کتاب الخمس

هویة الکتاب

کتاب الخمس

الكاتب: آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي

لسان: العربية

الناشر: دار الصادقين - النجف اشرف - العراق

* كتاب الخمس وفيه بحثان

ص:1

المبحث الأول: فيما يجب فيه

اشارة

وهي أمور:

الأول: الغنائم.

المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم إذا كان باذن الأمام (عليه السلام). بل الحكم كذلك فيما اذا لم يكن باذنه. سواء كان القتال بنحو الغزو للدعاء إلى الإسلام أم كان دفاعاً لهم عند هجومهم على المسلمين.

[مسألة 1] المال المأخوذ من الكفار الحربيين على نحوين: ما يعتقده الفرد منهم محل استحقاق للمسلم وما لا يعتقده كذلك. فالأول يجوز أخذه ولو لم يكن مستحقاً في شرعنا كما لو كان فائدة ربوية أو دعوى قضائية. وفيه خمس الفائدة وليس خمس الغنيمة لانه لم يؤخذ بقتال. وأما الثاني كالأخذ بوجه مخالف لقوانينهم لمن منحوه اللجوء في بلدانهم فيتوقف جوازه على أذن الحاكم الشرعي. وبالنسبة الينا فنحن نمنع عن ذلك لوجود مفاسد اجتماعية مهمة فيه.

[مسألة 2] لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة، بلوغها عشرين دينارا على الأصح. نعم يعتبر فيها الا تكون غصبا من مسلم أو غيره، ممن هو محترم المال كالذمي، وإلا وجب ردها على مالكها. أما اذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب أو الأمانة أو نحوها، جرى عليها ما ذكرناه من الحكم في المسألة السابقة.

[مسألة 3] ما قلناه في المسألتين السابقتين في أموال الكفار الحربيين, يأتي في أموال المسلمين المحكوم بكفرهم والنواصب والخوارج واضرابهم. فإن اخذ بشكل مشروع وجب فيه الخمس من باب الفائدة, وان اخذ بالحرب كان الخمس من باب الغنيمة. وعلى أي حال يجب الخمس بغض النظر عن سببه. لكن هذا الحكم مما نمنع من تطبيقه في الظروف التي نعيشها لان تحديد موضوعه مما يخفى على عامة الناس بل يتسامحون في تطبيقه بحسب أهوائهم ويفسدون من حيث يظنون أنهم يصلحون.

الثاني: المعدن:

كالذهب والفضة والرصاص والنحاس والعقيق والفيروز والياقوت والكحل والملح والقير والنفط والكبريت ونحوها. والمهم صدق المعدن, سواء كان سائلا ام جامدا, وسواء كان على سطح الأرض أم في باطنها, وسواء اخذ من ارض مملوكة أم من ارض مباحة. والأحوط وجوباً الحاق مثل الجص والنورة يعني ترابهما ولو قبل

ص: 1

الطبخ وحجر الرحى وطين الغسل، ونحوها مما يصدق عليه اسم الارض، وكان له خصوصية في الانتفاع به.

[مسألة 4] لا فرق في المعدن بين ان يكون المخرج مسلما ام كافرا, صبيا ام بالغا عاقلا ام مجنونا, ذكرا أم أنثى, حراً ام مملوكاً.

[مسألة 5] يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب وهو قيمة عشرين دينارا. والدينار مثقال شرعي من الذهب المسكوك وهو ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي, الذي زنته (4.6) غرام, سواء كان المعدن ذهباً ام فضة ام غيرهما. والاحوط ان لم يكن اقوى كفاية بلوغ المقدار المذكور، ولو قبل استثناء مؤونة الاخراج والتصفية. فاذا بلغ ذلك اخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤونة. والأحوط استحباباً ان يكون النصاب ديناراً واحداً، كما ان الاحوط استحباباً دفع الخمس منه مطلقاً.

[مسألة 6] يعتبر في بلوغ النصاب وحدة العمل على اخراج المعدن. فاذا اخرجه دفعات في عمل واحد عرفاً ليوم أو لشهر أو لموسم أو لسنوات كفى بلوغ المجموع النصاب. نعم، اذا أهمل العمل مدة طويلة ولو لظروف محيطة به بحيث لا يعدّ عمله عرفاً في اخراج المعدن لا يضم اللاحق الى السابق. ولو لم يؤثر اعراضه في وحدة العمل أو الاخراج، كفى بلوغ المجموع النصاب.

[مسألة 7] اذا اشترك جماعة في اخراج المعدن اختلف الحكم باختلاف القصد في نية التملك. فان قصد الكل نية التملك لواحد بعينه. وجب عليه الخمس دون سواه مع توفر النصاب، وان قصد كل واحد التملك لنفسه معزولا عن غيره. اعتبر النصاب في نصيب كل واحد منهم. وان قصد كل واحد التملك بنحو الاشتراك مع غيره في ملكية المعدن. فالاحوط اعتبار النصاب في مجموع الحصص. ومنه يظهر الحكم فيما اذا اختلفت هذه القصود لدى العاملين في المعدن.

[مسألة 8] المعدن في الارض المملوكة, اذا كان من توابعها عرفا، فهو ملك لمالك الارض وان اخرجه غيره بدون اذنه وعليه الخمس, والاحوط فيما اذا نوى الآخر التملك لنفسه, مراعاة الاحتياط بالمصالحة, وخاصة فيما اذا لم يكن الاخراج بكراهة من المالك.

[مسألة 9] اذا كان المعدن في الارض المفتوحة عنوة, التي هي ملك للمسلمين, ملكه المخرج اذا اخرجه باذن ولي المسلمين على الاحوط وجوباً، وفيه الخمس، وكذلك ما كان في الارض الموات حال الفتح, بدون حاجة الى الاذن.

[مسألة 10] انما يجب الخمس على المخرج فيما اذا قصد التملك لنفسه ولو ارتكازاً, فان قصد ملكية غيره بعمل مجاني أو باجرة, دخل في ملكية من قصده وعليه الخمس. وان لم يقصد ملكية احد بقي على اباحته العامة, ولا يجب الخمس على احد قبل الحيازة.

[مسألة 11] اذا شك في بلوغ النصاب، فالاحوط وجوباً الاختبار مع الامكان. ومع عدمه لا يجب عليه شيء.

ص: 2

وكذا اذا اختبره فلم يحصل له الوثوق بوجود النصاب. وان كان الأحوط تخميسه مطلقاً.

الثالث: الكنز.

وهو المال المذخور في موضع، ارضا كان ام جدارا ام غيرهما, فانه لواجده وعليه الخمس. والأحوط شمول الحكم لكل معدن, وان لم يكن من الذهب والفضة المسكوكين, سواء وجده في دار الحرب أم دار الإسلام، مواتا كانت الارض حال الفتح ام عامرة ام خربه باد اهلها، وسواء كان عليه اثر الإسلام ام لم يكن, الا ان يعلم انه ملك لمسلم فيجب عندئذ دفعه لمالكه بالبحث عنه أو عن ورثته, وان لم يجده فالوارث الامام (عليه السلام) أو وكيله الخاص أو العام.

[مسألة 12] يشترط في وجوب الخمس في الكنز بلوغ النصاب, وهو في الذهب: النصاب الاول, وهو عشرون ديناراً أو قيمتها. وفي الفضة: نصابها الأول وهو مئتا درهم أو قيمتها (والدرهم يساوي 21/40 من المثقال الصيرفي المساوي 4.6 غرام فالمئتا درهم تساوي 105 مثاقيل صيرفية). وفي غيرهما: بلوغ قيمة النصاب الأول للذهب, وان كان الأحوط مراعاة اقل النصابين: الذهب أو الفضة، من حيث القيمة, وان بلغ النصاب وجب في الزائد قل أو كثر.

[مسألة 13] لا فرق بين الاخراج دفعة أو دفعات ولا يعتبر هنا وحدة العمل كما قلنا في المعدن. بل يعتبر للكنز قيمة واحدة لمجموعه. نعم، يجري هنا استثناء المؤونة, وحكم بلوغ النصاب قبل استثنائها، وحكم اشتراك جماعة فيه اذا بلغ المجموع النصاب, وكذلك قصد التملك لنفسه أو غيره. كما تقدم في المعدن.

[مسألة 14] ان لم يعلم ان للكنز مالكاً، كما لو كان يحتمل ان يكون من المباحات العامة وهو مذخور صدفة أو بفعل حيوان مثلا, فلا اشكال في جواز تملكه بعد دفع الخمس, وكذا لو علم انه ملك لمن لا حرمة لماله كالكافر الحربي، ويلحق به ما كان عليه علامة سابقة على الاسلام. أو دالة على ان مالكه مشرك في أي زمن كان. وكذا لو كان ملكا لشخص من الملل المحكوم بكفرها من منتحلة الاسلام. نعم، لو علم ان للمالك من هؤلاء وارثاً أو اكثر من المسلمين وجب البحث عنهم, ويكون الكنز بمنزلة ما كان في ملك المسلم.

[مسألة 15] اذا علم ان الكنز لمسلم، باي سبب حصل له العلم بذلك، فان كان موجودا معروفا له، وبَيَنَّ صفته دفعه اليه, وان كان له ورثة كذلك دفعه اليهم, وان جهل ذلك فالاحوط التعريف به الى حين حصول اليأس، فان لم يعرف المالك بعد التعريف, أو كان المال مما لا يمكن التعريف به. امكنه ان يطبق عليه ثلاث خصال: اما دفعه الى الحاكم الشرعي, أو التصدق به باذنه, أو تملكه بنية الضمان. ولا فرق في ذلك بين ان يكون المسلم قديماً أو حديثاً, وان كان الاحوط استحبابا على أي حال اجراء حكم ميراث من لا وارث له عليه.

[مسألة 16] اذا وجد الكنز في الارض المملوكة له, فان ملكها بالاحياء كان الكنز له وعليه الخمس، الا ان

ص: 3

يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فتجري عليه الاحكام المتقدمة. وان ملكها بالشراء ونحوه فالاحوط ان يعّرفه المالك السابق, واحدا كان ام متعددا فان عرفه دفعه اليه, والا عرفه الاسبق منه, مع العلم بوجوده في ملكه أو الظن كذلك بمقدار معتد به, وهكذا. فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده, اذا لم يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، والا جرت عليه الاحكام المتقدمة. وكذا اذا وجده في ملك غير, سواء كان تحت يده أو تحت يد مالكه أو يد ثالث. ولا يفرق فيما تحت يده أو غيره ما كان بشكل مشروع كالاجارة, أو غير مشروع كالغصب، فانه يعرفه المالك وذا اليد ويدفعه لمن عرفه. والاحوط وجوبا ان يعرفه السابق من مالك أو ذي يد, مع العلم بوجوده في ملكه أو الظن بذلك بمقدار معتد به, وهكذا. فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده, الا ان يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فيجزي عليه حكم ما تقدم.

