المسائل العشر في الغیبة

اشارة

المسائل العشر في الغیبة

تأليف: الإمام الشیخ المفید

336-413ه

تحقیق: سماحة الشیخ فارس الحسون

تقديم: مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

ص: 1

اشارة

تقديم: مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

النجف الأشرف - شارع الرسول صلی الله علیه و آله - محلة الحویش

رقم الزقاق:54 - رقم الدار:2

هاتف: 332811 و 332813

ص.ب 588

www.m.mahdi.com

info@m-mahdi.com

------------------------

المسائل العشر في الغیبة

تأليف: الإمام الشیخ المفید

تقديم: مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

الطبعة الأُولى: ربیع الأول 1426 ه

عدد النسخ: 3000

السعر: 1200 دینار

النجف الأشرف

جميع الحقوق محفوظة للمركز

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَ الْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ وَ اكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَ سَهِّلْ مَخْرَجَهُ وَ أَوْسِعْ مَنْهَجَهُ وَ اسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ وَ أَنْفِذْ أَمْرَهُ وَ اشْدُدْ أَزْرَهُ وَ اعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ وَ أَحْيِ بِهِ عِبَادَكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز:

الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين.

الاعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام من الأمور المجمع عليها بين المسلمين، بل من الضروريّات التي لا يشوبها شك.(1)

وقد جاءت الأخبار الصحيحة المتواترة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الله تعالى سيبعث في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت عليهم السلام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وجاء أنّ ظهوره من المحتوم الذي لا يتخلّف، حتّى لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عز وجل ذلك اليوم حتّى يظهر.(2)

وكيف وأنّى يتخلّف وعد الله عز وجل في إظهار دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون؟(3) وكيف لا يحقّق تعالى وعده للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وبتمكين دينهم الذي ارتضى لهم، وإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه تعالى لا يُشركون به شيئاً.(4)

**********

(1) روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن-ّه قال: من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمد. انظر عقد الدرر: 230، عرف المهدي 2: 83، الفتاوى الحديثيّة: 27، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: 175، ف 12.

(2) أنظر: كمال الدين للصدوق: 279، ح27، سنن الترمذي: 3/ 343/ ح2332.

(3) قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ التوبة: 33.

(4) قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً النور: 55.

ص: 5

وقد أجمع المسلمون على أنّ المهديّ المنتظر عليه السلام من أهل البيت عليهم السلام، وأنّه من ولد فاطمة عليها السلام.(1) وأجمع الإماميّة _ ومعهم عدد من علماء السنة _ أنّه عليه السلام من ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، فأثبتوا إسمه ونعته وهويّته الكاملة.(2)

هكذا فقد اعتقد الإمامية _ ومعهم بعض علماء السنّة _ أنّ المهدي المنتظر قد وُلد فعلاً، وأنّه حيّ يُرزق، لكنّه غائب مستور. وماذا تنكر هذه الأمّة أن يستر الله عز وجل حجّته في وقت من الأوقات؟ وماذا تنكر أن يفعل الله تعالى بحجّته كما فعل بيوسف عليه السلام: أن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتّى يأذن الله عز وجل له أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف (قالُوا أَإِنَّكَ لأََنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وهذا أَخِي).(3)

أو لم يخلّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمّته الثقلين: كتاب الله وعترته، وأخبر بأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض؟(4) أو لم يخبر صلى الله عليه وآله وسلم أن سيكون بعده اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، وأنّ عدد خلفائه عدد نقباء موسى عليه السلام؟(5) وإذا كان الله تعالى لم يترك جوارح الإنسان حتّى أقام لها القلب إماماً لتردّ عليه ما شكّت فيه، فيقرّ به اليقين ويبطل الشكّ، فكيف يترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يُقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم؟(6) وحقّاً (لا تَعْمَى الأَْبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).(7)

**********

(1) الغيبة الطوسي: 188/ 148، مناقب آل أبي طالب لإبن شهر آشوب: 3/ 280، سنن ابن ماجة: 2/ 1368/ ح4086، سنن أبي داود: 2/ 310 ح4284.

(2) أنظر كمال الدين للصدوق: 424، باب 42، تذكرة الخواص لابن الجوزي: 204 ط. طهران، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 274 ط: الغري، الصواعق المحرقة لابن حجر: 124 ط: مصر. على ما في شرح إحقاق الحق/ المرعشي النجفي: 13/ 90 - 92.

(3) يوسف: 9، والاستدلال منتزع من الكافي 1: 337.

(4) كمال الدين للصدوق: 234، باب 22، ح43 - 65، سنن الترمذي: 5/ 328، ح3874...

(5) كمال الدين للصدوق: 257/ باب 24، ح16 - 24، صحيح مسلم: 6/ 3، مسند أحمد: 5/ 86.

(6) انظر محاججة هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد. كمال الدين 1: 207 - 209/ ح23.

(7) الحجّ: 46.

ص: 6

ولا ريب أنّ للعقيدة الشيعيّة في المهدي المنتظر عليه السلام _ وهي عقيدة قائمة على الأدلّة القويمة العقليّة _ رجحاناً كبيراً على عقيدة من يرى أنّ المهدي المنتظر لم يولد بعد، يقرّ بذلك كلّ من ألقى السمع وهو شهيد إلى قول الصادق المصدّق عليه السلام: من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتةً جاهليّة.(1)

ناهيك عن أنّ من معطيات الاعتقاد بالإمام الحيّ أنّها تمنح المذهب غناءً وحيويّة لا تخفى على من له تأمّل وبصيرة.(2)

ولا ريب أنّ إحساس الفرد المؤمن أنّ إمامه معه يعاني كما يعاني،وينتظر الفرج كما ينتظر، سيمنحه ثباتاً وصلابة مضاعفة، ويستدعي منه الجهد الدائب في تزكية نفسه وتهيئتها ودعوتها إلى الصبر والمصابرة والمرابطة، ليكون في عداد المنتظرين الحقيقيّين لظهور مهديّ آل محمد عليه وعليهم السلام. خاصّة وأنّه يعلم أنّ اليُمن بلقاء الإمام لن يتأخّر عن شيعته لو أنّ قلوبهم اجتمعت على الوفاء بالعهد، وأنّه لا يحبسهم عن إمامهم إلاّ ما يتّصل به ممّا يكرهه ولا يؤثره منهم.(3)

ولا يُماري أحد في فضل الإمام المستور الغائب _ غيبة العنوان لا غيبة المعنون _ في تثبيت شيعته وقواعده الشعبية المؤمنة وحراستها، كما لا يماري في فائدة الشمس وضرورتها وإن سترها السحاب.(4) كيف، ولولا مراعاته

**********

(1) حديث مشهور تناقله علماء الطرفين في مجاميعهم الحديثية بتعابير تتّّفق في مضمونها. انظر على سبيل المثال مسند أحمد 3: 446 و4: 96، المعجم الكبير للطبراني 12: 337، و19: 335 و338، و20: 86، طبقات ابن سعد 5: 144، مصنّف ابن أبي شيبة 8: 598/ ح42. وانظر الفردوس للديلمي 5: 528/ ح8982.

(2) انظر كلام المستشرق الفرنسي الفيلسوف هنري كاربون في مناقشاته مع العلامة الطباطبائي في كتاب الشمس الساطعة.

(3) انظر: الاحتجاج للطبرسي 2: 325، بحار الأنوار 53: 177.

(4) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ... انهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب.. كمال الدين للصدوق: 253، ح3/ باب 23.

ص: 7

ودعائه عليه السلام لاصطلمها الأعداء ونزل بها اللأواء.(1) ولا يشك أحد من الشيعة أنّ إمامه أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء.(2)

وقد وردت روايات متكاثرة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام تنصبّ في مجال ربط الشيعة بإمامهم المنتظر عليه السلام ، وجاء في بعضها أنّه عليه السلام يحضر الموسم فيرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه(3)، وأنّه عليه السلام يدخل عليهم ويطأ بُسطهم(4)، كما وردت روايات جمّة في فضل الإنتظار، وفي فضل إكثار الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ فيه فرج الشيعة.(5)

وقد عني مركز الدراسات التخصّصيّة في الإمام المهديّ عجل الله فرجه بالاهتمام بكلّ ما يرتبط بهذا الإمام الهمام عليه السلام ، سواءً بطباعة ونشر الكتب المختصّة به عليه السلام ، أو إقامة الندوات العلميّة التخصصيّة في الإمام عجل الله فرجه ونشرها في كتيبات أو من خلال شبكة الإنترنيت.

ومن جملة نشاطات هذا المركز نشر سلسلة التراث المهدويّ، ويتضمّن تحقيق ونشر الكتب المؤلّفة في الإمام المهديّ عجل الله فرجه ، من أجل إغناء الثقافة المهدويّة، ورفداً للمكتبة الإسلاميّة الشيعيّة، نسأله _ عزّ من مسؤول _

**********

(1) في توقيعه عجل الله فرجه إلى الشيخ المفيد قال: ... إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أو اصطلمكم الأعداء... راجع الإحتجاج للطبرسي: 2/ 221.

(2) قال صلى الله عليه وآله وسلم: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض. انظر علل الشرايع 1: 123، كمال الدين 1: 205/ ح17 - 19.

(3) وسائل الشيعة 11: 135، بحار الأنوار 52: 152.

(4) الكافي للكليني 1: 337/ ح4.

(5) أنظر كمال الدين: 644، باب 55 ما روي في ثواب انتظار الفرج، الغيبة للطوسي: 293، ح247.

ص: 8

أن يأخذ بأيدينا، وأن يُبارك في جهودنا ومساعينا، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين.

كما يتقدم المركز بالشكر الجزيل لسماحة العلامة المحقق الشيخ فارس الحسون على جهده الكبير والمتميز في تحقيق هذا الكتاب القيم لشيخ الطائفة الشيخ المفيد أعلى الله مقامه. ومن الله التوفيق.

السيد محمد القبانچي

مركز الدراسات التخصّصية

في الإمام المهدي عليه السلام

النجف الأشرف

ص: 9

الإِهداء:

إلى أُمّ الإمام المهدي روحي له الفداء

نرجس

أهدي هذا الجهد

راجياً منها القبول والدعاء

فارس

ص: 10

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المحقق:

اشارة

الحمد لله الّذي أوجب على نفسه الرحمة، ومن رحمته إرساله الرسل والأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، ولم يترك الأمّة بدون وليّ له.

والصلاة والسلام على محمّدٍ عبده ورسوله، وعلى آله المعصومين.

إنّ فكرة ظهور منقذ للبشريّة جمعاء في آخر الزمان أوّل من أشار اليها ونوّه بها هو الله سبحانه وتعالى، حيث بشّر أنبياءه كافّة _ من لدن أبينا آدم عليه السلام وإلى نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم _ بظهوره ودولته عجل الله فرجه.

فعند البحث والتنقيب في كتب الروايات والتاريخ نشاهد بوضوح أنّ جميع الأنبياء والرسل من آدم عليه السلام إلى نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، وجميع الأئمّة من الإمام علي عليه السلام وإلى الإمام العسكري عليه السلام ، ذكروا المهديّ وأشاروا إلى اسمه وبعض شمائله وظهوره.

ولا نبالغ إن قلنا: إنّ الروايات الواردة في المهديّ عجل الله فرجه _ من الفريقين _ أكثر من الروايات الواردة في سائر الأئمّة صلوات الله عليهم.

1 _ لماذا هذا الإهتمام بالمهديّ عليه السلام:

فلماذا كلّ هذا الإهتمام بالمهدي الموعود؟ ولماذا هذا التأكيد عليه؟

للجواب نشير إلى عدّة نقاط:

(أ) كلّ هذا الإهتمام، للتعريف بالإمام المهديّ لجميع الخلق، وأنّه صاحب الحكم الإلهيّ ودولة الحقّ الّتي وعد الله عباده بها، فيعتقد به من لم يُدركه بقلبه ويدعو له بالفرج، ويُطيعه من يدركه.

ص: 11

(ب) كلّ هذا، لأجل الذين يدركون غيبته، لئلاّ يزيغوا ويضلّوا، لئلاّ يشكّوا في إمامهم ووجوده وظهوره، لتتركّز عقيدتهم بإمامهم أكثر، ليعدّوا أنفسهم لظهوره، ليرفعوا الموانع المانعة عن ظهوره.

(ج) كلّ هذا، لأجل معرفة الذين يدركون غيبته، أهميّة قيام دولته عجل الله فرجه التي بشّر بها الأنبياء والصدّيقون والأئمّة عليهم السلام وتمنّوا لو أدركوها.

(د) كلّ هذا، ليطمئنّ المؤمن بوجود رجعة في الدنيا قبل الآخرة، يُؤخذ للمظلوم حقّه من الظالم، يعذّب المجرمون ويذوقوا عذاب الدنيا قبل الآخرة، ينعّم المحسنون والمتّقون في الدنيا قبل الآخرة.

(ه-) كلّ هذا، ليعرف الخلق أنّ أولياء الله الصالحين _ الذين تجرّعوا غصص الظلم وأنواع العذاب _ سيحكمون الأرض بالعدل، لأنّهم الوارثون... (أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).

(و) كلّ هذا، ليعرف الناس عظم مسألة المهديّ ودولته، وما يصيبه وشيعته في غيبته، فيحزنوا عليهم ويدعوا لهم بالفرج، فيكونوا قد شاركوهم فيما يجري عليهم من مصائب وآلام، ويشتركوا معهم بالأجر والثواب.

(ز) وأخيراً لا آخراً، كلّ هذا، ليعرف الخلق بأجمعه: أنّ للحقّ دولة، ترفع فيها كلمة الله، وكلمة الله هي العليا.

* * *

2 _ من كتب عن المهدي عليه السلام إلى آخر القرن الرابع:

كما ذكرنا سابقاً: إنّ الله سبحانه، ثمّ الأنبياء كافّة هم الذين ذكروا المهدي وفتحوا أبواب البحث عنه وعن ظهوره عجل الله فرجه.

وعند ظهور نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم برسالته كان الترويج لفكرة المنقذ المنتظر أكثر، حيث أولى صلى الله عليه وآله وسلم اهتماماً كبيراً بقضيّة المهدي وردّ الشبهات عنه، والأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وآله وسلم من طريق الفريقين خير شاهد على هذا المطلب.

ص: 12

ومن بعده صلى الله عليه وآله وسلم كانت مهمّة التبليغ لفكرة الإمام المهدي على عهدة خلفائه أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، فكانوا ينتهزون الفرص لتثبيت المسلمين على الاعتقاد بالمهديّ، والروايات الكثيرة الواردة عنهم في هذا الشأن شاهد لهذا المطلب.

وكلّما قرب وقت ولادة الإمام عجل الله فرجه كان الاهتمام بذِكره والخبر بأحواله وصفاته وغيبته أكثر، حتّى أنّ الإمامين العسكريين سلام الله عليهما كان عندهما نوع ما من الغيبة وعدم الاتّصال مباشرةً بأصحابهم وخروج التوقيعات من قبلهم، كلّ هذا ليتعوّد الشيعة على ما سيحصل من غيبة الإمام القائم عجل الله فرجه.

وعند ولادة الإمام المهدي بدأ نوع جديد من التحرّك والتبليغ من قِبل أبيه الإمام العسكري، لأنّ هذه المرحلة تعدّت المرحلة النظريّة إلى العمليّة. فبدأ الإمام العسكري عليه السلام بخطوات كبيرة لتثبيت عقائد الشيعة بإمامة ولده المهديّ المنتظر وردّ الشبهات عنه، حتّى أنّ الإمام العسكري عليه السلام كان يُظهر ولده المهديّ إلى خواصّ شيعته بين حينٍ وآخر، وكانوا يتحدّثون معه ويسألونه فيجيبهم.

وبعد شهادة الإمام العسكري عليه السلام وتسلّم الإمام المهديّ منصب الإمامة،كانت مهمّة التبليغ على شخص الإمام بواسطة النوّاب الخاصّين رضوان الله عليهم، فكانت ترد عليه الأسئلة من شيعته بواسطة الأبواب، وتخرج التوقيعات من الناحية المقدّسة فيها جوابات الأسئلة وحلّ مشاكل الشيعة وردّ الشبهات عنه عجل الله فرجه.

وآخر توقيع خرج عنه في الغيبة الصغرى إلى عليّ بن محمّد السمري آخر أبوابه الخاصّين نسخته:

ص: 13

بسم الله الرحمن الرحيم

يا عليّ بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستة أيّام، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحدٍ يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية (التامّة)، فلا ظهور إلاّ بعد إذن الله عز وجل ، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً...(1)

وبعد وقوع الغيبة الكبرى صارت مهمّة التبليغ الإسلامي بصورة عامّة وتثبيت عقائد الشيعة بإمامة المهديّ المنتظر وغيبته بصورة خاصّة على عهدة الفقهاء والمحدّثين.

ففي التوقيع الخارج إلى محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه:

... وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم.(2)

ففي بداية الغيبة الكبرى كانت مهمّة ترسيخ عقائد الشيعة بإمامهم كبيرة وصعبة، لذا ترى علماءنا رضوان الله عليهم بدأوا بردّ الشبهات عنه عجل الله فرجه بمناظراتهم ودروسهم وخطبهم ومؤلّفاتهم.

وهنا نذكر على طريق الإختصار بعض من ألّف من العلماء عن موضوع الإمام المهدي عجل الله فرجه والدفاع عنه إلى آخر القرن الرابع الهجري.

فمنهم:

(1) أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الأحمريّ النهاونديّ، سمع منه أبو أحمد القاسم بن محمد الهمداني في تسع وستّين ومائتين، له كتاب الغيبة.(3)

**********

(1) كمال الدين 2: 516 رقم 44.

(2) كمال الدين 2: 684 رقم 4.

(3) رجال النجاشي: 19 رقم 21، الفهرست للشيخ: 10 و11 رقم 11، الذريعة 16: 74 رقم 371.

ص: 14

(2) أبو إسحاق إبراهيم بن صالح الأنماطي الكوفي الأسدي، من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام ، ثقة، له كتاب الغيبة، يرويه عنه جعفر بن قولويه بواسطة واحدة.(1)

(3) أحمد بن الحسين بن عبد الله المهراني الآبي، له كتاب ترتيب الأدلّة فيما يلزم خصوم الإماميّة دفعه عن الغيبة والغائب.(2)

(4) أبو بكر خيثمة أحمد بن زهير النسائي، المتوفّى سنة 279، له جمع الأحاديث الواردة في المهدي.(3)

(5) الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، المتوفّى سنة 430، له كتاب الأربعين حديثاً في ذكر المهديّ، وذكر المهدي ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته، ومناقب المهدي.(4)

(6) أبو العباس (أبو علي) أحمد بن علي الرازي الخضيب (ابن الخضيب) الأيادي، له كتاب الشفاء والجلاء في الغيبة.(5)

(7) أبو العباس أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي، نزيل البصرة،كان ثقة في حديثه متقناً لما يرويه، فقيهاً بصيراً بالحديث والرواية، وهو أستاذ الشيخ النجاشي وشيخه ومن استفاد منه، توفّي حدود النيّف والعشرة بعد الأربعمائة، له كتاب أخبار الوكلاء الأربعة.(6)

**********

(1) النجاشي: 15 رقم 13، الفهرست: 14 رقم 19، معالم العلماء لابن شهر آشوب: 5 رقم 5، الذريعة 16: 75 رقم 373.

(2) المعالم: 24 رقم 113.

(3) مجلة تراثنا، العدد الأول.

(4) مجلة تراثنا، العدد الأول، صفحة 19، والعدد الرابع، صفحة 101، مقالة السيد عبد العزيز الطباطبائي: أهل البيت في المكتبة العربية.

(5) النجاشي: 97 رقم 240، الفهرست 33 رقم 66، المعالم: 8 رقم 82.

(6) النجاشي: 86 و87 رقم 209، الذريعة 1: 353 رقم 1860.

ص: 15

(8) أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن موسى المعروف بابن الجندي، أستاذ الشيخ النجاشي، له كتاب الغيبة.(1)

(9) أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري، له كتاب ما نزل من القرآن في صاحب الزمان عليه السلام ، وأخبار وكلاء الأئمّة الاربعة.(2)

(10) الحافظ النسّابة الواعظ الشاعر الأشرف بن الأغر بن هاشم المعروف بتاج العلى العلوي الحسيني، المولود بالرملة سنة 482، والمتوفّى بحلب سنة 610 عن 128 سنة، له كتاب الغيبة وما جاء فيها عن النبي والأئمّة عليهم السلام ووجوب الايمان بها.(3)

(11) الجلودي، المتوفّى سنة 332، له كتاب أخبار المهدي.(4)

(12) أبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، المعروف بالطبري والمرعش، كان من أجلاّء هذه الطائفة وفقهائها،توفّي سنة 358، له كتاب الغيبة.(5)

(13) أبو علي الحسن بن محمد بن أحمد الصفّار البصري، شيخ من أصحابنا ثقة، روى عنه الحسن بن سماعة، له كتاب دلائل خروج القائم عليه السلام.(6)

(14) أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، المعروف بابن أخي طاهر، المتوفّى في ربيع الأوّل سنة 358، له كتاب الغيبة وذكر القائم عليه السلام.(7)

**********

(1) النجاشي: 85 رقم 206، الذريعة 16: 75 رقم 374.

(2) النجاشي: 85 و86 رقم 207، المعالم: 20 رقم 90.

(3) الذريعة 16: 75 رقم 375.

(4) الذريعة 1: 352 رقم 1852.

(5) النجاشي: 64 رقم 150، المعالم: 36 رقم 215، الذريعة 16: 76 رقم 380.

(6) النجاشي 48 رقم 101.

(7) النجاشي: 64 رقم 149، الذريعة 16: رقم 416.

ص: 16

(15) أبو الحسن حنظلة بن زكريّا بن حنظلة بن خالد بن العيار التميمي القزوينيّ، له كتاب الغيبة.(1)

(16) أبو الحسن سلامة بن محمد بن إسماعيل (أسماء) بن عبد الله بن موسى بن أبي الأكرم الأرْذنيّ (الأزوني)، المتوفّى سنة 339، له كتاب الغيبة وكشف الحيرة.(2)

(17) أبو سعيد عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي الكوفي، المتوفّى سنة 250 أو 271، له كتاب أخبار المهدي ويسمّيه المسند.(3)

(18) أبو الفضل عبّاس بن هشام الناشري الأسدي، من أصحاب الرضا عليه السلام ، متوفّى سنة 220، له كتاب الغيبة.(4)

(19) أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك الحميري القمّي، ثقة، شيخ القمّيين ووجههم، له كتاب الغيبة والحيرة،وقرب الإسناد إلى صاحب الأمر عليه السلام ، والتوقيعات.(5)

(20) أبو محمد عبد الوهّاب المادرائيّ (البادرائي)، له كتاب الغيبة.(6)

(21) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، المعروف بالشريف المرتضى علم الهدى، مولده في رجب سنة 355، قال النجاشي: مات

**********

(1) النجاشي: 147 رقم 380، الذريعة 16: 76، رقم 384.

(2) النجاشي: 192 رقم 514، الذريعة 16: 83 رقم 419.

(3) الفهرست: 176 رقم 374، المعالم: 88 رقم 612، الذريعة 1: 352 رقم 1852.

(4) النجاشي: 380 رقم 741، الذريعة 16: 76 رقم 386.

(5) النجاشي: 219 رقم 573، الفهرست: 189 رقم 407، الذريعة 16: 83 رقم 415.

(6) النجاشي: 247 رقم 652، الذريعة 16: 76 رقم 387.

ص: 17

لخمسٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 وصلّى عليه ابنه وتولّيت غسله ومعي الشريف أبو يعلى...، له كتاب الغيبة، المقنع في الغيبة.(1)

(23) أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان المعروف بعلان الرازي الكليني، خال ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني، وأحد العدّة الذين يروي عنهم عن سهل بن زياد في كتابه الكافي، له كتاب أخبار القائم عليه السلام.(2)

(24) علي بن محمد بن علي بن سالم بن عمر بن رباح بن قيس السواق القلا، له كتاب الغيبة.(3)

(25) أبو الحسن علي بن مهزيار الدوْرقي الأهوازي، كان أبوه نصرانيّاً، وقيل: إنّ عليّاً أيضاً أسلم وهو صغير، ومنّ الله عليه بمعرفة هذا الأمر، وتفقّه وروى عن الرضا وأبي جعفر عليهما السلام ، واختصّ بأبي جعفر الثاني، له كتاب القائم.(4)

(26) أبو موسى عيسى بن مهران المستعطِف، له كتاب المهديّ.(5)

(27) أبو محمد بن الفضل شاذان بن جبرئيل (الخليل) الأزدي النيسابوريّ، المتوفّى سنة 260، لقي علي بن محمد التقي عليه السلام ، له كتاب إثبات الرجعة، والرجعة حديث، والقائم عليه السلام.(6)

(28) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعمانيّ، المعروف بابن

**********

(1) النجاشي: 270 و271 رقم 708، الفهرست: 218- 220 رقم 472، المعالم: 69 و70 رقم 477، الذريعة 16: 77 رقم 390.

(2) الذريعة 1: 345 رقم 1803.

(3) النجاشي: 259 و260 رقم 679، الذريعة 16: 78 رقم 393.

(4) النجاشي: 253 و254 رقم 664.

(5) النجاشي: 297 رقم 807، الفهرست: 249 و250 رقم 549، المعالم: 86 رقم 593.

(6) النجاشي: 306 و307 رقم 840، الفهرست: 254 و255 رقم 559، المعالم: 90 و91 رقم 627، الذريعة 16: 78 رقم 395.

