیف (6). وأظن أنّ أصل

بحث حول سند روایة حریز

بحث حول محمّد بن یحیی المعاذی

ص: 416


1- منتقی الجمان 1 : 26 ، 245.
2- التهذیب 1 : 302 / 879.
3- مشیخة التهذیب ( التهذیب 10 ) : 63.
4- منتقی الجمان 1 : 26 ، 245.
5- انظر رجال الطوسی : 435 / 11.
6- خلاصة العلاّمة : 254 / 32.

ذلک ما نقله النجاشی فی محمد بن أحمد بن یحیی الأشعری من : أنّه من المستثنین الذین یروی عنهم محمد بن أحمد (1). وغیر خفی أنّ هذا لا یوجب الضعف.

والشیخ ذکره فی رجال العسکری علیه السلام مهملاً (2) ، لکن علی ما فهمه الشیخ فی محمد بن عیسی (3) من الاستثناء ینبغی وصفه بالضعف ، وفیه ما فیه.

وأمّا محمد بن عبد الحمید فهو العطّار علی الظاهر ، وقد قدّمنا فیه القول (4).

ومحمد بن حفص هو ابن غیاث ، ویروی عن أبیه کما ذکره الشیخ فی رجال من لم یرو عن الأئمة علیهم السلام لکن بنوع إبهام (5) ، لأنّه قال : روی عنه محمد بن الولید الخزّاز ، وروی عنه محمد بن الحسن الصفار والحمیری وسعد (6). وغیر خفی بعد الممارسة أنّ الضمیر فی « وروی عنه » راجع إلی محمد بن الولید ؛ لکن فی بادئ النظر یتوهم خلافه ویظن أنّ محمد بن عبد الحمید لا یروی عن محمد بن حفص فیکون غیر من ذکرناه. وربما یزاد احتمال کون محمد بن حفص مجهولاً غیر المذکور ، وإنّ کان المذکور مجهولاً أیضاً ؛ لوجوده مهملاً.

بحث حول محمّد بن حفص بن غیاث

ص: 417


1- رجال النجاشی : 348 / 939.
2- رجال الطوسی : 435 / 11.
3- الفهرست : 140.
4- راجع ص 151.
5- فی « رض » و « فض » : إیهام.
6- رجال الطوسی : 492 / 10.

وأمّا حفص بن غیاث فقد تقدم (1).

ولیث مشترک (2). وعبد الملک غیر مذکور کغیره.

والرابع : لا ارتیاب فی صحته.

والخامس : فیه علی بن محمد القاشانی مع عدم الطریق إلیه ؛ وقد نقل العلاّمة عن الشیخ أنّه قال : إنّه من أصحاب أبی جعفر الثانی الجواد علیه السلام ، - ثم قال یعنی الشیخ - : علی بن شیرة بالشین المعجمة المکسورة والیاء الساکنة المنقطة تحتها نقطتین والراء ثقة من أصحاب الجواد علیه السلام ، ثم قال العلاّمة : والذی یظهر لنا أنّهما واحد ؛ لأنّ النجاشی قال : علی بن محمد بن شیرة القاشانی (3). انتهی.

ولا یخفی قصور عبارة العلاّمة علی من لاحظ کتاب الشیخ الموجود الآن ؛ لأنّ الشیخ قال فی رجال الهادی علیه السلام : علی بن شیرة ثقة ؛ علی بن محمد القاشانی ضعیف إصبهانی ، إلی آخره (4). ولعلّ العلاّمة وجد فی نسخة ما ذکره ، إلاّ أنّ القصور من جهة إبهام الضبط وأنّه من الشیخ واقع.

وربما یظن أنّ قول الشیخ : علی بن شیرة ثقة. وقع فیه تصحیف من الکاتب ، وإنّما هو « یق » والمعنی : أنّ علی بن شیرة یقال له علی بن محمد القاشانی ، ( ولا یبعّد هذا أنّ کلام النجاشی یقتضی عدم ضعفه ؛ لأنّ الشیخ ربّما اعتمد علی ما نقل النجاشی ) (5) عن أحمد بن محمد بن عیسی : أنّه

لیث مشترک

بحث حول علی بن محمّد القاشانی

ص: 418


1- فی ج 1 : 207.
2- انظر هدایة المحدثین : 136.
3- خلاصة العلاّمة : 232 / 6.
4- رجال الطوسی : 417 / 9.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

غمز علیه ، وذکر أنّه سمع منه مذاهب منکرة (1).

لکن فی ذکر الرجل مرة بالتوثیق وأُخری بالتضعیف علی ما سمعت من النسخة یقتضی أنّ الشیخ لم یتثبّت فی شأن الرجل ، والعمدة علی قول النجاشی ؛ غیر أنّ ما ذکره بعد قوله : غمز علیه أحمد من : أنّه لیس فی کتبه ما یدل علی ذلک : لا یخلو من إجمال ؛ لأنّ عدم الوجدان فی کتبه لا یدل علی نفی ما قاله أحمد بن محمد بن عیسی ، لأنّ الظاهر منه أنّه سمع أحمد. واحتمال « سُمع » بالمجهول بعید.

وما ذکره النجاشی من : أنّ علی بن أحمد بن شیرة کان فقیهاً مکثراً من الحدیث فاضلا (2) یقتضی المدح کما لا یخفی. أمّا التخالف بین کونه ابن أحمد وبین قول الشیخ ابن محمد فأمره سهل. هذا ، وفی السند الإرسال مع جهالة أبی خیثمة.

المتن :

فی الأوّل : له دلالة علی الوضوء المعروف بحسب الظاهر من قوله : « وضوء الصلاة » وما یوجد فی الأخبار من إطلاق الوضوء علی غَسل الیدین والاستنجاء بعید الإرادة هنا من حیث قوله : « وضوء الصلاة » إلاّ أنّ یتکلف التوجیه ؛ ولا یبعد نفی التکلّف بعد تحقق المعارض ، لکن ستسمع الکلام فیه.

أمّا الدلالة من الروایة علی الوجوب فقد تنکر من عدم الإتیان بمقتضاه من الأمر ، وهو الظاهر من العلاّمة فی المختلف ، فإنّه استدل بهذه

مالمراد بالوضوء فی قوله علیه السلام : « یوضّأ وضوء الصلاة »؟

هل وضوء المیت قبل غسله واجب؟

ص: 419


1- رجال النجاشی : 255 / 669 وفیه : علی بن محمد بن شیرة.
2- رجال النجاشی : 255 / 669 وفیه : علی بن محمد بن شیرة.

علی الاستحباب ، وبالثانی حیث قال علیه السلام فیه : « ثم توضّأ وضوء الصلاة » وکذلک استدل بالرابع (1).

ولا وجه للاستدلال إلاّ عدم دلالة مثل هذا اللفظ علی الوجوب ؛ وأضاف إلی ذلک أیضاً روایة ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان أو غیره ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « فی کل غسل وضوء إلاّ الجنابة » (2) وکأنّ الوجه فی الاستدلال بهذا ما ذکره فی الجواب عن احتجاج أبی الصلاح حیث نقل عنه : القول بالوجوب (3) ، وأنّه احتجّ به بأنّ الخبر کما یحتمل الوجوب یحتمل الاستحباب (4). وحینئذٍ یکون وجه الاحتجاج به من العلاّمة عدم الصراحة فی الوجوب ، فلا یحکم به ، والاستحباب یتعیّن.

ولا یخفی ما فی الاستدلال کله من النظر ، أمّا الأخبار ما عدا خبر ابن أبی عمیر فلأنّ الجملة الخبریة فی أمثالها بمعنی الأمر ، وهو للوجوب عنده ؛ إلاّ أنّ یقال : إنّ دلالة الأمر علی الوجوب مسلّمة ، وکذا فیما یقوم مقام الأمر إذا علم ذلک ، والعلم هنا غیر معلوم. وفیه : أنّ هذا لو تمّ انتفی کثیر من الاستدلال بغیر الأمر إنّ لم یدعی الجمیع.

وأمّا خبر ابن أبی عمیر : فالظاهر منه الوجوب کما یستفاد من جوهرة.

وقد اتفق للمحقق فی المعتبر أنّه قال فی الخبر (5) نحو ما قاله العلاّمة

ص: 420


1- المختلف 1 : 222.
2- التهذیب 1 : 143 / 403 ، الوسائل 2 : 248 أبواب الجنابة ب 35 ح 2.
3- المختلف 1 : 221 ، وهو فی الکافی فی الفقه : 134.
4- المختلف 1 : 223.
5- المعتبر 1 : 267.

من احتماله الاستحباب.

واعترض علیه شیخنا قدس سره بأنّه مناف لاستدلاله به علی وجوب الوضوء فی غسل الحیض ونحوه (1).

والذی ذکره المحقق فی توجیه الاستدلال بهذا الخبر فی الوضوء مع غسل الحیض ونحوه هو : أنّه لا یلزم من کون الوضوء فی الغسل أن یکون واجباً ، بل من الجائز أنّ یکون غسل الجنابة لا یجوز فعل الوضوء فیه ، وغیره یجوز ، ولا یلزم من الجواز الوجوب (2). وقد تبعه علی هذا جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد (3).

وفی نظری القاصر أنّ هذا مستغرب من المحقّق ؛ لأنّ احتمال الجواز فی مثل هذا لو أثّر انتفی الاستدلال بکثیر من الأخبار ، کما قدّمناه ؛ وکون الجواز أعم من الوجوب مسلّم علی تقدیر وقوع الجواز فی الخبر لاحتماله ؛ وغیر بعید أنّ یکون غرض المحقق بذکر الجواز الإشارة إلی أنّ غسل الجنابة لمّا لم یجز معه الوضوء علم أنّ المراد بالوضوء فی غیره الجواز ، فکأنّه علیه السلام قال : کل غسل فیه الوضوء جائز إلاّ (4) غسل الجنابة فلا یجوز.

ولا یخفی علیک أنّ لقائلٍ أنّ یقول : إنّ ما دل علی الوضوء مع غسل الجنابة یمکن حمله علی الاستحباب کما ذهب إلیه الشیخ (5) فلا یتم مطلوب المحقق ؛ إلاّ أن یقال : إنّ ما دل علی الوضوء محمول علی التقیة بل هو صریح فیها ، ولا عبرة بقول الشیخ. وفیه : أنّ مقام الاستدلال غیر هذا ،

ص: 421


1- مدارک الأحکام 2 : 83.
2- المعتبر 1 : 267.
3- روض الجنان : 101.
4- فی « فض » زیادة : فی.
5- التهذیب 1 : 140.

فتأمّل.

نعم الأولی أنّ یقال : إنّ ظاهرها وإنّ أفاد الوجوب إلاّ أنّ الأخبار المظنون انتفاء الوضوء منها یدل علی أنّ المراد من الخبر استحباب الوضوء ، لکن لا یخفی أنّ هذا یضرّ بحال الاستدلال بالخبر علی وجوب الوضوء فی الأغسال غیر الجنابة.

فما وقع فی کلام بعض من الاستدلال به علی أنّ غیر الجنابة من الأغسال یجب فیه الوضوء ، ثم فی بحث الأموات قال : إنّ هذا الخبر یعنی خبر ابن أبی عمیر معارض بعدّة أخبار دلت علی عدم الوضوء فضلاً عن وجوبه. لا یخلو من تنافر.

إلاّ أنّ یقال : إنّ الاستدلال به فی وجوب الوضوء نظراً إلی ظاهر اللفظ ، وفی غسل المیت خصّصته (1) الأخبار.

وفیه : أنّ تخصیصه یقتضی عدم إرادة الوجوب منه إلاّ بتکلف یستغنی عنه.

وما أجیب به عن الخبر من أنّه مرسل لا یخلو من وجه ، کما أشرنا إلیه فی أول الکتاب ، وقد وجدت الآن للشیخ فی هذا الکتاب فی آخر باب العتق ردّ حدیث رواه ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه بالإرسال (2).

أمّا الاستدلال علی عدم الوضوء فی غسل الأموات بتشبیهه فی بعض الأخبار بالجنابة فقد أجاب عنه العلاّمة فی المختلف : بمنع المماثلة من کل وجه ، وإلاّ لزم الاتّحاد ونفی المماثلة ، وکل حکم یؤدّی ثبوته إلی نفیه یکون محالاً ، وإذا وجب حملها علی البعض لا یتمّ الاستدلال ، لأنّا نمنع

ص: 422


1- فی « د » : خصته.
2- انظر الإستبصار 4 : 27.

من مماثلتها فی إسقاط الوضوء (1). انتهی.

ویتوجه علیه أنّه صرّح فی باب الجمعة من المختلف بتحریم الکلام علی من یسمع الخطبة ؛ للخبر الدال علی أنّ الخطبتین صلاة ، فقال بعد أنّ وجّه أنّ المراد کونهما مثل الصلاة : وإنّما یتم المماثلة لو عمت المساواة فی جمیع الأحکام إلاّ ما یعلم انتفاؤه عنه ؛ إذ لو اکتفی بالتساوی من بعض الوجوه لم یکن للتخصیص بالخطبتین فائدة ؛ لأن کل شی ء یشارک کل شی ء فی بعض الاعتبارات ولو فی صحة المعلومیة (2). وغیر خفی دلالة هذا الکلام علی ما یخالف قوله السابق.

والأولی فی الجواب ما ذکره بعض المحقّقین من أنّ المماثلة إضافیة ، فما لم یعلم جهة المماثلة لا یمکن الاستدلال علی العموم ولا الخصوص ، علی أنّه سیأتی إنشاء الله تمام الکلام فی الأخبار المعارضة.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه الخبر المبحوث عنه من قوله : « یطرح فیه سبع ورقات » لا یبعد أنّ یعود إلی قوله : « یغسل رأسه بالسدر » کما یستفاد من کلام من رأینا کلامه من الأصحاب حیث نقل القول بمقدار سبع ورقات فی ماء السدر.

واحتمال أنّ یراد کون السبع ورقات فی الماء القراح له ظهور من اللفظ کما فی الخبر الرابع ؛ ولعلّ جدّی قدس سره فهم ذلک کما نقلناه عنه سابقاً عند ذکر کلام القاموس (3) ، لکن هذا غیر معهود فیما وجدته الآن من کلام الأصحاب.

بیان حول قوله علیه السلام : « ویطرح فیه سبع ورقات ... »

ص: 423


1- المختلف 1 : 223.
2- المختلف 2 : 233.
3- فی : 1011.

والثانی : کما تری کالأول ، وقد أشرنا إلیه سابقاً (1).

والثالث : فیه دلالة علی أنّ مسح البطن قبل الغسل ؛ وما تضمنه من وضع السدر فی ماء الوضوء ، (2) یستفاد منه الاستحباب لو صلح لذلک.

وأمّا الرابع : فقد اختلف متنه هنا وفی التهذیب ؛ أمّا هنا فدلالته علی العصر أوّلاً ثم الوضوء بالأُشنان ثانیاً. وفی التهذیب أمرنی أبو عبد الله علیه السلام أنّ أعصر بطنه ثم أُوضّیه ، ثم أغسله بالأُشنان ، ثم أغسل رأسه (3). وعلی ما هنا یحتمل أنّ یراد بالوضوء التنظیف لا وضوء الصلاة ، لکن ما فی التهذیب له ظهور فی الوضوء الشرعی مع احتمالٍ ما لغیره.

والکلام فی قوله : « وأطرح فیه سبع ورقات » قد قدّمنا ما فیه.

وما تضمنه من الغسل بالقراح فی الأثناء ؛ مدلول بعض الأخبار غیره أیضاً.

وأمّا الخامس : فالأمر فیه لا یخلو من إجمال ؛ ولا یبعد أنّ یکون قوله : « إنهم یأمرونک » إشارة إلی أهل الخلاف ؛ إلاّ أنّ قوله : « هذا کتاب أبی » خفیّ المرام ، إلاّ أنّ یراد دفعهم بعدم مخالفة الوصیة ، وهم أعلم بالحقائق.

اللغة :

قال فی القاموس : الأُشنان بالضم والکسر معروف (4). وفیه

بیان حول روایتی معاویة بن عمّار وأبی خیثمة

معنی الاُشنان والکرسف

ص: 424


1- فی 1016.
2- فی « فض » زیادة : ربما.
3- التهذیب 1 : 303 / 882 ، الوسائل 2 : 484 أبواب غسل المیت ب 2 ح 8.
4- القاموس المحیط 4 : 198 ( الأُشنة ).

الکرسف کعصفر القطن (1).

قوله :

فأما ما رواه الحسین بن سعید ، عن یعقوب بن یقطین قال : سألت العبد الصالح علیه السلام عن غُسل (2) المیت ، أفیه وضوء الصلاة أم لا؟ فقال : « غُسل المیت تبدأ بمرافقه فیغسل (3) بالحُرض ، ثم یغسل (4) وجهه ورأسه بالسدر ثم یفاض علیه الماء ثلاث مرّات ، ولا یغسل إلاّ فی قمیص یدخل رجل یده ویصبّ الماء من فوقه ، ویجعل فی الماء شی ء من سدر وشی ء من کافور ، ولا یعصر بطنه إلاّ أنّ یخاف شیئاً قریباً فیمسح به رفیقاً من غیر أنّ یعصر ، ثم یغسل الذی غسّل یده قبل أنّ یکفنه إلی المنکبین ثلاث مرّات ، ثم إذا کفّنه اغتسل ».

فلا ینافی الأخبار الأُولی ؛ لأنّ الذی تضمن الخبر بیان غسل المیت ولم یحتج إلی بیان شرح الوضوء ، لأنّ ذلک معلوم ، ولم یعدل عن شرحه لأنّه غیر واجب ، بل لما قدمناه.

وأمّا ما روی من الأخبار فی : أنّ غُسل المیت مثل غُسل الجنب سواء ، فإذا کان غُسل الجنب لیس فیه وضوء فکذلک غُسل المیت ، فیعارضها الأخبار التی رویت فی أنّ کل غُسل فیه الوضوء إلاّ الغُسل من الجنابة ، وإذا کان غُسل المیت غیر غُسل الجنابة یجب أنّ یثبت فیه

ص: 425


1- القاموس المحیط 3 : 195 ( کرسف ).
2- فی الاستبصار 1 : 208 / 731 لا یوجد : غسل.
3- فی الاستبصار 1 : 208 / 731 : فتغسلها.
4- فی الاستبصار 1 : 208 / 731 لا یوجد : یغسل.

الوضوء ؛ علی أنّ الوجه فی قولهم : غسل المیت مثل الجنابة ، هو بیان کیفیة الغسل ومراعاة الترتیب فیه ؛ لأنّهما علی حدّ واحد وإنّ کان فی أحدهما وضوء ولیس فی الآخر وضوء ، کما أنّ غُسل الحیض مثل غُسل الجنابة وإنّ کان فیه وضوء علی ما بیّناه ، ولیس فی غُسل الجنابة.

روی ما ذکرناه علی بن الحسین ، عن عبد الله بن جعفر ، عن إبراهیم بن مهزیار ، عن أخیه علی بن مهزیار ، عن فضالة بن أیوب ، عن القاسم بن برید (1) ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « غُسل المیت مثل غُسل الجنب ، وإنّ کان کثیر الشعر (2) فزد علیه (3) ثلاث مرّات ».

