الإمام المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف قراءة في الإشكاليات المجلد 2

اشارة

الإمام المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف قراءة في الإشكاليات (الجزء الثاني)

الطبعة الأولى

1433 ه -2012م

حقوق الطبع محفوظة لدى لجنة الغريفي الثقافية©

مکتب سماحة العلامة السيد عبد الله الغريفي

هاتف: 17403134-973 + / فاكس: 17403130-973+

الموقع الإلكتروني:www.alghuraifi.org

البريد الإلكتروني:lajna@alghuraifi.org

السهلة الشمالية - البحرين

بيروت - لبنان

لبنان: 009613461595- 009611472192

العراق: 009647802150376

مركز ابن إدريس العلي

للتنمية الفقهية والثقافية

العراق - النجف الأشرف

خیراندیش دیجیتالی : انجمن مددکاری امام زمان (عج) اصفهان

ص: 1

اشارة

الطبعة الأولى

1433 ه -2012م

حقوق الطبع محفوظة لدى لجنة الغريفي الثقافية©

مکتب سماحة العلامة السيد عبد الله الغريفي

هاتف: 17403134-973 + / فاكس: 17403130-973+

الموقع الإلكتروني:www.alghuraifi.org

البريد الإلكتروني:lajna@alghuraifi.org

السهلة الشمالية - البحرين

بيروت - لبنان

لبنان: 009613461595- 009611472192

العراق: 009647802150376

مركز ابن إدريس العلي

للتنمية الفقهية والثقافية

العراق - النجف الأشرف

ص: 2

الإمام المنتظر(عج الله تعالی فرجه الشریف)

قراءة في الإشكاليات

(الجزء الثاني)

السيد عبد الله الغريفي

مركز ابن إدريس اللي

للتنمية الفقهية والثقافية

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

الإشكالية الأولى «إشكاليَّة السَّنَد ِ» ( القسم الثاني)

ص: 5

ص: 6

العنصر الثاني :«إعراض الشيخين البخاري ومسلم»

اشارة

ص: 7

ص: 8

ونقرأ هذا الإشكال - إعراض البخاري ومسلم - عند عدد منالكتاب والباحثين:

[1] الدكتور أحمد أمين المصري:

قال في كتابه ( المهديّ والمهدويّة):

«وممّا يشهد بالفخار للبخاري ومسلم أنهما لم تتسرب إليهماهذه الأحاديث [يعني أحاديث المهدي ]وإن تسربت إلى غيرهما من الكتب التي لم تبلغ صحتهما»(1).

[2] الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود:

قال في رسالته (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر):

«إن هذه الأحاديث لم يأخذها البخاري ومسلم، ولم يدخلاها في كتبهما، مع

رواجها في زمنهما، وما ذاك إلا لعدم ثباتها عندهما»(2).

«كما تحاشى عنها [يعني أحاديث المهدي البخاري ومسلم والنسائي، والدارقطني، والدارمي، فلم يذكروها في كتبهم المعتمدة، وما ذاك إلا لعلمهم بضعفها»(3).

«ولم يأت حديث منها في البخاري ومسلم، مع رواج فكرتها (يعني دعوى

المهدي في زمنهما، وما ذاك إلا لعدم صحة أحاديثه عندهما»(4).

وأشار إلى ذلك في عدة مواضع من رسالته..

ص: 9


1- أحمد أمين: المهدي والمهدوية، ص41۔
2- عبد الله بن زيد: لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر، ص6، 8، 26، 31، 39.
3- المصدر نفسه
4- المصدر نفسه

[3] الشيخ محمد رشيد رضا:

قال في كتابه (تفسير المنار):

«ولذلك لم يعتد الشيخان [يعني البخاري ومسلم] بشيئ من رواياتها[يعني روايات المهدي ]في صحيحيهما»(1).

[4] الدكتور أحمد محمد الحويفي :

قال في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي):

«وهذه الأحاديث التي رويت في شأن المهدي، لم يرد منها شيئ في صحيح البخاري أو صحيح مسلم، وإنما خرجها جماعة منهم الترمذي، وأبو داوود ، والبزار، وابن ماجه، والحاكم، والطبراني، وأبو يعلى الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي، وابن عباس، وابن عمر، وطلحة، وابن مسعود ...»(2).

[5] الأستاذ السائح علي حسين:

قال في مقال له بعنوان (تراثنا وموازين القد):

«الأمر المهم الملاحظ أن البخاري ومسلما رحمهما الله لم يثبتا حديثا واحدا

من الأحاديث التي تبشر بظهور المهدي »(3).

[6] الشيخ محمد أبوزهرة:

قال في كتابه ( الإمام الصادق):

«ولكن لم يجيئ ذكر المهدي في الصحيحين - صحيح البخاري وصحيح

ص: 10


1- محمد رشيد رضا: تفسير المنار ج 9: 499.
2- أحمد محمد الحوفي: أدب السياسة في العصر الأموي، ص78 - 79.
3- السائح: تراثنا وموازين النقد - مقال نشرته مجلة كلية الدعوة الإسلامية في ليبيا، العدد العاشر ص185/ 1992 (على ما في مجلة «تراثنا» العددان (22) (33) السنة الثامنة ص13).

مسلم(1).

[7] أبو الأعلى المودودي:

أشار في (بياناته) إلى عدم ذكر البخاري ومسلم لروايات المهدي، حيث قال:

«فهو [يعني البخاري]لم يذكر منها أي رواية في صحيحه، وكذلك ما ذكر منها الإمام مسلم إلا رواية واحدة ولكن ما جاءت فيها الصراحة بكلمة (المهدي)...»(2).

معالجة الإشكال المذكور:

اشارة

ويمكن أن نُعالج هذا الإشكال - غياب أحاديث المهدي عن الصحيحين - من

خلال النقاط التالية:

1- النقطة الأولى : الصحيحان لم يستوعبا كل الأحاديث الصحيحة

وقد صرح بذلك الشيخان البخاري ومسلم، وكثير من أعلام الحديث:

1- قال البخاري في مقدمة صحيحه :

«ما أدخلت في كتابي الجامع الاماصح، وتركت من الصحاح لحال

الطول»(3).

2- قال أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري (ت /643ه) في كتابه (علوم الحديث):

«فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتابي ( الجامع) إلّا ماصحّ،

ص: 11


1- محمد أبو زهرة: الإمام الصادق ص239.
2- المودودي: البيانات ص114/ البيان الثالث.
3- البخاري: صحيح البخاري ( المقدمة) 1: 22.

وتركت من الصّحاح لحال الطول»(1).

3- وذكر أبو الحجاج يوسف المزي (ت/742ه) في كتابه (تهذيب الكمال في أسماء الرجال) القول نفسه للإمام البخاري(2).

4- وأورد نص كلام البخاري الحافظ العراقي (ت 806ه) في كتابه (فتح المغيث شرح ألفية الحديث)(3).

5-وقال أبو عمرو في كتابه (علوم الحديث):

«وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيئ عندي صحيح وضعته ههنا - يعني في كتابه الصحيح - إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه»(4)

6- وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت/ 852ه) في (مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري)؛

«روى الإسماعيليّ عنه - يعني البخاري - قال: لم أخرج في هذا الكتاب إلا

صحيحًا، وما تركت من الصّحيح أكثر).(5)

7- وذكر أبو عمروفي كتابه (علوم الحديث) عن البخاري أنه قال:

«أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح»، وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المتكررة، وقد قيل أنها بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث»(6)

ص: 12


1- ابن الصلاح أبو عمرو: علوم الحديث، ص19.
2- المزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 5059/442:24 .
3- الحافظ العراقي: فتح المغيث 1: 28.
4- ابن الصلاح: علوم الحديث، ص20.
5- ابن حجر: مقدمة فتح الباري، ص7.
6- ابن الصلاح: علوم الحديث، ص20.

8- وقال أبو عمروفي كتابه (علوم الحديث):

«لم يستوعبا - يعني البخاري ومسلمًا - الصحيح في صحيحيهما، ولا التزما

ذلك»(1).

9- وقال النووي (ت/ 676 ه) في (مقدمة شرحه لصحيح مسلم):

«فإنّهما - يعني البخاري ومسلمًا - لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صحّ عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جمل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله»(2).

10- وقال الحاكم النيسابوري (ت 405 ه) في كتابه ( المستدرك على الصحيحين):

«صنفا [البخاري ومسلم] في صحيح الأخبار كتابين مهذّيين، انتشر ذكرهما في الأقطار، ولم يحكما ولا واحد منهما أنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجه»(3).

11- وقال الحاكم أيضا:

«وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل[البخاري] ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له، فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما»(4).

12- وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم:

«استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلّا بشرطيهما فيها،

ص: 13


1- المصدر نفسه: ص19.
2- النووي: صحيح مسلم بشرح النووي ج1: 32.
3- الحاكم النيسابوري: المستدرك (المقدمة) 41:1 .
4- المصدر نفسه 1: 42.

ونزلت درجة ما التزماه، وقد ألف الإمام الدارقطني في بيان ذلك كتابه المسمى (بالاستدراكات والتتبع)، ولأبي مسعود الدّمشقي (صاحب الأطراف) استدراكات عليهما، وكذا لأبي علي الغاني في كتابه (تقييد المهمل) ... »(1).

13- وقال الحافظ العراقي في (فتح المغيث):

«لم يعم البخاري ومسلم كل الصحيح»(2).

14- وقال الشيخاني القادري المدني في (الصراط السوي)؛

«وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان»(3).

15- وقال كمال الدين بن الهمام في (شرح الهداية):

«وقول من قال: أصع الأحاديث ما في الصحيحين، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شروطهما، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما، تحكم لا يجوز التقليد فيه، إذ الأصحية ليست إلا لاشتمال رواتهماعلى الشروط التي اعتبراها، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين، أفلا يكون الحكم بأصحية ما في الكتابين عين التحكم»(4). 16- وقال محمد رشيد رضا يفي (مجلة المنار):

«ومما لاشك فيه أيضا أنه يوجد في غيرهما - البخاري ومسلم - من دواوين

السنة أحاديث أصح من بعض ما فيهما»(5)

ص: 14


1- شرح النووي على مسلم ج1 : 27.
2- الحافظ العراقي: فتح المغيث ص27.
3- على ما في الغدير للأميني ج 1: 304.
4- انظر: محمود أبوريه: أضواء على السنة المحمدية: ص312.
5- محمد رشيد رضا: مجلة المنار 104:29.

17-وقال الدكتور نور الدين عترفي كتابه (منهج النقد في علوم الحديث):

«صنف العلماء في الحديث الصحيح كتبا كثيرة أشهرها صحيحا البخاري ومسلم، ولكثرة شهرة الكتابين ظن من لا علم عنده من الناس أنهما استوعبا الحديث الصحيح، وهذا خطأ كبير، فإنهما لم يقولا ذلك، بل نبها على أنهما تركا كثيرا من الحديث الصحيح مخافة الطول»(1).

18- وتناول الدكتور عتربالبحث الكتب الخاصة بالحديث الصحيح کالموطأ، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، والمختارة(2).

19- وقال في كتابه (منهج النقد):

«وقد ألفت عدة كتب استدركت أحاديث علىالشيخين، أشهرها وأكثرها تداولا بين العلماء كتاب (المستدرك على الصحيحين) للإمام المحدث أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (المتوفى سنة 405 ) ، أودعه أحاديث على شرطهما، أوشرط أحدهما، وأخرج فيه أحاديث صحيحة ليست على تلك الصفة، فجاء كتابا كبيرًا حافلًا »(3).

20. وقال الدكتور محمد عجاج الخطيب في كتابه (أصول الحديث علومه ومصطلحه) وفي كتابه ( الوجيز في علوم الحديث):

«يحسن بنا أن نشير هنا إلى أن البخاري ومسلما لم يقصد أحدهما استيعاب الحديث الصحيح في كتابه، بدليل ماينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح

ص: 15


1- نور الدين عتر: منهج النقد في علوم الحديث، ص250.
2- المصدر نفسه: ص250.
3- المصدر نفسه: ص260.

أحاديث ليست في كتابه، بل في الشنن وغيرها، وقد قال الإمام البخاري: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح مخافة الطول. وقال مسلم: ليس كل شيئ عندي صحيح وضعته ههنا وإنما وضعت ما أجمعوا عليه...»(1).

2- النقطة الثانية: فی احادیث المهدی ما یتوفر علی الشروط المتعدة عندالشیخین - البخاری و مسلم - او عند احدهما الا انهما لم یخرجاها فی الصحیحین

ونستعين ببعض الأمثلة من هذه الأحاديث:

الحديث الأول:

••عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): «لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض لما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي ممن يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا».

- أخرج الحديث الحاكم في المستدرك (600:4 حديث 377/8669 ) وعقب عليه بقوله: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». -وقال الذهبي في التلخيص (بذيل المستدرك 8669): «على شرط البخاري ومسلم».

- وفي ضوء قراءتنا السندية لهذا الحديث ( الحديث السادس ضمن منظومة

الأحاديث) وجدنا أن رجال الإسناد متوفرون على شروط الشيخين.

فرجال السّند - حسب رواية أحمد بن حنبل (3: 45/ 11319):

ص: 16


1- محمد عجاج الخطيب: أصول الحديث علومه ومصطلحه ص318. الوجيز في علوم الحديث ونصوصه ص284.

• محمد بن جعفر الهذلي المعروف بغندر (ت/193 ه):

- من رجال الصحيحين ( البخاري ومسلم)».

انظر

- رجال صحيح البخاري 2:1019/641.

- رجال صحيح مسلم 2: 169/ 1417.

• عوف بن أبي جميلة الأعرابي (ت/ 146 ه):

- «من رجال الصحيحين ( البخاري ومسلم)».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2: 587/ 930.

- رجال صحيح مسلم 2: 99/ 1250.

• أبو الصديق الناجي (ت/ 108 ه):

-«من رجال الصحيحين ( البخاري ومسلم)».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 114/ 136.

- رجال صحيح مسلم 150/90:1 .

رجال الإسناد حسب رواية أبي يعلى الموصلي:

«وكلهم من رجال الصحيحين»:

• زهير بن حرب أبو خيثمة النسائي (ت /234 ه).

• يحيى بن سعيد القطان (ت/ 198 ه).

• عوف بن أبي جميلة (ت/ 146 ه).

ص: 17

•أبو الصديق الناجي (ت/ 108 ه).

- راجع الحديث السادس في منظومة الأحاديث.

الحديث الثاني:

••عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى أفنى، يملأ الأرض عذلا كما ملئت قبله ظلما، يكون سبع سنين».

- أخرج الحديث أحمد بن حنبل في مسنده (3: 22/ 11136).

ورجال الإسناد:

• أبو النضر البغدادي (ت/207 ه)

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2:1306/779.

- رجال صحيح مسلم 2:1784/319.

• أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن (ت/ 164 ه) :

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 355/ 503.

- رجال صحيح مسلم 1: 304/ 657.

ص: 18

• مطر بن طهمان الوراق (تر/125 ه).

- «من رجال صحيح مسلم».

- وأخرج له البخاري في «التعاليق».

انظر:

- تهذيب التهذيب 10: 7009/153 .

- رجال صحيح مسلم 2: 278/ 1690.

• أبو الصديق الناجي (ت/ 108 ه):

- «من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 114/ 136.

- رجال صحيح مسلم1: 150/90 .

ملاحظه :

للتوسّع يمكن مراجعة الحديث الخامس عشر في منظومة الأحاديث الواردة في شأن الإمام المهدي (علیه السلام) .

-

الحديث الثالث:

•• عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)

قال:

«تملأ الأرض ظلما وجؤره، څه يخرج رجل من عترتي ملك سبعا أو تشقا، فيملأ الأرض قسطا وعدلا»

- أخرجه الحاكم في المستدرك (601:4حديث 381/8674 ) وعقب عليه

ص: 19

بقوله: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».

- وسكت عنه الذهبي في التلخيص.

-وفي ضوء قراءتنا السندية للحديث ( السّابع عشر ضمن منظومة الأحاديث)وجدنا أن رجال الإسناد كلهم من رجال مسلم:

• أبو سهل البصري عبد الصمد عبد الوارث (ت/207 ه):

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2: 495/ 758.

- رجال صحيح مسلم 2: 7/ 1011.

• حماد بن سلمة (ت/ 167 ه):

-«من رجال صحيح مسلم».

- أخرج له البخاري في «التعاليق».

انظر:

- تهذيب التهذيب 3: 11/ 1574.

- رجال صحيح مسلم 1: 157/ 314.

• مطرف [بن طريف] (ت/ 143 ه):

- «من رجال الصحيحين».

انظره :

رجال صحيح البخاري 2: 719/ 1193.

- رجال صحيح مسلم 2: 1610/247.

ص: 20

• أبو الصديق الناجي (ت/ 108 ه):

-«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 114/ 136.

- رجال صحيح مسلم 150/90:1.

الحديث الرابع:

••عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) - وذكر

حديثا جاء فيه:

«فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله، المهدي».

(1) رجال الإسناد حسب رواية ابن ماجه في السنن (2: 23/4084):

• (أ) محمد بن يحيى الذهلي (ت/ 852 ه):

«من شيوخ البخاري».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2: 687/ 1122.

- التيسير في حفظ الأسانيد 2: 900/ 263.

• (ب) أحمد بن يوسف بن خالد المهلبي (ت/ 362 ه):

«من رجال صحيح مسلم بل من شيوخه».

انظر:

- تهذيب التهذيب 1: 83/ 141.

- رجال صحيح مسلم 1: 36/ 23.

ص: 21

•عبد الرزاق بن همام أبو بكر الصنعاني (ت/ 112 ه):

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2:760/496.

- رجال صحيح مسلم 2: 8/ 1015.

• سفيان بن سعيد الثوري (ت/161ه):

•«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 329/ 462.

- رجال صحيح مسلم 1: 416/282.

•خالد بن مهران الحذَّاء (ت/ 141 ه):

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 303/228:1.

- رجال صحيح مسلم 1: 182/ 379.

•أبو قلابة الجرمي البصري (ت/ 107 ه):

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 406/ 576.

- رجال صحيح مسلم 1: 363/ 788.

ص: 22

• أبو أسماء الرحبي عمرو بن مَرثَد:

«من رجال صحيح مسلم وأخرج له البخاري في الأدب المفرد».

انظر:

- رجال صحيح مسلم 2: 78/ 1199.

- موسوعة رجال الكتب التسعة3: 6860/166.

(2) الحديث بإسناد نعيم بن حماد (الفتن:84):

• أبونصر الخفاف (ت/ 204 ه):

«من رجال صحيح مسلم وأخرج له البخاري في أفعال العباد».

انظر:

- رجال صحيح مسلم 2: 6/ 1008.

- موسوعة رجال الكتب التسعة 2: 506/ 5696.

• خالد الحذّاء (ت/141 ه):

«من رجال الصحيحين» كما تقدّم.

• أبو قلابة الجرمي (ت/ 107 ه):

«من رجال الصحيحين» كما تقدم.

(3) الحديث بإسناد أحمد بن حنبل ۔ بتفاوت في اللفظ -(5: 22450/327):

• وكيع بن الجراح (ت/ 197 ه):

«من رجال الصحيحين».

ص: 23

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2: 767/ 1288.

- رجال صحيح مسلم 2: 1767/309 .

• شريك بن عبد الله النخعي (ت/ 177 ه):

«من رجال صحيح مسلم وأخرج له البخاري في التعاليق».

انظر :

- رجال صحيح مسلم 699/309:1 .

- موسوعة رجال الكتب التسعة 2: 149/ 3732.

• علي بن زيد التيمي (ت/ 126 ه):

«من رجال صحيح مسلم، وأخرج له البخاري في الأدب المفرد».

انظر:

- رجال صحيح مسلم 2: 56/ 1138.

- موسوعة رجال الكتب التسعة 3: 69/ 6331.

•أبو قلابة الجرمي (ت/107ه)؛

«من رجال الصحيحين» كما تقدم.

(4) الحديث - بلفظ ابن ماجه - أخرجه الحاكم في المستدرك (510:4

حديث 8932 /140 کتاب الفتن) وعقب عليه بقوله: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين».

وقال الذهبي في التلخيص - بذيل المستدرك - : «على شرط البخاري ومسلم».

ص: 24

الحديث الخامسة:

••عن ابن عباس قال:

«لا تنقضي الليالي والأيام حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن

ولم ينبسها...».

رجال الإسناد:

• أبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت/ 235) في مصنفه

(15: 19487/196):

«من رجال الصحيحين وأحد شيوخ البخاري».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 1: 427/ 621.

- رجال صحيح مسلم 1: 385/ 852.

- التيسير في حفظ الأسانيد 2: 899/ 143.

•سفيان بن عيينه (ت/ 198 ه):

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 330:1/463.

- رجال صحيح مسلم 1: 616/285.

• عمرو بن دينار المكّي (ت/ 126 ه):

«من رجال الصحيحين».

ص: 25

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2: 541/ 868.

- رجال صحيح مسلم 2: 68/ 1172.

• أبو معبد نافذ مولى ابن عباس (ت/ 104 ه):

«من رجال الصحيحين».

انظر:

- رجال صحيح البخاري 2: 1266/755 .

- رجال صحيح مسلم 2: 297/ 1733.

3- النقطة الثالثة: الأحاديث التي توفرت على صحة الإسناد ولم يخرجها البخاري

ونستعين بالأمثلة التالية:

المثال الأول: حديث علي [علیه السلام]:

• عن أبي الطّفيل: سمعت عليا [ علیه السلام] يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلّم):

«لولم يبق من الدنيا إلا يوم، لبعث الله عزوجل رجلًا منا، يملاها عدلا، كما

ملئت جورا».

الحديث أخرجه أحمد بن حنبل في ( المسند 2: 117/ 773)(1)، ورجال السند كلهم ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الأول / المبحث الثاني).

(1)

ص: 26


1- طبعة دار المعارف بمصر.

وقد عقب محقق المسند أحمد محمد شاكر على الحديث بطريقيه: «إسناداه

صحيحان».

المثال الثاني: حديث عبد الله بن مسعود:

• عن زر عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي واط اسمه اسمي».

أخرجه أحمد بن حنبل في (المسند 196:5/ 3571) ، ورجال السَند كلهم

ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

وقد عقب عليه أحمد محمد شاكر بقوله: إسناده صحيح.

المثال الثالث، حديث أبي سعيد الخدري .

• عن أبي الصديق عن أبي سعيد: أن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

تملأ الأرض ظلما وجورا ، ثم يخرج - رجل من عترتي يملك شبعا أو تسعا, فيملأ الأرض قسطا وعدلاً».

أخرجه أحمد في ( المسند 3: 328)، ورجاله كلّهم ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

المثال الرابع : حديث عبد الله بن مسعود:

• عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله]وسلم):

«لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي یواطی اسمه اسمي».

أخرجه الترمذي في (الجامع الصحيح4 ، ك الفتن، ب 52، ح 2230) ورجاله

ص: 27

كلهم ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

وعقب أبو عيسى بقوله: وهذا حديث حسن صحيح.

المثال الخامس : حديث عبد الله بن مسعود :

• عن زِرّ عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«یلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».

أخرجه الترمذي في ( الجامع الصحيح ، ك الفتن، ب 52، ح 2231) رجاله

كلهم ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

وعقب أبو عيسى بقوله: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

المثال السادس: حديث ثوبان :

• عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) - وذكر حديثا جاء فيه -:

فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله، المهدي». أخرجه ابن ماجه في (السُّنن 2، ك الفتن، ب خروج المهدي، ح 4084) ، ورجاله

كلهم ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك

(ج4، 509، ح8482) طبعة دار الكتب العلمية - 1990م) وقال: صحيح على شرط الشيخين.

ص: 28

المثال السابع: حديث علي [ علیه السلام]:

•عن أبي الطفيل عن عليّ [ علیه السلام ] عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«لولم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما

ملئت جورا».

أخرجه أبو داوود في ( السنن 4، ك المهدي، ح 4283)، ورجاله ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الأول / المبحث الثاني).

المثال الثامن: حديث أبي سعيد الخدري:

• عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلمًا، يملك سبع سنين».

أخرجه أبو داوود في (السنن 4 ، ك المهدي، ح 4285)، ورجاله ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

ورواه الحاكم بإسناده مع اختلاف وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

المثال التاسع: حديث علي [علیه السلام ]:

• عن عاصم بن ضمرة عن علي قال:

«لتملان الأرض ظلما وجورا، حتى لا يقول أحد: الله الله يستعلق به، ثم

لتملان بعد ذلك قسطاً وعدلاً، كما مُلت ظلماً وجوراً».

أخرجه عبد الرزّاق في (المصنّف 20779/11 ).

رجاله ثقات (انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الأول) .

ص: 29

المثال العاشر: حديث علي بن أبي طالب [ علیه السلام]:

• عن علي بن حوشب، سمع مکحولًا يحدث عن علي بن أبي طالب [ علیه السلام ] قال: قلت لرسول الله [ صلی الله علیه وآله] : المهدي منا أئمة الهدى أم من غيرنا؟ قال:

«بل منا، بنا یُختَمُ الدَّينُ كما بنافُتِح... إلى آخر الحديث ».

أخرجه نعيم بن حمّاد في ( الفتن 5: 198).

رجاله ثقات (انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الأوّل).

المثال الحادي عشر، حديث أبي هريرة:

• حدثنا أبوصالح [ذكوان السمّان] عن أبي هريرة قال:

«لولم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله لك اليوم حتى يلي [رجل من أهل

بيتي يواطی اسمُهُ اسمي»

أخرجه الترمذي في ( الجامع الصحيح 4: 505/ ح2231).

رجاله ثقات.

(انظر: تواتر أحاديث المهدي - المبحث الثاني).

وعقّب أبو عيسى بقوله: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح...

4- النقطة الرابعة : أحاديث صرح العلماء بنسبتها إلى أحد الصحيحين إلا أنها غير مدونة في الطبعات المتداولة

ومن أمثلة ذلك:

حديث «المهديُّ حقُّ وهُوَمِن ولدِ فاطِمَةَ»، وقد صرّح بوجود الحديث في صحيح مسلم وأخرجه عنه:

ص: 30

1- ابن حجر الهيتمي (ت/ 974ه):

قال في الصواعق المحرقة (الباب الحادي عشر الفصل الأول، ص 163) بعد ذکر حديث «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»:أخرجه مسلم وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وآخرون. 2

- المتقي الهندي الحنفي (ت/ 975ه):

جاء في كنز العمّال (14: 264، ح 38662): أخرجه أبو داوود ومسلم، عن أم سلمة: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».

3- الشيخ محمد علي الصبان (ت/ 1206ه):

قال في إسعاف الراغبين بعد ذکر حديث «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»:أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وآخرون..

4 - الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المالكي (ت/ 1303ه):

جاء في مشارق الأنوار فوز أهل الاعتبار: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»عن مسلم وأبي داوود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وآخرون.

5- النقطة الخامسة: في الصحيحين أو فی أحدهما وردت أحاديث في شأن المهدي المنتظر

يمكن أن تصنف الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر إلى عدة منظومات:

- ما ورد فيها ذكر «المهدي».

- ما ورد فيها ذكر «رجل من أهل بيتي» أو «من عترتي».

- ما ورد فيها ذكر «رجلٌ من أمتي».

- ما ورد فيها ذكر «الخليفة».

ص: 31

- ما ورد فيها ذكر «إمامكم».

- ما ورد فيها ذكر «أوصاف المهدي».

- ماورد فيها ذكر «سيرة المهدي وطريقة حكمه».

- ما ورد فيها ذكر «علامات ظهور المهدي».

ولا شك أن الأحاديث المجملة التي لم يُصرَّح فيها باسم «المهدي» فهي مفسرة فيه بلا ريب من خلال سائر الروايات الأخرى.

نستعين بأمثلة من الصحيحين:

المثال الأول: جاء في الصحيحين ( البخاري ومسلم):

•عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«كيف أنتم إذا نزل اب مريم فيكم، وإمامُکُم مِنكُم).(1)

ويمكن أن نستدل على أن لفظة «الإمام» الواردة في حديث الصحيحين

يراد منها «الإمام المهدي» بعدة أمور:

الأمر الأول:

أجمع شراح الصحيحين على تفسيرها بالإمام المهدي:

1- فتح الباري بشرح صحيح البخاري (6: 493، 494): فقد نقل تواتر أحاديث المهدي أثناء شرحه لحديث البخاري...

«وقال أبو الحسن الخسعي الآبري في مناقب الشافعي: تواترت الأخبار بأنّ

المهديّ من هذه الأمة وأن عيسى يُصلّي خلفه».

ص: 32


1- صحيح البخاري 3: 1272 ح 3265ب 50 نزول عيسى بن مريم (دار القلم، دمشق - بيروت). صحيح مسلم 1: 126 ح 244 باب 71 نزول عيسى بن مريم / (دار إحياء التراث العربي).

وقال :

«وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزّمان، وقرب قيام السّاعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجّة».

2- إرشاد السّاري بشرح صحيح البخاري (419:5، ط 6، المطبعة الكبرى الأميريّة ببولاق - مصر 1304).

جاء في سياق تفسيره للحديث:

«إنه يقال له (يعني عيسى) : صلّ لنا، فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة لهذه الأمة، قال ابن الجوزي: لوتقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل أتراه نائبا أو مبتدئا شرعا، فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله لا نبي بعدي»

وردّ على التفتازاني قوله بأن عيسى يؤمهم ويقتدي به المهدي...

3- عمدة القاري بشرح صحيح البخاري (مجلد 8 ج16: 39 - 40، ح 106،دار الفكر).

جاء فيه :

«فينزل عيسى... فيجد خليفتهم يصلي بهم فيتأخر فيقول له: صل فقد رضي الله عنك، فإني إنما بعث وزيرا ولم أبعث أميرا، نقلا عن كتاب الفتن لأبي نعيم وفيه عن كعب: وتقام الصلاة فيرجع إمام المسلمين، فيقول عيسى: تقدم فلك أقيمت الصلاة فيصلي بهم ذلك الرجل».

ونقل العيني قول ابن حجر: «وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو من قائمٍ لله بحجة».

ص: 33

4- فیض الباري على صحيح البخاري.

جاء في الجزء الثاني (ص 57):«وأما إمامة المهدي لعيسى فإنما يكون في أول صلاة يصلي بهم».

وجاء في الجزء الثالث (ص 262، 263):

«إنه [يعني عيسى] يمكث في الأرض سبع سنين فهو مدة مكثه مع الإمام المهدي».

وجاء في الجزء الرابع (ص 44):

«والواو فيه حاليّة، والمتبادر منه الإمام المهدي».

5- حاشية البدر السّاري إلى فيض الباري ( 4: 44 - 47)

«أن المراد من الإمامة في الحديث الأول الإمامة الكبرى ومصداقه المهدي، أي ينزل ابن مريم فيكم حكما عدلا، في زمان يكون فيه إمامكم المهدي، وقد بين هذا حديث ابن ماجه مفصّلا وإسناده قوي».

6- إكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (268:1 ، ب أحاديث نزول عيسى /مكتبة طبريّه - الرّياض) لأبي عبد الله الآبي، وبهامشه مكمل إكمال إكمال المعلم للسنوسي.

جاء فيه حول كلمة (وإمامكم منكم):

«وقيل يعني الإمام المهدي الآتي في آخر الزمان الذي صح فيه حديث الترمذي عن طريق ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى عليه [وآله] وسلم): «لا تذهب الدنياحتى يملك العرب رجل من أهل بيتي»، وعن طريق أبي هريرة «لولم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوله الله...»، وعن أبي داوود عن أم سلمة: سمعت رسول الله

ص: 34

(صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».