[مسألة 17] الاحوط بل الاقوى الحاق الذمي بالمسلم من حيث الاحكام السابقة، فيما لو علم أو ظن سبق تملكه للكنز.

[مسألة 18] اذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالا عرفه البائع, فان لم يعرفه كان له. وكذا الحكم في أي حيوان غير الدابة مما كان تحت يد البائع. وكذا لو انتقل الحيوان اليه بمعاملة اخرى كالهبة أو عوض الايجار وغير ذلك.

[مسألة 19] اذا اشترى سمكة ووجد في جوفها مالا فهو له، من دون تعريف. ولا يجب فيما وجده في الدابة أو في السمكة ونحوها الخمس بعنوان الكنز. بل يجري عليه حكم الفائدة والربح.

الرابع: الغوص.

وهو ما اخرج من البحر بالغوص كالجواهر مثل اللؤلؤ ونحوها مما كان فيه بالخلقه من غير الحيوان، ولا ما يكون وجوده في البحر كوجوده على الارض. كالصخر والحجر المرجاني. فالحيوان مطلقا وجزؤه, لا غوص فيه وان اخرج بالغوص. كما ان الساقط في البحر من خارجه كالخاتم والسوار لا يشمله هذا الحكم وان اخرج به, كما ان اخراج الصخور والاتربة أو النباتات البحرية ليس من الغوص ايضاً, كما ان ما يؤخذ من ماء البحر بالتحليل ليس غوصاً وان اخرجوا الماء من القعر بسبب الغوص.

[مسألة 20] اذا كان شيء موجوداً في البحر بالخلقة، ولكنه يوجد على سطح الماء لا في قعره, فانه لا يشمله حكم الغوص. بخلاف ما لو كان الشيء موجودا في القعر عادة, ولكنه وجده على السطح صدفة، فاخذه من دون غوص, فالاحوط وجوبا جريان حكم الغوص عليه.

[مسألة 21] الأحوط ان الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة الى ما يخرج منها بالغوص.

[مسألة 22] الأحوط وجوب الخمس في الغوص, وان لم يبلغ النصاب الشرعي له وهو دينار واحد. يعني انه

ص: 4

لا نصاب له، بل يجب خمسه قلّ أو كثر, بعد اخراج المؤن.

[مسألة 23] لا اشكال في وجوب الخمس في العنبر ان اخرج بالغوص, والاحوط وجوبه فيه ان اخذ من وجه الماء أو الساحل.

[مسالة 24] اذا أخرج بآلة من دون غوص فالاحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه اذا كان المخَرج مما يتوفر عليه الشرط.

الخامس: الأرض التي تملّكها الذمي من مسلم.

فانه يجب فيها الخمس على الاحوط. ولا فرق بين الارض الخالية اذا كانت مملوكة, وارض الزرع, وارض الدار, وغيرها. ولا يختص الحكم بصورة وقوع البيع على الارض، بل اذا وقع على مثل الدار أو الحمام أو الدكان, وجب الخمس في الارض. كما انه لا يختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاملات الاختيارية حتى المجاني منها، كالهبة والصلح, واما شمول الحكم لسائر الانتقالات الاختيارية, كوقوعها عوض ضمان القرض, أو ضمان الاتلاف ونحوها، فشمول الحكم لها مبني على الاحتياط الاستحبابي.

[مسألة 25] اذا كان الانتقال قهريا كالإرث، اذا قلنا بملكية الوارث من حين الوفاة, واسلم قبل القسمة، بحيث ينكشف ملكية الكافر لها بالميراث من حينها كما لا يبعد. ونحوه حكم القاضي الشرعي بالملكية قهرا، أو الولي الشرعي العام ايضا بها. فما دام الانتقال قهريا لم يشمله وجوب الخمس من هذه الناحية.

[مسألة 26] اذا اشترى الارض ثم اسلم, لم يسقط الخمس. وكذا اذا باعها الى مسلم, فاذا اشتراها منه مسلم ثانية، وجب خمس آخر. فان كان الخمس الأول قد دفعه من العين، كان الخمس الثاني خمس الأربعة أخماس الباقية وان كان قد دفع الخمس الأول من غير العين، كان الخمس الثاني من تمام العين, فاذا باعها الذمي على مسلم من الشيعة جاز له التصرف بها من دون اخراج الخمس.

[مسألة 27] يختص هذا الحكم بالذمي، ولا يشمل مطلق الكافر, سواء كان كتابيا ام غيره، مرتدا ام أصليا ام محكوما بكفره. وان كان الأحوط جريانه على مطلق الكافر الأصلي, وبخاصة الكتابي وان لم يكن ذميا.

[مسألة 28] يتعلق الخمس برقبة الأرض المشتراة، ويتخير الذمي بين دفع خمس العين ودفع القيمة, فلو دفع احدهما وجب القبول. وان لم يدفع الخمس كان للحاكم الشرعي اجباره على ذلك مع الامكان.

[مسألة 29] يدفع هذا المورد من الخمس كغيره إلى الحاكم الشرعي فلا مجال للاشكال الذي يذكر حول من الذي يتولى النية حين الدفع الى المستحقين.

[مسألة 30] اذا كانت الأرض مشغولة بشجر أو بناء, فان اشتراها الذمي على ان تبقى مشغولة فيها باجرة أو مجانا، قوم خمسها كذلك. وان اشتراها على ان يقلع ما فيها قُوِّم, ايضا كذلك. وان اشترى الارض وما عليها،

ص: 5

قومت الأرض كذلك، ولم يجب الخمس فيما عليها من هذه الناحية.

[مسألة 31] اذا اشترى الذمي الأرض, وشرط على البائع المسلم ان يكون الخمس عليه, فان كان المراد هذا القسم من الخمس صح الشرط، واستحق البائع مجموع الثمن، وتكفل هو بدفع الخمس عن المشتري. وان كان المراد به الخمس بعنوان آخر بطل الشرط, أو رجع الى ان المبيع اربعة اخماس الارض، فيجب الخمس فيه دون غيره.

[مسألة 32] اذا اشترط المشتري الذمي في العقد، ان لا يكون في الارض الخمس، أو ان يسقطه الحاكم الشرعي عن ذمته, بطل الشرط.

السادس: المال الحلال المختلط بالحرام.

بحيث لم يميز ولم يعرف مقداره، ولا أصحابه, فانه يحل باخراج خمسه ودفعه الى الحاكم الشرعي. والاحوط استحبابا قصد الأعم من رد المظالم والخمس, ليصرفه على من ينطبق عليه كلا العنوانين للاستحقاق. واما لو علم المقدار ولم يعلم المالك، فعليه التصدق به عنه, سواء كان الحرام بمقدار الخمس ام كان اقل منه ام كان أكثر منه, والأحوط وجوباً ان يكون بإذن الحاكم الشرعي. وله ان يقسطه عليه أو يعفيه من بعضه, ان وجد في ذلك مصلحة. وان علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح, وان لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار على دفع الأقل إليه، والأحوط استحبابا دفع أكثر المحتملات اليه. والأحوط مع ذلك الرجوع الى الحاكم الشرعي لحسم الدعوى. وان علم المكلف بالمالك والمقدار وجب دفعه اليه. ويكون التعيين بالقرعة أو التراضي.

[مسألة 33] اذا علم قدر المال الحرام ولم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور أعلمهم بالحال، فإن ادعاه أحدهم وأقرّه عليه الباقي واعترفوا بأنه ليس لهم سلّمه اليه ويكون التعيين بالتراضي بينهما، وان ادّعاه ازيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو، والإ تعيّن الرجوع الى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى، وإن أظهر الجميع جهلهم بالحال أو أنكروه تصدق بالمال عن اصحابه الواقعيين، وإن امتنعوا عن التراضي تعيّن الرجوع الى الحاكم الشرعي فقد يوقع الرضا بينهم أو يحسمها بالقرعة، واذا احتمل ملكية البعض دون الجميع فان امكن استرضاء الجميع وجب وإن لم يمكن عمل بالقرعة.

[مسألة 34] في مفروض المسألة السابقة اذا تعذّر السؤال منهم جميعاً لوجود ضرر في ذلك او لغيبتهم جميعاً وغير ذلك فالحكم في مثله بيد الحاكم الشرعي، واذا تعذّر السؤال من بعضهم دون بعض، فمن امكن سؤاله تحلل منه ومن لم يمكن فكالسابق.

[مسألة 35] ان علم المالك في عدد غير محصور تصدق به عنه، والأحوط وجوبا ان يكون باذن الحاكم الشرعي.

ص: 6

[مسألة 36] اذا علم اجمالا ان الحرام اكثر من مقدار الخمس, لم يشرع الخمس في تحليله على الأحوط اذا لم يعلم المالك. بل يكون في الذمة كرد للمظالم. ولا يجب عليه الخمس لو علم ان الحرام اقل من الخمس بل يجزئه دفع ما يحصل به العلم إجمالاً ببراءة الذمة.

[مسألة 37] اذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس. ولكن تارة يعلم جنسه ومقداره وأخرى لا يعلم. وتارة يعلم مالكه في واحد أو في عدد محصور واخرى لا يعلم. فهنا صور:

الصورة الاولى: اذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه واحدا كان أو متعددا. وجب رده اليه أو الى ورثته.

الصورة الثانية: اذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه في عدد محصور, فالاحوط وجوبا استرضاء الجميع مع الامكان. والا اخذ بالظن الراجح في تعيين المالك, فان تساوى الظن عمل بالقرعة. ومع امكان استرضاء البعض دون البعض فالاحوط انجازه.

الصورة الثالثة: ان يعلم جنس المال ومقداره، ويشتبه مالكه في عدد غير محصور. فهو مجهول المالك يطبق عليه حكمه. والاهم فيه هو اخذ الاذن من الحاكم الشرعي.

الصورة الرابعة: اذا علم جنس المال وجهل مقداره، وعرف مالكه, واحداً كان ام متعددا, جاز له دفع المقدار الأقل من حدّي الترديد لابراء ذمته, ويكون دفع الباقي مبنياً على الاحتياط الاستحبابي.

الصورة الخامسة: اذا جهل مقدار المال وجهل المالك, على انه يعلم به في عدد محصور, ففيها ما قلناه في الصورة الثانية. ولكن يدفع اليهم المقدار الاقل من احتمالات المبلغ, ولا يجب دفع الزائد.

الصورة السادسة: اذا جهل مقدار المال وجهل المالك, بمعنى تردده في عدد غير محصور, فهو من قبيل مجهول المالك ان كان عينا, ورد المظالم ان كان في الذمة. وعلى أي حال لا يجب عليه دفع الزائد على المقدار الاقل, الا بنحو الاحتياط الاستحبابي.