ص: 18

أبي زينب الكاتب، تلميذ ثقة الإسلام الكليني، له كتاب الغيبة، ويعرف هذا الكتاب بملاء العيبة في طول الغيبة.(1)

(29) أبو علي محمد بن أحمد بن الجنيد، قال النجاشي: سمعت بعض شيوخنا يذكر أنّه كان عنده مال للصاحب عليه السلام وسيف أيضاً وصّى به إلى جاريته، له كتاب إزالة الران عن قلوب الإخوان في الغيبة.(2)

(30) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمّال، المعروف بالصفواني، الشريك مع النعماني في القراءة على ثقة الإسلام الكليني، له كتاب الغيبة وكشف الحيرة.(3)

(31) أبو العنبس محمد بن إسحاق بن أبي العنبس العنبسي الصيمريّ، له كتاب صاحب الزمان.(4)

(32) أبو الحسين محمد بن بحر الرهني السجستاني (الشيباني) المتكلّم، له كتاب الحجّة في إبطاء القائم عليه السلام.(5)

(33) محمد بن الحسن بن جمهور العمي (القمي) البصري، روى عن الرضا عليه السلام ، له كتاب صاحب الزمان عليه السلام ، وكتاب وقت خروج القائم.(6)

**********

(1) النجاشي: 383 رقم 1043، المعالم، 118 رقم 783، الذريعة 16: 79 رقم 398.

(2) كذا ورد اسم الكتاب في المعالم، وفي الفهرست: إزالة الألوان عن قلوب الإخوان في معنى كتاب الغيبة، وفي النجاشي: كتاب ازالة الران عن قلوب الإخوان.

راجع: النجاشي: 385 رقم 1047، الفهرست: 267- 269 رقم 592، المعالم: 97 و98 رقم 665.

(3) الذريعة 16: 37 رقم 157، و16: 84 رقم 420.

(4) الفهرست لابن النديم: 216 و217، وفي كون المراد من صاحب الزمان الإمام المهديّ نظر.

(5) المعالم: 96 رقم 662.

(6) الفهرست: 284 رقم 617، المعالم: 103 و104 رقم 689.

ص: 19

(34) أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، قرأ على الشيخ المفيد، له كتاب الغيبة.(1)

(35) محمد بن زيد بن علي الفارسي، له كتاب الغيبة.(2)

(36) أبو جعفر محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني، المتوفّى سنة 323، كان متقدّماً في أصحابنا ومستقيم الطريقة، فحمله الحسد لأبي القاسم الحسين بن روح على ترك المذهب والدخول في المذاهب الرديّة، فظهرت منه مقالات منكرة، وخرج في لعنه التوقيع من الناحية، له كتاب الغيبة.(3)

(37) أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي، المتوفّى سنة 381، له كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة، ألّفه بأمر الإمام المهديّ عجل الله فرجه ، والرسالة الأولى في الغيبة، والرسالة الثانية في الغيبة، والرسالة الثالثة في الغيبة.(4)

(38) أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، المتوفّى سنة 449، له كتاب البرهان على طول عمر صاحب الزمان، والإستطراف في ذكر ما ورد في الغيبة في الإنصاف.(5)

(39) أبو بكر محمد بن القاسم البغدادي، معاصر ابن همّام الذي توفّي سنة 332، له كتاب الغيبة.(6)

(40) أبو النضر محمد بن مسعود بن محمد بن عيّاش السلمي

**********

(1) الفهرست: 285- 288 رقم 620، المعالم: 114 و115 رقم 766، الذريعة 16: 79 رقم 399.

(2) الذريعة 16: 79 و80 رقم 400.

(3) كتابه الغيبة كتبه قبل ضلاله. راجع النجاشي: 378 رقم 1029، الذريعة 16: 80 رقم 401.

(4) النجاشي: 389- 392 رقم 1049، المعالم: 111 و112، رقم 764، الفهرست: 304 و305 رقم 661، الذريعة 16: 83 رقم 412 و413 و414، و16: 80 رقم 402.

(5) الدريعة 3: 92 رقم 292، كشف الحجب: 43 رقم 194.

(6) الذريعة 16: 80 رقم 403.

ص: 20

السمرقنديّ، المعروف بالعيّاشي، كان في أوّل عمره عامّي المذهب وسمع حديث العامّة فأكثر منه، ثمّ تبصّر وعاد إلينا، له كتاب الغيبة.(1)

(41) أبو الفرج المظفّر بن علي بن الحسين الحمداني، من السفراء، قرأ على المفيد وحضر مجلس درس المرتضى والشيخ ولم يقرأ عليهما، له كتاب الغيبة.(2)

إنتهى ما قصدنا إيراده من ذكر بعض الكتب المؤلّفة مستقلاً عن موضوع الإمام المهديّ عجل الله فرجه ، ولم نذكر الكتب المؤلّفة من الواقفيّة الذين وقفوا على بعض الأئمة أو أولادهم، وكذا لم نذكر الشعراء الذين نظموا عن الإمام المهدي. مراعاة للاختصار.

* * *

3 _ إهتمام الشيخ المفيد بالبحث عن المهديّ عليه السلام:

اشارة

ازدهر العلم في زمن الشيخ المفيد وبلغ ذروته، وكانت الحضارة آنذاك في تقدّمٍ سريع، وكان زمانه مملوءاً بالعلماء من كلّ الفرق الإسلامية خصوصاً في بغداد.

كلّ هذا ونرى شيخنا المفيد قد نبغ من بين جميع هؤلاء، وطغى علمه وشهرته على الكلّ.

وكانت الشبهات في زمانه ضدّ مذهب أهل البيت عليهم السلام تستفحل يوماً بعد آخر.

لذا عقد الشيخ المفيد مجلساً للمناظرة، ناظر فيه العلماء فأفحمهم، واهتدى على يديه الجمّ الغفير.

فكان رضي الله عنه قد أولى اهتماماً كبيراً بعلم الكلام، سواء باللسان أم بالقلم.

ومن المواضيع الكلامية الّتي أعطاها اهتماماً كبيراً هو موضوع الإمام المهديّ وأحواله وظهوره وطول عمره و...

**********

(1) النجاشي: 350 - 353 رقم 944، الفهرست: 317 - 320 رقم 690، المعالم: 99 و100 رقم 668.

(2) الذريعة 16: 82 رقم 406.

ص: 21

فكان يردّ الشبهات ويثبّت عقائد الشيعة بإمام زمانهم بمناظراته ودرسه وكتاباته مستقلاً وضمناً.

فمن الذي كتبه مستقلاً:

(1) كتاب الغيبة.

ذكره النجاشي: 401، وذكره الطهراني في الذريعة 16: 80 كتاب الغيبة الكبير للمفيد.

(2) المسائل العشر في الغيبة.

ذكره النجاشي: 399، وهو هذا الكتاب الذي أقدّمه بين يدي القارئ العزيز، يأتي التفصيل عنه.

(3) مختصر في الغيبة.

ذكره النجاشي: 399.

(4) النقض على الطلحي في الغيبة.

ذكره النجاشي: 400.

(5) جوابات الفارقيين في الغيبة.

ذكره النجاشي: 400.

(6) الجوابات في خروج الإمام المهدي عليه السلام.

ذكره النجاشي: 401.

وذكر الطهراني في الذريعة 16: 80 أنّ للشيخ المفيد كتاب الجوابات في خروج المهدي _ وذكر أنّه موجود _ ثلاث مسائل. والظاهر أنّ كليهما كتاب واحد.

وذكر أيضاً أن الثلاث مسائل هي:

(أ) من مات ولا يعرف إمام زمانه.

(ب) لو اجتمع لإمام عدد أهل بدر.

واحتمل أن يكون هذا هو النقض على الطلحي، لأنه يعبّر في أثنائه عن السائل بالعمري.

ص: 22

(ج) السبب الموجب لاستتار الحجّة.

والمطبوع من الجوابات _ الذي طبع ضمن عدّة رسائل للمفيد طبع مكتبة المفيد _ أربع رسائل، هي:

(أ) صفحة 383 _ 388، شرح فيه حديث (من مات وهو لا يعرف إمام زمانه)...

(ب) صفحة 389 _ 394، أوّل الرسالة: حضرتُ مجلس رئيس من الرؤساء فجرى كلام في الإمامة فانتهى إلى القول في الغيبة...

(ج) صفحة 394 _ 398، أوّل الرسالة:سأل بعض المخالفين فقال: ما السبب الموجب لاستتار إمام الزمان وغيبته التي طالت مدّتها...؟

(د) صفحة 399 _ 402، أوّل الرسالة: سأل سائل من الشيخ المفيد فقال: ما الدليل على وجود الإمام صاحب الغيبة، فقد اختلف الناس في وجوده اختلافاً ظاهراً...؟

وللتفصيل راجع الذريعة 5: 195، 20: 388، 390 و395، 16: 80 _ 82.

ومن الذي كتبه ضمناً:

(1) الإيضاح في الإمامة.

أحال عليه في عدّة مواضع من هذا الكتاب المسائل العشر، وعبّر عنه بالإيضاح في الإمامة والغيبة.

(2) الإرشاد في معرفة حُجج الله على العباد.

ذكر فيه فصلاً خاصّاً عن الإمام الحجّة وغيبته.

(3) العيون والمحاسن.

له فيه كلام في الغيبة.

(4) الزاهر في المعجزات.

تطرّق فيه إلى معجزات الأنبياء والأئمة ومنهم الإمام الحجّة المنتظر.

ص: 23

وكذا بحث عن الإمام المهدي عليه السلام في بقيّة كتبه المؤلّفة في الإمامة والتاريخ والعقائد.

* * *

4 _ صِلة الشيخ المفيد بالناحية المقدّسة:

عند وقوع الغيبة الكبرى انقطعت النيابة الخاصّة، وكُذّب من ادّعى البابية، وصارت النيابة عامّة للفقهاء العدول.

وهذا لا يدلّ على عدم إمكان رؤية الإمام في الغيبة الكبرى والتشرّف بخدمته،حتّى مع معرفة المشاهد له في حال الرؤية، لأنّ الذي نقطع بكذبه هو ادّعاء الباب والنيابة الخاصّة.

قال الشيخ المفيد في هذا الكتاب المسائل العشر: فأمّا بعد انقراض من سمّيناه من أصحاب أبيه وأصحابه عليهم السلام ، فقد كانت الأخبار عمّن تقدّم من أئمّة آل محمّد عليهم السلام متناصرة: بأنّه لابدّ للقائم المنتظر من غيبتين، إحداهما أطول من الأخرى، يعرف خبره الخاصّ في القُصرى، ولا يعرفُ العامّ له مستقَرّاً في الطولى، إلاّ من تولّى خدمته من ثقاة أوْليائه، ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره.(1)

فما ذكره الشيخ المفيد من الحديث صريح بأنّ في الغيبة الكبرى _ المعبّر عنها بالطولى _ يمكن أن يعرف خبره من تولّى خدمته من ثقاة أوليائه ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره.

إذا عرفت هذا فقد روى الشيخ الطبرسيّ توقيعين وردا من الناحية المقدّسة إلى الشيخ المفيد، قال:

ذكرُ كتابٍ ورد من الناحية المقدّسة حرسها الله ورعاها في أيّام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدّس الله روحه ونوّر ضريحه، ذكر مُرسله أنّه يحمله من ناحية متّصلة بالحجاز، نسخته:

**********

(1) المسائل العشر: 86 من طبعتنا هذه.

ص: 24

للأخ السديد الوليّ الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه، من مستودع العهد المأخوذ على العباد...

وجاء في آخر التوقيع:

نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام:

هذا كتابنا إليك أيّها الأخ الوليّ، والمخلص في ودّنا الصفيّ، والناصر لنا الوفيّ، حرسك الله بعينه الّتي لا تنام، فاحتفظ به، ولا تظهر على خطّنا الّذي سطرناه بماله ضمناه أحداً، وأدّ ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوصِ جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.(1)

وقال الطبرسي أيضاً يروي التوقيع الثاني:

ورد عليه كتاب آخر من قِبله صلوات الله عليه يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة نسخته: من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق ودليله...

وجاء في آخر التوقيع:

وكتب في غرّة شوال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها:

هذا كتابنا إليك أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ، بإملائنا وخطّ ثقتنا، فأخفِه عن كلّ أحد، واطوه، واجعل له نسخة تطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا شملهم الله ببركتنا إن شاء الله، والحمد لله والصلاة على سيّدنا محمد النبيّ وآله الطاهرين.(2)

وروى هذين التوقيعين يحيى بن بطريق في رسالة نهج العلوم إلى نفي المعدوم كما حكي عنه، وزاد عليهما توقيعاً آخر لم تصل إلينا صورته.(3)

**********

(1) الإحتجاج 2: 495 - 498.

(2) الإحتجاج 2: 498 - 499.

(3) معجم رجال الحديث 17: 208 و209.

ص: 25

وعند التأمّل في التوقيعين الواصلين إلينا نستطيع أن نجزم بأنّهما لا يفيدان النيابة الخاصّة أو البابية، بل شأنهما شأن من يرى الإمام في غيبته الطولى ويعرفه، ولا يفهم من الأحاديث المكذّبة لرؤيته إلاّ تكذيب مدّعي النيابة الخاصّة.

والّذي يزيدنا اطمئناناً بهذين التوقيعين ما ذكره الطبرسي في مقدّمة كتابه الاحتجاج في بيان علّة عدم ذكر الأسانيد:

ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده:

إمّا لوجود الاجماع عليه.

أو موافقته لما دلّت العقول إليه.

أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف.

إلاّ ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام ، فإنّه ليس في الإشتهار على حدّ ما سواه، وإن كان مشتملاً على مثل الّذي قدّمناه، فلأجل ذلك ذكرت إسناده في أوّل جزءٍ من ذلك دون غيره، لأنّ جميع ما رويت عنه صلوات الله عليه إنّما رويته بإسناد واحد من جملة الأخبار الّتي ذكرها عليه السلام في تفسيره...(1)

فالتوقيعان اللذان رواهما بدون ذكر الإسناد لا يخلوان من ثلاثة وجوه: وجود الإجماع عليهما، موافقتهما لما دلّت العقول إليه، اشتهارهما في السير والكتب بين المخالف والمؤالف.

وهذه الدقّة الموجودة عند الطبرسيّ في روايته، ووثاقة الطبرسي عند الكافّة تعطينا اطمئناناً لقبول التوقيعين.

والّذي يزيدنا اطمئناناً أيضاً بهذين التوقيعين، ما ذكره المحدّث البحراني في اللؤلؤة بعد ما نقل أبياتاً في رثاء الشيخ المفيد منسوبة لصاحب الأمر وُجدت مكتوبة على قبر الشيخ المفيد:

**********

(1) الإحتجاج 1: 14.

ص: 26

وليس هذا ببعيد بعد خروج ما خرج عنه عليه السلام من التوقيعات للشيخ المذكور المشتملة على مزيد التعظيم والإجلال...

ثمّ قال:

هذا وذكر الشيخ يحيى بن بطريق الحلّي _ وقد تقدّم _ في رسالة نهج العلوم إلى نفي المعدوم (المعروفة بسؤال أهل حلب) طريقين في تزكية الشيخ المفيد:

أحدهما: صحّة نقله عن الأئمة الطاهرين، بما هو مذكور في تصانيفه من المقنعة وغيرها...

وأمّا الطريق الثاني في تزكيته: ما ترويه كافّة الشيعة وتتلقّاه بالقبول: من أنّ صاحب الأمر صلوات الله عليه وعلى آبائه كتب إليه ثلاث كتب، في كلّ سنة كتاباً، وكان نسخة عنوان الكتاب: للأخ السديد... وهذا أوفى مدح وتزكية وأزكى ثناء وتطرية بقول إمام الامة وخلف الأئمّة، إنتهى ما في اللؤلؤة.(1)

أقول: وكلامه صريح في أنّ التوقيعين مُجمَع عليهما، ونستنتج من كلامه أيضاً أنّ ما ذكره الطبرسي في مقدّمة الإحتجاج _ من ذكر الأسباب الّتي دعته إلى عدم ذكر السند للأحاديث الّتي يرويها _ أن التوقيعين من قسم الأحاديث الّتي انعقد الاجماع عليها، لهذا لم يذكر سندهما.

وإن كان بعض المتأخّرين قد شكّك في هذين التوقيعين، لكنّ الاطمئنان الحاصل عند التأمّل فيهما كافٍ في المقام، والله العالم.

وقال ابن شهر آشوب في معالمه: ولقّبه الشيخَ المفيد صاحبُ الزمان صلوات الله عليه، وقد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب.(2)

**********

(1) لؤلؤة البحرين: 363 - 367، وراجع حياة ابن بطريق في كتاب اللؤلؤة: 283، ووفاة ابن بطريق سنة 600.

(2) معالم العلماء: 113 رقم 765.

ص: 27

والظاهر أنّ المراد من عبارته (ولقّبه الشيخ المفيد صاحب الزمان) ما ورد في التوقيع: للأخ السديد والوليّ الرشيد الشيخ المفيد.

وأمّا ما أحال به على المناقب، فهو غير موجود في المناقب المطبوع وفي نسخه المتوفّرة لدينا، والنسخ التي اعتمدها المحدّث المجلسي والنوري، لأنّ كلّ هذه النسخ ناقصة غير موجود فيها البحث عن صاحب الأمر عليه السلام.

وشكّك السيّد الخوئي في هذا، بناءً على أنّ تسميته بالمفيد كانت من قِبل علي بن عيسى الرمّاني حيث قال له بعد مناظرةٍ: أنت المفيد حقّاً، وكون التوقيع صادراً في أواخر حياة الشيخ المفيد وإنّما لقّب الشيخ المفيد في عنفوان شبابه.(1)

وما ذكره السيّد الخوئي لا يقدح في سند التوقيعين ولا في متنيهما، وإنّما هو اعتراض على ابن شهر آشوب حيث قال: ولقّبه الشيخَ المفيد صاحبُ الزمان، إذ ليس في التوقيع ما يوحي إلى أنّ صاحب الزمان عليه السلام هو الذي لقّب المفيد بالمفيد، فلعلّه كان قد لُقّب بالمفيد، والتوقيع الخارج من الناحية جرى على ما هو المتعارف عليه من لقبه.

وبناءً على صدور هذين التوقيعين من الناحية المقدسة، نستطيع أن نصل إلى الصلة العميقة بين هذا الشيخ المفيد وبين إمام زمانه الحجّة المنتظر، لما فيهما من مدح وثناء عميقين من قِبل الناحية المقدّسة لهذا الشيخ الذي أوقف عمره للذبّ عن هذه الطائفة المظلومة.

فورد في التوقيع الأول من الناحية للشيخ المفيد من المدح:

للأخ السديد، والوليّ الرشيد، الشيخ المفيد... سلام عليك أيّها الوليّ المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين... ونُعلمك أدام الله توفيقك لنصرة الحّق، وأجزل مثوبتك على نطقك عنّا بالصدق... هذا كتابنا إليك أيّها الوليّ، والمخلص في ودّنا الصفيّ، والناصر لنا الوفيّ، حرسك الله بعينه الّتي لا تنام...(2)

**********

(1) معجم رجال الحديث 17: 209 و210.

(2) الإحتجاج 2: 497 و498.

ص: 28

وفي الثاني:

سلام عليك أيّها الناصر للحقّ، الداعي إليه بكلمة الصدق،... ونحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين، أيّدك الله بنصره الّذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين... هذا كتابنا إليك أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ...(1)

وكفى بهذا عزّاً وفخراً للشيخ المفيد، وهو أهل لذلك.

نحن والكتاب:

1 _ نسبة الكتاب للشيخ المفيد:

نستطيع أن نجزم بنسبة هذا الكتاب للشيخ المفيد، وذلك لعدّة جهات:

(1) عند التأمّل في بقيّة كتبه بالأخصّ الكلاميّة نشاهد أن طريقتها مع هذا الكتاب متّحدة، وبعبارة أخرى: من طالع كتب الشيخ المفيد وطالع هذا الكتاب من دون أن يعرف أنّه للمفيد يجزم بنسبته للمفيد، وذلك لاتّحاد مشربه.

(2) إتّفاق كلّ النسخ الخطّيّة بنسبة هذا الكتاب للشيخ المفيد، ومن النسخ ما كتب في القرن الثامن الهجري.

(3) عدم ادّعاء أيّ شخص بنسبة الكتاب لغير الشيخ المفيد.

(4) صرّح بنسبة هذا الكتاب للشيخ المفيد كثير من الأعلام، منهم: تلميذه الشيخ النجاشي في رجاله.(2) وابن شهر آشوب في معالمه(3)، والطهراني في الذريعة(4)، والكنتوري في كشف الحجب.(5)

**********

(1) الإحتجاج 2: 498 و499.

(2) رجال النجاشي: 399 رقم 1067.

(3) معالم العلماء: 114 رقم 765.

(4) الذريعة 5: 195 رقم 899 و228 رقم 10، 16: 80 رقم 405 و241 رقم 957، 20: 358.

(5) كشف الحجب: 509.

ص: 29

(5) إحالته في هذا الكتاب على بقيّة كتبه المسلّم بأنّها له، كالإرشاد، والإيضاح، والباهر من المعجزات.

2 _ اسم الكتاب:

اختلفت المصادر في تحديد اسم الكتاب:

ففي رجال النجاشي:(1) المسائل العشرة في الغيبة.

وفي معالم العلماء:(2) الأجوبة عن المسائل العشر.

وفي النسخة المطبوعة:(3) الفصول العشرة في الغيبة.

وفي كشف الحجب: المسائل العشرة في الغيبة.(4)

وفي الذريعة: الجوابات في خروج المهدي،(5) جوابات المسائل العشر في الغيبة(6) الفصول العشرة في الغيبة،(7) المسائل العشرة في الغيبة.(8)

وفي النسخ الأربع التي اعتمدنا عليها في تحقيقنا لهذا الكتاب ويأتي شرحها:

في نسخة (ع): شرح الأجوبة عن المسائل في العشرة الفصول عمّا يتعلق بمهديّ آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي نسخة (س): كتاب الغيبة.

وكلّ هذه الأسماء متقاربة، لأنّ الكتاب هو جواب لعشر مسائل، والظاهر أنّ الشيخ المفيد لم يسمّه باسم معيّن، ونحن اخترنا ما ذكره النجاشي ووضعناه عنواناً للكتاب، لقرب النجاشي من الشيخ المفيد فهو تلميذه والأعلم بكتب أستاذه.

فاسم الكتاب: المسائل العشر في الغيبة.

**********

(1) رجال النجاشي: 399 رقم 1067. والظاهر أن الصحيح: المسائل العشر.

(2) معالم العلماء: 114 رقم 765.

(3) المطبعة الحيدرية، النجف، 1370ه-.

(4) كشف الحجب: 509.

(5) الذريعة 5: 195 رقم 899.

(6) الذريعة 5: 228 رقم 10.

(7) الذريعة 16: 241 رقم 957.

(8) الذريعة 20: 358.

ص: 30

3 _ أهميّة الكتاب:

الكتاب هو عبارة عن دفع أهمّ الشبهات التي كانت واردة آنذاك على موضوع الإمام المنتظر عجل الله فرجه ، وهذه الشبه ردّها الشيخ المفيد بأحلى ردّ وأوجزه، ففي هذه الرسالة الوجيزة حجمها ترى فيها من المعلومات ما لا تجدها في غيره.

فالشيخ المفيد عالج هذه الشبه بعلاج جذريّ وناقشها من جميع الجهات، بحيث لم يبق في قلب أحدٍ شكّ ولا شبهة.

وعند النظر في الكتاب وقياسه بذلك الزمان والمكان اللذين كان فيهما الشيخ المفيد، تتّضح أهميّة الكتاب ومدى فائدته.

فالشيخ المفيد تعرّض في فصله الأوّل لردّ كون استتار ولادة المهدي خارجة عن العرف، وفي الثاني لردّ من تمسّك بإنكار جعفر عمّ الإمام، وفي الثالث لردّ من تمسّك بوصيّة الإمام العسكري لأمّه دون ولده، وفي الرابع لردّ من تمسّك بعدم الداعي لإخفاء الإمام العسكري ولده، وفي الخامس لردّ من ادعى أنّه مستتر لم يره أحد منذ وُلد، وفي السادس لردّ من ادّعى نقض العادة بطول عمره عجل الله فرجه ، وفي السابع لردّ من تمسّك بأنّه إذا لم يظهر فلا فائدة في وجوده، وفي الثامن لردّ من تمسّك بأنّا في غيبة صاحبنا ساوينا السبائية والكيسانيّة و...، وفي التاسع لردّ من ادّعى تناقض غيبة الإمام مع إيجاب الإمامة وأنّ فيها مصلحة للأنام، وفي العاشر لردّ من تمسّك بأنّ الخلق كيف يعرفه إذا ظهر والمعجز مخصوص بالأنبياء.

فتعرّض الشيخ المفيد لردّ كلّ هذه الشبهات، واعتمد في ردّه على: الآيات القرآنية، والحكم، والقصص الواردة عن الأنبياء والحكماء، والأمثلة التي يقبلها كلّ ضمير حيّ، ودراسة تاريخية كاملة لذاك الزمان وملوكه، واعتمد على الأدلّة العقليّة، شأنه شأن الكتب الكلاميّة العميقة.

ص: 31

فيعدّ كتابه من الكتب الكلاميّة ذات البحث العميق، والعبارة الدقيقة الصعبة، فالقارئ يحتاج إلى الوقوف على عباراته واحدة بعد أخرى، والتأمّل فيها ليصل إلى ما يقصده المؤلّف.

* * *

4 _ تاريخ تأليف الكتاب:

يوجد في هذا الكتاب نصّان نستفيد منهما تاريخ تأليف الكتاب.

أحدهما: في مقدّمة الكتاب وعند استعراضه للفصول نستفيد حين يصل لفهرست الفصل السادس، يقول:...إلى وقتنا هذا وهو سنة عشرة وأربعمائة.

والآخر: في الفصل السادس، يقول: وإلى يومنا هذا وهو سنة أحد عشر وأربعمائة.

فمن هذين النصّين نفهم أنّه بدأ بالتأليف في أواخر سنة أربعمائة وعشر، وأنهى الكتاب في سنة أحد عشر وأربعمائة، وذلك لصغر حجم الكتاب.

* * *

5 _ السائل:

لم يذكر الشيخ المفيد إسم السائل، بل اكتفى بقوله:... وتجدّد بعد الّذي سطرته... رغبةٌ مّمن أُوجب له حقاً، وأُعظم له محلاًّ وقدراً، وأعتقد في قضاء حقّه ووفاق مشربه لازماً وفرضاً، في إثبات نكت من فصول خطرت بباله في مواضع ذكرها، يختصّ القول فيها على ترتيب عيّنه وميّزه من جملة ما في بابه وبيّنه...

