القصر الباهرة فيمن أنکرابن ۔ العترة الطاهرة

اشارة

القصر الباهرة

فيمن أنکرابن ۔ العترة الطاهرة

الشیخ عقیل ربیع الحلواجی

دار المجمة البیضاء

خیراندیش دیجیتالی : انجمن مددکاری امام زمان (عج) اصفهان

ص: 1

اشارة

جمیع الحقوق محفوظة

الطبعة الاول

1427 ه- 2006م

حارة حريك - شارع الشيخ راغب حرب - قرب نادي السلطان

ص.ب: 5479 / 14 - هاتف: 03/287179 - تلفاکس: 1/5528470

اE-mail:almahajja@terra.net.lb

www.daralmahaja.com

info@daralmahaja.com

ص: 2

المقدمة

الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت علیهم السلام، واسمه اسم الرسول صلی الله علیه و آله و سلم ولقبه المهدي القائم، بقية الله، إلى غيرها من الألقاب. والده الإمام الحسن العسكري وهو ابنه الوحيد، وأمه السيدة الجليلة (نرجس) حفيدة قيصر الروم. ولد في يوم الجمعة منتصف شهر شعبان سنة 255ه في سامراء.

عاش خمس سنوات في حياة أبيه، وقد أظهره أبوه لبعض الخواص من أصحابه، حيث إن الأعداء كانوا يتربصون به ليقتلوه، بعد أن فرضوا رقابة مشددة على أبيه علیه السلام ليقتلوا كل ولد يولد له، ولكن الإرادة الإلهية شاءت أن يولد المهدي علیه السلام ويدخر لخلاص البشرية. وقد تولى الإمامة في سنة 260ه بعد وفاة أبيه، وله غیبتان: الغيبة الصغرى: التي بدأت من سنة 260 - 329ه. استمرت سبعين عاماً ارتبط فيها الناس بواسطة نواب أربعة كلفوا بمهمة النيابة الخاصة، وهم عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان، والحسين بن روح، ومحمد بن علي السمري. الغيبة الكبرى : التي بدأت 329ه وتستمر إلى مدة غير معلومة حتى اليوم الذي يتم فيه إعداد البشرية لتقبل حكومة العدل الإلهي، وحينها سيظهر الإمام بأمر من الله تعالى ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً. وليس له نائب خاص في هذه الفترة وإنما له نواب بالنيابة العامة وهم الفقهاء العدول. والاعتقاد بظهور المهدي في آخر الزمان مما وردت الإشارة إليه في القرآن الكريم بقوله

ص: 3

تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (1)

وقوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)(2) وغيرها من الآيات ذكرها المفسرون، ومما اتفق عليه جميع المذاهب الإسلامية والروايات فيه متواترة من الفريقين وقد بلغت بحسب إحصاء بعض المؤرخين ستة آلاف رواية. فعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلِيَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي» كما في (مسند أحمد بن حنبل ج1، ص 376، 430). وأما الأقوال حول أن الإمام المهدي هو ابن الإمام الحسن العسكري فهي كثيرة حتى في بعض مصادر أهل السنة كما نقلت بعض أقوالهم في كتاب (المهدي الموعود المنتظر) للشيخ نجم الدين العسكري بالإضافة إلى الروايات والأقوال الكثيرة في مصادر الشيعة. وفي أحاديثنا وأحاديث سائر المذاهب الإسلامية نصوص عديدة تدل على أن عدد الأئمة اثنا عشر، وأن آخرهم المهدي (عج) ونذكر منها: وفي صحيح البخاري عن جابر بن سمرة، قال : سمعت النبي صلی الله علیه و اله و سلم يقول: يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي إنه قال : كلهم من قريش. ونظيره في صحيح مسلم وجامع الترمذي ومسند أحمد وغيره، وفي بعضها ورد (اثنا عشر خليفة) كما في صحيح مسلم، ومن الواضح أن الخلفاء الاثني عشر الذين ذكروا في الحديث لا ينطبقون إلا على أئمة أهل البيت علیهم السلام دون غيرهم من الخلفاء، لا من حيث العدد ولا من حيث الصفات التي تصلح لخلافة الرسول صلی الله علیه و آله و سلم، وقد نص في رواياتنا عليهم بأسمائهم

ص: 4


1- سورة الأنبياء، الآية : 105.
2- سورة القصص، الآية: 5.

كما في الرواية الصحيحة عن موسی بن جعفر علیه السلام أنه قال: «تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك إنك أنت الله ربي والإسلام ديني، ومحمد نبيي، وعلي والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسی بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن، أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ»(1). ويمكن بقاء الإنسان حياً في هذه المدة الطويلة بإرادة الله، لأنه يكفي في إثبات وقوع الشيء وإمكان تعلق إرادة لله به، إمكانه في ذاته وعدم استحالته، ووجود الدليل المعتبر على وقوعه، وهذه القاعدة العامة (الإمكان الذاتي مع النص المعتبر على الوقوع) تثبت الكثير من الحقائق الغيبية التي لا تؤمن بها بعض العقول المتأثرة بالفكر المادي. وكذلك نرى القرآن حافلاً بالكثير من الخوارق التي نسبت للأنبياء بل حتى لغيرهم بمدد الله تعالى، أمثال معاجز الأنبياء وعلم عیسی علیه السلام بما يأكلون ويدخرون، وإلقاء القميص على وجه يعقوب فعاد بصيراً، وبقاء أصحاب الكهف تلك المدة الطويلة، وإماتة عزیر مائة عام حتى طعامه لم يتسنه ومعرفة سليمان بمنطق الطير، ومريم كان يأتيها رزقها، ومجيء آصف بن برخيا بعرش بلقيس مع أن البعض ليسوا أنبياء أو أئمة لذلك لا تعجب من بقاء الإمام علیه السلام هذه المدة الطويلة بمدد الله تعالى. وهو مما يتوفر في بقاء الإمام الغائب، بالإضافة إلى وجود المعمرين كما نص عليه في القرآن الكريم أمثال نوح، وكما يدل على بقائه النصوص المعتبره كما أشرنا إليها، ومنها الأحاديث الثابتة بين الفريقين أن الأرض لا تخلو من حجة أو إمام، وغيرها من

ص: 5


1- الوسائل ج7، ص15

الأحاديث العامة والخاصة. والسر في غيبته علیه السلام هو الحفاظ عليه من أيدي الجبابرة والجائرين، وقد أشير في الروايات إلى حكم أخرى، منها امتحان الناس واختبار مدى استقامتهم بعد إقامة الحجة عليهم، مع أن الناس لم يحرموا تماماً من عطاءات الإمام خلال الغيبة، وكما ورد في الروايات أنه كالشمس خلف الغيوم حيث يستفاد من نورها ، وقد وفق أفراد للقائه وإن ظهر بصورة رجل مجهول، واستفاد في قضاء حوائجهم المعنوية بقاؤه حياً عاملاً كبيراً في زرع الطمأنينة وشيوع الأمل بين الناس، وخاصة المستضعفين والمضطهدين الذين يبحثون عن الخلاص، ولولا هذا الأمل الأصاب الناس اليأس والمستقبل المظلم المجهول. والانتظار هو من العوامل المهمة التي تساهم في إصلاح الناس لأنفسهم من أجل إعدادها لظهوره علیه السلام، لذلك أكد كثيراً في الروايات على الانتظار فعن الرسول صلی الله علیه و اله و سلم: «أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَج». وقد ذكرت الروايات بعض العلامات على ظهوره منها قريبة من عصر الظهور ومنها بعيدة عنه تراجع في الكتب الموسعة، وقد ورد عن الإمام المهدي علیه السلام في تعيين الفقهاء في زمان غيبته الكبرى وأنهم حجة :

(وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم). وكذلك قال الإمام الصادق علیه السلام في حقهم: (وأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه).

صاحب العصر الإمام المنتظر***من بما يأباه لايجري القدر

حجة الله على كل البشر***خير أهل الأرض في كل الخصال

شمس أوج المجد مصباح الظلام***صفوة الرحمن من بين الأنام

الإمام ابن الإمام (ابن) الإمام***قطب أفلاك المعالي والكمال

فاق أهل الأرض في عز وجاه***فارتقى في المجد أعلى مرتقاه

ص: 6

لو ملوك الأرض حلوا في ذراه***كان أعلى صقهم صفت النعال

يا أمين الله يا شمس الهدى*** يا إمام الخلق يا بحر الندى

عجلن عجل فقد طال المدى***واضمحل الدين واستولى الضلال(1)

الشيخ عقيل ربيع الحلواجي

ص: 7


1- سفينة البحار ج 8 ص 639

ص: 8

الباب الأول: معاجز وكرامات الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه)

1- اشارة

ص: 9

ص: 10

2- صاحب الشهباء والنهر

روى القطب الراوندي عن أبي الحسن المسترق الضرير انه قال: كنت يوماً في مجلس الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة، فتذاكرنا أمر الناحية (عجل الله تعالی فرجه). قال: كنت ازري عليها إلى أن حضرت مجلس عمي الحسين يوماً فأخذت أتكلم في ذلك، فقال : يا بني قد كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت لولاية قم حين استصعبت على السلطان، وكان كل من ورد اليها من جهة السلطان يحاربه أهلها، فسلم إلى جيشاً وخرجت نحوها، فلما بلغت إلى ناحية طرز خرجت إلى الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها وأوغلت في اثرها حتى بلغت إلى نهر فسرت فيه وكلما اسير يتسع النهر، فبينما أنا كذلك إذا طلع علي فارس تحته شهباء وهو متعمم بعمامة خز خضراء لا أرى منه إلا عينيه وفي رجليه خقان أحمران.

فقال لي: يا حسين، فلا هو امرني ولا كناني.

فقلت : ماذا تريد؟

قال : لم تزري علی الناحیة؟ و لم تمنع اصحابی خمس مالک؟

و کنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئاً، فارعدت منه وتهيبت وقلت له: أفعل يا سيدي ما تأمر به.

فقال : إذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه فدخلته عفواً وكسبت ما كسبته، تحمل خمسه إلى مستحقه.

ص: 11

فقلت : السمع والطاعة.

فقال : امض راشداً، ولوی عنان دابته وانصرف، فلم أدر أي طريق سلك، وطلبته يميناً وشمالاً فخفي علي أمره، وازددت رعباً وانكفأت راجعً إلى عسكري وتناسيت الحديث.

فلما بلغت قم وعندي انني أريد محاربة القوم، خرج إلى أهلها وقالوا: كنا نحارب من يجيئنا لخلافهم لنا، وأما إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك، ادخل البلدة فدبرها كما ترى، فأقمت فيها زماناً وكسبت أموالاً زائدة على ما كنت أقدر، ثم وشي القواد بي إلى السلطان وحسدت على طول مقامي وكثرة ما اكتسبت، فعزلت ورجعت إلى بغداد، فابتدأت بدار السلطان وسلمت عليه وأتيت إلى منزلي وجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري، فتخطى رقاب الناس حتى اتكا على تكأتي، فاغتظت من ذلك ولم يزل قاعداً ما يبرح والناس داخلون وخارجون وأنا أزداد غليظاً.

فلما تصرم الناس وخلا المجلس دنا إلي وقال : بيني وبينك سر فاسمعه.

فقلت: قل.

فقال: صاحب الشهباء والنهر يقول: قد وفينا بما وعدنا.

فذكر الحديث وارتعت من ذلك وقلت: السمع والطاعة، فقمت فأخذت بيده ففتحت الخزائن فلم يزل يخمسها

إلى أن خمس شيئاً كنت قد أنسيته مما كنت قد جمعته، وانصرف ولم اشك بعد ذلك وتحققت الأمر، فأنا منذ سمعت هذا من عمي أبي عبد الله زال ما كان اعترضني من شك(1).

ص: 12


1- کشف الغمة : ج2 ص502 الباب 25 في الدلالة على كون المهدي (عجل الله تعالی فرجه) حياً باقياً منذ غيبته إلى الآن.

3- إن الله سيرزقك ولدين صالحين

روى الشيخ الطوسي وغيره عن علي بن بابویه (قدس سره): أنه کتب عريضة إلى الإمام صاحب الأمر علیه السلام وأعطاها للحسين بن روح (رضوان الله عليه) وكان قد سأل الإمام عليه السلام أن يدعو له ليرزقه الله ولداً، فأجابه الإمام بان الله سيرزقه ولدين صالحين. فرزقه الله بعد قليل ولدين من جارية عنده، فسمى أحدهما محمد والآخر الحسين، ولمحمد تصانيف كثيرة منها كتاب (من لا يحضره الفقيه)(1) وللحسين عقب كثير فيهم المحدثون والعلماء، وكان محمد يفتخر بأنه ولد بدعاء الإمام الحجة علیه السلام وكان أساتذته يمدحونه ويقولون: جدير بالذي ولد بدعاء الحجة علیه السلام أن يكون هكذا.

戀 戀 戀

ص: 13


1- من الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة.

4- هل رأيته؟

روى الشيخ الطوسي في كتابه (الغيبة): أخبرني جماعة عن محمد بن علي بن الحسين قال أخبرنا أبي ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسی بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري انه قال: سألت محمد بن عثمان رضوان الله عليه فقلت له : رأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال : نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللهم انجز لي ما وعدتني، قال محمد بن عثمان : ورأيته متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اللهم انتقم لي من أعدائك(1).

戀 戀 戀

ص: 14


1- غيبة الطوسي: ص251.

5- قصة رشيق

روى الشيخ الطوسي(1) عن رشيق انه قال: بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر، فأمرنا أن يركب كل واحد منا فرساً ونجنب آخر ونخرج مخفين لا يكون معنا قليل ولا كثير إلا على السرج مصلی، وقال النا: الحقوا بسامرة، ووصف لنا محلة وداراً وقال: إذا أتيتموها تجدون على الباب خادماً أسود، فاكبسوا الدار ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه.

فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها، فقال: صاحبها، فوالله ما التفت الينا وقل اكتراثه بنا.

فكبسنا الدار كما أمرنا، فوجدنا داراً سرية، ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه، كأن الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت ولم يكن في الدار أحد، فرفعنا الستر فإذا بيت كبير ، كأن بحراً فيه ماء، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي، فلم يلتفت الينا ولا إلى شيء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطى البيت فغرق في الماء ومازال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثلذلك وبقيت مبهوتاً.

ص: 15


1- غيبة الطوسي: ص249.

فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله واليك فوالله ما علمت كيف الخبر والی من أجيء وانا تائب إلى الله، فما التفت إلى شيء مما قلنا وما انفتل عما كان فيه فهالنا ذلك وانصرفنا عنه.

وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان، فوافيناه في بعض الليل فأدخلنا عليه ، فسألنا عن الخبر، فحكينا له ما رأينا.

فقال: ويحكم لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟

قلنا : لا.

فقال : أنا نفي من جدي وحلف باشد أيمان له أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا، فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته.

وفي كتاب الصراط المستقيم قال: لما مات العسكري علیه السلام بعث المعتضد ثلاثة نفر يكبسوا داره ومن لقوه فيها يأتونه برأسه، ففعلوا فدخلوا الدار فرأوا سرداباً وفي ذلك السرداب ماءً ورجلاً على الماء يصلي على حصير ولم يلتفت الينا، فسبق احمد بن عبد الله فطفر اليهم فهم ان يغرق فخلصوه، وطفر آخر فكان كذلك فخلصوه، فانتهروا وعادوا إلى المعتضد، فاستكتمهم(1).

畿畿 畿

ص: 16


1- الصراط المستقیم : ج2 ص210 ح5، الحادي عشر صاحب الزمان علیه السلام

6- ما تصنع في داري

روی محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن قيس، عن بعض جلاوزة السواد، قال: شاهدت سيماء آنفاً بسر من رأى، وقد كسر باب الدار، أي باب دار الإمام العسكري عليه السلام بعد وفاته علیه السلام فخرج عليه الإمام صاحب الزمان علیه السلام وبيده طبرزین، فقال له: ما تصنع في داري؟ فقال سیماء: إن جعفراً زعم أن أباك مضى ولا ولد له، فان كانت دارك فقد انصرفت عنك، فخرج عن الدار.

قال علي بن قيس: فخرج علينا خادم من خدم الدار فسألته عن هذا الخبر، فقاللي: من حدثك بهذا ؟ فقلت له: حدثني بعض جلاوزة السواد، فقال لي: لا يكاد يخفى على الناس شيء(1).

畿 畿 畿

ص: 17


1- غيبة الطوسي: 267 عن الكليني، وفيه عن (نسیم) بدل (سیماء).

7- ائتنا بثوب العجوز

روى ابن بابویه وغيره أن أحمد بن إسحاق أحد وكلاء الإمام الحسن العسكري علیه السلام أخذ سعد بن عبد الله من ثقات الأصحاب معه إلى الإمام علیه السلام کی یسأله عن أسئلة كانت في نفسه، فقال سعد: فوردنا سر من رأي فانتهينا منها إلى باب سیدنا فاستأذنا، فخرج علينا الإذن بالدخول عليه وكان على عاتق احمد بن إسحاق جراب قط غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم على كل صرة منها ختم صاحبها.

قال سعد: فما شبهت وجه مولانا أبي محمد علیه السلام حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفي من لياليه أربعاً بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوین، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئاً قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها کیلا يصده عن كتابة ما أراد.

فسلمنا عليه، فألطف في الجواب وأوما إلينا بالجلوس، فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده، أخرج أحمد بن إسحاق جوابه من طي کسائه فوضعه بين يديه، فنظر العسكري عليه السلام إلى الغلام وقال له: يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك.

ص: 18

فقال: يا مولاي أيجوز أن أمد يداً طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها؟

فقال مولاي : يا بن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال والحرام منها.

فأول مرة بدأ احمد بإخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم، يشتمل على اثنين وستين ديناراً فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثاً له عن أبيه خمسة وأربعون دیناراً ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دیناراً وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير.

فقال مولانا : صدقت يا بني، دل الرجل على الحرام منها.

فقال علیه السلام: فتش عن دینار رازي السكة، تاريخه سنة كذا قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه وقراضة آملية، وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل مناً وربع من فاتت على ذلك مدة وفي انتهائها قيض لذلك الغزل سارق، فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك مناً ة ونصف من غزلاً أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوباً ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه..

فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة.

ثم أخرج مرة أخرى فقال الغلام: هذه لفلان بن فلان من محلة کذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها.

قال : وكيف ذاك؟

قال : لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة،

ص: 19

وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكان ما خص الأكار بكيل بخس.

فقال مولانا علیه السلام: صدقت يا بني.

ثم قال : يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شيء منها، وائتنا بثوب العجوز.

قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته.

فلما انصرف احمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد علیه السلام فقال: ما جاء بك يا سعد؟

فقلت : شوقني احمد بن إسحاق على لقاء مولانا.

قال : والمسائل التي أردت أن تسأله عنها؟

قلت : على حالها يا مولاي.

قال : فسل قرة عيني وأوما إلى الغلام...

فأخذ يسأل مسائله والإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه) يجيب عليها حتى أن بعض الأسئلة كان الراوي قد نسيها فذكره الإمام علیه السلام بها على نحو الاعجاز، إلى آخر الرواية الطويلة(1).

識 識 議

ص: 20


1- كمال الدين : ص 457 ب43 ذكر من شاهد القائم (عجل الله تعالی فرجه)ورآه وكلمه.

8- أنا محمد بن الحسن علیه السلام

روى الشيخ الطوسي رته في (غيبته) عن أحمد بن علي الرازي، عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة وهو محمد بن الحسن بن عبد الله التميمي وكان زيدياً قال: سمعت هذه الحكاية عن جماعة يروونها عن أبي رحمه الله:

انه خرج إلى الحير، قال: فلما صرت إلى الحير فإذا شاب حسن الوجه يصلي، ثم إنه ودع وودعت وخرجنا وجئنا إلى المشرعة، فقال لي: يا أبا سورة أين تريد؟

فقلت: الكوفة.

فقال لي: مع من؟

قلت: مع الناس.

قال لي : لا تريد نحن جميعا نمضي؟

قلت : ومن معنا؟

قال: ليس تريد معنا أحدا؟

قال : فمشينا ليلتنا فإذا نحن على مقابر مسجد السهلة.

فقال لي: هوذا منزلك! فان شئت فامض.

ثم قال لي: تمر إلى ابن الرازي علي بن يحيى، فتقول له يعطيك المال الذي عنده.

ص: 21

فقلت له : لا يدفعه إلي

قال لي: قل له بعلامة انه كذا وكذا دیناراً وكذا وكذا درهماً وهو في موضع كذا وكذا وعليه كذا وكذا مغطى.

فقلت له: ومن أنت.

قال : أنا محمد بن الحسن.

قلت : فان لم يقبل منيوطولبت بالدلالة؟

فقال : أنا وراك.

قال: فجئت إلى ابن الرازي فقلت له، فدفعني، فقلت له العلامات التي قال لي وقلت : له قد قال لي: أنا وراك.

فقال: ليس بعد هذا شيء، وقال : لم يعلم بهذا إلا الله تعالى، ودفع إلى المال (1).

縣縣縣

ص: 22


1- غيبة الطوسي: ص 270.

9- غانم الهندي

روى الشيخ الكليني وابن بابویه وغيرهما (رحمة الله عليهم) بأسانید معتبرة عن غانم الهندي انه قال : كنت بمدينة الهند المعروفة بقشمیر الداخلة، وأصحاب لي يقعدون على كراسٍ عن يمين الملك وهم أربعون رجلاً كلهم يقرأ الكتب الأربعة : التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم، نقضي بين الناس ونفقههم في دينهم ونفتيهم في حلالهم وحرامهم، يفزع الناس إلينا، الملك فمن دونه.

فتجارینا ذکر رسول الله علیه السلام فقلنا : هذا النبي المذكور في الكتب قد خفي علينا أمره ويجب علينا الفحص عنه وطلب أثره، واتفق رأينا وتوفقنا على أن اخرج فارتاد لهم.

فخرجت ومعي مال جليل فسرت اثني عشر شهراً حتى قربت من کابل فعرض لي قوم من الترك فقطعوا علي وأخذوا مالي وجرحت جراحات شديدة ودفعت إلى مدينة كابل.

فأنفذني ملكها لما وقف على خبري إلى مدينة بلخ وعليها إذ ذاك داود بن العباس بن أبي الأسود، فبلغه خبري وإني خرجت مرتاداً من الهند.

وتعلمت الفارسية وناظرت الفقهاء وأصحاب الكلام فأرسل إلي داود بن العباس فأحضرني مجلسه وجمع علي الفقهاء فناظروني فأعلمتهم اني خرجت من بلدي أطلب هذا النبي الذي وجدته في الكتب.

ص: 23

فقال لي: من هو وما اسمه؟

فقلت : محمد.

فقال : هو نبينا الذي تطلب، فسألتهم عن شرائعه فأعلموني.

فقلت لهم: أنا أعلم أن محمدا نبي، ولا أعلمه هذا الذي تصفون أم لا،فأعلموني موضعه لأقصده فاسائله عن علامات عندي ودلالات، فان كان صاحبي الذي طلبت آمنت به.

فقالوا : قد مضى.

فقلت: فمن وصيه وخليفته؟

فقالوا : أبو بكر.

قلت : فسموه لي فان هذه کنيته.

قالوا : عبد الله بن عثمان، نسبوه إلى قريش.

قلت : فانسبوه إلى محمد نبیکم. فنسبوه لي.

فقلت : ليس هذا صاحبي الذي طلبت، صاحبي الذي أطلبه خليفته أخوه في الدين وابن عمه في النسب وزوج ابنته وأبو ولده، ليس لهذا النبي ذرية على الأرض غير ولد هذا الرجل الذي هو خليفته.

قال : فوثبوا بي وقالوا: أيها الأمير إن هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر هذا حلال الدم.

فقلت لهم: يا قوم أنا رجل معي دین متمسك به لا أفارقه حتى أرى ما هو أقوى منه اني وجدت صفة هذا الرجل في الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه وانما خرجت من بلاد الهند ومن العز الذي كنت فيه طلباً له، فلما فحصت عن أمر صاحبكم الذي ذكرتم لم يكن النبي الموصوف في الكتب، فكفوا عني.

ص: 24

وبعث العامل إلى رجل يقال له الحسين بن اسكيب أحد أصحاب الإمام الحسن العسكري علیه السلام فدعاه، فقال له: ناظر هذا الرجل الهندي.

فقال له الحسين : أصلحك الله ، عندك الفقهاء والعلماء وهم أعلم وأبصر بمناظرته.

فقال له : ناظره كما أقول لك، وأخل به والطف له.

فقال لي الحسين بن إشكيب، بعد ما فاوضته : إن صاحبك الذي تطلبه هو النبي الذي وصفه هؤلاء وليس الأمر في خليفته كما قالوا، هذا النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ووصيه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وهو زوج فاطمة بنت محمد، وأبو الحسن والحسين سبطي محمد علیه السلام.

قال غانم أبو سعيد : فقلت الله اكبر هذا الذي طلبت.

فانصرفت إلى داود بن العباس فقلت له: أيها الأمير وجدت ما طلبت، وأنا أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

قال : فبرني ووصلني وقال للحسين : تفقده.

قال : فمضيت إليه حتى آنست به وفقهني فيما احتجت إليه من الصلاة الصيام والفرائض.

قال : فقلت له: إنا نقرأ في كتبنا أن محمداً علیه السلام خاتم النبيين لا نبي بعده، وأن الأمر من بعده إلى وصيه ووارثه وخليفته من بعده، ثم إلى الوصي بعد الوصي لا يزال أمر الله جارياً في أعقابهم حتى تنقضي الدنيا، فمن وصي وصي محمد؟

قال: الحسن، ثم الحسين ابنا محمد علیه السلام، ثم ساق الأمر من الوصية حتى انتهى إلى صاحب الزمان علیه السلام، ثم أعلمني ما حدث فلم يكن لي همة إلا طلب الناحية (عجل الله تعالی فرجه).

ص: 25

قال الراوي : فوافي قم وقعد مع أصحابنا في سنة أربع وستين ومائتين وخرج معهم حتى وافي بغداد ومعه رفیق له من أهل السند كان صحبه على المذهب.

قال : وأنكرت من رفيقي بعض اخلافه فهجرته. وخرجت حتى سرت إلى العباسية أتهيأ للصلاة وأصلي واني لواقف متفكر فيما قصدت لطلبه، إذا أنا بآتٍ قد أتاني فقال : أنت فلان؟ - اسمه بالهند-..

فقلت: نعم.

فقال: اجب مولاك.

فمضيت معه فلم يزل يتخلل بي الطريق حتى أتي داراً وبستاناً ،فإذا أنا به علیه السلام جالس، فقال : مرحباً یا فلان - بکلام الهند - کیف حالك؟ وكيف خلفت فلاناً وفلاناً؟ حتى عد الأربعين كلهم، فسألني عنهم واحداً واحداً، ثم أخبرني بما تجارينا كل ذلك بكلام الهند.

ثم قال: أردت أن تحج مع أهل قم؟

قلت : نعم يا سيدي؟

فقال : لا تحج معهم وانصرف سنتك هذه وحج من قابل، ثم ألقى إلي صرة كانت بين يديه فقال لي: اجعلها نفقتك ولا تدخل بغداد إلى فلان سماه، ولا تطلعه على شيء،..

قال الراوي : ثم وافانا بعض الفيوج فأعلمونا أن أصحابنا انصرفوا من العقبة، ومضى نحو خراسان. فلما كان في قابل حج وأرسل إلينا بهدية من طرف خراسان فأقام بها مدة ثم ماترحمه الله (1)

ص: 26


1- الصراط المستقيم: ج2 ص 236، وكمال الدين: ص496 باب ذكر التوقيعات الواردة عن القائم (عجل الله تعالی فرجه).

10- من يضع الحجر الأسود

روى القطب الراوندي عن جعفر بن محمد بن قولويه أستاذ الشيخ المفيد رحمه الله أنه قال: لما وصلت بغداد في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة للحج وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت (فانهم هدموا الكعبة وأخذوا الحجر الأسود إلى الكوفة ونصبوه فيها، ثم أرادوا إرجاعه في تلك السنة إلى مكانه أوائل الغيبة الكبرى) كان أكبر همي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنه مضى في أثناء الكتب قصة أخذه وانه ينصبه في مكانه الحجة (عجل الله تعالی فرجه) كما آن زمان الحجاج وضعه زین العابدين في مكانه فاستقر.

فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي ولم يتهيأً لي ما قصدت له فاستنبت المعروف بابن هشام وأعطيته رقعة مختومة اسأل فيها عن مدة عمري وهل تكون المنية في هذه العلة، أم لا؟ وقلت : همي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه واخذ جوابه وإنما أنديك لهذا.

قال : فقال المعروف بابن هشام: لما حصلت بمكة وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث أری واضع الحجر في مكانه وأقمت معي منهم من يمنع عتي ازدحام الناس، فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم.

فأقبل غلام اسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه ، فاستقام كأنه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات وانصرف خارجاً من

ص: 27

الباب، فنهضت من مكاني أتبعه وادفع الناس علي يميناً وشمالاً حتى ظن بي الاختلاط في العقل والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتى انقطع عني الناس فكنت أسرع السير خلفه وهو يمشي على تؤدة ولا أدركه.

فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري وقف والتفت إلي فقال : هات ما معك، فناولته الرقعة، فقال : من غير أن ينظر فيها قل له: لا خوف عليك في هذه العلة ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة.

قال: فوقع علي الزمع حتى لم أطق حراكاً وتركني وانصرف، قال أبو القاسم فأعلمني بهذه الجملة، فلما كان سنة سبع وستين اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره، وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك.

فقيل له : ما هذا الخوف؟ ونرجو أن يتفضل الله تعالى بالسلامة فما عليك مخوفة.

فقال : هذه السنة التي خوفت فيها، فمات في علته(1)

縣縣縣

ص: 28


1- کشف الغمة : ج2 ص502 الباب 25، والصراط المستقيم : ج2 ص213، الحادي عشر صاحب الزمان (عجل الله تعالی فرجه)، ح 14.

11- أنا القائم من آل محمد صلی الله علیه و اله و سلم

روى الشيخ ابن بابویه عن أحمد بن فارس الأديب انه قال : إن بهمدان ناساً يعرفون ببني راشد وهم كلهم يتشیعون ومذهبهم مذهب أهل الإمامة، فسألت عن سبب تشیعهم من بين أهل همدان، فقال لي شيخ منهم - رأيت فيه صلاحاً وسمتاً-..

إن سبب ذلك أن جدنا الذي ننتسب إليه خرج حاجاً، فقال: إنه لما صدر من الحج وساروا منازل في البادية، قال: فنشطت في النزول والمشي فمشيت طويلاً حتى أعييت ونعست، فقلت في نفسي: أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت.

قال : فما انتبهت إلا بحر الشمس ولم أر أحداً فتوحشت ولم أر طريقاً ولا أثراً، فتوكلت على الله عز وجل وقلت: أسير حيث وجهني؟ ومشيت غير طويل فوقعت في ارض خضراء نضراء كأنها قريبة عهد من غيث وإذا تربتها أطيب تربة ونظرت في سواد تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنه سيف.

فقلت: ليت شعري ما هذا القصر الذي لم اعهده ولم اسمع به، فقصدته فلما بلغت الباب رأيت خادمین أبيضين فسلمت عليهما فرداً ردا جميلا وقالا: اجلس فقد أراد الله بك خيراً، فقام أحدهما ودخل واحتبس غير بعيد ثم خرج فقال : قم فادخل.

فدخلت قصراً لم أر بناءً أحسن من بنائه ولا اضوء منه، فتقدم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ثم قال لي: ادخل فدخلت البيت فإذا

ص: 29

فتي جالس في وسط البيت، وقد علق فوق رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمس رأسه، والفتى كأنه بدر يلوح في ظلام فسلمت، فرد السلام بألطف کلام وأحسنه.

ثم قال لي: أتدري من أنا؟

فقلت: لا والله؟

فقال : أنا القائم من آل محمد صلی الله علیه و اله و سلم أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف . وأشار إليه-فأملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

فسقطت على وجهي وتعفرت.

فقال: لا تفعل ارفع رأسك أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها : همدان.

فقلت : صدقت يا سيدي ومولاي.

قال : افتحب أن تؤوب إلى اهلك؟

فقلت : نعم يا سيدي وأبشرهم بما أتاح الله عز وجل لي، فأوما إلى الخادم فأخذ بيدي وناولني صرة وخرج ومشي معي خطوات، فنظرت إلى ظلال الشجر ومنارة مسجد.

فقال: اتعرف هذا البلد.

فقلت : انه بقرب بلدنا بلدة تعرف ب (أسد آباد) وهي تشبهها.

قال : فقال : هذه أسد آباد أمض راشداً، فالتفت فلم أره، فدخلت أسد آباد، وإذا في الصرة أربعون أو خمسون دیناراً، فوردت همدان وجمعت أهلي وبشرتهم بما سیره الله عز وجل لي ولم نزل بخیر ما بقي معنا من تلك الدنانير(1).

ص: 30


1- كمال الدين : ص453 ح20 باب ذكر من شاهد القائم (عجل الله تعالی فرجه).

12- لبيك يا سيدي

روى المسعودي والشيخ الطوسي وغيرهما عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري انه قال : وجه قوم من المفوضة والمقصرة کامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد العسكري علیه السلام ليناظره في أمرهم.

قال كامل : فقلت في نفسي اسأله وأنا أعتقد أنه لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلما دخلت عليه نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا بمواساة الأخوان وينهانا عن لبس مثله.

فقال مبتسماً: یا كامل، وحسر عن ذراعيه فإذا مسح اسود خشن على جلده، فقال: هذا لله عز وجل وهذا لكم فخجلت وجلست إلى باب عليه ستر مسبل فجاءت الريح فرفعت طرفه فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر من أبناء أربع وستين أو مثلها.

فقال لي: يا کامل بن إبراهيم.

فاقشعررت من ذلك، فألهمني الله أن قلت: لبيك يا سيدي.

فقال : جئت إلى ولي الله وحجته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟.

قلت : إي والله.

ص: 31

قال: اذن والله يقل داخلها، والله انه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية.

قلت : يا سيدي ومن هم؟

قال: قوم من حبهم لعلي صلى الله عليه يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله، ثم سكت صلی الله عليه عني ساعة، ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوضة، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله فإذا شاء الله شئنا، وهو قوله: «و مَآ تَشَآءُونَ إِلّآ أَن یَشَآءَ اللهُ»(1)

ثم رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إلي أبو محمد علیه السلام متبسماً فقال: یا کامل بن إبراهيم ما جلوسك وقد أنبأك الحجة بعدي بحاجتك، فقمت وخرجت ولم اعاینه بعد ذلك.

قال أبو نعيم: فلقیت کاملا فسألته عن هذا الحديث فحدثني به(2).

縣縣縣

ص: 32


1- سورة الإنسان، الآية : 30، وسورة التكوير ، الآية : 29.
2- غيبة الطوسي: ص246، منتخب الأنوار المضيئة : ص139.

13- كلامه علیه السلام حين سقط من بطن أمه

ابن بابویه : قال حدثنا محمد بن علي ما جيلويه وأحمد بن محمد ابن يحيى العطار قالا حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا الحسين ابن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسی بن جعفر علیه السلام عن السياري قال: حدثني نسيم ومارية قالتا : إنه لما سقط صاحب الزمان علیه السلام من بطن أمه سقط جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبابتيه إلى السماء، ثم عطس فقال: (الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله عبداً داخراً لله غير مستنكف ولا مستكبر، ثم قال : زعمت الظلمة أن حجة الله داحظة، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك).

قال إبراهيم بن محمد بن عبد الله وحدثني نسیم خادم أبي محمد علیه السلام قالت: قال لي صاحب الزمان علیه السلام وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة، فعطست عنده، فقال لي: (يرحمك الله)، قالت نسیم: ففرحت بذلك، فقال لي علیه السلام (ألا أبشرك في العطاس؟) فقلت: بلى يا مولاي وقال: (هو أمان من الموت ثلاثة أيام)(1).

畿畿 畿

ص: 33


1- الخرائج والجرائح/ الشيخ قطب الدين الراوندي /ج1 ص466، معاجز أهل البيت / محسن عقیل ص375.

14- قراءته علیه السلام في بطن أمه وبعد سقوطه من بطن أمه ودعاؤه علیه السلام والطير الذي عرج به بعد ميلاده معه الطيور

ابن بابویه: قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضی الله قال : حدثنا أبي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل قال : حدثني محمد بن إبراهيم الكوفي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الطهوي قال : قصدت حكيمة بنت محمد علیه السلام بعد مضي أبو محمد عليه السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها، فقالت لي: اجلس فجلست، ثم قالت: یا محمد إن الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين علیهماالسلام تفضيلاً للحسن والحسين علیهماالسلام وتمييزاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما، إلا أن الله تبارك وتعالى خص ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن عليه السلام كما خص ولد هارون علی ولد موسى علیه السلام، وان كان موسى حجة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة ولا بد للأمة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقون، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وإن الحيرة لا بد واقعة بعد مضي أبي محمد الحسن علیه السلام .

فقلت : يا مولاتي هل كان للحسن علیه السلام ولد؟ فتبسمت ثم قالت: إذا لم يكن للحسن علیه السلام عقب فمن الحجة من بعده؟ ! وقد أخبرتك أن الإمامة لا تكون الأخوين بعد الحسن والحسين علیماالسلام.

ص: 34

فقلت: يا سيدتي حدثيني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام قلت : نعم كانت لي جارية يقال لها: (نرجس)، فزارني ابن أخي علیه السلام وأقبل يحد النظر إليها ، فقلت له: يا سيدي لعلك هويتها؟ فأرسلها إليك؟ فقال : (لا یاعمة ولكني أتعجب منها). فقلت: وما أعجبك؟ فقال علیه السلام: سيخرج منها ولد كريم على الله عز وجل الذي يملا الله به الأرض عدلا ًوقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً)، فقلت : أرسلها إليك يا سيدي؟ فقال : استأذني في ذلك أبي علیه السلام.

قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن علیه السلام، فسلمت وجلست، فبدأني علیه السلام وقال : (يا حكيمة إبعثي نرجس إلى إبني أبي محمد علیه السلام، قالت: فقلت : يا سيدي على هذا قصدتك على أن أستأذنك في ذلك، فقال لي : (يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحب أن يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً)، قالت حكيمة : فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لأبي محمد عليه السلام وجمعت بينه وبينها في منزلي، فأقام عندي أياما ، ثم مضى إلى والده علیه السلام، ووجهت بها معه .

قالت حكيمة : فمضى أبو الحسن علیه السلام وجلس أبو محمد علیه السلام مكان والده، وكنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفي وقالت: يا مولاتي ناوليني خفك، فقلت: بل أنت سيدتي ومولاتي والله لاأدفع إليك خفي لتخلعيه ولا خدمتيني بل أنا أخدمك على بصري، فسمع أبو محمد عليه السلام ذلك فقال: (جزاك الله خيراً يا عمة) فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف، فقال علیه السلام: (يا عماه بِيتِي اللَّيلَةَ عِندَنا، فإنَّهُ سَيُولَدُ اللَّيلَةَ المَولودُ الكَريمُ عَلَى اللّه ِ عَزَّ و جلَّ الَّذي يُحْيِي الله عَزَّ و جلَّ به الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا )، قلت: ممن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل؟! فقال: (من نرجس لا من غيرها)، قالت: فوثبت إلى نرجس فقلبتها ظهراً لبطن فلم أر بها حبل، فعدت إليه علیه السلام فأخبرته بما فعلت،

ص: 35

فتبسم ثم قال لي: (إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل، لأن مثلها مثل أم موسى علیه السلام لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأن فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى علیه السلام، وهذا نظیر موسی علیه السلام .

قالت حكيمة : فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها، فقالت: يا مولاتي ما أري بي شيئاً من هذا، قالت حكيمة : فلم ازل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنباً إلى جنب، حتى إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة، فضممتها إلى صدري وسميت عليها، فصاح أبو محمد علیه السلام وقال: (إقرئي عليها «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ»، فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها: ما حالك ؟ قالت: ظهر بي الأمر الذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما اقرأ وسلم علي.

قالت حكيمة : ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمد علیه السلام: (لا تعجبي من أمر الله عز وجل إن الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحمكة صغاراً ويجعلنا حجة فيأرضه كباراً)، فلم يستتم الكلام حتى غيبت نرجس، فلم أرها كانه ضرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمد علیه السلام وأنا صارخة، فقال لي: (ارجعي يا عمة فإنک ستجديها في مكانها)، قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا أنا بالصبي علیه السلام ساجداً على وجهه، جاثياً على ركبته، رافعاً سبابتيه نحو السماء وهو يقول: (أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأن جدي محمداً رسول الله وأن أبي أمير المؤمنين علیه السلام، ثم عد إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه، ثم قال علیه السلام: (اللهم انجز لي ما وعدتني وأتمم لي أمري وثبت وطأتي، وأملأ الأرض بي عدلاً وقسطً).

ص: 36

فصاح أبو محمد علیه السلام فقال: (ياعمة تناوليه وهاتيه)، فتناولته وأتيت به نحوه، فلما مثلت بين يدي أبيه وهو على يدي سلم على أبيه، فتناوله الحسن علیه السلام مني والطير ترفرف على رأسه، وناوله لسانه فشرب منه، ثم قال: (إمض به إلى أمه لترضعه ورديه إلي)، قالت: فتناولته أمه فأرضعته، فرددته إلى أبي محمد علیه السلام والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها فقال له: (احمله واحفظه ورده إلينا في كل أربعين يوماً)، فتناوله الطير وطار به في جو السماء وأتبعه سائر الطيور، فسمعت أبا محمد علیه السلام يقول: (استودعتك الله الذي استودعته أم موسی)، فبكت نرجس، فقال لها: (اسكتي فإن الرضاع محرم عليه إلا من ثديك، وسیعاد إليك كما رد موسى إلى أمه، وذلك قوله عز وجل: «فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»(1)

قالت حكيمة : فقلت: وما هذا الطير؟ قال: (هذا روح القدس الموكل بالأئمة علیهم السلام يوفقهم ويسددهم ويربيهم بالعلم).

قالت حكيمة : فلما كان بعد أربعين يوماً رد الغلام ووجه إلي إين أخي علیه االسلام، فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بالصبي متحرك يمشي بين يديه ، فقلت :يا سيدي هذا إبن سنتين؟! فتبسم علیه السلام، ثم قال: (إِنَّ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ إِذَا كَانُوا أَئِمَّةً يَنْشَئُونَ بِخِلَافِ مَا يَنْشَأُ غَيْرُهُمْ وَ إِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا إِذَا كَانَ أَتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ كَانَ كَمَنْ أَتَى عَلَيْهِ سَنَةٌ وَ إِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا لَيَتَكَلَّمُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَ يَعْبُدُ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِنْدَ الرَّضَاعِ تُطِيعُهُ الْمَلَائِكَةُ وَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً)(2).

قالت حكيمة : فلم أزل أرى ذلك الصبي في كل أربعين يوماً إلى

ص: 37


1- سورة القصص، الآية : 13.
2- الخرائج والجرائح / قطب الدين الراوندي /ج1 ص467.

أن رأيته رجلاً قبل مضي أبي محمد علیه السلام بأيام قلائل فلم أعرفه، فقلت لأبي محمد علیه السلام: من هذا الذي تأمرني أن اجلس بين يديه؟ فقال علیه السلام: هذا ابن نرجس وهو خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني فأسمعي له وأطيعي).

قالت حكيمة: فمضى أبو محمد علیه السلام بعد ذلك بأيام قلائل، وافترق الناس كما ترى، ووالله إني لأراه صباحا ومساءً وإنه لينبئني عما تسألوني عنه فأخبركم، ووالله إني لأريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به، وإنه ليرد علي الأمر فيخرج إلي منه جوابه من ساعته من غير مسألتي، وقد أخبرني البارحة بمجيئك إلي وأمرني أن أخبرك بالحق.

قال محمد بن عبد الله، فوالله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلا الله عز وجل، فعلمت أن ذلك صدق وعدل من الله عز وجل، وأن الله عز وجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحداً من خلقه(1).

畿畿 畿

ص: 38


1- (1) الخرائج والجرائح / قطب الدين الراوندي /ج1 ص456، كمال الدين : 426 ج2 وعنه البحار: ج11/51 ح14، معاجز أهل البيت: محسن عقيل ص376.

15- یا صاحب زمان جدتي

يقول صاحب الكتاب إنه نقل لي أحد المؤمنين من أهل الكويت، انه سمع احد الخطباء الإيرانيين يقول: كنت جالساً في حافلة لأسافر إلى مدينة نائية من مدن إيران، وذلك في زمن الشاه.

لم يكن على المقعد بجانبي أحد، وكنت أخشى أن يجلس عندي من لا أرغب في جواره، فيضايقني في هذا الطريق البعيد. فسألت الله تعالى في قلبي: إلهي أن كان مقدراً أن يجلس عندي أحد، فاجعله انساناً متديناً طيباً مونساً؟!

جلس المسافرون على مقاعدهم، ولم أر من يشغل المقعد الذي بجانبي، فشكرت الله اني وحيدا ولكني فوجئت في الدقيقة الأخيرة قبل الحركة ! بشاب مظهره ک (الهيبيز) وبيده حقيبة صغيرة من صنع بلد أجنبي، وكانه من غير دیننا، فتقدم حتى جلس عندي، قلت في قلبي : يارب أهكذا تستجيب الدعاء؟! تحركت السيارة ولم يتفوه أحد منا للثاني بكلمة، لأن الانطباع المأخوذ عن المعممين في أذهان مثل هؤلاء الأشخاص كان انطباعاً سيئةً، بفعل الدعايات المغرضة التي كانت تبثها أجهزه النظام الشاهنشاهي ضد علماء الدين . لذلك آثرت الصبر والسكوت وانا جالس على أعصابي ، حتى حان وقت الصلاة (أول وقت الفضيلة)، وإذا بالشاب وقف ينادي سائق الباص: قف هنا، لقد حان وقت الصلاة! فرد عليه السائق مستهزئاً وهو ينظر إليه من مرآته : اجلس،

ص: 39

این الصلاة وأين أنت منها، وهل يمكننا الوقوف في هذه الصحراء؟ قال الشاب : قلت لك قف وإلا رميت بنفسي، وصنعت لك مشكلة بجنازتي! ما كنت استوعب ما أرى واسمع من هذا الشاب، انه شيء في غاية العجب، فأنا كعالم دین أولى بهذا الموقف من هذا الشاب ( الهيبيز) ! وعدم مبادرتي إلى ذلك كان احترازاً) عن الموقف العدائي الذي يكنه بعض لعلماء الدين، لذلك كنت انتظر لأصلي في المطعم الذي تقف عنده الحافلة في الطريق.

وهكذا كنت أنظر إلى صاحبي باستغراب شديد، وقد اضطر السائق إلى أن يقف على الفور، لما رأى الشاب وتهديده.

فقام الشاب ونزل من الحافة، وقمت أنا خلفه ونزلت، رأيته فتح حقيبته واخرج قنينة ماء فتوضاً منها ثم عين اتجاه القبلة بالبوصلة وفرش سجادته، ووضع عليها تربة الحسين الطاهرة وأخذ يصلي بخشوع، وقدم لي الماء فتوضات انا كذلك وصليت (صلاة العجب)! ثم صعدنا الحافلة، وسلمت عليه بحرارة معتذراً إليه من برودة استقبالي له أولاً، ثم سألته: من أنت؟

قال : إن لي قصة لا بأس أن تسمعها، لم أكن أعرف الدين ولا الصلاة وأنا الولد الوحيد لعائلتي التي دفعت كل ما تملك لأجل أن أكمل دراسة الطب في فرنسا. كانت المسافة بين سكني والجامعة التي ادرس فيها مسافة قرية إلى مدينة . ركب السيارة التي كنت استقلها يومياً إلى المدينة مع ركاب آخرين والوقت بارد جداً وأنا على موعد مع الامتحان الأخير الذي تترتب عليه نتيجة جهودي كلها.

فلما وصلنا إلى منتصف الطريق عطبث السيارة، وكان الذهاب إلى أقرب مصلح (ميكانيك) يستغرق من الوقت ما يفوت علي الحضور في الامتحانات النهائية للجامعة، لقد أرسل السائق من يأتي بما يحرك

ص: 40

سيارته وأصبحت أنا في تلك الدقائق كالضائع الحيران، لا ادري اتجه يميناً أو يساراً، ام ياتيني من السماء من ينقدني، كنت في تلك الدقائق اتمنى لو لم تلدني أمي ( وأن تشق الأرض لأخفي نفسي في جوفها)، أنها كانت أصعب دقائق تمر علي، خلال حياتي وكأن الدقيقة منها ترمی نحو آمالي، وكأني أشاهد أشلاء آمالي تتناثر أمامي ولا يمكنني إنقاذها أبدأً .

فكلما انظر إلى ساعتي كانت اللحظات تعتصر قلبي، فكدت أخر إلى الأرض وفجأة تذكرت أن جدتي في إيران عندما كانت تصاب بمشكلة أو تسمع بمصيبة، تقول بكل أحاسيسها: (یاصاحب الزمان) هنا ومن دون سابق معرفة لي بهذه الكلمة ومن تعنيه قلت وبكل ما أملك في قلبي من حب وذكريات عائلية : (یاصاحب زمان جدتي)! ذلك لأني لم أعرف من هو (صاحب الزمان)، فنسبته إلى جدتي على البساطة، وقلت: فان ادرکتنی مما أنا فيه، اعدك ان اتعلم الصلاة ثم اصليها في أول الوقت وبينما أنا كذلك، وإذا برجل حضر هناك فقال للسائق بلغة فرنسية : شغل السيارة! فاشتغلت في المحاولة الأولى، ثم قال للسائق : أسرع بهؤلاء إلى وظائفهم ولا تتأخر، وحين مغادرته التفت إلي وخاطبني بالفارسية : نحن وفينا بوعدنا ، يبقى أن تفي أنت بوعدك أيضاً ! فاقشعر له جلدي وبينما لم استوعب الذي حصل ذهب الرجل فلم أر له أثراً. من هناك قررت ان اتعلم الصلاة وفاءً بالوعد، بل وأصلي في أول الوقت دائماً(1).

畿畿 畿

ص: 41


1- قصص وخواطر : عبد العظيم البحراني ص341.

16- النجاة من الموت

من كتاب القصص العجيبة : صاحب مقام اليقين (عباس علي) المعروف بالحاج مؤمن له مکاشفات کرامات كثيرة، وقد أنعم الله على بان صحبته في السفر والحضر مدة ثلاثين عاماً تقريباً، وقد توفي قبل عامين والتحق بالرحمة الأبدية، كانت له قصص متعددة من جملتها : وجدت الأجهزة الأمنية للنظام الجائر في بيت إبن خاله (عبد النبي) أسلحة، فاعتقلوه وسجنوه، ثم حكم عليه بالإعدام . ففجع بذلك أبوه وأخذه اليأس من إنقاده.

فقال له الحاج مؤمن : لا تيأس فكل الأمور تسير تحت إرادة ولي العصر (عج)الإمام الثاني عشر، وهذه الليلة ليلة الجمعة فلنتوسل إليه ، والله قادر على نجاة إبنك ببركة ولي العصر (عج).

فقام الحاج مؤمن ووالد ذلك الشاب بإحياء تلك الليلة والانشغال فيها بأداء صلاة التوسل بالإمام علیه السلام و زیارته ثم قراءة الآية الشريفة «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ»(1) وفي آخر الليلة شم الثلاثة رائحة مسك عجيبة ثم شاهدوا الجمال النوراني للإمام الحجة (عجل الله فرجه الشریف) فقال لهم: استجيب دعاؤكم، وعفي عن ولدك وسيعود غداً إلى المنزل.

ص: 42


1- سورة النمل، الآية : 62.

قال الحاج مؤمن : الأب والأم لم يتحملا ما رأيا من جماله فدهشا منه فسقطا مغميا عليهما حتى الصباح، وفي الصباح ذهبا إلى مکان وجود ولدهما وقد كان مقرراً إعدامه في نفس اليوم، فقيل لهم : تأخر إعدامه وتقرر إعادة النظر في أمره، وفي نهاية الأمر قبل ظهر ذلك اليوم أطلق سراحه وعاد إلى المنزل سالماً(1).

畿畿 畿

ص: 43


1- القصص العجيبة : عبد الحسین دستغیب ص92.

17- استجابة ولي العصر (عجل الله فرجه الشريف)

نقل الحاج مؤمن (عليه الرحمة) قال: في مطلع شبابي كان عندي شوق شديد لزيارة الحجة (عجل الله فرجه الشریف) ولقائه وسلبني ذلك استقراري، إلى أن أخذت على نفسي عهداً وحرمت على نفسي الأكل والشرب حتى أراه وألقاه ( طبعاً عهدي هذا بسبب جهلي وشدة شوقي له)، فمر علي يومان وليلتان لم أتناول فيهما شيئاً، وفي الليلة الثالثة شربت قليلاً من الماء على سبيل الاضطرار، وأخذتني حالة من الغشي، فرأيت الحجة (عجل الله فرجه الشریف) وأنا في تلك الحال، واعترض علي وقال : لماذا تفعل هكذا وتهلك نفسك سارسل لك طعاماً فتناوله.

وعندما استيقضت وجدت أن ثلث الليل قد مضى والمسجد الذي كنت فيه خالياً وليس فيه أحد، وسمعت طرقاً على باب المسجد، فتحت الباب فرأيت شخصاً يرتدي عباءة على رأسه بحيث لا يعرف من خلالها، فأخرج من تحت عباءته إناءً مملوءاً بالطعام وأعطاني إياه وقال الي مرتين : كله أنت ولا تعطه لأحد، واترك الإناء عند الفراغ منه تحت المنبر، قال ذلك وذهب. دخلت المسجد فرأيت في الإناء رزاً مطبوخاً مع دجاج مشوي فتناولت الطعام ونلت منه لذة لا توصف وفي الغد قبل الغروب جاءني (الميرزا محمد باقر) الذي كان من الأخبار والأبرار في

ص: 44

ذلك الوقت وطالبني بالإناء، ثم ناولني كيساً فيه مقدار من المال وقال : أمرك بالسفر (أي الحجة (عج)) فخذ هذا المال وسافر به إلى مشهد المقدسة برفقة السيد هاشم (إمام المسجد) وستلتقي في الطريق بشخص كبير وتنال منه الفائدة فانطلقت برفقة السيد هاشم من طهران، وعندما خرجنا من طهران أشار رجل عجوز نير الضمير الينا فتوقفت السيارة وبعد أخذ الإجازة من السيد هاشم (فقد كان حجز السيارة لنا فقط) استقل الرجل العجوز السيارة وجلس إلى جانبي وفي الطريق علمني الكثير من الأعمال والتوسلات والأذكار، وأخبرني بما يجري لي حتى آخر عمري ودلني على ما فيه خيري منها، وقد حصل معي كل ما أخبرني به، ونهاني عن تناول طعام المطاعم والمقاهي وقال لي: لقمة الشبهة مضرة للقلب، وكان معه سفرة كلما حل وقت الطعام اخرج منها خبزاً طازجاً وأعطاني، وفي بعض الأحيان زبيباً أخضر.

وعندما وصلنا إلى قرية مسماة بموضع أقدام الإمام الرضا علیه السلام قال لي: قرب أجلي ولن أصل إلى مشهد المقدسة، وكفني معي ويوجد معي 12 تومان، فهيء لي قبراً بذلك المبلغ وليتول السيد هاشم أمر تجهیزي. قال الحاج مؤمن: أحسست بالوحشة واضطربت.

فقال لي: إهدأ ولا تحدث أحداً بذلك طالما لم أمت بعد وارض بما أراد الله.

