الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه المجلد 8

اشارة

سرشناسه:وجدانی فرخ، قدرت الله، 1375 - 1311، شارح

عنوان و نام پديدآور:الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه/ تالیف قدره الله الوجدانی فخر

مشخصات نشر: الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

مشخصات ظاهری: 16ج

يادداشت:کتاب حاضر شرحی است بر "الروضه البهیه..." شهید ثانی، که خود شرحی است بر "اللمعه الدمشقیه... شهید اول"

يادداشت:عربی

عنوان دیگر:اللمعه الدمشقیه. شرح

عنوان دیگر:الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

موضوع:شهید اول محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

فقه جعفری -- قرن ق 8

شناسه افزوده:شهید اول، محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه. شرح

شناسه افزوده:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولی

1431 ه - 2010م

الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

هاتف 946161 / 03 - 115425 / 02 - تلفاکس: 4715510 / 01

http://www.Dar-Alamira.com

E-mail:info@dar-alamira.com

ص: 2

الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه

تالیف قدره الله الوجدانی فخر

الجزء الثامن

الدین ، الرهن ، الحجر ، الضمان ، الحوالة و الکفالة

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

كتاب الدين

اشارة

ص: 5

ص: 6

كتاب الدين

كتاب الدين (1) (و هو (2) قسمان:)

**********

شرح:

الدين (1)المضاف و المضاف إليه خبر لمبتدإ مقدّر هو «هذا»، و الإضافة بيانيّة. يعني أنّ هذا هو كتاب الدين.

الدين - بفتح الدال - من دانه يدينه دينا: أعطاه مالا إلى أجل و أقرضه، فهو دائن و ذلك مدين (أقرب الموارد).

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الدين. يعني أنّ الدين على قسمين:

الأوّل: القرض.

الثاني: دين العبد و الأمة.

ص: 7

ص: 8

القسم الأوّل: القرض

اشارة

(الأوّل (1): القرض) بفتح القاف و كسرها،

تمهيد

و فضله (2) عظيم،

**********

شرح:

القرض تمهيد (1)يعني أنّ القسم الأوّل من القسمين المبحوث عنهما في هذا الكتاب هو القرض.

القرض و القرض، ج قروض: ما تعطيه غيرك من المال بشرط أن يعيده لك بعد أجل معلوم (المنجد).

و لا يخفى أنّ الدين أعمّ من القرض، لشموله ما يجب بالجنايات و الاروش، بخلاف القرض، فإنّه عبارة عن مال يؤخذ بقصد إرجاعه في أجل مسمّى، و لا يشترط فيه النيّة و لا القربة و إن كانتا موجبتين لكماله.

(2)الضمير في قوله «فضله» يرجع إلى القرض. يعني أنّ فضل إعطاء القرض يكون عند اللّه عزّ و جلّ عظيما.

الأخبار الواردة في استحباب الإقراض من الروايات الدالّة على ثواب الإقراض ما نقلت في كتاب الوسائل، ننقل ثلاثا منها:

الاولى: محمّد بن عليّ بن الحسين في (ثواب الأعمال) بإسناده عن محمّد بن حباب

ص: 9

(و الدرهم منه بثمانية (1) عشر درهما)

**********

شرح:

القمّاط عن شيخ كان عندنا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لأن أقرض قرضا أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمثله، و كان يقول: من أقرض قرضا و ضرب له أجلا فلم يؤت به عند ذلك الأجل كان له من الثواب في كلّ يوم يتأخّر عن ذلك الأجل بمثل صدقة دينار واحد في كلّ يوم (الوسائل: ج 13 ص 87 ب 6 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 1).

الثانية: محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الفضيل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من مسلم أقرض مسلما قرضا حسنا يريد به وجه اللّه إلاّ حسب له أجرها كحساب الصدقة حتّى يرجع إليه (المصدر السابق: ح 2).

الثالثة: محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، و كان هو في صلاة من الملائكة حتّى يؤدّيه (المصدر السابق: ح 3).

(1)الباء في قوله «بثمانية عشر» تكون للمقابلة. يعني أنّ الدرهم من القرض يقابل ثمانية عشر درهما من الصدقة، و هو مضمون رواية منقولة في كتاب الوسائل هي هذه:

محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن هيثم الصيرفيّ و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القرض الواحد بثمانية عشر، و إن مات حسبتها من الزكاة (المصدر السابق: ح 4).

و الرواية الاخرى في فضله منقولة أيضا في كتاب الوسائل:

و في (عقاب الأعمال) بالإسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حديث قال: و من أقرض أخاه المسلم كان له بكلّ درهم أقرضه وزن جبل احد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات، و إن رفق به في طلبه تعدّى (جاز) به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب، و من شكا عليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرّم اللّه عزّ و جلّ عليه الجنّة يوم يجزي المحسنين (المصدر السابق: ص 88 ح 5).

ص: 10

(مع أنّ درهم الصدقة بعشرة (1)).

قيل: و السرّ فيه (2) أنّ الصدقة تقع في يد المحتاج و غيره، و القرض لا يقع إلاّ في يد المحتاج غالبا، و أنّ (3) درهم القرض يعود فيقرض ثانيا، و درهم الصدقة لا يعود.

و اعلم أنّ القرض لا يتوقّف على قصد القربة و مطلق (4) الثواب يتوقّف

**********

شرح:

(1)كما في قوله تعالى في سورة الأنعام، الآية 160: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (1) .

و الدليل على عظم فضيلة الإقراض من الكتاب هو قوله تعالى في سورة البقرة، الآية 245: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً (2) .

(2)يعني قيل: إنّ علّة زياة فضل القرض على الصدقة أمران:

الأوّل: أنّ الصدقة تقع في يد المحتاج و غيره، و قد يشاهد في بعض الأحيان عدم استحقاق بعض الآخذين للصدقة.

الثاني: أنّ ما يعطى صدقة لا يعود، لكن ما يعطى قرضا يعود، ثمّ يقرض و هكذا، فلا تمام لثوابه.

من حواشي الكتاب: إسناد السرّ إلى القيل مشعر بأنّ في كون ذلك سرّا له إشكالا، و هو كذلك لو اريد الفرد منهما، كما لا يخفى على المتأمّل، لكن لو اريد الماهيّة - بأنّ كون ماهيّة القرض كذلك أوجبت حسنا فيها، فجعلت الماهيّة حسنة، فصار حسنها إلى الأفراد - ارتفع الإشكال، و صحّ السرّ المذكور، كما لا يخفى، فتأمّل (الحديقة).

(3)هذا هو الأمر الثاني لكون القرض أفضل من الصدقة.

(4)الواو تكون للحاليّة. و المعنى أنّ القرض لا يحتاج في تحقّقه إلى قصد القربة و الحال أنّ مطلق الثواب يتوقّف عليها في كلّ عمل قربيّ .

ص: 11


1- سوره 6 - آیه 160
2- سوره 2 - آیه 245

عليها (1)، فليس كلّ قرض (2) يترتّب عليه الثواب، بخلاف الصدقة، فإنّ القربة معتبرة فيها (3)، فإطلاق (4) كون درهم القرض بثمانية (5) عشر إمّا مشروط (6) بقصد القربة، أو تفضّل من اللّه تعالى من غير اعتبار الثواب (7) بواسطة (8) الوجهين، و قد يقع التفضّل على كثير من فاعلي البرّ من غير

**********

شرح:

أقول: كأنّ هذا اعتراض على ترتّب الثواب على القرض من دون قصد القربة، لأنّ القرض لا يتوقّف على قصد القربة، بخلاف الصدقة التي يعتبر فيها القربة.

(1)الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى القربة.

(2)يعني فبناء على ترتّب الثواب على قصد القربة فليس كلّ قرض يترتّب عليه الثواب مثل ما لو كان للشهرة أو لتحصيل رضى الغير و غير ذلك.

(3)فإنّ الصدقة لا تتحقّق من دون نيّة القربة مثل الصلاة و الصوم.

(4)هذا تصحيح لإطلاق ترتّب الثواب على القرض.

(5)أي في مقابل ثمانية عشر درهما من الصدقة.

(6)يعني أنّ إطلاق كون درهم القرض بثمانية عشر من الصدقة مشروط بأحد الأمرين:

الأوّل: قصد التقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ .

الثاني: التفضّل من اللّه تعالى.

(7)الثواب: الجزاء على الأعمال خيرها و شرّها و أكثر استعماله في ثواب الآخرة (أقرب الموارد).

و لا يخفى أنّ الثواب إنّما هو في مقابل العمل بلا ملاحظة النسبة بينه و بين مقدار العمل، و الأجر هو العوض بمقدار العمل، و التفضّل هو إعطاء شيء من غير اعتبار استحقاق المتفضّل عليه له.

(8)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «تفضّل». يعني أنّ كون درهم من القرض بثمانية

ص: 12

اعتبار القربة كالكرم (1).

و يفتقر القرض إلى إيجاب و قبول (2).

إيجاب القرض

(و الصيغة (3) أقرضتك (4) أو انتفع به أو تصرّف فيه) أو ملّكتك أو أسلفتك أو خذ هذا أو اصرفه (5)(و عليك (6) عوضه) و ما أدّى هذا المعنى، لأنّه (7) من العقود الجائزة،

**********

شرح:

عشر درهما من الصدقة تفضّل من اللّه تعالى بسبب الوجهين المذكورين.

و المراد من «الوجهين» هو أنّ الصدقة تقع في يد المحتاج و غيره و أنّ القرض يعود فيقرض ثانيا و هكذا، بخلاف الصدقة.

(1)الكرم - مصدر -: الصفح، الجود (المنجد).

هذا مثال للتفضّل على الشخص الكريم من غير اعتبار قصد القربة في إحسانه و كرمه.

(2)فإنّ القرض من العقود، و لا ينعقد العقد إلاّ بإيجاب و قبول.

إيجاب القرض (3)يعني أنّ صيغة القرض هي أن يقول المقرض: أقرضتك و ما ذكر بعده.

و لا يخفى أنّ الصيغة تشمل الإيقاعات مثل صيغة الطلاق و العتق و الإبراء و كما تشمل العقود أيضا مثل صيغة البيع و الإجارة و القرض و أنّ الإيقاع لا يحتاج إلى القبول، بخلاف العقد، فهو يحتاج إلى إيجاب و قبول.

(4)هذا التعبير و ما يذكر بعده أمثلة لإيجاب القرض.

(5)فعل أمر من صرف يصرف بأن يقول المقرض في مقام الإيجاب: اصرف هذا المال و عليك عوضه.

(6)أي فليقل بعد الصيغ المذكورة: و عليك عوضه إلاّ في قوله: أقرضتك.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى القرض. يعني أنّ عدم انحصار صيغة القرض في

ص: 13

و هي (1) لا تنحصر في لفظ ، بل تتأدّى (2) بما أفاد معناها.

و إنّما يحتاج (3) إلى ضميمة «و عليك عوضه» ما عدا الصيغة الاولى (4)، فإنّها (5) صريحة في معناه (6) لا تفتقر إلى انضمام أمر آخر.

**********

شرح:

ألفاظ مخصوصة إنّما هو لكونه من العقود الجائزة.

و لا يخفى أنّ الفرق بين العقود الجائزة و اللازمة - كما أفاده بعض - هو انحصار ألفاظ صيغة العقود اللازمة مثل النكاح، فإنّ الإيجاب في عقده ينحصر في ثلاث ألفاظ : أنكحت و زوّجت و متّعت، و نقل الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه عن كنز العرفان و عن فخر الدين كون ألفاظ العقود اللازمة توقيفيّة من الشارع، بخلاف الإيجاب في العقود الجائزة مثل الهبة و الوصيّة و القرض و الوكالة، فيصحّ إتيان ألفاظ إيجابها بأيّ لفظ شاء الموجب، و بالعناية إلى ما ذكر قال الشارح رحمه اللّه في المقام «لأنّه من العقود الجائزة».

(1)الضمير في قوله «و هي» يرجع إلى العقود الجائزة.

(2)بصيغه المعلوم، و الفاعل هو الضمير العائد إلى العقود الجائزة، و كذلك الضمير المؤنّث في قوله «معناها».

(3)فاعله هو قوله الآتي «ما عدا».

(4)المراد من «الصيغة الاولى» هو قوله: أقرضتك. يعني لو اتي بالإيجاب بذلك اللفظ لم يحتج إلى ضميمة قوله: و عليك عوضه، لإفادة لفظ الإقراض إرجاع العوض، كما تقدّم وجهه في مقام بيان معناه لغة.

(5)الضمير في قوله «فإنّها» يرجع إلى الصيغة الاولى.

(6)الضمير في قوله «معناه» يرجع إلى قوله «و عليك عوضه».

ص: 14

قبول القرض

(فيقول المقترض: قبلت (1) و شبهه) ممّا دلّ على الرضا بالإيجاب (2).

و استقرب في الدروس الاكتفاء بالقبض (3)، لأنّ مرجعه (4) إلى الإذن في التصرّف.

و هو (5) حسن من حيث إباحة التصرّف، أمّا إفادته (6) للملك المترتّب على صحّة القرض فلا دليل عليه (7)،

**********

شرح:

قبول القرض (1)يعني أنّ المقرض يجري إيجاب عقد القرض، و المقترض يجري قبوله بقوله: قبلت أو رضيت و ما شابههما من الألفاظ الدالّة على الرضا.

(2)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «الرضا». يعني يكفي في قبول عقد القرض كلّ لفظ يدلّ على الرضا بمدلول صيغة الإيجاب.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه (الدروس): الأقرب الاكتفاء بالقبض في إيجاب العقد و كذا في قبوله.

(4)يحتمل رجوع الضمير في قوله «مرجعه» إلى القرض، و يحتمل رجوعه إلى القبض.

يعني أنّ الإقدام على القرض و إقباض المال المقترض يدلّ على الإذن في التصرّف، فيكفي في إيجابه و قبوله القبض، و لا يحتاج إلى إيجاب و قبول لفظا.

(5)يعني أنّ كلام المصنّف رحمه اللّه في الدروس حسن من حيث إفادة ذلك إباحة التصرّف لا من حيث إفادته التمليك.

(6)يعني أمّا إفادة القبض للملك الحاصل من صحّة القرض فلا دليل لكفاية القبض فيه، لأنّ القبض أعمّ من القبض من حيث القرض، فإنّ المقبض يقصد في القرض إرجاع عوضه، بخلاف القبض في غيره.

(7)أي لا دليل على إفادة القبض للملك المترتّب على القرض.

ص: 15

و ما استدلّ به لا يؤدّي إليه (1).

اشتراط النفع

(و لا يجوز اشتراط النفع (2))، للنهي (3) عن قرض يجرّ نفعا،(فلا يفيد)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى الملك المترتّب على القرض. يعني أنّ الدليل المستند إليه لا يؤدّي الملك كذلك.

من حواشي الكتاب: حاصله أنّ الاكتفاء بالقبض عن القبول يقتضي صحّة القرض و ترتّب الملكيّة عليه، و ما ذكره من الدليل - و هو أنّ مرجعه إلى الإذن في التصرّف - يفيد صحّة التصرّف لا الملكيّة المدّعاة، فلا يكون واردا على المدّعى (حاشية أحمد رحمه اللّه).

اشتراط النفع (2)أي لا يجوز أن يشترط المقرض نفعا حاصلا من القرض، سواء كان النفع عينا بأن يشترط عوض القرض زيادة عينيّة، أو كان في حكم العين كأن يشترط الصحيح عوض المكسور.

(3)إشارة إلى النهي عن شرط النفع الوارد في الروايات، منها اثنتان منقولتان في كتاب الوسائل:

الاولى: محمّد بن الحسن بإسناده عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:

سألته عن الرجل يسلم في بيع أو تمر عشرين دينارا، و يقرض صاحب السلم عشرة دنانير أو عشرين دينارا، قال: لا يصلح إذا كان قرضا يجرّ شيئا، فلا يصلح، قال: و سألته عن رجل يأتي حريفه و خليطه فيستقرض منه الدنانير فيقرضه، و لو لا أن يخالطه و يحارفه و يصيب عليه لم يقرضه، فقال: إن كان معروفا بينهما فلا بأس، و إن كان إنّما يقرضه من أجل أنّه يصيب عليه فلا يصلح (الوسائل: ج 13 ص 105 ب 19 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 9).

ص: 16

(الملك) لو شرطه (1)، سواء في ذلك الربويّ (2) و غيره، و زيادة (3) العين و المنفعة (حتّى) لو شرط (الصحاح (4) عوض المكسّرة).

**********

شرح:

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: أقول: حمله الشيخ تارة على الكراهة، و اخرى على الشرط .

الثانية: محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أقرض رجلا ورقا فلا يشترط إلاّ مثلها، فإن جوزي أجود منها فليقبل، و لا يأخذ أحد منكم ركوب دابّة أو عارية متاع يشترط من أجل قرض ورقه (المصدر السابق:

ص 106 ح 11).

(1)الضمير الملفوظ في قوله «شرطه» يرجع إلى النفع. يعني لو شرط المقرض النفع في صيغة القرض لم يفد ملكا.

(2)المراد من «الربويّ » هو الأجناس التي تلزم الربا لو وقع عليها المعاملة بجنسها مع زيادة مثل الحنطة و الشعير و الذهب و الفضّة و أمثالها، فإذا أقرض مائة منّ من حنطة و شرط مائة و خمسين منّا عوضها لزم الربا المحرّم.

و المراد من غير الربويّ هو الأجناس التي لا تلزم الربا لو وقع عليها المعاملة بجنسها مع زيادة مثل المعدودات، فإذا أقرض عشر بيضات و شرط إحدى عشرة بيضة عوضها أو أقرض عشر أذرع من ثوب و شرط إرجاع أزيد منها بطل القرض، و لم تحصل الملكيّة بهذا القرض.

(3)بالرفع، عطف على قوله «الربويّ ». يعني سواء في عدم إفادة عقد القرض الملك في صورة شرط النفع أن يكون النفع عينا، كما تقدّم مثاله، أو كانت الزيادة المشروطة منفعة كأن يقرض المقرض مائة و يشترط أن يخيط له المقترض ثوبا.

(4)الصحاح - بكسر الصاد - جمع، مفرده الصحيح.

الصحيح: ذو الصحّة، و - ما يعتمد عليه، ج صحاح و أصحّاء و أصحّة و صحائح (أقرب الموارد).

ص: 17

(خلافا (1) لأبي الصلاح) الحلبيّ رحمه اللّه و جماعة، حيث جوّزوا هذا الفرد من النفع (2)، استنادا إلى رواية (3) لا تدلّ على مطلوبهم، و ظاهرها (4) إعطاء الزائد الصحيح بدون الشرط ، و لا خلاف فيه (5)، بل لا يكره، و قد روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اقترض بكرا (6) فردّ بازلا (7) رباعيّا (8)، و قال: «إنّ خير الناس

**********

شرح:

(1)يعني خالف في عدم جواز شرط الصحاح عوض المكسّرة أبو الصلاح الحلبيّ و جماعة رحمه اللّه فإنّهم قالوا بجواز ذلك.

(2)يعني أنّهم جوّزوا ذلك الفرد من أفراد النفع خاصّة.

(3)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلّة، فيأخذ منها (منه. يب) الدراهم الطازجيّة طيّبة بها نفسه، فقال: لا بأس به، و ذكر ذلك عن عليّ عليه السّلام (الوسائل: ج 12 ص 477 ب 12 من أبواب الصرف من كتاب التجارة ح 5).

(4)يعني أنّ ظاهر هذه الرواية يدلّ على جواز إعطاء الصحيح الزائد في مقابل غيره إذا لم يشترط في متن العقد، فلا تدلّ على مطلوبهم، و هو اشتراطه كذلك.

(5)أي لا خلاف في جواز إعطاء الصحيح عوضا عن المكسّر إذا لم يشترط في متن العقد، بل يكره ذلك أيضا.

(6)البكر: الفتى من الإبل، و الانثى بكرة (أقرب الموارد).

(7)البازل اسم فاعل من بزل البعير بزولا: فطرنا به أي انشقّ بدخوله في السنة التاسعة، فهو بازل يستوي فيه الذكر و الانثى (أقرب الموارد).

(8)المراد من الرباعيّ هو الأسنان التي تسمّى بالرباعيّات، فإذا بلغ سنّ الإبل التاسعة انشقّ و طلع نابه، و هو السنّ الذي تكمل فيه قوّة الإبل، ثمّ يقال له بعد ذلك: بازل

ص: 18

أحسنهم قضاء (1).

شرائط المتعاقدين

(و إنّما يصحّ إقراض الكامل (2)) على وجه يرتفع عنه الحجر في المال، و أراد كمال المتعاقدين (3) معا بإضافة (4) المصدر إلى الفاعل و القابل.

**********

شرح:

عام و بازل عامين و هكذا، و لا يسمّى باسم خاصّ ، و بنت مخاض اسم ما دخلت في السنة الثانية، و بنت لبون اسم ما دخلت في السنة الثالثة، و حقّة اسم ما دخلت في السنة الرابعة، و جذعة اسم ما دخلت في السنة الخامسة، و قد ذكروا لتسمية كلّ واحدة منها وجها، من أراد التفصيل فليراجع كتاب الزكاة.

(1)الحديث منقول في كتب أهل السنّة الروائيّة، ننقله من أحد مواضع صحيح البخاريّ :

حدّثنا أبو نعيم حدّثنا سفيان عن سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كان لرجل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سنّ من الإبل، فجاءه ليتقاضاه، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أعطوه، فطلبوا سنّه فلم يجدوا له إلاّ سنّا فوقها، فقال: أعطوه، فقال: أوفيتني أوفى اللّه بك، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ خياركم أحسنكم قضاء (صحيح البخاريّ : ج 2 ص 842 ب 4 من أبواب كتاب الاستقراض).

و لا يخفى أنّ ما رواه الشارح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أوفق بما رواه مسلم بن حجّاج في كتاب المساقاة، ب 22 ح 118، و هو موجود في شرح النوويّ على صحيح مسلم:

ج 11 ص 39.

شرائط المتعاقدين (2)أي من شرائط صحّة القرض هو أن يكون المقرض و المقترض كاملين غير ممنوعين من التصرّف في المال، فلا يصحّ إقراض السفيه و المحجور و لا اقتراضهما.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه أراد من قوله «يصحّ إقراض الكامل» كمال المقرض و المقترض كليهما لا كمال المقرض خاصّة.

(4)الباء تكون للسببيّة. يعني أنّ المصنّف أراد كمال المتعاقدين معا، و أفاده بإضافة

ص: 19

إقراض المثليّ و القيميّ

(و كلّ ما تتساوى أجزاؤه (1)) في القيمة و المنفعة، و تتقارب صفاته كالحبوب و الأدهان (يثبت في الذمّة مثله (2)، و ما لا تتساوى أجزاؤه) كالحيوان (3)(تثبت قيمته (4) يوم القبض (5))، لأنّه (6) وقت الملك.

**********

شرح:

المصدر - و هو قوله «إقراض» - إلى فاعله، و هو قوله «الكامل» المراد منه المقرض و المستقرض، فقد استعمل المصدر و اضيف إلى فاعله مع إرادة الفاعل و المفعول بلفظ واحد.

إقراض المثليّ و القيميّ (1)هذا بيان الفرق بين إقراض المثليّ و القيميّ ، فكلّ شيء تتساوى أجزاؤه في القيمة و الفائدة و تتقارب أوصافه مثل الحنطة و الشعير و غيرهما من الحبوبات يسمّى بالمثليّ ، لأنّ قيمة نصفه تساوي قيمة نصفه الآخر، و يقوم مقامه في المنفعة، و يقارنه في الوصف، و هكذا كلّ جزء بالنسبة إلى نظيره لا مطلقا، و كذلك الأدهان، و كلّ شيء لم يكن كذلك، بل اختلفت أجزاؤه من حيث القيمة و الفائدة و الأوصاف مثل الحيوانات يسمّى بالقيميّ و كذلك العبيد و الجواري.

(2)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «كلّ ما تتساوى».

(3)فإنّ الحيوان لا تتساوى أجزاؤه من حيث القيمة و الفائدة.

(4)الضمير في قوله «قيمته» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما لا تتساوى».

(5)هذا قيد لقوله «قيمته». يعني أنّ ما يستقرّ على ذمّة المستقرض إذا أخذ القيميّ بالقرض هو قيمته يوم الأخذ، لأنّه يملك ما يأخذه في يوم القبض، و هو يوجب ضمانه بالنسبة إلى قيمة ذلك اليوم لا يوم الأداء، مثلا إذا اقترض دابّة تكون قيمتها يوم القبض عشرة دنانير و يوم الأداء تسعة عشر دينارا لم يكن في ذمّته إلاّ عشرة دنانير.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى يوم القبض.

ص: 20

ملك المقترض بالقبض

(و به) أي بالقبض (يملك) المقترض القرض على المشهور لا بالتصرّف.

قيل (1): لأنّه فرع الملك، فيمتنع كونه (2) شرطا فيه، و إلاّ (3) دار.

و فيه (4) منع تبعيّته (5) للملك مطلقا (6)، إذ يكفي فيه (7) إذن المالك،

**********

شرح:

ملك المقترض بالقبض (1)يعني قيل في مقام إقامة الدليل على عدم توقّف الملك على التصرّف: إنّ التصرّف متفرّع على الملك، فكيف يحصل به و الحال أنّ التفرّع الكذائيّ إنّما هو من مصاديق الدور المصرّح الباطل!

و الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى التصرّف.

(2)أي يستحيل كون التصرّف شرطا في الملك، لأنّ الشرط لا بدّ أن يتحقّق قبل المشروط و الحال أنّه لا يجوز التصرّف إلاّ بعد الملك.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الملك.

(3)أي و إن كان التصرّف موجبا للملك لزم الدور، لأنّ الملك موقوف على التصرّف، و جواز التصرّف موقوف على الملك، فيتوقّف الشيء على نفسه، فعلى ذلك يحكم بحصول الملكيّة بالقبض لا بالتصرّف.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى ما ذكر من عدم توقّف الملك على التصرّف حذرا من الدور. يعني أنّ في لزوم الدور المذكور إشكالا، لأنّ التصرّف ليس متفرّعا على الملك في جميع الموارد، كما في العارية و غيرها، بل هو موقوف على إذن المالك، و هو حاصل بالعقد، فبعد تحقّق عقد القرض يحصل الإذن في التصرّف، و بعد التصرّف يحصل الملك، فلا يلزم الدور.

(5)الضمير في قوله «تبعيّته» يرجع إلى التصرّف.

(6)أي في جميع الموارد و المواضع.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى التصرّف. يعني أنّ التصرّف يكفي في جوازه إذن

ص: 21

و هو هنا حاصل بالعقد، بل بالإيجاب (1).

و حيث قلنا بملكه (2) بالقبض (فله (3) ردّ مثله) مع وجود عينه (4) (و إن (5) كره المقرض)، لأنّ العين (6) حينئذ (7) تصير كغيرها (8) من أمواله، و الحقّ (9) يتعلّق بذمّته، فيتخيّر في جهة القضاء (10).

**********

شرح:

المالك، و هو يحصل بعقد القرض، كما تقدّم.

(1)يعني أنّ الإذن في التصرّف يحصل حتّى بإيجاب العقد لا بتمامه، فإذا قال المالك:

أقرضتك حصل للمستقرض الإذن في التصرّف قبل القبول.

(2)الضمير في قوله «بملكه» يرجع إلى المقترض. يعني فإذا قلنا بأنّ المقترض يملك المال المقبوض قرضا بالقبض لا بالتصرّف جاز له ردّ مثله و لو كانت العين باقية.

(3)الضمير في قوله «فله» يرجع إلى المقترض.

(4)الضمير في قوله «عينه» يرجع إلى المال المقبوض قرضا.

(5) «إن» وصليّة. يعني يجوز للمقترض ردّ مثل المال المقبوض قرضا و إن كره المقترض أخذ مثل المقبوض و رغب في أن يردّ المقترض عين ماله الذي أخذه قرضا مع بقاء عينه.

(6)هذا دليل لجواز ردّ المثل مع بقاء العين و إن كره المقرض أخذه، و هو أنّ العين الباقية تصير بعد القبض و الملك مثل سائر أموال المقترض، فيتخيّر في أداء القرض بأيّ مال من أمواله شاء.

(7)أي حين كون المقترض مالكا بالقبض.

(8)الضمير في قوله «كغيرها» يرجع إلى العين، و في قوله «أمواله» يرجع إلى المقترض.

(9)المراد من «الحقّ » هو حقّ المقرض. يعني أنّ حقّ المقرض يتعلّق بذمّة المقترض، فله الخيار من حيث القضاء بأيّ مال من أمواله شاء.

(10)أي في جهة أداء حقّ المقرض و قضائه.

ص: 22

و لو قلنا بتوقّف الملك على التصرّف (1) وجب دفع العين مع طلب مالكها (2).

و يمكن القول بذلك (3) و إن ملّكناه (4) بالقبض، بناء على كون القرض عقدا جائزا، و من شأنه (5) رجوع كلّ عوض إلى مالكه (6) إذا فسخ كالهبة (7) و البيع (8) بخيار.

**********

شرح:

(1)و قد تقدّمت الإشارة إليه في الصفحة 21 في قول الشارح رحمه اللّه «لا بالتصرّف». فلو قيل به وجب على المقترض أن يردّ نفس العين مع بقائها و مع طلب مالكها، لأنّها لم تخرج عن ملكيّته بالقبض.

(2)الضمير في قوله «مالكها» يرجع إلى العين.

(3)يعني يمكن أن يقال بأنّ المقترض يجب عليه ردّ العين مع بقائها و لو قلنا بملكه بالقبض، لأنّ عقد القرض من العقود الجائزة، و من شأنها إذا فسخت أن يرجع كلّ عوض إلى صاحبه.

(4)الضمير الملفوظ الثاني في قوله «ملّكناه» يرجع إلى المقترض. أي و إن قلنا بملكه بالقبض لا بالتصرّف.

(5)الضمير في قوله «شأنه» يرجع إلى العقد الجائز.

(6)أي إلى مالك العوض، فإنّ العقد الجائز إذا فسخ رجع كلّ من العوضين إلى مالكه الأوّل.

(7)فإذا وهب رجل رجلا مالا في مقابل مال آخر و فسخ عقد الهبة رجع كلّ من العوضين إلى مالكه.

(8)و هذا مثال آخر للعقد الجائز الذي من شأنه رجوع كلّ عوض إلى مالكه بعد الفسخ.

ص: 23

اشتراط الأجل

(و لا يلزم اشتراط (1) الأجل فيه (2)) لا له (3) و لا لغيره (4)، لأنّه (5) عقد جائز، فلا يلزم ما يشترط فيه (6)، إلحاقا (7) لشرطه (8) بجزئه.

**********

شرح:

و لا يخفى أنّ العقد إمّا جائز بالذات و لازم بالعرض مثل الهبة المعوّضة بين الأرحام، و إمّا لازم بالذات و جائز بالعرض مثل البيع مع الخيار، فإذا فسخ البيع الكذائيّ رجع كلّ عوض إلى مالكه مع بقاء العين، و القرض أيضا كذلك.

اشتراط الأجل (1)أي و لا يلزم العمل بشرط الأجل المذكور في عقد القرض، سواء ذكر الشرط لذلك المال المأخوذ قرضا أو لغيره، لأنّ الشرط في ضمن العقد الجائز لا يكون ملزما.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى عقد القرض.

(3)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المال المأخوذ قرضا. يعني لا يلزم العمل بالشرط المذكور في عقد القرض مثل شرط المدّة في المال المأخوذ قرضا، و لا اشتراط الأجل لمال في غيره، لعدم اللزوم في عقد القرض، و لعدم وجوب الالتزام بالشرط المذكور فيه.

(4)أي لغير المال المأخوذ قرضا، كما إذا شرط تأجيل ثمن مبيع في عقد القرض، فإنّ ذلك لا يوجب التزام المشروط عليه بالعمل بالشرط .

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى القرض.

(6)أي في العقد الجائز. أي لا يجب العمل بما يشترط في العقد الجائز، لأنّ العقد الجائز لا يوجب إلزاما و لا التزاما.

(7)تعليل لعدم الإلزام بما يشترط في العقد الجائز بأنّ الاشتراط فيه يلحق بأجزائه التي لا يجب العمل بها مثل الإيجاب و القبول.

(8)الضميران في قوليه «لشرطه» و «بجزئه» يرجعان إلى القرض.

و المراد من جزء العقد الجائز هو الإيجاب و القبول المحقّقان في عقد القرض.

ص: 24

نعم، لو شرط أجل القرض (1) في عقد لازم لزم على ما سبق (2).

يجب على المديون نيّة القضاء

(و يجب) على المديون (نيّة القضاء (3))، سواء قدر على أدائه (4) أم لا بمعنى العزم - و إن عجز - على الأداء إذا (5) قدر، و سواء كان صاحب الدين حاضرا (6) أم غائبا، لأنّ ذلك (7) من مقتضى الإيمان، كما يجب العزم على أداء كلّ واجب (8)، و ترك كلّ محرّم، و قد روي «أنّ كلّ من عزم

**********

شرح:

(1)هذا استدراك عن عدم الالتزام بما يشترط من الأجل في المال المأخوذ قرضا، و هو أنّه لو شرط الأجل في ضمن عقد لازم أوجب الإلزام بالعمل بالشرط ، فإذا شرط في ضمن عقد بيع مثلا أن يكون القرض مؤجّلا بمدّة معيّنة وجب العمل بالشرط المتحقّق في هذا العقد اللازم.

(2)أي في كتاب المتاجر، و أنّه يجوز في عقد البيع اشتراط ما شاءه المتعاقدان إلاّ ما يخالف الشرع أو مقتضى العقد.

وجوب نيّة القضاء على المديون (3)المراد من النيّة الواجبة في القرض هو العزم على ردّ العوض.

(4)الضمير في قوله «أدائه» يرجع إلى القرض. فإنّ العزم على أداء عوض القرض يجب و لو لم يقدر المقترض عليه، لأنّه من مقدّمات أداء القرض.

(5)الظرف يتعلّق بقوله «الأداء». يعني يجب أن يقصد المقترض أداء ما استقرضه إذا كان قادرا عليه.

(6)أي لا فرق في وجوب العزم على أداء القرض بين كون المقرض حاضرا و بين كونه غائبا.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العزم على أداء القرض.

(8)فإنّ ممّا يقتضيه الإيمان هو العزم على أداء كلّ واجب مثل الصلاة و الصوم و

ص: 25

على قضاء دينه اعين (1) عليه، و أنّه ينقص من معونته (2) بقدر قصور نيّته» (3).

وجوب العزل و الإيصاء

(و عزله (4) عند وفاته، و الإيصاء به (5) لو كان صاحبه (6) غائبا)،

**********

شرح:

غيرهما، و ترك كلّ ما يحرم في الإسلام مثل شرب الخمر و أكل الميتة و ارتكاب الزنى و غير ذلك من المحرّمات الإلهيّة.

(1)بصيغة المجهول. يعني أنّ كلّ من عزم على قضاء دينه أعانه اللّه تعالى عليه، و أنّ كلّ من قصّر في نيّته ينقص اللّه تعالى من معونته بمقدار ما قصّر في نيّته.

(2)الضميران في قوليه «معونته» و «نيّته» يرجعان إلى المقترض.

و لا يخفى أنّه يوجد في بعض النسخ المطبوعة بأيدينا «مؤنته» بدل قوله «معونته».

(3)الرواية منقولة في كتاب الوسائل قريبة المضمون ممّا نقله الشارح رحمه اللّه هنا، و هي هذه:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن الحسن بن عليّ بن رباط قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من كان عليه دين ينوي قضاءه كان معه من اللّه حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته، فإن قصرت نيّته عن الأداء قصر عنه عن المعونة بقدر ما قصر من نيّته (الوسائل: ج 13 ص 86 ب 5 من أبواب كتاب الدين و القرض ح 3).

وجوب العزل و الإيصاء (4)بالرفع، عطف على قوله «نيّة القضاء». يعني يجب على المقترض أن يعزل و يخرج المال الذي استقرضه حين موته، و كذا يجب عليه الوصيّة بالمال لو كان صاحب الدين غائبا.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المال المأخوذ قرضا.

(6)أي لو كان صاحب الدين غائبا، فلو كان حاضرا و تمكّن من إيصاله إليه وجب عليه أن يوصله إليه، و لا يكتفي بالعزل و الوصيّة به.

ص: 26

ليتميّز (1) الحقّ ، و يسلم من تصرّف الوارث فيه (2).

و يجب كون الوصاية به (3) إلى ثقة، لأنّه (4) تسليط على مال الغير و إن قلنا بجواز الوصاية إلى غيره (5) في الجملة (6).

جهل المقترض للمقرض

(و لو جهله (7) و يئس منه (8) تصدّق به عنه) في المشهور.

**********

شرح:

(1)هذا تعليل لوجوب العزل و الإيصاء بالمال المستقرض. يعني أنّ وجوب الإيصاء به إنّما هو لوجوب أن يتميّز حقّ الناس و يسلم من تصرّف الوارث فيه.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الحقّ .

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المال المستقرض. أي يجب أن يوصي بالمال المستقرض إلى امرئ موثّق.

(4)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الإيصاء. يعني أنّ الإيصاء بالمال المستقرض تسليط على مال الغير، فيجب فيه اختيار الثقة.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الثقة. يعني و إن قلنا بجواز الوصاية إلى غير الثقة في غير المال المأخوذ بالقرض.

(6)يعني أنّ القول بجواز الإيصاء إلى غير الثقة إنّما هو في بعض الموارد لا في جميعها.

جهل المقترض للمقرض (7)الضمير الملفوظ في قوله «جهله» يرجع إلى الصاحب، و هو المقرض. يعني لو جهل المديون بصاحب الدين و يئس من العلم به وجب عليه أن يتصدّق بالمال عن صاحبه، كما هو الحال في جميع ما يجهل صاحبه.

(8)الضميران في قوليه «منه» و «عنه» يرجعان إلى صاحب الدين، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى المال المأخوذ قرضا.

ص: 27

و قيل: يتعيّن دفعه (1) إلى الحاكم، لأنّ الصدقة تصرّف في مال الغير بغير إذنه.

و يضعّف بأنّه (2) إحسان محض إليه، لأنّه إن ظهر (3) و لم يرض بها ضمن له (4) عوضها، و إلاّ (5) فهي أنفع من بقاء العين المعزولة المعرضة (6) لتلفها بغير تفريط المسقط (7) لحقّه.

و الأقوى التخيير (8) بين الصدقة و الدفع إلى الحاكم و إبقائه في يده.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «دفعه» يرجع إلى الدين المجهول مالكه. يعني قال بعض الفقهاء بوجوب دفع ذلك الدين المجهول مالكه إلى حاكم الشرع، لأنّ إعطاءه صدقة تصرّف في مال الغير بدون إذنه.

(2)الضمير في قوله «بأنّه» يرجع إلى التصدّق. يعني أنّ القول بتعيّن دفع المال المستقرض المجهول مالكه إلى الحاكم يضعّف بأنّ التصدّق إحسان محض بالنسبة إلى صاحب القرض، فلا مانع من التصرّف في مال الغير كذلك و لو بغير إذنه.

(3)فاعلا قوليه «ظهر» و «لم يرض» هما الضميران العائدان إلى صاحب الدين، و الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الصدقة. يعني إذا تصدّق المقترض، ثمّ ظهر صاحب الدين و لم يرض بالتصدّق كان المقترض ضامنا لعوض المال.

(4)الضمير في قوله «له» يرجع إلى صاحب المال.

(5)أي إن لم يظهر صاحب الدين تكون الصدقة أنفع له من بقاء العين التي يمكن تلفها بدون تفريط .

(6)بالجرّ، صفة بعد صفة للعين.

(7)بالجرّ، صفة لقوله «تلفها». يعني يمكن تلفها الذي يوجب سقوط حقّه.

(8)يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو التخيير بين الثلاثة المذكورة.

ص: 28

لا تصحّ قسمة الدين المشترك بين شريكين

(و لا تصحّ قسمة الدين) المشترك (1) بين شريكين فصاعدا على المشهور (2)،(بل الحاصل) منه (3)(لهما، و التاوي (4)) - بالمثنّاة (5)، و هو الهالك -(منهما (6)).

و قد يحتال (7) للقسمة

**********

شرح:

قسمة الدين المشترك (1)بالجرّ، صفة للدين، و مثاله ما إذا كان زيد و عمرو شريكين في مال و أعطياه بكرا و خالدا قرضا، ثمّ أراد تقسيمه بنحو كون ما في ذمّة بكر لزيد و كون ما في ذمّة خالد لعمرو، لكن لا تصحّ القسمة كذلك.

(2)يعني أنّ عدم صحّة قسمة الدين بين الشريكين هو فتوى المشهور من الفقهاء.

قال بعض المحشّين: لعلّ قوله: «على المشهور» إشارة إلى ضعف مستند الحكم، و إلاّ فالمخالف غير متحقّق حتّى من العامّة (حاشية أحمد رحمه اللّه).

(3)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الدين، و في قوله «لهما» يرجع إلى الشريكين.

(4)التاوي اسم فاعل من توى المال يتوى، توى - واويّ -: هلك، فهو تو و تاو (أقرب الموارد).

(5)أي بالتاء التي لها نقطتان.

(6)خبر لقوله «التاوي». أي الذي يكون تالفا فهو من كليهما، فلا دخل للتقسيم، لأنّ التقسيم الحقيقيّ هو الذي يكون الحاصل و التاوي من الدين لأحدهما بعد التقسيم لا لكليهما.

(7)بصيغة المجهول، بمعنى الحيلة. يعني يمكن تصحيح التقسيم للدين بحيلة شرعيّة، و هي هنا على قسمين :

ص: 29

بأن يحيل (1) كلّ منهما صاحبه بحصّته التي يريد إعطاءها (2) صاحبه و يقبل الآخر، بناء على صحّة الحوالة من البريء (3).

**********

شرح:

الأوّل: الحوالة.

الثاني: الصلح.

أمّا الأوّل فهو أن يحيل أحد الشريكين شريكه على أحد المديونين بحصّته، و كذلك الشريك الآخر يحيل على المديون الآخر شريكه بحصّته، مثلا إذا كان زيد و عمرو يطالبان بكرا و خالدا بألفين تومان بالاشتراك فيحيل زيد عمروا أن يأخذ سهمه من بكر و يحيل عمرو زيدا أن يأخذ سهمه من خالد.

و أمّا الثاني فهو أن يصالح زيد حقّه الثابت في ذمّة أحد المديونين في مقابل حقّ عمرو الثابت في ذمّة الآخر.

(1)بمعنى الحوالة، و سيأتي تعريفها في كتاب الحوالة في قوله: «هي التعهّد بالمال من المشغول بمثله».

(2)الضمير في قوله «إعطاءها» يرجع إلى الحصّة.

(3)الحوالة التي لم يختلف في صحّتها أحد من الفقهاء هي أن يطالب زيد عمرا بعشرة دنانير فيحيله عمرو على خالد بالدنانير المذكورة، لطلبه منه، فمثلا إذا كانت الدنانير في ذمّة عمرو لزيد فأحاله عمرو على خالد و لكون ذمّة خالد مشغولة بها لعمرو صحّ إجماعا.

أمّا لو لم يشتغل ذمّة المحال عليه بحقّ المحيل ففي صحّة الحوالة كذلك خلاف، و قال الشارح رحمه اللّه في كتاب الحوالة: «الأقوى جوازها على البريء، للأصل لكنّه أشبه بالضمان، لاقتضائه نقل المال من ذمّة مشغولة إلى ذمّة بريئة... إلخ».

و لا يخفى أنّ الحوالة لها أركان ثلاثة:

أ: المحيل.

ص: 30

و كذا لو اصطلحا (1) على ما في الذمم بعضا ببعض وفاقا (2) للمصنّف في الدروس.

بيع الدين بحالّ

(و يصحّ بيعه (3) بحالّ ) و إن لم يقبض (4) من المديون (5) و غيره، حالاّ (6) كان الدين أم مؤجّلا.

و لا يمنع (7) تعذّر قبضه حال البيع

**********

شرح:

ب: المحتال، و هو الذي يقبل الحوالة.

ج: المحال عليه، و هو الذي يحيل المحيل المحتال عليه.

(1)من الصلح من باب الافتعال صارت تاؤه المنقوطة طاء مشالة للقاعدة التي ذكروها في الصرف. يعني و كذا يصحّ التقسيم بحيلة شرعيّة اخرى بأن يصالح كلّ من الشريكين على حقّه الثابت في ذمّة أحد المديونين بحقّ صاحبه الثابت في ذمّة المديون الآخر.

(2)فإنّ المصنّف رحمه اللّه صحّح هذا التقسيم في كتابه (الدروس).

بيع الدين بحالّ (3)الضمير في قوله «بيعه» يرجع إلى الدين. يعني يجوز بيع الدين في مقابل الحالّ قبل قبض الدين، مثلا إذا كانت في ذمّة زيد لعمرو عشرة دنانير إلى شهر فيبيعه عمرو زيدا أو غيره في مقابل تسعة دنانير حالّة.

(4)أي و إن لم يقبض الثمن الحالّ .

(5)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «بيعه». يعني يجوز بيع الدين في مقابل الحالّ من المديون أو من غيره.

(6)بأن لا يكون الدين مؤجّلا.

(7)جواب عن إشكال، و هو أنّ عدم إمكان قبض المثمن - و هو الدين المؤجّل - كيف

ص: 31

من صحّته (1)، لأنّ الشرط إمكانه (2) في الجملة لا حالة البيع (3).

و لا فرق في بيعه (4) بالحالّ بين كونه مشخّصا و مضمونا على الأقوى (5)، للأصل، و عدم صدق اسم الدين عليه.

(لا بمؤجّل (6))، لأنّه بيع دين بدين.

و فيه (7) نظر، لأنّ الدين الممنوع منه ما كان عوضا حال كونه دينا

**********

شرح:

لا يمنع من صحّة هذا البيع ؟

فأجاب بأنّ المعتبر في البيع هو إمكان القبض و لو في المستقبل.

(1)الضمير في قوله «صحّته» يرجع إلى البيع.

(2)أي إمكان القبض إجمالا.

(3)أي لا يشترط إمكان القبض حين عقد البيع.

(4)الضمير في قوله «بيعه» يرجع إلى الدين، و في قوله «كونه» يرجع إلى الحالّ . يعني لا فرق في الحكم بصحّة بيع الدين بالحالّ بين كون الحالّ مشخّصا و معيّنا - كما إذا باع الدين في مقابل هذا الدينار - و بين عدم كونه مشخّصا مثل بيع الدين في مقابل دينار كلّيّ في الذمّة.

(5)فإنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو جواز بيع الدين في مقابل الحالّ و لو كان غير مشخّص، لعدم صدق بيع الدين بالدين على ما في المقام، و لأصالة الصحّة إذا لم يوجد دليل على خلافها.

(6)أي لا يجوز بيع الدين في مقابل مال لا يكون حالاّ.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى التفصيل المذكور، و هو أن يقال بصحّة بيع الدين بالحالّ ، سواء كان معيّنا أو مضمونا، و بعدم صحّة البيع إذا كان الثمن مالا مؤجّلا، و أورد الشارح رحمه اللّه على التفصيل المذكور أنّ المانع من صحّة بيع الدين بالدين هو ما

ص: 32

بمقتضى تعلّق الباء به (1)، و المضمون (2) عند العقد ليس بدين، و إنّما يصير دينا بعده (3)، فلم يتحقّق بيع الدين به (4)، و لأنّه يلزم مثله في بيعه بحالّ (5)، و الفرق غير واضح (6)، و دعوى إطلاق (7) اسم الدين عليه إن أرادوا به قبل

**********

شرح:

كان دينا قبل عقد البيع، فإذا كان لزيد على ذمّة رجل عشرون منّا حنطة فباعها في مقابل عشرين درهما تكون لعمرو في ذمّة شخص آخر صدق على هذا البيع أنّه بيع الدين بالدين، بخلاف ما إذا باع زيد الحنطة المذكورة من عمرو في مقابل الدراهم المذكورة في المثال مع كونها دينا في ذمّة عمرو بعد عقد البيع.

(1)يعني أنّ الدليل على كونه دينا قبل عقد البيع هو اقتضاء تعلّق «باء» المقابلة بالدين الذي هو الثمن في البيع في قول القائل البائع: بعت هذا الدين بهذا الدين.

(2)أي الدين الذي يضمنه المشتري بعد عقد البيع ليس بدين قبله حتّى يصدق على هذا البيع بيع الدين بالدين.

(3)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى العقد.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الدين. أي فلم يتحقّق في المثال بيع الدين في مقابل الدين.

(5)و هذا دليل آخر لعدم المانع إذا كان بيع الدين في مقابل ثمن مؤجّل، و هو أنّه لو كان ذلك يمنع من صحّة البيع فلا محيص عن القول بعدم صحّته إذا كان الثمن حالاّ و كلّيّا أيضا.

أقول: و لا يخفى أنّ مراده من الحالّ هو الحالّ الذي يكون كلّيّا، لأنّه لا يوجد بالفعل و حين المعاملة، و إنّما يوجد بعدا، لعدم وجود الكلّيّ في الخارج إلاّ بوجود أفراده، أمّا لو كان البيع بالدراهم الشخصيّة لم يلزم فيه الإشكال.

(6)يعني أنّ القول بالفرق بين الدين إذا كان مؤجّلا و بين الحالّ إذا كان كلّيّا غير واضح.

(7)هذا جواب عن دعوى أنّ الثمن يطلق عليه اسم الدين إذا كان مؤجّلا، بخلاف الحالّ .

ص: 33

العقد فممنوع، أو بعده فمشترك (1)، و إطلاقهم (2) له عليه عرفا - إذا بيع به (3) فيقولون: باع فلان ماله بالدين - مجاز (4) بقصد أنّ الثمن بقي (5) في ذمّته دينا بعد البيع، و لو اعتبر هذا الإطلاق (6) جاء مثله في الحالّ إذا لم يقبضه (7) خصوصا إذا أمهله (8) به من غير تأجيل.

**********

شرح:

و الجواب هو أنّ دعوى صحّة هذا الإطلاق لو كانت قبل العقد فممنوعة، و لو كانت بعد العقد فالإطلاق المذكور مشترك بين كون الثمن مؤجّلا أو حالاّ و كلّيّا.

(1)يعني أنّ إطلاق الدين مشترك بين الثمن المؤجّل و الحالّ .

(2)الضمير في قوله «إطلاقهم» يرجع إلى الناس، و في قوله «له» يرجع إلى الدين، و في قوله «عليه» يرجع إلى الثمن المؤجّل. يعني أنّ إطلاق أهل العرف الدين على الثمن المؤجّل لا الحالّ إنّما هو إطلاق مجازيّ ، و ليس بحقيقة.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الثمن المؤجّل.

(4)خبر لقوله «إطلاقهم». يعني أنّ أهل العرف يقولون: إنّ فلانا باع ماله بالدين إذا كان الثمن مؤجّلا، لكنّه ليس هذا إلاّ بالمجاز.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى الثمن. يعني أنّ أهل العرف يقصدون من إطلاق الدين على الثمن المؤجّل أنّ الثمن بقي في ذمّة المشتري بصورة الدين بعد العقد.

(6)أي لو كان هذا الإطلاق مانعا من صحّة البيع أتى مثله في الثمن الحالّ أيضا إذا كان لم يقبضه.

(7)فإنّ الثمن الحالّ إذا لم يقبضه البائع يطلق عليه الدين، و يقال: إنّ المشتري يكون عليه دين بعد عقد البيع.

(8)الضمير الملفوظ في قوله «أمهله» يرجع إلى المشتري، و الضمير المقدّر فيه يرجع إلى البائع، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحالّ .

ص: 34

بيع الدين بزيادة و نقيصة

(و بزيادة (1)) عن قدره (و نقيصة إلاّ أن يكون ربويّا)، فتعتبر المساواة.

(و لا يلزم المديون أن يدفع إلى المشتري (2) إلاّ ما دفع المشتري) إلى البائع (على رواية (3) محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام)، و قريب منها (4) رواية أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام.

**********

شرح:

بيع الدين بزيادة و نقيصة (1)عطف على قوله في الصفحة 31 «بحالّ ». يعني يصحّ بيع الدين في مقابل زيادة عن مقداره أو نقيصة كذلك بشرط عدم كونه من الأجناس الربويّة، مثلا إذا كان الدين مائة بيضة جاز بيعها في مقابل مائة و عشرين بيضة أو في مقابل تسعين منها، بخلاف ما إذا كان الدين مائة منّ حنطة، فلا يجوز بيعها بالأزيد منها و لا بالأنقص، للزوم الربا، ففي مثل الحنطة لا يجوز المعاوضة إلاّ بالمساوي.

(2)المراد من «المشتري» هو الذي يبيع صاحب الدين حقّه منه، مثل ما إذا كان الدين لزيد على ذمّة عمرو مائة دينار فباعها من بكر بتسعين دينارا، إذا لا يجب على المديون أن يدفع إلى بكر إلاّ التسعين.

(3)يعني أنّ الحكم المذكور مستند إلى رواية محمّد بن الفضيل المنقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد بن الفضيل قال: قلت للرضا عليه السّلام: رجل اشترى دينا على رجل، ثمّ ذهب إلى صاحب الدين، فقال له: ادفع إليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، قال: يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين، و برئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه (الوسائل: ج 13 ص 100 ب 15 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 3).

(4)يعني أنّ القريب من الرواية المذكورة الدالّة على دفع المدين إلى المشتري ما دفعه

ص: 35

و إنّما اقتصر (1) على الاولى، لأنّها أصرح، و عمل بمضمونها (2) الشيخ و جماعة، و يظهر من المصنّف الميل إليه (3)، و في الدروس (4): لا معارض لها.

لكنّ (5) المستند ضعيف، و عموم (6) الأدلّة

**********

شرح:

المشتري إلى الدائن هو رواية أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام، و هي أيضا منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل كان له على رجل دين، فجاءه رجل فاشتراه منه بعرض، ثمّ انطلق إلى الذي عليه الدين، فقال: أعطني ما لفلان عليك، فإنّي قد اشتريته منه، كيف يكون القضاء في ذلك ؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: يردّ الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشترى (اه - خ ل) به من الرجل الذي له الدين (المصدر السابق: ح 2).

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه.

و المراد من «الاولى» هو رواية محمّد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام. يعني أنّ المصنّف اكتفى في استناد الحكم المذكور بالرواية الاولى، و لم يتعرّض لذكر الرواية الثانية الدالّة على الحكم أيضا، لصراحة الاولى في الدلالة في قوله عليه السّلام: «يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين، و برئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه».

(2)فإنّ الشيخ الطوسيّ و جماعة رحمهم اللّه أفتوا بمضمون الرواية المذكورة.

(3)فإنّ المصنّف رحمه اللّه أحال الحكم إلى الرواية في قوله «على رواية محمّد بن الفضيل... إلخ»، و هذا ظاهر في ميله إلى مضمونها.

(4)يعني قال المصنّف في كتابه (الدروس): إنّ الرواية المذكورة لا معارض لها.

(5)هذا كلام الشارح رحمه اللّه حول الرواية المذكورة و أنّ سندها ضعيف.

وجه الضعف هو وقوع محمّد بن الفضيل في سندها، و عن العلاّمة رحمه اللّه في الخلاصة أنّه غال، و عن الشيخ رحمه اللّه في الفهرست أنّه ضعيف.

(6)المراد من «عموم الأدلّة» هو قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) و سائر الأدلّة الدالّة

ص: 36


1- سوره 5 - آیه 1

تدفعه (1)، و حمل (2) على الضمان مجازا، لشبهه (3) بالبيع في المعاوضة، أو على فساد البيع (4)، للربا و غيره، فيكون الدفع (5) مأذونا فيه من البائع في مقابلة (6) ما دفع (7)، و يبقى الباقي لمالكه (8).

**********

شرح:

على لزوم الوفاء بالعقد، ففي المقام إذا جرى عقد البيع بالنسبة إلى الدين وجب على المديون أن يؤدّي إلى المشتري تمام الدين الذي استقرّ على ذمّته لا ما أدّاه المشتري إلى البائع.

(1)الضمير الملفوظ في قوله «تدفعه» يرجع إلى العمل بالمضمون.

(2)أي حمل لفظ «اشترى» في قول الراوي في الرواية المذكورة «رجل اشترى دينا على رجل... إلخ» مجازا. يعني أنّ الرجل تضمّن دينا استقرّ على ذمّة رجل آخر، و علاقة المجاز هي المشابهة بين البيع و الضمان أعني المعاوضة.

(3)الضمير في قوله «لشبهه» يرجع إلى الضمان. يعني أنّ الاشتراء الوارد في الرواية حمل على الضمان مجازا، لمشابهته للبيع من حيث المعاوضة.

(4)يعني حمل مضمون الرواية على فساد البيع من جهة لزوم الربا أو سائر جهات بطلان العقد، فيكون المديون مأذونا من جانب البائع أن يدفع إلى المشتري ما دفع المشتري إلى البائع، فيبقى الباقي في ملك مالكه.

(5)يعني أنّ الدفع إلى المشتري الذي ارتكبه المديون يكون مأذونا فيه من البائع.

(6)يعني أنّ دفع المديون مقدارا من الدين إلى المشتري إنّما هو في مقابل ما دفع المشتري إلى البائع بسبب ذاك البيع الفاسد.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى المشتري.

(8)الضمير في قوله «لمالكه» يرجع إلى الباقي. يعني أنّ الباقي من الدين يتعلّق بمالكه، و هو صاحب الدين.

ص: 37

و الأقوى (1) مع صحّة البيع لزوم دفع الجميع، و يجب مراعاة شروط الربا (2) و الصرف (3)، و لو وقع (4) صلحا اغتفر الثاني (5) خاصّة.

**********

شرح:

(1)هذا هو رأي الشارح رحمه اللّه في المسألة بعد تضعيفه للرواية المستند إليها و بعد العمل بعموم أدلّة لزوم الوفاء بالعقود و بعد حمل الرواية على الضمان أو على فساد البيع، كما فصّل، فحكم بأنّ الأقوى - لو كان بيع الدين صحيحا - لزوم دفع جميع الدين إلى المشتري لا ما دفع المشتري إلى البائع خاصّة.

(2)يعني يجب في بيع الدين المبحوث عنه مراعاة عدم لزوم الربا بأن لا يبيع الدين بأزيد منه إذا كان الثمن من جنسه، فمثلا إذا كان الدين مائة منّ حنطة لم يجز بيعها بمائة و عشرين منّ حنطة، للزوم الربا حينئذ.

(3)يعني لو كان الدين من جنس الصرف مثل الدراهم و الدنانير وجب مراعاة شروط الصرف، فإنّ من شرائطه أن لا يزيد و أن يقبض في المجلس، كما تقدّم في كتاب المتاجر.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى العقد الذي وقع بين صاحب الدين و المشتري. يعني لو وقع العقد بين صاحب الدين و المشتري بعنوان الصلح اغتفر ترك شرائط الصرف مثل التقابض في المجلس، بمعنى أنّ الدائن لو صالح المشتري على ما هو في ذمّة المديون سقط عن هذه المصالحة شرائط الصرف، بخلاف الأوّل، و هو لزوم الربا، فإنّه لا يغتفر، و لا بدّ فيه من تساوي الجنسين و لو كان صلحا، فإنّ الربا حرام و لو تحقّق في الصلح.

(5)المراد من «الثاني» هو الصرف. يعني لو وقع العقد بين صاحب الدين و المشتري صلحا اغتفر ترك شروط الصرف خاصّة لا شروط الربا، كما تقدّم.

من حواشي الكتاب: مراده أنّه لو صالح صاحب الدين بما في ذمّة المديون سقط مراعاة شرائط الصرف، لأنّ الصرف عبارة عن بيع الأثمان بالأثمان، و الصلح

ص: 38

(و منع ابن إدريس من بيع الدين على غير المديون)، استنادا إلى دليل قاصر، و تقسيم (1) غير حاصر.

**********

شرح:

ليس بيعا.

و فيه أنّ كلاّ من الربا و الصرف يختصّان بالبيع، فإن كان الصلح في مثل هذه المواضع فرعا على البيع وجب مراعاة شروط الربا و الصرف جميعا، و إن لم يكن فرعا عليه سقط اعتبار شرائطهما جميعا، فاختصاص الاغتفار بالثاني خاصّة غير جيّد (حاشية أحمد رحمه اللّه).

(1)و هذا عطف تفسيريّ . يعني أنّ ابن إدريس رحمه اللّه منع عن بيع الدين على غير المديون، و جوّزه على نفس المديون، و استدلّ على المنع بتقسيم غير منحصر فيما قسمه.

من حواشي الكتاب: قوله «استنادا إلى دليل قاصر... إلخ» حاصل استدلال ابن إدريس على المنع من بيعه على غير المديون يرجع إلى حصر ادّعى صحّته، و هو أنّ المبيع إمّا عين معيّنة أو في الذمّة، و الأوّل إمّا بيع عين مرئيّة مشاهدة فلا يحتاج إلى وصف، و إمّا عين غير مشاهدة فيحتاج إلى وصفها و ذكر جنسها، و هو بيع خيار الرؤية، و أمّا الذي في الذمّة فهو السلف المفتقر إلى الأجل المعيّن و الوصف الخاصّ ، قال: و الدين ليس عينا مشاهدة و لا معيّنة موصوفة، إذ للمديون التخيير في جهات القضاء، و ليس بسلم إجماعا، و لا قسم رابع هنا لنا.

ثمّ اعترض على نفسه بأنّه خلاف الإجماع، لانعقاده على صحّة بيع الدين، ثمّ أجاب بأنّ العمومات قد يخصّ ، و الأدلّة هنا عامّة تخصّها ببيعه على غير من هو عليه، ثمّ عقّب ذلك بأنّه تحقيق لا يبلغه إلاّ محصّل اصول الفقه، و ضابط فروع المذهب عالم بأحكامه، محكّم لمداره و تقريراته و تقسيماته.

ثمّ استدلّ أيضا بالإجماع على عدم صحّة جعل الدين مضاربة إلاّ بعد قبضه، ثمّ

ص: 39

(و المشهور الصحّة (1)) مطلقا، لعموم الأدلّة (2).

قضاء الذمّيّ دين المسلم

(و لو باع الذمّيّ ما لا يملكه المسلم) كالخمر (3) و الخنزير،(ثمّ قضى منه (4) دين المسلم صحّ قبضه (5) و لو (6) شاهده) المسلم، لإقرار الشارع له

**********

شرح:

أطنب في ذلك بما لا محصّل له.

و أنت خبير بأنّ التقسيم الذي ادّعى فيه الحصر لا دليل عليه، و أمّا ما ادّعاه من الإجماع وارد عليه، و ما اعتذر عنه من التخصيص متوقّف على قيام المخصّص، و هو مفقود، و المنع من المضاربة على الدين لا مدخل له في المنع من بيعه أصلا، و إلاّ لمنع من بيعه على من هو عليه، كما يمنع من مضاربته، و إنّما المانع عندهم من المضاربة أمر آخر أشرنا إليه في بابه، و لا فرق بين البيع للدين و السلم فيه إلاّ بالأجل، و هو لا يصيّر المجهول معلوما (من الشارح رحمه اللّه).

قضاء الذمّيّ دين المسلم (1)يعني أنّ المشهور بين الفقهاء هو صحّة بيع الدين، سواء كان البيع من المديون أو من غيره.

(2)و المراد من «الأدلّة» هو قوله تعالى: أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ (1) و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2) .

(3)هذا و ما بعده مثالان لما لا يملكه المسلم، فإنّ الخمر و الخنزير ليسا بقابلين أن يكون ملكا لمسلم.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الثمن الذي يأخذه الذمّيّ في مقابل الخمر و الخنزير، و هو المستفاد بالقرينة من قوله «باع».

(5)الضمير في قوله «قبضه» يرجع إلى المسلم، و هذا من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله، و يمكن رجوعه إلى الثمن من باب إضافة المصدر.

(6)الواو تكون للوصليّة. يعني يجوز أخذ المسلم ثمن الخمر و الخنزير من الذمّيّ من

ص: 40


1- سوره 2 - آیه 275
2- سوره 5 - آیه 1

على ذلك (1)، لكن يشترط استتاره به (2)، كما هو مقتضى الشرع، فلو تظاهر به (3) لم يجز، و من ثمّ (4) يقيّد بالذمّيّ ، لأنّ الحربيّ (5) لا يقرّ على شيء من ذلك، فلا يجوز تناوله (6) منه.

الدين المؤجّل و حجر المفلّس

(و لا تحلّ (7) الديون المؤجّلة)

**********

شرح:

جهة دينه و إن كان المسلم قد شاهده و هو يبيع ما لا يملكه مسلم، لأنّ الشارع جوّز للكافر أن يبيع الخمر و الخنزير من كافر آخر.

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو بيع الخمر و الخنزير.

(2)يعني أنّ إقرار الشارع على بيع الخمر و الخنزير من الكافر إنّما هو بشرط أن لا يتظاهر الكافر بالبيع، و إلاّ لم يجز بيعه، و لا يجوز للمسلم أخذ ثمنها من جهة الدين.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى البيع.

(4)أي و من جهة اشتراط الاستتار قيّد المصنّف رحمه اللّه الكافر بالذمّيّ في قوله «و لو باع الذمّيّ »، فإنّ الذمّيّ يجب عليه العمل بشرائط الذمّة، و من جملتها عدم تظاهره بذلك.

(5)يعني أنّ الكافر الحربيّ لا تقرّ يده على شيء من ثمن الخمر و الخنزير عند الشارع.

(6)الضمير في قوله «تناوله» يرجع إلى المسلم إن كان من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله، و يرجع إلى الثمن إن كان من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله، و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الكافر. يعني لا يجوز للمسلم أن يأخذ ثمن الخمر و الخنزير من يد الكافر الحربيّ من جهة الدين.

الدين المؤجّل و حجر المفلّس (7)يعني أنّ الديون التي تكون مؤجّلة لا تصير حالّة بإفلاس المديون، مثلا إذا كان في

ص: 41

(بحجر (1) المفلّس)، عملا بالأصل (2)،(خلافا لابن الجنيد رحمه اللّه)، حيث زعم أنّها تحلّ ، قياسا (3) على الميّت، و هو باطل، مع وجود الفارق (4) بتضرّر الورثة إن منعوا من التصرّف إلى أن يحلّ ، و صاحب (5) الدين إن لم يمنعوا،

**********

شرح:

ذمّة مديون مائة دينار لعمرو مؤجّلة إلى سنة فعرض له الإفلاس قسمت أمواله بين الديّان الذين تكون ديونهم حالّة، و تبقى المؤجّلة في ذمّته.

(1)و سيأتي توضيح الحجر و الإفلاس في كتاب الحجر إن شاء اللّه تعالى.

(2)المراد من «الأصل» هو استصحاب بقاء الدين المؤجّل مؤجّلا و عدم صيرورته حالاّ.

(3)فإنّ ابن الجنيد رحمه اللّه قال بصيرورة الديون المؤجّلة حالّة عند إفلاس المديون، و قاس ذلك الدين على دين الميّت، فإنّ المديون إذا مات صارت ديونه المؤجّلة المستقرّة في ذمّته حالّة، و لا يجوز لورّاثه تقسيم أمواله إلاّ بعد أداء ديونه من أصل المال، حالّة كانت أو مؤجّلة، و ابن الجنيد قاس عليه المفلّس و حكم بذلك، و قد أبطل الشارح رحمه اللّه هذا القياس بقوله «و هو باطل»، لأنّ ذلك قياس محض يحكم ببطلانه عند الإماميّة.

(4)يعني أنّ كلام ابن الجنيد قياس محض أوّلا، و أنّ بين الميّت و المفلّس فرقا ثانيا، فيحكم ببطلان كلامه.

و الفرق بين الميّت و المفلّس هو حصول الضرر على الورثة إذا منعوا من التصرّف في أموال الميّت إلى أن تنقضي مدّة الدين و حصول الضرر على صاحب الدين إذا لم يمنعوا من التصرّف فيما ترك الميّت، لاحتمال عدم بقاء مقدار الدين، فلذلك قالوا بصيرورة الديون المؤجّلة في ذمّة الميّت حالّة، بخلاف المفلّس.

(5)بالجرّ، عطف على قوله «الورثة». أي و بتضرّر صاحب الدين في صورة عدم منع الورّاث من التصرّف في أموال الميّت.

ص: 42

بخلاف المفلّس، لبقاء ذمّته (1).

الدين المؤجّل و موت المديون

(و تحلّ (2)) الديون المؤجّلة (إذا مات المديون)، سواء في ذلك مال السلم (3) و الجناية المؤجّلة (4) و غيرهما (5)، للعموم (6).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «ذمّته» يرجع إلى المفلّس. يعني أنّ ذمّة المفلّس باقية، و الديون المؤجّلة مستقرّة فيها، فلا تضرّر لصاحب الدين.

أقول: و لا يخفى ما في هذا الاستدلال، لأنّ حجر المفلّس أيضا يقتضي تضرّر صاحب الدين إذا لم يصر الدين حالاّ و لم يحصل له بمقدار دينه من أموال المفلّس عند تقسيمه بين الديّان.

الدين المؤجّل و موت المديون (2)أي تصير الديون المؤجّلة المستقرّة في ذمّة الميّت حالّة بموته.

(3)و هو ما إذا باع شيئا مؤجّلا و أخذ ثمنه حالاّ، فعند الموت يصير هذا المؤجّل حالاّ و يؤخذ من أموال الميّت، ثمّ يقسم باقي الأموال بين الورّاث.

(4)أي الجناية التي تكون ديتها مؤجّلة مثل القتل خطأ، فإنّ القاتل يؤدّي الدية إلى ثلاث سنوات.

(5)الضمير في قوله «غيرهما» يرجع إلى مال السلم و الجناية المؤجّلة، و مثاله هو القرض المؤجّل.

(6)أي لعموم الأدلّة الدالّة على صيرورة الديون عند الموت حالّة، سواء كانت له أو عليه. و من الروايات الدالّة على العموم ما نقلت في كتاب الوسائل، ننقل اثنتين منها:

الاولى: محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مات الرجل حلّ ماله و ما عليه من الدين (الوسائل: ج 13 ص 97 ب 12 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 1).

ص: 43

و كون (1) أجل السلم يقتضي قسطا (2) من الثمن و أجل (3) الجناية بتعيين الشارع و ليتحقّق الفرق بين الجنايات (4) لا يدفع عموم (5) النصّ .

لا تحلّ الدين بموت المالك

(و لا تحلّ بموت المالك (6)) دون المديون، للأصل (7)، خرج منه موت

**********

شرح:

الثانية: محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد قال: سألته عن رجل أقرض رجلا دراهم إلى أجل مسمّى، ثمّ مات المستقرض، أ يحلّ مال القارض عند موت المستقرض منه أو للورثة من الأجل مثل ما للمستقرض في حياته ؟ فقال: إذا مات فقد حلّ مال القارض (المصدر السابق: ح 2).

(1)مبتدأ، خبره قوله «لا يدفع عموم النصّ ».

(2)هذا بيان لتوهّم كون تأجيل المثمن في السلم دخيلا في زيادة الثمن و نقصانه، فكيف يحكم بصيرورته حالاّ بموت المديون ؟!

فأجاب عنه بقوله «لا يدفع عموم النصّ ».

(3)بالجرّ، عطف على قوله «أجل السلم». و هذا بيان لتوهّم آخر، و هو أنّ تعيين أجل الدية في الجناية بيد الشارع، فإنّ الجناية لو كانت خطأ محضا مؤجّلة إلى ثلاث سنوات و لو كانت شبه العمد مؤجّلة إلى سنتين فكيف يحكم بصيرورتها حالّة، بموت المديون ؟!

فأجاب عنه أيضا بأنّ ما ذكر صحيح كلّه ما لم يرد عموم النصّ .

(4)فإنّ الدية في بعض الجنايات حالّة و في بعضها مؤجّلة.

(5)بالنصب، مفعول لقوله «لا يدفع».

الدين المؤجّل و موت المالك (6)يعني أنّ الديون المؤجّلة لا تصير حالّة بموت صاحب الدين.

(7)المراد من «الأصل» هو أصالة عدم الحلول، فلو قيل: كيف لا يعمل بالأصل عند

ص: 44

المديون، فيبقى الباقي.

و قيل: تحلّ ، استنادا إلى رواية (1) مرسلة، و بالقياس (2) على موت المديون، و هو (3) باطل.

انتزاع المالك للسلعة في الفلس

(و للمالك انتزاع السلعة (4)) التي نقلها إلى المفلّس قبل (5) الحجر و

**********

شرح:

موت المديون ؟ قلنا: إنّما خرج ما ذكر عن الأصل بالدليل، فيبقى غيره تحت أصالة عدم الحلول.

(1)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي عليّ الأشعريّ عن محمّد بن عبد الجبّار عن بعض أصحابه عن خلف بن حمّاد عن إسماعيل بن أبي قرّة عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا مات الرجل حلّ ماله و ما عليه من الدين (الوسائل: ج 13 ص 97 ب 12 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 1).

أقول: وجه الإرسال في الرواية هو قوله: «عن بعض أصحابه»، فإنّ مثل هذا التعبير الشامل لخفاء الراوي اسما و نسبا يقتضي إرسال الرواية الموجب لضعفها.

(2)أي استند القائل إلى قياس موت المالك على موت المديون.

(3)يعني أنّ القول المذكور باطل، لأنّ الرواية المستندة إليها مرسلة، و القياس ليس بحجّة.

انتزاع المالك للسلعة في الفلس (4)السلعة، ج سلع: المتاع و ما يتاجر به (المنجد).

(5)ظرف لقوله «نقلها». يعني لو نقل المالك إلى المفلّس متاعا و لم يأخذ عوضه فعرض الإفلاس للمشتري و الحال أنّ المتاع موجود فللمالك أخذ متاعه من دون أن يقسم المتاع المذكور بين الديّان، بخلاف سائر أموال المفلّس.

ص: 45

لم يستوف عوضها (1) مع وجودها مقدّما (2) فيها على سائر الديّان (في الفلس إذا لم تزد زيادة متّصلة) كالسمن (3) و الطول، فإن زادت (4) كذلك لم يكن له أخذها (5)، لحصولها على ملك المفلّس،(فيمتنع (6)) أخذ العين بدونها و معها.

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «عوضها» و «وجودها» يرجعان إلى السلعة.

(2)فإنّ صاحب المتاع يقدّم على سائر الديّان بالنسبة إلى أخذ المتاع المذكور.

و الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى السلعة.

(3)هذا و ما بعده مثالان للزيادة المتّصلة، و المثال للزيادة المنفصلة هو ولد الغنم و ثمرة الأشجار.

أقول: اعلم أنّ الزيادة الحاصلة في السلعة التي نقلها المالك إلى المشتري و لم يأخذ عوضها فصار المشتري مفلّسا إمّا متّصلة مثل السمن و الطول، فإذا لا يجوز للمالك أخذها، لحصول الزيادة في ملك المشتري، لعدم إمكان أخذ العين بدون الزيادة و لا معها، و قال الشيخ و جماعة رحمهم اللّه منهم العلاّمة في القواعد بجواز انتزاع السلعة و إن زادت، لكونها صفة محضة، و ليس ذلك من فعل المفلّس، و القول الثالث هو جواز أخذ العين مع كون المفلّس شريكا بمقدار الزائد.

و إمّا منفصلة كالولد في الحيوان و الثمرة في الشجر، ففيها لا يمنع المالك من الأخذ بالنسبة إلى العين، لكنّ الزائد يختصّ بالمفلّس.

(4)فاعله هو الضمير المؤنّث العائد إلى السلعة، و قوله «كذلك» إشارة إلى كون الزيادة متّصلة كالسمن و الطول.

(5)الضميران في قوليه «أخذها» و «لحصولها» يرجعان إلى الزيادة.

(6)هذا متفرّع على قوله «لحصولها». يعني إذا قلنا بحصول الزيادة في ملك المفلّس لم يمكن أخذ العين بدون الزيادة، لكونها متّصلة بالعين، و لا مع الزيادة، لأنّها مال الغير.

ص: 46

(و قيل (1): يجوز) انتزاعها (و إن زادت)، لأنّ هذه الزيادة صفة محضة و ليست من فعل المفلّس (2)، فلا تعدّ مالا له، و لعموم (3) من وجد عين ماله فهو أحقّ بها.

و في قول ثالث: يجوز أخذها (4)، لكن يكون المفلّس شريكا بمقدار

**********

شرح:

(1)القائل هو الشيخ و جماعة منهم العلاّمة رحمهم اللّه. و الضمير في قوله «انتزاعها» يرجع إلى السلعة.

(2)فإنّ طول الشجرة و سمن الدابّة لا يكونان من فعل المفلّس، بل الطبيعة موجبة لهما.

(3)هذا العموم يستفاد من الأخبار المذكورة في كتبنا الروائيّة، منها المنقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل باع متاعا من رجل فقبض المشتري المتاع و لم يدفع الثمن، ثمّ مات المشتري و المتاع قائم بعينه، فقال: إن كان المتاع قائما بعينه ردّ إلى صاحب المتاع، و قال: ليس للغرماء أن يحاصّوه (يخاصموه - يه)، (الوسائل: ج 13 ص 145 ب 5 من أبواب كتاب الحجر ح 1).

أقول: الرواية التي أشار إليها الشارح رحمه اللّه و استند صاحب القيل إلى عمومها مذكورة في الكتب الروائيّة لأهل السنّة بألفاظ قريبة ممّا أتى به الشارح، ففي صحيح البخاريّ : ج 2 ص 846 ب 14 من أبواب كتاب الاستقراض ح 2272:

حدّثنا أحمد بن يونس... قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحقّ به من غيره».

و في سنن أبي داود: ج 3 ص 287 ح 3531: حدّثنا عمرو بن عون... قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من وجد عين ماله عند رجل فهو أحقّ به، و يتبع البيّع من باعه».

و أيضا الرواية مذكورة في سائر الكتب الروائيّة لأبناء السنّة، فراجع عنها إن شئت.

(4)الضمير في قوله «أخذها» يرجع إلى السلعة، و قد سبق منّا ذكر القول الثالث في

ص: 47

الزيادة.

(و لو كانت) الزيادة (منفصلة) كالولد و إن لم ينفصل (1)، و الثمرة (2) و إن لم تقطف (3)(لم يمنع (4)) من الانتزاع، و كانت الزيادة للمفلّس.

و لو كانت (5) بفعله كما لو غرس أو صبغ الثوب أو خاطه أو طحن الحنطة كان (6) شريكا بنسبة الزيادة.

**********

شرح:

الهامش 3 من ص 46.

(1)كما إذا كانت الدابّة حاملا و لم تضع بعد.

(2)هذا مثال ثان للزيادة المنفصلة.

(3)من قطف الثمر قطفا: جناه، و جمعه (أقرب الموارد).

(4)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى المالك. يعني إذا زادت السلعة زيادة منفصلة لم يمنع المالك من انتزاع سلعته، فإنّه يأخذ العين، و تتعلّق الزيادة المذكورة بالمفلّس.

(5)اسم «كانت» هو الضمير العائد إلى الزيادة.

و لا يخفى أنّ الزيادة الحاصلة في السلعة تتحقّق إمّا بمقتضى الطبيعة كالسمن و الطول في الولد و كالثمر، كما تقدّم، و قد ذكرنا حكمها، و إمّا بفعل المفلّس، كما إذا غرس أشجارا أو صبغ ثيابا أو خاطها أو طحن الحنطة، و في هذا الأخير يحكم بكون المفلّس شريكا في السلعة بمقدار الزيادة الحاصلة فيها، فإذا كانت قيمة الثوب عشرة دراهم فخاطه المفلّس و صارت القيمة عشرين درهما كانت العشرة الزائدة للمفلّس و حكم باشتراكهما فيها بالمناصفة.

(6)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو كانت بفعله».

ص: 48

غرماء الميّت سواء في تركته مع القصور

(و غرماء (1) الميّت سواء في تركته مع القصور (2))، فيقسم على نسبة الديون، سواء في ذلك صاحب الدين (3) و غيره.

**********

شرح:

تساوي غرماء الميّت في التركة (1)الغرماء: جمع، مفرده الغريم.

الغريم: الدائن، لأنّه يلزم الذي عليه الدين، و - المديون، لأنّ الدين لازم له، ضدّ، ج غرماء (أقرب الموارد).

(2)يعني إذا مات رجل و في ذمّته ديون لا يفي ما تركه بها حكم بتساوي الغرماء في أمواله كائنا ما كان، فتقسم بينهم على نسبة ديونهم، فإذا ترك الميّت مائة ألف تومان و كان مجموع الديون المستقرّة في ذمّته - عينا كان أو دينا - ثلاثمائة ألف تومان كانت النسبة الحاصلة بين المال الموجود و بين الديون الحاصلة هي الثلث، فكلّ واحد من الغرماء يأخذ ثلث ما يطالبه به، فمن كان له في ذمّة الميّت ثلاثمائة تومان يأخذ مائة، و من كان له ثلاث ألف يأخذ ألفا، و من كان له أقلّ منهما يأخذ ثلث ما يطالبه به إلى أن يفنى ما ترك بأداء الديون المستقرّة في ذمّة الميّت.

قال السيّد كلانتر في تعليقته هنا: كما لو ترك الميّت مائة دينار، و كان أحد غرمائه يطالبه بستّين دينارا، و الثاني بتسعين دينارا، و الثالث بمائة و خمسين، فمجموع الديون تبلغ ثلاثمائة: (60 + 90 + 150)، و حيث إنّ نسبة التركة إلى هذا المجموع نسبة الثلث فيعطى غريم ثلث حقّه هكذا:

لصاحب الستّين: «عشرون» لصاحب التسعين: «ثلاثون» لصاحب المائة و الخمسين: «خمسون» المجموع(100)

(3)كما إذا طالب بعض الغرماء ثوبا يعادل ستّين و كان الآخران يطالبان الفلوس المذكورة في المثال المتقدّم.

ص: 49

(و مع الوفاء لصاحب العين أخذها (1) في المشهور)، سواء كانت التركة بقدر الدين أم أزيد (2)، و سواء مات محجورا عليه (3) أم لا.