ويفهم من هذا أنّ السائل من العلماء ومن الممدوحين، وهو غير معتقد بهذا الشبهات، بل هي شبهات موجودة في زمانه رتّبها وأرسلها للشيخ المفيد بعنوان السؤال، والشيخ المفيد جرى في كتابه على ترتيب هذه الفصول التي رتبها السائل، ويؤيّد أن السائل غير معتقد بهذه الشبهات بل أوردها إيراداً ما

ص: 32

ذكره الشيخ المفيد في آخر الفصل الثاني في ردّ الفرق الضالّة:... حسب ما أورده السائل عنهم فيما سأل في الشبهات في ذلك.

وفي أوّل نسخة (ع) التي يأتي التفصيل عنها ورد اسم السائل، حيث قال كاتب النسخة: شرح الأجوبة... وهو جواب الرئيس أبي العلاء ابن تاج الملك، إملاء الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رضي الله عنه وأرضاه.

ولم أهتدِ إلى ترجمة السائل بعد البحث الطويل في كتب التراجم، نسأل الله أن نوفّق في المستقبل إلى معرفته.

* * *

6 _ طبعات الكتاب:

طبع الكتاب ولأول مرّة في النجف الأشرف سنة 1370ه- = 1951م في المطبعة الحيدرية، ويليه نوادر الراوندي ومواليد الأئمّة عليهم السلام.

وطبعته مكتبة المفيد في قم بالتصوير على الطبعة الأولى ضمن كتاب بإسم (عدّة رسائل للشيخ المفيد).

وطبع أيضاً سنة 1413ه- ضمن مؤلفات الشيخ المفيد، طبعة المؤتمر الألفيّ للشيخ المفيد، تحقيق فارس الحسّون.

وطبع أيضاً في بيروت سنة 1414ه-، مؤسسة البلاغ.

وطبع أيضاً في بيروت، سنة 1414ه-، ضمن مؤلفات الشيخ المفيد، دار المفيد.

* * *

7 _ ترجمة الكتاب:

ترجم هذا الكتاب الشيخ سعادت حسين إفتخار العلماء اللكهنوي المتوفى 1409ه- إلى اللغة الأردية، وطبعت هذه الترجمة بالهند باسم: غيبت.

وترجمه محمد باقر الخالصي إلى اللغة الفارسية، وطبع في طهران إنتشارات راه إمام سنة 1361ه- ش باسم إنتقاد وباسخ.

ص: 33

8 _ عملنا في الكتاب:

واجهنا في علمنا نوعاً من الصعوبة، لأنّ الكتاب _ كما في مقدّمة نسخة (ع) _ هو من قسم مؤلّفات الشيخ المفيد التي أملاها على تلامذته، وهذا النوع من مؤلّفات الشيخ المفيد تكون نسخه مضطربة جدّاً، فبذلنا جهدنا في تقويم نصّه، لأنّه أصل التحقيق، ليخرج الكتاب بعونه تعالى خالٍ من الأخطاء.

فكان عملنا في الكتاب على مراحل:

(1) البحث عن أهمّ النسخ الموجودة، فاعتمدنا في تحقيقنا لهذا الكتاب على خمس نسخ:

(أ) نسخة (ع)، وهي النسخة المحفوظة في المكتبة العامة لآية الله المرعشي في قم، ضمن مجموعة رقم 243، الرسالة التاسعة، من ورقة 105 إلى ورقة 212، جاء في أوّل الرسالة: شرح الأجوبة عن المسائل في العشرة الفصول عمّا يتعلّق بمهديّ آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو جواب الرئيس أبي العلاء ابن تاج الملك، إملاء الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رضي الله عنه وأرضاه.

والنسخة ناقصة الآخر، من أواخر الفصل التاسع والفصل العاشر بأكمله.

وتاريخ كتابة النسخة غير معلوم، لكن عند ملاحظة التملّك الموجود عليها نجزم بأنّها كُتبت إمّا آخر القرن السادس أو أوّل القرن السابع.

راجع فهرس المكتبة المرعشية 1: 268.

(ب) نسخة (ر)، وهي النسخة المحفوظة في المكتبة العامة لآية الله المرعشي في قم، ضمن مجموعة رقم 78، الرسالة التاسعة، من ورقة 104 والى ورقة 123، وجاء في أوّل الرسالة أنّ هذا الكتاب جواب أسئلة أبي العلاء تاج الملك.

وتاريخ كتابة النسخة غير معلوم، والظاهر أنّها كُتبت في القرن 13، ويحتمل أن تكون هذه النسخة استنسخت من نسخة (ع) التي مرّت.

راجع فهرس المكتبة المرعشية 1: 92.

ص: 34

(ج) نسخة (ل)، وهي النسخة المحفوظة في مكتبة المجلس في طهران ضمن مجموعة رقم 8 من صفحة 213 إلى صفحة 242، الرسالة الثامنة عشر.

راجع فهرس مكتبة المجلس: 1: 272.

(د) نسخة (س)، وهي النسخة المستنسخة والمصحّحة المحفوظة في دفتر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في قم، وهي (100) صفحة.

(ه-) نسخة (ط)، وهي النسخة المطبوعة في النجف 1370ه-، المطبعة الحيدرية، جاء في أوّلها: الفصول العشرة في الغيبة تأليف الإمام الفقيه المحقّق محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالشيخ المفيد المتوفى سنة 413ه-، وجاء في آخرها: يقول الفقير إلى الله الغنيّ شير محمد بن صفر علي الهمداني الجورقاني: قد نسخت هذه النسخة إلى أوائل الفصل السادس من نسخة العالم الجليل الميرزا محمد الطهراني المقيم بسامراء، وباقيها من نسخة العالم النبيل السيد محمد صادق آل بحر العلوم، واتفق لي الفراغ بعون الله تعالى يوم الرابع عشر من شهر محرّم الحرام من سنة 1363 ثلاث وستّين بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة المقدسة بمشهد سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام.

وعدد صفحاتها (38) صفحة بالحجم الرقعي، وطبع في آخرها: نوادر الراوندي ومواليد الأئمة.

(2) مقابلة هذه النسخ وذكر الاختلافات.

(3) تقويم النصّ وترجيح الصحيح أو الأصحّ فيما بين النسخ ووضعه في المتن، وأشرنا إلى أكثر الاختلافات في الهامش، لأجل أهميّة الكتاب وقدمه، وقدم النسخ المعتمدة، كما هو مسلكنا في التحقيق وتمسّكنا بعبارة: رُبّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه.

ص: 35

وفي بعض الأحيان أضفنا بعض الكلمات ووضعناها بين معقوفتين، لعدم استقامة العبارة بدونها.

(4) تخريج الآيات القرآنية والروايات والأقوال حسب ما أمكن.

(5) وضع ترجمة مبسّطة لكلّ الأعلام الواردة أسماؤهم في المتن والتأكّد من صحّتها غير الأنبياء والأئمّة عليهم السلام.

(6) التعريف بالكتب الواردة في المتن.

(7) التعريف بالفرق الواردة في المتن.

(8) التعريف بالبلدان الواردة في المتن.

(9) شرح بعض الكلمات اللغوية الصعبة من مصادر اللغة، وبعض العبارات الصعبة التي تحتاج إلى توضيح.

(10) وضع فهارس متعدّدة في آخر الكتاب، تسهيلاً للمراجع.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

18/ ذي الحجّة/ 1412ه-

ذكرى عيد الغدير الأغر

فارس الحسّون

ص: 36

الصفحة الأولى من النسخة (ع)

ص: 37

الصفحة الأولى من النسخة (ر)

ص: 38

الصفحة الأولى من النسخة (ل)

ص: 39

صفحة بيضاء

ص: 40

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

الحمد لله الذي ضمن النصر لمن نصره، وأيّد بسلطان الحقّ من عرف سبيله فأبصره. وسلب التوفيق عمّن(2) ألحد فيه وأنكره.

وإليه الرغبة في إدامة النعمة، وبه نعوذ من العذاب والنقمة.

وصلواته على سيّدنا محمّد وآله الأئمّة المهديّة، وسلّم كثيراً.

وبعد. فإني قد خلّدت(3) من الكلام في وجوب الإمامة، واختصاص مستحقّيه(4)عليهم السلام بالعصمة، وتمييزهم من رعاياهم بالكمال والفضل بمحاسن(5) الأفعال، والأعلام الدالّة على الصدق منهم في الدعوى إلى ما دعوا إليه من الإعتقادات والأعمال، والنصوص الثابتة عليهم من الله تعالى بجليّ المقال.

وأوضحت عن فساد مذاهب المخالفين في ذلك والذاهبين بالجهل والضلال، بما قد ظهر في الخاصّ من الناس والعامّ، واشتهر بين الجمهور من الأنام.

وبيّنت عن أسباب ظهور دعوة الناطقين منهم إلى الدين، وصمتِ المتّقين عن ذلك، لضرورتهم إليه بظلم الجبارين، والإشفاق على مُهجهم(6) (من) المبيحين لدمائهم، المعتدين بخلافٍ قِتْلَةَ(7) النبيّين والمرسلين فيما

**********

(1) ر. ع. س: ربّ يسّر.

(2) ع. ل: من.

(3) ر. ع: جلدت، ل: حللت.

(4) ر. ع: مستحقّها.

(5) ر. ع. س: محاسن.

(6) ر. ع. ل. ط: إلى منهجهم.

(7) ع. س: لخلاف قتله، ل.ط: لخلاف قتلهم، ر: بخلاف قتلهم.

ص: 41

استحلّوه من ذلك. بما ضمّه الفرقان والقرآن(1) المبين، فيما ثبت في غيبة خاتم الأئمّة المهديّين عليهم أفضل السلام والتسليم، واستتاره من دولة الظالمين، ما دلّ على إيجابه إلى ذلك وضرورته إليه، مثمر العلم به واليقين.

وتجدّد بعد الذي سطرته في هذه الأبواب، وشرحتُ معانيه على وجه السؤال فيه والجواب(2)، وشواهد الحقّ فيه بحجّة العقل والسنّة والكتاب، رغبةٌ مّمن أُوجب له حقّاً، وأُعظم له محلاً وقدراً، وأعتقد في قضاء حقّه(3) ووفاق مشربه(4) لازماً وفرضاً، في إثبات نكت من فصول خطرت بباله في مواضع ذكرها، يختصّ القول فيها بإمامة صاحب الزمان عليه وعلى آبائه أفضل السلام، آثر أن يكون القول فيها على ترتيب عيّنه وميّزه من جملة ما في بابه وبيّنه.

فاستخرت الله تعالى في رسم ما ذكره من الفصول، والقول فيها بما تعمّ معرفته ذوي العقول، ولا يحتاج معه إلى فكرٍ(5) يمتدّ زمانه ويطول، ويُستغنى به عن الرجوع إلى العُمد(6) التي أودعتها كتبي السالفة في ذلك ومهذّبه(7) فيها من الأصول. وبالله أستعين.

* * *

**********

(1) ع. ل. ط: الفرقان القرآن.

(2) ر. ع: وجه السؤال فيه والسؤال والجواب.

(3) ر. ل. س. ط: فصاحته.

(4) ر. ع. س: مسرّته.

(5) ل: ذكر.

(6) راجع ما كتبناه في المقدّمة من مؤلفات المفيد مستقلاً وضمناً عن الإمام الحجّة عليه السلام.

(7) س. ط: ومهّدته.

ص: 42

ذكر الفصول

على ترتيبها ونظامها وشرحها ومواضع الشبهات فيها

الفصل الأول: القول فيما يدّعيه الإمامية من وجود خلفٍ لأبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا وُلد في حياته، مع خفاء ذلك على أهله، واستتاره عن بني عمّه وأوليائهم وأعدائهم في وقته إلى هذه الغاية، لم يشرك الإمامية في دعوى ذلك غيرُهم من الناس.

الفصل الثاني: إنكار جعفر بن علي بن محمد بن علي(1) _ أخي الحسن ابن علي _ دعوى الإمامية ولداً له، وحوزه ميراثه، والتظاهر بتكذيب من ادّعى لأخيه ولداً في حياته وبعد وفاته، ورفع خبر المدّعين ذلك إلى السلطان، حتّى بعثه(2) على حبس جواريه(3) واستبراء حالهم(4) في الحمل، فلم يظهر لواحدة منهنّ حملاً، وصار ذلك شبهة في إبطال دعوى ولد الحسن عليه السلام.

الفصل الثالث: وصيّة الحسن المشهورة إلى والدته _ المسمّاة بحديث(5) المكنّاة بأم الحسن _ في وقوفه وصدقاته، وإمضائها(6) على شروطها، ولم يذكر فيها ولداً له موجودا(7) ولا مُنتظَراً.

**********

(1) خرج التوقيع على عثمان العمري من الناحية المقدسة جواب أسئلة سألها إسحاق بن يعقوب:...

وأما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل أخوة يوسف عليه السلام.

كمال الدين: 483 و484.

وراجع البحار 50: 227- 232 باب 6 أحوال جعفر، و 37: 8.

(2) ر. ع: يعنه.

(3) ر. ع: جواره.

(4) ط: حالهنّ.

(5) هي أم الحسن حديث أو حديثة، وقيل: سوسن، وقيل سليل، وكانت من الصالحات المتقيات العارفات بهذا الأمر.

الاعيان 1: 40.

(6) ع: وأمضا بها.

(7) ل. ط: ولداً موجوداً.

ص: 43

الفصل الرابع: ما الداعي إلى ستر ولادته، والسبب إلى خفاء أمره وغيبته؟ مع ظهور نسب آبائه وولادتهم ونشئهم(1) واشتهار وجودهم، وقد كانوا في أزمانٍ التقيّة فيها أشدّ من زمن الحسن بن علي بن محمد، وخوفهم فيها من ملوك بني أميّة ومن بعدهم أعظم، ولم يغب أحدٌ منهم، ولا خفيت ولادته ووجوده عن الناس.

الفصل الخامس: خروج دعوى الإماميّة في غيبة الإمام عن حُكم العادة في استتاره عن الخلق(2) طول المدّة التي يدّعونها لصاحبهم، وانسداد الطرق إلى الوصول إليه(3)، وعدم معرفة(4) مكانٍ له على حالٍ.

الفصل السادس: انتقاض العادة في دعوى طول عمره وبقائه منذ وُلد على قول الإماميّة قبل وفاة أبيه بسنين، وكانت وفاته في سنة ستّين ومائتين إلى وقتنا هذا وهو سنة عشرة وأربعمائة.

الفصل السابع: أنّ غيبته متى صحّت على الوجه الذي تدّعيه الإمامية بطلت الحاجة إليه، إذ كان وجود منعها كعدمه(5) من العالم، ولا تظهر له دعوة، ولا تقوم له حجّة، ولا يقيم حدّاً، ولا ينفّذ حكماً، ولا يرشد مسترشِداً، ولا يأمر بمعروف، ولا ينهى عن المنكر، ولا يهدي ضالاًّ، ولا يجاهد في الإسلام.

الفصل الثامن: بطلان دعوى الإماميّة في الغيبة بما به اعتصموا في إنكار قول الممطورة:(6)

**********

(1) ل: وموتهم.

(2) ع. ل: في استتار الخلق، ر.س: في استتار الحقّ، والمثبت من ط ونسخة بدل في س.

(3) أي: إلى صاحبهم.

(4) ل. ع. ط: وعدم خبر معرفة.

(5) س. ط: إذا كان وجوده معها كعدمه.

(6) هم: الواقفة الّذين وقفوا على موسى بن جعفر عليه السلام ، وهم فرقٌ كثيرة:

فمنهم من قال: بأنه حيّ لم يمت ولا يموت حتّى يملك شرق الأرض وغربها، ويملأها كلّها عدلاً كما ملئت جوراً، وأنّه القائم.

ومنهم من قال: إنّه القائم وقد مات، ولا تكون الإمامة لغيره حتّى يرجع، وزعموا أن-ّه قد رجع بعد موته إلاّ انّه مختف في موضع من المواضع.

ومنهم من قال: إنّه القائم وقد مات ويرجع وقت قيامه.

وأنكر بعضهم قتله وقال: مات ورفعه الله إليه وانّه يردّه عند قيامه.

وإنّما لقبوا بالممطورة، لأن علي بن إسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمن ناظرا بعض الواقفية فقال عليّ بن إسماعيل- وقد اشتدّ الكلام بينهم - ما أنتم إلاّ كلاب ممطورة، أراد: أنتن من الجيف، لأن الكلب إذا أصابه المطر فهو أنتن من الجيف.

فرق الشيعة: 90 - 92.

ص: 44

إنّ موسى بن جعفر عليهما السلام حيّ موجود غائب منتظر، وبما به شنّعوا(1) على الكيسانية(2) والناووسية(*) والإسماعيلية(**) في دعواهم حياة أئمّتهم محمّد بن

**********

(1) ل. س. ط: شكوا.

(2) هم الذين يعتقدون بإمامة محمد بن الحنفية، وهم فرق متعدّدة:

فمنهم من قال بإمامة محمّد بن الحنفية بعد أمير المؤمنين عليه السلام.

ومنهم من قال بإمامته بعد الحسن والحسين عليهما السلام.

ومنهم من قال بأنه هو الإمام المهدي، سمّاه به أبوه عليه السلام لم يمت ولا يموت، وليس لأحد أن يخالفه، وإنّما خرج الحسن والحسين بإذنه.

وإنما سمّوا بالكيسانية، لأن محمد بن الحنفية استعمل المختار على العراقين، وأمر بالطلب بدم الحسين وثأره وقتل قاتليه، وسمّاه كيسان لكيسه.

فرق الشيعة: 41- 45.

أقول: عند التأمّل في كتب التاريخ والتراجم نجزم بأنّ محمد بن الحنفيّة لم يؤسّس هذه الفرقة، ولا له بهم صلة، وإنّما هم نسبوا أنفسهم إليه، وأنّه كان يعلم بإمامة ابن أخيه السجاد، ولم يدّع الإمامة لنفسه قط.

(*) هم فرقة قالوا: إنّ جعفر بن محمد حيّ لم يمت ولا يموت، حتى يظهر ويلي أمر الناس وإنّه هو المهدي، وزعموا أنّهم رووا عنه أنّه قال: إن رأيتم رأسي قد أهوى عليكم من جبل فلا تصدّقوه، فإنّي أنا صاحبكم.

وإنما سمّيت بالناووسية، لأن رئيساً لهم من أهل البصرة كان يقال له فلان بن فلان الناووس، وقيل: اسمه عجلان بن ناووس، وقيل: اسمه ناووس، وقيل نسبوا إلى قرية ناوسا.

فرق الشيعة: 78.

(**) فرقة قالوا: إنّ الإمام بعد جعفر بن محمد ابنه إسماعيل بن جعفر، وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه، وقالوا: كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس، لأنه خاف عليه فغيّبه عنهم، وزعموا أنّ اسماعيل لا يموت حتّى يملك الأرض ويقوم بأمر الناس، وأنّه هو القائم، وهذه الفرقة هي الإسماعيلية الخالصة.

فرق الشيعة: 80.

أقول: منشأ اشتباه هذه الفرقة هو أنّ إسماعيل كان أكبر ولد أبيه الصادق، وكان رجلاً صالحاً، وكان أبوه شديد المحبّة له والبرّ به، وكان يظنّ قوم من الشيعة في حياة أبيه انّه القائم بعده. ولمّا مات اسماعيل في حياة أبيه بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة، أمر الإمام بوضع السرير على الأرض قبل دفنه مراراً، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه، يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عن الظانّين خلافته له من بعده وإزالة الشبهة عنه.

ومع كلّ هذه الإجراءات منه، نرى تمسّك فرقة بإمامة اسماعيل بعد أبيه.

ص: 45

الحنفية،(1) وجعفر بن محمد، وإسماعيل بن جعفر،(2) وتناقض(3) مقالهم في ذلك.

الفصل التاسع: اعتراف الإماميّة بأنّ الله تعالى أباح للإمام(4) الإستتار عن الخلق، وسوّغ له الغيبة عنهم بحيث لا يلقاه أحدٌ منهم فيعرفه بالمشاهدة لطفاً

**********

(1) هو: أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن أبي الطالب، والحنفية لقب أمّه خولة بنت جعفر، كان كثير العلم والورع، شديد القوة، وحديث منازعته في الإمامة مع علي بن الحسين عليه السلام وإذعانه بإمامته بعد شهادة الحجر له مشهور، بل في بعضها: وقوعه على قدمي السجاد بعد شهادة الحجر، ولم ينازعه بعد ذلك بوجه، توفّّي سنة 80ه- وقيل: 81ه-.

الطبقات الكبرى 5: 91، وفيات الأعيان 4: 169، تنقيح المقال 3: 115.

(2) اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، رجل صالح، مات في حياة أبيه بالعريض، وحُمل على رقاب الرجال إلى المدينة حت-ّى دفن بالبقيع، وحزن عليه الصادق حزناً عظيماً، وتقدّم سريره بغير حذاء ولا رداء.

تنقيح المقال 1: 131 و132، وفيه بحث كامل حول ما تصوّره البعض من ورود الذمّ لإسماعيل.

(3) ع: ويناقض.

(4) ع. ل: الإمام.

ص: 46

له في ذلك ولهم، وإقرارهم بأنّ الله سبحانه لا يُبيح إلاّ ما هو صلاح، ولا يسوّغ إلاّ ما هو في التدبير صواب، ولا يفعل بعباده إلاّ ما بهم حاجة إليه ما دامت المحنة(1) والتكليف باقياً، وهذا ينقض قولهم في مشاهدته وأخذ معالم الدين فيه(2) مصلحة تامّة وأنّ بظهوره تمام المصالح والنظام والتدبير.(3)

الفصل العاشر: اضطرار الإماميّة عند قولهم بالغيبة في إثبات الأعلام بالمعجزات لإمامهم عند ظهوره، إذ كان لا يعرفه متى ظهر أحدٌ بشخصه، وإنّما يصل إلى معرفته الدالّ على صدقه بصحّة(4) نسبه وثبوت إمامته ووجوب طاعته، وهذا إخراج الآيات(5) عن دلائلها، وإيجاب لظهورها على غير من اختصّت به(6) من الأنبياء والرسل عليهم السلام ، وفي ذلك إفساد أدلّة النبوّة وأعلام الرسالة، وذلك باطل باتّفاق أهل الملل كلّها.

* * *

**********

(1) ر: المحبّة.

(2) ط: عنه.

(3) ع. ل. ر: والنظام التدبير.

(4) ر: لصحّة.

(5) ع: للآيات.

(6) ط: والحاد لظهورها على غير من اختصّت به.

ص: 47

صفحة بيضاء

ص: 48

الفصل الأول: استتار الولادة

اشارة

(استتار الولادة)

وأقول: إنّ استتار ولادة المهدي بن الحسن بن عليّ عليهم السلام عن جمهور أهله وغيرهم، وخفاء ذلك عليهم، واستمرار استتاره عنهم ليس بخارج عن العرف، ولا مخالفاً لحكم العادات، بل العلم محيطٌ بتمام مثله في أولاد الملوك والسّوقة(1)، لأسباب تقتضيه لا شبهة فيها على العقلاء.

فمنها: أن يكون للإنسان(2) ولد من جارية قد أستر(3) تملّكها من زوجته وأهله، فتحمل منه فيخفي ذلك عن كلّ من يُشفق(4) منه أن يذكره ويستره عمّن لا يأمن إذاعة الخبر به، لئلاّ يفسد الأمر عليه مع زوجته بأهلها وأنصارها، ويتمّ الفساد به ضرر(5) عليه يضعف عن دفاعه عنه، وينشأ الولد وليس أحدٌ من أهل الرجل وبني عمّه وإخوانه وأصدقائه يعرفه، ويمرّ(6) على ذلك إلى أن يزول خوفه من الإخبار عنه، فيعرّف به إذ ذاك، وربّما تمّ ذلك إلى أن تحضره وفاته، فيعرّف به عند حضورها، تحرّجاً من تضييع(7) نسبه، وإيثاراً لوصوله إلى مستحقّه من ميراثه.

**********

(1) هم بمنزلة الرعيّة التي تسوسها الملوك، سمّوا بذلك لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم. لسان العرب: 10: 170 سوق.

(2) ر. ل: الإنسان.

(3) ر. س. ط: استتر.

(4) ل: شفق.

(5) ط: ويتمّ الفساد به ويترتّب ضررّ.

(6) ل. ط: يمرّ، بدون واو.

(7) س. ط: تضيع.

ص: 49

وقد يولد للملك ولدٌ (فلا) يؤذن به حتّى ينشأ ويترعرع، فإن رآه على الصورة التي تعجبه...(1) وقد ذكر الناس ذلك عن جماعة من ملوك الفرس والروم(2) والهند(3) في الدولتين معاً،(4) فسطروا (5) أخبارهم في ذلك، وأثبتوا قصّة كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس ملك الفرس،(6) الّذي جمع ملك بابل(7) والمشرق، وما كان من ستر أمّه حملها وإخفاء ولادتها لكيخسرو،(8)

**********

(1) كذا في جميع النسخ، ويصلح أن يكون مكانه عبارة: فيؤذن به ويعلن عنه، وإلاّ فلا.

(2) جيل معروف في بلادٍ واسعة، واختلف في أصل نسبهم، فقيل: انّهم من ولد روم بن سماحيق... بن إبراهيم عليه السلام ، وحدود الروم: من الشمال والشرق: الترك والخزر ورسّ وهم الروس، ومن الجنوب: الشام والاسكندرية، ومن المغرب: البحر والأندلس وكانت الرقة والشامات كلّها تعدّ في حدود الروم أيام الأكاسرة.

معجم البلدان 3: 97 و98.

(3) دولة في جنوب آسيا، يحدّها من المغرب باكستان الغربية، ومن الشمال الصين ونيبال، ومن الشرق بورما وباكستان الشرقية، عاصمتها نيودلهي.

المنجد: 731.

(4) كذا في النسخ.

(5) ر. س: فينظروا.