وعندما وصلنا إلى (جبل طرق) (كان يقع في طريق الزوار سابقاً) توقفت السيارة وترجل ركابها وانشغلوا بالسلام على الإمام الرضا علیه السلام وذهب مساعد السائق طالباً قبة المقام، هناك رأيت العجوز المحترم ذهب إلى زاوية واستقبل بوجهه القبر المطهر للإمام الرضا عليه السلام وسلم عليه ويکی کثيراً وقال : لم أكن أهلاً للاقتراب من قبرك أكثر من هذا. ثم توجه إلى القبلة وتمدد وغطى نفسه بعباءته حتى رأسه بعد هنيهة توجهت

ص: 45

إليه ورفعت العباءة عنه فوجدته قد ذهب من الدنيا ، فنحت عليه وسمع الركاب ذلك فاجتمعوا فذكرت لهم بعضاً مما رأيته منه فانقلب الجميع باكين وحملنا جنازته بنفس السيارة ودفناه في الصحن المقدس(1).

縣縣縣

ص: 46


1- القصص العجيبة : عبد الحسين دستغیب ص 94.

18- قصة مشابهة

نقل الحاج مؤمن عدة عجائب عن الزاهد العابد (السيد علي الخراساني) الذي كان قبل عدة سنوات معتكفاً في غرفة بالمسجد ومشغولا بالعبادة، وكان من جملة ما نقله عنه :

قال: قبل أسبوع من وفاة السيد المذكور طلب مني الحضور قربه في سحر ليلة الجمعة وقال: إنها آخر ليلة من عمري . وفي ليلة الجمعة حضرت قربه وكان على النار مقدار من الحليب فشرب منه كوبين واعطاني الباقي وقال لي إشرب، ثم قال : سأذهب هذه الليلة من الدنيا وليتول تجهیزي السيد هاشم (إمام جماعة المسجد) وغداً سيأتي (عدالت) (القاطن جنب المسجد) ويطلب أن يتولى ثمن كفني فلا تدعه يفعل ذلك، واقبل من الحاج (جلال القناد) أن يدفع من ماله ثمن كفني.

ثم جلس مستقبلاً القبلة وشرع بتلاوة القرآن الكريم .

ثم حدق بعينه نحو القبلة وقال ما يقارب المائة مرة وبسرعة (لا إله إلا الله) ثم استقبل واقفاً وقال: السلام عليك يا جداه .

ثم استلقي مستقبلاً القبلة وقال : يا علي يامولاي. وقال لي : لا تخف أيها الشاب ولا تنظر إلى فإني سأرتاح وسأذهب إلى جوار جدي، ثم أطبق عينيه وانطفا ووصل إلى رحمة الحق تعالی(1).

ص: 47


1- القصص العجيبة: عبد الحسین دستغيب ص 98.

19- غوث الحجة (عجل الله فرجه الشريف)

القصص العجيبة : (الشيخ محمد) المذكور قال لي أيضاً :

في نفس سفري ذاك تشرفت بزيارة سامراء مرقد الهادي والعسكري علیه السلام وعندما هممت التشرف بالنزول إلى السرداب المقدس (الذي اختفى منه الحجة الغائب (عجل الله فرجه الشریف) كان قد حل الغروب ولم أكن قد صليت الصلاة الواجبة فرأيت المسجد المتصل بباب السرداب وقد أقيمت فيه صلاة العشاء جماعة ولم أكن أعلم ان المصلين من المخالفين، فدخلت وولدي المسجد وشرعت مروا أمامي وكانوا يحدقون بي في غضب ويسمعوني كلمات مشينة، فعلمت اني أخطأت ولم أتقهم وبعد أن خرجوا جمعياً أطفأوا كل الأضواء وأغلقوا الباب علي وولدي فاستغلت وصرخت: إني غريب وأنا زائر لكنهم لم يعبأوا بي، فأصابتني وولدي حالة من الاضطراب العجيب والوحشة وكنت أتصور أنهم سيقتلوننا، فأجهشنا بالبكاء والتضرع وتوجهنا وتوسلنا إلى الله بالحجة ابن الحسن (عجل الله فرجه الشریف) طالبين منه تعالی أن ينجينا فإذا بولدي الذي يتضرع كان يتضرع قرب الحائط يقول لي : أبتاه تعال وجدت طريقاً فقد ارتفع قسم من الحائط قرب الباب . فنظرت فوجدت عمود الحائط قد ارتفع عن الأرض مسافة تكفي للخروج من تحتها بسهولة، فخرجت وولدي من تحتها ولما خرجنا عاد العمود إلى

ص: 48

حالته السابقة وسد الطريق، فشكرت الله وفي اليوم الثاني أتيت إلى نفس المكان، فلم أجد أي أثر وعلامة لتحرك العمود حتى انه لم يكن في الحائط ثقب بمقدار إبرة(1).

戀 戀 戀

ص: 49


1- القصص العجيبة : عبد الحسین دستغیب ص 221

20- معجزة ولي العصر علیه السلام وشفاء مريض

السيد حسن البرقعي يقول: وفقت لمدة بالمواظبة على زيارة مسجد جمکران، وقبل ثلاثة أسابيع أي بتاريخ (ليلة الأربعاء 1390/4/5 ه.ق) دخلت مقهى المسجد الذي يرتاده زائرو المسجد للراحة وتناول الشاي، فصادفت شخصاً يدعى (أحمد البهلواني) من سكان قضاء (عبد العظيم الحسني) ويقطن قرب مقبرة عبد الله من أحفاد الرسول صلی الله علیه و آله و سلم، فسلم علي وأجبته وتبادلنا السؤال عن الأحوال، ثم قال لي: منذ أربعة أعوام وأنا أواظب على زيارة مسجد جمکران كل ليلة أربعاء .

فقلت له : إذن لابد انك رأيت فيه شيئاً ما حتى واظبت على زیارته، فعادة من يتوجه إلى بيت صاحب الزمان (صلوات الله عليه) لا يعود خائباً ولا بد أن يحصل على حاجته .

فقال : نعم لو لم أر شيئاً لما واظبت على المجيء، ففي العام الماضي وفي ليلة الأربعاء لم أتمكن من الحضور لزيارة المسجد بسبب حفل عرس لأحد أقاربي أقامه قرب طهران، ومع ان الحفل لم يشتمل على معصية علنية، فلم يكن فيه لا موسیقی ولا ما شابه ذلك، وبعد أن تناولت طعام العشاء وذهبت إلى منزلي ونمت، وبعد منتصف الليل نهضت من نومي وكنت عطشان، فاردت الوقوف فلم أستطع تحريك ساقي رغم عدة محاولات .

ص: 50

فناديت زوجتي وايقظتها من النوم وقلت لها : لا أستطيع تحريك ساقي .

فقالت: ربما أصابك برد.

قلت: لسنا في فصل البرد ( فقد كان فصل الصيف).

ورغم جميع المحاولات لم أستطع الحراك، فطلبت منها أن تنادي جارنا (أصغر)، ولما اتي طلبت منه أن يحضر الطبيب.

قال: في هذه الساعة من الليل؟

قلت : ليس أمامنا حل آخر.

فذهب وأحضر الطبيب (شاهرخي)، فبدأ بفحصي، وضرب بشاكوشه على ركبتي فلم أحس بشيء ولم تتحرك ساقي، ثم غرز إبرة في قدمي فلم أحس بشيء، وهكذا مع الساق الأخرى، فغرز الإبرة في عضدي فأوجعني، فكتب لي دواءً وذهب، لكنه كان قد قال لجاري (أصغر): انه لن يشفى، فهذه سكتة.

وفي الصباح نهض الأطفال فوجدوني بهذه الحال فشرعوا بالبكاء والنحيب، وعلمت بالأمر والدتي فشرعت بلطم وجهها ورأسها، وعمت الضوضاء في البيت، وعند الساعة التاسعة صباحاً ناديت صاحب الزمان وقلت له: يا صاحب الزمان في كل ليلة أربعاء كنت أذهب لخدمتك، وفي الليلة الماضية لم أتمكن من الذهاب، ولم ارتكب ذنباً فانظر إلي. وبينما أنا كذلك إذ اخذتني سنة ورأيت في عالم الرؤيا سيداً أتی نحوي ووضع عصاة بيدي وقال لي: إنهض. فقلت: لا أستطيع النهوض یا سيدي. نكرر امره وكررت عليه جوابي، فأخذ بيدي وحركني من مكاني فأفقت آنذاك من نومي فوجدت ساقي يتحركان، فنهضت واقفاً للاطمئنان وقفزت ومشيت وجلست وقمت، وخشيت من أن تراني والدتي بهذه

ص: 51

الحال فيغشي عليها فيبدو ان حالي بدأ ولما قدمت والدتي قلت لها : اعطني عصاة اتكئ عليها فيبدو ان حالي بدأ يتحسن بعد توسلي بولي العصر (عجل الله فرجه الشریف)، وقلت لها : قولي لجارنا (أصغر) ان ياتي، فأتي فقلت له: إذهب واطلب من الطبيب أن يأتي وقل له اني شفيت فذهب (أصغر) ثم عاد وقال أن الطبيب يقول: هذا الكلام كذب لا صحة له، ولو كان شفي لجاء بنفسه فذهبت إليه بنفسي، ورغم مشاهدته لي امشي على قدمي لكنه لم يصدق، فاخذ إبرة ووخزني بها في قدمي فعلا صراخي، فقال لي: ماذا فعلت؟

فشرحت له عن تولي بولي العصر (عجل الله فرجه الشریف)، وقال لي: هذه معجزة، ولو ذهبت لأوروبا وأمريكا وانت بتلك الحال لعجزوا عن شفائك(1)

戀 戀 戀

ص: 52


1- القصص العجيبة : عبد الحسين دستغیب ص286

21- الحجة (عجل الله فرجه الشريف) شفاها

يقول صاحب كتاب القصص العجيبة كتب لي العالم الكبير والفاضل التقي (محمد تقي الهمداني) من علماء الحوزة العلمية بمدينة قم المقدسة وإمام مسجد الثقافة فيها، عن قصة شفاء زوجته بالتوسل والتضرع إلى الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه الشریف) فقال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم يوم الاثنين (8/صفر/1390 ه. ق) أصيبت زوجتي بذبحة صدرية وأغمي عليها بسبب بكائها الشديد وتأثرها لوفاة ولدينا الشابين في جبال (شیران)، وكان لما أصابها وقع شديد علينا وعلى أفراد العائلة والأصدقاء فذهبنا بها إلى المستشفيات وعادها الأطباء دون فائدة ترجى حتى عجزوا جمعياً عن شفائها وبعد أربعة أيام من هذه الحادثة وفي منتصف الليل من ليلة الجمعة تلك ذهبت إلى غرفتي في الطابق العلوي للنوم، فقرأت آيات من القرآن وأدعية ليلة الجمعة وتوجهت إلى الله سبحانه وتعالى بقلب خاضع طالباً منه نجدتنا مما نحن فيه عبر الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه الشریف) وكانت (فاطمة) إبنتي الصغيرة طلبت مني قبل شهر أن أقص عليها معجزات الحجة (عجل الله فرجه الشریف) وغوثه الملهوفين واستجابته المتوسلین، فقرأت لها قصصاً من كتاب (النجم الثاقب للشيخ النوري)، فلذلك وجدت نفسي عند إصابة زوجتي أتوسل واتضرع إليه لنجدتنا ثم نمت حتى الرابعة صباحاً حيث نهضت لأداء صلاة الصبح، فسمعت بأصوات وحركة غير عادية في الطابق الأسفل حيث زوجتي المريضة، فهبطت إلى

ص: 53

أسفل فوجدت إبنتي (وكانت تغط في نومها في مثل هذه الساعة عادة) مستيقظة فبادرتني قائلة : أبشر يا أبتاه . فقلت: بم؟ (وتصورت قدوم احد أهلي من (همدان) فقالت: لقد شفيت والدتي والحمد لله.

فقلت: وكيف؟

قالت : أيقظتنا في الرابعة بقولها بصوت عالٍ : انهضوا لوداع السيد الجليل، فلما لم ينهض احد، قامت بنفسها لوداعه تاركة الغرفة. فأفقت عليها وقد خرجت من الغرفة في وداعه (وكان عندها إبنتنا وأخوها (الحاج مهدي) وإبن أختها (المهندس غفاري) الذين جاؤوا من طهران لزيارتها وأخذها إلى طهران لمعالجتها) فاستيقظت زوجتي لتجد نفسها واقفة خارج الغرفة فلم تصدق ذلك، فسألت إبنتنا: هل أنا في حلم؟ فأجابت : كلا إنك في يقظة وقد شفاك الله على يد الحجة (عجل الله فرجه الشریف) ثم قصت زوجتي ما جرى فقالت: رأيت في منامي سيداً جليلاً شاباً ، فأمرني بالنهوض وقال : شفاك الله فانهضي.

فقلت له : لا أستطيع النهوض . فأمرني بالنهوض مؤكداً شفائي . فنهضت، فقال لي: دعي الدواء والعلاج فقد شفيت.

وبهذا أنعم الله عليها بالشفاء وعادت إلى حالها السابق وقد شفيت من الذبحة الصدرية والروماتيزم، وطلبت الطعام بعد أن كانت ممتنعة عنه مدة أربعة أيام فأكلت بشكل طبيعي وأقمنا مجالس الشكر والحمد والثناء في الأيام الفاطمية والتزمنا بذلك حتى الآن وذكرت القصة للطبيب (الدكتور دانش) الذي كان يشرف على علاجها فقال لي: لم يكن علاجها سهلاً او ممكناً وشفاؤها بهذه الطريقة هو معجزة خارقة للطبيعة(1)

ص: 54


1- القصص العجيبة : عبد الحسین دستغیب ص444.

22- لقاء الطلبة مع الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)

روضة المتعظين : حكى لنا بطرق وثيقة لا یشك فيها، ومنها بطريق شیخ الطائفة المحقة الشيخ الطوسي وهو علامة دهره، ومحدث عصره، حضرة المرحوم المبرور الشيخ میرزا حسین النوري (قدس سره) صاحب التأليفات الكثيرة، وقد ادركناه أواخر أيامه، أن المرحوم العالم الفاضل الشيخ الحلي (قدس سره) الذي كان من تلاميذ المرحوم حجة الإسلام وآية الله الملك العلام حضرة السيد مهدي بحر العلوم (قدس سره) صاحب الكرامات الباهرة والذي قد انتهت إليه الرياسة العامة في عصره بما يقرب عصرنا من قرن ونصف، وكان قاطناً في بلدة الحلة من بلاد العراق، وكان له مجلس درس عام في كل يوم في ديوانه العلماء العظام وأفاضل الطلبة الكرام بعد طلوع الشمس بما يقرب من ساعة وكان دار الشيخ المذكور تلميذاً بعيدة في المسافة عن دار السيد، ولذا كان الشيخ كل يوم يخرج من داره مبكراً ليلحق الدرس من أوله فقال (قدس سره): انه خرجت ذات يوم حسب العادة ماضياً نحو دار السيد (قدس سره) إذ لقيني رجل بأثناء الطريق، وسلم علي، وسماني باسمي، فنظرت إليه ، وإذا هو بهيئة أعراب البوادي، فاستحقرته وتعجبت من معرفته بي وباسمي وإني لم أره ولم أعرفه، ثم سألني عن مقصدي وقال : هل أنت ماض إلى درس السيد؟

ص: 55

قلت: نعم، ولم ألتفت إليه كثيراً، فمشى معي خطوات، ثم سألني مسألة علمية غامضة ما كان يظن في مثله على ما هو عليه من الهيئة أن يعرف مثل تلك المسألة أو أن يسأل عنها مستعظماً له متعجباً منه، فنقص جوابي ورده فازددت إعجاباً به وبمعرفته ودار البحث بيني وبينه أثناء الطريق إلى أن علمت كونه رجلاً عالماً كبيراً، وخضعت له في المسير والجواب على عكس ما كان مني معه ابتداء مشاهدته إلى أن مررنا في بعض الشوارع على مقبرة أحد العلماء، فوقف عليها وأمرني بالوقوف وقراءة الفاتحة لصاحبها مع الثناء عليه بأنه كان من العلماء الأخبار ، فزدت عجبا من معرفته بقبور العلماء مع أنه غريب في البلد، ثم انفعلت في نفسي من عدم اعتنائي بتلك المقابر الواقعة في شوارع الحلة مع مرورنا عليها كل يوم، وخجلت من عدم تعظيمنا لها ونحن من أهل البلد حتى يشير علينا هذا الرجل الغريب بتعظيمها وقراءة القرآن عليها، ثم مررنا وغذنا إلى البحث حتى علمت أكيدة بكونه أعلم مني كثيرا، فلم ازل أزداد في تجليله واحترامه وتقديمه في المشي حتى انتهينا إلى دار السيد (قدس سره) وكان لها مجاز فوقفت جانبا وأحببت تقديم الرجل في دخول الدار وعرضت عليه ذلك فامتنع عنه وأعدت القول عليه وهو ممتنع إلى أن قلت له ثالثا: شيخنا تفضل وتقدم فانا صاحب الدار، فأجابني بصوت جهوري قائلاً : (لا أنا صاحب الدار) فكأنني ملئت رعباً من كلامه، وتقدمت عليه ودخلت المجاز ثم صحن الدار فرأيتها غاضة بطلبة العلم من تلاميذ السيد ولم أجد مفسحاً لجلوسي فجلست موضع الأحذية ثم دخل الرجل ورائي وسلم على الحاضرين، ونظر يمنة ويسرة فلم يجد موضعاً لجلوسه فقصد موضع جلوس السيد (قدس سره) ومسنده المهيا له وهو بعد لم يخرج فشق ذلك على بعض الجلساء من الطلبة وجعلوا ينظرون إليه نظر حدة وغضبوا من اجترانه على المسند، ثم تناول الرجل بعض ما كان أمام المسند من تأليفات السيد (قدس سره) وجعل

ص: 56

يطالعها إلى أن توجه للجلساء وأخذ يثني على تلك التأليفات فجعل كثير منهم يضحكون من ثنائه مستهزئين به ظانين أنه لا يفهم منها شيئاً، وأن ثناه عليها لم يكن عن معرفة، وأنا انهاهم عن الضحك والاستهزاء وأذكر لهم معرفة الرجل وكونه من العلماء العظام فكأنهم لم يصدقوني في ذلك مع مايرون على الرجل من هيئة أعراب البوادي وبينما نحن كذلك إذ دخل السيد (قدس سره) فقمنا بأجمعنا احتراماً له، وتوجه السيد إلى مسنده إلى أن قرب من فقام الرجل له وأجلسه بجنبه على المسند فترحب به السيد على عادته مع الغرباء الذين كانوا يعدون إليه وينزلون عنده ثم ساله من أين أتيت فقال : من البلد الكذائي (وسمي بلداً كان بينه وبين الحلة مسافة تسعة أيام على الدواب ولم يكن غيرها مركوباً في البر).

قال السيد: متى خرجت من هناك؟

قال : صليت فريضة الصبح هناك وخرجت.

(فلم ينتبه أحد متا لكلامه وما أفاده من قطع تلك المسافة البعيدة بساعة واحدة أو أقل منها) ثم سأله السيد عن أخبار تلك البلدة وأنه هل حدث فيها حادث مهم؟ قال: إن أولاد فلان شيخ القبيلة وهم ثلاثة شباب قاموا بأتباعهم على حكومة البلد ودارت الحرب بين الفرقين ثلاثة أيام وكانت النتيجة انتصار الثوار وهم اليوم قد ملكوا زمام أمر البلد فتعجب السيد كثيراً من تلك الوقعة المهمة وعدم بلوغ خبرها إليه برقياً على ما هو عليه من الرياسة العامة ولا سيما على العراق، وسرعة إعلامه بالحوادث العظيمة التي تحدث فيها، فاخبره الرجل إنه سيأتيك خبر تلك الحادثة، ثم شرع السيد في التدريس فلم يبين إلآ شيئاً يسيراً حتى اعترض الرجل عليه باعتراض علمي صحيح، فتعجب السيد من علمه وبراعته ونظر إليه نظر معجب به وأجاب عن اعتراضه فرة الرجل جوابه وأبان عدم صحته، وازداد السيد إعجاباً به على ما هو عليه من

ص: 57

الهيئة والثياب وأجاب عنه آخر ورة الرجل جوابه، ودار البحث بينهما إلى أن صرخ احد التلاميذ بصوت جهوري مغضباً وقال له: أما تستحي ياشيخ من تطويل البحث فتضيع علينا الوقت والدرس فتوجه الرجل إلى القائل وتبسم وسكت ولم يأت بكلمة، ولكن السيد الأستاذ غلب عليه الغضب بشدة ونظر إلى الشيخ التلميذ نظر شزر وغضب وبهت الحاضرون ورجع السيد إلى الرجل يكالمه بكل خضوع وأدب بعد معرفته بعلمه فلم يرد الرجل عليه شيئاً ولم يزل الغضب ظاهراً من السيد على ذلك القائل ورجع إلى التدريس ولم يذكر إلا قليلاً وطوى كلامه، وأمر بتفرق الحاضرين، فقاموا منصرفين ولم يبق في المجلس إلآ أنا ونفر يسير من التلامذة ننتظر معرفة الرجل ونتيجة أمره مع السيد إلى أن أقبل عليه السيد ولكنه بغاية الخضوع له، ونهاية التأدب بين يديه على خلاف الأول وزاد في الترحيب به وبتشريفه وقدومه، ثم إعادة السؤالات السابقة عن بلده، وزمان خروجه منه والحوادث المهمة الواقعة فيه، وأعاد الرجل أجوبته السابقة حرفياً وبينما هما في المحادثة إذ أقبل خادم السيد بالة الدخان المعروف (أركيلة أو قرشه أو قلیان) وهم بتقديمها للسيد وأشار السيد عليه بتقديمها للضيف الكريم إجلالاً له، فامتنع الرجل من شربه فغمز السيد على الخادم بتهيئة القهوة بسرعة، فمضى الخادم ولم يكن إلا وقد رجع حاملاً أوعية القهوة فغمز السيد أيضاً بتقديمها للضيف وامتنع الرجل أيضاً من شربه لعدم اعتماده على شيء منهما، ثم أمر الضيف على الخادم بسقيه وعجل السيد على الخادم بإحضار الماء وأمره بالإسراع في ذلك ولما مضى الخادم ولم يكن بأسرع من أن رجع وبیده قدح ماء ولما توسط صحن الدار قبل أن ينتهي إلى السيد والضيف، ناداه الضيف وقال له: إن هذا الماء والقدح نجسان فإن الخابية التي أتيت بالماء منها فيها ميتة نجسة، فتعجبنا جمعياً من كلامه ولم ينتبه أحد منا بما أخبر به من مغيبات الأمور فرجع الخادم إلى الخابية وإذا فيها

ص: 58

فارة ميتة وأتي بماء آخر بعد تطهير القدح وناوله للضيف ولما شربه وتحادث مع السيد قليلاً، قام لينصرف فالح عليه السيد بالإقامة عنده ولو ليلة واحدة فلم يجبه إلى ذلك فمشى السيد بسرعة أمامه إكراماً له حتى انتهيا إلى المجاز المنتهي إلى باب الدار فوضع الرجل يده على صدر السيد قائلاً : (يكفي إرجع) فكأنه جمد السيد في موضعه بإصابة السيد لصدره، ودخل الرجل المجاز فلم يكن إلا كلمحة البصر حتى غاب عنا وصرخ السيد برفيع صوته: (تفقدوه فإنه والله ليس إلا صاحب الزمان عليه السلام) فتفرقنا نحن كالطير في أطراف الدار والأزقة فلم نر له عيناً ولا أثراً، فرجعنا إلى السيد في الدار وجلسنا نبكي ونتحسر على عدم معرفتنا به علیه السلام وعدم انتباهنا لإخباراته المغيبة صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين(1)

磯 磯 磯

ص: 59


1- روضة المتعظين في مواعظ الدنيا والدين : السيد شريف سيد العاملي ج 1 ص 123.

23- دعا له الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)

کتب علي بن بابویه عريضة للإمام صاحب الأمر علیه السلام وأرسلها إليه عن طريق النائب الخاص للإمام حسین بن روح وطلب في تلك الرسالة من الإمام أن يدعو الله أن يرزقه ولداً فذكر الإمام في رسالة جوابية أنه ابتهل إلى الله وأنه سيرزقه ولدين صالحين وأمره أن يسمي أحدهما محمداً، والآخر حسيناً وظهر من حسین نسل كثير من المحدثين. محمد يفخر أنه ولد بسبب دعاء الإمام صاحب الأمر وكان الأساتذة يشيدون به ويقولون: ينبغي أن يكون الشخص الذي ولد بسبب دعاء الإمام الحجة هكذا(1)

磯 磯 磯

ص: 60


1- قصص الدعاء: قاسم میر خلف زاده ص82.

24- الإمام الحجة عليه السلام ودعاء اللهم عرفني نفسك

يقول الحاج غلام عباس الحيدري الدستجردي وهو من سكنة قم :

في عصر يوم الجمعة كنت جالساً في مسجد بالاسر في صحن الإمام الرضا علیه السلام وأقرأ دعاء وفجأة امتدت يد من فوق رأسي واخذت کتاب المفاتيح من يدي، ودلني شخص على دعاء في مفاتیح الجنان وقال : إقرأ هذا الدعاء فأخذت الكتاب وشرعت مرة أخرى بقراءة الدعاء الذي كنت أقرأه وأمرني مرة ثانية وثالثة هذا السيد الواقف عند رأسي بقراءته؟

فنظرت ورأيته يحمل عنوان الدعاء في غيبة الإمام الزمان علیه السلام.

فرفعت رأسي كي أشكره، فلم أر شخصاً فقلت في نفسي: ويحي لقد رأيت إمامي ولم أعرفه.

والدعاء الذي أوصيت بقراءته عدة مرات هو:

(اَللّهُمَّ عَرِّفْنی نَفْسَکَ، فَاِنَّکَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْنی نَفْسَکَ لَمْ اَعْرِفْ نَبِیَّکَ، اَللّهُمَّ عَرِّفْنی رَسُولَکَ فَاِنَّکَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْنی رَسُولَکَ لَمْ اَعْرِفْ، حُجَّتَکَ، اَللّهُمَّ عَرِّفْنی حُجَّتَکَ فَاِنَّکَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْنی حُجَّتَکَ ضَلَلْتُ عَنْ دینی)(1)

ص: 61


1- قصص الدعاء: قاسم میر خلف زادة ص112.

25- قصة أبو سورة وبريء من الزيدية

روي عن ابن أبي سورة عن أبيه وكان أبوه من مشايخ الزيدية بالكوفة قال: كنت خرجت إلى قبر الحسين علیه السلام أعرف عنده فلما كان وقت العشاء الآخرة صليت وقمت فابتدأت أقرأ الحمد وإذا شاب حسن الوجه علیه جبة سيفية فابتدأ أيضا قبلي وختم قبلي فلما كان الغداة خرجنا جميعا من باب الحائر فلما صرنا إلى شاطئ الفرات قال لي الشاب أنت تريد الكوفة فامض فمضيت في طريق الفرات وأخذ الشاب طريق البر قال أبو سورة ثم أسفت على فراقه فاتبعته فقال لي تعال فجئنا جميعا إلى أصل حصن المسناة فنمنا جميعا وانتبهنا وإذا نحن على الغري على جبل الخندق فقال لي أنت مضيق ولك عيال فامض إلى أبي طاهر الزراري فسيخرج إليك من داره وفي يده الدم من الإضحية فقل له شاب من صفته كذا وكذا يقول لك إعط هذا الرجل صرة الدنانير التي عند رجل السرير مدفونة قال فلما دخلت الكوفة مضيت إليه وقلت ما ذكر لي الشاب فقال سمعا وطاعة وعلى يده دم الإضحية وعن جماعة عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة وهو محمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي نحو ذلك وزادوا قال ومشينا ليلتنا فإذا نحن على مقابر مسجد السهلة فقال هو ذا منزلي.

ثم قال لي تمر أنت إلى ابن الزراري علي بن يحيى فتقول له يعطيك المال بعلامة أنه كذا وكذا وفي موضع كذا ومغطى بكذا.

ص: 62

فقلت من أنت قال أنا محمد بن الحسن ثم مشينا حتى انتهينا إلى النواويس في السحر فجلسنا، وحفر بيده فإذا الماء قد خرج وتوضا ثم صلی ثلاث عشرة ركعة فمضيت إلى الزراري فدققت الباب فقال من أنت فقلت أبو سورة فسمعته يقول: ما لي ولأبي سورة فلما خرج وقصصت عليه القصة صافحني وقبل وجهي ووضع يده بيدي ومسح بها وجهه ثم أدخلني الدار وأخرج الصرة من عند رجل السرير فدفعها إلى فاستبصر أبو سورة وبرئ من الزيدية(1).

磯 磯 磯

ص: 63


1- الخرائج والجرائح / قطب الدين الراوندي/ج1 ص 471، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب:ج1 ص432.

26- رؤية أحمد بن الحسين بن عبد الملك، أبو جعفر الأزدي الإمام

أخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعکبري، عن أحمد بن علي الرازي قال: حدثني شيخ ورد الري على أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي، فروى له حديثين في صاحب الزمان علیه السلام وسمعتهما منه كما سمع، وأظن ذلك قبل سنة ثلاثمائة أو قريبا منها ، قال: حدثني علي بن إبراهيم الفدكي قال : قال الأودي بينا أنا في الطواف قد طفت ستة وأريد أن أطوف السابعة فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه، طيب الرائحة، هيوب، ومع هيبته متقرب إلى الناس، فتكلم فلم أر أحسن من كلامه، ولا أعذب من منطقة في حسن جلوسه فذهبت أكلمه فزبرني الناس، فسالت بعضهم من هذا؟ فقال: ابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم يظهر للناس في كل سنة يوما لخواصه، فيحدثهم. ويحدثونه ، فقلت : مسترشد أتاك فأرشدني هداك الله.

قال : فناولني حصاة فحولت وجهي فقال لي بعض جلسائه ما الذي دفع إليكابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقلت: حصاة فكشفت عن يدي، فإذا أنا بسبيكة من ذهب، [فذهبت] وإذا أنا به قد لحقني فقال : ثبتت عليك الحجة، وظهر لك الحق، وذهب عنك العمى أتعرفني؟ فقلت: اللهم لا.

فقال : (أنا) المهدي، أنا قائم الزمان، أنا الذي أملأها عدلاً كما

ص: 64

ملئت ظلما وجورا ، إن الأرض لا تخلو من حجة ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تیه بني إسرائيل، وقد ظهر أيام خروجي، فهذه أمانة في رقبتك فحدث بها إخوانك من أهل الحق(1).

識 識 識

ص: 65


1- الغيبة : الشيخ الطوسي ص254، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب : ج1 ص429

27- إياك أن يمضي عليك يوم دون ...

أحرق الشهيدان الأول والثاني (رحمهما الله) بجريمة تشيعهما، لما تشرف أحد العلماء برؤية الإمام (عجل الله فرجه الشریف) في سفر الحج قال له الإمام (عجل الله فرجه الشریف): (الشهيدان لم يبلغا مقام المرجعية والزعامة مع ذلك تركا كتباً قيمة، إياك أن يمضي عليك يوم دون مطالعة أحدهما)(1).

識 識 識

ص: 66


1- أسوة العارفين / محمود البدري ص239.

28- الإيمان بأهل البيت علیهم السلام

نقل المرحوم الشيخ عبد الكريم رحمه الله قال: (كنت يوماً عند الميرزا الشيرازي (قدس سره) بسامراء أقرا عليه، وفي أثناء الدرس دخل أستاذنا الكبير آية الله السيد محمد الفشاركي وعليه آثار الانكماش نتيجة ظهور مرض الوباء الذي شاع في العراق في ذلك الزمان.

فقال لنا: هل تعرفوني مجتهداً أم لا؟

فقلنا: نعم، قال: أتعلمونی عادلاً؟ قلنا: نعم، وكان مقصده اخذ إقرارهم واعترافهم هل له شرائط الحكم والفتوى أم لا.

فقال بعد ذلك: أصدر حكمي إلى كافة شيعة سامراء من الرجال والنساء أن يقرأ كل واحد منهم كل واحد يوم زيارة عاشوراء نيابة عن والدة إمام الزمان علیه السلام وهذه المكرمة تشفع لدى ابنها حضرة ولي الأمر (عجل الله فرجه الشریف) ليشفع بدوره عند الله المتعال حتى ينجو الشيعة من هذا البلاء.

قال المرحوم الحائري: عندما أصدر هذا الحكم، أطاعه جميع الشيعة من سكنة سامراء، وكانت النتيجة أنه لم يتلف أحد من الشيعة في سامراء، في حين كان يتلف عشرة أو خمسة عشر يومياً من غير الشيعة من أثر الوباء)(1).

ص: 67


1- أسوة العارفين / محمود البدري ص263.

29- ما احتجت ثانية!

قال شخص من أهل العلم: مرت بنا ظروف في النجف أو كربلاء صعبة جداً حتى صرنا نفتقر أحياناً إلى الماء والخبز، تقول العائلة : اذهب إلى المرجع الفلاني، فأقول لن أفعل، وإن أصرت على ذلك سأخرج من البيت .

هنا يجب على الأثرياء مساعدة أولئك المستحقين الذين يكسوهم الحياء وعزة النفس ويتظاهرون بالغني (ينفق نفقة الفقراء ويتظاهر کالأغنياء) على أي حال يقول ذلك الشخص : رأيت في المنام رجلاً يطرق باب البيت فذهبت وإذا به الإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالی فرجه الشریف)، فقبلت يده ودخل البيت وجلس قليلاً، فلما أراد الخروج وضع تحت الفراش شيئاً، فذهبت بعد ذهابه لتفحص ذلك الشيء فوجدت فلساً عراقياً وهو أقل ما يباع ويشتری به وقد لا يقبله الفقراء، استفقت من نومي فتحسن وضعي بحيث لم أعاني الفقر بعد ذلك أبداً، ووصل إلى مبلغ مالي من أصفهان قدره 80 أو 100 تومان فتحسن بها وضعي(1).

畿 畿畿

ص: 68


1- أسوة العارفین/ محمود البدري ص275.

30- تهذيب النفس شرط التشرف بخدمة صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف)

يقول حجة الإسلام والمسلمین قدس: (ذات يوم قال لنا الشيخ بهجت: كان في طهران عالم يدرس اللمعتين، وفي يوم سمع هذا العالم ان احد تلاميذه العاديين تصدر منه أعمال خارقة، وفي يوم من الأيام ضاع سكين الأستاذ الذي كان متعلقاً به كثيراً (فقد كانوا يكتبون بأقلام القصب آنذاك وكانوا يحتاجون إلى السكين لبري أقلامهم) فغضب على أبنائه وعائلته ظاناً أنهم هم أخذوه من جيبه، وفقدوه في مكان ما. ومرت بضعة أيام ولكنهم لم يعثروا على السكين، ولم ينس الأستاذ سکینه بعد هذه المدة أيضاً. وفي يوم قال ذلك الطالب للأستاذ بعد انتهاء الدرس : (یاسماحة) الشيخ، لقد نسيت سكينك في جيب مدرعتك القديمة، فما ذنب أبنائك؟) فتذكر الأستاذ أنه وضع السکین في جيب مدرعته فعلاً ، ولكنه تعجب من أمر الطالب، فكيف عرف هذا الأمر؟ فأيقن أن هذا الطالب مرتبط باولياء الله فقال له ذات يوم: عندي عمل معك بعد الدرس وقال له بعد خروج الطلاب: (إني على يقين من أنك مرتبط بالأئمة علیهم السلام فهل تستطيع مقابلة الإمام صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشریف)؟ وأخذ يلح عليه أن يجيبه على سؤاله، فاضطر الطالب للاعتراف بارتباطه بالإمام صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشریف) . فقال له الأستاذ: إذا رأيت الإمام مرة أخرى فبلغه سلامي وقل له: إني تقت لرؤيته، فليسمح لي بلقائه ولو لبضع دقائق.

ص: 69

ومضت بضعة أيام ولم يقل الطالب شيئاً، ولم يتجرأ الأستاذ أن يسأله لأنه كان يخشى أن يكون الإمام قد رفض قبوله، ولكنه اضطر أن يسأله بعد أن نفد صبره: هل أبلغت وصيتي للإمام علیه السلام؟ وما كان جواب الإمام؟ فحاول الطالب أن يتهرب من الإجابة، ولكن الأستاذ قال له : قل لي ولا تستحي فإنك رسول «وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ»(1).

فقال الطالب: (قال الإمام: ليس ضرورياً أن نعين له وقتاً للقاء، فليهذب نفسه وسآتيه أنا)(2).

磯 磯 磯

ص: 70


1- سورة النور، الآية: 54.
2- أسوة العارفین / محمود البدري ص 283.

31- لقاء المقدس الأردبيلي وصاحب الزمان علیه السلام

نقل عن السيد الفاضل فضل الله ابن السيد محمد الاسترآبادي - وهو من أجلاء تلامذة المقدس الأردبيلي - أنه قال: كانت لي حجرة في المدرسة المحيطة بالقبة الشريفة - يعني بذلك حجرات الصحن المطهر - فاتفق أني فرغت من مطالعتي في ظلمة من الليل، من الحجرة، فخرجت من الحجرة أنظر في ساحة الحضرة، فرأيت رجلاً مقبلاً إليها.

فقلت : لعله سارق يريد أخذ شيء من قناديل الحضرة، فنزلت إلى قربه وهو لا يراني، فرأيته مضى إلى الباب ووقف، فرأيت القفل قد سقط وفتح له الباب الأول ثم الثاني، ثم الثالث، حتى أشرف على القبر وسلم، فأتي من جانب القبر رد السلام فعرفت صوته فإذا هو يتكلم مع الإمام علیه السلام في مسألة علمية، ثم خرج متوجهاً إلى مسجد الكوفة، فخرجت خلفه وهو لا يراني فلما وصل إلى المحراب سمعته يتكلم مع رجل في مسألة، ثم رجع، فرجعت من خلفه إلى أن بلغ باب البلد فأضاء الصبح فدنوت منه وقلت: یا مولانا ! کنت معك من الأول إلى الآخر، فأعلمني من الرجلان ماذا جرى؟ فأخذ علي المواثيق في الكتمان إلى موته، ثم قال: يا ولدي! إن بعض المسائل تشتبه علي فربما خرجت بعض الليل إلى قبر مولانا علیه السلام

ص: 71

وكلمته فيه وسمعت الجواب، وفي هذه الليلة قال لي: (إن ولدي المهدي عليه السلام هذه الليلة في مسجد الكوفة، فامض إليه لمسألتك)(1).

磯 磯 磯

ص: 72


1- أسوة العارفین / محمود البدري ص 284.

32- تشرف العلامة الحتي بخدمة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

كان العلامة الحلي في إحدى ليالي الجمعة قد تشرف بزيارة سيد الشهداء علیه السلام وكان لوحده

راكباً على حماره وبيده سوط، وفي أثناء الطريق صاحبه شخص عربي وكان راجلاً، ثم تكلما في المسائل العلمية، والعلامة يسأله عن مشکلاته في العلوم واحدة تلو الأخرى، وكان هذا الشخص يجيب عليها ويقوم بحلها حتى انجر الحديث إلى إحدى المسائل، فأفتى ذلك الشخص بخلاف ما يراه العلامة الحلي وقال : لم يرد حديث عندنا يؤيد هذه الفتوى

فقال الرجل: (إن حديثاً في هذا الباب قد ذكره الشيخ الطوسي في -التهذيب - فتصفح كتاب التهذيب، وفي الصفحة الفلانية والسطر الفلاني تجده مذكوراً).

فأخذت العلامة الحيرة، من يكون هذا الشخص؟

فسأل الرجل وقال : هل يمكن في زمان الغيبة الكبرى أن نرى صاحب الأمر علیه السلام أو لا؟

وفي هذه الأثناء سقط السوط من يد العلامة، فاخد الرجل السوط من الأرض ووضعة بيد العلامة وقال : وكيف لا يمكن أن يرى صاحب

ص: 73

الزمان علیه السلام والحال أن يده في يدك فسقط العلامة وبدون اختيار من حماره إلى الأرض وهو يقبل قدمي الإمام علیه السلام وأغمي عليه، ولما انتبه لم ير أحداً، وبعد أن رجع إلى البيت تصفح كتاب (التهذيب) فوجد الحديث المذكور في تلك الصفحة وذلك السطر، كما دله عليه وبعد ذلك كتب العلامة بخطه على حاشية كتاب (التهذيب): وهذا الحديث هو الذي أرشدني إليه صاحب الأمر..(1).

戀 戀 戀

ص: 74


1- أسوة العارفين / محمود البدري ص 285.

33- تشرف الشيخ الأنصاري رحمه الله بخدمة الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)

نقل عن احد تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري ثم قال: (في إحدى زیاراتي المخصوصة لكربلاء، خرجت في إحدى الليالي بعد منتصف الليل إلى الحمام، ولما كانت الشوارع مكسوة بالطين فقد أخذت معي سراجاً ، فلاح لي من بعيد شخص شبيه بالشيخ الأنصاري، فلما اقتربت منه قليلاً وجدته الشيخ الأنصاري نفسه ، فاتبعت أثره حتى لا يتعرض لمكروه من أحد، وكنت اخطو خطوات خفيفة في اقتفاء أثره، حتى رأيته وقد وقف على باب دار خربة، وقرأ الزيارة الجامعة، ثم دخل الدار الخربة ، فسمعته يتحدث مع شخص إلا أني لم أره ثم ذهبت إلى الحمام، وبعدها تشرفت بزيارة الحرم، فرأيت الشيخ في الحرم الشريف وبعد انتهاء هذا السفر وفي النجف الأشرف وصلت إلى خدمة الشيخ وعرضت عليه قضية تلك الليلة ، وبعد الإلحاح الشديد متي عليه قال: أحياناً ولأجل الوصول بخدمة إمام الزمان (عجل الله فرجه الشریف) أطلب الاستئذان منه، وكنت قد ذهبت إلى ذلك المنزل الذي رأيتني على بابه أقرا الزيارة الجامعة، لأطلب الاستئذان من الحضرة الشريفة والتشرف بلقائه ، لأسأله عن بعض المطالب ثم بعد ذلك أقسم علي الشيخ، وأخذ مني عهداً على أن لا أبوح لأحد بما جرى له ما دام على قيد الحياة)(1).

ص: 75


1- أسوة العارفین / محمود البدري ص286

34- يشفى على يد الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)

حكى الشيخ الحر العاملي قصة مرضه في الطفولة، فقال: (أصبت في صغري بمرض عضال، بحيث فقد الجميع الأمل في بقائي. وفيما كنت أنا على تلك الحال، وأنا بين النوم واليقظة، رأيت رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم والأئمة الأطهار، فسلمت عليهم وصافحتهم. ولقد كلمني الإمام الصادق علیه السلام إلا أني لا أذكر من حديثه سوی دعائه علیه السلام لي بالشفاء.

وأتذكر أني عندما صافحت الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) لم أتمالك نفسي من البكاء، وقلت له: يامولاي، إني اخاف أن أموت في مرضي هذا ولم أصل إلى هدفي في طلب العلم والعمل فقال علیه السلام: لا تخف، إنك لا تموت في مرضك هذا، وإن الله سبحانه سیمن عليك بالشفاء، وسيطول عمرك . ثم ناولني قدحاً فشربت منه. وأفقت من تلك الحالة، وأنا سالم معانی، كأن لم يكن بي مرض أو علة ووسط فرحة الأهل ودهشتهم، كنت احكي لهم قصة الداء العضال والنوم واليقظة(1).

畿畿 畿

ص: 76


1- أسوة العارفين / محمود البدري ص286.

35- اهتمام صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف) بالشيعة الحقيقيين

يقول السيد قدس سره : ذات يوم قال الشيخ: أراد أحد الأطباء المتدينين المؤمنين بولاية أمير المؤمنين علیه السلام أن يعرف أنصار الإمام الحجة علیه السلام بأسمائهم. وذات يوم وبينما كان جالساً في عيادته الواقعة في بيته، دخل رجل وسلم وجلس ثم قال: يا سماحة السيد، إن أنصار الحجة علیه السلام هم: فلان وفلان... وأخذ يعد أسماءهم فرداً فرداً بسرعة، وكان من بينهم اسم (بهرام) على أي حال عد الرجل في بضع دقائق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وقال : هؤلاء أنصار المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، ثم نهض من مكانه وودع الطبيب وخرج.

يقول الطبيب: عندما ذهب الرجل انتبهت من غفلتي وأخذت أتساءل: من كانهذا الرجل؟ وهل كنت نائماً أم يقظاً؟ فسألت زوجتي التي كانت في الغرفة المجاورة : هل كان في غرفتي احد؟ فقالت: نعم جاء رجل وكان يتكلم بسرعة. فعرفت أني لم أكن نائماً ولم يكن هذا الرجل شخصاً عادياً (1).

ص: 77


1- أسوة العارفین / محمود البدري ص 288.

36- مولانا عندنا ولا ندري!

علي بن محمد، عن أبي أحمد بن راشد، عن بعض أهل المدائن : كنت حاجاً مع رفيق لي، فوافينا إلى الموقف، فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء وفي رجليه نعل صفراء، قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين ديناراً وليس عليه أثر السفر، فدنا منا سائل فرددناه، فدنا من الشاب فسأله ، فحمل شيئاً من الأرض وناوله، فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال، فقام الشاب وغاب عنا، فدنونا من السائل فقلنا له: ويحك ما أعطاك؟ فارانا حصاة ذهب مضرسةً، قدرناها عشرین مثقالاً ، فقلت لصاحبي : مولانا عندنا ونحن لا ندري، ثم ذهبنا فيطلبه فدرنا الموقف كله فلم نقدر عليه، فسألنا كل من كان حوله من أهل مكة والمدينة ، فقالوا: شاب علوي يحج في كل سنة ماشياً(1).

畿 畿 畿

ص: 78


1- أصول الكافي : ج 1 ص 372 (875 ) ح15، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج1 ص 32.

37- إن صاحب هذا الأمر شاب قوي

قال الحكم بن أبي نعيم : أتيت أبا جعفر الباقر علیه السلام وهو بالمدينة فقلت له علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا؟ فلم يجبني بشيء، فأقمت ثلاثين يوما ثم استقبلني في الطريق فقال علیه السلام: يا حكم وإنك لههنا بعد؟

فقلت: إني اخبرتك بما جعلت لله علي فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء؟

فقال علیه السلام: بكر علي غدوة المنزل . فغدوت عليه فقال علیه السلام: سل عن حاجتك.

فقلت : إني جعلت لله علي نذراً وصياماً وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم انك قائم آل محمد أو لا، فإن كنت أنت رابطتك، وان لم تكن أنت سرت في الأرض فطلبت المعاش.

فقال علیه السلام: (يا حكم: كلنا قائم بأمر الله).

قلت: فأنت المهدي؟

قال : كلنا نهدي إلى الله.

قال : فأنت صاحب السيف؟

ص: 79

قال علیه السلام: (كلنا صاحب السيف ووارث السيف).

قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعر بك أولياء الله وظهر بك دین الله؟

فقال علیه السلام: (يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسة وأربعين سنة؟ وان صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللين مني وأخفت على ظهر الدابة).

يعني أي أن صاحب هذا الأمر شاب قوي ونشيط وكما ورد في بعض الأحاديث ان له من العمر عند ظهوره أربعين سنة وأنه ذو قوة وجسيم كما كان رجال بني إسرائيل(1).

畿 畿 畿

ص: 80


1- قصص أصول الكافي : محمد محمدي الاشتهاردي ص 321.

38- رجل من أهل استراباد

عن رجل من أهل استراباد قال : صرت إلى العسكر ومعي ثلاثون دیناراً في خرقة، منها دينار شامي فوافيت الباب، وإني لقاعد إذ خرج إلي جارية أو غلام - شك عن الراوي - قال: هات ما معك؟ قلت: مامعي شيء، فدخل ثم خرج وقال: معك ثلاثون دیناراً في خرقة خضراء منها دينار شامي، وخاتم كنت نسيته، فأوصلته وأخذت الخاتم(1).

戀 戀 戀

ص: 81


1- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج1 ص459.

39- غيبة الطوسي

جماعة عن الحسين بن علي بن بابویه قال : حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي (رضي الله عنه) كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) يستأذن في الخروج إلى الحج، فخرج في الجواب: لا تخرج في هذه السنة، فأعاد وقال: هو نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج في الجواب: إن كان لا بد فكن في القافلة الأخيرة، وكان في القافلة الأخيرة فسلم بنفسه وقتل من في القوافل الأخر. أقول: تقدم في الحسين بن روح وعلي بن محمد السمري وعلي بن بابویه والقاسم بن العلا وزرارة والحسن بن النضر والعقيقي ما يتعلق بذلك، وتقدم في (ميل) حديث الميل والمولود(1).

戀 戀 戀

ص: 82


1- سفينة البحار: الشيخ عباس القمي ج8 ص 647.

40- تشرف الشريف عمر بن حمزة بلقائه علیه السلام

قال الشيخ الجليل والأمير الزاهد ورام بن أبي فراس في آخر المجلد الثاني في كتاب (تنبيه الخاطر): حدثني السيد الجليل الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني عن علي بن علي ابن نما قال : حدثنا الحسن بن علي بن حمزة الاقساسي في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدائني العلوي قال : كان بالكوفة شيخ قصار، وكان موسوماً بالزهد، منخرطاً في سلك السياحة، متبتلاً للعبادة، مقتفياً للآثار الصالحة، فاتفق يوماً أنني كنت بمجلس والدي، وكان هذا الشيخ يحدثه وهو مقبل عليه.

قال الشيخ: کنت ذات ليلة بمسجد جعفي ، وهو مسجد قديم في ظاهر الكوفة، وقد انتصف الليل، وأنا بمفردي فيه للخلوة والعبادة. إذ أقبل علي ثلاثة أشخاص فدخلوا المسجد، فلما توسطوا صرحته جلس أحدهم ثم مسح الأرض بيده يمنة ويسرة، فخضخض الماء ونبع، فأسبغ الوضوء منه، ثم أشار إلى الشخصين الآخريين بإسباغ الوضوء فتوضا.

ثم تقدم فصلى بهما إماما، فصليت معهم مؤتماً به. فلما سلم وقضى صلاته بهرني حاله، واستعظمت فعله من إنباع الماء، فسألت الشخص الذي كان منهما على يميني عن الرجل فقلت له: من هذا؟ ، فقال لي: هذا صاحب الأمر ولد الحسن علیه السلام. فدنوت منه وقبلت يديه ،

ص: 83

وقلت له: يا بن رسول الله ، ما تقول في الشريف عمر بن حمزة.

هل هو على حق؟، فقال : لا ، وربما اهتدى، إلا أنه لا يموت حتى يراني قال: فاستطرفنا هذا الحديث من الشيخ، فمضت برهة طويلة فتوفي الشريف عمر ولم يسمع انه لقيه، فلما اجتمعت بالشيخ الزاهد أذكرته بالحكاية التي كان ذكرها، وقلت له مثل الراد عليه : أليس کنت ذكرت أن هذا الشريف لا يموت حتى يرى صاحب الأمر الذي أشرت إليه؟، فقال لي: ومن أين علمت أنه لم يره؟.

ثم إنني اجتمعت فيما بعد بالشريف أبي المناقب ولد الشريف عمر بن حمزة، وتفاوضنا أحاديث والده، فقال: إنا كنا ذات ليلة في آخر الليل عند والدي وهو في مرضه الذي مات فيه، وقد سقطت قوته، وخفت صوته، والأبواب مغلقة علينا، وإذ دخل علينا شخص هبناه واستطرفنا دخوله، وذهلنا عن سؤاله، فجلس إلى جنب والدي وجعل يحدثه ملياً، ووالدي يبكي، ثم نهض. فلما غاب عن أعيننا تحامل والدي وقال : أجلسوني، فأجلسناه وفتح عينيه وقال : أين الشخص الذي كان عندي؟ فقلنا : خرج من حيث أتي: فقال : أطلبوه فذهبنا في أثره فوجدنا الأبواب مغلقة، ولم نجد له أثراً، فعدنا إليه فأخبرناه بحاله، وأنا لم نجده، وسألناه عنه ، فقال : هذا صاحب الأمر. ثم عاد إلى ثقله في المرض، وأغمي عليه(1).

戀 戀 戀

ص: 84


1- بحار الأنوار، ج52، ص 55.

41- حكاية الكاشاني المريض وشفاءه ببركته علیه السلام

جاء في (البحار): أخبرني جماعة من أهل النجف الأشرف أن رجلاً من أهل کاشان أتي النجف متوجهاً إلى بيت الله الحرام، فاعتل علة شديدة حتى يبست رجلاه ولم يقدر على المشي، فخلفه رفقاؤه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدسة، وذهبوا إلى الحج.

فكان هذا الرجل (النجفي) يغلق عليه الباب كل يوم ويذهب إلى الصحارى للتنزه، ولطلب الدراري التي تؤخذ منها : فقال : له في بعض الأيام: إني قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان، فاذهب بي اليوم واطرحني في مكان واذهب حيث شئت.

قال الكاشاني : فأجابني إلى ذلك، وحملني وذهب بي إلى مقام خارج النجف يقال له: مقام القائم علیه السلام. فأجلسني هناك، وغسل قميصه في الحوض وطرحه على شجرة كانت هناك، وذهب إلى الصحراء، وبقيت وحدي مغموماً أفكر في ما يؤول إليه أمري فإذا أنا بشاب صبيح الوجه أسمر اللون، دخل الصحن، وسلم علي وذهب إلى بيت المقام، وصلی عند المحراب رکعات بخضوع وخشوع لم أر مثله قط، فلما فرغ من الصلاة أتاني وسألني عن حالي، فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها ،

ص: 85

لا يشفيني الله فأسلم منها ولا يذهب بي فأستريح، فقال : لا تحزن سيعطيك الله كليهما، وذهب.

فلما خرج رأيت القميص وقد وقع على الأرض، فقمت وأخذته وغسلته وطرحته على الشجرة وتفكرت في أمري وقلت: كنت لا أقدر على القيام والحركة، فكيف صرت هكذا؟!، فنظرت إلى نفسي فلم أجد شيئاً مما كان بي، فعلمت أنه كان القائم (صلوات الله عليه)، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أر أحدا ، فندمت ندامة شديدة.

فلما أتاني صاحب الحجرة سألني عن حالي، وتحير في أمري، . فأخبرته بما جرى، فتحسر على ما فات منه ومني، ومشيت معه إلى الحجرة.

قال الرواة: وبقى الرجل سالماً حتى عاد الحاج وعاد رفقاؤه ، وكان معهم مدة ثم مرض ومات، ودفن في الصحن المقدس، وظهر صحة ما أخبره به علیه السلام من وقوع الأمرين معاً(1).

戀 戀 戀

ص: 86


1- بحار الأنوار، ج52، ص177.

42- قصة الشيخ ورام والرقعة

قال السيد عظيم الشان..

ومن جملة الأخبار ما حدثنا به الرشيد أبو العباس بن میمون الواسطي قال : عندما توجه الشيخ (یعني جده ورام بن أبي فراس قدس الله روحه) من الحلة للألم والملل الذي ظهر من المغازي، وأقام في المشهد المقدس من مقابر قريش شهرين إلأ سبعة أيام.

قال: فتوجهت من بلد واسط إلى (سر من رأى)، وصار الهواء بارداً بشدة فاجتمعت بالشيخ ورام في المشهد الكاظمي وبينت له عزمي على الزيارة.

فقال : أريد أن أبعث معك رقعة تشدها بأزرار ملابسك أو تحت ملابسك فربطتها بملابسي، ثم قال: إذا وصلت إلى القبة الشريفة (يعني قبة السرداب المقدس) ودخلت هناك في أول الليل ولا يبقى أحد عندك، وكنت آخر من بقي وأردت الخروج فضع الرقعة في القبة، فإذا صار الصبح فاذهب إلى هناك فإذا لم تر الرقعة هناك فلا تقل لأحد شيئاً.

قال : فعملت ما قاله لي، فذهبت في الصباح ولم أجد الرقعة ورجعت إلى أهلي. وقد رجع الشيخ قبلي من نفسه إلى أهله، يعني رجع إلى الحلة. فجئت بعد موسم الزيارة والتقيت بالشيخ في منزله بالحلة، فقال لي: انقضت تلك الحاجة.