و مستند المشهور صحيحة (4) أبي ولاّد عن الصادق عليه السّلام.

(و قال ابن الجنيد: يختصّ بها (5) و إن لم يكن وفاء) كالمفلّس، و

**********

شرح:

(1)يعني أنّ صاحب العين يأخذ على القول المشهور العين الموجودة في التركة.

(2)يعني إذا وفت التركة بالديون الثابتة حكم لصاحب العين بأخذها بلا فرق بين كونها بمقدار الديون و بين كونها أزيد.

(3)يعني سواء في الحكم المذكور عرض للميّت الإفلاس قبل موته و حكم بحجره حينئذ أم لا.

(4)الصحيحة منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي ولاّد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل باع من رجل متاعا إلى سنة فمات المشتري قبل أن يحلّ ماله، و أصاب البائع متاعه بعينه، له أن يأخذه إذا خفي (حقّ - خ ل) له ؟ قال: فقال: إن كان عليه دين و ترك نحوا ممّا عليه فليأخذه إن اخفي (حقّ - خ ل) له، فإنّ ذلك حلال له، و لو لم يترك نحوا من دينه فإنّ صاحب المتاع كواحد ممّن له عليه شيء يأخذ بحصّته، و لا سبيل له على المتاع (الوسائل: ج 13 ص 146 ب 5 من أبواب كتاب الحجر ح 3).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: قال الشيخ: إنّما يجب أن يردّ المتاع بعينه على صاحبه إذا خلف الميّت ما يقضى به دين الباقين من غير ذلك، و إلاّ فصاحبه اسوة الغرماء يقسم بينهم بالسويّة.

(5)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى العين. يعني أنّ ابن الجنيد رحمه اللّه قال بأنّ صاحب المتاع يأخذ متاعه و إن لم تف التركة بديون الميّت جميعها، كما كان الحكم كذلك في المفلّس.

ص: 50

استنادا (1) إلى رواية مطلقة (2) في جواز الاختصاص.

و الأوّل (3) باطل، و الثاني (4) يجب تقييده بالوفاء، جمعا (5).

و ربّما قيل باختصاص الحكم (6) بمن مات محجورا عليه (7)،

**********

شرح:

(1)هذا دليل آخر لابن الجنيد، و دليله الأوّل هو قياس الميّت على المفلّس غير أنّ الفلس لو كانت عنده عين لزيد موجودة فحجر عليه بالنسبة إلى التصرّف في أمواله كان صاحب العين أولى بها من بقيّة الغرماء، ففيما نحن فيه أيضا لو كانت عند الميّت عين لزيد موجودة كان صاحب العين أولى بها من بقيّة الغرماء و إن لم تف التركة بديونه.

و دليله الثاني هو استناده إلى رواية مطلقة في جواز اختصاص صاحب العين بها مطلقا.

(2)المراد من «الرواية المطلقة» هو ما ذكر في الهامش 3 من ص 47.

(3)يعني أنّ الدليل الأوّل - و هو القياس - باطل، لأنّه لا بدّ في قياس شيء على آخر من الإحاطة بجميع المفاسد و المصالح و الجهات المحسّنة و المقبّحة الموجودة في المقيس عليه حتّى يصحّ القياس و الحكم، و إلاّ فلا يجوز القياس، و كيف يمكن لبشر هو في محلّ السهو و النسيان أن يحيط بتلك الخصوصيّات و الجهات ؟! نعم، سوى من اختاره اللّه عزّ و جلّ من عباده الصالحين، و هم الأنبياء و الأئمّة المعصومون صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين (من تعليقة السيّد كلانتر مع تصرّف في العبارة).

(4)و هو الاستناد إلى إطلاق الرواية، فإنّه باطل أيضا، لوجوب تقييدها بصورة وفاء التركة بالديون، كما في الرواية المشار إليها سابقا في الهامش 3 من ص 47.

(5)مفعول له لقوله «يجب تقييده».

(6)اللام في قوله «الحكم» تكون للعهد الذكريّ .

و المراد من «الحكم» هو أولويّة صاحب العين بها بالنسبة إلى سائر الغرماء.

(7)يعني أنّ الحكم بأولويّة صاحب العين بها إنّما هو في صورة كون الميّت محكوما عليه

ص: 51

و إلاّ (1) فلا اختصاص مطلقا (2)، و صحيح (3) النصّ يدفعه.

القول في الأرش

(و لو وجدت العين (4) ناقصة بفعل المفلّس) أخذها إن شاء (5)،(و ضرب (6) بالنقص مع الغرماء مع نسبته) أي نسبة النقص (إلى الثمن) بأن

**********

شرح:

بالحجر قبل موته.

(1)يعني لو لم يكن الميّت محجورا عليه قبل الموت لم يحكم بأولويّة صاحب العين بها مطلقا.

(2)أي سواء وفت التركة الباقية بديون الغرماء أم لا.

(3)يعني أنّ النصوص الصحيحة مثل صحيحة أبي ولاّد المذكورة في الهامش 4 من ص 50 تدفع القول باختصاص الحكم بمن مات محكوما عليه بالحجر، لأنّ النصّ لم يجعل ملاك الحكم و مناطه كون الميّت محجورا عليه قبل الموت، راجع الحديث تعرف كيفيّة إطلاقه و أنّه يدفع ما أفاده هذا القائل.

القول في الأرش (4)بالرفع، نائب فاعل لقوله «وجدت». يعني إذا وجد المالك عين ماله بعد الحكم بإفلاس المشتري و تقسيم أمواله بين الغرماء ناقصة بفعل المشتري المفلّس جاز له أخذها ناقصة، و كان بمقدار الأرش شريكا مع سائر الغرماء في تقسيم التركة بالنسبة.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى مالك العين.

(6)ضرب في الجزور بسهم: إذا أشرك فيها و أخذ منها نصيبا (أقرب الموارد).

و المراد هنا أنّ مالك العين الناقصة يشارك سائر الغرماء بعد أخذها بمقدار النقص بالنسبة، مثلا إذا وجد مالك شاته ناقصة العين مثلا بفعل المفلّس قوّمت الشاة صحيحة و معيبة، فإذا كانت القيمة صحيحة مائة و معيبة خمسين كانت النسبة بينهما النصف، و أخذ المالك بمقدار نصف الثمن الذي اشترى به الشاة، فإن اشترى الشاة

ص: 52

تنسب قيمة الناقصة إلى الصحيحة و يضرب من الثمن الذي باعه (1) به بتلك النسبة، كما هو مقتضى قاعدة الأرش (2)، و لئلاّ يجمع بين العوض و المعوّض في بعض الفروض (3)، و في استفادة ذلك (4) من نسبة النقص إلى الثمن خفاء (5).

**********

شرح:

بمائة رجع عليه بخمسين، و إن اشتراها بخمسين رجع عليه بنصفها و هكذا، و الدليل على الرجوع بالنسبة لا بنفس التفاوت هو مقتضى قاعدة الأرش و الفرار من محذور الجمع بين العوض و المعوّض.

إيضاح: إذا كانت قيمة الشاة الصحيحة مائتي دينار و كانت قيمة الناقصة مائة دينار و كان الثمن عند البيع مائة مثلا فلو حكم للمالك بأخذ الشاة الناقصة و أخذ نفس التفاوت بين قيمتي الصحيحة و الناقصة - و هو مائة - لزم الحكم بالجمع بين العوض و المعوّض.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المالك، و الضمير المتّصل الملفوظ يرجع إلى المتاع، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الثمن.

(2)و قد ذكرت هذه القاعدة في خيار العيب من كتاب المتاجر من هذا الكتاب - الروضة البهيّة - و في كتاب البيع للشيخ الأنصاري رحمه اللّه، و من أراد التفصيل فليراجع!

(3)قد ذكرنا الفرض الذي يلزم فيه الجمع بين العوض و المعوّض لو حكم للمالك بأخذ نفس التفاوت بين القيمتين.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو أخذ النسبة بين قيمتي الصحيحة و الناقصة التي ذكرناها.

(5)هذا مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «في استفادة ذلك». و هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه على المصنّف رحمه اللّه، حيث إنّ عبارته لا تفي بما فصّلنا من أخذ النسبة بين

ص: 53

و لو كان النقص بفعل غيره (1) فإن وجب (2) أرشه (3) ضرب به قطعا، و لو كان من قبل اللّه (4) تعالى فالأقوى أنّه (5) كذلك، سواء كان الفائت ممّا يتقسّط عليه الثمن بالنسبة (6) كعبد من عبدين أم لا كيد العبد،

**********

شرح:

الصحيحة و المعيبة، لأنّه قال: «مع نسبته إلى الثمن»، و الضمير في قوله «نسبته» يرجع إلى النقص، و ظاهر هذه العبارة رجوع المالك بمقدار نسبة النقص إلى الثمن، فلو أتى بالعبارة هكذا: مع ضرب النسبة الواقعة بين قيمة الناقص و الصحيح من الثمن لكان أوفى بالمقصود.

من حواشي الكتاب: حاصل الكلام الإيراد على المصنّف بأنّ عبارته قاصرة عن إفادة المقصود. نعم، يظهر المقصود من القواعد الخارجة، فيكون المراد من «النقص» قيمة الناقصة، و من «الثمن» قيمة الصحيحة (الحديقة).

(1)فلو أوجد النقص في المتاع غير المفلّس و لم يوجب أرشا مثل ما إذا لا تتفاوت القيمة فيها، و لو أوجب أرشا كان المالك شريكا مع الغرماء بذلك المقدار.

(2)أي أوجب.

(3)الضمير في قوله «أرشه» يرجع إلى النقص، و في قوله «به» يرجع إلى الأرش.

(4)كما إذا حصل النقص في المبيع من جانب اللّه عزّ و جلّ بدون أن يكون من فعل المفلّس أو غيره.

(5)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى النقص من قبل اللّه، و المشار إليه في قوله «كذلك» هو قوله «لو كان النقص بفعل غيره». يعني إذا حصل النقص من قبل اللّه تعالى حكم باشتراك المالك مع الغرماء بمقدار قيمة الناقص، كما قلنا به في النقص الحاصل من غير المفلّس.

(6)فإنّ المبيع إمّا أن يتقسّط عليه الثمن، كما إذا بيع العبدان بمأتي دينار فيكون كلّ منهما في مقابل مائة إذا تساوت القيمتان، و إمّا أن لا يتقسّط ، كما إذا بيع عبد بمائة فلا يتقسّط الثمن على أجزائه من اليد و الرجل.

ص: 54

لأنّ (1) مقتضى عقد المعاوضة عند فسخه (2) رجوع كلّ عوض إلى صاحبه أو بدله (3).

و اعلم أنّ تخصيص (4) النقص بفعل المفلّس لا يظهر له (5) نكتة (6)، لأنّه (7) إمّا مساو لما يحدث من اللّه تعالى أو الأجنبيّ (8) على تقدير الفرق (9)،

**********

شرح:

(1)هذا تعليل لوجوب الأرش عند عروض النقص من جانب اللّه تعالى، و بيانه بأنّ مقتضى المعاوضة و المعاملة إذا فسخت هو رجوع كلّ عوض إلى صاحبه، فلو لم يمكن رجوع نفس العوض حكم برجوع بدله، و هو الأرش في المقام.

(2)الضمير في قوله «فسخه» يرجع إلى العقد.

(3)الضمير في قوله «بدله» يرجع إلى العوض.

و المراد من بدل العوض هو الأرش عند تعذّر رجوع نفس العوض.

(4)هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه على المصنّف رحمه اللّه بأنّه قد خصّص حكم النقص بما إذا أوجبه فعل المفلّس حيث قال في الصفحة 52 «بفعل المفلّس... إلخ» و الحال أنّه لا فرق في الحكم بأخذ المالك قيمة نقص المتاع بين انتقاصه بفعل المفلّس أو بفعل غيره أو بفعل اللّه تعالى.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع إلى التخصيص.

(6)النكتة: المسألة الدقيقة اخرجت بدقّة نظر و إمعان فكر من نكت رمحه في الأرض إذا أثّر فيها، لتأثّر الخواطر باستنباطها (أقرب الموارد).

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى النقص الحاصل بفعل المفلّس.

(8)بالجرّ، عطف على قوله «من اللّه تعالى». يعني أنّ النقص الحاصل من المفلّس إمّا مساو لما يحدث من الغير أو مساو لما يحدث من اللّه تعالى.

(9)يعني أنّ النقص الحاصل من المفلّس إمّا مساو لما يحصل من الأجنبيّ إذا قلنا

ص: 55

أو (1) حكم الجميع سواء على القول القويّ .

الإقرار حال التفليس بعين

(و لا يقبل إقراره (2) في حال التفليس بعين، لتعلّق حقّ الغرماء بأعيان (3) ماله قبله)، فيكون إقراره (4) بها في قوّة الإقرار بمال الغير (5)، و

**********

شرح:

بالفرق بين النقص الحاصل من الأجنبيّ و بين النقص الحاصل من اللّه تعالى أو مساو لهما مع عدم القول بالفرق بينهما، فإذا يكون الحاصل من المفلّس و منهما سواء.

من حواشي الكتاب: أي الفرق بين ما يحدث من اللّه و بين ما يحدث من الأجنبيّ ، فإنّ بعض الأصحاب حكم بعدم ضرب ما يحدث من اللّه مع أنّه حكم بضرب ما يحدث من الأجنبيّ ... (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(1)و الذي يخطر بالبال هو أنّ لفظة «أو» لا تناسب العبارة، بل المناسب لها الواو الاستينافيّة، و قوله «حكم الجميع» مبتدأ، و خبره قوله «سواء».

و المراد من «الجميع» هو النقص الحاصل من اللّه و من المفلّس أو من الأجنبيّ .

الإقرار حال التفليس بعين (2)الضمير في قوله «إقراره» يرجع إلى المفلّس. يعني إذا ثبت الإفلاس و حكم بحجر المفلّس لتعلّق حقّ الغرماء بماله الموجود لم يجز تصرّفه في أمواله بمثل البيع و الشراء و الهبة و غيرها، فلا نفوذ لإقراره بعين لشخص، لأنّه من قبيل التصرّف فيما تعلّق به حقّ الغرماء.

(3)يعني أنّ حقّ الغرماء تعلّق بأعيان ماله الموجود قبل إقراره، فلا ينفذ بالنسبة إليها، لكن لو أقرّ باستقرار دين في ذمّته سمع و ثبت ما أقرّ به في ذمّته.

و الضمير في قوله «ماله» يرجع إلى المفلّس، و في قوله «قبله» يرجع إلى الإقرار.

(4)الضمير في قوله «إقراره» يرجع إلى المفلّس، و في قوله «بها» يرجع إلى العين المقرّ بها.

(5)فكما لا يسمع إقراره بمال الغير فكذا لا يسمع بالنسبة إلى أعيان أمواله، لأنّها

ص: 56

للحجر (1) عن التصرّف الماليّ المانع من نفوذ الإقرار.

الإقرار حال التفليس بدين

(و يصحّ ) إقراره (2)(بدين)، لأنّه (3) عاقل مختار، فيدخل في عموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (4)، و المانع (5) في العين منتف هنا، لأنّه (6) في العين مناف لحقّ الديّان المتعلّق بها (7)،(و) هنا (يتعلّق بذمّته،)

**********

شرح:

صارت بالحجر مثل أموال الغير.

(1)هذا دليل ثان لعدم نفوذ إقرار المفلّس بالنسبة إلى أعيان أمواله الموجودة عنده، فإنّ إقراره بها مثل التصرّف الممنوع منه.

الإقرار حال التفليس بدين (2)الضمير في قوله «إقراره» يرجع إلى المفلّس.

(3)فإنّ المفلّس يقرّ باستقرار الدين في ذمّته في حال العقل و الاختيار، فينفذ إقراره، لعموم جواز إقرار العقلاء على أنفسهم.

(4)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

و روى جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: إقرار العقلاء على أنفسهم جائز (الوسائل: ج 16 ص 111 ب 3 من أبواب كتاب الإقرار ح 2).

(5)يعني أنّ المانع من نفوذ إقرار المفلّس بالعين - و هو تعلّق حقّ الغرماء بالنسبة إلى أعيان أمواله - لا يوجد في إقراره باستقرار الدين في الذمّة.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الإقرار. و هذا تعليل للمانع من نفوذ إقرار المفلّس في الأعيان، و هو منافاة إقراره كذلك لحقّ الديّان المتعلّق بها.

(7)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى العين، و المشار إليه في قوله «هنا» هو الإقرار بالدين المتعلّق بالذمّة. يعني أنّ الإقرار في المقام يتعلّق بذمّة المفلّس، و لا مانع منه.

ص: 57

(فلا يشارك الغرماء المقرّ له (1))، جمعا (2) بين الحقّين (3).

(و قوّى الشيخ)، و تبعه العلاّمة في بعض كتبه (المشاركة (4))، للخبر (5)، و لعموم (6) الإذن في قسمة ماله (7) بين غرمائه، و للفرق (8) بين الإقرار و الإنشاء، فإنّ الإقرار إخبار عن حقّ سابق، و الحجر (9) إنّما يبطل إحداث

**********

شرح:

(1)فاعل لقوله «فلا يشارك». يعني إذا أقرّ المفلّس بأنّ لزيد في ذمّته ألف دينار لم يشارك زيد الديّان في الأموال الموجودة، بل يثبت المقرّ به في ذمّة المفلّس.

(2)مفعول له، و تعليل لعدم مشاركة المقرّ له للديّان في الأموال.

(3)المراد من «الحقّين» هو حقّ الغرماء و حقّ المقرّ له.

(4)بالنصب، مفعول لقوله «قوّى». يعني أنّ الشيخ رحمه اللّه ذهب إلى القول بمشاركة المقرّ له للديّان في أموال المفلّس الموجودة.

(5)المراد من «الخبر» هو قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز».

(6)العموم يستفاد من الخبر المنقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه أنّ عليّا عليه السّلام كان يفلّس الرجل إذ التوى * على غرمائه، ثمّ يأمر به فيقسم ماله بينهم بالحصص، فإن أبى باعه، فقسّم بينهم يعني ماله (الوسائل: ج 13 ص 147 ب 6 من أبواب الحجر ح 1).

* التوى عن الأمر: تثاقل (المنجد).

(7)الضميران في قوليه «ماله» و «غرمائه» يرجعان إلى المفلّس.

(8)هذا دليل ثالث للشيخ رحمه اللّه، و هو الفرق بين الإقرار و الإنشاء، فإنّ الإقرار ينفذ في حقّ المفلّس، و الإنشاء لمثل البيع و الصلح و الهبة لا يجوز له.

(9)يعني أنّ الحجر عن تصرّفات المفلّس إنّما هو مؤثّر بالنسبة إلى إحداث الملك للغير لا الإخبار عن تحقّق حقّ سابق للغير في ذمّته.

ص: 58

الملك، و لأنّه (1) كالبيّنة، و مع قيامها (2) لا إشكال في المشاركة (3).

و يشكل (4) بأنّ ردّ إقراره (5) ليس لنفسه، بل لحقّ غيره (6)، فلا ينافيه (7) الخبر، و نحن قد قبلناه (8) على نفسه

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الإقرار. يعني أنّ إقرار المفلّس بمنزلة قيام البيّنة على حقّ الغير المتعلّق بذمّته، فإذا قامت البيّنة ثبت الحقّ و كان صاحب الحقّ مشاركا للديّان في أموال المفلّس.

(2)الضمير في قوله «قيامها» يرجع إلى البيّنة.

(3)أي مشاركة المقرّ له لسائر الغرماء في الأموال الموجودة في يد المفلّس.

(4)لا يخفى أنّ الشيخ رحمه اللّه أقام على ذهابه إلى مشاركة المقرّ له للديّان في أموال المفلّس أربعة أدلّة:

الأوّل: الخبر الوارد، و هو قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز».

الثاني: عموم الإذن المستفاد من الخبر المشار إليه سابقا.

الثالث: الفرق بين الإقرار و الإنشاء.

الرابع: كون إقرار المفلّس بمنزلة البيّنة.

و قد أخذ الشارح رحمه اللّه في ردّ كلّ واحد منها بقوله «و يشكل بأنّ ردّ إقراره... إلخ».

(5)الضميران في قوليه «إقراره» و «لنفسه» يرجعان إلى المفلّس.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المفلّس. و هذا ردّ للدليل الأوّل للشيخ رحمه اللّه بأنّ إقرار العقلاء على أنفسهم جائز و الحال أنّه ليس الأمر في المقام كذلك، لأنّ المفلّس هنا يقرّ على نفس الغير لا على نفسه.

(7)الضمير الملفوظ في قوله «فلا ينافيه» يرجع إلى الردّ. يعني أنّ الخبر لا ينافي ردّ إقرار المفلّس على نفس الغير.

(8)الضمير الملفوظ الثاني في قوله «قبلناه» يرجع إلى الإقرار. يعني أنّا نقبل إقرار المفلّس إذا كان على نفسه، و نحكم بكونه ملزما بأداء ما أقرّ به بعد رفع الحجر عنه.

ص: 59

بإلزامه (1) بالمال بعد الحجر، و مشاركة (2) المقرّ له للغرماء هو المانع (3) من النفوذ الموجب (4) لمساواة الإقرار للإنشاء في المعنى (5)، و كونه (6) كالبيّنة مطلقا (7) ممنوع،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بإلزامه» يرجع إلى المفلّس، فإنّه ملزم بأداء المال الذي أقرّ به بعد رفع الحجر عنه.

(2)هذا ردّ للدليل الثالث للشيخ رحمه اللّه. يعني أنّ المانع من نفوذ إقرار المفلّس في المقام هو لزوم مشاركة المقرّ له للديّان و توجّه الضرر إليهم، فلا مانع من تساوي الإقرار و الإنشاء الصادرين عن المفلّس المحكوم عليهما بالبطلان في حقّه.

حاصل الردّ هو عدم الفرق بين الإقرار و الإنشاء و أنّ الإقرار مساو للإنشاء في المعنى، لأنّ المانع من قبول إنشاء المفلّس حال حجره هو إحداث ملكيّة جديدة للغير، و هذا المعنى بعينه يوجد في قبول إقراره للغير الذي يشارك الغرماء في الأموال.

(3)خبر لقوله «مشاركة المقرّ له».

(4)بالجرّ، صفة لقوله «النفوذ».

(5)لا يخفى أنّ الإنشاء هو إيجاد الملكيّة للغير بالعقد الناقل مثل البيع و الصلح و الهبة و غير ذلك، و الإقرار هو إخبار عن الملكيّة الحاصلة السابقة للغير، لكنّهما يشتركان في المقام في إثبات الملكيّة للغير الموجبة لمشاركة الديّان في أموال المفلّس، فكما لا يجوز تصرّفات المفلّس الموجبة لملكيّة جديدة للغير كذلك لا ينفذ إقراره المساوي لها في هذا المعنى.

(6)هذا ردّ للدليل الرابع للشيخ رحمه اللّه بأنّ كون الإقرار مثل البيّنة مطلقا ممنوع.

حاصل الردّ هو أنّ الإقرار لا يكون كالبيّنة في جميع الموارد حتّى فيما نحن فيه، و هو مشاركة المقرّ له للغرماء في أموال المفلّس الموجودة. نعم، هو كالبيّنة في بعض الموارد.

(7)أي سواء كان الإقرار بالعين أو بالدين.

ص: 60

فما اختاره (1) المصنّف أقوى.

و موضع الخلاف ما لو أسنده (2) إلى ما قبل الحجر، أمّا بعده (3) فإنّه لا ينفذ معجّلا (4) قطعا.

نعم، لو أسنده (5) إلى ما يلزم (6) ذمّته كإتلاف مال أو جناية شارك (7)، لوقوع السبب (8) بغير اختيار المستحقّ (9)،

**********

شرح:

(1)و مختار المصنّف رحمه اللّه هو ما ذكر من قوله في الصفحة 56 و 57 «لا يقبل إقراره في حال التفليس بعين... و يصحّ بدين»، و قد قوّاه الشارح رحمه اللّه أيضا.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «أسنده» يرجع إلى الدين.

(3)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى الحجر. يعني أنّ المفلّس لو أسند الدين إلى ما بعد الحجر لم ينفذ إقراره العاجل و في حال الحجر بلا خلاف، بل يسمع بالنسبة إلى ما قبل الحجر، فيحكم بإلزامه بالمال بعد رفع الحجر عنه.

(4)أي في حال الحجر لا بعده.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المفلّس، و الضمير المتّصل الملفوظ يرجع إلى الدين.

يعني أنّ المفلّس لو أسند الدين إلى فعل صادر عنه موجب لاشتغال ذمّته بالدين - كما إذا أقرّ بالجناية المشبهة للعمد الموجبة للدية أو أقرّ بصدور فعل عنه موجب لإتلاف مال الغير - نفذ إقراره ذلك، و كان المقرّ له مشاركا لسائر الديّان في ماله الموجود بالنسبة إلى حقّه، لأنّ المقرّ له لا يكون مقصّرا في تعلّق حقّه بذمّة المفلّس، بخلاف سائر المعاملين، فإنّهم إذا علموا بإفلاسه و مع هذا عاملوه كانوا مقصّرين.

(6)أي يوجب اشتغال ذمّة المفلّس.

(7)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو أسنده»، و فاعله هو الضمير العائد إلى المقرّ له.

(8)أي السبب الموجب لتعلّق حقّ الغير بذمّته كإحداث جناية أو إتلاف مال للغير.

(9)المراد من «المستحقّ » هو المقرّ له الذي يتعلّق حقّه بذمّة المفلّس، فإنّ وجوب حقّه

ص: 61

فلا تقصير، بخلاف المعامل (1).

منع المفلّس من التصرّفات

(و يمنع المفلّس (2) من التصرّف) المبتدأ (3)(في أعيان أمواله (4)) المنافي (5) لحقّ الغرماء لا من مطلق التصرّف.

و احترزنا بالمبتدإ عن التصرّف في ماله بمثل الفسخ بخيار (6)، لأنّه ليس بابتداء تصرّف، بل هو (7) أثر أمر سابق على الحجر.

**********

شرح:

على المقرّ المفلّس لا يكون باختياره، لأنّ الجناية الواقعة عليه أو إتلاف ماله لم يكونا باختياره.

(1)فإنّ المعامل للمفلّس بالقرض و غيره بعد الحجر و مع علمه بالحال مقصّر في إعطاء ماله إيّاه، فلا يشارك الغرماء في الأموال.

منع المفلّس من التصرّفات (2)يعني لا يجوز تصرّف المفلّس في أعيان أمواله ابتداء، فإذا أراد أن يبيع أو يهب أو يوجر أو يصالح على ماله منع منه، و هذا بخلاف التصرّف المتفرّع على تصرّفاته قبل الحجر مثل خيار الفسخ الحاصل من بيعه قبل الحجر، فلا مانع من أن يفسخ البيع السابق و لو كان ذلك تصرّفا في عين ماله.

(3)قوله «المبتدأ» - بصيغة اسم المفعول - من ابتدأ يبتدأ، صفة لقوله «التصرّف».

(4)الضمير في قوله «أمواله» يرجع إلى المفلّس.

(5)صفة لقوله «التصرّف». يعني أنّ التصرّف الممنوع هو الذي ينافي حقّ الغرماء، فلا مانع من التصرّف غير المنافي لحقّهم.

(6)كما إذا باع المفلّس و جعل لنفسه خيار الفسخ، فيجوز إعماله و لو بعد الحجر، لعدم كونه تصرّفا ابتداء.

(7)ضمير «هو» يرجع إلى الخيار.

ص: 62

و كذا (1) لو ظهر له عيب فيما اشتراه سابقا فله الفسخ به (2).

و هل يعتبر في جواز الفسخ الغبطة (3) أم يجوز اقتراحا (4)؟ الأقوى الثاني (5)، نظرا إلى أصل الحكم (6) و إن تخلّفت الحكمة (7).

و قيل: تعتبر الغبطة في الثاني (8)

**********

شرح:

و المراد من قوله «أمر سابق» هو عقد البيع قبل الحجر.

و الحاصل هو أنّ الخيار أثر للعقد السابق على الحجر، فلا مانع من إعماله.

(1)أي و مثل جواز التصرّف بالخيار المجعول هو تصرّف المفلّس بإعمال خيار العيب بعد الحجر، فإذا اشترى متاعا قبل الحجر و ظهر فيه عيب حال الحجر جاز له أن يفسخ المعاملة السابقة على الحجر.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى العيب.

(3)الغبطة - بالكسر -: حسن الحال، و - المسرّة، و - تمنّى نعمة على أن لا تحوّل عن صاحبها (أقرب الموارد).

و المراد هنا المصلحة. يعني هل يعتبر في التصرّف المفلّس بالخيار وجود مصلحة للغرماء أم لا؟

(4)اقترح الخطبة: ارتجلها، و - الشيء: استنبطه من ذات نفسه من غير سماع، و - اجتباه و اختاره، و - الأمر: ابتدعه من غير سبق مثال (أقرب الموارد).

(5)و هو الفسخ اقتراحا بلا سبب له.

(6)المراد من «أصل الحكم» هو تشريع الخيار للمفلّس.

(7)فإنّ حكمة الخيار هي المصلحة، و هي ليست علّة لجعل حكم الخيار حتّى ينتفي بانتفائها.

(8)يعني قال بعض باعتبار المصلحة في جواز إعمال خيار العيب، فبدونها لا يجوز، سواء كان في الفسخ ضرر أم تساوي الفسخ و عدمه.

ص: 63

دون الأوّل (1).

و فرق المصنّف بينهما (2) بأنّ الخيار ثابت بأصل العقد لا على طريق المصلحة، فلا يتقيّد (3) بها، بخلاف العيب (4).

و فيه (5) نظر بيّن، لأنّ كلاّ منهما (6) ثابت بأصل العقد على غير جهة المصلحة و إن كانت الحكمة المسوّغة (7) له هي (8) المصلحة، و الإجماع (9)

**********

شرح:

(1)المراد من «الأوّل» هو الخيار المجعول في ضمن معاملة، و لا يلاحظ فيه وجود الغبطة، بل يجوز فسخ المفلّس به اقتراحا و بلا سبب له.

(2)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الخيار المجعول و خيار العيب. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال بالفرق بين الخيارين و أنّ الخيار المجعول ثبت بأصل العقد بلا ملاحظة المصلحة فيه، بخلاف خيار العيب، ففيه لوحظت الغبطة.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الخيار المجعول، و الضمير في قوله «بها» يرجع إلى المصلحة. يعني أنّ الخيار شرع بلا ملاحظة المصلحة فيه.

(4)أي بخلاف خيار العيب، فإنّ الغبطة لوحظت فيه.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الفرق المذكور في قول المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ في الفرق المذكور إشكالا ظاهرا.

(6)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى الخيار المجعول و خيار العيب. يعني أنّ كلا الخيارين ثابتان بأصل العقد بلا ملاحظة المصلحة، لكنّ الحكمة في خيار العيب هي المصلحة، و ليست حكم الأحكام عللا لها حتّى تدور مدارها وجودا و عدما.

(7)بصيغة اسم الفاعل، صفة لقوله «الحكمة»، و الضمير في قوله «له» يرجع إلى خيار العيب.

(8)ضمير «هي» يرجع إلى الحكمة.

(9)بالجرّ، عطف على مدخول اللام الجارّة في قوله «لأنّ ». و هذا ردّ ثان للفرق

ص: 64

على جواز الفسخ بالعيب و إن زاد القيمة، فضلا (1) عن الغبطة فيه (2).

و شمل التصرّف (3) في أعيان الأموال ما (4) كان بعوض (5) و غيره (6)، و ما (7) تعلّق بنقل العين (8) و المنفعة (9).

و خرج به (10) التصرّف في غيره (11)

**********

شرح:

المذكور في كلام المصنّف رحمه اللّه، و هو أنّ الإجماع قائم على جواز خيار العيب و إن كان العيب موجبا لزيادة القيمة مثل الخصاء و الجبّ في العبد الموجبين لزيادة قيمته، لرغبة الناس فيه، حيث إنّه بهذا الوصف مأمون على الأعراض.

(1)يعني أنّ زيادة قيمة المعيب لا تمنع من الخيار، فلا تجب رعاية المصلحة بطريق أولى.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى المعيب.

(3)يعني أنّ قول المصنّف رحمه اللّه «و يمنع المفلّس من التصرّف في أعيان أمواله» يشمل التصرّفات التي تكون مع العوض مثل البيع و غيره مثل الهبة غير المعوّضة.

(4)بالنصب محلاّ، مفعول لقوله «شمل».

(5)و هو التصرّف في عين المال في مقابل عوض، و أمثلته كثيرة.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى العوض.

و المراد هو مثل الصلح بلا عوض و الهبة كذلك.

(7)هذا أيضا منصوب محلاّ، مفعول ثان لقوله «شمل». يعني أنّ منع المفلّس من التصرّف في عين أمواله يشمل نقله العين أو المنفعة إلى الغير.

(8)كالبيع الموجب لنقل العين.

(9)كالإجارة الموجبة لنقل المنفعة.

(10)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المنع من التصرّف في عين أموال المفلّس.

(11)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى أعيان الأموال، و التذكير باعتبار لفظ الأعيان.

ص: 65

كالنكاح (1) و الطلاق و استيفاء القصاص (2) و العفو عنه (3) و ما (4) يفيد تحصيله (5) كالاحتطاب (6) و الاتّهاب (7) و قبول الوصيّة و إن منع منه (8) بعده.

و بالمنافي (9) عن وصيّته (10) و تدبيره، فإنّهما يخرجان من الثلث بعد وفاء

**********

شرح:

فالمعنى أنّه خرج مطلق تصرّف المفلّس بقوله «في أعيان أمواله»، فإنّ تصرّفه في غير أعيان أمواله جائز كما كان كذلك قبل الحجر.

(1)فإنّ النكاح ليس تصرّفا ماليّا إذا لم يجعل الصداق من عين أمواله الموجودة، و إلاّ فلا يجوز.

(2)فإذا أراد أن يقتل قاتل أبيه أو ولده بالقصاص لم يمنع منه.

(3)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى القصاص. فإذا أراد المفلّس العفو عن القصاص لم يمنع منه، لعدم كونه تصرّفا ماليّا، و هو ظاهر.

(4)بالرفع محلاّ، عطف على قوله المرفوع لفظا «التصرّف». يعني خرج بقول المصنّف رحمه اللّه «في أعيان أمواله» ما يوجب تحصيل المال مثل الاحتطاب و غيره.

(5)الضمير في قوله «تحصيله» يرجع إلى المال.

(6)أي جمع الحطب.

(7)أي قبول الهبة من غيره، فإنّه تحصيل مال.

(8)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى التصرّف، و في قوله «بعده» يرجع إلى الاحتطاب و ما ذكر بعده من التصرّفات الجائزة. يعني أنّ المفلّس إذا حصّل مالا بقبوله الهبة أو الوصيّة أو بالاحتطاب أو غير ذلك من التصرّفات الموجبة لتحصيل المال لم يجز له التصرّف فيما تحصّل له بعد ذلك بأن يبيع ما حصّله بمثل الاحتطاب أو الاتّهاب.

(9)عطف على الجارّ و المجرور في قوله «خرج به». يعني و خرج بقول الشارح رحمه اللّه «المنافي لحقّ الغرماء» وصيّة المفلّس و تدبيره، فإنّهما لا ينافيان حقّ الغرماء، للعمل بالوصيّة و التدبير بعد إخراج الديون.

(10)الضمير في قوله «وصيّته» يرجع إلى المفلّس، و كذا الضمير في قوله «تدبيره».

ص: 66

الدين، فتصرّفه (1) في ذلك و نحوه جائز، إذ لا ضرر على الغرماء فيه (2).

بيع أعيان الأموال و قسمتها

(و تباع (3)) أعيان أمواله القابلة للبيع، و لو لم تقبل (4) كالمنفعة اوجرت أو صولح عليها (5)، و اضيف (6) العوض إلى أثمان ما يباع،(و تقسم (7) على)

**********

شرح:

و الأوّل مثل أن يوصى لأحد بمال بعد موته، و الثاني أن يقول لعبده: أنت حرّ دبر وفاتي.

(1)يعني أنّ تصرّف المفلّس في ماله بمثل الوصيّة و التدبير لا مانع منه، لعدم منافاته لحقّ الغرماء.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى التصرّف المذكور.

بيع أعيان الأموال و قسمتها (3)هذا بيان لقسمة أموال المفلّس بين الغرماء بأنّ أعيان أمواله القابلة للبيع تباع، و يؤخذ ثمنها و يضاف إلى سائر أثمان أمواله، ثمّ يؤخذ بين الديّان على نسبة مطالباتهم، كما مرّ البحث عنه في الصفحة 49 و سيجيء!

(4)أي لو لم تقبل أعيان الأموال البيع - مثل ما إذا كانت الدار موقوفة على المفلّس فإنّ عينها لا تقبل البيع، لإفادته نقل العين - اوجرت لاستيفاء المنفعة، و قسم العائد من الإجارة بين الديّان.

(5)الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى المنفعة. بأن يصالح على المنفعة بمال و يضاف إلى أثمان سائر أمواله و يقسم.

(6)نائب الفاعل هو العوض الحاصل ممّا اوجرت أو صولح عليها. يعني أنّ ما يؤخذ بعنوان الإجارة أو المصالحة على أعيان أموال المفلّس يضاف إلى سائر الأثمان و يقسم.

(7)نائب الفاعل هو الأثمان الحاصلة من بيع أعيان أموال المفلّس أو من المصالحة عليها.

ص: 67

(الغرماء) إن و فى (1)، و إلاّ فعلى نسبة أموالهم (2).

(و لا يدّخر (3) للمؤجّلة (4)) التي لم تحلّ حال القسمة (شيء (5)).

و لو (6) حلّ بعد قسمة البعض شارك (7) في الباقي،

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المال المأخوذ ببيع الأموال أو المصالحة عليها.

(2)كما لو كانت الأموال الحاصلة من بيع أعيان أموال المديون خمسمائة دينار و كان غرماؤه أربعة، مثلا إن طالبه زيد بمائة دينار و عمرو بمائتين و بكر مثلا بثلاثمائة و خالد بأربعمائة، كان مجموع الديون المستقرّة في ذمّة المفلّس ألف دينار و كان مجموع المال الحاصل من بيع أعيان أمواله خمسمائة دينار، فالنسبة الواقعة بين المال الحاصل و بين الديون الثابتة نصفا: (1000/500) فعلى هذا يعطى زيد خمسين دينارا - و هو نصف ما يطالبه به و هو مائة دينار - و يعطى عمرو المطالب إيّاه بمأتي دينار مائة دينار - و هو أيضا نصف ما يطالبه به - و يعطى بكر مائة و خمسين دينارا - و هو نصف ما يطالبه به أعني ثلاثمائة دينار - و يعطى خالد المطالب إيّاه بأربعمائة دينار مأتي دينار، فيكون المجموع خمسمائة دينار: (500 200 + 150 + 100 + 50).

(3)من ادّخره: بمعنى ذخره (أقرب الموارد).

(4)صفة لموصوف مقدّر، و هو الديون. يعني أنّ الأثمان الحاصلة من بيع أعيان أموال المفلّس أو من المصالحة عليها تقسم بين الغرماء الذين تكون مطالباتهم حالّة، و لا يدّخر شيء منها للديون المؤجّلة التي لم تحلّ حال القسمة.

(5)هذا نائب الفاعل لقوله «لا يدّخر».

(6) «لو» شرطيّة، جزاؤها قوله «شارك».

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى صاحب الدين. يعني لو قسم بعض المال بين الديّان و حلّ دين مؤجّل قبل تقسيم البعض الآخر حكم بمشاركة صاحب الدين المذكور لباقي الغرماء بالنسبة، كما تقدّم.

ص: 68

و ضرب (1) بجميع المال (2)، و ضرب باقي الغرماء ببقيّة ديونهم (3).

و يحضر (4) كلّ متاع في سوقه وجوبا مع رجاء زيادة القيمة، و إلاّ (5) استحبابا، لأنّ (6) بيعه فيه أكثر لطلاّبه (7)، و أضبط (8) لقيمته.

**********

شرح:

(1)بصيغة المعلوم، و فاعله هو الضمير العائد إلى صاحب الدين الذي حلّ وقت دينه المؤجّل، و معناه الدخول و المساهمة. يعني ساهم صاحب الدين الغرماء بجميع طلبه الذي حلّ ، لكنّهم يضربون بباقي ديونهم.

و الحاصل هو أنّ الباقي من أموال المفلّس يقسم بين هذا و سائر الديّان بالنسبة إلى جميع طلبه الحالّ و بالنسبة إلى ما بقي من ديونهم.

(2)أي مال القرض الذي حلّ (الحديقة).

(3)الضمير في قوله «ديونهم» يرجع إلى الغرماء.

(4)بصيغة المجهول. يعني يجب أن يحضر كلّ متاع من أموال المفلّس عند البيع في سوقه المناسب له إذا رجي زيادة القيمة بذلك مثل إحضار الدابّة في السوق المناسب لبيعها و إحضار الثياب في سوق كذلك و هكذا.

(5)يعني و إن لم يرج زيادة القيمة بإحضار المتاع في سوقه لم يجب، بل كان مستحبّا.

(6)هذا تعليل لوجوب إحضار المتاع أو استحبابه في السوق المناسب له بأنّ البيع فيه أكثر ممّا إذا كان عرضه في غير سوقه المناسب.

و الضمير في قوله «بيعه» يرجع إلى المتاع، و في قوله «فيه» يرجع إلى السوق.

(7)يعني أنّ بيع المتاع في سوقه فيه أكثر من بيعه في غير سوقه، لأنّ طالبي كلّ شيء يتوقّعون وجدانه في سوقه المناسب له، فيكثرون من التردّد إلى ذلك السوق و من بيعه و شرائه.

(8)عطف على قوله «أكثر». يعني أنّ إحضار المتاع في سوقه المناسب له يوجب أن تكون قيمته أضبط ، لأنّ أهل الخبرة و البصيرة يجتمعون في الأسواق المختصّة ببيع الأشياء و شرائها. و الضمير في قوله «قيمته» يرجع إلى المتاع.

ص: 69

ادّعاء الإعسار

(و يحبس (1) لو ادّعى الإعسار حتّى يثبته) باعتراف (2) الغريم (3)، أو بالبيّنة المطّلعة على باطن أمره إن شهدت (4) بالإعسار مطلقا (5)، أو بتلف (6) المال حيث لا يكون منحصرا في أعيان مخصوصة، و إلاّ (7) كفى اطّلاعها (8) على تلفها.

**********

شرح:

ادّعاء الإعسار (1)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى المفلّس. يعني أنّ المفلّس لو ادّعى عدم المال و عدم قدرته على أداء الديون حبس حتّى يثبت ما ادّعاه من الإعسار.

(2)فإنّ ثبوت إعسار إنّما هو بأمرين:

الأوّل: اعتراف الديّان بأنّ المديون لا مال له حتّى يؤدّي ديونه.

الثاني: البيّنة المطّلعة على باطن أمر المديون.

(3)و هو الذي يطالب المفلّس بالدين.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى البيّنة. يعني أنّ ثبوت إعساره بالبيّنة إنّما هو في صورة شهادة البيّنة بإعساره بلا ذكر سبب.

(5)أي بلا ذكر سبب إعسار المفلّس.

(6)عطف على قوله «بالإعسار». يعني أنّ الإعسار يثبت إذا شهدت البيّنة بتلف كلّ أموال المفلّس حيث لا تكون منحصرة في أعيان مخصوصة، فلو كانت كذلك كفي اطّلاعها على تلفها.

(7)أي و إن كانت أمواله منحصرة في أعيان مخصوصة مثل انحصار ماله في حديقة أو دابّة أو ثوب كفى اطّلاع البيّنة على تلفها.

(8)الضمير في قوله «اطّلاعها» يرجع إلى البيّنة، و في قوله «تلفها» يرجع إلى الأموال.

ص: 70

و يعتبر (1) في الاولى مع الاطّلاع على باطن أمره بكثرة (2) مخالطته (3) و صبره على ما لا يصبر عليه ذوو اليسار (4) عادة أن تشهد (5) بإثبات يتضمّن النفي لا بالنفي (6) الصرف بأن يقول: إنّه معسر (7) لا يملك (8) إلاّ قوت يومه و ثياب بدنه و نحو ذلك (9).

و هل يتوقّف ثبوته (10)

**********

شرح:

(1)بصيغة المجهول.

و المراد من «الاولى» هو اطّلاع البيّنة على الإعسار أو تلف جميع الأموال.

(2)الباء تكون للسببيّة، و الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «الاطّلاع». يعني أنّ الاطّلاع يحصل بكثرة المخالطة للمفلّس و بمشاهدة صبره الدالّ على إعساره.

(3)الضميران في قوليه «مخالطته» و «صبره» يرجعان إلى المفلّس. أي الاطّلاع الحاصل بصبره على البرد من دون نار أو رداء، و على الحرارة في السيف بلا مبردة.

(4)فاعل لقوله «لا يصبر». يعني إذا شاهدت البيّنة صبر المفلّس على الشدائد التي لا يصبر عليها صاحب اليسر عادة جازت شهادته.

(5)بالرفع محلاّ، نائب فاعل لقوله «يعتبر». يعني أنّ من اللازم في شهادة البيّنة بالإعسار و تلف جميع الأموال شهادتها بإثبات متضمّن للنفي.

(6)أي لا تكفي شهادة البيّنة بالنفي الصرف بأن تقول: إنّه لا يملك مالا، فإنّ ذلك النحو من الشهادة لا يقبل.

(7)هذا مثال للشهادة بالإثبات، لأنّ الشاهد يشهد على هذا بثبوت الإعسار.

(8)و هذا تتمّة للشهادة المقبولة بالإثبات.

(9)مثل ما إذا شهدت بعدم كونه متمكّنا من المسكن أو قوت واجبي النفقة.

(10)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع إلى الإعسار. يعني هل يحتاج ثبوت إعسار المفلّس بالبيّنة إلى يمينها أيضا - بأن تشهد البيّنة و تحلف معها - أم لا؟

ص: 71

مع البيّنة مطلقا (1) على اليمين قولان ؟

و إنّما يحبس (2) مع دعوى الإعسار قبل إثباته لو كان أصل الدين مالا كالقرض (3)، أو عوضا عن مال كثمن المبيع (4)، فلو انتفى الأمران (5) كالجناية (6) و الإتلاف قبل (7) قوله في الإعسار بيمينه، لأصالة (8) عدم المال، و إنّما أطلقه (9) المصنّف

**********

شرح:

(1)أي سواء كانت البيّنة شاهدة بالإعسار المطلق أو بتلف المال.

(2)و مفهوم هذا القول هو أنّ المفلّس لا يحكم بحبسه بدعواه الإعسار قبل ثبوته إذا لم يكن أصل الدين مالا مثل الجنايات الواردة من المفلّس على الغير، ففيه يكتفى بيمينه خاصّة، و أمّا إذا كان مالا كالقرض أو العوض عن مال و ادّعى الإعسار حكم بحبسه.

(3)كما إذا استقرض المفلّس مالا، ثمّ ادّعى الإعسار.

(4)كما إذا اشترى ثوبا أو كتابا بثمن، ثمّ ادّعى الإعسار و عدم قدرته على أداء دينه من جهة الثمن.

(5)اللام تكون للعهد الذكريّ ، و المراد هو القرض و عوض المال. يعني فلو لم يكن الدين من قبيل الأمرين المذكورين قبل ادّعاء المفلّس للإعسار.

(6)كما إذا جنى على دابّة و ضمن الأرش أو على إنسان و ضمن الدية.

(7)قوله «قبل» جواب شرط ، و الشرط هو قوله «فلو انتفى الأمران»، و الضميران في قوليه «قوله» و «بيمينه» يرجعان إلى المفلّس. يعني ففي صورة انتفاء الأمرين يقبل قول المفلّس في الإعسار، و يكتفى بيمينه، و لا يطالب بالبيّنة.

(8)يعني أنّ علّة قبول قول المفلّس في الإعسار هي الأصل أعني أصالة عدم المال.

(9)الضمير الملفوظ في قوله «أطلقه» يرجع إلى الحبس المفهوم من قول المصنّف رحمه اللّه «يحبس».

ص: 72

اتّكالا (1) على مقام الدين (2) في الكتاب (3).

وجوب التكسّب

(فإذا ثبت) إعساره (4)(خلّي سبيله)، و لا يجب عليه (5) التكسّب، لقوله تعالى: وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ (6) إِلى مَيْسَرَةٍ (1) (7).

(و عن عليّ عليه السّلام) بطريق السكونيّ (8)

**********

شرح:

(1)فإنّ المصنّف اتّكل في إفادة مراده من الحبس على ذكر حكم القرض المناسب لكتاب الدين، و لم يذكر حكم الجناية و الإتلاف للمال، اتّكالا على ذكره في كتاب القصاص و الديات و الموارد المتناسبة لإتلاف المال.

(2)و هو عنوان القرض المستلزم للمال (الحديقة).

(3)إذا الكتاب كتاب الدين، و مثل الجناية و الإتلاف لا يسمّى دينا (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

(4)الضميران في قوليه «إعساره» و «سبيله» يرجعان إلى المفلّس الذي حكم بحبسه قبل ثبوت إعساره.

(5)أي لا يجب على المفلّس أن يكتسب مالا حتّى يقدر على أداء ديونه و إن كان يجب عليه التكسّب للإنفاق على واجبي النفقة عليه، استنادا إلى الآية الشريفة.

(6)النظرة: التأخير و الإمهال في الأمر (أقرب الموارد).

(7)الآية 280 من سورة البقرة.

تبيين الاستدلال بالآية المذكورة هو أنّ اللّه تعالى حكم بإمهال المفلّس إلى حصول اليسر و لم يحل أمره إلى التكسّب و التحصيل للمال، فما دام لم يحصل له اليسر امهل.

وجوب التكسّب (8)أي الرواية مرويّة من طريق السكونيّ ، و هي منقولة في كتاب الوسائل: ج 13 ص 148 ب 7 من أبواب كتاب الحجر ح 3.

و لا يخفى أنّ مضمون الرواية هو وجوب التكسّب على المفلّس لقضاء الدين.

ص: 73


1- سوره 2 - آیه 280

أنّه (1) كان يحبس في الدين، ثمّ ينظر فإن كان له مال أعطى الغرماء، و إن لم يكن له مال دفعه (2) إلى الغرماء، فيقول: «اصنعوا به ما شئتم،(إن شئتم فآجروه، و إن شئتم استعملوه (3)»، و هو يدلّ على وجوب التكسّب) في وفاء الدين.

(و اختاره (4) ابن حمزة و العلاّمة) في المختلف،(و منعه الشيخ و ابن إدريس)، للآية و أصالة (5) البراءة.

(و الأوّل (6) أقرب)، لوجوب قضاء الدين على القادر مع المطالبة، و المتكسّب قادر، و لهذا (7) تحرم عليه الزكاة،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى عليّ عليه السّلام. يعني أنّ عليّا عليه السّلام كان يحبس المفلّس المدّعي للإعسار، و كان بعد ذلك ينظر، فإن كان له المال أعطاه الديّان، و إن لم يكن له مال سلّط الغرماء على نفس المفلّس حتّى يوجروه أو يستعملوه.

(2)الضمير في قوله «دفعه» يرجع إلى المفلّس.

(3)الضميران الملفوظان في قوليه عليه السّلام «فآجروه» و «استعملوه» يرجعان إلى المفلّس، و المخاطب هو الغرماء.

(4)أي اختار وجوب التكسّب ابن حمزة و العلاّمة في كتابه (المختلف).

(5)يعني أنّ الأصل هو براءة ذمّة المفلّس من التكسّب، فإنّ ذلك من قبيل الشكّ في التكليف، و هذا الشكّ هو مجرى البراءة.

(6)يعني أنّ القول بوجوب التكسّب - كما دلّ عليه الحديث - أقرب، لأنّ أداء الدين يجب على المديون المتمكّن من المال إذا طالبه الدائن، و الذي يقدر على تحصيل المال بالتكسّب متمكّن من المال و قادر على قضاء الدين.

(7)أي و لكون القادر على التكسّب متمكّنا من نفقته يحرم عليه أخذ الزكاة، لعدم استحقاقه لأخذها، لأنّه يقدر على تحصيل نفقته بالقوّة.

ص: 74

و حينئذ (1) فهو (2) خارج من الآية.

و إنّما يجب عليه التكسّب فيما يليق بحاله (3) عادة و لو بمؤاجرة (4) نفسه، و عليه (5) تحمل الرواية.

**********

شرح:

(1)أي حين إذ كان المفلّس قادرا على التكسّب لا تشمله الآية، لأنّ مضمونها كون المديون ذا عسرة، و المتمكّن من التكسّب ليس كذلك.

(2)الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى القادر. يعني أنّ القادر على التكسّب لا يعدّ ذا عسرة، فهو خارج عن مدلول الآية موضوعا و تخصّصا.

و المراد من «الآية» هو قوله تعالى: وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (1) .

(3)يعني إذا قلنا بوجوب التكسّب على المفلّس القادر على الكسب لم نقل به مطلقا، بل الواجب عليه هو الكسب المناسب له و اللائق بحاله، فلا يحكم عليه بوجوب ما لا يليق بحاله عادة، فمثل العالم الفاضل الذي يصير مفلّسا - كما هو الحال بالنسبة إلى كلّهم أو جلّهم!! - لا يحكم عليه بأن يعمل في بناء العمارات تحت يد البنّاء، بل يستعمل في تعليم العلوم و تأديب الأطفال و إلقاء الخطب و غيرها.

(4)أي و لو كان الكسب اللائق بحاله هو استيجار نفسه.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى ما يليق بحاله. يعني أنّ مضمون الرواية التي تدلّ على وجوب التكسّب على المفلّس يحمل على الكسب الذي يليق بحاله لا مطلقا.

و المراد من «الرواية» هو التي مضى ذكرها بطريق السكونيّ عن عليّ عليه السّلام في الصفحة 73.

ص: 75


1- سوره 2 - آیه 280

شروط الحجر على المديون

(و إنّما يحجر على المديون إذا قصرت أمواله (1) عن ديونه)، فلو ساوته (2) أو زادت لم يحجر عليه إجماعا و إن ظهرت عليه أمارات الفلس، لكن لو طولب بالدين فامتنع تخيّر الحاكم بين حبسه إلى أن يقضي بنفسه (3) و بين أن يقضي (4) عنه من ماله و لو ببيع ما خالف (5) الحقّ .

(و طلب (6) الغرماء الحجر)، لأنّ الحقّ لهم، فلا يتبرّع الحاكم به (7) عليهم.

**********

شرح:

شروط الحجر على المديون (1)كما إذا كانت أمواله ألفا و كانت الديون المتعلّقة بذمّته ألفين.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الأموال، و كذلك فاعل قوله «زادت». يعني فإذا كانت الديون ألفا و كانت الأموال أيضا كذلك، أو كانت الديون ألفا و كانت الأموال ألفا و خمسين لم يحكم بمنعه عن التصرّفات في أمواله.

(3)فإذا طالبه الديّان بالدين و امتنع عن الأداء حكم بحبسه إلى أن يقضي المديون ديونه بنفسه و يباشر بنفسه أداءها.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الحاكم. يعني و كذا يتخيّر الحاكم في أداء ديون المفلّس من ماله بأن يأخذ من ماله و يعطيه الغرماء.

(5)أي يجوز للحاكم أن يبيع مال المديون قضاء لدينه و لو كان ماله مخالفا للحقّ الذي هو في ذمّته، كما إذا كان الدائن يطالبه بالدراهم و هو لا يملك إلاّ الحنطة أو الثوب فللحاكم أن يبيعهما و يقضي منهما و عنه ديونه.

(6)عطف على قوله «قصرت». و هذا شرط ثان لمنع المديون عن التصرّف في أمواله.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحجر، و في قوله «عليهم» يرجع إلى الغرماء. يعني أنّ الحاكم لا يحكم بالحجر على المديون تبرّعا و من دون طلب الغرماء ذلك.

ص: 76

نعم، لو كانت الديون لمن له (1) عليه ولاية كان (2) له الحجر، أو بعضها (3) مع التماس الباقين.

و لو كانت (4) لغائب لم يكن للحاكم ولايته (5)، لأنّه (6) لا يستوفي له (7)، بل يحفظ (8) أعيان أمواله.

و لو التمس بعض الغرماء فإن كان دينهم (9)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الحاكم، و في قوله «عليه» يرجع إلى «من» الموصولة في قوله «لمن». كما إذا كانت الديون للصغير أو المجنون اللذين للحاكم عليهما ولاية بالنسب أو بالحكومة فحينئذ يجوز له حجر المديون.

(2)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو كانت الديون»، و الضمير في قوله «له» يرجع إلى الحاكم.

(3)بالرفع، عطف على قوله «الديون». يعني أو كان بعض الديون لمن يكون للحاكم عليه ولاية كالصبيّ و المجنون، فللحاكم الحجر و المنع عن تصرّف المديون بشرط أن يلتمسه الباقون من الديّان.

(4)اسم «كانت» هو الضمير العائد إلى الديون. يعني لو كانت الديون لشخص غائب لم يجز للحاكم أن يباشر حجر المديون بلا التماس الغائب، لعدم ولايته عليه.

(5)الضمير في قوله «ولايته» يرجع إلى الحجر. يعني ليس للحاكم أن يباشر حجر المديون، لعدم ولاية له على الغائب و لا التماس منه.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الحاكم.

(7)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الغائب.

(8)يعني أنّ وظيفة الحاكم إنّما هي حفظ أعيان أموال الغائب لا استيفاء الأموال له.

(9)بأن كان دين بعض الغرماء الذين يلتمسون الحجر بمقدار أموال المديون أو أزيد منها، فإذا يجوز للحاكم أن يحجر على المديون و يمنعه من التصرّفات.

ص: 77

يفي بماله و يزيد (1) جاز الحجر و عمّ (2)، و إلاّ (3) فلا على الأقوى.

(بشرط (4) حلول الدين)، فلو كان كلّه أو بعضه (5) مؤجّلا لم يحجر (6)، لعدم استحقاق المطالبة حينئذ (7).

نعم، لو كان بعضها (8) حالاّ جاز مع قصور المال عنه (9) و التماس أربابه.

ما يستثنى من بيع أموال المفلّس

(و لا تباع داره (10) و لا خادمه و لا ثياب تجمّله).

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى دين البعض.

(2)يعني و عمّ الحجر بالنسبة إلى جميع أرباب الديون، سواء التمسوه أم لا.

(3)أي و إن لم تزد ديون الملتمس للحجر على أموال المديون لم يجز حجره.

(4)هذا هو الشرط الثالث للحكم بالحجر على المديون، و هو كون الديون المستقرّة في ذمّته حالّة.

(5)الضمير في قوله «بعضه» يرجع إلى الدين.

(6)جواب شرط ، و شرط هو قوله «فلو كان». فإذا كان كلّ الدين مؤجّلا أو كان بعضه كذلك لم يجز للدائن مطالبة الحجر، فلا يجوز للحاكم حجر المديون.

(7)أي حين إذ كان كلّ الدين أو بعضه مؤجّلا.

(8)الضمير في قوله «بعضها» يرجع إلى الديون. فإذا كان دين بعض الغرماء حالاّ و لم يف مال المديون به و التمس الأرباب الحجر جاز حجره حينئذ.

(9)الضميران في قوليه «عنه» و «أربابه» يرجعان إلى البعض.

ما يستثنى من بيع أموال المفلّس (10)أي لا يحكم على المديون بأن تباع داره و خادمه و ثياب تجمّله.

ص: 78

و يعتبر في الأوّل (1) و الأخير (2) ما يليق بحاله كمّا (3) و كيفا (4)، و في الوسط (5) ذلك، لشرف (6) أو عجز (7).

و كذا (8) دابّة ركوبه، و لو احتاج إلى المتعدّد (9) استثني كالمتّحد (10).

و لو زادت (11)

**********

شرح:

(1)المراد من «الأوّل» هو الدار.

(2)المراد من «الأخير» هو ثياب التجمّل.

(3)المراد من «الكمّ » هو التعداد و المقدار.

(4)المراد من «الكيف» هو الوصف، نحو كون الثياب من جنس الحرير و كون ثمن الدار غاليا و هكذا.

(5)المراد من «الوسط » هو الخادم، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الكيف و الكمّ .

يعني يعتبر في خادم المديون الذي لا يباع لقضاء دينه الكيف و الكمّ من حيث شرف المديون أو من حيث عجزه الموجب لاحتياجه إلى الخادم.

(6)كما إذا كان المديون من الأشراف و ذوي الجاه بين الناس و احتاج أمثاله عند العرف إلى غلامين أو غلام و أمة.

(7)كما إذا كان المديون عاجزا بحيث يحتاج إلى غلامين أو أزيد، فلا يباع غلمانه قضاء لديونه.

(8)أي و كذا لاتباع الدابّة التي يركبها المديون قضاء لدينه.

(9)فلو احتاج المديون إلى الدوابّ المتعدّدة لم يحكم ببيعها قضاء لديونه.

(10)أي كما يستثنى إحدى الدوابّ المتّخذة للركوب كذلك يستثنى الدوابّ المتعدّدة إذا احتاج المديون في الركوب إليها.

(11)فاعله هو الضمير العائد إلى الثلاثة المذكورة. يعني لو كانت المذكورات أزيد ممّا

ص: 79

عن ذلك (1) في أحد الوصفين (2) وجب الاستبدال و الاقتصار (3) على ما يليق بحاله.

(و ظاهر ابن الجنيد بيعها (4)) في الدين (و استحبّ (5) للغريم تركه، و الروايات متضافرة بالأوّل (6))،

**********

شرح:

يليق بحال المديون حكم بوجوب استبداله بما يليق بحاله، و يبيع الزائد لقضاء الدين.

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما يليق بحال المديون.

(2)المراد من «الوصفين» هو الكيف و الكمّ بالنسبة إلى الأشياء المذكورة.

(3)أي و وجب الاكتفاء في المذكورات بما يليق بحال المديون، فإذا كان له ملابس ثمنها أكثر ممّا يليق بحاله من حيث الكيفيّة أو كان له حبّتان و اللائق بحاله حبّة واحدة حكم بالاستبدال باللائق.

(4)الضمير في قوله «بيعها» يرجع إلى الدار و الخادم و ثياب التجمّل. يعني أنّ ظاهر كلام ابن الجنيد رحمه اللّه هو وجوب بيع الأشياء الثلاثة المذكورة قضاء للدين.

(5)يعني قال ابن الجنيد بأنّه يستحبّ للغريم ترك بيع المذكورات لاستيفاء دينه و إن كان جائزا. و الضمير في قوله «تركه» يرجع إلى بيع المذكورات.

(6)أي الروايات المتعدّدة تدلّ على عدم جواز بيع المذكورات، ننقل اثنتين منها من كتاب الوسائل:

الاولى محمّد بن يعقوب بإسناده عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تباع الدار و لا الجارية في الدين، ذلك أنّه لا بدّ للرجل من ظلّ يسكنه و خادم يخدمه (الوسائل: ج 13 ص 94 ب 11 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 1).

الثانية: محمّد بن يعقوب بإسناده عن ابن زياد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لي

ص: 80

و عليه (1) العمل.

و كذا (2) تجري عليه نفقته يوم القسمة و نفقة (3) واجبي النفقة.

و لو مات (4) قبلها قدّم كفنه، و يقتصر منه (5) على الواجب وسطا (6)

**********

شرح:

على رجل دينا و قد أراد أن يبيع داره فيقضيني (فيعطيني - خ ل)، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اعيذك باللّه أن تخرجه من ظلّ رأسه (المصدر السابق: ح 3).

أقول: لا يخفى أنّ ما يستفاد من كلام الشارح رحمه اللّه من التوسعة المذكورة و كذا ما ذكروه من رعاية اللائق بالحال بالتفصيل المذكور لا يستفادان من الروايات الواردة في الباب نظير قوله عليه السّلام: «لا بدّ للرجل من ظلّ يسكنه»، و كذا قوله عليه السّلام:

«اعيذك باللّه أن تخرجه من ظلّ رأسه».

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الأوّل. يعني أنّ المشهور بين الفقهاء هو الحكم بعدم جواز بيع الأشياء المذكورة لاستيفاء الدين.

(2)يعني و مثل استثناء الأشياء الثلاثة المذكورة من حيث الجواز هو إعطاء المديون نفقته يوم القسمة و كذا نفقة واجبي النفقة عليه من الزوجة و الأولاد.

و المراد من قوله «تجري» هو الإعطاء، و الضميران في قوليه «عليه» و «نفقته» يرجعان إلى المديون.

(3)بالرفع، عطف على قوله «نفقته».

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى المديون، و الضمير في قوله «قبلها» يرجع إلى القسمة.

يعني لو مات المديون قبل قسمة أمواله بين الديّان قدّم كفنه على الديون.

(5)أي يقتصر من الكفن على المتوسّط الذي يليق بحاله، كما هو الحال في الأشياء المستثناة اللائقة بحال المديون من حيث الشرف و الضعة.

(6)قوله «وسطا» منصوب، لكونه حالا، و «من» في قوله «ممّا يليق» تكون بيانيّة.

ص: 81

ممّا يليق به عادة و مؤنة (1) تجهيزه.

و هذه الأحكام (2) استطردها (3) في كتاب الدين، لمناسبته (4) و إن جرت العادة باختصاص الفلس بباب (5)، و رعاية (6) لإدراج الأحكام بسبيل الاختصار.

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «كفنه». يعني قدّم أيضا مئونة تجهيز الميّت - من مقدّمات التغسيل و الدفن و غير ذلك - على الديون.

(2)المراد من قوله «هذه الأحكام» هو حكم الفلس و الحجر و استثناء ما ذكر. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر هذه الأحكام المذكورة في كتاب الدين لوجهين:

أ: مناسبتها للدين و إن خصّوا الفلس بباب مستقلّ .

ب: رعاية الاختصار و إدراج هذه الأحكام في كتاب الدين.

(3)من استطرد فلان: ساق كلامه على وجه يلزم منه كلام آخر، و هو غير مقصود بالذات، بل بالعرض (أقرب الموارد).

(4)الضمير في قوله «لمناسبته» يرجع إلى الدين. أي لمناسبة الدين للفلس و الحجر.

(5)أي خصّ الفقهاء ذكر الفلس بباب مستقلّ .

(6)بالنصب، لكونه مفعولا له. و هذا هو الوجه الثاني لاستطراد هذه الأحكام في كتاب الدين.

ص: 82

القسم الثاني: دين العبد

اشارة

(القسم الثاني (1): دين العبد)

تمهيد

خصّه (2) بناء على الغالب من تولّيه (3) ذلك دون الأمة، و لو أبدله (4) بالمملوك - كما عبّر غيره - عمّ .

**********

شرح:

دين العبد تمهيد (1)يعني أنّ القسم الثاني من القسمين المشار إليهما في قوله في أوّل كتاب الدين «و هو قسمان» هو دين العبد.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه، و الضمير المتّصل الملفوظ يرجع إلى العبد.

يعني أنّ المصنّف خصّ العبد بالذكر، و لم يعبّر عن المسألة بلفظ المملوك الشامل للأمة أيضا، للبناء على الغالب من مباشرة العبد لأخذ الدين لا الأمة.

(3)الضمير في قوله «تولّيه» يرجع إلى العبد، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الدين.

و المراد هو أنّ العبد يباشر الدين و يقدم على أخذه غالبا.

(4)أي لو كان المصنّف رحمه اللّه أبدل لفظ «العبد» بلفظ «المملوك» - كما فعله غيره - لكان عمّ الأمة أيضا.

ص: 83

اشتراط إذن المولى

(لا يجوز له (1) التصرّف فيه) أي في الدين بأن يستدين لا فيما (2) استدانه و إن كان حكمه (3) كذلك، لدخوله (4) في قوله:(و لا فيما بيده (5)) من الأموال (إلاّ بإذن السيّد)، سواء قلنا بملكه (6) أم أحلناه (7)،(فلو)

**********

شرح:

اشتراط إذن المولى (1)الضمير في قوله «له» يرجع إلى العبد، و في قوله «فيه» يرجع إلى الدين. يعني لا يجوز للعبد أن يستدين و يستقرض إلاّ بإذن مولاه.

(2)يعني ليس المراد من العبارة عدم جواز تصرّف العبد فيما استقرضه بعد الأخذ، بل المراد هو عدم جواز استقراضه إلاّ بإذن سيّده.

(3)الضمير في قوله «حكمه» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «فيما استدانه». يعني و إن كان حكم التصرّف فيما استدانه كحكم استدانته من حيث عدم الجواز إلاّ بإذن السيّد.

(4)الضمير في قوله «لدخوله» يرجع إلى ما استدانه. يعني أنّ حكم ما يستدينه العبد يظهر من قول المصنّف رحمه اللّه «و لا فيما بيده».

(5)الضمير في قوله «بيده» يرجع إلى العبد.

(6)أي لا فرق في عدم جواز تصرّف العبد فيما بيده بين أن نقول بملك العبد لما بيده و بين أن نقول باستحالة مالكيّة العبد لما في يده، فعلى كلا القولين لا يجوز تصرّفه في الأموال التي تكون بيده، لوقوع الحجر عليه عن التصرّف و إن كان مالكا، فهو يكون مثل الصبيّ و السفيه و غيرهما من الذين يحكم بكونهم محجورين عن التصرّف و إن كانوا مالكين.

(7)الضمير الملفوظ الثاني في قوله «أحلناه» يرجع إلى الملك، و هو من المحال.

المحال - بضمّ الميم -: الباطل من الكلام (أقرب الموارد).

ص: 84

(استدان (1) بإذنه) أو إجازته (فعلى المولى (2) و إن أعتقه (3)).

و قيل: يتبع (4) به مع العتق، استنادا إلى رواية (5) لا تنهض (6) حجّة فيما خالف القواعد الشرعيّة، فإنّ العبد (7) بمنزلة الوكيل،

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى العبد، و الضمير في قوله «بإذنه» يرجع إلى المولى.

يعني لو استقرض العبد بإذن مولاه استقرّ على ذمّة مولاه لا على ذمّة نفسه.

(2)أي يجب على المولى قضاء دين استدانه عبده بإذنه.

(3)أي و إن أعتق السيّد عبده الذي استقرض بإذنه.

(4)قوله «يتبع» يقرأ بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى العبد، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الدين.

حاصل المعنى هو أنّ العبد إذا اعتق طولب بالدين الذي استدانه و لو بإذن مولاه.

(5)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن طريف بيّاع الأكفان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غلام لي كنت أذنت له في الشراء و البيع، فوقع عليه مال الناس، و قد أعطيت به مالا كثيرا، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن بعته لزمك ما عليه، و إن أعتقته فالمال على الغلام، و هو مولاك (الوسائل: ج 13 ص 118 ب 31 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 2).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: أقول حمله الشيخ على أنّه أذن له في التجارة دون الاستدانة.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الرواية. يعني أنّ الرواية و إن دلّت على إتباع العبد بعد العتق بما استدانه، لكن لا تقوم حجّة على خلاف القواعد الشرعيّة.

(7)هذا بيان للقواعد الشرعيّة التي تخالفها الرواية، فإنّ العبد يكون بمنزلة الوكيل، و مقتضى هذه القاعدة الشرعيّة هو أنّ عمل الوكيل منسوب إلى موكّله، و تلزم الموكّل تبعات عمل الوكيل من العقود و الالتزامات.

ص: 85

و إنفاقه (1) على نفسه و تجارته بإذن المولى إنفاق (2) لمال المولى، فيلزمه (3)، كما لو لم يعتق.

و لو كانت الاستدانة للمولى (4) فهو عليه قولا واحدا (5).

**********

شرح:

و لا يخفى كون العبد بمنزلة الوكيل لا نفس الوكيل حقيقة، لعدم إجراء صيغة الوكالة المتعارفة.

(1)الضميران في قوليه «إنفاقه» و «نفسه» يرجعان إلى العبد. و كأنّ هذا سؤال مقدّر، و هو أنّ العبد إذا استأذن في الاستدانة و التجارة فكيف يحكم بكونه وكيلا و بعدم إلزام العبد بما يقتضي عمله الصادر عنه ؟

فأجاب عنه بقوله «و إنفاقه... إلخ». يعني أنّ العبد إذا أنفق ما استدانه على نفسه فكأنّه صرف مال المولى في ماله، مثل ما إذا استدان و صرفه في نفقة دابّة المولى.

(2)خبر لقوله «و إنفاقه».

و المراد من «مال المولى» هو نفس العبد.

(3)الضمير الملفوظ في قوله «فيلزمه» يرجع إلى المولى. يعني إذا استدان العبد و صرف الدين في نفسه فكأنّه صرف مال المولى في ماله، فيلزم على المولى عهدة ما استدانه كما يلزمه تبعات أعمال العبد قبل العتق.

و لا يخفى أنّ الخلاف المذكور إنّما هو فيما إذا استدان العبد لنفسه و صرفه في نفسه، فلو استدان للمولى و بإذنه فلا خلاف في وجوبه على عهدة المولى و لو بعد عتقه.

(4)كما إذا أذن المولى في أن يستدين العبد له لا لنفسه.

و الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى الدين، و في قوله «عليه» يرجع إلى المولى.

(5)أي بلا خلاف واقع بين الفقهاء.

ص: 86

الاقتصار على محلّ الإذن

(و يقتصر (1)) المملوك (في التجارة على محلّ الإذن)، فإن عيّن (2) له نوعا (3) أو مكانا (4) أو زمانا (5) تعيّن، و إن أطلق (6) تخيّر.

(و ليس له الاستدانة بالإذن (7) في التجارة)، لعدم دلالتها (8) عليها إلاّ أن تكون (9) لضرورتها كنقل المتاع (10) و حفظه

**********

شرح:

الاقتصار على محلّ الإذن (1)أي يجب على المملوك أن يقتصر التجارة على المحلّ الذي أذن فيه المولى.

(2)ضمير الفاعل في قوله «عيّن» يرجع إلى المولى، و الضمير في قوله «له» يرجع إلى المملوك.

(3)كما إذا عيّن له بيع الثياب أو الأطعمة.

(4)كما إذا عيّن له التجارة في بلدة قم.

(5)كما إذا عيّن له إيقاع التجارة في يوم الجمعة.

(6)يعني إذا لم يعيّن المولى نوع تجارة العبد أو مكانها أو زمانها تخيّر المملوك فيها.

(7)الباء تكون للسببيّة، و الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «الاستدانة». يعني لا يجوز للعبد أن يستدين بالاستناد إلى الإذن الذي صدر عن المولى للتجارة، لأنّ الإذن في التجارة لا يدلّ على الإذن في الاستدانة.

(8)الضمير في قوله «دلالتها» يرجع إلى التجارة، و في قوله «عليها» يرجع إلى الاستدانة.

(9)أي إلاّ أن تكون الاستدانة لضرورة التجارة. يعني أنّ العبد إذا اضطرّ على الاستدانة للتجارة جاز له ذلك، استنادا إلى الإذن له في التجارة.

(10)كما إذا اضطرّ العبد على نقل المتاع الحاصل من التجارة و لم يكن له مال يصرفه فيه، فإذا يجوز له الاستدانة للصرف في النقل.

و الضمير في قوله «حفظه» يرجع إلى المتاع، و هذا هو المثال الثاني للضرورة.

ص: 87

مع الاحتياج إليه (1).

حكم تعدّي العبد للمأذون فيه

(فيلزم (2) ذمّته) لو تعدّى المأذون نطقا أو شرعا (لو تلف يتبع به بعد عتقه (3)) و يساره (على الأقوى (4))، و إلاّ (5) ضاع.

و لو كانت عينه (6) باقية رجع إلى مالكه، لفساد العقد (7).

(و قيل: يسعى فيه (8)) العبد معجّلا (9)، استنادا (10) إلى إطلاق رواية

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى كلّ واحد من النقل و الحفظ .

حكم تعدّي العبد للمأذون فيه (2)فاعله هو الضمير العائد إلى الدين المعلوم من قوله «ليس له الاستدانة... إلخ»، و هذا متفرّع عليه. يعني إذا لم يجز للملوك الاستدانة بالإذن له في التجارة و هو مع ذلك خالف و استدان فلو بقيت عين الدين رجعت إلى صاحبها و لو تلفت بقيت على ذمّة العبد، و اتبع به بعد العتق و اليسار.

(3)الضميران في قوليه «عتقه» و «يساره» يرجعان إلى العبد.

(4)و هذا القول يكون في قبال القول الذي سيشير إليه بقوله «و قيل».

(5)أي و إن لم يعتق أو لم يوسر ذهب من كيس الدائن أو المولى، كما أفاده السيّد كلانتر في تعليقته.

(6)الضمير في قوله «عينه» يرجع إلى الدين.

(7)أي لفساد عقد القرض، لأنّ العبد لا يجوز له الإقدام على عقد القرض بدون إذن سيّده.

(8)يعني قيل بأنّ العبد يجب عليه أن يسعى في إيفاء ما استدانه و تلف.

(9)أي قبل العتق.

(10)يعني أنّ القائل المذكور استند فيما ذهب إليه إلى إطلاق رواية عن أبي بصير. و

ص: 88

أبي بصير، و حملت (1) على الاستدانة للتجارة، لأنّ الكسب (2) للمولى، فإذا لم يلزمه (3) فعله لا يدفع من ماله (4).

و الأقوى أنّ استدانته (5) لضرورة التجارة

**********

شرح:

الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي بصير - يعني المراديّ - عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:

قلت له: الرجل يأذن لمملوكه في التجارة فيصير عليه دين، قال: إن كان أذن له أن يستدين فالدين على مولاه، و إن لم يكن أذن له أن يستدين فلا شيء على المولى، و يستسعى العبد في الدين (الوسائل: ج 13 ص 118 ب 31 من أبواب الدين و القرض من كتاب التجارة ح 1).

و لا يخفى أنّ الرواية مطلقة بالنسبة إلى ما إذا لم يأذن المولى في استدانة عبده بلا فرق بين إذنه في التجارة و عدمه، فإذا استدان العبد و تلف وجب عليه السعي في أداء ما استدانه.

(1)أي لم يعمل بإطلاق الرواية الماضي ذكرها، بل حملت على الاستدانة للتجارة لا الاستدانة لنفسه.

(2)تعليل لحمل الرواية على الاستدانة لضروريّات التجارة بأنّ كسب العبد و سعيه يكونان للمولى، فإن لم يضطرّ العبد على الاستدانة للتجارة فكيف يحكم على المولى بوجوب أداء الدين من ماله و الحال أنّ سعي العبد مال للمولى ؟!

(3)الضمير الملفوظ في قوله «لم يلزمه» يرجع إلى المولى، و في قوله «فعله» يرجع إلى العبد. يعني إذا لم يلزم المولى فعل العبد - و هو الاستقراض لنقل المتاع أو لحفظه - لم يجب دفعه من مال المولى.

(4)الضمير في قوله «ماله» يرجع إلى المولى. و المراد من مال المولى هو سعي العبد في قضاء الدين.

(5)الضمير في قوله «استدانته» يرجع إلى العبد. يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو

ص: 89

إنّما يلزم ممّا في يده (1)، فإن قصر استسعى (2) في الباقي، و لا يلزم المولى (3) من غير ما في يده، و عليه (4) تحمل الرواية.

تخيّر المقرض للعبد غير المأذون له

(و لو أخذ المولى (5) ما اقترضه المملوك) بغير إذنه أو ما (6) في حكمه (تخيّر المقرض بين رجوعه على المولى)، لترتّب يده (7) على ماله

**********

شرح:

أنّ العبد لو استدان لضرورة التجارة مثل نقل المتاع أو حفظه وجب أداء الدين من المال الذي في يد العبد للتجارة، فلو قصر عن قدر الدين وجب عليه السعي في الباقي.

(1)الضمير في قوله «يده» يرجع إلى العبد.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى العبد.

(3)أي لا يجب على المولى أن يدفع ما استقرضه العبد لضرورة التجارة من غير المال الذي هو في يد العبد.

(4)أي و على ما استقرضه العبد لضرورة التجارة يحمل إطلاق الرواية.

تخيّر المقرض للعبد غير المأذون له (5)أي إذا استقرض العبد بدون إذن المولى، ثمّ أخذه المولى من يد العبد فإذا يتخيّر صاحب الدين بين أن يرجع إلى المولى و بين أن يتبع العبد بعد عتقه و يساره.

(6)أي بغير ما هو في حكم الإذن.

و المراد ممّا هو في حكم الإذن هو الإذن الشرعيّ كالاستقراض لنقل المتاع و حفظه إذا احتاج إليهما.

(7)الضمير في قوله «يده» يرجع إلى المولى. يعني أنّ المولى وضع يده على مال المقرض بعد يد عبده، و حصل الترتّب الذي حكمه تخيّر صاحب المال في الرجوع إلى أيّ يد من الأيادي المترتّبة على ماله شاءها.

ص: 90

مع فساد القرض (1)،(و بين إتباع العبد) بعد العتق و اليسار، لأنّه (2) كالغاصب أيضا.

ثمّ إن رجع (3) على المولى قبل أن يعتق المملوك لم يرجع المولى عليه، لأنّه (4) لا يثبت له في ذمّة عبده مال.

و إن كان (5) بعده (6) و كان عند أخذه (7) للمال عالما (8) بأنّه قرض

**********

شرح:

(1)لأنّ قرض العبد كان باطلا، لعدم إذن المولى له فيه.

(2)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى العبد. يعني أنّ العبد في المقام يكون في حكم الغاصب و إن لم يكن كذلك حقيقة.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى المقرض. يعني إن رجع صاحب القرض على المولى قبل عتق المملوك لم يرجع المولى عليه و إن كان العبد قد غرّه، لعدم ثبوت مال له في ذمّة عبده.

(4)الضمائر الثلاثة في أقواله «لأنّه» و «له» و «عبده» ترجع إلى المولى. يعني أنّ المولى لا يثبت له في ذمّة عبده مال.

(5)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الرجوع. يعني إن كان رجوع المقرض على المولى بعد عتق عبده و كان المولى حين إذ قبض القرض من يد عبده عالما بأنّه قرض لم يجز له الرجوع على العبد بعد عتقه، لأنّ المولى قد فرّط فيما أخذه من مال الغير.