الصورة السابعة: ان يجهل جنس المال ومقداره, وكان المال قيميا، وكانت قيمته في الذمة، فالحكم فيه كما لو عرف جنسه, في تفاصيل الصور الثلاث السابقة.

الصورة الثامنة: ان يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال مردداً بين اجناس مختلفة سواء كان الجميع قيمياً أو مثليا أو مختلفاً فان امكنت المصالحة مع المالك تعين ذلك, والا فلا يبعد الرجوع الى القيمة بما يقطع معه ببراءة الذمّة على ان لا يسبب له ذلك ضرراًً أو حرجاًً ولو بمعونة القرعة. هذا واما في اسواقنا الحالية، فالعمل على القيمة فقط. فيكون دفعها مجزيا، مع الاقتصار على الاقل. ويكون دفع الزائد احتياطا استحبابيا، كما يكون العمل بالقرعة بين الأجناس كذلك.

[مسألة 38] اذا ظهر المالك _ أي صاحب المال الذي افترض انه محرم لانه ملك الغير _ بعد دفع الخمس،

ص: 7

في مورد اجزائه، فالظاهر عدم الضمان له.

[مسألة 39] اذا ظهر المالك بعد دفع رد المظالم أو التصدق بالمال, فان كان ذلك باذن الحاكم الشرعي فلا اشكال في عدم الضمان وان لم يكن باذنه فالاحوط استرضاء المالك. وان كان الأحوط وجوباً للمالك العفو.

[مسألة 40] اذا علم بعد دفع الخمس ان الحرام أكثر من الخمس, وجب عليه دفع الزائد أيضاً. وان علم انه انقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام.

[مسألة 41] اذا كان المال المختلط من الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الخاص، يعني يكون الفرد قد اختلط احد هذه الأموال مع أمواله, فانه لا يحل بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الوقف الخاص, على احد الوجوه السابقة.

[مسألة 42] اذا كان الحلال المختلط بالحرام قد تعلق به الخمس, وجب تخميسه مرتين, بتقديم الخمس المحلل للحرام, ثم دفع الخمس الآخر فلو كان مجموع المال مئة فخمسها الأول عشرون والباقي وهو ثمانون خمسه ستة عشر فيبقى له من مجموع المال اربعة وستون، كما لا يجوز الاقتصار على خمس واحد.

[مسألة 43] اذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل اخراج خمسه بالاتلاف لم يسقط الخمس, بل يكون في ذمته يدفعه الى مستحقه. وكذا الحال في مجهول المالك ان تصرف فيه بالاتلاف, فانه يكون في ذمته كرد للمظالم، فان عرف قدره دفعه، والا كان له الاقتصار على مقدار الاقل, ويبقى دفع الباقي مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.

السابع: مما يجب فيه الخمس: ما يفضل عن مؤونة سنته.

مما صرفه لنفسه وعياله، من فوائد الصناعات والزراعات والتجارات والاجارات وحيازة المباحات, بل الأحوط الاقوى تعلقه بكل فائدة مملوكه له, كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصى به, ونماء الوقف الخاص والعام, والميراث الذي لا يحتسب _ أي لا يُتوقّع _, وعوض الخلع, وانما يجب الخمس على تقدير الملك بالقبض في عدد من هذه العناوين. وفي وجوب الخمس في الميراث المحتسب كميراث الطبقة الأولى ومهر الزوجة وديات الأعضاء وارش الجنايات تردد من جهة عدم صدق الفائدة عليها خصوصاً ما عدا الأول فيحصل الشك في شمول عموم قوله (عليه السلام) (في كل ما افاد الناس من قليل أو كثير) فتجري أصالة البراءة الا ان مقتضى الاحتياط إخراجه أو مراجعة أحد محتملي الأعلمية.

[مسألة 44] اذا كان الشخص موردا لصرف الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة فان ما قبضه منها على نحو التملك يدخل في الفائدة فما فضل منه في نهاية السنة يجب فيه الخمس

ص: 8

والمفروض انه لا يمتلك ازيد من مؤونة سنته لخروجه بذلك عن عنوان الفقير فلا يستحق الزائد وبالتالي لا يجب عليه الخمس فيما وقع تحت يده وحيازته اذا لم ينوِ عليه التملك.

[مسألة 45] اذا كان عنده من الاعيان التي لم يتعلق بها الخمس, أو تعلق بها واداه, فنمت وزادت, فهذه الزيادة يمكن ان تكون على أنحاء:

النحو الأول: الزيادة المنفصلة أو ما بحكمها عرفا, كالولد والثمر واللبن والصوف, مما كان منفصلا بطبعه, وان لم ينفصل فعلا, فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة, ما لم يستعمل في مؤونة السنة، ممن له حق تأجيل الخمس إلى سنة.

النحو الثاني: الزيادة المتصلة, كنمو الشجرة وسمن الشاة المعدّة للاستفادة من لحمها، فحكمها حكم النحو الأول, إذا كانت زيادة معتد بها عرفا.

النحو الثالث: زيادة القيمة السوقية، بلا زيادة عينيه من النحوين الأول والثاني، وكان قد اعد البضاعة للتجارة، ولا زال من قصده ذلك, فيجب الخمس في الارتفاع المذكور.

النحو الربع: زيادة القيمة السوقية، ولكنه أعده للمؤونة من حين أو قبل حصول الزيادة, فلا يجب فيها الخمس، وإذا باعه بالسعر الزائد فان كان تملكه للعين بعوض _ كالشراء _ اعتبر الزائد من أرباح السنة وخمس الفاضل في نهايتها، وإن لم يكن بعوض، كما لو كانت من الموارد التي ترددنا في وجوب الخمس فيها كديّة الأعضاء فلا خمس في الزائد حتى اذا باعها.

ولا يفرق في هذه الأنحاء الأربعة بين ان يبيعه أو لا. فان وجب الخمس قبل البيع وجب بعده، وان لم يجب قبله لم يجب بعده، عدا ما قلناه في النحو الرابع.

ويمكن تلخيص الصور ببيان آخر بأن يقال:

ان أقسام ما زادت قيمته ثلاثة:

الأول: ما يجب فيه الخمس في الزيادة، وإن لم يبعه، وهو ما أعده للتجارة.

الثاني: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالإرث ونحوه _ على القول بعدم وجوب الخمس فيه _، مما لم يتعلق به الخمس و لم يعده للتجارة. و من قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة مما كان متعلقاً للخمس و لكن قد أداه من نفس المال و أما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس ذلك المال و يجري على خمسه الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالمعاوضة.

الثالث: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، إلا إذا باعه، و هو ما ملكه بالمعاوضة كالشراء و نحوه، بقصد الاقتناء لا التجارة

[مسألة 46] الظاهر ان جعل راس السنة مصلحة للمكلف بعنوان الولاية, فلا يجوز الزيادة على السنة، يعني تاجيل دفع الخمس اكثر الا باذن الولي, واما دفعه قبل ذلك فلا مانع منه.

[مسألة 47] بناء على عدم وجوب الخمس في المال الموروث فانه لا يجب فيه الخمس بشرطين:

ص: 9

الشرط الأول: ان لا يكون متعلقاً للخمس في حياة المورَّث, كما لو كان خمسه مدفوعا، أو كان ارثا أو مهراً لا يجب تخميسه.

الشرط الثاني: ان يكون من الميراث المحتسب وهو ميراث الطبقة الأولى مع الزوج أو الزوجة.

فمع توفر هذين الشرطين لا يجب الخمس في المال الموروث.

[مسألة 48] تفريعا على المسألة المتقدمة فانه مع عدم توفر الشرطين المذكورين في المال الموروث يجب دفع خمسه. وله صور:

الصورة الأولى: ان يكون ميراثاً محتسباً ولكنه متعلق للخمس منذ حياة المورث, فيجب تخميسه قبل التوزيع بين الورثة. وان لم يخمس وجب على الوارث تخميس ما وصل اليه.

الصورة الثانية: ان يكون ميراثا غير محتسب، ولكنه غير متعلق للخمس في حياة المورث, فيجب على الوارث تخميس ما وصل اليه.

الصورة الثالثة: بان يكون ميراثا غير محتسب, وكان متعلقا لوجوب الخمس في حياة المورث، ففي مثله يجب التخميس مرتين: الاولى: عن ذمة الميت قبل التقسيم, والاخرى: عن ذمة الوارث فيما وصل اليه.

[مسألة 49] الذين يملكون الغنم يجب عليهم في آخر السنة اخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم, من نماء الغنم من الصوف والسمن واللبن والسخال المتولدة منها, واذا بيع شيء منها في اثناء السنة وبقي شيء من ثمنه, وجب اخراج خمسه ايضاً. وكذلك الحكم في سائر الحيوانات, فانه يجب تخميس ما يتولد منها اذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو بثمنه.

[مسألة 50] يمكن ان يجتمع الخمس والزكاة في مال واحد, بمعنى وجوب دفعهما في زمان واحد أو زمانين، كما لو كان عنده نحواً من ستين راساً من الغنم مما يقصد به التجارة والاسترباح, فاذا مضى عليها عام, وجبت زكاتها ووجب خمسها, ولو دفع الخمس لم ينقص نصاب الزكاة, ولو دفع الزكاة لم يسقط الخمس، والاحوط البدء بدفع الخمس لتكون حصة الزكاة مخمسة. ويمكن ان يجب الخمس دون الزكاة, وان كان النصاب زكوياً. وذلك لانه ينقص بدفع الخمس عن النصاب فلا تجب الزكاة. وقد تجب الزكاة دون الخمس، كما لو كان راس سنتها اسبق من سنة الخمس، فيدفع الزكاة، ويخمس الباقي مع حصول وقته.

فروع في تحديد مؤونة السنة

[مسألة 51] المؤونة المستثناة من الأرباح والتي لا يجب فيها الخمس أمران:

الأمر الأول: مؤنة تحصيل الربح: وهي كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح, كأجور النقل والدلال والكاتب والحارس والدكان وضرائب السلطان وغير ذلك. فان جميع هذه الأمور تخرج من الربح ثم

ص: 10

يخمس الباقي. ومن هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح، كالمصانع والسيارات وآلات الصناعة والخياطة والزراعة وغير ذلك. فان ما يرد على هذه الأمور من النقص أو العطل باستعمالها في أثناء السنة يتدارك من الربح مثلا إذا اشترى سيارة بعشرة آلاف واستعملها للأجرة وفي نهاية السنة كان صافي واردها ثلاثة آلاف لكن قيمتها نزلت الى تسعة آلاف، اقتطع ألفاً من صافي الوارد لجبر النقصان وخمس الباقي وهو ألفان.

[مسألة 52] كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر، ولا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف وحصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج المعدن استثنى ذلك من المخرج ولو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح، ومع ذلك النقص الوارد عل المصانع والسيارات، وآلات الصنائع وغير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.