والذی یعارضه ما رواه محمد بن الحسن الصفار ، عن یعقوب بن یزید ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد بن عثمان ، أو غیره ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « فی کل غُسل وضوء إلاّ غُسل (4) الجنابة ».

والوجه فی الجمع بینهما ما قدّمناه.

السند :

فی الأوّل : لا ارتیاب فی صحّته.

والثانی : وإنّ کان الطریق إلی علی بن الحسین غیر مذکور فی

کلمة حول طریق الشیخ إلی علی بن الحسین

ص: 426


1- فی « رض » : یزید.
2- فی « فض » : السفر.
3- فی الاستبصار 1 : 208 / 732 زیادة : الماء.
4- فی الاستبصار 1 : 209 / 733 لا یوجد : غسل.

المشیخة ، إلاّ أنّ الشیخ فی الفهرست ذکر الطریق إلی جمیع کتبه وروایاته من غیر ارتیاب فیه (1).

وعبد الله بن جعفر هو الحمیری الثقة الجلیل.

أمّا إبراهیم بن مهزیار ففی توثیقه کلام ، وأمّا ما قاله شیخنا أیّده الله فی کتاب الرجال : من أنّه یستفاد من تصحیح العلاّمة طریق الصدوق إلی بحر السقّاء توثیقه (2). موضع نظر.

والثالث : فیه الإرسال ، وقد قدّمنا القول فی مراسیل ابن أبی عمیر فی أول الکتاب مفصلاً (3) ، وفی المبحث (4) السابق مجملاً ، والمقصود بإعادته فیما قرب دفع ما یظن أنّ مراسیل ابن أبی عمیر متّفق علی قبولها ، والحال أنّ الشیخ قد سمعت ما نقلناه عنه (5).

المتن :

فی الأوّل : ما ذکره الشیخ فیه لا یخلو من إجمال ؛ إذ الظاهر منه أنّ مورد الخبر بیان الغُسل لا الوضوء ، والحال أنّ السائل سأل عن الوضوء فکیف یکون الجواب خالیاً عنه لو کان واجباً إنّ کان السؤال عن الوجوب والندب؟! وإنّ کان السؤال عن غیرهما لکان الخلوّ عن جواب السائل لا بدّ له من نکتة.

وقول الشیخ : إنّه لم یحتج إلی بیان شرح الوضوء ؛ لأنّ ذلک معلوم.

إشارة إلی جلالة عبدالله بن جعفر الحمیری

بحث حول إبراهیم بن مهزیار

کلمة حول مراسیل ابن أبی عمیر

بیان روایة یعقوب بن یقطین والمناقشة فی توجیه لها

ص: 427


1- الفهرست : 93 / 382.
2- منهج المقال : 28.
3- راجع ص 72.
4- فی « رض » : البحث.
5- راجع ص 73.

غریب ؛ لأنّ السؤال عنه ، فکیف یکون معلوماً؟!

وقوله : لم یعدل عنه لأنّه غیر واجب ، بل لما قدّمناه. إنّ أراد بما قدّمه هو کونه معلوماً لزم ما ذکرناه ، وإنّ أراد لکونه مذکوراً فی الأخبار الأُخر فالسائل لا یُعلم علمه بالأخبار أوّلاً.

وفی نظری القاصر أنّه لا یبعد أنّ یکون السؤال عن دخول الوضوء فی غُسل المیت علی أنّ یکون جزءاً منه ، لا عن وجوبه واستحبابه ، والجواب حینئذٍ یطابق السؤال ، علی معنی أنّه وافٍ به ؛ لأنّه علیه السلام قال : « غُسل المیت تبدأ بمرافقه » إلی آخره فکأنه قال : لیس الوضوء جزءاً ، بل الغُسل کذا وکذا.

علی أنّ فی الخبر احتمالاً وهو أنّ یکون المبدوّ به الوضوء ، وهو غَسل المرافق ، وإطلاق الوضوء علی هذا مستعمل ، إلاّ أنّ ما فی الأخبار من وضوء الصلاة یأبی هذا إلاّ بتکلّف.

ومن هنا یعلم أنّ ما قاله شیخنا قدس سره فی فوائد الکتاب : من أنّ هذه الروایة صحیحة السند وهی کالصریحة فی عدم وجوب الوضوء ؛ لأن السؤال فیها عن غُسل المیت أفیه وضوء أم لا؟ فأجاب علیه السلام بذکر کیفیّة الغُسل وما یستحب فعله قبل الشروع ، إلی أنّ ذکر التکفین ، فلا یکون واجباً ، وإلاّ لوجب ذکره فی جواب السؤال.

محلّ بحث أمّا أوّلاً : فلما قلناه.

وأمّا ثانیاً : فلأنّ قوله قدس سره : وما یستحب فعله. یقتضی أنّ الوضوء لا یستحب أیضاً ؛ لأنّ ما ذکره علیه السلام من المستحبات (1) قبل الشروع ینبغی أنّ

ص: 428


1- فی « فض » : الاستحباب.

ینفی الوضوء استحباباً ، کما أنّ عدم ذکر الوضوء فی الواجبات ینفیه وجوباً ، والحال أنّه قدس سره قائل بالاستحباب فما هو الجواب فهو الجواب.

إذا عرفت هذا فالذی یقتضیه ظاهر الحدیث هو غَسل الوجه والرأس بالسدر ، ثم یفاض علیه الماء ثلاث مرّات ، ولم یذکر الکافور.

والذی یستفاد من خبر معاویة بن عمّار السابق أنّ إفاضة الماء ثلاث مرّات علی السدر ، ثم غسله بالماء القراح ، ثم ماء الکافور.

وقوله علیه السلام فی الخبر المبحوث عنه : « ویجعل فی الماء شی ء من سدر وشی ء من کافور » إنّ أُرید به الغسلة الثانیة فالسدر غیر معروف کونه موضوعاً مع الکافور.

وقوله علیه السلام : « ولا یعصر بطنه » فی الظاهر یعود إلی الغسلة الثانیة إن جعلنا الماء الذی فیه السدر والکافور هو ماء الثانیة ، والحال أنّ الشیخ جعل العصر فی الغسلتین ، وإنّ جعلنا قوله : « ولا یعصر » راجعاً لجمیع (1) الحالات فالإشکال واضح ، علی أنّ ظاهر الخبر أنّ مع الخوف لا یُعصر مطلقاً.

فإنّ قلت : هذا الخبر لا یخلو من إجمال ، لکن غیره ممّا دلّ علی التفصیل موجود ، فأیّ حاجة إلی ما ذکرت؟

قلت : الذی یقتضیه التأمّل فی أخبار التغسیل أنّها لا تخلو من إجمال ، ألا تری إلی ما رواه ابن مسکان ممّا هو معدود فی الصحیح عن أبی عبد الله علیه السلام قال : سألته عن غسل المیت ، فقال : « اغسله بماء وسدر ، ثم اغسله علی أثر ذلک غسلة اخری بماء وکافور وذریرة إنّ کانت واغسله

ص: 429


1- فی « د » و « فض » : بجمیع.

ثالثاً (1) بالقراح » قلت : أغسله ثلاث غسلات لجسده کلّه؟ قال : « نعم » (2) الحدیث.

وغیر خفیّ أنّ ظاهره وجوب الذریرة (3) ولا قائل به فیما أظن (4) ، ولا أقلّ من الاستحباب ، ولم یذکره أیضاً من رأینا کلامه من الأصحاب.

ثم إنّ ما هو مشهور بین المتأخّرین من الترتیب بین الأعضاء فی کلّ غَسلة لا تخلو استفادته من الروایات من خفاء ، نعم فی الروایة الآتیة من أنّه کغُسل الجنابة احتمال الاستفادة ، وإنّ کان فیها نوع إجمال ؛ لأن التشبیه یحتمل أنّ یکون لمجموع الغُسل ، ویحتمل للقراح ، ویحتمل التشبیه باعتبار الماء ، کما یستفاد من قوله علیه السلام : « وإنّ کان کثیر الشعر فزد علیه ثلاث مرّات ».

وفی حسنة الحلبی عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أردت غُسل المیت فاجعل بینک وبینه ثوباً یستر عورته إمّا قمیصاً أو غیره ، ثم تبدأ بکفّیه وتغسل رأسه ثلاث مرّات بالسدر ، ثم سائر جسده ، وابدأ بشقّه الأیمن » إلی أنّ قال : « فإذا فرغت من غَسله بالسدر فاغسله مرّة أُخری بماء وکافور وشی ء من حنوطه ، ثم اغسله بماء بحت (5) غسله أُخری » (6).

وهذه الروایة کما تری وإنّ کان (7) فیها نوع من الترتیب ، إلاّ أنّها

الترتیب بین الأعضاء فی غسل المیت

ص: 430


1- فی التهذیب 1 : 108 / 282 : الثالثة.
2- الکافی 3 : 193 / 2 ، التهذیب 1 : 108 / 282 ، الوسائل 2 : 479 أبواب غسل المیت ب 2 ح 1.
3- الذریرة : فتات من قصب الطیب لسان العرب 4 : 303.
4- فی « فض » : أمکن.
5- فی « رض » خالص.
6- الکافی 3 : 139 / 1 بتفاوت یسیر ، الوسائل 2 : 480 أبواب غسل المیت ب 2 ح 2.
7- لیست فی « فض ».

لا تخرج عن حیّز الإجمال ؛ لأنّ قوله : « تغسل رأسه ثلاث مرّات بالسدر ثم سائر جسده » ظاهر فی أنّ الترتیب بین الرأس والبدن فقط ، لا بین الأیمن من الجانبین والأیسر ، وقوله : « وابدأ بالشقّ الأیمن » کما یحتمل أنّ یکون فی البدن فیفید الترتیب فی الجانبین یحتمل أنّ یراد فی الرأس ، لأنّ البدأة فی الغسل به.

وعلی تقدیر الشمول فالدلالة علی ترتیب جمیع الجانب غیر ظاهرة.

ولو قلنا إنّه (1) کغُسل الجنابة فی تقدیم الرأس علی الجسد کما هو مدلول الأخبار فی الجنابة ، ففیه : أنّ الإجماع قد ادّعاه الشیخ علی الترتیب ( المقرّر عند المتأخرین ) (2) فی الجنابة ، والظاهر منه وممّن تابعه مشارکة غُسل المیت له علی الإطلاق ، ولا یبعد استفادة الترتیب فی الجانبین من قوله : « وابدأ بالشقّ الأیمن » بنوع من التوجیه.

غیر أنّ العجب من شیخنا قدس سره أنّه عند قول المحقّق فی الشرائع : ثم یغسل بالسدر یبدأ برأسه ثم بجانبه الأیمن ثم الأیسر. قال : مذهب الأصحاب خلا سلاّر أنّه یجب تغسیل المیت ثلاث غسلات بماء السدر ثم بالکافور (3) ثم بالماء القراح ، وحجّتهم الأخبار المستفیضة عن أئمة الهدی صلوات الله علیهم ، ثم ذکر حسنة الحلبی وصحیح ابن مسکان - إلی أنّ قال - : والأظهر وجوب الترتیب فی الغسلات وبینها ، وقول ابن حمزة باستحباب الترتیب بینها ضعیف (4). انتهی.

ص: 431


1- فی « رض » زیادة : یغسل.
2- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
3- فی « رض » : بماء الکافور.
4- مدارک الأحکام 2 : 78.

ووجه التعجّب یظهر ممّا قرّرناه فی الخبرین ، وما نقله عن ابن حمزة قد حکی فی المختلف أنّ کلامه یشعر بأنّ الترتیب بین هذه الأغسال غیر واجب (1).

ثم إنّ العلاّمة استدل بالأحادیث علی الترتیب ، وذکر منها حسنة الحلبی (2) فقط.

وبالجملة : فالمشهور لا خروج عنه ، إلاّ أنّ الکلام فی إجمال الأخبار مع عدم الالتفات إلی البیان ، هذا.

وما ذکره الشیخ رحمه الله فی الخبر المتضمّن لأنّ غُسل المیت مثل غُسل الجنب فقد تکلّمنا فیه سابقاً (3) حیث إنّ العلاّمة تعرّض للکلام فیه.

ونقول هنا : إنّ ما ذکره الشیخ : من معارضة ما دلّ علی أنّ کل غُسل فیه الوضوء ، إلی آخره. فیه : أنّ المغایرة وإنّ حصلت ، إلاّ أنّ التخصیص غیر ممنوع منه ، وحینئذ یجوز أنّ یکون کل غُسل من أغسال المکلّفین بقرینة ذکر غُسل الجنابة ، ولو سلّم التناول لغیر ما ذکر ظاهراً ، فإذا دلّ الدلیل علی عدم الوضوء فی غُسل المیت فأیّ مانع منه؟ ولو سلّم عدم الدلیل علی نفی الوضوء لکن وجوبه لا دلیل علیه.

فإنّ قال : إنّ دلیل الوجوب من ظاهر قوله : « کل غُسل فیه الوضوء » فإنّ الجملة الخبریة تفید ذلک إذا کانت بمعنی الأمر.

أمکن أنّ یقال : إنّ کونها بمعنی الأمر موقوف علی العلم بأنّ

لادلیل علی وجوب وضوء المیت قبل غسله

ص: 432


1- المختلف : 225.
2- المختلف : 225.
3- راجع ص 1021.

الإمام علیه السلام عدل عن الأمر إلی الخبر لبیان أن (1) الطلب علی الوجه الأبلغ کما هو مقرّر فی فنّ البلاغة ، والعلم بهذا عزیز الحصول.

ولو قال : إنّ مثلهم علیهم السلام لا یعدلون فی الخطاب إلی الجملة الخبریة إلاّ لما ذکر.

أمکن الجواب بأنه یجوز أنّ یکون العدول لدفع إرادة توهّم الوجوب من الأمر ، حیث إنّه حقیقة فیه أو مشترک بینه وبین الندب ، فالعدول قرینة الندب.

وهذا الوجه لم نذکره سابقاً فی توجیه کلام المحقق ، وإنّما أخّرنا إلی هنا لبیان مرام الشیخ ، حیث إنّه یقول باستحباب الوضوء فی غُسل الجنابة ، فاللازم علیه أنّ یحمل الخبر (2) علی أنّ کل غُسل فیه الوضوء واجب إلاّ غُسل الجنابة فلیس بواجب.

لکن لا یخفی أنّ الاستثناء یتحقّق إذا کان الوضوء مستحباً فی غُسل الجنابة ، فلا یتم المطلوب.

وما ذکره : من أنّ المراد بالمماثلة بیان الکیفیّة. غیر واضح الدلیل ، بل الظاهر من الخبر خلافه کما قدّمناه (3) ، ولو قلنا بعدم الظهور فالمماثلة فی حیّز الإجمال.

ولو قال الشیخ : إنّ المتبادر المماثلة فی نفس الغُسل ، والوضوء خارج.

أمکن أنّ یقال : إنّ نفس الغُسل یتحقق المماثلة فیه من غیر جهة الترتیب.

ص: 433


1- لیس فی « رض ».
2- لیس فی « رض ».
3- راجع ص 1027.

ولو قال : إنّ الأخبار الدالة علی عدم مقدار معیّن للماء فی الأموات تدلّ علی نفی المماثلة فی ذلک.

أمکن أنّ یقال : إنّ المماثلة فی کون الماء مطلقاً ، أو فی کونه مفتقراً إلی النیة ، أو إلی إزالة النجاسة أوّلاً عن بدنه من النجاسات الخبثیّة ، وإذا قام الاحتمال کفی فی إبطال الاستدلال.

وما ذکره الشیخ فی غُسل الحیض مسلّم ، إلاّ أنّه لا یدل علی الحصر فی الکیفیة.

وإذا تمهّد هذا فالخبر الدال علی المماثلة ربما استفید منه الاکتفاء بالارتماس فی غُسل المیت ، وعلیه جماعة من المتأخّرین (1).

وأجاب عنه شیخنا قدس سره بضعف السند ، والخروج به عن الأخبار المستفیضة الواردة فی کیفیّة الغُسل مشکل (2). ولا یخفی علیک بعد ما قرّرناه من الإجمال قوة الإشکال.

وفی المدارک قال قدس سره فی غُسل الحیض عند قول المحقّق : وکیفیّته مثل غُسل الجنابة : هذا مذهب العلماء کافّة ، ویدلُّ علیه مضافاً إلی الإطلاقات خصوص موثّقة الحلبی عن الصادق علیه السلام قال : « غُسل الجنابة والحیض واحد » انتهی کلامه (3).

ولا یخفی أنّ هذا الخبر لا یخلو من إجمال ؛ إذ من الجائز أنّ یراد التداخل لو اجتمعا ، ویجوز إرادة المماثلة فی الکیفیّة الترتیبیّة ، أمّا الشمول

الارتماس فی غسل المیت

ص: 434


1- منهم العلاّمة فی القواعد 1 : 18 ، والشهید الأوّل فی الذکری : 45 ، والکرکی فی جامع المقاصد 1 : 378 والشهید الثانی فی المسالک 1 : 12.
2- مدارک الأحکام 2 : 81.
3- مدارک الأحکام 2 : 357.

للارتماس منه محلّ کلام لولا دعوی الاتفاق ، أمّا الإطلاقات فتناولها للارتماس مشکل ، ولعلّ عدم القائل بالمنع یسهّل الخطب.

اللغة :

قال فی القاموس : فاض الماء یفیض فیضاً کَثُرَ ، ثم قال : وأفاض الماء علی نفسه أفرغه (1) ، وفیه أیضاً الحُرض بضمّة وبضمّتین (2) الأُشنان (3).

قوله :

باب تجمیر الکفن

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تجمّر الکفن ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد الکوفی ، عن ابن جمهور ، عن أبیه ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : حدّثنا (4) عبد الله بن عبد الرحمن ، عن حریز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال ، قال أمیر المؤمنین علیه السلام : « لا تجمّروا الأکفان ولا تمسّوا (5) موتاکم بالطیب إلاّ بالکافور ، فإنّ المیت بمنزلة المُحرِم ».

معنی الإفاضة والحُرض

تجمیر الکفن

اشارة

ص: 435


1- القاموس المحیط 2 : 353 ( فاض ).
2- فی « رض » : وضمتین.
3- القاموس المحیط 2 : 339 ( الحرض ).
4- فی « ش » والاستبصار 1 : 209 / 735 : وحدّثنا.
5- فی الاستبصار 1 : 209 / 735 : ولا تمسحوا.

وبهذا الاسناد عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن النوفلی ، عن السکونی (1) ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إنّ النبی صلی الله علیه و آله نهی أنّ تتبع جنازة بمجمرة ».

الحسن بن محبوب ، عن أبی حمزة (2) قال ، قال أبو جعفر علیه السلام : « لا تقرّبوا موتاکم النار » یعنی الدخنة.

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علی بن بنت إلیاس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا بأس بدخنة کفن المیت ، وینبغی للمرء المسلم أنّ یدخن ثیابه إنّ کان یقدر ».

وما رواه غیاث بن إبراهیم ، عن أبی عبد الله ، عن أبیه علیهماالسلام : « إنّه کان یجمّر المیت بالعود فیه المسک (3) وربما (4) جعل علی النعش الحنوط ، وربما لم یجعله ، وکان یکره أنّ یتبع المیت بالمجمرة ».

فالوجه فی هذین الخبرین أنّ نحملهما علی ضرب من التقیة ( لأنّهما موافقان لمذاهب (5) العامة ) (6).