(6)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى العتق.

(7)الضمير المستتر المرفوع في قوله «أخذه» يرجع إلى المولى، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الدين.

(8)خبر «كان»، و الجارّ و المجرور في قوله «بأنّه» يتعلّقان بقوله «عالما»، و الضمير فيه يرجع إلى المال.

ص: 91

فلا رجوع له (1) على المملوك أيضا، لتفريطه (2)، و إن كان (3) قد غرّه بأنّ المال له اتّجه رجوعه (4) عليه، لمكان (5) الغرور.

و إن رجع المقرض (6) على العبد بعد عتقه و يساره فله (7) الرجوع على المولى، لاستقرار (8) التلف في يده (9) إلاّ (10) أن يكون قد غرّ المولى، فلا رجوع له (11) عليه.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المولى.

(2)أي لتقصير المولى في أخذ المال من يد العبد مع علمه بأنّ المال مأخوذ بالقرض الفاسد و كان لا يجوز له أخذ مال الغير من يد العبد المتعدّي.

(3)عطف على قوله «كان عند أخذه». أي و إن كان العبد قد غرّ مولاه و قال بأنّ المال له فأخذه بقصد أنّ المال لنفسه اتّجه إذا أن يقال بجواز رجوع المولى على العبد بعد العتق.

(4)الضمير في قوله «رجوعه» يرجع إلى المولى، و في قوله «عليه» يرجع إلى العبد.

(5)أي لتحقّق الغرور الذي يوجب أن يرجع المولى إلى العبد، لأنّ المغرور يرجع إلى من غرّه.

(6)أي في صورة ما إذا علم المولى بكون المال الواقع في يد العبد من الاستدانة فأخذه.

(7)الضمير في قوله «فله» يرجع إلى العبد الذي عتق.

(8)أي لأنّ التلف وقع في يد المولى العالم.

(9)الضمير في قوله «يده» يرجع إلى المولى.

(10)أي لا يجوز رجوع العبد على المولى إذا كان قد غرّ المولى بأن أظهر له أنّ المال الذي استدانه هو للمولى، فأخذه المولى و تلف في يده.

(11)الضمير في قوله «له» يرجع إلى العبد، و في قوله «عليه» يرجع إلى المولى.

ص: 92

ص: 93

ص: 94

كتاب الرهن

اشارة

كتاب (1) الرهن

تعريف الرهن

(و هو (2) وثيقة (3) للدين)، و الوثيقة فعيلة بمعنى المفعول أي موثوق

**********

شرح:

الرهن تعريف الرهن (1)خبر لمبتدإ مقدّر هو هذا.

الرهن: ما وضع وثيقة للدين، و قيل: الرهن لغة الحبس مطلقا، و كثيرا ما يطلق على الشيء المرهون تسمية للمفعول باسم المصدر كالخلق بمعنى المخلوق (أقرب الموارد).

من حواشي الكتاب: الرهن في اللغة الثبوت و الدوام، يقال: رهن الشيء إذا ثبت و دام، و منه نعمة راهنة، و يطلق على الحبس بأيّ سبب كان، قال اللّه تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (1) أي محبوسة بما كسبت من خير و شرّ، و أخذ الرهن الشرعيّ من هذا المعنى أنسب إن افتقر إلى المناسبة من حيث إنّ الرهن يقتضي حبس العين عن مالكها (شرح الشرائع).

الراهن: الذي أرهن ماله.

المرتهن: آخذ الرهن.

المرتهن: كلّ ما احتبس به شيء.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الرهن.

(3)الوثيقة: مؤنّث الوثيق، و - ما يعتمد به (أقرب الموارد).

ص: 95


1- سوره 74 - آیه 38

به (1) لأجل الدين.

و التاء فيها (2) لنقل اللفظ من الوصفيّة (3) إلى الاسميّة كتاء الحقيقيّة (4) لا للتأنيث، فلا يرد عدم المطابقة بين المبتدأ (5) و الخبر (6) في التذكير (7) و

**********

شرح:

(1)الباء تكون للتعدية. يعني أنّ الرهن هو الموثوق به لأجل الدين، فإذا استدان زيد من عمرو ألف دينار و جعل داره رهنا في قبال ما استدانه كانت الدار وثيقة لأجل الدين و سمّيت رهنا.

(2)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى كلمة «الوثيقة».

(3)إذ أصلها «وثيق» وزان فعيل، و هو وصف، فنقل منه و صار اسما للمال الذي يجعل وثيقة للدين، فدخلته تاء يعبّر عنها ب «التاء الناقلة».

(4)أي كما أنّ التاء في لفظة «الحقيقة» ناقلة، لدلالتها على النقل من معنى الوصفيّة إلى معنى الاسميّة، فإنّ كلمة «حقيق» صفة مشبّهة بمعنى الجدير و الخليق، لكن بعد إلحاق التاء به يصير اسما للشيء الثابت.

الحقيق: الخليق و الجدير (أقرب الموارد).

(5)و المبتدأ هو قوله «هو».

(6)و الخبر هو قوله «وثيقة».

(7)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «عدم المطابقة».

إيضاح: قد يورد في بادي الرأي إشكال على عبارة المصنّف رحمه اللّه، فأجاب عنه الشارح رحمه اللّه.

أمّا الإيراد فهو عدم تطابق المبتدأ و الخبر في التذكير و التأنيث، فإنّ المبتدأ - هو - مذكّر، و الخبر - وثيقة - مؤنّث، و هذا مخالف للقواعد الأدبيّة.

و الجواب هو أنّ التاء في كلمة «الوثيقة» ليست للتأنيث، بل هي تاء ناقلة من معنى الوصفيّة إلى معنى الاسميّة، كما تقدّم.

ص: 96

التأنيث.

و أتى (1) بالدين معرّفا من غير نسبة له إلى المرتهن، حذرا من الدور (2) باعتبار أخذه (3) في التعريف (4)، و في بعض النسخ (5) «لدين المرتهن».

و يمكن تخلّصه (6) منه

**********

شرح:

قال في الرياض: مع أنّ الضمير الواقع مبتدأ لخبر مؤنّث إذا كان مرجعه مذكّرا يجوز فيه الأمران، نظرا إلى الاعتبارين.

أقول: المراد من «الاعتبارين» هو:

أ: رعاية مطابقة المبتدأ للخبر المؤنّث و إتيانه مؤنّثا.

ب: رعاية مطابقته لمرجعه المذكّر و إتيانه مذكّرا، و هنا لوحظ مطابقته للمرجع، فلا إشكال.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف أتى بالدين في عبارته معرّفا بالألف و اللام حيث قال «وثيقة للدين» بلا نسبة للدين إلى المرتهن، فلم يقل «إنّ الرهن وثيقة لدين المرتهن»، كما فعله بعض للحذر من لزوم الدور.

(2)توضيح الدور هو أنّ معرفة المرتهن يتوقّف على معرفة الرهن و الحال أنّ معرفة الرهن يتوقّف على معرفة المرتهن، فيتوقّف الشيء على نفسه، و هذا دور صريح.

(3)الضمير في قوله «أخذه» يرجع إلى المرتهن.

(4)المراد من «التعريف» هو قوله «وثيقة لدين المرتهن».

(5)يعني أنّ التعبير في بعض نسخ كتاب اللمعة الدمشقيّة «لدين المرتهن».

(6)الضمير في قوله «تخلّصه» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه أو إلى التعريف المذكور، و في قوله «منه» يرجع إلى الدور.

إيضاح في حلّ الدور المذكور: اعلم أنّ لفظ «المرتهن» فيه لحاظان :

ص: 97

بكشفه (1) بصاحب الدين (2)، أو من له الوثيقة (3) من غير أن يؤخذ الرهن في تعريفه (4).

و التخصيص (5) بالدين إمّا

**********

شرح:

أ: لحاظ الوصفيّة.

ب: لحاظ الكاشفيّة عن صاحب الدين أو من له الوثيقة.

فلو اريد من لفظ «المرتهن» حالة الوصفيّة بمعنى الذي فيه صفة المرتهنيّة لزم إذا الدور المبحوث عنه، لأنّ معرفة هذه يتوقّف على معرفة الرهن، فما لم يعرف الرهن لم تعرف هذه الصفة.

أمّا لو اريد من لفظ «المرتهن» حالة الكاشفيّة عن صاحب الدين أو من له الوثيقة لم يلزمه الدور المذكور، لعدم عناية فيه بخصوص الوصفيّة المذكورة المتوقّفة على معرفة الرهن، و هو واضح.

(1)الضمير في قوله «بكشفه» يرجع إلى لفظ «المرتهن»، و الباء فيه بمعنى «عن». يعني أنّ لفظ «المرتهن» يكون كاشفا عن صاحب الدين.

(2)باعتبار أنّ المرتهن هو صاحب الدين، لأنّ الوثيقة تكون في مقابل الدين الذي يأخذه صاحب الوثيقة من صاحب الدين.

(3)باعتبار أنّ المرتهن هو الذي له الوثيقة.

(4)الضمير في قوله «تعريفه» يرجع إلى المرتهن. يعني أنّ أخذ المرتهن في التعريف إنّما هو لكونه كاشفا عن صاحب الدين لا من حيث وجود معنى الرهن فيه حتّى يلزم الدور.

حاصل معنى العبارة هو أخذ المرتهن في التعريف من غير أن يتوقّف معرفته على معرفة الرهن.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه خصّص الرهن في تعريفه بوثيقة في مقابل الدين، فلا يشمل الرهن الذي يجعل في مقابل العين و إن كان مورد ضمان مثل المال المغصوب.

ص: 98

مبنيّ (1) على عدم جواز الرهن على غيره (2) و إن كان (3) مضمونا كالغصب.

لكن فيه (4) أنّ المصنّف قائل بجواز الرهن عليه (5) و على (6) ما يمكن تطرّق ضمانه (7) كالمبيع (8) و ثمنه (9)، لاحتمال فساد البيع

**********

شرح:

وجه التخصيص أمران:

أ: عدم جواز الرهن على غير الدين، و المراد من الدين هو ما يتعلّق بالذمّة.

ب: إنّ أخذ الرهن في مقابل الثمن أو المثمن في البيع إنّما هو لاستيفاء الدين على تقدير ظهور العين مستحقّة للغير أو متعذّرة.

(1)هذا هو الأمر الأوّل من الأمرين المذكورين لوجه تخصيص التعريف بالدين.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الدين.

(3)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الغير. يعني لا يجوز أخذ الرهن على العين و إن كانت مغصوبة.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى المبنى المذكور. يعني أنّ تخصيص المصنّف رحمه اللّه الرهن بالدين لا يصحّ بالنظر إلى مبناه، لأنّه قائل بجواز الرهن على العين أيضا و على كلّ ما يمكن ضمانه و إن كان عينا.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى غير الدين.

(6)عطف على قوله «عليه».

و المراد من التطرّق هو العروض.

(7)الضمير في قوله «ضمانه» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «على ما يمكن».

(8)كما إذا أخذ المشتري وثيقة من البائع فيما إذا ظهر المبيع مستحقّا للغير حتّى يستوفى حقّه منها.

(9)كما إذا كان الثمن عينا مثل أن يشتري الثوب بثمن هو شاة و يأخذ البائع وثيقة للثمن مخافة أن يتبيّن مستحقّا للغير فيستوفى حقّه من الوثيقة.

ص: 99

باستحقاقهما (1) و نقصان (2) قدرهما.

أو (3) على أنّ الرهن عليهما (4) إنّما هو لاستيفاء الدين (5) على تقدير ظهور الخلل (6) بالاستحقاق (7) أو تعذّر (8) العين.

و فيه (9) تكلّف، مع أنّه (10) قد يبقى بحاله،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «باستحقاقهما» يرجع إلى المبيع و ثمنه.

(2)أي و لاحتمال فساد البيع بنقصان قدر المبيع و الثمن.

(3)عطف على قوله «على عدم جواز الرهن»، و هذا هو الأمر الثاني من الأمرين المذكورين في الهامش 5 من ص 98 السابقة لوجه تخصيص المصنّف رحمه اللّه الرهن بالدين، بمعنى أنّ أخذ الرهن على المبيع و الثمن ليس من قبيل أخذ الرهن على العين، بل هو أيضا أخذ رهن على الدين الذي هو في ذمّة البائع أو المشتري.

(4)الضمير في قوله «عليهما» يرجع إلى المبيع و الثمن.

(5)المراد من «الدين» هو الذي في ذمّة البائع بالنسبة إلى الثمن الذي أخذه من المشتري، أو هو الذي في ذمّة المشتري بالنسبة إلى المثمن الذي أخذه من البائع.

(6)أي خلل في صحّة العقد الجاري بين المتبايعين.

(7)الباء تكون للسببيّة. يعني أنّ الخلل في صحّة العقد قد تتحقّق بسبب استحقاق العين للغير بأن ظهر المبيع أو الثمن مال الغير.

(8)و هذا هو الثاني من سببي الخلل الموجب لفساد العقد، و هو أن يتعذّر على البائع تسليم المبيع أو يتعذّر على المشتري تسليم الثمن.

(9)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى المبنى الثاني. يعني أنّ بناء تخصيص المصنّف رحمه اللّه للتعريف على كون أخذ الرهن على المبيع أو الثمن رهنا لاستيفاء الدين تكلّف، لعدم تسمية تعذّر العين أو ظهور استحقاقها للغير دينا.

(10)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى كلّ واحد من المبيع و الثمن، كما هو الحال في

ص: 100

فلا يكون (1) دينا.

و فيه (2) على تقدير عدم الإضافة إلى المرتهن إمكان (3) الوثيقة بدون الرهن، بل بالوديعة (4) و العارية

**********

شرح:

الضمير المستتر في قوليه «يبقى» و «بحاله».

و الحاصل أنّ ما يرد على المبنى الثاني علاوة على ارتكاب التكلّف هو أنّه يمكن بقاء الثمن و المثمن بحالهما مع صحّة العقد، فإذا يكون أخذ الرهن على عين الثمن و المثمن بلا وجه، فلا يصحّ المبنى المذكور.

(1)أي فلا يحصل دين حتّى يقع الرهن في مقابله.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى تعريف المصنّف رحمه اللّه في قوله «و هو وثيقة للدين».

(3)يعني و كذا يرد على تعريف المصنّف وجود الوثيقة في بعض الموارد بدون تحقّق رهن.

(4)بأن تكون أخذ الوثيقة بعنوان الوديعة و العارية أو غيرهما لا بعنوان الرهن.

إيضاح: قد أورد الشارح رحمه اللّه على تعريف المصنّف رحمه اللّه «و هو وثيقة للدين» و إن لم يقل «وثيقة لدين المرتهن» إشكالا آخر، و هو عدم كون التعريف مانعا من الأغيار، و من اللازم كون التعريف جامعا للأفراد و مانعا من الأغيار، فإنّ الوثيقة للدين تشمل الموارد التي لا يصدق فيها الرهن:

الأوّل ما إذا جعل المديون وديعة عند الدائن بعنوان الوثيقة في مقابل دينه، بمعنى أنّه إذا اتّفق إنكار المديون جاز للدائن استيفاء دينه من الوديعة بعنوان التقاصّ ، فيصدق عليه التعريف و الحال أنّ الوديعة غير الرهن.

الثاني ما إذا أخذ الدائن من المديون مالا بعنوان العارية، فيستوفي منها دينه عند الإنكار، فهذه الوثيقة و إن كانت عارية، لكن يشملها التعريف.

الثالث ما إذا أخذ الدائن من المديون مالا بأيّ عنوان كان و لو بالإجارة أو البيع

ص: 101

و مطلق وضع اليد (1)، فيؤخذ مقاصّة عند جحود المديون الدين (2)، و هو (3) توثيق في الجملة.

إيجاب الرهن

و يفتقر الرهن (4) إلى إيجاب و قبول كغيره من العقود.

(و الإيجاب رهنتك (5) أو وثّقتك) بالتضعيف (6) أو أرهنتك بالهمزة (7) (أو هذا (8) رهن عندك أو على مالك (9)) أو وثيقة (10) عندك أو

**********

شرح:

نسيئة أو وضع يده على مال المديون ليستوفي منه دينه عند إنكار المديون، ففي ذلك الفرض أيضا تصدق الوثيقة إجمالا، لكن لا يصدق عليها الرهن.

(1)بأن يضع الدائن يده على مال من المديون و يتسلّط عليه.

(2)يعني فيأخذ الدائن دينه من المال الذي في يده و يتعلّق بالمديون بعنوان التقاصّ .

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى كلّ واحد ممّا ذكر. يعني أنّ الموارد المذكورة يصدق عليها الوثيقة إجمالا بدون أن يصدق عليه الرهن.

(4)من هنا أخذ المصنّف رحمه اللّه في بيان أحكام الرهن، و من جملتها احتياج الرهن إلى الإيجاب و القبول مثل سائر العقود.

إيجاب الرهن (5)من رهنه الشيء، و - عنده الشيء رهنا: جعله رهنا، فهو راهن و الشيء مرهون (أقرب الموارد).

(6)أي بتشديد الثاء من باب التفعيل في قوله «وثّقتك».

(7)أي من باب الإفعال، و مجرّده رهن.

(8)المشار إليه في قوله «هذا» هو المال الموثوق به، و هذه جملة اسميّة يجري بها العقد.

(9)يعني أنّ هذه الوثيقة رهن على مالك.

(10)يعني أنّ هذا المال وثيقة عندك.

ص: 102

خذه (1) على مالك أو بمالك (2) أو أمسكه (3) حتّى أعطيك مالك بقصد الرهن (4)(و شبهه (5)) ممّا أدّى هذا المعنى.

و إنّما لم ينحصر هذا العقد (6) في لفظ كالعقود اللازمة (7)، و لا في الماضي (8)، لأنّه جائز من طرف المرتهن (9) الذي هو المقصود الذاتيّ منه (10)، فغلب فيه (11) جانب الجائز

**********

شرح:

(1)فعل أمر من أخذ يأخذ.

(2)أي خذ هذا المال في مقابل مالك، و الباء تكون للمقابلة.

(3)بأن يقول المديون للدائن: أمسك هذه الوثيقة حتّى اعطيك ما لك عندي.

(4)هذا القيد الأخير إنّما هو للاحتراز عن قصد الوديعة، لأنّه لو أراد بإعطاء المال الوديعة أو غيرها لم يكن رهنا.

(5)أي و شبه ما ذكر من ألفاظ الإيجاب كقوله: خذ هذا و استوف منه دينك عند الحاجة.

(6)يعني أنّ صيغة إيجاب الرهن لا تنحصر في ألفاظ خاصّة من حيث المادّة و الهيئة و الحال أنّ صيغة بعض العقود تنحصر فيها، لعدم كون عقد الرهن لازما من جانب المرتهن، و من المعلوم أنّ العقد الجائز يجوز إتيانه بأيّ لفظ يفيد المعنى المطلوب.

(7)أي بخلاف العقود اللازمة مثل النكاح، فإنّ الإيجاب في النكاح لا يجوز إلاّ بلفظ أنكحت و زوّجت و متّعت و مثل البيع، فإنّ الإيجاب فيه ينحصر في بعت و ملّكت، بخلاف العقود الجائزة مثل الوكالة، فإنّ إيجاب عقدها يجوز بأيّ لفظ دالّ على معناها.

(8)و قد اشترطوا الماضويّة في صيغة العقد اللازم.

(9)و إن كان لازما من جانب الراهن، لأنّه لا يجوز له فسخه بعد عقده، بخلاف المرتهن.

(10)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الرهن. يعني أنّ المقصود بالأصالة من الرهن هو المرتهن.

(11)أي في عقد الرهن.

ص: 103

مطلقا (1)، و جوّزه (2) المصنّف في الدروس بغير العربيّة وفاقا للتذكرة.

(و تكفي (3) الإشارة في الأخرس) و إن كان عارضا (4)،(أو الكتابة معها) أي مع الإشارة بما يدلّ على قصده (5) لا بمجرّد الكتابة، لإمكان العبث (6) أو إرادة أمر آخر (7).

قبول الرهن

(فيقول المرتهن: قبلت و شبهه (8)) من الألفاظ الدالّة على الرضا بالإيجاب.

**********

شرح:

(1)أي و إن كان لازما من طرف الراهن.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «جوّزه» يرجع إلى الإيجاب.

إيجاب الأخرس (3)أي تكفي في العقد إشارة الأخرس، و لا يجب عليه التوكيل في إجرائه، سواء فيه عقد الرهن و غيره.

(4)بأن عرض له الخرس و لم يكن من بدء تولّده أخرس.

(5)الضمير في قوله «قصده» يرجع إلى الرهن إن كان من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله، و يرجع إلى الأخرس إن كان من قبيل إضافته إلى فاعله. يعني و تكفي كتابة الأخرس أيضا بشرط ضمّ الإشارة الدالّة على القصد.

(6)أي يمكن كون الكتابة للعبث لا للدلالة على قصد الرهن.

(7)كما يمكن أن يريد الأخرس من الكتابة التدريب على الخطّ .

قبول الرهن (8)مثل رضيت و أمضيت.

ص: 104

و في اعتبار المضيّ (1) و المطابقة بين الإيجاب و القبول وجهان، و أولى بالجواز (2) هنا، لوقوعه (3) ممّن هو (4) ليس بلازم من طرفه.

اشتراط دوام الرهن

(و يشترط دوام الرهن (5)) بمعنى عدم توقيته (6) بمدّة.

و يجوز تعليق الإذن في التصرّف (7) على انقضاء أجل (8)

**********

شرح:

(1)يعني و في اعتبار الماضويّة في صيغة القبول و كذا في مطابقته للإيجاب وجهان.

(2)المراد من قوله «الجواز» هو جواز عدم ماضويّة القبول، و المشار إليه في قوله «هنا» هو القبول.

(3)الضمير في قوله «لوقوعه» يرجع إلى القبول.

(4)ضمير «هو» يرجع إلى الرهن.

و المراد من «من» الموصولة هو المرتهن. يعني أنّ القبول في صيغة الرهن يقع من المرتهن و الحال أنّ الرهن ليس بلازم من جانبه، كما تقدّم. فيكون عدم ماضويّة القبول و كذا عدم مطابقته للإيجاب أولى بالجواز.

اشتراط دوام الرهن (5)بأن لا يجعل الرهن موقّتا.

(6)الضمير في قوله «توقيته» يرجع إلى الرهن.

(7)المراد من «التصرّف» هو إثبات المرتهن يده على الرهن و منعه من تصرّف الراهن لا تصرّفه كيف شاء، لأنّ المرتهن لا يجوز له التصرّف في الرهن، بل هو وثيقة عنده.

من حواشي الكتاب: أي تصرّف المرتهن بكونه صاحب يد و مانعا من تصرّف الراهن بدونه و نحو ذلك (الحديقة).

(8)بأن يعلّق الراهن أخذ المرتهن الوثيقة على مضيّ شهر أو شهرين بعد إجراء العقد و

ص: 105

و إطلاقه (1)، فيتسلّط عليه من حين القبول و القبض إن اعتبرناه (2)،(فإن ذكر أجلا) للتصرّف (اشترط ضبطه (3)) بما لا يحتمل الزيادة و النقصان، أمّا لو شرطه (4) للرهن بطل العقد (5).

اشتراط الوكالة و الوصيّة

(و يجوز اشتراط الوكالة (6)) في حفظ الرهن و بيعه (7) و صرفه في

**********

شرح:

يمنع من أخذه بعد العقد بلا فصل.

من حواشي الكتاب: فلا يتسلّط المرتهن على الرهن ما لم ينقض الأجل و لو حصل القبض و القبول.

و المراد من تصرّف المرتهن و تسلّطه جواز منعه للراهن عن الانتفاع بالرهن و استعماله و نحو ذلك، و لو أطلق فيتسلّط المرتهن من حين القبول و القبض (الحديقة).

(1)بالرفع، عطف على قوله «تعليق الإذن». يعني و يجوز إطلاق الإذن في الرهن أيضا. و الضمير في قوله «إطلاقه» يرجع إلى الإذن.

(2)الضمير الملفوظ الثاني في قوله «اعتبرناه» يرجع إلى القبض. أي إن اعتبرنا القبض في تحقّق الرهن.

(3)أي اشترط في الأجل المشروط للتصرّف و أخذ الرهن أن يضبط بحيث لا يقبل الزيادة و لا النقصان.

(4)الضمير الملفوظ في قوله «شرطه» يرجع إلى الأجل.

(5)لاشتراط التنجّز في العقد، و ذكر الأجل كذلك ينافيه.

اشتراط الوكالة و الوصيّة (6)أي يجوز للراهن أن يشترط الوكالة للمرتهن و غيره في حفظ الوثيقة و بيعها و صرفها في إيفاء الدين.

(7)الضميران في قوليه «بيعه» و «صرفه» يرجعان إلى الرهن.

ص: 106

الدين (للمرتهن و غيره، و الوصيّة (1) له و لوارثه) على تقدير موت الراهن قبله (2).

تماميّة الرهن بالقبض

(و إنّما يتمّ ) الرهن (بالقبض (3) على الأقوى)، للآية (4) و الرواية (5).

و معنى عدم تماميّته (6) بدونه كونه جزء السبب،

**********

شرح:

(1)بالرفع، عطف على قوله «الوكالة»، و الضميران في قوليه «له» و «لوارثه» يرجع إلى المرتهن. يعني يجوز للراهن أن يوصي لشخص المرتهن أو لوارثه بالرهن بأن يقول: إنّ الدار التي هي رهن لدين زيد المرتهن فهي له بعد قوتي أو لوارثه.

(2)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى كلّ واحد من المرتهن و وارثه.

تماميّة الرهن بالقبض (3)أي بقبض المرتهن، فما لم يقبضه لم يتمّ الرهن، كما أنّ القبض في المجلس شرط في بيع النقدين.

من حواشي الكتاب: و هل القبض شرط الرهن، بمعنى أنّه جزء السبب كالقبض في الهبة و التراضي في التجارة و العدالة في الشهادة ؟ قيل: نعم، استدلالا بقوله تعالى... إلخ (الحديقة).

(4)و هي الآية 283 من سورة البقرة: وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ (1) ، فإنّها تدلّ على اشتراط القبض في الرهن.

(5)و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن صفوان عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا رهن إلاّ مقبوضا (الوسائل: ج 13 ص 123 ب 3 من أبواب كتاب الرهن ح 1).

(6)الضمير في قوله «تماميّته» يرجع إلى الرهن، و الضميران في قوليه «بدونه» و

ص: 107


1- سوره 2 - آیه 283

للزومه (1) من قبل الراهن كالقبض في الهبة بالنسبة إلى المتّهب (2).

و قيل: يتمّ بدونه (3)، للأصل، و ضعف سند الحديث (4)، و مفهوم الوصف (5) في الآية، و اشتراطه (6) بالسفر فيها (7) و عدم الكاتب يرشد إلى كونه (8) للإرشاد (9).

و يؤيّده (10)

**********

شرح:

«كونه» يرجعان إلى القبض.

(1)فإنّ الرهن لازم من جانب الراهن، كما تقدّم، و معنى عدم تماميّة الرهن بدون القبض هو كون القبض جزء السبب، و الجزء الآخر هو عقد الرهن.

(2)المراد من «المتّهب» هو آخذ الهبة. و المتّهب اسم فاعل من باب الافتعال، أصله الموتهب وزان مكتسب قلبت الواو تاء و ادغمت في التاء الاخرى فصار متّهبا.

(3)يعني قال بعض بتماميّة الرهن بدون القبض و أنّه يتمّ بالعقد خاصّة، لأصالة عدم اشتراط القبض فيه.

(4)وجه ضعف سندها هو وجود محمّد بن سماعة في سندها، فإنّه واقفيّ .

(5)أي و لضعف مفهوم الوصف في الآية حيث قال تعالى: فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ (1) ، فإنّ هذا الوصف يدلّ مفهوما على عدم الرهان إذا لم تكن مقبوضة، و قد عدّوا مفهوم الوصف من ضعاف المفاهيم، كما أنّ مفهوم اللقب أيضا يعدّ ضعيفا.

(6)الضمير في قوله «اشتراطه» يرجع إلى القبض.

(7)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى الآية.

(8)أي يرشد إلى كون القبض حكما إرشاديّا لا مولويّا.

(9)المراد من «الإرشاد» هو الإرشاد إلى ما يحكم به العقل في مقابل الحكم الشرعيّ الذي يسمّى حكما مولويّا و لا يجوز مخالفته.

(10)أي و يؤيّد عدم اشتراط القبض في تماميّة الرهن أنّ دوام القبض ليس بشرط ، فإذا

ص: 108


1- سوره 2 - آیه 283

كون استدامته (1) ليست بشرط ، بل (2) قبض المرتهن لجواز توكيله الراهن فيه، و هذا (3) أقوى.

بطلان الرهن بعد اشتراط القبض

و على اشتراطه (4)(فلو جنّ (5)) الراهن (أو مات أو اغمي عليه أو رجع) فيه (6)(قبل (7) إقباضه بطل) الرهن، كما هو شأن العقود الجائزة عند

**********

شرح:

قبض المرتهن الوثيقة، ثمّ ردّها إلى الراهن كفى في صحّة الرهن، و القائلون بالقبض لا يشترطون دوام بقاء الرهن في يد المرتهن بعد ما أخذه المرتهن، فنفس عدم اشتراط الدوام يؤيّد عدم اشتراط القبض في تماميّة الرهن.

(1)الضمير في قوله «استدامته» يرجع إلى القبض.

(2)أي بل يؤيّد عدم اشتراط القبض في تماميّة الرهن عدم اشتراط قبض المرتهن نفسه، بل يجوز له أن يوكّل الراهن في قبض الرهن من قبله، فلا موضوعيّة للقبض في تماميّة الرهن.

(3)المشار إليه في قوله «هذا» هو عدم اشتراط القبض.

بطلان الرهن بعد اشتراط القبض (4)الضمير في قوله «اشتراطه» يرجع إلى القبض. يعني أنّ المسائل الآتية تتفرّع على اشتراط القبض في تماميّة الرهن.

(5)أي إذا عرض الجنون للراهن أو مات أو عرض له الإغماء أو رجع في الرهن قبل القبض حكم ببطلان الرهن، لكون القبض دخيلا في تماميّته.

(6)أي رجع الراهن في الرهن، و لفظ «في» هنا - كما أفاده السيّد كلانتر في تعليقته - بمعنى «عن».

(7)الظرف يتعلّق بما ذكر من الموارد الأربعة.

ص: 109

عروض هذه الأشياء (1).

و قيل: لا يبطل، للزومه (2) من قبل الراهن، فكان كاللازم مطلقا (3)، فيقوم وليّه (4) مقامه، لكن يراعي وليّ المجنون مصلحته (5)، فإن كان الحظّ (6) في إلزامه بأن يكون (7) شرطا في بيع يتضرّر (8) بفسخه أقبضه (9)، و

**********

شرح:

(1)أي الجنون و الموت و الإغماء و الرجوع.

(2)يعني أنّ القائل بعدم بطلان الرهن بما ذكر استدلّ على ما ادّعاه بلزوم الرهن من جانب الراهن، كما تقدّم، فكما أنّ الامور المذكورة لا توجب بطلان العقود اللازمة من الجانبين كذلك لا توجب بطلان العقد الذي يلزم من جانب واحد.

(3)أي فيكون الرهن مثل العقود اللازمة من الطرفين من حيث بطلانه بالامور المذكورة.

(4)الضمير في قوله «وليّه» يرجع إلى الراهن. يعني فإذا عرض الجنون أو الموت أو الإغماء للراهن و قلنا بعدم البطلان أقدم وليّه على إقباض الرهن للمرتهن.

(5)أي مصلحة الراهن الذي عرض له الجنون و غيره من المذكورات.

(6)المراد من «الحظّ » هو المصلحة، و الضمير في قوله «إلزامه» يرجع إلى المرتهن.

(7)اسم «أن يكون» هو الضمير الراجع إلى الرهن. يعني إذا كان الرهن شرطا في بيع لو فسخ الوليّ الرهن فسخه البائع و تضرّر الراهن بفسخه - مثلا إذا باع زيد من الراهن داره بألف قبل جنونه و شرط لثمنه رهنا - لم يجز للوليّ فسخ الرهن، لعدم المصلحة فيه.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن الذي عرض له الجنون مثلا، و الضمير في قوله «بفسخه» يرجع إلى البيع.

(9)فاعل قوله «أقبضه» هو الضمير الراجع إلى الوليّ ، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المرتهن. يعني أنّ الوليّ يقبض الرهن للمرتهن و لا يفسخه.

ص: 110

إلاّ (1) أبطله.

و يضعّف (2) بأنّ لزومه (3) على القول به (4) مشروط بالقبض، فقبله (5) جائز مطلقا (6)، فيبطل (7) كالهبة قبله.

و لو عرض ذلك (8) للمرتهن فأولى بعدم البطلان (9) لو قيل به (10) ثمّ (11).

**********

شرح:

(1)أي و إن لم يكن في إيفاء الرهن مصلحة أبطله الوليّ .

(2)أي و يضعّف القول بعدم البطلان بالامور المذكورة الحادثة قبل إقباض الرهن بأنّ لزوم عقد الرهن من جانب الراهن مشروط بالقبض، فقبله جائز من جانبي الراهن و المرتهن، و ما ذكر من الامور العارضة يوجب بطلان العقد الجائز.

(3)الضمير في قوله «لزومه» يرجع إلى الرهن.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى اشتراط القبض في اللزوم.

(5)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى القبض.

(6)أي من كلا جانبي الراهن و المرتهن. يعني أنّ الرهن من العقود الجائزة من الجانبين، و عروض ما ذكر يوجب بطلانه.

(7)أي فيبطل الرهن بموت الراهن مثلا قبل القبض كما أنّ الهبة تبطل بموت الواهب قبل قبض المتّهب.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من الإغماء و الجنون و الموت. يعني لو عرض ما ذكر للمرتهن فأولى بالقول بعدم البطلان.

(9)أي بعدم بطلان الرهن.

(10)الضمير في قوله «به» يرجع إلى عدم البطلان. يعني لو قيل بعدم بطلان الرهن بعروض ما ذكر للراهن قيل بعدم بطلانه عند عروضه للمرتهن بطريق أولى.

(11)المشار إليه في قوله «ثمّ » هو عروض ما ذكر للراهن.

ص: 111

و لو قيل به (1) في طرف الراهن فالأقوى عدمه (2) هنا (3).

و الفرق (4) تعلّق حقّ الورثة و الغرماء (5) بعد موت الراهن بماله، بخلاف موت المرتهن، فإنّ الدين (6) يبقى فتبقى وثيقته (7)، لعدم المنافي (8).

و على هذا (9) لا يجبر الراهن على الإقباض، لعدم لزومه (10) بعد إلاّ أن

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع إلى البطلان. يعني لو قيل ببطلان الرهن بعروض الجنون و الإغماء و الموت للراهن فالأقوى عدم البطلان عند عروضها للمرتهن.

(2)الضمير في قوله «عدمه» يرجع إلى البطلان.

(3)أي في طرف المرتهن.

(4)أي الفرق بين بطلان الرهن بعروض ما ذكر للراهن و عدم بطلانه بالعروض المذكور للمرتهن.

(5)بمعنى أنّه إذا مات امرؤ مسلم تعلّق حقّ الورثة و الديّان بماله، و ما جعل رهنا من جملة أمواله، فلا يتسلّط المرتهن عليه.

(6)يعني أنّ الدين الذي هو للمرتهن و في ذمّة الراهن يبقى بحاله، فيبقى الرهن الذي هو وثيقة للدين بحاله.

(7)الضمير في قوله «وثيقته» يرجع إلى الدين. و المراد من الوثيقة هو العين المرهونة.

(8)أي لا منافاة بين تعلّق حقّ الورثة و الغرماء بالعين المرهونة و بين بقائها في رهن المرتهن.

(9)المشار إليه في قوله «هذا» هو اشتراط القبض في تماميّة الرهن، كما ادّعاه المصنّف رحمه اللّه في قوله في الصفحة 107 «و إنّما يتمّ بالقبض على الأقوى».

(10)الضمير في قوله «لزومه» يرجع إلى الرهن، و في «بعد» مبنيّ على الضمّ ، لعدم ذكر المضاف إليه لفظا و لعدم تقدير معناه أيضا، و هو العقد، فيكون المعنى: لعدم لزوم الرهن بعد العقد و قبل القبض.

ص: 112

يكون (1) مشروطا في عقد لازم (2)، فيبنى (3) على القولين.

لا يشترط دوام القبض

(و لا يشترط دوام القبض (4))، للأصل (5) بعد تحقّق الامتثال به (6)، (فلو (7) أعاده إلى الراهن فلا بأس)، و هو (8) موضع وفاق.

**********

شرح:

(1)اسم «أن يكون» هو الضمير الراجع إلى الرهن.

(2)كما إذا شرط البائع في ضمن عقد البيع أن يجعل المشتري داره رهنا للدين الذي في ذمّته.

(3)بصيغة المجهول. أي فيبنى حكم المسألة على القولين.

من حواشي الكتاب: أي القولان في أنّ الرهن المشروط في العقد اللازم هل يستحقّ به المرتهن القبض أم لا؟ و القائل بالأوّل هو الشهيد، و استشكله العلاّمة في القواعد (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

عدم اشتراط دوام القبض (4)يعني و بعد اشتراط القبض في تماميّة الرهن - كما قوّاه المصنّف رحمه اللّه بقوله في الصفحة 107 «إنّما يتمّ بالقبض على الأقوى» - لا يشترط دوام بقائه في يد المرتهن.

(5)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط الدوام بعد تحقّق الامتثال بالقبض.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القبض.

(7)و هذا متفرّع على قوله «و لا يشترط دوام القبض»، فلو أعاد المرتهن الرهن إلى الراهن لم يضرّ بصحّة الرهن. و الضمير الملفوظ في قوله «أعاده» يرجع إلى الرهن.

(8)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى عدم البأس في إعادة المرتهن الرهن إلى الراهن.

ص: 113

يقبل إقرار الراهن بالإقباض

(و يقبل (1) إقرار الراهن بالإقباض)، لعموم (2) إقرار العقلاء (إلاّ أن يعلم كذبه (3))، كما لو قال: رهنته اليوم داري التي بالحجاز - و هما (4) بالشام - و أقبضته (5) إيّاها فلا يقبل، لأنّه محال عادة، بناء (6) على اعتبار وصول القابض (7) أو من يقوم مقامه إلى الرهن في تحقّقه (8).

**********

شرح:

إقرار الراهن بالإقباض (1)لا يخفى أنّ إقرار الراهن بإقباض الرهن للمرتهن يوجب اللزوم من قبله، فلا يتسلّط على فسخ الرهن، فإذا حصل منه الإقرار حكم بلزوم الرهن، عملا بأنّ إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، فإنّ إقراره بالإقباض الموجب لسلب تسلّطه على فسخ الرهن ضرر عليه، فيقبل إقراره به.

(2)و لا يخفى أنّ هذا قاعدة مستفادة من كلام منسوب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»، راجع عنه كتاب الوسائل: ج 16 ص 11 ب 3 من أبواب كتاب الإقرار ح 2.

(3)الضمير في قوله «كذبه» يرجع إلى الراهن.

(4)الواو تكون للحاليّة، و الضمير في قوله «و هما» يرجع إلى الراهن و المرتهن.

(5)الضمير الملفوظ الثاني في قوله «أقبضته» يرجع إلى المرتهن، و في قوله «إيّاها» يرجع إلى الدار، و هي مؤنّث سماعيّ .

(6)يعني أنّ كونه محالا عادة مبنيّ على اعتبار وصول المرتهن أو من يقوم مقامه إلى نفس العين المرهونة، لكن لو اقتصر في القبض على أخذ مفتاح الدار لم يكن ذلك محالا.

(7)و هو المرتهن. و الضمير في قوله «مقامه» يرجع إلى القابض المرتهن.

(8)الضمير في قوله «تحقّقه» يرجع إلى القبض.

ص: 114

دعوى الراهن المواطاة

(فلو ادّعى (1)) بعد الإقرار بالقبض (المواطاة (2)) على الإقرار و الإشهاد عليه (3)، إقامة (4) لرسم الوثيقة، حذرا من تعذّر ذلك (5) إذا تأخّر إلى أن

**********

شرح:

دعوى الراهن المواطاة (1)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن. يعني أنّ الراهن لو ادّعى المواطاة بعد إقراره بالإقباض سمع دعواه و جاز له إحلاف المرتهن.

(2)بالنصب، مفعول لقوله «ادّعى» بمعنى التوافق. يعني ادّعى الراهن بعد إقراره بالإقباض أنّ الإقباض لم يقع حقيقة، بل وقع الإقرار منه بعنوان التوافق بينه و بين المرتهن حتّى يكتب و يسجّل الوثيقة، حذرا من تعذّر رسم الوثيقة، و ذلك شائع بين العرف عند كتابة القبالات و الأسناد، فيقرّ صاحب الحقّ بأخذه لإقامة الرسم و يشهد عليه، ثمّ يأخذه حقيقة.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الإقرار.

(4)بالنصب، مفعول له. أي لإقامة رسم الوثيقة.

و المراد من «رسم الوثيقة» هو تسجيلها و تنظيمها.

من حواشي الكتاب: و رسم الوثيقة هو أن يسجّل الحاكم الشرعيّ القرطاس و يشهد الشهود و نحو ذلك، و لا يكون كلّ ذلك إلاّ بمشاهدة أصل الفعل من العقد و القبض و غير ذلك، أو بسماع الإقرار به، فإذا لم يمكن أصل الفعل أقرّ به، ليحصل الإشهاد و ختم القاضي، إذ لو أخّر ذلك إلى أن يتحقّق أصل الفعل فات الشهود و القاضي، فيواطئ على الإقرار حينئذ، ليقام رسم الوثيقة، أي يحصل و لا يفوت، و هو متداول في هذه الأزمنة، و يطلق عليه الإقرار على الرسم أي الإقرار على المشهود عليه على ما جرى عليه الرسم من نحو هذا الإقرار، أو الإقرار على ما هو رسم الوثيقة و القبالة أو إقامة له (الحديقة).

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إقامة رسم الوثيقة.

ص: 115

يتحقّق القبض (1) سمعت دعواه (2)، لجريان العادة بذلك (3)،(فله (4) إحلاف المرتهن) على عدمها (5) و أنّه (6) وقع موقعه.

هذا (7) إذا شهد الشاهدان على إقراره به، أمّا لو شهدا على نفس الإقباض لم تسمع دعواه (8) و لم يتوجّه اليمين.

و كذا (9) لو شهدا على إقراره به (10) فأنكر الإقرار،

**********

شرح:

(1)أي إذا تأخّر رسم الوثيقة إلى زمان حصول القبض احتمل تعذّره.

(2)أي سمعت دعوى الراهن.

(3)المشار إليه في قوله «بذلك» هو المواطاة.

(4)فإذا سمعت دعوى الراهن المواطاة على القبض فله أن يحلف المرتهن، لأنّ هذا هو مقتضى الدعوى و الإنكار.

(5)الضمير في قوله «عدمها» يرجع إلى المواطاة.

(6)الضميران في قوليه «أنّه» و «موقعه» يرجعان إلى الإقرار، و الجملة عطف على قوله «عدمها».

حاصل معنى العبارة هو أنّ للراهن إحلاف المرتهن على عدم المواطاة و على كون الإقرار واقعا في محلّه.

(7)المشار إليه في قوله «هذا» هو سماع دعوى الراهن و إحلافه للمرتهن. يعني أنّ ذلك الحكم إنّما هو في صورة شهادة الشاهدين على إقرار الراهن على القبض، أمّا لو شهدا على نفس الإقباض لم يسمع دعوى الراهن.

(8)الضمير في قوله «دعواه» يرجع إلى الراهن.

(9)أي و كذا لا يسمع دعوى الراهن إذا شهد الشاهدان على إقراره بالإقباض و أنكره الراهن.

(10)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الإقباض.

ص: 116

لأنّه (1) تكذيب للشهود.

و لو ادّعى الغلط في إقراره و أظهر تأويلا (2) ممكنا فله إحلاف المرتهن أيضا، و إلاّ (3) فلا على الأقوى.

كون الرهن بيد المرتهن قبل العقد

(و لو كان) الرهن (4)(في يد المرتهن فهو (5) قبض)، لصدق كونه رهنا مقبوضا (6)، و لا دليل على اعتباره (7) مبتدأ بعد العقد.

و إطلاق العبارة (8) يقتضي عدم الفرق بين المقبوض بإذن و غيره

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الإنكار. يعني أنّ إنكار الراهن إقراره بالإقباض تكذيب للشاهدين على إقراره.

(2)بأن ادّعى الغلط في إقراره و أوّله على نحو يقبل في حقّه.

(3)أي و إن لم يظهر تأويلا ممكنا في حقّه لم يقبل قوله.

كون الرهن بيد المرتهن قبل العقد (4)يعني إذا كانت العين المرهونة في يد المرتهن فلا حاجة إلى قبض جديد، لصدق القبض عليه.

(5)الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى الكون المفهوم من لفظ «كان»، كما هو حال مرجع الضمير في قوله تعالى: اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (1) .

(6)فإنّ العين الموجودة في يد المرتهن يصدق عليها أنّها عين مقبوضة.

(7)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع إلى القبض. يعني لا دليل على أنّه يعتبر القبض المبتدأ بعد وقوع العقد.

(8)أي عبارة المصنّف رحمه اللّه حيث قال «في يد المرتهن»، فهذا التعبير مطلق من حيث كون الرهن بيد المرتهن، و يشمل كونه مع إذن الراهن و بلا إذن منه.

ص: 117


1- سوره 5 - آیه 8

كالمغصوب (1)، و به (2) صرّح في الدروس،، و الوجه (3) واحد و إن كان (4) منهيّا عن القبض هنا (5)، لأنّه (6) في غير العبادة غير مفسد.

و قيل: لا يكفي ذلك (7)، لأنّه (8) على تقدير اعتباره في اللزوم ركن، فلا يعتدّ بالمنهيّ عنه منه (9)، و إنّما لا يقتضي (10) الفساد حيث تكمل الأركان (11)، و لهذا (12) لا يعتدّ به لو ابتدأه بغير إذن الراهن.

**********

شرح:

(1)هذا مثال للمقبوض بلا إذن الراهن، و هو غصب المرتهن عينا من الراهن، فإذا جعلها الراهن وثيقة للدين الذي في ذمّته بعد ما غصبه المرتهن صحّ .

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى عدم الفرق. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه صرّح في كتاب الدروس بعدم الفرق بين المقبوض مع الإذن أو بغيره في صدق القبض.

(3)يعني أنّ دليل صدق القبض مع الإذن و غيره واحد.

(4)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى القبض. يعني و إن كان القبض بالغصب منهيّا عنه شرعا.

(5)المشار إليه هو الغصب.

(6)يعني أنّ النهي في غير العبادات غير مفسد.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو القبض المنهيّ عنه.

(8)يعني أنّ القبض - بناء على كونه معتبرا في لزوم الرهن - ركن.

(9)أي من القبض.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى النهي.

(11)يعني أنّ عدم فساد النهي في غير العبادات إنّما هو فيما إذا كملت الأركان و الحال أنّ الرهن قبل القبض لا تكمل أركانه.

(12)أي و لأنّ النهي قبل الكمال يوجب الفساد لا يؤثّر القبض لو أقدم عليه المرتهن بلا إذن من الراهن.

ص: 118

عدم الحاجة إلى إذن جديد و مضيّ زمان

(و) على الاكتفاء به (1)(لا يفتقر إلى إذن) جديد (في القبض (2)، و لا (3) إلى مضيّ زمان) يمكن فيه تجديده، لتحقّق القبض قبله (4)، فاعتبار أمر آخر (5) تحصيل للحاصل (6)، و للأصل (7).

و قيل: يشترطان (8) في مطلق (9) القبض السابق (10).

و قيل: في غير الصحيح (11)، لأنّ (12)

**********

شرح:

عدم الحاجة إلى إذن جديد و مضيّ زمان (1)أي بناء على الاكتفاء بالقبض الحاصل مطلقا لا يحتاج إلى إذن جديد صادر عن الراهن.

(2)أي لا تحتاج صحّة الرهن إلى إذن جديد في القبض إذا كانت العين المرهونة مقبوضة.

(3)أي و لا تفتقر صحّة الرهن إلى مضيّ زمان يمكن فيه تجديد قبض العين المقبوضة.

(4)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى كلّ واحد من الإذن و مضيّ الزمان.

(5)المراد من «الأمر الآخر» هو الإذن الجديد و مضيّ زمان يمكن فيه تجديد القبض.

(6)أي القبض الحاصل من كون الرهن بيد المرتهن قبل العقد و بعده.

(7)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط الإذن و مضيّ الزمان.

(8)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الإذن و مضيّ الزمان.

(9)أي بلا فرق بين القبض بالإذن أو بالغصب.

(10)أي السابق على عقد الرهن.

(11)يعني يشترط الإذن و المضيّ فيما إذا كان القبض بغير وجه شرعيّ ، مثل القبض بالغصب و العدوان.

(12)تعليل لاشتراط الإذن و مضيّ الزمان في القبض.

ص: 119

المعتبر منه (1) ما (2) وقع بعد الرهن، و هو (3) لا يتمّ إلاّ بإذن كالمبتدأ (4)، و الإذن فيه (5) يستدعي تحصيله (6)، و من ضروراته (7)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى القبض.

و لا يخفى أنّ التعليل هذا ليس مختصّا بالقول الأخير، و هو احتياج القبض السابق إلى الإذن و المضيّ إذا كان غير صحيح، بل هو تعليل لاشتراط المبحوث عنه في مطلق القبض السابق على العقد.

و حاصل التعليل - على ما أفاده السيّد كلانتر في تعليقته و فصّلناه - هو أنّ المعتبر من القبض هو القبض الواقع بعد عقد الرهن لا القبض الحاصل قبله، فالملاك في الاعتبار هو الحصول مع الإذن الجديد، كما هو القول في القبض المبتدأ، و على هذا فالإذن في القبض يستدعي شيئين:

الأوّل: تحصيل القبض.

الثاني: مضيّ زمان يقع التحصيل فيه، لأنّ التحصيل من الزمانيّات.

أمّا الأوّل فيدلّ عليه بالدلالة المطابقيّة، و أمّا الثاني فبالدلالة الالتزاميّة، لكنّ الأوّل منتف في المقام، لاستلزامها تحصيل الحاصل، لحصول القبض قبل الإذن، فلا يتصوّر قبض جديد، و لاستلزامها اجتماع المثلين، و هما القبض السابق و القبض اللاحق، و هذان الاستلزامان باطلان، فتبقى الدلالة الالتزاميّة خاصّة.

(2)بالرفع محلاّ، لكونه خبر «أنّ ».

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى «ما» الموصولة. يعني أنّ القبض المعتبر في تماميّة الرهن لا يتحقّق إلاّ بإذن الراهن.

(4)أي كالقبض المبتدأ الذي يحتاج إلى الإذن.

(5)أي الإذن في القبض يستدعي تحصيل الرهن.

(6)الضمير في قوله «تحصيله» يرجع إلى الرهن، بمعنى استدعاء الإذن لقبض الرهن.

(7)الضمير في قوله «ضروراته» يرجع إلى التحصيل.

ص: 120

مضيّ (1) زمان، فهو (2) دالّ عليه بالمطابقة، و على (3) الزمان بالالتزام، لكن (4) مدلوله (5) المطابقيّ منتف، لإفضائه (6) إلى تحصيل الحاصل و اجتماع (7) الأمثال، فيبقى الالتزاميّ (8).

و يضعّف (9)

**********

شرح:

(1)مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «من ضروراته». يعني أنّ من ضرورات القبض أن يمضي زمان يقع فيه تحصيل الرهن و قبضه، لأنّ القبض من الزمانيّات، فلا بدّ له من الزمان المناسب له، لأنّ قبض كلّ شيء بحسبه.

(2)يعني أنّ القبض المعتبر في الرهن يدلّ على حصول المرهون في يد المرتهن بالدلالة المطابقيّة.

(3)عطف على قوله «عليه». يعني أنّ القبض يدلّ على الزمان المناسب للقبض أيضا بالدلالة الالتزاميّة، لكون مضيّ الزمان من ضرورات القبض الذي هو من الزمانيّات.

(4)هذا تتمّة للاستدلال المأخوذ فيه بقول الشارح رحمه اللّه «لأنّ المعتبر... إلخ» و أنّ القبض يدلّ بالمطابقة على التحصيل و بالالتزام على مضيّ الزمان، لكن ينتفي في المقام مدلوله المطابقيّ ، لحصول المرهون في يد المرتهن، فيكون قبضه الجديد تحصيلا للحاصل، فيبقى المدلول الالتزاميّ ، و هو مضيّ الزمان المناسب.

(5)الضمير في قوله «مدلوله» يرجع إلى القبض.

(6)يعني لأنّ دلالته بالمطابقة على التحصيل ينتهي إلى تحصيل الحاصل.

(7)بالجرّ، عطف على قوله «تحصيل». يعني أنّ دلالته المطابقيّة تنتهي إلى اجتماع الأمثال. و المراد من «الأمثال» هو القبض السابق و اللاحق.

(8)أي فيبقى مدلوله الالتزاميّ خاصّة، و هو مضيّ الزمان المناسب للقبض.

(9)أي يضعّف الاستدلال على اشتراط البعديّة في القبض، لأنّ المعتبر في الرهن هو

ص: 121

بمنع اعتبار المقيّد (1) بالبعديّة، بل الأعمّ (2)، و هو (3) حاصل، و الزمان (4) المدلول عليه التزاما من توابعه (5) و مقدّماته، فيلزم من عدم اعتباره (6) انتفاؤه (7).

نعم، لو كان (8) قبضه بغير إذن توجّه اعتبارهما (9)، لما تقدّم (10).

**********

شرح:

مطلق القبض.

(1)صفة لموصوف مقدّر، و هو القبض. أي يمنع اعتبار القبض المقيّد بالبعديّة في صحّة الرهن.

(2)يعني بل يعتبر في صحّة الرهن القبض الأعمّ من القبض السابق على العقد و اللاحق له.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى القبض الأعمّ .

(4)يعني أنّ الزمان الذي يدلّ القبض عليه بالالتزام فهو من توابع القبض المقيّد و من مقدّماته، فإذا سقط اعتبار المقيّد بالبعديّة سقط اعتبار تبعاته و مقدّماته.

(5)الضميران في قوليه «توابعه» و «مقدّماته» يرجعان إلى المقيّد في قوله «بمنع اعتبار المقيّد بالبعديّة».

(6)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع إلى المقيّد.

(7)أي انتفاء مضيّ الزمان الذي يدلّ عليه القبض التزاما.

(8)اسم «كان» هو الضمير الراجع إلى المرتهن، و الضمير الملفوظ في قوله «قبضه» يرجع إلى الرهن. هذا إذا قلنا بكون قوله «قبضه» فعلا ماضيا، و أمّا إذا اعتبرناه مصدرا فهذا القول نفسه هو اسم «كان» و كان إمّا من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله أو من قبيل إضافته إلى مفعوله.

(9)الضمير في قوله «اعتبارهما» يرجع إلى الإذن و مضيّ الزمان.

(10)أي ما تقدّم من قول القائلين باشتراط الإذن الجديد في قوله في الصفحة 118

ص: 122

و على تقديره (1) فالضمان باق إلى أن يتحقّق ما يزيله (2) من قبل المالك على الأقوى (3).

إشاعة الرهن

(و لو كان) الرهن (مشاعا (4) فلا بدّ من إذن الشريك في القبض أو رضاه (5) بعده)، سواء كان ممّا ينقل (6) أم لا (7)، لاستلزامه (8) التصرّف في

**********

شرح:

«فلا يعتدّ بالمنهيّ عنه منه».

(1)أي و بناء على اعتبار الإذن الجديد في صحّة القبض فالضمان مستقرّ في عهدة المرتهن حتّى يحصل الإذن، و بعد الإذن لا ضمان للرهن، لكونه أمانة في يد المرتهن، و الأمين لا يضمّن.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «ما يزيله» يرجع إلى الضمان.

و المراد من مزيل الضمان هو إذن الراهن.

(3)و غير الأقوى الاكتفاء بذلك في زوال الضمان إمّا باعتبار مثل هذا القبض أو باعتبار وجوب الإقباض بعد الرهن، فإذا كان حينئذ يده فقد حصل (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

إشاعة الرهن (4)كما إذا جعل نصف الدار المشترك مشاعا رهنا في مقابل دين المرتهن، فلا بدّ من إذن الشريك في القبض قبلا أو إجازته بعدا للقبض، و إلاّ لم يكف إقباضه، لأنّه تصرّف منهيّ عنه، فلا يعتنى به.

(5)الضمير في قوله «رضاه» يرجع إلى الشريك، و في قوله «بعده» يرجع إلى القبض.

(6)مثل الثوب المشترك.

(7)مثل الدار المشتركة.

(8)الضمير في قوله «لاستلزامه» يرجع إلى القبض. يعني أنّ إقباض الرهن من قبل أحد الشريكين يوجب التصرّف في مال الشريك الآخر.

ص: 123

مال الشريك، و هو (1) منهيّ عنه بدون إذنه، فلا يعتدّ به (2) شرعا.

و يشكل (3) فيما يكفي فيه مجرّد التخلية، فإنّها (4) لا تستدعي تصرّفا، بل رفع يد الراهن عنه (5) و تمكينه (6) منه.

و على تقدير اعتباره (7) فلو قبضه بدون إذن الشريك و فعل (8) محرّما فهل يتمّ القبض ؟ قولان، منشؤهما النهي (9) المانع، كما لو وقع بدون إذن الراهن، و هو اختيار المصنّف، و أنّ النهي (10) إنّما هو لحقّ الشريك فقط ،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ التصرّف في مال الشريك بدون الإذن منهيّ عنه.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القبض.

(3)أي يشكل الاستدلال المذكور في العين المرهونة التي يكفي في إقباضها مجرّد التخلية مثل الدار التي يكفي في إقباضها تخليتها.

(4)الضمير في قوله «فإنّها» يرجع إلى التخلية.

(5)يعني أنّ التخلية عبارة عن رفع يد الراهن عن العين المذكورة، و هو ليس بتصرّف منهيّ عنه.

(6)الضمير في قوله «تمكينه» يرجع إلى المرتهن، و هو من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول، و الفاعل محذوف، أي تمكين الراهن المرتهن.

(7)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع إلى إذن الشريك.

(8)يعني لو أقبض الراهن بدون إذن الشريك و ارتكب الحرام فهل يتمّ القبض الموجب لتماميّة الرهن أم لا؟ فيه قولان.

(9)هذا منشأ القول بعدم تماميّة القبض الموجب لتحقّق الرهن.

(10)هذا منشأ القول بكفاية القبض بدون إذن الشريك في تماميّة الرهن، و هو أنّ المنهيّ هو حقّ الشريك خاصّة، أمّا بالنسبة إلى حقّ الراهن فلا نهي فيه، فيتمّ .

ص: 124

للإذن (1) من قبل الراهن الذي هو المعتبر شرعا، و هو (2) أجود.

و لو اتّفقا (3) على قبض الشريك جاز، فيعتبر سماعه (4) الإذن فيه (5).

**********

شرح:

(1)يعني لكنّ الإذن المعتبر في صحّة الرهن حاصل في المقام، فلا مانع من تماميّة الرهن.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى القول الثاني، و هو القول بصحّة القبض الموجب لتماميّة الرهن و لو كان بدون إذن من الشريك.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن.

(4)الضمير في قوله «سماعه» يرجع إلى الشريك.

(5)أي في القبض. يعني فيعتبر في كفاية قبض الشريك مع اتّفاقهما عليه سماعه الإذن في القبض.

ص: 125

ص: 126

الكلام في الشروط و اللواحق

اشارة

(و الكلام إمّا في الشروط (1) أو اللواحق (2))

الكلام في شروط الرهن

شرط الرهن أن يكون عينا

(الأوّل (3): شرط الرهن أن يكون عينا (4) مملوكة يمكن قبضها (5) و يصحّ بيعها).

**********

شرح:

الشروط

شروط الرهن

(1)يعني أنّ الكلام قد يقع في شروط الرهن، أعني ما يشترط في صحّته و ما يشترط في لزومه.

(2)و هي المسائل التي سيشير إليها في الصفحة 169 في قوله «و أمّا اللواحق فمسائل».

(3)يعني أنّ الأوّل من الشروط هو شروط الرهن، أي المرهون، و هي أربعة:

الأوّل: كونه عينا.

الثاني: كونه مملوكا.

الثالث: كونه ممكن القبض.

الرابع: كونه قابلا للبيع شرعا.

(4)في مقابل المنفعة و الدين، من باب استعمال اللفظ في المعنيين، كما هو دأب الشهيدين، أو من باب عموم المجاز، و كذا الكلام في المملوكة (الحديقة).

(5)الضميران في قوليه «قبضها» و «بيعها» يرجعان إلى العين.

ص: 127

هذه الشرائط (1) منها ما هو (2) شرط الصحّة، و هو (3) الأكثر، و منها ما هو شرط في اللزوم كالمملوكيّة باعتبار (4) رهن ملك الغير.

و لا يضرّ ذلك (5)،

**********

شرح:

(1)المراد من قوله «هذه الشرائط » هو الشرائط الأربعة المذكورة في الهامش 3 من الصفحة السابقة.

(2)يعني أنّ بعض الشرائط المذكورة شرط في صحّة الرهن مثل كون الرهن عينا، و بعضها شرط في لزوم الرهن مثل شرط المملوكيّة.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى شرط الصحّة. يعني أنّ شرائط الصحّة فيما ذكر أكثر من شرائط اللزوم، لأنّ ثلاثة منها - أعني كون الرهن عينا و إمكان قبضه و إمكان بيعه - من شروط صحّة الرهن، و واحدة منها - أعني كون الرهن مملوكا - من شروط لزوم الرهن، لأنّ الراهن إذا رهن ملك الغير بلا إذن منه حكم بصحّة الرهن مع اشتراط لحوق إجازة المالك، لأنّ الرهن كذلك فضوليّ محتاج إلى الإجازة، كما هو الحال في غيره من العقود التي تقع بفعل الفضوليّ .

(4)قوله «باعتبار... إلخ» إشارة إلى أنّ في شرط المملوكيّة اعتبارين:

أ: كون العين قابلة لملكيّة المسلم، فيحترز بها عن رهن مثل الخمر و الخنزير و كلب الهراش.

ب: كونها ملكا للراهن، فيحترز بها عن رهن ملك الغير بلا إذن منه.

فالمملوكيّة بالاعتبار الأوّل تكون من شرائط الصحّة، لعدم صحّة رهن مثل الخمر، و بالاعتبار الثاني تكون من شرائط اللزوم، و هو واضح.

(5)قد أجاب الشارح رحمه اللّه عن الإشكال بأنّه كيف يجمع بين شرائط الصحّة و شرائط اللزوم و هما حقيقتان مختلفتان بجوابين:

الأوّل: أنّ المقصود هنا بيان الشروط إجمالا، سواء كانت من شرائط الصحّة أو من

ص: 128

لأنّها (1) شروط في الجملة، و لأنّ (2) المملوكيّة تشتمل على شرط الصحّة في بعض محترزاتها (3).

رهن المنفعة

(فلا يصحّ (4) رهن المنفعة) كسكنى الدار (5) و خدمة العبد، لعدم (6) إمكان قبضها (7)، إذ لا يمكن (8) إلاّ بإتلافها،

**********

شرح:

شرائط اللزوم.

الثاني: أنّ المملوكيّة تشمل على شرط الصحّة باعتبار المعنى الأوّل من الاعتبارين اللذين ذكرناهما في الهامش السابق.

(1)الضمير في قوله «أنّها» يرجع إلى شروط اللزوم.

(2)هذا هو الجواب الثاني عن الإشكال المذكور في الهامش 5 من الصفحة السابقة.

(3)الضمير في قوله «محترزاتها» يرجع إلى المملوكيّة. يعني أنّ شرط اللزوم الوحيد بين هذه الشروط المذكورة هو المملوكيّة، و هي شرط صحّة في بعض مواردها و محترزاتها كرهن ما لا يملك كالحرّ و الحشرات أو رهن ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير، فالرهن على هذه الأعيان فاسد، فإذا كان شرط اللزوم شرط صحّة في بعض موارده و محترزاته جاز إطلاق شرط الصحّة عليه.

رهن المنفعة (4)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه احترز بكلّ من الشروط المذكورة عمّا لا يصحّ رهنه، فاحترز بذكر العين عن رهن المنفعة و الدين.

(5)فلا يصحّ رهن سكنى الدار و خدمة العبد، لعدم كونهما عينا.

(6)ظاهر هذا التعليل هو أنّ سكنى الدار و خدمة العبد خرجا بقوله «يمكن قبضها».

(7)الضمير في قوله «قبضها» يرجع إلى المنفعة.

(8)أي لا يمكن قبض المنفعة إلاّ بإتلافها.

ص: 129

و لتعذّر (1) تحصيل المطلوب في الرهن منها (2)، و هو (3) استيفاء الدين منه و هي (4) إنّما تستوفى شيئا فشيئا، و كلّما حصل منها شيء عدم (5) ما قبله.

كذا (6) قيل، و فيه نظر (7).

**********

شرح:

(1)هذا تعليل ثان لعدم صحّة رهن المنفعة بأنّ الغرض المطلوب من الرهن - و هو استيفاء الدين من الرهن لو تعذّر تحصيل الدين - غير ممكن في خصوص المنفعة.

(2)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى المنفعة.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى المطلوب، و في قوله «منه» يرجع إلى الرهن.

(4)الواو تكون للحاليّة، و هذه الجملة بيان لعدم إمكان استيفاء الدين من المنفعة بأنّ المنفعة تستوفى تدريجا، فكلّ جزء من المنفعة يستوفى يعدم الجزء السابق منها.

(5)قوله «عدم» بصيغة الماضي المجهول.

(6)أي استدلّوا بما ذكر على عدم جواز رهن المنفعة.

(7)يعني أنّ للنظر في الاستدلال المذكور مجالا.

من حواشي الكتاب: وجه النظر أنّ استيفاء الدين من عين الرهن ليس بشرط ، بل منه أو من عوضه و لو ببيعه قبل الاستيفاء، كما لو رهن ما يتسارع إليه الفساد قبله و المنفعة يمكن فيها ذلك بأن يوجر العين و يجعل الاجرة رهنا، و قريب منه القول في القبض، لإمكانه بتسليم الدين ليستوفى منها المنفعة و يكون عوضها رهنا إلاّ أن يقال: إنّ ذلك خروج عن المتنازع فيه، لأنّ رهن الاجرة جائز، و إنّما الكلام في المنفعة نفسها، و الفرق بينها و بين ما يتسارع إليه الفساد إمكان رهنه و المانع عارض بخلاف المنفعة، تأمّل (من الشارح رحمه اللّه).

ص: 130

رهن المنفعة

(و لا الدّين (1))، بناء على ما اختاره (2) من اشتراط القبض، لأنّ الدين أمر كلّيّ (3) لا وجود له في الخارج (4) يمكن قبضه، و ما يقبض بعد ذلك (5) ليس نفسه (6) و إن وجد في ضمنه (7).

و يحتمل جوازه (8) على هذا القول (9)، و يكتفى بقبض ما يعيّنه المديون، لصدق قبض الدين عليه (10) عرفا

**********

شرح:

رهن الدين (1)أي و لا يجوز رهن الدين أيضا.

(2)يعني أنّ عدم جواز رهن الدين يستفاد من اشتراط القبض في الرهن، كما اختاره المصنّف رحمه اللّه.

(3)فإنّ الدين يكون في ذمّة المديون، و هو كلّيّ لا يتشخّص إلاّ عند أدائه.

(4)فإنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد، و ما لم يوجد لم يمكن قبضه.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إجراء العقد. يعني أنّ الديون التي يقبضها الدائنون ليست نفسها، بل هي أفراد من أفراد الكلّيّ .

و لا يخفى أنّ الكلّيّ الطبيعيّ موجود في الخارج بوجود أفراده.

(6)الضمير في قوله «نفسه» يرجع إلى الدين.

(7)الضمير في قوله «ضمنه» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما يقبض».

(8)الضمير في قوله «جوازه» يرجع إلى رهن الدين.

(9)أي على القول باشتراط القبض في الرهن. يعني يمكن القول بجواز رهن الدين و لو اشترط القبض في الرهن بأن يقال بكفاية قبض ما يعيّنه المديون في صحّة الرهن، لأنّه يصدق عليه قبض الدين.

(10)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى قبض ما يعيّنه المديون.

ص: 131

كهبة (1) ما في الذمّة.

و على القول بعدم اشتراط القبض لا مانع من صحّة رهنه (2).

و قد صرّح العلاّمة في التذكرة ببناء الحكم (3) على القول باشتراط القبض و عدمه (4)، فقال (5): لا يصحّ رهن الدين إن شرطنا في الرهن القبض (6)، لأنّه لا يمكن قبضه (7)، لكنّه (8) في القواعد جمع بين الحكم بعدم اشتراط القبض و عدم جواز رهن الدين، فتعجّب منه (9) المصنّف في الدروس، و تعجّبه (10) في موضعه.

**********

شرح:

(1)يعني كما تصحّ هبة ما في ذمّة المديون إيّاه و الحال أنّ القبض شرط في الهبة.

(2)الضمير في قوله «رهنه» يرجع إلى الدين. يعني بناء على القول بعدم اشتراط القبض في الرهن فلا مانع من صحّة رهن الدين.

(3)أي الحكم بجواز رهن الدين و عدمه.

(4)أي عدم اشتراط القبض.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى العلاّمة رحمه اللّه.

(6)يعني قال العلاّمة بعدم صحّة رهن الدين مع اشتراط القبض في الرهن، لعدم إمكان قبض الدين.

(7)الضمير في قوله «قبضه» يرجع إلى الدين.

(8)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع إلى العلاّمة. يعني أنّ العلاّمة حكم في كتاب القواعد بعدم اشتراط القبض في الرهن و مع ذلك قال بعدم جواز رهن الدين.

(9)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه تعجّب من جمع العلاّمة رحمه اللّه بين حكمي عدم اشتراط القبض في الرهن و عدم جواز رهن الدين.

(10)يعني أنّ تعجّب المصنّف من جمع العلاّمة بين الحكمين المذكورين في محلّه.

ص: 132

و الاعتذار (1) له عن ذلك بعدم المنافاة بين عدم اشتراطه (2) و اعتبار (3) كونه ممّا يقبض مثله (4) مع تصريحه (5) بالبناء المذكور غير مسموع.

**********

شرح:

(1)هذا مبتدأ، خبره هو قوله «غير مسموع»، و الضمير في قوله «له» يرجع إلى العلاّمة رحمه اللّه.

من حواشي الكتاب: قال المحقّق الشيخ عليّ رحمه اللّه في مقام الاعتذار: إنّ عدم اشتراط القبض لا ينافي اشتراط كون الرهن ممّا يقبض مثله، نظرا إلى أنّ مقصوده لا يحصل إلاّ بكونه ممّا يقبض، كما أرشدت إليه الآية الكريمة، فأحدهما غير الآخر، و فيه أنّ هذا غير مسموع مع تصريح العلاّمة بالبناء المذكور على أنّ التعجّب لا يندفع عند ضعف المأخذ (المسالك).

حاشية اخرى: قوله «و الاعتذار له عن ذلك... إلخ» المعتذر جدّي المحقّق الكركيّ الشيخ عليّ رحمه اللّه، و حاصله أنّه بعد أن صرّح في التذكرة بكون الحكم مبنيّا على اشتراط القبض و عدمه فلا يصحّ مع شرطه القبض، و يصحّ بدونه باعتبار مفهوم الشرط ، فلا يتمّ الاعتذار عن المنافات بين ما في التذكرة و القواعد، و لوالدي طاب ثراه هنا كلام لتصحيح الاعتذار يحوج نقله إلى التطويل (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

(2)الضمير في قوله «اشتراطه» يرجع إلى القبض.

(3)بالجرّ، عطف على قوله «عدم اشتراطه»، و الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى الرهن.

(4)يعني يعتبر في الرهن أن يكون مثله قابلا للقبض و الحال أنّ الدين ليس كذلك.

(5)أي مع تصريح العلاّمة رحمه اللّه بالبناء المذكور.

و المراد من «البناء المذكور» هو ابتناء صحّة رهن الدين على عدم اشتراط القبض في الرهن بمعنى أنّه لو لم يشترط القبض في صحّة الرهن صحّ رهن الدين، و إلاّ لم يصحّ .

و الحاصل أنّ العلاّمة صرّح بذلك الابتناء، فلا يسمع الاعتذار المذكور من المعتذر عن جانب العلاّمة.

ص: 133

رهن المدبّر

(و رهن المدبّر (1) إبطال لتدبيره على الأقوى (2))، لأنّه (3) من الصيغ الجائزة، فإذا تعقّبه (4) ما ينافيه أبطله، لكونه (5) رجوعا، إذ لا يتمّ المقصود من عقد الرهن (6) إلاّ بالرجوع (7).

و قيل: لا يبطل به (8)،

**********

شرح:

رهن المدبّر (1)كما إذا دبّر عبده، ثمّ جعله رهنا للدين الذي استدانه من دائن، فهو إبطال للتدبير.

(2)بالنسبة إلى القول بعدم بطلانه.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى التدبير. فإنّ التدبير من الصيغ الجائزة.

أقول: قوله «من الصيغ الجائزة» إشارة إلى أنّ التدبير ليس من العقود الجائزة، بل هو إيقاع جائز، و إلاّ لقال «لأنّه من العقود الجائزة».

و لا يخفى أنّهم قد اختلفوا في وجود الإيقاع الجائز، فمن الموارد التي يستشهد بها على وجود الإيقاع الجائز هو هذا المورد، لأنّ التدبير ليس عقدا، لعدم احتياجه إلى القبول كالعتق و الإبراء و الحال أنّ المدبّر إذا أجرى صيغة التدبير جاز له الرجوع فيه.

(4)أي فإذا تعقّب التدبير ما ينافيه - و هو جعل المدبّر رهنا - بطل.

(5)الضمير في قوله «لكونه» يرجع إلى رهن المدبّر. يعني أنّ رهن المدبّر رجوع عن التدبير.

(6)المراد من «المقصود من عقد الرهن» هو استيفاء الدائن دينه من الرهن، و هذا المقصود لا يحصل إلاّ برجوع المدبّر عن تدبيره، و إلاّ لم يحصل المقصود المذكور.

(7)أي بالرجوع عن التدبير.

(8)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الرهن. يعني و قد قيل بعدم بطلان صيغة التدبير برهن المدبّر.

ص: 134

لأنّ الرهن لا يقتضي نقله (1) عن ملك الراهن، و يجوز (2) فكّه، فلا يتحقّق التنافي بمجرّده (3)، بل بالتصرّف (4).

و حينئذ (5) فيكون التدبير مراعى بفكّه فيستقرّ (6)، أو يأخذه (7) في الدين فيبطل (8)، و استحسنه (9) في الدروس.

رهن الخمر و الخنزير

(و لا رهن (10) الخمر و الخنزير إذا كان الراهن مسلما (11) أو)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «نقله» يرجع إلى الرهن.

(2)المراد من قوله «يجوز» هو «يمكن»، و الضمير في قوله «فكّه» يرجع إلى المدبّر.

(3)أي لا يتحقّق التنافي بين التدبير و الرهن بمجرّد رهن المدبّر.

(4)يعني أنّ التنافي يحصل بالتصرّف في المدبّر بأن يستوفي الدائن منه دينه.

(5)أي و حين إذ لم نقل ببطلان التدبير بالرهن حكم بكون التدبير مراعى بفكّ المدبّر.

(6)فاعله هو الضمير الراجع إلى التدبير.

(7)فاعله هو الضمير الراجع إلى المرتهن، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المدبّر.

(8)أي فيبطل التدبير.

و الحاصل أنّ المدبّر إذا جعل المدبّر رهنا للدين لم يحكم ببطلان التدبير، بل يراعى التدبير إلى أن يفكّه المدبّر فيستقرّ التدبير، أو يأخذه المرتهن بدينه فيبطل التدبير.

(9)أي استحسن المصنّف رحمه اللّه القول المذكور في كتابه (الدروس).

رهن الخمر و الخنزير (10)عطف على قوله «رهن المنفعة» في قوله «فلا يصحّ رهن المنفعة».

(11)يعني أنّ عدم صحّة رهن الخمر و الخنزير إنّما هو في صورة كون الراهن مسلما أو المرتهن هكذا، أمّا لو كانا كافرين مستحلّين فلا مانع من رهنهما.

ص: 135

(المرتهن (1)) و إن وضعهما (2) على يد ذمّيّ ، لأنّ يد الودعيّ (3) كيد المستودع (4)، خلافا للشيخ، حيث أجازه (5) كذلك (6) محتجّا (7) بأنّ حقّ الوفاء إلى الذمّيّ ، فيصحّ ، كما لو باعهما (8) و أوفاه (9)، ثمنهما و الفرق (10)

**********

شرح:

(1)يعني إذا كان المرتهن مسلما لم يجز رهن الخمر و الخنزير و إن كان الراهن ذمّيّا.

(2)كما إذا جعل الذمّيّ الخمر و الخنزير رهنا لدين يأخذه من الدائن للمرتهن المسلم و وضعهما عند ذمّيّ آخر لا عند المرتهن المسلم.

(3)المراد من «الودعيّ » هو الذمّيّ الآخر.

(4)المراد من «المستودع» هو المرتهن، فإنّ يد الذمّيّ الذي يأخذ الخمر و الخنزير المجعولين رهنا من قبل المرتهن المسلم تكون مثل يد شخص المسلم المرتهن.

(5)فاعله هو الضمير الراجع إلى الشيخ رحمه اللّه، و الضمير الملفوظ يرجع إلى رهن الخمر و الخنزير.

(6)المشار إليه في قوله «كذلك» هو وضع الرهن على يد ذمّيّ .

(7)احتجّ الشيخ رحمه اللّه على جواز رهن الذمّيّ للخمر و الخنزير للدين الذي هو للمسلم المرتهن و وضعهما عند ذمّيّ آخر بأنّ حقّ وفاء دين المسلم يكون على عهدة الذمّيّ الذي عنده الخمر و الخنزير عند تعذّر وصول الدين، فلا مانع له من أن يبيع الرهن و يستوفي من ثمنه دين المسلم.

(8)فاعله هو الضمير الراجع إلى الذمّيّ ، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الخمر و الخنزير.

(9)الضمير الملفوظ في قوله «أوفاه» يرجع إلى المسلم المرتهن، و الضمير في قوله «ثمنهما» يرجع إلى الخمر و الخنزير.

حاصل معنى العبارة هو أنّه كما يصحّ للذمّيّ المستقرض من مسلم مقرض أن يبيع الخمر و الخنزير اللذين هما له و يوفي بثمنهما دين المقرض المسلم كذلك يجوز له بيعهما و إيفاء دين المرتهن بثمنهما.

(10)هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه على الاحتجاج المذكور للشيخ رحمه اللّه.

ص: 136

واضح.

رهن الحرّ

(و لا رهن الحرّ (1) مطلقا) من مسلم و كافر عند مسلم و كافر، إذ لا شبهة في عدم ملكه (2).

رهن ما لا يملكه الراهن

(و لو رهن ما لا يملك (3)) الراهن و هو (4) مملوك لغيره (وقف على)

**********

شرح:

حاصل الردّ هو أنّه فرق بين رهن الخمر و الخنزير اللذين لا يجوز بيعهما و إن كانا عند ودعيّ ذمّيّ و كان بفعله و بين أن يبيع الكافر الذمّيّ الخمر و الخنزير و يقضي دين المسلم المقرض بثمنهما، إذ يد الذمّيّ الودعيّ في الصورة الاولى تكون كيد المسلم في التسلّط على البيع و الاستيفاء، بخلاف الصورة الثانية، فإنّ البيع فيها جائز للذمّيّ ، و يجوز للمسلم استيفاء دينه من ثمنهما، و هو واضح!

رهن الحرّ (1)أي لا يجوز رهن الحرّ مطلقا، سواء كان الراهن مسلما أو كافرا و سواء كان المرتهن كافرا أو مسلما.

(2)أي لا شبهة في أنّ الحرّ غير قابل للملك و أنّه من قبيل ما لا يملك - بصيغة المجهول -، فلا يصحّ رهنه للدين.

رهن ما لا يملكه الراهن (3)قوله «لا يملك» بصيغة المعلوم.

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما لا يملك». يعني و الحال أنّ ما لا يملكه الراهن مملوك لغيره، و خرج به ما لا يملك - بصيغة المجهول -، فإنّ رهنه باطل رأسا.

ص: 137

(الإجازة) من مالكه (1)، فإن أجازه (2) صحّ على أشهر الأقوال من كون عقد الفضوليّ موقوفا مطلقا (3)، و إن ردّه (4) بطل.

استعارة الراهن للرهن

(و لو استعار (5) للرهن صحّ (6)).

ثمّ إن سوّغ له المالك الرهن كيف شاء (7) جاز مطلقا (8)، و إن أطلق (9) ففي جوازه (10)

**********

شرح:

(1)فيكون الرهن بفعل الفضوليّ ، فيكون متوقّفا على إجازة المالك، كما هو شأن غيره من العقود التي تحقّق بفعل الفضوليّ .

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المالك، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الرهن.

(3)أي بلا فرق في عقد الفضوليّ الموقوف على الإجازة بين عقد الرهن و غيره.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى المالك، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الرهن. يعني لو ردّ المالك الرهن بطل.

استعارة الراهن للرهن (5)فاعله هو الضمير الراجع إلى الراهن. يعني لو استعار امرؤ ثوب غيره لأن يجعله رهنا لدين الدائن صحّت الاستعارة كذلك.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الاستعارة. فكما لا مانع من استعارة مال امرئ للانتفاع به كذلك لا مانع من استعارته للرهن.

(7)بأن يقول له المالك: اجعله رهنا بأيّ نحو شئت، فإذا يجوز الرهن مطلقا.

(8)أي جاز الرهن بأي مبلغ كان الدين و بأيّ مدّة طال الرهن.

(9)بأن لم يصرّح المعير بالتعميم و لم يقل: كيف شئت، بل أطلق و قال: يجوز لك جعله رهنا للدين.