ص: 87

بالصبر يحصل مقصودك

قال السيد الأجل علي بن طاؤس في كتاب فرج المهموم: ومن جملتها أذكر خبراً علمته ممن تحققت صدقه لي في ذلك فسألت مولاي المهدي علیه السلام أن يخبرني أبقى فيما كنت فيه ممن تشرف بصحبته وخدمته في زمان الغيبة مقتدياً بمن يخدمه علیه السلام من مواليه وخواصه؟، ولم اطلع على مقصودي هذا أحداً من العباد. فحضر عندي ابن الرشيد بن العباس الواسطي وقال مبتدئاً من نفسه : يقولون لك ليس عندنا قصد إلا الرحمة معك ، فإذا توطن نفسك على الصبر يحصل مقصودك ، فقلت له: من هو الطرف الذي تقول عنه هذا الكلام؟، فقال : عن طرف مولانا المهدي علیه السلام .

戀 戀 戀

ص: 88

43- یا صاحب الزمان أدركني

نقل الحاج إسماعيل غازي الذي يسكن مدينة مشهد الحكاية التالية : كنت في إحدى سنوات الحج رئيساً لقافلة تبدأً رحلتها من مدينة مشهد وتمر بالنجف الأشرف لزيارة العتبات المقدسة. وكان طريق الحج البري المار من النجف صحراوياً فلا يوجد ماء أو غذاء والطريق غير معبد ولا إسفلت فيه وحتى إن معالم الطريق لا تظهر إلا لذوي الخبرة من الناس.

وخلال عدة ليال وأيام لم نر سوى الكثبان الرملية والصحراء المترامية الأطراف. وقد تزودنا بالماء والبنزين الكافي، كما تزود الركاب بالغذاء اللازم، وكان أحد السائقين قليل التقوى والدين فسار بنا في هذه الطرق الوعرة حتى غروب الشمس فقلنا له: لا بأس أن نستريح هنا ونبيت ليلتنا حتى مطلع النهار. ولكنه لم يهتم بأقوالنا وواصل سيره حتى داهمنا الظلام الدامس في البيداء المرعبة. وبعد فترة توقف عن السواقة وقال: لقد ضللنا الطريق. ونزلنا في المكان حتى الصباح، وعندما استيقظنا من النوم وجدنا الكثبان الرملية وقد غطت أجسامنا ومقدمة السيارة وضاع الطريق علينا! وحتى آثار عجلات السيارة اندرست في تلك البيداء. فقلت للسائق وللركاب اركبوا السيارة. وأمرته أن يسير عشرة فراسخ إلى الشرق وعشرة إلى الغرب ومثلها إلى الجنوب وعشرة رابعة إلى الشمال حتى نجد الطريق ومشينا على هذه الشاكلة طوال النهار حتى نضب الماء والبنزين والغذاء منا ولكننا لم نصل إلىالطريق.

ص: 89

وهكذا قضينا الليلة الثانية في الصحراء، فكنا قلقين لا ندري ماذا نعمل.!، وفي النهار التالي واصلنا السير على الطريقة نفسها حتى داهمنا الليل مرة ثالثة ونفد البنزين تماماً فتوقفت السيارة.

كما بدأنا بتقسيم الماء بصورة مقننة على الركاب. فأصاب المسافرين الهلع وعمدنا إلى البكاء والنحيب والتوسل إلى الباري (عز وجل) أن ينقذنا من هذه المصيبة وأخيراً فقدنا الأمل بالنجاة فتمددنا على الرمل ننتظر الأجل المحتوم ثم خطرت في بالي فكرة فقزت من مكاني وقلت لأصحابي : تعالوا نقدم نذراً للواحد القهار إذا أنقذنا من هذه الورطة فإننا ننفق جميع ما لدينا. عند رجوعنا إلى ديارنا في مشهد في سبيل الله فوافق الجميع على ذلك. ثم فرضنا أمرنا إلى البارئ (عز وجل).

وفي الصباح وعندما اقتربت الساعة من التاسعة صباحاً، شعرت بلفحات الهواء الحار وكأن عاصفة رملية في طريقها إلينا. فأصابني الذعر والقلق الشديد فقمت من مكاني وابتعدت قليلاً عن الرفاق وقبعت خلف تلة قريبة من المكان وأنا أبكي بحرقة وأندب واستغيث وقد أخذتني موجة من البكاء الشديد وأنا أتوسل بكل جوارحي قائلاً : يا صاحب الزمان أدركني، يا أبا صالح ادرکنی، یا مهدي أدركني، وكانت قطرات الدمع تنهمر من مقلتي على محاسني وأنا في حالة يرثى لها. وإذا بي أسمع خطوات رجل خلفي فتلفت إلى ورائي فوجدت أعرابياً وخلفه قافلة من الجمال وهي تسير الهوينا قاطعة الصحراء القاحلة. فوقفت منادياً : أيها الأعرابي، بالله عليك أنقدنا، أين نحن؟، لقد ضللنا طريقنا، فأناخ الأعرابي جماله وتقدم إلي ونطق باسمي قائلا ً: تعال لأريك الطريق ولا تكن قلقاً خائفاً، ثم أشار بيده وهو يقول: اذهبوا في هذا الطريق حتى تصلوا إلى جبلين وهناك واصلوا السير بينهما حتى ينتهي الوادي فانحرفوا نحو اليسار وثم واصلوا السير باستقامة حتى الغروب وعندها ستصلون إلى الطريق العام.

ص: 90

فقلت له : لكننا قد نضل الطريق مرة أخرى فماذا نفعل؟.

ثم اخرجت القرآن الذي كان في جيبي وقلت له : أحلفك بكتاب الله أن ترشدنا إلى الطريق وتسير معنا حتى النهاية. وكلما أراد الاعتذار أصريت عليه حتى قال : طيب سوف آتي معكم، فركبنا السيارة وأشار إلى السائق الثاني وقال له: أنت خذ قيادة السيارة، فجلسنا نحن الثلاثة في المقدمة وقد طغت علينا موجة من السرور ثم قال الأعرابي : تحرك يا رجل وشغل السيارة.

فسارت بنا العربة حوالي الساعتين وحتى منتصف النهار قال الأعرابي : توقفوا هنا للصلاة. والغريب في الأمر، أننا جميعاً لم نتبه بأن السيارة كانت قد خلت من البنزين والوقود تماماً عندما توقفنا في نهاية المطاف!!

وكان على مقربة من المكان عين ماء فتوضأنا جمعياً ثم ابتعد الأعرابي عنا قليلاً ليصلي وقال لي: كن إماماً للجماعة وصل فيهم، وبعد الصلاة ركبنا السيارة وقال السيد الجليل الأعرابي: أسرعوا بالركوب فإن أمامنا مسافة طويلة.

وسارت بنا العربة كما وصف سابقاً بين الجبلين ثم انحرفت إلى اليسار حتى وصلنا إلى الطريق العام. وكان أثناء الطريق يتكلم بالفارسية ويسأل عن علماء مشهد فرداً فرداً وكأنه يعرفهم. حتى إنه كان يقول: إن فلاناً ملتزم وجيه وله مستقبل باهر !!

وفي هذه الأثناء تذكرت النذر فقلت لذلك الأعرابي الشهم الشريف: يا سيدي لقد نذرنا إذا أنقذنا الباري (عز وجل) أن ننفق جميع أموالنا في سبيل الله فقال : إن الالتزام بهذا النذر ليس واجباً شرعياً.

وأخيراً وصلنا إلى الطريق العام فنزلنا من السيارة فرحين مسرورين ثم التفت إلى الركاب وقلت لهم: أرجوكم أن تجمعوا جميع ما عندكم

ص: 91

من النقود لنعطيها لهذا الأعرابي الشريف الذي ترك جماله في الصحراء وقام بإرشادنا وأنقذنا من الموت المحتوم.

عندها شعر جميع الركاب بالموقف وأصابتهم قشعريرة الغفلة وكانهم أفاقوا من النوم وقالوا: من يكون هذا الرجل وكيف يمكنه الرجوع إلى جماله بعد كل هذه المسافة الطويلة؟.

ثم انتبه الجميع بأن ذلك الأعرابي لم يكن بيننا وقد اختفى تماماً، فهرولنا من هنا وهناك ولكن بدون نتيجة وهنا علمنا جميعاً بأننا كنا في خدمة صاحب الزمان ولكننا لم نعرفه.

戀 戀 戀

ص: 92

44- نحن ننصرك

كان المرحوم آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني من أعظم المراجع العلمية الشيعية قاطبة .

وهذا الفقيه الديني المؤيد المسدد الذي مسك زمام عالم التشيع كان أيضا من المراجع العليا التي تستفيض بلقاء صاحب الزمان بدون وساطة معينة وهو موضع التأییدات الغيبية ولم يكن له نظير في العالم المذهبي منذ الغيبة الكبرى لبقية الله (أرواحنا له الفداء) ومن حيث الزعامة المرجعية والكياسة والفراسة وسعة الصدر والعفو والمآثر والكرامات الباهرات والسجايا الحميدة وسخاوة اليد وحلاوة اللسان والإحسان.

ومن الكرامات التي أغدقها صاحب العصر والزمان علیه السلام على هذا النائب الكبير وزعيم الأمة هي توقيعه الشريف على نصيحة وتوجيه منه إليه وبهذا فقد شمله بألطافه الخاصة وعناياته العبقة.

والرسالة الموقعة من قبل الحجة بن الحسن علیه السلام أرسلها عن طريق المرحوم ثقة الإسلام والمسلمین زین العلماء الصالحين الحاج محمد كوفي شوشتري وهي كالتالي: (قل له: ارخص نفسك واجعل مجلسك في الدهلیز واقض حوائج الناس نحن ننصرك).

戀 戀 戀

ص: 93

45- نناشدك بالله من أنت

نقل السيد الجليل علي بن طاؤس في كتاب الإقبال عن محمد بن أبي الرواد الرواسي ذكر أنه خرج مع محمد بن جعفر الدهان إلى مسجد السهلة في يوم من أيام رجب فقال : قال : مر بنا إلى مسجد صعصعة فهو مسجد مبارك وقد صلى به أمير المؤمنین علیه السلام ووطأه الحجج بأقدامهم.

فملنا إليه فبينا نحن نصلي إذا برجل قد نزل عن ناقته وعقلها بالظلال، ثم دخل وصلى ركعتين أطال فيهما، ثم مد يديه فقال : اللهم يا ذا المنن السابغة إلى آخر...، ثم قام إلى راحلته وركبها، فقال لي ابن جعفر الدهان: الآن نقوم إليه فنسأله من هو؟.

فقمنا إليه، فقلنا له : ناشدناك الله من أنت؟.

فقال: ناشدتكما الله من ترياني؟.

قال ابن جعفر الدهان: نظنك الخضر علیه السلام.

فقال: وأنت أيضاً، فقلت : أظنك إياه.

فقال: والله إني لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته، انصرفا فأنا إمام زمانكما(1)

ص: 94


1- بحار الأنوار، ج 95، ص391.

46- الإمام علیه السلام يغسل ويكفن ميتا من شيعته

نقل الثقة الصالح الحاج علي البغدادي، أنه في سفره إلى المشهد المقدس وقبل أن يصل إلى مشهد بسبعة أو ثمانية منازل، مات احد رفاقنا في تلك السفرة، فتكلمت مع المكاري في حمل جنازته ، فقال : آخذ أربعة عشر توماناً، وكنا قد جمعنا بيننا سبعة تومانات، وطلبنا أن يأخذه بذلك المبلغ فلم يرض، فكان لأحد رفاقنا حمار فوضع الجنازة عليه، وقال: لا بد أن نأخذ الجنازة على أي نحو كان، فلم نمش إلا قليلاًٌ -وكان ذلك المؤمن في ضيق وتعب-وإذا بفارس يظهر من جهة المشهد، فعندما وصل إلينا، سأل عن الجنازة، فذكرناله ما تقدم، فقال : أنا آخذه بذلك المبلغ، وكان فرسه جيداً وعليه سرج قاجاري، فوضع الجنازة عليه وشدها بقوة، فأردنا أن نعطيه ذلك المبلغ، قال : آخذه في المشهد، وجری، وقلنا له: لا تدفنه حتى نصل، ولم نكن قد غسلنا ذلك الميت.

ولم نره بعد ذلك، حتى وصلنا المشهد بعد أسبوع وكان يوم الخميس فرأينا أن ذلك الميت قد سل وکفن ووضع في الإيوان المطهر، وعند رأسه جميع ملابسه ولم نر أحداً، وبعد فحصنا علمنا أن الجنازة وصلت إلى المشهد المقدس في ذلك اليوم الذي أعطيناها له، ولم يظهر منه بعد ذلك أثر.

ص: 95

47- بحق الذي جننت من أجله

نقل سماحة العلامة آية الله الحاج السيد احمد المددي (حفظه الله) عن المرحوم آية الله الحاج السيد أحمد الأردبيلي (جد زوجته المكرمة) نقلاً عن أبيه بأن المرجع الورع المرحوم الحاج السيد محمد الفشارکي الأصفهاني ذكر له : رأيت في بعض الأيام شيرازياً مجنوناً يطارده الصبيان ويضحكون عليه . وبعد أيام دخلت مسجداً للعبادة في غير وقت الفريضة. فلم يكن فيه أحد سواي، وبينما أخذت أتها للعبادة شعرت بدخول شخص إلى المسجد، فالتفت وإذا به ذلك المجنون.

فاستترت خلف عمود عريض هناك كي أراقبه ماذا يريد أن يفعل.

فرأيته أخذ ينظر إلى جوانب المسجد، وبعد أن اطمأن بعدم وجود أحد شرع في الصلاة بخشوع وقراءة متأنية في أجزائها وأذكارها وأدعيتها كواحد من أفضل العقلاء، فكنت متحيراً مما رأيته منه، كلما أمعنت النظر فيه فلم أجد عليه أقل علامة للجنون. راقبته في مزيد من الدقة حتى ملكتني الدهشة. ولما انتهى وأراد أن يمشي أسرعت إليه، فأخذ يموه علي شخصيته الحقيقية بتصرفات جنونية !

قلت له: يا هذا إني رأيتك منذ دخلت المسجد، فقد دلتني صلاتك الخاشعة على انك إنسان عاقل ولست كما تظهر به نفسك في الطريق. قل لي لم تتصرف كالمجانين؟ فلم يجبني الا بحركات جنونية أصر بها أن يغطي على شخصيته. فكلما رجوته أبي الا إصراراً على

ص: 96

التمويه وهو يسعى إلى التهرب مني . وهنا قلت له : أقسم عليك بحق الذي جننت من أجله قل لي الحقيقة!

بهذا القسم انهمرت دموعه ویکی... فعلمت أني وضعت إصبعي على جرحه!

نظر إلي هنيئة ثم قال: ما دمت قد أقسمت علي بمن جننت من أجله فإني أخبرك بحقيقة أمري، فلقد كنت كثير اللقاء والنظر إلى الإمام الحجة صاحب العصر والزمان (روحي فداه)، ولكن بسبب معصية صدرت مني قد ولت عني هذه السعادة، ومثلي ليس له إلا الجنون تعبيراً عن شقائه وخسارته، فلقد أصبحت الدنيا عندي بلا أهمية.

قلت : هل يمكنك الإفصاح لي عن تلك المعصية ليعتبر الآخرون ويرتدعوا؟

قال : إنني قد نظرت إلى امرأة أجنبية نظرة ريبة وشهوة. أفهل تستحق هذه العين الخائنة أن تنظر إلى جمال ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن علیه السلام مرة أخرى، والآن فهل تعلم خاسراً أشقى مني ؟!

戀 戀 戀

ص: 97

48- شفاء الجروح الذي جرح في الحرب

يقول شاب: منذ 8 سنوات في الحرب، هجم الجنود العراقيون نجرحت بهذا الهجوم، وأصيب جسمي بالشلل فلم اعد قادراً على المشي، جاءت أمي إلى منزلي ليلا وتحدثت معي؟. لم يعجبني الكلام فضجرت منه وشعرت بالانكسار.

فتوسلت بالإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) وقلت: يا سيدي ومولاي أطلب شفائي من الله ثم غفوت. رأيت الإمام علیه السلام يقول لي: أنا بنيت مسجداً بيدي، إذا تريد الشفاء فعليك أن تذهب إلى هذا المسجد فتتوسل إلينا عنده. وعندما قمت من النوم صممت على الذهاب إلى عيادة صديقي المريض وفي السنة القادمة سأذهب إلى مسجد جمکران إن شاء الله ثم مشيت إلى المستشفى لعيادة صديقي.

لما رجعت إلى منزلي، وجدته قد احترق ومعه كل الأثاث. فرغ قلبي كثيراً، صباحاً مشيت إلى مسجد جمکران بقيت 39 يوماً في المسجد.

وفي ليلة الأربعين من مدة الاعتكاف في المسجد (كان يصادف ليلة التاسععشر من شهر رمضان) حين الخدمة في المسجد شعرت بالتعب كثيراً فنمت. في الساعة الواحدة رایت بمنامي: أنني كنت أنظف ساحة المسجد المبارك فقدم سید جلیل وقال لي: هل تنظف المسجد، قلت: أجل، قال: إذهب معي إلى المسجد لنتحدث قليلاً ودخلنا إلى

ص: 98

المسجد فرأيت أشخاصاً جالسين في المسجد جلست قربهم قال لي السيد: يا سيد كانك مريض؟، قلت: أجل، جرحت في الحرب وشل جسدي.

فوضع السيد يده على راسي وقال : ستشفى إن شاء الله.

ثم وضع يده على ظهري ورجلي بنفس اللحظة شعرت بالراحة، ثم نظرت إلى الجماعة فوجدت أنهم كانوا النبي محمد صلی الله علیه و اله و سلم والإمام علي غلیه السلام وفاطمة الزهراء علیهاالسلام بضلعها المكسور والمعصومة الكبرى (سلام الله عليها) أخت الإمام الرضا علیه السلام وهم في حالة بكاء.

الإمام المهدي علیه السلام قال : المعصومة الكبرى غير راضية الآن الناس لا يحترمون حقها، ثم أعطاني رطباً وقليلاً من الماء وقال لي : يجب أن تأكل شيئاً لأنك ستصوم يوم غد.

قمت من النوم فلم أجد أثراً من الألم والجروح فشكرت الله كثيراً(1).

磯 磯 磯

ص: 99


1- أروع القصص، ماجد الزبيدي، ص180.

49- المهدي علیه السلام يعطي الطلبة رواتبهم

نقل حجة الإسلام والمسلمين أحمد قاضي الزاهدي في كتابه بالفارسية (شيفتكان إمام مهدي) وهو جامع قصص عن عشاق المهدي صاحب الزمان (عجل الله علیه و اله و سلم). نقل عن المرحوم آية الله الحاج السيد محمد کاظم القزويني (رحمه الله) أنه قال : في سنة 1392 ه أوكل مراجع الدين في کربلاء أن أدفع رواتب شهرية لطلبة العلوم الدينية، فصادف ليلة أول الشهر ليلة الجمعة، ولم يكن لدي مال لأوزعه على الطلبة، وكان المبلغ المطلوب لهذا الغرض حدود ألف دينار عراقي (وهو مبلغ كبير بالنسبة لتلك الأيام). فکرت ممن أستدين الآن حتى أسدد له فيما بعد، فلم أجد من أستدين منه، سيما أن البعض كان يطلب ضماناً لاسترجاع ماله . فكتبت عريضة أخاطب بها الإمام المهدي علیه السلام بهذا المضمون: (إن كانت قصة المرحوم آية الله العظمى السيد مهدي بحر العلوم في مكة المكرمة صحيحة فحولوا إلى هذا المبلغ).

رميت هذه العريضة في ضريح الإمام أبي عبد الله الحسین علیه السلام وفي الصباح بين الطلوعين جاءني أحد تجار بغداد إلى المنزل، تناولنا فطور الصباح معاً ثم قدم لي ألف دينار بالضبط؟

فاعترتني حالة غريبة من الوجد والسرور وخاطبت الإمام المهدي صاحب الزمان فوراً: (سيدي لم تنتظر حتى تطلع الشمس هكذا سارعت إلى استجابة الطلب)(1).

ص: 100


1- قصص وخواطر، عبد العظيم البحراني، ص 584.

50- أتفكر انه لا صاحب لنا؟

روي عن السيد بحر العلوم (قدس سره) أنه كان في مكة المكرمة مقيماً مدة ثلاث سنوات عند بيت الله الحرام ومعه خادمه، فكان يبلغ للدين ويروج فقه أهل البيت ويجيب على الأسئلة الفقهية لأبناء السنة على ضوء فقه مذاهبهم حيث كانت سعة اطلاعه وعلومه الغزيرة تمكنه من الإجابة على أسئلة المسلمين هناك كل حسب مذهبه، وبذلك نال السيد إعجاب المنصفين من السنة وعلمائهم، وأثبت بذلك حقاً انه بحر العلوم كما لقبه الكريم. ولم يكن السيد مقتصراً على عطائه الديني والعلمي بل كان سخياً في عطائه المالي أيضاً، فقد كان يعين الطلبة الدارسين عنده والفقراء الذين يطرقون باب داره، فلما أوشكت أمواله على الانتهاء قال له خادمه بصيغة العتاب : هكذا تبذل حتى أصبحنا لا نملك الآن ما نرجع به إلى النجف الأشرف (العراق).

فسكت عنه السيد بحر العلوم مكتفياً بابتسامة نابعة من سر ويقين!

وهكذا جاء اليوم الذي نفدت فيه الدراهم والدنانير كلها فجاء الخادم إلى السيد يخبره قائلا ً: ألم أقل لك، فماذا نفعل الآن؟

أعطاه السيد ورقة صغيرة وأرسله إلى عنوان في السوق، ليسلم الورقة صاحب دکان هناك.

يقول الخادم: ذهبت وإذ كان هناك رجل بسيماء الأولياء، استلم الورقة وقرأها ثم ناولني أكياساً مملوة بالدراهم والدنانير. فرجعت بها

ص: 101

إلى السيد وأنا متعجب من الأمر، وفي اليوم التالي رجعت إلى السوق تعرف على الرجل فلم أجد له من أثر، بل ولا أثر للدكان أيضاً فسألت أصحاب الدكاكين، أكدوا أن لا احد بهذه المواصفات كان يجاورهم. فعدت إلى البيت وكنت غارقاً في التفكير، حتى دخلت على السيد، فسألني أين كنت؟ قلت: كنت مشغولاً سيدي.

قال السيد بحر العلوم وهو يبتسم : بل كنت ذاهبة إلى السوق تبحث عن الرجل الذي أرسلتك إليه أمس!

فازداد اندهاشي فوق الأول وانهمرت دموعي.

فقال السيد: أتفكر في أنه لا صاحب لنا؟ !(1)

畿畿 畿

ص: 102


1- قصص وخواطر، عبد العظيم البحراني، ص585.

51- ماء الهندباء

نقل السيد الجليل المقدم السيد فضل الله الراوندي في كتاب الدعوات عن بعض الصالحين انه قال : صعب علي في بعض الأحايين القيام لصلاة الليل، وكان احزنني ذلك، فرأيت صاحب الزمان علیه السلام في النوم، وقال لي: (عليك بماء الهندباء، فإن الله يسهل ذلك عليك).

قال: فأكثرت من شربه فسهل ذلك علي(1).

縣縣縣

ص: 103


1- الدعوات، الراوندي ، ص156، ح 424.

52- ماء الهندباء

نقل السيد الجليل المقدم السيد فضل الله الراوندي في كتاب الدعوات عن بعض الصالحين انه قال : صعب علي في بعض الأحايين القيام لصلاة الليل، وكان احزنني ذلك، فرأيت صاحب الزمان عليه السلام في النوم، وقال لي: (عليك بماء الهندباء، فإن الله يسهل ذلك عليك).

قال: فأكثرت من شربه فسهل ذلك علي(1).

縣縣縣

ص: 104


1- الدعوات ، الراوندي، ص156، ح 424.

53- لكي لا يستهان بالسر

نقل سماحة العلامة السيد عباس المدرسي (دام ظله):

ذهبت برفقة والدي المرحوم إلى لقاء العالم الرباني آية الله السيد حجت قدس سره في منزله الكائن خلف مدرسة الحجية بقم المقدسة سنة (1202ه)، فحكى لنا السيد حجت قصة وقعت له في أيام دراسته قائلا (كنت في فقر مالي مدقع شديد إلى درجة لم أحصل أنا وزوجتي وأطفالي على ما نأكله قدر الحاجة الطبيعية).

وذات يوم حينما عزمت على الخروج إلى الدرس قالت لي زوجتي: يا سيد. . ليس لدينا اليوم أي شيء من الطعام على الإطلاق، أنزلت رأسي خجلا وودعتها إلى الدرس ولما عدت إلى المنزل وجدت الوضع مؤلماً للغاية.

فدخلت غرفتي وصليت ركعتين هدية إلى سيدي ومولاي الإمام الحجة (عليه السلام). ثم قلت مخاطبا إياه: سیدي ... لمن نحن ندرس ونتعلم وندرس ونعلم، ألسنا طلاب مدرستك، ألسنا جنود نهضتك؟، إذا كنا كذلك فأعنا على القمة العيش کي نواصل طريقك.

ساعة وإذا بطرقة على باب المنزل، ذهبت وفتحت الباب، سلم علي الطارق وسلمني ظرفاً وقال كل شهر مثل هذا اليوم آتيك بمثله ولا تخبر أحداً وفي أمان الله!

مشي ولم أستطع أن أكلمه بسبب التعجب والسرور والبهجة الغالبة.

ص: 105

دخلت المنزل وفتحت الظرف أمام زوجتي وكان فيه من المال ما يسد حاجة العوائل المرفهة في شمال طهران!.

صرنا بذلك المال نشتري جميع حوائجنا المنزلية ويبقى منه فائض على الحاجة!

وكما أخذ مني العهد لم أصرح بهذا الأمر الغريب لأحد، حتى جاء على وعده بعد شهر فقدم لي ظرفاً آخر، واستمر هذا الكرم شهران آخران حتى سالته: هل من الممكن أن أعرف إسمكم الشريف؟ قال: إسمي الحاج (...) وعنواني : الطابق (...) الغرفة رقم (...) من العمارة التجارية رقم (...) في سوق طهران.

ذات يوم كنت جالساً مع شقيق زوجتي وهو العالم الكبير آية الله الشيخ مرتضى الحائري رحمه الله ابن المرجع الراحل الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس حوزة قم فبحت له بالسر.

ثم راحت الأيام حتى اليوم الموعود، حيث كنت أنتظر الرجل فلم يات ... وانتهى الشهر ولم أره، وبدأ المال ينفد وينفد حتى نهاية الشهر الآخر فعادت أيام الضيق وصعوبات الجوع.

تذكرت أنه أعطاني عنوانه فلماذا لا أذهب إليه وأستفسر عن سبب الإنقطاع؟!

وهكذا جئته على العنوان فدخلت عليه الغرفة، سلمت وجلست حتى انتهى الحاضرون من مهامهم وخرجوا.

فدنوت منه وسألته عن حاله وكنت أود أن يفاتحني بالموضوع بنفسه ولكنه لم يفعل...

ففاتحته به خجلاً وقلت: يا حاج .. كنت قد عودتنا على عطاءٍ

ص: 106

سخي وقد انتظرتك حسب الاتفاق في الثلاثة أشهر الأخيرة، فلم أتشرف باللقاء؟! خيراً إن شاء الله.

أطرق الرجل راسه قليلاً ثم نظر إلي نظرة الآسفين وقال: أن الذي أمرني أن أعطيك فقد أمرني بالتوقف!.

سكت الرجل ولم يتكلم أكثر من هذا. هنا عرفت كم قد خسرت من لطف الإمام وكرمه عندما خالفت الشرط (بان لا ابوح بالسر لأحد ولو كان آية الله الشيخ مرتضى الحائري)!(1).

縣縣縣

ص: 107


1- قصص وخواطر، عبد العظيم البحراني ، ص617.

54- المسافر المدهش

المرحوم السيد غلام رضا الكسائي، من العلماء الزهاد المخلصين، صهر العلامة الأميني (صاحب كتاب الغدير) - أعلى الله مقامهما - قال :

لما كنت طالباً في مدرسة دينية بمدينة تبريز، كان خادم المدرسة رجلاً مؤدباً متواضعاً ومن أهل التقوى والصلاح، يعمل بوظائفه الفردية والاجتماعية بصدق وإخلاص، وكان ذا روحية عجيبة ، قليل الكلام كثير السعي شديد الكتمان، وهو وإن كانت مسؤوليته تنظيف المدرسة لكنه يعين في تنظيف حجرهم دون أن ينتظر منهم مكافأة وثمناً، وأحياناً كان يغسل ثيابهم أيضاً وإذا رأى أحدهم يريد الذهاب لشراء حاجة تقدم إليه وتوسل منه أن يسمح له بهذه الخدمة، وبلغ به الأمر أن كان يملا إبريق الماء من حوض المدرسة ويحمله إلى بيت الخلاء لئلا يتعنى الطلبة ذلك، وهذا كله لم يكن من وظائفه المخصصة له كخادم للمدرسة، ولكنه كان يقوم بذلك بصفاء النفس وإخلاص النية فيزرع بذلك حبه في قلوب الطلبة ويعلمهم التواضع العملي.

ذات منتصف ليلة خرجت من حجرتي لإسباغ الوضوء، فرأيت شيئاً عجباً! رایت نوراً روحانياً في حجرة الخادم. علما انه لم تكن طاقة كهرباء في ذلك الزمان، فقد حيرني الأمر بشدة. تقدمت خطوات نحو

ص: 108

الحجرة لأكتشف حقيقة ما أرى . فلما قربت سمعت كلاماً يتردد بين الخادم ورجل آخر.

من جهة لم أكن أود الدخول عليه، ومن جهة قوي حس الاستطلاع في قلبي، إذ كان ذلك النور يبهتني ويجذبني.

فدنوث خطوات أخرى حتى وصلت خلف الباب، فصرت أسمع الخادم يتكلم بصوت خافت، ولكن الطرف الثاني لم أشخص كلامه.

وقفت في حيرتي أستمع صوتهما دون أن أفهم ما يقولانه، وفجأة إنقطع الصوت وذهب النور العجيب، فلم أصبر طويلاً، طرقت الباب فوراً!

قال الخادم: من؟

قلت: أنا (فلان) إفتح الباب.

فتح الباب، فسلمت عليه وسألته هل تسمح لي بالدخول.

قال : تفضل.

دخلت الحجرة وجلست، ولكن لم أر أحداً غيره ولم أجد هناك شيئاً غير مألوف .

سألني : هل من أمر؟

قلت: لا، ولكن هل كنت تتكلم مع شخص؟ قل لي الحقيقة ماذا كان يحدث هنا؟

أخبرني وإلا سوف أنبه الطلبه الآن ليأتوا هنا ويمطروك بأسئلتهم عن واقع الحال!

قال أحكي لك ما جرى هذه الليلة، بشرط أن لا تحكيه لأحد.

قلت: قبلت الشرط.

ص: 109

قال : أنا موجود إلى يوم الجمعة، عاهدني أن لا تظهر سري إلى ظهر يوم الجمعة.

وكانت تلك الليلة ليلة الأربعاء، فعاهدته أن لا أفشي سره إلى يوم الجمعة كما حدده لي.

فقال : الحقيقة هي أن سيدي ومولاي الإمام الحجة علیه السلام كان هنا، وكنت بين يديه نتبادل الحديث.

فزاد عجبي وسألته: حول مذا كان يحدثك الإمام؟

قال: هناك ثلاث فئات مرتبطون بالإمام الحجة علیه السلام في عصر الغيبة کحواریین ذي درجات. كل فئة أقل عدداً من الأخرى، الفئة الأقل عدداً هي من الدرجة الأولى في القرب والاعتماد، وهكذا الطبقة الثانية والثالثة.

هذه الفئات الثلاث من حيث الناحية المعنوية والباطنية على شكل حلقات متداخلة، ولما يموت واحد من هؤلاء يختار مكانه الإمام علیه السلام واحدا من الطبقة التي تليها ويحل مكان واحد من الطبقة الأخرى ترفيعاً لمقام كل من اصلح نفسه من الطبقات الشيعية العامة، تبعا لمستوى التقوى والفضائل الأخلاقية والحالة الروحية التي اكتسبها الفرد وهيا نفسه بها من قبل.

فأنا يوم الجمعة، حيث يموت شخص من الطبقة الثالثة، جاءني الإمام (روحي فداه) واختارني لأداء المهام في مكانه.

وهنا انتهى كلام الخادم ولم يقل شيئاً وأنا غدوت مندهشا، وخرجت من الحجرة بدهشتي وكانت حالتي عجيبة، مشاهدتي لذلك النور وسماعي لهذه القصة قد أحدثا في وجودي طوفاناً لا أستطيع وصفه، فلم أستقر نفسياً، صرت أقول لنفسي: إن رجلاً كنا ننظر إليه

ص: 110

قال: أنا موجود إلى يوم الجمعة، عاهدني أن لا تظهر سري إلى ظهر يوم الجمعة.

وكانت تلك الليلة ليلة الأربعاء، فعاهدته أن لا أفشي سره إلى يوم الجمعة كما حدده لي.

فقال: الحقيقة هي أن سيدي ومولاي الإمام الحجة علیه السلام كان هنا، وكنت بين يديه نتبادل الحديث.

فزاد عجبي وسألته: حول مذا كان يحدثك الإمام؟

قال: هناك ثلاث فئات مرتبطون بالإمام الحجة علیه السلام في عصر الغيبة کحواریین ذي درجات. كل فئة أقل عدداً من الأخرى، الفئة الأقل عدداً هي من الدرجة الأولى في القرب والاعتماد، وهكذا الطبقة الثانية والثالثة.

هذه الفئات الثلاث من حيث الناحية المعنوية والباطنية على شكل حلقات متداخلة، ولما يموت واحد من هؤلاء يختار مكانه الإمام علیه السلام واحدا من الطبقة التي تليها ويحل مكان واحد من الطبقة الأخرى ترفيعاً لمقام كل من اصلح نفسه من الطبقات الشيعية العامة، تبعا لمستوى التقوى والفضائل الأخلاقية والحالة الروحية التي اكتسبها الفرد وهيا نفسه بها من قبل.

فأنا يوم الجمعة، حيث يموت شخص من الطبقة الثالثة، جاءني الإمام (روحي فداه) واختارني لأداء المهام في مكانه.

وهنا انتهى كلام الخادم ولم يقل شيئاً وأنا غدوت مندهشا، وخرجت من الحجرة بدهشتي وكانت حالتي عجيبة ، مشاهدتي لذلك النور وسماعي لهذه القصة قد أحدثا في وجودي طوفاناً لا أستطيع وصفه، فلم أستقر نفسياً، صرت أقول لنفسي: إن رجلاً كنا ننظر إليه

ص: 111

بعين عادية وأنه خادم لا قيمة له، هو صاحب مقام و منزلة وسعادة ، يزوره الإمام الحجة علیه السلام بنفسه، ويدعوه إلى درجة خواصه !

يالها من عظمة خفية وكمال معنوي شامخ!

لقد أحدثت هذه القضية تموجات في باطني، فلم أتمكن من النوم تلك الليلة ولا حتى القيام بالعبادة.

وحيث أصبحت بدأت أراقب الخادم، راینه خرج من حجرته كعادته اليومية وبرزانة ووقار معهود، فأخذ يعمل دون أن يرى على ظاهرة ما يدعو إلى استغراب . أما أنا فقد كنت قلقا في تفكيري ومضطربا في نفسيتي.

ومر يوم الخميس أيضا كيوم الأربعاء بنفس الطريقة، ولم أجعله يفلت من عيني، فقد كان يكنس المدرسة وينظف ويشتري للطلبة ما يحتاجونه، حتى انني لما أردت أن أملا الإبريق ماءً أسرع نحوي وطلب أن يقوم بذلك بدلاً عني، فما سمحت له، وقلت له لن أسمح لنفسي التجاسر على مقامك بعد هذا، أنت سيدي وأنا خادمك، ولو لا أني عاهدتك أن لا أفشي سرك لأعلنت للطلبة عن مقامك الرفيع.

وعند سحر الجمعة، بدأ (الخادم) يعمل، وكانت حالتي عجيبة، لأن ساعة موعده اقتربت وأنا ازددت المراقبة له واشتد في قلبي حب الإستطلاع لحاله، فقد حظر اليوم الموعود، ماذا سوف يحدث يا ترى؟!

رايتة خرج من حجرته مع طلوع الشمس ، فبدأ بعمله اليومي في المدرسة، ثم أخذ يغسل ثيابه وينشرها في الشمس وغسل حذاءه أيضاً ووضعة جانباً.

وعند الزوال جمع ثيابه وأخذ حذاءه ، ثم ربط ظهره بازار واغتسل في حوض المدرسة.

ص: 112

وكان الجو حاراً، والطلبة في عطلة، أكثرهم خرجوا من أول الصباح إلى زيارة أقاربهم، والقليل منهم في الحجر أو ساحة المدرسة مشغولون بأمورهم. وكنت أحسب الدقائق باضطراب نفسي شديد، عيني لم تنحرف عن مشاهدة الخادم، إنها اللحظات الأخيرة من سفرة مدهشة للغاية، فقد جعلت نظراتي حادة تلاحقه بدقة، أريد أن أكتشف ماذا سيحدث ساعة موعده مع الإمام الحجة علیه السلام، كيف ينتقل من عندنا ليلتحق بالصفوة المقربين للإمام علیه السلام؟

رأيته خرج من الحوض، ووقف في الشمس حتى نشف جسمه، ثم لبس ثيابه وحذاءه وأخذ ينتظر کالمسافر المشتاق! وعند أذان الظهر، ومع الكلمة الأولى للأذان (الله أكبر) نجاة غاب عن عيني، فقمت کالمدهوش أبحث عنه ولكن لم أجد له أثراً!

شخص كان بين أيدينا قبل لحظات، كان جالساً عند الحوض، وكان أول الصباح إلى أول الزوال تحت نظري الفاحص، كيف غاب هكذا يا الهي ؟!

جئت مسرعا عند حوض المدرسة، وأخذت أنادي، فخرج بعض الطلبة ليروا ما القضية، فجاؤوا وسألوني ما المشكلة؟ أفهل اعتراني جنون؟

قلت : أكثر من الجنون أيها الأخوة.

سألوني مستغربين : ماذا تقول؟

قلت : أين اختفى الخادم؟

قالوا : أي خادم؟

قلت : خادم مدرستنا، الرجل الذي كان يتفاني في خدمتنا.

ص: 113

نظروا حولهم وفتشوا ثم قالوا: غير موجود لعله ذاهب إلى السوق أو صلاة جماعة.

قلت: أبداً، انه الآن التحق بالإمام الحجة علیه السلام فقد أصبح من أصحابة المقربين من هذه الساعة.

سألوني : ما القصة؟

فشرحتها لهم من بدئها في ليلة الأربعاء حتى اختفائه قبل ساعة، فشاركوني في الدهشة، وكان الحق كذلك.

دهشة تحاكي دهشة، وهكذا لم ير أحد منا بعد ذلك أثراً للخادم ولا تكرار لرؤيته(1).

識 識 識

ص: 114


1- قصص وخواطر، عبد العظيم البحراني، ص 702.

55- الإمام علیه السلام يرد عليها بصرها

نقل عن الشيخ المحترم العامل الفاضل شمس الدين محمد بن قارون، قال: كان من أصحاب السلاطين المعمر بن شمس يسمى مذور، يضمن القرية المعروفة ببرس، ووقف العلويين، وكان له نائب يقال له، ابن الخطيب، وغلام يتولى نفقاته يدعى عثمان، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والإيمان بالضد من عثمان وكانا دائما يتجادلان.

فاتفق أنهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل علیه السلام بمحضر جماعة من الرعية والعوام فقال ابن الخطيب لعثمان: یا عثمان الآن اتضح الحق واستبان، أنا أكتب على يدي من أتولاه، وهم علي والحسن والحسين، واكتب أنت من تتولاه أبو بكر وعمر وعثمان، ثم تشد يدي ويدك، فأيهما احترقت يده بالنار كان على الباطل، ومن سلمت يده كان على الحق.

فنكل عثمان وأبى أن يفعل، فأخذ الحاضرون من الرعية والعوام بالعياط عليه . هذا وكانت أم عثمان مشرفة عليهم تسمع كلامهم فلما رأت ذلك لعنت الحضور الذين كانوا يعيطون على ولدها عثمان وشتمتهم وتهددت وبالغت في ذلك فعميت في الحال ! فلما أحست بذلك نادت إلى رفائقها فصعدن إليها فإذا هي صحيحة العينين، لكن لا ترى شيئاً فقادوها وأنزلوها، ومضوا بها إلى الحلة وشاع خبرها بين أصحابها

ص: 115

وقرانبها وترائبها فأحضروا لها الأطباء من بغداد والحلة، فلم يقدروا لها على شيء.

فقال لها نسوة مؤمنات كن أخدانها: إن الذي أعماك هو القائم عليه السلام فإن تشيعتي وتوليتي وتبرأتي ضمنا لك العافية على الله تعالى، وبدون هذا لا يمكنك الخلاص، فأذعنت لذلك ورضیت به، فلما كانت ليلة الجمعة حملنها حتى أدخلنها القبة الشريفة في مقام صاحب الزمان علیه السلام وبتن باجمعهن في باب القبة.

فلما كان ربع الليل فإذا هي قد خرجت عليه وقد ذهب العمی عنها، وهي تقعدهن واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهن وحليهن، فسررن بذلك، وحمدن الله تعالى على حسن العافية، وقلن لها: كيف كان ذلك؟

فقالت: لما جعلتنني في القبة وخرجتن عني أحسست بيد قد وضعت على يدي، وقائل يقول: أخرجي قد عافاك الله تعالى، فانكشف العمى عني ورأيت القبة قد امتلات نوراً ورايت الرجل فقلت له: من أنت يا سيدي؟ فقال : محمد بن الحسن، ثم غاب عني، فقمن وخرجن إلى بيوتهن وتشيع ولدها عثمان وحسن اعتقاده واعتقاد أمه المذكورة، واشتهرت القصة بين أولئك الأقوام ومن سمع هذا الكلام واعتقد وجود الإمام علیه السلام وكان ذلك في سنة أربع وأربعين وسبعمائة (744 ه).(1).

識 識 識

ص: 116


1- البحار، ج52، ص 71، 72، 73.

56- كرعة والإمام المهدي علیه السلام

نقل العالم المتبحر الشيخ أبو الحسن الشريف العاملي في كتاب (ضياء العالمين) عن الحافظ أبي علاء الهمداني روي كل منهم بسنده عن ابن عمر أنه قال :

قال رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم (يخرج المهدي من قرية يقال لها کرعة، على رأسه غمامة فيها مناد ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه).

وروى جماعة عن محمد بن أحمد قال: إن والده لما سمع أن المهدي يخرج من كرعة، كان يكثر السؤال عنها لوفد الحاج كل سنة، قال : فجاء بي شخص إلى شيخ تاجر ذي مال وخدم، وقال : هذا يسال كل وقت عن كرعة ولا يدري أين هي؟، فإن كان عندك خبرها فأخبره به فرحب الشيخ بي، وقال : من أين تعرفها؟.

قلت: سمعت في الكتب حديثها وشأنها.

فقال : كان والدي كثير الأسفار، فحمل جماله وسرت معه، فطلبنا موضعاً، فظللنا عن الطريق أياماً حتى نفد زادنا، وكدنا نتلف، فأشرفنا على قباب وخیام من الأدم ، فخرجوا إلينا فحكينا لهم أمرنا.

فلما كان الظهر خرج شیخ ذو هيبة لم أر أحسن منه وجهاً، ولا أعظم منه هيبة، ولا أجل قدراً، حتى كنا لا نشبع من النظر لهيبتة، فصلى بهم الظهرمسباً كصلاتكم أهل العراق، فلما سلم، سلم عليه

ص: 117

والدي، وحكي له قصتنا، فأقمنا أياماً ولم ير مثلهم ناساً، لم نسمع عندهم هجر ولا لغو.

ثم طلبنا منه المسير، فبعث معنا شخصاً، فسار بنا ضحوة، فإذا نحن بالموضع الذي نريده، فسأله والدي عن الرجل من هو؟.

فقال : هو المهدي محمد بن الحسن علیه السلام والموضع الذي هو فيه يقال له: کرعة، مما يلي بلاد الحبشة من بلاد اليمن مسيرة عشرة أيام مفازة بغير ماء.

識 識 識

ص: 118

الباب الثاني: من رأى الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه)

1- اشارة

ص: 119

ص: 120

2- شفاء السيد محمد دامغاني من مرض السل العضال

هذه الحكاية نقلها آية الله السيد الحاج شیخ مجتبی القزويني أحد العلماء الأعلام في مدينة مشهد قال: كان السيد محمد باقر من أهالي دامغان وقد سكن مدينة مشهد وأصبح من العلماء الروحانيين بعد أن درس على يد المرحوم آیة الله الحاج میرزا مهدي الأصفهاني الغزوي وكان من المقربين إلى المرحوم الأصفهاني وقد ابتلي بمرض السل العضال مما جعله ضعيفاً ونحيفاً جداً.

وفي أحد الأيام رأيت السيد محمد دامغاني نشيطاً سريع الحركة باشاً هاشاً ولا يظهر عليه ذلك الضعف والخور فعجبت من الأمر وسألته: كيف أصبحت هكذا یا سید دامغاني؟ فقال: في أحد الأيام وعند الصباح، لاحظت دماء كثيرة قد خرجت من فمي وأصابني الخور والهزال فيئست من حالي بعد مراجعة العديد من الأطباء فقررت الذهاب إلى العلامة آية الله الغزوي عله يتضرع إلى الله في شفائي. وعندما وصلت إلى خدمته وشرحت له حالي، بدا عليه الانزعاج وجلس القرفصاء وقال بصوت حازم: ألست سيداً علوياً يا رجل؟ لماذا لا تطلب الشفاء من أجدادك ؟ لماذا لا تمثل بين يدي صاحب الأمر والزمان وتطلب حاجتك منه؟

ألا تعلم أن أجدادك الأئمة الميامين هم أسماء الله الحسنى؟ ألم

ص: 121

تقرأ في دعاء کمیل! یا من اسمه دواء وذكره شفاء؟ فإذا كنت مسلماً شيعياً وسيداً علوياً عليك الذهاب اليوم إلى بقيه الله - أرواحنا له الفداء - فتطلب شفاءك منه.

وهكذا أخذ يتحدث إلي بهذه الصورة حتى أخذتني نوبة من البكاء وخرجت من عنده راكضاً أريد مقابلة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) وبدون أن أشعر بشيء وقد غلبتني العبرات فقطعت الحواري والأسواق ووجدت نفسي في الصحن الرضوي الشريف. لكنني شاهدت الصحن بشكل آخر ! فقد كان خالياً من الناس إلا من أشخاص معدودين بينهم سید تبدو عليه سيماء الهيبة والعزة والكرامة فعلمت بأنه حجة الله في أرضه فقلت في نفسي: قبل أن يذهب الجميع، علي أن أناديه وأطلب منه شفائي. وما إن فكرت بهذه الصورة في قلبي حتى لاحظت السيد وقد أدار رأسه الشريف إلى ناحيتي ورمقني بنظرة من جانب عينه. فتصبب جسمي عرقاض غزيراً وأخذتني رعشة مفاجئة ثم نظرت وإذا بالصحن الشريف على حالته الطبيعية مليء بالزائرين وهم في حركة مستديمة. ثم وقفت عدة لحضات مبهوراً لا أدري ماذا أصابني ولكنني شعرت فجاة وكأنني أقوى ما أكون وقد دب النشاط في جميع أعضاء جسمي. وعندما وصل المرحوم الشيخ مجتبی رحمه الله إلى هذه النقطة أصابته العبرة وتدفق الدمع من مقلتيه بغزارة وهو يقول: نعم هكذا أصبحت حالة السيد محمد باقر الدامغاني وهو في أتم صحة وعافية حتى وافاه الأجل المحتوم رحمه الله.

識 識 識

ص: 122

3- استاء من عملي

هذانقل الحاج السيد جواد رحيمي عن المرحوم آية الله قاضي فقال : في أحد مجالسنا في خدمة الإمام الحجة (عجل الله فرجه) أعطاني أحد الأخوة الأفاضل قصيدة في مدح صاحب الزمان (عجل الله فرجه) لأقرأها له.

وكانت القصيدة مليئة بالعواطف الجياشة والإحساسات العميقة في حب وعشق المهدي المنتظر (عجل الله فرجه)، ولكني وأثناء قراءتي لتلك القصيدة نسبت معانيها الكبيرة والعظيمة إلى نفسي بهدف إظهار مشاعري تجاه بقية الله (عجل الله فرجه) وبعد لحضة انتبهت وإذا الحجة (عجل الله فرجه) غائب عن المكان فعلمت أنه - روحي له الفداء - استاء من عملي هذا.

畿 畿 畿

ص: 123

4- يناجي ربه بهذا الدعاء

نقلت هذه الحكاية في ملحقات کتاب «أنس العابدين» للمرحوم العلامة المجلسي وفي كتاب النجم الثاقب للعلامة النوري وجاء فيها: قال المرحوم السيد ابن طاؤس (قدس الله سره): إنني كنت في السرداب المطهر للإمام الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه) حينما سمعته يقرأ هذا الدعاء ويناجي ربه: «اللهم إن شیعتنا خلقت من شعاع أنوارنا وبقية طینتنا وقد فعلوا ذنوباً كثيرة اتكالاً على حبنا وولايتنا، فإن كانت ذنوبهم بينك وبينهم فاصفح عنهم فقد رضينا ما كان منها فيما بينهم فأصلح بينهم وقاص بها عن خمسنا وأدخلهم الجنة وزحزحهم عن النار ولا تجمع بينهم وبين أعدائنا في سخطك(1).

畿 畿 畿

ص: 124


1- بحار الأنوار، ج53، ص302.

5- وسع الحجة ابن الحسن علیه السلام نمكاناً بجانبه

كان المرحوم آية الله الحاج السيد حسين قاضي تبريزي الذي سكن مدينة قم معروفاً من قبل العلماء الأعلام والسادة الكرام بأنه من أهل الكرامات الكثيرة وقد وصلت إلى خدمته مرات عديدة وعرفت أنه كثيراً ما التقى الإمام الحجة علیه السلام ولكني لم أحصل على قضية واحدة حول هذا اللقاء بحيث تكون أسنادها صحيحة كما أنني لم أسمع من لسانه شيئاً بهذا الخصوص . ولكن بحمد الله وصلنا أخيراً ضيف من مدينة قم أعرفه جيداً وهو من أهل العلم والتقوى ويمكن الإعتماد عليه في الأحاديث والروايات وهو السيد الحاج جواد رحيمي الذي كان صديقاً مقرباً للمرحوم السيد حسين قاضي وحافظاً الأسراره وفي ليلة العشرين من شهر ذي العقدة 1403 نقل لي الحكاية التالية فقال : نقل المرحوم السيد حسین قاضي بأنه كان مدعواً مع مجموعة من العلماء الاعلام إلى حضرة ومقام الإمام المهدي المنتظر علیه السلام حيث كان - روحي له الفداء - يتفقدنا واحداً واحداً فقال لي: يا سيد قاضي: ماذا تريد حتى البي حاجتك؟ فقلت له : أرغب في أن أكون أقرب شخص إليك في هذه المجموعة.

فوسع الحجة ابن الحسن علیه السلام مكانا بجانبه ودعاني إلى الجلوس معه.

ص: 125

6- الشيخ علي كاشاني

يقول المرحوم حجة الله الشيخ علی کاشاني فريدة الإسلام: کنت منشغلاً في إحدى الليالي بأداء صلاة المغرب في غرفة الاستقبال في منزل المرحوم آية الله کوهستاني في مدينة كوهستان عندما رأيت بقية الله - روحي وأرواح العالمين له الفداء - يدخل الغرفة ويجلس أمامي وقد أدار ظهره إلى القبلة وواجهني مباشرة، وعند ذلك فكرت في نفسي إذا قطعت صلاتي وسلمت عليه فربما يستاء علیه السلام من تصرفي هذا المخالف لقواعد الصلاة، فقلت في نفسي: الأفضل أن أكمل الصلاة وبعد الانتهاء أتقدم بالسلام عليه والمثول بين يديه وهكذا واصلت صلاتي وكان صاحب الزمان يردد معي أحياناً بعض الآيات الشريفة وخاصة الجملة : يا من له الدنيا والآخرة إرحم من ليس له الدنيا والآخرة. ولما وصلت إلى التشهد، لاحظت أن الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشریف) قام من مكانه وترك الغرفة ولما أنهيت الصلاة حاولت الوصول إليه أو البحث عنه فلم أوفق.

磯 磯 磯

ص: 126

7- بركة طي الأرض له إلى مسجد جمكران

نقل السيد جواد رحيمي الحكاية عن المرحوم آية الله قاضي حيث قال: كنت ليلة العشرين من شهر جمادى الثاني وهي ليلة ميلاد الحجة علیه السلام في عام 1969 م في مسجد جمکران حيث شاهد الناس وأنا واحد منهم أنواراً تتلألأ في كبد السماء في مسجد جمکران . وفي الليلة نفسها نقل أحد الموثقين والقريبين للسيد قاضي بأن أحد أولياء الله نقلني من مسجد مسكر آباد من طهران إلى مسجد جمکران في هذه الليلة عن طریق بركة طي الأرض، حيث تم عقد المجلس الحسيني في أحد زوايا المسجد. ولاحظت منذ الوهلة الأولى عند دخولي إلى مراسم التعزية الحسينية بأن بقية الله - أرواحنا له الفداء - جالس حيث يشارك في هذا المجلس، ثم قرأ الخطيب بعض القصائد من المرئية الحسينية من كتاب (روضة آل طه) لمؤلفه المرحوم آية الله الحاج السيد علي رضوي وكان صاحب الزمان علیه السلام يستمع إلى تلك الأبيات وهو يبكي . وبعد انتهاء المراسم، بسط المهدي المنتظر علیه السلام يده بالدعاء ثم غادر المكان، ثم سال الحاضرون أقرب شخص كان يجلس بجوار الحجة علیه السلام أن يتقدم بالدعاء للحاضرين ولكنه أصر بأن المهدي علیه السلام تقدم بالدعاء ولا حاجة لتكراره ولكن وبعد إصرار الجماعة بدأ الدعاء ثم ختم المجلس بقراءة الفاتحة والصلاة على محمد وآل محمد صلی الله علیه و اله و سلم.

ص: 127

8- تشرف الشيخ بافقي بالإمام (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

كان المرحوم آية الله الحاج الشيخ محمد تقي بافقي (رحمه الله) ذا ارتباط قوي واتصال دائم مع بقية الله أرواحنا لتراب مقدمه الفداء وإيمانه قوي إلى حد أنه متى شاء يمكنه الوصول إلى خدمة صاحب العصر والأوان ويتشرف بلقياه الشريف، وقد نقل صاحب کتاب «کنز المثقفين» عن أحد العلماء الأعلام الحكاية التالية عنه فقال : كان المرحوم الحاج تقي بافقي مقسماً للأرزاق الشهرية في الحوزة العلمية أيام آية الله الحاج شیخ عبد الكريم الحائري . وفي أحد الأيام اجتمع طلاب الحوزة العلمية في باحة المدرسة وطالبوا الحاج الحائري بعباءات شتوية وكان عددهم يربو على أربعمائة طالب . فاستدعى الشيخ بافني وقال له : كيف نحل هذه المشكلة؟ ومن أين لنا أربعمائة عباءة؟ فقال الشيخ بافقي : نأخذها من الحجة المنتظر علیه السلام فقال الشيخ حائري: كيف يمكنني الوصول إليه والسؤال عن ذلك؟ فقال الشيخ بافقي: أنا أقول لصاحب الزمان علیه السلام إن شاء الله . ثم ذهب الشيخ بافقي ليلة الجمعة إلى مسجد جمکران ووصل إلى الحجة بن الحسن علیه السلام وتشرف بلقياه وشرح له الحكاية ورجع يوم الجمعة وقال للشيخ الحائري بأن صاحب الزمان وعد بتدبير الأمر إن شاء الله . وفي يوم السبت شاهدوا أحد تجار طهران وقد جاء بعربة محملة باربعمائة عباءة ووزعها على طلاب الحوزة العلمية في قم.