الأمر الثاني: مؤونة العيال: وهي كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه وعياله على النحو اللائق بحاله، وفي صدقاته وزياراته وهداياه وجوائزه المناسبة له, وكذلك ما يصرفه في ضيافة أضيافه وان زادوا على المناسب لحاله، اذا لم يكن وجودهم بتسبيب منه, وأما المقدار المناسب منهم لحاله، فلا يعتبر فيه ذلك. وكذلك يعتبر من المؤونة وفاؤه بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة أو اداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما اتلفه عمداً أو خطأ. أو فيما يحتاج اليه مما هو مناسب لحاله من دابة أو سيارة أو أكثر، أو جارية أو خادم، وكتب وأثاث, أو في ختان أولاده وتزويجهم ذكوراً أم اناثاً, ولا يختلف الحال في المؤونة بين ان يكون الصرف على نحو الوجوب كالحج الواجب, ام الاستحباب كالزيارة, أم الإباحة ام الكراهة ما لم يكن الصرف محرما، أو يكون متعلقة محرما, فيجب الخمس فيما صرفه, بخلاف ما لو كان موضوعه محرما كإتلاف مال الغير بدون إذنه، فان العوض يدخل في المؤونة.

[مسألة 53] لا تصدق المؤونة الا فيما صرف فعلاً من المال، لا على المال المذخور للصرف, فيجب الخمس بعد مصروف السنة, وان كان الباقي مالا مذخوراً للصرف.

[مسألة 54] اذا تبرع له متبرع بنفقته أو بعضها، لا يستثنى ذلك من أرباحه، بل يحسب ما يقابله من الربح من المال الذي لم يصرف في المؤونة, فيجب عليه تخميسه.

[مسألة 55] يجب ان يكون الصرف على النحو المتعارف المناسب لحاله عرفا واجتماعيا, فإذا زاد الصرف على ذلك وجب خمس التفاوت، وكذلك اذا كان الصرف سفها أو تبذيراً, ولكن اذا صرف اقل من المقدار المناسب له، وجب الخمس في الزائد كله.

[مسألة 56] الظاهر ان المصرف اذا كان راجحا شرعا لم يجب فيه الخمس، وان زاد عن المتعارف، كالزيادة في الصدقات والمبرات, وقضاء حاجات المحتاجين, وعمارة المساجد, وسائر الأمور النافعة للآخرين من

ص: 11

المؤمنين.

[مسألة 57] رأس سنة المؤونة لمن ليس له سنة مالية, هو يوم البدء بالعمل, ويمكن حسابها من يوم ظهور الربح, ومن الراجح بل الواجب ان لا يهمل الفرد نفسه من هذه الناحية, فيجعل لنفسه رأس سنة منذ اول حياته العملية. فعند البدء بالعمل التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو التعليم أو الطب، أو أي عمل محلل آخر يكون اول سنته المالية الشرعية، ويمكن كما قلنا تأجيل الحساب إلى أول يوم يظهر فيه الربح أو يقبض الراتب, فإذا مضت على ذلك سنة صرف فيها ما يناسب حاله من المؤونة, فان بقي لديه زائد وجب فيه الخمس قل أو كثر, سواء كان من الأثمان أو العروض مما ينقل أو مما لا ينقل.

[مسألة 58] يجوز للفرد ان يجعل لكل نوع من انواع العمل بخصوصه رأس سنة, فيخمس ما زاد عن مؤونته منه في آخر تلك السنة.

[مسألة 59] المهم هو صدق السنة عرفا بأي تقويم كان, كالهجري أو الميلادي أو غيرهما, أو بدون أي تقويم كعدد الأيام أو الأسابيع مثلا.

[مسألة 60] ليس تعيين رأس السنة اختياريا للمكلف في أول حصوله, بل يتعين عند البدء بالعمل كما مر، وسيأتي ان من لم يعين له رأس سنة فسيكون ذلك له في يوم دفع أول أقساط الخمس لماله، كما ان هذا التعيين لم تثبت ولاية الفقيه عليه، بحيث يختار رأس السنة للمكلفين, فانه من الأمور الموضوعية المربوطة بأسبابها الواقعية، كما اشرنا نعم، يكون له ذلك فيما إذا فقد السبب الواقعي.

[مسألة 61] اذا لم يكن للفرد عمل، بان كان يعيش على نفقة شخص آخر كأبيه أو ابنه, أو على التبرعات أو الوجوه المالية الشرعية أو نحو ذلك, كان أول سنته أول يوم يقبض فيه أول دفعة من المال، فان لم يكن قد عين له رأس سنة, كان رأس سنته هو يوم دفع اول مبلغ من الخمس, فان لم يكن له زيادة يدفعها خمساً, لم يكن له رأس سنة حتى تحصل تلك الزيادة. ويجب المبادرة عندئذ إلى دفع الخمس, ومع عدمها فالأحوط له استحبابا اختيار يوم معين لجعله رأس سنة له بالاتفاق مع الحاكم الشرعي.

[مسألة 62] رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطاها في معاشه وحصلت له فائدة اتفاقاً اول زمان حصولها فمتى حصلت جاز له صرفها في المؤون اللاحقة الى عام كامل، واما من له مهنة يتعاطاها في معاشه فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب، فيجوز له إحتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق

[مسألة 63] اذا كان الشخص مهملاً لمسألة الخمس قصوراً او تقصيراً ولم يحاسب نفسه مدة من السنين وقد ربح فيها واستفاد أموالاً، واشترى منها أعياناً وأثاثاً، وعمّر دياراً وكوّن له أرصدة في البنوك وأموالاً مستثمرة في جهات عديدة ونحوها من الأموال، ثم التفت الى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الأموال المنقولة وغير المنقولة، فالواجب عليه إخراج الخمس من كل هذه الأموال والموجودات ومن كل ما اشتراه أو عمّره أو غرسه مما لم يكن

ص: 12

معدوداً من المؤونة.

اما ما اتخذه للمؤونة من هذه الامور كدار السكن او السيارة الشخصية أو الأثاث فلا خمس عليه إن كان اشتراه من أرباح السنة، ويجب فيه الخمس في حالتين

أ - اذا كان المال الذي دفعه لشرائها قد جمعه في اكثر من سنة من الفاضل عن مؤونته فيخمس كل ما جمعه في غير سنة الشراء.

ب _ اذا كانت العين المشتراة بقيت فاضلة عن المؤونة بعد شرائها الى أن مرّت عليها سنة قبل دخولها في المؤونة.

[مسألة 64] من كان له أكثر من شكل واحد من الأعمال المذكورة في المسألة السابقة كالتجارة والإجارة والزراعة، كان لكل واحد حكمه, حتى لو اقتضى ان يكون لكل عمل عام مالي مستقل كما يجوز له ان يجعل لنفسه رأس سنة واحدة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة ويخمّس ما زاد على مؤونته.

[مسألة 65] من كان بحاجة الى رأس مال لإعاشة نفسه وعياله، فحصل على مال لا يزيد على مؤونة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، ولكنه اشتغل به للتجارة، فالظاهر انه ليس من المؤونة ما لم يصرف فيها أو قسم منه فعلا، فيجب اخراج خمسه في بدأ العمل، وإلا ففي رأس السنة، مضافا الى خمس أرباحه بعد استثناء المؤونة. واذا نقص رأس المال خلال السنة بخسارة تجارية أمكن جبره من الربح، بخلاف ما لو نقص بالصرف في المؤونة فانه لا يجبر من الربح, ويكون الجبر من أرباح نفس السنة لا من السنين الآتية على الأحوط استحبابا.

[مسألة 66] لا فرق في مؤنة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول والمشروب، وما ينتفع به مع بقاء عينه, كالدار والفرش والأواني ونحوها من الآلات المحتاج إليها. فيجوز استثناؤها اذا اشتراها من الربح. وان بقيت للسنين الآتية، مالم تهمل لمدة عام فانها تخرج عن المؤونة.

[مسألة 67] يدخل في مؤنة السنة ما يتم استعماله، كما اشرنا وما لا يتم استعماله ولكن ملكيته مناسبة لحاله الاجتماعي، كشيء من الحلي للمرأة, ومن الكتب لرجل الدين أو للمثقف, أو شيء من المعروضات والصور المناسبة لحاله, وكذلك يدخل فيها الآلات المدخرة لاستعمالات محتملة بالمقدار المناسب لحاله، وان لم تستعمل فعلا كآلة الاطفاء للحريق والفرش والأواني المذخورة للضيوف المحتمل ورودهم، وكذلك لو كانت سيارة مدخرة لنقل الضيوف, أو فسطاط مدخر لجلوسهم أو لنقل أولاده إلى المدارس أو التسوق أو أي شيء يناسب حاله, فانه يدخل في المؤونة وان لم يستعمل. نعم، اذا كان المدخر زائداً عن حاله الاجتماعي أو عن احتمال حاجته وجب فيه الخمس.

[مسألة 68] يجوز إخراج المؤنة من الربح، وان كان له مال غير مال التجارة، وجب فيه الخمس أو لم يجب, فلا يجب إخراجها من ذلك المال ولا التوزيع عليهما.

ص: 13

[مسألة 69] اذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة والشعير والسمن والسكر وغيرها، وجب عليه إخراج خمسه، اما المؤن التي يحتاج اليها _ مع بقاء عينها _ اذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، اذا كان الاستغناء عنها بعد السنة، لانها وإن أصبحت فاضلة عن المؤونة الا انها لا يصدق عليها أنها من أرباح السنة، كما في حلي النساء التي يستغنى عنها في عمر الشيب، وكالملابس اذا لم تعد مناسبة لحال الشخص او جسمه، أما إذا كان الاستغناء عنها في اثناء السنة، فان كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية والشتائية عند انتهاء موسمها، أو الفرش والآلات المعدة للضيوف في مواسم معينة كزوار الإمام الحسين (عليه السلام)، فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها أيضاً، وإلا وجب أداء خمسها على الأحوط.

[مسألة 70] اذا اشترى بعين الربح شيئا، فتبين الاستغناء عنه، وجب إخراج خمسه, والأحوط مع نزول القيمة عن رأس المال, مراعاة رأس المال وكذا اذا اشتراه عالما بعدم الاحتياج اليه, كبعض الفرش الزائدة والجواهر, أو الحلي المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، أو المواد التي يؤجل بيعها، وكذلك البساتين والدور التي يقصد الاستفادة من نمائها وأرباحها، فانه لا يراعي في الخمس رأس مالها, بل قيمتها رأس السنة وان كانت اقل منه, مالم يكن رأس المال غير مخمس فيجب الاحتياط بحساب أعلى القيمتين, والظاهر انه لا فرق في ذلك بين ما يشتريه بعين الأرباح, أو بالذمة ثم وفاه من الأرباح.