(10)أي في جواز الرهن كيف شاء.

ص: 138

- فيتخيّر (1) كما لو عمّم (2) - أو المنع (3) للغرر (4) قولان (5)، اختار أوّلهما (6) في الدروس.

و على الثاني (7) فلا بدّ من ذكر قدر الدين (8) و جنسه (9) و وصفه و حلوله (10) أو تأجيله و قدر الأجل (11)، فإن تخطّى (12) حينئذ كان فضوليّا إلاّ

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المستعير الراهن.

(2)يعني أنّ المستعير هل يتخيّر في الرهن كيف شاء مثل ما لو صرّح المعير بجواز الرهن كذلك أو لا؟ فيه قولان.

(3)بالجرّ، عطف على قوله المجرور «جوازه»، و المراد منه هو المنع من جواز الرهن كيف شاء.

(4)أي للزوم الغرر و الضرر على المعير في صورة اختيار المستعير الرهن كيف شاء.

(5)مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «ففي جوازه».

(6)المراد من أوّل القولين هو تخيّر المستعير في الرهن كيف شاء.

(7)أي على المنع من جواز الرهن كيف شاء. يعني إذا منع عند إطلاق المالك الرهن من تخيّر المستعير في الرهن كيف شاء فلا بدّ من بيان الخصوصيّات.

(8)أي لا بدّ من أن يذكر المعير جعله رهنا للدين من حيث المقدار بأن يصرّح بجعله رهنا في مقابل ألف دينار من الدين مثلا.

(9)الضمير في قوله «جنسه» يرجع إلى الدين. يعني لا بدّ من أن يذكر المعير جعله رهنا في مقابل دين هو حنطة أو شعير أو درهم أو دينار.

(10)أي من حيث حلول الدين و كونه معجّلا في قبال كونه مؤجّلا.

(11)أي لا بدّ للمعير من ذكر مدّة أجل الدين.

(12)فاعله هو الضمير العائد إلى المستعير الراهن. يعني لو تخطّى المستعير بعد ما ذكر المالك المعير جوانب الرهن كان فضوليّا، فتحتاج صحّة رهنه إلى إجازة المالك.

ص: 139

أن يرهن على الأقلّ (1)، فيجوز بطريق أولى.

و يجوز الرجوع في العارية ما لم ترهن (2)، عملا بالأصل (3).

(و تلزم (4) بعقد الرهن)، فليس للمعير الرجوع فيها (5) بحيث يفسخ الرهن و إن جاز له (6) مطالبة الراهن بالفكّ عند الحلول (7).

ثمّ إن فكّه (8) و ردّه تامّا برئ.

**********

شرح:

(1)كما إذا صرّح المالك بجواز رهنه لدين قدره ألف دينار، فرهنه المستعير لدين قدره خمسمائة دينار، فالرهن كذلك يجوز بطريق أولى.

(2)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى العارية.

(3)المراد من «الأصل» هو استصحاب جواز الرجوع، لأنّ العارية من العقود الجائزة، فإذا شكّ في جواز الرجوع فيها بعد ما كانت جائزة من هذه الحيثيّة استصحب جواز الرجوع السابق بعد عروض الشكّ فيه.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى العارية. يعني أنّ العارية الجائزة تلزم بعد عقد الرهن، فلا يجوز للمعير أن يرجع فيها.

(5)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى العارية. يعني أنّ المراد من الرجوع الممنوع هو ما ينجرّ إلى فسخ الرهن، لكن يجوز للمعير أن يطلب من الراهن المستعير أن يفكّ العارية المرهونة عند حلول الدين.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المعير.

(7)أي حلول الدين بأن ينقضي الزمان المعيّن للدين الذي جعلت العارية رهنا له.

(8)الضميران الملفوظان في قوليه «فكّه» و «ردّه» يرجعان إلى الرهن، و فاعلاهما هما الضميران العائدان إلى الراهن المستعير.

ص: 140

يضمن الراهن لو تلف

(و يضمن الراهن لو تلف (1)) و إن كان بغير تفريط ،(أو بيع (2)) بمثله (3) إن كان (4) مثليّا، و قيمته (5) يوم التلف إن كان قيميّا.

هذا (6) إذا كان التلف بعد الرهن، أمّا قبله (7) فالأقوى أنّه كغيره من الأعيان المعارة.

و على تقدير بيعه (8) فاللازم لمالكه ثمنه إن بيع بثمن المثل.

**********

شرح:

ضمان الراهن (1)فاعله هو الضمير العائد إلى مال الوثيقة. يعني إذا جعل الراهن المستعير العارية رهنا لدين المرتهن، ثمّ تلف أو بيع - كما إذا باعه المرتهن لاستيفاء دينه من ثمنه - حكم على الراهن بضمانه و إن كان التلف بغير تفريط ، لأنّ المعير لم يملّك الراهن العارية، بل إنّما أعاره للرهن.

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الرهن.

(3)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «يضمن».

(4)أي إن كان الرهن مثليّا فإذا أعار المالك للرهن الحنطة فتلفت أو بيعت ضمن المستعير الراهن مثلها.

(5)بالجرّ، عطف على قوله المجرور «مثله». يعني يضمن الراهن قيمة الرهن إن كان قيميّا، فإذا أعار المالك للرهن شاته فتلفت أو بيعت ضمن المستعير الراهن قيمة الشاة يوم التلف لا يوم الإعارة و لا يوم الدفع.

(6)يعني أنّ الحكم بضمان الراهن إنّما هو فيما إذا وقع التلف بعد عقد الرهن.

(7)يعني لو تلف الرهن قبل عقد الرهن لم يضمنه المستعير، لأنّه مثل سائر الأعيان المستعارة التي لا ضمان في تلفها.

(8)يعني لو بيع المال المرهون المذكور بثمن المثل لاستيفاء دين المرتهن أخذ المالك من

ص: 141

و لو بيع (1) بأزيد فله المطالبة بما بيع به.

يصحّ رهن الأرض الخراجيّة

(و يصحّ رهن الأرض الخراجيّة (2)) كالمفتوحة عنوة، و التي صالح الإمام عليه السّلام أهلها على أن تكون ملكا للمسلمين و ضرب (3) عليهم الخراج، كما يصحّ بيعها (تبعا (4) للأبنية و الشجر)

**********

شرح:

المستعير ذلك.

(1)نائب الفاعل لقوله «بيع» هو الضمير الراجع إلى الرهن، و الضمير في قوله «فله» يرجع إلى المالك. يعني لو بيع الرهن بأزيد من ثمن المثل كان للمالك المطالبة بالزائد.

رهن الأرض الخراجيّة (2)الخراج - بالتثليث -: المال المضروب على الأرض، يقال: كم خراج أرضك، و أصله ما يحصل من غلّة الأرض (أقرب الموارد).

و المراد من الأراضي الخراجيّة هي التي افتتحها المسلمون بالقهر و الغلبة، فإنّها تتعلّق بجميع المسلمين لا بنحو ملك شخصيّ و بحيث يجوز لكلّ واحد منهم أن يتصرّف فيها كيف شاء، بل هي للمسلمين بمعنى صرفها في مصالحهم فتوجر و تصرف اجرتها في مصالح المسلمين في حفظ الحدود و الثغور و إعداد الجيش و دفع الأعداء و غير ذلك ممّا يحتاج إليه النظام الإسلاميّ .

و لا يخفى أنّ الأراضي الخراجيّة تنقسم إلى قسمين:

أ: المفتوحة عنوة أي غلبة.

ب: المأخوذ صلحا.

(3)يعني عيّن الإمام عليه السّلام الخراج على الأراضي المفتوحة عنوة.

(4)يعني يجوز رهن الأراضي الخراجيّة بتبع الأبنية و الأشجار التي أوجدها المتصرّف فيها.

ص: 142

لا منفردة (1).

رهن الطير في الهواء

(و لا رهن (2) الطير في الهواء)، لعدم إمكان قبضه (3).

و لو لم نشترطه (4) أمكن الجواز، لإمكان الاستيفاء منه (5) و لو بالصلح عليه (إلاّ (6) إذا اعتيد عوده) كالحمام الأهليّ فيصحّ ، لإمكان قبضه (7) عادة.

**********

شرح:

(1)أي لا يجوز رهن الأراضي الخراجيّة من دون تبعيّة الأبنية و الأشجار، كما لا يجوز بيعهما كذلك، لأنّها لجميع المسلمين.

رهن الطير في الهواء (2)أي لا يجوز رهن الطير في الهواء.

و المراد منه هو الطير غير المعتاد للعود كالحمام الأهليّ و غيره.

(3)أي لعدم إمكان قبض الطير في الهواء عادة لا عقلا.

(4)قوله «لم نشترطه» إشارة إلى القولين المتقدّمين في اشتراط القبض في الرهن و عدمه. يعني لو لم نقل باشتراط القبض في الرهن لم يكن في البيع منع من القول بصحّة رهن الطير في الهواء.

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الطير في الهواء. يعني كما يجوز الصلح على الطير كذلك يجوز جعله رهنا.

(6)استثناء من قوله «و لا رهن الطير في الهواء». يعني لو اعتيد رجوع الطير إلى و كره لم يمنع من صحّة رهنه شيء، كما تقدّم.

(7)أي يمكن قبض الطير في الهواء في العادة، لعوده بالأخير إلى و كره و لو لم يمكن في بعض الأحيان كأن يفرّ و لا يعود إلى مأمنه!

ص: 143

رهن السمك في الماء

(و لا السمك (1) في الماء إلاّ إذا كان محصورا (2) مشاهدا) بحيث لا يتعذّر قبضه عادة، و يمكن العلم به (3).

رهن السمك في الماء

(و لا رهن المصحف عند (4) الكافر أو العبد المسلم (5))، لاقتضائه (6) الاستيلاء عليهما (7)، و السبيل (8) على بعض الوجوه (9)

**********

شرح:

رهن السمك في الماء (1)أي لا يجوز رهن السمك في الماء.

(2)يعني يصحّ رهن السمك الذي يكون محصورا في الماء و مشاهدا فيه، كما إذا حصر في ماء حوض، لأنّه لا يتعذّر قبضه عادة.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى السمك المحصور.

رهن المصحف و العبد المسلم (4)يعني لا يصحّ رهن المصحف عند الكافر.

(5)يعني و لا يصحّ أيضا رهن العبد المسلم عند الكافر.

(6)الضمير في قوله «لاقتضائه» يرجع إلى الرهن. يعني عدم صحّة رهن المصحف و العبد المسلم عند الكافر إنّما هو لاستيلائه و تسلّطه على المصحف و العبد المسلم.

(7)الضمير في قوله «عليهما» يرجع إلى المصحف و العبد المسلم.

(8)بالنصب، عطف على قوله «الاستيلاء». يعني أنّ عدم جواز رهنهما إنّما هو لاستلزامه سبيل الكافر عليهما.

(9)يعني يتحقّق الاستيلاء و السبيل على بعض الوجوه، و هو ما إذا لم يقدر المسلم على أداء الدين، فيتسلّط الكافر عليهما ببيعهما، و تسلّط الكافر عليهما منفيّ كما في

ص: 144

ببيع و نحوه (1)(إلاّ أن يوضعا (2) على يد مسلم)، لانتفاء السبيل بذلك (3) و إن لم يشترط (4) بيعه للمسلم، لأنّه (5) حينئذ لا يستحقّ الاستيفاء من قيمته إلاّ ببيع المالك أو من (6) يأمره أو الحاكم (7) مع تعذّره، و مثله (8) لا يعدّ سبيلا، لتحقّقه (9) و إن لم يكن هناك رهن.

**********

شرح:

قوله تعالى: لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1) ، و عن المعصوم عليه السّلام:

«الإسلام يعلو، و لا يعلى عليه».

(1)أي و نحو البيع.

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المصحف و العبد المسلم.

(3)المشار إليه في قوله «بذلك» هو وضعهما على يد المسلم.

(4)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو قوله «بيعه».

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الكافر. و هذا تعليل لجواز رهن المصحف و العبد المسلم لدين الكافر مع وضعهما عند مسلم بأنّ الكافر في هذه الصورة لا يجد سبيلا عليهما، بل هو يستوفي دينه بثمنهما ببيع المالك المسلم.

(6)بالجرّ محلاّ، عطف على قوله «المالك». أي ببيع امرئ يأمره المالك بذلك.

(7)أي ببيع الحاكم الشرعيّ إذا لم يبعه المالك و لا من أمره بذلك.

(8)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى ما ذكر من بيع المالك أو بيع من أمره أو الحاكم، فيكون التقدير هكذا: و مثل هذا الاستيفاء - أعني استيفاء الكافر دينه من الثمن الذي حصّله المالك أو مأمورة أو الحاكم - لا يكون سبيلا منفيّا.

(9)الضمير في قوله «لتحقّقه» يرجع إلى ما ذكرناه من مرجع ضمير قوله «مثله».

ص: 145


1- سوره 4 - آیه 141
رهن الوقف

(و لا رهن (1) الوقف)، لتعذّر استيفاء الحقّ منه (2) بالبيع.

و على تقدير جواز بيعه (3) بوجه يجب أن يشترى بثمنه ملكا يكون وقفا، فلا يتّجه الاستيفاء منه (4) مطلقا (5).

نعم (6)، لو قيل بعدم وجوب إقامة بدله أمكن رهنه (7) حيث يجوز بيعه.

**********

شرح:

رهن الوقف (1)أي لا يصحّ رهن المال الموقوف، لعدم جواز بيعه لاستيفاء الحقّ منه و الحال أنّا ذكرنا أنّ من شرائط الرهن أن يكون قابلا للبيع.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الوقف.

(3)يعني إذا فرض جواز بيع الوقف في بعض الموارد التي منها عدم قابليّته للانتفاع به - كما إذا بلي الحصير الموقوف أو كان البناء الموقوف مشرفا على الخراب - لم يجز صرف ثمنه إلاّ في شراء ما يكون وقفا أيضا، فلا يصرف على أيّ حال في استيفاء الدين منه، فلا فائدة في رهن الوقف.

و لا يخفى أنّ الفقهاء قد ذكروا موارد جواز بيع الوقف، من أرادها فليراجع مظانّها.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الوقف.

(5)أي سواء جاز بيع الوقف على بعض الوجوه أو لم يجز.

(6)هذا استدراك عن عدم جواز رهن الوقف بأنّه لو قيل بعدم وجوب شراء بدل الوقف و جاز بيعه في الموارد الخاصّة أمكن القول بجواز جعله رهنا للدين.

(7)الضميران في قوليه «رهنه» و «بيعه» يرجعان إلى الوقف.

ص: 146

يصحّ الرهن في زمن الخيار

(و يصحّ الرهن في زمن الخيار (1))، لثبوت الثمن في الذمّة و إن لم يكن (2) مستقرّا (و إن كان) الخيار (للبائع (3)، لانتقال (4) المبيع) إلى ملك المشتري (بالعقد على الأقوى (5))، لأنّ صحّة البيع تقتضي ترتّب أثره (6)، و لأنّ (7) سبب الملك هو العقد، فلا يتخلّف عنه (8) المسبّب.

**********

شرح:

الرهن في زمن الخيار (1)فإذا اشترى امرئ متاعا من البائع نسيئة مع خيار الفسخ و رهن المبيع عند الدائن أي البائع فلا مانع من صحّة الرهن كذلك، لثبوت الثمن في ذمّة المشتري مع ملكه للمبيع و إن لم يكن مستقرّا، لجعل الخيار في البيع الواقع بينهما.

(2)اسم «لم يكن» هو الضمير الراجع إلى البيع. يعني و إن لم يكن البيع مستقرّا، لاشتراط الخيار فيه، كما تقدّم في المثال.

(3)أي لا مانع من صحّة الرهن كذلك و إن كان خيار الفسخ للبائع، كما تقدّم مثاله.

(4)تعليل لصحّة الرهن في المثال المذكور بأنّ المبيع الذي رهنه المشتري عند الدائن البائع انتقل إليه بعد ما صار ملكا له و إن لم يكن الملك هذا مستقرّا، لكن مع ذلك لا مانع من صحّة هذا الرهن.

(5)في مقابل قول الشيخ رحمه اللّه كما سيذكره.

(6)الضمير في قوله «أثره» يرجع إلى البيع، و من أثر البيع جواز رهن المبيع.

(7)هذا تعليل آخر لصحّة الرهن المذكور.

(8)أي لا يتخلّف المسبّب عن السبب.

و المراد من «السبب» هو العقد، و من «المسبّب» هو جواز تصرّف المشتري، و منه رهن المبيع.

ص: 147

و على قول الشيخ بعدم انتقاله (1) إلى ملك المشتري إذا كان الخيار للبائع أو لهما (2) لا يصحّ الرهن على الثمن قبل انقضائه (3).

رهن العبد المرتدّ

(و يصحّ رهن العبد المرتدّ و لو عن فطرة (4))، لأنّه (5) لم يخرج بها عن الملك و إن وجب قتله، لأنّه (6) حينئذ كرهن المريض المأيوس من برئه.

**********

شرح:

(1)فإنّ الشيخ رحمه اللّه قائل بعدم انتقال المبيع إلى ملك المشتري إلاّ بعد انقضاء زمن الخيار، فعليه لا يصحّ رهن المبيع.

(2)الضمير في قوله «لهما» يرجع إلى البائع و المشتري. يعني بناء على فتوى الشيخ - أعني عدم انتقال المبيع إلى ملك المشتري في زمن الخيار - إذا كان الخيار للبائع أو كان لهما لم ينتقل المبيع إلى ملك المشتري، فلم يصحّ له رهن المبيع في مقابل الثمن الذي هو للبائع و في ذمّة المشتري، كما أوضحناه في المثال المتقدّم.

(3)الضمير في قوله «انقضائه» يرجع إلى الخيار.

رهن العبد المرتدّ (4)هو الذي تولّد و أحد أبويه مسلم أو كلاهما كذلك، ثمّ ارتدّ عن الإسلام في مقابل المرتدّ عن ملّة، و هو الذي ولد في الكفر، ثمّ أسلم ثمّ ارتدّ عن الإسلام.

و الفرق بينهما هو أنّ الأوّل لا تقبل توبته و يحكم بقتله، أمّا الثاني فتقبل توبته، و إلاّ يحبس إلى أن يتوب، كما فصّل في محلّه.

(5)يعني أنّ المرتدّ عن فطرة لا يخرج عن الملك بالارتداد. و الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الارتداد عن فطرة، و التأنيث باعتبار الردّة.

(6)يعني أنّ رهن المرتدّ عن فطرة حين ارتداده يكون مثل رهن العبد المريض الذي حصل اليأس من برئه.

ص: 148

و لو كان (1) امرأة أو ملّيّا فالأمر أوضح، لعدم قتلها (2) مطلقا، و قبول توبته (3).

رهن مطلق الجاني

(و الجاني (4) مطلقا) عمدا و خطأ، لبقاء (5) الماليّة و إن (6) استحقّ

**********

شرح:

(1)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى المرتدّ. يعني لو كان المرتدّ امرأة أو كان مرتدّا عن ملّة فالحكم بجواز رهنه أوضح، لعدم المانع عنه مع عدم خروجه عن الملك بالارتداد.

(2)الضمير في قوله «قتلها» يرجع إلى المرأة. و قوله «مطلقا» إشارة إلى عدم الفرق في المرأة بين كونها مرتدّة من فطرة أو عن ملّة، و لا فرق فيها أيضا بين توبتها و عدم توبتها، فإنّ المرأة المرتدّة لا تقتل، بل تحبس أبدا إلى أن تتوب و يشقّ عليها في الحبس من حيث المأكول و غيره حتّى تتوب أو تموت.

(3)الضمير في قوله «توبته» يرجع إلى المرتدّ عن ملّة. فإنّ هذا النوع من المرتدّ تقبل توبته، لكنّه لو لم يتب و اصرّ على ارتداده حكم بقتله أيضا، كما لو كان يقتل المرتدّ عن فطرة بلا استتابة.

رهن مطلق الجاني (4)عطف على قوله المجرور «العبد». يعني و يصحّ رهن العبد الجاني أيضا، سواء كانت جنايته على الغير عمدا أو كانت خطأ.

(5)تعليل لصحّة رهن العبد الجاني، و العلّة هي بقاء ماليّته مع الجناية الصادرة عنه، فلا مانع من رهن المديون إيّاه للدين.

(6) «إن» وصليّة. يعني و إن كان الجاني مستحقّا للقتل عند اختيار وليّ الدم الاقتصاص منه لو كان عامدا.

ص: 149

العامد القتل، و لجواز (1) العفو.

ثمّ إن قتل بطل الرهن، و إن فداه (2) مولاه أو عفا الوليّ بقي رهنا.

و لو استرقّ (3) بعضه بطل الرهن فيه خاصّة.

و في كون (4) رهن المولى له في الخطأ التزاما بالفداء وجهان كالبيع (5).

(فإن عجز المولى عن فكّه (6) قدّمت (7) الجناية)، لسبقها (8)، و لتعلّق حقّ المجنيّ عليه بالرقبة (9).

**********

شرح:

(1)هذا تعليل آخر لصحّة رهن الجاني مطلقا بأنّه يحتمل عفو وليّ الدم إيّاه.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «فداه» و كذا ضمير قوله «مولاه» يرجعان إلى العبد الجاني.

و المراد من قوله «فداه» هو أن يؤدّي المجنيّ عليه مولاه تمام قيمته لو جنى خطأ، فإنّ العبد إذا جنى خطأ تخيّر مولاه بين أن يعطي المجنيّ عليه قيمته و يفكّه و بين أن يعطي إيّاه نفس العبد، فإذا جعل العبد الجاني خطأ رهنا فإن فداه مولاه بمعنى أشرنا إليه أو عفا عنه وليّ الدم بقي رهنا لدين المرتهن.

(3)كما إذا جنى على الغير، ثمّ استرقّ المجنيّ عليه نصفه فإذا يبطل الرهن في قدر الاسترقاق، و يبقى الباقي مرهونا.

(4)يعني لو رهن المولى عبده الجاني خطأ لدين المرتهن فهل يدلّ ذلك على أنّ المولى التزم بإعطاء قيمته للمجنيّ عليه أم لا؟ فيه وجهان.

(5)أي كما أنّ في بيع العبد الجاني خطأ أيضا وجهين.

(6)الضمير في قوله «فكّه» يرجع إلى العبد الجاني خطأ الذي رهنه المولى.

(7)يعني قدّم حقّ المجنيّ عليه و أخذ الجاني بحقّه السابق على حقّ المرتهن.

(8)هذا هو التعليل الأوّل لتقدّم حقّ المجنيّ عليه، و الضمير يرجع إلى الجناية.

(9)هذا تعليل ثان، و هو أنّ حقّ المجنيّ عليه تعلّق بعين الجاني، و تعلّق حقّ المرتهن بماليّته.

ص: 150

و من ثمّ لو مات الجاني لم يلزم السيّد (1)، بخلاف المرتهن، فإنّ حقّه (2) لا ينحصر فيها، بل تشتركها (3) ذمّة الراهن.

رهن ما يفسد سريعا

(و لو رهن ما يتسارع إليه الفساد قبل الأجل (4)) بحيث لا يمكن إصلاحه كتجفيف العنب و الرطب (5)(فليشترط بيعه و رهن ثمنه)، فيبيعه الراهن (6) و يجعل ثمنه رهنا.

**********

شرح:

(1)لأنّ متعلّق حقّ المجنيّ عليه فات، فلا مورد له.

(2)يعني أنّ حقّ المرتهن لا ينحصر في عين العبد. و الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى الرقبة.

(3)الضمير الملفوظ في قوله «تشتركها» يرجع إلى الرقبة، و فاعله قوله «ذمّة الراهن». يعني في حقّ الراهن تشترك الرقبة و ذمّة الراهن، فإذا فاتت الرقبة بقيت ذمّة الراهن مشغولة به، بخلاف حقّ المجنيّ عليه، فإنّ متعلّقه ينحصر في نفس الرقبة، فإذا فاتت فات حقّه.

رهن ما يفسد سريعا (4)أي قبل أجل الدين، كما إذا رهن المديون مائة منّ من العنب للدين الذي مدّته شهر أو شهران، فإنّ العنب المرهون لا يبقى إلى المدّة المذكورة، بل يفسد قبل انقضاء أجل الدين، فيجب في ذلك اشتراط بيعه و جعل ثمنه رهنا للدين.

(5)عطف على قوله «العنب»، و أتى الشارح رحمه اللّه بمثالين لإمكان الإصلاح بالتجفيف:

أ: تجفيف العنب و جعله زبيبا.

ب: تجفيف الرطب و جعله تمرا.

فإنّهما إذا جفّفا أمكن بقائهما إلى انقضاء أجل الدين.

(6)و لا حقّ للمرتهن في بيع ما يتسارع إليه الفساد، بل يقدم على البيع نفس الراهن.

ص: 151

فإن امتنع (1) منه رفع المرتهن أمره (2) إلى الحاكم ليبيعه (3) أو يأمر به (4).

فإن تعذّر جاز له (5) البيع، دفعا للضرر و الحرج.

(و لو أطلق (6)) الرهن و لم يشترط (7) بيعه و لا عدمه (حمل عليه (8))، جمعا بين الحقّين (9)، مع كونه (10) حالة الرهن صالحا له (11).

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن، و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى البيع.

(2)الضمير في قوله «أمره» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما يتسارع».

(3)و الضمير الملفوظ في قوله «ليبيعه» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما يتسارع»، و فاعله هو الضمير الراجع إلى الحاكم.

(4)أي يأمر الحاكم المرتهن أو غيره ببيع ما يتسارع إليه الفساد.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المرتهن. يعني عند تعذّر الرجوع إلى الحاكم يقدم المرتهن نفسه على البيع، دفعا للضرر.

(6)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو قوله «الرهن». يعني أنّ الراهن و المرتهن إذا لم يشترطا بيع ما يتسارع إليه الفساد، بل جعلا الرهن مطلقا حمل الإطلاق على اشتراط البيع.

(7)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو قوله «بيعه». و هذا تفسير للإطلاق الوارد في عبارة المصنّف رحمه اللّه «و لو أطلق». و الضميران في قوليه «بيعه» و «عدمه» يرجعان إلى «ما» الموصولة في قوله «ما يتسارع إليه الفساد».

(8)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الاشتراط المعلوم بالقرينة.

(9)المراد من «الحقّين» هو حقّ الراهن - و هو صحّة ما جعله رهنا و كونه جامعا لشرائط الرهن - و حقّ المرتهن، و هو استيفاء حقّه من الرهن.

(10)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى ما يتسارع إليه الفساد.

(11)يعني كان ما يتسارع إليه الفساد صالحا للرهن عند عقد الرهن.

ص: 152

و قيل: يبطل (1)، لعدم اقتضاء الإطلاق البيع و عدم صلاحيّته (2)، لكونه رهنا على الدوام (3)، فهو (4) في قوّة الهالك.

و هو (5) ضعيف، لكونه عند العقد مالا تامّا، و حكم (6) الشارع ببيعه على تقدير امتناعه منه صيانة للمال جائز، لفساده (7).

و احترز (8) بقوله: «قبل الأجل» عمّا لو كان لا يفسد إلاّ بعد حلوله (9)

**********

شرح:

(1)يعني قال بعض ببطلان رهن ما يتسارع إليه الفساد، و استدلّ على ذلك بوجهين:

أ: عدم اقتضاء الإطلاق البيع.

ب: عدم صلاحيّة ما يتسارع إليه الفساد للرهن الدائم.

(2)أي و لعدم صلاحيّة ما يتسارع إليه الفساد للرهن دائما.

(3)لأنّ ما يتسارع إليه الفساد لا دوام فيه حتّى يجعل رهنا دائما، و قد تقدّم اشتراط الدوام في الرهن.

(4)يعني أنّ ما يتسارع إليه الفساد في حكم الهالك، فكما لا يصحّ رهن الهالك كذلك لا يصحّ رهن ما هو في حكمه، و هو هنا ما يتسارع إليه الفساد.

(5)يعني أنّ القول ببطلان رهن ما يتسارع إليه الفساد ضعيف، لأنّ ما هو كذلك يعدّ عند العقد مالا صحيحا، فلا مانع من جواز رهنه.

(6)هذا مبتدأ، خبره قوله «جائز».

(7)الضمير في قوله «لفساده» يرجع إلى ما يتسارع إليه الفساد. و هذا تعليل لجواز حكم الشارع ببيع ما هو كذلك. يعني أنّ حكم الشارع بالبيع إنّما هو لعروض الفساد له فيما بعد.

(8)ضمير الفاعل في قوله «احترز» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه، و كذا الضمير في قوله «بقوله».

(9)يعني لو بقي ما يتسارع إليه الفساد إلى حلول أجل الدين فلا مانع من جعله رهنا للدين المذكور.

ص: 153

بحيث يمكن بيعه (1) قبله، فإنّه (2) لا يمنع.

و كذا (3) لو كان الدين حالاّ، لإمكان حصول المقصود (4) منه.

و يجب على المرتهن السعي على بيعه (5) بأحد الوجوه (6)، فإن ترك (7) مع إمكانه ضمن إلاّ أن ينهاه (8) المالك، فينتفي الضمان.

و لو أمكن إصلاحه (9) بدون البيع لم يجز بيعه بدون إذنه (10)، و مؤنة

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بيعه» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «عمّا لو كان»، و الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى الفساد.

(2)أي فإنّ ما لا يفسد إلاّ بعد حلول أجل الدين لا مانع من جعله رهنا.

(3)أي و كذا لا يمنع من رهن ما ذكر في صورة كون الدين حالاّ غير مؤجّل.

(4)المراد من «المقصود» هو بيعه قبل الفساد. و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الرهن.

(5)يعني يجب على المرتهن السعي في بيع ما يتسارع إليه الفساد قبل عروض الفساد له، و إلاّ ضمن.

(6)المراد من «الوجوه» هو الاشتراط و جواز بيع المرتهن عند تعذّر الرجوع إلى الحاكم و الإطلاق المحمول على الاشتراط ، كما تقدّم.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى المرتهن. يعني لو ترك المرتهن بيع ما يتسارع إليه الفساد مع إمكان بيعه ففسد حكم بضمانه.

(8)الضمير في قوله «ينهاه» يرجع إلى المرتهن.

و المراد من «المالك» هو الراهن. يعني لو نهى المالك الراهن المرتهن عن بيع ما يتسارع إليه الفساد ثمّ فسد فلا ضمان على المرتهن.

(9)كما إذا أمكن تجفيف العنب و الرطب المجعولين رهنا، فإذا لا يجوز للمرتهن بيعهما من دون إذن الراهن، بل يصلحهما بالتجفيف، و المئونة تكون على عهدة الراهن.

(10)الضمير في قوله «إذنه» يرجع إلى الراهن.

ص: 154

إصلاحه على الراهن كنفقة الحيوان (1).

شروط المتعاقدين

(و أمّا المتعاقدان (2) فيشترط فيهما الكمال) بالبلوغ (3) و العقل (4) و الرشد (5) و الاختيار (6)(و جواز (7) التصرّف) برفع الحجر عنهما (8) في التصرّف الماليّ .

**********

شرح:

(1)يعني كما أنّ نفقة الحيوان المرهون تكون على عهدة الراهن بعد ما أنفق عليه المرتهن كذلك تكون نفقة إصلاحه على مالكه الراهن.

شروط المتعاقدين (2)يعني أنّ الراهن و المرتهن اللذين يجريان عقد الرهن يشترط فيهما أن يكونا كاملين.

(3)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «الكمال». يعني أنّ الكمال يحصل بالبلوغ الثابت بأحد العلامات التي فصّلناها في كتاب الصوم، و بالعقل، و قد فسّر الشارح رحمه اللّه الكمال هنا بالرشد و الاختيار أيضا.

(4)فلا يصحّ رهن المجنون، راهنا كان أو مرتهنا.

(5)فلا يصحّ رهن السفيه.

(6)مقابل الإكراه و الإجبار لا الاضطرار (الحديقة).

(7)أي يشترط في صحّة عمل الراهن و المرتهن جواز تصرّفهما الماليّ .

(8)الضمير في قوله «عنهما» يرجع إلى الراهن و المرتهن. يعني يشترط في الراهن و المرتهن أن لا يكونا محجورا عليهما و ممنوعين من التصرّف الماليّ بالإفلاس و غيره، فلا يجوز كون المفلّس المحجور عليه راهنا و لا مرتهنا.

ص: 155

يصحّ رهن مال الطفل للمصلحة

(و يصحّ رهن مال الطفل (1) للمصلحة)، كما إذا افتقر (2) إلى الاستدانة لنفقته (3) و إصلاح عقاره (4) و لم يكن (5) بيع شيء من ماله (6) أعود، أو لم يمكن (7) و توقّفت (8) على الرهن.

و يجب كونه (9) على يد ثقة يجوز (10) إيداعه منه.

**********

شرح:

رهن مال الطفل (1)أي يجوز للوليّ رهن مال الطفل إذا رأى المصلحة في الرهن الكذائيّ .

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الطفل.

(3)الضمير في قوله «لنفقته» يرجع إلى الطفل. يعني أنّ المصلحة لرهن مال الطفل قد توجد في احتياج الطفل إلى الاستدانة لتحصيل نفقته.

(4)أي قد تكون الاستدانة لإصلاح داره أو حديقته مثلا.

(5)عطف على قوله «افتقر».

(6)يعني أنّ المصلحة قد توجد في استدانة الطفل في صورة عدم كون بيع مال الطفل أصلح و أنفع من الاستدانة، و إلاّ لم تصحّ الاستدانة و رهن ماله للدين.

(7)عطف على قوله «لم يكن». يعني كان بيع ماله أصلح و أنفع لكن لم يمكن.

(8)فاعله هو الضمير المستتر العائد إلى الاستدانة. فلو لم تحتجّ الاستدانة إلى الرهن لم تصحّ .

(9)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى الرهن، و المراد منه المال المرهون. يعني يجب أن يجعل المال المرهون المتعلّق بالطفل على يد ثقة قابل لكونه ودعيّا.

(10)بالجرّ محلاّ، صفة لقوله «ثقة»، و الضمير في قوله «إيداعه» يرجع إلى مال الطفل، و في قوله «منه» يرجع إلى الثقة.

ص: 156

أخذ الرهن للطفل

(و) كذا يصحّ (أخذ الرهن له (1)، كما إذا أسلف (2) ماله مع ظهور الغبطة أو خيف على ماله (3) من غرق أو نهب (4)).

و المراد بالصحّة هنا (5) الجواز بالمعنى الأعمّ ، و المقصود منه الوجوب.

و يعتبر كون الرهن مساويا للحقّ (6) أو زائدا عليه،

**********

شرح:

أخذ الرهن للطفل (1)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الطفل. يعني كما يجوز جعل مال الطفل رهنا للاستدانة مع المصلحة كذلك يجوز أخذ الرهن في مقابل مال الطفل.

(2)يعني كما إذا أجرى الوليّ بيع السلف بمال الطفل مثل أن يشتري للطفل ألف منّ حنطة سلفا فأخذ الرهن من البائع للحنطة المشتراة منه سلفا مع تحقّق المصلحة بذلك.

(3)و هذا هو المثال الثاني لجواز أخذ الرهن في مقابل مال الطفل، و هو ما إذا خيف على مال الطفل من الغرق أو النهب، فإذا يجوز للوليّ أن يعطي ماله للغير بعنوان الدين مع أخذ الرهن منه.

(4)النهب - بالفتح -: مصدر، يقال: «هذا زمان النهب» أي الغلبة على المال و القهر (أقرب الموارد).

(5)يعني أنّ المراد من الصحّة في قوله «و يصحّ رهن مال الطفل مع المصلحة» هو الجواز بالمعنى الأعمّ الشامل للوجوب أيضا.

اعلم أنّ الجواز إمّا بمعنى الترخّص، و هو المتساوي من حيث الفعل و الترك، و يعبّر عنه بالمباح، أو بالمعنى الأعمّ الشامل للوجوب و الندب و الكراهة و الإباحة.

فالمراد من الصحّة بمعنى الجواز في المقام هو الوجوب لا المساوي و لا المندوب و غيرهما من أقسام الجواز بالمعنى الأعمّ .

(6)يعني يعتبر في الرهن الذي يأخذه الوليّ للطفل أن يكون مساويا لقدر ماله أو

ص: 157

ليمكن استيفاؤه (1) منه، و كونه (2) بيد الوليّ أو يد عدل، ليتمّ التوثّق، و الإشهاد (3) على الحقّ لمن يثبت به (4) عند الحاجة إليه عادة.

فلو أخلّ (5) ببعض هذه ضمن مع الإمكان.

تعذّر الرهن

(و لو تعذّر الرهن هنا) و هو (6) في موضع الخوف على ماله (أقرض من ثقة عدل غالبا (7)).

هكذا (8) اتّفقت النسخ،

**********

شرح:

أزيد منه، فلا يصحّ الرهن إذا كان أنقص منه.

(1)أي ليمكن استيفاء مال الطفل من الرهن المأخوذ له.

(2)أي يعتبر كون الرهن الذي يأخذه الوليّ لمال الطفل أن يكون بيد الوليّ أو بيد امرئ عادل، تحصيلا للوثوق و الاطمينان.

(3)بالرفع، عطف على قوله «كون الرهن». يعني يعتبر الإشهاد على حقّ الطفل بشاهد يثبت به حقّه عند الحاجة إلى إثباته بالشاهد.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى «من» الموصولة، و في قوله «إليه» يرجع إلى الإشهاد.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى الوليّ . يعني لو قصّر الوليّ فيما ذكر كلاّ أو بعضا حكم بضمانه.

تعذّر الرهن (6)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الوليّ ، و في قوله «ماله» يرجع إلى الطفل.

(7)المراد من قوله «غالبا» هو كون الشخص متّصفا بالعدالة و الوثاقة ظاهرا أو في الأغلب، كما نبّه عليه صاحب الحديقة في تعليقته.

(8)يعني قد وردت العبارة في جميع نسخ اللمعة الدمشقيّة مشتملة على قوليه «ثقة» و «عدل».

ص: 158

و الجمع (1) بين العدل و الثقة تأكيد، أو حاول (2) تفسير الثقة بالعدل، لوروده (3) كثيرا في الأخبار و كلام (4) الأصحاب محتملا (5)

**********

شرح:

(1)لا يخفى أنّ الشارح رحمه اللّه ذكر لجمع المصنّف رحمه اللّه بين لفظي «ثقة» و «عدل» وجهين:

أ: قصد التأكيد.

ب: قصد معنى العدل من لفظ «الثقة»، لكونه أعمّ .

(2)أي قصد، و فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف. يعني أنّ لفظ «الثقة» له معنى عامّ يشمل العدل و غيره ممّا يوجب الاطمينان، فقصد المصنّف من الجمع بينهما أنّ المراد ليس المعنى الأعمّ للثقة، بل المراد إنّما هو العدل.

(3)الضمير في قوله «لوروده» يرجع إلى لفظ «الثقة». يعني أنّ لفظ «الثقة» ورد في كثير من الأخبار بمعنى العدل، منها ما نقله صاحب الوسائل:

و في كتاب إكمال الدين و إتمام النعمة عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمّد بن عثمان العمريّ أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السّلام: أمّا ما سألت عنه أرشدك اللّه و ثبّتك - إلى أن قال: - و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، و أنا حجّة اللّه، و أمّا محمّد بن عثمان العمريّ رضي اللّه عنه و عن أبيه من قبل فإنّه ثقتي، و كتابه كتابي (الوسائل: ج 18 ص 101 ب 11 من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء ح 9).

(4)بالجرّ، عطف على قوله «الأخبار». يعني أنّ لفظ «الثقة» ورد كثيرا ما في كلام الأصحاب أيضا، و اريد منه العدل.

(5)قوله «محتملا» - بصيغة اسم الفاعل - حال من ضمير قوله «لوروده» و هو يرجع إلى لفظ «الثقة».

و الحاصل أنّ المصنّف رحمه اللّه قصد من تفسير الثقة بالعدل أنّ المراد من لفظ الثقة هو العدل، و الحال أنّ هذا اللفظ محتمل للمعنى الأعمّ من العدل أيضا.

ص: 159

لما هو (1) أعمّ منه.

و وصف الغلبة (2) للتنبيه على أنّ العدالة لا تعتبر في نفس الأمر و لا في الدوام، لأنّ عروض الذنب ليس بقادح (3) على بعض الوجوه (4)، كما عرفته (5) في باب الشهادات،

**********

شرح:

(1)ضمير «هو» يرجع إلى «ما» الموصولة و المراد منها هو المعنى الأعمّ ، و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى العدل.

(2)يعني أنّ وصف الغلبة الوارد في قوله «ثقة عدل غالبا» إشارة إلى أنّ العدالة الواقعيّة لا تعتبر في المقام، و أيضا لا تعتبر دوامها، بل يقتصر هنا على العدالة الظاهريّة و لو عرض ذنب اتّفاقا.

(3)فيه نظر، فإنّ الذنب الغير القادح هو الصغيرة مع عدم الإصرار، و ذلك لا ينافي الدوام، و إن أراد بالذنب التي هي الكبيرة - و هو الظاهر من كونه تعليلا لعدم الدوام - فهي جارحة في العدالة من كلّ وجه.

اللهمّ إلاّ أن يريد الكبيرة و التوبة بعدها، فيكون ذلك غير قادح في كونه بعد التوبة عدلا إلاّ أنّ خصوص ذلك لم يتقدّم في باب الشهادات، بل غير القادح هناك الصغيرة مع عدم الإصرار، و هو مفهوم من مضمون العبارة.

و لا يبعد أن يكون مراد المصنّف أنّ من كان أغلب أوقاته متّصفا بالعدالة كاف في الإقراض مع عدم العدل يقينا في وقت انتفائها إذا لم يكن يأكل أموال الناس، فإنّه قد يحصل مثل ذلك.

و احتمل في المسالك الاكتفاء بالثقة في هذا و نظائره لا العدل، لأنّ ذلك هو المعتبر شرعا (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

(4)كما إذا ارتكب الصغائر مع عدم الإصرار عليها، أو ارتكب الكبيرة مع التوبة فورا.

(5)الضمير في قوله «عرفته» يرجع إلى عدم قدح عروض بعض الذنوب.

ص: 160

و المعتبر وجودها (1) غالبا.

شروط الحقّ

(و أمّا الحقّ (2) فيشترط ثبوته في الذمّة (3)) أي استحقاقه (4) فيها و إن لم يكن مستقرّا (5).

أمثلة الحقّ الثابت في الذمّة

(كالقرض (6) و ثمن المبيع) و لو في (7) زمن الخيار.

**********

شرح:

أقول: لا يخفى أنّ المذكور في باب الشهادات هو عدم قدح ارتكاب الصغائر في العدالة كالكبائر، فإنّ ارتكاب الكبائر ينافي العدالة.

(1)الضمير في قوله «وجودها» يرجع إلى العدالة. يعني لا يعتبر دوام العدالة، بل المعتبر في المقام هو وجودها في أغلب الأوقات.

شروط الحقّ (2)من هنا أخذ المصنّف رحمه اللّه في بيان الحقّ الذي يؤخذ له الرهن بعد بيان شرائط المتعاقدين، فقال: يشترط ثبوت حقّ المرتهن في ذمّة الراهن ليصحّ الرهن، فما لم يثبت لم يصحّ الرهن.

(3)أي في ذمّة الراهن.

(4)الضمير في قوله «استحقاقه» يرجع إلى الحقّ ، و في قوله «فيها» يرجع إلى الذمّة.

(5)كما إذا باع زيد من عمرو متاعا بألف و اشترط الخيار لنفسه، ثمّ أخذ الرهن من عمرو في مقابل الثمن الذي ثبت في ذمّته غير مستقرّ، لأنّ للبائع فسخ البيع، فلا يستقرّ الثمن بالأخير في ذمّة المشتري.

أمثلة الحقّ الثابت في الذمّة (6)هذا مثال للحقّ المستقرّ في ذمّة الراهن باقتراضه من المرتهن.

(7)و هذا مثال للحقّ الغير المستقرّ، و قد تقدّم تفصيله في المثال المذكور في الهامش 5

ص: 161

(و الدية (1) بعد استقرار الجناية)، و هو انتهاؤها إلى الحدّ الذي لا يتغيّر موجبها (2) لا قبله (3)، لأنّ (4) ما حصل بها في معرض الزوال بالانتقال إلى غيره (5).

ثمّ إن كانت (6) حالّة أو لازمة للجاني كشبيه (7) العمد جاز الرهن عليها

**********

شرح:

من الصفحة السابقة.

(1)هذا مثال آخر لثبوت الحقّ في ذمّة الراهن، فإنّه إذا أورد جناية على الغير، ثمّ انتهت الجناية إلى النهاية التي لا يتغيّر موجبها من الدية ثبت الحقّ في ذمّة الجاني، و يصحّ الرهن للحقّ الثابت في ذمّته.

(2)قوله «موجبها» بصيغة اسم المفعول، و الضمير فيه يرجع إلى الجناية.

و المراد من موجب الجناية هو ما توجبه الجناية من الدية و الأرش.

(3)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى الانتهاء. يعني لا يصحّ الرهن لدية الجناية التي لم تصل إلى النهاية التي لا يتغيّر موجبها، لعدم ثبوت الحقّ .

(4)تعليل لعدم ثبوت الحقّ قبل انتهاء الجناية إلى الحدّ المذكور بأنّ الجناية الحاصلة تكون في معرض الانتقال من حدّ إلى حدّ آخر مثل أن تكون أوّلا قليلة، ثمّ تسري و تتبدّل إلى غير الحاصلة ثانيا، و مثالها ما إذا أورد الجناية على الجلد، ثمّ سرت إلى اللحم و العظم.

و لا يخفى أنّ الجناية المنتهية إلى الحدّ المذكور يمكن أن تتغيّر و تتبدّل إلى الأقلّ الحاصلة أوّلا، فإذا فالاعتبار إنّما هو بدية المنتهية إلى الحدّ لا بالقليلة التي تبدّلت الجناية إليها.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(6)اسم «كانت» هو الضمير العائد إلى الدية.

(7)مثال للدية اللازمة للجاني، فإنّ دية الجناية الشبيهة بالعمد تكون على عهدة

ص: 162

مطلقا (1).

(و في الخطأ) المحض لا يجوز الرهن عليها (2) قبل الحلول، لأنّ المستحقّ عليه غير معلوم (3)، إذ المعتبر من (4) وجد منهم عند حلولها (5)

**********

شرح:

الجاني، و تكون دية الجناية خطأ على عهدة عاقلته.

(1)أي بلا فرق بين حلول زمان الدية و عدمه أعني قبل الحلول.

(2)الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الدية.

(3)إذ تكون الدية في الخطأ على العاقلة الموجودين عند حلول الدية، و وقت حلولها بعد ثلاث سنوات، فلا يعجّل الرهن من الموجودين وقت وقوع الجناية.

(4)يعني أنّ المعتبر فيمن يجب عليه أداء دية الجناية خطأ هو الذين يوجدون عند حلول الدية واجدين للشرائط .

(5)و قد ذكرنا في الهامش 3 من هذه الصفحة زمان حلول دية الجناية خطأ، و هو مضيّ ثلاث سنين لكلّ ثلث سنة.

إيضاح: إنّ دية الجناية خطأ لا تجب على ذمّة شخص الجاني، بل تجب على عهدة عاقلته، و اختلفوا في أنّ العاقلة هل هي الأب و الجدّ أو كلّ من يرث الجاني بعد موته، و لا تجب الدية المذكورة على العاقلة حالّة بل تثلّث، و يجب عند انقضاء كلّ سنة من السنوات الثلاث أداء ثلثها.

و لا يخفى أنّ الذين يوجدون حين الجناية من أفراد العاقلة لا يجب عليهم أداء الدية، فإذا فاتوا أو لم يكونوا عند حلول الدية مستجمعين للشرائط من العقل و غيره لم يكن عليهم شيء منها، بل كان أداؤها على الموجودين الواجدين للشرائط ، كما قرّر في محلّه، فعلى هذا لا يعرف في بادي الأمر من عليه الحقّ حتّى يؤخذ منه الرهن، و هذا بخلاف الدين المؤجّل، فإنّ من عليه الدين معلوم، و استقرار الحقّ عليه مسلّم، فيصحّ أخذ الرهن منه.

ص: 163

مستجمعا للشرائط ، بخلاف الدين المؤجّل، لاستقرار الحقّ و المستحقّ عليه (1).

و يجوز الرهن (عند الحلول على قسطه)، و هو (2) الثلث بعد حلول كلّ حول من الثلاثة (3).

(و مال (4) الكتابة و إن كانت مشروطة (5) على الأقرب (6))، لأنّها (7) لازمة للمكاتب (8) مطلقا (9) على الأصحّ .

**********

شرح:

(1)و هو الذي يكون الحقّ في ذمّته.

(2)يعني أنّ القسط هو ثلث الدية بمعنى وجوب أداء ثلث الدية في كلّ سنة من السنوات الثلاث، كما تقدّم.

(3)أي كلّ سنة من السنوات الثلاث.

(4)يعني يجوز الرهن على مال الكتابة بأن يرهن العبد المكاتب مالا عند المولى عوضا عن مال الكتابة، مثل أن يكاتب المولى عبده بألف دينار و أخذ منه مالا بعنوان الرهن حتّى يستوفي الألف دينار من الرهن عند تعذّر أداء المال المذكور.

(5)و المكاتب المشروط هو أن يشترط المولى في عتق العبد إتيان جميع المال الذي كاتب به عبده.

أمّا المكاتب المطلق فلا يشترط فيه إتيان جميع مال الكتابة، بل يعتق منه بمقدار ما يؤتيه من مال الكتابة.

(6)و هو القول الأقرب بالنسبة إلى القولين الآخرين اللذين سيشير إليهما الشارح رحمه اللّه.

(7)الضمير في قوله «لأنّها» يرجع إلى الكتابة.

(8)بصيغة اسم المفعول، و المراد منه هو العبد الذي كاتبه المولى.

(9)أي سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة. يعني أنّ المكاتبة الواقعة بين العبد و المولى لازمة من جانب العبد، مطلقة كانت أو مشروطة، و هذا هو القول الأصحّ في

ص: 164

و القول الآخر أنّ المشروطة جائزة من قبل المكاتب (1)، فيجوز له (2) تعجيز نفسه، فلا يصحّ الرهن على مالها (3)، لانتفاء فائدته (4)، إذ له (5) إسقاطه متى شاء.

و هو (6) على تقدير تسليمه (7) غير مانع منه (8) كالرهن على الثمن في

**********

شرح:

مقابل القول الآخر، و هو أنّ المكاتبة ليست لازمة بالنسبة إلى العبد المكاتب إذا كانت مشروطة.

(1)يعني قال جماعة من الفقهاء منهم الشيخ رحمه اللّه بأنّ المكاتبة ليست لازمة من جانب العبد المكاتب إذا كانت مشروطة.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المكاتب المشروط . يعني يجوز للعبد المكاتب مشروطا أن يعجّز نفسه بتقليل الأكل و الشرب حتّى لا يقدر على العمل و تحصيل مال الكتابة.

(3)أي لا يصحّ أخذ الرهن من العبد المكاتب في المكاتبة المشروطة.

(4)الضمير في قوله «فائدته» يرجع إلى الرهن. يعني إذا كانت الكتابة جائزة من جانب العبد بحيث يجوز له أن يسقطها فلا فائدة في جعل الرهن لمال الكتابة.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع إلى العبد المكاتب، و في قوله «إسقاطه» يرجع إلى مال الكتابة.

(6)يعني أنّ القول المذكور - و هو كون الكتابة جائزة من قبل العبد المكاتب - غير مسلّم أوّلا، و على تقدير تسليمه غير مانع من صحّة الرهن على مال الكتابة، لأنّ الرهن هكذا يكون مثل الرهن على الثمن في بيع فيه الخيار، كما تقدّم.

(7)أي على تقدير تسليم كون الكتابة جائزة من قبل العبد المكاتب.

(8)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الرهن.

ص: 165

مدّة الخيار (1).

و في قول ثالث أنّ المشروطة جائزة من الطرفين (2)، و المطلقة لازمة من طرف السيّد خاصّة، و يتوجّه (3) عدم صحّة الرهن أيضا كالسابق (4).

(و مال (5) الجعالة بعد الردّ (6))، لثبوته (7) في الذمّة حينئذ (لا قبله (8)) و إن شرع فيه (9)، لأنّه (10) لا يستحقّ شيئا منه إلاّ بتمامه (11).

**********

شرح:

(1)و قد تقدّم جواز الرهن على الثمن في زمن الخيار.

(2)أي من طرف السيّد و العبد، و نسب هذا القول الثالث إلى ابن حمزة رحمه اللّه.

(3)يعني بناء على كون المكاتبة جائزة من الطرفين يتوجّه عدم صحّة الرهن، لعدم الفائدة فيه.

(4)أي كالقول السابق، و هو القول الثاني.

(5)أي يجوز الرهن على مال الجعالة بعد الردّ مثل ما إذا قال زيد: من وجد ولدي الضالّ أعطيته ألفا، فسعى عمرو و وجد ولده و ردّه إلى زيد و طالبه بمال الجعالة و تعهّد الجاعل أداءه بعد مدّة، فيجوز للعامل أن يأخذ منه رهنا في مقابل مال الجعالة.

(6)أي بعد ردّ ما يكون مال الجعالة في مقابله، كما أشرنا إليه في المثال المذكور في الهامش السابق.

(7)الضمير في قوله «لثبوته» يرجع إلى مال الجعالة. يعني أنّ مال الجعالة يثبت في ذمّة الجاعل بعد الردّ، فيصحّ الرهن عليه.

(8)أي لا يجوز الرهن على مال الجعالة قبل الردّ و إن أخذ العامل فيه، لعدم استحقاق العامل شيئا من مال الجعالة إلاّ بعد الردّ.

(9)أي في العمل.

(10)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى العامل، و في قوله «منه» يرجع إلى مال الجعالة.

(11)أي بتمام العمل.

ص: 166

و قيل: يجوز بعد الشروع (1)، لأنّه (2) يؤول إلى اللزوم كالثمن (3) في مدّة الخيار.

و هو (4) ضعيف، و الفرق واضح، لأنّ البيع يكفي في لزومه (5) إبقاؤه على حاله، فتنقضي المدّة، و الأصل (6) عدم الفسخ عكس (7) الجعالة.

إمكان استيفاء الحقّ

(و لا بدّ من إمكان استيفاء الحقّ (8) من الرهن)، لتحصل الفائدة

**********

شرح:

(1)يعني قال بعض الفقهاء بأنّ العامل إذا شرع في العمل جاز له أخذ الرهن عن الجاعل.

(2)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الشروع. يعني أنّ العمل و الشروع فيه ينتهي إلى اللزوم.

(3)أي كما يجوز أخذ الرهن في مدّة الخيار، و قد تقدّم مثاله.

(4)يعني أنّ القول بجواز الرهن بمجرّد الشروع ضعيف، للفرق بين ذلك و بين بيع فيه الخيار، لأنّ البيع كذلك يبقى على لزومه إذا ابقي على حاله و لم يعمل فيه الخيار حتّى تنقضي مدّة الخيار، و لو شكّ في الفسخ و عدمه فالأصل هو عدم الفسخ، بخلاف الجعالة، فإنّها لو ترك فيها العمل في الأثناء بطلت، و لم يستحقّ العامل شيئا من مال الجعالة، فقياس الجعالة على بيع فيه الخيار من حيث صحّة الرهن باطل.

(5)الضمائر في أقواله «لزومه» و «إبقاؤه» و «حاله» ترجع إلى البيع.

(6)يعني إذا شكّ في فسخ البيع فالأصل عدمه.

(7)بمعنى أنّ الجعالة لو ابقيت على حالها و لم يتمّ العامل العمل المجعول له مال الجعالة بطلت.

إمكان استيفاء الحقّ (8)و هو الحقّ الذي اخذ له الرهن.

ص: 167

المطلوبة (1) من التوثّق به (2).

(فلا يصحّ الرهن على منفعة المؤجر (3) عينه مدّة معيّنة)، لأنّ تلك المنفعة الخاصّة (4) لا يمكن استيفاؤها إلاّ من العين المخصوصة (5) حتّى لو تعذّر الاستيفاء منها (6) بموت و نحوه بطلت الإجارة.

(فلو آجره (7) في الذمّة جاز)، كما لو آجره على تحصيل خياطة ثوب

**********

شرح:

(1)المراد من «الفائدة المطلوبة» من الرهن هو استيفاء الحقّ من الرهن إذا تعذّر تحصيله من المديون.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الرهن.

(3)بصيغة اسم المفعول، و اللام فيه موصولة، و قوله «عينه» - بالرفع - نائب الفاعل، و قوله «مدّة معيّنة» ظرف.

أقول: فرض المسألة هو ما إذا آجر زيد الخيّاط نفسه لخياطة ثوب عمرو في مدّة معيّنة بكذا بحيث أن يباشر الخياطة بنفسه لا بغيره، فلو أخذ عمرو المستأجر رهنا على مباشرة زيد الخياطة لم يصحّ ، لأنّ الأجير إذا تخلّف لم يمكن استيفاء الحقّ منه، و هو خياطة نفس زيد الثوب، فلا فائدة في أخذ الرهن هنا.

(4)و قد تقدّم في المثال المذكور في الهامش السابق أنّ المنفعة الخاصّة هي مباشرة نفس الأجير للعمل لا غيره.

(5)و هو شخص الأجير في المثال المتقدّم ذكره.

(6)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى العين المخصوصة. فإذا مات زيد - و هو الأجير الخاصّ في المثال السابق ذكره - أو عجز عن خياطة الثوب حكم ببطلان الإجارة.

(7)فاعله هو الضمير الراجع إلى المستأجر المرتهن، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الأجير الراهن. يعني لو آجر عمرو زيدا في المثال المذكور لخياطة ثوبه بلا شرط

ص: 168

بنفسه أو بغيره، لإمكان استيفائها (1) حينئذ من الرهن، فانّ الواجب تحصيل المنفعة على أيّ وجه اتّفق (2).

زيادة الدين على الرهن و بالعكس

(و تصحّ زيادة الدين (3) على الرهن)، فإذا استوفى الرهن بقي الباقي (4) منه متعلّقا بذمّته (5).

(و زيادة الرهن (6) على الدين)، و فائدته سعة الوثيقة، و منع الراهن من التصرّف في المجموع، فيكون باعثا على الوفاء، و لإمكان (7) تلف بعضه، فيبقى الباقي حافظا للدين.

**********

شرح:

المباشرة بنفسه، بل للخياطة بنفسه أو بغيره و أخذ الرهن للخياطة صحّ الرهن، لإمكان استيفاء الخياطة من الرهن بمعنى أنّه إذا لم تتحصّل الخياطة من الراهن أمكن استيفاؤها من الرهن بأن يعطي المستأجر الرهن غيره و يحصّل الخياطة منه.

(1)الضمير في قوله «استيفائها» يرجع إلى الخياطة.

(2)سواء حصلت المنفعة بمباشرة الراهن نفسه أم غيره.

زيادة الدين على الرهن و بالعكس (3)مثل أن يأخذ الرهن الذي قيمته ألف للدين الذي مقداره ألفان.

(4)أي الباقي من الدين. و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الدين.

(5)الضمير في قوله «بذمّته» يرجع إلى الراهن.

(6)أي و كذا يجوز زيادة الرهن على الدين مثل أن يكون الدين ألفا و تكون قيمة الرهن ألفين، و فائدة الرهن كذلك كون الوثيقة أوسع من الدين أوّلا، و منع الراهن من التصرّف في مجموع الرهن ثانيا، فيوجب الرهن الكذائيّ الإيفاء بالدين سريعا.

(7)هذا تعليل آخر لصحّة الرهن كذلك. و الضمير في قوله «بعضه» يرجع إلى الرهن.

ص: 169

أمّا اللواحق فمسائل

اشارة

(و أمّا اللواحق (1) فمسائل:)

الاولى: إذا شرط الوكالة في الرهن

(الاولى (2): إذا شرط الوكالة في الرهن لم يملك عزله) على ما ذكره جماعة منهم العلاّمة، لأنّ (3) الرهن لازم من جهة الراهن، و هو (4) الذي شرطها (5) على نفسه، فيلزم من جهته (6).

**********

شرح:

اللواحق

مسائل (1)أي اللواحق التي أشار إليها المصنّف رحمه اللّه في الصفحة 127 في قوله «و الكلام إمّا في الشروط أو اللواحق».

الاولى: اشتراط الوكالة في الرهن (2)يعني أنّ المسألة الاولى من اللواحق هي أنّ الراهن إذا شرط الوكالة في عقد الرهن على المرتهن لم يجز له عزل الوكيل.

و لا يخفى أنّ الوكالة من العقود الجائزة، لكنّها مع ذلك وقعت في المقام شرطا في ضمن عقد لازم من جهة الراهن، فصارت لازمة.

(3)هذا تعليل لعدم جواز عزل الراهن.

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الراهن.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «شرطها» يرجع إلى الوكالة. يعني أنّ الراهن الذي يكون عقد الرهن لازما من جهته شرط الوكالة على نفسه.

(6)أي فيلزم عقد الوكالة من جهة الراهن.

ص: 170

(و يضعّف (1) بأنّ المشروط في اللازم (2) يؤثّر جواز (3) الفسخ لو أخلّ بالشرط ، لا وجوب (4) الشرط )، كما تقدّم (5) من أنّ المشروط في العقد اللازم يقلبه (6) جائزا عند المصنّف (7) و جماعة، فحينئذ (8) إنّما يفيد

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الاستدلال على لزوم عقد الوكالة من قبل الراهن في المسألة المبحوث عنها يضعّف بأنّ المشروط في العقد اللازم إذا تخلّف عنه أوجب انقلاب العقد اللازم جائزا.

و بعبارة اخرى: ليس أثر الشرط في ضمن عقد لازم حكما تكليفيّا، بل هو حكم وضعيّ يوجب التخلّف عنه صيرورة العقد اللازم جائزا.

ففي المسألة المبحوث عنها إذا تخلّف الراهن عن الشرط تسلّط المرتهن على فسخ عقد الرهن و الحال أنّ ذلك يوجب ضررا على المرتهن، لأنّ المقصود من الرهن هو دفع الضرر عن نفسه باستيفاء دينه من الرهن، و الفسخ بمعنى دفع ضرر قويّ بضرر أقوى!!

(2)أي في العقد اللازم.

(3)و هذا أثر وضعيّ للشرط .

(4)أي لا يوجب حكما تكليفيّا بالعمل بالشرط .

(5)أي تقدّم في كتاب المتاجر أنّ الشرط في العقد اللازم يوجب صيرورته جائزا، فإذا شرط في عقد البيع اللازم أمرا صار هو جائزا.

(6)الضمير الملفوظ في قوله «يقلبه» يرجع إلى العقد اللازم.

(7)فإنّ القول بقلب العقد اللازم جائزا بالشرط هو للمصنّف و جماعة رحمهم اللّه، لكن رأي العلاّمة رحمه اللّه هو أنّ الشرط يكون واجب الوفاء مع بقاء العقد لازما.

(8)أي حين إذ صار عقد اللازم جائزا.

ص: 171

إخلال الراهن بالوكالة تسلّط المرتهن على فسخ العقد (1)، و ذلك (2) لا يتمّ في عقد الرهن، لأنّه (3) دفع ضرر (4) بضرر (5) أقوى.

و إنّما تظهر الفائدة (6) فيما لو كان الراهن قد شرطها (7) في عقد لازم كبيع،(فحينئذ لو فسخ) الراهن (الوكالة (8) فسخ المرتهن البيع المشروط )

**********

شرح:

(1)المراد من «العقد» هو عقد الرهن.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو تسلّط المرتهن على فسخ عقد الرهن. يعني أنّ تسلّط المرتهن على فسخ عقد الرهن لا يترتّب عليه فائدة للمرتهن، بل فيه ضرر عليه، فإذا دفع المرتهن هذا الضرر عن نفسه بفسخ عقد الرهن توجّه عليه ضرر أشدّ من الضرر الأوّل، و هو فوات الرهن الذي هو وثيقة لدينه.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى فسخ عقد الرهن.

(4)المراد من هذا الضرر الأوّل هو ضرر زوال الوكالة.

(5)المراد من هذا الضرر الثاني هو ضرر فسخ عقد الرهن، و هو أقوى من ضرر زوال الوكالة.

(6)يعني أنّ فائدة شرط الوكالة تظهر في بعض المواضع، و هو ما إذا شرطها الراهن في عقد لازم.

(7)الضمير الملفوظ في قوله «شرطها» يرجع إلى الوكالة. يعني أنّ فائدة شرط الوكالة تظهر في صورة شرطها في العقد اللازم مثل البيع، فإنّ تخلّف الراهن عن الشرط يوجب تسلّط المرتهن على فسخ البيع.

(8)مفعول لقوله «فسخ». يعني إذا تخلّف الراهن عن الشرط بتسلّط المرتهن على فسخ البيع.

أقول: فرض المسألة هو ما إذا باع زيد داره من عمرو بثمن معيّن و شرط في ضمن

ص: 172

(بالرهن) و الوكالة (1)(إن كان) هناك بيع مشروط فيه ذلك (2)، و إلاّ (3) فات الشرط على المرتهن بغير فائدة.

و يشكل (4) بما تقدّم من وجوب الوفاء (5) بالشرط ، عملا بمقتضى الأمر (6) خصوصا في ما يكون العقد المشروط فيه (7)

**********

شرح:

عقده أن يوكّله عمرو في بيع الرهن الذي عنده في مقابل دينه الثابت في ذمّة عمرو، فلو تخلّف الراهن عن الشرط المذكور تسلّط المرتهن على فسخ عقد البيع الواقع بينهما.

(1)أي البيع الذي اشترط فيه الرهن و وكالة الراهن للمرتهن في بيع الرهن.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من الرهن و الوكالة.

(3)أي و إن لم يقع العقد المشروط فيه الوكالة فاتت فائدة شرط الوكالة، و قد تقدّم عدم فائدة الشرط بالنسبة إلى نفس عقد الرهن لا بالنسبة إلى غيره.

(4)هذا ردّ على ما استدلّ به على ضعف القول بلزوم الوكالة المشروطة في عقد الرهن.

و الإشكال هو ما تقدّم في كتاب المتاجر في قوله «و للمصنّف رحمه اللّه في بعض تحقيقاته تفصيل، و هو أنّ الشرط الواقع في العقد اللازم إن كان العقد كافيا في تحقّقه و لا يحتاج بعده إلى صيغة فهو لازم لا يجوز الإخلال به كشرط الوكالة في العقد...»، من أراد التفصيل فليراجع كتاب المتاجر، في القسم العاشر في خيار الاشتراط من الفصل التاسع.

و حاصل الإشكال هو أنّ شرط الوكالة في ضمن عقد الرهن يوجب حكما تكليفيّا أعني جواز عدم فسخ الراهن الوكالة، و ليس أثرها تسلّط المرتهن على فسخ الرهن حتّى يلزم إشكال دفع الضرر بالضرر الأقوى أو دفع الفاسد بالأفسد.

(5)يعني يجب على الراهن العمل بالشرط الذي التزامه في عقد الرهن، و هو الوكالة.

(6)المراد من «الأمر» هو قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) .

(7)كما فيما نحن فيه، فإنّ شرط الوكالة في ضمن عقد الرهن يكفي في تحقّق الوكالة،

ص: 173


1- سوره 5 - آیه 1

كافيا في تحقّقه (1) كالوكالة (2) على ما حقّقه (3) المصنّف من أنّه (4) يصير كجزء (5) من الإيجاب و القبول يلزم (6) حيث يلزمان.

و لمّا كان (7) الرهن لازما من جهة الراهن فالشرط من قبله (8) كذلك (9)

**********

شرح:

بخلاف ما إذا احتاج إلى عقد آخر مثل شرط العتق في ضمن عقد، فإنّه يحتاج إلى صيغة العتق، و لا يكفي العقد المشروط فيه في تحقّقه، و قد ذكر المصنّف رحمه اللّه سرّ ذلك في كتاب المتاجر في بحث خيار الاشتراط في الفصل التاسع، راجع إن شئت.

(1)أي في تحقّق الأمر المشروط .

(2)أي كشرط الوكالة.

(3)أي في كتاب المتاجر في بحث خيار الاشتراط في الفصل التاسع.

(4)يعني أنّ الشرط الذي يكون العقد المشروط فيه كافيا في تحقّقه يصير كجزء من الإيجاب و القبول.

أقول: مثاله هو قول البائع: بعتك هذا بهذا بشرط أن أكون وكيلك على كذا، فإنّ ذلك يكفي في تحقّق عقد الوكالة، لأنّه من قبيل شرط النتيجة، فلا يحتاج إلى إجراء عقد الوكالة بعده، بخلاف ما إذا كانت الوكالة شرط فعل كقول البائع: بعتك هذا بهذا بشرط أن اوكّلك في كذا، فإنّ الوكالة في الفرض الأخير لا تتحقّق إلاّ بإنشائها بعقد جديد.

(5)فالأمر المشروط يكون جزء من الإيجاب و القبول في العقد المشروط فيه ذلك.

(6)أي يلزم الأمر المشروط بلزوم الإيجاب و القبول في العقد المشروط فيه.

(7)هذه نتيجة المقدّمة المذكورة، فإذا كان الإيجاب من قبل الراهن لازم الوفاء به كان الشرط أيضا مثله من حيث كونه لازم العمل به.

(8)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى الراهن.

(9)أي لازم.

ص: 174

خصوصا هنا (1)، فإنّ فسخ المشروط فيه - و هو الرهن إذا لم يكن في بيع (2) - لا يتوجّه (3)، لأنّه (4) يزيده ضررا، فلا يؤثّر فسخه (5) لها و إن كانت (6) جائزة بحسب أصلها (7)، لأنّها قد صارت لازمة بشرطها (8) في اللازم على ذلك الوجه (9).

الثانية: يجوز للمرتهن ابتياعه من نفسه

(الثانية (10): يجوز للمرتهن ابتياعه (11)) من نفسه إذا كان وكيلا في

**********

شرح:

(1)أي خصوصا في عقد الرهن الذي يكون أثر التخلّف عن الشرط فيه هو تسلّط المرتهن على فسخ الرهن الذي يوجب عروض الضرر الأقوى للمرتهن، فلا بدّ في المقام من الالتزام بعدم جواز فسخ الراهن الوكالة.

(2)و هو عقد لازم.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الفسخ.

(4)فإنّ فسخ الرهن يوجب ضررا أقوى على المرتهن، كما تقدّم.

(5)الضمير في قوله «فسخه» يرجع إلى الراهن، و في قوله «لها» يرجع إلى الوكالة. أي فلا يؤثّر فسخ الراهن في الوكالة، يعني لا يجوز.

(6)اسم «كانت» هو الضمير العائد إلى الوكالة. يعني أنّ الوكالة و إن كانت من العقود الجائزة، لكنّها تكون هنا لازمة، كما فصّلناه.

(7)الضميران في قوليه «أصلها» و «لأنّها» يرجعان إلى الوكالة.

(8)أي بشرط الوكالة في العقد اللازم، و هو الرهن اللازم من جانب الراهن.

(9)أي بحيث يكون نفس عقد الرهن كافيا في تحقّق الوكالة.

الثانية: ابتياع المرتهن للرهن (10)أي المسألة الثانية من المسائل المبحوث عنها في اللواحق.

(11)الضمير في قوله «ابتياعه» يرجع إلى الرهن. يعني إذا كان المرتهن وكيلا للراهن في

ص: 175

البيع، و يتولّي طرفي (1) العقد، لأنّ الغرض بيعه بثمن المثل، و هو (2) حاصل، و خصوصيّة المشتري (3) ملغاة حيث لم يتعرّض (4) لها.

و ربّما قيل بالمنع (5)، لأنّ ظاهر الوكالة لا يتناوله (6).

و كذا يجوز بيعه (7) على ولده بطريق أولى.

و قيل: لا.

**********

شرح:

بيع الرهن جاز له أن يشتري الرهن لنفسه.

(1)أي بأن يتولّى المرتهن طرف الإيجاب من قبل الراهن و طرف القبول من قبل نفسه.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى بيع الراهن بثمن المثل. يعني أنّ المقصود من البيع يحصل ببيعه من نفسه أيضا.

(3)فإذا لم يتعرّض الراهن لخصوصيّات المشتري فلا مانع من بيع المرتهن من نفسه.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن، و الضمير في قوله «لها» يرجع إلى الخصوصيّة.

(5)يعني قال بعض الفقهاء بمنع بيع المرتهن من نفسه مثل سائر المواضع كتوكيل المرأة رجلا في أن يزوّجها، فلا يجوز للوكيل أن يزوّجها لنفسه.

من حواشي الكتاب: كما في سائر المواضع مثل توكيل المرأة لرجل في أن يزوّجها، فلا يصحّ تزويجها من نفسه في صورة الإطلاق أيضا كصورة النهي.

و قيل: يصحّ في صورة الإطلاق، و أمّا صورة التعميم كأن يقال: زوّجني و لو من نفسك أو حصل لي زوجا أيّ شخص كان جاز التزويج من نفسه (الحديقة).

(6)يعني أنّ ظاهر الوكالة لا ينصرف إلى البيع من نفسه.

(7)الضمير في قوله «بيعه» يرجع إلى الرهن، و في قوله «ولده» يرجع إلى المرتهن.

فإذا جاز بيع المرتهن من نفسه جاز له بيع الرهن من ولده بطريق أولى، لعدم محذور اتّحاد الموجب و القابل فيما إذا باعه المرتهن من ولده.

ص: 176

(و هو (1) مقدّم به على الغرماء)، حيّا كان الراهن (2) أم ميّتا (3)، مفلّسا كان أم لا، لسبق تعلّق حقّه (4).

(و لو أعوز (5)) الرهن و لم يف بالدين (ضرب (6) بالباقي) مع الغرماء على نسبته (7).

الثالثة: لا يجوز لأحدهما التصرّف فيه

(الثالثة (8): لا يجوز)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى المرتهن. يعني إذا لم تكف أموال الراهن ديونه و أراد الغرماء تقسيم أمواله الموجودة كان المرتهن مقدّما عليهم بالنسبة إلى الرهن، فلا يجوز لسائر الديّان تقسيمه.

(2)يعني أنّ حياة الراهن لا دخل لها في تقديم المرتهن على الغرماء بالنسبة إلى الرهن و كذا موته.

(3)فالمرتهن يقدّم على سائر الديّان في أخذ الرهن في مقابل دينه و لو بعد موت الراهن.

(4)الضمير في قوله «حقّه» يرجع إلى المرتهن. يعني أنّ حقّ المرتهن بالنسبة إلى الرهن سابق على حقّ الغرماء.

(5)يعني إذا نقصت قيمة الرهن عن مقدار الدين استوفى المرتهن من الرهن بمقداره، و بقي الباقي من الدين و ضرب به مع سائر الغرماء.

(6)أي اشترك المرتهن مع الغرماء في أموال الراهن بقدر باقي دينه.

(7)الضمير في قوله «نسبته» يرجع إلى الباقي. مثلا إذا كان الباقي ألفا و كان حقّ الغرماء خمسة آلاف اشترك المرتهن في الأموال القابلة للتقسيم بنسبة السدس.

الثالثة: التصرّف في الرهن (8)أي المسألة الثالثة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق، و هي أنّ الراهن و المرتهن

ص: 177

(لأحدهما (1) التصرّف فيه) بانتفاع (2)، و لا نقل ملك (3)، و لا غيرهما إذا لم يكن المرتهن وكيلا، و إلاّ جاز له التصرّف بالبيع و الاستيفاء خاصّة كما مرّ.

(و لو كان له (4) نفع) كالدابّة و الدار (اوجر) باتّفاقهما (5)، و إلاّ (6) آجره الحاكم.

و في كون الاجرة رهنا كالأصل (7) قولان، كما في النماء المتجدّد مطلقا (8).

(و لو احتاج إلى مؤنة) كما إذا كان حيوانا (9)(فعلى الراهن) مؤنته، لأنّه (10)

**********

شرح:

لا يجوز لهما و لا لأحدهما التصرّف في مال الرهن إلاّ أن يكون المرتهن وكيلا في بيعه، فيجوز تصرّفه هكذا و استيفاؤه دينه من ثمنه.

(1)الضمير في قوله «لأحدهما» يرجع إلى الراهن و المرتهن، و في قوله «فيه» يرجع إلى الرهن.

(2)كالسكنى في الدار المرهونة أو حلب لبن الشاة المرهونة و شربه.

(3)كانتقال الرهن إلى الغير بمثل البيع.

(4)أي لو كان للرهن نفع كالسكنى في الدار و حلب لبن الشاة لم يعطّل، بل اوجر باتّفاقهما، و إن لم يتّفقا آجره الحاكم.

(5)الضمير في قوله «باتّفاقهما» يرجع إلى الراهن و المرتهن.

(6)أي إن لم يتّفق الراهن و المرتهن على إجارة نفع الرهن.

(7)يعني كما أنّ الأصل يكون باقيا إلى أن يفكّ بأداء الدين أو يستوفى الدين منه عند التعذّر كذلك تكون الاجرة الحاصلة من إجارة الرهن على قول.

(8)أي سواء كان النماء متّصلا مثل الشعر و الوبر و اللحم أو منفصلا كالولد و اللبن.

(9)فإنّ الحيوان المرهون يحتاج إلى نفقة، و هي على عهدة الراهن، لأنّه المالك.

(10)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الراهن. فإنّ الحيوان المرهون لا يخرج بالرهن

ص: 178

المالك.

فإن كان (1) في يد المرتهن و بذلها (2) الراهن أو أمره (3) بها أنفق و رجع بما غرم (4)، و إلاّ (5) استأذنه.

فإن امتنع أو تعذّر استئذانه لغيبته أو نحوها رفع أمره إلى الحاكم.

فإن تعذّر (6) أنفق هو بنيّة الرجوع، و أشهد عليه (7)، ليثبت استحقاقه بغير يمين (8)، و رجع (9).

فإن لم يشهد فالأقوى قبول قوله في القدر المعروف منه (10) بيمينه، و

**********

شرح:

عن ملك الراهن، فمئونته عليه.

(1)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الرهن.

(2)أي بذل النفقة.

(3)فاعله هو الضمير المستتر الراجع إلى الراهن، و الضمير الملفوظ فيه يرجع إلى المرتهن.

(4)أي بما صرف. يعني أنّ المرتهن يرجع إلى الراهن بما صرف في الرهن من المئونة.

(5)يعني لو لم يبذل الراهن نفقة للرهن و لم يأمر المرتهن بذلك لزم للمرتهن أن يطلب الإذن من الراهن، فإن امتنع رفع أمره إلى الحاكم.

(6)أي فإن تعذّر الرجوع إلى الحاكم أنفق المرتهن بنيّة أن يرجع إلى الراهن و يأخذ منه.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الإنفاق.

(8)فبعد الإشهاد لا يحتاج المرتهن المنفق إلى اليمين إذا أنكره الراهن.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المرتهن.

(10)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الإنفاق، و في قوله «بيمينه» يرجع إلى المرتهن.

يعني لو لم يشهد المرتهن على إنفاقه على الرهن قبل قوله باليمين في المقدار المتعارف من مؤنة الرهن لا في الأزيد منه.

ص: 179

رجوعه (1) به.

(و لو انتفع المرتهن (2) به بإذنه) على وجه (3) العوض أو بدونه (4) مع الإثم (لزمه (5) الاجرة) أو عوض (6) المأخوذ كاللبن،(و تقاصّا (7))، و

**********

شرح:

(1)بالرفع، عطف على قوله المرفوع «قبول قوله»، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى القدر المعروف من الإنفاق. يعني أنّ الأقوى هو قبول قول المرتهن و رجوعه بالقدر المتعارف إلى الراهن.

(2)يعني لو استفاد المرتهن من الرهن كأن سكن في الدار المرهونة بإذن الراهن مع العوض أو بلا إذن منه عدوانا لزم على ذمّته الاجرة.

و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الرهن، و في قوله «بإذنه» يرجع إلى الراهن.

(3)أي إذا كان إذن الراهن في الانتفاع مشروطا بأخذ العوض لا مجّانا.

(4)الضمير في قوله «بدونه» يرجع إلى الإذن. يعني إذا انتفع المرتهن من الرهن بدون إذن الراهن كان انتفاعه تصرّفا عدوانيّا و أثم.

(5)أي لزم على ذمّة المرتهن اجرة الانتفاع من الرهن، فإذا كان دارا أو دابّة لزمه اجرة إجارتهما.

(6)بالرفع، عطف على قوله «الاجرة». يعني لزم على ذمّة المرتهن عوض المأخوذ كاللبن.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن.

و حاصل معنى العبارة - كما أفاده السيّد كلانتر في تعليقته - هو أنّه يقاصّ من كلّ من الراهن و المرتهن فيما زاد له من الحقّ عند صاحبه، فإن كان الإنفاق من المرتهن أكثر ممّا انتفع به قاصّ المرتهن الراهن فيما يساوي ما انتفع به و يرجع على الراهن بالزائد ممّا أنفق، و إن كان الانتفاع من ناحية المرتهن أكثر من الإنفاق قاصّ الراهن المرتهن بما يساوي الإنفاق و رجع عليه بالزائد ممّا انتفع به، و التقاصّ هنا يكون من الدين الذي عليه.

ص: 180

رجع ذو الفضل بفضله.

و قيل (1): تكون النفقة في مقابلة الركوب و اللبن مطلقا (2)، استنادا إلى رواية (3) حملت (4) على الإذن في التصرّف و الإنفاق مع تساوي الحقّين (5).

**********

شرح:

(1)و القائل هو الشيخ رحمه اللّه في كتابه (النهاية)، فإنّه قال بأنّ النفقة تكون في مقابل الركوب على الحيوان القابل للركوب، و حلب لبنه إن كان المقصود منه اللبن مثل الشاة و البقرة.

(2)سواء زاد الانتفاع على الإنفاق أو زاد الإنفاق على الانتفاع.

(3)و المستند لقول الشيخ رحمه اللّه هو روايتان منقولتان في كتاب الوسائل:

الاولى: محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي ولاّد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأخذ الدابّة و البعير رهنا بماله أله أن يركبه ؟ قال: فقال: إن كان يعلفه فله أن يركبه، و إن كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن يركبه (الوسائل: ج 13 ص 134 ب 12 من أبواب كتاب الرهن ح 1).