ص: 128

9- زيارة الجامعة وعاشوراء وصلاة النافلة

انطلق التاجر المعروف السيد أحمد بن السيد هاشم الموسوي الرشتي من مدينة تبريز في إيران قاصداً حج بیت الله الحرام مع القافلة في أحد الأعوام، وفي أثناء الطريق كان الحملدار يحذرهم من وعورة الطريق أو التخلف عن الركب، وبسبب تساقط الثلوج وظلام الليل أصبحت حركة السير مع القافلة في غاية الصعوبة إلى درجة - والكلام للسيد الرشتي - لم يسعني اللحوق بها مهما اجتهدت في ذلك، فصرت متخلفاً عن القافلة ولوحدي في الطريق فنزلت من على ظهر فرسي وجلست ناحية من الطريق، وأنا مضطرب غاية الاضطراب، فقررت أن لا أبرح مكاني حتى يطلع الفجر من هذه الليلة الظلماء، فجاة وإذا ببستان أمامي فيه فلاح، يضرب فروع الأشجار ليتساقط ما تراكم عليها من الثلوج، فدنا مني وسألني : من أنت؟ فأجبت: إني تخلفت عن القافلة وتهت في الطريق، فخاطبني بلغتي الفارسية قائلاً : عليك بالنافلة كي تهتدي الطريق، فصليت نافلة الليل، وعندما فرغت من التهجد، أتاني ثانية قائلاً : ألم تمض بعد؟! قلت: والله لا أهتدي إلى الطريق. قال: عليك بالزيارة الجامعة الكبيرة، وما كنت حافظاً لها وقادراً على قراءتها عن ظهر قلب، مع إني كنت كثير القراءة لها وخصوصاً عند زيارة العتبات المقدسة، فوقفت قائماً وبدأت بقراءة الزيارة واستمررت إلى آخرها عن ظهر القلب، ولما انتهيت قال لي: ألم تبرح مكانك بعد؟! فعرض لي البكاء وأجبته: لم أغادر مكاني بعد فإني لا أعرف الطريق.

ص: 129

فقال: عليك بزيارة عاشوراء، ولم أكن مستظهراً لها أيضاً، وإلى الآن لا أقدر أن أقرأها عن ظهر القلب، فنهضت وأخذت في قراءتها عن ظهر قلب حتى انتهيت من اللعن والسلام ودعاء علقمة، فعاد الرجل إلي وقال : ألم تنطلق ؟! فأجبته. إني باقٍ هنا حتى الصباح على ما يبدو ، فقال لي: أنا الآن ألحقك بالقافلة.

فركب وقال لي: أردف، فردفت له، ثم سحبت عنان فرسي فقاومني ولم يجر معي. فقال الرجل : ناولني العنان، فناولته إياه، فأخذ العنان بيمناه، فطاوعه الفرس بشكل عجيب وأخذ الفرس في المسير، ثم وضع يده على ركبتي وقال : لماذا لا تؤدون صلاة النافلة، النافلة، النافلة؟ (قالها ثلاث مرات)، ثم قال أيضاً: لماذا تتركون زيارة عاشوراء، زيارة عاشوراء، زيارة عاشوراء؟ (ذكرها ثلاث مرات)، ثم قال : لماذا لا تزورون بالزيارة الجامعة الكبيرة، الجامعة، الجامعة، الجامعة (ذكرها ثلاث مرات)، فأخذت الدابة تدور في مسلكها، وإذا به يلتفت إلى الوراء، ويقول: أولئك أصحابك يستعدون للوضوء لصلاة الصبح.

فنزلت من على ظهر دابته وركبت فرسي، وإذ بي يجول في خاطري السؤال عن هذا الرجل الذي بدت عليه الهيبة والوقار وسیماء الصالحين، فمن يكون وكيف ينطق باللغة الفارسية في منطقة لا يتكلمون إلا باللغة التركية وغالباً وهم من المسيحيين! وكيف أوصلني إلى أصحابي خلال هذه الفترة القصيرة من الزمان؟

فنظرت إلى الوراء، فلم أجد ولم أعثر على أثر يدل عليه حيث اختفى فوراً وكلمح البصر. وعندما رجعت قصصت للعلماء الكبار ما جرى لي مع ذلك الرجل بالتفصيل وشرحت لهم سیماءه وبينت لهم ملامحه، فأيقنوا وأكدوا أنه صاحب الزمان (صلوات الله وسلامه عليه).

ص: 130

10- استغاثة رجل سني بالقائم علیه السلام وإغاثته له

يقول العالم الجليل، المولي علي الرشتي قال : رجعت مرة من زيارة أبي عبد الله علیه السلام عازماً للنجف الأشرف من طريق الفرات، فلما ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء وطویریج، رأيت أهلها من أهل الحلة، ومن طويرج تفترق طريق الحلة والنجف، واشتغل الجماعة باللهو واللعب والمزاح، ورأيت واحداً منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السكينة والوقار لا يمازح ولا يضاحك، وكانوا يعيبون على مذهبه ويقدحون فيه، ومع ذلك كان شريكاً في أكلهم وشربهم، فتعجبت منه إلى أن وصلنا إلى محل كان الماء قليلاً فأخرجنا صاحب السفينة فكنا نمشي على شاطئ النهر.

فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه ، وذمهم إياه، وقدحهم فيه، فقال : هؤلاء من أقاربي من أهل السنة، وأبي منهم وأمي من أهل الإيمان، وكنت أيضاً منهم، ولكن الله من علي بالتشيع ببركة الحجة صاحب الزمان علیه السلام، فسألت عن كيفية إيمانه، فقال : اسمي ياقوت وأنا أبيع الدهن عند جسر الحلة، فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن، من أهل البراري خارج الحلة ، فبعدت عنها بمراحل، إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريده منه، وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلة، ونزلنا في

ص: 131

بعض المنازل ونمنا وانتبهت فما رأيت أحداً منهم، قد ذهبوا جميعاً وكان طريقنا في برية قفر، ذات سباع كثيرة، ليس في أطرافها معمورة إلا بعد فراسخ كثيرة.

فقمت وجعلت الحمل على الحمار، ومشيت خلفهم فضل عني الطريق، وبقيت متحيراً خائفاً من السباع والعطش، فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة وجعلتهم شفعاء عند الله تعالی وتضرعت كثيراً فلم يظهر منهم شيء فقلت في نفسي: إني سمعت من أمي أنها كانت تقول: إن لنا إماماً حياً يكنى أبا صالح يرشد الضال، ويغيث الملهوف، ويعين الضعيف، فعاهدت الله تعالى إن استغثت به فأغاثني، أن أدخل في دين أمي.

فناديته واستغثت به، فإذا بشخص في جنبي، وهو يمشي معي وعليه عمامة خضراء، قال رحمه الله : وأشار حينئذٍ إلى نبات حافة النهر، وقال : كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات.

ثم دلني على الطريق وأمرني بالدخول في دين أمي، وذكر كلمات نسيتها ، قال : ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعاً من الشيعة، قال : فقلت: يا سيدي أنت لا تجيء معي إلى هذه القرية، فقال ما معناه: لا، لأنه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن أغيثهم، ثم غاب عني، فما مشيت إلا قليلاً إليها وصلت إلى القرية، وكان في مسافة بعيدة، ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم فلما دخلت الحلة ذهبت إلى سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني طاب ثراه، وذكرت له القصة، فعلمني معالم دیني، فسألته عن عمل أتوصل به إلى لقائه علیه السلام مرة أخرى قال : زر أبا عبد الله علیه السلام أربعين ليلة الجمعة، قال : فكنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلى أن بقي واحدة فذهبت من الحلة في يوم الخميس، فلما وصلت إلى باب البلد، فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردین

ص: 132

التذكرة، وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها، فبقيت متحيراً والناس متزاحمون على الباب فأردت مراراً أن أتخفى وأجوز عنهم، فما تيسر لي، وإذا بصاحبي صاحب الأمر علیه السلام في زي لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد، فلما رايته استغنت به فخرج وأخذني معه ، وأدخلني من الباب، فما رآني أحد، فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس وبقيت متحيراً على فراقه علیه السلام، وقد ذهب عن خاطري بعض ما كان في تلك الحكاية(1).

磯 磯 磯

ص: 133


1- بحار الأنوار، ج53، ص292.

11- تشرف السيد المتقي العاملي بلقائه علیه السلام

حدث السيد الصالح محمد العاملي قدس الله روحه: قال وردت المشهد المقدس الرضوي للزيارة، وأقمت فيه مدة، وكنت في ضنك وضيق مع وفور النعمة، ورخص أسعارها، ولما أردت الرجوع مع سائر الزائرين لم يكن عندي شيء من الزاد حتى قرصة لقوت يومي، فتخلفت عنهم، وبقيت يومي إلى زوال الشمس فزرت مولاي وأديت فرض الصلاة فرأيت أني لو لم ألحق بهم لا يتيسر لي الرفقة عن قريب وإن بقيت أدركني الشتاء ومت من البرد.

فخرجت من الحرم المطهر مع ملالة الخاطر، وقلت في نفسي:

أمشي على أثرهم، فإن مت جوعاً استرحت، وإلا لحقت بهم، فخرجت من البلد الشريف وسألت عن الطريق، وصرت أمشي حتى غربت الشمس وما صادفت أحداً، فعلمت أني أخطأت الطريق، وأنا ببادية مهولة لا يرى فيها سوى الحنظل، وقد أشرفت من الجوع والعطش على الهلاك، فصرت أكسر حنظلة لعلي أظفر من بينها بحبحب حتى کسرت نحواً من خمسمائة، فلم أظفر بها، وطلبت الماء والكلأ حتى جنني الليل، ويئست منهما، فأيقنت الفناء واستسلمت للموت، وبكيت على حالي.

فتراءى لي مكان مرتفع، فصعدته فوجدت في أعلاه عيناً من الماء فتعجبت وشكرت الله عز وجل وشربت الماء وقلت في نفسي: أتوضأ

ص: 134

وضوء الصلاة وأصلي لئلا ينزل بي الموت وأنا مشغول الذمة بها، فبادرت إليها.

فلما فرغت من العشاء الآخرة أظلم الليل وامتلات البيداء من أصوات السباع وغيرها وكنت أعرف من بينها صوت الأسد والذئب وأرى أعين بعضها تتوقد كأنها السراج، فزادت وحشتي إلا أني كنت مستسلماً للموت، فأدركني النوم لكثرة التعب، وما أفقت إلا والأصوات قد انخمدت، والدنيا بنور القمر قد أضاءت، وأنا في غاية الضعف، فرأيت فارساً مقبلاً علي فقلت في نفسي إنه يقتلني لأنه يريد متاعي فلا يجد شيئاً عندي فيغضب لذلك فيقتلني، ولا أقل من أن تصيبني منه جراحة.

فلما وصل إلي سلم علي فرددت علیه السلام وطابت منه نفسي، فقال: مالك؟ فأومأت إليه بضعفي، فقال : عندك ثلاث بطيخات، لم لا تأكل منها؟ فقلت : لا تستهزئ بي ودعني على حالي، فقال لي: أنظر إلى ورائك، فنظرت فرأيت شجرة بطيخ عليها ثلاث بطيخات كبار، فقال : سد جوعك بواحدة ، وخذ معك اثنتين، وعليك بهذا الصراط المستقيم، فامش عليه، وكل نصف بطيخة أول النهار، والنصف الآخر عند الزوال، واحفظ ببطيخة فإنها تنفعك، فإذا غربت الشمس، تصل إلى خيمة سوداء، يوصلك أهلها إلى القافلة، وغاب عن بصري.

فقمت إلى تلك البطيخات، فكسرت واحدة منها فرأيتها في غاية الحلاوة واللطافة كأني ما أكلت منها فأكلتها، وأخذت معي الاثنتين، ولزمت الطريق، وجعلت أمشي حتى طلعت الشمس، ومضى من طلوعها مقدار ساعة، فكسرت واحدة منهما وأكلت نصفها وسرت إلى زوال الشمس، فأكلت النصف الآخر وأخذت الطريق.

فلما قرب الغروب بدت لي تلك الخيمة، ورآني أهلها فبادروا إلي

ص: 135

وأخذوني بعنف وشدة، وذهبوا بي إلى الخيمة كأنهم زعموني جاسوساً، وكنت لا أعرف التكلم إلا بلسان العرب، ولا يعرفون لساني، فأتوا بي إلى كبيرهم، فقال لي بشدة وغضب: من أين جئت؟ تصدقني وإلا قتلتك فأفهمته بكل حيلة شرحاً من حالي.

فقال: أيها السيد الكذاب لا يعبر من الطريق الذي تدعيه متنفس إلا تلف أو أكله السباع، ثم إنك كيف قدرت على تلك المسافة البعيدة في الزمان الذي تذكره ومن هذا المكان إلى المشهد المقدس مسيرة ثلاثة أيام أصدقني وإلا قتلتك، وشهر سيفه في وجهي.

فبدا له البطيخ من تحت عباءتي فقال: ما هذا؟ فقصصت عليه قصته، فقال الحاضرون: ليس في هذه الصحراء بطيخ خصوصاً هذه البطيخة التي ما رأينا مثلها أبداً فرجعوا إلى أنفسهم، وتكلموا فيما بينهم، وكأنهم علموا صدق مقالتي، وأن هذه معجزة من الإمام عليه آلاف التحية والثناء والسلام فأقبلوا علي وقبلوا يدي وصدروني في مجلسهم، وأكرموني غاية الإكرام، وأخذوا لباسي تبركاً به وكسوني ألبسة جديدة فاخرة، وأضافوني يومين وليلتين.

فلما كان اليوم الثالث أعطوني عشرة توامين، ووجهوا معي ثلاثة منهم حتى أدركت القافلة(1).

畿 畿 畿

ص: 136


1- بحار الأنوار، ج 53، ص249.

12- في ذكر دعاء العبرات

قال آية الله العلامة الحلي رحمه الله: في آخر منهاج الصلاح في دعاء العبرات: الدعاء المعروف وهو مرويٌ عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام وله من جهة السيد السعيد رضي الدين محمد بن محمد بن محمد الآوي (قدس سره) حكاية معروفة بخط بعض الفضلاء، في هامش ذلك الموضوع، روى المولى السعيد فخر الدين محمد بن الشيخ الأجل جمال الدين، عن والده، عن جده الفقيه يوسف، عن السيد الرضي المذكور أنه كان مأخوذاً عند أمير من أمراء السلطان جرماغون، مدة طويلة، مع شدة وضيق فرأى في نومه الخلف الصالح المنتظر، فبکی وقال : يا مولاي إشفع في خلاصي من هؤلاء الظلمة.

فقال علیه السلام: ادع بدعاء العبرات، فقال: ما دعاء العبرات؟ فقال عليه السلام: إنه في مصباحك، فقال:

یا مولاي ما في مصباحي؟ فقال علیه السلام: أنظره تجده فانتبه من منامه وصلى الصبح، وفتح المصباح، لقي ورقة مكتوبا فيها هذا الدعاء بين أوراق الكتاب، فدعا أربعين مرة.

وكان لهذا الأمير امرأتان إحداهما عاقلة مدبرة في أموره، وهو کثیر الاعتماد عليها.

ص: 137

فجاء الأمير في نوبتها، فقالت له: أخذت أحداً من أولاد أمير المؤمنين علي علیه السلام؟ فقال لها : لم تسألين عن ذلك؟ فقالت : رأيت شخصاً وكأن نور الشمس يتلألأ من وجهه، فأخذ بحلقي بين إصبعيه ، ثم قال : أرى بعلك أخذ ولدي، ويضيق عليه من المطعم والمشرب.

فقلت له: يا سيدي من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قولي له : إن لم يخل عنه لأخربن بيته.

فشاع هذا النوم للسلطان فقال : ما أعلم ذلك، وطلب نوابه، فقال : من عندكم مأخوذ؟ فقالوا: الشيخ العلوي أمرت بأخذه، فقال : خلوا سبيله، وأعطوه فرساً يركبها ودلوه على الطريق فمضى إلى بيته. وفيما يلي فقرة من دعاء العبرات المبارك :

بسم الله الرحمن الرحيم الله إني أسألك يا راحم العبرات، ويا کاشف الكربات أنت الذي تشفع سحائب المحن، وقد أمست ثقالاً ، وتجلو ضباب الإحن وقد سحبت أذيالاً، وتجعل زرعها هشيماً، وعظامها رميماً، وترد المغلوب غالباً والمطلوب طالباً إلهي فكم من عبد ناداك (إني مغلوب فانتصر) ففتحت له من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجرت له من عونك عيوناً فالتقى ماء فرجه على أمر قد قدر، وحملته من كفايتك على ذات ألواح دسر.

یا رب إني مغلوب فانتصر، یا رب إني مغلوب فانتصر، یا رب إني مغلوب فانتصر، فصل على محمد وآل محمد وافتح لي من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجر لي من عونك عيوناً ليلتقي ماء فرجي على أمر قد قدر ، واحملني يا رب من كفايتك على ذات ألواح و دسر.

یا من إذا ولج العبد في ليل من حیرته يهيم، فلم يجد له صريخاً من ولي ولا حميم، صل على محمد وآل محمد، وجد یا رب من معونتك صريحاً معيناً وولياً يطلبه حثيثاً، ينجيه من ضيق أمره وحرجه،

ص: 138

ويظهر له المهم من أعلام فرجه. اللهم يا من قدرته قاهرة، وآياته باهرة ونقماته قاصمة لكل جبار، دامغة لكل كفور جبار، صل یا رب على محمد وآل محمد وانظر إلى یا رب نظرة من نظراتك رحيمة، تجلو بها عني ظلمة واقفة مقيمة، من عاهة جفت منها الضروع وقلعت منها الزروع، واشتمل بها على القلوب الياس، وجرت بسببها الأنفاس.

讚讚讚

ص: 139

13- أنت ترزق علم التوحيد

حدث سيد الفقهاء، وسناد العلماء العالم الرباني المؤيد بالألطاف الخفية السيد مهدي القزويني الساكن في الحلة السيفية، صاحب التصانيف الكثيرة والمقامات العالية أعلى الله مقامه فيما كتب بخطه قال: حدثني والدي الروحاني وعمي الجسماني جناب المرحوم المبرور العلامة الفهامة، صاحب الكرامات، والأخبار ببعض المغيبات، السيد محمد باقر نجل المرحوم السيد أحمد الحسيني القزويني أن في الطاعون الشديد الذي حدث في أرض العراق من المشاهد وغيرها في عام ستة وثمانين بعد المائة والألف، وهرب جميع ما كان في المشهد الغروي من العلماء المعروفين وغيرهم، حتى العلامة الطباطبائي والمحقق صاحب کشف الغطاء وغيرهما بعدما توفي منهم جم غفير ، ولم يبق إلا معدودون من أهله، منهم السيد رحمه الله.

قال : وكان يقول: كنت أقعد اليوم في الصحن الشريف، ولم يكن فيه ولا في غيره أحد من أهل العلم إلا رجلاً معمماً من مجاوري أهل العجم، كان يقعد في مقابلي وفي تلك الأيام لقيت شخصاً معظماً مبجلاً في بعض سكك المشهد ما رأيته قبل ذلك اليوم ولا بعده ، مع كون أهل المشهد في تلك الأيام محصورین، ولم يكن يدخل عليهم أحد من الخارج، قال : ولما رآني قال ابتداء منه: أنت ترزق علم التوحيد بعد حين.

ص: 140

وحدثني السيد المعظم، عن عمه الجليل أنه رحمه الله بعد ذلك في ليلة من الليالي قد رأى ملكين نزلا عليه بيد أحدهما عدة ألواح فيها كتابة، وبيد الآخر میزان فأخذا يجعلان في كل كفة من الميزان لوحاً يوزنوها ثم يعرضون الألواح المتقابلة علي فاقرؤها وهكذا إلى آخر الألواح، وإذا هما يقابلان عقيدة كل واحد من خواص اصحاب النبي صلی الله علیه و اله و سلم وخواص أصحاب الأئمة علیهم السلام مع عقيدة واحد من علماء الإمامية من سلمان وأبي ذر إلى آخر البوابين، ومن الكليني والصدوقين، والمفيد والمرتضی، والشيخ الطوسي إلى بحر العلوم خالي العلامة الطباطبائي ومن بعده من العلماء.

قال: فاطلعت في ذلك المنام على عقائد جميع الإمامية من الصحابة وأصحاب الأئمة علیهم السلام وبقية علماء الإمامية، وإذا أنا محیط باسرار من العلوم لو كان عمري عمر نوح عليه السلام وأطلب هذه المعرفة، لما أحطت بعشر معشار ذلك وذلك بعد أن قال الملك الذي بيده الميزان للملك الآخر الذي بيده الألواح :

أعرض الألواح على فلان، فإنا ماموران بعرض الألواح عليه، فأصبحت وأنا علامة زمان في العرفان.

فلما جلست من المنام، وصليت الفريضة وفرغت من تعقيب صلاة الصبح فإذا بطارق يطرق الباب، فخرجت الجارية فأتت إلي بقرطاس مرسول من أخي في الدين المرحوم الشيخ عبد الحسين الأعشم فيه أبيات يمدحني فيها فإذا قد جرى على لسانه في الشعر تفسير المنام على نحو الإجمال، قد ألهمه الله تعالى ذلك وأما أبيات المدح فمنها قوله شعراً:

نرجو سعادة فإلي إلى سعادة فالك***بك اختتام معال قد افتتحن بخالك

وقد أخبرني بعقائد جملة من الصحابة المتقابلة مع بعض العلماء

ص: 141

الإمامية، ومن جملة ذلك عقيدة المرحوم خالي العلامة بحر العلوم في مقابلة عقيدة بعض أصحاب النبي صلی الله علیه و اله و سلم الذين هم من خواصه وعقيدة علماء آخرين الذين يزيدون على السيد المرحوم المذكور أو ينقصون إلا أن هذه الأمور لما كانت من الأسرار التي لا يمكن إباحتها لكل أحد، لعدم تحمل الخلق لذلك، مع أنه رحمه الله أخذ علي العهد ألا أبوح به لأحد وكانت تلك الرؤيا نتيجة قول ذلك القائل الذي تشهد القرائن بکونه المنتظر المهدي(1).

識 戀識

ص: 142


1- بحار الأنوار، ج53، ص280.

14- الشيخ جعفر النجفي إني زرعت الدخنة

حدث السيد الثقة التقي الصالح السيد مرتضى النجفي رحمه الله وقد أدرك الشيخ شیخ الفقهاء وعمادهم الشيخ جعفر النجفي وكان معروفاً عند علماء العراق بالصلاح والسداد، قال : كنا في مسجد الكوفة مع جماعة فيهم أحد من العلماء المعروفين المبرزين في المشهد الغروي، وقد سألته عن اسمه غير مرة فما كشف عنه، لكونه محل هتك . الستر، وإذاعة السر.

قال: ولما حضرت وقت الصلاة المغرب جلس الشيخ لدى المحراب للصلاة والجماعة في تهيئة الصلاة بين جالس عنده، ومؤذن ومتطهر، وكان في ذلك الوقت في داخل الموضع المعروف بالتنور ماء قليل من قناة خربة وقد رأينا مجراها عند عمارة مقبرة هانئ بن عروة، والدرج التي تنزل إليه ضيقة مخروبة، لا تسع غير واحد.

فجئت إليه وأردت النزول، فرأيت شخصاً جليلاً على هيئة الأعراب قاعداً عند الماء يتوضأ وهو في غاية من السكينة والوقار والطمأنينة، وكنت مستعجلاً لخوف عدم إدراك الجماعة فوقفت قليلاً فرأيته كالجبل لا يحرکه شيء، فقلت: وقد أقيمت الصلاة ما معناه لعلك لا تريد الصلاة مع الشيخ؟ أردت بذلك تعجيله فقال: لا، قلت: ولم؟ قال : لأنه الشيخ الدخني، فما فهمت مراده، فوقفت حتى أتم وضوءه،

ص: 143

فصعد وذهب ونزلت وتوضأت وصليت، فلما قضيت الصلاة وانتشر الناس وقد ملأ قلبي وعيني هيئته وسكونه وكلامه، فذكرت للشيخ ما رایت وسمعت منه فتغيرت حاله وألوانه، وصار متفكراً مهموماً فقال : قد أدركت الحجة (عجل الله فرجه الشریف) وما عرفته، وقد أخبر عن شيء ما اطلع عليه إلا الله تعالی.

إعلم أني زرعت الدخنة في هذه السنة في الرحبة وهي موضع في طرف الغربي من بحيرة الكوفة، محل خوف وخطر من جهة أعراب البادية المترددين إليه، فلما قمت إلى الصلاة ودخلت فيها ذهب فكري إلى زرع الدخنة وأهمني أمره، فصرت أتفكر فيه وفي آياته.

هذا خلاصة ما سمعته منه رحمه الله قبل هذا التاريخ بأزيد من عشرين سنة وأستغفر الله من الزيادة والنقصان في بعض كلماته(1).

畿 畿 畿

ص: 144


1- بحار الأنوار، ج 53، ص257.

15- الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف) في دار السيد مهدي القزويني

حدث بعض الصلحاء الأبرار من أهل الحلة قال: خرجت غدوة من داري قاصداً زيارة السيد مهدي القزويني أعلى الله مقامه فصار ممري في الطريق على المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت على شباكه الخارج إلى الطريق شخصاً بهي المنظر يقرأ فاتحة الكتاب، فتأملته فإذا هو غريب الشكل، وليس من أهل الحلة.

فقلت في نفسي: هذا رجل غريب قد اعتني بصاحب هذا المرقد، ووقف وقرا له فاتحة الكتاب، ونحن أهل البلد نمر ولا نفعل ذلك، فوقفت وقرأت الفاتحة والتوحيد، فلما فرغت سلمت عليه، فرد السلام، وقال لي: يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي؟ قلت: نعم، قال: إني معك.

فلما صرنا ببعض الطريق قال لي: يا علي لا تحزن على ما أصابك من الخسران وذهاب المال في هذه السنة، فإنك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤدياً للحق وقد قضيت ما فرض الله عليك، وأما المال فإنه عرض زائل يجيئ ويذهب، وكان قد أصابني خسران في تلك السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الكسر، فاغتممت في نفسي وقلت: سبحان الله کسري قد شاع وبلغ حتى إلى الأجانب، إلا أني قلت له في الجواب: الحمد لله على كل حال. فقال : إن ما ذهب من مالك سيعود

ص: 145

إليك بعد مدة، وترجع كحالك الأول، وتقضي ما عليك من الديون.

قال: فسكت وأنا مفكر في كلامه حتى انتهينا إلى باب داركم، فوقفت ووقف، فقلت: ادخل يا مولاي فأنا من أهل الدار فقال لي:

ادخل أنت أنا صاحب الدار، فامتنعت فأخذ بيدي وأدخلني أمامه فلما صرنا إلى المسجد وجدنا جماعة من الطلبة جلوساً، يتنظرون خروج السيد (قدس سره) من داخل الدار لأجل البحث. ومكانه من المجلس خال لم يجلس فيه أحد احتراماً له، وفيه كتاب مطروح.

فذهب الرجل، وجلس في الموضع الذي كان السيد (قدس سره) يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الكتاب وفتحه، وكان الكتاب شرائع المحقق (قدس سره) ثم استخرج من الكتاب كراريس مسودة بخط السيد (قدس سره) وكان خطه في غاية الضعف لا يقدر كل أحد على قراءته، فأخذ يقرأ في تلك الكراريس ويقول للطلبة : ألا تعجبون من هذه الفروع وهذه الكراريس؟ هي بعض من جملة كتاب مواهب الأفهام في شرح شرائع الإسلام وهو كتاب عجيب في فنه لم يبرز منه إلا ست مجلدات من أول الطهارة إلى أحكام الأموات.

قال السيد أعلى الله درجته: لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالساً في موضعي فلما رآني قام وتنحى عن الموضع فألزمته بالجلوس فيه، ورأيته رجلاً بهي المنظر، وسیم الشكل في زي غريب ، فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه وبشاشة، وسؤال عن حال واستحييت أن أسأله من هو وأين وطنه؟ ثم شرعت في البحث فجعل الرجل يتكلم في المسألة التي نبحث عنها بكلام كأنه اللؤلؤ المتساقط فبهرني كلامه فقال له بعض الطلبة : اسكت ما أنت وهذا، فتبسم وسكت.

ص: 146

قال رحمه الله : فلما انقضى البحث قلت له: من أين كان مجيئك إلى الحلة؟ فقال : من البلد السليمانية، فقلت: متى خرجت؟ فقال : بالأمس خرجت منها، وما خرجت منها حتى دخلها نجيب باشا فاتحاً لها عنوة بالسيف وقد قبض على أحمد باشا الباباني المتغلب عليها، وأقام مقامه أخاه عبد الله باشا، وقد كان أحمد باشا المتقدم قد خلع طاعة الدولة العثمانية وادعي السلطنة لنفسه في السليمانية.

قال السيد قدس سره: فبقيت مفكراً في حديثه وأن هذا الفتح وخبره لم يبلغ حتى إلى حكام الحلة، ولم يخطر لي أن أسأله كيف وصلت إلى الحلة وبالأمس خرجت من السليمانية، وبين الحلة والسليمانية ما تزيد على عشرة أيام للراكب المجد.

ثم إن الرجل أمر بعض خدمة الدار أن يأتيه بماء فأخذ الخادم الإناء ليغترف به ماء من الجب فناداه لا تفعل؟

فإن في الإناء حيواناً ميتاً فنظر فيه، فإذا فيه سام أبرص میت فأخذ غيره وجاء بالماء إليه فلما شرب قام للخروج.

قال الوالد قدس سره فقمت لقيامه فودعني وخرج فلما صار خارج الدار قلت للجماعة هلا أنكرتم على الرجل خبره في فتح السليمانية فقالوا : هلا أنكرت عليه؟

قال : فحدثني الحاج علي المتقدم بما وقع له في الطريق وحدثني الجماعة بما وقع قبل خروجي من قراءته في المسودة، وإظهار العجب من الفروع التي فيها.

قال السيد أعلى الله مقامه: فقلت: اطلبوا الرجل وما أظنكم تجدونه هو والله صاحب الأمر روحي فداه فتفرق الجماعة في طلبه فما وجدوا له عيناً ولا أثراً فكأنما صعد في السماء أو نزل في الأرض.

ص: 147

قال : فضبطنا اليوم الذي أخبر فيه عن فتح السليمانية فورد الخبر ببشارة الفتح إلى الحلة بعد عشرة أيام من ذلك اليوم، وأعلن ذلك عند حکامها بضرب المدافع المعتاد ضربها عند البشائر، عند ذوي الدولة العثمانية(1).

畿 畿 畿

ص: 148


1- بحار الأنوار، ج53، ص285.

16- ما رأينا أحداً داخلاً ولا خارجاً

العالم الجليل الشيخ يوسف البحريني في اللؤلؤة في ترجمة العالم الشيخ إبراهيم القطيفي المعاصر للمحقق الثاني، عن بعض أهل البحرين أن هذا الشيخ دخل عليه الإمام الحجة عليه السلام في صورة رجل يعرفه الشيخ فسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم؟ فقال الشيخ: «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»(1).

فقال: صدقت يا شيخ ثم خرج منه، فسأل أهل البيت: خرج فلان؟ فقالوا : ما رأينا أحدة داخلا ولا خارجاً(2).

畿 畿 畿

ص: 149


1- سورة فصلت، الآية: 40.
2- بحار الأنوار، ج 53، ص200.

17- شفاء الشيخ الحر العاملي من مرضه ببركته علیه السلام

قال الحر العاملي رحمه الله : إني كنت في عصر الصبا وسن عشر سنين أو نحوها أصابني مرض شديد جداً حتى اجتمع أهلي وأقاربي وبكوا وتهيأوا للتعزية، وأيقنوا أني أموت تلك الليلة.

فرأيت النبي والأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم، وأنا فيما بين النائم واليقظان، فسلمت عليهم وصافحتهم واحداً واحداً، وجرى بيني وبين الصادق عليه السلام كلام، ولم يبق في خاطري إلا أنه دعا لي.

فلما سلمت على الصاحب علیه السلام، وصافحته، بكيت وقلت: يا مولاي أخاف أن أموت في هذا المرض، ولم أقض وطري من العلم والعمل، فقال علیه السلام: لا تخف فإنك لا تموت في هذا المرض بل يشفيك الله تعالی تعمر عمراً طويلاً ثم ناولني قدحاً كان في يده فشربت منه وأفقت في الحال وزال عني المرض بالكلية، وجلس وتعجب أهلي وأقاربي، ولم أحدثهم بما رأیت إلا بعد أيام(1).

戀 戀戀

ص: 150


1- بحار الأنوار، ج53، ص274.

18- دعاء عند الشدة

في كتاب الكلم الطيب والغيث الطيب للسيد علي خان شارح الصحيفة ما لفظه: رأيت بخط بعض أصحابي من السادات الأجلاء ما صورته :

سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف، الأخ العالم العامل، الأمير إسماعيل بن حسين بيك بن علي بن سليمان الحائري الأنصاري قال : سمعت الشيخ الصالح التقي المتورع الشيخ الحاج علي المكي قال : إني ابتليت بضيق وشدة ومناقضة خصوم، حتى خفت على نفسي القتل والهلاك، فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أن يعطينيه أحد، فتعجبت من ذلك، وكنت متحيراً فرأيت في المنام أن قائلاً في زي الصلحاء والزهاد يقول لي: إنا أعطيناك الدعاء الفلاني فادع به تنج من الضيق والشدة ولم يتبين لي من القائل؟ فزاد تعجبي فرأيت مرة أخرى الحجة المنتظر علیه السلام فقال: ادع بالدعاء الذي أعطیتکه، وعلم من أردت.

قال : وقد جربته مراراً عديدة، فرأيت فرجاً قريباً، وبعد مدة ضاع مني الدعاء من الزمان، وكنت متأسفاً على فواته، مستغفراً من سوء العمل، فجاءني شخص وقال لي: إن هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني وما كان في بالي أن رحت إلى ذلك المكان، فأخذت الدعاء، وسجدت لله شكراً وهو : بسم الله الرحمن الرحیم رب أسألك

ص: 151

مدداً روحانياً تقوي به قوى الكلية والجزئية، حتى أقهر عبادي! نفسي كل نفس قاهرة، فتقبض لي إشارة رقائقها انقباضاً تسقط به قواها حتى لا يبقى في الكون ذو روح إلا ونار قهري قد أحرقت ظهوره، یا شدید یا شدید، يا ذا البطش الشديد، یا قهار، أسألك بما أودعته عزرائیل من اسمائك القهرية، فانفعلت له النفوس بالقهر، أن تودعني هذا السر في هذه الساعة حتى ألين به كل صعب، وأذلل به كل منيع، بقوتك يا ذا القوة المتين.

تقرأ ذلك سحراً ثلاثاً إن أمكن، وفي الصبح ثلاثاً وفي المساء ثلاثاً، فإذا اشتدت الأمر على من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرة: يا رحمن يا رحيم يا أرحم الراحمين، أسألك اللطف(1).

戀 戀戀

ص: 152


1- بحار الأنوار، ج 53، ص226.

19- لم يكلم الإمام لوجوب التأدب

قال السيد المعظم في كتاب (فرج المهموم في معرفة نهج الحلال والحرام من النجوم): إني أدركت في زماني جماعة ذكروا أنهم شاهدوا المهدي علیه السلام وبينهم من كان يحمل رقعاً وعرایض قد عرضت عليه علیه السلام ومنها ما علمت صدقه وهو انه اخبرني من لم يأذن بتسميته ، ثم ذكر أنه سأل الله تعالى أن يتفضل عليه بمشاهدة المهدي علیه السلام، فرأى في المنام أنه سوف يراه في وقت أشار إليه.

قال : فعندما جاء ذلك الوقت كان هو في المشهد المطهر لمولانا موسی بن جعفر عليه السلام فسمع صوتاً عرفه قبل ذلك الوقت وهو كان مشغولاً بزيارة مولانا الإمام الجواد علیه السلام، فحبس السائل المذكور نفسه من مزاحمته علیه السلام، ودخل الحرم المنور ووقف عند رجلي الضريح المقدس لمولانا الإمام الكاظم علیه السلام ثم خرج الذي كان يعتقد أنه المهدي علیه السلام وكان معه صاحب وقد شاهد هذا الشخص الإمام عليه السلام، ولم يكلمه لوجوب التأدب في حضوره المقدس علیه السلام.

畿畿 畿

ص: 153

ص: 154

الباب الثالث: قصص الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه)

1- اشارة

ص: 155

ص: 156

2- قصة ابن مهزیار

حدثنا أبو علي بن موسی بن احمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسی بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام قال: وجدت في كتاب أبي رضي الله عنه : حدثنا محمد بن أحمد الطوال، عن أبيه، عن الحسن بن علي الطبري، عن أبي جعفر محمد بن علي بن مهزیار، قال سمعت أبي يقول: سمعت جدي علي بن مهزيار يقول: كنت نائماً في مرقدي إذ رأيت فيما يرى النائم قائلاً يقول لي: حج في هذه السنة فإنك تلقی صاحب زمانك.

قال علي بن مهزیار: فانتبهت فرحاً مسروراً فما زلت في صلاتي حتى انفجر عمود الصبح وفرغت من صلاتي وخرجت اسأل عن الحاج فوجدت رفقة تريد الخروج فبادرت مع أول من خرج، فما زلت كذلك حتى خرجوا وخرجت بخروجهم أريد الكوفة، فلما وافيتها نزلت عن راحلتي وسلمت متاعي إلى ثقات إخواني وخرجت اسأل عن آل أبي محمد صلی الله علیه و اله و سلم فما زلت كذلك فلم أجد أثراً ولا سمعت خبراً وخرجت في أول من خرج أريد المدينة.

فلما دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي وسلمت رحلي إلى ثقات إخواني وخرجت أسأل عن الخبر وأقفوا الأثر فلا خبراً سمعت، ولا أثراً وجدت، فلم أزل كذلك إلى أن نفر الناس إلى مكة، وخرجت مع من خرج حتى وافيت مكة، ونزلت فاستوثقت من رحلي، وخرجت

ص: 157

اسأل عن آل أبي محمد علیه السلام فلم أسمع خبراً ولا وجدت أثراً.

فما زلت بين الأياس والرجاء متفكراً في أمري، وعاتبا على نفسي وقد جن الليل وأردت أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها واسأل الله أن يعرفني أملي فيها، فبينما أنا كذلك وقد خلا لي وجه الكعبة إذ قمت إلى الطواف فإذا أنا بفتى مليح الوجه ، طيب الروح مترد ببردة متشح بأخرى، وقد عطف بردائه على عاتقه، فحركته فالتفت إلي فقال: ممن الرجل؟

فقلت : من الأهواز.

فقال: أتعرف بها ابن الخضيب؟

فقلت : رحمه الله دعي فأجاب.

فقال : رحمه الله .. لقد كان بالنهار صائماً، وبالليل قائماً، وللقرآن تالياً، ولنا موالياً.

فقال : أتعرف بها علي بن إبراهيم بن مهزیار.

فقلت: أنا علي بن مهزیار.

فقال : أهلاً وسهلاً بك يا أبا الحسن أتعرف الضريحين؟

قلت: نعم، قال: ومن هما؟

قلت : محمد وموسی.

ثم قال : ما فعلت العلامة التي بينك وبين أبي محمد علیه السلام؟

فقلت: معي.

فقال: أخرجها إلي فأخرجتها إليه خاتماً حسناً على فصه (محمد وعلي)، فلما رآه بکی بكاءً طويلاً وهو يقول: رحمك الله يا أبا محمد، فلقد كنت إماماً عادلاً ابن أئمة أبا إمام، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك علیهم السلام.

ص: 158

ثم قال : يا أبا الحسن صر إلى رحلك وكن على أهبة من السفر، حتى إذا ذهب الثلث من الليل وبقي الثلثان، فالحق بنا فإنك ترى مناك.

قال ابن مهزیار: فانصرفت إلى رحلي أطيل التفكر حتى إذا هجم الوقت فقمت إلى رحلي فأصلحته، وقدمت راحلتي وحملتها، وصرت في متنها حتى لحقت الشعب، فإذا أنا بالفتي هناك يقول: أهلاً وسهلاً یا أبا الحسن طوبى لك فقد أذن لك، فسار وسرت بسيره حتى جاز بي عرفات ومني، وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف، فقال لي: يا أبا الحسن انزل وخذ في أهبة الصلاة، فنزل ونزلت حتى إذا فرغ من صلاته وفرغت، ثم قال لي: خذ في صلاة الفجر وأوجز فأوجزت فيها وسلم وعفر وجهه في التراب ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت، ثم سار وسرت بسيره حتى علا الذروة.

فقال : إلمح هل ترى شيئاً؟

فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء

فقال لي : هل ترى في أعلاها شيئاً؟ ف

لمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقد نوراً.

فقال لي: هل رأيت شيئاً؟

قفلت: أرى كذا وكذا.

فقال لي: يا بن مهزیار طب نفساً وقر عيناً.. فان هناك أمل كل مؤمل.

ثم قال لي: انطلق بنا، فسار وسرت حتى صار في أسفل الذروة، ثم قال : انزل فها هنا يذل كل صعب، فنزل ونزلت حتى قال لي: يا بن مهزیار خل عن زمام الراحلة.

ص: 159

فقلت : على من أخلفها وليس لههنا أحد؟

فقال : إن هذا حرم لا يدخله إلا ولي ولا يخرج منه إلا ولي.

فخليت عن الراحلة وسار وسرت معه، فلما دنا من الخباء سبقني وقال لي: هناك، إلى أن يؤذن لك، فما كان هنيئه فخرج إلي، وهو يقول: طوبى لك قد أعطيت سؤلك.

قال: فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه تطع أدم احمر متكئ على مسورة أدم، فسلمت عليه ورد علي السلام، ولمحته فرأيت وجها مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالنزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، ادعج العينين، أقنى الأنف، سهل الخدين، على خده الأيمن خال.

فلما أنا بصرت به (عجل الله تعالی فرجه) حار عقلي في نعته وصفته.

فقال لي: يا بن مهزیار کیف خلفت إخوانك بالعراق؟

قلت: في ضنك عيش وهناء، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيطان.

فقال : قاتلهم الله أنى يؤفكون، كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربهم ليلاً ونهاراً، فقلت : متى يكون ذلك يا بن رسول الله؟

فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسوله منهم براء، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثاً فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نوراً ويخرج الشروسي من أرمينية وأذربيجان يريد وراء الزي الجبل الأسود، المتلاحم بالجبل الأحمر، لزيق جبال طالقان فتكون بينه وبين المروزي وقعة صيلمانية، يشيب فيها الصغير ويهرم منها

ص: 160

الكبير ويظهر القتل بينهما.

فعندها توقعوا خروجه إلى الزوراء، فلا يلبث بها حتى يوافي ماهان ثم يوافي واسط العراق فيقيم بها سنة أو دونها ثم يخرج إلى كوفان، فتكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغري وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتين وعلى الله حصاد الباقين، ثم تلا: بسم الله الرحمن الرحيم «أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ»(1).

فقلت: سيدي يا بن رسول الله ما الأمر؟ قال نحن أمر الله عز وجل وجنوده، قلت: سيدي يا بن رسول الله ! حان الوقت؟ قال: واقتربت الساعة وانشق القمر(2).

畿畿 畿

ص: 161


1- سورة يونس، الآية : 24
2- البحار: ج52، ص42، قصص الأبرار من بحار الأنوار : السيد مرتضى الميلاني.

3- شفاء المرضى ببركة الحجة

(قصة إسماعيل الهرقلي)

البحار : وأنا أذكر من ذلك قضتين قرب عهدهما من زماني وحدثني بهما جماعة من ثقات إخواني، كان في البلاد الحلية شخص يقال له : إسماعيل بن الحسن الهرقلي من قرية يقال لها هرقل، مات في زماني وما رأيته، حكى لي ولده شمس الدين، قال: حكى لي والدي أنه خرج فيه وهو شاب على فخذه الأيسر توثة مقدار قبضة الإنسان وكانت في كل ربيع تتشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه ألمها عن كثير من أشغاله وكان مقيما بهرقل فحضر إلى الحلة يوما ودخل إلى مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاؤس رحمة الله وشكا إليه ما يجده، وقال: أريد أن أداويها فأحضر له أطباء الحلة وأراهم الموضع، فقالوا : هذه التوثة فوق العرق الأكحل، وعلاجها خطر ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت.

فقال له السعيد رضي الذين قدس الله روحه: أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء، فاصحبني فأصعد معه وأحضر الأطباء، فقالوا كما قال أولئك فضاق صدره، فقال له السعيد: إن الشرع قد فسح لك في الصلاة هذه الثياب، وعليك الاجتهاد في الاحتراس، ولا تغرر بنفسك، فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله.

فقال له والدي: إذا كان الأمر هكذا حصلت في بغداد فأتوجه إلى

ص: 162

زيارة المشهد الشريف بسر من رأى على مشرفة السلام ثم أنحدر إلى أهلي فحسن له ذلك، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه.

قال: فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة علیهم السلام نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام عليه السلام وقضيت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد إلى الخميس ثم مضيت إلى دجلة، واغتسلت ولبست ثوباً نظيفاً وملأت إبريقا كان معي وصعدت أريد المشهد فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب الشور وكان حول المشد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم، فحسبتهم منهم، فالتقينا فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف وشيخاً منقباً بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة فوق السيف، وهو متحنك بعذبته.

فوقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجية : أنت غداً تروح إلى أهلك؟ فقال له: تقدم حتى أبصر ما يوجعك ؟ قال :

فكرهت ملامستهم وقلت : أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول.

ثم إني مع ذلك تقدمت إليه فلزمني بيدي ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى في سرج فرسه كما كان، فقال لي الشيخ: أفلحت یا إسماعيل ! فتعجبت من معرفته باسمي فقلت: أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله .

قال : فقال : هذا هو الإمام، قال: فتقدمت إليه فاحتضنته وقبلت فخذه ثم إنه ساق وأنا امشي معه محتضنه، فقال: ارجع، فقلت: لا أفارقك أبداً، فقال: المصلحة رجوعك فاعدت عليه مثل القول الأول، فقال الشيخ: يا إسماعيل ما تستحيي؟ يقول لك الإمام مرتين : ارجع

ص: 163

وتخالفه فجهني بهذا القول: فوقفت فتقدم خطوات والتفت إلي وقال : إذا وصلت بغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المستنصر فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئاً فلا تأخذه وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض فانني أوصيه يعطيك الذي تريد.

ثم سار وأصحابه معه فلم أزل قائماً أبصرهم حتى بعدوا وحصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعة ثم مشيت إلى المشهد فاجتمع القوام حولي وقالوا: نرى وجهك متغيراً أوجعك شيء؟ قلت : لا، قالوا:

و خاصمك أحد؟ قلت: لا ليس عندي مما تقولون خبر، لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟

قالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم، فقلت: بل هو الإمام علیه السلام، فقالوا: الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجية؟ فقلت: هو صاحب الفرجية، فقالوا: أريته المرض الذي فيك، فقلت: هو قبضه بيده ، وأوجعني، ثم كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثراً فتداخلني الشك من الدهش فأخرجت رجلي الأخرى فلم أر شيئاً فانطبق الناس علي ومزقوا قميصي فأدخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عتي، وكان ناظر بین النهرين بالمشد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فعرفوه إلى الخزانة وسألني عن اسمي وسألني: منذ كم خرجت من بغداد؟ فعرفته أني خرجت في أول الأسبوع فمشى عني وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عني.

ووصلت إلى أواني فبت بها وبکرت منها أرید بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون كل من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان؟ فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم.

ص: 164

وكان ناظر بین النهرین كتب إلى بغداد وعرفهم الحال ثم حملوني إلى بغداد، وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام، وكان الوزير القمي قد طلب السعيد رضي الدين وتقدم أن يعرفه صحة هذا الخبر.

قال : فخرج رضي الدين ومعه جماعة فوافينا باب النوبي فرد أصحابه الناس عني فلما رآني قال : أعنك يقولون؟ قلت: نعم، فنزل عن دابته وكشف فخدي فلم ير شيئاً فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير، وهو يبكي ويقول: يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي.

فسألني الوزير عن القضية فحكيت له فأحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها، فقالوا: ما دواؤها إلا القطع بالحديد ومتی قطعها مات، فقال لهم الوزير : فبتقدير أن يقطع ولا يموت في كم تبرأ؟

فقالوا شهرين ويبقي في مكانها حفرة بيضاء لا ينبت فيها شعر فسألهم الوزير : متى رأيتموه؟ قالوا: منذ عشرة أيام، فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل أختها ليس فيها أثر أصلاً.

فصاح أحد الحكام: هذا عمل المسيح، فقال الوزير : حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها.

ثم إنه أحضر عند الخليفة المستنصر فسأله عن القصة فعرفه بها كما جرى فتقدم له بألف دينار فلما حضرت قال : خذ هذه فأنفقها، فقال : ما أجسر آخذ منه حبة واحدة، فقال الخليفة : ممن تخاف؟ فقال : من الذي فعل معي هذا؟ قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئاً فبكى الخليفة، وتكدر وخرج من عنده ولم يأخذ شيئاً.

قال علي بن عیسی (عفی الله عنه): كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وأنا

ص: 165

لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه فعجبت من هذا الاتفاق وقلت له : هل رأيت فخذه وهي مريضة؟ فقال: لا، لأتي أصبو عن ذلك ولكني رأيتها بعدما صلحت ولا أثر فيها وقد نبت في موضعها شعر.

وسالت السيد صفي الدين محمد بن محمد بن بشير العلوي الموسوي ونجم الدین حیدر بن الأيسر (رحمهما الله تعالی) وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم وكانا صديقين لي وعزیزین عندي فأخبراني بصحة القصة وأنهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها.

وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه علیه السلام حتى أنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل أيام يزور سامراء ويعود إلى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعاً أن يعود الذي له الوقت مضى، أو يقضي له الحظ بما قضى، ومن الذي أعطاه دهره الرضا، أو ساعده بمطالبه صرف القضاء فمات رحمه الله بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغضته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرامته.

وحكي لي السيد باقي بن عطوة الحسني أن أباه عطوة كان آدر وكان زيدي المذهب وكان ينكر على بنيه الميل إلى الإمامية ويقول: لا أصدقكم ولا أقول بمذهبكم، حتى يجيء صاحبكم، يعني المهدي علیه السلام

فيبرئني من هذا المرض، وتكرر هذا القول منه.

فبينا نحن مجتمعون عند وقت العشاء الآخرة إذا أبونا يصيح ويستغيث بنا فأتيناه سراعاً فقال : الحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجنا فلم نر أحداً فعدنا إليه وسألناه فقال: إنه دخل إلي شخص وقال : يا عطوة، فقلت: من أنت؟ فقال : أنا صاحب بنيك قد جئت

ص: 166

لأبرئك مما بك ثم مد يده فعصر قروني ومشى ومددت يدي فلم أر لها أثراً.

قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به قلبة، واشتهرت هذه القصة وسألت عنها غير ابنه فأخبر عنها فأقر بها(1).

磯 磯 磯

ص: 167


1- البحار ج 52 ص 61

4- قصة أبو راجح الحمامي والحجة علیه السلام

روى السيد علي بن عبد الحميد في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان عند ذكر من رأي القائم علیه السلام قال: فمن ذلك ما اشتهر وذاع، وملأ البقاع، وشهد بالعيان أبناء الزمان، وهو قصة أبو راجح الحمامي بالحلة وقد حكى ذلك جماعة من الأعيان الأماثل، وأهل الصدق الأفاضل.

منهم الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون سلمه الله تعالى قال : كان الحاكم بالحلة شخصاً يدعى مرجان الصغير، فرفع إليه أن أبا راجح هذا يسب الصحابة، فأحضره وأمر بضربه فضرب ضرباً شديداً مهلكاً على جميع بدنه، حتى أنه ضرب على وجهه فسقطت ثناياه وأخرج لسانه فجعل فيه مسلة من الحديد، وخرج أنفه، ووضع فيه شركة من الشعر وشد فيها حبلاً فيه مسلة إلى جماعة من أصحابه وأمرهم ان يدوروا به أزقة الحلة، والضرب يأخذ من جميع جوانبه، حتى سقط إلى الأرض وعاين الهلاك.

فأخبر الحاكم بذلك، فأمر بقتله، فقال الحاضرون : إنه شيخ كبير ، ولا تتقلد بدمه وبالغوا في ذلك حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه ولسانه، فنقله أهله في الموت ولم يشك أحد أنه يموت من ليلته فلما كان من الغد غدا عليه الناس فإذا هو قائم يصلي على أتم حالة، وقد

ص: 168

عادت ثناياه التي سقطت كما كانت، واندملت جراحاته ولم يبق لها أثر والشجة قد زالت من وجهه.

فعجب الناس من حاله وساءلوه عن أمره، فقال: إني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان أسأل الله تعالی به فكنت أسأله بقلبي واستغثت إلى سيدي ومولاي صاحب الزمان علیه السلام، فلما جن الليل فإذا بالدار قد امتلأت نوراً وإذا بمولاي صاحب الزمان، قد أمر يده الشريفة على وجهي وقال لي: أخرج وكد على عيالك، فقد عافاك الله تعالى، فأصبحت كما ترون.

وحكى الشيخ شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال: وأقسم بالله تعالى إن هذا أبو راجح كان ضعيفاً جداً، ضعيف التركيب، أصفر اللون، شين الوجه، مقرض اللحية، وكنت دائماً أدخل الحمام الذي هو فيه وكنت دائماً أراه على هذه الحالة وهذا الشكل فلما أصبحت کنت ممن دخل عليه ، فرأيته وقد اشتدت قوته وانتصبت قامته، وطابت لحيته ، واحمر وجهه، وعاد كانه ابن عشرين سنة ولم يزل على ذلك حتى أدركته الوفاة.

ولما شاع هذا الخبر وذاع، طلبه الحاكم وأحضره عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة وهو الآن على ضدها كما وصفناه، ولم ير بجراحاته أثراً وثناياه قد عادت فداخل الحاكم في ذلك رعب عظيم، وكان يجلس في مقام الإمام علیه السلام في الحلة، ويعطي ظهره القبلة الشريفة، فصار بعد ذلك يجلس ويستقبلها، وعاد يتلطف بأهل الحلة، ويتجاوز عن مسيئهم، ويحسن إلى محسنهم، ولم ينفعه ذلك بل لم يلبث في ذلك إلا قليلاً حتى مات(1).

ص: 169


1- البحار ج 2، ص70.

5- حكاية الرمانة والوزير الناصبي بالبحرين

كانت بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج، جعلوا واليها رجلاً من المسلمين ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير اشد نصباً منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت علیهم السلام ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكل حيلة.

فلما كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوباً عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء رسول الله) فتأمل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجب من ذلك وقال للوزير : هذه الآية بينة، قوية، على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين.

فقال له: أصلحك الله إن هؤلاء جماعة متعصبون، ينكرون البراهين وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمانة، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلا المقام على ضلالتهم فخيرهم بين ثلاث، إما أن يؤدوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها أو تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم.

فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار،

ص: 170

والنجباء والسادة الأبرار، من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمانة وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف: من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار کالكفار، فتحيروا في أمرها، ولم يقدروا على الجواب، وتغيرت وجوههم وارتعدت فرائصهم، فقال كبراؤهم: أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبین متحیرین.

فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فا تفق رأيهم على ان يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة، ففعلوا، ثم اختاروا من العشرة ثلاثة، فقالوا لأحدهم: أخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا، وحجة الله علينا، لعله يبين لك ماهو المخرج من هذه الداهية الدهماء.

فخرج وبات طول ليلته متعبداً خاشعاً داعياً باكياً يدعو الله ، ويستغيث بالإمام علیه السلام، حتى أصبح ولم ير شيئاً، فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.