السند :

فی الأوّل : فیه الإرسال.

ص: 436


1- فی الاستبصار 1 : 209 / 736 : والسکونی.
2- فی الاستبصار 1 : 209 / 737 : ابن أبی حمزة.
3- فی « فض » : المشک.
4- فی الاستبصار 1 : 210 / 739 : فربما.
5- فی « رض » : لمذهب.
6- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

والثانی : فیه أحمد بن محمد الکوفی وهو البرقی ، وقد قدّمنا فیه القول (1) ، والعدّة التی تروی عنه کذلک ، والحاصل أنّ العلاّمة فی الخلاصة نقل عن محمد بن یعقوب أنّه قال : کلما کان فی کتابی عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد فهم : علی بن إبراهیم ، وعلی بن محمد (2) ، وذکر غیرهما.

فإنّ قلت : من أین أنّ أحمد بن محمد الکوفی هو ابن خالد والحال أنّ فی الرجال أحمد بن محمد الکوفی غیره موجود وأحمد وإنّ کان کوفیاً إلاّ أنّ الإطلاق علیه غیر معروف؟

قلت : القرینة باعتبار ذکر العدّة دالّة علی أنّه ابن خالد ، وما ذکر فی الرجال بلفظ أحمد بن محمد الکوفی بعید المرتبة ؛ لأنّه من رجال الکاظم علیه السلام (3) ، وغیره وإنّ أمکن إلاّ أنّ قرب الاحتمال ربما لا ینکر.

وأمّا ابن جمهور فالذی وقفت علیه فی الرجال محمد بن جمهور ، وذکر النجاشی أنّه ضعیف فی الحدیث فاسد المذهب (4). وذکره الشیخ أیضاً فی رجال الرضا علیه السلام من کتابه (5). والراوی عنه فی النجاشی أحمد بن الحسین بن سعید ، وابنه الحسن (6).

وفی الفهرست : محمد بن الحسن بن جمهور ، وهو المذکور أوّلاً ؛ لأن الشیخ قال : إنّ الراوی عنه أحمد بن الحسین ، وقال بعد الروایة : عن

بحث حول أحمد بن محمّد الکوفی

بحث حول ابن جمهور

ص: 437


1- فی ص 32.
2- خلاصة العلاّمة : 272.
3- راجع رجال الطوسی : 343 / 17.
4- رجال النجاشی : 337 / 901.
5- رجال الطوسی : 387 / 17.
6- رجال النجاشی : 337 / 901.

محمد بن جمهور (1).

وأمّا جمهور أبوه فغیر معلوم الحال ؛ لأنّ فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ جمهور بن أحمر مهملاً (2).

ومحمد بن سنان والمفضّل قد تقدّم فیهما (3).

وعبد الرحمن بن عبد الله (4) مجهول ، والموجود فی رجال الحسین علیه السلام من کتاب الشیخ (5).

والثالث : فیه النوفلی والسکونی وقد تقدّما (6).

والرابع : لا یخلو من ارتیاب فی صحّته بعد ما قدّمناه (7) من جهة روایة ابن محبوب عن أبی حمزة وهو الثمالی.

والخامس : فیه الحسن بن علی الذی یقال له الوشّاء ، وهو معدود من الممدوحین عند بعض (8).

والسادس : فیه مع عدم الطریق إلیه (9) فی المشیخة واختصاص

جمهور غیر معلوم الحال

عبدالرحمان بن عبدالله مجهول

الحسن بن علی الوشّاء ممدوح

بحث حول غیاث بن إبراهیم

ص: 438


1- الفهرست : 146 / 615.
2- رجال الطوسی : 164 / 66.
3- فی ص 85 و 983.
4- کذا فی النسخ ولعله سهو من قلمه الشریف فإنّ المذکور فی سند الحدیث عبد الله بن عبد الرحمن کما تقدم عنه حین نقله فی ص 412 وهو موجود فی کتب الرجال أیضاً راجع رجال النجاشی : 217 / 566 ، 220 / 575 ، 221 / 579 ، ورجال الشیخ : 224 / 28 و 225 / 39.
5- رجال الطوسی : 77 / 21.
6- فی ص 141.
7- راجع ص 471 ، 473.
8- کالنجاشی فی رجاله : 39 / 80.
9- یعنی إلی غیاث بن إبراهیم.

الطریق فی الفهرست بکتابه (1) ما قدّمناه فی بیان حاله من أنّ العلاّمة قال : إنّه بتری ثقة (2). ونقل شیخنا ذلک عن الکشی عن حمدویه عن بعض أشیاخه.

المتن :

لا یخفی دلالة الأوّل علی أنّه لا یجمر الکفن.

والثانی : علی أنّه لا یجمّر الکفن ولا یمسّ المیت بالطیب (3) غیر الکافور.

والثالث : تضمن أنّه نهی عن أنّ تتبع الجنازة بمجمرة.

والرابع : تضمّن النهی عن قرب المیت الدخنة.

والخامس : تضمّن نفی البأس عن دخنة کفن المیت.

والسادس : فیه أنّ الباقر علیه السلام کان یجمّر المیت بالعود فیه المسک (4) ، وتضمّن أیضاً أنّه علیه السلام کان یکره أنّ یتبع المیت بمجمرة.

والشیخ کما تری حمل الخبرین علی التقیة ، وغیر خفیّ أنّ الخبر الأخیر تضمّن التجمیر بالعود فیه المسک (5) ، فیمکن أنّ یخص ما دلّ علی عدم مسّ المیت بالطیب والدخنة بغیر العود.

وما تضمّنه آخر الحدیث من کراهته أنّ یتبع المیت بمجمرة موافق لما تضمّن النهی عن الأتباع بمجمرة ، فالحمل علی التقیة فیه غیر لازم.

بیان الأخبار الناهیة عن تجمیر الکفن والجمع بینها وبین ما یعارضها

ص: 439


1- الفهرست : 123 / 549.
2- خلاصة العلاّمة : 245 / 1.
3- فی « د » : الطیب.
4- فی « فض » : المشک.
5- فی « فض » : المشک.

وأمّا خبر ابن سنان فیمکن أنّ یخصّ بغیر العود مع ما معه من المسک ، إلاّ أنّ ظاهر التعلیل فی خبر ابن مسلم یقتضی الشمول لکل طیب ویتناول العود وغیره فکأنّ (1) الشیخ نظر إلی ذلک ، ومن یتوقف عمله علی الخبر الصحیح له أنّ یقول : إنّ خبر أبی حمزة تضمّن الدخنة بالنار لا مطلق الطیب ، وحینئذ لا بدّ له من حمل ما ینافیه علی التقیّة أو علی بیان الجواز.

وفی المختلف قال : إنّ المشهور کراهیة أن یجعل مع الکافور مسک (2) ، واستدل بروایة محمد بن مسلم ، وحکی عن الصدوق أنّه استحب المسک (3) ، وأنّه روی مرسلاً أنّ النبی صلی الله علیه و آله حنّط بمثقال مسک (4) ، سوی الکافور ، ثم قال : یعنی الصدوق وسُئل أبو الحسن الثالث علیه السلام هل یقرب إلی المیت المسک والبخور؟ قال : « نعم » (5) وأجاب العلاّمة عن الروایتین بالإرسال (6) ، ولا یخفی أنّ مرسلة ابن أبی عمیر أقوی من روایة محمد بن مسلم عند الاعتبار الذی قدّمناه ، فاستناد العلاّمة فی الکراهة إلی روایة محمد وردّ روایتی الصدوق بالإرسال محلّ تأمّل.

اللغة :

قال فی القاموس : المِجْمَر کمنْبَر الذی یوضع فیه الجمر بالدخنة

معنی المِجْمَر والدُخْتَة

ص: 440


1- فی « د » : وکان.
2- فی « فض » : مشک.
3- فی « فض » : المشک.
4- الفقیه 1 : 93 / 422.
5- الفقیه 1 : 93 / 426.
6- المختلف 1 : 249.

ویؤنّث کالمجمرة (1) ، وذکر فی الدُّخْنَة : أنها کُدْرَةٌ فی سواد - إلی أنّ قال - : والذریرة (2) تدخن بها البیوت (3) (4).

قوله :

باب أنّ الکفن لا یکون إلاّ قطناً

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی (5) ، عن أحمد بن الحسن بن علی ، عن عمرو بن سعید ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الکفن یکون برداً ، فإنّ لم یکن برداً فاجعله کلّه قطناً ، فإنّ لم یکن (6) عمامة قطن فاجعل العمامة سابریّاً ».

محمد بن یحیی ، عن محمد بن الحسین ، عن عبد الرحمن بن أبی هاشم ، عن أبی خدیجة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « الکتان کان (7) لبنی إسرائیل یکفنون به ، والقطن لُامّة محمّد صلی الله علیه و آله ».

ولا ینافی هذا الخبر : ما رواه سهل بن زیاد ، عن محمد بن

الکفن لایکون إلّا قطناً

اشارة

ص: 441


1- القاموس المحیط 1 : 407 ( الجمرة ).
2- فی المصدر : وذریرة.
3- فی « فض » : البیت.
4- القاموس المحیط 4 : 223 ( الدخن ).
5- فی « رض » : محمد بن یحیی ، وفی « فض » : محمد بن أحمد بن الحسن ، وفی « د » : محمد بن أحمد یحیی ، وما أثبتناه من التهذیب 1 : 296 / 870 ، والاستبصار 1 : 210 / 740.
6- فی التهذیب 1 : 296 / 870 ، والاستبصار 1 : 210 / 740 : تجد.
7- لیست فی « فض ».

عمرو بن سعید ، عن یونس بن یعقوب ، عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام قال : سمعته یقول : « أنا کفّنت أبی فی ثوبین شطویّین کان یُحرِم فیهما ، وفی قمیص من قمصه ، وفی عمامة کانت لعلی بن الحسین علیهماالسلام ، وفی برد اشتریت بأربعین دیناراً ، لو کان الیوم لساوی أربعمائة دینار ».

لأنّ الوجه فی هذا الخبر الحال الذی لا یقدر فیها علی القطن ، علی أنه حکایة فعل ، ویجوز أنّ یکون ذلک یختصّ بهم علیهم السلام ولم یقل فیه : ینبغی أنّ تفعلوا أنتم ، وإذا لم یکن فیه لم یجب المصیر إلیه.

فأمّا ما رواه محمد بن الحسین (1) ، عن محمد بن عیسی ، عن محمد بن سعید ، عن إسماعیل بن أبی زیاد ، عن جعفر ، عن أبیه ، عن آبائه ، عن علی علیه السلام قال : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : نعم الکفن الحلّة ونعم الأُضحیة الکبش الأقرن ».

فالوجه (2) فی هذا الخبر أنّ نحمله علی ضرب من التقیة ؛ لأنّه موافق لمذاهب العامة ، والخبر الذی قدّمناه مطابق للأخبار التی أوردناها فی شرح غُسل المیت فی کتابنا الکبیر.

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عیسی ، عن الحسن بن راشد ، قال : سألته عن ثیاب تعمل بالبصرة علی عمل القصب الیمانی من قز وقطن ، هل یصلح أنّ یکفّن فیها الموتی؟ قال : « إنّ کان القطن أکثر من القزّ فلا بأس ».

فلا ینافی ما قدّمناه ؛ لأنّا إنّما نمنع من الثیاب التی لا تجوز الصلاة فیها وإنّ کان القطن الخالص أفضل ، وهذه الروایة محمولة

ص: 442


1- فی « رض » : الحسن.
2- فی « د » و « فض » : والوجه.

علی الجواز دون الفضل ، والذی یدل علی أنّ الکتان مکروه زائداً علی ما مضی :

ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب بن یزید ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا یکفّن المیت فی کتان » (1).

السند :

فی الأوّل : موثق کما تقدم (2) القول (3) فیه مکرّراً.

والثانی : فیه أبو خدیجة (4) المفضّل بن صالح ، وقد تقدّم أنّ الشیخ ذکره مهملاً فی کتابه (5) (6). والعلاّمة قال : إنّه ضعیف (7).

إمّا عبد الرحمن ففی الفهرست مذکور أنّ له کتاباً یرویه القاسم بن محمد الجعفی ، ورواه ابن أبی حمزة (8). والنجاشی ذکر عبد الرحمن بن محمد بن أبی هاشم ووثّقه مرّتین ، وقال : إنّ کتابه یرویه القاسم بن محمد

بحث حول أبی خدیجة

بحث حول عبدالرحمان بن أبی هاشم

ص: 443


1- فی « فض » : الکتان.
2- راجع ص 120 و 275 و 260.
3- لیست فی « فض ».
4- الظاهر أنّ أبا خدیجة هو کنیة سالم بن مُکرم بن عبد الله ، وقد وثقه النجاشی مرتین : 188 / 501 ، وکذا الشیخ قد وثقه علی ما نقله عنه فی الخلاصة : 227 وإن کان ضعّفه فی الفهرست : 79 / 327 ، وأمّا المفضّل بن صالح یکنّی بأبی جمیلة ، راجع رجال الشیخ : 315 / 565 ، والفهرست : 170 / 753.
5- فی « د » و « فض » : کتابیه.
6- راجع ص 551.
7- خلاصة العلاّمة : 258 / 2.
8- الفهرست : 109 / 466.

ابن حسین بن حازم عنه (1).

والثالث : فیه سهل وقد تکرّر ذکره (2).

وأمّا محمد بن عمرو بن سعید فهو ابن الزیّات الثقة فی النجاشی (3). ویونس بن یعقوب قدّمنا ذکره (4) وأنّه کان فطحیّاً ورجع وکان ثقة علی ما ذکره النجاشی (5).

والرابع : فیه أنّ الطریق إلی محمد بن الحسین غیر مذکور فی المشیخة ، ومحمد بن سعید (6) فیه اشتراک (7).

وإسماعیل بن أبی زیاد لا یبعد أنّ یکون هو السکونی ؛ لظاهر الروایة عن علی علیه السلام مع احتمال غیره ، بل یتفق لغیره الروایة بهذه الصورة فیما أظن ، والفائدة مع الاشتراک وغیره منتفیة لولا وجه ما.

والخامس : فیه الحسن بن راشد ، وهو مشترک فی مثل هذا السند بین الضعیف والثقة (8).

والسادس : فیه الإرسال.

اللغة :

قال فی القاموس : البُرد بالضم ثوب مخطّط (9). وفیه : السابری ثوب رقیق

محمّد بن عمرو بن سعید هو ابن الزیّات الثقة

یونس بن یعقوب ثقة

محمّد بن سعید مشترک

کلمة حول إسماعیل بن أبی زیاد

الحسن بن راشد مشترک

معنی : البُرد ، السابری ، الحُلّة والقصب

ص: 444


1- رجال النجاشی : 236 / 623.
2- راجع ص 95.
3- رجال النجاشی : 369 / 1001.
4- راجع ص : 151.
5- رجال النجاشی : 446 / 1207.
6- فی « فض » لفظة : فیه. مکررة.
7- راجع هدایة المحدثین : 238.
8- راجع هدایة المحدثین : 188.
9- القاموس المحیط 1 : 286 ( البرد ).

جیّد (1). ونقل عنه أنّ الشطاة قریة بمصر (2). وعن النهایة : الحُلّة واحدة الحلل وهی برود الیمن ، ولا تسمّی حُلّة إلاّ أنّ تکون ثوبین من جنس واحد (3). وفی القاموس : الحُلّة بالضم إزار ورداء برد أو غیره ، ولا تکون حُلّة إلاّ من ثوبین أو ثوب له بطانة (4). وفیه : القَصَب محرّکةً ثیاب ناعمة من کتان (5). وفی المعتبر : القَصَب ضرب من برود الیمن ، سُمّی بذلک لأنّه یُصبغ بالقَصَب وهو نبت بالیمن (6).

المتن :

فی الأوّل : کما تری یدل علی أنّ الکفن یکون بُرداً ، فإنّ لم یکن فاجعله کلّه قطناً ( وقد سمعت قول القاموس فی البرد ، وقد یستفاد من ظاهر الخبر أنّ البُرد لیس قطناً ) (7) أو أنّه مخلوط بغیره ، فالدلالة علی مطلوب الشیخ خفیّة بالنسبة إلینا.

أمّا الثانی : فظاهر الدلالة.

وأمّا الثالث : فبتقدیر کون الثوبین کتّاناً کما یستفاد من غالب الثیاب بمصر یحتمل أنّ یکون الوجه فی الرجحان من جهة الإحرام فیهما ، وما قاله الشیخ بُعده ظاهر بعد دلالة روایة أبی خدیجة.

بیان الأخبار الناهیة عن التکفین بالکتان والحریر والجلد

ص: 445


1- القاموس المحیط 2 : 45 ( السبر ).
2- القاموس المحیط 4 : 350 ( شطاة ).
3- النهایة لابن الأثیر 1 : 432 ( حلل ).
4- القاموس 3 : 370 ( حلَّ ).
5- القاموس المحیط 1 : 121 ( القصب ).
6- المعتبر 1 : 281.
7- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

والرابع : ما ذکره الشیخ فیه متوجه بتقدیر کون الحُلّة من غیر القطن أو منه علی ما ذکر.

والخامس : ما قاله الشیخ فیه لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ ذکره فی مقام المنافاة لما دلّ علی أنّ القطن أفضل حال کونه محضاً ، والجواب عنه : بأنّا نمنع من الثیاب التی لا تجوز الصلاة فیها. خروج عن المقام ؛ لأن ظاهر العنوان أنّ الکفن لا یکون إلاّ قطناً ، وإرادة استحباب القطن الخالص من هذا الکلام وإنّ کانت ممکنة إلاّ أنّه لم یأت بدلیل علی أنّ القطن الخالص أفضل ، لتصیر هذه الروایة محمولة علی الجواز ، بل الظاهر من روایة یعقوب بن یزید نفی الکتّان ، ومن روایة أبی خدیجة أنّ القطن لُامّة محمّد علیه السلام دون الکتّان ، والتسدید لکلام الشیخ غیر بعید ، والأمر سهل.

وفی عبارة الصدوق فی الفقیه : ولا (1) یجوز أنّ یکفّن المیت فی کتّان ولا إبریشم (2).

وفی المعتبر : أنّ عدم التکفین بالحریر ثابت بإجماعنا ، علی ما حکاه شیخنا قدس سره لکنه قال : ویدلُّ علیه روایة الحسن بن راشد ، وذکر الروایة موجّهاً للاستدلال بها أنّه علیه السلام شرط فی دفع البأس أنّ یکون القطن أکثر ، فعلم منه أنّه لو کان القزّ صرفاً لم یجز (3).

ولا یخفی علیک أنّ مفاد الروایة وجود البأس مع المساواة وغلبة القزّ أیضاً ، لکن الروایة لمّا کانت ضعیفة اکتفی فیها بالتأیید لدعوی الإجماع ، غیر أنّ عبارة المحقق فی الشرائع وقعت بأنه لا یجوز التکفین بالحریر (4).

ص: 446


1- فی « رض » : لا.
2- الفقیه 1 : 89.
3- مدارک الأحکام 2 : 95.
4- الشرائع 1 : 39.