الثانية: محمّد بن الحسن بإسناده عن السكونيّ عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الظهر يركب إذا كان مرهونا، و على الذي يركبه نفقته، و الدرّ يشرب (و يشرب الدرّ - يه) إذا كان مرهونا، و على الذي يشرب نفقته (المصدر السابق: ح 2).

(4)يعني أنّ الرواية الدالّة على قول الشيخ - و هو كون النفقة في مقابل الركوب و اللبن مطلقا - حملت على إذن الراهن في التصرّف و الإنفاق في صورة تساوي الحقّين لا مطلقا.

(5)المراد من «الحقّين» هو حقّ الانتفاع و حقّ النفقة.

ص: 181

و رجّح في الدروس جواز الانتفاع بما يخاف فوته (1) على المالك عند تعذّر استئذانه و استئذان الحاكم، و هو (2) حسن.

الرابعة: يجوز للمرتهن الاستقلال بالاستيفاء

(الرابعة (3): يجوز للمرتهن الاستقلال (4) بالاستيفاء) إذا لم يكن وكيلا (لو خاف (5) جحود الوارث)، و لا بيّنة له (6) على الحقّ ،(إذ القول قول الوارث مع يمينه (7) في عدم الدين و عدم الرهن) لو ادّعى المرتهن الدين و

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فوته» يرجع إلى «ما» الموصولة. يعني قال الشهيد في كتاب الدروس بأنّه يرجّح القول بجواز انتفاع المرتهن من الرهن في صورتين:

أ: إذا تعذّر استيذان المرتهن للراهن.

ب: إذا تعذّر استيذان الحاكم الشرعيّ أيضا.

(2)يعني أنّ القول المرجّح عند الشهيد رحمه اللّه حسن عند الشارح رحمه اللّه.

الرابعة: استقلال المرتهن بالاستيفاء (3)يعني أنّ المسألة الرابعة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق هي جواز استقلال المرتهن بالاستيفاء من الرهن إذا مات الراهن و خاف المرتهن إنكار الوارث للدين و الرهن.

(4)أي بلا استيذان المرتهن لوارث الراهن إذا مات.

(5)فاعله هو الضمير الراجع إلى المرتهن.

و المراد من «جحود الوارث» هو إنكاره للدين و الرهن.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المرتهن. يعني جواز استقلال المرتهن بالاستيفاء إنّما هو في صورة عدم البيّنة له على استقرار حقّه في ذمّة الراهن.

(7)فإذا ادّعى المرتهن الدين و الرهن و أنكره الوارث فعلى المدّعي إقامة البيّنة، و إلاّ حلف المنكر و لم تسمع دعوى المدّعي.

ص: 182

الرهن (1).

و المرجع في الخوف (2) إلى القرائن الموجبة للظنّ الغالب بجحوده (3).

و كذا يجوز له (4) ذلك لو خاف جحود الراهن و لم يكن (5) وكيلا.

و لو كان له (6) بيّنة مقبولة عند الحاكم لم يجز له الاستقلال بدون إذنه.

و لا يلحق بخوف الجحود احتياجه (7) إلى اليمين لو اعترف، لعدم (8)

**********

شرح:

(1)مفعول ثان بالعطف لقوله «ادّعى»، و المفعول الأوّل المعطوف عليه هو قوله «الدين».

(2)أي الخوف الموجب لجواز استقلال المرتهن بالاستيفاء من الرهن.

(3)الضمير في قوله «بجحوده» يرجع إلى الوارث.

(4)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المرتهن، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الاستقلال باستيفاء الدين من الرهن. يعني و مثل خوف جحود الوارث هو خوف جحود نفس الراهن في جواز استقلال المرتهن بالاستيفاء.

(5)فلو كان المرتهن وكيلا لم يحتج إلى الخوف المذكور، بل جاز له الاستقلال المذكور.

(6)أي لو كان للمرتهن بيّنة مقبولة عند الحاكم لم يجز له الاستقلال إلاّ بعد إذنه.

(7)الضمير في قوله «احتياجه» يرجع إلى المرتهن. يعني أنّ احتياج المرتهن إلى اليمين في بعض الموارد ليس مثل خوف الجحود الموجب لجواز الاستقلال، فإذا أقرّ الراهن بالدين و ادّعى أداءه و المرتهن منكر لأدائه حكم بيمين المرتهن، فاحتياجه إلى تلك اليمين لا يوجب استقلاله بالاستيفاء، بل عليه أن يحلف و يثبت حقّه حتّى يجوز له الاستيفاء من الرهن.

(8)فإنّ تولّي اليمين الصادقة لا ضرر فيه.

و لا يخفى أنّ اليمين - بمعنى القسم - مؤنّثة، فكان على الشارح رحمه اللّه أن يقول «لعدم التضرّر باليمين الصادقة و إن كان تركها... إلخ».

ص: 183

التضرّر باليمين الصادق و إن كان تركه تعظيما للّه تعالى أولى (1).

الخامسة: لو باع أحدهما بدون الإذن

(الخامسة (2): لو باع أحدهما (3)) بدون الإذن (توقّف على إجازة الآخر).

فإن كان البائع الراهن (4) بإذن المرتهن أو إجازته بطل الرهن من العين و الثمن إلاّ أن يشترط (5) كون الثمن رهنا، سواء كان الدين حالاّ أم مؤجّلا، فيلزم الشرط .

و إن كان البائع المرتهن كذلك (6) بقي الثمن رهنا، و ليس له (7) التصرّف فيه إذا كان حقّه (8) مؤجّلا

**********

شرح:

(1)بالنصب تقديرا، خبر لقوله «كان».

الخامسة: بيع أحد المتعاقدين للرهن (2)أي المسألة الخامسة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق.

(3)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى الراهن و المرتهن. يعني لو باع الرهن أحد المتعاقدين بدون الإذن من الآخر لم يحكم بالبطلان، بل كان صحيحا موقوفا على إجازة الآخر مثل بيع الفضوليّ .

(4)بالنصب، خبر لقوله «كان». يعني لو كان بيع الراهن بإذن المرتهن - بأن أذن له المرتهن قبل البيع - أو بإجازته الحاصلة بعد البيع حكم ببطلان الرهن من عين الرهن و ثمنه.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المرتهن. و هذا استثناء من بطلان الرهن. يعني لا يحكم ببطلان البيع المذكور إذا شرط المرتهن ثمن المرهون أيضا رهنا لدينه.

(6)المشار إليه في قوله «كذلك» هو الإذن و الإجازة. يعني لو باع المرتهن العين المرهونة بإذن الراهن أو بإجازته لم يحكم ببطلان الرهن بالنسبة إلى ثمنه.

(7)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المرتهن، و في قوله «فيه» يرجع إلى الثمن.

(8)الضمير في قوله «حقّه» يرجع إلى المرتهن.

ص: 184

إلى أن يحلّ (1).

ثمّ إن وافقه (2) جنسا و وصفا صحّ ، و إلاّ (3) كان كالرهن.

(و كذا عتق الراهن) يتوقّف على إجازة المرتهن، فيبطل (4) بردّه، و يلزم (5) بإجازته (6) أو سكوته إلى أن (7) فكّ الرهن بأحد أسبابه.

و قيل: يقع العتق باطلا بدون الإذن السابق، نظرا إلى (8) كونه لا يقع

**********

شرح:

(1)أي إلى أن يحلّ حقّ المرتهن.

(2)أي إذا وافق الثمن حقّ المرتهن جنسا مثل كونهما ذهبا و وصفا مثل كونهما من ذهب خاصّ صحّ تصرّف المرتهن في الثمن بعد حلول الدين.

(3)أي إن لم يوافق الثمن حقّ المرتهن كان تصرّفه في الثمن كتصرّفه في عين الرهن.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى العتق، و الضمير في قوله «بردّه» يرجع إلى المرتهن.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى العتق. يعني أنّ عتق الراهن المرهون المملوك بدون إذن و إجازة من المرتهن يكون مثل بيعه، فلا يحكم ببطلانه أصلا، بل يصحّ موقوفا، فإن ردّ المرتهن العتق بطل، و إن أجازه أو سكت و لم يردّ و لم يجز لزم العتق بعد أن فكّ الراهن الرهن بأحد أسباب الفكّ .

(6)الضميران في قوليه «بإجازته» و «سكوته» يرجعان إلى المرتهن.

(7)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «سكوته».

و المعنى هو أنّ السكوت من قبل المرتهن لا يوجب لزوم العتق مطلقا، بل إذا امتدّ إلى زمان انفكاك الرهن بأحد الأسباب، مثل أن يعطي الراهن الدين أو تبرّع به أجنبيّ أو أبرأه المرتهن منه.

(8)يعني أنّ القائل ببطلان العتق بدون إذن المرتهن نظر إلى كون العتق من الإيقاعات، لعدم احتياجه إلى القبول، و الإيقاع لا يكون موقوفا على الإجازة، بخلاف العقود.

و الحاصل هو أنّه لا يحكم بصحّة الفضوليّ في الإيقاعات، بخلاف العقود.

ص: 185

موقوفا.

(لا (1)) إذا أعتق (المرتهن)، فإنّ العتق يقع باطلا قطعا متى لم يسبق الإذن (2)، إذ (3) لا عتق إلاّ في ملك.

و لو سبق (4) و كان العتق عن الراهن أو مطلقا (5) صحّ .

و لو كان (6) عن المرتهن صحّ (7) أيضا، و ينتقل ملكه (8) إلى المعتق قبل

**********

شرح:

(1)أي ليس صحّة عتق المرتهن للمملوك المرهون موقوفة على إجازة الراهن، بل يقع عتقه باطلا من رأس.

(2)أي إذن الراهن.

(3)هذا دليل لبطلان ما ارتكبه المرتهن، و هو أنّه لا عتق إلاّ في ملك و المرتهن ليس مالكا للرهن، فيبطل عتقه.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الإذن. يعني لو سبق الإذن العتق و كان العتق عن الراهن - بمعنى أنّ الراهن أذن المرتهن في أن يعتق المملوك عنه - أو كان بلا نظر إلى المعتق عنه - بأن أعتقه المرتهن للقربة المطلقة - صحّ العتق.

(5)أي من دون أن يوقعه عن آخر كالراهن.

(6)اسم «كان» هو الضمير الراجع إلى العتق. يعني لو اوقع العتق عن المرتهن حكم بصحّة هذا العتق أيضا، لكن هذا متفرّع على انتقال المملوك إلى ملكه قبل إيقاع صيغة العتق، كما قالوا بذلك لو قال المالك: اعتق عبدي عنك، و حكموا في ذلك بحصول الملكيّة للمخاطب قبل إجرائه صيغة العتق، عملا بقول المعصوم عليه السّلام: «لا عتق إلاّ بعد ملك».

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى العتق.

(8)الضمير في قوله «ملكه» يرجع إلى الرهن. يعني يحكم بانتقال ملك الرهن إلى المرتهن قبل العتق.

ص: 186

إيقاع الصيغة المقترنة بالإذن كغيره (1) من المأذونين فيه (2).

(و لو وطأها (3) الراهن) بإذن المرتهن أو بدونه و إن فعل محرّما (صارت (4) مستولدة مع الإحبال (5))، لأنّها (6) لم تخرج عن ملكه بالرهن و إن منع (7) من التصرّف فيها،(و قد سبق) في شرائط المبيع (جواز (8) بيعها)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «كغيره» يرجع إلى المرتهن. يعني أنّ سائر المأذونين في عتق مملوك الغير أيضا كذلك.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى العتق.

(3)الضمير في قوله «وطأها» يرجع إلى الأمة المرهونة. يعني لو وطئ الراهن الأمة المرهونة لدين المرتهن بإذن المرتهن أو بلا إذن منه و صارت الأمة حاملا بذلك أثم و ارتكب حراما، و صارت الأمة أمّ ولد من المولى، لعدم خروجها عن ملكه، و ليس مثل الزناء، و الولد الحاصل يكون طيّب المولد، فيلحق بالراهن.

(4)اسم «صارت» هو الضمير العائد إلى الأمة التي استولدها الراهن المالك.

(5)بمعنى الحمل. يعني لو صارت الأمة حاملا صارت أمّ ولد.

(6)تعليل لصيرورة الأمة أمّ ولد بأنّ وطي الراهن ليس مثل الزناء حتّى لا يلحق به الولد، بل هو مثل وطي الزوجة الحائض، فإنّه و إن كان حراما، لكن لا يمنع من لحوق الولد بالزوج الواطئ.

(7)نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى المالك الراهن، و الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى الأمة المرهونة.

(8)أي سبق ذكر جواز بيع أمّ الولد في كتاب المتاجر، فإنّ المصنّف رحمه اللّه قد ذكر هناك ثمانية مواضع لجواز بيع أمّ الولد، ثمّ أضاف إليها الشارح رحمه اللّه مواضع اخرى، فقال:

«تاسع عشرها: إذا شرط أداء الضمان منها قبل الاستيلاد، ثمّ أولدها فإنّ حقّ

ص: 187

(حينئذ)، لسبق حقّ المرتهن على الاستيلاد المانع منه (1).

و قيل: يمتنع (2) مطلقا (3)، للنهي (4) عن بيع أمّهات الأولاد المتناول بإطلاقه (5) هذا الفرد.

و فصّل ثالث بإعسار (6) الراهن فتباع، و يساره فتلزمه (7) القيمة تكون رهنا، جمعا بين الحقّين (8).

**********

شرح:

المضمون له أسبق من حقّ الاستيلاد كالرهن و الفلس السابقين»، راجع عنه الفصل الثاني من كتاب المتاجر.

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى البيع.

(2)ضمير الفاعل يرجع إلى البيع.

(3)أي سواء كان الوطي بإذن المرتهن أم لا، و سواء كان مع إعسار الراهن أم لا.

(4)يعني أنّ دليل القول بالمنع هو ما ورد من النهي عن بيع أمّهات الأولاد، فإنّ الإماء التي ولدن من مواليهنّ يمنع عن بيعهنّ .

(5)فإنّ النهي الوارد في بيع أمّهات الأولاد يشمل ما نحن فيه أيضا.

(6)يعني أنّ القول الثالث في المسألة هو جواز بيع الأمة المرهونة المستولدة عند إعسار الراهن بأن لم يقدر على إيفاء الدين من سائر أمواله، فيجوز بيع الأمة المذكورة، قضاء للدين.

(7)الضمير في قوله «فتلزمه» يرجع إلى الراهن. يعني أنّ الراهن لو كان ذا يسر وجبت عليه قيمة الأمة المستولدة، فيجعلها رهنا للدين.

(8)المراد من «الحقّين» هو حقّ أمّ الولد و حقّ المرتهن، فإذا الزم الراهن بجعل قيمتها رهنا فقد روعي حقّ أمّ الولد بالنسبة إلى بقائها حتّى تعتق و حقّ المرتهن بالنسبة إلى جعل قيمة أمّ الولد رهنا لدينه.

ص: 188

و للمصنّف في بعض تحقيقاته تفصيل رابع، و هو بيعها (1) مع وطئه بغير إذن المرتهن، و منعه مع وقوعه بإذنه.

و كيف كان فلا تخرج (2) عن الرهن بالوط ء و لا بالحبل، بل يمتنع البيع ما دام الولد حيّا، لأنّه (3) مانع طارئ، فإن مات بيعت للرهن، لزوال المانع (4).

(و لو وطأها (5) المرتهن فهو زان)، لأنّه وطأ أمة الغير بغير إذنه.

(فإن أكرهها (6) فعليه العشر إن كانت بكرا، و إلاّ) تكن بكرا (فنصفه (7))،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بيعها» يرجع إلى الأمة المرهونة المستولدة. فالتفصيل الرابع هو جواز بيع تلك الأمة لو كان الوطي بغير إذن المرتهن، و عدم جواز بيعها لو وقع بإذن منه.

قال في الحديقة: لعلّ هذا التفصيل إمّا من جهة الخبر أو للاعتبار العقليّ ، إذ وقوعه بإذنه يوجب رضاه بكونها أمّ ولد.

(2)فاعله هو الضمير الراجع إلى الأمة المرهونة. يعني و كيف كان و مهما قيل فيها فحكمها عدم خروجها عن كونها رهنا لدين المرتهن لا بالوطي و لا بالحمل، بل لا تباع ما دام ولدها حيّا، فلو مات بيعت، لكونها رهنا.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الولد. يعني أنّ الولد مانع عارض، فإذا زال جاز البيع.

(4)و هو حياة الولد.

(5)أي لو وطئ الأمة المرهونة المرتهن كان زانيا، لأنّه وطي أمة الغير بغير إذنه.

(6)أي و إن أكره المرتهن الأمة المرهونة على الوطي وجب عليه عشر قيمة الأمة في صورة كونها بكرا، و إلاّ وجب عليه نصف العشر.

و لا يخفى أنّ قول المصنّف رحمه اللّه «أكرهها» عدل قوله الآتي بعد أسطر «و إن طاوعته».

(7)الضمير في قوله «فنصفه» يرجع إلى العشر. يعني ففي صورة كون الأمة بكرا يجب

ص: 189

للرواية (1) و الشهرة.

(و قيل: مهر المثل)، لأنّه عوض الوط ء شرعا (2).

و للمصنّف في بعض حواشيه قول بتخيّر المالك بين الأمرين (3).

و يجب مع ذلك (4) أرش البكارة، و لا يدخل في المهر (5) و لا العشر، لأنّه (6) حقّ جناية

**********

شرح:

على المرتهن الواطئ عشر قيمتها، و إن كانت ثيّبا فعليه نصف عشر قيمتها.

(1)يعني أنّ الدليل لوجوب عشر قيمتها أو نصف عشر قيمتها هو الرواية و الشهرة المنعقدة بين الفقهاء، و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك إنّ بعض أصحابنا قد روى عنك أنّك قلت: إذا أحلّ الرجل لأخيه (فرج) جاريته فهي (فهو - يب) له حلال، فقال: نعم يا فضيل، قلت: فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة و هي بكر أحلّ لأخيه مادون فرجها، أله أن يقتضّها؟ قال: لا، ليس له إلاّ ما أحلّ له منها، و لو أحلّ قبلة منها لم يحلّ له ما سوى ذلك، قلت:

أ رأيت إن أحلّ له مادون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضّها، قال: لا ينبغي له ذلك، قلت: فإن فعل أ يكون زانيا؟ قال: لا، و لكن يكون خائنا، و يغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكرا، و إن لم تكن فنصف عشر قيمتها (الوسائل: ج 14 ص 537 ب 35 من أبواب العبيد و الإماء من كتاب النكاح، ح 1).

(2)يعني لو كان الوطي شرعيّا كان عوضه مهر أمثال الموطوءة.

(3)المراد من الأمرين هو: 1 - العشر أو نصفه. 2 - مهر المثل.

(4)يعني و يجب على المرتهن الواطئ علاوة على العشر أو مهر المثل أرش البكارة أيضا.

(5)يعني أنّ أرش البكارة لا يندرج تحت المهر و لا العشر المذكورين.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الأرش. و هذا دليل لعدم دخول الأرش في المهر

ص: 190

و عوض جزء فائت (1)، و المهر على التقديرين (2) عوض الوط ء.

و لا يشكل (3) بأنّ البكارة إذا اخذ أرشها صارت ثيّبا، فينبغي أن يجب مهر الثيّب، لأنّه (4) قد صدق وطؤها بكرا و فوّت منها جزء (5)، فيجب عوض كلّ منهما (6)، لأنّ أحدهما (7) عوض جزء، و الآخر (8) عوض منفعة.

(و إن طاوعته (9) فلا شيء)،

**********

شرح:

و العشر، و هو أنّ أرش البكارة حقّ جناية حاصلة من المرتهن على الأمة البكر.

(1)المراد من الجزء الفائت هو بكارة الأمة.

(2)أي على تقدير كون الأمة بكرا و ثيّبا. يعني أنّ المهر على التقديرين يكون في مقابل الوطي و عوضا عنه، فلا دخل له في شأن البكارة الزائلة.

(3)حاصل الإشكال هو أنّ الأمة البكر إذا أخذ أرش بكارتها صارت ثيّبا، فكيف يجب بعد ذلك مهر مثل البكر؟!

(4)هذا جواب عن الإشكال المذكور بأنّ البكر إذا وطئت صدق على وطيها أنّه وطي بكر، فيجب على الواطئ مهر مثل البكر.

(5)يعني و أيضا أنّ الواطئ مع أنّه يصدق عليه أنّه وطي جارية بكرا كذلك يصدق عليه أنّه فوّت جزء منها، فيجب عليه أرشه.

و المراد من الجزء الفائت هو بكارة الأمة، و قد مرّت الإشارة إليه فيما سبق من الهامش 1 من هذه الصفحة.

(6)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى الجزء الفائت و مهر المثل.

(7)و هو أرش البكارة.

(8)و هو مهر المثل.

(9)فاعله هو الضمير الراجع إلى الأمة المرهونة، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المرتهن،

ص: 191

لأنّها (1) بغيّ ، و لا مهر لبغيّ (2).

و فيه (3) أنّ الأمة لا تستحقّ المهر، و لا تملكه، فلا ينافي ثبوته (4) لسيّدها مع كون التصرّف في ملكه (5) بغير إذنه، وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (1) (6).

و القول بثبوته (7) عليه مطلقا (8) أقوى، مضافا إلى أرش البكارة،

**********

شرح:

و هو عطف على قوله في الصفحة 189 «فإن أكرهها». يعني فلو كانت الأمة أيضا راغبة فيما ارتكبه المرتهن فلا شيء عليه.

(1)الضمير في قوله «لأنّها» يرجع إلى الأمة. يعني أنّ الأمة في صورة المطاوعة تكون زانية.

(2)أي لزانية.

(3)يعني يرد على الاستدلال المذكور - و هو كون الأمة المبحوث عنها بغيّا فلا مهر لها - أنّها لا تستحقّ المهر و لا تملكه، بل هو لمولاها، فلا مانع من وجوب المهر على المرتهن لسيّدها.

(4)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع إلى المهر، و في قوله «لسيّدها» يرجع إلى الأمة.

(5)الضميران في قوليه «ملكه» و «إذنه» يرجعان إلى سيّد الأمة.

(6)الآية 18 من سورة الفاطر. أي لا يحمل حامل وزر الآخر، ففي المقام أنّ الجارية كانت صاحبة وزر، فلا يحمله سيّدها.

(7)الضمير في قوله «بثبوته» يرجع إلى المهر، و في قوله «عليه» يرجع إلى المرتهن.

يعني أنّ القول بثبوت المهر على عهدة المرتهن مع أرش البكارة هو أقوى في نظر الشارح رحمه اللّه.

(8)أي سواء طاوعت الأمة أم لا.

ص: 192


1- سوره 6 - آیه 164

كما مرّ (1)، و قد تقدّم مثله (2).

السادسة: الرهن لازم من جهة الراهن

(السادسة (3): الرهن لازم من جهة الراهن (4) حتّى يخرج عن الحقّ ) بأدائه (5) و لو من متبرّع غيره.

و في حكمه (6) ضمان الغير له مع قبول المرتهن و الحوالة (7) به و إبراء المرتهن (8) له منه.

**********

شرح:

(1)في الصفحة 190 في قوله «و يجب مع ذلك أرش البكارة».

(2)أي تقدّم سابقا مثل هذا المطلب في كتاب المتاجر، في المسألة الثالثة من الفصل الثالث في بيع الحيوان، إن شئت فراجع.

السادسة: لزوم الرهن من جهة الراهن (3)أي المسألة السادسة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق.

(4)يعني لا يجوز للراهن فسخ عقد الرهن بعد قبض المرتهن - كما تقدّم - حتّى يخرج عن عهدة الحقّ الذي هو للمرتهن و استقرّ في ذمّته.

(5)الضمير في قوله «بأدائه» يرجع إلى الحقّ ، و الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «يخرج».

يعني أنّ خروج الراهن عن عهدة الحقّ إمّا بأدائه حقّ المرتهن أو بأداء شخص آخر إيّاه تبرّعا.

(6)أي و في حكم الأداء ضمان شخص آخر لحقّ المرتهن، و إذا يخرج الراهن عن عهدة الحقّ .

(7)بأن يخرج الراهن عن الحقّ بحوالته إلى آخر، كما إذا كان له حقّ في ذمّة آخر يساوي حقّ المرتهن فأحاله إليه. و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحقّ .

(8)يعني و في حكم أداء الحقّ إبراء المرتهن الراهن من الحقّ الذي له عليه.

و الضمير في قوله «له» يرجع إلى الراهن، و في قوله «منه» يرجع إلى الحقّ .

ص: 193

و في حكمه (1) الإقالة المسقطة للثمن المرهون به أو للمثمن (2) المسلم فيه (3) المرهون به (4).

و الضابط (5) براءة ذمّة الراهن من جميع الدين.

و لو خرج (6) من بعضه ففي خروج الرهن أجمع أو بقائه كذلك أو

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «حكمه» يرجع إلى الإبراء. يعني و في حكم الإبراء الإقالة المسقطة لحقّ المرتهن الذي اخذ به الرهن، كما إذا باع المرتهن شيئا نسيئة، ثمّ أخذ من المشتري رهنا في مقابل الثمن، ثمّ أقال البائع و المشتري البيع، فالإقالة هنا تسقط الثمن عن ذمّة المشتري، فيزول قهرا موضوع الرهن، و يرجع ماله المرهون إليه.

(2)أي الإقالة المسقطة للثمن الذي اخذ له الرهن، كما إذا باع المرتهن من المشتري متاعا بالسلف و أخذ ثمنه، ثمّ أخذ المشتري منه الرهن للمثمن الذي هو في ذمّة البائع، ثمّ أقالا البيع الواقع سلفا، فإذا يزول موضوع الرهن، لأنّ الإقالة مسقطة للمثمن الذي كان مؤجّلا و مأخوذا له الرهن، فإذا زال البيع زال الرهن و رجع إلى صاحبه.

(3)و هو المثمن في بيع السلف الذي يكون الثمن فيه حالاّ، و المثمن مؤجّلا.

(4)قوله «المرهون به» صفة لقوله «المثمن».

(5)يعني أنّ الضابط لخروج الرهن من اللزوم بالنسبة إلى الراهن هو براءة ذمّته من جميع الدين.

(6)فاعله هو الضمير الراجع إلى الراهن. يعني لو خرج الراهن عن عهدة بعض الحقّ - بأن أدّى بعضه و بقي بعضه الآخر - فهل يخرج الرهن أجمع أو يبقى كذلك ؟ فيه ثلاثة احتمالات:

أ: خروج جميع الرهن.

ب: بقاء مجموعه رهنا إلى أن يوفي الراهن جميع الحقّ .

ص: 194

بالنسبة أوجه.

و يظهر من العبارة (1) بقاؤه أجمع، و به (2) صرّح في الدروس.

و لو شرط كونه رهنا على المجموع (3) خاصّة تعيّن الأوّل (4)، كما أنّه لو جعله رهنا على كلّ جزء منه (5) فالثاني.

و حيث يحكم بخروجه (6) عن الرهانة (فيبقى أمانة في يد المرتهن) مالكيّة (7)

**********

شرح:

ج: خروج الرهن بمقدار ما أوفاه، بمعنى أنّه لو أوفى نصف الدين فكّ نصف الرهن أو ثلثه فثلثه و هكذا.

(1)يعني يظهر من عبارة المصنّف رحمه اللّه حيث قال «حتّى يخرج عن الحقّ » بقاء جميع الرهن حتّى يوفي جميع الدين، لأنّ قوله «الحقّ » اللام فيه للاستغراق.

(2)أي بما يظهر من عبارة المصنّف هنا صرّح في كتابه (الدروس).

(3)يعني لو شرط الراهن كون الرهن في مقابل مجموع الحقّ لا فيما بقي بعد أداء البعض تعيّن القول الأوّل، و هو خروجه عن الرهن جميعا.

(4)و هو خروج الرهن أجمع.

(5)بأن جعل الراهن الرهن في مقابل كلّ جزء من الدين، فإذا يتعيّن بقاؤه إلى أن يوفي الجميع. و المراد من «الثاني» هو البقاء أجمع.

(6)الضمير في قوله «بخروجه» يرجع إلى الرهن.

(7)يعني أنّ الرهن إذا خرج عن الرهانة بقي في يد المرتهن أمانة مالكيّة، و حكمها عدم وجوب تسليمه إلاّ مع مطالبة المالك في مقابل الأمانة الشرعيّة التي حكمها وجوب تسليمها إلى مالكها فورا.

من حواشي الكتاب: و الرهن يبقى في يد المرتهن بعد انفساخ الرهن أمانة مالكيّة

ص: 195

لا يجب تسليمه (1) إلاّ مع المطالبة، لأنّه (2) مقبوض بإذنه، و قد كان (3) وثيقة و أمانة، فإذا انتفى الأوّل (4) بقي الثاني (5).

و لو كان الخروج من الحقّ بإبراء المرتهن (6) من غير علم الراهن وجب عليه (7) إعلامه به أو ردّ (8) الرهن،

**********

شرح:

لا شرعيّة، و من لوازمها عدم وجوب تسليمها إلى مالكها إلاّ بمطالبته، بخلاف الشرعيّة، فهو بمنزلة الوديعة مأخوذ بإذن المالك لا بمنزلة ما لو أطار الريح ثوبا إلى دار الإنسان، حيث يلزمه ردّه على مالكه أو إعلامه به، و هذا و نحوه هو المعبّر عنه بالأمانة الشرعيّة، حيث إنّ الشارع جعله أمينا دون المالك، فيجب المبادرة إلى أحد الأمرين، لأنّ المالك لم يرض بكونه في يده، و في الأمانة الشرعيّة لو لم يردّ أو لم يعلم به يضمن مع التلف و لو بلا تعدّ و تفريط ، بخلاف المالكيّة (المسالك).

(1)الضمير في قوله «تسليمه» يرجع إلى الرهن.

(2)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الرهن، و في قوله «بإذنه» يرجع إلى المالك.

(3)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الرهن. يعني أنّ للرهن وصفين:

أ: كونه وثيقة في مقابل الدين.

ب: كونه أمانة في يد المرتهن.

فإذا انتفى كونه وثيقة بإيفاء الدين بقي كونه أمانة مالكيّة.

(4)و هو كونه وثيقة للدين.

(5)و هو كونه أمانة مالكيّة.

(6)و هو أحد الأسباب الموجبة لخروج الرهن عن الرهانة، كما تقدّم.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المرتهن الذي أبرأ الراهن من الدين، و الضمير في قوله «إعلامه» يرجع إلى الراهن، و في قوله «به» يرجع إلى الإبراء.

(8)بالرفع، عطف على قوله «إعلامه». يعني يجب على المرتهن أحد الأمرين: إمّا

ص: 196

بخلاف ما إذا علم (1).

(و لو شرط (2) كونه مبيعا عند الأجل بطلا) الرهن و البيع، لأنّ (3) الرهن لا يوقّت، و البيع (4) لا يعلّق.

(و لو قبضه (5)) كذلك (6)(ضمنه بعد الأجل)، لأنّه حينئذ بيع فاسد، و صحيحه (7) مضمون، ففاسده كذلك.

(لا قبله (8))، لأنّه حينئذ رهن فاسد، و صحيحه (9) غير مضمون، ففاسده

**********

شرح:

الإعلام بالإبراء أو ردّ الرهن.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن.

(2)يعني إذا شرط الراهن كون الرهن مبيعا عند حلول أجل الدين بطل البيع، لأنّ من شرائط صحّة عقد البيع كونه منجّزا و الحال أنّه هنا لا يكون منجّزا، بل معلّق، و هكذا يبطل الرهن، لكونه موقّتا، و قد تقدّم أنّ من شرط صحّه الرهن الدوام.

(3)هذا دليل لبطلان الرهن.

(4)هذا دليل لبطلان البيع.

(5)يعني لو أخذ المرتهن الرهن مع الشرط المذكور ضمنه بعد حلول الدين و حكم بضمانه، استنادا إلى أنّ كلّ عقد يضمن بصحيحة يضمن بفاسده.

(6)قوله «كذلك» إشارة إلى أخذ المرتهن الرهن مع علمه بشرط كونه مبيعا عند الأجل.

(7)يعني أنّ صحيح عقد البيع يوجب الضمان بالنسبة إلى الثمن و المثمن، ففاسده أيضا كذلك.

(8)أي لا يضمن المرتهن الرهن قبل حلول أجل الدين، لأنّه مأخوذ بعقد الرهن، و صحيحه لا يوجب الضمان فكذلك فاسده.

(9)الضميران في قوليه «صحيحه» و «فاسده» يرجعان إلى الرهن.

ص: 197

كذلك، قاعدة (1) مطّردة.

و لا فرق في ذلك (2) بين علمهما (3) بالفساد و جهلهما و التفريق.

السابعة: يدخل النماء المتجدّد في الرهن

(السابعة (4): يدخل النماء المتجدّد) المنفصل كالولد و الثمرة (في الرهن على الأقرب (5))، بل قيل: إنّه (6) إجماع، و لأنّ (7) من شأن النماء تبعيّة الأصل (8)،(إلاّ (9) مع شرط عدم الدخول)، فلا إشكال حينئذ (10) في

**********

شرح:

(1)المراد من القاعدة المطّردة هو «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده».

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو بطلان البيع و ضمان الرهن.

(3)بأن علم الراهن و المرتهن بالفساد أو جهلاه معا، أو علم أحدهما و جهل الآخر.

السابعة: حكم نماء الرهن المتجدّد (4)يعني أنّ المسألة السابعة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق هي أنّ النماء الحاصل الذي ينفصل عن الرهن يدخل في الرهن و يكون جزء منه، كما إذا ولدت الشاة المرهونة، فإنّ الولد أيضا يكون رهنا.

(5)في مقابل القول الآتي في قوله «و قيل: لا يدخل... إلخ».

(6)الضمير في قوله «إنّه» يرجع إلى دخول النماء في الرهن.

(7)هذا دليل ثان لدخول النماء في الرهن.

(8)المراد من «الأصل» هو نفس الرهن الذي انفصل النماء عنه مثل الولد و الثمرة المنفصلان عن الشاة و الشجرة.

(9)هذا استثناء من دخول النماء في الرهن. يعني إذا شرط الراهن عدم دخول النماء في الرهن لم يدخل.

(10)أي حين إذ شرط الراهن أو المرتهن عدم الدخول.

ص: 198

عدم دخوله، عملا بالشرط (1)، كما أنّه لو شرط دخوله (2) ارتفع الإشكال.

و قيل: لا يدخل بدونه (3)، للأصل (4) و منع (5) الإجماع، و التبعيّة (6) في الملك لا في مطلق الحكم (7)، و هو أظهر.

و لو كان متّصلا كالطول و السمن (8) دخل إجماعا.

الثامنة: ينتقل حقّ الرهانة إلى الوارث بالموت

(الثامنة (9): ينتقل حقّ الرهانة إلى الوارث بالموت)،

**********

شرح:

(1)لأنّ الشرط يجب العمل به، و المؤمنون عند شروطهم.

(2)الضمير في قوله «دخوله» يرجع إلى النماء. يعني لو شرط الراهن أو المرتهن دخول النماء في الرهن لم يبق إشكال في دخوله.

(3)يعني قال بعض الفقهاء بعدم دخول النماء في الرهن إلاّ مع شرط الدخول، و القائل به هو الشيخ رحمه اللّه، و اختاره العلاّمة رحمه اللّه أيضا.

(4)يعني أنّ الأصل عدم دخول النماء في الرهن.

(5)أي و لمنع الإجماع المدّعى على الدخول، لأنّ الشيخ و العلاّمة رحمهما اللّه قائلان بعدم الدخول إلاّ مع الشرط ، فأنّى الإجماع!!

(6)بالرفع مبتدأ، خبره قوله «في الملك». و هذا ردّ آخر للاستدلال على التبعيّة بأنّ ما أفاده المستدلّ من تبعيّة النماء للأصل إنّما هو يتمّ في الملك خاصّة، لأنّ نماء الملك لمالك الأصل، أمّا تبعيّة النماء للأصل في جميع أحكامه التي من جملتها الرهنيّة فممنوعة.

(7)أي لا يتبع النماء للأصل في جميع الأحكام حتّى في الرهانة.

(8)مثالان للنماء المتّصل، فإنّهما يدخلان في الرهن بلا خلاف.

الثامنة: انتقال حقّ الرهانة إلى الوارث (9)يعني أنّ المسألة الثامنة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق هي أنّ المرتهن

ص: 199

لأنّه (1) مقتضى لزوم العقد من طرف الراهن، و لأنّه وثيقة على الدين، فيبقى (2) ما بقي ما لم يسقطه (3) المرتهن.

(لا الوكالة (4) و الوصيّة (5))، لأنّهما (6) إذن في التصرّف يقتصر بهما على من (7) اذن له، فإذا مات (8) بطل (9) كنظائره من الأعمال المشروطة بمباشر معيّن (10).

(إلاّ مع الشرط ) بأن يكون (11)

**********

شرح:

لو مات انتقل حقّ الرهانة إلى وارثه، لأنّ عقد الرهن لازم من قبل الراهن، فمقتضاه هذا الانتقال، بخلاف العقد الجائز الذي يبطل بموت العاقد.

(1)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الانتقال المفهوم من قوله «ينتقل».

(2)أي فيبقى الرهن على الرهانة ما دام دين المرتهن باقيا.

(3)أي ما لم يسقط المرتهن دينه.

(4)المراد من «الوكالة» هو توكيل الراهن المرتهن في بيع الرهن، فإنّها تبطل بموت المرتهن، و لا تنتقل إلى وارثه.

(5)كما إذا أوصى الراهن إلى المرتهن، فإنّها تبطل بموت المرتهن.

(6)يعني أنّ الوكالة و الوصاية إذن في التصرّف، فإذا مات من اذن له التصرّف بطل بفوات موضوعه.

(7)المراد من «من اذن له التصرّف» في المقام هو المرتهن.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى «من» الموصولة.

(9)فاعله هو الإذن الصادر من الراهن في المقام.

(10)كالأجير المعيّن الخاصّ .

(11)اسم «أن يكون» هو الضمير العائد إلى حقّ الوكالة و الوصاية. يعني يصحّ أن يشترط الراهن أو المرتهن كون حقّ الوكالة و الوصاية للوارث بعد موت المرتهن.

ص: 200

للوارث بعده (1) أو لغيره، فيلزم، عملا (2) بالشرط .

(و للراهن الامتناع من استئمان (3) الوارث) و إن شرط له (4) وكالة البيع و الاستيفاء، لأنّ الرضا بتسليم المورّث (5) لا يقتضيه (6)، و لاختلاف الأشخاص فيه (7).

(و بالعكس (8)) للوارث الامتناع من استئمان الراهن عليه (9).

(فليتّفقا (10) على أمين) يضعانه (11) تحت يده

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى المرتهن، و كذلك الضمير في قوله «لغيره».

(2)أي فيجب الوفاء بكون حقّ الوكالة و الوصاية للوارث، عملا بالشرط الحاصل.

(3)بمعنى أنّ الراهن إذا شرط كون الوكالة في بيع الرهن و استيفاء الدين منه للوارث بعد موت المرتهن جاز له أن يمنع من كون الرهن أمانة في يده و إن كان راضيا بكونه في يد المورّث، لأنّ حال الأشخاص تختلف من حيث الاستيمان و عدمه، فيمكن استيمان أب دون ابنه و هكذا استيمان أخ دون آخر.

(4)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الوارث.

(5)المراد من «المورّث» هو المرتهن. يعني أنّ رضى الراهن بكون الرهن في يد المورّث لا يقتضي رضاه بكون الرهن بيد الوارث.

(6)الضمير الملفوظ في قوله «لا يقتضيه» يرجع إلى استيمان الوارث.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الاستيمان.

(8)أي و يجوز للوارث الامتناع من استيمان الراهن بأن يمتنع من كون الرهن في يده.

(9)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الرهن.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن.

(11)الضمير الملفوظ الثاني في قوله «يضعانه» يرجع إلى الرهن، و في قوله «يده» يرجع إلى الأمين. أي يجب لهما أن يضعا الرهن تحت يد امرئ أمين غير الراهن و الوارث.

ص: 201

و إن لم يكن (1) عدلا، لأنّ الحقّ لا يعدوهما (2)، فيتقيّد (3) برضاهما.

(و إلاّ) يتّفقا (4)(فالحاكم) يعيّن له (5) عدلا يقبضه لهما (6).

و كذا لو مات الراهن فلورثته (7) الامتناع من إبقائه (8) في يد المرتهن، لأنّه (9) في القبض بمنزلة الوكيل تبطل (10) بموت الموكّل و إن كانت (11) مشروطة في عقد لازم إلاّ أن يشترط استمرار الوضع بعد موته،

**********

شرح:

(1)اسم «لم يكن» هو الضمير العائد إلى الأمين. يعني و لو لم يكن الأمين الذي يختار انه عادلا.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «لا يعدوهما» يرجع إلى الراهن و الوارث. يعني أنّ الحقّ يتعلّق بالراهن و الوارث، فهما مخيّران في اختيار الأمين، عادلا كان أم لم يكن.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الحقّ .

(4)فإذا اختلفا في اختيار الأمين - بأن يختار كلّ واحد منهما امرء لا يرضاه الآخر - عيّن الحاكم امرء و كان الرهن تحت يده.

(5)الضمير في قوله «له» و كذا الضمير الملفوظ في قوله «يقبضه» يرجعان إلى مال الرهن.

(6)الضمير في قوله «لهما» يرجع إلى الراهن و الوارث.

(7)يعني إذا مات الراهن جاز للورّاث أن يمتنعوا من إبقاء مال الرهن في يد المرتهن، لأنّه كان بمنزلة الوكيل في القبض، و تبطل وكالته بموت الموكّل.

(8)الضمير في قوله «إبقائه» يرجع إلى الرهن.

(9)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى المرتهن.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى الوكالة المعلومة من القرائن اللفظيّة.

(11)أي و إن كانت الوكالة الحاصلة للمرتهن في القبض مشروطة في عقد لازم، و هو الرهن اللازم من قبل الراهن.

ص: 202

فيكون (1) بمنزلة الوصيّ في الحفظ .

التاسعة: لا يضمن المرتهن إلاّ بتعدّ أو تفريط

(التاسعة (2): لا يضمن المرتهن) الرهن إذا تلف في يده (إلاّ بتعدّ أو تفريط (3))، و لا يسقط بتلفه شيء من حقّ المرتهن.

فإن تعدّى فيه (4) أو فرّط ضمنه (5)،(فتلزم قيمته (6) يوم تلفه) إن كان قيميّا (على الأصحّ )، لأنّه (7) وقت الانتقال إلى القيمة، و الحقّ قبله (8) كان منحصرا في العين و إن كانت مضمونة.

**********

شرح:

(1)فعلى اشتراط الاستمرار يكون الوارث بمنزلة وصيّ المرتهن في حفظ مال الرهن.

التاسعة: عدم ضمان المرتهن (2)يعني أنّ المسألة التاسعة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق هي أنّ المرتهن أمين في حفظ مال الرهن، و لا يضمن عند التلف إلاّ بإفراط أو تفريط .

(3)التفريط هو الإخلال بما يوجب حفظ الشيء عن التلف أو النقص أو السرقة، و التعدّي - و هو الإفراط - إعمال شيء موجب للتلف أو النقص.

(4)يعني أنّ المرتهن إذا أفرط و تعدّى في مال الرهن أو فرّط فيه و أخلّ بما يوجب حفظه كان ضامنا.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «ضمنه» يرجع إلى مال الرهن.

(6)يعني إذا حكم بضمان المرتهن للرهن لزمت على ذمّته قيمة يوم التلف على القول الأصحّ في مقابل قول آخر سيأتي الإشارة إليه.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى يوم التلف. و هذا تعليل للقول الأصحّ بأنّ الحقّ قبل التلف كان منحصرا في العين، فإذا تلفت انتقل إلى القيمة.

(8)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى يوم التلف.

ص: 203

و مقابل الأصحّ اعتبار قيمته (1) يوم القبض أو أعلى القيم (2) من يوم القبض إلى يوم التلف أو من حين التلف (3) إلى حين الحكم عليه بالقيمة كالغاصب (4).

و يضعّف (5) بأنّه قبل التفريط غير مضمون، فكيف تعتبر قيمته (6) فيه، و بأنّ (7) المطالبة

**********

شرح:

(1)يعني أنّ غير الأصحّ هو اعتبار يوم قبض المرتهن للوثيقة، فإذا كانت قيمة الوثيقة يوم قبضها ألفا و كانت يوم التلف أزيد منها أو أقلّ لم يضمن المرتهن إلاّ قيمة يوم القبض.

(2)و القول الثالث في المسألة هو اعتبار أعلى القيم من زمان القبض إلى يوم التلف.

(3)و القول الرابع في المسألة هو اعتبار أعلى القيم من حين التلف إلى زمن الحكم على المرتهن بالقيمة.

(4)كما أنّ الغاصب يحكم عليه بأعلى القيم من حين التلف إلى حين الحكم عليه، لأنّه يؤخذ بأشقّ الأحوال و أشدّها.

و لا يخفى أنّ هذه الأقوال مع أدلّتها مذكورة في كتاب المكاسب للشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه، من أراد التفصيل فليراجعه.

(5)أي و يضعّف غير الأصحّ من الأقوال المذكورة بأنّ الرهن قبل التفريط لم يكن مضمونا، فكيف يحكم بضمانه كذلك ؟!

(6)الضمير في قوله «قيمته» يرجع إلى الرهن، و في قوله «فيه» يرجع إلى قبل التفريط .

و لا يخفى أنّ هذا ردّ للقول باعتبار قيمة يوم القبض و اعتبار أعلى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف.

(7)عطف على قوله «بأنّه قبل التفريط ... إلخ». يعني و يضعّف القول باعتبار أعلى القيم

ص: 204

لا دخل لها (1) في ضمان القيميّ .

فالأقوى الأوّل (2) مطلقا (3).

هذا (4) إذا كان الاختلاف بسبب السوق (5) أو نقص (6) في العين غير مضمون، أمّا لو نقصت العين بعد التفريط (7) بهزال و نحوه (8)، ثمّ تلفت اعتبر أعلى (9) القيم المنسوبة (10) إلى العين

**********

شرح:

من حين التلف إلى حين الحكم بأنّ مطالبة الراهن المرتهن بقيمة الرهن لا دخل لها في الضمان، لأنّ المرتهن صار ضامنا بمجرّد التلف قبل المطالبة، فلا معنى لكون المطالبة موجبة للضمان.

(1)الضمير في قوله «لها» يرجع إلى المطالبة.

(2)المراد من «الأوّل» هو القول بضمان قيمة يوم التلف، كما مرّ في عبارة المصنّف رحمه اللّه.

(3)أي سواء كان قيمته يوم التلف أعلى أو أنقص أو مساوية بقيمة يوم القبض (الحديقة).

(4)المشار إليه في قوله «هذا» هو قوله «فالأقوى الأوّل». يعني أنّ كون القول الأوّل أقوى إنّما هو فيما إذا كان الاختلاف بسبب السوق أو بسبب نقص في العين عارض من قبل اللّه تعالى غير مضمون.

(5)كما إذا زادت قيمته أو نقصت من جهة السوق و البيع و الشراء.

(6)أي بسبب عروض نقص في العين غير مضمون مثل النقص العارض في الرهن بسبب من اللّه تعالى بأن يوجد فيه المرض الموجب لنقص قيمته.

(7)يعني فلو حصل النقص في قيمة الرهن بهزاله بعد تفريط المرتهن، ثمّ انجرّ إلى التلف حكم بأعلى القيم من حين التفريط إلى يوم التلف.

(8)أي نحو الهزال.

(9)بالرفع تقديرا، نائب الفاعل لقوله «اعتبر».

(10)بالجرّ، صفة لقوله «القيم» جمع القيمة.

ص: 205

من حين التفريط إلى التلف (1).

و لو كان (2) مثليّا ضمنه بمثله إن وجد (3)، و إلاّ (4) فقيمة المثل عند الأداء على الأقوى (5)، لأنّ (6) الواجب عنده (7) إنّما كان المثل و إن كان متعذّرا، و انتقاله (8) إلى القيمة بالمطالبة (9)، بخلاف القيميّ ، لاستقرارها (10) في الذمّة من حين التلف مطلقا (11).

**********

شرح:

(1)أي أعلى القيم من زمان التفريط إلى زمان التلف.

(2)اسم «كان» هو الضمير الراجع إلى الرهن. أي و لو كان مال الرهن مثليّا كالحنطة و الشعير و أفرط فيه المرتهن أو فرّط فيه، ثمّ تلف ضمن مثله.

(3)أي إن وجد مثله.

(4)أي و إن لم يوجد المثل ضمن المرتهن قيمة المثل حين أداء الراهن.

(5)يعني أنّ المرتهن يضمن قيمة المثل حين الأداء على الأقوى.

أقول: قال بعض بضمان قيمة يوم التلف، و قال آخر بضمان قيمة يوم الإعواز.

(6)هذا تعليل لضمان قيمة المثل يوم الأداء بأنّ الواجب على المرتهن إنّما كان ردّ المثل، فلو كان المثل متعذّرا لم ينتقل إلى أداء القيمة إلاّ بالمطالبة.

(7)الضمير في قوله «عنده» يرجع إلى المرتهن.

(8)الضمير في قوله «انتقاله» يرجع إلى المثل. يعني لا يجب على المرتهن أداء قيمة المثل إلاّ بالمطالبة.

(9)فلو كان الراهن لم يطالب المرتهن بالقيمة كان الواجب على المرتهن هو المثل.

(10)الضمير في قوله «لاستقرارها» يرجع إلى القيمة.

(11)أي سواء طالب الراهن المرتهن بالقيمة أم لا، لأنّ المرتهن ضمن قيمة القيميّ من ابتداء يوم التلف.

ص: 206

(و لو اختلفا في القيمة (1) حلف المرتهن)، لأنّه المنكر، و الأصل براءته (2) من الزائد.

و قيل: الراهن (3)، نظرا (4) إلى كون المرتهن صار خائنا بتفريطه (5)، فلا يقبل قوله.

و يضعّف بأنّ قبول قوله (6) من جهة إنكاره، لا من حيث كونه أمينا أو خائنا.

العاشرة: لو اختلفا في الحقّ المرهون به حلف الراهن

(العاشرة (7): لو اختلفا في) قدر (الحقّ المرهون به حلف الراهن على)

**********

شرح:

(1)كما إذا قال الراهن: كانت قيمة الرهن يوم التلف ألفا، و قال المرتهن بل كان أنقص منها فإذا يحكم بحلف المرتهن، لكونه منكرا.

(2)الضمير في قوله «براءته» يرجع إلى المرتهن. يعني أنّ الأصل هو براءة ذمّة المرتهن، و من علائم المنكر كون قوله موافقا للأصل.

(3)يعني قال بعض بحلف الراهن.

(4)يعني أنّ الدليل لحلف الراهن هو صيرورة المرتهن خائنا بتفريطه، فلا يقبل حلفه.

(5)الضميران في قوليه «بتفريطه» و «قوله» يرجعان إلى المرتهن.

(6)يعني أنّ قبول قول المرتهن إنّما هو لكونه منكرا، و لا دخل في ذلك لكونه أمينا أو خائنا.

العاشرة: الاختلاف في قدر الحقّ (7)يعني أنّ المسألة العاشرة من المسائل المبحوث عنها في اللواحق تكون في اختلاف الراهن و المرتهن في مقدار الحقّ الذي اخذ له الرهن، مثل ما إذا ادّعى الراهن كون الرهن في مقابل مائة، و ادّعى المرتهن كونه في مقابل ألف.

ص: 207

(الأقرب (1))، لأصالة (2) عدم الزيادة و براءة ذمّته منها (3)، و لأنّه منكر، و للرواية (4).

و قيل: قول المرتهن، استنادا إلى رواية (5) ضعيفة.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ أقرب القولين هو حلف الراهن في مقابل القول بحلف المرتهن.

(2)استدلّ على القول المذكور بثلاثة أدلّة:

أ: أصالة عدم زيادة مقدار الحقّ عمّا يدّعيه الراهن و براءة ذمّة الراهن من الزائد.

ب: كون الراهن منكرا للزائد.

ج: الرواية.

(3)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى الزيادة، و في قوله «لأنّه» يرجع إلى الراهن.

(4)و هي الدليل الثالث للقول المذكور، نقلها صاحب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اختلفا في الرهن، فقال أحدهما: رهنته بألف، و قال الآخر: بمائة درهم، فقال: يسأل صاحب الألف البيّنة، فإن لم يكن بيّنة حلف صاحب المائة، الحديث (الوسائل: ج 13 ص 137 ب 17 من أبواب كتاب الرهن ح 2).

(5)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن النوفليّ عن السكونيّ عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام في رهن اختلف فيه الراهن و المرتهن، فقال الراهن: هو بكذا و كذا، و قال المرتهن:

هو بأكثر، قال عليّ عليه السّلام: يصدّق المرتهن حتّى يحيط بالثمن، لأنّه أمينه (المصدر السابق:

ص 138 ح 4).

قال صاحب الوسائل: أقول: حمله الشيخ على أنّ الأولى للراهن أن يصدّق المرتهن.

أقول: وجه ضعف الحديث المذكور هو وجود النوفليّ و السكونيّ في سنده.

ص: 208

(و لو اختلفا (1) في الرهن و الوديعة) بأن قال المالك: هو (2) وديعة، و قال الممسك (3): هو رهن (حلف (4) المالك)، لأصالة عدم الرهن، و لأنّه (5) منكر، و للرواية الصحيحة (6).

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير الراجع إلى المالك و آخذ المال. و فرض الاختلاف هو أن يقول المالك: إنّ المال المأخوذ كان وديعة عندك، و يقول المرتهن الآخذ: بل كان رهنا في مقابل الدين.

(2)ضمير «هو» يرجع إلى المال المعلوم بالقرينة.

(3)المراد من «الممسك» هو الذي يكون المال بيده، و هو المرتهن.

(4)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو اختلفا». يعني أنّه في الاختلاف المذكور يحلف المالك، و ذكر الشارح رحمه اللّه له ثلاثة أدلّة:

أ: أصالة عدم كون المال رهنا.

ب: كون المالك منكرا.

ج: الرواية.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى المالك.

(6)الرواية الصحيحة منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال في رجل رهن عند صاحبه رهنا، فقال الذي عنده الرهن: ارتهنته عندي بكذا و كذا، و قال الآخر: إنّما هو عندك وديعة، فقال: البيّنة على الذي عنده الرهن أنّه بكذا و كذا، فإن لم يكن له بيّنة فعلى الذي له الرهن اليمين (الوسائل: ج 13 ص 136 ب 16 من أبواب كتاب الرهن ح 1).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: أقول: حمله الشيخ على أنّ عليه البيّنة في مقدار ما على الرهن لا على أنّه رهن.

ص: 209

و قيل: يحلف الممسك، استنادا إلى رواية ضعيفة (1).

و قيل: الممسك (2) إن اعترف له (3) المالك بالدين، و المالك (4) إن أنكره (5)، جمعا (6) بين الأخبار (7)، و للقرينة (8).

**********

شرح:

(1)و الرواية الضعيفة منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبّاد بن صهيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متاع في يد رجلين أحدهما يقول: استودعتكاه (استودعتكه - خل)، و الآخر يقول: هو رهن، قال: فقال: القول قول الذي يقول هو: إنّه رهن إلاّ أن يأتي الذي ادّعى أنّه أودعه بشهود (المصدر السابق: ص 137 ح 3).

أقول: وجه ضعفها هو وجود عبّاد بن صهيب في سندها، فإنّ الكشّي ادّعى أنّه عامّيّ المذهب.

(2)يعني قال بعض بأنّه يحلف الممسك، و هو الذي يكون المال بيده، و القائل بذلك هو ابن حمزة رحمه اللّه.

(3)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الممسك. يعني يحلف الممسك في صورة اعتراف المالك له بالدين بأن يعترف المالك بأنّ للممسك دينا على ذمّته.

(4)يعني قال بحلف المالك في صورة إنكاره الدين المتعلّق بالممسك.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «أنكره» يرجع إلى الدين.

(6)يعني أنّ وجه القول المذكور هو الجمع بين الأخبار.

(7)المراد من «الأخبار» هو الرواية المذكورة في الهامش 6 من الصفحة السابقة الدالّة على حلف المالك، و الرواية المنقولة في الهامش 1 من هذه الصفحة الدالّة على حلف الممسك.

(8)المراد من «القرينة» هو اعتراف المالك بأنّ للممسك دينا على ذمّته، فإنّه قرينة على كون العين الواقعة في يد الممسك رهنا، فيقدّم قوله في كون ما عنده من المال وثيقة.

ص: 210

و ضعف المقابل (1) يمنع من تخصيص الآخر.

(و لو اختلفا (2) في عين الرهن) فقال: رهنتك العبد، فقال: بل الجارية (حلف الراهن) خاصّة (و بطلا (3))، لانتفاء ما (4) يدّعيه الراهن بإنكار المرتهن، لأنّه (5) جائز من قبله (6)، فيبطل بإنكاره لو كان (7) حقّا، و انتفاء (8) ما يدّعيه المرتهن بحلف الراهن.

(و لو كان) الرهن (مشروطا في عقد لازم (9))

**********

شرح:

(1)يعني أنّ ضعف الخبر المقابل الدالّ على حلف الممسك يمنع من أن يقاوم الخبر الصحيح و أن يوجب تخصيصه و التصرّف فيه. و هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه لهذا القول الثالث المستند فيه إلى الجمع، فإنّ الجمع متفرّع على تماميّة الحجّيّة و مقوّماتها في كلتا الطائفتين من الأخبار و هنا ليس كذلك فلا جمع، لانتفاء موضوعه.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن. يعني أنّ الراهن و المرتهن لو اختلفا في العين - بأن قال: رهنتك العبد، فقال المرتهن: بل الجارية - حلف الراهن.

(3)أي بطل رهن العبد و رهن الجارية لحلف الراهن و إنكار المرتهن.

(4)و هو رهن العبد.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الرهن. يعني أنّ عقد الرهن جائز من قبل المرتهن و لازم من قبل الراهن، فإذا أنكره المرتهن حكم ببطلانه.

(6)الضميران في قوليه «قبله» و «بإنكاره» يرجعان إلى المرتهن.

(7)أي يبطل الرهن بإنكار المرتهن لو كان ما يدّعيه الراهن حقّا.

(8)عطف على مدخول لام التعليل في قوله «لانتفاء». و هذا دليل لبطلان الرهن فيما يدّعيه المرتهن، و هو أنّ الرهن يبطل بحلف الراهن.

(9)كما إذا شرطا الرهن لثمن المبيع في عقد البيع، ثمّ اختلفا، فقال الراهن: هو العبد، و قال المرتهن: هو الجارية.

ص: 211

(تحالفا (1))، لأنّ إنكار المرتهن هنا يتعلّق بحقّ الراهن (2) حيث إنّه (3) يدّعي عدم الوفاء بالشرط الذي هو ركن (4) من أركان ذلك العقد اللازم، فيرجع الاختلاف إلى تعيين الثمن (5)، لأنّ شرط الرهن من مكمّلاته (6)، فكلّ (7) يدّعي ثمنا غير ما يدّعيه الآخر، فإذا تحالفا بطل الرهن (8)، و فسخ المرتهن العقد المشروط فيه (9) إن شاء (10)، و لم يمكن (11)

**********

شرح:

(1)أي تحالف الراهن و المرتهن.

(2)و المراد من «حقّ الراهن» هو الثمن.

(3)الضمير في قوله «إنّه» يرجع إلى المرتهن.

(4)المراد من «الركن» هو الشرط الذي تعهّده الراهن - و هو المشتري - في ضمن العقد، فيكون الشرط من أجزاء الثمن، و هو من أركان العقد اللازم.

(5)فالثمن إمّا هو الألف بشرط رهن العبد مثلا على ما يدّعيه الراهن، أو الألف بشرط رهن الجارية كما يدّعيه المرتهن.

(6)الضمير في قوله «مكمّلاته» يرجع إلى الثمن. يعني أنّ الشرط هو من متمّمات الثمن المعيّن في العقد المذكور.

(7)أي كلّ من الراهن و المرتهن، و التنوين فيه عوض عن المضاف إليه.

(8)لبطلان رهن كلّ من العبد و الجارية بحلف كلّ من المتنازعين.

(9)أي العقد الذي شرط فيه الرهن.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى المرتهن.

(11)يعني أنّ المرتهن يتسلّط على الفسخ إذا لم يمكن استدراك الرهن، و هذا إنّما هو عند مضيّ الأجل المحدود للدين، مثلا إذا جعلا الثمن ألفا إلى مدّة شهر مع ضمّ شرط الرهن له، ثمّ اختلفا في الرهن بعد عشرين يوما فتحالفا و بطل الرهن، فلو توافقا

ص: 212

استدراكه (1)، كما لو مضى الوقت المحدود له (2).

و قيل: يقدّم قول الراهن كالأوّل (3).

الحادية عشر: لو أدّى دينا و عيّن به رهنا

(الحادية عشر (4): لو أدّى (5) دينا و عيّن به (6) رهنا) بأن كان عليه (7) ديون و على كلّ واحد رهن خاصّ

**********

شرح:

على رهن شيء آخر بالنسبة إلى عشرة أيّام باقية حكم بلزوم البيع و عدم جواز فسخ المرتهن، لكن لو مضت المدّة المضروبة للثمن - و هو الشهر - لم يمكن استدراك الرهن بعد، و حكم حينئذ بتسلّط المرتهن على فسخ العقد المشروط فيه الرهن.

(1)الضمير في قوله «استدراكه» يرجع إلى الرهن.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الدين.

(3)يعني قال بعض بتقدّم قول الراهن مع الحلف كالمسألة السابقة في الصفحة 211، و هي اختلافهما في عين الرهن.

الحادية عشر: أداء أحد الديون مع تعدّد الرهن (4)يعني أنّ المسألة الحادية عشر من المسائل المبحوث عنها في اللواحق هي أنّ الراهن قد يكون في ذمّته ديون متعدّدة و جعل لكلّ واحد منها رهنا غير رهن جعله لآخر، فلو أدّى أحد الديون الذي له رهن خاصّ فكّ ذاك الرهن مع تصريحه به، و مع الإطلاق و انجرار الأمر إلى التحالف يحلف الدافع.

(5)فاعله هو الضمير الراجع إلى الراهن، و كذا فاعل قوله «عيّن».

(6)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الدين.

(7)أي بأن كان على ذمّة الراهن ديون متعدّدة و جعل لكلّ دين رهنا، مثاله ما إذا أخذ زيد من عمرو ألف دينار و جعل رهنه كتابا، و أخذ منه مرّة ثانية ألفا و جعل

ص: 213

فقصد بالمؤدّى (1) أحد الديون بخصوصه ليفكّ رهنه (2)(فذاك) هو المتعيّن، لأنّ مرجع التعيين إلى قصد المؤدّي (3).

(و إن أطلق (4)) و لم يسمّ أحدها (5) لفظا، لكن قصده (فتخالفا (6) في القصد)، فادّعى كلّ منهما (7) قصد الدافع دينا غير الآخر (حلف الدافع) على ما ادّعى قصده (8)، لأنّ الاعتبار بقصده (9)، و هو أعلم به.

**********

شرح:

رهنه دارا، و أخذ منه مرّة ثالثة ألفا و جعل رهنه ثوبا، فإذا أدّى ألف دينار و قصد بذلك فكّ الكتاب فكّ ، و هكذا الدار و الثوب.

(1)أي الدين المؤدّى، بصيغة اسم المفعول.

(2)الضمير في قوله «رهنه» يرجع إلى أحد الديون.

(3)بصيغة اسم الفاعل. يعني أنّ تعيّن الرهن الذي يفكّ تابع لقصد المؤدّي، و هو الراهن، فما قصد فكّه كان هو المتعيّن.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن. يعني أنّ الراهن لو أدّى أحد الديون و لم يسمّ أحدا منها لفظا و إن كان قد عيّنه في قصده و حصل بينهما التخالف في قصده حلف الراهن الدافع.

(5)الضمير في قوله «أحدها» يرجع إلى الديون.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن. يعني حصل الخلاف بينهما في قصد دين له رهن.

(7)فالراهن يدّعي أنّه أراد بأداء المبلغ الكذائيّ فكّ الرهن الفلانيّ ، و المرتهن يدّعي أنّ الراهن أراد غيره، فكلّ منهما يدّعي خلاف ما يدّعيه الآخر.

(8)الضمير في قوله «قصده» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(9)الضميران في قوليه «بقصده» و «و هو» يرجعان إلى الراهن.

ص: 214

و إنّما احتيج (1) إلى اليمين مع أنّ مرجع النزاع إلى قصد الدافع، و دعوى (2) الغريم العلم به غير معقول، لإمكان اطّلاعه (3) عليه بإقرار القاصد.

و لو تخالفا فيما تلفّظ بإرادته فكذلك (4).

و يمكن ردّه (5) إلى ما ذكره (6) من التخالف في القصد، إذ العبرة به (7)، و اللفظ كاشف عنه (8).

**********

شرح:

(1)هذا جواب عن توهّم أنّ المرجع إذا كان إلى قصد الدافع لا يمكن علم المرتهن به، لأنّه أمر متعلّق بالباطن فكيف يحكم بحلف الدافع ؟

فأجاب عنه بقوله «لإمكان اطّلاعه... إلخ». يعني يمكن اطّلاع المرتهن على قصد الراهن بإقراره، فإذا يتوجّه الحكم بحلفه.

(2)يعني أنّ دعوى الغريم - و هو المرتهن - علمه بقصده غير معقول.

(3)الضمير في قوله «اطّلاعه» يرجع إلى الغريم، و في قوله «عليه» يرجع إلى القصد.

(4)يعني و مثل التخالف في قصد الراهن هو تخالفهما في اللفظ الدالّ على الدين، فإذا قال الراهن: تلفّظت بلفظ دالّ على أداء الدين الذي في مقابله الكتاب، و قال المرتهن: تلفّظت بلفظ دالّ على أداء دين رهنه الثوب مثلا حكم بحلف الراهن، كما كان يحكم بحلفه في اختلافهما في القصد أيضا.

(5)الضمير في قوله «ردّه» يرجع إلى التخالف في اللفظ .

(6)الضمير الملفوظ في قوله «ذكره» يرجع إلى «ما» الموصولة. يعني يمكن أن يردّ هذا الفرض إلى الفرض الذي كان تخالفهما فيه في القصد.

(7)الضمير في قوله «له» يرجع إلى القصد. يعني أنّ الاعتبار إنّما هو بالقصد، و اللفظ الخالي عنه لا اعتبار به.

(8)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى القصد.

ص: 215

(و كذا لو كان عليه (1) دين خال) عن الرهن، و آخر به (2) رهن، (فادّعى (3) الدفع عن المرهون به) ليفكّ الرهن، و ادّعى الغريم (4) الدفع عن الخالي ليبقى الرهن فالقول قول الدافع مع يمينه (5)، لأنّ الاختلاف يرجع إلى قصده (6) الذي لا يعلم إلاّ من قبله (7) كالأوّل.

الثانية عشر الاختلاف فيما يباع به الرهن

(الثانية عشر (8):)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الراهن. يعني و كذا يقدّم قول الراهن الدافع مع الحلف إذا كان على ذمّته دين له رهن و دين آخر خال عن الرهن، و ادّعى الدافع أداء الدين الذي جعل له رهنا، و ادّعى المرتهن غيره، فالقول هنا أيضا هو قول الدافع.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الآخر. أي في مقابل ذاك الدين الآخر.

(3)فاعله هو الضمير الراجع إلى الراهن.

(4)المراد من «الغريم» هو صاحب الدين أعني المرتهن، فإنّ المرتهن يدّعي أنّ المديون دفع عن دينه الذي لا رهن له.

(5)ففي هذا الفرض أيضا يقدّم قول المديون مع الحلف و يفكّ الرهن.

(6)الضمير في قوله «قصده» يرجع إلى الدافع.

(7)أي من قبل الدافع، بمعنى أنّ قصده لا يعلم إلاّ من قبله.

و المراد من «الأوّل» هو الخلاف في قصد الدافع.

الثانية عشر: الاختلاف فيما يباع به الرهن (8)يعني أنّ المسألة الثانية عشر من المسائل المبحوث عنها في اللواحق هي ما لو اختلف الراهن و المرتهن في الثمن الذي يباع به الرهن بأن أراد الراهن بيعه بدرهم و أراد المرتهن بيعه بدينار، و الواجب حينئذ هو بيعه بالنقد الغالب.

ص: 216

(لو اختلفا (1) فيما يباع به (2) الرهن)، فأراد المرتهن بيعه (3) بنقد، و الراهن بغيره (بيع (4) بالنقد الغالب)، سواء وافق (5) مراد أحدهما أم خالفهما (6).

و البائع المرتهن إن كان وكيلا و الغالب (7) موافق لمراده أو رجع (8) إلى الحقّ ، و إلاّ (9) فالحاكم.

(فإن غلب نقدان (10) بيع بمشابه الحقّ )

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى «ما» الموصولة التي يراد منها الثمن.

(3)الضمير في قوله «بيعه» يرجع إلى الرهن، و في قوله «بغيره» يرجع إلى النقد.

(4)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الرهن.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى نقد الغالب.

(6)أي خالف النقد الغالب مراد كليهما.

(7)قوله «البائع» مبتدأ، و خبره قوله «المرتهن»، و الواو تكون للحاليّة. يعني أنّ المباشر لبيع الرهن هو المرتهن بثلاثة شروط :

أ: إذا كان المرتهن وكيلا في بيع الرهن.

ب: إذا وافق النقد الغالب مراده.

ج: رجوع المرتهن إلى الحقّ .

(8)و هذا هو الشرط الثالث لمباشرة المرتهن لبيع الرهن بأن يرجع المرتهن عمّا أراده من البيع بثمن غير الغالب إلى ما هو الحقّ عند الشرع، و هو البيع بالنقد الغالب.

(9)هذا استثناء من الشروط الثلاثة المذكورة. يعني لو لم يكن المرتهن وكيلا في بيع الرهن أو أراد بيعه بغير النقد الغالب و لم يرجع عمّا أراده إلى الحقّ باشر الحاكم بيع الرهن.

(10)فإذا كان النقد الغالب الدرهم و الدينار بيع بما يقرب من حقّ المرتهن.

ص: 217

منهما (1) إن اتّفق (2).

(فإن باينهما (3) عيّن الحاكم) إن امتنعا (4) من التعيين.

و إطلاق الحكم (5) بالرجوع إلى تعيين الحاكم يشمل ما لو كان أحدهما (6) أقرب (7) إلى الصرف إلى الحقّ و عدمه (8).

و في الدروس: «لو كان أحدهما (9)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى النقدين الغالبين.

(2)أي إن اتّفق مشابهة النقد الغالب للحقّ .

(3)فاعله هو الضمير الراجع إلى الحقّ ، و الضمير الملفوظ يرجع إلى النقدين الغالبين.

(4)بصيغة التثنية، فاعله هو الضمير العائد إلى الراهن و المرتهن.

(5)يعني أنّ اطلاق قول المصنّف رحمه اللّه «فإن باينهما عيّن الحاكم» المقتضي للرجوع إلى تعيين الحاكم يشمل الصورتين اللتين يذكرهما الشارح رحمه اللّه.

(6)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى النقدين الغالبين.

(7)يعني أنّ إطلاق المصنّف رحمه اللّه الحكم بالرجوع إلى تعيين الحاكم يشمل فرض كون أحد النقدين الغالبين أقرب إلى صرفه في تحصيل حقّ المرتهن، مثلا إذا كان النقدان الغالبان درهما و دينارا و كان حقّ المرتهن حنطة في ذمّة الراهن و كان الدينار أقرب لصرفه في شراء الحنطة لكثرة رغبة الناس في الدينار بالنسبة إلى الدرهم كان للحاكم تعيين الدينار.

(8)الضمير في قوله «عدمه» يرجع إلى كون صرف أحدهما أقرب إلى الحقّ . و هذه هي الصورة الثانية. فعلى إطلاق المصنّف للحكم لا فرق بين الصورتين المذكورتين.

(9)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى النقدين الغالبين. يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه (الدروس): لو كان أحد النقدين الغالبين أسهل للصرف في تحصيل حقّ المرتهن تعيّن ذلك.

ص: 218

- و عنى به (1) المتباينين - أسهل صرفا إلى الحقّ تعيّن (2)»، و هو حسن.

و في التحرير: «لو بايناه (3) بيع بأوفرهما حظّا (4)»، و هو (5) أحسن، فإنّه ربّما كان عسر (6) الصرف أصلح للمالك (7).

و حيث يباع بغير مراده (8) ينبغي مراعاة الحظّ له (9) كغيره ممّن يلي

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى أحدهما.

و المراد من «المتبايعين» هو النقدان الغالبان المتباينان لحقّ المرتهن، مثل ما لو كانا درهما و دينارا و كان حقّ المرتهن حنطة، كما تقدّم.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى أحدهما.

(3)بصيغة التثنية، فاعله هو الضمير العائد إلى النقدين الغالبين، و الضمير الملفوظ الثاني يرجع إلى الحقّ . يعني قال العلاّمة رحمه اللّه في كتابه (التحرير): لو باين النقدان الغالبان حقّ المرتهن بيع الرهن بالنقد الغالب الذي يكون أنفع لحقّ المرتهن.

(4)منصوب على أنّه تمييز لقوله «أوفرهما».

(5)يعني أنّ كلام العلاّمة رحمه اللّه في التحرير أحسن من كلام المصنّف رحمه اللّه في الدروس.

(6)هذا تعليل لأحسنيّة قول التحرير بالنسبة إلى قول الدروس باختيار ما يكون أسهل صرفا في حقّ المرتهن، ببيان أنّ عسر الصرف في تحصيل حقّ المرتهن ربّما يكون أنفع و أصلح للمالك، فالملاك هو أصلحيّة الصرف للمالك لا أسهليّته للصرف في حقّ المالك.

(7)و هو الراهن.

(8)الضمير في قوله «مراده» يرجع إلى المالك الراهن. يعني و في الموارد التي يباع الرهن فيها بثمن مخالف لما يريده الراهن تجب رعاية حظّه.

(9)الضميران في قوليه «له» و «كغيره» يرجعان إلى الراهن. يعني يلزم الحاكم أن

ص: 219

عليه (1) الحاكم.

**********

شرح:

يراعي صلاح الراهن في موارد تولّيه بيع الرهن عنه، كما تلزمه رعاية مصلحة كلّ من يلي هو أمره.

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى «من» الموصولة.

ص: 220

ص: 221

ص: 222

كتاب الحجر

اشارة

كتاب الحجر (1)

أسباب الحجر ستة

(و أسبابه (2) ستّة) بحسب ما جرت العادة

**********

شرح:

الحجر

أسباب الحجر

(1)الحجر - بتثليث الحاء - مصدر من حجره حجرا - بالتثليث - و حجرانا - بالضمّ و الكسر -: منعه، و - عليه الأمر حجرا و محجرا: حرّمه، حجر عليه القاضي في ماله:

منعه من أن يتصرّف فيه و يفسده، فهو حاجر و ذاك محجور عليه و محجور على حذف الصلة اختصارا (أقرب الموارد).

هذا هو معنى الحجر في اللغة، أمّا اصطلاحا فالحجر هو المنع المخصوص بأسباب سيذكرها المصنّف رحمه اللّه.

(2)الضمير في قوله «أسبابه» يرجع إلى الحجر. يعني أنّ أسباب الحجر بحسب جريان عادة الفقهاء بذكرها في باب الحجر ستّة، لكن أسبابه المذكورة في تضاعيف الأبواب أكثر من ذلك، أمّا الستّة المذكورة في هذا الباب فهي:

الأوّل: الصغر.

الثاني: الجنون.

الثالث: الرقّ .

الرابع: الفلس.

الخامس: السفه.

السادس: المرض.

و سيأتي تفصيل بعض منها في محلّه.

ص: 223

بذكره (1) في هذا الباب، و إلاّ فهي (2) أزيد من ذلك مفرّقة في تضاعيف الكتاب (3)، كالحجر على الراهن في المرهون (4)، و على المشتري فيما اشتراه (5) قبل دفع الثمن، و على البائع في الثمن المعيّن قبل تسليم المبيع، و على المكاتب (6) في كسبه لغير الأداء و النفقة، و على المرتدّ الذي يمكن عوده (7) إلى الإسلام.

و الستّة المذكورة هنا (8) هي:(الصغر و الجنون و الرقّ و الفلس و السفه)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بذكره» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «بحسب ما جرت».

(2)الضمير في قوله «فهي» يرجع إلى الأسباب.

(3)و قد ذكر الشارح رحمه اللّه هنا خمسا من الأسباب المتفرّقة في تضاعيف الكتاب، و هي:

الأوّل: الحجر على الراهن، فإنّه يمنع من التصرف في الرهن إلاّ بعد فكّه أو رضى المرتهن، و قد تقدّم البحث عنه في كتاب الرهن.

الثاني: الحجر على المشتري فيما اشتراه قبل أداء الثمن.

الثالث: الحجر على البائع في الثمن قبل تسليم المبيع للمشتري.

الرابع: الحجر على العبد المكاتب في كسبه لغير أداء مال الكتابة و غير النفقة.

الخامس: الحجر على المرتدّ عن ملّة قبل توبته و عوده إلى الإسلام.

(4)أي في المال المرهون لدين المرتهن.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «اشتراه» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(6)أي العبد الذي كاتبه مولاه حتّى يسعى و يأتي بقيمته فيعتق، و المكاتبة إمّا مطلقة أو مشروطة، كما تقدّم، فلا يجوز للعبد المذكور التصرّف في المال الذي يحصّله بالسعي إلاّ في أداء ما كاتب أو في نفقته.

(7)و المراد منه هو المرتدّ عن ملّة الذي تقبل توبته.

(8)المشار إليه في قوله «هنا» هو كتاب الحجر.

ص: 224

(و المرض) المتّصل (1) بالموت.

يمتدّ حجر الصغير حتّى يبلغ

(و يمتدّ (2) حجر الصغير حتّى يبلغ) بأحد الامور المذكورة (3) في كتاب الصوم،(و يرشد (4) بأن (5) يصلح ماله) بحيث يكون له (6) ملكة نفسانيّة تقتضي إصلاحه (7)، و تمنع إفساده و صرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال

**********

شرح:

(1)بالرفع، صفة لقوله «المرض». يعني أنّ المرض الذي يمنع نفوذ تصرّف المريض في أزيد من ثلث أمواله هو المرض المتّصل بموته، فلو برئ منه يمنع من نفوذ التصرّف المذكور.

حجر الصغير حتّى البلوغ (2)من هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في التفصيل لحجر الصغير، فقال: إنّ المنع من تصرّف الصغير يمتدّ إلى أن يبلغ و يرشد.

(3)أي الامور المذكورة للبلوغ في كتاب الصوم في المسألة الخامسة عشر من المسائل:

«هي الاحتلام و إنبات الشعر الخشن و بلوغ خمس عشرة سنة في الذكر و تسع في الانثى».

(4)بالنصب، عطف على قوله «يبلغ».

(5)هذا تفسير للرشد بأنّ المراد من الرشد هو استطاعة الصغير بعد ما بلغ على إصلاحه لماله و منعه من فساده.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الرشيد. يعني أنّ الرشد الذي يرفع به الحجر على البالغ و منعه من التصرّف لا يكفي فيه مجرّد إصلاح المال و منع الفساد، بل لا بدّ من تحقّق الملكة النفسانيّة التي تقتضي إصلاح المال و منعه من الفساد، لأنّ مجرّد ذلك قد يتّفق من السفيه المحجور عليه أيضا.

(7)الضمائر في أقواله «إصلاحه» و «إفساده» و «صرفه» ترجع إلى المال.

ص: 225

العقلاء لا مطلق (1) الإصلاح.

فإذا تحقّقت الملكة المذكورة (2) مع البلوغ ارتفع عنه الحجر (و إن كان (3) فاسقا) على المشهور، لإطلاق (4) الأمر بدفع أموال اليتامى إليهم بإيناس الرشد (5) من غير اعتبار أمر آخر معه (6)، و المفهوم من الرشد عرفا هو إصلاح المال على الوجه المذكور (7) و إن كان فاسقا.

**********

شرح:

(1)يعني لا يكفي مطلق إصلاحه المال و منعه له من الفساد في رفع الحجر عنه، كما تقتضيه عبارة المصنّف رحمه اللّه حيث قال «بأن يصلح ماله»، و هذا يتحقّق و لو مع عدم انعقاد ملكة الإصلاح فيه.

(2)يعني إذا ثبتت الملكة النفسانيّة المذكورة في البالغ الرشيد ارتفع إذا عنه الحجر.

(3)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى البالغ الرشيد، و «إن» وصليّة.

(4)استدلّ المشهور على جواز إعطاء مال البالغ الرشيد إيّاه و لو كان فاسقا بإطلاق الأمر بدفع أموالهم إليهم بمجرّد تحقّق الرشد فيهم بلا تقييده بالعدالة، كما في قوله تعالى في سورة النساء، الآية 6: وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (1) .

أقول: قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً (2) أي إن وجدتم فيهم الرشد، جعل المناط في دفع أموالهم إليهم الرشد خاصّة لا الغير.

(5)الإيناس: الإبصار و المشاهدة و العلم و الوجدان، قال تعالى: آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً (3) و قال تعالى: وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (4) ، و حجر اليتيم إنّما هو لصغره لا لليتم و لذا جعل الغاية البلوغ (الحديقة).

(6)الضمير في قوله «معه» يرجع إلى الرشد.

(7)أي المذكور في قول الشارح رحمه اللّه «بحيث يكون له ملكة نفسانيّة... إلخ».

ص: 226


1- سوره 4 - آیه 6
2- سوره 4 - آیه 6
3- سوره 28 - آیه 29
4- سوره 4 - آیه 6

و قيل (1): يعتبر مع ذلك (2) العدالة، فلو كان مصلحا لماله غير عدل في دينه لم يرتفع عنه الحجر، للنهي (3) عن إيتاء السفهاء المال، و ما (4) روي (5) أنّ شارب الخمر سفيه، و لا قائل بالفرق. (6).