فأحضروا الثالث وكان تقياً فاضاً اسمه محمد بن عيسى، فخرج الليلة الثالثة حافياً حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبکی، وتوسل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان.

فلما كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عیسی ما لي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟ فقال: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لا أذكره إلآ لإمامي ولا أشكوه إلا إلى من يقدر على كشفه عني.

ص: 171

فقال: يا محمد بن عيسى. أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك، فقال: إن کنت هو فأنت تعلم قصتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة، وما كتب عليها وما أودعكم الأمير به فقال: فلما سمعت ذلك توجهت إليه وقلت له : نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا.

فقال صلوات الله عليه : يا محمد بن عيسى إن الوزير لعنه الله في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئاً من الطين على هيئة الرمانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعهما على الرمانة، وشدهما عليه وهي صغيرة فأثر فيها، وصارت هكذا.

فإذا مضيتم غداً إلى الوالي، فقل له : جئتك بالجواب ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير، فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، تری فيها غرفة، فقل للوالي: لا أجيبك إلآ في تلك الغرفة، وسيابي الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك ولا ترض إلا بصعودها فإذا صعد فا صعد معه، ولا تتركه وحده يتقدم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها کیس أبيض، فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثم ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال.

وأيضاً یا محمد بن عیسی قل للوالي : إن أردت لنا معجزة أخرى وهي أن هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته.

فلما سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام، فرحاً فرحاً شديداً وقبل بين يديالإمام (صلوات الله عليه)، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور.

فلما أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمد بن عيسى كل ما أمره

ص: 172

الإمام وظهر كل ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال له : من أخبرك بهذا؟ فقال : إمام زماننا، وحجة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟

فأخبره بالأئمة واحداً بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر (صلوات الله عليهم).

فقال الوالي : مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي علیه السلام ثم أقر بالأئمة إلى آخرهم علیهم السلام وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم(1).

قال : وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس.

戀 戀 戀

ص: 173


1- البحار: ج52، ص61، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ج1 ص450.

6- الشهادة الثالثة

قال الشيخ العالم العامل الشيخ أبو إسحاق :

قد كنت مقيماً في دمشق الشام، منذ سنين، مشتغلاً بطلب العلم، عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي وفقه الله لنور الهداية في علمي الأصول والعربية، وعند الشيخ زين الدين علي المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنه كان عالماً فاضلاً عارفاً بالقراءات السبع وكانت له معرفة في أغلب العلوم من الصرف، والنحو، والمنطق، والمعاني، والبيان، والأصولين وكان لين الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته.

فكان إذا جرى ذكر الشيعة يقول: قال علماء الإمامية بخلاف من المدرسين فإنهم كانوا يقولون عند ذكر الشيعة : قال علماء الرافضة، فاختصصت به وتركت التردد إلى غيره، فأقمنا على ذلك برهة من الزمان أقرأ عليه في العلوم المذكورة.

فاتفق أنه عزم على السفر من دمشق الشام، یرید الديار المصرية ، فلكثرة المحبة التي كانت بيننا عز علي مفارقته، وهو أيضاً كذلك، فآل الأمر إلى أنه هداه الله صمم العزم على صحبتي له إلى مصر، وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي، يقرأون عليه فصحبه أكثرهم.

فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا مدينة بلاد مصر المعروفة بالفاخرة، وهي اكبر من مدائن مصر كلها، فأقام بالمسجد الأزهر مدة

ص: 174

يدرس، فتسامع فضلاء مصر بقدومه، نوردوا كلهم لزيارته وللانتفاع بعلومه، فأقام في قاهرة مصر مدة تسعة أشهر، ونحن معه على أحسن حال وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومع رجل منها كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور يعرفه فيه بمرض شديد قد عرض له وأنه يتمنى الاجتماع به قبل الممات، ويحثه فيه على عدم التأخير.

فرق الشيخ من كتاب أبيه وبكي، وصمم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس، فعزم بعض التلامذة على صحبته، ومن جملة أنا، لأنه هداه الله قد كان أحبني محبة شديدة وحسن لي المسير معه فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أول قرية من الجزيرة المذكورة، عرضت لي حتى منعتني عن الحركة.

فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رق لي وبكى، وقال: يعز علي مفارقتك، فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم، وأمره أن يتعاهدني حتى يكون مني أحد الأمرين، وإن من الله بالعافية أتبعه إلى بلده هكذا عهد إلي بذلك وفقه الله بنور الهداية إلى طريق الحق المستقيم، ثم إلى بلد الأندلس ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام .

فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيام لا أستطيع الحركة لشدة ما أصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى، وخرجت أدور في سكك تلك القرية فرأيت قفلاً قد وصل من جبال قريبة من شاطئ البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة، فسألت عن حالهم فقيل: إن هؤلاء يجيئون من جهة قريبة من أرض البربر، وهي قريبة من جزائر الرافضة.

فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم، وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل لي: إن المسافة خمسة وعشرون يوماً، منها يومان بغیر

ص: 175

عمارة ولا ماء، وبعد ذلك فالقرى متصلة، فاكتريت معهم من رجل حماراً بمبلغ ثلاثة دراهم، لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلما قطعنا معهم تلك المسافة، ووصلنا أرضهم العامرة، تمشیت راجلاً وتنقلت على اختياري من قرية إلى أخرى إلى أن وصلت إلى أول تلك الأماكن، فقيل لي: إن جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام، فمضيت ولم أتأخر. فوصلت إلى جزيرة ذات أسوار أربعة، ولها أبراج محکمات شاهقات وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطئ البحر، فدخلت من باب كبيرة يقال لها : باب البربر، فدرت في سككها أسأل عن مسجد البلد، فهديت عليها، ودخلت إليه فرأيته جامعاً كبيراً معظماً واقعاً على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذن يؤذن للظهر ونادي بحي على خير العمل ولما فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان علیه السلام

فأخذتني العبرة بالبكاء، فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد، وشرعوا في الوضوء، على عين ماء تحت شجرة في الجانب الشرقي من المسجد، وأنا انظر إليهم فرحاً مسروراً لما رأيته من وضوئهم المنقول عن أئمة الهدى علیهم السلام.

فلما فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهي الصورة ، عليه السكينة والوقار، فتقدم إلى المحراب، وأقام الصلاة، فاعتدلت الصفوف وراءه وصلى بهم إماماً وهم به مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمتنا علیهم السلام على الوجه المرضي فرضاً ونفلاً وكذا التعقيب والتسبيح ومن شدة ما لقيته من عناء السفر، وتعبي في الطريق لم يمكني أن أصلي معهم الظهر.

فلما فرغوا ورأوني أنكروا علي عدم اقتدائي بهم، فتوجهوا نحوي بأجمعهم وسألوني عن حالي ومن أين أصلي وما مذهبي؟ فشرحت لهم

ص: 176

أحوالي وأني عراقي الأصل، وأما مذهبي فإنني رجل مسلم أقول أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله (بالهدى) ودين الحق ليظهره على الأديان كلها ولو كره المشركون.

فقالوا لي: لم تنفعك هاتان الشهادتان إلا لحقن دمك في دار الدنيا لم لا تقول الشهادة الأخرى لتدخل الجنة بغير حساب؟ فقلت لهم: ما تلك الشهادة الأخرى؟ اهدوني إليها يرحمكم الله، فقال لي إمامهم : الشهادة الثالثة هي أن تشهد أن أمير المؤمنين، ويعسوب المتقين، وقائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب والأئمة الأحد عشر من ولده أوصياء رسول الله، وخلفاؤه من بعده بلا فاصلة قد أوجب الله عز وجل طاعتهم على عباده، وجعلهم أولياء أمره ونهيه وحججاً على خلقه في أرضه، وأماناً لبريته، لأن الصادق الأمين محمداً رسول رب العالمين صلی الله علیه و اله و سلم أخبرهم عن الله تعالى مشافهة من نداء الله عز وجل له علیه السلام في ليلة معراجه إلى السماوات السبع، وقد صار من ربه كقاب قوسين أو أدني، وسماهم له واحدة بعد واحداً صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين

فلما سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك، وحصل عندي أكمل السرور، وذهبت عني تعب الطريق من الفرح، وعرفهم أني على مذهبهم، فتوجهوا إلي توجه إشفاق، وعينوا لي مكاناً في زوايا المسجد، وما زالوا يتعاهدوني بالعزة والإكرام مدة إقامتي عندهم، وصار إمام مسجدهم لا يفارقني ليلاً ونهاراً(1).

戀 戀 戀

ص: 177


1- البحار: ج52 ص161.

7- بناء مسجد جمكران

في تاريخ قم تأليف الشيخ الفاضل الحسن بن محمد بن الحسن القمي من كتاب مونس الحزين في معرفة الحق واليقين، من مصنفات أبي جعفر محمد بن بابويه القمي ما لفظه بالعربية : باب ذکر بناء مسجد جمکران، بأمر الإمام المهدي عليه صلوات الله الرحمن وعلى آبائه المغفرة، سبب بناء المسجد المقدس في جمکران بامر الإمام علیه السلام على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمکراني قال: كنت ليلة الثلاثا السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة نائما في بيتي فلما مضي نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني، وقالوا : قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان فانه يدعوك.

قال : فقمت وتعبات وتهيات، فقلت: دعوني حتى ألبس قميصي، فإذا بنداء من جانب الباب: «هو ما كان قميصك» فتركته وأخذت سراويلي، فنودي: «ليس ذلك منك، فخذ سراويلك» فألقيته وأخذت سراويلي ولبسته، فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي «الباب مفتوح» .

فلما جئت إلى الباب، رأيت قوما من الأكابر، فسلمت عليهم، فردوا ورحبوا بي، وذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن، فلما أمعنت النظر رأيت أريكة فرشت عليها فراش حسان، وعليها وسائد حسان،

ص: 178

ورأيت فتى في زي ابن ثلاثين متكئا عليها، وبين يديه شيخ، وبيده كتاب يقرأه عليه، وحوله أكثر من ستين رجلا يصلون في تلك البقعة، وعلى بعضهم ثياب بيض، وعلى بعضهم ثياب خضر.

وكان ذلك الشيخ هو الخضر علیه السلام فأجلسني ذلك الشيخ علیه السلام، ودعاني الإمام علیه السلام باسمي، وقال: اذهب إلى حسن بن مسلم، وقل له: إنك تعمر هذه الأرض منذ سنين وتزرعها، ونحن نخربها، زرعت خمس سنين، والعام أيضا أنت على حالك من الزراعة والعمارة؟ ولا رخصة لك في العود إليها وعليك رد ما انتفعت به من غلات هذه الأرض ليبني فيها مسجد وقل لحسن بن مسلم إن هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالی من غيرها من الأراضي وشرفها، وأنت قد أضفتها إلى أرضك.

وقد جزاك الله بموت ولدين لك شابين، فلم تنتبه من غفلتك، فان لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر.

قال حسن بن مثلة: [قلت] يا سيدي لا بد لي في ذلك من علامة، فان القوم لا يقبلون ما لا علامة ولا حجة عليه، ولا يصدقون قولي، قال: إنا سنعلم هناك فاذهب وبلغ رسالتنا، واذهب إلى السيد أبي الحسن وقل له: يجيء ويحضره ويطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين، ويعطيه الناس حتى يبنوا المسجد، ويتم ما نقص منه من غلة رهق ملكنا بناحية أردهال ويتم المسجد، وقد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد، ليجلب غلته كل عام، ويصرف إلى عمارته .

وقل للناس: لیرغبوا إلى هذا الموضع ويعزروه ويصلوا هنا أربع رکعات للتحية في كل ركعة يقرأ سورة الحمد مرة، وسورة الاخلاص سبع مرات ويسبح في الركوع والسجود سبع مرات، وركعتان للإمام

ص: 179

صاحب الزمان علیه السلام هكذا: يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى «اِیّاکَ نَعبُدُ وَ اِیّاکَ نَستَعین» كرره مائة مرة ثم يقرؤها إلى آخرها وهكذا يصنع في الركعة الثانية، ويسبح في الركوع والسجود سبع مرات، فإذا أتم الصلاة يهلل ويسبح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويصلي على النبي وآله مائة مرة، ثم قال علیه السلام: ما هذه حكاية لفظه فمن صلاها فكأنما في البيت العتيق.

قال حسن بن مثلة : قلت في نفسي كان هذا موضع أنت تزعم أنما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشيرا إلى ذلك الفتى المتكئ على الوسائد فأشار ذلك الفتى إلى أن أذهب.

فرجعت فلما سرت بعض الطريق دعاني ثانية، وقال: إن في قطيع جعفر الكاشاني الراعي معزا يجب أن تشتريه فان أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه وإلا فتعطي من مالك، وتجئ به إلى هذا الموضع، وتذبحه الليلة الآتية ثم تنفق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم ذلك المعز على المرضى، ومن به علة شديدة، فان الله يشفي جميعهم، وذلك المعز أبلق، كثير الشعر، وعليه سبع علامات سود وبيض:

ثلاث على جانب وأربع على جانب، سود وبيض كالدراهم.

فذهبت فارجعوني ثالثة، وقال علیه السلام: تقيم بهذا المكان سبعين يوما أو سبعا فان حملت على السبع انطبق على ليلة القدر، وهو الثالث والعشرون وإن حملت على السبعين انطبق على الخامس والعشرين من ذي القعدة، وكلاهما يوم مبارك.

قال حسن بن مثلة: فعدت حتى وصلت إلى داري ولم أزل الليل متفکرا حتى اسفر الصبح، فاديت الفريضة، وجئت إلى علي بن المنذر، فقصصت عليه الحال، فجاء معي حتى بلغت المكان الذي ذهبوا بي إليه

ص: 180

البارحة، فقال: والله إن العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أن هذه السلاسل والأوتاد ههنا.

فذهبنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا فلما وصلنا إلى باب داره رأينا خدامه وغلمانه يقولون إن السيد أبا الحسن الرضا ينتظرك من سحر، أنت من جمکران؟ قلت: نعم، فدخلت عليه الساعة، وسلمت عليه وخضعت فأحسن في الجواب وأكرمني ومكن لي في مجلسه ، وسبقني قبل أن أحدثه وقال: یا حسن بن مثلة يأتيك إني كنت نائما فرأيت شخصا يقول لي: إن رجلا من جمکران يقال له: حسن بن مثلة يأتيك بالغدو، ولتصدقن ما يقول، واعتمد على قوله، فان قوله قولنا، فلا تردن عليه قوله فانتبهت من رقدتي، وكنت أنتظرك الآن .

فقص عليه الحسن بن مثلة القصص مشروحا فأمر بالخيول لتسرج، وتخرجوا فركبوا فلما قربوا من القرية رأوا جعفر الراعي وله قطيع على جانب الطريق فدخل حسن بن مثلة بين القطيع، وكان ذلك المعز خلف القطيع فأقبل المعز عاديا إلى الحسن بن مثلة فأخذه الحسن ليعطي ثمنه الراعي ويأتي به فاقسم جعفر الراعي أني ما رأيت هذا المعز قط، ولم يكن في قطيعي إلا أني رأيته وكلما أريد أن آخذه لا يمكنني، والآن جاء إليكم، فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك الموضع وذبحوه.

وجاء السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه إلى ذلك الموضع، وأحضروا الحسن بن مسلم واستردوا منه الغلات وجاؤوا بغلات رهق، وسقفوا المسجد بالجزوع وذهب السيد أبو الحسن الرضا رضی الله عنه بالسلاسل والأوتاد وأودعها في بيته فكان يأتي المرضى والأعلاء ويمسون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالی عاجلا ويصحون.

ص: 181

قال أبو الحسن محمد بن حیدر : سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرضا في المحلة المدعوة بموسویان من بلدة قم، فمرض بعد وفاته ولد له، فدخل بيته وفتح الصندوق الذي فيه السلاسل والأوتاد، فلم يجدها(1).

戀 戀 戀

ص: 182


1- البحار: ج 53 ص230.

8- الشيخ محمد حسن السريرة ممن رأى الحجة علیه السلام

حدث الشيخ الفاضل العالم الثقة الشيخ باقر الكاظمي المجاور في النجف الاشرف آل الشيخ طالب نجل العالم العابد الشيخ هادي الكاظمي قال:

كان في النجف الاشرف رجل مؤمن يسمي الشيخ محمد حسن السريرة، وكان في سلك أهل العلم ذا نية صادقة، وكان معه مرض السعال إذا سعل يخرج من صدره مع الأخلاط دم، وكان مع ذلك في غاية الفقر والاحتياج، لا يملك قوت يومه، وكان يخرج في أغلب أوقاته إلى البادية إلى الأعراب الذين في أطراف النجف الاشرف، ليحصل له قوت ولو شعير، وما كان يتيسر ذلك على وجه يكفيه، مع شدة رجائه، وكان مع ذلك قد تعلق قلبه بتزويج امرأة من أهل النجف، وكان يطلبها من أهلها وما أجابوه إلى ذلك لقلة ذات يده، وكان في هم وغم شدید من جهة ابتلائه بذلك.

فلما اشتد به الفقر والمرض، وأيس من تزويج البنت، عزم على ماهو معروف عند أهل النجف من أنه من أصابه أمر فواظب الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة الأربعاء، فلا بد أن يرى صاحب الأمر (عجل الله فرجه) من حيث لا يعلم ويقضي له مراده .

قال الشيخ باقر (قدس سره): قال الشيخ محمد: فواظبت على

ص: 183

ذلك أربعين ليلة بالأربعاء فلما كانت الليلة الأخيرة وكانت ليلة شتاء مظلمة، وقد هبت ريح عاصفة، فيها قليل من المطر، وأنا جالس في الدكة التي هي داخل في باب المسجد وكانت الدكة الشرقية المقابلة اللباب الأول تكون على الطرف الأيسر، عند دخول المسجد، ولا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم، ولا يمكن قذفه في المسجد وليس معي شيء أتقي فيه عن البرد، وقد ضاق صدري، واشتد علي همي وغمي، وضاقت الدنيا في عيني، وأفكر أنا لليالي قد انقضت، وهذه آخرها، وما رأيت أحدا ولا ظهر لي شيء، وقد تعبت هذا التعب العظيم، وتحملت المشاق والخوف في أربعين ليلة، أجيء فيها من النجف إلى مسجد الكوفة، ويكون لي الأياس من ذلك .

فبينما أنا أفكر في ذلك، وليس في المسجد أحد أبدا وقد أوقدت ناراً لأسخن عليها قهوة جئت بها من النجف ، لا أتمكن من تركها لتعودي بها، وكانت قليلة جدا إذا بشخص من جهة الباب الأول متوجها إلي فلما نظرته من بعيد تكدرت وقلت في نفسي: هذا أعرابي من أطراف المسجد، قد جاء إلي ليشرب من القهوة وأبقى بلا قهوة في هذا الليل المظلم، ويزيد علي همي وغمي.

فبينما أنا أفكر إذا به قد وصل إلي وسلم علي باسمي وجلس في مقابلي فتعجبت من معرفته اسمي، وظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف الأشرف فصرت أسأله من أي العرب يكون؟ قال:

من بعض العرب فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف، فيقول: لا لا، وكلما ذكرت له طائفة قال : لا لست منها .

فاغضبني وقلت له : أجل أنت من طريطرة مستهزئاً وهو لفظ بلا معنى، فتبسم من قولي ذلك وقال: لا عليك من أينما كنت ما الذي جاء

ص: 184

بك إلى هنا فقلت: وأنت ما عليك السؤال عن هذه الأمور؟ فقال : ما ضرك لو أخبرتني فتعجبت من حسن أخلاقه وعذوبة منطقه، فمال قلبي إليه، وصار كلما تكلم ازداد حبي له، فعملت له السبيل من التتن، وأعطيته ، فقال : أنت أشرب فأنا ما اشرب، وصببت له في الفنجان قهوة وأعطيته، فأخذه وشرب شيئا قليلا منه، ثم ناولني الباقي وقال : أنت اشربه فأخذته وشربته، ولم ألتفت إلى عدم شربه تمام الفنجان، ولكن يزداد حبي له آناً فآناً.

فقلت له: يا أخي أنت قد أرسل الله إلي في هذه الليلة تأنسني أفلا تروح معي إلى أن نجلس في حضرة مسلم علیه السلام، ونتحدث؟ فقال : أروح معك فحدث حديثك .

فقلت له : أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر والحاجة، مذ شعرت على نفسي ومع ذلك، معي سعال أتنخع الدم، وأقذفه من صدري منذ سنين، ولا أعرف علاجه وما عندي زوجة، وقد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الأشرف، ومن جهة قلة ما في اليد ما تیسر لي أخذها.

وقد غرني هؤلاء الملائية وقالوا لي: اقصد في حوائجك صاحب الزمان وبت أربعين ليلة الأربعاء في مسجد الكوفة، فانك تراه، ويقضي لك حاجتك وهذه آخر ليلة من الأربعين، وما رأيت فيها شيئا وقد تحملت هذه المشاق في هذه الليالي فهذا الذي جاء بي هنا، وهذه حوائجي

فقال لي وأنا غافل غير ملتفت: أما صدرك فقد برا، وأما الإمرأة فتأخذها عن قريب، وأما فقرك فيبقى على حاله حتى تموت، وأنا غير ملتفت إلى هذا البيان أبدا .

فقلت: ألا تروح إلى حضرة مسلم؟ قال: قم، فقمت وتوجه

ص: 185

أمامي، فلما وردنا أرض المسجد فقال: ألا تصلي صلاة تحية المسجد، فقلت: أفعل، فوقف هو قريبا من الشاخص الموضوع في المسجد، وأنا خلفه بفاصلة، فأحرمت الصلاة وصرت أقرأ الفاتحة.

فبينما أنا أقرأ وإذا يقرأ الفاتحة قراءة ما سمعت أحدا يقرأ مثلها أبدا فمن حسن قراءته قلت في نفسي: لعله هذا هو صاحب الزمان وذكرت بعض كلمات له تدل على ذلك ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلك، وهو في الصلاة، وإذا به قد أحاطه نور عظیم منعني من تشخیص شخصه الشريف، وهو مع ذلك يصلي وأنا أسمع قراءته، وقد ارتعدت فرائصي، ولا أستطيع قطع الصلاة خوفاً منه فأكملتها على أي وجه كان، وقد علا النور من وجه الأرض، فصرت أندبه وأبكي وأتضجر وأعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد، وقلت له : أنت صادق الوعد، وقد وعدتني الرواح معي إلى مسلم.

فبينما أنا أكلم النور، وإذا بالنور قد توجه إلى جهة مسلم، فتبعته فدخل النور الحضرة، وصار في جو القبة، ولم يزل على ذلك ولم أزل أندبه وأبكي حتى إذا طلع الفجر، عرج النور.

فلما كان الصباح التفت إلى قوله: أما صدرك فقد برا، وإذا أنا صحیح الصدر، وليس معي سعال أبدا وما مضى أسبوع إلا وسهل الله على أخذ البنت من حيث لا أحتسب، وبقي فقري على ما كان كما أخبر (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين)(1).

戀 戀 戀

ص: 186


1- البحار: ج53، ص240.

9- قصة محمود الفارسی

حدث السيد المعظم المبجل، بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي المعاصر للشهيد الأول في كتاب الغيبة عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ، المحمود الحاج المعتمر شمس الحق والدين محمد بن قارون قال: دعيت إلى امرأة فأتيتها وأنا أعلم أنها مؤمنة من أهل الخير والصلاح فزوجها أهلها من محمود الفارسي المعروف بأخي بكر، ويقال له ولأقاربه: بنو بکر، وأهل فارس مشهورون بشدة التسنن والنصب والعداوة لأهل الإيمان وكان محمود هذا أشدهم في الباب، وقد وفقه الله تعالى للتشيع دون أصحابه .

فقلت لها: واعجباه كيف سمح أبوك بك؟ وجعلك مع هؤلاء النواصب؟ وكيف اتفق لزوجك مخالفة أهله حتى ترفضهم؟ فقالت: يا أيها المقرئ إن له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنها من العجب، قلت: وما هي؟ قال : سله عنها سيخبرك .

قال الشيخ: فلما حضرنا عنده قلت له: يا محمود ما الذي أخرجك عن ملة أهلك، وأدخلك مع الشيعة؟ فقال: يا شيخ لما اتضح لي الحق تبعته، اعلم انه قد جرت عادة أهل الفرس(1) أنهم إذا سمعوا بورود

ص: 187


1- الظاهر أنه بالفتح، موضع للهذيل أو بلد من بلدانهم كما في القاموس منه رحمه الله. أقول: بل هو بالضم لما سبق قبل أسطر من قوله «وأهل فارس مشهورون بشدة التسنن والنصب والعداوة».

القوافل عليهم، خرجوا يتلقونهم، فاتفق أنا سمعنا بورود قافلة كبيرة، فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك صبي مراهق، فاجتهدنا في طلب القافلة، بجهلنا، ولم نفكر في عاقبة الأمر، وصرنا كلما انقطع منا صبي من التعب خلوه إلى الضعف، فضللنا عن الطريق، ووقعنا في واد لم نكن نعرفه، وفيه شوك، وشجر ودغل، لم نر مثله قط فأخذنا في السير حتى عجزنا وتدلت ألسنتنا على صدورنا من العطش، فأيقنا بالموت، وسقطنا لوجوهنا. فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض، قد نزل قريبا منا، وطرح مفرشا لطيفا لم نر مثله تفوح منه رائحة طيبة، فالتفتنا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض، وعلى رأسه عمامة لها ذؤابتان، فنزل على ذلك المفرش ثم قام فصلى بصاحبه، ثم جلس للتعقيب.

فالتفت إلى وقال : يا محمود ! فقلت : بصوت ضعيف لبيك يا سيدي، قال: ادن مني، فقلت: لا أستطيع(1) لما بي من العطش والتعب، قال : لا بأس عليك.

فلما قالها حسبت كان قد حدث في نفسي روح متجددة، فسعيت إليه حبوا فمر (2) يده على وجهي وصدري ورفعها إلى حنكي فرده حتى لصق بالحنك الأعلى ودخل لساني في فمي، وذهب ما بي، وعدت كما کنت أولا . فقال : قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل وكان في الوادي حنظل كثير فأتيته بحنظلة كبيرة فقسمها نصفين، وناولنيها وقال : كل منها فأخذتها منه، ولم أقدم على مخالفته وعندي(3) أمرني أن آكل الصبر لما أعهد من مرارة الحنظل فلما ذقتها فإذا هي أحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك شبعت ورويت.

ص: 188


1- هذا هو الظاهر، والنسخة «لم استطع».
2- فأمر ظ
3- أي وعندي من العقيدة والنظر أنه أمرني أن آكل الصبر

ثم قال لي: ادع صاحبك، فدعوته، فقال بلسان مكسور ضعیف: لا أقدر على الحركة، فقال له : قم لا بأس عليك فأقبل إليه حبوا وفعل معه كما فعل معي ثم نهض ليركب، فقلنا بالله عليك يا سيدنا إلا ما أتممت علينا نعمتك، وأوصلتنا إلى أهلنا، فقال : لا تعجلوا وخط حولنا برمحه خطة، وذهب هو وصاحبه فقلت لصاحبي: قم بنا حتى نقف بإزاء الجبل ونقع على الطريق، فقمنا وسرنا وإذا بحائط في وجوهنا فأخذنا في غير تلك الجهة فإذا بحائط آخر، وهكذا من أربع جوانبنا .

فجلسنا وجعلنا نبكي على أنفسنا ثم قلت لصاحبی: ائتنا من هذا الحنظل لنأكله، فأتي به فإذا هو أمر من كل شيء، وأقبح، فرمینا به، ثم لبثنا هنيئة وإذا قد استدار من الوحش ما لا يعلم إلا الله عدده، وكلما أرادوا القرب منا منعهم ذلك الحائط، فإذا ذهبوا زال الحائط، وإذا عادوا عاد.

قال : فبتنا تلك الليلة آمنين حتى أصبحنا، وطلعت الشمس واشتد الحر وأخذنا العطش فجزعنا أشد الجزع، وإذا بالفارسين قد أقبلا وفعلا كما فعلا بالأمس، فلما أرادا مفارقتنا قلنا له: بالله عليك إلا أوصلتنا إلى أهلنا، فقال: ابشرا فسيأتيكما من يوصلكما إلى أهليكما ثم غابا .

فلما كان آخر النهار إذا برجل من فراسنا، ومعه ثلاث أحمرة، قد أقبل ليحتطب فلما رآنا ارتاع منا وانهزم، وترك حميره نصحنا إليه باسمه، وتسمينا له فرجع وقال : يا ويلكما إن أهاليكما قد أقاموا عزاءكما، قوما لا حاجة لي في الحطب، فقمنا وركبنا تلك الأحمرة، فلما قربنا من البلد، دخل أمامنا، وأخبر أهلنا ففرحوا فرحا شديدا وأكرموه وأخلعوا عليه .

فلما دخلنا إلى أهلنا سألونا عن حالنا، فحكينا لهم بما شاهدناه، فكذبونا وقالوا : هو تخييل لكم من العطش .

ص: 189

قال محمود: ثم أنساني الدهر حتى كأن لم يكن، ولم يبق على خاطري شي ء منه حتى بلغت عشرين سنة، وتزوجت وصرت أخرج في المكاراة ولم يكن في أهلي أشد مني نصبا لأهل الإيمان، سیما زوار الأئمة علیهم السلام بسر من رأي فكنت أكريهم الدواب بالقصد لأذيتهم بكل ما أقدر عليه من السرقة وغيرها وأعتقد أن ذلك مما يقربني إلى الله تعالی .

فاتفق أني کريت دوابي مرة لقوم من أهل الحلة، وكانوا قادمين إلى الزيارة منهم ابن السهيلي وابن عرفة وابن حارب، وابن الزهدري، وغيرهم من أهل الصلاح، ومضيت إلى بغداد، وهم يعرفون ما أنا عليه من العناد، فلما خلوا بي من الطريق وقد امتطوا علي غيظا وحنقا لم يتركوا شيئا من القبيح إلا فعلوه بي وأنا ساكت لا أقدر عليهم لكثرتهم، فلما دخلنا بغداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك، وقد امتلا فؤادي حنقاً.

فلما جاء أصحابي قمت إليهم، ولطمت على وجهي وبكيت، فقالوا : مالك؟ وما دهاك؟ فحكيت لهم ما جرى علي من أولئك القوم، فأخذوا في سبهم ولعنهم وقالوا: طب نفسا فانا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا، ونصنع بهم أعظم مما صنعوا .

فلما جن الليل، ادركتني السعادة، فقلت في نفسي: إن هؤلاء الرفضة لا يرجعون عن دينهم، بل غيرهم إذا زهد يرجع إليهم، فما ذلك إلا لأن الحق معهم فبقيت مفكرا في ذلك، وسألت ربي بنبيه محمد صلی الله علیه و اله و سلم يريني في ليلتي علامة أستدل بها على الحق الذي فرضه الله تعالی على عباده .

فأخذني النوم فإذا أنا بالجنة قد زخرفت، فإذا فيها أشجار عظيمة،

ص: 190

مختلفة الألوان والثمار، ليست مثل أشجار الدنيا ، لان أغصانها مدلاة، وعروقها إلى فوق، ورأيت أربعة أنهار : من خمر، ولبن، وعسل، وماء، وهي تجري وليس لها جرف(1) بحيث لو ارادت النملة أن تشرب منها لشربت، ورأيت نساء حسنة الاشكال ورأيت قوما يأكلون من تلك الثمار، ويشربون من تلك الأنهار، وأنا لا أقدر على ذلك، فكلما أردت أن أتناول من الثمار، تصعد إلى فوق، وكلما هممت أن أشرب من تلك الأنهار، تغور إلى تحت فقلت للقوم: مابالكم تأكلون وتشربون، وأنا لا أطيق ذلك؟ فقالوا: إنك لا تأتي إلينا بعد.

فبينا أنا كذلك وإذا بفوج عظيم، فقلت: ما الخبر؟ فقالوا: سیدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد أقبلت، فنظرت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئة، ينزلون من الهواء إلى الأرض، وهم حافون بها، فلما دنت وإذا بالفارس الذي قد خلصنا من العطش باطعامه لنا الحنظل قائما بين يدي فاطمة (عليها السلام) فلما رأيته عرفته، وذكرت تلك الحكاية، وسمعت القوم يقولون: هذا محمد بن الحسن القائم . المنتظر، فقام الناس وسلموا على فاطمة (عليها السلام).

فقمت أنا وقلت: السلام عليك يا بنت رسول الله، فقالت: وعليك السلام یا محمود أنت الذي خلصك ولدي هذا من العطش؟ فقلت: نعم، يا سيدتي، فقالت: إن دخلت مع شيعتنا أفلحت، فقلت: أنا داخل في دينك ودين شيعتك، مقر بإمامة من مضى من بنيك، ومن بقي منهم، فقالت: أبشر فقد فزت.

ص: 191


1- الجرف بالضم وبضمتين ما تجرفه السيول، وأكلته من الأرض، ومنه المثل «فلان يبني على جرف هار، لا يدري ما ليل من نهار» وجمعه أجرف، ويقال للجانب الذي أكله الماء من حاشية النهر أيضا، أو هو بضمتين، فكانه أراد أن تلك الأنهار كان لها جداول مستوية وكانت المياه تجري فيها مملوءة، بحيث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت، ولم تقع فيها.

قال محمود: فانتبهت وأنا أبكي، وقد ذهل عقلي مما رأيت فانزعج أصحابي لبكائي، وظنوا أنه مما حكيت لهم، فقالوا : طب نفسا فوالله لننتقمن من الرفضة فسكت عنهم حتى سكتوا، وسمعت المؤذن يعلن بالأذان، فقمت إلى الجانب الغربي ودخلت منزل أولئك الزوار، فسلمت عليهم، فقالوا: لا أهلا ولا سهلا اخرج عنا لا بارك الله فيك، فقلت: إني قد عدت معكم، ودخلت عليكم لتعلموني معالم ديني، فبهتوا من كلامي، وقال بعضهم: كذب، وقال: آخرون جاز أن يصدق .

فسألولي عن سبب ذلك، فحكيت لهم ما رأيت، فقالوا : إن صدقت فانا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسی بن جعفر علیه السلام، فامض معنا حتى نشيعك هناك فقلت: سمعا وطاعة، وجعلت أقبل أيديهم وأقدامهم، وحملت أخراجهم وأنا أدعو لهم حتى وصلنا إلى الحضرة الشريفة، فاستقبلنا الخدام، ومعهم رجل علوي كان أكبرهم، فسلموا على الزوار فقالوا له: افتح لنا الباب حتى نزور سیدنا ومولانا، فقال: حبا وكرامة ، ولكن معكم شخص يريد أن يتشیع، ورأيته في منامي واقفا بين يدي سيدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، فقالت لي: يأتيك غدا رجل يريد أن يتشیع فافتح له الباب قبل كل أحد، ولو رأيته الآن لعرفته .

فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجبين، فقالوا: فشرع ينظر إلى واحد واحد فقال : الله أكبر هذا والله هو الرجل الذي رأيته ثم أخذ بيدي فقال القوم: صدقت يا سيد وبررت، وصدق هذا الرجل بما حكاه ، واستبشروا باجمعهم وحمدوا الله تعالى ثم إنه أدخلني الحضرة الشريفة، وشيعني وتولیت وتبریت .

فلما تم أمري قال العلوي: وسيدتك فاطمة تقول لك: سيلحقك بعض حطام الدنيا فلا تحفل به، وسيخلفه الله عليك، وستحصل في

ص: 192

مضايق فاستغث بنا تنجو، فقلت: السمع والطاعة، وكان لي فرس قیمتها مائتا دینار فماتت وخلف الله علي مثلها، واضعافها، واصابني مضايق فندبتهم ونجوت، وفرج الله عني بهم، وأنا اليوم أوالي من والاهم، وأعادي من عاداهم، وأرجو بهم حسن العاقبة .

ثم إني سعيت إلى رجل من الشيعة، فزوجني هذه المرأة، وتركت أهلي فما قبلت أتزوج منهم، وهذا ما حكى لي في تاريخ شهر رجب [سنة] ثمان وثمانين وسبعمائة هجرية، والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله(1).

縣 繁 繁

ص: 193


1- البحار: ج53، ص203

10- هو يقص عليك الحكاية

قال السيد الجلیل صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة رضي الدين علي بن طاؤس في كتاب غياث سلطان الورى على ما نقله عنه المحدث الاسترابادي في الفوائد المدنية في نسختين كانت إحداهما بخط الفاضل الهندي ما لفظه: يقول علي بن موسی بن جعفر بن طاؤس : كنت قد توجهت أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته من الحلة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنین (صلوات الله وسلامه عليه)، في يوم الثلاثاء سابع عشر شهر جمادى الأخرى سنة إحدى وأربعين وستمائة، فاختار الله لنا المبيت بالقرية التي تسمى دورة بن سنجار، وبات أصحابنا ودوابنا في القرية، وتوجهنا منها أوائل نهار يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر المذكور .

فوصلنا إلى مشهد مولانا علي (صلوات الله وسلامه عليه) قبل ظهر يوم الأربعاء المذكور، فزرنا وجاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادی الأخرى المذكورة فوجدت من نفسي إقبالا على الله، وحضورا وخيرا كثيرا فشاهدت ما يدل على القبول والعناية والرأفة وبلوغ المأمول والضيافة، فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته أنه رأى في تلك الليلة في منامه كان في يدي لقمة وأنا أقول له : هذه من فم مولانا المهدي علیه السلام وقد أعطيته بعضها. فلما كان سحر تلك الليلة، كنت على ما تفضلا الله به من نافلة الليل فلما أصبحنا به من نهار الخميس المذكور، دخلت الحضرة حضرة مولانا علي (صلوات الله عليه)

ص: 194

على عادتي، فورد علي من فضل الله وإقباله والمكاشفة، ما كدت أسقط على الأرض، ورجفت أعضائي واقدامي، وارتعدت رعدة هائلة، على عوائد فضله عندي وعنايته لي، وما أراني من بره لي ورفدي، وأشرفت على الفناء ومفارقة دار الفناء والانتقال إلى دار البقاء، حتی حضر الجمال محمد بن کنيلة، وأنا في تلك الحال فسلم علي فعجزت عن مشاهدته، وعن النظر إليه، وإلى غيره، وما تحققته بل سألت عنه بعد ذلك، فعرفوني به تحقيقا وتجددت في تلك الزيارة مکاشفات جليلة، وبشارات جميلة .

وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته، بعدة بشارات رواها لي منها أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناماً ، ويقول له: قد رأيت كأن فلانا يعني عني(1) وكانني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه راكب فرسا وأنت يعني الأخ الصالح الآوي، وفارسان آخران قد صعدتم جميعا إلى السماء قال : فقلت له : أنت تدري أحد الفارسين من هو؟ فقال صاحب المنام في حال النوم لا أدري، فقلت : أنت يعني عني ذلك مولانا المهدي (صلوات الله و سلامه عليه).

وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة، فوصلنا ليلة الجمعة ، سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له : عبد المحسن، من أهل السواد قد حضر بالحلة وذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي (صلوات الله عليه) ظاهرا في اليقظة، وقد أرسله إلى عندي برسالة، فنفذت قاصدا وهو محفوظ بن فراء فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخرة المقدم ذكرها .

ص: 195


1- قد تكرر في الحكاية قوله «يعني عني» وأمثاله، وهي من لغة أهل العراق: المولدین، وكأنه يستعمل «يعني» بمعنی «یکنی» أي يكنى بفلان عني.

فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن، فعرفته فهو رجل صالح، لا يشك النفس في حديثه، ومستغن عنا، وسألته فذكر أن أصله من حصن بشر وأنه انتقل إلى الدولاب الذي بإزاء المحولة المعروفة بالمجاهدية ، ويعرف الدولاب بابن أبي الحسن وأنه مقيم هناك، وليس له عمل بالدولاب ولا زرع، ولكنه تاجر في شراء غليلات وغيرها، وأنه كان قد ابتاع غلة من ديوان السرائر وجاء ليقبضها، وبات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر .

فلما كان وقت السحر کره استعمال ماء المعيدية، فخرج بقصد النهر، والنهر في جهة المشرق، فما أحس بنفسه إلا وهو في نقل السلم، في طريق مشهد الحسين علیه السلام، في جهة المغرب، وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر شهر جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين وستمائة التي تقدم شرح بعض ما تفضل الله علي فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنین علیه السلام .

فجلست أريق ماء وإذا فارس عندي ما سمعت له حساً، ولا وجدت لفرسه حركة، ولا صوتا، وكان القمر طالعة، ولكن كان الضباب كثيرا.

فسألته عن الفارس وفرسه، فقال : كان لون فرسه صدءا وعليه ثياب بيض وهو متحنك بعمامة ومتقلد بسيف. فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن: كيف وقت الناس؟ قال عبد المحسن : فظننت أنه يسال عن ذلك الوقت، قال: فقلت الدنيا عليه ضباب وغبرة، فقال : ما سألتك عن هذا أنا سألتك عن حال الناس، قال: فقلت: الناس طيبين مرخصين آمنين في أوطانهم وعلى أموالهم.

ص: 196

فقال : تمضي إلى ابن طاؤس، وتقول له كذا وكذا، وذكر لي ما قال (صلوات الله عليه) ثم قال عنه علیه السلام: قالوقت قد دنا، فالوقت قد دنا ، قال عبد المحسن فوقع في قلبي وعرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان علیه السلام فوقعت على وجهي وبقيت كذلك مغشيا علي إلى أن طلع الصبح، قلت له : فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاوس عني؟(1) قال: ما أعرف من بني طاوس إلا أنت، وما في قلبي إلا أنه قصد بالرسالة إليك، قلت: أي شئ فهمت بقوله علیه السلام «فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا » هل قصد وفاتي قد دنا أم قد دنا وقت ظهوره (صلوات الله وسلامه عليه)؟ فقال : بل قد دنا وقت ظهوره (صلوات الله عليه) .

قال : فتوجهت ذلك الوقت(2) إلى مشهد الحسين علیه السلام وعزمت أنني الزم بيتي مدة حياتي أعبد الله تعالى، وندمت كيف ما سألته (صلوات الله عليه) عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها .

قلت له : هل عرفت بذلك أحدا؟ قال: نعم، عرفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية، وتوهموا أني قد ضللت وهلكت بتأخيري عنهم، واشتغالي بالغشية التي وجدتها، ولانهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه علیه السلام فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا، وعرضت عليه شيئا فقال : أنا مستغن عن الناس وبخیر کثیر .

فقمت أنا وهو فلما قام عني نفذت له غطاء وبات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلة، فقمت وكنت أنا

ص: 197


1- هكذا في النسخة والصحيح «قصدني عن ابن طاؤس» منه رحمه الله ، أقول: قد عرفت أن ناقل الحكاية من أهل السواد، فإذا عدي «عني» و «قصد» بعن الجارة يضمنه معنى الكناية كانه قال «کنی بابن طاوس عني» ومعناه على لغته ظاهر.
2- اليوم، خ.

وهو في الروشن(1) في خلوة، فنزلت لأنام فسألت الله زيادة کشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا.

فرأيت كان مولانا الصادق علیه السلام قد جاءني بهدية عظيمة، وهي عندي وكأنني ما أعرف قدرها، فاستيقظت وحمدت الله ، وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل،وهي ليلة السبت ثامن عشر جمادى الآخرة فأصعد فتح(2) الإبريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة، فقلت : لعل الماء نجس فأراد الله أن يصونني عنه فإن لله عز وجل على عوائد كثيرة أحدها مثل هذا وأعرفها.

فناديت إلى فتح، وقلت: من أين ملأت الإبريق؟ فقال: من المصبة(3) فقلت: هذا لعله نجس فاقلبه وأطهره(4) وأملاه من الشط فمضى وقلبه وأنا أسمع صوت الإبريق وشطفه وملأه من الشط، وجاء به فلزمت عروته وشرعت أقلب منه على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني ومنعني منه.

فعدت وصبرت، ودعوت بدعوات، وعاودت الإبريق وجرى مثل ذلك، فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة، وقلت في خاطري: لعل الله يريد أن يجري علي حكما وابتلاء غدا ولا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك، وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك.

فنمت وأنا جالس، وإذا برجل يقول لي: يعني عبد المحسن الذي

ص: 198


1- الروشن: أصلها فارسية، قال الفيروز آبادي : «الروشن: الكوة» لكن المراد بقرينة ما و بعده : الغرفة المشرفة.
2- فتح: اسم غلامه. منه رحمه الله.
3- في الأصل المطبوع: المسبية، بالسين وهو تصحيف.
4- في نسخة الفاضل الهندي : «فاشطفه» وهو الأصح لغة، وبقرينة ما يأتي، منه رحمه الله. أقول: الشطف: الغسل، وهي لغة سواد أهل العراق، ليست بأصيلة.

جاء بالرسالة كانه ينبغي أن تمشي بين يديه، فاستيقظت ووقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه وإكرامه، فتبت إلى الله جل جلاله، واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، وشرعت في الطهارة فلم يمسك أبدا [ فم ] الإبريق وتركت على عادتي فتطهرت وصليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل، وفهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة.

فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن، وتلقيته وأكرمته، وأخذت له من خاصتي ستانير(1) ومن غير خاصتي خمسة عشر دينارا مما كنت أحكم فيه كمالي(2) وخلوت به في الروشن، وعرضت ذلك عليه، واعتذرت إليه، فامتنع من قبول شيء أصلا، وقال: إن معي نحو مائة دينار وما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير، وامتنع غاية الامتناع.

فقلت : إن رسول مثله (عليه الصلاة والسلام)، يعطي لأجل الإكرام لمن أرسله لا لأجل فقره وغناه، فامتنع، فقلت له «مبارك» أما الخمسة عشر، فهي من غير خاصتي، فلا أكرهك على قبولها، وأما هذه السنة دنانير فهي من خاصتي فلا بد أن تتقبلها مني فكاد أن يؤيسني من قبولها، فألزمته فأخذها، وعاد ترکها، فألزمته فأخذها، وتغديت أنا وهو، ومشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار وأوصيته بالكتمان، والحمد لله وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين(3).

ص: 199


1- ستانير، كذا في النسخ والظاهر انه مخفف «ستة دنانير» كذا بخط المؤلف رحمه الله، أقول: بل هو مقطوع لما يأتي بعده من التصريح بذلك، وهو مثلقولهم «ستي» مخفف «سیدتی»
2- أي مثل مالي
3- البحار : ج53، ص209.

11- قصة الجزيرة الخضراء

في آخر كتاب في التعازي عن آل محمد عليهم السلام ووفاة النبي صلی الله علیه و اله و سلم تأليف الشريف الزاهد أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني رضی الله عن الأجل العالم الحافظ، حجة الإسلام، سعید بن أحمد بن الرضي عن الشيخ الأجل المقرئ خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث أنه حكى في داري بالظفرية بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شعبان سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال : حدثني شيخي العالم ابن أبي القاسم(1) عثمان بن عبد الباقي بن احمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قال: حدثني الأجل العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري بداره بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

قال : كنا عند الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها، ونحن على طبقة، وعنده جماعة، فلما أفطر من كان حاضرا وتقوض(2) أكثر من حضر خاصرا(3)، أردنا الانصراف، فأمرنا بالتمسي عنده ،فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه، ولم

ص: 200


1- كذا في نسخة كشكول المحدث البحراني، منه رحمه الله.
2- يقال : تقوض الحلق والصفوف: انتقضت وتفرقت.
3- في الأصل المطبوع: «من حضر حاضرا» وهو تصحيف، والصحيح ما في الصلب ومعناه أنه : قام أكثر أهل المجلس وكل منهم وضع يده على خاصرته، من طول الجلوس وکسالته.

أكن رأيته من قبل، ورأيت الوزير يكثر إكرامه، ويقرب مجلسه، ويصغي إليه، ويسمع قوله، دون الحاضرين.

فتجارينا الحديث والمذاكرة، حتى أمسينا وأردنا الانصراف، فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل، وأنه يمنع من يريد الخروج، فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث، فأفضى الحديث حتى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام، وتفرق المذاهب فيه.

فقال الوزير: أقل طائفة مذهب الشيعة، وما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه، وهم الأقل من أهلها، وأخذ يذم أحوالهم، ويحمد الله على قتلهم في أقاصي الأرض.

فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه، مصغياً إليه، فقال له: أدام الله أيامك أحدث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعرض عنه، فصمت الوزير، ثم قال: قل: ما عندك.

فقال: خرجت مع والدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية، ولها الرستاق الذي يعرفه التجار، وعدة ضياعها ألف ومائتا ضيعة، في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصي عددهم إلا الله، وهم قوم نصاری، وجميع الجزائر التي كانت حولهم، على دينهم ومذهبهم، ومسير بلادهم وجزائرهم مدة شهرين، وبينهم وبين البر مسیر عشرين يوما وكل من في البر من الأعراب وغیرهم نصاری وتتصل بالحبشة والنوبة، وكلهم نصاری، ويتصل بالبربر، وهم على دينهم فان حد هذا كان بقدر كل من في الأرض، ولم نضف إليهم الإفرنج والروم.

وغير خفي عنكم من بالشام والعراق والحجاز من النصارى، واتفق أننا سرنا في البحر، وأوغلنا، وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها ، ورغبنا في المكاسب ولم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزائر عظيمة

ص: 201

كثيرة الأشجار، مليحة الجدران فيها المدن الملدودة(1) والرساتیق.

وأول مدينة وصلنا إليها وأرسي المراكب بها، وقد سألنا الناخداه أي شيء هذه الجزيرة؟ قال : والله إن هذه جزيرة لم أصل إليها ولا أعرفها، وأنا وأنتم في معرفتها سواء

فلما أرسينا بها، وصعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة، وسألنا ما اسمها؟ فقيل هي المباركة، فسألنا عن سلطانهم وما اسمه؟ فقالوا: اسمه الطاهر، فقلنا وأين سرير مملكته فقيل بالزاهرة، فقلنا: وأين الزاهرة؟ فقالوا : بينكم وبينها مسيرة عشر ليال في البحر، وخمسٍ وعشرين ليلة في البر، وهم قوم مسلمون.

فقلنا: من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟ فقالوا: تحضرون عند نائب السلطان، فقلنا: وأين أعوانه؟ فقالوا: لا أعوان له، بل هو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده، فيسلمه إليه.

فتعجبنا من ذلك، وقلنا : ألا تدلونا عليه؟ فقالوا: بلى، وجاء معنا من أدخلنا داره، فرأيناه رجلا صالحا عليه عباءة، وتحته عباءة وهو مفترشها، وبين يديه دواة يكتب منها من كتاب ينظر إليه، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحیانا وقال: من أين أقبلتم؟ فقلنا: من أرض كذا وكذا، فقال : كلكم؟ فقلنا: لا، بل فينا المسلم واليهودي والنصراني، فقال : يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته.

ويناظر المسلم عن مذهبه.

فوزن والدي عن خمس نفر نصاری: عنه وعني وعن ثلاثة نفر

ص: 202


1- الملدودة : معناها أن تلك المدن قد جعلت فيها لديدة كثيرة: وهي الروضة الخضراء الزهراء

كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهودا وقال للباقين : هاتوا مذاهبكم، فشرعوا معه في مذاهبهم.

فقال: لستم مسلمين وإنما أنتم خوارج وأموالكم محل للمسلم المؤمن، وليس بمسلم من لم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وبالوصي والأوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليهم).

فضاقت بهم الأرض ولم يبق إلا أخذ أموالهم.

ثم قال لنا: يا أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم، حيث أخذت الجزية منكم، فلما عرف أولئك أن أموالهم معرضة للنهب، سألوه أن يحتملهم إلى سلطانهم فأجاب سؤالهم، وتلا: « لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ».

فقلنا للناخداه والربان(1) وهو الدليل: هؤلاء قوم قد عاشرناهم وصاروا رفقة، وما يحسن لنا أن نتخلف عنهم أينما يكونوا نكون معهم، حتى نعلم ما يستقر حالهم عليه؟ فقال الربان : والله ما أعلم هذا البحر أين المسير فيه، فاستأجرنا ربانا ورجالا، وقلعنا القلع(2) وسرنا ثلاثة عشر يوما بلياليها حتى كان قبل طلوع الفجر، فكبر الربان فقال : هذه والله أعلام الزاهرة ومنائرها وجدرها إنها قد بانت، فسرنا حتى تضاحی النهار.

فقدمنا إلى مدينة لم تر العيون أحسن منها ولا أحق(3) على القلب، ولاأرق من نسيمها ولا أطيب من هوائها، ولا أعذب من مائها، وهي راكبة البحر، على جبل من صخر أبيض، كانه لون الفضة وعليها سور إلى ما يلي البحر، والبحر يحوط الذي يليه منها، والأنهار

ص: 203


1- الناخدا، مأخوذ من الفارسية ومعناه معروف والربان کرمان: رئيس الملاحين.
2- القلع: شراع السفينة، وقلعنا : أي رفعنا وأصلحنا الشراع لتسير السفينة.
3- أخف، خ

منحرفة في وسطها يشرب منها أهل الدور والأسواق وتاخذ منها الحمامات وفواضل لانهار ترمي في البحر، ومدى الأنهار فرسخ ونصف، وفي تحت ذلك الجبل بساتين المدينة وأشجارها، ومزارعها عند العيون وأثمار تلك الأشجار لا يرى أطيب منها ولا أعذب، ويرعی الذئب والنعجة عيانا ولو قصد قاصد لتخلية دابة في زرع غيره لما رعته، ولا قطعت قطعة حمله ولقد شاهدت السباع والهوام رابضة في غيض تلك المدينة، وبنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم.

فلما قدمنا المدينة وأرسي المركب فيها، وما كان صحبنا من الشوابي والذوابيح من المباركة بشريعة الزاهرة، صعدنا فرأينا مدينة عظيمة عيناء كثيرة الخلق، وسيعة الربقة، وفيها الأسواق الكثيرة، والمعاش العظيم، وترد إليها الخلق من البر والبحر، وأهلها على أحسن قاعدة، لا يكون على وجه الأرض من الأمم والأديان مثلهم وأمانتهم، حتى أن المتعیش بسوق يرده إليه من يبتاع منه حاجة إما بالوزن أو بالذراع فيبايعه عليها ثم يقول: أيا هذا زن لنفسك واذرع لنفسك.

فهذه صورة مبايعاتهم، ولا يسمع بينهم لغو المقال، ولا السفه ولا النميمة، ولا يسب بعضهم بعضا، وإذا نادى المؤذن الأذان، لا يتخلف منهم متخلف ذكرا كان أو أنثى إلا ويسعى إلى الصلاة، حتى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض، رجع كل منهم إلى بيته حتى يكون وقت الصلاة الأخرى فيكون الحال كما كانت.

فلما وصلنا المدينة، وأرسينا بمشرعتها، أمرونا بالحضور إلى عند السلطان فحضرنا داره، ودخلنا إليه إلى بستان صور في وسطه قبة من قصب، والسلطان في تلك القبة، وعنده جماعة وفي باب القبة ساقية تجري.

ص: 204

نوافينا القبة، وقد أقام المؤذن الصلاة، فلم يكن أسرع من أن امتلا البستان بالناس، وأقيمت الصلاة، فصلى بهم جماعة، فلا والله لم تنظر عيني أخضع منه لله، ولا ألين جانبا لرعيته، فصلی من صلی مأموما. فلما قضيت الصلاة التفت إلينا وقال : هؤلاء القادمون؟ قلنا: نعم، وكانت تحية الناس له أو مخاطبتهم له «یا بن صاحب الأمر» فقال : على خير مقدم.