[مسألة 71] ما يدخره من المؤن، كالحنطة والدهن ونحو ذلك اذا بقي منه شيء الى السنة الثانية _ وكان أصله مخمساً _ لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته اذا كان دفع الخمس من نفس العين، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح.

[مسألة 72] إذا مات المكتسب في أثناء السنة بعد حصول الربح، فالواجب على الولي دفع الخمس قبل التقسيم بين الورثة, مع استثناء المؤونة الى حين الموت لإتمام السنة.

[مسألة 73] من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا, وإذا استطاع الحج في اثناء السنة من الربح ولم يحج ولو عصيانا، وجب خمس ذلك المقدار ولم يستثن منه, وإذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية, فان بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج وإلا فلا, اما الربح المتممّ للاستطاعة في سنة الحج، فلا خمس عليه إلى نهاية العام, وإذا لم يحج ولو عصياناً وجب إخراج خمسه.

فروع في أحكام الأرباح

[مسألة 74] إذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلاً و شجراً ليس للتجارة بنفس البستان وانما للاتجار بثمره لم يجب إخراج خمسه، إذا صرف عليه مالاً لم يتعلق به الخمس مما تقدم، أو مالاً قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة، أو ادّى ثمنه عن ذمته من مالٍ فيه الخمس -

ص: 14

كأرباح السنة السابقة - و لم يخرج خمسه، كأن اشترى ما غرسه فيه في الذمة و وفى ثمنه مما يجب فيه الخمس، نعم يجب عليه حينئذ إخراج خمس المال نفسه، و أما إذا صرف عليه من ربح السنة - قبل تمام السنة - وجب إخراج خمس نفس ما غرسه و أحدثه بعد استثناء مؤونة السنة، و على أي تقدير يجب الخمس في نمائه المنفصل، أو ما بحكمه من الثمر، و السعف، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل أيضاً إذا عد مصداقاً لزيادة المال على ما عرفت، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديداً في السنة الثانية، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل: (التال) الذي ينبت فيقلعه و يغرسه، و كذا إذا نبت جديداً لا بفعله، كالفسيل و غيره، إذا كان له مالية، و بالجملة كل ما يحدث جديداً من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته، بعد استثناء مؤونة سنته، و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمة البستان في هذه الصورة، نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل، و أجرة الفلاح و غير ذلك وجب الخمس في الزائد، و يكون الزائد من أرباح سنة البيع، و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في آخر السنة و إن لم يبعه كما عرفت.

[مسألة 75] إذا اشترى عينا بقصد تجاري، فزادت قيمتها في أثناء السنة، ولكنه لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة أو لغرض آخر, ثم رجعت قيمتها في رأس السنة إلى رأس مالها الأول, فليس عليه خمس تلك الزيادة. نعم، إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة وجب الخمس, وان لم يبعها, بل وان صادف نزول قيمتها بعد ذلك.

[مسألة 76] إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، و في الثانية خشباً و حديداً، و في الثالثة آجراً مثلاً، و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة، لأنه مؤونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى، فعليه خمس تلك الأعيان، نعم إذا كان المتعارف لمثله تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدم بحيث يعد تحصيل ما اشتراه في كل سنة من مؤنته فيها لكون تركه منافياً لما يقتضيه شأنه فيها لعدم مناسبة السكن الذي هو فيه الآن مثلاً ولان وضعه الاقتصادي لا يسمح بغير ذلك ونحوه فالظاهر عدم ثبوت الخمس.

[مسألة 77] إذا أجر نفسه سنين, كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها, وأما ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية، فان قبضه في هذه السنة كان من أرباحها خاصة فيجب الخمس في الفاضل منها. وان قبض أجرة كل سنة فيها، كانت من أرباح تلك السنين.

[مسألة 78] اذا باع ثمرة بستان سنين, وقبض الثمن معجلا, كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع، ووجب فيه الخمس بعد المؤونة, وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان, من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية خلال هذه السنة وما بعدها، مثلاً اذا كانت له دار بخمسين وأجرها بعشرين لمدة أربع سنوات دفعت له مباشرة وأصبحت قيمة الدار حال كونها مستأجرة مدفوعة الإيجار لمدة أربع سنوات أربعين خُصِم النقص في سعرها وهو عشرة من الأجرة وهي عشرون، وان كان الأحوط وجوبا عدم استثناء خسارات السنين الآتية من أرباح هذه السنة. ومنه يظهر الحال، فيما لو أجر داراً أو فندقا

ص: 15

لسنين عديدة.

[مسألة 79] اذا دفع من السهمين أو احدهما، ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها، فان كان ما دفعه من أرباح هذه السنة عدّه منها وحسب خمس الجميع ثم استثنى المدفوع ودفع الباقي.

[مسألة 80] أداء الدين من المؤونة, إذا كان مصروفا في المؤونة, سواء أخذه بهذا القصد أم بقصد آخر، وسواء كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها, تمكن من الأداء قبل ذلك ام لا. نعم، إذا لم يؤد دينه إلى ان انقضت السنة وجب الخمس, من دون استثناء مقدار وفاء الدين, سواء كان معذوراً في التأجيل أو عاصيا, ويلحق بذلك الدين الشرعي كالخمس والزكاة والنذر والكفارات، وكذا مثل اروش الجنايات وقيم الملتقطات والمتلفات، فانه ان أداها من الربح لم يجب عليه الخمس فيه، وان كان حدوثه في السنة السابقة, وان لم يدفعها وجب الخمس سواء كان معذوراً في التأجيل أم عاصيا.

[مسألة 81] ليس من الديون المعدود أداؤها من المؤونة الدين الذي صرف في محرم كالخمر أو لحم الخنزير.

[مسألة 82] الديون التجارية ومنها ما تعارف عليه التجار اليوم من أخذ البضاعة على التصريف أو دفع بعض ثمنها لتاجر الجملة وإبقاء البعض الآخر إلى حين تسوّقه الآتي تخصم من الأرباح ويجب الخمس في الصافي منها.

[مسألة 83] إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة، أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجوداً ولم يكن من المؤونة، جاز له أداء دينه من أرباح السنة اللاحقة، نعم يعد البدل حينئذ من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها إذا كان زائداً على مؤونتها، و لو فرض إعداده للتجارة في السنة السابقة وارتفاع قيمته فيها بحيث زادت على قيمة الدين كان الزائد من أرباح تلك السنة لا هذه.

[مسألة 84] اذا أتجر برأس ماله المخمس مرارً متعددة في السنة، فخسر في بعض المعاملات وربح في بعض الآخر, فان كان الخسران بعد الربح أو مقارنا له, فانه يجبر الخسران بالربح, فان تساوى الخسران والربح فلا خمس, وان زاد الربح وجب الخمس في الزيادة, وان زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه، وصار رأس ماله في السنة اللاحقة اقل مما كان عليه في السنة السابقة. وكذا يجبر الربح للخسران حتى ما اذا كان بعده بزمان معتد به, بل حتى اذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة عرفا, بل الظاهر الجبران مع اختلاف نوع الكسب، كما اذا اتجر ببعض رأس المال وزرع بالبعض الآخر، فخسر في التجارة وربح في الزراعة اذا لم تكن هذه الأنواع متمايزة في مصاريفها ومدخولاتها ورؤوس أموالها وتفاصيل عملها، وكذا الحكم فيما اذا تلف بعض رأس ماله أو صرفه في نفقاته، بل اذا انفق من مال غير مال التجارة قبل حصول الربح، جاز له ان يجبر تلك من ربحه وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها, وانما عليه صرف خمس الزائد لا غير.

ص: 16

[مسألة 85] ما قلناه في المسألة السابقة ينطبق على أهل المواشي, فانه اذا باع بعضها لمؤنته أو مات بعضها أو سرق، فانه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك, فضلا عن الحاصل بعده, ففي آخر السنة يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة من الصوف والسمن واللبن وغير ذلك, فيجبر النقص ويخمس ما زاد عن الجبر، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال مع أرباحه الأخرى, لم يكن عليه خمس في تلك السنة.

[مسألة 86] في فرض المسألتين السابقتين, اذا تلف بعض امواله مما ليس من مال التكسب، كما إذا انهدمت دار غلته، ففي الجبر إشكال، وكذا اذا انهدمت دار سكناه الا ان يعمرها، فيكون تعميرها من المؤن المستثناة, وكما لو تلفت بعض أمواله الأخرى مثل ألبسته أو سيارته.

[مسألة 87] الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين بنحو الكلي في المعين, ويتخير المالك بين دفع العين ودفع القيمة، ولا يجوز له التصرف بعد انتهاء السنة قبل أدائه, وإذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي أو عزله باذنه أيضا صح, ويسقط الحق عندئذ من العين فيجوز التصرف فيها.

[مسألة 88] اذا أخر دفع الخمس مع وجوبه ترتبت على ذلك آثار باطلة عديدة, منها: حرمة تصرفه في العين أكلا أو لبساً أو سكنى أو غير ذلك. ومنها: انه تشتغل ذمته باجرة المثل لهذا التصرف، فيما يقابل الخمس المستحق لذويه. ومنها: ان المعاملات الجارية على الأعيان أو الأثمان المستحقة تكون نافذة في الأربع أخماس, وباطله في مقدار الخمس، وليس له ان يأخذ الثمن بإزائها كاملة، كما انه ليس له ان يدفع العين الى مشتريها قبل التخميس, ما لم يخبره بذلك ويثق بانه سوف يقوم بهذه الوظيفة الشرعية. ومنها: ان انتاج الخمس وأرباحه لذوي الخمس وليس للمالك. ومنها: انه اذا مات قبل دفع الخمس وجب على ورثته دفع خمس التركة مع الديون، قبل تقسيمها بينهم.

[مسألة 89] تفريعاً على ما قلناه من عدم جواز التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس، فلو تصرف فيها بالاتجار فإن كان الاتجار بما في الذمة و كان الوفاء بالعين غير المخمسة صحت المعاملة و لكن يلزمه دفع خمس تلك العين و لو من مال آخر، و إن كان الاتجار بعين ما فيه الخمس فالظاهر صحة المعاملة أيضاً إذا كان طرفها مؤمناً من غير حاجة إلى إجازة الحاكم الشرعي و لكن ينتقل الخمس حينئذ إلى البدل كما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة، و ينتقل الخمس إلى ذمة الواهب، و على الجملة كل ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجاناً يملكه فيجوز له التصرف فيه، و قد أحل الأئمة - سلام الله عليهم - ذلك لشيعتهم تفضلاً منهم عليهم، و كذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء، فيما إذا أباحوها لهم، من دون تمليك، ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن و الوزر على مانع الخمس، إذا كان مقصراً.