7- مشارق الأنوار للعدوي (ص 192):

جاء فيه:

«المراد بالإمام هو أمير المهدي على دمشق، وأما المهدي ففي بيت المقدس، ثم يذهب عيسى إلى بيت المقدس، فيقتدي بالمهدي في صلاة الصبح بعد اقتدائه بأمير المهدي في دمشق في صلاة الظهر».

الأمر الثاني :

ومما يؤكد هذا الفهم في تفسير كلمة «الإمام»، أن الحفاظ في مصنفاتهم قد ذكروا الحديث في (أخبار المهدي): 1

- ابن الأثيرالجزري في (جامع الأصول):

ذكر الحديث في فصل المسيح والمهدي).

- جامع الأصول 11، ك9، ب1، ف1، ح7808، ح 7809.

2- ابن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول):

ذكر الحديث في الباب الخاص بالمهدي.

- مطالب السؤول 2 ب12 في أبي القاسم محمد المهدي.

3- ابن الصّباغ المالكي في الفصول المهمة:

ذكر الحديث في الفصل الخاص بالمهديّ.

- الفصول المهمة ف 12 في ذكر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح .

ص: 35

4- المتقي الهندي في كتاب ( البرهان في علامات مهدي آخر الزمان):

ذكر الحديث في الباب التاسع (في اجتماع المهدي مع عيسى (علیهما السلام) ).

5- المقدسي الشافعي في (عقد الدّرر):

ذكر الحديث في الباب العاشر (في أن عيسى بن مريم يصلّي خلفه - يعني

المهدي - ويبايعه وينزل في نصرته.

6- الشيخ منصور ناصف في (التاج الجامع للأصول):

ذكر في ( التاج وفي شرحه) في الباب السّابع من الجزء الخامس في الخليفة المهدي) أن الخليفة الذي ينزل في زمنه عيسى هو (المهدي).

7- ما ورد بلفظ «وأميرهم» أيضا مفسرفي ( المهدي) كما ذكر شراح الحديث، وما أكده فهم الحفاظ حيث ذكروا الحديث في (أخبار المهدي).

الأمر الثالث:

ومما يؤكد أن لفظة «الإمام» الواردة في صحيحي البخاري ومسلم يراد منها« الإمام المهدي»، أن الحديث جاء في مصادر أخرى بصيغة:

- «وإمامكم المهدي منكم».

- «وإمامهم المهدي»

- «وإمام المسلمين المهدي».

-«وأميرهم المهدي».

1- الفتن لأبي عبد الله نعيم بن حماد (ص352):

عن كعب قال:

ص: 36

« وتقام الصلاة فيرجع إمام المسلمين المهدي، فيقول عيسى: تقدم فلك

أقيمت الصلاة».

2- السُنن لأبي نعيم (كما في الحاوي للسيوطي 2: 134):

عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا، فيقول: ألا وإن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله لهذه الأمة».

3- الحاوي للسيوطي (2: 135):

أخرج ابن ماجه والرّوياني وابن خزيمة وأبو عوانة والحاكم وأبونعيم عن أبي أمامة - وذكر حديثاً جاء فيه :

« وإمامهم المهدي رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح، إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى، لیتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل، فإنها لك

أقيمت، فيصلي بهم إمامهم».

الأمر الرابع:

ما أكدته مصادر الحديث أن عيسى بن مريم يصلي خلف «المهدي»، أو «رجل مني»، أو «من ولدي»، أو «منا».1

- الفتن لأبي صالح السليلي (كما عن الملاحم والفتن 153 ب83):

عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«قد أفلحت أمة أنا أولها، وعيسى آخرها، فيصلي خلف رجل من ولدي».

ص: 37

ص: 38

ص: 39

14-البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي (ص158 ب9/ ح1): أخرج الحديث نفسه.

15- غاية المأمول (شرح التاج الجامع للأصول) ج5 ص365 - نقلا عن منتخب الأثر 2: 757/352 :

«يلتفت الهدي وقد نزل عيسى بن مريم (علیه السلام )، كأنه يقطر من شعره الماء، فيقول له المهدي: تقدم صل بالناس، فيقول: إما أقيمت لك الصلاة، فیصلی خلف رجل من ولدي وهو المهدي...».

16- إسعاف الراغبين ص147: أخرج الطبراني مرفوعا:

«يلتفت المهدي...» وذكر الحديث نفسه.

17- إسعاف الراغبين:

وفي صحيح ابن حبّان في إمامة المهدي نحوه.

18- إسعاف الراغبين:

وصح مرفوعا: «ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا

فيقول: لا إنما بعضکم أئمة على بعض، تكرمه الله لهذه الأمة».

19- الصواعق المحرقة في الآية الثانية عشرة من الآيات الواردة في أهل البيت ص 162:

وأخرج الطبراني مرفوعا: « يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم...» وساق الحديث...

وقال ابن حجر: وفي صحيح ابن حبان في إمامة المهدي نحوه.

وقال: وصح مرفوعا ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي – وساق

ص: 40

الحديث -.

20- الفتن لنعيم بن حماد (200:5):

عن عبد الله بن عمرو:

«المهدي الذي ينزل عليه عيسى ابن مريم، ویصلي خلفه عيسى(علیه السلام)

21- الفتن لنعيم بن حماد (200:5 / ب نسبة المهدي):

عن محمد [ابن سیرین]:

«المهدي من هذه الأمة، وهو الذي يوم عيسى ابن مريم (عليهما السلام ».

22- حلية الأبرار للبحراني (719:2 ب 54 ح123).

ساق الحديث نفسه.

23- سنن ابن ماجه (2: 4407/1359 ):

عن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) - إلى أن قال: « وإمامُهم رجلٌ صالحٌ فبينما إمامُهم قد تقدَّمَ يصلِّي بِهمُ الصُّبحَ إذ نزلَ عليهم عيسَى ابنُ مريمَ الصُّبحَ...الی آخر الحدیث».

لم يصرح هنا باسم المهدي، إلا أن الأحاديث الأخرى تفسر ذلك.

24- سنن أبي داوود (117:4) نحوه.

25- صحيح أبي خزيمة (مخطوط) نحوه كما عن منتخب الأثر2: 354(الهامش).

26۔ المستدرك للحاكم (536:4) نحوه.

27- وأقره الذهبي في تلخيص المستدرك.

ص: 41

28- فتح الباري في شرح صحيح البخاري (6: 358، 450، ج13 :83، 89، 87، 88، 93) نحوه.

29- تفسير ابن كثير(581:1) نحوه.

30- حلية الأولياء ( 94/712:2 ) نحوه مختصرا.

31-وقد صرحت بصلاة عيسى بن مريم خلف المهدي مصادر كثيرة جدا نذكر منها:

1- السيرة الحلبية.

2- روح المعاني.

3- الإعلام بحكم عيسى للسيوطي ( الحاوي 2: 297- 299).

4- حاشية فتح المبين (ص76، ط مصر 1307ه).

5- روح البيان في تفسير قوله تعالى «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ»(1)

6- وذكر في الكشاف نحوه.

7- أنوار التنزیل 2: 370 (لم يصرح بالاسم).

8- عيون المعجزات ص64، 141.

9- تفسير القمّي 1: 158.

10- مجمع البيان 2: 137.

11- تفسير الصّافي 411:1.

12- تفسير نور الثقلين 1: 473.

13- تفسير البرهان 1: 89/ ح 14.

14- عيون أخبار الرضا 2: 200 - 202، ب46، ح 1.

ص: 42


1- الزخرف: آية 61.

المثال الثاني: صحیح مسلم (2: 157/ح350)(1)

•بسنده عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي (صلى الله عليه [وآله]

وسلم):

«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " ، قَالَ : " فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ : تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ : لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَمِيرٌ لِتَكْرِمَةِ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةِ».

وفي ضوء ما أوردناه من روايات وإيضاحات - وفي سياق التفسير للمثال السابق

- نستطيع أن نفسر لفظة «الأمير» في هذا الحديث «بالإمام المهدي».

المثال الثالث: صحيح مسلم ( 32:18 ، 33/ ح 7264، 7266، 7267) • بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«یكون في آخر أمتي خليفة يَحثي المال حَثْيا، لا يَعُدُّه عددا»

•وبسنده عن أبي سعيد قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«من خلفائکم خلیفة یحثو المال حثیا لا یعده عدداً».

•وبسنده عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا:

قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): يكون خليفة من خلفائكم في آخر الزمان يحثُو المالَ ولا يَعُدُّهُ».

ص: 43


1- ط. 1992 م، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.

وقد أكدت الروايات المدونة في مصادر الحديث الأخرى أن الذي

(يحثي المال) في آخر الزمان هو (الإمام المهدي)...

ونستعين ببعض الأحاديث:

1- جامع الترمذي (4: 506ح 2232):

• بسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«يَكُونُ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ...»

- إلى أن قال -:

« فيجيء إليه الرجل فيقول : يا مهدي ! أعطني أعطني قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله».

2- مسند أحمد بن حنبل (3: 64 ح11490):

• بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله]وسلم) : «أبشركم بالمهدي، يبعث في أمتي، على اختلاف من الناس ولازل، في الأرض قسطا وعد، كما ملئت جورا وظلما...».

-إلى أن قال(صلی الله علیه وآله) -:

«فينادي مناد من له في المال حاجة؟

قال: فيقوم رجلٌ فيقول: أنا.

فيقال له: أنت السادن - يعني الخازن - فقل له: قال لك المهدي أعطني،

قال: فيأتي السّادن فيقول له، فيقال له: احتثي فيحتي...».

3- مستدرك الحاكم على الصحيحين (601:4/ 8673):

• عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال: «يَخرُجُ في آخِرِ أُمَّتي المهدِيُّ يسقيهِ الله الغَيثَ، وَتُخرِجُ الأرضُ نَباتَها، وَيُعطَى

ص: 44

الَمالُ صَحَاحاً، وَتَكثُرُ الماشِيَةُ، وَتَعظُمُ الاُمَّةُ، يَعِيشُ سَبعاً أَو ثَمانياً يعني حججاً».

قال الحاكم: «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه».

وقال الذّهبي في التلخيص: صحيحٌ .

4-مستدرك الحاكم (8675/601:4):

• عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«يكونُ في أمَّتي المهديُّ إن قصرفسبع والا فَتِسعٌ، تنعُمُ أمَتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي الأرض أكلها لا تَدَّخِرُ عنهم شيئا، والمال يومئذٍ کُدُوسٌ، يقومُ الرَّجُلُ فَيَقولُ: يا مَهدِيُّ أعطني فَيَقولُ: خُذ.»

5-دلائل النبوة للبيهقى (6: 514):

• عن سعيد بن جبير قال:

«سَمِعتُ عبدُ الله بنُ عباس ونحنُ نقولُ: اثني عشر أميرا ثم لا أمير، واثني عشر أميرا ثم هي الساعة، فقال ابن عباس: ما أحمقكم إن منا أهل البيت

بعد ذلك: المنصور والسفاح والمهدي يدفعها إلى عيسى بن مريم».

• عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«يخرجُ رَجُلٌ من أهل بيتي عند انقطاع من الزمانِ وظهورٍ من الفتن يقالُ لهُ:

السّفّاحُ، يكونُ عَطاؤهُ حثياً».

6- عقد الدّرر للمقدسي الشافعي (ص 61 ب4):

• عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«يكون عند انقطاع من الزمان، وظهورٍ من الفتَنِ، رجلٌ يقالُ لهُ المهديُ عطاؤهُ هنیّا.»

ص: 45

7- مجمع الزوائد (316/7 ):

•عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلّم):

«أبَشِّرُكُم بِالمهدي يُبعَثُ عَلى اختِلاف مِنَ النَّاس وَزَلازِلَ فَيَملاُ الأرض قسطاً وَعَدلًا كَمَا مُلِئَت جورًا وظلماً، يَرضَى عَنهُ سَاكِنُ السَّماء وساكنُ الأرض، يقسمُ المال صحَاحا، قال له رجل: ماصحاحًا؟ قال: بِالسَّونية بين الناس، وَيَملأ الله قُلُوب أمَّة مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه [وآله] وسلم) غَنَاء ويسعُهُم عَدلُهُ...».

8- الفتن لنعيم بن حماد (ه: 191، 193)؛

• عن طاوس قال: «عَلامَةُ الَمهدِي أن يَكُونَ شَدِيداً عَلَى العُمَّال جَواداً بالَمال،رَحيماً بِالمساكين».

• وعن قتادة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«إنَّه - يعني المهدي - سيُخرجُ الكُنُوزَ، وَيَقسِمُ الَمالَ، وَيُلقِي الإسلام بِجِرانه».

9- ومما يؤكد كون «الخليفة الذي يحثي المال» هو ( الإمام المهدي):

أ- كون الخليفة في آخر الزمان «يَكُونُ في آخر اُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحثِي الَمالَ» ومن الواضح أنّ الإمام المهديّ هو الخليفة الذي يظهر في آخر الزمان.

ب- كون الخليفة الذي يحثي المال في زمن يعم الخير والرّخاء والازدهار وتخرج الأرض كنوزها، وهذا ينطبق على عصر الإمام المهدي.

ج- الإمام المهدي هو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً...

ص: 46

المثال الرابع: صحيح مسلم (8: 661 باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت):

- بسنده عن عبيد الله بن القبطية عن أم سلمة أم المؤمنين قالت: قال رسول

الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): «یعوذُ عائذٌ بالبيت، فيُبعث إليه بعث،

فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ».

وقد ورد هذا الحديث بطرق متعددة في مصادر حديثية أخرى منها :

1- مسند أحمد بن حنبل: (6: 322/ ح26543)

2- جامع الترمذي: ( 4: 506/ ح2232).

3- مستدرك الحاكم: (4: 429، ط دار المعرفة بيروت).

4- تلخيص المستدرك للذّهبي: (بهامش المستدرك).

5- الفتن لنعيم بن حمّاد: (ص 202، 205، 206).

6- المعجم الأوسط للطّبراني: (449:4 / ح 4164).

7- المصنف لابن أبي شيبة: (8: ص 607/ح 105، ص 608/ ح 111، ص609/ ح115، 116).

8- السُنن لأبي عمرو الدّاني: (ص117، 200).

9- مشارق الأنوار للعدوي: (184، 185).

10- کنز العمّال: (14: 272/ 38698).

ص: 47

من هو العائذ بالبيت؟ والذي تخسف بأعدائه البيداء؟

من خلال قراءة الأحاديث المدوّنه في الكثير من المصادر الحديثية نفهم أنها

واردة في (الإمام المهدي).

ومن الأمثلة على ذلك:

1- سنن أبي داوود (4:107 ح4286، کتاب المهدي):

• بسنده عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) عن النبي

صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«يَكُون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، وبعث إليه بث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس لك أتاه أبدا الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه، بين الركن والمقام، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيب ممن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون». •قال أبو داود: (وقال بعضُهُم عن هشام: تِسعَ سِنيِنَ، وقال بعضُهُم: سبع

سِنِينَ).

ومن الواضح أن الحديث يُشير إلى (المهدي) ، ومما يؤكّد ذلك أن الحافظ

الترمذي قد وضع الحديث في كتاب المهدی.

2- المصنف لابن أبي شيبة (15: 45-46، ك الفتن /ح 19070):

•عن أم سلمة عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) - وذكر حديثا -جاء فيه أمر البيعة للمهدي، وخروج السفياني، والخسف بالبيداء.

ص: 48

3- سنن الدّاني (لوحات 104-106): عن حذيفة - في حديث - ذكر السفياني، وخسف البيداء وخروج المهدي في مكة.

4- مسند أحمد بن حنبل (ج6، ص316، ح 26731): •حديث أم سلمة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

«يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من المدينة هارب إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، فيبعث إليهم جيش من الشام فيخسف بهم بالبيداء، فإذا رأى الناس ذلك أتته أبدال الشام وعصائب العراق فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليه المكي بعثا فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب والخيبة من لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس شنة نبيهم (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، يمك تسع سنين»

قال حرمي: «أو سبع».

من الواضح جدا أنّ هذه المواصفات هي مواصفات «الإمام المهدي».

5- کنز العمال (14/ 272/ 38698):

• عن أبي هريرة - وذكر خروج رجل من أهل البيت ( إشارة إلى المهدي] وخروج السفياني، وما يحدث لجنده من خسف بیداء.

صحّح الحاكم في المستدرك (520/4) هذا الحديث ووافقه الذهبي.

6- مستدرك الحاكم (8586/565:4):

• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) -فی حديث جاء فيه:

ص: 49

«ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة فيبلغ الشفياني فيبعث إليه لجندا من جنده فيهز ممهم، فيسير إليه الشقياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من

الأرض خسف بهم، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم».

7- تاريخ المدينة المنورة لابن شبه البصري (ت/262ه):

عن عبد الله بن عمر: «إذا خُسِفَ بالجيش بالبيداء فَهو علامة خروج المهدي» تاريخ المدينة المنورة 1: 310.

8- الفتن لنعيم بن حماد (5: 177):

•عن علي [علیه السلام ]«إذا بعث السفيانيُّ إلى المهدي جَيشًا فَخُسِفَ بهم

بالبيداء،...».

- عقد الدّررفی أخبار المنتظر للمقدسي الشافعي (ص95 ب4، ف2):

• ذكرفی حديثٍ طويلٍ طائفةٍ من الحوادث منها السّفياني، وخسف جيشه

بالبيداء، وخروج المهديّ.

ومن الواضح أنّ مصنّف (عقد الدّرر) قد فهم أن الحديث يخص «الإمام

المهدي»، ولذلك دونه في أخبار المنتظر.

10- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (ب4 ف2 / ح15):

• عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام)- في حديث - ذكر خروج رجل من أهل بيته في الحرم [إشارة إلى المهدي] وجيش السفياني وما يحدث له من خسف بالبيداء.

11- المستدرك (4/520):

• أخرج الحديث السابق وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري

ص: 50

ومسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي على ذلك.

12- عقد الدّرر (81 ب4ف2):

• عن حذيفة - في حديث - ذكر الخسف وخروج المهدي في مكة.

الحديث في كتب مدرسة أهل البيت(علیه السلام) :

وإذا رجعنا إلى مصادر الحديث في مدرسة أهل البيت(علیه السلام)وجدناها تصرّح بأن (الخسف في البيداء ) أحد علامات قیام ( الإمام المهدي) ...

1- الروضة من الكافي ( 483/310:8):

•عن الإمام الصادق (علیه السلام): «خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزَّكيّة، واليماني».

2- كمال الدين للصدوق (650:2، ب57/ح7):

• بسنده عن عمر بن حنظله: «قبل قيام القائم خمس علامات محتومات...

وذكر العلامات ومنها الخسف».

3- الغيبة للطوسي (ص436/ح427):

• بسنده عن ابن حنظلة نحوه...

4- غيبة النعماني (ص304، ب18/ح14):

•عن أمير المؤمنين (علیه السلام) - في حديث ذكر المهدي والسفياني إلى أن قال: «ويأتي [يعني السفياني] المدينة بجيش جرار حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به...».

ص: 51

5- غيبة النعماني (ص257 ب14 ح15):

•عن الإمام الصادق(علیه السلام) - في حديث قال -: «والقائم من المحتوم، و خسف البيداء من المحتوم».

6- غيبة النعماني (ص 264 ب14 ح26):

• عن الإمام الصادق(علیه السلام): «من المحتوم الذي لا بُدَّ أن يكون من قبل قيام القائم: خروج السفياني، وخسف بالبيداء، وقتل النفس التركية، والمنادي من السماء».

7- كمال الدين (649:2 ب57 ح1):

•عن الإمام الصادق(علیه السلام): «خمس قبل قيام القائم - وذكر الخسف

بالبيداء».

8- کتاب الفضل بن شاذان (كما عن كفاية المهتدي - ص 212، ذيل الحديث 39):

• عن الإمام الصادق (علیه السلام) - في حديث طويل - ذكر السفياني والخسف وخروج القائم (علیه السلام) .

9- غيبة النعماني (289 - 290 ب16 ح6):

• عن الإمام الصادق (علیه السلام) - في حديث عن خروج القائم -: «إن قُدَّام هذا الأمر خمس علامات-وذكرخروج السفياني، والخسف بالبيداء...».

ص: 52

الخلاصة:

من خلال قراءة أحاديث ( الخسف في البيداء ) وأحاديث ( العائذ بالبيت)

نخلص إلى النتائج التالية:

النتيجة الأولى:

حديث (الخسف في البيداء) دوّنته أهم مصادر الحديث السنیةوالشيعية:

1- صحيح مسلم

2- سنن أبي داوود.

3- مسند أحمد بن حنبل.

4- مستدرك الحاكم وتلخيص المستدرك للذّهبي.

5- جامع الترمذي.

6- المصنف لابن أبي شيبة.

7- السُّنن لأبي داوود.

8- المعجم الأوسط للطبراني.

9- مشارق الأنوار للعدوي.

10 - الفتن لنعيم بن حماد.

11- عقد الدّرر.

12- کنز العمّال.

13- تاريخ المدينة المنورة لابن شبه البصري.

14- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان.

15- ومصادر شيعية كثيرة مرّ ذكرها.

ص: 53

النتيجة الثانية:

حديث العائذ بالبيت دونته أهم مصادر الحديث:

1- صحيح مسلم.

2- المستدرك على الصحيحين.

3- تحفة الأحوذي.

4- عون المعبود شرح سنن أبي داوود.

5- مسند ابن الجعد (علي بن الجعد بن عبيد).

6- المصنف /لابن أبي شيبة.

7- مسند ابن راهويه.

8- طبقات ابن سعد.

9- صحيح ابن حبَّان.

10- المعجم الكبير/ الطبراني.

11- کنز العمال.

12- تهذيب الكمال (عائد بالحجر).

13- مسند أحمد بن حنبل (عائد بالحجر).

النتيجة الثالثة :

تعددت ألفاظ الحديث بالنسبة لهذا العائذ بالبيت:

1-«العائذ بالبيت»كما في صحيح مسلم) (1)( 5:18، باب الخسف بالجيش . الذي يؤم البيت / ح 7189).

2-«رجلٌ من قریش» كما في صحيح مسلم) (2)(

5:18، باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت/ح 7193).

ص: 54


1- دار الكتب العلمية.
2- المصدر السابق نفسه.

3- «رجل من أهل المدينة» كما في سنن أبي داوود(1)(11: 375، کتاب المهدي/ ح4284).

4-«عائذٌ بالحجر»كما في مسند أحمد بن حنبل(2) (6: 290 ،حديث أم سلمة زوج النبي(صلی الله علیه وآله) ح26530). 5- «رجل من أمتي» كما في المستدرك للحاكم (ج 4 / ص 478).

6- «رجل من أهل بيتي» كما في المستدرك للحاكم (ج4 /ص565). 7- «ولي الله» كما في تفسير أبي بكر النقاش المقري.

8- «رجل من قريش له اتصال برسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)» كما في قصص الأنبياء لأبي الحسن الكسائي.

9- «رجل من ولدي» كما في قصص الأنبياء لأبي الحسن الكسائي.

10- «العائذ بمكة، كما في كتاب الفتن للحافظ نعیم بن حماد (ص202 الخسف بجيش السفياني).

11- «صاحب مكة» كما في كتاب الفتن للحافظ نعيم بن حماد (ص202/ الخسف بجيش السفياني) (ص217/ خروج المهدي من مكة إلى بيت المقدس والشام).

12- «عائذٌ بالحرم» كما في المستدرك ( 4: 475/ 8321).

13- «يبايع لرجل من أمتي بين الركن والمقام کعدة أهل بدر» كما في المستدرك (8328/478:4).

14- «المهدي» كما في عقد الدرر للمقدسي الشافعي (ص95 – 97 ب4 ف2).

15- في المصادر الشيعية صُرِّح باسم «المهدي» و«القائم» وهو الذي يبايع له بين الركن والمقام.

ص: 55


1- دار إحياء التراث العربي
2- المصدرالسابق نفسه.

انظر:

- الغيبة للفضل بن شاذان: (كفاية المهتدي 212 ذیل حديث 39)

- غيبة النعماني: 263، ب14/ ح25.

- الاختصاص للمفيد: 208، باب إثبات إمامة الأئمة(علیه السلام) .

- غيبة الطوسي:476-477/ح502 ، 454/ح463.

- الإرشاد للمفيد: ص391.

- کشف الأستار للمحدث النوري: ص180.

- البحار للمجلسي: 304:52، ب26/ ح 73.

- إثبات الهداة للحرّ العاملي: 514، ب32/ ح356.

النتيجة الرابعة:

أكدت المصادر الحديثية أن هذا «العائذ بالبيت»:

أ- يبایع له بين الرّكن والمقام.

ب- يعمل في الناس بسنة رسول الله(صلی الله علیه وآله) .

ج- ينشر الإسلام في زمانه.

- وهل هناك غير «الإمام المهدي» من يمتلك هذه المعطيات والمواصفات؟ المثال الخامس : أحاديث الدجال:

وإذا استعنا بأحاديث الدجال التي دونها البخاري في صحيحه، ودونتها المصادر الأخرى، وفهمنا - حسب ما جاء في نصوص أخرى - أن الدجال هو الذي يقود المعارك ضد الإمام المهدي، ويكون النصر للإمام المهدي؛ حيث يتمكن من قتل الدجال مستعينا بعيسى بن مريم(علیه السلام) ، نخلص إلى نتيجة بأن هذه الأحاديث تصلُح شاهدًا على صحة قضية «الإمام المهدي»:

ص: 56

1- صحيح البخاري(1) (ج3، 1272، کتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل/ح3377): •بسنده عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس أنها الا فماء

بارد ، وأما الذي يرى الناس أنها ماء بارد فنارٌتحرق، فمن أدرك منكم فليق

في الذي يرى أنها نارٌ فإنه عذب باردٌ».

2. سنن أبي داوود (426:2، کتاب السنة، باب في الدجال /ح4756 -

4757)

• عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم)يقول:

«إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر الدجال قومه وإني أنذرکموه، فوصفه لنا رسول الله (صلى الله عليه[ وآله] وسلم) وقال: لعله سيدركه من قد رآني وسمع كلامي. قالوا: يا رسول الله كيف قلوبنا يومئذ، أمثلها اليوم. قال: أو

خير».

• قام النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في الناس فأثنى على الله بما هو

أهله فذكر الدجال فقال: «أني لأنذرکموه وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه

أعور، وإن الله ليس بأعور».

3- مسند أحمد بن حنبل (389:5):

• عن حذيفة قال: ذكر الدجال عند رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) فقال:« لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، ولن ينجو أحد مما

ص: 57


1- طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.

قبلها إلانجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة و لاكبيرة، إلا

الفتنة الدجال».

4- مسند أحمد بن حنبل (242:1، 298):

• عن عبد الله بن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) كان يعلمهم الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول:

قولوا «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر،

وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات».

5- سنن ابن ماجه (ج 404:4-408، أبواب الفتن، باب فتنة الدجال/ ح4071۔ 4075):

• عن حذيفة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): «الدجال

أعور عين اليسري، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار». • عن أبي بكر الصديق قال: حدثنا رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): «أن الدجال يخرج من أرض بالشرق،...)

6- المستدرک للحاکم(1)(كتاب الملاحم والفتن)، دار الكتب العلمية..

(الجزء الرابع: الأحاديث 316، 317، 318، 319، 320، 321، 322،

362,353,346,345,342,340,339,338,337,336,335,334,332,329,328,327,324,323): جميع هذه الأحاديث ذكرت ( الدجال).

7- صحيح مسلم (ك الصلاة، ص 94، بما يستعاذ منه في الصلاة):

•بسنده عن طاووس عن ابن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه [وآله]

وسلم) كان يعلمهم هذا الدعاء: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم،

ص: 58


1- طبعة دار الكتب العلمية.

واعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك

من فتنة المحيا والممات».

8- صحيح مسلم (138:1، ك الإيمان، ب 72/ ح 249):

• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«ثلاث إذا خرجن، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في

إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض».

9- صحيح مسلم (179:8، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة / ح 1، 3،2 ،4):

• عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم)

علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تتذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة. قال [ صلی الله علیه وآله]:«إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات» فذكر الدخان، والدجال، والدائبة، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمين، تطرد الناس إلى محشرهم.

10- سنن الترمذي (507:4، ب 55، ما جاء في الدجال /ح 2234):

• عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله]وسلم) يقول: «إنه لم يكن نبي بعد نوح إلاقد أنذر قومه الدَّجال وإني اُنذرکموه...».

11۔ سنن الترمذي (508:4، ب56ح2235):

•عن ابن عمر قال: قام رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه...».

ص: 59

12- غيبة الطوسي (436/ ح426):

•عن أمير المؤمنين(علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) :«عشر قبل الساعة لا بد منها: السفياني، والدجال، والدخان، والدابة، وخروج القائم، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار من قعرعدن تسوق الناس إلى المشحر».

13- المحاسن للبرقي ( 90:1ب16 ح39):

• عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) - في حديث جاء فيه:

«من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا، قيل: وكيف يا رسول الله؟ قال: إن أدرک الدجال آمن به».

14- تفسيرعلي بن إبراهيم (198:1):

• عن الإمام الباقر(علیه السلام) في قوله «إنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أنَّ يُنَزِّلَ آيَةً» (1)«وسيريكم في آخر الزمان آيات منها: دابة في الأرض، والدجال، ونزول عيسى بن مريم (علیه السلام)، وطلوع الشمس من مغربها».

15- تفسيرالصافی (118:2، تفسير الآية 37 من سورة الأنعام):

• الحديث نفسه.

16- تفسیرنور الثقلين (تفسير سورة الأنعام الآية 37):

• الحديث نفسه.

17- البحار للمجلسي ( 209:52 ب 25علامات الظهورح 48): • الحديث الذي ذكره الطوسي في غيبته (تقدم).

ص: 60


1- الأنعام: آية 37.

18- الأمالي الخميسية لأحد علماء الزيدية في ذكر آخرالزمان (ج2:260-261):

• عن حذيفة [ الخبر موقوف على حذيفة] قال: «يا أيها الناس إن خروج الدجال أبين من طلوع الشمس، وغير الدجال أخوف لي عليكم، إن قبل خروج الدجال : فتنا تغربل الناس غربلة الحنطة، فما طار منها هلك، وما سقط منها هلك، وما ثبت منها نجا».

19- الفتن لنعيم بن حماد (7ب خروج الدجال ص292):

• عن حذيفة بن اليمان قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: «يخرج الدجال ثم عيسى ابن مريم (علیه السلام)».

6- النقطة السادسة: الو سلمنا أن قضية الإمام المهدي لم يعترف بها الشيخان

( البخاري ومسلم)،

ولم تدون في صحيحهما، فهل يُبرِّر هذا - من الناحية العلمية - رفض القضية؟ لا نجد أي مبرّرٍ علمي للرّفض...

لماذا؟

اولا:

الحديث الصحيح - وفق التعريف المعتمد عند العلماء في المدرسة السنية -

كما هو موجود في الصحيحين، فهو موجود في الكتب الحديثية الأخرى.

وقد جرت سيرة العلماء والفقهاء والباحثين والدارسين في مختلف الأزمان والأعصار على اعتماد (الأحاديث الصحيحة) المدونة في مصادر الحديث المعروفة کموطأ مالك، ومسند أحمد بن حنبل وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، وسنن أبي داوود وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه، وجامع الترمذي، وسنن البيهقي،

ص: 61

ومستدرك الحاكم، وغيرها من كتب الرواية والحديث.