ثم قال : أنتم تجار أو ضياف؟ فقلنا: تجار، فقال : من منكم المسلم، ومن منكم أهل الكتاب؟

فعرفناه ذلك؟ فقال: إن الإسلام تفرق شعبا فمن اي قبيل أنتم؟ وكان معنا شخص يعرف بالمقري ابن دربهان بن أحمد(1) الأهوازي، يزعم أنه على مذهب الشافعي، فقال له: أنا رجل شافعي قال: فمن على مذهبك من الجماعة؟ قال: كلنا إلا هذا حسان بن غيث فانه رجل مالكي

فقال : أنت تقول بالإجماع؟ قال: نعم، قال : إذا تعمل بالقياس، ثم قال : بالله یا شافعي تلوت ما أنزل الله يوم المباهلة؟ قال : نعم تعالى: ما هو؟ قال قوله تعالى: «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ»(2).

فقال: بالله عليك من أبناء الرسول ومن نساؤه ومن نفسه یابن دربهان؟ فأمسك، فقال : بالله هل بلغك أن غير الرسول والوصي والبتول والسبطين دخل تحت الكساء؟ قال: لا، فقال: والله لم تنزل هذه الآية إلا فيهم، ولا خصبها سواهم.

ص: 205


1- اسمه دربهان بن أحمد، كذا في كشكول الشيخ يوسف البحريني، منه رحمه الله.
2- سورة آل عمران، الآية: 61.

ثم قال : بالله عليك يا شافعي ما تقول فيمن طهره الله بالدليل القاطع، هل ينجسه المختلفون؟ قال: لا، قال: بالله عليك هل تلوت «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرًا»(1) قال: نعم، قال: بالله عليك من يعني بذلك؟ فأمسك، فقال: والله ما عني بها إلا أهلها.

ثم بسط لسانه وتحدث بحديث أمضى من السهام، وأقطع من الحسام فقطع الشافعي ووافقه فقام عند ذلك فقال : عفوا يا بن صاحب الأمر انسب إلي نسبك، فقال : أنا طاهر بن محمد بن الحسن بن علي ابن محمد بن علي بن موسی بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي الذي أنزل الله فيه: «وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ»(2) هو والله الإمام المبين، ونحن الذين أنزل الله في حقنا «ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(3)

یا شافعي نحن أهل البيت نحن ذرية الرسول، ونحن أولو الأمر، فخر الشافعي مغشيا عليه، لما سمع منه، ثم أفاق من غشيته، وآمن به، وقال : الحمد لله الذي منحني بالإسلام، ونقلني من التقليد إلى اليقين.

ثم أمر لنا بإقامة الضيافة ، فبقينا على ذلك ثمانية أيام، ولم يبق في المدينة إلا من جاء إلينا، وحادثنا، فلما انقضت الأيام الثمانية سأله أهل المدينة أن يقوموا لنا بالضيافة، ففتح لهم في ذلك، فكثرت علينا الأطعمة والفواكه، وعملت لنا الولائم، ولبثنا في تلك المدينة سنة كاملة.

ص: 206


1- سورة الأحزاب، الآية : 33.
2- سورة يس، الآية : 12.
3- سورة آل عمران، الآية: 34.

فعلمنا وتحققنا أن تلك المدينة مسيرة شهرين كاملة برا وبحرا ، وبعدها مدينة اسمها الرائقة، سلطانها القاسم بن صاحب الأمر علیه السلام مسيرة ملكها شهرين وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم، وبعدها مدينة اسمها الصافية، سلطانها إبراهيم بن صاحب الأمر علیه السلام بالحكام وبعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبد الرحمان بن صاحب الأمر علیه السلام، مسيرة رستاقها وضياعها شهران، وبعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس، سلطانها هاشم بن صاحب الأمر علیه السلام وهي أعظم المدن كلها وأكبرها وأعظم دخلا، ومسيرة ملكها أربعة أشهر.

فيكون مسيرة المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والمدن والضياع والجزائر غير المؤمن الشيعي الموحد القائل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سلاطينهم أولاد إمامهم، يحكمون بالعدل وبه يأمرون، وليس على وجه الأرض مثلهم، ولو جمع أهل الدنيا ، لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الأديان والمذاهب.

ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم، لأنهم زعموا أنها سنة وروده، فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه، فأما ابن دربهان وحسان فأنهما أقاما بالزاهرة يرقبان رؤيته، وقد كنا لما استكثرنا هذه المدن وأهلها، سألنا عنها فقيل: إنها عمارة صاحب الأمر علیه السلام واستخراجه.

فلما سمع عون الدين ذلك، نهض ودخل حجرة لطيفة، وقد تقضي الليل فأمر بإحضارنا واحدا واحدا، وقال: إياكم إعادة ما سمعتم أو إجراءه على ألفاظكم وشدده وتأكد علينا، فخرجنا من عنده ولم يعد أحد منا مما سمعه حرفا واحدا حتى هلك.

ص: 207

وكنا إذا حضرنا موضعا واجتمع واحدنا بصاحبه، قال : أتذكر شهر رمضان فيقول: نعم، سترا لحال الشرط.

فهذا ما سمعته ورويته، والحمد لله وحده، وصلواته على خير خلقه محمد وآله الطاهرين، والحمد لله رب العالمين(1).

戀 戀 戀

ص: 208


1- البحار: ج 53، ص214.

12- دعاء العبرات في الشدة والضيق

قال آية الله العلامة الحلي رحمه الله : في آخر منهاج الصلاح في دعاء العبرات: الدعاء المعروف وهو مروي عن الصادق جعفر بن محمد صلی الله علیه و اله و سلم وله من جهة السيد السعيد رضي الدين محمد بن محمد بن محمد الآوي (قدس الله روحه) حكاية معروفة بخط بعض الفضلاء، في هامش ذلك الموضع، روى المولى السعيد فخر الدين محمد بن الشيخ الأجل جمال الدين، عن والده، عن جده الفقيه يوسف، عن السيد الرضى المذكور أنه كان مأخوذا عند أمير من أمراء السلطان جرماغون، مدة طويلة، مع شدة وضيق فرأى في نومه الخلف الصالح المنتظر، فبکی وقال: يا مولاي إشفع في خلاصي من هؤلاء الظلمة.

فقال علیه السلام: أدع بدعاء العبرات، فقال : ما دعاء العبرات؟ فقال علیه السلام: إنه في مصباحك، فقال: يا مولاي ما في مصباحي؟ فقال علیه السلام: أنظره تجده فانتبه من منامه وصلى الصبح، وفتح المصباح، فلقي ورقة مكتوب فيها هذا الدعاء بين أوراق الكتاب، فدعا أربعين مرة.

وكان لهذا الأمير امرأتان إحداهما عاقلة مدبرة في أموره، وهو كثير الاعتماد عليها.

فجاء الأمير في نوبتها ، فقالت له: أخذت أحدا من أولاد أمير المؤمنين علي علیه السلام؟ فقال لها : لم تسألين عن ذلك؟ فقالت : رأيت شخصا وكان نور الشمس يتلألأ من وجهه، فأخذ بحلقي بين أصبعيه ،

ص: 209

ثم قال: أرى بعلك اخذ ولدي، ويضيق عليه من المعطم والمشرب.

فقلت له: يا سيدي من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قولي اله: إن لم يخل عنه لأخربن بيته.

فشاع هذا النوم للسلطان فقال : ما أعلم ذلك، وطلب نوابه ، فقال : من عندكم مأخوذ؟ فقالوا:

الشيخ العلوي أمرت بأخذه، فقال: خلوا سبيله، وأعطوه فرسا يركبها ودلوه على الطريق فمضى إلى بيته انتهی.

وقال السيد الأجل علي بن طاؤس في آخر مهج الدعوات: ومن ذلك ما حدثني به صدیقي والمواخي لي محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله جل جلاله سعادته، وشرف خاتمته، وذكر له حديثا عجيبا وسببا غريبا، وهو أنه كان قد حدث له حادثة فوجد هذا الدعاء في أوراق لم يجعله فيها بين كتبه ، فنسخ منه نسخة فلما نسخه فقد الأصل الذي كان قد وجده إلى أن ذكر الدعاء وذكر له نسخة أخرى من طريق آخر تخالفه.

وهو هذا الدعاء: بسم الله الرحمان الرحيم اللهم إني أسألك يا راحم العبرات، ويا كاشف الكربات أنت الذي تقشع سحائب المحن، وقد أمست ثقالا، وتجلو ضباب الإحن وقد سحبت أذيالا، وتجعل زرعتها هشيما، وعظامها رميما، وترد المغلوب غالبا والمطلوب طالبا إلهي فكم من عبد ناداك «إني مغلوب فانتصر» ففتحت له من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجرت له من عونك عيونا فالتقى ماء فرجه على أمر قد قدر، وحملته من كفايتك على ذات ألواح ودسر.

یا رب إني مغلوب فانتصر، یا رب إني مغلوب فانتصر، یا رب إني مغلوب فانتصر، فصل على محمد وآل محمد وافتح لي من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجر لي من عونك عيونا ليلتقي ماء فرجي

ص: 210

على أمر قد قدر، واحملني يا رب من كفايتك على ذات ألواح ودسر.

يا من إذا ولج العبد ففي ليل من حیرته یهیم، فلم يجد له صريخا يصرخه من ولي ولا حميم، صل على محمد وآل محمد، وجد یا رب من معونتك صريخا معينا ووليا يطلبه حثيثا، ينجيه من ضيق أمره وحرجه، ويظهر له المهم من أعلام فرجه.

اللهم يا من قدرته قاهرة، وآياته باهرة، ونقماته قاصمة، لكل جبار دامغة فكل كفور ختار، صل یا رب على محمد وآل محمد وانظر إلى یا رب نظرة من نظراتك رحيمة، تجلو بها عني ظلمة واقفة مقيمة، من عاهة جفت منها الضروع وقلفت(1) منها الزروع، واشتمل بها على القلوب اليأس، وجرت بسببها الأنفاس.

اللهم صل على محمد وآل محمد، وحفظا حفظا لغرائس غرستها بد الرحمان وشربها من ماء الحيوان، أن تكون بيد الشيطان تجز، وبفاسه تقطع وتحز.

إلهي من أولى منك أن يكون عن حماك حارسا ومانعا إلهي إن الأمر قد هال فهونه، وخشن فالنه، وان القلوب کاعت فطنها والنفوس ارتاعت فسكنها إلهي تدارك اقداما قد زلت، وأفهاما في مهامه الحيرة ضلت، أجحف الضر بالمضرور، في داعية الويل والثبور، فهل يحسن من فضلك أن تجعله فريسة للبلاء وهو لك راج؟ أم هل يحمل من عدلك أن يخوض لجة الغماء، وهو إليك لاج.

مولاي لئن كنت لا أشق على نفسي في التقى، ولا أبلغ في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا، ولا أنتظم في سلك قوم رفضوا الدنيا ، فهم خمص البطون عمش العيون من البكاء، بل أتيتك يا رب بضعف من

ص: 211


1- يريد أنها يبست حتى تقشر لحاؤها وانتشر عنها.

العمل، وظهر ثقيل بالخطاء والزلل، ونفس للراحة معتادة، ولدواعي التسويف منقادة، أما يكفيك يارب وسيلة إليك وذريعة لديك أني الأوليائك موال، وفي محبتك مغال، أما يكفيني أن أروح فيهم مظلوما ، وأغدو مكظوما، وأقضي بعد هموم هموما، وبعد رجوم رجوما؟.

أما عندك يا رب بهذه حرمة لا تضيع، وذمة بأدناها يقتنع، فلم يمنعني يا رب وها أنا ذا غريق، وتدعني بنار عدوك حريق، أتجعل أولياءك لاعدائك مصائد، وتقلدهم من خسفهم قلائد، وأنت مالك نفوسهم، لو قبضتها جمدوا، وفي قبضتك مواد أنفاسهم، لو قطعتها خمدوا

وما يمنعك يا رب أن تكف بأسهم، وتنزع عنهم من حفظك لباسهم، وتعريهم من سلامة بها في أرضك يسرحون، وفي ميدان البغي على عبادك يمرحون.

اللهم صل على محمد وآل محمد، وأدركني ولما يدركني الغرق، وتداركني ولما غيب شمسي للشفق.

إلهي كم من خائف التجا إلى سلطان فآب عنه محفوفا بأمن وأمان، أفأقصد یا رب بأعظم من سلطانك سلطانا؟ أم أوسع من إحسانك إحسانا؟ أم أكثر من اقتدارك اقتدارا؟ أم أكرم من انتصارك انتصارا.

اللهم أين كفايتك التي هي نصرة المستغيثين من الأنام، وأين عنايتك التي هي جنة المستهدفين لجور الأيام، إلي إلي بها، یا رب ! نجني من القوم الظالمين إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.

مولاي ترى تحيري في أمري، وتقلبي في ضري، وانطواي على

ص: 212

حرقة قلبي وحرارة صدري، فصل یارب على محمد وآل محمد، وجدلي یارب بما أنت أهله فرجا ومخرجا، ويسر لي يا رب نحو اليسرى منهجا، واجعل لي يا رب من نصب حبالا لي ليصرعني بها صريع مامكره، ومن حفر لي البئر ليوقعني فيها واقعا فيما حفره، واصرف اللهم عني شره ومكره، وفساده وضره، ما تصرفه عمن قاد نفسه لدين الديان، ومناد ينادي للإيمان.

إلهي عبدك عبدك، أجب دعوته، وضعيفك ضعيفك فرج غمته، فقد انقطع كل حبل إلا حبلك، وتقلص كل ظل إلا ظلك.

مولاي دعوتي هذه إن رددتها أين تصادف موضع الإجابة، ويجعلني إن كذبتها أين تلاقي موضع الإجابة، فلا ترد عن بابك من لا يعرف غيره بابا ، ولا يمتنع دون جنابك من لا يعرف سواه جنابا.

ويسجد ويقول: إلهي إن وجها إليك برغبته توجه، فالراغب خلیق بأن تجيبه، وإن جبينا لك بابتهاله سجد، حقيق أن يبلغ ما قصد، وإن خدا إليك بمسألته يعفر، جدير بأن يفوز بمراده ويظفر، وها أنا ذا یا إلهي قد ترى تعفير خدي، وابتهالي واجتهادي في مسألتك وجدي، فتلق یا رب رغباتي برأفتك قبولا وسهل إلي طلباتي برأفتك وصولا ، وذلل لي قطوف ثمرات إجابتك تذليلا.

إلهي لا ركن أشد منك فآوي إلى ركن شديد، وقد أويت إليك وعولت في قضاء حوائجي عليك، ولا قول اسد من دعائك، فأستظهر بقول سدید، وقد دعوتك كما أمرت، فاستجب لي بفضلك كما وعدت، فهل بقي يا رب إلا أن تجيب، وترحم مني البكاء والنحيب، يا من لا إله سواه، ويا من يجيب المضطر إذا دعاه.

ص: 213

رب انصرني على القوم الظالمين، وافتح لي وأنت خير الفاتحين، والطف بي يا رب وبجميع المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين(1).

戀 戀 戀

ص: 214


1- البحار: ج 53 ص222.

13- أكتب هذا الدعاء للشفاء

الشيخ إبراهيم الكفعمي في كتاب البلد الأمين عن المهدي علیه السلام: من كتب هذا الدعاء في إناء جديد، بتربة الحسين علیه السلام وغسله وشربه ، شفي من علته.

بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله دواء، والحمد لله شفاء.

ولا إله إلا الله كفاء هو الشافي شفاء، وهو الكافي كفاء، اذهب الباس برب الناس شفاء لا يغادره سقم وصلى الله على محمد وآله النجباء. ورأيت بخط السيد زين الدين علي بن الحسين الحسيني رحمه الله أن هذا الدعاء تعلمه رجل كان مجاورا بالحائر على مشرفه السلام [عن] المهدي (سلام الله عليه) في منامه، وكان به علة فشكاها إلى القائم (عجل الله فرجه)، فأمره بكتابته وغسله وشربه، ففعل ذلك فبرأ في الحال.

戀 戀 戀

ص: 215

14- المهدي عليه السلام يعلمه دعاء للنجاة

السيد الجليل علي بن طاؤس في مهج الدعوات: وجدت في مجلد عتیق ذكر كاتبه أن اسمه الحسين بن علي بن هند، وأنه كتب في شوال سنة ست وتسعين وثلاثمائة دعاء العلوي المصري بما هذا لفظ إسناده : دعاء علمه سيدنا المؤمل صلوات الله عليه رجلا من شيعته وأهله في المنام وكان مظلوما ففرج الله عنه، وقتل عدوه.

حدثني أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين، وإسحاق بن جعفر بن محمد العلوي العريضي بحران، قال: حدثني محمد بن علي العلوي الحسيني، وكان يسكن بمصر قال : دهمني أمر عظيم، وهم شدید، من قبل صاحب مصر، فخشيته على نفسي وكان سعى بي إلى أحمد بن طولون، فخرجت من مصر حاجا فصرت من الحجاز إلى العراق، فقصدت مشهد مولانا وأبي الحسين بن علي عليه السلام عائذا به، ولائذا بقبره، ومستجيرا به، من سطوة من كنت أخافه ، فأقمت بالحائر خمسة عشر يوما أدعو وأتضرع ليلي ونهاري فتراءى لي قيم الزمان علیه السلام وولي الرحمن، وأنا بين النائم واليقظان، فقال لي: يقول لك الحسين بن علي عليه السلام يا بني خفت فلانا؟ فقلت : نعم أراد هلاكي، فلجأت إلى سيدي عليه السلام أشكو إليه عظیم ما أراد بي.

فقال عليه السلام: هلا دعوت الله ربك عز وجل ورب آبائك بالأدعية التي

ص: 216

دعا بها من سلف من الأنبياء علیهم السلام فقد كانوا في شدة فكشف الله عنهم ذلك، قلت:

وماذا أدعوه فقال علیه السلام: إذا كانت ليلة الجمعة، فاغتسل وصل صلاة الليل فإذا سجدت سجدة الشكر، دعوت بهذا الدعاء، وأنت بارك على ركبتك، فذكر لي دعاء، قال: ورأيته في مثل ذلك الوقت، يأتيني وأنا بين النائم واليقظان، قال : وكان يأتيني خمس ليال متواليات يكرر علي هذا القول والدعاء حتى حفظته وانقطع مجيئه ليلة الجمعة.

فاغتسلت وغيرت ثيابي، وتطيبت وصليت صلاة الليل، وسجدت سجدة الشكر، وجثوت على ركبتي، ودعوت الله جل وتعالى بهذا الدعاء فأتاني ليلة السبت، فقال لي: قد أجيبت دعوتك يا محمد ! وقتل عدوك عند فراغك من الدعاء عند من وشی به إليه.

فلما أصبحت ودعت سیدي، وخرجت متوجها إلى مصر، فلما بلغت الأردن وأنا متوجه إلى مصر، رأيت رجلا من جيراني بمصر وكان مؤمنا فحدثني أن خصمي قبض عليه أحمد بن طولون، فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه ، قال : وذلك في ليلة الجمعة، فأمر به فطرح في النيل، وكان فيما أخبرني جماعة من أهلينا وإخواننا الشيعة أن ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي (صلوات الله عليه).

ثم ذكر له طريقا آخر عن أبي الحسن علي بن حماد البصري قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد العلوي قال: حدثني محمد بن علي العلوي الحسيني المصري قال : أصابني غم شدید، ودهمني أمر عظیم، من قبل رجل من أهل بلدي من ملوكه، فخشيته خشية لم أرج لنفسي منها مخلصا.

ص: 217

فقصدت مشهد ساداتي وآبائي (صلوات الله عليهم) بالحائر لائذا بهم عائذا بقبرهم، ومستجيرا من عظيم سطوة من كنت أخافه، وأقمت بها خمسة عشر يوما أدعو وأتضرع ليلا ونهارا فتراءى لي قائم الزمان وولي الرحمن، عليه وعلى آبائه أفضل التحية والسلام، فأتاني بين النائم واليقظان، فقال لي: يا بني خفت فلانا؟ فقلت: نعم، أرادني بكيت وكيت، فالتجات إلى ساداتي علیه السلام أشكو إليهم ليخلصوني منه.

فقال : هلا دعوت ربك ورب آبائك بالأدعية التي دعا بها أجدادي الأنبياء (صلوات الله عليهم)، حيث كانوا في الشدة فكشف الله عز وجل عنهم ذلك؟ قلت: وبماذا دعوه به لادعوه؟ قال عليه وعلى آبائه السلام: إذا كان ليلة الجمعة، قم واغتسل، وصل صلواتك فإذا فرغت من سجدة الشكر، فقل وأنت بارك على ركبتيك، وادع بهذا الدعاء مبتهلا.

قال: وكان يأتيني خمس ليال متواليات، يكرر علي القول وهذا الدعاء حتى حفظته، وانقطع مجيئه في ليلة الجمعة، فقمت واغتسلت وغيرت ثيابي وتطيبت وصليت ما وجب علي من صلاة الليل، وجثوت على ركبتي، فدعوت الله عز وجل بهذا الدعاء فأتاني عليه السلام ليلة السبت.

کهيئته التي يأتيني فيها، فقال لي: قد أجيبت دعوتك يا محمد ! وقتل عدوك، وأهلكه الله عز وجل عند فراغك من الدعاء.

قال: فلما اصبحت لم يكن لي هم غير وداع ساداتي صلوات الله عليهم والرحلة نحو المنزل الذي هربت منه، فلما بلغت بعض الطريق إذا رسول أولادي وكتبهم بأن الرجل الذي هربت منه، جمع قوما واتخذ لهم دعوة، فأكلوا وشربوا وتفرق القوم، ونام هو وغلمانه في المكان فأصبح الناس ولم يسمع له حس، فكشف عنه الغطاء فإذا به مذبوحا من

ص: 218

قفاه، ودماؤه تسيل، وذلك في ليلة الجمعة، ولا يدرون من فعل به ذلك؟ويأمرونني بالمبادرة نحو المنزل.

فلما وافيت إلى المنزل، وسألت عنه وفي أي وقت كان قتله، فإذا هو عند فراغي من الدعاء

ثم ساق رحمه الله الدعاء بتمامه وهو طويل(1).

戀 戀 戀

ص: 219


1- البحار :ج53 ص228.

15- مهدي بيا

ما حدثني به العالم العامل، والعارف الكامل غواص غمرات الخوف والرجاء وسياح فيافي الزهد والتقى، صاحبنا المفيد، وصديقنا السدید، الآغا علي رضا ابن العالم الجليل الحاج المولی محمد النائيني، رحمهما الله تعالى، عن العالم البدل الورع التقي صاحب الكرامات، والمقامات العاليات، المولی زین العابدين ابن العالم الجليل المولى محمد السلماسي رحمه الله تلميذ آية الله السيد السند، والعالم المسدد فخر الشيعة وزينة الشريعة العلامة الطباطبائي السيد محمد مهدي المدعو ببحر العلوم أعلى الله درجته، وكان المولى المزبور من خاصته في السر والعلانية.

قال : كنت حاضرا في مجلس السيد في المشهد الغروي إذ دخل عليه لزيارته المحقق القمي صاحب القوانين في السنة التي رجع من العجم إلى العراق زائرا لقبور الأئمة علیهم السلام وحاجا لبيت الله الحرام، فتفرق من كان في المجلس وحضر للاستفادة منه، وكانوا أزيد من مائة وبقيت ثلاثة من أصحابه أرباب الورع والسداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد.

فتوجه المحقق الأيد إلى جناب السيد وقال: إنكم فزتم حزتم مرتبة الولادة الروحانية والجسمانية، وقرب المكان الظاهري والباطني، فتصدقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان، وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، كي تنشرح به الصدور، وتطمئن به القلوب.

ص: 220

فأجاب السيد من غير تأمل، وقال: إني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقل - والترديد من الراوي - في المسجد الأعظم بالكوفة ، الأداء نافلة الليل عازما على الرجوع إلى النجف في أول الصبح، لئلا يتعطل أمر البحث والمذاكرة وهكذا كان دأبه في سنين عديدة.

فلما خرجت من المسجد ألقي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة، فصرفت خیالی عنه، خوفا من عدم الوصول إلى البلد قبل الصبح، فيفوت البحث في اليوم ولكن كان الشوق يزيد في كل آن، ويميل القلب إلى ذلك المكان، فبينا أقدم رجلا وأؤخر أخرى، إذا بريح فيها غبار كثير، فهاجت بي وأمالتني عن الطريق فكأنها التوفيق الذي هو خير رفيق، إلى أن ألقتني إلى باب المسجد.

فدخلت فإذا به خاليا عن العباد والزوار، إلا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبار، بكلمات ترق القلوب القاسية، وتسح الدموع من العيون الجامدة، فطار بالي، وتغيرت حالي، ورجفت ركبتي، وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها أذني، ولم ترها عيني، مما وصلت إليه من الأدعية المأثورة، وعرفت أن الناجي ينشئها في الحال، لا أنه ينشد ما أودعه في البال.

فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا إلى أن فرغ من مناجاته ، فالتفت إلي وصاح بلسان العجم: «مهدي بيا» أي: هلم يا مهدي، فتقدمت إليه بخطوات فوقفت ، فأمرني بالتقدم فمشيت قليلا ثم وقفت، فأمرني بالتقدم فمشيت قليلا ثم وقفت، فأمرني بالتقدم وقال : إن الأدب في الامتثال، فتقدمت إليه بحيث تصل يدي إليه، ويده الشريفة إلي وتكلم بكلمة.

قال المولى السلماسي رحمه الله: ولما بلغ كلام السيد السند إلى هنا

ص: 221

أضرب عنه صفحا، وطوى عنه کشحا، شرح في الجواب عما سأله المحقق المذكور قبل ذلك.

عن سر قلة تصانيفه، مع طول باعه في العلوم، فذكر له وجوها فعاد المحقق القمي فسأل عن هذا الكلام الخفي فأشار بيده شبه المنكر بأن هذا سر لا يذكر(1).

戀 戀 戀

ص: 222


1- البحار: ج 53 ص235.

16- هل يمكن رؤيته في الغيبة الكبرى

حدثني الأخ الصفي المذكور عن المولى، السلماسي رحمه الله تعالى، قال: كنت حاضرا في محفل إفادته ، فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغراء في الغيبة الكبرى، وكان بيده الآلة المعروفة لشرب الدخان المسمى عند العجم بغليان فسكت عن جوابه وطأطأ رأسه، وخاطب نفسه بكلام خفي أسمعه فقال ما معناه: «ما أقول في جوابه؟ وقد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره، وورد أيضا في الخبر تکذیب مدعي الرؤية ، في أيام الغيبة» فكرر هذا الكلام.

ثم قال في جواب السائل: إنه قد ورد في أخبار أهل العصمة تکذیب من ادعى رؤية الحجة (عجل الله تعالی فرجه)، واقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه(1).

戀 戀 戀

ص: 223


1- البحار: ج53 ص237.

17- عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام

وبهذا السند عن المولى المذكور قال : صلينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين علیه السلام فلما أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة ، عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام.

ولما فرغنا تعجبنا كلنا، ولم نفهم ما كان وجهه، ولم يجترئ أحد منا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل، وأحضرت المائدة، فأشار إلي بعض السادة من أصحابنا أن أساله منه، فقلت: لا وأنت أقرب منا فالتفت رحمه الله إلي وقال : فيما تقاولون؟ قلت وكنت أجسر الناس عليه : إنهم يريدون الكشف عما عرض لكم في حال الصلاة ، فقال : إن الحجة (عجل الله تعالی فرجه)، دخل الروضة للسلام علي أبيه علیه السلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها(1).

戀 戀 戀

ص: 224


1- البحار: ج53 ص238.

18- لقاء العلامة بحر العلوم به علیه السلام في مكة

بهذا السند عن ناظر أموره في أيام مجاورته بمكة قال : كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل والاخوة، قوي القلب في البذل والعطاء، غير مكترث بكثرة المصارف، فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال، وكثرة المؤونة، وانعدام المال، فلم يقل شيئا وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار، فيجلس في القبة المختصة به، ونأتي إليه بغليان فيشربه ، ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته، من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه.

فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة، وأحضرت الغليان على العادة، فإذا بالباب یدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب، وقال لي: خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان، وقام مسرعا خارجا عن الوقار والسكينة والآداب، ففتح الباب ودخل شخص جليل في هيئة الاعراب، وجلس في تلك القبة وقعد السيد عند بابها، في نهاية الذلة والمسكنة، وأشار إلي أن لا أقرب إليه الغليان.

فقعدا ساعة يتحدثان، ثم قام فقام السيد مسرعا وفتح الباب، وقبل يده وأركبه على جملة الذي أناخه عنده، ومضى لشأنه، ورجع السيد متغير اللون وناولني براة، وقال: هذه حوالة على رجل صراف، قاعد في جبل الصفا واذهب إليه وخذ منه ما أحيل عليه.

ص: 225

قال: فأخذتها وأتيت بها إلى الرجل الموصوف، فلما نظر إليها قبلها وقال : علي بالحماميل فذهبت وأتيت باربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له: ریال فرانسه، يزيد كل واحد على خمسة قرانات العجم وما كانوا يقدرون على حمله، فحملوها على أكتافهم، وأتينا بها إلى الدار.

ولما كان في بعض الأيام، ذهبت إلى الصراف لأسأل منه حاله ، وممن كانت تلك الحوالة فلم أر صرافا ولا دكانا فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصراف، فقال : ماعهدنا في هذا المكان صرافا أبدا وإنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان، وألطاف ولي الرحمان

وحدثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه النحرير المحقق الوجيه ، صاحب التصانيف الرائقة، والمناقب الفائقة، الشيخ محمد حسین الكاظمي المجاور بالغري أطال الله بقاه ، عمن حدثه من الثقات عن الشخص المذكور(1).

戀 戀 戀

ص: 226


1- البحار: ج53 ص238.

19- العلامة بحر العلوم في السرداب المطهر

حدثني السيد السند، والعالم المعتمد، المحقق الخبير، والمطلع البصير السيد علي سبط السيد بحر العلوم أعلى الله مقامه، وكان عالما مبرزاً له شرح النافع، حسن نافع جدا، وغيره عن الورع التقي النقي الوفي الصفي السيد مرتضى صهر السيد أعلى الله مقامه على بنت أخته وكان مصاحبا له في السفر والحضر، مواظبا لخدماته في السر والعلانية ، قال : كنت معه في سر من رأى في بعض أسفار زیارته، وكان السيد ينام في حجرة وحده، وكان لي حجرة بجنب حجرته، وكنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل والنهار، وكان يجتمع إليه الناس في أول الليل إلى أن يذهب شطر منه في أكثر الليالي.

فاتفق أنه في بعض الليالي تعد على عادته، والناس مجتمعون حوله، فرأيته كأنه يكره الاجتماع، ويحب الخلوة، ويتكلم مع كل واحد بكلام فيه إشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده، فتفرق الناس ولم يبق غيري فأمرني بالخروج فخرجت إلى حجرتي متفكرا في حالته في تلك الليلة، فمنعني الرقاد، فصبرت زمانا فخرجت متخفيا لاتفقد حاله فرأيت باب حجرته مغلقا فنظرت من شق الباب وإذا السراج بحاله وليس فيه أحد، فدخلت الحجرة، فعرفت من وضعها أنه ما نام في تلك الليلة.

فخرجت حافيا متخفيا أطلب خبره، وأقفو أثره، فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبة العسكريين مغلقة، فتفقدت أطراف خارجها

ص: 227

فلم أجد منه أثرا فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب، فرأيته مفتح الأبواب.

فنزلت من الدرج حافيا متخفيا متانيا بحيث لا يسمع مني حس ولا حركة فسمعت همهمة من صفة السرداب، كان أحدا يتكلم مع الآخر، ولم أميز الكلمات إلى أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها، وكان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فإذا بالسيد قد نادي في مكانه هناك : يا سيد مرتضى ما تصنع؟ ولم خرجت من المنزل؟ فبقيت متحيرا ساكتا كالخشب المسندة، فعزمت على الرجوع قبل الجواب ثم قلت في نفسي كيف تخفى حالك على من عرفك من غير طريق الحواس فأجبته معتذرا نادما، ونزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصفة فرأيته وحده واقفا تجاه القبلة، ليس لغيره هناك أثر فعرفت أنه يناجي الغائب عن أبصار البشر علیه سلام الله الملك الأكبر، فرجعت حريا لكل ملامة، غريقا في بحار الندامة إلى يوم القيامة(1).

識 識識

ص: 228


1- البحار: ج 53 ص239.

20- هل رأيت المهدي علیه السلام

حدث الشيخ الصالح الصفي الشيخ أحمد الصدتوماني وكان ثقة تقيا ورعا قال : قد استفاض عن جدنا المولی محمد سعيد الصدتوماني وأنا من تلامذة السيد رحمه الله أنه جرى في مجلسه ذكر قضايا مصادفة رؤية المهدي علیه السلام، حتى تكلم هو في جملة من تكلم في ذلك فقال : أحببت ذات يوم أن أصل إلى مسجد السهلة في وقت ظننته فيه فارغا من الناس، فلما انتهيت إليه، وجدته غاصا بالناس، ولهم دوي ولا أعهد أن يكون في ذلك الوقت فيه أحد.

فدخلت فوجدت صفوفا صافين للصلاة جامعة، فوقفت إلى جنب الحائط على موضع فيه رمل، فعلونه لأنظر هل أجد خللا في الصفوف فاسده فرأيت موضع رجل واحد في صف من تلك الصفوف، فذهبت إليه ووقفت فيه.

فقال رجل من الحاضرين : هل رأيت المهدي علیه السلام فعند ذلك سکت السيد وكأنه كان نائما ثم انتبه فكلما طلب منه إتمام المطلب لم يتمه(1).

緊緊縣

ص: 229


1- البحار: ج 53 ص 241.

21- العبد الصالح والأسد

حدثني العالم الجليل، والفاضل النبيل، مصباح المتقين، وزین المجاهدين السيد الأيد مولانا السيد محمد ابن العالم السيد هاشم بن میر شجاعت علي الموسوي الرضوي النجفي المعروف بالهندي سلمه الله تعالى وهو من العلماء المتقين، وكان يوم الجماعة في داخل حرم أمير المؤمنين علیه السلام وله خبرة وبصيرة بأغلب العلوم المتداولة، وهو الآن من مجاوري بلدتنا الشريفه عمرها الله تعالی بوجود الأبرار والصلحاء. قال : كان رجل صالح يسمى الحاج عبد الواعظ كان كثير التردد إلى مسجد السهلة والكوفة، فنقل لي الثقة الشيخ باقر ابن الشيخ هادي المقدم ذكره قال : وكان عالما بالمقدمات وعلم القراءة وبعض علم الجفر، وعنده ملكة الاجتهاد المطلق إلا أنه مشغول عن الاستنباط لاكثر من قدر حاجته بمعيشة العيال، وكان يقرأ المراثي ويؤم الجماعة، وكان صدوقا خیرا معتمدا، عن الشيخ مهدي الزربجاوي قال: كنت في مسجد الكوفة، فوجدت هذا العبد الصالح خرج إلى النجف بعد نصف الليل ليصل إليه أول النهار، فخرجت معه لأجل ذلك أيضا.

فلما انتهينا إلى قريب من البئر التي في نصف الطريق لاح لي أسد على قارعة الطريق، والبرية خالية من الناس ليس فيها إلا أنا وهذا الرجل، فوقفت عن المشي، فقال : ما بالك؟ فقلت: هذا الأسد، فقال : إمش ولا تبال به، فقلت: كيف يكون ذلك؟ فاصر علي فأبيت فقال لي: إذا رأيتني وصلت إليه ووقفت بحذائه ولم يضرني، أفتجوز الطريق

ص: 230

وتمشي؟ فقلت نعم، فتقدمني إلى الأسد حتى وضع يده على ناصيته، فلما رأيت ذلك اسرعت في مشيي حتى جزتهما وأنا مرعوب ثم لحق بي وبقي الأسد في مكانه.

قال نور الله قلبه : قال الشيخ باقر وكنت في أيام شبابي خرجت مع خالي الشيخ محمد علي القارئ مصنف الكتب الثلاثة الكبير والمتوسط والصغير، ومؤلف كتاب التعزية، جمع فيه تفصيل قضية كربلا من بدئها إلى ختامها بترتيب حسن وأحاديث منتخبة إلى مسجد السهلة وكان في تلك الأوقات موحشا في الليل ليس فيه هذه العمارة الجديدة ، والطريق بينه وبين مسجد الكوفة كان صعبا أيضا ليس بهذه السهولة الحاصلة بعد الإصلاح

فلما صلينا تحية مقام المهدي علیه السلام نسي خالي سبيله وتتنه، فذكر ذلك بعد ما خرجنا وصرنا في باب المسجد فبعثني إليها.

فلما دخلت وقت العشاء إلى المقام فتناولت ذلك، وجدت جمرة نار كبيرة تلهب في وسط المقام، فخرجت مرعوبا منها فرآني خالي على هيئة الرعب، فقال لي: ما بالك؟ فأخبرته بالجمرة، فقال لي سنصل إلى مسجد الكوفة، ونسأل العبد الصالح عنها، فانه كثير التردد إلى هذا المقام، ولا يخلو من أن يكون له علم بها.

فلما سأله خالي عنها قال : كثيرا ما رأيتها في خصوص مقام المهدي علیه السلام من بين المقامات والزوايا(1).

緊緊縣

ص: 231


1- البحار : ج 52 ص 244

22- أربعين أربعاء

قال نضر الله وجهه : وأخبرني الشيخ باقر المزبور عن السيد جعفر ابن السيد الجليل السيد باقر القزويني الآتي ذكره، قال: كنت أسير مع أبي إلى مسجد السهلة فلما قاربناها قلت له: هذه الكلمات التي أسمعها من الناس أن من جاء إلى مسجد السهلة في أربعين أربعاء فانه يرى المهدي علیه السلام أرى أنها لا أصل لها، فالتفت إلي مغضبا وقال لي: ولم ذلك؟ لمحض أنك لم تره؟ أوكل شيء لم تره عيناك فلا أصل له؟ وأكثر من الكلام علي حتى ندمت على ما قلت.

ثم دخلنا معه المسجد، وكان خاليا من الناس فلما قام في وسط المسجد ليصلي ركعتين للاستجارة أقبل رجل من ناحية مقام الحجة علیه السلام ومر بالسيد فسلم عليه وصافحه والتفت إلى السيد والدي وقال : فمن هذا؟ فقلت : أهو المهدي علیه السلام فقال : فمن؟ فركضت اطلبه فلم أجده في داخل المسجد ولا في خارجه(1).

畿 畿 畿

ص: 232


1- البحار: ج 53 ص246.

23- في تأكده علیه السلام على خدمة الأب المسن

وقال أصلح الله باله : وأخبر الشيخ باقر المزبور عن رجل صادق اللهجة كان حلاقا وله أب كبير مسن، وهو لا يقصر في خدمته، حتى أنه يحمل له الإبريق إلى الخلاء، ويقف ينتظره حتى يخرج فيأخذه منه ولا يفارق خدمته إلا ليلة الأربعاء فانه يمضي إلى مسجد السهلة ثم ترك الرواح إلى المسجد، فسألته عن سبب ذلك، فقال : خرجت أربعين أربعاء فلما كانت الأخيرة لم يتيسر لي أن أخرج إلى قريب المغرب فمشيت وحدي وصار الليل، وبقيت أمشي حتى بقي ثلث الطريق، وكانت الليلة مقمرة.

فرأيت : أعرابيا على فرس قد قصدني فقلت في نفسي هذا سيسلبني ثيابي فلما انتهى إلي كلمني بلسان البدو من العرب، وسألني عن مقصدي، فقلت: مسجد السهلة، فقال: معك شيء من المأكول؟ فقلت: لا، فقال: أدخل يدك في جيبك.

هذا نقل بالمعنى وأما اللفظ «دورك يدك لجيبك» فقلت: ليس فيه شيء فكرر علي القول بزجر حتى أدخلت يدي في جيبي، فوجدت فيه زیبا کنت اشتريته لطفل عندي، ونسيته فبقي في جيبي.

ثم قال لي الأعرابي : أوصيك بالعود، أوصيك بالعود، أوصيك

ص: 233

بالعود والعود في لسانهم اسم للأب المسن، ثم غاب عن بصري فعلمت أنه المهدي علیه السلام وأنه لا يرضى بمفارقتي لأبي حتى في ليلة الأربعاء فلم أعد(1).

戀 戀 戀

ص: 234


1- البحار: ج53 ص247.

24- إذا أردت أن تعرف ليلة القدر

وقال أدام الله إكرامه: رأيت في رواية ما يدل على أنك إذا أردت أن تعرف ليلة القدر، فاقرا «حم الدخان» كل ليلة في شهر رمضان مائة مرة إلى ليلة ثلاث وعشرين، فعملت ذلك وبدأت في ليلة الثلاث والعشرين أقرأ على حفظي بعد الفطور إلى أن خرجت إلى الحرم العلوي في أثناء الليل، فلم أجد لي موضعا أستقر فيه إلا أن أجلس مقابلا للوجه، مستديرا للقبلة، بقرب الشمع المعلق لكثرة الناس في تلك الليلة.

فتربعت واستقبلت الشباك، وبقيت أقرأ «حم» فبينما أنا كذلك إذ وجدت إلى جنبي أعرابيا متربعا أيضا معتدل الظهر اسمر اللون حسن العينين والأنف والوجه، مهيبا جدا كأنه من شيوخ الأعراب إلا أنه شاب ولا أذكر هل كان له لحية خفيفة أم لم تكن، وأظن الأول.

فجعلت في نفسي أقول: ما الذي أتى بهذا البدوي إلى هذا الموضع؟ ويجلس هذا الجلوس العجمي؟ وما حاجته في الحرم؟ وأين منزله في هذا الليل؟ أهو من شيوخ الخزاعة واضافة بعض الخدمة مثل الکلید دار أو نائبه، وما بلغني خبره، وما سمعت به.

ثم قلت في نفسي : لعله المهدي علیه السلام وجعلت أنظر في وجهه ، وهو يلتفت يمينا وشمالا إلى الزوار من غير إسراع في الالتفات ينافي الوقار، وجلست امرأة قدامي لاصقة بظهرها ركبتي، فنظرت إليه متبسما ليراها على هذه الحالة فيتبسم على حسب عادة الناس، فنظر إليها وهو غير

ص: 235

متبسم وإلي ورجع إلى النظر يمينا وشمالا فقلت: أسأله أنه أين منزله؟ أو من هو؟ فلما هممت بسؤاله انكمش فؤادي انكماشا تأذيت منه جدا ، وظننت أن وجهي اصفر من هذه الحالة، وبقي الألم في فؤادي حتى قلت في نفسي: اللهم إني لا أسأله، فدعني يا فؤادي وعد إلى السلامة من هذا الألم، فاني قد أعرضت عما أردت من سؤاله، وعزمت على السكوت، فعند ذلك سكن فؤادي وعدت إلى التفكر في أمره.

وهممت مرة ثانية بالاستفسار منه، وقلت: أي ضرر في ذلك؟ وما يمنعني من أن أسأله فانکمش فؤادي مرة ثانية عندما هممت بسؤاله، وبقيت متألما مصفرا حتى تأذيت، وقلت: عزمت أن لا أسأله ولا أستفسر إلى أن سكن فؤادي، وأنا أقرأ لسانا وأنظر إلى وجهه وجماله وهيبته، وأفكر فيه قلبا، حتى أخذني الشوق إلى العزز مرة ثالثة على سؤاله، فانکمش فؤادي وتأذيت في الغاية وعزمت عزما صادقا على ترك سؤاله، ونصبت لنفسي طريقا إلى معرفته، غير الكلام معه، وهو أني لا أفارقه وأتبعه حيث قام ومشى حتى أنظر این منزله إن كان من سائر الناس أو يغيب عن بصري إن كان الإمام علیه السلام.

فأطال الجلوس على تلك الهيئة، ولا فاصل بيني وبينه، بل الظاهر أن ثيابي ملاصقة لثيابه وأحببت أن أعرف الوقت والساعة، وأنا لا أسمع من كثرة أصوات الناس صوت ساعات الحرم، فصار في مقابلي رجل عنده ساعة، فقمت لأسأله عنها وخطوت خطوة ففاتني صاحب الساعة ، لتزاحم الناس، فعدت بسرعة إلى موضعي ولعل إحدى رجلي لم تفارقه فلم أجد صاحبي وندمت على قيامي ندما عظيما وعاتبت نفسي عتابا شدیداً(1)

ص: 236


1- البحار: ج 53 ص247.

25- تظن أن إمامك ليس مطلعا على حاجتك؟

قصة العابد الصالح التقي السيد محمد العاملي رحمه الله ابن السيد عباس سلمه الله [آل العباس شرف الدين] الساكن في قرية جشيث من قرى جبل عامل وكان من قصته أنه رحمه الله لكثرة تعدي الجور عليه خرج من وطنه خائفا هاربا مع شدة فقره، وقلة بضاعته، حتى أنه لم يكن عنده يوم خروجه إلا مقدارا لا يسوى قوت يومه، وكان متعففا لا يسأل أحدا.

وساح في الأرض برهة من دهره، ورأى في أيام سیاحته في نومه .

ويقظته عجائب كثيرة، إلى أن انتهى أمره إلى مجاورة النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحية والتحف، وسكن في بعض الحجرات الفوقانية من الصحن المقدس وكان في شدة الفقر، ولم يكن يعرفه بتلك الصفة إلا قليل وتوفي رحمه الله في النجف الأشرف، بعد مضي خمس سنوات من يوم خروجه من قريته.

وكان أحيانا يراودني، وكان كثير العفة والحياء يحضر عندي أيام إقامة التعزية، وربما استعار مني بعض كتب الأدعية لشدة ضيق معاشه، حتى أن كثيرا ما لا يتمكن لقوته إلا على تميرات، يواظب الأدعية المأثورة لسعة الرزق حتى كأنه ما ترك شيئا من الأذكار المروية والأدعية المأثورة.

ص: 237

واشتغل بعض أيامه على عرض حاجته على صاحب الزمان علیه سلام الله الملك المنان أربعين يوما وكان يكتب حاجته، ويخرج كل يوم قبل طلوع الشمس من البلد من الباب الصغير الذي يخرج منه إلى بحر، ويبعد عن طرف اليمين مقدار فرسخ أو أزيد، بحيث لا يراه أحد ثم يضع عريضته في بندقة من الطين ويودعها أحد نوابه (سلام الله عليه)، ويرميها في الماء إلى أن مضى عليه ثمانية أو تسعة وثلاثون يوما.

فلما فعل ما يفعله كل يوم ورجع قال : كنت في غاية الملالة وضيق الخلق وأمشي مطرقا رأسي، فالتفت فإذا أنا برجل كأنه لحق بي من ورائي وكان في زي العرب، فسلم علي فرددت عليه السلام بأقل ما يرد، وما التفت إليه لضيق خلقي فسایرني مقدارا وأنا على حالي، فقال بلهجة أهل قريتي : سيد محمد ما حاجتك؟ يمضي عليك ثمانية أو تسعة وثلاثون يوما تخرج قبل طلوع الشمس إلى المكان الفلاني وترمي العريضة في الماء تظن أن إمامك ليس مطلعا على حاجتك؟.

قال: فتعجبت من ذلك لأني لم اطلع أحدا على شغلي، ولا أحد رآني، ولاأحد من أهل جبل عامل في المشهد الشريف لم أعرفه، خصوصا أنه لابس الكفية والعقال وليس مرسوما في بلادنا، فخطر في خاطري وصولي إلى المطلب الأقصى، وفوزي بالنعمة العظمى، وأنه الحجة على البرايا، إمام العصر (عجل الله تعالی فرجه).

وكنت سمعت قديما أن يده المباركة في النعومة بحيث لا يبلغها بد أحد من الناس، فقلت في نفسي: أصافحه فان كان يده كما سمعت اصنع ما يحق بحضرته فمددت يدي وأنا على حالي لمصافحته، فمد يده المباركة فصافحته، فإذا يده كما سمعت، فتيقنت الفوز والفلاح، فرفعت رأسي، ووجهت له وجهي، وأردت تقبيل يده المباركة، فلم أر أحدا.

ص: 238

قلت: ووالده السيد عباس حي إلى حال التأليف، وهو من بني أعمام العالم الحبر الجليل، والسيد المؤيد النبيل، وحيد عصره، وناموس دهره السيد صدر الدين العاملي المتوطن في إصبهان تلميذ العلامة الطباطبائي بحر العلوم أعلى الله مقامهما(1).

讚讚讚

ص: 239


1- البحار: ج 53 ص249.

26- الإمام علیه السلام يكتب للعلامة الحلي كتاباً

السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية الله العلامة الحلي (قدس سره) أن من جملة مقاماته العالية ، أنه اشتهر عند أهل الإيمان أن بعض علماء أهل السنة ممن تتلمذ عليه العلامة في بعض الفنون ألف كتابا في رد الإمامية، ويقرأ للناس في مجالسه ويضلهم، وكان لا يعطيه أحدا خوفا من أن يرده أحد من الإمامية، فاحتال رحمه الله في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية، فالتجا الرجل واستحيي من رده وقال: إني آليت على نفسي أن لا أعطيه أحدا أزيد من ليلة، فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان، فأخذه منه وأتي به إلى بيته لينقل منه ما تيسر منه.

فلما اشتغل بكتابته وانتصف الليل، غلبه النوم، فحضر الحجة علیه السلام وقال : ولني الكتاب وخذ في نومك فانتبه العلامة وقد تم الكتاب بإعجازه علیه السلام.

وظاهر عبارته يوهم أن الملاقاة والمكالمة كان في اليقظة وهو بعيد والظاهر أنه في المنام والله العالم(1).

ص: 240


1- البحار: ج 53 ص253.

27- أخبره بزوال ملك بني العباس

في البحار : في مجموعة نفيسة عندي كلها بخط العالم الجليل شمس الدين محمد بن علي بن الحسن الجباعي جد شيخنا البهائي وهو الذي ينتهي نسخ الصحيفة الكاملة إلى الصحيفة التي كانت بخطه، وكتبها من نسخة الشهيد الأولرحمه الله وقد نقل عنه عن تلك المجموعة وغيرها العلامة المجلسي كثيرا في البحار، وربما عبر هو وغيره كالسيد نعمة الله الجزائري في أول شرح الصحيفة عنه بصاحب الكرامات، ما لفظه: قال السيد تاج الدين محمد بن معية الحسني أحسن الله إليه حدثني والدي القاسم بن الحسن بن معية الحسني تجاوز الله عن سيئاته أن المعمر بن غوث السنبسي ورد إلى الحلة مرتين إحداهما قديمة لا أحقق تاريخها والأخرى قبل فتح بغداد بسنتين قال والدي : وكنت حينئذ ابن ثمان سنوات، ونزل على الفقيه مفيد الدين ابن جهم، وتردد إليه الناس، وزاره خالي السعید تاج الدين بن معية، وأنا معه طفل ابن ثمان سنوات، ورأيته وكان شخصا طوالا من الرجال، يعد في الكهول وكان ذراعه كأنه الخشبة المجلدة، ويركب الخيل العتاق، وأقام أياما بالحلة وكان يحكي أنه كان أحد غلمان الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري علیه السلام وأنه شاهد ولادة القائم علیه السلام.

قال والدي رحمه الله: وسمعت الشيخ مفيد والدین بن جهم يحكي بعد مفارقته وسفره عن الحلة أنه قال: أخبرنا بسر لا يمكننا الآن إشاعته، وكانوا يقولون إنه أخبره بزوال ملك بني العباس، فلما مضى لذلك سنتان

ص: 241

أو ما يقاربهما أخذت بغداد وقتل المستعصم، وانقرض ملك بني العباس، فسبحان من له الدوام والبقاء.

وكتب ذلك محمد بن علي الجباعي من خط السيد تاج الدين يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع وخمسين وثمانمائة.

ونقل قبل هذه الحكاية عن المعمر خبرین هكذا من خط ابن معية ويرفع الإسناد عن المعمر بن غوث السنبسي، عن أبي الحسن الداعي بن نوفل السلمي قال: سمعت رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم يقول : إن الله خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته وهم الذين يقضون الحوائج للناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن.

وبالإسناد عن المعمر بن غوث السنبسي، عن الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام أنه قال : أحسن ظنك ولو بحجر يطرح الله شره فيه فتناول حظك منه فقلت: أيدك الله، حتى بحجر؟ قال: أفلا ترى حجر الأسود.

قلت: أما الولد فهو القاضي السيد النسابة تاج الدين أبو عبد الله محمد بن القاسم عظیم الشان جلیل القدر، استجاز منه الشهيد الأول لنفسه ولولديه محمد وعلي، ولبنته ست المشايخ وأما والده فهو السيد جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن بن معية بن سعيد الديباجي الحسني الفقية الفاضل العالم الجليل عظیم الشان تلميذ عميد الرؤساء وابن السكون، ومعاصر العلامة والراوي للصحيفة الشريفة الكاملة عنهما عن السيد بهاء الشرف المذكور في أول الصحيفة كما تبين في محله، وأما ابن جهم فهو الشيخ الفقيه محمد بن جهم، وهو الذي لما سأل الخاجة نصير الدين عن المحقق أعلم تلامذته في الأصوليين، أشار إليه وإلى سدید الدین والد العلامة(1).

ص: 242


1- البحار: ج 53 ص 254.

28- أبيات بخط صاحب الأمرا علیه السلام مكتوبة على قبر الشيخ المفيد رحمه الله

[قال] السيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين ما معناه: إنه وجد هذه الأبيات بخط صاحب الأمر علیه السلام مكتوبا على قبر الشيخ المفيد رحمه الله:

لا صوت الناعي بفقدك إنه***يوم على آل الرسول عظيم

إن كنت قد غيبت في جدث الثرى***فالعدل والتوحيد فيك مقيم

والقائم المهدي يفرح كلما***تليت عليك من الدروس علوم(1).

戀 戀 戀

ص: 243


1- البحار: ج 53 ص256.

29- زيارة القاسم والفارس المعترض

في الصراط المستقيم للشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي قال مؤلف هذا الكتاب علي بن محمد بن يونس: خرجت مع جماعة تزيد على أربعين رجلا إلى زيارة القاسم بن موسى الكاظم عليه السلام فكنا عن حضرته نحوميل من الأرض فرأينا فارسا معترضا فظنناه یرید أخذ ما معنا فخبينا ما خفنا عليه.

فلما وصلنا، رأينا آثار فرسه ولم نره، فنظرنا ما حول القبلة، فلم نر أحدا فتعجبنا من ذلك مع استواء الأرض، وحضور الشمس، وعدم المانع، فلا يمتنع أن يكون هو الإمام علیه السلام أو أحد الأبدال.

قلت: وهذا الشيخ جلیل القدر عظیم الشان، صاحب المصنفات الرائقة، وصفه الشيخ إبراهيم الكفعمي في بعض كلماته في ذكر الكتب التي ينقل عنها بقوله: ومن ذلك «زبدة البيان وإنسان الإنسان المنتزع من مجمع البيان» جمع الإمام العلامة فريد الدهر، ووحيد العصر، مهبط أنوار الجبروت، وفاتح إسرار الملكوت خلاصة الماء والطين، جامع کمالات المتقدمين والمتأخرين، بقية الحجج على العالمين، الشيخ زین الملة والحق والدین، علي بن يونس لا أخلى الله الزمان من أنوار شموسه، وإيضاح براهينه ودروسه بمحمد وآله عليهم السلام(1)

ص: 244


1- البحار: ج53 ص257.

30- الحاج میرزا الطهراني

البحار : حدثني مشافهة العالم العامل فخر الأواخر وذخر الأوائل، شمس فلكالزهد والتقى وحاوي درجات السداد والهدی، الفقيه المؤيد النبيل، شيخنا الأجل الحاج المولى علي بن الحاج میرزا خلیل الطهراني المتوطن في الغري حيا وميتا وكان يزور أئمة سامراء في أغلب السنين، ويأنس بالسرداب المغيب ويستمد فيه الفيوضات ويعتقد فيه رجاء نیل المكرمات.

وكان يقول : إني ما زرت مرة إلا ورأيت كرامة ونلت مكرمة، وكان يستر ما رآه غير أنه ذكر لي وسمعه عنه غيري أني كثير أما وصلت إلى باب السرداب الشريف في جوف الليل المظلم، وحين هدوء من الناس، فأرى عند الباب قبل النزول من الدرج نورا يشرق من سرداب الغيبة على جدران الدهليز الأول، ويتحرك من موضع إلى آخر، كأن بيد أحد هناك شمعة مضيئة، وهو ينتقل من مكان إلى آخر فيتحرك النور هنا بحركته، ثم أنزل وأدخل في السرداب الشريف فما أجد أحدا ولا أری سراجا(1)

識 崇讚

ص: 245


1- البحار: ج 53 ص258.