ونقل قدس سره فی الشرح الإجماع عن المعتبر بالحکم المستفاد من العبارة ، والظاهر من العبارة مطلق الحریر ، إلاّ أنّ نقله عن المعتبر تفسیر القَصَب الیمانی یدل علی أنّ المحقق ذکر الروایة ، فربما کان الغرض الحریر المحض.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المستفاد من کثیر من الأخبار اعتبار الثوب فی الکفن ، وقد وقع الخلاف فی الجلد فمنعه بعض (1) ؛ لأنّ الثوب لا یصدق علیه.

واحتمل بعض الصدق ، قال : ومن ثمّ جوّزوه فی الکفّارة (2).

واعترض علی هذا بما ورد من قلع الجلد عن الشهید (3) ، وفیه تأمّل ظاهر ، لأنّ القلع لا ینحصر وجهه فیما ذکر.

ومن هنا یعلم أنّ ما اعترض به جدّی (4) قدس سره علی الشهید رحمه الله فی تقدیمه (5) الجلد علی النجس والحریر حال الضرورة مستدلاًّ عن الشهید بأنّ ما دلّ علی النهی عن النجس بالمنطوق ، وعن الجلد بمفهوم ما یدل علی قلعه ، والمنطوق أولی من المفهوم : بأنّ مفهوم الموافقة أقوی من المنطوق فیقدّم (6).

غریب ؛ لأنّ مفهوم الموافقة مع ما فیه من الإشکال الذی أسلفناه یتوقف علی العلّة ، وکونها فی المسکوت عنه أولی ، والحال أنّ فی هذا

ص: 447


1- کالشهید الأوّل فی الذکری : 46.
2- کالأردبیلی فی مجمع الفائدة 1 : 192.
3- لم نعثر علیه.
4- لیست فی « فض ».
5- فی « رض » : تقدیم.
6- روض الجنان : 103.

المقام لا علّة ولا أولویّة ، وعلی تقدیر مفهوم الموافقة فقوّته علی المنطوق محلّ تأمّل ، وأظن وجهه غیر خفیّ إلاّ فی بعض الصور علی سبیل الاحتمال.

وما ذکرناه یتوجه علی الشهید رحمه الله أیضاً ، إلاّ أنّ مشی جدی قدس سره علی ما قاله مع ظن الوضوح هو الموجب للغرابة.

قوله :

باب موضع الکافور من المیت

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن الحلبی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « إذا أردت أنّ تحنّط المیت فاعمد إلی الکافور فامسح به آثار السجود منه ومفاصله کلّها ورأسه ولحیته وعلی صدره من الحنوط » وقال : « الحنوط للرجل والمرأة سواء » قال : « وأکره أنّ یتبع بمجمرة ».

علی بن محمّد ، عن أیوب بن نوح ، عن ابن مسکان ، عن الکاهلی وحسین بن المختار ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « یوضع الکافور من المیت علی موضع المساجد وعلی اللبّة وباطن القدمین وموضع الشراک من القدمین وعلی الرکبتین والراحتین والجبهة واللبّة ».

وروی فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال (1) : « لا تجعل فی مسامع المیت حنوطاً ».

موضع الکافور من المیت

اشارة

ص: 448


1- فی الاستبصار 1 : 212 / 748 لفظة : قال. مکررة.

فأمّا ما رواه علی بن الحسین ، عن محمّد بن أحمد بن علی ، عن عبد الله بن الصلت ، عن النضر بن سوید ، عن عبد الله بن سنان قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : کیف أصنع بالحنوط؟ قال : « تضع فی فمه ومسامعه وآثار السجود من وجهه ویدیه ورکبتیه ».

فالوجه فی هذا الخبر أنّ نحمل قوله : « فی مسامعه » علی معنی « علی » لأنّ حروف الصفات یقوم بعضها مقام بعض ، قال الله تعالی ( وَلَأُصَلِّبَنَّکُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ ) (1) وإنّما أراد علی جذوع النخل ، وإنّما فعلنا ذلک لیوافق الأخبار الأوّلة ویوافق (2) ما أوردناه فی شرح تکفین المیّت فی کتابنا الکبیر (3) ولا یخالفه.

فأمّا ما رواه علی بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن ابن أبی عمیر ، عن حمّاد ، عن حریز ، عن زرارة ، عن أبی جعفر وأبی عبد الله علیهماالسلام قالا (4) : « إذا جففت المیت عمدت إلی الکافور فمسحت به آثار السجود ومفاصله کلها ، واجعل فی فیه ومسامعه ورأسه ولحیته من الحنوط ، وعلی فرجه وصدره » (5) وقال : « حنوط الرجل والمرأة سواء ».

فالوجه فیه أیضاً ما قدّمناه فی الخبر الأوّل سواء.

ص: 449


1- طه : 71.
2- فی الاستبصار 1 : 212 : ویطابق.
3- التهذیب 1 : 285.
4- فی الاستبصار 1 : 213 / 750 : قال.
5- فی الاستبصار 1 : 213 / 750 : صدره وفرجه.

السند :

فی الأوّل : حسن (1).

والثانی : علی بن محمد فیه غیر معلوم ، مع عدم الطریق إلیه فی المشیخة ، واحتمال علاّن بعید بالنسبة إلی روایته عن أیوب کما لا یخفی.

وأمّا ابن مسکان فهو عبد الله علی الظاهر ، وروایة أیوب بن نوح عنه لا بُعد فیها ؛ لروایة من هو فی مرتبة أیوب عنه مثل محمد بن الحسین بن أبی الخطاب وإبراهیم بن هاشم.

وأمّا الکاهلی فهو عبد الله بن یحیی ، وله مدح فی الرجال (2).

وحسین بن المختار واقفیٌ فی کتاب الشیخ (3). وفی إرشاد المفید ما یفید توثیقه (4) ، لکن الاعتماد علیه مشکل ، کما یعلم من مراجعة الکتاب فی التوثیق الموجود فیه لجماعة اختص بهم من دون کتب الرجال ، بل وقع التصریح بضعفهم من غیره علی وجه یقرب من الاتفاق ، ولعلّ مراده بالتوثیق معنی آخر ، ومعه لا یتم المطلوب فی هذا الفن ( علی أنّ إثبات الکتاب للمفید مشکل أیضاً کما ذکره الوالد قدس سره ) (5) وقد أشرنا إلی ذلک فیما سبق من هذا الکتاب.

والثالث : فیه أنّ الطریق إلی فضالة غیر مذکور فی المشیخة ، وفی

علی بن محمّد الراوی عن أیوب بن نوح غیر معلوم

کلمة حول روایة ایوب بن نوح عن عبدالله بن مسکان

الکاهلی هو عبدالله بن یحیی وهو ممدوح

بحث حول الحسین بن المختار

ص: 450


1- راجع ص 36.
2- کما فی رجال النجاشی : 221 / 580.
3- رجال الطوسی : 346 / 3.
4- إرشاد المفید 2 : 248.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض » وفی « د » مشطوب.

الفهرست اختص الطریق بکتابه (1).

ثم إنّ روایة فضالة عن عبد الرحمن بواسطة أبان لا مانع منه ، وإنّ تقدّم من الشیخ روایة فضالة عن عبد الرحمن بغیر واسطة أبان فی باب الرجل یموت فی السفر (2) ، ویأتی أیضاً ، فما قاله شیخنا أیّده الله فی فوائد الکتاب : إنّه تقدم روایة فضالة عن عبد الرحمن بغیر واسطة أبان ویأتی أیضاً. إنّ أراد به مجرّد البیان فهو حق ، وإنّ أُرید غیره ففیه تأمّل.

والرابع : فیه محمد بن أحمد بن علی وقد قدّمنا احتمال کونه ابن أبی قتادة.

وفی فوائد شیخنا أیّده الله هنا ما هذا لفظه : محمد بن أحمد کأنّه محمد ابن أبی قتادة علی بن محمد بن حفص. انتهی.

وقد یحتمل الغیر کما لا یخفی علی من راجع ما ذکره أصحاب الرجال أیضاً ، وبقیّة رجال السند لا یحتاج إلی البیان (3).

والخامس : فیه علی بن محمد السابق علی ما یظن ، واحتمال التغایر ممکن ، لکن الفائدة منتفیة.

المتن :

فی (4) الجمیع کما تری یدل علی أنّ وضع الحنوط غیر مختصّ بما قیّده جماعة من الأصحاب أعنی المساجد (5) ، وما قاله المفید من إضافة

کلمة حول روایة فضالة عن عبدالرحمان بن أبی عبدالله

بحث حول محمّد بن أحمد بن علی

بیان مواضع الحنوط من المیت

ص: 451


1- الفهرست : 126 / 560.
2- الاستبصار 1 : 201 / 708 ، راجع ص 358 375.
3- فی « رض » : بیان.
4- لیست فی « فض ».
5- منهم العلاّمة فی القواعد 1 : 18 ، والشهید الأوّل فی اللمعة 1 : 133.

طرف الأنف کما سبق الإشارة إلی ذلک (1). والصدوق أضاف السمع والبصر والفم والمغابن وهی الآباط وأُصول الأفخاذ (2). والأخبار بعضها یدل علی ما قاله فی الجملة.

وذکر شیخنا قدس سره روایة عبد الله بن سنان واصفاً لها بالصحة (3) ، ولعلّها من غیر کتابی الشیخ ، أو أنّه اعتمد علی کون محمد بن أحمد هو ابن أبی قتادة ، ولا یخفی علیک الحال بعد وجود الاحتمال.

هذا وقد ذکر جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد - عند قول العلاّمة : وأنّ تمسح مساجده بالکافور - : أنّ الإجماع واقع علی ما ( ذکر ) (4) (5). ولعلّ مراده بالإجماع أنّ القدر المذکور متفق علیه ، إمّا للاختصاص ، أو لکونه فی ضمن غیره ، وإلاّ فالخلاف موجود ، أو أنّه اعتمد علی ما نقل عن الشیخ فی الخلاف أنّه ادّعی إجماع الفرقة علی المساجد (6) ، والأمر کما تری.

ومن غریب ما وقع أنّ العلاّمة فی المختلف قال : مسألة : قال الشیخ فی الخلاف : لا یترک علی أنف المیت ولا اذنُه ولا عینه ولا فیه شی ء من الکافور والقطن ، واستدل علیه بالإجماع.

وقال ابن أبی عقیل : یجعل علی مواضع السجود منه کافوراً مسحوقاً ، وعدّ الأنف من جملة مواضع السجود.

ص: 452


1- راجع ص 380.
2- الفقیه 1 : 91.
3- مدارک الأحکام 2 : 96.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » : ذکره المصنف فی النص ، وفی « د » : ذکر فی النص.
5- روض الجنان : 104.
6- الخلاف 1 : 704.

وقال المفید : یضع منه علی ظهر أنفه الذی کان یرغم به لربّه فی سجوده.

لنا : ما رواه یونس عن رجاله ، وذکر الروایة إلی قوله علیه السلام : « ثم اعمد إلی ( کافور مسحوق ) (1) وضعه علی جبهته موضع سجوده وامسح بالکافور علی جمیع مغابنه من الیدین والرجلین ومن وسط راحتیه » وذکر تمام الحدیث إلی قوله : « ولا تجعل فی منخریه ولا فی بصره ولا فی مسامعه ولا وجهه قطناً ولا کافوراً » (2).

ثم ذکر احتجاج المفید بما رواه الحلبی فی الحسن عن أبی عبد الله علیه السلام ، وذکر الروایة الاولی ، ثم قال : وهو یعمّ المواضع التی یجب علیها السجود ویستحب.

ثم أجاب العلاّمة بأنّ آثار السجود إنّما یفهم منها عند الإطلاق المساجد السبعة (3).

ولا یخفی علیک أنّ خبر یونس إنّما تضمن النهی عن جعل الحنوط فی المنخر ، وکلام الشیخ فی الخلاف یقتضی أنّ لا یترک علی الأنف (4) ، وقد تقدم (5) من الشیخ فی باب کیفیّة غُسل المیت روایة حمران ، وفیها قلت : والحنوط کیف أصنع (6) به؟ قال : « یوضع فی منخره وموضع

ص: 453


1- فی « رض » : الکافور مسحوقاً.
2- تقدم فی ص 377.
3- المختلف 1 : 228.
4- فی « فض » : المنخر.
5- تقدم فی ص 376.
6- فی « فض » : یصنع.

سجوده » وذکرنا فیما سبق (1) أنّه لا یبعد أنّ یکون « فی » بمعنی « علی » کما صرح به الشیخ هنا من جواز استعمالها ، وأنت خبیر بأنّ ما ذکرناه یتأیّد بما تضمّنه خبر یونس بسبب المعارضة.

ودعوی الشیخ الإجماع علی ما نقله العلاّمة عنه علی أنّه لا یترک علی الأنف ، لو حملنا کلامه علی ظاهره لأدّی إلی المنافاة لقول المفید وهو شیخه ، فکیف یدعی الإجماع علی خلافه ، ومثل هذا لا ینبغی الغفلة فی الاستدلال عنه مع تعارض الأخبار وغیرها.

ثم إنّ روایة یونس تضمنت وضع الحنوط علی الجبهة من مواضع السجود فقط وجمیع المغابن من الیدین والرجلین ومن وسط راحتیه ، فإنّ أراد العلاّمة بقوله : لنا ، الاستدلال علی عدم الوضع علی الأنف وما معه ، أمکن التوجیه فی دفع ما یقال علیه : من أنّ الروایة علی خلاف ما علیه المعروفون من الأصحاب (2) ومن اعتبار المساجد السبعة ، لکن الروایة الأخیرة هنا (3) تنافی ما رواه یونس ؛ لتضمّنها وضع الحنوط فی فیه ومسامعه.

وما ذکره الشیخ فی تأویلها : من أنّ « فی » بمعنی « علی » واضح الدلالة علی أنّ الوضع علی الفم فکیف یقول فی الخلاف لا یترک علی فیه (4)؟ وهل هذا إلاّ تنافٍ فی کلامیه؟ فکیف یستدل العلاّمة بالخبر مع عدم الالتفات إلی المعارض وما فی کلامی الشیخ؟!

ص: 454


1- راجع ص : 1005.
2- منهم المحقق فی الشرائع 1 : 39 ، والشهید الأوّل فی الذکری : 46.
3- لیست فی « د ».
4- الخلاف 1 : 703.

وبالجملة : فاختلاف الأخبار فی الحنوط ربما یؤذن بالاستحباب ، لکن وجوب الحنوط علی المساجد قد سمعت القول فیه (1) ، ووجدت فی کلام بعض أهل الخلاف (2) ما یقتضی حمل ما دلّ علی وضع الحنوط فی الفم والأنف علی التقیة.

وفی المعتبر قال - بعد أنّ ذکر اختلاف الأخبار فی مقدار کافور الحنوط - : وفی الروایات کلّها ضعف ، فإذاً الواجب الاقتصار علی ما یحصل به الامتثال ، ویحمل ذلک یعنی ما فی الأخبار علی الفضیلة (3).

ولما ذکره رحمه الله وجه ، وعلی هذا فأقلّ الفضل فی مثقال ، ثمّ ما فوقه إلی ثلاثة عشر وثُلث ، کما هو المشهور من تقسیمه صلی الله علیه و آله الأربعین بینه وبین علی وفاطمة علیهم السلام .

وللأصحاب خلاف أیضاً فی مشارکة الغُسل للحنوط فی المقادیر ، فنفاها جماعة ؛ لمرفوعة علی بن إبراهیم قال : « السنّة فی الحنوط ثلاثة عشر درهماً وثُلث أکثره » (4) والاحتیاط سهل فی المقام.

اللغة :

قال فی القاموس : اللَّبَب ، المنحر کاللَّبَّة وموضع القلادة من الصدر (5). وفیه : الحنوط کصبور وکتاب : کلّ طیبٍ یُخلَط للمیت (6). وفیه

مقدار کافور الحنوط

معننی الَّبَّة والحَنوط وعَمَدَ

ص: 455


1- راجع ص 1040 و 1041.
2- کالشافعی فی الأُم 1 : 265.
3- المعتبر 1 : 281.
4- الکافی 3 : 151 / 4 ، التهذیب 1 : 290 / 845 ، الوسائل 3 : 13 ، أبواب التکفین ب 3 ح 1.
5- القاموس المحیط 1 : 131 ( ألبَّ ).
6- القاموس المحیط 2 : 368 ( الحنطة ).

عمد للشی ء : قصده (1).

قوله :

باب السنّة فی حلّ الأزرار عند نزول القبر

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن أحمد بن محمد بن یحیی ، عن أبیه ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن محمد بن عبد الله المسمعی ، عن إسماعیل بن یسار (2) الواسطی ، عن سیف بن عمیرة ، عن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « لا تنزل القبر وعلیک عمامة ولا قلنسوة ولا رداء ولا حذاء وحلّ أزرارک » قال : قلت : فالخفّ؟ قال : « لا بأس بالخفّ فی وقت الضرورة والتقیة ولیجهد (3) فی ذلک جهده ».

فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن یحیی ، عن یعقوب بن یزید ، عن إبراهیم بن عقبة ، عن محمد بن إسماعیل بن بزیع قال : رأیت أبا الحسن علیه السلام دخل القبر ولم یحلّ أزراره.

فالوجه فی هذا الخبر رفع الحظر عمّن لم یحلّ أزراره ؛ لأنّ فعل ذلک من المسنونات دون الواجبات.

السند :

فی الأوّل : فیه محمد بن عبد الله المسمعی ولم أقف علیه فی

السنّة فی حلّ الأزرار عند نزول القبر

محمّد بن عبدالله المسمعی غیر مذکور فی الرجال

ص: 456


1- القاموس المحیط 1 : 329 ( العمود ).
2- فی الاستبصار 1 : 213 / 751 : بشار.
3- فی الاستبصار 1 : 213 / 751 : فلیجتهد وفی « رض » ولتجهد.

الرجال ، وأمّا إسماعیل بن یسار ففی الرجال ابن یسار الهاشمی ، لا الواسطی ، ولا یبعد أنّ یکون واحداً ؛ لأنّ الهاشمی ذکره النجاشی (1) ، والشیخ ذکر ابن یسار البصری (2) والموجود فی النسخ بالنون ، وأظن أنه بالباء الموحدة والشین المعجمة وواسط من نواحی البصرة ، وعلی کل حال فالرجل غیر ثقة ولا ممدوح ، بل الهاشمی قال النجاشی : ذکره أصحابنا بالضعف (3). ومع الاتحاد لا تخفی الحقیقة ، وغیر المذکورین تقدّم القول فیهما (4).

والثانی : فیه إبراهیم بن عقبة ، وهو مذکور مهملاً فی رجال الهادی علیه السلام من کتاب الشیخ (5).

المتن :

فی الخبرین ظاهر ، وما ذکره الشیخ : من أنّ فعله علیه السلام لرفع الحظر. له وجه ، ویحتمل أن یکون لخوف ضرر علی البدن ، وقد روی الشیخ فی التهذیب عن سیف بن عمیرة روایة أُخری قال فیها ، قلت : فالخفّ؟ قال : « لا بأس بالخفّ فإنّ فی خلع الخفّ شناعة » (6).

بحث حول إسماعیل بن یسار

إبراهیم بن عقبة مهمل

استحباب حلّ الأزرار عند نزول القبر

ص: 457


1- رجال النجاشی : 29 / 58.
2- رجال الطوسی : 153 / 232.
3- رجال النجاشی : 29 / 58.
4- وهما سیف بن عمیرة وأبی بکر الحضرمی : راجع ج 1 : 264 وج 2 : 283.
5- رجال الطوسی : 409 / 7.
6- التهذیب 1 : 313 / 910 ، الوسائل 3 : 171 أبواب الدفن ب 18 ح 5.