وقد قسم العلماء في المدرسة السنية - الحديث الصحيح إلى سبع مراتب(1).

1- ما أخرجه الشيخان.

2- ما انفرد بإخراجه البخاري.

3- ما انفرد بإخراجه مسلم.

4- ما توفر على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

5- ما توفر على شرط البخاري ولم يخرجه.

6- ما توفر على شرط مسلم ولم يخرجه.

7- ما لم يخرجاه، ولم يتوفر على شرطهما أو شرط أحدهما.

فالعلماء لا يترددون في اعتماد الحديث الصحيح والعمل به وإن لم يرد في

الصحيحين، وقد أكدت ذلك كتب الاستدلال الفقهي، وكتب التفسير والعقيدة.

فالإصرار على رفض الأحاديث الصحيحة لمجرد غيابها عن الصحيحين ليسمن نهج العلماء والمحققين،بل هومن دأب أصحاب الأهواءوالمغرضين...

وحتى أولئك الرافضين لأحاديث المهدي؛ كونها مما أعرض عنها الشيخان ولم يدوناها في صحيحهما، هم أنفسهم لا يحكمون هذا المعيار في التعامل مع الكثير من النصوص والأحاديث، ومصنفاتهم شاهدة على ذلك...

فلماذا تتعدد المعايير والموازين؟!!

قد تشكل

- الأسباب المذهبية...

ص: 62


1- أبو عمرو: علوم الحديث 27 - الفائدة السابعة.

- الأسباب السياسية...

- الأسباب الذاتية...

- وأسباب أخرى لا نعلمها...

مؤثرات تربك ( المعايير والموازين العلمية) مما يؤدي إلى تشويش الرؤية

والمنهج في البحث.

ثانيا:

لم يرد عند واحد من علماء الحديث أن من أسباب الضعف في الحديث؛ عدم

وروده في الصحيحين، بل لا يشكل ذلك خللًا في تواتر الحديث..

فمن الأحاديث التي اعترف العلماء السُّتة بتواترها واعتبروها من أمور

الاعتقاد - رغم غيابها عن الصحيحين - حديث ( العشرة المبشرة بالجنة)...

اقرأ:

1- سنن أبي داوود (5: 28/ 4649، کتاب السنة).

2- جامع الترمذي (5: 648/ 3748، کتاب المناقب).

3- السنن الكبرى للنسائي: ( 8156/47:5 ، باب فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي) (5: 8206/58 ، باب فضائل عبد الرحمن بن عوف). 4- المستدرك على الصحيحين (3: 440، کتاب معرفة الصحابة).

- المعجم الأوسط للحافظ الطبراني (3: 108، حديث 2222).

6- کنز العمال (11: 638، 645، 646/ ح 33105، 33135، 33137).

ص: 63

ص: 64

العنصر الثالث : «الاختلاف والتعارض»

اشارة

ص: 65

ص: 66

لقد اعتمد المشككون في أسانيد أحاديث المهدي - فيما اعتمدوا - إشكال (الاختلاف والتعارض) بين تلك الأحاديث، الذي ينتج حالة (التهافت والتساقط) الأمر الذي لا يسمح بالاعتماد عليها والوثوق بها...

وهذا الإشكال يرتكز على مقولات أربع أساسية:

- لا مهدي إلا عيسى بن مريم.

- المهدي من ولد العباس.

- المهدي من ولد الإمام الحسن.

- الاختلاف في تحديد والد الإمام المهدي.

ونقرأ هذا الإشكال - إشكال الاختلاف والتعارض - عند بعض من

الكتاب المتأخرين:

1- محمد رشيد رضا في (تفسير المنار):

قال في سياق نقده لأحاديث المهدي: «وأما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر، والجمع بين الروايات فيه أعسر...»(1).

وحاول أن يبرهن على ( الاختلاف والاضطراب في أحاديث المهدي) باستعراض عدة شواهد:

الشاهد الأول : الاختلاف في تعيين الإمام المهدي :

- فالمشهور عند أهل السُنة أنه (محمد بن عبد الله) أو (أحمد بن عبد الله). - وعند الشيعة الإمامية أنه (محمد بن الحسن العسكري).

- وعند الكيسانية أنه(محمد بن الحنفية)(2).

ص: 67


1- محمد رشيد رضا: تفسير المنار 499:9.
2- المصدر نفسه 9: 501.

الشاهد الثاني : الاختلاف في نسبه:

- إنه من ولد الحسن.

- إنه من ولد الحسين.

- إنه من ولد العباس(1).

الشاهد الثالث: الاختلاف في ظهوره :

- إن ظهوره من المشرق.

- إن ظهوره من المغرب(2)

2- أحمد محمد الحوفي:

ومما ورد في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي):

«يبدو التناقض والاضطراب في الأحاديث الكثيرة التي رويت في شأن

المهدي»(3).

ويستشهد بأمثلة لهذا التناقض والاضطراب - حسب تعبيره -:

أ- الاختلاف في الاسم.

ب- الاختلاف في النسب.

ج- الاختلاف في الصفات.

د- الاختلاف في أنصاره.

ه- الاختلاف في مكان ظهوره(4).

ص: 68


1- المصدر نفسه 9: 502.
2- المصدر نفسه 503:9.
3- الحوفي: أدب السياسة في العصر الأموي، ص79.
4- المصدر نفسه ص 79 -80.

3- عبد الله بن زيد المحمود :

جاء في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر):

«أن من أسباب رد أحاديث المهدي كونها متناقضة متعارضة، ومختلفة غير

مؤتلفة...»(1). وجاء في الكتاب المذكور أيضاء :

«ومتى حاولت جمعها - يعني أحاديث المهدي - نتج لك منها عشرون مهدیا، صفة كل واحد غير الآخر، مما يدل بطريق اليقين أن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) لم يتكلم بها...»(2).

ص: 69


1- المحمود: لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشرص6 ، 12.
2- المصدر نفسه ص 51.

ص: 70

الإشكالية الأولى: نقد العنصر الثالث:

1- المقولة الأولى «لا مهدي إلا عيسى بن مريم»

ص: 71

ص: 72

يبدو أنه لا يوجد إلا حديث واحد في هذا المضمون...

- فقد جاء في (سنن ابن ماجه) بسنده عن أنس عن النبي (صلى الله عليه

[وآله] وسلم):

« لا يزداد الأمر إلا شدة, ولا الدنيا إلا إدبارا, ولا الناس إلا شحا, ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس, ولا مهدي إلا عيسى بن مريم»(1).

وبناء على وجود هذا الحديث يحصل التعارض والتنا في والتهافت بين

الأحاديث، فتتساقط ..

ولنا في نقد هذه الدعوى عدة ملاحظات:

الملاحظة الأولى:

يبدو واضحًا في دعوى التعارض اعتماد «لغة التهويل»:

- فأحاديث المهدي عند صاحب المنار متعارضة بدرجةٍ قويةٍ جداً بحيث يعسرالجمع بينها.

- وعند الحويفي متناقضة مضطربة.

- وعند المحمود متناقضة ومختلفة غير مؤتلفة.

وفي ذلك محاولة هادفة للإيحاء بوجود مشكلة حقيقية في أحاديث المهدي

المنتظر، لاسيما والقارئ - ربما - لا يملك خلفية واضحة حول حجم هذا التعارض وقوته.

وبهذا الإيحاء حاول هؤلاء الكتاب خلق حالة الشك والريبة حول قضية الإمام

المهدي، القضية المتأصلة في وعي المسلمين، والمتجذرة في وجدانهم.

ص: 73


1- سنن ابن ماجه 2: 1340/ 4039.

الملاحظة الثانية.

أصحاب هذه الدعوى - دعوى التعارض - لم يحكموا «المعايير العلمية في نقد الحديث»، ولو حكموا هذه المعايير لبدا إشكال التعارض إشكالا

«متهافتا» جدا، فالتعارض لا يكون «مستحكماً»، إلا إذا تكافأت الروايات «سنديا»...

فأين هو التكافؤ السندي بين حشدٍ كبيرٍ جدا من الروايات الصحيحة المعتبرة، وعددٍ قليلٍ جداً من الروايات الضعيفة غير المعتبرة؟ !!

وأين هو التكافؤ بين الأحاديث المتواترة الواردة في «الإمام المهدي» وحديث واحد ضعيف واه تفرد بروايته شخص مجهول؟!!

الملاحظة الثالثة:

حديث «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» قد تفرد بروايته (محمد بن خالد

الجندي) ... فما هي القيمة العلمية لرواية محمد بن خالد الجندي؟

يكاد يتفق أئمة الحديث على عدم اعتماد روايته:

1- فأبو الحسن محمد بن الحسن الأبري قال عنه في كتاب (مناقب

الشافعي):

«إنه غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين ويملأ الأرض عدلًا وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، وعيسى خلفه...»(1).

ص: 74


1- العسقلاني: تهذيب التهذيب 9: 121، 122/ 6099.

2-وقال عنه الحاكم «إنه مجهول» كما عن البيهقي(1).

وأورد الحاكم في المستدرك (4: ك الفتن والملاحم / الحديث 71، 72) حديث محمد بن خالد الجندي، وعقب عليه بقوله: «فذكرت ما انتهى إلى من علة هذا الحديث تعجبا لا محتجُّا به في المستدرك على الشيخين رضي الله عنهما، فإن أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع: حديث سفيان الثوري، وشعبة، وزائدة، وغيرهم من أئمة المسلمين عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أنه قال: «لا تَذهبُ الأيام واللّيالي حَتَّى يملك رَجُلٌ

مِن أهلِ بَيتِي... إلى آخر الحديث»(2).

3- وقال عنه الذهبي في (ميزان الاعتدال):

«قال الأزدي: منكر الحديث، وقال أبو عبد الله الحاكم: مجهول، قلت: حديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجه »(3).

4- وقال القرطبي في (التذكرة) باب في الخليفة الكائن في آخر الزمان

المسمى بالمهدي:

«فقوله (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) يعارض أحاديث هذا الباب»(4).

ثم نقل ما قيل في محمد بن خالد الجندي من سيئ القول(5).

وقال: «والأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم لها دونه»(6).

ص: 75


1- المصدر نفسه 9: 122، وكما ذكر ابن قيم الجوزية في المنار المنيف ص142، ف50
2- الحاكم: المستدرك 4: 489ك الفتن و الملاحم
3- الذهبي: میزان الاعتدال 3: 535/ 7479.
4- القرطبي: التذكرة 2: 616.
5- المصدر نفسه 2: 616، 617.
6- المصدر نفسه.

5- قال البيهقي عن الحديث:

«فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي وهو مجهول، عن أبان بن أبي عيّاش وهو متروك، عن الحسن عن النَّبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهديّ أصحّ البتة

إسنادًا(1).

6- وقال ابن حجر - صاحب الصواعق - عن حديث ابن ماجه:

«وقال البيهقي: تفرّد به محمد بن خالد، وقال الحاكم: إنه مجهول، واختلف عنه في إسناده، وصرح النسائي بأنه منكر، وجزم غيره من الحفاظ بأنّ الأحاديث التي قبله - أي الناصّة على أن المهديّ من ولد فاطمة - أصحّ

سنداً»(2).

7- وصف أبو نعيم في (الحلية) حديث ابن ماجه بالغرابة (3).

8- وقال الحافظ العسقلاني في (تقريب التهذيب):

في ترجمة محمد بن خالد الجندي أنه: «مجهول»(4).

9-قال الشيخ محمد الخضر حسين المصري في مقال له تحت عنوان

(نظرة في أحاديث المهدي) وقد تعرض إلى حديث «لا مهدي إلا عيسى»: «وهذا حديثٌ مصنوعٌ، فقد قال نقادّ الأسانيد كالحاكم: إنّ محمداً بن خالد رجلٌ مجهول، وقال ابن عبد البر: إنه متروكٌ، وقال الأزدي: منكر الحديث، وأخذ في مثل هذا بقول ابن حزم: إذا كان في سند الحديث رجلٌ مجروحٌ بكذبٍ أو غفلة أو مجهول الحال لا يحلّ عندنا القول به، ولا تصديقه، ولا

ص: 76


1- العسقلاني: تهذيب التهذيب 9: 122/ 6099.
2- ابن حجر: الصواعق المحرقة ص164.
3- حلية الأولياء 9: 61.
4- العسقلاني: تقريب التهذيب 2: 157/ الرقم 176.

الأخذ بشيئ منه»(1). وتناول أبوالفيض الغماري الشافعي في كتابه ( إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) هذا الحديث، ونقده نقداً علمیًّا دقيقاً، واثبت بطلانه بثمانية من

الوجوه(2):

- الوجه الأول: جميع طرق الحديث تتّصل ب «محمد بن خالد الجندي». - الوجه الثاني : وقد ضعّفه وطعن فيه رجال الجرح والتعديل باستثناء ابن

معين، وقد ردوا كلامه، ثم إن الجرح مقدّم على التعديل. - الوجه الثالث:الحديث ورد من غير طريقه بدون الزيادة المنكرة «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» كما أخرج ذلك الحاكم في المستدرك، والطبراني

في الصغير.

- الوجه الرابع، اضطراب السند.

- الوجه الخامس: الحديث منقطع، بناء على ترجيح رواية أبان بن صالح،

فأبان هذا لم يسمع من الحسن البصري كما قال ابن الصّلاح في أماليه. - -الوجه السادس: فيه الانقطاع أيضا بين يونس بن عبد الأعلى والشافعيّ. - -الوجه السابع: معارضة هذا الخبر للمتواتر المفيد للقطع ولا يمكن الجمع

بينهما.

- الوجه الثامن: خبر المهدي من الأخبار التي لا يمكن أن يدخلها النسخ،

فبعد أن ثبت صدور هذا الخبر عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم)،

كيف يصح أن يصدر نفيٌ لذلك، وهو الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.

ملاحظة:

للتوسع في فهم هذه الوجوه يُقرأ: إبراز الوهم المكنون 584 - 589.

ص: 77


1- مجلة التمدن الإسلامي - الصادرة عن جمعية التمدن الإسلامي / دمشق العددان 35، 36 المجلد 16/ محرم الحرام 1370ه.
2- إبراز الوهم المكنون ص 584.

الملاحظة الرابعة :

الحديث ورد في بعض مصادر الحديث بطريق آخر إلا أنه كان خالياً من عبارة (ولا مهدي إلا عيسى بن مريم).

• رواه الحاكم في المستدرك عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: «لا يزدادُ الأمرُ إلّا شِدَّةً، ولا المال إلا إفاضة، ولا تقوم الساعة إلا على شرارٍ من خَلَقِهِ»

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»(1). وقال الذّهبي في التلخيص: «صحيحٌ»(2).

• ورواه الحاكم أيضا عن أنس بن مالك عن النَّبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أنه قال: «لن يزداد الزمان الاشدَّةً، ولا يزدادُ الناسُ إلا شُحًّا، ولا تقومُ الساعةُ إلَّا على شرار الناسِ»(3).

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير بسنده عن أبي أمامة وليس فيه الزيادة

المذكورة.

ويتضح من هذا أن الزيادة في الحديث جاءت من قبل محمد بن خالد الجندي

المعروف بوضع الزيادات - كما عن بعض أئمة الجرح والتعديل -.

وفي ضوء هذه الملاحظات - الأربع - يسقط حديث «لا مهدي إلا عيسى»، وتبقى الروايات الأخرى الواردة في شأن «الإمام المهدي» سالمة من المعارض.

ص: 78


1- الحاكم: المستدرك 4: 486 - 487/ ح 8359/ 67 ، ك الفتن والملاحم
2- الذهبي: التلخيص (هامش المستدرك).
3- الحاكم: المستدرك 4: 488/ ح 8364/ 72، كتاب الفتن والملاحم.

2- المقولة الثانية «المهدي من ولد العباس»

ص: 79

ص: 80

من خلال قراءة «أحاديث المهدي» المدونة في بعض المصادر، نعثر على بعض الروايات تتحدث عن «مهدي من ولد العباس» عم النبي(صلی الله علیه وآله)، وهذه الطائفة من الأحاديث - لا شك - تتعارض مع الأحاديث القائلة بأن «المهدي» من عترة النبي(صلی الله علیه وآله)، وهكذا تتكون إشكالية «الاختلاف والتعارض» ممّا يبرّر رفض الأحاديث واتهامها بالوضع والتهافت...

ونستعرض بعض النماذج من تلك الأحاديث.

1- حدّث كعب الأحبار ولم يرفعه قال:

«المهدي من ولد العباس»(1).

2- وحدث عثمان بن عفان أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:

«المهدي من ولد العباس عمي»(2).

3- وحدث عبد الله بن عمر فقال:

«رجل يخرج من ولد العباس»(3).

4- وحدث عبد الله بن العباس عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أنه قال:

«هذا عمي - يعني العباس - أبو الخلفاء الأربعين، أجود قريش كفّا وأجملها، من ولده: السَّفَّاحُ، والمنصور، والمهدي، بي يا عمُّ فَتَحَ الله هذا الأمر، وسيَختِمُهُ بِرَجُلٍ من ولدكَ »(4).

ص: 81


1- الملاحم والفتن ص 103.
2- محب الدين الطبري: ذخائر العقبی ص206.
3- بن الوردي: خريدة العجائب وفريدة الغرائب ص199.
4- السيوطي: اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1: 434 - 435.

5- وحدث عبد الله بن العباس عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أنه

قال لعمه العباس:

«إن الله ابتدأ بي الإسلام، وسَيَختِمُهُ بِغُلامٍ مِن ولدِكَ وهُوَ الذي يَتَقَدَّمُ لعِيسى

ابن مَريَمَ»(1).

نقد هذه الأحاديث:

إن جميع هذه الأحاديث - وما في سياقها - ضعيفةٌ وساقطةٌ عن الاعتبار، وقد تناولها أئمة الحديث بالنقد والتجريح ولم يسلم منها شيئ.

(يُقرأ ثامر العميدي: أحاديث المهدي بكتب الفريقين)

فالحديث الأول (حديث كعب الأحبار) لا يحتج به لعدة أسباب:

أ- لأنه مقطوعٌ حيث ورد في سنده (عن شيخ) وهذا لفظ مبهم.

ب- إن كعباً لم يرفع الحديث إلى النَّبي(صلی الله علیه وآله).

ج- كعب الأحبار متّهمٌ في مروياته (تفسير الطبري145:22 ).

والحديث الثاني (حديث عثمان ) مردود عند جميع العلماء:

أ- أورده السيوطي في (الجامع الصغير) وقال عنه: «حديث ضعيف»(2).

ب- وقال ابن عدي عن محمد بن الوليد راوي الحديث أنه: «يضع الحديث، ويصله، ويسرق ويقلب الإسناد والمتون»(3).

ج- وقال الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد: «الحديث غريب، من حديث قتادة عن سعيد عن عثمان، وغريبٌ من حديث سليمان التميمي عن

ص: 82


1- الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 3: 323.
2- السيوطي: الجامع الصغير 2: 672/ 9242.
3- فيض القدير شرح الجامع الصغير6: 278/ 9242.

قتادة، تفرّد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم بهذا الإسناد»(1).

د- وقال ابن أبي معشر عنه: «هو كذّاب»(2). ه- وقال فيه السمهودي: «وضّاع»(3).

والحديث الثالث (حديث ابن عمر) فغير معتبر لعدة أسباب:

1- الإرسال.

2- الوقف.

3- لم يصرح فيه بالمهدي، وغير واضح أن الحديث في سياق المدح.

والحديث الرابع (حديث ابن عباس):

أ- فقد أورده السيوطي في الأحاديث الموضوعة وقال: «موضوع، المتهم به الغلابي»(4).

ب- وأورده ابن كثير في (البداية والنهاية) وقال: «وهذا أيضاً موقوفٌ، وقد رواه البيهقي عن طريق الأعمش عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً... وهذا إسنادٌ ضعيف»(5).

ج- وأورده الحاكم من طريق فيه إسماعيل بن إبراهيم المهاجر(6)، وقال الذهبي في التلخيص «إن إسماعيل مجمعٌ على ضعفه»(7) .

والحديث الخامس (حديث ابن عباس أيضا):پ

أ- ضعفه الذهبي في ميزان الاعتدال (1: 89/ 328).

ص: 83


1- الدارقطني: أطراف الغرائب والأفراد 1: 165/ ح211.
2- المصدر نفسه 6: 278.
3- المصدر نفسه 6: 278.
4- السيوطي: اللآلى المصنوعة 1: 434 - 435.
5- ابن كثير: البداية والنهاية 6: 246.
6- المستدرك 4: 514.
7- الذهبي: التلخيص «بهامش المستدرك 4: 514».

ب- وأخرجه الطبري في الذخائر (206) بطريقين كلاهما مرسل.

النتيجة :

في ضوء هذه المعالجة النقدية نستطيع أن ننفي «المقولة الثانية»، فدعوی التعارض تأسيسًا على هذه المقولة تبدو ساقطة لا تُشكل قيمة من وجهة نظر «المعايير العلمية في نقد الأحاديث».

ص: 84

3- المقولة الثالثة «المهدي من ولد الحسن السبط»

ص: 85

ص: 86

تعتمد إشكالية التعارض - فيما تعتمد - على هذه المقولة المدعومة ببعض الأحاديث، وإن كان السبرفي المصادر الحديثية لم يوفّر لنا إلا حديثا واحدا بهذا المضمون رواه أبو داوود في السُّنن وتفرد به.

قال أبو داود في سننه: «حدثنا عمر بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق، قال: قال علي - ونظر إلى ابنه الحسن - إن ابني هذا سيد كما سماه النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وسيخرج من صلبه رجل يُسمَّى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، ولا يشبهه في الخلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا...»(1).

فالحديث - بناء على صحته - یعارض الأحاديث القائلة بكون المهدي من ذرية الإمام السبط الشهيد الحسين بن علي (علیهما السلام).

ولنا حول هذه المقولة عدة ملاحظات:

الملاحظة الأولى:

الحديث لا يتكافأ - سندیّا - مع الأحاديث القائلة بكون المهدي من أولاد «الإمام الحسين، فهي أكثر عدداً، وأقوى شهرة، وقد دونتها مصادر الحديث بعشرات الطرق، واعتمدها الأئمة والحفّاظ، في حين ينفرد أبو داوود في رواية هذا الحديث.

تُقرأ المصادر التالية:

1- المنار المنيف ص148، رقم 328، ف50.

2- عقد الدّرر ص24، ب1.

3- ذخائر العقبي ص136.

ص: 87


1- سنن أبي داوود 4290/108:4 باب المهدي.

4- فرائد السمطين 2: 325/ 575، ب61.

5- القول المختصر 7: 37 ب1.

6- فرائد فوائد الفكر 2 ب1.

7- السيرة الحلبيّة 1: 193.

8- مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي 1: 196.

9- ينابيع المودة 492/224 ، ب56.

10- کشف الغمة 3: 259.

11- کشف اليقين 117.

12- إثبات الهداة 174/617:3، ب141.

13-حلیة الابرار54/701:2، ب41.

14- غاية المرام 17/694، ب141.

15- منتخب الأثر4/154 ، ب1.

ملاحظة :

اعتمدنا الأستاذ ثامر العميدي في سرد هذه المصادر، وإن كنا قد قمنا بعملية

التوثق من ذلك.

الملاحظة الثانية:

الحديث ساقط من الناحية السندية.

وذلك لعدة أسباب:

السبب الأول:

اختلاف النقل عن أبي داوود في هذا الحديث..

فقد رواه الجزري الشافعي في (أسنى المطالب) عن أبي داوود... وذكر «الحسین»

ص: 88

بدلًا عن «الحسن»(1)

السبب الثاني:

الانقطاع.. فراوي الحديث عن علي(علیه السلام) هو أبو إسحاق السبيعي، ولم تثبت روايته سماعًا عن أمير المؤمنين (2).

السبب الثالث:

الحديث يرويه أبو داوود عن مجهول حيث قال: «حُدِثتُ عن هارون».

الملاحظة الثالثة:

احتمال التصحيف واردٌ جداً في هذا الحديث، لتقارب اللفظين (الحسن

والحسين) في الكتابة سيما في الخط الكوفي(3).

الملاحظة الرابعة:

احتمال الوضع واردٌ بدرجةٍ كبيرةٍ، وربّما تقرّباً إلى (محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى)، حيث ورد في المصادر التاريخيّة أنّه ادّعى «المهدوية» زمان المنصور، وقد منعه الإمام الصادق(علیه السلام )عن ذلك، إلا أنه انطلق في دعواه، واجتمع حوله أناس كثيرون(4).

الملاحظة الخامسة:

الوسلّمنا بصحّة الحديث، فيمكن معالجة التعارض ورفعه، خاصة إذا فهمنا أن الإمام المهدي ينتمي إلى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) وأمه (فاطمة بنت

ص: 89


1- الجزري الشافعي: أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب61/168-165.
2- المنذري الشافعي: مختصر سنن أبي داوود 6: 162/ 4121.
3- صدر الدين الصدر: المهدي ص 68.
4- الجزائري: البراهين الاثنا عشر 3: 173.

الإمام الحسن) فالإمام الباقر حسيني الأب، حسني الأم، وبالتالي يصح نسبة الإمام المهدي (علیه السلام)إلى الإمام الحسن (علیه السلام) كما انتسبت الذرية النبوية إلى الرسول الأكرم (صلی الله علیه وآله) عن طريق الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام، وكما انتسب نبي الله عيسی(علیه السلام) إلى الأنبياء (عليه السلام) عن طريق أمه مريم عليها السلام(1).

قال تعالى:

«وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ»الأنعام 84 - 85.

ص: 90


1- ثامر العميدي: أحاديث المهدي بكتب الفريقين، مجلة تراثنا العددان 43، 44، ص 62، 63.

4- المقولة الرابعة «اختلاف الأحاديث في تسمية والد الإمام المهدي»

ص: 91

ص: 92

المقولة الأهم - كما يبدو- وفي سياق مقولات هذه الإشكالية - إشكالية الاختلاف والتعارض - هي هذه المقولة.

وذلك لمبررين:

البرر الأول:

وجود نسبة من الأحاديث تقول بأن اسم والد الإمام المهدي هو «عبد الله» خلافاً للقول المعروف عند الشيعة بأن والد الإمام المهدي هو «الإمام الحسن العسكري».

المبرر الثاني:

هذه الأحاديث مدوّنةٌ في مصادر الفريقين ( السنة والشيعة)...

ونضع بين يدي القارئ طائفة من هذه الأحاديث:

(1) عن عبد الله بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم)قال:

«لأتذهبُ الدنيا حتى یَبعثَ اللهُ رَجُلًا من أهل بيتي یواطیُ اسمُهُ اسمي واسمُ أبيه اسمَ أبي».

من مصادر الحديث:

1- ابن أبي شيبة 15: 198/ 19493.

2- مسند الصحابة ص71.

3- الطبراني: المعجم الكبير 10: 133/ 10213.

- الحاكم في المستدرك 4: 442.

5- عقد الدرر 29 ب2.

ص: 93

عن عبد الله بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«لا تقُومُ الساعَةُ حتَّى يملكَ الناسَ رجُلٌ من أهل بيتي، یواطیُ اسمُهُ اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي...».

من مصادر الحديث:

1- سنن أبي عمرو الدّاني 94 - 95.

2- تاريخ بغداد 1: 370.

3- العلل المتناهية 2: 856/ 1434.

4- موارد الظمآن 464/ 1878

(2) عن عبد الله بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال: «المهدي يواطیُ اسمُهُ اسمي، واسمُ أبِيهِ اسمَ أبي».

من مصادر الحديث:

- ابن حمّاد ص101.

- تاريخ بغداد 5: 391.

- القول المختصرص4/ ح4 ب1.

- كنز العمال 14: 268/ 38678 .

- الإذاعة ص133.

النقد والمناقشة:

لنا حول هذه المقولة مجموعة ملاحظاتٍ:

الملاحظة الأولى:

من خلال متابعة الأحاديث الواردة في المصادر الشيعية، لم نعثر على حديث

ص: 94

واحدٍ يعتمد الطرق الخاصة عند الشيعة ويؤكّد هذه المقولة، وما أوردوه في كتبهم لم يتجاوز عملية النقل عن المصادر السنية، ومن خلال طرقهم فقط،وهكذا ينحصر تدوين هذه الأحاديث ببعض المصادر السنية.

وتأكيدا لما ندعيه نُشير إلى بعض النماذج:

1- کشف الغمة ج3: 261 عن (أربعين أبي نعيم).

2- غاية المرام ص700، ب141/ ح 92 عن (أربعين أبي نعيم).

3- حلية الأبرار 703:2، ب 54/ ح56 عن (أربعين أبي نعيم).

4- البحار 82:51 ، ب1/ ح 21 عن (کشف الغمة)، وهو بدوره عن (أربعين أبي نعيم).

5- غيبة الطوسي ص112 عن (محمد بن إسحاق المقري).

6- العمدة 907/432 عن ( الجمع بين الصحاح الستة).

7- کشف الغمة 3: 228 عن (أبي داوود والترمذي).

: 264 عن (أبي نعيم).

: 266 عن (بيان الشافعي).

8- ملاحم ابن طاووس ص74، ب162 عن (ابن حماد) برواياته الثلاث.

الملاحظة الثانية:

تواجه الأحاديث التي اعتمدتها هذه المقولة عدة إشكالاتٍ سندية:

الإشكال الأول:

هذه الأحاديث لا تتكافأسنديا مع العدد الهائل من الأحاديث التي خرّجها وصحّحها أئمة الحديث وحفاظ الرواية، ولم يوردوا فيها هذه الزيادة «اسم أبيه اسم أبي» وإنما اقتصروا على عبارة «يواطئ اسمه اسمي»فقط.

ص: 95

تقرأ المصادر التالية:

1- مسند أحمد بن حنبل 1: 376.

2- جامع الترمذي 4: 505، ب52/ ح 2231.

3- ملاحم ابن المنادي ص 41.

4۔ مسند الصحابة ص71.

5- الطبراني في المعجم الكبير 10: 165/ ح 10220.

6- ذكر أخبار إصبهان لأبي نعيم 1: 329.

7- الخطيب البغدادي 4: 388.

8- عقد الدرر ص28 - 31، ب2.

9- مطالب السؤول 2: 81.

10- بيان الشافعي 481، ب1.

11- فرائد السمطين 2: 326 - 327/ ح 576.

12- عرف السيوطي، الحاوي 2: 59.

13- الدر المنثور 6: 58.

14- جمع الجوامع 903:1.

15- کنز العمال 14: 271/ ح 38692.

16- برهان المتّقي ص90/ ح4ب2.

17 - الإذاعة ص125.

18- تحفة الأحوذي486:6/ح 2332، ب 44.

19- المغربي ص565/ح42.

20- مسند الفردوس.

ص: 96

الإشكال الثاني

لقد صرح الكثير من الحقاظ بعدم وجود هذه الزيادة...

قال المقدسي الشافعي بعد أن أورد الحديث الأول:

«أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم، ومنهم الإمام أبو عيسى في (جامعه)، والإمام أبوداوود في (سننه)، والحافظ أبو بكر البيهقي، والشيخ أبو عمرو الدّاني، كلّهم هكذا»(1) يعني بدون زيادة «واسم أبيه اسم أبي».

وقال أيضا:

«وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني في (مسنده) وقال: ( رجلاً منّي)

ولم يذكر: (واسم أبيه اسم أبي)...»(2).

وقال بعد أن أورد حديث عبد الله بن مسعود (لا تَذهبُ الدُّنيا حتَّى يَملكَ رَجُلٌ مِن أَهلِ بيتي يُواطئُ اسمُهُ اسمِي):

«أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في (معجمه الصغير) هكذا»(3) أي بدون ذكر الزّيادة.