31- ضيفنا في الغرفة

في كتاب نور العيون تأليف الفاضل الخبير الألمعي السيد محمد شريف الحسيني الأصبهاني عن أستاذه العالم الصالح الزاهد الورع الآميرزا محمد تقي ابن الآميرزا محمد کاظم ابن الآميرزا عزیز الله ابن المولی محمد تقي المجلسي الملقب بالالماسي وهو من العلماء الزاهدين وكان بصيرا في الفقه والحديث والرجال، وقد ذكرنا شرح حاله في رسالة الفيض القدسي في ذكر أحوال العلامة المجلسي رضوان الله عليه.

قال في رسالة له في ذكر من رآه علیه السلام في الغيبة الكبرى: حدثني بعض أصحابنا عن رجل صالح من أهل بغداد وهو حي إلى هذا الوقت أي سنة ست وثلاثين بعد المائة والألف، قال : إني كنت قد سافرت في بعض السنين مع جماعة، فركبنا السفينة وسرنا في البحر، فاتفق أنه انكسرت سفينتنا، وغرق جميع من فيها وتعلقت أنا بلوح مكسور فألقاني البحر بعد مدة إلى جزيرة، فسرت في أطراف الجزيرة، فوصلت بعد اليأس من الحياة بصحراء فيها جبل عظيم.

فلما وصلت إليه رأيته محيطا بالبحر إلا طرفا منه يتصل بالصحراء واستشممت منه رائحة الفواكه، ففرحت وزاد شوقي، وصعدت قدرا من الجبل حتى إذا بلغت إلى وسطه في موضع أملس مقدار عشرين ذراعا لا يمكن الاجتياز منه أبدا، فتحيرت في أمري فصرت أتفكر في أمري فإذا

ص: 246

أنا بحية عظيمة كالأشجار العظيمة تستقبلني في غاية السرعة، فقررت منها منهزماً مستغيثا بالله تبارك وتعالى في النجاة من شرها كما نجاني من الغرق.

فإذا أنا بحيوان شبه الأرنب قصد الحية مسرعا من أعلى الجبل حتى وصل إلى ذنبها فصعد منه حتى إذا وصل رأس الحية إلى ذلك الحجر الأملس وبقي ذنبه فوق الحجر، وصل الحيوان إلى رأسها وأخرج من فمه حمة مقدار إصبع فادخلها في رأسها ثم نزعها وادخلها في موضع آخر منها وولی مدبرا فماتت الحية في مكانها من وقتها، وحدث فيها عفونة كادت نفسي أن تطلع من رائحتها الكريهة فما كان باسرع من أن ذاب لحمها، وسال في البحر، وبقي عظامها کسلم ثابت في الأرض يمكن الصعود منه.

فتفكرت في نفسي، وقلت: إن بقيت هنا أموت من الجوع فتوكلت على الله في ذلك، وصعدت منها حتى علوت الجبل، وسرت من طرف قبلة الجبل فإذا أنا بحديقة بالغة حد الغاية في الغضارة والنضارة والطراوة والعمارة فسرت حتى دخلتها وإذا فيها أشجار مثمرة كثيرة، وبناء عال مشتمل على بيوتات، وغرف كثيرة في وسطها.

فأكلت من تلك الفواكه، واختفيت في بعض الغرف وأنا أتفرج الحديقة واطرافها فإذا أنا بفوارس قد ظهروا من جانب البر قاصدي الحديقة، يقدمهم رجل ذو بهاء وجمال وجلال، وغاية من المهابة ، يعلم من ذلك أنه سيدهم، فدخلوا الحديقة، ونزلوا من خيولهم وخلوا سبيلها، وتوسطوا القصر فتصدر السيد وجلس الباقون متأدبين حوله.

ثم أحضروا الطعام، فقال لهم ذلك السيد: إن لنا في هذا اليوم ضيفا في الغرفة الفلانية ولا بد من دعوته إلى الطعام فجاء بعضهم في طلبي فخفت وقلت: اعفني من ذلك، فأخبر السيد بذلك، فقال: اذهبوا

ص: 247

بطعامه إليه في مكانه ليأكله، فلما فرغنا من الطعام، أمر باحضاري وسألني عن قصتي، فحكيت له القصة، فقال: أتحب أن ترجع إلى أهلك؟ قلت: نعم، فأقبل على واحد منهم، وأمره بایصالي إلى أهلي، فخرجت أنا وذلك الرجل من عنده.

فلما سرنا قليلا قال لي الرجل : انظر فهذا سور بغداد ! فنظرت إذا أنا بسوره وغاب عني الرجل، فتفطنت من ساعتي هذه، وعلمت أني لقيت سيدي ومولاي صلی الله علیه و اله و سلم، ومن سوء حظي حرمت من هذا الفيض العظيم، فدخلت بلدي وبيتي في غاية من الحسرة والندامة.

قلت: وحدثني العالم الفقيه النبيه الصفي الحاج المولى الهادي الطهراني (قدس سره) أنه رأى هذه الحكاية في الرسالة المذكورة ، والظاهر أن اسمها بهجة الأولياء(1).

戀 戀 戀

ص: 248


1- البحار: ج 53 ص 260/ جنة المأوی، ص259- 260.

32- قصة الرجل البحريني والإمام علیه السلام

وفيه : وعن المولى المتقي المذكور قال: حدثني ثقة صالح من أهل العلم من سادات شولستان، عن رجل ثقة أنه قال : اتفق في هذه السنين أن جماعة من أهل بحرین عزموا على إطعام جمع من المؤمنين على التناوب، فأطعموا حتى بلغ النوبة إلى رجل منهم لم يكن عنده شيء، فاغتم لذلك وكثر حزنه وهمه، فاتفق أنه خرج ليلة إلى الصحراء، فإذا بشخص قد وافاه، وقال له: اذهب إلى التاجر الفلاني وقل: يقول لك محمد بن الحسن أعطني الاثنا عشر دينارا التي نذرتها لنا فخذها منه وأنفقها في ضيافتك، فذهب الرجل إلى ذلك التاجر، وبلغه رسالة الشخص المذكور.

فقال التاجر: قال لك ذلك محمد بن الحسن بنفسه؟ فقال : لبحريني: نعم، فقال: عرفته؟ فقال: لا، فقال التاجر: هو صاحب الزمان علیه السلام وهذه الدنانير نذرتها له.

فأكرم الرجل وأعطاه المبلغ المذكور، وسأله الدعاء، وقال له: لما قبل نذريأرجو منك أن تعطيني منه نصف دينار وأعطيك عوضه، فجاء البحريني وأنفق المبلغ في مصرفه وقال ذلك الثقة : إني سمعت القصة عن البحريني بواسطتين.

ومما استطرفناه من هذا الكتاب ويناسب المقصود أن المؤلف ذكر

ص: 249

في باب (من رأی) أربع عشرة حكاية ذكرنا منها اثنتين وإحدى عشرة منها موجودة في البحار وذكر في الرابعة عشرة قصة عجيبة.

قال: يقول المؤلف الضعيف محمد باقر الشريف إن في سنة ألف ومائة وثلاث وسبعين كنت في طريق مكة المعظمة، صاحبت رجلا ورعا موثقا يسمی حاج عبدالغفور في ما بين الحرمين، وهو من تجار تبریز يسكن في يزد، وقد حج قبل ذلك ثلاث مرات وبني في هذا السفر على مجاورة بيت الله سنتين، ليدرك فيض الحج ثلاث سنين متوالية.

ثم بعد ذلك في سنة ألف ومائة وستة وسبعين، حین معاودتي من زيارة المشهد الرضوي على صاحبه السلام رأيته أيضا في يزد، وقد مر في رجوعه من مكة، بعد ثلاث حجات إلى بندر صورت من بنادر هند لحاجة له، ورجع في سنة إلى بيته فذكر لي عند اللقاء أني سمعت من مير أبو طالب أن في السنة الماضية جاء مكتوب من سلطان الإفرنج إلى الرئيس الذي يسكن بندر بمبئي من جانبه ويعرف بجندر أن في هذا الوقت ورد علينا رجلان عليهما لباس الصوف ويدعي أحدهما أن عمره سبعمائة وخمسين سنة، والآخر سبعمائة سنة، ويقولان: بعثنا صاحب الأمر علیه السلام لندعوكم إلى دين محمد المصطفى علیه السلام، ويقولان: إن لم تقبلوا دعوتنا ولم تتدينوا بديننا، يغرق البحر بلادكم بعد ثمان أو عشر سنين، والترديد من الحاج المذكور، وقد أمرنا بقتلهما فلم يعمل فيهما الحديد، ووضعناهما على الأثواب وقیناره فلم يحترقا فشددنا أيديهما وأرجلهما وألقيناهما في البحر فخرجا منه سالمين.

وكتب إلى الرئيس أن يتفحص في أرباب مذاهب الإسلام واليهود والمجوس والنصارى، وأنهم هل رأوا ظهور صاحب الأمر علیه السلام في آخر الزمان في كتبهم أم لا؟ قال الحاج المزبور: وقد سالت من قسيس كان في بندر صورت عن صحة المكاتبة المذكورة فذكر لي كما سمعت،

ص: 250

وسلالة النجباء مير أبو طالب ومیرزا بزرك الإيراني، وهم الآن من وجوه معارف البندر المذكور نقلا لي كما ذكرت، وبالجملة الخبر مشهور منتشر في تلك البلدة والله العالم(1).

戀 戀 戀

ص: 251


1- البحار: ج53 ص262.

33- جه ميكني «أو» جه ميخواني

حدثني العالم النبيل، والفاضل الجليل، الصالح الثقة العدل الذي قل له البديل، الحاج المولی محسن الأصفهاني المجاور لمشهد أبي عبد الله علیه السلام حيا وميتا وكان من أوثق أئمة الجماعة قال: حدثني السيد السند، والعالم المؤيد، التقي الصفي السيد محمد بن السيد مال الله بن السيد معصوم القطيفي رحمهم الله، قال: قصدت مسجد الكوفة في بعض ليالي الجمع، وكان في زمان مخوف لا يتردد إلى المسجد أحد إلا مع عدة وتهيئة، لكثرة من كان في أطراف النجف الأشرف من القطاع واللصوص، وكان معي واحد من الطلاب.

فلما دخلنا المسجد لم نجد فيه إلا رجلا واحدا من المشتغلين فأخذنا في آداب المسجد، فلما حان غروب الشمس، عمدنا إلى الباب فأغلقناه ، وطرحنا خلفه من الأحجار والأخشاب والطوب والمدر إلى أن اطمأنا بعدم إمكان انفتاحه من الخارج عادة.

ثم دخلنا المسجد، واشتغلنا بالصلاة والدعاء فلما فرغنا جلست أنا ورفيقي في دكة القضاء مستقبل القبلة، وذاك الرجل الصالح كان مشغولا بقراءة دعاءكميل في الدهليز القريب من باب الفيل بصوت عال شجي، وكانت ليلة قمراء صاحية وكنت متوجها إلى نحو السماء.

فبينا نحن كذلك فإذا بطيب قد انتشر في الهواء، وملا الفضاء أحسن من ريح نوافج المسك الأذفر، وأروح للقلب من النسيم إذا

ص: 252

تسحر، ورأيت في خلال اشعة القمر اشعاعا كشعلة النار، قد غلب عليها، وانخمد في تلك الحال صوت ذلك الرجل الداعي، فالتفت فإذا أنا بشخص جلیل، قد دخل المسجد من طرف ذلك الباب المنغلق في زی لباس الحجاز، وعلى كتفه الشريف سجادة كما هو عادة أهل الحرمين إلى الآن، وكان يمشي في سكينة ووقار، وهيبة وجلال قاصدا باب المسلم ولم يبق لنا من الحواس إلا البصر الخاسر، واللب الطائر فلما صار بحذائنا من طرف القبلة، سلم علينا.

قال رحمه الله : أما رفيقي فلم يبق له شعور أصلا، ولم يتمكن من الرد وأما أنا فاجتهدت كثيرا إلى أن رددت عليه في غاية الصعوبة والمشقة، فلما دخل باب المسجد وغاب عنا تراجعت القلوب إلى الصدور، فقلنا : من كان هذا ومن أين دخل؟ فمشينا نحو ذلك الرجل فرأيناه قد خرق ثوبه ويبكي بكاء الواله الحزين فسألناه عن حقيقة الحال، فقال : واظبت هذا المسجد أربعين ليلة من ليالي الجمعة طلبا للتشرف بلقاء خليفة العصر، وناموس الدهر (عجل الله تعالی فرجه) وهذه الليلة تمام الأربعين ولم أتزود من لقائه ظاهرا، غير أني حيث رأيتموني كنت مشغولا بالدعاء فإذا به علیه السلام واقفا على راسي فالتفت إليه علیه السلام فقال: «جه ميکني» أو «جه میخواني» اي ما تفعل؟ أو ما تقرأ؟ والترديد من الفاضل المتقدم، ولم أتمكن من الجواب من الجواب فمضى عني كما شاهدتموه، فذهبنا إلى الباب فوجدناه على النحو الذي أغلقناه، فرجعنا شاکرین متحسرین

قلت: وهذا السيد كان عظيم الشأن، جلیل القدر، وكان شيخنا الأستاذ العلامةالشيخ عبد الحسين الطهراني أعلى الله مقامه كثيرا ما يذكره بخير ويثني عليه ثناء بليغا قال : كان رحمه الله تقيا صالحا وشاعرا مجيدا وأدیبا قارئا غريقا في بحار محبة أهل البيت عليهم السلام وأكثر ذكره وفكره فيهم ولهم، حتى أنا كثيرا ما نلقاه في الصحن الشريف، فنسأله عن

ص: 253

مسألة أدبية فيجيبنا، ويستشهد في خلال كلامه بما أنشده هو وغيره في المراثي فتتغير حاله فيشرع في ذكر مصائبهم على أحسن ما ينبغي وينقلب مجلس الشعر والأدب إلى مجلس المصيبة والكرب، وله رحمه الله قصائد رائقة في المراثي دائرة على ألسن القراء منها القصيدة التي أولها :

مالي إذا ما الليل جنا*** أهفو لمن غنى وحنا

وهي طويلة، ومنها القصيدة التي أولها :

ألقيت لي الأيام فضل قيادها***فأردت غير مرامها

ومرادها الخ.

ومنها القصيدة التي يقول فيها في مدح الشهداء:

وذوي المروة والوفا أنصاره***لهم على الجيش اللهام زئير

طهرت نفوسهم بطيب أصولها***نعناصر طابت لهم وحجور

عشقوا العنا للدفع لا عشقوا***العنا للنفع لكن أمضي المقدور

فتمثلت لهم القصور وما بهم***لولا تمثلت القصور قصور

ما شاقهم للموت إلا وعدة الرحمن***لا ولدانها والحور(1)

الخ

戀 戀 戀

ص: 254


1- البحار: ج53ص264.

34- من أصم أخرس إلى لسان ذلق وكلام فصيح ببركة الحجة(عجل الله تعالی فرجه الشریف)

في شهر جمادى الأولى من سنة ألف ومائتين وتسع وتسعين ورد الكاظمين علیه السلام رجل اسمه آقا محمد مهدي وكان من قاطني بندر ملومين من بنادر ماجين وممالك برمة وهو الآن في تصرف الانجریز، ومن بلدة کلکتة قاعدة سلطنة ممالك الهند إليه مسافة ستة أيام من البحر مع المراكب الدخانية، وكان أبوه من أهل شیراز ولكنه ولد وتعيش في البندر المذكور، وابتلي قبل التاريخ المذكور بثلاث سنين بمرض شدید، فلما عوفي منه بقي أصم أخرس.

فتوسل لشفاء مرضه بزيار أئمة العراق علیهم السلام وكان له اقارب في بلدة كاظمين علیه السلام من التجار المعروفين، فنزل عليهم وبقي عندهم عشرين يوما فصادف وقت حركة مركب الدخان إلى سر من رأی لطغيان الماء فأتوا به إلى المركب وسلموه إلى راكبيه، وهم من أهل بغداد وكربلاء وسالوهم المراقبة في حاله والنظر في حوائجه لعدم قدرته على إبرازها وكتبوا إلى بعض المجاورين من أهل سامرا للتوجه في أموره.

فلما ورد تلك الأرض المشرفة والناحية المقدسة، أتى إلى السرداب المنور بعد الظهر من يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكان فيه جماعة من الثقات والمقدسين إلى أن أتى إلى

ص: 255

الصفة المباركة فبكى وتضرع فيها زمانا طويلا وكان يكتب قبيله حاله على الجدار، ويسال من الناظرين الدعاء والشفاعة.

فما تم بناؤه وتضرعة إلا وقد فتح الله تعالی لسانه، وخرج بإعجاز الحجة علیه السلام من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق، وكلام فصيح، وأحضر في يوم السبت في محفل تدریس سید الفقهاء وشيخ العلماء رئيس الشيعة، وتاج الشريعة المنتهى إليه رئاسة الأمامية سيدنا الأفخم وأستاذنا الأعظم الحاج الآميرزا محمد حسن الشيرازي متع الله المسلمين بطول بقائه، وقرأ عنده متبرکا سورة المباركة الفاتحة بنحو أذعن الحاضرون بصحته وحسن قراءته، وصار يوما مشهودا ومقاما محمودا.

وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين، وأضاؤوا فضاءه من المصابيح والقناديل، ونظموا القصة ونشروها في البلاد، وكان معه في المركب مادح أهل البيت علیهم السلام الفاضل اللبيب الحاج ملا عباس الصفار الزنوزي البغدادي فقال وهو من قصيدة طويلة ورآه مريضا وصحيحا :

وفي عامها جئت والزائرين***إلى بلدة سر من قد رآها

رأيت من الصين فيها فتى*** وكان سمي إمام هداها

يشير إذا ما أراد الكلام***وللنفس منه كذا براها

وقد قيد السقم منه الكلام***وأطلق من مقلتيه دماها

فوافا إلى باب سرداب من***به الناس طرا ينال مناها

بروم بغير لسان يزور***وللنفس منه دهت بعناها

وقد صار یکتب فوق الجدار***ما فيه للروح منه شفاها

أروم الزيارة بعد الدعاء***ممن رأى أسطري وتلاها

لعل لساني يعود الفصيح***وعلي أزور وأدعو الإلها

إذا هو في رجل مقبل***تراهورى البعض من أتقياها

تابط خبر کتاب له***وقد جاء من حيث غاب ابن طه

ص: 256

فاومي إليه ادع ما قد کتب***وجاء فلما تلاه دعاها

وأوصى به سیدا جالسا***أن أدعو له بالشفاء شفاها

فقام وأدخله غيبة الإمام***المغيب من أوصیاها

وجاء إلى حفرة الصفة***التي هي للعين نور ضياها

وأسرج آخر فيها السراج***وأدناه من فمه ليراها

هناك دعا الله مستغفرا***وعيناه مشغولة ببكاها

ومذ عاد منها يريد الصلاة***قد عاود النفس منه شفاها

وقد أطلق الله منه اللسان***وتلك الصلاة أتم أداها

ولما بلغ الخبر إلى خريت صناعة الشعر السيد المؤيد الأديب اللبيب فخر الطالبين، وناموس العلويين، السيد حيدر بن السيد سليمان الحلي أيده الله تعالى بعث إلى سر من رأى كتابا صورته: بسم الله الرحمن الرحيم لما هبت من الناحية المقدسة نسمات کرم الإمامة فنشرت نفحات عبير هاتيك الكرامة، فأطلقت لسان زائرها من اعتقاله، عندما قام عندها في تضرعه وابتهاله، أحببت أن أنتظم في سلك من خدم تلك الحضرة، في نظم قصيدة تتضمن بيان هذا المعجز العظيم ونشره، وأن أهنئ علامة الزمن وغرة وجهه الحسن، فرع الأراكة المحمدية ، ومنار الملة الأحمدية ، علم الشريعة، وإمام الشيعة، لأجمع بين العبادتين في خدمة هاتين الحضرتين، فنظمت هذه القصيدة الغراء، وأهديتها إلى دار إقامته وهي سامرا، راجيا أن تقع موقع القبول، فقلت ومن الله بلوغ المأمول:

كذا يظهر المعجز الباهر***ويشهده البر والفاجر

وتروي الكرامة مأثورة***يبلغها الغائب الحاضر

يقر لقوم بها ناظر***ويقذي لقوم بها ناظر

فقلت لها ترحا واقع***وقلب بها فرحا طائر

أجل طرف فكرك با مستدل***وأنجد بطرفك يا غائر

ص: 257

تصفح مآثر آل الرسول***وحسبك مانشر الناشر

ودونکه نبأ صادقا***لقلب العدو هو الباقر

فمن صاحب الأمر أمس استبان***لنا معجز أمره باهر

بموضع غيبته مذ الم***أخو علة داؤها ظاهر

رمی فمه باعتقال اللسان***رام هو الزمن الغادر

فأقبل ملتمسا للشفاء***لدى من هو الغائب الحاضر

ولقنه القول مستاجر***عن القصد في أمره جائر

فبيناه في تعب ناصب***ومن ضجر فكره حائر

إذ انحل من ذلك الاعتقال***وبارحه ذلك الضائر

فراح لمولاه في الحامدين***وهو لآلأئه ذاکر

لعمري لقد مسحت داءه***ید كل خلق لها شاکر

يد لم تزل رحمة للعباد***لذلك أنشأها الفاطر

تحدر وإن كرهت أنفس***بضيق شجى صدرها الواغر

وقل إن قائم آل النبي***له النهي وهوهو الأمر

يمنع زائره الاعتقال***ممابه ینطق الزائر

ويدعوه صدقا إلى حله***ويقضي على أنه القادر

یکبو مرجيه دون الغياث***وهو یقال به العاثر

حاشاه بل هو نعم المغيث***إذا نضنض الحارث الفاغر

فهذي الكرامة لا ما غدا***بلفقه الفاسق الفاجر

أدم ذكرها یا لسان الزمان***وفي نشرها فمك العاطر

وهن بها سر من را ومن***به ربعها آهل عامر

هو السيد الحسن المجتبى***خضم الندى غيثه الهامر

وقل يا تقدست من بقعة***بها يهب الزلة الغافر

کلا اسميك في الناس باد له***باوجههم أثر ظاهر

فأنت لبعضهم سر من***رای وهو نعت لهم ظاهر

وأنت لبعضهم ساء من***رای وبه یوصف الخاسر

لقد أطلق الحسن المكرمات***مهباك فهو بهي سافر

ص: 258

فانت حديقة زهو به***وأخلاقه روضك الناضر

علیم تربي بحجر الهدى***ونسج التقى برده الطاهر

إلى أن قال سلمه الله تعالی:

كذا فلتكن عترة المرسلين***وإلا فما الفخر يافاخر(1)

戀 戀 戀

ص: 259


1- البحار : ج53 ص266.

35- يبكي بكاء الواله الحزين ويضج ضجيج المستصرخين

البحار : حدثني الثقة العدل الأمين آغا محمد المجاور لمشهد العسكريين علیه السلام المتولي الامر الشموعات، لتلك البقعة العالية، فيما ينيف على أربعين سنة، وهو أمين السيد الأجل الأستاذ دام علاه، عن أمه وهي من الصالحات قالت: كنت يوما في السرداب الشريف، مع أهل بيت العالم الرباني والمؤيد السبحاني المولی زین العابدين السلماسي المتقدم ذكره رحمه الله وكان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها.

قالت: وكان يوم الجمعة، والمولى المذكور يقرأ دعاء الندبة ، وكنا نقرأه بقراءته، وكان يبكي بكاء الواله الحزين، ويضج ضجيج المستصرخين، وكنا نبكي ببكائه ، ولم يكن معنا فيه غيرنا.

فبينا نحن في هذه الحالة، وإذا بشرق مسك ونفحته قد انتشر في السرداب وملا فضاءه وأخذ هواءه واشتد نفاحه، بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة فسكتنا كان على رؤوسنا الطير، ولم نقدر على حركة وكلام، فبقينا متحيرين إلى أن مضى زمان قليل، فذهب ما كنا نستشمه من تلك الرائحة الطيبة ورجعنا إلى ما كنا فيه من قراءة الدعاء فلما رجعنا إلى البيت سألت عن المولى رحمه الله عن سبب ذلك الطيب، فقال : مالك والسؤال عن هذا وأعرض عن جوابي.

ص: 260

وحدثني الأخ الصفي العالم المتقي الآغا علي رضا الأصفهاني الذي مر ذكره، وكان صديقه وصاحب سره، قال: سألته يوما عن لقائه الحجة علیه السلام وكنت أظن في حقه ذلك کشيخه السيد المعظم العلامة الطباطبائي كما تقدم فأجابني بتلك الواقعة، حرفا بحرف، وقد ذكرت في دار السلام بعض كراماته ومقاماته رحمة الله عليه(1).

戀 戀 戀

ص: 261


1- البحار: ج53 ص270.

36- أهل الحلة ما يتأدبون في مقامي

قال الفاضل الجليل النحرير الأميرزا عبد الله الأصفهاني الشهير بالافندي في المجلد الخامس من کتاب ریاض العلماء في ترجمة الشيخ ابن [أبي] الجواد النعماني أنه ممن رأى القائم عليه السلام في زمن الغيبة الكبرى، وروى عنه علیه السلام ورأيت في بعض المواضع نقلا عن خط الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن محمد الخازن الحائري تلميذ الشهيد أنه قد رأی ابن أبي جواد النعماني مولانا المهدي علیه السلام فقال له: يا مولاي لك مقام بالنعمانية، ومقام بالحلة، فأين تكون فيهما؟ فقال له: أكون بالنعمانية ليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء، ويوم الجمعة وليلة الجمعة أكون بالحلة ولكن أهل الحلة ما يتأدبون في مقامي، وما من رجل دخل مقامي بالأدب يتأدب ويسلم علي وعلى الأئمة وصلى علي وعليهم اثني عشر مرة ثم صلى ركعتين بسورتين، وناجي الله بهما المناجاة، إلا أعطاه الله تعالى ما يسأله، أحدها المغفرة.

فقلت : يا مولاي علمني ذلك، فقال : قل : اللهم قد أخذ التأديب مني حتى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، وإن كان ما اقترفته من الذنوب أستحق به أضعاف أضعاف ما أدبتني به، وأنت حليم ذو أناة تعفو عن كثير حتى يسبق عفوك ورحمتك عذابك، وكررها علي ثلاثا حتى فهمتها.

قلت: والنعمانية بلد بین واسط وبغداد، والظاهر أن منه الشيخ أبا

ص: 262

عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب الشهير بالنعماني المعروف بابن أبي زينب تلميذ الكليني وهو صاحب الغيبة والتفسير، وهو والشيخ الصفراني المعاصر له، قد ضبط كل واحد منهما نسخة الكافي ولذا ترى أنه قد يقع في الكافي کثيرا: وفي نسخة النعماني كذا ، وفي نسخة الصفراني كذا(1)

磯 磯 磯

ص: 263


1- البحار: ج 53 ص271.

37- شاهد صاحب الزمان عليه السلام وهو يزور

السيد الأجل علي بن طاؤس في جمال الأسبوع أنه شاهد أحد صاحب الزمان علیه السلام وهو يزور بهذه الزيارة أمير المؤمنين علیه السلام في اليقظة لا في النوم، يوم الأحد وهو يوم أمير المؤمنين علیه السلام: [السلام] على الشجرة النبوية، والدوحة الهاشمية المضيئة، المثمرة بالنبوة المونعة بالإمامة، السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين، السلام عليك وعلى الملائكة المحدقين بك، والحافين بقبرك، يا مولاي يا أمير المؤمنين هذا يوم الأحد، وهو يومك وباسمك، وأنا ضيفك فيه وجارك، فأضفني يا مولاي، وأجرني فانك کریم، تحب الضيافة، ومأمور بالإجابة، فافعل ما رغبت إليك فيه ، ورجوته منك، بمنزلتك وآل بيتك عند الله ومنزلته عندكم، وبحق ابن عمك رسول الله صلى الله عليه وآله وعليكم أجمعين(1).

戀 戀 戀

ص: 264


1- البحار: ج 53 ص 272.

38- الاستخارة

العلامة الحلي رحمه الله في منهاج الصلاح قال : نوع آخر من الاستخارة رويته عن والدي الفقيه سدید الدین یوسف بن علي بن المطهر رحمه الله عن السيد رضي الدين محمد الآوي الحسيني عن صاحب الأمر علیه السلام وهو أن يقرأ فاتحة الكتاب عشر مرات وأقله ثلاث مرات، والأدون منه مرة، ثم يقرا «إِنَّا أَنْزَلْنَهُ» عشر مرات ثم يقرأ هذا الدعاء ثلاث مرات: اللهم إني استخيرك لعلمك بعواقب الأمور وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور، اللهم إن كان الأمر الفلاني قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه ، وحفت بالكرامة أيامه ولياليه، فخر لي فيه خيرة ترد شموسه ذلولا، تقعض أيامه سرورا.

اللهم إما أمر فأنتمر وإما نهي فانتهي اللهم اني استخيرك برحمتك خيرة في عافية.

ثم يقبض على قطعة من السبحة، ويضمر حاجته، ويخرج إن كان عدد تلك القطعة زوجا فهو افعل وإن كان فردا لا تفعل، أو بالعکس.

قال الكفعمي رحمه الله : نيطت تعلقت، وناط الشي تعلق، وهذا منوط بك أي متعلق، والأنواط المعاليق، ونيط فلان بكذا أي تعلق قال الشاعر:

وأنت زنيم نيط في آل هاشم***كما نیط خلف الراكب القدح الفرد

وأعجاز الشيء آخره، وبواديه أوله ومفتتح الأمر ومبتداه، ومهله

ص: 265

وعنفوانه، وأوائله وموارده وبدائهه وبواديه نظائر وشوافعه وتواليه وأعقابه ومصادره ورواجعه ومصائره وعواقبه وأعجازه نظائر ، وقوله شموسه أي صعوبته ورجل شموس : اي صعب الخلق، ولا تقل: شموص بالصاد، وأشمس الفرس منع ظهره، والذلول ضد الصعوبة، وتقعض اي ترد وتعطف، وقعضت العود عطفته وتقعص بالصاد تصحيف والعين مفتوحة لأنه إذا كانت عين الفعل أولامه أحد حروف الحلق كان الأغلب فتحها في المضارع.

قال في البحار: وفي كثير من النسخ بالصاد المهملة، ولعله مبالغة في السرور وهذا شائع في العرب والعجم، يقال لمن اصابه سرور عظيم: مات سرورا أو يكون المراد به الانقضاء أي تنقضي بالسرور، والتعبير به لأن أيام السرور سريعة الانقضاء، فان القص الموت سريعا فعلى هذا يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم والمجهول، و«أيامه» بالرفع والنصب معا.

قال الشهيد رحمه الله في الذكرى: ومنها الاستخارة بالعدد ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية، قبل زمان السيد الكبير العابد رضي الدين ممد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدس الغروي رضي الله عنه ، وقد رويناها عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا، عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين ابن المطهر عن السيد الرضي، عن صاحب الأمر علیه السلام وتقدم عنه رحمه الله حكاية أخرى.

وهذه الحكاية ذكرها المحقق الكاظميني في مسألة الاجماع في بعض وجوهه في عداد من تلقي عن الحجة علیه السلام في غيبته الكبرى بعض الأحكام سماعا أو مكاتبة(1).

ص: 266


1- البحار: ج 53 ص272.

39- بعد ست وعشرين سنة تموت

في كتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ المحدث الجليل محمد بن الحسن الحر العاملي رحمه الله قال : قد أخبرني جماعة من ثقات الأصحاب أنهم رأوا صاحب الأمر علیه السلام في اليقظة، وشاهدوا منه معجزات متعددات، وأخبرهم بعدة مغيبات، ودعا لهم بدعوات مستجابات، وأنجاهم من أخطار مهلكات.

قال له : وكنا جالسين في بلادنا في قرية مشغر في يوم عيد، ونحن جماعة من أهل العلم والصلحاء، فقلت لهم: ليت شعري في العيد المقبل من يكون من هؤلاء حيا ومن يكون قد مات؟ فقال لي رجل كان اسمه «الشيخ محمد» وكان شريكنا في الدروس : أنا أعلم أني أكون في عيد آخر حيا وفي عيد آخر حيا وعيد آخر إلى ست وعشرين سنة ، وظهر منه أنه جازم بذلك من غير مزاح، فقلت له : أنت تعلم الغيب؟ قال: لا، ولكني رأيت المهدي علیه السلام في النوم وأنا مريض شديد المرض، فقلت له: أنا مريض وأخاف أن أموت، وليس لي عمل صالح ألقى الله به فقال : لا تخف فان الله تعالى يشفيك من هذا المرض، ولا تموت فيه بل تعيش ستاً وعشرين سنة ثم ناولني كأسا كان في يده فشربت منه وزال عني المرض وحصل لي الشفاء، وأنا أعلم أن هذا ليس من الشيطان.

فلما سمعت كلام الرجل كتبت التاريخ، وكان سنة ألف وتسع وأربعين ومضت لذلك مدة وانتقلت إلى المشهد المقدس سنة ألف

ص: 267

واثنتين وسبعين، فلما كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أن المدة قد انقضت فرجعت إلى ذلك التاريخ وحسبته فرأيته قد مضى منه ست وعشرون سنة، فقلت: ينبغي أن يكون الرجل مات.

فما مضت مدة نحو شهر أو شهرين حتى جاءتني كتابة من أخي وكان في البلاد يخبرني أن الرجل المذكور مات(1).

畿畿 畿

ص: 268


1- البحار : ج53 ص274/ إثبات الهداة، الحر العاملي، ج7، ص382.

40- قصة مصطفى الحمود

البحار: حدثني الثقة الأمین آغا محمد المتقدم ذكره قال : كان رجل من أهل سامراء من أهل الخلاف يسمى مصطفى الحمود، وكان من الخدام الذين ديدنهم أذية الزوار، وأخذ أموالهم بطرق فيها غضب الجبار، وكان أغلب أوقاته في السرداب المقدس على الصفة الصغيرة، خلف الشباك الذي وضعه هناك [ومن جاء] من الزوار ويشتغل بالزيارة، يحول الخبيث بينه وبين مولاه فينبهه على الأغلاط المتعارفة التي لا تخلو أغلب العوام منها، بحيث لم يبق لهم حالة حضور وتوجه أصلا.

فرأى ليلة في المنام الحجة من الله الملك علیه السلام، فقال له: إلى متى تؤذي زواري ولا تدعهم أن يزوروا؟ مالك وللدخول في ذلك، خل بينهم وبين ما يقولون فانتبه، وقد أصم الله أذنيه، فكان لا يسمع بعده شيئا واستراح منه الزوار، وكان كذلك إلى أن ألحقه الله بأسلافه في النار(1).

戀 戀戀

ص: 269


1- البحار: ج 53 ص 275/ جنة المأوى : ص 274 - 275.

41- دعاء الفرج ينجي من الخوف

الشيخ الجليل أمين الإسلام فضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير في كتاب كنوز النجاح قال: دعاء علمه صاحب الزمان علیه سلام الله الملك المنان، أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي الليث رحمه الله تعالى في بلدة بغداد، في مقابر قريش، وكان أبو الحسن قد هرب إلى مقابر قریش والتجا إليها من خوف القتل فنجي منه ببركة هذا الدعاء.

قال أبو الحسن المذكور: إنه علمني أن أقول: «اللهم عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانقطع الرجاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض، ومنعت السماء، وإليك يا رب المشتكي، وعليك المعول في الشدة والرخاء، اللهم صل على محمد وآل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم، فعرفتنا بذلك منزلتهم، ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا کلمح البصر، أو هو أقرب، یا محمد یا علي اكفياني فإنكما كافياي وانصراني فإنكما ناصراي، يامولاي يا صاحب الزمان الغوث الغوث [الغوث] أدركني أدركني أدركني».

قال الراوي : إنه علیه السلام عند قوله: «یا صاحب الزمان» كان يشير إلى صدره الشريف(1).

ص: 270


1- البحار: ج53 ص276.

42- المرحوم محمد تقي المجلسي

قال العالم النحرير، النقاد البصير، المولى أبو الحسن الشريف العاملي الغروي تلميذ العلامة المجلسي وهو جد شیخ الفقهاء في عصره صاحب جواهر الكلام، من طرف أمه، وينقل عنه في الجواهر كثيرا، صاحب التفسير الحسن الذي لم يؤلف مثله وإن لم يبرز منه إلا قليل إلا أن في مقدماته من الفوائد ما يشفي العليل، ويروي الغليل، وغيره، قال في كتاب ضياء العالمين، وهو كتاب كبير منيف على ستين ألف بيت کثیر الفوائد، قليل النظير، قال في أواخر المجلد الأول منه في ضمن أحوال الحجة علیه السلام بعد ذكر قصة الجزيرة الخضراء، مختصرا ما لفظه : ثم إن المنقولات المعتبرة في رؤية صاحب الأمر علیه السلام سوى ما ذكرناه كثيرة جدا حتى في هذه الأزمنة القريبة، فقد سمعت أنا من ثقات أن مولانا أحمد الأردبيلي رآه علیه السلام في جامع الكوفة، وسال منه مسائل، وأن مولانا محمد تقي والد شیخنا رآه في الجامع العتيق بأصبهان، والحكاية الأولى موجودة في البحار وأما الثانية فهي غير معروفة، ولم نعثر عليها إلا ما ذكره المولى المذكور رحمه الله في شرح مشيخة الفقيه في ترجمة المتوكل بن عمیر راوي الصحيفة.

قال رحمه الله: إني كنت في أوائل البلوغ طالبا لمرضاة الله، ساعيا في طلب رضاه، ولم يكن لي قرار بذكره إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أن صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم بأصبهان قريبا من باب الطنبي الذي الآن مدرسي، فسلمت عليه وأردت أن أقبل

ص: 271

رجله، فلم يدعني وأخذني، فقبلت يده، وسألت عنه مسائل قد أشكلت علي.

منها أني كنت أوسوس في صلاتي، وكنت أقول إنها ليست كما طلبت مني وأنا مشتغل بالقضاء، ولا يمكنني صلاة الليل، وسالت عنه شيخنا البهائي رحمه الله تعالی فقال: صل صلاة الظهر والعصر والمغرب بقصد صلاة الليل، وكنت أفعل هكذا فسألت عن الحجة علیه السلام أصلي صلاة الليل؟ فقال: صلها، ولا تفعل كالمصنوع الذي كنت تفعل، إلى غير ذلك من المسائل التي لم تبق في بالي.

قلت : يا مولاي لا يتيسر لي أن أصل إلى خدمتك كل وقت فأعطني كتابا أعمل عليه دائما فقال علیه السلام: أعطيت لأجلك كتابا إلى مولانا محمد التاج، وكنت أعرفه في النوم، فقال علیه السلام: رح وخذ منه ، فخرجت من باب المسجد الذي كان مقابلا لوجهه إلى جانب دار البطيخ محلة من أصبهان، فلما وصلت إلى ذلك الشخص فلما رآني قال لي: بعثك الصاحب علیه السلام إلي؟ قلت: نعم، فأخرج من جيبه كتابا قديما فلما فتحته ظهر لي أنه كتاب الدعاء فقبلته ووضعته على عيني وانصرفت عنه متوجها إلى الصاحب علیه السلام فانتبهت ولم يكن معي ذلك الكتاب.

فشرعت في التضرع والبكاء والحوار لفوت ذلك الكتاب إلى أن طلع الفجر فلما فرغت من الصلاة والتعقيب، وكان في بالي أن مولانا محمد هو الشيخ وتسميته بالتاج لاشتهاره من بين العلماء.

فلما جئت إلى مدرسته وكان في جوار المسجد الجامع فرأيته مشتغلا بمقابلة الصحيفة، وكان القاري السيد صالح أمير ذو الفقار الجرفادقاني فجلست ساعة حتى فرغ منه والظاهر أنه كان في سند الصحيفة لكن للغم الذي كان لي لم أعرف كلامه ولا كلامهم، وكنت أبكي فذهبت إلى الشيخ وقلت له رؤياي وكنت أبكي لفوات الكتاب،

ص: 272

فقال الشيخ: ابشر بالعلوم الإلهية، والمعارف اليقينية وجميع ما كنت تطلب دائما، و کان صحبتی مع الشیخ فی التصوف و کان مائلا الیه، فلم يسكن قلبي وخرجت باكيا متفکرا إلى أن ألقي في روعي أن اذهب إلى الجانب الذي ذهبت إليه في النوم، فلما وصلت إلى دار البطيخ رأيت رجلا صالحا اسمه آغا حسن، وكان يلقب بتاجا، فلما وصلت إليه وسلمت عليه قال : يا فلان الكتب الوقفية التي عندي كل من يأخذه من الطلبة لا يعمل بشروط الوقف وأنت تعمل به، وقال : وانظر إلى هذه الكتب وكلما تحتاج إليه خذه، فذهبت معه إلى بيت كتبه فأعطاني أول ما أعطاني الكتاب الذي رأيته في النوم، فشرعت في البكاء والنحيب ، وقلت: يكفيني وليس في بالي أني ذكرت له النوم أم لا، وجئت عند الشيخ وشرعت في المقابلة مع نسخته التي كتبها جد أبيه مع نسخة الشهيد وكتب الشهید نسخته مع نسخة عميد الرؤساء وابن السكون، وقابلها مع نسخة ابن الشهيد نسخته مع نسخة عميد الرؤساء وابن السكون، وقابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها وكانت النسخة التي أعطانيها الصاحب مكتوبة على هامشها، وبعد أن فرغت من المقابلة شرع الناس في المقابلة عندي، وببركة إعطاء الحجة علیه السلام صارت الصحيفة الكاملة في جميع البلاد كالشمس طالعة في كل بيت، وسیما في أصبهان فان أكثر الناس لهم الصحيفة المتعددة وصار أكثرهم صلحاء وأهل الدعاء، وكثير منهم مستجابو الدعوة، وهذه الآثار معجزة لصاحب الأمر علیه السلام والذي أعطاني الله من العلوم بسبب الصحيفة لا أحصيها.

وذكرها العلامة المجلسي رضوان الله عليه في إجازات البحار مختصرا(1).

ص: 273


1- البحار: ج53 ص277.

43- الشجة في صفين

حدث السيد الجليل والمحدث العليم النبيل، السيد نعمة الله الجزائري في مقدمات شرح العوالي قال : حدثني وأجازني السيد الثقة هاشم بن الحسين الأحسائي في دار العلم شیراز، في المدرسة المقابلة للبقعة المباركة، مزار السيد محمد عابد عليه الرحمة والرضوان، في حجرة من الطبقة الثانية، على يمين الداخل قال : حكى لي أستاذي الثقة المعدل الشيخ محمد الحرفوشي قدس الله تربته قال : لما كنت بالشام، عمدت يوما إلى مسجد مهجور، بعيد من العمران، فرأيت شيخا أزهر الوجه، عليه ثياب بيض، وهيئة جميلة، فتجارينا في الحديث، وفنون العلم فرأيته فوق ما يصفه الواصف، ثم تحققت منه الاسم والنسبة ثم بعد جهد طویل قال : أنا معمر بن أبي الدنيا صاحب أمير المؤمنین، وحضرت معه حروب صفين وهذه الشجة في رأسي وفي وجهي من زجة فرسه.

ثم ذكر لي من الصفات والعلامات ماتحققت معه صدقه في كل ما قال، ثم استجزته كتب الأخبار، فأجازني عن أمير المؤمنين وعن جميع الأئمة علیهم السلام حتى انتهى في الاجازة إلى صاحب الدار (عجل الله فرجه) وكذلك أجازني كتب العربية من مصنفيها كالشيخ عبد القاهر والسكاكي وسعد التفتازاني وكتب النحو عن أهلها وذكر العلوم المتعارفة.

ثم قال السيد رحمه الله: إن الشيخ محمد الحرفوشي أجازني كتب

ص: 274

الأحاديث الأصول الأربعة، وغيرها من كتب الأخبار بتلك الاجازة، وكذلك أجازني الكتب المصنفة في فنون العلوم، ثم إن السيد رضوان الله عليه أجازني بتلك الاجازة كلما أجازه شيخه الحرفوشي، عن معمر بن أبي الدنيا صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام وأما أنا فأضمن ثقة المشايخ السيد والشيخ، وتعديلهما وورعهما ولكني لا أضمن وقوع الأمر في الواقع على ما حكيت، وهذه الإجازة العالية لم تتفق لأحد من علمائنا، ولا محدثينا، لا في الصدر السالف، ولا في الأعصار المتأخرة. انتهى.

وقال سبطه العالم الجليل السيد عبد الله صاحب شرح النخبة، وغيره في إجازته الكبيرة، لأربعة من علماء حویزة، بعد نقل کلام جده وكأنه رضي الله عنه استنكر هذه القصة أو خاف أن تنكر عليه فتبرأ من عهدتها في آخر كلامه وليست بذلك فان معمر بن أبي الدنيا المغربي له ذکر متكرر في الكتب، وقصة طويلة في خروجه مع أبيه في طلب ماء الحياة، وعثوره عليه دون أصحابه ، مذكورة في كتب التواريخ وغيرها، وقد نقل منها نبذا صاحب البحار في أحوال صاحب الدار علیه السلام وذكر الصدوق في كتاب إكمال الدين أن اسمه علي بن عثمان ابن خطاب بن مرة بن مؤيد الهمداني إلا أنه قال : معمر أبي الدنيا باسقاط «بن» والظاهر أنه هو الصواب كما لا يخفى، وذكر أنه من حضرموت والبلد الذي هو مقيم فيه طنجة، وروى عنه أحاديث مسندة بأسانيد مختلفة.

وأما ما نقله الشيخ في مجلسه عن أبي بكر الجرجاني أن المعمر المقيم ببلدة طنجة توفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، فليس بمناف شيئا لان الظاهر أن أحدهما غير الآخر، لتغاير اسميهما وقصتيهما وأحوالهما المنقولة، والله يعلم. انتهى، وشرح حال المعمر مذكور في آخر فتن البحار.

ص: 275

وقال السيد الجليل المعظم والحبر المكرم السيد حسين ابن العالم العليم السيدإبراهيم القزويني رحمه الله في آخر إجازته لآية الله بحر العلوم: وللعبد طريق آخر إلى الكتب الأربعة وغيرها لم تسمح الأعصار بمثلها، وهو ما أجاز لي السيد السعيد الشهيد السيد نصر الله الحائري، عن شيخه مولانا ابي الحسن، عن شيخه الفاضل السيد نعمة الله ، عن شيخه السيد هاشم الأحسائي، إلى آخر ما نقلناه.

والشيخ محمد الحرفوشي من الأجلاء، قال الشيخ الحر في أمل الآمل: الشيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي الشامي كان فاضلا عالما أديبا ماهرا محققا مدققا شاعرا أديبا منشئاً حافظا أعرف أهل عصره بعلوم العربية، وذكر له مؤلفات في الأدبية وشرح قواعد الشهيد، وغيرها وذكره السيد علي خان في سلافة العصر وبالغ في الثناء عليه وقال: إنه توفي(1).

戀 戀 戀

ص: 276


1- البحار: 53 ص279.

44- زيارة قبر الحمزة بن الكاظم

البحار: قال سلمه الله : وحدثني الوالد أعلى الله مقامه قال : لازمت الخروج إلى الجزيرة مدة مديدة لأجل إرشاد عشائر بني زبيد إلى مذهب الحق، وكانوا كلهم على رأي أهل التسنن، وببركة هداية الوالد قدس سره وإرشاده، رجعوا إلى مذهب الإمامية كما هم عليه الآن، وهم عدد كثير يزيدون على عشرة آلاف نفس وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم، يزوره الناس ويذكرون له کرامات كثيرة، وحوله قرية تحتوي على مائة دار تقریبا.

قال قدس سره: فكنت استطرق الجزيرة وأمر عليه ولا أزوره لما صح عندي أن الحمزة بن الكاظم مقبور في الري مع عبد العظيم الحسني فخرجت مرة على عادتي ونزلت ضيفا عند أهل تلك القرية، فتوقعوا مني أن أزور المرقد المذكور فأبيت وقلت لهم: لا أزور من لا أعرف، وكان المزار المذكور قلت رغبة الناس فيه لإعراضي عنه.

ثم ركبت من عندهم وبت تلك الليلة في قرية المزيدية، عند بعض ساداتها فلما كان وقت السحر جلست لنافلة الليل وتهيات للصلاة، فلما صليت النافلة بقيت ارتقب طلوع الفجر، وأنا على هيئة التعقيب إذ دخل علي سيد أعرفه بالصلاح والتقوى، من سادة تلك القرية، فسلم وجلس.

ثم قال : يا مولانا بالأمس تضيفت أهل قرية الحمزة، وما زرته؟

ص: 277

قلت: نعم قال : ولم ذلك؟ قلت: لأني لا أزور من لا أعرف، والحمزة بن الكاظم مدفون بالري، فقال: رب مشهور لا أصل له، ليس هذا قبر الحمزة بن موسى الكاظم وان اشتهر أنه كذلك بل هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الإجازة وأهل الحديث، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم، وأثنوا عليه بالعلم والورع.

فقلت في نفسي: هذا السيد من عوام السادة، وليس من أهل الاطلاع على الرجال والحديث، فلعله أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء، ثم قمت لأرتقب طلوع الفجر، فقام ذلك السيد وخرج وأغفلت أن أسأله عمن أخذ هذا لان الفجر قد طلع، وتشاغلت بالصلاة.

فلما صليت جلست للتعقيب حتى طلعت الشمس وكان معي جملة من كتب الرجال فنظرت فيها ولذا الحال كما ذكر فجاءني أهل القرية مسلمين علي وفي جملتهم ذلك السيد فقلت: جئتني قبل الفجر وأخبرتني عن قبر الحمزة أنه أبو يعلى حمزة بن القاسم العلوي فمن أين لك هذا وعمن أخذته؟ فقال : والله ماجئتك قبل الفجر ولا رأيتك قبل هذه الساعة، ولقد كنت ليلة أمس بائتا خارج القرية في مكان سماه وسمعنا بقدومك فجئنا في هذا اليوم زائرين لك.

فقلت لأهل القرية: الآن لزمني الرجوع إلى زيارة الحمزة فاني لا أشك في أن الشخص الذي رأيته هو صاحب الأمر علیه السلام، قال : فركبت أنا وجميع أهل تلك القرية لزيارته، ومن ذلك الوقت ظهر هذا المزار ظهورا تاما على وجه صار بحيث تشد الرحال إليه من الأماكن البعيدة.

قلت : في رجال النجاشي : حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب علیه السلام أبويعلى ثقة جلیل القدر من أصحابنا كثير الحديث له کتاب «من روی عن جعفر بن محمد علیه السلام من الرجال» وهو كتاب حسن.

ص: 278

وذكر الشيخ الطوسي أنه يروي عن سعد بن عبد الله ويروي عنه التلعکبري رحمه الله، إجازة فهو في طبقة والد الصدوق(1).

戀 戀 戀

ص: 279


1- البحار: ج53 ص287.

45- في إجلائه علیه السلام بني عنزة عن طريق الزوار

البحار : قال أيده الله : وحدثني الوالد أعلى الله مقامه قال: خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلة أريد زيارة الحسين علیه السلام ليلة النصف منه، فلما وصلت إلى شط الهندية، وعبرت إلى الجانب الغربي منه ، وجدت الزوار الذاهبين من الحلة وأطرافها، والواردين من النجف ونواحيه، جمیعا محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشائر الهندية ، ولا طريق لهم إلى كربلاء لأن عشيرة عنزة قد نزلوا على الطريق، وقطعوه عن المارة، ولا يدعون أحدا يخرج من كربلاء ولا أحدا يلج إلا انتهبوه.

قال : فنزلت على رجل من العرب وصليت صلاة الظهر والعصر، وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوار، وقد تغيمت السماء ومطرت مطرا يسيرا.

فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلاء، فقلت لبعض من معي: اخرج واسال ما الخبر؟ فخرج ورجع إلي وقال لي: إن عشيرة بني طرف قد خرجوا بالأسلحة النارية، وتجمعوا لإيصال الزوار إلى کربلا، ولو آل الأمر إلى المحاربة مع عنزة.

فلما سمعت قلت لمن معي: هذا الكلام لا أصل له، لان بني طرف لا قابلية لهم على مقابلة عنزة في البر، وأظن هذه مكيدة منهم لإخراج الزوار عن بيوتهم لأنهم استثقلوا بقاءهم عندهم، وفي ضيافتهم.

ص: 280

فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوار إلى البيوت، فتبين الحال كما قلت فلم تدخل الزوار إلى البيوت وجلسوا في ظلالها والسماء متغيمة، بالدعاء والتوسل بالنبي وآله، وطلبت إغاثة الزوار مما هم فيه.

فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع کریم لم أر مثله وبیده رمح طويل وهو مشمر عن ذراعيه، فأقبل يخب به جواده حتى وقف على البيت الذي أنا فيه، وكان بيتا من شعر مرفوع الجوانب، فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال: يا مولانا يسميني باسمي بعثني من يسلم عليك، وهم کنج محمد آغا وصفر آغا، وكانا من قواد العساكر العثمانية يقولان فليأت بالزوار، فانا قد طردنا عنزة عن الطريق، ونحن ننتظره مع عسكرنا في عرقوب السليمانية على الجادة، فقلت له: وأنت معنا إلى عرقوب السليمانية؟ قال: نعم، فأخرجت الساعة وإذا قد بقي من النهار ساعتان ونصف تقريبا فقلت: بخيلنا، فقدمت إلينا، فتعلق بي ذلك البدوي الذي نحن عنده وقال : يا مولاي لا تخاطر بنفسك وبالزوار وأقم الليلة حتى يتضح الأمر، فقلت له : لا بد من الركوب لأدراك الزيارة المخصوصة. .

فلما رأتنا الزوار قد ركبنا، تبعوا أثرنا بین حاشر وراكب فسرنا والفارس المذكور بين أيدينا كأنه الأسد الخادر، ونحن خلفه، حتی وصلنا إلى عرقوب السليمانية فصعد عليه وتبعناه في الصعود، ثم نزل وارتقينا على أعلى العرقوب فنظرنا ولم نر له عينا ولا أثرا، فكأنما صعد في السماء أو نزل في الأرض ولم نر قائدا ولا عسکرا.

فقلت لمن معي: أبقي شك في أنه صاحب الأمر؟ فقالوا: لا والله، وكنت وهوبين أيدينا اطيل النظر إليه كأني رأيته قبل ذلك، لكنني لا اذكر أين رأيته فلما فارقنا تذكرت أنه هو الشخص الذي زارني بالحلة، وأخبرني بواقعة السليمانية.

وأما عشيرة عنزة، فلم نر لهم اثرا في منازلهم، ولم نر أحدا نسأله

ص: 281

عنهم سوى أنا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في كبد البر، فوردنا كربلاء تخب بنا خيولنا فوصلنا إلى باب البلاد، وإذا بعسكر على سور البلد فنادوا من أين جئتم؟ وكيف وصلتم؟ ثم نظروا إلى سواد الزوار ثم قالوا سبحان الله هذه البرية قد امتلأت من الزوار أجل أین صارت عنزة؟ فقلت لهم: اجلسوا في البلد وخذوا أرزاقكم ولمكة رب يرعاها.

ثم دخلنا البلد فإذا أنا بكنج محمد آغا جالسا على تخت قريب من الباب فسلمت عليه فقام في وجهي فقلت له: يكفيك فخرا أنك ذكرت باللسان، فقال: ما الخبر؟ فأخبرته بالقصة، فقال لي: يا مولاي من این لي علم بأنك زائر حتى أرسل لك رسولا وأنا وعسكري منذ خمسة عشر يوما محاصرين في البلد لا نستطيع أن نخرج خوفا من عنزة، ثم قال : فأين صارت عنزة؟ قلت: لا علم لي سوى أني رأيت غبرة شديدة في كبد البر كأنها غبرة الظعائن ثم أخرجت الساعة وإذا قد بقي من النهار ساعة ونصف، فكان مسيرنا كله في ساعة وبين منازل بني طرف وكربلاء ثلاث ساعات ثم بتنا تلك الليلة في كربلاء

فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة فأخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين كربلاء قال : بينما عنزة جلوس في أنديتهم بيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهم، وبیده رمح طويل، فصرخ فيهم باعلى صوته یا معاشر عنزة قد جاء الموت الزؤام عساكر الدولة العثمانية تجبهت عليكم بخيلها ورجلها، وها هم على أثري مقبلون فارحلوا وما أظنكم تنجون منهم.