**********

شرح:

(1)هذا القول هو للشيخ رحمه اللّه في كتابيه (المبسوط و الخلاف)، فإنّه على ما نقله العلاّمة رحمه اللّه عنه اشترط في الرشد أمرين:

أ: إصلاح المال.

ب: العدالة.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إصلاح المال.

(3)فاستدلّ القائل باشتراط العدالة مع إصلاح المال في الرشد الرافع للحجر بالنهي الوارد في الآية 5 من سورة النساء: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِياماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (1) .

(4)بالجرّ محلاّ، عطف على مدخول اللام الجارّة في قوله «للنهي». يعني أنّ الدليل للقائل هو النهي في الآية الشريفة عن إعطاء المال للسفهاء بانضمام الرواية الدالّة على أنّ شارب الخمر سفيه، و من المعلوم أنّ المراد من السفاهة المذكورة فيها هو الفسق.

(5)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

قال [محمّد بن عليّ بن الحسين]: و في خبر آخر قال: سئل أبو جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ (2) ، قال: لا تؤتوها شرّاب الخمر و لا النساء، ثمّ قال: و أيّ سفيه أسفه من شارب الخمر (الوسائل: ج 13 ص 442 ب 53 من أبواب كتاب الوصايا ح 2).

(6)أي و لا قائل بالفرق بين الفسق الحاصل من شرب الخمر و بين الحاصل من غيره من المعاصي.

ص: 227


1- سوره 4 - آیه 5
2- سوره 4 - آیه 5

و عن ابن عبّاس رضى اللّه عنه (1) أنّ الرشد هو الوقار و الحلم و العقل.

و إنّما يعتبر على القول بها (2) في الابتداء لا في الاستدامة، فلو عرض الفسق بعد العدالة قال الشيخ: الأحوط أن يحجر عليه (3)، مع أنّه (4) شرطها ابتداء.

و يتوجّه على ذلك (5) أنّها

**********

شرح:

(1)أي نقل عن ابن عبّاس رضى اللّه عنه أنّه شرط في الرشد ثلاثة امور:

أ: الوقار.

ب: الحلم.

ج: العقل.

الوقار - بالفتح -: الرزانة و الحلم.

الحلم - بالكسر -: الإناة، و - ضدّ الطيش، ج أحلام و حلوم (أقرب الموارد).

(2)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى العدالة. يعني أنّ العدالة بناء على اعتبارها في رفع الحجر تعتبر في أوّل البلوغ، فلا مانع من عروض الفسق بعد إعطاء المال لمن بلغ و هو عادل.

(3)أي على الذي عرض له الفسق بعد كونه عادلا في أوّل البلوغ.

(4)الضمير في قوله «أنّه» و كذا الضمير المستتر في قوله «شرطها» يرجعان إلى الشيخ رحمه اللّه، و الضمير الملفوظ في قوله «شرطها» يرجع إلى العدالة. يعني أنّ الشيخ مع أنّه شرط العدالة في ابتداء البلوغ قال: الأحوط حجر الفاسق بالعرض.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو اشتراط العدالة، و الضمير في قوله «أنّها» يرجع إلى العدالة.

و حاصل العبارة هو أنّ العدالة لو كانت شرطا في ابتداء البلوغ لزم اعتبارها بعد البلوغ أيضا، لوجود المقتضي.

ص: 228

لو كانت (1) شرطا في الابتداء (2) لاعتبرت بعده (3)، لوجود المقتضي (4).

اختبار الرشد

(و يختبر (5)) من يراد معرفه رشده (بما (6) يلائمه) من التصرّفات و الأعمال، ليظهر اتّصافه (7) بالملكة و عدمه (8)، فمن كان من أولاد (9) التجّار فوّض إليه البيع و الشراء بمعنى مماكسته (10)

**********

شرح:

(1)اسم «كانت» هو الضمير العائد إلى العدالة.

(2)أي في ابتداء البلوغ.

(3)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى الابتداء.

(4)المراد من «المقتضي» هو أدلّة اشتراط العدالة في الابتداء.

اختبار الرشد (5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو «من» الموصولة. يعني يمتحن الذي يراد أن يعرف رشده بما يناسبه من التصرّفات.

(6)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «يختبر»، و الضمير الملفوظ في قوله «يلائمه» يرجع إلى «من» الموصولة.

و حاصل العبارة هو أنّه يختبر الذي يحتاج إلى معرفة رشده بما يناسبه و يليق بشأنه و بمكانته عند الناس و ما يتوقّع قدرته عليه عادة.

(7)الضمير في قوله «اتّصافه» يرجع إلى «من» الموصولة.

(8)بالرفع، عطف على قوله المرفوع «اتّصافه»، و الضمير يرجع إلى الاتّصاف.

(9)يعني يختبر أولاد التجّار بالتجارة، أي بتفويض البيع و الشراء إليهم.

(10)من ماكسه في البيع مماكسة و مكاسا: شاحّه و استحطّه الثمن و استنقصه إيّاه (أقرب الموارد).

قال في المسالك: المماكسة المداقّة في إتمام القيمة و المحاورة في ذلك.

ص: 229

فيهما (1) على وجههما، و يراعى (2) إلى أن يتمّ مساومته (3)، ثمّ يتولاّه (4) الوليّ إن شاء (5)، فإذا تكرّر منه ذلك (6) و سلم من الغبن و التضييع (7) في غير وجهه فهو (8) رشيد.

و إن كان (9) من أولاد من يصان (10) عن ذلك اختبر بما يناسب حال

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «فيهما» و «وجههما» يرجعان إلى البيع و الشراء.

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى من يختبر رشده.

و المعنى هو أنّ الذي فوّض إليه البيع و الشراء ينتظر أمره و شأنه إلى أن تتمّ معاملته، فإذا ماكس في المبيع أو الثمن و قطع الثمن أقدم الوليّ إذا على العقد لو شاء.

(3)المراد من «المساومة» هو المغالاة بالسلعة في المعاملة لتعيين الثمن و المثمن فيها.

و الضمير في قوله «مساومته» يرجع إلى «من» الموصولة.

(4)الضمير الملفوظ في قوله «يتولاّه» يرجع إلى كلّ واحد من البيع و الشراء.

(5)أي إن شاء الوليّ .

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من المماكسة و المساومة على وجههما. يعني إذا تكرّر ذلك ممّن يختبر و كان سالما من كونه مغبونا و من كونه مضيّعا للمال و واضعا إيّاه في غير محلّه و موضعه حكم إذا برشده.

(7)المراد من «التضييع» هنا هو صرف المال في غير ما هو يليق به.

(8)الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى «من» الموصولة.

(9)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى من يختبر رشده.

(10)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى من يختبر رشده.

و المعنى هو أنّ من يختبر رشده إن كان مصونا عن الغبن في التجارة يختبر بما هو مناسب لحال أهله.

ص: 230

أهله (1)، إمّا بأن يسلّم إليه (2) نفقة مدّة لينفقها (3) في مصالحه أو مواضعها (4) التي عيّنت (5) له، أو بأن يستوفي (6) الحساب على معامليهم (7)، أو نحو ذلك، فإن و فى (8) بالأفعال الملائمة فهو رشيد.

و من تضييعه إنفاقه (9) في المحرّمات و الأطعمة النفيسة (10) التي لا تليق بحاله (11) بحسب وقته و بلده و شرفه و ضعته

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أهله» يرجع إلى من يختبر رشده.

(2)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى من يختبر رشده. فإنّ اختبار من هو مصون عن الغبن في التجارة على أقسام، منها أن يسلّم إليه مئونة مدّة معيّنة لينفقها في موارد مصالحه.

(3)الضمير الملفوظ في قوله «لينفقها» يرجع إلى النفقة، و في قوله «مصالحه» يرجع إلى من يختبر رشده.

(4)الضمير في قوله «مواضعها» يرجع إلى النفقة.

(5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى المواضع، و الضمير في قوله «له» يرجع إلى من يختبر رشده.

(6)و هذا قسم آخر لاختبار من هو مصون عن الغبن في التجارة، و هو أن يفوّض إليه استيفاء الحساب على المعاملين.

(7)و الأنسب أن يقول الشارح رحمه اللّه «معامليه» حتّى يرجع الضمير إلى من يختبر رشده.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى من يختبر رشده.

(9)فلو صرف المال في المحرّمات عدّ مضيّعا للمال.

(10)أي صرفه للمال في الأطعمة النفيسة غير المناسبة لحاله من حيث الزمان و المكان و غيرهما.

(11)الضمائر في أقواله «بحاله» إلى قوله «ضعته» كلّها ترجع إلى من يختبر رشده.

ص: 231

و الأمتعة (1) و اللباس كذلك (2).

و أمّا صرفه (3) في وجوه الخير من الصدقات و بناء المساجد و إقراء (4) الضيف فالأقوى أنّه غير قادح مطلقا (5)، إذ لا سرف (6) في الخير، كما لا خير في السرف (7).

و إن كان (8) انثى اختبرت بما يناسبها من (9) الأعمال كالغزل و الخياطة

**********

شرح:

(1)يعني أنّ من مصاديق التضييع للمال هو صرفه في الأمتعة و الألبسة غير اللائقة به.

(2)أي كالأطعمة النفيسة في أنّها يراعى فيها اللائق بحاله بحسب الوقت و البلد.

(3)الضمير في قوله «صرفه» يرجع إلى من يختبر رشده. يعني أمّا صرف من يختبر رشده المال في وجوه الخير فلا يقدح في رشده.

(4)مصدر من باب الإفعال بمعنى دعاء الضيف إلى الإطعام و صرف المال في الضيافة.

أقول: و لا يخفى أنّ صرف المال في إقراء الضيف زائدا على حدّ الاعتدال و الحاجة يعدّ من قبيل الإسراف المانع من الرشد.

(5)أي سواء أفرط في الصرف أم لا.

(6)السرف - محرّكة -: ضدّ القصد و تجاوز الحدّ و الاعتدال، و منه قول العرب: «ذهب ماء الحوض سرفا» أي فاض من جوانبه (أقرب الموارد).

(7)أي كما لا خير في موارد الإسراف في غير وجوه البرّ و الصدقات.

من حواشي الكتاب: و عنه صلى اللّه عليه و آله: يا عليّ أمّا الصدقة فجهدك حتّى يقال: اسرف و لم تسرف (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

(8)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى من يختبر رشده. يعني أنّ من يختبر رشده إن كان انثى اختبرت بما يناسب حالها.

(9)هذا بيان لما يناسب حال الانثى ممّا يختبر به رشدها، و هو الغزل و الخياطة المناسبان لحال الانثى غالبا.

ص: 232

و شراء آلاتهما (1) المعتادة لأمثالها بغير غبن (2) و حفظ ما يحصل في يدها من ذلك (3) و المحافظة (4) على اجرة مثلها إن عملت للغير و حفظ (5) ما تليه من أسباب البيت و وضعه (6) على وجهه و صون أطعمته التي تحت يدها عن مثل الهرّة و الفأر و نحو ذلك، فإذا تكرّر ذلك (7) على وجه الملكة (8) ثبت الرشد، و إلاّ فلا.

و لا يقدح فيها (9) وقوع ما ينافيها نادرا من الغلط و الانخداع (10) في بعض الأحيان، لوقوعه كثيرا من الكاملين.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «آلاتهما» يرجع إلى الغزل و الخياطة. يعني يختبر رشد الانثى بتفويض شراء آلات الغزل و الخياطة إليها.

(2)فإذا لم تغبن في الشراء حكم برشدها.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من الغزل و الخياطة. يعني يختبر رشد الانثى بحفظ ما يحصل في يدها من الغزل و الخياطة.

(4)أي و يختبر رشد الانثى بمحافظتها على اجرة أمثالها إذا عملت للغير.

(5)أي و يختبر رشد الانثى بحفظ أثاث البيت التي هي تلي أمرها.

(6)الضمير في قوله «وضعه» يرجع إلى ما تليه.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من الحفظ و غيره.

(8)فلا يكفي تحقّق ما ذكر من الأفعال بنحو الاتّفاق بلا ملكة، لأنّها قد تقع من غير الرشيد أيضا.

(9)الضمير في قوله «فيها» و كذا الضمير الملفوظ في قوله «ينافيها» يرجعان إلى الامور المذكورة.

(10)مصدر من باب الانفعال، مجرّده «خدع» بمعنى حصول الخدعة و قبوله، يتّفق ذلك بالنسبة إلى الرشيد أيضا.

ص: 233

و وقت الاختبار (1) قبل البلوغ، عملا بظاهر الآية (2).

ما يثبت به الرشد)

(و يثبت الرشد) لمن لم يختبر (3)(بشهادة النساء في النساء لا غير (4))، لسهولة اطّلاعهنّ (5) عليهنّ غالبا عكس (6) الرجال.

(و بشهادة (7) الرجال مطلقا (8))، ذكرا كان المشهود عليه أم انثى، لأنّ شهادة الرجال غير مقيّدة (9).

**********

شرح:

(1)يعني وقت الامتحان للرشد إنّما هو قبل البلوغ، فإذا ثبت مع البلوغ رفع الحجر.

(2)و هو قوله تعالى: وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ... (1) إلخ.

وجه ظهورها في الاختبار قبل البلوغ هو جعل الابتلاء مغيّى بالبلوغ، و معلوم أنّ زمن تحقّق المغيّى يكون قبل زمن تحقّق الغاية.

ما يثبت به الرشد غير الاختبار (3)يعني أنّ من طرق ثبوت الرشد لمن لم يقدم على الاختبار بنفسه شهادة النساء برشد الانثى، لسهولة اطّلاعهنّ على حالات النساء عادة.

(4)يعني لا غير النساء، فإنّ شهادة النساء لها أثر في ثبوت رشد الانثى، فلا يثبت رشد غير النساء - أعني الذكور و الخناثى - بشهادتهنّ .

(5)الضميران في قوليه «اطّلاعهنّ » و «عليهنّ » يرجعان إلى النساء.

(6)يعني أنّ شهادة النساء برشد النساء أسهل، بخلاف شهادتهنّ على رشد الرجال، فإنّها مشكلة بالنسبة إليهنّ .

(7)أي و يثبت الرشد بشهادة الرجال في الذكر و الانثى.

(8)أي سواء كان المشهود عليه ذكرا أم انثى، و قد فسّره الشارح رحمه اللّه أيضا.

(9)يعني أنّ ثبوت الرشد بشهادة الرجال غير مقيّد بكون المشهود عليه أيضا من الرجال و الحال أنّ جواز شهادة النساء مقيّد بكون المشهود عليه أيضا انثى.

ص: 234


1- سوره 4 - آیه 6

و المعتبر في شهادة الرجال اثنان (1)، و في النساء أربع.

و يثبت رشد الانثى بشهادة رجل (2) و امرأتين أيضا، و بشهادة أربع خناثى (3).

لا يصحّ إقرار السفيه بمال

(و لا يصحّ إقرار السفيه (4) بمال)، و يصحّ بغيره كالنسب و إن أوجب النفقة (5).

و في الإنقاق عليه (6) من ماله (7) أو بيت المال قولان، أجودهما

**********

شرح:

(1)يعني لا يخفى أنّ المعتبر في شهادة الرجال اثنان، و في شهادة النساء أربع، لأنّ اثنتين من النساء بمنزلة واحد من الرجال.

(2)فإنّ شهادة رجل واحد بمنزلة شهادة اثنتين من النساء، فتتحقّق في الفرض شهادة أربع من النساء.

(3)جمع الخنثى، و هو هنا بمنزلة الانثى.

إقرار السفيه بمال (4)المراد من «السفيه» هو من لم يكن فيه العلائم المذكورة للرشد، فإنّ إقراره بمال على ذمّته لا يسمع.

(5)يعني أنّ السفيه إذا أقرّ بالنسب - مثل أن يقرّ بالولد أو الوالد أو الوالدة - ثبت النسب و لو كان موجبا لثبوت النفقة على ذمّته، فلا ينافي قول الشارح رحمه اللّه بصحّة إقراره بالنسب قول المصنّف رحمه اللّه «و لا يصحّ إقرار السفيه بمال»، لأنّ الإقرار إنّما تعلّق هو بالنسب لا بالمال.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المقرّ له الذي أقرّ له السفيه.

(7)أي من مال السفيه المقرّ.

ص: 235

الثاني (1).

و كالإقرار (2) بالجناية الموجبة للقصاص و إن كان نفسا (3).

(و لا تصرّفه (4) في المال) و إن ناسب (5) أفعال العقلاء.

تصرّف السفيه في المال

و يصحّ تصرّفه (6) فيما لا يتضمّن إخراج المال كالطلاق (7) و الظهار (8)

**********

شرح:

(1)و هو الإنفاق على المقرّ له من بيت المال.

(2)عطف على قوله «كالنسب». يعني يصحّ إقرار السفيه بغير المال مثل الإقرار بالجناية، مثل أن يقرّ السفيه بأنّه أورد الجناية على فلان التي توجب القصاص.

(3)أي و إن كانت الجناية الموجبة للقصاص هو قتل النفس.

و المراد من «الجناية الموجبة للقصاص» هو الصادرة عنه عمدا، لأنّ الصادرة خطأ لا يوجب القصاص.

(4)عطف على قوله «إقرار السفيه». يعني لا يصحّ أيضا تصرّفات السفيه في المال بالبيع و الإجارة و الهبة و غيرها.

(5)أي و إن ناسب تصرّفه في المال ما يصدر عن العقلاء بملاحظة المصالح الموجودة في التصرّف.

تصرّف السفيه في المال (6)الضمير في قوله «تصرّفه» يرجع إلى المال.

(7)قد ذكر الشارح رحمه اللّه للتصرّف الذي لا يتضمّن إخراج المال أمثلة ثلاثة:

أ: الطلاق.

ب: الظهار.

ج: الخلع.

(8)الظهار هو تشبيه الزوج ظهر زوجته بظهر امّه أو ظهر واحدة اخرى من محارمه،

ص: 236

و الخلع (1).

توكّل السفيه لغيره

(و لا يسلّم عوض الخلع (2) إليه)، لأنّه (3) تصرّف ماليّ ممنوع عنه.

(و يجوز أن يتوكّل لغيره (4) في سائر العقود)

**********

شرح:

كما يأتي تفصيله في باب الظهار، و على أيّ حال فلا مانع من ظهار السفيه زوجته، لعدم كونه تصرّفا متضمّنا لإخراج المال، أمّا كفّارة الظهار فهي إحدى الخصال الثلاث المرتّبة:

أ: عتق رقبة.

ب: صوم ستّين يوما.

ج: إطعام ستّين مسكينا.

أمّا الاولى فلا تصحّ و كذا الأخيرة إلاّ مع توسّط الوليّ فيهما، بخلاف الثانية، و هي صوم ستّين يوما، فللسفيه أن يستقلّ بها، لعدم كونها تصرّفا ماليّا.

(1)و الخلع هو الطلاق الذي يقع من الزوج مع كراهة الزوجة و بذلها المهر أو أزيد منه أو أنقص منه ليخلعها الزوج، فإنّ الخلع يصحّ من السفيه، لأنّه ليس تصرّفا ماليّا، لكنّ الوليّ يقدم على قبول عوض الخلع، لأنّه تصرّف ماليّ .

(2)المراد من «عوض الخلع» هو المال الذي تبذله الزوجة ليخلعها الزوج به.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى السفيه.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى قبض العوض المعلوم بالقرينة.

و الحاصل هو أنّ السفيه يصحّ منه إجراء صيغة الخلع، لكن لا يجوز له قبض عوضه، بل يقبضه الوليّ من قبله.

توكّل السفيه لغيره (4)يعني يجوز للسفيه أن يقبل الوكالة عن الغير لإجراء جميع العقود من البيع و النكاح و غيرهما.

ص: 237

أي في جميعها (1) و إن كان قد ضعّف إطلاقه (2) عليه بعض أهل العربيّة حتّى عدّه (3) في «درّة الغوّاص» (4) من أوهام الخواصّ (5)، و جعله (6) مختصّا بالباقي أخذا له (7) من السؤر و هو البقيّة، و عليه (8) جاء قول النبيّ صلى اللّه عليه و آله لابن غيلان لمّا أسلم (9) على عشر نسوة: أمسك (10) عليك أربعا، و

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المراد من قول المصنّف رحمه اللّه «سائر» هنا هو الجميع.

(2)الضمير في قوله «إطلاقه» يرجع إلى لفظ «سائر»، و في قوله «عليه» يرجع إلى الجميع. يعني أنّ بعض أهل العربيّة ضعّف إطلاق لفظ «السائر» على الجميع، بل خصّ جواز استعماله بمعنى الباقي.

(3)فاعله هو الضمير الراجع إلى صاحب «درّة الغوّاص»، و الضمير الملفوظ يرجع إلى إطلاق لفظ «السائر» على الجميع. يعني أنّ صاحب الكتاب المذكور عدّه من أغلاط الخواصّ .

(4)و هو كتاب في اللغة.

(5)الخواصّ جمع الخاصّة وزان دوابّ جمع دابّة و عوامّ جمع عامّة.

(6)يعني أنّ صاحب درّة الغوّاص جعل لفظ «السائر» مختصّا بمعنى الباقي.

(7)أي لأخذ صاحب درّة الغوّاص لفظ «السائر» من مادّة السؤر، و هو بمعنى البقيّة.

السؤر - بالضمّ -: البقيّة، و هو في الأصل بقيّة الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو الحوض، ثمّ استعير لبقيّة الطعام و غيره (أقرب الموارد).

(8)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى استعمال لفظ «سائر» في معنى الباقي. أي و على استعمال السائر في معنى الباقي جاء قول النبيّ صلى اللّه عليه و آله.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى ابن غيلان، و هو اسم رجل كان له قبل أن يسلم عشر نسوة فأسلم.

(10)هذا مقول قول النبيّ صلى اللّه عليه و آله، و قوله صلى اللّه عليه و آله: «أمسك» فعل أمر من باب الإفعال، فأمره

ص: 238

فارق (1) سائرهنّ ، لكن قد أجازه (2) بعضهم.

و إنّما جاز توكيل غيره (3) له، لأنّ (4) عبارته ليست مسلوبة مطلقا (5)، بل ممّا يقتضي التصرّف في ماله (6).

يمتدّ حجر المجنون حتّى يفيق

(و يمتدّ (7) حجر المجنون) في التصرّفات الماليّة و غيرها (8)(حتّى)

**********

شرح:

النبيّ صلى اللّه عليه و آله بإمساك أربع من نسائه، لأنّ نصاب الزوجات في الإسلام هو هكذا.

(1)قوله «فارق» فعل أمر من باب المفاعلة، و الضمير في قوله «سائرهنّ » يرجع إلى النسوة. يعني قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله لابن غيلان: أمسك أربعا من الزوجات العشر، و فارق بقيّتهنّ .

(2)الضمير في قوله «أجازه» يرجع إلى استعمال السائر في معنى الجميع. يعني قد أجاز بعض اللغويّين استعماله كذلك.

(3)الضميران في قوليه «غيره» و «له» يرجعان إلى السفيه.

(4)هذا تعليل لجواز توكيل غير السفيه إيّاه في إجراء العقود له بأنّ السفيه ليس مسلوبة العبارة مثل الصبيّ و المجنون، بل إنّما هو محجور عليه و ممنوع من التصرّف في المال خاصّة.

(5)أي سواء كان في المال أم في غيره.

(6)يعني أنّ السفيه مسلوبة عبارته التي تقتضي التصرّف في ماله.

الحجر على المجنون (7)هذا تفصيل للسبب الثالث من الأسباب الستّة المذكورة للحجر، و هو الجنون، فإنّ المجنون يمنع من التصرّف في المال حتّى يرفع جنونه.

(8)المراد من قوله «غيرها» هو غير التصرّفات الماليّة ممّا لا يتضمّن إخراج المال كالطلاق و الظهار و الخلع، فالحجر على المجنون أوسع شمولا من الحجر على السفيه.

ص: 239

(يفيق) و يكمل عقله (1).

الولاية في مال الصغير و المجنون

(و الولاية في مالها) أي الصغير و المجنون (للأب و الجدّ) له (2) و إن علا.

(فيشتركان (3) في الولاية) لو اجتمعا (4)، فإن اتّفقا (5) على أمر نفذ، و إن تعارضا قدّم عقد السابق (6)، فإن اتّفقا (7) ففي بطلانه أو ترجيح الأب أو الجدّ أوجه (8)،(ثمّ الوصيّ (9)) لأحدهما مع فقدهما،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عقله» يرجع إلى المجنون.

الولاية في مال الصغير و المجنون (2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الأب. يعني أنّ الجدّ للأب أيضا له الولاية، بخلاف الجدّ للأمّ .

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الأب و الجدّ.

(4)يعني أنّ الجدّ و الأب لو اجتمعا اشتركا في الولاية.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى الأب و الجدّ.

(6)فلو سبق أحدهما إلى التصرّف قدّم على الآخر.

(7)أي فإن لم يسبق أحدهما الآخر، بل وقع تصرّفهما معا و مقارنا - مثل أن يبيع أحدهما ماله من زيد و الآخر من عمرو معا و مقارنا - ففيه ثلاثة أوجه:

أ: بطلان تصرّف كليهما، لقبح الترجيح بلا مرجّح.

ب: ترجيح تصرّف الأب على تصرّف الجدّ.

ج: ترجيح تصرّف الجدّ على تصرّف الأب، لأنّ للجدّ ولاية على نفس الأب أيضا، بخلاف العكس.

(8)مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «ففي بطلانه».

(9)الثالث ممّن له الولاية في مال الصغير و المجنون هو الوصيّ للأب أو الجدّ مع فقدهما.

ص: 240

(ثمّ (1) الحاكم) مع فقد الوصيّ .

الولاية في مال السفيه

(و الولاية في مال السفيه الذي لم يسبق رشده (2) كذلك) للأب و الجدّ إلى أخر (3) ما ذكر، عملا بالاستصحاب (4).

(فإن سبق) رشده و ارتفع الحجر عنه (5) بالبلوغ معه (6)، ثمّ لحقه (7) السفه (فللحاكم) الولاية دونهم (8)، لارتفاع الولاية (9) عنه بالرشد، فلا تعود إليهم إلاّ بدليل، و هو منتف، و الحاكم وليّ عامّ (10) لا يحتاج إلى دليل و إن

**********

شرح:

(1)الرابع ممّن له الولاية في مال الصغير و المجنون هو الحاكم مع فقد الأب و الجدّ و الوصيّ .

الولاية في مال السفيه (2)أي السفيه الذي لم يسبق رشده على بلوغه، بمعنى أنّه كان سفيها من بدو الأمر فبلغ في حال السفه. و المشار إليه في قوله «كذلك» هو الصغير و المجنون.

(3)أي فتكون الولاية بعدهما للوصيّ من قبلهما مع فقدهما، و تكون للحاكم مع فقد الوصيّ .

(4)أي استصحاب الولاية التي ثبتت قبل البلوغ.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى السفيه.

(6)الضمير في قوله «معه» يرجع إلى الرشد.

(7)يعني إذا بلغ رشيدا، ثمّ عرض له السفه كانت الولاية على السفيه للحاكم الشرعيّ .

(8)الضمير في قوله «دونهم» يرجع إلى الأب و الجدّ له و الوصيّ من قبلهما. يعني أنّه لا ولاية على السفيه المذكور لأحد غير الحاكم.

(9)أي لارتفاع ولاية المذكورين عليه برشده، فلا تعود بعد ما زالت إلاّ بدليل، و هو مفقود.

(10)كما قيل: الحاكم وليّ من لا وليّ له.

ص: 241

تخلّف (1) في بعض الموارد.

و قيل: الولاية في ماله للحاكم مطلقا (2)، لظهور توقّف الحجر عليه (3)، و رفعه (4) على حكمه في كون النظر إليه (5).

الحجر على العبد

(و العبد ممنوع (6)) من التصرّف (مطلقا) في المال و غيره، سواء أحلنا (7) ملكه أم قلنا به (8)، عدا الطلاق، فإنّ له (9) إيقاعه و إن كره المولى.

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى عموم ولاية الحاكم. يعني و إن تخلّف عموم ولاية الحاكم في بعض الموارد مثل مورد وجود الأب أو الجدّ له و إن علا أو الوصيّ من قبلهما.

(2)أي سواء بلغ رشيدا، ثمّ عرض له السفه أم بلغ سفيها.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى السفه.

(4)بالجرّ، عطف على قوله المجرور «الحجر». يعني لظهور توقّف رفع الحجر عن السفيه على حكم الحاكم.

(5)يعني أنّ الإشراف على مال السفيه هو للحاكم.

الحجر على العبد (6)هذا تفصيل للرابع من أسباب الحجر الستّة، و هو الرقّ ، فإنّ العبد محجور عليه و ممنوع من التصرّف في المال، سواء كان تصرّفه في ماله أم في مال غيره.

(7)أي سواء قلنا بعدم كون العبد مالكا أم قلنا بملكه.

و لا يخفى أنّ قوله «أحلنا» من المحال.

المحال: الباطل من الكلام (أقرب الموارد).

(8)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المكلّف.

(9)يعني يجوز للعبد طلاق زوجته و إن كرهه المولى. و الضمير في قوله «له» يرجع إلى

ص: 242

المريض ممنوع ممّا زاد عن الثلث

(و المريض (1) ممنوع ممّا زاد عن الثلث) إذا تبرّع به (2)، أمّا لو عارض عليه بثمن مثله نفذ (و إن نجز (3)) ما تبرّع به (4) في مرضه بأن وهبه (5) أو وقفه أو تصدّق به أو حابى به (6) في بيع أو إجارة (على الأقوى)،

**********

شرح:

العبد، و في قوله «إيقاعه» يرجع إلى الطلاق.

الحجر على المريض (1)هذا تفصيل للخامس من أسباب الحجر الستّة، و هو المرض، فإنّ المريض ممنوع من التصرّف تبرّعا في أزيد من الثلث لا مطلقا، لكنّه لو عاوض بثمن مثل ما زاد نقد تصرّفه في أزيد من الثلث أيضا.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما زاد»، و كذا الضمير في قوله «عليه».

(3)و لا يخفى أنّ تصرّفات المريض على قسمين:

أ: ما هو معلّق على الموت، كما إذا أوصى بمال لشخص حقيقيّ مثل زيد أو حقوقيّ مثل المساجد و المدارس، فلا ينفذ في أمثال ذلك إلاّ في الثلث.

ب: ما هو منجّز، كما إذا تبرّع بماله لشخص حقيقيّ أو حقوقيّ في حال حياته بلا تقييد له بالموت، ففيه خلاف.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما تبرّع».

(5)الضميران الملفوظان في قوليه «وهبه» و «وقفه» يرجعان إلى قوله «ما تبرّع به»، و كذا الضميران في قوله المكرّر «به».

(6)أي حابى بما تبرّع به في بيع أو إجارة، مثل أن يبيع ما يكون ثمنه ألفين بألف أو يوجر ما تكون اجرته مائة بخمسين، و تسمّى ذلك بالمعاملات المحاباتيّة.

ص: 243

للأخبار (1) الكثيرة الدالّة عليه منطوقا (2) و مفهوما (3).

و قيل (4): يمضي من الأصل للأصل (5)، و عليه (6) شواهد من الأخبار (7).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المستند للقول الأقوى هو الأخبار الكثيرة الدالّة عليه إمّا منطوقا أو مفهوما.

(2)من جملة الأخبار الدالّة على القول الأقوى منطوقا ما نقلت في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عطيّة الوالد لولده، فقال: أمّا إذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء، و أمّا في مرضه فلا يصحّ (الوسائل: ج 13 ص 384 ب 17 من أبواب كتاب الوصايا ح 11).

(3)و الرواية الدالّة على القول الأقوى مفهوما أيضا منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن جرّاح المدائنيّ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عطيّة الوالد لولده يبيّنه، قال: إذا أعطاه في صحّته جاز (المصدر السابق: ح 14).

(4)القائل هو الشيخ في كتاب النهاية و الشيخ المفيد و ابن إدريس رحمهم اللّه كما في شرح الشرائع، فإنّهم يقولون بنفوذ منجّزات المريض من أصل ماله، و استندوا في ذلك إلى الأخبار و الأصل.

(5)لعلّ المراد من «الأصل» هو استصحاب سلطنته حال الصحّة، أو المراد هو أصالة سلطنته على ما فعله، كما صرّح بهذا الأخير صاحب الحديقة.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى ما قيل. يعني أنّ الدليل لهذا القول هو الأصل و الأخبار.

(7)و المراد من الأخبار الدالّة على القول بنفوذ منجّزات المريض من الأصل هو الروايات المنقولة في كتاب الوسائل، ننقل اثنتين منها:

الاولى: محمّد بن يعقوب بإسناده عن سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يكون له الولد أ يسعه أن يجعل ماله لقرابته ؟ قال: هو ماله يصنع ما شاء به إلى

ص: 244

المقتضي للحجر على السفيه

(و يثبت الحجر على السفيه بظهور سفهه و إن لم يحكم الحاكم به (1))، لأنّ المقتضي (2) له هو السفه، فيجب تحقّقه (3) بتحقّقه، و لظاهر (4) قوله

**********

شرح:

أن يأتيه الموت (الوسائل: ج 13 ص 381 ب 17 من أبواب كتاب الوصايا ح 1).

الثانية: محمّد بن يعقوب بإسناده عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه مثله و زاد: إنّ لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيّا، إن شاء وهبه، و إن شاء تصدّق به، و إن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت، فإن أوصى به فليس له إلاّ أنّ الفضل في أن لا يضيّع من يعوله و لا يضرّ بورثته (المصدر السابق: ح 2).

أقول: إنّ الخبرين المذكورين يكونان مطلقين، فيمكن تقييدهما بما يدلّ على عدم جواز تصرّف المريض في أزيد من الثلث، و أيضا في سند الروايتين المذكورتين سماعة بن مهران، و هو - على ما قالوا - واقفيّ .

و الحاصل أنّ مستند القول بجواز تصرّف المريض في جميع أمواله تبرّعا أو محاباة غير معتمد عليه.

المقتضي للحجر على السفيه (1)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحجر. يعني إذا ظهر و ثبت السفه في السفيه كان محجورا عليه و ممنوعا من التصرّفات الماليّة، و لم يجز للغير أن يعامله معاملة ماليّة و إن لم يحكم الحاكم بالحجر عليه.

(2)بصيغة اسم الفاعل، و هذا تعليل للحجر على السفيه بمجرّد ظهور السفه فيه بأنّ المقتضي للحجر عليه إنّما هو السفه الذي ظهر فيه، فلا يحتاج إلى حكم الحاكم.

و الضمير في قوله «له» يرجع إلى الحجر.

(3)الضمير في قوله «تحقّقه» يرجع إلى الحجر، و في قوله «بتحقّقه» يرجع إلى السفه.

(4)تعليل آخر للحجر على السفه بمحض ظهور السفيه بلا احتياج إلى حكم الحاكم، و

ص: 245

تعالى: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً (1) ، حيث أثبت (1) عليه الولاية بمجرّده.

زوال الحجر بحكم الحاكم

(و لا يزول) الحجر عنه (2)(إلاّ بحكمه (3))، لأنّ (4) زوال السفه يفتقر إلى الاجتهاد و قيام الأمارات (5)، لأنّه (6) أمر خفيّ ، فيناط (7) بنظر الحاكم.

**********

شرح:

هو قوله تعالى في سورة البقرة، الآية 282: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ... (2) إلخ.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى اللّه تعالى، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى السفيه.

يعني أنّ اللّه تعالى أثبت في الآية الولاية على السفيه بمجرّد السفه و بلا تقييده بحكم الحاكم.

زوال الحجر بحكم الحاكم (2)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى السفيه.

(3)أي إلاّ بحكم الحاكم، فما لم يحكم الحاكم بزوال الحجر عن السفيه كان محجورا عليه و ممنوعا من التصرّفات الماليّة.

(4)هذا تعليل لزوال الحجر بحكم الحاكم بأنّ الزوال يحتاج إلى اجتهادات و أمارات، فالملاك هو نظر الحاكم.

(5)الأمارات هي الأدلّة التي تقوم في الموضوعات اصطلاحا و يتمسّك بها، و الأدلّة تقام لإثبات الأحكام.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى زوال السفه. يعني أنّ زوال الحجر أمر خفيّ يحتاج ثبوته إلى اجتهاد الحاكم الناشي من الأمارات القائمة.

(7)أي يتعلّق بنظر الحاكم.

ص: 246


1- سوره 2 - آیه 282
2- سوره 2 - آیه 282

و قيل: يتوقّفان (1) على حكمه لذلك (2).

و قيل: لا (3) فيهما، و هو (4) الأقوى، لأنّ المقتضي للحجر هو السفه، فيجب أن يثبت (5) بثبوته و يزول (6) بزواله، و لظاهر قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (1) (7)، حيث علّق (8) الأمر بالدفع

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير الملفوظ العائد إلى وضع الحجر للسفيه و رفع الحجر عنه. يعني قال بعض بتوقّف كلا الأمرين المذكورين على حكم الحاكم.

من حواشي الكتاب: و وجه التوقّف عليهما - و هو الذي اختاره المصنّف - أنّ الحجر حكم شرعيّ لا يثبت و لا يزول إلاّ بدليل شرعيّ ، و أنّ السفه أمر خفيّ ، و الأنظار فيه تختلف، فناسب كونه منوطا بنظر الحاكم (شرح الشرائع).

(2)المشار إليه في قوله «لذلك» هو قوله «لأنّ زوال السفه يفتقر... إلخ».

(3)يعني أنّ القول الثالث هو عدم افتقار ثبوت الحجر و لا زواله إلى حكم الحاكم، بل يحجر على السفيه بظهور السفه فيه، و يزول الحجر عنه بزوال السفه.

و الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى ثبوت الحجر و زواله.

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى القول الثالث في المسألة المبحوث عنها. فقد قوّى الشارح رحمه اللّه هذا القول استنادا إلى وجود المقتضي و بظاهر الآية.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى الحجر، و الضمير في قوله «بثبوته» يرجع إلى السفه.

(6)أي فيجب أن يزول الحجر بزوال السفه، فلا حاجة إلى حكم الحاكم.

(7)و هي الآية 6 من سورة النساء، و أوّلها قوله تعالى: وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ (2) .

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى اللّه عزّ و جلّ . يعني أنّ اللّه تعالى علّق في الآية الشريفة الأمر بدفع أموال اليتامى إليهم على وجدان الرشد فيهم فحسب و لم يقيّده بشيء آخر.

ص: 247


1- سوره 4 - آیه 6
2- سوره 4 - آیه 6

على إيناس (1) الرشد، فلا يتوقّف على أمر آخر (2).

حكم المعامل للسفيه عالما

(و لو عامله (3) العالم بحاله استعاد ماله (4)) مع وجوده (5)، لبطلان المعاملة،(فإن تلف فلا ضمان (6))، لأنّ المعامل (7) قد ضيّع ماله بيده، حيث سلّمه (8) إلى من نهى اللّه تعالى عن إيتائه (9).

و لو كان (10) جاهلا بحاله

**********

شرح:

(1)من آنسه إيناسا الشيء: أبصره، و منه آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً (1) أي أبصر (أقرب الموارد).

(2)أي لا يتوقّف على أمر آخر كحكم الحاكم، كما هو مورد النزاع في المقام.

حكم المعامل للسفيه عالما (3)الضمير الملفوظ في قوله «عامله» يرجع إلى السفيه، و كذا الضمير في قوله «بحاله».

يعني لو أقدم من هو عالم بحال السفيه على المعاملة له كأن يبيع أو يشتري منه شيئا استعاد ماله الذي أعطاه للسفيه مع وجوده، فلو تلف المال في يد السفيه فلا ضمان لتضييع العالم ماله بوضعه بيد السفيه.

(4)الضمير في قوله «ماله» يرجع إلى العالم.

(5)أي مع وجود المال بيد السفيه.

(6)أي لا يضمن السفيه مال العالم.

(7)أي المعامل العالم بالسفه.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى المعامل، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المال.

(9)المراد من النهي عن إيتاء المال للسفيه هو النهي الوارد في قوله تعالى: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ (2) .

(10)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى المعامل. يعني لو كان المعامل جاهلا بحال السفيه،

ص: 248


1- سوره 28 - آیه 29
2- سوره 4 - آیه 5

فله الرجوع مطلقا (1)، لعدم تقصيره (2).

و قيل: لا ضمان مع التلف مطلقا (3)، لتقصير (4) من عامله قبل اختباره.

و فصّل ثالث، فحكم بذلك (5) مع قبض السفيه المال بإذن مالكه، و لو كان بغير إذنه ضمنه (6) مطلقا (7)، لأنّ المعاملة الفاسدة لا يترتّب عليها (8)

**********

شرح:

ثمّ عامله و آتى ماله إيّاه ففيه ثلاثة أقوال:

الأوّل: يجوز للمعامل أن يرجع على السفيه، لعدم تقصير الجاهل فيما فعل.

الثاني: عدم ضمان السفيه عند تلف المال بيده مطلقا، سواء كان المعامل عالما بالسفه أم لا.

الثالث: عدم ضمان السفيه لو قبض المال بإذن المالك، و ضمانه لو قبضه بلا إذن منه.

(1)أي سواء تلف المال بيد السفيه أم كان موجودا.

(2)الضمير في قوله «تقصيره» يرجع إلى المعامل الجاهل.

(3)أي سواء كان المعامل عالما بالسفه أم لا، و هذا القول منسوب إلى المحقّق الأردبيليّ رحمه اللّه في كتابه (مجمع الفائدة و البرهان).

(4)هذا تعليل للقول بعدم ضمان السفيه مطلقا بأنّ من عامله بلا اختيار مقصّر فيما أقدم عليه و مضيّع لماله.

(5)المشار إليه في قوله «بذلك» هو عدم ضمان السفيه مطلقا. يعني قال هذا المفصّل بأنّ السفيه لو قبض المال بإذن مالكه لم يضمنه.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى السفيه، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المال الذي قبضه السفيه.

(7)أي سواء كان المعامل عالما أم لا، و سواء تلف المال بيد السفيه أم لا.

(8)كأنّ هذا دفع لتوهّم أنّ السفيه إذا أخذ المال استنادا إلى المعاملة الواقعة بينه و بين

ص: 249

حكم، فيكون قابضا للمال بغير إذن، فيضمنه، كما لو أتلف (1) مالا أو غصبه (2) بغير إذن مالكه، و هو حسن.

حكم الإيداع للسفيه و إعارته و إجارته

(و في إيداعه (3) أو إعارته أو إجارته فيتلف العين نظر (4))، من تفريطه (5) بتسليمه، و قد نهى اللّه تعالى عنه بقوله: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ (1) (6)، فيكون (7) بمنزلة من ألقى ماله في البحر،

**********

شرح:

المعامل لم يصدق على فعله الأخذ بلا إذن.

فأجاب عنه بأنّ المعاملة الفاسدة لا يترتّب عليها أثر، لأنّها مشتملة على قبض بغير إذن.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى السفيه. يعني كما أنّ السفيه لو أتلف مالا أو غصبه كان ضامنا كذلك لو قبض المال بعقد فاسد.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «غصبه» و كذا الضمير في قوله «مالكه» يرجعان إلى المال.

حكم الإيداع للسفيه و إعارته و إجارته (3)الضمائر في أقواله «إيداعه» و «إعارته» و «إجارته» ترجع إلى السفيه. يعني لو أودع امرؤ السفيه مالا أو أعاره أو أجاره فتلف ففي ضمان السفيه وجهان.

(4)مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «و في إيداعه... إلخ».

(5)الضمير في قوله «تفريطه» يرجع إلى المالك المعامل. و هذا دليل لعدم ضمان السفيه، لأنّ المالك قد فرّط في حفظ ماله بتسليمه المال من نهى اللّه تعالى عن إيتاء المال إيّاه.

(6)الآية 5 من سورة النساء.

(7)اسم «فيكون» هو الضمير العائد إلى المالك الذي أودع السفيه ماله أو أعاره أو

ص: 250


1- سوره 4 - آیه 5

و من عدم (1) تسليطه (2) على الإتلاف، لأنّ المال في هذه المواضع (3) أمانة يجب حفظه (4)، و الإتلاف حصل من السفيه بغير إذن، فيضمنه كالغصب (5) و الحال أنّه (6) بالغ عاقل، و هذا (7) هو الأقوى.

عدم ارتفاع الحجر عن السفيه بالبلوغ خمسا و عشرين سنة

(و لا يرتفع الحجر عنه (8) ببلوغه خمسا و عشرين سنة) إجماعا منّا (9)،

**********

شرح:

أجاره. يعني أنّ المالك يكون بمنزلة من ألقى ماله في البحر، فلا سبب لضمان السفيه القابض ماله.

(1)هذا دليل لضمان السفيه المال الذي أخذه بالعناوين المذكورة أعني الإيداع و الإعارة و الإجارة، و هو أنّ المالك لم يسلّط السفيه على إتلاف المال، بل المال في الموارد المذكورة يكون أمانة في يد السفيه، فإتلافه الأمانة يوجب ضمانه كما هو الحال في غيرها.

(2)الضمير في قوله «تسليطه» يرجع إلى المالك.

(3)و هي الإيداع و الإعارة و الإجارة.

(4)الضمير في قوله «حفظه» يرجع إلى المال.

(5)فكما أنّ السفيه ضامن لو غصب مالا فكذلك في الموارد المذكورة.

(6)يعني و الحال أنّ السفيه بالغ و عاقل، فلا مانع من ضمانه ما يتلفه من مال الغير.

(7)يعني أنّ القول بضمان السفيه في الموارد المذكورة هو أقوى.

عدم ارتفاع الحجر بالبلوغ خمسا و عشرين سنة (8)الضميران في قوليه «عنه» و «ببلوغه» يرجعان إلى السفيه. يعني أنّ السفيه محكوم عليه بالحجر، فيمنع من التصرّفات الماليّة إلى أن يزول عنه السفه، كما تقدّم، فلا يرتفع عنه الحجر ببلوغه خمسا و عشرين سنة، كما قاله بعض العامّة.

(9)أي للإجماع المنعقد بين علماء الإماميّة.

ص: 251

لوجود المقتضي للحجر، و عدم صلاحيّة هذا السنّ لرفعه.

و نبّه بذلك (1) على خلاف بعض العامّة، حيث زعم أنّه متى بلغ خمسا و عشرين سنة يفكّ حجره به (2) و إن كان سفيها.

عدم منع السفيه من الحجّ

(و لا يمنع (3) من الحجّ الواجب مطلقا)، سواء زادت نفقته (4) عن نفقة الحضر أم لا، و سواء وجب بالأصل (5) أم بالعارض (6) كالمنذور قبل السفه، لتعيّنه (7) عليه، و لكن لا يسلّم النفقة، بل يتولاّها (8) الوليّ أو وكيله.

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «بذلك» هو عدم ارتفاع الحجر عن السفيه ببلوغه خمسا و عشرين سنة.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى بلوغه خمسا و عشرين سنة.

عدم منع السفيه من الحجّ (3)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى السفيه. يعني أنّ السفيه إذا وجب عليه الحجّ لم يمنع من إتيانه مطلقا.

(4)أي لا فرق في عدم جواز منع السفيه من الحجّ بين كون نفقة السفيه في سفر الحجّ أزيد من نفقته في الحضر و بين عدمه.

(5)المراد من الحجّ الواجب بالأصل هو حجّة الإسلام الواجبة بالإسلام على كلّ مسلم مستطيع.

(6)أي الواجب بالعرض.

(7)الضمير في قوله «لتعيّنه» يرجع إلى الحجّ الواجب بالنذر قبل السفه، و في قوله «عليه» يرجع إلى السفه.

(8)يعني أنّ الوليّ يباشر نفقة السفيه في سفر الحجّ و كذا وكيله و لا يجعلها تحت يده.

ص: 252

(و لا من) الحجّ (المندوب إذا استوت نفقته (1)) حضرا و سفرا.

و في حكم استواء النفقة ما لو تمكّن في السفر من كسب يجبر الزائد (2) بحيث لا يمكن فعله في الحضر.

انعقاد يمين السفيه و تكفيره بالصوم

(و تنعقد يمينه (3)) لو حلف،(و يكفّر بالصوم) لو حنث، لمنعه (4) من التصرّف الماليّ .

و مثله (5)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «نفقته» يرجع إلى السفيه. يعني لا يمنع السفيه من الحجّ المندوب إذا ساوت نفقته حضرا و سفرا.

(2)بأن يقدر السفيه في سفر الحجّ على كسب يجبر زيادة نفقته في السفر عن نفقته في الحضر.

انعقاد يمين السفيه و تكفيره بالصوم (3)الضمير في قوله «يمينه» يرجع إلى السفيه.

(4)يعني أنّ السفيه محجور عليه و ممنوع من التصرّفات الماليّة، فلو حلف و حنث وجب عليه من الكفّارات ما ليس بمال، و هو الصوم.

إيضاح: اعلم أنّ كفّارة حنث اليمين - كما تقدّم في كتاب الكفّارات - هي الجامع للكفّارة المخيّرة و المرتّبة، كما قال: «كفّارة اليمين، و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مخيّرة بين الثلاث، فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام»، فالأخير يترتّب على ما تقدّم عند العجز.

و الحاصل أنّ السفيه للحجر عليه و منعه من التصرّفات الماليّة يجب عليه صوم ثلاثة أيّام لو حنث يمينه.

(5)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى اليمين، و كان عليه أن يأتي بضمير المؤنّث، لأنّ

ص: 253

العهد (1) و النذر، و إنّما ينعقد ذلك (2) حيث لا يكون متعلّقه المال، ليمكن الحكم بالصحّة، فلو حلف أو نذر أن يتصدّق بمال لم ينعقد نذره (3)، لأنّه (4) تصرّف ماليّ .

هذا (5) مع تعيّنه، أمّا لو كان مطلقا (6) لم يبعد أن يراعى في إنفاذه (7) الرشد.

**********

شرح:

اليمين مؤنّث سماعا.

(1)يعني و كذا ينعقد عهد السفيه و نذره.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من العهد و النذر و اليمين. يعني يشترط في انعقاد ما ذكر من أفعال السفيه أن لا يكون متعلّقا بالمال، فإذا نذر أو عقد أن يصوم فلا مانع من نذره أو عهده، لكن لو علّقه على المال - كما إذا نذر أن يعطي مالا - لم ينعقد نذره و كذلك عهده.

(3)الضمير في قوله «نذره» يرجع إلى السفيه.

(4)يعني أنّ كلّ واحد من النذر و العهد المتعلّقين بالمال من قبيل تصرّف ماليّ ، فلا يجوز من السفيه.

(5)المشار إليه في قوله «هذا» هو عدم انعقاد عهد السفيه و نذره. يعني أنّ عدم انعقاد العهد و النذر إنّما هو في صورة كونهما معيّنين، مثل ما إذا عهد أو نذر أن يتصدّق على زيد بألف في يوم الجمعة فإنّهما لا ينعقدان.

(6)مثل ما إذا عهد أو نذر أن يتصدّق بألف مطلقا، فلا يبعد إذا مراعاة الرشد في انفاذه.

(7)الضمير في قوله «إنفاذه» يرجع إلى كلّ واحد من العهد و النذر.

ص: 254

عفو السفيه عن القصاص لا الدية

(و له (1) العفو عن القصاص)، لأنّه (2) ليس بماليّ (لا الدية (3))، لأنّه (4) تصرّف ماليّ .

و له (5) الصلح على القصاص على مال، لكن لا يسلّم (6) إليه.

**********

شرح:

عفو السفيه عن القصاص لا الدية (1)الضمير في قوله «له» يرجع إلى السفيه. أي يجوز للسفيه عفوه عن قصاص من يجوز الاقتصاص منه.

(2)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى العفو عن القصاص. يعني أنّ عفو السفيه عن القصاص ليس تصرّفا ماليّا يمنع منه.

(3)أي لا يجوز للسفيه أن يعفو عن أخذ الدية ممّن تجب عليه الدية.

(4)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى العفو عن الدية. يعني أنّ عفو السفيه عن أخذ الدية من قبيل التصرّف الماليّ ، و هو ممنوع منه.

(5)أي يجوز للسفيه أن يصالح على القصاص بالمال، فللسفيه إذا جاز له الاقتصاص من قاتل أبيه أن يصالح على حقّه بمال، فهذا ممّا لا مانع منه.

(6)نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى المال، و الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى السفيه.

ص: 255

ص: 256

ص: 257

ص: 258

كتاب الضمان

اشارة

كتاب الضمان (1) و المراد به (2) الضمان بالمعنى الأخصّ قسيم الحوالة و الكفالة

**********

شرح:

الضمان (1)الضمان - بفتح الضاد - مصدر من ضمن الرجل الشيء ضمنا و ضمانا: كفله (أقرب الموارد).

هذا معناه لغة، و شرعا: عقد شرع للتعهّد الخاصّ .

قال صاحب الرياض: الضمان يطلق على معنيين أحدهما أخصّ من الآخر، و الأعمّ عبارة عن عقد شرع للتعهّد بنفس أو مال، و الأوّل الكفالة، و الثاني الحوالة إن كان ممّن في ذمّته مال، و إلاّ فالضمان بالمعنى الأخصّ ، و يقال له: ضمان المال، و هو المراد منه حيث يطلق بلا قيد، بخلاف القسمين، فلا يطلق عليهما إلاّ مقيّدا، و الدليل من الكتاب قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) و قوله: وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ (2) ، و من السنّة نحو النبويّ المشهور في قضيّة ضمان عليّ عليه السّلام عن الميّت، و أنّه قال صلى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام حينئذ: «جزاك اللّه عن الإسلام خيرا، و فكّ رهانك كما فككت رهان أخيك»، و كان كلّ ذلك حين لم يصلّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على الميّت لكونه مديونا... إلخ.

(2)يعني أنّ المراد من الضمان في هذا الكتاب هو التعهّد بالمعنى الأخصّ في مقابل التعهّد الذي يسمّى بالحوالة و الذي يسمّى بالكفالة.

إيضاح: اعلم أنّ الضمان بالمعنى الأعمّ عبارة عن التعهّد المطلق الشامل للضمان في

ص: 259


1- سوره 5 - آیه 1
2- سوره 12 - آیه 72

لا الأعمّ (1) الشامل لهما.

تعريف الضمان

(و هو (2) التعهّد بالمال) أي الالتزام به (من البريء (3)) من مال مماثل لما ضمنه للمضمون عنه.

و بقيد المال (4) خرجت الكفالة، فإنّها تعهّد بالنفس.

و بالبريء (5) الحوالة، بناء على اشتراطها (6) بشغل ذمّة المحال عليه (7) للمحيل (8) بما أحال به.

**********

شرح:

هذا الكتاب و الضمان في كتابي الحوالة و الكفالة، فالمراد من الضمان في قول المصنّف رحمه اللّه «كتاب الضمان» هو المعنى الأخصّ للضمان.

(1)أي ليس المراد من الضمان هنا هو المعنى الأعمّ الشامل للكتابين الآخرين المذكورين.

تعريف الضمان (2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الضمان.

(3)أي من شخص بريء من مال مماثل لما يضمنه، بخلاف الحوالة.

(4)أي خرج بقول المصنّف رحمه اللّه في مقام التعريف «التعهّد بالمال» التعهّد بالنفس الذي يسمّى بالكفالة.

(5)أي خرج بقول المصنّف في مقام التعريف «من البريء» تعهّد من اشتغلت ذمّته بمال المسمّى بالحوالة.

(6)الضمير في قوله «اشتراطها» يرجع إلى الحوالة. يعني أنّ هذا الخروج مبنيّ على القول باشتراط اشتغال ذمّة المحال عليه للمحيل بما أحال به.

(7)و هو الذي يحال المال عليه.

(8)بصيغة اسم الفاعل من باب الإفعال، و هو الذي يحيل المال الذي استقرّ في ذمّته على ذمّة غيره ممّن تشتغل ذمّته بمثل ما هو في ذمّة المحيل.

ص: 260

شروط الضامن

(و يشترط كماله (1)) أي كمال الضامن المدلول عليه بالمصدر (2) أو اسم الفاعل أو المقام (3)،(و حرّيّته (4)).

القول في ضمان العبد

فلا يصحّ ضمان العبد في المشهور، لأنّه (5) لا يقدر على شيء.

و قيل: يصحّ و يتبع به (6) بعد العتق.

**********

شرح:

شروط الضامن (1)الضمير في قوله «كماله» يرجع إلى الضامن.

(2)يعني أنّ الضامن الذي يكون مرجعا للضمير إمّا يعلم من المصدر - و هو الضمان في قول المصنّف رحمه اللّه «كتاب الضمان» - كما في قوله تعالى: اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (1) أو من اسم الفاعل، و هو البريء في قوله «من البريء».

(3)يعني أنّ القرينة المقاميّة تدلّ على أنّ مرجع الضمير المبحوث عنه هو الضامن، و هي أنّ الكلام في الضمان.

(4)يعني يشترط في الضامن حرّيّته علاوة على كماله.

القول في ضمان العبد (5)فإنّ العبد لا يقدر على شيء، فلا يجوز له هذا التعهّد الخاصّ .

أقول: قول الشارح رحمه اللّه «لأنّه لا يقدر على شيء» - كما تداولته ألسنة الفقهاء - اقتباس من قوله تعالى: ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ... (2) إلخ، (النحل: 75).

(6)يعني أنّ القول الآخر المخالف للقول المشهور هو صحّة ضمان العبد للمال، لكن يطالب هو بعد العتق بالمال الذي ضمنه.

ص: 261


1- سوره 5 - آیه 8
2- سوره 16 - آیه 75

(إلاّ (1) أن يأذن المولى، فيثبت) المال (في ذمّة العبد) لا في مال المولى (2)، لأنّ إطلاق الضمان أعمّ من كلّ منهما (3)، فلا يدلّ على الخاصّ (4).

و قيل: يتعلّق بكسبه (5)، حملا (6) على المعهود من الضمان الذي يستعقب الأداء.

و ربّما قيل بتعلّقه (7) بمال المولى مطلقا (8)، كما لو أمره (9) بالاستدانة، و هو (10) متّجه.

**********

شرح:

(1)استثناء من قوله «و يشترط ... حرّيّته». يعني إذا أذن المولى ضمان العبد للمال صحّ و استقرّ في ذمّة العبد.

(2)أي لا يثبت المال الذي ضمنه العبد بإذن مولاه في مال المولى.

(3)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى ذمّة العبد و ذمّة المولى.

(4)و المراد من «الخاصّ » هو ذمّة المولى.

(5)يعني قال بعض بتعلّق المال الذي ضمنه العبد بإذن المولى بما يحصّله العبد بالكسب.

(6)هذا دليل للقول المذكور، و هو حمل ضمان العبد على المعنى المعهود منه، و هو استعقاب الضمان أداء ما ضمنه العبد من دون تراخ و دون أن يتعلّق بذمّة العبد حتّى يتبع به بعد العتق.

(7)أي بتعلّق ما ضمنه العبد بإذن المولى بمال المولى.

(8)أي سواء كان بكسب العبد أم من غيره.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المولى، و الضمير الملفوظ يرجع إلى العبد. يعني كما لو أمر المولى عبده بالاستدانة وجب أداء الدين من مال المولى كذلك ما لو أذنه المولى في الضمان، فيجب أداء ما يضمنه العبد أيضا من مال المولى.

(10)يعني أنّ القول بتعلّق ما يضمنه العبد بمال المولى مطلقا هو المتّجه في نظر الشارح رحمه اللّه.

ص: 262

(إلاّ (1) أن يشترط كونه من مال المولى)، فيلزم بحسب ما شرط ، و يكون (2) حينئذ كالوكيل.

و لو شرطه (3) من كسبه فهو كما لو شرطه من مال المولى، لأنّه (4) من جملته.

ثمّ إن وفّى الكسب بالحقّ المضمون، و إلاّ ضاع (5) ما قصر.

و لو اعتق العبد قبل إمكان تجدّد شيء (6) من الكسب ففي بطلان الضمان أو بقاء التعلّق به (7) وجهان.

**********

شرح:

(1)استثناء من قوله «فيثبت في ذمّة العبد». يعني لو اشترط العبد تعلّق ما يضمنه العبد بمال المولى صحّ و وجب أداؤه منه.

(2)اسم «يكون» هو الضمير العائد إلى العبد.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى العبد، و الضمير الملفوظ يرجع إلى ما يضمنه العبد. يعني لو شرط العبد تعلّق ما يضمنه بمال حاصل من كسبه لزم و وجب أداؤه من مال المولى لا من كسبه، لما سيأتي.

(4)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى كسب العبد. فإنّ كسب العبد أيضا من جملة أموال المولى.

(5)فإذا لم يف المال الحاصل من كسب العبد بما ضمنه العبد ضاع و تلف المال المضمون بمقدار قصر عنه كسبه.

(6)فإذا ضمن العبد مالا و شرط كونه من كسبه و اعتق قبل حصول شيء من كسبه ففي بطلان الضمان و عدمه - بمعنى تعلّق المال بذمّته بعد العتق - وجهان.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى كسب العبد بعد العتق.

ص: 263

عدم اشتراط علم الضامن بالمستحقّ

(و لا يشترط علمه (1) بالمستحقّ (2)) للمال المضمون، و هو (3) المضمون له بنسبه (4) أو وصفه، لأنّ الغرض إيفاؤه (5) الدين، و هو (6) لا يتوقّف على ذلك (7).

و كذا لا يشترط معرفة قدر الحقّ المضمون، و لم يذكره (8) المصنّف.

و يمكن إرادته من العبارة بجعل المستحقّ (9)

**********

شرح:

عدم اشتراط علم الضامن بالمستحقّ (1)الضمير في قوله «علمه» يرجع إلى الضامن.

(2)بصيغة اسم الفاعل. يعني لا يشترط علم الضامن بكون من يضمن له المال مستحقّا.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى المستحقّ .

(4)الضميران في قوليه «بنسبه» و «وصفه» يرجعان إلى المستحقّ .

(5)أي إيفاء الضامن للدين، و هذا من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله.

(6)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الإيفاء.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو علم الضامن بالمستحقّ نسبا أو وصفا.

(8)أي لم يذكر المصنّف رحمه اللّه عدم اشتراط علم الضامن بقدر الحقّ المضمون و إن لم يكن شرطا لصحّة الضمان.

(9)يعني أنّ إرادة الحقّ المضمون بجعل لفظ «المستحقّ » مبنيّا للمفعول ممكنة.

أقول: و أنت خبير بأنّ كلام الشارح رحمه اللّه - هذا - و إن كان يدفع به إشكال عدم تعرّض المصنّف رحمه اللّه لعدم اشتراط علم الضامن بقدر الحقّ المضمون، لكنّه يتولّد منه إشكال آخر، و هو عدم تعرّضه إذا لعدم اشتراط علم الضامن بالمضمون، و هذا كرّ إلى ما فرّ منه الشارح رحمه اللّه، لأنّ قول المصنّف «المستحقّ » إمّا مبنيّ للمعلوم، فلا دلالة

ص: 264

مبنيّا للمجهول (1).

فلو ضمن ما في ذمّته (2) صحّ على أصحّ القولين، للأصل (3)، و إطلاق النصّ (4)، و لأنّ الضمان (5) لا ينافيه الغرر، لأنّه (6) ليس معاوضة، لجوازه

**********

شرح:

له على ما أفاده الشارح، و إمّا مبنيّ على المفعول، فلا دلالة له على ما أفاده المصنّف، بناء على تفسير الشارح لكلامه، و كيف كان فلا تخلو عبارة المصنّف عن الإشارة إلى أحد الأمرين.

(1)و في بعض النسخ «مبنيّا للمجهول» بدل قوله «مبيّنا للمفعول»، و المعنى واحد.

(2)يعني لو ضمن الضامن ما استقرّ في ذمّة المضمون بلا معرفته لقدر الحقّ المضمون له صحّ .

(3)المراد من «الأصل» هو أصالة الصحّة.

(4)أي و لإطلاق النصّ المنقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن فضيل و عبيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا حضر محمّد ابن اسامة الموت دخل عليه بنو هاشم، فقال لهم: قد عرفتم قرابتي و منزلتي منكم، و عليّ دين، فاحبّ أن تقضوه عنّي، فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: ثلث دينك عليّ ، ثمّ سكت و سكتوا، فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: عليّ دينك كلّه، ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أما أنّه لم يمنعني أن أضمنه أوّلا إلاّ كراهة أن يقولوا: سبقنا (الوسائل: ج 13 ص 151 ب 3 من أبواب كتاب الضمان ح 1).

فالخبر يدلّ على صحّة ضمان ما لم يعرف الضامن قدره المتعلّق بذمّة المضمون.

(5)هذا دليل ثالث لعدم اشتراط معرفة الضامن لقدر الحقّ المضمون، و هو أنّ الضمان لا ينافيه الغرر الحاصل من الجهل بمقدار الحقّ .

(6)يعني أنّ الضمان ليس من قبيل المعاوضة التي ينافيها الغرر الحاصل من الجهل.

ص: 265

من المتبرّع (1).

هذا إذا أمكن العلم به (2) بعد ذلك كالمثال (3)، فلو لم يمكن كضمنت (4) لك شيئا ممّا في ذمّته لم يصحّ (5) قطعا.

و على تقدير الصحّة (6) يلزمه ما تقوم به (7) البيّنة أنّه كان لازما للمضمون عنه وقت الضمان لا ما يتجدّد (8)

**********

شرح:

(1)أي لأنّه يجوز للضامن أن يضمن تبرّعا.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى «ما» الموصولة في قول الشارح رحمه اللّه «ما في ذمّته».

يعني أنّ عدم اشتراط العلم بقدر الحقّ المضمون إنّما هو فيما إذا أمكن العلم به بعد الضمان.

(3)المراد من قوله «المثال» هو قوله «فلو ضمن ما في ذمّته».

(4)هذا مثال لعدم إمكان العلم بعد الضمان بأن يقول الضامن للمضمون له: ضمنت لك شيئا ممّا في ذمّة المضمون عنه، فإنّ ذلك لا يعلم به بعد الضمان، بخلاف الأوّل، فإنّ الحقّ المستقرّ في ذمّة المديون يمكن العلم به بعد الضمان.

(5)جواب شرط ، و الشرط قوله «فلو لم يمكن».

(6)أي على تقدير صحّة قوله ضمنت لك شيئا ممّا في ذمّة المديون المضمون عنه. يعني بناء على صحّة ذلك الفرض يلزم ذمّة الضامن مقدار دين تقوم البيّنة بتعلّقه بذمّة المديون المضمون عنه.

(7)الضميران في قوليه «به» و «أنّه» يرجعان إلى «ما» الموصولة التي يراد منها الحقّ .

يعني يلزم الضامن الحقّ الذي تقوم به البيّنة أنّه يكون في عهدة المضمون عنه في الوقت الذي ضمنه فيه.

(8)أي لا يلزم الضامن من الدين ما يتجدّد بعد وقت الضمان.

ص: 266

أو يوجد في دفتر (1) أو يقرّ به المضمون عنه (2) أو يحلف عليه المضمون له (3) بردّ اليمين من المضمون عنه، لعدم دخول الأوّل (4) في الضمان، و عدم ثبوت الثاني (5)، و عدم نفوذ الإقرار في الثالث (6) على الغير (7)،

**********

شرح:

إيضاح: اعلم أنّ الديون التي تتوجّه إلى ذمّة المضمون عنه بغير البيّنة تكون على أنواع:

الأوّل: ما يتجدّد من الدين بعد الضمان.

الثاني: ما يوجد في دفتر المضمون عنه.

الثالث: ما يقرّ به المضمون عنه.

الرابع: ما يثبت بحلف المضمون له بردّه من المضمون عنه إذا تنازعا في قدر الحقّ المضمون.

فلا يجب من الديون المذكورة على عهدة الضامن شيء، و الثابت الواجب إنّما هو ما يثبت بشهادة البيّنة الشرعيّة.

(1)أي في دفتر المضمون عنه الذي كتب هو فيه ديونه.

(2)و هو المديون.

(3)كما إذا تنازع المضمون له و المضمون عنه في خصوص دين، فتحمّل المضمون له المدّعي الحلف المردود من المضمون عنه المنكر و ثبت الدين في ذمّة المضمون عنه، فذلك ممّا لا يجب على عهدة الضامن.

(4)المراد من «الأوّل» هو ما يتجدّد من الدين بعد وقت ضمان الضامن.

(5)المراد من «الثاني» هو ما يوجد في دفتر المضمون عنه، و هو المديون.

(6)المراد من «الثالث» هو ما يقرّ به المضمون عنه، و هو المديون.

(7)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «نفوذ» الواقع في ضمن قوله «عدم نفوذ الإقرار»،

ص: 267

و (1) كون الخصومة حينئذ (2) مع الضامن و المضمون عنه (3)، فلا يلزمه (4) ما يثبت (5) بمنازعة غيره (6)،

**********

شرح:

بمعنى أنّ إقرار المضمون عنه نافذ في حقّه لا غيره - أعني الضامن -، و هذا الحكم هو مقتضى القاعدة المشهورة: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز».

(1)و هذا ردّ على ما ذكر في الوجه الرابع، و هو ما ثبت الضمان بحلف المضمون له بعد ردّ اليمين من المضمون عنه.

توضيح ردّ الوجه الرابع هو أنّ النزاع بعد الضمان إنّما هو بين الضامن و المضمون له، فإنّه يدّعي أزيد ممّا ثبت بالبيّنة و الضامن ينكره، و لا دخل فيه للحلف الذي تحمّله المضمون له عند نزاعه و خصومته مع المضمون عنه.

و بعبارة اخرى: إذا تخاصم المضمون له - و هو الدائن - و المضمون عنه - و هو المديون - في مقدار دين توجّه الحلف إلى المديون، لكنّه ردّه و تحمّله الدائن و ثبت الدين المتنازع فيه في عهدة المديون، فذلك الدين الثابت في ذمّة المديون المضمون عنه لا يلزم عهدة الضامن.

و لا يخفى أنّ قوله «كون الخصومة» - بالجرّ - عطف على مدخول لام التعليل في قوله «لعدم دخول الأوّل».

(2)أي بعد الضمان.

(3)و لا يخفى أنّ «عن» هنا بمعنى اللام.

من حواشي الكتاب: كذا في النسخ، و الظاهر «له» بدل «عنه»، و قد وقع هذا في عبارة شرح الشرائع أيضا، فلا تغفل (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(4)الضمير في قوله «فلا يلزمه» يرجع إلى الضامن، و فاعله هو «ما» الموصولة المذكورة بعده.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى «ما» الموصولة.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الضامن.

ص: 268

كما لا يثبت ما يقرّ (1) به في الرابع (2).

نعم (3)، لو كان الحلف بردّ الضامن ثبت ما (4) حلف (5) عليه.

**********

شرح:

و المراد منه هو المضمون عنه الذي نازع المضمون له و ثبت حقّه باليمين المردودة، فما يثبت في هذه الخصومة لا يلزم عهدة الضامن.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الضامن، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(2)المراد من «الرابع» هو الوجه الرابع الذي أشار إليه الشارح رحمه اللّه بقوله «أو يحلف عليه المضمون له بردّ اليمين من المضمون عنه»، و قد ردّه فيما سبق بقوله «و كون الخصومة حينئذ... إلخ».

حاصل معنى العبارة: كما لا يثبت الدين الذي أقرّ به الضامن في الوجه الرابع المتقدّم ذكره في عهدة المضمون عنه الذي هو المديون، لأنّ إقرار الضامن - هذا - إقرار على نفس غيره.

و لا يخفى أنّ المشبّه في قوله «كما لا يثبت... إلخ» هو عدم ثبوت ما يثبت بالحلف المردود من المضمون عنه إلى المضمون له في عهدة الضامن، و المشبّه به هو عدم ثبوت ما يقرّ به الضامن للمضمون له في عهدة المضمون عنه من مقدار الدين.

(3)استدراك عن عدم ثبوت ما يثبت بحلف المضمون له في عهدة الضامن بعد ردّ الحلف من المضمون عنه بأنّ المضمون له لو تحمّل الحلف المردود من شخص الضامن فيما إذا تنازعا في مقدار الدين فحلف الدائن - أعني المضمون له - ثبت ما يدّعيه في ذمّة الضامن بالحلف المردود منه.

(4)و المراد منه هو الدين الزائد.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون له، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى «ما» الموصولة. أي ثبت في عهدة الضامن ما حلف عليه المضمون له.

ص: 269

عدم اشتراط علم الضامن بالغريم

(و) كذا (1)(لا) يشترط علمه (2)(بالغريم)، و هو المضمون عنه، لأنّه (3) وفاء دين عنه (4)، و هو (5) جائز عن كلّ مديون.

و يمكن أن يريد به (6) الأعمّ منه و من المضمون له، و يريد بالعلم به (7) الإخاطة بمعرفة حاله من نسب أو وصف، لسهولة (8) الاقتضاء و ما شاكله،

**********

شرح:

عدم اشتراط علم الضامن بالغريم (1)المشار إليه في قوله «كذا» هو عدم اشتراط علم الضامن بمقدار الحقّ المضمون.

(2)الضمير في قوله «علمه» يرجع إلى الضامن. يعني و مثل عدم اشتراط علم الضامن بمقدار الحقّ المضمون هو عدم اشتراط علمه بالمضمون عنه، و هو المديون.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الضمان.

(4)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى المضمون عنه.

(5)يعني أنّ وفاء الدين جائز عن كلّ مديون، سواء علم به الضامن أم لا.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الغريم. يعني يمكن أن يريد المصنّف رحمه اللّه من قوله «الغريم» المعنى الأعمّ الشامل للمضمون عنه و المضمون له.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الغريم. يعني يمكن أن يريد المصنّف من قوله «و لا بالغريم» الإحاطة بمعرفة حال الغريم من حيث النسب و الأوصاف.

و حاصل المعنى هو أنّه لا يشترط في صحّة الضمان إحاطة علم الضامن بجميع نسب الغريم و أوصافه.

(8)تعليل لعدم لزوم علم الضامن بنسب المضمون عنه أو بوصف من أوصافه، لاستحباب كون المؤمن سهل القضاء و سهل الاقتضاء، كما في الخبر: «المؤمن سهل القضاء و سهل الاقتضاء»، (من تعليقة السيّد كلانتر).

ص: 270

لأنّ الغرض إيفاؤه (1) الدين، و ذلك لا يتوقّف على معرفته (2) كذلك (3)،(بل تميّزهما) أي المستحقّ (4) و الغريم ليمكن (5) توجّه القصد إليهما (6)، أمّا الحقّ (7) فليمكن أداؤه، و أمّا المضمون له فليمكن إيفاؤه، و أمّا المضمون عنه فليمكن القصد إليه.

و يشكل بأنّ المعتبر القصد إلى الضمان، و هو التزام المال الذي يذكره

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الغرض من الضمان هو إيفاء الضامن للدين الذي ثبت في ذمّة المضمون عنه، و ذلك لا يتوقّف على معرفة الغريم به نسبا أو وصفا.

(2)الضمير في قوله «معرفته» يرجع إلى الغريم إن كان من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله أو إلى الضامن إن كان من قبيل إضافته إلى فاعله.

و المراد من الغريم هنا هو معناه الأعمّ الشامل للدائن و المديون.

(3)المشار إليه في قوله «كذلك» هو خصوصيّات حال الغريم من نسب أو وصف.

(4)المراد من «المستحقّ » إمّا المضمون له إن قرئ بصيغه اسم الفاعل، و إمّا الحقّ الذي يضمنه الضامن إن قرئ بصيغة اسم المفعول.

و لا يخفى أنّ تفصيل ما ذكره الشارح رحمه اللّه بقوله «أمّا الحقّ ... إلخ» يقتضي إرادة الحقّ من المستحقّ بصيغة اسم المفعول، فيكون حاصل معنى العبارة هكذا: لا يشترط علم الضامن بالحقّ الذي ثبت في ذمّة المضمون عنه و لا علمه بمعرفته المضمون عنه و لا المضمون له، بل إنّما يشترط تمييز الثلاثة، فيكون مرجع الضمير في قوله «تميّزهما» هو المستحقّ - بصيغة اسم المفعول - و الغريم الشامل للمديون و الدائن.

(5)تعليل لاشتراط تمييز الثلاثة المذكورة.

(6)الضمير في قوله «إليهما» يرجع إلى المستحقّ - بصيغة اسم المفعول - و إلى الغريم الشامل للدائن و المديون.

(7)تفصيل لاشتراط تمييز الثلاثة.

ص: 271

المضمون له (1)، و ذلك (2) غير متوقّف على معرفة من عليه الدين، فلو قال (3) شخص: إنّي استحقّ في ذمّة آخر مائة درهم مثلا، فقال آخر (4):

ضمنتها لك كان قاصدا إلى عقد الضمان عمّن كان عليه الدين مطلقا (5)، و لا دليل على اعتبار العلم بخصوصه (6).

إيجاب الضمان

(و لا بدّ له (7) من إيجاب و قبول) مخصوصين، لأنّه من العقود اللازمة الناقلة (8) للمال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن.

**********

شرح:

(1)و هو مالك الدين أعني الدائن.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو قوله «و هو التزام المال... إلخ». يعني أنّ التزام الضامن المال الذي يذكره المضمون له لا يتوقّف على معرفة المضمون عنه، و هو من عليه الدين.

(3)مثال لصحّة الضمان في صورة عدم معرفة الضامن للمضمون عنه.

(4)أي فقال الضامن: ضمنتها. و الضمير الملفوظ في قوله «ضمنتها» يرجع إلى مائة درهم.

(5)أي سواء كان المضمون عنه متميّزا أم لا، و سواء كان الضامن عالما به أم لا، و سواء أذن المضمون عنه له في الضمان أم لا.

(6)الضمير في قوله «بخصوصه» يرجع إلى المضمون عنه.

إيجاب الضمان (7)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الضمان. يعني لا بدّ في صحّة الضمان من العقد الشامل للإيجاب من قبل الضامن و القبول من قبل المضمون له.

(8)صفة ثانية للعقود. يعني أنّ عقد الضمان من العقود اللازمة التي توجب انتقال المال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن.

ص: 272

(و الإيجاب (1) ضمنت و تكفّلت)، و يتميّز (2) عن مطلق الكفالة بجعل متعلّقها (3) المال،(و تقبّلت و شبهه (4)) من الألفاظ الدالّة عليه (5) صريحا.

(و لو قال: مالك عندي أو عليّ أو ما عليه (6) عليّ فليس بصريح)، لجواز إرادته أنّ للغريم (7) تحت يده مالا، أو أنّه (8) قادر على تخليصه، أو أنّ (9) عليه السعي أو المساعدة و نحوه.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الإيجاب الذي يتحمّله الضامن هو أن يقول: ضمنت و ما يلحق به.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الضمان. يعني أنّ الضمان يتميّز عن مطلق الكفالة بذكر المال في الضمان و النفس في الكفالة بأن يقول الضامن في مقام الإيجاب: ضمنت المال أو الدين الذي في ذمّة فلان.

(3)الضمير في قوله «متعلّقها» يرجع إلى الكفالة. بمعنى أنّ الضامن يقول في مقام الإيجاب: تكفّلت المال الذي في ذمّة فلان.

(4)بأن يقول «تعهّدت» دين فلان.

(5)أي على الضمان.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الديون. يعني لو قال الضامن للمضمون له: إنّ ما على المديون عليّ لم يكن صريحا في الضمان.

(7)المراد من «الغريم» هو المضمون عنه، و الضمير في قوله «يده» يرجع إلى الضامن.

(8)فإنّ القول المذكور الصادر عن قائله ليس بصريح في الضمان، لأنّه يمكن أن يريد به أنّ للمديون عنده مالا يمكنه تخليصه منه.

(9)فقول الضامن: مالك عندي أو عليّ يمكن أن يريد بهذا القول السعي أو المساعدة على تحصيل حقّ الدائن من المديون، فلا يدلّ على الضمان الذي هو التعهّد للمال في ذمّته.

ص: 273

و قيل: إنّ عليّ (1) ضمان، لاقتضاء «عليّ » الالتزام (2).

و مثله (3) في ذمّتي، و هو متّجه.

أمّا ضمانه (4) عليّ فكاف، لانتفاء الاحتمال (5)، مع تصريحه (6) بالمال.

قبول الضمان

(فيقبل المستحقّ (7))، و هو المضمون له.

(و قيل: يكفي رضاه (8)) بالضمان و إن لم يصرّح بالقبول، لأنّ حقّه (9)

**********

شرح:

(1)أي لو قال الضامن: مالك عليّ أو ما عليه عليّ فهو ضمان لما في ذمّة المضمون عنه.

(2)يعني أنّ لفظ «عليّ » يدلّ على التعهّد و الالتزام.

(3)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى لفظ «عليّ ». يعني و مثل لفظ «عليّ » قول الضامن: «في ذمّتي» في الدلالة على الالتزام الذي هو الضمان.

(4)يعني لو قال الضامن: ضمانه عليّ فهو يكفي في صحّة الضمان.

(5)أي لانتفاء الاحتمالات المتقدّمة في هذا القول الأخير.

(6)يعني أنّ كفاية قوله: ضمانه عليّ إنّما هي في صورة تصريح الضامن بالمال بأن يقول:

ضمان ماله عليّ ، فلو لم يصرّح بلفظ المال لم يكف ذلك في صحّة عقد الضمان، لأنّه يمكن أن يريد بقوله: ضمانه عليّ ضمان نفسه، فيكون كفالة لا ضمانا.

قبول الضمان (7)أي يقبل الدائن المضمون له الذي هو صاحب الحقّ انتقاله من ذمّة المديون إلى ذمّة الضامن.

(8)يعني قال بعض بكفاية رضى المضمون له بلا حاجة إلى التلفّظ بالقبول.

(9)هذا تعليل للزوم رضى المضمون له بأنّ حقّه الذي في ذمّة المديون ينتقل من ذمّة المديون إلى ذمّة الضامن، و الناس يختلفون في حسن المعاملة و عدمه، فله أن يرضى به أم لا.

ص: 274

يتحوّل من ذمّة إلى اخرى، و الناس يختلفون في حسن المعاملة و سهولة القضاء (1)، فلا بدّ من رضاه (2) به، و لكن لا يعتبر القبول (3)، للأصل (4)، لأنّه (5) وفاء دين.