وقال الكنجي الشافعي في كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزمان):

«وقد ذكر الترمذي الحديث ولم يذكر قوله (واسم أبيه اسم أبي)، وذكره أبو داوود، وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الأخبار ( اسمه اسمي فقط، والذي رواه (واسم أبيه اسم أبي) فهوزيادة، وهويزيد في الحديث»(4).

ص: 97


1- المقدسي الشافعي: عقد الدرر، ص27 ب2.
2- عقد الدرر: ص28 ب2.
3- عقد الدرر: ص28.
4- الكنجي الشافعي: البيان، ص92 - 93.

الأشكال الثالث

إنّ العمدة في هذه الأحاديث المشتملة على الزيادة المذكورة هوما رواه عاصم بن أبي النّجود - حسب القراءة الاستقرائيّة -.

وقد قام بعض الحفّاظ بجمع طرق الحديث المنتهية إلى عاصم، فكانت متّفقة

على روايته بلفظ «اسمه اسمي» بدون الزّيادة المذكورة.

قال الكنجي الشافعي في كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزّمان):

«وجمع الحافظ أبونعيم طرق هذا الحديث عن الجم الغفيري (مناقب المهدي)، كلّهم عن عاصم بن أبي النّجود عن زرّ عن عبد الله عن النَّبيّ (صلى الله عليه [وآله] وسلّم):

- فمنهم سفيان بن عيينة كما أخرجناه، وطرقه عنه بطرقٍ شتّى.

- ومنهم فطر بن خليفة، وطرقه عنه بطرقٍ شتى.

- ومنهم الأعمش، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني، وطرقه عنه بطرق شتى. - ومنهم حفص بن عمر.

- ومنهم سفيان الثوري، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم شعبة، وطرقه عنه بطرقٍ شتّی.

- ومنهم واسط بن الحارث.

- ومنهم يزيد بن معاوية أبوشيبة له فيه طريقان.

- ومنهم سليمان بن قرم، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم جعفر الأحمر، وقيس بن الربيع وأسباط جميعهم في سند واحد.

- ومنهم سلام أبو المنذر.

- ومنهم أبوشهاب محمد بن إبراهيم الكناني، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم عمر بن عبيد الطنافسي، وطرقه عنه بطرق شتى.

ص: 98

الملاحظة الثالثة :

ليس من المجازفة العلمية أن نتهم هذا اللون من الأحاديث بالوضع، ولعل من المبرّرات التاريخية ما يدعم هذا الاتهام؛ ففي قراءة للتاريخ نجد أن هناك شخصيتين بارزتين أدعي لكل منهما «المهدوية»وهما:

1- محمد بن عبد الله بن الحسن المثني الذي ثار في زمن المنصورالعباسي (136 - 158ه) وانتهت ثورته بقتله سنة (145ه).

2- محمد بن عبد الله المنصور الخليفة العباسي الملقب ب «المهدي» (158ه - 169ه)(1).

ومن المعروف في الدراسات التي تناولت «أسباب الوضع» أن الكثير من الاتجاهات الدينية والفكرية والسياسية مارست توظيف «العامل الديني» في خدمة أهدافها.

ونظراً لكون مسألة «المهدي» من المسائل المتأصلة في وعي المسلمين، ومن القضايا المتجذِّرة في الوجدان الشعبي؛ بفعل النصوص المعتبرة الصحيحة التي تلقّاها المسلمون - منذ جيل الصحابة - فقد حاول البعض من أصحاب الأهداف المشبوهة استغلالها لصالح أهدافهم وأغراضهم.

ولنا في تأكيد هذا الاحتمال في اتهام الأحاديث المشتملة على الزيادة بأنها

موضوعة، بعض الشواهد:

أ- من المعروف أن (محمد بن عبد الله الحسني) كان في لسانه (رُتَّة)(2)لذا كان الوضع يفرض أن يكون الحديث هكذا: «إن المهدي اسمه محمد بن عبد الله في لسانه رُتَّة».

ص: 99


1- ثامر العميدي: مجلة تراثنا العددان 43 - 44 ص50.
2- المصدر نفسه، ص 54.

- ومنهم أبو بكر بن عياش، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم أبو الجحّاف داوود بن أبي العوف، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم عثمان بن شبرمه، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم عبد الملك بن أبي عيينة.

- ومنهم محمد بن عياش عن عمرو العامري، وطرقه عنه بطرق شتى.

- ومنهم عمرو بن قيس الملائي.

- ومنهم عمار بن زريق.

- ومنهم عبد الله بن حكيم بن جبير الأسدي.

- ومنهم عمر بن عبد الله بن بشر.

- ومنهم أبو الأحوص .

- ومنهم سعد بن الحسن بن أخت ثعلبة.

- ومنهم معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن عاصم.

- ومنهم يوسف بن يونس.

- ومنهم غالب بن عثمان.

- ومنهم حمزة الزيات.

- ومنهم شيبان.

- ومنهم الحكم بن هشام.

ورواه غيرعاصم عن زِرّ وهو عمرو بن مرة عن زر كل هؤلاء رووا(اسمه

اسمي) ...

إلا ما كان من عبيد الله بن موسى عن زائدة عن عاصم فإنه قال فيه: (واسم أبيه اسم أبي) ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمة على خلافها والله العالم»(1).

ص: 100


1- الكنجي الشافعي: البيان في أخبار صاحب الزمان، ص 94 - 96.

یُقرأ:

مقاتل الطالبيين 163 – 164 (كما عن معجم أحاديث المهدی ج1 ص 191).

ب- ذكر صاحب الأغاني ( 81:12 ):

«لما أراد المنصور البيعة للمهدي، وكان ابنه جعفر يعترض عليه في ذلك ، فأمر بإحضار الناس فحضروا، وقامت الخطباء فتكلموا، وقالت الشعراء فأكثرت في وصف المهدي، وفيهم مطيع بن إياس، فلما فرغ من كلامه في الخطباء وإنشاده في الشعراء قال للمنصور: يا أمير المؤمنین حدثا فلان عن فلان أن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال: (المهدي منا محمد بن عبد الله وأمه من غيرنا، يملأها عدلا كما ملئت جورا) وهذا العباس بن محمد أخوك يشهد على ذلك، ثم أقبل على العباس فقال له: أنشدك الله هل سمعت هذا؟ فقال: نعم مخافة من المنصور، فأمر المنصور الناس بالبيعة للمهدي، قال: ولما انفض المجلس وكان العباس بن محمد لم يأنس به قال: أرأيتم هذا الزندّيق - ويعني مطيعًا - إذ كذب على الله عزّ وجلّ ورسوله (صلى الله عليه[وآله] وسلم) حتى استشهد على كذبه فشهدت له خوفًا، وشهد كل من حضر علي بأني كاذب».

يُقرأ:

الكنجي: البيان في أخبار صاحب الزمان (الهامش) ص96.

الملاحظة الرابعة :

يحاول البعض من الدارسين أن يحتمل «التصحيف» أو «التحريف» في لفظة«ابي»(1).

فقد ورد في كتاب (بشارة المصطفى) عن النَّبيّ (صلی الله علیه وآله)

أنه قال:

ص: 101


1- الجزائري: البراهين الاثنا عشر 3: 165 - 166.

«اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم ابني، وهو من ولد ابنتي، يُظهر الله الحقّ بهم،ويخمد الباطل بأسيافهم»(1).

فمن المحتمل أن لفظة «ابني» تحولت إلى لفظة «أبي» إما تصحيفًا أو تحريفاً،خاصة وأن مبرّرات التحريف السياسية والمذهبية متوفرة.

وممن أشار إلى احتمال التصحيف الحافظ الكنجي الشافعي حيث قال: «ويُحتمل أنه قال: اسم أبيه اسم ابني أي الحسن ووالد المهدي اسمه حسن، فيكون الراوي قد توهم قوله ابني فصحفه فقال أبي، فوجب حمله على هذا جمعًا بين الرّوايات وهذا تكلف في تأويل هذه الرواية، والقول الفصل في ذلك، أن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع (واسمه اسمي) ...»

يُقرأ:

البيان في أخبار صاحب الزمان ص 94.

الملاحظة الخامسة:

إنّ الاختلاف في التفصيلات في مسألة ( الإمام المهدي) فيما هو الاختلاف في صفاته، علامات ظهوره... إلى آخره، لا يعطي مبرِّراً للشّك في أصل المسألة...

فالاختلاف و تفصیلات «العقيدة بالله سبحانه» هل يعطي مبرّراً للشك في

أصل العقيدة بالله سبحانه؟

والاختلاف في تفصيلات «العقيدة بالنبوة» هل يعطي مبرّراً للشك في أصل العقيدة بالنبوة...؟

وهكذا الاختلاف في تفصيلات «العقائد الدينيّة الصحيحة الثابتة»...

(1)

العنصر الرابع: «اتهام الشيعة بوضع الأحاديث»

اشارة

ص: 102


1- الطبري: بشارة المصطفى، ص19 (كما جاء في البراهين 3: 166).

ص: 103

المقولة الاولی «اتّهام العقل الشیعی بانتاج فکرة المهدی»

اشارة

ص: 104

ص: 105

ص: 106

تتّجه الإشكاليّة الأولى إلى اتهام «العقل الشيعي» بإنتاج «فكرة المهدي المنتظر»،فالمسألة وفق هذه الإشكالية تمثل «أسطورة» نسجت في داخل «المخيال الشيعي»، ثم فعلت ضمن منظومة «الفكر الديني» مدعمة بحشد كبير من النصوص والرّوايات؛ مما أعطى للفكرة تجذّراً في عمق «الوجدان الشيعي»، الأمر الذي أتاح لهذه الفكرة - الأسطورة - أن تتحول عقيدة متأصلة شكلت معلمًا بارزًا في البنية الإيمانيّة عند الشيعة.

فالفكرة - فكرة المهدي - خرافةٌ لا تملك سنداً دينيّا، يضعها في سياق الأفكار والمفاهيم الإسلامية، وكل ما اعتمدته النظرية الشيعية لأسلمة الفكرة مجموعة أحاديث موضوعة، ومن داخل «الفكر الشيعي» تسرّبت - بفعل عدة مؤثرات إلى داخل «العقل السني».

نقرأ هذه المقولة في كلمات عدد من الكتاب والباحثين :

1- أحمد أمين في كتابه (ضحى الإسلام):

حيث قال:

«ففي نظري أنها [فكرة المهدي] نبعت من الشيعة وكانوا البادئين

باختراعها»(1).

وقال أيضا:

«الشيعة هم الأساتذة الأولون في هذا الموضوع [يعني موضوع المهدي

المنتظر]...»(2).

ص: 107


1- أحمد أمين: ضحى الإسلام 3: 241.
2- المصدر نفسه 3: 242.

2- عبد الله بن زید المحمود - رئيس المحاكم الشرعية في قطر- في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خیرالبشر):

حيث قال:

«وإنّ أصل من تبنى هذه الفكرة - يعني فكرة المهدي - والعقيدة هم الشيعة، الذين من عقائدهم الإيمان بالإمام الغائب المنتظر يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً»(1).

2- أحمد محمد الحوفي في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي):

حيث قال:

«هذه العقيدة [يعني المهدوية] عاصرت الشيعة منذ فجرهم الأول، وجعلت

تتمشّى مع فرقهم»(2).

وقال:

«ذلك لأن الشيعة أقاموا العقيدة في المهدي المنتظر دعامة من دعائم مذهبهم»(3).

4- عبد الحسيب طه حميدة في كتابه (أدب الشيعة ):

حيث قال:

«والجديد في عقيدة المهدية أنها نشأت بعد قتل الحسین (رضي الله عنه) فلم نسمع عنها إلا في الأدب الكيساني»(4).

ص: 108


1- عبد الله بن زيد المحمود: لا مهدي" ينتظر بعد الرسول خير البشر، ص3.
2- أحمد الحوفي: أدب السياسة في العصر الأموي، ص 70.
3- المصدر نفسه.
4- عبد الحسين طه حميدة: أدب الشيعة، ص 115.

وقال:

«ثم صارت عقيدة الفرق الشيعية جميعها»(1).

5۔ محمد أبوزهرة في كتابه (الإمام الصادق)؛

حيث قال:

«وفكرة المنتظر قالها أكثر الشيعة على اختلاف فرقهم»(2).

6- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة:

جاء فيها :

«غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه [المهدي] غير موجودٍ أصلًا، وأنه من اختراعات الشيعة، ويطلقون عليه لقب ( المعدوم أو الموهوم)...»(3).

7- العقود الياقوتية لابن بدران الحنبلي (ت/1346):

جاء في هذا الكتاب [وهو إجابات على عشرين سؤالًا/ السؤال الثاني متعلق

بالمهدي]:

«وما أتت الداهية إلّا من قبلهم [يعني الشيعة]، وغالب أحاديث المهدي مروية من طريقهم، ولم يسر ذلك لصاحبنا [ العلامة السفاريني] إلا من جهتهم، فسلامة صدره هي التي أوصلته إلى هذا المدعى...».

8- الشيخ محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت / 1379) في كتابه

تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة):

وقد تناول مسألة «المهدي المنتظر» ضمن موضوعات هذا الكتاب (69 - 60).

ص: 109


1- المصدر نفسه.
2- محمد أبو زهرة: الإمام الصادق، ص 238.
3- الموسوعة الميسرة: ص300.

ويذهب محمد الطاهر إلى أن «قصة المهدي نبتت بعد مقتل سيدنا الحسين بن علي علي(علیهما السلام)، وبعد ظهور بني أمية، واستتباب الأمر السياسي لهم، وانصياع معظم العرب لسلطانهم، فتفرق شيعة الهاشميين في البلاد على حنقٍ وغيظ، ودبّروا لنجاح دعوتهم لبني هاشم بين الأعاجم، وكان لا بد لتعزيز دعوتهم واستجابة الناس لهم من اختلاق الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) والسّلف الصالحين، وشاعت هذه الأخبار في الناس حتى رواها المحدّثون، وعرفها الخاصّ والعام...»(1).

9- عبد الكريم الخطيب في كتابه (المهدي المنتظر ومن ينتظرونه):

جاء في خاتمة كتابه (ص112):

«كان للآراء المتطرفة من فرق الشيعة، وللشطحات الشيطانية المتشنجة في طرق المتصوفة، ثم لتخرصات المنجمين؛ ما أشاع بين المسلمين من أمر المهدي الذي يظهر وقد ساد الظلم والاستبداد وغطى وجه العالم، فيطلع على الدنيا كما تطلع الشمس، فيبدد الظلام، ويملأ الأرض عدلا، ثم حدث ما كان من القول بظهور الدجال الذي يعقب المهدي فيفسد كل ما أصلح، وينشر راية الكفر، ويجئ المسيح، ويقتل الدجال، وينشر الإسلام، ويصلي خلف إمام المسلمين... وكل هذه المقولات من مستولدات عقول مريضة، ومعتقدات فاسدة، فلا المهدي ولا المسيح الدجال ولا المسيح بن مريم يوم يكون لهم مكان في هذه الدنيا بعد أن جاء محمد صلوات الله وسلامه عليه بالرسالة الخاتمة، وكان خاتم النبيين...».

10- عبد المنعم التمر في كتابه ( الشيعة، المهدي، الدروز، تاريخ ووثائق)

ط 2 سنة 1988م.

قال:

«وجدنا بعض الشيعة من أتباع الحسن والحسين يعزّ عليهم أن يؤول الأمر نهائيًّا

ص: 110


1- نقلا عن الدكتور الحمش في المهدي المنتظر ص 176 - 177.

إلى الأمويين، ورأوا أن ذلك سيزرع اليأس في نفوس المتعلقين من الشيعة بذرية علي من السيدة فاطمة، فاخترعوا فكرة مهدي لهم سيظهر ويستولي على الحكم، لتظل نفوس الشيعة متعلقة بعودته على فكرها الشيعي، واخترعوا بعض الأحاديث النبوية التي تؤيّد هذا وأشاعوها ليحاربوا بها بني أمية، ويفضوا الناس من حولهم»(1).

ص: 111


1- نقلا عن الزاملي: الإمام المهدي بين الإثبات وعاصفة الشبهات ص330 (ط 1 بيروت - لبنان).

نقد المقولة الأولى

في سياق نقد المقولة التي تتهم (فكرة المهدي) بأنها من إنتاج «العقل الشيعي»، وأن الأحاديث الواردة حول هذه الفكرة هي من اختلاق الشيعة، نضع هذه الملاحظات:

الملاحظة الأولى:

لا نرفض أن تكون هذه العقيدة - عقيدة المهدي - أحد مكونات «العقل

الشيعيّ».

لماذا؟

لأننا نفهم أن «العقل الشيعي» في كل مكوناته العقيدیة والفكرية هو تعبيرٌ أصيلٌ عن «العقل الإسلامي»، وفي ضوء هذا الفهم تكون «عقيدة المهدي» عقيدة إسلامية أصيلة كما برهنت على ذلك نتائج البحث في هذا الكتاب.

فأن يُتهم «العقل الشيعي» بالتعالي مع هذه الفكرة فتلك تهمة لا يتبرأ منها هذا العقل، ما دام هو تعبير عن أصالة العقل الإسلامي بكل نتاجاته، وما يتشكل عنها من رؤى وأفكار وتصورات.

الملاحظة الثانية:

إذا كان هناك إصرارٌ على اتهام «العقل الشيعي» بعدم الأصالة، واتهام الكثير من معطياته العقيدة والفكريّة كذلك، وبذلك تكون «عقيدة المهدي» وهي واحدةٌمن نتاجاته غير الشرعية، عقيدة طارئة دخيلة نسجتها الذهنية الشيعية في مرحلة مبكرة من تاريخ تشكل «النظرية الشيعية».

في ضوء هذا الإصرار يمكن أن نقول:

ص: 112

ليس من الإنصاف العلمي هذا الإلحاح في اتهام «عقيدة المهدي» بأنها «بدعة شيعية»، فيما نجدها تعيش في «عقل المسلمين» وفي كل «وجدانهم»، ومنذ مرحلة مبكرة في تاريخ الرسالة.

وحسب تعبير ابن خلدون:

«اعلم أن في المشهور بين الكاقة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بدفي آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي»(1).

ولعل في هذا التجدر لهذه الفكرة - فكرة المهدي- في ذهنية الأمة، وفي عمق وجدانها، ومنذ المرحلة المبكرة في تاريخ المسلمين ما يؤكد «أصالتها»، فليس من السهل الفكرة «طارئة» أن تمتلك هذا «الحضور» الأقوى في الوعي وفي الشعور وفي كل الواقع، مهما توفّرت عليه هذه الفكرة من إمكانات وقدرات.

الملاحظة الثالثة :

إنّ مسألة - كما هي مسألة الإمام المهدي - احتضنتها الصّحاح والسّنن

والمسانيد، وكتب التفسير واللغة والأدب، ومدوّنات التاريخ والتراجم والسّير(2).

وأسندت إلى عدد وافر من الصحابة والتابعين(3).

وأكد صحتها الحفاظ وأئمة الحديث(4).

وصرح بتواترها الكثير من نُقاد الرواية(5).

وألفت في تدوين أخبارها الرسائل والمصنفات.

ص: 113


1- ابن خلدون: المقدمة، ص 311/ ف52.
2- انظر: (أحاديث المهدي العامة) ج 1 ص 275 من أبحاث هذا الكتاب.
3- انظر: منظومة الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي / ج 1 ص 73 من أبحاث هذا الكتاب.
4- انظر: منظومة العلماء الحفاظ الذين دونوا أحاديث المهدي / ج1 ص 507 من أبحاث هذا الكتاب
5- انظر: تواتر خبر المهدي / ج 1 ص 95 من أبحاث هذا الكتاب.

واشتهرت وذاعت وتحرّكت في كلّ التاريخ.

ثم بعد هذا كلّه.

فهي لا تمثل سوى «بدع شيعية»، ولا تشكل سوی «خدعة فكرية»، هذا اللون من التفكير فيه «استغفال» للعقل، و«استهجان» للوعي.

إن اتهام الفكرة بأنها «شيعية الهوى» مغالطةٌ علميةٌ فاضحة، إلا إذا فهمنا «الهوى الشيعي» بأنه تعبير عن «هوى الإسلام»، وعند ذلك لا نرفض أن تكون «عقيدةالمهدي» شيعية الهوى.

الملاحظة الرابعة :

إن الإصرار على رفض الفكرة - فكرة المهدي - وإنكارها، وتجاوز كل النصوص الثابتة - كماهومبرهن عليه في هذا الكتاب - يعبر عن «عقم فكري» تأسف له «معايير البحث العلمي»وقيم النقد وأخلاقياته، والعقم الفكرى ينشأ من خلال هيمنة «الموروثات» مما يصادر «إنتاجية العقل» و«أصالة التفكير».

ونلاحظ من خلال الكلمات التي اعتمدناها في الاستشهاد، وضوح ظاهرة «الاجترار الفكري» وربّما يوحي هذا الكاتب أو ذاك لقرائه أنه مارس جهداًعلميا كبيراً أنتج له هذه «القناعة باتهام الفكرة - فكرة المهدي- أنها من صنع «العقل الشيعي»...

بينما لا يجد القارئ في هذه الكتابات أي ممارسة علمية أصيلة، ولا أي معالجة نقدية متجردة من كل المؤثرات والموروثات، فالمقولات

التي يطرحها كاتب في هذا الكتاب أو في ذاك الكتاب هي مقولات قديمة أعيد إنتاجها من جديد، فلا نكاد نقرأ معالجات علمية متحررة من التقليد، فاجترار الأفكار أسهل كثيرا من معاناة البحث والتجديد.

ص: 114

الملاحظة الخامسة : إن التأكيد على «مذهبة القضية»يُعبّرعن إحدى دلالات: الأولى: المكابرة والتعصب الأعمى.

الثانية: غياب الرؤية التاريخية.

الثالثة: عدم الدراية بالأخبار والأحاديث.

الرابعة: عدم الاطلاع على آراء الحفاظ والعلماء وأئمة الحديث.

إن نظرة منصفةً في مصادر الحديث، وكتب التفسير، ومدوّنات التاريخ، تفتح وعي الباحث على الحقيقة، فيما تفرضه على العقل من «قناعة علمية» لا تدع مجالا للشّك والريبة في كون مسألة «الإمام المهدي» ليست من «اختلافات»العقل الشيعي.

الحديث في هذه المرحلة من البحث عن (المهدي) وفق المنظور العام «ظهور مصلح من أهل البيت في آخر الزمان يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً» وليس وفق المنظور الآخر الذي يؤمن بولادة الإمام المهدي وغيبته، فذلك متروكٌ المرحلةٍ قادمةٍ من مراحل هذا البحث.

ونتمنى أن يعطي القارئ لنفسه فرصة لمطالعة هذه المدونات الحديثية:

1- المصنف للحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت/ 211ه): الجزء 11/ باب المهدي.

2- الطبقات الكبرى لابن سعد (ت/ 230ه).

3- المسند للإمام أحمد بن حنبل (ت/ 241ه).

يُقرأ: منظومة العلماء والحفاظ الذين دونوا أحاديث المهدي/ الرقم (5)/ نموذجٌ من أحاديثه (ج1 ص 515 من أبحاث هذا الكتاب).

4- سنن ابن ماجه للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزويني

ص: 115

(ت/ 273ه) : الجزء الثاني كتاب الفتن - باب خروج المهدي.

5- سنن أبي داوود للحافظ أبي داوود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (ت/ 275 ه) : الجزء الرابع / كتاب المهدي.

6- جامع الترمذي للحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى السلمي الترمذي (ت/297ه): الجزء الرابع/ الأبواب 52، 53، 54.

7- المعجم الكبير للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت/ 360ه):الجزء العاشر من الحديث 10213 حتى الحديث 10230.

8- معالم السّنن في شرح كتاب السّنن للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي (ت/ 388ه): باب المهدي

9- مصابيح السنة للإمام البغوي الحسين بن مسعود الشافعي (ت/ 510 أو

516): الجزء الأول - باب أشراط الساعة..

10- جامع الأصول في أحاديث الرسول لأبي العادات مبارك بن محمد ابن الأثير الجزري (ت/ 606ه): الجزء الحادي عشر، الكتاب التاسع، الباب الأول، الفصل الأول في المسيح والمهدي(علیهما السلام)...

11 - الفتوحات المكية لأبي عبد الله محمد بن علي المعروف بابن عربي الحاتمي الطائي (ت/ 638 ه): المجلد الثالث / الباب السادس والستون وثلاثمائة.

12- مطالب السؤول في مناقب آل الرسول لمحمد بن طلحة الشافعي (ت/ 652ه): الجزء الثاني، الباب الثاني عشر.

13- تذکرة الخواص للعلامة سبط بن الجوزي (ت/ 654ه): فصل في ذكر الحجة المهدي.

14- مختصر سنن أبي داوود للحافظ أبي محمد زكي الدين المنذري الشافعي (ت/ 656ه): الجزء السادس - أول كتاب المهدي..

15- تذكرة القرطبي للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي

ص: 116

القرطبي (ت/ 671ه): ص608 - 625.

16- ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى للحافظ محبّ الدّين أحمد بن عبد الله الطبري (ت/ 694ه) ص136 - 137.

17- فرائد السمطين للمحدث الكبير إبراهيم بن المؤيد الجويني الحموئي (ت/ 732ه): المجلد الثاني، الباب الحادي والستون من السمط الثاني.

18- مشكاة المصابيح لمحمد بن عبد الله الخطيب العمري التبريزي (ت/ 741ه) : الجزء الثالث - باب أشراط الساعة...

19 - المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزية (ت/ 751ه) الفصل الخمسون ص141 - 152.

20- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي

الشافعي (ت/ 807ه) : الجزء السابع - باب ما جاء في المهدي.

ملاحظة :

ما ذكرناه من المصادر للاستشهاد فقط، وقد تناول البحث في معالجاته عددًا كبيرًا من المصادر الحديثية والتاريخية، وهذا واضح من خلال المتابعة الجادة الأبحاث الكتاب.

وإذا أراد القارئ أن يطلع على بعض الكتابات الخاصة بالإمام

المهدي، فيمكنه أن يقرأ:

1- البيان في أخبار صاحب الزمان، للحافظ الكنجي الشافعي (ت/ 658ه). 2- عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر، ليوسف بن يحيى السلمي الشافعي (من علماء القرن السابع).

3- العرف الوردي في أخبار المهدي، للحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي (ت/ 911ه)، رسالة طبعت ضمن مجموعة(الحاوي للفتاوي)،الجزء الثاني.

ص: 117

4- القول المختصر علامات المهدي المنتظر، لأحمد بن حجر الهيتمي المكي (ت/ 974ه).

5- البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، للمتقي الهندي (ت/ 975ه).

6- القطر الشهدي في أوصاف المهدي، لشهاب الدين أحمد بن أحمد الحلواني الشافعي (ت/ 1308ه)، منظومة حول أوصاف المهدي.

7- العطر الوردي بشرح القطر الشهدي، للأديب المحدث محمد البليسي الشافعي المصري. 8- إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون، للحافظ المجتهد أحمد بن محمد بن الصديق، أبو الفيض الغماري الأزهري الشافعي (ت/ 1380ها)، وللكتاب أسم آخر هو ( المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي).

9- نظرةٌ في أحاديث المهدي، لشيخ الأزهر محمد الخضر حسين المصري (ت/ 1377ه)، مقال نشر في مجلة (التمدن الإسلامي) المجلد 16، الجزء 35، 36.

10- حول المهدي، للأستاذ الشيخ ناصر الدين الألباني، مقال نشر في مجلة ( التمدن الإسلامي )السورية، السنة 22، الجزءان 27، 28.

11- عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، للأستاذ عبد المحسن بن حمد العباد - عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - محاضرة شرت في مجلة الجامعة العدد الثالث السنة الأولى ذو القعدة 1388ه.

12 - الرّد على من كذّب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي، للأستاذ عبد المحسن بن حمد العباد، مقالٌ نُشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهورد على رسالة ألفها عبد الله بن زيد المحمود - رئيس المحاكم الشرعية في قطر - الأعداد من 1 - 46 من السنة الثانية عشرة.

13- المهدي وفقه أشراط الساعة، للدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم.

14- الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل، للدكتور عبد العليم

ص: 118

البستوی.

15- الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر، للشيخ حمود بن عبد الله التويجري.

16 - الطريق الهادي إلى حقيقة المهدي، لمحمد أحمد علي منصور.

17- المهدي قيادة وفكر، ووعد حق، للأستاذ عبد الرحمن عيسى.

18- المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة الإمامية، للدكتور عداب محمود الحمش.

تنبيه :

للتعرف على المزيد من كلمات علماء السنة حول «الإمام المهدي» يقرأ:

1- اليزدي الحائري: إلزام الناصب 1: 321 - 440.

2- مهدي فقيه إيماني: المهدي المنتظر في نهج البلاغة 16 - 30.

3- التبريزي: من هو الإمام المهدي ف25 ص427 - 451.

4- نجم الدين العسكري: المهدي الموعود 2: 182 - 226.

5- القزويني: الإيمان الصحيح.

6- علي محمد علي دخيل: الإمام المهدي.

7- ثامر العميدي: دفاع عن الكافي 1: 568 – 592.

8-الصافي: منتخب الأثر 322 - 341.

- المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي.

10- محمد سعيد الموسوي: الإمام الثاني عشر 27 - 70.

ص: 119

ص: 120

المقولة الثانية «التسرب والانتشار»

اشارة

ص: 121

ص: 122

إذا كان الشيعة هم المصمِّمون لعقيدة «المهدي» وواضعو أحاديثها، فكيف استطاعت هذه العقيدة أن تمتد وتنتشر في أوساط المسلمين من غير الشيعة، وأن تجد موقعها في أهم مصادر الحديث؟

لقد حاول أصحاب هذا الاتّهام أن يضعوا لذلك عدة تفسيرات، إلا أنها كما

يبدو تفسيرات لا تملك القدرة على إعطاء الإجابة المقنعة.

نحاول هنا أن نتناول بعض هذه التفسيرات كما وردت عند بعض الكتاب

والباحثين :

1- أحمد أمين في كتابه (ضحى الإسلام) جاء في بعض كلماته:

-«الشيعة هم الأساتذة الأولون في هذا الموضوع [يعني موضوع المهدي ...».

- ثم قلدهم الأمويون...

- ثم العباسيّون....

-«واستغل هؤلاء القادة المهرة أفكار الجمهور الساذجة المتحمسة للدين

والدعوة الإسلامية فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الطاهرة، ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في ذلك وأحكموا أسانيدها وأذاعوها من طرق مختلفة، فصدقها الجمهور الطيب البساطته».

-«وهكذا كانت مؤامرة شنيعة أفسدوا بها عقول الناس...»(1).

2- عبد الله بن زيد المحمود في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر)

جاء في بعض كلماته:

ص: 123


1- أحمد أمين: ضحى الإسلام 2: 242، 243.

-«إن أصل من تبنى هذه الفكرة والعقيدة هم الشيعة»(1).

-«فسرت هذه الفكرة وهذا الاعتقاد بطريق المجالسة والمؤانسة والاختلاط

أهل السنة، فدخلت معتقدهم وهي ليست من أصل عقيدتهم...»(2).

-«إن سبب انتشار أحاديث المهدي في مصادر الحديث هو الطريق المعتمدة عند العلماء والفقهاء، حيث أن بعضهم ينقل عن البعض الحديث والقول على علاته تقليدا لمن سبقه...»(3).