قوله :

باب المقتول شهیداً بین الصفَّین

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی جعفر محمد بن علی ، عن أبیه ، عن محمد بن یحیی ، عن محمد بن أحمد بن یحیی ، عن موسی بن جعفر ، عن علی بن سعید ، عن عبید الله (1) بن الدهقان ، عن أبی خالد قال : « اغسل کل الموتی الغریق وأکیل السّبُع وکل شی ء ، إلاّ ما قتل بین الصفَّین ، فإنّ کان به رمق غسّل وإلاّ فلا ».

عنه ، عن سعد بن عبد الله ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن حمّاد (2) ، عن (3) جعفر ، عن أبیه : « إنّ علیاً علیه السلام لم یغسّل عمّار بن یاسر ولا هاشم بن عتبة المِرقال ، ودفنهما فی ثیابهما ولم یصلِّ علیهما ».

قال محمّد بن الحسن : قول الراوی : « ولم یصلِّ علیهما » وَهْمٌ من الراوی ؛ لأنّ الصلاة لا تسقط علی المیت علی کل حال ، یدل علی ذلک :

ما رواه محمد بن یعقوب ، عن محمد بن یحیی (4) ، عن أحمد بن محمد ، عن علی بن الحکم ، عن الحسین بن عثمان ، عن ابن مسکان ، عن أبان بن تغلب ، قال : سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الذی

المقتول شهیداً بین الصَفَّین

اشارة

ص: 458


1- فی « رض » : عبد الله.
2- فی الاستبصار 1 : 214 / 754 : عن مصدق بن صدقة ، عن عمار.
3- فی « فض » زیادة : أبی.
4- فی « رض » زیادة : عن أحمد بن محمد بن یحیی.

یقتل فی سبیل الله أیغسّل ویکفّن ویحنّط ویصلّی علیه؟ فقال (1) (2) : « إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله صلّی علی حمزة وکفّنه (3) لأنّه کان جُرِّد ».

وبهذا الإسناد عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه ، عن حماد ، عن حریز ، عن إسماعیل بن جابر وزرارة ، عن أبی جعفر علیه السلام قال ، قلت له : کیف رأیت الشهید یدفن بدمائه؟ قال : « نعم فی ثیابه بدمائه ولا یغسّل ولا یحنّط ویدفن کما هو ».

وبهذا الإسناد عن محمد بن یعقوب ، عن حمید بن زیاد ، عن الحسن بن محمد ، عن غیر واحد ، عن أبان ، عن أبی مریم قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : « الشهید إذا کان به رمق غُسّل وکُفّن وحُنّط وصلّی علیه ، وإن لم یکن به رمق دفن فی أثوابه ».

فأمّا ما رواه محمد ( بن أحمد ) (4) بن یحیی ، عن أبی جعفر ، عن أبی الجوزاء ، عن الحسین بن علوان ، عن عمرو (5) بن خالد ، عن زید بن علی ، عن أبیه ، عن آبائه ، عن علی علیهم السلام قال : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : إذا مات الشهید من یومه أو من الغد فواروه فی ثیابه ، فإن بقی أیاماً حتی تتغیّر جراحته غُسّل ».

فهذا خبر موافق للعامة ( لا نعمل به ) (6) لأنّا بیّنّا أنّ القتیل إذا

ص: 459


1- فی الاستبصار 1 : 214 / 755 : قال.
2- فی الاستبصار 1 : 214 / 755 زیادة : یدفن کما هو فی ثیابه إلاّ أن یکون به رمق ثم مات فإنّه یغسّل ویکفّن ویحنّط.
3- لیست فی « فض ».
4- ما بین القوسین لیس فی « رض » و « د ».
5- فی « رض » : عمر.
6- ما بین القوسین لیس فی « رض ».

لم یمت فی المعرکة وجب غُسله تغیّر أو لم یتغیّر ، وینبغی أن یکون العمل علیه ، وهو موافق لما ذکرناه أیضاً فی کتابنا الکبیر (1) (2).

السند :

فی الأوّل : فیه موسی بن جعفر ، والظاهر أنّه البغدادی ( لأنّ الراوی عنه فی الفهرست محمد بن أحمد بن یحیی (3) ، وفی فوائد شیخنا أیّده الله علی الکتاب : کأنّه البغدادی ) (4) المهمل. وظاهر الکلام التوقّف فی ذلک ، ولعلّ الوجه أنّ المرتبة لا تأبی غیره ، والأمر کذلک ، إلاّ أنّ ما نقلناه عن الفهرست (5) یقتضی الظهور. وأمّا علی بن سعید فهو مشترک (6) بین مهملین. وعبید الله بن الدهقان ضعیف (7).

والثانی : ضمیر « عنه » فیه یرجع لعلی بن الحسین بن بابویه. وهارون بن المسلم قال النجاشی : إنّه ثقة وکان له مذهب فی الجبر والتشبیه (8). ( ولا یخلو هذا من إجمال ، فإنّ احتمال أن یراد له مذهب فی نفی الجبر بعید ) (9) وإرادة القول بالجبر والتشبیه یقتضی عدم صحّة العقیدة ، والله تعالی أعلم بالحال.

بحث حول موسی بن جعفر البغدادی

علی بن سعید مشترک بین مهملین

عبید الله بن الدهقان ضعیف

بحث حول هارون بن مسلم

ص: 460


1- فی الاستبصار 1 : 215 / 758 زیادة : واستوفیناه.
2- التهذیب 1 : 332 / 974.
3- الفهرست : 162 / 707.
4- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
5- الفهرست : 162.
6- راجع رجال الطوسی : 243 / 321 ، 268 / 729 ، 356 / 45 ، 384 / 58.
7- ضعّفه النجاشی فی رجاله : 231 / 614.
8- رجال النجاشی : 438 / 1180.
9- بدل ما بین القوسین ، فی « فض » : والتشبیه بعید.

ومسعدة بن صدقة ذکره النجاشی مهملاً (1). والکشی قال : إنّه بتری (2). والشیخ فی رجال الباقر علیه السلام من کتابه قال : إنّه عامی ) (3) ؛ وفی الفهرست ذکره مهملاً (4).

والثالث : لیس فیه ارتیاب بعد ما قدّمناه. وکذلک الرابع.

والخامس : فیه حمید بن زیاد وقد تقدّم (5) ؛ والحسن بن محمد هو ابن سماعة وقد ذکرناه سابقاً أیضاً (6) ؛ وفیه الإرسال ؛ وأبو مریم هو الأنصاری الثقة ، واسمه عبد الغفار.

والسادس : فیه أبو الجوزاء وقد سبق (7) أنّ اسمه المنبّه بن عبد الله ، وکذلک بقیّة الرجال.

المتن :

فی الأوّل : ظاهر الدلالة علی أنّ من قتل بین الصفَّین لا یغسّل ، وإنّ کان به رمق غُسّل.

وأمّا الثانی : فما قاله الشیخ فیه من الوهم وإنّ بَعُدَ إلاّ أنّه لا بدّ منه ، لما یفهم من ظاهر الأصحاب أنّه لا قائل بمضمونها.

وما ذکره الشیخ من دلالة الروایة الثالثة علی ما قاله محلّ تأمّل ؛ لأن

بحث حول مسعدة بن صدقة

أبو مریم الأنصاری ثقة

بیان ما دلّ علی عدم غسل الشهید ودفعة بثیابه

ص: 461


1- رجال النجاشی : 415 / 1108.
2- رجال الکشی 2 : 687 / 733.
3- رجال الطوسی : 137 / 40.
4- الفهرست : 167 / 732.
5- فی ص 974.
6- راجع ص 976.
7- فی ص 908.

التعلیل بکونه جُرِّدَ محتمل لأنّ یکون للتکفین والصلاة ، إلاّ أنّ الظاهر ما قاله الشیخ رحمه الله .

ثم إنّ متن الروایة فی الکافی والتهذیب قال : « یدفن کما هو فی ثیابه إلاّ أنّ یکون به رمق ثم مات فإنّه یغسّل ویکفّن ویحنّط ویصلّی علیه ، إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله » إلی آخره (1). وما ذکرناه آت فیه أیضاً.

ولا یخفی أنّ مدلول هذه الروایة والأولی أنّه إذا أُدرک (2) وبه رمق یغسّل ، فما ذکره من رأینا کلامه وأوّلهم الشیخ (3) من أنّه إذا مات فی المعرکة لا یغسّل. محلّ تأمّل ، إلاّ أنّ شیخنا قدس سره فی المدارک قال عند قول المحقق : والشهید الذی قتل بین یدی الإمام ومات فی المعرکة لا یغسّل ، إلی آخره : هذا الحکم مجمع علیه بین الأصحاب ، بل قال فی المعتبر : إنّه إجماع أهل العلم (4).

والعجب أنّه بعد ذلک أورد الإشکال فی الروایات (5) ولم ینبّه علی جهة عدم الخلاف.

وفی فوائده علی هذا الکتاب قال : لیس فیما رواه الشیخ من الروایات ما یدل علی هذا الحکم یعنی قوله : إذا لم یمت فی المعرکة وإنّما المستفاد منها أنّ الشهید إذا لم یدرکه المسلمون وبه رمق غسّل. انتهی ، فتأمّل.

ص: 462


1- الکافی 3 : 210 / 1 ، التهذیب 1 : 332 / 973 ، الوسائل 2 : 509 أبواب غسل المیت ب 14 ح 7.
2- فی « فض » : أدرکت.
3- المبسوط 1 : 181.
4- مدارک الأحکام 2 : 70.
5- فی « فض » و « د » : الروایة.

والرابع : کما تری وإنّ دلّ بظاهره علی عدم الصلاة إلاّ أنّ احتمال إرادة (1) الدفن بالثیاب لا من جهة الصلاة أظهر ، مضافاً إلی غیره من الروایات الدالة علی الصلاة.

أمّا الخامس : فله ظهور فی عدم الصلاة من حیث قوله : « کفّن وحنّط وصلّی علیه » ثم قوله : « وإنّ لم یکن به رمق دفن فی أثوابه » إلاّ أنّ تأویله غیر بعید ، بل ربما یدّعی عدم الظهور أیضاً ، وفیه کما تری دلالة علی ما قلناه سابقاً (2).

وأمّا السادس : فما قاله الشیخ فی توجیهه متوجّه ، ولا دلالة فیه علی ما قاله من (3) قدّمناه کما لا یخفی.

إذا عرفت هذا فما تضمّنته الأخبار من الثیاب (4) ربما یدل علی ما یصدق علیه الثیاب فمثل الخفّ والفرو غیر معلوم الصدق ، والمنقول عن الشیخ فی الخلاف أنّه قال : لا ینزع عنه إلاّ الجلود (5) وفی المبسوط : یدفن جمیع ما علیه إلاّ الخفّین (6). وفی المقنعة عن المفید : ینزع عنه السراویل والفرو والقلنسوة إذا لم یصبها دم ، فإن أصابها دم دفنت معه (7). وهو روایة عمرو بن خالد ، ولا یخفی علیک أنّ المناط صدق الثوب.

وفی روایة الحلبی دلالة علی دفن ما أصابه الدم من ثیابه (8) ،

ص: 463


1- زیادة من « رض ».
2- فی ص 1046.
3- فی « رض » زیادة : ما.
4- فی « د » : التأیید ، وفی « فض » : الثواب.
5- حکاه عنها فی المختلف 1 : 238 ، 239 ، وهو فی الخلاف 1 : 710 ، والمبسوط 1 : 181 ، والمقنعة : 84.
6- حکاه عنها فی المختلف 1 : 238 ، 239 ، وهو فی الخلاف 1 : 710 ، والمبسوط 1 : 181 ، والمقنعة : 84.
7- حکاه عنها فی المختلف 1 : 238 ، 239 ، وهو فی الخلاف 1 : 710 ، والمبسوط 1 : 181 ، والمقنعة : 84.
8- لم نعثر علیه.

ویحتمل أنّ یراد کل ما أصابه الدم ولو بقرینة المقام إنّ لم یتحقق صدق الثوب ، ولا یخلو من إشکال.

اللغة :

قال فی القاموس : الرَّمَق مُحرَّکة : بقیّة الحیاة (1).

قوله :

باب المیت یموت فی المرکب

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن یعقوب ، عن حمید بن زیاد ، عن غیر واحد ، عن أبان ، عن رجل ، عن أبی عبد الله علیه السلام أنّه قال : فی الرجل یموت مع القوم فی البحر فقال : « یغسّل ویکفّن ویصلّی علیه ویثقل ویرمی به فی البحر ».

وبهذا الاسناد عن محمد بن یعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زیاد رفعه ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : إذا مات الرجل فی السفینة ولم یقدر علی الشط قال : « یکفّن ویحنّط فی ثوب ویصلّی علیه ویلقی فی الماء ».

وعنه ، عن أبی جعفر محمد بن علی ، عن أبیه ، عن محمد بن یحیی ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد البرقی ، عن أبی البختری وهب بن وهب القرشی ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « قال أمیر المؤمنین علیه السلام : إذا مات المیت فی البحر غُسِّل وکُفِّن وحُنِّط وصُلّی

معنی الرَمَق

المیت یموت فی المرکب

اشارة

ص: 464


1- القاموس المحیط 3 : 245.

علیه ثم یوثق فی رجلیه حجر ویرمی به (1) فی البحر ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسین ، عن صفوان ، عن عبد الله بن مسکان ، عن أیوب بن الحرّ قال : سُئل أبو عبد الله علیه السلام عن رجل مات وهو فی السفینة فی البحر کیف یُصنع به؟ قال : « یوضع فی خابیة ویوکی رأسها ویطرح فی الماء ».

فالوجه فی هذه الروایة أنّ نحملها علی ضرب من الاستحباب عند التمکن من ذلک ، والروایات الأوّلة علی تعذّر ذلک ودفع (2) الحظر.

السند :

فی الأوّل : فیه إرسال ، وحمید بن زیاد تقدّم القول بأنه واقفی (3).

والثانی : فیه سهل بن زیاد ، وهو مرفوع أیضاً.

والثالث : فیه أبو البختری وقال النجاشی : إنّه کان کذّاباً (4) ، وفی الفقیه فی باب الحدود قال فی خبر : إنّه جاء عن وهب بن وهب وهو ضعیف (5). وقد قدّمنا ذلک کله (6) ، والوصف بالقرشی مذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (7). والراوی عنه هنا کما تری محمد بن

حمید بن زیاد واقفی

بحث حول أبی البختری وهب بن وهب

ص: 465


1- فی الاستبصار 1 : 215 / 761 لا توجد : به.
2- فی الاستبصار 1 : 215 / 761 : ورفع.
3- فی ص 974.
4- رجال النجاشی : 430 / 1155.
5- الفقیه 4 : 25.
6- فی ص 167.
7- رجال الطوسی : 327 / 19.

خالد ، وفی الفهرست أنّ الراوی لکتابة أحمد بن أبی عبد الله (1). ولعلّه لا مانع من روایة الأب والابن.

وأمّا محمد بن قولویه فقد قدّمنا أنّ مشایخنا لا یتوقفون فی توثیقه (2) ، ولا یخلو من شی ء.

والرابع : لا ارتیاب فی صحّته.

المتن :

لا یخفی دلالة الأوّل بإطلاقه علی عدم اعتبار الاستقبال حال الرمی فی البحر ، وکذلک علی عدم اعتبار تعذّر الشطّ کما یستفاد من مفهوم الشرط فی الثانی ، إلاّ أنّ تقیید الإطلاق من المقید أعنی مفهوم الشرط ممکن.

أمّا الاستقبال فقد ذکره جدّی قدس سره (3) وقبله الشهید (4) ، وینقل أیضاً عن ابن الجنید (5) ؛ لأنه دفن حیث یحصل به مقصود الدفن ، والظاهر أنّ مرادهم (6) إضجاعه علی جانبه الأیمن مستقبل القبلة ، کما فی المدفون فی الأرض.

والأخبار کما تری معتبرها یدل علی الوضع فی الخابیة والطرح فی الماء ، من غیر تقیید بالاستقبال ، والاحتیاط مطلوب.

إشارة إلی حال محمّد بن قولویه

کیفیة دفن المیت فی البحر

ص: 466


1- الفهرست : 173 / 757.
2- راجع ص 81.
3- المسالک 1 : 15.
4- الذکری : 64.
5- حکاه عنه فی الذکری : 64.
6- فی « د » و « رض » زیادة : من.

وما ذکره الشیخ فی الجمع بین الأخبار تضمّن أمرین : أحدهما : تعذّر الخابیة فی الأخبار الأُول ، وثانیهما : دفع الحظر فی رمیه مثقلاً ، فیکون الوضع فی خابیة مستحباً.

ولا یخفی علیک أنّ الحمل علی الاستحباب لا مقتضی له ؛ إذ لا معارض (1) لذلک (2) إلاّ ما دلّ علی رمیه مثقلاً ، فإذا حمل علی التعذّر کان واجباً علی ظاهر الأخبار ، من حیث إنّ الجملة الخبریة فی (3) معنی الأمر ، وإنّ کان فیه کلام تقدّم ، إلاّ أنّ ذکر التکفین وغیره قرینة الوجوب هنا.

ولعلّ مراد الشیخ أنّ إطلاق الأخبار فی الرمی مثقلاً یعطی عدم اشتراط غیره ، والمقیّد لا ینافیه لیحمل علیه. وفیه نظر واضح ؛ لأنّ المنافاة قد یتحقق بالخابیة حین لا یصیر مثقلاً.

( والحق أنّ کون الأخبار من قبیل المطلق والمقیّد لا یخلو من إجمال ، و (4) أنّ الحکم من الشیخ بالاستحباب علی الإطلاق مشکل ) (5) وعلی تقدیر اختصاص العمل بالصحیح یسهل الخطب.

اللغة :

قال فی القاموس : الوِکاء ، کَکِساء رباط القربة وغیرها وقد وکاها وأوکاها وکلّ ما شدّ رأسه من وعاء ونحوه وکاء (6) ، والخابیة من خبأت

معنی الوکاء والخابیة

ص: 467


1- فی « فض » زیادة : یقتضی.
2- فی « رض » : ذلک.
3- لیست فی « فض ».
4- فی « فض » زیادة : إلاّ.
5- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
6- القاموس المحیط 4 : 404 ( الوکاء ).

الشی ء إذا سترته وهی الحُبّ (1) ، وکان حقّها الهمزة لکن العرب ترکوا همزتها کما نقله بعض الأصحاب (2).

قوله :

باب تربیع الجنازة

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد ابن یعقوب ، عن علی ، عن أبیه ، عن ابن ( فضال ، عن ) (3) علی بن عقبة ، عن موسی بن أکیل ، عن العلاء بن سیّابة ، عن أبی عبد الله علیه السلام قال : « تبدأ فی حمل السریر من الجانب الأیمن ثم تمرّ علیه من خلفه إلی الجانب الآخر (4) حتی ترجع إلی المقدّم کذلک دوران الرحی ».