(6) هذه الأسماء وردت مضطربة في النسخ: وما أثبتناه من س والمصدر.

ففي ع: كيخسرو بن سواخس وكنفار بن ملك الفرس.

وفي ل. ر: كسيخرو بن سواخس وكنفان بن ملك الفرس.

وفي ط: كيخسرو أو ابن سياوخش وكيقاوس ملك الفرس.

وفي المصادرالفارسية: كيخسرو بن سياوش بن كيكاوس.

(7) ناحية من الكوفة والحلّة، وكان ينزلها الكلدانيون، ويقال: اوّل من سكنها نوح عليه السلام بعد الطوفان.

معجم البلدان 1: 309.

(8) س. ط: للكيخسرو.

ص: 50

وأمّه(1) هذه المسمّاة بوسفا فريد(2) بنت فراسياب(3) ملك الترك، فخفي أمره مع الجِدّ(4) كان من كيقاوس _ جدّه الملك الأعظم(5) _ في البحث عن أمره والطلب له، فلم يظفر بذلك حيناً طويلاً.

والخبر بأمره مشهور، وسبب ستره وإخفاء شخصه معروف، قد ذكره علماء الفرس(6)، وأثبته محمّد بن جرير الطبري(7) في كتابه التاريخ.(8)

**********

(1) في النسخ: أو أمّه، والظاهر ما أثبتناه، لتعارف كثير من المستنسخين على أن يضعوا ألفاً بعد الواو دائماً.

(2) ر. ع. ل: يوسفارند، س: يوسفافريد، والمثبت من ط والمصدر.

وفي المصادرالفارسية: فرنكيس أو فرنكيز.

(3) س. ط: افراسياب.

وكذا في المصادر الفارسيّة.

(4) أي: الإجتهاد، ويحتمل أن تكون العبارة هكذا:مع الجدّ وما كان من...

(5) ع: له أعظم.

(6) ذكر الخبر ومصادره على أكبر دهخدا في كتابه لغتنامه 29/ 744 حرف السين، و 38/ 457 حرف الكاف، و 35/ 200 حرف الفاء، و22/ 535 حرف الخاء.

(7) أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، المؤرخ، عامي، ولد بآمل طبرستان سنة 224 وتوفي سنة 310 ببغداد، له مؤلّفات كثيرة منها: التفسير الكبير، وكتاب طرق حديث الغدير الذي قال الذهبي: إنّي وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه.

وأما كتابه التاريخ تاريخ الأمم والملوك فهو من أحسن كتب التاريخ، جمع فيه أنواع الأخبار، وروى فنون الآثار، واشتمل على صنوف العلم.

النجاشي: 322 رقم 879، الكنى والألقاب 1: 236 و237.

(8) تاريخ الأمم والملوك تاريخ الطبري 1/ 504- 509.

وملخّص القصّة: أنّه ولد لكيقاوس ابن، لم يُر مثله في عصره في جماله وكماله وتمام خلقه، فسمّاه أبوه سياوخش... وربّاه أحسن تربية إلى أن كبر، وكان كيقاوس تزوّج ابنة فراسياب ملك الترك، وكانت ساحرة، فهويت ابن زوجها سياوخش ودعته إلى نفسها، وأنه امتنع عليها، فلمّا رأت امتناعه عليها حاولت إفساده على أبيه، فتغير كيقاوس على ابنه، وتوجّه سياوخش لحرب فراسياب - لسبب منع فراسياب بعض ما كان ضمن لكيقاوس عند انكاحه ابنته إيّاه - مريداً بذلك البعد عن والده والتنحّي عمّا تكيده به زوجة والده، فلمّا صار سياوخش إلى فراسياب جرى بينهما صلح، وكتب بذلك سياوخش إلى أبيه يعلمه ما جرى بينه وبين فراسياب من الصلح، فكتب إليه والده بمناهضة فراسياب ومناجزته الحرب، فرأى سياوخش أنّ في فعله ما كتب به إليه أبوه عاراً عليه، فامتنع من انفاذ أمر أبيه وأرسل فراسياب في أخذ الأمان لنفسه منه، فأجابه فراسياب، فلمّا صار سياوخش إلى فراسياب بوّأه وأكرمه وزوّجه ابنة له يقال لها وسفافريد، ثمّ لم يزل له مكرماً حتّى ظهر له أدب سياوخش وعقله وكماله ما اشفق على ملكه منه، وسعى على سياوخش إلى فراسياب ابنين لفراسياب واخ، حتّى قتل فراسياب سياوخش ومث-ّل به، وامرأته - إبنة فراسياب - حامل منه، فطلبوا الحيلة لإسقاطها ما في بطنها فلم يسقط، فوضعوها تحت رقابة فيران إلى ان تضع ليقتل الطفل، فلمّا وضعت فراسياب حملها: كيخسرو، رقّ فيران لها وللمولود، فترك قتله وستر أمره حتّى بلغ المولود فوجّه كيقاوس إلى بلاد الترك بيّ ليبحث عن المولود ليأتي به إليه مع أمّه، وانّ بيّ لم يزل يفحص عن أمر ذلك المولود متنكراً حيناً من الزمان فلا يعرف له خبراً ولا يدلّه عليه أحد ثم وقف بعد ذلك على خبره، فاحتال فيه وفي أمّه حتّى أخرجهما من أرض الترك إلى كيقاوس...

إلى آخر القصة، وهي طويلة جدّاً اقتصرنا على محلّ الشاهد منها، من أرادها فليراجعها. وللتفصيل راجع مروج الذهب 1: 250.

ص: 51

وهو نظير لما أنكره الخصوم في خفاء أمر ولد الحسن بن عليّ عليهما السلام ، واستتار(1) شخصه، ووجوده وولادته، بل ذلك أعجب.

ومن الناس من يستر ولده عن أهله مخافة شنعتهم(2) في حقّه، وطمعهم في ميراثه ما لم يكن له ولد، فلا يزال مستوراً حتّى يتمكّن من إظهاره على أمان منه عليه ممّن سمّيناه.

ومنهم من يستر ذلك ليرغب في العقد له من لا يؤثر مناكحة صاحب الولد من الناس، فيتمّ له(3) في ستر ولده وإخفاء شخصه وأمره، والتظاهر بأنّه

**********

(1) ر: واستتاره.

(2) ع. ر: سعيهم.

(3) أي: العقد.

ص: 52

لم يتعرّض بنكاح من قبل ولا له ولدٌ من حرّة ولا أمة، وقد شاهدنا من فعل ذلك، والخبر عن النساء به(1) أظهر منه عن الرجال.(2)

واشتهر من الملوك من ستر ولدٍ وإخفاء شخصه(3) من رعيّته لضربٍ من التدبير، في إقامة خليفة له، وامتحان جنده بذلك في طاعته، إذ كانوا يرون أنّه لا يجوز في التدبير استخلاف من ليس له بنسيب(4) مع وجود ولده، ثم يُظهر بعد ذلك أمر الولد عند التمكّن من إظهاره برضى القوم، وصرف الأمر عن الولد إلى غيره، أو لعزل مستخلفٍ عن المقام، على وجه ينتظم للملك أمور لم يكن يتمكّن من التدبير الّذي كان منه على ما شرحناه.

وغير ذلك ممّا يكثر تعداده من أسباب ستر الأولاد وإظهار موتهم، واستتار الملوك أنفسهم، والإرجاف بوفاتهم، وامتحان رعاياهم بذلك، وأغراض له معروفة قد جرت من المسلمين بالعمل عليها العادات.

وكم وجدنا من نسيب(5) ثبت بعد موت أبيه بدهرٍ طويل، ولم يكن أحد من الخلق يعرفه بذلك حتّى شهد له بذلك رجلان مسلمان، وذلك لداعٍ دعا الأب إلى ستر ولادته عن كلّ أحد من قريب وبعيد، إلاّ من شهد به من بعد عليه بإقراره به على الستر(6) لذلك والوصية بكتمانه، أو بالفراش الموجب لحكم الشريعة إلحاق الولد بوالده.

فصل: (في خفاء ولادة بعض الأنبياء عليهم السلام)

وقد أجمع العلماء من الملل على ما كان من ستر ولادة أبي(7) إبراهيم الخليل

**********

(1) لفظ: به، لم يرد في ل.

(2) ل. س. ط: أظهر من الرجال.

(3) س. ط: مَن ستر ولده وأخفى شخصه.

(4) ل. س. ط: بنسب.

(5) س. ط: نسبٍ.

(6) ع: السرّ.

(7) لفظ: أبي، لم يرد في ل.

ص: 53

عليه السلام وأمّه لذلك، وتدبيرهم في إخفاء أمره عن(1) ملك زمانه لخوفهم عليه منه.(2)

وبستر(3) ولادة موسى بن عمران عليه السلام ، وبمجيء القرآن بشرح(4) ذلك على البيان، والخبر بأنّ أمّه ألقته في اليمّ على ثقةٍ منها بسلامته وعوده إليها، وكان ذلك منها بالوحي إليها به بتدبير الله جلّ وعلا (5) لمصالح العباد.(6)

فما الّذي ينكر خصوم الإماميّة من قولهم في ستر الحسن عليه السلام ولادة ابنه المهديّ عن أهله وبني عمّه وغيرهم من الناس، وأسباب ذلك أظهر من أسباب ستر من عددناه وسمّيناه، وسنذكرها عند الحاجة إلى ذكرها من بعد إن شاء الله.

والخبر بصحّة ولد الحسن عليه السلام قد ثبت بأوكد ما تثبت(7) به أنساب الجمهور من الناس، إذ كان النسب يثبت: بقول القابلة، ومثلها من النساء اللاتي جرت عادتهنّ بحضور ولادة النساء وتوليّ معونتهم(8) عليه، وباعتراف صاحب الفراش وحده بذلك دون مَن سواه، وبشهادة رجلين من المسلمين على إقرار الأب بنسب الإبن منه.

وقد ثبتت أخبار عن جماعة من أهل الديانة والفضل، والورع والزهد، والعبادة والفقه عن الحسن بن عليّ(9) عليهما السلام: أنّه اعترف بولده المهدي عليه السلام ، وآذنهم بوجوده، ونصّ لهم على إمامته من بعده، وبمشاهدة بعضهم له طفلاً، وبعضهم له يافعاً وشاباً

**********

(1) س. ط: من.

(2) تاريخ الطبري 1: 234، كمال الدين 1: 138 رقم 1، قصص الأنبياء: 103.

(3) س. ط: وستر.

(4) ل: ومجيء القرآن يشرح.

(5) ل. ط: عزّ وجل.

(6) راجع القصص: 7 - 13، وطه: 38 - 40.

وللتفصيل راجع: كمال الدين 1: 147 رقم 13، قصص الأنبياء: 148 - 150.

(7) ع: ما ثبتت.

(8) س. ط: معونتهنّ.

(9) ر. س. ع: عن الحسن بن محمد بن عليّ. وهو سهوٌ.

ص: 54

كاملاً، وإخراجهم إلى شيعته بعد أبيه الأوامر والنواهي والأجوبة عن المسائل، وتسليمهم له حقوق الأئمّة من أصحابه.

وقد ذكرتُ أسماء جماعة ممّن وصفت حالهم من ثقات الحسن بن عليّ عليهما السلام وخاصّته المعروفين بخدمته والتحقيق به، وأثبتُّ ما رووه عنه في وجود ولده ومشاهدتهم من بعده، وسماعهم(1) النصّ بالإمامة عليه.

وذلك موجود في مواضع من كتبي، وخاصّة في كتابيّ المعروف أحدهما: ب- الارشاد في معرفة حجج(2) الله على العباد،(3) والثاني: ب- الايضاح(4) في الإمامة والغيبة.(5)

ووجود ذلك فيما ذكرت يغني عن تكلّف(6) إثباته في هذا الكتاب.

**********

(1) ل. ع. ر: ومشاهدتهم من بعد لمن سماتهم، والظاهر أن لفظة لمروياتهم هي المقصودة من لمن سماتهم، والمثبت من س.ط.

(2) لفظ: حجج، أثبتناه من س، ولم يرد في بقيّة النسخ.

(3) الإرشاد: 350، باب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر.

وكتاب الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، فيه تواريخ الأئمّة الطاهرين الأثني عشر عليهم السلام ، والنصوص عليهم، ومعجزاتهم، وطرف من أخبارهم من ولادتهم ووفياتهم ومدّة أعمارهم وعدّة من خواص أصحابهم وغير ذلك.

طبع في إيران مكرراً، وطبعت ترجمته الفارسية الموسومة بتحفه سليمانية.

نسخة منه في المكتبة العامّة لآية الله المرعشي رقم 1144 كتب سنة 565، وأخرى في المجلس النيابي كتبت سنة 575 رقم 14302، وأخرى في مكتبة آية الله الكلبايكاني من القرن السابع والثامن.

النجاشي: 399، الذريعة 1: 509 و510 رقم 2506، ومعلومات أخرى متفرقة.

(4) ع. ل. ط: الإيضاح.

(5) بدأ فيه بردّ شبهات العامّة وأدلّتهم على إثبات الخلافة، ثمّ ذكر أدلّة إمامة المعصومين عليهم السلام ، له نسخة في مكتبة السيّد راجه محمد مهدي في ضلع فيض آباد الهند.

وما ربّما يتوهّم من كونه متحداً مع الإفصاح فهو بعيد جدّاً، لأنّ ما أحال عليه في هذا الكتاب في عدّة موارد غير موجود في الإفصاح، وصرّح النجاشي بتعدّدهما.

راجع النجاشي: 399، الذريعة 2: 490 رقم 1925.

(6) س. ط: تكليف.

ص: 55

صفحة بيضاء

ص: 56

الفصل الثاني: إنكار جعفر بن عليّ ولادة الإمام المهدي عليه السلام

اشارة

(إنكار جعفر بن عليّ ولادة الإمام المهدي عليه السلام)

وأمّا المتعلّق بإنكار جعفر بن عليّ شهادة الإماميّة(1) بولدٍ لأخيه الحسن بن عليّ عليهما السلام وُلد في حياته بعده، والحوز لتركته بدعوى استحقاقها بميراثه مثلاً دون ولدٍ له، وما كان منه من حمل أمير الوقت على حبس جواري الحسن عليه السلام ، واستبذالهنّ(2) بالاستبراء لهنّ من الحمل ليتأكّد(3) بقيّة(4) لولد أخيه، وإباحته دماء شيعة الحسن بدعواهم خلفاً من بعده كان أحقّ بمقامه من بعده من غيره وأولى بميراثه ممّن حواه.

فليس بشبهةٍ(5) يعتمدها عاقلٌ في ذلك، فضلاً عن حجّةٍ، لا تّفاق الأمّة على أنّ جعفراً لم تكن له عصمة الأنبياء، فيمتنع عليه لذلك إنكار حقٍّ ودعوى باطلٍ، بل كان من جملة الرعيّة التي يجوز عليها الزلل، ويعتريها السهو، ويقع منها الغلط، ولا يؤمن منها تعمّد الباطل، ويتوقّع منها الضلال.

وقد نطق القرآن بما كان من أسباط يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن _ عليه وعلى ولده الأنبياء وآبائه المنتجبين الأصفياء وكافّة المرسلين الصلاة الدائمة والتحيّة والسلام _ في ظلم أخيهم يوسف عليه السلام،

**********

(1) ل. ع: الإمامة. وهو خطأً.

(2) الاستبذال: ترك الاحتشام والتصرّف.

وفي ر. ل. ع: واستبدالهنّ.

(3) ر: لتأكّد.

(4) ل. س. ط: نفيه.

(5) س. ط: لشبهةٍ.

ص: 57

وإلقائهم له في غيابة الجبّ، وتغريرهم(1) بدمه بذلك، وبيعهم إيّاه بالثمن البخس، ونقضهم(2) عهده في حراسته، وتعمّدهم معصيته في ذلك وعقوقه(3)، وإدخال الهمّ عليه بما صنعوه بأحبّ ولده إليه وأوصلوه إلى قلبه من الغمّ بذلك، وتمويههم على دعواهم على الذئب أنّه أكله بما جاءوا به على قميصه من الدم، ويمينهم بالله العظيم على براءتهم ممّا اقترفوه في ظلمه من الإثم، وهم لما أنكروه متحقّقون، وببطلان ما ادّعوه في أمر يوسف عليه السلام عارفون.(4)

هذا وهم أسباط النبيّين، وأقرب الخلق نسباً بنبيّ الله وخليله إبراهيم.

فما الذي ينكر(5) مّمن هو دونهم في الدنيا والدين: أنِ اعتمدَ باطلاً يعلم خطؤه فيه على اليقين، ويَدفع حقّاً قد قامت عليه الحجج الواضحة والبراهين.

فصل: (تسفيه من استدلّ بقول جعفر على عدم ولادة الإمام عليه السلام)

وما أرى المتعلّق(6) في إنكار(7) وجود ولد الحسن بن عليّ بن محمد عليهم السلام ، وقد قامت بيّنة العقل والسمع به، ودلّ الاعتبار الصحيح على صواب معتقده، بدفع عمّه(8) لذلك مع دواعيه الظاهرة كانت إليه، بحوز(9) تركة أخيه دونه، مع جلالتها وكثرتها وعظم خطرها، لتعجّل المنافع بها، والنهضة بمآربه

**********

(1) ط: وتقريرهم.

(2) ع. ل: وبغضهم.ر: وبعضهم.

والضمير في عهده يعود على والدهم، وكذا الضمائر الآتية، تعود على يعقوب والدهم.

(3) س. ط: وحقوقه.

(4) انظر: سورة يوسف 14: الآيات 8 - 20.

(5) ل: نكر. ط: أنكر.

(6) ط: التعلّق.

(7) ل. ط: إنكاره.

(8) س. ط: همّه.

(9) س: يجوز.

ص: 58

عند تملّكها، وبلوغ شهواته من الدنيا بحوزها، ودعوى مقامه الذي جلّ قدره عند الكافّة، باستحقاقه له دون من عداه من الناس، وبخعت(1) الشيعة كلّها بالطاعة له بما انطوت عليه(2) من اعتقادها ولوجوبه له دونَ من سواه، وطمعه بذلك في مثل ما كان يصل إليه من خمس الغنائم التي كانت تحملها شيعته إلى وكلائه في حياته، واستمرارها (3) على ذلك بعد وفاته، وزكوات الأموال، لتصل إلى مستحقّها من فقراء أصحابه، إلاّ كتعلّق أهل الغفلة من الكفّار في إبطال عمّه(4) أبي لهب(5) صدق دعوته، وجحد الحقّ في نبوّته، والكفر بما جاء به، ودفع رسالته، ومشاركة أكثر ذوي نسبه من بني هاشم وبني أميّة لعمّه في ذلك، واجتماعهم على عداوته،(6) وتجريدهم السيف في حربه، واجتهادهم في استئصاله ومتّبعيه على ملّته.

هذا مع ظهور حجّته، ووضوح برهانه في نبوّته، وضيق الطريق في معرفة ولادة الحجّة بن الحسن على جعفر وأمثاله من البعداء عن علم حقيقته.

ومَن صار في إنكار شيء أو إثباته أو صحّته وفساده(7) إلى مثل التعلّق بجعفر

**********

(1) أي: أقرّت به وأذعنت. ولعل الصحيح: وبخوع الشيعة.

(2) لم يرد: ر.ل.ط.

(3) س. ط: واستمراره.

(4) أي: النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

(5) عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، من قريش، عمّ النبيّ، وأحد الشجعان في الجاهلية، ومن أشدّ الناس عداوةً للمسلمين في الإسلام، كان غنيّاً عتيّاً، كبر عليه أن يتبع ديناً جاء به ابن اخيه، فآذاه وآذى انصاره وحرّض عليهم وقاتلهم، وفيه الآية: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ مات بعد وقعة بدر بأيّام.

راجع: الأعلام 4: 12، وراجع المصادر التي ذكرها.

(6) ر. ع: عدوانه.

(7) ط: أو فساده.

ص: 59

بن عليّ في جحد وجود خلف لأخيه، وما كان(1) من أبي جهل(2) وشركائه من أقارب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وجيرانه وأهل بلده والناشئين معه في زمانه والعارفين بأكثر سرّ أمره(3) وجهره وأحواله في دفع نبوّته وإنكار صدقه في دعوته، سقط كلامه عند العلماء، ولم يعدّ في جملة الفقهاء، وكان في أعداد ذوي الجهل والسفهاء.

فصل: (السبب في عدم التعرّض لجعفر)

وبعد، فإنّ الشيعة وغيرهم ممّن عني بأخبار الناس، والجواد من الآراء وأسبابها، والأغراض كانت له فيها، قد ذكروا أخباراً عن أحوال جعفر بن عليّ في حياة أخيه أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام، وأسباب إنكاره خلفاً له من بعده، وجحد ولدٍ كان له في حياته، وحمل السلطان على ما سار به في(4) مخلّفيه وشيعته(5)، لو أوردتها على وجهها لتصوّر(6) الأمر في ذلك على حقيقته،ولم يخف على متأمّل بحاله، وعرفه على خطيئته.

لكنّه يمنعني عن ذلك(7) موانع ظاهرة:

أحدها: كثرة مَن يعترف(8) بالحقّ من ولد جعفر بن عليّ في وقتنا هذا،

**********

(1) ع. ل. ر: ما كان، والمثبت من س.ط.

(2) ل. ع. ر. س: وما كان ابن أبي جهل، والمثبت من ط.

وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان من اشدّ الناس عدواة للنبي، قتل يوم بدرٍ كافراً، وأخباره مع النبيّ وكثرة اذاه إيّاه مشهورة.

الكنى والالقاب 1: 38، الأعلام 5: 87 وراجع المصادر التي ذكرها.

(3) ط: سراره.

(4) ل: شاركه في، س.ط: وشى به في.

(5) راجع: كمال الدين2: 383- 484، البحار50: 227- 232 باب6 أحوال جعفر و37: 8.

(6) س: لنصوّر.

(7) س. ط: من ذلك.

(8) ل. ر: يعرف.

ص: 60

ويُظهر التديّن بوجود ولد الحسن بن عليّ في حياته، ومقامه بعد وفاته في الأمر مقامه، ويكره(1) إضافة خلافه لمعتقده فيه إلى جدّه(2)، بل لا أعلم أحداً من ولد جعفر بن عليّ في وقتنا هذا يُظهر خلاف الإماميّة في وجود ابن الحسن عليهما السلام والتديّن بحياته والانتظار لقيامه.

والعشرة الجميلة لهؤلاء السادة أيّدهم الله بترك إثبات ما سبق به مَن سمّيت في الأخبار الّتي خلّدوها (3) فيما وصفتُ أولى، مع غناي عن ذلك بما أثبتُّ من موجز(4) القول في بطلان الشبهة، لتعلّق ضعفاء المعتزلة،(5) والحشويّة،(6) والزيديّة،(7) والخوارج،(8) والمرجئة(*) في إنكار جعفر بن عليّ

**********

(1) ر. س: ونكره، ل: وذكره.

(2) أي ويكره إضافة خلاف الحقّ الذي يعتقد به إلى جدّه، وذلك لما ورد في بعض الأخبار من توبة جعفر.

(3) ر. ل: جلدوها.

(4) ل: مؤخّر القول.

(5) أوّل من سمّي بهذا اللقب: جماعة بايعوا عليّاً عليه السلام بعد قتل عثمان واعتزلوا عنه وامتنعوا عن محاربته والمحاربة معه، منهم سعد بن مالك وعبد الله بن عمر.

فرق الشيعة: 4 و5.

(6) جماعة قالوا: انّ عليّاً وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم، وأنّ المصيب هو الذي قعد عنهم، وهم يتولّونهم جميعاً ويتبرّؤون من حربهم ويردّون أمرهم إلى الله عز وجل.

فرق الشيعة: 15.

(7) فرقة تدّعي أنّ من دعا إلى الله عز وجل من آل محمد فهو مفترض الطاعة، وكان عليّ بن أبي طالب إماماً في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره، ثمّ كان بعده الحسين إماماً عند خروجه، ثمّ زيد بن عليّ بن الحسين المقتول بالكوفة، ثمّ يحيى بن زيد بن عليّ المقتول بخراسان.

فرق الشيعة: 58.

(8) جماعة قالوا: الحكمان كافران، وكف-ّروا عليّاً حين حكّمهما.

ومسألة التحكيم كانت مفروضة على أمير المؤمنين عليه السلام ، وذلك عندما أبى أصحابه إلاّ التحكيم وامتنعوا من القتال، رضي التحكيم بشرط الحكم بكتاب الله، فخالف الحكمان، فالحكمان هما اللذان ارتكبا الخطأ وهو الّذي أصاب.

فرق الشيعة: 16.

(*) لما قتل عليّ عليه السلام اتّفق الناكثون والقاسطون وتبعة الدنيا على معاوية، وسمّوا بالمرجئة، وزعموا أنّ أهل القبلة كلّهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان، ورجوا لهم جميعاً المغفرة، وافترقت المرجئة على أقسام:...

فرق الشيعة: 6..

ص: 61

لوجود(1) ابن الحسن بن عليّ، حَسَبَ ما أورده السائل عنهم فيما سأل في الشبهات في ذلك، والله الموفّق للصواب.

* * *

**********

(1) ل: بوجود.

ص: 62

الفصل الثالث: وصية الإمام العسكري عليه السلام إلى والدته

اشارة

(وصية الإمام العسكري عليه السلام إلى والدته)

وأمّا تعلقهم بوصيّة أبي محمد الحسن بن عليّ بن محمد عليهم السلام في مرضه الذي توفّي فيه إلى والدته المسمّاة بحديث، المكنّاة بأم الحسن رضي الله عنها، بوقوفه وصدقاته، وإسناد النظر في ذلك إليها دون غيرها،(1) فليس بشيء يُعتمد في إنكار ولدٍ له قائم من بعده مقامه، من قِبل أنّه أمرٌ بذلك تمام ما كان من غرضه في إخفاء ولادته، وستر حاله عن متملّك الأمر في زمانه، ومَن يسلك سبيله في إباحة دم داعٍ إلى الله تعالى منتظر لدولة الحقّ.