-«والذي جعل أمر المهدي يستفحل بين أهل السنة من المسلمين وكان بعيدًا

عن عقيدتهم؛ هو عجز العلماء المتقدِّمين وكذا العلماء الموجودين على قيد الحياة، فلم نسمع بأحد منهم رفع قلمه، ولا نطق ببنت شفة في التحذير من

هذا الاعتقاد السيّئ»(4).

-«لكن العلماء المتقدمين يغلب عليهم تحسن الظن بمن يحدثهم، ويستبعدون

تعمد الكذب على رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) من مؤمن بالله، ولهذا أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة حتى بلغت

خمسين في قول الشوكاني»(5).

3- جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين:

قال في دراسته لكتاب ( البرهان في علامات مهدي آخر الزمان) في الفصل

الخامس ( المهدي عند الفرق الأخرى)، وتحت عنوان ( المهدية والصوفية): «كان الصوفية على اتصال تام بالشيعة، فأخذوا عنهم الكثير من تعاليمهم

ص: 124


1- المحمود: لا مهدي ينتظر ص 3.
2- المصدر نفسه ص 3.
3- المصدر نفسه: ص8.
4- المصدر نفسه: ص24.
5- المصدر نفسه: ص22.

كالتفرقة بين الشريعة والحقيقة، أو علم الظاهر وعلم الباطن...

- إلى أن قال - وبعد أن أخذ المتصوفة من الشيعة فكرة (المهدي)، وأسبغوا عليها ثوباً جديدًا... - وقال – وهكذا استطاع المتصوفة تلامذة الشيعة أن ينتفعوا بعقيدة (المهدي) في إقامة نظامهم الروحي للكون...».

4- أحمد محمد الحوفي في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي):

جاء في بعض كلماته:

- «ولم تقتصر هذه العقيدة [يعني عقيدة المهدي] على الشيعة، بل تجاوزتهم إلى غيرهم، إذ انتقلت إلى بعض المسلمين الآخرين...»(1).

-«أما ذيوع الدعوى - المهدية - بين طوائف المسلمين الذين لا ينتمون إلى حزب من هذه الأحزاب، فراجع إلى أنهم سرعان ما صدقوا الأحاديث النبوية التي راجت منبئ بمهدي عادل يعيد إلى الأرض السلام، في وقت كانوا يشعرون بوطأة الحكم، ومظالم الحكام ويضجون من شرور الناس وآثامهم، فيعللون أنفسهم بإمام عادل يلتزم حدود الله، وينصر دينه، ويكفل للناس وسائل الطمأنينة والأمن والعدل والسلام والخير...»(2).

-«وراجع أيضا إلى أن بعض ذوي المطامع واستغلال الشعب، موهوا على الناس،وأوهموا بصحة العقيدة ليلتقوا حولهم»(3).

5- سعد محمد حسن الأزهري في كتابه ( المهدية في الإسلام):

قال في كتابه المذكور (ص175) فيما يخص مسألة المهدي:

«نحن لا نشك في عقيدة العامة من أهل السنة بل وكثير من الخاصة، إنما هي أثر

ص: 125


1- الحوفی: أدب السياسة في العصر الأموي ص70.
2- المصدر نفسه ص76.
3- المصدر نفسه ص76.

شيعي تسرب إليهم، فعملت فيه العقلية النية بالصقل والتهذيب أما القول بعودة المسيح فهو دون ريب من آثار المسيحية في الإسلام».

6- السائح علي حسين:

جاء في مقاله (تراثنا وموازين النقد):

«وقد تقبل الفكر الشيعي سيلاً من الأساطير والأحاديث الموضوعة[يعني الأحاديث الواردة في المهدي] وتسرب بعض منه إلى بعض محدثي أهل السنة الذين تساهلوا في الرواية عن أصحاب الفرق المخالفة»(1).

7- العقود الياقوتية في جيد الأسئلة الكويتية للشيخ عبد القادر بن أحمد الدمشقي الرومي المعروف بابن بدران الحنبلي (ت/1346).

والكتاب إجابات على عشرين سؤالاً في العقيدة والاجتهاد وفقه العبادات

والمعاملات، وجهها الشيخ عبد الله خلف الدحيان أحد علماء الكويت.

وفي الجواب عن السؤال الخاص ب (المهدي) وردت العبارة التالية:

«وأما قول السفاريني: (وكذا عند أهل الشيعة) فإن هذا مسلم، وما أتت الداهية إلا من قبلهم، وغالب أحاديث المهدي مروي من طريقهم، ولم ير ذلك الصاحبنا [يعني العلامة السفاريني] إلا من جهتهم، فسلامة صدره هي التي أوصلته إلى هذا المدعى...».

ص: 126


1- السائح: تراثنا وموازين النقد، ص185 - مجلة كلية الدعوة الإسلامية الليبية، العدد العاشر 1993م.

نقد المقولة الثانية

اهمّ ما تُثیره المقولة الثانية - في ضوء ما تناولنا من كلمات:

أ- الشيعة هم المصممون لعقيدة المهدي وواضعو أحاديثها.

ب- السنة مقلدون ومتأثرون بالشيعة في هذه العقيدة.

ج- وقد شاعت هذه العقيدة وانتشرت بين المسلمين بفعل عدة أسباب:

1- عدم الدقة والتثبت عند العلماء في نقل الأحاديث.

2- سكوت العلماء عن مواجهة هذه العقيدة.

3- سذاجة الجمهور وطيبته وبساطته.

4- الواقع المأزوم الذي عاشه الناس في ظل الأنظمة المتسلطة.

5- الاستغلال السيئ من قبل أصحاب الأطماع والأغراض.

ونلاحظ على هذه المقولة:

اولا:

نعتقد أن هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ - قد حاول - ومن خلال معطياته البحثية - أن يبرهن أن «مسألة المهدي» هي واحدةٌ من المسائل ذات الأصالة والتي تملك موقعها في عمق المنظومة الفكرية الإسلامية، والثابتة بالأدلة القطعية، وكما أكد ذلك علماء الأمة في كل التاريخ، فلا مبرر لاتهام «عقيدة المهدي» أنها من تصميم «العقل الشيعي»، ومن نسج خيالاته وأوهامه، ما دامت هذه العقيدة تملك وبكل وضوح أدلتها وبراهينها من خلال النصوص الصحيحة البالغة حد التواتر اللفظي أو المعنوي والمدونة في أهم مصادر الحديث كما هو مبين في هذا الكتاب.

ص: 127

ثانيا:

نتساءل - ونحن نقرأ كلمات هؤلاء الحديث عن تأثير المسخ الثقافي

الشيعي:

- من هم هؤلاء المتأثرون من أهل السنة بهذا المسخ الثقافي الشيعي؟

- هل هم الجمهور الساذج البسيط الطبيب؟

- أم هم المثقفون الواعون؟

- أم هم جهابذة العلم أمثال الترمذي، وأبي داوود، وابن ماجه، والحاكم،

والذهبي، والبيهقي، والعقيلي، وابن القيم، وغيرهم(1). - أم هم الصحابة الكبار أمثال: الإمام علي، وعثمان بن عفان، وطلحة بن

عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وأنس بن

مالك، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان وغيرهم(2).

ثالثا:

إننا لسنا مع هذه المقولات التي تتهم الأمة في جمهورها الكبير بالسذاجة والبساطة؛ كونها آمنت بفكرة «المهدي» ولماذا لا يعبر هذا عن الصفاء والصدق والطهارة والنقاء، والانفتاح على أفكار الإسلام ومفاهيم الرسالة؟

ولماذا لا يشكل هذا الانفعال والتأثر «دليلاً» كبيرًا على أصالة الفكرة، وعمقهافي وجدان الناس؟

هؤلاء الكتاب الذين صمموا أفكارهم بطريقةٍ غير علمية يتجاذبهم خياران:

- أن يتهموا قناعاتهم الفكرية.

ص: 128


1- انظر: منظومة العلماء والحفاظ الذين دونوا أحاديث المهدي (ج1 ص 507 من هذا الكتاب).
2- انظر: منظومة الصحابة (ج1 ص 73 من هذا الكتاب ).

- أن يتهموا الأمة في كل مواقعها.

وكان الخيار الثاني هو الأسهل، والأقرب إلى أذواقهم ما دامت هذه الأذواق

مصنوعة بطريقة غير علمية.

ولعل القارئ - بفطرته البريئة - قادر أن يتحسس عمق «الإساءة» التي وجهها هؤلاء الكتاب إلى أجيال المسلمين - الساذجة البسيطة حسب تعبيرهم - وسوف لن تغفر الأجيال لهم هذه الإساءة القاسية.

رابعا:

والإساءة الأكبر هذا اللون من الاتهام لعلماء الأمة، وأئمة الرواية، وحفاظ الحديث بالتساهل المتعمد في نقل الحديث، وضبط الرواية، والهدف الأساس هو التمهيد لإثارة حال الشك فيما نقلوه من أحاديث المهدي...

- فالإمام أحمد كان يستعير الملازم من طبقات ابن سعد، فينقلها [على

علاتها طبعًا ثم يردها إليه(1).

- والترمذي وابن ماجه ينقلان عن أبي داوود [بلا تروي ولا تدقیق طبعا](2)

- وكان الشافعي يعتمد على ما ثبت عند الإمام أحمد فينقله [على علاته

طبعاً](3).

- وهكذا يخرج «الحديث من كتاب إلى مائة كتاب» وينتقل الخطأ من عالم

إلى مائة عالم لكون الناس مقلدة، وقليل منهم المحققون المجتهدون والمقلد لا يعد من أهل العلم»(4).

ص: 129


1- المحمود: لا مهدي ينتظر ص8.
2- المصدر نفسه.
3- المصدر نفسه.
4- المصدر نفسه.

ويُثير الأستاذ العباد - في رده على المحمود - تساؤلاً: في ما إذا كان الإمام الشافعي والإمام أحمد، والإمام الترمذي، والإمام ابن ماجه، من المقلدة - عند المحمود - والمقلد لا يعد من أهل العلم فمن هم أهل العلم؟ ما هكذا تورد يا سعد الإبل(1)!!.

وقد عالج الأستاذ العباد «إشكالات المحمود» معالجة علمية جادة، برهن من خلالها – بما لا يدع مجالا للشك - على فساد مقولات الشيخ المحمود في كل ما طرحه حول أحاديث المهدي.

خامسا:

وتستمر الإساءات للأمة ولعلمائها ما دام هؤلاء الكتاب يصرون على إلغاء

الأحاديث الواردة في «المهدي»، واتهامها بالكذب والتزوير.

فالأمة في جمهورها الساذج قد احتضنت هذه الأحاديث المزورة والأخبار المختلقة... وغ علمائها وأئمة حديثها قد دونت هذه الأحاديث المكذوبة... ولا ينسى أولئك الكتاب أن يدينوا هذا السكوت من قبل العلماء القدامى والمحدثين، مما أعطى العقيدة المهدي أن تنتشر وتذيع، وقد أثار هذا غيرة الشيخ المحمود فشدد اللوم على العلماء المتقدمين والموجودين؛ حيث لم يسمع «بأحد منهم رفع قلمه ولا نطق ببنت شفة في التحذير من هذا الاعتقاد السيئ وكونه لا صحة له، اللهم قد بلغت»(2).

وقد أجاب الأستاذ العباد في رده هذا الكلام بقوله:

«هكذا يُنحي ابن محمود باللائمة على العلماء؛ متقدميهم والموجودين على قيد الحياة منهم؛ لعدم قيام أحد منهم بإنكار خروج المهدي، وذلك دليلٌ واضحٌ من كلام ابن محمود على شذوذه في هذا الأمر، وأنه وحده في واد وعلماء الأمة الإسلامية

ص: 130


1- العباد: الرد على من كذب الأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي، ص18، 19.
2- المحمود: لا مهدي ينتظر ص 24.

سابقهم ولاحقهم في واد آخر.

هذا وليس له رفيق في الطريق الموحش الذي سلكه إلا أمثال محمد فريد وجدي، وأحمد أمين ممن حكموا العقل في النقل وردوا النصوص الصحيحة لشبه عقلية واهية، وقد صان الله العلماء المحققين المعتد بهم من الإصابة بأمراض الشبهات العقلية، ووفقهم لتعظيم السنة النبوية والتصديق بأخبارها الثابتة عن الذي لا ينطق عن الهوى (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ، ولذلك لم يحصل ابن محمود على واحد منهم - علماء الأمة المتقدمين والموجودين - يرفع قلمه أو ينطق ببنت شفه في إنكار خروج المهدي... وكيف يطمع ابن محمود أن يجد عالما ناصځا لنفسه، يتجرأ على رد النصوص الصحيحة، ودعوة الناس إلى التكذيب بالسنة الثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ثم بماذا بلغ ابن محمود في قوله: اللهم قد بلغت؟

إن من الواضح للمتعلم فضلا عن العالم أنه بلغ عن عدم معرفته بالحديث

النبوي الشريف، وعدم تمييزه صحيحه من سقيمه....»(1).

سادسا:

المبررات المطروحة في تفسير ظاهرة التسرب والانتشار، لا نجد فيها شيئا في مستوى «الإقناع» إن هي إلا كلمات ضلت المسار، يجري بعضها وراء بعض،إنها تبحث عن نفسهاالضائعة بين ركام من كتابات تائهة،ومقولاتمنفلتة.

من حق الباحث أو الكاتب أن يعالج القضايا كما يعتقد، ولكن بشرط أن يصوغ اعتقاده على أساس «الدليل والبرهان»، أما أن تكون الآراء والأفكار «إسفافا» و«انفعالات» مشحونة بالاستفزاز، والتهويل، والاتهامات، والخيالات، فذلك مرفوضٌ في لغة العلم ومنهج البحث.

ص: 131


1- العباد: الرد على من كذب الأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي، ص114- 115.

الأسباب التي تقدم ذكرها في تفسير عملية الانتقال والتسرب، أسباب واهية جدا..

- عدم الدقة والتثبت عند العلماء ، تهمة خطيرة لا يرتضيها من يحترم

أعلام الأمة.

- سكوت العلماء عن مواجهة خرافة المهدي، وهي الأخرى تهمة خطيرة

تسيئ إلى أقطاب الفكر والعلم.

- سذاجة الجمهور وبساطته، وفي هذااستخفاف مقيت بجمهور الأمة

عبر تاريخها.

- الواقع المأزوم في ظل الأنظمة المتسلطة، ولا يشكل هذا مبررا لهيمنة

فكرة خرافية على قناعات المسلمين عبر أجيالهم المتلاحقة.

- الاستغلال السيئ من قبل أصحاب الأطماع والأغراض... وهل من

المعقول أن هذا الامتداد الكبير جدا لوجود «فكرة المهدي» هونتاج

استغلال وعبث بالعقول؟

سابعا:

وأخيرا فإن مسألة التسرب والاختراق المزعوم - كما تتحدث المقولة - شكل اتهاما صارخا للحصانة الداخلية في عقائد السنة؛ حيث أن فكرة طارئة دخيلة - كما هي فكرة المهدي - قادرة أن تخترق هذه العقائد وبهذه السهولة، لتحتل موقعا مهما في داخلها تعبر عنه انفعالات الجمهور بهذه الفكرة، كما تعبر عنه كتابات العلماء الكبار حينما دونوا أحاديث المهدي بما فيهم الشيخان الكبيران ( البخاري ومسلم)، حيث رويا هذه الأحاديث دون تصريح بالاسم - كما برهنا على ذلك -.

إننا لا نتجرأ أن نتهم هذه العقائد بأنها لا تملك «حصانة» تؤهلها للاحتماء في مواجهة «فكرة» في غاية «الهشاشة» كما يزعم أعداء الفكرة.

ص: 132

كم هي إساءةٌ كبيرةٌ يوجهها أصحاب هذه المقولة - مقولة التسرب والاختراق - إلى عقائدهم أنفسهم، حيث لا تملك «تسيجا» يحصِّنها في مواجهة الأفكار الدخيلة، والمفاهيم المتسربة، رغم ما تحمله هذه الأفكار والمفاهيم من «هشاشةٍ» و«خرافيةٍ» و«سذاجةٍ»؟

ص: 133

ص: 134

المقولة الثالثة «فكرة المهدي ظاهرة طارئة»

اشارة

ص: 135

ص: 136

وفي سياق التبرير لمقولة الاتهام بأن فكرة «المهدي» من إنتاج «العقل الشيعي»نشأت محاولات للتفتيش عن جذور هذه الفكرة وأسبابها.

وقد برز اتجاهان في تحديد تلك الجذور والأسباب:

الاتجاه الأول: الظاهرة أنتجتها أسبابٌ سياسيةٌ واجتماعيةٌ ودينيٌة

اشارة

-الاتجاه الثاني: الظاهرة تنتسب إلى أصول يهوديةٍ ونصرانية.

الاتجاه الأول

الظاهرة أنتجتها أسباب سياسية واجتماعية ودينية

ونقرأ هذا الاتجاه عند عدد من الكتاب والباحثين:

[1] أحمد أمين المصري في كتابه (ضحى الإسلام):

حاول تفسير الظاهرة - فكرة المهدي - بأنها وليدة أسباب سياسية واجتماعية ودينية، فالشيعة بعد خروج الخلافة من أيديهم رأى رؤساؤهم «أن هذا قد يسبب اليأس في نفوس أتباعهم وخافوا أن يذوب حزبهم».

فاعتمدوا أسلوب التبشير «بأن الحكم سيرجع إليهم»، ليحافظوا على وجودهم من الذوبان والتلاشي واليأس، وتطورت الفكرة من «الحكومة المنتظرة» إلى «الحاكم المنتظر»، «وجعلوا المهدي المنتظر حقيقة وأكثروا من القول فيه، وزادوه أوصافا وأخبارا ليلبسوه ثوب الحقيقة»(1).

ص: 137


1- أحمد أمين: ضحى الإسلام 3: 241، 242.

[2] عبد الله بن زيد المحمود في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر):

أكد في رسالته «أن فكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية، وكلها نبعت من عقائد الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها، وذلك بعد خروج الخلافة من آل البيت(1).

[3] أحمد محمد الحوفي في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي):

في تناوله لغايات الدعوى المهدوية عند الشيعة قال: «وهدفهم من الدعوى المهدوية أن يباعدوا بين أتباعهم واليأس من عودة الخلافة إليهم، لتعيش الدعاية إلى التشيع قوية لا تضعف، حادة لا تفتر»(2).

وقال: «فلا مندوحة لهم من هدف يعلقون أنظار الشيعة به، وهذا الهدف هو الثقة في رجعة إمام منهم، يقوض ملك بني أمية، ويثأر منهم، ويكفل للشيعة ما حرموه من سلام وأمن ورغد وسلطان»(3).

[4] عبد الحسيب طه حميدة في كتابه (أدب الشيعة):

اعتمد على النص الذي أورده أحمد أمين في (ضحى الإسلام) في تفسيره

النشوء فكرة ( المهدي) عند الشيعة(4).

ص: 138


1- المحمود: لا مهدي ينتظر ص 37.
2- الحوفي: أدب السياسة في العصر الأموي ص75.
3- المصدر نفسه
4- عبد الحسيب طه حميدة: أدب الشيعة ص113.

[5] محمد الطاهر بن عاشور التونسي في كتابه (تحقيقات و أنظار القرآن والسنة):

سبق تدوین کلامه - ضمن المقولة الأولى - والتي تهم الشيعة بأنهم المؤسسون الفكرة المهدي - ونُعيد إثباته هنا لمناسبته أيضا مع هذه المقولة.

يرى محمد الطاهر في كتابه (تحقيقات) كما نقل الدكتور الحمش(1):«أن قصة المهدي نبتت بعد مقتل سيدنا الحسين بن علي(علیه السلام)، وبعد ظهور بني أمية، واستتباب الأمر السياسي لهم، وانصياع معظم العرب لسلطانهم، فتفرق شيعة الهاشميين في البلاد على حنق وغيظ ودبروا لنجاح دعوتهم لبني هاشم بين الأعاجم، وكان لا بد لتعزيز دعوتهم واستجابة الناس لهم من اختلاق الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) والسلف الصالحين، وشاعت هذه الأخبار في الناس حتى رواها المحدثون، وعرفها الخاص والعام».

ص: 139


1- في كتابه ( المهدي المنتظر) ص176، 177.

نقد الاتجاه الأول

ونلاحظ على الاتجاه الأول:

اولا:

يتهم هذا الاتجاه «عقيدة المهدي» بأنها ظاهرة طارئة أنتجتها أسباب سياسيةواجتماعيةودينية، وبتعبير آخر أنها حال «استثنائية» وليست حالا «أصيلة».

والسؤال المطروح هنا:

ما هو المعياري تحديد الأصالة والاستثناء»؟

ربما يطرح البعض «الغلبة السياسية والهيمنة والسلطة، أساسا في تحديد الأصالة والاستثناء»، فبناء على هذا المعيار فالاتجاه الذي يمثله كل الحكام المتسلطين عبر التاريخ هو«الأصل»، والآخر المستضعف هو«الاستثناء».

فعقيدة المهدي - وفق هذا المعيار، تمثل حالا «طارئة استثنائية» مقابل

«الأصالة» التي يمثلها الحكام والمتسلطون الرافضون لهذه العقيدة.

ولا شك أن هذا المعيار - معيار الغلبة - مرفوض إسلاميا، فلا يصح اعتمادهفي تحديد «الأصالة والاستشاء».

قد يقال «الكثرة» هي معيار «الأصالة».

ومن الواضح أن هذا المعيار باطل، فما أكثر ما تكون «الأصالة» إلى جانب «القلة» كما أكدت ذلك نصوص القرآن:

•«وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ».(سبا: 13)

•« إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ». (ص: 24)

ص: 140

•«ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ ...». (البقرة: 83)

•«وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ».(الأنفال: 26)

•«وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ».(هود:40)

•«مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ».(المائدة: 66)

•«وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ».(الحج: 18)

•«فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ».(الحدید: 26)

•«وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ».(المائدة: 62)

•«وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ».(الأنعام: 119)•

•«وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ».(البقرة: 243)

•«وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ».(هود: 17)

•«وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ».(يوسف: 21)

•«فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا».(الإسراء: 89)

•«مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ».(آل عمران: 110)

فما هو «المعيار» في تحديد «الأصالة»؟

الأصالة تعني الانتماء إلى «الحق والحقانية»..

تعني الرجوع إلى (الأصل) إلى (الحق) إلى (الله)..

•«ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ».(الحج:62)

فالفكرة التي تتجدري انتمائها إلى ( الحق) إلى (الدين الحق) إلى ( الدليل

الحق) فهي فكرة تملك (الأصالة)، وإلا فهي فكرة (ضائة).

•«فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ».(یونس: 32)

فيجب أن تعالج (الأفكار) على أساس ما تملك من انتماء إلى: الحق، مبادئ

الحق، قيم الحق، أدلة الحق، مناهج الحق...

ص: 141

في ضوء هذا المعيار، نستطيع أن نكتشف ما تملك «فكرة المهدي» من أصالة،وهذا متروك لمعطيات البحث ونتائجه...

ثانيا:

فيما طرحه الكتاب الذين عبروا عن الاتجاه الرافض؛ لا نجد أي معالجة

نقديةٍ تعتمد «المعايير العلمية» في البحث والدراسة...

ولعل القارئ قادر أن يكتشف بوضوح «منهج الاجترار» في الأفكار والآراء، وفي الألفاظ والكلمات.

وللتنبيه فقط أضع بين يدي القارئ هذه المقاطع - مجردة عن التعليق - تاركا للقارئ الحكم:

1- قال أحمد أمين في (ضحى الإسلام) ص 142:

«وفكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية، ففي نظري أنها نبعت من الشيعة، وكانوا هم البادئين باختراعها وذلك بعد خروج الخلافة من

أيديهم».

وقال في صفحة 342:

«واستغل هؤلاء القادة المهرة أفكار الجمهور الساذجة المتحمسة للدين وللدعوة الإسلامية فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الطاهرة، ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في ذلك، وأحكموا أسانيدها وأذاعوها من طرق مختلفة، فصدقها الجمهور الطيب لبساطته، وسكت رجال الشيعة لأنها في مصلحتهم».

ص: 142

2- وقال عبد الله بن زید المحمود في رسالته (لا مهدي ينتظر) صفحة 73: «إن فكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية، وكلها نبعت من عقائد الشيعة، وكانوا هم البادئين باختراعها، وذلك بعد خروج الخلافة من آل البيت، واستغلت الشيعة أفكار الجمهور الساذجة، وتحمسهم للدين والدعوة الإسلامية، فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الطاهرة، ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في ذلك، وأحكموا أسانيدها وأذاعوها من طرق مختلفة، فصدقها الجمهور الطيب لبساطته، وسكت رجال الشيعة لأنها في مصلحتهم».

ملاحظة:

الشيخ المحمود سطی - حرفيا - على عبارة أحمد أمين دون إشارة ما إلى

ذلك.

3- ونحي أحمد محمد الحويفي في كتابه (أدب السياسة ص 72، 73) منحى أحمد أمين، فلم يشد عن أفكاره كثيرا، فكما تحدث الأخير في كتابه ( المهدي والمهدوية) عن المهديين المتقدمين عند الشيعة والأمويين والعباسيين، فكذلك الأستاذ الحوي جاراه في ذلك، وقد أصر الأستاذ ان كما أصر من قبلهما العلامة ابن خلدون على اتهام الشيعة بأنهم المؤسسون لفكرة المهدي، ومنهم تسربت وانتشرت بين المسلمين (انظر: ضحى الإسلام 3: 241، أدب السياسة 71 - 73).

ويبدو الاجترار الفكري واضحا في تفسير الحوفي لفكرة المهدي عند الشيعة، حيث اعتمد التفسير الذي جاء عند الأستاذ أحمد أمين في كتابه (ضحى الإسلام) عندما اعتبر فكرة المهدي قد تأسست في الواقع الشيعي بدافع «إنعاش الأمل» في النفسية الشيعية.

ص: 143

قارن بين الكلاميين:

قال أحمد أمين (ضحى الإسلام) ص 241:

«فرأى رؤساء الشيعة أن هذا قد يسبب اليأس في نفوس أتباعهم، وخافوا أن يذوب حزبهم، فكان منهم بصيروا النظر بدأوا ينشرون بأن الحكم سيرجع إليهم».

وقال:

«ورأوا من إحكام أمرهم بث الرجاء والأمل في نفوس الناس حتى يشجعوا

ويثبتوا، ومنوهم بأن الأمر لهم في النهاية».

وفي هذا الاتجاه جاء تفسير الحوفي لفكرة المهدي حيث قال كتابه (أدب

السياسة ص75):

«وهدفهم [يعني الشيعة] من هذه الدعوى أن يباعدوا بين أتباعهم واليأس من عودة الخلافة إليهم، لتعيش الدعاية إلى التشيع قوة لا تضعف، وحادة لا تفتر فإنه ليس أدعى إلى الخذلان وتفرق الأعوان من اليأس».

4- والأستاذ عبد الحسيب طه حميدة في كتابه (أدب الشيعة) هو الآخر قد اجتر أفكار الدكتور أحمد أمين في معالجته لقضية الإمام المهدي، واعتمد وهو يتحدث عن نشأة المهدية كلام أحمد أمين أيضا (انظر: أدب الشيعة ص113)، وإذا كان أحمد أمين قد أخ لنشوء الفكرة بمقتل الحسين (علیه السلام)، فصاحب (أدب الشيعة) تابعه في ذلك (انظر أدب الشيعة ص14، 102).

5- وإذا قرأنا ما كتبه محمد الطاهر بن عاشور التونسي في كتابه (تحقيقات وأفكار) لا نراه يتجاوز ما ذكره الآخرون مضمونا وألفاظا...

- فأين هو الجهد العلمي الذي يعبر عن معاناة البحث والاستنتاج؟

ص: 144

- إلا إذا كان السطو والاجترار يسمى جهدا علميا، وهذا ما لا يقبله منطق العلم.

من المؤسف جدا أن يصر بعض أصحاب الأقلام على الاستخفاف بعقول القراء، والإساءة إلى وعيهم، حينما يحاولون - أي أصحاب الأقلام - الإيحاء إلى القراء بأن ما كتبوه وسطروه هو حصيلة معاناة علمية، وجهد كبير، وتحقيق وتدقيق ونقد ومحاسبة، وما علموا أنه من السهل اكتشاف الحقيقة لدى الكثير من القراء، وما علموا أن هذه المباهاة سرعان ما تسقط، فإذا بالمعاناة العلمية تتحول إلى «تقليد مقيت»، وإذا بالجهد الكبير يتحول إلى «سرقة مفضوحة»، وإذا بالتحقيق والتدقيق والنقد والمحاسبة تتحول إلى «استنساخات حرفية».

ص: 145

الاتجاه الثاني الظاهرة تنتسب إلى أصول يهودية ونصرانية

اشارة

وإذا كان الاتجاه الأول قد حاول أن يبحث (عن أسباب داخلية) لتفسير نشوءفكرة «المهدي» فإن الاتجاه الثاني حاول أن يربط الفكرة بأسباب خارجية (الأصول اليهودية والنصرانية).

ونقرأ هذا التفسير عند:

[1] أحمد محمد الحويفي في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي):

حيث قال وهو يتحدث عن قضية (المهدي):

«هذه المزاعم الباطلة أصداء لعقائد يهودية ونصرانية وفارسية، يتبين هذا من تعقب الدعوى منذ مولدها فلم ننس بعد أن الدعوى وليدة ابن سبأ اليهودي الذي أسلم أو تظاهر بالإسلام»(1).

وقال:

«وإن كان ابن سبأ قد بدأ القول في هذا - يعني دعوى المهدوية - بعد مقتل على مباشرة»(2).

[2] جاسم الياسين:

قال في دراسته لكتاب ( البرهان في علامات مهدي آخر الزمان)، وفي الفصل الخامس ( المهدي عند الفرق الأخرى) تحت عنوان ( المهدية والصوفية):

ص: 146


1- الحوفي: أدب السياسة ص77.
2- الحوفي: أدب السياسة ص75.

«وهكذا استطاع المتصوفة تلامذة الشيعة أن ينتفعوا بعقيدة (المهدي) في إقامة نظامهم الروحي للكون، مما لا نجد له من الإسلام سندا أودعامة، وإنما هي فلسفات غنوصية هلينية، ورهبانيةٌ مسيحية، وتخليطاتٌ هندية».

[3] عبد الحسيب طه حميدة في كتابه (أدب الشيعة):

حيث قال:

«وعلى الجملة فقد شرع ابن سبأ عقيدة الرجعة وبثها في الجو الشيعي، فصارت - كما يقول ابن جرير - عقيدة من عقائدهم، كما صارت أساسا لعقيدة أخرى - عربية فيما نعتقد - وهي المهدية»(1).

[4] الدكتور كامل سعفان:

جاء في كتابه ( الساعة الخامسة والعشرون.. المسيح الدجال، المهدي المنتظر، يأجوج ومأجوج):

إن عقيدة المهدي المنتظر فرع أنبتته الجذور السبئية التي بدأت بالكيسانية، ووصلت إلى السنوسية، وما تزال في معتقد الجعفرية والإسماعيلية إلى آخر الزمان. ويرى أن فكرة المهدي المنتظر بصورة عامة ذات جذر يهودي يعود إلى أسر بابل أو قبله... فكان الحلم متعلقا بمن يخلص بني إسرائيل من الأسر أو من ألوان العذاب التي حاقت بهم خلال تاريخ طويل، فكان ( المسيا) أو (الماشيخ) أو (المخلص المنقذ) هوالحلم الذي يلتمع من حين لآخر بين الغيوم، حتى إذا سعى (قورش) إلى فك أسرهم وإعادتهم إلى أورشليم وبناء الهيكل قالوا: إنه الماشيخ ( المهدي المنتظر)(2).