و الأقوى الأوّل (6)، لأنّه عقد لازم، فلا بدّ له من إيجاب و قبول لفظيّين صريحين متطابقين (7) عربيّين، فعلى ما اختاره من اشتراطه يعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللازمة (8).

و على القول الآخر (9)(فلا يشترط فوريّة القبول)،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الناس يختلفون في سهولة قضاء الدين و عدمها، و لعلّ المديون يكون أسهل قضاء بالنسبة إلى الضامن الذي ينتقل الحقّ إلى ذمّته، فعسى أن لا يرضى الدائن بذلك.

(2)الضمير في قوله «رضاه» يرجع إلى المستحقّ أعني صاحب الدين، و في قوله «به» يرجع إلى تحوّل الحقّ من ذمّة إلى ذمّة اخرى.

(3)يعني يعتبر رضى المضمون له في صحّة الضمان، لكن لا يعتبر تلفّظه بالقبول، و القائل بذلك هو فخر المحقّقين رحمه اللّه في الإيضاح و المحقّق الأردبيليّ رحمه اللّه.

(4)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط التلفّظ بالقبول.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الضمان. و هذا تعليل لاستناده إلى الأصل في عدم اشتراط القبول اللفظيّ في الضمان. يعني أنّ الضمان وفاء دين، فالأصل عدم اشتراط القبول اللفظيّ فيه.

(6)المراد من «الأوّل» هو القول باحتياج الضمان إلى قبول لفظيّ و عدم كفاية الرضى المجرّد عنه.

(7)المراد إمّا تطابقها في الماضويّة أو في الفوريّة و الاتّصال بينهما.

(8)مثل الماضويّة و العربيّة و الفوريّة و الاقتصار على الالفاظ المعيّنة.

(9)و هو كفاية رضى المضمون له في صحّة الضمان.

ص: 275

للأصل (1) و حصول الغرض.

و قيل: لا يشترط رضاه مطلقا، لما روي (2) من ضمان عليّ عليه السّلام دين الميّت الذي امتنع النبيّ صلى اللّه عليه و آله من الصلاة عليه، لمكان دينه (3).

عدم اعتبار رضى الغريم

(و لا عبرة بالغريم (4))، و هو المضمون عنه، لما ذكرناه من أنّه وفاء عنه (5)، و هو غير متوقّف على إذنه (6).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط الفوريّة و أنّ الغرض من الضمان - و هو أداء دين المديون - يحصل بذلك.

(2)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن في الخلاف عن أبي سعيد الخدريّ قال: كنّا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في جنازة، فلمّا وضعت قال: هل على صاحبكم من دين ؟ قالوا: نعم درهمان، فقال:

صلّوا على صاحبكم، فقال عليّ عليه السّلام: هما عليّ يا رسول اللّه و أنا لهما ضامن، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فصلّى عليه، ثمّ أقبل على عليّ عليه السّلام فقال: جزاك اللّه عن الإسلام خيرا، و فكّ رهانك كما فككت رهان أخيك (الوسائل: ج 13 ص 151 ب 3 من أبواب كتاب الضمان ح 2).

(3)الضمير في قوله «دينه» يرجع إلى الميّت، و الجارّ و المجرور في قوله «لمكان دينه» يتعلّقان بقوله «امتنع».

عدم اعتبار رضى الغريم (4)أي لا يشترط رضى الغريم - و هو المضمون عنه - في صحّة الضمان.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى المضمون عنه: يعني أنّ عدم اشتراط رضى المديون في صحّة الضمان إنّما هو لكون الضمان وفاء دين عنه، و هو لا يتوقّف على رضاه.

(6)الضمير في قوله «إذنه» يرجع إلى المضمون عنه.

ص: 276

(نعم، لا يرجع (1) عليه مع عدم إذنه) في الضمان و إن أذن (2) في الأداء، لأنّه (3) متبرّع، و الضمان (4) هو الناقل للمال من الذمّة.

(و لو أذن له (5)) في الضمان (رجع (6)) عليه (بأقلّ الأمرين ممّا أدّاه و من الحقّ )، فإن أدّى (7) أزيد منه كان متبرّعا بالزائد، و إن أدّى (8) أقلّ لم يرجع بغيره (9)، سواء أسقط (10) الزائد عنه بصلح أم إبراء.

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير الراجع إلى الضامن. يعني إذا ضمن الضامن بدون إذن المديون و رضاه لم يجز له أن يرجع عليه و يطالبه بما ضمنه و أدّاه.

(2)أي و إن أذن المديون المضمون عنه في أداء الدين.

(3)أي لأنّ الضامن يتبرّع بما يعطيه بلا استحقاق عوض يعطيه المديون.

(4)يعني لو أذن المديون في الضمان جاز للضامن أن يرجع على المضمون عنه، لكون الضمان ناقلا من ذمّة إلى اخرى.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الضامن.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الضامن، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المديون.

يعني إذا أذن المديون في ضمان الضامن و أدّى الضامن المال إلى الدائن رجع عليه و طالبه بأقلّ الأمرين من مال أدّاه إلى الدائن و من حقّ للدائن على ذمّة المضمون عنه.

(7)تفصيل لرجوع الضامن بأقلّ الأمرين بأنّه لو أدّى أزيد ممّا هو للدائن على ذمّة المديون كان متبرّعا بالنسبة إلى الزائد.

(8)أي إن أدّى الضامن أقلّ من الحقّ الذي هو للدائن على ذمّة المديون لم يجز له أن يرجع على المضمون عنه بغير ما أدّى.

(9)الضمير في قوله «بغيره» يرجع إلى الأقلّ .

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون له. يعني لا فرق في عدم جواز رجوع

ص: 277

و لو وهبه (1) بعد ما أدّى (2) الجميع (3) البعض (4) أو الجميع (5) جاز رجوعه (6) به.

و لو أدّى عرضا (7) رجع بأقلّ الأمرين من قيمته (8) و من الحقّ ، سواء

**********

شرح:

الضامن على المضمون عنه بغير ما أدّاه و كان أقلّ الأمرين بين كون الدائن مسقطا للزائد عن الحقّ بالمصالحة و بين كونه كذلك بإبراء ذمّة المديون من القدر الزائد.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون له، و هو الدائن، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المضمون عنه، و هو المديون. يعني لو وهب الدائن المديون بعض ما أدّاه الضامن أو جميعه و الحال أنّ الضامن قد أدّى الجميع جاز للضامن الرجوع على المضمون له، لأنّ هبته بعد التأدية لا تمنع من الرجوع.

(2)فاعله هو الضمير الراجع إلى الضامن.

(3)أي أدّى الضامن جميع ما هو في ذمّة المديون.

(4)أي وهب الدائن بعض ما هو في ذمّة المديون، و هذا مفعول ثان لقوله «وهبه».

(5)مفعول ثان آخر لقوله «وهبه».

(6)الضمير في قوله «رجوعه» يرجع إلى الضامن، و في قوله «به» يرجع إلى قوله «الجميع».

(7)العرض: المتاع، و - كلّ شيء سوى النقدين أي الدراهم و الدنانير، قالوا: الدراهم و الدنانير عين و ما سواهما عرض، ج عروض (أقرب الموارد).

(8)الضمير في قوله «قيمته» يرجع إلى العرض. و هذا بيان لأقلّ الأمرين. يعني إذا أدّى الضامن عن المضمون عنه متاعا إلى المضمون له من جهة الحقّ الذي هو في ذمّة المضمون عنه رجع عليه بأقلّ الأمرين من قيمة المتاع و من الحقّ ، فلو كان على ذمّة المضمون عنه خمسون دينارا مثلا دينا فأدّى الضامن ثوبا رجع على المضمون عنه بالأقلّ من قيمة الثوب و من الخمسين.

ص: 278

رضي المضمون له به (1) عن الحقّ من غير عقد أو بصلح.

اشتراط ملاءة الضامن أو علم المضمون له

(و يشترط فيه) أي في الضامن (الملاءة (2)) بأن يكون مالكا لما يوفي به (3) الحقّ المضمون فاضلا عن المستثنيات (4) في وفاء الدين،(أو علم (5) المستحقّ بإعساره (6)) حين الضمان، فلو لم يعلم به حتّى ضمن تخيّر المضمون له في الفسخ (7).

و إنّما تعتبر الملاءة في الابتداء لا الاستدامة، فلو تجدّد إعساره (8) بعد الضمان لم يكن له الفسخ، لتحقّق الشرط (9) حالته.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المتاع. يعني لا فرق في رضى الدائن بالمتاع عن الحقّ بين أن يكون بلا عقد و بين أن يكون بعقد صلح.

اشتراط ملاءة الضامن أو علم المضمون له (2)الملاءة: الغنى و القدرة. المليء: هو الغنيّ المقتدر.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «لما يوفي». يعني يشترط في الضامن غناه و اقتداره على ما يوفي به حقّ المضمون له.

(4)و قد تقدّم ذكر مستثنيات الدين في كتاب الدين في الصفحة 78 في قوله «و لا تباع داره و لا خادمه و لا ثياب تجمّله».

(5)عطف على قوله «الملاءة». يعني يشترط في صحّة ضمان الضامن إمّا ملائته أو علم المضمون له بكون الضامن معسرا و رضاه مع ذلك بالضمان.

(6)الضمير في قوله «بإعساره» يرجع إلى الضامن.

(7)أي فسخ عقد الضمان.

(8)بأن عرض الإعسار للضامن بعد الضمان، فلا يجوز الفسخ حينئذ للمضمون له.

(9)و هو تمكّن الضامن من أداء الدين. و الضمير في قوله «حالته» يرجع إلى الضمان.

ص: 279

و كما لا يقدح تجدّده إعساره فكذا تعذّر (1) الاستيفاء منه بوجه آخر (2).

جواز كون الضمان حالاّ و مؤجّلا

(و يجوز الضمان حالاّ (3) و مؤجّلا (4) عن حالّ (5) و مؤجّل (6))، سواء (7) تساوى المؤجّلان (8) في الأجل أم تفاوتا (9)،

**********

شرح:

(1)أي و كذا لا يقدح في صحّة الضمان تعذّر استيفاء الحقّ من الضامن لا من جهة إعساره، بل لمانع آخر.

(2)كما إذا سافر الضامن أو مات أو أنكر.

جواز كون الضمان حالاّ و مؤجّلا (3)و هو ما إذا ضمن الضامن أداء دين المضمون عنه بلا تأجيل.

(4)و هو ما إذا ضمن الضامن أداء الدين بعد مدّة.

(5)و هو ما إذا كان الدين على ذمّة المديون حالاّ.

(6)و هو ما إذا كان الدين على ذمّة المديون مؤجّلا.

و لا يخفى أنّ في المقام أربع صور:

الاولى: كون الدين حالاّ و الضمان مؤجّلا.

الثانية: كون الدين حالاّ و الضمان حالاّ.

الثالثة: كون الدين مؤجّلا و الضمان حالاّ.

الرابعة: كون الدين مؤجّلا و الضمان مؤجّلا.

(7)هذا الإطلاق ناظر إلى الصورة الأخيرة من الصور الأربع المشار إليها في الهامش السابق.

(8)المراد من «المؤجّلان» هو الدين و الضمان.

(9)يعني لا فرق في صحّة الضمان بين تساوي أجلي الدين و الضمان - بأن كان مدّة الدين و الضمان شهرا - و بين عدمه، و هو ما إذا كانت المدّة متفاوتة بأن كان الدين مؤجّلا إلى شهر و كان الضمان موقّتا إلى شهرين.

ص: 280

للأصل (1).

ثمّ إن كان الدين حالاّ (2) رجع مع الأداء مطلقا (3)، و إن كان (4) مؤجّلا فلا رجوع عليه (5) إلاّ بعد حلوله (6) و أدائه مطلقا (7).

القول في المال المضمون

(و المال المضمون ما جاز أخذ الرهن عليه)، و هو (8) المال الثابت في الذمّة و إن كان متزلزلا (9).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط التساوي في صحّة الضمان.

(2)يعني إن كان الدين على ذمّة المديون غير مقيّد بالمدّة فالضامن إذا أدّى الدين جاز له الرجوع على المديون مطلقا.

(3)أي سواء كان الضمان حالاّ أم مؤجّلا.

(4)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الدين. يعني إن كان الدين مؤجّلا و كان أجله شهرين مثلا و أدّاه الضامن قبل حلول الأجل لم يجز له الرجوع على المديون إلاّ بعد انقضاء شهرين.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المديون.

(6)الضميران في قوليه «حلوله» و «أدائه» يرجعان إلى الدين. أي بعد حلول أجل الدين و بعد أدائه.

(7)أي سواء كان الضمان حالاّ أم مؤجّلا.

القول في المال المضمون (8)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما جاز». يعني أنّ المال الذي يجوز ضمانه هو ما ثبت في ذمّة المضمون عنه و لو كان متزلزلا، و يجوز أن يؤخذ عليه الرهن.

(9)كما هو الحال في البيع الخياريّ .

ص: 281

(و لو ضمن (1) للمشتري عهدة الثمن) أي دركه (2) على تقدير الاحتياج إلى ردّه (لزمه) ضمانه (في كلّ موضع يبطل فيه البيع من رأس (3)) كالاستحقاق (4) للمبيع المعيّن، و لم يجز المالك البيع أو أجازه (5) و لم يجز

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الضامن. يعني لو ضمن الضامن للمشتري ردّ الثمن - إذا احتيج إلى ردّه - صحّ الضمان، و لزم على الضامن ردّ الثمن إذا ظهر بطلان البيع الواقع عليه.

إيضاح: إنّ المضمون له في الفرض هو المشتري، و المضمون عنه هو البائع، و المال المضمون هو الثمن الواقع عليه البيع المنعقد بين البائع و المشتري، و في الضمان كذلك يلزم الضامن ردّ الثمن إلى المشتري في كلّ موضع يبطل فيه من رأس، و هذا يتمّ في فرض بطلان نفس البيع، لكن لو ابطل البيع بالإقالة أو بالخيار أو بغير ذلك لم يضمن الضامن الثمن، كما سيأتي، لعدم اشتغال ذمّة البائع بالثمن في صورة إبطال البيع، فلا معنى لانتقال الحقّ من ذمّة إلى اخرى، بخلاف كونه باطلا من الأصل.

(2)الضمير في قوله «دركه» يرجع إلى الثمن.

الدّرك: التبعة و منه قولهم: «ما لحقك من درك فعليّ خلاصه أي تبعته (المنجد).

و المراد من ضمان المشتري الدرك هنا هو جبران الثمن.

(3)يعني أنّ لزوم درك الثمن للضامن إنّما هو فيما إذا ظهر البيع باطلا من رأس لا فيما إذا عرض للبيع البطلان بالإقالة أو الفسخ.

(4)مثال لبطلان البيع من رأس.

و المراد من «الاستحقاق» هو خروج المبيع مال الغير، فإذا باع البائع مبيعا معيّنا مثل ثوب معيّن فخرج كون الثوب مال الغير بطل إذا البيع من رأس إذا لم يجز البيع الواقع مالك الثوب، فلو أجازه كان صحيحا، كما هو الحال في سائر موارد بيع الفضوليّ إذا أجازه المالك.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المالك، و الضمير الملفوظ يرجع إلى البيع. و هذا شقّ

ص: 282

قبض البائع الثمن.

و مثله (1) تبيّن خلل (2) في البيع اقتضى فساده (3) من رأس كتخلّف شرط (4) أو اقتران (5) شرط فاسد لا ما (6) تجدّد فيه البطلان كالفسخ بالتقايل و المجلس (7) و الحيوان و الشرط و تلف (8) المبيع قبل القبض،

**********

شرح:

آخر لبطلان البيع المذكور، و هو فرض ما أجاز فيه المالك البيع، لكن لم يجز قبض البائع للثمن، ففيه أيضا يبطل البيع من رأس.

(1)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى الاستحقاق. يعني و مثل خروج المبيع مال الغير في عدم صحّة البيع و كذا عدم صحّة ضمان الضامن درك الثمن هو ظهور خلل في عقد البيع موجب لبطلان البيع من رأس.

(2)سيذكر الشارح رحمه اللّه أمثلة للخلل الموجب لبطلان البيع من رأس في قوله «كتخلّف شرط ... إلخ».

(3)الضمير في قوله «فساده» يرجع إلى المبيع.

(4)كما إذا شرطا وصفا في المبيع أو في الثمن و تخلّف فإذا يحكم ببطلان البيع من رأس.

(5)كما إذا اقترن بعقد البيع شرط يوجب فساده، مثل اشتراط شرب الخمر في عقد البيع.

(6)و هذا ناظر إلى قول المصنّف رحمه اللّه «لزمه في كلّ موضع يبطل فيه البيع من رأس».

يعني فلو لم يبطل البيع من رأس، بل عرض له البطلان من قبل المتعاقدين لم يلزم الضامن ضمان الثمن و عهدته.

(7)أي كالفسخ بخيار المجلس و خيار الحيوان و خيار الشرط ، ففي هذه الصور لا يكون البيع باطلا من رأس.

(8)هذا مثال آخر لبطلان البيع لا من رأس، بل عرضا، و هو ما إذا تلف المبيع قبل قبض المشتري.

ص: 283

لعدم اشتغال ذمّة المضمون عنه (1) حين الضمان على تقدير طروء (2) الانفساخ، بخلاف الباطل من أصله و لو في نفس الأمر (3).

ضمان درك ما يحدثه المشتري

(و لو ضمن له) أي للمشتري ضامن عن البائع (4)(درك ما يحدثه) المشتري في الأرض (من بناء (5) أو غرس) على تقدير ظهورها (6) مستحقّة لغير البائع و قلعه (7) لها

**********

شرح:

(1)و المراد من «المضمون عنه» هو البائع، فإنّه لم تشتغل ذمّته بالثمن حين الضمان، بخلاف ما لم يعلم بطلان البيع ظاهرا، لكن كان باطلا من رأس في الواقع.

(2)أي على تقدير عروض الانفساخ للبيع، و قد تقدّمت أمثلته.

(3)أي و لو كان بطلان البيع في الواقع لا الظاهر، و هو خروج المبيع مستحقّا للغير و الإخلال بالبيع بقدر بعض شرائط الصحّة، كما تقدّم، ففيه تشتغل ذمّة البائع بالثمن، فيصحّ ضمانه.

ضمان درك ما يحدثه المشتري (4)لا يخفى أنّ الضامن في الفرض المذكور هو من يتعهّد درك ما يحدثه المشتري، و المضمون له هو المشتري، و المضمون عنه هو البائع.

(5)مثل أن يضمن الضامن للمشتري ما يحدثه في الأرض المشتراة من البائع لو خرجت مستحقّة للغير و أراد المالك تخريب البناء و قلع الغرس.

(6)الضمير في قوله «ظهورها» يرجع إلى الأرض.

(7)الضمير في قوله «قلعه» يرجع إلى المالك، و هذا القول مجرور بالعطف على قوله «ظهورها»، و الضمير في قوله «لها» يرجع إلى البناء و الغرس. أي على تقدير قلع المالك البناء و الغرس.

ص: 284

أو أخذه (1) اجرة الأرض (فالأقوى جوازه (2))، لوجود سبب الضمان حالة العقد، و هو (3) كون الأرض مستحقّة للغير.

و قيل: لا يصحّ الضمان هنا، لأنّه ضمان ما لم يجب (4)، لعدم استحقاق المشتري الأرش على البائع حينئذ (5)، و إنّما استحقّه (6) بعد القلع.

و قيل: إنّما يصحّ هذا الضمان من البائع (7)،

**********

شرح:

من حواشي الكتاب: ضمير «لها» باعتبار معناه الذي هو عبارة عن البناء و الغرس، و كلّ منهما جنس يجوز تأنيث ضميره (الحديقة).

(1)أي على تقدير أخذ المالك اجرة الأرض التي صارت مشتغلة ببناء المشتري و غرسه.

(2)الضمير في قوله «جوازه» يرجع إلى الضمان. يعني أنّ الأقوى - في مقابل القول الآخر - هو جواز الضمان المذكور.

(3)يعني أنّ سبب الضمان هو كون الأرض حال الضمان مالا للغير، و هذا يوجب الخسارة المذكورة المتوجّهة إلى المشتري بفعل البائع، فيجوز ضمان ما هو في ذمّة البائع للمشتري.

(4)فإنّه إذا لم يجب مال على ذمّة المضمون عنه لم يصحّ ضمانه، و في المقام لا يستحقّ المشتري شيئا على ذمّة البائع إلاّ بعد البناء و الغرس و بعد قلع مالك الأرض للغرس و تخريبه للبناء، و هما لم يتحقّقا بعد.

(5)أي حين عقد الضمان.

(6)الضمير الملفوظ في قوله «استحقّه» يرجع إلى الأرش.

(7)يعني أنّ الضمان لأرش البناء و الغرس اللذين يحدثهما المشتري في الأرض التي يشتريها من البائع، ثمّ تظهر الأرض مستحقّة للغير فيخرب البناء و يقلع الغرس لا يصحّ من غير البائع، بل يصحّ من نفس البائع، لأنّ الضمان كذلك متوجّه إلى ذمّة

ص: 285

لأنّه (1) ثابت عليه بنفس العقد و إن لم يضمن (2)، فيكون ضمانه (3) تأكيدا.

و هو (4) ضعيف، لأنّه لا يلزم من ضمانه (5) - لكونه بائعا مسلّطا (6) على الانتفاع (7) مجّانا (8) - ضمانه (9) بعقده مع عدم اجتماع شرائطه (10) التي من جملتها كونه (11) ثابتا حال الضمان.

**********

شرح:

البائع بنفس العقد و إن لم يتعرّض له باللفظ ، فلو ضمنه البائع لفظا كان ذلك تأكيدا لما هو ثابت في الواقع.

(1)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الضمان، و في قوله «عليه» يرجع إلى البائع.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى البائع. أي و إن لم يضمن البائع لفظا.

(3)الضمير في قوله «ضمانه» يرجع إلى البائع. يعني أنّ تلفّظ البائع بضمان ما ذكر تأكيد لما يضمن بسبب عقد البيع.

(4)يعني أنّ القول باختصاص صحّة الضمان في الفرض المذكور بنفس البائع ضعيف.

(5)الضمير في قوله «ضمانه» يرجع إلى البائع.

(6)بصيغة اسم الفاعل. فإنّ البائع يسلّط على الانتفاع بالمبيع مجّانا.

(7)أي انتفاع المشتري.

(8)منصوب على الحاليّة.

(9)بالرفع، فاعل لقوله «لا يلزم»، و الضمير في قوله «بعقده» يرجع إلى الضمان. يعني أنّ التعهّد الحاصل للبائع من عقد البيع لا يلزم منه الضمان الحاصل من صيغة الضمان.

(10)أي من جملة شرائط صحّة الضمان كون متعلّق الضمان ثابتا حال عقد الضمان و الحال أنّه لم تجتمع في الفرض المذكور شرائط الضمان، لعدم ثبوت أرش البناء و الغرس في ذمّة البائع عند عقد الضمان.

(11)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى ما يضمن.

ص: 286

و تظهر الفائدة (1) فيما لو أسقط المشتري عنه (2) حقّ الرجوع بسبب البيع، فيبقى له (3) الرجوع بسبب الضمان لو قلنا بصحّته (4)، كما لو كان له (5) خياران فأسقط أحدهما.

و نظير ضمان غير البائع درك (6) الغرس ضمانه عهدة المبيع لو ظهر معيبا، فيطالب المشتري بالأرش، لأنّه (7) جزء من الثمن ثابت وقت الضمان.

و وجه العدم (8)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ فائدة القول بأنّ الضمان لأرش البناء و الغرس الحادثين من المشتري في الأرض المشتراة عند خروجها مستحقّة للغير هل هو بسبب عقد البيع أو بسبب عقد الضمان مستقلاّ تظهر فيما يشير إليه الشارح رحمه اللّه.

(2)كما إذا أسقط المشتري عن البائع حقّ الرجوع عليه الحاصل من عقد البيع بالنسبة إلى الأرش الحاصل في الفرض المذكور.

(3)أي فيبقى للمشتري حقّ الرجوع بالنسبة إلى الأرش المذكور بسبب عقد الضمان.

(4)الضمير في قوله «بصحّته» يرجع إلى الضمان.

(5)أي كما إذا كان للمشتري خياران في البيع مثل خيار المجلس و الحيوان، فإذا أسقط أحدهما بقي الآخر.

(6)بالنصب، مفعول لقوله «ضمان الغير». يعني كما أنّ الأقوى في ضمان الغير أرش الأبنية و الغرس للمشتري إذا ظهرت الأرض مستحقّة للغير هو الجواز كذلك الأقوى في ضمان الغير للمشتري الأرش الحاصل بظهور المبيع معيبا هو الجواز أيضا، لأنّ الأرش جزء من الثمن ثابت حين الضمان.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الأرش.

(8)يعني أنّ وجه عدم صحّة الضمان المذكور في مقابل القول الأقوى - و هو صحّة

ص: 287

هنا (1) أنّ الاستحقاق له (2) إنّما حصل بعد العلم بالعيب و اختيار (3) أخذ الأرش و الموجود (4) من العيب حالة العقد (5) ما (6) كان يلزمه تعيّن الأرش، بل التخيير بينه و بين الردّ (7)، فلم يتعيّن الأرش إلاّ بعد الضمان (8).

و الحقّ (9) أنّه أحد الفردين الثابتين تخييرا حالة البيع، فيوصف

**********

شرح:

الضمان - هو أنّ استحقاق المشتري للأرش يحصل بعد العلم بالعيب، فقبله لا أرش، لكونه من قبيل ضمان ما لا يجب.

(1)المشار إليه في قوله «هنا» هو فرض ضمان الغير الأرش الحاصل من عيب المبيع.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الأرش.

(3)بالجرّ، عطف على قوله المجرور «العلم». أي بعد اختيار المشتري أخذ الأرش لا الفسخ.

(4)الواو تكون للحاليّة، و مدخولها مبتدأ، خبره هو «ما» الموصولة في قوله «ما كان يلزمه». يعني و الحال أنّ العيب الموجود في حال عقد الضمان لم يكن موجبا للأرش.

(5)أي عقد البيع.

(6) «ما» نافية. يعني أنّ العيب الموجود حال عقد البيع لا يوجب تعيّن الأرش خاصّة، بل يكون موجبا للتخيير.

(7)أي ردّ المبيع. و بعبارة اخرى: إنّ تحقّق العيب في المبيع حال عقد البيع لا يكون مصحّحا للضمان، لتعلّقه بما هو ثابت عند البيع، بل المشتري يتخيّر بين أخذ الأرش و بين الفسخ بسبب العيب الموجود حال العقد، فلا يكون الأرش ثابتا، فلا يجوز ضمانه.

(8)يعني أنّ تعيّن الأرش إنّما هو بعد الضمان، فيكون من قبيل ضمان ما لم يجب.

(9)هذا بيان لوجه صحّة الضمان في المقام - كما أفاده السيّد كلانتر في تعليقته -، و

ص: 288

بالثبوت قبل اختياره (1) كأفراد الواجب المخيّر (2).

إنكار المضمون له القبض

(و لو أنكر المستحقّ (3) القبض) من الضامن (فشهد عليه (4) الغريم) و هو المضمون عنه (قبل (5))، لأنّه (6) إن كان آمرا بالضمان (7) فشهادته (8)

**********

شرح:

حاصله هو أنّ الأمرين الثابت أحدهما تخييرا يصدق عليهما أنّهما ثابتان، لأنّ السبب - و هو العيب - كان حاصلا حالة البيع، فالمسبّب عنه - و هو استحقاق المشتري لاختيار الأرش أو الردّ - كان ثابتا لا محالة، إذن لا مانع من ضمان الأرش و درك العيب بعد كونه ثابتا و لو تخييرا.

(1)الضمير في قوله «اختياره» يرجع إلى الأرش.

(2)هذا - كما أفاده السيّد كلانتر في تعليقته - تنظير للمقام بالواجب المخيّر شرعا كالتخيير بين خصال كفّارة الصوم، فكما يصدق على أفراد الواجب المخيّر أنّها ثابتة ثبوتا تخييريّا كذلك هنا يثبت الأرش و الردّ ثبوتا تخييريّا.

إنكار المضمون له القبض (3)المراد من «المستحقّ » هو صاحب الدين، أعني المضمون له.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى القبض.

(5)أي قبل شهادة المديون على القبض.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الغريم.

(7)يعني أنّ الغريم لو أمر الضامن بالضمان فشهادته على القبض شهادة على ضرر نفسه، فتقبل.

(8)الضمير في قوله «فشهادته» يرجع إلى المضمون عنه، و هو المديون، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى القبض.

ص: 289

عليه شهادة على نفسه (1) باستحقاق الرجوع (2) عليه، و شهادة لغيره (3) فتسمع (4)، و إن كان الضامن متبرّعا (5) عنه (6) فهو أجنبيّ ، فلا مانع من قبولها (7)، لبراءته (8) من الدين، أدّى أم لم يؤدّ.

لكن إنّما تقبل (9)(مع عدم التهمة)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «نفسه» يرجع إلى المديون.

(2)توجيه لكون شهادته عليه بأنّ الضامن يرجع بما أدّاه إلى المضمون له على المضمون عنه الذي هو المديون.

(3)و المراد من الغير هو الضامن. و بعبارة اخرى: إنّ شهادة المديون على ضرر المضمون له المنكر للقبض شهادة على ضرر نفسه، لرجوع الضامن عليه، و أيضا شهادة نافعة للضامن، فلا مانع من قبول شهادته إذا أمر الضامن بالضمان.

(4)نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى شهادة الغريم.

(5)أي إن كان الضامن متبرّعا في أدائه بلا أمر من المديون كان الغريم أجنبيّا، فلا مانع من قبول شهادته للضامن و على ضرر المضمون له الذي ينكر القبض.

(6)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى المضمون عنه، و هو المديون، و الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى الغريم.

(7)أي لا مانع من قبول شهادة الأجنبيّ في حقّ الأجنبيّ .

(8)أي لبراءة ذمّة الغريم من الدين، لأنّ الضامن بمجرّد ضمانه قد نقل ما هو في ذمّة الغريم إلى ذمّة نفسه، سواء أدّاه أم لا، فحينئذ يكون المديون بريء الذمّة بمجرّد الضمان، فلا شيء لا له و لا عليه في فرض أداء الضامن أو عدمه، فلذا لا مانع من قبول شهادته.

(9)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى شهادة المضمون عنه. يعني أنّ قبول شهادته مشروط بعدم كونه متّهما في شهادته.

ص: 290

بأن تفيده (1) الشهادة فائدة زائدة على ما يغرمه (2) لو لم يثبت الأداء (3)، فتردّ (4).

و للتهمة (5) صور، منها (6) أن يكون الضامن معسرا (7) و لم يعلم المضمون له (8) بإعساره، فإنّ له (9) الفسخ حيث لا يثبت الأداء،

**********

شرح:

(1)هذا بيان لصورة التهمة في الشهادة، و هي ما إذا أفادت الشهادة فائدة زائدة على ما يؤدّيه الضامن عن المضمون عنه.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون عنه، و الضمير الملفوظ يرجع إلى «ما» الموصولة.

(3)أي أداء الضامن. يعني لو ترتّبت على شهادة الغريم فائدة مادّيّة - كما سيشير الشارح رحمه اللّه إلى أمثلتها - لم تقبل إذا شهادته.

(4)نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى الشهادة. يعني أنّه لو ترتّبت على شهادة الغريم فائدة لنفسه ردّت.

(5)التهمة و التهمة، ج تهم و تهمات: اسم من الاتّهام، ما يتّهم عليه (المنجد).

(6)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى صور التهمة.

إيضاح: إذا كان الضامن معسرا و لم يعلم المضمون له عند الضمان بإعساره - فلو كان عالما به لم يجز له فسخ الضمان، و بعد علمه به جاز له فسخ الضمان و الرجوع إلى المضمون عنه، و هو المديون - فإذا شهد المضمون عنه على أنّ الضامن قد أدّى الدين كان متّهما في شهادته باحتمال كون شهادته لأن يدفع بها عن نفسه رجوع المضمون له - و هو الدائن - عليه، فلا تقبل شهادته.

(7)و غير قادر على أداء الدين.

(8)و هو صاحب الدين. و الضمير في قوله «بإعساره» يرجع إلى الضامن.

(9)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المضمون له. يعني يجوز للمضمون له أن يفسخ

ص: 291

و يرجع (1) على المضمون عنه، فيدفع (2) بشهادته عود الحقّ إلى ذمّته (3).

و منها (4) أن يكون الضامن قد تجدّد عليه (5) الحجر للفلس و (6) للمضمون عنه عليه (7) دين، فإنّه (8) يوفّر بشهادته مال المفلّس (9)،

**********

شرح:

الضمان إذا لم يثبت الأداء.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون له.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون عنه، و الضمير في قوله «بشهادته» يرجع إلى المضمون عنه.

(3)يعني يدفع المديون رجوع الدائن عليه بعد فسخ الضمان.

(4)الصورة الثانية من صور التهمة هي تجدّد الحجر على الضامن بعروض الإفلاس له بعد كونه متمكّنا عند الضمان.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الضامن.

(6)الواو تكون للحاليّة. و المضمون عنه هو المديون.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الضامن.

إيضاح: إذا كان الضامن محجورا عليه بسبب إفلاسه و حكم بتقسيم أمواله بين الغرماء و الديّان و كان المضمون عنه من جملة الغرماء الذين لهم عليه دين و المفروض أنّ كلّ ما يوجد من أموال المحجور عليه يقسم بين الغرماء بنسبة ما يطالبونه به، كما مرّ في كتاب الدين، و كلّما قلّ الشركاء كثر نصيب الباقين منهم كان المضمون عنه الشاهد على أداء الضامن حقّ الدائن المضمون له متّهما بدفع كون صاحب الدين شريكا في تقسيم أموال الضامن، فلا تقبل شهادته.

(8)الضميران في قوليه «فإنّه» و «بشهادته» يرجعان إلى المضمون عنه. يعني أنّ المضمون عنه يتّهم في شهادته بأنّه يوفّر بها مال المفلّس - و هو الضامن - ليزداد سهمه بالتقسيم.

(9)المراد من «المفلّس» هو الضامن.

ص: 292

فيزداد (1) ما يضرب به (2).

و لا فرق في هاتين (3) بين كون الضامن متبرّعا و بسؤال (4)، لأنّ فسخ (5) الضمان يوجب العود على المديون على التقديرين (6)، و مع الإفلاس ظاهر (7).

و جعل بعضهم (8) من صور التهمة أن يكون الضامن قد صالح على أقلّ (9) من الحقّ ،

**********

شرح:

(1)هذا متفرّع على ازدياد مال الضامن بشهادة الغريم، لأنّ المال إذا توفّر زاد سهم الغريم في مقابل التقسيم.

(2)المراد ممّا يضرب به هو سهم الغرماء.

(3)المشار إليه في قوله «هاتين» هو صورة إعسار الضامن مع عدم علم المضمون له بإعساره، و صورة الحجر على الضامن للفلس و للمضمون عنه عليه دين.

(4)بأن يكون الضمان بالتماس المضمون عنه.

(5)تعليل لعدم الفرق بين الضمان تبرّعا أو بسؤال المضمون عنه بأنّ المضمون له إذا فسخ الضمان في الصورة الاولى - و هو صورة إعسار الضامن - رجع على المديون في أخذ حقّه على التقديرين.

(6)المراد من «التقديرين» هو كون الضمان تبرّعا و كونه بالتماس المضمون عنه.

(7)يعني أنّ عدم الفرق بين هاتين الصورتين المبحوث عنهما في فرض الإفلاس ظاهر، فلا يحتاج إلى إيضاح، لأنّ المضمون عنه متّهم في شهادته بازدياد مال الضامن حتّى يزداد ما يضرب به بلا فرق بين كون الضمان تبرّعا أو بسؤال.

(8)أي جعل بعض الفقهاء قسما ثالثا لصورة التهمة، و هو ما إذا صالح الضامن المضمون له، كما سيأتي.

(9)يعني أنّ الضامن إذا صالح المضمون له على الدين الذي هو له على المديون بأقلّ

ص: 293

فيكون رجوعه (1) على تقدير كونه (2) بسؤال إنّما هو بالمدفوع (3)، فتجرّ (4) شهادة المضمون عنه تهمة بتخفيف الدين عنه.

و فيه (5) نظر، لأنّه يكفي في سقوط الزائد عن المضمون عنه اعتراف (6) الضامن بذلك، فلا يرجع (7) به و إن لم يثبته (8)، فتندفع التهمة و تقبل الشهادة

**********

شرح:

منه - مثلا إذا كان حقّ المضمون له على ذمّة المضمون عنه مائة دينار و كان الضمان بسؤال من المديون و قد صالح الضامن الدائن بثمانين دينارا بدلا عن الحقّ الذي هو مائة دينار - فلو ثبت أداء الضامن بشهادة المديون لم يرجع الضامن عليه إلاّ بثمانين دينارا، و لو لم يثبت الأداء جاز للمضمون له أن يرجع على المضمون عنه بتمام الحقّ الذي هو مائة دينار في المثال، و عند ذلك يتّهم المضمون عنه في شهادته، فلا تقبل كما هو الحال في الصورتين المتقدّمتين.

(1)الضمير في قوله «رجوعه» يرجع إلى الضامن.

(2)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى الضمان.

(3)و هو الذي صالح عليه الضامن المضمون له و يكون أقلّ من الحقّ .

(4)أي فتوجب شهادة المضمون عنه اتّهامه بكون ما يرجع عليه الضامن به أخفّ ممّا يعطيه في فرض عدم ثبوت الأداء.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى ما فعله بعض الفقهاء.

(6)فاعل لقوله «يكفي». يعني أنّ الزائد عمّا تصالح عليه الضامن و المضمون له يسقط عن المضمون عنه باعتراف الضامن، فلا وجه لاتّهام المضمون عنه في شهادته.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى الضامن، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الزائد.

(8)الضمير الملفوظ في قوله «لم يثبته» يرجع إلى الأداء. يعني أنّ الضامن لا يرجع على المضمون عنه إلاّ بما اعترف بأدائه، سواء أثبت أداءه إلى المضمون له أم لم يثبته، فلا اتّهام يتوجّه إلى المضمون عنه الشاهد في شهادته.

ص: 294

كما نبّه عليه (1) المصنّف بقوله:(و مع عدم قبول قوله (2)) للتهمة أو لعدم (3) العدالة (لو غرم الضامن رجع (4)) على المضمون عنه (في موضع الرجوع)، و هو (5) ما لو كان ضامنا بإذنه (بما أدّاه أوّلا)، لتصادقهما (6) على كونه (7) هو المستحقّ في ذمّة المضمون عنه، و اعترافه (8) بأنّ المضمون له ظالم بالأخذ ثانيا.

**********

شرح:

(1)أي كما نبّه المصنّف رحمه اللّه على عدم جواز رجوع الضامن إلاّ بما اعترف به، أثبته أم لا.

(2)الضمير في قوله «قوله» يرجع إلى المضمون عنه.

(3)يعني أنّ عدم قبول قول المضمون عنه - بمعنى عدم قبول شهادته في أداء الحقّ - إمّا هو لكونه متّهما أو لعدم كونه عادلا.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الضامن.

(5)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى موضع الرجوع. يعني أنّ موضع الرجوع هو ضمان الضامن بإذن المضمون عنه.

(6)الضمير في قوله «لتصادقهما» يرجع إلى الضامن و المضمون عنه.

(7)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى ما أدّاه أوّلا.

(8)بالجرّ، عطف على مدخول لام التعليل في قوله «لتصادقهما»، و الضمير يرجع إلى الضامن. يعني يعلّل عدم جواز رجوع الضامن على المضمون عنه إلاّ بما أدّاه أوّلا بأمرين:

أ: تصادق الضامن و المضمون عنه على كون ما أدّاه الضامن أوّلا هو المستحقّ في ذمّة المضمون عنه.

ب: اعتراف الضامن بأنّ الحقّ هو ما أدّاه أوّلا و أنّ أخذ المضمون له ثانيا إنّما هو ظلم صدر عنه.

ص: 295

هذا مع مساواة الأوّل (1) للحقّ أو قصوره (2)، و إلاّ (3) رجع عليه بأقلّ الأمرين منه (4) و من الحقّ ، لأنّه (5) لا يستحقّ الرجوع بالزائد عليه (6).

و مثله (7) ما لو صدّقه (8) على الدفع و إن لم يشهد، و يمكن دخوله (9) في عدم قبول قوله (10).

**********

شرح:

(1)المراد من «الأوّل» هو ما أدّاه الضامن إلى المضمون له أوّلا.

(2)الضمير في قوله «قصوره» يرجع إلى الأوّل. يعني أنّ الحكم برجوع الضامن على المضمون عنه بما أدّاه أوّلا إنّما هو في صورتي تساوي الحقّ و ما أدّاه الضامن أو قصور ما أدّاه أوّلا عن الحقّ .

(3)أي و إن لم يساو ما أدّاه الضامن أوّلا الحقّ بأن كان أكثر منه أو أقلّ .

(4)بيان لأقلّ الأمرين، و الأمران هما ما أدّاه الضامن أوّلا و الحقّ الذي هو في ذمّة المديون.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الضامن.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى أقلّ الأمرين.

(7)أي من حيث عدم قبول شهادة المضمون عنه.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى المضمون عنه، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الضامن.

أي لو صدّق المضمون عنه الضامن على الدفع - من دون شهادته على أنّ الضامن دفع إلى المضمون له أكثر من حقّه - فإنّ الضامن لا يستحقّ إلاّ مقدار الحقّ ، فإن صدّقه على أنّه دفع ما يساوي الحقّ أو ما هو أقلّ منه غرم للضامن ما صدّقه.

(9)الضمير في قوله «دخوله» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما لو صدّقه».

(10)أي يمكن دخول هذا الفرض في قول المصنّف رحمه اللّه «و مع عدم قبول قوله... إلخ»، لأنّ عدم قبوله من مصاديق ذاك القول للمصنّف.

ص: 296

عدم تصديق المضمون عنه دفع الضامن

(و لو لم يصدّقه (1) على الدفع) الذي ادّعاه (رجع (2)) عليه (3)(بالأقلّ ) ممّا ادّعى (4) أداءه أوّلا (5) و أداءه أخيرا (6)، لأنّ الأقلّ إن كان هو الأوّل (7) فهو (8) يعترف بأنّه لا يستحقّ سواه (9)، و أنّ المضمون له ظلمه (10) في الثاني (11)، و إن كان (12) الثاني

**********

شرح:

عدم تصديق المضمون عنه دفع الضامن (1)أي لو لم يصدّق المضمون عنه الضامن على الدفع الذي يدّعيه الضامن.

(2)فاعله هو الضمير الراجع إلى الضامن.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المضمون عنه.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الضامن.

(5)و هو ما أدّاه الضامن قبل النزاع.

(6)و هو ما أدّاه الضامن بعد نزاعه للمضمون له.

(7)و هو ما أدّاه الضامن أوّلا و قبل النزاع.

(8)الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى الضامن.

(9)الضمير في قوله «سواه» يرجع إلى ما أدّاه الضامن أوّلا و قبل النزاع. يعني أنّ الأقلّ لو كان هو ما أدّاه الضامن أوّلا فإنّ الضامن يقرّ بأنّ الأقلّ هو الحقّ المستقرّ على ذمّة المضمون عنه.

(10)الضمير الملفوظ في قوله «ظلمه» يرجع إلى الضامن. يعني أنّ الضامن يقرّ بأنّ الحقّ هو الأقلّ الذي أدّاه أوّلا، و أنّ المضمون له ظلمه بأخذ ما دفعه ثانيا.

(11)أي في التأدية الثانية.

(12)اسم «كان» هو الضمير الراجع إلى الأقلّ . يعني لو كان الأقلّ هو ما أدّاه الضامن ثانيا فلم يثبت على الظاهر حقّ سوى الأقلّ الذي أدّاه إلى المضمون له.

ص: 297

فلم يثبت ظاهرا سواه (1).

و على ما بيّنّاه (2) يرجع بأقلّ منهما (3) و من الحقّ .

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «سواه» يرجع إلى الأقلّ .

(2)أي في قولنا في الصفحة 296 «و إلاّ رجع عليه بأقلّ الأمرين».

(3)و هما ما أدّاه الضامن أوّلا و ما أدّاه ثانيا. يعني يرجع الضامن على المضمون عنه بالأقلّ من الأمرين و من الحقّ الذي هو في ذمّة المضمون عنه.

ص: 298

ص: 299

ص: 300

كتاب الحوالة

اشارة

كتاب الحوالة (1)

تعريف الحوالة

(و هي (2) التعهّد بالمال (3) من المشغول بمثله (4)) للمحيل.

**********

شرح:

الحوالة تعريف الحوالة

(1)الحوالة اسم مصدر من أحال يحيل إحالة.

أحال الرجل الغريم بدينه على آخر: صرفه عنه إليه، فهو محيل و الغريم محال و الغريم الآخر محال عليه و المال محال به و الاسم الحوالة (أقرب الموارد).

هذا معناها لغة، و أمّا شرعا فالحوالة عقد شرع لتحويل المال من ذمّة إلى ذمّة مشغولة بمثله.

(2)الضمير في قوله «و هي» يرجع إلى الحوالة.

(3)خرج بقيد المال التعهّد بالنفس، فإنّه ليس بحوالة، بل كفالة.

(4)الضمير في قوله «بمثله» يرجع إلى المال. أي من الذي تشتغل ذمّته بمثل المال الذي هو لمن يحيل.

أقول: لا يخفى أنّ أركان الحوالة ثلاثة:

أ: المحيل، و هو الذي يحيل غريمه إلى من يطالبه بمثل المال الذي يحيله عليه.

ص: 301

هذا (1) هو القدر المتّفق عليه من الحوالة، و إلاّ (2) فالأقوى جوازها على البريء، للأصل (3)، لكنّه (4) يكون أشبه بالضمان، لاقتضائه (5) نقل المال من ذمّة مشغولة إلى ذمّة بريئة، فكأنّ المحال عليه بقبوله (6) لها ضامن لدين المحتال (7) على المحيل، و لكنّها (8) لا تخرج بهذا الشبه عن أصل الحوالة، فتلحقها (9) أحكامها.

**********

شرح:

ب: المحال - بضمّ الميم - و هو الذي يحال حقّه على شخص آخر.

ج: المحال عليه - بضمّ الميم أيضا -، و هو الذي يطالبه المحيل بمثل المال الذي يحيله عليه.

(1)المشار إليه في قوله «هذا» هو التعريف الذي أتى به المصنّف رحمه اللّه للحوالة. يعني أنّ التعريف المذكور لا خلاف فيه.

(2)أي و إن لم يكن التعريف المذكور مورد الاتّفاق بين الفقهاء فالأقوى جواز إطلاق الحوالة على التعهّد الحاصل من شخص بريء الذمّة من مثل المال المحال عليه.

(3)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط كون ذمّة المحال عليه مشغولة بمثل المال المحال عليه.

(4)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع إلى تعهّد البريء. يعني أنّ الحوالة على شخص بريء الذمّة يشبه بالضمان.

(5)يعني أنّ تعهّد البريء بالمال يقتضي انتقال المال من ذمّة مشغولة إلى ذمّة بريئة، و الضمان كذلك.

(6)الضمير في قوله «بقبوله» يرجع إلى المحال عليه، و في قوله «لها» يرجع إلى الحوالة.

(7)و هو الدين الذي يتعلّق بالمحال المطالب للمحيل به.

(8)الضمير في قوله «لكنّها» يرجع إلى الحوالة على البريء. يعني لكنّ الحوالة المذكورة لا تخرج عن كونها من مصاديق الحوالة بسبب هذا الشبه.

(9)الضمير في قوله «فتلحقها» يرجع إلى الحوالة على البريء، و في قوله «أحكامها»

ص: 302

اشتراط رضى الثلاثة

(و يشترط فيها رضى الثلاثة (1))، أمّا رضى المحيل و المحتال فموضع وفاق (2)، و لأنّ (3) من عليه الحقّ مخيّر في جهات القضاء من ماله، و دينه المحال به من جملتها (4)، و المحتال (5) حقّه ثابت في ذمّة المحيل، فلا يلزمه (6) نقله إلى ذمّة اخرى بغير رضاه (7)، و أمّا المحال (8) عليه فاشتراط رضاه هو المشهور، و لأنّه (9) أحد أركان الحوالة، و لاختلاف

**********

شرح:

يرجع إلى الحوالة المتّفق عليها. يعني أنّ أحكام الحوالة تجري على الحوالة المذكورة أيضا.

اشتراط رضى الثلاثة (1)و هم الأشخاص الثلاثة من المحيل و المحتال - و هو المحال - و المحال عليه.

(2)يعني أنّ اشتراط رضى المحيل و المحتال في صحّة الإحالة إجماعيّ .

(3)هذا تعليل لاشتراط رضى المحيل خاصّة بأنّ من على ذمّته حقّ للغير يتخيّر في جهات الأداء، فله أن يؤدّيه من أمواله، و الدين الذي له على ذمّة الغير من جملة أمواله.

(4)هذا خبر لقوله «دينه»، و الضمير في قوله «جملتها» يرجع إلى جهات القضاء.

(5)و هو الذي يحال حقّه على الغير، و هذا تعليل لاشتراط رضى المحال في صحّة الحوالة بأنّ حقّه ثابت في ذمّة المحيل، فلا يجبر على قبوله نقل الحقّ من ذمّة المحيل إلى ذمّة اخرى.

(6)الضمير في قوله «فلا يلزمه» يرجع إلى المحتال، و في قوله «نقله» يرجع إلى الحقّ .

(7)أي بغير رضى المحتال.

(8)هذا تعليل لاشتراط رضى المحال عليه بأنّ هذا الاشتراط هو المشهور بين الفقهاء.

(9)أي و لأنّ المحال عليه هو أحد أركان الحوالة الثلاثة.

ص: 303

الناس في الاقتضاء (1) سهولة و صعوبة.

و فيه نظر (2)، لأنّ المحيل قد أقام المحتال مقام نفسه في القبض بالحوالة (3)، فلا وجه للافتقار إلى رضى من عليه الحقّ (4)، كما لو وكّله (5) في القبض منه، و اختلاف (6) الناس في الاقتضاء لا يمنع من مطالبة المستحقّ و من (7) نصبه خصوصا مع اتّفاق الحقّين (8) جنسا و وصفا، فعدم

**********

شرح:

(1)و هذا دليل آخر لاشتراط رضى المحال عليه في صحّة الحوالة، و هو أنّ الناس يختلفون في تحصيل الدين منهم من حيث السهولة و الصعوبة.

(2)يعني أنّ في الاستدلال على اشتراط رضى المحال عليه في صحّة الحوالة إشكالا، و هو أنّ صاحب الدين المحيل يقيم المحتال مقام نفسه في تحصيل دينه من المديون المحال عليه، فلا حاجة إلى اشتراط رضاه.

(3)أي بسبب الحوالة.

(4)و هو المحال عليه.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى صاحب الحقّ المحيل، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المحتال.

(6)هذا ردّ على الاستدلال المشار إليه في قوله «و لاختلاف الناس... إلخ» بأنّ اختلاف الناس فيما ذكر لا دخل له في المنع من مطالبة صاحب الحقّ للمديون المحال عليه بحقّه إمّا بنفسه أو بمن يقوم مقامه.

(7)بالجرّ محلاّ، عطف على قوله «المستحقّ » المضاف إليه. يعني لا يمنع الاختلاف المذكور من مطالبة من نصبه المستحقّ ، و هو المحتال في الحوالة.

(8)و هما الحقّ الذي هو للمحتال على ذمّة المحيل و الحقّ الذي هو للمحيل على ذمّة المحال عليه، مثل ما إذا كان حقّ المحيل على ذمّة المحال عليه ألف منّ حنطة و كان حقّ المحتال على ذمّة المحيل أيضا كذلك.

ص: 304

اعتباره (1) أقوى.

نعم، لو كانا مختلفين (2) و كان الغرض استيفاء مثل حقّ المحتال توجّه اعتبار رضى المحال عليه، لأنّ ذلك (3) بمنزلة المعاوضة الجديدة (4)، فلا بدّ من رضى المتعاوضين (5).

و لو رضي المحتال بأخذ جنس ما على المحال عليه زال المحذور (6) أيضا.

و على تقدير اعتبار رضاه (7) ليس هو على حدّ رضاهما (8)، لأنّ الحوالة عقد لازم لا يتمّ إلاّ بإيجاب و قبول، فالإيجاب من المحيل، و

**********

شرح:

(1)أي فعدم اشتراط رضى المحال عليه في صحّة الحوالة أقوى من القول باشتراطه.

(2)مثل ما إذا كان حقّ المحيل على ذمّة المحال عليه دينارا و كان حقّ المحتال على ذمّة المحيل درهما و كان الغرض من الحوالة استيفاء الدرهم لا الدينار، فلو كان حال الحقّين كذلك اشترط رضى المحال عليه.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو كون الغرض استيفاء مثل حقّ المحتال من المحال عليه.

(4)لأنّ المعاوضة على الدينار بالدرهم تكون مبادلة جديدة يعتبر فيها رضى المحال عليه.

(5)و هما المحال و المحال عليه.

(6)و لم يكن ذلك معاوضة جديدة محتاجة إلى رضى الطرفين، فإذا لا يشترط فيه رضى المحال عليه.

(7)يعني و على فرض اعتبار رضى المحال عليه في صحّة الحوالة فهو ليس مثل اعتبار رضى المحيل و المحتال، لأنّ الحوالة من العقود اللازمة المفتقرة إلى الإيجاب و القبول، و هما يقومان بفعل المحيل و المحتال لا المحال عليه.

(8)الضمير في قوله «رضاهما» يرجع إلى المحيل و المحتال.

ص: 305

القبول من المحتال.

و يعتبر فيهما (1) ما يعتبر في غيرهما من اللفظ العربيّ و المطابقة و غيرهما، و أمّا رضى المحال عليه فيكفي (2) كيف اتّفق متقدّما (3) و متأخّرا و مقارنا.

و لو جوّزنا الحوالة على البريء اعتبر رضاه (4) قطعا.

و يستثنى من اعتبار رضى المحيل ما لو تبرّع المحال عليه (5) بالوفاء، فلا يعتبر رضى المحيل قطعا، لأنّه (6) وفاء دينه بغير إذنه.

و العبارة عنه (7) حينئذ أن يقول المحال عليه للمحتال: أحلتك بالدين

**********

شرح:

(1)يعني و يعتبر في الإيجاب و القبول المتحقّقين في عقد الحوالة ما يعتبر في غيرها من اللفظ العربيّ و المطابقة و غيرهما كالماضويّة، بخلاف رضى المحال عليه، فلا يعتبر فيه شيء إلاّ حصوله.

(2)فاعله هو الضمير الراجع إلى رضى المحال عليه.

(3)يعني سواء في حصول رضى المحال عليه تحقّقه قبل عقد الحوالة أو بعده أو مقارنا له.

(4)أي لا شبهة في وجوب حصول رضى البريء إذا كان هو المحال عليه.

(5)كما إذا تعهّد المحال عليه أداء الدين الذي هو على ذمّة المحيل للمحتال بلا عوض فحينئذ لا حاجة إلى رضى المحيل قطعا.

(6)أي لأنّ التبرّع بالوفاء هو من أقسام وفاء دين المديون بغير إذنه و لا مانع منه.

أقول: يمكن الخدشة في ذلك بأنّ أداء دين المديون نوع إحسان في حقّه و كذا منّته عليه، فلا يحكم بعدم اشتراط رضاه، لعدم تحمّل بعض الناس منّة غيره عليه بأداء ديونه، فعدم اشتراط رضاه ليس خاليا عن الشبهة و الخدشة.

(7)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى عقد الحوالة. يعني أنّ العبارة عن عقد الحوالة من

ص: 306

الذي لك على فلان على نفسي، فيقبل (1)، فيقومان (2) بركن العقد.

و حيث تتمّ الحوالة تلزم (3)،(فيتحوّل فيها المال) من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه (كالضمان (4)) عندنا، و يبرأ المحيل من حقّ المحال بمجرّدها (5) و إن لم يبرئه المحتال، لدلالة التحوّل عليه (6) في المشهور (7).

حكم قبول المحتال للحوالة على المليء

(و لا يجب) على المحتال (قبولها (8) على المليء)، لأنّ الواجب أداء

**********

شرح:

قبل المحال عليه الذي هو أحد أركانه الثلاثة أن يقول لمخاطبه الذي هو المحتال:

أحلتك بالدين الذي لك على فلان على نفسي، فيقول المحتال: قبلت أو رضيت أو غير ذلك من الألفاظ الدالّة على القبول.

و معنى قوله: «أحلتك» أي صرفت الدين الذي لك على ذمّة فلان إلى نفسي.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المحتال.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المحتال و المحال عليه. يعني أنّ المحتال و الحال عليه يقومان بركني عقد الحوالة، و هما الإيجاب و القبول.

(3)أي تلزم الحوالة، و لا يجوز فسخها، كما هو الحال في سائر العقود اللازمة.

(4)يعني كما أنّ المال في الضمان يتحوّل من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن كذلك في الحوالة أيضا يصير المال متحوّلا من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه.

(5)أي بمجرّد الحوالة تبرأ ذمّة المحيل و إن لم يبرئه المحتال.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى البراءة، و التذكير باعتبار كونها مصدرا جائز الوجهين.

(7)قيد لبراءة ذمّة المحيل بمجرّد الحوالة.

حكم قبول المحتال للحوالة على المليء (8)يعني لا يجب على المحتال قبول الحوالة على المحال عليه الغنيّ .

ص: 307

الدين، و الحوالة ليست أداء (1)، و إنّما هي نقل له من ذمّة إلى اخرى، فلا يجب قبولها (2) عندنا.

و ما ورد من الأمر بقبولها على المليء على تقدير صحّته (3) محمول على الاستحباب.

ظهور إعسار المحال عليه

(و لو ظهر إعساره (4)) حال الحوالة بعدها (فسخ المحتال) إن شاء، سواء شرط (5) يساره أم لا، و سواء تجدّد له اليسار (6) قبل الفسخ أم لا و إن زال (7) الضرر،

**********

شرح:

(1)فإنّ الحوالة لا يصدق عليها الأداء.

(2)أي فلا يجب قبول الحوالة على المحتال عند علماء الإماميّة.

قال في الحديقة: خلافا لعلماء العامّة، فإنّ المضمون عنه لا يبرأ عندهم، فالمضمون له يرجع إن شاء إلى الضامن و إن شاء إلى الضامن و إن شاء رجع إلى المضمون عنه، إذ الضمان عند العامّة ضمّ ذمّة إلى اخرى.

(3)الضمير في قوله «صحّته» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما ورد». يعني أنّ الأخبار الواردة في وجوب القبول على المحتال ضعيفة أوّلا، و تحمل على استحباب القبول عليه ثانيا.

ظهور إعسار المحال عليه (4)الضمير في قوله «إعساره» يرجع إلى المحال عليه. يعني لو ظهر بعد العقد كون المحال عليه حال الحوالة معسرا جاز للمحتال فسخ العقد.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المحتال، و الضمير في قوله «يساره» يرجع إلى المحال عليه.

(6)أي سواء حصل للمحال عليه اليسار بعد كونه معسرا حال العقد أم لا.

(7)أي و إن زال ضرر المحتال بتجدّد اليسار للمحال عليه.

ص: 308

عملا بالاستصحاب (1).

و لو انعكس (2) بأن كان موسرا حالتها فتجدّد إعساره فلا خيار، لوجود الشرط (3).

يصحّ ترامي الحوالة و دورها

(و يصحّ ترامي (4) الحوالة) بأن يحيل المحال عليه المحتال على آخر، ثمّ يحيل الآخر (5) محتاله على ثالث، و هكذا، و يبرأ المحال عليه في كلّ مرتبة كالأوّل (6)،(و دورها (7)) بأن يحيل المحال عليه في بعض المراتب على المحيل الأوّل.

**********

شرح:

(1)المراد من «الاستصحاب» هو استصحاب خيار الفسخ الحاصل حال العقد بكون المحال عليه معسرا بعد تجدّد اليسار له و بعد الشكّ في بقاء الخيار حينئذ.

(2)أي انعكس حال المحال عليه بكونه موسرا حين عقد الحوالة، ثمّ تجدّد له الإعسار، فإذا لا خيار للمحتال.

(3)المراد من «الشرط » هو يسار المحال عليه حين عقد الحوالة.

صحّة ترامي الحوالة و دورها (4)المراد من «الترامي» هو إحالة المحال عليه المحتال على شخص آخر بالمال الذي تعلّق بذمّته بالحوالة و هكذا.

(5)يعني أنّ المحال عليه الثاني يحيل محتاله على محال عليه ثالث، و هكذا الثالث يحيل المحتال على محال عليه رابع.

(6)يعني كما أنّ المحيل الأوّل يبرأ بالحوالة كذلك المحال عليه الذي يحيل المحتال على محال عليه آخر و هكذا.

(7)أي و يصحّ دور الحوالة كما إذا أحال المحال عليه الأوّل المحتال على الثاني، ثمّ أحاله الثاني على المحيل الأوّل.

ص: 309

و في الصورتين (1) المحتال متّحد (2)، و إنّما تعدّد المحال عليه.

صحّة ترامي الضمان و دوره

(و كذا الضمان (3)) يصحّ تراميه بأن يضمن الضامن آخر (4)، ثمّ يضمن الآخر (5) ثالث، و هكذا.

و دوره (6) بأن يضمن المضمون (7) عنه الضامن في بعض المراتب (8).

و منعه (9) الشيخ رحمه اللّه،

**********

شرح:

(1)المراد من «الصورتين» هو صورة ترامي الحوالة و صورة دورها.

(2)يعني أنّ المحتال في كلتا الصورتين متّحد، لكنّ المحال عليه يتعدّد.

صحّة ترامي الضمان و دوره (3)أي و مثل الحوالة الضمان في صحّة الترامي و الدور.

(4)فاعل لقوله «يضمن»، و المفعول هو قوله «الضامن».

(5)أي بأن يضمن الضامن الآخر ضامن ثالث.

(6)بالرفع، عطف على قوله المرفوع «تراميه».

(7)بالرفع، فاعل لقوله «يضمن»، و المفعول هو قوله «الضامن». و مثال دور الضمان هو ضمان المضمون عنه الضامن الأخير.

(8)أي في بعض أدوار الضمان مثل أن يضمن المضمون عنه الضامن الأخير، و يمكن أن يتجدّد الضمانات على هذا النحو، فتدور مرّتين أو ثلاث مرّات و هكذا.

(9)الضمير في قوله «منعه» يرجع إلى دور الضمان. فإنّ الشيخ رحمه اللّه منعه بدليلين:

أ: استلزام الدور جعل الفرع أصلا.

ب: عدم الفائدة في دور الضمان، لأنّ انتقال المال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن، ثمّ انتقاله إلى ذمّة المضمون عنه يوجب انتفاء الفائدة عن عقد الضمان و كونه لغوا و بلا أثر.

ص: 310

لاستلزامه (1) جعل الفرع (2) أصلا، و لعدم (3) الفائدة.

و يضعّف (4) بأنّ الاختلاف فيهما (5) غير مانع، و قد تظهر (6) الفائدة في ضمان الحالّ مؤجّلا (7) و بالعكس (8)، و في الضمان (9) بإذن و عدمه (10)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لاستلزامه» يرجع إلى الدور. فعلّل الشيخ المنع بكون الدور مستلزما لجعل الفرع أصلا.

من حواشي الكتاب: و هذه العلّة تجري في الترامي أيضا، و إمكان ظاهر الحكاية المنع عن الدور فقط ، فتأمّل إلاّ أن يجعل كلا الوجهين علّة واحدة (الحديقة).

(2)المراد من الأصل هو الضامن و من الفرع هو المضمون عنه. يعني بعد القول بصحّة دور الضمان يصير الضامن فرعا و المضمون عنه أصلا.

(3)هذا دليل ثان للشيخ رحمه اللّه لعدم جواز دور الضمان، و هو أنّه لا تبقى فائدة في الضمان كذلك، لرجوع الدين إلى المديون الأوّل الذي كان المال في ذمّته في بادي الأمر.

(4)هذا ردّ على الدليل الأوّل بأنّ الاختلاف بين الأصل و الفرع لا يمنع من دور الضمان.

(5)الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى الأصل و الفرع، لأنّ الشخص الواحد يجوز أن يوجد فيه الوصفان.

(6)و هذا ردّ على ثاني دليلي الشيخ رحمه اللّه، و هو عدم فائدة في دور الضمان بظهور الفائدة في ضمان الحالّ مؤجّلا.

(7)كما إذا كان في ذمّة المضمون عنه دين يصير بعد دور الضمان مؤجّلا.

(8)و هذا بيان فرض آخر يوجد فيه فائدة دور الضمان، كما إذا كان الدين الثابت في ذمّة المضمون عنه مؤجّلا فضمنه الضامن حالاّ، ثمّ ردّ الضمان إلى ذمّة المضمون عنه ثانيا حالاّ، فتظهر فائدة دور الضمان.

(9)أي و قد تظهر فائدة دور الضمان في الضمان بإذن المضمون عنه و بدونه، فإنّ الضامن في الفرض الأوّل يرجع على المضمون عنه، بخلاف الثاني، كما تقدّم.

(10)الضمير في قوله «عدمه» يرجع إلى الإذن.

ص: 311

فكلّ ضامن يرجع مع الإذن (1) على مضمونه (2) لا على الأصل (3)، و إنّما يرجع عليه (4) الضامن الأوّل (5) إن ضمن بإذنه.

و أمّا الكفالة فيصحّ تراميها (6) دون دورها (7)، لأنّ حضور المكفول الأوّل (8) يبطل ما تأخّر منها (9).

صحّة الحوالة بغير جنس الحقّ

(و) كذا تصحّ (الحوالة بغير جنس الحقّ (10)) الذي للمحتال على المحيل

**********

شرح:

(1)أي مع إذن المضمون عنه.

(2)يعني أنّ كلّ ضامن يرجع على من ضمن عنه بإذنه.

(3)أي لا يرجع الضامن على المضمون عنه الأوّل.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الأصل الذي هو المضمون عنه الأوّل.

(5)بمعنى أنّ الضامن الأوّل يرجع على المضمون عنه الأوّل الذي كان الضمان بإذنه.

(6)يعني أنّ ترامي الكفالة لا مانع منه، كما إذا تكفّل زيد بنفس عمرو بأن يأتي به إلى القاضي، ثمّ تكفّل خالد بنفس زيد، ثمّ تكفّل بكر بنفس خالد و هكذا.

(7)أي لا يصحّ دور الكفالة بأن يتكفّل المكفول الأوّل - و هو عمرو في المثال المذكور في الهامش السابق - بنفس بكر الكفيل الأخير في المثال المذكور، لأنّ حضور المكفول الأوّل - و هو عمرو في المثال - يبطل الكفالات المتأخّرة، و هي كفالة خالد لنفس زيد و كفالة بكر لنفس خالد.

(8)و هو عمرو في المثال السابق ذكره.

(9)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى الكفالة الاولى.

صحّة الحوالة بغير جنس الحقّ (10)كما إذا كان الحقّ الثابت في ذمّة المحال عليه حنطة أو درهما و كان حقّ المحتال الثابت في ذمّة المحيل شعيرا أو دينارا.

ص: 312

بأن يكون له (1) عليه دراهم فيحيله على آخر بدنانير، سواء جعلنا الحوالة استيفاء (2) أم اعتياضا (3)، لأنّ إيفاء الدين بغير جنسه (4) جائز مع التراضي.

و كذا المعاوضة (5) على الدراهم بالدنانير.

و لو انعكس (6) فأحاله (7) بحقّه على من عليه (8) مخالف صحّ (9) أيضا، بناء (10) على اشتراط رضى المحال عليه،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المحتال، و في قوله «عليه» يرجع إلى المحيل.

(2)بمعنى أنّ المحتال يستوفي دينه من المحيل بالحوالة.

(3)بمعنى تعويض ما في ذمّة المحيل بما في ذمّة المحال عليه.

(4)كما إذا أوفى المديون دينه - و هو درهم - بدينار.

(5)أي و كذا تصحّ المعاوضة على الدراهم بالدنانير.

(6)بأن كان الفرض بعكس الفرض الأوّل.

و لا يخفى أنّ الفرض الأوّل هو كون المال الذي على ذمّة المحيل دراهم، فأحالها على آخر بدنانير، و فرض العكس هو كون المال الثابت في ذمّة المحيل دنانير، فأحالها بدراهم على ذمّة الآخر.

أقول: إنّ المثالين المذكورين كليهما يكونان للحوالة بغير جنس الحقّ بلا تفاوت بينهما.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى المحيل، و الضمير فيه و كذا الضمير في قوله «بحقّه» يرجعان إلى المحتال.

(8)و المراد منه هو المحال عليه.

(9)أي لا فرق في صحّة الحوالة بين الأصل و العكس، كما تقدّم.

(10)يعني أنّ الحكم بالصحّة مبنيّ على اشتراط رضى المحال عليه بأداء مخالف ما هو في

ص: 313

سواء جعلناها (1) استيفاء أم اعتياضا بتقريب التقرير (2).

و لا يعتبر التقابض في المجلس حيث يكون (3) صرفا، لأنّ المعاوضة على هذا الوجه (4) ليست بيعا.

و لو لم يعتبر رضى المحال عليه صحّ الأوّل (5) دون الثاني (6)، إذ

**********

شرح:

ذمّته، كما إذا كان المال الثابت في ذمّته دنانير و أحال المحيل المحتال على المحال عليه بالدراهم.

(1)أي لا فرق في الحكم بصحّة الحوالة المذكورة بين جعل الحوالة استيفاء دين و بين جعلها معاوضة.

(2)التقرير المتقدّم هو قول الشارح رحمه اللّه في الصفحة السابقة «لأنّ إيفاء الدين بغير جنسه جائز مع التراضي، و كذا المعاوضة على الدراهم بالدنانير».

(3)اسم «يكون» هو الضمير العائد إلى المعاوضة. أي لا يعتبر التقابض في المجلس في صورة كون المعاوضة من قبيل الصرف.

إيضاح: لا يخفى أنّه يشترط في صحّة بيع الصرف - و هو بيع الدراهم بالدنانير - التقابض في المجلس، لكن في حوالة الدنانير بالدراهم أو بالعكس لا يشترط التقابض في مجلس الحوالة، لأنّها و إن كانت معاوضة، لكنّها ليست بيعا حتّى تلزم رعاية الشرط المذكور في بيع الصرف.

(4)أي على وجه حوالة الدنانير بالدراهم.

(5)المراد من «الأوّل» هو إحالة المحتال بأن يأخذ حقّه بغير جنسه، كما إذا كان حقّه دراهم، فأحاله المحيل بأن يأخذ من المحال عليه دنانير.

(6)المراد من «الثاني» هو إحالة المحتال على المحال عليه بأن يؤدّي الحقّ بغير جنسه الذي ثبت في ذمّته، كما إذا كان في ذمّة المحال عليه دراهم فأحال المحيل المحتال على المحال عليه بأن يأخذ منه الدنانير، ففي هذا الفرض يعتبر رضى المحال عليه.

ص: 314

لا يجب على المديون (1) الأداء من غير جنس ما عليه (2).

و خالف الشيخ رحمه اللّه و جماعة فيهما (3)، فاشترطوا تساوي المحال به (4) و عليه جنسا و وصفا، استنادا (5) إلى أنّ الحوالة تحويل ما في ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه، فإذا كان على المحيل دراهم مثلا و له (6) على المحال عليه دنانير كيف يصير حقّ المحتال على المحال عليه دراهم و لم يقع (7) عقد يوجب ذلك (8)، لأنّا إن جعلناها (9) استيفاء كان المحتال بمنزلة من (10) استوفى دينه (11)

**********

شرح:

(1)و هو المحال عليه.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المديون.

(3)الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى الفرضين المذكورين.

(4)أي تساوي المحال به للمال المحال عليه.

(5)مفعول له، تعليل لاشتراط تساوي الحقّين - المحال به و المحال عليه - جنسا و وصفا بأنّ الحوالة هي تحويل المال الثابت في ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه، فيشترط التساوي بينهما.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المحيل. يعني إذا تخالف الحقّان اللذان ثبتا في ذمّتي المحيل و المحال عليه فما هو الوجه لصيرورة جنس الحقّ خلاف ما كان بالحوالة.

(7)الواو في قوله «و لم يقع» تكون للحاليّة. يعني كيف يصير الحقّ الثابت أوّلا على خلافه جنسا و الحال أنّه لم يقع عقد موجب للتغاير.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو تحويل ما في ذمّة المحال عليه على خلافه جنسا.

(9)الضمير الملفوظ في قوله «جعلناها» يرجع إلى الحوالة.

(10)بالجرّ محلاّ، لإضافة قوله «منزلة» إليه.

(11)الضمير في قوله «دينه» يرجع إلى المحيل. يعني أنّ المحتال يكون بمنزلة المأمور الذي

ص: 315

و أقرضه (1) المحال عليه و حقّه (2) الدراهم لا الدنانير، و إن كانت (3) معاوضة فليست (4) على حقيقة المعاوضات (5) التي يقصد بها تحصيل ما (6) ليس بحاصل من جنس مال (7) أو زيادة قدر (8) أو صفة (9)، و إنّما هي (10) معاوضة إرفاق و مسامحة (11)

**********

شرح:

يستوفي دين المحيل من المحال عليه، فلا يجوز له الاستيفاء إلاّ من الجنس الذي كان ثابتا في ذمّة المحال عليه.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المحيل، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الدين.

(2)الواو في قوله «و حقّه» تكون للحاليّة، و الضمير يرجع إلى المحتال.

(3)عطف على قوله «إن جعلناها». يعني و إن قلنا بكون الحوالة من قبيل المعاوضة فليست معاوضة حقيقيّة لتحصيل ما ليس بحاصل.

إيضاح: إنّ المعاوضات الحقيقيّة تكون لتحصيل ما ليس بحاصل، مثلا إنّ البائع يبيع المبيع لتحصيل ثمنه الذي ليس بحاصل له، أو لتحصيل الأكثر في مقابل الأقلّ ، أمّا الحوالة فليست كذلك، بل هي معاوضة خاصّة لتسهيل قضاء حاجة المكلّفين، فيعتبر فيها تساوي المالين.

(4)يعني أنّ الحوالة ليست معاوضة حقيقيّة.

(5)يعني أنّ المعاوضات الحقيقيّة هي التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل.

(6)كما أنّ بائع الحنطة يبيعها بثوب و هو لا يحصل للبائع إلاّ بالمعاوضة.

(7)كمعاوضة الحنطة بالثوب.

(8)كمعاوضة الأقلّ بالأكثر.

(9)كمعاوضة الجيّد بالرديء أو بالعكس.

(10)ضمير «هي» يرجع إلى الحوالة.

(11)فإنّ الحوالة معاوضة إرفاق واقعة بين الناس مسامحة.

ص: 316

للحاجة (1)، فاعتبر فيها (2) التجانس (3) و التساوي.

و جوابه (4) يظهر ممّا ذكرناه.

الحوالة بدين لواحد على دين على اثنين

(و كذا) تصحّ (الحوالة بدين عليه (5) لواحد على دين للمحيل على اثنين (6) متكافلين (7)) أي قد ضمن كلّ منهما ما في ذمّة صاحبه دفعة واحدة (8)

**********

شرح:

(1)أي لحاجة الناس إلى المعاوضة كذلك.

(2)أي في الحوالة.

(3)بين الحقّين المحال به و المحال عليه.

(4)يعني أنّ جواب استدلال الشيخ رحمه اللّه يظهر ممّا تقدّم، و هو أنّ الحوالة و إن كانت معاوضة لا تمنع من تغاير الجنسين إذا اشترط رضى المحال عليه.

الحوالة بدين لواحد على دين على اثنين (5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المحيل. يعني إذا كان المحيل مديونا لشخص واحد فأحال المحتال المديون على شخصين مديونين للمحيل صحّ .

(6)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «الحوالة». يعني تصحّ حوالة دين لشخص على دين على مديونين.

(7)بمعنى كون كلّ منهما ضامنا لما هو في ذمّة الآخر دفعة واحدة.

(8)بأن يقول كلّ منهما: أنا ضامن لما هو ثابت في ذمّتك دفعة واحدة بأن لا يسبق أحدهما الآخر في هذا القول.

أقول: مثلا إذا كان زيد يطالب عمرا بأربعمائة درهم و كان عمرو أيضا يطالب بكرا بمائتي درهم و خالدا بمائتي درهم، فعمرو المديون يحيل زيدا الدائن على بكر

ص: 317

أو متلاحقين (1) مع إرادة (2) الثاني ضمان ما في ذمّة الأوّل في الأصل لا مطلقا (3)،

**********

شرح:

و خالد المديونين له، فعند ذلك يضمن بكر ما هو في ذمّة خالد، و هو 200 درهم، و كذا يضمن خالد ما في ذمّة بكر، و هو 200 درهم، فالحوالة المذكورة على الشخصين المذكورين في المثال تصحّ بأحد الشرطين:

أ: إذا كان كلّ واحد من بكر و خالد المحال عليهما ضامنا لما هو في ذمّة الآخر دفعة واحدة بأن يقول كلّ واحد منهما لصاحبه: ضمنت ما هو في ذمّتك من الدين الذي عليك لفلان، فيضمن بكر في المثال الدراهم التي تكون في ذمّة خالد لعمرو المحيل، و كذا يضمن خالد الدراهم التي تكون في ذمّة بكر لعمرو المحيل.

ب: في صورة كون ضمانيهما متلاحقين مع إرادة الثاني ضمان ما في ذمّة الأوّل في الأصل لا ما تعلّق بذمّته بالضمان، فإذا ضمن بكر الدراهم التي في ذمّة خالد قبل ضمان خالد له اجتمع على عهدة بكر أربعمائة درهم، منها 200 درهم، و هي أصل دينه لعمرو، و منها 200 درهم، و هي ما ضمنه عن خالد، فلو ضمن خالد لما في ذمّة بكر مطلقا تعلّق بذمّته مجموع أربعمائة درهم، لكن لو قيّد ضمانه بما هو في ذمّه بكر في الأصل - و هو 200 - درهم صحّ ضمانه و لم يجتمع في ذمّته المالان، بل يجب عليه 200 درهم خاصّة، لأنّ المائتي درهم التي تكون في ذمّته في الأصل تنتقل إلى ذمّة بكر بالضمان، و ما تكون في ذمّة بكر في الأصل - و هي المائتا درهم - تنتقل إلى ذمّة خالد بالضمان، فلا يزيد على ما هو في ذمّته شيء ممّا كان قبل الضمان.

(1)بأن سبق ضمان أحدهما و تأخّر ضمان الآخر.

(2)هذا القيد يختصّ بقوله «متلاحقين». يعني إذا كان الضمانان متلاحقين لم يصحّ الضمانان إلاّ إذا أراد الضامن الثاني ضمان ما هو في ذمّة الأوّل في الأصل، كما أوضحناه في المثال المذكور المتقدّم.

(3)أي لا الأعمّ من المال الذي تعلّق بذمّة الأوّل في الأصل و بالضمان.

ص: 318

لئلاّ يصير المالان (1) في ذمّة الثاني.

و وجه جواز الحوالة عليهما (2) ظاهر، لوجود المقتضي للصحّة (3) و انتفاء المانع، إذ ليس (4) إلاّ كونهما (5) متكافلين، و ذلك (6) لا يصلح مانعا.

و نبّه (7) بذلك على خلاف الشيخ رحمه اللّه، حيث منع منه (8) محتجّا باستلزامها (9)

**********

شرح:

(1)و هما المال الذي كان في ذمّة الأوّل في الأصل و المال الذي تعلّق بذمّته بالضمان.

(2)الضمير في قوله «عليهما» يرجع إلى قول المصنّف رحمه اللّه «اثنين متكافلين». يعني أنّ وجه جواز الحوالة بدين لواحد على دين للمحيل على اثنين كذلك ظاهر، و الوجه الظاهر هو وجود المقتضي و عدم المانع.

(3)المقتضي للصحّة هو كون المحيل مديونا بالنسبة إلى المحتال و كون الاثنين المحال عليهما أيضا مديونين بالنسبة إلى المحيل.

(4)اسم «ليس» هو الضمير الراجع إلى المانع.

(5)الضمير في قوله «كونهما» يرجع إلى اثنين. يعني أنّ ما يتوهّم كونه مانعا عن صحّة الحوالة المذكورة ليس إلاّ كون كلّ واحد منهما ضامنا لما هو في ذمّة الآخر، و ليس ذلك صالحا للمنع.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو كون الاثنين المديونين متكافلين.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه، و المشار إليه في قوله «بذلك» هو قول المصنّف «و كذا الحوالة بدين عليه لواحد على دين للمحيل على اثنين متكافلين».

يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه أشار بذلك إلى خلاف الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه الذي منع من جواز الحوالة المذكورة.

(8)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى جواز الحوالة المذكورة.

(9)الضمير في قوله «باستلزامها» يرجع إلى الحوالة المذكورة.

ص: 319

زيادة الارتفاق (1)، و هو (2) ممتنع (3) في الحوالة، لوجوب موافقة الحقّ المحال به (4) للمحال عليه من غير زيادة و لا نقصان قدرا و وصفا (5).

و هذا التعليل (6) إنّما يتوجّه

**********

شرح:

(1)أي الارتفاق بالمحتال. يعني أنّ الحوالة كذلك توجب زيادة الارتفاق بالمحتال.

أقول: وجه زيادة الارتفاق بالمحتال هو جواز رجوعه على اثنين و الحال أنّه كان له قبل ذلك الرجوع على شخص واحد، و هو المحيل خاصّة.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى استلزام الزيادة.

(3)المراد من الامتناع هنا هو عدم جوازها و عدم صحّتها.

(4)المراد من «الحقّ المحال به» في الحوالة المذكورة هو حقّ المحتال الثابت في ذمّة شخص واحد، و هو المحيل.

و المراد من «الحقّ المحال عليه» هو ما في ذمّة الاثنين المديونين.