[مسألة 90] لو اشترى ما فيه ربح بنحو بيع الخيار، فصار البيع لازماً، فاستقاله البائع فأقاله، وكان ذلك بعد رأس السنة لم يسقط الخمس، اما اذا كانت الإقالة خلال السنة فلا خمس على الربح اذا كانت

ص: 17

الإقالة لسبب مشروع كاستحباب إقالة المؤمن لا لسبب غير مشروع كالمداهنة.

[مسألة 91] اذا اتلف المالك أو غيره المال بتعد أو تفريط، ولو من اجل التسامح بالدفع زمنا معتداً به، ضمن المتلف الخمس ورجع عليه الحاكم. وكذا الحكم اذا دفعه المالك الى غيره وفاء لدين أو هبة أو عوضاً عن معاملة, فانه ضامن للخمس, وجاز للحاكم الرجوع عليه ولا يجوز له الرجوع على من انتقل إليه المال إذا كان مؤمنا, وان رجع الحاكم على الأخير _ في حال جوازه _ رجع هو على المالك مع جهله بالحال عند قبضه العين.

[مسألة 92] اذا كان ربحه غير المخمس حباً فبذره فصار زرعا, أو اذا كان بيضا فصار دجاجا وجب الخمس في الناتج كله, واذا كان ربحه أغصانا غرسها فصارت شجراً, وجب عليه خمس الشجر, أو كانت فسيلا فصارت نخلاً، وجب عليه خمس النخل لا خمس الأصل.

[مسألة 93] اذا حسب ربحه فدفع خمسه، ثم انكشف ان ما دفعه كان اكثر مما وجب عليه، جاز له استرداده أو بدله مع علم المستحق (الفقير او الحاكم الشرعي) بالحال, ولم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية. نعم، يجوز له التسبب الى حفظ عينها لدى الفقير _ في حال إذن الحاكم الشرعي باعطائه مباشرة _, أو اعتبارها دينا عليه الى السنة الآتية مع تصرف الفقير بها اذا كان عالماً بالحال, فان وجب عليه الخمس عندئذ وبقي الفقير على وجه الاستحقاق جاز احتسابه عندئذ.

[مسألة 94] اذا ربح خلال السنة، فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مؤونة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة, لم يجز له الرجوع على المستحق مطلقاً لان الخمس يجب بمجرد ظهور الربح وان تأخيره سنة رخصة من الشارع.

[مسألة 95] في جواز تصرف المالك ببعض الربح بعد حلول رأس السنة الخمسية اشكال، ان كان مقدار الخمس باقيا، والأحوط بل الأظهر عدم الجواز بدون اذن الحاكم.

[مسألة 96] اذا جاء رأس الحول، كان ناتج بعض الزرع حاصلا دون بعض, فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته، ويخمس بعد اخراج المؤن, وما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة. نعم، اذا كان له اصل موجود له قيمة اخرج خمسه في آخر السنة، ويكون الفرع من أرباح السنة اللاحقة اذا كان له قيمة عرفية معتد بها. فمثلا: في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل وبعضه قصيل لا سنبل له، وجب إخراج خمس الجميع، وإذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها لا من أرباح السنة السابقة.

[مسألة 97] اذا كان الغوص أو إخراج المعدن مكسبا كفاه إخراج خمسها, ولا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب، إلا إذا تجدد له نماء تجاري زائد على ذلك.

[مسألة 98] المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس, وان عال بها زوجها, ولا يستثنى من أرباحها ما يصرفه

ص: 18

زوجها عليها, بل وكذا الحكم إذا لم تكسب، وكانت لها فوائد من زوجها أو غيره، فانه يجب عليها في آخر السنة اخراج خمسها. وبالجملة يجب على كل مكلف ان يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه وغيرها, قليلا كان أو كثيراً ويخرج خمسه، كاسبا كان ام غير كاسب.

[مسألة 99] الظاهر عدم اشتراط البلوغ والعقل والحرية في ثبوت الخمس في كل أنواعه, كالكنز والغوص والمال الحلال المختلط بالحرام والأرض التي يشتريها الذمي من المسلم، كل ما في الأمر ان من كان ساقطا عنه التكليف كالطفل والمجنون, يجب على وليه دونه هذا، إن أريد التصرف بالمال في حدود ما تسمح به الولاية، أما إذا كان المال مدخراً فلا يجب إخراجه حتى يبلغ المالك التكليف فيتولى هو إخراج الخمس، لان تعلق الخمس بالأموال له حكمان، احدهما تكليفي وهو وجوب اخراجه والآخر وضعي وهو حرمة التصرف بالمال قبل إخراجه، والأول يسقط عن غير المكلفين دون الثاني.

[مسألة 100] إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤونة، فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عيناً أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح، و أما إذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضاً عيناً أو قيمة بعد تصحيحها بإجازة الحاكم الشرعي إذا لم يكن المنتقل إليه مؤمناً، و أما إذا كان الشراء في الذمة، كما هو الغالب، و كان الوفاء به من الربح غير المخمس فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به، و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته إذا لم يكن معداً للتجارة ما لم يبعه، و إذا علم أنه ادى الثمن من ربح لم يخمسه، و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب خمس نفسه المرتفع قيمته على الفرض أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس إلا في مقدار الثمن الذي اشتراه به فقط، فالأحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي.

[مسألة 101] اذا كان الشخص لا يخرج الخمس من ماله، وقد وهبه الى شخص آخر لم يجب على الموهوب له تخميسه اذا كان للموهوب له سنة خمسية ودفعه الواهب من أرباح السنة، اما اذا كان قد تعلق الخمس بالهبة عند المالك لدوران الحول عليها فيجب على الموهوب له تخميسها فوراً ابراءاً لذمة الواهب، وإذا لم يكن للموهوب له سنة خمسية خمّسها مع سائر أمواله اذ يجب الخمس فيها جميعاً على تفصيل قد تقدّم.

[مسألة 102] إذا أحب من له رأس سنة أن يغير رأس سنته، فأما ان يريد تقديمها، وأما ان يريد تأخيرها. فان أراد تقديمها أمكنه محاسبة حاله المالي ودفع ما عليه من خمس في الموعد الذي يراه مناسباً, ويكون هو الموعد الجديد لرأس سنته, بدون حاجة الى مراجعة الحاكم الشرعي. وأما إن أراد تأخيرها احتاج الى مراجعة الحاكم في تأجيل الدفع الى ذلك الموعد, فان اجّله ودفع ما في ذمته من خمس بحيث يشمل حتى مدة التأجيل. كان الموعد الجديد هو رأس سنته.

[مسألة 103] يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله، أما تأجيل دفع الخمس الى سنة فهو حكم بالولاية, ارفاقا بحال المكلف, والا فيجوز ان يدفع خمس الأرباح فورا, يعني في كل يوم أو في كل أسبوع أو

ص: 19

في كل شهر أو في كل ستة أشهر أو عشرة أشهر وهكذا, بعد استثناء مؤونة هذه المدة، واما جعل الموعد اكثر من سنة, كخمسة عشر شهرا أو عشرون ونحوها، فيحتاج الى أذن الحاكم الشرعي.

[مسألة 104] يجب على كل مكلف في آخر السنة ان يخرج خمس مازاد من مؤونته, مما ادخره في بيته للمؤنة, من الارز والدقيق والحنطة والشعير والسكر والشاي والنفط والحطب والفحم والسمن والحلوى, وغير ذلك من أمتعة البيت, مما اعد للمؤونة ولم يستعمل الى رأسٍ السنة, بما فيها الحلي والكتب الزائدة على حاله الاجتماعي, والثياب والفرش والأواني الزائدة عن حاجته.

[مسألة 105] اذا كان عليه دين استدانه لهذا الزائد من المؤونة المذكور في المسالة السابقة, وكان مساوياً له، لم يجب الخمس في الزائد. وكذا اذا كان أكثر, اما اذا كان الدين اقل اخرج خمس مقدار التفاوت لا غير. وإذا بقيت الأعيان المذكورة الى السنة الآتية, فوفى الدين في اثنائها، لم يجب الخمس الا على ما يزيد منها على مؤونة تلك السنة.

[مسألة 106] اذا اشترى خلال السنة أعيانا لغير المؤونة، كبستان، وكان عليه دين للمؤنة يساويها، فلا يجب إخراج خمسها, فاذا وفى الدين في السنة الثانية, كانت معدودة من أرباحها، ووجب إخراج خمسها آخر السنة. واذا اشترى بستانا مثلا، بثمن في الذمة مؤجلا, فجاء رأس السنة قبل اجل الدين أو بعده، لم يجب اخراج خمس البستان. فاذا وفى الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية, ووجب اخراج خمسها، واذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية, كان نصف البستان من أرباح تلك السنة, ووجب اخراج خمس النصف، واذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية, كان ربعها من أرباح تلك السنة. وهكذا كلما وفى جزءاً من الثمن, كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة، بمعنى انه اذا انتهت هذه السنة الثانية، وجب عليه دفع خمس البستان نفسه, ان كان اعده للتجارة، وخمس الباقي من أرباحه ان كان أعده للمؤونة. هذا اذا بقيت البستان الى رأس السنة الثانية، اما اذا تلفت قبل ذلك فلا خمس فيها. نعم، اذا بقي من أرباحها شيء وجب تخميسه.

[مسألة 107] اذا ربح في سنة مائة دينار مثلا، فلم يدفع منها عشرين ديناراً خمساً حتى جائت السنة الثانية، فدفع عشرين ديناراً من أرباحها، وجب الخمس في العشرين ديناراً التي هي الخمس مع بقائها لا مع تلفها بدون تفريط، كما هو الغالب.

[مسألة 108] اذا فرض انه اشترى دارا للسكنى فسكنها، وبقيت قيمتها في ذمته، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها من مال لا يجب فيه الخمس، لم يجب عليه خمس الدار. وكذا اذا وفى في السنة الثانية بعض اجزاء الثمن, لم يجب الخمس في الحصة من الدار. ويجري هذا الحكم في كل ما اشتراه من المؤن بالدين.

[مسألة 109] اذا نذر ان يصرف نصف أرباحه السنوية مثلا، في وجه من وجوه البر، وجب عليه الوفاء بنذره, فان صرف المال المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة، لم يجب عليه تخميس ما صرفه، بل لا

ص: 20

يجب عليه الخمس فيما صرفه في وجوه البر, وان لم يكن منذورا. وان لم يصرفه حتى انتهت السنة، وجب عليه اخراج خمسه، ضمن مجموع ما يجب عليه من الخمس بعد اخراج المؤن. نعم، لو كان المنذور عينا أو مقداراً موجودا من المال, لم يجب خمسه, ولكن لا يجوز صرفه في غير النذر.