ولو ذكر في وصيّته ولداً له وأسندها إليه، لناقض ذلك الغرض منه فيما ذكرناه، ونافى مقصده في تدبير أمره له على ما وصفناه، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه،(2) لا سيّما مع اضطراره كان إلى شهادة خواصّ الدولة العباسيّة عليه في الوصيّة، وثبوت خطوطهم فيها _ كالمعروف بتدبر مولى الواثق،(3) وعسكر الخادم مولى محمّد بن المأمون، والفتح بن عبد ربّه، وغيرهم من شهود قضاة سلطان الوقت وحكّامه _ لِما قصد بذلك من

**********

(1) البحار 50: 329، وفي س: المسمّاة حديث.

(2) ع. ل: وتسفيه، ر: وتسقيه.

(3) هو: هارون بن محمد بن هارون الواثق بالله، ويكنّى بأبي جعفر، بويع في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو ابن إحدى وثلاثين سنة، وتوف-ّي بسامراء وهو ابن سبع وثلاثين سنة، وكانت خلافته خمس سنين، وقيل: توف-ّي سنة اثنين وثلاثين ومائتين وهو ابن أربع وثلاثين سنة.

مروج الذهب 3: 477.

ص: 63

حراسة(1) قومه، وحفظ صدقاته، وثبوت وصيّته عند قاضي الزمان، وإرادته مع ذلك الستر على ولده، وإهمال ذكره، والحراسة لمهجته بترك التنبيه(2) على وجوده، والكفّ لأعدائه بذلك عن الجدّ والاجتهاد في طلبه، والتبريد(3) عن شيعتهِ لِما يُشنّع به عليهم من اعتقاد وجوده وإمامته.

ومَن اشتبه(4) عليه الأمر فيما ذكرناه، حتّى ظنّ أنّه دليلٌ على بطلان مقال الإماميّة في وجود ولدٍ للحسن عليه السلام مستور عن جمهور الأنام، كان بعيداً من الفهم والفطنة، بائنا (5) عن الذكاء والمعرفة، عاجزاً بالجهل عن التصوّر أحوال العقلاء وتدبيرهم(6) في المصالح، وما يعتمدونه(7) في ذلك من صواب الرأي وبشاهد الحال، ودليله من العرف والعادات.

* * *

فصل: (وصية الإمام الصادق عليه السلام إلى حميدة المصفاة)

وقد تظاهر الخبر فيما كان عن تدبير أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام ، وحراسته(8) ابنه موسى بن جعفر عليه السلام بعد وفاته من ضرر يلحقه:

بوصيّته(9) إليه، وأشاع(10) الخبر عن الشيعة إذ ذاك باعتقاد إمامته من بعده،

**********

(1) س. ط: حراسته.

(2) ع. ل: البيّنة.

(3) كذا في النسخ، ويحتمل أن يكون: والتنزيه.

(4) ر. ع. ل: وفراسته، س.ط: وحراسته، وما أثبتناه من حاشية نسخة ل.

(5) ل: ثابتاً، س.ط: نائياً.

(6) ل. ر. ع. س: وقد يتوهّم، وما أثبتناه من ط. وحاشية ل.

(7) ل. س. ط: وما يعتمدوه.

(8) ل. س. ط: وحراسة.

(9) ر. ع: بوصيّة.

(10) ل: واشباع.

ص: 64

والاعتماد في حجّتهم لذلك على إفراده بوصيّته مع نصّه(1) عليه بنقل خواصّه.

فعدل عن إقراره(2) بالوصيّة عند وفاته، وجعلها إلى خمسة نفر: أوّلهم المنصور(3) _ وقدّمه على جماعتهم إذ هو سلطان الوقت ومدبّر أهله _ ثمّ صاحبه الربيع من بعده، ثمّ قاضي وقته، ثمّ جاريته وأمّ ولده حميدة البربرية،(4) وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام،(5) يستر أمره ويحرس بذلك نفسه.

ولم يذكر مع ولده موسى أحداًَ من أولاده، لعلمه بأنّ منهم من يدّعي مقامه من بعده، ويتعلّق بإدخاله في وصيّته.

ولو لم يكن موسى عليه السلام (6) ظاهراً مشهوراً في أولاده، معروف المكان

**********

(1) ر. ل: نصبه.

(2) س. ط: إفراده.

(3) هو: أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، بويع سنة ستّ وثلاثين ومائة وهو ابن احدى واربعين سنة، ومولده سنة خمس وتسعين، ووفاته سنة ثمان وخمسين ومائة، فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة.

مروج الذهب 3: 281.

(4) هي أمّ الإمام الكاظم، والبربرية نسبة إلى بربر، وهم قبائل كثيرة في جبال المغرب، وتلقّب حميدة بالمصفاة أيضاً ولؤلوة، ويقال: هي أندلسية، وكانت من التقيات الثقات، وكان الصادق يرسلها مع أمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة، ولها كرامات.

تنقيح المقال 3: 76 و77.

(5) ذكر هذا الخبر الكليني في الكافي 1: 310، وابن شهر آشوب في المناقب 3: 310، والمجلسي في البحار 47: 3.

وفي هذه المصادر أن-ّه أوصى إلى خمسة: أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله ابن جعفر، وموسى بن جعفر، وحميدة.

(6) ع. ر: ولم موسى.

ص: 65

منه، وصحّة نسبه واشتهار، فضله وعلمه، وحكمته وامتثاله وكماله، بل كان مثل ستر الحسن عليه السلام ولده، لَما ذكره في وصيّته، ولاقتصر على ذكر غيره ممّن سميناه،(1) لكنّه ختمهم في الذِكر به كما بيّناه.

وهذا شاهد لِما وصفناه من غرض أبي محمّد عليه السلام في وصيّته إلى والدته دون غيرها، وإهمال ذكر ولدٍ له، ونظر له في معناه على ما بيّناه.

* * *

**********

(1) ل: ولأقبض على ذكر غيره ممّن سمّينا.

ص: 66

الفصل الرابع: سبب الغيبة والاستتار

(سبب الغيبة والاستتار)

فأمّا الكلام في الفصل الرابع، وهو: الاستبعاد الداع (كذا) للحسن عليه السلام إلى ستر ولده، وتدبير الأمر في إخفاء شخصه، والنهي لشيعته عن البينونة بتسميته وذكره، مع كثرة الشيعة في زمانه، وانتشارهم في البلاد، وثروتهم(1) بالأموال وحسن الأحوال،(2) وصعوبة الزمان فيما سلف على آبائه عليهم السلام ، واعتقاد ملوكه فيهم، وشدّة غلظهم على الدائنين بإمامتهم، واستحلالهم الدماء والأموال، ولم يدعهم ذلك إلى ستر ولدهم، ولا مؤهّل الأمر من بعدهم.(3) وقول الخصوم: إنّ هذا متناقض في أحوال العقلاء.

فليس الأمر كما ظنّوه، ولا كان على ما استبعدوه.

والذي دعا الحسن إلى ستر ولده، وكتمان ولادته، وإخفاء شخصه، والاجتهاد في إهمال ذكره بما خرج إلى شيعته من النهي عن الإشارة إليه، وحظر تسميته، ونشر(4) الخبر بالنصّ عليه شيء ظاهرٌ، لم يكن في أوقات آبائه عليهم السلام، فيدعونه(5) من ستر أولادهم إلى ما دعاه إليه، وهو:

**********

(1) ل. ر. ع: وثروهم، ط: ووثبهم.

(2) ل: الأفعال.

(3) ع: ولا مؤهل الأمن من بعدهم، ل: ولا مؤهل إلاّ من بعدهم، ط: ولا موّهوا الأمر من بعدهم.

(4) يحتمل في بعض النسخ: وتسرّ.

(5) ط: فيدعوهم.

ص: 67

أنّ ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون من رأي الأئمّة عليهم السلام التقيّة، وتحريم الخروج بالسيف على الولاة، وعيب مَن فعل ذلك من بني عمّهم ولومهم عليه، وأنّه لا يجوز عندهم تجريد السيف حتّى: تركد الشمس عند زوالها، ويُسمع نداء من السماء باسم رجل بعينه، ويُخسف بالبيداء، ويقوم آخر أئمّة الحقّ بالسيف ليزيل(1) دولة الباطل.

وكانوا (2) لا يُكبرون بوجود مَن يوجد منهم، ولا بظهور شخصه، ولا بدعوة(3) من يدعو إلى إمام، لأمانهم مع ذلك من فتقٍ(4) يكون عليهم به، ولاعتقادهم(5) قلّة عدد مَن يُصغي إليهم في دعوى الإمامة لهم، أو يصدّقهم فيما يخبرون به من منتظر يكون لهم.

فلمّا جاز وقت وجود المترقّب لذلك، المخوف منه القيام بالسيف، ووجدنا الشيعة الإماميّة مطبقة على تحقيق أمره، وتعيينه(6) والإشارة إليه دون غيره، بعثهم ذلك على طلبه وسفك دمه، ولتزول(7) الشبهة في التعلّق به، ويحصل الأمان في الفتنة بالإشارة إليه والدعوة إلى نصرته.

ولو لم يكن ما ذكرناه شيئاً ظاهراً وعلّة(8) صحيحةً وجهةً ثابتةً، لكان غير منكرٍ أن يكون في معلوم الله جلّ اسمه أنّ مَن سلف من آبائه عليهم السلام يأمن مع ظهوره، وأنّه هو لو ظهر لم يأمن على دمه، وأنّه متى قُتل أحدٌ من آبائه عليهم السلام عند ظهوره لم تمنع

**********

(1) ل: فيزيل خ ل.

(2) ر: فكانوا.

(3) ل. ر. ع. س: ولا يدعوهم، والمثبت من ط.

(4) قال الجوهري: والفتق: شقّ عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم. الصحاح: 4/ 1539، فتق.

(5) ل. ر. ع: واعتقادهم.

(6) ل: وتعيّنه.

(7) ط: لتزول.

(8) س: أو علّة.

ص: 68

الحكمة من إقامة خليفة يقوم مقامه، وأنّ ابن الحسن عليهما السلام لو يظهر(1) لسفك القوم دمه، ولم تقتض الحكمة التخلية بينهم وبينه، ولو كان في المعلوم للحقّ صلاحٌ بإقامة إمامٍ من بعده لكفى في الحجّة، وأقنع في إيضاح المحجّة،(2) فكيف وقد بيّنا عن سبب ذلك بما لا يحيل(3) على ناظر، والمنّة لله.

* * *

**********

(1) ر. ع. ل: ويظهر، والمثبت من حاشية ل، وفي س.ط: لو ظهر.

(2) ع. ل. ر. س: الحجّة، والمثبت من ط.

(3) كذا في النسخ، ولعلّ الصحيح: لا يخيل أي لا يشكل، راجع لسان العرب.

ص: 69

صفحة بيضاء

ص: 70

الفصل الخامس: طول الغيبة وعدم رؤيته عليه السلام

اشارة

(طول الغيبة وعدم رؤيته عليه السلام)

وأمّا الكلام في الفصل الخامس، وهو قول الخصوم: إنّ دعوى الإماميّة لصاحبهم أنّه منذ ولد إلى وقتنا هذا مع طول المدّة وتجاوزها الحدّ، مستترٌ لا يعرف أحدٌ مكانَه، ولا يعلم مستقرّه، ولا يدّعي عدلٌ من الناس لقاءه، ولا يأتي بخبرٍ عنه، ولا يعرف له أثراً.(1) خارجة عن العرف، إذ لم تجر العادة لأحدٍ من الناس بذلك، إذ كان كلّ من اتّفق له الاستتار عن الظالم لخوف منه على نفسه ولغير ذلك من الأغراض، تكون مدّة استتاره مرتّبة، ولا تبلغ عشرين سنة فضلاً عمّا زاد عليها، ولا يخفى أيضاً على الكلّ في مدّة استتاره مكانه،(2) بل لا بدّ من أن يعرف ذلك بعض أهله وأوليائه بلقائه، وبخبرٍ منه يأتي إليهم(3) عنه.

وإذا خرج قول الإمامية في استتار صاحبهم وغيبته عن حكم العادات بطل ولم يُرجَ قيام حجّة.

فصل: (فيمن رأى الإمام عليه السلام وشاهده)

وليس الأمر كما توهّمه الخصوم في هذا الباب، والإمامية بأجمعها تدفعهم عن دعواهم وتقول:

إنّ جماعة من أصحاب أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السلام قد

**********

(1) س. ط: ولا يعرف له أثرٌ.

(2) ل. ع: ومكانه.

(3) س. ط: لهم.

ص: 71

شاهدوا خَلَفه في حياته، وكانوا أصحابه وخاصّته بعد وفاته، والوسائط بينه وبين شيعته دهراً طويلاً في استتاره، ينقلون(1) إليهم عن(2) معالم الدين، ويخرجون إليهم أجوبة عن مسائلهم فيه، ويقبضون منهم حقوقه لديهم.(3)

وهم جماعة كان الحسن بن عليّ عليه السلام عدّلهم في حياته، واختصّهم أُمناء له(4) في وقته، وجع-ل إليهم النظر في أملاكه،(5) والقيام بمآربه، معروفون(6) بأسمائهم وأنسابهم وأمثالهم كأبي عم-رو عثمان(7) بن سع-يد السمّان،(8) وابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان،(9) وبني الرحبا من نصيبين،(10) وبني سعيد، وبني مهزيار بالأهواز،(11) وبني

**********

(1) ل. ر. ع: ينفكون.

(2) س. ط: من.

(3) لديهم، لم يرد في ل.

(4) ل. ر: واختصّهم أمثاله.

(5) ع. ل. ر: ملاكه.

(6) ع. ل. ر. س: معروفين، والمثبت من ط.

(7) ع. ل. ر. س: كأبي عثمان، والمثبت من ط.

(8) أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري السمّان ويقال له الزيّات الأسدي، جليل القدر، النائب الأوّل لصاحب الزمان، خدم الإمام الهادي وله أحد عشر سنة وله إليه عهد معروف، وهو وكيل الإمام العسكري أيضاً.

رجال الشيخ: 420 رقم 36، 434، رقم 22، الخلاصة: 126 رقم 2، رجال ابن داود: 133 رقم 991.

(9) أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري، الوكيل الثاني لصاحب الزمان عليه السلام ، له منزلة جليلة، وكان محمّد قد حفر لنفسه قبراً وسوّاه بالساج، فسئل عن ذلك فقال: للناس أسباب، ثمّ سئل بعد ذلك فقال: قد أمرت أن أجمع أمري، فمات بعد شهرين من ذلك في جمادي الأولى سنة خمس وثلاثمائة وقيل: اربع، وقال عند موته: امرت أن اُوصي إلى الحسين بن روح.

رجال الشيخ: 509 رقم 101، الخلاصة: 149 رقم 57، رجال ابن داود: 178 رقم 1449.

(10) مدينة فيما بين النهرين - تركيا حالياً - كانت منذ القرن الثالث الميلادي مهد الآداب=

ص: 72

الركولي(1) بالكوفة،(2) وبني نوبخت ببغداد،(3) وجماعة من أهل(4) قزوين وقم(5) وغيرها من الجبال،(6) مشهورون بذلك عند الإماميّة والزيديّة، معروفون(7) بالإشارة إليه به عند كثيرٍ من العامّة.(8)

**********

= السريانية حت-ّى سقوطها في أيدي الساسانيين.

المنجد: 710.

(11) منطقة في غربي ايران على الخليج، غنية بالنفط.

المنجد: 85.

(1) ع. ر: الركورلي، ل: الركوزفي.

(2) مدينة في العراق على ساعد الفرات، اتّخذها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب مقرّاً له وفيها استشهد، جعلها العباسيّون عاصمة في سنة 749م، بالقرب منها النجف ومشهد عليّ، انجبت علماء ومحدّثين ونحويين، كانت مع البصرة مركزاً للثقافة العربية.

المنجد: 598.

(3) عاصمة العراق حاليّاً، شيّدها المنصور العباسي سنة 762م، ازدهرت بغداد ازدهاراً منقطع النظير بين 754 - 833م، أخذت بالانحطاط بعد نقل المعتصم العاصمة إلى سامراء، ودمّرها هولاكو بعد تيمورلنك.

المنجد: 126و127.

(4) بالفتح ثمّ السكون وكسر الواو، مدينة مشهورة بينها وبين الري سبعة وعشرون فرسخاً، وإلى أبهر اثنا عشر فرسخاً، أوّل مَن استحدثها سابور ذو الأكتاف.

معجم البلدان 4: 342- 344، المنجد: 550.

(5) مدينة في غرب ايران تذكر مع قاشان، وهي مدينة مستحدثة إسلامية، وهي خصبة ماؤها من الآبار ملحة في الأصل، وهي محجّة للعلويين وفيها قبور أوليائهم.

معجم البلدان 4: 397 و398، المنجد: 557.

(6) بلاد العراق العجمي شرقي آذربايجان، تقع فيها قلعة ألموت.

المنجد: 207.

(7) ع. ر. س: معروفين.

(8) روى الشيخ الصدوق عن محمّد بن محمد الخزاعي، قال: حدّثنا أبو عليّ الأسدي، عن =

ص: 73

= أبيه، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، أنّه ذكر عدد من انتهى إليه ممّن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام ورآه من الوكلاء:

ببغداد: العمري، وابنه، وحاجز، والبلالي، والعطّار.

ومن الكوفة: العاصميّ.

ومن أهل الأهواز: محمّد بن إبراهيم بن مهزيار.

ومن أهل قم: أحمد بن إسحاق.

ومن أهل همدان: محمّد بن صالح.

ومن أهل الري: البسامي، والأسدي، يعني: نفسه.

ومن أهل آذربايجان: القاسم بن العلاء.

ومن أهل نيسابور: محمّد بن شاذان.

ومن غير الوكلاء:

من أهل بغداد: أبو القاسم بن أبي حليس، وأبو عبد الله الكندي، وأبو عبد الله الجنيديّ، وهارون القزّاز، والنيلي، وأبو القاسم بن دبيس، وأبو عبد الله بن فرّوخ، ومسرور الطبّاخ مولى أبي الحسن عليه السلام ، وأحمد ومحمّد ابنا الحسن، وإسحاق الكاتب من بني نيبخت، وصاحب النواء، وصاحب الصرّة المختومة.

ومن همدان: محمّد بن كشمرد، وجعفر بن حمدان، ومحمّد بن هارون بن عمران.

ومن الدينور: حسن بن هارون، وأحمد بن اخيّة، وأبو الحسن.

ومن اصفهان: إبن باذشالة.

ومن الصيمرة: زيدان.

ومن قم: الحسن بن النضر، ومحمد بن محمد، وعليّ بن محمّد بن إسحاق، وأبوه، والحسن بن يعقوب.

ومن أهل الري: القاسم بن موسى، وابنه، وأبو محمد بن هارون، وصاحب الحصاة، وعليّ بن محمد، ومحمد بن محمد الكليني، وأبو جعفر الرفاء.

ومن قزوين: مرداس، وعليّ بن أحمد.

ومن فاقتر: رجلان.

ومن شهرزور: ابن الخال.

ومن فارس: المحروج.=

ص: 74

وكانوا أهل عقلٍ وأمانةٍ، وثقةٍ ودرايةٍ، وفهمٍ وتحصيلٍ ونباهةٍ، وكان السلطان يعظم أقدارهم بجلالة محلّهم في الدنيا، ويكرمهم لظاهر أمانتهم واشتهار عدالتهم، حتّى أنّه كان يدفع عنهم ما يضيفه إليهم خصومهم من أمرهم، ضنّا (1) بهم واعتقاداً لبطلان قذفهم(2) به، وذلك لما كان من شدّة تحرّزهم، وستر حالهم، واعتقادهم، وجودة آرائهم، وصواب تدبيرهم.

وهذا يسقط دعوى الخصوم وِفاق الإمامية لهم: أنّ صاحبهم لم يُرَ منذ ادّعوا ولادته، ولا عُرف له مكان، ولا خبّر أحدٌ بلقائه.

فأمّا بعد انقراض مَن سمّيناه من أصحاب أبيه وأصحابه عليهما السلام ، فقد

**********

= ومن مرو: صاحب الألف دينار، وصاحب المال والرقعة البيضاء، وأبو ثابت. ومن نيسابور: محمّد بن شعيب بن صالح.

ومن اليمن: الفضل بن يزيد، والحسن ابنه، والجعفري، وابن الأعجمي، والشمشاطي.

ومن مصر: صاحب المولودين، وصاحب المال بمكّة، وأبو رجاء.

ومن نصيبين: أبو محمّد بن الوجناء.

ومن الأهواز: الحصيني.

راجع: كمال الدين 2: 442- 443 رقم 16، وراجع أيضاً 2: 476- 479 رقم 26 وفيه قصّة الوفد الذي جاء من قم والجبال، وللتوسعة راجع: نفس المصدر 2: 434- 482، باب 43 ذكر مَن شاهد القائم عليه السلام ورآه وكلّمه، الغيبة للطوسي: 253- 280، كتاب تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي، كتاب جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجّة أو معجزته في الغيبة الكبرى للمحدث النوري طبع آخر المجلد: 53 من البحار، البحار 52: 77 باب 18 ذكر من رآه، الكنى والألقاب 1: 91- 93.

(1) الضن: البخل، والمراد هنا: اعتزازاً بهم وبخلاً بهم على غيرهم.

اللسان 13: 261 ضنن.

(2) ل. ر. س: فرقهم.

ص: 75

كانت الأخبار عمّن تقدّم من أئمّة آل محمد عليهم السلام (1) متناصرة: بأنّه لابدّ للقائم المنتظر من غيبتين، إحداهم(2) أطول من الأخرى، يعرف خبره الخاصُّ في القصرى، ولا يعرف العامُّ له مستقراً في الطولى، إلاّ من تولّى خدمته من ثقاة(3) أوليائه، ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره.

والأخبار(4) بذلك موجودة في مصنّفات الشيعة الأمامية قبل مولد أبي محمّد وأبيه وجدّه عليهم السلام ،(5) وظهر حقّها عند مضيّ الوكلاء والسفراء الذين سمّيناهم رحمهم الله، وبان صدق رواتها بالغيبة الطولى، فكان(6) ذلك من الآيات الباهرات في صحّة ما ذهبت إليه الإماميّة، ودانت به في معناه.

وليس يمكن أن يخرج عن عادة أزماننا هذه غيبة بشرٍ، لله تعالى في استتاره تدبيرٌ لمصالح خلقه لا يعلمها إلاّ هو، وامتحانٌ لهم بذلك في عبادته، مع أنّا لم نُحِط علماً بأنّ كلَّ غائبٍ عن(7) الخلق مستترا(8) بأمر دينه لأمرٍ يؤمّه(9) عنهم _ كما ادعاه الخصوم _ يعرف جماعةٌ من الناس مكانه، ويخبرون عن مستقرّه.

**********

(1) من قوله: عليهم السلام، إلى هنا لم يرد في ل.

(2) ع. ل. ر. س: احدهما.

(3) ل. س: تقاة.

(4) ر. ع: فالأخبار.

(5) راجع مقدمة هذا الكتاب، رقم 2، من كتب عن المهديّ.

(6) ل. س. ط: وكان.

(7) ع. ل. ر: من.

(8) ط: مستترٍ.

(9) ع. ر. ل. س: يأمّه ومعنى يؤمّه: يقصده.

اللسان 12: 22 أمم.

ص: 76

(غيبة بعض الأنبياء عليهم السلام)

وكم وليّ لله(1) تعالى، يقطع الأرض بعبادة ربّه تعالى، والتفرّد من الظالمين بعمله، ونأى بذلك عن دار المجرمين، وتبعّد بدينه عن محلّ الفاسقين، لا يعرف أحدٌ من الخلق له مكاناً، ولا يدّعي انسان له لقاءً ولا معه اجتماعاً.

وهو الخضر عليه السلام، موجود قبل زمان موسى عليه السلام إلى وقتنا هذا، بإجماع أهل النقل واتّفاق أصحاب السير والأخبار، سائحاً في الأرض، لا يعرف له أحدٌ مستقراً ولا يدّعي له اصطحاباً، إلاّ ما جاء في القرآن به من قصّته مع موسى عليه السلام ،(2) وما يذكره بعض الناس من أنّه يظهر أحياناً ولا يُعرف، ويظنّ بعض من رآه(3) أنّه بعض الزّهاد، فإذا فارق مكانه توهّمه المسمّى بالخضر، وإن لم يكن يعرف بعينه في الحال ولا ظنّه، بل اعتقد أنّه بعض أهل الزمان.

وقد كان من غيبة موسى بن عمران عليه السلام عن وطنه وفراره(4) من فرعون ورهطه ما نطق به الكتاب،(5) ولم يظهر عليه أحدٌ مدّة غيبته عنهم فيعرف له مكاناً، حتّى ناجاه الله عز وجل وبعثه نبيّاً، فدعا إليه وعرفه الوليّ والعدوّ إذ ذاك.

وكان من قصّة يوسف بن يعقوب عليهما السلام ما جاءت به سورة كاملة بمعناه،(6) وتضمّنت ذكر استتار خبره عن أبيه، وهو نبيّ الله تعالى يأتيه الوحي

**********

(1) ط: وثمّ وليّ الله.

(2) الكهف: 65 - 82.

وراجع: كمال الدين 2: 385- 393.

(3) ل: ويظن بعضٌ رآه، ط: ويظن بعض الناس رآه.

(4) ع. ل. ر: ويرانه، والمثبت من س.ط.

(5) القصص: 21- 32.

وراجع: كمال الدين 2: 145- 153، قصص الأنبياء: 148- 176.

(6) يوسف، رقم 12.

وراجع للتفصيل: كمال الدين 1: 141- 145، قصص الأنبياء: الآيات 126- 138.

ص: 77

منه سبحانه صباحاً ومساءً، وأمرهُ مطويٌّ عنه وعن إخوته، وهم يعاملونه ويبايعونه ويبتاعون منه ويلقونه(1) ويشاهدونه فيعرفهم ولا يعرفونه، حتّى مضت على ذلك السنون، وانقضت(2) فيه الأزمان، وبلغ من حزن أبيه عليه السلام عليه(3) _ لفقده، ويأسه من لقائه، وظنّه خروجه من الدنيا بوفاته _ ما انحنى له ظهره، وأنهك(4) به جسمه، وذهب لبكائه عليه بصره.