ص: 147


1- عبد الحسيب طه حميدة: أدب الشيعة ص 105.
2- نقلا عن الحمش في المهدي المنتظر ص 187.

نقد الاتجاه الثاني

اشارة

لنا حول هذا الاتجاه مجموعة ملاحظات:

الملاحظة الأولى:

لا يلغي «إسلامية» الفكرة - أي فكرة – كونها موجودة في الديانات والنظريات الأخرى، ما دامت الفكرة تملك «شروط» إسلاميتها، ورغم التشويش والتحريف الذي قد يطال بعض الأفكار الصحيحة عند أتباع بعض الديانات والنظريات والمدارس، فإن ذلك لا يضر بصحة الأفكار وسلامتها فيما تملكه من عناصرها الأصيلة.

فكم طالت فكرة «الربوبية» من تشويشات وتحريفات في تاريخ الديانات

والعقائد ، فهل يشكل ذلك مبررا لرفض الفكرة في مضمونها الأصيل؟

وكم طالت فكرة «النبوة» من تشويشات وتحريفات في تاريخ الإنسان، فهل يشكل ذلك مبررا لرفض فكرة «النبوة» في مضمونها الأصيل؟

وكم وكم من أفكار أصيلة تشوشت الرؤية حولها من خلال انحرافات الإنسان ونزواته...

إن فكرة «المخلص» و«المنقذ» و«المنتظر» فكرة نقرأها في كل الديانات، وعندأغلب الشعوب القديمة والحديثة:

- فالمصريون القدماء كانوا مشدودين إلى «قادم» يزيل عنهم الظلم(1).

- والهنود القدماء قامت عندهم فكرة «الانتظار» وفكرة «الخلاص» على يد الإله «فشنوا» كما هو في الديانة الهندوسية(2)، وعلى يد «بوذا» كما هو عند

ص: 148


1- أحمد عمران: قراءة في كتاب التشيع ص 43.
2- لمصدر نفسه: ص44، 46، 47.

البوذيين (1).

- والزرادشتيون كانوا ينتظرون قدوم «زرادشت» ليحقق العدالة ويقضي على الفساد(2).

- واليهود كانوا ينتظرون «المسيح» من نسل داوود(3).

- والمسيحيون يعتقدون بنزول المسيح ليطهر الأرض كلها ويقيم ملكوت الله(4).

- ونجد فكرة «المصلح» عند فلاسفة الغرب وعباقرته: فالفيلسوف الإنجليزي الشهير ( برتراند رسل) قال: «إن العالم في انتظار مصلح يوحد العالم تحت علم واحد، وشعار واحده»(5).

والعلامة (آينشتان) صاحب «النظرية النسبية» قال: «إن اليوم الذي يسود

العالم كله الصلح والصفاء، ويكون الناس متحابين متآخين ليس ببعيد»(6).

- والمسلمون يعتقدون بظهور «الإمام المهدي» في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلمًا وجوراً كما أكدت ذلك الأحاديث الدينية الثابتة عن نبي الإسلام(صلی الله علیه وآله وسلم)، وقد بلغت هذه الأحاديث حد التواتر اللفظي أو المعنوي كماصرح بذلك جماعة من أئمة الحديث.

ص: 149


1- المصدر نفسه: ص44، 46، 47.
2- المصدر نفسه ص 48 -58.
3- المصدر نفسه: ص48 - 58.
4- المصدر نفسه: ص48 - 58.
5- عبد الرضا الشهرستاني: المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه ص6(حسب ما ذكر في المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ص9).
6- المصدر نفسه: ص7.

والسؤال الكبير الذي يطرح هنا:

ماذا يعني هذا الاتفاق لدى ديانات البشرية، والشعوب المتعددة، والنظريات والاتجاهات، والفلاسفة والمفكرين،وجميع مذاهب المسلمين-إلا من شدّ - ؟.

إنه تعبير عن «أصالة» المسألة في «الفكر الديني» و «الفكر الإنساني»، ولا يضر الفكرة - كما قلنا - أنها تشكلت في بعض «تمظهراتها»وتطبيقاتها

بصيغ تحريفية، وقد حرص الإسلام على تنقية «الفكرة»، وإعطائها مضمونها «الأصيل».

والشواهد على وجود «التطابقات» في الفكر الديني لدى الديانات المتعددة كثيرةٌ وكثيرة لا نحتاج هنا إلى ذكرها، فالقرآن حافلٌ بأمثلةٍ واضحةٍ وصريحةٍ تؤكد هذه الحقيقة.

وكذلك نجد هذا «التطابق والتوافق» في الفكر الإنساني بتعدداته وتنوعاته،مما يؤكد وجود «حقائق فطرية» متجذرة في النفس البشرية.

فلا غبار على «فكرة المهدي» حينما نجدها تلتقي مع «نظير» لها في الأديان السابقة أو لدى الفلاسفة والمفكرين القدماء والمحدثين.

الملاحظة الثانية :

الأساس الإسلامي في قبول الأفكار ورفضها هومدى ما تمتلكه هذه الأفكار

«الشروط» التي يعتمدها الإسلام في تحديد «إسلامية الفكرة».

وما أثارته الملاحظة الأولى لا يعالج هذه الشروط، وكان الهدف هناك ليس هو الاستدلال على إسلامية فكرة «المهدي» من خلال هذا الاتفاق الديانات الإسلامي، وإنما أردنا أن نؤكد أن الفكرة لا تفقد «هويتها الإسلامية» لمجرد أن تكون واحدة من منظومات فكرية أخرى دينية أو غير دينية، فما أكثر الأفكار التي تلتقي عندها ديانات السماء، ونظريات الإنسان - كما ذكرنا -.

ص: 150

المهم في قبول الأفكار أن نطمئن لتوفرها على «الشروط الإسلامية»مما يعطي للفكرة موقعها في منظومة «الفكر الإسلامي».

فهل تتوفر فكرة «المهدي على هذه الشروط؟

الكتاب الذي بين يديك - عزيزي القارئ - هو محاولة جادة لإعطاء الجواب عن هذا السؤال، آمل - بعون الله وتسديده - أن يكون البحث قادرا على إنتاج رؤية إسلامية واضحة حول هذه المسألة، من خلال معالجة كل «الإشكاليات» التي تواجه عقيدة «الإمام المهدي»، وكل ما أرجوه من القارئ الكريم أن يتابع البحث متابعة متأنية بعيدة عن الانفعال والاستعجال، وبعيدة عن «الموروثات» الساكنة في داخل النفس.

الملاحظة الثالثة:

لقد أثار الأستاذان - الحويفي وحميدة - قصة «الفكر السبئي»، ودوره في صنع «العقل الشيعي» فيما أنتجته من أفكار وتصورات، والتي من جملتها عقيدة «المهدي»...

قصة «الفكر السبئي» هي قصة «الجناية التاريخية»وقصة «الكذبة التاريخية» التي صاغت فصولها أقلام جائرة ظالمة، وامتدت تفاعلاتها لتشكل «لوثة» كبيرة في تاريخ الفكر والكتابة...

1- كيف بدأت القصة؟

في التاريخ شخص اسمه «سيف بن عمر» هو الراوي لهذه القصة (قصة الفكرالسبئي).

ما هي المصادر التي دونت القصة؟

تصنف هذه المصادر إلى مستويين:

ص: 151

المستوى الأول:

المصادر التي استندت إلى روايات «سيف بن عمر».

وهذه المصادر هي:

المصدر الأول:

تاريخ الأمم والملوك لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت/ 310ه):

وهو أول مصدر تأریخي دون قصة «عبد الله بن سبأ»

فماذا كتب الطبري؟

قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت/ 310ه)في كتابه (تاريخ الأمم

والملوك) وهويذكر حوادث سنة (35ه):

«كان عبد الله بن سبأ يهودا من أهل صنعاء، أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثم تنقل في بلدان المسلمين، يحاول ضلالتهم، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه حتى أتى مصر، فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد قال الله عز وجل:«إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ»(1)، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، قال: فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة، فتكلموا فيها، ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي، وكان على وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء، وعلى خاتم الأوصياء، ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، ووثب على وصي رسول الله (صلى الله عليه[وآله] وسلم)، وتناول أمر الأمة، ثم قال لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصي رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، فانهضوا في هذا الأمر فحرکوه...»(2).

ص: 152


1- القصص: آية 85
2- تاريخ الطبري 4: 76 (حوادث 35ه).

طرق الطبري إلى أحاديث (سيف بن عمر):

وللطبري إلى أحاديث (سيف بن عمر) طريقان:

الطريق الأول:

عبيد الله بن سعيد الزهري، عن عمه يعقوب بن إبراهيم، عن سيف [بن عمر)...

وهنا يعتمد الطبري (المشافهة) فيما يخرجه من (أحاديث سيف).

الطريق الثاني:

السري بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف [بن عمر]...

وهنا يعتمد الطبري فيما يخرجه من (أحاديث سيف):

أ- كتابه ( الفتوح والردة) وكتابه ( الجمل ومسير عائشة).

ب- المشافهة أيضا.

انظر:

- العسكري: عبد الله بن سبأ، المجلد الأول ص63.

المصدر الثاني:

تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (ت/ 571ه):

وسنده إلى (أحاديث سيف بن عمر) هو:

أبو القاسم السمرقندي، عن أبي الحسين النقور، عن أبي طاهر المخلص، عن أبي بكر بن سيف، عن السري بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر وقد ذكر ابن عساكر القصة ضمن تراجم طلحة وعبد الله بن سبأ(1).

ص: 153


1- ابن عساکر، تاريخ مدينة دمشق ج 2:31 (ط دار الكتب العلمية).

المصدر الثالث:

التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان لمحمد بن يحيى بن أبي بكر الأشعري

الأندلسي (ت/ 741ه):

وقد استند في ذكر قصة عبد الله بن سبأ إلى كتاب (الفتوح والردة) لسيف

بن عمر وكتب أخرى(1).

قال تحت عنوان (ذكر بعث ابن السوداء دعاته في البلاد):

«عن عطية عن يزيد الفقعسي قال: كان ابن سبأ المعروف بابن السوداء يهوديا منأهل صنعاء - وساق القصة كما وردت في تاريخ الطبري -»(2).

المصدر الرابع:

تاريخ الإسلام للذهبي (ت/ 748ه):

وقد أستند في نقل القصة إلى كتاب ( الفتوح والردة) لسيف بن عمر، وإلى ما ذكره الطبري...

أورد الذهبي القصة في حوادث (سنة 35ه) ...

حيث قال: «وقال سيف بن عمر، عن عطية، عن يزيد الفقعسي قال: لما خرج ابن السوداء إلى مصر... إلى آخر ما ذكره»(3).

المستوى الثاني:

المصادر التي استقت من مصادر المستوى الأول..

ص: 154


1- ابن أبي بكر: التمهيد والبيان ( المقدمة) (ط دار الثقافة بیروت).
2- المصدر نفسه ص88.
3- الذهبي: تاريخ الإسلام / عهد الخلفاء الراشدين سنة 35، ص 433 (ط 1، 1407 - 1987 دار الكتاب العربي - بيروت، لبنان).

وهذه المصادر هي:

[1] تاریخ ابن الأثير (ت/ 630ه):

وقد استقى القصة من (تاريخ الطبري) ، كما هو واضح من مقدمة كتابه

حيث صرح بأنه أخذ جميع تراجمه.

قال ابن الأثير في مقدمه كتابه ( الكامل في التاريخ):

«فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو الكتاب المعول عند الكاقة عليه، والمرجوع عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم أخل بترجمة واحدة منها...»(1).

وأورد القصة كاملة في حوادث سنة ( 30 - 36ه)(2).

[2] البداية والنهاية لابن كثير (ت/ 774ه):

ذكر القصة مفصلة، ثم عقب بقوله بعد سرد واقعة الجمل: «هذا ملخص ما ذكره أبو جعفر بن جرير»(3).

[3] المختصر أخبار البشر لأبي الفداء (ت/ 732ه):

ذکر نتفا من القصة(4)، وقد صرح في ديباجة كتابه أنه اختصره من ( الكامل الابن الأثير)، ومن كتب أخرى (كتجارب الأمم لابن مسکویه) و( البيان لأبي عيسی) و(وفيات الأعيان لابن خلكان) و ( الجمع والبيان للصنهاجي) وغيرها»(5).

ص: 155


1- تاریخ ابن الأثير ( المقدمة ) ص 3.
2- المصدر نفسه.
3- ابن كثير: البداية والنهاية ج7.
4- أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر.
5- المصدر نفسه: ديباجة الكتاب

[4] تاریخ ابن خلدون (ت/ 808ه):

ذكر القصة معتمدا على (تاريخ الطبري) كما صرح في أكثر من موضع(1).

[5]المصادر الاستشراقية:

1- السيادة العربية لفان فلوتن:

ذكر مسألة ( السبئية) معتمدا على (تاريخ الطبري)(2).

2- تاريخ الأدب العربي لنيكلسون:

ذكر القصة معتمدا على الطبري(3).

3- دائرة المعارف الإسلامية لعدة من المستشرقين:

أوردوا القضة معتمدين على الطبري(4). - 4-عقيدة الشيعة لدوايت. م. دونالدسن:

أورد قصة (ابن سبأ) معتمدا على (دائرة المعارف الإسلامية) و(تاريخ الأدب العربي) لينكلسون(5),وكلاهما يستندان إلى الطبري.

5- الدولة الأموية وسقوطها لولهاوزن:

تحدث عن (السبئية وابن سبأ) في عدة مواضع(6)، وقد صرح بأنه استند إلى الطبري

ص: 156


1- ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون 2: 425، 457.
2- فان فلوتن: السيادة العربية ص79، 80.
3- نيكلسون: تاريخ الأدب العربي ص215.
4- دائرة المعارف الإسلامية 1:29.
5- عقيدة الشيعة (هامش ص59).
6- ولهاوزن: الدولة الأموية ص56، 57، 396، 397.

[6] الكتاب المتأخرون:

1- محمد رشيد رضا في كتابه ( السنة والشيعة):

اعتمد على ( الكامل لابن الأثير) فيما أورده عن عبد الله بن سبأ(1).

2- محمد فريد وجدي في كتابه (دائرة المعارف):

أورد القصة نقلًا عن (تاريخ الطبري)(2).

3- البستاني في دائرة معارفه:

(مادة عبد الله بن سبأ) اعتمد على (تاريخ الطبري).

4- أحمد أمين في كتابه (فجر الإسلام):

تحدث عن ( ابن سبأ) في عدة مواضع من كتابه(3)، ويستند أحمد أمين إلى

(تاريخ الطبري) في الأساس، وإلى (ولهاوزن) أحيانا، وهذا بدوره اعتمدعلى الطبري كما ذكرنا ذلك.

5- حسن إبراهيم حسن في كتابه (تاريخ الإسلام السياسي):

تحدث عن دعوة (عبد الله بن سبأ) في عدة صفحات من كتابه مشيراً في

الهوامش إلى الطبري(4).

6- سعيد الأفغاني كتابه (عائشة والسياسة):

تحدث عن القصة مستندا إلى (الطبري) في الدرجة الأولى (5).

ملاحظة :

اعتمدنا في سرد الأسماء والمصادر على ما ذكره المحقق الكبير السيد مرتضى

ص: 157


1- محمد رشيد رضا: السنة والشيعة ص 4-6.
2- محمد فريد وجدي: دائرة المعارف 7: مادة عثم.
3- أحمد أمين: فجر الإسلام 109، 110 ، 254، 270، 276، 277.
4- حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام السياسي 347، 349، 352.
5- سعيد الأفغاني: عائشة والسياسة 291.

العسكري في كتابه ( عبد الله بن سبأ) الجزء الأول: 45 - 68، إلا أن ذلك لم يعفنا من الرجوع إلى المصادر نفسها.

الملاحظة الرابعة :

2- البحث العلمي يثبت أسطورية عبد الله بن سبا

وللبرهنة على زيف «القصة السبئية، التي نسجتها ذهنية سيف بن عمر،

هناك منهجان:

المنهج الأول: إسقاط القيمة الروائية لأحاديث سيف:

وهذا المنهج يفرض أن نعرض لآراء العلماء ورجال الحديث في سيف بن عمر،وفي رواياته...

فمن هو سيف بن عمر؟

وما قيمة رواياته؟

هوسيف بن عمر التميمي الأسيدي من بني عمرو، وقد توفي بعد السبعين

والمائة للهجرة(1).

وأما رأي العلماء فيه، وفي أحاديثه :

1- قال عنه يحيى بن معين (ت/ 233ه): «ضعيف الحديث».

وقال فيه: «فلس خير منه» أو «فليس خير منه».

2- وقال أبو زرعة الرازي (ت/ 264ه): «ضعيف الحديث».

3- وقال عنه أبو داوود (ت/ 275ه): «ليس بشيئ».

4- وقال أبو حاتم الرازي (ت/ 277ه): «متروك الحديث»

ص: 158


1- مرتضى العسكري: عبد الله بن سبأ 1: 73.

5- وقال الترمذي (ت/ 279ه): «مجهول» الجامع 3866.

6- وقال فيه النسائي صاحب الصحيح (ت/ 303ه): «ضعیف متروك الحديث، ليس بثقة، ولا مأمون».

7- وذكره العقيلي (ت/ 322ه): في ( الضعفاء).

8- وقال ابن أبي حاتم (ت/ 327ه): «متروك الحديث».

- وقال ابن حبان (ت/ 354ه): «يروي الموضوعات عن الأثبات، أتهم

بالزندقة»

وقال: «قالوا: كان يضع الحديث».

10- وقال ابن عدي (ت/ 365ه): «ضعيف، بعض أحاديثه مشهورة، وعامتها منكرة، لم يتابع عليها».

11- وقال الدارقطني (ت/ 385ه): «كوفي متروك».

وذكره في ( الضعفاء والمتروكين) الترجمة 283.

12- وقال الحاكم النيسابوري (ت /405ه): «متروك اتهم بالزندقة».

13- وقال ابن حجر (ت/ 852ه) بعد ذکر حدیث ورد في سنده اسمه: «فيه ضعفاء أشدهم سيف»(1).

وقال في التقريب: «ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ، أفحش ابن حبان القول فيه».

14- وقال السيوطي (ت/ 911ها): «إنه وضاع»(2).

انظر:

- تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3: 353/ 2661.

ص: 159


1- كما جاء في عبد الله بن سبأ 1: 74.
2- كما جاء في هوية التشيع ص130.

- ميزان الاعتدال في نقد الرجال 2: 255/ 3637.

- تهذيب التهذيب 4: 268/ 2819.

- تقريب التهذيب 1: 344/ 633.

- الجامع في الجرح والتعدیل 1: 365، 366/ 1774.

- عبد الله بن سبأ 1: 74 - 75.

المنهج الثاني : إثبات أسطورية عبد الله بن سبا:

وقد استطاع عدد كبير من الباحثين والمحققين والدارسين - معتمدين المنهج العلمي في النقد التاريخي - إثبات أسطورية عبد الله بن سبأ، وأنه شخصية وهمية لا وجود لها في التاريخ.

ومن هؤلاء الباحثين والدارسين :

1- المحقق الكبير السيد مرتضى العسكري.

وقد صدر له في هذا الموضوع:

- عبد الله بن سبأ (جزءان).

- خمسون ومائة صحابي مختلق (جزءان).

2- الدكتور أحمد الوائلي في كتابه (هوية التشيع).

3- الدكتور طه حسين في كتابه (الفتنة الكبرى).

4- عدد من المستشرقين منهم:

- الدكتور برناد لويس.

- فلهوزن.

- فريد ليندر.

- كانياني(1).

ص: 160


1- أحمد محمود: نظرية الإمامة ص37.

5- الأستاذ الدكتور عبد العزيز الهلابي:

نشر بحثان حوليات كلية الآداب بجامعة الكويت (الحولية الثامنة، الرسالة الخامسة والأربعون عام 1407/ 1408ه) بعنوان «عبد الله بن سبأ دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة».

انظر:

آراء وأصداء حول عبد الله بن سبأ وروايات سيف في الصحف السعودية(1).

6- الدكتور حسن بن فرحان المالكي في كتابه (نحوإنقاذ التاريخ الإسلامي). 7- وهناك عدد من الكتاب برأ الشيعة من تهمة عبد الله بن سبأ، أوشكك في صحة ما ينسب لهذا الشخص من أدوار خطيرة في واقع المسلمين...

ومن هؤلاء الكتاب:

- محمد کرد علي في كتابه (خطط الشام 251:1).

- الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه (نظرية الإمامة ص37).

8- ومن الباحثين من يرى أن ( ابن السوداء) هو (عمار بن یاسر) أو شخص آخر، وليس هو عبد الله بن سبأ.

ومن هؤلاء الباحثين:

- ابن طاهر البغدادي في ( الفرق بين الفرق)(2).

- الاسفرايني في ( التبصير في الدين)(3).

- الدكتور كامل الشيبي في ( الصلة بين التصوف والتشيع ص84).

ص: 161


1- الطبعة الأولى 2000م، إعداد ونشر كلية أصول الدين، قم - الجمهورية الإسلامية في إيران.
2- هامش منهاج السنة لابن تيمية ص 220 (حسب ما ورد في هوية التشيع 134).
3- المصدر نفسه.

- الدكتور علي الوردي في (وعاظ السلاطين ص279).

3- محاولتان للدفاع عن الأسطورة
اشارة

حاول بعض الكتاب والباحثين المتأخرين الدفاع عن ( الأسطورة السبئية).

وقد اعتمد هؤلاء الكتاب المحاولتين التاليتين:

• روایات سيف بن عمر ضعيفة عند المحدثين، ولكنها حجة عند المؤرخين والإخباريين:

• سيف بن عمر ليس المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ.

المحاولة الأولى: روايات سيف بن عمرضعيفة عند المحدثين ولكنها حجة عند المؤرخين والإخباريين
اشارة

وفي ضوء هذه المحاولة تكون أخبار عبد الله بن سبأ الواردة عن طريق سيف بن عمر يصح الاعتماد عليها والأخذ بها؛ كونها من أخبار التاريخ، وليست من أحاديث الدين، والفرق كبير بين المجالين.

ونجد هذه المحاولة عند:

1- الدكتور حسن بن فهد الهويمل: في بحث له بعنوان ( المالكي والتاريخ) نشرته له (صحيفة الرياض 4 ربيع الأول 1418 - 8 يوليو 1997م - العدد10606 -السنة الرابعة والثلاثون).

2- الدكتور محمد بن عبد الله العزام: في بحث له بعنوان (عن القعقاع وسيف بن عمر) نشرته (صحيفة الرياض 2 ربيع الآخر 1418ه 5 أغسطس 1997م - العدد 10624 - السنة الرابعة والثلاثون).

ص: 162

نقد المحاولة الأولى :

نلاحظ على هذه المحاولة :

اولا:

لاشك أن هناك فارقا كبيرا بين (الحديث) و(التاريخ) بين (أخبار الدين) و( أخبار الوقائع والحوادث)، إلا أن الراوي الذي يملك استعدادا أن يكذب في الحديث عن الله وعن الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم)فمن الأولى أن يمتهن الكذب فيما يحدثعن أخبار الناس، وقضايا التاريخ، لأن الكذب فيها أسهل وأقل خطرا... فسيف الكاذب في مروياته الدينية، كيف يمكن أن نعتمده فيما ينقل من أخبار التاريخ.

ثانيا :

التزوير التاريخي لا يقل خطورة عن تزوير أحاديث الحلال والحرام، فالتساهل والتسامح في أخبار التاريخ هو الذي أعطى الفرصة للعابثين والمدسوسين أن يتلاعبوا بأوراق التاريخ، وأن يصوغوا قضاياه حسب رغبات الحكام والسلاطين، وحسب الدوافع والأغراض المشبوهة التي ينطلق منها أولئك العابثون والمدسوسون... فمن الجناية على تاريخ الأمة أن يسمح للأقلام التي لا تملك النزاهة والصدق والنظافة أن تدون قضايا هذا التاريخ، فهل يمكن أن تكون هذه الأقلام أمينة على وثائق التاريخ ومستنداته؟ ثالثا:

إن الكثير من قضايا التاريخ تتداخل مع قضايا الدين، وربما شكلت بعض مفردات التاريخ «حيثيات موضوعية» لاستنباط أحكام الدين، فإن فهم الحيثيات التاريخية يوفر للفقيه قدرة الاستنباط الأنضج في التعاطي مع النصوص...

فمن الخطر على العملية الاستنباطية أن يحدث هذا التهاون في معالجة

ص: 163

«المسالة التاريخية» بما لهذه المسألة من تأثيرات كبيرة على «المسألة الفقهية»و«المسألة الأخلاقية»و«المسألة العقيدية».

رابعا :

وإذا صح التساهل في معالجة بعض قضايا التاريخ التي لا تشكل عناصرهامة في تكوين «هوية» هذه الأمة، فإنه لا يصح أبدا أن تكون القضايا «المفصلية» في تاريخ المسلمين، خاضعة لهذا التساهل، الأمر الذي يحدث إرباكا خطيرا في تشكل «الرؤية التاريخية».

وإذا كان كتاب التاريخ لم يتشددوا في روايات الكلبي في الأنساب، وروايات أبي بيده في أيام العرب، فليس من الصحيح أن يتساهلوا مع أخبار سيف بن عمر عن أحداث التاريخ الإسلامي، وعن رجالات الإسلام، وعن معارك الإسلام.

خامسا:

القضية - موضوعة البحث - ليست من قضايا التاريخ العادية، إنها قضية

تتصل بتهمة خطيرة موجهة إلى واحد من مذاهب الإسلام.

فهل من الإنصاف العلمي أن نتهم الفكر الشيعي بأنه من إنتاج أوهام وأضاليل عبد الله بن سبأ اعتمادا على روايات سيف بن عمر، المحدث الكذاب، والمتهم بالزندقة - حسب ما جاء في كلمات أئمة الجرح والتعديل -؟

وهل يبرر هذا الاعتماد كون هذه الروايات من روايات الأخبار والوقائع، وليست من روايات الدين والأحكام؟

ص: 164

المحاولة الثانية : سيف بن عمر ليس المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبا
اشارة

تتجه هذه المحاولة إلى إثبات «القصة السبئية» من طريق آخر غير طريق

سيف بن عمر.

فإذا كان القائلون بأسطورية عبد الله بن سبأ يعتمدون التشكيك في وثاقة سيف بن عمر، الراوي لهذه الأسطورة، فإن بعض الدارسين حاولوا أن يبحثوا عن طريق آخر لإثبات وجود هذه الشخصية.

ومن هؤلاء الدارسين الدكتور سليمان بن حمد العودة، في بحث له بعنوان ( الإنقاذ من دعاوى الإنقاذ من التاريخ الإسلامي.. ردا على المالكي) نشرته صحيفة الرياض 27 ربيع الأول - 1418ه)

جاء في هذا البحث:

«لقد ثبت لدي بالبحث العلمي وجود (ثماني) روايات لا ينتهي سندها إلى (سيف) بل، ولا وجود لسيف فيها أصلا، وكلها تتضافر على إثبات عبد الله بن سبأ، والروايات (مثبتة) في تاريخ دمشق لابن عساکر، وقد صحح العلامة(ناصر الدين الألباني) إسناد عدد منها، وقمت بتحقيق في أسانيدها - رواية رواية – فثبت لي صحة إسناد معظمها في بحث لم أنشره بعد بعنوان ( ابن سبأ والسبئية قراءة جديدة وتحقيق في النصوص القديمة»(1).

وقد أورد تحقيقه في المرويات في عدد لاحق من (صحيفة الرياض 28 ربيع الأول - 1418ه)(2).

ص: 165


1- أراء وأصداء حول عبد الله بن سبأ وروايات سيف في الصحف السعودية ص164.
2- آراء وأصداء ص169.
نقد المحاولة الثانية:

نكتفي في نقد هذه المحاولة بما أورده الدكتور حسن بن فرحان المالكي في

موضوع له بعنوان ( عبد الله بن سبأ وكاسحات الحقائق) نشرته( صحيفة الرياض 9ربيع الآخر - 1418ه - 12 أغسطس 1997م - العدد 10641- السنة الرابعة والثلاثون).

وخلاصة ما ذكره في محاسبة الروايات - حسب ما جاء في الملاحظة السابقة-:

1- الرواية الأولى ضعيفة سنداً - حسب اعتراف الدكتور العودة نفسه - كما أنها (منكرة متا).

2- الرواية الثانية ليس فيها ذكر لعبد الله بن سبأ ، وإنما فيها ذكر (ابن السوداء )، وهذه محل خلاف هل المراد بها (عبد الله بن سبأ) أم غيره، ومن الباحثين من لا يسلم بأن المراد من ( ابن السوداء) هو عبد الله بن سبأ.

3- الرواية الثالثة ليس فيها ذكر لعبد الله بن سبأ البتة وإنما فيها ذكر (الحميت الأسود)، ولم يثبت أنه عبد الله بن سبأ.

4- الرواية الرابعة هي نفسها الرواية الثالثة، جعلها الدكتور العودة روايتين بسبب تفسير عمرو بن مرزوق ( الراوي عن شعبة) لكلمة ( الحميت الأسود ) فقال (يعني عبد الله بن سبأ)، وعمرو بن مرزوق معروف بأنه كثير الأوهام وإن كان ثقة في نفسه، ثم إن تفسيره ليس حجة لأن بينه وبين الحادثة نحو (مائتي سنة)، فتفسيره لا يعتبر رواية مسنده (كما أوهم العودة). 5- الرواية الخامسة ليس فيها ذكر لعبد الله بن سبأ، وإنما ورد ذكر (الحميت الأسود ) ، ولم يثبت أنه عبد الله بن سبأ، أما سند الرواية فلا يصل إلى درجة الصحة لكنه لا يقل عن رتبة الحسن - حسب تعبير الدكتور العودة -. 6-الرواية السادسة اعترف الدكتور العودة بضعف إسنادها، ثم أنه ورد فيها

ص: 166

ذکر (عبد الله البائي) وهذا يحتمل أن يكون عبد الله بن الكواء) أو (عبد الله بن وهب الراسبي) أو (عبد الله بن سبأ) ، وكل هؤلاء سبئيون من قبيلة سبأ وكلهم يصح أن يطلق عليه ( عبد الله السبائي).

7- الرواية السابعة ففيها انقطاع -حسب اعتراف العودة - فسماك بن حرب لم يسمع من علي ولا أدركه، ولم يولد إلا بعده على ما يظهر لأن وفاته كانت (123ه) بينما وفاة علي (40ه)، ثم أنه لم يرد فيها ذكر (عبد الله بن سبأ) وإنما ورد ذكر ابن السوداء ) وهذا مختلف فيه.

8- الرواية الثامنة اعترف الدكتور بأن في إسنادها أحد المجاهيل، فهو لم يعثر اللغطا على ترجمة... ثم إن متن الرواية يحمل بعض المضامين الباطلة قطقا، فمصطلح (الرافضة والقرامطة) لم يكن موجودا في عصر علي، فالرافضة لم تعرف بهذا الاسم إلا عام (122ه)، والقرامطة وجدوا بعد ذلك بكثير، لأن قرمط رأس القرامطة توفي عام 293ه) بعد بيعة علي بنحو (مائتين وخمسين عاما)،فكيف عقل الدكتور هذه الرواية، وكيف نشرها؟ يبدو أنه لا يمتلك المنهج النقدي للمتون، ولو كان يمتلك هذا المنهج النقدي لما استشهد بهذه الروايات.