علی ، عن أبیه ، عن غیر واحد ، عن یونس ، عن علی بن یقطین ، عن أبی الحسن موسی علیه السلام قال : سمعته یقول : « السنّة فی حمل الجنازة أن تستقبل جانب السریر بشقّک الأیمن فتلزم الأیسر بکفّک الأیمن ثم تمرّ علیه إلی الجانب الرابع مما یلی یسارک ».

أبو علی الأشعری ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن علی بن حدید ، عن سیف بن عمیرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبی جعفر علیه السلام قال : « السنّة أن تحمل السریر من جوانبه الأربع وما کان بعد ذلک من حمل فهو تطوّع ».

تربیع الجنازة

اشارة

ص: 468


1- القاموس المحیط 1 : 13 ( خباه ).
2- الحبل المتین : 72.
3- ما بین القوسین لیس فی « رض ».
4- فی الاستبصار 1 : 216 / 763 زیادة : ثم تمر.

فأمّا ما رواه علی بن الحسین ، عن علی بن موسی ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسین قال : کتبت إلیه أسأله عن سریر المیت یحمل إله جانب یبدأ به فی الحمل من جوانبه الأربع أو ما خفّ علی الرجل یحمل من أیّ الجوانب شاء؟ فکتب : « من أیّها شاء ».

فالوجه فی هذه الروایة رفع الحظر عن حمل الجنائز من أیّ جوانبها شاء ، لأنّ الذی قدّمناه من المسنون دون الفرض.

السند :

فی الأوّل : فیه ابن فضال وقد تکرّر القول فیه (1) ، وعلی بن عقبة لا یبعد أنّ یکون هو علی بن عقبة بن خالد الذی وثّقه النجاشی مرّتین (2) ، لأنّ (3) علی بن عقبة المذکور فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ مهملاً (4) غیره ، والذی فی الفهرست مذکور مهملاً وأنّ الراوی عنه الحسن بن علی ابن فضال (5) کأنّه (6) هو ابن (7) عقبة بن خالد ، فیدفع الإشکال من جهة علی ابن عقبة ، وقد قدّمنا فیه الکلام أیضاً (8) والإعادة لکون الراوی هنا الحسن ابن علی الموهم لکونه المذکور فی الفهرست مهملاً (9) ، وإنّ کان

بحث حول علی بن عقبة

ص: 469


1- راجع ص 104.
2- رجال النجاشی : 271 / 710.
3- فی « ش » و « فض » : لا أنّ.
4- رجال الطوسی : 242 / 303.
5- الفهرست : 90 / 375.
6- فی « فض » : فإنّه.
7- لیست فی « د » و « رض ».
8- راجع ص 1009.
9- الفهرست : 90 / 375.

فی البین کلام.

وأمّا موسی بن أکیل فهو ثقة فی النجاشی (1). والعلاء بن سیابة مهمل فی رجال الصادق علیه السلام من کتاب الشیخ (2).

والثانی : فیه مع الإرسال یونس ، والظاهر أنّه ابن عبد الرحمن ، لأنّه مولی علی بن یقطین ، وفیه نوع کلام.

والثالث : فیه علی بن حدید وقد تکرّر القول فیه (3) من أنّ الشیخ ضعّفه فی هذا الکتاب.

والرابع : فیه علی بن موسی وهو غیر مذکور فی الرجال علی ما رأیت ، وعلی بن الحسین مشترک (4) ولا یبعد کونه ابن بابویه ، والحسین هو ابن سعید صرّح به فی الفقیه ، کما صرّح بأنّ المکتوب إلیه الرضا علیه السلام (5).

المتن :

فی الأوّل : یحتمل أنّ یراد بالجانب الأیمن جانب المیت وهو یسار السریر ، وقوله : « تمرّ علیه من خلفه » یراد به خلف المیت لو کان جالسا (6) ؛ ویحتمل أنّ یراد بالأیمن جانب السریر ، وهو أیسر المیت ، ویراد بالجانب الآخر المؤخّر فیحمل بمؤخّر السریر الأیسر ویمرّ علیه إلی

موسی بن أکیل ثقة

العلاء بن سیّابة مهمل

یونس الذی یروی عن علی بن یقطین هو ابن عبدالرحمان

إشارة إلی ضعف علی بن حدید

علی بن موسی غیر مذکور فی الرجال

علی بن الحسین مشترک

کیفیة التربیع

ص: 470


1- رجال النجاشی : 408 / 1086.
2- رجال الطوسی : 245 / 350.
3- راجع ص 46.
4- هدایة المحدثین : 215.
5- الفقیه 1 : 100.
6- فی هامش « د » زیادة : بنوع من التقریب.

مقدّمه ، کما نقل عن الشیخ فی المبسوط والنهایة وادعی علیه الإجماع (1) ، وفی الخلاف نقل عنه أنّه قال بالاحتمال الأوّل ، وعبارته : یحمل بمیامنه مقدّم السریر الأیسر ثم یدور حوله حتی یرجع إلی المقدّم (2).

وقیل : إنّ الشیخ فی النهایة والمبسوط استدل بالروایة الأُولی علی ما ذکره ، وبروایة الفضل بن یونس عن الکاظم علیه السلام حیث قال : « فإنّ لم یکن یتقی فیه فإنّ تربیع الجنازة الذی جرت به السنّة أنّ یبدأ بالید الیمنی ثم بالرجل الیمنی ثم بالرجل الیسری ثم بالید الیسری حتی یدور حولها » (3).

وفی نظری القاصر أنّ ما نقل عن الشیخ فی النهایة والمبسوط من ( التفسیر لا توافقه ) (4) روایة الفضل بن یونس ؛ لأنّ مقتضی ما قاله أنّ یبدأ بمقدّم السریر الأیمن ، ومقدم السریر الأیمن علی یسار المیت ، ومفاد روایة الفضل أنّ یبدأ بالید الیمنی ، والظاهر منها ید المیت ، وهی یسار السریر ، وینبه (5) علی کونها ید المیت قوله : « ثم بالرجل الیسری » نعم ما ذکره فی الخلاف یوافق روایة الفضل ، لکن المنقول عن الخلاف أنّه استدل بروایة علی بن یقطین وهی الثانیة (6).

ولا یخفی غموض (7) دلالتها علی ما قاله ( نظراً الی ما یأتی (8) من

ص: 471


1- المبسوط 1 : 183 ، والنهایة : 37 ، وحکاه عنهما فی الذکری : 51.
2- الخلاف 1 : 718 ، وحکاه عنه فی الذکری : 51.
3- حکاه صاحب المدارک 2 : 126 ، الکافی 3 : 168 / 3 ، التهذیب 1 : 452 ، الوسائل 3 : 156 أبواب الدفن ب 8 ح 3.
4- بدل ما بین القوسین فی « رض » : التعبیر لا یوافق.
5- فی « رض » : ونبه.
6- حکاه عنه فی الذکری : 51.
7- فی « فض » : عدم.
8- فی « رض » : قاله.

الاحتمال ) (1).

وما ذکره الشهید رحمه الله من أنّ خبر علی بن یقطین یمکن حمله علی التربیع المشهور ، لأنّ الشیخ ادعی علیه الإجماع ، فکیف یخالف دعواه؟ ولأنّه قال فی الخلاف : یدور دور الرحی ، کما فی الروایة (2). وهو لا یتصور إلاّ علی البدأة بمقدّم السریر الأیمن والختم بمقدّمه الأیسر ، والإضافة هنا قد تتعاکس (3).

ففیه : أنّ الروایة تضمّنت أنّ تستقبل السریر بکتفک الأیمن وتلزم الأیسر بکفک (4) الأیمن ، وکیف تتم الموافقة لما ادعی علیه الشیخ الإجماع من البدأة بمقدّم السریر الأیمن ؛ إذ البدأة به إذا کانت بالأیمن من الشخص کیف یلزم الأیسر بکفه الأیمن؟ ، والحال أنّ الخبر تضمّن ذلک ، وحینئذ لا بدّ من حمل جانب السریر علی الأیسر لیحمل بالکتف الأیمن ، والکفّ الأیمن یلزم الأیسر ، أی أیسر السریر ، والمراد بلزومه رفع الکف والقبض علی ید السریر.

واحتمال أنّ یقال : إنّ الحمل المذکور یتصوّر بإدخال الرأس بین یدی السریر ویراد بالأیسر أیسر المیت. فیه : أنّه خلاف المتعارف. ویشکل بأنّ عدم التعارف لا یضرّ بالحال کما لا یخفی.

ولا یخفی أنّ الظاهر من ذکر الروایتین هنا کون الشیخ ظن أنّ مآلهما واحد ، والحال ما سمعته.

ص: 472


1- ما بین القوسین لیس فی « فض ».
2- الخلاف 1 : 718.
3- الذکری : 51.
4- فی « د » : بکتفک.

ثم إنّ الدور علی تقدیر البدأة بأیسر السریر لا یتم إلاّ بتقدیر أنّ یقال : إنّ الغرض منه لیس تمام الدور ، بل کونه علی الیمین ، کما هو شأن دور الرحی ، وفیه ما فیه.

هذا وفی المنتهی قال العلاّمة : التربیع المستحب عندنا أنّ یبدأ الحامل بمقدّم السریر الأیمن ، ثم ( یمرّ معه ) (1) ویدور من خلفه إلی الجانب الأیسر فیأخذ ( رجله الیسری ) (2) ویمرّ معه إلی أنّ یرجع إلی المقدّم کذلک دور الرحی ، قال : وحاصل ما ذکرناه أنّ یبدأ فیضع قائمة السریر التی تلی الید الیمنی للمیت فیضعها علی کتفه الأیسر ، ثم ینتقل فیضع القائمة التی تلی [ رجله الیمنی علی کتفه الأیسر ، ثم ینتقل فیضع القائمة التی تلی رجله الیسری علی کتفه الأیمن ثم ینتقل فیضع القائمة التی تلی یده الیسری علی کتفه الأیمن (3) ] انتهی (4). ولا یخفی علیک الحال.

وذکر جدّی قدس سره أنّ أفضل هیئاته أنّ یبدأ بمقدّم السریر الأیمن وهو الذی یلی یسار المیت فیحمله بکتفه الأیمن ، ثم ینتقل إلی مؤخّر السریر الأیمن فیحمله أیضاً بکتفه الأیمن ، ثم ینتقل إلی مؤخر الأیسر فیحمله بکتفه الأیسر ، ثم ینتقل إلی مقدّمه الأیسر فیحمله بکتفه الأیسر (5). انتهی. ( وفیه ما لا یخفی ) (6).

ص: 473


1- فی المنتهی : یربعه.
2- ما بین القوسین أثبتناه من المصدر.
3- بدل ما بین المعقوفین فی النسخ هکذا : رجله الیسری علی کتفه الأیمن ثم ینتقل فیضع القائمة التی تلی یده الیسری علی کتفه الأیمن. وما أثبتناه من المصدر.
4- المنتهی 1 : 444.
5- روض الجنان : 314.
6- ما بین القوسین لیس فی « فض ».

(1) إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الثالث لا یظهر فی بادئ النظر وجه عدم ذکره فی جملة ما ینافی الخبرین الأوّلین ؛ لأنّ ظاهره (2) الحمل من الجوانب الأربع کیف اتفق.

وفی نظری القاصر أنّ الشیخ فهم منه أنّ قوله : « وما کان بعد ذلک من حمل فهو تطوّع » یراد به أنّ الأفضل هو الحمل بالکیفیة السابقة فی الخبرین ، والحمل من الجوانب الأربع یتحقق به أصل الاستحباب ، وحینئذ یراد بقوله بعد ذلک الکیفیة الزائدة علی أصل الکیفیة بحمل الأربع کیف اتفق ، ولعلّ هذا المعنی أولی من الحمل علی أنّ تحقق حمل الجوانب الأربع یحصل به الاستحباب ، فلو کرّر ذلک بعد کان تطوّعاً ، لأنّ مساق الخبر یأبی عن هذا المعنی.

أمّا (3) ما قاله جدّی قدس سره فی شرح الإرشاد من استحباب حمل السریر بأربعة رجال فی معنی التربیع قائلاً : وهو أولی من الحمل بین العمودین کما استحبّه العامّة ، قال الباقر علیه السلام : « السنّة أنّ یحمل السریر من جوانبه الأربع وما کان بعد ذلک فهو تطوّع » (4) ففیه : أنّ المتبادر من الخبر التربیع بالنسبة إلی کل شخص.

ص: 474


1- فی « فض » زیادة : وقد یظن أنه غیر موافق لدور الرحی. ثم إن روایة یونس تضمنت یمین المیت کما قدمناه ، وربما کان الحمل علی الأیمن بتقدیر البدأة بیمین المیت أخف وأقل مشقة من الدخول بین یدی السریر ، وعلی هذا فمن جانب رجل المیت وهو الجانب الأیسر أخف وکذا من جانب یده الیسری وقد یستفاد من روایة علی بن یقطین ذلک. وهذه الزیادة فی « د » مشطوبة.
2- فی « د » : ظاهر.
3- فی « فض » : وأما.
4- روض الجنان : 314.

وفی الروضة ذکر التربیع وهو الحمل بأربعة رجال ثم ذکر التناوب وقال : إنّ الأفضل البدأة بأیمن السریر. (1)

وفیه : أنّ التناوب علی ظاهر کلامه قدس سره مرتبة ثانیة ، والثالثة الکیفیّة المذکورة ، والمستفاد من الأخبار انتفاء الأوّل علی ما أظن ، والتناوب مرتبة واحدة ، لکن اختلاف أنظار الفقهاء فیها أوجب التغایر ، ولو أراد بالتناوب حمل الإنسان بأربع جوانب کیف اتفق کما هو مفاد بعض الأخبار السابقة (2) بَعُدَ عن اللفظ ، وإرادة التناوب فی الأربعة غیر مستفادة من الأخبار ، فلیتأمّل وما قاله الشیخ فی وجه الجمع بین روایة الحسین وما تقدّم لا یخلو من بُعد ؛ لأنّ ظاهر السؤال عن البدأة بأیّ جانب کان فی الفضل لا فی الوجوب ، لکن ضرورة الجمع تقتضی ما قاله الشیخ.

وربما احتمل أنّ یکون المراد فی خبر الحسین أنّ المستحب یتحقق بأیّ جانب شاء ، والأکملیّة أمر آخر ، وکأنّه علیه السلام ذکر أصل الاستحباب فی الجواب علی معنی أنّ المستحب یتحقق به ویجوز أنّ یکون ترک الصورة الأُخری للتقیة ، کما یظهر من روایة الفضل بن یونس ، فلیتأمّل.

قوله :

باب النهی عن تجصیص القبر وتطیینه

أخبرنی الشیخ رحمه الله عن أبی جعفر محمد (3) بن علی ، عن أبیه ، عن محمد ابن یحیی ، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطاب ،

کلام الشهید الثانی فی معنی التربیع والمناقشة فیه

النهی عن تجصیص القبر وتطیینه

اشارة

ص: 475


1- الروضة البهیة 1 : 140.
2- راجع ص 1051.
3- فی الاستبصار 1 : 217 / 767.

عن علی بن أسباط ، عن علی بن جعفر قال : سألت أبا الحسن موسی علیه السلام عن البناء علی القبر (1) والجلوس علیه هل یصلح؟ قال : « لا یصلح البناء علیه ولا الجلوس ولا تجصیصه ولا تطیینه ».

فأمّا ما رواه سهل بن زیاد ، عن ابن محبوب ، عن یونس بن یعقوب ، قال : لمّا رجع أبو الحسن موسی علیه السلام من بغداد ومضی إلی المدینة ماتت ابنة له بفید ، فدفنها وأمر بعض موالیه أنّ یجصّص قبرها ویکتب علی لوح اسمها ویجعله فی القبر.

فالوجه فی هذه الروایة رفع الحظر عن فعل ذلک وضرب من الرخصة ؛ لأنّ الروایة الأُولی وردت مورد الکراهة دون الحظر.

السند :

فی الأوّل : لیس فیه (2) بعد محمد بن قولویه علی ما مضی (3) (4) إلاّ علی بن أسباط فقد قال النجاشی : إنّه ثقة وکان فطحیاً ثم رجع (5). ولم یعلم أن (6) الروایات قبل الرجوع أو بعده ، إلاّ ما رواه عن الرضا علیه السلام ، فقد قال النجاشی : إنّه روی عنه علیه السلام قبل ذلک (7). وظاهر هذا الکلام أنّ روایته عن الرضا علیه السلام قبل الرجوع ، وقد قدّمنا فیه القول مفصلا (8).

بحث حول علی بن أسباط

ص: 476


1- فی « فض » : القبور.
2- لیست فی فض.
3- فی ص 81.
4- فی « فض » زیادة : فیه.
5- رجال النجاشی : 252 / 663.
6- لیست فی « فض ».
7- رجال النجاشی : 252 / 663.
8- راجع ص 109.

والثانی : فیه سهل بن زیاد ویونس بن یعقوب وقد تکرّرا فی الذکر (1).

المتن :

فی الأوّل : ما تضمّنه من جهة التجصیص قیل : إنه إجماعی (2). ثم إنّ إطلاق النص یقتضی عدم الفرق بین وقوع التجصیص ابتداءً أو بعد الاندراس ، وینقل عن الشیخ أنّه قال : لا بأس بالتجصیص ابتداءً وإنّما المکروه بعد الاندراس للخبر الثانی (3) ، لکن فی هذا الکتاب جعل وجه الجمع دفع الحظر وبیان الرخصة ، ولا یخلو من بُعد.

واحتمل بعض الأصحاب حمل ما دلّ علی عدم الکراهة علی قبور الصلحاء والعلماء والذریّة الطاهرة لحصول الثواب بزیارتهم (4). ولا یخلو أیضاً من بُعد ؛ إذ کل مؤمن یحصل الثواب بزیارته ، علی أنّ علامة القبر لا تنحصر فی التجصیص وما ذکر معه.

وأمّا البناء فأحتمل بعضهم أنّ یکون المراد به البناء علی نفس القبر بحیث یصیر داخل الحائط ونحوه ، وعلّل بأنّ حرمة المیت کحرمة الحیّ ، وأیّده بذکر الجلوس علی القبر ، وحمل أیضاً التطیین علی کونه من طین غیر القبر ، کما ورد فی بعض الأخبار من قوله علیه السلام : « لا تطیّنوا القبر من غیر طینه » (5) هذا ، وقد استثنی من ذلک قبور الأئمّة علیهم السلام لتعظیم

کراهیة تجصیص القبور وتطیینها والبناء علیها

ص: 477


1- راجع ص 95 و 151.
2- کما فی المنتهی 1 : 463 ، والمدارک 2 : 149.
3- حکاه عنه فی المعتبر 1 : 305.
4- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 500.
5- الکافی 3 : 201 / 1 ، الوسائل 3 : 202 أبواب الدفن ب 36 ح 2.

شعائر الله (1).

وفی المنتهی حمل النهی عن البناء فی المواضع المسبلة ، لأنّ فیها تضییقاً علی الناس ، قال : وأمّا فی الأملاک فلا بأس به (2). والأمر کما تری لکن الأخبار غیر سلیمة ، والأصل لا یخرج عنه بمثلها.

اللغة :

قال فی الصحاح : فید ، منزل بطریق مکة (3).

قوله :

باب کیفیة التعزیة

أخبرنی الحسین بن عبید الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمد بن یعقوب ، عن علی بن إبراهیم ، عن أبیه. ومحمد بن إسماعیل ، عن الفضل بن شاذان جمیعاً عن ابن أبی عمیر ، عن هشام بن الحکم قال : رأیت موسی بن جعفر علیه السلام یعزّی قبل الدفن وبعده.