وليس في زماننا (5) الآن مثل(6) ذلك، ولا سمعنا بنظير له في سواه.

وكان من أمر يونس نبيّ الله عليه السلام مع قومه، وفراره عنهم عند تطاول المدّة في خلافهم عليه واستخفافهم بحقوقه، وغيبته عنهم لذلك عن كلّ أحدٍ من الناس، حتّى لم يعلم بشرٌ من الخلق مستقرّه ومكانه إلاّ الله تعالى، إذ كان المتولّي لحبسه في جوف حوت في قرار بحرٍ، وقد أمسك عليه رمقه حتّى بقي حيّاً، ثمّ أخرجه من ذلك إلى تحت شجرةٍ من يقطين، بحيث لم يكن له معرفة بذلك المكان من الأرض، ولم يخطر له ببال سكناه.

وهذا أيضاً خارج عن عادتنا،(7) وبعيد من تعارفنا، وقد نطق به القرآن،(8) وأجمع عليه أهل الإسلام وغيرهم من أهل الملل والأديان.

**********

(1) س. ط: وهم يعاملونه ويبتاعون منه ويأتونه.

(2) ع. ر: ونقصت.

(3) لفظ: عليه، لم يرد في ل.س.ط.

(4) ع. ر: وانهتك، ل: وانحل.

(5) ع. ل. ر: عبادتنا، والمثبت من س.ط.

(6) ر: قبل.

(7) ع. ل. ر: عبادتنا.

(8) الصافات: 139- 146.

وراجع: قصص الأنبياء: 251- 253.

ص: 78

وأمر أصحاب الكهف نظيرٌ لِما ذكرناه، وقد نزل القرآن بخبرهم وشرح أمرهم(1): في فرارهم بدينهم من قومهم، وحصولهم في كهف ناءٍ عن بلدهم، فأماتهم الله فيه وبقي كلبهم باسطاً ذراعيه بالوصيد، ودبّر أمرهم في بقاء أجسامهم على حال أجساد الحيوان لا يلحقها بالموت تغيّر(2)، فكان(3) يقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال كالحيّ الّذي يتقلّب(4) في منامه بالطبع والاختيار، ويقيهم حرّ الشمس الّتي تغيّر الألوان، والرياح التي تمزّق الأجساد، فبقوا على ذلك ثلاث مائة سنة وتسع سنين، على ما جاء به الذكر الحكيم.

ثمّ أحياهم فعادوا (5) إلى معاملة قومهم ومبايعتهم، وأنفذوا إليهم بورِقهم ليبتاعوا منهم أحلّ الطعام وأطيبه وأزكاه، بحسب ما تضمّن القرآن من شرح قصّتهم،(6) مع استتار أمرهم عن قومهم، وطول غيبتهم عنهم، وخفاء أمرهم عليهم.

وليس في عادتنا(7) مثل ذلك ولا عرفناه، ولولا أنّ القرآن جاء بذكر هؤلاء القوم وخبرهم وما ذكرناه من حالهم، لتسرّعت الناصبة إلى إنكار ذلك كما يتسرّع إلى إنكاره الملحدون والزنادقة والدهريون، ويحيلون صحّة الخبر به، وقد تقول: لن يكون(8) في المقدور.

وقد كان من أمر صاحب الحمار الّذي نزل بذكر قصّته القرآن،(9)

**********

(1) الكهف: 9- 22، وراجع: قصص الأنبياء: 253 - 261.

(2) ط: تغيّر بالموت.

(3) ل. س. ط: وكان.

(4) ر. س. ط: ينقلب.

(5) ع. ر. س: لعادوا.

(6) ع. ل. ر: نصيبهم.

(7) ع. ل. ر: عبادتنا.

(8) في النسخ: أن يكون، والظاهر ما أثبتناه.

(9) البقرة: 259.

ص: 79

وأهل الكتاب يزعمون أنّه نبيّ الله تعالى، وقد كان (مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) فاستبعد عمارتها (1) وعودها إلى ما كانت عليه، ورجوع الموتى منها بعد هلاكهم بالوفاة، ف- (قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) وبقي طعامه وشرابه بحاله(2) لم يغيّره تغيير طبائع(3) الزمان كلّ طعام وشراب عن حاله، فجرت بذلك العادة في طعام صاحب الحمار وشرابه، وبقي حماره قائماً في مكانه لم ينفق(4) ولم يتغيّر عن حاله، حيّ(5) يأكل ويشرب، لم يضرّه طول عمره ولا أضعف ولا غيّر له صفةً من صفاته.

فلمّا أحياه(6) الله تعالى _ المذكور بالعجب من حياة الأموات وقد أماته مائة عام _ قال له: (انْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)، يريد به: لم يتغيّر بطول مدّة بقائه. (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها)، يعني: عظام الأموات من الناس كيف نُخرجها من تحت التراب (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) فتعود حيواناً كما كانت بعد تفرّق أجزائها واندراسها بالموت (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) ذلك وشاهد الأعجوبة فيه (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ).(7)

وهذا منصوص في القرآن، مشروح في الذكر والبيان،(8) لا يختلف فيه المسلمون وأهل الكتاب، وهو خارج عن عادتنا،(9) وبعيد من تعارفنا، منكر

**********

(1) ر. س. ط: عمارتهم.

(2) لفظ: بحاله، لم يرد في ل.ط.

(3) ل. س.ط: طباع.

(4) أي: لم يمت، الصحاح 4: 560 انفق.

(5) ل. س. ط: حتّى.

(6) ط: أحيى.

(7) البقرة: 259.

(8) ع. ل. ر: والهان.

(9) ع. ل. ر. ط: عادتها.

ص: 80

عند الملحدين، ومستحيل على مذهب الدهريّين والمنجّمين، وأصحاب الطبائع من اليونانيّين وغيرهم من المدّعين الفلسفة والمتطبّبين.

على (أنّ)(1) ما يذهب إليه الإمامية في تمام استتار صاحبها وغيبته، ومقامه على ذلك طول مدّته أقرب في العقول والعادات (ممّا) أوردناه(2) من أخبار المذكورين في(3) القرآن.

فأيّ طريق للمقرّ بالإسلام إلى إنكار مذهبنا في ذلك، لولا أنّهم بعداء من التوفيق، مستمالون(4) بالخذلان.

* * *

(غيبة بعض الملوك والحكماء)

وأمثال ما ذكرناه _ وإن لم يكن قد جاء به القرآن _ كثيرٌ، قد رواه أصحاب الأخبار، وسطّره في الصحف أصحاب السير والآثار:

من غيبات ملوك الفرس عن رعاياهم دهراً طويلاً لضروبٍ من التدبيرات، لم يعرف أحدٌ لهم فيها مستقراً، ولا عثر(5) لهم على موضع ولا مكان، ثمّ ظهروا بعد ذلك، وعادوا إلى ملكهم بأحسن حال، وكذلك جماعةٌ من حكماء الروم والهند وملوكهم.

فكم(6) كانت لهم غيباتٌ وأخبارٌ بأحوالٍ تخرج عن العادات.

لم نتعرّض لذكر شيءٍ من ذلك، لعلمنا بتسرّع الخصوم إلى إنكاره،

**********

(1) زيادة أوردناها لاقتضاء السياق لها.

(2) ل. ط: أو زيادة.

(3) ع. ل. س: من.

(4) ر. س: مستمولون.

(5) ع. ل. ر. س: ولا غير.

(6) ع. ل. ط: وكم.

ص: 81

لجهلهم ودفعهم صحّة الأخبار به، وتعويلهم في إبطاله(1) على بعده من عاداتهم وعرفهم.(2)

فاعتمدنا القرآن فيما يحتاج إليه منه، وإجماع أهل الإسلام، لإقرار(3) الخصم بصحّة ذلك وأنّه من عند الله تعالى، واعترافهم بحجّة الإجماع.

وإنْ كنّا نعرف من كثيرٍ منهم نفاقهم بذلك، ونتحقّق استبطانهم(4) بخلافه، لعلمنا بإلحادهم في الدين واستهزائهم به، وأنّهم كانوا ينحلون بظاهره خوفاً من السيف وتصنّعاً أيضاً، لاكتساب الحطام به من الدنيا، ولولا ذلك لصرّحوا (5) بما ينتمون، وظاهروا(6) بمذاهب(7) الزنادقة الّتي بها يدينون ولها يعتقدون.

ونعوذ بالله من سيّء الاتفاق،(8) ونسأله العصمة من الضلال.

* * *

**********

(1) ل: على إبطاله.

(2) ل: من عرفهم وعاداتهم.

(3) ل. ط: وإقرار.

(4) س. ط: استنباطهم.

(5) ر: يصرّحوا.

(6) ع. ل: فظاهروا، س.ط: فتظاهروا.

(7) ع. ل: لمذاهب، ر: المذاهب.

(8) س. ط: سنن النفاق، ع. ر. ل: سيّء للاتفاق، ويحتمل: سنيّ للانفاق، وما أثبتناه هو المناسب للعبارة.

ص: 82

الفصل السادس: طول العمر

اشارة

( طول العمر)

تعلّق الخصوم بانتقاض العادة في دعوى طول عمره، وبقائه على تكامل أدواته(1) منذ(2) ولد على قول الإماميّة(3) في سنّي عشر الستين والمائتين وإلى(4) يومنا هذا وهو سنة أحد عشر وأربعمائة، وفي حملهم(5) في بقائه وحاله وصفته الّتي يدّعونه(6) له بخلاف حكم العادات، وأنّه يدلّ على فساد معتقدهم فيه.

فصل: (ردّ شبهة الخصوم في مسألة طول العمر)

والذي تخيّله(7) الخصوم هو: فساد قول الإماميّة(8) بدعواهم لصاحبهم طول العمر، وتكامل أدواته فيه، وبقائه إلى يومنا هذا وإلى وقت ظهوره بالأمّة،(9) على حال الشبيبة،(10) ووفارة(11) العقل والقوّة، والمعارف بأحوال الدين والدنيا.

**********

(1) أي: تكامل قواه وآلاته.

لسان العرب 14: 25 أدا.

(2) س. ط: وأنّه منذ.

(3) ع. ر: قول للإماميّة.

(4) س. ط: إلى.

(5) ط: حكمهم.

(6) ر. س: يدعو بها.

(7) ل: يختار.

(8) ع. ر: قول للإماميّة.

(9) ط: بالإمامة.

(10) س. ط: التشبيب.

(11) س: ووقارة.

ص: 83

وإن خرج عمّا نعهده نحن(1) الآن من أحوال البشر، فليس بخارج عن عادات سلفت لشركائه في البشريّة وأمثالهم في الإنسانية.

وما جرت به عادة في بعض الأزمان لم يمتنع وجوده في غيرها، وكان حكم مستقبلها كحكم ماضيها على البيان.

ولو لم تجر عادةٌ بذلك جملةً(2) لكانت الأدلّة على أن الله تعالى قادرٌ على فعل ذلك تُبطل(3) توهّم المخالفين للحقّ فساد القول به وتكذّبهم(4) في دعواهم.

وقد أطبق العلماء من أهل الملل وغيرهم أنّ آدم أبا البشر عليه السلام عمّر نحو الألف(5)، لم يتغيّر له خلقٌ، ولا انتقل من طفوليّة إلى شبيبة، ولا عنها إلى هرم، ولا عن قوّة إلى عجز، ولا عن علم إلى جهل، وأنّه لم يزل على صورة واحدة إلى أن قبضه الله عز وجل إليه.(6)

هذا مع الأعجوبة في حدوثه من غير نكاح، واختراعه من التراب من غير بدوٍ،(7) وانتقاله من طينٍ لازب إلى طبيعة الإنسانية، ولا واسطة في صنعته على اتّفاق مَن ذكرناه من أهل الكتب حسب ما بيّناه.

والقرآن في ذلك ناطق(8) ببقاء نوح نبيّ الله عليه السلام في قومه تسعمائة سنة

**********

(1) لفظ: نحن، لم يرد في س.ط.

(2) ط: ولو لم تجر بذلك عادة جل-ّة.

(3) أي: الأدلّة.

(4) س. ط. ل: وتكذيبهم.

(5) س. ط: نحو الف.

(6) راجع كمال الدين 2: 523 رقم 3، قصص الأنبياء: 54 و55 و 65.

(7) لفظ: من غير بدوٍ، لم يرد في ط، وفي ع.ل.ر.س: من غير يدٍ وصحّ، والظاهر ما اثبتناه، إذ لفظ: صحّ ورد لأجل سقطٍ كان في نسخةٍ، فتوهّم المستنسخ ان-ّها من المتن.

(8) العنكبوت: 14.

وللتفصيل راجع: كمال الدين 2: 523 رقم 1 و2 و3، وقصص الأنبياء: 84 و 85.

ص: 84

وخمسين سنة للإنذار لهم خاصّة، وقبل ذلك ما كان له من العمر الطويل إلى أن بُعث نبيّاً من غير ضعفٍ كان به ولا هرم، ولا عجزٍ ولا جهلٍ، مع امتداد بقائه، وتطاول عمره في الدنيا، وسلامة حواسّه.

وأنّ الشيب أيضاً لم يحدث في البشر قبل حدوثه في إبراهيم الخليل عليه السلام (1) بإجماع مَن سمّيناه من أهل العلم من المسلمين خاصّة كما ذكرناه.

وهذا ما لا يدفعه إلاّ الملحدة من المنجّمين، وشركاؤهم في الزندقة من الدهريّين، فأمّا أهل الملل كلّها فعلى اتّفاق منهم(2) على ما وصفناه.

* * *

(ذكر المعمّرين):

والأخبار متناصرة بامتداد أيّام المعمّرين من العرب والعجم والهند، وأصناف البشر وأحوالهم الّتي كانوا عليها مع ذلك، والمحفوظ من حكمهم مع تطاول أعمارهم، والمأثور من تفصيل قصاتهم(3) من أهل أعصارهم وخطبهم وأشعارهم، لا يختلف أهل النقل في صحّة الأخبار عنهم بما ذكرناه، وصدق الروايات في أعمارهم وأحوالهم كما وصفناه.

وقد أثبتُّ أسماء جماعة منهم في كتابي المعروف ب- الإيضاح في الإمامة، وأخبار كافّتهم مجموعة مؤلّفة حاصلة في خزائن الملوك، وكثير من الرؤساء، وكثير من أهل العلم وحوانيت الورّاقين،(4) فمن أحبّ الوقوف على

**********

(1) راجع: قصص الأنبياء: 109.

(2) ع. ل. ر: منه.

(3) ع. ل تعطّل قصاتهم، ر.س: تعطل قضاتهم.

(4) راجع: كتاب المعمّرون: 1- 114، كمال الدين 2: 523 باب 46 ما جاء في التعمير، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول الجزء الثاني الباب الثاني عشر، تذكرة الخواص: 364، الغيبة للطوسي: 113- 323، البحار 51: 225- 393، باب 14، ذكر أخبار المعمّرين، تقريب المعارف: 207- 214، كنز الفوائد 2: 114- 134.

ص: 85

ذلك فليلتمسه من الجهات المذكورة، يجدها على ما يثلج صدره، ويقطع بتأمّل أسانيدها في الصّحة له عذره، إن شاء الله تعالى.

وأنا اُثبتُ مِن ذكر بعضهم ها هنا جملةً تُقنع، وإن كان الوقوف على أخبار كافّتهم(1) أنجع فيما نؤمه(2) بذكر البعض إن شاء الله.

فمنهم: لقمان بن عاد الكبير.(3)

وكان أطول الناس عمراً بعد الخضر عليه السلام ، وذلك أنّه عاش على رواية العلماء بالأخبار ثلاثة آلاف(4) سنة وخمسمائة سنة، وقيل: إنّه عاش عمر سبعة أنسر،(5) وكان يأخذ فرخ النسر فيجعله في الجبل فيعيش النسر منها ما عاش، فإذا مات أخذ آخر فربّاه، حتّى كان آخرها لبد، وكان أطولها عمراً، فقيل: طال الأمد على لبد.

**********

(1) ع. ل. ر: كافهم.

(2) أي: نقصده.

اللسان 12: 22 أمم.

(3) وفي بعض المصادر: لقمان بن عاديا، وفي بعضها: لقمان العاديّ.

وهو غير لقمان الّذي عاصر النبي داود عليه السلام ، وكان من بقيّة عادٍ الأُولى، وكان وفد عادٍ الّذين بعثهم قومهم إلى الحرم ليستسقوا لهم، واعطي من السمع والبصر على قدر ذلك، وله أحاديث كثيرة.

المعمّرون: 4 و5، كمال الدين 2: 559، حياة الحيوان 2: 351.

(4) ع. ر: الف.

(5) طائر معروف، جمعه في القلّة أنسر وفي الكثرة نسور، وسمّي نسراً لأنّه ينسر الشي ويبتلعه، وهو أطول الطير عمراً، وأنَه يعمّر ألف سنة، وهو أشدّ الطير طيراناً، ويقال في المثل: أعمر من نسر.

حياة الحيوان الكبرى 2: 348- 352.

ص: 86

وفيه يقول الأعشى:(1)

لنفسك إذ تختار سبعة أنسر إذا ما مضى نس-رٌ خلدتَ(2) إلى نسرِ

فعمّر حتّى خال أنّ نس-وره خلودٌ وهل تبقى النفوس على الدهر

وقال لأدناهنّ إذ حلّ(3) ريشه هلكتَ وأهلكت ابن عادٍ وما تدري(4)

ومنهم: رُبَيْعُ بن ضُبيع(5) بن وَهب بن بغيض بن مالك بن سعد بن عَدِي(6) بن فزارة.(7)

عاش ثلاثمائة سنة وأربعين سنة، وأدرك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسلم.

وهو الذي يقول وقد طعن في ثلاثمائة سنة:

أصبح منّي الشباب قد حسرا(8) إن ينا(9) عنّي فقد ثرى عصرا

والأبيات معروفة.

**********

(1) أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، يعرف بأعشى قيس، ويقال له: اعشى بكر بن وائل، أحد المعروفين من شعراء الطبقة الأولى في الجاهليّة وفحولهم، وكانت العرب تعني بشعر الأعشى، سكن الحيرة، وكان كثير الوفود على الملوك من العرب والفرس، غزير الشعر.

الكنى والألقاب 2: 38، الأعلام 7: 341.

(2) ع. ل. ر: إذ خل.

(3) في كتاب المعمّرون: خلوت.

(4) للتفصيل راجع: المعمّرون: 4 و5، كمال الدين 2: 559.

(5) س. ط: ضبع، وكذا في كتاب كمال الدين.

(6) ع. ل. ر: عيسى.

(7) في بعض المصادر: انّه عاش مائتين وأربعين سنة. وقصّته مع عبد الملك ودخوله عليه معروفة.

المعمّرون: 8- 10، كمال الدين 2: 549 و550، و561.

(8) ل: خسرا.

(9) ع. ر: يراي.

ص: 87

وهو الذي يقول أيضاً منه:

إذا كان الشتاء فأدفئوني

وأمّا حين يذهب كلّ قرّ

إذا عاش الفت-ى مأتين عام-اً

فإنّ الشيخ يهدمه الشتاءُ

فسربالٌ خفيف أو رداء

فقد أودى المس-رّة والفت-اء(1)

ومنهم: المستوغر بن ربيعة بن كعب.(2)

عاش ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين سنة.

وهو الّذي يقول:

ولقد سئمت من الحياة وطولها

مائةٌ حَدَتْ-ها بعده-ا مائتان لي

وعمرت من عدد السنين مئينا(3)

وعمِرْتُ من عدد(4) الشهورِ سنينا(5)

ومنهم: أكثم بن صيفي الأسدي.(6)

**********

(1) ط: مسرّته الفناء، وفي النسخ الأخرى: المسرّة والفناء، والمثبت من كتاب المعمرون وكتاب كمال الدين، ويروى عجز البيت الأخير أيضاً: فقد ذهب التخيّل والفتاء.

والفتاء: الشباب.

لسان العرب 15: 145 فتا.

وللتفصيل راجع: المعمرون: 8- 10، كمال الدين 2: 549 و550، 2: 561.

(2) هو: المستوغر بن ربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم، عاش زمناً طويلاً، أدرك الإسلام ولم يسلم، وكان من فرسان العرب في الجاهلية.

المعمرون: 12- 14، كمال الدين 2: 561.

(3) ع. ر: من بعد السنين سنيناً، ل. س: من بعد الستين مأتينا، ط: من عدد السنين مأتينا، والمثبت من كتاب المعمّرون.

(4) ع. ر.س: بعد.

(5) للتفصيل راجع: المعمّرون: 12- 14، كمال الدين 2: 561.

(6) اكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم، ادرك الإسلام واختلف في اسلامه، إلاّ أنّ الاكثر لا يشك في أنّه لم يسلم، ولم تكن العرب تقدّم عليه أحداً في الحكمة.

المعمرون: 14- 25، كمال الدين 2: 570.

ص: 88

عاش ثلاثمائة سنة وثمانين سنة، وكان مّمن أدرك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وآمن به ومات قبل أن يلقاه، وله أحاديث كثيرة وحِكم وبلاغات وأمثال.

وهو القائل:

وإنّ امرأ قد عاش تسعين حجّة

خلت مائتان بعد عشر وفائها(1)

إلى مأةٍ لم يسأم العيش جاهلُ

وذلك من عدّي ليالٍ(2) قلائل(3)

وكان والده صيفي بن رياح بن أكثم(4) أيضاً من المعمّرين.

عاش مائتين وستة وسبعين سنة، ولا ينكر من عقله شيء،(5) وهو المعروف بذي الحلم الّذي قال فيه المتلمّس اليشكري:(6)

لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا(7) وما علّم الإنسان إلاّ ليعلما(8)

**********

(1) كذا في النسخ، وفي ر: وقادها، وفي كمال الدين: غير ستّ وأربع.

(2) في كمال الدين: وذلك من عدّ الليالي.

(3) للتفصيل راجع كمال الدين 2: 570، المعمرون: 14- 25.

(4) ع. ل: أكثر، ر: اكبر.

وهو: صيفي بن رياح بن أكثم أحد بني أسد بن عمر بن تميم أبو أكثم، ومن وصاياه:...ومن سوء الأدب كثرة العتاب، واقرع الأرض بالعصا، فذهب مثلاً، والقرع الضرب، والمراد: أن ينبّه الإنسان صاحبه عند خطئه.

وأصل المثل: أن عامر بن الظرب لمّا طعن في السن وأنكر قومه من عقله شيئاً أمر أولاده أن يقرعوا إلى المجن بالعصا إذا خرج من كلامه وأخذ في غيره.

الوصايا: 146، كمال الدين 2: 570.

(5) ع. ل. ر: شيئاً.

(6) في النسخ اضطراب في ضبط الاسم، وما أثبتناه هو الصحيح.

وهو: جرير بن عبد المسيح أو عبد العزى من ضبيعة من ربيعة، شاعر جاهلي، وأخواله بنو يشكر.

راجع: الأغاني 24: 260، الأعلام 2: 119، المعمرون: 58.

(7) ع. ل. ر: فيه، بدلاً من: قبل.

(8) للتفصيل راجع: كمال الدين 2: 570، الوصايا: 146.

ص: 89

ومنهم: ضُبَيْرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو.(1)

عاش مائتي سنة وعشرين سنة، فلم(2) يشب قطّ، وأدرك الإسلام ولم يسلم. وروى أبو حاتم(3) (و) الرياشي،(4) عن العتبي،(5) عن أبيه أنّه قال: مات ضُبَيْرة السهمي وله مائتا سنة وعشرون سنة، وكان أسود الشعر صحيح الأسنان.

ورثاه ابن عمّه قيس بن عدي فقال:

من يأمن الحدثان بع-

سبقت منيّته المشي-

فت--زوّدوا لا تهلك--وا(6)

-د ضبيرة السهمي ماتا

-ب وكان ميتته افتلاتا

م-ن دون أهلك-م خفاتا(7)

**********

(1) هو: ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص القرشي، عاش مائتين وعشرين سنة وقيل: مائة وثمانين، وأدرك الإسلام فهلك فجأة.

المعمرون: 25، كمال الدين 2: 565.

(2) ع. ر: ولم.

(3) أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان بن يزيد الجشيمي السجستاني البصري الكوفي، توفّي سنة 248 أو 250 أو 254، قرأ على الأخفش.

راجع تفصيل حياته في مقدّمة كتاب المعمرون للسجستاني، بقلم عبد المنعم عامر.

(4) ع. ر. ل: الرياسي، والصحيح: أبو حاتم، والرياشي كما هو في الغيبة للطوسي: 116، وبقيّة المصادر والرياشي هو أبو الفضل العباس بن الفرج النحوي اللغوي، قتل في المسجد الجامع بالبصرة في أيام العلوي صاحب الزنج في سنة 257.

الانساب 6: 200 و201.

(5) أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب، الشاعر البصري، وكان راوية للأخبار وأيام العرب، روى عن أبيه وسفيان بن عيينة ولوط بن مخنف، روى عنه أبو حاتم السجستاني وأبو الفضل الرياشي، توفي سنة 228.

العبر 1: 403- 404، وفيات الأعيان 4: 398- 400.

(6) ع. ر. س. ط: ولا تهلكوا.

(7) ل. ر: حفاتا.

وللتفصيل راجع: كمال الدين 2: 565، المعمرون: 25.

ص: 90

ومنهم: دريد بن الصمّة الجشمي.(1)

عاش مائتي سنة، وأدرك الإسلام فلم يسلم، وكان أحد قوّاد المشركين يوم حُنين ومقدّمهم،(2) حضر حرب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقُتل يومئذٍ.(3)

ومنهم: محصّن بن عتبان(4) بن ظالم الزبيدي.(5)

عاش مائتي سنة وخمسة وخمسين سنة.(6)

ومنهم: عمرو بن حممة الدوسي.(7)

عاش أربعمائة سنة.

وهو الذي يقول:

كبرت وطال العمر حتّى كأنّني

فما الموت أفناني ولكن تتابعت

ثلاث مئات قد مررن كواملاً

سليمُ أفاعٍ ليله غير مودعِ

عليَّ سنون من مصيف ومربعِ

وها أنا هذا أرتجي نيل(8) أربع(9)

**********

(1) دريد بن الصمّة الجشمي من جشم بن سعد بن بكر، عاش نحواً من مائتي سنة حتّى سقط حاجباه من عينيه، قتل يوم حنين، وإنّما خرجت به هوازن تتيمّن به.