[مسألة 110] اذا كان رأس ماله الف دينار مثلا، فاستأجر دكانا بمئة دينار واشترى آلات للدكان بمئة، وفى آخر السنة وجد ماله الفا فقط, كان عليه خمس الآلات فقط على الأحوط. ولا يجب عليه اخراج خمس اجرة الدكان, لانها من مؤونة التجارة, وكذا اجرة الحارس والحمال، والضرائب التي يدفعها الى السلطان والسرقفلية، فان هذه المؤن مستثنات من الربح، مضافا الى مؤن عياله، والخمس انما يجب فيما زاد عنها، كما سبق. نعم، اذا كانت السرقفلية التي دفعها الى المالك أو غيره أوجبت له حقا في اخذها من غيره، أو حق البقاء في المحل امدا طويلا فان كان اتخاذه للمحل للاتجار فيه خمّس مبلغ السرقفلية فقط، وإن كان اتخاذه للاتجار به وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة واخراج خمسه، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية، وربما تنقص وربما تساوي فان زادت وجب الخمس.

[مسألة 111] اذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح، ثم دفعه تدريجياً من ربح السنة الثانية، والدفع التدريجي لا يجوز الا باذن الحاكم الشرعي, ولكنه ان دفعه كذلك باذنه أو بدونه، لم يحتسب من المؤن على الأحوط, بل يجب فيه الخمس. وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة, فان وفاءه من أرباح السنة الثانية لا يكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس على الأحوط, اذا كان مال المصالحة عوضا عن خمس عين موجودة. وكذا اذا كانت تالفة في غير المؤونة. اما اذا كانت تالفة في المؤونة. فوفاؤه يحسب من المؤن ولا خمس فيه.

[مسألة 112] اذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها ديناً في ذمم الناس، فان امكن استيفاؤه بدون مشقة أو حرج بحيث كانت بحكم امواله الموجودة تحت يده وجب دفع خمسه على الأحوط وان لم يستوف، وان لم يمكن استيفاؤه تخير بين ان ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة، فاذا استوفاه اخرج خمسه, وكان من أرباح السنة السابقة لا من أرباح سنة الاستيفاء، يعني يجب تخميس ما استوفاه فوراً لانه من أرباح السنة السابقة، وبين ان يقدر مالية الديون فعلا، فيدفع خمسها، فاذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء.

[مسألة 113] اذا أتلف ربح السنة خلالها بشكل غير عقلائي ضمن خمسه، وكذا اذا أهمل الحفاظ عليه فتلف. وكذا اذا اسرف في صرفه زائداً على حاله الاجتماعي، أو وهبه كذلك، وكذا اذا باع أو اشترى على نحو المحاباة، اذا كانت الهبة أو الشراء أو البيع غير لائقة بشأنه. واذا علم ان الربح ليس من المؤنة الى آخر السنة، يعني لا يحتمل صرفه فيها, فالأحوط استحباباً، ان يبادر الى دفع الخمس ولا يؤخره الى نهاية السنة.

ص: 21

[مسألة 114] اذا مات المكتسب خلال السنة بعد حصول الربح، فالمستثنى هو المؤونة الى حين الموت لا تمام السنة, كما انه يجب المبادرة الى دفع خمسه من قبل الورثة, ولا يجوز تأجيله الى رأس السنة, بمعنى ان هذا التأجيل يكون ساري المفعول مادام المالك حياً ولكنه يسقط عن المشروعية والاعتبار اذا مات.

[مسألة 115] اذا علم الوارث ان مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه، وإذا علم انه اتلف مالا له قد تعلق به الخمس, وجب اخراج خمسه من تركته كغيره من الديون.

فروع في عدم دفع الخمس

[مسألة 116] ظهر مما سبق ان الخمس بجميع أقسامه وان كان يتعلق بالعين، إلا ان المالك يتخير بين دفع العين ودفع قيمتها, ولا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل ادائه. بل الأحوط وجوباً عدم التصرف في بعضها أيضاً, وان كان مقدار الخمس باقياً في البقية. وإذا ضمنه في ذمته باذن الحاكم الشرعي أو عزله كذلك، صح. ويسقط الحق من المال، فيجوز التصرف فيه.

[مسألة 117] لا باس بالشركة مع من لا يخمس, اما لاعتقاده بعدم وجوبه قصوراً أو تقصيراً، أو لعصيانه وعدم مبالاته بالدين, ولا يلحقه وزر من قبل شريكه، ويجزيه ان يخرج خمسه من حصته من الربح.

[مسألة 118] لا بأس للمؤمنين بأخذ المال مضاربة من شخص لا يخمس. وكذا لا بأس بالاقتراض ممن لا يخمس وليس عليه دفع الخمس، ويجري هذا الحكم فيما تعارف عليه المجتمع (السلفة او الجمعية) بحيث يتفق مجموعة على دفع مبالغ شهرية أو أسبوعية ويعطى المجموع لأحدهم كل شهر بحسب القرعة. نعم اذا كان الخمس متعلقاً بالمال الواصل لكونه فائضاً عن المؤونة ودار عليه حول وجب اخراج خمسه والرجوع به على الدافع.

[مسألة 119] اذا كان رب الأسرة لا يخمس، أو كان وارده من مجهول المالك، وهو لا يقبضه قبضا شرعيا، فان أمكن لأي فرد من الأسرة الاستقلال في الصرف على نفسه فهو خير له, وان كان مضطرا للبقاء وجبت مراجعة الحاكم الشرعي لتحليل تصرفاته ومصرفه. ومن قبلنا فاننا نجيز له الاستفادة مما يصرفه عليه رب الأسرة في حدود الحاجات المتعارفة فيكون المهنأ له والوزر على غيره، ولا يترك وظيفته في الهداية والإرشاد والموعظة.

فروع في عدم وجوب الخمس

[مسألة 120] ليس لفاضل المؤونة مما يجب خمسه نصاب أو مقدار، فيجب فيه الخمس قل أو كثر، ما لم يسقط عن المالية, كعود ثقاب أو حبة حنطة، أو يسقطه الشارع المقدس عنها كالخمر والخنزير.

[مسألة 121] لا يجب الخمس في التالف بدون تعد ولا تفريط. فان تلف بعضه وجب خمس الباقي، كما لا

ص: 22

يجب الخمس فيما كان بمنزلة التالف, وان كان موجودا حقيقة، كالمال المفقود أو المحجوز أو الغارق في البحر أو المسروق أو نحو ذلك. فانه لا يعتبر من أرباح السنة.

[مسألة 122] العرصة من الأرض مهما كان حجمها أو سعتها، لا تدخل في ملك صاحب اليد ما دامت قفراء لم يعمل عليها عملا، حتى وان اعتبرت عرفا أو في [الطابو] ملكا له، نعم يجب الخمس في المبلغ الذي دفعه بازائها ان لم يكن مخمساً بعينه ولا يكفي أن يكون له سنة خمسية، ولذلك عدة نتائج منها: عدم وجوب دفع الخمس عنها. ومنها: انها لا تذهب ارثاً. ومنها: بطلان المعاملة في بيعها أو هبتها وغيرها. غير ان اخذ ثمنها العرفي يمكن توجيهه فقهيا.

ص: 23

المبحث الثاني: مستحق الخمس ومصرفه

اشارة

يدفع الخمس كله في عصر الغيبة الى الفقيه الجامع للشرائط باعتبار نيابته العامة عن الإمام المعصوم (عليه السلام) ليصرفه في موارده المقررّة، وعلى الفقيه أن يسد احتياجات بني عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه وهم من انتسبوا إليه من جهة الأب، والأحوط للفقيه أن يصرف نصفه عليهم لما ورد في تفسير قوله تعالى (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الأنفال 41, من أن الأسهم الثلاثة الأولى للإمام والثلاثة الثانية لهذه العناوين من بني عبد المطلب. وعلى أي حال فالفقيه اعرف بوظيفته.

وفي ضوء ذلك فتنصيف الخمس الى نصفين معروفين بسهم الإمام (عليه السلام) وسهم السادة وان كان مشهوراً الا ان الصحيح ما قلناه.

[مسألة 123] يعتبر الإيمان فضلا عن الإسلام في بني هاشم, وكذلك ما في حكمه مع الصغر والجنون, ولا تعتبر العدالة على الأصح. وان كان الاولى ملاحظة الرجحان في الأفراد, وان لا يكون الآخذ متجاهراً بارتكاب الكبائر أو بعضها, بل ولا عاصيا للمهم من أحكام الشريعة كالصلاة في الواجبات, والسرقة وشرب الخمر في المحرمات. فانه لا ينبغي الدفع اليه من الخمس وان كان هاشمياً, بل يقوى عدم الجواز اذا كان في الدفع اعانة على الإثم أو الإغراء به أو مع العلم بصرفه فيه.

[مسألة 124] لا فرق في الهاشمي بين العلوي والعقيلي والعباسي. وغيرهم كالحسني والحسيني والموسوي والرضوي. وان كان الاولى تقديم العلوي بل الفاطمي، ولا يفرق عندئذ من كان من أفخاذهم.

[مسألة 125] يجب إحراز صحة النسب قبل الدفع إليه، أما بالعلم أو الاطمئنان أو بالبينة الشرعية، وكذلك بالشياع والاشتهار في بلده, بل يكفي فيه الوثوق النوعي بل الشخصي. وان ظهر الخلاف أو تجدد الشك, أمكن أخذه منه مع انحفاظ العين، بل ومع تلفها مع علمه بالحال وهو كون المدفوع خمساً من حق السادة.

[مسألة 126] مساكين بني هاشم فقراؤهم, وأما الأيتام منهم فالاحوط فيهم اعتبار الفقر، ويكفى في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم, ولو كان غنياً في بلده. والأحوط وجوباً ان لا يكون سفره معصية، وان لا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده إذا كان هناك غنياً، وإلا كان له احتسابه من سهم الفقراء, ولا يعطى ابن السبيل من هذا السهم اذا لم يكن هاشمياً.

[مسألة 127] الأحوط أن لا يعطى الفقير أكثر من مؤونة سنته دفعة، ولو أعطي تدريجاً حرم عليه الزائد، ويجوز البسط والاقتصار على إعطاء صنف واحد، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من أي صنف.

[مسألة 128] لا يجوز إعطاء سهم الفقراء لمن تجب نفقته على المعطي, كالزوجة والأبوين والأولاد، بل وكذلك ان كان الوجوب كفائياً على الأحوط. ولكن الإعطاء زائداً على النفقة الواجبة جائز, ما لم يصبح بها

ص: 24

غنياً، كما ان الإعطاء من حق الامام عليه السلام, مع وجود المصلحة وإذن الحاكم الشرعي جائز, وتسقط بذلك نفقة مقداره في غير الزوجة، وكذلك يجوز الإعطاء لمن كانت نفقته غير واجبة على المعطي, وان التزمه في كل مصارفه فضلا عن بعضها كالضيف.