وبعد هذه المعالجة النقدية للروايات قال الدكتور المالكي:

«والخلاصة: أن الروايات التي أوردها الدكتور العودة، وذكر بأنها تقطع بوجود عبد الله بن سبأ على أصناف، فأما الروايات التي فيها اسمه صريحا فهي باطلة أو ضعيفة ضعفا ظاهرا، وأما الروايات التي ليس فيها ذكر لاسمه فهي بحاجة إلى دراسة هل المراد بها ابن سبأ أم لا؟ وعلى هذا فليس فيما أورده الدكتور سليمان ما يدل على وجود ابن سبأ فضلا عن دوره الكبير في الفتنة؟؟ الذي رسمه سيف بن عمرا!!»(1).

ص: 167


1- آراء وأصداء ص229.

ورغم أن الدكتور المالكي لم يجزم بنفي عبد الله بن سبأ، لأنه لا زال في طورالبحث والدراسة حول هذا الموضوع، إلا أنه يقطع بأن «الدور الكبير»الذي أسند إلى عبد الله بن سبأ دو مختلق.

ولم يكتف الدكتور المالكي بنقد الروايات الثمان التي أوردها الدكتور العودة ، بل أضاف ثلاث روايات يبدو أنها فاتت على الدكتور العودة، وهذه الروايات الثلاث هي الأخرى (ضعيفةٌ وباطلةٌ سندًا ومتناً)(1).

تعقيبنا الأخير:

لو سلمنا بصحة الروايات التي تثبت وجود عبد الله بن سبأ ، فإننا لم نعثر هذه الروايات - باستثناء روايات سيف بن عمر - على ما يشير إلى قضية ( الوصية والخلافة) التي تزعم «الأسطورة» أنها من اختلاق عبد الله بن سبأ. كما أننا لم نجد في هذه الروايات ما يشير إلى مسألة (المهدي)...

فما أثاره الأستاذان - الحوفي وحميده - من أن عقيدة «المهدي» هي من إنتاج «الفكر السبئي» أمرٌ لا صحة له إطلاقا، ولا يملك دليلاً علمياً.

فالأساس الذي اعتمدته عقيدة «المهدي» هو «النصوص الإسلامية» المتكاثرة بل المتواترة كما حدثا بذلك عدد كبير من الصحابة والتابعين (انظر: منظومة الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي)، وكما دون في أهم مصادر الحديث ( انظر: منظومة العلماء والحفاظ الذين دونوا أحاديث المهدي).

ص: 168


1- آراء وأصداء ص229 - 231

المقولة الرابعة «خرافية فكرة المهدي»

اشارة

ص: 169

ص: 170

حاولت بعض الكتابات أن تصف «عقيدة المهدي» بالخرافة وأنها من صنع

عقول مريضة سخيفة...

وهذه أمثلة من كلماتهم:

[1] الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية بدولة قطر:

قال في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر ص16):

«رجح أكثر العلماء المتأخرين من خاصة أهل الأمصار بأن أحاديث المهدي ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة، بل كلها مكذوبة على رسول الله [ صلی الله علیه وآله ] فهي أحاديث خرافية سياسية إرهابية، صيغت وصنعت على لسان رسول الله [ صلی الله علیه وآله] صنعها غلاة الزنادقة ازال الملك عن أهل البيت، فأخذوا يرهبون بها بني أمية ويوعدونهم بأنه سيخرج المهدي، وقد حان خروجه فينتزع الملك من بني أمية، ثم يرده إلى أهل بيت رسول الله [صلی الله علیه وآله] إذ أنهم أحق به وأهله».

وقال في موضع آخر (ص37):

«وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدي وهي نظرية لا تتفق مع

سنة الله في خلقه ولا تتفق مع العقل الصحيح...».

وقال في صفحة 85:

«فلا حاجة للمسلمين في أن يهربوا عن واقعهم ويتركوا واجبهم لانتظار مهدی يجدد لهم دينهم ويبسط العدل بينهم، فيركنوا إلى الخيال والمحالات، ويستسلموا للأوهام والخرافات...».

ص: 171

[2] عبد الكريم الخطيب:

قال في كتابه ( المهدي المنتظر ومن ينتظرونه ص112):

«وكل هذه المقولات [ المهدي، المسيح الدجال، نزول المسیح بن مریم] من

مستولدات عقول مريضة ومعتقدات فاسدة...».

[3] ناصر الدين الألباني (ت/ 1420ه):

قال في كتابه (سلسلة الأحاديث الصحيحة 4: 42):

«اعلم يا أخي المسلم أن كثيرا من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع [يعني موضوع المهدي] ، فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي وهذا خرافة وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة وبخاصة الصوفية منهم، وليس في شيئ من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقا، بل هي كلها لا تخرج عن أن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) بشر المسلمين برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات بارزة، أهمها أنه يحكم بالإسلام، وينشر العدل بين الأنام، فهو الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه (صلى الله عليه [وآله] وسلم)».

ملاحظة:

الشيخ الألباني من الذين يصححون أحاديث المهدي، إلا أنه يفهمها حسب ماذكر هنا... ويعتبر الفهم المشتهر بين الناس حول المهدي هو «فهم خرافي»، وهذا ما دعانا أن نضع اسمه ضمن كلمات المقولة الرابعة، وإلا فهولا يقول بأصل خرافية فكرة المهدي.

[4] أحمد أمين في (ضحى الإسلام / الجزء الثالث):

قال في صفحة 243:

«حديث المهدي هذا حديث خرافة، وقد ترتب عليهنتائج خطيرة في حياة

ص: 172

المسلمين».

وقال في صفحة 244:

«وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدية وهي نظرية لا تتفق

وسنة الله في خلقه، ولا تتفق والعقل الصحيح...».

ص: 173

1- نقد المقولة الرابعة

اشارة

لنا حول المقولة الرابعة (خرافية فكرة المهدي) مجموعةملاحظات: الملاحظة الأولى :

المسافة بين «الحقيقة» و«الخرافة» كبيرة جدا، ولكن حينما تكون «المعايير» خاطئة فإن المسافة تضيق حتى تختفي كل الفواصل بين «الحقيقة» و«الخرافة، وعندها ترتبك الرؤية، وتتشوش الصورة، وتضيع الحقيقة في ركام الأوهام والخيالات.

1- «الحقيقة»وفق المعيار الإسلامي تعتمد مرتكزين أساسين

- الأول: التوفر على الدليل (كتابا أو سنة).

- الثاني: أن لا تتنافى مع المسلمات ( البديهيات العقلية)

فهل تملك (قضية المهدي) هذين المرتكزين؟

2- المرتكز الأول: التوفر على الدليل (كتابا أو سنة)

لقد تأسست (فكرة المهدي) من خلال ( الأحاديث النبوية) الثابتة بلا

إشكال:

1- فقد روى هذه الأحاديث عشرات الصحابة والتابعين منهم: الإمام علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن العباس، وعثمان بن عفان،

وأبو سعيد الخدري، وأبوهريرة، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وغيرهم.

انظر:

- منظومة الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي.

2- وخرج أحاديث المهدي عدد كبير من أئمة الحديث كأحمد بن حنبل، وأبي

ص: 174

داوود، والترمذي، وابن ماجه، وأبي يعلى، والعقيلي، وابن حبان، والطبراني،والحاكم النيسابوري، والبيهقي وغيرهم.

انظر:

- منظومة العلماء والحفاظ الذين دونوا أحاديث المهدي.

3- وحكم بصحتها جمع غفير من العلماء المحققين، بل صرح بتواترها جماعة من الحقاظ كالآبري، والقرطبي، والسخاوي، والسيوطي، والبرزنجي، والشيخ محمد بن قاسم المالكي، والصبان، والشوكاني الزيدي، والشبلنجي، وغيرهم.

انظر:

- منظومة العلماء والحفاظ الذين دونوا أحاديث المهدي.

- مبحث تواتر أحاديث المهدي.

وفي ضوء هذه «الحيثيات» يمكن الجزم بتوفر المرتكز الأول ( الدليل كتاباً أوسنة)...

لم أشر إلى (الدليل القرآني) تجنبًا للجدل حول تفسير النصوص

القرآنية...

3- المرتكز الثاني: عدم التنافي مع المسلمات (البديهيات العقلية)

«الإيمان بظهور مصلح من أهل البيت في آخر الزمان يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

هذا الإيمان قضية لا تتنافى مع أي من المسلمات (البديهيات العقلية /

الأوليات).

ص: 175

وقد ذكر العلماء أن المسلمات (البديهيات) تتمثل فيما يلي(1):

1-«مبدأ العقلية والمعلولية بما فيها من امتناع تقدم المعلول على العلة وتأخرها عنه أو مساواتها له في الرتبة، ثم امتناع تخلفه عنها، فحيثما توجد العلة التامة يوجد المعلول حتما».

2- «مبدأ استحالة التناقض اجتماعا وارتفاعا مع توفر شرائط الاتحاد والاختلاف فيه».

«يشترط الفلاسفة في امتناع اجتماع أو ارتفاع النقيضين اجتماع وحدات عشر هي: الموضوع، المحمول، المان، المكان، الرتبة، الشرط، الإضافة، الجزء والكل، القوة والفعل، الحمل.

كما اشترطوا ضرورة الاختلاف في ثلاثة هي: الكم والكيف والجهة. ومع تخلف إحدى هذه الوحدات أو عدم توفر الاختلاف في واحد من هذه الثلاثة لا يمنع العقل من إمكان الاجتماع أو الارتفاع»(2).

3- «مبدأ استحالة اجتماع الملكة وعدمها وارتفاعهما مع توفر قابلية المحل».

4-«مبدأ امتناع اجتماع الضدين».

5-«مبدأ استحالة الدور».

6-«مبدأ استحالة الخلف».

7-«مبدأ استحالة التسلسل في العلل والمعلولات».

وبعد التعرف على هذه المسلمات (البديهيات) نطرح هذا التساؤل:

هل أن «قضية المهدي» فيما تمثله من اعتقاد بظهور مصلح من أهل البيت في آخرالزمان تحمل في داخلها تصادما مع أي واحدة من تلك المسلمات(البديهيات)؟

ص: 176


1- انظر: محمد تقي الحكيم: الأصول العامة للفقه المقارن ص 23 - 24.
2- المصدر نفسه هامش رقم (1) ص24.

والجواب واضح بعدم وجود هذا التصادم والتنافي.

وهنا يتوفر «المرتكز الثاني»...

فأي خرافية في قضية تملك «دليلها من أحاديث النبي (صلی الله علیه وآله) » كما أنها لاتصادم بديهية من بديهيات العقل؟

وأنا هنا أرجأ الإشكالية التي تواجه «فكرة الإمام المهدي» وفق المنظور الآخر الذي يؤمن بولادة الإمام، وغيبته، وبقائه، وهذا ما سوف يتناوله البحث - إن شاء الله - حينما يعالج «الإشكالية الثانية = إشكالية الولادة»، وحينما يعالج «الإشكالية الثالثة = إشكالية الغيبة».

الملاحظة الثانية :

إن اتهام الفكرة - فكرة المهدي - بالخرافية مجازفة في القول، وجرأة كبيرة في مواجهة ما تواتر واشتهر وتضافر من أحاديث رسول الله عنه كما صرح بذلك أعاظم الحفاظ وأكابر أئمة الحديث.

وإذا كانت قضية (كقضية الإمام المهدي) تملك هذا الحشد الكبير جدا من الأحاديث والنصوص تمثل «خرافية، فأين هي القضية التي تمثل «الحقيقة، في قضايا الفكر الديني، ولا أخال قضية من قضايا العقيدة والشريعة استطاعتأن تتوفر على رصيد من النصوص كما هي قضية الإمام المهدي.

لا أريد أن أزعم أن كل الأخبار الواردة في شأن «الإمام المهدي» هي أخبارصحيحة، أو أن الصحيح منها في مرتبة واحدة.

لا يمكن أن أدعي ذلك، إلا أنني أستطيع - ومن خلال ما تقدم من معالجات وإثباتات - أن أجزم بتوفر «قضية الإمام المهدي» على عدد كبير من الأخبار الصحيحة - بدرجاتها المختلفة - مما يشكل «تواترًا»أو«اشتهارًا» أو «تضافرًا»...

ص: 177

ثم إن نسبة كبيرة من الأخبار الضعيفة أو المعلولة أو المخدوشة لها من «الشواهد والمتابعات» ما يجبر ضعفها، وما يعطيها اعتبارًا.

وهكذا تتشكل لدى المنصف المتجرد عن كل المأسورات القناعة الكاملة بصعة قضية «الإمام المهدي» وكونها من الحقائق» في منظومة الفكر الإسلامي، وليست «خرافة»أنتجتها عقول مسكونة بالهوس والشطط..

الملاحظة الثالثة :

إن إطلاق «الخرافة» على قضية «الإمام المهدي» اتهام صارځ جريئ ل«عقل الأمة»؛ حيث استطاعت «خرافة» من إنتاج «الوهم الشيعي» أن تتسرب بطريقة مذهلة إلى هذا العقل، ومنذ مرحلة مبكرة في تاريخ هذه الأمة.

وليس الأمة - في عقلها الشعبي البسيط - بل الأمة في عقلها المثقف، في عقل الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، وحفاظ السنة، والعلماء والأدباء والشعراء...

ورغم تشدد أحمد أمين المصري في رفض واستهجان فكرة «المهدي» فقد صرح في كتابه (المهدي والمهدوية ص15) بأن «فكرة المهدي والمهدوية لعبت دوراً كبيرًا في الإسلام منذ القرن الأول الهجري إلى اليوم».

فيا للعجب! فكرة خرافية استطاعت أن يكون لها هذا الدور الكبير في الإسلام ومنذ القرن الأول الهجري إلى اليوم.. !!!

واستطاعت أن تخترق عقول الكبار من أعلام الأمة وفقهائها والمتصدين

للدفاع عن الإسلام ومبادئه وأفكاره وقيمه في مواجهة كل دخيل...

يقول الدكتور عداب محمود الحمش في كتابه ( المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة الإمامية صفحة 184) تعقيبا على عبد الكريم الخطيب في كتابه

ص: 178

( المهدي المنتظر ومن ينتظرونه):

«وهذا يعني أن الرجل غير قادر على تمييز هذه الروايات، فكيف يجرؤ على تسفيه علماء كبار، وفي شتى الأمصار يذهبون إلى القول بعقيدة المهدي من دون معرفة وقبل حصول ما دعا إليه علماء المسلمين؟

- ويقول -:

إن عجبي لا يكاد ينقضي من جرأة بعض الكتاب في نفي قضايا دينية أو إثباتهابمجرد الاستبعاد العقلي أو التشابه بين بعض مظاهرها مع الديانات الأخرى...».

ويقول الدكتور الحمش في كتابه المذكور (ص185) تعقيبا على كلام لعبد الله بن آل محمود رئيس المحاكم الشرعية بدولة قطر في كتابه (لا مهدي ينتظر...) حيث قال - يعني ابن آل محمود - :

«لكن العلماء المتقدمين يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم، ويستبعدون

تعمد الكذب على رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) من مؤمن بالله، ولهذا أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة..»

وجاء التعقيب من الدكتور الحمش: «هذا كلام خطير جداد ولو أننا سلمنا به الانعدمت الثقة بالسنة كلها؛ لأن ناقلها هم العلماء المتقدمون أنفسهم الذينما كانوا يتصورون أحدا يكذب على رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) على حد قول الشيخ القطري...

ولست أدري هل الشيخ القطري جاد فيما يقول؟ وهل يتصور الأمة خلت من العلماء، فهي تنظر مثل كلامه الخطابي العجل الذي يطعن بجهود أمة عظيمة جرحت وعدلت وعللت وخرجت ونقدت ألوف الروايات، إن كلام الشيخ القطري ليس مقتصرا على طعنه بأحاديث المهدي أو طائفة أخرى من الأحاديث، وإنما هوطعن

ص: 179

بجهاد علماء الحديث قاطبة، واتهام لهم بالسذاجة والغفلة التي تحجبهم عن النقد والتمحيص».

وقال الشيخ محمد أمين زين الدين في كتابه (مع الدكتور أحمد أمين في حديث المهدي والمهدوية) صفحة 60:

«إنها نظرة فيها الكثير من الاحتقار والازدراء أن يكون جماعة ومن خلال جمعية سرية قد تمكنوا من أن يدشوافي أحاديث المسلمين ما يشاؤون، وأن يلونوا تاريخ المسلمين كيف يريدون، وأن يدخلوا في العلوم والفنون ما يختارون، ورؤساء المسلمين وقياداتهم في غفلة من هذا التصرف الذريع، فأحاديث المسلمين، وتاريخهم، وتفسيرهم، وعلومهم، ألعوبة بأيدي هؤلاء الدساسین...».

الملاحظة الرابعة :

الذين اتهموا فكرة (المهدي) بالخرافية لم يقيموا أي دليل، بل أطلقوا القولإطلاقا، وساقوا الكلام جزافا، واعتمدوا مجرد «استبعادات» لا تتكئ على أسس علمية...

- أحمد أمين: «حديث المهدي حديث خرافة، وقد ترتبت عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين».

- وقال: «وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدية، لا تتفق وسنةالله في خلقه، ولا تتفق والعقل الصحيح».

- وقال آل محمود: «فهي [ أحاديث المهدي] أحاديث خرافية سياسية إرهابية...صنعها غلاة الزنادقة».

- وقال عبد الكريم الخطيب: «وكل المقولات [يعني المهدي، المسيح الدجال، نزول المسيح بن مريم]من مستولدات عقول مريضة، ومعتقدات فاسدة».

ص: 180

فأين الأدلة العلمية في هذه السياقات؟

فهل أن تترتب نتائج خطيرة في حياة المسلمين على فكرة - حينما يساء فهمها وتطبيقها - يشكل دليلا على خرافية الفكرة.

لقد أساء من أساء إلى «فكرة الألوهية»وإلى « فكرة النبوة، وترتب على ذلك نتائج خطيرة في حياة الناس، فهل يعني هذا خرافية «فكرة الألوهية، وخرافية «فكرة النبوة».

وكثيراً ما أسيئ إلى عناوين الذين «فهماً وتطبيقاً»وترتب على ذلك نتائج

خطيرة في حياة المسلمين، فهل يعني هذا خرافية تلك العناوين؟

ثم أين هو التنافي مع سنة الله في خلقه حينما يؤمن المسلمون أو ينتظرون «مصلحا من أهل البيت يظهر في آخر الزمان يطبق شريعة الله في الأرض»؟

وأي تاف بين هذه الفكرة والعقل الصحيح؟

وما وجه(الإرهابية) و (الزندقة) في هذا الاعتقاد؟

هذه مجرد (إسفافاتٍ) و ( اجتراراتٍ) فاقدة للتوازن العلمي، ومأسورة لأوهامٍ وتخرصات...

من حق الباحث والدارس أن يرفض أي فكرة متى ما قاده الدليل العلمي إلى

ذلك، أما أن يتهم ويسيئ ويرفض بلا دليل فهذا مرفوضٌ.

قد تقرأ لبعض الدارسين ممن عالج «مسألة المهدي» دعوة ملحة إلى نقد «روايات المهدي» نقدا علميا، وفي الوقت ذاته تراه وبلا محاسبة ونقد للروايات يتهم «حكايات المهدي والدجال والمسيح» بأنها من «مستولدات عقول مريضة، ومعتقدات فاسدة» كما تقدم في كلام الخطيب، مما اضطر كاتب مثل الدكتور الحمش في

ص: 181

كتابه (المهدي ص184 ) أن يعقب على كلام الخطيب بقوله: «وهذا يعني أن الرجل [الخطيب] غير قادر على تمييز هذه الروايات فكيف يجرؤ على تسفيه علماء كبار، وفي شتى الأعصار يذهبون إلى القول بعقيدة المهدي من دونمعرفة وقبل حصول ما دعا إليه علماء المسلمين...».

وفي هذا السياق يأتي نقد الدكتور الحمش للدكتور سعفان فيما أورده في كتابه (الساعة الخامسة والعشرون... المسيح الدجال، المهدي المنتظر، يأجوج ومأجوج) قال الدكتور الحمش: «والمؤلف الدكتور كامل سعفان تناول مسألة المهدية وتطورها في التاريخ، وقام بتحليلات طيبة مفيدة، لكن الذي يوجه إلى الدكتور سعفان في أول ما يوجه إليه من نقد، هوتلك الجرأة التي تجعله يرفض تلك الروايات ويردها دون أن يوجه إليها أي نقد علمي يدفع ثبوتها...

ولا أزال أستغرب غاية الغرابة، كيف يجرؤ امرؤ أن يرفض أكثر من ثلاثمائةرواية من دون أن يملك أدوات التمييز بين صحيحها وسقيمها والله المستعان»(1).

الملاحظة الخامسة :

تهمة «الخرافة» التي ألصقت بفكرة «المهدي» ليست من إنتاج «بحث علمي»وإنما هي مجرد أوهام وخيالات كما تقدم في الملاحظة الرابعة...

وإنما هي اجترارٌ وتكرارٌ يتبع فيها اللاحق السابق، وربما من دون إشارة إلى النقل والاقتباس...

أسوق هذا الشاهد على ذلك:

قال أحمد أمين المصري في كتابه (ضحى الإسلام) الجزء 3 /الصفحة 243:«حديث المهدي هذا حديث خرافة، وقد ترتب عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين».

ص: 182


1- الحمش المهدي المنتظر ص 188 .

وقال في صفحة 244:

«وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدية وهي نظرية لا تفق

وسنة الله في خلقه، ولا تتفق والعقل الصحيح».

وجاء الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر) وقال في صفحة 37:

«وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدي وهي نظرية لا تتفق مع سنة الله في خلقه، ولا تتفق مع العقل الصحيح».

لاحظ التطابق الكامل بين العبارتين باستشاء فارق ض

جاء «نظرية المهدية» وفي الثانية جاء «نظرية المهدی»

ولاحظ أيضا أن صاحب کتاب (لا مهدي ينتظر) لم ينسب القول إلى صاحب(ضحى الإسلام) وكأن الفكرة من اختراعاته وإبداعاته...

ولا شك أن هذا يمثل (سطؤًا ) غير مبرر علمیّا...

ولا ندري - والله العالم - قد يكون صاحب الكتاب الأول قد سطى على الفكرة من كتاب سابق عليه دونما إشارة إلى صاحب الفكرة.

وهكذا تتنقل الفكرة من كتاب إلى آخر، ومن مؤلف إلى آخر لتستقر لدى كاتب معاصر فيتبجح بكونه حقق فتحا علميا كبيرا حيث اكتشف أن فكرة ( المهدي) نظرية خرافية لا تتفق مع سنة الله في خلقه، ولا تتفق مع العقل الصحيح.

وقد أشرنا إلى ظاهرة «الاجترار الفكري» في نقدنا للمقولة الأولى من مقولات العنصر الرابع ( انظر الملاحظة الرابعة).

ص: 183

الملاحظة السادسة:

«مسألة الإمام المهدي» واحدة من «الإخبارات الغيبية المستقبلية» الصادرة عن رسول الله(صلی الله علیه وآله)، وما أكثرها حسب ما هو مدّون في مصادر الحديث المعتمدة عند المسلمين...

هذا النمط من «الإخبارات» لا تمثل «أوهاما وخرافات» بل هي «حقائق» نطق بها الرسول الأكرم (صلی الله علیه وآله)، الذي لا ينطق عن الهوى «إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى»(1).

فهي «إخبارات» من رسول ارتضاه عالم الغيب.

•«عَالِم الْغَيْب فَلَا يُظْهِر عَلَى غَيْبه أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول...»(2).

لاندعي أن كل ما هو مدون في الكتب من «إخبارات» هوصحيح، لكن لا شك هناك نسبة من الإخبارات صحيحة ومسلمة عند المسلمين.

فكون الموضوع (إخبارًا غيبيَّا مستقبلا) لا يعني خرافة ولا يعني وهما، متى ماثبت صحة تلك «الإخبارات» وفق «معايير النقد الندي».

ما هومسلم به، وأكدته مصادر الحديث عند المسلمين أن رسول الله(صلی الله علیه وآله)أخبر عن الكثير من «الحوادث» التي تقع في «مستقبل الزمان».

عن عمرو بن أخطب الأنصاري قال:

«صلى رسول الله [ صلی الله علیه وآله]يوماً الفجر، وصعد على المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر حتى غربت الشمس؛ فأخبرنا بما كان، وبما هو كائن إلى يوم القيامة...».

ص: 184


1- النجم: آية 4.
2- الجن: الآيتان 26 - 27.

أخرج هذا الحديث مسلم في صحيحه (كتاب الفتن/ باب إخبار النبي (صلى

علیه [وآله]وسلم) فيما يكون إلى قيام الساعة - الحديث 2892).

رجال الإسناد:

• 1- يعقوب بن إبراهيم الدورقي:

«ثقة، أخرج له الستة».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 4/ 10451.

2- حجاج بن الشاعر:

«ثقة حافظ، أخرج له مسلم وأبو داوود».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 1/ 1538.

• أبوعاصم [محمد ابن أبي أيوب الثقفي]:

«صدوق، أخرج له مسلم».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 3/ 7729.

• عزرة بن ثابت الأنصاري:

«ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وبقية الستة».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 3/ 6139.

• علباء بن أحمر البصري:

«صدوق، من القراء أخرج له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 3/ 6259.

• أبوزيد عمرو بن أخطب الأنصاري:

«صحابيُّ جليلٌ نزل البصرة».

ص: 185

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 3/ 6675.

وفي هذا السياق أخرج مسلم في صحيحه (كتاب الفتن/ باب إخبار النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) فيما يكون إلى قيام الساعة) مجموعة أحاديث

صحيحة الإسناد.

وعن حذيفة بن اليمان قال:

«لقد خطبنا النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) خطبة ما ترك فيها شيئًا إلى

قيام الساعة إلا ذكره، علمه من علمه، وجهله من جهله...».

روي هذا الحديث البخاري في صحيحه (كتاب القدر/ باب 4/ الحديث 6604).

رجال الإسناد:

• موسی بن مسعود:

«صدوق، سيئ الحفظ، وكان يصف،أخرج له البخاري متابعة وأبوداوود

والترمذي وابن ماجه».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 4/ 09391

• سفيان [الثوري]:

«ثقةٌ حافظٌ فقيهٌ عابدٌ إمامٌ حجةٌ وكان ربّما دلّس».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 2/ 3265.

• الأعمش [سليمان بن مهران] :

«ثقة عارف بالقراءة ورع ولكنه يدلس، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 2/ 3493.

ص: 186

• أبو وائل [شقيق بن سلمة الأسدي] :

«ثقة أخرج له الستة».

انظر: مجموعة رجال الكتب التسعة 2/ 3768.

• حذيفة [بن اليمان] :

«صحابيُّ جليلٌ من السابقين، أخرج له الستة».

انظر: موسوعة رجال الكتب التسعة 1/ 1561.

وروى الحديث مسلم في صحيحه (كتاب الفتن /الحديث 2891).

ورواه أبو داوود في سننه (كتاب الفتن /الحديث 4240).

2- بعض شواهد من إخباراته (صلی الله علیه وآله)

الشاهد الأول: نزول نبي الله عيسى بن مريم(علی السلام) :

وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة بذلك، وربما تصل إلى حد «التواتر»... وهذه بعض نماذج منها:

1- صحيح البخاري (كتاب أحاديثالأنبياء - باب نزول عيسى0علیه السلام)):

عن ابن شهاب: أن سعيد بن المسيب، سمع أبا هريرة قال: قال رسول الله

(صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً، فيكسرُ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها».

ثم يقول أبوهريرة: واقرأوا إن شئتم:«وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ». (النساء: 159)

ص: 187

2- صحيح البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء - باب نزول عيسى (علیه السلام)):

عن نافع مولى أبي قتاده الأنصاري: أن أبا هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):«كيف أنتم إذائل ابن مريم فيكم، وإمامکم منکم؟»تابعه عقيل والأوزاعي (1).

3- صحيح مسلم (كتاب الإيمان - باب نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم):

عن ابن المسيب، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم [علیه السلام ] كما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ویفيض المال حتى لا يقبله أحدٌ».

ورواه أيضا بأسانيد أخرى مع اختلافات يسيرة..

4. صحيح مسلم (كتاب الإيمان - باب نزول عيسى بن مريم...):

عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): «والله! لينزلن ابن مريم كما عادلا ، فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها، ولتذهبن الشحناء

والتباغض والتحاسد، وليدعون (وليدعون) إلى المال فلا يقبله أحد».

5-صحيح مسلم (كتاب الإيمان - باب نزول عيسى بن مريم...):

«كيف أنتم إذا نزل اب مريم فيكم، وإمامه منكم؟».

وفي رواية أخرى:

«كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فامكم؟».

ص: 188


1- مر ذكر الحديث: الإشكالية الأولى - العنصر الثاني / النقطة الخامسة.

6. صحيح مسلم (كتاب الإيمان - باب نزول عيسى ابن مريم...):

عن ابن جريج قال: أخبرني أبوالزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول:

سمعت النبي يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا.

قول: لا، إن بعضكم على بعض أمراءُ، تكرمة الله هذه الأمة».

7- الجامع الصحيح [سنن الترمذي] :

(كتاب الفتن - باب ما جاء في نزول عیسی بن مریم(علیه السلام)/ الحديث

2233):

عن أبي هريرة، أن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيکسر

الصليب، ويقتل الخنزير، ويفيض المال حتى لا يقبله أحدٌ».

قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.

8- الجامع الصحيح [سنن الترمذي):

(ج5: 152/ 2869):

عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«أبشروا أبشروا، إنما مثل أمتي مثل الغيث، لا يدرى آخره خيرٌ أم أوَّله، أوكحديقة أطعم منها فوجٌ عاما، كيف تهلك أمةٌ أنا أوَّلها والمهدي أوسطها، والمسي آخرها».

ملاحظة :

انظر:الإشكالية الأولى - العنصر الثاني / النقطة الخامسة... هناك مزيدٌ من الإيضاحات حول نزول عيسى بن مريم(علیه السلام) ، وصلاته خلف الإمام المهدي(علیه السلام) .

ص: 189

الشاهد الثاني : حديث الدجالک

1- صحيح البخاري (کتاب الفتن، باب ذکر الدجال):

عن أنس بن مالك قال: قال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«يجي الجال حتى ينزل في ناحية المدينة، ثم ترجف المدينه ثلاث رجفات

فيخرج إليه كل كافر ومنافق».

2- صحيح البخاري (کتاب الفتن /باب ذكر الدجال):

عن أبي بكرة عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«لا يدخل المدينة المسيح الدجال، لها يومئذ سبعة أبواب، على كل باب

ملكان».

3- صحيح البخاري (كتاب الفتن/ باب ذكر الدجال):

عبد الله بن عمر قال: قام رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في

الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال:

«إني لأندرکموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور، وإن الله ليس بأعور».

4 - صحيح البخاري (كتاب الفتن /باب ذكرالدجال):

عن عروة: أن عائشة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال.

5. صحيح البخاري (كتاب الفتن/باب ذكر الدجال):

عن أنس قال: قال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«ما بعث نبي إلا أندر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وان بين عينيه مكتوب كافر، فيه أبوهريرة وابن عباس عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم).

ص: 190

6- صحيح البخاري (کتاب فضائل المدينة باب لا يدخل الدجال المدينة ):

أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال:

«ليس من بلد إلاسيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب : إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث جفات،فيخرج الله كل كافر ومنافق».

روى البخاري (حديث الدجال) في مواضع متعددة من صحيحه:

- کتاب فضائل المدينة / باب لا يدخل الدجال المدينة.

- كتاب الجهاد / باب كيف يعرض الإسلام على الصبي.