فألقى الله عليهم الخوف والذل حتى أن الرجل يترك بعض متاع بیته استعجالا بالرحيل، فلم تمض ساعة حتى ارتحلوا باجمعهم وتوجهوا نحو البر فقلت له: صف لي الفارس فوصف لي وإذا هو صاحبنا بعينه ،

ص: 282

وهو الفارس الذي جاءنا والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الطاهرين حرره الاقل میرزا صالح الحسيني.

قلت: وهذه الحكاية سمعتها شفاها منه أعلى الله مقامه، ولم يكن هذه الكرامات منه ببعيدة، فانه ورث العلم والعمل من عمه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني خاصة السيد الأعظم، والطود الاشيم، بحر العلوم أعلى الله تعالى درجتهم، وكان عمه أدبه ورباه وأطلعه على الخفايا والأسرار، حتى بلغ مقاما لا تحوم حوله الأفكار، وحاز من الفضائل والخصائص ما لم يجتمع في غيره من العلماء الأبرار.

منها أنه بعد ما هاجر إلى الحلة واستقر فيها وشرع في هداية الناس وإيضاح الحق وإبطال الباطل، صار ببركة دعوته من داخل الحلة وأطرافها من الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا مواليا لأولياء الله، ومعاديا لأعداء الله .

بل حدثني طاب ثراه أنه لما ورد الحلة لم يكن في الذين يدعون التشيع من علائم الإمامية وشعارهم، إلا حمل موتاهم إلى النجف الأشرف، ولا يعرفون من أحكامهم شيئا حتى البراءة من أعداء الله، وصاروا بهدايته صلحاء أبراراً أتقياء وهذه منقبة عظيمة اختص بها من بين من تقدم عليه وتأخر.

ومنها الكمالات النفسانية من الصبر والتقوى، وتحمل أعباء العبادة، وسكون النفس، ودوام الاشتغال بذكر الله تعالى، وكان رحمه الله لا يسأل في بيته عن أحد من أهله وأولاده ما يحتاج إليه من الغداء والعشاء والقهوة والغليان وغيرها عند وقتها، ولا يامر عبيده وإماءه بشيء منها، ولولا التفاتهم ومواظبتهم لكان يمر عليه اليوم والليلة من غير أن يتناول شيئا منها مع ما كان عليه من التمكن والثروة والسلطنة الظاهرة، وكان يجيب الدعوة، ويحضر الولائم والضيافات، لكن يحمل معه كتبا

ص: 283

ويقعد في ناحية، ويشتغل بالتأليف، ولا خبر له عما فيه القوم، ولا يخوض معهم في حديثهم إلا أن يسأل عن أمر ديني فيجيبهم.

وكان دأبه في شهر الصيام أن يصلي المغرب في المسجد ويجتمع الناس، ويصلي بعده النوافل المرتبة في شهر رمضان، ثم يأتي منزله ويفطر ويرجع ويصلي العشاء بالناس، ثم يصلي نوافلها المرتبة، ثم يأتي منزله والناس معه على كثرتهم فلما اجتمعوا واستقروا، شرع واحد من القراء فيتلو بصوت حسن رفيع آيات من كتاب الله في التحذير والترغيب، والموعظة، مما يذوب منه الصخر الأصم ويرق القلوب القاسية، ثم يقرأ آخرا خطبة من مواعظ نهج البلاغة، ثم يقرأ آخرا تعزية أبي عبد الله علیه السلام ثم يشرع أحد من الصلحاء في قراءة أدعية شهر رمضان ويتابعه الآخرون إلى أن يجيء وقت السحور، فيتفرقون ويذهب كل إلى مستقره.

وبالجملة فقد كان في المراقبة، ومواظبة الأوقات والنوافل والسنن والقراءة مع كونه طاعنا في السن آية في عصره، وقد كنا معه في طريق الحج ذهابا وإيابا وصلينا معه في مسجد الغدير، والجحفة، وتوفي رحمه الله الثاني عشر من ربيع الأول سنة 1300 قبل الوصول إلى سماوة بخمس فراسخ تقريبا، وقد ظهر منه حين وفاته من قوة الإيمان والطمأنينة والإقبال وصدق اليقين ما يقضي منه العجب، وظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر من جماعة من الموافق والمخالف ليس هنا مقام ذكرها.

ومنها التصانيف الرائقة الكثيرة، في الفقه والأصول والتوحيد والكلام وغيرها، ومنها كتاب في إثبات كون الفرقة الناجية فرقة الإمامية أحسن ما كتب في هذا الباب، طوبی له وحسن مآب(1).

ص: 284


1- البحار :ج53 ص289.

46- یا ملعون ابن الملعون

حدثني العالم الجليل، والمولى النبيل العدل الثقة الرضي المرضي الآميرزا إسماعيل السلماسي وهو من أوثق أهل العلم والفضل وائمة الجماعة في مشهد الكاظم عليه السلام عن والده العالم العليم المتقدم ذكره المولی زین العابدين السلماسي أو عن أخيه الثقة الصالح الأكبر منه في السن الآميرزا محمد باقر رحمه الله قال سلمه الله والترديد لتطاول الزمان لأن سماعي لهذه الحكاية يقرب من خمسين سنة قال: قال والدي : مما ذكر من الكرامات للائمة الطاهرين علیهم السلام في سر من رأى في المائة الثانية ، والظاهر أنه أواخر المائة أو في أوائل المائة الثالثة بعد الألف من الهجرة أنه جاء رجل من الأعاظم إلى زيارة العسكريين علیهماالسلام وذلك في زمن الصيف وشدة الحر، وقد قصد الزيارة في وقت كان الكليد دار في الرواق ومغلقا أبواب الحرم، ومتهيئا للنوم، عند الشباك الغربي.

فلما أحس بمجيء الزوار، فتح الباب وأراد أن يزوره فقال له الزائر : خذ هذا الدينار واتركني حتى أزور بتوجه وحضور فامتنع المزور وقال: لا أخرم القاعدة فدفع إليه الدينار الثاني والثالث فلما رأى المزور كثرة الدنانير ازداد امتناعا ومنع الزائر من الدخول إلى الحرم الشريف ورد إليه الدنانير.

فتوجه الزائر إلى الحرم وقال بانکسار: بأبي أنتما وأمي اردت زیارتكما بخضوع وخشوع، وقد اطلعتما على منعه إياي، فأخرجه

ص: 285

المزور، وغلق الأبواب ظنا منه أنه يرجع إليه ويعطيه بكل ما يقدر عليه ، وتوجه إلى الطرف الشرقي قاصدا السلوك إلى الشباك الذي في الطرف الغربي.

فلما وصل إلى الركن وأراد الانحراف إلى طرف الشباك، رأي ثلاثة أشخاص مقبلين صافين إلا أن أحدهم متقدم على الذي في جنبه بيسير وكذا الثاني ممن يليه، وكان الثالث هو أصغرهم وفي يده قطعة رمح وفي رأسه سنان فبهت المزور عند رؤيتهم، فتوجه صاحب الرمح إليه وقد امتلأ غيظا واحمرت عيناه من الغضب، وحرك الرمح مریدا طعنه قائلا: یا ملعون بن الملعون كأنه جاء إلى دارك أو إلى زيارتك فمنعته؟.

فعند ذلك توجه إليه أكبرهم مشيرا بكفه مانعا له قائلا : جارك أرفق بجارك فأمسك صاحب الرمح، ثم هاج غضبه ثانيا محركا للرمح قائلا ما قاله أولا فأشار إليه الأكبر أيضا كما فعل، فأمسك صاحب الرمح

وفي المرة الثالثة لم يشعر المزور أن سقط مغشيا عليه، ولم يفق إلا في اليوم الثاني أو الثالث وهو في داره أتوا به أقاربه، بعد أن فتحوا الباب عند المساء لما رأوه مغلقا، فوجدوه كذلك وهم حوله باکون فقص عليهم ما جرى بينه وبين الزائر والأشخاص وصاح أدركوني بالماء فقد احترقت وهلكت، فأخذوا يصبون عليه الماء، وهو يستغيث إلى أن کشفوا عن جنبه فرأوا مقدار درهم منه قد اسود وهو يقول قد طعنني صاحب القطعة.

فعند ذلك اشخصوه إلى بغداد، وعرضوه على الأطباء، فعجز الأطباء من علاجه فذهبوا به إلى البصرة وعرضوه على الطبيب الإفرنجي فتحير في علاجه لأنه جس يده فما أحس بما يدل على سوء المزاج وما رأي ورما ومادة في الموضع المذكور فقال: مبتدئا : إني أظن أن هذا

ص: 286

الشخص قد أساء الأدب مع بعض الأولياء فاشتد بهذا البلاء، فلما يئسوا من العلاج رجعوا به إلى بغداد فمات في الرجوع إما في الطريق أو في بغداد والظاهر أن اسم هذا الخبيث كان حسانا(1).

戀 戀 戀

ص: 287


1- البحار: ج 53 ص 295.

47- الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) يلحقة بالقافلة كالبرق

بغية المريد في الكشف عن أحوال الشهيد للشيخ الفاضل الأجل : تلميذه محمد ابن علي بن الحسن العودي قال في ضمن وقائع سفر الشهيد رحمه الله من دمشق إلى مصر ما لفظه: واتفق له في الطريق الطاف إلهية ، وكرامات جلية حكى لنا بعضها.

منها ما أخبرني به ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأول سنة ستين وتسعمائة أنه في الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء والذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولا وليس في المسجد أحد، فوضع يده على القفل وجذبه فانفتح فنزل إلى الغار، واشتغل بالصلاة والدعاء، وحصل له إقبال على الله بحيث ذهل عن انتقال القافلة، فوجدها قد ارتحلت، ولم يبق منها أحد فبقي متحيرا في أمره مفكرا في اللحاق مع عجزه عن المشي وأخذ اسبابه ومخافته وأخذ يمشي على أثرها وحده فمشی حتى أعياه التعب، فلم يلحقها، ولم يرها من البعد، فبينما هو في هذا المضيق إذ أقبل عليه رجل لاحق به وهو راكب بغلا، فلما وصل إليه قال له: اركب خلفي فردفه ومضى كالبرق، فما كان إلا قليلا حتى لحق به القافلة وأنزله وقال له: اذهب إلى رفقتك،ودخل هو في القافلة قال : فتحريته مدة الطريق أني أراه ثانيا فما رأيته اصلا ولا قبل ذلك(1).

ص: 288


1- البحار: ج53 ص297.

48- الورد والخرابات

قال الشيخ الأجل الأكمل الشيخ علي ابن العالم النحرير الشيخ محمد ابن المحقق المدقق الشيخ حسن ابن العالم الرباني الشهيد الثاني في الدر المنثور في ضمن أحوال والده الأمجد وكان مجاورا بمكة حيا وميتا أخبرتني زوجته بنت السيد محمد بن أبي الحسن رحمه الله وأم ولده أنه لما توفي كن يسمعن عنده تلاوة القرآن، طول تلك الليلة.

ومما هو مشهور أنه كان طائفا فجاءه رجل بورد من ورد شتاء ليست في تلك البلاد، ولا في ذلك الأوان، فقال له: من أين أتيت؟ فقال : من هذه الخرابات ثم أراد أن يراه بعد ذلك السؤال فلم يره.

قلت : ونقل نظيره في البحار عن شيخه واستاذه السيد المؤيد الأمجد الآميرزا محمد الاسترابادي صاحب الكتب في الرجال و آیات الأحكام وغيرها ويحتمل الاتحاد وكون الوهم من الراوي لاتحاد الاسم والمكان والعمل، والله العالم،وهذا المقام من الشيخ المزبور غير بعيد فقد رأينا في ظهر نسخة من شرحه على الاستبصار وكانت من ممتلكاته ، وكان في مواضع منها خطه وفي ظهره خط ولده المذكور ما صورته : انتقل مصنف هذا الكتاب وهو الشيخ السعيد الحميد بقية العلماء الماضين وخلف الكملاء الراسخين أعني شيخنا ومولانا ومن استفدنا من برکاته العلوم الشرعية من الحديث والفروع والرجال وغيره، الشيخ محمد بن الشهيد الثاني من دار الغرور إلى دار السرور ليلة الاثنين

ص: 289

العاشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثين من هجرة سيد المرسلين، وقد سمعت منه قدس الله روحه قبيل انتقاله بأيام قلائل مشافهة، وهو يقول لي: إني أنتقل في هذه الأيام، عسى الله أن يعينني عليها، وكذا سمعه غيري، وذلك في مكة المشرفة، ودفناه برد الله مضجعه في المعلى قريبا من مزار خديجة الكبرى، حرره الفقير إلى الله الغني حسين بن حسن العاملي المشغري عامله الله بلطفه الخفي والجلي بالنبي والولي والصحب الوفي في التاريخ المذكور، ونقل في الدر المنثور هذه العبارة عن النسخة المذكورة التي كانت عنده، ورزقنا الله زیارته.

وفي أمل الآمل: الشيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري کان فاضلا صالحا جلیل القدر شاعرا أديبا قرأ علي(1).

戀 戀 戀

ص: 290


1- البحار: ج 53 ص298.

49- ببركة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف)یشفى من مرضه

ما في كتاب الدمعة الساكبة لبعض الصلحاء من المعاصرين في آخر اللمعة الأولى، من النور السادس منه، في معجزات الحجة علیه السلام.

قال : فالأولى أن يختم الكلام، بذكر ما شاهدته في سالف الأيام، وهو أنه أصاب ثمرة فؤادي ومن انحصرت فيه ذكور أولادي، قرة عيني علي محمد حفظه الله الفرد الصمد، مرض يزداد آنا فآنا ويشتد فيورثني أحزانا وأشجانا إلى أن حصل للناس من برئه اليأس وكانت العلماء والطلاب والسادات الأنجاب يدعون له بالشفاء في مظان استجابة الدعوات كمجالس التعزية وعقيب الصلوات.

فلما كانت الليلة الحادية عشرة من مرضه، اشتدت حاله وثقلت أحواله وزاد اضطرابه، كثر التهابه، فانقطعت بي الوسيلة، ولم يكن لنا في ذلك حيلة فالتجأت بسيدنا القائم عجل الله ظهوره وأرانا نوره، فخرجت من عنده وأنا في غاية الاضطراب ونهاية الالتهاب، وصعدت سطح الدار، وليس لي قرار،وتوسلت به علیه السلام خاشعا، وانتدبت خاضعا، وناديته متواضعا، وأقول : يا صاحب الزمان أغثني يا صاحب الزمان أدركني، متمرغا في الأرض، ومتدحرجا في الطول والعرض، ثم نزلت

ص: 291

ودخلت عليه، وجلست بين يديه، فرأيته مستقر الأنفاس مطمئن الحواس قد بله العرق لا بل أصابه الغرق، فحمدت الله وشكرت نعماءه التي تتوالى فألبسه الله تعالی لباس العافية ببركته علیه السلام(1).

ص: 292


1- البحار: ج53 ص299.

50- الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) يغيث رجل

العالم الفاضل السيد علي خان الحويزاوي في كتاب خير المقال عند ذكر من رأي القائم علیه السلام قال: فمن ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان ممن أثق به أنه حج مع جماعة على طريق الأحساء في ركب قليل، فلما رجعوا كان معهم رجل يمشي تارة ويركب أخرى، فاتفق أنهم أولجوا في بعض المنازل أكثر من غيره ولم يتفق لذلك الرجل الركوب، فلما نزلوا للنوم واستراحوا، ثم رحلوا من هناك لم يتنبه ذلك الرجل من شدة التعب الذي أصابه، ولم يفتقدوه هم وبقي نائما إلى أن أيقظه حر الشمس.

فلما انتبه لم ير أحدا، فقام يمشي وهو موقن بالهلاك، فاستغاث بالمهدي علیه السلام فبينما هو كذلك، فإذا هو برجل في زي أهل البادية، راكباً ناقته قال : فقال: يا هذا أنت منقطع بك؟ قال: فقلت: نعم، قال: فقال: أتحب أن ألحقك برفقائك؟ قال: قلت: هذا والله مطلوبي لا سواه، فقرب مني وأناخ ناقته، وأردفني خلفه، ومشى فما مشينا خطی يسيرة إلا وقد أدركنا الركب، فلما قربنا منهم أنزلني وقال: هؤلاء رفقاؤك ثم تركني وذهب(1).

ص: 293


1- البحار: ج53 ص300.

51- تشرف الشيخ قاسم بلقائه علیه السلام

ومن ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان من أهل بلادنا، يقال له: الشيخ قاسم، وكان كثير السفر إلى الحج قال : تعبت يوما من المشي، فنمت تحت شجرة فطال نومي ومضى عني الحاج كثيرا فلما انتبهت علمت من الوقت أن نومي قد طال وأن الحاج بعد عني، وصرت لا أدري إلى أين أتوجه، فمشيت على الجهة وأنا أصيح بأعلى صوتي: یا ابا صالح قاصدا بذلك صاحب الأمر علیه السلام كما ذكره ابن طاؤس في كتاب الأمان فيما يقال عند إضلال الطريق.

فبينا أنا أصيح كذلك وإذا براكب على ناقة وهو على زي البدو، فلما رآني قال لي: أنت منقطع عن الحاج؟ فقلت: نعم، فقال: اركب خلفي لألحقك بهم فركبت خلفه، فلم يكن إلا ساعة وإذا قد أدركنا الحاج، فلما قربنا أنزلني وقال لي : امض لشأنك ! فقلت له: إن العطش قد أضر بي فأخرج من شداده ركوة فيها ماء، وسقاني منه، فوالله إنه ألذ وأعذب ماء شربته.

ثم إني مشيت حتى دخلت الحاج والتفت إليه فلم أره، ولا رأيته في الحاج قبل ذلك، ولا بعده، حتى رجعنا.

قلت : إن الأصحاب ذكروا أمثال هذه الوقائع في باب من رآه علیه السلام بناء منهم على أن إغاثة الملهوف كذلك في الفلوات، وصدور هذه المعجزات والكرامات لا يتيسر لأحد إلا لخليفة الله في البريات، بل هو

ص: 294

من مناصبه الإلهية كما يأتي في الفائدة الأولى، وأبو صالح كنيته عند عامة العرب، یكنونه به في أشعارهم، ومرائيهم وندبهم، والظاهر أنهم أخذوه من الخبر المذكور وأنه علیه السلام المراد من ابي صالح الذي هو مرشد الضال في الطريق، ولو نوقش في ذلك وادعي إمکان صدورها من بعض الصلحاء والأولياء فهو أيضا يدل على المطلوب إذ لايستغيث شيعته ومواليه علیه السلام إلا من هو منهم، وواسطة بينهم وبين إمامهم الغائب عنهم، بل هو من رجاله وخاصته وحواشيه وأهل خدمته، فالمضطر رأی من رآه علیه السلام.

وقال الشيخ الكفعمي، رحمه الله، في هامش جنته عند ذكر دعاء أم داود: قيل : إن الأرض لا تخلو من القطب، وأربعة أوتاد، وأربعين أبدا لا وسبعين نجيبا وثلاثمائة وستين صالحا، فالقطب هو المهدي علیهم السلام، ولا يكون الأوتاد أقل من أربعة لان الدنيا كالخيمة والمهدي کالعمود وتلك الأربعة اطنابها، وقد يكون الاوتاد أكثر من أربعة، والأبدال أكثر من أربعين، والنجباء أكثر من سبعين والصلحاء أكثر من ثلاثمائة وستين، والظاهر أن الخضر وإلياس، من الأوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب.

وأما صفة الأوتاد، فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين، ولا يجمعون من الدنيا إلا البلاغ، ولا تصدر منهم هفوات الشر ولا يشترط فيهم العصمة من السهو والنسيان، بل من فعل القبيح، ويشترط ذلك في القطب.

وأما الأبدال فدون هؤلاء في المراقبة، وقد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر، ولا يتعمدون ذنبا.

وأما النجباء فهم دون الأبدال

ص: 295

وأما الصلحاء، فهم المتقون الموفون بالعدالة، وقد يصدر منهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار والندم، قال الله تعالى «إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ» جعلنا الله من القسم الأخير لانا لسنا من الأقسام الأول لكن ندين الله بحبهم وولايتهم ومن أحب قوما حشر معهم.

وقيل : إذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين وإذا نقص أحد من الأربعين وضع بدله من السبعين، وإذا نقص أحد من السبعين، وضع بدله من الثلاثمائة وستين، وإذا نقص أحد من الثلاثمائة وستین، وضع بدله من سائر الناس(1).

戀 戀 戀

ص: 296


1- البحار : ج53 ص301/ جنة الماوی ص300.

52- يقرأ المصرع عندما رأى الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

حدثني العالم الفاضل الصالح الورع في الدين الآمیرزا حسین اللاهيجي الرشتي المجاور للمشهد الغروي أيده الله، وهو من الصلحاء الأتقياء، والثقة الثبت عند العلماء، قال : حدثني العالم الصفي المولی زین العابدين السلماسي المتقدم ذكره قدس الله روحه أن السيد الجليل بحر العلوم، أعلى الله مقامه ، ورد يوما في حرم أمير المؤمنين عليه آلاف التحية والسلام، فجعل يترنم بهذا المصرع:

جه خوش است صوت قرآن***زتو دل ربا شنیدن

فسئل رحمه الله عن سبب قرائته هذا المصرع، فقال: لما وردت في الحرم المطهر رأیت الحجة علیه السلام جالسا عند الرأس يقرأ القرآن بصوت عالٍ، فلما سمعت صوته قرأت المصرع المزبور ولما وردت الحرم ترك قراءة القرآن، وخرج من الحرم الشریف(1).

識 識 識

ص: 297


1- البحار: ج53 ص303/ جنة المأوی ص 302.

53- سمع دعاء الإمام علیه السلام في السحر

البحار: رأيت في ملحقات كتاب أنيس العابدين، وهو كتاب كبير في الأدعية والأوراد ينقل عنه العلامة المجلسي في المجلد التاسع عشر من البحار والآميرزا عبد الله تلميذه في الصحيفة الثالثة ما لفظه : نقل عن ابن طاؤس رحمه الله أنه سمع سحرا في السرداب عن صاحب الأمر علیه السلام أنه يقول: اللهم إن شیعتنا خلقت من شعاع أنوارنا وبقية طينتنا، وقد فعلوا ذنوبا كثيرة اتكالا على حبنا وولايتنا، فان كانت ذنوبهم بينك وبينهم فاصفح عنهم فقد رضينا، وما كان منها فيما بينهم فأصلح بينهم وقاص بها عن خمسنا، وأدخلهم الجنة، وزحزحهم عن النار، ولا تجمع بينهم وبين أعدائنا في سخطك.

قلت : ويوجد في غير واحد من مؤلفات جملة من المتأخرين الذين قاربنا عصرهم والمعاصرين هذه الحكاية بعبارة تخالف العبارة الأولى وهي هكذا: «اللهم إن شیعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا، وعجنوا بماء ولايتنا اللهم اغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتكالا على حبنا وولائنا يوم القيامة، ولا تؤاخذهم بما اقترفوه من السيئات إكراما لنا، ولا تقاصهم يوم القيامة مقابل أعدائنا فان خففت موازينهم فثقلها بفاضل حسناتنا».

ولم نجد أحدا منهم إلى الآن أسند هذه الحكاية إلى أحد رواها عن السيد أو رآها في واحد من كتبه، ولا نقلها العلامة المجلسي

ص: 298

ومعاصروه ومن تقدم عليه إلى عهد السيد، ولا يوجد في شيء من كتبه الموجودة التي لم يكن عندهم أزيد منها.

نعم الموجود في أواخر المهج وقد نقله في البحار أيضا هكذا : كنت أنا بسر من رأى، فسمعت سحرا دعاء القائم علیه السلام فحفظت منه [من] الدعاء لمن ذكره الأحياء والأموات وأبقهم أو قال وأحيهم في عزنا وملكنا وسلطاننا ودولتنا. وكان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وستمائة.

وأظن وإن كان بعض الظن إثما أن ما نقلناه أولا مأخوذ من كلام الحافظ الشيخ رجب البرسي ونقل كلماته بالمعنى فانه قال: في أواخر مشارق الأنوار بعد نقل كلام المهج إلى قوله «ملكنا» ما لفظه: ومملكتنا وان كان شيعتهم منهم وإليهم وعنايتهم مصروفة إليهم، فكأنه علیه السلام يقول: اللهم إن شيعتنا منا ومضافين إلينا، وإنهم قد أساؤوا وقد قصروا وأخطأوا رأونا صاحبا لهم رضا منهم، وقد تقبلنا عنهم بذنوبهم، وتحملنا خطاياهم لان معولهم علينا، ورجوعهم إلينا، فصرنا لاختصاصهم بنا، واتكالهم علينا كأنا أصحاب الذنوب، إذ العبد مضاف إلى سيده، ومعول المماليك إلى مواليهم.

اللهم اغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتکالا على حبنا وطمعا في ولايتنا وتعويلا على شفاعتنا، ولا تفضحهم بالسيئات عند أعدائنا، وولنا أمرهم في الآخرة كما وليتنا أمرهم في الدنيا، وإن أحبطت أعمالهم، فثقل موازينهم بولايتنا، وارفع درجاتهم بمحبتنا. انتهى

وهذه الكلمات كما ترى من تلفيقاته شرحا لكلمات الإمام عليه السلام تقارب العبارة الشائعة، وعصره قريب من عصر السيد، وحرصه على ضبط مثل هذه الكلمات اشد من غيره، فهو أحق بنقلها من غيره لو صحت الرواية وصدقت النسبة وإن لم يكن بعيدا من مقام السيد بعد

ص: 299

کلام مهجه، بل له في كتاب کشف المحجة كلمات تنبئ عن أمر عظيم ومقام کریم: منها قوله: واعلم يا ولدي محمد ألهمك الله ما يريده منك، ويرضى به عنك أن غيبة مولانا المهدي صلوات الله عليه التي تحيرت المخالف وبعض المؤالف هي من جملة الحجج على ثبوت إمامته، وإمامة آبائه الطاهرین صلوات الله على جده محمد وعليهم أجمعين لأنك إذا وقفت على كتب الشيعة وغيرهم، مثل كتاب الغيبة لابن بابویه، وكتاب الغيبة للنعماني ومثل كتاب الشفاء والجلاء، ومثل كتاب أبي نعيم الحافظ في أخبار المهدي ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته، والكتب التي أشرت إليها في الطوائف، وجدتها أو أكثرها تضمنت قبل ولادته أنه يغيب علیه السلام غيبة طويلة، حتى يرجع عن إمامته بعض من كان يقول بها، فلو لم يغب هذه الغيبة، كان طعنا في لمامة آبائه وفيه، فصارت الغيبة حجة لهم عليهم السلام وحجة له على مخالفيه في ثبوت إمامته، وصحة غيبته، مع أنه علیه السلام حاضر مع الله على اليقين، وإنما غاب من لم يلقه عنهم لغيبتهم عن حضرة المتابعة له ولرب العالمين.

ومنها قوله فيه: وان أدركت يا ولدي موافقة توفيقك لكشف الإسرار عليك عرفتك من حديث المهدي صلوات الله عليه ما لا يشتبه عليك، وتستغني بذلك عن الحجج المعقولات ومن الروايات فانه صلی الله عليه وآله حي موجود على التحقيق، ومعذور عن كشف أمره إلى أن يأذن له تدبير الله الرحيم الشفيق، كما جرت عليه عادة كثير من الأنبياء والأوصياء، فاعلم ذلك يقينا واجعله عقيدة ودينا، فان أباك عرفه أبلغ من معرفة ضياء شمس السماء.

ومنها قوله: واعلم يا ولدي محمد زين الله جل جلاله سرائرك وظواهرك بموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه أنني كنت لما بلغتني ولادتك بمشهد الحسين عليه السلام في زيارة عاشوراء قمت بين يدي الله جل جلاله مقام الذل والانكسار والشكر لما رأفتي به من ولادتك من المسار والمبار،

ص: 300

وجعلتك بأمر الله جل جلاله عبد مولانا المهدي علیه السلام ومتعلقا عليه، وقد احتجنا كم مرة عند حوادث حدث لك إليه ورأيناه في عدة مقامات في مناجات، وقد تولى قضاء حوائجك بانعام عظيم في حقنا وحقك لا يبلغ وصفي إليه.

فكن في موالاته والوفاء له، وتعلق الخاطر به على قدر مراد الله جل جلاله ومراد رسوله ومراد آبائه عليهم السلام ومراده علیه السلام منك، وقدم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات، والصدقه عنه قبل الصدقة عنك وعمن يعز عليك، والدعاء له قبل الدعاء لك، وقدمه علیه السلام في كل خیر یكون وفاء له، ومقتضيا لاقباله عليك وإحسانه إليك، واعرض حاجاتك عليه كل يوم الاثنين ويوم الخميس، من كل أسبوع بما يجب له من أدب الخضوع.

ومنها قوله بعد تعلیم ولده كيفية عرض الحاجة إليه علیه السلام: واذكر له أن أباك قد ذكر لك أنه أوصى به إليك، وجعلك باذن الله جل جلاله عبده، وأنني علقتك عليه فانه يأتيك جوابه صلوات الله وسلامه عليه.

ومما أقول لك يا ولدي محمد ملا الله جل جلاله عقلك وقلبك من التصديق لأهل الصدق، والتوفيق في معرفة الحق: إن طريق تعریف الله جل جلاله لك بجواب مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه على قدرته جل جلاله ورحمته:

فمن ذلك ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الوسائل عمن سماه قال: كتبت إلى أبي الحسن علیه السلام أن الرجل يحب أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي به إلى ربه قال : فكتب إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك فان الجواب يأتيك.

ومن ذلك ما رواه هبة الله بن سعيد الراوندي في كتاب الخرائج عن محمد بن الفرج قال: قال لي علي بن محمد علیه السلام: لذا أردت أن

ص: 301

تسال مسألة فاكتبها، وضع الكتاب تحت مصلاك، ودعه ساعة ثم أخرجه وانظر فيه ، قال : ففعلت فوجدت ما سألته عنه موقعا فيه، وقد اقتصرت لك على هذا التنبيه، والطريق مفتوحة إلى إمامك لمن يريد الله جل جلاله عنایته به، وتمام إحسانه إليه.

ومنها قوله في آخر الكتاب: ثم ما أوردناه بالله جل جلاله من هذه الرسالة ثم عرضناه على قبول واهبه صاحب الجلالة نائبه علیه السلام في النبوة والرسالة، وورد الجواب في المنام، بما يقتضي حصول القبول والإنعام، والوصية بأمرك، والوعد ببرك وارتفاع قدرك، انتهى(1).

識 識 識

ص: 302


1- البحار: ج53 ص303.

54- عبد الرحيم الدماوندي

قال العالم الفاضل المتبحر النبيل الصمداني الحاج المولی رضا الهمداني في المفتاح الأول من الباب الثالث من كتاب مفتاح النبوة في جملة كلام له في أن الحجة علیه السلام قد يظهر نفسه المقدسة لبعض خواص الشيعة: إنه علیه السلام قد اظهر نفسه الشريفة قبل هذا بخمسين سنة لواحد من العلماء المتقين المولى عبد الرحيم الدماوندي الذي ليس لأحد كلام في صلاحه وسداده.

قال : وقال هذا العالم في كتابه : إني رأيته علیه السلام في داري في ليلة مظلمة جدا بحيث لا تبصر العين شيئا واقفا في جهة القبلة وكان النور يسطع من وجهة المبارك حتى أني كنت أرى نقوش الفراش بهذا النور(1).

戀 戀 戀

ص: 303


1- البحار: ج 53 ص307.

55- بعمل الاستجارة رأى الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

حدثني جماعة من الأتقياء الأبرار، منهم السيد السند، والحبر المعتمد العالم العامل والفقيه النبييه، الكامل المؤيد المسدد السيد محمد ابن العالم الأوحد السيد أحمد ابن العالم الجليل، والحبر المتوحد النبيل، السيد حيدر الكاظمي أيده الله تعالى وهو من أجلاء تلامذة المحقق الأستاذ الأعظم الأنصاري طاب ثراه وأحد أعيان أتقياء بلد الكاظمين عليهم السلام وملاذ الطلاب والزوار والمجاورین، وهو وإخوته وآباؤه أهل بيت جليل، معروفون في العراق بالصلاح والسداد، والعلم والفضل والتقوى، يعرفون ببيت السيد حيدر جده سلمه الله تعالی.

قال فيما كتبه إلي وحدثني به شفاها أيضا : قال محمد بن أحمد بن حیدر الحسني الحسيني : لما كنت مجاورا في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية وذلك في حدود السنة الخامسة والسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة، يصفون رجلا يبيع البقل وشبهه أنه رأی مولانا الإمام المنتظر (سلام الله عليه)، فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته، فوجدته رجلا صالحا متدينا وكنت أحب الاجتماع معه، في مكان خال لاستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة روحي فداه، فصرت كثيرا ما أسلم عليه واشتري منه مما يتعاطى ببيعه، حتى صار بيني وبينه نوع

ص: 304

مودة، كل ذلك مقدمة لتعرف خبره المرغوب في سماعه عندي حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه، والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء.

فلما وصلت إلى باب المسجد رأيت الرجل المذكور على الباب، فاغتنمت الفرصة وكلفته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتى فرغنا من العمل الموظف في مسجد سهيل وتوجهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان، حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الاضافات الجديدة من الخدام والمساكن.

فلما وصلنا إلى المسجد الشريف، واستقر بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظفة فيه، سألته عن خبره والتمست منه أن يحدثني بالقصة تفصيلا، فقال ما معناه: إني كنت كثيرا ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أن من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية، بنية رؤية الإمام المنتظر علیه السلام وفق لرؤيته، وأن ذلك قد جربت مرارا فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونویت ملازمة عمل الاستجارة في كل ليلة أربعاء، ولم يمنعني من ذلك شدة حر ولا برد، ولا مطر ولا غير ذلك، حتى مضى لي ما يقرب من مدة سنة، وأنا ملازم لعمل الاستجارة وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.

ثم إني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشيا على عادتي وكان الزمان شتاء، وكانت تلك العشية مظلمة جدا لتراكم الغيوم مع قليل مطر فتوجهت إلى المسجد وأنا مطمئن بمجيء الناس على العادة المستمرة، حتى وصلت إلى المسجد، وقد غربت الشمس واشتد الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتد بي الخوف وأخذني الرعب من الوحدة لاني لم أصادف في المسجد الشريف أحدا أصلا حتى أن الخادم المقرر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجئ تلك الليلة.

ص: 305

فاستوحشت لذلك للغاية ثم قلت في نفسي: ينبغي أن أصلي المغرب وأعمل عمل الاستجارة عجالة، وأمضي إلى مسجد الكوفة فصبرت نفسي، وقمت إلى صلاة المغرب فصليتها، ثم توجهت لعمل الاستجارة، وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه.

فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت مني التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان علیه السلام، وهو في قبلة مكان مصلاي، فرأيت فيه ضیاء کاملا وسمعت فيه قراءة مصل فطابت نفسي، وحصل كمال الأمن والاطمئنان، وظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار، وأنا لم أطلع عليهم وقت قدومي إلى المسجد فأكملت عمل الاستجارة، وأنا مطمئن القلب.

ثم توجهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياء عظيما لكني لم أر بعيني سراجا ولكني في غفلة عن التفكر في ذلك، ورأيت فيه سيدا جليلا مهابا بصورة أهل العلم، وهو قائم يصلي فارتاحت نفسي إليه، وأنا أظن أنه من الزوار الغرباء لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه من سكنة النجف الأشرف.

فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام الله عليه عملا بوظيفة المقام، وصليت صلاة الزيارة، فلما فرغت أردت أكلمه في المضي إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر إلى خارج المقام، فاری شدة الظلام، وأسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت إلي بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تحب أن تمضي إلى مسجد الكوفة؟ فقلت: نعم يا سیدنا عادتنا أهل النجف إذا تشرفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة، ونبات فيه، لان فيه سكاناً وخداماً وماء .

ص: 306

فقام، وقال : قم بنا نمضي إلى مسجد الكوفة، فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته فمشينا في ضياء وحسن هواء وأرض يابسة لا تعلق بالرجلوأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه، حتى وصلنا إلى باب المسجد وهو روحي فداه معي وأنا في غاية السرور والأمن بصحبته، ولم أر ظلاما ولا مطرا.

فطرقت باب الخارجة عن المسجد، وكانت مغلقة فأجابني الخادم من الطارق؟ فقلت: افتح الباب، فقال : من أين أقبلت في هذه الظلمة والمطر الشديد؟ فقلت: من مسجد السهلة، فلما فتح الخادم الباب التفت إلى ذلك السيد الجليل فلم أره وإذا بالدنيا مظلمة للغاية، وأصابني المطر فجعلت أنادي يا سيدنا يا مولانا تفضل فقد فتحت الباب، ورجعت إلى ورائي اتفحص عنه وأنادي فلم أر أحدا أصلا وأضر بي الهواء والمطر والبرد في ذلك الزمان القليل.

فدخلت المسجد وانتبهت من غفلتي وكاني كنت نائما فاستيقظت وجعلت ألوم نفسي على عدم التنبه لما كنت أرى من الآيات الباهرة، وأتذكر ما شاهدته وأنا غافل من كراماته، من الضياء العظيم في المقام الشريف مع أني لم أر سراجا ولو كان في ذلك المقام عشرون سراجا لما وفي بذلك الضياء وذكرت أن ذلك السيد الجليل سماني باسمي مع أني لم أعرفه ولم أره قبل ذلك.

وتذكرت أني لما كنت في المقام كنت أنظر إلى فضاء المسجد، فأرى الظلام الشديد، واسمع صوت المطر والرعد، وإني لما خرجت من المقام مصاحباً له سلام الله عليه، كنت أمشي في ضياء بحيث أری موضع قدمي، والأرض يابسة والهواء عذب، حتى وصلنا إلى باب المسجد، ومنذ فارقني شاهدت الظلمة والمطر وصعوبة الهواء، إلى غير ذلك من الأمور العجيبة، التي أفادتني اليقين بأنه الحجة صاحب

ص: 307

الزمان علیه السلام الذي كنت أتمنى من فضل الله التشرف برؤيته، وتحملت مشاق عمل الاستجارة عند قوة الحر والبرد لمطالعة حضرته سلام الله عليه فشكرت الله تعالی شانه ، والحمد لله(1).

戀 戀 戀

ص: 308


1- البحار: ج 53 ص 310: النجم الثاقب، ج2، ص164

56- قصة الحاج علي البغدادي

البحار: وقال أدام الله أيام سعادته في كتابه إلي : حكاية أخرى اتفقت لي أيضا وهي أني منذ سنين متطاولة كنت أسمع بعض أهل الديانة والوثاقة يصفون رجلا من کسبة أهل بغداد أنه رأی مولانا الإمام المنتظر (سلام الله عليه)، وكنت أعرف ذلك الرجل، وبيني وبينه مودة، وهو ثقة عدل، معروف بأداء الحقوق المالية، وكنت أحب أن أساله بيني وبينه، لأنه بلغني أنه يخفي حديثه ولا يبديه إلا لبعض الخواص ممن يامن إذاعته خشية الاشتهار، فيهزأ به من ينكر ولادة المهدي وغيبته أو ينسبه العوام إلى الفخر وتنزيه النفس، وحيث إن هذا الرجل في الحياة لا أحب أن أصرح باسمه خشية كراهته.

وبالجملة فاني في هذه المدة كنت أحب أن اسمع منه ذلك تفصيلا حتى اتفق لي أني حضرت تشييع جنازة من أهل بغداد في أواسط شهر شعبان من هذه السنة، وهي سنة اثنتين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية الشريفة في حضرة الإمامين: مولانا موسی بن جعفر وسیدنا محمد بن علي الجواد (سلام الله عليهما) وكان الرجل المزبور في جملة المشيعين، فذكرت ما بلغني من قصته، ودعوته وجلسنا في الرواق الشريف، عند باب الشباك النافذ إلى قبة مولانا الجواد علیه السلام، فكلفته بأن يحدثني بالقصة، فقال ما معناه :

إنه في سنة من سني عشرة السبعين، كان عندي مقدار من مال

ص: 309

الإمام علیه السلام عزمت على إيصاله إلى العلماء الأعلام في النجف الأشرف، وكان لي طلب على تجارها فمضيت إلى زيارة أمير المؤمنين (سلام الله عليه) في إحدى زياراته المخصوصة واستوفيت ما أمكنني استيفاؤه من الديون التي كانت لي وأوصلت ذلك إلى متعددين من العلماء الأعلام من طرف الإمام علیه السلام لكن لم يف بما كان علي منه، بل بقي علي مقدار عشرين توماناً فعزمت على إيصال ذلك إلى أحد علماء مشهد الكاظمين.

فلما رجعت إلى بغداد أحببت أداء ما بقي في ذمتي على التعجيل، ولم يكن عندي من النقد شيء فتوجهت إلى زيارة الإمامين علیهماالسلام في يوم خميس، وبعد التشرف بالزيارة، دخلت على المجتهد دام توفيقه وأخبرته بما بقي في ذمتي من مال الإمام علیه السلام وسألته أن يحول ذلك علي تدريجا ورجعت إلى بغداد في أواخر النهار حيث لم يسعني لشغل كان لي وتوجهت إلى بغداد ماشيا لعدم تمكني من كراء دابة.

فلما تجاوزت نصف الطريق رأيت سيدا جليلا مهابا متوجها إلى مشهد الكاظمين علیهماالسلام ماشيا ، فسلمت عليه فرد علي السلام، وقال لي: یا فلان وذكر اسمي لم لم تبق هذه الليلة الشريفة ليلة الجمعة في مشهد الإمامين؟ فقلت: یا سیدنا عندي مطلب مهم منعني من ذلك، فقال لي: ارجع معي وبت هذه الليلة الشريفة عند الإمامين علیهماالسلام وارجع إلى مهمك غدا إنشاء الله.

فارتاحت نفسي إلى كلامه، ورجعت معه منقاداً لأمره، ومشيت معه بجنب نهر جار تحت ظلال أشجار خضرة نضرة، متدلية على رؤوسنا، وهواء عذب، وأنا غافل عن التفكر في ذلك، وخطر ببالي أن هذا السيد الجليل سماني باسمي مع أنه لم أعرفه، ثم قلت في نفسي : لعله هو يعرفني وأنا ناس له.

ثم قلت في نفسي: إن هذا السيد كأنه يريد مني من حق السادة

ص: 310

وأحببت أن أوصل إلى خدمته شيئا من مال الإمام الذي عندي، فقلت له: يا سيدنا عندي من حقكم بقية لكن راجعت فيه جناب الشيخ الفلاني لأودي حقكم بإذنه وأنا أعني السادة فتبسم في وجهي، وقال: نعم، وقد أوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف أيضا.

وجرى على لساني أني قلت له : ما أديته مقبول؟ فقال: نعم، ثم خطر في نفسي أن هذا السيد يقول بالنسبة إلى العلماء الأعلام «وكلائنا» واستعظمت ذلك: ثم قلت: العلماء وكلاء على قبض حقوق السادة وشملتني الغفلة.

ثم قلت: يا سيدنا قراء تعزية الحسين علیه السلام يقرأون حديثا أن رجلا رأى في المنام هودجا بين السماء والأرض فسأل عمن فيه، فقيل له : فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى، فقال : إلى أين يريدون؟ فقيل: زيارة الحسين علیه السلام في هذه الليلة ليلة الجمعة، ورای رقاعا تتساقط من الهودج، مكتوب فيها أمان من النار لزوار الحسين علیه السلام في ليلة الجمعة، هذا الحديث صحيح؟ فقال علیه السلام: نعم زيارة الحسين علیه السلام في ليلة الجمعة أمان من النار يوم القيامة.

قال: وكنت قبل هذه الحكاية بقليل قد تشرفت بزيارة مولانا الرضا علیه السلام فقلت له: يا سيدنا قد زرت الرضا علي بن موسی علیه السلام وقد بلغني أنه ضمن لزواره الجنة، هذا صحيح؟ فقال علیه السلام: هو الإمام الضامن، فقلت: زيارتي مقبولة؟ فقال علیه السلام: نعم مقبولة.

وكان معي في طريق الزيارة رجل متدين من الكسبة، وكان خليطا لي وشريكا في المصرف، فقلت له: يا سيدنا إن فلانا كان معي في الزيارة زيارته مقبولة؟ فقال: نعم، العبد الصالح فلان زيارته مقبولة، ثم ذكرت له جماعة من کسبة أهل بغداد كانوا معنا في تلك الزيارة وقلت : إن فلانا وفلانا وذكرت أسماءهم كانوا معنا، زیارتهم مقبولة؟ فأدار علیه السلام

ص: 311

وجهه إلى الجهة الأخرى وأعرض عن الجواب، فهبته وأكبرته وسكت عن سؤاله فلم أزل ماشيا معه على الصفة التي ذكرتها حتى دخلنا الصحن الشريف ثم دخلنا الروضة المقدسة، من الباب المعروف بباب المراد، فلم يقف على باب الرواق، ولم يقل شيئا حتى وقف على باب الروضة من عند رجلي الإمام موسی علیه السلام، فوقفت بجنبه، وقلت له: يا سیدنا اقرأ حتى أقرأ معك، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أمير المؤمنين، وساق على باقي أهل العصمة عليهم السلام حتى وصل إلى الإمام الحسن العسكري علیه السلام.

ثم التفت إلي بوجه الشريف، ووقف متبسما وقال : أنت إذا وصلت إلى السلام على الإمام العسكري ما تقول؟ فقلت: أقول: السلام عليك يا حجة الله یا صاحب الزمان، قال: فدخل الروضة الشريفة، ووقف على قبر الإمام موسى علیه السلام والقبلة بين كتفيه.

فوقفت إلى جنبه، وقلت: یا سیدنا زر حتى أزور معك، فبدأ علیه السلام بزيارة أمين الله الجامعة المعروفة فزار بها وأنا أتابعه، ثم زار مولانا الجواد علیه السلام، ودخل القبة الثانية قبة محمد بن علي عليه السلام ووقف يصلي فوقفت إلى جنبه متأخرا عنه قليلا، احتراما له، ودخلت في صلاة الزيارة فخطر ببالي أن أسأله أن يبات معي تلك الليلة لأتشرف بضيافته وخدمته ، ورفعت بصري إلى جهته، وهو بجنبي متقدما على قليلا فلم أره.

فخففت صلاتي، وقمت وجعلت أتصفح وجوه المصلين والزوار لعلي أصل إلى خدمته، حتى لم يبق مكان في الروضة والرواق إلا ونظرت فيه، فلم أر له أثرا أبدا، ثم انتبهت وجعلت أتأسف على عدم التنبه لما شاهدته من كراماته وآياته من انقيادي لأمره [مع] ما كان لي من الأمر المهم في بغداد، ومن تسميته إياي مع أني لم أكن رأيته ولا عرفته، ولما خطر في قلبي أن أدفع إليه شيئا من حق الإمام علیه السلام وذكرت

ص: 312

له أني راجعت في ذلك المجتهد الفلاني لأدفع إلى السادة بإذنه، قال لي ابتداء منه : نعم وأوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الاشرف.

ثم تذكرت أني مشيت معه بجنب نهر جار تحت أشجار مزهرة متدلية على رؤوسنا، وأين طريق بغداد وظل الأشجار الزاهرة في ذلك التاريخ، وذكرت أيضا أنه سمي خليطي في سفر زیارة مولانا الرضا باسمه، ووصفه بالعبد الصالح، وبشرني بقبول زيارته وزيارتي ثم إنه أعرض بوجهه الشريف عند سؤالي إياه عن حال جماعة من أهل بغداد من السوقة كانوا معنا في طريق الزيارة، وكنت أعرفهم بسوء العمل، مع أنه ليس من أهل بغداد، ولا كان مطلعا على أحوالهم لولا أنه من أهل بيت النبوة والولاية، ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقیق.

ومما افادني اليقين بأنه المهدي عليه السلام أنه لما سلم على أهل العصمة علیهم السلام في مقام طلب الاذن، ووصل السلام إلى مولانا الإمام العسكري، التفت إلي وقال لي : أنت ما تقول إذا وصلت إلى هنا؟ فقلت: أقول: السلام عليك يا حجة الله یا صاحب الزمان، فتبسم ودخل الروضة المقدسة ثم افتقادي إياه وهو في صلاة الزيارة لما عزمت على تكليفه بأن أقوم بخدمته وضيافته تلك الليلة، إلى غير ذلك مما أفادني القطع بأنه هو الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين والحمد لله رب العالمين(1)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد المصطفى وآله الهداة الميامين

ص: 313


1- البحار : ج 53 ص318.

ص: 314

الفهرس

المقدمة...5

الباب الأول معاجز وكرامات الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

صاحب الشهباء والنهر...13

إن الله سيرزقك ولدين صالحين...15

هل رأيته؟...16

قصة رشيق...17

ما تصنع في داري...19

ائتنا بثوب العجوز...20

أنا محمد بن الحسن علیه السلام...23

غانم الهندي...25

من يضع الحجر الأسود...29

أنا القائم من آل محمد صلی الله علیه و اله و سلم...31

لبيك يا سيدي...33

كلامه علیه السلام حين سقط من بطن أمه...35

قراءته علیه السلام في بطن أمه وبعد سقوطه من بطن أمه...36

یا صاحب زمان جدتي...41

النجاة من الموت...44

استجابة ولي العصر (عجل الله فرجه الشریف)...46

ص: 315

قصة مشابهة...49

غوث الحجة (عجل الله فرجه الشریف)...50

معجزة ولي العصر علیه السلام وشفاء مريض...52

الحجة (عجل الله فرجه الشریف) شفاها...55

لقاء الطلبة مع الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشریف)...57

دعا له الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشریف)...62

الإمام الحجة علیه السلام ودعاء اللهم عرفني نفسك...63

قصة أبو سورة وبرئ من الزيدية...64

رؤية أحمد بن الحسين بن عبد الملك، أبو جعفر الأزدي الإمام...66

إياك أن يمضي عليك يوم دون...68

الإيمان بأهل البيت عليهم السلام...69

ما احتجت ثانية !...70

تهذيب النفس شرط التشرف بخدمة صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف)...71

لقاءالمقدس الأردبيلي وصاحب الزمان علیه السلام...73

تشرف العلامة الحلي بخدمة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف)...75

تشرف الشيخ الأنصاري رحمه الله بخدمة الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشریف)....77

يشفى على يد الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)...78

اهتمام صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف) بالشيعة الحقيقيين...79

مولانا عندنا ولا ندري!...80

إن صاحب هذا الأمر شاب قوي...81

رجل من اهل استراباد...83

غيبة الطوسي...84

ص: 316

تشرف الشريف عمر بن حمزة بلقائه علیه السلام...85

حكاية الكاشاني المريض وشفاءه ببركته علیه السلام...87

قصة الشيخ ورام والرقعة...89

الصبر يحصل مقصودك...90

یا صاحب الزمان أدركني...91

نحن ننصرك...95

نناشدك بالله من أنت...96

الإمام علیه السلام يغسل ويكفن ميتاً من شیعته...97

بحق الذي جننت من أجله...98

شفاء المجروح الذي جرح في الحرب...100

المهدي علیه السلام يعطي الطلبة رواتبهم...102

الفكر انه لاصاحب لنا؟!...103

ماء الهندباء...105

لكي لا يستهان بالسر...106

المسافر المدهش...109

الإمام علیه السلام يرد عليها بصرها...115

کرعة والإمام المهدي علیه السلام...117

الباب الثاني من رأى الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

شفاء السيد محمد دامغاني من مرض السل العضال...121

استاء من عملي هذا...123

يناجي ربه بهذا الدعاء...124

وسع الحجة ابن الحسن علیه السلام مكاناً بجانبه...125

ص: 317

الشيخ علي كاشاني...126

بركة طي الأرض له إلى مسجد جمکران...127

تشرف الشيخ بافقي بالإمام (عجل الله تعالی فرجه الشریف)...128

زيارة الجامعة وعاشوراء وصلاة النافلة...129

استغاثة رجل سني بالقائم عليه السلام وإغاثته له...131

تشرف السيد المتقي العاملي بلقائه علیه السلام...134

في ذكر دعاء العبرات...137

أنت ترزق علم التوحيد...140

الشيخ جعفر النجفي إني زرعت الدخنة...143

الإمام الحجة(عجل الله تعالی فرجه الشریف) في دار السيد مهدي القزويني...145

ما رأينا أحداً داخلاً ولا خارجاً...149

شفاء الشيخ الحر العاملي من مرضه ببركته علیه السلام...150

دعاء عند الشدة...151

لم يكلم الإمام لوجوب التأدب...153

الباب الثالث قصص الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

قصة ابن مهزیار...157

شفاء المرضى ببركة الحجة...162

قصة أبو راجح الحمامي والحجة علیه السلام...168

حكاية الرمانة والوزير الناصبي بالبحرين...170

الشهادة الثالثة...174

بناء مسجد جمکران...178

الشيخ محمد حسن السريرة ممن رأى الحجة عليه السلام...183

قصة محمود الفارسي...187

ص: 318

هو يقص عليك الحكاية...194

قصة الجزيرة الخضراء...200

دعاء العبرات في الشدة والضيق...209

أكتب هذا الدعاء للشفاء...215

المهدي غلا يعلمه دعاء للنجاة...216

مهدي بیا...220

هل يمكن رؤيته في الغيبة الكبرى...223

عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام...224

لقاء العلامة بحر العلوم به علیه السلام في مكة...225

العلامة بحر العلوم في السرداب المطهر...227

هل رأيت المهدي عليه السلام...229

العبد الصالح والأسد...230

أربعين أربعاء...232

في تأكده علیه السلام على خدمة الأب المسن...233

إذا أردت أن تعرف ليلة القدر...235

تظن أن إمامك ليس مطلعا على حاجتك؟...237

الإمام عليه السلام يكتب للعلامة الحلي كتاباً...240

أخبره بزوال ملك بني العباس...241

ابیات بخط صاحب الامر علیه السلام مكتوبا على قبر الشيخ المفيد رحمه الله...243

زيارة القاسم والفارس المعترض...244

الحاج میرزا الطهراني...245

ضيفنا في الغرفة...246

قصة الرجل البحريني والإمام عليه السلام...249

جه میکني «أو» چه میخواني...252

ص: 319

من أصم أخرس إلى لسان ذلق وكلام فصیح بركة الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف)...255

يبكي بكاء الواله الحزين ويضج ضجيج المستصرخين...260

أهل الحلة ما يتأدبون في مقامي...262

شاهد صاحب الزمان علیه السلام وهو يزور...264

الاستخارة...265

بعد ستة وعشرين سنة تموت...267

قصة مصطفى الحمود...269

دعاء الفرج ينجي من الخوف...270

المرحوم محمد تقي المجلسي...271

الشجة في صفين...274

زيارة قبر الحمزة بن الكاظم...277

في إجلائه علیه السلام بني عنزة عن طريق الزوار...280

يا ملعون ابن الملعون...285

الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) يلحقة بالقافلة كالبرق...288

الورد والخرابات...289

ببركة الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف) يشفي من مرضه...291

الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) يغيث رجل...293

تشرف الشيخ قاسم بلقائه علیه السلام...294

يقرأ المصرع عندما رأى الإمام الحجة (عجل الله تعالی فرجه الشریف)...297

سمع دعاء الإمام علیه السلام في السحر...298

عبدالرحيم الدماوندي...303

بعمل الاستجارة رأي الإمام المهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)...304

قصة الحاج علي البغدادي...309

ص: 320

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.