[مسألة 129] لا يجوز استقلال المالك في توزيع نصف الخمس العائد الى الهاشميين, ويجب عليه الدفع الى الحاكم الشرعي أو استئذانه في الدفع الى المستحق، ولكن ان طلبه وجب على المالك دفعه إليه. وقد أعطينا الأذن للمؤمنين بصرف ثلث ما بذمتهم من الخمس على المؤمنين المحتاجين من السادة وغيرهم.

[مسألة 130] مصرف سهم الإمام (عليه السلام) الذي يقوم به الفقيه الجامع للشرائط أو غيره مع الاستئذان منه, هو ما يوثق برضاه (عليه السلام) بصرفه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفا وغيرهم، والأحوط استحباباً فيه التصدق به عنه (عليه السلام). ومن أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون والمسترشدون, اقامة دعائم الدين ورفع اعلامه, وترويج الشرع المقدس ونشر قواعده وأحكامه, ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون اوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية, الباذلين أنفسهم بإخلاص في تعليم الجاهلين وإرشاد الضالين ونصح المؤمنين ووعظهم وإبلاغ الأحكام إليهم, وإصلاح ذات بينهم، ونحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم وتكميل نفوسهم.

[مسألة 131] حق الإمامعليه السلامغير مملوك بطبعه لمن يقبضه, وان كان له ان يتصرف فيه باذن الحاكم الشرعي، ولكنه قابل للتملك بنية التملك بعد اذن الحاكم، ولكن يجب على الأحوط ترتيب آثار الملكية عليه، من وجوب الخمس في فاضل المؤونة, وحصول الاستطاعة للحج وغير ذلك. وأما سهم السادات، فلا إشكال بملكيته بعد قبضه. وتترتب عليه جميع آثار الملكية.

[مسألة 132] لو مات وفي حيازته من حق الامام عليه السلام, فان كان قد نوى التملك عليه بشكل مشروع فلا إشكال, وان لم ينو لم يجز للورثة التصرف فيه أو تقسيمه بينهم الا بإذن الحاكم الشرعي.

[مسألة 133] اذا أذن الحاكم الشرعي له بصرف الخمس او بعضه في موارد معينة او في مكان معين لم يجز له صرفه في غيرها. كما يجوز دفعه الى وكيل الحاكم الشرعي، وكذا اذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله اليه.

[مسألة 134] الخمس بقسميه أمانة شرعية بيد المالك قبل دفعه، فلا يضمن مع تلفه الا بتعد أو تفريط, سواء سافر فيه ام لا. وكذلك فان حق الإمام عليه السلام امانه بيد الوسيط, وبيد وكيل الحاكم الشرعي, بل الحاكم الشرعي نفسه. لا يضمن أي منهم الا بعد تلفه بتعد وتفريط.

[مسألة 135] اذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك, فاللازم عدم التساهل والتسامح في أدائه،

ص: 25

والأحوط تحري اقرب الأزمنة في الدفع، سواء أكان بلد المالك ام بلد المال ام غيرهما. وعلى أي حال فسيبقى المكلف ممنوعاً من التصرف في المال مالم يصل الخمس الى مستحقيه.

[مسألة 136] في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال إلا اذا كان باذن الحاكم الشرعي وعليه فإذا نقله الى بلد الحاكم الشرعي فتلف بلا تفريط يشكل فراغ ذمة المالك. نعم، اذا قبضه وكالة عن الحاكم فرغت ذمته، ولو نقله بعدئذ باذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

[مسألة 137] اذا كان له دين في ذمة المستحق وأراد احتسابه من الخمس، فلابد من استئذان الحاكم فيه.

[مسألة 138] اذا اشترى المؤمن ما فيه الخمس ممن لا يعتقد بوجوب الخمس في دينه أو مذهبه، جاز للمشتري التصرف فيه من دون اخراج الخمس، ويشمل هذا الجواز ما كان من أرباح التجارات والمعادن والغوص والمال المختلط بالحرام وغير ذلك. وكذا لا يجب الخمس عليه اذا اشترى المؤمن أو غيره ما فيه الخمس, ممن يعتقد وجوب الخمس عليه في دينه أو مذهبه، وان كان جاحداً أو عاصياً الا اذا تعلق الخمس بعين المبيع لمرور سنة عليه وكونه من فاضل المؤونة ونحوه فيدفع الخمس ويرجع به على البائع أو يفسخ البيع اذا لم يكن عالماً بالحال.

[مسألة 139] اذا اشترى المؤمن ما فيه الخمس, ممن لا يعتقد وجوبه كما سبق، سقط خمسه من هذه الناحية، فاذا باعه أو وهبه أو انتقل الى ورثته، كان بمنزلة المال المخمس. نعم، هذا لا ينافي وجوب الخمس من ناحية اخرى، كما لو كان ارثا غير محتسب _ على القول به _ أو كان من فاضل المؤونة.

[مسألة 140] اذا شك المشتري في ان البائع دفع الخمس ام لا، امكنه حمله على الصحة، وتصحيح المعاملة، مالم يحصل له وثوق أو اطمئنان بالعدم. واذا علم انه لم يدفع الخمس _ في مورد وجوبه الذي ذكرناه في ذيل (المسألة 138) _ وشك في انه ممن لا يعتقد وجوب الخمس أو انه يعتقده للشك في مذهبه, أو الشك في فتوى مذهبه، بنى على العدم ووجب اخراج الخمس على المشتري.

ص: 26

خاتمة في الأنفال

وهي ما يستحقه الإمام عليه السلام على وجه الخصوص، ولا يجوز التصرف فيها الا بإذنه الخاص والعام. وقاعدتها العامة هي ملكيته لها بالسلطان والولاية، مالم يثبت ملكيته الشخصية لبعضها.

وهي أمور:

منها: الأرض التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، يعني التي تم الاستيلاء عليها بدون قتال، سواء انجلى عنها اهلها أم سلموها للمسلمين طوعا.

ومنها: الأرض الموات التي لا ينتفع بها, لتصحرها أو لانقطاع الماء عنها أو استيلائه عليها, أو لغير ذلك, ولم يجر عليها ملك احد كالمفاوز, أو جرى فباد. غير ان الظاهر ان قيد عدم إمكان الانتفاع وان كان مشهوريا، الا انه مستأنف.

ومنها: سيف البحار وهي شواطؤها، وشطوط الأنهار, بل كل ارض لا رب لها وان لم تكن مواتا, كالجزر التي تظهر في دجلة والفرات.

ومنها: الآجام وهي الغابات وهي كل ارض مشجرة طبيعيا.

ومنها: بطون الأودية, والوادي هو المنخفض بين جبلين.

ومنها: رؤوس الجبال, وما يكون بها مما هو متصل بها من نبات ومعادن وغيرها.

ومنها: ما كان للملوك من قطايع وصفايا, والاولى مما لا ينقل والثانية مما ينقل، بما فيها من حيوان. وقد يقيد الحكم باستيلاء المسلمين على بلاد الكفر لا مطلقا.

ومنها: الغنائم التي لم تغنم باذن الإمام عليه السلام, أو لم يكن القتال باذنه أساسا، فتعود غنائمه كلها له عليه السلام.

ومنها: صفو الغنيمة, كفرس وثوب وجارية مما يختاره هو عليه السلام, وقد يقيد بما لا يكون مجحفا بالآخرين. وهو من قبيل تعيين التكليف الشرعي له عليه السلام, وهو تطاول على مقامه بلا اشكال.

ومنها: ارث من لا وارث له, يعني لا يعرف له وارث اطلاقا.

ومنها: المعدن قبل استخراجها، من أي نوع كانت.

وما دامت هذه الأمور للإمام عليه السلام، فمقتضى الأصل حرمة التصرف بها الا بإذنه. ولكن دل الدليل على جواز التصرف بأمور:

الأمر الأول: إحياء الأراضي البوار فتكون لمن أحياها, والمقصود بالإحياء إيجاد عمل مؤثر فيها كالزراعة والبناء والحفر ونحو ذلك.

ص: 27

الأمر الثاني: استخراج المعادن, فيدفع المستخرج خمسها ويكون له الباقي على التفاصيل التي سبقت.

الأمر الثالث: المال المنتقل الى المؤمن ممن لا يعتقد وجوب الخمس في دينه أو مذهبه. سواء كان الانتقال بشراء أم بيع أم هبة أم اجارة أم ميراث أو غيرها. وكذا المنتقل اليه ممن يعتقد وجوب الخمس ولم يؤدّه مادام لم يتعلق الخمس بنفس العين كما تقدم . ِ

الأمر الرابع: حيازة المباحات العامة، كأخذ النبات أو غيره من شواطئ البحار والأنهار والغابات ورؤوس الجبال، وان كانت في الأصل من الأنفال.

وفي كل هذه الأمور لا يجب اخذ الإذن من الحاكم الشرعي, وان كان أحوط استحبابا، الا في ارث من لا وارث له. فانه لا يجوز التصرف فيه الا بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط وجوبا.

نعم، هناك عناوين أخرى مما سبق حكمها ذلك أيضا, كصفايا الملوك وصفو الغنيمة والغنائم التي تغنم بغير اذن الإمام عليه السلام, الا ان هذه الأمور لا وجود لها في عصرنا الحاضر. وإنما يكون حكمها ثابتا لها على تقدير وجودها في أي زمان أو مكان.

ص: 28

درباره مركز

بسمه تعالی
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
با اموال و جان های خود، در راه خدا جهاد نمایید، این برای شما بهتر است اگر بدانید.
(توبه : 41)
چند سالی است كه مركز تحقيقات رايانه‌ای قائمیه موفق به توليد نرم‌افزارهای تلفن همراه، كتاب‌خانه‌های ديجيتالی و عرضه آن به صورت رایگان شده است. اين مركز كاملا مردمی بوده و با هدايا و نذورات و موقوفات و تخصيص سهم مبارك امام عليه السلام پشتيباني مي‌شود. براي خدمت رسانی بيشتر شما هم می توانيد در هر كجا كه هستيد به جمع افراد خیرانديش مركز بپيونديد.
آیا می‌دانید هر پولی لایق خرج شدن در راه اهلبیت علیهم السلام نیست؟
و هر شخصی این توفیق را نخواهد داشت؟
به شما تبریک میگوییم.
شماره کارت :
6104-3388-0008-7732
شماره حساب بانک ملت :
9586839652
شماره حساب شبا :
IR390120020000009586839652
به نام : ( موسسه تحقیقات رایانه ای قائمیه)
مبالغ هدیه خود را واریز نمایید.
آدرس دفتر مرکزی:
اصفهان -خیابان عبدالرزاق - بازارچه حاج محمد جعفر آباده ای - کوچه شهید محمد حسن توکلی -پلاک 129/34- طبقه اول
وب سایت: www.ghbook.ir
ایمیل: Info@ghbook.ir
تلفن دفتر مرکزی: 03134490125
دفتر تهران: 88318722 ـ 021
بازرگانی و فروش: 09132000109
امور کاربران: 09132000109