- كتاب أحاديث الأنبياء / باب الأرواح جنود مجندة، وباب قوله تعالى «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا ...»(1).

- كتاب المغازي / باب حجة الوداع.

- كتاب الأدب/ باب قول الرجل للرجل: اخسأ

- كتاب الفتن باب ذكر الدجال وباب لا يدخل الدجال المدينة.

- كتاب التوحيد / باب قوله تعالى: «وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِ»(2)تغذي، وقوله جل ذكره:« تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا»(3). 7

- صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة / باب ذكر الدجال):

روى مسلم في هذا الباب ( اثني عشر حديثا) تتعلق بالدجال، وبأسانيد

متعددة.

ص: 191


1- مريم: آية 16.
2- طه: آية 29.
3- القمر: آية 14.

8- صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة / باب صفة الدجال، وتحريم المدينة عليه، وقتله المؤمن وإحيائه):

روى مسلم في هذا الباب (ثلاثة أحاديث).

9- صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة / باب في الدجال وهو أهون

على الله عز وجل):

روى مسلم في هذا الباب (عدة أحاديث).

10- صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة / باب خروج الدجال

ومكثه في الأرض، ونزول عيسى وقتله إياه...):

روى مسلم في هذا الباب (حديثين) يتعلقان بالدجال.

11- صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة / باب قصة الجاسة):

روى مسلم في هذا الباب (مجموعة أحاديث) ورد فيها ذكر الدجال.

12- صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة / باب في بقية من أحاديث الدجال):

روى مسلم في هذا الباب (ثمانية أحاديث).

ملاحظة :

المصادر التي دونت (أحاديث الدجال) كثيرة، اكتفينا بذكر ما ورد عن

الشيخين ( البخاري ومسلم) في (صحيحيهما)...

وقد تقدم في بعض فصول هذه الدراسة إشارة إلى (حديث الدجال).

ص: 192

الشاهد الثالث : حديث المجددين:

روت مصادر الحديث عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه قال:

«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». 1- رواه أبو داوود في سننه (أول كتاب الملاحم / باب ما يذكر قرن المائة / الحديث4291).

عن أبي هريرة - فيما أعلم - عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

رجال الإسناد:

• سليمان بن داوود المهري:

- «فقيهٌ، زاهدٌ، ثقةٌ، أخرج له أبوداوود والنسائي».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 2492.

• ابن وهب [عبد الله بن وهب الفهري القرشي]:

- «فقيهٌ، ثقةٌ، صالحٌ، أخرج له البخاري ومسلم وبقية الجماعة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 4/ 3633.

• سعيد بن أبي أيوب المصري:

-«ثقةٌ ثبتٌ، أخرج له البخاري ومسلم وبقية الجماعة».

انظر، تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 2225.

• شراحيل بن يزيد المعافري المصري:

-«ذكره ابن حبان في كتابه (الثقات) ، وقال الذّهبي: ثقةٌ، (الكاشف 2/

ص: 193

2273) ، وقال ابن حجر: صدوقٌ ( التقريب 1/ 348)».

انظر:

- تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 2698.

- هامش تهذيب الكمال 3/ 2698 - الرقم (2).

• أبو علقمة المصري مولى بني هاشم:

- «أحد الفقهاء، تابعي ثقة».

انظر: تهذيب التهذيب 12/ 8596.

2- ورواه الحاكم النيسابوري في ( المستدرك على الصحيحين 8591/4- كتاب الفتن والملاحم):

عن أبي هريرة - ولا أعلمه إلا- عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال:

«إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

وسكت الحاكم عليه، وكذلك الذهبي في التلخيص.

رجال الإسناد:

• الحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله:

- قال عنه الذهبي في (تذكرة الحفاظ 3/ 962):

«الحافظ الكبير إمام المحدثين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع صاحب التصانيف...

- وذكر الذهبي توثيق بعض الأعلام له -».

ص: 194

• أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم النيسابوري :

- قال عنه الذهبي في (تذكرة الحفاظ 3/ 835):

«الإمام [المفيد] الثقة محدث الشرق أبو العباس محمد بن يعقوب...

قال الحاكم: وكان محدث عصره بلا مدافعة...

- وذكر توثيق بعض الأعلام له -».

• الربيع بن سليمان بن كامل المرادي:

- قال عنه الذهبي في (تذكرة الحفاظ 2/ 611):

«الحافظ الإمام محدث الديار المصرية...

- وقال - وثقه ابن يونس».

•عبد الله بن وهب:

-«تقدم في الإسناد السابق».

•سعيد بن أبي أيوب:

-«تقدم في الإسناد السابق»

•شراحيل بن يزيده:

-«تقدم في الإسناد السابق».

•أبوعلقمة:

-«تقدم في الإسناد السابق».

•أبوهريرة:

-«الصحابي المعروف».

ص: 195

3- معجم الطبراني الأوسط (6: 324، حرف الميم):

- عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، قال:

«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

4- السنن الواردة في الفتن / للداني:

- عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)

قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجد لها دينها» 5- المقاصد الحسنة / شمس الدين السخاوي (1: 145، حرف الهمزة)

238 حديث:

- «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». (قال): (وقد أخرجه الطبراني في الأوسط کالأول وسنده صحيح، ورجاله

كلهم ثقات، وكذا صححه الحاكم... وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث).

6- کنز العمال / المتقي الهندي (193:12/ 34623):

-«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

(أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي في المعرفة عن أبي هريرة) [أخرجه أبوداوود - كتاب الملاحم باب ما ذكر في قرن المائة رقم 4270/ راجع عون المعبود 11/ 385 وقال المناوي في الفيض (2/ 282 ) قال الزين العراقي: وسنده صحيح] انظر هامش کنز العمال.

7- سير أعلام النبلاء للذهبي ( 116:16، الطبعة 22):

- (قال ابن الصلاح: وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».فكان الشافعي

ص: 196

على رأس المائتين، وابن سُريج على رأس الثلاثمائة، وأبوحامد على رأس الأربعمائة).

8- المسند الجامع لعز الدين بن عبد السلام ( حرف الهاء/ أبوهريرة):

عن أبي هريرة - فيما أعلم - عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)

- وساق الحديث - (وقال): أخرجه أبو داوود (4291).

9- تهذيب الكمال للمزي:

ذكر الحديث في موضعين:

أ- تهذيب الكمال (8: 303، باب الشين ترجمة شراحيل بن يزيد) وعقب عليه: رواه أبو داوود عن سليمان بن داوود المهري عن عبد الله بن وهب، فوقع لنا بدلاً عاليًا.

ب- تهذيب الكمال ( 37:16 ، باب الميم ترجمة محمد بن إدريس بن العباس)

وأردفه بكلام مسند إلى أحمد بن حنبل حيث قال:

«إن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) الكذب، فنظرنا فإذا في رأس

المئة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المئتين الشافعي».

10- البداية والنهاية لابن كثير (6: 256، باب آثار النبي صلى الله عليه

وآله وسلم):

- حديث آخر - وذكر حديث أبي هريرة - ثم قال:

«وقد ذكر كل طائفة من العلماء في رأس كل مائة سنة عالًما من علمائهم ينزلون هذا الحديث عليه، وقال طائفة من العلماء: هل الصحيح أن الحديث يشمل كل فردٍ فرد من آحاد العلماء من هذه الأعصار ممن يقوم بفرض الكفاية في أداء العلم عن أدرك من السلف إلى من يدركه من الخلف كما

ص: 197

جاء في الحديث من طرقٍ مرسلة وغير مرسلة يحمل هذا العلم من كل خلف

عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين...».

11- الدر المنثور للسيوطي (761:1، سورة البقرة /آية رقم 250): - وأخرج أبوداوود والحاكم وصححه عن أبي هريرة - وذكر الحديث - وساق بعض الكلمات في تأويل الحديث وتطبيقه.

12- عون المعبود شرح سنن أبي داوود للابادي (11: 384، کتاب الملاحم / باب ما يذكريغ قرن المائة):

- قال: أخرجه أبو داوود في السنن عن أبي الربيع، وأخرجه الحسن بن سفيان في المسند، والحاكم في المستدرك، وابن عدي في مقدمة الكامل، والبيهقي في المعرفة، وتناول شرحًا موجزًا لمفردات الحديث.

13- حلية الأولياء لأبينعيم الأصبهاني (76:9، ذكر تابعي التابعين، الإمام الشافعي).

14- کشف الخفاء لأبي الفداء (حرف الهمزة مع النون، حديث 740).

الشاهد الرابع: حديث أويس القرني:

1- صحيح مسلم (کتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أويس القرني):

عن أسير بن جابر: أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس، فقال عمر: هل ههنا أحد من القرنيين؟ فجاء ذلك الرجل، فقال عمر: إن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قد قال:

«إن رج يأتيكم من اليمن يقال له أويس: لا يدع باليمن غير أمّ له، قد كان به بياض، فدعا الله فأذهبه عنه، إلا موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم »

ص: 198

رجال الإسناد:

• زهير بن حرب أبو خيثمة النسائي) :

-«ثقةٌ، ثبتٌ، مأمونٌ، حافظٌ، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي

وابن ماجه».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 1995.

• هاشم بن القاسم [ أبو النضر الليثي البغدادي] :

- «ثقة ثبت، أخرج له البخاري ومسلم وبقية الجماعة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 7/ 7135.

• سليمان بن المغيرة القيسي [أبو سعيد البصري] :

- قال فيه أحمد بن حنبل: ثبتٌ ثبت..

- وقال فيه يحيى بن معين: ثقةٌ ثقة...

- وقال محمد بن سعد: كان ثقة ثبتًا...»

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 2552.

• سعيد الجريري [أبو مسعود البصري]:

«محدث أهل البصرة، ثقةٌ، تغير حفظه قبل موته، روی له البخاري ومسلم وبقية الستة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 2224.

• أبو نضرة [ المنذر بن مالك العبدي] :

-«ثقة، استشهد به البخاري في ( الصحيح) وروى له في (القراءة خلف الإمام) وفي (الأدب)، وروى له الباقون».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 7/ 6778.

ص: 199

• أسيربن جابر [ويقال : ابن عمرو، ويقال : يسير] :

-«ثقة، أدرك زمان النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ، وقيل له رؤية، وتوفي النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) وهو ابن عشر سنين أخرج له البخاري ومسلم».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 8/ 7674.

2- صحيح مسلم (کتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أويس

القرني):

عن عمر بن الخطاب قال: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول:

«إن خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم».

رجال الإسناد :

• (1) زهير بن حرب

-«تقدم في الإسناد السابق».

• (2) ومحمد بن المثنى البصري

-«ثقةٌ، ثبٌ، ورعٌ فاضلٌ، أخرج له الستة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 6/ 6170.

• قالا: حدثنا:

• عفان بن مسلم البصري:

-«قال أبو حاتم: عفان إمامٌ ثقةٌ متقنٌ متينٌ،...

ص: 200

أخرج له البخاري ومسلم وبقية الستة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 5/ 4553.

• حماد بن سلمة البصري:

-«ثقةٌ ثبتٌ أخرج له البخاري في التعاليق وبقية الستة»

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 2/ 1466.

• سعيد الجريري:

- «تقدم في الإسناد السابق».

• بقية الإسناد: «كما في الإسناد السابق».

3- صحيح مسلم (کتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أويسی القرني):

عن أسير بن جابر قال: كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامرة حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به بر فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» فاستغفر لي، فاستغفر له...

رجال الإسناد :

• (1) إسحاق بن إبراهيم الحنظلي:

-«أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين، اجتمعله الحديث والفقه، والحفظ،

ص: 201

والصدق، والورع، والزهد أخرج له البخاري ومسلم وأبوداوود والترمذي والنسائي».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 1/ 326.

• (2) محمد بن المثني:

-«تقدم في الإسناد السابق».

• (3) محمد بن بشار [ العبدي]:

-«قال الذهبي في الميزان: ثقةٌ صدوقٌ، احتج به أصحاب الصحاح كلهم وهو حجة بلا ريب، كان من أوعية العلم...».

انظر: میزان الاعتدال 3/ 7269.

(جميعا عن):

• معاذ بن هشام [الدستوائي]:

-«وثقة جماعة وتحفظ آخرون، أخرج له البخاري ومسلم وبقية الستة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 7/ 6631.

• هشام بن أبي عبد الله الدستوائي:

-«ثقةٌ، ثبتٌ في الحديث، أخرج له الستة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 7177/7 .

• قتادة بن دعامة البصري:

-«قال ابن سعد نے طبقاته: «قتادة بن دعامة السدوسي وكان يكنى أبا الخطاب،وكان ثقة مأمونا حجة في الحديث وكان يقول بشيئ من القدر». انظر: الطبقات الكبرى 3127/7

ص: 202

• زرارة بن أوفي:

-«ثقة من العباد، أخرج له الستة».

انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال 3/ 1962.

• أسيربن جابر[أو يسير] [أو بن عمرو] :

-«تقدم في الإسنادين السابقين».

الشاهد الخامس : أخبار الفتن وأشراط الساعة:

1- صحيح البخاري (كتاب الفتن، باب ما جاء في قول الله تعالى: «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً»(1) وما كان النبي يحذر من الفتن):

قالت أسماء: عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«أنا على الحوض انتظر من يرد علي، فيؤخذ بناس من دوني فأقول: أمتي، فيقول: لا تدري مشوا على القهقرى».

قال ابن أبي مليكة: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن...

2- صحيح البخاري (کتاب الفتن /الباب نفسه):

عن أبي وائل قال: قال عبد الله: قال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

«أنا فرطكم على الحوض، ليتر إلى رجال منكم، حتى إذا أهوي لأناولهم

اختلجوا دوني، فأقول: أي ب أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك».

3- صحيح البخاري (کتاب الفتن /و الباب نفسه):

عن أبي حزم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول:

ص: 203


1- الأنفال: آية 25.

«أنا فرطكم على الحوض، من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ

[بعده] أبدا، ليردن على أقوام أعرقهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم ».قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا، فقال: هكذا سمعت سهلا ؟ فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه: قال: «إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقا

سحقاً لمن بدل بعدي».

4- صحيح البخاري (كتاب الفتن / باب قول النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم): ويل للعرب من شر قد اقترب):

عن زينب بنت جحش أنها قالت: استيقظ النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) من النوم محمرا وجهه وهو يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر

قد اقترب...».

5-صحيح البخاري (کتاب الفتن / الباب نفسه):

عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) على أطم(1)من آطام المدينة، فقال: «هل ترون ما أرى؟» قالوا: لا، قال: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر». 6- صحيح البخاري (کتاب الفتن/باب ظهور الفتن):

عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قال:

«يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج

قالوا: يا رسول الله، أیما هو؟، قال: «القتل القتل».

7- صحيح البخاري (كتاب الفتن / الباب نفسه):

قال أبو موسى: قال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم):

ص: 204


1- الأطم: حصن مبني بحجارة ، وقيل : هو كل بيت مربع مسطح. (ابن منظور، لسان العرب، باب الهمزة)

«إن بين يدي الساعة لایاما، يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها

الهرج» والهج: القتل.

8- صحيح البخاري (کتاب الفتن، باب قول النبي: لا ترجعوا بعدي كفارا...):

عن ابن عمر أنه سمع النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) يقول: «لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض».

9- صحيح البخاري (کتاب الفتن / الباب نفسه):

عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم:

«لا ترتدوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض»

ملاحظة :

في كتاب الفتن من صحيح البخاري أحاديث كثيرة اكتفينا بذكر هذا القدر،فمن أراد الاستزادة فليراجع.

10. صحيح مسلم (کتاب الفتن وأشراط الساعة) عقد لذلك أبوابا كثيرة ،

- باب اقتراب الفتن (خمسة أحاديث ).

- باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت (خمسة أحاديث).

- باب نزول الفتن كموقع القطر (خمسة أحاديث ).

- وأبواب أخرى كثيرة...

11۔ سنن أبي داوود (أول كتاب الفتن و الملاحم) عقد لذلك أبوابا متعددة ،

- باب ذكر الفتن ودلالاتها (16 حديثًا).

ص: 205

- باب النهي عن السعي في الفتنة (8 أحاديث).

- باب في كف اللسان (3 أحاديث).

- باب الرخصة في التبدي في الفتنة (حديث واحد).

- باب النهي عن القتال في الفتنة (حديثان).

- باب في تعظيم قتل المؤمن (7 أحاديث).

- باب ما يرجى في القتل (حديث واحد).

وعقد كتابا باسم (كتاب المهدي) وذكر فيه (ثلاثة عشر حديثا).

وخصص كتاباً باسم (كتاب الملاحم وضمنه أبوابًا كثيرة...

12- جامع الترمذي (أبواب الفتن) تناول في هذه الأبواب ما صدر عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) من (إخبارات تتحدث عن الفتن والأحداث المستقبلية، وحكام المسلمين، وأشراط الساعة...

عدد الأبواب: 97 بابا ..

من هذه الأبواب:

- باب ما جاء في تحريم الدماء والأموال.

- باب ما جاء أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر.

- باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم.

- باب ما جاء في الخسف

- باب ما أخبر النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم) أصحابه بما هو كائن

إلى يوم القيامة.

- باب ما جاء: لا ترجعوا بعدي كفاراً...

- باب ما جاء في الهرج .

- باب ما جاء في أشراط الساعة.

ص: 206

- باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف.

- باب ما جاء: لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون.

- باب ما جاء في الخلفاء...

- باب ما جاء في الأئمة المضلين.

- باب ما جاء في المهدي.

- باب ما جاء في نزول عيسى بن مريم.

- باب ما جاء في فتنة الدجال.

13- سنن ابن ماجه ( أبواب الفتن) :

عدد الأبواب: 36 بابًا .

من هذه الأبواب:

- باب ما يكون من الفتن.

- باب افتراق الأمم.

- باب أشراط الساعة.

- باب الآيات.

- باب الخسوف.

- باب جيش البيداء.

- باب فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم.

- باب الملاحم.

- باب خروج المهدي.

ص: 207

خلاصة القول

«العنصر الرابع» من عناصر «الإشكالية الأولى» يتمثل في «اتهام الشيعة بوضع أحاديث المهدي».

ويتشكل هذا العنصر من أربع مقولات:

- العقل الشيعي هو المهندس لفكرة المهدي.

- التسرب والانتشار إلى بقية المذاهب.

- الفكرة ظاهرةٌ دخيلةٌ على الفكر الإسلامي.

- خرافية الفكرة.

وقد دون البحث كلمات عددٍ من «الكتاب والدارسين» الذين تبنوا هذه المقولات وروجوا لها في أبحاثهم ومؤلفاتهم.

والأسماء التي توفر عليها البحث في هذا السياق:

1- أحمد أمين المصري في كتابه (ضحى الإسلام - الجزء الثالث) وفي كتابه (المهدي والمهدوية).

2- عبد الله بن زيد المحمود - رئيس المحاكم الشرعية في قطر - في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر).

3- أحمد محمد الحوفي في كتابه (أدب السياسة في العصر الأموي).

- عبد الحسيب طه حميده في كتابه (أدب الشيعة).

5- محمد أبوزهرة في كتابه ( الإمام الصادق).

6- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة.

7- ابن بدران الحنبلي في كتابه ( العقود الياقوتية).

ص: 208

8- محمد الطاهر بن عاشور التونسي في كتابه (تحقيقاتٌ وأنظارٌ في القرآن والسنة).

9- عبد الكريم الخطيب في كتابه ( المهدي المنتظر ومن ينتظرونه).

10- عبد المنعم النّمر في كتابه ( الشيعة، المهدي، الدروز تاريځ ووثائق). 11- جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين في دراسته للكتاب (البرهان

في علامات مهدي آخر الزمان في الفصل الخامس ( المهدي عند الفرق

الأخرى).

12- سعد محمد حسن الأزهري في كتابه (المهدية في الإسلام).

13- السائح علي حسين في مقاله (تراثنا وموازين النقد) المنشور في مجلة كلية الدعوة الإسلامية الليبية، العدد العاشر 1993).

14 - كامل سعفان في كتابه ( الساعة الخامسة والعشرون.. المسيح الدجال، المهدي المنتظر، يأجوج ومأجوج).

وناقش البحث «المقولات الأربعة»، وفق رؤيةٍ منهجيةٍ، وحصيلة هذه المناقشة تمثلت في مجموعة نقاطٍ نوجزها فيما يلي:

النقطة الأولى :

«مسألة المهدي المنتظر»، تملك درجةً عاليةً من «الإثباتات الشرعية» المتمثلة في عددٍ كبيرٍ من أحاديث الرسول(صلی الله علیه وآله)والتي بلغت حدّ «التواتر»:

1- روی هذه الأحاديث عددٌ وافرٌ من الصحابة والتابعين (انظر: منظومة الصحابة).

2- وأكد صحتها الحفاظ وأئمة الحديث ( انظر: منظومة العلماء والحفاظ الذين دؤنوا أحاديث المهدي).

3- وصرّح بتواترها الكثير من نقاد الراوية (انظر: تواتر أحاديث المهدي).

ص: 209

4- وألفت في تدوينها وإخراجها المصنفات والرسائل (مر الكثير منها في ثنايا هذا الكتاب ).

النقطة الثانية:

فيما أثارته المقولات من «اتهام الشيعة باختلاق فكرة المهدي) لم نتوقر على

دليل واحد يدعم هذه الدعوى سوى ترديد هذه الكلمات:

- «فكرة المهدي نبعت من الشيعة، وكانوا البادئين باختراعها».

- «أصل من تبنى هذه الفكرة والعقيدة الشيعة».

- هذه العقيدة [يعني المهدوية] عاصرت الشيعة منذ فجرهم الأول».

- وفكرة المنتظر قالها أكثر الشيعة».

- المهدي من اختراعات الشيعة».

-«وما أتت الداهية إلا من قبلهم [يعني الشيعة]».

وينتظر القارئ أن يسوق أصحاب هذه الكلمات المنسوخة دلي لإثبات هذه

الدعوى، فلا يجد أي شيئ...

النقطة الثالثة :

من الواضح جدا فيما صدر من كلماتٍ منكرةٍ لفكرة المهدي، ومتهمة للعقل

الشيعي بإنتاجها، أنها يطغى عليها حالات (التكرار والاجترار).

اقرأ: العبارات السابقة...

وربّما - كما تقدم - تتطابق الكلمات حرفيّا.

ذكرنا المثال التالي:

قال أحمد أمين في (ضحى الإسلام):

«وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدية، وهي نظرية لا تتفق

وسنة الله في خلقه، ولا تتفق والعقل السليم».

ص: 210

وجاء بعده عبد الله بن زيد المحمود في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر) وقال مكررا لعبارة أحمد أمين من دون إشارة إلى ذلك: «وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدي، وهي نظرية لا تتفق مع سنة الله في خلقه، ولا تفق مع العقل الصحيح».

النقطة الرابعة :

لا تحمل «فكرة المهدي المنتظر» أي «صبغة خرافية»، فهي لا تتنافى مع «مسلمات العقل» ولا تتناقض مع «البديهيات الفطرية»..

وإذا كانت تشكل «إخبارا غيبيا مستقبلیا» فهذا لا يضعها في سياق «الفكر الخرافي»؛ فمدونات الأحاديث المعتمدة عند المسلمين، كصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داوود، وجامع الترمذي، وسنن ابن ماجه، ومسند أحمد بن حنبل، ومستدرك الحاكم وغيرها حافلة بالكثير من «الإخبارات النبوية الغيبية» والتي يؤمن بها جميع المسلمين.

جاء في كتاب (المهدي وفقه أشراط الساعة) للدكتور محمد أحمد إسماعيلالمقدم کلام أذكره لمناسبته لهذا المقام:

«فمنذ مطلع هذا القرن أو قبله وجدت فئة تدعو إلى ما يسمى ب ( التحرر الفكري) وتتصدر ما يسمى ب (حركة الإصلاح الديني) وتعمل لإحياء المفاهيم الإسلامية في نفوس المسلمين، ولكنهم في سبيل ذلك عمدوا إلى إنكار المغيبات التي وردت بها النصوص الصريحة المتواترة، الأمر الذي يجعل ثبوتها ليس محل جدال أو ريبة، ولا سند لهم في هذا الإنكار سوی الجموح الفكري والغرور العقلي [هذا الكلام للدكتور محمد خليل هراس في كتابه (فصل المقال ص3 - 4) حسب ما جاء في كتاب ( المهدي وفقه أشراط الساعة ص14، 15)].

ص: 211

فلماذا إذا وصلت النوبة إلى «إخبارات النبي (ص) عن ظهور رجل من أهل بيته، اسمه المهدي، في آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً»

أصبحت هذه الفكرة خرافة من إنتاج «العقل الشيعي»؟

النقطة الخامسة :

ما أثارته المقولات من اعتبار الفكرة [فكرة المهدي] نتاج «واقع سياسي وتاريخي ونفسي» مر به الشيعة أمر لا يملك «مستندا علمیًا»، بقدر ما هو «ظنون وخيالات» أنتجتها «مخيلة» أولئك الكتاب والمؤلفين، وبضغط من «موروثات» فرضت نفسها على «معطيات» البحث والدراسة، وليس صحيحا أن تعالج قضايا محورية خطيرة كقضية «الإمام المهدي» اعتمادا على «استنتاجات واهمة»، و«احتمالاتمرتجلة».

النقطة السادسة:

استطاع البحث أن يبطل «الشبهة السبئية»، والتي روج کتابٌ وباحثون هذه الشبهة التي ترجع إلى مصدرٍ واحدٍ هو«سيف بن عمر» هذا الراوية الذي أجمع رجال الجرح والتعديل ونقاد الحديث على وصفه بأنه:

- ضعيف الحديث».

-«فليس خير منه».

-«ليس شيئ».

-«متروك الحديث».

-«مجهول».

-«ليس بثقة، ولا مأمون».

-«كان يضع الحديث».

-«عامة أحاديثه منكرة لم يتابع عليها».

-«إنه وضاع».

ص: 212

-«أفحش ابن حبان القول فيه».

-«متروك اتهم بالزندقة».

كما استطاع البحث أن يثبت «أسطورية عبد الله بن سبأ» استنادا إلى مجموعة

دراساتٍ علميةٍ تاريخيةٍ وناقش محاولات الدفاع عن هذه الأسطورة...

أشار البحث إلى محاولتين:

- المحاولة الأولى: كون سيف بن عمر حجه عند الإخباريين والمؤرخين، وإن كان ضعيفا عند المحدثين...

تقدمت الملاحظات على هذه المحاولة..

- المحاولة الثانية: كون سيف بن عمر ليس مصدرا وحيدا لأخبار عبد الله بن

سبأ...

وقد استندت هذه المحاولة إلى وجود (ثمان روایات) لا ينتهي سندها إلى

(سيف بن عمر) وهي متضافرةٌ على اثبات (عبد الله بن سبأ)...

وقد كفانا الدكتور حسن بن فرحان المالكي مؤنة التصدي لهذه المحاولة، فقد

حاسب ( الروايات الثمان) محاسبة علمية موققة (راجع نقد المحاولة الثانية). النقطة السابعة:

في سياق الحديث عن أسباب انتشار (فكرة المهدي) وتسربها إلى أوساط

المسلمين، أشار أصحاب هذه المقولة إلى مجموعة أسباب أهمها:

1- عدم الدقة والتثبت عند العلماء في نقل الأحاديث...

- وقلنا: أن هذه تهمة خطيرة موجهة إلى علماء الأمة السابقين وفيهم

المحققون والمدققون والأثبات ونقاد الرواية والحديث..

ص: 213

2- سكوت العلماء عن مواجهة هذه العقيدة المتسربة...

- وقلنا: أن هذه أيضا تهمة خطيرة سيئ إلى أقطاب الفكر والعلم...

3- سذاجة الجمهور وبساطته...

- وقلنا: أن في هذا استخفافٌ مقيتٌ بجمهور الأمة عبر تاريخها الطويل. 4- الواقع المأزوم في ظل الأنظمة المتسلطة...

- وقلنا: أن هذا لا يشكل مبررًا لهيمنة فكرةٍ خرافيةٍ على قناعات المسلمين

عبر أجيالهم المتلاحقة.

5- الاستغلال السيئ من قبل أصحاب الأطماع والأغراض..

- وقلنا: أنه ليس من المعقول أن يكون هذا الامتداد الكبير جدًا لفكرة

المهدي هونتاج استغلالٍ وعبثٍ بالعقول.

ص: 214

فهرس الإشكالية الأولى (القسم الثاني)

الإشكالية الأولى «إشكالية السند، القسم الثاني)...5

العنصر الثاني: إعراض الشيخين البخاري ومسلم...7

- معالجة الإشكال المذكور...11

- النقطة الأولى : الصحيحان لم يستوعباكل الأحاديث الصحيحة...11

-النقطة الثانية: في أحاديث المهدي ما يتوفر على الشروط المعتمدة عند الشيخين - البخاري ومسلم - أو عند أحدهما إلا أنهما لم يخرجاها في الصحيحين...16

- النقطة الثالثة: والأحاديث التي توفرت على صحة الإسناد ولم يخرجها البخاري ومسلم...26

- النقطة الرابعة : أحاديث صرح العلماءبنسبتها إلى أحد الصحيحين إلا أنها غير مدونة في الطبعات المتداولة ...30

-النقطة الخامسة: في الصحيحين أو أحدهما وردت أحاديث في شأن المهدي المنتظر...31

-النقطة السادسة: الوسلمنا أن قضية الإمام المهدي لم يعترف بها الشيخان ...60

- العنصر الثالث «الاختلاف والتعارض»...65

- نقد العنصر الثالث ... 71

- المقولة الأولى: «لا مهدي إلا عيسى بن مريم»...71

- المقولة الثانية : «المهدي من ولد العباس»...79

- المقولة الثالثة : «المهدي من ولد الحسن السبط»...85

- المقولة الرابعة : «اختلاف الأحاديث في تسمية والد الإمام المهدي»...91

العنصر الرابع «اتهام الشيعة بوضع الأحاديث»...103

المقولة الأولى:اتهام العقل الشيعي بإنتاج فكرة المهدي ... 105

-نقد المقولة الأولى ...112

- المقولة الثانية : التسرب والانتشار...121

ص: 215

- نقد المقولة الثانية...127

المقولة الثالثة، فكرة المهدي ظاهرة طارئة...135

الاتجاه الأول،الظاهرة أنتجتها أسباب سياسية واجتماعية ودينية...137 - نقد الاتجاه الأول ...140

- الاتجاه الثاني : الظاهرة تنتسب إلى أصول يهودية ونصرانية...146 -نقد الاتجاه الثاني ...148

- كيف بدأت القصة...151

- البحث العلمي يثبت أسطورية عبد الله بن سبأ...158

- محاولتان للدفاع عن الأسطورة ...162

المحاولة الأولى: روايات سيف ضعيفة عند المحدثين ولكنها حجة عند المؤرخين والإخباريين ...162

-نقد المحاولة الأولى... 163

المحاولة الثانية: سيف بن عمر ليس المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ...165

- نقد المحاولة الثانية...166

- تعقيبنا الأخير...168

المقولة الرابعة، خرافية فكرة المهدي...169

- نقد المقولة الرابعة . . .174

- الحقيقة وفق المعيار الإسلامي تعتمد مرتكزين أساسين ...174

- المرتكز الأول: التوفر على الدليل (كتابا أوسنة) ...174

- المرتكز الثاني: عدم التنافي مع المسلمات ( البديهيات العقلية)...175

- بعض شواهد من إخباراته (صلی الله علیه وآله)... 187

- خلاصة القول... 208

ص: 216

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.