(5)و الحال أنّ الحقّين في الحوالة المذكورة لا يتساويان من حيث الوصف، فإنّ وصف الحقّ المحال به هو جواز الرجوع فيه إلى شخص واحد، و أمّا وصف الحقّ المحال عليه فهو جواز الرجوع فيه إلى شخصين، و هذا زيادة للحقّ وصفا و لا قدرا.

(6)يعني أنّ تعليل الشيخ رحمه اللّه بزيادة الحقّ المحال به بالنسبة إلى الحقّ المحال عليه من حيث الوصف إنّما يتوجّه على مذهب العامّة.

و لا يخفى أنّ العامّة يعرّفون الضمان بأنّه ضمّ ذمّة إلى اخرى، مثلا إذا ضمن زيد ما هو في ذمّة عمرو كانت ذمّة كليهما مشغولة بحقّ المضمون له، بمعنى أنّه يجوز له أن يرجع على كلّ واحد من الضامن و المضمون عنه لاستيفاء حقّه، لكنّ الخاصّة يعرّفونه بفراغ ذمّة المضمون عنه عن حقّ المضمون له بالضمان، فلا يجوز للمضمون أن يرجع على المضمون عنه، بل إنّما له أن يرجع على الضامن خاصّة، ففي الحوالة المذكورة لا يجوز للمحتال أن يرجع على كلّ واحد من الاثنين المتكافلين بمجموع

ص: 320

على مذهب من (1) يجعل الضمان ضمّ ذمّة إلى ذمّة، فيتخيّر (2) حينئذ (3) في مطالبة كلّ منهما (4) بمجموع الحقّ (5)، أمّا على مذهب أصحابنا من أنّه (6) ناقل للمال من ذمّة المحيل (7) إلى ذمّة المحال عليه (8) فلا ارتفاق (9)، بل

**********

شرح:

الحقّ أصلا و ضمانا، بل له أن يرجع على كلّ واحد منهما بمقدار الحقّ الذي تعلّق بذمّته بالضمان، و هو 200 درهما في المثال المذكور سابقا، فلا توجد في الحوالة المذكورة زيادة ارتفاق بالمحتال.

(1)و هم العامّة.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المحتال.

(3)أي حين إذ قلنا بأنّ الضمان ضمّ ذمّة إلى ذمّة اخرى، كما ذهب إليه العامّة.

(4)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى الاثنين المتكافلين.

(5)المراد من «مجموع الحقّ » هو ما تعلّق بالذمّة بالأصل و الضمان.

(6)يعني أنّ الضمان على مذهب الخاصّة ناقل للمال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن.

(7)المراد من «المحيل» هنا هو الذي يحيل الدين الواقع في ذمّته لواحد على دين على اثنين.

(8)و المراد من «المحال عليه» هو الشخصان المديونان للمحيل.

أقول: لا يخفى عدم مناسبة الاتيان بلفظي «المحيل» و «المحال عليه» للمقام، بل المتناسب له هو أن يأتي الشارح رحمه اللّه بلفظي «الضامن» و «المضمون عنه» كما اشير إليه في الحاشية الآتية:

من حواشي الكتاب: الأولى هنا بدل المحيل و المحال عليه الضامن و المضمون عنه، فإنّ الكلام في الاثنين المتكافلين، و قد فرض الضمان بينهما إلى الحوالة (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(9)يعني إذا عرّفنا الضمان بانتقال المال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن لم يجز

ص: 321

غايته (1) انتقال ما على كلّ منهما (2) إلى ذمّة صاحبه (3)، فيبقى الأمر كما كان (4).

و مع تسليمه (5) لا يصلح للمانعيّة، لأنّ مطلق الارتفاق بها (6) غير مانع إجماعا، كما لو (7) أحاله (8) على أملى منه (9)

**********

شرح:

للمحتال في المثال المذكور أن يرجع على كلّ واحد من الاثنين المتكافلين، فلا ارتفاق بالمحتال أزيد ممّا كان قبل ذلك.

(1)الضمير في قوله «غايته» يرجع إلى الضمان الحاصل من كلّ واحد من الاثنين لما هو في ذمّة صاحبه.

(2)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى الاثنين المتكافلين.

(3)و قد أوضحنا ذلك في المثال المتقدّم ذكره في الهامش 8 من الصفحة 317.

(4)أي كان المحتال يطالب بكرا في المثال المتقدّم بمائتي درهم بسبب حوالة المحيل، و كان يطالب خالدا بمائتي درهم كذلك قبل كون كلّ منهما متكافلا، و بعد تحقّق الضمان ينتقل المالان المذكوران من ذمّة كلّ منهما إلى ذمّة الآخر بلا زيادة و لا نقصان، فلا ارتفاق بالمحتال.

(5)الضمير في قوله «تسليمه» يرجع إلى الارتفاق. يعني لو سلّمنا استلزام الحوالة المذكورة للارتفاق فذلك لا يصلح للمانعيّة منها.

(6)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الحوالة. يعني أنّ مطلق الارتفاق الحاصل من الحوالة لا يمنع من صحّتها إجماعا.

(7)هذا مثال لاستلزام الحوالة الارتفاق و الحال أنّه لا يمنع من صحّتها.

(8)الضمير الملفوظ في قوله «أحاله» يرجع إلى المحتال، و الفاعل هو الضمير العائد إلى المحيل.

(9)أي من المحيل.

ص: 322

و أحسن وفاء (1).

تعارض الأصل و الظاهر في الحوالة

(و لو أدّى المحال عليه (2) فطلب الرجوع) بما أدّاه على المحيل (لإنكاره (3) الدين) و زعمه (4) أنّ الحوالة على البريء بناء على جواز الحوالة عليه (و ادّعاه (5) المحيل تعارض الأصل (6))، و هو (7) براءة ذمّة المحال عليه من دين المحيل (و الظاهر)، و هو كونه (8) مشغول الذمّة، إذ

**********

شرح:

(1)أي كما لو أحال المحتال إلى امرئ أكثر تمكّنا من المحيل من حيث المال و أحسن وفاء منه بالديون.

تعارض الأصل و الظاهر في الحوالة (2)هذه مسألة من المسائل الخلافيّة في الحوالة نبّه عليها المصنّف رحمه اللّه في آخر هذا الكتاب، كما جرت عليه عادته في آخر كلّ كتاب.

هذا، و فرض هذه المسألة هو أن يؤدّي المحال عليه إلى المحتال ما ثبت في ذمّة المحيل، ثمّ يرجع على المحيل ليأخذ منه ما أدّاه، لزعمه أنّ ذمّته لم تكن مشغولة بدين للمحيل، لكنّ المحيل يدّعي شغلها به و أنّ المحال عليه قد أدّى ما ثبت في ذمّته، فليس له أن يرجع على المحيل.

(3)هذا دليل لرجوع المحال عليه على المحيل، و هو إنكاره استقرار دين في ذمّته للمحيل.

(4)يعني أنّ المحال عليه يزعم جواز الحوالة على البريء.

(5)أي ادّعى المحيل دينا له في ذمّة المحال عليه.

(6)يعني في الفرض المذكور يتعارض الأصل - و هو عدم اشتغال ذمّة المحال عليه بالدين - و الظاهر، لأنّ الحوالة ظاهرة في اشتغال ذمّة المحال عليه بدين للمحيل.

(7)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الأصل.

(8)أي كون ذمّة المحال عليه مشغولة بدين للمحيل بظهور الحوالة في ذلك.

ص: 323

الظاهر أنّه لو لا اشتغال ذمّته (1) لما احيل عليه.

(و الأوّل) و هو الأصل (أرجح) من الثاني حيث يتعارضان غالبا (2)، و إنّما يتخلّف (3) في مواضع نادرة،(فيحلف) المحال عليه على أنّه بريء

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «ذمّته» و «عليه» يرجعان إلى المحال عليه.

(2)قوله «غالبا» منصوب، لكونه مفعولا فيه لقوله «أرجح». يعني أنّ الأصل يرجّح على الظاهر عند تعارضهما في الأغلب، ففي المقام يقدّم قول المحال عليه في عدم اشتغال ذمّته بدين للمحيل مع الحلف.

(3)يعني يتخلّف رجحان الأصل على الظاهر في مواضع نادرة، و قد مرّ ذكر هذه المواضع النادرة التي يقدّم فيها الظاهر على الأصل في تضاعيف الكتاب، و قد اشير إليها في بعض حواشي الكتاب:

من حواشي الكتاب: منها دعوى الاخت زوجيّة رجل و دعواه اختيّتها كما يأتي في النكاح، و منها في التجارة دعوى نقص المبيع و غير ذلك ممّا هو مذكور في تضاعيف الكتاب (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

حاشية اخرى: و في غير الغالب يعمل بالظاهر، و لا يلتفت إلى الأصل، و له صور:

منها إذا شكّ بعد الفراغ من الطهارة أو غيرها من العبادات في فعل من أفعالها، و كذا لو شكّ في فعل من أفعال الصلاة بعد الانتقال منه إلى غيره و إن كان فيها، و ليس كذلك الطهارة، و الفارق النصّ .

و منها شكّ الصائم في النيّة بعد الزوال، و أمّا قبل الزوال فيستأنف.

و منها لو شكّ بعد خروج وقت الصلاة في فعلها، فإنّه يبنى على الفعل.

و منها لو صلّى، ثمّ رأى على ثوبه أو بدنه نجاسة غير معفوّ عنها و شكّ هل لحق قبل الصلاة أو بعدها و أمكن الأمران فالصلاة صحيحة.

و منها إذا ظنّ دخول الوقت و لا طريق له إلى العلم لغيم و حبس و نحوهما فيبني

ص: 324

من دين المحيل،(و يرجع (1)) عليه بما غرم،(سواء كان) العقد الواقع بينهما (بلفظ الحوالة أو الضمان)، لأنّ الحوالة على البريء (2) أشبه بالضمان، فتصحّ (3) بلفظه.

و أيضا (4) فهو يطلق

**********

شرح:

على الظنّ ، و أنّ الأصل العدم.

و منها ما لو شكّ في دخول الليل للصائم.

و منها امرأة المفقود تتزوّج بعد البحث عنه أربع سنين.

و منها إذا ادّعى من نشأ في دار الإسلام من المسلمين الجهل بتحريم الزناء و الخمر و وجوب الصلاة و نحو ذلك، فإنّه لا يقبل قوله، لأنّ الظاهر يكذّبه و إن كان الأصل عدم علمه بذلك، و مثله من يدّعي ما يشهد أيضا بخلافه، كما إذا ادّعى الغبن من هو من أهل الخبرة.

و منها ما لو اختلف البائع و المشتري في نقصان المبيع و كان المشتري قد حضر الكيل أو الوزن، و قد مرّ ذلك في البيع.

و منها نجاسة البلل الخارجة من الفرج إذا لم يستبرأ، فإنّه يحكم بنجاسته و إن كان الأصل فيما عدا النجاسات العشر الطهارة بشهادة الظاهر، بأنّه من البول إن كان السابق بولا و من المنيّ إن كان منيّا... إلخ (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المحال عليه، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المحيل.

(2)يعني أنّ الحوالة على شخص بريء الذمّة من دين أشبه بالضمان، فيجوز إتيان صيغها بلفظ الضمان.

(3)أي فتصحّ الحوالة بلفظ الضمان.

(4)يعني أنّ الدليل الآخر لعدم الفرق في الحكم المذكور هو أنّ الضمان يطلق على المعنى الذي يشمل الضمان و الحوالة معا. و الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى الضمان.

ص: 325

على ما يشملهما (1) بالمعنى (2) الأعمّ ، فيصحّ التعبير (3) عنها.

و يحتمل الفرق بين الصيغتين، فيقبل (4) مع التعبير بالضمان دون الحوالة، عملا بالظاهر (5).

و لو اشترطنا في الحوالة اشتغال ذمّة المحال عليه بمثل الحقّ (6) تعارض أصل الصحّة (7) و البراءة (8)، فيتساقطان، و يبقى مع المحال عليه (9) أداء دين المحيل بإذنه،

**********

شرح:

(1)الضمير الملفوظ في قوله «يشملهما» يرجع إلى الضمان و الحوالة.

(2)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «يشملهما».

و المراد من المعنى الأعمّ للضمان هو كونه بمعنى التعهّد الشامل للمال الذي تكون ذمّة المحال عليه مشغولة به كما هو الحال في الحوالة، أو لا تكون كذلك كما هو الحال في الضمان.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الضمان، و في قوله «عنها» يرجع إلى الحوالة.

(4)أي فيقبل قول المحال عليه في عدم اشتغال ذمّته بدين للمحيل إذا اتي بالصيغة بلفظ الضمان لا ما إذا اتي بها بلفظ الحوالة، ففيها لا يقبل قوله.

(5)فإنّ الحوالة ظاهرة في اشتغال ذمّة المحال عليه بدين للمحيل، فيقدّم فيها الظاهر على الأصل.

(6)كما تقدّم في تعريف الحوالة في أوّل الكتاب في قول المصنّف رحمه اللّه «و هي التعهّد بالمال من المشغول بمثله».

(7)فإنّ صحّة الحوالة تقتضي اشتغال ذمّة المحال عليه بدين للمحيل.

(8)فإنّ أصالة براءة ذمّة المحال عليه تقتضي عدم اشتغال ذمّته بدين للمحيل.

(9)أي و يبقى بعد التساقط أنّ المحال عليه لو أدّى دين المحيل بإذن منه جاز له الرجوع عليه بما أدّاه.

ص: 326

فيرجع (1) عليه.

و لا يمنع (2) وقوع الإذن في ضمن الحوالة الباطلة المقتضي (3) بطلانها، لبطلان تابعها (4)، لاتّفاقهما (5) على الإذن، و إنّما اختلفا في أمر آخر (6)، فإذا لم يثبت (7) يبقى ما اتّفقا عليه من الإذن في الوفاء المقتضي للرجوع (8).

و يحتمل عدم الرجوع (9)، ترجيحا (10) للصحّة المستلزمة لشغل الذمّة (11).

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المحال عليه، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المحيل.

(2)هذا دفع لتوهّم أنّ الحوالة على البريء إذا كانت باطلة لم يبق موقع للإذن الذي كان في ضمنها، فيبطل الإذن ببطلان الحوالة.

(3)صفة لقوله «الإذن»، و الضميران في قوليه «بطلانها» و «تابعها» يرجعان إلى الحوالة.

(4)المراد من التابع هو الإذن المتحقّق في ضمن الحوالة.

(5)هذا دفع لتوهّم المذكور، و الضمير في قوله «لاتّفاقهما» يرجع إلى المحيل و المحال عليه.

(6)المراد من «الأمر الآخر» هو اشتغال ذمّة المحال عليه بدين للمحيل و عدمه.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى الأمر الآخر. يعني فإذا لم يثبت اشتغال ذمّة المحال عليه بدين للمحيل بقي الإذن المتّفق عليه.

(8)أي لرجوع المحال عليه على المحيل.

(9)يعني و يحتمل صحّة القول بعدم جواز رجوع المحال عليه على المحيل في الفرض.

(10)تعليل للاحتمال المذكور، فإنّ الاختلاف في المقام إنّما هو في صحّة عقد الحوالة و فسادها، فيرجّح قول مدّعي الصحّة - و هي مستلزمة لاشتغال ذمّة المحال عليه بدين للمحيل - على مدّعي خلافها.

(11)أي ذمّة المحال عليه.

ص: 327

ص: 328

ص: 329

ص: 330

كتاب الكفالة

اشارة

كتاب الكفالة (1)

**********

شرح:

الكفالة (1)الكفالة اسم مصدر من كفل و كفل كفلا و كفولا الرجل و بالرجل و المال و بالمال:

ضمنه، و يقال: كفل عنه بالمال لغريمه أي ضمنه (المنجد).

هذا معناها لغة، أمّا اصطلاحا فهي التعهّد بالنفس.

من حواشي الكتاب: و الكفالة ثابتة بالسنّة و الإجماع و الكتاب، و في سورة يوسف عليه السّلام: فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ (1) فتأمّل، و لكنّها مكروهة، و في الأخبار:

«الكفالة خسارة غرامة ندامة»، و في آخر: «و ما لك و الكفالات، أما علمت أنّها أملكت القرون الاولى»، (الرياض).

حاشية اخرى: لمّا كانت الكفالة من العقود اللازمة فلا بدّ من وقوعها بين اثنين و لو حكما و رضاهما بذلك، و مدار الكفالة على ثلاثة:

الكفيل، و هو هنا بمعنى الفاعل و إن كان يصلح للمفعول أيضا، لكنّهم اسطلحوا على وضعه للفاعل و تخصيص المكفول باسم المفعول.

و المكفول له، و هو صاحب الحقّ و لو بالدعوى.

و مكفول، و هو من عليه الحقّ أو الدعوى (شرح الشرائع).

ص: 331


1- سوره 12 - آیه 78

تعريف الكفالة

(و هي (1) التعهّد بالنفس)، أي التزام (2) إحضار المكفول متى طلبه (3) المكفول له.

شرط الكفالة

و شرطها (4) رضى الكفيل و المكفول له دون المكفول (5)، لوجوب الحضور عليه (6) متى طلبه صاحب الحقّ و لو بالدعوى (7) بنفسه (8) أو وكيله، و الكفيل بمنزلة الوكيل (9) حيث يأمره (10) به.

**********

شرح:

تعريف الكفالة (1)يعني أنّ الكفالة هي التعهّد بالنفس في مقابل الضمان الذي هو التعهّد بالمال، كما تقدّم.

(2)أي التزام الكفيل لإحضار المكفول متى طلبه المكفول له.

(3)الضمير في قوله «طلبه» يرجع إلى المكفول.

شرط الكفالة (4)يعني أنّ شرط صحّة عقد الكفالة هو رضى الكفيل و المكفول له.

(5)أي لا يشترط في الكفالة رضى المكفول، لأنّه يجب عليه الحضور، فلا يشترط رضاه.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المكفول، و كذا الضمير في قوله «طلبه».

(7)أي و لو كان الحقّ لم يثبت شرعا و إنّما ادّعاه مدّعيه.

(8)أي يجب على المكفول الحضور عند صاحب الحقّ بنفسه أو بوكيله.

(9)يعني أنّ الكفيل يكون بمنزلة الوكيل حيث يأمر المكفول له بإحضار المكفول.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول له، و هو صاحب الحقّ ، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المكفول، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحضور.

ص: 332

افتقار الكفالة إلى الإيجاب و القبول

و يفتقر (1) إلى إيجاب (2) و قبول (3) بين الأوّلين (4) صادرين على الوجه المعتبر (5) في العقد اللازم.

(و تصحّ حالّة (6) و مؤجّلة (7))، أمّا الثاني (8) فموضع وفاق، و أمّا الأوّل فأصحّ القولين، لأنّ (9) الحضور حقّ شرعيّ لا ينافيه الحلول.

**********

شرح:

افتقار الكفالة إلى الإيجاب و القبول (1)فاعله هو الضمير العائد إلى عقد الكفالة. يعني أنّ الكفالة من العقود، فتحتاج إلى إيجاب و قبول.

(2)و الإيجاب من الكفيل.

(3)و القبول من المكفول له، و هو صاحب الحقّ .

(4)المراد من «الأوّلين» هو الكفيل و المكفول له.

(5)و الوجه المعتبر في العقد اللازم هو العربيّة و الماضويّة و تقدّم الإيجاب و غير ما ذكر على خلاف في بعضها.

صحّة الكفالة حالّة و مؤجّلة (6)المراد من كون الكفالة حالّة هو إحضار الكفيل للمكفول متى طلبه المكفول له بلا تأخير.

(7)المراد من كون الكفالة مؤجّلة هو إحضار الكفيل للمكفول بعد أجل معيّن إذا طالبه المكفول له به.

(8)المراد من «الثاني» هو كون الكفالة مؤجّلة، و هذه خلاف في صحّتها.

(9)تعليل لكون صحّة الكفالة المؤجّلة أصحّ القولين بأنّ حضور المكفول حقّ شرعيّ عليه لا ينافيه كونه حالاّ.

ص: 333

و قيل (1): لا تصحّ (2) إلاّ مؤجّلة (إلى أجل (3) معلوم) لا يحتمل الزيادة و النقصان كغيره (4) من الآجال المشترطة.

ما يبرأ به الكفيل

(و يبرأ الكفيل بتسليمه (5)) تسليما (تامّا) بأن لا يكون هناك مانع من تسلّمه (6) كمتغلّب (7) و حبس ظالم و كونه (8) في مكان لا يتمكّن من وضع

**********

شرح:

(1)و القائل هو الشيخ المفيد و الشيخ الطوسيّ في النهاية و السبزواريّ في الكفاية و سلاّر و قاضي ابن البرّاج رحمهم اللّه.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفالة. يعني قال جمع من الفقهاء - و قد سمّيناهم في الهامش السابق - بعدم صحّة الكفالة إلاّ مؤجّلة و أنّها لا تقع حالّة.

(3)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «مؤجّلة». يعني إذا كانت الكفالة مؤجّلة وجب كون الأجل معلوما بحيث لا يحتمل الزيادة و النقصان.

(4)الضمير في قوله «كغيره» يرجع إلى أجل الكفالة. يعني يجب كون أجل الكفالة معلوما كما تجب معلوميّة كلّ أجل غير أجل الكفالة من آجال الديون و غيرها.

ما يبرأ به الكفيل

(5)الضمير في قوله «بتسليمه» يرجع إلى المكفول له.

(6)الضمير في قوله «تسلّمه» يرجع إلى المكفول له. يعني أنّ التسليم التامّ لا يحصل إلاّ بفقدان المانع من تسلّم المكفول له و قبضه المكفول.

(7)يعني أنّ المانع من التسلّم يكون على أقسام، منها:

أ: المتغلّب الذي يثبت يده على المكفول له.

ب: حبس الظالم للمكفول له.

ج: كون المكفول في موضع لا يتمكّن المكفول له من أن يضع يده عليه.

(8)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى المكفول.

ص: 334

يده (1) عليه، لقوّة (2) المكفول و ضعف المكفول له، و في المكان (3) المعيّن إن بيّناه في العقد، و بلد (4) العقد مع الإطلاق،(و عند الأجل (5)) أي بعده (6) إن كانت مؤجّلة،(أو في الحلول (7)) متى شاء إن كانت حالّة و نحو ذلك (8).

فإذا سلّمه كذلك (9) برئ، فإن امتنع (10) سلّمه إلى الحاكم و برئ

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «يده» يرجع إلى المكفول له، و في قوله «عليه» يرجع إلى المكفول.

(2)تعليل لعدم إمكان وضع يد المكفول له على المكفول بأنّه إمّا لكون المكفول قويّا أو لكون المكفول له ضعيفا.

(3)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقول المصنّف رحمه اللّه «بتسليمه». بمعنى كون التسليم في المكان المعيّن الذي بيّناه في العقد.

(4)بالجرّ، عطف على مدخول «في» الجارّة في قوله «في المكان». يعني يبرأ الكفيل بتسليم المكفول للمكفول له في بلد عقد الكفالة لو كان مطلقا.

(5)أي يبرأ بتسليم المكفول للمكفول له عند الأجل الذي بيّناه.

(6)أي بعد الأجل، لأنّ الأجل يصدق بعد تحقّقه، كما هو الحال في سائر الآجال، مثلا تجب الصلاة عند الزوال أي بعده.

(7)يعني يبرأ الكفيل بتسليمه المكفول، في زمان شاء فيه المكفول له إحضار المكفول لو كانت الكفالة حالّة غير مؤجّلة.

(8)أي و نحو اشتراط إحضار المكفول في الزمان و المكان المشروطين في العقد هو اشتراط غيرهما مثل إحضار المكفول على حالة مخصوصة كالركوب أو المشي أو غيرهما.

(9)المشار إليه في قوله «كذلك» هو تسليم المكفول تسليما تامّا، كما فصّله الشارح رحمه اللّه.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول له. يعني لو امتنع المكفول له من تسلّم المكفول و قبضه سلّمه الكفيل إلى الحاكم و برئت ذمّته.

ص: 335

أيضا، فإن لم يمكن (1) أشهد عدلين بإحضاره (2) إلى المكفول له و امتناعه من قبضه.

و كذا يبرأ بتسليم المكفول نفسه (3) تامّا و إن لم يكن من الكفيل على الأقوى، و بتسليم غيره (4) له كذلك.

امتناع الكفيل من التسليم

(و لو امتنع) الكفيل من تسليمه (5) ألزمه الحاكم به، فإن أبى (6) (فللمستحقّ ) طلب (حبسه (7)) من الحاكم (حتّى يحضره (8)) أو يؤدّي ما

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى التسليم إلى الحاكم. يعني فإن لم يمكن التسليم إلى الحاكم لعدمه أو لتعذّر الوصول إليه أشهد الكفيل عدلين.

(2)الضمير في قوله «بإحضاره» يرجع إلى المكفول. يعني أنّ الكفيل يشهد شاهدين عدلين بإحضار المكفول إلى المكفول له و امتناعه من تسلّمه.

(3)بأن يسلّم المكفول نفسه إلى المكفول له بلا صدور للتسليم عن الكفيل.

(4)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الكفيل. فلو سلّم المكفول غير الكفيل إلى المكفول له برئت أيضا ذمّة الكفيل.

امتناع الكفيل من التسليم (5)أي من تسليم المكفول. و الضمير في قوله «ألزمه» يرجع إلى الكفيل، و في قوله «به» يرجع إلى التسليم.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل.

(7)الضمير في قوله «حبسه» يرجع إلى الكفيل. يعني لو أبى الكفيل عند إلزام الحاكم إيّاه بإحضار المكفول جاز إذا للمكفول له الذي هو صاحب الحقّ أن يطلب من الحاكم حبس الكفيل، فما لم يطلبه لم يجز للحاكم حبسه.

(8)يعني يحبس الكفيل إلى زمان إحضاره المكفول أو إلى أن يؤدّي الحقّ الذي ثبت

ص: 336

(عليه) إن أمكن أداؤه عنه كالدين (1)، فلو لم يمكن كالقصاص (2) و الزوجيّة (3) و الدعوى (4) بعقوبة توجب حدّا أو تعزيرا الزم بإحضاره حتما مع الإمكان، و له (5) عقوبته (6) عليه كما في كلّ ممتنع (7) من أداء الحقّ مع قدرته (8) عليه، فإن لم يمكنه (9) الإحضار و كان له (10) بدل كالدية في

**********

شرح:

للمكفول له في ذمّة المكفول.

(1)فإنّ الحقّ إن كان عبارة عن مثل الدين تمكّن الكفيل أيضا من أدائه.

(2)فإنّ الحقّ إذا كان مثل القصاص لم يمكن استيفاؤه من الكفيل، لعدم كونه جانيا.

(3)كما لو تعهّد الكفيل للزوجة الإتيان بالزوج و كذا لو تعهّد إحضار الزوجة لزوجها ففيهما لا يمكن للكفيل أداء الحقّ الذي ثبت في ذمّة المكفول أو المكفولة من الزوجيّة، لعدم جواز النيابة فيها، كما هو أوضح من أن يخفى!!

(4)أي كالدعوى، و مثاله أن يقيم المكفول له على المكفول دعوى توجب عقوبة من حدّ أو تعزير، فإنّ تلك العقوبة لا يمكن إجراؤها على الكفيل، فلا يبرأ الكفيل في هذه الأمثلة الثلاثة إلاّ بإحضاره المكفول.

(5)الضمير في قوله «له» يمكن إرجاعه إلى المكفول له، و يحتمل إرجاعه إلى الحاكم.

(6)الضمير في قوله «عقوبته» يرجع إلى الكفيل، و في قوله «عليه» يرجع إلى الإحضار.

(7)أي كما يجوز للحاكم عقوبة كلّ من يمتنع من أداء الحقّ الذي عليه و هو قادر على أدائه.

(8)الضمير في قوله «قدرته» يرجع إلى الممتنع، و في قوله «عليه» يرجع إلى أداء الحقّ .

(9)الضمير في قوله «لم يمكنه» يرجع إلى الكفيل.

(10)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الحقّ . يعني فإن لم يمكن الكفيل إحضار المكفول و كان للحقّ الذي ثبت في ذمّة المكفول بدل - مثل الدية في القتل عن عمد الذي

ص: 337

القتل و إن كان عمدا و مهر (1) مثل الزوجة وجب عليه (2) البدل.

و قيل (3): يتعيّن إلزامه بإحضاره إذا طلبه المستحقّ مطلقا (4)، لعدم انحصار الأغراض في أداء الحقّ ، و هو قويّ .

ثمّ على تقدير كون الحقّ (5) مالا و أدّاه (6) الكفيل فإن كان قد أدّى بإذنه (7)

**********

شرح:

يوجب القصاص و مع عدم إمكان القصاص ينتقل إلى الدية - وجب على الكفيل بدل الحقّ .

(1)بالجرّ، عطف على مدخول الكاف الجارّة في قوله «كالدية». و هذا مثال آخر للحقّ الذي له بدل، فإذا لم يمكن الكفيل إحضار الزوجة وجب عليه أداء مهر المثل إلى الزوج و كذا إذا تكفّل إحضار الزوج و لم يمكنه الإحضار، فيجب عليه أن يؤدّي مهر المثل إلى الزوجة.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الكفيل.

(3)و القائل هو العلاّمة رحمه اللّه في كتابه (التذكرة).

من حواشي الكتاب: ذهب جماعة من الأصحاب منهم العلاّمة في التذكرة إلى أنّه لا يتعيّن على المكفول له قبول الحقّ ، بل له إلزام الكفيل بالإحضار مطلقا، لعدم انحصار الأغراض في أداء الحقّ ، فقد يكون له غرض لا يتعلّق بالأداء أو يتعلّق بالأداء من الغريم لا من غيره و خصوصا فيما له بدل، فإنّه بدل اضطراريّ لا عين الحقّ الذي يتعلّق غالبا به أي بحصوله، و هذا هو الأقوى (المسالك).

(4)سواء كان للحقّ بدل أم لا.

(5)أي الحقّ الذي ثبت في ذمّة المكفول للمكفول له.

(6)الضمير في قوله «أدّاه» يرجع إلى المال.

(7)الضمير في قوله «بإذنه» يرجع إلى المكفول. يعني إن كان الكفيل قد أدّى المال الذي

ص: 338

رجع (1) عليه.

و كذا (2) إن أدّى بغير إذنه مع كفالته بإذنه و تعذّر إحضاره، و إلاّ (3) فلا رجوع.

و الفرق بين الكفالة و الضمان في رجوع من أدّى بالإذن هنا (4) و إن كفل (5) بغير الإذن بخلاف الضمان (6)

**********

شرح:

ثبت في ذمّة المكفول للمكفول له بإذن المكفول رجع على المكفول و أخذه منه.

(1)فاعله هو الضمير الراجع إلى الكفيل، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المكفول.

(2)أي و كذا رجع الكفيل على المكفول إن أدّى المال بغير إذن المكفول و كانت الكفالة بإذنه مع تعذّر الإحضار.

(3)أي و إن لم يكن الأداء و لا الكفالة بإذن المكفول فلا رجوع للكفيل عليه.

(4)المشار إليه في قوله «هنا» هو الكفالة. يعني أنّ الكفالة إذا لم تكن بإذن المكفول لكن مع ذلك أدّى الكفيل المال و كان ذلك بإذن المكفول جاز للكفيل أن يرجع على المكفول و يأخذ منه المال الذي أدّاه إلى المكفول له، أمّا الضمان فلو كان بغير إذن المضمون عنه و كان تبرّعا، ثمّ أذن المضمون عنه في أداء المال إلى المضمون له لم يجز للضامن أن يرجع على المضمون عنه و يأخذ المال منه.

و الفرق بينهما هو أنّ الكفالة لا تتعلّق بالذات بالمال، بل هي تعهّد بإحضار النفس، فنسبة الكفيل إلى المال نسبة الأجنبيّ إليه، فلو أدّاه بإذن المكفول جاز له الرجوع عليه بعد أداء المال، بخلاف الضامن، لانتقال المال فيه إلى ذمّة الضامن بالضمان و فراغ ذمّة المضمون عنه و لو كان الضمان تبرّعا و بلا إذن المضمون عنه.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل.

(6)و الخلاف في أنّه لو كان الضمان بغير إذن المضمون عنه فلا رجوع للضامن على المضمون عنه و إن أذن له بعد ذلك في الأداء.

ص: 339

أنّ (1) الكفالة لم تتعلّق بالمال بالذات (2)، و حكم الكفيل بالنسبة إليه (3) حكم الأجنبيّ ، فإذا أدّاه (4) بإذن المديون فله (5) الرجوع، بخلاف الضامن، لانتقال المال إلى ذمّته بالضمان، فلا ينفعه (6) بعده الإذن في الأداء، لأنّه (7) كإذن البريء للمديون (8) في أداء دينه (9).

و أمّا إذنه (10) في الكفالة

**********

شرح:

(1)مرفوعة محلاّ، خبر لقوله «الفرق».

(2)بل تعلّقت أوّلا و بالذات بالنفس.

(3)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى المال.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المال.

(5)الضمير في قوله «فله» يرجع إلى الكفيل.

(6)الضمير الملفوظ في قوله «فلا ينفعه» يرجع إلى الضامن، و الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى الضمان. يعني أنّ المال يتعلّق بذمّة الضامن بالضمان، فلا فائدة في إذن المضمون عنه بعدا في الأداء.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى إذن المضمون عنه. فإنّ هذا الإذن مثل إذن امرئ بريء الذمّة.

(8)قوله «المديون» مفعول به لقوله «إذن البريء»، و اللام تكون للتقوية. يعني أنّ إذن المضمون بعد الضمان مثل إذن امرئ بريء الذمّة للمديون في أداء دينه.

(9)الضمير في قوله «دينه» يرجع إلى المديون. فكما أنّ البريء لو قال للمديون: أدّ دينك لم تشتغل ذمّته بالمال بذلك القول كذلك المضمون عنه لو لم يأذن من أوّل الأمر في الضمان، فلو ضمن الضامن عنه تبرّعا، ثمّ أذن في أداء المال لم يجز للضامن الرجوع على المضمون عنه.

(10)الضمير في قوله «إذنه» يرجع إلى الكفيل.

ص: 340

إذا تعذّر إحضاره (1) و استئذانه في الأداء فذلك (2) من لوازم الكفالة، و الإذن فيها (3) إذن في لوازمها.

تعليق الكفالة

(و لو علّق الكفالة) بشرط (4) متوقّع أو صفة (5) مترقّبة (بطلت) الكفالة.

(و كذا الضمان (6) و الحوالة) كغيرها (7) من العقود اللازمة.

(نعم، لو قال (8):)

**********

شرح:

و المراد منه كون الكفيل مأذونا في أداء الحقّ عند تعذّر الإحضار و الاستيذان، فذلك من لوازم الكفالة.

(1)الضميران في قوليه «إحضاره» و «استئذانه» يرجعان إلى المكفول.

(2)المشار إليه في قوله «فذلك» هو قوله «و أمّا إذنه... إلخ».

(3)فإنّ إذن المكفول في الكفالة إذن في لوازم الكفالة.

تعليق الكفالة (4)يعني لو علّق الكفالة على شرط متوقّع، أي شرط ينتظر و يحتمل حصوله - كما إذا قال الكفيل: أنا كفيل زيد أن احضره إن جاء عمرو - بطلت.

(5)بأن يعلّق الكفالة على صفة مترقّبة، أي حاصلة قطعا في زمانها، كما إذا قال الكفيل: أنا كفيل زيد أن احضره إن طلعت الشمس أو غربت أو انقضى الشهر.

و بالجملة لو علّقت الكفالة على كلّ واحد من الشرط و الصفة بطلت، لأنّها من العقود اللازمة، فيجب تحقّق التنجيز في عقدها.

(6)أي و مثل الكفالة في لزوم التنجيز و عدم جواز التعليق عقد الحوالة و الضمان.

(7)أي كغير هذه الثلاثة المذكورة من العقود اللازمة التي يشترط فيها التنجيز.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل. يعني لو أجرى الكفيل صيغة الكفالة معلّقا

ص: 341

(إن لم احضره (1) إلى كذا كان (2) عليّ كذا صحّت الكفالة أبدا و لا يلزمه المال المشروط ).

(و لو قال (3): عليّ (4) كذا إن (5) لم احضره لزمه (6) ما شرطه من المال إن لم يحضره) على المشهور.

و مستند الحكمين (7)

**********

شرح:

بحيث قدّم الشرط على الجزاء بقوله: إن لم احضره إلى كذا كان عليّ كذا صحّت الكفالة أبدا و لم يجب على عهدته الجزاء، و هو المال.

(1)الضمير الملفوظ في قوله «لم احضره» يرجع إلى المكفول، و اللفظ هذا يقرأ بصيغة المتكلّم وحده من باب الإفعال.

(2)جزاء لقوله: إن لم احضره.

(3)و هذه صورة اخرى من الصيغتين المعلّقتين، و هي قول الكفيل: عليّ كذا إن لم احضره.

و لا يخفى أنّ الجزاء قدّم في هذه الصيغة على الشرط ، بخلاف الاولى.

(4)جزاء مقدّم.

(5)شرط متأخّر.

(6)الضمير في قوله «لزمه» يرجع إلى الكفيل. يعني أنّ الكفيل لو أجرى الصيغة بتقديم الجزاء على الشرط لزمه المال.

(7)المراد من «الحكمين» هو تعلّق المال بذمّة الكفيل في صورة تقديم الجزاء على الشرط ، و عدمه في صورة تقديم الشرط على الجزاء. يعني لا دليل للفرق بين الصيغتين إلاّ الرواية. و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن داود بن الحصين عن أبي العبّاس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،

ص: 342

رواية داود بن الحصين (1) عن أبي العبّاس عن الصادق عليه السّلام.

و في الفرق بين الصيغتين من حيث التركيب العربيّ نظر (2)، و لكنّ

**********

شرح:

قال: سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل، فإن لم يأت به فعليه كذا و كذا درهما، قال: إن جاء به إلى أجل فليس عليه مال، و هو كفيل بنفسه أبدا إلاّ أن يبدأ بالدراهم، فإن بدأ بالدراهم فهو لها ضامن إن لم يأت به إلى الأجل الذي أجّله (الوسائل: ج 13 ص 157 ب 10 من أبواب كتاب الضمان ح 2).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه في شرح هذا الحديث: لا يبعد أن يكون الدراهم التي حكم بعدم لزومها هنا ما كان مغايرا و مخالفا لما في ذمّة المكفول و يكون الكفيل التزم بها عقوبة له إن لم يحضر المكفول، و التي حكم بلزومها هي التي في ذمّة المكفول، و ربّما فهم هذا من قوله «إلاّ أن يبدأ بالدراهم» بأن تكون اللام للعهد في ذمّة المكفول، و وجّهه بعض فقهائنا بأنّه إذا بدأ بالرجل كان كفالة، و كان ذكر الدراهم تأكيدا، لأنّه إذا لم يحضره لزمه المال و إن لم يشترط ، و إن بدأ بالدراهم كان ضمانا.

(1)مصغّرا. و لا يخفى أنّ داود بن الحصين - كما عن العلاّمة رحمه اللّه في الخلاصة - واقفيّ ، و قال العلاّمة: و الأقوى عندي التوقّف.

(2)مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «في الفرق». أي لا فرق بين الصيغتين المذكورتين إلاّ من حيث تقديم الجزاء و تأخيره، و ذلك لا يوجب فرقا من حيث التركيب العربيّ .

من حواشي الكتاب: فإنّ الفرق بينهما ليس إلاّ بمجرّد تقديم الشرط على الجزاء في الأوّل و العكس في الثانية، و مثل هذا ممّا لا دخل له في اختلاف الحكم، لأنّ الشرط - و إن تأخّر - في حكم المتقدّم كذا قال قدّس سرّه في شرحه الكبير، و ما ذكر مبنيّ على اصطلاح العلماء الميزانيّة و أمّا على اصطلاح أهل الأدبيّة فالأمر بالعكس، فإنّ قولهم: إن جئتني أكرمتك في قوّة قولهم: أكرمتك وقت مجيئك إيّاي، و على الاصطلاحين فالنظر وارد.

ص: 343

المصنّف و الجماعة عملوا بمضمون الرواية جامدين (1) على النصّ مع ضعف سنده (2).

و ربّما تكلّف متكلّف (3) للفرق بما لا يسمن و لا يغني من جوع (4)، و إن أردت الوقوف على تحقيق الحال فراجع ما حرّرناه في ذلك بشرح (5) الشرائع و غيره.

**********

شرح:

(1)أي بلا تصرّف و تعمّق في المعنى الحاصل من الرواية، بخلاف الشيخ الحرّ العامليّ رحمه اللّه حيث أوّلها بما نقلناه عنه مفصّلا.

(2)وجه ضعف سند الرواية هو وجود داود بن الحصين، و قد تقدّم في الهامش 1 من هذه الصفحة نقل كلام العلاّمة رحمه اللّه في حقّه.

(3)من الوجوه التي تكلّفها بعض الفقهاء لبيان الفرق بين الصيغتين ما ذكره الشارح رحمه اللّه في المسالك حيث قال: منها ما ذكره الشيخ عليّ من أنّ السرّ في لزوم المال إذا قدّمه براءة ذمّة المضمون عنه، فيمتنع الكفالة، و إذا قدّم الكفالة كان الضمان المتعقّب لها، لكونه معلّقا على شرط باطل، و لمنافات الضمان صحّة الكفالة، و هذا السرّ الذي أظهره ناش من ظاهر كلام القواعد و ما أشبهها.

(4)يعني أنّ التكلّف للفرق بين الصيغتين - كما نقلناه عن بعض الفقهاء - لا يفيد فائدة يعتنى بها.

أقول: قوله «بما لا يسمن... إلخ» اقتباس من الآية الشريفة: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاّ مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (1) الآيتان 6 و 7 من سورة الغاشية، و كم آية من آيات القرآن الشريفة صارت يضرب بها المثل و تداولتها الألسن، و هذا ضوء من أضواء إعجاز هذه المعجزة الخالدة لنبيّنا نبيّ الرحمة صلى اللّه عليه و آله و حشرنا معهم.

(5)و هو الكتاب المعروف ب «المسالك».

ص: 344


1- سوره 88 - آیه 6

حصول الكفالة بإطلاق الغريم قهرا

(و تحصيل الكفالة) أي حكم (1) الكفالة (بإطلاق (2) الغريم من المستحقّ (3) قهرا (4))، فيلزمه إحضاره أو أداء ما عليه (5) إن أمكن (6).

و على ما اخترناه (7) مع تعذّر إحضاره، لكن هنا (8) حيث يؤخذ

**********

شرح:

حصول الكفالة بإطلاق الغريم قهرا (1)يعني لو أطلق امرؤ الغريم من يد صاحب الحقّ بالقهر و الغلبة حصل فيه أيضا حكم الكفالة و لو لم تتحقّق الكفالة نفسها، لعدم إجراء صيغة الكفالة.

و المراد من «حكم الكفالة» هو إلزام الشخص الذي أطلق المديون بإحضاره أو بأداء ما عليه من الحقّ .

(2)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «تحصل».

(3)أي من يد صاحب الحقّ .

(4)أي بالقهر و الغلبة.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الغريم.

(6)أي إن أمكن أداء الحقّ الذي ثبت في ذمّة الغريم مثل أن يكون من قبيل الدين و المال لا من قبيل الحقوق الغير القابلة للأداء من قبل المطلق كالقصاص و حقّ الزوجيّة و غيرهما ممّا تقدّم ذكره.

(7)و هو ما اختاره الشارح رحمه اللّه في قوله السابق في الصفحة 338 «و قيل يتعيّن إلزامه بإحضاره إذا طلبه المستحقّ مطلقا، لعدم انحصار الأغراض في أداء الحقّ ، و هو قويّ ».

أقول: و لا يخفى عدم استقامة عبارة الشارح رحمه اللّه هنا، و كأنّه أراد أن يقول: و على ما اخترناه لا يؤدّي الكفيل عن المكفول إلاّ فيما إذا تعذّر إحضاره.

(8)المشار إليه في قوله «هنا» هو إطلاق الغريم من يد صاحب الحقّ .

ص: 345

منه (1) المال لا رجوع له (2) على الغريم إذا لم يأمره (3) بدفعه (4)، إذ لم يحصل من الإطلاق (5) ما يقتضي الرجوع.

حكم ما لو كان الغريم قاتلا

(فلو كان) الغريم (6)(قاتلا) عمدا كان أم شبهه (7)(لزمه (8) إحضاره أو الدية).

و لا يقتصّ منه (9) في العمد، لأنّه (10) لا يجب على غير المباشر (11).

ثمّ إن استمرّ القاتل هاربا ذهب المال (12)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الشخص المطلق الذي يكون بحكم الكفيل، فإذا أخذ المال الذي ثبت في ذمّة الغريم من المطلق - بصيغة اسم الفاعل - لم يرجع هو على الغريم إذا لم يأمره بدفع المال، لكن لو أمره به جاز له الرجوع عليه بعد الدفع.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المطلق الذي يكون بحكم الكفيل في المقام.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الغريم، و الضمير الملفوظ يرجع إلى المطلق.

(4)أي بدفع المال الذي ثبت في ذمّة الغريم المطلق بصيغة اسم المفعول.

(5)يعني أنّ إطلاق الشخص الغريم لا يقتضي الرجوع إذا اخذ المال من المطلق.

حكم ما لو كان الغريم قاتلا (6)أي الغريم الذي أطلق بقهر المطلق.

(7)أي شبهه العمد.

(8)الضمير في قوله «لزمه» يرجع إلى المطلق، و في قوله «إحضاره» يرجع إلى الغريم.

(9)أي لا يجوز الاقتصاص من المطلق إذا كان المطلق قاتلا عن عمد.

(10)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الاقتصاص.

(11)أي المباشر للقتل. يعني لا يجب الاقتصاص من غير المباشر للقتل.

(12)المراد من «المال» هو دية القتل.

ص: 346

على المخلّص (1).

و إن تمكّن الوليّ (2) منه في العمد وجب عليه (3) ردّ الدية إلى الغارم (4) و إن (5) لم يقتصّ من القاتل، لأنّها (6) وجبت لمكان الحيلولة و قد زالت (7)، و عدم (8) القتل الآن مستند إلى اختيار المستحقّ (9).

و لو كان تخليص الغريم من يد كفيله (10)

**********

شرح:

إيضاح: قد تقدّم عدم اقتصاص المطلق في صورة إطلاقه القاتل عن عمد، لكن يحكم عليه بأخذ الدية منه عند تعذّر إحضار القاتل، فعند ذلك لو استمرّ هرب القاتل المذكور ذهب المال على المطلق، فلا رجوع له على أحد، لكن لو تمكّن وليّ الدم من القاتل وجب عليه ردّ المال المأخوذ من المطلق إليه.

(1)المراد من «المخلّص» - بصيغة اسم الفاعل - هو الشخص المطلق للقاتل عن عمد.

(2)أي وليّ الدم. و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى القاتل الهارب بإطلاق المطلق.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الوليّ .

(4)و هو المطلق الذي أطلق القاتل.

(5) «إن» هنا وصليّة. يعني يجب على وليّ الدم أن يردّ إلى المطلق الدية التي أخذها منه و إن لم يقتصّ من القاتل بعد التسلّط عليه.

(6)تعليل لوجوب ردّ الدية إلى المطلق الغارم بأنّ الدية وجبت على المطلق، لمكان الحيلولة المتحقّقة بين القاتل و وليّ الدم، فإذا زالت ردّت إلى من اخذت منه.

(7)فاعله هو الضمير المستتر العائد إلى الحيلولة.

(8)مبتدأ، خبره قوله «مستند».

(9)و هو وليّ الدم الذي له حقّ القصاص.

(10)كما إذا أثبت الكفيل يده على الغريم و أطلقه شخص من يده قهرا و تعذّر تحصيله و استيفاء الحقّ منه.

ص: 347

و تعذّر استيفاء الحقّ (1) من قصاص (2) أو مال و اخذ الحقّ من الكفيل (3) كان له (4) الرجوع على الذي خلّصه (5) كتخليصه (6) من يد المستحقّ .

لو غاب المكفول

(و لو غاب المكفول) غيبة يعرف موضعه (7)(انظر) الكفيل بعد (8) مطالبة المكفول له بإحضاره (9)،(و بعد (10) الحلول) إن كانت مؤجّلة

**********

شرح:

(1)يعني تعذّر استيفاء الحقّ من القاتل الهارب بفعل المطلق له من يد الكفيل.

(2)بيان للحقّ الذي تعذّر استيفاؤه من القاتل الهارب، و هو القصاص أو أخذ الدية.

(3)أي اخذ الحقّ من الكفيل للقاتل.

(4)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الكفيل. يعني إذا اخذ من الكفيل الحقّ الذي ثبت في ذمّة القاتل الهارب من الكفيل بقهر المطلق رجع الكفيل على المطلق.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «خلّصه» يرجع إلى الغريم.

(6)أي كتخليص الذي خلّص الغريم من يد المستحقّ ، كما تقدّم في الفرض السابق، و هذا مبنيّ على كون قوله «كتخليصه» من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله، و على عدّه من قبيل إضافته إلى مفعوله يرجع إلى الغريم.

حكم غياب المكفول (7)الضمير في قوله «موضعه» يرجع إلى المكفول. يعني لو كان المكفول غائبا بحيث يعرف مكانه امهل الكفيل بمقدار زمان الذهاب إلى ذاك المكان و الإياب منه.

(8)يعني أنّ مدّة الإنظار إنّما هي بعد مطالبة المكفول له لا قبلها.

(9)الضمير في قوله «بإحضاره» يرجع إلى المكفول.

(10)أي امهل الكفيل المدّة المذكورة بعد حلول مدّة الكفالة لو كانت مؤجّلة.

و بعبارة اخرى: إنّ مدّة الإنظار تلاحظ في الكفالة الحالّة من زمان مطالبة المكفول له، و في المؤجّلة من زمان حلول الأجل المذكور فيها.

ص: 348

(بمقدار (1) الذهاب) إليه (و الإياب)، فإن مضت (2) و لم يحضره حبس (3) و الزم ما تقدّم (4).

و لو لم يعرف موضعه لم يكلّف إحضاره، لعدم إمكانه و لا شيء عليه (5)، لأنّه لم يكفل المال و لم يقصّر في الإحضار.

ينصرف الإطلاق إلى التسليم في موضع العقد

(و ينصرف الإطلاق (6) إلى التسليم في موضع العقد)، لأنّه (7) المفهوم عند الإطلاق.

و يشكل (8) لو كانا في برّيّة أو بلد غربة قصدهما (9) مفارقته سريعا، لكنّهم (10) لم يذكروا...

**********

شرح:

(1)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «انظر».

(2)فاعله هو الضمير المستتر العائد إلى المدّة أو إلى النظرة المفهومة من قوله «انظر».

(3)نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى الكفيل.

(4)أي ما تقدّم من بدل الحقّ لو كان قابلا للأداء لا ما يكون مثل القصاص و الزوجيّة.

(5)يعني أنّ الكفيل لو جهل موضع المكفول لم يحكم عليه بشيء من الأداء أو الحبس.

إطلاق عقد الكفالة (6)يعني أنّ الكفالة إذا اطلقت انصرفت إلى تسليم المكفول في موضع العقد.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى موضع العقد.

(8)يعني يشكل الحكم بإحضار المكفول في موضع العقد إذا اجري عقد الكفالة في برّيّة أو بلد غربة.

(9)الضمير في قوله «قصدهما» يرجع إلى الكفيل و المكفول له.

(10)يعني أنّ الفقهاء لم يذكروا في وجوب إحضار المكفول في موضع العقد - لو اطلقت الكفالة - خلافا.

ص: 349

هنا (1) خلافا كالسلم (2)، و الإشكال (3) يندفع بالتعيين.

تعيين غير موضع العقد

(و لو عيّن (4) غيره) أي غير موضع العقد (لزم) ما شرط .

و حيث يعيّن أو يطلق و يحضره في غير ما عيّن شرعا لا يجب تسلّمه (5) و إن انتفى الضرر (6).

إنكار الكفيل حقّ المكفول له

(و لو قال الكفيل: لا حقّ لك (7)) على المكفول حالة الكفالة فلا يلزمني إحضاره فالقول قول المكفول له (8)،...

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هنا» هو إطلاق الكفالة.

(2)أي كما لم يذكر الفقهاء خلافا في وجوب ردّ المبيع في موضع العقد في بيع السلم.

(3)يعني أنّ دفع الإشكال إنّما هو بتعيين موضع التسليم في العقد.

تعيين غير موضع العقد (4)يعني لو عيّن التسليم في غير موضع العقد لزم العمل بما اشترط .

(5)أي لا يجب على المكفول له قبول المكفول و تسلّمه في غير الموضع الذي عيّن في العقد.

(6)أي و إن انتفى ضرر المكفول له بقبض المكفول في غير الموضع المشروط المعيّن في العقد.

إنكار الكفيل حقّ المكفول له (7)المخاطب هو المكفول له. يعني إذا وقع النزاع بين الكفيل و المكفول له - بأن قال الكفيل للمكفول له: لا حقّ لك على ذمّة المكفول عند عقد الكفالة، فتكون الكفالة باطلة، فلا يجب عليّ إحضاره - و ادّعى المكفول له ثبوت حقّه في ذمّة المكفول حال العقد و أنّ الكفالة صحيحة قدّم قول مدّعي الصحّة.

(8)يعني إذا حصل النزاع بينهما بما ذكر قدّم قول المكفول له و يحكم على الكفيل

ص: 350

لرجوع الدعوى إلى صحّة الكفالة (1) و فسادها، فيقدّم قول مدّعي (2) الصحّة، و (حلف المستحقّ )، و هو المكفول له، و لزمه (3) إحضاره.

فإن تعذّر (4) لم يثبت الحقّ بحلفه السابق (5)، لأنّه (6) لإثبات حقّ يصحّح الكفالة، و يكفي فيه (7) توجّه الدعوى.

نعم، لو أقام (8) بيّنة بالحقّ و أثبته (9) عند الحاكم ألزمه (10) به كما مرّ، و

**********

شرح:

بإحضاره.

(1)فإنّ المكفول له يدّعي صحّة الكفالة بادّعائه ثبوت حقّه في ذمّة المكفول الذي هو الشرط في صحّتها، و الكفيل يدّعي فسادها بعدم ثبوت حقّ له في ذمّة المكفول حين عقد الكفالة الذي تفسد الكفالة بانتفائه.

(2)و هو المكفول له.

(3)الضمير في قوله «لزمه» يرجع إلى الكفيل، و في قوله «إحضاره» يرجع إلى المكفول.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الإحضار.

(5)و هو الحلف الذي تحمّله المكفول له لإثبات صحّة الكفالة. يعني لا يثبت بهذا الحلف الحقّ و أوصافه لو اختلفا فيه.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الحلف السابق.

(7)يعني أنّ الحلف السابق يكفي فيه وجود دعوى الحقّ ، فلا يثبت به نفس الحقّ .

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول له. يعني لو أقام المكفول له بيّنة على ثبوت حقّه في ذمّة المكفول و أثبته عند الحاكم ألزم الحاكم الكفيل بأداء حقّه.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول له، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الحقّ .

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى الحاكم، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الكفيل، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحقّ الذي أثبته المكفول له بالبيّنة عند الحاكم.

ص: 351

لا يرجع (1) به على المكفول، لاعترافه (2) ببراءة ذمّته (3)، و زعمه (4) أنّه مظلوم.

ادّعاء الكفيل إبراء المكفول له

(و كذا (5) لو قال) الكفيل للمكفول له:(أبرأته (6)) من الحقّ أو أوفاكه (7)، لأصالة (8) بقائه.

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحقّ . يعني أنّ المكفول له إذا أثبت حقّه بالبيّنة عند الحاكم و أخذه من الكفيل لم يجز للكفيل أن يرجع على المكفول، لأنّ الكفيل يعترف بعدم اشتغال ذمّة المكفول للمكفول له و أنّ المكفول مظلوم بزعمه.

(2)الضمير في قوله «لاعترافه» يرجع إلى الكفيل.

(3)الضمير في قوله «ذمّته» يرجع إلى المكفول.

(4)الضمير في قوله «زعمه» يرجع إلى الكفيل، و في قوله «بأنّه» يرجع إلى المكفول.

ادّعاء الكفيل إبراء المكفول له (5)أي و كذا يحلف المكفول له إذا قال له الكفيل: أبرأت المكفول من حقّك و أنكره المكفول له.

(6)بصيغة الخطاب، و المخاطب هو المكفول له، و الضمير الملفوظ الثاني يرجع إلى المكفول.

(7)فاعله هو الضمير المستتر العائد إلى المكفول، و المخاطب هو المكفول له، و الضمير الملفوظ الثاني يرجع إلى الحقّ . يعني أنّ المكفول له يحلف في هذه الصورة أيضا، و يقدّم قوله بذلك.

(8)تعليل لتوجّه الحلف إلى المكفول له في الصورتين المذكورتين بأنّ الأصل هو بقاء حقّ

ص: 352

ثمّ إن حلف المكفول له على بقاء الحقّ برئ (1) من دعوى الكفيل، و لزمه (2) إحضاره.

فإن جاء بالمكفول فادّعى (3) البراءة أيضا لم يكتف (4) باليمين التي حلفها (5) للكفيل، لأنّها (6) كانت لإثبات الكفالة، و هذه (7) دعوى اخرى و إن لزمت تلك (8) بالعرض.

**********

شرح:

المكفول له على ذمّة المكفول، فيوافق قوله الأصل، فهو منكر، و اليمين على من أنكر.

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول له. يعني بعد الحلف يبرأ المكفول له ممّا يدّعيه الكفيل من بطلان الكفالة، لعدم ثبوت حقّ له في ذمّة المكفول.

(2)الضمير في قوله «لزمه» يرجع إلى الكفيل، و في قوله «إحضاره» يرجع إلى المكفول. أي لزم الكفيل إحضار المكفول بعد حلف المكفول له على صحّة الكفالة و وجوب إحضار المكفول على الكفيل بمقتضى الكفالة.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول. يعني لو ادّعى المكفول أيضا بعد مجيئه براءة ذمّته من حقّ المكفول له حلف المكفول له مرّة اخرى.

(4)أي لم يقتصر باليمين السابقة التي حلفها المكفول له، لأنّها كانت للنزاع الواقع بينه و بين الكفيل، و لأنّ حلفه السابق كان لإثبات الكفالة.

(5)الضمير في قوله «حلفها» يرجع إلى اليمين، و هي مؤنّث سماعيّ .

(6)الضمير في قوله «لأنّها» يرجع إلى اليمين السابقة الصادرة عن المكفول له.

(7)المشار إليه في قوله «هذه» هو دعوى المكفول براءة ذمّته من حقّ المكفول له.

(8)المشار إليه في قوله «تلك» هو دعوى الكفيل براءة ذمّة المكفول من حقّ المكفول له. يعني و إن كانت هذه الدعوى الثانية للدعوى الاولى.

و بعبارة اخرى: و إن كانت الدعوى الاولى مستلزمة لهذه الدعوى الثانية.

ص: 353

(فلو لم يحلف (1) و ردّ اليمين عليه) أي على الكفيل فحلف (برئ (2) من الكفالة، و المال (3) بحاله) لا يبرأ المكفول منه، لاختلاف الدعويين (4) كما مرّ، و لأنّه (5) لا يبرأ بيمين غيره (6).

نعم، لو حلف المكفول اليمين المردودة (7) على البراءة (8)

**********

شرح:

(1)فاعلا قوليه «لم يحلف» و «ردّ» هما الضميران العائدان إلى المكفول له، و هو مدّعي ثبوت الحقّ في ذمّة المكفول، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الكفيل.

يعني لو لم يحلف المستحقّ و ردّ الحلف على الكفيل فحلف هو برئ من الكفالة، و لكنّ المال يبقى في ذمّة المكفول.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل. يعني إذا تحمّل الكفيل اليمين المردودة إليه برئت ذمّته من تبعات الكفالة.

(3)يعني أنّ المال الذي يدّعيه المستحقّ ثبوته في ذمّة المكفول يبقى بحاله حتّى يثبت سقوطه.

(4)إحدى الدعويين هي دعوى الكفيل بطلان الكفالة، لعدم ثبوت حقّ المكفول له في ذمّة المكفول، و الثانية هي دعوى المكفول براءة ذمّته من ثبوت حقّ المكفول له فيها.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى المكفول. يعني أنّ المكفول لا يبرأ بيمين غيره من الحقّ الذي يدّعيه المكفول له.

(6)و هو الكفيل.

(7)أي اليمين المردودة من المكفول له.

(8)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «حلف». يعني لو حلف المكفول اليمين المردودة من المستحقّ على براءة ذمّته من الحقّ صحّ ، و برئ الكفيل و المكفول كلاهما.

ص: 354

برئا (1) معا، لسقوط الكفالة بسقوط الحقّ (2)، كما لو أدّاه (3).

و كذا لو نكل (4) المكفول له عن يمين المكفول فحلف (5) برئا معا.

تكفّل اثنين بواحد

(و لو تكفّل اثنان (6) بواحد كفى تسليم أحدهما (7)) إيّاه تامّا، لحصول الغرض (8)،

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع إلى الكفيل و المكفول.

(2)فإذا ثبت سقوط الحقّ باليمين المردودة سقطت الكفالة أيضا.

(3)الضمير المستتر في قوله «أدّاه» يرجع إلى المكفول، و الضمير الملفوظ يرجع إلى الحقّ . أي كما تسقط الكفالة لو أدّى المكفول حقّ المكفول له.

(4)يعني و كذا تسقط الكفالة و يبرأ الكفيل و المكفول لو نكل المكفول له عن اليمين فحلف المكفول.

أقول: لا يخفى الفرق بين ردّ اليمين و النكول عنها، فإنّ الأوّل عبارة عن ردّ المكفول له الحلف إلى المكفول، و الثاني عبارة عن توجّه الحلف إلى المكفول بالنكول و حكم الحاكم.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المكفول.

تكفّل اثنين بواحد (6)بأن كان شخصان متكفّلين بإحضار شخص واحد.

(7)يعني لو سلّم المكفول أحد المتكفّلين كفى عن الآخر إذا كان التسليم تامّا كما تقدّم.

و الضمير في قوله «إيّاه» يرجع إلى المكفول.

(8)و الغرض من الإحضار هو استيفاء الحقّ من قصاص أو دية أو دين أو نفقة، و هو حاصل من إحضار أحد الكفيلين للمكفول.

ص: 355

كما لو سلّم نفسه (1) أو سلّمه (2) أجنبيّ .

و هل يشترط تسليمه (3) عنه و عن شريكه، أم يكفي الإطلاق ؟ قولان، أجودهما الثاني (4)، و هو الذي يقتضيه إطلاق العبارة (5).

و كذا (6) القول في تسليم نفسه و تسليم الأجنبيّ له.

و قيل: لا يبرأ (7) مطلقا (8)، لتغاير الحقّين (9)، و ضعفه (10) ظاهر.

و تظهر الفائدة (11) لو هرب بعد تسليم الأوّل.

**********

شرح:

(1)يعني كما يكفي في حصول الغرض تسليم المكفول نفسه إلى المكفول له.

(2)أي سلّم المكفول إلى مكفول شخص أجنبيّ .

(3)الضميران في قوليه «تسليمه» و «عنه» يرجعان إلى الكفيلين. يعني أنّ الاكتفاء بتسليم أحد الكفيلين هل يشترط فيه أن يسلّم أحد الكفيلين عن نفسه و عن شريكه أم يكفي فيه الإطلاق ؟ فيه قولان.

(4)المراد من «الثاني» هو كفاية الإطلاق.

(5)فإنّ قول المصنّف رحمه اللّه «كفى تسليم أحدهما» يقتضي كفاية الإطلاق في التسليم بلا حاجة إلى تقييد بكونه عن نفس من يسلّمه أو عن شريكه.

(6)أي و كذا يكفي الإطلاق عند تسليم المكفول نفسه و عند تسليم الأجنبيّ له، فلا يشترط وقوع التسليم عن نفسه أو عن الكفيل.

(7)يعني قال بعض الفقهاء - و هو الشيخ رحمه اللّه - بعدم براءة ذمّة الآخر بتسليم أحد الشريكين مطلقا.

(8)أي سواء قصد نفسه أو شريكه.

(9)فإنّ حقّ إحضار أحد الكفيلين غير الحقّ الذي هو في ذمّة شريكه.

(10)فإنّ ضعف هذا القول ظاهر، لحصول الغرض بإحضار أحد الكفيلين، كما تقدّم.

(11)أي و تظهر فائدة الخلاف في الذهاب إلى كلّ واحد من القولين لو هرب المكفول

ص: 356

التكفّل بواحد لاثنين

(و لو تكفّل (1) بواحد لاثنين فلا بدّ من تسليمه إليهما) معا، لأنّ العقد الواحد هنا بمنزلة عقدين (2)، كما لو تكفّل لكلّ واحد على انفراده (3)، أو ضمن (4) دينين لشخصين فأدّى دين أحدهما، فإنّه لا يبرأ من دين الآخر، بخلاف السابق (5)، فإنّ الغرض من كفالتهما للواحد إحضاره (6) و قد

**********

شرح:

بعد تسليم أحد الكفيلين إيّاه إلى المكفول له، فعلى القول بعدم براءة الشريك الآخر يجوز للمكفول له إلزامه بإحضاره، بخلاف ما لو قلنا ببراءة أحد الشريكين بتسليم الشريك الآخر للمكفول، فإنّه لا يجوز للمكفول له إلزام الشريك الآخر بالإحضار، لأنّه قد برئ من ذلك بتسليم شريكه للمكفول.

التكفّل بواحد لاثنين (1)أي إذا تكفّل كفيل واحد إحضار المكفول الواحد إلى اثنين وجب عليه تسليم المكفول إلى كلا المكفول لهما.

(2)يعني أنّ العقد الواحد في الفرض المذكور يكون بمنزلة عقدين لاثنين.

(3)يعني أنّ العقد الواحد هنا مثل عقدين مستقلّين انعقد بين الكفيل و بين كلّ واحد من الاثنين.

(4)هذا تنظير آخر لكون العقد الواحد بمنزلة العقدين، و المنزّل عليه هو ما إذا ضمن أحد دينين لشخصين بعقد واحد و أدّى دين أحدهما، فإنّه لا يبرأ من دين الآخر.

(5)يعني أنّ هذا الفرض بخلاف الفرض السابق، و هو كفالة اثنين لإحضار شخص واحد للمكفول له، و قد تقدّم براءة ذمّة أحدهما بإحضار شريكه المكفول، لحصول الغرض فيه.

(6)الضمير في قوله «إحضاره» يرجع إلى الواحد.

ص: 357

حصل (1).

ما يصحّ التعبير به في العقد

(و يصحّ التعبير) في عقد الكفالة (بالبدن (2) و الرأس و الوجه)، فيقول (3): كفلت لك بدن فلان أو رأسه أو وجهه، لأنّه يعبّر بذلك (4) عن الجملة (5)، بل عن الذات (6) عرفا.

و ألحق به (7) الكبد (8) و القلب و غيرهما من الأجزاء التي لا تبقى الحياة بدونها (9) و الجزء (10) الشائع فيه كثلثه و ربعه، استنادا إلى أنّه لا يمكن

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الغرض.

ما يصحّ التعبير به في العقد (2)أي يصحّ التكفّل بإحضار بدن المكفول أو رأسه أو وجهه.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفيل، فيقول الكفيل: كفلت لك بدن فلان أو رأسه أو وجهه، أي تعهّدت لك إحضار بدن المكفول أو رأسه أو وجهه.

(4)المشار إليه في قوله «بذلك» هو ما ذكر من الألفاظ الثلاثة: البدن و الرأس و الوجه.

(5)أي يعبّر عن جملة الأعضاء بما ذكر من الألفاظ .

(6)يعني بل يعبّر بهذه الألفاظ عن ذات الإنسان.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى ما ذكر من البدن و غيره.

(8)الكبد و الكبد و الكبد: من الأمعاء مخلوق لإفراز الصفراء، مؤنّثة، ج أكباد و كبود (أقرب الموارد).

(9)أي لا يعيش الإنسان بدون الأعضاء المذكورة.

(10)بالرفع، عطف على قوله «الكبد». يعني ألحق بما ذكر الجزء الشائع.

ص: 358

إحضار المكفول إلاّ بإحضاره (1) أجمع.

و في غير البدن نظر (2)، أمّا الوجه و الرأس فإنّهما و إن اطلقا على الجملة (3)، لكن يطلقان (4) على أنفسهما إطلاقا شائعا متعارفا إن لم يكن أشهر (5) من إطلاقهما على الجملة (6)، و حمل (7) اللفظ المحتمل للمعنيين (8) على الوجه المصحّح (9) مع الشكّ في حصوله (10) و أصالة (11) البراءة من

**********

شرح:

(1)يعني لا يمكن إحضار ثلث المكفول أو ربعه إلاّ بإحضار المكفول بأجمعه.

(2)أي و في الاكتفاء بالتعبير عن المكفول بغير البدن إشكال.

(3)يعني أنّ الوجه و الرأس و إن اطلقا على جملة البدن، لكن إطلاقهما على أنفسهما أيضا إطلاق شائع بين العرف، فلذا لا يكفيان في صيغة الكفالة.

(4)يعني أنّ الوجه و الرأس كثيرا ما يستعملان و يراد منهما معنى أنفسهما حقيقة.

(5)يعني أنّ إطلاقهما على أنفسهما حقيقة أشهر من إطلاقهما على جميع الأعضاء مجازا.

(6)أي على جميع الأعضاء.

(7)هذا مبتدأ، خبره قوله «غير جيّد».

(8)المراد هو المعنى الحقيقيّ و المعنى المجازيّ .

(9)بصيغة اسم المفعول، أي على الوجه الذي يقال بصحّته في الاستعمالات.

(10)الضمير في قوله «حصوله» يرجع إلى الوجه المصحّح.

(11)بالجرّ، عطف على مدخول «مع» في قوله «مع الشكّ ». أي و مع أصالة البراءة ممّا يقتضيه العقد.

قال السيّد كلانتر في تعليقته: أنّ نفس الشكّ في المراد كاف في عدم جواز هذا الحمل، مضافا إلى وجود أصل موضوعيّ في المقام، و هي أصالة عدم ترتّب مقتضى العقد، و هو وجوب إحضار المكفول على الكفيل.

ص: 359

مقتضى (1) العقد غير (2) جيّد.

نعم (3)، لو صرّح بإرادة الجملة من الجزءين (4) اتّجهت الصحّة (5) كإرادة (6) أحد معنيي المشترك، كما أنّه (7) لو قصد الجزء بعينه فكقصد (8) الجزء الذي لا يمكن الحياة بدونه (9).

و أمّا (10)

**********

شرح:

و أقول: فالأصل عدم اشتغال ذمّة الكفيل بالأحكام التي يقتضيها عقد الكفالة إذا شكّ في تحقّقها.

(1)و مقتضى عقد الكفالة هو وجوب إحضار المكفول على الكفيل.

(2)خبر لقوله المتقدّم «حمل اللفظ ».

(3)استدراك عن قوله «حمل اللفظ ... غير جيّد». يعني لكن لو صرّح الكفيل بإطلاق اللفظين المذكورين و إرادة جميع أعضاء المكفول فالوجه هو الصحّة.

(4)المراد من «الجزءين» هو الرأس و الوجه.

(5)أي صحّة الكفالة.

(6)تنظير لصحّة استعمال اللفظ الشائع إطلاقه على معنييه الحقيقيّ و المجازيّ في أحدهما إذا صرّح بإرادته على صحّة استعمال اللفظ المشترك بين معنيين في أحدهما مع التصريح بإرادته، كما إذا أطلق لفظ «العين» على الباصرة مع التصريح بإرادة هذا المعنى كأن يقول: رأيت عينا باكية.

(7)يعني كما لو عبّر المتكلّم بلفظ الرأس و الوجه و قصد العضوين.

(8)يعني أنّ قصد العضوين من الوجه و الرأس مثل قصد الجزء الذي لا يمكن الحياة بدونه مثل الكبد و القلب.

(9)الضمير في قوله «بدونه» يرجع إلى الجزء الذي لا يمكن الحياة بدونه.

(10)من هنا أخذ الشارح رحمه اللّه في بيان حكم ما إذا أطلق اللفظ الذي يدلّ على عضو

ص: 360

ما لا تبقى (1) الحياة بدونه (2) مع عدم إطلاق اسم الجملة (3) عليه حقيقة فغايته (4) أنّ إطلاقه (5) عليها مجاز، و هو (6) غير كاف في إثبات الأحكام الشرعيّة، و يلزم مثله (7) في كلّ جزء من البدن.

فالمنع (8) في الجميع أوجه،

**********

شرح:

لا يعيش الإنسان بدونه.

(1)يعني أنّ إطلاق العضو الذي لا تبقى حياة الإنسان بدونه مثل الكبد و القلب و غيرهما مجاز.

(2)الضمير في قوله «بدونه» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(3)أي مع عدم إطلاق جملة البدن على العضو المذكور حقيقة و لو أطلق مجازا، و كان الأولى أن يقول الشارح رحمه اللّه: مع عدم إطلاق العضو المذكور على جملة البدن حقيقة و لو أطلق مجازا.

(4)أي غاية ما يقال في تصحيح إطلاق العضو المذكور على جميع البدن هو أنّ هذا الاستعمال مجاز.

(5)الضمير في قوله «إطلاقه» يرجع إلى العضو الذي لا تبقى الحياة بدونه، و الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الجملة.

(6)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الإطلاق مجازا. يعني أنّ إطلاق اللفظ الدالّ على العضو المبحوث عنه على جملة البدن مجازا غير كاف في عقد الكفالة الذي يترتّب عليه الأحكام الشرعيّة من إلزام الكفيل للإحضار و حبسه عند الامتناع و أخذ الحقّ منه و غير ذلك.

(7)أي و مثل إطلاق العضو المذكور في عدم جواز الاكتفاء به في عقد الكفالة إطلاق كلّ جزء من البدن و إرادة جميعه.

(8)هذا مبتدأ، خبره قوله «أوجه». يعني أنّ القول بالمنع عن إجراء عقد الكفالة

ص: 361

أو إلحاق الرأس (1) و الوجه مع قصد الجملة بهما.

(دون اليد (2) و الرجل) و إن قصدها (3) بهما مجازا، لأنّ المطلوب شرعا كفالة المجموع (4) باللفظ الصريح الصحيح كغيره (5) من العقود اللازمة.

و التعليل (6) بعدم إمكان إحضار الجزء المكفول بدون الجملة فكان في قوّة كفالة الجملة ضعيف، لأنّ المطلوب (7) لمّا كان كفالة المجموع لم يكن البعض كافيا في صحّته و إن توقّف إحضاره (8) عليه، لأنّ (9) الكلام ليس

**********

شرح:

بالألفاظ المذكورة أوجه من القول بالجواز.

(1)يعني أنّ الأوجه هو أن يقال بإلحاق لفظي الرأس و الوجه بالبدن في إرادة جميع الأعضاء.

(2)أي لا يجوز إجراء عقد الكفالة بتكفّل إحضار يد المكفول و رجله و إن قصد منهما جملة البدن.

(3)الضمير في قوله «قصدها» يرجع إلى الجملة، و في قوله «بهما» يرجع إلى اليد و الرجل.

(4)يعني أنّ المطلوب شرعا هو التعهّد بإحضار مجموع بدن المكفول.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى عقد الكفالة.

(6)هذا مبتدأ، خبره قوله «ضعيف».

(7)دليل ضعف التعليل المذكور هو كون المطلوب من الكفالة إتيان جميع بدن المكفول، فالتعهّد بإتيان بعضه غير كاف في صحّة العقد.

(8)الضمير في قوله «إحضاره» يرجع إلى المجموع، و في قوله «عليه» يرجع إلى العضو المذكور.

(9)هذا جواب عن توهّم صحّة الإتيان باليد و الرجل في صيغة الكفالة لتوقّف إتيان

ص: 362

في مجرّد الإحضار، بل على وجه الكفالة الصحيحة، و هو (1) منتف.

بطلان الكفالة بموت المكفول

(و لو مات المكفول) قبل إحضاره (2)(بطلت) الكفالة،(لفوات متعلّقها (3))، و هو (4) النفس، و فوات (5) الغرض لو اريد البدن.

و يمكن الفرق بين التعبير (6) بكفلت فلانا و كفلت بدنه، فيجب

**********

شرح:

المجموع بإتيانهما.

و الجواب هو أنّ المطلوب في الكفالة هو إحضار مجموع البدن، فلا بدّ من الإتيان باللفظ الدالّ عليه صريحا، و لا يكفي الإتيان باللفظ الدالّ عليه التزاما.

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى وجه الكفالة الصحيحة. يعني أنّ الإتيان باليد و الرجل في صيغة الكفالة لا يكون على الوجه المذكور، فلا يكفي.

بطلان الكفالة بموت المكفول (2)الضمير في قوله «إحضاره» يرجع إلى المكفول.

(3)الضمير في قوله «متعلّقها» يرجع إلى الكفالة.

(4)فإنّ متعلّق الكفالة إنّما هو إحضار النفس، فإذا مات فات.

(5)دليل ثان لبطلان الكفالة بموت المكفول، و هو أنّه لو اريد إحضار البدن فقد فات هذا الغرض بموت المكفول.

(6)فإنّ التعبير عن صيغة الكفالة يكون على قسمين:

أ: كفلت فلانا.

ب: كفلت بدن فلان.

فلو عبّر الكفيل بالثاني وجب عليه إحضار بدن المكفول بعد الموت لو طلبه المكفول له.

ص: 363

إحضاره (1) مع طلبه في الثاني دون الأوّل، بناء على ما اختاره المحقّقون من أنّ الإنسان ليس هو الهيكل (2) المحسوس.

و يضعّف بأنّ مثل ذلك (3) منزّل على المتعارف لا على المحقّق عند الأقلّ ، فلا يجب (4) على التقديرين (5).

(إلاّ (6) في الشهادة على عينه (7))

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إحضاره» يرجع الى البدن، و في قوله «طلبه» يرجع إلى المكفول له.

(2)بالنصب، خبر «ليس»، و المراد منه هو جسد الإنسان بلا روح فيه.

الهيكل: الصورة و الشخص و التمثال، الواحدة هيكلة، ج هياكل (المنجد).

من حواشي الكتاب: و أصله اسم أعجميّ بمعنى الصورة، ثمّ لمّا صوّر الحكماء للكواكب صورا و وضعوها في البيوت يعبدونها بناء على زعمهم أنّها أظلّة و أشباح للأنوار الحقيقيّة و سمّوا هذه الصور بهياكل النور أطلقوا عرفا على بيت فيه هذه الصور هيكلا أيضا، ثمّ يطلق الهيكل على مطلق الصورة (الحديقة).

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما يستعمل من التعابير في العقود. يعني أنّ الألفاظ المأتيّة بها في العقود تنزّل على معانيها المتعارفة بين الناس لا على المعاني المحقّقة بين المحقّقين.

(4)يعني فلا يجب إحضار بدن المكفول بعد الموت على كلا التعبيرين المذكورين في صيغة الكفالة.

(5)المراد من «التقديرين» هو قوله «كفلت فلانا» و قوله «كفلت بدنه».

(6)هذا استثناء من قوله «و لو مات المكفول بطلت لفوات متعلّقها» بأنّ الكفالة لو تعلّقت ببدن المكفول للحكم عليه لم تبطل، لحصول الغرض منه.

(7)الضمير في قوله «عينه» يرجع إلى المكفول.

ص: 364

ليحكم (1) عليه (بإتلافه (2) أو المعاملة) له إذا كان (3) قد شهد عليه (4) من (5) لا يعرف نسبه (6)، بل شهد على صورته (7)، فيجب إحضاره ميّتا حيث يمكن (8) الشهادة عليه بأن لا يكون قد تغيّر بحيث لا يعرف.

و لا فرق حينئذ (9) بين كونه قد دفن و عدمه، لأنّ ذلك (10) مستثنى

**********

شرح:

(1)بصيغة المجهول، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المكفول.

(2)أي ليحكم على المكفول بأنّه أتلف المال أو وقعت المعاملة له.

(3)اسم «كان» إمّا هو الضمير العائد إلى المكفول أو هو «من» الموصولة الآتية.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المكفول.

(5)يحتمل أن تكون «من» الموصولة فاعلا لقوله «شهد»، و الاحتمال الآخر فيه هو ما أشرنا إليه في الهامش 3 من هذه الصفحة.

(6)الضمير في قوله «نسبه» يرجع إلى المكفول.

(7)أي شهد من لا يعرف نسب المكفول على صورته.

أقول: مثال الفرض المذكور هو ما إذا شهد شاهد بصدور قتل أو جناية عن شخص يعرفه بصورته لا بنسبه و اسمه، و كذا ما إذا شهد بوقوع المعاملة لشخص يعرفه بصورته و هيكله لا بحسبه و نسبه، ففي هذين الفرضين المذكورين يجب على الكفيل إحضار بدن المكفول بعد الموت ليحكم الحاكم عليه أو له.

(8)يعني وجوب إحضار بدن المكفول على الكفيل إنّما هو في صورة إمكان الشهادة عليه، و هي ما إذا لم تتغيّر صورة الميّت بحيث لا يمكن معرفته.

(9)يعني إذا حكم على الكفيل بوجوب إحضار الميّت لم يكن فرق بين أن يدفن المكفول الميّت و بين أن لا يدفن، فيجب على الكفيل إحضاره في كلتا الصورتين.

(10)هذا جواب عن توهّم أنّ الميّت إذا دفن لم يجز نبش قبره، فكيف يحكم بوجوب

ص: 365

من تحريم نبشه (1).

**********

شرح:

إحضاره الملازم لنبش قبره المحرّم.

فأجاب عنه بقوله «لأنّ ذلك مستثنى... إلخ». يعني أنّه من الموارد التي يستثنى فيها نبش قبر الميّت إحضاره للشهادة على عينه بإتلافه أو المعاملة له.

(1)الضمير في قوله «نبشه» يرجع إلى القبر المفهوم من لفظ «دفن».

إلى هنا تمّ الجزء الثامن من كتاب «الجواهر الفخريّة» و يليه إن شاء اللّه تعالى الجزء التاسع منه و أوّله كتاب الصلح و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

ص: 366

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.