المعمرون: 27 و28.

(2) ع. ل. ر: ومقدمتهم.

(3) للتفصيل راجع: المعمّرون: 27 و28.

(4) ع. ر: محصّن غسّان، ل.س: محصّن عتبان، وما أثبتناه هو الصحيح.

(5) محصّن بن عتبان بن ظالم بن عمرو بن قطعية بن الحارث بن سلمة بن مازن الزبيدي. المعمرون: 26 و27، كمال الدين 2: 567.

(6) للتفصيل راجع: كمال الدين 2: 567، المعمرون: 26 و27.

(7) ع. ل. ر: عمر بن حممة الدوسي. قال في المعمّرون: عمرو بن حممة الدوسي، قضى على العرب ثلاثمائة سنة. المعمرون: 58.

(8) س: مثل، ط: مرّ.

(9) للتفصيل راجع: المعمرون: 58.

ص: 91

ومنهم: الحرث(1) بن مضاض الجرهمّي.(2)

عاش أربعمائة سنة.

وهو القائل:

كأن لم يكن بين الحجون(3) إلى الصفا أنيسٌ ولم يسمر(4) بمكّة سامرُ

بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا(5) صروف اللي-الي والج-دود(6) الع-واثر(7)

وفي غير من ذكرت يطول بإثباته جزء الكتاب.

والفرس تزعم أنّ قدماء ملوكها جماعات طالت أعمارهم وامتدّت، وزادت في الطول على أعمار من أثبتنا اسمه من العرب، ويذكرون أنّ من جملتهم الملك الّذي استحدث المهرجان، عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة.(8)

لم نتعرّض لشرح أخبارهم، لظهور ما قصصته من أمر العرب من

**********

(1) س: الحارث، وكذا في كتاب المعمّرون.

(2) في المعمّرون: الحارث بن مضاض الجرهمي.

راجع: المعمّرون: 8، تذكرة الخواص: 365.

(3) الحجون: موضع بمكّة ناحية من البيت، وقيل الجبل المشرف ممّا يلي شعب الجزّارين بمكة.

لسان العرب 13: 109 حجن.

(4) ع. ل. ر: يسمو.

(5) في المعمّرون: فأزالنا.

(6) الجدود جمع جد، وهو: البخت والحظ.

لسان العرب 3: 107 جدد.

(7) ع. ل. ر: والحدود الغوابر.

وللتفصيل راجع: تذكرة الخواص: 365، المعمرون: 8.

(8) قال الشيخ الطوسي في الغيبة 123: وأمّا الفرس فإنّها تزعم فيما تقدّم من ملوكها جماعة طالت أعمارهم، فيردون أنّ الضحّاك صاحب الحيتين عاش ألف سنة ومائتي سنة، وافريدون العادل عاش فوق الف سنة، ويقولون انّ الملك الّذي أحدث المهرجان عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة استتر منها عن قومه ستمائة سنة.

وراجع: تاريخ الطبري 1: 194 و215، تاريخ اليعقوبي 1: 158، البحار 51: 290.

ص: 92

أعمارهم على ما تدّعيه الفرس، ولقرب عهدها منّا وبُعد عهد أولئك، وثبوت أخبار معمّري العرب في صحف أهل الإسلام وعند علمائهم.

وقد أسلفت القول بأنّ المنكر لتطاول الأعمار إنّما هم طائفة(1) من المنجّمين وجماعة من الملحدين، فأمّا أهل الكتب والملل فلا يختلفون في صحّة ذلك وثبوته.

فلو لم يكن من جملة المعمّرين إلاّ من التنازع في طول عمره مرتفع، وهو سلمان الفارسي(2) رحمة الله عليه، وأكثر أهل العلم يقولون: بأنّه رأى المسيح، وأدرك النبيّ صلوات الله عليه وآله، وعاش بعده، وكانت وفاته في وسط أيام عمر بن الخطاب،(3) وهو يومئذ القاضي بين المسلمين في المدائن،(4) ويقال: أنّه كان عاملها وجابي خراجها، وهذا أصحّ.(5)

**********

(1) ع. ر: بأن المنكر لتطاولٍ للأعمار إنّما طائفة.

(2) هو أبو عبد الله سلمان الفارسي، وهذا اسمه بعد الإسلام، أمّا قبله، فقيل: مابه بن بوذخشان بن مورسلان، وقيل: اسمه بهبود، ويلقب: سلمان الخير وسلمان المحمدّي وسلمان ابن الإسلام، شهد الخندق - وهو الّذي أشار بحفره - ولم يفته بعد الخندق مشهد، توفي بالمدائن سنة 35، أو 37، أو 33، وقبره ظاهر معروف بقرب أيوان كسرى، وكان عطاؤه خمسة آلاف، وكان إذا خرج تصدّق به ويأكل من عمل يده.

وأمّا عمره فمئتان وخمسون سنة فممّا لا شك فيه، ولكن الاختلاف في الأكثر، فقيل ثلاثمائة، وقيل: ثلاثمائة وخمسون.

تهذيب التهذيب 4: 137 رقم 233، أعيان الشيعة 7: 279- 287، كمال الدين 1: 161، الكنى والالقاب 3: 150، تذكرة الخواص: 365.

(3) أبو حفص عمر بن الخطاب، روى عن النبيّ وأبي بكر واُبي، روى عنه أولاده وغيرهم قتل سنة 23.

طبقات الفقهاء: 19، تهذيب التهذيب 7: 438.

(4) عبارة عن مدن سبع، من بناء أكاسرة العجم، على طرف دجلة ببغداد، كان يسكنها ملوك بني ساسان إلى زمن عمر، وفي الجانب الشرقي مشهد سلمان.

الكنى والألقاب 3: 146- 148. =

ص: 93

وفيما أسلفناه في هذا الباب كفاية فيما قصدناه، والحمد لله.

**********

=(5) نصّ أكثر المؤرخين أن سلمان كان أميراً على المدائن، واختلف في سنة وفاته، فقيل: في زمن عثمان، وقيل: في زمن أمير المؤمنين، والشيخ المفيد هنا ذهب إلى أنّه وسط أيّام عمر ابن الخطاب.

للتفصيل راجع: الطبقات الكبرى 4: 75- 93، تهذيب التهذيب 4: 137، تهذيب ابن عساكر 6: 188، حلية الأولياء 1: 185، صفة الصفوة 1: 210، تذكرة الخواص: 365، أعيان الشيعة 3: 150، الكنى والألقاب 3: 150.

ص: 94

الفصل السابع: هل وجود الإمام مغيّباً كعدمه؟

اشارة

(هل وجود الإمام مغيّباً كعدمه؟)

فأمّا قول الخصوم: إنّه إذا استمرّت غيبة الإمام على الوجه الّذي تعتقده الإماميّة _ فلم يظهر له شخص، ولا تولى(1) إقامة حدّ، ولا إنفاذ حكم، ولا دعوة إلى حقّ، ولا جهاد العدوّ _ بطلت الحاجة إليه في حفظ(2) الشرع والملّة، وكان وجوده في العالم(3) كعدمه.

فصل: (الغيبة لا تنافي حفظ الشرع والملّة)

فإنّا نقول فيه: إنّ الأمر بخلاف ما ظنّوه، وذلك أنّ غيبته لا تُخلّ(4) بما صدقت الحاجة إليه من حفظ الشرع والملّة، واستيداعها له، وتكليفها التعرّف في كلّ وقت لأحوال الأمّة، وتمسّكها بالديانة أو فراقها لذلك إن فارقته، وهو الشيء الّذي ينفرد به دون غيره من كافّة رعيّته.

ألا ترى أنّ الدعوة إليه إنّما يتولاّها شيعته، وتقوم الحجّة بهم(5) في ذلك، ولا يحتاج هو إلى تولّي(6) ذلك بنفسه، كما كانت دعوة الأنبياء عليهم السلام تظهر نايباً عنهم(7)

**********

(1) ع. ل. ر: ولا يؤتي.

(2) ع. ل. ر: وتطلب الحاجة إليه في حقّه، وبطلت الحاجة إليه في حقّه.

(3) ر: المعالم.

(4) ع. ل: لا تحلّ.

(5) ل. س. ط: لهم.

(6) ل: توالي.

(7) س. ط: بأتباعهم.

ص: 95

والمقرّين بحقّهم، وينقطع العذر بها فيما يتأتّى(1) عن علّتهم (كذا) ومستقرّهم، ولا يحتاجون إلى قطع المسافات لذلك بأنفسهم، وقد قامت أيضاً نايباً عنهم(2) بعد وفاتهم، وتثبت الحجّة لهم في ثبوتهم(3) بامتحانهم في حياتهم وبعد موتهم، وكذلك(4) إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام، وقد يتولاّها أمراء الأئمّة وعمّالهم(5) دونهم، كما كان يتولّى ذلك أمراء الأنبياء عليهم السلام وولاتهم،(6) ولا يخرجونهم(7) إلى تولّى(8) ذلك بأنفسهم، وكذلك(9) القول في الجهاد، ألا ترى أنّه يقوم به الولاة من قبل الأنبياء والأئمّة دونهم، ويستغنون بذلك عن تولّيه بأنفسهم.

فعُلم بما ذكرناه أنّ الذي أحوج إلى وجود الإمام ومنع من عدمه(10) ما(11) اختصّ به من حفظ الشرع، الذي لا يجوز ائتمان(12) غيره عليه(13) ومراعاة الخلق في أداء ما كلّفوه من أدائه (آدابه).

فمن وجد منهم قائماً بذلك فهو في سعة من الإستتار والصموت، ومتى

**********

(1) ينأى.

(2) س. ط: بأتباعهم.

(3) ط: نبوّتهم.

(4) ع. ل. ر. س: ولذلك.

(5) ر: وقد يتولّى أمراء الأئمّة لهم.

(6) ع. ر. ل. س: وولايتهم.

(7) س. ط: ولا يحوجونهم.

(8) ل: المولى، وفي حاشية ل: المتولي.

(9) ع. ر: ولذلك.

(10) ع. ل. س: عدّه.

(11) ع. ل. ر: ممّا.

(12) ع. ل. ر: ايمان.

(13) لفظ: عليه، لم يرد في ل.ط.

ص: 96

وجدهم قد أطبقوا على تركه، وضلّوا عن طريق الحقّ فيما كلّفوه من نقله ظهر لتولّي ذلك بنفسه ولم يسعه إهمال القيام به، فلذلك ما وجب في حجّة العقل وجوده وفسد منها عدمه المباين لوجوده(1) أو موته المانع له من مراعاة الدين وحفظه، وهذ بيّن لمن تدبّره.

وشيء آخر، وهو: أنّه إذا غاب الإمام للخوف على نفسه من القوم الظالمين، فضاعت(2) لذلك الحدود، وانهملت به الأحكام، ووقع به في الأرض الفساد، فكان السبب لذلك فعل الظالمين دون الله عزّ إسمه، وكانوا المأخوذين بذلك المطالبين به دونه.

فلو أماته الله تعالى وأعدم(3) ذاته، فوقع لذلك الفساد وارتفع بذلك الصلاح، كان سببه فعل الله دون العباد، ولن يجوز من الله تعالى سبب الفساد، ولا رفع(4) ما يرفع الصلاح.

فوضح بذلك الفرق بين (موت) الإمام وغيبته واستتاره وثبوته، وسقط ما اعترض المستضعفون فيه من الشبهات، والمنّة لله.

* * *

**********

(1) ل: بوجوده.

(2) ل: وضاعت.

(3) ط: أو أعدم.

(4) كذا.

ص: 97

صفحة بيضاء

ص: 98

الفصل الثامن: ما الفرق بين قول الإمامية في الغيبة وقول سائر الفرق الشيعيّة؟

اشارة

( ما الفرق بين قول الإمامية في الغيبة وقول سائر الفرق الشيعيّة؟)

فأمّا قول المخالفين: إنّا قد ساوينا بمذهبنا في غيبة صاحبنا عليه السلام السبائية(1) في قولهم: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لمُ يقتل وأنّه حيّ موجود، وقول الكيسانية في محمد بن الحنفية، ومذهب الناووسية: في أنّ الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام لم يمت، وقول الممطورة في موسى بن جعفر عليه السلام أنّه لم يمت(2) وأنّه حيّ إلى أن يخرج بالسيف، وقول أوائل الإسماعيلية وأسلافها: أنّ إسماعيل بن جعفر هو المنتظر وأنّه حيّ لم يمت، وقول بعضهم(3) مثل

**********

(1) ل: الكيانية.

والسبائية: فرقة قالت: إنّ عليّاً لم يقتل ولم يمت، ولا يقتل ولا يموت، حتّى يسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وهي أوّل فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبيّ من هذه الأمّة، وأوّل من قال منها بالغلوّ، وإنّما سمّوا بالسبائية نسبة لعبد الله بن سبأ.

فرق الشيعة: 22.

(2) من قوله: وقول الممطورة إلى هنا لم يرد في ر. ل. ط.

(3) فرقة زعمت أنّ الإمام بعد الصادق عليه السلام محمد بن إسماعيل بن جعفر، وقالوا: إنّ الأمر كان لإسماعيل في حياة أبيه، فلمّا توفّي قبل أبيه جعل جعفر بن محمّد الأمر لمحمد بن إسماعيل، وأصحاب هذا القول يسمّون المباركية لرئيس لهم يسمّى المبارك مولى إسماعيل بن جعفر. فرق الشيعة: 80.

ص: 99

ذلك في محمّد بن إسماعيل،(1) وقول الزيدية مثل ذلك(2) فيمن قتل من أئمّتها حتّى قالوه في يحيى بن عمر(3) المقتول بشاهي.(4)

وإذا كانت(5) هذه الأقاويل باطلة عند الإماميّة، وقولها في غيبة صاحبها نظيرها، فقد بطلت أيضاً ووضح فسادها.

فصل: (بطلان معتقد سائر الفرق وصحة معتقد الإمامية)

فإنّا نقول: إنّ هذا توهّمٌ من الخصوم لو تيقّظوا(6) لفساد ما اعتمدوه في حجاج أهل الحقّ وظنّوه نظيراً لمقالهم: وذلك أنّ قتل من سمّوه قد كان

**********

(1) محمّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد، وهو الّذي سعى بعمّه موسى الكاظم إلى هارون الرشيد، وقال له: يا أمير المؤمنين خليفتان في الأرض موسى بن جعفر بالمدينة يجيء له الخراج وأنت بالعراق يجيء إليك الخراج، فقال: والله؟ قال: والله، وكان الإمام الكاظم يصل محمّد بن إسماعيل بن جعفر كثيراً، حتّى أن محمّداً لما فارق الإمام من المدينة قال: يا عمّ أوصني، فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي.

تنقيح المقال 2: 82.

(2) ر: في مثل ذلك.

(3) يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين السبط، ثائرٌ، خرج في أيام المتوكل العباسي سنة 235 واتجه ناحية خراسان بجماعة فردّه عبد الله بن طاهر إلى بغداد فضرب وحبس ثمّ أطلق، فأقام مدّة في بغداد وتوجّه إلى الكوفة في أيام المستعين بالله، وقاربها وأخذ ما في بيت المال وفتح السجون وعسكر بالفلوجة، وقصده جيش فظفر عليه يحيى، وأقبل عليه جيش آخر جهّزه محمّد بن عبد الله بن طاهر، فاقتتلا بشاهي قرب الكوفة، فتفرق عسكر الطالبي وبقي في عدد قليل، وتقنطر به فرسه فقتل، وحمل رأسه إلى المستعين.

راجع: الأعلام 8: 160، وما ذكره من مصادر الترجمة.

(4) قال الحموي: موضع قرب القادسية فيما احسب.

معجم البلدان 3: 316.

(5) ع. ل. ر: كان.

(6) س. ط: تفطّنوا.

ص: 100

محسوساً مدركاً بالعيان، وشهد(1) به أئمّة قاموا(2) بعدهم ثبتت إمامتهم بالشيء الذي به ثبتت(3) إمامة من تقدّمهم، والإنكار للمحسوسات باطلٌ عند كافّة العقلاء، وشهادة الأئمّة المعصومين بصحّة موت الماضين منهم مزيلة لكلّ ريبة، فبطلت الشبهة فيه على ما بيّناه.

وليس كذلك قول الإماميّة في دعوى وجود صاحبهم عليه السلام ، لأنّ دعوى وجود صاحبهم عليه السلام لا تتضمّن دفع المشاهد، ولا له إنكار المحسوس،(4) ولا قام بعد الثاني عشر من أئمّة الهدى عليهم السلام إمامٌ عدلٌ معصومٌ يشهد بفساد دعوى الإماميّة أو وجود إمامها وغيبته.

فأيّ نسبة بين الأمرين، لولا التحريف في الكلام، والعمل على أوّل خاطر يخطر للإنسان من غير فكرٍ(5) فيه ولا إثبات.

فصل: (عدم إنكار غيبة الآخرين)

ونحن فلم(6) ننكر غيبة من سمّاه الخصوم لتطاول زمانها، فيكون ذلك حجّةً علينا في تطاول مدّة غيبة صاحبنا، وإنّما أنكرناها بما ذكرناه من المعرفة واليقين بقتل من قُتل منهم، وموت مَن مات من جملتهم، وحصول العلم بذلك من جهة الإدراك بالحواسّ.

ولأنّ في جملة مَن ذكروه من لم يثبت له إمامة من الجهات التي تثبت لمستحقّها على حال، فلا يضرّ لذلك دعوى من ادّعى له الغيبة والاستتار.

**********

(1) ع. ل. س: وشهدوا.

(2) ل: فاتموا.

(3) ل. ر: تثبت.

(4) س: انكاراً بمحسوس.

(5) ع. ل. ر. س: من فكر، والمثبت من ط، وهو الأنسب.

(6) س. ط: لم.

ص: 101

ومن تأمّل ما ذكرناه عرف الحقّ منه، ووضح له الفرق بيننا وبين الضالّة من المنتسبين إلى الإماميّة والزيديّة، ولم(1) يخفَ الفصل بين مذهبنا في صاحبنا عليه السلام ومذاهبهم الفاسدة بما قدّمناه، والمنّة لله.

* * *

**********

(1) ع. ل. ر: لم، بدون واو.

ص: 102

الفصل التاسع(1)

(الغيبة واستمرار الإمامة)

وهو قول الخصوم: إنّ(2) الإماميّة تناقض مذهبها في إيجابهم الإمامة(3)، وقولهم بشمول(4) المصلحة للأنام بوجود الإمام وظهوره وأمره ونهيه وتدبيره، واستشهادهم على ذلك بحكم العادات في عموم المصالح بنظر السلطان العادل وتمكّنه من(5) البلاد والعباد.

وقولهم مع ذلك: إنّ الله تعالى قد أباح للإمام(6) الغيبة عن الخلق، وسوّغ له(7) الإستتار(8) عنهم، وأنّ ذلك هو المصلحة وصواب التدبير للعباد.

وهذه مناقضة لا تخفى على العقلاء.

فصل: (اختلاف المصالح باختلاف الأحوال)

وأقول: إنّ هذه الشبهة الداخلة على المخالف إنّما استولت عليه لبُعده عن سبيل الاعتبار، ووجوه(9) الصلاح وأسباب الفساد، وذلك أنّ المصالح تختلف باختلاف

**********

(1) ع. ل: فصل: وأمّا الكلام في الفصل التاسع.

(2) ع. ل. ر: وإنّ.

(3) ع. س: للإمامة.

(4) ع. ر. س. ط: لشمول.

(5) في س. ط: وتمكنه في البلاد والعباد.

(6) ع. ل: الإمام.

(7) ع. ل. س: وسوّغه.

(8) ع. س: للإستتار.

(9) ل. ط: ووجود.

ص: 103

الأحوال، ولا تتّفق مع تضادّها، بل يتغيّر تدبير الحكماء في حسن النظر والاستصلاح بتغيّر(1) آراء المستصلحين وأفعالهم وأغراضهم في الأعمال.

ألا ترى أنّ الحكيم من البشر يدبّر ولده وأحبّته(2) وأهله وعبيده وحشمه بما(3) يكسبهم(4) المعرفة والآداب، ويبعثهم على الأعمال الحسنات، ليستثمروا(5) بذلك المدح وحسن الثناء والإعظام من كلّ أحدٍ والإكرام، ويمكّنوهم من المتاجر والمكاسب للأموال،(6) لتتّصل مسارّهم بذلك، وينالوا بما يحصل لهم من الأرباح الملذّات،(7) وذلك هو الأصلح لهم، مع توقّرهم(8) على ما دبّرهم به من أسباب ما ذكرناه.

فمتى أقبلوا على العمل بذلك والجدّ فيه، أداموا لهم ما يتمكّنون به منه، وسهّلوا عليهم سبيله، وكان ذلك(9) هو الصلاح العام، وما أخذوا بتدبيرهم إليه، وأحبّوه منهم وأبرّوه لهم.

وإن عدلوا عن ذلك إلى السفه والظلم، وسوء الأدب والبطالة، واللهو واللعب، ووضع المعونة على الخيرات في الفساد، كانت المصلحة لهم قطع موادّ السعة(10) عنهم في الأموال، والاستخفاف بهم، والإهانة والعقاب.

**********

(1) س. ط: بتغيير.

(2) ل: وأخيه.

(3) ع. س. ط: ما.

(4) ل. ط: ينبؤهم، ويحتمل في ع.ر: يكسهم.

(5) ل. ط: ليستمرّوا.

(6) ل: الأموال، ط: في الأعمال.

(7) ع. ل. ر: اللذات.

(8) ع. ط: توفّرهم.

(9) لفظ: ذلك، لم يرد في ل.ط.

(10) ع. ل. ر. س: الشيعة، ويحتمل: الشنعة.

ص: 104

وليس في ذلك تناقض بين أغراض العاقل، ولا تضادّ في صواب التدبير والإستصلاح.

وعلى الوجه الذي بيّناه كان تدبير الله تعالى لخلقه، وإرادته عمومهم بالصلاح.

ألا ترى أنّه خلقهم فأكمل عقولهم وكلّفهم الأعمال الصالحات، ليكسبهم(1) بذلك حالا(2) في العاجلة، ومدحاً وثناءً حسناً وإكراماً وإعظاماً وثواباً في الآجل، ويدوم نعيمهم في دار المقام.

فإن تمسّكوا بأوامر الله ونواهيه وجب في الحكم إمدادهم بما يزدادون به منه، وسهّل عليهم سبيله، ويسّره لهم.

وإن خالفوا ذلك وعصوه تعالى وارتكبوا نواهيه، تغيّرت(3) الحال فيما يكون فيه استصلاحهم، وصواب التدبير لهم، يوجب(4) قطع موادّ(5) التوفيق عنهم، وحسن منه ذمّهم وحربهم، ووجب عليهم(6) به العقاب، وكان ذلك هو الأصلح لهم(7) والأصوب(8) في تدبيرهم ممّا كان يجب في الحكمة لو أحسنوا ولزموا السداد.

فليس ذلك بمتناقض في العقل ولا متضادّ في قول أهل العدل، بل هو ملتئم على المناسب والاتّفاق.

**********

(1) ل: ليكسهم.

(2) س. ط: جمالاً.

(3) ل: لغيّرت.

(4) ل: لوجب.

(5) ع. ل. ر: موات.

(6) ل. ط: وحسن منه ذمهم وحر عليهم، وفي س.ع: جربهم، بدلاً من: حربهم.

(7) إلى هنا انتهت نسخة ع، فالاعتماد في ضبط النصّ يكون على نسخة: ل. ر. س. ط.

(8) ر. س: والأحقّ.

ص: 105

فصل: (اختلاف المصلحة في الظهور والغيبة)

ألا ترى أنّ الله تعالى دعا الخلق إلى الإقرار به، وإظهار التوحيد والإيمان برسله عليهم السلام لمصلحتهم، وأنّه لا شيء أصوب في تدبيرهم من ذلك، فمتى اضطرّوا إلى إظهار كلمة الكفر للخوف على دمائهم، كان الأصلح لهم والأصوب في تدبيرهم ترك الإقرار بالله، والعدول عن إظهار التوحيد والمظاهرة بالكفر بالرسل، وإنّما تغيّرت المصلحة بتغيّر الأحوال، وكان في تغيّر التدبير الّذي دبّرهم الله به فيما خلقهم له مصلحة للمتّقين، وإن كان ما اقتضاه من فعل الظالمين قبيحاً منهم ومفسدةً يستحقّون به العقاب الأليم.

وقد فرض الله تعالى الحجّ والجهاد وجعلهما صلاحاً للعباد، فإذا تمكّنوا منه عمّت به المصلحة، وإذا منعوا منه بإفساد المجرمين كانت المصلحة لهم تركه والكفّ عنه، وكانوا في ذلك معذورين، وكان المجرمون به ملومين.(1)

فهذا نظيرٌ لمصلحة الخلق بظهور الأئمّة عليهم السلام وتدبيرهم إيّاهم متى أطاعوهم وانطووا على النصرة لهم والمعونة، وإن عصوهم وسعوا في سفك دمائهم تغيّرت الحال فيما يكون به تدبير مصالحهم، وصارت المصلحة له ولهم غيبته وتغييبه(2) واستتاره، ولم يكن عليه في ذلك لوم، وكان الملوم(3) هو المسبّب له بإفساده وسوء اعتقاده.

ولم يمنع كون الصلاح باستتاره(4) وجوب وجوده وظهوره، مع العلم ببقائه وسلامته وكون(5) ذلك هو الأصلح والأولى في التدبير، وأنّه الأصل(6)

**********

(1) ل. ر: ملومون.

(2) ل: وتغيبته.

(3) ل. ر: المليم.

(4) ل. ر: باستتار.

(5) ل. ر. س: كون، بدون واو.

(6) ر. س: للأصل.

ص: 106

الذي أجرى(1) بخلق العباد إليه وكلّفوا من أجله حسبما ذكرناه.