فأما ما رواه ابن أبی عمیر ، عن بعض أصحابه (4) ، عن أبی عبد الله علیه السلام : قال : « التعزیة لأهل المصیبة بعد ما یدفن ».

فالوجه فی هذه الروایة أنّ نحملها علی الفضل والاستحباب.

معنی فید

کیفیة التعزیة

اشارة

ص: 478


1- الأردبیلی فی مجمع الفائدة 2 : 501.
2- المنتهی 1 : 464.
3- الصحاح 2 : 521 ( فید ).
4- فی « رض » : أصحابنا.

السند :

فی الأوّل : صحیح ؛ لأنّ العدّة قد تقدّمت (1) ، وفیها من لا ارتیاب فیه.

والثانی : فیه أنّ الطریق إلی ابن أبی عمیر غیر سلیم فی المشیخة (2) ، ویمکن أنّ یستفاد صحّته من الفهرست ، لأنّه ذکر الطریق إلی جمیع کتبه وروایاته (3) ، غیر أنّ فیه الإرسال وقد قدّمنا القول فیه (4) ، وأنّ الشیخ حکم بردّ بعض مراسیله فی باب العتق من هذا الکتاب (5) ، فلا یکون الاتفاق واقعاً علی قبولها ، وبدون ذلک لا یتم الحکم بالقبول کما حرّر فی الأُصول. المتن :

فی الأوّل ( کما تری ) (6) محتمل لأنّ تکون الروایة فی میت واحد مرّتین قبل وبعد ، ولأنّ یکون فی میت قبل وآخر بعد.

وما ذکره الشیخ من الحمل لا یتم علی الوجهین ، أمّا الأوّل : فلأنّ الفضل إذا کان بعد فإذا حصل معه الفعل قبل لا یکون أقلّ فضلاً.

وأمّا الثانی : فلأنّ فعله علیه السلام قبل إمّا أنّ یکون لبیان الجواز ولا وجه له فی الأفعال المستحبة ، وإمّا أنّ یکون لتحقق الاستحباب فیه وإنّ کان بعد

کلمة حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر

التعزیة قبل الدفن أو بعده؟

ص: 479


1- فی ص 347.
2- الاستبصار 4 : 333.
3- الفهرست : 142 / 607.
4- راجع ص 72.
5- الاستبصار 4 : 27.
6- لیست فی « رض ».

أفضل ، وفیه أنّه لا یلائم قول الشیخ علی الفضل والاستحباب ، بل ینبغی أنّ یقال : علی الأفضلیة ، وعلی کل حال فترک الإمام علیه السلام الأفضل محلّ تأمّل ، ولعلّه علیه السلام رأی المصلحة فی التعزیة قبل ، فکان لها رجحان بالعارض ، وإنّ کان الأصل فیها بعد المصیبة.

ولو حمل ما دلّ علی التعزیة قبل وبعد فی میت واحد علی الأفضلیة أمکن ، وفی بعض الأخبار قال : « لیس التعزیة إلاّ عند القبر » (1).

وذکر جدّی قدس سره أنّ التعزیة تَفعِلة من العزاء وهو الصبر ، والمراد بها الحمل علی الصبر والتسلّی (2) عن المصاب بإسناد الأمر إلی الله تعالی وحکمته ، والتذکیر بما وعد الله علی الصبر (3) ، وقد روی عن رسول صلی الله علیه و آله أنّه قال : « التعزیة تورث الجنّة » (4).

معنی التعزیة

ص: 480


1- التهذیب 1 : 463 / 1511 ، الکافی 3 : 203 / 1 ، الوسائل 3 : 216 أبواب الدفن ب 48 ح 2.
2- فی المصدر : والتسلیة.
3- الروضة البهیة 1 : 149.
4- ثواب الاعمال : 198.

فهرس الموضوعات

أبواب التیمّم

الدقیق لا یجوز التیمّم به..................................................... 5

بحث حول محمّد بن علی بن بابویه.............................................. 5

بحث حول محمّد بن أحمد بن یحیی............................................... 6

وجه استفاده عدم جواز التیمّم بالدقیق من قوله علیه السلام : « إنّما هو الماء أو الصعید » 10

معنی الصعید................................................................ 12

بحث حول عبدالرحمان بن الحجاج............................................ 14

هل بثبت التوثیق بالوکالة؟................................................... 15

المراد بالوضوء فی حدیث عبید بن زرارة هو التیمّم.............................. 15

معنی الوضاءة................................................................ 16

التیمّم فی الأرض الوحلة والطین والماء....................................... 16

بحث حول محمّد بن عیسی الأشعری.......................................... 17

ص: 481

بحث حول ابن بکیر......................................................... 18

معاویة بن حکیم وثّقه النجاشی............................................... 18

بحث حول عبدالله بن المغیرة................................................... 18

التیمّم بالوحل والطین والغبار ، والأقوال فیه.................................... 20

معنی اللبد................................................................... 24

أحمد بن هلال ضعیف....................................................... 25

طرق الشیخ إلی الحسین بن سعید............................................. 25

التخییر بین التیمّم بالطین وغبار الثوب......................................... 26

هل یجوز التیمّم بالثوب الذی لاغبار فیه؟...................................... 26

هل الطین والوحل واحد؟.................................................... 27

الرجل یکون فی أرض غطاها الثلج.......................................... 28

بحث حول علی بن إسماعیل................................................... 28

معاویة بن شریح مهمل....................................................... 31

قول العلّامة فی حکم من لایجد إلّا الثلج ، والمناقشة فیه........................... 31

قول ابن إدریس فی المسألة.................................................... 33

قول المفید فی المسألة......................................................... 33

معنی الدَمَق................................................................. 34

العبیدی هو محمّد بن عیسی.................................................. 35

طریق الشیخ إلی محمّد بن علی بن محبوب...................................... 35

بحث حول محمّد بن مسلم فی تعیّن التیمّم وإن أمکن الغسل بالثلج................. 36

ما المراد بالتیمّم فی حدیث محمّد بن مسلم؟..................................... 37

معنی تُوبِقُ.................................................................. 38

المتیمّم إذا وجد الماء لا یجب علیه إعادة الصلاة............................... 38

بحث حول عمر بن اُذینة..................................................... 39

ص: 482

وجوب طلب الماء علی السمافر وکیفیّته....................................... 39

ما المراد بالطهور فی حدیث ابن سنان؟......................................... 40

بحث حول محمّد بن خالد.................................................... 42

توجیه ما دلّ علی إعادة الصلاة لمن صلّی بالتیمّم ثمّ وجد الماء..................... 43

بحث حول حمّاد............................................................. 46

معاویة بن میسرة مهمل...................................................... 46

ظهور الأخبار فی جواز التیمّم قبل آخر الوقت.................................. 47

قول ابن بابویه بجواز التیمّم فی أوّل الوقت وجواب العلّامة عنه.................... 48

المناقشة فی جواب العلّامة .................................................... 48

الجمع بین ما دلّ علی وجوب الطلب وآیة التیمّم................................ 52

استدلال المحقّق الأردبیلی للتوسعة فی التیمّم مطلقاً............................... 53

الجنب إذا تیمّم وصلّی هل تجب علیه الإعادة أم لا؟.......................... 54

بحث حول العیص........................................................... 55

دلالة الأخبار علی إجزاء الصلاة الواقعة بالتیمّم وعدم وجوب إعادتها مطلقاً........ 56

محمّد بن أحمد بن یحی لایروی عن سعد........................................ 58

بحث حول محمّد بن الحسین وسعد وطبقتهما................................... 59

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی وجوب الإعادة............................. 60

علی بن أحمد بن أشیم غیر معلوم الحال........................................ 64

أبو بصیر الذی یروی عنه شعیب العقرقونی هو المخلط........................... 65

عبدالله بن سلیمان مهمل..................................................... 65

توجیه ما دلّ علی وجوب الغُسل علی متعمّد الجنابة ولو مع المشقّة................ 65

معنی العَنَت................................................................. 68

المتیمّم یجوز أن یصلّی بتیمّمه صلوات کثیرة أم لا؟........................... 68

بحث حول حمّاد بن عثمان.................................................... 69

ص: 483

إشارة إلی حال السکونی...................................................... 71

محمّد بن سعید بن غزوان مهمل............................................... 71

أبو همام هو إسماعیل بن همام الثقة............................................. 71

دلالة الأخبار علی وجوب تأخیر الصلاة مع التیمّم المبتدأ وجواز فعلها فی أوّل الوقت فی صورة الاستدامة 71

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی وجوب التیمّم لکل صلاة.................... 78

هل ینتقض التیمّم بمجرّد إصابة الماء............................................ 79

وجوب الطلب........................................................... 81

علی بن سالم مجهول......................................................... 81

الحسن بن موسی الخشاب لا یبعد ثبوت مدحه.................................. 81

بحث حول داود بن کثیر الرقی............................................... 82

وجوب طلب الماء وکیفیته وحدّة.............................................. 83

معنی الحَزن والغلوة........................................................... 88

انتفاء وجوب الطلب فی حق من یکون عذره غیر فقدان الماء...................... 88

هل یجب الطلب علی غیر المسافر؟............................................ 89

حکم من تیقّن وجود الماء..................................................... 89

حکم من تکرّر خروجه من مصره............................................. 89

حکم أخلّ بالطلب.......................................................... 90

التیمّم لا یجب إلّا فی آخر الوقت........................................... 92

استدلال صاحب المدارک بحدیث محمّد بن مسلم وزرارة علی وجوب التأخیر مع إمکان وجود الماء ، والمناقشة فیه 94

دلائل العلّامة علی وجوب التأخیر مع إمکان وجود الماء والمناقشة فیها............. 95

من دخل فی الصلاة بتیمّم ثمّ وجد الماء....................................... 98

بحث حول محمّد بن سماعة والحسن بن سماعة.................................... 99

ص: 484

بحث حول محمّد بن حمران.................................................. 100

إشارة إلی حال عبدالله بن عاصم............................................. 100

إشارة إلی حال المعلی بن محمّد............................................... 101

بحث حول الحسن بن الحسین اللؤلؤی........................................ 101

وجوه الجمع بین روایة محمّد بن حمران وروایة عبدالله بن عاصم................. 103

علی بن السندی مجهول..................................................... 106

توجیه ما دلّ علی أنّ من صلّی رکعة بتیمّم ثم وجد الماء یقطع الصلاة فیتوضّأ ثم یبنی علی ما مضی 106

بحث حول موسی بن سعدان................................................ 108

بحث حول الحسین بن أبی العلاء............................................. 108

المثنی مشترک.............................................................. 109

الحسن الصقیل مجهول...................................................... 109

المناقشة فی توجیه الشیخ لروایة الحسن الصقیل................................ 109

الرجل تصیب ثوبه الجنابة ولایجد الماء لغَسله ولیس معه غیره................. 110

تفسیر قول الشیخ : عن أحمد ، عن الحسین ، عن الحسن....................... 111

بحث حول محمّد بن عبدالحمید.............................................. 111

سیف بن عمیرة لا ارتیاب فیه............................................... 111

الجمع بین روایة سماعة وروایة الحلبی.......................................... 112

بحث حول القاسم بن محمّد الجوهری........................................ 115

طریق الشیخ إلی علی بن جعفر.............................................. 116

علی بن الحکم الذی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی هو الثقة............... 116

ما المراد بأبی جعفر الذی یروی عنه سعد بن عبدالله؟.......................... 116

توجیه ما دل علی جواز الصلاة فی الثوب النجس.............................. 117

عدم وجوب الإعادة علی المتیمّم الذی صلّی فی الثوب النجس................... 118

ص: 485

کیفیّة التیمّم............................................................ 119

بحث حول عبدالله بن یحیی الکاهلی.......................................... 121

بحث حول داود بن النعمان................................................. 122

توجیه ما دلّ علی أنّ المسح فی التیمّم من موضع القطع......................... 123

توجیه ما دلّ علی اعتبار مسح الوجه......................................... 124

الجمع بین ما دلّ علی ضرب الید علی الأرض وما دلّ علی وضعها علیها......... 126

محل المسح فی الکفّین ظهورهما............................................... 127

تفسیر الجبهة.............................................................. 128

کلمة حول قصّة تیمّم عمّار................................................. 129

دلالة روایة داود بن النعمان علی کفایة ضربة واحدة فی التیمّم بدلاً عن الغُسل... 130

اعتبار الضرب بالدین معاً................................................... 131

توجیه ما دلّ علی مسح الذراعین فی التیمّم................................... 132

عدد المرّات فی التیمّم.................................................... 133

بحث حول ابن بکیر........................................................ 133

تعریف الموثّق.............................................................. 134

بحث حول عمرو بن أبی المقدام.............................................. 135

القاسم بن عروة مهمل..................................................... 136

وحدة الضربات فی التیمّم................................................... 136

الحسین بن سعید لایروی عن ابن مسکان بغیر واسطة.......................... 139

المناقشة فی توجیه الشیخ للروایات الدالّة علی تعدّد الضرب..................... 140

توجیه صاحب المدارک والمناقشة فیه.......................................... 141

کلام الاسترابادی فی المسألة والناقشة فیه..................................... 144

نکتة فی حدیث محمّد بن مسلم.............................................. 145

ص: 486

أبواب تطهیر الثیاب والبدن من النجاسات

بول الصبی............................................................. 147

بحث حول النوفلی......................................................... 148

بحث حول السکونی........................................................ 148

قول ابن الجنید بطهارة بول الصبی وجواب العلّامة عنه.......................... 149

المناقشة فی جواب العلّامة.................................................... 150

شهادة الصدوق بصحة ما فی کتابه أقوی من توثیق النجاشی والشیخ............ 151

معنی المثانة والعضد والمنکب................................................. 151

أدلّة اعتبار العصر فی ما یقبله................................................ 152

توجیه الشیخ لما دل علی تساوی بول الغلام والجاریة والمناقشة فیه............... 154

الجواب عن المناقشة........................................................ 156

معنی قوله : « شَرْعٌ سواء »................................................ 157

علی بن الحکم الذی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی هو الثقة............... 158

بحث حول الحسین بن أبی العلاء............................................. 158

إشارة إلی حال عثمان بن عیسی............................................. 159

وجه الجمع بین ما دلّ علی الصّب والعصر وما دلّ علی الغَسل................. 159

مالفرق بین الصّب والغَسل؟................................................ 160

لزوم غَسلْ کلّ الثوب الذی أصابه بول الصبی ولم یوجد مکانه................. 162

ما هی العلّة فی لزوم العصر؟................................................ 164

معنی العصر............................................................... 165

المذی یصیب الثوب والجسد.............................................. 165

بحث حول إرسال ابن أبی عمیر عن غیر واحد................................. 166

بحث حول علی بن الحکم.................................................. 167

إشارة إلی حال الحسین بن أبی العلاء......................................... 168

ص: 487

دلالة مرسلة ابن أبی عمیر علی طهارة المذی.................................. 168

هل تدل المرسلة علی عدم ناقضیة مسّ الفرج للوضوء؟......................... 168

أدلّة ابن الجنید علی نجاسة المذی والجوب عنها والمناقشة فی الجواب.............. 169

کلام حول دعوی العلّامة الإجماع علی طهارة المذی........................... 171

معنی الإنعاظ والنضح....................................................... 173

المقدار الذی یجب إزالته من الدم ومالایجب................................ 173

حماد الذی یروی عنه إبراهیم بن هاشم هو حماد بن عیسی..................... 175

بحث حول الحسین بن الحسن............................................... 175

بحث حول إسماعیل الجعفی.................................................. 176

إشارة إلی جلالة زیاد بن ابی الحلال وعبدالله بن أبی یعفور...................... 177

علی بن حدید ضعیف...................................................... 177

أبو جعفر الذی یروی عنه سعد بن عبدالله هو أحمد بن محمّد بن عیسی.......... 177

کلمة حول إسماعیل بن عبدالرحمان الجعفی................................... 177

مایستفاد من روایة محمّد بن مسلم فی مسألة رؤیة الدم فی الثوب فی حال الصلاة.. 177

حکم الدم إذا کان مساویاً للدرهم.......................................... 179

حکم الدم المتفرّق إذا لم یبلغ کل موضع منه قدر الدرهم....................... 182

بحث حول معاویة بن حکیم................................................. 187

بحث حول عبدالله بن المغیرة................................................. 188

بحث حول مثنّی بن عبدالسلام.............................................. 189

حکم الدم إذا کان قدر حمصة.............................................. 189

بحث حول العلاء بن رزین ورواة کتابه....................................... 191

المعلّی بن عثمان ثقة........................................................ 192

حکم دم القرح والجرح.................................................... 192

معنی الدمل ، براء ، نقه ، القرح ، ربط...................................... 195

ص: 488

ذرق الدجاج........................................................... 196

بحث حول محمّد بن عیسی الأشعری......................................... 196

بحث حول وهب بن وهب................................................. 197

بحث حول فارس بن حاتم................................................... 197

حکم ذرق الدجاج........................................................ 198

فارس بن سلیمان ممدوح.................................................... 199

معنی الخرء والذرق......................................................... 200

أبوال الدوابّ والبغال والحمیر............................................. 200

بحث حول أبان بن عثمان.................................................. 202

بحث حول الحسین بن عثمان................................................ 204

بحث حول معلّی بن محمّد البصری........................................... 207

أبو مریم اسمه عبدالغفّار ، ثقة................................................ 207

عبدالأعلی بن أعین مهمل.................................................. 207

بحث حول یونس بن یعقوب................................................ 207

حکم أبوال الدوابّ والحمیر والبغال وأرواثها فی الأخبار........................ 208

أدلّة القائلین بالطهارة والمناقشة فیها.......................................... 210

معنی النضح والرشّ والفرق بینهما........................................... 212

بحث حول القاسم بن عروة................................................. 214

بحث حول ابن بکیر........................................................ 215

الحکم بن مسکین مجهول................................................... 215

بحث حول المعلّی بن خنیس................................................. 217

ما المراد بالکراهة فی قوله : فکرهه ، فی روایة زرارة؟.......................... 218

استدلال صاحب المعالم لطهارة أبوال الدوابّ والمناقشة فیه...................... 219

ص: 489

معنی قوله علیه السلام فی الدوابّ : « لیس ممّا جعلها الله للأکل ».................... 220

معنی صکّ................................................................ 221

الرجل یصلّی فی ثوب فیه نجاسة قبل أن یعلم............................... 221

بحث حول حفص بن غیاث................................................. 222

ثبوت النجاسة بالظنّ الشرعی............................................... 223

هل تثبت النجاسة بشهادة العدلین؟.......................................... 224

هل تثبت النجاسة بشهادة العدل الواحد؟..................................... 227

هل الجاهل معذور؟........................................................ 228

إطلاق العذرة علی فضلة غیر الإنسان........................................ 232

عدم وجوب إعادة الصلاة مع إخبار صاحب الثوب بنجاسته.................... 233

معنی العذرة............................................................... 233

بحث حول سهل بن زیاد................................................... 235

علی بن محمّد الروای عن سهل بن زیاد هو علّان الثقة......................... 237

عبد الکریم بن عمر ثقة واقفی............................................... 237

الحسین بن زیاد مجهول الحال................................................ 237

ابن مسکان الذی یروی عنه محمّد بن سنان هو عبدالله......................... 238

إبراهیم بن میمون مجهول الحال.............................................. 238

إشارة إلی حال روایة محمّد بن عیسی عن یونس............................... 238

وهب بن عبد ربّة ثقة...................................................... 238

بحث حول ما دلّ علی وحوب الإعادة علی من صلّی فی الثوب النجس جهلاً ووجه الجمع بینه وبین ما دلّ علی عدم الإعادة......................................................................... 238