فصل: (عدم وجود أيّ تناقض بين الغيبة والإمامة)

فإنّ الشبهة الداخلة على خصومنا في هذا الباب، واعتقادها أنّ مذهب الإماميّة في غيبة إمامها مع عقدها في وجوب الإمامة متناقضّ، حسبما ظنّوه في ذلك وتخيّلوه، لا يدخل إلاّ على عمىً منهم مضعوف بعيد عن معرفة مذهب سلفه وخلفه في الإمامة، لا يشعر بما يرجع إليه في مقالهم به.

وذلك أنّهم بين رجلين:

أحدهما: يوجب الإمامة عقلاً وسمعاً، وهم البغداديّون من المعتزلة(2) وكثير من المرجئة.(3)

والآخر: يعتقد وجوبها (4) سمعاً وينكر أن تكون العقول توجبها، وهم البصريّون من المعتزلة(5) وجماعة المجبّرة(6) وجمهور الزيدية.

**********

(1) س. ط: احرى.

والمعنى: أن الصلاح الالهي الذي اقتضى غيبة الإمام هو الأصل الذي كان خلق العباد للتوصّل إليه ومن أجله.

(2) وهم أصحاب أبي الحسين بن أبي عمرو الخياط مع تلميذه أبي القاسم بن محمّد الكعبي ويعبّر عن مذهبهما بالخياطيّة والكعبية.

الملل والنحل 1: 73.

(3) ل: وهم البغداديّون من المعتزلة وكثير من المعتزلة وكثير من المرجئة.

(4) ر. ل. س: أنّ وجوبها.

(5) وهم أصحاب أبي عليّ محمّد بن عبد الوهاب الجبائي وابنه أبي هاشم عبد السلام، ويعبّر عن مذهبهما بالجبائية والبهشميّة.

الملل والنحل 1: 73.

(6) الجبريّة أصناف، فالجبرية الخالصة: هي التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة على الفعل أصلاً، وأمّا من أثبت للقدرة الحادثة أثراً ما في الفعل وسمّى ذلك كسباً فليس بجبريّ.

الملل والنحل 1: 79.

ص: 107

وكلّهم وإن خالف الإماميّة في وجوب النصّ على الأئمّة بأعيانهم، وقال بالاختيار أو الخروج بالسيف والدعوة إلى الجهاد، فإنّهم يقولون: إنّ وجوب اختيار الأئمّة إنّما هو لمصالح الخلق، والبغداديّون من المعتزلة خاصّة يزعمون أنّه الأصلح في الدين والدنيا معاً، ويعترفون بأنّ وقوع الاختيار وثبوت الإمامة هو المصلحة العامّة، لكنّه متى تعذّر ذلك بمنع الظالمين منه كان الذين إليهم العقد والنهوض(1) بالدعوة في سعةٍ من ترك ذلك وفي غير حرجٍ من الكفّ عنه، وأنّ تركهم له حينئذٍ يكون هو الأصلح، وإباحة الله تعالى لهم التقيّة في العدول عنه هو الأولى في الحِكمة وصواب التدبير في الدنيا والدين.

وهذا هو القول الّذي أنكره المستضعفون منهم على الإماميّة: في ظهور الإمام وغيبته، والقيام بالسيف وكفّه عنه وتقيته، وإباحة شيعته عند الخوف على أنفسهم ترك الدعوة إليه على الإعلان، والاعراض عن ذلك للضرورة إليه، والإمساك عن الذكر له باللسان.

فكيف خفي الأمر فيه على الجهّال من خصومنا، حتّى ظنّوا بنا المناقضة وبمذهبنا في معناه التضادّ، وهو قولهم بعينه على السواء، لولا عدم التوفيق لهم، وعموم الضلالة لقلوبهم بالخذلان، والله المستعان.

* * *

**********

(1) ع. ط: النهوض، بدون واو.

ص: 108

الفصل العاشر: كيفية معرفته عليه السلام بعد ظهوره

اشارة

(كيفية معرفته عليه السلام بعد ظهوره)

فأمّا قول الخصوم: إنّه إذا كان الإمام غائباً منذ وُلد وإلى أن يظهر داعياً إلى الله تعالى، ولم يكن رآه على قول أصحابه أحدٌ إلاّ من مات(1) قبل ظهوره، فليس للخلق طريق إلى معرفته بمشاهدة شخصه، ولا التفرقة بينه وبين غيره بدعوته. وإذا لم يكن الله تعالى يظهر الأعلام والمعجزات على يده ليدلّ بها على أنّه الإمام المنتظر، دون من ادّعى مقامه في ذلك(2) النبوّة له، إذ كانت المعجزات دلائل النبوّة والوحي والرسالة، وهذا نقض مذهبهم وخروج عن قول الأُمّة كلّها: أنّه لا نبيّ بعد نبينا عليه وآله السلام.

فصل: (علامات الظهور)

فإنّا نقول: إنّ الأخبار قد جاءت عن أئمّة الهدى من آباء الإمام المنتظر عليه السلام بعلامات تدلّ عليه قبل ظهوره، وتؤذن بقيامه بالسيف قبل سنته:

منها: خروج السفياني،(3) وظهور(4) الدجّال،(5) وقتل رجلٍ من ولد

**********

(1) ر. ل. س: قد مات.

(2) كذا. ولعلّ الصحيح: وإذا أظهر ثبتت...

(3) كمال الدين 2: 649 باب 57 ما روي في علامات خروج القائم عليه السلام ، الغيبة للنعماني: 252 حديث 9، الغيبة للطوسي: 433 ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل خروجه.

(4) ل: وخروج خ ل.

(5) كمال الدين 2: 525 باب 47 حديث الدجال وما يتصل به من أمر القائم عليه السلام و2: 649 باب 57 ما روي في علامات خروج القائم عليه السلام ، الغيبة للطوسي: 433 ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل خروجه.

ص: 109

الحسن بن عليّ عليه السلام (1) يخرج بالمدينة داعياً إلى إمام الزمان،(2) وخسف بالبيداء.(3)

وقد شاركت العامّة الخاصّة في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر هذه العلامات،(4) وأنّها كائنة لا محالة على القطع بذلك والثبات، وهذا بعينه معجز يظهر على يده، يبرهن به عن صحّة نسبه ودعواه.

فصل: (ظهور المعجز على يد الأئمة عليهم السلام)

مع أنّ ظهور الآيات على الأئمّة عليهم السلام لا توجب لهم الحكم بالنبوّة، لأنها ليست بأدلّة تختصّ بدعوة الأنبياء من حيث دعوا إلى نبوّتهم، لكنهّا أدلّة على صدق الداعي إلى ما دعا إلى تصديقه فيه على الجملة دون التفصيل.

فإن دعا إلى اعتقاد نبوّتهم(5) كانت دليلاً على صدقه في دعوته، وإن دعا الإمام إلى اعتقاد إمامته كانت برهاناً له في صدقه في ذلك، وإن دعا المؤمن الصالح إلى تصديق دعوته إلى نبوّة نبيّ أو إمامة إمام أو حكم سمعه من نبيّ أو إمام كان المعجزة على صحّة دعواه.

وليس يختصّ ذلك بدعوة النبوّة دون ما ذكرناه، وإن كان مختصّاً

**********

(1) ل: عليهما.

(2) كمال الدين 2: 649 باب 57 ما روي في علامات خروج القائم عليه السلام ، الغيبة للنعماني: 252 حديث 9، الغيبة للطوسي: 433 ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل خروجه.

(3) كمال الدين 2: 649 باب 57 ما روي في علامات خروج القائم عليه السلام ، الغيبة للنعماني: 252 حديث 9، الغيبة للطوسي: 433 ذكر طرف من العلامات الكائنة قبل خروجه.

(4) راجع علائم الظهور عند أهل السنة في المصنف الجزء 11 باب المهديّ، سنن ابن ماجة 2: 23 حديث 4084، سنن أبي داود 4: 107 حديث 4286 و108 حديث 4289 البدء والتاريخ 1: 174 و 176 و 186، وللتفصيل أكثر راجع: الإمام المهدي عند أهل السنة بجزأيه.

(5) س. ط: نبوّته.

ص: 110

بذوي العصمة من الضلال وارتكاب كبائر الآثام، وذلك ممّا يصحّ اشتراك أصحابه مع الأنبياء عليهم السلام في صحيح(1) النظر والاعتبار.

وقد أجرى الله تعالى آية إلى مريم ابنة عمران، الآية الباهرة برزقها من السماء، وهو خرقٌ للعادة،(2) وعَلَمٌ باهرٌ من أعلام النبوّة.

فقال جلّ من قائل: (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ * هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ).(3)

ولم يكن لمريم عليها السلام نبوّة ولا رسالة، لكنّها كانت من عباد الله الصالحين المعصومين من الزلاّت.

وأخبر سبحانه أنّه أوحى إلى أمّ موسى: (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).(4)

والوحي معجزٌ من جملة معجزات الأنبياء عليهم السلام ، ولم تكن أمّ موسى عليها السلام نبيّة ولا رسولة، بل كانت من عباد الله البررة الأتقياء.

فما الذي ينكر من إظهار علم يدلّ على عين الإمام ليتميّز به عمّن سواه، لولا أنّ مخالفينا يعتمدون في حجاجهم لخصومهم(5) الشبهات المضمحلاّت.

فصل:

وقد أثبتّ في كتابي المعروف ب- الباهر من المعجزات(6) ما يقنع من

**********

(1) ر: تصحيح، ل: التصحيح.

(2) ل: خرق العادة.

(3) آل عمران: 37 و38.

(4) القصص: 7.

(5) ر: لخصومتهم.

(6) وسمّاه النجاشي في رجاله: 401 بالزاهر من المعجزات.

وهو يبحث عن معجزات الأنبياء والأئمّة، وأثبت فيه انّ المعجز غير مختصّ بالأنبياء، وهذا الكتاب لا أثر له الآن.

ص: 111

أحبّ معرفة دلالتها والعلم بموضوعها والغرض في إظهارها على أيدي أصحابها، ورسمتُ منه جملة مقنعة في آخر كتابي المعروف ب- الإيضاح.

فمن أحبّ الوقوف على ذلك فليلتمسه في هذين الكتابين، يجده على ما يزيل شبهات الخصوم في معناه إن شاء الله تعالى.

فهذه جملة الفصول الّتي ضمنت إثبات معانيها،(1) ليتّضح(2) بذلك الحقّ فيها، ليعتبر به ذوي(3) الألباب، وقد وفيت(4) بضماني في ذلك، والله الموفق للصواب.

وصلّى الله على سيّدنا محمد النبيّ وآله، وسلّم كثيراً، ولا حول(5) ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم وحده وحده.(6)

* * *

**********

(1) ر. ل: في معانيها.

(2) ل: ليصحّ.

(3) ل: من ذوي.

(4) ل: وافيتُ.

(5) لفظ: ولا حول، لم يرد في ر.

(6) ر: ولا قوّة إلاّ بالله وحده وحده، ولفظ: وحده وحده، لم يرد في ل.س.

ص: 112

فهارس الكتاب

اشارة

(1) فهرس الآيات القرآنية

(2) فهرس الأحاديث

(3) فهرس الأعلام

(4) فهرس الأشعار

(5) فهرس الفرق والقبائل والأمم

(6) فهرس الكتب

(7) فهرس البلدان

(8) فهرس القصص

(9) فهرس مصادر التحقيق

(10) فهرس المحتويات

ص: 113

ص: 114

1 _ فهرس الآيات القرآنية

مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ.......................................................................... 80

كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ............................................................. 111

أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ.............................................................. 111

2 _ فهرس الأحاديث

وصية الإمام الصادق عليه السلام إلى حميدة المصفاة....................... 64، 65، 66

لابدّ للقائم من غيبتين......................................................................... 24، 76

ظهور المعجز على يد الأئمة عليهم السلام................................................. 110

3 _ فهرس الأعلام

آدم عليه السلام...................................................................................... 84

إبراهيم عليه السلام............................................................... 53، 57، 58، 85

أبو جهل................................................................................................ 60

أبو حاتم............................................................................................... 90

أبو لهب................................................................................................ 59

إسماعيل بن جعفر............................................................................ 46، 99

الأعشى................................................................................................. 87

أكثم بن صيفي....................................................................................... 88

أمّ موسى عليها السلام............................................................................ 111

جعفر بن علي الهادي...................................................... 43، 57، 58، 60، 61

جعفر بن محمد عليه السلام.......................................................... 46، 64، 99

ص: 115

حديث............................................................................................ 43، 63

الحرث بن مضاض................................................................................. 92

الحسن بن علي العسكري (ع) ..43، 44، 49، 52، 54، 55، 57، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 66، 67، 69، 71، 72، 110

حميدة البربرية....................................................................................... 64

الخضر عليه السلام............................................................................ 77، 86

الدجّال................................................................................................. 109

دريد بن الصمّة....................................................................................... 91

الربيع.................................................................................................... 65

ربيع بن ضبيع......................................................................................... 87

الريّاشي................................................................................................ 90

زكريّا عليه السلام.................................................................................. 111

السفياني............................................................................................... 109

سلمان الفارسي...................................................................................... 93

صيفي بن رياح...................................................................................... 89

ضبيرة بن سعيد...................................................................................... 90

العتبي................................................................................................... 90

عثمان بن سعيد...................................................................................... 72

عمرو بن حممة الدوسي.......................................................................... 91

الفتح بن عبد ربّه.................................................................................... 63

فراسياب............................................................................................... 51

فرعون.................................................................................................. 77

قيس بن عدي........................................................................................ 90

ص: 116

كيخسرو............................................................................................... 50

لقمان بن عاد......................................................................................... 86

المتلمّس اليشكري.................................................................................. 87

محصّن بن عتبان.................................................................................... 91

محمّد بن إسماعيل................................................................................ 100

محمّد بن جرير الطبري........................................................................... 51

محمّد بن الحنفيّة.............................................................................. 46، 99

محمّد بن عثمان..................................................................................... 72

محمّد بن المأمون................................................................................... 63

مريم عليها السلام.................................................................................. 111

المستوغر بن ربيعة.................................................................................. 88

المنصور................................................................................................ 65

موسى عليه السلام..................................................................... 54، 87، 111

موسى الكاظم عليه السلام...................................................... 45، 64، 65، 99

المهدي عجل الله فرجه................................................................ 49، 54، 57

نوح عليه السلام...................................................................................... 84

الواثق بالله............................................................................................. 63

وسفا فريد............................................................................................. 51

يحيى بن عمر....................................................................................... 100

يوسف عليه السلام...................................................................... 57، 58، 77

يعقوب عليه السلام........................................................................... 57، 77

يونس عليه السلام................................................................................... 78

ص: 117

4 _ فهرس الأشعار

أول البيت القافية عدد الأبيات

لنفسك نسر 3.............................................................. 87

أصبح عُصُرا 1.............................................................. 87

إذا الشتاءُ 3............................................................... 88

ولقد مِئِينا 2............................................................... 88

وإنّ جاهلُ 2................................................................ 89

لذي ليعلما 1................................................................. 89

مَن ماتا 3................................................................ 90

كبرتُ مودع 3................................................................. 91

كأن سامرُ 2................................................................. 92

5 _ فهرس الفرق والقبائل والأمم

آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم..................................................... 41، 76

الإمامية..........43، 44، 46، 47، 54، 57، 61، 64، 68، 71، 73، 75، 76، 81، 83، 95، 99، 100، 101، 102، 103، 107، 108

الأئمة.......................................................... 55، 68، 96، 101، 106، 108، 110

الإسماعيلية...................................................................................... 45، 99

الأنبياء.................................................................. 47، 53، 57، 77، 95، 96، 110، 111

البصريّون من المعتزلة............................................................................. 107

البغداديّون من المعتزلة............................................................................ 107

بنو أميّة............................................................................................ 44، 59

بنو هاشم............................................................................................... 59

الترك.................................................................................................... 51

ص: 118

الحشوية................................................................................................ 61

الخوارج................................................................................................ 61

الدهريّون.................................................................................. 79، 81، 85

الروم.............................................................................................. 50، 81

الزيديّة....................................................................... 61، 73، 100، 102، 107

السبائية.................................................................................................. 99

الشيعة..................................................................... 59، 60، 64، 67، 68، 76

العجم................................................................................................... 85

العرب............................................................................................. 85، 93

الفرس................................................................................ 50، 51، 81، 93

الكفّار.................................................................................................... 59

الكيسانية.......................................................................................... 45، 99

المخالفين.................................................................................. 41، 84، 99

المرجئة.......................................................................................... 61، 107

المعتزلة.......................................................................................... 61، 107

الملحدون................................................................................... 79، 81، 93

الممطورة........................................................................................ 44، 99

المنجّمين................................................................................... 81، 85، 93

الناووسية......................................................................................... 45، 99

6 _ فهرس الكتب

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد....................................................... 55

الإيضاح في الإمامة والغيبة.......................................................... 55، 85، 112

الباهر من المعجزات............................................................................... 111

تاريخ الطبري......................................................................................... 51

ص: 119

7 _ فهرس البلدان

أهواز.................................................................................................... 72

بابل...................................................................................................... 50

بغداد.................................................................................................... 73

الجبال................................................................................................... 73

شاهي.................................................................................................. 100

قزوين................................................................................................... 73

قم........................................................................................................ 73

الكوفة................................................................................................... 73

المدينة................................................................................................. 110

نصيبين.................................................................................................. 72

الهند........................................................................................ 50، 81، 85

8 _ فهرس القصص

قصّة كيخسرو........................................................................................ 50

قصّة إبراهيم عليه السلام.................................................................... 54، 85

قصّة موسى عليه السلام..................................................................... 54، 77

قصّة يوسف عليه السلام.................................................................... 57، 77

قصّة الخضر عليه السلام........................................................................... 77

قصّة يونس عليه السلام............................................................................ 78

قصّة أصحاب الكهف.............................................................................. 79

قصّة صاحب الحمار................................................................................ 79

قصّة آدم عليه السلام............................................................................... 84

قصّة نوح عليه السلام............................................................................... 84

ص: 120

قصّة لقمان بن عاد الكبير......................................................................... 86

قصّة ربيع من ضُبيع................................................................................. 87

قصّة المستوغر بن ربيعة............................................................................ 88

قصّة أكثم بن صيفي................................................................................ 88

قصّة صيفي بن رياح................................................................................ 89

قصّة ضُبيرة بن سعيد............................................................................... 87

قصّة دريد بن الصمّة................................................................................ 91

قصّة محصن بن عتبان.............................................................................. 91

قصّة عمرو بن حممة الدوسي................................................................... 91

قصّة الحرث بن مضاض.......................................................................... 92

قصّة سلمان الفارسي............................................................................... 93

قصّة مريم عليها السلام........................................................................... 111

9_ فهرس مصادر التحقيق

(1) القرآن الكريم.

(2) الاحتجاج، لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي، مكتبة النعمان، النجف.

(3) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، للشيخ المفيد محمّد بن النعمان، مؤسسة الأعلمي، بيروت 1399ه-.

(4) الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمرو يوسف بن عبد الله النمري، المتوفىّ سنة 463ه-.

(5) الأعلام، لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت.

(6) أعيان الشيعة، للسيّد محسن الأمين، دار التعارف بيروت 1403ه-.

(7) الأغاني، لأبي الفرج عليّ بن الحسين الاصفهاني، دار إحياء التراث العربي بيروت.

ص: 121

(8) الإمام المهدي عند أهل السنة لمهدي فقيه إيماني، مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام اصفهان.

(9) الأنساب، لأبي سعيد عبد الكريم بن محمّد السمعاني، المتوفّى سنة 563، الطبعة الثانية 1400ه- نشر محمّد أمين بيروت.

(10) البحار، للشيخ المجلسي محمّد باقر، مؤسسة الوفاء ودار إحياء التراث العربي بيروت 1403ه-.

(11) البدء والتاريخ، لأبي زيد أحمد بن سهل البلخي، طبع مكتبة المثنى بغداد، بالتصوير على طبعة باريس.

(12) تاريخ الأُمم والملوك، لمحمّد بن جرير الطبري، المتوفّى سنة 310، دار المعارف مصر الطبعة الثانية.

(13) تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي، للسيّد هاشم البحراني، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية قم، الطبعة الأولى 1411ه-.

(14) تذكرة الخواص، ليوسف بن فرغلي سبط الحافظ ابن الجوزي، المتوفّى سنة 654 أو 655، منشورات المطبعة الحيدرية النجف.

(15) تقريب المعارف، لأبي الصلاح الحلبي تقي الدين، انتشارات جماعة المدرسين قم.

(16) تنقيح المقال، للشيخ عبد الله المامقاني، المطبعة المر تضوية النجف.

(17) تهذيب تاريخ ابن عساكر، لعبد القادر بدران، طبع دمشق 1329ه-.

(18) تهذيب التهذيب، لاحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني، المتوفىّ سنة 852، طبع دائرة المعارف الهند 1325ه-.

(19) حلية الأولياء، لأبي نعيم الأصفهاني، طبع مصر 1351ه-.

(20) حياة الحيوان الكبرى، لكمال الدين الدميري، دار الفكر بيروت.

ص: 122

(21) الخلاصة، للعلاّمة الحلي الحسن بن يوسف المتوفىّ 726ه-، منشورات الرضي قم.

(22) دعوى السفارة في الغيبة الكبرى، لمحمّد سند، انتشارات داوري قم 1411ه-.

(23) الذريعة، لأقا بزرك الطهراني، دار الأضواء بيروت.

(24) رجال ابن داود، لتقي الدين الحسن بن عليّ بن داود الحلي، منشورات الرضي قم.

(25) رجال الشيخ، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي، منشورات الرضي قم.

(26) رجال النجاشي، لأبي العباس أحمد بن عليّ النجاشي الأسدي الكوفي، المتوفى سنة 450، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين قم 1407ه-.

(27) السنن، لأبي داود سليمان بن الأشعث، المتوفّى سنة 275، دار إحياة السنّة النبويّة.

(28) السنن، لأبي عبد الله محمّد بن يزيد القزويني ابن ماجة، المتوفّى سنة 275، دار احياء الكتب العربية.

(29) الصحاح، للجوهري، دار العلم للملايين بيروت.

(30) صفة الصفوة، لأبي الفرج ابن الجوزي، حيدر آباد 1355ه-.

(31) طبقات الفقهاء، لأبي إسحاق الشيرازي، دار القلم بيروت.

(32) الطبقات الكبرى، لابن سعد، طبعة دار صادر بيروت، وطبعة دار بيروت للطباعة والنشر.

(33) العبر في خبر مَن غبر، للحافظ الذهبي، المتوفّى سنة 748، طبع جامعة الدول العربية الكويت 1960م.

(34) الغيبة، للشيخ الطوسي محمّد بن الحسن، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية قم 1411ه-.

ص: 123

(35) الغيبة، للنعماني أبي زينب محمّد بن إبراهيم، من أعلام القرن الرابع.

(36) فرق الشيعة، لأبي محمّد الحسن بن موسى النوبختي، من أعلام القرن الثالث، المطبعة الحيدرية النجف.

(37) الفصول العشرة، للشيخ المفيد، المطبعة الحيدريّة النجف 1370ه-.

(38) الفهرست، لابن النديم، دار المعرفة بيروت.

(39) الفهرست، للشيخ الطوسي محمّد بن الحسن، وبذيله طبع كتاب نضد الإيضاح.

(40) قصص الأنبياء لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي، نشر مجمع البحوث الإسلامية مشهد 1409ه-.

(41) الكافي، للكليني الرازي محمّد بن يعقوب، دار الكتب الإسلامية طهران.

(42) كشف الحجب والأستار عن وجه الكتب والأسفار، للسيّد اعجاز حسين النيسابوري الكنتوري، المكتبة العامة لآية الله المرعشي قم 1409ه-.

(43) كمال الدين، للشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه، المتوفّى سنة 381، دار الكتب الإسلامية طهران.

(44) كن-ز الفوائد، لإبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي، المتوفّى سنة 449، دار الأضواء بيروت 1405ه-.

(45) الكنى والألقاب، للشيخ عبّاس القمي، انتشارات بيدار قم.

(46) لؤلؤة البحرين، للشيخ يوسف البحراني، مؤسسة آل البيت قم.

(47) لسان العرب، لمحمّد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري، دار صادر بيروت.

(48) لغت نامة دهخدا، لعليّ أكبر دهخدا، مطبعة دانشكاه طهران 1349ه- ق.

(49) مجلة تراثنا، فصلية تصدر عن مؤسسة آل البيت قم.

(50) مروج الذهب، لأبي الحسن عليّ بن الحسين المسعودي، المتوفّى سنة 346، منشورات دار الهجرة قم 1409ه-.

ص: 124

(51) المصنّف، لأبي بكر عبد الرزاق بن همّام الصنعاني، المتوفّى سنة 211، طبع المجلس العلمي.

(52) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، لكمال الدين محمّد بن طلحة القرشي الشافعي، المتوفى سنة 652، دار الكتب التجارية النجف.

(53) معالم العلماء، لمحمّد بن عليّ بن شهر آشوب المازندراني، المتوفّى سنة 588، المطبعة الحيدرية النجف 1380 ه-.

(54) معجم البلدان، لشهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي، دار صادر بيروت 1399ه-.

(55) معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، للسيّد أبو القاسم الخوئي، دار الزهراء بيروت 1403ه-.

(56) المعمّرون، لأبي حاتم السجستاني المتوفّى سنة 250، دار إحياء الكتب العربية.

(57) الملل والنحل، لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني، المتوفّى سنة 548، منشورات الشريف الرضي قم.

(58) المناقب، لابن شهر آشوب المازندراني، انتشارات علامة قم.

(59) المنجد في اللغة والأعلام، عدّة من المؤلّفين، دار المشرق بيروت.

(60) الوصايا، لأبي حاتم السجستاني، دار إحياء الكتب العربية.

(61) وفيات الأعيان وانباء ابناء الزمان، لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمّد بن خلّكان، المتوفّى سنة 681، دار صارد بيروت.

10- فهرس المحتويات

مقدمة المركز..................5

مقدمة المحقق......................11

1 - لماذا هذا الاهتمام بالمهدي عليه السلام......................11

2 - من كتب عن المهدي عليه السلام إلى آخر القرن الرابع..........................12

ص: 125

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.