معنی النکتة................................................................ 242

ابن سنان الروای عن أبی بصیر هو محمّد...................................... 243

کلمة حول أبی بصیر....................................................... 243

عثمان بن عیسی ضعیف................................................... 244

ص: 490

بحث حول ما دلّ علی إعادة الناسی وحمله علی الاستحباب.................... 244

معنی « یهتّم »............................................................ 245

بحث حول وهب ( وهیب ) بن حفص....................................... 247

عبدالله بن جبلة واقفی ثقة.................................................. 248

میمون الصیقل مجهول الحال................................................. 248

الحسن بن علی بن عبدالله هو ابن المغیرة الثقة.................................. 248

سعد مشترک.............................................................. 248

توجیه الشیخ لروایة أبی بصیر الدالّة علی الإعادة مع العلم بالنجاسة وعدمه والمناقشة فیه 248

قول العلّامة بأنّ الجاهل یعید فی الوقت فقط والجواب عنه....................... 249

ما یستفاد من حدیث زرارة : أصاب ثوبی دم رعاف ... من الأحکام........... 251

کلام الشیخ البهائی حول حدیث زرارة والمناقشة فیه.......................... 258

صحة سند حدیث العلاء وتوجیه عدّ المحقق إیّاه حسناً.......................... 261

بحث حول عبدالله بن محمّد................................................. 262

إشارة إلی جهالة سلیمان بن رشید........................................... 262

کلام حول دلالة روایة العلاء علی عدم إعادة الناسی.......................... 263

حمل الشیخ لروایة العلاء والمناقشة فیه........................................ 263

بیان الإشکالات الواردة علی روایة علی بن مهزیار والجواب عنها............... 264

عرق الجنب والحائض یصیب الثوب...................................... 268

بحث حول عمر بن أذینة................................................... 269

بحث حول أبی أسامة زید الشحام............................................ 270

بحث حول القاسم بن محمّد الجوهری........................................ 270

علی بن أبی حمزة الذی یروی عنه القاسم بن محمّد هو البطائنی الواقفی........... 271

حمزة بن حمران مهمل...................................................... 271

أبو بصیر الذی یروی عنه شعیب هو الضریر المذموم........................... 271

ص: 491

بحث حول المنبّه بن عبدالله ومعنی قولهم : صحیح الحدیث...................... 271

الحسین بن علوان عامی غیر موثق............................................ 273

بحث حول عمرو بن خالد.................................................. 273

بیان الأخبار الدالّة علی طهارة عرق الجنب والحائض.......................... 274

معنی قطّب................................................................ 275

إشارة إلی حال إسحاق بن عمار............................................. 277

بحث حول أحمد بن الحسن.................................................. 277

بحث حول عمّار الساباطی.................................................. 278

علی بن محمّد بن الزبیر فیه کلام............................................ 278

إشارة إلی حال أحمد بن عبدون.............................................. 278

سورة بن کلیب مشترک.................................................... 278

توجیه ما دلّ علی أنّ الحائض تغسل الثوب الذی عرقت فیه.................... 278

بحث حول محمّد بن عبدالحمید.............................................. 280

بحث حول أبی جمیلة....................................................... 281

بحث حول محمّد بن أبی حمزة................................................ 281

توجیه ما دلّ علی أنّ الحائض لاتصلّی فی الثوب المستمرّ علیها إلی حین الطهر حتی تغسله 285

معنی الطمث.............................................................. 285

طرق الشیخ إلی سعد....................................................... 287

أبو جعفر هو أحمد بن محمّد بن عیسی....................................... 287

علی بن الحکم الذی یروی عنه أحمد بن محمّد بن عیسی هو الثقة............... 287

کلمة الحول أبی بصیر إذا روی عنه عاصم بن حمید............................ 288

توجیه خبری الحلبی وأبی بصیر............................................... 288

حکم عرق المجنب من حرام................................................. 289

توجیه ما دلّ علی جواز التنشّف بالثوب الذی فیه منی یابس.................... 292

ص: 492

بول الخشاف........................................................... 293

موسی بن عمر مشترک..................................................... 294

یحیی بن عمر مجهول........................................................ 294

بحث حول داود الرقّی...................................................... 294

بحث حول محمّد بن یحیی.................................................... 295

بحث حول غیاث بن إبراهیم الأسدی........................................ 295

حکم بول الخشاف والمناقشة فی نجاسته....................................... 297

الخمر یصیب الثوب والنبیذ المسکر........................................ 303

خیران الخادم ثقة........................................................... 304

بیان ما دلّ علی عدم جواز الصلاة فی ثوب أصابه خمر أو مسکر والأقوال فی نجاستهما وطهارتهما 304

أبو بکر الحضرمی غیر معلوم الحال........................................... 308

کلمة حول سند فیه : أحمد عن البرقی....................................... 308

بحث حول الحسن بن أبی سارة.............................................. 308

صالح بن سیابة مجهول...................................................... 310

الحسن بن موسی الحنّاط مهمل.............................................. 311

بیان الأخبار الدالّة علی طهارة النبیذ والخمر.................................. 311

ما معنی الرجس فی قوله تعالی : ( إنّما الخمر ... رجس ) ؟................... 313

معنی مَجّ.................................................................. 317

طرق الشیخ إلی علی بن مهزیار............................................. 319

بحث حول الحسین بن محمّد الأشعری........................................ 319

علی بن محمّد الراوی عن سهل بن زیاد هو علّان الرازی الثقة................... 320

حال عبدالحمید بن أبی الدیلم............................................... 320

عبدالله بن الصلّت ثقة...................................................... 320

ص: 493

المناقشة فی توجیه الشیخ لروایة علی بن مهزیار ودلالتها علی نجاسة الخمر........ 320

معنی البُصاق.............................................................. 323

الثوب یصیب جسد المیت من الإنسان وغیره............................... 323

عبد الوهّاب مشترک بین مهملین............................................. 324

إسماعیل الجعفی مشترک..................................................... 325

بعض طرق الشیخ إلی محمّد بن أحمد بن یحیی صحیح.......................... 325

بیان الخبر الدالّ علی غَسل الثوب الذی یصیب جسد المیت.................... 325

بیان ما دلّ علی عدم غَسل الثوب الذی وقع علی حمار میت................... 330

بیان ما دلّ علی نضح الثوب الذی وقع علی کلب میت....................... 330

الأرض والبواری والحصر یصیبها البول وتحقّقها الشمس..................... 331

عثمان بن عبدالله مهمل..................................................... 332

عثمان بن عبد الملک مجهول................................................. 332

أبو بکر الحضرمی غیر ثقة ولا ممدوح........................................ 332

هل الشمس مطهرة لکلّ موضع؟............................................ 333

هل مجرّد إصابة الشمس کافٍ للطهارة؟...................................... 334

دلالة الأدلّة علی جواز الصلاة علی الموضع لا طهارته.......................... 334

لو أصابت الشمس المحل ولم ییبس........................................... 339

إشعار روایة عمّار ببقاء المحل علی النجاسة والجواب عنه........................ 339

التدافع فی روایة عمّار فیما لو جفّ بغیر الشمس والجواب عنه.................. 339

بیان روایة علی بن جعفر................................................... 340

توجیه روایة محمّد بن إسماعیل بن بزیع الدالّة علی عدم مطهّریة الشمس.......... 341

أبواب الجنائز

الرجل یموت وهو جنب.................................................. 341

بحث حول الحسن بن حمزة العلوی........................................... 342

ص: 494

بحث حول علی الذی یروی عنه الحسین بن سعید............................. 343

علی بن الصلت مذدور بما لایفید توثیقاً والمدحاً............................... 343

بحث حول عبدالرحمان بن أبی نجران......................................... 343

المثنّی مشترک.............................................................. 344

ابن مسکان فیه الحتمال الاشتراک............................................ 344

بیان ما دلّ علی کفایة غُسل واحد للمیت الجنب.............................. 344

بحث فی تداخل الاُغسال.................................................... 346

لیس للشیخ طریق إلی إبراهیم بن هاشم فی المشیخة............................ 349

علی بن محمّد مشترک...................................................... 349

سعید بن محمّد الکوفی غیر مذکور فی الرجال................................. 350

محمّد بن أبی حمزة التیملی مهمل............................................. 350

محمّد بن خالد مشترک...................................................... 350

محمّد بن أحمد بن علی بن حفص ثقة......................................... 350

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی عدم کفایة غُسل واحد للمیت الجنب........ 350

حکم من مات وعلیه غُسل غیر غُسل الجنابة.................................. 352

حدّ الماء الذی یغسّل به المیت............................................. 352

بحث حول حفص بن البختری.............................................. 353

فضیل سُکّرة مهمل........................................................ 354

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی تحدید ماء غُسل المیت...................... 354

توضیح حول بئر غرس..................................................... 355

جواز غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها.................................... 355

بحث حول داود بن سرحان................................................. 357

بحث حول ابن نوح........................................................ 357

بیان ما دلّ علی جواز تغسیل المرأة زوجها والرجل امرأته من وراء الثیاب........ 358

ص: 495

بحث حول حمید بن زیاد.................................................... 361

بحث حول الحسن بن محمّد الکندی.......................................... 363

إشارة إلی حال الوشّاء...................................................... 364

مالمراد بالمحرم فی قوله علیه السلام : « أوذات محرم »؟............................... 364

بیان حول روایتی عبدالله بن سنان وزرارة..................................... 365

المرأة التی خرجت من العدّة هل یجوز لها أن تغسّل زوجها؟..................... 366

منصور الذی یروی عنه صفوان بن یحیی هو ابن حازم......................... 368

بیان ما دلّ علی جواز غسل الرجل امرأته مطلقاً............................... 369

بحث حول أبی خالد القمّاط................................................. 371

أبو حمزة مشترک........................................................... 372

عبدالرحمان بن سالم الأشل ضعیف.......................................... 372

المفضّل بن عمر ضعیف..................................................... 372

الحسن بن موسی الخشاب ممدوح............................................ 372

بحث حول غیاث بن کلوب................................................. 373

بیان ما دلّ علی عدم جواز غسل الرجل المرأة إلّا عند الضرورة................. 373

بحث حول الولایة فی تغسیل المیت........................................... 374

من یموت فی السفر ولیس له معه مماثل ولامحرم.............................. 378

عبدالرحمان بن سالم ضعیف................................................. 380

إشارة إلی ضعیف المفضّل بن عمر........................................... 380

محمّد بن مروان مشترک..................................................... 380

بیان ما دلّ علی الاکتفاء بغَسل مواضغ التیمّم................................. 380

الجمع بین ما دلّ علی غسل مواضع التیمّم وما دلّ علی عدم الغسل أصلاَ........ 381

هل یسقط التیمّم أیضاً؟.................................................... 382

الحسین بن علوان عامی..................................................... 383

بحث حول عمرو بن خالد.................................................. 383

ص: 496

کلمة حول طریق الشیخ إلی علی بن الحسین.................................. 384

محمّد بن سالم مشترک...................................................... 384

أحمد بن النضر ثقة......................................................... 384

عمرو بن شمر ضعیف...................................................... 384

بحث حول جابر بن یزید الجعفی............................................. 384

بیان روایتی عمرو بن خالد وجابر والمناقشة فی توجیه الشیخ لهما................ 384

بحث حول محمّد بن أسلم الجبلی............................................. 388

بیان ما دلّ علی غَسل الکفّین أو موضع التیمّم أو موضع الوضوء................ 389

الحسن بن علی الراوی عن أبی جمیلة هو ابن فضّال............................ 391

بیان روایة زید الشحّام..................................................... 391

هل یجوز تفصیل أهل الکتاب للمسلم؟....................................... 392

بحث حول روایة الحسن بن علی الوشّاء عن عبدالله بن سنان.................... 395

بحث حول الحسن بن علی بن خرّزاد......................................... 395

بحث حول الحسن بن راشد................................................. 396

بحث حول علی بن إسماعیل................................................. 396

أبو سعید الراوی عن أبی عبدالله علیه السلام غیر معلوم الحال......................... 396

المناقشة فی توجیه الشیخ لما دلّ علی جواز تغسیل الأجنبی للأجنبیة من وراء الثیاب. 397

کیفیة غُسل المیت....................................................... 397

عثمان النواء مهمل......................................................... 398

بحث حول إبراهیم الخزّاز................................................... 398

حمران بن أعین فیه کلام................................................... 398

حکم جعل الحنوط فی مسامع المیت.......................................... 399

الرفق بالمیت حین الغُسل وعدم غمز مفاصله.................................. 401

کیفیة العمامة............................................................. 401

ص: 497

وضع الکافور علی منخر المیت ومساجده..................................... 402

قِطَع الکفن................................................................ 403

معنی الرفق والغمز......................................................... 406

أبو العباس هو الفضل بن عبدالملک........................................... 408

بحث حول علی بن عقبه.................................................... 408

ذبیان بن حکیم مهمل...................................................... 409

العلاء بن سیابة............................................................ 409

حکم غمز بطن المیت...................................................... 410

حکم إقعاد المیت.......................................................... 411

معنی القَراح............................................................... 411

تقدیم الوضوء علی غسل المیت............................................ 412

بحث حول المُسلی.......................................................... 414

عبدالله بن عبید مشترک بین مهملین.......................................... 415

إشارة إلی ضعف علی بن حدید............................................. 415

بحث حول سند روایة حریز................................................. 416

بحث حول محمّد بن یحیی المعاذی............................................. 416

بحث حول محمّد بن حفص بن غیاث......................................... 417

لیث مشترک.............................................................. 418

بحث حول علی بن محمّد القاشانی............................................ 418

مالمراد بالوضوء فی قوله علیه السلام : « یوضّأ وضوء الصلاة »؟..................... 419

هل وضوء المیت قبل غسله واجب؟.......................................... 419

بیان حول قوله علیه السلام : « ویطرح فیه سبع ورقات ... »....................... 423

بیان حول روایتی معاویة بن عمّار وأبی خیثمة................................. 424

معنی الاُشنان والکرسف.................................................... 424

کلمة حول طریق الشیخ إلی علی بن الحسین.................................. 426

ص: 498

إشارة إلی جلالة عبدالله بن جعفر الحمیری.................................... 427

بحث حول إبراهیم بن مهزیار............................................... 427

کلمة حول مراسیل ابن أبی عمیر............................................ 427

بیان روایة یعقوب بن یقطین والمناقشة فی توجیه لها............................. 427

الترتیب بین الأعضاء فی غسل المیت......................................... 434

لادلیل علی وجوب وضوء المیت قبل غسله................................... 432

الارتماس فی غسل المیت..................................................... 434

معنی الإفاضة والحُرض...................................................... 435

تجمیر الکفن............................................................ 435

بحث حول أحمد بن محمّد الکوفی............................................ 437

بحث حول ابن جمهور...................................................... 437

جمهور غیر معلوم الحال..................................................... 438

عبدالرحمان بن عبدالله مجهول................................................ 438

الحسن بن علی الوشّاء ممدوح............................................... 438

بحث حول غیاث بن إبراهیم................................................ 438

بیان الأخبار الناهیة عن تجمیر الکفن والجمع بینها وبین ما یعارضها.............. 439

معنی المِجْمَر والدُخْتَة....................................................... 440

الکفن لایکون إلّا قطناً................................................... 441

بحث حول أبی خدیجة...................................................... 443

بحث حول عبدالرحمان بن أبی هاشم......................................... 443

محمّد بن عمرو بن سعید هو ابن الزیّات الثقة................................. 444

یونس بن یعقوب ثقة....................................................... 444

محمّد بن سعید مشترک..................................................... 444

کلمة حول إسماعیل بن أبی زیاد............................................. 444

ص: 499

الحسن بن راشد مشترک.................................................... 444

معنی : البُرد ، السابری ، الحُلّة والقصب..................................... 444

بیان الأخبار الناهیة عن التکفین بالکتان والحریر والجلد........................ 445

موضع الکافور من المیت................................................. 448

علی بن محمّد الراوی عن أیوب بن نوح غیر معلوم............................ 450

کلمة حول روایة ایوب بن نوح عن عبدالله بن مسکان......................... 450

الکاهلی هو عبدالله بن یحیی وهو ممدوح...................................... 450

بحث حول الحسین بن المختار............................................... 450

کلمة حول روایة فضالة عن عبدالرحمان بن أبی عبدالله......................... 451

بحث حول محمّد بن أحمد بن علی........................................... 451

بیان مواضع الحنوط من المیت............................................... 451

مقدار کافور الحنوط....................................................... 455

معننی الَّبَّة والحَنوط وعَمَدَ................................................... 455

السنّة فی حلّ الأزرار عند نزول القبر...................................... 456

محمّد بن عبدالله المسمعی غیر مذکور فی الرجال............................... 456

بحث حول إسماعیل بن یسار................................................ 457

إبراهیم بن عقبة مهمل..................................................... 457

استحباب حلّ الأزرار عند نزول القبر........................................ 457

المقتول شهیداً بین الصَفَّین................................................ 458

بحث حول موسی بن جعفر البغدادی........................................ 460

علی بن سعید مشترک بین مهملین........................................... 460

عبید الله بن الدهقان ضعیف................................................ 460

ص: 500

بحث حول هارون بن مسلم................................................. 460

بحث حول مسعدة بن صدقة................................................ 461

أبو مریم الأنصاری ثقة..................................................... 461

بیان ما دلّ علی عدم غسل الشهید ودفعة بثیابه............................... 461

معنی الرَمَق................................................................ 464

المیت یموت فی المرکب................................................... 464

حمید بن زیاد واقفی........................................................ 465

بحث حول أبی البختری وهب بن وهب...................................... 465

إشارة إلی حال محمّد بن قولویه.............................................. 466

کیفیة دفن المیت فی البحر.................................................. 466

معنی الوکاء والخابیة........................................................ 467

تربیع الجنازة............................................................ 468

بحث حول علی بن عقبة.................................................... 469

موسی بن أکیل ثقة........................................................ 470

العلاء بن سیّابة مهمل...................................................... 470

یونس الذی یروی عن علی بن یقطین هو ابن عبدالرحمان...................... 470

إشارة إلی ضعف علی بن حدید............................................. 470

علی بن موسی غیر مذکور فی الرجال........................................ 470

علی بن الحسین مشترک.................................................... 470

کیفیة التربیع.............................................................. 470

کلام الشهید الثانی فی معنی التربیع والمناقشة فیه............................... 475

النهی عن تجصیص القبر وتطیینه.......................................... 475

ص: 501

بحث حول علی بن أسباط.................................................. 476

کراهیة تجصیص القبور وتطیینها والبناء علیها................................. 477

معنی فید.................................................................. 478

کیفیة التعزیة........................................................... 478

کلمة حول طریق الشیخ إلی ابن أبی عمیر.................................... 479

التعزیة قبل الدفن أو بعده؟.................................................. 479

معنی التعزیة............................................................... 480

ص: 502

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.